سنن أبي داود ت الأرنؤوط

السجستاني، أبو داود

سُنَن أَبِي دَاوُد تصنيف الإِمَام الحَافِظ أبِي دَاود سُليمان بْنِ الأشعثِ الأَزْدِي السِّجِسْتَانِيِّ 202 هـ - 275 هـ حقّقهُ وَضَبطَ نَصَّهُ وَخرَّجَ أَحَاديثهُ وَعَلَّقَ عَلَيه شعَيب الأرنؤوط ومحَمَّد كامِل قره بللي الجزء الأول دار الرسالة العالمية

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة الناشر

مقدمة الناشر الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، سيدنا محمدٍ النبي الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد،، فإنه من تمام فضل الله تعالى ومنّه علينا في هذه المؤسسة العامرة الزاهرة أن يسَّر لنا إخراج هذا السِّفر العظيم، ذلك هو كتاب "السنن للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السِّجستاني رحمه الله تعالى، الذى كان أحد الأئمة الأعلام الذين يُشار إليهم بالبَنان، ويُشاد بفضلهم في كل آن. وكتابه هذا بحقٍّ أحد الكتب الأمَّات الأصول التِي لا تَزال عمدة أهل العلم لمعرفة السنن النبوية، والآثار المحمدية، تلك الأصول التي لا يستغني عنها كل طالب علم متخصص، أو باحث في مجال الدراسات الشرعية من فقه أو حديت أو غيرهما. وكما هو دأبنا -بتوفيقٍ من الله تعالي وعونٍ منه- باعتماد الأصول الخطية المتقنة المقروءة في إصدار دواوين السنة المشرفة، فقد قام مكتب التحقيق التابع لمؤسستنا، وعلى رأسه فضيلة الشيخ المحدث شعيب الأرنؤوط حفظه الله، بمقابلة الأصول الخطية لهذا السفر المبارك وضبط نصوصه وتفصيلها، وشرح الأحاديث النبوية وبيان فقهها، وتخريجها من كتب السنة وبيان درجتها، فجزاهم الله خيراً وأجزل لهم المثوبة.

ونحن إذ اضطلعنا بأعباء نشر هذه الموسوعة الحديثية، وفِى مقدمَتها ذلك السِّفر السامي "مسند الإمام أحمد" وكتب السنن الأربعة، لنسأله سبحانه وتعالى أن يجعل عملنا هذا مقبولاً مسطوراً في صحائفنا يوم الدِّين، وأن يأخذ بأيدينا لإخراج المزيد من المفيد المانع من كتب أصول أهل السنة والجماعة, إنه تعالي ولي التوفيق والسداد. ولا يفوتني فِى الختام أن أتقدم بالشكر الجزيل للوالد الكريم الأستاذ رضوان دعبول على ما يتفضل به علينا على الدوام من دعم وتأييد ونصح وإرشاد مما يعيننا على النجاع في تحقيق الآمال. سائلاً الله أن يديمه ذخراً لنا. كما أسطر الشكر الجزيل للأستاذ الفاضل الشيخ المحب محمد بن ناصر العجمي الذي أتحفنا بأقدم نسخة من النسخ الخطية التي تحصَّلت لدينا، وهي نسخة جامعة برنستن وعدة نسخ أخرى، فحزاه الله خير الجزاء. والحمد لله في الأولى والآخرة، وهو حسبنا ونعم الوكيل. معاذ رضوان دعبول المديِر العام

مقدمة المحقق

بسم الله الرحمن الرحيم ترجمة الإمام أبي داود السجستاني * اسمه ونسبه ومولده وبلده: هو الإمامُ، شيخ السنة، مقدَّمُ الحفاظ، أبو داود سليمانُ بنُ الأشعث بن إسحاق بن بَشير بنِ شداد، هكذا نسبه تلميذاه ابنُ داسة وأبو عُبيد الآجري -وزاد في نسبته ابن حبان والخطيب البغدادي وابن ماكولا، والسمعاني وأبو طاهر السِّلَفي والحازمي، وابن خلكان والقاسم التُّجيبي، والتاج السبكي وابنُ تغري بردي- ابن عَمرو بن عِمران، الأزدي السجستاني (¬1). وقال ابنُ أبي حاتم: سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو بن عامر (¬2). ¬

_ (¬1) ابن حبان في "الثقات" 8/ 282، والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 55، وأبو طاهر السِّلَفي في مقدمته على "شرح الخطابي" 4/ 359. وابن ماكولا في "الإكمال" 1/ 295، والسمعانى في "الأنساب" 7/ 46، والنووي في "تهذيب الأسماء واللغات" 2/ 225، والحازمي في "شروط الأئمة الخمسة" ص 21، وابن خلكان في "وفيات الأعيان" 2/ 404، والقاسم بن يوسف التجيبي في "برنامجه" ص 94، وتاج الدين السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" 2/ 293، وابن تغري بردي فى "النجوم الزاهرة" 3/ 73. (¬2) المزي في "تهذيب الكمال" 11/ 355، والذهبى في "سير أعلام النبلاء" 203/ 13.

وقال محمدُ بن عبد العزيز الهاشمي: سليمان بن الأشعث بن بِشر بن شداد (¬1). والأزدي: نسبة إلى الأزد بنِ الغَوْثِ بنِ نَبْتِ بنِ مالك بنِ زيد بن كَهْلانَ بن سَبَأ بنِ يَشجُب بن يَعرُب بن قَحطان، وهو أبو قبيلة باليمن (¬2). والسِّجِسْتانيُّ: نسبةٌ إلى سِجِسْتان، بكسر السين المهملةِ والجيم، وسكونِ السين الأخرى، بعدها تاء منقوطة بنقطتين من فوق: وهو إقليمٌ يقع الآن تقريباً في الجنوب والجنوبِ الغربي لأفغانستان، ويَمتد إلى بعض مناطِق إيران الشرقيةِ إلى الجنوبِ منها، يدخل فيه دلتا نهر هلمند وغيره من الأنهار الكثيرة المنحدرة من جبال أفغانستان الشاهقة فوق كابل وغَزْنة إلى الجنوب الغربي، وفي هذا الموضع مدينة قندهار (¬3). ويُسمى هذا الإقليمُ أيضاً سِيستان، ويعودُ ذلك إلى تسميته الفارسية: سكستان، ويُعرف الآنَ باسمِ سِيستان، ويقال لها بالفارسيةِ: نِيْمَروز أيضاً، ومعناه نصف يومٍ، أو الأرض الجنوبية، ويقال: إن هذا الإقليم إنما سُمي بذلك لوقوعه في جنوبِ خراسان (¬4). ¬

(¬1) المرجعان السابقان. (¬2) ابن الكلبي في "جمهرة النسب" 2/ 363, وابن حزم في "جمهرة أنساب العرب" ص 330، والسمعاني 1/ 197، وابن الأثير في "اللباب في تهذيب الأنساب" 1/ 46، ومحمد بن جعفر الكتاني في (الرسالة المستطرفة) ص 11. (¬3) كي لسترنج في "بلدان الخلافة الشرقية" ص 20 و 372. (¬4) صديق حسن خان في "الحطة" ص 449، وكي لسترنج في (بلدان الخلافة الشرقية) ص 372.

والنسبة إليه أيضاً: سِجْزي، قال الحافظ الذهبي: وهكذا يَنْسِبُ أبو عوانة الإسفراييني أبا داود - يعني المُصنِّف-، فيقول: السِّجزي، وإليها يُنسَبُ مُسنِدُ الوقت أبو الوقت السِّجزي (¬1). وقد اختُلِفَ في السنة التي فُتحت فيها سجستانُ، فذكر سيفُ بنُ عمر في "الفتوح" أن فتحها كان سنَة ثمانَ عشرة في عهدِ أميرِ المؤمنين عُمَرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه، وتولى فتحَها عاصمُ بن عمرو التميمي وعبدُ الله بنُ عمير الأشجعي (¬2). أما خليفةُ بنُ خياط والبلاذُريُّ، وتبعهم ابنُ حبان وابنُ حزمٍ، فذهبا إلى أنَّ فتحها كان في عهدِ أمير المؤمنينَ عثمانَ بنِ عفان رضي الله عنه، وتولَّى فتحها الربيعُ بنُ زياد الحارثي. وعليه اقتصر الحافظ الذهبي في "دول الإسلام" (¬3). ويُجمع بينَ القولين أن ابتداء فتح سجستانَ كان زمن عمر بن الخطاب، واستمرت الحروب حتى استُكْمِلَ فَتْحُها سنةَ ثلاثين في عهد عثمان بن عفان، ذلك أنَّ إقليمَ سجستان كان أعظم من خراسان وأكبر مساحة وأصعَب الإقليمين وُعورة. فقد أورد الذهبي في حوادث سنة ثلاث وعشرين افتتاح سجستان ثم ذكر في سنةِ ثلاثين أن ابنَ عامرٍ ¬

(¬1) الذهبي فى "سير أعلام النبلاء" 13/ 221. (¬2) الطبري في "تاريخه" 4/ 94. (¬3) خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 164، والبلاذري في "فتوح البلدان" ص 385، وابن حبان في "السيرة النبوية وأخبار الخلفاء" ص 507، وابن حزم في "جوامع السيره" ص 348، والذهبي في "دول الإسلام" ص 22.

وجَّة زيادَ بنَ الربيع إلى سِجستان، فافتتح زالِق وشرواذ وناشروذ، ثم صالح أهلَ مدينة زرنج (¬1). ويرى ابنُ الأثير أن فتح سجستان قد تم أيام عمر بن الخطاب، إلا أن أهلها نقضوا العهد بعده، فأعاد فتحها الربيع بن زياد الحارثي في زمن عثمان بن عفان سنة إحدى وثلاثين (¬2). فبيّنَ أن تكرار فتحها كان نتيجةَ نقض أهلها العهد، والله تعالى أعلم. وُلِدَ الإمامُ أبو داود فيما قاله هو عن نفسه سنَة اثنتين ومئتين (¬3). وكانت ولادتُه بسجستان (¬4). وهو كما سلف عربي مِن قبيلة الأزد اليمنية، وإنما انتهى أحدُ أجدادِه إلى تلك البلاد أيامَ الفتح الإسلامي فاستقر هناك، وكان المسلمون في القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية على لسان خير البرية يرون أن الجهاد في سبيل الله فرض حتمي لنشر الإسلام وتعميمه في كافة الأقطار، فكانوا يستقرون في البلاد التي يفتحونها، ويتخذونها وطناً دائماً، ويصاهرون أهلها، ويقضون حياتهم في الدعوة إلى الله وتعليم من دخل في الإسلام منهم العربية والقرآن والسنة، وكانوا إلى ¬

_ (¬1) الطبري في "تاريخه" 4/ 181، والذهبي في "تاريخ الاسلام" قسم عهد الخلفاء الراشدين ص 329 - 330. (¬2) ابن الأثير في "الكامل في التاريخ" 3/ 128. (¬3) الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 9/ 56، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ ورقة 546. (¬4) الذهبي في "السير" 13/ 217.

عصره، وسيرته العلمية، ورحلته وشيوخه

جانب ذلك يتولون حماية الثغور لصدِّ أي هجوم مِن قبل العدو في البلاد المتاخمة، حماية لحدود دولةِ الإسلام من أن تُخْتَرَقَ مِن جهتهم، وكانت سجستان إحدى تلك الثغور. عصره، وسيرته العلمية، ورحلته وشيوخه: نشأ الإمامُ أبو داود وعاش في عصرٍ زاخرٍ بأهلِ العلم في مختلِف التخصصات، لا سيما في علم الحديث والرواية الذي بلغ أوجَه في القرن الثالث الهجري. فكان فيه عددٌ كبير من الحفاظِ الكبارِ الذين سجَّل لنا التاريخُ مآثِرهم، وحَفِظَتْ لنا الدواوينُ التي صنَّفوها مروياتِهم، وامتلأت الخزانة الإسلامية في ذلك القرن بالمصنفاتِ الجليلةِ التي لا يستغني عنها طالب علم البتة. وقد شاعت آنذاك الرِّحْلَةُ في طلبِ العلم، فقلما تَجِدُ طالبَ علم إلا ويتركُ وطنَه ومسقِط رأسه، ليرحل إلى مختلِفِ الأقطارِ الإسلامية التي كانت حَوَاضر للعلم والعلماء رغبةً في الالتقاء بأهل العلم الكبار الذين عُرفوا بحفظ الحديث وروايته، يختلف إلى مجالسهم، للأخذ عنهم والإفادة منهم، واستنزاف ما صح عندهم من الرواية. فكان أمثالُ الأئمة أحمد بن حنبل (ت: 241 هـ) ويحيى بن معين (ت: 233 هـ) وابن أبي شيبة (ت: 235 هـ) وابن راهويه (ت: 238 هـ) وأبي حاتم (ت: 250 هـ) وأبي زرعة (ت: 264 هـ) الرّازيين، والبخاري (ت: 256 هـ)، والذهلي (ت: 258 هـ) ومسلم (ت: 261 هـ) إلى غير هؤلاء الذين كانوا مهوى أفئدةِ طلبةِ العلم ومقصدَهم.

وقد كان الإمامُ أبو داود مِن أولئك الذي آثَرُوا الرِّحْلَةَ في طلب العلم على البقاء في الأوطان، فبعد أن تلقَّى مبادئ العلوم في سِنٍّ مبكرة، وكتبَ الحديثَ في بلده سجستان والمناطق المجاورة، امتدت أنظارُه إلى عاصمة الدولةِ الإسلامية آنذاك بغداد، حيث كانت مِن حواضر العلم، وبالرغم من بُعد الشُّقة والمسافاتِ الشاسعةِ رَحَلَ إليها وهو في مقتبل عُمره لم يجاوز الثامنة عشرة، فقد أخبر عن نفسه أنه وصل بغداد سنة عشرين ومئتين (¬1). قال أبو عبد الله الحاكمُ: أبو داود إمامُ أهلِ الحديث في عصره بلا مُدافَعَةٍ: سماعه بمصر والحجاز والشام والعِرَاقَيْنِ وخراسان، وقد كتب بخراسانَ قبلَ خروجه إلى العراق في بلدهِ وهَراة، وكتب ببَغْلان عن قُتيبة (هو ابن سعيد)، وبالري عن إبراهيمَ بنِ موسى ... وقد كان كتب قديماً بنَيسابور (¬2). وقال الحافظ المزي: وكان أبو داود أحد من رحَلَ وطوَّف، وجمع وصنف، وكتب عن العراقيين والخراسانيين، والشاميين والمصريين، والجزريين والحجازيين وغيرهم (¬3). وقال الحافظ الذهبي تعليقاً على قولِ أبي داود: ودخلت البصرةَ وهم يقولون: أمسِ مات عثمانُ بنُ الهيثم المؤذن، فسمعتُ مِن أبي ¬

_ (¬1) المرجعان السابقان. (¬2) ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ ورقة 546، والمزي في "تهذيب الكمال" 11/ 366. (¬3) المزي في "تهذيب الكمال" 11/ 356.

عمر الضرير مجلساً واحداً، فقال الذهبي: مات في شعبان سنةَ عشرين ومات عثمان قبله بشهر (¬1). ثم قال الذهبيُّ: وسمع بمكةَ مِن القعنبي وسليمانَ بنِ حرب وجماعةِ بمكة سنةَ عشرين أيام الحج. وسمع مِن مُسْلِمِ بن إبراهيم، وعبدِ الله بنِ رجاء، وأبي الوليد الطيالسي، وموسى بن إسماعيل، وطبقتِهم بالبصرة. ثم سمع بالكوفة مِن الحسنِ بنِ الربيع البُوراني وأحمدَ بنِ يونس اليربوعي وطائفة، وسمع من أبي توبة الربيع بنِ نافع بحلب، ومن أبي جعفر النُّفيليِّ وأحمد بنِ أبي شعيب وعدة بحرَّان، ومن حيوة بنِ شُريح ويزيدَ بنِ عبد ربه وخلقٍ بحمص، ومِن صفوانَ بنِ صالح وهشام بنِ عمار بدمشق، ومن إسحاق بن راهويه وطبقته بخُراسان، ومن أحمد بن حنبل وطبقته ببغداد، ومن قتيبة بن سعيد ببلْخ، ومن أحمدَ بنِ صالح وخلقٍ بمصر (¬2). ومِنْ أهم شيوخه الذين لقيهم، وأخذ عنهم علم الحديث الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بنُ معين كما يقول الحافظ المزي (¬3)، وإليك ترجمتَهما مختصرة، فأما الإمام أحمد، فهو: أ- الإمامُ الحافظُ، شيخُ الإسلام أبو عبد الله أحمدُ بنُ محمد بن حنبل بنِ هلال بنِ أسد الذُّهلي الشيبانيُّ، روى عنه البخاري ومسلم، ¬

_ (¬1) "سير أعلام النبلاء" 13/ 204، و"تاريخ الإسلام" وفيات 261 - 280. (¬2) "سير أعلام النبلاء" 13/ 204 - 205. (¬3) "تهذيب الكمال" 11/ 359.

وكان يحفظ ألف ألف حديث، قال عنه الشافعي: خرجتُ من بغداد، فما خلفتُ بها رجلاً أفضلَ ولا أعلم ولا أفقه مِن أحمد بن حنبل. وقال أبو عبيد: انتهى العلمُ إلى أربعة أفقهُهُم أحمد، وقال أبو ثور: أحمد أعلمُ -أو قال: أفقه- من الثوري، توفي سنة إحدى وأربعين ومئتين، وله سبع وسبعون سنة (¬1). وقد دون أبو داود عنه مسائلَ في كتاب يشتمل على الفقه والحديث والرجال، سنأتي على وصفه إن شاء الله تعالى. 2 - الإمام الحافظ العَلَم أبو زكريا يحيى بنُ مَعين المُرِّي مولاهم البغدادي، شيخ البخاري ومسلم، كتب بيديه ألفَ ألفِ حديث، وقال ابنُ المديني: انتهى علمُ الناسِ إلى يحيى بن معين، وقال أحمد بن حنبل: يحيى بن معين أعلمنا بالرجال، توفي سنة ثلاث وثلاثين ومئتين في المدينة المنورة (¬2). ومن أشهر شيوخه في الرواية الذين أكثر عنهم الرواية ودوَّن ذلك في كتابه "السنن": 1 - عبدُ الله بن مسلمة بن قعنب القعنَبيُّ البصري الإمام الثبت القدوة، روى عنه البخاري ومسلم والذهلي. قال أبو زرعة: ما كتبتُ عن أحدٍ أجلَّ في عيني مِن القعنبي، وقال أبو حاتِم الرازي: ثقة حجة ¬

_ (¬1) ابن عبد الهادي في "طبقات علماء الحديث" 2/ 81 - 83، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 11/ 177 - 358. (¬2) ابن عبد الهادي في "طبقات علماء الحديث" 2/ 79 - 81، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 11/ 71 - 96.

لم أر أخشع منه. وقدَّمه الخريبي على مالك. توفي سنة إحدى وعشرين ومئتين (¬1). وقد روى عنه أبو داود في" السنن" ثلاثة عشر وثلاث مئة حديثٍ تقريباً. 2 - مُسدَّد بن مُسَرْهَد بن مُسَرْبَل الأسدي البصري، الإمامُ الحافظُ الحجةُ، روى عنه البخاري والذهلي وأبو حاتِم وأبو زرعة الرازيان، وقال أبو زرعة: قال لي أحمدُ بن حنبل: مسدّد صدوق، فما كتبتَه عنه فلا تَعْدُه، ووثقه أبو حاتم والنسائي وابن معين. توفي سنة ثمان وعشرين ومئتين (¬2). وقد روى عنه أبو داود في "السنن" واحداً وأربعين وخمس مئة حديث تقريباً. 3 - الحسنُ بنُ علي بن محمد الهُذَلي الخَلاّل الحُلْواني (وحُلْوان: بلدة مما يلي الجبال ببغداد) نزيل مكة والمجاور بها، الامام الحافظ الصدوق، روى عنه البخاري ومسلم، وثقه النسائي يعقوب بنُ شيبة والخطيب، وقال الخليلي: كان يُشبَّه بأحمدَ في سَمْتِه وديانته، توفي سنة اثنتين وأربعين ومئتين (¬3). وقد روى عنه أبو داود في "السنن" تسعة وعشرين ومئة حديث تقريباً. ¬

_ (¬1) المزي في "تهذيب الكمال" 16/ 136 - 143، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 10/ 257 - 264. (¬2) المزي في" تهذيب الكمال" 27/ 443 - 448، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 10/ 591 - 595. (¬3) المزي في (تهذيب الكمال) 6/ 259 - 263، وابن حجر في "تهذيب التهذيب" 1/ 406.

4 - قتيبة بن سعيد بن جميل الثقفي مولاهم البلخي (وبلخ من أجل مدن أفغانستان في الشمال منها)، المحدِّثُ الإمامُ الثقةُ، راويةُ الإسلامِ، روى عنه أحمد وابن معين والبخاري ومسلم، وثقه أبو حاتم والنسائي وابنُ معين، وقال أحمدُ بنُ سيار المروزي: كان صاحبَ سنةٍ وجماعةٍ، توفي سنة أربعين ومئتين (¬1). وقد روى عنه أبو داود في "السنن" واحداً وثمانين ومئة حديث تقريباً. 5 - سعيدُ بنُ منصور بنِ شُعبة الخراساني، ثم البلخي المجاور بمكة، الإمام الحافظُ، شيخُ الحرم، روى عنه مسلمٌ وأحمد بن حنبل حدَّث عنه وهو حيٌّ، وثقه أبو حاتم وابنُ خراش وابنُ نمير وابنُ سعد ومحمدُ بنُ عبد الرحيم صاعقة، وفخّم أحمدُ بنُ حنبل أمرَه، وقال حربُ بنُ إسماعيل: أملى علينا نحواً مِن عشرة آلاف حديث مِن حفظه. ثم صنف بعد ذلك الكتب. توفي سنة سبع وعشرين ومئتين على الصحيح (¬2). وقد روى عنه أبو داود في "السنن" ستة وأربعين حديثاً تقريباً. 6 - هنادُ بنُ السَّرِيِّ بنِ مُصعبٍ الدارمي الكُوفي، الإمامُ الحجةُ القدوةُ، روى عنه البخاري في "خلق أفعال العباد" ومسلم وبقية الأربعة، وثقه النسائي، وكان أحمد بنُ حنبل يأمر بالكتابة عنه، وكان ¬

_ (¬1) المزي في "تهذيب الكمال" 23/ 523 - 537، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 11/ 13 - 24. (¬2) المزي في "تهذيب الكمال" 11/ 77 - 82، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 10/ 586 - 590.

وكيعٌ يُعظّمه. توفي سنة ثلاث وأربعين ومئتين (¬1). وقد روى عنه في "السنن" ستة وستين حديثاً تقريباً. 7 - محمدُ بنُ العلاء بن كُرَيْبٍ، أبو كريب الهَمْدَاني الكُوفي، الحافظُ الثقةُ الإمامُ، روى عنه الجماعةُ، والذهلي وأبو زرعة وأبو حاتم، قال محمد بنُ عبدِ الله بن نُمير: ما بالعراق أكثرُ حديثاً من أبي كريب ولا أعرَفُ بحديث بلدنا منه، وقال أبو العباس ابنُ عُقدة: ظهر لأبي كريب بالكوفة ثلاث مئة ألف حديث. توفي سنة ثمان وأربعين ومئتين (¬2). وقد روى عنه أبو داود في "السنن" سبعةً وسبعينَ حديثاً تقريباً. 8 - محمد بن كثيرٍ العبدي البصري، الحافظُ الثقةُ، قال الحافظ الذهبي: كان صاحب حديثٍ ومعرفة سَمعَ بالبصرة وبالكوفة وطال عُمرُهُ، وحديثُه مخرج في الصحاح كلها، حدث عنه البخاري في "صحيحه"، وروى عنه أيضاً الذهلي وأبو حاتم وأبو زرعة. توفي سنة ثلاث وعشرين ومئتين (¬3). وقد روى عنه أبو داود في "السنن" واحداً وثلاثين ومئة حديثٍ تقريباً. ¬

_ (¬1) المزي في "تهذيب الكمال" 30/ 311 - 313، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 11/ 465 - 466 (¬2) المزي في "تهذيب الكمال" 26/ 243 - 248، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 11/ 394 - 398. (¬3) المزي في "تهذيب الكمال" 26/ 334 - 336، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 10/ 383 - 384.

9 - عبدُ الله بنُ محمد بن علي بن نُفيل النفيلي الحرَّاني (وحران تقع في شمال سوريا وهي من بلاد الجزيرة كان بها ومنها جماعة من الفضلاء والعلماء في كل فن، وهي من ديار مُضَر، ولها تاريخٌ عمله أبو عَروبة الحسين بن أبي معشر الحراني الحافظ، ذكر فيه جماعة من أهل الجزيرة سماه "تاريخ الجزريين"، افتتحها المسلمون في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على يد عياض بن غنْم، دخلها صلحاً سنة 18 هـ الإمام الحافظ عالم الجزيرة، روى عنه أبو حاتم وأبو زرعة والذُّهلي، قال أبو داود: ما رأيتُ أحفظَ من النفيلي، وقال: كتبَ عنه أحمد وهو شابٌّ. وثقه أبو حاتم والنسائي والدَّارقطني. توفي سنة أربع وثلاثين ومئتين (¬1). وقد روى عنه أبو داود في "السنن" خمسة وثلاثين ومئة حديث تقريباً. 10 - عثمانُ بن محمد بن أبي شيبة العبسي مولاهم الكُوفي، الإمامُ الحافظ المفسِّر، صاحبُ التصانيف روى عنه البخاريُّ ومسلم وأبو حاتِم، وثقه ابنُ معين. وقال أبو حاتِم: كان أكبرَ من أبي بكر -يعني أخاه صاحب "المصنف" و"المسند"- وأثنى عليه أحمدُ بنُ حنبل خيراً. توفي سنة تسع وثلاثين ومئتين (¬2). روى عنه أبو داود في "السنن" أحدَ عشرَ وثلاث مئة حديث تقريباً. ¬

_ (¬1) المزي في "تهذيب الكمال" 16/ 88 - 92، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 10/ 634 - 637. (¬2) المزي في "تهذيب الكمال" 19/ 478 - 487، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 11/ 151 - 153.

ثناء أهل العلم عليه

11 - مسلم بنُ إبراهيم الأزديُّ الفراهيديُّ مولاهم البصري، الإمامُ الحافظُ الثقةُ، مُسند البصرة. روى عنه البخاريُّ، وابنُ معين، والذُّهلي وأبو زُرعة وأبو حاتِم، قال أبو داود: كتبَ عن قريب مِن ألفِ شيخ. وثقه ابنُ معين وأبو حاتم، توفي سنة اثنتين وعشرين ومئتين (¬1). روى عنه أبو داود في "السنن" ثمانية ومئة حديثٍ تقريباً. ثناء أهل العلم عليه: لم يكن غريباً على من تتلمذَ على أولئك الجِلَّة مِن أهل العلم أن يَبْلُغَ مرتبةً عالية جليلة، تجعله أهلاً لأن يُشار إليه بالبنان، وأن يُشادَ بفضله في كل مكان، هذا إلى ما كان لديه من ذكاء حادٍّ وحافظةِ قوية وذهنٍ وقّاد، مع إخلاصه لله تعالى، لأن إنساناً مهما بلغ في العلم مرتبةً لا يُمكن بحال أن يُبَارِكَ الله سبحانه وتعالى له فيه، ويجد قبولاً وثناءً إلا بإخلاصه لله عز وجل، وقد تحقق ذلك كُلُّه في الإمام أبي داود رحمه الله، حتى أقرَّ علماءُ عصره له بالتقدم وخصوصاً في علم الحديث، حيث صرف همته إليه، فكان الغالبَ عليه. قال أبو بكر الخلالُ: أبو داود الإمامُ المقدَّمُ في زمانه، رجلٌ لم يسبقه إلى معرفته بتخريج العلوم، وبصره بمواضعه أحدٌ في زمانه، رجل وَرِعٌ مُقدّمٌ. سَمعَ أحمد بن حنبل منه حديثاً واحداً كان أبو داود ¬

_ (¬1) المزي في "تهذيب الكمال" 27/ 487 - 492، والذهبي فى "سير أعلام النبلاء" 10/ 314 - 318.

يذكُرُه. وكان إبراهيمُ الأصبهانيُّ وأبو بكر بنُ صدقة يرفعون مِن قدره ويذكرونه بما لا يذكرون أحداً في زمانه مثلَه (¬1). وقال أحمدُ بنُ محمد بنِ ياسين الهرويُّ: كان أحدَ حفاظِ الإسلامِ لحديث رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وعلمه وعلله وسندِه، في أعلى درجاتِ النُّسُكِ والعفافِ والصلاحِ والورعِ، من فُرسان الحديث (¬2). وقال محمد بنُ إسحاق الصغاني وإبراهيمُ بن إسحاق الحربي، لما صنَّفَ أبو داود كتابَه "السنن": أُلِينَ لأبي داود الحديثُ كما أُلينَ لداود عليه الصلاة والسلام الحديد (¬3). وقال محمد بنُ مخلدِ: كان أبو داود يفي بمذاكرةِ مئةِ ألفِ حديث، ولما صنَّف كتاب "السنن" وقرأه على الناس، صار كتابُه لأصحابِ الحديث كالمصحف يتبعونه ولا يخالفونه، وأقر له أهلُ زمانه بالحفظِ والتقدم فيه (¬4). وقال موسى بنُ هارون الحافظ: خُلِقَ أبو داود في الدُّنيا للحديث، وفي الآخرة للجنة. وقال: ما رأيتُ أفضلَ مِن أبي داود (¬5). ¬

_ (¬1) الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 9/ 57، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ ورقة 548. (¬2) المرجعان السابقان. (¬3) الخطابي في "معالم السنن" 1/ 7، وابن طاهر المقدسي في "شروط الأئمة الستة" ص 17. (¬4) أبو طاهر السلفي في مقدمته على شرح الخطابي آخر "معالم السنن" 4/ 367. (¬5) ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ ورقة 547.

وقال علاّنُ بنُ عبد الصمد: سمعت أبا داود وكان مِن فُرسان هذا الشأن (¬1). وقال أبو حاتم بنُ حبان والسمعاني: كان أبو داود أحدَ أئمة الدنيا فقهاً وعلماً، وحِفظاً ونُسُكاً، وورعاً وإتقاناً، جمع وصنَّف، وذبّ عن السنن، وقمع من خالفها وانتحل ضِدَّها (¬2). وقال أبو عبد الله بن منده: الذين خرَّجوا الصحيح، وميّزوا الثابت من المعلول، والخطأ من الصواب أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وأبو الحسين مُسلِمُ بنُ الحجاج القُشيري، وبعدهما أبو داود سليمانُ بن الأشعث بن إسحاق السجستاني، وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (¬3). وقال الحاكم أبو عبد الله: أبو داود إمامُ أهلِ الحديثِ في عصره بلا مُدافعة، سماعه بمصر والحجاز والشام والعراقَين وخُراسان، وقد كتب بخراسانَ قبل خروجه إلى العراق في بلده وهراة، وكتب ببَغْلان عن قتيبة، وبالرَّيّ عن إبراهيم بن موسى، إلا أن أعلى إسناده القعنبيُّ ومسلمُ بنُ إبراهيم وموسى بنُ إسماعيل، وبالشام أبو توبة الربيعُ بنُ نافع، وحيوةُ بنُ شُريح الحمصيُّ، وقد كان كتب قديماً بنيسابور، ثم رحلَ بابنه أبي بكر بن اْبي داود إلى خراسان (¬4). ¬

_ (¬1) ابن عساكر 7/ ورقة 548، والمزي 11/ 365، والذهبي 13/ 212. (¬2) ابن حبان في "الثقات" 8/ 282، والسمعاني في "الأنساب" 7/ 46. (¬3) ابن منده في "شروط الأئمة" المسمى "بيان فضل الأخبار وشرح مذاهب أهل الآثار وحقيقة السنن وتصحيح الروايات" ص 42. (¬4) ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ ورقة 545 - 546.

وقال النووي: واتفق العلماءُ على الثناء على أبي داود، ووصفِه بالحفظِ التام، والعلم الوافر، والإتقان والورعِ والدينِ والفهمِ الثاقب في الحديث وغيره (¬1). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: البخاري وأبو داود إمامان في الفقه من أهل الاجتهاد (¬2). وقال ابن عبد الهادي: الإمام الثبت، سيد الحفاظ (¬3). وقال الحافظ الذهبي: الإمام شيخ السنة، مقدّم الحفاظ (¬4). وقال أيضاً: كان أبو داود مع إمامته في الحديث وفنونه من كبار الفقهاء، فكتابه يدل على ذلك (¬5). وقال ابن تغري بردي: كان إمامَ أهل الحديث في عصره بلا مدافعة، وكان عارفاً بعلل الحديث ورعاً (¬6). وحكى القاضي أبو محمد أحمد بن محمد بن الليث قال: جاء سهل بن عبد الله التُّستَري إلى أبي داود السجستاني، فقال: يا أبا داود لي إليكَ حاجةٌ. قال: وما هي؟ قال: حتى تقولَ: قد قضيتُها مع الإمكان، قال: قد قضيتُها مع الإمكان، قال: أخرج إليَّ لسانك ¬

(¬1) "تهذيب الأسماء واللغات" 2/ 225. (¬2) "مجموع الفتاوى" 20/ 40. (¬3) "طبقات علماء الحديث" 2/ 290. (¬4) "سير أعلام النبلاء" 13/ 203. (¬5) المرجع السابق 13/ 215. (¬6) "النجوم الزاهرة" 3/ 73.

الذي حدّثت به أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبّله، فأخرج إليه لسانه فقبّله. قال الحافظ أبو طاهر السِّلَفي معلقاً على هذه القصة: لم يُسهِّل على سَهْل هذا الفعل، مع انقباضه عن الناس وانزوائه عنهم، ميلاً منه إلى اليأسِ، وإيثاره الخمول، وتركه الفضول، إلا لإحياء أبي داود الحديث والشرع الشريف بالبصرة، عقيب ما جرى عليها من الزُّنوج القائمين مع القرمطي وخرابها، وقتل علمائها وأعيانها ما جرى، واشتهر عند الخاص والعام من الورى، وإتيان الموفق إليه (قلنا: هو الأمير أبو أحمد طلحة بن المتوكل بن المعتصم أخي الخليفة المعتمد على الله، وكان أميراً بطلاً شجاعاً كبير الشأن ذكره الذهبي في "تاريخ دول الإسلام" وفيات ثمان وسبعين ومئتين) وسؤاله إياه التوجه في الانتقال إليها ليُرحَل إليه، ويُؤخذ عنه كتابُه في السنن وغير ذلك من علومه، وتتعمّر به كما تقدم فيما أمليناه، إذ تحقق أن مقامه بها وكونه بين أهليها يقومُ مقام كُماة أنجادٍ، وحُماة أمجاد، وقليل ما فعله سهلٌ في حقه، حين رأى الحق المستحق ... وفضائل أبي داود كثيرة ورُتبته بين أهلِ الرتب كبيرة. وقال أبو طاهر أيضاً: وكان رحمه الله في زمانه يراجَع في الجرح والتعديل، ويدوَّن كلامه ويُعوَّل عليه غايةَ التعويل. وقال أيضاً: كان على علم بالرجال، وفي معرفة الحديث وروايته جبلاً من الجبال (¬1). ¬

_ (¬1) أبو طاهر السِّلفي في مقدمته على شرح الخطابي "معالم السنن" 4/ 370 - 371 و372.

* مذهبه في الصفات

* مذهبه في الصفات: كان الإمامُ أبو داود رحمه الله يرى مذهب السلف في إثبات الصفات ونفي الكيفية عنها، كما هو مذهب شيخه الإمام أحمد، ومعظم أهل العلم في ذلك العصر وما قبلَه من الفقهاء والمحدثين، وهو المذهبُ الذي اتفق عليه السلف الصالح، وأخذ به الأئمة الأربعة المتبوعون وعامة أهل الحديث. فقد ذكر الحافظُ الذهبيُّ أن الإمام أبا داود كان على مذهب السلف في اتباعِ السُّنة والتسليم لها، وتركِ الخوض في مضايق الكلام (¬1). وقد أورد الإمامُ أبو داود في كتابِ السنة من "سننه" من الأحاديث التي تشهدُ لمذهبِ السلف وتؤيده، وكذلك ما نقله في "مسائله" عن الإمام أحمد وغيره من علماء السلف في الردِّ على الجهميةِ والمُعَطَّلة والقدرية والخوارج والمعتزلة فيما يعتقدونه من مسائل الكلام كالعلو والرؤية والصفات، بما يدلُّ دلالةَ واضحةَ على أنه جارٍ على مذهبِ السلفِ وأهلِ السنة والجماعة رحمه الله تعالى رحمةً واسعة. وروى أبو طاهر السِّلَفي بسنده إلى محمد بن رجاء البصري قال: قلت لأبي داود السجستاني: لم أرك حدَّثت عن الرمادي؟ فقال: رأيته يصحبُ الواقفة، فلم أحدّث عنه. قال السلفي معلقاً على ذلك: الرمادي هذا هو أحمد بن منصور من حفاظ الحديث الأعلام وثقات علماء الإسلام، وقد توقف أبو داود عن الرواية عنه لصحبته الواقفة. ¬

_ (¬1) "سير أعلام النبلاء" 13/ 215.

* مذهبه الفقهي

قلنا: الواقفة يعني الذين توقفوا عن الخوض والبحث في أن القرآن مخلوق أو غير مخلوق. وهو في ذلك تابع لشيخه الإمام أحمد، لأنه كان يُبدِّع الواقفة أيضاً، ويعدهم فريقاً من الجهمية كما في رسالته إلى مسدد (¬1). * مذهبُه الفقهي: معظم الذين ترجموا للإمام أبي داود ذكروه في الطبقة الأولى من أصحابِ الإمامِ أحمد كأبي إسحاق الشيرازي والقاضي أبي الحسين ابن أبي يعلى الفراء، وعدَّه الحافظ الذهبي من نجباء أصحابه (¬2). وبذلك جزم المحدِّثُ الشيخ محمد أنور الكشميري، والشيخُ محمد زكريا الكاندهلوي (¬3). وعدّه أبو عاصم العبَّادي وابن باطيش في الشافعية، وتبعهما تاج الدين ابن السُّبكي، وشايعهم على ذلك طاشكُبري زاده وصِدّيق حسن خان القِنَّوجي (¬4)، وفيه نظر، فقد قال الداوودي: ولم يذكروا لذلك دليلاً. ¬

_ (¬1) ابن أبي يعلى الفراء في "طبقات الحنابلة" 1/ 343. وقد ذكر الرسالة برُمّتها. (¬2) الشيرازي في "طبقات الفقهاء" ص 171، وابن أبي يعلى في "طبقات الحنابلة" 1/ 159 - 162، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 13/ 215. (¬3) الكشميري في شرحه على البخارى المسمى "فيض الباري" 1/ 58، والكاندهلوي في مقدمة كتابه "لامع الدراري على جامع البخاري" ص 60. (¬4) ابن السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى" 2/ 293، وطاشكبري زاده في "مفتاح السعاده" 2/ 284، والداوودي في "طبقات المفسرين" 1/ 207، وصديق حسن خان في" أبجد العلوم" 3/ 127.

وكونُه تفقه بالإمام أحمد وبغيره من الأئمة، ونقل عنهم، لا يعني أنه كان مقلداً لهم، يأخذُ بأقوالهم دونما تمحيصٍ، أو نظرٍ في أدلتهم، بل كان رحمه الله وقد اكتملت له أدواتُ الاجتهادِ يختارُ ويُفتي بما يؤديه إليه اجتهاده في فهم الكتابِ والسنة وما تفرَّغ عنهما. فإنَّ علماءَ ذلك العصر الذي عاش فيه أبو داود لم يكونوا يرضون لأنفسهم التقليد، لا حفاظُ الحديث، ولا أئمةُ الفقه. وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن الأئمة الستة وآخرين: هل كانوا مجتهدين لم يقلدوا أحداً، أم كانوا مقلدين؟ فأجابهم بقوله: أما البخاريُّ وأبو داود فإمامانِ في الفقه مِن أهلِ الاجتهاد، وأما مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وأبو يعلى والبزار ونحوهم، فهم على مذهبِ أهلِ الحديث، ليسوا مقلدين لواحدٍ بعينه مِن العلماء، ولا هُمْ مِن الأئمة المجتهدين على الإطلاق، بل هم لا يميلُون إلى قولِ أئمةِ الحديثِ كالشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عُبيد، وأمثالهم. ومنهم مَنْ له اختصاصٌ ببعضِ الأئمة كاختصاص أبي داود ونحوه بأحمد بن حنبل، وهم إلى مذاهب أهلِ الحجاز كمالكِ وأمثاله أميلُ منهم إلى مذاهِب أهلِ العراق، كأبي حنيفة والثوري (¬1). وقال العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثري: وأبو داود تفقه على فقهاء العراق، وعظم مقداره في الفقه، وهما أعني البخاري وأبا داود ¬

_ (¬1) "مجموع الفتاوى" 20/ 40.

* آثاره العلمية

أفقه الجماعة رحمهم الله وأغدق عليهم سِجال الرحمة، ولهم على الأمة أعظمُ مِنَّة بما خدموا السُّنة (¬1). وذهب الشيخُ طاهر الجزائري إلى مذهب وسط بين الفريقين فقال: وعندي أن البخاري وأبا داود أيضاً كبقية الأئمة المذكورين، ليسا مقلَّدَين لواحدِ بعينه، ولا مِن الأئمة المجتهدين على الإطلاق، بل يميلان إلى أقوال أئمتهم (¬2). * آثاره العلمية: أ- تلامذته: كان الإمام أبو داود كعلماء عصره يُلمُّ بأطراف المعرفة من لغةٍ وفقه وحديث وتفسير وغير ذلك، مما جعله مقصِد طلاب العلم، يَفِدون إليه من كل حَدَبِ وصَوب، راغبين في تلقي العلم عنه، ولا سيما علم الحديث الذي بَرَعَ فيه وغلبَ عليه حتى صار فيه إماماً، يُرْجَعُ إليه، ويُؤخذ عنه، ويُسلَّم له. فمن تلامذته مَن أخذ عنه كتاب "السنن" كله رواية، ومنهم من أخذ عليه بعض مروياته، وعددٌ كبير من تلامذته أولئك كانوا مِن المُبرِّزين في هذا الشأن، ممن خلفوه بخير، وكانوا مناراتِ هدى مِن بعده. ¬

_ (¬1) بهامش "شروط الأئمة الخمسة" ص 56. (¬2) "توجيه النظر" ص 185.

فأما تلامذته الذين لازموه وقرؤوا عليه كتاب "السنن" فأبرزهم: 1 - أبو علي محمدُ بنُ أحمد بن عمرو البصري اللؤلؤي، وصفه الذهبىُّ بقوله: الإمامُ المحدث الصدوق، وقال مرة: ثقة. قال تلميذه القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي: كان أبو علي اللؤلؤي قد قرأ كتابَ "السنن" على أبي داود عشرين سنة، وكان يُدعى ورّاق أبي داود، والورّاق في لغة أهل البصرة: القارئ للناس (¬1). وهو آخر من حدث عنه بكتاب "السنن" (¬2). توفي سنة ثلاث وثلاثين وثلاث مئة (¬3). قال القاسم بن يوسف التُّجِيبي: وأصح روايات الكتاب كلها، وهي آخر ما أملى أبو داود رحمه الله رواية أبي علي محمد بن أحمد ابن عمرو اللؤلؤي البصري، وعليها مات أبو داود (¬4). وقال أبو الطيب العظيم آبادي: نسخةُ "السنن" من رواية اللؤلؤي هي المروَّجة في ديارنا الهندية وبلاد الحجاز وبلاد المشرق من العرب، بل أكثرِ البلاد، وهي المفهومة من "السنن" عند الإطلاق، وهذه النسخة لخصها الحافظ المنذري، وخرّج أحاديثها، وعلى هذه النسخة شرحٌ لابن رسلان والحافظ العراقي وحاشية لابن القيم والسندي والسيوطي -وهذه الحواشي مطبوعة- وغيرهم، وهذه الرواية هي المرادة في قول صاحب "المنتقى"، وصاحب "جامع الأصول"، ¬

_ (¬1) ابن نقطة البغدادي في "التقييد" ص 49 - 50، والذهبي في "سِير أعلام النبلاء" 15/ 307، وفي "تاريخ الإسلام" وفيات 331 - 350. (¬2) السمعاني في" الأنساب" نسبة اللؤلؤي. (¬3) "سير أعلام النبلاء" 15/ 308. (¬4) في "برنامجه" ص 96.

وصاحب "نصب الراية"، وصاحب "المشكاة"، وصاحب "بلوغ المرام"، وغيرهم من المحدّثين، وأخذ هذه النسخةَ الإمامُ الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن المعروف بابنِ عساكر الدمشقي في كتابه "الإشراف على معرفة الأطراف"، حتى قال السيوطى: إن رواية اللؤلؤي مِن أصح الروايات (¬1). وقد حصل لدينا بحمد الله ثلاث نسخ مصورة عن أصول خطية برواية اللؤلؤي. 2 - أبو بكر محمدُ بنُ بكر بن محمد بنِ عبد الرزاق بن داسَه (¬2) البصري التمار، وصفه الذهبيُّ بقوله: الشيخ الثقة العالم، قال: وهو آخِرُ مَنْ حدَّث بالسنن كاملاً، عن أبي داود. وكذلك قال أبو علي الغساني: إنَّ روايته أكملُ الروايات، وكذا قال ابن عطية في "فهرسته". وقال أبو الطيب العظيم آبادي: وهي مشهورة في بلاد المغرب (¬3). قلنا: وقد اعتمدها من المشارقة الإمام أبو بكر أحمد بن علي الرازي الجصّاص، المتوفى سنة (370 هـ) والإمام أبو سليمان حَمْد بن محمد الخطابي، المتوفى سنة (388 هـ)، والحافظ أبو نعيم الأصبهاني، المتوفى سنة (430 هـ)، والحافظ أحمد بن الحسين البيهقي المتوفى سنة (458 هـ). ¬

_ (¬1) "عون المعبود" 14/ 135. (¬2) قال المعلّمي في مقدمة "الإكمال" لابن ماكولا ص60: أربعة أسماء صرح أهل العلم بأنه يبقى آخرها هاء وقفاً ووصلاً: ماجه، داسه، منده، سيده. (¬3) ابن خير الأشبيلي في (فهرسته) ص 106، وابن عطية في (فهرسته) ص 159، والذهبي في "السير" 15/ 538، وأبو الطيب في "عون المعبود" 14/ 135.

وممن اعتمدها من المغاربة صاحب "المحلى" الإمام أبو محمد علي بن أحمد بن حزْم، المتوفى سنة (456 هـ)، والإمام أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البرِّ، المتوفى سنة (463 هـ). وقال الحافظ ابن حجر: روايتا اللؤلؤي وابن داسه متقاربتانِ إلا في بعض التقديم والتأخير (¬1). توفي سنة لست وأربعين وثلاث مئة (¬2). وقد حصل لنا بحمد الله مصوّرتان عن نسختين خطيتين بروايته، إحداهما كاملة، والأخرى ينقص منها بعض أبوابها. 3 - أبو سعيد أحمدُ بنُ محمد بن زياد بنِ بشر بنِ درهم بن الأعرابي، وصفه الذهبي بقوله: الإمام المحدث القدوة الصدوقُ الحافظ، شيخ الإسلام، وقال في موضع آخر: وكان ثقة ثبتاً. قال أبو علي الغساني: وليس في رواية ابن الأعرابي كتابُ الفتن والملاحم والحروف والخاتم، وسقط من كتاب اللباس نحو نصفه، وفاته مِن كتاب الوضوء والصلاة والنكاح أوراق كثيرة، وأحاديث خرجها من روايته عن شيوخه، وروى أكثرها عن أبي أُسامة محمد بن عبد الملك الروّاس عن أبي داود على حسب ما قيدته من كتابِ أحمد بن سعيد بن حزْم. توفي سنة أربعين وثلاث مئة، وله أربع وتسعون سنة وأشهر (¬3). ¬

_ (¬1) " المعجم المفهرس" (3). (¬2) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 15/ 539. (¬3) ابن خير في (فهرسته) ص105 - 106، وابن حجر في" المعجم المفهرس" (3)، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 15/ 407.

وقال أبو الطيب العظيم آبادي: مع نقصانها فيها أيضاً بعضُ الأحاديث الذي ليس في رواية اللؤلؤي، ويذكر الحافظ المزى روايته في "الأطراف" (¬1). 4 - أبو الحسن عليُّ بنُ محمد بن العبد الوراق، وقد نقل الحافظُ عبدُ الغني المقدسى بسنده إلى ابن العبد قوله: سمعتُ كتاب" السنن" من أبي داود سِتَّ مرار، بقيت من المرة السادسة بقيةٌ لم يُتمه بالبصرة. وقال: البصري يزيدُ فيه على البغدادي ستَّ مئةِ حديثٍ ونيفاً وستين حديثاً، وألف كلمة ونيف (¬2). قال أبو الطيب العظيم آبادي: رواية ابن العبد موجودة في أطراف المزي، ويذكر روايته أيضاً الحافظُ ابنُ حجر في "فتح الباري" (¬3). قلنا: وكثيراً ما كان يشير إليها الحافظ في نسخته التي عندنا من "السنن" بالرمز "عب". وقال الكوثري: وفي رواية أبي الحسن عليِّ بن الحسن بنِ العبد بعضُ زيادات تنفعُ في نقد الأحاديث، وكذا روايةُ إسحاق بن موسى الرملي (¬4). 5 - أبو عيسى إسحاق بن موسى بن سعيد بن عبد الله بن أبي سلمة الرملي، وثقة الدارقطني وقال السيوطي: نسخته تقارب نسخة ابن داسه. وفيها زيادات تنفع في نقد الأحاديث كما قال الكوثري. ¬

_ (¬1) "عون المعبود" 14/ 135. (¬2) من آخر خاتمة" رسالة أبي داود إلى أهل مكة في وصف سننه" طبعة الكوثري. (¬3) "عون المعبود" 14/ 136. (¬4) في مقدمته لـ "رسالة أبي داود إلى أهل مكة في وصف السنن".

وصف بأنه وراق أبي داود ببغداد. توفي سنة عشرين وثلاث مئة (¬1). قلنا: وروايته عند ابن عبد البر والقاضي عياض (¬2). 6 - أبو سالم محمد بن سعيد بن حماد بن ماهان بن زياد بن عبد الله الجُلودي، وثقه يوسف القوَّاس. توفي سنة تسع وعشرين وثلاث مئة. وقد ذكر الحافظ الذهبي روايته لـ"السنن" عن أبي داود (¬3). 7 - أبو أسامة محمد بن عبد الملك بن يزيد الروّاس، سبق ذكره عند الكلام على ابن الأعرابي، وذكرنا هناك أن ابن الأعرابي خرَّج أكثر الأحاديث التي لم يسمعها من أبي داود مباشرة عن شيوخه، وروى أكثرها عن أبي أسامة الروّاس كما أفاده أبو علي الغساني. وقد ذكر الحافظان المزي والذهبي روايته عن أبي داود (¬4). 8 - أبو عمرو أحمدُ بنُ علي بن حسن بن محمد بن شاهْمَرد الصيرفي الفقيه البصري، المعروف بابن خُميرة. سمع أبا داود بدمشق، وقد ذكر الحافظان المزي والذهبي روايته لسنن أبي داود (¬5). ¬

_ (¬1) الخطيب في "تاريخ بغداد" 6/ 395، وابن خير في "فهرسته" ص 104، والعظيم آبادي في "عون المعبود" 14/ 136، والكوثري في مقدمته لـ "رسالة أبي داود إلى أهل مكة". (¬2) القاضي عياض في "الغنية" ص 38 و218، وابن خير في "فهرسته" ص 104. (¬3) الخطيب في "تاريخه" 5/ 311، والذهبي في "تذكرة الحفاظ" 2/ 592، في "تاريخ الإسلام" وفيات 321 - 330. (¬4) المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أبي داود، وفي "تحفة الأشراف" (10930) و (12082)، والذهبي في "تذكرة الحفاظ" 2/ 592. (¬5) ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 2/ ورقة 19 - 25، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أبي داود، والذهبي في "التذكرة" 2/ 592.

9 - أبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن الأُشناني البغدادي، نزيل الرحبة، ذكر الحافظ المزي في ترجمة أبي داود أنه أحد رواة "السنن" عن أبي داود (¬1). ومن تلامذة أبي داود ممن أخذ عنه جزء "الناسخ والمنسوخ" أبو بكر أحمدُ بنُ سلمان بن الحسن بن إسرائيل البغدادي الحنبلي النَّجاد، وصفه الحافظُ الذهبي بقوله: الإمامُ المحدثُ الحافظ الفقيه المفتي، شيخ العراق، وقال: سمع أبا داود وارتحل إليه، وهو خاتمةُ أصحابه (¬2). ومن تلامذته الذين أخذوا عليه كتاب "الرد على أهل القدر" أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يعقوب المَتُّوثي البصري (¬3). ولم نقف له على ترجمة فيما تيسر لنا من المصادر. وممن تتلمذ عليه في علم أحوال الرجال أبو عُبيد محمد بن علي ابن عثمان الآجري، وهو على شهرته لم نظفر له بترجمة فيما بين أيدينا من المصادر، غير أنه وصفه بعضهم بالحافظ، ووُصِفَ أيضاً بأنه صاحبُ أبي داود. وقال الحافظ الذهبي وقد نقل عنه في "السير" في ترجمة إسحاق بن راهويه: ما علمتُ أحداً لَيَّنَه ُ (¬4). ويبدو لنا من ¬

_ (¬1) الخطيب في "تاريخه" 4/ 36، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أبي داود. (¬2) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 15/ 502 - 505، وابن حجر في "المعجم المفهرس" (373). (¬3) المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أبي داود. (¬4) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 11/ 377.

خلال "سؤالاته" (¬1) لأبي داود أنه كان ملازماً له مدةً طويلة، وقد اعتمد أهلُ العلمِ على "سؤالاتِه" هذه، ونقلوها في كتبهم في تراجم الرجال. ومنهم الحسين بن إدريس الأنصاري الهروي، وصفه الذهبي بقوله: الحافظ الثقة، ووثقه الدارقطني. توفي سنة إحدى وثلاث مئة (¬2). قلنا: أكثر الخطيب في "تاريخه" من النقل عنه عن أبي داود السجستاني من "مسائله" للإمام أحمد بن حنبل في الرجال. وهو عالٍ في الطبقة من بين سائر تلامذة أبي داود، فقد شاركه في عدد من شيوخه كسعيد بن منصور وعثمان بن أبي شيبة. وأما تلامذته الذين أخذوا عنه الحديث بعد الحديث والرواية بعد الرواية، ولم يكثروا، فكثيرون، أشهرهم: 1 - أبو عيسى محمدُ بنُ عيسى بن سَورة الترمذي الإمامُ الحافظُ الناقِدُ الفقيه، صاحب "الجامع"، وقد أفردنا له ترجمة ضافية في مقدمتنا على كتابه "الجامع الكبير" بتحقيقنا، فراجعها هناك. 2 - أحمدُ بنُ شعيب بن علي النسائي الإمامُ الحافظُ الناقِدُ البصير، صاحب "السنن" المشهورة، روى عن أبي داود في "الكنى" وسماه باسمه فقال: سليمانُ بن الأشعث، وروى النسائي في "سننه" عن أبي داود مكنَّى، ورجح الحافظان المزي والذهبي أنه السجستاني ¬

_ (¬1) وقد طبع منها الجزء الثالث، بتحقيق محمد علي قاسم العمري. (¬2) الذهبي في "تذكرة الحفاظ" 2/ 695 - 696.

وأشارا إلى أنه شاركه في الكنية والطبقة سليمانُ بن سيف الحراني، فمن المحتمل أن يكون هو المعنيّ. 3 - ومنهم شيخُه الإمامُ أحمدُ بن حنبل، أخذ عنه حديثَ أبي العشراء الدارمي، عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن العتيرة، فحسَّنها. قال أبو بكر الخلال: سمع منه أحمدُ بن حنبل حديثاً واحداً، كان أبو داود يذكره (¬1). قلنا: وقد ذكر الحافظ المزي أبا بكر الخلال في تلامذة أبي داود (¬2). 4 - زكريا بنُ يحيى بن عبد الرحمن الساجي، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الإمام الثبت الحافظ، محدث البصرة وشيخها ومُفتيها. قلنا: وهو الذي أثنى على كتاب "السنن" لأبي داود، فقال: كتاب الله عز وجل أصل الإسلام، وكتاب "السنن" لأبي داود عهد الإسلام. وقد صنف في الفقه وعلل الحديث. توفي سنة سبعٍ وثلاث مئة (¬3). ¬

_ (¬1) قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 13/ 211: هو حديث أبي داود [2825] عن محمد بن عمرو الرازي، عن عبد الرحمن بن قيس، عن حماد بن سلمة، عن أبي العشراء، عن أبيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن العتيرة فحسَّنها، وهذا حديث منكر، تكلم في ابن قيس من أجله. وإنما المحفوظ عند حماد بهذا السند حديث: "أما تكون الذكاة إلا من اللّبة" قلنا: وتمام الحديث: "ولو طعنت في فخذها لأجزأ عنك". وأخرجه كذلك الترمذي (1551)، وابن ماجه (3184). وأبو العشراء مجهول، وفي "التهذيب": قال الميموني: سألت أحمد عن حديث أبي العشراء في "الذكاة" فقال: هو عندي غلط، ولا يعجبني ولا أذهب إليه إلا في موضع ضرورة. قال: وما أعرف أنه يروى عن أبي العشراء حديث غير هذا. (¬2) المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أبي داود. (¬3) ابن عساكر في "تاريخه" 7/ ورقة 547، وأبو إسحاق الشيرازي في "طبقات الفقهاء" ص 104، والذهبي في "السير" 14/ 197 - 200.

ب- مصنفاته

5 - إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن صالح البغدادي الصفَّار، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الإمامُ النحوي الأديب، مسند العراق. وثقه الدارقطني، وقال: كان متعصّباً للسنة. توفي سنة إحدى وأربعين وثلاث مئة (¬1). 6 - أبو عوانةَ يعقوبُ بنُ إسحاق بن إبراهيم بن يزيد النيسابوري الإسفراييني، وصفه الحافظُ الذهبيُّ بقوله: الإمامُ الحافظ الكبيرُ الجوّال، وقال: برع في هذا الشأن، وبذَّ أقرانه. وهو صاحبُ "المسند الصحيح" الذي خرجه على "صحيح مسلم". توفي سنة ستَّ عشرة وثلاث مئة (¬2). وغيرُ هؤلاء كثير ذكرهم الحافظان المزي والذهبي (¬3)، وإنما اقتصرنا على ذكر الجلة منهم، الذين لا يُجهل مقدارهم، ولا يُنكَر فضلُهم. ب- مصنفاته: وكما كان للإمام أبي داود تلامذة أفذاذ خلفوه بخير، وساروا على طريقته في هذا الشأن، كان له أيضاً مصنفاتٌ جليلةٌ، كانت موضع عناية أهل العلم، وجدوا فيها بُغيتهم وطَلِبتَهم، أهمها: 1 - كتابُ "السنن" هذا الذي نحنُ بصدد تحقيقه ونشره، وسيأتي الكلامُ عليه مُستوفى إن شاء الله. ¬

_ (¬1) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 15/ 440 - 441. (¬2) المرجع السابق 14/ 417 - 421. (¬3) المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أبي داود، والمزي في "السير" 13/ 205 - 206.

2 - "المراسيل": وهو كتابٌ عظيم في بابه، لم يُفرده أحد بالتأليف فيما نعلم، ضم بين دفتيه أربعاً وأربعين وخمس مئة حديث مرسلٍ، مرتبة على الأبواب، وغالبها مما صح إسناده إلى مُرسِلِه، وأغلبُ الظن أنه أدرج فيه معظم المراسيل التي انتهت إليه، ولم يَفُتْه منها إلا اليسيرُ، وكان يرمي من وراء تصنيفه له -فيما يغلب على ظننا- أن يكون مرجعاً للفقيه، يعتمد نصوصه، ويستنبط منها، ويُفتي بموجبها إذا لم يرد في المسألة التي هو بصددها حديث صحيح متصل، فهو يرى تبعاً لشيخه الإمام أحمد الاحتجاجَ بالمرسل إذا لم يكن في الباب أثبتُ منه، ويُرجحه على القياس، فقد جاء في "رسالته إلى أهلِ مكة": فإذا لم يكن مسند ضد المراسيل، ولم يُوجد المُسنَدُ، فالمرسل يُحتج به، وليس هو مثلَ المتصل في القوة (¬1). وقد سبق أن طبُعِ هذا الكتاب محذوف الأسانيد، وباختصار بعض الروايات في مصر سنة 1310 هـ بمطبعة التقدم، بعناية الشيخ علي السني المغربي الطرابُلُسي، وعن هذه الطبعة طبع في مطبعة محمد علي صبيح بمصر. وهي -على ما بها من أغاليط وتحريفات- عديمةُ الفائدة للباحث الذي يعنيه الإسناد، ويحرص عليه ليحكم على النصِّ، ويتثبت من صحته. وقد استطعت بحمد الله تعالى وتوفيقه أن أحقق هذا الكتاب بالاعتماد على أصلٍ خطيّ مصور عن النسخة الخطية الموجودة في ¬

_ (¬1) ص 33 ضمن ثلاث رسائل فى علم مصطلح الحديث بتحقيق وعناية الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله.

مكتبه كوبرلي باسطنبول تحت رقم 294 - 2، وهو في غاية النفاسة والجودة، وهي بخط الحافظ ابن حجر العسقلاني يقيناً كما تبينته فيما بعد وقد أتينا على وصفه في مقدمة الكتاب، فراجعه (¬1). وهذا الكتابُ معروف مشهور برواية أبي علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي. 3 - "الناسخُ والمنسوخ": وهذا من كتب الإمام أبي داود القيّمة، ذكره ابن الأبَّار (658 هـ) في "معجم أصحاب أبي علي الصدفي" (¬2)، وذكره الحفاظُ المزي والذهبي وابن حجر (¬3). وهو معروف برواية أبي بكر أحمد بن سلمان النجاد، عن أبي داود. وقد ذكر ابن النديم والخطيبَ البغدادي (¬4) للإمام أبي بكر بن أبي داود السجِسْتاني كتاباً اسمه: "الناسخ والمنسوخ"، فلا يُستبعد أن يكون كلاهما قد صنف في هذا الفن. والكتاب مفقود لا وجود له فيما نعلم. 4 - "الزهد": وهذا الكتاب ذكره ابن خير الإشبيلي في "فهرسته" (¬5)، وتُوجد منه نسخة بالقرويين بفاس، ونسخة في المكتبة ¬

_ (¬1) طبعته مؤسسة الرسالة سنة 1418 هـ. (¬2) ص 268. (¬3) المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أبي داود، والذهبى في "سير أعلام النبلاء" في ترجمة أبي بكر النجاد 15/ 505، وابن حجر في "المعجم المفهرس" (373) وسمعه ابن حجر فكان عنده. (¬4) النديم في "الفهرست" ص 288، والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 464. (¬5) ص 109.

الظاهرية بدمشق (¬1). وقد رواه ابن خير من طريق ابن داسه وابن الأعرابي. 5 - "مسائل الإمام أحمد": وهو من الكتب النفيسة التي تشتمل على آراء الإمام أحمد الفقهية، وآرائه في بعض مسائل العقائد وفوائد أخرى في علم الرجال ونقد الأحاديث، وتوجد من الكتاب نسختان خطيتان إحداهما في المكتبة الظاهرية بدمشق، وهي كما يقول محققها الشيخ محمد بهجت البيطار أقدم كتاب في المكتبة الظاهرية لأنها كتبت سنة ست وستين ومئتين في حياة المؤلف الإمام أبي داود. وأشار إلى وجود نسخة أخرى منها في المكتبة المحمودية في المدينة المنورة سماها النسخة المدنية، وبيّن أن في النسخة الظاهرية زيادة ست وعشرين صفحة كبيرة على النسخة المدنية، على ما في النسخة المدنية من مشكلات حديثية وفقهية ومشتبهات في أسماء الرواة والتاريخ. وراجعها من بعده العلامة الشيخ محمد رشيد رضا وأضاف إليها تعليقات مفيدة. وكانت طباعتها سنة اثنتين وخمسين وثلاث مئة وألف من الهجرة المباركة، ثم أعيد تصويرها مرات عدة، منها مصورة دار المعرفة في بيروت. وهذه المسائل برواية أبي بكر ابن داسه، عن الإمام أبي داود. 6 - "الردُّ على أهل القدر": ذكره الحافظان المزيُ والذهبيُّ في ترجمة أبى داود (¬2)، وذكرا أنَّ راويه عن أبي داود: أبو عبد الله محمد ¬

_ (¬1) الدكتور تقي الدين الندوي في "الإمام أبي داود" ص 44 نقلاً عن فهرسة مخطوطات الظاهرية للشيخ الألباني رحمه الله ص 161. (¬2) "تهذيب الكمال"، و"سير أعلام النبلاء" 13/ 206.

ابن أحمد بن يعقوب المتُّوثي البصري. وقد نقل ابنُ عساكر في مواضع من كتابه "تاريخ دمشق" بعض مسائل في القدر من رواية المتُّوثي، عن أبي داود (¬1)، ونقل البيهقي من قبله في "شعب الإيمان" عنه رواية أيضاً (¬2). ويعد هذا الكتاب من الكتب المفقودة في حدود ما نعلم. 7 - "تسميةُ الإخوة الذين رُوي عنهم الحديث": كذا سماها أبو داود كما جاء في الورقة الأولى من الأصلِ الخطي المحفوظ في المكتبة الظاهرية بدمشق، وهو برواية أبي عبيد الآجري عنه، وذكر في تلك الورقة أئه أخذ ذلك مِن كتاب علي ابن المديني، وأن منه ما أخذه عن أحمد بن حنبل ومنه عن مصعب بن عبد الله الزبيري. ويقع هذا الأصل الخطي في سبع ورقات كما يقول الدكتور أكرم ضياء العمري (¬3). وقد طبع مؤخراً بعناية الدكتور باسم فيصل الجوابرة بدار الراية في الرياض. سنة 1408 هـ. 80 - "أصحاب الشعبي": ذكره أبو عُبيد الآجري في "سؤالاته"، ونسبه للإمام أبي داود (¬4). 9 - "التفرد في السنن": ذكره القاضي عياض، وابنُ خير الإشبيلي، فيما روياه عن بعض شيوخهما (¬5) , وسماه الثاني: "ما تفرد به أهلُ ¬

_ (¬1) منها ما أورده في باب ذكر ما ورد في ذم أهل الشام وبيان بطلانه، ومنها ما جاء في ترجمة داود بن أبي هند، وترجمة سليمان النبي عليه الصلاة والسلام، وترجمة عبد الله بن الحارث بن نوفل وغيرها. (¬2) (189). (¬3) "بحوث في تاريخ السنة" ص 65. (¬4) ص 181. (¬5) القاضي عياض في "الغنية" ص 277، وابن خير في "فهرسته" ص 109.

الأمصار من السنن الواردة"، وكلاهما قد رواه من طريق ابن داسه، عن الإمام أبي داود. 10 - "دلائل النبوة": ذكره ابن خير الإشبيلي والحافظ ابن حجر باسم: "أعلام النبوة" (¬1) ورواه من طريق أبي بكر ابن داسه أيضاً، عن الإمام أبي داود. وتوجد منه نسخة خطية في مكتبة لايبزج بألمانيا تحت رقم 10/ [75] باسم: "دلائل النبوة". 11 - "سؤالات أبي عبيد الآجري له": ذكره الحفاظ أبو طاهر السِّلَفي وابن كثير وابن حجر (¬2)، قال السلفي: وعندي من ذلك سؤالات في غاية الجودة مفيدة، ممتعة، وفي الأعلام لعلة الجسم مُقنعة. ومن جملتها ما رواه عنه أبو عبيد الآجري في خمسة أجزاء ضخام، بخطي، في كل جزء ثلاثون ورقة، سوى الرابع والخامس فهما أنقص من ذلك. وقال ابن كثير في شأنه: ولأبي عُبيد الآجري عنه أسئلةٌ في الجرح والتعديل والتصحيح والتعليل، كتابٌ مفيد. قلنا: ويشتمل هذا الكتاب على رأي أبي داود الخاص بالرواة، وما ينقله أيضاً عن أهل العلم كالإمام أحمد وابن معين وابن المديني ويحيى القطان وشعبة وسفيان وغيرهم. وقد طبع من هذا الكتاب الجزءُ الثالث منه بتحقيق محمد علي قاسم العمري سنة 1406 هـ وهو من منشورات الجامعة الإسلامية في ¬

_ (¬1) ابن خير في "فهرسته" ص 110، وابن حجر في "المعجم المفهرس" (198). (¬2) أبو طاهر السِّلَفي في مقدمته على شرح الخطابي "معالم السنن" وهي مطبوعة آخر الكتاب 4/ 372، وابن كثير في "مختصر علوم الحديث" ص41، وابن حجر في "المعجم المفهرس" (677).

المدينة المنورة. وهناك رسالة علمية لنيل درجة الماجستير في الجامعة الإسلامية بدراسة عبد العزيز بن أحمد آل عبد القادر سنة 1412هـ لقسم من هذا الكتاب أيضاً، ثم طبع الكتاب بتمامه بتحقيق الدكتور عبد العليم البستوي عام 1418 هـ. وقد سلف قول أبي طاهر السلفي في الإمام أبي داود: وقد كان رحمه الله في زمانه يُراجَع في الجرح والتعديل، ويدوَّن كلامه، ويُعوَّل عليه غايةَ التعويل. 12 - "أسئلة لأحمد بن حنبل عن الرواة والثقات والضعفاء": تُوجدُ منه نسخة ناقصة من أولها في المكتبة الظاهرية بدمشق تحت رقم 161 (مجموع 46) الموجود منها أربع عشرة ورقة. ولعلها تكونُ جزءاً من "مسائل أبي داود" السالف ذكرها برقم (5) فقد اشتمل الكتاب على بعض أسئلة في الرجال. 13 - "رسالة أبى داود إلى أهل مكة في وصف السنن": ذكرها الحافظان السِّلَفي وابن حجر (¬1)، وقد طُبعت في القاهرة بتحقيق الشيخ العلامة محمد زاهد الكوثري سنة تسع وستين وثلاث مئة وألف هجرية، وطبعت في بداية "بذل المجهود في حلِّ أبي داود" سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة وألف هجرية للسهارنفوري المتوفى (1346هـ) ثم حقَّقَها العلامة الشيخ عبدُ الفتاح أبو غدة رحمه الله مُبقياً على أكثرِ تعليقاتِ الشيخ محمد زاهد الكوثري، وقامت بطباعته دارُ البشائر ¬

_ (¬1) أبو طاهر السِّلَفي في مقدمته على شرح الخطابي 4/ 365، وابن حجر في "المعجم المفهرس" (1784).

الإسلامية في بيروت سنة سبع عشرة وأربع مئة وألف هجرية، ضمنَ ثلاث رسائل في علم مصطلح الحديث مع رسالتَي شروط الأئمة الستة لابن طاهر المقدسي، وشروط الأئمة الخمسة لأبي بكر الحازمي. وهذه الرسالة برواية أبي بكر محمد بن عبد العزيز بن الفضل الهاشمي، عن الإمام أبي داود. 14 - وذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في مقدمة كتابه "تهذيب التهذيب" ثلاثة كتبٍ أخرى للإمام أبي داود وهي: "الدعاء"، و"ابتداء الوحي"، وَ"أخبار الخوارج" وذكر في مقدمة "تقريب التهذيب" كتابين آخرين وهما: "فضائل الأنصار"، و"مسند مالك" ذكرهما الحافظُ المزي قبله في مقدمة "تهذيب الكمال" (¬1). وذكر الدكتور فؤاد سزكين أن هناك مسائلَ حلف عليها الإمامُ أحمد، من رواية أبي داود عنه، موجودة في ظاهرية دمشق، تحت رقم (334) في مئة ورقة (¬2) قلنا: هذا هو نفسه مسائل أبي داود الذي سلف ذكره برقم (5)، ولا ندري من أين أتى بهذا الاسم لهذا الكتاب، فقد سبق أن اسمه "مسائل الإمام أحمد" كما أشار إليه الشيخ محمد بهجت البيطار والشيخ محمد رشيد رضا رحمهما الله. لكن ثمت كتاب آخر لأبي الحسين ابن أبي يعلى الفراء اسمه "المسائل التي حلف عليها أحمد" وهو موجود في المكتبة الظاهرية أيضاً، فاشتبه ذلك على الدكتور سزكين. ¬

_ (¬1) "تهذيب الكمال" 1/ 150، و"تهذيب التهذيب" 1/ 10. (¬2) "تاريخ التراث العربي" 1/ 295.

وقد حقق هذا الكتاب الأخير أبو عبد الله الحداد سنة 1407هـ, وطبعته دار العاصمة في الرياض. وأورد بروكلمان لأبي داود أيضاً كتاباً باسم "التنزيل في الرسم" (¬1)، وأنه موجود في مكتبة القرويين بفاس، ولم نجد أحداً ذكره قبله أو أشار إليه، ويغلب على ظننا أنه من مؤلفات أبي بكر بن أبي داود السجستاني، فقد ذكر أنه كان له عِنايةٌ بعلوم القرآن (¬2)، وله كتابٌ مطبوع اسمه "المصاحف"، فلعله يكونُ هو، والله أعلم. وزعم بروكلمان أيضاً أن لأبي داود كتاباً آخر اسمه "البعث والنشور" (¬3)، وإلى ذلك ذهب مجمع البحوث في مؤسسةِ آل البيت في فهارسه الشاملة للتراث العربي الإسلامي (¬4)، فذكره معزواً إلى أبي داود، وكذلك فعل الدكتور تقي الدين الندوي (¬5) حيث أورده في جملة مصنفات أبي داود. وأشار بروكلمان إلى وجود نسخة خطية منه في دمشق في ظاهريتها، أما مجمع البحوث فأشار إلى وجود نُسخٍ منه في المكتبة الأزهرية. وبرجوعنا إلى فهارس مخطوطات الظاهرية الذي وضعه صاحبنا المفضال الأستاذ ياسين السواس (¬6) يتضح لنا أن بروكلمان كان ¬

_ (¬1) "تاريخ الأدب العربي" 3/ 188. (¬2) كذا جاء في ترجمته عند الخطيب البغدادي في "تاريخه" 9/ 464. (¬3) "تاريخ الأدب العربي" 3/ 189. (¬4) قسم الحديث النبوي الشريف وعلومه ورجاله 1/ 299 - 300. (¬5) في كتابه "أبو داود" ص 46. (¬6) قسم المجاميع 1/ 219.

وفاته

مخطئاً فيما قال، فقد وصفه الأستاذ السواس، وبين أنه لابن أبي داود السجستاني، وليس لأبيه. ثم برجوعنا إلى فهارس مخطوطات دار الكتب المصرية الذي صنعه الأستاذ فؤاد سيد (¬1)، يتبين لنا جلياً أن هذه النسخ التي أشار إليها مجمعُ البحوث إنما هي جميعاً لكتاب "البعث" الذي صنفه ابن أبي داود السجستاني. ويؤيد ذلك أن ابن النديم والقاسم بن يوسف التُّجِيبي والذهبي (¬2) قد ذكروا أن كتاب "البعث والنشور" من مصنفات أَبي بكر بن أبي داود السجستاني. وفاته: وبعد حياة حافلة بالجد والاجتهاد والإفادة وافى الأجلُ أبا داود، فتوفي ليلة الجمعة في سادس عشر شوَّال، سنة خمسِ وسبعين ومئتين، وكانت وفاتُه بالبصرة، حيث كان يسكنُ، وصلى عليه عباسُ بن عبد الواحد الهاشمي (¬3). ودفن إلى جانب قبر سفيان الثوري رحمه الله تعالى رحمة واسعة. ... ¬

_ (¬1) القسم الأول ص 105. (¬2) النديم في "الفهرست" ص 288، والقاسم التجيبي في "برنامجه" ص251, والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 13/ 223. (¬3) الخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 58 - 59، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ ورقة 549 - 500، وابن كثير في "البداية والنهاية" 11/ 59.

التعريف بكتاب السنن للإمام أبي داود السجستاني

التعريف بكتاب السنن للإمام أبي داود السجستاني * اسم الكتاب وموضوعه: لم يختلف أهلُ العلم في تسمية كتاب أبي داود هذا بـ"السنن"، لأنه رحمه الله نفسَه قد سمَّاه بذلك في "رسالته إلى أهل مكة". وقد ألف الإمام أبو داود كتابه "السنن" وهو في طَرَسُوسَ مرابطاً في أحد ثغور المسلمين على بلاد الروم -ويقع الآن في جنوب تركيا، قويباً من أضنة، وهي أقوب من أضنة إلى البحر الأبيض المتوسط- في مدة عشرين سنة كما صرح هو بذلك في "رسالته": أقمتُ بطرسوس عشرين سنة، كتبت المسند، وكتبت أربعة آلاف حديث لمن وفقه الله (¬1). وقد رامَ الإمامُ أبو داود مِن تصنيفِ كتابه هذا إلى إيرادِ السننِ الواردةِ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على سبيل الاستقصاء، وفي ذلك يقول: "فإن ذكر لك عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - سنةٌ ليس مما خرَّجتُه، فاعلم أنَّه حديث واهٍ". كذا قال في "رسالته"، وهو محمول على ما انتهى إليه مِن السنن، وإلا فقد فاته عدد غير قليل منها حتى الأحاديث المتعلقة بالأحكام، قال الشيخ العلامة عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله: وأقربُ دليلٍ على ذلك ما تراه في كتب التخاريج مثل كتاب "نصبِ الراية" للحافظ الزيلعي، ¬

_ (¬1) أبو الطاهر السَّلفي في مقدمته على شرح الخطابي 4/ 366.

وكتاب "التلخيص الحبير" للحافظ ابنِ حجر، ومثل كتاب "المنتقى من أخبار المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لابن تيمية الجدّ، وغيرها مِن كتبِ أحاديثِ الأحكام، فإن الناظر فيها يرى كثيراً من السنن التي أخرجها غيرُ أبي داود ممن هو أشدُّ منه شرطاً، أو أسهل شرطاً. قال الإمام النووي: إن" سنن أبي داود" لم تستوعِب الصحيحَ من أحاديث الأحكام ولا مُعظمها، وكم في "صحيح البخاري" و"مسلم" من حديث حُكميّ ليس في "سنن أبي داود" (¬1). على أن الإمامَ أبا داود إذا ما قُورِنَ بأصحاب السنن، كان أكثَرَهم إيراداً لها، كما يقولُ الإمام الخطابيُّ: فأما السنن المحضة، فلم يقصد واحد منهم جمعها واستيفاءَها، ولم يقدر على تخليصها واختصارِ مواضعها مِن أثناء تلك الأحاديث الطويلة، ومن أدلة سياقها على حسب ما اتفق لأبي داود. ولذلك حل هذا الكتابُ عند أئمة الحديث وعلماء الأثر محلَّ العجب، فضُربت فيه أكبادُ الإبل، ودامت إليه الرّحل (¬2). وقد جمع في "سننه" هذه إلى السنن الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يناسِبُ المقامَ مما أُثِر عن الصحابة الكرام من اجتهاداتهم واختياراتهم، وقد نص في "رسالته" أنه يُعجبه ذلك في مثل هذه الكتب، فقال: ويعجبني أن يكتبَ الرجلُ مع هذه الكتب مِن رأي أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) هامش تحقيقه لـ "رسالة أبي داود إلى أهل مكة" ص 34. (¬2) مقدمة كتابه "معالم السنن" 1/ 7.

* شرطه في الكتاب

والتزم رحمه الله ترتيب كتابه على الموضوعات الفقهية على طريقة سلفه سفيان الثوري في "جامعه"، فجمع الأحاديث المتعلقة بكل موضوع في مكان واحد وأطلق لفظة (كتاب) على العنوان العام الجامع لأحاديث متعددة ولأبوابٍ كثيرة من جنس واحدٍ كالطهارة والصلاة والبيوع، وأطلق لفظة (باب) على الأحاديث التي تدل على مسألة خاصة بعينها. * شرطه في الكتاب: وقد أبان الإمامُ أبو داود رحمه الله عن شرطه في أحاديث "السنن" في "رسالته"، ويتلخص ذلك في عدة أمور: أولاً: عدمُ الروايةِ عن متروكِ الحديثِ فما دونَ -والمتروك هو المجمع على ضعفه ولا يعتد به في المتابعات والشواهد- وفي ذلك يقول: وليس في كتاب "السُّنن" الذي صنفتُه عن رجلٍ متروكِ الحديثِ شيء. ثانياً: الأحاديثُ التي أوردها في "السُّنن" أكثرُها مشاهيرُ، يعرفها أهلُ الحديثِ، فقد قال: والأحاديثُ التي وضعتُها في كتابِ "السنن" أكثرها مشاهير، وهي عند كل من كتب شيئاً من الحديث. ثالثاً: ذكر أحاديث ليست بمتصلةٍ، وهي مرسلة أو مدلسة، وذلك عندما لا يكون في الباب حديث صحيح أو حسن يغني عنها، قال: وإن من الأحاديث ما ليسَ بمتصلٍ، وهو مرسل ومدلس، وهو إذا لم توجد الصحاح عند عامة أهل الحديث على معنى أنه متصل.

وإنما دعاه إلى تدوين هذا النوع في كتابه، أنه كان يذهبُ مذهب شيخه الإمام أحمد بن حنبل في الاحتجاج بالحديث الضعيف ضعفاً خفيفاً إذا لم يوجد في الصحيح ما يُغني عنه، ولم يوجد ما يخالفه مما هو أصحُّ منه، وهذا هو السبب الذي حفزه إلى تأليف كتاب "المراسيل" وقد ضمنه "أربعة وأربعين وخمس مئة حديث". قال الإمام أبو بكر الأثرم صاحبُ الإمام أحمد: كان أبو عبد الله -يعني أحمد بن حنبل- ربما كان الحديثُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي إسناده شيء، فيأخُذُ به إذا لم يجئ خلافُه أثبت منه، مثل حديث عمرو بن شعيب، وإبراهيم الهَجَري، وربما أخذ بالحديث المرسل إذا لم يجئ خلافه (¬1). وذكر الإمامُ ابنُ قيم الجوزية -وهو بصدد بيان الأصول التى اعتمدها الإمام أحمد وبنى عليها مذهبه، فقال-: الأصلُ الرابع- يعني عند الإمام أحمد- الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب شيء يدفعُه، وهو الذي رجّحه على القياس، وليس المرادُ بالضعيف عنده الباطلُ، ولا المنكرُ، ولا ما في روايته متهم بحيث لا يسوغ الذهاب إليه والعملُ به، بل الحديثُ الضعيف عنده قسيمُ الصحيح، وقسمٌ مِن أقسامِ الحسن، ولم يكن يُقسِّم الحديثَ إلى صحيح وحسن وضعيف، بل إلى صحيح وضعيف، وللضعيف عنده مراتبُ، فإذا لم يجد في الباب أثراً يدفعه ولا قولُ صاحب، ولا إجماعٌ ¬

_ (¬1) ابن رجب الحنبلي في "شرح علل الترمذي" 1/ 313.

على خلافه، كان العملُ بهِ عنده أولى مِنَ القياس، وليس أحدٌ من الأئمة إلا وهو موافقُه على هذا الأصل من حيث الجملة (¬1). رابعاً: أنَّه عندما يُورِدُ حديثاً شديد الضعف يُبين ذلك، فقد قال: وما كان في كتابي من حديث فيه وهْنٌ شديد فقد بينته. وقد ذكروا أن هذا البيان مدوَّن أكثره في "السنن" برواية ابن العبد. خامساً: أن ما سكت عنه فهو صالح، وذلك في قوله: وما لم أذكُر فيه شيئاً فهو صالح. وقد اختلف أهلُ العلم في المراد من قوله: فهو صالح. فقد قال ابنُ عبد البر: كُلُّ ما سكت عليه أبو داود، فهو صحيح عنده، لا سيما إن كان لا يذكر في الباب غيره (¬2). وقال الحافظ الذهبي: قد وفَّى أبو داود رحمه الله بذلك بحسب اجتهاده، وبيّن ما ضعفه شديد، ووهْنُه غير محتمل، وكاسَرَ (غضَّ من طرفه) عما ضعفُه خفيفٌ محتملٌ، فلا يلزمُ مِن سكوته -والحالةُ هذه- عن الحديث أن يكون حسناً عنده، ولا سيما إذا حكمنا على حَدِّ الحسن باصطلاحنا المولَّدِ الحادث الذي هو في عُرف السلفِ يعودُ إلى قسم مِن أقسام الصحيح، الذي يجب العملُ به عند جمهورِ العلماء، أو الذي يرغبُ عنه أبو عبد الله البخاري، ويُمشِّيه مسلمٌ، وبالعكس، فهو داخل في أدنى مراتب الصحة، فإنه لو انحط عن ذلك لخرج عن الاحتجاج، ولبقي متجاذباً بين الضعيف والحسن، ¬

_ (¬1) "إعلام الموقعين" 1/ 61. (¬2) ابن حجر العسقلاني في "النكت على مقدمة ابن الصلاح" ص 143.

فكتابُ أبي داود أعلى ما فيه من الثابت ما أخرجه الشيخان، وذلك نحو مِنْ شطرِ الكتاب، ثم يليه ما أخرجه أحد الشيخين، ورغب عنه الآخرُ، ثم يليه ما رغبا عنه وكان إسناده جيداً، وسالماً من علة وشذوذ، ثم يليه ما كان إسنادُه صالحاً، وقبله العلماء لمجيئه من وجهين ليِّنَين فصاعداً يعضد كل منهما الآخر، ثم يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه، فمثل هذا يمشيه أبو داود ويسكت عنه غالباً، ثم يليه ما كان بين الضعفِ من جهة راويه، فهذا لا يسكت عنه، بل يوهنه غالباً، وقد يسكت عنه بحسب شهرته ونكارته، والله أعلم (¬1). وقال الحافظ البقاعي في "النكت الوفية" الورقة 72 ب-73أ: ليس بمسلم أن كل ما سكت عليه أبو داود يكون حسناً، بل هو وهم أتى من جهة أن أبا داود يريدُ بقوله: "صالح" الصلاحية الاصطلاحية، ومِن فهمِ أن" أصح" في قوله: "وبعضها أصح من بعض" تقتضي اشتراكاً في الصحة، وكذا قوله: "إنه يذكر في كل باب أصح ما عرف فيه" وليس الأمر في ذلك كذلك، أما من جهة قوله: "صالح" فلأنه يحتمل أن يريد صلاحيته للاحتجاج، فكذا يحتمل أن يريد صلاحيته للاعتبار، فإن أبا داود قال في "الرسالة" التي أرسلها إلى من سأله عن اصطلاحه في كتابه: "ذكرت فيه الصحيح، وما يشبهه ويقاربه، وما فيه وهن شديد بينته، وما لا فصالح، وبعضها أصح من بعض (¬2). ¬

_ (¬1) "سير أعلام النبلاء" 13/ 214. (¬2) كلمة أبي داود هذه ليست في "رسالته" المعروفة، وإنما رواها عنه ابن داسه، رواها الخطيب في "تاريخ بغداد" 9/ 57 بإسناده، وقد نبّه على ذلك الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله.

وقد اشتمل هذا الكلام على خمسة أنواع. 1 - الأول: الصحيح، ويجوز أن يريد به الصحيح لذاته. 2 - والثاني: مشبهُه، ويمكن أن يريد به الصحيح لغيره. 3 - والثالث: مُقارِبُه، ويحتمل أن يريد به الحسن لذاته. 4 - والرابعُ: الذي فيه وهن شديد. 5 - وقوله: "وما لا" يُفهم منه أن الذي فيه وهن، ليس بشديد (أي: يسكت عنه ولا يبينه)، فهو قسم خامس. فإن لم يعتضد كان صالحاً للاعتبار فقط، وإن اعتضد صار حسناً لغيره، أي: للهيئة المجموعة، وصلح للاحتجاج، وكان قسماً سادساً. وعلى تقدير تسليم أن مراده "صالح" للاحتجاج، لا يستلزم الحكم بتحسين ما سكت عليه، فإنه يرى الاحتجاج بالضعيف إذا لم يوجد في الباب غيره، ... اقتداء بأحمد رضي الله عنه (¬1). وقال العلامة الشيخ محمد زاهد الكوثريُّ رحمه الله عند قول أبي داود في "رسالته": "وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح" أي: للاعتبار أو للحجة، وتعيين أحدِهما تابعٌ للقرينة القائمة كما هو شأن المشترك، وادعاء أنه صالح للحجة تقويل لأبي داود لم يقله، قال ¬

_ (¬1) نقله عن البقاعي الشيخُ عبد الفتاح أبو غدة في تحقيقه على "رسالة أبي داود" ضمن الرسائل الثلاث ص 42 - 43، وبنحو كلام البقاعي كلام الحافظ السخاوي في "فتح المغيث" 1/ 78.

* أهمية الكتاب، وتنويه أهل العلم بفضله ومزيته على غيره من الكتب التي من بابته

النووي: في "سنن أبي داود" أحاديثُ ظاهرةُ الضعف لم يُبيِّنها، مع أنه متفق على ضعفِها، فلا بُد من تأويله (¬1). وقال الإمام النووي: والحقُّ أن ما وجدناه في "سنن أبي داود" ما لم يُبينه، ولم ينص على صحته أو حُسنه أحدٌ ممن يُعتمدُ فهو حسنٌ، وإن نص على ضعفه من يعتمد أو رأى العارف في سنده ما يقتضي الضعف ولا جابر له، حكم بضعفه، ولم يُلتفت إلى سكوتِ أبي داود. وقوى الحافظُ ابن حجر كلام النووي هذا، فقال: وهذا هو التحقيق، لكنه (أي: الامام النووي) خالف ذلك في مواضع من "شرح المهذب" وغيره من تصانيفه، فاحتج بأحاديث كثيرةٍ من أجل سكوت أبي داود عليها، فلا تَغْتر بذلك، والله أعلم. * أهمية الكتاب، وتنويه أهل العلم بفضله ومزيته على غيره من الكتب التي من بابته: لسنا نعدو الحقيقة إذا قلنا: إن كتاب الإمام أبي داود هذا يأتي في المرتبة الثالثة بعد "الصحيحين"، فقد عوّل أهلُ العلم على ما دوَّنه فيه من أحاديث وآثار، لأنه رحمه الله قد تكرر منه النظر فيه والمراجعة والتثبت، وقُرىْ عليه مراتٍ عدة، حتى إنَّ تلميذه أبا علي اللؤلؤي قد قرأه عليه في مدةِ عشرينَ سنة. ولهذا قال القاضي أبو عمر الهاشميُّ تليمذُ أبي علي اللؤلؤي: والزياداتُ التي في رواية ابن داسه حذفها أبو داود آخراً لأمرٍ رابه في الإسناد. ¬

_ (¬1) المرجع السابق ص 38.

وهذا ما دعا الإمام الحافظ زكريا الساجي -وهو من أصحاب الإمامِ أبي داود- لأن يقول: كتاب الله أصلُ الإسلام، وكتابُ أبي داود عهدُ الإسلام (¬1). وقال الإمام الخطابي: كتابُ "السنن" لأبي داود كتابٌ شريفٌ، لم يُصنف في علم الدين كتابٌ مثله، وقد رُزِقَ القبول مِنَ الناس كافّة، فصار حكماً بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم، فلكل فيه وِرْدٌ، ومنه شِرْبٌ، وعليه مُعوَّل أهلِ العراق وأهلِ مصر وبلاد المغرب، وكثيرٌ من مدن أقطارِ الأرض. فأما أهلُ خراسان فقد أُولِعَ أكثرهم بكتابي محمد بن إسماعيل ومسلم بن الحجاج ومن نحا نحوهما في جمع الصحيح على شرطهما في السبك والانتقاد، إلا أن كتاب أبي داود أحسنُ رصفاً وأكثرُ فقهاً (¬2). وقال الإمامُ الخطابي أيضاً: سمعتُ ابن الأعرابي- وهو صاحبُ الإمام أبي داود- يقول ونحن نسمع منه هذا الكتاب، فأشار إلى النسخة وهي بين يديه: لو أن رجلاً لم يكن عنده من العلم إلا المصحفُ الذي فيه كتابُ الله، ثم هذا الكتاب لم يحتج معهما إلى شيءٍ من العلم بتَّة (¬3). قال الخطابي معلقاً على قول ابن الأعرابي: وهذا كما قال، لا شكَّ فيه ... وقد جمع أبو داود في كتابه هذا من الحديث في أصول العلم، ¬

_ (¬1) ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ ورقة 547. (¬2) مقدمة على شرحه "المعالم" 1/ 6. (¬3) المرجع السابق 1/ 8.

وأمهاتِ السنن، وأحكام الفقه، ما لا نعلم متقدماً سبقه إليه، ولا متأخراً لحقه فيه. وقال الحافظ محمد بن مخلد الدُّوري العطار: كان أبو داود يفي بمذاكرة مئة ألف حديث، فلما صنف كتاب" السنن" وقرأه على الناس، صار كتابه لأصحاب الحديث كالمصحف يتبعونه ولا يخالفونه، وأقر له أهلُ زمانه بالحفظ والتقدم فيه (¬1). وقال الحافظ أبو القاسم خلفُ بنُ القاسم الأزدي الأندلسي، وقد سُئِل: أيهما أحبُّ إليك كتاب البخاري أو كتاب أبي داود؟ قال: كتاب أبي داود أحسنُهما وأملحهما (¬2). وقال الحافظ محمد بن إبراهيم بن سعيد المعروف بابن أبي القراميد: خير كتابٍ ألف في السنن كتاب أبي داود السجستاني (¬3). وقال الإمام الغزالي: كتاب أبي داود كافٍ للمجتهد (¬4). وقال الحافظ أبو طاهر السِّلَفي: وكتاب أبي داود أحدُ الكتب الخمسة التي اتفق أهلُ الحل والعقد من الفقهاء والحفاظ على قبولها والحكم بصحة أصولها. ¬

_ (¬1) أبو طاهر السلَفي في مقدمته على شرح الخطابي "معالم السنن" المطبوعة في آخر الكتاب 4/ 357. (¬2) ابن خير في "فهرسته " ص 107. (¬3) المرجع السابق ص 107. (¬4) السخاوي في "فتح المغيث" 1/ 75. وهو بمعناه في "المستصفى" للغزالي 2/ 351.

وقال: وكتابُ "السنن" له صِيت في الآفاق، ولا يُرى مثلُه على الإطلاق (¬1). وقال الحافظ المنذري: كتاب "السنن" للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني أحدُ الكتب المشهورة في الأقطار، وحفظُ مُصنِّفه وإتقانُه، وتقدُّمُه محفوظٌ عن حفاظ الأمصار، وثناءُ الأئمة على هذا الكتاب وعلى مصنفه مأثور عن رواة الآثار (¬2). وقال الإمام النووي: وينبغي للمشتغل بالفقه وغيره الاعتبار بسنن أبي داود بمعرفته التامة فإن معظم الأحاديث التي يحتج بها فيه، مع سهولة تناوله وتلخيص أحاديثه، وبراعة مصنفه، واعتنائه بتهذيبه (¬3). وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: ولأبي داود في حصر أحاديث الأحكام واستيعابها ما ليس لغيره (¬4). وقال الإمام القاسم بن يوسف التجيبي: وهذا الكتابُ هو كتابُ الفقهاء أصحاب المسائل، لأنهم يجدون فيه ما يحتاجون إليه في كل باب من أبواب الفقه، مما يشهد لهم بصحة ما ذهبوا إليه، وليس يوجد في كتب السنة مثله في هذا الفن، وقد احتوى من أحاديث ¬

_ (¬1) أبو طاهر السلفي في مقدمة شرح الخطابي 4/ 362. (¬2) في مقدمة "مختصر سنن أبي داود" 1/ 4 - 5. (¬3) في قطعة كتبها في شرح سنن أبي داود، نقله عنه السخاوي في "فتح المغيث" 1/ 76. (¬4) السيوطي في "تدريب الراوي" 1/ 170.

* عناية العلماء بكتاب "السنن"

الأحكام على أربعة آلافٍ وثمان مئة على الأصح، انتقاها من حديثٍ كثيرٍ (¬1). وقال الإمام ابنُ قيم الجوزية: ولما كان كتاب "السنن" لأبي داودد سليمان بن الأشعث السجستاني رحمه الله من الإسلام بالموضع الذي خصَّه الله به، بحيث صار حكماً بين أهلِ الإسلام، وفصلاً في موارد النزاع والخصام، فإليه يتحاكم المنصفون، وبحكمه يرضى المحققون. فإنه جمع شمل أحاديث الأحكام، ورتبها أحسن ترتيب، ونظمها أحسن نظام، مع انتقائها أحسن انتقاء، وإطراحه منها أحاديث المجروحين والضعفاء (¬2). وقيل: إن الإمام أبا داود قد صنف كتابه قديماً، وعرضه على الإمام أحمد فاستجاده واستحسنه (¬3). * عناية العلماء بكتاب "السنن": ولما كان كتابُ "السنن" للإمام أبي داود بالموضع الذي ذكره أهل العلم، وأنه عمدة لأهل الفقه وأهلِ الحديث، كلٌّ يجدُ فيه طَلِبَته ومبتغاه، أقبل أهلُ العلم عليه دراسة وشرحاً وتعليقاً وتهذيباً واختصاراً. فمن شروحه: 1 - " معالم السنن" للإمامِ أبي سليمان حَمْد بنُ محمد بن إبراهيم ابن خطاب الخطابي، البُستِي -وبُسْت إحدى مدن سجستان-، صنف ¬

_ (¬1) في "برنامجه" ص 97. (¬2) في "تهذيب سنن أبي داود" 1/ 8. (¬3) الخطيب البغدادي في "تاريخه" 9/ 56.

كتبه في نيسابور، قال الحافظ أبو طاهر السِّلَفي في مقدمته التي ابتدأ بها إملاءه لكتاب الخطابي: إذا وقف منصف على مصنفاته، واطلع على بديع تصرفاته في مؤلفاته، تحقق إمامته وديانته فيما يُورِدُه وأمانته. وقال أيضاً: لم أر أحسن من شرح أبي سليمان الخطابي البُستي لكتاب أبي داود السِّجزي، فهو كتابٌ جليل، وفي إلقائه عاجلاً ذكر جميل، وآجلاً إن شاء الله تعالى ثواب جزيل (¬1). وكان ثقة ثبتاً مِن أوعية العلم والأدب. توفي سنة ثمان وثمانين وثلاث مئة، ودفن ببُست. وقد قام بطبع هذا الشرحَ وافتتحه بمقدمة ضافية تشتمل على ترجمة أبي داود، وترجمة الإمام الخطابي، ووصف الأصول الخطية التي اعتمدها في نشره الشيخ العلامة المسند مؤرخ حلب محمد راغب الطباخ الحلبي في المطبعة العلمية سنة (1351هـ) ثم صُوِّر في بيروت سنة (1401هـ) في المكتبة العلمية. وطُبع أيضاً بهامش "مختصر سنن أبي داود" للحافظ المنذري، ومعه "تهذيب السنن" للعلامة ابن قيم الجوزية بتحقيق المحدث أحمد محمد شاكر والأستاذ محمد حامد الفقي، سنة (1369 هـ) في مطبعة السنة المحمدية بمصر. وقد لخَّص "المعالم" الإمام شهابُ الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم المقدسي المتوفى سنة (765 هـ) وسماه "عجالة العالم من كتاب المعالم". ¬

_ (¬1) مقدمته على شرح الخطابي 4/ 375 - 376.

2 - "شرح الإمام النووي" لكنه لم يتمه. ذكره الحافظ السخاوي (¬1). وبحسب الفهرس الشامل للتراث العربي الإسلامي الذي صنعته مؤسسة آل البيت (¬2) يوجد منه نسخة في مكتبة حكيم أوغلي علي باشا برقم 14 [200]. 3 - شرح الشيخ قطب الدين أبي بكر بن أحمد دَعْسَين بن علي ابن عبد الله بن محمد دعْسَين بن مُبين القرشي (نسبة لقبيلة يقال لها: القرشية باليمن) المتوفى سنة (752 هـ) قال الحافظ السخاوي: له شرح لأبي داود في أربع مجلدات، مات عنه مُسوَّدة (¬3). 4 - شرح الحافظ علاء الدين مُغَلْطاي بنِ قليج بن عبد الله، المتوفى سنة (762 هـ) ولم يُكمله أيضاً. ذكره الحافظ ابن حجر (¬4). 5 - شرح الإمام شهاب الدين أبي محمود أحمد بن محمد بن إبراهيم بن هلال المقدسي، المتوفى سنة (765 هـ). قال الحافظ ابن حجر: شرع في شرح سنن أبي داود (¬5). قال حاجي خليفة: سماه: "انتحاء السُّنن واقتفاء السَّنَن" (¬6). قلنا: وبحسب الفهرس الشامل ¬

_ (¬1) في "فتح المغيث بشرح ألفية الحديث" 1/ 76. (¬2) قسم الحديث النبوي الشريف وعلومه ورجاله 2/ 992. (¬3) علي بن الحسن الخزرجي في "العقود اللؤلؤية" 2/ 91، والسخاوي في "الضوء اللامع" 11/ 17 - 18 في ترجمة حفيده أبي بكر بن أحمد الطيب، وحاجي خليفة في "كشف الظنون" 2/ 1004. (¬4) "الدرر الكامنة" 4/ 353. (¬5) "الدرر الكامنة" 1/ 242. (¬6) "كشف الظنون" 2/ 1005.

لمؤسسة آل البيت يوجد منه نسخة في مكتبة لايبزج 13 [17] (¬1). وأخطأ صاحبنا وحبيبنا الدكتور محمد بن لطفي الصباغ حفظه الله فظن أن مخطوطته محفوظة في مكتبة لاله لي في أربع مجلدات، تحت رقم (498 - 501) (¬2)، لأن هذه المجلدات بحسب الفهرس الشامل لمؤسسة آل البيت (¬3)، لأحمد بن الحسين بن أرسلان الرملي الآتي ذكره إن شاء الله. 6 - شرحُ الحافظ أبي زرعة ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين العراقي المتوفى سنة (826 هـ)، وهو ابنُ الحافظ زين الدين العراقي، قال الحافظ ابنُ حجر: شرع في "شرحِ السنن" لأبي داود فكتب نحو السدس منه في سبع مجلدات في المسوّدة (¬4). وقال الحافظ السيوطي: هو شرح عليه مبسوط جداً، كتب منه من أوله إلى سجود السهو في سبعةِ مجلدات، وكتب مجلداً فيه الصيام والحج والجهاد، ولو كمل لجاء في أكثر من أربعين مجلداً (¬5). وبحسب الفهرس الشامل لمؤسسة آل البيت يوجد منه نسخة للمجلد الرابع في دار صدام 181 [12474] في (218 ورقة) ناقصة الآخر (¬6). ¬

_ (¬1) قسم الحديث النبوي 1/ 255. (¬2) فى كتابه "أبو داود حياته وسننه" ص 94. (¬3) قسم الحديث النبوي 2/ 992. (¬4) "المجمع المؤسس للمعجم المفهرس" 3/ 42 - 44. (¬5) نقله عنه صديق حسن خان في "الحطة" ص 392. (¬6) قسم الحديث النبوي 2/ 992.

وأخطأ الدكتور يوسف المرعشلي (¬1) زاعماً أن الزركلي ذكر في "أعلامه" (¬2) أن لهذا الشرح نسخة بالخزانة الملكية السعودية بالرياض، وإنما ذكر الزركلي أن لسنن أبي داود وليس للشرح نسخة بالخزانة الملكية، وعليها سماع أحمد ابن العراقي عن والده. 7 - شرحُ الإمام أحمد بن حُسين بن حَسن بن علي بن يوسف بن علي بن أرسلان -قال السخاوي: بالهمزة كما بخطه، وقد تُحذَفُ في الأكثر بل هو الذي على الألسنة الشهاب أبو العباس الرملي الشافعي، نزيل بيت المقدس، ويعرف بابن رسلان، له شرح لسنن أبي داود، وهو في أحد عشر مجلداً. توفي سنة أربع وأربعين وثمان مئة (¬3). قلنا: وبحسب الفهرس الشامل لمؤسسة آل البيت توجد منه عدة أصول خطية (¬4). وقد أخطأ الدكتور فؤاد سزكين في مؤلِّف هذا الكتاب، فنسبه أيضاً إلى الإمام سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني المتوفى سنة (805 هـ)، وتابعه على ذلك الدكتور تقي الدين الندْوي والدكتور محمد بن لطفي الصباغ، وهو خطأ بيّن، فلم ينسب هذا الشرح للإمام البُلْقِيني تلميذه الحافظ ابن حجر الذي سرد جميع مؤلفاته عن ولده ¬

_ (¬1) في تحقيقه لكتاب "المجمع المؤسس" 3/ 44. (¬2) 1/ 148. (¬3) السخاوي في "الضوء اللامع" 1/ 282 - 288. (¬4) قسم الحديث النبوي 2/ 991 - 992.

الذي جمع ذلك، وكذلك ترجم ابن فهد المكي والسخاوي للبلقيني فلم ينسبا له شرحاً لأبي داود، فاقتضى التنويه. 8 - شرح الإمام محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حُسين ابن يوسف بن محمود البدر أبي محمد وأبي الثناء بن الشهاب الحلبي الأصل العنتابي المولد، ثم القاهري الحنفي صاحب "عمدة القاري في شرح صحيح البخاري"، قال الحافظ السخاوي: له قطعة من "سنن أبي داود" في مجلدين. توفي سنة خمس وخمسين وثمان مئة (¬1). قلنا: وبحسب فهرس مخطوطات دار الكتب المصرية الذي صنعه الأستاذ فؤاد سيد يوجد منه فيها نسخة في ستة مجلدات بآخر كل جزء فهرس في الأوراق (677 و636 و597 و560 و540 و609) وهي تحت رقم (19697ب) , ونسخة أخرى تحت رقم (286) (¬2). وقد. طُبعت هذه القطعةُ بتحقيق خالد بن إبراهيم المصري في خمس مجلدات، وذكر في مقدمة تحقيقه أن النسخة التي تحت رقم (286) بخط المؤلف. وذكر أيضاً أن الشارحَ رحمه الله ابتدأ به سنة خمس وثمان مئة، وانتهى منه في السنة نفسها، فلم يُكمله. ومن خلال هذا المطبوع يتبين أنه وصل في الشرحِ إلى الحديث الأول من: باب في الشُّحّ من كتاب الزكاة، وهو الحديثُ رقم (1698). ¬

_ (¬1) السخاوي في "الضوء اللامع" 10/ 131 - 135. (¬2) القسم الثاني منه (ش - ل) ص 42.

9 - شرحُ الحافظِ جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي المتوفى سنة إحدى عشرة وتسع مئة. واسم شرحه: "مرقاة الصُّعُود إلى سنن أبي داود" (¬1). وبحسب الفهرس الشامل لمؤسسة آل البيت تُوجد منه عدة أصول خطية (¬2). وقد اختصره عليّ بنُ سليمان الدِّمْنَتِي البُجُمْعَوي المتوفى سنة ستٍّ وثلاثِ مئة وألفٍ هجرية وسماه: "درجات مرقاة الصعود"، وقد طبع في القاهرة سنة 1298هـ. يعني في حياته. 10 - شرحُ المحدث العلامة الشيخ أبي الطيب شمسِ الحق العظيم آبادي المتوفى سنة (1329 هـ)، واسمه "عون المعبود شرح سنن أبي داود" طبع في دهلي في الهند، سنة (1322 هـ) في أربع مجلدات، ثم نشرته المكتبة السلفية في المدينة المنورة سنة (1389 هـ) مع "تهذيب سنن أبي داود" لابن قيم الجوزية. 11 - شرحُ المحدثِ العلامة خليلُ أحمد السهارنفوري رئيسُ جامعة مظاهر العلوم بالهند، المتوفى سنة (1346 هـ)، واسمه "بذل المجهود في حلّ أبي داود" طبع في الهند، ثم طبع في بيروت في دار الكتب العلمية في عشرين جزءاً في عشر مجلدات. وعلى هذا الشرحِ حاشية لتلميذ السهارنفوري الشيخ المحدث محمد زكريا الكاندهلوي، وهي مفيدة جداً. ¬

_ (¬1) حاجي خليفة في "كشف الظنون" 2/ 1005. (¬2) قسم الحديث النبوي 2/ 991 - 992.

12 - "مختصر سنن أبي داود" للحافظ الكبير المحدث زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، المتوفى سنة (656 هـ)، طبع في حيدرآباد سنة (1342 هـ)، وطبع في دهلي سنة (1891 م)، ثم طبع في القاهرة سنة (1369 هـ) بتحقيق الأستاذين أحمد محمد شاكر ومحمد حامد الفقي. 13 - "تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته" للعلامة المتفنن محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد الزُّرَعي الدمشقي، المعروف بابن قيم الجوزية، المتوفَّى سنة (751 هـ)، و"تهذيبه" أشبهُ ما يكونُ بالحاشية منه بالتهذيب، فقد تكلم فيه عن جملة أحاديث، وترك أحاديث كثيرة لم يُعلِّق عليها بشيء. طُبعَ في مطبعة أنصار السنة المحمدية في القاهرة، بهامش "مختصر المنذري". 14 - شرح الإمام سراج الدين علي بن الملقن، المتوفى سنة (804 هـ) زوائد "السنن" على "الصحيحين"، وتقع في مجلدين. وقد ذكره تلميذه الحافظ ابن حجر (¬1). 15 - وقد ألف الحافظُ أبو علي الحُسينُ بنُ محمد بن أحمد الجيَّاني الأندلسيُّ المتوفى سنةَ (498 هـ) جزءاً في تسميةِ شيوخ أبي داود الذين خرج عنهم في كتاب "السنن"، ورتب أسماءهم على حروف المعجم، وهو مطبوع في دار الكتب العلمية ببيروت بتحقيق أبي هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول، سنة (1418هـ) ¬

_ (¬1) في "المجمع المؤسس" 2/ 319.

* الطبعات السابقة لكتاب "السنن"

* الطبعات السابقة لكتاب "السنن": 1 - طبعة دهلي في الهند عام (1271 هـ) وعام (1272 هـ) وعام (1283 هـ). 2 - طبعة لكنهؤ في الهند عام (1206هـ) وعام (1290هـ). في مجلد واحد. 3 - طبعة في القاهرة في المطبعة الكاستلية، سنة (1280هـ). في مجلدين. 4 - طبعة في مجلدين مع شرح لأبي الحسنات الفنجاني، سنة (1318هـ). 5 - طبعة في حيدرآباد، سنة (1321هـ) و (1393 هـ) في مجلد واحد. 6 - طبعة في نول كشور في الهند (1305هـ) جزءان في مجلد. 7 - طبعة في كانفور في الهند (1346هـ) مصدّر بترجمة عن أبي داود والحديث عن "سننه"، ويليه فهرس الكتاب، وبالهامش "التعليق المحمود" لفخر الدين الكنكوهي. 8 - طبعة في القاهرة عام (1354 هـ) وعام (1169 هـ) بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، وقد صورت طبعته بعد ذلك في بيروت عدة مرات، وهي في أربعة مجلدات. 9 - طبعة في مصر بتحقيق الشيخ أحمد سعد علي من علماء الأزهر، سنة (1371 هـ) في مجلدين.

وصف النسخ المصورة عن الأصول الخطية المعتمدة في هذه الطبعة لكتاب السنن

10 - طبعة بتحقيق الشيخ عزت عبيد الدعاس وعادل السيد في خمسة مجلدات، وبهامشه "معالم السنن" للخطابي عام (1394 هـ). 11 - طبعة بتحقيق الشيخ محمد عوّامة في مؤسسة الريان ببيروت ودار القبلة في جدة والمكتبة المكية في مكة المكرمة، سنة (1419هـ). وصف النسخ المصوَّرة عن الأصول الخطية المعتمدة في هذه الطبعة لكتاب السنن النسخة الأولى: وهي مصورةُ عن الأصل الخطيِّ الموجود في مكتبة كوبرلي في اسطنبول، تحت رقم (294/ 2) وقد رمزنا إليها بـ (أ). نسخها الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله لنفسه، فقد جاء في آخر هذه النسخة ما نصه: علَّقه لنفسه الفقيرُ إلى عفوِ ربِّه أحمدُ ابنُ علي بن محمد العسقلاني، الشهير بابنِ حجر، وفرَغ منه في يوم الجمعة سادس عشري ربيعٍ الأول، سنة ثمانِ مئة بزَبيد مِن بلاد اليمن حرسَها الله تعالى، والحمد لله أولاً وآخراً. وكان عُمْرُهُ حين كتابة هذه النسخة سبعاً وعشرين سنة. وجاء في حاشية الورقة الأخيرة منها ما نصه: ثم قابلتُ الجزء الأخير في يوم السبت تاسع عشر ذي القعدة، سنة ثلاث وثمان مئة. وهي نسخة تامة، خطُّها نسخي واضح. عددُ أوراقها (327) ورقة، بما فيها كتابُ "المراسيل" وعددُ أوراقِه ثلاثون ورقة.

وقد حُليت هوامشُ هذه النسخة بفوائد علمية، تشتملُ على رموزِ الرواياتِ المختلفة لِرواة السنن، حيث رمز بـ (عب) لِرواية أبي الحسن بن العبد، ورمز بـ (ع) لروايةِ أبي سعيد بن الأعرابي، ورمز بـ (س) لِرواية ابنِ داسه، ولم يرمز لرواية الرملي بشيء. وتشتملُ كذلك على تفسيرِ غريبِ الكلمات اللغوية التي جاءت في الأحاديث، وفوائد علميةِ أخرى، منها: بيانُ من أخرج الحديث من أصحاب الكتب الستة متفِقاً مع أبي داود في شيخه. وقد تملَّكَ هذه النسخة رجلٌ من أهل العلم لم يُدوَّنِ اسمَه عليها، فملأ حواشي القسم الأول منها بالفوائد المُتخيَّرة، تتضمنُ تفسير غريبِ الحديث، وما يُستفادُ مِن فقهه، وجملاً تتعلق بحل مشكلات تَرِدُ على القارئ. وقد جاء في الأوراق الأولى منها أسانيدُ الحافِظ ابن حجر برواياتِ الخمسة: اللؤلؤي، وابن داسه، وابن الأعرابي، وابن العبد، والرمْلي. 1 - أما رواية اللؤلؤي، فقال رحمه الله: سمع جميع "السنن" تأليف الإمام الأوحد، علمِ الحفاظ، قدوةِ الفقهاء أبي داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو بن عامر الأزدي السجستاني البصري، على الشيخ الصالح المبارك أبي علي محمد بن أحمد بن علي بن عبد العزيز المهدوي بن المُطرّز البزاز، بسماعِهِ لجميعه على أبي المحاسن يوسفَ بنِ عمر بن حسين الخُتَني الحنفي في سنةِ أربع وعشرين وسبع مئة، بسماعه لجميعه

على الشيخين الحافظِ الكبيرِ زكيِّ الدين بنِ عبد القوي المنذري، وصدرِ الدين أبي الفضل محمدِ بنِ محمد بن محمد البكري، سوى أنه فاتَه على المنذري خاصة الأول والثاني، والثاني عشر والتاسع عشر، بسماعهما لجميعه على أبي حفص عمر بن محمد بن مُعمَّر بن طبرْزد الدَّارَقَزِّي، بسماعه للأول والثاني والخامس والسادس والثامن والثاني عشر والرابع عشر، ومن أول السابع عشر إلى آخر الثاني والعشرين، ومن أول الرابع والعشرين إلى آخر الثلاثين، والثاني والثلاثين على أبي البدر إبراهيم بن محمد بن منصور الكرخي، وبسماعه لبقِية الكتاب وللجزء الثاني والثاني عشر أيضاً على مفلح بنِ أحمد بنِ محمد الدُّومي، بسماعهما مِن الحافظ العلمِ الفقيه الإمامِ أبي بكر أحمد بنِ علي بن ثابت بن مهدي الخطيب البغدادي (ح) وبإجازةِ شيخنا عالياً مِن أبي النون يونس بن إبراهيم بن عبد القوي الدَّبُّوسي، إن لم يكن سماعاً، عن علي بنِ الحسين بن علي البغدادي، عن الفضل بنِ سهل الإسْفراييني، عن الخطيب بسماعه له، بقراءته على أبي عمر القاسم بن جعفر بنِ عبد الواحد الهاشمي العباسي، بسماعه له مِن أبي علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي، بسماعه من أبي داود: بقراءةِ أحمدَ بنِ علي بنِ محمد بن محمد بن علي العسقلاني، الشهير بابنِ حجر لطَفَ اللهُ به، الشيخُ الإمامُ العلامةُ مفتي المسلمين شمسُ الدين محمد (مات) بن علي بن محمد بن القطان الشافعي، وولدُه بهاءُ الدين محمد، وشعبانُ بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن حجر، وناصرُ الدين محمد بنِ العدل شرف الدين محمد

ابنِ الشيخ محب الدين يحيى ابن الشيخ الإمام شرف الدين يونس القَلقَشَندي، وعليُّ (مات) ابن المُسمع، وأبو بكر بنُ صدقة بن علي المُناوي، وبدرُ الدين محمد بن العَدْل شهاب الدين أحمد بن محمد الجلال، والفاضلُ شمسُ الدين (مات) محمد بن الإمام شمس الدين محمد بن حسن الأُسيوطي، وشهابُ الدين (مات) أحمد بن محمد ابن عبد الله (؟) وابنه محمد، وقطبُ الدين محمد بن المحب محمد ابن الجَوجَريُّ، وعليُّ بنُ أبي بكر بن علي الدَّهْروطي، وياقوت (مات) النُّوبي، وكاتبُه، وآخرون كثيرون .. كتبهم على نسخة السمَّاع التي بخطِّ المَلِكِ المُحسِنِ ابنِ الناصر بن أيوب، وصحَّ في سبعةَ عشر مجلساً، آخرها رابع صفر سنة سبع وتسعين وسبع مئة. وحضر مجلسَ الختم الإمامُ الحافظُ زينُ الدين عبد الرحيم أبو الفضل بن الحسين العراقي، ورفيقُه الإمامُ أبو الحسن عليُّ بن أبي بكر ابن سليمان الهيثمي، والعلامةُ برهانُ الدين إبراهيم بن موسى الأُبناسي، وسُمِع عليهم المسلسلُ بالأولية قبلَ الشروع في القراءة، وتسلسل لبعضِ السامعين بسماعهم الجزء الأخير الذي هو مجلس الختم. أما الأولان، فعلى أبي الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم المَيْدومي، أخبرنا القطبُ محمدُ بنُ أحمد بن علي القسطلاَّني وعبدُ الرحيم بن يوسف بن يحيى، قال الأول: أخبرنا أبي، أخبرنا نصرُ بن علي الحصري، أخبرنا أبو طالب محمدُ بنُ علي النقيب العلوي، أخبرنا أبو علي التُّسْتَري، وبسماعهما ... الثاني والثالث على عمر بنِ حسن ابن أُمَيلة المَراغي، بسماعهما مِن أبي الحَسن

علي بنِ أحمد بنِ عبد الواحد ابن البخاري ... بن طَبَرْزد بسنده المتقدم وأجاز كل من ... وعلى الصفحة الثانية: 2 - وأما روايةُ ابنِ داسة، فقال رحمه الله: أنبأني برواية ابنِ داسة: شيخُنَا أبو علي محمدٌ بن أحمد بن علي ابن المُطرِّز، عن يحيى بنِ محمد بن سعْدٍ، عن محمد بنِ عبد الواحد ابن شُفْنِين، عن عبدِ الأول بن عيسى بنِ شعيب السِّجزي، بسماعه من عبد الرحمن بن عفيف، بسماعِه من منصور بنِ عبد الله الخالدي، بسماعه من أبي بكر محمد بن بكر ابن داسه، بسماعه من أبي داود، وهي موافقة لرواية اللؤلؤي غالباً. وسمعتُ منه قطعةً على فاطمةَ بنتِ محمد بن عبد الهادي، بإجازتها من ابن سعد وغيره، عن ابن اللَّتِي، عن أبي الوقت (هو عبد الأول بن عيسى). 3 - وأما روايةُ أبي سعيد ابن الأعرابي، فقال رحمه الله: وأنبأني برواية أبي سعيد ابن الأعرابي: الشيخُ المذكور، عن يحيى بن محمد بن سعد، عن الحسن بن محمد (كذا قال، والصحيح: الحسن بن يحيى، كما في كتب التراجم) بن الصبَّاح، عن عبد الله بن رفاعة بن غدير، أخبرنا أبو الحسن عليُّ بنُ الحسين بن علي الخِلَعي، أخبرنا عبدُ الرحمن بنُ عمر النحاس، أخبرنا أبو سعيد أحمدُ بنُ محمد ابن زياد ابن الأعرابي، بسماعه مِن أبي داود. وروايتُه أنقَص الروايات.

وسمعتُ منه قطعةً على فاطمةَ بنتِ محمد بن عبد الهادي، بإجازتها من ابن سعد، بسنده هذا. 4 - وأما رواية ابن العبد، فقال رحمه الله: وأنبأني برواية أبي الحسن علي بن عبْدِ، المعروفِ بابنِ العبْد: الشيخُ المذكور عن أبي النون يونس بن إبراهيم بن عبد القوي، عن أبي الحسن علي بن محمود الصابوني وغيره، أخبرنا الحافظ أبو طاهر السِّلَفي مشافهة، أخبرنا أبو عامر غالب بن علي بن أبي غالب الإسْتراباذي. أخبرنا أبو حاجب محمد بن إسماعيل الإسْتراباذي، أخبر عبدُ اللهِ بنُ محمد بن إبراهيم الأسدي، عنه. 5 - وأما رواية أبي عيسى الرملي، فقال رحمه الله: وأنبأني برواية أبي عيسى إسحاق بن موسى بن سعيد الرملي ورّاق أبي داود: أبو حيان بن أبي حيان، عن جده أبي حيان، عن غيرِ واحد، عن ابن بَشْكُوال، عن أبي محمد بنِ عتاب، عن أبي عمر بنِ عبد البر، عن سعيدِ بنِ عثمان، عن أحمد بن خليل بن دحيم (كذا قال، والصحيح أحمد بن دحيم بن خليل كما في مصادر ترجمته)، عنه. أنشدني شيخُنا الحافظُ أبو الفضل عبدُ الرحيم بن الحسين العراقي أبقاه الله، ضبطاً لما سمعه ابن طبرزد من شيخه هذا الكتاب: وقد وقع التلفيقُ لابنِ طبرزدٍ ... لجمع أبي داود فاضبطه بالشِّعرِ فعن مفلح: ثان وتِلواه سابع ... وتاسعه والأربع التِّلو في الأثر وخامس عشرِ ثم تِلوٌ وثالث ... وعشرون مع حادي ثلاثين بالحصر

وباقيه والثاني وثاني عشره ... جميعاً عن الكرخيِّ أعني أبا البدر وتجزئة الأجزاء ليستْ خفية ... وذاك بأجزاءِ الخطيب أبي بكر الحمد لله سمع الجزء الأول مِن الشيخ المسندِ المكثِر أبي الفرج عبد الرحمن ابن أحمد بن المبارك الغَزِّي، بسماعه له مِن أبي عبد الله محمد بن غالي بن نجم الدِّمياطي وأبي العباس أحمد بن منصور الجوهري، أخبرنا النجيبُ عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني، أخبرنا ابن طبرزد، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن منصور أبو البدر الكرخي، أخبرنا الخطيبُ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت (ح) قال شيخنا: وأنبأنا أبو النون يونسُ بنُ إبراهيم بن عبد القوي الدَّبُّوسي إن لم يكن سماعاً، أنبأنا أبو الحسن عليُّ بن الحسين البغدادي، عن الفضل بن سهل، عن الخطيب، أخبرنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي بالبصرة، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد ابن عمرو اللؤلؤي، أخبرنا أبو داود. بقراءة أحمد بنِ على بنِ محمد العسقلاني، وبلفظه: الشيخُ شرف الدين محمد بن محمد بن عبد العزيز القدسي وبنتُه هاجر، ونور الدين علي بن حسين الصالحي، وشمس الدين محمد بن خليل ابن المنمنم (بنونين وثلاث ميمات) الحراني، وصح في 22 المحرم سنة سبع وتسعين وسبع مئة.

تراجم الرواة الواردة أسماؤهم في أسانيد الحافظ ابن حجر في روايات "السنن"

تراجم الرواة الواردة أسماؤهم في أسانيد الحافظ ابن حجر في روايات "السنن" أولاً: إسناده لرواية أبي علي اللؤلؤي، عن أبي داود السجستاني: أ- محمدُ بنُ أحمد بنِ أبي الحسن علي بن عبد العزيز المهدوي الأصل، أبو علي، شمس الدين، المصري، المعروف بابن المُطرِّز البزاز، وُلِدَ سنةَ تسعِ وسبع مئة، وقيل: عشر وسبع مئة. قال الحافظ ابنُ حجر: قرأتُ عليه الكثير، وقال الحافظُ التقي الفاسي: أجاز لي مروياته مكاتبةً. توفي سنةَ سبعٍ وتسعين وسبع مئة بالقاهرة (¬1). ب- يوسفُ بنُ عمر بن حسين بن أبي بكر الخُتَنِي -بضم المعجمة وفتح المثناة بعدها نون- الحنفي المصري الشيخ المعمَّر بدر الدين، وُلِدَ سنةَ خمس وأربعين وست مئة. قال الحافظ ابن حجر: خرجتُ له مشيخة عن نيِّف وستين شيخاً، وأكثر عنه الطلبةُ، وتفرَّدَ بأشياء، توفي سنة إحدى وثلاثين وسبع مئة (¬2). ب- زكيُّ الدين أبو محمد عبدُ العظيم بنُ عبد القوي بنِ عبد الله ابن سلامة بن سعْد المنذري الشامي الأصلِ، المصريُّ، الشافعيُّ، ¬

_ (¬1) تقي الدين الفاسي في "ذيل التقييد" ترجمة (46)، وابن حجر في "المجمع المؤسس" ترجمة (218)، وفي "إنباء الغمر" 3/ 269 - 270. (¬2) الذهبي في "ذيل العبر" 4/ 89 - 90، والتقي الفاسي فى "ذيل التقييد" ترجمة (1723)، وابن حجر في "الدرر الكامنة" 4/ 466 - 467.

وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الإمامُ العلامة الحافظُ المُحَقِّقُ شيخ الإسلامِ، وُلِدَ سنة إحدى وثمانين وخمس مئة، عمل "المعجم" في مجلد، و"الموافقات" في مجلد، واختصر "صحيح مسلم" و"سنن أبي داود"، وتكلم على رجاله، وعزاه إلى "الصحيحين" أو أحدهما أو ليَّنه، وصنَّف شرحاً كبيراً لـ "التنبيه" في الفقه، وصنف "الأربعين" وصنف "الترغيب والترهيب" و"التكملة لوفيات النقلة"، وغير ذلك، وقرأ القراءات والعربية، قال الحافظ عز الدين الحسيني: وكان عالماً بصحيح الحديث وسقيمه، ومعلوله وطُرقه، متبحراً في معرفة أحكامه ومعانيه ومشكله، قيماً بمعرفة غريبه وإعرابه واختلاف ألفاظه، إماماً حُجة. توفي سنة ست وخمسين وست مئة (¬1). د- فخر الدين أبو الفتوح محمدُ بنُ محمد بن محمد بن عَمْرُوك القرشيُّ التيميُّ البَكريُّ، النيسابُوري، وُلِدَ سنةَ ثماني عشرة وخمس مئةٍ. حدِّث ببغداد وبمكة ومصر ودمشق، وجاور مدة، وصفه الحافظ الذهبيُّ بقوله: الشريفُ العالم الصالح الزاهد، ووصفه الحافظ المنذري بقوله: الشيخُ الأجلُّ الصالحُ، سمع منه الحافِظان المنذري والرشيدُ العطار. توفي سنة خمس عشرة وست مئة (¬2). ¬

_ (¬1) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 23/ 319 - 322, وقد ترجم له صاحبنا الدكتور بشار معروف له ترجمة حافلة مع دراسة وتحقيق كتاب "التكملة لوفيات النقلة" نال بها درجة الماجستير في التاريخ سنة 1967م. (¬2) المنذري في "التكملة لوفيات النقلة" ترجمة (1597)، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 22/ 89 - 90.

هـ- أبو حفصٍ عُمَرُ بنُ محمد بن مُعَمَّر بن أحمد بن يحيى بن حسّان البغدادي الدَّارَقَزِّي، المُؤدِّب، ويُعرف بابن طبَرْزَد، والطبَرْزَد بذال معجمة هو السُّكَّر، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الشيخ المُسند الكبيرُ الرُّحْلَة، وُلِدَ سنة ست عشرة وخمس مئة، وحدَّث عنه الكبارُ كالمنذري والضياء المقدسي، وابن النجار، وابن نقطة البغدادي الذي وصفه بقوله: وهو مكثر، صحيح السماع، ثقة في الحديث. ورد دمشق، وازدحمت عليه الطلبةُ، وتفرد بعدة مشايخ، وكتب كتباً وأجزاء وكان مُسنِد أهل زمانه، وقال الحافظ المنذري: سمعت منه كثيراً من الكُتُب الكبار والأجزاء والفوائد وقرأتُ عليه "الغيلانيات"، توفي سنة سبع وست مئة (¬1). و- أبو البدر إبراهيمُ بنُ محمد بنِ منصور بنِ عمر البغدادي الكرخي، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الشيخُ الفقيهُ العالِمُ المُسنِدُ، وُلِدَ في حدود سنةِ خمسين وأربع مئة، أصلُه من كرخ جُدَّان (بليدة في آخر ولاية العراق، وهو الحد بين شَهْرزُور والعِراق) ووصفه السمعاني بقوله: شيخ صالح مُعمَّر ثقة، وتفقه بابي إسحاق الشيرازي. توفي سنة تسعِ وثلاثين وخمس مئة (¬2). ز- مُفلحُ بنُ أحمد بنِ محمد بن عُبيد الله بنِ علي، الدُّومي (نسبة إلى دومة الجَنْدل)، ثم البغدادي، الورّاق، أبو الفتح، وصفَه الحافظ ¬

_ (¬1) المنذري في "التكملة لوفيات النقلة" ترجمة (1158)، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 21/ 507 - 512، وانظر كلام الشيخ محمد عوامة في مقدمة "السنن" 1/ 45 - 48. (¬2) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 20/ 79.

الذهبي بقوله: الشيخُ الجليل، ووصفه السمعاني بقوله: كتبت عنه الكثير، وكان شيخاً لا بأس به، ووصفه ابن نقطة البغدادي بقوله: وهو صحيح السماع. وُلد سنة سبع وخمسين وأربع مئة، وتوفي سنة سبعٍ وثلاثين وخمسِ مئة (¬1). ح- أبو بكر أحمدُ بنُ علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي الخطيب، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الإمامُ الأوحدُ، العلامةُ المفتي، الحافظُ الناقدُ، محدثُ الوقت، صاحبُ التصانيف، وخاتمةُ الحفَّاظ، وُلِدَ سنة اثنتين وتسعين وثلاث مئة. كان أبوه خطيباً، وممن تلا القرآن على أبي حفص الكِتاني، فحضَّ ولده على السماع والفقه، فَسَمِعَ وهو ابنُ إحدى عشرة سنة، وكان مِن كبار الشافعية، تفقه على أبي الحسن بن المحاملي والقاضي أبي الطيب الطبري، وقرأ بالقراءات، وكان يُشبَّه بالدارقطني ونظرائه في معرفة الحديثِ وحفظه، ووصفه ابنُ ماكولا بقوله: كان أبو بكر آخِرَ الأعيانِ، ممن شاهدناه معرفة، وحفظاً، وإتقاناً، وضبطاً لحديثِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وتفنُّناً في علله وأسانيده، وعلماً بصحيحه وغريبه، فرده ومنكرِه ومطروحه، ولم يكن للبغداديين بعد أبي الحسن الدارقطني مثلُه. وكان على مذهب السلف في إثبات الصفات وإجرائها على ظواهرها. توفي سنة ثلاث وستين وأربع مئة (¬2). ¬

_ (¬1) ابن نقطة البغدادي في "تكملة الإكمال" ترجمة (2344)، وفي "التقييد" ترجمة (617)، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 20/ 165. (¬2) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 18/ 270 - 297.

ط- يونسُ بنُ إبراهيم بن عبد القوي بن قاسم بن داود الكِناني العسقلاني، ثم المصري، فتح الدين، أبو النون الدبُّوسي، ويقال: الدبابيسي، وُلِدَ سنةَ خمسِ وثلاثين وستِّ مئةِ، سمع عليه الكبارُ كالمزي والبِرزالي وابنِ نباتة، وأبي العلاء الفرضي، والقطب الحلبي، وأبي الفتح ابن سيد الناس، والسبكي وابن رافع، قال الحافظ ابن حجر: وكان ساكناً ديِّناً صبوراً على السماع، حَسَنَ السمتِ مع أُميته، ووصفه ابنُ تغري بردي بمسندِ الديارِ المصرية (¬1). توفي سنة تسع وعشرين وسبع مئة. ي- أبو الحسن عليُّ بنُ أبي عُبيد الله الحسين بنِ علي بنِ منصور ابن المُقيَّر البغداديُّ الأَزَجيُّ (نسبة إلى باب الأزج محلة كبيرة ببغداد) المقرئ، الحنبلي النجار، نزيلُ مصر، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الشيخ المُسندُ الصالح، رُحلةُ الوقت، وُلِدَ سنة خمسِ وأربعين وخمسِ مئة. قال الحافظ الذهبي: حدَّث عنه أئمةٌ وحفاظ، وآخِرُ مَنْ روى عنه بالسماعِ يونس العسقلاني. وكان شيخاً صالحاً، كثير التهجد والعبادة والتلاوة، صابراً على أهل الحديث، كذا وصفه الحافظ تقي الدين عبيد. توفي سنة ثلاث وأربعين وست مئة (¬2). ك- الفضل بنُ سَهْلِ بنِ بشْرِ بن أحمد بن سعيد أبو المعالي، الإسفراييني الدِّمشقيُّ، ويُلقب بالأثيرِ الحلبي، وُلِدَ سنة إحدى وستين ¬

_ (¬1) تقي الدين الفاسي في "ذيل التقييد" ترجمة (1745)، وابن حجر في "الدرر الكامنه" 4/ 484 - 485، وابن تغري بردي في "الدليل الشافي" ترجمة (2724). (¬2) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 23/ 119 - 121، وابن الصابوني في "تكملة إكمال الإكمال" ترجمة (350).

ثانيا: إسناد الحافظ لرواية أبي بكر ابن داسه، عن أبى داود السجستاني

وأربع مئة، قال السمعاني: يُتهم بالكذب في لهجته، وسماعُه صحيح، روى عنه السمعانيُّ وابنُ عساكر، وكان عَسِراً في التحديث، وقال ابنُ عساكر: كان له خطٌّ حسن، تُوفي سنةَ ثمانٍ وأربعين وخمسِ مئة (¬1). ل- أبو عمر القاسمُ بنُ جعفر بن عبدِ الواحد بنِ العباس بنِ عبد الواحد بن الأمير جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي العباسى البصري، وصفه الذهبي بقوله: الإمامُ الفقيه المُعمرُ، مُسنِدُ العراق، القاضي. وُلِدَ سنة اثنتين وعشرين وثلاث مئة. قال الخطيبُ: كان ثقة أميناً ولي القضاء بالبصرة، وقد أحضره أبوه سماعَ كتاب "السنن" وهو ابنُ ثمان سنين، وسمعه وهو ابن عشر، توفي سنة أربع عشرة وأربع مئة (¬2). م- محمدُ بنُ أحمد بنِ عمرو اللؤلؤي، سلفت ترجمتُه فى تلامذة الإمام أبي داود، فراجعه هناك. ثانياً: إسنادُ الحافظ لِرواية أبي بكر ابن داسه، عن أبى داود السجستاني: أ- أبو علي محمد بن أحمد بن علي بن المطرِّز، سلفت ترجمته في إسناد رواية اللؤلؤي. ب- أبو محمد يحيى بنُ محمد بنِ سعد بنِ عبد الله بن سعد بن مفلح الأنصاري، المقدسي، ثم الصَّالحي، الحنبلي، وصفه الحافظ ¬

_ (¬1) ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 14/ ورقة 231، وابن الدمياطي في "المستفاد من ذيل تاريخ بغداد" ترجمة (166)، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 20/ 226. (¬2) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 17/ 225 - 226، والخطيب البغدادي في "تاريخه" 12/ 451 - 452.

الذهبي بقوله: العبدُ الصالح الخيِّرُ العالم المقرئُ المعمَّر، بقيةُ السلفِ الأخيار، وُلِدَ سنة إحدى وثلاثين وست مئة، وَلِيَ مشيخةَ الضيائية، توفي سنةَ إحدى وعشرين وسبعِ مئة (¬1). جـ- محمدُ بنُ عبدِ الواحد بنِ أحمد بن أحمد بن عبد الواحد ابن أحمد بن محمد بن عُبيد الله بن محمد بن أبي عيسى ابن المتوكل على الله جعفر بن المعتصم بن الرشيد، الشريف، أبو الكرم المتوكلي، البغدادي، المعروف بابن شُفنِيْن، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: كان شيخاً جليلاً، سريّاً، حسن الطريقة، جيدَ الفضيلة، عاليَ الإسناد، وشُفنين لقب عُبيد الله. وُلِدَ سنةَ تسعِ وأربعين وخمسِ مئة، وتوفي سنة أربعين وست مئة (¬2). د- أبو الوقت عبدُ الأول بن عيسى بنِ شعيب بن إبراهيم بن إسحاق، السِّجْزي (نسبة إلى سِجِسْتان، كما سلف في ترجمة أبي داود)، ثم الهروي الماليني، وصفه الحافظُ الذهبي بقوله: الشيخُ الإمامُ الزاهد الخيَّر الصوفي، شيخُ الإسلام، مسندُ الآفاق. وُلِدَ سنةَ ثمان وخمسين وأربع مئة. وحدث بخراسان وأصبهان وكِرمان وهَمَذان وبغداد، وتكاثر عليه الطلبةُ، واشتهر حديثُه، وبعُدَ صيته، وانتهى إليه علوُّ الإسناد. وروايةُ محمد بن عبد الواحد المتوكلي عنه ¬

_ (¬1) الذهبي في "معجم الشيوخ" ترجمة (962)، وابن حجر في "الدرر الكامنة" 4/ 426 - 427 (¬2) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 23/ 84 - 85، و"تاريخ الإسلام" الطبقة الرابعة والستون ترجمة (686).

بالإجازة، وقال عنه السمعاني: شيخ صالح، حسنُ السمتِ والأخلاق. متودِّدٌ متواضع، سليمُ الجانب، توفي سنةَ ثلاثٍ وخمسين وخمسِ مئة، وصلى عليه الشيخ عبد القادر الجيلي (¬1). هـ- عبد الرحمن بن عفيف، وهو أبو منصور عبدُ الرحمن بن محمد بن عفيف البُوشنجي، الهروي، المعروف بكُلار، وبكُلاري، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الشيخ المسند الصالح، بقية المشايخ، توفي سنة سبعٍ وسبعين وأربعِ مئة (¬2). و- منصورُ بنُ عبد الله بن خالد بن أحمد بن خالد بن حماد، أبو علي الذُّهْلي الخالدي الهروي، وصفه الحافظ الذهبيُّ بقوله: الحافظُ، العالم الرحَّال، وكتب الكثير وتعِبَ، روى عنه عدد كثير إلا أنه غيرُ ثقة، قال أبو سعد الإدريسي: كذابٌ لا يُعتَمَدُ عليه. توفي سنة إحدى -أو اثنتين- وأربع مئة (¬3). قلنا: لكن الحافظ ابن حجر قد سَمِعَ رواية ابن داسه أيضاً من طريق أبي علي الحُسين بن محمد الرّوذْباري وأبي بكر أحمد بن علي ابن لال، كلاهما عنه (¬4). وهذان ثقتان. ز- أبو بكر محمدُ بنُ بكر ابن داسه، سلفت ترجمته في تلامذة الإمام أبي داود. ¬

_ (¬1) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 20/ 303 - 311. (¬2) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 18/ 442 - 443. (¬3) المرجع السابق 17/ 114 - 115. (¬4) ابن حجر في "المعجم المفهرس" ص 30.

ثالثا: إسناد الحافظ لرواية أبي سعيد ابن الأعرابي، عن الإمام أبي داود

ح- فاطمةُ بنتُ محمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي المقدِسية ثم الصَّالحية، وُلِدَتْ سنة تسع عشرة وسبع مئة، وحدَّثْت بالكثير، وأكثر عنها الحافظ ابن حجر، وذكرها في شيوخه وهي ابنةُ عم الحافظ شمس الدين ابن عبد الهادي. توفيت سنة ثلاث وثمان مئة (¬1). ط- ابن سعْد، وهو يحيى بن محمد بن سعد، وقد سلفت ترجمته قريباً. ي- ابن اللَّتِيِّ، هو عبدُ اللهِ بنُ عمر بنِ علي بنِ زيد أبو المُنجَّى ابن اللَّتِىّ، البغداديُّ، الحريميُّ الطاهريُّ (الحريم الطاهريُّ: محلةٌ كبيرةٌ ببغداد بالجانب الغربيُّ منها) القَزَّازِ، وصفه الحافظُ الذهبي بقوله: الشيخُ الصالح المُسندِ المُعمَّر، رحلةُ الوقت، وُلِدَ سنة خمسِ وأربعين وخمسِ مئة، وروى الكثير ببغداد وبحلب ودمشق والكرك، واشتهر اسمُه وبَعُدُ صيتُه، وكان شيخاً صالحاً مباركاً، عامّياً عريًّا من العلم. قال ابن النجار وابن نقطة: سماعُه صحيح, توفي سنةَ خمسٍ وثلاثين وست مئة (¬2). ك- أبو الوقت، وهو عبدُ الأول بن عيسى، سلفت ترجمته قريباً. ثالثاً: إسناد الحافظ لرواية أبي سعيد ابن الأعرابي، عن الإمام أبي داود: أ- ابن المُطرِّز: سلفت ترجمته في رواية اللؤلؤي. ب- يحيى بن محمد بن سعد: سلفت ترجمته في رواية ابن داسه. ¬

_ (¬1) ابن حجر في "المجمع المؤسس" ترجمة (182)، والسخاوي في "الضوء اللامع" 12/ 103. (¬2) المنذري في "التكملة لوفيات النقلة" (2804)، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 23/ 15 - 17.

ج- الحسن بن يحيى بن الصّبّاح بن حُسين بن علي أبو صادق نشوء الملك المخزومي المصري الكاتب، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الشيخُ العالِمُ الجليلُ المُسندُ الأمينُ، أحدُ شهودِ الخزانة بدمشق (¬1)، وقال عمر بن الحاجب: هو شيخ ثقة، وقورٌ، مُكرم لأهلِ الحديث، كثيرُ التواضع، توفي سنة اثنتين وثلاثين وست مئة (¬2). د- عبدُ الله بنُ رفاعة بن غدير: وهو ابنُ علي بن أبي عمر بن أبي الذيَّال بن ثابت بن نُعيم، أبو محمد السعدي المصري الشافعي، وصفه الحافظُ الذهبي بقوله: الشيخُ الفقيهُ العالِمُ الفَرَضي الإمامُ، مسندُ وقته، وُلدَ سنَة سبعٍ وستين وأربع مئة، تفقه بالقاضي أبي الحَسن الخِلَعي، وكان مقدَّماً في الفرائض والحساب، وَلِيَ قضاءَ الجيزة مدة، ثم استُعفي فأُعْفي، واشتغل بالعبادةِ، توفي سنةَ إحدى وستين وخمس مئة (¬3). هـ- أبو الحسن عليُّ بنُ الحَسَن بن الحُسين بن محمد الموصِلي الأصل، المصريُّ الشافعي الخِلَعي (نسبة إلى الخلع، ذلك أنه كان يبيع الخِلَع لأملاك مصر)، وصفه الحافظُ الذهبي بقوله: الشيخُ الإمامُ الفقيه القُدوة، مُسنِد الديار المصرية، القاضي، وُلِدَ سنة خمسٍ وأربع مئة. وله علوٌّ في الرواية، وعنده فوائدُ، توفي سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة (¬4). ¬

_ (¬1) وكانت بقلعة بدمشق، وهي مستودع أموال الدولة، وكان ناظر الخاص يشرف على جميع أموال الدولة، وكان يعمل بها ناظر وشهود وصيارفة وكاتب. انظر "التعريف بمصطلحات صبح الأعشي" ص 118 - 119. (¬2) المرجع السابق 22/ 372 - 373. (¬3) المرجع السابق 20/ 435 - 438. (¬4) المرجع السابق 19/ 74 - 79.

رابعا: إسناد الحافظ لرواية أبي الحسن علي بن عبد، المعروف بابن العبد، عن أبي داود

و- عبدُ الرحمن بن عمر النحاس: وهو ابنُ محمد بن سعيد، أبو محمد التُّجِيبي المصري المالكي البزَّاز، المعروف بابن النحاس، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الشيخُ الإمام الفقيهُ، المحدثُ الصدوقُ، مسند الديار المصرية، وُلِدَ سنةَ ثلاث وعشرين وثلاثِ مئة. وأول سماعه وهو ابن ثمان سنين، أكثر عن أبي سعيد بن الأعرابي، وله مشيخةٌ في جزءين. تُوفي سنةَ ستّ عشرة وأربعِ مئة (¬1). ز- أبو سعيد أحمدُ بنُ محمد بن زياد ابن الأعرابي، سلفت ترجمته في تلامذةِ أبي داود. ح- فاطمةُ بنتُ محمد بنِ عبد الهادي، سلفت ترجمتها في رواية ابن داسه. ك- ابن سعد، وهو يحيى بنُ محمد بن سعد، وقد سلفت ترجمته في رواية ابن داسه أيضاً. رابعاً: إسنادُ الحافِظِ لِروايةِ أبي الحسن علي بن عبدٍ، المعروف بابنِ العبد، عن أبي داود: أ- ابن المُطرِّز، سلفت ترجمته في رواية اللؤلؤي. ب- أبو النون يونس بنُ إبراهيم بنِ عبد القوي، سلفت ترجمتُه في رواية اللؤلؤي. ج- أبو الحسن عليُّ بنُ محمود الصابوني: هو ابنُ أحمد بن علي بن أحمد بن عثمان المحمودي، الجوِّيثي (وجَوِّيث حاضر كبير ¬

_ (¬1) المرجع السابق 17/ 313 - 314.

بظاهر البصرة وتفصل بينهما دجلة)، العراقيُّ، الصوفي، عَلَم الدِّين، عُرف بابن الصَّابوني، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الشيخ العالمُ الزاهدُ المُسنِدُ، وُلدَ سنةَ ست وخمسين وخمسِ مئة، وروى الكثير، وله إجازة في صباه من الكبار، وكان كيِّساً متواضعاً، ثقةً، لديه فضيلة، توفي سنة أربعين وست مئة (¬1). د- أبو طاهر السِّلفي، وهو أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد ابن إبراهيم الأصبهاني الجَرْوَاآني (وهي محلة كبيرة بأصبهان، يقال لها أيضاً: كرواآن)، ويلقَّب جده أحمد سِلْفة، وهو الغليظ الشفة، وأصله بالفارسية سلَبَة، وكثيراً ما يمزجون الباء بالفاء، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الإمام العلامة المحدث الحافظ المفتي، شيخُ الإسلام، شرف المُعمَّرين، ولد سنة خمس -أو أربع- وسبعين وأربع مئة، ارتحلَ وله أقلُّ مِن عِشرينَ سنةً، تفقه بالكيا الهراسيّ (¬2) ويوسف بن علي الزنجاني وأبي بكر الشاشي، وأخذ الأدب عن أبي زكريا يحيى ¬

_ (¬1) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 23/ 82 - 83. (¬2) نقل ابنُ عبد الملك المراكشي في السفر الخامس من كتاب "الذيل والتكملة لكتابَي الموصول والصلة" في ترجمة محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى الخزرجي (1151)، وهو صاحب الكيا الهراسي كانت عنده مصنفاته، قال: سئل عن معنى الكيا الهراس، فقال: معنى الكيا: الحبر، وكان لأبيه عَبيد يعملون الهريسة فنُسب إلى ذلك. وقال ابن خلكان في "وفيات الأعيان" 3/ 289: لا أعلم لأي معنى قيل له: الكيا، وفي اللغة العجمية، الكيا: هو الكبير القدر المقدّم بين الناس، وهو بكسر الكاف وفتح الياء المثناة من تحتها وبعدها ألف. قلنا: اسم الكيا الهراسي علي بن محمد بن علي الطبري، مترجم في "وفيات الأعيان" 3/ 286 - 289، و"سير أعلام النبلاء" 19/ 350 - 352.

ابن علي التبريزي والقراءات على أبي طاهر بن سوار وأبي منصور الخياط، وأبي الخطاب بن الجراح. واستمرت رحلته ثمانية عشر عاماً يكتب الحديث والفقه والأدب والشعر، وارتحل إليه خلق كثير جداً كالسلطان صلاح الدين وإخوته وأمراؤُه بعد أن قضى على دولة العبيدية في مصر، فسمِعُوا منه، وسَمِعَ منه أيضاً شيخاه محمد بن طاهر المقدسي وسعْد الخير الأندلسي الأنصاري، وحدَّث عنه أئمةٌ كبار، قال الحافظ الذهبي: وكان مكباً على الكِتابة والاشتغال والرواية، ولا راحة له غالباً إلا في ذلك، وقد بلغ عدد شيوخه الأصبهانيين ست مئة نفس، ومشيخته البغدادية خمسة وثلاثون جزءاً، وكان جيد الضبط، جمع بين علوّ الإسناد وغلوِّ الانتقاد، كان أوحد زمانه في علمِ الحديث وأعرفهم بقوانين الرواية، وقال السمعاني: السِّلَفي ثقة، وَرعٌ، متقن، متثبت، فَهْمٌ، حافظٌ، له حظٌّ مِن العربية، كثيرُ الحديث، حسنُ الفهم والبصيرة فيه. توفي سنة ست وسبعين وخمس مئة (¬1). هـ- أبو عامر غالبُ بنُ علي بن أبي غالب الإستراباذي، قال الحافظ السِّلفي: كان مِن الدين بمكان، وهو مِن أعيان العلماء، فاضل في فنون من العلم، وُلِدَ سنَة ست وثلاثين وأربع مئة (¬2). و- أبو حاجِب محمدُ بن إسماعيل الإستراباذي: وهو ابنُ محمد ابن إبراهيم بن كثير، قال السمعاني: كان إماماً فاضلاً مفتياً مناظراً ورعاً تقياً صدوقاً ثقةً، توفي بإستراباذ سنة ثمان وستين وأربع مئة (¬3). ¬

_ (¬1) المرجع السابق 5/ 21 - 39. (¬2) أبو طاهر السلفي في "معجم السفر" ترجمة (1089) و (1090). (¬3) السمعاني في "الأنساب" نسبة الإستراباذي.

خامسا: إسناد الحافظ لرواية أبي عيسى إسحاق بن موسى بن سعيد الرملي وراق أبي داود، عن أبي داود

ز- عبدُ الله بنُ محمد بن إبراهيم: وهو عبدُ الله بنُ محمد بنِ عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسين بن علي بن جعفر بن عامر أبو محمد ابن الأكفاني، مِن أهلِ بغداد، ولي القضاءَ بها، قال السمعاني: وكان حسنَ السيرة، محموداً في ولايته، غير أنه كان ضعيفاً في الحديث، وقال عبد الواحد بن علي الأسدي: لم يكن في الحديث شيئاً، لا هو ولا أبوه، قال الخطيب البغدادي: وقد سمعتُ غيرَ عبد الواحد يثني عليه في الحديث ثناء حسناً، ويذكره ذكراً جميلاً، فالله أعلم. ولد سنة ست عشرة وثلاث مئة، وتوفي سنة خمسٍ وأربعِ مئةٍ (¬1). خامساً: إسنادُ الحافظ لرواية أبي عيسى إسحاق بنِ موسى بن سعيد الرملي وراق أبي داود، عن أبي داود: أ- أبو حيان بن أبي حيان: وهو محمدُ بنُ حيان بن أبي حيان محمد بنُ يوسف بنِ على الأندلسيُّ الغرناطيُّ، ثم القاهريُّ، وجيه الدين ابن فريد الدين بن أثير الدين. قال الحافظُ ابنُ حجر: وكان شيخاً بهياً، حسن الشَّكل والمحاضرة، مُنوَّرَ الشيبة، أضرَّ بأخرة، وُلِدَ سنة أربعٍ وثلاثين وسبعِ مئة. وتوفي سنة ست وثمان مئة (¬2). ب- أبو حيان: وهو محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن حيان الغرناطي، أثير الدين الأندلسي الجياني النَفْزي (نسبة إلى نفزة، بفتح ¬

_ (¬1) الخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 141 - 142، والسمعاني في "الأنساب" نسبة الأكفاني، والذهبي في "السير" 17/ 151 - 152. (¬2) ابن حجر في "المجمع المؤسس" ترجمة (242)، وتقي الدين الفاسي في "ذيل التقييد" ترجمة (178).

النون وسكون الفاء وفتح الزاي، وبعدها تاء تأنيث قبيلة كبيرة من البربر)، وصفه الذهبي بقوله: الإمام العلامة ذو الفنون، حجة العرب، ووصفه الحافظ السيوطي بقوله: نحوي عصره، ولغويُّه، ومفسِّره، ومحدِّثه، ومُقرئه، ومُؤرخه، وأديبه، وُلِدَ سنة أربع وخمسين وست مئة، قال الصفديُّ: لم أرهُ قطُّ إلا يُسْمعُ أو يشتغِلُ، أو يكتُب أو يَنظُر في كتاب، وكان ثبتاً قيّماً عَارِفاً باللغة، وأما النحو والتصريفُ، فهو الإمامُ المطلق فيهما، خدم هذا الفنَّ أكثر عُمُرِهِ، حتى صار لا يُدِركُه أحدٌ في أقطار الأرض فيهما غيره. وله اليدُ الطولى في التفسير والحديث، وتراجم الناسِ ومعرفة طبقاتهم، خُصوصاً المغاربة، وأقرأ الناس قديماً وحديثاً، وصارت تلامذته أئمة وأشياخاً (¬1). ج- ابنُ بَشكُوَال: وهو خلفُ بنُ عبد الملك بن مسعود بن موسى ابن بَشْكُوال بن يوسف بن داحة الأنصاريُّ الأندلسيُّ، أبو القاسم، وصفه الحافظ الذهبيُّ بقوله: الحافظُ الإمامُ المتقنُ، محدَّثُ الأندلس ومؤرخها، وُلِدَ سنة أربعٍ وتسعين وأربعِ مئة، ووصفه أبو عبد الله الأبار بقوله: كان متسع الرّواية، شديد العناية بها، عارفاً بوجوهها، حجةً، مُقدَّماً على أهل وقته، حافظاً حافلاً أخبارياً تاريخياً ذاكراً لأخبار الأندلس، سمع العالي والنازل، وأسند عن شيوخه أزيد من أربع مئة كتاب بين صغير وكبير، ورحل إليه الناس، وأخذوا عنه، ووصفوه بصلاحِ الدِّخلة، وسلامة الباطنِ، وصحة التواضع، ¬

_ (¬1) الذهبي في "المعجم المختص" ترجمة (344)، وابن حجر في "الدرر الكامنة" 4/ 302 - 310، والسيوطي في "بغية الوعاة" ترجمة (516).

وصدقِ الصبر للطلبةِ، وطولِ احتمال، توفي سنةَ ثمان وسبعين وخمس مئة (¬1). د- أبو محمد بن عتّاب: وهو عبدُ الرحمن بن محمد بن عتَّاب ابن مُحسِن القرطبي، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الشيخُ العلامةُ، المحدِّثُ الصدوق، مُسنِدُ الأندلس، وقال خلف ابنُ بَشْكُوال: هو آخر الشيوخ الجلة الأكابرِ بالأندلس في علوّ الإسناد، وسَعَةِ الرواية، وكان عارفاً بالطرقِ، واقفاً على كثير مِن التفسير والغريب والمعاني، مع حظّ وافرٍ من اللغة والعربيةِ، وتفقه عند أبيه، وُلِدَ سنةَ ثلاثٍ وثلاثين أربع مئة، وتُوفي سنة عشرين وخمسِ مئة (¬2). هـ- أبو عمر بنُ عبد البر: وهو يوسفُ بنُ عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النَّمَري (بفتح النون والميم، وبعدها راء، هذه النسبة إلى النَّمِر بن قاسط، بفتح النون وكسر الميم، وإنما تُفتح الميم في النسبة خاصة، وهي قبيلةٌ كبيرةٌ مشهورة) الأندلسي، القُرطبي المالكي، ولد سنة ثمان وستين وثلاث مئة. وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الإمامُ العلامةُ، حافظُ المغرب، شيخُ الإسلام، صاحبُ التصانيف الفائقة، أدرك الكبارَ، وطال عُمُرُه، وعلا سندُه، وتكاثر عليه الطلبةُ، وجمع وصنَّف، ووثق وضعَّف، وسَارَتْ بتصانيفه الركبانُ، وخَضَعَ لعِلمه علماءُ الزمان، وكان إماماً ديناً، ثقةً، متقناً، ¬

_ (¬1) الذهبي في "تذكرة الحفاظ" 4/ 1339 - 1341. (¬2) الذهبى في "سير أعلام النبلاء" 19/ 514 - 515.

علاّمةً، متبحِّراً، صاحبَ سُنة واتباع، وقال أبو الوليد الباجيُّ: هو أحفظُ أهلِ المغرب، توفي سنةَ ثلاث وستين وأربع مئة (¬1). و- سعيد بن عثمان: وهو ابنُ سعيد، أبو عثمان البربري الأندلسي، ابن القزاز، اللغوي القرطبي، تلميذ أبي علي القالي. وُلِد سنةَ خمسَ عشرةَ وثلاث مئة. وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الإمامُ المحدثُ الثقةُ، شيخُ اللغة، عُدِمَ في وقعِة الأندلس (¬2) سنة أربع مئة (¬3). ز- أحمدُ بنُ خليل بن دُحيم (كذا جاء في الأصل الخطّي، والصحيح: أحمد بن دُحيم بن خليل) -وهو ابنُ عبد الجبار بن حرب القرطبي أبو عمر، ولد سنة ثمان وسبعين ومئتين، وصفه أبو الوليد ابن الفرضي بقوله: كان معتنياً بالآثار، جامعاً للسننِ، ثقة فيما روى، ولي قضاء طُليطلة، توفي شهيداً بالطاعون سنة ثمان وثلاثين وثلاث مئة (¬4). ح- أبو عيسى إسحاق بن موسى الرَّمْلي، سلفت ترجمته في تلامذة أبي داود. ¬

_ (¬1) المرجع السابق 18/ 153 - 163. (¬2) هي الملحمة الكبرى التي جرت حين قصد المستعين بالله سليمان بن الحكم قرطبة، فبرز لقتاله جيش محمد بن عبد الجبار المهدى، فحطمهم سليمان، وغرق خلق منهم، وقتل اثنا عشر ألفاً، منهم عدة من العلماء والصلحاء. انظر "السير" 17/ 283 - 285. (¬3) المرجع السابق 17/ 205 - 206. (¬4) ابن الفرضي في "تاريخ علماء الأندلس" ترجمة (110)، والذهبي في "تاريخ الإسلام" وفيات 331 - 340 ترجمة (238).

النسخة الثانية

النسخة الثانية: وهي مصورةٌ عن الأصلِ الخطِّي الموجودِ في المكتبة المركزية في الجامعة الإسلامية في المدينةِ المنورة. وقد رمزنا إليها في عملنا بـ (ب). قام بنسخها المَلِكُ المُحْسِنُ السلطانُ أحمد بنُ السلطان صلاح الدين الأيوبي المتوفى في حلب سنة (634) هـ وهو مالكُ النسخةِ، وواقِفُها على طلبةِ العلم. خطها نسخيٌّ مقروءٌ، والضبط فيها كثير، وحروف المعجم منقوطة. عدد أوراقها (335) ورقة. وهي نسخةٌ تامة إلا أن أوراقها مشوشةُ الترتيب، وقد أمكن تداركُها، وإعادةُ ترتيبها. وكان قد انتُزع من الأصل ثلاثٌ وخمسون ورقةً، استُدْرِكَتْ بخطٍّ حديثٍ مؤرَّخٍ في سنة (1289) هـ كما في الورقة الأخيرة منها، وتشتمل هذه الورقات على (752) حديثاً أو تزيد من الأول والآخر وفي أثنائها. وقد قسمت هذه النسخة اثنين وثلاثين جزءاً، بتجزئة الإمام الخطيب البغدادي صاحب "تاريخ بغداد". وقد بلغت الغاية في الضبط والتوثق، وتداولها علماءُ أئمة، وعليها سماعات بخُطوطهم: منها سماعُ بخطٍّ الحافظِ العراقى في الأوراق 31 و 34 و 39 و55 وغيرها. وآخر بخط الحافظ ابن حجر العسقلاني في الورقة 45 و110 مؤرخ سنة (797 هـ).

وثالث بخطِّ الحافظِ أبي زُرعة ابن الحافظ العراقي في الورقة 60. ورابع بخطِّ الحافظِ برهانِ الدين البقاعي في الورقة 41 و 59 وغيرها، مؤرخٌ سنة (845) هـ. وخامس بخطِّ الحافظ محمد بن رافعٍ السَّلاميِّ في الورقة 72 و 74. وسادس بخطِّ الحافظِ يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي في الورقة 54 و 73، مؤرخ سنة (604) هـ، وكان هذا حاضراً في بيتِ المَلِكِ المُحسنِ بدمشق وقتَ السماع. وجاء في آخر الجزء الأول أن الفراغ من قراءته كان يوم الأحد عشرين جمادى الآخرة، سنة (603) هـ، وهذا يدُلُّ على أنه تمَّ نسخها قبل هذا التاريخ. والسماعات المثبتة في كل جزء من الأجزاء تُرشِدُ إلى أن هذه النسخة قد انتقلت بين دمشق وحلب والقاهرة ومكة. وانتهت أخيراً إلى مدينة الأحساء، فكانت عند الشيخ محمد بن عبد القادر قاضي المبرِّز من الأحساء، وهو أهداها إلى الشيخ عبد العزيز بن إبراهيم ابن عبد اللطيف آل الشيخ، وأهداها الشيخُ عبد العزيز إلى المكتبة العامةِ بالرياض، لينتفع بها روَّادُ المكتبةِ المعتنُون بالحديث وكُتبِه، وأُخِذت صورٌ عنها. وقد سَمِعَ هذه النسخةَ مالِكُها السلطانُ المُحْسِنُ على ابنِ طبَرْزدٍ الذي استقدمه مِن بغداد إلى دمشق، فقد جاءَ في اللوحةِ الأولى من الأصل ما نصه:

أخبرنا أبو حفصٍ عُمَرُ بنُ محمد بنِ معمر بنِ يحيي بن حسان بنِ طبرزد البغدادي الدَّارَقَزِّي بقراءتي عَلَيه (أي: بقراءة السُّلطانِ المُحْسِن) في مجلسين آخِرُهُما يومَ الأحَدِ العشرين من جُمادى الآخر من سَنَةِ ثلاثٍ وسِتِّ مئة بدمشق، قلتُ له: أخبركَ أبو البدر إبراهيمُ بنُ محمد ابنِ منصورِ بنِ عمر الكَرخِيّ السُّنِّي قراءةً عليه وأنتَ تَسمعُ في يومِ الجمعة العشرين من جُمادَى الآخِرَةِ من سنةِ خمسٍ وثلاثين وخمسِ مئة ببغدادَ، فأقرَّ به، قيل له: أخبركم أبو بكر أحمدُ بنُ علي بنِ ثابت الخطيب قراءةَ عليه وأنت تَسمعُ في يوم الأحدِ، سَلْخَ محرم مِن سنة ثلاثٍ وستين وأربع مئة، فأقرَّ به، قال: حدثنا القاضي أبو عمر القاسمُ ابنُ جعفر بنِ عبدِ الواحد بنِ العباس بنِ عبد الواحد بنِ جعفر بنِ سليمان ابن علي بن عبد الله بن عباس بن عبدِ المطلب البصري الهاشميّ، بقراءتي عليه بالبصرة، في جمادى الآخرة من سنة اثنتي عشرة وأربع مئة، قال: حدثنا أبو علي محمدُ بن أحمد بن عمرِو اللؤلؤي، قال: حدَّثنا أبو داود سليمانُ بنُ الأشعث بن إسحاق بن بشيرِ بن شداد بن عمرو بن عامر الأزدي الحافظ السجستاني، في المحرم، سنة خمس وسبعين ومئتين. وقد اشتملت هذه النسخة على سماعات تصل لابنِ داسه، وليس للؤلؤي كما في الورقة 113 و 118 و120 وغيرها. وقد سلفت تراجمُ رجال إسناد النسخة عند ذكرِ أسانيد الحافظ ابن حجر.

النسخة الثالثة

النسخة الثالثة: وهي نسخةٌ مصوّرةٌ عن الأصل الخطِّي الموجود في المكتبة الظاهرية بدمشق، تحت رقم (1010). وقد رمزنا إليها بـ (ج). وقد تولَّى نسخَها كما في الورقةِ الأخيرةِ منها: السيدُ كمالُ الدين ابنِ السيد إبراهيم الدُّسوقي نسَباً، الشافعي مذهباً، البِقاعيُّ بلداً. وقد فَرغَ من نسخها في صبيحةِ يومِ الجمعةِ سادسَ يومٍ من شهر شوال سنةَ ثمان وتسعين وألف. وقد تملَّك هذه النسخةَ العلاَّمةُ المُحَدثُ الفقيه الشيخُ عبد الغني ابن النابلسي المتوفى بدمشق سنة (1143) هـ ودفن في سفحِ قاسيون. ثم آلت بعد ذلك إلى والي الشام محمد باشا بن مصطفى بن فارس ابن إبراهيم المتوفى سنة (1197) هـ (¬1)، فأوقفها على طلبةِ العلمِ، وشرطَ أن لا تُخرَجَ من مكانها إلا لمراجعة. وهذه النسخة تامة، كُتبت بخطٍّ نسخي واضحِ، يقِلُّ وقوعُ الخطأ فيها، وفي أولها فهرس لمحتويات الكتاب، التي بلغت ستة وثلاثين كتاباً. عددُ أوراقها (303) ورقات، في كُلِّ لوحةٍ منها أربعون سطراً فأكثر، وفي كل سَطْرٍ ما يزيدُ على اثنتي عشرة كَلِمةً. وقد تولى الشيخُ عبدُ الغني ابن النابلسي، وهو عالم جليل متمكن في الحديث، مقابلتها مقابلةً دقيقة على نسخٍ كثيرة وأضاف ¬

_ (¬1) مترجم في "سلك الدرر" 4/ 98 - 102.

إليها فوائدَ وتعليقاتٍ في هوامِشها تَشْمَلُ الإشارةَ إلى نسخِ السنن الأخرى، وشرحاً للغريبِ وضبطاً للألفاظِ المشكلةِ بالاعتمادِ على الحافظ المنذري في كتابه "مختصر السنن". وقد أبان الشيخُ عبد الغني عن منهجه في المقابلة كما جاء في الورقة الأخيرة من النسخة، فقال: وقد فَرَغْنا ولله الحمدُ من مقابلة هذه النسخةِ من "سنن أبي داود السجستاني"، وضبطِها منْ أولها إلى آخرها في مجالسَ آخرُها عشيةَ يومِ السبت العاشِر من شوال سنةَ تسع وتسعين وألف، وكانت مقابلتُه على نسخٍ متعددة تبلغ في بعض المواضعِ نحو العشرة أو أكثر، وفي بعضِ المواضعِ أدنى من ذلك بحسبِ ما وجدنا واجتمع عندنا من أجزاء هذا الكتاب. وقد وجدنا النُّسَخ كلها من هذه السننِ مختلفةً اختلافاً كثيراً من حيث تقديمُ بعضِ الكتبِ فيها على بعضٍ وتأخيرُه، وتقديمُ بعض الأبواب وتأخيرُه، وتقديم بعض الأحاديث وتأخيره، واختلافُ بعض متون الأحاديث، واختلاف بعضِ تراجم الكتبِ والأبواب، وقد تحرَّيْنا ما هو الأقربُ مِن ذلك والذي هو في غالبِ النسخ، وكتبنا الباقي على الهوامش، وضبطنا ما أشكل من متونِ الأحاديثِ ومن أسماءِ الرجال على حسبِ الإمكان، وأثبتنا الغالبَ من ذلك في الهوامش بصريحِ النقل عن الكتب المتعلقةِ بذلك، والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. وكتبه الفقيرُ الحقيرُ! عبد الغني بن إسماعيل ابن النابلسي أمده الله تعالى بمدده. آمين.

سند النسخة كما جاء في اللوحة الأولى

سند النسخة كما جاء في اللوحة الأولى: أخبرنا أبو حفص عمر بنُ محمد بن معمر بن يحيى بن أحمد بن حسان بن طَبَرْزَد البغدادي المؤدِّب، قراءةً عليه ونحن نسمع، قيل له: أخبرك أبو البدر إبراهيمُ بنُ محمد بن منصور بن عمر الكَرْخي السُّنِّي، قراءة عليه وأنت تسمع، في يوم الجمعة العشرين من جُمادى الآخرة من سنة خمس وثلاثين وخمس مئة ببغداد، فأقرَّ به. قيل له: أخبركم أبو بكر أحمدُ بنُ علي بن ثابت الخطيب، قراءةً عليه وأنت تسمعُ، في يومِ الأحد سلخَ المحرمِ سنةَ ثلاثٍ وستين وأربعِ مئة، فأقرَّ به، قال: أخبرنا القاضي أبو عمر القاسِمُ بنُ جعفر بن عبد الواحد ابنِ العباس بن عبد الواحد بنِ جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله ابن العباس بن عبد المطلب الهاشمي البصري، بقراءتي عليه في جمادى الآخرة من سنة اثنتي عشرة وأربع مئة، قال: حدثنا أبو علي محمدُ بنُ عمرو اللؤلؤيُّ، حدثنا أبو داود سليمانُ بنُ الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد بن عمرو بن عامر الأزدي السجستاني الحافظ في المحرم سنة خمس وسبعين ومئتين ... وهذا الإسناد نقله الناسخ من نسخة لأحد تلامذة ابن طبرزد، إذ الناسخ متأخر كما يبدو من خلال تاريخ انتهاء النسخ، فبينه وبين ابن طبرْزد طبقات وأجيال. وقد سلفت تراجم رجالات هذا الإسناد عند أسانيد الحافظ ابن حجر.

النسخة الرابعة

النسخة الرابعة: وهي مُصوَّرة عن الأصل الموجود في المكتبة الوطنية في باريس، تحت رقم (707). وقد رمزنا إليها بـ (د). خطها نسخي واضح، عدد أوراقها (263) ورقة، في كل لوحة (19) سطراً تقريباً، في كل سطر إحدى عشرة كلمة أو تزيد. وهي نسخة نفيسةٌ جداً لكنها غير تامة، فإنَّ الموجودَ منها كتاب الطهارة، وكتاب شرح السنة، وكتاب الصلاة، وتفريع أبواب الجمعة، وصلاة المسافر، وصلاة التطوع، وسجود القرآن، والوتر، وقراءة القرآن، والدعاء. وعدَدُ الأحاديثِ في هذا المجلدِ عدا كتاب شرحِ السنة (1555) حديثاً، ويُلاحظ في هذه النسخة أن كتابَ شرح السنة -وعدد أحاديثه (176) حديثاً، ويبدأ في هذه النسخة من الورقة (57)، وينتهي بالورقة (83) - وقد جاء في غير موضعه حسب رواية اللؤلؤي في النسخ التي سلفت، وموضعه هناك قبل كتاب الأدب آخرِ كتبِ "السنن" من المجلد الأخير. وسند هذه النسخة كما جاء في اللوحة الأولى منها: أخبرنا شيخُ الإسلام أبو أحمد عبدُ الوهَّاب بنُ علي بن علي بن عُبيد الله رضي الله عنه، بقراءتي عليه في ذي القعدة مِن سنة خمسٍ وثمانينَ وخمسِ مئة، قال: أخبرنا أبو غالب محمدُ بنُ الحسن بنِ علي الماورديُّ رحمه الله، قال: حدَّثنا أبو علي عليُّ بنُ أحمد بن علي

التُّسْتَري بالبصرة، قال: أخبرنا أبو عمر القاسِمُ بنُ جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، قال: حدثنا أبو علي محمدُ بنُ أحمد بن عمرو اللؤلؤي، قال: حدَّثنا أبو داود سليمانُ بن الأشعث بن إسحاق السِّجستاني. وجاء في اللوحة الأخيرة ما نصه: آخِرُ كتاب الصلاة، يتلوه في المجلدة الثانية إن شاء الله عز وجل كتاب الزكاة. قوبِلَ هذا المجلدُ بأصلِه المنقولِ منه، وهو بخطِّ محمد بن طاهر ابن علي المقدسي الحافظ، وفيه سماعُ شيخنا إبراهيمَ بن حَمَدِيَّة، عن أبي غالبِ الماوردي، وبالأصل الذي بخطِّ الماوردي، وهو مِلكُ الشيخِ الإمامِ العالمِ الورعِ ضياء الدين شيخِ الإسلامِ عبدِ الوهَّابِ بن علي بن علي بن عُبيد الله، وما عليه (ع) من الإصلاح، فهو ما وافق النسخة الثانية، وكذا ما عليه (ص) وما عليه (ط) فهو مِن نسخة أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، ووافقت هذه النسخة للنسختين جميعاً, ولله الحمد والمنة. وفي نهاية هذا الجزء أيضاً ما نصه: سَمعَ جميعَ هذا المجلد على الشيخ الإمامِ العالمِ الزاهدِ الناسكِ الصدرِ الكبير الأوحدِ ضياءِ الدين شيخ الإسلام أبي أحمد عبد الوهاب بن أبي منصور علي بن علي بن عُبيد الله الأمين أدام ظله، السادةُ الأجِلاَّءُ: السيدُ العالم الأجلُّ مجدُ الدين أبو السعادات المباركُ بنُ محمد بن عبد الكريم الجزري، وأخوه الشيخُ الإمامُ العالم عِزُّ الدين أبو الحسن عليُّ بنُ محمد بن عبدِ الكريم، بقراءتهما متساعِدَيْن، كل واحد منهما يَسمَعُ بقراءة الآخر، وسمع معهما ابنُ أختهما صفيُّ الدين أبو الحسن عليُّ بن

سعيد بن علي بن وهبان الجزري، وسمع بعضه متفرقاً الشيخُ العالم جمالُ الدين محمد بنُ محمد بنِ علي بن سرايا البلدي، وأجاز له الشيخُ برواية الباقي، وذلك في مجالس، آخِرُها مُسْتَهَلَّ ذي القعدة سنةَ خمسٍ وثمانين وخمسِ مئة، بمدينة السلام، حماها الله تعالى، وقد وقع ذلك للشيخ المسموع عليه سماعاً مناولةً على أبى غالب محمدِ بنِ الحسن بن علي الماوردي البصري، ومنه رحمه الله، وذلك مبيَّن في أثناء الكتاب، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين. وقد نقل ذلك بمعناه من نسخة الأصل المسموع عنه الفقيرُ إلى ربه علي بن ... بن محمود ... من شعبان سنة ست وثمانين وخمس مئة. صحيح ذلك وكتب عبد الوهَّاب بن علي بن علي في التاريخ. وعلى حاشية اللوحة الأخيرة منها سماع نصه: سمع عليَّ جميعَ هذه المجلدة بحقِّ سماعي في الأصل المنقولِ من هذه النسخة بقراءة أبي عمرو عثمان بن أبي بكر بن جَلْدك القلانسي الموصلي: الشيخُ الأجلُّ العالمُ جمالُ الدين أبو القاسم عبدُ القاهر بنُ إبراهيم بنِ محمد بن مِهران الجزري، نفعه الله تعالى بالعلم مع جماعةٍ مثبتين في الأصل، وذلك في مجالس، آخرها يوم الخميس تاسع عشر شعبان من سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وكتب إبراهيم بن محمد بن أحمد بن حَمَديَّة البيِّع العُكْبَرِيّ. وسمعتُ جميعَ الكتاب من أبي غالب محمد بن الحسن بن الماوردي، ومن

وهناك تراجم الرجال الذين وردت أسماؤهم في سند النسخة، ثم في السماعين اللذين في اللوحة الأخيرة منها

أول كتاب الطهارة إلى آخره، ومن أول كتابِ الصلاة إلى باب تفريع الصلاة عن الشريف أبي السعادات أحمد بن أحمد المتوكلي بروايته عن الخطيب. وهناك تراجم الرجال الذين وردت أسماؤهم في سند النسخة، ثم في السماعين اللذين في اللوحة الأخيرة منها: أ- أبو أحمد عبدُ الوهاب بنُ علي بن علي بن عُبيد الله: وهو ابن سُكينة ضياء الدين البغدادي، الصوفي، الشافعى، وُلِدَ سنةَ تسع عشرة وخمس مئة، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الشيخُ الإمامُ، العالمُ الفقيهُ، المُحدّثُ الثقة، المُعمَّر، القدوةُ الكبير، شيخُ الإسلام، مفخرُ العراق. عُني بالحديث عنايةً قويةً، وبالقراءات، فبرع فيها، وأخذ المذهبَ والخلافَ عن أبي منصور بن الرَّزَّاز، والعربيةَ عن أبي محمد بن الخشَّاب، ولازمَ ابن ناصر، وأخذ عنه علمَ الأثر، ووصفه تلميذُه ابنُ النجار بقوله: شيخُ العراق في الحديث والزهد وحُسْنِ السَّمْت، وموافقةِ السنة والسلف، عُمِّر حتى حدَّث بجميع مروياته، وقصده الطلابُ من البلاد، وكانت أوقاتُه محفوظةً، لا تمضي له ساعة إلا في تلاوةٍ أو ذكرٍ أو تهجدٍ أو تسميعٍ، توفي سنة سبع وست مئة (¬1). ب- أبو غالب محمدُ بنُ الحسن بنِ علي بن الحسن التميميُّ البصرىُّ الماوردي، وُلِدَ سنةَ خمسين وأربع مئه، وصفه الحافظُ الذهبي بقوله: الشيخُ الإمامُ، المحدثُ الصَّدوقُ، وكَان شيخاً صالحاً، ينسخ ¬

_ (¬1) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 21/ 502 - 505.

ترجمة الرجال الواردة أسماؤهم في السماعين المثبتين في اللوحة الأخيرة

للناس بالأجرة، وقال ابن النجار: كان ثقةً صالحاً عفيفاً، حدَّث بالكثير. توفي سنة خمس وعشرين وخمسِ مئة (¬1). جـ- أبو علي عليُّ بن أحمد بن علي التُّستَري (وهي بلدة من كور الأهواز من بلاد خوزستان يقول لها الناس: شوشتر) وهو ابن إبراهيم ابن بحر، السَّقَطي (نسبة إلى بيع السَّقَط، وهي الأشياء الخسيسة، كالخرز والملاعق وخواتيم الشبَه والحديد وغيرها)، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الشيخُ الجليلُ، وكان صحيحَ السّماعِ، وقال ابن الجوزي: كان حَسَنَ المعتقد، وقال المؤتمن السّاجي: كانت إليه الرِّحْلةُ في سماعِ "سننِ أبي داود" في وقته، وكان ثبتاً فيه (¬2). د- أبو عمر القاسمُ بنُ جعفر بنِ عبد الواحد الهاشميُّ، سلفت ترجمته في أسانيد الحافظ ابن حجر. هـ- أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي، سلفت ترجمته أيضاً في تلامذة أبي داود. ترجمة الرجال الواردة أسماؤهم في السماعين المثبتين في اللوحة الأخيرة: أولاً: السماع الأول: أ- أبو أحمد عبد الوهاب بن أبي منصور علي بن علي بن عُبيد الله، سلفت ترجمته قريباً. ¬

_ (¬1) المرجع السابق 19/ 589. (¬2) ابن الجوزي في "المنتظم" 9/ 33، وابن نقطة البغدادي في "التقييد" ترجمة (535)، والذهبي في "السير" 18/ 481 - 482.

ب- مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد بن عبد الكريم: وهو المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري، الشيباني، ولد سنة أربع وأربعين وخمس مئة، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: القاضي الرئيس العلامة البارع الأوحد البليغ، وقال الإمام أبو شامة: قرأ الحديث والعلم والأدب، وكان رئيساً مشاوراً، وكان ورعاً عاقلاً، بهياً، ذا برٍّ وإحسان، صنف"جامعَ الأصول" و"النهاية" وشرحاً لـ" مسند الشافعي"، وأخوه عز الدين علي صاحب "التاريخ"، وأخوهما الصاحبُ ضياءُ الدين مصنف كتاب "المثل السائر" في الأدب توفي بالمَوصل سنة ستٍّ وست مئة (¬1). قال الحافظ الذهبي: والجزيرةُ المذكورة مدينة بناها ابنُ عمر، وهو عبدُ العزيز بنُ عمر البَرقَعيديُّ، قاله ابن خلّكان، وقال أيضاً: رأيتُ في "تاريخ ابن المستوفي" في ترجمة أبي السعادات المبارك ابن الأثير -يعني مجد الدين- أنه من جزيرة أوس وكامل ابني عمر ابن أوس التغلبي، وقيل: بل هي منسوبة إلى أمير العراق يوسف بن عمر الثقفي، فالله أعلم (¬2). جـ- عزُّ الدين أبو الحسن عليُّ بنُ محمد بن عبد الكريم: وهو عليُّ بنُ محمد بن عبد الكريم بن عبدِ الواحد الجزري الشيباني أخو المبارك، مصنفُ كتاب "التاريخ الكبير" الملقب بـ" الكامل"، ومصنف كتاب" معرفة الصحابة" وُلِدَ سنةَ خمسٍ وخمسين وخمسِ مئة، وصفه ¬

_ (¬1) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 21/ 488 - 491. (¬2) المرجع السابق 22/ 355.

ثانيا: السماع الثاني

الحافظُ الذهبي بقوله: الشيخُ الإمامُ العلامةُ المحدِّث الأديبُ النسابة، كان منزله مأوى طلبةِ العلم، ولقد أقبلَ في آخر عمره على الحديثِ إقبالاً تامّاً، توفي سنة ثلاثين وست مئة (¬1). د- صفيُّ الدين أبو الحسن علي بن سعيد بن علي بن وهبان الجزري، لم نقف له على ترجمة. هـ- جمال الدين محمد بن محمد بن علي بن سرايا البَلَدي، وهو ابن علي بن نصر بن أحمد بن علي المَوْصِلي المعدَّل، ولد سنة تسع وعشرين وخمس مئة، قال ابن نقطة: سمع "صحيح البخاري" و"مسند الشافعي"، وسماعه صحيح، توفي بالمَوصِل سنة إحدى عشرة وست مئة (¬2). و- أبو غالب محمدُ بنُ الحسن بنِ علي الماورديُّ، سلفت ترجمتُه في تراجم رجال سند النسخة. ز- وكاتبُ هذا السماع علي بن ... بن محمود ... لم نتبينه. ثانياً: السماع الثاني: أ- أبو عمرو عثمانُ بنُ أبي بكر بن جَلْدك القلانسي المَوْصِليُّ الشافعيُّ، وصفه الحافظ المنذري بقوله: الشيخُ الفاضلُ، وكان فيه أدبٌ، وله شعرٌ حسن، تفقه ببغدادَ على الإمامِ أبي القاسم يحيى بن علي المعروفِ بابنِ فضلان، تُوفي سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة (¬3). ¬

_ (¬1) المرجع السابق 22/ 353 - 356. (¬2) ابن نقطة البغدادي في "التقييد" ترجمة (122)، والمنذري فى "التكملة" ترجمة (1344). (¬3) المنذري في "التكملة" ترجمة (370).

ب- جمالُ الدين أبو القاسم عبدُ القاهر بنُ إبراهيمَ بن محمد بن مِهران الجزريُّ الشافعيُّ، وصفه الحافظُ المنذري بقوله: الفقيهُ، تفقه ببغدادَ على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه، وحصَّل طرفاً حسناً مِنَ المذهبِ والأصولِ والخلاف، وسمع بها كثيراً، وصَحِبَ الحافظ أبا بكر محمد بن موسى الحازمي وقرأ عليه كُتُبَه، وكتبَ عنه، وحدَّثَ ببلده، واخترمته المنيةُ شاباً، توفي سنة تسع وست مئة (¬1). جـ- إبراهيمُ بنُ محمد بن أحمد بن حَمَديَّة البيِّع العُكْبَرِيُّ: وهو أبو طاهر البغدادي، وُلِدَ سنةَ عشر وخمس مئة، وصفه الحافظُ المنذري بقوله: الشيخُ الأجلُّ، وقال ابنُ نقطة: سماعُه صحيح. توفي سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة (¬2). د- أبو السعادات أحمدُ بنُ أحمد المتوكلي: وهو ابنُ عبد الواحد بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد أبي عيسى بن المتوكل بن المعتصم ابن الرشيد بن المهدي بن المنصور، قال الإمام ابنُ الجوزي: كان سماعُه صحيحاً وسمعتُ منه الحديثَ وكتب لي إجازةً بخطه فذكر فيها نسبه الذي ذكرتُه، وُلِدَ سنةَ إحدى وأربعين وأربع مئة، ووصفه الحافظُ الذهبي بقوله: شيخ صالح خيِّر، ختم التراويحَ ليلة سبع وعشرين، ورجع إلى منزله، فسقط من السطح فمات سنة إحدى وعشرين وخمس مئة (¬3). ¬

_ (¬1) المرجع السابق ترجمة (1258). (¬2) المنذري في "التكملة" ترجمة (316)، وابن نقطة البغدادي في (التقييد) ترجمة (222)، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" (21/ 273 - 274). (¬3) ابن الجوزي في "مشيخته" الشيخ السادس، وفي "المنتظم" 10/ 7، والذهبي في "العبر" 2/ 415.

النسخة الخامسة

النسخة الخامسة: وهي مصورةٌ عن الأصلِ الخطيِّ الموجودِ في جامعة برنستون في أمريكا، مجموعة يهودا، تحت رقم (596). وقد رمزنا إليها بـ (هـ). وقد تولَّى نسخَها كما جاء في آخر لوحةٍ منها: سليمانُ بن داود بن يوسف بن علي بن محمد الأسلمي ثم الألشي، المعروفِ بابنِ فرتبيب، وفَرَغَ من نسخها يومَ الجمعةِ ما بينَ الظهر والعصر وهو اليومُ الخامس وعشرون مِن رمضانَ المعظَّم، سنةَ تسعٍ وثمانينَ وخمسِ مئة. وقد تملَّكَهَا أحمدُ بنُ محمد بن عبد الملك الجُذَامي كما جاء في لوحة العنوان،. ثم آلت إلى الشيخ أبي عبد الله محمد العكنون كما أشير إليه في آخر لوحة من النسخة. وهذه النسخةُ تامهٌ، وخطُّها مغربيُّ معتاد، عددُ أوراقِها (222) ورقةً، في كُلِّ لوحة (41) سطراً تقريباً، في كل سطر (22) كلمة. وبهامشها تعليقاتٌ وفوائد نفيسة كثيرةٌ، وإشارات إلي روايات "سنن أبي داود" خاصة رواية ابن الأعرابي ورواية أبي عيسى الرملي، وقد أشرنا إلى هذه الروايات في كثير من الأحيان، وقد أبان الناسخ أن أكثر هذه التعليقات مستفادة من نسخة الحافظ أبي علي الغَسَّاني كما سيذكره قريباً. وقد جاء في لوحة العنوان ما نصُّه: سِفْر فيه جميعُ السننِ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. تصنيفُ أبي داود سليمانَ بنِ الأشعث السِّجستاني رضي الله عنه، رواية أبي بكرٍ محمد

وجاء في اللوحة التي قبل لوحة العنوان ما نصه

ابن بكر بن عبد الرزاق التمّار، المعروف بابنِ داسه، رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين. وقد اشتملت لوحة العنوان على عدة سماعات، أحدها بخط الإمام الحافظ عبد الله بن سليمان بن حَوط الله. فهذه النسخةُ برواية ابنِ داسه عن أبي داود، وعلى هذه الرواية شَرَحَ أبو سليمان الخطابيُّ المتوفى سنة (375 هـ)، فهو يرويها عن ابن داسه مباشرة. إلا أننا وجدنا أنها كانت تختلف في بعض الأحيان عن رواية الخطابي، ولعل ذلك راجع إلى اختلاف الروايات عن ابن داسه، والله أعلم. وجاء في اللوحة التي قبل لوحةِ العنوان ما نَصُّه: قرأتُ هذا الكتابَ، وهو المصنفُ في السنن لأبي داود، على الإمام الأستاذ الجليلِ أبي الحسنِ علىّ بن عبد الرحمن التنوخي، وهو يُمسِكُ كتابَه عليّ بنفسه قراءةً وتقييداً، وقابل كتابه بكتابِ صاحبه الفقيه أبي بكْرٍ محمد بن أحمد بنِ محمد بن طاهر القيسيّ، وكان قد عارضه بنسختَيْن عتيقتين كانتا للحكم المُستنصر بالله أمير المؤمنين رضيَ الله عنه، بعثَ بهما إليه أبو بكر بنُ داسة رحمه الله فيهما خطُّ يده، ثم تولَّى مقابلته أبو علي الحسينُ بن محمد بن أحمد الغَسَّاني رَحِمَهُ اللهُ بكتابِ أحمد بنِ سعيد بنِ حزم روايتَه عن أبي سعيد بن الأعرابي، مِن أوَّل الديوانِ إلى آخره، وكتب أكثر تعليقات الكتاب المذكور بخط يده، وعلَّم عليها في هذا الكتاب (ع) معجرة، وما كتب

فيه (عن ع) فهو مما كان فيهِ معلَّماً عليه، وليس من خط يده، وما كتب عليه (ع) ممدودة فهو كناية عن أبي عيسى الرملي، وما كتب عليه (ب) مطلقة فهو كناية عن ابن الأعرابي، وما كتب عليه (ذ) فهو كناية عن أبي ذر من رواية اللؤلؤي. وكان هذا الكتاب المذكور قد رتّب أبوابه أبو علي على ما رسمْتُ عليه في أوّل هذا الكتاب، وكتب عليها في مواضعها، وانتهت المقابلةُ لِعدة أيامٍ، أعني التي انتسخت منها لِعَشْرِ خَلَوْنَ مِنْ رجب الفَرْد، سنةَ سِتٍّ وسبعين وخمس مئة والحمد لله وحده لا شريكَ له والصلاةُ على محمدٍ نبيه وعبده، وخيرتِه من خلقه، ونسأل الله أن يُنوِّر قلوبَنَا بفهمه، والعمل بما فيه، ويشرحَ صدورنا لِتدبره والوقوفِ عليه، إنه وليُّ ذلك والقادِرُ عليه، وربُّ الخيرِ، والهادي إليه، لا ربَّ غيره. وفي هذه اللوحة أيضاً فهرسٌ بأسماء الكتب دونَ ذكر الصفحات، بترتيبِ ابنِ داسه. ثم ذُكر فيها ترتيب الكتب على ما ثبت في نسخة الحافظ أبي عليّ الغساني. وجاء في اللوحة الأخيرة ما نصُّهُ: الحمد لله، بلغت مقابلتُه بقدر الطاقة مع مالكه، الشيخ الإمام العلم الهُمام سيدي أبي عبد الله محمد العكنون، فسح الله في مُدته، وجعل البركة في عقِبه وذريته، بجاه أشرف الخلق من بَريَّته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه جميعاً، كتبه راجي عفو ربّه المجيد العباسي أحمد بن سعيد، غفر الله زَلَّتَه، أوسط شعبان من عام 1241 هـ.

وهاك تراجم الرجال الذين وردت أسماؤهم في هذه النسخة

وهاك تراجم الرجالِ الذين ورَدَت أسماؤُهم في هذه النسخة: أولاً: الناسخُ، وهو سليمانُ بن داود بن يوسف بن علي الأسلمي الألشي ولم نقف له على ترجمة. لكن الذي ظهر لنا من خلال نسخته هذه هو أنه كان من أهل المعرفة بالحديث، ضابطاً نادر الخطأ، وشيخه الذي قرأ عليه كتاب "السنن" وهو أبو الحسن علي بن عبد الرحمن التنوخي كان مقدَّم النحاة بإشبيلية كما وصفه القاضي عياض، فلا شك أنه استفاد منه في هذا الشأن. وجاء في لوحة العنوان وصف سليمان هذا بالفقيه، فالظاهر أنه كان من الجامعين بين الفقه والحديث، ظهر لنا ذلك واضحاً من خلال ما كان يُورده أحياناً من نقول في فقه الحديث عن السلف من خارج "السنن". ثانياً: ترجمةُ مالك النسخة: أحمد بن محمد بن عبد الملك الجُذامي، وهو أبو العباس القرطبيُّ، نزيل سَبْتَةَ، قال الحافظ الذهبي: كان مُحدِّثاً أديباً، بارعاً في الطب، بصيراً به، أقام بمراكش وماتَ بها، توفي سنة خمسين وست مئة (¬1). ثالثاً: تراجمُ رجالِ السَّماعِ الواردةِ أسماؤهم في اللوحة التي قبل لوحة العنوان: أ- أبو الحسن علي بن عبد الرحمن التنوخي: وهو ابن محمد، المعروف بابن الأخضر الإشبيلي، قال القاضي عياض: وهو مُقدَّم النحاة بها، أخذ عنه الناسُ قديماً وحديثاً وسمِعُوا منه كتبَ الآداب ¬

_ (¬1) الذهبي في "تاريخ الإسلام" وفيات سنة (650) هـ.

وضبطوها عليه، وكان أكثرُ أخذه عن أبي الحجاج الأعلم، وسمع مِن الحافظ أبي عليّ الغساني، لقيته بإشبيلية سنةَ ثمان وتسعين وأربع مئة، وكان متصاوناً فاضلاً ديناً، تُوفي بإشبيلية سنة أربع عشرة وخمس مئة (¬1). ب- أبو بكر محمدُ بنُ أحمد بن محمد بن طاهر القيسي، قال ابن بَشْكُوال: مِن أهْلِ إشبيليةَ، أخذ عن أبي علي الغساني كثيراً واختصَّ به، وكان مشهوراً بالحديث ومعرفته، معتنياً به، أخَذَ الناس عنه، وقال ابن الأبّار: هو المحدث الضابط من أهل باجة، وسكن إشبيلية، اختص بأبي علي الغساني وسمع منه عامة ما عنده ولازمه إلى حين وفاته، فكان يُعرف بتلميذ الغساني. وُلِدَ سنة تسع وأربعين وأربع مئة، وتوفي ليلة سبعِ وعشرين من جمادى الأولى، سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة (¬2). جـ- الحكمُ المستنصرُ بالله أميرُ المؤمنين: هو الحكمُ بنُ عبدِ الرحمن بنِ محمد أبو العاص المستنصرُ بالله بن الناصر الأموي المرواني، أمير المؤمنين بالأندلس، قال الحافظ الذهبي: كان حسن السيرة، جامعاً للعلم، مُكرماً للأفاضل، كبيرَ القدر، ذا نَهْمَةِ مفرطةٍ في العلم والفضائل، عاكفاً على المطالعة، جَمَعَ مِنَ الكتبِ ما لم يجمعه أحدٌ من الملوك، لا قبلَه ولا بعدَه، وتطلّبها وبَذَلَ في أثمانها الأموالَ، مَعَ صفاء السريرة والعقلِ والكرمِ وتقريبِ العلماء، ولقد ¬

_ (¬1) القاضي عياض في "الغنية" وهو معجم شيوخه الترجمة (79). (¬2) ابن بشكوال في "الصلة" ترجمة (1296)، وابن الأبار في "المعجم في أصحاب أبي علي الصَّدفي" ترجمة (133).

ضَاقَتْ خزائنُه بالكتب التي صارت إليه، وآثَرَها على لذاتِ الملوك، فَغَزُرَ علمُه، ودقَّ نظرُه، وكان له يدٌ بيضاء في معرفة الرجال والأنساب والأخبار، وقال أيضاً: وكان موثقاً فيما ينقُله، وُلِدَ سنةَ اثنتين وثلاثِ مئة، تُوفي سنة ستٍّ وستين وثلاث مئة (¬1). د- أبو علي الحُسينُ بنُ محمد بن أحمد الغَسَّانيُّ، وهو الأندلسيُّ الجَيَّاني (وهو ليسَ مِن جيان لكن نزلها أبوه في الفتنة البربرية حوالي 400 هـ، وأصلهم مِن الزهراء، قاله ابن بَشْكُوَال) وصفه الحافظُ الذهبيُّ بقوله: الإمامُ الحافظُ المجوِّدُ، الحجةُ الناقِدُ، مُحدِّثُ الأندلس، وُلدَ سنةَ سبعٍ وعشرين. وأربع مئة، ولم يرحلْ مِن الأندلس، وكان مِن جهابذةِ الحُفاظِ، قويَّ العربية، بارعَ اللغة، مقدماً في الآدابِ والشعرِ والنسبِ. وقال ابن بَشْكُوَال: أخبرنا عنه غيرُ واحدٍ، ووصفوه بالجلالة والحفظ، والنباهةِ والتواضعِ، والصِّيانة. تُوفي سنَة ثمانٍ وتسعين وأربع مئة (¬2). هـ- أحمدُ بنُ سعيد بن حزم: وهو أبو عُمَرَ الصدفيُّ الأندلسي، وصفه الحافظُ الذهبيُّ بقوله: الشيخُ العالمُ الحافظ الكبيرُ المؤرخ، مؤلف "التاريخ الكبير" في أسماء الرجال في عدة مجلدات، كان أحد أئمةِ الحديث، له عِنايةٌ تامة بالآثار، تُوفي سنَة خمسين وثلاثِ مئة بقرطبة (¬3). ¬

_ (¬1) الذهبي في "السير" 8/ 269 - 271. (¬2) المرجع السابق 19/ 148 - 151. (¬3) المرجع السابق 16/ 104 - 105.

النسخة السادسة

رابعاً: ترجمة عبد الله بن سليمان بن حوط الله، الوارد اسمه في إحدى السماعات الواردة في لوحة العنوان: هو أبو محمد عبد الله ابن سليمان بن داود بن حوط الله الأنصاري، الحارثي، الأندلسي، الأنْدي. وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الحافظ الإمام مُحدِّث الأندلس. جمع السّبعَ القراءات، ولد سنة تسع وأربعين وخمس مئة. وكان منشئاً خطيباً بليغاً شاعراً نحوياً، تصدر للقراءات والعربية. توفي سنة اثنتي عشرة وست مئة (¬1). خامساً: ترجمةُ كاتب السماع المثبت في اللوحة الأخيرة، وهو أحمدُ بنُ سعيد العباسي، قال الشيخُ عبدُ الحي بن عبد الكبير الكتاني: هُوَ عالم قُسَنْطِينَة ومحدِّثها، قرأ بتونس، وله رواية عن حسن الشريف وغيره، توفي سنة إحدى وخمسين ومئتين وألف، وله ثبت في أسانيده الصِّحاح الستة، جمعه له تلميذُه الشيخُ عبد الحميد الصائغ الحركاتي. وأما شيخُه وهو أبو عبد الله محمد العكنون الذي قرئت عليه هذه النسخة، فلم تبين ترجمتَه (¬2). النسخة السادسة: وهي مصورةٌ عن الأصل الخطِّيِّ الموجود في المكتبة المحمودية العامةِ بالمدينةِ المُنورة، تحت رقم (39) حديث. وقد رمزنا إليها بـ (و) ¬

_ (¬1) الذهبي في "السير" 22/ 41 - 42. (¬2) عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني في "فهرس الفهارس" ترجمة (471) 2/ 832.

وهي أقدمُ نسخةٍ بين أيدينا مِن نسخ أبي داود، يعود أقدمُ سماعٍ فيها إلى سنة (389 هـ)، وهذا يعني أنها انتسخت قبلَ هذا التاريخ. ويعلم من سند النسخة كما جاء في اللوحة الأولى منها أن بينَ ناسخها وبينَ أبي داود رجلين وحسب، وهما: الفقيهُ أبو علي الحَسنُ بنُ داود السمرقنديُّ، وأبو بكر محمد بنُ بكر ابنِ داسه. وهذا السماع المؤرَّخ بسنة (389 هـ) كان على أبي علي الحَسن ابن داود السمرقندي كما جاء مصرحاً باسمه في أول الجزأين السادس والعاشر من كتاب الصلاة. وفيها سماعٌ بخطّ الناسخِ أيضاً على أبي الحسن محمدِ بن علي ابن سهلِ الماسَرْجِسِي، وعلى أبي علي الحسينِ بنِ محمد الطُّوسي الرُّوذْباري، كلاهما عن أبي بكرٍ محمد بنِ بكر بن داسه، عن أبي داود، كما جاء في آخر الجزء الحادي عشر من كتاب الصلاة، وآخر الجزء الأول من كتاب الزكاة. فتم للناسخ فيه ثلاثةُ شيوخ عن أبي بكرِ ابنِ داسه، وهم: أبو الحسن الماسرجسيُّ وأبو علي الروذباريُّ وأبو علي السَّمرقنديُّ. وقد أُلحق في إسناد النسخة بخطٍّ مغايرٍ رجلٌ آخر، وهو الحاكمُ أحمدُ بنُ عبد الرحيم الإسماعيلي. وهذه النسخة قد كُتبت بخطٍّ قديم. وهي نسخة نفيسةٌ لكنها غير تامة، والموجود منها يَبْدأ مِن حديثِ ابن مسعودٍ برقم (815)، وتنتهي بالحديث (2426) مِن كتاب

وإليك تراجم شيوخ الناسخ الذين ذكرناهم قبل في هذه النسخة

الصيام، باب في صوم الدهر تطوعاً. وتشتمِلُ على قسمٍ من كتاب الصلاة، وكتابِ الزكاة، وقسم من كتابِ الصيام يقارب نصفه. وهي في أحدَ عشر جزءاً: ثمانية أجزاء مِن كتاب الصلاة، تبدأ بالجزء الرابع، وتنتهي بالجزء الحادي عشر، وجزءان يُمثلان كتاب الزكاة، والجزء الأول من كتاب الصيام. وفي نهاية كل جزء وبدايته سماعاتٌ، بعضها مؤرخ سنة (389 هـ)، وبعضها سنة (468هـ)، وبعضها سنة (502هـ)، وبعضها سنة (555 هـ). ولو كمل هذا الأصلُ، لكان هو المعتمَد في تحقيقِ "السنن"، لِنفاسته وقِدمه. وإليك تراجمَ شيوخ الناسخ الذين ذكرناهم قبلُ في هذه النسخة: أ- أبو علي الحَسن بن داود السمرقندي: وهو الحسنُ بنُ داود ابن رضوان المحدِّث الفقيه، قال الإمام عبدُ القادر القرشي: دَرَسَ بنيسابُور الفِقه على أبي سهلِ الزجاجي، وقال الحاكم في "تاريخ نيسابور": كان أحدَ الفقهاء الكوفيين المُقدَّمين في النظر والجدل، وخرج إلى العراق، وأقام بها يسمعُ ويتفقه، ثم انصرفَ إلى نيسابور، ودرَّس الفقه، وبنى المدرسة، وأقام معي مدة، تُوفي سنةَ خمسٍ وتسعين وثلاث مئة (¬1). ¬

_ (¬1) عبد القادر القرشي في "الجواهر المضية في تراجم الحنفية" ترجمة (446)، وأبو إسحاق الصريفيني في "المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور" ترجمة (486).

ب- أبو الحسن محمدُ بنُ علي بنِ سهْل الماسَرجِسي: وهو ابنُ مُصلِح النيسابوريّ الشافعي، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: العلامةُ شيخُ الشافعية، تفقه بأبي إسحاقَ المروزي، وصحبه إلى مصر، وصار مُعيد أبي علي بن أبي هريرة، ولَحِقَ بمصر أصحابَ الربيع والمزني، وبه تفقَّه القاضي أبو الطيب الطبريُّ وجماعةٌ، وهو مِنْ أصحابِ الوجوه، وقال الحاكم: كان أعرفَ الأصحابِ بالمذهب وترتيبه، وعقد مجلسَ النظرِ ومجلسَ الإملاء، توفي سنة أربعِ وثمانين وثلاث مئة (¬1). جـ- أبو علي الحُسَيْنُ بن محمد الطوسي الرُّوذْباريُّ، وهو ابنُ محمد بن علي بن حاتم، وصفه الحافظ الذهبي بقوله: الإمامُ المُسنِدُ، وقال الحاكم: وردَ أبو علي نيسابور بمسألة جماعةٍ من الأشراف والعلماء لِيسمع منه كتاب "السنن" لأبي داود السجستاني، وعقد له مجلس الإملاء في الجامع، فمرض ورُدَّ إلى وطنه بالطابران، فتوفي في شهر ربيعِ الأول مِن سنةِ ثلاث وأربع مئة (¬2). وعنه أخذ البيهقي رواية ابن داسه. د- الحاكم أحمد بنُ عبدِ الرحيم الإسماعيلي: وهو ابنُ أحمد ابن محمد بن عبد الله، أبو الحسن النيسابوري السرَّاج المزكِّي، ¬

_ (¬1) الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 16/ 446 - 447. (¬2) السمعاني في الأنساب (الروذباري)، وابن نقطة في "التقييد" ترجمة (277) و (301) حديث سماه مرة بالحسن ومرة بالحسين، وذكر أن البيهقي سماه حسيناً والحاكم سماه حسناً، وانظر "سير أعلام النبلاء" 17/ 219 - 220.

وصفه الحافظُ الذهبيُّ بقوله: الإمامُ الواعظُ المعدِّل، قال عبد الغافر الفارسي في كتاب "السياق لتاريخ نيسابور": شيخٌ، مشهورٌ، ثقةٌ، بيتُه بيتُ التزكية والعدالةِ، وهو من أعيان مجلس القضاء، وهو مِن المقبولين المعتمدين عند الطوائف، وهو حسنُ الاعتقاد سُنّيّ الطريقة، توفي سنةَ تسعٍ وستين وأربعِ مئة، وصلى عليه القاضي الإمامُ منصور ابن صاعد (¬1). ... ¬

_ (¬1) أبو إسحاق الصريفيني في "المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور" ترجمة (234)، والذهي في "سير أعلام النبلاء" 18/ 250.

عملنا في الكتاب

عملنا في الكتاب لقد حرَصنا في تحقيقِ هذا الكتابِ على اتِّبَاعَ أصح قواعِدِ التَّحقيق، واجتهدنا كلَّ الاجتهادِ بقدرِ وسعِنا في إخراجِ نصِّه صحيحاً كامِلاً على ما في الأصول المتقنةِ، التي أتيْنا على وصفها فيما سلف، وهي نسخ في غاية الضبط والدقة يُوثق بها، ويُعتمد عليها، ويُطمأنُّ إليها: 1 - فقد قمنا بمقابلةِ المطبوعِ بالأصولِ الخطيةِ، واتخذنا نسخةَ الحافِظِ ابنِ حجر أصلاً، وأثبتنا الفروقَ المُهِمَّةَ، وقد ظَهَر لنا في أثناءَ المقابلةِ اختلافاً في ترتيبِ الأبوابِ والأحاديثِ بَيْنَ روايتي أبي علي اللؤلؤي وأبي بكر ابن داسة، فالنسخ منها ما هو برواية اللؤلؤي ومنها ما هو برواية ابن داسه، واعتمدنا في الأعم الأغلب ترتيب اللؤلؤي، لأمورٍ ذكرناها في ترجمته عند حديثنا عن تلامذةِ أبي داود. وربما كان في رواية ابن داسه أحاديثُ ليست في رواية اللؤلؤي، فكنا نذكرها مشيرين إلى أنها ليست في رواية اللؤلؤي. 2 - وضبطنا ما يُشْكِلُ مِن أسماء الرواة وكناهم وألقابِهم ضبطَ قلمٍ، وضبطنا متونَ الأحاديثِ ضبطاً قريباً مِنَ التمام كذلك. 3 - ثُم قُمنا بتخريجِ الأحاديثِ من المصادر الأخرى مقتصرينَ على الكتب الخمسة الأصول, وإذا كان الحديثُ في "مسندِ الإمام أحمد" أو في "صحيح ابنِ حبان" ذكرناه أيضاً لمن يُريد أن يتوسع في تخريجه، وننقل هُنا خلاصة الحكم الذي انتهينا إليه فيهما اكتفاءً بما

سبق لئلا يتكرر الجهدُ، إلا إن بدا لنا أن الحكم الذي كنا قد ذكرناه هناك لم يكن سديداً، لوقوفنا على شيء في الحديث لم نكن قد اطلعنا عليه وقتئذٍ، وذلك قليل بحمد الله تعالى وتوفيقه، وأما الأحاديث التي وردت في الكتاب، وليست في "مسند أحمد" ولا في "صحيح ابن حبان" فإنا كنا نقوم بدراسةِ أسانيدِها، ونستوفي تخريجها، ونحكمُ على كلِّ حديث بما يليقُ بحاله مِن صحةٍ أو حسنٍ أو ضعفٍ. 4 - ولما كانَ الإمامُ أبو داودَ كسائرِ أصحاب السُّنَن لم يشترط في كتابه إيرادَ الأحاديث الصحيحة فقط، بل أدرَجَ فيه الصحيحَ والضعيفَ، فكان لا بد من تمييز صحيحها من سقيمها، وتبييِن ما يُحتج به مما لا يُحتجُّ بهِ منها، كما دعا إلى ذلك غير واحد من الأئمة، نصحاً لله ولِرسوله ولِعامة المسلمين، فقد قُمنا بدراسةِ إسنادِ كُل حديث مِن أحاديثِ "السنن"، وحَكَمْنا عليه بما يليقُ بحاله من صحةٍ أو حُسنٍ أو ضعفٍ، مسترشدين بما أصَّله جهابذةُ الحديث ونُقّاده مِن أصولٍ وقواعدَ لتوثيق الروايات، وفحصِ الأسانيد، وتنقيدِ المتون، فقد ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله في "نكته على ابن الصلاح" (¬1): أن في السنن شيئاً كثيراً لا يَصْلُحُ للاحتجاجِ به من حديث المتروكين ... ثم قال: وإذا تقرَّرَ هذا، فسبيلُ مَنْ أراد أن يحتجَّ بحديثِ من السنن، أو بأحاديثَ من المسانيد واحد، إذ جميعُ ذلك لم يَشتَرطْ مَن جَمَعَه الصحةَ ولا الحسنَ خاصة، فهذا المحتج إن كان متأهلاً لمعرفةِ الصحيح مِن غيره، فليس له أن يحتج بحديث ¬

_ (¬1) 1/ 448.

من السنن من غير أن يَنظُرَ في اتصالِ إسناده، وحال رواته، كما أنه ليس له أن يحتجَّ بحديثِ من المسانيدِ حتى يُحيط علماً بذلك، وإن كان غيرَ متأهلِ لذلك، فسبيلُه أن يَنظُر في الحديث إن كان في "الصحيحين" أو صرحَ أحدٌ من الأئمة بصحته، فله أن يُقلِّد في ذلك، وإن لم يجد أحداً صححه ولا حسَّنه، فليس له أن يُقْدِمَ على الاحتجاج به، فيكونَ كحاطبِ ليلٍ، فلعلَّه يحتجُّ بالباطلِ وهو لا يَشعُر. وقد وفقنا الله سبحانه في معظمِ ما شرحناه وحققناه من الأصول إلى مراعاةِ هذا الجانبِ المهم، والعناية به أشدَّ العناية، والتوسعِ فيه غايةَ التوسع، لنتَحَلَّلَ من تَبِعَةِ التقصير فيما أوجبه الله علينا في هذا العِلْمِ الذي أكرمنا الله سبحانه وتعالى به. 5 - كما قمنا بشرح ما يحتاج إلى الشرح من الأحاديث لبيان فقهها، معتمدينَ في أكثر ذلك على شرح الإمامِ الخطابي في "معالم السنن" و"تهذيب ابن قيم الجوزية"، ثم على شرح أبي الطيب العظيم آبادي "عون المعبود"، وشرح خليل أحمد السهارنفوري "بذل المجهود"، ثم على شروح الأصول الستة وغيرها من الكتب التي تولّت ذلك. وقد عوَّلْنا في شرحِ غريب ألفاظ الحديث على أهمِّ الكتبِ المعنيةِ بذلك، وفي مقدمتها شرحُ الخطابي "معالم السنن" الذي اعتنى كثيراً بتفسيرِ غريب الحديث إلى جانب عنايته بالفقه، وتدوين خلاف العلماء المجتهدين، وذلك لكونه قد تلمذ لابن الأعرابي وغلام ثعلب، وهما من أعلام أئمة اللغة. وربما نقل عنهما في بعض المواضع.

واعتمدنا أيضاً "النهاية" للمُبارك بن محمد ابن الأثير الجزري، لكونه انتقى من كتب الغريب التي سبقته، وأبدعَ في هذا الكتاب أيَّما إبداع. 6 - وتولينا ضبط النص، وتفصيلَه، وتوزيعَه على النحو الذي يُسَهِّلُ فهمَه ويُوضحه. ولا بُد لي في نهاية هذه المقدمة أن أُنوه بفضلِ صاحبنا الكريم المفضال الأستاذ محمد بن ناصر العجمي الذي أرسل إليَّ الأصولَ المصورةَ عن الأصولِ الخطية، وقدَّمها إلي كعادته هديةً خالصةً لوجه الله، ورغبةً في نشرِ كُتُبِ السنةِ النبوية، نشراً متقناً يُيسِّرُ الفائدةَ منها والانتفاعَ بها، وأرجو الله سبحانه أن ينال من وراء ذلك الأجرَ الجزيل والثوابَ العظيم من المولى سبحانه الذي لا يُضِيعُ أجرَ من أحسنَ عملاً. كما أتوجه بخالص الشكر وجزيل الثناء إلى الأستاذ رضوان دعبول الذي صوّر لي نسخة أبي داود التي قام بمقابلتها الشيخ عبد الغني ابن النابلسي من المكتبة الظاهرية بدمشق. كما أنني أزجى خالص الشكر وأوفاه إلى الأستاذ محمد إقبال رضوان دعبول، الذي آلى على نفسِه أن يقدِّم النافعَ الماتِعَ من كتب السنةِ المحققة تحقيقاً متقناً، وأن يسيرَ في ذلك سيرة والده في مؤسسته دار الرسالة العالمية التي أنشأها، وإنني لأشُدُّ على يده وأتمنى مِن الله أن يستمرَّ في العطاء في هذا المِضْمار، وأن يكونَ خيرَ خَلَفِ لخَيرِ سَلَف، إنه قريب مجيب، وآخِرُ دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين. عمان: 12 ربيع الأول سنة 1430 هـ شعيب الأرنؤوط ومحمد كامل قره بللي

اللوحة الأولي من نسخة الحافظ ابن حجر بخطه (أ)

اللوحة الأخيرة من نسخة الحافظ ابن حجر بخطه (أ)

اللوحة الأول من نسخة مكتبة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة (ب)

اللوحة الأخيرة من نسخة مكتبة الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة (ب)

لوحة العنوان من نسخة الشيخ عبد الغني النابلسي (ج)

اللوحة الأولي من نسخة الشيخ عبد الغني النابلسى (ج)

اللوحة الأخيرة من نسخة الشيخ عبد الغني النابلسي (ج)

اللوحة الأولى من نسخة المكتبة الوطنية في باريس (د)

اللوحة الأخيرة من نسخة المكتبة الوطنية في باريس (د)

لوحة العنوان من نسخة جامعة برنستون (هـ)

اللوحة الأولى من نسخة جامعة برنستون (هـ)

اللوحة الأخيرة من نسخة جامعة برنستون (هـ)

لوحة العنوان للجزء الخامس من نسخة المحمودية (و)

اللوحة الأولى للجزء الخامس من نسخة المحمودية (و)

سُنَن أَبِي دَاوُد تصنيف الإِمَام الحَافِظ أبِي دَاود سُليمان بْنِ الأشعثِ الأَزْدِي السِّجِسْتَانِيِّ 202 هـ - 275 هـ حقّقهُ وَضَبطَ نَصَّهُ وَخرَّجَ أَحَاديثهُ وَعَلَّقَ عَلَيه شعَيب الأرنؤوط ومحَمَّد كامِل قره بللي الجزء الأول دار الرسالة العالمية

بسم الله الرحمن الرحيم حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولي طبعة خاصة 2009م / 1430هـ دار الرسالة العالمية جميع الحقوق محفوظة يمنع طبع هذا الكتاب أو أي جزء منه بجميع طرق الطبع والتطوير والنقل والترجمة والتسجيل المرئي والمسموع والحاسوبي وغيرها إلا بإذن خطي من: شركة الرسالة العالمية م. م. Al - resalah Al - a'lamiah m. dublishers الإدارة العامة Head Office دمشق - الحجاز شارع مسلم البارودي بناء خولي وصلاحي 2625 (963) 11 - 2212773 (963) 11 - 2234305 الجمهورية العربية السورية Syrian Arab Republic [email protected] http:www.resalahonline.com فرع ييروت BEIRUT/LEBANON TELEFAX: 815112 - 319039 - 818615 P.O. BOX: 117460

كتاب الطهارة

بسم الله الرحمن الرحيم حدَّثنا أبو علي محمد بن عمرو اللؤلؤي، حدَّثنا أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، في المحرم سنة خمس وسبعين ومئتين. قال: أول كتاب الطهارة 1 - باب التخلي عند قضاء الحاجة 1 - حدّثنا عبد الله بن مَسلَمة بن قَعنَبٍ القَعْنبي، حدَّثنا عبدُ العزيز - يعني ابن محمد -، عن محمد - يعني ابن عمرو -، عن أبي سلمة عن المغيرة بن شُعبة: أنَّ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان إذا ذهبَ المَذهَبَ (¬1) أبعَدَ (¬2). 2 - حدَّثنا مسدَّد بنُ مُسَرْهَدِ، حدَّثنا عيسى بن يونس، أخبرنا إسماعيل بن عبد الملك، عن أبي الزُّبير ¬

_ (¬1) كلمة "المذهب" لم ترد في روايتي ابن داسه وابن العبد. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو، وهو ابن علقمة الليثي. عبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه الترمذي (20)، والنسائي في "الكبرى" (16)، وابن ماجه (331) من طرق عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18171). وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن أبي قُرّاد عند النسائي في "الكبرى" (17)، وابن ماجه (334)، وإسناده صحيح. المذهب: هو الموضع الذي يتغوط فيه، وهو مَفعَلٌ من الذهاب أو مصدر ميمي بمعنى الذهاب المعهود، وهو الذهاب إلى موضع التغوط.

2 - باب الرجل يتبوأ لبوله

عن جابر بن عبد الله: أنَّ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان إذا أرادَ البَرَازَ انطلَقَ حتَى لا يَرَاهُ أحَدٌ (¬1). 2 - باب الرَّجُل يتبوَّأ لبوله 3 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، أخبرنا أبو التيَّاح، قال: حدَّثني شيخٌ، قال: لمَّا قَدِمَ عبدُ الله بنُ عبَّاسٍ البصرةَ، فكان يُحدِّثُ عن أبي موسى، فكتب عبدُ الله إلى أبي مُوسى يسألُهُ عن أشياء فكتبَ إليه أبو موسى: إني كنتُ مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ذاتَ يوم، فأرادَ أن يبولَ فأتى دمِثاً في أصلِ جِدارٍ، فبالَ، ثُمَّ قال -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا أرادَ أحَدُكم أن يبولَ فَلْيَرْتَدْ لِبَولهِ" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف إسماعيل بن عبد الملك. أبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي. وأخرجه ابن ماجه (335) من طريق إسماعيل بن عبد الملك، بهذا الإسناد. ويشهد له ما قبله. البراز: قال في "النهاية": هو بالفتح: اسم للفضاء الواسع، فكنوا به عن قضاء الغائط، كما كنوا عنه بالخلاء، لأنهم كانوا يتبرزون في الأمكنة الخالية من الناس. قال الخطابي: المحدثون يروونه بالكسر وهو خطأ، لأنه بالكسر مصدر من المبارزة في الحرب والبراز بالكسر أيضاً كناية عن ثقل الغذاء وهو الغائط. (¬2) إسناده ضعيف لإبهام شيخ أبي التياح. حماد: هو ابن سلمة، وأبو التياح: هو يزيد بن حميد الضُّبَعي. وأخرجه البيهقي 1/ 93 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (519)، وأحمد (19537) و (19537) و (19714)، والروياني (558)، والحاكم 3/ 465 - 466، والبيهقي 1/ 93 - 94 من طريق شعبة، عن أبي التياح، به.=

3 - باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء

3 - باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء 4 - حدَّثنا مُسدَّدُ بنُ مُسَرهَدٍ، حدَّثنا حماد بن زيدِ وعبدُ الوارث عن عبدِ العزيز بنِ صُهَيب عن أنس بن مالك، قال: كانَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا دخلَ الخَلاءَ، قال عن حمَّاد: قال: "اللهمَ إنِّي أعوذُ بكَ" وقال عن عبد الوارث: قال: "أعوذُ بالله مِن الخُبُث والخَبائِثِ" (¬1) (¬2). 5 - حدَّثنا الحسن بن عمرِو - يعني السَّدُوسيِّ -، أخبرنا وكيعٌ، عن شُعبة، عن عبد العزيز - هو ابن صُهَيبِ - ¬

_ =وفي الباب عن أبي هريرة عند الطبراني في "الأوسط" (3064)، ولفظه: "كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يتبوأ لبوله كما يتبوأ لمنزله". وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 204: هو من رواية يحيى بن عبيد بن دجي عن أبيه، ولم أر من ذكرهما، وبقية رجاله موثقون. ونقل المناوي في "فيض القدير" 5/ 200 عن الولي العراقي قوله: فيه يحيى بن عبيد وأبوه غير معروفين. قوله: "دمثاً" بفتح الدال والميم أو فتح الدال وكسر الميم: الأرض السهلة الرخوة. وقوله: "فليرتد" أي: فليطلب مكاناً ليناً لئلا يرجع عليه رشاش بوله. (¬1) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري. وأخرجه مسلم (375)، والترمذي (6) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (375)، والنسائي في "الكبرى" (19) من طريقين عن عبد العزيز ابن صهيب، به. وهو في "مسند أحمد" (11947) و (11983). وانظر ما بعده. (¬2) زاد في (ج) بعد هذا الحديث: قال أبو داود: رواه شعبة عن عبد العزيز: "اللهم إني أعوذ بك", وقال مرة: "أعوذ بالله"، وقال وهيب: "فليتعوَّذ بالله".

عن أنسٍ بهذا الحديث، قال: "اللهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ" وقال شُعبةُ مرةً: "أعوذُ بالله" (¬1) (¬2). 6 - حدَّثنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا شُعبةُ، عن قتادة، عن النَّضر بن أنسٍ عن زيدِ بنِ أرقَمَ، عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ هذه الحُشُوشَ مُحتَضَرَةٌ فإذا أتى أحَدُكُمُ الخلاءَ فليقُل: أعُوذُ باللهِ مِنَ الخُبُثِ والخَبائِثِ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، الحسن بن عمرو السدوسي روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد ذكروا أن أبا داود لا يروي إلا عن ثقة، وباقي رجاله ثقات. وكيع: هو ابن الجراح، وشعبة: هو ابن الحجاج. وأخرجه البخاري (142) و (6322)، والترمذي (5) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (13999)، و"صحيح ابن حبان" (1407). وانظر ما قبله. (¬2) زاد في روايتي ابن العبد وابن داسه: وقال وهيب، عن عبد العزيز بإسناده: "فليتعوذ بالله". (¬3) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وقد اختلف في إسناده على قتادة، فحكم الترمذي في "جامعه" بإثر الحديث (5) باضطرابه، ونقل عن البخاري ترجيح أن يكون قتادة سمع الحديث من النضر بن أنس، ومن القاسم بن عوف. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9820)، وابن ماجه (296) من طريق شعبة، والنسائي في "الكبرى" (9821) من طريق إسماعيل ابن علية، عن سعيد بن أبي عروبة، كلاهما (شعبة وسعيد) عن قتادة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9822) و (9823)، وابن ماجه (296 م) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن قاسم بن عوف الشيباني، عن زيد بن أرقم. وقاسم الشيباني ضعيف يُعتبر به.=

4 - باب كراهية استقبال القبلة عند الحاجة

4 - باب كراهية استقبال القبلة عند الحاجة 7 - حدَّثنا مُسدَّد بن مُسَرهَد، حدَّثنا أبو مُعاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان، قال: قيل له: لقد عَلَّمَكم نبيُّكم كلَّ شيءٍ حتَّى الخِراءَةَ؟! قال: أجل، لقد نهانا -صلَّى الله عليه وسلم- أن نَستَقبِلَ القِبلَةَ بغائِطٍ أو بَولٍ، وأن لا نَستَنجِيَ باليمين، وأن لا يَستَنجِيَ أحَدُنا بأقَلَّ من ثلاثةِ أحجارِ، أو نَستَنجِيَ برَجيعٍ أو عَظمٍ (¬1). ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (19286) وفيه بسط الاختلاف على قتادة فيه، و"صحيح ابن حبان" (1406) و (1408). قال الخطابي: الحشوش: الكنف، وأصل الحُشّ جماعة النخل الكثيفة، وكانوا يقضون حوائجهم إليها قبل أن يتخذوا الكُنُفَ في البيوت، ومعنى محتضرة، أي: تحضرها الشياطين وتنتابها. والخبث بضم الباء: جماعة الخبيث، والخبائث: جمع الخبيثة، يريد ذكران الشياطين وإناثهم. وقال ابن الأعرابي: أصل الخبث في كلام العرب: المكروه، فإن كان من الكلام، فهو الشتم، وإن كان من الملل، فهو الكفر، وإن كان من الطعام، فهو الحرام، وإن كان من الشراب، فهو الضار. (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعبد الرحمن بن يزيد: هو النخعي الكوفي. وأخرجه مسلم (262)، والترمذي (16)، والنسائي في "الكبرى" (40)، وابن ماجه (316) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وقرن الأعمش عند مسلم والنسائي في الموضع الثاني وابن ماجه بمنصور بن المعتمر. وهو في "مسند أحمد" (23703).=

8 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد النُّفَيلي، حدَّثنا ابنُ المُبارك، عن محمَّد بن عَجْلان، عن القَعقاع بن حكيمٍ، عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنَّما أنا لكم بمنزلةِ الوالدِ أُعلِّمُكُم، فإذا أتى أحدُكُمُ الغائِطَ فلا يَستَقبِلِ القبلَةَ، ولا يَستَدبِرْها، ولا يَستَطِبْ بيمينِهِ" وكان يأمُرُ بثلاثةِ أحجارِ، وينهى عن الرَّوْثِ والرِّمَّة (¬1). ¬

_ =قال الخطابي: الخِراءة: مكسورة الخاء ممدودة الألف أدب التخلي والقعود عند الحاجة. ونهيه عن الاستنجاء باليمين في قول أكثر العلماء نهي تأديب وتنزيه، وذلك أن اليمين مرصدة في أدب السنة للأكل والشرب والأخذ والإعطاء، ومصونة عن مباشرة السفل والمغابن وعن مماسة الأعضاء التي هي مجاري الأثفال والنجاسات. وقال النووي في "شرح مسلم" 1/ 156: وقد أجمع العلماء على أنه منهي عن الاستنجاء باليمين، ثم الجماهير على أنه نهي تنزيه وأدب لا نهي تحريم، وذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه حرام، وأشار إلى تحريمه جماعة من أصحابنا، ولا تعويل على إشارتهم. والرجيع: الروث، والنهي عن الاستنجاء بالرجيع نهي تحريم، قال النووي: فيه النهي عن الاستنجاء بالنجاسات، ونبه -صلَّى الله عليه وسلم- بالرجيع على جنس النجس. (¬1) إسناده قوي من أجل محمد بن عجلان، ففيه كلام يحطه عن رتبة الثقة، وباقي رجاله ثقات. ابن المبارك: هو عبد الله، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (40)، وابن ماجه (312) و (313) من طريق محمد بن عجلان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7368)، و"صحيح ابن حبان" (1431) و (1440). وأخرجه مسلم (265) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن القعقاع، به، بلفظ: "إذا جلس أحدكم على حاجته، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها". الروث: هو رجيع ذوات الحوافر، والرمة: العظم البالي.

9 - حدَّثنا مُسدَّدُ بنُ مُسَرهَد، حدَّثنا سُفيان، عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثيِّ عن أبي أيُّوب روايةً، قال: "إذا أتيتُمُ الغائِطَ فلا تَستَقبِلُوا القِبلَةَ بغائِطٍ ولا بَولٍ، ولكنْ شَرِّقُوا أو غَرِّبُوا". فقَدِمْنا الشَّامَ فوجدنا مَراحيضَ قد بُنِيَت قِبَلَ القِبلةِ، فكُنَّا نَنحَرِفُ عنها ونَستَغفِرُ الله (¬1). 10 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا وُهَيب، حدَّثنا عمرو بن يحيى، عن أبي زيدٍ عن مَعقِل بن أبي مَعقِل الأسديِّ، قال: نهى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن نَستَقبِلَ القِبلَتَينِ ببَولٍ أو غائِطٍ (¬2). قال أبو داود: وأبو زيد: هو مولى بني ثعلبة. 11 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسِ، حدَّثنا صفوان بن عيسى، عن الحسن بن ذَكْوان، عن مروانَ الأصفر، قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم. وأخرجه البخاري (144) و (394)، ومسلم (264)، والترمذي (8)، والنسائي في "الكبرى" (20) و (21)، وابن ماجه (318) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في المجتبى (20) من طريق رافع بن إسحاق، عن أبي أيوب. وهو في "مسند أحمد" (23524)، و"صحيح ابن حبان" (1416). (¬2) إسناده ضعيف لجهالة أبي زيد مولى بني ثعلبة. وهيب: هو ابن خالد. وأخرجه ابن ماجه (319) من طريق عمرو بن يحيى المازني، بهذا الإسناد. وهو في مسند أحمد" (17838). على أن بعض من أخرج حديث معقل هذا رواه بلفظ: "نهى أن نستقبل القبلة" ولم يقل: "القبلتين"، وهو الذي ثبت عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في غير حديث معقل كحديث أبي أيوب السالف قبله. قال الخطابي: أراد بالقبلتين: الكعبة وبيت المقدس.

5 - باب الرخصة في ذلك

رأيتُ ابنَ عمر أناخَ راحِلَتَه مُستَقبِلَ القِبلة، ثمَّ جلسَ يبولُ إليها، فقلتُ: يا أبا عبدِ الرحمن، أليس قد نُهِيَ عن هذا؟ قال: بلى، إنَّما نُهِيَ عن ذلك في الفَضَاء، فإذا كانَ بينَكَ وبينَ القِبلةِ شيءٌ يَستُرُكَ فلا بأس (¬1). 5 - باب الرُّخصة في ذلك 12 - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمة، عن مالكِ، عن يحيى بنِ سعيد، عن محمَّدِ بنِ يحيى بنِ حَبَّان، عن عمه واسع بن حَبَّان عن عبد الله بن عُمر، قال: لقد ارتقَيتُ على ظَهرِ البيتِ فرأيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- على لَبِنَتَينِ مُستَقبِلَ بيتِ المقدِسِ لحاجتِهِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف الحسن بن ذكوان. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (32)، وابن خزيمة (60)، والدارقطني (161)، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (84)، والحاكم 1/ 154، والبيهقي 1/ 92 من طريق صفوان بن عيسى، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، فقد احتج بالحسن بن ذكوان. قلنا: لم يخرج البخاري لابن ذكوان إلا حديثاً واحداً في كتاب الرقاق برقم (6566)، وله شواهد كثيرة. وحديث ابن عمر هذا حسَّنه الحازمي في "الاعتبار" ص 38، وقال: اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال: فصنف كرهوه مطلقاً، منهم مجاهد والنخعي وأبو حنيفة، وأخذوا بحديث أبي أيوب وحديث أبي هريرة. وصنف رخصوه مطلقاً وهم فرقتان: فرقة طرحوا الأحاديث لتعارضها، ورجعوا إلى الأصل في الأشياء وهي الإباحة. ومنهم من ادَّعى النسخ بحديث ابن عمر وجابر وبحديث عراك. والصنف الثالث، فصلوا، فكرهوه في الصحارى دون البنيان، ومنهم الشعبي وأحمد والشافعي. (¬2) إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري. وأخرجه البخاري (145) عن عبد الله بن يوسف، والنسائي في "الكبرى" (22) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن مالك بهذا الإسناد.=

6 - باب كيف التكشف عند الحاجة

13 - حدَّثنا محمد بن بشَّار، حدَّثنا وهب بن جرير، حدَّثنا أبي، قال: سمعتُ محمَّدَ بنَ إسحاق يُحدّث عن أبانَ بنِ صالح، عن مُجاهد عن جابر بن عبد الله، قال: نهى نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - أن نَستَقبِلَ القِبلَةَ ببولٍ، فرأيتُه قبلَ أن يُقبَضَ بعامٍ يَستَقبِلُها (¬1). 6 - باب كيف التكشُّف عند الحاجة 14 - حدَّثنا زهير بن حرب، حدَّثنا وكيعٌ، عن الأعمش، عن رجل عن ابن عمر: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا أرادَ حاجَةً لا يرفَعُ ثَوبَهُ حتَّى يَدنُوَ منَ الأرضِ (¬2). ¬

_ =وأخرجه مسلم (266) وابن ماجه (322) من طريق يحيى بن سعيد به. وأخرجه البخاري (148) ومسلم (266) والترمذي (11) من طريق عبيد الله بن عمر، عن محمد بن يحيى بن حبان به. وهو في "مسند أحمد" (4606)، و"صحيح ابن حبان " (1418). (¬1) إسناده حسن، محمد بن إسحاق صرح بالتحديث هنا وعند أحمد وغيره، فانتفت شبهة تدليسه، وهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. جرير: هو ابن حازم الأزدي البصري. وأخرجه الترمذي (9)، وابن ماجه (325) من طريق وهب بن جرير، بهذا الإسناد، وقال: حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (14872)، و"صحيح ابن حبان" (1420). (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرجل الراوي عن ابن عمر. وقد اختلف على وكيع وعلى الأعمش فيه: فرواه وكيع هنا بإبهام شيخ الأعمش، ورواه عند البيهقي 1/ 96 عن الأعمش، عن القاسم بن محمد، عن ابن عمر. والقاسم بن محمد: هو ابن أبي بكر الصديق، وهو ثقة فقيه. - ورواه وكيع أيضاً وعبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني -فيما ذكر الترمذي في "جامعه" بإثر الحديث (14) - عن الأعمش قال: قال ابن عمر. وهذا إسناد منقطع. وروي عن الأعمش عن أنس، وسيأتي بعده.

7 - باب كراهية الكلام عند الخلاء

قال أبو داود: رواه عبدُ السلام بنُ حرب، عن الأعمشِ، عن أنسِ بنِ مالكٍ، وهو ضعيف (¬1) (¬2). 7 - باب كراهية الكلام عند الخلاء 15 - حدَّثنا عبيد الله بن عمر بن مَيسَرة، حدَّثنا ابنُ مَهدي، حدَّثنا عِكرمةُ ابنُ عمَّار، عن يحيي بن أبي كثير، عن هِلال بن عِياض، قال: حدثني أبو سعيد، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يَخرُجُ الرجلانِ يَضرِبانِ الغائِطَ كاشِفَينِ عن عَورَتهِما يتحدَّثانِ، فإن الله عزَّ وجل يَمقُتُ على ذلك" (¬3). قال أبو داود: لم يُسنده إلا عِكرمةُ بنُ عمَار. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، الأعمش لم يسمع من أنس. وقول المصنف:" وهو ضعيف" أي: الإسناد لانقطاعه، وليس مراده تضعيفَ عبد السلام بن حرب، فإنه ثقة حافظ. (¬2) زاد في هامش (أ): قال أبو عيسى الرملي: حدثناه أحمد بن الوليد، حدَّثنا عمرو بن عون، أخبرنا عبد السلام، به. قلنا: وأبو عيسى الرملي: هو إسحاق بن موسى ابن سعيد الرملي، سكن بغداد وحدث بها عن جمع، وكان عنده عن أبي داود "السنن"، وكان ورَّاقاً له، توفي سنة 320 هـ. وثقه الدارقطني. انظر "تاريخ بغداد" 6/ 395. (¬3) إسناده ضعيف لجهالة هلال بن عياض، ويقال: عياض بن هلال، وهو الراجح في اسمه، فقد تفرد بالرواية عنه يحيى بن أبي كثير. وفي إسناده اضطراب بيَّناه في " المسند" (11310). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (36) و (37)، وابن ماجه (342) من طريق عكرمة بن عمار، بهذا الإسناد. وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند مسلم (338)، ولفظه: "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجلُ إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد". وانظر حديثُ ابن عمر الآتي بعده.

8 - باب في الرجل يرد السلام وهو يبول

8 - باب في الرجل يرد السلام وهو يبول 16 - حدَّثنا عثمان وأبُو بكر ابنا أبي شيبة، قالا: حدَّثنا عمر بن سعد، عن سُفيان، عن الضحاك بن عثمان، عن نافع عن ابن عمر، قال: مرَّ رجلٌ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يبولُ، فسَلَّم عليه، فلم يَرُد عليه (¬1). قال أبو داود: ورُوِيَ عن ابنِ عمر وغيرِه: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تيمَّمَ ثمَّ ردَّ على الرجلِ السَّلام (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عمر بن سعد: هو ابن عبيد الحفري، وسفيان: هو الثوري. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 8/ 623. وأخرجه مسلم (370)، والترمذي (90) و (2917)، والنسائي في "المجتبى" (37). وابن ماجه (353) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. (¬2) سيأتي حديث ابن عمر عند المصنف برقم (330) و (331) وانظر حديث ابن عباس الآتي برقم (329). وفي صحيح البخاري بإثر الحديث (336): باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة وبه قال عطاء. وقال الحافظ: ويلتحق بفقده عدم القدرة عليه. قال الحافظ: واختلف السلف في أصل المسألة، فذهب مالك إلى عدم وجوب الإعادة على من تيمم في الحضر، ووجهه ابن بطال بأن التيمم إنما ورد في المسافر والمريض لإدراك وقت الصلاة فيلتحق بهما الحاضر إذا لم يقدر على الماء قياساً. وقال الشافعي: تجب عليه الإعادة لندور ذلك. وعن أبي يوسف وزفر: لا يصلي إلى أن يجد الماء ولو خرج الوقت. وقال الطحاوي: التيمم في المصر لا يجوز إلا في ثلاث: إحداها إذا خاف فوت صلاة الجنازة إن توضأ، والثانية: عند خوف فوت صلاة العيد، والثالثة عند خوف الجنب من البرد بسبب الاغتسال.

9 - باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر

17 - حدَّثنا محمد بن المثنَّى، حدَّثنا عبد الأعلى، حدَّثنا سعيد، عن قتادةَ، عن الحسن، عن حُضَين بن المُنذر أبي ساسان عن المُهاجِر بن قُنفُذ: أنَّه أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يبولُ، فسلَّمَ عليه، فلم يَرُدَّ عليه حتَّى توضَّأ، ثُمَّ اعتَذَرَ إليه فقال: "إنِّي كَرِهتُ أن أذكُرَ الله عزَّ وجل إلا على طُهرٍ" أو قال: "على طهارةٍ" (¬1). 9 - باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر 81 - حدَّثنا محمَّد بن العلاء، حدَّثنا ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن خالد بن سلمة -يعني الفَأفاء-، عن البَهِيِّ، عن عُروة عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يذكُرُ اللهُ على كُلِّ أحيانِهِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي، وسعيد: هو ابن أبي عروبة، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، والحسن: هو البصري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (34)، وابن ماجه (350) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19034)، و "صحيح ابن حبان" (803). قال ابن حبان في "صحيحه" بإثره: قوله - صلى الله عليه وسلم - "إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر" أراد به - صلى الله عليه وسلم - الفضلَ، لأن الذكر على الطهارة أفضل، لا أنه كان يكرهه لنفي جوازه. (¬2) إسناده صحيح، عبد الله البهي روى عنه جمع، ووثقه ابن سعد، واحتج به مسلم في "صحيحه"، وذكره ابن حبان في الثقات. وباقي رجاله ثقات. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا. وأخرجه مسلم (373)، والترمذي (3681)، وابن ماجه (302) من طريق يحيي ابن زكريا، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24410)، و"صحيح ابن حبان" (802).=

10 - باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء

10 - باب الخاتم يكون فيه ذكر الله تعالى يدخل به الخلاء 19 - حدَّثنا نصر بن علي، عن أبي علي الحنفي، عن همام، عن ابن جُرَيج، عن الزُّهريِّ عن أنس، قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا دخلَ الخَلاءَ وضعَ خاتمَه (¬1). ¬

_ =وعلَّقه البخاري في "صحيحه" قبل الحديث (305) فقال: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ... قولها: "على كل أحيانه" هو عام مخصوص بغير قاضي الحاجة لكراهة الذكر حالتئذ باللسان، وبغير الجنب لخبر الترمذي وغيره:"كان لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة" وبغير حالة الجماع فيكره، هذا ما عليه الجمهور. أفاده المناوي في "فيض القدير". (¬1) إسناده ضعيف، ابن جريج -واسمه عبد الملك بن عبد العزيز- مدلس ورواه بالعنعنة، وقد اختلف فيه على همام كما سيأتي في التخريج. والحديث ضعفه أبو داود هنا والنسائي والدارقطني والبيهقي، وصححه الترمذي وابن حبان وابن التركماني، وقال المنذري كما في "التلخيص الحبير" 1/ 108: الصواب عندي تصحيحه، فإن رواته ثقات أثبات. وقال في "مختصر السنن" 1/ 26: وإذا كان حال همام كذلك فيترجح ما قاله الترمذي، وتفرده به لا يُوهن الحديث. وقال ابن القيم في "تهذيب السنن" 1/ 28: غايته أن يكون غريباً، وأما أن يكون منكراً أو شاذاً فلا. أبو علي الحنفي: هو عبيد الله ابن عبد المجيد البصري. وأخرجه الترمذي (1844)، والنسائي في "الكبرى" (9470)، وابن ماجه (303) من طرق عن همام بن يحيى العوذي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، وقال النسائي: هذا حديث غير محفوظ. وهو في "صحيح ابن حبان" (1413). وقد توبع همام عليه كما سيأتي قريباً. وأخرجه الحاكم 1/ 187، والبيهقي 1/ 94 - 95 من طريق هدبة بن خالد، عن همام، عن ابن جريج، عن الزهري، قال: لا أعلمه إلا عن الزهري عن أنس. ورواه عمر بن شبة -كما في "أحكام الخواتيم" لابن رجب ص 171 - عن حبان ابن هلال، عن همام، عن ابن جريج، عن الزهري مرسلاً.=

قال أبو داود: هذا حديث مُنكَر، وإنَّما يُعرَف عن ابن جُرَيجٍ، عن زيادِ بن سعد، عن الزُهريِّ، عن أنس: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اتخَذَ خاتماً مِن وَرِقِ ثمَّ ألقاه. والوهم فيه من همام، ولم يَروِهِ إلا همَّام (¬1). ¬

_ =ورواه عمرو بن عاصم -فيما ذكر الدارقطني في "العلل"، ونقله عنه ابن القيم في "تهذيب السنن" 1/ 26، وابن حجر في "التلخيص" 1/ 108 - عن همام، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أنس موقوفاً. وقوله: وضع خاتمه، أي: نزعه من يده لئلا يدخل به الخلاء. (¬1) بل تابع هماماً عليه يحيى بن المتوكل البصري عند الحاكم 1/ 187، والبيهقي 1/ 95، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وضعفه البيهقي، وتعقبه ابن التركماني فقال: فيه (يعنى تضعيف البيهقي للحديث) نظر، إذ ليس في سنده من تكلم فيه فيما علمت، ويحيي بن المتوكل بصري أخرج له الحاكم في "المستدرك"، وقال ابن حبان [في "الثقات" 7/ 612]: يخطئ، ليس هذا يحيى بن المتوكل الذي يقال له أبو عقيل، ذاك ضعيف. ثم نقل عن الدارقطني في "العلل" أن يحيى بن الضريس رواه عن ابن جريج كرواية همام، قال ابن التركماني: فهذه متابعة ثانية، وابن الضريس ثقة، فيتبين بذلك أن الحديث ليس له علة، وأن الأمر فيه كما ذكر الترمذي من الحسن والصحة. قلنا: أما يحيى بن المتوكل فتتمة ترجمته من "الثقات" أنه كان راوياً لابن جريج، وروى عنه العراقيون، وقدم بغداد فكتب عنه أهلها. وله ترجمة في "تهذيب الكمال" 31/ 516 تمييزاً عن أبي عقيل يحيى بن المتوكل المدني المترجم قبله أصالة، الشديد الضعف، وقد روى عن جمع، وروى عنه جمع، ومع هذا ظنه ابن القيم في "تهذيب السنن" 1/ 27 أبا عقيل، فلم يرتضِ متابعته. وأما إعلال المصنف له برواية ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن الزهري، عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتخذ خاتماً من ورق ثم ألقاه، فلم يرضه ابن التركماني، وقال: الحديثان مختلفان متناً وكذا سنداً.

11 - باب الاستبراء من البول

11 - باب الاستبراء من البول 20 - حدَّثنا زهير بن حرب وهنَّاد، قالا: حدَّثنا وكيع، حدَّثنا الأعمش، قال: سمعتُ مُجاهداً يُحدِّثُ عن طاووس عن ابن عبَّاس، قال: مَرَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على قَبرَينِ فقال: "إنَّهُما يُعذَّبان، وما يُعذَّبان في كبيرٍ، أمَّا هذا فكانَ لا يَستَنزِهُ من البَولٍ، وأمَّا هذا فكانَ يمشي بالنَّميمة". ثمَّ دعا بعَسيبٍ رَطبٍ فشقَّه باثنين، ثمَّ غَرَسَ على هذا واحداً، وعلى هذا واحداً، وقال: "لعلَّهُ يُخفَّفُ عنهما ما لم يَيْبَسا" (¬1). قال هنَّادٌ: "يَستَتِرُ"، مكان" يَستَنزِهُ". 21 - حدَّثنا عثمان بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جرير، عن منصور، عن مُجاهد ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومجاهد: هو ابن جبر المكي. وأخرجه البخاري (6052)، ومسلم (292)، والترمذي (70)، والنسائي في "الكبرى" (27)، وابن ماجه (347) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (218) و (1378)، ومسلم (292)، والنسائي (2207)، وابن ماجه (347) من طرق عن الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد " (1980)، و"صحيح ابن حبان" (3128). وانظر ما بعده. وقوله: يستنزه من البول وهو كذلك في رواية مسلم من التنزه وهو الإبعاد، ورواية البخاري: لا يستتر، أي: لا يجعل بينه وبين البول سترة يعني لا يتحفظ من البول، وفي رواية ابن عساكر: لا يستبرئ من الاستبراء، وقد وقع عن أبي نعيم في "المستخرج" من طريق وكيع عن الأعمش: كان لا يتوقى، وهي مفسرة للمراد. والنميمة: هي نقل كلام الناس بقصد الإضرار والإفساد، وهي من أقبح القبائح أفاده في "الفتح". قال الإمام الخطابي: هو محمول على أنه دعا لهما بالتخفيف مدة بقاء النداوة، لا أن في الجريدة معنى يخصه، ولا أن في الرطب معنى ليس في اليابس.

عن ابن عباسٍ، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بمعناه، قال: "كان لا يَستَتِرُ مِنَ بَولهِ" (¬1). وقال أبو معاوية: "يَستَنزِه". 22 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا عبد الواحد بن زياد، حدَّثنا الأعمش، عن زيد ابن وهب، عن عبد الرحمن بن حَسَنَةَ، قال: انطَلَقتُ أنا وعمرُو بنُ العاص إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فخرجَ ومعهُ دَرَقَةٌ، ثُمَّ استَتَر بها، ثُمَّ بال، فقُلنا: انظُرُوا إليه يَبولُ كما تَبولُ المرأةُ، فسمعَ ذلك، فقال: "ألم تَعلَمُوا ما لَقِيَ صاحِبُ بني إسرائيلَ؟ كانوا إذا أصابَهُمُ البَولُ قَطَعُوا ما أصابَهُ البَولُ منهم، فنهاهُم، فعُذِّبَ في قَبرِهِ " (¬2). قال أبو داود: قال منصور، عن أبي وائل، عن أبي موسى في هذا الحديث، قال: "جِلدَ أحدِهم". وقال عاصم، عن أبي وائل، عن أبي موسى، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "جَسَدَ أحدِهم" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر. وأخرجه البخاري (216) و (6055)، والنسائي في "الكبرى" (2206) من طريق منصور، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (26)، وابن ماجه (346) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17758)، و"صحيح ابن حبان" (3127). قوله: "ومعه دَرَقة": في بعض الروايات: "ومعه كهيئة الدَّرقة"، وفي بعضها: "ومعه درقة أو شبهها", والدرقة: الترس من جلود ليس فيه خشب ولا عصب. (¬3) هكذا رواه جرير عن منصور عند مسلم (273) (74)، قال القرطبي في "المفهم": مراده بالجلد واحد الجلود التي كانوا يلبسونها. قلنا: ورواية البخاري (226) من طريق شعبة عن منصور: "ثوب أحدهم".=

12 - باب البول قائما

12 - باب البول قائماً 23 - حدَّثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم، قالا: حدَّثنا شُعبة (ح) وحدثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة -وهذا لفظ حفص-؛ عن سُليمان، عن أبي وائل عن حُذيفة، قال: أتى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سُبَاطَةَ قَومٍ، فبالَ قائماً، ثمَّ دعا بماءٍ، فمسَحَ على خُفَّيه (¬1). قال أبو داود: قال مُسَدَّد: قال: فذَهَبتُ أتباعَدُ، فدَعاني حتَّى كنتُ عندَ عَقِبِه. 13 - باب في الرجل يبول بالليل في الإناء ثم يضعه عنده 24 - حدَّثنا محمد بن عيسى، حدَّثنا حجاج، عن ابن جُرَيج، عن حُكَيمَةَ بنتِ أُمَيمَةَ بنتُ رُقَيقة ¬

_ =ورواية عاصم "جسد أحدهم" يردها رواية البخاري: ثوب أحدهم، قال الحافظ: فلعل بعضهم رواه بالمعنى، وعاصم هو ابن بهدلة الكوفي أحد القراء السبعة، قال الدارقطني: في حفظه شيء. (¬1) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وسليمان: هو ابن مهران الأعمش، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة. وأخرجه البخاري (224)، ومسلم (273) (73)، والترمذي (13)، والنسائي في "الكبرى" (18)، وابن ماجه (305) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وعند أكثرهم: "ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على خفيه"، واقتصر البخاري على قوله: "فتوضأ"، وروايتا ابن ماجه والنسائي في الموضع الثاني مختصرتان بالبول قائماً. وأخرجه مختصراً البخاري (225) و (226)، ومسلم (273) (74)، والنسائي في "الكبرى" (23) من طريق منصور بن المعتمر، عن أبي وائل، به. وهو في "مسند أحمد" (23241)، و"صحيح ابن حبان" (1424).

14 - باب المواضع التي نهي عن البول فيها

عن أُمِّها أنَّها قالت: كان للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَدَحٌ من عَيْدانٍ تحتَ سَريرِهِ يبولُ فيه باللَّيل (¬1). 14 - باب المواضع التي نُهي عن البول فيها 25 - حدَّثنا قتيبة بن سعيد، حدَّثنا إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" اتَّقُوا اللاعِنَينِ" قالوا: وما اللاَّعِنانِ يا رسولَ الله؟ قال: "الذي يَتَخَلَّى في طريقِ النَّاسِ أو ظِلِّهم" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، حكيمة بنت أميمة لم يرو عنها غيرُ ابن جريج، ولم يوثقها غير ابن حبان، وجهَّلها الذهبي وابن حجر. وباقي رجاله ثقات وابن جريج -واسمه عبد الملك بن عبد العزيز، صرح بالتحديث عند النسائي وغيره. حجاج: هو ابن محمد المصيصي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (31) من طريق حجاج بن محمد، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1426). قوله: "عيدان" بفتح العين وإسكان الياء، جمع عَيدانة، وهي النخلة الطويلة المتجردة، والمراد قدح من خشب ينقر ويقوَّر ليحفظ ما يجعل فيه. وقيل: بكسر العين جمع عود، وهو خطأ، لأن اجتماع الأعواد لا يتأتى منها قدح يحفظ الماء، بخلاف من فتح العين، فإنه يريد قدحاً من خشب هذه صفته ينقر ليحفظ ما يجعل فيه. انظر شرح النسائي للسيوطي. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (269) عن قتيبة بن سعيد ويحيى بن أيوب، عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8853)، و"صحيح ابن حبان" (1415). وقوله: اتقوا اللاعِنَيْنٍ، وفي رواية: اللَّعَّانَيْنٍ، قَال صاحب "النهاية": أي: الأمرين الجالبين للعن، الباعثين للناس عليه، فإنه سبب للعن من فعله في هذه المواضع، قال=

26 - حدَّثنا إسحاق بن سُويدٍ الرَّمليُّ وعمرُ بنُ الخطَّاب أبو حفص -وحديثُه أتمُّ- أنَّ سعيدَ بنَ الحكم حدَّثهم قال: أخبرنا نافع بن يزيد، حدَّثني حَيْوَةُ بنُ شُريح، أنَّ أبا سعيد الحِمَيرِيَّ حدَّثه عن معاذِ بن جبل، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اتَّقُوا المَلاعِنَ الثلاثةَ: البَرازَ في المَوَارِدِ، وقارِعَةِ الطَريقِ، والظّلِّ" (¬1) (¬2). 27 - حدَّثنا أحمد بن محمد بن حَنبَل والحسن بن علي، قالا: حدَّثنا ¬

_ = الخطابي، فلما صار سبباً أضيف إليهما الفعل، فكان كأنهما اللاعنان، فهو مجاز عقلي. وقد يكون اللاعن أيضاً بمعنى الملعون، فاعل بمعنى مفعول، كما قالوا: سر كاتم، أي: مكتوم، وعيشة راضية، أي: مرضية. وقوله: الذي يتخلى في طريق الناس، أي: يتغوط في موضع يمر به الناس، وقد نهي عنه لما فيه من إيذاء المسلمين بتنجيس من يمر ونتنه واستقذاره وقوله: في ظلِّهم، أي: مستظل الناس الذي اتخذوه مقيلاً ومناخاً ينزلونه. ورواية ابن حبان وأفنيتهم: وهو جمع فِناء، وفناء الدار: ما امتد من جوانبها. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي سعيد الحميري، وروايته عن معاذ منقطعة، فإنه لم يدركه. وأخرجه ابن ماجه (328) من طريق نافع بن يزيد، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث أبي هريرة، وهو السالف قبله. وآخر من حديث جابر عند ابن ماجه (329)، وإسناده ضعيف. وثالث من حديث ابن عمر عند ابن ماجه (330)، وإسناده ضعيف. ورابع من حديث ابن عباس عند أحمد (2715)، وإسناده ضعيف. والموارد: المراد: المجاري والطرق إلى الماء واحدها: مورد، وقارعة الطريق، أي: الطريق التي تقرع بالأرجل والنعال فتصبح ممهدة للمرور عليها، فهو من إضافة الصفة إلى الموصوف، أي: الطريق المقروعة. (¬2) زاد ابن الأعرابي في روايته بعد هذا الحديث: قال أبو داود: هذا مرسل، وهو مما انفرد به أهل مصر.

عبد الرزَّاق، قال أحمد: حدَّثنا مَعمَر، أخبرني أشعَثُ. وقال الحسن: عن أشعَثَ بنِ عبد الله، عن الحسن عن عبد الله بن مُغفَّل، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبولَنَّ أحدُكم في مُستَحَمِّهِ، ثُمَّ يَغتَسِلُ فيه -قال أحمد: ثُمَّ يتوضَّأُ فيه-، فإن عامَّةَ الوَسوَاسِ منه" (¬1) (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره دون قوله:" فإن عامة الوسواس منه" فإنه موقوف، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن الحسن البصري لم يصرح بسماعه من عبد الله بن مغفل. وهو في "مسند أحمد" (20569)، و"مصنف عبد الرزاق" (978)، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن ماجه (304). وأخرجه الترمذي (21)، والنسائي في "الكبرى" (33) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، به. وهو وفي "مسند أحمد" (20569)، و"صحيح ابن حبان" (1255). وانظر تخريج الرواية الموقوفة في "المسند". وللنهي عن البول في المستحم شاهد من حديث رجل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الآتي بعده. وآخر من حديث عبد الله بن يزيد عند الطبراني في"الأوسط" (2077)، وحسَّن إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب" 1/ 136، والهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 204. قال الخطابي: المستحم: المغتسل، ويسمى مستحماً باسم الحميم وهو الماء الحار. وقال ابن سيد الناس في شرح الترمذي ورقة (62): قال أهل العلم: وإنما نهي عن ذلك إذا لم يكن له مسلك يذهب منه البول، أو كان المكان صلباً، فيخيل إليه أنه أصابه شيء من رشاشه، فيحصل له الوسواس، فإن كان لا يخاف ذلك بأن يكون له منفذ أو غير ذلك، فلا كراهة. وقال ابن المبارك: قد وسع في البول في المغتسل إذا جرى فيه الماء. (¬2) زاد ابن الأعرابي في روايته بعد هذا الحديث: وروى شعبة وسعيد عن قتادة، عن عقبة بن صهبان، سمعت عبد الله بن مغفَّل يقول: البول في المغتسل يأخذ منه=

15 - باب النهي عن البول في الجحر

28 - حدَّثنا أحمد بن يونس، حدَّثنا زُهير، عن داودَ بنِ عبد الله، عن حُمَيد الحِميَرِيِّ -وهو ابن عبد الرحمن- قال: لقيتُ رجُلاً صَحِبَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كما صَحِبَهُ أبو هريرة، قال: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يَمتَشِطَ أحدُنا كُلَّ يومٍ، أو يبولَ في مُغتَسَلِهِ (¬1). 15 - باب النَّهي عن البول في الجُحر (¬2) 29 - حدَّثنا عُبيد الله بن عمر بن مَيسَرةَ، حدَّثنا معاذ بن هشام، حدَّثني أبي، عن قتادةَ عن عبد الله بنِ سَرْجِس: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُبالَ في الجُحْرِ. قال: قالوا لقتادة: ما يُكرَهُ من البولِ في الجُحرِ؟ قال: كان يُقال: إنها مساكِنُ الجنِّ (¬3). ¬

_ = الوسواس، وحديث شعبة أولى [قلنا: يعني: الموقوف] ورواه يزيد بن إبراهيم، عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن، عن ابن مغفل قوله. (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية، وداود بن عبد الله: هو الأودي الكوفي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (235) من طريق داود بن عبد الله الأودي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17011). والحديث عندهما أطول مما هنا، وسيأتي تمامه عند المصنف برقم (81). قوله: "كما صحبه أبو هريرة" أي: قدر ذلك، وبيَّنته رواية أحمد (17012)، ففيها: "قد صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أربع سنين كما صحبه أبو هريرة أربع سنين". وفي باب النهي عن الامتشاط كل يوم حديث عبد الله بن مغفل الآتي برقم (4159). (¬2) هذا التبويب أثبتناه من نسخة في هامش (ج). (¬3) رجاله ثقات، وقد أثبت سماع قتادة من عبد الله بن سرجس غيرُ واحد من أهل العلم كابن المديني وأبي زرعة وأبي حاتم الرازيين، وأحمد بن حنبل في رواية=

16 - باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء

16 - باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء 30 - حدَّثنا عمرو بن محمد الناقِدُ، حدَّثنا هاشِمُ بن القاسم، حدَّثنا إسرائيلُ، عن يوسُف بن أبي بُردة، عن أبيه حدَّثتني عائشةُ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرجَ مِنَ الغَائِطِ قال: "غُفرانَكَ" (¬1). 17 - باب كراهية مسِّ الذكر باليمين في الاستبراء 31 - حدَّثنا مُسلِم بنُ إبراهيم وموسى بن إسماعيل، قالا: حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة ¬

_ = ابنه عبد الله، وأما في رواية حرب بن إسماعيل فقد تشكك في سماعه منه. وصحح هذا الحديث ابن خزيمة وابن السكن كما في "التلخيص الحبير" 1/ 106. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (30) من طريق معاذ بن هشام، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20775). وأما تعليله النهي بأنها مساكن الجن، فلم يصرح بقائله، وهو غريب إلا إن أراد بالجن صغار الحيات، فإنه يقال لها: جِنّ وجِنَّان، واحدها جانّ. ومنه قوله تعالى: {فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا} [القصص: 31] وقال صاحب "بذل المجهود": والجن هاهنا ليس أحد الثقلين فقط، بل المراد ما يكون مستوراً عن أعين الناس من حشرات الأرض والهوام وغيرها. (¬1) إسناده حسن، يوسف بن أبي بردة -وإن لم يرو عنه غير اثنين- وثقه العجلي، وصحح حديثه هذا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وأبو حاتم الرازي وحسَّنه الترمذي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في "الكاشف": ثقة. وأخرجه الترمذي (7)، والنسائي في "الكبرى" (9824)، وابن ماجه (300) من طريق إسرائيل بن يونس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25220)، و"صحيح ابن حبان" (1444).

عن أبيه، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بالَ أحدُكم فلا يَمَسَّ ذَكَرَهُ بيمينِهِ، وإذا أتى الخَلاءَ فلا يَتَمسَّحْ بيمينهِ، وإذا شَرِبَ فلا يَشرَبْ نَفَساً واحداً" (¬1). 32 - حدَّثنا محمد بن آدم بن سليمان المِصِّيصيُّ، حدَّثنا ابنُ أبي زائدة، قال: حدَّثني أبو أيُّوب -يعني الإفريقي-، عن عاصم، عن المُسيّبِ بنِ رافعٍ ومَعبَد، أن حارثةَ بن وهب الخُزاعي قال: حدَثتني حَفصَةُ زوجُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يَجعَلُ يمينَه لطعامِهِ وشرابِهِ وثيابِهِ، ويَجعَلُ شِمالَهُ لِمَا سِوى ذلك (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العطار، ويحيى: هو ابن أبي كثير. وأخرجه البخاري (153)، ومسلم (267)، والترمذي (15)، والنسائي في "الكبرى" (28) و (29) و (41)، وابن ماجه (310) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وبعضهم يقتصر على بعضه. وهو في "مسند أحمد" (19419)، و "صحيح ابن حبان" (1434). قال ابن العربي في "عارضة الأحوذي": غفران: مصدر كالغفر والمغفرة ومثله سبحانك، ونصبه بإضمار فعل تقديره هنا: أطلب غفرانك، وفي طلب المغفرة هاهنا محتملان: الأول: أنه سأل المغفرة من تركه ذكر الله في ذلك في تلك الحالة، والثاني: وهو أشهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأل المغفرة في العجز عن شكر النعمة في تيسير الغذاء وإبقاء منفعته، وإخراج فضلته على سهولة، فيؤدي قضاء حقها بالمغفرة. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي أيوب الإفريقي -وهو عبد الله ابن علي الأزرق- ولاضطراب عاصم- وهو ابن أبي النجود- فيه. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا، ومعبد: هو ابن خالد الكوفي. وأخرجه أبو يعلى (7042) و (7060)، وابن حبان (5227)، والطبراني في "الكبير" 23/ (346)، والحاكم 4/ 109، والبيهقي 1/ 113 من طريق ابن أبي زائدة، بهذا الإسناد. ورواية غير أبي يعلى والبيهقي عن المسيب وحده، لم يقرنوه بمعبد.=

18 - باب الاستتار في الخلاء

33 - حدَّثنا أبو تَوبةَ الرَّبيعُ بن نافع، حدثني عيسى بن يونُس، عن ابن أبي عَروبَةَ، عن أبي مَعشَر، عن إبراهيم عن عائشة، قالت: كانت يَدُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - اليُمنى لطُهورِهِ وطعامِهِ، وكانت يَدُه اليُسرى لخَلائِهِ وما كانَ من أذى (¬1). 34 - حدَّثنا محمد بن حاتم بن بَزِيع، حدَّثنا عبد الوهَّاب بن عطاء، عن سعيد، عن أبي مَعشَر، عن إبراهيمَ، عن الأسود، عن عائشة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بمعناه (¬2). 18 - باب الاستتار في الخلاء 35 - حدَّثنا إبراهيم بن موسى الرازيُّ، أخبرنا عيسى بن يونُس، عن ثَورِ، عن الحصين الحُبرانيِّ، عن أبي سعيد ¬

_ =وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 152، وعبد بن حميد (1545)، وأحمد (26461)، والطبراني 23/ (347) من طريق حسين بن علي الجعفي، عن زائدة بن قدامة، عن عاصم، عن المسيب بن رافع، عن حفصة. فأسقط الواسطة بين المسيب وحفصة. وقال ابن أبي شيبة: وقال غير حسين عن زائدة: عن سواء عن حفصة. وتشهد له أحاديث الباب قبله وبعده. (¬1) رجاله ثقات، إلا أن إبراهيم -وهو ابن يزيد النخعي- لم يثبت له سماع من عائشة، وإنما دخل عليها ورآها، وقد تبينت الواسطة بينهما -وهو الأسود- كما سيأتي بعده. ابن أبي عروبة: هو سعيد، وعيسى بن يونس روى عنه قبل الاختلاط، وأبو معشر: هو زياد بن كليب الكوفي. وسيأتي بنحوه عند المصنف برقم (4140) من طريق مسروق، عن عائشة. وانظر تخريجه هناك. (¬2) إسناده صحيح، عبد الوهاب بن عطاء سمع من سعيد -وهو ابن أبي عروبة- قبل الاختلاط. الأسود: هو ابن يزيد النخعي. وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم (4140).

عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنِ اكتحَلَ فليُوتِرْ، مَن فعلَ فقد أحسَنَ، ومَن لا فلا حَرَجَ، ومن استَجمَرَ فليُوتِرْ، مَن فعلَ فقد أحسنَ، ومَن لا فلا حَرَجَ، ومَن أكلَ فما تخلَّلَ فليَلفِظْ، وما لاكَ بلسانِهِ فليَبتَلِعْ، مَن فعلَ فقد أحسَنَ، ومَن لا فلا حَرَجَ، ومَن أتى الغائِطَ فليَستَتِرْ فإن لم يَجِدْ إلا أن يَجمَعَ كثيباً مِن رَملٍ فليَستَدبِرْهُ، فإنَّ الشَّيطانَ يَلعَبُ بمقاعِدِ بني آدَمَ، مَن فعلَ فقد أحسَنَ، ومَن لا فلا حَرَجٍ" (¬1). قال أبو داود: رواه أبو عاصم (¬2) عن ثورٍ، قال: "حصين الحميري". ورواه عبدُ الملك بنُ الصبَّاح (¬3) عن ثور، فقال: "أبو سعد الخير" (¬4). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، حصين الحبراني مجهول تفرد بالرواية عنه ثور بن يزيد الحمصي، وأبو سعيد، ويقال: أبو سعد -وهو الحبراني- مجهول أيضاً، تفرد بالرواية عنه حُصين الحبراني. وأخرجه ابن ماجه (337) و (338)، ومختصراً (3498) من طريق عبد الملك ابن الصباح، عن ثور بن يزيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8838)، و"صحيح ابن حبان" (1410). (¬2) وهو الضحاك بن مخلد المعروف بالنبيل، وروايته عند الدارمي (662) و (2087)، والطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 122، وفي "شرح المشكل" (138)، وابن حبان (1410)، والحاكم 4/ 137. (¬3) وروايته عند ابن ماجه (337)، وقد نبهنا هناك على أن قوله: "أبو سعد الخير" وهم. (¬4) زاد ابن داسه في روايته: قال أبو داود: أبو سعد الخير هو من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

19 - باب ما ينهى عنه أن يستنجى به

19 - باب ما يُنهَى عنه أن يُستنجَى به 36 - حدَّثنا يزيد بنُ خالد بنِ عبد الله بن مَوهَبٍ الهَمداني، حدَّثنا المُفضَّلُ -يعني ابن فَضَالة المصريَّ- عن عيَّاش بن عبَّاس القِتْبانيِّ، أنَّ شِيَيمَ بنَ بَيتانَ أخبره، عن شَيبانَ القِتْبانيِّ أنَّ مَسلَمة بن مُخلدٍ استَعمَلَ رُويفِعَ بنَ ثابتٍ على أسفَلِ الأرضِ، قال شَيبانُ: فسِرنا معهُ من كومِ شَريكٍ إلى عَلْقماء أو من عَلْقماءَ إلى كُومِ شَريكٍ -يُريدُ عَلْقامَ-، فقال رُوَيفع: إن كانَ أحدُنا في زَمَنِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليأخُذُ نِضوَ أخيه على أنَّ له النِّصفَ مما يَغنَمُ ولنا النِّصفُ، فإن كانَ أحدُنا لَيَطيرُ لهُ النَّضلُ والرِّيشُ وللآخرِ القِدحُ، ثمَّ قال: قال لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا رُوَيفِعُ، لعلَّ الحياة ستطُولُ بك بعدي، فأخبِرِ النَّاسَ أنَّهُ مَن عَقَدَ لِحيتهُ أو تَقَلَّدَ وَتَراً أو استَنجَى برَجِيعِ دابَّةٍ أو عَظمٍ، فإنَّ مُحمداً منه بريءٌ" (¬1). 37 - حدَّثنا يزيد بن خالد، حدَّثنا مُفضَّلٌ، عن عيَّاش، أنَّ شِيَيمَ بن بَيتانَ أخبرهُ بهذا الحديث أيضاً عن أبي سالم الجَيشانيِّ، عن عبد الله بن عمروٍ، يذكرُ ذلك وهو معه مُرابِطٌ بحِصنِ بابِ أليُونَ (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة شيان القتباني -وهو ابن أمية-, لكنه متابع كما سيأتي بعده. وأخرج المرفوع منه النسائي في "الكبرى" (9284) من طريق حيوة بن شريح، عن عياش القتباني، أن شييم بن بيتان حدثه أنه سمع رويفع بن ثابت ... فذكره. وهو في "مسند أحمد" (17000). وانظر تمام الكلام عليه فيه. والقصة التي في أوله أخرجها أحمد (16995). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. أبو سالم الجيشاني: هو سفيان بن هانئ. وانظر تخريجه فيما قبله.

قال أبو داود: حصنُ أليُونَ بالفُسطاطِ على جبل (¬1). قال أبو داود: وهو شَيبانُ بن أُميَّة، يُكنى أبا حُذيفة. 38 - حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن حنبل، حدَّثنا رَوحُ بن عُبادةَ، حدثنا زكريا ابنُ إسحاق، حدَّثنا أبو الزُّبير أنه سمعَ جابرَ بنَ عبدِ الله يقولُ: نهانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتمَسَّحَ بعَظمٍ أو بَعْرٍ (¬2). 39 - حدَّثنا حَيوةُ بنُ شُرَيح الحِمصيُّ، حدثنا ابنُ عياشٍ، عن يحيي بن أبي عمرو السَّيبانيِّ، عن عبد الله بن الدَّيلَميِّ عن عبد الله بن مسعود، قال: قَدِمَ وَفدُ الجنِّ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا محمَّدُ، انْهَ أُمَّتَكَ أن يَستَنجُوا بعَظمٍ أَو رَوْثةٍ أو حُمَمَةٍ، فإنَّ الله تعالى جعلَ لنا فيها رِزقاً. قال فنهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك (¬3). ¬

_ (¬1) جاء في هامش (د) ما نصه: أليون، بفتح الهمزة وسكون وضم المثناة تحت: اسم مدينة مصر قديماً، فتحها المسلمون وسموها الفسطاط. (¬2) إسناده صحيح. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي- قد صرح بالتحديث. وأخرجه مسلم (263) من طريق روح بن عبادة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14699). (¬3) إسناده ضعيف، ابن عياش -وهو إسماعيل، وإن كان صدوقاً في روايته عن أهل بلده، وهذا منها- قد تفرد بهذا السياق، ولم يُتابَع عليه إلا من طريق ضعيف، وضعفه بهذا السياق الدارقطني والبيهقي. وأخرجه من طريق أبي داود البيهقيُّ 1/ 109، والبغوي (180). وقال البيهقي: إسناده شامي غير قوي. وأخرجه الدارقطني (149) من طريق إسماعيل بن عياش، به. وقال: إسناده شامي ليس بثابت.=

20 - باب الاستنجاء بالحجارة

20 - باب الاستنجاء بالحجارة 40 - حدَّثنا سعيد بن منصور وقُتيبة بن سعيد، قالا: حدَّثنا يعقوبُ بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن مُسلِمِ بن قُرْطٍ، عن عُروة عن عائشة: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا ذهبَ أحدُكُم إلى الغائِطِ فليَذهَبْ معه بثلاثةِ أحجارٍ يَستَطيبُ بهنَّ، فإنَّها تُجزئُ عنه" (¬1). ¬

_ =وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (872) من طريق بقية بن الوليد، عن الأوزاعي، عن يحيي السيباني، به. وبقية مدلس ورواه بالعنعنة على ضعف فيه أيضاً. وأخرج مسلم (450) (150)، والترمذي (18)، والنسائي في "الكبرى" (39) من طريق داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة، عن ابن مسعود رفعه: "لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام، فإنه زاد إخوانكم من الجن" وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن رواه ابن عُلية عند مسلم بإثر الرواية السالفة والترمذي (3540) عن داود ابن أبي هند، به. إلا أنه جعل النهيَ عن الاستنجاء بهما مسنداً، وتعليلَ ذلك بأنهما من طعام الجن عن الشعبي مرسلاً. ورجح رواية ابن علية الدارقطني في "التتبع" ص341 - 343، وفي "العلل" 5/ 132، والخطيب في "الفصل للوصل" 2/ 624. وانظر ما علقناه على "جامع الترمذي". وللنهي عن الاستنجاء بالعظم والروث شواهد، منها حديث جابر السالف قبل هذا، وحديث أبي هريرة عند البخاري (155). وليس فيهما التعليل بأنهما من طعام الجن. أما النهي عن الاستنجاء بالحممة -وهي الفحمة- فأخرجه الدارقطي (150)، والبيهقي 1/ 109 - 110 من طريق موسي بن عُلَيّ بن رباح، عن أبيه، عن ابن مسعود. وأعلاه بأن عُلي بن رباح لم يثبت له سماع من ابن مسعود. وانظر "مسند أحمد" (4375). وله شاهد من حديث عبد الله بن الحارث بن جزء عند البزار (3783)، وفي إسناده عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة مسلم بن قرط، فقد تفرد بالرواية عنه أبو حازم، وهو سلمة بن دينار. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (42) من طريق أبي حازم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24771) و (25013).

21 - باب في الاستبراء

41 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النفيلي، حدَّثنا أبو مُعاوية، عن هشام بن عُروة، عن عمرو بن خُزَيمةَ، عن عُمارةَ بن خُزيمة عن خُزيمةَ بن ثابتٍ، قال: سُئِل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن الاستِطابةِ فقال: "بثلاثةِ أحجارٍ ليسَ فيها رَجيعٌ" (¬1). قال أبو داود: كذا رواهُ أبو أُسامة وابنُ نُمَيرِ، عن هشام. 21 - باب في الاستبراء 42 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ وخلفُ بنُ هشامٍ المُقريُّ، قالا: حدَّثنا عبدُ الله ابنُ يحيى التَّوأمُ (ح) وحدثنا عمرُو بنُ عونٍ، أخبرنا أبو يعقوب التَّوأمُ، عن عبدِ الله بن أبي مُلَيكة عن أُمِّه عن عائشة، قالت: بالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقامَ عمرُ خلفَه بكوزٍ من ماء، فقال: "ما هذا يا عمر؟ " فقال: ماءٌ تَوَضَّأُ به، قال: "ما أُمرتُ ¬

_ =ويشهد للاستنجاء بثلاثة أحجار حديث سلمان السالف برقم (7)، وحديث أبي هريرة السالف برقم (8)، وحديثه أيضاً السالف برقم (35). والاستطابة بالأحجار والاستنجاء والاستجمار كناية عن إزالة الخارج من السبيلين عن مخرجه، فالاستطابة والاستنجاء تارة يكونان بالماء، وتارة بالأحجار، والاستجمار مختص بالأحجار. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عمرو بن خزيمة، وقد اختلف فيه على هشام بن عروة كما بيناه في تعليقنا على "المسند" (21856). وأخرجه ابن ماجه (315) من طريق ابن عيينة ووكيع، عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. ويشهد له حديث سلمان السالف برقم (7). وانظر تتمة شواهده في "المسند".

22 - باب في الاستنجاء بالماء

كلَّما بُلت أن أتوضأ، ولو فعلت لكانت سُنَّةً" (¬1). 22 - باب في الاستنجاء بالماء 43 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقِيَّة، عن خالد -يعني الواسطي-, عن خالدٍ -يعني الحذَّاء- عن عطاء بن أبي ميمونة عن أنسِ بنِ مالك: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دخلَ حائِطاً ومعه غلامٌ معه مِيضَأةٌ، وهو أصغَرُنا، فوضَعَها عند السِّدْرَةِ، فقضى حاجَتَه، فخرجَ علينا وقد استنجى بالماء (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن يحيي التوأم وجهالة أم عبد الله بن أبي مليكة، فقد تفرد بالرواية عنها ابنها. وأخرجه ابن ماجه (327) من طريق عبد الله بن يحيي التوأم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24643). وفي الباب عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء، فأُتي بطعام فذكروا له الوضوء، فقال: "أريد أن أصلي فأتوضأ؟! " أخرجه مسلم (374). وعن عائشة قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من غائط قط إلا مسَّ ماء. أخرجه ابن ماجه (354) بإسناد صحيح. وقوله: تَوَضَّأُ به، أي: تتوضأ بالماء بعد البول الوضوء الشرعي، أو المراد به الوضوء اللغوي، وهو الاستنجاء بالماء، وعليه حمله المؤلف وابن ماجه. (¬2) إسناده صحيح. خالد الواسطي: هو ابن عبد الله، وخالد الحذاء: هو ابن مهران. وأخرجه مسلم (270) من طريق خالد الواسطي، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البخاري (150)، والنسائي في "الكبرى" (47) من طريق شعبة ابن الحجاج، والبخاري (217)، ومسلم (271) من طريق روح بن القاسم، كلاهما عن عطاء بن أبي ميمونة، به. وهو في "مسند أحمد" (12100). والمِيضأة: المطهرة يُتوضأ منها.

23 - باب الرجل يدلك يده بالأرض إذا استنجى

44 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا معاويةُ بنُ هشام، عن يونسَ بن الحارث، عن إبراهيمَ بن أبي ميمونة، عن أبي صالح عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "نَزَلَت هذه الآيةُ في أهل قُباء {فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} [التوبة: 108] قال: كانُوا يَستَنجُونَ بالماء، فنزلت فيهم هذه الآية" (¬1). 23 - باب الرجل يدلُك يده بالأرض إذا استنجى 45 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالد، حدَّثنا أسودُ بنُ عامر، حدَّثنا شَريكٌ -وهذا لفظُهُ- (ح) وحدَّثنا محمَّدُ بنُ عبدِ الله -يعني المُخرَّميَّ-, حدَّثنا وكيع، عن شَريكٍ، عن إبراهيمَ بن جريرٍ (¬2)، عن أبي زُرعة ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يونس بن الحارث وجهالة إبراهيم ابن أبي ميمونة. وأخرجه الترمذي (3357)، وابن ماجه (357) من طريق معاوية بن هشام، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: غريب من هذا الوجه. وله شاهد من حديث أبي أيوب وجابر وأنس عند ابن ماجه (355). وآخر من حديث عويم بن ساعدة الأنصاري عند أحمد (15485). وثالث من حديث محمد بن عبد الله بن سلام عنده أيضاً (23833). ورابع من حديث ابن عباس عند الطبراني (11065)، والحاكم 1/ 187 - 188. وخامس من حديث أبي أمامة عند الطبراني (7555). وفي أسانيدها جميعاً ضعف، لكن يتقوى بها الحديث. (¬2) زاد في (ح) و (ع) بين إبراهيم بن جرير وأبي زرعة قوله: "عن المغيرة" وهو خطأ. انظر "بذل المجهود" 1/ 109 - 110، و"عون المعبود" 1/ 44 - 45.

24 - باب السواك

عن أبي هريرة، قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى الخَلاءَ أتيتُهُ بماءٍ في تَورٍ أو رَكْوَةِ، فاستَنجَى (¬1). قال أبو داود في حديث وكيع: "ثمَّ مسحَ يَدَهُ على الأرضِ ثمَّ أتيتُهُ بإناءِ آخَرَ فتوضَّأ". قال أبو داود: وحديثُ الأسود بن عامر أتمُّ. 24 - باب السِّواك 46 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيد، عن سُفيان، عن أبي الزِّناد، عن الأعرَجِ عن أبي هريرة يَرفَعُه، قال: "لولا أن أشُقَّ على المُؤمِنينَ لأمَرتُهم بتأخيرِ العِشاءِ وبالسِّواك عند كُل صلاةِ" (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ، وباقي رجاله ثقات. إبراهيم بنُ خالد: هو أبو ثور الفقيه صاحب الشافعي، ووكيع: هو ابن الجراح، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير. وأخرجه بنحوه النسائي (48)، وابن ماجه (358) و (473) من طريق شريك، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8104)، و "صحيح ابن حبان" (1405). وفى الباب حديث عائشة عند ابن ماجه (354) قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من غائط قط إلا مس ماء. وإسناده صحيح. وصححه ابن حبان (1441). وعن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام إداوة من ماء وعَنَزة يستنجي بالماء. أخرجه البخاري (150) و (152)، ومسلم (271). وقوله: تور أو ركوة. التور: إناء من صفر أو حجارة كالإجانة يتوضأ منها، والرّكوة: إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء ويتوضأ منه، وأو للشك ممن يروي عن أبي هريرة، أو للتنويع، أي: تارة وتارة. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عُيينة، وأبو الزناد: هو عبدُ الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرمز.=

47 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ مُوسى، أخبرنا عيسى بنُ يونسَ، حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاق، عن مُحمَّد بن إبراهيم التَّيمى، عن أبي سلمةَ بن عبدِ الرحمن عن زيد بن خالدٍ الجُهنيِّ، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لولا أن أشُقَّ على أُمَّتي لأمَرتُهُم بالسّواكِ عندَ كُلِّ صلاةٍ". قال أبو سلمة: فرأيتُ زيداً يَجلِسُ في المَسجِدِ، وإنَّ السِّواكَ مِن أُذُنِهِ مَوضِعَ القَلَمِ من أُذُنِ الكاتِبِ، فكُلَّما قامَ إلى الصَّلاة استَاكَ (¬1). ¬

_ =وأخرجه مسلم (252)، والنسائي في "الكبرى" (3034)، وابن ماجه (690) من طريق سفيان بن عيينة، والبخاري (887)، والنسائى في "الكبرى" (6) من طريق مالك، كلاهما عن أبي الزناد، بهذا الإسناد. ورواية مالك مختصرة بذكر السواك، وكذا رواية مسلم، ورواية ابن ماجه مختصرة بذكر العشاء. وأخرجه مختصراً بذكر السواك البخاري (7240) من طريق جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، به. وأخرجه ابن ماجه (287) مختصراً بذكر السواك، و (691) مختصراً بذكر العشاء من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7339)، و"صحيح ابن حبان" (1068). وانظر ما بعده. قال الإمام الشافعي: فيه دليل على أن السواك ليس بواجب، لأنه لو كان واجباً لأمرهم به شقَّ عليهم أو لم يشق. وإلى القولِ بعدمِ وجوبه صار أكثرُ أهل العلم. (¬1) حديث صحيح، محمد بن إسحاق -وإن كان مدلساً ورواه بالعنعنة- قد توبع. وقد اختلف فيه على أبي سلمة. فأخرجه الترمذي (23)، والنسائي في "الكبرى" (3029) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.=

48 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ عَوف الطَّائيُّ، حدَّثنا أحمدُ بن خالد، حدَّثنا محمَّدُ ابنُ إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عبد الله بن عبدِ الله بن عمر، قال: قلتُ: أرأيتَ تَوَضِّيَ (¬1) ابن عمرَ لكُلِّ صلاةٍ طاهراً وغيرَ طاهرٍ، عَمَّ ذاكَ؟ فقال: حَدَّثَتنيهِ أسماءُ بنتُ زيدِ بن الخطَّاب، أنَّ عبدَ الله بنَ حَنظلَةَ بنِ أبي عامرٍ حدَّثها: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أُمِرَ بالوُضوءِ لكُلِّ صلاةٍ طاهِراً وغيرَ طاهِرٍ، فلمَّا شَقَّ ذلك عليه أُمِرَ بالسِّواك لكُلِّ صلاةٍ. فكان ابنُ عُمر يرى أنَّ به قُوَّةً، فكانَ لا يَدَعُ الوُضُوءَ لكُلِّ صلاةٍ (¬2). ¬

_ =وأخرجه أحمد (17048) من طريق يحيى بن أبي كثير، حدَّثنا أبو سلمة، به. وإسناده صحيح. وأخرجه الترمذي (22)، والنسائي في "الكبرى" (3030) من طريق محمد بن عمرو الليثي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7853). وذهب الترمذي إلى أن الحديثين محفوظان، ونقل عن البخاري أنه رجح عن أبي سلمة حديث زيد بن خالد. بينما نقل النسائى عن يحيى القطان أنه رجح عنه حديث أبي هريرة. (¬1) كذا في الأصول الخطية، والصواب: توضؤ، وقد جاء في هامش نسخة (أ): قال النووي رحمه الله: كذا في جميع النسخ: توضي، بكسر الضاد وبالياء، وصوابه: توضؤ، بضم الضاد وبعدها همزة، تكتب واواً. (¬2) حديث حسن، محمد بن إسحاق -وإن كان مدلساً ورواه بالعنعنة- قد صرح بالتحديث عند أحمد وغيره، وباقي رجاله ثقات. وقد اختلف على ابن إسحاق في اسم عبد الله بن عمر، فروي عنه مكبراً ومصغراً كما أشار إليه المصنف وكما سيأتي فى التخريج، وهذا الاختلاف لا يضر، فكلاهما ثقة. وأخرجه للدارمي (658)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثانى" (2247)، وابن خزيمة (15) و (138)، والطحاوي 1/ 42 - 43، والبيهقي 1/ 37 - 38 من طريق=

25 - باب كيف يستاك

قال أبو داود: إبراهيمُ بنُ سعدٍ رواهُ عن محمدِ بن إسحاق قال: "عُبيدُ الله بنُ عبد الله". 25 - باب كيف يستاك 49 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وسُليمانُ بنُ داودَ العَتكي -المعنى- قالا: حدَّثنا حمَّادُ ابنُ زيد، عن غَيلانَ بن جَريرٍ، عن أبي بُردة عن أبيه، قال مُسدَّد: قال: أتينا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَستَحمِلُه، فرأيتُه يستاكُ على لسانِه. قال أبو داود: وقال سُليمان: قال دَخَلتُ على النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - وهو يَستَاكُ، وقد وَضَعَ السِّواكَ على طَرَفِ لسانِهِ وهو يقول: "أهْ أهْ" (¬1) يعني يَتَهَوَّعُ. قال أبو داود: قال مُسدَّد: فكان ¬

_ = أحمد بن خالد الوهبي، والبخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 67 - 68 من طريق يونس ابن بكير الشيباني، كلاهما عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وتحرف عبد الله بن عبد الله عند الدارمي وعند ابن خزيمة في الموضع الأول إلى: "عبيد الله" مصغراً. وأخرجه أحمد (21960)، والبخاري في "التاريخ" 5/ 68، والبزار (3378) و (3382)، وابن خزيمة (15)، والحاكم 1/ 156 من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 263 - 264، والبيهقي 1/ 37 - 38 من طريق سعيد بن يحيى اللخمي، كلاهما عن ابن إسحاق، عن محمد بن يحيى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر مصغراً. وسقط من إسناد البزار في الرواية الأولى عبيد الله ابن عبد الله، وتحرف عبيد الله في "تاريخ البخاري" وفي رواية البزار الثانية إلى عبد الله مكبراً. (¬1) ضبطت في (د) و (هـ) بالمد وسكون الهاء، وفي (ج) بفتح الهمزة وسكون الهاء، وجاء في هامش (أ) ما نصه: قال النووي: بهمزة مضمومة، وقيل: مفتوحة، ثم هاء ساكنة.

26 - باب في الرجل يستاك بسواك غيره

حديثاً طويلاً، اختصرتُهُ (¬1) (¬2). 26 - باب في الرجل يستاك بسواك غيره 50 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ عيسى، حدَّثنا عَنبَسَةُ بنُ عبد الواحد، عن هشام بن عُروة، عن أبيه عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَستَنُّ وعنده رجلان أحدُهما أكبَرُ مِنَ الآخَرِ، فأوحى الله إليه في فَضلِ السِّواكِ: أنْ كَبِّرْ، أَعطِ السواكَ أكبَرَهما (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري. وأخرجه البخاري (244)، ومسلم (254)، والنسائي في "الكبرى" (3) من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. ولفظ البخاري والنسائي بنحو لفظ سليمان العتكي، ولفظ مسلم بنحو لفظ مسدد. وهو في "مسند أحمد" (19737)، و"صحيح ابن حبان" (1073). وقوله: يعني يتهوع، ولفظ البخاري: كأنه يتهوع، والتهوع: التقيؤ. قال الحافظ: أي: له صوت كصوت المتقيئ. (¬2) جاء في رواية ابن الأعرابي زيادة: اختصرته يوم الجمعة في المسجد. (¬3) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير. وظاهر حديث عائشة هذا أنه في اليقظة، وقد أخرج مسلم (2271) (19)، وعلقه البخاري في "صحيحه" بصيغة الجزم (246) من طريق صخر بن جويرية، عن نافع، أن عبد الله بن عمر حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُراني في المنام أتسوَّكُ بسواك، فجذبني رجلان، أحدهما أكبرُ من الآخر، فناولتُ السواكَ الأصغَر منهما، فقال لي: كبِّر، فدفعتُه إلى الأكبر" فهذا يقتضي أنه في المنام. وانظر للجمع بينهما "مسند أحمد" (6226) وتعليقنا عليه، و"فتح الباري" 1/ 357. قال ابن بطال: فيه تقديم ذي السن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب، والمشي والكلام. وقال النووي: معناه: أوحي إليَّ في فضل آداب السواك أن يعطيه الأكبر.

27 - باب في غسل السواك

51 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرَّازيُّ، أخبرنا عيسى بنُ يونسَ، عن مِسعَرٍ، عن المِقدامِ بن شُرَيح، عن أبيه، قال: قلتُ لعائشة: بأيِّ شيءٍ كان يَبدَأُ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخلَ بيتَه؟ قالت: بالسِّواك (¬1). 27 - باب في غسل السواك 52 - حدَّثنا محمَّد بن بشَّار، حدَّثنا محمَّد بن عبدِ الله الأنصاري، حدَّثنا عَنبَسَةُ بنُ سعيدٍ الكوفي الحاسبُ، حدَّثني كثيرٌ عن عائشة أنَّها قالت: كان نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - يَستاكُ فيُعطيني السِّواكَ لأغسِلَه، فأبدأُ به فأستاكُ، ثمَّ أغسِلُه وأدفَعُه إليه (¬2). 28 - باب السواك من الفطرة 53 - حدَّثنا يحيي بنُ مَعِينٍ، حدَّثنا وكيعٌ، عن زكريَّا بن أبي زائِدَةَ، عن مُصعَبِ بن شَيبةَ، عن طَلْقِ بنِ حبيبٍ، عن ابن الزُّبير عن عائشة قالت: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "عَشْرٌ من الفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّاربِ، وإعفاءُ اللِّحيَة، والسِّواكُ، والاستِنشاقُ بالماءِ، وقصُّ ¬

_ (¬1) هذا الحديث من رواية ابن داسه وحده. وإسناده صحيح. مسعر: هو ابن كدام، وشريح: هو ابن هانئ الحارثي. وأخرجه مسلم (253)، والنسائي في "الكبرى" (7)، وابن ماجه (290) من طرق عن المقدام بن شريح، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (24144)، و"صحيح ابن حبان" (1074) و (2514). (¬2) إسناده حسن، كثير -وهو ابن عبيد التيمي رضيع عائشة- روى عنه جمع، وذكره ابن حبان فى "الثقات"، ولا يُعلم فيه جرح، فمثلُه يكونُ حسَن الحديث. وأخرجه البيهقي 1/ 39 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.

الأظْفَارِ، وغَسلُ البَرَاجم، ونَتْفُ الإبطِ، وحَلقُ العانَةِ، وانتِقاصُ الماءِ" يعني الاستِنجاءَ بالماءِ، قال زكريَّا: قال مُصعَبٌ: ونسيتُ العاشِرَة إلا أن تكونَ المَضمَضَة (¬1). 54 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ وداودُ بنُ شَبيبٍ، قالا: حدَّثنا حمَّادٌ، عن علىّ بن زيدٍ، عن سلمةَ بن محمَدِ بن عمَّار بن ياسر -قال موسى: عن أبيه، وقال داود: عن عمَّار بن ياسر أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ من الفِطْرَة المَضمَضَةَ والاستِنشاقَ" فذكر نحوَه، ولم يَذكُر إعفاءَ اللِّحيَة، وزاد: "الخِتان"، قال: "والانتِضاحَ" ولم يَذكُر انتِقاصَ الماءِ، يعني الاستِنجاء (¬2). ¬

_ (¬1) الصحيح وقفه، وهذا إسناد ضعيف لضعف مصعب بن شيبة، وقد انفرد برفعه، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه مسلم (261) في الشواهد، والترمذي (2961)، والنسائي في "الكبرى" (9241)، وابن ماجه (293) من طريقين عن زكريا بن أبي زائدة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25060). وأخرجه النسائي في "المجتبى" (5041) من طريق سليمان التيمي، و (5042) من طريق جعفر بن إياس أبي بشر، كلاهما عن طلق بن حبيب قولَه. وقال النسائي: حديث سليمان التيمي وجعفر بن إياس أشبه بالصواب من حديث مصعب بن شيبة، ومصعب منكر الحديث. وقال الدارقطني في "العلل" 5/ الورقة 24: وهما أثبت من مصعب بن شيبة وأصح حديثاً. وقال ابن حجر في "التخليص"، 1/ 77: وهو معلول. قوله: "غسل البراجم" معناه تنظيف المواضع التي تتسخ، ويجتمع فيها الوسخ، وأصل البراجم: العُقَد التي تكون في ظهور الأصابع، واحدها بُرجمة. (¬2) إسناده ضعيف، سلمة بن محمد بن عمار مجهول تفرد بالرواية عنه علي بن زيد بن جدعان -وهو ضعيف-، قال المنذري في "مختصر السنن": حديث سلمة بن محمد عن أبيه مرسل، لأن أباه ليست له صحبة، وحديثه عن جده قال ابن معين: مرسل. يعني أنه منقطع بين سلمة وعمار.=

قال أبو داود: ورُوي نحوُه، عن ابن عبَّاسٍ، وقال: "خمسٌ كلُّها في الرَّأس" وذكرَ فيها الفَرْقَ، ولم يَذكُر إعفاءَ اللِّحيَة (¬1). قال أبو داود: ورُوِي نحوُ حديثِ حمَّادٍ عن طَلْقِ بن حبيبٍ (¬2) ومُجاهدٍ وعن بكرِ بن عبد الله المُزَنيِّ قولَهم، ولم يَذكُروا إعفاءَ اللِّحيَةِ. وفي حديث محمَّد بن عبد الله بن أبي مريم (¬3)، عن أبي سلمة، ¬

_ =وأخرجه ابن ماجه (294) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18327). وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري (5889)، ولفظه: الفطرة خمس -أو خمس من الفطرة-: الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظفار وقص الشارب". وسيأتي برقم (4198). وعن ابن عمر عند البخاري (5890)، ولفظه: "من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظفار وقص الشارب". والانتضاح: هو نضح الفرج بماء قليل بعد الوضوء لنفي الوسواس عنه. (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 57، والحاكم 2/ 266، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبري في "التفسير" 1/ 524، وفي "التاريخ" 1/ 144 عن معمر عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} [البقرة 124]: قال: ابتلاه الله بالطهارة، خمس في الرأس وخمس في الجسد، في الرأس: السواك والاستنشاق والمضمضة وقص الشارب وفرق الرأس، وفي الجسد خمسة: تقليم الأظافر وحلق العانة والختان والاستنجاء عند الغائط والبول ونتف الإبط. (¬2) سلف تخريج الموقوف على طلق بن حبيب عند حديثه السالف برقم (53). (¬3) محمد بن عبد الله بن أبي مريم هو المدني الخزاعي مولاهم، روى عنه جمع، وقال يحيى بن سعيد القطان: لم يكن به بأس، وقال أبو حاتم: شيخ مدني صالح الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات" ولم نقف على حديثه هذا عند غير أبي داود.

29 - باب السواك لمن قام من الليل

عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه: "وإعفاء اللِّحية". وعن إبراهيمَ النَّخعى نحوه، وذكرَ إعفاءَ اللِّحية والخِتان. 29 - باب السواك لمن قام من الليل 55 - حدَّثنا محمد بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن مَنصورٍ وحُصَين، عن أبي وائل عن حُذَيفةَ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا قامَ مِنَ اللَّيل يَشُوصُ فاهُ بالسِّواك (¬1). 56 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، أخبرنا بَهزُ بنُ حكيم، عن زُرَارةَ بن أوفى، عن سعدِ بنِ هشامِ عن عائشة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يُوضَعُ له وَضوؤُه وسِواكُه، فإذا قامَ من اللَّيل تخلَّى ثمَّ استاك (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة. وأخرجه البخاري (245) و (889) و (1136)، ومسلم (255)، والنسائي في "الكبرى" (2)، وابن ماجه (286) من طرق عن أبي وائل، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23242)، و "صحيح ابن حبان" (1072). وقوله: يشوص فاه بالسواك. قال صاحب "النهاية": أي: يدلك أسنانه وينقيها، وقيل: هو أن يستاك من سُفل إلى علو، وأصل الشوص الغسل. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ضمن حديث مطول النسائي في "الكبرى" (448) و (1239)، وابن ماجه (1191) من طريق قتادة، عن زرارة بن أوفى، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24269). وقوله: تخلى، من الخلاء: المكان الذي ليس به أحد، ويطلق على المكان المعد لقضاء الحاجة، وعلى قضاء الحاجة نفسها تسمية للحالِّ باسم المحل وهو المراد هنا.

57 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ كثير، حدَّثنا همَّام، عن علىِّ بن زيد، عن أم محمَّد عن عائشة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ لا يَرقُدُ من ليلٍ ولا نهارٍ فيَستَيقِظُ إلا تَسَوَّكَ قبلَ أن يَتَوَضَّأ (¬1). 58 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ عيسى، حدَّثنا هُشَيم، أخبرنا حُصَين، عن حبيبِ بنِ أبي ثابتٍ، عن محمَدِ بن علىّ بن عبدِ الله بن عبَّاس، عن أبيه عن جدِّه عبدِ الله بن عبَّاس، قال: بِتُّ ليلةً عند النبىِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا استَيقَظَ مِن مَنامِه أتى طَهُورَهُ فأخذَ سِواكَه فاستَاكَ، ثمَّ تلا هذه الآيات: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190] حتَّى قَارَبَ أن يَختِمَ السُّورةَ أو خَتَمها، ثمَّ تَوَضَّأ، فأتى مُصَلاَّه فصلَّى ركعتَينِ، ثمَّ رجعَ إلى فِراشِهِ فنامَ ما شاء الله، ثمَّ استَيقَظَ ففعلَ مثلَ ذلك ثمَّ رجع إلى فراشه فنام، ثمَّ استيقظ، ففعل مثل ذلك كلُّ ذلك يَستاكُ ويُصلَّي ركعتَين، ثمَّ أوتَرَ (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابن جُدعان- وجهالة أم محمد- وهي امرأة زيد بن جدعان، يقال: اسمها أمينة، ويقال: أمية-، وباقي رجاله ثقات. همام: هو ابن يحيى العوذي. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 483، وابن أبي شيبة 1/ 169، وأحمد (24900)، وإسحاق بن راهويه (1401)، والطبراني في "الأوسط" (3557) , و (6843)، والبيهقي 1/ 39 من طريق همام، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث ابن عمر عند أحمد (5979) بسند حسن ولفظه كان لا ينام إلا والسواك عنده، فإذا استيقظ بدأ بالسواك. (¬2) إسناده صحيح. هشيم: هو ابن بشير، وحصين: هو ابن عبد الرحمن. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (402) من طريق زائدة بن قدامة، عن حصين، بهذا الإسناد. وزاد فيه: وأوتر بثلاث.=

30 - باب فرض الوضوء

قال أبو داود: رواه ابنُ فُضَيل، عن حُصَين قال: فتَسَوَّك وتوضَّأ وهو يقول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} حتى خَتَمَ السورة (¬1). 30 - باب فرض الوضوء 59 - حدَّثنا مسلم بن إبراهيم، حدَّثنا شُعبَة، عن قتادة، عن أبي المَليح عن أبيه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَقبَلُ الله صدقةً مِن غُلولٍ، ولا صلاةً بغيرِ طُهور" (¬2). 60 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد بن حَنبَلٍ، حدَّثنا عبدُ الرَّزَّاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن همَّام بن مُنَبِّه ¬

_ =وأخرجه مختصراً النسائي (403) من طريق زيد بن أبي أنيسة، و (1346) من طريق سفِيان الثوري، كلاهما، عن حبيب به. إلا أن زيداً لم يذكر علي بن عبد الله في إسناده، وذكر سفيان في روايته الإيتار بثلاث. وهو في "مسند أحمد" (3541). وأخرجه بنحوه مختصراً مسلم (256) من طريق أبي المتوكل، عن ابن عباس. وهو في "مسند أحمد" (2488). (¬1) رواية ابن فضيل أخرجها مسلم (763)، وستأتي برقم (1353)، وفيها ذكر الإيتار بثلاث. (¬2) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وأبو المليح: هو ابن أسامة بن عمير. وأخرجه النسائي في "الكبرى" و (2315)، وابن ماجه (271) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (79) من طريق أبي عوانة، عن قتادة، به. وهو في "مسند أحمد" (20708)، و"صحيح ابن حبان" (1705). والغلول: الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة، وكل من خان في شيء خفية فقد غل، وسميت غلولاً، لأن الأيدي فيها مغلولة، أي: ممنوعة. قال أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوذي": فالصدقة من مال حرام في عدم القبول، واستحقاق العقاب، كالصلاة بغير طهور في ذلك.

عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَقبَلُ اللهُ تعالى ذِكره صلاةَ أحدِكم (¬1) إذا أحدَثَ حتَّى يتوضَّأ" (¬2). 61 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، عن سُفيان، عن ابنِ عَقيل، عن محمَّد ابن الحنفية عن عليٍّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مِفتاحُ الصَّلاة الطُّهورُ، وتحريمُها التكبيرُ، وتحليلُها التَّسليم" (¬3). ¬

_ (¬1) في (د) و (هـ): لا تقبل صلاةُ أحدكم. (¬2) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد الصنعانى. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (530)، ومن طريقه أخرجه البخاري (135)، ومسلم (225)، والترمذي (76). وهو في "مسند أحمد" (7078). والمراد بالقبول هنا: ما يُرادف الصحة، وهو الإجزاء. وقوله: أحدث، أي: وجد منه الحدث، والمراد به الخارج من أحد السبيلين، وتفسير أبي هريرة الحدث في رواية البخاري بأنه فساء أو ضراط إنما هو تنبيه بالأخف على الأغلظ. (¬3) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن عقيل -وهو عبد الله بن محمد-، وباقي رجاله ثقات. وصحح إسناده النووي في "المجموع" 3/ 289، وابن حجر في "الفتح" 2/ 322! وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه الترمذي (3)، وابن ماجه (275) من طريق سفيان، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن. وهو في "مسند أحمد" (1006). وسيأتي مكرراً برقم (618). وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عند الترمذي (238)، وابن ماجه (276)، وفي إسناده أبو سفيان السعدي طريف بن شهاب، وهو ضعيف. وانظر تتمة شواهده في تعليقنا على "سنن ابن ماجه". وقوله: وتحليلها التسليم. أي: صار المصلي بالتسليم يحل له ما حرم عليه فيها بالتكبير من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها، كما يحل للمحرم بالحج عند الفراغ منه ما كان حراماً عليه. قاله السيوطي.

31 - باب الرجل يحدث الوضوء من غير حدث

31 - باب الرجل يُحدِثُ الوضوء من غير حدث 62 - حدَّثنا محمّد بنُ يحيي بن فارس، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيد المُقرئ (ح) وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يونُسَ، قالا: حدَّثنا عبدُ الرحمن بن زياد - قال أبو داود: وأنا لحديثِ ابنِ يحيي أتقَنُ-, عن غُطَيفٍ -وقال محمَّد، عن أبي غُطيف الهُذَليِّ- قال: كنتُ عندَ عبدِ الله بنِ عمر، فلمَّا نُودِيَ بالظُّهرِ توضَّأ فصلَّى، فلمَّا نُودِيَ بالعَصرِ توضَّأ، فقلتُ له، فقال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن توضَّأَ على طُهرٍ كُتِبَ له عشرُ حسناتٍ" (¬1). قال أبو داود: وهذا حديثُ مُسدَّد وهو أتمُّ. 32 - باب ما يُنَجِّس الماءَ 63 - حدَّثنا محمَّدُ بن العلاء وعثمانُ بن أبي شَيبةَ والحسنُ بنُ عليٍّ وغيرُهم، قالوا: حدَّثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمَّدِ بنِ جعفرِ بن الزُّبير، عن عبد الله بن عبدِ الله بن عمر عن أبيه، قال: سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، عن الماءِ وما يَنُوبُهُ مِنَ الدَّوابِّ والسِّباع، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كانَ الماءُ قُلَّتَينِ لم يَحمِلِ الخَبَثَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد -وهو الإفريقي- وجهالة أبي غطيف -أو غطيف- الهذلي. وأخرجه الترمذي (60)، وابن ماجه (512) من طريق عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، بهذا الإسناد. وضعفه الترمذي. (¬2) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة الكوفي.=

هذا لفظ ابن العلاء، وقال عثمان والحسن بن عليّ: عن محمَّد ابن عبَّاد بن جعفر. قال أبو داود: وهو الصَّواب. 64 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد (ح) وحدَّثنا أبو كامل، حدَّثنا يزيد بنُ زُرَيع، عن محمَّد بن إسحاق، عن محمَّدِ بن جعفر -قال أبو كامل: ابن الزُّبير-، عن عُبَيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن الماء يكونُ في الفلاةِ، فذكرَ معناه (¬1). ¬

_ =وأخرجه النسائي في "الكبرى" (50) عن هناد بن السري والحسين بن حريث، كلاهما عن أبي أسامة، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1249). والاختلاف في شيخ الوليد بن كثير لا يضر، لأن الوليد سمعه من محمد بن جعفر ومن محمد بن عباد بن جعفر كما ذهب إليه الدارقطني والحاكم وغيرهما. وانظر التعليق على "المسند" (4605). وانظر ما بعده. وقوله: وما ينوبه، أي: يأتيه وينزل به، والقلة: الجرة الكبيرة. وقوله: لم يحمل الخبث. قال الخطابي: أي يدفعه عن نفسه، كما يقال: فلان لا يحمل الضيم إذا كان يأباه ويدفعه عن نفسه. ومن ذهب إلى هذا في تحديد الماء الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبو عبيد وأبو ثور وجماعة من أهل الحديث، منهم محمد بن إسحاق بن خزيمة. (¬1) إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوق وقد صرح بالتحديث عند الدارقطني (17)، فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه الترمذي (67)، وابن ماجه (517) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4605).

33 - باب في بئر بضاعة

65 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد، أخبرنا عاصمُ بنُ المُنذِر، عن عُبَيد الله بن عبدِ الله بن عمر، قال: حدَّثني أبي: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان الماءُ قُلَّتَين، فإنَّه لا يَنجُسُ" (¬1). قال أبو داود: حمَّاد بن زيد وَقَفَه عن عاصم (¬2) (¬3). 33 - باب في بئر بُضاعة 66 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ العلاء والحسنُ بنُ عليٍّ ومحمدُ بنُ سليمان الأنباريُّ، قالوا: حدَّثنا أبو أسامة، عن الوليدِ بن كثير، عن محمدِ بن كعبٍ، عن عُبَيد الله بن عبد الله بن رافعِ بنِ خَديج ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل عاصم بن المنذر، وهو ابن الزُّبير بن العوام، قال أبو زرعة: صدوق، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. وأخرجه ابن ماجه (518) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4753). (¬2) قوله: "قال أبو داود ... " زيادة أثبتناها من رواية ابن داسه. (¬3) قال الدارقطني في "سننه" بإثر الحديث (21): رواه حماد بن زيد عن عاصم ابن المنذر، عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه موقوفاً غير مرفوع. وكذلك رواه إسماعيل ابن علية، عن عاصم بن المنذر، عن رجل لم يُسمِّه، عن ابن عمر موقوفاً أيضاً. وقال الحافظ في "التلخيص الحبير" 1/ 18: سئل ابن معين عن هذه الطريق (طريق حماد بن سلمة) فقال: إسنادها جيد، فقال: فإن ابن علية لم يرفعه. قال: وإن لم يحفظه ابن علية فالحديث جيد.

عن أبي سعيد الخُدريِّ: أنَّه قيلَ لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: أنتوضَّأ من بئرِ بُضاعة -وهي بئرٌ يُطرَحُ فيها الحِيَضُ ولحمُ الِكلابِ والنَّتْنُ-؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الماءُ طَهورٌ لا يُنجِّسُهُ شيءٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح بطرقه وشواهده، عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج، وقيل في اسمه: ابن عبد الرحمن بن رافع، روى عنه ثلاثة من الثقات، وقال ابن القطان: لا يعرف له حال، وقال ابن منده: مجهول، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن حجر: مستور. والحديث صححه أحمد وابن معين وابن حزم، وحسنه الترمذي. وأخرجه الترمذي (66)، والنسائى في "المجتبى" (326) من طرق عن أبي أسامة حماد بن أسامة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (327) من طريق خالد بن أبي نوف، عن سليط بن أيوب، عن ابن أبي سعيد، عن أبيه. وخالد وسليط مجهولان. وأخرجه ابن ماجه (519) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد بنحوه. وعبد الرحمن بن زيد ضعيف جداً. وهو في "مسند أحمد" (11119) و (11257)، وفيه تمام تخريجه والكلام عليه. وانظر ما بعده. ويشهد للمرفوع منه حديث ابن عباس الآتي برقم (68). وانظر تتمة شواهده في "المسند". بُضاعة: بضم الباء وتكسر، والمحفوظ في الحديث الضم وهي دار بني ساعدة بالمدينة وبئرها معروف. والحِيض بكسر الحاء وفتح الياء: الخرقة التي تستعمل في دم الحيض. وقد علق الإمام الخطابي في "المعالم" 1/ 37 على قوله: "وهي بئر تطرح فيها الحِيض ولحوم الكلاب" تعليقاً نفيساً، ونصه بتمامه: قد يتوهم كثير من الناس إذا سمع هذا الحديث أن هذا كان منهم عادة، وأنهم كانوا يأتون هذا الفعل قصداً وتعمداً، وهذا لا يجوز أن يُظن بذمي بل بوثني فضلاً عن مسلم، ولم يزل من عادة الناس=

قال أبو داود: وقال بعضهم: عبد الرحمن بن رافع. 67 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي شعيب وعبدُ العزيز بنُ يحيى الحرَّانيَّان، قالا: حدَّثنا محمَّدُ بنُ سلمة، عن محمَّد بن إسحاق، عن سَلِيط بن أيوب، عن عُبَيد الله ابن عبد الرحمن بن رافع الأنصاريِّ ثمَّ العَدَويِّ عن أبي سعيد الخُدْريِّ، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقال له: إنَّه يُستَقَى لكَ من بئرِ بُضاعة، وهي بئرٌ يُلقَى فيها لحومُ الكِلابِ والمَحايضُ وعِذَرُ النَّاس، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الماءَ طَهورٌ لا يُنجِّسُهُ شيءٌ" (¬1). ¬

_ = قديماً وحديثاً مسلمهم وكافرهم تنزيهُ المياه وصونُها عن النجاسات؛ فكيف يُظن بأهل ذلك الزمان وهم أعلى طبقات أهل الدين، وأفضل جماعة المسلمين، والماء في بلادهم أعز، والحاجة إليه أمس، أن يكون هذا صنيعهم بالماء وامتهانهم له، وقد لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَن تغوّط في موارد الماء ومَشارِعِه، فكيف من اتخذ عيون الماء ومنابعه رصداً للأنجاس ومطرحاً للأقذار، وهذا ما لا يليق بحالهم، وإنما كان هذا من أجل أن هذه البئر موضعها في حُدور من الأرض وأن السيول كانت تكسح هذه الأقذار من الطرق والأفنية، وتحملها فتلقيها فيها، وكان الماء لكثرته لا يؤثر فيه وقوع هذه الأشياء ولا يُغيِّره، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شأنها ليعلموا حكمها في الطهارة والنجاسة، فكان من جوابه لهم أن الماء لا ينجسه شيء، يريد الكثير منه الذي صفته صفة ماء هذه البئر في غزارته وكثرة جمامه. (¬1) حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سليط بن أيوب، ومحمد بن إسحاق قد صرح بالتحديث عند أحمد (11815) وغيره فانتفت شبهة تدليسه. وانظر تخريجه فيما قبله. وعَذِرُ الناس جمع عَذِرة: وهي الغائط، سُمي بذلك، لأنهم كانوا يلقونه في العذرات وهي أفنية الدور.

34 - باب البول في الماء الراكد

قال أبو داود: سمعتُ قتيبةَ بنَ سعيد قال: سألت قَيِّمَ بئرِ بُضاعةَ عن عُمقها، قال: أكثَرُ ما يكونُ فيها الماءُ إلى العانةِ، قلتُ: فإذا نقصَ؟ قال: دونَ العَورَة. قال أبو داود: وقدَّرتُ أنا بئرَ بُضاعةَ برِدائي مَدَدتُه عليها، ثمَّ ذَرَعتُه، فإذا عَرضُها ستَّة أذرُع، وسألتُ الذي فتحَ لي البستانَ فأدخَلَني إليه: هل غُيِّرَ بناؤُها عمَّا كانت عليه؟ قال: لا، ورأيتُ فيها ماءً مُتغيِّر اللَّون. 68 - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا أبو الأحوَص، حدَّثنا سِماكٌ، عن عكرمة عن ابن عبَّاس، قال: اغتَسَلَ بعض أزواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في جَفْنةٍ، فجاءَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ليتوضَّأ منها -أو يَغتَسِلَ- فقالت له: يا رسولَ الله، إنِّي كنتُ جُنُباً. فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الماءَ لا يُجنِبُ" (¬1). 34 - باب البول في الماء الراكد 69 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زائدةُ في حديث هشام، عن محمَّد عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يبولَنَّ (¬2) أحدُكم في الماءِ الدَّائم، ثمَّ يَغتَسِلُ منه" (¬3). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لاضطراب رواية سماك -وهو ابن حرب- عن عكرمة. أبو الأحوص: هو سلام بن سليم الكوفي. وأخرجه الترمذي (65)، والنسائي في "المجتبى" (325)، وابن ماجه (370) من طريقين عن سماك، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2100)، و"صحيح ابن حبان" (1241). ويشهد له حديث أبي سعيد السالف قبله وشواهده. (¬2) في رواية ابن داسه: لا يبول. (¬3) إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة، وهشام: هو ابن حسان، ومحمد: هو ابن سيرين.=

70 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن محمَّد بن عَجلانَ، قال: سمعت أبي يُحدِّث ¬

_ =وأخرجه مسلم (282) (95) من طريق هشام بن حسان، والنسائي في "الكبرى" (55) من طريق عوف بن أبي جميلة، و (57) من طريق يحيى بن أبي عتيق، ثلاثتهم عن محمد بن سيرين، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (400) من طريق سفيان، عن أيوب، عن محمد ابن سيرين، عن أبي هريرة موقوفاً. وقال سفيان: قالوا لهشام: إن أيوب إنما ينتهي بهذا الحديث إلى أبي هريرة. فقال: إن أيوب لو استطاع أن لا يرفع حديثاً لم يرفعه. وأخرجه البخاري (239)، ومسلم (282) (96)، والترمذي (68)، والنسائي في "المجتبى" (57) و (221) و (397) و (398) و (399) من طرق عن أبي هريرة مرفوعاً. ولفظ الترمذي: "ثم يتوضأ فيه". وهو في "مسند أحمد" (7525)، و"صحيح ابن حبان" (1251). وأخرج مسلم (283)، والنسائي في "المجتبى" (220) و (331) و (396)، وابن ماجه (605) من طريق أبي السائب مولى هشام بن زهرة، عن أبي هريرة رفعه: "لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب" فقال: كيف يفعل يا أبا هريرة؟ قال: يتناوله تناولاً. والدائم: هو الراكد. وانظر ما بعده. وقوله: ثم يغتسِلُ منه. الرواية يغتسلُ مرفوع، أي: لا تبل ثم أنت تغتسِلُ منه، ويجوز جزمه: "ثم يَغْتَسِل" عطفاً على موضع يبولنَّ. أفاده النووي في "شرح مسلم" 3/ 160. واختار الإمام النووي أنه يحرم البول في الماء الراكد، لأنه ينجسه ويتلف مالِيَّتَهُ ويَغُرُّ غيره باستعماله، ونقل عن أصحابه من الشافعية وغيرهم: أن التغوط في الماء كالبول فيه وأقبح، وكذلك إذا بال في إناء ثُم صبه في الماء، وكذا إذا بال بقرب النهر بحيث يجري إليه البول، فكله مذموم قبيح منهي عنه. وقال العلماء: ويكره البول والتغوط بقرب الماء وإن لم يصل إليه، لعموم نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن البراز في الموارد، ولما فيه من إيذاء المارين بالماء، ولما يخاف من وصوله إلى الماء.

35 - باب الوضوء بسؤر الكلب

عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يبولَنَّ أحدُكم في الماء الدَّائم ولا يَغتَسِلْ فيه مِنَ الجنابةِ" (¬1). 35 - باب الوضوء بسؤر الكلب 71 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زائدةُ في حديث هشام، عن محمَّد، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "طَهورُ إناءِ أحدِكم إذا وَلَغَ فيه الكلبُ أن يُغسَلَ سبعَ مرارٍ أَوَّلُهُنَّ (¬2) بترابٍ" (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محمَّ د بن عجلان وأبيه، وباقي رجاله ثقات. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه دون قوله: "ثم يغتسل فيه" ابن ماجه (344) من طريق محمَّد بن عجلان، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي: أولاهن. (¬3) إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة، وهشام: هو ابن حسان، ومحمد: هو ابن سيرين. وأخرجه مسلم (279) (91)، والترمذي (91)، والنسائي في "الكبرى" (68) من طرق عن محمَّد بن سيرين، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (172)، ومسلم (279) (90)، والنسائي في "المجتبى" (63)، وابن ماجه (394) من طريق الأعرج، ومسلم (279) (92) من طريق همام، والنسائي في "الكبرى" (66) من طريق ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد، و (67) من طريق أبي سلمة، و (69) من طريق أبي رافع، أربعتهم عن أبي هريرة. ولم يذكر الأعرج وثابت وأبو سلمة التراب. وأخرجه مسلم (279) (89)، والنسائي في "الكبرى" (65) وفي "المجتبى" (335) من طريق علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي رزين وأبى صالح، عن أبي هريرة=

قال أبو داود: وكذلك قال أيوبُ وحبيبُ بن الشَّهيد عن محمَّد. 72 - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا المُعتَمِرُ، يعني ابنَ سُليمان (ح) وحدَّثنا محمَّدُ بن عُبَيد، حدَّثنا حمَّاد بن زيد؛ جميعاً عن أيوب، عن محمَّد عن أبي هريرة بمعناه، ولم يرفعاه، وزاد: وإذا وَلَغَ الهِرُّ غُسِلَ مرَّةً (¬1). 73 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا أبان، حدَّثنا قتادةُ، أن محمَّد بن سيرينَ حدَّثه عن أبي هريرة، أنَّ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وَلَغَ الكلبُ في الإناءِ فاغسِلُوهُ سبعَ مِرَارٍ، السَّابعة بالتُّراب" (¬2). ¬

_ = رفعه: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليُرِقه ثم ليغسله سبع مرات"، وقال النسائي في "المجتبى" 1/ 53: لا أعلم أحداً تابع علي بن مسهر على قوله: "فليُرِقه". وأخرجه مسلم (279) (89) من طريق إسماعيل بن زكريا، وابن ماجه (363) من طريق أبي معاوية، كلاهما عن الأعمش، به. ولم يذكرا قوله: "فليُرِقه". وهو في "مسند أحمد" (7346) و (9511)، و"صحيِح ابن حبان" (1297). والولوغ، قال في "اللسان": ولغ الكلب في الإناء يَلغ ولوغاً: شرب فيه بأطراف لسانه، وأكثر ما يكون الولوغ في السباع. (¬1) إسناده صحيح، وهو موقوف. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه الترمذي (91) عن سوار بن عبد الله العنبري، عن معتمر بن سليمان، بهذا الإسناد مرفوعاً. وهو في "شرح مشكل الآثار" (2650). والصحيح أن حديث أبي هريرة في ولوغ الكلب مرفوع، وفي ولوغ الهرة موقوف. وقد ميَّزه علي بن نصر الجهضمي، عن قرة بن خالد، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، ووافقه عليه جماعة من الثقات. قاله البيهقي في "معرفة السنن والآثار" 2/ 70. (¬2) إسناده صحيح، وقد اختلف على قتادة في غسل الإناء بالتراب، فقال بعض=

قال أبو داود: وأمَّا أبو صالح وأبو رَزينٍ والأعرجُ وثابتٌ الأحنَفُ وهمَّامُ بنُ مُنَبِّه وأبو السُّدِّيِّ عبد الرحمن، رَوَوهُ عن أبي هريرة ولم يذكروا التُّراب. 74 - حدَّثنا أحمدُ بن محمَّد بن حَنبَل، حدَّثنا يحيي بنُ سعيد، عن شُعبة، حدَّثنا أبو التَّيَّاح، عن مُطرَّف عن ابن مُغفَّل: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بقَتلِ الكِلاب، ثم قال: "ما لهم ولها؟ " فرخَّصَ في كلبِ الصَّيدِ وفي كلبِ الغَنَم، وقال: "إذا وَلَغَ الكلبُ في الإناء فاغسِلُوهُ سبعَ مِرارٍ والثَّامنة عَفِّروهُ بالتُّراب" (¬1) (¬2). ¬

_ = الرواة: "إحداهن"، وقال بعضهم: "أولاهن"، وقال بعضهم: "السابعة"، والراجح عنه رواية: "أولاهن" كما سيأتي. أبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (68) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، بهذا الإسناد. وقال: "أولاهن بالتراب". قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 1/ 276: رواية "أولاهن" أرجح من حيث الأكثرية والأحفظية، ومن حيث المعنى أيضاً، لأن تتريب الأخيرة يقتضي الاحتياج إلى غسلة أخرى لتنظيفه. (¬1) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، وأبو التياح: هو يزيد بن حميد، ومطرف: هو ابن عبد الله بن الشخير، وابن مغفل: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (280) و (1573)، والنسائي في "الكبرى" (70) وفي "المجتبى". (337)، وابن ماجه (365) و (3200) و (3201) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. ورواية مسلم في الموضع الثاني وابن ماجه في الموضعين الثاني والثالث مختصرة بالأمر بقتل الكلاب، ثم الترخيص بكلب الصيد وكلب الغنم، ورواية ابن ماجه في الموضع الأول مختصرة بغسل الإناء من ولوغ الكلب. وهو في "مسند أحمد" (16792)، و"صحيح ابن حبان" (1298). وانظر حديث ابن عمر في "المسند" (4479) والتعليق عليه. (¬2) زاد ابن الأعرابي في روايته بعد هذا الحديث: قال أبو داود: هكذا قال ابنُ مُغَفَّل.

36 - باب سؤر الهرة

36 - باب سؤر الهرة 75 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة القَعْنَبيُّ، عن مالك، عن إسحاقَ بن عبدِ الله ابن أبي طلحة، عن حُميدة بنتِ عُبَيد بن رفاعة، عن كبشةَ بنتِ كعب بن مالك، وكانت تحتَ ابن أبي قتادة أنَّ أبا قتادة دخلَ فسَكَبَت له وَضوءاً، فجاءت هِرَّة فشَرِبَت منه، فأصغى لها الإناءَ حتى شَرِبَت، قالت كَبشَةُ: فرآني أنظُرُ إليه، فقال: أتعجَبينَ يا ابنةَ أخي؟ فقلت: نعم، فقال: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّها ليست بنَجَسٍ، إنَّها مِنَ الطَّوَّافينَ عليكم والطَّوَّافات" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، حميدة بنت عبيد روى عنها زوجها إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وولدها يحيى بن إسحاق، وذكرها ابن حبان في "الثقات"، وكبشة بنت كعب روت عنها بنت أختها حميدة، وذكرها ابن حبان فى "الثقات" وقال: لها صحبة، وتابعه على ذلك جماعة كما في "الإصابة" لابن حجر، وباقي رجال الإسناد ثقات. وللحديث طرق أخرى يصح بها، انظر تخريجها في "مسند أحمد" (22528). وهو في "موطأ مالك" 1/ 22 - 23، ومن طريق مالك أخرجه الترمذي (92)، والنسائى "فى الكبرى" (63)، وابن ماجه (367)، وقال الترمذي: حسن صحيح. وقال الحاكم 1/ 160: حديث صحيح، وهو مما صححه مالك، واحتج به في "الموطأ" وصححه البخاري والعقيلي والدارقطني والبيهقي والنووي. وهو فى "مسند أحمد" (22580)، و "صحيح ابن حبان" (1299). وقوله: "فأصغى" أي: أماله ليسهل عليها التناول. وقوله: "إنها ليست بنجس" هو بفتح الجيم كلما ضبطه النووي وابن دقيق العيد، وابن سيد الناس وغيرهم، والنجس: النجاسة وهو وصف بالمصدر يستوي فيه المذكر والمؤنث. ونقل صاحب "المصباح" عن ابن الأنباري أن الهر يقع على الذكر والأنثى، وقد يدخلون الهاء فى المؤنث. قال الإمام الخطابي فى "معالم السنن": فيه من الفقه أن ذات الهرة طاهرة، وأن سؤرها غير نجس ... =

76 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، حدَّثنا عبدُ العزيز، عن داودَ بن صالح بن دينار التَّمَّار، عن أُمِّه أنَّ مولاتَها أرسَلَتها بهَريسةٍ إلى عائشة رضي الله عنها، فوَجَدَتها تُصلِّي، فأشارت إليَّ أنْ ضَعيها، فجاءت هرَّةٌ فأكَلَت منها، فلمَّا انصَرَفَت أكَلَت من حيثُ أكَلَتِ الهرَّة، فقالت: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّها ليست بنَجَسٍ، إنَّما هي مِنِ الطَّوَّافينَ عليكم" وقد رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأ بفَضلِها (¬1). ¬

_ =وفيه دليل على أن سؤر كل طاهر الذات من السباع والدواب والطير، وإن لم يكن مأكول اللحم طاهر، قال الترمذي (92): وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين ومن بعدهم مثل الشافعي وأحمد وإسحاق لم يرو بسؤر الهرة بأساً، وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن، وقال أبو حنيفة: بل نجس كالسبع لكن خفف فيه فكره سؤره. قال صاحب "بذل المجهود" تعليقاً على قول أبي حنيفة 1/ 201: ليس معناه أنه نجس مع الكراهة بل معناه أنه كان في الأصل نجساً كما هو حكم سؤر الكلب وسائر السباع إلا أنه خفف فيه لعلة الطواف، فارتفعت النجاسة وبقيت الكراهة. (¬1) المرفوع منه صحيح لغيره، والتوضؤ بفضل الهرة حسن بطرقه، وهذا إسناد ضعيف، أم داود بن صالح التمار ترجمها الذهبي في "الميزان" ولم يذكر في الرواة عنها غير ابنها داود، ولم يترجمها المزي فى "تهذيب الكمال" مع أنها من شرطه، وداود بن صالح صدوق. عبد العزيز: هو ابن محمَّد الدراوردي. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1003) و (1030)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2653) و (2654)، والطبراني في "الأوسط" (7949)، والدارقطني (216)، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 308، والبيهقي 1/ 246 من طريق عبد العزيز الدراوردي، بهذا الإسناد. وبعضهم لا يذكر قصة عائشة ويقتصر على التوضؤ بفضل الهرة.=

37 - باب الوضوء بفضل وضوء المرأة

37 - باب الوضوء بفضل وضوء (¬1) المرأة 77 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سُفيان، حدثني منصور، عن إبراهيم، عن الأسود عن عائشة قالت: كنت أغتَسِل أنا ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من إناءٍ واحدٍ، ونحن جُنُبان (¬2). ¬

_ =وأخرج التوضؤ بفضل الهرة عبد الرزاق (356)، وابن ماجه (368)، والطحاوي في "معاني الآثار" 1/ 19، وفي "مشكل الآثار" (2651) و (2652)، والدارقطني (214) و (215) من طريق حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة. وحارثة ضعيف جداً. وأخرجه كذلك الطحاوي 1/ 19 من طريق صالح بن حسان (وتحرف في المطبوع إلى: حيان)، وابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" ص 141، والبزار (275 - زوائد)، والدارقطني (198)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 192و193 من طريق عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، والبزار (276 - زوائد)، والدارقطني (218) من طريق عمران بن أبي أنس وسعيد بن أبي هند، أربعتهم عن عروة بن الزُّبير، عن عائشة. وصالح بن حسان ضعيف جداً، وعبد الله بن سعيد المقبري متروك، وفي الإسناد إلى عمران وسعيد الواقديُّ وهو متروك في الحديث. وأخرجه ابن خزيمة (102)، والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 141، والدارقطني (217)، والحاكم 1/ 60، والبيهقي 1/ 246 من طريق سليمان بن مسافع الحجبي، عن منصور ابن صفية بنت شيبة، عن أمه، عن عائشة. وسليمان قال عنه الذهبي في "الميزان": لا يعرف وأتى بخبر منكر. ويشهد لقوله: "إنها ليست بنجس ... " حديث أبي قتادة السالف قبله. (¬1) كلمة "وضوء" أثبتناها من رواية ابن داسه، ولم ترد في سائر أصولنا الخطية. (¬2) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم والأسود: هما النخعيان. وأخرجه البخاري (299)، والنسائي في "الكبرى" (229) من طريق سفيان، بهذا الإسناد.=

78 - حدَّثنا عبد الله بن محمَّد النفيليُّ, حدَّثنا وكيعٌ، عن أُسامةَ بن زيد، عن ابن خرَّبُوذَ عن أمِّ صُبَيَّة الجُهَنيَّة، قالت: اختَلَفَت يدي ويدُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في الوُضوءِ من إناءٍ واحدٍ (¬1). ¬

_ =وأخرجه البخاري (261)، ومسلم (319) (41) و (321) (43) و (45) و (46)، والترمذي (1851)، والنسائي في "الكبرى" (73) و (229) و (236) من طرق عن عائشة. وبعضهم لم يذكر الجنابة. وهو في "مسند أحمد" (24014) و (25583)، و"صحيح ابن حبان" (1108). وانظر ما سيأتى برقم (98) و (238). قول عائشة: ونحن جنبان. قال النووي في "شرح مسلم": هذا جار على إحدى اللغتين في الجنب أنه يثنى ويجمع، فيقال: جنب وجنبان وجنبون وأجناب، واللغة الأخرى: رجل جنب، ورجلان جنب ورجال جنب ونساء جنب بلفظ واحد، قال الله تعالى: {وَإن كُنتُمْ جُنُباً} [المائدة: 6] وهذه اللغة أفصح وأشهر. وفيه دليل على طهارة فضل المرأة. قال الحافظ في "الفتح": واستدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه، ويؤيده ما رواه ابن حبان (5557) من طريق سليمان بن موسى أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته فقال: سألتُ عطاء فقال: سألت عنها عائشة رضي الله عنها فذكرت هذا الحديث بمعناه، وهو نص في المسألة. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل أسامة بن زيد، وهو الليثي. وكيع: هو ابن الجراح، وابن خرَّبرذ سالم بن سرج. وأخرجه ابن ماجه (382) من طريق أسامة بن زيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (27068). وأخرجه أحمد (27067) من طريق خارجة بن الحارث المزني، عن سالم بن سرج، عن أم صُبيَّة، وهذا إسناد صحيح.

38 - باب النهي عن ذلك

79 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمَّاد، عن أيوبَ، عن نافع (ح) وحدثنا عبد الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن نافع عن ابن عمر، قال: كان الرِّجالُ والنِّساءُ يتوضَّؤونَ في زمانِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال مُسدَّدٌ: من الإناءِ الواحد- جميعاً (¬1). 80 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن عُبَيد الله، حدَّثني نافعٌ عن عبد الله بن عمر، قال: كُنَّا نتوضَّاُ نحنُ والنِّساء (¬2) على عَهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - من إناءٍ واحدٍ نُدْلي فيه أيديَنا (¬3). 38 - باب النهي عن ذلك 81 - حدَّثنا أحمدُ بن يونُسَ، حدَّثنا زهيرٌ، عن داودَ بن عبد الله (ح) وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن داودَ بن عبد الله، عن حُميدٍ الحِميَريِّ، قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وهو في "موطأ مالك" 1/ 24، ومن طريقه أخرجه البخاري (193)، والنسائي في "الكبرى"، (72)، وابن ماجه (381). وهو في "مسند أحمد" (4481). وانظر ما بعده. قال الحافظ في "الفتح" 1/ 300: ونقل الطحاوي ثم القرطبي والنووي الاتفاق على جواز اغتسال الرجل والمرأة من الإناء الواحد، وفيه نظر لما حكاه ابن المنذر عن أبي هريرة أنه كان ينهى عنه، وكذا حكاه ابن عبد البر عن قوم، وهذا الحديث حجة عليهم. (¬2) زاد ابن الأعرابي وابن داسه في روايتيهما: ونغتسل. (¬3) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وعبيد الله: هو ابن عمر العمري. وانظر ما قبله. وقوله: نحن والنساء. قال الرافعي: يريد كل رجل مع امرأته، وأنهما كانا يأخذان من إناء واحد.

لقيتُ رجلاً صَحِبَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أربَعَ سنينَ كما صَحِبَه أبو هريرة، قال: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن تَغتَسِلَ المرأةُ بفَضلِ الرجلِ، أو يَغتَسِلَ الرجلُ بفَضلِ المرأةِ. زاد مُسدَّدٌ: وليَغتَرِفا جميعاً (¬1). 82 - حدَّثنا ابنُ بشَّار، حدَّثنا أبو داود -يعني الطَّيالسيَّ-، حدَّثنا شُعبَةُ، عن عاصم، عن أبي حاجبٍ عن الحَكَم بن عمرو -وهو الأقرَعُ-: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يتوضَّأ الرجلُ بفَضلِ طَهورِ المرأة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي، وأبو عوانة: هو الوضاح اليشكري، وحميد الحميري: هو ابن عبد الرحمن. وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" ص 13. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (235) من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد. وهو معارض بأحاديث الباب السالف قبله، وقد جمع بينهما بأن تحمل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء، والجواز على ما بقي من الماء، أو يحمل النهي على التنزيه جمعاً بين الأدلة. انظر "الفتح" 1/ 300 وقال الخطابي: وإسناد حديث عائشة رضي الله عنها أجود من إسناد خبر النهي. (¬2) رجاله ثقات، وقد أُعلَّ بالوقف كما بسطناه في التعليق على "مسند أحمد" (17863). ابن بشار: هو محمَّد، وشعبة: هو ابن الحجاج، وعاصم: هو ابن سليمان الأحول، وأبو حاجب: هو سوادة بن عاصم. وهو في "مسند الطيالسي" (1252)، لكن لم يصرح فيه باسم الصحابي، وقال: عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. ومن طريق الطيالسي أخرجه الترمذي (64)، والنسائي في "المجتبى" (343)، وابن ماجه (373) وصرحوا باسم الصحابي. وأخرجه الترمذي (63) من طريق سليمان التيمي، عن أبي حاجب، عن رجل من بني غفار. وهو في "مسند أحمد" (17863)، و"صحيح ابن حبان" (1260).

39 - باب الوضوء بماء البحر

39 - باب الوضوء بماء البحر 83 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، عن مالك، عن صَفوانَ بن سُليم، عن سعيد ابن سلمة من آل ابن الأزرق، أنَّ المغيرةَ بنَ أبي بُردة -وهو من بني عبد الدَّار- أخبره أنَّه سمع أبا هريرة يقول: سأل رجلٌ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إنَّا نَركَبُ البحرَ، ونَحمِلُ معنا القليلَ مِنَ الماء، فإن تَوَضَّأنا به عَطِشنا، أفنتوضَّأُ بماءِ البحر؟ فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "هو الطَّهورُ ماؤُهُ، الحلُّ مَيتَتُه" (¬1). 40 - باب الوضوء بالنَّبيذ 84 - حدَّثنا هنَّاد وسُليمانُ بنُ داود العَتكيُّ، قالا: حدَّثنا شَريك، عن أبي فزَارة، عن أبي زيد ¬

_ (¬1) حديث صحيح. سعيد بن سلمة من آل ابن الأزرق روى عنه اثنان، ووثقه النسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقد صحح حديثه هذا البخاري كما في "العلل الكبير" للترمذي 1/ 136، وصححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان وابن المنذر والخطابي والطحاوي وابن منده والحاكم وغيرهم، وهو في "موطأ مالك" 1/ 22، ومن طريقه أخرجه الترمذي (69)، والنسائي في "الكبرى" (58) و (4843)، وابن ماجه (386) و (3246). وهو في "مسند أحمد" (7233) وانظر بسط الكلام عليه فيه. قال أبو عمر في "التمهيد" 16/ 221: وقد أجمع جمهور العلماء وجماعة أئمة الفتيا بالأمصار من الفقهاء أن البحر طهور ماؤه، وأن الوضوء جائز به إلا ما روي عن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص، فإنه روي عنهما أنهما كرها الوضوء من ماء البحر، ولم يتابعهما أحد من فقهاء الأمصار على ذلك، ولا عرج عليه ولا التفت إليه لحديث هذا الباب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

عن عبد الله بن مسعود، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال له ليلةَ الجنِّ: "ما في إداوَتِكَ؟ " قال: نبيذٌ، قال: "تمرةٌ طيِّبةٌ وماءٌ طَهورٌ" (¬1). قال أبو داود: وقال سليمان بن داود: عن أبي زيد أو زيد، كذا قال شريك. ولم يذكر هنَّاد ليلة الجنِّ. 85 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا وُهَيبٌ، عن داودَ، عن عامرٍ، عن عَلقمة، قال: قلتُ لعبد الله بن مسعود: مَن كان منكم مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةَ الجنِّ؟ فقال: ما كانَ معه منَّا أحدٌ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي زيد، وهو مولى عمرو بن حريث. شريك: هو ابن عبد الله النخعي، وأبو فزارة: هو راشد بن كيسان العبسي. وأخرجه الترمذي (84)، وابن ماجه (384) من طريقين عن أبي فزارة، بهذا الإسناد. وضعفه الترمذي بجهالة أبي زيد، وقال الحافظ ابن حجر: وهذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه. وهو في "مسند أحمد" (3810). الإداوة: قال في "النهاية": بالكسر إناء صغير من جلد. (¬2) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد، وداود: هو ابن أبي هند، وعامر: هو ابن شراحيل الشعبي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي. وأخرجه ضمن حديث مطول مسلم (450) (150)، والترمذي (3540) من طريق داود بن أبي هند، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4149)، و"صحيح ابن حبان" (6320). وأخرجه مسلم (450) (152) من طريق إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود قال: لم أكن ليلة الجن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وددت أني كنت معه. وهذا الحديث أورده هنا ليشير إلى أن الحديث السالف الذي فيه أن ابن مسعود كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة الجن معارض بهذا الحديث الصحيح مع كونه ضعيفاً من جهة سنده، فلا يحتج به.

41 - باب أيصلي الرجل وهو حاقن؟

86 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ بشَّار، حدَّثنا عبدُ الرحمن، حدَّثنا بشرُ بنُ منصور، عن ابن جُرَيج عن عطاء: أنَّه كَرِهَ الوضوءَ باللَّبَنِ والنَّبيذِ، وقال: إنَّ التَيمُّمَ أعجَبُ إليَّ منه (¬1). 87 - حدَّثنا محمَّد بن بشَّار، حدَّثنا عبد الرحمن، حدَّثنا أبو خَلدةَ قال: سألت أبا العاليةِ عن رجلٍ أصابَتهُ جنابةٌ وليس عنده ماءٌ وعنده نبيذٌ: أيَغتَسِلُ به؟ قال: لا (¬2). 41 - باب أيصلي الرجل وهو حاقن (¬3)؟ 88 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا هشامُ بنُ عُروةَ، عن أبيه ¬

_ (¬1) أثر إسناده صحيح. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز. وأخرجه البيهقي 1/ 9 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (695) عن ابن جريج، عن عطاء أنه كان يكره أن يتوضأ باللبن. وعلقه البخاري في "صحيحه" قبل الحديث (242) بصيغة الجزم عن عطاء. (¬2) أثر إسناده صحيح. أبو خلدة: هو خالد بن دينار التميمي. وأبو العالية: هو رفيع ابن مهران الرياحي: الثقة المخضرم التابعي. وأخرجه البيهقي 1/ 9 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 26، والدارقطني (253) من طريق مروان بن معاوية، عن أبي خلدة، به. زاد أبو خلدة عند الدارقطني: فذكرتُ له ليلة الجن، فقال: أنبِذَتُكم هذه الخبيثة، إنما كان ذلك زبيباً وماء. وأخرج هذه الزيادة وحدها البيهقي 1/ 12 - 13 من طريق النضر، عن أبي خلدة، به، بلفظ: نرى نبيذكم هذا الخبيث، إنما كان ماء تلقى فيه تمرات، فيصير حلواً. (¬3) الحاقن: هو الذي يحبس بوله.

عن عبد الله بن الأرقم: أنَّه خرج حاجّاً، أو معتَمِراً، ومعه الناسُ وهو يؤمُّهم، فلمَّا كانَ ذاتَ يومٍ أقامَ الصَّلاةَ صلاةَ الصُّبح، ثم قال: ليَتَقدَّم أحدُكم، وذهبَ الخلاءَ (¬1)، فإنِّي سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أرادَ أحدُكم أن يذهبَ الخلاءَ وقامَتِ الصلاةُ، فليَبدَأ بالخَلاء" (¬2). قال أبو داود: روى وُهَيبُ بن خالد وشُعيبُ بنُ إسحاق وأبو ضَمْرَةَ هذا الحديث عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه، عن رجل حدَّثه، عن عبدِ الله بن أرقم (¬3). والأكثرُ الذين رَوَوهُ عن هشامٍ قالوا كما قال زُهير. 89 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بن حَنبَل ومُسَدَّدٌ ومحمَّدُ بنُ عيسى، المعنى، قالوا: حدَّثنا يحيي بنُ سعيد، عن أبي حَزْرَةَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد، قال ابنُ عيسى في حديثه: ابن أبي بكر، ثمَّ اتَّفقوا- أخو القاسم بن محمَّد، قال: ¬

_ (¬1) قوله: ذهب الخلاء، أي: ذهب إلى الخلاء، ونصب "الخلاء" على نزع الخافض. (¬2) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه الترمذي (142)، والنسائي في "الكبرى" (927)، وابن ماجه (616) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (15959)، و "صحيح ابن حبان" (2071). وقد صرح عُروة بسماع الحديثِ من ابن أرقم في بعض الروايات كما بيناه في التعليق على"المسند". (¬3) رواية وهيب بن خالد أخرجها البخاري في "التاريخ الكبير"، 5/ 32، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1997). ورواية أبي ضمرة -واسمه أنس بن عياض- أخرجها البخاري في "التاريخ" 5/ 33.

كُنَّا عندَ عائشة فجيءَ بطعامِها، فقامَ القاسِمُ يُصلِّي، فقالت: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يُصلَّى بحَضْرِةِ الطَّعام ولا وهو يُدافِعُهُ الأخبَثان" (¬1). 90 - حدَّثنا محمّد بنُ عيسى، حدَّثنا ابنُ عيَّاش، عن حبيبِ بن صالح، عن يزيدَ بن شُرَيح الحَضرَميِّ، عن أبي حَيٍّ المؤذِّن عن ثوبان، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثٌ لا يَحِلُّ لأحدٍ أن يَفعَلَهُنَّ: لا يَؤُمُّ رجلٌ قوماً فيَخُصَّ نفسَه بالدُّعاء دونَهم، فإن فَعَلَ فقد خانَهم، ولا ينظُرُ في قَعْرِ بَيتٍ قبلَ أن يَستَأذِنَ، فإن فَعَلَ فقد ¬

_ (¬1) حديث صحيح، رجاله ثقات، وقد اختلف في تعيين عبد الله بن محمَّد كما هو مبين في التعليق على "المسند" (24166). وأخرجه مسلم (560) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن أبي حزرة يعقوب بن مجاهد، عن ابن أبي عتيق، قال: تحدثت أنا والقاسم عند عائشة ... فذكره. وأخرجه أيضاً من طريق إسماعيل بن جعفر، عن أبي حزرة، عن عبد الله بن أبي عتيق، عن عائشة. ولم يذكر القصة. قال العلماء: وهذا الحديث يدل على كراهة الصلاة بحضرة طعام يتوق إليه، وبمدافعة الأخبثين: البول والغائط، لما في ذلك من اشتغال القلب به، وذهاب الخشوع، فيؤخر ليأكل ويفرغ نفسه. وإذا صلى مع الكراهة، صحت صلاته عند الجمهور، لكن يندب إعادتها، وقال أهل الظاهر بوجوبها لظاهر الحديث. قال إبراهيم الحلبي فى "شرح المنية": ويكره أن يدخل فى الصلاة، وقد أخذه غائط أو بول لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة بحضرة طعام ولا هو يدافعه الأخبثان" والمراد نفي الكمال كما في نظائره، وهو يقتضي الكراهة، وإن كان الاهتمام بالبول والغائط يشغله، أي: يشغل قلبه عن الصلاة، ويذهب خشوعها يقطعها، وإن مضى عليها، أجزأه، أي: كفاه فعلها على تلك الحالة وقد أساء، وكان آثماً لأدائه إياها مع الكراهة التحريمية.

دَخَلَ، ولا يُصلِّي وهو حَقِنٌ حتَّى يَتَخَفَّفَ" (¬1). 91 - حدَّثنا محمودُ بن خالد السُّلميُّ، حدَّثنا أحمدُ بن عليِّ، حدَّثنا ثَورٌ، عن يزيدَ بن شُرَيح الحَضرَميِّ، عن أبي حَيِّ المؤذِّن عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحِلُّ لرجلٍ يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ أن يُصلِّيَ وهو حَقِنٌ حتَّى يَتَخَفَّفَ" ثمَّ ساقَ نحوَه على هذا اللَّفظ، قال: "ولا يَحِلُّ لرجلِ يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ أن يَؤُمَ قوماً إلا ¬

_ (¬1) صحيح لغيره دون قوله: "لا يؤم رجل قوماً فيخص نفسه بالدعاء دونهم"، وهذا إسناد ضعيف، يزيد بن شريح لم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الدارقطني: يُعتبر به، يعني في المتابعات والشواهد، وقد انفرد بالقطعة المذكورة، وقد اختلف عليه فيه: فأخرجه الترمذي (357)، وابن ماجه (619) و (623) من طريقين عن حبيب بن صالح، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22415). ورواية ابن ماجه الأولى مختصرة بصلاة الحاقن، والثانية بدعاء الإمام لنفسه فقط. وأخرجه ابن ماجه (617) من طريق السَّفْر بن نُسَير، عن يزيد بن شريح، عن أبي أمامة. وهو في "مسند أحمد" (22152). والسفر بن نسير ضعيف. وسيأتي بعده من طريق ثور بن يزيد، عن يزيد بن شريح، عن أبي حي المؤذن، عن أبي هريرة. ولقوله: "لا ينظر في قعر بيت حتى يستأذن" شاهد من حديث أبي هريرة عند البخارى (6888)، ومسلم (2158)، ولفظه: "لو اطلع في بيتك أحدٌ ولم تأذن له خَذَفتَه بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك من جُناح"، وهو في "مسند أحمد" (7313)، وانظر تتمة شواهده فيه. ولقوله: "لا يصلي وهو حَقِنٌ حتى يتخفف" شاهد من حديث عبد الله بن أرقم، وآخر من حديث عائشة، وهما السالفان قبله.

42 - باب ما يجزئ من الماء في الوضوء

بإذنهم، ولا يَختَصَّ نفسَه بدَعوةٍ دونهم، فإن فَعَلَ فقد خانَهُم" (¬1). قال أبو داود: هذا من سنن أهل الشَّام لم يَشرَكهم فيها أحدٌ (¬2). 42 - باب ما يجزئ من الماء في الوضوء 92 - حدَّثنا محمَّد بنُ كثير، حدَّثنا همَّام، عن قتادة، عن صفيَّة بنت شَيبةَ عن عائشة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَغتَسِلُ بالصَّاعِ، ويتوضأُ بالمُدِّ (¬3). قال أبو داود: رواه أبانٌ، عن قتادة قال: سمعتُ صفيَّة. 93 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمّد بن حَنبَل، حدَّثنا هُشَيم، أخبرنا يزيدُ بنُ أبي زياد، عن سالم بنِ أبي الجَعد عن جابر، قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَغتَسِلُ بالصَّاعِ ويتوضَّاُ بالمُدَّ (¬4). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره دون القطعة الأخيرة منه، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. ثور: هو ابن يزيد الحمصي، وأبو حي المؤذن: هو شداد بن حي. وأخرجه البيهقي 3/ 129 من طريق ثور بن يزيد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) قوله: "قال أبو داود ... " زيادة أثبتناها من روايتي ابن داسه والرملي. (¬3) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيي العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه النسائى في "المجتبى" (346) من طريق سعيد بن أي عروبة، وابن ماجه (268) من طريق همام، كلاهما عن قتادة، بهذا الإسناد. ورواية سعيد: "بنحو الصاع". وأخرجه النسائي (347) من طريق الحسن البصري، عن أمه، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24898). (¬4) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، وهو الهاشمي مولاهم الكوفي. ومع هذا صحح إسناده الحافظ في "الفتح " 1/ 305. وهو في "مسند أحمد" (14250). وأخرجه ابن ماجه (269) من طريق أبي الزُّبير، عن جابر.

94 - حدَّثنا محمَّد بن بشَّار، حدَّثنا محمَّد بن جعفر، حدَّثنا شُعبَة، عن حبيبٍ الأنصاريِّ، قال: سمعت عبَّادَ بن تميم عن جدتي -وهي أمُّ عُمارة- أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ فأُتِيَ بإناءٍ فيه ماءٌ قَدْرَ ثُلُثَي المُدِّ (¬1). 95 - حدَّثنا محمّد بنُ الصَّبَّاح البزَّارُ، حدَّثنا شَريكٌ، عن عبدِ الله بنِ عيسى، عن عبد الله بن جَبرٍ عن أنس، قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بإناءٍ يَسَعُ رَطلَينِ، ويَغتَسِلُ بالصَّاع (¬2). ¬

_ =وأخرج البخاري (252)، والنسائى في "الكبرى" (228) من طريق أبي جعفر الباقر: أنه كان عند جابر هو وأبوه وعنده قوم، فسألوه عن الغُسل، فقال: يكفيك صاع. فقال رجل: ما يكفيني. فقال جابر: كان يكفي من هو أوفى منك شعراً وخيرٌ منك، ثم أمَّنا في ثوب. الصاع يساوي (3800) غراماً عند أبي حنيفة وفقهاء العراق، و (2175) غراماً عند الجمهور. والمد يساوي ربع الصاع وزنته (950) غراماً و (543.75) غراماً عند الجمهور. (¬1) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، وحبيب الأنصاري: هو ابن زيد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (76) عن محمَّد بن بشار، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده ضعيف، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ، وقد خولف في سياق المتن كما سيأتي. عبد الله بن جبر: هو عبد الله بن عبد الله بن جبر، نُسب إلى جده. وأخرجه الترمذي (615) من طريق وكيع، عن شريك، بهذا الإسناد. بلفظ: "يجزيّ في الوضوء رطلان من ماء". وهو في "مسند أحمد" (12839) بلفظ الترمذي، و (12843) بلفظ المصنف. وأخرج مسلم (325) (50)، والنسائي (74) و (75) من طريق شعبة، حدثني عبد الله بن عبد الله بن جبر، به، بلفظ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغتسل بخمس مكاكيك، ويتوضأ بمكُوك. وهو في "مسند أحمد" (12105)، و "صحيح ابن حبان" (1203) و (1204).=

قال أبو داود: رواه شُعبَة قال: حدَّثني عبدُ الله بن عبد الله بن جبر قال: سمعتُ أنساً، إلا أنه قال: "يتوضأُ بمكُّوك"، ولم يذكر: "رَطلَين" (¬1). قال أبو داود: ورواه يحيى بن آدم، عن شَريكٍ، قال: عن ابنِ جَبرِ بن عَتِيكٍ. قال: ورواه سُفيان، عن عبد الله بن عيسى، قال: حدَّثني جَبرُ بنُ عبد الله (¬2). قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ بن حَنبَل يقول: الصَّاعُ خمسةُ أرطالٍ، وهو صاعُ ابنِ أبي ذئبٍ، وهو صاعُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (¬3). ¬

_ =وأخرج البخاري (201)، ومسلم (325) (51) من طريق مسعر بن كدام، عن عبد الله بن عبد الله بن جبر، به، بلفظ: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، ويتوضأ بالمد. والمكوك: اسم لمكيال يختلف قدره حسب اصطلاح أهل بلده، والمقصود به هنا المد، قاله ابن خزيمة وأبو خثيمة زهير بن حرب، ورجَّحه البغوي في "شرح السنة" 2/ 52، والنووي في "شرح مسلم" 2/ 7، وابن الأثير في "النهايه" 4/ 350، وبذلك توافق روايةُ شعبة رواية مسعر، فالصاع المذكور في رواية مسعر أربعة أمداد، أي: كان يغتسل بأربعة أمداد وربما زاد عليه إلى خمسة أمداد. وأما الرطل في رواية شريك فيساوي مداً وربع المد تقريباً، لأن الصاع الذي هو أربعة أمداد: خمسةُ أرطال وثلث. وانظر "فتح الباري" 1/ 364. (¬1) سلف تخريج رواية شعبة عند حديث شريك. (¬2) رواية سفيان الثوري أخرجها أحمد في "مسنده" (13788)، وقوله: "جبر بن عبد الله" خطأ قديم نبَّه عليه الحافظ في "أطراف المسند" 1/ 343، وقال في "التهذيب": هو من مقلوب الأسماء. (¬3) قوله: "قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل ... " زيادة من روايتي ابن داسه وابن الأعرابي.=

43 - باب الإسراف في الماء

43 - باب الإسراف في الماء (¬1) 96 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد، حدَّثنا سعيدٌ الجُرَيريُّ، عن أبي نَعامة أنَّ عبدَ الله بنَ مُغفَّل سمع ابنَه يقول: اللهم إنِّي أسألُكَ القَصرَ الأبيَضَ عن يمينِ الجنَّة إذا دخلتُها، فقال: أيْ بُنَيَّ، سَلِ اللهَ الجنَّةَ، وتعوَّذ به مِنَ النَّار، فإني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ويقول: "إنَّه سيكونُ في هذه الأمَّةِ قومٌ يَعتَدونَ في الطُّهور والدُّعاء" (¬2). 44 - باب في إسباغ الوضوء 97 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن سُفيان، حدثني منصور، عن هِلال ابن يِسافٍ، عن أبي يحيي ¬

_ (¬1) في (د) و (هـ)، ونسخة في هامش (أ) و (ج): الإسراف في الوضوء. (¬2) حديث حسن، فقد حسّن إسناده ابن كثير في "تفسيره" 3/ 425، وقال الحافظ في "الأمالي المطلقة" ص 17: حديث حسن، وهذا إسناد اختلف فيه على حماد بن سلمة: فرواه هنا وعند أحمد (16801)، وابن ماجه (3864)، وابن حبان (6764) عن سعيد بن إياس الجريري، عن أبى نعامة، عن ابن مغفل. وأبو نعامة -واسمه قيس بن عباية الحنفي- لم يسمع من ابن مغفل. ورواه أيضاً عند ابن حبان (6763) عن الجريزي، عن يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن ابن مغفل. وقال ابن حبان: الطريقان جميعاً محفوظان. ورواه أيضاً عند أحمد (16796) عن يزيد الرقاشي، عن أبي نعامة، عن ابن مغفل. ويزيد الرقاشي ضعيف. ورواه زياد بن مخراق كما سيأتي عند المصنف برقم (1480) عن أبي نعامة -وهو قيس بن عباية-، عن مولى لسعد بن أبي وقاص، عن سعد. وزياد ثقة، لكن قال أحمد: لم يقم زياد إسناد هذا الحديث. وفيه مولى سعد وهو مبهم.

45 - باب الوضوء في آنية الصفر

عن عبد الله بن عمرو: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رأى قوماً، وأعقابُهم تلوحُ، فقال: "وَيلٌ للأعقابِ مِنَ النَّارِ، أَسبِغُوا الوضوءَ" (¬1). 45 - باب الوضوء في آنية الصُّفر 98 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، أخبرني صاحبٌ لي، عن هشام بن عُروة أنَّ عائشة قالت: كنتُ أغتَسِلُ أنا ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في تَورٍ من شَبَهٍ (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، أبو يحيى -وهو مِصدَع الأعرج- روى عنه جمع، وأخرج له مسلم في المتابعات، ووثقه العجلي. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر. وأخرجه مسلم (241) (26)، والنسائى في "الكبرى" (136)، وابن ماجه (450) من طرق عن منصور، بهذا الإسناد. ورواية النسائى مختصرة بقوله: "أسبغوا الوضوء". وأخرجه البخاري (60)، ومسلم (241) (27)، والنسائي في "الكبرى" (5854) و (5855) من طريق يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو بنحوه. وهو في "مسند أحمد" (6528) و (6809) و (6976)، و"صحيح ابن حبان" (1055) قال الحافظ في "الفتح" 1/ 266: وقد تواترت الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صفة وضوئه أنه غسل رجليه، وهو المبين لأمر الله، وقد قال في حديث عمرو بن عبسة الذي رواه ابن خزيمة (165) وغيره مطولاً في فضل الوضوء: "ثم يغسل قدميه كما أمره الله، ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا عن علي وابن عباس وأنس وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك، قال عبد الرحمن بن أبى ليلى: أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غسل القدمين. رواه سعيد بن منصور، وادعى الطحاوي وابن حزم أن المسح منسوخ. (¬2) حديث صحيح، حماد: هو ابن سلمة، وشيخه المبهم هنا هو شعبة بن الحجاج كما في بعض الروايات، وبه جزم الحافظ في "التقريب"، وهشام بن عروة لم يسمعة من عائشة، بينهما أبوه عروة كما سيأتي بعده وكما في مصادر التخريج.

99 - حدَّثنا محمَّدُ بن العلاء، أن إسحاقَ بن منصور حدَّثهم، عن حمَّاد بن سلمة، عن رجلٍ، عن هِشامٍ عن أبيه عن عائشة عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بنحوه (¬1). 100 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليّ، حدَّثنا أبو الوليد وسَهلُ بنُ حمَّاد، قالا: حدَّثنا عبدُ العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه ¬

_ =وأخرجه ابن عدي في ترجمة الحسن بن علي العدوي من "الكامل" 2/ 753 من طريق إبراهيم بن الحجاج، عن حماد بن سلمة، عن صاحب له، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وأخرجه ابن عدي 2/ 753، والطبراني في "الصغير" (593)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 256، والبيهقي 1/ 31 من طريق حوثرة بن أشرس، عن حماد بن سلمة، عن شعبة، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة. وقال البيهقي: جوّده حوثرة بن أشرس، وقصَّر به بعضهم عن حماد فقال: عن رجل، فلم يُسمّ شعبة، وأرسله بعضهم فلم يذكر في إسناده عروة. وحوثرة بن أشرس روى عنه جمع كما في ترجمته في "الجرح والتعديل" 3/ 383، و"الثقات "لابن حبان" 8/ 215. وقد تصحف حوثرة في المطبوع من "المعجم الصغير" للطبرانى إلى: جويرية. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1817)، والبيهقي 1/ 196 من طريقين عن إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزُّبير، عن عبيد بن عمير، عن عائشة. وانظر ما سلف برقم (77). قوله: "في تور من شبه" التور مثلُ القدر من الحجارة، والشَّبه ضرب من النحاس، يقال: كوز شَبَهٌ وشِبهٌ بمعنى، سمي شبهاً، لأن لونه يشبه لون الشبه. (¬1) حديث صحيح، وقد سلف الكلام عليه فيما قبله. وأخرجه الحاكم 1/ 169 من طريق أبي كريب محمَّد بن العلاء، بهذا الإسناد. إلا أنه لم يذكر الرجل المبهم، وليس هو خطأ مطبعياً، فقد ذكره الحافظ ابن حجر في "إتحاف المهرة" 17/ 279 من رواية حماد عن هشام مباشرة، وعزاه إلى "مستدرك الحاكم".

46 - باب في التسمية على الوضوء

عن عبد الله بن زيد، قال: جاءنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرَجْنا له ماءً في تَورٍ من صُفرٍ فتوضَّأ (¬1). 46 - باب في التسمية على الوضوء 101 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا محمّد بن موسى، عن يعقوبَ بن سلمة، عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاةَ لمَن لا وُضوءَ له، ولا وضوءَ لِمَن لم يَذكُرِ اسمَ الله عليه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الحسن بن علي: هو الخلال، وأبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي. وأخرجه البخاري (197)، وابن ماجه (471) من طريق عبد العزيز بن عبد الله الماجشون، بهذا الإسناد. قوله: "من صُفر" أي: من نحاس. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة يعقوب بن سلمة -وهو الليثي- ولجهالة والده أيضاً، وقال البخاري: لا يعرف لسلمة سماعٌ من أبي هريرة، ولا ليعقوب من أبيه. وأخرجه ابن ماجه (399) من طريق محمَّد بن موسى بن أبي عبد الله، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9418)، وفيه تمام تخريجه والكلام عليه، وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند أحمد (11370) و (11371) وفي سنده مقال. وعن رباح بن عبد الرحمن، عن جدته، عن أبيها -قيل: هو سعيد بن زيد- عند أحمد (16651) وفي إسناده جهالة واضطراب. وعن سهل بن سعد عند ابن ماجه (400) والحاكم 1/ 269 وسنده ضعيف وعن عيسى بن سبرة بن أبي سبرة، عن أبيه، عن جده عن الدولابي في "الكنى والأسماء" 1/ 36، وعيسى به سبرة منكر الحديث. وعن عائشة من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - عند البزار (261) وأبي يعلى (4687) وإسناده ضعيف بمرة.=

47 - باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها

102 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرِو بن السَّرْح، حدَّثنا ابنُ وَهب، عن الدَّراورديِّ، قال: وذكر ربيعةُ أنَّ تفسيرَ حديث النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا وضوءَ لِمَن لم يَذكُرِ اسمَ الله عليه": أنَّه الذي يتوضَّأ أو يَغتَسِلُ ولا ينوي وضوءاً للصَّلاة ولا غُسلاً للجنابة (¬1). 47 - باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها 103 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي رَزين وأبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قامَ أحدُكم مِنَ اللَّيلِ، فلا يَغمِسْ يَدَه في الإناء حتَّى يَغسِلَها ثلاثَ مرَّاتِ، فإنَّه لا يدري أين باتَت يَدُه" (¬2). ¬

_ =وقد نقل الحافظ في "نتائج الأفكار" 1/ 237 تحسينه بمجموع هذه الطرق، وقال هو في "التلخيص" 1/ 75: والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلاً. والجمهور على أن التسمية في ابتداء الوضوء سنة، وأن النفي محمول على الكمال. انظر "المغني" 1/ 145. (¬1) أثر إسناده قوي، الدراوردي -واسمه عبد العزيز بن محمَّد- فيه كلام يحطه عن رتبة الثقة، وباقي رجاله ثقات. ابن وهب: هو عبد الله. (¬2) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو رزين: هو مسعود بن مالك الأسدي، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه مسلم (278) (87) من طريق أبى معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (162)، ومسلم (278)، والترمذي (24)، والنسائي في "الكبرى" (1) و (152)، وابن ماجه (393) من طرق عن أبي هريرة. ولم يذكر بعضُ الرواة عن أبي هريرة: "ثلاثاً"، كما فصَّله الإمام مسلم في "صحيحه".=

48 - باب صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -

104 - حدَّثنا مُسدَّدٌ, حدَّثنا عيسي بنُ يونُسَ، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -يعني بهذا الحديث- قال: "مرَّتَينِ أو ثلاثاً" ولم يذكر أبا رَزين (¬1). 105 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عَمرِو بن السَّرْحِ ومحمَّدُ بنُ سلمة المُراديُّ، قالا: حدَّثنا ابنُ وَهْبٍ، عن مُعاوية بن صالح، عن أبي مريم، قال: سمعتُ أبا هريرة يقول: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا استَيقَظَ أحدُكم من نَومِهِ، فلا يُدخِلْ يَدَه في الإناءِ حتَّى يَغسِلَها ثلاثَ مرَّات، فإنَّ أحدَكم لا يدري أينَ باتَت يَدُه، أو أينَ كانت تَطوفُ يَدُه" (¬2). 48 - باب صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - 106 - حدَّثنا الحسنُ بن عليّ الحُلْوانيُّ، حدَّثنا عبد الرَّزَّاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن الزُّهريِّ، عن عطاءِ بن يزيد اللَّيثيِّ، عن حُمرانَ بن أبان مولى عثمان بن عفان، قال: ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (7282)، و"صحيح ابن حبان" (1062). وسيأتي بعده وبرقم (105). والأمر في هذا الحديث عند الجمهور على الندب، والقرينة الصارفة له عن الوجوب عند الجمهور التعليل بأمر يقتضي الشك، لأن الشك لا يقتضي وجوباً في هذا الحكم استصحاباً لأصل الطهارة. وحمله أحمد على الوجوب في نوم الليل دون النهار، وعنه في رواية استحبابه في نوم النهار، واتفقوا على أنه لو غمس يده لم يضر الماء. (¬1) إسناده صحيح. وقد سلف تخريجه فيما قبله. (¬2) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وأبو مريم: هو الأنصاري. وانظر تخريجه فيما سلف برقم (103).

رأيتُ عثمانَ بنَ عفَّان توضَّأ فأفرَغَ على يَدَيه ثلاثاً فَغَسَلَهما، ثمَّ تَمضمَضَ واستَنثَرَ، و (¬1) غسلَ وجهَهُ ثلاثاً، وغسلَ يَدَهُ اليُمنى إلى المِرفَقِ ثلاثاً، ثمَّ اليُسرى مثلَ ذلك، ثمَّ مسحَ رأسَه، ثمَّ غسلَ قَدمَه اليمنى ثلاثاً ثم اليسرى مِثل ذلك، ثم قال: رأيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ مثلَ وضوئي هذا، ثم قال: "مَن تَوضَّأ مِثلَ وضوئي هذا ثمَّ صلَّى رَكعتَين لا يُحدِّثُ فيهما نفسَه، غفرَ الله ما تَقَدَّمَ من ذَنبِه" (¬2). 107 - حدَّثنا محمَّدُ بن المثنَّى، حدَّثنا الضَّحَّاكُ بن مَخلَد، حدَّثنا عبدُ الرحمن ابن وَرْدان، حدَّثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدَّثني حُمْرانُ قال: رأيتَ عثمانَ بن عفان توضَّأ، فذكر نحوَه، ولم يذكر المَضمَضَةَ والاستنشاقَ، وقال فيه: ومسحَ رأسَه ثلاثاً، ثمَّ غسلَ رجلَيهِ ثلاثاً، ثم قال: ¬

_ (¬1) في (د) و (هـ): ثم غسل وجهه ثلاثاً. (¬2) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد الصنعاني، والزهري: هو محمَّد بن مسلم. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (139). وأخرجه البخاري (159)، ومسلم (226)، والنسائي في "الكبرى" (91) و (103) وفي" المجتبى" (116) من طريق الزهري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (421)، و"صحيح ابن حبان" (1058) و (1060). وأخرج نحوه بألفاظ متقاربة البخاري (6433)، ومسلم (227) و (229) و (230) و (231) والنسائي في "الكبرى" (173) و (174) و (175)، وابن ماجه (285) من طرق عن حمران، بهذا الإسناد. وأخرج ابن ماجه (413) من طريق شقيق بن سلمة أبي وائل، قال: رأيت عثمان وعلياً يتوضآن ثلاثاً ثلاثاً، ويقولان: هكذا كان توضُّؤ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وانظر ما سيأتي بالأرقام (107 - 110).

رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ هكذا، وقال: "مَن توضَّأ دون هذا كَفَاه" ولم يذكر أمر الصَّلاة (¬1). 108 - حدَّثنا محمَّد بن داود الإسكندرانيُّ، حدَّثنا زيادُ بنُ يونُسَ، حدَّثني سعيدُ بنُ زياد المُؤذِّن، عن عثمان بن عبد الرحمن التَّيميِّ، قال: سُئِلَ ابنُ أبي مُلَيكة، عن الوضوء، فقال: رأيتُ عثمانَ بن عفَّان سُئِلَ عن الوضوء، فدعا بماءٍ، فأُتِيَ بميضَأَةٍ، فأصغاها على يَدِهِ اليُمنى، ثمَّ أدخَلَها في الماءِ، فتَمَضمَضَ ثلاثاً، واستَنثَرَ ثلاثاً، وغَسَلَ وجهَه ثلاثاً، ثمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُمنى ثلاثاً، وغَسَلَ ¬

_ (¬1) عبد الرحمن بن وردان روى عنه ثلاثة، وقال ابن معين: صالح، وقال أبو حاتم: ما بحديثه بأس، وقال الدارقطني: صالح، وفي رواية: يعتبر به. وقوله: "ومسح رأسه ثلاثاً" شاذ، فقد انفرد به عبد الرحمن هذا في طريق حمران، وروي من غير طريق حمران أيضاً كما سيأتي في التخريج. وأخرجه البزار (418 - زوائد)، والدارقطني (303)، والبيهقي 1/ 62 من طريق عبد الرحمن بن وردان، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه بذكر مسح الرأس ثلاثاً أحمد (436)، والدارقطني (304)، والبيهقي 1/ 62 - 63 من طريق ابن دارة مولى عثمان، عن عثمان. وأخرجه كذلك الدارقطني (301)، والبيهقي 1/ 63 من طريق عبد الله بن جعفر، عن عثمان. وفي إسناده إسحاق بن يحيى المدني، وهو شديد الضعف، وبه ضعفه الدارقطني. وسيأتي برقم (110) من طريق شقيق بن سلمة، عن عثمان. قال البيهقي في "سننه" 1/ 62 بعد روايته عن أبي داود كلامه الآتي بإثر الحديث (108): وقد روي من أوجه غريبة عن عثمان رضي الله عنه ذكرُ التكرار في مسح الرأس، إلا أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة، وإن كان بعضُ أصحابنا يحتجُّ بها. وانظر ما قبله.

يَدَهُ اليُسرى ثلاثاً، ثمَّ أدخَلَ يَدَهُ فأخَذَ ماءً، فمسحَ برأسِهِ وأُذُنَيهِ فغسلَ بُطونَهما وظُهورَهما مرَّةً واحدةً، ثمَّ غسلَ رجلَيهِ، ثمَّ قال: أينَ السائلُونَ عن الوضوء؟ هكذا رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأ (¬1). قال أبو داود: أحاديثُ عثمان رضي الله عنه الصِّحاحُ كلُّها تدلُّ على مَسحِ الرأسِ أنَّه مرَّة، فإنَّهم ذكروا الوضوءَ ثلاثاً وقالوا فيها: ومَسَحَ رأسَه، ولم يذكروا عدداً كما ذكروا في غيره. 109 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا عيسى، أخبرنا عُبَيد الله -يعني ابن أبي زياد-, عن عبد الله بن عُبَيد بن عُمَير، عن أبي عَلْقمة أنَّ عثمانَ دعا بماءٍ فتوضَّأ، فأفرَغَ بيدَهِ اليُمنى على اليُسرى، ثمَّ غَسلَهما إلى الكُوعَينِ، قال: ثمَّ مَضمَضَ واستَنشَقَ ثلاثاً، وذكر الوضوءَ ثلاثاً، قال: ومسحَ برأسِهِ، ثمَّ غسلَ رجلَيهِ، وقال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ مِثلَ ما رأيتُموني توضَّأتُ، ثمَّ ساقَ نحو حديثِ الزُّهريِّ وأتمَّ (¬2). 110 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبد الله، حدَّثنا يحيى بن آدَمَ، حدَّثنا إسرائيلُ، عن عامر بن شَقيق بن جَمرة، عن شَقيق بن سَلَمة قال: ¬

_ (¬1) حديث صحيح، سعيد بن زياد المؤذن روى عنه اثنان أو ثلاثة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد توبع. ابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عبيد الله. وقد سلف تخريجه برقم (106). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبيد الله بن أبي زياد القدَّاح، وقد توبع. وقد سلف تخريجه برقم (106). والكوعُ والكاعُ: رأس الزَّنْدِ الذي يلي الإبهامَ.

رأيتُ عثمانَ بن عفان غسلَ ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ومسحَ رأسَه ثلاثاً، ثم قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَ هذا (¬1). قال أبو داود: رواه وكيعٌ عن إسرائيل قال: توضَّأ ثلاثاً، قَطْ (¬2). 111 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن خالد بن عَلقمة عن عبدِ خير قال: أتانا عليٌّ رضي الله عنه وقد صلَّى، فدعا بطَهُورٍ، فقلنا: ما يَصنَعُ بالطَّهُورٍ وقد صلَّى؟ ما يُريدُ إلا ليُعَلِّمَنا، فأُتِيَ بإناءٍ فيه ماءٌ وطَسْتٍ فأفرَغ من الإناءِ على يمينهِ فغسلَ يَدَيهِ ثلاثاً، ثمَّ تَمضمَضَ واستَنثَرَ ثلاثاً، فمَضمَضَ ونَثَر مِن الكَفِّ الذي يأخُذُ فيه، ثمَّ غسلَ وجهَه ثلاثاً، وغسلَ يَدَهُ اليُمنى ثلاثاً، وغسلَ يَدَهُ الشمال ثلاثاً، ثمَّ جعلَ يَدَهُ في الإناءِ فمسحَ برأسِهِ مرَّةً واحدةً، ثمَّ غسلَ رِجلَه اليُمنى ¬

_ (¬1) إسناده لين، عامر بن شقيق بن جمرة ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، وقال النسائي: ليس به بأس، وصحح له الترمذي حديثه في التخليل في "سننه" (31)، وحسَّنه له البخاري. والثابت عن عثمان رضي الله عنه أنه مسح رأسه مرة، وقد روي أيضاً من طريق عامر على الصواب كما سيأتي في التخريج. إسرائيل: هو ابن يونس السبيعي. وأخرجه الدارقطني (302) من طريق هارون بن عبد الله الحمال، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني (286) من طريق عبد الله بن نمير، و (287) من طريق أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن إسرائيل، به، وقالوا: "ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما". وانظر ما سلف برقم (107). (¬2) رواية وكيع أخرجها أحمد في "مسنده" (403).

ثلاثاً، ورِجلَه الشِّمالَ ثلاثاً، ثم قال: مَن سَرَّه أن يَعلَمَ وضوءَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فهو هذا (¬1). 112 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ الحُلوانيُّ، حدَّثنا الحُسينُ بنُ عليّ الجُعفيُّ، عن زائدة، حدَّثنا خالدُ بنُ عَلقمة الهَمدانيُّ، عن عبدِ خيرٍ، قال: صلَّى عليٌّ رضي الله عنه الغَداةَ، ثمَّ دخلَ الرَّحْبةَ، فدعا بماءٍ، فأتاه الغُلامُ بإناءٍ فيه ماءٌ وطَسْتٍ، قال: فأخذَ الإناءَ بيدِهِ اليُمنى، فأفرَغَ على يَدِهِ اليُسرى وغسلَ كفيهِ ثلاثاً، ثم أدخَلَ يَدَه اليُمنى في الإناءِ- فمَضمَضَ ثلاثاً، ثمَّ ساق قريباً من حديث أبي عَوانة، قال: ثمَّ مسحَ رأسَه مُقدَّمَه ومُؤَخَّرَه مرَّةً، ثمَّ ساقَ الحديثَ نحوَه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وعبد خير: هو ابن يزيد الهمداني. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (77) من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً بالمضمضة والاستنشاق ابن ماجه (404) من طريق شريك النخعي، عن خالد بن علقمة، به. وأخرجه الترمذي (49) من طريق أبي إسحاق، عن عبد خير، به. وأخرجه النسائي (101) من طريق الحسين بن علي، عن علي. وهو في "مسند أحمد" (1199). وانظر ما سيأتي بالأرقام (112 - 116). قوله: "طست": هو إناء من نحاس. (¬2) إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة. وأخرجه مختصراً بالمضمضة والاستنشاق النسائي في "الكبرى" (94) من طريق حسين بن علي الجعفي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1133)، و"صحيح ابن حبان" (1056) و (1079). قوله: "الرحبة" بسكون الحاء: اسم موضع بالكوفة، وتعرف برحبة خنيس.

113 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ المثنَّى، حدّثني محمَّدُ بنُ جعفر، حدّثني شُعبَة، قال: سمعتُ مالكَ بن عُرفُطة، سمعتُ عبدَ خيرٍ: رأيتُ عليّاً عليه السلام أُتِيَ بكُرسيٍّ فقَعَدَ عليه، ثمَّ أُتِيَ بكُوزٍ من ماء، فغَسَلَ يَدَيهِ ثلاثاً، ثمَّ تمضمَضَ معَ الاستِنشاقِ بماءٍ واحدٍ، وذكر هذا الحديث (¬1) (¬2). 114 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا أبو نُعَيم، حدَّثنا ربيعةُ الكنانيُّ، عن المنهال بنِ عَمرو، عن زرِّ بن حُبَيش: أنَّه سمعَ عليًّا رضي الله عنه وسُئِلَ عن وضوءِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرَ الحديثَ، وقال: ومسحَ على رأسِهِ حتَّى الماءُ يَقطُرُ، وغسلَ رِجلَيهِ ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: هكذا كانَ وُضوءُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3). 115 - حدَّثنا زيادُ بنُ أيوب الطُوسيُّ، حدَّثنا عُبَيدُ الله بنُ موسى، حدَّثنا فِطْرٌ، عن أبي فَرْوة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وقد أخطأ شعبة في تسمية شيخه، فقال: مالك بن عرفطة، والصواب: خالد بن علقمة، وقد خطأ شعبة فيه غيرُ واحد من النقاد المرجوع إليهم في هذا الفن. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (83) و (163) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (989). وانظر ما سلف برقم (111). (¬2) زاد ابن الأعرابي في روايته بعد هذا الحديث: قال أبو داود: أخطأ فيه شعبة، وإنما هو خالد بن علقمة. (¬3) إسناده صحيح. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، وربيعة الكِناني: هو ابن عتبة. وهو في "مسند أحمد" (873) من طريق ربيعة الكِناني، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (111).

رأيتُ عليّاً رضي الله عنه توضَّأ فغسلَ وجهَه ثلاثاً، وغسلَ ذراعَيهِ ثلاثاً، ومسحَ برأسِهِ واحدةً، ثم قال: هكذا توضّأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 116 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وأبو تَوبةَ، قالا: حدَّثنا (ح) وحدثنا عمرُو بنُ عون، أخبرنا أبو الأحوَص، عن أبي إسحاق، عن أبي حيَّة، قال: رأيتُ عليّاً رضي الله عنه توضَّأ، فذكر وُضوءَهُ كلَّه ثلاثاً ثلاثاً، قال ثم مسحَ رأسَه، ثمَّ غسلَ رجلَيهِ إلى الكعبَينِ، ثم قال: إنَّما أحبَبتُ أن أُرِيكم طُهورَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2) (¬3). 117 - حدَّثنا عبدُ العزيز بن يحيي الحَرَّانيُّ، حدَّثنا محمَّد -يعني ابن سلمة- عن محمَّد بن إسحاق، عن محمَّد بن طلحة بن يزيد بن رُكانة، عن عُبَيد الله الخَولانيِّ ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي فروة، وهو مسلم بن سالم النهدي. فطر: هو ابن خليفة. وانظر ما سلف برقم (111). (¬2) حديت صحيح، وهذا إسناد حسن، أبو حية -وهو ابن قيس الوادعي- وثقه ابن نمير، وصحح له ابن السكن، وقال أحمد: شيخ، وذكره ابن حبان في "الثقات". أبو توبة: هو الربيع بن نافع، وأبو الأحوص: هو سلام بن سليم، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه الترمذي (48)، والنسائي في "الكبرى" (102) و (162)، وابن ماجه (436) من طريق أبي إسحاق السبيعي، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة بمسح الرأس مرة. وهو في "مسند أحمد" (1046). وانظر ما سلف برقم (111). (¬3) زاد ابن العبد في روايته بعد هذا الحديث: قال أبو داود: أخطأ فيه محمَّد بن القاسم الأسدي، قال: عن الثوري، عن أبي إسحاق، عن حية، وإنما هو أبو حية.

عن ابن عبَّاس، قال: دخل عليَّ عليُّ بن أبي طالب وقد أهراقَ الماءَ، فدعا بوَضُوءٍ، فأتَيناهُ بتَورٍ فيه ماءٌ حتَّى وَضَعناهُ بينَ يَدَيهِ، فقال: يا ابن عباس، ألا أُريكَ كيفَ كان يتوضَّأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قلتُ: بلى، قال: فأصغَى الإناءَ على يَدِهِ فغَسَلَها، ثم أدخَلَ يَدَهُ اليُمنى فأفرَغَ بها على الأخرى، ثمَّ غسلَ كفَّيهِ، ثمَّ تمضمَضَ واستَنثَرَ، ثمَّ أدخَلَ يَدَيهِ في الإناء جميعاً، فأخذَ بها حَفنةً مِن ماءٍ، فضرَبَ بها على وَجهِهِ، ثمَّ ألقَمَ إبهامَيهِ ما أقبَلَ من أُذُنَيهِ، ثمَّ الثَّانية، ثمَّ الثَّالثة مثلَ ذلك، ثم أخذَ بكفِّهِ اليُمنى قبضةً من ماءٍ فصبَّها على ناصِيَته، فتركها تَستَنُّ على وجهِهِ، ثم غسلَ ذِراعَيهِ إلى المِرفَقَينِ ثلاثاً ثلاثاً، ثمَّ مسحَ رأسَهُ وظُهُورَ أُذُنَيهِ، ثمَّ أدخَلَ يَدَيهِ جميعاً فأخذَ حَفْنةَ من ماءٍ فضرَبَ بها على رجلِهِ وفيها النَّعلُ ففَتَلَها بها، ثمَّ الأخرى مثل ذلك، قال: قلتُ: وفي النَّعلَين؟ قال: وفي النَّعلين، قال: قلت: وفي النَّعلين؟ قال: وفي النَّعلين، قال: قلت: وفي النَّعلَين؟ قال: وفي النَّعلين (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن، محمَّد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث عند أحمد، فانتفت شبهة تدليسه. عبيد الله الخولاني: هو ابن الأسود ربيب ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأخرجه أحمد (625)، والبزار (463) و (464)، والطحاوي 1/ 32 و 34 و 35، وأبو يعلى (600)، وابن خزيمة (153)، وابن حبان (1080)، والبيهقي 1/ 74 من طرق عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. ورواية ابن خزيمة وابن حبان مختصرتان ولم يذكر البزار ولا الطحاوي النعلين، ورواية أبي يعلى: "فصَكَّ بهما على قدميه وفيهما النعل ثم قلبها" وكذا رواية أحمد، وفسَّر السندي قوله: "ثم قلبها بها" أي: صرف رجله بالحفنة وحرَّكها عند صبِّها قصداً لاستيعاب الغسل للرِّجل، ورواية المصنف: ففتلها بها. قال في "عون المعبود"، أي: لوى، قال فى "التوسط": أي: فتل رجله بالحفنة التي صبها عليها.=

قال أبو داود: وحديث ابن جُرَيج عن شَيبةَ يُشبِهُ حديثَ عليٍّ، قال فيه حجَّاجُ بن محمّد عن ابن جُرَيج: ومسحَ برأسِهِ مرَّةً واحدةً (¬1)، وقال ابنُ وَهْبٍ فيه عن ابن جُرَيج: ومسحَ برأسه ثلاثاً (¬2). ¬

_ = وروى البخاري في "صحيحه" (140) عن عطاء بن يسار عن ابن عباس، فذكر الحديث وقال في آخره: "ثم أخذ غرفةَ من ماءٍ فرشَّ على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها رجله -يعني: اليُسرى-، ثم قال: هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأ". وفي المتفق عليه من حديث ابن عمر أنه قال: تخلَّف عنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -فى سفرة فأدرَكَنَا وقد أرهقنا العصرُ، فجعلنا نتوضأ ونمسحُ على أرجلنا قال: فنادى بأعلى صوته: "ويل للأعقاب من النار" مرتين أو ثلاثاً. قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 3/ 109: ذهب جمعٌ من الفقهاء من أهل الفتوى فى الأعصار والأمصار إلى أن الواجب غسل القدمين مع الكعبين ولا يجزئ مسحهما ولا يجب المسح مع الغسل ولم يثبت خلاف هذا عن أحد يعتد به في الإجماع. وقال الحافظ في "الفتح": ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا عن على وابن عباس وأنس وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك، قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على غسل القدمين. رواه سعيد بن منصور، وحديث الباب نقل الترمذي عن البخاري أنه ضعفه، وقد ذكر الإمام ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود" 1/ 95 - 98 أن هذا الحديث من الأحاديث المشكلة وأجاب عن تلك الإشكالات ودفعها فانظرها لزاماً. قوله: "تور"، هو إناء معروف، تذكِّره العرب، والجمع أتوار. و"تستن": أي: تسيل وتنصبُّ، يقال: سننتُ الماء، إذا صببتَه صباً سهلاً. وانظر ما سلف برقم (111). (¬1) أخرجه النسائي (95) من طريق حجاج بن محمَّد، عن ابن جريج -واسمه عبد الملك بن عبد العزيز- قال: حدَّثني شيبة -وهو ابن نِصاح المدني-، عن محمَّد بن علي الباقر، عن أبيه علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده. وهذا إسناد صحيح. (¬2) أخرجه البيهقي في "سننه" 1/ 63 من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن جريج، عن محمَّد بن علي، به، ولم يذكر شيبة.

118 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، عن مالك، عن عَمرو بن يحيى المازنيِّ، عن أبيه أنَّه قال لعبد الله بن زيد -وهو جدُّ عمرو بن يحيى المازنيِّ-: هل تستطيعُ أن تُرِيَني كيفَ كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأ؟ فقال عبدُ الله ابن زيد: نعم، فدعا بوَضوءٍ، فأفرَغَ على يَدَيهِ فغسلَ يَدَيه، ثمَّ تَمضمَضَ واستَنثَرَ ثلاثاً، ثمَّ غسلَ وجهَهُ ثلاثاً، ثمَّ غسلَ يَدَيهِ مرَّتين مرَّتين إلى المِرفَقَين، ثمَّ مسحَ رأسَه بيَدَيهِ فأقبَلَ بهما وأدبَرَ: بدأ بمُقدَّمِ رأسِهِ ثمَّ ذهبَ بهما إلى قَفَاهُ ثمَّ رَدَّهما حتَّى رجعَ إلى المكانِ الذي بدأ منه ثمَّ غسلَ رِجلَيهِ (¬1). 119 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا خالدٌ، عن عمرو بن يحيي المازنيِّ، عن أبيه عن عبد الله بن زيد بن عاصم، بهذا الحديث، قال: فمضمَضَ واستَنشَقَ مِن كَفٍّ واحدةٍ، يَفعَلُ ذلك ثلاثاً، ثمَّ ذكر نحوَه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 1/ 18، ومن طريقه أخرجه البخاري (185)، ومسلم (235)، والترمذي (32)، والنسائي في "الكبرى" (104) وفي "المجتبى" (97). وبعضهم يزيد على بعض. وأخرجه البخاري (186) و (197) و (199)، ومسلم (235)، والترمذي (47)، والنسائي في "الكبرى" (171) من طرق عن عمرو بن يحيى، به. وهو في "مسند أحمد" (16431)، و"صحيح ابن حبان" (1084). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (191)، ومسلم (235)، والترمذي (48)، وابن ماجه (405) من طريق خالد بن عبد الله، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16445).=

120 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بن السَّرح، حدَّثنا ابنُ وَهب، عن عمرو بن الحارث، أنَّ حَبَّانَ بنَ واسع حدَّثه، أن أباه حدَّثه أنَّه سمع عبدَ الله بن زيد بن عاصم المازنيَّ يذكُرُ أنَّه رأى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر وُضوءَهُ. وقال: ومسحَ رأسَهُ بماءٍ غيرِ فَضْلِ يَدَيهِ، وغسلَ رِجلَيهِ حتَّى أنقاهما (¬1). 121 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بن حَنبَل، حدَّثنا أبو المُغيرة، حدَّثنا حَريزٌ، حدّثني عبدُ الرحمن بن مَيسَرَة الحضرَميُّ قال: سمعتُ المقدامَ بنَ مَعْدي كَرِبَ الكِنديَّ قال: أُتِيَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بوَضوءٍ فتوضَّأ، فغسلَ كَفيهِ ثلاثاً، وغسلَ وجهَه ثلاثاً، ثمَّ غسلَ ذِراعَيهِ ثلاثاً ثلاثاً، ثم تَمضمَضَ واستَنشَقَ ثلاثاً، ثمَّ مسحَ برأسِهِ وأُذُنَيه ظَاهِرِهما وباطِنِهما (¬2). ¬

_ =وقال الترمذي: قد روى مالك وابن عيينة وغير واحد هذا الحديث عن عمرو بن يحيي، ولم يذكروا هذا الحرف "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مضمض واستنشق من كف واحدة" وإنما ذكره خالد بن عبد الله، وخالد بن عبد الله ثقة حافظ عندَ أهل الحديث. وانظر ما قبله وما بعده. (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو بن الحارث: هو الأنصاري مولاهم المصري. وأخرجه مسلم (236)، والترمذي (35) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، عبد الرحمن بن ميسرة الحضرمي روى عنه جمع، ووثقه العجلي، وقال أبو داود: شيوخ حريز ثقات كلهم، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، وحريز: هو ابن عثمان الرَّحَبي. وهو في "مسند أحمد" (17188). وانظر الطريقين الآتيين بعده.

122 - حدَّثنا محمودُ بن خالد ويعقوبُ بن كعب الأنطاكي -لفظُه- قالا: حدَّثنا الوليدُ بنُ مُسلم، عن حَريزِ بن عثمان، عن عبد الرحمن بن مَيسَرَة عن المِقدامِ بن مَعْدي كَرِبَ قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ، فلما بَلَغَ مَسْحَ رأسِهِ وضعَ كفيهِ على مُقَدَمِ رأسِهِ فأمرهما حتَّى بلغَ القَفَا، ثمَّ ردَّهما إلى المكان الذي بدأ منه (¬1). قال محمود: قال: أخبرنىِ حَريزٌ. 123 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالد وهشامُ بنُ خالد -المعنى- قالا: حدَّثنا الوليدُ، بهذا الإسناد، قال: ومسحَ بأُذُنَيهِ ظاهِرِهما وباطِنِهما، زاد هشامٌ: وأدخَلَ أصابِعَه في صِماخِ أُذُنَيه (¬2). 124 - حدَّثنا مُؤمَّلُ بنُ الفَضل الحرَّانيُّ، حدَّثنا الوليدُ بنُ مُسلِم، حدَّثنا عبدُ الله بن العلاء، حدَّثنا أبو الأزهر المُغيرةُ بن فَرْوَةَ ويزيدُ بن أبي مالك أنَّ مُعاويةَ تَوضَأ للنَّاسِ كما رأىْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأُ، فلما بلغَ رأسَه غَرَف غُرفَةً من ماءٍ فتلقاها بشِمالِهِ حتَّى وَضَعَها على وَسَطِ رأسِهِ ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقه. وأخرجه الطبراني في "الكبير"20/ (656) من طريق يعقوب بن كعب، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله وما بعده. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقه. وأخرجه ابن ماجه (442) مختصراً بقوله: "ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما"، و (457) مختصراً بقوله: "غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً، من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وانظر الطريقين السالفين قبله.

حتَّى قَطَرَ الماءُ أو كادَ يَقطُرُ، ثمَّ مسحَ من مُقدمِهِ إلى مُؤخَّرِهِ، ومِن مُؤخَّرِهِ إلى مُقدَّمِهِ (¬1). 125 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالد، حدَّثنا الوليدُ في هذا الإسناد، قال: فتوضَّأ ثلاثاً ثلاثاً، وغسلَ رجلَيهِ، بغيرِ عدد (¬2). 126 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بشرُ بن المُفَضَل، حدَّثنا عبدُ الله بن محمّد بن عقيل عن الربيع بنت مُعوِّذ ابن عَفْراء، قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يأتينا، فحدَّثَتنا أنَّه قال: "اسكُبي لي وَضوءاً" فذكر وُضوءَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال فيه: فغسلَ كَفيهِ ثلاثاً، ووضَّأ وجهَه ثلاثاً، ومَضمَضَ واستَنشَقَ ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن الوليد بن مسلم يدلّس ويُسوّي، ولم يذكر تصريح أبي الأزهر ويزيد بن أبي مالك بسماعهما من معاوية. وأخرجه البيهقي 1/ 59 من طريق أبى داود، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (16854)، والطحاوي 1/ 30، والطبراني 19/ (900) من طريقين عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وروايتهم عن أبي الأزهر وحده. ولم يذكر الطحاوي أنه مسح رأسه بغرفة من ماء. وانظر ما بعده. ولمسح الرأس بغرفة من ماء شاهد من حديث علي سلف برقم (114). ولمسحه من مقدمه إلى مؤخره ومن مؤخره إلى مقدمه شاهد من حديث عبد الله ابن زيد سلف برقم (118)، وآخر من حديث المقدام بن معدي كرب سلف برقم (122). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد منقطع كسابقه. وأخرجه بهذا اللفظ أحمد (16855) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث عبد الله بن زيد سلف برقم (118).

مرَّةَ، ووضَّأ يَدَيهِ ثلاثاً ثلاثاً، ومسحَ برأسِهِ مَرَّتَين: يَبدَاُ بمُؤخَّر رأسِهِ ثمَّ بمُقدَمِه، وبأُذُنَيهِ كِلتَيهما ظهورِهِما وبُطُونهما، ووَضَّأ رِجلَيهِ ثلاثاً ثلاثاً (¬1). قال أبو داود: وهذا معنى حديث مُسدَّد. 127 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيل، حدَّثنا سُفيان، عن ابن عَقِيل، بهذا الحديث، يُغيِّرُ بعضَ معاني بِشرٍ، قال فيه: وتَمضمَضَ واستَنثَرَ ثلاثاً (¬2). 128 - حدَّثنا قُتَيبةُ بنُ سعيد ويزيدُ بن خالد الهَمدانيُّ، قالا: حدَّثنا اللَّيث، عن ابن عَجْلان، عن عبد الله بن محمَّد بن عَقِيل عن الرُّبيع بنتِ مُعوِّذ ابن عَفْراء: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ عندها ¬

_ (¬1) حسن لغيره عبد الله بن محمَّد بن عقيل وإن كان ضعيفاً حسن في المتابعات. وقد صحت معظم ألفاظه كما في أحاديث الباب السالفة قبله. وأخرجه مختصراً بمسح الرأس والأذنين الترمذي (33) من طريق بشر بن المفضل، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن، وحديث عبد الله بن زيد أصح من هذا وأجود إسناداً. وأخرجه ابن ماجه تاماً بنحوه (390)، ومختصراً بمسح الأذنين (440) من طريق شريك النخعي، عن ابن عقيل، به. وأخرجه ابن ماجه مختصراً بالوضوء ثلاثاً ثلاثاً (418)، ومختصراً بمسح الرأس مرتين (438) من طريق سفيان الثوري، عن ابن عقيل، به. وانظر ما سيأتي بالأرقام (127 - 131). (¬2) إسناده كسابقه. سفيان: هو ابن عيينة. وهو في "مسند أحمد" (27015) عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

فمسحَ الرَّأسَ كُلَّه من قَرْنِ الشَّعرِ (¬1) ,كلَّ ناحية لمُنصَبِّ الشَّعرِ، لا يُحرِّكُ الشَّعرَ عن هَيئتِهِ (¬2). 129 - حدَّثنا قُتَيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا بكرٌ -يعني ابنَ مُضَرَ-، عن ابن عَجْلان، عن عبد الله بن محمَّد بن عَقِيل أنَّ رُبيِّعَ بنتَ مُعوِّذ ابن عَفْراء أخبرته قالت: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأ، قالت: فمسحَ رأسَه ومسحَ ما أقبَلَ منه وما أدبَرَ وصُدْغَيهِ وأُذُنَيهِ مرَةً واحدةً (¬3). ¬

_ (¬1) في رواية ابن الأعرابي وابن داسه: من فوق، بالفاء والواو، وفسرها في هامش نسخة (أ) بقوله: المراد هنا -والله أعلم- أعلى الرأس، والمعنى: أنه كان يبتدئ المسح بأعلى الرأس إلى أن ينتهي إلى أسفله يفعل ذلك في كل ناحية على حِدَتها. (¬2) إسناد كسابقه. الليث: هو ابن سعد، وابن عجلان: هو محمَّد. وأخرجه أحمد (27024) و (27028)، والطبراني 24/ (688)، والبيهقي 1/ 60، والبغوي في "شرح السنة" (255) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (126). (¬3) حسن لغيره دون مسح الصدغين، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. وأخرجه الترمذي (34) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (27022). وانظر ما سلف برقم (126). ولمسح الأذنين شاهد من حديث المقدام بن معدي كرب، وهو السالف برقم (121)، وإسناده قوي. وآخر من حديث ابن عباس عند الترمذي (36)، وابن ماجه (439)، وإسناده قوي. والمراد بالصُّدغين الشعر النازل بين العين والأذن.

130 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود، عن سُفيانَ بنِ سعيد، عن ابن عَقِيل عن الرُّبيِّع: أنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مسحَ برأسِهِ مِن فَضْلِ ماءٍ كانَ في يَدِهِ (¬1). 131 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعيد، حدَّثنا وكيع، حدَّثنا الحسنُ بنُ صالح، عن عبد الله بن محمَّد بن عَقِيل عن الرُّبيِّع بنت مُعوِّذ: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ فأدخَلَ إصبَعَيهِ في حُجْرَي أُذُنَيهِ (¬2). 132 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ عيسى ومُسدَّدٌ، قالا: حدَّثنا عبدُ الوارث، عن ليث، عن طلحة بن مُصرِّف، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 21، وأحمد (27016)، والطبراني 16/ (681)، والدارقطني (289)، والبيهقي 1/ 237 من طريقين عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. قال البيهقي: هكذا رواه جماعة عن عبد الله بن داود وغيره عن الثوري، وقال بعضهم: "ببلل يديه" وكأنه أراد: أخَذَ ماءً جديداً فصبَّ بعضه ومسح رأسه ببلل يديه، وعبد الله بن محمَّد بن عقيل لم يكن بالحافظ، وأهل العلم بالحديث مختلفون في جواز الاحتجاج برواياته. (¬2) حسن لغيره، وأخرجه ابن ماجه (441) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (27019). وله شاهد من حديث المقدام بن معدي كرب، سلف برقم (121)، ولفظه: "ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما" وإسناده قوي. وآخر من حديث ابن عباس عند الترمذي (36)، وابن ماجه (439)، ولفظه بنحو حديث المقدام، وإسناده قوي أيضاً.

عن جدِّه قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يمسَحُ رأسَه مرَّةَ واحدةً، حتَّى بَلَغَ القَذَالَ -وهو أوَّلُ القَفَا-، وقال مُسدَّدٌ: مسحَ رأسَه مِن مُقدَّمِه إلى مُؤخَّرِه حتَّى أخرَجَ يَدَيهِ مِن تحتِ أُذُنَيه (¬1). قال مُسدَّدٌ: فحدَّثتُ به يحيى (¬2) فأنكره. قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ يقول: ابنُ عُيَينة -زعموا- كان يُنكِرُه ويقول: أَيْشٍ هذا: طلحة، عن أبيه، عن جَده (¬3)؟!. 133 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا عَبَّادُ بنُ منصور، عن عِكرِمة بن خالد، عن سعيد بن جُبير ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، ليث -وهو ابن أبي سليم- ضعيف، ومُصرف والد طلحة مجهول. وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن أبي شيبة 1/ 16، وأحمد (15951)، والطحاوي 1/ 30، والطبراني 19/ (407) و (408) و (409)، والبيهقي 1/ 60 من طرق عن ليث، بهذا الإسناد. وضعَّف إسناده البيهقي والنووي في "المجموع" 1/ 500، وابن حجر في "التلخيص" 1/ 92. قوله: "القذال" هو القفا، وظن بعضهم أن المراد به هنا الرقبة، قال الحافظ فى "التلخيص": ولعل مستند البغوي في مسح القفا -يعني الرقبة- ما رواه أحمد وأبو داود من حديث طلحة بن مصرف ... وإسناده ضعيف. قلنا: وسياق هذا الحديث عند المصنف أنه في مسح الرأس لا الرقبة، وكذا جعله ابن أبي شيبة والطحاوي. (¬2) هو ابن سعيد القطان كما صرح به البيهقي 1/ 51. (¬3) جاء على الهامش (أ) تفسيراً لكلام ابن عيينة هذا: يعني أنكر أن يكون لجد طلحة بن مصرف صحبة. وجاء في أصل (هـ): أيش هذا يعني أن جده لا تحفظ له صحبة ولهذا أنكره: طلحة عن أبيه عن جده.

عن ابن عبَّاس رأى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأ، فذكرَ الحديثَ كُلَّه ثلاثاً ثلاثاً، قال: ومسحَ برأسِهِ وأُذُنَيهِ مَسْحَةً واحدةً (¬1). 134 - حدَّثنا سُليمانُ بنُ حرب، حدَّثنا حمَّاد (ح) وحدَّثنا مُسدَّد وقُتَيبةُ، عن حمَّاد بن زيد، عن سِنان بن ربيعة، عن شهْرِ بنِ حَوشب عن أبي أُمامة ذكرَ وُضوءَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمسَحُ المَأْقَين، قال: وقال: الأُذُنانِ مِن الرَّأسِ. قال سُليمانُ بنُ حرب: يقولُها أبو أمامة. قال قُتَيبةُ: قال حمَّاد: لا أدري هو مِن قولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أو أبي أمامة، يعني قصَّة الأُذُنين (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، عباد بن منصور ضعيف لسوء حفظه وتغيُّره وتدليسه، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه ضمن حديث مطول أحمد (3490) عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني (12504) من طريق عباد بن منصور، به، وذكر فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضّأ ثلاثاً ثلاثاً، ولم يذكر مسح الرأس مرة. والأحاديث السالفة برقم (106) و (111) و (118) و (121) تشهد له. (¬2) إسناده ضعيف لضعف سنان بن ربيعة وشهر بن حوشب، وقد اختلف على حماد في رفع قوله: "الأذنان من الرأس" ووقفه. وأخرجه الترمذي (37) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وذكر شك حماد في الرفع والوقف. وقال الترمذي: ليس إسناده بالقائم. وأخرجه ابن ماجه (440) عن محمَّد بن زياد، عن حماد بن زيد، به مرفوعاً. وهو في "مسند أحمد" (22223). وفي باب قوله: "الأذنان من الرأس" عن جماعة من الصحابة ذكرنا أحاديثهم في التعليق على "المسند" ولا يصح منها شيء مرفوعاً كما هو مبين هناك.

49 - باب الوضوء ثلاثا ثلاثا

قال قُتَيبةُ، عن سنان أبي ربيعة (¬1). 49 - باب الوضوء ثلاثاً ثلاثاً 135 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن موسى بن أبي عائشةَ، عن عمرو ابن شُعيب، عن أبيه عن جدِّه: أن رجلاً أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ الله، كيفَ الطُّهورُ؟ فدعا بماءٍ في إناءٍ فغسلَ كفَّيهِ ثلاثاً، ثمَّ غسلَ وجهَه ثلاثاً، ثمَّ غسلَ ذِراعَيهِ ثلاثاً، ثمَّ مسحَ برأسِهِ وأدخَلَ إصبَعَيهِ السَّبَّاحَتَينِ في أُذُنَيهِ ومسحَ بإبهامَيهِ على ظاهِرِ أُذُنَيهِ وبالسَّبَّاحَتَينِ باطِنَ أُذُنَيهِ، ثمَّ غسلَ رِجلَيهِ ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: "هكذا الوضوء، فمَن زادَ على هذا أو نَقَصَ فقد أساءَ وظَلَمَ" أو "ظَلَمَ وأساءَ" (¬2). ¬

_ (¬1) زاد في هامش نسخة (1): "قال أبو داود: وهو ابن ربيعة، كنيته أبو ربيعة" وأشار إلى أنها في رواية ابن داسه، وليست هي عندنا في (هـ). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، إلا أن قوله: "أو نقص" زيادة شاذة، قال ابن الموّاق: إن لم يكن اللفظ شكاً من الراوي، فهو من الأوهام المبينة التي لا خفاء بها، إذ الوضوء مرة ومرتين لا خلاف في جوازه، والآثار بذلك صحيحه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (89)، وابن ماجه (422) من طريق سفيان الثوري، عن موسى بن أبي عائشة، بهذا الإسناد. ولم يقل: "أو نقص". وقال السندي في حاشيته علي "سنن النسائي" تعليقاً على زيادة "أو نقص": والمحققون على أنه وهم لجواز الوضوء مرة مرة، ومرتين مرتين. وهو في "مسند أحمد" (6684). دون قوله: "أو نقص". وقال الترمذي بإثر حديثِ علي برقم (44): والعمل على هذا عند عامة أهل العلم أن الوضوء يجزئ مرة مرة، ومرتين أفضل، وأفضله ثلاث، وليس بعده شيء. وقال ابن المبارك: لا آمن إذا زاد في الوضوء على الثلاث أن يأثم، وقال أحمد وإسحاق: لا يزيدُ على الثلاث إلا رجل مبتلى.

50 - باب الوضوء مرتين

50 - باب الوضوء مرَّتين 136 - حدَّثنا محمَّد بنُ العلاء، حدَّثنا زيدٌ -يعني ابنَ الحُبَاب-، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن ثَوبان، حدَّثنا عبدُ الله بنُ الفَضْل الهاشميُّ، عن الأعرج عن أبي هريرة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - توضّأ مرَّتَين مرَّتَين (¬1). 137 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا محمَّد بنُ بِشر، حدَّثنا هشامُ بنُ سعد، حدَّثنا زيدٌ، عن عطاء بن يسار، قال: قال لنا ابن عبَّاس: أتُحبُّونَ أن أُرِيكم كيف كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأ؟ فدعا بإناءِ فيه ماءٌ، فاغتَرَفَ غُرفةً بيدِهِ اليُمنى، فتَمضمَضَ واستَنشَقَ، ثمَّ أخذَ أُخرى فجمعَ بها يَدَيهِ، ثمَّ غسلَ وجهَه، ثمَّ أخذَ أُخرى فغسلَ بها يَدَهُ اليُمنى، ثمَّ أخذَ أُخرى فغسلَ بها يَدَهُ اليُسرى ثمَّ قبضَ قَبضَةً مِنَ الماءِ، ثمَّ نَفضَ يَدَهُ، ثمَّ مَسَحَ بها رأسَه وأُذُنَيه، ثمَّ قبضَ قبضةً أُخرى مِن الماء، فرشَّ على رِجلِهِ اليُمنى وفيها النَّعلُ، ثمَّ مَسَحَها بيَدَيهِ: يدٌ فوقَ القَدَمِ ويدٌ تحتَ النَّعل، ثمَّ صنعَ باليُسرى مثلَ ذلك (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الترمذي (43) من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7878)، و "صحيح ابن حبان" (1094). وله شاهد من حديث عبد الله بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضّأ مرتين مرتين. أخرجه البخاري (158). (¬2) حديث صحيح دون ذكر النعل، وهذا إسناد ضعيف لضعف هشام بن سعد، وقد خالفه غيرُ واحد من الثقات فذكروا غسل الرجلين ولم يذكروا النعلين. زيد: هو ابن أسلم.=

51 - باب الوضوء مرة

51 - باب الوضوء مرةً 138 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن سفيان، حدَّثني زيدُ بنُ أسلمَ، عن عطاء بن يسار عن ابن عبَّاس قال: ألا أُخبِرُكم بوضوءِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فتوضَّأ مرَّةً مرَّةً (¬1). 52 - باب في الفرق ببن المضمضة والاستنشاق 139 - حدَّثنا حُمَيدُ بنُ مَسعَدَة، حدَّثنا مُعتَمِرٌ قال: سمعتُ ليثاً يذكر عن طلحة، عن أبيه عن جدِّه، قال: دخلتُ -يعني- على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يتوضَّأ والماءُ يسيلُ مِن وجهِهِ ولحيتهِ على صَدرِهِ، فرأيتُه يَفصِلُ بينَ المَضمَضَةِ والاستِنشاق (¬2). ¬

_ =وأخرجه البخاري (140) من طريق سليمان بن بلال، والترمذي (36)، والنسائى في "الكبرى"، (106)، وابن ماجه (439) من طريق محمَّد بن عجلان، والنسائي في "المجتبى" (101)، وابن ماجه (403) من طريق عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي، ثلاثتهم عن زيد بن أسلم، بهذا الإسناد. ورواية ابن عجلان عند الترمذي وابن ماجه مختصرة بمسح الرأس والأذنين، ورواية الدراوردي عند ابن ماجه مختصرة بالمضمضة والاستنشاق، ومن رواه تاماً وذكر غسل الرجلين لم يذكر النعلين. وهو في "مسند أحمد" (2416)، و"صحيح ابن حبان" (1078) و (1086). (¬1) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه البخاري (157)، والترمذي (42)، والنسائي في "الكبرى" (85)، وابن ماجه (411) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2072)، و"صحيح ابن حبان" (1095). (¬2) إسناده ضعيف، ليث -وهو ابن أبي سليم- ضعيف، ومُصرّف والد طلحة مجهول. معتمر: هو ابن سليمان.=

53 - باب في الاستنثار

53 - باب في الاستنثار 140 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، عن مالك، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا توضأَ أحدُكُم فليَجعَل في أنفِهِ (¬1) ثمَّ ليَنثُرْ" (¬2). 141 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، حدَّثنا وكيعْ، حدَّثنا ابنُ أبي ذئب، عن قارظٍ، عن أبي غَطَفان عن ابن عبَّاس، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "استَنثِروا مرَّتين بالِغَتَينِ أو ثلاثاً" (¬3). ¬

_ =وأخرجه البيهقي 1/ 51 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني 19/ (410) من طريق ليث بن أبي سليم، به. (¬1) أُلحق في نسخة (ج) بعد كلمة" أنفه": ماءً. وهي في رواية مسلم والنسائي. (¬2) إسناده صحيح. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن ابن هرمز. وهو في: "موطأ مالك" 1/ 19، ومن طريقه أخرجه البخاري (162)، والنسائي (98). وأخرجه مسلم (237) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، به. وأخرجه بنحوه البخاري (161)، ومسلم (237)، والنسائي في "الكبرى" (95)، وابن ماجه (409) من طريق أبي إدريس الخولاني، ومسلم (237) من طريق همام، كلاهما عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7746). (¬3) إسناده قوي، قارظ -وهو ابن شيبة الليثي المدني- صدوق لا بأس به، وباقى رجاله ثقات. وكيع: هو ابن الجراح، وابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن، وأبو غطفان: هو ابن طريف المري. وأخرجه النسائي في "الكبرى"، (197)، وابن ماجه (408) من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2011).

142 - حدَّثنا قُتَيبةُ بنُ سعيد في آخرين، قالوا: حدَّثنا يحيي بنُ سُلَيم، عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لَقِيط بن صَبِرَة عن أبيه لَقيطِ بن صَبِرَة، قال: كنتُ وافِدَ بني المنْتَفِقِ، أو في وَفدِ بني المُنتَفِقِ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فلمَّا قَدِمنا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فلم نُصادِفْهُ في مَنزِله، وصادَفْنا عائشةَ أمَ المؤمنين، قال: فأمَرَت لنا بخَزِيرةٍ (¬1)، فصُنِعَت لنا، قال: وأُتينا بقِناعٍ -ولم يُقِم (¬2) قُتَيبةُ القِناع، والقِناعُ: الطَّبَقُ فيه تمرٌ- ثمَّ جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "هل أصَبتم شيئاً؟ "، أو "أُمِرَ لكم بشيءٍ؟ " قال: قلنا: نعم يا رسول الله، قال: فبينا نحنُ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - جُلوسٌ إذ دفَعَ الرَّاعي غَنَمَه إلى المُرَاحِ، ومَعَه سَخْلةٌ تَيعَرُ، فقال: "ما وَلَّدتَ يا فُلان؟ " قال: بَهْمةً، قال: "فاذبَحْ لنا مكانَها شاةً" ثمَّ قال: "لا تَحسِبَنَّ -ولم يقل: لا تَحسَبَنَّ- أنَّا من أجلِكَ ذَبَحناها، لنا غَنَمٌ مئةٌ لا نُريدُ أن تزيدَ، فإذا وَلَّدَ الرَّاعي بَهْمةً ذَبَحنا مكانَها شاةً". قال: قلت: يا رسولَ الله، إنَّ لي امرأةً، وإنَّ في لسانِها شيئاً -يعني البَذَاءَ- قال: "فطَلِّقها إذاً" قال: قلت: يا رسولَ الله، إنَّ لها صُحبةً ولي منها ولدٌ، قال: "فمُرْها -يقول: عِظْها- فإن يَكُ فيها خيرٌ فستَفعَلُ (¬3)، ولا تَضرِبْ ظَعينَتَكَ كضَربِكَ أُمَيَّتَكَ" فقلتُ: يا رسولَ الله، أخبرني ¬

_ (¬1) في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي: بخزير. (¬2) تحرفت في مطبوعتي الدعاس ومحيي الدين إلى: يقل باللام، وقوله: "ولم يقم" فسره على هامش (أ) بقوله: "أي: لم يتلفظ به تلفظاً صحيحاً" وعلى هامش (ج) بقوله: "أي: لم يُثبت". (¬3) في رواية ابن داسه: فستعقل.

عن الوضوء، قال: "أسبغِ الوضوءَ، وخَلِّلْ بينَ الأصابعِ، وبالِغْ في الاستِنشاقِ إلا أن تكونَ صائماً" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيي بن سليم -وهو الطائفي- وقد توبع عند أحمد في "المسند" (16384) وغيره بإسناد صحيح. وأخرجه مختصراً بالأمر بإسباغ الوضوء وتخليل الأصابع النسائي في "الكبرى" (116)، وابن ماجه (448)، ومختصراً بالأمر بالإسباغ والمبالغة في الاستنشاق الترمذي (788)، والنسائي في "المجتبى" (87)، وابن ماجه (407) من طريق يحيي ابن سليم، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً بالأمر بتخليل الأصابع الترمذي (38)، والنسائي في "الكبرى" (116)، ومختصراً بالأمر بالإسباغ والمبالغة في الاستنشاق النسائي (99) من طريق سفيان، عن إسماعيل بن كثير أبي هاشم، به. وهو في "مسند أحمد" (16384)، و "صحيح ابن حبان" (1054). وسيأتي بعده وبرقم (3973)، ومختصراً برقم (2366). قوله: كنت وافد بني المنتفق، أي: زعيم الوفد ورئيسهم. وقوله: "أمرت لنا بخزيرة" الخزيرة: طعام يتخذ من لحم ودقيق، يقطع اللحم صغاراً، ويُصب عليه الماء، فإذا نضج ذر عليه الدقيق، فإذا لم يكن فيها لحم، فهي عصيدة. وقوله: "المُراح" هو مأوى الغنم والإبل ليلاً. والسَّخلة: ولد المعز، والبَهمة: ولد الشاة أول ما يولد. وقوله: "تيعَر" اليُعار: هو صوت الشاة. وقوله: وَلَّدْتَ. هو بتشديد اللام وفتح التاء، يقال: ولَّدَ الشاة إذا حضر ولادتها، فعالجها حتى يخرج الولد منها. وقوله: لا تحسِبَنَّ ولم يقل: لا تحسَبنَّ، قال النووي: مراد الراوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نطق بها مكسورة السين، ولم ينطق بها في هذه القضية بفتحها، فلا يظن ظان أني رويتها بالمعنى على اللغة الأخرى أو شككت فيها أو غلطت! بل أنا متيقن نطقه بالكسر. والبذاء بالمد: الفحش من القول، والظعينة: هي المرأة، وأميتك: تصغير الأمة.

54 - باب تخليل اللحية

143 - حدَّثنا عُقبةُ بنُ مُكرَم، حدَّثنا يحيي بنُ سعيد، حدَّثنا ابنُ جُرَيج، حدَّثني إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لَقِيط بن صَبِرة عن أبيه وافِدِ بني المُنتَفِقِ أنَّه أتى عائشة، فذكر معناه، قال: فلم نَنشَبْ أن جاء رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَقَلَّعُ يَتكَفَّأ. وقال: "عَصيدة" مكان "خَزيرة" (¬1). 144 - حدَّثنا محمَّد بنُ يحيي بن فارس، حدَّثنا أبو عاصم، حدَّثنا ابن جُرَيج، بهذا الحديث، قال فيه: إذا توضَّأتَ فمَضْمِض (¬2). 54 - باب تخليل اللحية 145 - حدَّثنا أبو تَوبَة -يعني الرَّبيعَ بنَ نافع-، حدَّثنا أبو المَليحِ، عن الوليد بن زَوْران عن أنس بنِ مالك: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا توضّأ أخذَ كفّاً من ماءٍ فأدخَلَه تحتَ حَنَكِهِ فخلَّلَ به لِحيتهُ، وقال: "هكذا أمَرَني ربِّي" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وهو في "مسند أحمد" (17846) عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. قوله: فلم ننشَب، أي: لم نلبث. وحقيقته: لم نتعلق بشيء غيره، ولم نشتغل بسواه. (¬2) إسناده صحيح. محمَّد بن يحيى بن فارس: هو الذُّهلي الحافظ المشهور، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل. وقد سلف تخريجه برقم (142). (¬3) حسن لغيره دون قوله: "هكذا أمرني ربي" فلم ترو إلا من طرق شديدة الضعف وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه. الوليد بن زُروان أو زوران وإن روى عنه جمع=

55 - باب المسح على العمامة

قال أبو داود: والوليدُ بنُ زَوْران روى عنه حجَّاجُ بن حجَّاح وأبو المَليح الرَّقِّيُّ (¬1). 55 - باب المسح على العمامة 146 - حدَّثنا أحمدُ بن محمَّد بن حَنبَل، حدَّثنا يحيى بنُ سعيد، عن ثَورٍ، عن راشد بن سعد ¬

_ = من الثقات، وذكره ابن حبان في "الثقات"، لكن قد قال أبو عبيد الآجري: سألتُ أبا داود عن الوليد بن زروان حدث عن أنس؟ فقال: جزري لا ندري سمع من أنس أم لا. وأخرجه البيهقي 1/ 54، والبغوي في "شرح السنة" (215) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم 1/ 149 من طريق موسى بن أبي عائشة، عن أنس. قال الحافظ في "التلخيص الحبير" 1/ 86: وهو معلول، فإنما رواه موسى بن أبي عائشة، عن زيد ابن أبي أنيسة، عن يزيد الرقاشي، عن أنس. أخرجه ابن عدي في ترجمة الحارث بن أبي الأشهب (2/ 560). قلنا: وهو بهذا الإسناد الأخير عند ابن أبي شيبة 14/ 262 غير أنه أبهم شيخ موسى فيه، ويزيد -وهو ابن أبان- الرقاشي شديد الضعف، وأصل حديث يزيد عن أنس عند ابن أبي شيبة 14/ 262، وابن ماجه (431)، واقتصرا على حكاية تخليل اللحية دون تعليله بأمره سبحانه به. وأخرجه الذهلي في "الزهريات" -كما في "التلخيص الحبير"-، والحاكم 1/ 149 من طريق محمَّد بن حرب، عن الزبيدي، عن الزهري، عن أنس. قال الحافظ: رجاله ثقات إلا أنه معلول، فقد رواه الذهلي عن يزيد بن عبد ربه، عن محمَّد بن حرب، عن الزبيدى، أنه بلغه عن أنس. ولتخليل اللحية شواهد منها حديث عثمان عند الترمذي (31)، وفي إسناده عامر ابن شقيق وهو لين الحديث، لكن صححه الترمذي ونقل عن البخاري تحسينه، وصححه أيضاً ابن حبان (1081). وآخر من حديث عائشة عند أحمد (25970)، وذكرنا هناك بقية شواهده، وهي جميعاً لا تخلو من ضعف، لكن يتقوى الحديث بمجموعها. (¬1) قول أبي داود هذا من رواية ابن داسه وابن الأعرابي.

عن ثَوبان، قال: بعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّة فأصابَهُم البَردُ، فلمَّا قَدِمُوا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرَهُم أن يَمسَحوا على العَصَائِبِ والتَّساخِين (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثور: هو ابن يزيد الحمصي. وقد أورد الذهبي هذا الحديث في "السير" 4/ 491 من "سنن أبي داود" وقال: إسناده قوي. وهو في "مسند أحمد" (22383). وأخرجه البيهقي 1/ 62، والبغوي (234) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث" 1/ 187 - ومن طريقه البغوي (233) - والطبراني في "مسند الشاميين" (477) من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد. وقال أبو عبيد: العصائب: هي العمائم. وأخرجه أبو عبيد 1/ 187 - ومن طريقه البغوي (233) - عن محمَّد بن الحسن، عن ثور، به بلفظ: "المشاوذ والتساخين"، وقال: المشاوذ: هي العمائم، والتساخين: هي الخِفاف. قلنا: وأصله كل ما تسخن به القدم من خف وجوربٍ. وأخرجه أحمد (22419)، والبخاري فى "التاريخ الكبير" 6/ 525، والطبراني في "الكبير" (1409)، وفي "مسند الشاميين" (2060) من طريق أبي سلام ممطور الحبشي، عن ثوبان، بلفظ: مسح على الخفين والخمار، يعني العمامة. وإسناده ضعيف. وقد ذهب إلى هذا الحديث طائفة من السلف، فجوزوا المسح على العمامة بدلاً من الرأس، قال ابن المنذر في "الأوسط" 1/ 467: وممن فعل ذلك أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأنس بن مالك وأبو أمامة، وروي ذلك عن سعد بن أبي وقاص وأبي الدرداء، وعمر بن عبد العزيز، ومكحول، والحسن البصري وقتادة. وذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا يجوز المسح عليها، لأن الله تعالى يقول: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} [المائدة: 6] ولأنه لا تلحقه المشقة في نزعها فلم يجز المسح عليها، وبه قال عروة بن الزُّبير والنخعي والشعبي والقاسم ومالك بن أنس والشافعي وأصحاب الرأي، وتأولوا الحديث على معنى أنه يمسح بعض الرأس ويتمم على العمامة كما في حديث المغيرة عند مسلم (274) (81) ويأتي عند أبى داود برقم (150).

56 - باب غسل الرجل

147 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وَهْب، حدَّثني مُعاويةُ بنُ صالح، عن عبد العزيز بن مُسلِم، عن أبي مَعقِل عن أنس بن مالك، قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأ وعليه عِمامةٌ قِطْريَّةٌ، فأدخَلَ يَدَهُ (¬1) مِن تحتِ العِمامةِ، فمسَحَ مُقَدَّمَ رأسِهِ ولم يَنقُضِ العِمامَةَ (¬2). 56 - باب غسل الرِّجل (¬3) 148 - حدَّثنا قُتَيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا ابن لَهِيعةَ، عن يزيد بن عمرو، عن أبي عبد الرحمن الحُبُليِّ عن المُستَورِدِ بن شدَّاد، قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا توضَّأ يَدلُكُ أصابعَ رِجلَيهِ بخِنصَرِهِ (¬4). ¬

_ (¬1) في (أ) و (ب) و (د): يديه، وأشار في هامش (أ) و (ب) أن في نسخة الخطيب: يده، وصحح عليها. وهي كذلك (يده) في (ج) و (هـ). (¬2) إسناده ضعيف، عبد العزيز بن مسلم -وهو المدني- وأبو معقل مجهولان. وأخرجه ابن ماجه (564) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. قوله: "قِطرية" بكسر القاف نسبة إلى قَطَر بفتحتين. (¬3) في (هـ): باب تخليل أصابع الرجلين. (¬4) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، يزيد بن عمرو -وهو المعافري- صدوق حسن الحديث، ورواية قتيبة عن ابن لهيعة قوية، وقد رواه أيضاً عن ابن لهيعة عبدُ الله ابن وهب عند الطحاوي 1/ 36، وعبد الله بن يزيد المقرئ عند ابن قانع 3/ 109، والطبراني، 20/ (828) وكلاهما ممن روى عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه. أبو عبد الرحمن الحبلي: هو عبد الله بن يزيد المعافري. وأخرجه الترمذي (40)، وأبو الحسن القطان في "زوائده" على "سنن ابن ماجه" بإثر الحديث (446) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.=

57 - باب المسح على الخفين

57 - باب المسح على الخفين 149 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وَهب، أخبرني يونُسُ بنُ يزيد، عن ابن شِهاب، حدَّثني عبَّادُ بنُ زياد، أنَّ عُروةَ بنَ المُغيرة بن شُعبَة أخبره أنَّه سمع أباه المُغيرةَ يقول: عَدَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا مَعَهُ في غزوةِ تَبوكَ قبلَ الفَجرِ، فعَدلتُ مَعَه، فأناخَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فتبرَّزَ، ثمَّ جاءَ فسَكَبتُ على يَده مِنَ الإداوة، فغَسَلَ كَفَّيهِ، ثمَّ غسلَ وجهَه، ثمَّ حَسَرَ عن ذِراعَيهِ فضاقَ كُمَّا جُبَّتهِ، فأدخَلَ يَدَيهِ فأخرَجَهما مِن تحتِ الجُبَّةِ فغَسَلَهما إلى المِرفَقِ، ومسحَ برأسِهِ، ثمَّ توضَّأ على خُفَّيه، ثمَّ رَكِبَ، فأقبَلنا نسيرُ حتى نَجِدَ الناسَ في الصَّلاةِ قد قَدَّمُوا عبدَ الرحمن بنَ عوفٍ فصلَّى بهم حينَ كانَ وقتُ الصَّلاة، ووَجَدنا عبدَ الرحمن وقد رَكَعَ لهم ركعةً من صلاةِ الفَجرِ، فقامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مع فَصَفَّ مع المسلمين، فصلَّى وراء عبد الرحمن بن عَوفٍ الركعةَ الثَّانيةَ، ثمَّ سلَّم عبدُ الرحمن، فقام النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في صلاتِهِ ففَزِعَ المُسلمونَ، فأكثروا التَّسبيحَ لأنَّهم سَبَقُوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بالصَّلاة، فلمَّا سلَّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهم: "قد أصَبْتُم" أو "قد أحسَنتم" (¬1). ¬

_ =وأخرجه ابن ماجه (446) من طريق محمَّد بن حِميَر، عن ابن لهيعة، به. وله شاهد من حديث لقيط بن صبرة سلف برقم (142). وآخر من حديث ابن عباس عند الترمذي (39)، وابن ماجه (447). (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عباد بن زياد، فلم يرو عنه غير الزهري ومكحول، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولم يخرج له مسلم سوى هذا الحديث الواحد في المتابعات، وباقي رجاله ثقات. ابن شهاب: هو محمَّد ابن مسلم الزهري.=

150 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى -يعني ابنَ سعيد- (ح) وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا المُعتَمِرُ، عن التَّيميِّ، حدَّثنا بكرٌ، عن الحسن، عن ابن المُغيرة بن شُعبَة عن المغيرة بن شُعبَة: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - توضَّأ ومسحَ ناصِيَتَهُ، ذكرَ فوقَ العِمامة. قال عن المعتمر: سمعتُ أبي يُحدِّثُ عن بكر بن عبد الله، عن الحسن، عن ابن المُغيرة بن شُعبَة، عن المُغيرة: أنَّ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَمسَحُ على الخُفَّينِ، وعلى ناصِيَتِهِ، وعلى عِمامَتِهِ. قال بكر: وقد سَمِعتُه من ابن المُغيرة (¬1). ¬

_ =وأخرجه مسلم بإثر الحديث (421) / (105)، والنسائي في "الكبرى" (165) من طريق الزهري، بهذا الإسناد. ورواية النسائي مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (18175)، و"صحيح ابن حبان" (2224). وأخرجه مختصراً دون ذكر صلاة عبد الرحمن بن عوف البخاري (182)، ومسلم (274) (75)، والنسائي (121)، وابن ماجه (545) من طريق نافع بن جبير، والترمذي (98) من طريق أبي الزناد، كلاهما عن عروة بن المغيرة، به. وبعضهم يزيد على بعض. وأخرجه كذلك دون ذكر الصلاة البخاري (363) و (388) و (2918)، ومسلم (274) (77) و (78)، والنسائي (9585) من طريق مسروق، ومسلم بإثر الحديث (421)، والنسائي (82) من طريق حمزة بن المغيرة، ومسلم (274) (76) من طريق الأسود بن هلال، ثلاثتهم عن المغيرة. وأخرجه بذكر الصلاة النسائي (112) من طريق عمرو بن وهب الثقفي، عن المغيرة. وهو في "مسند أحمد" (18134)، وإسناده صحيح. وسيأتي حديث المغيره مختصراً بالأرقام (150) و (151) و (152) و (165). (¬1) إسناده صحيح. معتمر: هو ابن سليمان بن طرخان التيمي، وشيخه هنا أبوه، وبكر: هو ابن عد الله المزني، والحسن: هو البصري. وابن المغيرة: هو حمزة.=

151 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يونُسَ، حدّثني أبي، عن الشَّعبيِّ، قال: سمعتُ عُروةَ بن المُغيرة بن شُعبَة يذكر عن أبيه، قال: كُنَّا مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في رَكْبِهِ (¬1) ومعي إداوةٌ فخرجَ لحاجتِهِ، ثمَّ أقبَلَ فتَلَقَّيتُه بالإداوةِ، فأفرَغتُ عليه، فغسلَ كَفَّيهِ ووجهَهُ، ثمَّ أرادَ أن يُخرِجَ ذِراعَيهِ وعليه جُبَّةٌ مِن صُوفٍ من جِبَابِ الروم ضَيِّقةَ الكُمَّينِ، فضاقت، فادَّرَعَهُما ادراعاً، ثمَّ أهوَيتُ إلى الخُفَّينِ لأنزِعَهُما، فقال لي: "دَعِ الخُفَّين، فإنِّي أدخَلتُ القَدَمَينِ الخُفَّينِ وهما طاهِرَتانِ" فمسحَ عليهما، قال أبي: قال الشَّعبيُّ: شَهِدَ لي عُروةُ على أبيه، وشَهِدَ أبوه على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم (¬2) -. ¬

_ =وأخرجه مسلم (274) (83)، والترمذي (105)، والنسائي في "الكبرى" (108) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (274) (82) من طريق المعتمر بن سليمان، به. ثمَّ أخرجه من طريق معتمر، به بإسقاط الحسن، وكلاهما صحيح، فقد سمعه بكر من الحسن عن ابن المغيرة، وسمعه من ابن المغيرة مباشرة. وأخرجه مسلم (274) (81) عن محمَّد بن عبد الله بن بزيع، والنسائي (109) عن عمرو بن علي وحميد بن مسعدة، ثلاثتهم عن يزيد بنْ زريع، عن حميد، عن بكر المزني، عن ابن المغيرة، عن أبيه. وسمَّى ابن بزيع ابن المغيرة: عروة، وسماه عمرو بن علي وحميد بن مسعدة: حمزة. قال المزي في "تحفة الأشراف" (11495): قال أبو مسعود: كذا يقول مسلم في حديث ابن بزيع عن ابن زريع: عروة بن المغيرة، وخالفه الناس فقالوا: حمزة بن المغيرة. وهو في "مسند أحمد" (18172) و (18234). وانظر ما قبله. (¬1) في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي: رَكبةٍ. (¬2) إسناده صحيح. عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السبيعي، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.=

152 - حدَّثنا هُدبةُ بنُ خالد، حدَّثنا همَّامٌ، عن قتادة، عن الحسن وعن زُرارةَ بن أوفى أنَّ المُغيرةَ بنَ شُعبَة قال: تَخَلَّفَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر هذه القِصَّة، قال: فأتَينا النَّاسَ وعبدُ الرحمن بنُ عَوفٍ يُصلِّي بهم الصُّبحَ، فلمَّا رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يتأخَّر، فأومَأ إليه أن يمضي، قال: فصَلَّيتُ أنا والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَلفَهُ ركعةَ، فلمَّا سَلَّمَ قامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فصلَّى الرَّكعةَ التي سُبِقَ بها، ولم يَزِدْ عليها شيئاً (¬1). قال أبو داود: أبو سعيد الخُدْريُّ وابنُ الزُّبير وابنُ عمر يقولون: مَن أدرَكَ الفردَ مِنَ الصَلاةِ عليه سجدتا السَّهو (¬2). ¬

_ =وأخرجه البخاري (206)، ومسلم (274) (79)، و (80)، والنسائي في "الكبرى" (111) من طريق الشعبي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18193)، و"صحيح ابن حبان" (1326). وانظر ما سلف برقم (149). (¬1) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيي العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، والحسن: هو ابن أبي الحسن يسار البصري. وانظر ما سلف برقم (149). وقال المزي في "تحفة الأشراف" (11492): في رواية أبي عيسى الرملي عن أبي داود: عن الحسن بن أعين، عن زرارة بن أوفى، عن المغيرة بن شعبة. (¬2) قول أبي داود هذا ليس في روايتي أبن داسه وابن الأعرابي، ومعنى قوله: من أدرك الفرد من الصلاة .. أدرك مع الإمام ركعة واحدة أو ثلاث ركعات من الصلاة، فعليه سجدتا السهو، قال شمس الحق أبادي 1/ 178: لأنه يجلس للتشهد مع الإمام في غير موضع الجلوس، وبه قال جماعة من أهل العلم، منهم عطاء وطاووس ومجاهد وإسحاق، ويجاب عن ذلك بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس خلف عبد الرحمن، ولم يسجد، ولا أمر به المغيرة، وأيضاً ليس السجود إلا للسهو، ولا سهو هاهنا، وأيضاً متابعة الإمام واجبة فلا يسجد لفعلها كسائر الواجبات.

153 - حدَّثنا عُبَيدُ الله بنُ معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبة، عن أبي بكر -يعني ابنَ حَفص بن عمر بن سعد- سمع أبا عبد الله، عن أبي عبد الرحمن أنَّه شَهِدَ عبدَ الرحمن بنَ عَوفِ يسألُ بلالاً عن وُضوء رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كان يخرُجُ يقضي حاجَتَه فآَتيهِ بالماءِ فيتوضأ ويَمسَحُ على عِمامَتِهِ ومُوقّيه (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عبد الله، وهو مولى بني تيم ابن مرة. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 184، وأحمد (23903)، والشاشي (963 - 966)، والطبرني (1100) و (1101)، والحاكم 1/ 170، والبيهقي 1/ 288 - 289 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وعندهم جميعاً إلا الشاشي في إحدى رواياته (965): عن أبي عبد الرحمن، غير منسوب. وأما الشاشي فروايته من طريق شبابة عن شعبة، وقال: السلمي. ولإبهام أبي عبد الرحمن في أكثر الروايات جهَّله ابن عبد البر. وأخرجه أحمد (23891) من طريق ابن جريج، أخبرني أبو بكر بن حفص، أخبرني أبو عبد الرحمن، عن أبي عبد الله، به. فقلبه ابن جريج كما نقله الحافظ بن حجر في "التهذيب" عن غير واحد من الحفاظ. ورواه عبد الملك بن أبجر -فيما قال الدارقطني في "العلل" 7/ 177 - عن أبي بكر بن حفص، عن أبي عبد الله، عن أبي عبد الرحمن مسلم بن يسار، به. وقال الدارقطني: وليس الأمر عندي كما قال. وأخرج مسلم (275)، والترمذي (102)، والنسائي في "الكبرى" (122)، وابن ماجه (561) من طريق كعب بن عجرة، عن بلال قال: مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخفين والخمار. وهو في "مسند أحمد" (23884). وأخرجه النسائي (123) من طريق البراء بن عازب، عن بلال قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح على الخفين. قوله: "موقيه" هما الخفان الغليظان يلبسان فوق الخف، فهو بمعنى الجرموق.

قال أبو داود: هو أبو عبد الله مولى بني تيم بن مُرَّة. 154 - حدَّثنا علي بنُ الحسين الدَّرْهميُّ، حدَّثنا ابنُ داود، عن بُكير بن عامر، عن أبي زُرعة بن عمرو بن جرير أنَّ جريراً بالَ ثمَّ توضأَ فمسحَ على الخُفَّين وقال: ما يَمنَعُني أن أمسَحَ وقد رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمسَحُ قالوا: إنَّما كانَ ذلك قبلَ نُزولِ المائدةِ، قال: ما أسلَمتُ إلا بعد نزولِ المائدة (¬1). 155 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وأحمدُ بنُ أبي شُعيب الحَرَّانيُّ، قالا: حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا دَلْهمُ بنُ صالح، عن حُجَير بن عبد الله، عن ابن بُرَيدة ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف بكير بن عامر -وهو البجلي الكوفي-، والمحفوظ في قوله: "ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة" أنه من كلام بعض الرواة لا من كلام جرير نفسه. ابن داود: هو عبد الله بن داود الخُرَيْبي. وهو في "شرح شكل الآثار" (2494) من طريق بكير بن عامر، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (94) من طريق شهر بن حوشب، عن جرير. وذكر فيه عن جرير قوله: "ما أسلمت إلا بعد المائدة"، وشهر بن حوشب ضعيف. وأخرجه البخاري (387)، ومسلم (272)، والترمذي (93)، والنسائي في "الكبرى" (120) وابن ماجه (542) من طريق إبراهيم النخعي، عن همام بن الحارث، عن جرير: أنه بال ثمَّ توضّأ فمسح على خفيه، وقال: قد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعله. قال إبراهيم النخعي: كان يُعجبهم -وفي بعض الروايات: كان يعجب أصحاب ابن مسعود- هذا الحديث، لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة. قلنا: واهتمامهم بثبوت المسح بعد نزول سورة المائدة لدفع توهم كونه منسوخاً بآية الوضوء التي في سورة المائدة. وهو في "مسند أحمد" (19168)، و"صحيح ابن حبان" (1335).

عن أبيه: أنَّ النَّجاشيَّ أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خُفَّين أسوَدَينِ ساذَجَينِ، فلَبِسَهما ثمَّ تَوضَّأ ومسحَ عليهما. قال مُسدَّدٌ: عن دَلْهَم بن صالح (¬1). قال أبو داود: هذا مما تفرَّدَ به أهلُ البصرة. 156 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا ابنُ حَيٍّ -هو الحسنُ بنُ صالح-، عن بُكير بن عامر البَجَلي، عن عبد الرحمن بن أبي نُعْم عن المغيرة بن شُعبَة: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مسحَ على الخُفَّين، فقلتُ: يا رسولَ الله، أنسيتَ؟ قال: "بل أنتَ نسيتَ، بهذا أمرني ربِّي عزَ وجلَّ" (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، دلهم بن صالح ضعيف، وحجير بن عبد الله مجهول. وأخرجه الترمذي (3030)، وابن ماجه (549) و (3620) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22981)، و"شرح مشكل الآثار" (4347). وأخرج البيهقي 1/ 283 من طريق أبي إسحاق الشيباني عن الشعبي، عن المغيرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضّأ ومسح على خفيه، قال: فقال رجل عند المغيرة بن شعبة: يا مغيرة، ومن أين كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - خفان؟ قال: فقال المغيرة: أهداهما إليه النجاشي. وقال البيهقي: هذا شاهد لحديث دلهم بن صالح. قلنا: ورجال إسناده ثقات. قوله: "ساذجين" الساذَج: بفتح الذال وكسرها: هو الخالص غيرُ المَشُوب وغيرُ المنقوش، أي: غير منقوشين، أو على لون واحد لم يُخالط سوادَهما لون آخر، أو لا شعر عليهما، وهو معرَّب عن: سادَه بالفارسية. (¬2) ضعيف بهذا السياق، فقد تفرد به هكذا بكير بن عامر البجلي، وهو ضعيف، وباقي رجاله ثقات.=

58 - باب التوقيت في المسح

58 - باب التوقيت في المسح 157 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شُعبة، عن الحَكَمِ وحمَاد، عن إبراهيم، عن أبي عبد الله الجَدَليِّ عن خزيمة بن ثابت، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "المسحُ على الخُفَّينِ للمُسافِرِ ثلاثةُ أيَّامِ، وللمُقيمِ يومٌ وليلةٌ" (¬1). ¬

_ =وأخرجه أحمد (18145) و (18220)، والطبراني 20/ (1000) و (1001) و (1002)، والحاكم 1/ 170، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 335، والبيهقي 1/ 271 - 272، وابن عبد البر في "التمهيد" 11/ 141 من طرق عن بكير بن عامر البجلي، بهذا الإسناد. وقد سلف حديث المغيرة بسياقه الصحيح بالأرقام (149 - 152). (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع بين إبراهيم -وهو ابن يزيد النخعي- وبين أبي عبد الله الجدلي، وقد تبيَّنت الواسطة بينهما عند الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 172، والبيهقي 1/ 277، وذلك أن إبراهيم النخعي سمعه من إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدلي، وإبراهيم التيمي وعمرو بن ميمون ثقتان. وأما إعلال البخاري له بأنه لا يُعرف سماع لأبي عبد الله الجدلي من خزيمة بن ثابت، فعلى مذهبه في اشتراط ثبوت اللقاء، وقد صحح الحديث ابن معين والترمذي وابن حبان. وأخرجه الترمذي (95)، وابن ماجه (553) من طريق سفيان بن سعيد الثوري، عن أبيه، عن إبراهيم التيمي، عن عمرو بن ميمون، عن أبي عبد الله الجدلي، عن خزيمة. زاد ابن ماجه فيه: قال: ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمساً. وأخرجه ابن ماجه (554) من طريق سلمة بن كهيل، عن إبراهيم التيمي، عن الحارث بن سويد، عن عمرو بن ميمون، عن خزيمة. وهو في "مسند أحمد" (21851) و (21871) وفيه تمام الكلام عيه، و"صحيح ابن حبان" (1329).

قال أبو داود: رواه منصورُ بنُ المُعتَمِر عن إبراهيم التَّيمىَّ بإسناده، قال فيه: ولو استَزَدْناه لزادَنا. 158 - حدَّثنا يحيى بنُ مَعِين، حدَّثنا عمرُو بنُ الرَّبيع بن طارق، أخبرنا يحيى ابنُ أيوب، عن عبد الرحمن بن رَزين، عن محمّد بن يزيد، عن أيوب بن قَطَن عن أُبىِّ بن عُمارة -قال يحيى بن أيوب: وكانَ قد صلَّى مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - القِبلَتَينِ- أنَّه قال: يا رسولَ الله، أمسَحُ على الخُفَّين؟ قال: "نعم " قال: يوماً؟ قال: "يوماً" قال: ويومَينِ؟ قال: "ويومَينِ" قال: وثلاثةً؟ قال: "نعم، وما شِئتَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف جداً، عبد الرحمن بن رزين ومحمد بن يزيد وأيوب بن قطن مجاهيل، وقد اختلف في إسناده كما أشار إليه المصنف، وقال الدارقطني: هذا الإسناد لا يثبت، وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب اختلافاً كثيراً. وأخرجه البيهقي 1/ 279 من طريق المصنف بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (557) من طريق عبد الله بن وهب، عن يحيي بن أيوب، عن عبد الرحمن بن رزين، عن محمَّد بن يزيد، عن أيوب بن قطن، عن عبادة بن نسي، عن أُبي بن عمارة. فزاد عبادة بن سي. قال الخطابي في "معالم السنين" 1/ 59 - 60: الأصل في التوقيت أنه للمقيم يوم وليلة، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، هكذا روي في خبر خزيمة بن ثابت، وخبر صفوان بن عسال وهو قول عامة الفقهاء غير أن مالكاً قال: يمسح من غير توقيت قولاً بظاهر هذا الحديث، وتأويل الحديث عندنا أنه جعل له أن يرتخص بالمسح ما شاء وما بدا له كلما احتاج إليه على مر الزمان إلا أنه لا يعدو شرط التوقيت، والأصل وجوب غسل الرجلين، فإذا جاءت الرخصة في المسح مقدرة بوقت معلوم لم يجز مجاوزتها إلا بيقين، والتوقيت في الأخبار الصحيحة إنما هو اليوم والليلة للمقيم، والثلاثة الأيام ولياليهن للمسافر. وقال النووي في "شرح صحيح مسلم" 3/ 176: حديث أبي بن عمارة في ترك التوقيت حديث ضعيف باتفاق أهل الحديث. وانظر التعليق الآتي.

59 - باب المسح على الجوربين

قال أبو داود: رواه ابنُ أبي مريم المِصريُّ، عن يحيي بن أيوب، عن عبد الرحمن بن رَزين، عن محمَّد بن يزيد بن أبي زياد، عن عُبادة بن نُسَيٍّ، عن أُبيِّ بن عُمارة، قال فيه: حتَّى بلغَ سبعاً، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نعم، مما بَدَا لك" (¬1). وقد اختُلِفَ في إسناده، وليس بالقويَّ. 59 - باب المسح على الجوربين 159 - حدَّثنا عثمان بنُ أبي شيبة، عن وكيع، عن سُفيان، عن أبي قيس الأوديِّ، عن هُزَيل بن شُرَحبيل عن المُغيرة بن شُعبَة: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - توضّأ ومسحَ على الجَورَبَينِ والنَّعلَين (¬2). ¬

_ (¬1) ابن أبي مريم هو سعيد بن الحكم، وروايته هذه أخرجها الطحاوي 1/ 79، والحاكم 1/ 170، والبيهقي 1/ 279. وليس في إسناده أيوب بن قطن. وقال الإمام الطحاوي بعد أن أورد الأحاديث الكثيرة الدالة على التوقيت في المسح: فهذه الآثار قد تواترت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتوقيت في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليها وللمقيم يوم وليلة، فليس ينبغي لأحد أن يترك مثل هذه الآثار المتواترة إلى مثل حديث أبي بن عمارة. (¬2) حديث صحيح كما بيَّناه في تعليقنا على "سنن ابن ماجه" (559)، وأخرجه الترمذي (99)، والنسائي في "الكبرى" (130)، وابن ماجه (559) من طريق أبي قيس الأودي، بهذا الإسناد. وصححه الترمذي. وهو في "مسند أحمد" (18206)، و"صحيح ابن حبان" (1338) وصحيح ابن خزيمة (198) وانظر شواهده في تعليقنا على "سنن ابن ماجه". وفي الباب عن ثوبان سلف عند المصنف برقم (146).

قال أبو داود: كان عبدُ الرحمن بن مَهْديّ لا يُحدِّثُ بهذا الحديث، لأنَّ المعروفَ عن المُغيرة أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مسحَ على الخُفَّين (¬1). ورُوي هذا أيضاً عن أبي موسى الأشعريِّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه مسحَ على الجَورَبَين، وليس بالمُتَّصلِ ولا بالقويِّ (¬2). قال أبو داود: ومسح علي الجَورَبَين عليُّ بنُ أبي طالب، وأبو (¬3) مسعود، والبراءُ بنُ عازب، وأنسُ بنُ مالك، وأبو أمامة، وسهلُ بن سعد، وعمرُو بنُ حُرَيث، ورُوِيَ ذلك عن عمر بن الخطَّاب وابن عبَّاس (¬4). ¬

_ (¬1) وبهذا ضعفه ابن المديني ومسلم -فيما نقله عنهما البيهقي- وأحمد والنسائي والدارقطني والبيهقي، أما الترمذي وابن حبان وابن التركماني، فقد صححوه وتابعهم الشيخ أحمد شاكر على ذلك ورأوا أن حديث المسح على الخفين غيرُ حديث المسح على الجوربين. (¬2) حديث أبي موسى أخرجه ابن ماجه (560)، وفي إسناده عيسى بن سنان القَسْملي وهو لينُ الحديث. (¬3) في أصل (ج): وابن، وهو خطأ. (¬4) أثر علي أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 189، وابن المنذر في "الأوسط" 1/ 462، وإسناده صحيح. وأثر أبي مسعود أخرجه عبد الرزاق (777) عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي عن همام بن الحارث، عنه. وإسناده صحيح. وأثر البراء بن عازب أخرجه عبد الرزاق (778)، وابن أبي شيبة 1/ 189، وابن المنذر 1/ 463، وإسناده صحيح. وأثر أنس أخرجه عبد الرزاق (779)، وابن أبي شيبة 1/ 188, وإسناده صحيح. وأثر أبي أمامة أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 188، وإسناده ضعيف. وأثر سهل بن سعد أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 189، وإسناده ضعيف.=

60 - باب

60 - باب 160 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وعبَّادُ بنُ موسي، قالا: حدَّثنا هُشَيم، عن يعلى بن عطاءٍ، عن أبيه؛ قال عبَّاد: قال: أخبرني أوسُ بنُ أبي أوس الثَّقفيُّ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1)، وقال عبَّاد: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - تى كِظامَةَ قَومٍ -يعني المِيضَأَةَ-، ولم يذكر مُسدَّدٌ المِيضَأَةَ والكِظامَةَ، ثمَّ اتَّفقا، فتوضَّأ ومسحَ على نَعلَيهِ وقَدَمَيه (¬2). ¬

_ وانظر "الأوسط" لابن المنذر 1/ 462 - 463، و"المجموع" 1/ 499 - 500 للنووي، وفيه: وحكى أصحابنا عن عمر وعلي رضي الله عنهما جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقاً وحكوه عن أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود. (¬1) في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي: أنه رأى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - توضّأ ومسح على نعليه وقدميه. (¬2) إسناده ضعيف، عطاء العامري والد يعلى مجهول، تفرد بالرواية عنه ابنه يعلى، وباقي رجاله ثقات. هشيم: هو ابن بشير. وأخرجه البيهقي 1/ 286 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (16156)، والطبراني (603)، والحازمي في "الإعتبار" ص 61 من طريق هشيم، بهذا الإسناد. ولم يذكر أحمد المسح على النعلين والقدمين، ولم يذكر الطبراني والحازمي المسح على النعلين وذكرا القدمين فقط. وأخرجه أحمد (16158)، والطبراني (607) و (608)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (978)، والحازمي ص61 من طريق شعبة، عن يعلى بن عطاء، به. وأخرجه الطيالسي (1113)، وأحمد (16165)، والطحاوي 1/ 96، وابن حبان (1339)، والطبراني (605)، والبيهقي 1/ 287 من طريق حماد بن سلمة، وابن أبي شيبة 1/ 190 و 14/ 234، وأحمد (16168) و (16181)، والطحاوي 1/ 97، والطبراني (606) من طريق شريك النخعي، كلاهما عن يعلى بن عطاء، عن أوس الثقفي، لم يذكرا عطاء أبا يعلى.=

61 - باب كيف المسح

61 - باب كيف المسح 161 - حدَّثنا محمَّد بنُ الصَّبَّاح البزَّازُ، حدَّثنا عبد الرحمن بن أبي الزَّناد، قال: ذكره أبي، عن عُروة بن الزُّبير عن المُغيرة بن شُعبَة: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَمسَحُ على الخُفَّين، وقال غيرُ محمَّد: على ظَهرِ الخُفَّين (¬1). 162 - حدَّثنا محمَّد بنُ العلاء، حدَّثنا حَفصٌ -يعني ابنَ غِياثٍ-، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن عبدِ خَيرٍ عن عليٍّ قال: لو كانَ الدينُ بالرَّأي لكانَ أسفَلُ الخُفِّ أولى بالمَسحِ مِن أعلاه، وقد رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمسَحُ على ظاهِرِ خُفَّيهِ (¬2). ¬

_ =وقد أجاب أهل العلم عن أحاديث المسح على النعلين بثلاثة أجوبة: أحدهما: أنه كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الوضوء المتطوع به. والثاني -وهو قولُ البيهقي-: أن معنى "مسح على نعليه" أي: غسلهما في النعل. والثالث -وهو قول الطحاوي-: وهو أنه مسح على الجوربين والنعلين، وكان مسحه على الجوربين هو الذي يطهر به، ومسحه على النعلين فضلاً. وانظر "نصب الراية" 1/ 188 - 189. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان. وأخرجه الترمذي (98) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18156). وانظر ما سلف برقم (149). (¬2) إسناده صحيح كما قال الحافظ ابن حجر في "التخليص الحبير" 1/ 160. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وعبد خير: هو ابن يزيد الهمداني.=

163 - حدَّثنا محمَّد بنُ رافع، حدَّثنا يحيى بنُ آدَمَ، حدَّثنا يزيدُ بنُ عبد العزيز، عن الأعمش بهذا الحديث، قال: ما كنت أُرى باطِنَ القَدَمَينِ إلا أحقَّ بالغَسلِ، حتَّى رأيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمسَحُ على ظَهرِ خُفَّيه (¬1). 164 - حدَّثنا محمَّد بن العلاء، حدَّثنا حفصُ بنُ غِياث، عن الأعمش بهذا الحديث، قال: ¬

_ =وأخرجه البيهقي 1/ 292، وابن عبد البر في "التمهيد" 11/ 150 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني (769) و (770) و (783)، والبيهقي 1/ 292، والبغوي في "شرح السنة" (239) من طرق عن حفص بن غياث، به. وانظر الروايات الآتية بعده. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البيهقي 1/ 292 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار (789) من طريق محاضر بن مورع، عن الأعمش، به. وأخرجه الدارمي (715)، وأحمد (1264)، والبزار (794)، والبيهقي 1/ 292 من طريق يونس، والدارقطني 4/ 47 من طريق سفيان الثوري، والبيهقي 1/ 292 من طريق إبراهيم بن طهمان، كلاهما عن أبي إسحاق، به. قوله: "باطن القدمين" أراد بالقدمين الخفين كما في رواية حفص السالفة، وكما قال وكيع في روايته الآتية قريباً، ولقوله في آخر هذه الرواية نفسها: "يمسح على ظهر خفيه". قال البيهقي: إنما أُريد به قدما الخف بدليل ما مضى -يعني رواية حفص-، وبدليل ما روينا عن خالد بن علقمة، عن عبد خير، عن علي في وصفه وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر أنه غسل رجليه ثلاثاً ثلاثاً، قلنا: انظر حديث خالد بن علقمة عند المصنف برقم (111).

لو كان الدِّينُ بالرَّأي لكانَ باطِنُ القَدَمَينِ أحقَّ بالمَسحِ من ظاهِرِهما، وقد مَسَحَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على ظَهرِ خُفَّيه (¬1). ورواه وكيعٌ عن الأعمش بإسناده قال: كنتُ أُرى أنَّ باطِنَ القَدَمينِ أحق بالمَسحِ من ظاهِرِهما، حتَّى رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَمسَحُ ظاهِرَهما، قال وكيع: يعني الخُفَّين. ورواه عيسى بن يونس عن الأعمش كما رواه وكيع (¬2). ورواه أبو السَّوداء عن ابن عبدِ خَيرٍ، عن أبيه قال: رأيتُ علياً توضّأ فغسلَ ظاهِرَ قَدَمَيهِ، وقال: لولا أنِّي رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَفعَلُه، لظَننتُ أنَّ بطونَهما أحقُّ بالمسح. 164م- حدَّثناه حامدُ بن يحيى، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي السوداء (¬3)، وساق الحديث (¬4). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه بلفظ القدمين ابن أبي شيبة 1/ 181 عن حفص بن غياث، بهذا الإسناد. وقد سلف برقم (162) من طريق حفص بلفظ الخف، وهو الصحيح، ورواية القدمين محمولة على إرادة الخف كما هو مبين في التعليق السابق. (¬2) رواية وكيع أخرجها ابن أبي شيبة 1/ 19، وأحمد (737). ورواية عيسي بن يونس أخرجها النسائي في "الكبرى" (118). (¬3) من قوله: "لظننتُ" إلى هنا سقط من (ب) و (ج) و (د). (¬4) أخرجه النسائي في "الكبرى" (119) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي السوداء، به، ولفظه: لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل ظهور قدميه، لظننت أن بطونها أحق. وهو في "مسند أحمد" (918) وأبو السوداء: اسمه عمرو بن عمران النهدي، وابن عبد خير: اسمه المسيب. وقوله: يغسل ظهور قدميه. أي: يمسح، لأن السياق ورد في المسح على الخفين لا على غسل الرجلين والمراد بالقدمين هنا الخفان فهو مجاز مرسل.

62 - باب في الانتضاح

165 - حدَّثنا موسى بنُ مروان ومحمودُ بنُ خالد الدمشقي -المعنى- قالا: حدَّثنا الوليدُ؛ قال محمود: أخبرنا ثورُ بنُ يزيد، عن رجاء بنِ حَيوَةَ، عن كاتب المغيرة بن شُعبَة عن المُغيرة بن شُعبَة، قال: وَضَّأتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في غَزوَةِ تَبوكَ، فمسحَ أعلى الخُفَّينِ وأسفَلَه (¬1). قال أبو داود: بلغني أنَّه لم يسمع ثور هذا الحديثَ من رجاء. 62 - باب في الانتضاح 166 - حدَّثنا محمَّد بنُ كثير، أخبرنا سُفيان، عن منصور، عن مُجاهِد عن سُفيان بن الحكم الثَّقفيِّ -أو الحكم بن سفيان الثَّقفيِّ- قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا بالَ يتوضأُ ويَنتَضِحُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، الوليد بن مسلم يدلس ويُسوِّي، ومثله يجب أن يصرح بالسماع في طبقات السند كلها، وثور بن يزيد لم يسمعه من رجاء بن حيوة كما أشار إليه المصنف وكما سيأتي، وروي مرسلاً أيضاً، ورجحه -أي المرسل- بعض النقاد. وأخرجه الترمذي (97)، وابن ماجه (550) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18197). قال الترمذي: هذا حديث معلول، لم يُسنده عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم، وسألت أبا زرعة ومحمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقالا: ليس بصحيح، لأن ابن المبارك روى هذا عن ثور عن رجاء بن حيوة قال: حُدِّثت عن كاتب المغيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، ولم يذكر فيه المغيرة. كذا قال الترمذي فى "السنن" والصواب أن ابن المبارك رواه عن ثور قال: حُدِّثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، كما ذكر هو نفسه فى "العلل الكبير" 1/ 180، وكذا قال الدارقطني وغيره. (¬2) حديث ضعيف لاضطراب منصور فى إسناده كما قال الذهبي فى "الميزان" والحافظ في "الإصابة"، وقد أخرجه المصنف هنا من أوجه مختلفة لبيان اضطرابه. سفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، ومجاهد: هو ابن جبر المكي.=

63 - باب ما يقول الرجل إذا توضأ

قال أبو داود: وافَقَ سُفيانَ جماعةٌ على هذا الإسناد، وقال بعضُهم: الحكم أو ابن الحكم. 167 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيل، حدَّثنا سُفيان، عن ابن أبي نَجيح، عن مُجاهِد، عن رجلٍ من ثَقيف عن أبيه، قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بالَ ثمَّ نَضَحَ فَرجَهُ (¬1). 168 - حدَّثنا نصرُ بنُ المُهاجِر، حدَّثنا مُعاويةُ بنُ عمرو، حدَّثنا زائدةُ، عن منصور، عن مُجاهد، عن الحكمَ أو ابن الحكم عن أبيه: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بالَ ثمَّ توضّأ ونَضَحَ فَرَجَهُ (¬2). 63 - باب ما يقول الرجل إذا توضّأ 169 - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيد الهَمْدانيُّ، حدَّثنا ابنُ وَهْب، قال: سمعتُ معاوية -يعني ابنَ صالح- يُحدِّثُ عن أبي عثمان، عن جُبَير بن نُفَير ¬

_ =وأخرجه النسائي فى "المجتبى" (135) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (135) من طريق عمار بن رُزيق، وابن ماجه (461) من طريق زكريا بن أبي زائدة، كلاهما عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم بن سفيان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (134) من طريق شعبة، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم، عن أبيه. وسيأتي برقم (167) من طريق زائدة بن قدامة، عن منصور، عن مجاهد، عن الحكم أو ابن الحكم، عن أبيه. وسيأتي بعده من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن رجل من ثقيف، عن أبيه. وهو في "مسند أحمد" (15384) وفيه تمام الكلام عليه. (¬1) ضعيف لاضطرابه كما سلف بيانه فيما قبله. سفيان: هو ابن عيينة، وابن أبي نجيح: هو عبد الله بن يسار. (¬2) ضعيف لاضطرابه كما سلف بيانه برقم (167). زائدة: هو ابن قدامة.

عن عُقبة بن عامر، قال: كُنَّا مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - خُدَّام أنفُسَنا، نتناوَبُ الرِّعايةَ رعايةَ إبلِنا، فكانت عليَّ رعايةُ الإبِلِ، فرَوحتُها بالعَشيِّ، فإذا (¬1) رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَخطُبُ النَّاسَ، فسمعتُه يقول: "ما منكم مِن أحدٍ يَتَوضأ فيُحسِنُ الوضوءَ، ثمَّ يقومُ فيركعُ ركعَتَين، يُقبِلُ عليهما بقلبِهِ ووجهِهِ إلا قد أوجَبَ" فقلت: بَخٍ بَخٍ ما أجوَدَ هذه! فقال رجلٌ مِن بين يديَّ: التي قَبلَها يا عُقبةُ أجوَدُ منها، فنظرتُ فإذا عمرُ بنُ الخطَّاب، قلت: ما هي يا أبا حَفصِ؟ قال: إنَّه قال آنِفاً قبلَ أن تجيء: "ما منكم مِن أحدٍ يَتَوَضَّأ فيُحسِنُ الوضوءَ ثمَّ يقولُ حينَ يَفرَغُ من وضوئه: أشهَدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمَّداً عبدُهُ ورسولُه، إلا فُتِحَت له أبوابُ الجنَّةِ الثمانيةُ يَدخُلُ من أيَّها شاء". قال مُعاوية: وحدَّثني ربيعةُ بنُ يزيد، عن أبي إدريس، عن عُقبة ابن عامر (¬2). ¬

_ (¬1) في (د) و (هـ): فأدركتُ. (¬2) حديث قوي، وهذا إسناد رجاله ثقات غير معاوية بن صالح ففيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح قليلاً، وغير أبي عثمان، وقد اختلف في تعيينه، فقال ابن منجويه في "رجال صحيح مسلم" (2089): يُشبه أن يكون سعيد بن هانئ الخولاني المصري، وقال ابن حبان في "صحيحه": يُشبه أن يكون حريز بن عثمان الرَّحَبي. قلنا: وكلاهما ثقة، لكن لم يخرج مسلم لواحد منهما، والحديث في "صحيحه"، ولذلك قال الذهبي في "الميزان" 4/ 250: أبو عثمان عن جبير بن نفير لا يُدرَى من هو، وخرَّج له مسلم متابعة، روى عنه معاوية بن صالح. ولمعاوية بن صالح إسناد آخر في هذا الحديث سيأتي بعد المتن، وهو من روايته عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس -وهو عائذ الله بن عبد الله الخولاني-، عن عقبة ابن عامر. وهذا إسناد قوي من أجل معاوية بن صالح، وباقي رجاله ثقات.=

170 - حدَّثنا الحسينُ بنُ عيسى، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيد المُقرئ، عن حَيْوَةَ بن شُرَيح، عن أبي عَقِيل، عن ابن عمه، عن عُقبةَ بن عامر الجُهَني ¬

_ =وأخرجه مسلم (234) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، بالإسناد الثاني. ورواه زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح واضطرب فيه: فأخرجه مسلم (234)، والنسائي في "الكبرى" (177) من طريقه عن معاوية، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس وأبي عثمان، عن جبير بن نفير، عن عقبة. فخلط بين الإسنادين، فمعاوية يرويه عن أبي عثمان مباشرة، وعن أبي إدريس بواسطة ربيعة، وجبير مذكور في طريق أبي عثمان دون طريق ربيعة. وأخرجه النسائي (140) من طريقه عن معاوية، عن ربيعة، عن أبي إدريس وأبي عثمان، عن عقبة، عن عمر دون القصة. فأسقط جبير بن نفير من طريق أبي عثمان. وأخرجه الترمذي (55) من طريقه عن معاوية، عن ربيعة، عن أبي إدريس وأبي عثمان، عن عمر. فأسقط عقبة بن عامر، وهو ثابت في الطريقين جميعاً. وقد حكم الترمذي على الحديث بالاضطراب، والصواب أن طريق زيد بن الحباب هي المضطربة فقط كما أشار إليه الحافظ في "التلخيص" 1/ 101. وهو في "مسند أحمد" (17314)، و"صحيح ابن حبان" (1050). وسيأتي شطره الأول برقم (906)، وانظر ما بعده. وقوله: فكانت عليَّ رعاية الإبل. أي: إبل رفقته الذين قدم معهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم اثنا عشر راكباً، وقوله: فروحتها. بتشديد الواو، أي: رددتها إلى المراح وهو مأواها ليلاً. وقوله "يقبل عليها بقلبه ووجهه" قال الإمام النووي: قد جمع - صلى الله عليه وسلم - بهاتين اللفظتين أنواع الخضوع والخشوع، لأن الخضوع في الأعضاء، والخشوع في القلب وقوله: بخٍ بخٍ، قال فى "النهاية": هي كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء وتكرر للمبالغة، وهي مبنية على السكون، فإن وصلتَ جَرَرتَ ونَوَّنتَ فقلتَ: بخٍ بخٍ، وربما شُدِّدت. وقوله: آنفاً، أي: قريباً، وهو منصوب على الحال أو الظرف.

64 - باب الرجل يصلي الصلوات بوضوء واحد

عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نحوَه، ولم يذكر أمرَ الرِّعاية، قال عند قوله: "فأحسَنَ الوضوءَ": "ثمَّ رفعَ نظره إلى السَّماء فقال" وساقَ الحديث بمعنى حديث معاوية (¬1). 64 - باب الرجل يصلِّي الصلوات بوضوء واحد 171 - حدَّثنا محمَّد بنُ عيسى، حدَّثنا شَريكٌ، عن عمرو بن عامر البَجَليِّ -قال محمّد: هو أبو أسد بن عمرو- قال: سألتُ أنسَ بنَ مالك عن الوضوء، فقال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأُ لكلِّ صلاةٍ، وكنا نُصلِّي الصلَواتِ بوضوءٍ واحدٍ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، أبو عقيل: هو زهرة بن معبد القرشي التيمي، وابن عمِّه لم يُسمَّ، فهو مجهول، وباقي رجاله ثقات. وانظر ما قبله. (¬2) حديث صحيح، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي، وإن كان سيئ الحفظ- قد توبع. وعمرو بن عامر هو الأنصاري كما في رواية الترمذي، وقوله: "البجلي والد أسد بن عمرو" وهم نبه عليه المزي في "هذيب الكمال" 22/ 94، وقال: إن البجلي متأخر عن طبقة الأنصاري. وأخرجه ابن ماجه (509) من طريق شريك، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (214)، والترمذي (59) من طريق سفيان الثوري، والنسائي في "المجتبى" (131) من طريق شعبة، كلاهما عن عمرو بن عامر، به. وأخرجه بنحوه الترمذي (58) من طريق حميد الطويل، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12346). وهذا الحديث يدل على أن الوضوء لا يجبُ إلا مِن حدث، ونقل النووي أن الإجماع استقر على عدم الوجوب، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ....} [المائدة: 6] تأوله كثير من العلماء فقالوا: التقدير: إذا قمتم إلى الصلاة محدثين، فيكون الأمر في حق المحدثين على الوجوب، وفي حق غيرهم على الندب.=

65 - باب تفريق الوضوء

172 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سُفيان، حدَّثني عَلْقمةُ بنُ مَرثَد، عن سُليمان بن بُرَيدة عن أبيه، قال: صلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ الفَتح خمسَ صَلَوات بوضوءٍ (¬1)، ومسحَ على خُفَّيه، فقال له عمرُ: إنِّي رأَيتُكَ صَنَعتَ شيئاً لم تكن تَصنَعُه، قال: "عَمداً صَنَعتُه" (¬2). 65 - باب تفريق الوضوء 173 - حدَّثنا هارونُ بنُ معروف، حدَّثنا ابنُ وَهب، عن جرير بن حازم، أنه سمعَ قتادةَ بنَ دِعامة حدَّثنا أنسٌ: أنَّ رجلاً جاء إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وقد تَوَضَّأ وتركَ على قدَمَهِ مثلَ مَوضِعِ الظُّفرِ، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ارْجِعْ فأحسِنْ وُضوءَك" (¬3). ¬

_ =وقال البغوي في "شرح السنة" 1/ 449: يجوز الجمع بين الصلوات بوضوء واحد عند عامة أهل العلم، وتجديد الوضوء مستحب إذا كان قد صلى بالوضوء الأول صلاة، وكرهه قوم إذا لم يكن قد صلى بالوضوء الأول صلاة فرضاً أو تطوعاً. (¬1) في (ج) و (د) و (هـ): بوضوء واحد، ولفظ واحد رمِّج في (أ) ولم يرد في (ب). (¬2) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سيد القطان، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه مسلم (277)، والترمذي (61)، والنسائي في "الكبرى" (133) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (510) من طريق الثوري، عن محارب بن دثار، عن سليمان ابن بريدة، به. وهو في "مسند أحمد" (22966)، و"صحيح ابن حبان" (1706 - 1708)، وشرح السنة (231). (¬3) إسناده صحيح. ورواية جرير بن حازم عن قتادة -وإن تكلم فيها بعضهم- صحيحة، فقد أخرج الشيخان لجرير عن قتادة، وتفرد ابن وهب -وهو عبد الله- بهذا الحديث عن جرير لا يضر، لا سيما أن للحديث شاهداً كما سيأتى.=

قال أبو داود: وهذا الحديثُ ليس بمعروف، ولم يَروِهِ إلا ابنُ وَهْب وقد رُوِيَ عن مَعقِل بن عُبَيد الله الجَزَريِّ، عن أبي الزُّبير، عن جابر، عن عمر، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - نحوُه، قال: "ارجعْ فأحسِنْ وُضوءَك" (¬1). 174 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا يونُسُ وحُميدٌ، عن الحسن، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، بمعنى قتادة (¬2). 175 - حدَّثنا حَيوة بنُ شُرَيح، حدَّثنا بَقِيَّة، عن بَحير -هو ابنُ سعد-، عن خالد ¬

_ =وأخرجه ابن ماجه (665) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12487). وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه سيورده المصنف تعليقاً بعده. (¬1) أخرجه مسلم (243) من طريق الحسن بن محمَّد بن أعين، عن معقل، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (666) من طريق عبد الله بن وهب وزيد بن الحباب، عن ابن لهيعة، عن أبي الزُّبير، به. ورواية ابن وهب عن ابن لهيعة قوية. وهو في "مسند أحمد" (134). وقوله: ارجع فأحسن وضوءك: قال بعض العلماء: هذا الحديث يدل على عدم وجوب إعادته الوضوء لأنه أمر فيه بالإحسان لا بالإعادة، والإحسان يحصل بمجرد إسباغ غسل ذلك العضو، وبه قال أبو حنيفة، فعنده لا تجب الموالاة في الوضوء، واستدل به القاضي عياض على خلاف ذلك، فقال: الحديث يدل على وجوب المولاة في الوضوء، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: أحسن وضوءك، ولم يقل: اغسل الموضع الذي تركته. وفي هذا الحديث وجوب غسل الرجلين دون المسح. (¬2) رجاله ثقات لكنه مرسل، حماد: هو ابن سلمة، ويونس: هو ابن عبيد العبدي، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل، والحسن: هو البصري.

66 - باب إذا شك في الحدث

عن بعض أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يُصلي وفي ظَهرِ قَدَمِهِ لُمعَةٌ قَدرُ الدِّرهَمِ لم يُصِبْها الماءُ, فأمَرَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن يُعيدَ الوضوءَ والصلاة (¬1). 66 - باب إذا شك في الحدث 176 - حدَّثنا قُتَيبةُ بنُ سعيد ومحمَّدُ بن أحمد بن أبي خَلَف، قالا: حدَّثنا سُفيان، عن الزُّهريِّ، عن سعيد بن المسيب وعبَّاد بن تميم عن عمِّه: شُكِيَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الرجلُ يَجِدُ الشيءَ في الصَّلاة حتَّى يُخيَّلَ إليه، فقال: "لا يَنفَتِلُ حتَّى يَسمَعَ صَوتاً أو يَجِدَ ريحاً" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، بقية -وهو ابن الوليد- يدلس تدليس التسوية، فلا يكفى تصريحه بالسماع من شيخه عند أحمد، بل يجب أن يصرح به في طبقات السند كلها، ثمَّ هو في نفسه ضعيف. وأخرجه البيهقي 1/ 83 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وتحرف فيه بحير بن سعد إلى يحيي بن سعيد. وأخرجه أحمد (15495) من طريق بقية بن الوليد، به. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمَّد بن مسلم، وعم عباد بن تميم: هو عبد الله بن زيد الأنصاري المازني. وأخرجه البخاري (137) و (177)، ومسلم (361)، والنسائي في "الكبرى" (151)، وابن ماجه (513) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. ورواية البخاري في الموضوع الثاني عن عباد بن تميم وحده. وهو في "مسند أحمد" (16450)، و "شرح مشكل الآثار" (5100). واختلف في رواية سعيد بن المسيب، هل هي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة فتكون مرسلة، أم هي عن عبد الله بن زيد أيضاً. وبالثاني قال المزي في "التحفة"، وبالأول قال الدارقطني في "العلل" 4/ 397، ويؤيده أن عبد الرزاق أخرجه في "مصنفه" (534) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب مرسلاً. ومراسيل سعيد قوية، وقد صح موصولاً أيضاً من طريق عباد بن تميم.

67 - باب الوضوء من القبلة

177 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، أخبرنا سُهيلُ بنُ أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كانَ أحدُكم في الصَّلاة فوَجَدَ حَرَكةً في دُبُرِهِ أحدَثَ أو لم يُحدِث، فأشكَلَ عليه، فلا يَنصَرِف حتَّى يَسمَعَ صَوتاً أو يَجِدَ ريحاً" (¬1). 67 - باب الوضوء من القُبلة 178 - حدَّثنا محمّد بن بشار، حدَّثنا يحيى وعبدُ الرحمن، قالا: حدَّثنا سُفيان، عن أبي رَوْق، عن إبراهيم التَّيميِّ عن عائشة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَبَّلَها ولم يتوضَّأ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم (362)، والترمذي (75) من طريقين عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (74)، وابن ماجه (515) من طريق شعبة، عن سهيل، به، بلفظ: "لا وضوء إلا من صوت أو ريح". وهو في "مسند أحمد" (9313) و (9355). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، إبراهيم التيمي -وهو ابن يزيد- لم يسمع من عائشة. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي، وأبو روق: هو عطية بن الحارث. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (155)، وفي "المجتبى" (170) من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد. وقال في "المجتبى": ليس في هذا الباب حديث أحسن من هذا الحديث، وإن كان مرسلاً. يعني منقطعاً. وهو في "مسند أحمد" (25767). وانظر ما بعده.

قال أبو داود: وهو مُرسَل، إبراهيم التَّيميُّ لم يَسمَع من عائشة. قال أبو داود: كذا رواه الفريابيُّ وغيرهُ. 179 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا الأعمَشُ، عن حبيب، عن عُروة عن عائشة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَبَّلَ امرأةَ مِن نسائه، ثمَّ خَرَجَ إلى الصَّلاة ولم يَتَوَضَّأ. قال عُروة: فقلت لها: مَن هي إلا أنتِ؟ فضَحِكَت (¬1). قال أبو داود: هكذا رواه زائدةُ وعبدُ الحميد الحِمَّانيُّ عن سُليمان الأعمش. 180 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ مَخلَد الطَّالْقانيُّ، حدَّثنا عبد الرحمن -يعني ابن مَغْراء- حدَّثنا الأعمَش، حدَّثنا أصحابٌ لنا عن عُروة المُزَنيِّ، عن عائشة بهذا الحديث (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وفي سماع حبيب بن أبي ثابت من عروة بن الزُّبير خلاف، قال ابن عبد البر في "الاستذكار" 3/ 52: لا ينكر لقاؤه عروة، لروايته عمن هو أكبر من عروة وأقدم موتاً، وهو إمام ثقة، من أئمة العلماء الأجلة. وقال ابن سيد الناس في "شرح الترمذي" ورقة 199/ 1: قول أبي عمر (ابن عبد البر) هذا أفاد إمكان اللقاء، وهو مزيل للانقطاع عند الأكثرين. قلنا: وحبيب متابع كما بيناه في تعليقنا على "مسند أحمد". الأعمش: هو سليمان بن مهران، وعروة: هو ابن الزُّبير بن العوام كما في رواية ابن ماجه. وأخرجه الترمذي (86)، وابن ماجه (502) من طريق وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25766) وقد فصلنا القول فيه هناك. وانظر ما قبله وما بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن بن مغراء ضعيف في روايته عن الأعمش، وقوله: "عروة المزني" وهم، فلم تأت نسبته إلا في هذا الإسناد الضعيف. والصحيح أنه عروة بن الزُّبير التابعي الثقة، أما عروة المزني، فمجهول.

68 - باب الوضوء من مس الذكر

قال أبو داود: قال يحيى بنُ سعيد القطَّان لرجل: احْكِ عنِّي أنَّ هذينِ -يعني حديثَ الأعمش هذا عن حبيب، وحديثَه بهذا الإسناد في المُستَحاضة أنَّها تتوضَّأُ لكُلِّ صلاةٍ (¬1) - قال يحيى: احكِ عنِّي أنَّهما شبه لا شيء. قال أبو داود: ورُوِيَ عن الثَّوريِّ قال: ما حدَّثنا حبيبٌ إلا عن عُروة المُزَنيِّ، يعني لم يُحدِّثهم عن عُروة بن الزُّبير بشيء. قال أبو داود: وقد روى حمزةُ الزَّيَّات، عن حبيب، عن عُروة ابن الزُّبير، عن عائشة حديثاً صحيحاً (¬2). 68 - باب الوضوء من مسِّ الذكر 181 - حدَّثنا عبد الله بنُ مَسلَمة، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر، أنَّه سمع عُروة يقول: دخلتُ على مروانَ بن الحكم، فذكرنا ما يكونُ منه الوضوءُ، فقال مَروانُ: ومِن مَسَّ الذكرِ، فقال عُروةُ: ما عَلِمتُ ذلك، فقال مروانُ: أخبَرَتني بُسْرَةُ بنتُ صَفوان، أنَّها سمعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَن مَسّ ذَكرَه فليَتَوضأ" (¬3). ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (298). (¬2) أخرج الترمذي (3786) من طريق حمزة بن حبيب الزيات، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم عافِني في جسدي ... " الحديث، ورجاله ثقات، ونقل الترمذي عن البخاري إعلاله بأن حبيباً لم يسمع من عروة بن الزُّبير! وهو حديث حسن بطرقه وشواهده. (¬3) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزُّبير.=

69 - باب الرخصة في ذلك

69 - باب الرخصة في ذلك 182 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا مُلازِمُ بن عمرو الحنفيُّ، حدَّثنا عبدُ الله بن بدر، عن قيس بن طَلْق عن أبيه، قال: قَدِمنا على نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء رجلٌ كأنَّه بَدَويُّ فقال: يا نبيَّ الله، ما ترى في مَسَّ الرجلِ ذَكَرَهُ بعد ما يَتَوَضَّأ، فقال: "هل هو إلا مُضغَةٌ منه" أو: "بَضعَةٌ منه" (¬1). ¬

_ =وهو في "موطأ مالك" 1/ 42، ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" (159). وأخرجه النسائي في "المجتبى" (164) من طريق الزهري، عن عبد الله بن أبي بكر، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً "المجتبى" (444) من طريق سفيان، و (445) من طريق الزهري، كلاهما عن عبد الله بن أبي بكر، عن عروة، عن بسرة. لم يذكر مروان بن الحكم. وأخرجه الترمذى (83)، وابن ماجه (479) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن مروان، عن بسرة. وأخرجه الترمذي (82) و (84)، والنسائي في "المجتبى" (446) و (447) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة، لم يذكر مروان. وهو في "مسند أحمد" (27293)، و"صحيح ابن حبان" (1112). وانظر حديث طلق الآتي بعده. (¬1) إسناده حسن، قيس بن طلق صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الترمذى (85)، والنسائي في "الكبرى" (160) من طريق ملازم بن عمرو، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16286)، و"صحيح ابن حبان" (1121). وانظر ما بعده. قال الترمذي: وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعض التابعين أنهم لم يروا الوضوء من مس الذكر، وهو قولُ أهل الكوفة وابن المبارك، وهذا الحديث أحسن شئ روي فى هذا الباب.=

70 - باب في الوضوء من لحوم الإبل

قال أبو داود: رواه هشامُ بنُ حسان، وسُفيانُ الثَّوريُّ، وشُعبةُ، وابنُ عُيينة، وجريرٌ الرَّازيُّ، عن محمّد بن جابر، عن قيس بن طَلْق. 183 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا محمَّد بنُ جابر، عن قيس بن طَلْق، بإسناده ومعناه، وقال: "في الصَّلاة" (¬1). 70 - باب في الوضوء من لحوم الإبل 184 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدَّثنا أبو مُعاوية، حدَّثنا الأعمَشُ، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب، قال: سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوضوءِ من لُحومِ الإبلِ، فقال: "تَوضَّؤوا منها" وسُئِلَ عن لُحوم الغَنَم، فقال: "لا توضَّؤوا منها" وسُئِلَ عن الصلاة في مَبَارِكِ الإبلِ، فقال: "لا ¬

_ =قلنا: والجمع بين حديث طلق هذا وحديث بسرة السالف قبله بأن يُحمل الأمر بالوضوء في حديث بسرة على الندب لوجود الصارف عن الوجوب في حديث طلق كما هو مذهب الحنفية، ويدل عليه تبويب ابن خزيمة لحديث بسرة بباب استحباب الوضوء من مس الذكر، وأسند فيه عن الإمام مالك قوله: أرى الوضوء من مس الذكر استحباباً ولا أوجبه. وذهب بعضهم إلى أن حديث طلق منسوخ، لكن قال السندي: إن في قوله: "بضعة" تعليلاً لعدم الانتفاض بعلة دائمة، والأصل دوام المعلول بدوام العلة، فهذا يؤيد بقاء الحكم. (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمَّد بن جابر، وقد توبع. وأخرجه ابن ماجه (483) من طريق وكيع، عن محمَّد بن جابر، بهذا الإسناد. ولم يقل: "فى الصلاة". وهر في "مسند أحمد" (16292)، وفيه قوله: "في الصلاة". وانظر ما قبله.

71 - باب الوضوء من مس اللحم النيء وغسله

تُصَلُّوا في مَبَارِكِ الإبل، فإنَّها مِنَ الشَّياطين" وسُئِلَ عن الصَّلاة في مَرَابِضِ الغَنَم، فقال: "صَلُّوا فيها فإنَّها بَرَكةٌ" (¬1). 71 - باب الوضوء من مسِّ اللحم النِّيء وغسله 185 - حدَّثنا محمَّد بن العلاء وأيوبُ بن محمّد الرَّقى وعمرُو بنُ عثمان الحمصي -المعنى- قالوا: حدَّثنا مروانُ بنُ معاوية، أخبرنا هلالُ بن ميمون الجُهَنيُّ، عن عطاء بن يزيد الليثيِّ، قال هلال: لا أعلمه إلا عن أبي سعيد، وقال أيوب وعمرو -أراه-: عن أبي سعيد: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بغُلامٍ وهو يَسلَخُ شاةً، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تَنَحَّ حتَّى أُرِيَكَ" فأدخَلَ يَدَهُ بين الجلدِ واللَّحمِ، فدَحَسَ بها حتَّى تَوارَت إلى الإبْط، ثمَّ مضى فصَلَّى للناس ولم يَتَوضَّأ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه الترمذي (81)، وابن ماجه (494) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. ورواية الترمذي مختصرة بالسؤال عن الوضوء من لحوم الإبل ومن لحوم الغنم، ورواية ابن ماجه مختصرة بالسؤال عن لحوم الإبل فقط. وهو بتمامه في "مسند أحمد" (18538)، و"صحيح ابن حبان" (1128). وسيأتي مختصراً برقم (493). وله شاهد من حديث جابر بن سمرة عند مسلم (360). (¬2) إسناده قوى، هلال بن ميمون الرقي وثقه ابن معين، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه، وباقي رجاله ثقات. واخرجه ابن ماجه (3179) عن أبي كريب محمَّد بن العلاء، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1163).

72 - باب ترك الوضوء من الميتة

قال أبو داود: زاد عمروٌ في حديثه: "يعني لم يَمَسَّ ماءً"، وقال: عن هلال بن ميمون الرَّمليِّ. ورواه عبدُ الواحد بنُ زياد وأبو معاوية، عن هلال، عن عطاء، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، لم يذكر أبا سعيد. 72 - باب ترك الوضوء من الميتة (¬1) 186 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، حدَّثنا سُليمان -يعني ابن بلال-، عن جعفر، عن أبيه عن جابر: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بالسُّوقِ داخِلاً مِن بعضِ العالية، والنَّاسُ كَنَفَتَيه، فمَرَّ بجَدْيٍ أَسَكَّ مَيتِ، فتناوَلَه، فأخَذَ بأُذُنِهِ، ثمَّ قال: "أيُّكم يُحِبُّ أنَّ هذا له؟ "وساق الحديث (¬2). 73 - باب في ترك الوضوء مما مست النار 187 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، حدَّثنا مالكٌ، عن زيد بن أسلَمَ، عن عطاء بن يسار ¬

_ (¬1) في (د) و (هـ): من مسَّ الميتة. (¬2) إسناده صحيح. جعفر: هو ابن محمَّد بن علي بن الحسين الصادق. وأخرجه مسلم (2957) عن عبد الله بن مسلمة، بهذا الإسناد. وتتمة متنه: "قالوا: ما نُحِبُّ أنه لنا بشيءٍ، وما نصنعُ به؟! قال: أتحبون أنَّه لكم؟ قالوا: والله لو كان حياً كان عيباً فيه، لأنه أَسَكُّ، فكيف وهو ميت؟! فقال: والله، للدنيا أهون على الله من هذا عليكم". وأخرجه مسلم أيضاً من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن جعفر، به. وهو في "مسند أحمد" (14930). قوله: "أسك" هو مقطوعُ الأذنين أو صغيرُهما.

عن ابن عبَّاس: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أكَلَ كَتِفَ شَاةٍ، ثمَّ صلَّى ولم يَتَوضَّأ (¬1). 188 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة ومحمَّدُ بنُ سليمان الأنباريُّ -المعنى- قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن مِسعَر، عن أبي صَخْرة جامع بن شدَّاد، عن المُغيرة بن عبد الله عن المُغيرة بن شُعبَة، قال: ضِفْتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ ليلةٍ فأمَرَ بجَنْبٍ فشُوِيَ، وأخذ الشَّفْرَة، فجعَلَ يَحُز لي بها منه، قال: فجاءَ بلالٌ فآذَنَه بالصَّلاة، قال: فألقى الشَّفْرَةَ وقال: "ما له؟ تَرِبَت يَدَاهُ؟ " وقامَ (¬2). زاد الأنباريُّ: وكانَ شاربي وَفَى، فقَصَّه لي على سِواكٍ. أو قال: "أقُصُّهُ لَكَ على سِواكٍ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 1/ 25، ومن طريقه أخرجه البخاري (207)، ومسلم (354). وأخرجه بنحوه البخاري (5405)، ومسلم (354)، والنسائى في "الكبرى" (187) من طرق عن ابن عباس. وهو في "مسند أحمد" (1988)، و"صحيح ابن حبان" (1143) و (1144). وسيأتي بر قم (189) و (190). (¬2) في (ب) و (هـ): وقام يصلي. (¬3) إسناده حسن، المغيرة بن عبد الله -وهو ابن أبي عقيل اليشكري- روى عنه جمع، ووثقه العجلي وابن حبان، وأخرج له مسلم حديثاً واحداً في القدر، وباقي رجاله ثقات. وكيع: هو ابن الجراح، ومسعر: هو ابن كدام. وأخرجه النسائي فى "الكبرى" (6621) من طريق مسعر، بهذا الإسناد. دون قصة الشارب. وهو بتمامه في "مسند أحمد" (18212).=

189 - حدَّثنا مُسدَّدٌ بن مُسرهَد، حدَّثنا أبو الأحوص، حدَّثنا سِماك، عن عكرمة عن ابن عبَّاس، قال: أكلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - كَتِفاً، ثمَّ مَسَحَ يَدَه بمِسْحٍ كان تحتَه، ثمَّ قامَ فصلَّى (¬1). 190 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر النَّمَريُّ، حدَّثنا همَّامٌ، عن قتادة، عن يحيى ابن يَعمَرَ عن ابن عباس: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - انتَهَسَ مِن كَتِفٍ، ثمَّ صلَّى ولم يَتَوضَّأ (¬2). ¬

_ =وقوله: ضِفْتُ بكسر الضاد وسكون الفاء: نزلت عليه ضيفاً، يقال: ضِفُت الرجل وتضيفته: إذا نزلت عليه ضيفاً، وأضفته وضيفته: إذا أنزلته بك ضيفاً. وقوله: تربت يداه. معناه: افتقر. قال الخطابي: هي كلمة تقولها العرب وهم لا يريدون وقوع الأمر، كما قالوا: عقرى حلقى، وهَبِلَتهُ أمُّه، أي ثكلته، فإن هذا الباب لما كثر في كلامهم، ودام استعمالهم له فى خطابهم، صار عندهم بمنزلة اللغو، كقولهم: لا والله وبلى والله، وذلك من لغو اليمين الذي لا اعتبار له، ولا كفارة فيه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات لاضطراب سماك -وهو ابن حرب- في روايته عن عكرمة، وقد توبع. أبو الأحوص: هو سلام بن سليم الحنفي. وأخرجه ابن ماجه (488) من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3012). وأخرجه دون قوله: "ثمَّ مسح يده بمسح كان تحته" البخاري (5405) من طريق أيوب وعاصم، عن عكرمة، به. وانظر ما سلف برقم (187) وما سيأتي بعده. والمِسح بكسر الميم وسكون السين: ثوب من الشعر غليظ. (¬2) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وانظر ما سلف برقم (187). انْتَهَس: بسين مهملة افتَعَلَ من النَّهْسِ وهو الأكلُ بِمُقَدَّمِ الأسنان.

191 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ الحسن الخَثعَميُّ، حدَّثنا حجَّاج، قال ابنُ جُرَيج: أخبرني محمَّدُ بنُ المُنكَدر، قال: سمعتُ جابر بن عبد الله يقول: قَرَّبتُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خُبزاً ولحماً، فأكلَ ثمَّ دعا بوَضوءٍ فتوضَّأ، ثمَّ صلَّى الظُّهرَ، ثمَّ دعا بفَضلِ طعامِهِ فأكلَ، ثمَّ قامَ إلى الصَّلاةِ ولم يتوضَّأ (¬1). 192 - حدَّثنا موسى بنُ سهل أبو عِمران الرَّمليُّ، حدَّثنا عليّ بنُ عيَّاش، حدَّثنا شُعيب بن أبي حمزة، عن محمَّد بن المُنكَدر عن جابر، قال: كانَ آخِرَ الأمرَين مِن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَرْكُ الوضوءِ ممَّا غَيَّرَت النَّارُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حجاج: هو ابن محمَّد المصيصي، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز، وقد صرح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه بنحوه ابن ماجه (489) من طريق سفيان بن عيينة، عن محمَّد بن المنكدر، وعمرو بن دينار، وعبد الله بن محمَّد بن عقيل، عن جابر. وأخرجه بنحوه أيضاً الترمذي (80) من طريق ابن عيينة، عن عبد الله بن عقيل، به. وأخرج ترك الوضوء مما غيَّرت النار بسياق آخر البخاري (5457)، وابن ماجه (3282) من طريق سعيد بن الحارث، عن جابر. وهو في "مسند أحمد" (14453)، و"صحيح ابن حبان" (1130). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (188) من طريق شعيب بن أبي حمزة، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1134). وانظر ما قبله.

قال أبو داود: هذا اختصارٌ مِن الحديث الأول. 193 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عَمرو بن السَّرح، حدَّثنا عبدُ الملك بنُ أبي كريمة - قال ابنُ السَّرح: مِن خِيار المسلمين- قال: حدَّثني عُبيدُ بنُ ثُمامة المُراديُّ، قال: قدِمَ علينا مِصرَ عبدُ الله بنُ الحارث بن جَزءٍ من أصحابِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فسمعتُه يُحدِّث في مَسجدِ مِصرَ، قال: لقد رأيتُني سابعَ سبعةٍ أو سادسَ ستَّة مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في دارِ رجلٍ، فمَرَّ بلالٌ، فناداه بالصَّلاة، فخَرَجْنا، فمَرَرنا برجلٍ وبُرْمَتُه على النَّار، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أطابَت بُرمَتُكَ؟ " قال: نعم بأبي أنتَ وأمِّي، فتناوَلَ منها بضعةً فلم يَزَلَ يَعلُكُها حتَّى أحرَمَ بالصَّلاة، وأنا أنظُرُ إليه (¬1). ¬

_ (¬1) ضعيف بهذا السياق، فقد تفرد به عبيد بن ثمامة، وهو مجهول لم يرو عنه غير ابن أبي كريمة، ولم يوثقه أحد. وأخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص300، والضياء المقدسي في "المختارة" 9/ (187) و (188)، والمزي في ترجمة عبد الملك بن أبي كريمة من "تهذيب الكمال" 18/ 396 من طريق أحمد بن السرح، بهذا الإسناد. وأخرج أحمد (17702)، والترمذي في "الشمائل" (166)، وابن ماجه (3311) من طريق سليمان بن زياد، عن عبد الله بن الحارث بن جزء قال: أكلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شواء في المسجد، فأقيمت الصلاة، فأدخنا أيدينا في الحصى ثمَّ قمنا نصلي ولم نتوضأ. وإسناده حسن. وأخرجه ابن ماجه (3300)، وابن حبان (1657) من طريق سليمان بن زياد، عن ابن جزء بلفظ: كنا نأكل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد الخبز واللحم. وإسناده جيد. وأخرجه أحمد (17705) من طريق عقبة بن مسلم، عن ابن جزء قال: كنا يوماً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصُّفّة، فوضع لنا طعام فأكلنا، ثمَّ أقيمت الصلاة فصلينا ولم نتوضأ. وإسناده صحيح.

74 - [باب التشديد في ذلك]

74 - [باب التشديد في ذلك] (¬1) 194 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شُعبة، حدّثني أبو بكر بنُ حفص، عن الأغَرِّ عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الوضوءُ ممَّا أنضَجَتِ النَارُ" (¬2). 195 - حدَّثنا مُسلمُ بن إبراهيم، حدَّثنا أبان، عن يحيى -يعني ابن أبي كثير-، عن أبي سلمة، أنَّ أبا سُفيان بنَ سعيد بن المُغيرة حدَّثه أنَّه دَخَلَ على أمِّ حبيبةَ فسَقَتهُ قَدَحاً من سَويقٍ، فدعا بماءٍ فَمضمَضَ، قالت: يا ابنَ أُختي، ألا تَوَضَّأ؟ إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "توضَّؤوا ممَّا غَيَّرتِ النَّارُ" أو قال: "مَسَّتِ النَّارُ" (¬3). ¬

_ (¬1) ترجمة الباب ليست في شيء من نسخنا، وجاءت على هامش (ب) وأشار إلى أنها في نسخة وصحَّح عليهما. (¬2) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وأبو بكر بن حفص: اسمه عبد الله، والأغر: هو سلمان أبو عبد الله. وهو في "مسند أحمد" (9907)، و "صحيح ابن حبان" (1148) من طريق شعبة ابن الحجاج، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (352)، والترمذي (79)، والنسائي في "الكبرى" (178) و (179) و (182) وابن ماجه (485) من طرق عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7605)، و"صحيح ابن حبان" (1146) و (1147). (¬3) مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في الشواهد، أبو سفيان بن سعيد ابن المغيرة تفرد بالرواية عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وذكره ابن حبان في "الثقات", وهو ابن أخت أم حبيبة رضي الله عنها. أبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (184) من طريق الزهري، عن أبي سلمة، بهذا الإسناد.=

75 - باب الوضوء من اللبن

75 - باب الوضوء من اللبن 196 - حدَّثنا قُتَيبةُ، حدَّثنا اللَّيثُ، عن عُقَيل، عن الزُّهريِّ، عن عُبَيد الله ابن عبد الله عن ابن عبَّاس أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - شَرِبَ لَبَناً، فدعا بماءٍ فتَمضمَضَ، ثمَّ قال: "إنَّ له دَسَماً" (¬1). ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (26773) و (26783) و (27406) وفيه: يا ابن أخي فهو على هذا نداء تلطف، فإن أم حبيبة خالته كما جاه التصريح في بعض الروايات. ويشهد له حديث أبي هريرة السالف قبله. وهذا الحديث منسوخ وكذا الذي قبله بحديث جابر السالف برقم (192) وفيه أن آخر الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما غيرت النار. وهو مذهب أكثر أئمة السلف والخلف، وأخرج أحمد في "المسند" (14262) من حديث جابر قال: أكلت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر خبزاً ولحماً فصلوا ولم يتوضوؤا. وهو حديث صحيح لغيره كما حققناه في "المسند". (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وعقيل: هو ابن خالد الأيلي، والزهري: هو محمَّد بن مسلم. وأخرجه البخاري (211)، ومسلم (358)، والترمذي (89)، والنسائي في "الكبرى" (190) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقرن البخاري بقتيبة يحيي بن بكير. وأخرجه البخاري (5609)، ومسلم (358)، وابن ماجه (498) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (1951)، و"صحيح ابن حبان" (1158) و (1159). قوله: "إن له دسماً" الدسم: هو ما يظهر على اللبن من الدهن، قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 1/ 313: فيه بيان العلة للمضمضة من اللبن فيدل على استحبابها مِن كل شىء دسم، ويُستنبط منه غسلُ اليدين للتنظيف. ثمَّ ذكر الحافظُ الرواياتِ التي فيها الأمرُ بالمضمضة, ثمَّ قال: والدليل على أن الأمرَ فيه للاستحباب ما رواه الشافعي عن ابن عباس راوي الحديث أنه شرب لبناً فمضمض، ثمَّ قال: لو لم أتمضمض ما باليت.

76 - باب الوضوء من الدم

197 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، عن زيد بن الحُبَاب، عن مُطيع بن راشد، عن توبة العَنبَريِّ أنَّه سمع أنسَ بنَ مالك: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - شَرِبَ لَبَناً فلم يُمَضمِضْ ولم يَتَوضَّأ وصَلَّى (¬1). قال زيد: دَلَّني شُعبَة على هذا الشَّيخ. 76 - باب الوضوء من الدم 198 - حدَّثنا أبو تَوبةَ الربيعُ بن نافع، حدَّثنا ابنُ المُبارَك، عن محمَّد بن إسحاق، حدَّثني صَدَقَةُ بنُ يسار، عن عَقيل بن جابر عن جابر، قال: خَرَجْنا مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -يعني في غَزوةٍ ذاتِ الرَّقاع- فأصابَ رجلٌ امرأةَ رجلٍ من المُشركينَ، فحَلَفَ أن لا أنتهي حتَّى أُهريقَ دماً في أصحابِ محمَّد، فخرجَ يَتبَعُ أثَرَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فنزلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَنزِلاً، فقال: "مَن رجلٌ يكلؤُنا؟ " فانتَدَبَ رجلٌ من المُهاجِرينَ ورجلٌ من الأنصارِ، فقال: "كُونا بفمِ الشِّعْب" قال: فلمَّا خَرَجَ الرجلانِ إلى فمِ الشِّعب واضطجَعَ المُهاجريُّ، وقامَ الأنصاريُّ يُصلِّي، وأتى الرجلُ، فلمَّا رأى شَخصَه عرفَ أنَّه رَبيئةٌ للقوم، فرماه بسَهمٍ فوَضَعه فيه، فنَزَعَه حتَّى رماه بثلاثةِ أسهُمٍ، ثمَّ ركعَ وسجدَ، ثمَّ أنبهَ صاحِبَه، ¬

_ (¬1) إسناده محتمل للتحسين، مطيع بن راشد روى عنه زيد بن الحباب، وعَرَفَه شُعبة، وقال أبو داود -كما في "تهذيب التهذيب"-: أثنى عليه شعبة خيراً. وحسَّن إسناده الحافظ في "الفتح" 1/ 313. وأخرجه البيهقي 1/ 160، والضياء المقدسي في "المختار" (1582) من طريق المصنف، بهذا الإسناد.

فلمَّا عرفَ أنَّهم قد نَذِرُوا به هَرَبَ، ولمَّا رأى المُهاجريُّ ما بالأنصاريِّ من الدَماء، قال: سُبحانَ الله، ألا أنبَهتَني أوَّل ما رمى قال: كنتُ في سُورةٍ أقرؤها، فلم أُحِبَّ أن أقطَعَها (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف، عقل بن جابر لم يرو عنه غير صدقة بن يسار ولم يوثقه غير ابن حبان. ابن المبارك: هو عبد الله. وأخرجه أحمد (14704) و (14865)، وابن خزيمة (36)، وابن حبان (1096)، والدارقطني (869)، والحاكم 1/ 156 - 157، والبيهقي 1/ 140 و 9/ 150 من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وتتمة قول الأنصاري عندهم: "وايم الله، لولا أن أضيِّع ثغراً أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظه، لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أُنفِذَها. وعلقه البخاري في "صحيحه" قبل الحديث (176) فقال: ويذكر عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة ذات الرقاع، فرُمِي رجلٌ بسهم فنزفه الدم، فركع وسجد ومضى في صلاته. وله شاهد عند البيهقي في "الدلائل" 3/ 378 - 379 من حديث خوّات بن جبير الأنصاري، وسمَّى الأنصاري عبَّاد بن بشر، والمهاجري عمار بن ياسر، والسورة الكهف، وإسناده ضعيف. قوله: يكلؤنا، أي: يحفظنا ويحرسنا، وقوله: فانتدب رجل، أي: أجاب دعاءه رجل، والشِّعبُ: الطريق في الجبل، وربيئة القوم: هو الرقيب الذي يشرف على المرقب ينظر العدو من أيِّ وجه يأتي فينذر أصحابه. وقوله: "نذورا به" أي: شعروا به، وعلموا بمكانه. وغزوة ذات الرقاع، وهي غزوة نجد، فقد خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جمادى الأولى من السنة الرابعة، وقيل: في المحرم في أربع مئة من أصحابه وقيل: سبع مئة يريد مُحارب وبني ثعلبة بن سعد من غطفان، فلقي جمعاً من غَطَفَان فتواقفوا ولم يكن بينهم قتال، وصلى بهم صلاة الخوف، وإنما سميت هذه الغزوة بذات الرقاع، لأن أقدامهم رضي الله عنهم نقبت (رقت جلودها وتنفَّطت من المشي) وكانوا يلقون عليها الخرق. انظر البخاري (4128).

77 - باب في الوضوء من النوم

77 - باب في الوضوء من النوم 199 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بن حنبل، حدَّثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابنُ جُريج، أخبرني نافع حدَّثني عبدُ الله بن عمر: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - شُغِلَ عنها ليلةً فأخَّرَها حتَّى رَقَدْنا في المَسجِدِ، ثمَّ استَيقَظنا، ثمَّ رَقَدْنا، ثمَّ استَيقَظنا، ثمَّ رَقَدنا، ثمَّ خَرَجَ علينا فقال: "ليسَ أحدٌ يَنتظِرُ الصَّلاةَ غيرُكم" (¬1). 200 - حدَّثنا شاذُّ بن فيَّاض، حدَّثنا هشامٌ الدَّستوائيُّ، عن قتادة عن أنس قال: كان أصحابُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظرونَ العِشاءَ الآخرة حتَّى تَخفِقَ رؤوسُهُم، ثمَّ يُصَلُّون ولا يَتَوضَّؤون (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وهو فى "مصنف عبد الرزاق" (2115)، ومن طريقه أخرجه البخاري (570)، ومسلم (639) (221). وهو في "مسند أحمد" (5611) , و"صحيح ابن حبان" (1099). وانظر ما سيأتي برقم (420). وذكر الحافظ في "الفتح" 2/ 48 أنه - صلى الله عليه وسلم - شغل عنهم فى تجهيز جيش، وقال: رواه الطبري من وجه صحيح عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر. (¬2) إسناده صحيح. هشام الدستوائى: هو ابن أبي عبد الله، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه مسلم (376) (125)، والترمذي (78) من طريق شعبة، عن قتادة، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (13941)، و"شرح مشكل الآثار" (3448). وانظر ما بعده، وما سيأتى برقم (542) و (544). وقوله: تخفق رؤوسهم. خَفَقَ يَخْفِقُ، وخفق برأسه خفقة أو خفقتين: إذا أخذته سِنَة من النعاس، فمال رأسه دون جسده.=

قال أبو داود فيه: زاد فيه شُعبة عن قتادة قال: على عَهدِ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-. ورواه ابن أبي عَروبةَ عن قتادة بلفظ آخر (¬1). 201 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل وداودُ بن شَبيب، قالا: حدَّثنا حمَّادٌ، عن ثابت البُنانيِّ أنَّ أنس بن مالك قال: أُقيمَت صلاةُ العِشاءِ فقامَ رجلٌ فقال: يا رسولَ الله، إنَّ لي حاجةً، فقامَ يُناجِيهِ حتَّى نَعَسَ القَومُ، أو بعضُ القَومِ، ثمَّ صلَّى بهم، ولم يذكر وضوءاً (¬2). ¬

_ =قال الخطابي في "معالم السنن" 1/ 71: في هذا الحديث من الفقه أن عين النوم ليس بحدث ولو كان حدثاً، لكان على أي حالٍ وُجِدَ ناقضاً للطهارة كسائر الأحداث التي قليلها وكثيرها وعمدُها وخطؤها سواء في نقض الطهارة، وإنما هو مَظِنَّةٌ للحدث موهم لوقوعه من النائم غالباً، فإذا كان بحال من التماسك والاستواء في القعود المانع من خروج الحدث منه كان محكوماً له بالسلامة وبقاء الطهارة المتقدمة ... وانظر: "شرح مشكل الآثار" 9/ 55 - 71، و "شرح السنة" 1/ 337 - 339 بتحقيقنا. (¬1) أخرجه البزار (282 - كشف الأستار)، وأبو يعلى (3199) من طريق سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس أن أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- كانوا يضعون جنوبهم فينامون منهم مَنْ يتوضَّأ، ومنهم من لا يتوضَّأ. وإسناده صحيح لكن زيادة "وضع الجنوب" شاذة فقد رواه جمع عن قتادة فلم يذكروها، كلما هو مبين في التعليق على "مسند أحمد" (13941). (¬2) إسناده صحيح. ثابت البناني: هو ابن أسلم. وأخرجه البخاري (643)، ومسلم (376) (126)، والترمذي (525) من طرق عن ثابت، بهذا الإسناد، ولفظه عند البخاري ومسلم: حتَّى نام القومُ. وتفسيره حتَّى نام القوم نوماً غير مستغرق. وهو في "مسند أحمد" (12633) وصحيح ابن حبان (2035). قوله: "لم يذكر وضوءاً" أي: لم يذكر أن القوم توضؤوا لأَجلِ النعاس.

202 - حدَّثنا يحيى بنُ معين وهنَّادُ بن السَّريِّ وعثمانُ بن أبي شيبة, عن عبد السلام بن حرب - وهذا لفظ حديث يحيى -، عن أبي خالد الدَّالانيِّ، عن قتادة، عن أبي العالية عن ابن عباس: أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان يَسجُدُ وينامُ ويَنفُخُ ثمَّ يقومُ فيُصلي ولا يَتَوضَّأ، فقلتُ له: صَلَّيتَ ولم تَتوَضَّأ وقد نِمتَ؟! فقال: "إنَّما الوضوءُ على مَن نامَ مُضطَجِعاً" زاد عثمان وهنَّاد: "فإنَّه إذا اضطَجَعَ استَرخَت مفاصِلُه" (¬1). قال أبو داود: قوله: "الوضوءُ على مَن نامَ مُضطَجِعاً" هو حديثٌ مُنكَر لم يَروِه إلا يزيدُ الدَّالانيُّ عن قتادة، وروى أوَّلَه جماعةٌ عن ابن عبَّاس ولم يذكروا شيئاً من هذا (¬2)، وقال: كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- محفوظاً (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، أبو خالد الدالاني - واسمه يزيد بن عبد الرحمن - ضعفه جمهور النقاد، وأنكروا عليه أحاديثَ هذا منها. وممن ضعفه المصنف كما سيأتي. وأخرجه الترمذي (77) من طريق عبد السلام بن حرب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2315)، و"شرح مشكل الآثار" (3429). (¬2) أخرج البخاري (138)، ومسلم (763) (181)، والنسائي (1662) من طريق كريب مولى ابن عباس، ومسلم (763) (191) من طريق علي بن عبد الله بن عباس، كلاهما عن ابن عباس أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- نام حتَّى نفخ ثمَّ صلَّى. وهذا لفظ البخاري. وله شاهد من حديث ابن مسعود عند ابن ماجه (475)، وهو في "مسند أحمد" (4051). (¬3) قوله: وكان محفوظاً، أخرجه عبد بن حميد (616)، وأحمد (2194)، والبيهقي 1/ 121 من قول عكرمة بإثر روايته عن ابن عباس: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- نام حتَّى سُمع له غطيط ثمَّ قام فصلى ولم يتوضَّأ.

وقالت عائشةُ: قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "تنامُ عَينايَ ولا ينامُ قلبي" (¬1) وقال شُعبة: إنَّما سمعَ قتادةُ من أبي العالية أربعةَ أحاديث: حديث يونس ابن متَّى، وحديث ابن عمر في الصَّلاة، وحديثَ: "القضاةُ ثلاثةٌ"، وحديثَ ابن عباس: حدَّثني رجالٌ مرضيُّون (¬2) (¬3). 203 - حدَّثنا حَيْوَةُ بن شُرَيح الحِمصيُّ في آخرين قالوا: حدَّثنا بقيَّة، عن الوَضِين بن عطاء، عن محفوظ بن عَلقمة، عن عبد الرحمن بن عائذ عن عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "وِكاءُ السَّهِ العَينانِ، فمَن نامَ فليَتَوضَّأ" (¬4). ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (1341) وهو حديث صحيح. (¬2) زاد في (هـ): "منهم عمر وأرضاهم عندي عمر. قال أبو داود: ذكرت حديث يزيد الدالاني لأحمد بن حنبل، فقال: ما ليزيد الدالاني يُدخِل على أصحاب قتادة! ولم يعبأ بالحديث"، ونحوه على هامش (ج) إلا أن فيها: فانتهرني استعظاماً له، وقال: ما ليزيد ... (¬3) حديث يونس بن متى سيأتي برقم (4669)، وحديث ابن عمر في الصلاة. قال صاحب "بذل المجهود" 146/ 2: لم أجد هذا الحديث فيما تتبعت من الكتب، وحديث "القضاة ثلاثة" أخرجه ابن أبي شيبة 7/ 230، والبغوي في "الجعديات" (1024)، والبيهقي 10/ 117، وحديث ابن عباس سيأتي برقم (1276). ونقل الترمذي بإثر الحديث (181) كلام شعبة هذا، إلا أنه جعلها ثلاثة أحاديث، ولم يذكر حديث ابن عمر في الصلاة. (¬4) إسناده ضعيف، بقية - وهو ابن الوليد - ضعيف ويدلس تدليس التسوية وهو شر أنواعه، فيشترط في مثله التصريح بالسماع في جميع طبقات السند فلا يكفي فيه تصريحه بالتحديث عن شيخه، ولم يتفطن العلامة الألباني إلى هذه القاعدة فحسن إسناد هذا الحديث في "الإرواء" 1/ 149 فأخطأ. والوضين بن عطاء فيه كلام وصفه الحافظ في "التقريب" بسوء الحفظ، ورواية عبد الرحمن بن عائذ عن علي مرسلة نص عليه أبو زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل" 47/ 1.=

78 - باب في الرجل يطأ الأذى

78 - باب في الرجل يطأ الأذى 204 - حدَّثنا هنادُ بن السَّريِّ وإبراهيمُ بن أبي معاوية، عن أبي معاوية (ح) وحدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدَّثنا شَريك وجرير وابنُ إدريس، عن الأعمش، عن شقيق، قال: قال عبدُ الله: كُنَّا لا نتوضَّأ مِن مَوطِئٍ، ولا نَكُفُّ شَعراً، ولا ثوباً (¬1). ¬

_ =وأخرجه ابن ماجه (477) من طريق بقية، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (887). قوله: "وكاء السَّه" الوكاء: هو الخيط الذي تُشد به القِربة والكيس ونحوهما، والسَّه: هو حلقة الدبر. قال ابن الأثير: جعل اليقظة للاست كالوكاء للقربة، كما أن الوكاء يمنع ما في القربة أن يخرج كذلك اليقظة تمنع الاست أن يحدث إلا باختيار. (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، وشريك هو ابن عبد الله النخعي، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وابن إدريس: هو عبد الله، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل. والشك المذكور بإثر الحديث إنما هو في رواية أبي معاوية وحده، وسماع شقيق من عبد الله صحيح مشهور. وأخرجه ابن ماجه (1041) من طريق عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث ابن عباس عند ابن ماجه (884) و (1040)، وإسناده صحيح. وقوله: من موطئ. قال الخطابي: ما يوطأ من الأذى في الطريق، وأصله الموطوء، وأراد بذلك أنهم لا يُعيدون الوضوء للأذى إذا أصاب أرجلهم، لا أنهم كانو لا يغسلون أرجلهم ولا ينظفونها من الأذى إذا أصابها، وحمله البيهقى على النجاسة اليابسة، وأنها كانوا لا يغسلون أرجلهم من مسها. وقال الترمذي: وهو قول غير واحد من أهل العلم، قالوا: إذا وطئ الرجل على المكان القذر أنه لا يجب عليه غسل القدم إلا أن يكون رطباً، فيغسل ما أصابه.

79 - باب من يحدث في الصلاة

قال إبراهيمُ بن أبي معاوية: عن الأعمش، عن شقيق، عن مسروق - أو: حَدَّثَه عنه - قال: قال عبد الله. وقال هنَّاد: عن شقيق - أو: حَدَّثَه عنه - قال: قال عبدُ الله. 79 - باب من يُحدِث في الصلاة 205 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدَّثنا جريرُ بن عبد الحميد، عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حِطَّان، عن مُسلم بن سلاّم عن عليِّ بن طَلْق، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا فَسَا أحدُكُم في الصَّلاة، فليَنصَرِف، فليَتَوضَّأ، وليُعِدِ الصلاة" (¬1). 80 - باب في المذي 206 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا عَبيدةُ بنُ حُميد الحذَّاء، عن الرُّكَين ابن الرَّبيع، عن حُصَين بن قَبِيصة عن عليٍّ رضي الله عنه قال: كنتُ رجلاً مذَّاءً، فجَعَلتُ أغتَسِلُ حتَّى تَشَققَ ظَهري، فذكرتُ ذلكَ للنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، أو ذُكِرَ له، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، مسلم بن سلام لم يرو عنه غير عاصم الأحول، فهو مجهول. وأخرجه الترمذي (1198)، والنسائي في "الكبرى" (8976) و (8977) من طريق عاصم بن سليمان الأحول، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1199) من طريق وكيع، عن عبد الملك بن مسلم بن سلام، عن أبيه، به. ولم يسمعه عبد الملك من أبيه، فقد أخرجه النسائي في "الكبرى" (8975) من طريق أحمد بن خالد، عن عبد الملك، عن عيسى بن حطان، عن مسلم بن سلام، به. وهو في "مسند أحمد" (655)، و"صحيح ابن حبان" (2237). ويشهد له حديث أبي هريرة السالف برقم (177).

"لا تَفعَل، إذا رأيتَ المَذْيَ فاغسِل ذَكَرَكَ وتَوَضَّأ وُضوءَك للصَّلاةِ، وإذا فَضَختَ الماءَ فاغتَسِل" (¬1). 207 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، عن مالك، عن أبي النَّضر، عن سُليمان ابن يسار عن المِقداد بن الأسود أن عليّ بنَ أبي طالب رضي الله عنه أمَرَه أن يَسألَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن الرجل إذا دَنَا مِن أهلِهِ، فخرجَ منه المَذيُ، ماذا عليه؟ فإنَّ عندي ابنَتَه وأنا أستَحيي أنْ أسأَلَه، قال المِقدادُ: فسألتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال: "إذا وَجَدَ أحدُكُم ذلكَ فليَنضَحْ فَرجَه، وليَتَوَضَّأ وُضوءَهُ للصَلاةِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (197) عن علي بن حجر وقتيبة بن سعيد، عن عَبيدة بن حميد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (198) من طريق زائدة، عن الركين بن الربيع، به. وهو في "مسند أحمد" (868)، و"صحيح ابن حبان" (1102). وأخرجه البخاري (132) و (269)، ومسلم (303)، والترمذي (114)، والنسائي (148) و (149) و (150) وفي "المجتبى" (435)، وابن ماجه (504) من طرق عن علي. وانظر ما سيأتي بالأرقام (207) و (208) و (209). قوله: "فذكرت ذلك للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- "، وفي الروايات الآتية أنه أمر المقداد، وفي بعض الروايات أنه أمر عمار بن ياسر، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 1/ 380: جمع ابنُ حبان بَين هذا الاختلاف بأن علياً أمر عماراً أن يسأل، ثمَّ أمر المقداد بذلك، ثمَّ سأل بنفسه، وهو جمع جيد إلا بالنسبة لآخره، لكونه مغايراً لقوله: إنه استحيا عن السؤال بنفسه لأجل فاطمة، فيتعين حمله على المجاز بأن بعض الرواة أطلق أنه سأل لكونه الآمر بذلك، وبهذا جزم الإسماعيلي ثمَّ النووي. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن سليمان بن يسار لم يسمع من المقداد بن الأسود ولا من علي، والصحيح أنه عن سليمان بن يسار، عن ابن=

208 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهيرٌ، عن هشام بن عُروة، عن عُروة أنَّ عليَّ بنَ أبي طالب قال للمِقداد، وذكرَ نحوَ هذا، قال: فسألَهُ المِقدادُ، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لِيَغسِلْ ذَكَرَه وأُنثَيَيهِ" (¬1). ¬

_ = عباس: أن علياً أرسل المقداد، كما سيأتي في التخريج. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية. وهو في "موطأ مالك" 1/ 40، ومن طريقه أخرجه النسائي في "المجتبى" (156) و (440)، وابن ماجه (505). وهو في "مسند أحمد" (23819)، و"صحيح ابن حبان" (1101). وأخرجه مسلم (303) (19)، والنسائي في "المجتبى" (438) من طريق بكير بن الأشج، عن سليمان بن يسار، عن ابن عباس قال: قال علي: أرسَلْنا المقداد ... فذكره. وهو في "مسند أحمد" (823). وانظر ما قبله. وقوله: فلينضح فرجه، أي: يغسله، فإن النضح يكون غسلاً ويكون رشاً، وقد جاء في إحدى روايات البخاري (269) عن علي، وفيه "واغسل ذكرك". (¬1) حديث صحيح دون قوله: "وأنثييه" فحسن إن سلم من الوهم أو الشذوذ، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن رواية عروة بن الزُّبير عن علي مرسلة فيما قاله أبو حاتم وأبو زرعة الرازيانِ. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (147) من طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1009). وسلف برقم (206) من طريق حصين بن قبيصة وخرَّجناه هناك من طرق عن علي دون قوله: "وأنثييه". وأخرجه بهذه الزيادة أبو عوانة (765) من طريق أبي خالد الأحمر، عن هشام بن حسان، عن محمَّد بن سيرين، عن عَبِيدَةَ السلماني، عن علي. وأبو خالد سليمان بن حيان الأحمر - وإن كان صدوقاً - له بعض الأوهام. ولهذه الزيادة شاهد من حديث عبد الله بن سعد الأنصاري، وهو الآتي عند المصنف برقم (211)، وانظر الكلام عليه هناك.=

قال أبو داود: رواه الثَّوريُ وجماعةٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن المِقدادِ، عن عليٍّ، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). 209 - حدَّثنا القَعنَبيُّ، حدَّثنا أَبي، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن حديث حُدَّثَه أنَّ عليَّ بن أبي طالب قال: قلتُ: للمِقدادِ، فذكرَ معناه (¬2). قال أبو داود: ورواه المُفضَّلُ بن فَضَالة والثوريُّ وابنُ عُيينة عن هشام، عن أبيه، عن عليٍّ, ورواه ابنُ إسحاق عن هشام بن عُروة، عن أبيه، عن المِقداد، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- لم يذكر: "أُنثَيَيهِ" (¬3). 210 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ - يعني ابنَ إبراهيم -، أخبرنا محمَّد ابن إسحاق، حدَّثني سعيدُ بن عُبيد بن السَّبَّاق، عن أبيه عن سَهل بن حُنَيف، قال: كنتُ ألقى مِنَ المَذْيِ شِدَّةَ، وكنتُ أُكثِرُ منه الاغتِسالَ، فسألتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن ذلك، فقال: "إنَّما يَجزيكَ مِن ذلكَ الوضوءُ" قلتُ: يا رسولَ الله، فكيفَ بما يُصيبُ ثَوبي منه؟ قال: "يكفيكَ بأنْ تأخُذَ كفّاً من ماءِ فتَنضَحَ بها مِن ثَوبِكَ حيثُ تَرَى أنَّه أصابَه" (¬4). ¬

_ =والأمر بغسل الأنثيين - وإن كان محفوظاً - محمول على الندب عند جمهور الفقهاء، وقال الأوزاعي بوجوبه، وهو رواية عن أحمد كما في "المغني" 1/ 232. (¬1) وكذا رواه أبو بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم عن عروة عند الطبراني في "مسند الشاميين" (112). وعروة لم يسمع من المقداد أيضاً. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع كسابقه. (¬3) رواية محمَّد بن إسحاق هذه أخرجها أحمد (16725). (¬4) إسناده حسن، محمَّد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث، وقد صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجاله ثقات.=

211 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا عبدُ الله بنُ وَهب، حدَّثنا معاوية ابنُ صالح، عن العلاء بن الحارث، عن حَرَام بن حَكيم عن عمِّه عبد الله بن سعد الأنصاريِّ، قال: سألتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عمَّا يُوجِبُ الغسلَ، وعن الماءِ يكون بعدَ الماء، فقال: "ذاكَ المَذْيُ، وكلُّ فَحلِ يَمذي، فتَغسِلُ مِن ذلك فَرجَكَ وأُنثَيَيكَ، وتَوَضَّأ وُضوءك للصَلاة" (¬1). 212 - حدَّثنا هارونُ بن محمَّد بن بكَّار، حدَّثنا مروانُ - يعني ابنَ محمَّد -، حَدثنا الهيثمُ بنُ حُميد، حدَّثنا العلاء بن الحارث، عن حَرَام بن حَكيم ¬

_ =وأخرجه الترمذي (115)، وابن ماجه (506) من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (15973)، و "صحيح ابن حبان" (1103). قال الترمذي: اختلف أهل العلم في المذي يُصيبُ الثوبَ، فقال بعضهم: لا يُجزئ إلا الغسلُ، وهو قوَلُ الشافعى وإسحاق (وغيرهما)، وقال بعضهم: يُجزئه النضحُ، وقال أحمد: أرجو أن يُجزئه النضحُ بالماء. (¬1) إسناده صحيح. رواه عن معاوية بن صالح ابن وهب وابن مهدي واختلف على ابن وهب في قوله: "وأنثييه" ولم يذكرها ابن مهدي. وأخرجه الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 109 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (7)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 94 من طريقين عن ابن وهب، به. ولم يذكر في رواية ابن قانع الأنثيين. وأخرجه أحمد (19007)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (865) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية بن صالح، به. ولم يذكر الأنثيين.

عن عمِّه: أنه سأل رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: ما يَحِلُّ لي مِنَ امرأتي وهي حائِضٌ؟ قال: "لَكَ ما فوقَ الإزارِ" وذكرَ مُؤاكَلَةَ الحائِضِ أيضاً، وساق الحديثَ (¬1). 213 - حدَّثنا هشامُ بنُ عبد الملك اليَزَني، حدَّثنا بقيَّةُ عن سعد الأغطَش - وهو ابنُ عبد الله - , عن عبد الرحمن بن عائذ الأزْدي، قال هشامٌ: وهو ابن قُرْط أميرُ حِمص عن معاذ بن جبل، قال: سألتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عما يَحِلُّ للرجلِ مِن امرأتِه وهي حائِضٌ؟ قال: فقال: "ما فوقَ الإزارِ، والتعفُّفُ عن ذلك أفضَلُ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، هارون بن محمَّد بن بكار صدوق، وباقي رجاله ثقات، حرام بن حكيم، وهو حرام بن معاوية، كان معاوية بن صالح يقوله على الوجهين، ووهم من جعلهما اثنين. قال ابن حجر في "التقريب": ثقة. وأخرجه الترمذي (133)، وابن ماجه (1378) من طريق معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، بهذا الإسناد. وهو مطولاً في "مسند أحمد" (19007). وهذا الحديث دليل على جواز الاستمتاع بما فوق السُّرَّة من الحائض وعدم جوازه بما تحت السُّرَّة، لكن سيأتي عند أبي داود (274) باب ما يصيب منها دون الجماع عن بعض أزواج النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان إذا أراد من الحائض شيئاً، ألقى على فرجها شيئاً، وهو يدل على جواز الاستمتاع من غير تخصيص بمحل دون محل من سائر البدن غير الفرج. (¬2) صحيح لغيره دون قوله: "والتعفف عن ذلك أفضل" وهذا إسناد ضعيف، بقية بن الوليد ضعيف ومدلس، وسعد بن عبد الله الأغطش لين الحديث. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (194) من طريق إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن عبد الرحمن الخزاعى، عن عبد الرحمن بن عائذ، عن معاذ. وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير أهل بلده، وشيخه سعيد بن عبد الرحمن كوفي، فالإسناد ضعيف.=

81 - باب في الإكسال

قال أبو داود: وليس بالقوي. 81 - باب في الإكسال 214 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وَهب، أخبرني عمروٌ - يعني ابنَ الحارث - عن ابن شِهاب قال: حدَّثني بعضُ مَن أرضى: أنَّ سهلَ بنَ سَعدٍ السَّاعِدِي أخبره أن أُبيَّ بنَ كعب أخبره: أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إنَّما جعلَ ذلك رُخصةً للناسِ في أوَّلِ الإسلامِ لقلَّةِ الثِّيابِ، ثمَّ أمرَ بالغُسلِ ونهى عن ذلك. قال أبو داود: يعني: الماءَ مِنَ الماء (¬1). ¬

_ =ولقوله: "لك ما فوق الإزار" شاهد من حديث عبد الله بن سعد، وهو السالف قبله. وآخر من حديث عائشة عند البخاري (300)، ومسلم (293). وثالث من حديث ميمونة عند البخاري (303)، ومسلم (294). (¬1) حديث صحيح، شيخ ابن شهاب - وهو محمَّد بن مسلم الزهري - وإن كان مبهماً، رجح ابن خزيمة وابن حبان أنه أبو حازم سلمة بن دينار، وهو ثقة، ثمَّ إن الزهري قد رواه عن سهل بن سعد مباشرة وصرح بسماعه منه في عدة روايات ذكرها الحافظ في "التلخيص الحبير" 1/ 135، فيكون الزهرى قد سمعه من أبي حازم عن سهل بن سعد، ثمَّ سمعه من سهل مباشرة. ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه الترمذي (110) و (111)، وابن ماجه (609) من طريقين عن الزهري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21100)، و"صحيح ابن حبان" (1173). وروى الترمذي (112) من طريق شريك (وهو سيئ الحفظ) عن أبي الجحاف، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "إنما الماء من الماء في الاحتلام"، فهذا من ابن عباس حمل لحديث "الماء من الماء "على صورة مخصوصة، وهي ما يقع في المنام من رؤية الجماع، لكن حديث أُبيّ الآتي بعد هذا صريح في النسخ.=

215 - حدَّثنا محمّد بنُ مِهرانَ الرَّازيُّ، حدَّثنا مُبشِّرٌ الحلبيُّ, عن محمَّد أبي غسان ,عن أبى حازم، عن سَهلِ بنِ سعد قال: حدَّثني أُبيُّ بنُ كعب: أن الفُتيا التي كانوا يُفتُونَ: أنَّ الماءَ مِنَ الماء، كانت رخصةً رَخّصَها رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في بَدءِ الإسلامِ، ثمَّ أمرَ بالاغتِسالِ بعدُ (¬1). 216 - حدَّثنا مُسلِمُ بنُ إبراهيم الفَرَاهيديُّ، حدَّثنا هشامٌ وشعبةُ، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع عن أبي هريرة، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا قَعَدَ بينَ شُعَبِها الأربَعِ، وألزَقَ الخِتانَ بالخِتانِ، فقد وَجَبَ الغُسلُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. محمَّد أبو غسان: هو ابن مطرف، وأبو حازم: هو سلمة بن دينار. وهو في "صحيح ابن حبان" (1179) من طريق محمَّد بن مهران، بهذا الإسناد. وقد سلف تخريجه فيما قبله. (¬2) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وشعبة: هو ابن الحجاج، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، والحسن: هو البصري، وأبو رافع: هو نفيع الصائغ. وأخرجه البخاري (291)، ومسلم (348)، وابن ماجه (610) من طريق هشام، والنسائي في "الكبرى" (195) من طريق شعبة، كلاهما عن قتادة، بهذا الإسناد. وقرن مسلم بقتادة مطراً الوراق. وهو في "مسند أحمد" (7198) , و"صحيح ابن حبان" (1174). وأخرجه النسائي (196) من طريق محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة. وقال: هذا خطأ. وعندهم: "ثمَّ جهدها" أو "ثمَّ اجتهد" بدل: "وألزق الختان بالختان"، قال الحافظ في "الفتح" 1/ 395 بعد ذكر رواية أبي داود: وهذا يدل على أن الجهد هنا كنايةٌ عن معالجة الإيلاج.=

82 - باب في الجنب يعود

217 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدّثنا ابنُ وَهْب، أخبرني عمرٌو، عن ابن شِهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخُدريِّ، أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "الماءُ مِنَ الماءِ". وكانَ أبو سلمة يَفعَلُ ذلك (¬1). 82 - باب في الجنب يعود 218 - حدّثنا مسدَّدٌ، حدّثنا إسماعيلُ، حدَّثنا حُميد الطويلُ عن أنس: أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- طافَ على نِسائِهِ في غُسلٍ واحدٍ (¬2). ¬

_ =وقوله: فقد وجب الغسل، أي: على الزوج والزوجة وإن لم يكن إنزال، فالموجب للغسل: هو غيبوبة الحشفة، قال الترمذي: وهو قول أكثر أهل العلم من أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعائشة والفقهاء من التابعين ومن بعدهم مثل سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق (وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه). (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو: هو ابن الحارث، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزهري. وأخرجه مسلم (343) (81) عن هارون بن سعيد الأيلي، عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (343) (80) من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه. وفيه قصة. وهو في "مسند أحمد" (11243)، و" صحيح ابن حبان" (1168). قال السندي في حاشيته على "المسند": قوله: الماء، أي وجوب الاغتسال بالماء "من الماء"، أي: من خروج الماء المعهود لا بمجرد الجماع بلا إنزال، واتفقوا على أنه كان في أول الأمر، ثمَّ نُسخَ، وقيل: هذا في الاحتلام. (¬2) إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن إبراهيم المعروف بابن عُليه، وحميد الطويل: هو ابن أبي حميد البصري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (255) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد.=

83 - باب الوضوء لمن أراد أن يعود

قال أبو داود: هكذا رواه هشامُ بنُ زيد عن أنس، ومَعمَرٌ عن قتادة، عن أنس، وصالحُ بنُ أبي الأخضر عن الزُّهريِّ، كلُّهم عن أنس، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-. 83 - باب الوضوء لمن أراد أن يعود 219 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، عن عبد الرحمن بن أبي رافع، عن عمَّتِهِ سَلمى عن أبي رافع: أنَّ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- طافَ ذاتَ يومِ على نِسائِهِ يَغتَسِلُ عندَ هذه وعندَ هذه، قال: فقلتُ: يا رسولَ الله، ألا تَجعَلُه غُسلاً واحداً؟ قال: "هذا أزكى وأطيَبُ وأطهَرُ" (¬1). قال أبو داود: حديثُ أنس أصحُّ من هذا. ¬

_ =وأخرجه البخاري (284)، والنسائي (5286) من طريق سعيد بن أبي عروبة، والبخاري (268) من طريق هشام الدستوائي، والترمذي (140)، والنسائي (256) و (8987)، (8988)، وابن ماجه (588) من طريق معمر بن ثابت، ثلاثتهم عن قتادة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (309) من طريق هشام بن زيد، وابن ماجه (589) من طريق صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، كلاهما عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12640)، و"صحيح ابن حبان" (1207). (¬1) إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن أبي رافع لم يرو عنه سوى حماد بن سلمة، وقال ابن معين فيه: صالح، وعمته سلمى روى عنها غير واحد، ولا تعرف بجرح ولا تعديل، وهما ممن لا يحتمل تفردهما لا سيما وقد خالفا حديث أنس الصحيح السالف قبله. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8986)، وابن ماجه (590) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23862).

84 - باب الجنب ينام

220 - حدَّثنا عمرُو بنُ عَون، حدَّثنا حفصُ بنُ غياث، عن عاصم الأحوَلِ، عن أبي المُتوكِّل عن أبي سعيد الخُدريِّ، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا أتى أحدُكم أهلَه، ثمَّ بَدَا له أن يُعاوِدَ، فليَتَوَضَّأ بينَهما وُضوءاً" (¬1). 84 - باب الجنب ينام 221 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، عن مالك، عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر، أنه قال: ذكرَ عمرُ بنُ الخطَّاب لرسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أنه تُصيبُه الجنابةُ مِنَ اللَّيلِ، فقالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- "تَوَضَّأ واغسِلْ ذَكَرَكَ، ثمَّ نَمْ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عاصم الأحول: هو ابن سليمان، وأبو المتوكل: هو علي ابن داود الناجي. وأخرجه مسلم (308)، والترمذي (141)، والنسائى في "الكبرى" (254)، وابن ماجه (587) من طرق عن عاصم الأحول، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (11036)، و"صحيح ابن حبان" (1210)، (1211) وفي الرواية الثانية زيادة: فإنه أنشط للعود، والأمر في هذا للندب، قال ابن عبد البر ذهب الجمهور إلى أنه للاستحباب، وذهب أهل الظاهر إلى إيجابه وهو شذوذ، وحجة الجمهور حديث عائشة عند المصنف (226) قالت: ربما اغتسل من الجنابة في أول الليل وربما اغتسل في آخره. ورواه الترمذي (118) وابن ماجه (583) من طرق عن أبي إسحاق عن الأسود، عن عائشة وهذا سند قوي، وصححه غير واحد من الأئمة. وروى ابن خزيمة (211) وابن حبان (1216) عن ابن عمر، عن عمر أنه سأل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: أينام أحدنا وهو جنب؟ قال: "نعم ويتوضأ إن شاء" وإسناده صحيح وهو في صحيح مسلم (306) (24) بنحوه. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 1/ 47، ومن طريقه أخرجه البخاري (290)، ومسلم (306) (25)، والنسائي في "الكبرى" (252).=

85 - باب الجنب يأكل

85 - باب الجنب يأكل 222 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وقُتيبةُ بنُ سعيد، قالا: حدَّثنا سفيان، عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمة عن عائشة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا أرادَ أن ينامَ وهو جُنُب تَوَضَّأَ وضوءَه للصَّلاة (¬1). 223 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ الصَّبَّاح البزَّار، حدَّثنا ابنُ المُبارَك، عن يونس، عن الزُّهريِّ، بإسناده ومعناه، زاد: وإذا أرادَ أن يأكُلَ وهو جُنُب غَسَلَ يَدَيهِ (¬2). ¬

_ =وأخرجه البخاري (287) و (289)، ومسلم (306) (23) و (24)، والترمذي (120) , والنسائي (9009)، وابن ماجه (585) من طرق عن نافع، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4662) و (5314)، و"صحيح ابن حبان" (1213). (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمَّد بن مسلم، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه مسلم (305) (21)، والنسائي في "الكبرى" (8995)، وابن ماجه (584) من طريق الليث، عن الزهري، بهذا الإسناد. وأخرجه البخارى (286) من طريق يحيي بن أبي كثير، عن أبي سلمة، به. وأخرجه البخاري (288) من طريق عروة بن الزُّبير، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24083)، و "صحيح ابن حبان" (1217). وانظر الحديثين الآتيين بعده. (¬2) إسناده صحيح. ابن المبارك: هو عبد الله. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (250) و (251)، وابن ماجه (591) من طريق عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. واقتصر ابن ماجه في روايته على الزيادة المذكورة. وهو في "مسند أحمد" (24872)، و"صحيح ابن حبان" (1218). وانظر ما قبله وما بعده.

86 - باب من قال: الجنب يتوضأ

قال أبو داود: ورواه ابنُ وَهْب، عن يونس، فجعلَ قِصَّةَ الأكلِ قولَ عائشةَ مقصوراً، ورواه صالحُ بنُ أبي الأخضر، عن الزُّهريِّ كما قال ابنُ المُبارَك، إلا أنه قال: عن عُروة أو أبي سلمة. ورواه الأوزاعيُّ، عن يونس عن الزُّهريِّ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -, كما قال ابنُ المُبارَك (¬1). 86 - باب من قال: الجنب يتوضَّأ 224 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا شُعبةُ، عن الحَكَمِ، عن إبراهيم، عن الأسود عن عائشة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا أرادَ أن يأكُلَ أو ينامَ توَضَّأَ؛ تعني وهو جُنُبٌ (¬2). ¬

_ (¬1) رواية صالح بن أبي الأخضر -وهو ضعيف يعتبر به- أخرجها أحمد (24714) و (24873) و (25598)، وإسحاق بن راهويه (822)، والنسائي في "الكبرى" (8997)، وعندهم جميعاً: "عن عروة وأبي سلمة" بالعطف، سوى الموضع الأول عند أحمد فعن أبي سلمة وحده. ورواية الأوزاعي أخرجها النسائي في "الكبرى" (8992)، وهي في "مسند أحمد" (24555). (¬2) رجاله ثقات، لكن متنه مخالف لما سلف قبله من طريق أبي سلمة عن عائشة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن ينام -وهو جنب- توضّأ، وإذا أراد أن يأكل غسل يديه. ولذا قال يحيي بن سعيد القطان - كما في رواية أحمد (25584) عنه: ترك شعبة حديث الحكم في الجنب: إذا أراد أن يأكل توضأ. الحكم: هو ابن عتيبة، وإبراهيم والأسود: هما النخعيان. وأخرجه مسلم (305) (22)، والنسائي في "الكبرى" (249) و (8998)، وابن ماجه (591) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25584).

87 - باب الجنب يؤخر الغسل

225 - حدَّثنا موسى -يعني ابنَ إسماعيل-، حدَّثنا حماد، أخبرنا عطاءٌ الخُراسانيُّ، عن يحيي بن يَعمَرَ عن عمَّار بن ياسر: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ للجُنُب إذا أكَلَ أو شَرِبَ أو نامَ أن يَتَوَضَّأَ (¬1). قال أبو داود: بين يحيى بن يَعمَرَ وعمَّار بن ياسر في هذا الحديث رجلٌ. وقال عليُّ بنُ أبي طالب وابنُ عمر وعبدُ الله بنُ عَمرٍو: الجُنُبُ إذا أرادَ أن يأكُلَ تَوَضَّأَ. 87 - باب الجنب يؤخر الغسل 226 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا المعتَمرُ (ح) وحدثنا أحمدُ بنُ حَنبَل، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيم؛ قالا: حدَّثنا بُردُ بنُ سِنان، عن عُبادة بن نُسَيٍّ، عن غُضَيف بن الحارث، قال: قلتُ لعائشةَ: أرأيتِ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَغتَسِلُ مِنَ الجنابةِ في أوَّلِ اللَّيلِ أو في آخِرِه؟ قالت: رُبما اغتَسَلَ في أوَّلِ اللَّيلِ ورُبما اغتَسَلَ في آخِرِه، قلتُ: اللهُ أكبَرُ، الحمدُ لله الذي جَعَلَ في الأمرِ سَعَةً. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، يحيى بن يعمر لم يلق عمار بن ياسر فيما ذكر الدارقطني، وقد نبه عليه المصنف بعده، وباقي رجاله ثقات. عطاء الخراساني: هو ابن أبي مسلم. وأخرجه الترمذي (617) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18886). وسيأتي ضمن حديث مطول برقم (4176). وفي الباب عن جابر عند ابن ماجه (592)، وإسناده ضعيف.

قلتُ: أرأيتِ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يُوتِرُ أوَّلَ اللَّيلِ أم في آخِرِه؟ قالت: رُبما أوتَرَ في أوَّلِ اللَّيلِ، ورُبما أوتَرَ في آخِرِه، قلت: اللهُ أكبَرُ، الحمدُ لله الذي جَعَلَ في الأمرِ سَعَةً. قلتُ: أرأيتِ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَجهَرُ بالقُرآنِ أم يَخفِتُ به؟ قالت: رُبما جَهَرَ به ورُبما خَفَتَ، قلتُ: الله أكبَرُ، الحمدُ لله الذي جعَلَ في الأمرِ سَعَةً (¬1). 227 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شُعبةُ، عن علي بن مُدرِكٍ، عن أبي زُرعة بن عمرو بن جرير، عن عبد الله بن نُجَيٍّ، عن أبيه عن عليٍّ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَدخُلُ الملائكةُ بَيتاً فيه صُورةٌ ولا كلبٌ ولا جُنُبٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. معتمر: هو ابن سليمان، وإسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُلية. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (221)، وابن ماجه (1354) من طرق عن برد بن سنان، بهذا الإسناد. ورواية النسائي مختصرة بالسؤال عن الغسل، ورواية ابن ماجه مختصرة بالسؤال عن قراءة القرآن. وهو في "مسند أحمد" (24202)، و"صحيح ابن حبان" (2447) و (2582). وانظر ما سيأتى برقم (1437). (¬2) صحيح لغيره دون قوله: "ولا جنب"، وهذا إسناد ضعيف، نجي -وهو الحضرمي الكوفي- لم يرو عنه غير ابنه عبد الله، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد، وابنه عبد الله بن نجي مختلف فيه، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (253) و (4774)، وابن ماجه (3650) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وليس عند ابن ماجه قوله: "ولا جنب".=

228 - حدَّثنا محمَّدُ بن كثير، أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن الأسود عن عائشة قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ينامُ وهو جُنُب مِن غيرِ أن يَمَسَّ ماءً (¬1). قال أبو داود: حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ الواسِطيُّ، قال: سمعتُ يزيدَ بنَ هارون يقول: هذا الحديثُ وهمٌ يعني حديثَ أبي إسحاق. ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (632)، و"صحيح ابن حبان" (1205). وسيأتي مكرراً برقم (4152). وله دون قوله: "ولا جنب" شاهد من حديث أبي طلحة عند البخاري (3225)، ومسلم (2106). وآخر من حديث عائشة عند مسلم (2104). وثالث من حديث ميمونة عند مسلم (2105)، وسيأتى برقم (4157). (¬1) حديث صحيح دون قولها: "من غير أن يمس ماء" فشاذ، قال أحمد: ليس بصحيح، وقال يزيد بن هارون: هو وهم، وقال الترمذي: يرون أن هذا غلط من أبي إسحاق، وعلَّله مسلم في "التمييز"، وقد بسطنا الكلام عليه في "مسند أحمد" (24706). سفيان: هو الثورى، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه الترمذي (218) و (219)، وابن ماجه (581) و (582) و (583) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، بهذا الإسناد. ويُعارضه ما رواه إبراهيم النخعي عن الأسود فيما سلف عند المصنف برقم (224)، وما رواه أبو سلمة فيما سلف برقم (222)، كلاهما عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضّأ كما يتوضَّأ للصلاة. وقد جمع الإمام الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 125 بينهما بأنه لم يكن يمس ماء للغسل، وقال ابن قتيبة: إنه كان يفعل الأمرين لبيان الجواز. وانظر "التلخيص الحبير" 1/ 140 - 141، والتعليق على "مسند أحمد" (24706).

88 - باب الجنب يقرأ

88 - باب الجنب يقرأ 229 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن عَمرو بن مُرة، عن عبد الله ابن سَلِمة، قال: دخلتُ على عليٍّ رضي الله عنه أنا ورجلان، رجلٌ منَّا ورجلٌ مِن بني أَسد أحسَبُ، فبَعَثَهما عليٌّ وجهاً، وقال: إنَّكما عِلْجانِ، فعالِجا عن دِينِكما، فدخلَ (¬1) المَخْرَجَ ثمَّ خرجَ فدعا بماءٍ فأخذَ منه حَفْنةً فتَمَسحَ بها، ثمَّ جعل يَقرَأُ القُرآنَ، فأنكروا ذلك، فقال: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يَخرُجُ مِنَ الخلاءِ فيُقرِئُنا القُرآنَ ويأكُلُ مَعَنا اللّحمَ، ولم يَكُن يَحجُبُهُ -أو قال: يَحجُزُهُ- عن القُرآنِ شيءٌ ليسَ الجَنابةَ (¬2). ¬

_ (¬1) زاد في بعض نسخ السنن: ثمَّ قام فدخل. (¬2) إسناده حسن، عبد الله بن سَلِمة -وهو المرادي الكوفي- وثقه يعقوب بن شيبة والعجلي وابن حبان، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وصحح له حديثه هذا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال الحافظ في "الفتح" 1/ 408: هو من قبيل الحسن يصلح للحجة. وأخرجه دون قصة علي النسائي في "الكبرى" (257)، وابن ماجه (594) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (627) و (639)، و "صحيح ابن حبان" (799). وأخرجه الترمذي (146) من طريق الأعمش وابن أبي ليلى، والنسائي (266) من طريق الأعمش وحده، كلاهما عن عمرو بن مرة، به بلفظ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرئنا القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً وقال: حديث حسن صحيح. قال الترمذي: وبه قال غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين، قالوا: يقرأ الرجل القرآن على غير وضوء، ولا يقرأ في المصحف إلا وهو طاهر، وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق (وأصحاب الرأي).=

89 - باب الجنب يصافح

89 - باب الجنب يصافح 230 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن مِسعَر، عن واصِل، عن أبي وائل عن حذيفة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَقِيَه، فأهوى إليه، فقال: إنِّي جُنُبٌ، فقال: "إنَّ المُسلِمَ ليس بنَجَسٍ " (¬1) (¬2). 231 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى وبشرٌ، عن حُميد، عن بكر، عن أبي رافع ¬

_ =وقوله: إنكما علجان تثنية علج، قال الخطابي: يريد الشدة والقوة على العمل، يقال: رجل علج: إذا كان قوي الخلقة، وقال ابن الأثير: أي: مارسا العمل الذي ندبتكما إليه، واعملا به. قوله: ليس الجنابةَ بالنصب قال الخطابي: معناه غير الجنابة. وليس هنا حرف استثناء بمنزلة "إلا". (¬1) في (هـ) ونسخة على هامش (ج): "ليس يَنجُس"، وفي نسخة أخرى على هامش (ج): لا ينجس. (¬2) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، ومسعر: هو ابن كدام، وواصل: هو ابن حيّان الأحدب، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة. وأخرجه مسلم (372)، والنسائي في "الكبرى" (260)، وابن ماجه (535) من طريق مسعر، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (261) من طريق أبي بردة، عن حذيفة. وهو في "مسند أحمد" (23264)، و "صحيح ابن حبان" (1258). وقوله: "فأهوى إليه"، أي: ميَّل يده إليه. وقوله: "إن المسلم ليس بنجس"، معناه أن الأمر بالغسل من الجنابة تعبدي وليس بنجس حتَّى لا يجوز مسه. وكذلك الكافر عند جمهور المسلمين سلفاً وخلفاً، وأما قوله تعالى: {إنما المشركون نجس} {التوبه: 28} فالمراد منه نجاسة الاعتقاد والاستقذار، وليس المراد أعيانهم.

90 - باب الجنب يدخل المسجد

عن أبي هريرة، قال: لَقِيَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في طريقٍ مِن طُرُقِ المدينةِ، وأنا جُنُبٌ، فاختَنَستُ، فذهبتُ فاغتَسَلتُ، ثمَّ جئتُ فقال: "أينَ كنتَ يا أبا هريرة؟ "قال: قلتُ: إني كنتُ جُنُباً، فكَرِهتُ أن أُجالِسَكَ على غيرِ طهارةٍ، قال: "سُبحانَ الله! إنَّ المُسلِمَ لا يَنجُسُ" (¬1). قال: في حديث بشر: حدَّثنا حُميدٌ، حدَّثني بكر. 90 - باب الجنب يدخل المسجد 232 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الواحد بنُ زياد، حدَّثنا أفلَتُ بنُ خليفة، حدَّثتني جَسرةُ بنتُ دِجاجة، قالت: سمعتُ عائشةَ تقول جاءَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ووُجُوهُ بُيوتِ أصحابِهِ شارِعَة في المَسجِدِ، فقال: "وَجِّهُوا هذه البُيوتَ عن المَسجِدِ" ثمَّ دخلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ولم يَصنَع القَومُ شيئاً رجاءَ أن تَنزِلَ فيهم رُخصَةٌ، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وبشر: هو ابن المفضل، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وبكر: هو ابن عبد الله، وأبو رافع: هو نفيع الصائغ. وأخرجه البخاري (283)، ومسلم (371)، والترمذي (122)، والنسائى فى "الكبرى" (259)، وابن ماجه (534) من طريق حميد الطويل، بهذا الإسناد. وسقط من النسخ المطبوعة من "صحيح مسلم": بكر بن عبد الله، قال الحافظ في "النكت الظراف" (14648): سقط بكر بن عبد الله من أكثر النسخ، وثبت في بعضها من رواية بعض المغاربة. وهو في "مسند أحمد" (7211)، و"صحيح ابن حبان" (1259). وقوله: فاختنستُ بالخاء المعجمة والسين المهملة من الخنوس والتأخر والاختفاء، يقال: خنس وانخنس واختنس. ويروى: فانخنست، ورواه بعضهم فانتجشت بالجيم المعجمة من النَّجْش: الإسراع: قاله فى "النهاية".

فخرجَ إليهم، فقال: "وَجَّهوا هذه البُيوتَ عن المسجِدِ، فإنِّي لا أُحِلُّ المسجِدَ لحائِضٍ ولا جُنُبٍ" (¬1). قال أبو داود: هو فُلَيتٌ العامِرِيُ. ¬

_ (¬1) إسناده حسن، أفلت -ويقال: فُليت- بن خليفة صدوق، وجسرة بنت دجاجة ذكرها أبو نعيم في "معرفة الصحابة"، ورجح الحافظ في "الإصابة" أن لها إدراكاً، وقد روى عنها جمع، وقال العجلي: ثقة تابعية، وذكرها ابن حبان في "الثقات"، وصحح لها ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال البخاري: عندها عجائب، وقال الذهبي معقباً عليه: قوله هذا ليس بصريح في الجرح. وأخرجه البيهقي 2/ 442 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن خزيمة (1327) من طريق عبد الواحد بن زياد، وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 67، والبيهقي 2/ 442 - 443 من طريق موسى بن إسماعيل التبوذكي، كلاهما عن أفلت، به. زاد موسى في آخره: "إلا لمحمد وآل محمَّد". قلنا: يعني أزواجه - صلى الله عليه وسلم -، فقد كانت أبواب بيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسجد ولم تكن لهم طريق إلا من المسجد. وأخرجه ابن ماجه (645) من طريق أبي الخطاب الهجري، عن محدوج الهذلي، عن جسرة، عن أم سلمة، وأبو الخطاب ومحدوج مجهولان وصحح أبو زرعة كما في "علل الحديث" لابن أبي حاتم 1/ 99 أنه من حديث عائشة. قال ابن رسلان: استدل به على تحريم اللبث في المسجد والعبور فيه سواء كان لحاجة أو لغيرها قائماً أو جالساً أو متردداً على أي حال متوضئاً كان أو غيره لإطلاق هذا الحديث، وحكاه ابن المنذر 107/ 3 عن سفيان الثوري وأبي حنيفة وأصحابه وإسحاق بن راهويه ولا يجوز العبورُ إلا أن لا يجد بداً منه فيتوضأ ثمَّ يمر وإن لم يجد الماء يتيمم، ومذهب أحمد: يباح العبور في المسجد للحاجة من أخذ شيء أو تركه، أو كون الطريق فيه، وأما غير ذلك فلا يجوز بحال. انظر "المغني" 1/ 200 - 201.

91 - باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناس

91 - باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناسٍ 233 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد، عن زياد الأعلم، عن الحسن عن أبي بكرة: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دخلَ في صلاةِ الفَجرِ، فأومَأَ بيدِهِ: أنْ مكانَكُم، ثمَّ جاءَ ورأسُهُ يَقطُرُ فصلَّى بهم (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكن الحسن -وهو ابن أبي الحسن يسار البصري- مدلس، رواه بالعنعنة. حماد: هو ابن سلمة، وزياد الأعلم: هو ابن حسان الباهلي. وأخرجه الشافعي فى "الأم" 1/ 67، وأحمد (20420) و (20426) و (20459)، وابن خزيمة (1629)، والطحاوي في "شرح المشكل" (623)، وابن حبان (2235)، والبيهقي 397/ 2 و 3/ 94، وابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 175 و 177 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وسيأتي بعده. وقد وقع في حديث أبي بكرة هذا أن الانصراف كان بعد التكبير، وكذا جاء فى حديث علي عند أحمد (668)، وحديث أنس عند الطحاوي فى "شرح المشكل" (624)، والدارقطني (1362)، والبيهقي 2/ 399، وإسناد حديث علي ضعيف، وحديث أنس روي مرسلاً عند الدارقطني (1363). وكذا سيأتي عند المصنف بإثر الحديث (234) من مرسل سليمان بن يسار ومرسل الربيع بن محمَّد. وجاء في حديث أبي هريرة الآتي برقم (236) أن انصرافه - صلى الله عليه وسلم - كان قبل التكبير، وهو في "الصحيحين". وجمع الإمام الطحاوي بينهما، فحمل حديث أبي بكرة وشواهده على قرب الدخول في الصلاة لا على الدخول حقيقة، كما سُمِّى إسماعيل ذبيحاً ولم يذبح، وجعلهما ابن حبان والنووي حادثتين، ورجح الحافظ ابن حجر حديث أبي هريرة، وهو الصواب. وانظر "التمهيد" 1/ 173 - 190، و"الاستذكار" 3/ 101 - 110. وقال ابن قدامة فى "المغني" 2/ 504: إن الإمام إذا صلى بالجماعة محدثاً أو جنباً غير عالم بحدثه، فلم يعلم هو ولا المأمومون حتَّى فرغوا من الصلاة، فصلاتهم صحيحة وصلاة الإمام باطلة روي ذلك عن عمر وعثمان وعلى وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال الحسن وسعيد بن جبير ومالك والأوزاعي والشافعي وسليمان بن حرب وأبو ثور.=

234 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا حمّادُ بنُ سلمة بإسناده ومعناه، قال في أوَّلِهِ: "فكبَّر" وقال في آخره: فلمّا قضى الصَّلاةَ قال: "إنَّما أنا بَشَرٌ، وإنِّي كنتُ جُنُباً" (¬1). قال أبو داود: رواه الزُّهريُّ، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: فلما قامَ في مُصَّلاهُ وانتَظَرنا أن يُكبِّرَ انصَرَفَ، ثمَّ قال: "كما أنتم" (¬2). ورواهُ أيُّوبُ وابنُ عَون وهشامٌ عن محمَّد عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: فكبَّرَ ثمَّ أومَأَ إلى القَومِ أنِ اجلِسُوا، وذهبَ فاغتَسَلَ، وكذلك رواه مالك (¬3) عن إسماعيلَ بنِ أبي حَكيمٍ، عن عطاء بن يَسار: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَبَّرَ في صَلاةٍ. قال أبو داود: وكذلك حدَّثَناه مُسلِمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا أبانُ، عن يحيى، عن الربيع بن محمَّد، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه كَبَّرَ (¬4). ¬

_ =وعن علي أنه يُعيد ويعيدون، وبه قال ابن سيرين والشعبي وأبو حنيفة وأصحابه، لأنه صلى بهم محدثاً، أشبه ما لو علم. (¬1) رجاله ثقات، وفيه عنعنة الحسن البصري. وقد سلف تخريجه والكلام عليه فيما قبله. (¬2) سيأتي حديث أبي هريرة من طريق الزُّهريّ برقم (234). (¬3) في "موطئه" 1/ 48، وهو مرسل رجاله ثقات. (¬4) الربيع بن محمَّد تابعي مجهول، وباقي رجاله ثقات. أبان: هو ابن يزيد العطار، ويحيى: هو ابن أبي كثير.

235 - حدَّثنا عمرُو بنُ عثمان، حدَّثنا محمَّدُ بنُ حَرب، حدَّثنا الزُّبيديُّ (ح) وحدَّثنا عيَّاشُ بنُ الأزرق، أخبرنا ابنُ وَهبٍ، عن يونس، (ح) وحدَّثنا مَخلدُ بنُ خالد، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالد إمامُ مسجد صَنْعاء، حدَّثنا رَبَاحٌ، عن مَعمَر (ح) وحدَّثنا مُؤملُ بنُ الفَضلِ، حدَّثنا الوليدُ، عن الأوزاعيِّ؛ كلُّهم عن الزُّهريِّ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: أُقيمَتِ الصَّلاةُ وصَفَّ النَّاسُ صُفوفَهُم، فخرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، حتَّى إذا قامَ في مَقامِهِ ذَكَرَ أنَّه لم يَغتَسِل، فقالَ للناس: "مكانَكُم" ثمَّ رجعَ إلى بيتِهِ فخرَجَ علينا يَنْطُفُ رأسُه قد اغتسلَ ونحنُ صُفوفٌ. وهذا لفظُ ابنِ حربٍ، وقال عيّاشٌ في حديثه: فلم نَزَل قياماً نَنتَظِرُه حتَّى خرجَ علينا وقد اغتسلَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. محمَّد بن حرب: هو الخولاني، والزبيدي: هو محمَّد بن الوليد، وابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، ورباح: هو ابن زيد الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، والوليد: هو ابن مسلم، والأوزاعي: هو عبد الرحمن ابن عمرو، والزهري: هو محمَّد بن مسلم، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن. وأخرجه البخاري (275)، ومسلم (605) (157)، والنسائي في "الكبرى" (885) من طريق يونس بن يزيد، والبخاري (640)، ومسلم (605) (158) و (159)، والنسائي (869) من طريق الأوزاعي، والبخاري (639) من طريق صالح بن كيسان، والنسائي (869) من طريق محمَّد بن الوليد الزبيدي، أربعتهم عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7238) و (7515) و (7804). وفي هذا الحديث جواز النسيان على الأنبياء في أمر العبادة لأجل التشريع.=

92 - باب الرجل يجد البلة في منامه

92 - باب الرجل يجد البِلَّة في منامه 236 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا حمَّادُ بنُ خالد الخيَّاط، حدَّثنا عبدُ الله العُمريُّ، عن عُبيد الله، عن القاسم عن عائشة، قالت: سُئِلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن الرجلِ يَجِدُ البَلَلَ ولا يَذكُرُ احتِلاماً، قال: "يَغتَسِلُ"، وعن الرجلِ يرى أنْ قَدِ احتَلَمَ ولا يَجِدُ البَلَلَ، قال: "لا غُسلَ عليه" فقالت أُمُّ سُلَيم: المرأةُ ترى ذلكَ أعليها غُسلٌ؟ قال: "نعم، إنَّما النِّساءُ شَقائِقُ الرِّجالِ" (¬1). ¬

_ =وفيه أنه لا حياء في أمور الدين، وسبيل من غلب أن يأتي بعذر موهم كأن يمسك بأنفه ليوهم أنه رعف، وفيه انتظار المأمومين مجيء الإمام قياماً عند الضرورة، وهو غير القيام المنهي عنه في حديث أبي قتادة، وفيه أنه لا يجب على من احتلم في المسجد فأراد الخروج منه أن يتيمم، وجواز تأخير الجنب الغسل عن وقت الحدث، وجواز الكلام بين الإقامة والصلاة. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله العمري، وباقي رجاله ثقات. عبيد الله: هو ابن عمر العمري أخو عبد الله، والقاسم: هو ابن محمَّد بن أبي بكر. وأخرجه الترمذي (113)، وابن ماجه (612) من طريق حماد بن خالد الخياط، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" ((26195). وأخرج سؤال أم سليم وجوابه - صلى الله عليه وسلم - أحمد (27118) من طريق إسحاق بن بد الله ابن أبي طلحة، عن جدته أم سليم. وهذا إسناد منقطع، فإسحاق لم يسمع من جدته. وأخرجه مسلم (310) من طريق إسحاق، حدثنى أنس بن مالك، قال: جاءت أم سليم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعائشة عنده ... فذكره دون قوله: "النساء شقائق الرجال". وللحديث بتمامه شاهد من حديث خولة بنت حكيم عند أحمد (27312)، وابن ماجه (602) ولفظه: أنها سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، فقال: "ليس عليها غسل حتَّى يَنزل الماءُ، كما أن الرجل ليس عليه غسل حتَّى يُنزل" وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان، وهو ضعيف.=

93 - باب المرأة ترى ما يرى الرجل

93 - باب المرأة ترى ما يرى الرجل 237 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عَنبَسَةُ، حدَّثنا يونُسُ، عن ابن شِهاب، قال: قال عُروة عن عائشة: إنَّ أمَّ سُلَيم الأنصاريَّةَ -وهي أمُّ أنسِ بنِ مالك- قالت: يا رسولَ الله، إنَّ اللهُ لا يَستَحيي من الحقِّ، أرأيتَ المرأةَ إذا رَأَتْ في النَّومِ ما يرى الرجلُ أتغتَسِلُ أم لا؟ قالت عائشةُ: فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "نعم، فلتَغتَسِل اذا وَجَدَتِ الماءَ" قالت عائشةُ: فأقبَلْتُ عليها فقلتُ: أُفٍّ لكِ، وهل ترى ذلك المرأة؟ فأقبَلَ عليَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "تَرِبَت يمينُكِ يا عائشة، ومِن أينَ يكونُ الشَّبَه" (¬1). ¬

_ =وانظر ما بعده. وقوله: النساء شقائق الرجال. قال في "النهايه": أي نظائرهم وأمثالهم في الأخلاق والطباع، كأنهنَّ شُقِقْنَ منهم. يعنى فيجب الغسل على المرأة برؤية البلل من النوم كالرجل. قال الخطابي: وفيه من الفقه إثبات القياس، وإلحاق حكم النظير بنظيره، فإن الخطاب إذا ورد بلفظ المذكر، كان خطاباً للنساء إلا مواضع الخصوص التي قامت أدلة التخصيص فيها. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عنبسة -وهو ابن خالد بن يزيد الأيلي- وقد توبع. يونس: هو ابن يزيد الأيلي عم عنبسة، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزُّهريّ، وعروة: هو ابن الزُّبير. وأخرجه مسلم (314) (32) من طريق عقيل بن خالد، والنسائي في "الكبرى" (201) من طريق محمَّد بن الوليد الزبيدي، كلاهما عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (314) (33) من طريق مسافع بن عبد الله، عن عروة، به. ولم يُسَمَّ السائلة. وهو في "مسند أحمد" (24610)، و" صحيح ابن حبان" (1166).

94 - باب مقدار الماء الذي يجزئ في الغسل

قال أبو داود: وكذا رواه عُقيلٌ والزُّبيديُّ ويونسُ وابنُ أخي الزُّهريِّ عن الزُّهريِّ، وابنُ أبي الوزير عن مالك عن الزُّهريِّ، ووافَقَ الزُّهريَّ مُسافِعٌ الحَجَبيُّ، قال: عن عروة عن عائشة. وأمَّا هشامُ بنُ عروة فقال: عن عُروة، عن زينبَ بنتِ أبي سلمة، عن أُمّ سلمة أنَّ أُمِّ سُلَيمٍ جاءت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 94 - باب مقدار الماء الذي يجزئ في الغسل 238 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة القَعنَبيُّ، عن مالك، عن ابن شِهاب، عن عُروة عن عائشة أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يَغتَسِلُ مِن إناءٍ -هو الفَرَقُ- مِنَ الجَنابةِ (¬2). ¬

_ =وقد روي سؤال أم سليم من حديثها عند أحمد (27114) و (27118)، ومن حديث أنس بن مالك عند مسلم (310)، والنسائي في "الكبرى" (200)، وابن ماجه (601). وهو في "المسند" (12222)، و"صحيح ابن حبان" (1164). وقول الرسول لعائشة: تربت يمينك. الذي عليه المحققون أن معناها: افتقرت، ولكن العرب اعتادت استعمالها غير قاصدة معناها الأصلي، فيقولون: تربت يداك، وقاتله الله ما أشجعه، ولا أم له، ولا أب لك، وثكلته أمه وما أشبه هذا من ألفاظهم يقولونها عند إنكار الشيء أو الزجر عنه، أو الذم عليه أو استعظامه، أو الحث عليه أو الإعجاب به. أفاده النووي. (¬1) أخرجه البخارى (130) و (282)، ومسلم (313) (32)، والترمذي (122)، والنسائي في "الكبرى" (199)، وابن ماجه (600) من طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وانظر "فتح الباري" 1/ 388. (¬2) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزُّهريّ. وهو في "موطأ مالك" 1/ 44 - 45، ومن طريقه أخرجه مسلم (319) (40).=

95 - باب الغسل من الجنابة

قال أبو داود: قال مَعمَرٌ عن الزهريِّ في هذا الحديث: قالت: كنتُ أغتَسِلُ أنا ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِن إناءٍ واحدِ فيه قَدْرُ الفَرَقِ. قال أبو داود: وروى ابنُ عُيَينة نحوَ حديثِ مالكٍ. قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ بنَ حَنبَل يقول: الفَرَقُ: سِتَّةَ عشرَ رِطْلاً، وسمعتُه يقول: صاعُ ابنِ أبي ذئبٍ خمسةُ أرطالٍ وثُلُثٌ، قال: فمَن قال: ثمانية أرطال؟ قال: ليسَ ذلك بمحفوظٍ، قال: وسمعتُ أحمدَ يقول: مَن أعطى في صدقةِ الفِطرِ برِطْلِنا هذا خمسةَ أرطالٍ وثُلُثاً فقد أوفى، قيل: الصَّيْحانيُّ ثقيلٌ، قال: الصَّيْحانيُّ أطيَبُ؟ قال: لا أدري. 95 - باب الغسل من الجنابة 239 - حاثنا عبدُ الله بنُ محمَّد النُّفَيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا أبو إسحاق، حدَّثني سُليمان بنُ صُرَدٍ ¬

_ =وأخرجه البخاري (250) من طريق ابن أبي ذئب، ومسلم (319) (41)، والنسائي في "الكبرى" (226)، وابن ماجه (376) من طريق الليث بن سعد، ومسلم (319) (41)، وابن ماجه (376) من طريق سفيان بن عيينة، والنسائي (230) من طريق معمر وابن جريج، أربعتهم عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24089)، و"صحيح ابن حبان" (1108). وانظر ما سلف برقم (77). الفَرَق: إناء من نحاس يسع (16) رطلاً، أي: ما يعادل (10) كيلو غرام. قال صاحب "عون المعبود" 278/ 1: واعلم أنه ليس الغسل بالصاع أو الفرق للتحديد والتقدير، بل كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربما اقتصر على الصاع وربما زاد عليه، والقدر المجزئ من الغسل ما يحصل به تعميم البدن على الوجه المعتبر سواء كان صاعاً أو أقل أو أكثر ما لم يبلغ فى النقصان إلى مقدار لا يسمى مستعمله مغتسلاً، أو إلى مقدار في الزيادة يدخل فاعله في حد الإسراف.

عن جُبير بن مُطعِم: أنهم ذكروا عندَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - الغُسلَ مِنَ الجنابةِ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمَّا أنا فأُفيضُ على رأسي ثلاثاً" وأشار بيَدَيهِ كِلتَيهما (¬1). 240 - حدَّثنا محمَّد بنُ المُثنَّى، حدَّثنا أبو عاصم، عن حَنظَلة، عن القاسم عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -إذا اغتَسَلَ مِنَ الجنابةِ دعا بشيءِ نحوَ الحِلابِ، فاخذَ بكَفِّهِ فبَدَأ بشِقِّ رأسِهِ الأيمَنِ، ثمَّ الأيسَرِ، ثُم أخذَ بكَفَّيهِ فقال بهما على رأسِهِ (¬2). 241 - حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا عبدُ الرحمن -يعني ابنَ مَهديّ-, عن زائدةَ بنِ قُدامة، عن صَدَقة، حدَّثنا جُمَيعُ بن عُمَير أحدُ بني تَيْمِ الله بنِ ثعلبة، قال: دخلتُ مَعَ أمِّي وخالتي على عائشةَ، فسألتْها إحداهما: كيفَ كنتمُ تَصنَعونَ عندَ الغُسلِ؟ فقالت عائشةُ: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضَّأُ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن حرب أبو خثيمة، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه البخاري (254)، ومسلم (327)، والنسائي فى "المجتبى" (250) و (425)، وابن ماجه (575) من طرق عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16749). (¬2) إسناده صحيح. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وحنظلة: هو ابن أبي سفيان الجمحي، والقاسم: هو ابن محمَّد بن أبي بكر. وأخرجه البخاري (258)، ومسلم (318)، والنسائى في "المجتبى" (424) عن محمَّد بن المثنى، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1197). وقوله: فقال بهما على رأسه، أي: أشار بهما على رأسه، أي: أفاض الماء بكفيه على جميع رأسه.

وُضوءَهُ للصَّلاةِ، ثمَّ يُفيضُ على رأسِهِ ثلاثَ مِرارٍ، ونحنُ نُفيضُ على رُؤوسِنا خمساً مِن أجلِ الضَّفْرِ (¬1). 242 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ الواشِحي ومُسدَّد، قالا: حدَّثنا حمَّادٌ، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا اغتَسَلَ مِنَ الجَنابةِ، قال سُليمان: يَبدَأُ فيُفرغُ بيمينِهِ، وقال مُسدَّد: غَسَلَ يَدَيهِ يَصُبُّ الإناءَ على يَدِهِ اليُمنى، ثمَّ اتفقا: فيَغسِلُ فَرجَه، قال مُسدَّد: يُفرغُ على شِمالِهِ، وربما كَنَتْ عن الفَرجِ، ثمَّ يَتَوضَّأُ وُضوءَهُ للصلاة، ثمَّ يُدخِلُ يَدَيهِ في الإناء فيُخَلِّلُ شَعرَهُ، حتَّى إذا رأى أنه قد أصابَ البَشَرةَ أو أنقَى البَشَرةَ، أفرَغَ على رأسِهِ ثلاثاً، فإذا فَضَلَ فَضلةٌ صَبَّها عليه (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح دون قولها: "ونحن نفيض على رؤوسنا خمساً من أجل الضفر"، وهذا إسناد ضعيف لضعف جميع بن عمير، وباقي رجاله ثقات غير صدقة -وهو ابن سعيد الحنفي- فقد روى عنه جمع، وقال فيه أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في "الثقات". وأخرجه النسائي في "الكبرى" (442)، وابن ماجه (574) من طريق صدقة بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25552). وانظر ما بعده. وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أن النساء يُفِضنَ على رؤوسهن ثلاث مرات كما سيأتي برقم (253)، وانظر حديث أم سلمة الآتي برقم (251). (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (248)، ومسلم (316)، والترمذي (104)، والنسائي في "الكبرى" (241) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.=

243 - حدَّثنا عمرُو بنُ عليِّ الباهليُّ، حدَّثنا محمَّدُ بنُ أبي عَدِيّ، حدَّثنا سعيد، عن أبي مَعشَر، عن النَّخَعيِّ، عن الأسود عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -إذا أرادَ أن يَغتَسِلَ مِنَ الجَنابةِ بَدَأَ بكَفيهِ فغَسَلَهما، ثمَّ غَسَلَ مَرافِغَهُ، وأفاضَ عليه الماءَ، فإذا أنقاهما أهوَى بهما إلى حائطٍ، ثمَّ يَستَقبِلُ الوضوءَ، ويُفِيضُ الماءَ على رأسِهِ (¬1). 244 - حدَّثنا الحسنُ بنُ شَوكَرٍ، حدَّثنا هُشيمٌ، عن عروة الهَمْدانيِّ، حدَّثنا الشَعبيُّ، قال: قالت عائشةُ: لئن شِئتُم لأُرِيَنَّكم أثَرَ يَدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في الحائِطِ حيثُ كانَ يَغتَسِلُ مِنَ الجَنابةِ (¬2). ¬

_ =وأخرجه النسائي (239) و (240) من طريق أبي سلمة، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24257)، و"صحيح ابن حبان" (1196). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح. محمَّد بن أبي عدي -وإن روى عن سعيد بن أبي عَروبة بعد الاختلاط- قد توبع. أبو معشر: هو زياد بن كليب الثقة. وهو في "مسند أحمد" (25379) من طريق محمَّد بن جعفر وعبد الوهَّاب بن عطاء، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وعبد الوهَّاب سمع من سعيد قبل الاختلاط. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه، الشعبي -وهو عامر بن شراحيل- لم يسمع من عائشة فيما قال ابن معين وأبو حاتم، وتابعهما المنذري في "مختصر السنن"، على أن الحديث صحيح عند المصنف فقد ثبت سماع الشعبي من عائشة، كما في "سؤالات الآجري" له. وعروة نُسِبَ هنا همدانياً وعيَّنه المزي في "تحفة الأشراف" (16168): عروة بن الحارث الهمداني، وعروة هذا يكنى أبا فروة وهو ثقة، لكن رواه أحمد=

245 - حدَّثنا مُسدَّد بن مُسَرهَد، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود، عن الأعمش، عن سالم، عن كُرَيب، قال: حدَّثنا ابنُ عباس عن خالته ميمونة، قالت: وَضَعتُ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - غُسلاً يَغتَسِلُ به مِنَ الجَنابةِ، فأكفَأَ الإناءَ على يَدهِ اليُمنى فغَسَلَها مرَّتين أو ثلاثاً، ثمَّ صَبَّ على فَرجِهِ فغَسَلَ فَرجَهُ بشِمالِهِ، ثمَّ ضَرَبَ بيَدِهِ الأرضَ فغَسَلَها، ثمَّ مَضمَضَ واستَنشَقَ وغسَلَ وجهَهُ ويَدَيهِ، ثمَّ صَبَّ على رأسِهِ وجَسَدِهِ، ثمَّ تَنَحَّى ناحيةَ، فغَسَلَ رِجلَيهِ، فناوَلتُهُ المِندِيلَ فلم يَأخُذْهُ، وجعلَ يَنفُضُ الماءَ عن جَسَدِهِ فذكرتُ ذلك لإبراهيمَ، فقال: كانوا لا يَرَونَ بالمِندِيلِ بأساً، ولكن كانوا يكرَهونَ العادةَ (¬1). ¬

_ = (25995) عن يزيد بن هارون، قال: أخبرنا عروة أبو عبد الله البزاز، عن الشعبي، عن عائشة. وعروة البزاز هذا ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 34، وأبو حاتم في "الجرح والتعديل" 6/ 398، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/ 288، ووثقه ابن معين وسماه: عروة أبا عبد الله الهمداني. فإما أن يكون الاثنان روياه عن الشعبي، أو يكون المزي رحمه الله أخطأ في تعيينه. هشيم: هو ابن بشير الواسطي، فالحديث صحيح عند من يصحح سماع الشعبي من عائشة رضي الله عنها. (¬1) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وسالم: هو ابن أبي الجعد، وكريب: هو ان أبي مسلم مولى ابن عباس. وأخرجه البخاري (249)، ومسلم (317)، والترمذي (103)، والنسائي في "الكبرى" (246)، وابن ماجه (467) و (573) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. ولم يذكروا قولَ إبراهيم في آخره. وهو في "مسند أحمد" (26856) و (26856) وعنده قول إبراهيم النخعي، وصحيح ابن حبان" (1190). قال الحافظ في "الفتح" 1/ 362: وفيه جواز نفض اليدين من ماء الغسل وكذا الوضوء، وأما حديث: "لا تنفضوا أيديكم في الوضوء، فإنها مراوح الشيطان"،=

قال مُسدَّد: قلتُ لعبد الله بن داود: "كانوا يكرَهونَه للعادة" فقال: هكذا هو، ولكن وَجَدتُه في كتابي هكذا. 246 - حدَّثنا حُسينُ بنُ عيسى الخُراساني، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيك، عن ابنِ أبي ذئبٍ، عن شُعبة، قال: إنَّ ابنَ عبَّاسِ كانَ إذا اغتَسَلَ مِنَ الجَنابةِ يُفرغُ بيَدِهِ اليُمنى على يَدِه اليُسرى سبعَ مِرارٍ، ثمَّ يَغسِلُ فَرجَه، فنَسِيَ مرَّةَ، فسَأَلَني: كم أفرَغتُ؟ فقلتُ: لا أدري، فقال: لا أُمَّ لك، وما يَمنَعُكَ أنْ تدري؟ ثمَّ يَتوضأُ وُضوءَهُ للصَّلاةِ، ثمَّ يُفيضُ على جلدِه الماءَ، ثمَّ يقولُ: هكذا كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَتَطَهَّرُ (¬1). 247 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا أيوبُ بنُ جابر، عن عبد الله بن عُصْم ¬

_ = أخرجه ابن حبان في "الضعفاء" 203/ 1 وابن أبي حاتم في "العلل" من حديث أبي هريرة، قال أبو حاتم: هذا حديث منكر، والبختري -وهو ابن عبيد الطائي ضعيف الحديث وأبوه مجهول، وقال ابن حبان عن البختري: روى عن أبيه عن أبي هريرة نسخة فيها عجائب لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد لمخالفته الأثبات في الروايات مع عدم تقدم عدالته ثمَّ هو معارض بحديث الباب الصحيح. (¬1) صحيح لغيره دون غسل اليد سبعاً، فلا تصح، وهذا إسناد ضعيف، شعبة -وهو ابنُ دينار مولى ابن عباس- ضعيف من جهة حفظه، وباقي رجاله ثقات. ابن أبي فديك: هو محمَّد بن مسلم، وابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن. وأخرجه الطيالسي (2728)، وأحمد (2008)، والطبرانى (12221) من طريقين عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وله شاهد دونَ غسل اليد سبعاً مِن حديث عائشة سلف برقم (242). وآخر من حديث ميمونة سلف قبله.

عن ابن عمر، قال: كانت الصلاةُ خمسين، والغُسلُ مِنَ الجنابة سبعَ مِرارٍ، وغَسلُ البَولِ مِنَ الثَّوبِ سبعَ مِرارٍ، فلم يَزَل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يسألُ حتَّى جُعِلَتِ الصَّلاةُ خمساً، والغُسلُ مِنَ الجنابةِ مرَّةً، وغَسلُ البَولِ مِنَ الثَّوبِ مرَّةً (¬1). 248 - حدَّثنا نصرُ بن عليٍّ، حدَّثني الحارث بنُ وَجِيهٍ، حدَّثنا مالكُ بن دينار، عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ تحتَ كُلِّ شَعرَةٍ جَنابةً، فاغسِلُوا الشَعرَ وأنقُوا البَشَرَ" (¬2). قال أبو داود: الحارثُ حديثُه منكر، وهو ضعيف. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف أيوب بن جابر -وهو ابن سيار الحنفي اليمامي-، وعبد الله بن عصم -أو عصمة- صدوق حسن الحديث. وأخرجه أحمد (5884)، والبيهقي 1/ 179 و 244 - 245 من طريقين عن أيوب ابن جابر، بهذا الإسناد. ولجعل الصلاة خمساً بعد أن كانت خمسين شواهد، منها حديث مالك بن صعصعة عند البخاري (3207)، ومسلم (164). وحديث أبي ذر عند البخاري (349)، ومسلم (163). وحديث أنس عند مسلم (162). (¬2) إسناده ضعيف لضعف الحارث بن وجيه، وقد ضعفه المصنف به. وأخرجه الترمذي (106)، وابن ماجه (597) من طريق الحارث بن وجيه، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث الحارث بن وجيه حديث غريب لا نعرفه إلا من حديثه. ولقوله: "تحت كل شعرة جنابه" شواهد، لكنها جميعاً لا تخلو من مقال، فمنها حديث أبي أيوب الأنصاري عند ابن ماجه (598)، وإسناده نقطع. ومنها حديث عائشة عند أحمد (24797)، وإسناده ضعيف. ومنها حديث علي، وهو الآتي بعده.

96 - باب الوضوء بعد الغسل

249 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، أخبرنا عطاءُ بنُ السَّائب، عن زاذان عن عليٍّ، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن تَرَكَ مَوضِعَ شعرةٍ مِن جنابة لم يَغسِلها فُعِلَ به كذا وكذا مِنَ النَّار" قال علىٌّ: فمِن ثَمَّ عادَيتُ رأسي فمن ثَمَّ عاديتُ رأسي، ثلاثاً، وكان يَجُزُّ شَعرَهُ (¬1). 96 - باب الوضوء بعد الغسل 250 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمّد النُّفيلي، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا أبو إسحاق، عن الأسود عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَغتَسِلُ ويُصلِّي الركعَتَينِ وصلاةَ الغَدَاةِ، ولا أراه يُحدِثُ وضوءاً بعدَ الغُسلِ (¬2). ¬

(¬1) إسناده ضعيف مرفوعاً، عطاء بن السائب اختلط بأخرة، وحماد -وهو ابن سلمة- سمع منه قبل الاختلاط وبعده، والذي يغلب على الظن أنه مما سمعه منه بعد الاختلاط، ويؤيده أن شعبة -وهو ممن روى عن عطاء قبل الاختلاط- صرح بأنه سمع من عطاء حديثين بأخرة، وذكر هذا الحديث منهما، وذلك فيما أخرجه الحافظ ابن المظفر البزاز في "غرائب شعبة" ورقة 62 على ما أفاده محقق "الكواكب النيرات" ص330. وقد روى هذا الحديث عن عطاء حماد بن زيد -وقد سمع منه قبل الاختلاط- فوقفه على علي، ذكر ذلك الدارقطني في "العلل" 3/ 208. وأخرجه ابن ماجه (599) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (727). (¬2) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعى، والأسود: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه الترمذي (107)، والنسائي في "الكبرى" (245) من طريقين عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. ولم يذكرا فيه صلاة الركعتين وصلاة الغداة. وهو في "مسند أحمد" (24389) و (25205).

97 - باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل؟

97 - باب المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل؟ 251 - حدَّثنا زهيرُ بنُ حرب وابنُ السَّرْح، قالا: حدَّثنا سفيانُ بن عُيينة، عن أيوبَ بنِ موسى، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عبد الله بن رافع مولى أُمِّ سلمة عن أُمِّ سلمة: أنَّ امرأةً مِنَ المُسلِمين -وقال زهير: أنها- قالت: يا رسولَ الله، إنِّي امرأةٌ أشدُ ضَفرَ رأسي، أفأَنقُضُه للجَنابةِ؟ قال: "إنَّما يَكفيكِ أن تَحْفِني عليه ثلاثاً" وقال زهيرٌ: "تَحْثي عليه ثلاثَ حَثَياتٍ مِن ماءٍ ثمَّ تُفيضي على سائر جَسَدِكِ، فإذا أنتِ قد طَهُرتِ" (¬1). 252 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بن السَّرح، حدَّثني ابنُ نافع -يعني الصائغ- عن أُسامة، عن المَقبُري عن أم سلمة: أنَّ امرأةً جاءت إلى أُمِّ سلمة، بهذا الحديث، قالت: فسألتُ لها النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بمعناه، قال فيه: "واغمِزِي قُرونَكِ عندَ كلِّ حَفْنةٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سعيد بن أبي سعيد: هو المقبري وأخرجه مسلم (330)، والترمذي (105)، والنسائي (238)، وابن ماجه (603) من طريق أيوب بن موسى، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26477)، و"صحيح ابن حبان" (1198). وانظر ما بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد وهم فيه أسامة -وهو ابن زيد الليثى -فأسقط منه عبد الله بن رافع، وأسامة هذا صدوق له أوهام، وقد خالفه أيوب بن موسى -وهو ثقة- فذكر ابن رافع في الإسناد كما سلف قبله. ابن نافع: هو عبد الله بن نافع الصائغ. وأخرجه ابن أبى شيبة 1/ 73، والدارمي (1157)، والبيهقي 1/ 181 من طريق أسامة بن زيد، بهذا الإسناد. وقال البيهقى: رواية أيوب بن موسى أصحُّ من رواية أسامة بن زيد، وقد حفظ فى إسناده ما لم يحفظ أسامة بن زيد.=

253 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا يحيى بنُ أبي بُكير، حدَّثنا إبراهيم بن نافع، عن الحسن بن مسلم، عن صفيَّة بنت شَيبة عن عائشة، قالت: كانت إحدانا إذا أصابَتها جَنابةٌ أَخَذَت ثلاثَ حَفَناتٍ هكذا -تعني بكَفَّيها جميعاً، فتَصُبُّ على رأسِها، وأَخَذَت بيدٍ واحدةٍ فصَبَّتها على هذا الشِّقِّ، والأخرى على الشِّقِّ الآخَرِ (¬1). 254 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود، عن عمر بن سُوَيد، عن عائشة بنت طلحة عن عائشة، قالت: كُنَّا نَغتَسِلُ وعلينا الضِّمادُ، ونحنُ معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مُحِلاتٍ ومُحرِماتٍ (¬2). 255 - حدَّثنا محمَّد بنُ عوف، قال: قرأتُ في أصل إسماعيل، قال ابنُ عوف: وحدثنا محمَّد بنُ إسماعيل، عن أبيه، حدَّثني ضَمضَم بن زُرعة، عن شُريح بن عُبيد، قال: ¬

_ =وقوله: "اغمزي قرونك". أي: اكبسي ضفائرَ شَعرك، والغمز: العصر والكبس باليد. قاله في "النهاية". (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (277) من طريق إبراهيم بن نافع، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه بنحوه أحمد (24502) و (25062)، وإسحاق بن راهويه (1021) من عمر بن سويد، بهذا الإسناد. وزادا أنهن كن يعرقن وهو عليهن ولا ينهاهن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وستأتى هذه الزيادة برقم (1830). الضماد: قال فى "النهاية" بكسر الضاد: خرقة يشُد بها العضو المؤوف (المصاب بآفة) ثمَّ قيل لوضع الدواء على الجرح وغيره. وقال المنذري: المراد به هنا: ما تلطخ به الشعر من طيب وغيره.

98 - باب الجنب يغسل رأسه بالخطمي

أفتاني جُبَير بن نُفَير عن الغُسل من الجَنابةِ: أنَّ ثوبانَ حدَّثهم أنَّهم استَفتَوُا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، عن ذلك، فقال: "أمَّا الرجلُ فليَنشُر رأسَه فليَغسِلهُ حتَّى يَبلُغَ أُصولَ الشَّعرِ، وأمَّا المرأةُ فلا عليها أن لا تَنقُضَه، لِتَغرِفْ على رأسِها ثلاثَ غَرَفاتٍ بكَفَّيها" (¬1). 98 - باب الجنب يغسل رأسه بالخِطْمي (¬2) 256 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ جعفر بن زياد، حدَّثنا شَريكٌ، عن قَيس بن وَهْب ,عن رجلٍ مِن سُواءة بن عامر عن عائشة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يَغسِلُ رأسَهُ بالخِطْمِيِّ وهو جُنُبٌ، يَجتَزِئُ بذلك ولا يَصُبُّ عليه الماءَ (¬3). 99 - باب فيما يَفيض بين الرجل والمرأة 257 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ رافع، حدَّثنا يحيى بنُ آدم، حدَّثنا شَريكٌ، عن قَيسِ بنِ وهب، عن رجلٍ من بني سُواءة بن عامر ¬

_ (¬1) إسناده حسن، رواية إسماعيل بن عياش عن أهل بلده قوية، وهذا منها، وضمضم بن زرعة صدوق، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1686) من طريق محمَّد بن إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد. (¬2) الخَطمي: نبات من الفصيلة الخبازية كثير النفع يدق ورقه يابساً ويُجعل غِسلاً للرأس فينقيه. "المعجم الوسيط". (¬3) إسناده ضعيف لإبهام الرجل من بني سواءة، وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ. وأخرجه البيهقي 1/ 182 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وفي الباب عن ابن مسعود موقوفاً عليه عند عبد الرزاق (1007 - 1009)، وابن أبي شيبة 1/ 71، والبخاري في "التاريخ الكبير" 207/ 4 والطبراني (9256 - 9258).

100 - باب مواكلة الحائض ومجامعتها

عن عائشة فيما يَفيضُ بينَ الرجلِ والمرأةِ من الماء، قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ كفّاً مِن ماءِ يَصُبُّ على الماءِ (¬1)، ثمَّ يَصُبُّه عليه (¬2). 100 - باب مواكلة الحائض ومجامعتها 258 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ, أخبرنا ثابتٌ البُنانيُّ عن أنس بن مالك: أنَّ اليهودَ كانت إذا حاضَت منهمُ المرأةُ أخرَجُوها مِنَ البيتِ، ولم يُواكِلُوها، ولم يُشارِبُوها، ولم يُجامِعُوها في البيتِ، فسُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأنزَلَ اللهُ تعالى ذكره: {وَيَسْئَلُونَّكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعتَزِلوُا النِّسَاءَ فِي المَحَيضِ} إلى آخر الآية [البقرة: 222]، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "جامِعُوهُنَّ في البُيوتِ واصنَعُوا كلَّ شيءِ غيرَ النكاح" فقالت اليهودُ: ما يريدُ هذا الرجلُ أن يدع شيئاً مِن أمرِنا إلا خالَفَنا فيه، فجاءَ أُسَيدُ بنُ حُضَير وعبَّادُ بنُ بِشر إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -, فقالا: يا رسولَ الله، إنَّ اليهودَ تقولُ كذا وكذا، أفلا نَنكِحُهُنَّ في المَحيضِ؟ فتَمَعَّرَ وجهُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حتَّى ظَنَنَّا أنْ قد ¬

_ (¬1) زاد في (هـ) هنا: ثمَّ يأخذ كفاً من ماء. (¬2) إسناده ضعيف لإبهام الرجل من بني سواءة، وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ. وأخرجه أحمد (25201) عن يحيي بن آدم، بهذا الإسناد، بلفظ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصب الماء على الماء. قوله: "يصب على الماءِ" أي: على المني. قال ابن رسلان: ويروى: "يصب عليَّ الماء" بتشديد الياء، وهي كذلك في (د) و (هـ)، أي: على عائشة. إلا أن رواية أحمد تؤيد الأوَّل.

وَجَدَ عليهما، فخَرَجا فاستَقبَلَتْهما هديَّةٌ مِن لَبَنٍ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فبَعَثَ في آثارِهما، فسقاهما، فظَنَنَّا أنَّه لم يَجِدْ عليهما (¬1). 259 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود، عن مِسعَر، عن المِقدامِ بنِ شُريح، عن أبيه عن عائشة، قالت: كنتُ أتعرَّقُ العَظمَ وأنا حائضٌ، فأُعطِيهِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فيَضَعُ فَمَهُ في المَوضِعِ الذي فيه وَضَعتُه، وأَشرَبُ الشَّرابَ، فأناوِلُه، فيَضَعَ فَمَهُ في المَوضِعِ الذي كنتُ أَشرَبُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت البناني: هو ابن أسلم. وأخرجه مسلم (302)، والترمذي (3218)، والنسائي في "الكبرى" (277) و (10970)، وابن ماجه (644) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. ولم يذكر النسائى في الموضع الثانى وابن ماجه قصة أسيد وعباد. وهو في "مسند أحمد" (12354) و (13576)، و"صحيح ابن حبان" (1362). وقوله: فلم يجامعوها في البيت. أي: لم يخالطوها ولم يُساكنوها في بيت واحد، وقوله: جامعوهن في البيوت. أي: خالطوهن في البيوت بالمجالسة والمضاجعة والمؤاكلة والمشاربة. وقوله: فتمعر وجه رسول الله، أي: تغير، والأصل في التمعُّر قِلَّةُ النضارة وعدم إشراق اللون، ومنه: المكان الأمعر وهو الجدبُ الذي ليس فيه خصب. (¬2) إسناده صحيح. مسعر: هو ابن كدام، وشريح: هو ابن هانئ الحارثي الكوفي. وأخرجه مسلم (300)، والنسائى في "الكبرى" (61)، وابن ماجه (643) من طرق عن المقدام بن شريح، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24328) , و"صحيح ابن حبان" (1360) و (1361). وقولها: كنت أتعرق العظم. العَرْق: العظم الذي عليه بقية اللحم، وهو بفتح العين المهملة، وسكون الراء المهملة، يقال فيه: عَرَقتُهُ مخففاً، وتعرقته واعترقته: إذا أخذت ما عليه من اللحم بأسنانك.

101 - باب الحائض تناول من المسجد

260 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ كثير، حدَّثنا سفيانُ ,عن منصور بن عبد الرحمن، عن صفيَّة عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَضَعُ رأسَهُ في حِجْري فيَقرَأُ وأنا حائِضٌ (¬1). 101 - باب الحائض تَناوَلُ من المسجد 261 - حدَّثنا مُسدَّدُ بنُ مسَرهَد، حدَّثنا أبو مُعاوية، عن الأعمش، عن ثابت بن عُبَيد، عن القاسم عن عائشة، قالت: قال لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ناوِليني الخُمْرةَ مِن المسجدِ" قلتُ: إنَّي حائِضٌ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ حَيضَتَكِ ليست في يَدِكِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومنصور بن عبد الرحمن: هو الحَجَبي، وصفية: هي بنت شعبة أم منصور الراوي عنها. وأخرجه البخاري (297)، ومسلم (301)، والنسائي في "الكبرى" (264)، وابن ماجه (634) من طرق عن منصور بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (24397) و (24862). (¬2) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، والقاسم: هو ابن محمَّد بن أبي بكر. وأخرجه مسلم (298)، والترمذي (134)، والنسائي في "الكبرى" (262) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (298) من طريقين عن ثابت بن عبيد، به. وهو في "مسند أحمد" (24184)، و"صحيح ابن حبان" (1357) و (1358). وأخرجه ابن ماجه (632) من طريق البهي، عن عائشة.=

102 - باب الحائض لا تقضي الصلاة

102 - باب الحائض لا تقضي الصلاة 262 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا وُهَيب، حدَّثنا أيوب، عن أبي قِلابة عن مُعاذة: أنَّ امرأةً سألت عائشةَ: أتقضي الحائِضُ الصلاةَ؟ فقالت: أحَرُوريَّةٌ أنتِ، لقد كُنَّا نَحيضُ عندَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فلا نَقضي ولا نُؤمَرُ بالقضاء (¬1). ¬

_ =الخمرة: هي السَّجادة يسجد عليها المصلي، يقال: سميت خمرة، لأنها تخمر وجه المصلي عن الأرض، أي: تستره، وقوله: إن حيضتها ليست في يدها. بفتح الحاء هذا هو المشهور في الرواية والمراد منه هنا: الدم وهو الحيض، ومعناه: أن النجاسة التي يُصان المسجد عنها -وهي دم الحيض- ليست في يدك. (¬1) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد الباهلي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وأبو قِلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي. وأخرجه مسلم (335) (67)، والترمذي (130)، والنسائي في "المجتبى" (382) من طريقين عن أيوب، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (321)، ومسلم (335)، والترمذي (797)، والنسائي في "الكبرى" (2639)، وابن ماجه (631) من طرق عن معاذة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24036)، و"صحيح ابن حبان" (1349). وانظر ما بعده. وقول عائشة: أحرورية، نسبة إلى حَرُوَراء: بلدة بقرب الكوفة على ميلين منها، ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج: حروريٌّ، لأن أول فرقة منهم خرجوا على علي رضي الله عنه بالبلدة المذكورة، فاشتهروا بالنسبة إليها، وهم فرق كثيرة، لكن من أصولهم المتفق عليها بينهم الأخذ بما دل عليه القرآن، ورد ما زاد عليه من الحديث مطلقاً، وهم يوجبون على المرأة أن تقضي الصلاة التي تركتها أيام حيضتها. ولهذا استفهمت عائشة معاذة استفهام إنكار، وزاد مسلم (335) (69) في رواية عاصم عن معاذة: قلت: لست بحرورية ولكني أسأل.

103 - باب في إتيان الحائض

263 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عَمرو، أخبرنا سُفيان -يعني ابنَ عبد الملك-, عن ابن المُبارَك، عن مَعمَر، عن أيوب، عن مُعاذة العَدَويَّةِ، عن عائشة بهذا الحديث. وزادَ فيه: فنُؤمَرُ بقضاءِ الصَّومِ، ولا نُؤمَرُ بقضاءِ الصَّلاةِ (¬1). 103 - باب في إتيان الحائض 264 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شُعبة، حدَّثني الحَكَمُ، عن عبد الحميد ابن عبد الرحمن، عن مِقسَم عن ابن عبَّاس، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الذي يأتي امرأتَهُ وهي حائِضٌ، قال: "يَتَصَدقُ بدينارٍ أو نِصفِ دينارٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على معمر، وهو ابن راشد الصنعانى: فرواه عبد الله بن المبارك هنا عنه، عن أيوب، عن معاذة. لم يذكر أبا قلابة في إسناده. ورواه عبد الرزاق في "مصنفه" (1278) عه، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن معاذة. ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد في "المسند" (25951). والحديث صحيح من طرق عن عائشة كما سلف في تخريج ما قبله. (¬2) رجاله ثقات، وقد روي مرفوعاً وموقوفاً، والموقوف أصح، كما بيناه فى التعليق على "مسند أحمد" و"سنن ابن ماجه". شعبة: هو ابن الحجاج، والحكم: هو ابن عتيبة. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (278) و (9098)، وابن ماجه (640) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وقال شعبة -عند النسائى فى "الكبرى" (9051) -: أما حفظي فمرفوع، وقال فلان وفلان: إنه كان لا يرفعه. وأخرجه الدارمي (1006)، وابن الجارود (110)، والبيهقي 1/ 314 و315 من طرق عن شعبة، به موقوفاً. وقال ابن مهدي عند ابنِ الجارود والبيهقي: قيل لشعبة: إنك كنت ترفعه، قال: إني كنت مجنوناً فصححت.=

قال أبو داود: هكذا الرواية الصحيحة، قال: "دينار أو نصف دينار" وربما لم يَرفَعه شُعبةُ. 265 - حدَّثنا عبدُ السَّلام بن مُطهَّر، حدَّثنا جعفرٌ -يعني ابنَ سُليمان-، عن عليِّ بن الحكم البُنانيِّ، عن أبي الحسن الجَزَريِّ، عن مِقسَم عن ابن عباس، قال: إذا أصابَها في أوَّلِ الدَّمِ فدينارٌ، وإذا أصابَها في انقِطاعِ الدَّمِ فنِصفُ دينارٍ (¬1). قال أبو داود: وكذلك قال ابنُ جُرَيج، عن عبد الكريم، عن مِقسَم. 266 - حدَّثنا محمّد بنُ الصبَّاح البزَّار، حدَّثنا شَريكٌ، عن خُصَيف، عن مِقسَم عن ابن عبَّاس، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وقعَ الرجلُ بأهلِهِ وهي حائِضٌ فليَتَصَدق بنصفِ دينارٍ" (¬2). ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (2032)، وسيأتي مكرراً برقم (2168). وأخرجه الترمذي (137)، والنسائي في "الكبرى" (9058) و (9059)، وابن ماجه (650) من طريق عبد الكريم، عن مقسم، عن ابن عباس مرفوعاً. وعبد الكريم هو ابن أبي المخارق فيما صححه الحافظ في "النكت الظراف" (6491)، وهو ضعيف. ولفظ النسائي في الموضع الثاني وابن ماجه: "يتصدق بنصف دينار"، ولفظ الترمذي والنسائى في الموضع الأول بنحو الرواية الآتية عند المصنف بعده. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي الحسن الجزري، وقد خطَّأ الحافظ في "التقريب" من قال: إنه عبد الحميد بن عبد الرحمن الثقة. وسيأتي مكرراً برقم (2169). وانظر ما قبله. (¬2) صحيح موقوفاً، وهذا إسناد ضعيف، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- وخصيف- وهو ابن عبد الرحمن الجزري- سيئا الحفظ، وقد اختلف على خصيف في رفعه ووقفه.=

104 - باب يصيب منها دون الجماع

قال أبو داود: وكذا قال عليّ بن بَذِيمة، عن مِقسَم، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. وروى الأوزاعيُّ عن يزيد بن أبي مالك، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: أمَرَه أن يَتَصَدَّقَ بخُمُسَي دينارٍ (¬1). 104 - باب يصيب منها دون الجماع 267 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد بن عبد الله بن مَوهَب الرَّملي، حدَّثنا اللَّيثُ، عن ابن شِهاب، عن حبيب مولى عُروة، عن نُدْبة مولاة ميمونة (¬2) ¬

_ =فأخرجه الترمذي (136)، والنسائى في "الكبرى" (9060) من طريق شريك، والنسائي (9064) من طريق ابن جريج، كلاهما عن خصيف، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائى (9063) من طريق معمر، عن خصيف، به موقوفاً. إلا أنه قال: "بدينار". وأخرجه النسائى (9061) من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، و (9062) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن مقسم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً وهو في "مسند أحمد" (2458) و (2995). وانظر ما سلف برقم (264). (¬1) أخرجه الدارمي (1110) عن محمَّد بن يوسف، عن الأوزاعي، عن يزيد بن أبي مالك، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: كان لعمر امرأة تكره الجماع، فكان إذا أراد أن يأتيها، اعتلت عليه بالحيض، فوقع عليها، فإذا هي صادقة، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمره أن يتصدق بخمسي دينار. ويزيد بن أبي مالك توفي سنة 130، فالإسناد معضل كما قال المصنف. (¬2) جاء في "تبصير المنتبه" 1/ 72: واختلف في ندبة مولاة ميمونة فالأكثر قالوه هكذا، وقاله معمر بفتح النون وضمها، وقاله يونس عن ابن شهاب: بُدَيَّة بضم الموحدة وفتح الدال، وتشديد المثناة من تحت حكاه أبو داود في "السنن".

عن ميمونة: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كانَ يُباشِرُ المرأةَ مِن نسائِهِ وهي حائض إذا كانَ عليها إزارٌ إلى أنصافِ الفَخِذَينِ أو الرُكبَتَينِ تَحتَجِزُ به (¬1). 268 - حدَّثنا مُسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا شُعبة، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود عن عائشة قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يأمُرُ إحدانا إذا كانت حائِضاً أن تَتَّزِرَ، ثمَّ يُضاجِعُها زوجُها. وقال مرَّةً: يُباشِرُها (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح دون قولها: "إلى أنصاف الفخذين أو الركبتين"، وهذا إسناد ضعيف لجهالة ندبة مولاة ميمونة، فقد تفرد بالرواية عنها حبيب الأعور مولى عروة، وذكرها ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات. ابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزُّهريّ. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (276) من طريق يونس بن يزيد والليث، عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26819). وأخرج البخاري (303)، ومسلم (294) من طريق عبد الله بن شداد، عن ميمونة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتَّزرت وهي حائض. (¬2) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم والأسود: هما النخعيان. وأخرجه البخاري (300)، ومسلم (293) (1)، والترمذي (132)، والنسائي في "الكبرى" (274)، وابن ماجه (636) من طريقين عن منصور، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (275) من طريق عمرو بن شرحبيل، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24824)، و"صحيح ابن حبان" (1364). وانظر ما سيأتي برقم (273).

269 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن جابر بن صُبْح، سمعت خِلاساً الهَجَريُّ، قال: سمعتُ عائشةَ تقولُ: كنتُ أنا ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نَبِيتُ في الشِّعارِ الواحدِ، وأنا حائِضٌ طامِثٌ، فإن أصابَه مني شيءٌ غَسَلَ مكانَه لم يَعْدُهُ، ثمَّ صلَّى فيه، وإن أصابَ -تعني ثوبَه- منه شيءٌ غَسَلَ مكانَه ولم يَعدُهُ، ثمَّ صلَّى فيه (¬1). 270 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، حدَّثنا عبدُ الله -يعني ابنَ عمر بن غانم-, عن عبد الرحمن -يعني ابنَ زياد-، عن عُمارةَ بنِ غُراب، قال: إنَّ عمَّةً له حدَّثته: أنها سألت عائشةَ قالت: إحدانا تحيضُ وليسَ لها ولزوجِها إلا فِراشٌ واحد، قالتْ: أُخبِرُكِ بما صنعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: دخلَ فمضى إلى مَسجِدِه -تعني مَسجِدَ بَيتِهِ- فلم يَنصَرِف حتَّى غَلَبَتني عَيني وأوجَعَه البَردُ، فقال: (ادْني منِّي)، فقلتُ: إنِّي حائِضٌ، فقال: "وإنْ، اكشِفي ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وحسَّنه الحافظ المنذري في "مختصر السنن". وأخرجه النسائي في "الكبرى" (273) و (851) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وسيأتي مكرراً برقم (2166). والشعار: هو بكسر الشين: ما يلي الجسد من الثياب، يقال: شاعَرتُها: نمت معها في الشعار الواحد. قال صاحب "عون المعبود" 1/ 311: وفيه دليل على جواز مباشرة الحائض، والاضطجاع معها في الثوب الواحد وهو الشعار من غير أن يكون إزار عليها، وطامث تأكيد لقوله: حائض، يقال: طمثت كنصر وسمع: إذا حاضت.

عن فَخِذَيكِ"، فكشفتُ فَخِذَيَّ، فوَضَعَ خَدَّهُ وصَدرَه على فَخِذَيَّ، وحَنَيْتُ عليه حتَّى دَفِئَ ونامَ (¬1). 271 - حدَّثنا سعيدُ بنُ عبد الجبَّار، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمَّد-، عن أبي اليَمَان، عن أمِّ ذَرَّة عن عائشة أنها قالت: كنتُ إذا حِضْتُ نزَلتُ عن المِثالِ على الحصير، فلم نَقرَبْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -ولم نَدنُ منه حتَّى نَطهُرَ (¬2). 272 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، عن أيوب، عن عِكرمة عن بعضِ أزواجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ إذا أرادَ مِنَ الحائِضِ شيئاً ألقى على فَرجِها ثوباً (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن زياد -وهو الإفريقي- ضعيف، وعمارة بن غراب مجهول، وعمته لا تعرف. وأخرجه البيهقي 313/ 1، وابن عبد البر في "التمهيد" 175/ 3 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه بأطول مما هنا البخاري في "الأدب المفرد" (120) عن عبد الله بن يزيد، عن عبد الرحمن بن زياد، بهذا الإسناد. وفي باب استدفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بعائشة وهي جنب عند الترمذي (123)، وابن ماجه (580)، وإسناده ضعيف. (¬2) إسناده ضعيف، أبو اليمان -وهو كثيرُ بن اليمان الرحَّال المدني- روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، فهو مجهول الحال، وقد أتى هنا بما ينكر، وأم ذَرَّةَ روى عنها ثلاثة، وذكرها ابن حبان في "الثقات"، ووثقها العجلي. (¬3) إسناده صحيح. وقواه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 1/ 404. حماد: هو ابن سلمة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختيانى، وعكرمة: هو أبو عبد الله مولى ابن عباس، وبعض أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال في "التقريب": لعلها ميمونة. قلنا: وانظر حديثها السالف برقم (267).=

273 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جريرٌ، عن الشَّيبانيِّ، عن عبد الرحمن ابن الأسود، عن أبيه عن عائشة قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يأمُرُنا في فَوْحِ حَيضِنا أن نتَّزِرَ، ثمَّ يُباشِرُنا، وأيُّكم يَملِكُ إرْبَهُ كما كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَملِكُ إرْبَهُ؟! (¬1). ¬

_ =وأخرجه البيهقي 1/ 314 من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرج ابن أبي شيبة 4/ 254 عن إسماعيل ابن علية، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن أم سلمة في مضاجعة الحائض إذا كان على فرجها خرقة. وهذا إسناد صحيح. (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد بن قرط، والشيباني: هو سليمان ابن أبي سليمان، والأسود: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه البخاري (302)، ومسلم (293) (2)، وابن ماجه (635) من طرق عن عبد الرحمن بن الأسود، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24046). وانظر ما سلف برقم (268). فوح حيضتها: معظمه وأوله، وفي البخاري: فور حيضتها، وهو بمعنى الفوح وقولها: وأيكم يملك إربه. يروى إربه بكسر الهمزة وسكون الراء، أي: لحاجته، وقيل: لعقله، وقيل: لعضوه، ويُروى بفتح الهمزة وفتح الراء، أي: لحاجته. قال الحافظ في "الفتح" 1/ 404: والمراد أنه كان أملك الناس لأمره، فلا يخشى عليه ما يخشى على غيره من أن يحوم حول الحمى، ومع ذلك، فكان يباشر فوق الإزار تشريعاً لغيره ممن ليس بمعصوم، وبهذا قال أكثر العلماء، وهو الجاري على قاعدة المالكية في باب سد الذرائع. وذهب كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق إلى أن الذي يمتنع من الاستمتاع بالحائض الفرج فقط، وبه قال محمَّد بن الحسن من الحنفية ورجحه الطحاوي، وهو اختيار أصبغ من المالكية، وأحد القولين أو الوجهين للشافعية واختاره ابن المنذر، وقال النووي: هو الأرجح دليلاً لحديث أنس "اصنعوا كل شيء إلا الجماع" (وقد سلف عند أبي داود برقم (258)) وحملوا حديث الباب وشبهه على الاستحباب جمعاً بين الأدلة، وقال ابن دقيق العيد: ليس في حديث الباب ما يقتضي منع ما تحت الإزار، لأنه فعل مجرد. وانظر "المغني" 1/ 414 - 416 لابن قدامة.

105 - باب المرأة تستحاض، ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض

105 - باب المرأة تستحاض، ومن قال: تدع الصلاة في عدَّة الأيام التي كانت تحيض 274 - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن نافع، عن سُليمان بن يَسَار عن أُمِّ سلمة زوجِ النبي -صلى الله عليه وسلم - أنَّ امرأةً كانت تُهرَاقُ الدِّماءَ على عَهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستَفتَت لها أمُّ سلمةَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "لِتَنظُرْ عِدَّة اللَّيالي والأيَّامِ التي كانت تَحيضُهُنَّ مِنَ الشَهرِ قبلَ أن يُصيبَها الذي أصابَها، فَلْتَترُكِ الصَّلاةَ قَدْرَ ذلك مِنَ الشَّهرِ، فإذا خَلَّفَت ذلك فَلْتَغتَسِلْ، ثمَّ لِتَستَثفِرْ بثوبٍ، ثمَّ لتُصَلِّي" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه اختلف فيه على نافع كما هو مبين في التعليق على "المسند" (26510)، فروي عنه عن سليمان بن يسار عن أم سلمة كما هنا، وروي عنه عن سليمان عن رجل من الأنصار عن أم سلمة كما سيأتي، ولذا ذهب النسائي في "الكبرى" (218)، والطحاوي في "شرح المشكل" (2726)، والبيهقي 333/ 1 إلى القول بانقطاع الإسناد الأول، بينما ذهب ابن التركماني في "الجوهر النقي" إلى أن سليمان سمعه من رجل عن أم سلمة ثمَّ سمعه من أم سلمة مباشرة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 62، ومن طريقه أخرجه النسائي في "المجتبى" (208) و (355). وأخرجه النسائى في "المجتبى" (354)، وابن ماجه (623) من طريق عبيد الله ابن عمر، عن نافع، به. وفي إسناده اختلاف على عبيد الله كما سيأتى برقم (276). وسيأتي عند المصنف برقم (278) من طريق أيوب السختيانى، عن سليمان بن يسار، به. وهو في "مسند أحمد" (26510) و (26716)، و"شرح مشكل الآثار" (2725) و (2726). وسيأتي برقم (275) من طريق الليث بن سعد، و (277) من طريق صخر بن جويرية، كلاهما عن نافع، عن سليمان، عن رجل، عن عائشة.=

275 - حدَّثنا قُتَيبةُ بن سعيد ويزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن مَوهَب، قالا: حدَّثنا اللَّيثُ، عن نافع، عن سُليمان بن يَسَار، أنَّ رجلاً أخبَرَه عن أُمِّ سلمة: أنَّ امرأةً كانت تُهراقُ الدَّمَ، فذكرَ معناه، قال: "فإذا خَلَّفَت ذلك وحَضَرَتِ الصَّلاةُ فلتَغتَسِل" بمعناه (¬1). 276 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، حدَّثنا أنسٌ -يعني ابنَ عِياض-, عن عُبيد الله، عن نافع، عن سُليمان بن يَسَار، عن رجلٍ من الأنصار ¬

_ =وله شاهد من حديث عائشة سيأتي عند المصنف برقم (282) و (283). وقوله: "ثمَّ لتستثفر" -وفي بعض النسخ: لتستذفر- قال في "النهاية": هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطناً، وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها، فتمنع بذلك سيل الدم، وهو مأخوذ من ثفرِ الدابة الذي يجعل تحت ذنبها؟ وقوله: "ثمَّ لتصلي" كذا بإثبات الياء والوجه حذفها، وما هنا يخرج على أن الياء للإشباع. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرجل الراوي عن أم سلمة، وباقي رجاله ثقات. الليث: هو ابن سعد. وأخرجه الدارمي (870)، والبيهقي 333/ 1، وابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 60، وابن المنذر في "الأوسط" (812) من طرق عن الليث، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح المشكل" (2726) من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث، عن الزُّهريّ، عن سليمان بن يسار، به. وعبد الله بن صالح كثير الغلط، والليث يرويه عن نافع لا عن الزُّهريّ. وانظر ما قبله. وقوله: تهراق الدمَ هو على ما لم يسمَّ فاعله، والدم تمييز منصوب وإن كان معرفة، فإنه في المعنى نكرة، قال الشاعر: رأيتُك لما أن عرفتَ وجوهَنا ... صدَدْتَ وطِبتَ النفسَ يا قيُس عن عمرِو فإن "أل" زائدة، والأصل طِبْتَ نفساً.

أنَّ امرأةً كانت تُهراقُ (¬1)، فذكرَ معنى حديثِ اللَّيث، قال: "فإذا خَلَّفَتهُنَّ وحَضَرَتِ الصَّلاةُ فلتَغتَسِلْ" وساقَ بمعناه (¬2). 277 - حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ مَهديّ، حدَّثنا صخرُ بنُ جُوَيرية، عن نافع، بإسناد اللَّيث وبمعناه، قال: "فلَتترُكِ الصَّلاةَ قَدْرَ ذلك، ثمَّ إذا حَضَرَتِ الصَّلاة فلتَغتَسِلْ ولتستَذْفِرْ بثَوبٍ، ثمَّ تُصلَّي" (¬3). 278 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا وُهيبٌ، حدَّثنا أيوب، عن سُليمان بن يَسار، عن أُمِّ سلمة بهذه القصَة، قال فيه: "تَدَعُ الصَّلاةَ، وتَغتَسِلُ فيما سِوى ذلك، وتَستَذْفِرُ بثوبٍ، وتُصلِّي" (¬4). ¬

_ (¬1) في (ج) و (هـ): تهراق الدم، وعلى هامش (أ) و (ب) و (د) إشارة إلى أنه يوجد في نسخة: الدماء. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرجل الأنصاري، وهو مرسل، فهذا الرجل يرويه عن أم سلمة، وباقي رجاله ثقات. عبيد الله: هو ابن عمر العمري. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (354)، وابن ماجه (623) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن عبيد الله، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة. لم يذكر بينهما واسطة. وانظر ما سلف برقم (274). (¬3) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (113)، والدارقطني (844)، والبيهقي 1/ 333 من طريق صخر بن جويرية، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (274). (¬4) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه اختلف على سليمان بن يسار في إسناده، فرواه أيوب -وهو ابن أبي تميمة السختياني- عنه عن أم سلمة، وكذا رواه=

قال أبو داود: سمَّى المرأةَ التي كانت استُحيضَت حمَّادُ بنُ زيد عن أيوب في هذا الحديث، قال: فاطمة بنت أبي حُبَيش (¬1). 279 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا اللَّيثُ، عن يزيد بن أبي حبيب، عن جعفر، عن عِراك، عن عُروة عن عائشة أنها قالت: إنَّ أُمِّ حبيبةَ سألت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -عن الدَّمِ، فقالت عائشةُ: رأيتُ مِركَنَها مَلآنَ دماً، فقال لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "امكُثي قَدرَ ما كانت تَحبِسُكِ حَيضَتُكِ، ثمَّ اغتَسِلي" (¬2). ¬

_ = نافع في بعض الروايات عنه، ورواه نافع في أكثر الروايات عنه عن سليمان عن رجل عن أم سلمة. وقد سلف الكلام على رواية نافع برقم (274). وهو في "مسند أحمد" (26740) من طريق وهيب بن خالد، بهذا الإسناد. وفيه تمام تخريجه والكلام عليه. (¬1) أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 56/ 16 من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن سليمان بن يسار: أن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت، فأمرت أم سلمة أن تسأل لها ... فذكره. وكذا رواه إسماعيل ابن علية عن ابن أبي شيبة 1/ 126، والبيهقي 7/ 416. ورواه عفان عند أحمد (16740)، والبيهقي 1/ 334، ووهيب بن خالد عند الطبراني 23/ (575)، كلاهما عن أيوب، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة: أن فاطمة استحيضت ... فذكره. وانظر أحاديث الباب الآتية برقم (280) فما بعده. (¬2) إسناده صحيح. جعفر: هو ابن ربيعة الكندي، وعراك: هو ابن مالك، وعروة: هو ابن الزُّبير. وأخرجه مسلم (334) (65)، والنسائي فى "الكبرى" (206) من طريق الليث ابن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (334) (66) من طريق بكر بن مضر، عن جعفر بن ربيعة، به. وهو في "مسند أحمد" (25859).

قال أبو داود: ورواه قُتيبةُ بينَ أضعافِ حديثِ جعفر بن ربيعة في آخرها، ورواه عليٌّ بنُ عيَّاش ويونسُ بنُ محمَّد عن اللَّيث، فقالا: جعفر بن ربيعة. 280 - حدَّثنا عيسى بنُ حمَّاد، أخبرنا اللَّيثُ، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بُكير بن عبد الله، عن المُنذر بن المغيرة، عن عُروة بن الزُّبير: أن فاطمةَ بنتَ أبي حُبَيش، حدَّثَته: أنها سألت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فشكَت إليه الدَّمَ، فقال لها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما ذلك عِرْقٌ، فانظُري إذا أتى قُرْؤُكِ فلا تُصَلِّي، فإذا مَرَّ قُرْؤُكِ فتَطَهَّري، ثمَّ صَلِّي ما بينَ القُرْءِ إلى القُرْءِ" (¬1). 281 - حدَّثنا يوسفُ بنُ موسى، حدَّثنا جرير، عن سُهيل -يعني ابنَ أبي صالح-، عن الزُّهريّ، عن عُروة بن الزُّبير ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة المنذر بن المغيرة، فلم يرو عنه غير بكير بن عبد الله بن الأشج، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وجهله أبو حاتم. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (214)، وابن ماجه (620) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (27630)، و "شرح مشكل الآثار" (3726) و (3727). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (207) من طريق الأوزاعي، عن يحيى بن سعيد، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن فاطمة بنت قيس. قال الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 214: ووهم فيه -يعنى الأوزاعي-، والصحيح عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن فاطمة بنت أبي حبيش ... قلنا: سيأتي حديث عائشة من طريق هشام بن عروة برقم (282)، وقد سلف قبله من وجه آخر عن عائشة، وحديث عائشة هذا هو شاهد حديث فاطمة بنت أبي حبيش.

حدَّثتني فاطمةُ بنتُ أبي حُبَيش: أنَّها أمَرَت أسماءَ، أو أسماءُ حدَّثتني أنها أمَرَتها فاطمةُ بنتُ أبي حُبَيش أن تسألَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمَرَها أن تَقعُدَ الأيامَ التي كانت تَقعُدُ ثمَّ تَغتَسِلُ (¬1). قال أبو داود: ورواه قتادةُ، عن عُروة بن الزُبير، عن زينبَ: أن أُمَّ حبيبةَ بنتَ جَحشٍ استُحيضَت، فأمَرَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن تَدَعَ الصَّلاةَ أيامَ أقرائِها، ثمَّ تَغتَسِلَ وتُصَلّي (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه اختلف فيه على سهيل بن أبي صالح. فرواه جرير بن عبد الحميد عنه كما تراه هنا. ورواه خالد بن عبد الله الواسطي عند الطحاوي في "المشكل" (2730)، والدارقطني (839)، والبيهقي 353/ 1 - 354، وعلي بن عاصم عند الدارقطني (840)، كلاهما عن سهيل، عن الزُّهريّ، عن عروة، عن أسماء بنت عميس قالت: قلت: يا رسول الله، إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت ... وستأتي رواية خالد بن عبد الله عند المصنف برقم (291). قال البيهقي في "سننه" 1/ 35: هكذا رواه سهيل بن أبي صالح، عن الزُّهريّ، عن عروة، واختلف فيه عليه. والمشهور رواية الجمهور عن الزُّهريّ، عن عروة، عن عائشة في شأن أم حبيبة بنت جحش. قلنا: وستأتى هذه الرواية برقم (285) و (288)، وانظر أيضاً ما سلف برقم (279). (¬2) وأخرج ابن راهوية في مسند أم حبيبة (24) من "مسنده" عن عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، قالت: رأيت ابنة جحش تخرج من المركن والدم قد علا، ثمَّ تصلي. ونحوه في "الموطأ" 1/ 62 عن هشام به. وهذا لا ينافي رواية عروة عن عائشة السالفة برقم (279) والآتية برقم (285) و (288)، فإن زينب بنت أم سلمة كانت ربيبة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتكون قد حضرت القصة كما حضرتها عائشة، وروت كل واحدة منهما لعروة ما رأته.

قال أبو داود: وزاد ابنُ عُيينة (¬1) في حديث الزُّهريّ، عن عَمْرَةَ، عن عائشة: أنَّ أُمِّ حبيبة كانت تُستَحاضُ، فسألتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأمَرَها أن تَدَع الصَّلاةَ أيامَ أقرائها. قال أبو داود: وهذا وَهمٌ مِن ابنِ عُيينة، ليس هذا في حديثِ الحُفَّاظِ عن الزُّهريِّ، إلا ما ذكرَ سُهيلُ بنُ أبي صالح (¬2)، وقد روى الحميديُّ هذا الحديثَ عن ابنِ عُيينة لم يذكر فيه: "تدع الصلاة أيام أقرائها" (¬3). وروت قَميرُ، عن عائشة: المُستَحاضةُ تَترُكُ الصَّلاةَ أيامَ أقرائِها ثمَّ تَغتَسِلُ (¬4). وقال عبدُ الرحمن بنُ القاسم، عن أبيه: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -أمَرَها أن تَتركَ الصَّلاةَ قَدرَ أقرائِها (¬5). ¬

_ (¬1) وروايته عند مسلم (334) (64)، والنسائي في "الكبرى" (213). غير أن مسلماً لم يسق لفظه، بل أحال على ما قبله فقال: بنحو حديثهم. (¬2) أي أن رواية الحفاظ عن الزُّهريّ مثل رواية سهيل بن أبي صالح السالفة قريباً، ليس فيها: "أمرها أن تدع الصلاة أيام أقرانها"، قال صاحب "عون المعبود" 1/ 318: والمحفوظ فى رواية الزُّهريّ إنما هو قوله: "فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد" ومعنى الجملتين واحد، لكن المحدثين معظم قصدهم إلى ضبط الألفاظ المروية بعينها، فرووها كما سمعوا، وإن اختلطت رواية بعض الحفاظ في بعض ميَّزوها وبيَّنوها. (¬3) رواية الحميدي في "مسنده" برقم (160). (¬4) ستأتي رواية قمير برقم (300). (¬5) أخرجه عبد الرزاق (1176) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: أن امرأة ... فذكره مرسلاً وانظر ما سيأتي برقم (294) والتعليق عليه. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (361) من طريقه أيضاً، عن أبيه، عن زينب بنت جحش ... فذكرت القصة لها. وإسناده صحيح.

وروى أبو بشر جعفرُ بنُ أبي وَحْشيَّةَ، عن عِكرِمة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ أُمِّ حبيبة بنتَ جحش استُحيضَت، فذكَرَ مِثلَه (¬1). وروى شَريكٌ، عن أبي اليَقْظان، عن عَدِيِّ بن ثابت، عن أبيه، عن جَده، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "المُستَحاضةُ تَدَعُ الصَّلاةَ أيامَ أقرائِها، ثمَّ تَغتَسِلُ وتُصَلِّي" (¬2). وروى العلاءُ بنُ المُسيّب، عن الحَكَم، عن أبي جعفر: أنَّ سَودَةَ استُحيضَت فأمَرَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا مَضَتْ أيامُها اغتَسَلَت وصَلَّت (¬3). وروى سعيدُ بنُ جُبَير، عن عليٍّ وابنِ عبَّاس: المُستَحاضةُ تَجلِسُ أيامَ قُرْئها (¬4). وكذلك رواه عمَّارٌ مولى بني هاشم وطَلْقُ بنُ حبيب عن ابن عباس (¬5)، وكذلك رواه مَعقِلٌ الخَثعَميُّ عن عليٍّ (¬6)، وكذلك روى الشَّعبيُّ عن قَمير امرأةِ مسروقٍ عن عائشة. ¬

_ (¬1) سيأتي برقم (305). (¬2) سيأتي برقم (297). (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 126، والطبرانى في "الأوسط" (9184) من طريق حفص بن غياث، عن العلاء بن المسيب، به، وزاد فيه الأمر بالوضوء لكل صلاة. وهو مرسل. الحكم: هو ابن عتيبة، وأبو جعفر: هو محمَّد الباقر بن علي بن الحسين. وسيذكر المصنف بإثر الحديث (304) أن شعبة رواه عن الحكم عن أبي جعفر من قوله. (¬4) أخرجه بغير هذا السياق عبد الرزاق (1173)، و (1178) و (1179)، وابن أبي شيبة 127/ 1، والطحاوي 1/ 101 من طريقين عن سعيد بن جبير، به. (¬5) رواية عمار مولى بني هاشم أخرجها الدارمي (788)، ورواية طلق بن حبيب أخرجها البيهقي 1/ 335. (¬6) ستأتي رواية معقل عند المصنف برقم (302).

106 - باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة

قال أبو داود: وهو قولُ الحسن وسعيد بن المسيّب وعطاء ومكحول وإبراهيم وسالم والقاسم: أنَّ المُستحاضةَ تَدَع الصَّلاةَ أيامَ أقرائِها (¬1). قال أبو داود: لم يسمع قتادةُ من عروة شيئاً. 106 - باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة 282 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس وعبدُ الله بن محمَّد النُّفيليُّ قالا: حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا هشام بن عروة، عن عروة عن عائشة: أن فاطمةَ بنتَ أبي حُبَيش جاءت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إنِّي امرأةٌ أُستَحاضُ فلا أَطهُرُ، أفأدَعُ الصَّلاةَ؟ قال: "إنَّما ذلك عِرْقٌ وليست بالحَيضَةِ، فإذا أقبَلَتِ الحَيضَةُ فدَعي الصَّلاةَ، فإذا أدبَرَت فاغسِلي عنكِ الدَّمَ، ثمَّ صَلَّي" (¬2). ¬

_ (¬1) انظر الروايات فى شأن المستحاضة عن الحسن عند ابن أبي شيبة 129/ 1، وعن ابن المسيب عند عبد الرزاق (1169)، وابن أبي شيبة 126/ 1 و 127، وعن عطاء عند عبد الرزاق (1171) و (1180)، وعن إبراهيم عنده (1172) وعند ابن أبي شيبة 127/ 1، وعن سالم والقاسم عند ابن أبي شيبة 128/ 1. وانظر ما سيأتي عن ابن المسيب بإثر الحديث (286) وبرقم (301). (¬2) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه البخاري (228) و (320) و (325)، ومسلم (333)، والترمذي (125)، والنسائي في "الكبرى" (217) و (218)، وابن ماجه (621) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25622)، و"صحيح ابن حبان" (1354). وانظر ما سلف برقم (279)، وماسيأتي بعده وبرقم (298).

283 - حدَّثنا القَعنَبيُّ، عن مالك، عن هشام، بإسناد زهير ومعناه، قال: "فإذا أقبَلَتِ الحَيضَةُ فاترُكي الصَّلاةَ، فإذا ذهبَ قَدْرُها فاغسِلي الدَمَ عنكِ وصَلَّي" (¬1). 284 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا أبو عَقيل، عن بُهيَّة، قالت: سمعتُ امرأةَ تسألُ عائشةَ عن امرأةِ فَسَدَ حَيضُها وأُهريقَت دماً، فأمَرَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن آمُرَها فلتَنظرْ قَدْرَ ما كانت تحيضُ في كلَّ شهرٍ وحَيضُها مُستقيمٌ، فلتَعتَدَّ بقَدرِ ذلك مِنَ الأيام، ثمَّ لِتَدَع الصَّلاةَ فيهن وبقَدْرِهنَ، ثمَّ لِتَغتَسِل، ثمَّ لتَستَذفِرْ بثوبٍ، ثمَّ تُصلِّي (¬2). 285 - حدَّثنا ابنُ أبي عَقيل، ومحمدُ بن سلمة المِصريَّان، قالا: حدَّثنا ابنُ وهب، عن عَمرو بن الحارث، عن ابن شِهاب، عن عُروة بن الزُّبير وعَمرة عن عائشة: أن أُمَّ حبيبة بنتَ جَحش خَتَنَةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وتحت عبد الرحمن بن عوف استُحيضَت سبعَ سنين، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 1/ 61، ومن طريقه أخرجه البخاري (306)، والنسائي في "المجتبي" (218) و (366). وهو في "شرح مشكل الآثار" (2735)، و"صحيح ابن حبان" (1350). وانظر ما قبله. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، أبو عقيل -وهو يحيي بن المتوكل- ضعيف، وبهية مولاة عائشة لا تعرف. وأخرجه البيهقي 1/ 343 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى (4625)، والبيهقي 1/ 332 من طريق أبي عقيل، به. وانظر ما سلف برقم (279) و (282).

"إنَّ هذه ليست بالحَيضَةِ، ولكن هذا عِرْقٌ، فاغتَسِلي وصَلَّي" (¬1). قال أبو داود: زادَ الأوزاعيُّ في هذا الحديث عن الزُّهري، عن عُروة وعَمرة، عن عائشة قالت: استُحيضَت أُمُ حبيبة بنتُ جَحش -وهي تحتَ عبد الرحمن بن عوف- سبعَ سِنين، فأمَرَها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أقبَلَتِ الحَيضَةُ فدَعِي الصَّلاةَ، وإذا أدبَرَت فاغتَسِلي وصَلَّي" (¬2). قال أبو داود: ولم يذكر هذا الكلام أَحد من أصحاب الزُّهريِّ غيرُ الأوزاعيَّ، ورواه عن الزُّهريِّ عمرُو بنُ الحارث واللَّيثُ ويونسُ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي عقيل: هو عبد الغني بن رِفاعة، وابن وهب: هو عبد الله، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزُّهريّ، وعمرة: هي بنت عبد الرحمن. وأخرجه مسلم (334) (63) و (64)، والنسائي في "المجتبى" (202 - 206) و (357)، وابن ماجه (626) من طرق عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. وبعضهم يرويه عن عروة وحده وبعضهم عن عمرة وحدها. وأخرجه بنحوه النسائي في "المجتبى" (209) و (356) من طريق أبي بكر بن محمَّد، عن عمرة، به. وانظر " السنن الكبرى" للنسائي (259) و (210) و (211) و (213). وهو في "مسند أحمد" (24538)، و"شرح مشكل الآثار" (2738 - 2740)، و"صحيح ابن حبان" (1351 - 1353). وانظر ما سيأتي برقم (291). (¬2) زيادة الأوزاعي هذه أخرجها النسائى في "المجتبى" (202) و (204)، وابن ماجه (626)، وهي فى "مسند أحمد" (24538)، و"صحيح ابن حبان" (1353). وقُرن الأوزاعي عند النسائي (204) بالنعمان بن المنذر وأبي مُعَيد حفص بن غيلان. فإن لم يكن الراوي عنهم قد حمل ألفاظ بعضهم على بعض يكون الأوزاعي متابعاً على هذه الزيادة. والله أعلم. وانظر "السنن الكبرى" للنسائي (208) و (209) و (210).

وابنُ أبي ذئب ومَعمَرٌ وإبراهيمُ بنُ سعد وسُليمانُ بنُ كثير وابنُ إسحاق وسفيانُ بنُ عُيينة، لم يذكروا هذا الكلامَ. قال أبو داود: وإنَّما هذا لفظُ حديث هشام بن عُروة، عن أبيه، عن عائشة (¬1). قال أبو داود: وزادَ ابنُ عُيينة فيه أيضاً: أمَرَها أن تَدَع الصَّلاة أيامَ أقرائها، وهو وَهمٌ مِن ابن عُيينة (¬2). وحديثُ محمَّد بن عمرو، عن الزُّهريّ فيه شيءٌ يَقرُبُ مِن الذي زادَ الأوزاعيُّ في حديثه. 286 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ المثنَّى، حدَّثنا محمَّدُ بنُ أبي عَدِيَّ، عن محمَّد -يعني ابنَ عمرو- حدَّثني ابنُ شِهاب، عن عُروة بن الزُّبير عن فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيش: أنَّها كانت تُستَحاضُ، فقال لها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كانَ دمُ الحَيضَةِ فإنه دمٌ أسوَدُ يُعرَفُ، فإذا كانَ ذلك فأمْسِكي عن الصَّلاةِ، فإذا كانَ الآخَرُ فتَوَضَّئي وصَلّي، فإنما هو عِرْقٌ" (¬3). ¬

_ (¬1) سلف حديث هشام برقم (282). (¬2) سلف الكلام على رواية ابن عيينة بإثر الحديث (281). (¬3) صحيح من حديث عائشة، وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد رواه ابن أبي عدي على وجهين كما نبه إليه المصنف بعده، وقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 1/ 50: لم يتابع محمَّد بن عمرو على هذه الرواية، وهو منكر. قلنا: والمحفوظ حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن فاطمة استحيضت ... كما سلف برقم (281)، وكما سيأتي بعده. وأخرجه النسائي (215) و (362) عن محمَّد بن المثنى، حدَّثنا ابن أبي عدي من كتابه، بهذا الإسناد. وسيأتي مكرراً برقم (304).

قال أبو داود: قال ابنُ المثنَّى: حدَّثنا به ابنُ أبي عَدِيٍّ مِن كتابه هكذا، ثمَّ حدَّثنا به بَعدُ حِفظاً، قال: حدَّثنا محمَّدُ بنُ عمرو، عن الزُّهريِّ، عن عُروة، عن عائشة: أن فاطمة كانت تُستَحاضُ، فذكرَ معناه (¬1). قال أبو داود: وروى أنسُ بنُ سِيرِينَ عن ابن عبَّاس في المُستَحاضَةِ قال: إذا رَأَتِ الدَّمَ البَحْرانيَّ فلا تُصلِّي، وإذا رَأَتِ الطُّهْرَ ولو ساعةً فلتَغتَسِلْ وتُصلِّي (¬2). وقال مكحولٌ: النِّساء لا تخفى عليهنَّ الحَيضَةُ، إنَّ دَمَها أسوَدُ غليظٌ، فإذا ذهبَ ذلك وصارت صُفْرةَ رقيقةً، فإنها مُستَحاضةٌ، فلتَغتَسِلْ ولتُصلِّي. قال أبو داود: وروى حمَّادُ بنُ زيد، عن يحيى بن سعيد، عن القَعْقاع بن حَكيم، عن سعيد بن المسيّب في المُستَحاضة: إذا أقبَلَتِ الحَيضَةُ تَرَكَتِ الصَّلاةَ، وإذا أدبَرَتِ اغتَسَلَت وصَلَّت (¬3). وروى ¬

_ (¬1) وأخرجه النسائي في "الكبرى" (215) عن محمَّد بن المثنى، حدَّثنا ابن أبي عدي من حفظه، بهذا الإسناد. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة 128/ 1 عن إسماعيل ابن عُلية، عن خالد الحذاء، عن أنس بن سيرين، به. ورجاله ثقات. والبُحراني: نُسب إلى البحر وهو اسم قعر الرحم، وزادوه في النسب ألفاً ونوناً للمبالغة، يريد الدمَ الغليظَ الواسع، وقيل: نُسِبَ إلى البحر لكثرته وسعته. قاله ابن الأثير في "النهاية". (¬3) أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 126 - 127، والبيهقي 330/ 1 من طريقين عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.

سُمَيٌّ وغيرُه، عن سعيد بن المسيب: تَجلِسُ أيامَ أقرائها (¬1). وكذلك رواه حمَّادُ بنُ سلمة، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المُسيّب. قال أبو داود: وروى يونُسُ، عن الحسن: الحائضُ إذا مَدَّ بها الدَمُ تُمسِكُ بعدَ حَيضَتِها يوماً أو يومَينِ فهي مُستَحاضةٌ. وقال التَّيميُّ عن قتادة: إذا زادَ على أيامِ حَيضِها خمسةُ أيام فلتُصَلِّي، قال التَّيميُّ: فجعلتُ أنقُصُ حتَّى بَلَغتُ يومَينِ، فقال: إذا كانَ يومَينِ فهو مِن حَيضِها. وسُئِلَ ابنُ سِيرِينَ عنه فقال: النِّساءُ أعلَمُ بذلك (¬2). 287 - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حرب وغيرُه، قالا: حدَّثنا عبدُ الملك بنُ عَمرو، حدَّثنا زُهيرُ بنُ محمَّد، عن عبد الله بن محمَّد بن عَقيل، عن إبراهيم بن محمّد ابن طلحة، عن عَمه عِمرانَ بنِ طلحة عن أُمِّه حَمْنَةَ بنتِ جَحش قالت: كنتُ أُستَحاضُ حَيضَةً كثيرةً شديدةً، فأتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -أستَفتيهِ وأُخبِرُه، فوجَدتُه في بيتِ أُختي زينبَ بنتِ جَحش، فقلت: يا رسولَ الله، إني أُستَحاضُ حَيضَةً كثيرةً شديدةً، فما ترى فيها، قد مَنَعَتني الصَّلاةَ والصَّومَ؟ قال: "أنعَتُ لَكِ الكُرسُفَ، فإنه يُذهِبُ الدمَ" قالت: هو أكثَرُ مِن ذلك، قال: "فاتَّخِذِي ثَوباً" فقالت: هو أكثَرُ مِن ذلك، إنَّما أثُجُّ ثَجّاً، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق (1169) عن سفيان الثوري، عن سمي، عن ابن المسيب. وسمي: هو أبو عبد الله المدنى مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، وهو ثقة. وانظر تمام تخريجه فيما سيأتي عنه برقم (301). (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة 538/ 2 عن معتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه قال: سألت ابن سيرين ... وسألت قتادة ... فذكر قوليهما.

"سآمُرُكِ بأمرَينِ، أيهما فَعَلتِ أجزَأَ عنكِ مِنَ الآخَرِ، وإن قَوِيتَ عليهما فأنت أعلَمُ" قال لها: "إنَّما هذه رَكْضةٌ من رَكَضاتِ الشَّيطانِ، فتَحَيَّضي سِتَّةَ أيامٍ أو سبعةَ أيامٍ في عِلمِ الله، ثمَّ اغتَسِلي، حتَّى إذا رأيتِ أنَّكِ قد طَهُرتِ واستَنقَأتِ فصَلِّي ثلاثاً وعشرينَ ليلةً أو أربعاً وعشرين ليلةً وأيامَها، وصومي، فإنَّ ذلك يُجزِئُكِ، وكذلك فافعَلي كلَّ شهرٍ كما يَحِضنَ النِّساءُ وكما يَطهُرنَ، ميقاتَ حَيضِهنَّ وطُهرِهنَّ، وإن قَوِيتِ على أن تُؤخِّري الظُّهرَ وتُعَجَّلي العَصرَ، فتَغتَسِلينَ (¬1) وتَجمَعينَ بينَ الصَّلاتين: الظُّهرِ والعَصرِ، وتُؤخِّرينَ المَغرِبَ وتُعَجِّلينَ العِشاءَ، ثمَّ تَغتَسِلينَ وتَجمَعينَ بينَ الصلاتَينِ، فافعلي، وتَغتَسِلينَ مع الفَجرِ فافعَلي، وصومي إن قَدِرتِ على ذلك". قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وهذا أعجَبُ الأمرَينِ إليّ" (¬2). ¬

_ (¬1) في (أ): فتغتسلي. (¬2) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن محمَّد بن عقيل. وأخرجه الترمذي (128)، وابن ماجه (622) و (627) من طرق عن عبد الله بن محمَّد بن عقيل، بهذا الإسناد. ونقل الترمذي عن البخاري تحسين حديث ابن عقيل، وعن أحمد قوله: حسن صحيح! كذا نقل عنه مع أن المصنف سينقل عنه قريباً قوله: في النفس منه شيء. ووهن إسناده أبو حاتم كما في "علل الحديث" لابنه 1/ 51. وهو في "مسند أحمد" (27144). وقوله: الكرسف: هو القطن، وقولها: أثج ثجاً. الثَّجُّ: سيلان الدم، وماء ثجاج: سيال، وقوله: ركضة الشيطان، قال في "النهاية": اصل الركض: الضرب بالرجل، والإصابة بها، أراد الإضرار بها والأذى والمعنى: أن الشيطان قد وجد بذلك طريقاً إلى التلبيس عليها في أمر دينها، وطهرها وصلاتها حتَّى أنساها ذلك عادتها، وصار في التقدير كأنه ركضةٌ من ركضاته. وقوله: فتحيضي. معناه: اقعدي أيام حيضتك عن الصلاة، والزمي ما يجب على الحائض فعله.

107 - باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة

قال أبو داود: رواه عمرُو بنُ ثابت، عن ابن عَقيل فقال: قالت حَمْنةُ: هذا أعجَبُ الأمرَينِ إليَّ. لم يَجعَله قولَ النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو داود: كان عمرُو بن ثابث رافضياً، وذكره عن يحيى بن معين، ولكنه كان صدوقاً في الحديث (¬1). 107 - باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة 288 - حدَّثنا ابنُ أبي عَقِيل ومحمدُ بنُ سلمة المُراديُّ قالا: حدَّثنا ابنُ وَهب، عن عَمرِو بنِ الحارث، عن ابن شِهاب، عن عُروة بن الزُّبير وعَمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّ أُمَّ حبيبةَ بنتَ جَحش خَتَنَةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -وتحتَ عبد الرحمن بن عوف استُحيضَت سبعَ سِنينَ، فاستَفتَت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ هذه ليست بالحَيضَةِ، ولكن هذا عِرقٌ فاغتَسِلي وصَلّي" قالت عائشةُ: فكانت تَغتَسِلُ في مِركَنٍ في حُجرَةِ أُختِها زينبَ بنتِ جَحش حتَّى تَعلُوَ حُمرَةُ الدَّمِ الماءَ (¬2). 289 - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عَنبَسَةُ، حدَّثنا يونسُ، عن ابن شِهاب، أخبرتني عَمرة بنت عبد الرحمن، عن أُمِّ حبيبةَ بهذا الحديثِ قالت عائشةُ: فكانت تَغتَسِلُ لكلِّ صلاةِ (¬3). ¬

_ (¬1) قوله: ولكنه كان صدوقاً في الحديث، زيادة أثبتناها من (1)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي. (¬2) إسناده صحيح. وهو مكرر ما سلف برقم (285)، وسلف تخريجه هناك. (¬3) صحيح من حديث عائشة، وهذا إسناده ضعيف لضعف عنبسة - وهو ابن خالد الأيلي-، وقد خولف في إسناده، فرواه القاسم بن مبرور الأيلي فيما سيذكره=

290 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد بن عبد الله بن مَوهَب الهَمْدانىُّ، حدَّثني اللَّيثُ ابنُ سعد، عن ابن شِهاب، عن عُروة عن عائشة بهذا الحديث، قال فيه: فكانت تَغتَسِلُ لكُلَّ صلاةٍ (¬1). قال أبو داود: قال القاسمُ بنُ مَبرور، عن يونس، عن ابن شِهاب، عن عَمْرة، عن عائشة، عن أُمَّ حبيبةَ بنتِ جَحش. وكذلك رواه مَعمَرٌ عن الزُّهريِّ، عن عَمرة، عن عائشة، وربما قال مَعمَرٌ: عن عَمرة، عن أُمِّ حبيبة بمعناه (¬2). وكذلك رواه إبراهيمُ بنُ سعد وابنُ عُيينة، عن الزُّهريِّ، عن عَمرة، عن عائشة (¬3)، وقال ابنُ عُيينة في حديثه: ولم يَقُل: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -أمَرَها أن تَغتَسِل (¬4). ¬

_ = المصنف -والقاسم صدوق- عن يونس بن يزيد، عن الزُّهريّ، عن عمرة، عن عائشة، عن أم حبيبة. وهذا هو المحفوظ عن الزُّهريّ كما سلف برقم (285) وكما سيأتي بعده. (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزُّهريّ. وأخرجه مسلم (334) (63)، والترمذي (129)، والنسائي في "الكبرى" (205) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24523)، و "شرح شكل الآثار" (2742). وانظر ما سلف برقم (285). وقولها: "فكانت تغتسل لكل صلاة" بيَّن الليث بن سعد عند مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها بذلك، وإنما هو شيء فَعَلَته هي. وانظر الحديث الآتي برقم (305) و (306) والتعليق عليه. (¬2) رواية معمر عن الزُّهريّ عن عمرة عن أم حبيبة أخرجها عبد الرزاق (1164)، ومن طريقه أحمد (27446)، والطبراني 24/ (550). (¬3) وهو المحفوظ عن الزُّهريّ كما سلف برقم (285). (¬4) أخرجه إسحاق بن راهويه في مسند أم حبيبة من "مسنده" (22) عن سفيان ابن عيينة، عن الزُّهريّ، عن عمرة أو غيرها، عن عائشة.

291 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ إسحاق المُسيّبيُ، حدَّثني أبي، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شِهاب، عن عُروة وعَمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة: أنَّ أُمَّ حبيبة استُحيضَت سبعَ سِنينَ فأمَرَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن تَغَتسِلَ، فكانت تَغتَسِلُ لكُلِّ صلاةِ (¬1). وكذلك رواه الأوزاعيُّ أيضاً، قال فيه: قالت عائشة: فكانت تَغتَسِلُ لكُلِّ صلاةٍ (¬2). 292 - حدَّثنا هنَّادٌ، عن عَبدة، عن ابن إسحاق، عن الزُّهريِّ, عن عُروة عن عائشة: أنَّ أُمَّ حبيبةَ بنتَ جَحشٍ استُحيضَت في عَهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأمَرَها بالغُسلِ لكُلِّ صلاةٍ، وساقَ الحديثَ (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، إسحاق -وهو ابن محمَّد- المسيّبي صدوق حسن الحديث، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه البخاري (327) من طريق معن بن عيسى القزاز، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25095)، و"شرح مشكل الآثار" (2741). وانظر ما سلف برقم (285). وانظر"الفتح" 1/ 447. (¬2) رواية الأوزاعي أخرجها ابن ماجه (626)، وهي في "مسند أحمد" (24538). (¬3) إسناده ضعيف، ابن إسحاق -وهو محمَّد- مدلس ورواه بالعنعنة، وقد خالفه الرواة عن الزُّهريّ فلم يذكروا قوله: "فأمرها بالغسل لكل صلاة"، بل صرح بعضهم كالليث بن سعد وابن عيينة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم -لم يأمرها بالغسل لكل صلاة، وإنما هو شيء فعلته هي، كما سلف بيانه في تخريج الحديث (290). وأخرجه أحمد (26005)، والدارمي (775) و (783)، والطحاوي 1/ 98, والبيهقي 1/ 350 من طرق عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (27445) من طريق ابن إسحاق أيضًا، عن الزُّهريّ، عن عروة، عن أم حبيبة ... لم يذكر عائشة.

قال أبو داود: ورواه أبو الوليد الطيالسيُّ، ولم أسمَعْهُ منه، عن سُليمان بن كثير، عن الزُّهريِّ، عن عُروة، عن عائشة: استُحيضَت زينبُ بنتُ جَحشٍ، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اغتَسِلي لكُلِّ صلاةِ" وساقَ الحديثَ. قال أبو داود: ورواه عبدُ الصَّمَدِ، عن سُليمان بن كثير، قال: "تَوَضَّئي لكُلِّ صلاةٍ". قال أبو داود: وهذا وَهمٌ مِن عبد الصَّمَد، والقولُ قولُ أبي الوليد (¬1). 293 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ عَمرو بن أبي الحجَّاج أبو مَعمَر، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن الحُسين، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، قال: ¬

_ (¬1) نقل كلام المصنف هذا البيهقي في "سننه" 1/ 350 وقال بإثره: ورواية أبي الوليد أيضاً غير محفوظة، فقد رواه مسلم بن إبراهيم، عن سليمان بن كثير، كما رواه سائر الناس عن الزُّهريّ. ثمَّ أخرجه البيهقي من طريق مسلم بن إبراهيم، عن سليمان بن كثير، عن الزُّهريّ، عن عروة، عن عائشة: استحيضت أخت زينب بنت جحش سبع سنين ... فذكره ولم يقل فيه: أمرها بالغسل لكل صلاة. ثمَّ قال البيهقي: وهذا أولى لموافقته سائر الروايات عن الزُّهريّ، ورواية محمَّد بن إسحاق عن الزُّهريّ غلط لمخالفتها سائر الروايات عن الزُّهريّ ومخالفتها الرواية الصحيحة عن عراك بن مالك، عن عروة، عن عائشة. قلنا: رواية الزُّهريّ سلفت بالأرقام (285) و (288) و (290) و (291)، ورواية عراك سلفت برقم (279). وأخت زينب بنت جحش هي أم حبيبة بنت جحش كما جاء التصريح به في الرواية السالفة برقم (288). وانظر التعليق على "المسند" (27445).

أخبرتني زينبُ بنتُ أبي سلمة: أنَّ امرأةَ كانت تُهرَاقُ الدَّمَ، وكانت تحتَ عبدِ الرحمن بنِ عَوفٍ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمَرَها أن تَغتَسِلَ عندَ كُلِّ صلاةٍ وتُصلِّي (¬1). 293م- وأخبرني أنَّ أُمَّ بكرٍ أخبَرَته، أنَّ عائشةَ قالت: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال في المرأةِ ترى ما يَريبُها بعدَ الطُّهرِ: "إنَّما هي - أو قال: إنما هو عِرقٌ" أو قال: "عُروقٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) ضعيف وقد اضطرب فيه يحيى بن أبي كثير: فرواه حسين بن ذكوان المعلم هنا وعند ابن الجارود (115)، والبيهقي 1/ 351، عنه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أخبرتني زينب بنت أبي سلمة: أن امرأة ... ورواه هشام الدستوائي عند الدارمى (901)، وابن راهويه في مسند أم حبيبة من "مسنده " (19)، والبيهقي 1/ 351، ومعمر بن راشد الصنعانى عند ابن راهويه (20)، كلاهما عن يحيى، عن أبي سلمة: أن أم حبيبة سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - ... وهذا مرسل. ورواه الأوزاعي عند البيهقي 1/ 351 عن يحيى، عن أبي سلمة وعكرمة، أن زينب بنت أم سلمة كانت تعتكف مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -وهى تهريق الدم ... وهذا مرسل أيضاً. وروي عن عكرمة من وجه آخر كرواية هشام ومعمر. وستأتي هذه الرواية برقم (305). وقال صاحب "عون المعبود" 1/ 333 إسناده حسن ليس فيه عِلَّة، فيحمل الأمر على الندب جمعاً بين الروايتين. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أم بكر الراوية عن عائشة، لكنها لم تنفرد به. وأخرجه ابن ماجه (646) من طريق شيبان، عن يحيى بن أبى كثير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24428). وقد صح عن عائشة فى قصة أم حبيبة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق" كما سلف برقم (282) و (285).

108 - باب من قال: تجمع ببن الصلاتين وتغتسل لهما غسلا

قال أبو داود: وفي حديثِ ابن عَقِيل الأمرانِ جميعاً، قال: "إنْ قَوِيتِ فاغتَسِلي لكُلِّ صلاةٍ، وإلا فاجمَعي"، كما قال القاسمُ في حديثه (¬1). وقد رُوِيَ هذا القولُ عن سعيد بن جُبير، عن عليٍّ وابنِ عبَّاس رضي الله عنهما (¬2). 108 - باب من قال: تجمع ببن الصلاتين وتغتسل لهما غسلاً 294 - حدَّثنا ابنُ معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبةُ، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة، قالت: استُحيضَتِ امرأة على عَهدِ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم - فأُمِرَت أن تُعجِّلَ العَصر وتُؤَخِّرَ الظُّهرَ، وتَغتَسِلَ لهما غُسلاً، وأن تُؤَخِّرَ المَغرِبَ وتُعَجِّلَ العِشاء, وتَغتَسِلَ لهما غُسلاً، وتَغتَسِلَ لصلاةِ الصُّبحِ غُسلاً. فقلتُ لعبد الرحمن: عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: لا أُحدثُكَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بشيء (¬3). ¬

_ (¬1) حديث ابن عقيل سلف برقم (287)، وإسناده ضعيف، وحديث القاسم سيأتي بعد هذا. (¬2) أخرجه عبد الرزاق (1173) و (1178)، وابن أبي شيبة 1/ 127، والطحاوي 1/ 99 - 100. (¬3) رجاله ثقات وهو موقوف، وقد اختلف فيه على عبد الرحمن بن القاسم: فرواه شعبة هنا وعند النسائي في "المجتبى" (213) و (360) عنه، عن القاسم ابن محمَّد، عن عائشة وظاهره الوقف. وهو في "مسند أحمد" (25391). ورواه محمَّد بن إسحاق فيما سيأتي بعده عنه، به مرفوعاً. ورواه سفيان الثوري عند البيهقي 353/ 1 عنه، عن القاسم، عن زينب بنت جحش: أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحمنة بنت جحش ... ورواه سفيان بن عيينة عند عبد الرزاق (1176)، والطحاوي 1/ 100، والبيهقي 1/ 353 عنه، عن القاسم مرسلاً.

295 - حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ يحيى، حدَّثني محمدْ -يعني ابنَ سلمة- عن محمَّد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة: أنَّ سَهْلَةَ بنتَ سُهيل استُحيضَت فأَتَتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأَمَرَها أن تَغتَسِلَ عندَ كُلِّ صلاةٍ، فلمَّا جَهَدها ذلك أَمَرَها أن تَجمَعَ بينَ الظُّهرِ والعَصرِ بغُسلٍ، والمَغرِبَ والعِشاءَ بغُسلٍ، وتَغتَسِلَ للصُّبحِ (¬1). قال أبو داود: رواه ابنُ عُيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: أنَّ امرأةً استُحيضَت فسألت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -فأمَرَها، بمعناه. 296 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيَّة، أخبرنا خالد، عن سُهيل -يعني ابنَ أبي صالح-, عن الزُّهريّ، عن عُروة بن الزُّبير عن أسماءَ بنتِ عُمَيسٍ، قالت: قلتُ: يا رسولَ الله، إنَّ فاطمةَ بنتَ أبي حُبَيشٍ استُحيضَت منذُ كذا وكذا فلم تُصَلَّ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "سُبحانَ الله، هذا مِنَ الشَّيطانِ، لِتَجلِسْ في مِرْكنٍ، فإذا رَأَتْ صُفْرَةً (¬2) فوقَ الماء فلتَغتَسِلْ للظُّهرِ والعَصرِ غُسلاً واحداً، وتَغتَسِلْ ¬

_ =وقد صح عن عائشة كما في الأحاديث السالفة عند المصنف: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر المستحاضة بالغسل بعد انقضاء مدة حيضها المعتادة، ولم يأمرها بالغسل عند كل صلاة، وصرح بعضهم بأنها كانت تغتسل عند كل صلاة، وهو شيء فعلته هي ولم يأمرها به النبي - صلى الله عليه وسلم -. (¬1) إسناده ضعيف، محمَّد بن إسحاق مدلس ورواه بالعنعنة، وقد اختلف فيه على عبد الرحمن كما سلف قبله. وأخرجه أحمد (24879) و (25086)، والدارمي (776) و (785)، والطحاوي 1/ 101، والبيهقي 1/ 352 - 353، والبغوي في "شرح السنة" (327) من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. (¬2) في (ب) و (د) و (هـ): صُفَارة.

109 - باب من قال: تغتسل من طهر إلى طهر

للمَغرِبِ والعِشاءِ غسلاً واحداً، وتَغتَسِل للفَجرِ غُسلاً، وتَوَضَّأْ فيما بينَ ذلك" (¬1). قال أبو داود: رواه مُجاهِدٌ، عن ابن عبَّاس: لمَّا اشتَدَّ عليها الغُسلُ أَمَرَها أن تَجمَعَ بينَ الصَّلاتَين (¬2). قال أبو داود: ورواه إبراهيمُ عن ابن عباس، وهو قولُ إبراهيم النَّخَعي وعبدِ الله بنِ شدَّاد (¬3). 109 - باب من قال: تغتسل من طُهر إلى طُهر 297 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ جعفر بن زياد (ح)، وحدثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا شَريكٌ، عن أبي اليَقْظان، عن عَدِيِّ بن ثابت، عن أبيه عن جَدِّه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في المُستَحاضة: "تَدَعُ الصَّلاةَ أيامَ أقرائِها، ثمَّ تَغتَسِلُ وتُصَلِّي، والوضوءُ عندَ كُلِّ صلاةِ" (¬4). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، إلا أنه قد اختلف فيه على سهيل بن أبي صالح كما فصلناه فيما سلف برقم (281). (¬2) أخرج الطحاوي 1/ 101 - 102 من طريق قيس بن سعد، عن مجاهد، قيل لابن عباس: إن أرضنا أرض باردة، قال: تُؤخِّر الظهر وتُعجِّل العصر وتغتسل لهما غسلاً واحداً، وتؤخر المغرب وتُعجِّل العشاء وتغتسل لهما غسلاً، وتغتسل للفجر غسلاً. (¬3) قول إبراهيم أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 127، والدارمي (803) من طريقين عن منصور بن المعتمر، عنه. وقول عبد الله بن شداد أخرجه الدارمى (807). (¬4) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، شريك: هو ابن عبد الله النخعي -سيئ الحفظ، وأبو اليقظان- واسمه عثمان بن عمير البجلي - ضعيف، وثابت والد عدي مجهول.=

قال أبو داود: زاد عثمان: "وتصومُ وتُصَلِّي". 298 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا وكيعٌ، عن الأعمش، عن حَبيب ابن أبي ثابت، عن عُروة عن عائشة، قالت: جاءت فاطمةُ بنتُ أبي حُبَيش إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكر خَبَرَها، قال: "ثمَّ اغتَسِلي، ثمَّ تَوَضَّئي لكُلِّ صلاةٍ، وصَلِّي" (¬1). ¬

_ =وأخرجه الترمذي (126) و (127) , وابن ماجه (625) من طريق شريك، بهذا الإسناد. ورواه شريك بإسناده عن علي موقوفاً كما سيأتي بإثر الحديث (300). ويشهد له حديث عائشة السالف برقم (279) و (282) وإسناده صحيح. وفي هذا الحديث دليل على أن المرأة إذا ميزت دمَ الحيض من دم الاستحاضة تعتبر دم الحيض، وتعمل على إقباله وإدباره، فإذا انقضى قدره، اغتسلت عنه، ثمَّ صار حكم دم الاستحاضة حكم الحدث، فتتوضأ لكل صلاة، لكنها لا تصلي بذلك للوضوء أكثر من فريضة واحدة مؤداة أو مقضية لظاهر قوله: "وتوضئي لكل صلاة" وبهذا قال الجمهور، وعند الحنفية أن الوضوء متعلق بوقت الصلاة، فلها أن تصلى به الفريضة الحاضرة وما شاءت من الفوائت ما لم يخرج وقت الحاضرة، وعند المالكية: يستحب لها الوضوء لكل صلاة، ولا يجب إلا بحدث آخر، وقال أحمد وإسحاق: إن اغتسلت لكل فرض فهو أحوط. (¬1) حديث صحيح، ولا ينكر سماع حبيب بن أبي ثابت من عروة بن الزُّبير كما قال ابن عبد البر. وكيع: هو ابن الجراح، والأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه ابن ماجه (624) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24145). وقد توبع حبيب على ذكر الأمر لها بالوضوء لكل صلاة، فقد رواه أبو معاوية عند البخاري (228)، والترمذي (125)، والإمام أبو حنيفة عند الطحاوي 1/ 102، وأبو حمزة السكري عند ابن حبان (1354)، وأبو عوانة عنده (1355)، أربعتهم عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة.

299 - حدَّثنا أحمدُ بنُ سِنانٍ، حدَّثنا يزيدُ، عن أيوبَ بنِ أبي مِسكين، عن الحجَّاج، عن أُمِّ كُلثومٍ عن عائشة في المُستَحاضة: تغتسل -تعني مَرةً واحدةً- ثمَّ تَوَضَّأُ إلى أيامِ أقرائِها (¬1). 300 - حدَّثنا أحمدُ بنُ سِنانٍ، حدَّثنا يزيدُ، عن أيوبَ أبي العلاء، عن ابن شُبْرُمةَ، عن امرأةِ مَسروق عن عائشة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثلَه (¬2). ¬

_ (¬1) أثر صحيح، وهذا إسناد ضعيف، الحجاج -وهو ابن أرطاة- مدلس ورواه بالعنعنة، وأم كلثوم لا تُعرف. وأخرجه البيهقي 1/ 346 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 1/ 345 - 346 من طريق عباس بن محمَّد الدوري، عن يزيد بن هارون، به مرفوعاً. وانظر ما بعده. (¬2) أثر صحيح، وهذا إسناد حسن، أيوب أبو العلاء -وهو ابن أبي مسكين- صدوق حسن الحديث، وامرأة مسروق -وهى قَمير بنت عمرو- روى عنها جمع، ووثقها العجلي. وأخرجه الطبراني في "الصغير"، (1187) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (1170)، وابن أبي شيبة 1/ 126، وعلى بن الجعد (300)، والدارمي (790) و (792) و (799)، والطحاوي 1/ 105، والبيهقي 1/ 346 - 347 من طرق عن عامر الشعبي، عن قمير، به. وأخرجه الدارقطنى (818)، والبيهقى 1/ 346 من طريق عمار بن مطر، عن أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، به مرفوعاً. وقال الدارقطني: تفرد به عمار بن مطر، وهو ضعيف، عن أبي يوسف، والذي عند الناس عن إسماعيل بهذا الإسناد موقوفاً ... وذكر لفظه. وقال في "العلل" 5/ الورقة 107: الموقوف عن قمير عن عائشة أصح.

قال أبو داود: حديثُ عَدِيّ بن ثابت، والأعمَشِ عن حبيب، وأيوبَ أبي العلاء، كلُّها ضعيفةٌ لا تَصِحّ، ودلَّ على ضَعفِ حديثِ الأعمش عن حبيب هذا الحديث أوقَفَه حفصٌ، وأنكَرَ حفصُ بنُ غياثٍ حديثَ حبيب مرفوعاً، وأوقَفَه أيضاً أسباطٌ عن الأعمش، موقوفٌ عن عائشة. قال أبو داود: ورواه ابنُ داود عن الأعمش مرفوعاً أوَّلُه، وأنكَرَ أن يكونَ فيه الوضوءُ عندَ كُلِّ صلاةِ، ودلَّ على ضَعفِ حديثِ حبيبٍ هذا أنَّ روايةَ الزهريّ عن عُروة عن عائشة قالت: فكانت تَغتَسِلُ لكُلِّ صلاةٍ، في حديث المستحاضة (¬1). وروى أبو اليَقْظان عن عَدِيِّ بن ثابت، عن أبيه، عن عليٍّ (¬2) , وعمّارٌ مولى بني هاشم عن ابن عبَّاس (¬3). ¬

_ (¬1) قد بيّنا عند حديث حبيب السالف برقم (298) أنه متابع على ذكر الأمر بالوضوء لكل صلاة، وما تمسك به المصنف من تضعيفها برواية الزُّهريّ غير مُسلَّم، قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" 1/ 92: أما قولُ أكثر الفقهاء، فهو الوضوء لكل صلاة، وعليه العمل في قول عامتهم، ورواية الزُّهريّ لا تدل على ضعف حديث حبيب بن أبي ثابت، لأن الاغتسال لكل صلاة في حديث الزُّهريّ مضافٌ إلى فعلها، وقد يحتمل أن يكون ذلك اختياراً منها (قلنا: بل رواية الليث بن سعد عن الزُّهريّ عند مسلم (334) (63) فيها التصريح بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها بالغسل، وإنما هو شيء فعلته هي). وأما الوضوء لكل صلاة في حديث حبيب، فهو مروي عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ومضاف إليه وإلى أمره إياها بذلك، والواجب هو الذي شرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمر به دون ما فعلته وأتته من ذلك. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة 128/ 1 عن شريك، عن أبي اليقظان، به. وإسناده ضعيف كما بيّناه فيما سلف برقم (297)، إلا أنه هناك من رواية شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وهو اضطراب في إسناده أيضاً. (¬3) أخرجه الدارمي (788).

110 - باب من قال: تغتسل من ظهر إلى ظهر

وروى عبدُ الملك بنُ مَيسَرَةَ وبيانٌ والمُغيرةُ وفراسٌ ومُجالدٌ عن الشَّعبيَّ، عن حديث قَميرِ، عن عائشة: تَوَضَّأ لكُلّ صلاةِ (¬1). وروايةُ داود وعاصم، عن الشَّعبيّ، عن قَمير، عن عائشة: تَغتَسِلُ كُلَّ يومٍ مرَّةً (¬2). وروى هشامُ بنُ عُروة، عن أبيه: المُستَحاضةُ تتوَضَّأ لكُلِّ صلاةٍ (¬3). هذه الأحاديثُ كلُّها ضعيفةٌ إلا حديثَ قَميرٍ وحديثَ عمَّار مولى بني هاشم وحديثَ هشام بن عُروة عن أبيه، والمعروفُ عن ابن عبَّاس الغُسلُ. 110 - باب من قال: تغتسل من ظُهر إلى ظُهر 301 - حدَّثنا القَعنَبيُّ، عن مالك، عن سُمَىٍّ مولى أبي بكر: أنَّ القَعقاعَ وزيدَ بنَ أسلَمَ أرسلاه إلى سعيد بن المُسيّب يَسألُهُ: كيفَ تَغتَسِلُ المُستحاضَةُ؟ فقال: تَغتَسِلُ مِن ظُهرٍ إلى ظُهرٍ، وتَوضَّأُ لكُلَّ صلاةٍ، فإن غَلَبَها الدَّمُ استَثَفَرَت بثَوبٍ (¬4). ¬

_ (¬1) سلف تخريجه برقم (300). (¬2) رواية داود -وهو ابن أبي هند- أخرجها الدارمى (814)، أما عاصم -وهو ابن سليمان الأحول- فروايته عند عبد الرزاق (1170) وفيها: "تتوضأ لكل صلاة" كرواية الجماعة، فبقي داود بن أبي هند منفرداً عن الشعبي بالأمر بالاغتسال بدل الوضوء، وداود هذا تقع له أوهام. (¬3) أخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 63، وابن أبي شيبة 1/ 127. (¬4) أثر إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 63 برواية يحيى الليثي، و (174) برواية أبي مصعب الزُّهريّ، ووقع فيهما: من طهر إلى طهر، بالطاء المهملة، مُصحَّفاً.=

قال أبو داود: ورُوِيَ عن ابنِ عمر وأنسِ بنِ مالك: تَغتَسِلُ مِن ظُهرٍ إلى ظُهرٍ (¬1). وكذلك روى داودُ وعاصمُ (¬2)، عن الشَّعبيِّ، عن امرأته، عن قَميرِ، عن عائشة، إلا أنَّ داودَ قال: كُلَّ يومٍ، وفي حديث عاصم: عند الظُّهر. وهو قولُ سالم بن عبد الله والحسن وعطاء (¬3). وقال مالكٌ: إنِّي لأظنُّ حديثَ سعيد بنِ المسيّب إنَّما هو: "مِن طُهرٍ إلى طُهرٍ"، ولكن الوَهمَ دخلَ فيه. ¬

_ =وأخرجه عبد الرزاق (1169)، وابن أبي شيبة 1/ 127، والدارمى (808) و (810) و (819) من طريقين عن سمي، بهذا الإسناد. وجاء عندهم: ظهر، بالظاء المعجمة. وأخرجه ابن أبى شيبة 1/ 127 من طريق قتادة، والدارمي (809) من طريق يحيى ابن سعيد، كلاهما عن ابن المسيب. وقالا: ظهر، بالظاء المعجمة. قال أبو الوليد الباجى فى "المنتقى" 1/ 126 - 127 بعد أن نقل كلام مالك الذي نقله المصنف بإثر الخير: وإنما قال ذلك مالك رحمه الله لما لم يكن لوقت الظهر معنى يقتضي اغتسالها، فرأى أن اللفظ قد صُحِّف عن ابن المسيّب، وأصله ما ذكره. وانظر لزاماً" الاستذكار"، لابن عبد البر. (¬1) قول ابن عمر أخرجه الدارمى (815) عن مروان الطاطري عن بكير بن معروف عن مقاتل بن حيان عن نافع، عنه. وبكير بن معروف، قال الذهبي: وثقه بعضهم، وقال ابن المبارك: ارم به، وقال أحمد: ذاهب الحديث، وذكره العقيلي فى "الضعفاء". (¬2) سلف الكلام على هذه الرواية قريباً بإثر الحديث (300). (¬3) قول الحسن أخرجه عبد الرزاق (1168) وابن أبى شيبة 129/ 1، والدارمى (811) و (812). وقول سالم أخرجه ابن أبي شيبة 128/ 1. أما عطاء فقد أخرج عبد الرزاق (1171) عن ابن جريج، عنه فى المستحاضة: تجمع بين الظهر والعصر بغسل، وبين المغرب والعشاء بغسل، وتغتسل للفجر غسلاً. وهذا خلاف ما نقل المصنف عنه!

111 - باب من قال: تغتسل كل يوم، ولم يقل: عند الظهر

ورواه مِسْوَر بنُ عبد الملك بن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع: "مِن طُهرٍ الى طُهرٍ"، فلَقِنَها الناسُ: "مِن ظُهرٍ إلى ظُهرٍ". 111 - باب من قال: تغتسل كل يوم، ولم يقل: عند الظهر 302 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حَنبَل، حدَّثنا عبدُ الله بنُ نُمير، عن محمدِ بن أبي إسماعيل، عن مَعقِل الخَثعَمىِّ عن عليٍّ، قال: المُستَحاضةُ إذا انقَضَى حَيضُها اغتَسَلَت كُلَّ يومٍ، واتَّخَذَت صُوفَةً فيها سَمنٌ أو زَيتٌ (¬1). 112 - باب من قال: تغتسل ببن الأيام 303 - حدَّثنا القَعنَبيُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمّد-، عن محمّد ابن عثمان: أنه سألَ القاسمَ بنَ محمّد عن المُستَحاضَةِ، قال: تَدَعُ الصَّلاةَ أيامَ أقرائِها، ثمَّ تَغتَسِلُ فتُصَلِّي، ثمَّ تَغتَسِلُ في الأيام (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، معقل الخثعمي تفرد بالرواية عنه محمَّد بن أبي إسماعيل راشد السلمي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وجهّله الحافظان الذهبي وابن حجر، وباقي رجاله ثقات. (¬2) أثر صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمَّد -وهو الدراوردي-, وقد توبع، وباقي رجاله ثقات. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ومحمد بن عثمان: هو ابن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي المدني. وأخرجه ابن أبي شيبة 128/ 1 عن صفوان بن عيسى، عن محمَّد بن عثمان المخزومي قال: سألت سالماً والقاسم عن المستحاضة، فقال أحدهما: تنتظر أيام أقرائها، فإذا مضت أيام أقرائها اغتسلت وصلت، وقال الآخر: تغتسل من الظهر إلى الظهر. قلنا: هذا الآخر هو سالم بن عبد الله بن عمر، فهذا قوله كما نقله المصنف بإثر الحديث (301).=

113 - باب من قال: توضأ لكل صلاة

113 - باب من قال: توضّأ لكل صلاة 304 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ المُثنّى، حدَّثنا ابنُ أبي عَدِيّ، عن محمَّد -يعني ابنَ عمرو-، حدَّثني ابنُ شِهاب، عن عُروة بن الزُّبير عن فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيش أنها كانت تُستَحاضُ، فقال لها النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - "إذا كانَ دَمُ الحَيضِ فإنه دَمٌ أسوَدُ يُعرَفُ، فإذا كانَ ذلك فأمسِكِي عن الصلاةِ، فإذا كانَ الآخَرُ فتَوَضّئى وصَلِّي". قال أبو داود: قال ابنُ المُثنَّى: وحدّثنا به ابنُ أبي عَدِيّ حِفظاً، فقال: عن عُروة، عن عائشة (¬1). قال أبو داود: ورُوي عن العلاء بن المُسيّب وشُعبة، عن الحَكَم، عن أبي جعفر -قال العلاءُ: عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأوقَفَهُ شُعبةُ-: تَوَضأ لكُلِّ صلاةٍ (¬2). 114 - باب من لم يذكر الوضوء إلا عند الحدث 305 - حدَّثنا زيادُ بنُ أيوب، حدَّثنا هُشَيمٌ، أخبرنا أبو بشر، عن عِكرِمة ¬

_ =وقوله: ثمَّ تغتسل في الأيام. قال صاحب "بذل المجهود" 2/ 376: أي: في أيام طهرها، وهذا الغسل هو المندوب علاجاً لتقليل الدم وتنظيف البدن. (¬1) صحيح من حديث عائشة. وقد سلف بإسناده ومتنه برقم (286)، وخرَّجناه هناك. (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 126، والطبراني في "الأوسط" (9184) من طريق حفص بن غياث، عن العلاء بن المسيب، به. وهو منقطع، أبو جعفر: هو محمَّد بن على الباقر.

115 - باب المرأة ترى الصفرة والكدرة

أنَّ أُمَّ حبيبةَ بنتَ جَحشٍ استُحيضَت فأمَرَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -أن تَنتَظِرَ أيامَ أقرائِها، ثمَّ تَغتَسِلَ وتُصلِّي، فإن رأت شيئاً مِن ذلك تَوَضَّأَت وصَلَّت" (¬1). 306 - حدَّثنا عبدُ الملك بنُ شعيب، حدَّثني عبدُ الله بنُ وهب، حدَّثني الليث عن رَبِيعة: أنه كانَ لا يرى على المُستَحاضَةِ وضوءاً عندَ كُلِّ صلاةٍ، إلا أن يُصيبَها حَدَثٌ غيرُ الدَّمِ فتَوَضَّأُ (¬2). 115 - باب المرأة ترى الصُّفْرة والكُدرة 307 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، عن قتادةَ، عن أُمِّ الهُذَيل عن أُمِّ عطية، وكانت بايَعَت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قالت: كُنَّا لا نَعُدّ الكُدرَةَ والصُّفْرَةَ بعدَ الطُّهرِ شيئاً (¬3). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات لكن فيه انقطاع، عكرمة لم يسمع من أم حبيبة. هشيم: هو ابن بشير، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 126 عن هُشيم، بهذا الإسناد. وقد صح من حديث عائشة بنحوه كما سلف بالأرقام (282) و (285) و (298). (¬2) رجاله ثقات. الليث: هو ابن سعد، وربيعة: هو ابن أبي عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي. شيخ الإمام مالك المتوفى سنة 136 هـ. (¬3) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وأم الهذيل: هي حفصة بنت سيرين الأنصارية البصرية أخت محمَّد بن سيرين، قال ابن معين: ثقة حجة. وأخرجه ابن ماجه (647م) من طريق أيوب السختياني، عن قتادة، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. وقول أم عطية: كنا لا نعد الكدرة، أي: في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع علمه بذلك، وبهذا يُعطى الحديثُ حكم الرفع، وهو مصير من البخاري إلى أن مثل هذه الصيغة تُعد في المرفوع ولو لم يُصرح الصحابي بذكر زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبهذا جزم الحاكم وغيره خلافاً للخطيب، قاله الحافظ في "الفتح" 1/ 426.=

116 - باب المستحاضة يغشاها زوجها

308 - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا إسماعيل، أخبرنا أيوب، عن محمَّد بن سيرين، عن أُمِّ عطيّة، بمثله (¬1). 116 - باب المستحاضة يغشاها زوجها 309 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالد، حدَّثنا مُعلَّى بن منصور، عن علي بن مُسهِر، عن الشَّيبانيِّ عن عِكرِمة قال: كانت أُمُّ حبيبةَ تُستَحاضُ، فكانَ زوجُها يَغشاها (¬2) (¬3). ¬

_ =وأما حديث عائشة الذي رواه مالك في "الموطأ" 1/ 59 عن علقمة بن أبي علقمة المدني، عن أمه مرجانة مولاة عائشة قالت: كان النساء يبعثن إلى عائشة أم المؤمنين بالدُّرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيضة يسألنها عن الصلاة، فتقول لهن: لا تعجلن حتَّى تَرَيْنَ القَصَّةَ البيضاء. فالجمع بين حديث عائشة وبين حديث أم عطية بأن ذلك محمول على ما إذا رأت الصُّفرة أو الكُدرة في أيام الحيض، وأما في غيرها، فعلى ما قالته أم عطية. (¬1) إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن إبراهيم البصري المعروف بابن عُلية، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه البخاري (326)، والنسائي في "المجتبى" (368)، وابن ماجه (647) من طريق أيوب، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) رجاله ثقات، لكنه مرسل وبتقدير أن عكرمة يرويه عن أم حبيبة، ففي سماعه منها نظر كما قال المنذري في "مختصر السنن" وقال الحافظ في "الفتح " 1/ 429: حديث صحيح إن كان عكرمة سمعه منها. الشيباني: هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان. وأخرجه البيهقي 1/ 329 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وفي الباب عن ابن عباس موقوفاً: لا بأس أنا يُجامعها زوجها، يعني المستحاضة. وفي رواية: أنه سئل عن المستحاضة أيأتيها زوجها. قال: نعم وإن سال الدم على عقبها. أخرجه عبد الرزاق (1188) و (1189)، والدارمي (817) من طرق عن عكرمة عنه. (¬3) بإثر هذا الحديث في (هـ): قال أبو داود: قال يحيى بن معين: معلّى ثقة، وكان أحمد بن حنبل لا يروي عنه لأنه كان ينظر في الرأي.

310 - حدَّثنا أحمد بن أبي سُرَيج الرازي، حدَّثنا عبد الله بن الجَهمِ، حدّثنا عمرو بن أبي قيس، عن عاصم، عن عِكرمة عن حَمْنَةَ بنتِ جحش أنها كانت مُستَحاضةَ وكانَ زوجُها يُجامِعُها (¬1). ¬

_ (¬1) عمرو بن أبي قيس وعاصم -وهو ابن بهدلة- كلاهما له أوهام، وقد خالفهما أبو إسحاق الشيباني وأبو بشر جعفر بن إياس -وهما ثقتان- فروياه عن عكرمة: أن أم حبيبة بنت جحش. ورواية الشيباني سلفت قبل هذا، ورواية أبي بشر سلفت برقم (305). وقد قيل: إن حمنة هي نفسها أم حبيبة، وهو قولُ الحافظ المزي في "تهذيب الكمال"، وتابعه عليه الحافظ ابن حجر في "التقريب"، والصواب التفريقُ بينهما، فقد ترجم الحافظ في "الإصابة" 7/ 586 أم حبيبة، وذكر أنها كانت زوجَ مصعب بنِ عُمير، ثمَّ لما قُتِلَ يومَ أحد تزوجها طلحةُ بن عبيد الله، وترجم أم حبيبة بنت جحش فيه 8/ 188، وذكر أنها كانت زوجَ عبد الرحمن بن عوف. قلنا: وقد سلف حديث عائشة برقم (288)، وفيه التصريح بأن المستحاضة هي أم حبيبة، وفيه وصفها بأنها زوجُ عبد الرحمن بن عوف، فهو المعتمد، ولذا قال الواقدي: يغلط بعضهم فيظن أن المستحاضة حمنة بنت جحش، ويظنُّ أن كنيتها أم حبيبة. وتعقبه المزي فذكر الروايات التي فيها تسمية المستحاضة حمنة بنت جحش، وقال: لا وجه لرد الروايات الصحيحة لقول الواقدي وحده. فتعقبه الحافظ في "تهذيب التهذيب" بأن رواية الزُّهريّ المذكورة ترجح ما ذهب إليه الواقدي، قال: وقد رجحه إبراهيمُ الحربي وزيّف غيره واعتمده الدارقطني. قلنا: وهو قولُ ابن معين أيضاً، فقد روى البيهقي 1/ 339 بإسناده إليه قال: إن المستحاضة هي أمّ حبيبة بنت جحش وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف وليست حمنة. أما الروايات التي ذكرها المزي وفيها تسمية المستحاضة حمنة فهي ثلاث روايات: رواية عبد الله بن عقيل، عن إبراهيم بن محمَّد بن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة، عن أمه حمنة بنت جحش. ورواية عاصم، عن عكرمة. ورواية عنبسة بن خالد، عن يونس، عن الزُّهريّ، عن عمرة، عن أم حبيبة وهي حمنة. قلنا: رواية ابن عقيل سلفت برقم (287)، وإسنادها ضعيف. ورواية عاصم هي هذه وقد علمت ما فيها، ورواية الزُّهريّ فيها عنبسة بن خالد وهو ضعيف، وقد سلفت روايته برقم (289) دون قوله: "وهي حمنة".

117 - باب ما جاء في وقت النفساء

117 - باب ما جاء في وقت النُّفَساء 311 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زهير، حدَّثنا علي بن عبد الأعلى، عن أبي سهل، عن مُسّةَ عن أُمِّ سلمة: كانت النُّفَساءُ على عَهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - تَقعُدُ بعدَ نِفاسِها أربعينَ يوماً، أو أربعينَ ليلةً، وكنا نَطْلي على وجوهِنا الوَرسَ، تعني من الكَلَفِ (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا اسناد ضعيف لجهالة حال مُسَّة -وهي أم بُسَّة الأزدية- روى عنها اثنان، وذكرها ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: لا يحتج بها يعني وحدها، فأما عند المتابعة أو الشاهد، فيكون حديثها حسناً. أبو سهل: هو كثير بن زياد. وأخرجه الترمذي (139)، وابن ماجه (648) من طريق على بن عبد الأعلى، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26561). وسيأتي بعده. وفي الباب عن أنس بن مالك عند ابن ماجه (649)، وإسناده ضعيف. وعن عثمان بن أبي العاص عند الدارقطنى (853 - 856)، والحاكم 1/ 176، وإسناده ضعيف. وعن عبد الله بن عمرو عند الدارقطني (858)، والحاكم 1/ 176،وإسناده ضعيف جداً. وعن عائشة عند الدارقطني (857)، وإسناده ضعيف جداً. وعن جابر عند الطبراني في "الأوسط" (462)، وإسناده ضعيف. وعن أبي هريرة عند ابن عدي في ترجمة العلاء بن كثير من "الكامل" 5/ 1861، وإسناده ضعيف. وهذه الشواهد -وإن كانت ضعيفة كلها- فبمجموعها، وبكونها العمل عليها، يدل على أن للحديث أصلاً وأنه حديث حسن.=

312 - حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، حدَّثنا محمَّدُ بن حاتم -يعني حُبِّي حدَّثنا عبد الله بن المبارك، عن يونس بن نافع، عن كثير بن زياد قال: حدَثتني الأزدية قالت: حَجَجتُ فدَخَلتُ على أُمِّ سلمةَ فقلتُ: يا أُمَّ المؤمنين، إنَّ سَمُرةَ ابنَ جُندُب يأمُرُ النِّساءَ يَقضينَ صلاةَ المَحيضِ، فقالت: لا يَقضِينَ، كانت المرأةُ من نساءِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَقعُدُ في النِّفاسِ أربعينَ ليلةً، لا يأمُرُها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -بقضاءِ صلاةِ النِّفاسِ (¬1). قال محمَّد -يعني ابنَ حاتم-: واسمُها مُسَّة، تكنى أُمَّ بُسَّة. قال أبو داود: كثير بن زياد كنيته أبو سهل. ¬

_ =قال الترمذي في "سننه" (139): وقد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - والتابعين ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن تري الطهر قبل ذلك، فإنها تغتسل وتصلي، فإذا رأت الدم بعد الأربعين، فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفقهاء، وبه قال سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي. الورس: نبت يكون في بلاد العرب، وثمرتها قرن مغطى عند نضجه بغددٍ حمراء يستعمل لتلوين الملابس الحريرية لاحتوائه على مادة حمراء. والكلف: نَمَشَ يعلو الوجه كالسمسم، وحُمرة كدِرة تعلو الوجه، والبهق. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. وأخرجه بهذا السياق الحاكم 1/ 175، والبيهقي 1/ 341 من طريق عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. وقولها: "من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم -" الظاهر أنه من أوهام يونس بن نافع، فقد نصوا على أنه يخطئ، وإلا فإن المراد بنسائه هنا بناته وقريباته وسريته مارية، فإن أزواجه ما منهن من كانت نفساء أيامَ كونها معه إلا خديجة، وقد ماتت رضى الله عنها قبل الهجرة. قاله ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 329.

118 - باب الاغتسال من الحيض

118 - باب الاغتسال من الحيض 313 - حدَّثنا محمَّد بن عمرو الرازي، حدَّثنا سلمة -يعني ابنَ الفضل-, حدَّثنا محمَّد -يعني ابنَ إسحاق-، عن سُليمان بن سُحَيم، عن أُميَّةَ بنتِ أبي الصَّلت عن امرأةٍ من بني غِفارٍ قد سمَّاها لي، قالت: أردَفَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -على حَقيِبةِ رَحْلِهِ، قالت: فواللهِ لنزلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصُّبحِ، فأناخَ ونزلتُ عن حَقيبةِ رَحْلِه، وإذا بها دَمٌ منِّي، وكانت أوّلَ حَيضةٍ حِضتُها، قالت: فتَقَبَّضتُ إلى الناقةِ واستَحيَيتُ، فلمَّا رأى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -ما بي ورأى الدَّمَ قال: "ما لكِ؟ لعلَّكِ نَفِستِ"، قلتُ: نعم، قال: "فأصلِحي من نفسِكِ ثمَّ خُذي إناءً من ماءٍ فاطْرَحي فيه مِلحاً، ثمَّ اغسِلي ما أصابَ الحقيبةَ مِنَ الدَّمِ، ثمَّ عودي لِمَركبِكِ" قالت: فلما فتحَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خَيبَرَ رَضَخَ لنا مِنَ الفَيءِ، قالت: وكانت لا تَطَّهَّرُ مِن حَيضةٍ إلا جَعَلَت في طَهورِها مِلحاً، وأَوصَت به أن يُجعَلَ في غُسلِها حينَ ماتت (¬1). 314 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا سلاَّم بنُ سُليم، عن إبراهيم بن مُهاجر، عن صفيه بنتِ شَيبة ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أمية بنت أبي الصلت، فقد تفرد بالرواية عنها سليمان ابن سحيم، وهي تابعية لا تَصِحُّ صحبتُها، فقد ذكرها الحافظ في القسم الرابع من "الإصابة"، وقال في "التقريب": لا يُعرف حالها. وسلمةُ بنُ الفضل -وإن كان ضعيفاً - متابع، ومحمد بن إسحاق -وإن كان مدلساً- صرح بالتحديث عند أحمد والبيهقي. وأخرجه أحمد (27136)، والخطيب في "تلخيص المتشابه" 2/ 847 و 848، والبيهقي 2/ 407 من طريقين عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

عن عائشة قالت: دَخَلَت أسماءُ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسولَ الله، كيف تَغتَسِلُ إحدانا إذا طَهُرَت مِنَ المَحيضِ؟ قال: "تأخُذُ سِدْرَها وماءَها فتَوَضَّاُ، ثمَّ تَغسِلُ رأسَها وتَدلُكُه حتَّى يَبلُغَ الماءُ أصولَ شَعرِها، ثمَّ تَفيضُ على جَسَدِها، ثمَّ تأخُذُ فِرصَتَها فتَطَّهَّرُ بها" قالت: يا رسولَ الله، كيف أتَطَهَرُ بها؟ قالت عائشةُ: فعَرَفتُ الذي يَكْني عنه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ لها: تَتَّبِعينَ آثارَ الدَّمِ (¬1). 315 - حدَّثنا مُسدَّدُ بنُ مُسَرهَد، حدَّثنا أبو عوانة، عن إبراهيم بن مُهاجِر، عن صفية بنت شَيْبة عن عائشة: أنها ذكرت نساءَ الأنصار، فأَثنَت عليهنَّ وقالت لهنَّ معروفاً، قالت: دَخَلَتِ امرأةٌ منهنَّ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر معناه، إلا أنه قال: "فِرْصةً مُمَسَّكةً". قال مسدَّد: كان أبو عوانة يقول: "فِرْصَة" وكان أبو الأحوص يقول: "قَرْصَة" (¬2) (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، إبراهيم بن مهاجر -وإن كان ضعيفاً- قد توبع. وأخرجه بنحوه البخاري (314)، ومسلم (332) (60)، والنسائي في "الكبرى" (244) من طريق منصور بن صفية، عن أمه، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24907). وانظر الحديثين الآتيين بعده. (¬2) الفرصهَ: قطعة من صوف أو قطن، وممسكة: مطلية بالمسك ومطيبة منه، والمقصود باستعمال الطيب دفع الرائحة الكريهة. وقوله: وكان أبو الأحوص يقول: قَرْصَةَ. قال الحافظ في "الفتح" وجهه المنذري، فقال: يعني شيئاً يسيراً مثل القرصة بطرف الإصبعين. (¬3) حديث صحيح، إبراهيم بن مهاجر متابع. وأخرجه مسلم (332) (61) من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد. وسمى المرأة: أسماء بنت شَكَل. وانظر ما قبله.=

119 - باب التيمم

316 - حدَّثنا عُبيد الله بن معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبة، عن إبراهيم -يعني ابنَ مُهاجِر-، عن صفية بنت شَيبة عن عائشة: أنَّ أسماءَ سألت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، بمعناه، قال: "فِرْصَةً مُمَسَّكةً" فقالت: كيف أتطهَّرُ بها؟ قال: "سبحان الله! تَطَهَّري بها" واستَتَرَ بثوبٍ. وزاد: وسألتهُ عن الغُسلِ مِنَ الجنابةِ، قال: "تأخُذينَ ماءك فتَطَّهَّرينَ أحسَنَ الطهورِ وأبلَغَه، ثمَّ تَصُبِّينَ على رأسِكِ الماءَ، ثمَّ تَدلُكينَه حتّى يَبلُغَ شؤونَ رأسِكِ، ثمَّ تُفيضينَ عليكِ الماءَ". وقالت عائشة: نِعْمَ النساءُ نساءُ الأنصار، لم يكن يَمنَعُهُنَّ الحياءُ أن يَسألنَ عن الدِّين ويَتَفَقَّهنَ فيه (¬1). 119 - باب التيمم 317 - حدّثنا عبدُ الله بن محمَّد النُّفيلىّ، حدَّثنا أبو معاوية (ح) وحدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا عَبْدةُ -المعنى واحد-, عن هشام بن عُروة، عن أبيه ¬

_ (¬1) حديث صحيح، إبراهيم بن مهاجر متابع. وأخرجه مسلم (332) (61)، وابن ماجه (642) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25145). وقولها: شؤون رأسك، أي: أصول شعر رأسك. وقولها: "نعم النساء نساء الأنصار" علقه البخاري قبل الحديث (130). والحياء الشرعي هو من الإيمان، وهو الذي يقع على وجه الإجلال والاحترام للأكابر وهو محمود، وأما ما يقع سبباً لترك أمر شرعي فهو مذموم، وليس هو بحياء شرعي, وإنما هو ضعف ومهانة. وانظر الحديثين السالفين قبله.

عن عائشة، قالت: بَعَثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -أُسَيدَ بنَ حُضَير وأُناساً معه في طَلَبِ قِلادةٍ أضَلَّتها عائشةُ، فحَضَرَتِ الصَّلاةُ، فصَلَّوا بغيرِ وُضوءٍ، فأتَوُا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فذكروا ذلك له، فأنزِلَت آيةُ التيمُّمِ، زاد ابن نُفَيل: فقال لها أُسَيد: يَرحَمُكِ اللهُ، ما نزلَ بكِ أمرٌ تكرهينَه إلا جعلَ اللهُ للمسلمينَ ولكِ فيه فَرَجاً (¬1). 318 - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني يونس، عن ابن شِهاب، أن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة حدَّثه، عن عمَّار بن ياسر، أنه كان يُحدِّثُ أنهم تَمَسَّحوا وهم مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بالصَّعيدِ لصلاةِ الفَجرِ، فضربوا بأكُفّهمُ الصَّعيدَ، ثمَّ مَسَحوا وجوهَهم مَسْحةً واحدةَ، ثمَّ عادوا فضربوا بأكُفِّهمُ الصَّعيدَ, مرَّةً أُخرى، فمسحوا بأيديهم كُلِّها إلى المناكِبِ والآباطِ مِن بُطونِ أيديهم (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، وعبدة: هو ابن سليمان الكلابي. وأخرجه البخاري (336)، ومسلم (367) (109)، والنسائي في "الكبرى" (308)، وابن ماجه (568) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البخاري (334)، ومسلم (367) (108)، والنسائي في "الكبرى" (295) من طريق القاسم بن محمَّد، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24299)، و"صحيح ابن حبان" (1300) و (1709). قوله: "فاُنزلت آية التيمم" المراد بها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ} [المائدة: 6] , كما صرح به البخاري (4608) في رواية الحديث من طريق عمرو بن الحارث، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع، عبيدُ الله بنُ عبد الله بن عتبة لم يُدرك=

319 - حدَّثنا سُليمانُ بنُ داود المَهريُّ وعبدُ الملك بنُ شعيب، عن ابن وَهب، نحوَ هذا الحديث، قال: قامَ المسلمونَ فضربوا بأكُفِّهمُ التُّرابَ، ولم يَقبِضُوا مِنَ التُّرابِ (¬1)، فذكر نحوَه، لم يَذكر المناكِبَ والآباطَ، قال ابنُ اللَّيث: إلى ما فوقَ المِرفَقَينِ (¬2). 320 - حدَّثنا محمَّدُ بن أحمد بن أبي خلف ومحمدُ بن يحيى النيسابوريُّ في آخرين، قالوا: حدَّثنا يعقوب، حدَّثنا أبي، عن صالح، عن ابن شِهاب، حدّثني عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عبَّاس عن عمَّار بن ياسر: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عرَّسَ بأُولاتِ الجيشِ ومعه عائشةُ، فانقَطَعَ عِقدٌ لها مِن جَزْعِ ظَفار، فحُبِسَ الناسُ ابتغاءَ عِقدِها ذلك حتَّى أضاءَ الفجرُ، وليسَ مع الناسِ ماءٌ، فتَغَيَّظَ عليها أبو بكر، وقال: حَبَستِ الناسَ وليس معهم ماءٌ، فأنزلَ اللهُ تعالى ذِكرُه على رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم - رُخصَةَ التَّطَهُّرِ بالصَّعيدِ الطَّيِّبِ، فقامَ المسلمونَ مع رسولِ الله ¬

_ = عماراً فيما ذكر المزي في "تحفة الأشراف" (10363) و"تهذيب الكمال"، وقد عُرفت الواسطةُ بينهما وهي عبد الله بن عباس كما سيأتي برقم (320). وأخرجه ابن ماجه (571) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وقال فيه: "فمسحوا بأيديهم" ولم يذكر المناكب والآباط. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (297) من طريق مالك، وابن ماجه (565) من طريق الليث بن سعد، كلاهما عن الزُّهريّ، به. ورواية النسائي مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (18888) (¬1) في (هـ): من التراب شيئاً. (¬2) إسناده صحيح. ابن اليث المذكور في آخر الحديث هو عبد الملك بن شعيب. وقد سلف تخريجه فيما قبله.

- صلى الله عليه وسلم -, فضَرَبوا بأيديهم إلى الأرضِ، ثمَّ رفعوا أيديَهم ولم يَقبِضُوا مِنَ التُّرابِ شيئاً، فمَسَحُوا بها وجوهَهم وأيديَهم إلى المناكِبِ، ومِن بُطونِ أيديهم إلى الآباطِ؛ زاد ابنُ يحيى في حديثه: قال ابنُ شِهاب في حديثه: ولا يَعتَبِرُ بهذا الناسُ (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وصالح: هو ابن كيسان، وابن شهاب: هو الزُّهريّ، وعبيد الله بن عبد الله: هو ابن عتبة بن مسعود. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (296) عن محمَّد بن يحيي الذهلي، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (18322). قوله: "عرَّس بأولات الجيش" أي: نزل بهم ليلاً في هذا الموضع، وأُولات بضم الهمزة جمع ذات، وأولات الجيش اسم موضع في المدينة على بريد منها، بينها وبين العقيق سبعة أميال، على طريق مكة وراء ذي الحليفة، ويقال له: ذات الجيش أيضاً. وقوله: عرس، من التعريس وهو نزول المسافر آخر الليل. وقوله: "جزع ظفار" الجزَعُ: الخرز اليماني، وظفار: بكسر أوله وصرفه، أو بفتح أوله وبنائه على الكسر على وزن حَذامِ: مدينة بسواحل اليمن. وقوله: "وأيديهم إلى المناكب ومن بطون أيديهم إلى الآباط" نقل الحافظ في "الفتح" 1/ 445 عن الإمام الشافعي قوله: إن كان ذلك وقع بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكل تيمم صح للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعده، فهو ناسخ له، وإن كان وقع بغير أمره، فالحجة فيما أمر به، ومما يقوي رواية، "الصحيحين" في الاقتصار على الوجه والكفين كونُ عمار كان يفتي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره، ولا سيما الصحابي المجتهد. وقال البغوي في "شرح السنة" 2/ 114: وما روي عن عمار أنه قال: تيممنا إلى المناكب فهو حكاية فعله، ولم ينقله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, كما حكى عن نفسه التمعك في حال الجنابة، فلما سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأمره بالوجه والكفين، انتهى إليه، وأعرض عن فعله.

قال أبو داود: وكذلك رواه ابنُ إسحاق، قال فيه: عن ابن عبَّاس، وذكر ضَربَتَينِ كما ذكرَ يونُسُ (¬1). ورواه مَعمَر عن الزُّهريّ ضَربَتَينِ (¬2). وقال مالكٌ: عن الزُّهريِّ، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن أبيه، عن عمَّار. وكذلك قال أبو أُوَيس (¬3). وشكَّ فيه ابنُ عُيينة، قال مرَّةً: عن عُبيد الله عن أبيه أو عن عُبيد الله عن ابن عباس اضطرب فيه، ومرَّةً قال: عن أبيه، ومرَّةً قال: عن ابن عباس، اضطَرَبَ فيه وفي سماعِهِ من الزُّهري (¬4). ولم يذكر أحدٌ منهم الضَّربَتَينِ إلا مَن سَمَّيتُ. ¬

_ (¬1) رواية ابن إسحاق أخرجها البزَّار (1383) و (1384)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 110، وأبو يعلى (1630) من طرق عنه. (¬2) رواية معمر أخرجها عبد الرزاق (827) -ومن طريقه أحمد (18891) , وأبو يعلى (1632) -، وأخرجها الشافعي في "مسنده" (128) -ومن طريقه البيهقي في "معرفة السنن" (1566) - عن الثقة، كلاهما (عبد الرزاق والثقة) عنه. ورواية معمر هذه كرواية يونس السالفة برقم (318)، ليس في إسناده ابن عباس. (¬3) رواية مالك أخرجها النسائي في "الكبرى" (297)، وهي في "صحيح ابن حبان" (1310). ورواية أبي أويس -واسمه عبد الله بن عبد الله المدنى- يعني: عن الزُّهريّ، أخرجه أبو يعلى (1631). وقد رجح أبو حاتم وأبو زرعة كما في "العلل" لابن أبي حاتم 1/ 32 رواية عبيد الله ابن عبد الله، عن أبيه، عن عمار، على روايته عن ابن عباس، عن عمار. بينما قال النسائي بإثر الحديث (297): وكلاهما محفوظ. قلنا: وعبد الله بن عتبة ثقة وابن عباس صحابي، فالاختلاف لا يضر. (¬4) أخرجه الحميدي (143)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (278)، والبزار (1403)، والبيهقي في "معرفة السنن" (1561) من طريق ابن عيينة، عن الزهرى، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبيه، عن عمار.=

321 - حدَّثنا محمَّدُ بنُ سليمان الأنباريُّ، حدَّثنا أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن شَقيق، قال: كنتُ جالساً بينَ عبدِ الله وأبي موسى، فقال أبو موسى: يا أبا عبدِ الرحمن، أرأيتَ لو أنَّ رجلاً أجنَبَ فلم يَجِدِ الماءَ شهراً، أما كان يَتَيَمَّمُ؟ قال: لا، وإن لم يَجِدِ الماءَ شهراً، فقال أبو موسي: فكيفَ تَصنَعونَ بهذه الآيةِ التي في سورة المائدة: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة:6] فقال عبدُ الله: لو رُخِّصَ لهم في هذا لأوشَكُوا إذا بَردَ عليهمُ الماءُ أن يَتَيَمَّموا بالصَّعيدِ، فقال له أبو موسي: وإنَّما كَرِهتُم هذا لهذا؟ قال: نعم، فقال له أبو موسى: ألم تَسمَعِ قولَ عمَّار لعمر: بَعَثَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حاجةٍ، فأجنَبتُ، فلم أجِدِ الماءَ, فتَمَرَّغتُ في الصَعيدِ كما تَتَمَرَّغُ الدابَّهُ، ثمَّ أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكرتُ ذلك له، فقال: "إنَّما كانَ يكفيكَ أن تَصنَعَ هكذا"، فضَرَبَ بيده على الأرضِ فنَفَضَها، ثمَّ ضَرَبَ بشِمالِه على يمينِهِ، وبيمينهِ على شِمالِه على الكَفَّينِ، ثمَّ مَسَحَ وجهَه، فقال له عبدُ الله: أفلم تَرَ عمرَ لم يَقنَع بقولِ عمَّار؟ (¬1). ¬

_ =وأخرجه ابن ماجه (566)، والطحاوي 1/ 111 من طريق ابن عيينة، عن عمرو ابن دينار، عن الزُّهريّ، به. (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، والأعمش: هو سليمان ابن مهران، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل. وأخرجه البخاري (345) و (346) و (347)، ومسلم (368) (110) و (111)، والنسائي في "الكبرى" (304) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18328)، و"صحيح ابن حبان" (1304). قوله: "أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمار" جاء أوضح وأتم مما هنا في الرواية التي بعد هذه، وانظر كلامنا عليها.

322 - حدَّثنا محمَّدُ بن كثير العَبديُّ، أخبرنا سفيان، عن سلمة بن كُهَيل، عن أبي مالك، عن عبد الرحمن بن أَبْزى، قال: كنتُ عندَ عمرَ فجاءَهُ رجلٌ فقال: إنَّا نكونُ بالمكانِ الشَّهرَ أو الشَّهرَينِ، قال عمرُ: أمَّا أنا فلم أكن أُصلِّي حتَّى أَجِدَ الماء, قال: فقال عمار: يا أميرَ المُؤمِنينَ، أما تذكُرُ إذ كنتُ أنا وأنتَ في الإبِلِ، فأصابَتْنا جنابةٌ، فأمَّا أنا فتَمَعّكتُ، فأتَينا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكرتُ ذلك له، فقال: "إنَّما كانَ يكفيكَ أن تقولَ هكذا" وضربَ بيَدَيهِ إلى الأرضِ، ثمَّ نَفَخَهما، ثمَّ مسحَ بهما وجهَهُ ويَديهِ إلى نِصفِ الذِّراعِ، فقال عمرُ: يا عمَّار، اتَّقِ الله، فقال: يا أميرَ المُؤمِنينَ، إن شئتَ -والله- لم أذكُرْهُ أبداً، فقال عمرُ: كلا لَنُوَلِّيَنَّكَ مِن ذلك ما تَوَلَّيتَ (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح دون قوله: "إلى نصف الذراع" فضعيف، فقد شك فيه سلمة ابن كهيل في رواية شعبة عنه الآتية برقم (324)، فقال: لا أدري فيه "إلى المرفقين" أو "إلى الكفين"، وأشار إلى ضعف هذه القطعة الحافظ في "الفتح" 1/ 445. سفيان: هو الثوري، وأبو مالك: هو غزوان الغفاري الكوفي. وأخرجه النسائي فى "الكبرى" (298) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن سلمة، عن أبي مالك وعن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى، عن عبد الرحمن ابن أبزى، فذكره. وهو في "مسند أحمد" (18882). قوله: "اتق الله يا عمار" قال الإمام النووي في "شرح مسلم": أي: فيما ترويه وتثبّت فيه، فلعلك نسيت أو اشتبه عليك الأمر (فإني كنت معك ولا أتذكر من هذا شيئاً)، وأما قول عمار: "إن شئت لم أحدّث به" فمعناه -والله أعلم- إن رأيت المصلحة في إمساكي عن التحديث به راجحة على مصلحة تحديثي به أمسكت، فإن طاعتك واجبة علي في غير المعصية، وأصل تبليغ هذه السنة وأداء العلم قد حصل، فإذا أمسك=

323 - حدَّثنا محمَّد بن العلاء، حدَّثنا حفصٌ، حدَّثنا الأعمش، عن سلمة ابن كُهَيل، عن ابن أَبزى عن عمَّار بن ياسر، في هذا الحديث، فقال: "يا عمَّار، إنَّما كانَ يكفيكَ هكذا" ثمَّ ضربَ بيَدَيهِ الأرضَ، ثمَّ ضربَ إحداهما على الأخرى، ثمَّ مسحَ وجهَهُ والذَّراعَينِ إلى نصفِ الساعِدِ ولم يَبلُغ المِرفَقَينِ ضَربةً واحدةً (¬1). قال أبو داود: ورواه وكيعٌ، عن الأعمش، عن سلمة بن كُهَيل، عن عبد الرحمن بن أبزى. ورواه جريرٌ، عن الأعمش، عن سلمة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبْزى، يعني عن أبيه. 324 - حدَّثنا محمَّدُ بن بشَار، حدَّثنا محمَّد -يعني ابنَ جعفر-، حدَّثنا شعبة، عن سلمة، عن ذَرّ، عن ابنِ عبد الرحمن بن أَبْزى، عن أبيه عن عمار، بهذه القصة، فقال: "إنَّما كانَ يكفيكَ" وضربَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيدِهِ إلى الأرضِ، ثمَّ نفخَ فيها ومسحَ بها وجهَهُ وكَفَّيهِ، شَكَّ سلمةُ، ¬

_ = بعد هذا لا يكون داخلاً فيمن كتم العلم، ويحتمل أنه أراد: إن شئت لم أحدث به تحديثاً شاثعاً بحيث يشتهر في الناس، بل لا أحدث به إلا نادراً. وقوله: "لنولينك من ذلك ما توليت" قال الحافظ في "الفتح" 1/ 457: أي: لا يلزم من كوني لا أتذكره أن لا يكون حقاً في نفس الأمر، فليس لي منعك من التحديث به. قال: وبه يتضح عذر عمر، وأما ابن مسعود، فلا عذر له في التوقف عن قبول حديث عمار، فلهذا جاء عنه أنه رجع عن الفتيا بذلك. (¬1) حديث صحيح دون قوله: "إلى نصف الساعدين" كما سلف بيانه فيما قبله، وهذا إسناد منقطع بين سلمة بن كهيل وبين عبد الرحمن بن أبزى، بينهما أبو مالك الكوفي كما سلف قبله وسعيد بن عبد الرحمن بن أبزى فيما سيذكره المصنف بعده من رواية جرير بن عبد الحميد عن الأعمش.

قال: لا أدري فيه: "إلى المِرفَقَينِ"، يعني: أو "إلى الكَفَّينِ" (¬1). 325 - حدَّثنا علي بن سهل الرَّمليُّ، حدَّثنا حجاج -يعني الأعور-، حدّثني شعبة بإسناده بهذا الحديث قال: ثمَّ نَفَخَ فيها، ومَسَحَ بها وجهَهُ وكَفَّيهِ إلى المِرفَقَينِ أو الذَّراعَينِ، قال شعبة: كان سلمةُ يقول: الكَفينِ والوجة والذراعَينِ، فقال له منصورٌ ذاتَ يومٍ: انظُر ما تقولُ فإنه لا يَذكُرُ الذِّراعَينِ غيرُك (¬2). 326 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن شعبة، حدَّثني الحَكَمُ، عن ذَرٍّ، عن ابن عبد الرحمن بن أَبْزى، عن أبيه عن عمَّار في هذا الحديث، قال: فقال -يعني النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما كانَ يكفيكَ أن تَضرِبَ بيَدَيكَ إلى الأرضِ فتَمسَحَ بهما وَجهَكَ وكَفَّيكَ" وساقَ الحديثَ (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح دون قوله: "إلى المرفقين، لشك سلمة -وهو ابن كهيل- فيه، وقد أشار إلى ضعف هذه الرواية الحافظ في "الفتح" 1/ 445، وسيأتي الحديث من طرق صحيحة بالأرقام (326) و (327) بذكر الكفين فحسب. ذر: هو ابن عبد الله المُرهبي، وابن عبد الرحمن: هو سعيد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (299) عن محمَّد بن بشار، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18333). (¬2) حديث صحيح دون قوله: "إلى المرفقين أو إلى الذراعين" كما سلف الكلام عليه فيما قبله. حجاج الأعور: هو ابن محمَّد المصيصي، ومنصور المذكور في المتن: هو ابن المعتمر. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (301) من طريق حجاج، بهذا الإسناد. (¬3) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، والحكم: هو ابن عتيبة، وذر: هو ابن عبد الله المرهبي، وابن عبد الرحمن: هو سعيد.=

قال أبو داود: ورواه شُعبة، عن حُصين، عن أبي مالك، قال: سمعتُ عمَّاراً يخطُبُ بمثله، إلا أنه لم يَنفُخ (¬1). وذكر حسين بن محمَّد، عن شعبة، عن الحكم في هذا الحديث قال: ضربَ بكَفَّيهِ إلى الأرضِ ونَفَخَ (¬2). 327 - حدَّثنا محمَّدُ بن المِنهال، حدَّثنا يزيد بن زُرَيع، عن سعيد، عن قتادة، عن عَزْرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أَبْزى، عن أبيه عن عمَّار بن ياسر، قال: سألتُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -عن التيمُّم، فأَمَرَني ضربةً واحدةً للوجهِ والكَفَّينِ (¬3). ¬

_ =وأخرجه البخاري (338)، ومسلم (368) (112) و (113)، والنسائي (300) و (301)، وابن ماجه (569) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وقال الحكم عند البخاري ومسلم في الموضع الثاني: وقْد سمعته من ابن عبد الرحمن بن أبزى. وهو في "مسند أحمد" (18332)، و"صحيح ابن حبان" (1267). (¬1) رواية شعبة أخرجها الطحاوي 1/ 112، والدارقطني (702)، وهي موقوفة على عمار. وقد تابع شعبة على روايته عن حصين -وهو ابن عبد الرحمن السلمي- موقوفاً عبد الله بن إدريس عند ابن أبي شيبة 1/ 159، وأبو الأحوص سلام بن سليم عند ابن المنذر في "الأوسط" (546)، وزائدة بن قدامة عند الطحاوي 1/ 112، والدارقطني (703). وانظر التعليق على "مسند أحمد" (18882). ورواية أبي مالك، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن عمار مرفوعاً، سلفت برقم (322). (¬2) وذكر النفخ عن شعبة آدم بن أبي إياس عند البخاري (338)، ويحيى بن سعيد عند مسلم (368) (112)، وبهز بن أسد عند النسائي في "الكبرى" (300)، وابن ماجه (569). (¬3) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وعزرة: هو ابن عبد الرحمن الخزاعي الكوفي.=

328 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا أبان، قال: سُئِلَ قتادةُ عن التيمُّم في السَّفَرِ، فقال: حدَّثني مُحدِّث، عن الشَعبي، عن عبد الرحمن بن أبزى ¬

_ =وأخرجه الترمذي (144)، والنسائي في "الكبرى" (302) من طريق يزيد بن زريع، بهذا الإسناد، ولفظه عندهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بالتيمم للوجه والكفين. وهو في "مسند أحمد"، (18319)، و"صحيح ابن حبان" (1303) و (1308). وعند ابن حبان: "ضربة واحدة" كرواية المصنف. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 19/ 287: أكثر الآثار الموفوعة عن عمار في هذا الحديث إنما فيها ضربة واحدة للوجه واليدين، وكل ما يروى في هذا الباب عن عمار فمضطرب مختلف فيه، وذهبت طائفة من أهل الحديث إلى أن أصح حديث روي عن عمار حديث قتادة عن عزرة. وقال الخطابي في "معالم السنن" 1/ 100 - 101 ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن التيمم ضربة واحدة للوجه وللكفين، وهو قول عطاء بن أبي رباح ومكحول، وبه قال الأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق، وعامة أصحاب الحديث، وهذا المذهب أصح في الرواية. وقال الحافظ في "الفتح" 1/ 444 - 445 تحت قول الإمام البخاري: باب التيمم للوجه والكفين، أى: هو الواجب المجزئ، وأتى بذلك بصيغة الجزم مع شهرة الخلاف فيه لقوة دليله، فإن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم وعمار، وما عداهما ضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه، والراجح عدم رفعه، فأما حديث جهيم، فورد بذكر اليدين مجملاً، وأما حديث عمار، فورد بذكر الكفين في "الصحيحين" وبذكر المرفقين في "السنن" وفي رواية إلى نصف الذراع، وفي رواية إلى الآباط، فأما رواية المرفقين وكذا نصف الذراع، ففيهما مقال، وأما رواية الآباط، فقال الشافعي وغيره: إن كان ذلك وقع بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكل تيمم صح للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعده، فهو ناسخ له، وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما أمر به، ومما يقوي رواية "الصحيحين" في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار كان يفتي بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره، ولا سيما الصحابي المجتهد.

عن عمَّار بن ياسر، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إلى المِرفَقَينِ" (¬1). 329 - حدَّثنا عبدُ الملك بنُ شعيب بن الليث، حدَّثني أبي، عن جدِّي، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هُرْمُز، عن عمير مولى ابن عبَّاس، أنه سمعه يقول: أقبَلتُ أنا وعبدُ الله بنُ يَسَار مولى ميمونةَ زَوجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حتَّى دَخَلنا على أبي الجُهَيم بنِ الحارث بن الصمةِ الأنصاري، فقال أبو الجُهَيم: أقبَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نحوَ بئرِ جَمَلٍ، فلَقِيَه رجلٌ، فسَلَّمَ عليه، فلم يَرُدَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عليه السلامَ، حتَّى أتى على جِدارٍ، فمسحَ بوجهِهِ ويَدَيهِ، ثمَّ ردَّ عليه السَّلامَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن الشعبي، وباقي رجاله ثقات. أبان: هو ابن يزيد العطار، والشعبي: هو عامر بن شراحيل. وأخرجه البيهقي 1/ 210 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه البزَّار (1391)، والدارقطني (693/ 2)، والبيهقي 1/ 210، وابن عبد البر في "التمهيد" 19/ 286 من طريق موسي بن إسماعيل، حدَّثنا أبان، قال: سئل قتادة عن التيمم في السفر فقال: كان ابن عمر يقول: إلى المرفقين، وكان الحسن يقول: إلى المرفقين، وكان إبراهيم النخعي يقول: إلى المرفقين، وحدثني محدث عن الشعبي ... فذكره، وفي بعض المصادر أن الراوي ذكر هذا الحديث لأحمد بن حنبل فأعجبه وقال: ما أحسنه. (¬2) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد. وأخرجه البخاري (337)، ومسلم معلقاً (369)، والنسائي في "الكبرى" (303) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وعند مسلم: أبي الجهم، وهو خطأ كما في "شرح النووي". وهو في "مسند أحمد" (17541). قوله: "بئر جمل" اسم موضع بالمدينة.=

330 - حدَّثنا أحمدُ بن إبراهيم المَوصليُّ، أبو علي، حدَّثنا محمَّد بن ثابت العَبديُّ، حدَّثنا نافع، قال: انطَلَقتُ مع ابنِ عمرَ في حاجةٍ إلى ابنِ عباس، فقضى ابنُ عمرَ حاجَتَه، وكانَ مِن حديثه يومَئذٍ أن قال: مَرَّ رجلٌ على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في سِكَّةٍ مِنَ السِّكَكِ، وقد خرجَ مِن غائطٍ أو بَولٍ، فسَلَّمَ عليه، فلم يَرُدَّ عليه، حتَّى إذا كادَ الرجلُ أن يَتَوارى في السِّكَّةِ ضربَ بيَدَيهِ على الحائِطِ ومسحَ بها وجهَه، ثمَّ ضربَ ضَربةً أُخرى فمسحَ ذِراعَيهِ، ثمَّ ردّ على الرجل السَّلامَ، وقال: "إنه لم يَمنَعني أن أَرُدَّ عليكَ السَّلامَ إلا أني لم أكُن على طُهرٍ" (¬1). 331 - حدَّثنا جعفر بن مُسافِر، حدَّثنا عبد الله بن يحيي البُرُلُسيُّ، أخبرنا حَيوَةُ بن شُريح، عن ابن الهاد، أنَّ نافعاً حدثه ¬

_ =قال الإمام النووي في "شرح مسلم": وحديث أبي جهيم محمول على أنه - صلى الله عليه وسلم - كان عادماً للماء حال التيمم، قال الحافظ ابن حجر: وهو مقتضى صنيع البخاري، لكن تعقب استدلاله به على جواز التيمم في الحضر بأنه ورد على سب، وهو إرادة ذكر الله، لأن لفظ السلام من أسمائه وما أريد به استباحة الصلاة، وأجيب بأنه لما تيمم في الحضر لرد السلام مع جوازه بدون الطهارة، فمن خشي فوت الصلاة في الحضر، جاز له التيمم بطريق الأولى. (¬1) إسناده ضعيف وما بعده أصح منه، كما نبه إليه المصنف، محمَّد بن ثابت العبدي ضعيف يُعتبر به، وقد انفرد في هذا الحديث بذكر الضربتين وذكر الذراعين. وأخرجه الطحاوي 1/ 85، والعقيلي في ترجمة محمَّد بن ثابت من "الضعفاء" 4/ 38، والطبراني في "الأوسط" (7784)، وابن عدي في ترجمة محمَّد بن ثابت من "الكامل" 6/ 2145، والدارقطني (676)، والبيهقي 1/ 215، والخطيب في "تاريخ بغداد" 13/ 135 من طريق محمَّد بن ثابت العبدي، بهذا الإسناد.

120 - باب الجنب يتيمم

عن ابن عمر قال: أقبَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنَ الغائِطِ، فلَقِيَه رجلٌ عندَ بئرِ جَمَلٍ، فسَلَّمَ عليه، فلم يَرُد عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، حتَّى أقبَلَ على الحائِطِ، فوضعَ يَدَه على الحائِطِ، ثمَّ مسحَ وجهَه ويَدَيهِ، ثمَّ رَدَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -على الرجلِ السَّلامَ (¬1). 120 - باب الجنب يتيمم 332 - حدَّثنا عمرُو بن عَون، أخبرنا خالد (ح) وحدثنا مُسدَّد، حدَّثنا خالدٌ -يعني ابنَ عبد الله الواسطي- عن خالد الحذَّاء، عن أبي قِلابة، عن عمرو بن بُجْدان عن أبي ذَرٍّ، قال: اجتَمَعَت غُنَيمةٌ عندَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -فقال: "يا أبا ذَرّ، ابدُ فيها" فبَدَوتُ إلى الرَّبَذَةِ، فكانت تُصيبُني الجنابةُ، فأمكُثُ الخمسَ والسِّتَ، فأتيتُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أبو ذَرٍّ! " فسَكَتُّ، فقال: "ثَكِلَتكَ أُمُّكَ أبا ذَرّ، لأُمِّكَ الوَيلُ" فدعا لي بجاريةٍ سوداءَ، فجاءت بعُسٍّ فيه ماءٌ، فسَتَرَتني بثَوبٍ، واستَتَرتُ بالراحِلَةِ، واغتَسَلتُ، فكأنِّي ألقَيتُ عنِّي جَبَلاً، فقال: "الصَّعيدُ الطيَّبُ وضوءُ المُسلِمِ ولو إلى عشرِ سِنينَ، فإذا وَجَدتَ الماءَ فأَمِسَّه جِلدَكَ، فإنَّ ذلك خيرٌ" ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الله بن يحيي البرلسي. وجعفر ابن مسافر -وإن كانت له أخطاء- متابع، وباقي رجاله ثقات. ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن الهاد. وأخرجه البيهقي 1/ 206 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني (677) من طريق الحسن بن عبد العزيز الجروي، عن عبد الله ابن يحيي، به. وانظر ما سلف برقم (16). ويشهد له حديث أبي الجهيم السالف برقم (329).

وقال مُسدَّد: غُنَيمة مِنَ الصَدَقة (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عمرو بن بجدان، فقد ذكره ابن حبان في "الثقات" 171/ 5, وقال: يروي عن أبي ذر وأبي زيد الأنصاري، روى عنه أبو قلابة -واسمه عبد الله بن زيد الجرمي- ووثقه العجلي، وترجمه البخاري وابن أبي حاتم فلم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وصحح حديثه هذا الترمذي وابن حبان والحاكم، خالد الحذاء: هو ابن مهران. وهو بطوله في "صحيح ابن حبان" (1311) و (1312). وأخرج قوله: "الصعيد الطيب وضوء المسلم ... " الترمذي (124) من طريق سفيان، عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (21371). وانظر ما بعده. وله شاهد صحيح من حديث أبي هريرة عند البزَّار (310 - كشف الأستار)، والطبراني في "الأوسط" (1355)، ولفظ الطبراني: كان أبو ذر في غنيمة له بالمدينة، فلما جاء قال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا ذر"، فسكت، فردها عليه، فسكت، فقال: "يا أبا ذر، ثكلتك أمك" قال: إني جنب، فدعا له الجارية بماء فجاءته، فاستتر براحلته واغتسل، ثمَّ أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يجزئك الصعيد ولو لم تجد الماء عشرين سنة، فإذا وجدته فأمِسه جلدك" ورجاله ثقات كما قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 261، وصحح إسناد ابن القطان في "الوهم والإيهام" 5/ 266. قوله: "ابدُ فيها" أي: اخرج إلى البادية فيها. والربذة: قرية من قرى المدينة على ثلاث مراحل منها قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز نزل بها أبو ذر الغفاري في عهد عثمان ومات بها، وقد ذكر في حديث البخاري (1406) سبب نزوله فيها، فقد جاء في الحديث نفسه أن زيد بن وهب سأل أبا ذر عن نزوله فيها، لأن مبغضي عثمان رضي الله عنه كانوا يشنعون على أنه نفى أبا ذر، وقد بين أبو ذر أن نزوله في ذلك المكان كان باختياره، وقد أمره عثمان بالتنحي عن المدينة لدفع المفسدة التي خافها على غيره من مذهبه الذي انفرد به من بين الصحابة أن كل مال مجموع يفضل عن القوت، وسداد العيش يُعد كنزاً ويحرم ادخاره، فاختار الربذة. والعُسُّ: القدح الكبير.

قال أبو داود: وحديثُ عمرو أتمُّ. 333 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد، عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن رجلٍ من بني عامر، قال: دَخَلتُ في الإسلام، فأهمَّني ديني، فأتيتُ أبا ذَر، فقال أبو ذَرّ، إني اجتوَيَتُ المدينةَ، فأمَرَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بذَوْدٍ وبغَنَمٍ، فقال لي: "اشرَبْ مِن ألبانِها" -وأشكُّ في "أبوالها"- فقال أبو ذرّ: فكنتُ أعزُبُ عن الماءِ ومعي أهلي، فتُصيبُني الجَنابةُ، فأصلّي بغيرِ طهورٍ، فأْتيتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -بنصفِ النَّهارِ، وهو في رَهْطٍ مِن أصحابِه، وهو في ظِل المَسجِدِ، فقال: "أبو ذر! " فقلتُ: نعم، هَلَكتُ يا رسولَ الله، قال: "وما أهلَكَكَ"؟ قلتُ: إنِّي كنتُ أعزُبُ عن الماءِ ومعي أهلي، فتُصيبُني الجَنابةُ فأُصلِّي بغير طهورٍ، فأَمَرَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بماءٍ، فجاءت جاريةٌ سَوداءُ بعُسٍّ يَتَخَضخَضُ ما هو بمَلآن، فتَسَتَّرتُ إلى بعيرٍ، فاغتَسَلتُ، ثمَّ جِئتُ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا ذر، إنَّ الصَّعيدَ الطَّيِّبَ طَهورٌ، وإن لم تَجِدِ الماءَ إلى عَشرِ سِنينَ، فإذا وَجَدتَ الماءَ فأَمِسَّه جِلدَكَ" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره دون قوله: "وأبوالها" فقد تفرد بها حماد -وهو ابنُ سلمة البصري- وشك فيها، وخالفه حماد بن زيد فيما ذكر المصنف -وهو أضبط من ابن سلمة- فلم يذكرها. وهو بطوله دون وصف الألبان والأبوال في "مسند أحمد" (21304). وأخرج قوله: "إن الصعيد الطيب طهور ... " النسائي فى "الكبرى" (307) من طريق سفيان، عن أيوب، بهذا الإسناد. وسمى سفيان الرجل عمرو بن بجدان. وهو في "صحيح ابن حبان" (1313).

121 - باب إذا خاف الجنب البرد، أيتيمم؟

قال أبو داود: رواه حماد بن زيد عن أيوب لم يذكر"أبوالها" (¬1). هذا ليس بصحيح، وليس في أبوالها إلا حديث أنس تفرد به أهل البصرة (¬2). 121 - باب إذا خاف الجنب البرد، أيتيمم؟ 334 - حدَّثنا ابنُ المُثنَّى، حدَّثنا وَهبُ بنُ جرير، حدَّثنا أبي، قال: سمعت يحيى بن أيوب يُحدِّثُ، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عِمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جُبَير عن عمرو بن العاص، قال: احتَلَمتُ في ليلةٍ باردةٍ في غَزوةِ ذاتِ السَّلاسِلِ فأشفَقتُ أنْ اغتَسِلَ فَأهلِكَ، فتَيَمَّمتُ، ثمَّ صَلَّيتُ بأصحابي الصُّبحَ، فذكروا ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -, فقال: "يا عَمرو، صَلَّيتَ بأصحابِكَ وأنت جُنُبٌ؟ " فأخبَرتُه بالذي مَنَعَني مِنَ الاغتِسالِ، وقلتُ: إني سمعتُ اللهُ يقولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّة كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]، فضَحِكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -ولم يَقُل شيئاً (¬3). ¬

_ (¬1) أخرج الطيالسي حديث أبي ذر هذا في "مسنده" برقم (484) عن حماد بن سلمة وحماد بن زيد، عن أيوب، وذكر فيه الألبان والأبوال، ولم يذكر خلافاً بينهما، إلا أنه قال: وسكت أيوب عند "ألبانها". (¬2) حديث أنس سيأتي برقم (4364). (¬3) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات غير يحيي بن أيوب -وهو الغافقي المصري- فصدوق حسن الحديث، وقد توبع. وقد اختلف في إسناده على يزيد بن أي حبيب، فروي عنه عن عمران عن عبد الرحمن بن جبير، عن عمرو مباشرة، وروي عنه بزيادة أبي قيس مولى عمرو بين ابن جبير وعمرو، وروي عنه بزيادة أبي فراس يزيد بن رباح بين ابن جبير وعمرو كما سيأتي. ابن المثنى: هو محمَّد.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ =وعلقه البخاري مختصراً قبل الحديث (345)، وذكر الحافظ في "الفتح" 1/ 454 مَن وصله والاختلاف في إسناده، وقوَّى إسناد أبي داود. وأخرجه الحاكم 1/ 177 - 178، والدارقطني (681) من طرق عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (17812)، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 249 من طريقين عن عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به. وابن لهيعة حسن الحديث في المتابعات. وأخرجه ابن عبد الحكم ص 249 - 255 عن زيد بن الحباب، عن ابن لهيعة، عن يزيد، عن عمران، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبي فراس يزيد بن رباح، عن عمرو ابن العاص. وأبو فراس ثقة. وسيأتي بعده من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث وابن لهيعة، بزيادة أبي قيس بين ابن جبير وبين عمرو بن العاص. وأخرج عبد الرزاق (878) عن ابن جريج، أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عبد الله بن عمرو، عن أبيه: أنه أصابته جنابة وهو أمير الجيش، فترك الغسل من أجل آية، قال: إن اغتسلت متُّ، فصلى بمن معه جنباً، فلما قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرَّفه بما فعل، وأنبأه بعذره، فسكت. ورواه من طريق عبد الرزاق الطبراني في "الكبير" كما في "تغليق التعليق" لابن حجر 2/ 191، إلا أنه قال: إبراهيم بن أبي بكر بن عبد الرحمن الأنصاري. قال ابن حجر: هذا إسناد جيد، لكني لا أعرف حال إبراهيم هذا. وكذا لم يعرفه الهيثمي في "المجمع" 263/ 1. قال ابن الملقن في "البدر المنير" 633/ 2: يؤخذ من الحديث جواز التيميم لخوف التلف مع وجود الماء، وجوازه للجنب، ولشدة البرد في السفر، وسقوط الإعادة، وصحة اقتداء المتوضئ بالمتيمم، وأن التيمم لا يرفع الحدث، واستحباب الجماعة للمسافرين، وأن صاحب الولاية أحق بالإمامة في الصلاة، وإن كان غيره أكمل طهارة أو حالاً منه، وأن التمسك بالعمومات حجة صحيحة.=

122 - باب المجدور يتيمم

335 - حدَّثنا محمَّد بن سَلَمة، حدَّثنا ابنُ وَهب، عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عِمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن ابن جُبير، عن أبي قيس مولى عَمرو بن العاص أن عَمرَو بنَ العاص كان على سَرِيَّةٍ، وذكرَ الحديثَ نحوَه، قال: فغسلَ مَغابِنَهُ وتوضَّأَ وُضوءَه للصَّلاة، ثمَّ صَلَّى بهم , فذكرَ نحوَه، ولم يذكر التيمُّم (¬1). قال أبو داود: وروى هذه القِصَّةَ عن الأوزاعي عن حسان بن عطيَّة قال فيه: "فتيَمّمَ". 122 - باب المجدور يتيمم (¬2) 336 - حدَّثنا موسى بن عبد الرحمن الأنطاكيُّ، حدَّثنا محمَّد بن سلمة، عن الزُّبير بن خُرَيق، عن عطاء ¬

_ =وغزوة السلاسل كانت في الثامنة من الهجرة في جمادى الأولى، وذات السلاسل موضع بناحية الشام في أرض بني عذرة من وراء وادي القرى، بينها وبين المدينة عشرة أيام. تنبيه: بإثر هذا الحديث في (ب)، وفى هامش (أ): قال أبو داود: عبد الرحمن ابن جبير مصري مولى خارجة بن حذافة، وليس هو ابنَ جبير بن نفير. وعليها الرمز لا: خط، أي: أنها ليست في نسخة الخطيب. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على يزيد بن أبي حبيب كما سلف بيانه فيما قبله، وكأن ابن وهب حمل رواية ابن لهيعة على رواية عمرو بن الحارث، فإن رواية ابن لهيعة ليس فيها "عن أبي قيس"، وقد سلف تخريجها فيما قبله. وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط" 2/ 27، وابن حبان (1315)، والدارقطني (682)، والحاكم 177/ 1، والبيهقي 226/ 1 من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وفي بعض المصادر عمرو بن الحارث غير مقرون، وفي بعضها أُبهم ابن لهيعة فقيل: ورجل آخر. (¬2) ترجمة الباب غير موجودة فى روايتي ابن الأعرابي وابن داسه.

عن جابر، قال: خَرَجنا في سَفَرٍ فأصابَ رجلاً معنا حَجَرٌ فشَجَّهُ في رأسِهِ، ثمَّ احتَلَمَ، فسألَ أصحابَه فقال: هل تَجِدُونَ لي رُخصةً في التيمُّمِ؟ قالوا: ما نَجِدُ لكَ رُخصةً وأنتَ تَقدِرُ على الماء، فاغتَسَلَ فماتَ، فلمّا قَدِمْنا على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُخبِرَ بذلك، فقال: "قَتَلوهُ قَتَلَهُمُ اللهُ، ألا سألوا إذْ لم يَعلَموا، فإنما شِفاءُ العِيّ السُّؤالُ، إنما كانَ يكفيهِ أن يَتَيَمَّم ويَعصِرَ -أو يَعصِبَ، شكَّ موسى- على جُرحِهِ خِرقةً، ثمَّ يَمسَحَ عليها ويَغسِلَ سائِرَ جَسَدِه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، الزُّبير بن خريق لين الحديث، وقد تفرد بروايته عن عطاء عن جابر، والمحفوظ حديث عطاء عن ابن عباس الآتي بعده، وليس في حديث ابن عباس المسح على الجبيرة، بل فيه ما يخالفها كما سيأتى في الكلام عليه. وأخرجه البيهقي 227/ 1 - 228، والبغوي في "شرح السنة" (313) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني (729) من طريق محمَّد بن سلمة، به. ونقل عن شيخه فيه أبي بكر بن أبي داود قوله: هذه سنة تفرد بها أهل مكة، وحملها أهلُ الجزيرة، لم يروه عن عطاء عن جابر غيرُ الزُّبير بن خريق، وليس بالقوي، وخالفه الأوزاعي فرواه عن عطاء عن ابن عباس، وهو الصواب. وأخرج ابن ماجه بإثر الحديث (572) من طريق الأوزاعي، عن عطاء قال: بلغنا أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال: لو غسل جسده وترك رأسه حيث أصابه الجرح. قال الإمام البغوي في "شرح السنة" 2/ 120: والجريح إذا قدر على غسل بعض أعضاء طهارته، عليه أن يغسل الصحيح ويتيمم لأجل الجريح سواء كان أكثر أعضائه صحيحاً أو جريحاً. وذهب أصحاب الرأي إلى أنه لا يجمع بين الغسل والتيمم، بل إن كان أكثر أعضائه صحيحاً، غسل الصحيح ولا تيمُّم عليه، وإن كان الأكثر جريحاً اقتصر على التيمم.

123 - باب المتيمم يجد الماء بعد ما يصلى في الوقت

337 - حدَّثنا نصرُ بنُ عاصم الأنطاكي، حدَّثنا محمَّد بن شعيب، أخبرني الأوزاعيُّ أنه بَلَغَه عن عطاء بن أبي رباح أنه سمعَ عبدَ الله بنَ عبَّاس قال: أصابَ رجلاً جُرحٌ في عَهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ احتَلَمَ، فأُمِرَ بالاغتِسالِ، فاغتَسَلَ، فماتَ، فبَلَغَ ذلك رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - فقال: "قَتَلُوُه قَتَلَهُمُ اللهُ، ألم يكن شِفاءُ العِيِّ السُّؤالَ" (¬1). 123 - باب المتيمم يجد الماء بعد ما يصلى في الوقت 338 - حدَّثنا محمَّد بن إسحاق المُسيَّبيُّ، حدَّثنا عبد الله بن نافع، عن اللَّيث بن سعد، عن بكر بن سَوَادة، عن عطاء بن يَسَار عن أبي سعيد الخُدريِّ، قال: خرجَ رجلانِ في سفَرٍ، فحَضَرَتِ الصَّلاةُ وليسَ معهما ماءٌ، فتَيَمَّما صَعيداً طيباً، فصَلَّيا، ثمَّ وَجَدا ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد منقطع بين الأوزاعي -وهو عبد الرحمن بن عمرو- وبين عطاء كما هو ظاهر. وأخرجه ابن ماجه (572) من طريق حبيب بن أبي العشرين، عن الأوزاعي، عن عطاء، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3056). وأخرج ابن الجارود في "المنتقى" (128)، وابن خزيمة (273)، وابن حبان (1314)، والحاكم 1/ 165، والبيهقي 1/ 226 من طريق الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح، عن عطاء، عن ابن عباس: أن رجلاً أجنب في شتاء، فسأل، فأُمِرَ بالغسل، فمات، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -فقال: "ما لهم قتلوه؟ قتلهم الله -ثلاثاً-، قد جعل الله الصعيد -أو التيمم- طهوراً" والوليد بن عبيد الله هو ابن أخي عطاء بن أبي رباح، ترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 9، ونقل توثيقه عن ابن معين، ونقل الذهبي في "الميزان" 4/ 341 تضعيفه عن الدارقطني، وقد صحح حديثه هذا ابنُ حبان وابنُ خزيمة والحاكم وسكت عنه الذهبي.

الماءَ في الوقتِ، فأعادَ أحدهما الصَّلاةَ والوضوءَ، ولم يُعِدِ الآخَرُ، ثمَّ أتيا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يُعِدْ: "أصَبتَ السُّنَّةَ وأجزَتْكَ صَلاتُكَ" وقال للذي توضَّأ وأعادَ: "لكَ الأجرُ مَرَّتين" (¬1). قال أبو داود: غيرُ ابن نافع يرويه عن اللَّيث، عن عَميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سَوَادة، عن عطاء بن يَسَار، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قال أبو داود: وذِكرُ أبى سعيد في هذا الحديث ليس بمحفوظ، هو مُرسَل. ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، وقد اختلف على الليث بن سعد في إسناده وفي وصله وإرساله. فرواه عبد الله بن نافع هنا وعند النسائي في "المجتبى" (433)، والدارقطني (727)، والبيهقي 1/ 231 عن الليث، بهذا الإسناد. ورواه أبو الوليد الطيالسي عند ابن السكن -كما في "بيان الوهم والإيهام" لابن القطان 2/ 434، و"نصب الراية" للزيلعي 1/ 160 - عن الليث بن سعد، عن عمرو ابن الحارث وعَميرة بن أبي ناجية، عن بكر بن سوادة، به موصولاً. فزاد بين الليث وبكر واسطة، وسماع الليث من بكر ممكن، فقد تعاصرا في بلد واحد أكثر من عشرين عاماً، والواسطة ثقة على كل حال. وخالفهما عبد الله بن المبارك عند النسائي في "المجتبى" (434)، والدارقطني (728)، ويحيي بن بكير عند الحاكم 178/ 1، والبيهقي 1/ 231، فروياه عن الليث، عن بكر بن سوادة -وزاد ابن المبارك بينهما: عَميرة بن أبي ناجية-، عن عطاء مرسلاً، لم يذكرا فيه أبا سعيد. والحديث صححه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 2/ 432 - 434 اعتماداً على طريق أبي الوليد الطيالسي.

124 - باب في الغسل للجمعة

339 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمة، حدَّثنا ابنُ لهيعة، عن بكر بن سَوَادة، عن أبي عبد الله مولى إسماعيل بن عُبَيد عن عطاء بن يَسَار: أنَّ رجلَينِ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بمعناه (¬1). 124 - باب في الغسل للجمعة 340 - حدَّثنا أبو تَوْبة الرَّبيعُ بن نافع، حدَّثنا مُعاوية، عن يحيى، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أنَّ أبا هريرة أخبره أنَّ عمرَ بنَ الخطَّاب بينا هو يَخطُبُ يومَ الجمعة إذ دخلَ رجلٌ، فقال عمر: أتَحتَبِسونَ عن الصَّلاة؟ فقال الرجلُ: ما هو إلا أن سمعتُ النِّداءَ فتوضَّأتُ، قال عمر: الوضوءَ أيضاً؟ أَوَ لم تَسمَعوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أتى أحدُكم الجُمُعةَ فَليَغتسِل" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، ابن لهيعة -وهو عبد الله- ضعيف لاختلاطه بعد احتراق كتبه، وأبو عبد الله مولى إسماعيل بن عبيد مجهول. وأخرجه البيهقي 1/ 231 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. معاوية: هو ابن سلام الدمشقي، ويحيي: هو ابن أبي كثير. وأخرجه البخاري (882)، ومسلم (845) (4) من طريقين عن يحيي بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (91). وأخرج نحوه البخاري (878)، ومسلم (845) (3)، والترمذي (500) و (501)، والنسائي في "الكبرى" (1682) من طريق سالم، عن عبد الله بن عمر، عن أبيه. وهو في "مسند أحمد" (199)، و"صحيح ابن حبان" (1230). والرجل الذي دخل وعمر يخطب هو عثمانُ بن عفان كما جاء التصريح به في عدة روايات، منها حديث أبي هريرة عند مسلم (845) (4). وانظر "فتح الباري" 2/ 359.=

341 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن صَفوان بن سُلَيم، عن عطاء بن يَسار عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -قال: "غُسْلُ يومِ الجُمُعةِ واجب على كُلِّ مُحتَلِم" (¬1). 342 - حدَّثنا يزيدُ بن خالد الرَّمليُّ، حدَّثنا المُفَضَّل -يعني ابنَ فَضَالة-، عن عياش بن عباس، عن بُكير، عن نافع، عن ابن عمر ¬

_ =قال الإمام الخطابي في "معالم السنن": فيه دلالة على أن غسل يوم الجمعة غير واجب، ولو كان واجباً لأشبه أن يأمره عمر رضي الله عنه بأن ينصرف فيغتسل، فدل سكوت عمر ومن معه من الصحابة على أن الأمر به على معنى الاستحباب دون الرجوب، ... ، ثمَّ ذكر أن الداخل عثمان، ثمَّ قال: وليس يجوز عليهما وعلى عمر ومن بحضرته من المهاجرين والأنصار أن يجتمعوا على ترك واجب. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 1/ 102، ومن طريقه أخرجه البخاري (879) و (895) , ومسلم (846) (5)، والنسائي في "الكبرى" (1680). وأخرجه البخاري (858)، وابن ماجه (1089) من طريق سفيان بن عينية، عن صفوان، به. وهو في "مسند أحمد" (11027)، و"صحيح ابن حبان" (1228). وسيأتي برقم (344) من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه. قال الإمام النووي في شرح مسلم 123/ 6: واختلف العلماء في غسل الجمعة فحكي وجوبه عن طائفة من السلف، حكوه عن بعض الصحابة، وبه قال أهل الظاهر، وحكاه ابن المنذر عن مالك، وحكاه الخطابي عن الحسن البصري ومالك. وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف وفقهاء الأمصار إلى أنه سنة مستحبة ليس بواجب، قال القاضي: وهو المعروف من مذهب مالك وأصحابه. وقال ابن القيم في "زاد المعاد" 1/ 377: وللناس في وجوبه ثلاثة أقوال: النفي والإثبات والتفصيل بين من به رائحة يحتاج إلى إزالتها، فيجب عليه، ومن هو مستغن عنه، فيستحبُّ له، والثلاثة لأصحاب أحمد.

عن حَفْصة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "على كُلِّ مُحتَلِمٍ رَوَاحُ الجُمُعةِ، وعلى مَن راحَ إلى الجُمُعةِ الغُسلُ" (¬1). قال أبو داود: إذا اغتَسَلَ الرجلُ بعدَ طُلوعِ الفَجرِ أجزَأَه مِن غُسلِ الجُمُعةِ وإن أجنَبَ. 343 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد بن عبد الله بن مَوهَب الرَّمْليُّ الهمدانيُّ (ح) وحدَّثنا عبد العزيز بن يحيى الحرانيُّ، قالا: حدَّثنا محمَّد بنُ سلمة (ح) وحدثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد وهذا حديث محمَّد بن سلمة - عن محمَّد بن إسحاق، عن محمَّد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن - قال يزيد وعبد العزيز في حديثهما: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أُمامة ابن سهل- عن أبي سعيد الخدريِّ وأبي هريرة، قالا: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن اغتَسَلَ يومَ الجُمُعةِ، ولَبِسَ مِن أحسَنِ ثِيابِه، ومسَّ مِن طِيبٍ إن كانَ عِندَه، ثمَّ أتى الجُمُعةَ فلم يَتَخَطَّ أعناقَ النَّاسِ، ثمَّ صلَّى ما كتبَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. بكير: هو ابن عبد الله بن الأشج. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1672) من طريق المفضل بن فضالة، بهذا الإسناد. وأخرج البخاري (877)، ومسلم (844) (1)، والنسائي في "الكبرى" (1688 - 1691) من طرق عن نافع، والبخاري (894) و (919)، ومسلم (844) (2)، والترمذي (498)، والنسائي (1683 - 1685) من طريق سالم بن عبد الله، ومسلم (844) (2)، والترمذي (499)، والنسائى (1686) و (1687) من طريق عبد الله بن عبد الله بن عمر، ثلاثتهم عن ابن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل" وعند بعضهم: "من جاء منكم الجمعة فليغتسل". وحديث ابن عمر في "مسند أحمد" (4466)، و"صحيح ابن حبان" (1226). والمحتلم: البالغ.

اللهُ له، ثمَّ أنصَتَ اذا خرجَ إمامُه حتَّى يَفرُغَ مِنَ صَلاتِه، كانت كفارةَ لِمَا بينها وبينَ جُمعتِه التي قبلَها"، قال: ويقول أبو هريرة: "وزيادةُ ثلاثةِ أيامِ" ويقول: "إنَّ الحسنةَ بعَشرِ أمثالِها" (¬1). قال أبو داود: وحديثُ محمّد بن سلمة أتمُّ، ولم يذكر حمَّاد كلامَ أبي هريرة. 344 - حدَّثنا محمَّد بن سلمة المُراديُ، حدَّثنا ابنُ وَهب، عن عمرو بن الحارث، أن سعيدَ بنَ أبي هِلال وبُكيرَ بن الأشج حدثاه، عن أبي بكر بن المُنكدر، عن عمرو بن سُليم الزُّرَقي، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخُدري عن أبيه، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الغُسلُ يومَ الجُمُعةِ على كُلِّ مُحتَلِمِ، والسِّواكُ، ويَمَسُّ مِنَ الطيبِ ما قُدِّرَ له" إلا أن بكيراً لم يذكر عبدَ الرحمن، وقال في الطيب: "ولو مِن طِيبِ المرأةِ " (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل محمَّد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث عند أحمد، فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجاله ثقات. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه أحمد (11768)، وابن خزيمة (1762)، والحاكم 1/ 283، والبيهقي 243/ 3 من طرق عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وسيأتي بنحوه من حديث أبى هريرة وحده برقم (1050). (¬2) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (846) (7)، والنسائي في "الكبرى" (1679) من طريقين عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وقالا: إن بكيراً لم يذكر في إسناده عبد الرحمن. وهو في "صحيح ابن حبان" (1233) من طريق ابن وهب، به، ولم يذكر فيه خلافاً بين بكير وسعيد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1700) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن أبي بكر بن المنكدر، به.=

345 - حدَّثنا محمَّدُ بن حاتم الجَرَجَرائي حُبِّي، حدَّثنا ابن المُبارك، عن الأوزاعي، حدّثني حسان بن عطية، حدَّثني لبو الأشعث الصنعاني حدَّثني أوسُ بن أوس الثَّقفي قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن غَسَلَ يومَ الجُمُعةِ واغتَسَلَ، ثمَّ بكَرَ وابتكرَ، ومشى ولم يَركَب، ودنا مِن الإمامِ فاستَمعَ ولم يَلْغُ، كانَ له بكُل خُطوةٍ عَمَلُ سنةٍ أجرُ صِيامِها وقِيامِها" (¬1). ¬

_ =وأخرجه البخاري (880) من طريق شعبة، عن أبي بكر بن المنكدر، عن عمرو ابن سليم، عن أبي سعيد. لم يذكر عبد الرحمن بن أبي سعيد. وكذا رواه عن أبي بكر ابن المنكدر: محمَّد بن المنكدر وفليح، قال الحافظ في "الفتح" 2/ 365: والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد -يعني تفرد سعيد بن أبي هلال بزيادة عبد الرحمن بن أبي سعيد-، والذي يظهر أن عمرو بن سليم سمعه من عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه، ثمَّ لقي أبا سعيد فحدثه، وسماعه منه ليس بمنكر لأنه قديم، ولد في خلافة عمر ابن الخطاب، ولم يوصف بالتدليس. وهو في "مسند أحمد" (11250). (¬1) إسناده صحيح. ابن المبارك: هو عبد الله، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو الأشعث الصنعاني: هو شراحيل بن آده. وأخرجه الترمذي (502)، والنسائي في "الكبرى" (1697) و (1703) و (1707) و (1719) و (1720) و (1741)، وابن ماجه (1087) من طرق عن أبي الأشعث، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16173)، و"صحيح ابن حبان" (2781). قوله: "من غسل يوم الجمعة واغتسل" قال النووي في "شرح المهذب": يروى: غسل، بالتخفيف والتشديد، والأرجح عند المحققين التخفيف، والمختار أن معناه: غسل رأسه، ويؤيده رواية أبي دواد (الآتية بعد هذه): "من غسل رأسه من يوم الجمعة واغتسل" وإنما أفرد الرأس بالذكر لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمي ونحوهما، وكانوا يغسلونه أولاً ثمَّ يغتسلون، وقيل: المراد: غَسَلَ أعضاءَه ثمَّ اغتسل للجمعة.=

346 - حدَّثنا قتيبةُ، حدَّثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هِلال، عن عُبادة بن نُسَيٍّ عن أوس الثقفيِّ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "مَن غَسَلَ رأسَه يومَ الجُمُعةِ واغتَسَلَ" وساق نحوَه (¬1). 347 - حدَّثنا ابنُ أبي عَقيل ومحمد بن سلمة المصريان، قالا: حدَّثنا ابنُ وَهْب؛ قال ابن أبي عَقيل: قال: أخبرني أُسامة -يعني ابنَ زيد-، عن عمرو ابن شُعيب، عن أبيه ¬

_ =قال العراقي: ويحتمل أن المراد: غَسَلَ ثيابَه واغتسل في جسده، وقيل: هما بمعنى واحد وكرر للتأكيد، وقيل: غسل: أى: جامع أهله قبل الخروج إلى الصلاة لأنه يعين على غض البصر في الطريق، يقال: غسل الرجل امرأته بالتخفيف والتشديد إذا جامعها. قاله السيوطي في "شرح سنن النسائي" 3/ 95. وانظر تفسير "غسل" بـ: غسل رأسه، عن مكحول وسعيد بن عبد العزيز فيما سيأتي برقم (349) و (350). (¬1) إسناده صحيح وانظر ما قبله. وأخرجه أحمد (16161) من طريق ابن جريج، عن عمر بن محمَّد، عن سعيد ابن أبي هلال عن محمَّد بن سعيد، عن أوس بن أبي أوس وهذا سند تالف، فيه تدليس ابن جريج، ومحمد بن سعيد هو المصلوب كذاب متروك الحديث، وانظر تمام الكلام عليه في "المسند". وروى البخاري (884) عن طاووس قلت لابن عباس: ذكروا أن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: "اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤوسكم وإن لم تكونوا جنباً، وأصيبوا من الطيب" قال ابن عباس: أما الغسل، فنعم، وأما الطيب فلا أدري وهو في "المسند" (3058) وصححه ابن حبان (2782). قال السندي: واغتسل، أي: سائر جسده، وإفراد الرأس للاهتمام به، لأنهم أصحاب الأشعار، وغسل الرأس لصاحب الشعر لا يخلو عن تعب.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَن اغتَسَلَ يومَ الجُمُعةِ، ومَس مِن طِيبِ امرأتِه إن كانَ لها، ولَبِسَ مِن صالح ثيابِه، ثمَّ لم يَتَخَط رِقابَ الناسِ، ولم يَلْغُ عندَ المَوعِظَةِ، كانت كفَّارةَ لِمَا بينهما، ومَن لَغَا وتَخَطَّى رِقابَ النَّاسِ كانت له ظُهراً" (1). 348 - حدَّثنا عثمان بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا محمَّد بن بِشر، حدَّثنا زكريا، حدَّثنا مُصعَب بن شيبة، عن طَلق بن حبيب، عن عبد الله بن الزُّبير عن عائشة أنها حدَّثته، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يَغتَسِلُ مِن أربعٍ: مِنَ الجَنابةِ، ويومَ الجُمُعةِ، ومِنَ الحِجامةِ، ومِن غَسلِ الميت (3). ¬

_ (1) إسناده حسن، أسامة بن زيد -وهو الليثي- صدوق حسن الحديث، وهو وإن كانت له أوهام فرواية عبد الله بن وهب عنه صالحة لأنه روى عنه كتابه. وأخرجه البيهقي 3/ 231 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي 1/ 368، وابن خزيمة (1810) من طريق ابن وهب، به. وقوله: كانت له ظهراً، أي: كانت لهذا المصلي مثل صلاة الظهر في الثواب، ويُحرَمُ بتخطي رقاب الناس واللغو عند الخطبة عن هذا الثواب الجزيل الذي يحصل لمصلي صلاة الجمعة وهو الكفارة من هذه الجمعة الحاضرة إلى الجمعة الماضية والآتية وأجر عبادة سنة قيامها وصيامها. (2) إسناده ضعيف، لضعف مصعب بن شيبة، وقد ضعف حديثه هذا المصنف فيما سيأتي بإثر مكرره برقم (3160)، وعدَّه الذهبي في "الميزان" 4/ 120 من مناكيره، وباقي رجاله ثقات. زكريا: هو ابن أبي زائدة. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 44، وأحمد (25190)، وابن خزيمة (256)، والدارقطي (399)، والعقيلي في ترجمة مصعب بن شيبة من "الضعفاء" 4/ 197، والحاكم 1/ 163، والبيهقي 1/ 299 و300 و304، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 132 - 133، والبغوي في "شرح السنة" (338) من طريقين عن مصعب بن شيبة، بهذا الإسناد. وقال الدارقطني: مصعب بن شيبة ليس بالقوي ولا بالحافظ.=

349 - حدَّثنا محمود بن خالد الدمشقي، حدَّثنا مَروانُ، حدَّثنا عليّ بن حَوشَب قال: سألتُ مَكحولاً عن هذا القول: "غَسَلَ واغتَسَلَ"؟ قال: غَسَلَ رأسَه وجَسَدَه (¬1). 350 - حدَّثنا محمَّدُ بن الوليد الدمشقي، حدَّثنا أبو مُسهِر عن سعيد بن عبد العزيز في "غَسَلَ واغتَسَلَ" قال: قال سعيد: غَسَلَ رأسَه وغَسَلَ جَسَدَه (¬2). 351 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن سُمَيّ، عن أبي صالح السمَان عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن اغتَسَلَ يومَ الجُمُعةِ غُسلَ الجَنابةِ ثمَّ راحَ فكأنَّما قَرَبَ بَدَنةً، ومَن راحَ في السَاعةِ الثانيةِ فكأنما قَرّبَ بقرةً، ومَن راحَ في الساعة الثالثةِ فكأنما قَرَّبَ كبشاً أَقرَنَ، ومَن راحَ في السَّاعةِ الرابعةِ فكأنَّما قَرَّبَ دجاجةً، ومَن راحَ ¬

_ =وسيأتي مكرراً برقم (3160) وقال المصنف هناك: حديث مصعب ضعيف، فيه خصال ليس العمل عليه. وفي باب الغسل من الحجامة عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص موقوفاً عند ابن أبي شيبة 1/ 44. وفي باب الغسل من غسل الميت حديث أبي هريرة الآتي برقم (3161)، وقد روي مرفوعاً وموقوفاً، وانظر الكلام عليه هناك. (¬1) رجاله ثقات. مروان: هو ابن محمَّد الطاطَري. (¬2) رجاله ثقات. أبو مُسهر: هو عبد الأعلى بن مُسهر، وسعيد بن عبد العزيز: هو الدمشقي، فقيه أهل الشام ومفتيهم بدمشق بعد الأوزاعي.

125 - باب الرخصة في ترك الغسل يوم الجمعة

في السَّاعةِ الخامسةِ فكأنَّما قَرَّبَ بيضةً، فإذا خرجَ الإمامُ حَضَرَتِ الملائكةُ يَستَمِعونَ الذكرَ" (¬1). 125 - باب الرُّخصة في ترك الغسل يوم الجمعة 352 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا حمّاد بن زيد، عن يحيي بن سعيد، عن عَمرة عن عائشة، قالت: كانَ النَّاسُ مُهّانَ أنفسِهم، فيروحونَ إلى الجُمُعةِ بهيئتِهم، فقيلَ لهم: لو اغتَسَلتُم (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سُمي: هو مولى أبي بكر، وأبو صالح السمان: هو ذكوان. وهو في "موطأ مالك" 1/ 101، ومن طريقه أخرجه البخاري (881)، ومسلم (850) (10)، والترمذي (505)، والنسائي في "الكبرى" (1708). وأخرجه بنحوه النسائي (1706) من طريق محمَّد بن عجلان، عن سمي، به. وأخرجه مختصراً مسلم بإثر الحديث (856) / (25)، وبرقم (857) (26) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، به. وأخرجه بنحوه البخاري (929) و (3211)، ومسلم بإثر الحديث (856) / (24) , والنسائي (938) و (1702) و (1704) و (1705)، وابن ماجه (1092) من طرق عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (9926)، و"صحيح ابن حبان" (2775). البدنة: البعير، والهاء فيها للوحدة لا للتأنيث. (¬2) إسناده صحيح. عمرة: هي بنت عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري. وأخرجه البخاري (903)، ومسلم (847) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البخاري (2071) من طريق عروة بن الزُّبير، والنسائي (1379) من طريق القاسم بن محمَّد، كلاهما عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24339)، و"صحيح ابن حبان" (1236) و (1237). وانظر ما سيأتي برقم (1055).=

353 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمَّد-، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عِكرِمة أنَّ أُناساً مِن أهلِ العراقِ جاؤوا فقالوا: يا ابنَ عبَّاس، أترى الغُسلَ يومَ الجُمُعةِ واجباً؟ قال: لا، ولكنه أطهَرُ وخير لِمَن اغتَسَلَ، ومَن لم يَغتَسِل فليسَ عليه بواجبٍ، وسأُخبِرُكم كيفَ بَدءُ الغُسلِ؟ كانَ النَّاسُ مجهودينَ يَلبَسونَ الصُّوفَ، ويَعمَلونَ على ظُهورِهم، وكان مَسجِدهم ضَيقاً مُقارِبَ السقفِ، إنَّما هو عَريشٌ، فخرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في يومِ حارّ وعَرِقَ الناسُ في ذلك الصوفِ، حتَّى ثارت منهم رِياحٌ، آذى بذلك بعضُهم بعضاً، فلمَّا وجدَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - تلك الريحَ قال: "أيها الناس، إذا كانَ هذا اليومُ فاغتَسِلوا، وليَمَسَ أحدُكم أفضَلَ ما يَجِدُ مِن دُهنِه وطِيبِه". قال ابنُ عباس: ثمَّ جاءَ اللهُ بالخير، ولَبِسوا غيرَ الصوفِ، وكُفُوا العَمَلَ، ووُسعَ مَسجِدهم، وذهبَ بعضُ الذي كان يُؤذي بعضُهم بعضاً من العَرَق (¬1). ¬

_ =قولها: "مُهَّان أنفسهم" وفي بعض الروايات: "عُمّال أنفسهم" أي: كانوا يتولون المهنة أنفسهم. قال الخطابي: المهان جمع ماهِن، وهو الخادم، يريد أنهم كانوا يتولون المهنة لأنفسهم في الزمان الأول حين لم يكن لهم خدم يكفونهم المهنة، والإنسان إذا باشر العمل الشاق حمي بدنه وعرق سيما في البلد الحار فربما تكون منه الرائحة الكريهة، فأمروا بالاغتسال تنظيفاً للبدن، وقطعاً للرائحة. وقولها: "بهيئتهم" أي: على هيئتهم، بلا لبس ثياب جدد ولا اغتسال. وقوله: "لو اغتسلتم"، أي: لكان أحسن، والمراد: ليتكم اغتسلتم. (¬1) إسناده حسن، عبد العزيز بن محمَّد -وهو الدراوردي- وعمرو بن أبي عمرو، فيهما كلام يحطهما عن رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه البيهقي 1/ 295، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 85 من طريق المصنف، بهذا الإسناد.

354 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا همَّام، عن قتادة، عن الحسن عن سَمُرة، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن توضّأ فبِها ونِعْمَت، ومَن اغتَسَلَ فهو أفضَلُ" (¬1). ¬

_ =وأخرجه الطحاوي 116/ 1، والطبرانى (11548) من طريق عبد العزيز الدراوردي، به. وأخرجه عبد بن حميد (590)، والحاكم 1/ 280 و 4/ 189، والبيهقي 3/ 189 من طريق سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، به. قوله: "مجهودين". قال في "النهاية": يقال: جُهِدَ الرجلُ، فهو مجهود: إذا وجد مشقة، وجُهِدَ الناس فهم مجهودون: إذا أجدبوا، ومجهدون: معسرون، والمعنى: أنهم كانوا في المشقة والعسرة لشدة فقرهم. والعريش: كل ما يستظلُّ به، والمراد أن سقف المسجد كان من جريد النخل. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن الحسن -وهو البصري- مدلس، ولم يُصرح بسماعه من سمرة. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وهمام: هو ابن يحيى العوذي. وأخرجه الترمذي (503)، والنسائى في "الكبرى" (1696) من طريق شعبة، عن قتادة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (20089). وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند عبد الرزاق (5313)، وعبد بن حميد (1077). وعن أنس بن مالك عند ابن ماجه (1091). وعن عبد الرحمن بن سمرة عند الطيالسي (1350)، والبيهقي 1/ 296. ولا يخلو واحد من هذه الشواهد من ضعف، لكن بمجموعها يتحسن الحديث. قال الإمام الخطابي: وفيه البيان الواضح أن الوضوء كاف للجمعة، وأن الغسل لها فضيلة لا فريضة. قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن بعدهم اختاروا الغسل يوم الجمعة، ورأوا أن يُجزئ الوضوء من الغسل يوم الجمعة.

126 - باب الرجل يسلم فيؤمر بالغسل

126 - باب الرجل يُسلم فيؤمَر بالغسل 355 - حدَّثنا محمَّد بن كثير العَبديُّ، أخبرنا سفيان، حدَّثنا الأَغَرُّ، عن خليفة بن حُصَين عن جدّه قيس بن عاصم، قال: أتيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أُريدُ الإسلامَ، فأَمَرَني أن أغتَسِلَ بماءٍ وسِدرٍ (¬1). 356 - حدَّثنا مَخلَد بن خالد، حدَّثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جُرَيج، قال: أُخبِرتُ عن عُثَيم بن كلَيب، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والأغر: هو ابن الصبَّاح التميمي. وأخرجه الترمذي (611)، والنسائي في "الكبرى" (191) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (20611)، و"صحيح ابن حبان" (1240). قال في "المغني" 1/ 275. وقد أخذ بظاهر هذا الحديث الإمام أحمد، فأوجب الغسل على الكافر إذا أسلم وهو مذهب مالك وأبي ثور وابن المنذر، وقال أبو بكر: يستحب الغسل وليس بواجب إلا أن يكون قد وجدت منه جنابة زمن كفره فعليه الغسل إذا أسلم سواء قد اغتسل في زمن كفره أو لم يغتسل، وهذا مذهب الشافعي. ولم يوجب عليه أبو حنيفة الغسل بحال، لأن العدد الكثير والجمِّ الغفير أسلموا، فلو أُمِرَ كل مسلم بالغسل، لنقل نقلاً متواتراً أو ظاهراً، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذاً إلى اليمن، قال: ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك فأعلمهم أن عليهم صدقةً تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم، ولو كان الغسل واجباً، لأمرهم به، لأنه أول واجبات الإسلام.

127 - باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها

عن جدِّه: أنَّه جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: قد أسلَمتُ، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَلقِ عنكَ شَعرَ الكُفرِ" يقول: أحلِق، قال: وأخبَرَني آخرُ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لآخَرَ معه: "ألقِ عنكَ شَعرَ الكُفرِ واختَتِن" (¬1). 127 - باب المرأة تغسل ثوبها الذي تَلبَسه في حيضها 357 - حدَّثنا أحمدُ بن ابراهيم، حدَّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدَّثني أبي، حدثتني أمُّ الحسن -يعني جدةَ أبي بكر العدويِّ-، عن مُعاذة قالت: ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، شيخ ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- مبهم لم يُسمَّ، وعثيم بن كليب -وهو عثيم بن كثير بن كليب الحضرمي، نُسب إلى جده- روى عنه ثلاثة من الضعفاء، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وجهله الحافظ في "التقريب"، وأبوه لم نقف له على ترجمة وباقي رجاله ثقات. وقال ابن القطان في "الوهم والإيهام" 5/ 43: إسناده غاية في الضعف مع الانقطاع الذي في قول ابن جريج: أُخبِرت، وذلك أن عثيم بن كليب وأباه وجده مجهولون. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (9835)، ومن طريقه أخرجه أحمد (15432) وابن أبي عاصم في "الأحاد والمثاني" (2795)، وابن عدي في ترجمة إبراهيم بن أبي يحيي من "الكامل" 1/ 223، والبيهقي 1/ 172. وقال ابن عدي: وهذا الذي قاله ابن جريج في هذا الإسناد: "وأخبرت عن عثيم" إنما حدثه إبراهيم بن أبي يحيى، فكنَّى عن اسمه. وأخرجه ابن عدي 1/ 224 من طريق الرمادي، عن إبراهيم بن أبي يحيي، عن عثيم، به. وإبراهيم هذا متروك. وله شاهدان ضعيفان ذكرناهما في "مسند أحمد". قال السندي: قوله: "ألق عنك شعر الكفر" حملوا الأمر على الاستحباب، فقالوا: يستحب إذا أسلم الكافر أن يزيل شعره بحلق أو قصر، والحلق أفضل، وكذا أخذوا منه أن يغتسل، وأن يغسل ثيابه، وأخذ من الأمر بالاختتان أنه واجب إذا أمِنَ على نفسه الهلاك.

سألتُ عائشةَ عن الحائِضِ يُصيبُ ثوبَها الدَّمُ، قالت: تَغسِله، فإن لم يَذهَب أثَرُه فلتُغَيِّرهُ بشيءٍ من صُفْرةٍ، قالت: ولقد كنتُ أَحيضُ عندَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثَ حِيَضٍ جميعاً لا أغسِلُ لي ثوباً (¬1). 358 - حدَّثنا محمَّدُ بن كثير، أخبرنا إبراهيم بن نافع، قال: سمعتُ الحسنَ -يعني ابنَ مُسلِم- يَذكُرُ عن مُجاهِدٍ، قال: قالت عائشةُ: ما كانَ لإحدانا إلا ثوبٌ واحدٌ تَحيض فيه، فإذا أصابَه شيءٌ مِن دَمٍ بَلَّتهُ بَريقِها ثمَّ قَصَعَتهُ برِيقِها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أم الحسن جدة أبي بكر العدوي، فقد تفرد بالرواية عنها عبد الوارث بن سعيد والد عبد الصمد، ولم يؤثر توثيقها عن أحد. وباقي رجاله ثقات. معاذة: هي بنت عبد الله العدوية. وأخرجه أحمد (26126) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإسناد. وفي الباب عن عائشة عند أحمد (25686) قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلي من الليل وأنا إلى جانبه وأنا حائض، وعليّ مرط وعليه بعضه. وإسناده صحيح. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (312) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن إبراهيم بن نافع، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عائشة. قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 413/ 1: طعن بعضهم في هذا الحديث من جهة دعوى الانقطاع ومن جهة دعوى الاضطراب، فأما الانقطاع فقال أبو حاتم: لم يسمع مجاهد من عائشة، وهذا مردود، فقد وقع التصريح بسماعه منها عند البخاري في غير هذا الإسناد، وأثبته علي ابن المديني، فهو مقدم على مَنْ نفاه. وأما الاضطرابُ، فلرواية أبي داود له عن محمَّد بن كثير، عن إبراهيم بن نافع، عن الحسن بن مسلم، بدل ابن أبي نجيح، وهذا الاختلافُ لا يوجبُ الاضطراب، لأنه محمولٌ على أن إبراهيم بن نافع سمعه منهما، ولو لم يكن كذلك فأبو نعيم شيخ البخاري فيه أحفظ من محمَّد بن كثير شيخ أبي داود فيه، وقد تابع أبا نعيم خلاد بن يحيى وأبو حذيفة والنعمان بن عبد السلام فرجحت روايته.=

359 - حدَّثنا يعقوبُ بن إبراهيم، حدَّثنا عبد الرحمن -يعني ابنَ مَهدي-، حدَّثنا بكَّار بن يحيى، حدَثتني جدَّتي، قالت: دخلتُ على أُمِّ سلمة، فسَأَلَتها امرأة مِن قُرَيش عن الصَّلاةِ في ثوبِ الحائض، فقالت أُمِّ سلمة: قد كانَ يُصيبُنا الحَيضُ على عَهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فتَلبَثُ إحدانا أيَّامَ حَيضِها، ثمَّ تَطهُرُ، فتَنظُرُ الثَّوبَ الذي كانت تَقَلَّبُ فيه، فإن أصابَه دَمٌ غسَلناه وصَلَّينا فيه، وإن لم يكن أصابَه شيءٌ تَرَكناه، ولم يَمنَعْنا ذلك أن نُصَلِّيَ فيه، وأما المُمتَشِطةُ فكانت إحدانا تكونُ مُمتَشِطةً، فإذا اغتَسَلَت لم تَنقُضْ ذلك، ولكنَّها تَحفِنُ على رأسِها ثلاثَ حَفَناتٍ، فإذا رَأَتِ البَلَلَ في أُصولِ الشَّعرِ دَلَكَته، ثمَّ أفاضَت على سائرِ جَسَدِها (¬1). ¬

_ =ومعنى قصعته: دلكته. وقال البيهقي: هذا في الدم اليسير الذي يكون معفواً عنه وأما في الكثير منه، فصح عنها أنها كانت تغسله. وانظر ما سيأتي برقم (364). (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، بكار بن يحيي مجهول الحال وجَدَّتُه لا تُعرف. وأخرجه البيهقي 1/ 182 و2/ 407، وابن المنذر في "الأوسط" 2/ 147 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. ورواية البيهقي في الموضع الأول مختصرة بقطعة الممتشطة، وروايته في الموضع الأول ورواية ابن المنذر مختصرتان بقطعة ثوب الحائض. ويشهد للقطعة الأولى منه حديث أسماء بنت أبي بكر الآتي بعده. وحديث عائشة عند الدارمي (1008)، ولفظه: "إذا طهرت المرأة من الحيض فلتتبع ثوبها الذي يلي جلدها، فلتغسل ما أصابه من الأذى، ثمَّ تصلي فيه "وإسناده صحيح. والقطعة الثانية منه سلف نحوها بإسناد صحيح برقم (251).=

360 - حدَّثنا عبد الله بن محمَّد النُّفَيلي، حدَّثنا محمَّد بن سلمة، عن محمَّد ابن إسحاق، عن فاطمه بنت المُنذر عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: سمعتُ امرأةً تسألُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف تَصنَعُ إحدانا بثَوبِها إذا رأت الطُّهرَ أتُصلي فيه؟ قال: "تَنظُرُ، فإن رَأَت فيه دماً، فلتَقَرُصْهُ بشيءٍ من ماءٍ ولتَنضَحْ ما لم تَرَ، وتُصَلي فيه" (¬1). 361 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن هشام بن عُروة، عن فاطمة بنت المُنذز عن أسماء بنت أبي بكر، أنَّها قالت: سألت امرأة رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسولَ الله، أرأيتَ إحدانا إذا أصابَ ثَوبَها الدَّمُ من الحَيضةِ كيفَ تَصنَعُ؟ قال: "إذا أصابَ إحداكُنَّ الدَّمُ من الحَيضِ فلتَقرُصْهُ، ثمَّ لتَنضَحْهُ بالماءِ، ثمَّ لِتُصَلِّ" (¬2). ¬

_ =وقولها تَقَلَّبُ. قال صاحب "بذل المجهود" 3/ 100: بحذف إحدى التائين من باب التفعل، أي: تمشي فيه كما في قوله تعالى: {أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ} وقولها: فيه, أي في ذلك الثوب في أيام حيضها. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمَّد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث عند الدارمي (1018)، وابن خزيمة (276)، فانتفت شبهة تدليسه. وسيأتى بعده من طريق هشام بن عروة، عن فاطمة. قوله: "ولتنضح ما لم تر" قال في "عون المعبود": أي: ولترش المرأة الموضع الذي لم تر في أثر الدم، ولكن شكت فيه، ولفظ الدارمي من طريق ابن إسحاق: "إن رأيت فيه دماً فحكيه ثمَّ اقرصيه بماء ثمَّ انضحي في سائره فصلي فيه"، قال القرطبي: المراد بالنضح الرش، لأن غسل الدم استفيد من قوله: "تقرصه بالماء" وأما النضح فهو لما شكت فيه من الثوب. (¬2) إسناده صحيح.

362 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا حماد (ح) وحدثنا مُسدَّد، حدَّثنا عيسى بن يونس (ح) وحدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد -يعني ابنَ سلمة-؛ عن هشام، بهذا المعنى، قالا: "حُتِّيهِ، ثمَّ اقرُصِيهِ بالماء، ثمَّ انضَحِيهِ" (¬1). 363 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى -يعني ابنَ سعيد القطَّان-، عن سفيان، حدّثني ثابتٌ الحدَّاد، حدّثني عديُّ بن دينار، قال: سمعت أُمِّ قيس بنتَ مِحصَن تقول: سألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -عن دَم الحَيضِ يكون في الثَّوبِ، قال: "حُكَّيهِ بضِلَعٍ، واغسِليهِ بماءٍ وسِدرٍ" (¬2). ¬

_ =وهو في "موطأ مالك" برواية أبي مصعب (166)، ومن طريق مالك أخرجه البخاري (307)، ومسلم (291). ووقع في "الموطأ" برواية يحيي 1/ 60 - 61: عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن فاطمة بنت المنذر، وهو خطأ نبه عليه ابن عبد البر في "التمهيد" 229/ 22، وفي "الاستذكار" 3/ 203. وأخرجه البخاري (227)، ومسلم (291)، والترمذي (138)، والنسائي في "الكبرى" (281)، وابن ماجه (629) من طرق عن هشام بن عروة، عن فاطمة، به. وهو في "مسند أحمد" (26922)، و"صحح ابن حبان" (1396 - 1398). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح. حماد شيخ مسدد: هو ابن زيد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (281) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وثابت الحداد: هو ابن هرمز الكوفي أبو المقدام. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (282)، وابن ماجه (628) من طريقين عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.=

364 - حدَّثنا النُّفَيليُّ، حدَّثنا سفيان، عن ابن أبي نَجيح، عن عطاء عن عائشة قالت: قد كانَ يكونُ لإحدانا الدِّرعُ، فيه تحيضُ، وفيه تُصيبها الجَنابةُ، ثمَّ ترى فيه قَطرةً مِن دَمٍ، فَتقصَعُه بِريقِها (¬1). 365 - حدَّثنا قُتَيبةُ بن سعيد، حدَّثنا ابنُ لَهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة: أن خولةَ بنتَ يَسَارٍ أتت النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -, فقالت: يارسولَ الله، إنه ليس لي إلا ثوبٌ واحدٌ، وأنا أحيضُ فيه، فكيف أصنَعُ، قال: "إذا طَهُرتِ فاغسِليهِ ثمَّ صَلِّي فيه" فقالت: فإن لم يَخرُج الدَّمُ؟ قال: "يكفيكِ الماءُ ولا يَضُرُّكِ أَثَرُه" (¬2). ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (26998) , و"صحيح ابن حبان" (1365). قوله: "بضلع" الضِّلَع: العود، وهو في الأصل واحد أضلاع الحيوان، أُريد به العود المشبَّه به. (¬1) إسناده صحيح. النفيلي: هو عبد الله بن محمَّد، وسفيان: هو ابن عيينة، وابن أبي نجيح: هو عبد الله بن يسار، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وقد سلف برقم (358). قولها: "الدرع" هو قميص المرأة. (¬2) إسناده حسن، ابن لهيعة -وهو عبد الله، وإن كان سيئ الحفظ- قد رواه عنه قتيبة، وروايته عنه قوية، وتابعه عبد الله بن وهب أيضاً، وهو أحد العبادلة الذين رووا عن ابن لهيعة قبل احتراق كتبه. وأخرجه أحمد (8939) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 2/ 408 من طريق عبد الله بن وهب وعثمان بن صالح، كلاهما عن ابن لهيعة، به. وأخرجه ابن منده -كما في (الإصابة) 7/ 627 - ، والطبراني 24/ (615)، والبيهقي 2/ 408 - 409 من طريق علي بن ثابت، عن الوازع بن نافع، عن أبي سلمة=

128 - باب الصلاة في الثوب الذي يصيب أهله فيه

128 - باب الصلاة في الثوب الذي يصيب أهلَه فيه 366 - حدَّثنا عيسى بن حمّاد المصري، أخبرنا الليثُ، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سُويد بن قيس، عن مُعاوية بن حُدَيج، عن مُعاوية بن أبي سُفيان أنه سأل أُختَه أُمَّ حبيبةَ زوجَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلّي في الثَّوبِ الذي يُجامِعُها فيه؟ فقالت: نعم، إذا لم يَرَ فيه أذى (¬1). 129 - باب الصلاة في شُعُر النساء 367 - حدَّثنا عبيدُ الله بنُ معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا الأشعث، عن محمَّد ابن سِيرِين، عن عبد الله بن شَقيق عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -لا يُصَلّي في شُعُرِنا، أو لُحُفِنا. قال عُبَيد الله: شكَّ أبي (¬2). ¬

_ = ابن عبد الرحمن، عن خولة بنت حكيم. وفي رواية ابن منده والبيهقي: خولة بنت يمان أو يسار، وتصحف "يمان" في مطبوع "سنن البيهقي" إلى: نمار. والوازع بن نافع ضعيف. وهذا الحديث من حاشية نسخة (ج)، وهو ليس في رواية اللؤلؤي، وإنما هو في رواية ابن الأعرابي نبه عليه الحافظ المزي في "الأطراف". وترتيبه في نسخة (ج) بعد الحديث رقم (359). (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، ومعاوية بن حُديج صحابي صغير، ففي الإسناد ثلاثة من الصحابة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (283)، وابن ماجه (540) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (27404)، و"صحيح ابن حبان" (2331). (¬2) إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ العنبري، والأشعث: هو ابن عبد الملك الحمراني.=

130 - باب الرخصة في ذلك

368 - حدَّثنا الحسنُ بن عليّ، حدَّثنا سليمان بن حرب، حدَّثنا حمّادٌ، عن هشام، عن ابن سِيرِين عن عائشة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ لا يُصَلِّي في مَلاحِفِنا (¬1). قال حماد: وسمعتُ سعيدَ بنَ أبي صَدَقةَ قال: سألتُ محمداً عنه فلم يُحدِّثني، وقال: سمعتُه منذُ زمانٍ، ولا أدري ممَّن سَمِعتُه، ولا أدري أَسَمِعتُه مِن ثَبتٍ أو لا، فسَلُوا عنه (¬2). 130 - باب الرخصة في ذلك 369 - حدَّثنا محمَّد بن الصَّبَّاح بن سفيان، حدَّثنا سفيان، عن أبي إسحاق الشَّيبانيِّ، سَمِعَه مِن عبدِ الله بنِ شَدَّاد ¬

_ =وأخرجه الترمذى (606)، والنسائي في "الكبرى" (9722) و (9723) من طرق عن الأشعث، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (24698)، و"صحيح ابن حبان" (2336). وسيتكرر برقم (645)، وانظر ما بعده. قولها: "في شُعُرنا" الشُّعُر: جمع شعار، وهو الثوبُ الذي يلي البدنَ. قاله الخطابي في "معالم السنن". واللحف: جمع لحاف: وهو اسم لما يلتحف به. وإنما امتنع من الصلاة فيها مخافة أن يكون أصابها شيء من دم الحيض. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع بين محمَّد بن سيرين وعائشة، لكن قد عرفت الواسطة بينهما، فقد رواه أشعث الحُمراني، عن ابن سيرين، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة، كما سلف قبله. قال الدارقطني في "العلل" 5/ الورقة 90: القول فيه قول أشعث. حماد: هو ابن زيد، وهشام: هو ابن حسان القردوسي. (¬2) فيكون ابن سيرين نسي من حدثه به، وقد رواه عنه أشعث الحمراني -كما سلف برقم (367) - عن عبد الله بن شقيق بلا شك.

131 - باب المني يصيب الثوب

يحدِّثه عن ميمونةَ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - صلّى وعليه مِرْطٌ وعلى بعضِ أزواجِه منه، وهي حائضٌ، يُصلِّي وهو عليه (¬1). 370 - حدَّثنا عثمان بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا وكيعُ بن الجرّاح، حدَّثنا طلحة ابن يحيي، عن عُبَيد الله بن عبد الله بن عُتبة عن عائشة قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي بالليلِ وأنا إلى جَنبِهِ وأنا حائضٌ، وعليّ مِرْطٌ لي وعليه بعضُه (¬2). 131 - باب المنيّ يصيب الثوب 371 - حدَّثنا حفص بن عمر، عن شُعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن همَّام بن الحارث: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو إسحاق الشيبانى: هو سليمان ابن أبي سليمان. وأخرجه ابن ماجه (653) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد، وفيه أن المذكورة في الحديث من أزواجه - صلى الله عليه وسلم - هي ميمونةُ نفسُها. وهو في "مسند أحمد" (26804)، و"صحيح ابن حبان" (2329). وانظر ما سيأتى برقم (656). قوله: "مرط" هو كساء من صوف أو خَزٍّ يُؤتَزر به وتتلفع المرأة به."المصباح المنير" (مرط). (¬2) إسناده حسن، طلحة بن يحيى -وهو ابن طلحة بن عبيد الله- صدوق حسن الحديث، وباقى رجاله ثقات. وأخرجه مسلم (514)، والنسائى في "الكبرى" (846)، وابن ماجه (652) من طريق وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24382). وفى الحديث جواز الصلاة بحضرة الحائض، وفيه أن ثياب الحائض طاهرة إلا موضعاً يرى فيه أثر الدم أو النجاسة، وفيه جواز الصلاة فى ثوب بعضه على المصلي وبعضه عليها.

أنه كانَ عندَ عائشة فاحتَلَمَ فأبصَرَته جاريةٌ لعائشةَ وهو يَغسِلُ أثرَ الجَنابةِ مِن ثَوبِهِ، أو يَغسِلُ ثوبَه، فأخبَرَت عائشةَ، فقالت: لقد رأيتُني وأنا أفرُكُه مِن ثَوبِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 372 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمّاد، عن حمادِ، عن إبراهيم، عن الأسود أن عائشة قالت: كنتُ أفرُكُ المنيَّ مِن ثَوبِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فيُصلِّي فيه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، والحكم: هو ابن عتيبة، وإبراهيم: هو النخعي. وأخرجه مسلم (288) (106) و (107)، والترمذي (116)، والنسائي في "الكبرى" (286)، وابن ماجه (537) و (538) و (539) من طرق عن إبراهيم، بهذا الإسناد. وقُرِنَ همام عند مسلم في الموضع الأول بالأسود، وعند بعضهم قصة. وهو في "مسند أحمد" (24158). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (285) من طريق الحارث بن نوفل، عن عائشة. وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح، حماد شيخ موسى: هو ابن سلمة، وحمّاد شيخه: هو ابن أبي سليمان النخعي، قال الذهبي: ثقة إمام مجتهد، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات. إبراهيم والأسود: هما النخعيان. وأخرجه مسلم (288) (105) من طريق أبي معشر، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة والأسود: أن رجلاً نزل بعائشة، فأصبح يغسل ثوبَه، فقالت عائشة: إنما كان يُجزئك إن رأيته أن تغسِلَ مكانه، فإن لم تر نضحتَ حوله، ولقد رأيتني أفركُه من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فركاً، فيصلي فيه. وهو في "مسند أحمد" (24064)، و"صحيح ابن حبان" (1379). قال ابن دقيق العيد: اختلف العلماء نى طهارة المني ونجاسته، فقال الشافعي وأحمد بطهارته،=

قال أبو داود: وافَقَه مغيرةُ وأبو مَعشَر وواصِلٌ (¬1)، ورواه الأعمشُ كما رواه الحكم (¬2). 373 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمّد النُّفَيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ قال: وحدَّثنا محمَّد بن عُبيد بن حِسَاب البصري، حدَّثنا سُلَيم -يعني ابن أخضَرَ المعنى، والإخبارُ في حديث سُلَيم- قالا: حدَّثنا عمرو بن ميمون بن مِهران، قال: سمعتُ سليمان بن يَسَار يقول: سمعتُ عاثشةَ تقول: إنها كانت تَغسِلُ المنيَّ مِن ثَوبِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: ثمَّ أَراه فيه بقعةً أو بقعاً (¬3). ¬

_ = وقال مالك وأبو حنيفة بنجاسته، والذين قالوا بنجاسته اختلفوا في كيفية إزالته، فقال مالك يغسل رطبه ويابسه، وقال أبو حنيفة: يغسل رطبه، ويفرك يابسه. والقائلون بنجاسته احتجوا بحديث الغسل، وقالوا يطهره الفرك، ولو كان طاهراً لم تحتج عائشة رضي الله عنها إلى تطهيره بالفرك والغسل، والظاهر أن فعلها لم يكن إلا بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -أو اطلاعه، وأيضاً لو كان طاهراً لتركه على حاله مرة لبيان الجواز، فلما لم يتركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ثوبه مرة، وكذلك الصحابة من بعده علم أنه نجس، ومواظبته - صلى الله عليه وسلم -على فعل شيءٍ من غير ترك فى الجملة يدل على الوجوب بلا نزاع فيه. (¬1) رواية مغيرة -وهو ابن مقسم الضبي- عند مسلم (288) (107)، والنسائي في "المجتبى" (300)، وابن ماجه (539). ورواية أبي معشر -وهو زياد بن كليب- عند مسلم (288) (105)، والنسائي في "المجتبى" (300). ورواية واصل -وهو ابن حيان الأحدب- عند مسلم (288) (107). (¬2) وروايته عند مسلم (288) (106)، والترمذي (116)، والنسائي في "الكبرى" (286)، وابن ماجه (537) و (538). (¬3) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية.=

132 - باب بول الصبي يصيب الثوب

132 - باب بول الصبي يصيب الثوب 374 - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن ابن شِهاب، عن عُبيد الله ابن عبد الله بن عُتبة بن مسعود عن أمِّ قيس بنتِ مِحصَن: أنها أتت بابنٍ لها صَغيرٍ لم يأكُلِ الطعامَ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأجلَسَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في حِجرِهِ، فبالَ على ثَوبِهِ، فدعا بماءٍ، فنَضَحَه ولم يَغسِله (¬1). ¬

_ =وأخرجه البخاري (229 - 232)، ومسلم (289)، والترمذي (117)، والنسائي في "الكبرى" (284)، ابن ماجه (536) من طرق عن عمرو بن ميمون، بهذا الإسناد. وزادوا فيه عدا الترمذي: "فيخرج إلى الصلاة فيه"، ورواية الترمذي مختصرة بلفظ: أنها كانت تغسل منياً من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهو في "مسند أحمد" (24207) و (25098)، و"صحيح ابن حبان" (1381) و (1382). وقال الترمذي بإثره: وحديث عائشة أنها غسلت منياً من ثوب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس بمخالف لحديث الفرك، وإن كان الفرك يجزئ، فقد يُستحب للرجل أن لا يرى على ثوبه أثره. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 1/ 64، ومن طريقه أخرجه البخاري (223)، والنسائي في "الكبرى" (287). وأخرجه مسلم (287)، والترمذي (71)، وابن ماجه (524) من طرق عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. ورواية بعضهم بلفظ: "فرشه". وهو في "مسند أحمد" (26996) و"صحيح ابن حبان" (1373) و (1374). وأخرجه البخارى (5713) و (5715) و (5718)، ومسلم بإثر الحديث (2213) (86) وبرقم (2214) (87) من طريق الزُّهريّ، به. وزادوا فيه ما سيأتي برقم (3877). قال البغوي في شرح "السنة" 2/ 84: قال الخطابي: النضح: إمرار الماء عليه رفقاً من غير مرس ولا دلك ... ، والغسل إنما يكون بالمرس والعصر.=

375 - حدَّثنا مُسدَّد بن مُسَرهَد والربيع بن نافع أبو توبة -المعنى- قالا: حدَّثنا أبو الأحوَص، عن سِماك، عن قابوس عن لُبابةَ بنتِ الحارث، قالت: كانَ الحسينُ بنُ عليّ رضي الله عنه في حِجْرِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فبالَ عليه، فقلتُ: البَس ثَوباً وأعطِني إزارَكَ حتَّى أغسِلَه، قال: "إنما يُغسَلُ من بَولِ الأُنثى ويُنضَحُ مِن بَولِ الذّكَر" (¬1). 376 - حدَّثنا مُجاهِدُ بن موسى وعبَّاس بن عبد العظيم العَنبَريُّ -المعنى- قالا: حدَّثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدّثني يحيي بن الوليد، حدّثني مُحِلُّ بن خليفة ¬

_ =وبول الصبي الذي لم يطعم نجس كبول غيره غير أنه يكتفى فيه بالرش، وهو أن ينضح عليه الماء بحيث يصل إلى جميعه، فيطهر من غير مرس ولا دلك، وإليه ذهب غير واحد من الصحابة، منهم علي بن أبي طالب، وبه قال عطاء والحسن وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وذهب جماعة إلى وجوب غسله كسائر الأبوال وهو قول النخعي والثوري وأصحاب الرأي. قلت: ومالك وأتباعه كما في شرح "الموطأ" 1/ 115 للزرقاني. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على سماك بن حرب كما هو مبين في التعليق على "مسند أحمد" (26875). أبو الأحوص: هو سلام بن سليم، وقابوس: هو ابن المخارق. وأخرجه ابن ماجه (522) من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد. وأخرج ابن ماجه (3923) من طريق علي بن صالح، عن سماك، عن قابوس قال: قالت أم الفضل: يا رسول الله، رأيت كأن في بيتي عضواً من أعضائك، قال: "خيراً رأيتِ، تلد فاطمةُ غلاماً فتُرضعيه"، فولدت حسيناً أو حسناً، فأرضعته بلبن قثم، قالت: فجئتُ به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضعتُه في حجره، فبال، فضربت كتفه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أوجعت ابني رحمكِ الله". وأخرجه أحمد (26878) من طريق صالح بن أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن أم الفضل. وإسناده صحيح.

حدّثني أبو السَّمح، قال: كنتُ أخدُمُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فكانَ إذا أرادَ أن يَغتَسِلَ قال: "وَلِّني قَفاكَ" فاُولِّيهِ قَفايَ فأستُرُه به، فأُتِيَ بحَسَنٍ أو حُسينِ رضي الله عنهما، فبالَ على صَدرِه، فجئتُ أَغسِلُه، فقال: "يُغسَلُ مِن بَولِ الجاريةِ، ويُرَشُّ مِن بَولِ الغُلام" (¬1). قال عبّاس: قال: حدَّثنا يحيى بن الوليد. قال أبو داود: قال هارون بن تميم، عن الحسن قال: الأبوالُ كلُّها سواءٌ (¬2). 377 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابن أبي عَروبة، عن قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه عن عليّ رضي الله عنه قال: يُغسَلُ بولُ الجارية (¬3) ويُنضَحُ بَولُ الغُلام ما لم يَطعَم (¬4). ¬

_ (¬1) إسناده جيد، يحيي بن الوليد لا بأس به، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (223) و (289) عن مجاهد بن موسى، وابن ماجه (526) عن عمرو بن علي ومجاهد وعباس العنبري، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. (¬2) رواية هارون بن تميم عن الحسن لم نقف عليها. وأخرج الطحاوي 93/ 1 من طريق حميد عن الحسن قال: بول الغلام يغسل غسلاً، وبول الجارية يتتبع بالماء. وأراد بتتبعه بالماء صب الماء عليه كما يفهم من سياق كلام الطحاوي. وأخرج ابن أبي شبة 1/ 121 من طريق قتادة عن الحسن قال: كلاهما ينضحان ما لم يأكلا الطعام. (¬3) في (د): يُغسل من بول الجارية. (¬4) رجاله ثقات وهو موقوف، وقد روي مرفوعاً كما سيأتي بعده، وهو الراجح.=

378 - حدَّثنا ابن المُثنَّى، حدَّثنا معاذ بن هشام، حدَّثني أبي، عن قتادة، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن أبيه عن علىّ بن أبي طالب: أنَّ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال، فذكر معناه، ولم يذكر: "ما لم يَطعَم"، زاد: قال قتادةُ: هذا لِما لم (¬1) يَطعَما الطَّعامَ، فإذا طَعِما غُسِلا جميعاً (¬2). 379 - حدَّثنا عبدُ الله بن عمرو بن أبي الحجَّاج، حدَّثنا عبد الوارث، عن يونس، عن الحسن، عن أُمه أنَّها أبصَرَت أُم سلمة تَصُبُّ على بَولِ الغُلامِ ما لم يَطعَم، فإذا طَعِمَ غَسَلَته، وكانت تَغسِلُ بولَ الجارية (¬3). ¬

_ =وأخرجه البيهقي 2/ 415 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 121، وعبد الرزاق (1488) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي حرب، عن علي موقوفاً. ليس فيه أبو الأسود. (¬1) في (د) ونسخة على هامش (أ) و (ب) و (ج): ما لم. (¬2) إسناده صحيح. وقد صححه مرفوعاً الحافظ ابن حجر في "الفتح" 1/ 326 وفي "التلخيص" 1/ 38، ونقل تصحيحه عن البخاري والدارقطني، وقال عن الرواية الموقوفة: ليس ذلك بعلة قادحة. وأخرجه الترمذي (616)، وابن ماجه (525) من طريق معاذ بن هشام، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (563). (¬3) إسناده حسن، أم الحسن -وهو ابن أبي الحسن يسار البصري، واسمها خيرة- روى عنها جمع، وذكرها ابن حبان في "الثقات"، وأخرج لها مسلم في "الصحيح"، وباقي رجاله ثقات. عبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري، ويونس: هو ابن عبيد العبدي. وأخرجه البيهقي 2/ 416 من طريق المصنف، بهذا الإسناد.=

133 - باب الأرض يصيبها البول

133 - باب الأرض يصيبها البول 380 - حدَّثنا أحمد بن عمرو بن السرح وابن عَبدةَ في آخَرين -وهذا لفظ ابن عَبدة-، قال: أخبرنا سفيان، عن الزُّهريِّ، عن سعيد عن أبي هريرة: أنَّ أعرابيّاً دخلَ المَسجِدَ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جالِسٌ، فصلَّى -قال ابن عَبْدة: ركعتين-، ثمَّ قال: اللهم ارحَمني ومحمداً، ولا تَرحَم مَعَنا أحداً، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لقد تَحَجَّرتَ واسِعاً"، ثمَّ لم يَلبَث أن بالَ في ناحيةِ المَسجِدِ، فأسرَعَ الناسُ إليه، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "إنما بُعِثتُم مُيَسِّرينَ، ولم تُبعَثوا مُعَسِّرينَ، صُبُّوا عليه سَجْلاً مِن ماءِ" أو قال: "ذَنوباً مِن ماءٍ" (¬1). ¬

_ =وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 121، وابن الجعد في "مسنده" (3190)، وأبو يعلى (6921)، والطبراني 23/ (866)، وابن المنذر في "الأوسط" 2/ 143من طرق عن يونس بن عبيد، بهذا الإسناد. (¬1) إسناده صحيح. ابن عبدة: هو أحمد الضبي، وسفيان: هو ابنُ عُيينة. وأخرجه الترمذي (147) من طريق سفيان بن عينية، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً النسائي فى "المجتبى" (1217) عن عبد الله بن محمَّد بن عبد الرحمن، عن سفيان، به. وأخرجه البخاري (220) و (6128)، والنسائي في "الكبرى" (54) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7255)، و"صحيح ابن حبان" (985). وسيأتي مختصراً برقم (882) من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة. قوله: "تحجّرت واسعاً" أصل الحجر: المنع، ومنه الحجر على السفيه، وهو منعه من التصرف في ماله، وقبض يده عليه، يقول له: لقد ضيَّقت من رحمة الله ما وسَّعه ومنعت منها ما أباحه، وخصصت به نفسك دون غيرك.=

381 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا جرير -يعني ابنَ حازم- قال: سمعتُ عبد الملك -يعني ابنَ عُمير- يُحدِّثُ عن عبد الله بن مَعقِل بن مُقَرِّن، قال: صَلَّى أعرابيٌّ مَعَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بهذه القِصَّةِ، قال فيه: وقال -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -: "خُذوا ما بالَ عليه مِنَ التراب، فالقُوهُ وأَهريقوا على مَكانِه ماءً" (¬1). قال أبو داود: هو مُرسَل، ابنَ معقِل لم يُدرِك النبي - صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ =وقوله: "صبوا عليه سَجلاً" السجل: بفتح فسكون هو الدلو ملأى، ولا يقال لها ذلك وهي فارغة، وقال ابن دريد: السجل: الدلو الواسعة، وقال الجوهري: الدلو الضخمة، وكذا الذَّنُوبُ. وفي الحديث: الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف إذا لم يكن عناداً، ولا سيما إذا كان ممن يحتاج إلى استئلافه، وفيه رأفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحسن خلقه. (¬1) رجاله ثقات لكنه مرسل كما قال المصنف. وأخرجه المصنف في "المراسيل" (11) بإسناده ومتنه، وقال بإثره: روي متصلاً ولا يصح. ومن طريق أبي داود أخرجه الدارقطني (479) ,والبيهقي 2/ 428. وفي باب حفر التراب الذي أصابه البول وإلقاؤه عن ابن مسعود عند الدارقطني (477)، وفي إسناده أبو هشام الرفاعى وسمعان بن مالك، وهما ضعيفان. وعن أنس بن مالك، أخرجه الدارقطني -كما في "التلخيص الحبير" 1/ 37 - من طريق عبد الجبار بن العلاء، عن ابن عيينة، عن يحس بن سعيد الأنصاري، عن أنس. وذكره ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (545) عن الدارقطني، ونقل عنه قوله: وهم عبد الجبار على ابن عيينة، لأن أصحاب ابن عيينة الحفاظ رَوَوهُ عنه عن يحيي بنِ سعيد، فلم يذكر أحد منهم الحفرَ، وإنما رواه ابنُ عيينة عن عمرو بن دينار عن طاووس مرسلاً، فاختلط على عبد الجبار المتنان. قال الحافظ في "التلخيص": وهذا تحقيق بالغ، إلا أن هذه الطريق المرسلة مع صحة إسنادها إذا ضُمَّت إلى أحاديث الباب أخذت قوة. قلنا: حديث سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن أنس دون ذكر حفر التراب أخرجه أحمد (12082)، وحديثه عن عمرو بن دينار عن طاووس مرسلاً بذكر الحفر أخرجه عبد الرزاق (1659).

134 - باب طهور الأرض إذا يبست

134 - باب طهور الأرض إذا يبست 382 - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عبد الله بن وَهب، أخبرني يونس، عن ابن شِهاب، حدّثني حمزة بن عبد الله بن عمر قال: قال ابن عمر: كنتُ أبيتُ في المَسجِدِ في عَهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكنتُ فتًى شاباً عَزَباً، وكانت الكِلابُ تبولُ وتُقبِلُ وتُدبِرُ في المَسجِدِ، فلم يكونوا يَرشُّونَ شيئاً مِن ذلك (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو الزُّهريّ. وأخرجه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم (174) من طريق يونس بنِ يزيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (5389)، و"صحيح ابن حبان" (1656). وأخرجه مختصراً بنوم ابن عمر في المسجد وهو شاب عزب البخاري (440)، ومسلم (2479)، والنسائى في "الكبرى" (803)، وابن ماجه (751) من طريق نافع، والبخاري (1121)، ومسلم (2479)، والترمذي (321)، وابن ماجه (3919) من طريق سالم، كلاهما عن ابن عمر. قال الخطابي في "معالم السنن" 1/ 117: ويتأول قوله: "كانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد" على أنها كانت تبول خارج المسجد في مواطنها، وتقبل وتدبر في المسجد عابرة، إذ لا يجوز أن تترك الكلاب تنتاب المساجد حتَّى تمتهنه وتبول فيه، وإنما كان إقبالها وإدبارها في أوقات نادرة، ولم يكن على المسجد أبواب فتمنع من عبورها فيه. قال الحافظ في "الفتح" 1/ 279: وتعقب بأنه إذا قيل بطهارتها لم يمتنع ذلك كما في الهرة، والأقرب أن يقال: إن ذلك كان في ابتداء الحال على أصل الإباحة، ثمَّ ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها، وجعل الأبواب عليها، ويشير إلى ذلك ما رواه الإسماعيلي في روايته من طريق ابن وهب في هذا الحديث عن ابن عمر قال: كان ابن عمر يقول بأعلى صوته: اجتنبوا اللغو في المسجد، قال ابن عمر: وقد كنت أبيت في المسجد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت الكلاب ... فأشار إلى أن ذلك كان في الابتداء ثمَّ ورد الأمر بتكريم المسجد حتَّى من لغو الكلام.

135 - باب الأذى يصيب الذيل

135 - باب الأذى يصيب الذَّيل 383 - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن محمَّد بن عُمارة بن عمرو ابن حَزْم، عن محمَّد بن إبراهيم، عن أُمِّ ولدٍ لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنَّها سألت أُمَّ سلمة زوجَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إنِّي امرأة أُطيلُ ذَيلي وأمشي في المكانِ القَذِرِ، فقالت أمُّ سلمة: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يُطَهّرُه ما بعدَه" (¬1). 384 - حدَّثنا عبد الله بن محمَّد النُّفَيليّ وأحمد بنُ يونس، قالا: حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا عبد الله بن عيسى، عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن امرأةِ من بني عبد الأشهَل، قالت: قلتُ: يا رسولَ الله، إنَّ لنا طريقاً إلى المَسجِدِ مُنتِنَةً، فكيفَ نَفعَلُ إذا مُطِرنا؟ قال: "أليسَ ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام أم ولد إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. وهو فى "موطأ مالك" 1/ 24، ومن طريقه أخرجه الترمذي (143)، وابن ماجه (531). وهو في "مسند أحمد"، (26488). ويشهد له ما بعده. قوله: "يطهره ما بعده" قال الخطابي: كان الشافعيُّ يقول: إنما هو فيما جُرَّ على ما كان يابساً لا يعلقُ بالثوب منه شيء، فأما إذا جُرَّ على رطب، فلا يطهره إلا الغسل. وقال أحمد بن حنبل: ليس معناه إذا أصابه بول ثمَّ مرّ بعده على الأرض أنها تطهره، ولكنه يمرُّ بالمكان فيقذره ثمَّ يمرُّ بمكان أطيب منه، فيكون هذا بذاك. وقال مالك فيما روي عنه: إن الأرض يطهر بعضها بعضاً: إنما هو أن يطأ الأرض القذرة ثمَّ يطأ الأرض اليابسة النظيفة، فإن بعضها يُطهر بعضاً، فأما النجاسة مثل البول ونحوه يصيب الثوبَ أو بعض الجسد، فإن ذلك لا يطهره إلا الغسل، وهذا إجماعُ الأمة.

136 - باب الأذى يصيب النعل

بعدَها طريقٌ هي أطيَبُ منها؟ " قالت: قلتُ: بلى، قال: "فهذه بهذه" (¬1). 136 - باب الأذى يصيب النعل 385 - حدّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا أبو المُغيرة (ح) وحدّثنا عبّاس بن الوليد بن مَزيَد، أخبرني أبي (ح) وحدّثنا محمود بن خالد، حدَّثنا عمر -يعني ابنَ عبد الواحد-، عن الأوزاعيِّ -المعنى- قال: أُنبِئتُ أنَّ سعيداً المَقبُريّ حدَّث عن أبيه عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا وَطِئَ أحدُكم بنَعلِهِ الأذى، فإنّ التُّرابَ له طَهورٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه ابن ماجه (533) من طريق شريك النخعي، عن عبد الله بن عيسى، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (27452) و (27453). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام شيخ الأوزاعي فيه، وقد رواه محمَّد ابن كثير الصنعانى -كما سيأتى بعده- عن الأوزاعي عن محمَّد بن عجلان عن سعيد المقبري، ومحمد بن كثير ضعيف يعتبر به ورواه بقية بن الوليد عند العقيلي في ترجمة عبد اللهُ بن زياد بن سمعان من "الضعفاء" 2/ 257 عن الأوزاعي عن محمَّد بن الوليد الزبيدي عن سعيد، وبقية ضعيف. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني. وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (300) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم 1/ 166، والبيهقى 2/ 430 من طرق عن الوليد بن مزيد، به. وأخرجه ابن حبان (1403) من طريق الوليد بن مزيد، عن الأوزاعي، عن سعيد، به. وله شاهد من حديث عائشة، وهو الآتى برقم (387). وآخر من حديث أبى سعيد الخدري، وهو الآتى برقم (650).=

386 - حدَّثنا أحمد بن إبراهيم، حدّثني محمَّد بن كثير -يعني الصّنعانيّ-، عن الأوزاعيّ، عن ابن عَجلان، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، بمعناه، قال: "إذا وَطِئَ الأذى بخُفَّيهِ فطَهورُهما التُّرابُ" (¬1). 387 - حدَّثنا محمود بن خالد، حدَّثنا محمَّد -يعني ابنَ عائذ-، حدَّثني يحيى -يعني ابنَ حمزة-، عن الأوزاعىّ، عن محمَّد بن الوليد، أخبرني أيضاً سعيد بن أبي سعيد، عن القَعقاع بن حَكيم، عن عائشة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمعناه (¬2). ¬

_ =قال البغوي في "شرح السنة" 2/ 93: ذهب بعض أهل العلم إلى ظاهر هذا الحديث، منهم النخعي، كان يمسح النعل أو الخف يكون به السِّرقين (الروث) عند باب المسجد فيصلي بالقوم، وبه قال الأوزاعي وأبو ثور، وزاد في "نيل الأوطار" 1/ 44 فقال: وأبو حنيفة وأبو يوسف وإسحاق وأحمد في رواية وهى إحدى الروايتين عن الشافعي، وذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يطهر إلا بالماء كالبدن والثوب، وتأولوا الحديث على ما إذا مرّ على شيء يابس منها فعلق به يزيله ما بعده كما في حديث أم سلمة أنها سئلت عن امرأة تطيل ذيلها، وتمشي في المكان القذر، فقالت: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "يطهره ما بعده" أخرجه أحمد (26488) وقد سلف عند المصنف (383) وله شاهد يصح به عند المصنف (384). (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، محمَّد بن كثير الصنعاني ضعيف يعتبر به، وقد انفرد بتسمية شيخ الأوزاعي المبهم في أكثر الروايات عنه: محمدَ بنَ عجلان، وقد سلف تفصيل الاختلاف على الأوزاعي فيه فيما قبله. وأخرجه ابن خزيمة (292)، والطحاوي 1/ 51، والعقيلي في ترجمة عبد الله بن زياد بن سمعان من "الضعفاء" 257/ 2، وابن حبان (1404)، والحاكم 1/ 166، واليهقي 2/ 430 من طرق عن محمَّد بن كثير، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده قوي، محمَّد بن عائذ لا بأس به، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه البيهقي 2/ 430 من طريق المصنف، بهذا الإسناد.=

137 - باب الإعادة من النجاسة تكون في الثوب

137 - باب الإعادة من النجاسة تكون في الثوب 388 - حدَّثنا محمَّد بن يحيى بن فارس، حدَّثنا أبو مَعمَر، حدَّثنا عبد الوارث، حدّثتنا أُمُّ يونس بنتُ شدَّاد قالت: حدّثتني حَماتي أُمُّ جَحدَر العامريَّة أنَّها سألت عائشةَ عن دَمِ الحَيضِ يُصيبُ الثَّوبَ، فقالت: كنتُ مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وعلينا شِعارُنا، وقد ألقَينا فوقَه كِساءً، فلمّا أصبَحَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - أخذَ الكِساءَ فلَبِسَه، ثمَّ خرجَ فصلَّى الغَداةَ، ثمَّ جَلَسَ، فقال رجل: يا رسولَ الله، هذه لُمعةٌ من دَم، فقبضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ما يليها (¬1)، فبعثَ بها إليَّ مَصرُورةَ في يدِ الغُلامِ، فقال: "اغسِلي هذا وأَجِفِّيها، وأرسلِي بها إليَّ" فدَعَوتُ بقَصعَتي فغَسَلتُها، ثمَّ أجفَفتُها فأحَرتُها إليه، فجاءَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - بنصفِ النّهار وهي عليه (¬2). ¬

_ =وأخرجه أبو يعلى (4869)، والعقيلي في ترجمة عبد الله بن زياد بن سمعان من "الضعفاء" 2/ 256 - 257، والطبراني في "الأوسط" (2759)، وابن عدي في ترجمة ابن سمعان من "الكامل" 4/ 1445 - 1446 من طريق يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن عبد الله بن زياد بن سمعان، عن سعيد المقبري، به. وابن سمعان متروك، وذكر الدارقطني في "العلل" 8/ 160 طريق ابن سمعان هذه بعد ذكر الاختلاف على الأوزاعى في حديث أبي هريرة السالف قبل هذا، وقال عنها: وهو أشبهها بالصواب، وإن كان ابن سمعان متروكاً. وأخرجه موقوفاً عبد الرزاق (106) عن ابن عيينة، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري: أن امرأة سألت عائشة عن المرأة تجرّ ذيلها إذا خرجت إلى المسجد، فتصيب المكان الذي ليس بطاهر، قالت: فإنها تمرُّ على المكان الطاهر فيُطهِّره. (¬1) في (ج) و (د) و (هـ): على ما يليها. (¬2) إسناده ضعيف، أم جحدر العامرية لم يرو عنها غير أم يونس، وأم يونس لم يرو عنها غير عبد الوارث بن سعيد. أبو معمر: هو عبد الله بن عمرو التميمي. وأخرجه البيهقي 2/ 404 من طريق المصنف، بهذا الإسناد.=

138 - باب البزاق يصيب الثوب

138 - باب البُزاق يصيب الثوب 389 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمّاد، أخبرنا ثابتٌ البُنانيُّ عن أبي نَضْرة، قال: بَزَقَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في ثَوبِهِ وحَكَّ بعضَه ببعض (¬1). 390 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمّاد، عن حُميد، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بمثله (¬2). ¬

_ =قولها: "مصرورة" أي: مجموعة منقبضة أطرافها، وأصل الصَّرِّ: الجمع والشد، وكل شيء جمعته فقد صررته. وقولها: "فأحرتُها " أي: رددتها. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد مرسل رجاله ثقات، إلا أنه لا يعرف لثابت -وهو ابن أسلم- البناني سماع من أبى نضرة -وهو المنذر بن مالك-، وقد ذكر الدارقطني فى "العلل" 4/ الورقة 5 أن الصواب: عن ثابت عن رجل عن أبي نضرة. وأخرجه ابن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 23، وابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 120 من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد مرسلاً. وأخرجه أحمد (11382)، وابن ماجه (1024)، وابن أبي حاتم 1/ 120 من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي سعيد. ورجح أبو حاتم المرسل، وزاد ابن ماجه: "وهو في الصلاة" وهي زيادة شاذة كما بيناها فى تخريج "سنن ابن ماجه". ويشهد له حديث أنس الآتي بعده. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل. وأخرجه البخاري (241) و (405) و (417)، والنسائي فى "الكبرى" (293) من طرق عن حميد، عن أنس. ولفظ البخاري في الموضع الثاني: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتَّى رُئي في وجهه، فقام فحكَّه بيده فقال: "إن أحدكم اذا قام فى صلاته فإنه يناجى ربه -أو إن ربه بينه وبين القبلة- فلا يَبزُقَنَّ أحدكم قِبَلَ قِبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدميه" ثمَّ أخذ طرف ردائه فبصق فيه، ثمَّ ردَّ بعضه على بعض، فقال: "أو يفعل هكذا".

كتاب الصلاة

كتاب الصلاة 1 - باب فرض الصلاة 391 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن أبي سُهيل بن مالك، عن أبيه أنَّه سمع طلحةَ بنَ عُبَيد الله يقول: جاءَ رجلٌ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - من أهلِ نَجدٍ ثائِرَ الرّأسِ، يُسمَعُ دَوِيُّ صَوته ولا يفقَهُ ما يقولُ، حتَّى دنا، فإذا هو يَسألُ عن الإسلامِ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم - "خمسُ صلواتٍ في اليومِ والليلة" قال: هل عليَّ غيرُهنَّ؟ قال: "لا، إلا أن تَطَّوَّعَ" قال: وذكرَ له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صِيامَ شهرِ رمضانَ، قال: هل عليَّ غيرُه؟ قال: "لا، إلا أن تَطَّوَّعَ" قال: وذكر له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الصَّدَقةَ، قال: فهل عليَّ غيرُها؟ قال: "لا، إلا أن تَطَّوَّع"، فأدبَرَ الرجلُ وهو يقولُ: واللهِ لا أزيدُ على هذا ولا أنقُصُ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفلَحَ إن صَدَقَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو سهيل بن مالك: هو نا فع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي. وهو في "موطأ مالك" 1/ 175، ومن طريق مالك أخرجه البخاري (46)، ومسلم (11) (8)، والنسائي في "الكبرى" (315). والشافعى في "الرسالة" (344) وفي "المسند" 1/ 12، وابن الجارود (144) وابن حبان (1724) و (3262) والبيهقي 1/ 361 و 8/ 2 و 466 و 467. وهو في "مسند أحمد" (1390)، و"صحيح ابن حبان" (1274) و (3262). وانظر ما بعده.=

392 - حدّثنا سليمان بن داود، حدّثنا إسماعيل بن جعفر المدني عن أبي سُهَيل نافع بن مالك بن أبي عامر، بإسناده بهذا الحديث، قال: "أفلَحَ وأبيهِ إن صَدَقَ، دخلَ الجنَّةَ وأبيهِ إن صَدَقَ" (¬1). ¬

_ =ثائر الرأس: المراد أن شعره متفرق من ترك الرفاهية، ففيه إشارة إلى قرب عهده بالوِفادة. والدوي: صوت مرتفع متكرر لا يفهم، وإنما كان كذلك، لأنه نادى من بُعد. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (11) (9) عن يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد، عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري دون قوله: "وأبيه" (1891) عن قتيبة، والنسائي في "المجتبى" (2090) عن علي بن حُجر، كلاهما عن إسماعيل بن جعفر، به. وأخرجه بلفظ "وأبيه" الدارمي (1578)، ومسلم (11) (9)، والنسائي في "الكبرى" (2411)، وابن خزيمة (306)، والبيهقى 4/ 666، والمصنف برقم (3252) عن طريق إسماعيل بن جعفر بهذا الإسناد. وقوله: "وأبيه" قال ابنُ عبد البر في "التمهيد" 14/ 367: هذه لفظة غيرُ محفوظة من حديث من يُحتج به، وقد روى هذا الحديثَ مالكٌ وغيره عن أبي سهيل، لم يقولوا ذلك فيه، وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث، وفيه: "أفلح والله إن صدق، أو دخل الجنة والله إن صدق" وهذا أولى من رواية من روى "وأبيه" لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح. وقال أيضاً في 158/ 16: إن صحت فهي منسوخة لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف بالآباء وبغير الله. وقال الحافظ في "الفتح" 3/ 108: فإن قيل: ما الجامع بين هذا وبين النهي عن الحلف بالآباء. أجيبَ بأن ذلك كان قبل النهي، أو بأنها كلمة جارية على اللسان لا يقصَدُ بها الحَلِفُ كما جرى على لسانهم: "عَقْرَى حَلْقَى" وما أشبه ذلك، أو فيه إضمارُ اسم الرب، كأنه قال: "ورب أبيه"، وقيل: هو خاص، ويحتاجُ إلى دليل، وحكى السهيلي عن بعض مشايخه أنه قال: هو تصحيف، وإنما كان "والله" فقصرت اللامان، واستنكر=

2 - باب المواقيت

2 - باب المواقيت 393 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيان، حدّثني عبد الرحمن بن فلان بن أبي ربيعة -قال أبو داود: هو عبد الرحمن بن الحارث بن عيّاش بن أبي ربيعة-، عن حكيم بن حكيم، عن نافع بن جُبير بن مطعم عن ابن عبّاس، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أمَّني جبريلُ عندَ البيت مَرّتَين، فصلّى بي الظُّهرَ حينَ زالتِ الشّمسُ وكانت قَدْرَ الشِّراك، وصلّى بي العَصرَ حينَ كان ظِلّه مِثلَه، وصلَّي بي -يعنى المَغربَ- حينَ أفطَرَ الصَّائمُ, وصلى بي العشاء حين غاب الشفق, وصلّى بي الفَجرَ حينَ حَرُمَ الطَّعاُم والشَّرابُ على الصائِمِ، فلمّا كانَ الغَدُ صلّى بي الظُّهرَ حينَ كانَ ظِلّه مِثلَه، وصلّى بي العَصرَ حينَ كانَ ظِلّه مِثلَيهِ، وصلّى بي المَغرِبَ حينَ أفطَرَ الصائمُ، وصلّى بي العِشاءَ إلى ثُلُثِ اللَّيلِ، وصلّى بي الفَجرَ فأسفَرَ، ثمَّ التَفَتَ إليَّ فقال: يا محمَّد، هذا وقتُ الأنبياء، مِن قَبلِكَ، والوقتُ ما بينَ هذَينِ الوقتَينِ" (¬1). ¬

_ = القرطبي هذا وقال: إنه يجزم الثقةُ بالروايات الصحيحة، وغفل القرافي فادعى أن الرواية بلفظ "وأبيه" لم تصح، لأنها ليست فى "الموطأ"، وكأنه لم يرتضِ الجواب، فعدل الى رد الخبر، وهو صحيح لا مريةَ فيه، وأقوى الأجوبة الأولان. قلنا: والأول اختاره الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/ 292، والحازمي في "الاعتبار". والثاني اختاره الخطابي فى "معالم السنن" والنووي في "شرح مسلم". (¬1) إسناده حسن، عبد الرحمن بن الحارث بن عياش وحكيم بن حكيم مختلف فيهما، وباقي رجاله ثقات. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه الترمذي (149) من طريق عبد الرحمن بن الحارث، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (3081).=

394 - حدَّثنا محمَّد بن سلمة المُراديُّ، حدَّثنا ابن وهب، عن أسامةَ بن زيد اللّيثيّ، أنّ ابنَ شهاب أخبره أنَّ عمر بن عبد العزيز كان قاعداً على المِنبَرِ فأخَّرَ العصرَ شيئاً، فقال له عُروةُ بنُ الزُّبير: أما إنَّ جِبريلَ عليه السلام قد أخبَرَ محمَّداً - صلى الله عليه وسلم - بوقتِ الصّلاةِ، فقال له عمر: ما تقول (¬1)؟ فقال عُروةُ: سمعتُ بشيرَ بنَ أبي مسعود يقول: سمعتُ أبا مَسعودٍ الأنصاريَّ يقولُ: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "نزلَ جبريلُ عليه السلام فأخبَرَني بوقتِ الصَّلاةِ، فصَلَّيتُ معه، ثمَّ صَلَّيتُ معه، ثمَّ صَلَّيتُ معه، ثمَّ صَلَّيتُ ¬

_ =وأخرجه الدارقطني في "سننه" (1016) من طريق زياد بن أبي زياد، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس مرفوعاً. قال الحافظ في "التلخيص" 173/ 1: هذا الحديث صححه أبو بكر ابن العربي وابنُ عبد البر، وقال ابنُ عبد البر: لا تُوجد هذه اللفظة وهي قوله: "هذا وقتك ووقت الأنبياء من قبلك" إلا فى هذا الحديث. وفي الباب عن جابر بن عبد الله سيأتى برقم (397). قوله: "وكانت قدر الشراك" أي: كان ظلها، والشراك: أحد سُيور النعل التي تكون على وجهها. ولم يذكر في هذا الحديث للمغرب إلا وقتاً واحداً، وهو حين يفطر الصائم، أي: عند مغيب الشمس، وهو مذهب مالك والشافعي في أظهر قوليه، ومذهب أبي حنيفة وأحمد أن وقت المغرب يمتد إلى غيبوبة الشفق، قال البغوي في "شرح السنة" 2/ 186: وهذا هو الأصح، لأن آخرَ الأمرين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلاها في وقتين، كما رويناه في حديث أبي موسى الأشعري، ورواه أيضاً بريدةُ الأسلمي وعبدُ الله بن عمرو بن العاص وأبو هريرة. قلنا: سيأتي حديث أبي موسى برقم (395)، وحديث عبد الله بن عمرو برقم (396). (¬1) كذا في (أ) و (ج)، وفي باقي النسخ: اعلَم ما تقول.

معه، ثمَّ صَلَّيتُ معه" يَحسُبُ بأصابِعِه خمسَ صَلَواتٍ، فرأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صلَّى الظُّهرَ حينَ تزولُ الشمسُ، وربّما أخّرَها حينَ يَشتَدُّ الحَرُّ، ورأيتُه يُصلّي العَصرَ والشَّمسُ مُرتفعة بيضاءُ قبلَ أن تَدخُلَها الصُّفرةُ، فَينصَرفُ الرجلُ من الصَّلاةِ فيأتي ذا الحليفةِ قبلَ غروبِ الشَّمسِ، ويُصلّي المَغرِبَ حينَ تَسقُطُ الشَّمسُ، ويُصلّي العِشاءَ حينَ يَسوَدُّ الأفُقُ، وربَّما أخَّرَها حتَّى يَجتَمعَ النَّاسُ، وصلَّى الصّبحَ مَرّة بغَلَسٍ، ثمَّ صلّى مرّة أُخرى فأسفرَ بها، ثمَّ كانت صلاتُه بعدَ ذلك التَّغليسَ حتَّى مات، لم يَعُد إلى أن يُسفِرَ (¬1). قال أبو داود: روى هذا الحديثَ عن الزُّهري مَعمَر ومالكٌ وابنُ عُيينة وشعيبُ بن أبي حمزة والليثُ بن سعد وغيرُهم، لم يذكروا الوقتَ الذي صلَّى فيه ولم يُفَسِّروه (¬2). وكذلك أيضاً روى هشامُ بنُ ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد -وهو الليثي المدني- وباقي رجاله ثقات. ابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزُّهريّ. وهو في "صحيح ابن حبان" (1449). وأخرجه مختصراً إلى قوله: "يَحسُبُ بأصابعه خمسَ صلوات" البخاري (521) و (3221) و (4007)، ومسلم (610)، والنسائي في "الكبرى" (1494)، وابن ماجه (668) من طرق عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. وهو كذلك في "مسند أحمد" (17089) و (22353)، و"صحيح ابن حبان" (1448) و (1450). (¬2) رواية معمر أخرجها عبد الرزاق (2044)، ومن طريقه أحمد (17089)، وأبو عوانة 1/ 343، والطبراني 17/ (711). ورواية مالك هي في "الموطأ" 1/ 3 - 4، ومن طريقه أخرجها البخاري (521)، ومسلم (610) (167).=

عُروة وحبيبُ بنُ أبي مرزوق عن عُروة نحوَ روايةَ مَعمَر وأصحابِه، إلا أن حبيباً لم يذكر بشيراً. وروى وهبُ بنُ كَيسانَ، عن جابر، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وقتَ المَغرِب قال: ثمَّ جاءَه للمَغرِبِ حينَ غابت الشمسُ -يعني من الغَدِ- وقتاً واحداً (¬1). قال أبو داود: وكذلك رُوي، عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثمَّ صلَّى بي المَغرِبَ -يعني من الغَدِ- وقتاً واحداً" (¬2). ¬

_ =ورواية ابن عيينة أخرجها الشافعي في "مسنده" 1/ 49 - 50، والحميدي (451)، وابن أبي شيبة 1/ 319، وأبو عوانة 1/ 341 - 342، والطبراني 17/ (714)، والبيهقي 1/ 363. ورواية شعيب بن أبي حمزة أخرجها البخاري (4007). ورواية الليث أخرجها البخاري (3221)، ومسلم (610) (166)، والنسائي في "الكبرى" (1494)، وابن ماجه (668). (¬1) رواية وهب بن كيسان أخرجها الترمذي (150)، والنسائي في "الكبرى" (1520). وهي في "مسند أحمد" (14538)، و"صحيح ابن حبان" (1472). وسيأتي حديث جابر برقم (397). (¬2) أخرجه الدارقطني (1026) و (1027)، والحاكم 1/ 194، والبيهقي 1/ 369 من طريقين عن الفضل بن موسي، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وهذا إسناد حسن. وأخرجه الدارقطني (1028)، والبيهقي 1/ 369 من طريق الفضل بن دكين، عن عمر بن عبد الرحمن بن أسيد، عن محمَّد بن عمار بن سعد المؤذن، عن أبي هريرة. وهذا إسناد حسن أيضاً. وأخرج أحمد (7172)، والترمذي (151) من طريق محمَّد بن فضيل، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رفعه: "إن للصلاة أولاً وآخراً ... وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس، وإن آخر وقتها حين يغيب الأفق" وإسناده صحيح.=

وكذلك رُوي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص من حديث حسَّان ابن عطيَّة، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 395 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبد الله بن داود، حدَّثنا بدر بن عثمان، حدَّثنا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى: أن سائلاً سألَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (¬2) فلم يَرُد عليه شيئاً، حتَّى أَمَرَ بلالاً، فأقام الفَجرَ حينَ انشَقَّ الفَجرُ، فصلَّى حينَ كانَ الرجلُ لا يَعرِفُ وجة صاحِبِه -أو أن الرجلَ لا يَعرِفُ مَن إلى جَنبِه-، ثمَّ أَمَرَ بلالاً فأقامَ الظهرَ حينَ زالت الشمسُ، حتَّى قالَ القائلُ: انتَصَفَ النَّهارُ، وهو أعلَمُ، ثمَّ أَمَرَ بلالاً فأقامَ العَصرَ والشمسُ بيضاءُ مرتفعةٌ، وأَمَرَ بلالاً فأقامَ المَغرِبَ حينَ غابت الشَّمسُ، وأَمَرَ بلالاً فأقامَ العِشاءَ حينَ غابَ الشَّفقُ، فلمَّا كانَ من الغَدِ صلَّى الفَجرَ وانصَرَفَ، فقلنا: أَطَلَعت الشَّمسُ؟ فأقامَ الظُّهرَ في وقتِ العَصرِ الذي كان قبلَه، وصلَّى العَصرَ وقد اصفَرَّت الشَمسُ -أو قال: أمسى-، وصلَّى المَغرِبَ قبلَ أن يَغيبَ الشَّفَقُ، وصلَى العِشاءَ إلى ثُلُثِ اللَّيلِ، ثمَّ قال: "أينَ السائلُ عن وقتِ الصَّلاة؟ الوقتُ فيما بين هذين" (¬3). ¬

_ =ولا تعارض بين الحديثين، فالأول من فعل جبريل، والثاني من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -, والأول محمول على وقت الفضيلة، والثاني على وقت الجواز. (¬1) أخرجه البيهقي 1/ 369. (¬2) زاد على هامش (أ) بعد هذا: عن مواقيت الصلاة. (¬3) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (614)، والنسائي في "الكبرى" (1511) من طرق عن بدر بن عثمان، بهذا الإسناد.=

قال أبو داود: روى سليمان بن موسى، عن عطاء، عن جابر، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في المَغرِبِ، نحوَ هذا، قال: ثمَّ صلَّى العِشاءَ، قال بعضُهم: إلى ثُلُثِ الليل، وقال بعضُهم: إلى شَطرِه (¬1). وكذلك روى ابنُ بُرَيدة، عن أبيه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬2). 396 - حدَّثنا عبيدُ الله بن معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبة، عن قتادة، سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "وقتُ الظُّهرِ ما لم تَحضُر العَصرُ، ووقتُ العَصرِ ما لم تَصفَرَّ الشَّمسُ، ووقتُ المَغرِبِ ما لم يَسقُط فورُ الشَّفَقِ، ووقتُ العِشاءِ إلى نصفِ اللَّيلِ، ووقتُ صلاةِ الفَجرِ ما لم تَطلُع الشَّمسُ" (¬3). ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (19733). ونقل الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 202 عن البخاري قوله: أصح الأحاديث عندي في المواقيت حديث جابر بن عبد الله وحديث أبي موسى. قلنا: وحديث جابر سيأتى تخريجه في التعليق الآتي. (¬1) أخرجه النسائي في "الكبرى" (1518) من طريق ثور بن يزيد، عن سليمان ابن موسى، بهذا الإسناد في حديث سؤال الأعرابي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مواقيت الصلاة. وإسناده قوي، سليمان بن موسى لا بأس به، وباقي رجاله ثقات. وهو في "مسند أحمد" (14790). وأخرجه بنحوه النسائي في "الكبرى" (1519) من طريق برد بن سنان، عن عطاء، به. (¬2) أخرجه مسلم (613)، والترمذي (152)، والنسائي في "الكبرى" (1527)، وابن ماجه (667) من طريق علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه. وهو في "مسند أحمد" (22955)، و"صحيح ابن حبان" (1492) و (1525). (¬3) إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ العنبري، وأبو أيوب: هو يحيى -ويقال: حبيب- بن مالك المراغي الأزدي.=

3 - باب وقت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكيف كان يصليها

3 - باب وقت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكيف كان يصليها 397 - حدَّثنا مُسلم بن إبراهيم، حدَّثنا شُعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن محمَّد بن عمرو -وهو ابنُ الحسن- قال: سَألْنا جابراً عن وَقتِ صلاةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: كانَ يُصلِّي الظُّهرَ بالهاجِرَةِ، والعَصرَ والشَّمسُ حيَّةٌ، والمَغرِبَ إذا غَرَبَت الشَّمسُ، والعِشاءَ إذا كَثُرَ النَّاسُ عَجَّلَ، وإذا قَلُّوا أَخَّرَ، والصُّبحَ بغَلَسٍ (¬1). 398 - حدَّثنا حفصُ بن عمر، حدَّثنا. شعبة، عن أبي المِنهال عن أبي بَرْزَةَ قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي الظهرَ إذا زالَت الشَّمسُ ويُصلِّي العَصرَ وإنَّ أحدَنا ليَذهَبُ إلى أقصى المدينةِ ويَرجِعُ والشَمسُ حيةٌ -ونَسيتُ المَغرِبَ- وكان لا يُبالي تأخيرَ العِشاء إلى ¬

_ =وأخرجه مسلم (612)، والنسائي في "الكبرى" (1512) من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6966)، و"صحيح ابن حبان" (1473). قوله: "فور الشفق" قال الخطابي: هو بقية حمرة الشمس في الأفق، وسُمِّي فوراً لفورانه وسطوعه، وروي أيضاً: "ثور الشفق" وهو ثوران حمرته. قلنا: وهى رواية أحمد ومسلم والنسائي. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (560)، ومسلم (646) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14969)، و"صحيح ابن حبان" (1528). والغلس: ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح. وقال الخطابي في "معالم السنن" في تفسير قوله: "والشمس حية": يفسَّر على وجهين: أحدهما: أن حياتها شدة وهجها وبقاء حرّها، لم ينكر منه شيء، والوجه الآخَر: أن حياتها صفاء لونها لم يدخُلها التغيُّر.

4 - باب وقت صلاة الظهر

ثُلُثِ اللّيلِ، قال: ثمَّ قال: إلى شَطرِ اللَّيل، قال: وكانَ يكرهُ النَّومَ قبلَها والحديثَ بعدَها، وكانَ يُصلِّي الصّبحَ ويَعرِفُ أحدُنا جَليسَه الذي كانَ يَعرِفُه، وكانَ يقرأُ فيها من السِّتِّين إلى المِئة (¬1) 4 - باب وقت صلاة الظهر 399 - حدَّثنا أحمد بن حنبل ومُسدَّد، قالا: حدَّثنا عبّاد بن عبّاد، حدَّثنا محمَّد بن عمرو، عن سعيد بن الحارث الأنصاري عن جابر بن عبد الله، قال: كنتُ أُصلِّي الظّهرَ مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فآخُذُ قَبضةً من الحصى لِتَبرُدَ في كَفِّي أضَعُها لِجَبهَتي أسجُدُ عليها لشِدَّةِ الحَرِّ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو المنهال: هو سيّار بن سلامة الرّياحي. وأخرجه البخاري (541) و (547)، ومسلم (647) (235) و (236)، والنسائي في "الكبرى" (1524) و (1530) و (1536) من طريقين عن أبي المنهال، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً بتوقيت صلاة الظهر ابن ماجه (674) من طريق عوف بن أبي جميلة، عن أبي المنهال، به. وأخرجه مختصراً بتأخير العشاء وكراهة النوم قبلها والحديث بعدها البخاري (568)، والترمذي (166)، وابن ماجه (701) من طريقين عن أبى المنهال، به. وسيأتي عند المصنف برقم (4849). وأخرجه مختصراً بالقراءة في الفجر مسلم (461)، والنسائي (1022)، وابن ماجه (818) من طرق عن أبي المنهال، به. وأخرجه مختصراً بقطعتي العشاء والفجر مسلم (647) (237) من طريق حماد ابن سلمة، عن أبي المنهال، به. وهو في "مسند أحمد" (19767)، و" صحيح ابن حبان" (5548). (¬2) إسناده حسن من أجل محمَّد بن عمرو، وهو ابن علقمة الليثي. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (672) عن قتيبة، عن عباد بن عباد، بهذا الإسناد.=

400 - حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا عَبيدة بن حميد، عن أبي مالك الأشجَعيِّ سعدِ بنِ طارق، عن كثير بن مُدرِكٍ، عن الأسود أنّ عبد الله بن مسعود قال: كانت قدرُ صلاةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في الصَّيفِ ثلاثةَ أقدامٍ إلى خمسةِ أقدامٍ، وفي الشِّتاءِ خمسةَ أقدامٍ إلى سبعةِ أقدامٍ (¬1). ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (14506)، و"صحيح ابن حبان" (2276). قلنا: والظاهر أنه لم يكن فى ثوبه فضلة يسجد عليها مع بقاء ستر عورته، فقد جاء عند البخاري (385) عن أنس بن مالك قال: كنا نُصلي مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيضع أحدنا طرفَ الثوب من شدة الحر في مكان السجود. وفي رواية: (542) كنا إذا صلينا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1504) من طريق عبيدة بن حميد، بهذا الإسناد. قال السندي في "حاشيته على سنن النسائى" تعليقاً على قول ابن مسعود: كان قدر صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي: قدر تأخير الصلاة عن الزوال ما يظهر فيه قدر ثلاثة أقدام للظل، أي: يصير ظلّ كل إنسان ثلاثة أقدام من أقدامه، فيعتبر قدم كل إنسان بالنظر إلى ظله، والمراد أن يبلغ مجموع الظل الأصلي والزائد هذا المبلغ، لا أن يصير الزائد هذا القدر، ويعتبر الأصلي سوى ذلك، فهذا قد يكون لزيادة الظل الأصلي كما في أيام الشتاء، وقد يكون لزيادة الظل الزائد بسبب التبريد كما في أيام الصيف. وقال الخطابى في "معالم السنن" 1/ 128: وهذا أمر يختلف في الأقاليم والبلدان، ولا يستوى في جميع المدن والأمصار، لأن العلة في طول الظل وقصره هو زيادة ارتفاع الشمس في السماء وانحطاطها، فكلما كانت أعلى وإلى محاذاة الرؤوس في مجراها أقرب كان الظل أقصر، وكلما كانت أخفض ومن محاذاة الرؤوس أبعد كان الظل أطول، ولذلك ظلال الشتاء تراها أبداً أطول من ظلال الصيف في كل مكان، وكانت صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة والمدينة، وهما من الإقليم الثاني، ويذكرون أن الظل فيهما في أول الصيف في شهر آذار ثلاثة أقدام وشيء، ويشبه أن تكون صلاته إذا اشتد الحر=

401 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا شعبة، أخبرني أبو الحسن -قال أبو داود: أبو الحسن: هو مُهاجِر- قال: سمعتُ زيدَ بن وهب يقول: سمعتُ أبا ذَرٍّ يقول: كنا مَعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فأرادَ المُؤذنُ أن يُؤَذِّنَ الظهر، فقال: "أبرِدْ"، ثمَّ أرادَ أن يُؤَذَّنَ فقال: "أَبرِدْ" مرَّتَينِ أو ثلاثاً، حتَّى رَأينا فَيءَ التُّلولِ، ثمَّ قال: "إنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِن فَيحِ جهنَّمَ، فإذا اشتد الحرُ فأبرِدوا بالصَّلاة" (¬1). 402 - حدَّثنا يزيدُ بن خالد بن مَوهَب الهَمداني وقتيبةُ بن سعيد الثقفي، أنَّ الليثَ حدَثهم، عن ابن شِهاب، عن سعيد بن المُسيْب وأبي سلمة ¬

_ = متأخرة عن الوقت المعهود قبله، فيكون الظل عند ذلك خمسة أقدام، وأما الظل في الشتاء فإنهم يذكرون أنه في تشرين الأول خمسة أقدام أو خمسة وشيء، وفي كانون سبعة أقدام أو سبعة وشيء، فقول ابن مسعود منزل على هذا التقدير في ذلك الإقليم دون سائر الأقاليم والبلدان التي هي خارجة عن الإقليم الثاني، والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك وأخرجه البخاري (535)، ومسلم (616)، والترمذي (158) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21376)، و"صحيح ابن حبان" (1509). قوله: "فيء التلول" الفيء: هو ما بعد الزوال من الظل، والتلول: جمع تل، وهو كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل أو نحو ذلك، وهي في الغالب منبطحة غير شاخصة، فلا يظهر لها ظل إلا إذا ذهب أكثر وقت الظهر. قاله صاحب "عون المعبود". من فيح جهنم، أي: من سعة انتشارها وتنفسها، ومنه: مكان أفيح، أي: متسع، وهذا كناية عن شدة استعارها. وقوله: فأبردوا عن الصلاة، أي: أخروا الصلاة عن وقتها المعتاد إلى أن تنكسر شدة الحر، والمراد بالصلاة صلاة الظهر، لأنها الصلاة التي يشتد حرها في أول وقتها. قال الخطابي: ومعنى الكلام يحتمل وجهين، أحدهما: أن شدة الحر في الصيف من وهج حر جهنم في الحقيقة. والوجه الآخر أن هذا الكلام خرج مخرج التشبيه والتقريب، أي: كأنه نار جهنم في الحر، فاحذروها، واجتنبوا ضررها.

عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا اشتَدَّ الحَرُّ فأَبرِدوا عن الصَّلاة -قال ابنُ مَوهَب: بالصَّلاة- فإن شِدَةَ الحَرِّ مِن فَيحِ جهنَّمَ" (¬1). 403 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن سِماكِ بن حرب عن جابر بن سَمُرة: أنَّ بلالاً كان يُؤذنُ الظُّهرَ إذا دَحَضَت الشَّمسُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وابن شهاب: هو الزُّهريّ. وأخرجه البخاري (536)، ومسلم (615) (180) و (181)، والترمذي (157)، والنسائي في "الكبرى" (1501)، وابن ماجه (678) من طرق عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. ورواية البخاري عن سعيد وحده. وأخرجه البخاري (534)، ومسلم (615) (181) و (182) و (183)، وابن ماجه (677) من طرق عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7130) و (7246)، و"صحيح ابن حبان" (1507). (¬2) صحيح لغيره، وهذا اسناد حسن من أجل سماك بن حرب. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم (606) من طريق زهير بن معاوية، عن سماك، بهذا الإسناد، وزاد: فلا يقيم حتَّى يخرج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا خرج أقام الصلاة حين يراه. وأخرجه مسلم (618)، وابن ماجه (673) من طريق شعبة، عن سماك، عن جابر بن سمرة قال: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر اذا دحضت الشمس. وهو في "مسند أحمد" (21016). وسيأتي بلفظ شعبة عند المصنف برقم (806). وله شاهد من حديث أبي برزة سلف برقم (398). قوله: "إذا دحضت الشمس" قال ابن الأثير في "النهاية": أي: زالت عن وسط السماء إلى جهة المغرب، كأنها دحضت، أي: زلقت. ومقتضى ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يُصلي الظهر في أول وقتها، ولا يخالف ذلك الأمر بالإبراد، لاحتمال أن يكون ذلك في زمن البرد، أو قبل الأمر بالإبراد، أو عند فقد شروط الإبراد، لأنه يختص بشدة الحر، أو لبيان الجواز.

5 - باب وقت صلاة العصر

5 - باب وقت صلاة العصر 404 - حدَّثنا قتيبة بن سعيد، حدَّثنا الليث، عن ابن شِهاب عن أنس بن مالك أنَّه أخبره: أنَّ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -كان يُصَلِّي العَصرَ والشَّمسُ بَيضاءُ مُرتَفِعة حيَّةٌ، ويَذهَبُ الذاهِبُ إلى العوالي والشَّمسُ مرتفعة (¬1). 405 - حدَّثنا الحسنُ بن عليّ، حدَّثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر عن الزُّهريِّ قال: والعوالي على مِيلَينِ أو ثلاثة، قال: وأحسَبُه قال: وأربعة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وابن شهاب: هو الزُّهريّ. وأخرجه البخاري (550) و (551)، ومسلم (621) (192) و (193)، والنسائي في "الكبرى" (1507)، وابن ماجه (682) من طرق عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (506) من طريق مالك، عن الزُّهريّ وإسحاق ابن عبد الله، عن أنس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي العصر ثمَّ يذهب الذاهب إلى قباء، فقال أحدهما: فيأتيهم وهم يصلون العصر، وقال الآخر: والشمس مرتفعة. قلنا: الأول لفظ إسحاق، والثاني لفظ الزُّهريّ. وأخرجه البخاري (548) , ومسلم (621) (194) من طريق مالك، عن إسحاق وحده، عن أنس، به، وقال فيه: فيجدهم يصلون العصر. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (508) من طريق أبي الأبيض، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12644)، و"صحيح ابن حبان" (1518). (¬2) رجاله ثقات. معمر: هو ابن راشد. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (2069). وقد ساق الحافظ في "الفتح" 28/ 2 - 29 روايات عن الزُّهريّ في بُعد العوالي من المدينة ما بين ميلين إلى ستة أميال، ثمَّ قال: فتحصَّل من ذلك أن أقرب العوالي=

406 - حدَّثنا يوسف بن موسى، حدَّثنا جرير، عن منصور عن خَيثَمة، قال: حياتُها أن تَجِدَ حَرَّها (¬1). 407 - حدَّثنا القَعنَبي قال: قرأتُ على مالك بن أنس، عن ابن شهاب، قال عُروة: ولقد حدثتني عائشة: أنَّ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - كان يُصلي العَصرَ والشَّمسُ في حُجرَتِها قبلَ أن تَظهَرَ (¬2). 408 - حدَّثنا محمَّد بن عبد الرحمن العَنبريُّ، حدَّثنا إبراهيم بن أبي الوزير، حدَّثنا محمّد بن يزيد اليمامي، حدَّثني يزيد بن عبد الرحمن بن علي بن شَيبان، عن أبيه ¬

_ = من المدينة مسافة ميلين، وأبعدها مسافة ستة أميال إن كانت الرواية محفوظة. قال: والعوالي: عبارة عن القرى المجتمعة حول المدينة من جهة نجدها، وأما ما كان من جهة تهامتها فيقال لها: السافلة. (¬1) رجاله ثقات. جرير: هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر، وخيثمة: هو ابن عبد الرحمن بن أبي سبرة. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 326، والبيهقي 1/ 440 من طريقين عن جرير، بهذا الإسناد. قوله: "حياتها" يعني الشمس في قوله: "والشمس بيضاء مرتفعة حية". أي: شدة وهجها وبقاء حرها لم ينكسر منه شيء، أو صفاء لونها لم يدخلها التغير. (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 4، ومن طريقه أخرجه البخارى (522)، ومسلم (611) (168). وأخرجه البخاري (544) و (545) و (546)، ومسلم (611)، والترمذي (159)، والنسائى في "الكبرى" (1506)، وابن ماجه (683) من طريقين عن عروة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24095)، و"صحيح ابن حبان" (1521). قوله: قبل أن تظهر، أي: تصعد وتعلو على الحيطان.

عن جَدِّه عليِّ بن شَيبان، قال: قَدِمْنا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ، فكانَ يُؤخِّرُ العَصرَ ما دامت الشمسُ بيضاءَ نقيَّةَ (¬1). 409 - حدَّثنا عثمان بن أبي شعيبة، حدَّثنا يحيي بن زكريا بن أبي زائدة ويزيد بن هارون، عن هشام بن حسَّان، عن محمَّد، عن عَبيدة عن علي رضي الله عنه، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال يومَ الخَندَقِ: "حَبَسُونا عن صلاةِ الوُسطى صلاةِ العَصرِ، مَلأَ اللهُ بُيوتَهم وقُبورَهم ناراً" (¬2). 410 - حدَّثنا القَعنَبي، عن مالك، عن زيد بن أسلَم، عن القَعقاع بن حكيم، عن أبي يونس مولى عائشة، أنه قال: ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، محمَّد بن يزيد اليمامي ويزيد بن عبد الرحمن بن علي بن شيبان مجهولان. وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 298 - 299، والمزي في ترجمة يزيد بن عبد الرحمن من "تهذيب الكمال" 32/ 188 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. عَبيدة: هو ابن عمرو السلماني. وأخرجه البخاري (2931)، ومسلم (627) (202) و (203)، والترمذي (3226)، والنسائي في "الكبرى" (357) من طريقين عن عبيدة السلماني، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (627) (204) و (205)، وابن ماجه (684) من طرق عن علي. وهو في "مسند أحمد" (591) و (617). قال الإمام النووي: الذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة أنها العصر، وهو المختار، وقال الماوردي نص الشافعي أنها الصبح، وصحت الأحاديثُ أنها العصر، فكأن هذا هو مذهبه لقوله: إذا صح الحديث فهو مذهبي واضربوا بمذهبي عرض الحائط، وقال الطيبي: وهذا مذهب كثير من الصحابة والتابعين، وإليه ذهب أبو حنيفة وأحمد وداود، والحديث نص فيه.

أمَرَتني عائشةُ أن أكتُبَ لها مُصحَفاً وقالت: إذا بَلَغتَ هذه الآيةَ فآذنِّي {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىَ} [البقرة: 238]، فلمَّا بَلَغتُها آذَنتُها، فأملَت عليَّ: "حافِظُوا على الصَّلَواتِ والصلاةِ الوُسطى وصَلاةِ العَصرِ وقوموا لله قانِتينَ" ثمَّ قالت عائشةُ: سمعتُها من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 411 - حدَّثنا محمَّد بن المُثنَّى، حدّثني محمَّد بن جعفر، حدَّثنا شُعبة، حدَّثني عمرو بن أبي حَكيم، قال: سمعت الزِّبْزِ قان يُحدث عن عروة بن الزُّبير عن زيد بن ثابت قال: كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي الظهرَ بالهاجِرَةِ، ولم يكن يُصلِّي صلاةً أشَد على أصحابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - منها، فنزَلَت: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 138/ 1 - 139، ومن طريقه أخرجه مسلم (629)، والترمذي (3224)، والنسائي في "الكبرى" (365). وهو في "مسند أحمد" (24448). وقول عائشة: "وصلاة العصر". يوهم أن هذه الجملة من القرآن، وهي ليست منه يقيناً، لأن خبر الواحد لا يثبت به قرآن، ولهذا لم يثبتها أحد من القُراء الذين ثبتت بهم الحجةُ بقراءتهم لا من السبعة ولا من غيرهم، وقد وردت آثار صحيحة عن عائشة رضي الله عنها تفيد أن ما قالته هو تفسير لقوله تعالى: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} فعند الطبري (5393) عن حميدة مولاة عائشة قالت: أوصت عائشة لنا بمتاعها، فوجدت في مصحف عائشة {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىَ} وهي العصر. وعنده أيضاً (5396) عن القاسم بن محمَّد، عن عائشة في قوله: {وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىَ} قالت: صلاة العصر، وفيه أيضاً من طريق هشام بن عروة عن أبيه، عن عروة قال: كان في مصحف عائشة {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىَ} وهي صلاة العصر. وفيه (5401) عن أبي أيوب، عن عائشة أنها قالت: الصلاة الوسطى صلاة العصر.

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} وقال: "إنَّ قبلَها صلاتَينِ وبعدَها صلاتَينِ" (1). 412 - حدَّثنا الحسنُ بن الربيع، حدَّثني ابنُ المبارك، عن مَعمَر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "مَن أدرَكَ من العَصرِ ركعةً قبلَ أن تَغرُبَ الشَّمسُ فقد أدرَكَ، ومَن أدرَكَ من الفَجرِ ركعةً قبلَ أن تَطلُعَ الشَّمسُ فقد أدرَكَ" (2). ¬

_ (1) إسناده صحيح. الزبرقان: هو ابن عمرو بن أمية الضمري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (355) عن محمَّد بن المثنى، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (359) من طريق ابن أبي ذئب، عن الزبرقان، عن زهرة، عن زيد ابن ثابت وأسامة بن زيد. وزهرة مجهول. وأخرجه أيضاً (360) من طريق عثمان بن عثمان الغطفانى، عن ابن أبي ذئب، عن الزُّهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أسامة بن زيد. وقال: هذا خطأ، والصواب: ابن أبي ذئب، عن الزبرقان بن عمرو بن أمية، عن زيد بن ثابت وأسامة بن زيد. قلنا: وعثمان بن عثمان وإن وثقه النسائى وغيره، قال البخاري فيه: مضطرب الحديث، وقال النسائى: ليس بالقوي. وهو في "مسند أحمد" (21595). وأخرج النسائي (361) من طريق ابن المسيب، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت قال: الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر. (2) إسناده صحيح. ابن المبارك: هو عبد الله، ومعمر: هو ابن راشد، وابن طاووس: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (608) (165) من طريق ابن المبارك، ومسلم (608) (165)، والنسائي في "الكبرى" (1513) من طريق معتمر بن سليمان، كلاهما عن معمر، بهذا الإسناد. إلا أن معتمراً قال عند النسائي -ومسلم لم يسق لفظه-: "من أدرك ركعتين",=

413 - حدَّثنا القَعنَبي، عن مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن أنه قال: دَخَلنا على أنس بن مالك بعدَ الظُّهرِ فقامَ يُصَلي العَصرَ، فلمَّا فَرَغَ من صَلاتِه ذَكَرنا تعجيلَ الصَلاةِ، أو ذَكَرَها، فقال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "تلك صلاةُ المُنافقينَ، تلك صلاةُ المُنافقينَ، تلك صلاةُ المُنافقينَ، يَجلِسُ أحدُهم حتَّى إذا اصفَرَّت الشَّمسُ فكانت بينَ قَرنَي شَيطانٍ -أو على قَرنَي الشيطانِ- قامَ فنَقَرَ أربعاً لا يَذكُرُ اللهُ عز وجل فيها إلا قليلاً" (¬1). 414 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن نافع ¬

_ = وهو وهم منه، فقد رواه ابن المبارك، وعبد الرزاق (2227)، ورباح بن زيد الصنعاني عند أحمد (7798)، ثلاثتهم عن معمر، قالوا: "ركعة". وأخرجه البخاري (556) و (579)، ومسلم (608)، والترمذي (184)، والنسائي في "الكبرى" (1513) و (1514) و (1516) و (1547)، وابن ماجه (699) من طرق عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7216) و (7798)، و"صحيح ابن حبان" (1557) و (1582). وانظر ما سيأتي برقم (1121). (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبدُ اللهِ بنُ مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 220. وأخرجه مسلم (622)، والترمذي (160)، والنسائي في "الكبرى" (1509) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (11999) و (12509)، و"صحيح ابن حبان" (259 - 263).

عن ابن عمر، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الذي تَفوته صلاةُ العَصرِ فكأنَّما أُوترَ (¬1) أهلَه ومالَه" (¬2). قال أبو داود: وقال عُبيد الله بن عمر: "أُتِرَ" (¬3)، واختُلِفَ على أيوب فيه (¬4)، وقال الزهريُّ، عن سالم، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: "وُتِرَ". ¬

_ (¬1) هكذا في (أ) وأشار الحافظ إلى أنها كذلك فى نسخة الخطيب وصحح عليها، ذكر في الحاشية أن السماع: وتر، وهي كذلك في سائر أصولنا الخطية. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 1/ 11، ومن طريقه أخرجه البخاري (522)، ومسلم (626) (200)، والنسائى في "الكبرى" (364). وأخرجه الترمذي (173)، والنسائى في "الكبرى" (362) من طريق الليث بن سعد، عن نافع، به. وأخرجه مسلم (626) (200) و (201)، والنسائي في "الكبرى" (1510)، وابن ماجه (685) من طريق الزهرى، عن سالم، والنسائي في "المجتبى" (478) من طريق عراك بن مالك، كلاهما عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4545)، و"صحيح ابن حبان" (1469). قوله: "وُتر أهله وماله" قال النووي: روي بنصب اللامين ورفعهما، والنصب هو الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور، على أنه مفعول ثان، ومن رفع فعلى ما لم يُسمَّ فاعله، ومعناه: انتزع منه أهله وماله، وهذا تفسير مالك بن أنس، وأما على رواية النصب، فقال الخطابى وغيره: معناه: نقص هو أهلَه ومالَه، فبقي بلا أهل ولا مال، فليحذر من تفويتها كما يحذر من ذهاب أهله وماله. (¬3) رواية عبيد الله بن عمر عن نافع أخرجها أحمد (5161) و (5780)، والدارمي (1230)، وأبو عوانة في "مسنده" (1042). وعندهم جميعاً: "وُتر". (¬4) رواية أيوب عن نافع أخرجها أحمد (5084)، والطبراني في "الأوسط" (386)، والبغوي في "الجعديات" (3126) و (3127)، وعندهم جميعاً: "وُتر".

6 - باب وقت المغرب

415 - حدَّثنا محمود بن خالد، حدَّثنا الوليد، قال: قال أبو عمرو -يعني الأوزاعيَّ-: وذلك أن ترى ما على الأرضِ من الشَّمسِ صَفراءَ (¬1). 6 - باب وقت المغرب 416 - حدَّثنا داود بن شَيب، حدَّثنا حمَّاد، عن ثابت البُنانيِّ عن أنس بن مالك، قال: كنَّا نُصَلِّي المَغرِبَ مَعَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ نرمي، فيرى أحدُنا مَوضِعَ نَبْلِهِ (¬2). 417 - حدَّثنا عمرو بن علي، عن صفوان بن عيسى، عن يزيد بن أبي عُبيد عن سَلَمة بن الأكوع قال: كانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلي المَغرِبَ ساعةَ تَغرُبُ الشَّمسُ إذا غابَ حاجِبُها (¬3). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات الوليد -وهو ابن مسلم-. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت البنانى: هو ابن أسلم. وأخرجه أبو يعلى (3308)، وابن خزيمة (338)، والطحاوي 1/ 212، والبغوي فى "الجعديات" (3473)، والبيهقي 447/ 1، وابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 89 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 328/ 1، وأحمد (12136) و (12964) و (13059) و (13131)، والضياء في "المختارة" (2006 - 2009) من طرق عن حميد الطويل، عن أنس. وله شاهد من حديث رافع بن خديج عند البخاري (559)، ومسلم (635). (¬3) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (561)، ومسلم (636)، والترمذي (182)، وابن ماجه (688) من طرق عن يزيد بن أبي عبيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16532)، "وصحيح ابن حبان" (1523). قوله: "إذا غاب حاجبها" أي: حرفها الأعلى من قرصها.

7 - باب وقت عشاء الآخرة

418 - حدَّثنا عُبيدُ الله بن عمر، حدَّثنا يزيد بن زُرَيع، حدَّثنا محمَّد بن إسحاق، حدّثني يزيد بن أبي حبيب، عن مَرثَد بن عبد الله، قال: قَدِمَ علينا أبو أيوب غازياً، وعُقبةُ بنُ عامر يومئذٍ على مِصرَ، فأخرَ المَغرِبَ، فقامَ إليه أبو أيوب فقال: ما هذه الصَّلاةُ يا عُقبةُ؟ قال: شُغِلنا، قال: أمَا سمعتَ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "لا تزالُ أُمَّتي بخيرٍ -أو قال: على الفِطرةِ- ما لم يُؤَخِّروا المَغرِبَ إلى أن تَشتَبكَ النُّجومُ" (¬1). 7 - باب وقت عشاء الآخرة 419 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن أبي بشر، عن بَشير بن ثابت، عن حَبيب بن سالم ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل محمَّد بن إسحاق. وباقي رجاله ثقات. وأخرجه مطولاً ومختصراً أحمد (17329) و (23534) و (23535) و (23582)، والدولابى في "الكنى" 1/ 15، والطبرانى (4083)، والحاكم 1/ 190، والبيهقي 1/ 370 من طرق عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً أحمد (23521)، والشاشي في "مسنده" (1129)، والطبراني (4058)، والدارقطني (1021) من طريق عبد الله بن لهيعة، والطبراني (4057) من طريق حيوة بن شريح، و (4059) من طريق عبد الحميد بن جعفر، ثلاثتهم عن يزيد بن أبي حبيب، عن أسلم أبي عمران، عن أبي أيوب الأنصاري. ورواية أحمد عن قتيبة عن ابن لهيعة، وروايته عنه صالحة. ولفظ ابن لهيعة: "بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النجم"، ولفظ عبد الحميد بنحوه، ولفظ حيوة: كنا نصلي المغرب حين تجب الشمس. وأخرجه مختصراً بنحو لفظ ابن لهيعة: أحمد (23580) الطيالسي (600) من طريق ابن أبي ذئب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن رجل، عن أبي أيوب. والحديث ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 177 ونقل عن أبي زرعة أنه رجح رواية حيوة على رواية ابن إسحاق.

عن النُّعمان بن بشير، قال: أنا أعلَمُ النَّاسِ بوقتِ هذه الصَّلاةِ صلاةِ العِشاءَ الآخرَةِ (¬1)، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّيها لِسقوطِ القَمَرِ لِثالثةٍ (¬2). 420 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا جريرٌ، عن منصور، عن الحكم، عن نافع عن عبد الله بن عمر، قال: مَكَثنا ذاتَ ليلةٍ نَنتَظِرُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لصلاةِ العِشاء فخَرَجَ إلينا حينَ ذهبَ ثُلُثُ اللَّيلِ، أو بعده، فلا ندري أشيء شَغَلَه أم غيرُ ذلك، فقال حينَ خرج: "أتنتَظِرُونَ هذه الصَّلاةَ؟ لولا أن تَثقُلَ على أُمتي لَصَلَّيتُ بهم هذه السَّاعةَ" ثمَّ أمرَ المُؤذِّنَ فأقامَ الصلاة (¬3). ¬

_ (¬1) في (أ) وحدها: صلاة عشاء الآخرة، وأشار الحافظ إلى أنها كذلك في نسخة الخطيب. (¬2) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح اليشكري، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس. وأخرجه الترمذي (163)، والنسائي في "الكبرى" (1522) و (1523) من طريقين عن أبي بشر جعفر بن إياس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18415)، و "صحيح ابن حبان" (1526). قوله: "لسقوط القمر لثالثة" قال صاحب "عون المعبود": أي: وقت غروبه أو سقوطه إلى الغروب في الليلة الثالثة من الشهر. (¬3) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر, والحكم: هو ابن عُتيبة. وأخرجه مسلم (639) (220)، والنسائي في "المجتبى" (537) من طريق جرير، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1536). وانظر ما سلف برقم (199).

421 - حدَّثنا عمرو بن عثمان الحِمصيُّ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا حَريزٌ، عن راشد بن سعد، عن عاصم بن حُميد السَّكُوني أنَّه سمع معاذَ بنَ جبل يقول: ارتقبْنا (¬1) النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في صلاة العَتَمةِ فأخَّرَ حتَّى ظنَّ الظَّانُّ أنه ليس بخارجٍ، والقائلُ منَّا يقولُ: صَلَّى، فإنَّا لكذلك حتَّى خرجَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا له كما قالوا، فقال: "أَعتِمُوا بهذه الصَّلاةِ، فإنَّكم قد فضِّلتُم بها على سائرِ الأُمَمِ، ولم تُصَلِّها أُمَة قبلَكم" (¬2). 422 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بشر بن المُفضَّل، حدَّثنا داود بن أبي هند، عن أبي نَضْرة عن أبي سعيد الخُدْريّ قال: صَلَّينا مَعَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ العَتَمةِ، فلم يَخرُج حتَّى مضى نحوٌ من شَطرِ الليل، فقال: "خُذُوا مَقاعِدَكم" فأخَذْنا مَقاعِدَنا، فقال: "إن النَّاسَ قد صَلَّوا وأخذوا مَضاجِعَهم، ¬

_ (¬1) هكذا في (أ) و (ج)، وصحح عليها في (أ) وصوبه في هامش (ب). وفي (ب) و (د): أبقَينا وضبب عليها في (ب)، وفي (هـ): بَقَينا. قلنا: وأبقَينا وبقينا بمعنى، أي: انتظرنا. (¬2) إسناده صحيح. حريز: هو ابن عثمان الرحبي. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 331 و 2/ 439 - 440، وأحمد (22066) و (22067)، والشاشي في "مسنده" (1369) و (1370)، والطبراني 20/ (239)، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 138، والبيهقى 1/ 451 من طرق عن حريز بن عثمان، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني 20/ (240) من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن مالك بن زياد، عن عاصم بن حميد، به. وإسناده ضعيف، عبد الله بن صالح كاتب الليث سيئ الحفظ، ومالك بن زياد لم يرو عنه غير معاوية بن صالح، ولم يذكره في الثقات سوى ابن حبان.

8 - باب وقت الصبح

وإنَّكم لن تزالوا في صلاةٍ ما انتَظَرتُمُ الصَّلاةَ، ولولا ضَعفُ الضَّعيفِ وسُقمُ السَّقيمِ، لأخَّرتُ هذه الصَّلاةَ إلى شَطرِ اللَّيلِ " (¬1). 8 - باب وقت الصبح 423 - حدَّثنا القَعنَبيُّ، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عَمْرة عن عائشة أنها قالت: إنْ كانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لَيُصَلِّي الصُّبحَ، فَينصَرِفُ النِّساءُ مُتَلَفِّعاتٍ بمُرُوطِهِنَّ ما يُعرَفْنَ من الغَلَسِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو نضرة: هو المنذرُ بنُ مالك العبدي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1532)، وابن ماجه (693) من طريق عبد الوارث ابن سعيد، عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد. وهو "مسند أحمد" (11015). (¬2) إسناده صحيح. القعنبى: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 5، ومن طريقه أخرجه البخاري (867)، ومسلم (645) (232)، والترمذي (153)، والنسائي في "الكبرى" (1540). وأخرجه بنحوه البخاري (372)، ومسلم (645) (230) و (231)، والنسائي في "الكبرى" (1287) و (1539)، وابن ماجه (669) من طريق عروة بن الزُّبير، والبخاري (874) من طريق القاسم بن محمَّد، كلاهما عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24051) و (25454)، و"صحيح ابن حبان" (1498). قولها: "متلفعات بمروطهن" قال الحافظ في "الفتح"1/ 482: قال الأصمعي: التلفُّع: أن تشتمل بالثوب حتَّى تُجلِّل به جسدك، وفي "شرح الموطأ" لابن حبيب: التلفع لا يكون إلا بتغطية الرأس، والتلفُّف يكون بتغطية الرأس وكشفه، والمروط: جمع مِرط، وهو كساء من خَزٍّ أو صوف أو غيره. والغلس. قال الخطابي: هو اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل، والغبش قريب منه إلا أنه دونه، وفيه حجة لمن رأى التغليس بالفجر، وهو الثابت من فعل أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة.=

9 - باب المحافظة على الوقت

424 - حدَّثنا إسحاقُ بن إسماعيل، حدَّثنا سفيان، عن ابن عَجلان، عن عاصم بن عمر بن قتادة بن النُّعمان، عن محمود بن لَبيد عن رافع بن خَديج قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَصبِحُوا بالصُّبحِ فإنه أعظَمُ لأُجُورِكم" أو "أعظَمُ للأجرِ" (¬1). 9 - باب المحافظة على الوقت (¬2) 425 - حدَّثنا محمَّد بن حرب الواسطيُّ، حدَّثنا يزيدُ -يعني ابنَ هارون- أخبرنا محمَّد بن مُطَرِّف، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسار ¬

_ =وقال الحافظ في "الفتح" 2/ 55: فيه استحباب البادرة بصلاة الصبح في أول الوقت، وجواز خروج النساء إلى المساجد، لشهود الصلاة في الليل، ويؤخذ منه جوازه بالنهار من باب أولى، لأن الليل مَظِنَّة الريبة أكثر من النهار. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان -واسمه محمَّد- وقد توبع. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (1542)، وابن ماجه (672) من طريقين عن ابن عجلان، بهذا الإسناد. ولفظ النسائى: "أسفروا بالفجر". وأخرجه الترمذي (154) من طريق محمَّد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، به. ولفظه: "أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للأجر". وأخرجه النسائى فى "الكبرى" (1543) من طريق زيد بن أسلم، عن عاصم بن عمر، عن محمود بن لبيد، عن رجال من الأنصار. ولفظه كلفظ الترمذي. وهو في "مسند أحمد" (15819)، و"صحيح ابن حبان" (1489). وقد جمع الإمام الطحاوي فى "شرح معاني الآثار" 1/ 176 - 184 بين حديث التغليس وحديث الإسفار بأن يدخل فى الصلاة مُغلساً، ويُطيلَ القراءة حتَّى ينصرِفَ عنها مُسفراً، قال: فالذي ينبغي الدخول فى الفجر في وقت التغليس، والخروج منها وقت الإسفار على موافقة ما روينا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وهو قولُ أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى. (¬2) هكذا في (د) و (هـ) ونسخة على هامش (ب)، وفى (ج): على وقت الصلوات، وفي (أ): على الصلوات.

عن عبد الله الصُّنابحيِّ، قال: زعمَ أبو محمَّد أنَّ الوِترَ واجبٌ، فقال عُبادةُ بن الصامت: كذبَ أبو محمَّد، أَشهَدُ أنِّي سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خمسُ صلواتٍ افتَرَضَهُنَّ اللهُ عز وجل، مَن أحسَنَ وُضوءَهُنَّ وصَلاَّهنّ لوقتِهنَّ وأتمَّ ركوعَهُنَّ وخُشوعَهُنَّ كانَ له على الله عَهدٌ أن يَغفِرَ له، ومن لم يَفعَل فليسَ له على الله عَهدٌ، إن شاءَ غَفَرَ له، وإن شاءَ عَذَّبَه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الله الصنابحي كذا جاء اسمه في هذه الرواية، وجاء في رواية آدم بن أبي إياس عن محمَّد بن مطرف: أبو عبد الله الصنابحي، قال الحافظ في "النكت الظراف" 4/ 255: وهو الصواب، قلنا: واسم أبي عبد الله الصنابحي هذا عبد الرحمن بن عُسيلة، وهو ثقة من رجال الشيخين. وأخرجه البيهقي 2/ 215، والبغوى في "شرح السنة" (978) من طريق يزيد بن هارون، وأحمد (22704) عن حسين بن محمَّد، والطبراني في "الأوسط" (4658) و (9315)، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 130 - 131، والبيهقي 2/ 215 من طريق آدم بن إياس، ثلاثتهم عن محمَّد بن مطرف، بهذا الإسناد. وقال آدم: عن أبي عبد الله الصنابحي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (318)، وابن ماجه (1401) من طريق عبد الله ابن محيريز، عن المخدجي، عن عبادة. ورواية ابن ماجه ليس فيها قصة أبي محمَّد. وهو في "مسند أحمد" (22693). وسيأتي من طريق المخدجي عن عبادة برقم (1420). قوله: "كذب أبو محمَّد" قال الخطابي في "معالم السنن": يريد: أخطأ أبو محمَّد، ولم يرد به تعمد الكذب الذي هو ضِدُّ الصدق، لأن الكذب إنما يجري في الأخبارِ، وأبو محمَّد هذا إنما أفتى فتيا ورأى رأياً، فأخطأ فيما أفتى به، وهو رجل من الأنصار له صحبة، وإنما أنكر عبادة أن يكون الوتر واجباً وجوبَ الصلوات الخمس دون أن يكون واجباً في السنة، ولذلك استشهد بالصلوات الخمس المفروضات فى اليوم والليلة.

426 - حدَّثنا محمَّد بن عبد الله الخُزاعيُّ وعبدُ الله بن مَسلَمة، قالا: حدَّثنا عبد الله بن عمر، عن القاسم بن غنَّام، عن بعض أُمَّهاته عن أُمِّ فَرْوةَ قالت: سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أي الأعمال أفضَلُ؟ قال: "الصَّلاة في أوّلِ وَقتِها" قال الخزاعي في حديثه: عن عَمَّةٍ له يقالُ لها: أُمُّ فَرْوة قد بايَعَتِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ (¬1). 427 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن إسماعيل بن أبي خالد، حدَّثنا أبو بكر بن عُمارة بن رُوَيبة عن أبيه، قال: سأله رجلٌ من أهلِ البصرةِ فقال: أخبِرني ما سمعتَ من رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا يَلجُ النارَ رجل صلى قبلَ طُلوعِ الشَّمسِ وقبلَ أن تَغرُبَ" قال: أنتَ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن عمر -وهو العمري- ولاضطراب القاسم ابن غنام فيه كما هو مبين في التعليق على "مسند أحمد" (27103)، ولإبهام الرواية عن أم فروة. وأم فروة هذه: قيل: هي أخت أبي بكر الصديق، وهو ظاهر صنيع ابن السكن، ورجَّحه ابن عبد البر في "الاستيعاب"، وقيل: بل هي غيرها، فأخت أبي بكر لها ذكر، وليس لها حديث فيما جزم به ابن منده، ورواية هذا الحديث أنصارية لأن مدار حديثها على القاسم بن غنام وهو أنصاري، وهي جدته أو عمته أو إحدى أمهاته أو من أهله على اختلاف الرواة عنه في ذلك، فهي على كل حال ليست أخت أبي بكر الصديق. قاله ابن الأثير في "أسد الغابة" وتابعه ابن حجر في "الإصابة". وأخرجه الترمذي (168) من طريق الفضل بن موسى، عن عبد الله بن عمر، عن القاسم بن غنام، عن عمته أم فروة. وضعفه الترمذي بعبد الله العمري وبالاضطراب. وهو فى "مسند أحمد" (27103 - 27105). وفي الباب عند البخاري (527)، ومسلم (85). ولفظه أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ العمل أحب إلى اللهِ؟ قال: "الصلاة على وقتها".

سمعتَه منه -ثلاثَ مرَّات-؟ قال: نعم، كل ذلك يقول: سَمِعَته أُذُنايَ ووَعاهُ قلبي، فقال الرجلُ: وأنا سَمِعتُه يقولُ ذلك (¬1). 428 - حدَّثنا عمرُو بن عَون، أخبرنا خالد عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب بن أبي الأسود، عن عبد الله بن فَضَالة عن أبيه، قال: عَلَّمَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فكان فيما عَلَّمَني: "وحافِظْ على الصلَواتِ الخَمسِ" قال: قلتُ: إنَّ هذه ساعاتٌ لي فيها أشغالٌ، فمُرني بأمرٍ جامعِ إذا أنا فَعَلتُه أجزَأَ عني، فقال: "حافِظْ على العَصْرَينِ" -وما كانت من لُغَتِنا- فقلتُ:. وما العَصرانِ؟ فقال: "صلاةٌ قبلَ طُلوعِ الشَّمسِ، وصلاة قبلَ غُروبِها" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل أبي بكر بن عمارة بن رويبة، وباقي رجاله ثقات. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه مسلم (634)، والنسائي في "الكبرى" (352) و (462) من طرق عن أبي بكر بن عمارة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11459) من طريق أبي إسحاق، عن عمارة بن رويبة، به. وهو في "مسند أحمد" (17220)، و"صحيح ابن حبان" (1739). وله شاهد من حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري (574)، ومسلم (635) بلفظ: "من صلَّى البَرْدَيْن، دخل الجنة" والبردان: الغداة والعشي، والمراد: صلاة الفجر وصلاة العصر. وآخر من حديث جرير بن عبد الله عند البخاري (554)، ومسلم (633) بلفظ: "إن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاة قبلَ طلوع الشمس وقبل غروبها، فافعلوا". (¬2) إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن فضالة، فقد روى عنه اثنان أحدهما مجهول، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي فى "المغني": عبد الله بن فضالة عن أبيه، ولفضالة صحبة، لا يُعرفان، والخبر منكر في وقت الصلاة. قلنا: وقد اختلف في إسناده على داود بن أبي هند كما سيأتى فى التخريج. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي.=

429 - قال ابن الأعرابي (¬1): حدَّثنا محمَّد بن عبد الملك الروَّاس، حدَّثنا أبو داود، حدَّثنا محمَّد بن عبد الرحمن العَنبَريُّ، حدَّثنا أبو على الحنفي عبيدُ الله ابن عبد المجيد، حدَّثنا عمران القطَّان، حدَّثنا قتادة وأبان، كلاهما عن خُلَيد العَصَري ¬

_ =وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 341، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (939)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (996)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 325 - 326، وابن حبان (1742)، والطبرانى 18/ (826)، والحاكم 1/ 20 و 199 - 200 و 3/ 628، والبيهقي 1/ 466 من طريق خالد بن عبد الله، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 170 من طريق زهير بن إسحاق السلولى، والبيهقي 1/ 466 من طريق على بن عاصم الواسطى، كلاهما عن داود، به. وزهير وعلي ضعيفان. وأخرجه ابن سعد 7/ 79 - 80، وأحمد (19024)، والبخاري في "التاريخ" 5/ 170، والطحاوي (997)، وابن حبان (1741)، والحاكم 1/ 20 و199 - 200 من طريق هشيم بن بشير، عن داود، عن أبي حرب، عن فضالة. لم يذكر عبد الله. ورواه مسلمة بن علقمة المازني فيما ذكر البخاري في "تاريخه" 5/ 170، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 5/ 135، والمزي في "تحفة الأشراف" (11042) عن داود، عن أبي حرب، عن عبد الله بن فضالة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، لم يذكر أباه، لكن أخرجه ابن قانع 2/ 326 من طريق مسلمة بن علقمة، وفيه: عن أبيه!! والحديث على فرض صحته معناه: أدِّ العصرين -يعني الفجر والعصر- في أحسن أوقاتهما، وأد البقية على الوجه المتيسر لك في أوقات جوزاها، ولا دلالة فيه على أنهما تكفيان عن الخمس. (¬1) هذا الحديث والذي يليه أثبتناهما من حاشية (هـ)، وهما من رواية ابن الأعرابي، عن محمَّد بن عبد الملك الرواس، عن أبي داود، وهما مما رواه ابن الأعرابي عن أبي داود بواسطة، لأنه وقع لابن الأعرابي فوت في سماع "السنن" من أبي داود كما سبق بيان ذلك في المقدمة.

عن أبي الدرداء: قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "خمس من جاء بهن مع إيمانٍ دَخَل الجنة، من حافظ على الصلوات الخمسِ على وُضوئهن وركوعهن وسجودهن ومَواقيتِهن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلاً، وأعطى الزكاةَ طيّبةً بها نفسُه، وأدّى الأمانةَ" قالوا: يا أبا الدرداء، وما أداء الأمانة؟ قال: الغسل من الجنابة (¬1). 430 - قال أبو سعيد ابنُ الأعرابي، حدَّثنا محمَّد بن عبد الملك بن يزيد الروَّاس قال: حدَّثنا أبو داود، حدَّثنا حَيوةُ بن شُريح المصري، حدَّثنا بقيَّةُ، عن ضُبارة بن عبد الله بن أبي سُلَيك الألهاني، أخبرني ابنُ نافع، عن ابن شهاب الزُّهريُّ قال: قال سعيدُ بن المُسيّب: إنَّ أبا قتادة بنَ رِبعيٍّ أخبره قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قال الله عز وجل: إنِّي فَرضتُ على أُمَّتِكَ خمسَ صَلَواتٍ، وعَهِدتُ عندي عَهداً أنه مَن جاء يُحافِظُ عليهنَّ لوقتِهنَّ أدخَلتُه الجنَّةَ، ومَن لم يُحافِظ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عمران بن داود القطان. وأخرجه محمَّد بن نصر في "الوتر" (14)، والطبري فى "تفسيره" 55/ 22, والعقيلي في ترجمة عبيد الله بن عبد المجيد من "الضعفاء"، 123/ 3، والطبراني في "المعجم الصغير" (772)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 234 والبيهقي في "شعب الإيمان" (2751)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 334، والرافعي في "التدوين فى أخبار قزوين"، 497/ 3 من طريق عبيد الله بن عبد المجيد، بهذا الإسناد. وأخرجه من قول أبي الدرداء البيهقي (2750) من طريق أبي العباس الأصم، عن الحسن بن علي بن عفان، عن محمَّد بن بشر العبدي، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن أن أبا الدرداء كان يقول ... وهذا سند رجاله ثقات إلا أن الحسن وهو البصري لم يسمع من أبي الدرداء.

10 - باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت

عليهنَّ فلا عَهدَ له عندي" (¬1). 10 - باب إذا أخَّر الإمامُ الصلاة عن الوقت 431 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حماد بن زيد، عن أبي عِمران -يعني الجَونيِّ-، عن عبد الله بن الصَّامت عن أبي ذر، قال: قال لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا ذَر، كيف أنتَ إذا كانت عليك أُمراءُ يُميتونَ الصَّلاةَ -أو قال: يُؤَخِّرونَ الصَّلاةَ-؟ " قلتُ: يا رسولَ الله، فما تأمُرُني؟ قال: "صَلِّ الصَّلاةَ لوَقتِها، فإن أَدرَكتَها معهم فصَلِّهْ، فإنَّها لكَ نافِلَةٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد- وجهالة ضبارة بن عبد الله الألهاني. وأخرجه ابن ماجه (1403) من طريق بقية، بهذا الإسناد. ويُغني عنه حديث عبادة بن الصامت السالف عند المصنف برقم (425). (¬2) إسناده صحيح. أبو عمران الجوني: هو عبد الملك بن حبيب البصري. وأخرجه مسلم (648)، والترمذي (174)، والنسائي في "الكبرى" (856) و (934)، وابن ماجه (1256) من طرق عن عبد الله بن الصامت، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21306) و (21324)، و"صحيح ابن حبان" (1482) و (1718) و (1719). قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 5/ 147 معنى: يميتون الصلاة: يؤخرونها فيجعلونها كالميت الذي خرجت روحه، والمراد بتأخيرها عن وقتها، أي: عن وقتها المختار، لا عن جميع وقتها، فإن المنقول عن الأمراء المتقدمين والمتأخرين، إنما هو تأخيرها عن وقتها المختار، ولم يؤخرها أحد منهم عن جميع وقتها ... وفي هذا الحديث الحثُّ على الصلاة أول الوقت، وفيه أن الإمام إذا أخرها عن أول وقتها يستحب للمأموم أن يُصليها في أول الوقت منفرداً، ثمَّ يُصليها مع الإمام فيجمع فضيلتي أول الوقت والجماعة، وفيه الحث على موافقة الأمراء في غير معصية لئلا تتفرق الكلمة، وتقع الفتنة.

432 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، حدَّثنا الوليد، حدَّثنا الأوزاعيُّ، حدّثني حسان عن عبد الرحمن بن سابطٍ، عن عَمرو بن ميمون الأوْديِّ قال: قَدِمَ علينا مُعاذُ بنُ جَبَلِ اليَمَنَ رسولَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - علينا، قال: فسَمِعتُ تكبيرَه مع الفَجرِ، رجل أجشُّ الصَّوتِ، قال: فألقَيتُ مَحبَّتي عليه فما فارَقتُه حتَّى دَفَنتُه بالشَّامِ مَيتاً، ثمَّ نَظَرتُ إلى أفقَهِ النَّاسِ بعدَه، فأتيتُ ابنَ مسعودِ فلَزِمتُه حتَّى ماتَ، فقال: قال لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "كيفَ بكم إذا أَتَت عليكم أُمراءُ يُصَلُّونَ الصَّلاةَ لغيرِ مِيقاتِها؟ " قلتُ: فما تأمُرُني إن أدرَكَني ذلك يا رسولَ الله؟ قال: "صَلِّ الصلاةَ لِميقاتِها، واجعَل صلاتَكَ معهم سُبحةً" (¬1). 433 - حدَّثنا محمَّد بن قُدامةَ بن أَعيَن، حدَّثنا جريرٌ، عن منصور، عن هِلال بن يِساف، عن أبي المُثنَّى، عن ابن أُخت عُبادة بن الصَّامِتِ، عن عُبادة ابن الصَّامِت (ح) ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الوليد: هو ابن مسلم، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (327)، وابن ماجه (1255) من طريق عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود. وأخرجه موقوفاً مسلم (534)، والنسائي في "الكبرى" (621) و (876) من طريقين عن الأسود وعلقمة، عن ابن مسعود. وهو في "مسند أحمد" (3601) و (22020)، و "صحيح ابن حبان" (1481) و (1558). الأَجَشُّ: هو الذي في صوته جشة، وهي شدة الصوت وفيها غنة. والسبحة: ما يصليه المرء نافلة من الصلوات، ومن ذلك سُبحة الضحى.

وحدَّثنا محمَّد بن سليمان الأنباريُّ، حدَّثنا وكيع، عن سُفيان -المعنى-، عن منصور، عن هِلال بن يِساف، عن أبي المُثنى الحِمصي، عن أبي أُبيٍّ ابنِ امرأةِ عُبادة بن الصَّامت عن عُبادة بن الصَّامت قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّها ستكونُ عليكم بعدي أُمراءُ تَشغَلُهم أشياءُ عن الصلاةِ لوَقتِها حتَّى يَذهَبَ وقتُها، فصَلُّوا الصَّلاةَ لِوَقتِها" فقال رجلٌ: يا رسولَ الله، أُصَلِّي معهم؟ قال: "نعم إن شِئتَ" وقال سُفيان: إن أدرَكتُها معهم أُصلِّي معهم؟ قال: "نعم إن شِئت" (¬1). 434 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا أبو هاشم -يعني الزعفرانيَّ-, حدَّثني صالح بن عُبيد عن قبيصة بن وقَّاص، قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "تكونُ عليكم أُمراءُ مِن بعدي يُؤَخِّرونَ الصَّلاةَ، فهي لكم، وهي عليهم، فصَلُّوا معهم ما صَلَّوُا القِبلَة" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره دون قوله: "إن شئت"، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي المثنى -وهو ضمضم الأُملوكي الحمصى في قول، وقيل: هو غيره -وقد اضطرب في تسمية شيخه. جرير: هو ابن عبد الحميد، وسفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر. وهو في "مسند أحمد" (22686) من طريق الثوري، و (22787) من طريق جرير. وأخرجه أحمد (22681) من طريق شعبة، وابن ماجه (1257) من طريق سفيان ابن عيينة، كلاهما عن منصور، عن هلال بن يساف، عن أبي المثنى، عن أبي أُبيّ، به. وقال فيه: "اجعلوا صلاتكم معهم تطوعاً" ولم يقل: "إن شئت". ويشهد له حديث أبي ذر وحديث ابن مسعود السالفان قبله. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة صالح بن عبيد. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وأبو هاشم الزعفراني: هو عمار بن عمارة.=

11 - باب من نام عن صلاة أو نسيها

11 - باب من نام عن صلاةٍ أو نسيها 435 - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا ابنُ وَهب، أخبرني يونس، عن ابن شِهاب، عن ابن المُسيِّب عن أبي هريرة: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - حينَ قَفَلَ مِن غَزوةِ خَيبَرَ، فسارَ ليلةً حتَّى إذا أدرَكَنا الكَرَى عَرّسَ وقال لبلالٍ: "اكلأ لنا الليلَ" قال: فغَلَبَت بلالاً عَيناهُ، وهو مُستَنِدٌ إلى راحِلَتِه، فلم يَستَيقِظ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ولا بلالٌ ولا أحدٌ مِن أصحابه، حتَّى ضَرَبَتهم الشَّمسُ، فكانَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَولَهم استيقاظاً، ففَزِعَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا بلال" فقال: أخذَ بنفسي الذي أخذَ بنفسكَ، يا رسولَ الله بأبي أنت وأُمِّي، فاقتادوا رواحِلَهم شيئاً، ثمَّ تَوَضَّأ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمرَ بلالاً فأقامَ لهمُ الصَّلاةَ وصلَّى لهمُ الصبحَ، فلما قضى الصَّلاةَ قال: "مَن نَسِيَ صلاةً فليُصَلها إذا ذَكَرَها، فإن اللهُ تعالى قال: "أَقِمِ الصلاةَ للذِّكْرَى"، قال يونُسُ: وكانَ ابنُ شِهاب يَقرَؤُها كذلك (¬1). ¬

_ =وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 7/ 55 - 56، والبخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 137، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 343، والطبراني في "الكبير" 18/ (959)، وفي "الأوسط" (2623)، وابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 65 - 66، والمزي في ترجمة قبيصة بن وقاص من "تهذيب الكمال" 23/ 497 من طريقين عن أبي هاشم الزعفراني، بهذا الإسناد. وانظر أحاديث الباب السالفة قبله. (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو الزُّهريّ، وابن المسيب: هو سعيد. وأخرجه مسلم (680) (309)، والترمذي (3434)، والنسائي في "المجتبى" (618 - 619)، وابن ماجه (697) من طريقين عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. وروايات النسائي مختصرة بالمرفوع فقط: "من نسي ... ".

قال أحمد: قال عَنبَسة -يعني عن يونس- في هذا الحديث: "لِلذِّكرى" (¬1). قال أحمد: الكَرَى: النُّعاس. 436 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا مَعْمَر، عن الزُّهريِّ، عن سعيد بن المُسيّب ¬

_ =وهو في "صحيح ابن حبان" (2069). وأخرجه مختصراً مسلم (680) (310)، والنسائي في "الكبرى" (1601) من طريق أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (9534). وأخرجه النسائي في "المجتبى" (620) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن الزُّهريّ، عن سعيد مرسلاً. ووقع فى مطبوع "المجتبى" موصولاً بذكر أبي هريرة، وهو خطأ، والتصويب من "التحفة" (13373). ومراسيل سعيد قوية عند أهل العلم. (¬1) هكذا هي في "سنن البيهقي" 2/ 217 - 218، و"دلائل النبوة" 4/ 272 - 273 من طريق أبي داود، وكذلك هي فى النسخة التي اعتمدها المزي في "تحفة الأشراف" (13326)، وعليها شرح في "عون المعبود"، وهي كذلك في (ج) و (هـ). و"لِذِكري" بلام واحدة وكسر الراء هي القراءة المتواترة التي قرأ بها القراء العشرة. قال صاحب "عون المعبود": قال ابن الملك: لِذِكري: من باب إضافة المصدر إلى المفعول، واللام بمعنى الوقت، أي: إذا ذكرت صلاتى بعد النسيان. وجاء في (أ) و (ب) و (د): "للذكرى" بلامين وفتح الراء بعدها ألف مقصورة، وهي كذلك في "النكت الظراف" للحافظ ابن حجر، وعليها شرح في "بذل المجهود". وهي قراءة شاذة. قال أبو حيان فى "البحر" 6/ 232 بعد أن نسب هذه القراءة الشاذة إلى السلمي والنخعي وأبى رجاء: الذكرى بمعنى التذكرة، أي: لتذكيري إياك إذا ذكَّرتُك بعد نسيانك.

عن أبي هريرة في هذا الخَبَر قال: فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "تحوَّلوا، عن مَكانِكم الذي أصابَتكُم فيه الغَفلةُ" قال: فأمرَ بلالاً فأذّنَ وأقامَ وصَلَّى (¬1). قال أبو داود: رواه مالكٌ (¬2)، وسفيانُ بن عُيينة، والأوزاعيُّ (¬3) وعبد الرزَّاق عن مَعمَر (¬4)، وابنُ إسحاق لم يذكر أحدٌ منهم الأذانَ في حديث الزهرى هذا (¬5) , ولم يُسنِده منهم أحد إلا الأوزاعيُ وأبانُ العطَّار عن مَعمَر. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العطار، ومعمر: هو ابن راشد. وأخرجه أبو عوانة في "مسنده" (2097)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3988)، والبيهقى 2/ 218 من طريق موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. (¬2) في "الموطأ" 1/ 13 - 14، وعنه الشافعي 1/ 55، والبغوي (437). وهو عنده عن سعيد مرسلاً. (¬3) رواية الأوزاعي هي عند المصنف في "السنن" برواية أبي الطيب الأشناني وأبي عمرو البصري عنه كما في "تحفة الأشراف" (13326)، وسنده فيه: حدَّثنا مؤمل، حدَّثنا الوليد، عن الأوزاعي، عن الزُّهريّ، به موصولاً بذكر أبي هريرة. ومؤمل: هو ابن الفضل الحراني، والوليد: هو ابن مسلم الدمشقي. (¬4) في "مصنفه" (2237) مطولاً و (2244) مختصراً، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 401 - 402. وهو عنده عن سعيد مرسلاً. (¬5) لكن للأذان شواهد: منها حديث عمران بن حصين الآتي برقم (443)، وحديث عمرو بن أمية الضمري الآتي برقم (444)، وحديث ذي مِخبَر الحبشي الآتي برقم (445)، وحديث بلال عند ابن خزيمة (998) , وحديث ابن مسعود عند ابن حبان (1580)، وسيأتي أصل حديث ابن مسعود عند المصنف برقم (447). قال الخطابي في "معالم السنن": اختلف أهلُ العلم في الفوائت هل يؤذن لها أم لا؟ فقال أحمد بن حنبل: يؤذن للفائت ويقام له، وإليه ذهب أصحاب الرأي. واختلف قول الشافعي في ذلك، فأظهر أقاويله أنه يقام للفوائت، ولا يؤذن لها.

437 - حدَّثنا موسى بن اسماعيل، حدَّثنا حماد، عن ثابت البُناني، عن عبد الله بن رَباح الأنصاري حدَّثنا أبو قتادة: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ في سَفَرٍ له، فمالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ومِلتُ معه فقال: "انظُر" فقلتُ: هذا راكِب، هذان راكبانِ، هؤلاء ثلاثة، حتَّى صِرْنا سبعةً، فقال: "احفَظُوا علينا صلاتَنا" يعني صلاةَ الفَجرِ، فضُربَ على آذانِهم فما أيقَظَهم إلا حَرٌّ الشَّمس، فقاموا فساروا هُنَيَّةً، ثمَّ نَزلَوا فتَوَضَّؤوا، وأذَّنَ بلالٌ فصَلّوا ركعَتَي الفَجرِ، ثمَّ صَلَّوُا الفَجرَ ورَكبُوا، فقال بعضُهم لبعضٍ: قد فَرّطنا في صلاتِنا، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا تفريطَ في النَّومِ، إنَّما التَّفريطُ في اليَقَظَةِ، فإذا سَهَا أحدُكم عن صَلاةٍ فليُصَلِّها حين يَذكُرُها، ومِن الغَدِ للوَقتِ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت البنانى: هو ابن أسلم. وأخرجه بأطول مما هنا مسلم (681) من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البخاري (595) من طريق عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه. وأخرجه مختصراً بقوله: "لا تفريط في النوم .... " الترمذي (175)، والنسائي في "الكبرى" (1595) و (1596)، وابن ماجه (698) من طريقين عن ثابت، به. وأخرجه مختصراً بقوله: "فليصلها من الغد لوقتها" النسائي في "الكبرى" (1597) من طريق شعبة، عن ثابت، به. وهو في "مسند أحمد" (22546)، و"صحيح ابن حبان" (1460). وسيأتي بالأرقام (439 - 441)، وانظر ما بعده. قوله: "احفظوا علينا صلاتنا" كذا جاه في رواية عبد الله بن رباح عن أبي قتادة، وفي رواية عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عند البخاري: "قال بلال: أنا أوقظكم" وهو الثابت عن غير واحد من الصحابة روى القصة، فكأن النبي - صلى الله عليه وسلم - طلب ذلك ممن معه عامة دونَ تعيين، وقام بلال بذلك. وقوله: "فساروا هنية" تصغير هَنَةٍ، أي: قليلاً من الزمان.=

438 - حدَّثنا عليٌّ بن نصر، حدَّثنا وَهبُ بن جرير، حدَّثنا الأسود بن شَيبان، حدَّثنا خالد بن سُمَير، قال: قَدِمَ علينا عبدُ الله بن رباحٍ الأنصاريُّ من المدينة وكانت الأنصارُ تُفَقِّهُه، فحدَّثنا قال: حدّثني أبو قتادة الأنصاريُّ فارسُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: بَعَثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جيشَ الأمَراءِ، بهذه القِصَّةِ، قال: فلم تُوقِظْنا إلا الشَّمسُ طالعةً، فقُمنا وَهِلينَ لِصلاتِنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "رُوَيداً رُوَيداً" حتَّى إذا تَعالَتِ الشَّمسُ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن كانَ منكم يَركَعُ ركعَتَي الفَجرِ فليَركَعهما" فقام مَن كانَ يَركَعُهما ومَن لم يكن يَركَعُهما فرَكَعَهما، ثمَّ أمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُنادى بالصَّلاةِ، فنُودِيَ بها، فقامَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فصَلَّى بنا، فلمَّا انصَرَفَ قال: "ألا إنَّا نَحمَدُ الله أنَا لم نكن في شيءٍ من أُمورِ الدنيا يَشغَلُنا عن صلاتِنا، ولكن أرواحنا كانت بيَدِ اللهِ عزَّ وجل، فأرسَلَها أنَّى شاء، فمَن أدرَكَ منكم صلاةَ الغَدَاةِ من غَدٍ صالحاً فليَقضِ مَعَها مِثلَها" (¬1). ¬

_ =وقوله: "ومن الغد للوقت" أي: يصلي صلاة الغد في وقتها المعتاد، وليس معناه أنه يقضي الفائتة مرتين: مرة في الحال ومرة في الغد. وذهب الخطيب البغدادي إلى أن معنى الحديث أنه يقضيها مرتين إلا أنه منسوخ، وقال: والأمر بإعادة الصلاة المنسية بعد قضائها حال الذكر من غَدِ ذلك الوقت منسوخ، لإجماع المسلمين أن ذلك غير واجب ولا مستحب. قال الشوكاني: وفي الحديث أن الفوائت يجب قضاؤها على الفور وهو مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف والمزنى والكرخي، وقال القاسم ومالك والشافعى: إنه على التراخي. (¬1) رجاله ثقات إلا أن في متنه وهمين: الأول في قوله: "في جيش الأمراء" وهو جيش غزوة مؤتة، فالصحيح أن هذه القصة كانت في غزوة خيبر كما في حديث أبي هريرة السالف برقم (534)، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن في جيش مؤتة.=

439 - حدَّثنا عمرو بن عَون، أخبرنا خالد، عن حُصَين، عن ابن أبي قتادة عن أبي قتادة في هذا الخبر، قال: فقال: "إن اللهُ قَبضَ أرواحَكم حيثُ شاء، وردها حيثُ شاء، قُم فأَذِّنْ بالصلاةِ" فقاموا فتَطَهَّروا، حتَّى إذا ارتَفَعَت الشَّمسُ قامَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فصلى بالنَّاس (¬1). 440 - حدَّثنا هنَّادٌ، حدَّثنا عَبثَر، عن حُصَين، عن عبد الله بن أبي قتادة ¬

_ =قال العيني: هذا وهم من خالد بن سمير عند الجميع، فإن جيش الأمراء هو غزوة مؤتة، ولم يكن عليه الصلاة والسلام بنفسه الشريفة فيها. والثاني: في قوله: "فليقض معها مثلها" فالصحيح أنه بلفظ: "فليصلها من الغد للوقت" يعني صلاة الغد، فلا يدل على إعادة الفائتة مرتين كما سلف بيانه فيما قبله. وأخرجه الطبراني في "الأحاديث الطوال" 25/ (53)، وابن حزم في "المحلى" 3/ 18 - 19، والبيهقى 2/ 216 - 217 من طريق الأسود بن شيبان، بهذا الإسناد. قوله: "فليقض معها مثلها" قال الخطابي: يشبه أن يكون الأمر فيه للاستحباب؛ ليحوز فضيلة الوقت في القضاء. وتعقبه الحافظ في "الفتح" 2/ 71 بأنه لم يقل باستحباب ذلك أحد من السلف، بل عدّوه غلطاً من راويه. (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي، وابن أبي قتادة: هو عبد الله. وأخرجه البخاري (595) و (7471) من طريقين عن حصين بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22611)، و "شرح مشكل الآثار" (3979)، و"صحيح ابن حبان" (1579). وانظر ما بعده وما سلف برقم (437). وقوله" إن الله قبض أرواحكم". قال الحافظ في "الفتح" 2/ 67: هو كقوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا} [الزمر: 42]، ولا يلزم من قبض الروح الموت، فالموت انقطاع تعلق الروح بالبدن ظاهراً وباطناً، والنوم انقطاعه عن ظاهره فقط.

عن أبيه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بمعناه، قال: فتَوَضأ حينَ ارتَفَعَت الشمسُ فصَلى بهم (¬1). 441 - حدَّثنا العباسُ العَنبَريُّ، حدَّثنا سليمان بن داود -وهو الطيالسى-، حدَّثنا سليمان -يعني ابنَ المُغيرة-، عن ثابت، عن عبد الله بن رَباح عن أبي قتادة، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليسَ في النَّومِ تفريطٌ، إنَّما التَّفريطُ في اليَقَظةِ: أن تُؤَخرَ صلاة حتَّى يَدخُلَ وقتُ أُخرى" (¬2). 442 - حدَّثنا محمَّد بن كثير، أخبرنا همَّام، عن قتادة عن أنس بن مالك، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن نَسِيَ صلاةَ فليُصَلها إذا ذكرَها، لا كفارةَ لها إلا ذلك" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هناد: هو ابن السري، وعبثر: هو ابن القاسم. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (921) عن هناد بن السري، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (437). (¬2) إسناده صحيح. العباس العنبري: هو ابن عبد العظيم، وثابت: هو ابن أسلم البناني. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1596) من طريق ابن المبارك، عن سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً مسلم (681) عن شيبان بن فروخ، عن سليمان، به. وانظر ما سلف برقم (437). (¬3) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه البخاري (597)، ومسلم (684)، والترمذي (176)، والنسائي في "الكبرى" (1598) و (1599)، وابن ماجه (695) و (696) من طرق عن قتادة، عن أنس. وبعضهم لا يذكر: "لا كفارة لها إلا ذلك". وهو في "مسند أحمد" (11972)، و"صحيح ابن حبان" (1555).=

443 - حدَّثنا وَهبُ بن بقيَّة، عن خالد، عن يونس، عن الحسن عن عِمران بن حُصَين: أنَّ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - كان في مَسيرٍ له، فناموا عن صَلاةِ الفَجرِ، فاستَيقَظوا بحَرِّ الشَّمسِ، فارتَفَعوا قليلاً حتَّى استَقَلَّت الشَّمسُ، ثمَّ أمرَ مؤذِّناً فأذَّنَ فصلّى ركعَتَين قبلَ الفَجرِ، ثمَّ أقامَ ثمَّ صلى الفَجرَ (¬1). 444 - حدَّثنا عباس العَنبَري (ح) وحدثنا أحمد بن صالح -وهذا لفظ عباس-, أن عبدَ الله بنَ يزيد حدَّثهم، عن حَيْوةَ بن شُريح، عن عياش بن عباس -يعني القِتبانيَّ-, أنَّ كُلَيبَ بنَ صُبح حدَّثهم، أن الزِّبرِقان حدَّثه ¬

_ =قوله: "لا كفارة لها إلا ذلك" قال الخطابي في "معالم السنن": يريد أنه لا يلزمه في تركها غرم أو كفارة من صدقة أو نحوها، كما يلزمه في ترك الصوم في رمضان من غير عذرٍ الكفارةُ ... ، وفيه دليل على أن أحداً لا يصلى عن أحد كما يحج عنه، وكما يؤدي عنه الديون ونحوها، وفيه دليل أن الصلاة لا تُجبَر بالمال كما يُجبَر الصوم ونحوه. وقال في "الفتح" 2/ 71: وقد تمسك بدليل الخطاب منه القائل: إن العامد لا يقضي الصلاة، لأن انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط، فيلزم منه أن من لم ينس لا يُصلي، وقال من قال: يقضي العامد بان ذلك مستفاد من مفهوم الخطاب، فيكون من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، لأنه إذا وجب القضاء على الناسي مع سقوط الإثم، ورفع الحرج عنه، فالعامد أولى. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن الحسن -وهو البصرى- لم يسمع من عمران، وقد توبع. وهو في "مسند أحمد" (19872)، و"صحيح ابن حبان" (1461) من طريق الحسن عن عمران. وأخرجه مطولاً بنحوه البخاري (344)، ومسلم (682) من طريق عوف بن أبي جميلة، عن أبي رجاء العطاردي، عن عمران. وهو في "مسند أحمد" (19898) , و"صحيح ابن حبان" (1301).

عن عمِّه عمرو بن أُميَّة الضمْري، قال: كُنَّا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - في بعضِ أسفارِه، فنامَ عن الصُّبحِ حتَّى طَلَعَت الشَّمسُ، فاستَيقَظَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "تَنَحَّوا عن هذا المكان" قال: ثمَّ أمرَ بلالاً فأذَّنَ، ثمَّ تَوَضؤوا وصَلَّوا ركعَتَي الفَجرِ، ثمَّ أمرَ بلالاً فأقامَ الصَّلاةَ، فصلى بهم صلاةَ الصُّبح (¬1). 445 - حدَّثنا إبراهيم بن الحسن، حدَّثنا حجاج -يعني ابنَ محمَّد-, حدَّثنا حَريز (ح) وحدثنا عُبيد بن أبي الوَزَر (¬2)، حدَّثنا مُبَشّر -يعني الحلبى-، حدَّثنا حَريزُ ابنُ عثمان، حدّثني يزيد بن صالح عن ذي مِخبَر الحبشيُّ -وكان يَخدُمُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -- في هذا الخَبَر، قال: فتَوَضأ -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -- وُضوءاً لم يَلُتَّ منه التُّرابَ، ثمَّ أمرَ ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الزبرقان -وهو ابن عمرو الضمري- فلم يرو عنه غيرُ كليب بن صبح، وذكره ابن حبان في "الثقات" ثمَّ هو منقطع بين الزبرقان وبين عمه عمرو بن أمية -والمراد بعمه هنا عم أبيه- كما ذكر المزي وابن حجر - فقد نقل المزي عن أحمد بن صالح قوله: الصواب فيه الزبرقان بن عبد الله بن عمرو بن أمية، عن عمه جعفر بن عمرو، عن عمرو بن أمية. وباقي رجاله ثقات. وأخرجه أحمد (17251) و (22480)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 307، والبيهقي 1/ 404، وابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 255، والمزي في ترجمة الزبرقان من "تهذيب الكمال" 9/ 284 من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. ويشهد له حديث أبي هريرة السالف برقم (436). (¬2) هكذا جاء في (أ) و (هـ) وصحح عليها في هامش (د)، وفي (ب) و (ج) وهامش (هـ): ابن أبى الوزير وكلاهما قد روي في اسمه.

بلالاً فأذنَ، ثمَّ قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فركعَ ركعَتَينِ غيرَ عَجِلٍ، ثمَّ قال لبلال: "أقِمِ الصَّلاة"، ثمَّ صلى وهو غيرُ عَجِلٍ (¬1). قال: عن حجَّاج، عن يزيد بن صُليح، قال: حدَّثني ذو مِخبَر رجلٌ من الحبشة. وقال عُبَيد: يزيد بن صُبح. 446 - حدَّثنا مُؤمل بن الفضل، حدَّثنا الوليد، عن حَريز -يعني ابنَ عثمان-، عن يزيد بن صُليح عن ذي مِخبَر ابن أخي النجاشي، في هذا الخبر، قال: فأذَّنَ وهو غيرُ عَجِلٍ (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يزيد بن صالح -ويقال: صُليح، ويقال: صُبيح- فقد تفرد بالرواية عنه حريز بن عثمان، وقال الدارقطني: لا يعتبر به، وقال الذهبي: لا يكاد يعرف. مبشر الحلبي: هو ابن إسماعيل. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1074)، وفي "الأوسط" (4662) من طريق حريز بن عثمان، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي 1/ 464، والطبراني في "الكبير" (4228) من طريق داود بن أبي هند، عن العباس بن عبد الرحمن مولى بني هاشم، عن ذي مخمر. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/ 320 وقال: فيه العباس بن عبد الرحمن، روى عنه داود بن أبى هند، ولم أر له راوياً غيره، وروى هو عن جماعة من الصحابة. وتشهد له أحاديث الباب السالفة قبله. قوله: لم يلُتّ: قال السيوطي: ضبطه العراقي بضم اللام وتشديد المثناة من فوق، أي: لم يختلط الماء بالتراب بحيث صار ملتوياً به، والمراد تخفيف الوضوء. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1075) من طريق الوليد بن مسلم، حدَّثني حريز، بهذا الإسناد. وفيه: "ثمَّ قال: أذِّن يا بلال، وهو في ذلك غير عَجِل، فأذن بلال".

447 - حدَّثنا محمَّد بن المُثنَّى، حدَّثنا محمَّد بن جعفر، حدَّثنا شعبة، عن جامع بن شدَّاد، سمعتُ عبدَ الرحمن بنَ أبي علقمة قال: سمعتُ عبد الله بن مسعود قال: أَقبَلنا مع رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم - زَمَنَ الحُدَيبية، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن يكلَؤُنا؟ " فقال بلالٌ: أنا، فناموا حتَّى طَلَعَتِ الشَّمسُ، فاستَيقَظَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "افعَلُوا كما كُنتُم تَفعَلون" قال: ففَعَلنا، قال: "فكذلك فافعَلُوا لِمَن نامَ أو نَسِيَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن، عبد الرحمن بن أبي علقمة -وهو الثقفي- ذكره غير واحد في الصحابة، ولا تصح له صحبة كما جزم بذلك أبو حاتم وغيره، وقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8802) عن محمَّد بن المثنى ومحمد بن بشار، عن محمَّد بن جعفر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3657). وأخرجه النسائي (8803) من طريق المسعودي، عن جامع بن شداد، به. وقال فيه: "من يحرسنا الليلة؟ فقال عبد الله: أنا". وهو في "مسند أحمد" (3710). والمسعودي -واسمه عبد الرحمن بن عبد الله- اختلط، وقد خالفه شعبة فذكر أن الذي حرسهم بلال، وهو الموافق لحديث أبي هريرة السالف برقم (435)، وهو الصواب. وهو في "مسند أحمد" (4307)، و"صحيح ابن حبان" (1580) من طريق سماك ابن حرب، عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن ابن مسعود. وفيه أن ابن مسعود هو الذي حرسهم. وسماك قد يخطئ وعبد الرحمن سمع من أبيه شيئاً يسيراً. وقد سلفت هذه القصة عند المصنف من حديث أبي هريرة وأبي قتادة وعمران بن حصين وعمرو بن أمية وذي مخمر الحبشي، وفي هذه الأحاديث اختلاف وتغاير بيَّنه الحافظ في "الفتح" 1/ 448 - 449، ومال في آخر كلامه إلى تعدد القصة. والله تعالى أعلم.

12 - باب في بناء المساجد

12 - باب في بناء المساجد 448 - حدَّثنا محمَّد بن الصباح بن سفيان، أخبرنا سفيان بن عُيينةَ، عن سفيانَ الثوريِّ، عن أبي فَزَارة، عن يزيدَ بن الأصمِّ عن ابن عباس قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أُمِرتُ بتَشييدِ المساجِدِ" قال ابنُ عباس: لتُزَخرِفُنَّها كما زَخرَفَتِ اليهودُ والنَّصارى (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو فزارة: هو راشد بن كيسان. وأخرجه عبد الرزاق (5127)، وابن حبان (1615)، والطبراني (13000) و (13003)، والبيهقي 2/ 438 - 439، والبغوي في "شرح السنة" (463) من طريقين عن أبي فزارة، بهذا الإسناد. وأخرج المرفوع منه فقط أبو يعلى (2454)، والطبراني (13001) و (13002) من طريقين عن ليث بن أبي سليم، عن يزيد بن الأصم، به. وأخرج الموقوف منه فقط ابن أبي شيبة 309/ 1 من طريق ليث بن أبي سليم، به وأخرجه ابن ماجه (740) عن جُبارة بن المغلس، عن عبد الكريم بن عبد الرحمن البجلي، عن ليث، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً: "أراكم ستُشَرِّفون مساجدَكم بعدي كما شَرَّفَت اليهودُ كنائسَها وكما شَرّفَت النصارى بِيَعَها". وقال البغوي في "شرح السنة" 2/ 349: والمراد من التشييد: رفع البناء وتطويله ... ، وقول ابن عباس: "لَتُزَخرِفُنَّها" بفتح اللام -وهي لام القسم- وضم التاء وفتح الزاي وسكون الخاء وكسر الراء وضم الفاء وتشديد النون. قال الخطابي: معنى قوله: لتزخرفنها: لتزيننها، أصل الزخرف الذهب يريد تمويه المساجد بالذهب ونحوه، ومنه قولهم: زخرف الرجل كلامه: إذا موَّهه وزينه بالباطل، والمعنى أن اليهود والنصارى إنما زخرفوا المساجد عندما حرفوا وبدلوا وتركوا العمل بما في كتبهم، يقول: فأنتم تصيرون إلى مثل حالهم إذا طلبتم الدنيا بالدين، وتركتم الإخلاص في العمل، وصار أمركم إلى المراءات بالمساجد والمباهات في تشييدها وتزيينها.=

449 - حدَّثنا محمَّد بن عبد الله الخُزاعي، حدَّثنا حمَّاد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن أنس. وقتادة عن أنس، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يَتَباهى النَّاسُ في المَساجِدِ" (¬1). 450 - حدَّثنا رجاءُ بن المُرجَّى، حدَّثنا أبو همّام الدلاَّل، حدَّثنا سعيد بن السائب، عن محمَّد بن عبد الله بن عياض عن عثمان بن أبي العاص: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَه أن يَجعَلَ مَسجِدَ الطائِفِ حيثُ كان طواغيتُهم (¬2) (¬3). ¬

_ =وقال صاحب"النهاية" في تفسير الزخرف في الحديث: إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يدخل الكعبة حتَّى أمر بالزخرف فنحي: هو نقوش وتصاوير بالذهب كانت زينت بها الكعبة، أمر بها فَحُكَّت، والزخرف في الأصل: الذهب وكمال حسن الشيء، وقال في تفسير الحديث: نهى أن تزخرف المساجد، أي: تنقش وتموه بالذهب. (¬1) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وأبو قلابة: هو عبد الله ابن زيد الجرومي. والراوي عن قتادة هو حماد بن سلمة كما بيَّنته رواية ابن خزيمة (1323) من طريق محمَّد بن عبد الله الخزاعي شيخ المصنف. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (770)، وابن ماجه (739) من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12379)، و"صحيح ابن حبان" (1614). (¬2) جاء في (أ) ونسخة على هامش (د): طواغيهم، وهو جائز في جمع طاغوت أيضاً. (¬3) إسناده ضعيف لجهالة محمَّد بن عبد الله بن عياض، فقد تفرد بالرواية عنه سعيد بن السائب، ولم يوثقه سوى ابن حبان. أبو همام الدلال: هو محمَّد بن محبَّب. وأخرجه ابن ماجه (743) من طريق أبي همام الدلال، بهذا الإسناد. قوله: "طواغيتهم" هي ما كانوا يعبدونه من دون الله من الأصنام وغيرها.

451 - حدَّثنا محمَّد بن يحيى بن فارس ومُجاهد بن موسى -وهو أتم-, قالا: حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدَّثنا أبي، عن صالح، حدَّثنا نافع أنَّ عبد الله بنَ عمر أخبره أن المَسجِدَ كان على عَهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مبنياً باللَّبِنِ والجَريدِ، وعَمَدُه -قال مُجاهد: عُمُدُهُ- خَشَبِ النَّخلِ، فلم يَزِدْ فيه أبو بكر شيئاً، وزاد فيه عمرُ، وبناه على بنائه في عَهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - باللَّبِنِ والجرَيدِ، وأعادَ عَمَدَهُ -قال مُجاهد: عُمُدَهُ- خشباً، وغيَّره عثمانُ فزادَ فيه زيادةً كثيرةً، وبنى جِدارَه بالحِجارةِ المنقوشةِ والقَصَّةِ، وجعلَ عمدَهُ مِن حِجارةٍ مَنقوشةٍ وسَقَفَه بالسَّاجِ، قال مُجاهِد: وسَقَّفَه السَّاجَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. إبراهيم: هو ابن سعد الزُّهريّ، وصالح: هو ابن كيسان. وأخرجه البخاري (446) من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6139)، و"صحيح ابن حبان" (1601). قوله: "باللبن" بفتح اللام وكسر الباء، جمع لبنة، وهي ما يُعمل من الطين ويُبنى به. والجريد: هو الذي يجرد عنه الورق من أغصان النخل. والساج: نوع من الخشب معروف يُؤتى به من الهند وله قيمة. جاء في عمدة القارئ 206/ 4 ما نصه: قال ابن بطال: ما ذكره البخاري في هذا الباب (أي: باب بنيان المسجد) يدل على أن السنة في بنيان المساجد القصد وترك الغلو في تشييدها خشية الفتنة والمباهاة ببنيانها، وكان عمر رض الله عنه مع الفتوح التي كانت في أيامه وتمكنه من المال، لم يُغير المسجد عن بنيانه الذي كان عليه في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ جاء الأمر إلى عثمان والمال في زمانه أكثر، ولم يزد على أن يجعل مكان اللبن حجارة وقصة وسقفه بالساج مكان الجريد، فلم يقصر هو وعمر رضي الله عنهما عن البلوغ في تشييده إلى أبلغ الغايات إلا عن علمهما بكراهة النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وليقتدى بهما في الأخذ من الدنيا بالقصد والزهد والكفاية في معالي أمورها وإيثار البلغة منها. وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك بن مروان وذلك في أواخر=

قال أبو داود: القَصَّةُ: الجِصُّ (¬1). 452 - حدَّثنا محمَّد بن حاتم، حدَّثنا عُبيد الله بن موسى، عن شَيبان، عن فِراس، عن عطيَّة عن ابن عمر: أن مَسجِدَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كانت سَوَاريهِ على عَهدِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِن جُذوعِ النخلِ، أعلاهُ مُظَلَّلٌ بجَريدِ النَّخلِ، ثمَّ إنَّها نَخِرَت في خِلافةِ أبي بكرِ، فبناها بجُذوعِ النَّخلِ وبجَريدِ النَّخلِ، ثمَّ ¬

_ =عصر الصحابة رضي الله عنهم، وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفاً من الفتنة. وقال ابن المنير: لما شيد الناس بيوتهم وزخرفوها، فانتدب أن يصنع ذلك بالمساجد صوناً عن الاستهانة، ورخص في ذلك بعضهم، وهو قول أبي حنيفة إذا وقع ذلك على سبيل التعظيم للمساجد، ولم يقع الصرف على ذلك من بيت المال، قلت (القائل هو العيني): مذهب أصحابنا (أي الأحناف) أن ذلك مكروه، وقول بعض أصحابنا: ولا بأس بنقش المسجد، معناه: تركه أولى. وقال صاحب "بذل المجهود" 3/ 278: ها هنا أمور: أولها: تزويق المساجد وتحسينها إذا كان يُلهي المصلين، ويشغل قلوبهم، فهو مجمع على كراهته. والأمر الثاني: إذا كان هذا مباهاة ورياء وسُمعة، فهو أيضاً مكروه، بل بناء المساجد بهذه النية الفاسدة يكون مكروهاً أيضاً فضلاً عن التزيين والتحسين. والأمر الثالث: أن يُحكم بناؤها ويبنى بالجص وغيرها مما يستحكم به الصنعة فهذا غير مكروه عند الحنفية، والدليل عليه ما أخرجه الشيخان عن عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من بنى مسجداً بنى الله له مثله في الجنة" وأيضاً يؤيده ما فعل عثمان في خلافته، وما فعله كان من باب الإحكام لا من باب التزيين وقد قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين"، والذين أنكروا عليه من الصحابة لم يكن عندهم دليل يوجب المنع إلا الحث على اتباع السلف في ترك الرفاهية، وهذا كما ترى لا يقتضي التحريم ولا الكراهية ... (¬1) قال الخطابي في "معالم السنن": القصة تشبه الجصَّ وليست به.

إنَّها نَخِرَت في خِلافةِ عُثمان فبناها بالآجُرِّ، فلم تزل ثابتة حتَّى الآن (¬1). 453 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبد الوارث، عن أبي التَّيَّاح عن أنس بن مالك، قال: قَدِمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المدينةَ فنزَلَ في عُلْوِ المدينةِ في حَيٍّ يقال لهم: بنو عَمرو بن عَوف، فأقامَ فيهم أربَعَ عشرة ليلةً، ثمَّ أرسَلَ إلى بني النَّجَّار فجاؤوا مُتقلِّدينَ سُيوفهم، فقال أنس: فكأني أنظُرُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - على راحِلَتِه وأبو بكر رِدْفُه وملأُ بني النَّجَّار حولَه، حتَّى ألقى بفِناءِ أبي أيوب، وكان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي حيثُ أدرَكته الصلاة، ويُصلِّي في مَرَابِضِ الغَنَم، وإنَّه أمرَ ببناءِ المَسجِدِ، فأرسَلَ إلى بني النَّجَّار فقال: "يا بني النجار، ثامِنوني بحائِطِكم هذا" فقالوا: واللهِ لا نَطلُبُ ثَمَنَه إلا إلى الله، قال أنس: وكان فيه ما أقولُ لكم: كانت فيه قُبورُ المُشركينَ، وكانت فيه خَرِبٌ، وكان فيه نَخلٌ، فأمَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بقُبورِ المُشركينَ فنُبِشَت، وبالخَرِبِ فسُويَت، وبالنَّخلِ، فقُطِعَ، فصَفوا النَّخلَ قِبلَةً للمَسجِدِ، وجعلوا عِضادَتَيهِ حِجارةً، وجعلوا يَنقُلونَ الصَّخرَ وهم يَرتَجِزَونَ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مَعَهم، ويقول: اللهُمَّ لا خَيرَ إلا خَيرُ الآخِرِة ... فانصُرِ الأنصارَ والمُهاجِرَة (¬2) ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عطية، وهو ابن سعد العوفي. محمَّد بن حاتم: هو ابن بزيع البصري، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن، وفراس: هو ابن يحيي الهمداني. وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 2/ 541 من طريق عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري، وأبو التياح: هو يزيد ابن حميد الضُّبَعي.=

454 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن أبي التَّيَّاح عن أنس بن مالك قال: كانَ مَوضِعُ المَسجِدِ حائطاً لبني النجَّار فيه حَرثٌ ونَخلٌ وقُبورُ المُشرِكينَ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثامِنوني به" فقالوا: لا نبغي، فقَطَعَ النَّخلَ، وسَوَّى الحَرثَ، ونَبَشَ قُبورَ المُشرِكينَ، وساقَ الحديثَ، وقال: "فاغفِر" مكان "فانصُر" (¬1). ¬

_ =وأخرجه البخاري (428)، ومسلم (524) (9)، والنسائى في "الكبرى" (783) من طرق عن عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً بالصلاة في مرابض الغنم البخاري (234)، ومسلم (524) (10)، والترمذي (350) من طريق شعبة, عن أبي التياح، به. وأخرجه مختصراً بالرجز الذي في آخره مسلم (1805) (129) من طريق عبد الوارث، به. وأخرجه مختصراً كذلك مسلم (1805) من طرق عن أنس. وبعضهم يرويه بلفظ: "فاغفر للأنصار ... " وبعضهم بلفظ: "فأكرم الأنصار ... ". وهو في "مسند أحمد" (13208)، و"صحيح ابن حبان" (2328). وانظر ما بعده. قوله: "وأبو بكر رِدفُه" قال في "المصباح المنير": ترادف القوم: تتابعوا، وكل شيء تَبعَ شيئاً فهو رِدفُه. وقوله: "ثامنوني" قال الحافظ في "الفتح" 1/ 526: أي: اذكروا لى ثمنه لأذكر لكم الثمنَ الذي أختاره، قال ذلك على سبيل المساومة، فكأنه قال: ساوموني في الثمن. وقوله: "خَرِب" جمع خَرِبة، ككَلِم وكَلِمة، وهي الموضع غير العامر، ويجوز أن يكون بكسر الخاء وفتح الراء (خِرَب) جمع خِرْبة، كعِنَب وعِنبة. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه ابن ماجه (742) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12178). وانظر ما قبله.

13 - باب اتخاذ المساجد في الدور

قال موسى: وحدَّثنا عبدُ الوارث بنحوه، وكان عبدُ الوارث يقول: خَرِب، وزعم عبدُ الوارث أنه أفادَ حَمَّاداً هذا الحديث. 13 - باب اتخاذ المساجد في الدور 455 - حدَّثنا محمَّد بن العلاء، حدَّثنا حسين بن على، عن زائدة، عن هشام بن عُروة، عن أبيه عن عائشة قالت: أَمَرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ببناء المَساجِدِ في الدُّورِ وأن تُنَظَّفَ وتُطَيبَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حسين بن علي: هو الجعفي، وزائدة: هو ابن قدامة. وأخرجه الترمذي (600)، وابن ماجه (758) و (759) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26386)، و"صحيح ابن حبان" (1634). وأخرجه الترمذي (601) و (602) من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرسلاً. وانظر الحديث الذي يلي هذا عند أبي داود. وقوله: ببناء المساجد في الدور. قال البغوي في "شرح السنة" 2/ 397: يريد المحال التي فيها الدور، ومنه قوله تعالى: {سَأوريكم دار الفاسِقِينَ} [الأعراف: 145] لأنهم كانوا يسمون المحلة التى اجتمعت فيه قبيلة داراً، ومنه الحديث "ما بقيت دار إلا بنيت فيها مسجد". وقال علي القاري في "المرقاة" الدور جمع دار، وهو اسم جامع للبناء والعرصة والمحلة، والمراد المحلات، فإنهم كانوا يسمون المحلة التى اجتمعت فيها قبيلة داراً، أو محمول على اتخاذ بيت في الدار للصلاة كالمسجد يصلي فيه أهل البيت قاله ابن الملك والأول: هو المعول وعليه العمل. وحكمة أمره لأهل كل محلة ببناء مسجد فيها أنه قد يتعذر أو يشق على أهل محلة الذهاب للأخرى فيحرمون أجر المسجد، وفضل إقامة الجماعة فيه، فأمروا بذلك ليتيسر، هل كل محلة العبادة في مسجدهم من غير مشقة تلحقهم.

14 - باب في السرج في المساجد

456 - حدَّثنا محمَّد بن داود بن سفيان، حدَّثنا يحيى -يعنى ابنَ حسان- حدَّثنا سليمان بن موسى، حدَّثنا جعفر بن سعد بن سَمُرة، حدَّثني خُبَيب بن سليمان، عن أبيه سليمان بن سَمُرة عن أبيه سَمُرة أنَّه كتبَ إلى بنيه: أمَّا بعد، فإنَّ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - كان يأمُرُنا بالمساجِدِ أن نَصنَعهَا في دُورنا، ونُصلحَ صْنَعَتها ونُطَهِّرَها (¬1). 14 - باب في السُّرج في المساجد 457 - حدَّثنا النُّفَيليُّ، حدَّثنا مِسكين، عن سعيد بن عبد العزيز، عن زياد ابن أبي سَوْدة عن ميمونةَ مولاةِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: يا رسولَ الله، أفتِنا في بيتِ المَقدِسِ، فقال: "ايتُوهُ فصَلوا فيه -وكانت البلادُ إذ ذاك حَرباً- فإن لم تأتوه وتُصَلُّوا فيه، فابعَثوا بزَيتٍ يُسرَجُ في قَناديلِه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، محمَّد بن داود بن سفيان لم يرو عنه غير المصنف، وقد ذكروا أنه لا يروي إلا عن ثقة، وسليمان بن موسى -وهو الزُّهريّ الكوفى- فيه لين، وجعفر بن سعد بن سمرة ليس بقوي، وخبيب بن سليمان وأبوه مجهولان. وأخرجه أحمد (20184) من طريق مكحول، عن سمرة. ومكحول لم يسمع من سمرة، والإسناد إليه ضعيف أيضاً. ويغني عنه حديث عائشة السالف قبله. (¬2) ضعيف، زياد بن أبي سودة -وإن روى عنه جمع، ووثقه مروان بن محمَّد الدمشقي فيما نقله عنه أبو زرعة في "تاريخه" 1/ 338، وذكره ابن حبان في "الثقات"- قال عنه الذهبي في "الميزان": في النفس شيء من الاحتجاج به. وأورد له هذا الحديث وقال: هذا حديث منكر جداً. وضعفه عبد الحق في "الأحكام الوسطى" 1/ 298، وابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 535، وقال الحافظ في "الإصابة" 130/ 8 عن هذا الحديث: فيه نظر. وكنا قد صححنا هذا الحديث في "شرح مشكل الآثار"، وضعفناه في "مسند أحمد"، لكننا لم نُشِر إلى ذلك في "المسند"، فيُستدرك من هنا.=

15 - باب في حصى المسجد

15 - باب في حصى المسجد 458 - حدَّثنا سهلُ بن تمَّام بن بَزيعٍ، حدَّثنا عمر بن سُليم الباهلي، عن أبي الوليد قال: سألتُ ابنَ عمر عن الحَصَى الذي في المَسجدِ، فقال: مُطِرنا ذاتَ ليلةِ فأصبَحَتِ الأرضُ مُبتَلَّةَ، فجعلَ الرجلُ يَأتي بالحَصى في ثَوبِه فيَبسُطُه تحتَه، فلمَّا قضى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الصلاةَ قال: "ما أحسَنَ هذا" (¬1). 459 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا أبو معاوية ووكيع، قالا: حدَّثنا الأعمش عن أبي صالح قال: كان يقالُ: إن الرجلَ إذا أخرَجَ الحَصى من المَسجِدِ يُناشِدُه (¬2). ¬

_ =ورواية أبي داود هذه وردت من طريق زياد بن أبي سودة عن ميمونة مباشرة دون واسطة، والصحيح أن بينهما عثمان بن أبي سودة نبّه عليه المزي فى "تهذيب الكمال". وليس له في الكتب الستة غير هذا الحديث. وأخرجه ابن ماجه (1407) من طريق ثور بن يزيد، عن زياد بن أبي سودة، عن عثمان، عن ميمونة. وهو في "مسند أحمد" (27626)،"وشرح مشكل الآثار" (610 - 612). (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي الوليد -وهو مولى رواحة-، وسهل بن تمام -وإن كانت له أوهام- قد توبع. وأخرجه ابن خزيمة (1298)، والبيهقي 1/ 440 من طريقين عن عمر بن سليم، بهذا الإسناد. وقال ابن خزيمة: إن ثبت الخبر، وقال البيهقي: حديث ابن عمر متصل وإسناده لا بأس به. وتعقبه ابن التركمانى بان أبا الوليد مجهول. وتحرّف عمر بن سُليم في المطبوع من "صحيح ابن خزيمة" إلى: عمر بن سليمان!! (¬2) رجاله ثقات. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، ووكيع: هو ابن الجراح، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وقد اختلف فيه على أبي صالح:=

16 - باب في كنس المسجد

460 - حدَّثنا محمَّد بن إسحاق أبو بكر، حدَّثنا أبو بدر شُجاعُ بن الوليد، حدَّثنا شَريك، حدَّثنا أبو حَصِين، عن أبي صالح عن أبي هريرة -قال أبو بدر: أُراه قد رَفَعَه إلى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ الحَصاةَ تُناشِدُ الذي يُخرِجُها من المَسجِدِ" (¬1). 16 - باب في كنس المسجد 461 - حدَّثنا عبد الوهاب بن عبد الحكم الخزَّاز، أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي روَّاد، عن ابن جُرَيج، عن المُطَّلب بن عبد الله بن حَنطَب ¬

_ =فرواه الأعمش واختلف عليه فيه: فرواه أبو معاوية ووكيع هنا عنه عن أبي صالح قال: كان يُقال. ورواه محمَّد بن فضيل وأبو حمزة السكري -فيما ذكر الدارقطني في "العلل" 8/ 194 - عنه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفاً عليه. ورواه عن أبي صالح أبو حَصين عثمان بن عاصم بن حُصين، واختلف عليه فيه: فرواه شجاع بن الوليد -كما سيأتى بعده- عن شريك، عنه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعاً. وهو وهم. ورواه إسرائيل بن يونس السبيعي -عند ابن أبي شيبة 2/ 413، والبيهقي 2/ 441 - عنه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أو عن كعب موقوفاً. (¬1) إسناده ضعيف مرفوعاً، والصحيح وقفه، شجاع بن الوليد -وإن كان ثقة- له أوهام، وقد شك في رفعه، ولم يتابع عليه، وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ. أبو حَصين: هو عثمان بن عاصم بن حُصين. وأخرجه العقيلي فى ترجمة شجاع بن الوليد من "الضعفاء" 2/ 184 من طريقه، بهذا الإسناد. وقال: هذا من حديث الأعمش وأبى حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة موقوفاً. وقال الدارقطني في "العلل" 8/ 194: رفعه وهم من أبي بدر شجاع بن الوليد السكوني. وانظر ما قبله. قوله: "إن الحصاة لتناشد" أي: إن الحصاة لتسأل بالله أن لا يُخرجها أحد من المسجد. قاله صاحب "عون المعبود".

عن أنس بن مالك، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "عُرِضَت عليَّ أُجورُ أمَّتي حتَّى القَذَاةُ يُخرِجُها الرجلُ من المَسجِدِ، وعُرِضَت علىَّ ذُنوبُ أُمَّتي فلم أَرَ ذَنباً أعظَمَ من سُورةٍ من القُرآنِ أو آيةِ أُوتيَها رجلٌ ثمَّ نَسِيَها" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- مدلس ورواه بالعنعنة، وقال ابن المديني كما في "الكفاية" للخطيب ص 538: ابن جريج لم يسمع من المطلب، كان يأخذ أحاديثه عن ابن أبي يحيى عنه، وقال الدارقطني فيما نقله عنه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 117/ 1: كان يدلسها عن ابن ميسرة وغيره من الضعفاء. والمطلب بن عبد الله لم يسمع من أنس فيما قال ابن المديني والبخاري، وقد اختلف في إسناده علي ابن أبي رواد وعلى ابن جريج كما سيأتي في التخريج، كما نقله عنهما الترمذي. وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" 2/ 129، والترمذي (3243) وأبو يعلى (4265)، وابن خزيمة (1297)، والبيهقي في "السنن" 2/ 440، وفي "الشعب" (1814)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" 1/ 109، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 136 - 137، والبغوي في "شرح السنة" 2/ 364، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (158) من طرق عن ابن أبي رواد، بهذا الإسناد. وقال ابن عبد البر: ليس هذا الحديث مما يحتج به لضعفه. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (6489)، وفي "الصغير" (547)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 3/ 475 - 476، وأبو نعيم فى "أخبار أصبهان" 2/ 12، والشجري في "أماليه" 1/ 104 من طريق محمَّد بن يزيد الآدمي، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي" 1/ 109 من طريق محمَّد بن رباح، عن ابن أبي رواد، عن ابن جريج، عن الزُّهريّ، عن أنس. وفيه عنعنة ابن جريج أيضاً. وأخرجه عبد الرزاق (5977) عن ابن جريج، عن رجل، عن أنس. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 201 عن حجاج بن محمَّد، عن ابن جريج قال: حُدّثت عن أنس بن مالك.=

17 - باب اعتزال النساء في المساجد عن الرجال

17 - باب اعتزال النساء في المساجد عن الرجال 462 - حدَّثنا عبدُ الله بن عَمرو أبو مَعمَر، حدَّثنا عبد الوارث، حدَّثنا أيوب، عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "لو تَرَكنا هذا البابَ للنِّساء" قال نافع: فلم يَدخُل منه ابنُ عمر حتَّى ماتَ (¬1). ¬

_ =ويشهد للقطعة الأولى منه حديث أبي ذر عند مسلم (553)، ولفظه: "عُرضت علىّ أعمالُ أمتي، حَسَنُها وسيِّئُها، فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يُماط عن الطريق، ووجدتُ في مساوئ أعمالها النخاعة تكون في المسجد لا تُدفَن". وفي باب ذم من يحفظ القرآن ثمَّ ينساه حديث سعد بن عبادة وسيأتى عند المصنف برقم (1474). وفي "الفتح" 9/ 86: واختلف السلف في نسيان القرآن، فمنهم من جعل ذلك من الكبائر، وأخرج أبو عبيد فى "فضائل القرآن " ص 202 عن الضحاك بن مزاحم (وهو من التابعين) قال: ما من أحد تعلم القرآن ثمَّ نسيه إلا بذنب يحدثه، لأن الله عز وجل يقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] وإن نسيان القرآن من أعظم المصائب. وأخرجه ابن سعد فى "الطبقات" 116/ 7، وأحمد في الزهد ص302 من طريقين عن أبي خلدة عن خالد بن دينار، عن أبي العالية (وهو من كبار التابعين) قال: كنا نرى من أعظم الذنب أن يتعلم الرجل القرآن ثمَّ ينام عنه حتَّى ينساه لا يقرأ منه شيئاً. ورجاله ثقات، وسنده جيد، ولابن أبي داود بإسناد صحيح عن ابن سيرين في الذي ينسى القرآن كانوا يكرهونه، ويقولون فيه قولاً شديداً. وقد قال به من الشافعية أبو المكارم والروياني، واحتج بأن الإعراض عن التلاوة يتسبب عنه نسيان القرآن، ونسيانه يدل على عدم الاعتناء به والتهاون بأمره. (¬1) رجاله ثقات، إلا أن عبد الوارث -وهو ابن سعيد العنبري- قد خولف في رفعه، فقد رواه إسماعيل ابن علية وبكير بن عبد الله بن الأشج عن نافع عن ابن عمر من قوله، وستأتي روايتاهما بعده. وقد رجح المصنف وقفه على عمر.=

18 - باب ما يقول الرجل عند دخوله المسجد

وقال غيرُ عبد الوارث: قال عمر، وهو أصحُّ. 463 - حدَّثنا محمَّد بن قُدامة بن أَعيَن، حدَّثنا إسماعيلُ، عن أيوبَ، عن نافع، قال: قال عمرُ بنُ الخطَّاب رضي الله عنه، بمعناه وهو أصح (¬1). 464 - حدَّثنا قُتيبةُ -يعني ابنَ سعيد-، حدَّثنا بكرٌ -يعني ابنَ مُضَر-، عن عمرو بن الحارث، عن بُكير، عن نافع: أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ كانَ ينهى أن يُدخَلَ من بابِ النِّساء (¬2). 18 - باب ما يقول الرجل عند دخوله المسجد 465 - حدَّثنا محمَّد بن عثمان الدمشقي، حدَّثنا عبد العزيز -يعني الدراوردي-، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الملك بن سعيد بن سُويد، قال: ¬

_ =وأخرجه ابن حزم في "المحلى" 3/ 131، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 397 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1018) من طريق أبي معمر، به. وسيأتي مكرراً. وانظر ما بعده. (¬1) رجاله ثقات. إسماعيل: هو ابن إبراهيم البصري المعروف بابن علية، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وانظر ما بعده. (¬2) رجاله ثقات. بكير: هو ابن عبد الله بن الأشج. وأخرج البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 60 عن عبد الله بن يزيد، عن حيوة بن شريح، أخبرنا محمَّد بن عبد الرحمن، أن رجلاً حدثه -قال: حسبته محمَّد بن أبي حكيم- سمع ابن عمر عن عمر قال: لا تدخلوا المساجد من باب النساء. وهذا إسناد رجاله ثقات غير محمَّد بن أبي حكيم فقد ترجمه البخاري في "التاريخ" وابن أبي حاتم في "الجرح" ولم يذكر في الرواة عنه غير محمَّد بن عبد الرحمن ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وانظر سابقيه.

سمعت أبا حُميد -أو أبا أُسيد- الأنصاريَّ يقول: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخلَ أحدُكم المَسجِدَ فليُسَلم على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ لِيَقُل: اللهُمَّ افتَح لي أبوابَ رحمتِكَ، فإذا خرجَ فليَقل: اللهُمَّ إنِّي أسألُكَ من فَضلِكَ" (¬1). 466 - حدَّثنا إسماعيلُ بن بِشر بن منصور، حدَّثنا عبد الرحمن بن مَهدي، عن عبد الله بن المُبارَك، عن حَيوةَ بن شُريح، قال: لَقِيتُ عُقبةَ بنَ مُسلِم فقلتُ. له: بلغني أنَّك حدَّثتَ عن عبد الله بن عَمرو بن العاص، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أنه كانَ إذا دخلَ المَسجِدَ قال: "أعوذُ باللهِ العظيمِ، وبوجهِهِ الكريم، وسُلطانِه القديم، من الشَّيطانِ الرَّجيم" قال: أَقَطْ؟ قلتُ: نعم، قال "فإذا قالَ ذلك قالَ الشَّيطانُ: حُفِظَ منِّي سائرَ اليَومِ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي، وقد توبع. وأخرجه مسلم (713)، والنسائي في "الكبرى" (810)، وابن ماجه (772) من طريقين عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، بهذا الإسناد ورواية مسلم دون قوله: "فليُسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال البيهقي في "سننه" 441/ 2: لفظ التسيلم فيه محفوظ. وهو في "مسند أحمد" (26057)، و" صحيح ابن حبان" (2048) و (2049). ورواية ابن ماجه عن أبي حميد من غير شك، ورواية أحمد والنسائي وابن حبان الثانية: عن أبي حميد وأبي أسيد بالعطف. (¬2) إسناده جيد من أجل إسماعيل بن بشر كما قال النووي في "الأذكار" ص 75, وباقي رجاله ثقات. قوله: "أقط" الهمزة للاستفهام، وقط بمعنى حسب، أي: أبلغك عني هذا القدر من الحديث فحسب.

19 - باب الصلاة عند دخول المسجد

19 - باب الصلاة عند دخول المسجد 467 - حدَّثنا القَعنَبي، حدَّثنا مالك، عن عامر بن عبد الله بن الزُّبير، عن عَمرو بن سُليم عن أبي قتادة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا جاءَ أحدُكم المَسجِدَ فليُصَل سَجدَتَينِ من قَبلِ أن يَجلِسَ" (¬1). ¬

_ =قال ابن حجر المكي فيما نقله عنه صاحب "عون المعبود": إن أُريد حفظه من جنس الشياطين تعيّن حملُه على حفظه مِن كل شيء مخصوص كأكبر الكبائر، أو من إبليس اللعين فقط بقي الحفظ على عمومه، وما يقع منه من إغواء جنوده، وإنما ذكرت ذلك، لأنا نرى ونعلم من يقول ذلك، ويقع في كثير من الذنوب، فتعيَّن حمل الحديث على ما ذكرتُه وإن لم أره. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 1/ 162، ومن طريقه أخرجه البخاري (444)، ومسلم (714) (69)، والترمذي (316)، والنسائي في "الكبرى" (811)، وابن ماجه (1013). وأخرجه البخاري (1163)، ومسلم (714) (70)، والنسائى في "الكبرى" (524) من طريقين عن عمرو بن سليم الزرقي، به. وهو في "مسند أحمد" (22523)، و" شرح مشكل الآثار" (5712)، و"صحيح ابن حبان" (2495). وانظر ما بعده. وحديث أبي قتادة هذا ورد على سبب عند مسلم (1655) (70) وهو أن أبا قتادة دخل المسجد ورسول الله جالس بين ظهراني الناس، فجلس معهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس"، قيل: رأيتك جالساً والناس جلوس, قال: "فإذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتَّى يركع ركعتين". قال الحافظ في "الفتح" 1/ 537: واتفق أئمة الفتوى على أن الأمر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليصل سجدتين" للندب، ونقل ابن بطال عن أهل الظاهر الوجوب، والذي صرح به ابن حزم عدمه.=

20 - باب فضل القعود في المسجد

468 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا عبد الواحد بن زياد، حدَّثنا أبو عُميس عُتبةُ بن عبد الله، عن عامر بن عبد الله بن الزُّبير، عن رجل من بني زُرَيق عن أبي قتادة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، نحوه، زاد: "ثمَّ لِيقعُد بَعدُ إن شاءَ أو لِيَذهَب لِحاجتِه" (¬1). 20 - باب فضل القعود في المسجد 469 - حدَّثنا القَعنَبي، عن مالك، عن أبي الزّناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - قال: "الملائكةُ تُصَلَّي على أحَدِكم ما دامَ في مُصَلاّهُ الذي صلَّى فيه ما لم يُحدِث أو يَقُم: اللهُمَّ اغفِر له، اللهُمَّ ارحَمْهُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، والرجل من بني زريق هو عمرو بن سليم كما هو موضح في الرواية السالفة. وهو في "مسند أحمد" (22652). وانظر ما قبله. (¬2) إسناد صحيح. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن ابن هرمز. وهو في "موطأ مالك" 1/ 160، ومن طريقه أخرجه البخاري (445)، والنسائي في "الكبرى" (469). وأخرجه مسلم بإثر الحديث (661) / (276) من طريق الزُّهريّ، عن الأعرج، به. وهو في "مسند أحمد" (9462). وأخرجه مسلم بإثر (661) / (273)، والنسائى في "الكبرى" (11880 - 11883) من طريق محمَّد بن سيرين، ومسلم بإثر (661) / (276) من طريق همام بن منبه، كلاهما عن أبي هريرة. وسيأتي برقم (471) من طريق أبي رافع، ومطولاً برقم (559) من طريق أبي صالح، كلاهما عن أبي هريرة. وانظر ما بعده.

470 - حدَّثنا القَعنَبي، عن مالك، عن أبي الزَّناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَزالُ أَحَدُكم في صلاةٍ ما كانت الصلاة تَحبِسُه لا يَمنَعُه أن يَنقَلِبَ إلى أهلِه إلا الصّلاة" (¬1). 471 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد، عن ثابت، عن أبي رافع عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَزالُ العبدُ في صلاةٍ ما كانَ في مُصلاَّهُ يَنتَظِرُ الصلاةَ، تقولُ الملائكةُ: اللهُمَّ اغفِر له، اللهُمَّ ارحمَه، حتَّى يَنصَرِفَ أو يُحدِثَ" فقيل: ما يُحدِث؟ قال: يفسو أو يَضرِطُ (¬2). 472 - حدَّثنا هشام بن عمّار، حدَّثنا صَدَقة بن خالد، حدَّثنا عثمان بن أبي العاتِكَةِ الأزدي، عن عُمير بن هانئ العَنْسي ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 1/ 160، ومن طريقه أخرجه البخاري (659)، ومسلم بإثر الحديث (661) / (275). وأخرجه بنحوه البخاري (176) من طريق سعيد المقبري، و (3229) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة، كلاهما عن أبي هريرة. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البناني، وأبو رافع: هو نفيع الصائغ. وأخرجه مسلم بإثر الحديث (1661/ (274) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (469).

21 - باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد

عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أتى المَسجِدَ لِشيءٍ فهو حَظُّه" (¬1). 21 - باب في كراهية إنشاد الضالة في المسجد 473 - حدَّثنا عُبيد الله بن عمر الجُشَمي، حدَّثنا عبد الله بن يزيد، حدَّثنا حَيْوة بنُ شُريح قال: سمعتُ أبا الأسود يقول: أخبرنى أبو عبد الله مولى شدَّاد أنه سمع أبا هريرة يقول: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن سمعَ رجلاً يَنشُدُ ضالَّةَ في المَسجِدِ فليَقُل: لا أدَّاها اللهُ إليك؛ فإنَّ المساجِدَ لم تُبنَ لهذا" (¬2). 22 - باب في كراهية البُزاق في المسجد 474 - حدَّثنا مُسلم بن إبراهيم، حدَّثنا هشام وشُعبة وأبان، عن قتادة ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عثمان بن أبي العاتكة الأزدي، وبه ضعفه المنذري في "مختصر السنن". وأخرجه البيهقي 2/ 447 و 3/ 66 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 5/ 195 من طريق هشام بن عمار، به. قوله: "من أتى المسجد لشيء" أي: لقصد حصول شيء أخروي أو دنيوي "فهو حظه" أي: ذلك الشيء حظه ونصيبه، كقوله عليه السلام: "إنما لكل امرئ ما نوى". قاله صاحب "عون المعبود". (¬2) إسناده صحيح. عبيد الله بن عمر الجشمي: هو القواريري. وأبو الأسود: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن نوفل. وأخرجه مسلم (568)، وابن ماجه (767) من طريق حيوة بن شريح، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1321)، والنسائي في "الكبرى" (9933) من طريق محمَّد ابن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (8588)، و"صحيح ابن حبان" (1650) و (1651). وانظر الفوائد المستفادة من هذا الحديث في "شرح مسلم" 5/ 46 للإمام النووي.

عن أنس بن مالك، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "التفْلُ في المَسجِدِ خطيئةٌ وكفارتُه أن يُوارِيَه" (¬1). 475 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوانة، عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ البُزاقَ في المَسجِدِ خطيئةٌ، وكفَّارتُها دَفنُها" (¬2). 476 - حدَّثنا أبو كامل، حدَّثنا يزيد -يعني ابن زُرَيع-، عن سعيد، عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "النخاعةُ في المَسجِدِ" فذكر مثله (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي , وشعبة: هو ابن الحجاج، وأبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه البخاري (415)، ومسلم (552) (56) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12775) و (12890) و (13433). وسيأتى بعده من طريق أبي عوانة، وبرقم (476) من طريق سعيد بن أبي عروبة، كلاهما عن قتادة. (¬2) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه مسلم (552) (55)، والترمذي (579)، والنسائي في "الكبرى" (804) من طريق أبى عوانة، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1635) و (1637). وانظر ما قبله وما بعده. (¬3) إسناده صحيح. أبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري، وسعيد: هو ابن أبي عروبة. وهو في "مسند أحمد" (12062). وانظر ما قبله.

477 - حدَّثنا القَعنَبي، حدَّثنا أبو مودود، عن عبد الرحمن بن أبي حَدرَد الأسلمي قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن دخلَ هذا المَسجِدَ فبزقَ فيه أو تَنَخَّمَ، فليَحفِر فليَدفِنهُ، فإن لم يَفعَل، فليَبزُق في ثَوبِه، ثمَّ ليَخرُج به" (¬1). 478 - حدَّثنا هناد بن السَّريِّ، عن أبي الأحوص، عن منصور، عن رِبْعيٍّ عن طارق بن عبد الله المُحاربيِّ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا قامَ الرجلُ إلى الصلاةِ -أو إذا صلَّى أحدُكم- فلا يَبزُقَنَّ أمامَه ولا عن ¬

_ (¬1) إسناده حسن، عبد الرحمن بن أبى حدرد -وإن لم يرو عنه غير أبي مودود عبد العزيز بن أبي سليمان- تابعى سمع أبا هريرة، وقال فيه الدارقطني: لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات". وأخرجه أحمد (7531)، وابن خزيمة (1310)، والبيهقي 2/ 291، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 160 من طريق أبى مودود، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (550)، والنسائى فى "الكبرى" (294)، وابن ماجه (1022) من طريق أبي رافع نفيع الصائغ، عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "إذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره تحت قدمه، فإن لم يجد فليقل هكذا" فتفل في ثوبه ثمَّ مسح بعضه على بعض. وهو في "مسند أحمد" (7405)، و"صحيح ابن حبان" (8234). وأخرجه البخاري (408 - 411) ومسلم (548)، وابن ماجه (761) من طريق حميد بن عبد الرحمن، والبخاري (416) من طريق همام، كلاهما عن أبى هريرة رفعه يلفظ: "إذا تنخم أحدكم فلا يتنخمن قِبَلَ وجهه ولا عن يمينه، وليبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى" زاد همام: "فيدفنها". وقرن حميد بأبي هريرة أبا سعيد الخدري، وسيأتي حديثه عند المصنف برقم (480). وهو فى "مسند أحمد" (11550)، و"صحيح ابن حبان" (2268).

يمينِه، ولكن عن تِلقاءِ يَسارِه إن كان فارغاً أو تحتَ قَدَمِه اليُسرى، ثمَّ ليَقُل به" (¬1). 479 - حدَّثنا سليمان بن داود، حدَّثنا حماد، حدَّثنا أيوبُ، عن نافع عن ابن عمر قال: بينَما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَخطُبُ يوماً إذ رأى نُخامةً في قِبلَةِ المَسجِدِ، فتَغَيّظَ على النَّاسِ، ثمَّ حَكَّها، قال: وأحسَبُه قال: فدعا بزَعفَرانٍ فلَطَّخَه به، وقال: "إنَّ الله عز وجل قِبَلَ وجهِ أحدِكم إذا صلَّى فلا يَبزُق بينَ يَدَيه" (¬2) (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الأحوص: هو سلام بن سليم، ومنصور: هو ابن المعتمر، وربعي: هو ابن حراش. وأخرجه الترمذي (578)، والنسائي في "الكبرى" (807)، وابن ماجه (1021) من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (27221). قوله: "ثمَّ ليقل به" أي: يمسح ويدلك ويدفن البزاق. (¬2) إسناده صحيح. سليمان بن داود: هو العتكي، وحماد: هو ابن زيد، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه البخاري (406)، ومسلم (547)، والنسائي فى "الكبرى" (533)، وابن ماجه (763) من طرق عن نافع، به. ولم يذكروا الزعفران. وهو في "مسند أحمد" (4509). وقوله: إن الله قبل وجه أحدكم ... قال الخطابي: معناه أن توجهه إلى القبلة مُفْضٍ منه بالقصد إلى ربه، فصار في التقدير: فإن مقصوده بينه وبين قبلته. وقال ابن عبد البر: هو كلام خرج على التعظيم لشأن القبلة. (¬3) جاء بعد هذا الحديث في المطبوع: قال أبو داود: رواه إسماعيل وعبد الوارث عن أيوب عن نافع ومالك وعُبيد الله وموسى بن عقبة عن نافع نحو حماد، إلا أنه لم يذكروا الزعفران ورواه معمر عن أيوب وأثبت الزعفران فيه. وذكر يحيي بن سُليم عن عبيد الله عن نافع الخلوق.=

480 - حدَّثنا يحيى بن حَبيب، حدَّثنا خالد -يعني ابنَ الحارث-، عن محمَّد بن عَجْلان، عن عِياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخُدري: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُحبُّ العَرَاجِينَ، ولا يزالُ في يَدِه منها، فدخلَ المَسجِدَ، فرأى نُخامةً في قِبلةِ المسجِدِ، فحكَّها، ثمَّ أقبَلَ على الناسِ مُغضَباً فقال: "أَيَسُرُّ أحدَكم أن يُبصَقَ في وجهِه، إنَّ أحدَكم إذا استَقبَل القِبلةَ فإنما يَستَقبِلُ ربّه عزَّ وجلَّ، والمَلَكُ عن يمينِه، فلا يَتفُلْ عن يمينِه، ولا في قِبلَتِه، وليَبصُقْ عن يَسارِه أو تحتَ قَدَمِه، فإن عَجِلَ به أمرٌ فليقُل هكذا" ووصفَ لنا ابنُ عَجْلانَ ذلك: أن يَتفُلَ في ثَوبِه ثمَّ يَرُدَّ بعضَه على بعضٍ (¬1). ¬

_ =قلنا: أما رواية إسماعيل -وهو ابن علية- فأخرجها مسلم (547) (51). وأما رواية ما لك ففي"الموطأ" 1/ 194، وأخرجها البخاري (406)، ومسلم (547) (50)، والنسائي في "الكبرى" (805). وأما رواية عُبيد الله -وهو ابن عُمر العمري- فأخرجها مسلم (547) (51). وأما رواية موسى بن عُقبة فأخرجها مسلم أيضاً (547) (51). وأما رواية معمر فأخرجها ابن خزيمة (1295). ويحيى بن سليم -وهو الطائفي- ضعيف في روايته عن عبيد الله بن عمر، وقد انفرد عنه بذكر الخلوق. (¬1) إسناده قوي، محمَّد بن عجلان صدوق قوي الحديث، وباقي رجاله ثقات. وهو في "مسند أحمد" (11185)، و"صحيح ابن حبان" (2270) من طريق ابن عجلان، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البخاري (414)، ومسلم (548)، والنسائي في "الكبرى" (806) من طريق حميد بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد. وهو في "مسند أحمد" (11025). وأخرجه كذلك البخاري (408 - 411) , ومسلم (548)، وابن ماجه (761) من طريق حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة وأبي سعيد. وحديث أبي هريرة سلف برقم (477).

481 - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عبد الله بن وَهْب، أخبرني عمرو، عن بكر بن سَوَادة الجُذَاميِّ، عن صالح بن حَيْوان عن أبي سَهْلة السَّائب بن خَلاد -قال أحمد: من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أن رجلاً أَمَّ قوماً فبصقَ في القِبلةِ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَنظُرُ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين فَرَغَ: "لا يُصَلّي لكم" فأرادَ بعدَ ذلك أن يُصَلّيَ لهم، فمنعوه وأخبَروهُ بقولِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكرَ ذلك لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "نعم" وحَسِبتُ أنه قال: "إنَّك آذَيتَ اللهَ ورسولَه" (¬1). 482 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمّاد، أخبرنا سعيد الجُرَيريُّ، عن أبي العلاء، عن مُطَرِّف ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة صالح بن خيوان -ويقال: حيوان بالحاء المهملة- فقد تفرد بالرواية عنه بكر بن سوادة الجذامي، ولم يوثقه غير العجلي وابن حبان، وقال عبد الحق الإشبيلي: لا يحتج به. عمرو: هو ابن الحارث. وأخرجه أحمد (16561)، وابن حبان (1636)، والمزي في ترجمة صالح من "تهذيب الكمال" 13/ 39 من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وأخرج بقي بن مخلد فيما ذكر ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (2470) عن هارون بن سعيد الأيلي، عن ابن وهب، عن حيي بن عبد الله المعافري، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -رجلاً يصلي بالناس صلاة الظهر، فتفل في القبلة وهو يصلي، فلما كان صلاة العصر أرسل إلى آخر، فأشفق الرجل الأول، فجاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أنزل فيَّ؟ قال: "لا، ولكنك تفلت بين يديك وأنت تؤم الناس، فآذيت الله ورسوله". قلنا: وهذا إسناد رجاله ثقات غير حيي المعافري فهو حسن الحديث في الشواهد.

عن أبيه قال: أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يُصلِّي، فبَزَقَ تحتَ قَدمِه اليُسرى (¬1). 483 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا يزيد بن زُرَيع، عن سعيد الجُرَيري، عن أبي العلاء، عن أبيه بمعناه، زاد: ثمَّ دَلَكَة بنَعلِه (¬2). 484 - حدَّثنا قُتيبة بن سعيد، حدَّثنا الفَرَجُ بن فَضالة، عن أبي سعدٍ، قال: رأيتُ واثلةَ بنَ الأسقَع في مَسجِدِ دمشقَ بَصَقَ على البُوريِّ (¬3)، ثمَّ مَسَحَه برجلِه، فقيلَ له: لِمَ فعلتَ هذا؟ قال: لأنِّي رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَفعَلُه (¬4). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، حماد -وهو ابن سلمة- قد سمع من الجريري -وهو سعيد ابن إياس- قبل الاختلاط. أبو العلاء ومطرف: هما ابنا عبد الله بن الشخير، واسم أبي العلاء يزيد. وأخرجه النسائي فى "الكبرى" (808) من طريق عبد الله بن المبارك، عن سعيد الجريري، بهذا الإسناد. وزاد: فدلكه برجله. وأخرجه مسلم (554) (58) من طريق كهمس، عن أبي العلاء، به بالزيادة المذكورة. وهو في "مسند أحمد" (16321)، و"صحيح ابن حبان" (2272). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (554) (59) من طريق يزيد بن زريع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16310). وانظر ما قبله. (¬3) هكذا فى (ج) و (د) و (هـ)، وهي رواية ابن الأعرابي وابن داسه فيما أشار إليه الحافظ في حاشية نسخته. وفى (أ): البواري. (¬4) إسناده ضعيف، الفرج بن فضالة ضعيف، وأبو سعيد -ويقال: أبو سعد الحميري الحمص- مجهول. قوله: "البوري" هو الحصير المعمول من القصب.

485 - حدَّثنا يحيى بن الفضل السّجستانيُّ وهِشام بن عمار وسليمانُ بن عبد الرحمن قالوا: حدَّثنا حاتم بن إسماعيل، حدَّثنا يعقوب بن مُجاهِد أبو حَزرة، عن عُبادة بن الوليد بن عُبادة بن الصامت قال: أتينا جابراً -يعني ابنَ عبد الله- وهو في مَسجِدِه، فقال: أتانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في مَسجِدِنا هذا، وفي يَدِه عُرجونُ ابنِ طابٍ، فنظر فرأى في قِبلةِ المسجدِ نُخامةً، فأقبَلَ عليها فحتها بالعُرجونِ، ثمَّ قال: "أيكم يُحِب أن يُعرِضَ اللهُ عنه؟ إنَّ أحدَكم إذا قامَ يُصلي فإن اللهَ عز وجل قِبَلَ وجهِه، فلا يَبصُقَنَّ قِبَلَ وجهِه، ولا عن يمينه، وليَبصُقْ عن يَسارِه تحتَ رِجلِه اليُسرى، فإن عَجِلَت به بادرةٌ فليَقُل بثَوبِه هكذا، -ووَضَعَه على فيه ثمَّ دَلَكَه- أروني عبيراً" فقامَ فتى من الحَيِّ يَشتَدُّ إلى أهله فجاءَ بخَلوقٍ في راحتِه، فأخذَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فجعلَه على رأسِ العُرجونِ ثمَّ لَطَخَ به على أَثَرِ النخامةِ. قال جابر: فمِن هناك جعلتُم الخَلوقَ في مساجِدِكم (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مطولاً مسلم (3008) من طريق حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (2265). قوله: "عرجون ابن طاب" العرجون: هو عود النخل إذا يبس واعوج. وابن طاب: رجل من أهل المدينة ينسب إليه نوع من تمرها. وقوله: "عجلت منه بادرة" أي: حدَّة، والمعنى: إذا غلب عليه البصاق والنخامة. والعبير: نوع من الطيب ذو لون يُجمع مِن أخلاط. والخَلوق: طيب مركب يُتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب، وتغلب عليه الحمرة والصفرة.

23 - باب في المشرك يدخل المسجد

23 - باب في المشرك يدخل المسجد 486 - حدَّثنا عيسى بن حمَّاد، أخبرنا الليثُ، عن سعيدٍ المَقبُريّ، عن شَريك بن عبد الله بن أبي نَمِر أنه سمعَ أنسَ بنَ مالك يقول: دخلَ رجلٌ على جَمَلٍ، فأناخَه في المسجِدِ، ثمَّ عَقَلَه، فقال: أيُّكم محمدٌ؟ ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مُتكئٌ بين ظَهرانَيهم، فقُلنا له: هذا الأبيضُ المتكئُ، فقال له الرجل: يا ابنَ عبدِ المُطَّلب، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "قد أجَبتُكَ" فقال له الرجل: يا محمَّد، إني سائِلُكَ ... وساقَ الحديث (¬1). 487 - حدَّثنا محمَّد بن عمرو، حدَّثنا سلمةُ، حدَّثني محمَّد بن إسحاقَ، حدّثني سلمةُ بن كُهيل ومحمد بن الوليد بن نُوَيفعٍ، عن كُريبٍ عن ابن عباس قال: بعثَتْ بنو سعدٍ بنِ بكر ضِمامَ بن ثعلبة إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقَدِمَ عليه، فأناخَ بعيرَه على باب المَسجِدِ، ثمَّ عَقَلَه، ثمَّ دخلَ المَسجِدَ، فذكر نحوه، قال: فقال: أيكَم ابنُ عبد المُطلب؟ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد. وأخرجه البخاري (63)، والنسائي في "الكبرى" (2413) من طريقين عن الليث، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12719)، و" صحيح ابن حبان" (154). وأخرجه النسائى (2414) من طريق يعقوب بن ابراهيم الزُّهريّ، عن الليث، حدَّثنا ابن عجلان وغيره من أصحابنا عن سعيد، به. وهو من المزيد في متصل الأسانيد، فقد صرح الليث بسماعه هذا الحديث من سعيد المقبري عند أحمد (12719). وأخرج تتمة الحديث دون ذِكر دخول الرجلِ المسجدَ مسلم (12)، والنسائي (2412)، وابن ماجه (1024) من طريق ثابت البناني، عن أنس.

24 - باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة

فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم: "أنا ابنُ عبد المُطلب" قال: يا ابنَ عبد المُطلب ... وساقَ الحديث (¬1). 488 - حدَّثنا محمَّد بن يحيى بن فارسِ، حدَّثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الزُهري، حدَّثنا رجلٌ من مُزَينةَ ونحن عند سعيد بن المُسيّب عن أبي هريرة قال: اليهودُ أتوا النبيّ - صلى الله عليه وسلم -وهو جالِس في المَسجِدِ في أصحابِه، فقالوا: يا أبا القاسم، في رجلٍ وامرأةٍ زَنَيا منهم (¬2). 24 - باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة 489 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا جرير، عن الأعمش، عن مُجاهد، عن عُبَيد بن عُمير ¬

_ (¬1) إسناده حسن، محمَّد بن الوليد بن نويفع -وإن لم يرو عنه غير ابن إسحاق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: يعتبر به- قد توبع في هذا الإسناد نفسه. سلمة: هو ابن الفضل، وكريب: هو مولى ابن عباس. وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 4/ 219 - 221. وأخرجه الدارمي (652)، وابن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 521 - 522، وأحمد (2254) و (2380) و (2381)، والطبرانى (8149)، والحاكم 3/ 54، والبيهقي في "الدلائل" 5/ 374 - 375، وابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 168 من طرق عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. ورواية أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي وابن عبد البر عن محمَّد بن الوليد بن نويفع وحده. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، شيخ الزُّهريّ -وإن كان مبهماً- قد أثنى عليه الزُّهريّ، فذكر أنه ممن يتبع العلم ويعيه كما سيأتي برقم (3625)، وذكر ابن المبارك عند الطبري في "التفسير" 2/ 233 عن الزُّهريّ أن سعيد بن المسيب كان يوقره، وقد شهد أبوه الحديبية، فإبهام اسم مثله لا يضر. وهو قطعة من حديث طويل سيأتي برقم (4450)، ويأتى تخريجه هناك. وسيأتي مختصراً من الحديث الطويل بالأرقام (3624) و (3625) و (4451).

عن أبي ذرّ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "جُعِلَت لِيَ الأرضُ طَهوراً ومسجداً" (¬1). 490 - حدَّثنا سُليمان بن داود، أخبرنا ابنُ وهب قال: حدّثني ابن لهيعة ويحيى بن أزهرَ، عن عمار بن سعد المُرادي، عن أبي صالح الغِفاريُّ: أنَّ عليّاً رضي الله عنه مرَّ ببابِلَ وهو يسيرُ، فجاءَه المُؤذِّنُ يُؤذِنُه بصلاةِ العَصرِ، فلما برزَ منها أمرَ المُؤَذِّنَ فأقامَ الصَّلاةَ، فلما فَرَغَ قال: إنَّ حبيبي - صلى الله عليه وسلم - نهاني أن أُصلِّيَ في المَقبُرةِ، ونهاني أن أُصلِّيَ في أرض بابِلَ، فإنها ملعونةٌ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومجاهد: هو ابن جبر المكي. وأخرجه مطولاً ابن أبي شيبة 11/ 435 - 436، وابن صاعد في "زوائده على الزهد" لابن المبارك (1069)، وأحمد (21299) و (21314)، والدارمي (2467)، وابن حبان (6462)، والحاكم 2/ 424، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 277، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 473 من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه كذلك حسين المروزي في "زوائده على الزهد" لابن المبارك (1068) و (1618) من طريق وكيع، عن الأعمش، عن مجاهد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً. وأخرجه كذلك الطيالسي (472)، وأحمد (21435)، والبزار (4077)، واللالكائي في "أصول الاعتقاد" (1449) من طريق شعبة، عن واصل الأحدب، عن مجاهد، عن أبي ذر. أسقط منه عبيد بن عمير. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 117/ 5 من طريق عبد العزيز بن أبان، عن عمر ابن ذر، عن مجاهد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... مرسلاً. وفي الباب عن غير واحد من الصحابة انظر أحاديثهم عند حديث عبد الله بن عمرو فى "المسند" (7068). (¬2) النهي عن الصلاة في المقبرة صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، أبو صالح الغفاري -واسمه سعيد بن عبد الرحمن- لم يسمع من علي فيما قال ابن=

491 - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يحيى بن أزهرَ وابن لَهِيعة، عن الحجَّاج بن شدَّاد، عن أبي صالح الغِفاري عن علي، بمعنى سليمان بن داود، قال: فلما خرج، مكان: لمَّا برز (¬1). 492 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد (ح) وحدثنا مُسدَّد، حدَّثنا عبد الواحد، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه ¬

_ =يونس، وقد اختلف على عبد الله بن وهب فيه، فرواه سليمان بن داود هنا عنه عن ابن لهيعة ويحيى بن أزهر عن عمار بن سعد المرادي، ورواه أحمد بن صالح كما سيأتي بعده عنه عن ابن لهيعة ويحيى بن أزهر عن حجاج بن شداد. وعمار بن سعد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات" ووثقه ابن يونس وقال: كان فاضلاً، وحجاج بن شداد روى عنه جمع ولم يوثقه أحد. وأخرجه البيهقي 2/ 451 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وللنهي عن الصلاة في المقبرة شاهد من حديث أبى سعيد الخدري سيأتي برقم (492). وآخر من حديث أبي مرثد الغنوي عند مسلم (972)، ولفظه: "لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها". وأما النهي عن الصلاة في أرض بابل، فقد أخرج من قول على عبد الرزاق (1623)، وابن أبي شيبة 2/ 377، والبخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 210من طريقين عن عبد الله ابن شريك العامري، عن عبد الله بن أبي المحل قال: مررنا مع علي بالخسف الذي ببابل، فكره أن يصلي فيه حتَّى جاوزه. ؤهذا إسناد حسن في الشواهد. وأخرج ابن أبى شيبة 2/ 377 عن وكيع، عن المغيرة بن أبي الحر الكندي، عن حجر بن عنبس الحضرمي قال: خرجنا مع علي إلى النهروان، حتَّى إذا كنا ببابل حضرت صلاة العصر فقنا: الصلاة، فسكت، ثمَّ قلنا: الصلاة، فسكت، فلما خرج منها صلى ثمَّ قال: ما كنت أصلي بأرض خُسِفَ بها، ثلاث مرات. وهذا إسناد حسن. (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. وسلف الكلام على متنه هناك.

25 - باب النهى عن الصلاة في مبارك الإبل

عن أبي سعيد قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وقال موسى في حديثه: فيما يَحسَبُ عمرو، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال-: "الأرضُ كلها مَسجِدٌ إلا الحمّامَ والمَقبُرة" (¬1). 25 - باب النهى عن الصلاة في مَبارك الإبل 493 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن عبد الله بن عبد الله الرازي، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب، قال: سُئِلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاةِ في مَبارِكِ الإبل، فقال: "لا تُصَلوا في مَبارِكِ الإبلِ، فإنها من الشَّياطين" ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وقد اختلف على عمرو بن يحيى في وصله وإرساله، والصحيح وصله كما هو مبين في التعليق على "المسند" (11784) و (11788). حماد: هو ابن سلمة، وعبد الواحد: هو ابن زياد، ويحيى: هو ابن عمارة المدني. وأخرجه الترمذي (317) من طريق عبد العزيز الدراوردي، وابن ماجه (745) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن عمرو بن يحيى، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1699). وأخرجه ابن ماجه (745) من طريق سفيان الثوري، عن عمرو بن يحيى، عن أبيه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً. وانظر شواهده في التعليق على "المسند". قوله: "إلا الحمام والمقبرة" قال الخطابي في "معالم السنن": اختلف العلماءُ في تأويل هذا الحديث، فكان الشافعي يقول: إذا كانت المقبرة مختلطة التراب بلحوم الموتى وصديدهم وما يخرج منهم لم تَجُز الصلاة فيها للنجاسة، فإن صلى رجل في مكان طاهر منها أجزأته صلاته، قال: وكذلك الحمام إذا صلى في موضع نظيف منه فلا إعادة عليه. وحكي عن الحسن البصري أنه صلى فى المقابر، وعن مالك بن أنس: لا بأس بالصلاة في المقابر، وقال أبو ثور: لا يصلى في حمام ولا مقبرة تعلقاً بظاهره، وكان أحمد وإسحاق يكرهان ذلك، ورويت الكراهة فيه عن جماعة من السلف.

26 - باب متى يؤمر الغلام بالصلاة

وسُئِلَ عن الصلاةِ في مَرابِضِ الغَنَمِ، فقال: "صَلوا فيها، فإنها بَرَكة" (¬1). 26 - باب متى يؤمر الغلام بالصلاة 494 - حدَّثنا محمَّد بن عيسى -يعني ابن الطبّاع- حدَّثنا إبراهيم بن سعْدٍ، عن عبد الملك بن الربيع بن سَبرة، عن أبيه عن جده، قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مُرُوا الصَّبِيَّ بالصلاةِ إذا بلغَ سبعَ سِنينَ، واذا بلغَ عَشرَ سِنينَ فاضربوه عليها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، والأعمش: هو سليمان ابن مهران. وقد سلف برقم (184)، وخرّجناه هناك. قوله: "لا تصلوا في مبارك الإبل" المبارك: جمع مبرك، وهو موضع بروك الجمل في أي موضع كان. وقوله: "فإنها من الشياطين" قال الخطابي: يريد أنها لما فيها من النِّفار والشرود ربما أفسدت على المصلي صلاته، والعرب تسمي كل مارد شيطاناً، كأنه يقول: إن المصلي إذا صلى بحضرتها، كان مغرراً بصلاته لما لم يؤمن من نفارها وخبطها المصلي، وهذا المعنى مأمون في الغنم لسكونها وضعف الحركة إذا هيجت. وقوله: "في مرابض الغنم" هي جمع مَربِض: وهو مأوى الغنم. (¬2) حديث صحيح. عبد الملك بن الربيع بن سبرة روى عنه جمع ووثقه البجلي، والإمام الذهبي في "الكاشف"، وقال في الميزان: صدوق إن شاء الله وقال: ضعفه يحيى بن معين فقط. وقال ابن القطان فى "الوهم والإيهام" 4/ 138: وعسى أن يكون الحديث حسناً. وأخرجه الترمذي (409) من طريق عبد الملك بن الربيع، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة (1002) والحاكم 1/ 258، وابن الملقن في "البدر المنير" 3/ 238. وهو في "مسند أحمد" (15339)، و"شرح مشكل الآثار" (2565) و (2566). وله شاهد بسند حسن من حديث عبد الله بن عمرو، وهو الآتى بعده.=

495 - حدَّثنا مُؤمل بن هشام -يعني اليَشكُري-، حدَّثنا إسماعيل، عن سوّارٍ أبي حمزة -قال أبو داود: وهو سوّار بن داود أبو حمزة المُزَني الصيرَفيُّ-، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه عن جدِّه، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مُرُوا أولاكمِ بالصلاةِ وهم أبناءُ سبعِ سِنينَ، واضرِبوهم عليها وهم أبناءُ عَشرٍ، وفرِّقوا بينهم في المَضاجِعِ" (¬1). 496 - حدَّثنا زهير بن حرب، حدَّثنا وكيع حدَّثني داود بن سوّار المُزَنيُّ، بإسناده ومعناه، وزاد: "وإذا زوَّجَ أحدُكم خادِمَه عبدَه أو أجيرَه، فلا يَنظُر إلى ما دونَ السُّرَّةِ وفوقَ الرُّكبة" (¬2). ¬

_ =وآخر من حديث أبي هريرة عند العقيلي فى "الضعفاء" 4/ 50، وفي إسناده محمَّد بن الحسن بن عطية العوفي، وهو ضعيف. (¬1) إسناده حسن، سوار بن داود المزنى قال فيه أحمد: لا بأس به، ووثقه ابن معين في رواية إسحاق بن منصور، وذكره ابن شاهين وابن حبان في "الثقات". وأخرجه أحمد (6756)، والبخاري فى "التاريخ" 4/ 168، والعقيلى في "الضعفاء" 2/ 167 - 168 والدارقطنى (887) و (888)، والحاكم 1/ 197، وأبو نعيم في "الحلية" 10/ 26, والبيهقى 2/ 229، والخطيب في "تاريخ بغداد" 278/ 2، والبغوي في "شرح السنة" (505) من طرق عن سوار بن داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن عدي فى ترجمة الخليل بن أبى مرة من "الكامل" 3/ 929، ومن طريقه البيهقي 229/ 2 من طريق الخليل، عن ليث بن أبي سليم، عن عمرو بن شعيب، به. والخليل بن أبى مرة يعتبر به في المتابعات. وانظر ما بعده. (¬2) إسناده حسن كسابقه، وقد وهم وكيع في اسم سوار بن داود، فقلبه إلى داود بن سوار، وخالفه جميع الرواة فقالوا: عن سوار بن داود، كما نبه عليه المصنف وشيخه أحمد بن حنبل في "المسند" وفي "العلل" 1/ 149.

قال أبو داود: وَهِمَ وكيع في اسمه، وروى عنه أبو داود الطيالسي هذا الحديثَ، فقال: حدَّثنا أبو حمزةَ سوّارٌ الصيرَفى. 497 - حدَّثنا سليمان بن داود المَهري، حدَّثنا ابن وهب، أخبرني هشام ابن سعد حدّثني معاذ بن عبد الله بن خُبيب الجُهَنيّ، قال: دَخَلنا عليه فقال لامرأته: متى يُصلي الصَبي؟ فقالت: كانَ رجلٌ منّا يذكُرُ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه سُئِلَ عن ذلك، فقال: "إذا عَرَفَ يمينَه من شِمالِه فمُروهُ بالصلاة" (¬1). ¬

_ =وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 347، وأحمد (6689)، والدولابي في "الكنى" 1/ 159، وأبو نعيم في "الحلية" 10/ 26، والبغوي في "شرح السنة" (550) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. وسيتكرر برقم (4114). وبنحوه برقم (4113). (¬1) إسناده ضعيف لضعف هشام بن سعد، وقد اختلف عليه فيه: فرواه عبد الله بن وهب هنا وعند البيهقي 84/ 3 عنه عن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن امرأته، عن رجل منهم. وفيه مبهمان أيضاً. ورواه عبد الله بن نافع الصائغ عن هشام بن سعد واختلف عليه فيه: فرواه محمَّد بن إسحاق المسيبي عند أبي يعلى كما فى "إتحاف الخيره" للبوصيري (1120)، وابن حبان في "المجروحين" 3/ 89، والطبراني في "الأوسط" (3019)، وفي "الصغير" (274) عنه عن هشام بن سعد، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن أبيه. وعبد الله بن خبيب صحابي، لكن عبد الله بن نافع الصائغ فيه كلام من جهة حفظه. ورواه يعقوب بن حميد عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2565) عنه عن هشام بن سعد، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن أبيه، عن عمه. ويعقوب بن حميد ضعيف.

27 - باب بدء الأذان

27 - باب بَدء الأذان 498 - حدَّثنا عبّاد بن موسى الخُتّليّ وزياد بن أيوب -وحديثُ عبّاد أتمُّ-, قالا: حدَّثنا هُشيم، عن أبي بِشرٍ -قال زياد: أخبرنا أبو بِشر-، عن أبي عُمير ابن أنس عن عُمومةٍ له من الأنصار، قال: اهتمّ النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلاةِ، كيف يجمَعُ الناس لها؟ فقيلَ له: انصِبّ رايةً عندَ حُضورِ الصلاةِ، فإذا رأَوها آذَنَ بعضُهم بعضاً، فلم يُعجِبه ذلك، قال: فذُكِرَ له القُنْعُ -يعني الشُّبّورَ، وقال زياد: شَبّورُ اليهود -فلم يُعجِبه ذلك، وقال: "هو من أمرِ اليهود" قال: فذُكِرَ له الناقوسُ، فقال: "هو من أمرِ النّصارى". فانصرفَ عبدُ الله بنُ زيد وهو مُهتم لِهَمِّ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فأُرِيَ الأذانَ في مَنامِه، قال: فغدا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبَرَه، فقال: يا رسولَ الله، إنِّي لَبينَ نائم ويقظانَ إذ أتاني آتٍ فأراني الأذانَ، قال: وكان عمرُ بنُ ¬

_ =ورواه يحيى بن مغيرة المخزومي عند ابن قانع في "معجم الصحابة" 173/ 2 عنه عن هشام بن سعد، عن معاذ بن عبد الرحمن بن خبيب، عن أبيه. وعبد الرحمن بن خبيب لا يعرف إلا بهذه الرواية، وهى وهم. وفي الباب عن سعيد بن أبي هلال عن رجل منهم عن عمه مرفوعاً عند أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخير" (1119) عن الحسن بن موسى، عن عبد الله ابن لهيعة، عن عمرو بن الحارث، عن سعيد. وابن لهيعة سيئ الحفظ. وفي الباب أيضاً عن أنس بن مالك عند ابن أبي حاتم في "العلل" 189/ 1، والبيهقي في "الشعب" (8332)، وعن ابن عمر عند ابن أبي شيبة 347/ 1 و348، وعن ابن سيرين عند عبد الرزاق (7290) و (7291)، وابن أبي شيبة 1/ 348، وعن الزُّهريّ وقتادة عند عبد الرزاق (7292) موقوفاً عليهم من أقوالهم.

الخطَّابِ رضي الله عنه قد رآه قبلَ ذلك، فكتَمَه عشرينَ يوماً، قال: ثمَّ أخبَرَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: "ما مَنَعَكَ أن تُخبِرَني؟ " فقال: سَبَقَني عبدُ الله بنُ زيد، فاستَحيَيتُ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا بلالُ، قُم فانظُر ما يأمُرُكَ به عبدُ الله بنُ زيد فافعَله" قال: فأذّنَ بلالٌ. قال أبو بِشر: فأخبَرَني أبو عُمير أنّ الأنصارَ تزعُمُ أنَّ عبدَ الله بنَ زيد لولا أنَّه كان يومئذٍ مريضاً لجعلَه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مُؤذناً (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هشيم: هو ابن بشير، وقد صرح في رواية زياد بن أيوب بالتحديث، فارتفعت مظنة التدليس عن هشيم. وأبو بشر: هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية. وأبو عمير بن أنس بن مالك الأنصاري قال أبو أحمد الحاكم وابن سعد: اسمه عبد الله، وقال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وصحح حديثه ابن المنذر وابن حزم وغيرهما، وقال الحافظ فى "التقريب": ثقة. وأخرجه البيهقي 1/ 390، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 21 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. قوله: "القنع" قال الخطابى في "غريب الحديث" 1/ 172 - 174: قد أكثرت السؤال عن هذا الحرف والنشدة له، فلم أجد فيه إلا دون ما يقنع، واختلفت الروايات فيه، فقال ابن الأعرابى: القنع، وسمعته مرة أخرى يقول: القبع، ثمَّ رواه الخطابي من طريق سعيد بن منصور عن هشيم، وفيه: "القتع" بالتاء، ثمَّ قال: فأما القنع وتفسير الراوي أنه أراد الشَّبّور (البوق)، فإن الرواية إن صحت به أمكن أن يقُال على بُعد فيه أنه إنما سُمّي قُنعاً لإقناع الصوت به، وهو رفعه، أو لأنه أُقنِعَت أطرافه إلى داخله. وإن كانت الرواية القُبَع فالوجه في تخريجه -وإن كان في البُعد مثل الأول أو أشد- أن يكون الشبور إنما سمي قبعاً إما لأنه يقبعَ فم صاحبه، أي: يواريه إذا نفخ فيه، أو لأنه قد ضُمّت أطرافه إلى داخله. وقال لي أبو عمر الزاهد: إنما هو القثع، وهو البوق، وهذا على ما ذكره أصح الوجوه، ورواية سعيد بن منصور تشهد لذلك، غير أني لم أسمع هذا الحرف من غيره. وأما القتع بالتاء فهو دودٌ يكون في الخشب، والواحدة قتعة. ومدار هذا الحرف على هشيم، وكان كثير اللحن والتحريف على جلالة محله في الحديث رحمه الله.

28 - باب كيف الأذان

28 - باب كيف الأذان 499 - حدَّثنا محمَّد بن منصور الطُوسيُّ، حدَّثنا يعقوبُ، حدَّثنا أبي، عن محمَّد بن إسحاق، حدَّثني محمد بن إبراهيمَ بن الحارث التيمى، عن محمَّد ابن عبد الله بن زيد بن عبد ربِّه حدَّثني أبي عبدُ الله بن زيد، قال: لمَّا أمرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالنَّاقوسِ يُعمَل لِيُضرَبَ به للناسِ لِجَمعِ الصَّلاةِ، طافَ بي وأنا نائمٌ رجلٌ يَحمِلُ ناقوساً في يَدِه، فقلت: يا عبدَ الله، أتبيعُ النَّاقوسَ؟ قال: وما تَصنعُ به؟ فقلت: ندعو به إلى الصَّلاةِ، قال: أفلا أدلُّكَ على ما هو خيرٌ من ذلك؟ فقلتُ: بلى، قال: فقال: تقول: الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن محمداً رسولُ الله، أشهدُ أن محمداً رسولُ الله، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، حَيَّ على الفلاح، الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله. قال: ثمَّ استأخَرَ عني غيرَ بعيدٍ، ثمَّ قال: وتقولُ إذا أقمتَ الصلاةَ: الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله، حَي على الصلاة، حَيَّ على الفلاح، قد قامتِ الصَّلاةُ، قد قامتِ الصلاةُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله. ¬

_ = قال القرطبي: الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة، لأنه بدأ بالأكبرية وهي تتضمن وجود الله وكماله، ثمَّ ثنى بالتوحيد ونفي الشريك، ثمَّ بإثبات الرسالة لمحمد - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ دعا إلى الطاعة المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة، لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول، ثمَّ دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم، وفيه الإشارة إلى المعاد، ثمَّ أعاد ما أعاد توكيداً.

فلمّا أصبَحتُ أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبَرتُه بما رأيتُ، فقال: "إنَّها لَرؤيا حَقٍّ إن شاء الله، فقُم مع بلالٍ فألقِ عليه ما رأيتَ فليؤَذِّنْ به، فإنّه أندى صوتاً منك" فقُمتُ مع بلالٍ، فجعلتُ أُلقيهِ عليه ويُؤَذنُ به، قال: فسمعَ ذلك عمرُ بنُ الخطَّاب وهو في بيتِه، فخرجَ يَجُر رداءَه، ويقول: والذي بعثَكَ بالحق يا رسولَ الله، لقد رأيتُ مثلَ ما أُرِيَ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "فلله الحمدُ" (¬1). قال أبو داود: هكذا رواية الزُّهريِّ عن سعيد بن المُسيّب عن عبد الله بن زيد، وقال فيه ابن إسحاق عن الزُّهريّ: الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ (¬2). وقال مَعمَر (¬3) ويونُسُ عن الزُّهريّ فيه: الله أكبرُ، الله أكبرُ، لم يُثَنِّ (¬4). ¬

_ (¬1) إسناده حسن، محمَّد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجاله ثقات. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزُّهريّ. وأخرجه الترمذي (187)، وابن ماجه (706) من طريقين عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه ليس فيها ذكر الإقامة، ورواية الترمذي مختصرة بآخره. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (16478)، و"صحيح ابن حبان" (1679). قوله: "طاف بي رجل" هو من الطيف وهو الخيال الذي يلم بالنائم، يقال منه: طاف يطيف، ومن الطواف: يطوف، ومن الإحاطة بالشيء. أطاف يطيف. وقوله: "فإنه أندى صوتاً" أي: أرفع. (¬2) رواية ابن إسحاق أخرجها أحمد (16477)، والبيهقي 1/ 415. (¬3) رواية معمر أخرجها عبد الرزاق (1774)، وهي عن الزُّهريّ عن سعيد مرسلاً، لم يذكر فيه عبد الله بن زيد. (¬4) هكذا في (أ) و (ج)، وفي (د) و (هـ): يُثنِّيا، فأعاد الضمير على معمر ويونس. وهذا جائز كذلك.

500 - حدّثنا مُسدَّد، حدّثنا الحارث بن عُبيد، عن محمَّد بن عبد الملك ابن أبي مَحْذورةَ، عن أبيه عن جَده، قال: قلت: يا رسولَ الله، علمني سُنَّةُ الأذان، قال: فمسحَ مقدَّمَ رأسي، قال: "تقول: الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، ترفعُ بها صَوتَك، ثمَّ تقولُ: أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله، تَخفِضُ بها صَوتَك، ثمَّ تَرفَعُ صَوتَك بالشهادة: أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله، أشهدُ أن محمداً رسولُ الله، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الصَلاة، حيَّ على الفَلاح، حيَّ على الفَلاح، فإن كانَ صلاةُ الصُّبحِ قلت: الصَّلاةُ خيرٌ من النوم، الصلاةُ خير من النوم، الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله" (¬1). 501 - حدّثنا الحسن بن عليّ، حدّثنا أبو عاصم وعبد الرزاق، عن ابن جُرَيج قال: أخبرني عثمانُ بن السائب، أخبرني أبى وأُمُّ عبد الملك بن أبي مَحذورة ¬

_ (¬1) حديث صحيح بطرقه، وهذا إسناد ضعيف، الحارث بن عبيد -وهو أبو قدامة الإيادي البصري- ضعفه جمهور النقاد، وأخرج له البخاري تعليقاً ومسلم في المتابعات، ومحمد بن عبد الملك بن أبى محذورة لم يذكروا في الرواة عنه غير اثنين، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: ليس بحجة، يكتب حديثه اعتباراً. وهو في "مسند أحمد" (15379)، و"صحيح ابن حبان" (1682). وانظر الأحاديث الآتية بعده.

عن أبي مَحذورة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، نحوَ هذا الخبر، وفيه: "الصلاةُ خيرٌ من النوم، الصلاة خير من النَّوم، في الأولى من الصُّبْح" (¬1). قال أبو داود: وحديث مُسدَّد أبيَنُ، قال فيه: قال: وعلَّمني الإقامةَ مرَّتَين مرَّتَين: الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن محمَّداً رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمَّداً رسولُ الله، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفَلاح، حيَّ على الفَلاح، الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله. وقال عبدُ الرزَّاق: "وإذا أقمتَ فقُلها مرَّتَين: قد قامتِ الصَّلاةُ، قد قامتِ الصَّلاةُ، أسمعتَ؟ " قال: فكان أبو مَحذورة لا يجُزُّ ناصِيتَه ولا يَفرُقُها لأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مسحَ عليها (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح بطرقه، وهذا إسناد ضعيف، عثمان بن السائب -وهو مولى أبي محذورة- انفرد بالرواية عنه ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- ولم يوثقه غير ابن حبان، وأبوه السائب انفرد بالرواية عنه ابنه، وقال الذهبي: لا يكاد يعرف، وأم عبد الملك انفرد بالرواية عنها عثمان بن السائب ولم يوثقها أحد. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (1779). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1609) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15376). (¬2) هذه الزيادة في رواية عبد الرزاق، وإسنادها ضعيف كما سلف. وأخرج البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 178، والطبرانى (6746)، والحاكم 3/ 514 من طريق أبى حذيفة النهدي، عن أيوب بن ثابت، عن صفية بنت بحرة -وتصحفت إلى مجزأة عند الطبراني والحاكم- قالت: كان لأبي محذورة قُصّة في مقدَّم رأسه، فإذا قعد أرسلها فتبلغ الأرض، فقالوا له: ألا تحلقها؟ فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -=

502 - حدَّثنا الحسن بن علي، حدَّثنا عفّان وسعيد بن عامر وحجّاج، -والمعنى واحد-، قالوا: حدَّثنا همّام، حدَّثنا عامر الأحولُ، حدّثني مكحول، أن ابن مُحَيريز حدّثه أن أبا مَحذورة حدّثه، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - علمه الأذانَ تسعَ عشرةَ كلمةً، والإقامة سبعَ عشرةَ كلمةً، الأذان: الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أنّ لا إله إلا الله، أشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله، أشهدُ أن محمداً رسولُ الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن محمّداً رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمّداً رسولُ الله، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفَلاح، حيَّ على الفَلاح، الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله، والإقامة: الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن محمداً رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفَلاح، حيَّ على الفَلاح، قد قامتِ الصلاة، قد قامتِ ¬

_ =مسح عليها بيده، فلم أكن لأحلقها حتَّى أموت، فلم يحلقها حتَّى مات. وأبو حذيفة النهدي سيئ الحفظ، وأيوب بن ثابت قال فيه أبو حاتم: لا يُحمد حديثه، وصفية بنت بحرة لها ذكر في "توضيح المشتبه" 367/ 1، و"تبصير المنتبه" 1/ 66، و"الإكمال" لابن ماكولا 1/ 191، ولا تعرف بجرح ولا تعديل. وأخرج الطبراني (6747) من طريق محمَّد بن عمرو بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن محيريز، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن محيريز قال: رأيت أبا محذورة وله شعر، فقلت له: ألا تأخذ هن شعرك؟ فقال: ما كنت لأحف شعراً مسح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده عليه. ومحمد بن عمرو وأبوه لم نقف لهما على ترجمة.

الصلاة، الله أكبرُ، الله أكبرُ، لاإله إلا الله. كذا في كتابه في حديث أبي مَحذورة (¬1). 503 - حدَّثنا محمَّد بن بشار، حدّثنا أبو عاصم، حدَّثنا ابن جُرَيج، أخبرني ابن عبد الملك بن أبي محذورة -يعني عبدَ العزيز-، عن ابن مُحيريز عن أبي محذورةَ قال: ألقى عل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - التَّأذينَ هو بنفسِه فقال: "قل: الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهد أنَّ محمَّداً رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله، قال: "ثمَّ ارجِع فمُدَّ من صَوتكَ: أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن محمداً رسولُ الله، أشهدُ أن محمداً رسولُ الله، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح، الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح بطرقه، وهذا إسناد حسن من أجل عامر -وهو ابن عبد الواحد- الأحول، وباقي رجاله ثقات. عفان: هو ابن مسلم، وحجاج: هو ابن المنهال، وهمام: هو ابن يحيى العوذي، وابن محيريز: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (379)، والترمذي (190)، والنسائي في "الكبرى" (1606) و (1607)، وابن ماجه (709) من طرق عن عامر الأحول، بهذا الإسناد. ورواية مسلم بتثنية التكبير في أوله، وليس فيها الإقامة، ورواية الترمذي والنسائي في الموضع الأول مختصرتان بقوله: علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة. وهو في "مسند أحمد" (15381)، و "صحيح ابن حبان" (1681). (¬2) حديث صحيح بطرقه، وهذا إسناد حسن، عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (160)، وابن ماجه (708) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. وقال عبد العزيز عند ابن ماجه: وأخبرني ذلك مَن أدرك أبا محذورة على ما أخبرني عبد الله بن محيريز.=

504 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا إبراهيمُ بن إسماعيلَ بن عبد الملك بن أبي مَحذورةَ قال: سمعتُ جدّي عبدَ الملك بن أبي محذورةَ يذكرُ أنَّه سمع أبا محذورة يقول: ألقى علىَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - الأذانَ حرفاً حرفاً: الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهدُ أن لا إله إلا الله أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله الا الله، أشهدُ أن محمداً رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمداً رسولُ الله، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح، حيَّ على الفلاح. وكان يقول: في الفجر: الصَّلاة خير من النَّوم (¬1). ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (15381). وأخرجه الترمذي (189)، والنسائي في "المجتبى" (629) من طريق إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبيه وجده، عن أبي محذورة. وقال الترمذي: حديث أبي محذورة في الأذان حديث صحيح، وقد روي عنه من غير وجه، وعليه العمل بمكة، وهو قول الشافعي. (¬1) حديث صحيح بطرقه، وهذا إسناد ضعيف لجهالة إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك، فقد تفرد بالرواية عنه عبد الله بن محمَّد النفيلي، ولم يوثقه أحد. وأخرج النسائي في "الكبرى" (1623) و (1624) من طريق سفيان الثوري، عن أبي جعفر الفراء، عن أبي سلمان، عن أبي محذورة قال: كنت أؤذن للنبي - صلى الله عليه وسلم - في أذان الفجر الأول: حي على الصلاة، حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. وهو في "مسند أحمد" (15378)، وأبو سلمان المؤذن لم يذكروا في الرواة عنه غير اثنين، ولم يوثقه أحد. وانظر أحاديث الباب السالفة قبله.

505 - حدَّثنا محمَّد بن داود الإسكَندرانيُّ، حدَّثنا زياد -يعني ابنَ يونس-، عن نافع بن عمر -يعني الجُمَحي-، عن عبد الملك بن أبي محذورةَ، أخبره عن عبد الله بن مُحيريزٍ الجُمَحي عن أبي محذورة: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - علّمه الأذان، يقول: الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله. ثمَّ ذكرَ مثلَ أذانِ حديث ابن جُرَيج عن عبد العزيز بن عبد الملك ومعناه (¬1). وفي حديث مالك بن دينار قال: سألتُ ابنَ أبي محذورةَ قلت: حدَّثني عن أذان أبيك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر فقال: الله أكبرُ، الله أكبرُ، قَطُّ (¬2). وكذلك حديثُ جعفر بن سليمان، عن ابن أبي محذورة، عن عمه، عن جده، إلا أنه قال: ثمَّ تَرجِعُ فترفعُ صوتَك: اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبر. 506 - حدَّثنا عمرو بن مَرزوق، أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرّة قال: سمعت ابنَ أبي ليلى (ح) وحدثنا ابنُ المثنى، حدَّثنا محمَّد بن جعفر، عن شعبة، عن عمرو بن مُرّة، قال: سمعت ابنَ أبي ليلى قال: ¬

_ (¬1) إسناده حسن، عبد الملك بن أبي محذورة روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات. وانظر أحاديث الباب السالفة قبله. (¬2) أخرجه الطبراني (6736)، والدارقطنى (948)، ولفظه عندهما: كان يبدأ فيُكبّر، ثمَّ يقول: أشهد أن لا إله إلا الله ... ، وهو لفظ مجمل في التكبير، هل هو بتثنيته أو بتربيعه.

أُحيلَت الصَّلاةُ ثلاثةَ أحوالٍ، قال: وحدّثنا أصحابُنا أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لقد أعجَبَني أن تكونَ صلاةُ المُسلمين -أو المؤمنين- واحدةً، حتَّى لقد هَمَمتُ أن أَبُتَّ رجالاً في الدُّورِ يُنادونَ الناس بحين الصلاة، وحتى هَمَمتُ أن آمُرَ رجالاً يقومون على الآطام، يُنادون المُسلمين بحين الصلاةِ حتَّى نقَسوا -أو: كادوا أن يَنقُسوا-". قال: فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسولَ الله، إني لمَّا رَجَعْتُ لِما رأيتُ من اهتمامِك، رأيتُ رجلاً كأن عليه ثوبَين أخضَرَين، فقام على المسجدِ فأذّن، ثمَّ قعدَ قَعْدةً، ثمَّ قام فقال مثلها، إلا أنه يقول: قد قامتِ الصَّلاة، ولولا أن تقول -قال ابنُ المثنّى: أن تقولوا- لقلت: إني كنتُ يقظانَ غيرَ نائمٍ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم --وقال ابنُ المثنَى-: "لقد أراكَ اللهُ خيراً -ولم يقل عمرو: لقد- فمُرْ بلالاً فليُؤذن" قال: فقال عمر: أما إني قد رأيت مثلَ الذي رأى، ولكني لمَّا سُبِقتُ استَحييتُ. قال: وحدثنا أصحابنا (¬1)، قال: كان الرجلُ إذا جاء يسألُ فيُخبَرُ بما سُبِقَ من صلاته، وإنهم قاموا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -من بين قائمٍ وراكعٍ وقاعدِ ومُصلّ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ابنُ المثنى: قال عمرو: وحدثني بها حصَين (¬2)، عن ابن أبي ليلى -حتَّى جاء معاذٌ- قال شعبة: ¬

_ (¬1) في (د): وحدثنا بعض أصحابنا. (¬2) عمرو: هو ابن مرة، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلمي. وقد فات المزي رحمه الله ذكر رواية عمرو بن مرة عن حصين بن عبد الرحمن في ترجمتيهما من "تهذيب الكمال".

وقد سمعتُها من حُصين -فقال: لا أراه على حالٍ، إلى قوله: "كذلك فافعلوا". ثمَّ رجعتُ إلى حديث عمرو بن مرزوق، قال: فجاء معاذٌ فأشاروا إليه- قال شُعبة: وهذه سمعتُها من حُصَين- قال: فقال مُعاذٌ: لا أراه على حالٍ إلا كنتُ عليها، قال: فقال: "إنَّ معاذاً قد سنَّ لكم سُنَّةً، كذلك فافعلوا". قال: وحدَّثنا أصحابنا (¬1): أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قَدِمَ المدينةَ أمرَهم بصيام ثلاثة أيَّامٍ، ثمَّ أُنزِلَ رمضانُ، وكانوا قوماً لم يتعوَّدوا الصيامَ، وكان الصيام عليهم شديداً، فكان مَن لم يَصُمْ أطعَمَ مسكيناً، فنزلت هذه الآية: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]، فكانت الرخصةُ للمريضِ والمُسافرِ، فأمِروا بالصيام. قال: وحدَّثنا أصحابُنا قال: وكان الرجلُ إذا أفطَرَ فنامَ قبل أن يأكُلَ لم يأكُلْ حتَّى يُصبِحَ، قال: فجاء عُمر فأراد امرأتَه، فقالت: إني قد نمتُ، فظن أنها تعتلُّ فأتاها، فجاء رجلٌ من الأنصار، فأراد الطعامَ فقالوا: حتَّى نُسخِّنَ لك شيئاً، فنام، فلمَّا أصبحوا نزَلَت عليه هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] (¬2). ¬

_ (¬1) في (د): وحدثنا بعض أصحابنا. (¬2) حديث صحيح رجاله ثقات. وقوله: حدَّثنا أصحابنا، قال الزيلعي في "نصب الراية" 1/ 267: أراد به الصحابة صرح بذلك ابن أبي شيبة في "مصنفه" 1/ 203 فقال: حدَّثنا وكيع، حدَّثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: حدَّثنا أصحاب محمَّد -صلى الله عليه وسلم -,=

507 - حدَّثنا محمَّد بن المثنى، عن أبي داود (ح) وحدثنا نصر بن المُهاجِر، حدَّثنا يزيد بن هارون، عن المسعودي، عن عمرو بن مُرَّة، عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل، قال: أُحيلَت الصلاةُ ثلاثةَ أحوالٍ، وأُحيلَ الصيامُ ثلاثةَ أحوالٍ، وساق نصر الحديثَ بطوله، واقتصَّ ابن المثنَّى منه قصَّةَ صلاتهم نحوَ بيت المَقدِسِ قطُّ، قال: الحالُ الثالث: أنَّ ¬

_ = وقال ابن دقيق العيد في "الإمام" فيما نقله عنه الزيلعى: وهذا رجاله رجال "الصحيحين" وهو متصل على مذهب الجماعة في عدالة الصحابة وأن جهالة أسمائهم لا تضر، وقال ابن حزم في "المحلى" 3/ 158: وهذا إسناد في غاية الصحة من إسناد الكوفيين. وأخرجه مختصراً الترمذي (597) من طريق حجاج بن أرطاة، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يريم عن على. وعن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، عن معاذ، قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام" وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعلم أحداً أسنده إلا ما روي من هذا الوجه. قلنا: وحجاج مدلس، وابن أبي ليلى لم يسمع من معاذ. وعلقه البخاري في كتاب الصيام من "صحيحه" باب {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} [البقرة: 184] قبل الحديث (1949)، ووصله البيهقي 4/ 200، وابن حجر في "تغليق التعليق" 185/ 3 من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبى ليلى قال: حدَّثنا أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم -: نزل رمضان فشق عليهم، فكان من أطعم كل يوم مسكيناً ترك الصوم من يطيقه ورُخص لهم في ذلك، فنسختها {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] فأُمروا بالصوم. وانظر ما بعده. وقد سلف حديث عبد الله بن زيد في الأذان بإسناد حسن برقم (499)، وفيه إفراد الإقامة. ولحديث ابن أبي ليلى في تثنية الإقامة شواهد انظرها في "مسند أحمد" (22027) و (22124).

رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -قَدِمَ المدينة فصلَّى -يعني نحوَ بيتِ المَقدِس- ثلاثة عشر شهراً، فأنزلَ الله هذه الآية: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] فوجَّهَه اللهُ عزَّ وجل إلى الكعبة. وتمَّ حديثُه. وسمّى نصر صاحبَ الرُؤيا قال: فجاء عبدُ الله بنُ زيد رجل من الأنصار، وقال فيه: فاستقبَلَ القِبلةَ، قال: الله أكبرُ، الله أكبرُ، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن لا إله إلا الله، أشهدُ أن محمَّداً رسولُ الله، أشهدُ أنَّ محمَّداً رسولُ الله، حي على الصلاة -مرّتين-، حيَّ على الفلاح -مرّتين-، الله أكبرُ، الله أكبرُ، لا إله إلا الله. ثمَّ أمهَلَ هُنيّةً، ثمَّ قام فقال مِثلَها، إلا أنه قال: زادَ بعدما قال: حيَّ على الفلاح: قد قامتِ الصلاةُ، قد قامتِ الصلاةُ. قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقِّنْها بلالاً" فأذّن بها بلال. وقال في الصوم: قال: فإنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصومُ ثلاثةَ أيَّامٍ من كل شهرٍ، ويصومُ يومَ عاشوراء، فأنزلَ الله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:183 - 184]، فكان مَن شاء أن يصومَ صام، ومن شاء أن يُفطَر ويُطعِمَ كل يوم مسكيناً أجزأه ذلك، فهذا حَوْلٌ، فأنزل الله: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] فثبتَ الصيامُ على مَن شَهِدَ الشهرَ، وعلى المُسافِرِ أن يقضيَ، وثبت الطعامُ للشيخ

29 - باب في الإقامة

الكبير والعَجوزِ اللَّذين لا يستطيعان الصومَ، وجاء صِرمةُ وقد عملَ يومَه. وساق الحديث (¬1). 29 - باب في الإقامة 508 - حدَّثنا سليمانُ بن حرب وعبد الرحمن بن المبارك، قالا: حدَّثنا حمّاد، عن سِماك بن عطيَّة (ح) وحدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا وُهيَب، جميعاً عن أيوب، عن أبي قِلابة عن أنس قال: أُمِرَ بلالٌ أن يَشفَعَ الأذانَ ويُوترَ الإقامةَ. زاد حمّادٌ في حديثه: إلا الإقامة (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح بشاهده السالف وهذا إسناد ضعيف. المسعودي -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة- كان قد اختلط، وأبو داود -وهو سليمان بن داود الطيالسي- ويزيد بن هارون رويا عنه بعد الاختلاط، وابن أبي ليلى لم يسمع من معاذ، وقد اختلف عليه في إسناده أيضاً. وهو في "مسند الطيالسي" (566)، ومن طريقه أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (478). وأخرجه بطوله أحمد (22124)، والشاشي (1362) و (1363)، والطبرانى 20/ (270) من طرق عن المسعودي، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً الترمذي (192) من طريق محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد الله بن زيد قال: كان أذان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شفعاً شفعاً في الأذان والإقامة. وابن أبي ليلى (محمَّد) سيئ الحفظ، وعبد الرحمن لم يسمع من عبد الله بن زيد. وانظر تمام الكلام عليه في "مسند أحمد" (22124). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، ووهيب: هو ابن خالد، وأيوب: هو ابن أبى تميمة السختيانى، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي.=

509 - حدَّثنا حُميد بن مَسعَدة، حدَّثنا إسماعيل، عن خالد الحذاء، عن أبي قِلابة، عن أنسِ مثلَ حديث وُهَيب، قال إسماعيل: فحدَّثتُ به أيوبَ، فقال: إلا الإقامة (¬1). 510 - حدَّثنا محمَّد بن بشَّار، حدَّثنا محمَّد بن جعفر، حدَّثنا شعبة، قال: سمعتُ أبا جعفر يُحدّث عن مُسلم أبي المثنَّى عن ابن عمر قال: إنّما كان الأذانُ على عَهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّتين مرتين، والإقامةُ مرَّةَ مرَّةَ، غير أنه يقول: قد قامت الصلاةُ، قد قامت الصلاةُ، فإذا سمعنا الإقامةَ توضأنا ثمَّ خرجنا إلى الصلاة (¬2). ¬

_ =وأخرجه البخاري (605) عن سليمان بن حرب، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (378) (5)، والنسائي فى "الكبرى" (1604) من طريقين عن أيوب، به. وهو في "مسند أحمد" (12001)، و"صحيح ابن حبان" (1675). وانظر ما بعده. قوله: "إلا الإقامة" أي: لفظ الإقامة، وهي قوله: قد قامت الصلاة، فإنه لا يوترها بل يشفعها. (¬1) إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن إبراهيم المعروف بابن علية، وخالد الحذّاء: هو ابن مهران. وأخرجه البخاري (603)، ومسلم (378)، والترمذي (191) من طرق عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12971)، و"صحيح ابن حبان" (1676). وانظر ما قبله. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، أبو جعفر -وهو محمَّد بن إبراهيم بن مسلم القرشي الكوفي- قال ابن معين والدارقطني: لا بأس به. وباقي رجاله ثقات. مسلم أبو المثنى: هو ابن المثنى -ويقال: ابن مهران بن المثنى- الكوفي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1605) و (1644) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد.=

30 - باب الرجل يؤذن ويقيم آخر

قال شُعبة: لم أسمع من أبي جعفر غير هذا الحديث. 511 - حدَّثنا محمَّد بن يحيى بن فارس، حدَّثنا أبو عامر -يعنى عبدَ الملك ابنَ عمرو-، حدَّثنا شعبة، عن أبي جعفر مُؤذنِ مسجدِ العُريان قال: سمعتُ أبا المثنى مُؤذنَ مسجدِ الأكبرِ يقول: سمعتُ ابنَ عمر، وساقَ الحديث (¬1). 30 - باب الرجل يؤذن ويقيم آخر 512 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا حمّاد بن خالد، حدَّثنا محمَّد بن عمرو، عن محمَّد بن عبد الله، عن عمّه عبد الله بن زيد، قال: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأذانِ أشياءَ لم يَصنع منها شيئاً، قال: فأرِيَ عبدُ الله بن زيد الأذانَ في المنام، فأتَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: "أَلقِهِ على بلال" فألقاه عليه، فأذنَ بلال، فقال عبدُ الله: أنا رأيتُه، وأنا كنتُ أُريدُه، قال: "فأقِمْ أنتَ" (¬2). ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (5569) وفيه تمام الكلام عليه، و"صحيح ابن حبان" (1677). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة محمَّد بن عمرو، فقد روى عنه اثنان فقط هما حماد ابن خالد وعبد الرحمن بن مهدي، ولم يوثقه أحد، وقال الذهبي في "الميزان": لا يكاد يعرف. وقد اختلف في إسناد هذا الحديث كما سيأتي في التخريج. وأخرجه الدارقطني (962) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن شاهين في "الناسخ والمنسوخ" (174) من طريق حماد بن خالد، عن محمَّد بن عمرو، عن عبد الله بن محمَّد بن زيد، عن عمه عبد الله بن زيد. وهكذا رواه ابن مهدي عن محمَّد بن عمرو.=

513 - حدَّثنا عُبيدُ الله بن عمر القواريريُّ، حدَّثنا عبد الرحمن بن مَهدي، حدَّثنا محمَّد بن عمرو، قال: سمعتُ عبدَ الله بن محمَّد، قال: كان جدّي عبدُ الله ابنُ زيد، بهذا الخبر، قال: فأقامَ جدّي (¬1). 514 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، حدَّثنا عبد الله بن عمر بن غانم، عن عبد الرحمن بن زياد -يعني الإفريقى-، أنه سمع زيادَ بن نُعيم الحضرميَ أنَّه سمع زيادَ بن الحارث الصُّدَائي، قال: لمّا كان أوّلُ أذان الصُّبحِ أمرني -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -- فأذّنتُ، فجعلتُ أقول: أُقيمُ يا رسولَ الله؟ فجعل ينظرُ إلى ناحية المَشرِقِ إلى الفجر، فيقول: "لا", حتَّى إذا طلعَ الفجرُ نزلَ فبرزَ، ثمَّ انصرفَ إليَّ وقد تلاحَقَ أصحابُه -يعني ¬

_ =وأخرجه الطيالسي (1103)، وأحمد (16476)، وابن شاهين (172) و (173)، والبيهقي 1/ 399 من طرق عن أبي سهل محمَّد بن عمرو الواقفي، عن عبد الله بن محمَّد ابن زيد، عن عمه. والواقفي ضعيف. ووقع في رواية ابن شاهين الأولى تحريف نبهنا عليه في "المسند". وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 183/ 5 من طريق معن بن عيسى، عن محمَّد بن عمرو الواقفي، عن محمَّد بن سيرين، عن محمَّد بن عبد الله بن زيد قال: أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأذان شيئاً، فجاء عمي ... فذكر نحوه. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 183، والطحاوي 1/ 142، والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 296، والدارقطنى (943)، وابن شاهين (175)، والحازمي في "الاعتبار" ص 65 من طريق أبي العميس، عن عبد الله بن محمَّد بن زيد، عن أبيه، عن جده. وقال البخاري: فيه نظر، لأنه يذكر سماع بعضهم من بعض. وسيأتي بعده. وانظر ما سلف برقم (499). (¬1) إسناده ضعيف كسابقه.

31 - باب رفع الصوت بالأذان

فتوضَّأ- فأراد بلال أن يقيمَ، فقال له نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أخا صُداءٍ هو أَذَّنَ ومَن أذَّنَ فهو يقيمُ"، قال: فأقمتُ (¬1). 31 - باب رفع الصوت بالأذان 515 - حدَّثنا حفص بن عمر النَّمَريُّ، حدَّثنا شعبة، عن موسى بن أبي عثمان، عن أبي يحيى عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "المُؤذنُ يُغفَرُ له مَدى صوته، ويَشهَدُ له كل رَطْبٍ ويابس، وشاهدُ الصلاةِ يكتَبُ له خمسٌ وعشرون صلاةً، ويكفَّرُ عنه ما بينهما" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد الإفريقي. وحديثه هذا أحد الأحاديث الستة التي أنكر سفيان الثوري على الإفريقي رفعها -كما في ترجمة الإفريقي من" تهذيب التهذيب"-, قال سفيان: جاءنا عبد الرحمن بستة أحاديث يرفعها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لم أسمع أحداً من أهل العلم يرفعها ... وذكرها. وأخرجه الترمذي (197)، وابن ماجه (717) من طريق عبد الرحمن الإفريقي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17537). وفي الباب عن ابن عمر عند عبد بن حميد (811)، والبيهقي 1/ 399، وإسناده ضعيف. وعن ابن عباس عند ابن عدي في "الكامل" 6/ 2173، وإسناده ضعيف أيضاً. قال الحازمي في "الاعتبار" ص 66: اتفق أهل العلم في الرجل يؤذن ويقيم غيره على أن ذلك جائز، واختلفوا في الأولوية، فذهب أكثرهم إلى أنه لا فرق، وأن الأمر متسع، وممن رأى ذلك مالك وكثر أهل الحجاز وأبو حنيفة وأكثر أهل الكوفة وأبو ثور. واستحب سفيان الثوري وأحمد والشافعي في رواية الربيع عنه أن يقيم الذي أذَّن. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناده جيد، موسى بن أبي عثمان روى عنه جمع، وقال الثورى: نِعمَ الشيخ كان، وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأبو يحيي: هو المكي كما قال المصنف في "سؤالات الآجري" له، وهو نفسه مولى=

516 - حدَّثنا القَعنَبيُّ، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا نُودِيَ بالصلاة أدبَرَ الشَيطانُ، وله ضُراطٌ حئى لا يسمعَ التَّأذينَ، فإذا قُضِيَ النداءُ أقبَلَ، حئى إذا ثُوِّبَ بالصلاة أدبَرَ، حتَّى إذا قُضِيَ التثويبُ أقبَلَ، حتَّى يَخطُرَ بين المرء ونفسِه، ويقول: اذكُر كذا، اذكُر كذا، لِمَا لم يكن يذكُرُ، حتَّى يَظَل الرجلُ إنْ يدري كم صلَّى" (¬1). ¬

_ = آل جعدة كما في رواية يحيى القطان عن شعبة، وكما بيّناه في "المسند" (9542)، وقد روى عنه اثنان، ووثقه ابن معين، وأخرج له مسلم حديثاً واحداً متابعة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1621)، وابن ماجه (724) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9542)، و"صحيح ابن حبان" (1666). وأخرجه أحمد (7611) من طريق عباد بن أنيس، عن أبي هريرة. وإسناده محتمل للتحسين. وفى الباب عن ابن عمر عند أحمد (6201)، وانظر تتمة شواهده هناك. (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وهو في "موطأ مالك" 1/ 69 - 70، ومن طريق مالك أخرجه البخاري (608)، والنسائي فى "الكبرى" (1646). وأخرجه البخاري (1222)، ومسلم (389) (19) وبإثر الحديث (569) / (84) من طرق عن الأعرج، به. وهو في "مسند أحمد" (9931)، و"صحيح ابن حبان" (1754). وأخرجه بنحوه مسلم (389) (16) و (17) و (18) من طريق أبي صالح السمان، و (20) من طريق همام بن منبه، كلاهما عن أبي هريرة. وستأتي القطعة الثانية منه من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة بالأرقام (1030) و (1031) و (1032).=

32 - باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت

32 - باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت 517 - حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن حنبل, حدَّثنا محمَّد بن فُضيل، حدَّثنا الأعمش، عن رجل، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الإمامُ ضامِنٌ، والمُؤذنُ مُؤتَمَن، اللهمَ أَرشِدِ الأئمةَ، واغفِر للمؤذِّنين" (¬1). ¬

_ =قوله: "ثُوِّب بالصلاة" أي: أُقيمت، قال الخطابي في "معالم السنن": معنى التثويب الإعلام بالشئ والإنذار به، وإنما سميت الإقامة تثويباً لأنها إعلام بإقامة الصلاة، والأذان إعلام بوقتها. قوله: "حتَّى يخطِر بين المرء ونفسه": قال القاضي عياض في "مشارق الأنوار" 1/ 234: بكسر الطاء، كذا ضبطناه عن متقنيهم، وسمعناه من أكثرهم: "يخطُر" بالضم، والكسر هو الوجه عند بعضهم في هذا، يعني: يوسوس، وأما على الرفع: فمن السلوك والمرور، أي: حتَّى يدنو ويمر بين المرء ونفسه ويحول بينه وبين ذكر ما هو فيه. و"إن" نافيه بمعنى: ما. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الرجل الذي روى عنه الأعمش، لأنه قد رواه جماعة عن الأعمش، فقالوا: الأعمش عن أبي صالح، لم يذكروا الرجل المبهم، ورواه ابن نمير -كما سيأتي بعده- عن الأعمش قال: نبئتُ عن أبي صالح، ولا أرانى إلا قد سمعتُه منه، ورواه إبراهيم بن حميد الرؤاسي -فيما ذكر الدارقطني في "العلل" 3/ ورقة 160، وهو ثقة- عن الأعمش عن رجل، وقال: قال الأعمش: وقد سمعته من أبي صالح، ورواه هشيم عند الطحاوي في "شرح المشكل" (2187) عن الأعمش قال: حدَّثنا أبو صالح. فالإسناد صحيح على هذا، فالأعمش سمع هذا الحديث من رجل عن أبي صالح، ثمَّ سمعه من أبي صالح نفسه وهو مشهور بالرواية عنه، فرواه بالوجهين جميعاً. والأعمش لم ينفرد به عن أبي صالح، فقد تابعه في "المسند" (9428) سهيل بن أبي صالح عنه وصححه ابن حبان (1672) وتابعه أبو إسحاق السبيعي عن أبي صالح عند أحمد (8909).=

33 - باب الأذان فوق المنارة

518 - حدَّثنا الحسن بن عليّ، حدَّثنا ابن نُمير، عن الأعمش، قال: نُبِّئتُ عن أبي صالح -قال: ولا أُراني إلا قد سمعتُه منه- عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، مثله (¬1). 33 - باب الأذان فوق المنارة 519 - حدَّثنا أحمد بن محمَّد بن أيوب، حدَّثنا إبراهيم بن سعد، عن محمَّد بن إسحاق، عن محمَّد بن جعفر بن الزُّبير، عن عُروة بن الزُّبير عن امرأةٍ من بني النجَّار قالت: كان بيتي من أطولِ بيتٍ حولَ المَسجدِ، فكان بلال يُؤذنُ عليه الفجرَ، فيأتي بسَحَرٍ فيجلسُ على البيتِ ينظُرُ إلى الفجر، فإذا رآه تمطَّى، ثمَّ قال: اللهم إنِّي أحمَدُكَ ¬

_ =وأخرجه الترمذي (205) من طريق أبي الأحوص وأبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، به. وهو في "مسند أحمد" (7169)، و"شرح مشكل الآثار" (2186 - 2193). وانظر ما بعده. قوله: "الإمام ضامن" قال الخطابي في "معالم السنن" 1/ 156: قال أهل اللغة: الضامن فى كلام العرب معناه: الراعي، والضمان معناه: الرعاية، والإمام ضامن: بمعنى أنه يحفظ الصلاة وعدد الركعات على القوم. وقيل: معناه: ضامن الدعاء يعمُّهم به، ولا يختص بذلك دونهم، وليس الضمان الذي يوجب الغرامة من هذا في شيء. وقد تأوله قوم على معنى أنه يتحمل القراءة عنهم في بعض الأحوال، وكذلك يتحمل القيام أيضاً إذا أدركه راكعاً. وقوله: "والمؤذن مؤتمن" أي: أنه أمين للقوم على مواقيت صلاتهم وصيامهم. وقوله: "أرشِد الأئمة" أي: وفِّقهم لأداء ما هو عليهم من العهدة. (¬1) حديث صحيح، وقد سلف الكلام على إسناده فيما قبله. وهو في "مسند أحمد" (8970) من طريق عبد الله بن نمير.

34 - باب المؤذن يستدير في أذانه

وأستعينُكَ على قُريشٍ أن يقيموا دِينَكَ، قالت: ثمَّ يُؤَذن، قالت: والله ما عَلِمتُه كان تركها ليلةً واحدةً: هذه الكلمات (¬1). 34 - باب المؤذن يستدير في أذانه 520 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا قيس -يعني ابنَ الربيع- (ح) وحدثنا محمَّد بن سليمان الأنباري، حدَّثنا وكيع، عن سفيان، جميعاً عن عون بن أبي جُحَيفة عن أبيه، قال: أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بمكة وهو في قُبه حمراءَ من أَدَمٍ، فخرجَ بلال فأذَّنَ، فكنتُ أتتبعُ فَمَهُ هاهنا وهاهنا، قال: ثمَّ خرجَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه حُلَّةٌ حمراءُ بُرود يمانيةٌ قِطريٌّ. وقال موسى: قال: رأيتُ بلالاً خرجَ إلى الأبطَحِ، فأذَّنَ، فلمَّا بلغ: "حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح" لَوَى عُنُقَه يميناً وشمالاً، ولم يَستَدِر، ثمَّ دخلَ فأخرجَ العَنزةَ. وساقَ حديثه (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن، محمَّد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث كما في "السيرة النبوية" لابن هشام 2/ 156. وأخرجه البيهقي 1/ 425 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وفي باب الأذان على المنارة عن أبى برزة الأسلمي عند أبي الشيخ في "الأذان" -كما في"نصب الراية" 1/ 293 - بلفظ: من السنة الأذان في المنارة، والإقامة في المسجد. وفي إسناده سعيد بن إياس الجريري، وكان قد اختلط، ولم يذكر الزيلعي الراوي عنه. وعن ابن عمر -عند أبي الشيخ أيضاً- قال: كان ابن أم مكتوم يؤذن فوق البيت. وانظر حديث ابن أبي ليلى السالف برقم (506)، وفيه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتَّى هممت أن آمُرَ رجالاً يقومون على الآطام ينادون المسلمين بحين الصلاة" والآطام: جمع أُطُم، وهو البناء المرتفع. (¬2) إسناده الثانى صحيح، أما إسناده الأول، ففيه قيس بن الربيع، وفيه كلام من جهة حفظه، وفي ثبوت قوله: "ولم يستدر" خلاف، ففي رواية حجاج بن أرطاة عن=

35 - باب في الدعاء بين الأذان والإقامة

35 - باب في الدعاء بين الأذان والإقامة 521 - حدَّثنا محمَّد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن زيد العَمِّيِّ، عن أبي إياس عن أنس بن مالك قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُرَدُّ الدُّعاءُ بينَ الأذانِ والإقامة" (¬1). ¬

_ = عون عند ابن ماجه (711): "فاستدار فى أذانه" وحجاج مدلس على كلام فيه، وفي رواية سفيان الثوري عند أحمد (18759)، والترمذي (195): "رأيت بلالاً يؤذن ويدور" وصححه الترمذي، وأعله البيهقي في "السنن" 1/ 396، وابن حجر في "الفتح" 2/ 115، وقال ابن حجر: هي مدرجة في رواية سفيان عن عون. ثمَّ بيّن أن سفيان أخذ هذه اللفظة عن حجاج، ولم يسمعها من عون. وأما رواية الجماعة عن سفيان: "كنت أتتبع فمه ها هنا وها هنا". قال الحافظ: ويُمكن الجمع بأن من أثبت الاستدارة على استدارة الرأس، ومن نفاها على استدارة الجسدِ كُلّه. وأخرجه البخاري (633) و (634)، ومسلم (503)، والترمذي (195)، والنسائي في "الكبرى" (135) و (850) و (1619) و (4189) و (9741)، وابن ماجه (711) من طرق عن عون، بهذا الإسناد. وعند ابن ماجه والترمذي زيادة: أن بلالاً جعل أصبعيه في أذنيه. وهو في "مسند أحمد" (18759)، و"صحيح ابن حبان" (2382). قوله: قِطْري، قال ابن الأثير في "النهاية": هو ضرب من البرود فيه حمرة، ولها أعلام فيها بعض الخشونة، وقيل: هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين. وقال الأزهري: في أعراض البحرين قرية يقال لها: قطر. وأحسب الثياب القطرية نُسبت إليها، فكسروا القاف للنسبة وخففوا. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف زيد العمي: وهر ابن الحواري. سفيان: هو الثوري، وأبو إياس: هو معاوية بن قرة. وأخرجه الترمذي (210) و (3911) و (3912)، والنسائي في "الكبرى" (9813) و (9814) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وقال الترمذى: حديث حسن. وأخرجه النسائي (9815) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، به موقوفاً. وأخرجه أيضاً (9816) من طريق قتادة، عن أنس موقوفاً. وإسناده صحيح.=

36 - باب ما يقول إذا سمع المؤذن

36 - باب ما يقول إذا سمع المؤذن 522 - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمة القَعنَبيُّ، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخُدْري، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سمعتُم النداءَ فقولوا مِثلَ ما يقولُ المُؤذنُ" (¬1). 523 - حدَّثنا محمَّد بن سلمة، حدَّثنا ابن وَهْب، عن ابن لَهيعةَ وحَيْوةَ وسعيد بن أبي أيوب، عن كعب بن علقمةَ، عن عبد الرحمن بن جُبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سمعتُم المُؤذنَ فقولوا مِثلَ ما يقولُ، ثمَّ صلُّوا عليّ، فإنه مَن صلَّى ¬

_ =وأخرجه النسائي أيضاً (9812) من طريق بريد بن أبي مريم، عن أنس مرفوعاً. وإسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" (12200) و (12584). وفي الباب عن عبد الله بن عمرو سيأتي برقم (524). وعن سهل بن سعد سيأتي برقم (2540). (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 1/ 67، ومن طريقه أخرجه البخاري (611)، ومسلم (383)، والترمذي (206)، والنسائي في "الكبرى" (1649)، وابن ماجه (720). وقال الترمذي: وهكذا روى معمر وغير واحد عن الزُّهريّ مثل حديث مالك. وهو في "مسند أحمد" (11020)، و"صحيح ابن حبان" (1686). ورواه عبد الرحمن بن إسحاق -ويسمى عباد بن إسحاق أيضاً- عند النسائي في "الكبرى" (9779)، وابن ماجه (718) عن الزُّهريّ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وقال الترمذي: رواية مالك أصح. وأخرج النسائي في "الكبرى" (1653) من طريق النضر بن سفيان، عن أبي هريرة قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقام بلال، فنادى، فلما سكت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قال مثل ما قال هذا يقيناً دخل الجنة"، وهو في "مسند أحمد" (8624)، وإسناده محتمل للتحسين.

عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشراً، ثمَّ سَلوا الله ليَ الوسيلةَ، فإنها مَنزلةٌ في الجنَّةِ لا تنبغي إلا لِعبدٍ من عبادِ اللهِ، وأرجو أن أكونَ أنا هو، فمَن سألَ ليَ الوسيلةَ حَلَّت عليه الشَّفاعة" (¬1). 524 - حدَّثنا ابن السَّرْح ومحمد بن سلمة، قالا: حدَّثنا ابن وَهب، عن حُييٍّ، عن أبي عبد الرحمن -يعني الحُبُليّ- عن عبد الله بن عمرو أنَّ رجلاً قال: يا رسولَ الله، إن المُؤذنينَ يَفضُلوننا، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "قُل كما يقولون، فإذا انتَهيتَ فسَلْ تُعطَه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن لهيعة -واسمه عبد الله- رواية عبد الله بن وهب عنه قوية، وقد توبع في الإسناد نفسه أيضاً. حيوة: هو ابن شريح، وعبد الرحمن بن جبير: هو المصري العامري المؤذن، وقد وقع في إسناد الحديث عند ابن حبان (1690): عبد الرحمن بن جبير بن نفير، بزيادة "بن نفير"، وهو خطأ، وفاتنا أن ننبه عليه فيه فيستدرك من هنا. وأخرجه مسلم (384) عن محمَّد بن سلمة، بهذا الإسناد، غير أنه أبهم ابن لهيعة فقال: عن حيوة وشريح وغيرهما. وأخرجه الترمذي (3943)، والنسائي في "الكبرى" (1654) من طريقين عن حيوة بن شريح، به. وهو في "مسند أحمد" (6568)، و"صحيح ابن حبان" (1690 - 1692). وقوله: "فقولوا مثل ما يقول" هذا عام مخصوص بحديث عمر الآتي (527) وبحديث معاوية عند ابن حبان (1687) وغيره: أنه يقول في الحيعلتين: لا حول ولا قوة إلا بالله، وهو قول الجمهور. وانظر "المغني" 2/ 87. والوسيلة: هي ما يتقرب به إلى الكبير، يقال: توسلت، أي: تقربت، وتطلق على المنزلة العلية، وقد فسرها - صلى الله عليه وسلم - بقوله: فإنها منزلة في الجنة ... (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف حيي، وهو ابن عبد الله المعافري. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو، وابن وهب: هو عبد الله، وأبو عبد الرحمن الحبلي: هو عبد الله بن يزيد المعافري.=

525 - حدَّثنا قُتيبة، حدَّثنا الليث، عن الحُكَيم بن عبد الله بن قيسٍ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن سعد بن أبي وقاص، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن قال حينَ يسمعُ المؤذن: وأنا أشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، رضيتُ بالله رباً، وبمحمدِ رسولاً، وبالإسلامِ ديناً، غُفِرَ له" (¬1). 526 - حدَّثنا إبراهيم بن مَهدي، حدَّثنا علي بن مُسهرٍ، عن هشام، عن أبيه عن عائشة: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سمعَ المُؤذنَ يتشهَّدُ قال: "وأنا وأنا" (¬2). ¬

_ =وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9789) عن محمَّد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6601)، و"صحيح ابن حبان" (1695). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "قل كما يقولون" سلف مطولاً قبله بإسناد صحيح. ولإجابة الدعاء بعد الأذان شاهد من حديث أنس بن مالك سلف برقم (521). (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد. وأخرجه مسلم (386)، والترمذي (208)، والنسائي في "الكبرى" (1655)، وابن ماجه (721) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1565)، و"صحيح ابن حبان" (1693). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه البيهقي 409/ 1، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 141 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 227، وابن حبان (1683)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 2/ 120، والحاكم 1/ 204، والرافعي في "أخبار قزوين" 2/ 28 من طرق عن هشام بن عروة، به. وقوله: وأنا وأنا، قال الطيبى: عطف على قول المؤذن أشهد بتقدير العامل، أي: أنا أشهد كما تشهد، والتكرير راجع إلى الشهادتين.

37 - باب ما يقول إذا سمع الإقامة

527 - حدَّثنا محمَّد بن المثنى، حدَّثني محمَّد بن جَهضَم، حدَّثنا إسماعيل ابن جعفر، عن عُمارة بن غَزِيَّة، عن خُبيب بن عبد الرحمن بن إساف، عن حفص بن عاصم بن عمر، عن أبيه عن جدِّه عمر بن الخطَّاب, أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قال المُؤذنُ: الله أكبرُ الله أكبرُ، فقال أحدُكم: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، فإذا قال: أشهدُ أن لا إله إلا الله، قال: أشهدُ أن لا إله إلا الله، فإذا قال: أشهدُ أن محمَّداً رسولُ الله، قال: أشهدُ أن محمَّداً رسولُ الله، ثمَّ قال: حيَّ على الصلاة، قال: لا حولَ ولا قوَّةَ إلا بالله، ثمَّ قال: حيّ على الفلاح، قال: لا حولَ ولا قوَةَ إلا بالله، ثمَّ قال: اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، قال: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، ثمَّ قال: لا إله إلا الله، قال: لا إله إلا الله، مِن قَلبِه دخلَ الجنَة" (¬1). 37 - باب ما يقول إذا سمع الإقامة (¬2) 528 - حدَّثنا سليمان بن داود العَتكي، حدَّثنا محمَّد بن ثابت، حدَّثني رجل من أهل الشام، عن شَهر بن حَوشَب عن أبي أمامة أو عن بعض أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ بلالاً أخذَ في الإقامة، فلمّا أن قال: قد قامت الصلاة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أقامَها اللهُ وأدامَها" وقال في سائر الإقامة كنحو حديثِ عمرَ في الأذان (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (385) من طريق محمَّد بن جهضم، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1685). (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (هـ)، ولم يرد في سائر أصولنا الخطية. (¬3) إسناده ضعيف لضعف محمَّد بن ثابت -وهو العبدي- وشهر بن حوشب،=

38 - باب الدعاء عند الأذان

38 - باب الدعاء عند الأذان 529 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا علي بن عياش، حدَّثنا شُعيب بن أبي حمزة، عن محمَّد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن قال حين يسمعُ النِّداء: اللهم رب هذه الدعوة التامةِ والصلاةِ القائمةِ، آتِ محمَّداً الوسيلةَ والفَضيلةَ، وابعَثه مقاماً محموداً الذي وَعَدته، إلا حَلّت له الشفاعةُ يومَ القيامة" (¬1). ¬

_ =ولإبهام الواسطة بينهما. وضعفه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 370، وفي "التلخيص الحبير" 1/ 211. وأخرجه البيهقي في "السنن" 1/ 411، وفي "الدعوات الكبير" (71) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (104) عن أحمد بن منيع، عن أبي الربيع الزهراني -وهو سليمان العتكي-، به. وأخرجه الطبرانى في "الدعاء" (491) من طريق وكيع، عن محمَّد بن ثابت، عن رجل من أهل الشام، عن أبي أمامة. لم يذكر فيه شهر بن حوشب. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" (14817). وأخرجه البخاري (614) و (4719)، والترمذي (209)، والنسائي في "الكبرى" (1656) و (9791)، وابن ماجه (722) من طريق علي بن عياش، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1689). وقوله: رب هذه الدعوة التامة: المراد بها دعوة التوحيد كقوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [الرعد: 14] وقيل لدعوة التوحيد: تامة، لأن الشركة نقص. أو التامة التي لا يدخلها تغيير ولا تبديل، بل هي باقية إلى يوم النشور، وقال ابن التين: وصِفَت بالتامة، لأن فيها أتمّ القول وهو "لا إله إلا الله".=

39 - باب ما يقول عند أذان المغرب

39 - باب ما يقول عند أذان المغرب (¬1) 535 - حدَّثنا مؤمَّل بن إهاب، حدَّثنا عبد الله بن الوليد العَدَني، حدَّثنا القاسم بن مَعْن، حدَّثنا المسعوديّ، عن أبي كثير مولى أم سلمة عن أمِّ سلمة قالت: علّمني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقولَ عند أذان المعْرب: "اللهمَّ هذا إقبالُ ليلِكَ، وإدبارُ نهارِكَ، وأصواتُ دُعاتِكَ، فاغفِر لي" (¬2). 40 - باب أخذ الأجر على التأذين 531 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حماد، أخبرنا سعيد الجُرَيري، عن أبي العلاء، عن مُطرف بن عبد الله عن عثمان بن أبي العاص، قال: قلت -وقال موسى في موضع آخر: إن عثمان بن أبي العاص قال-: يا رسولَ الله، اجعلني إمامَ ¬

_ =وقوله: "مقاماً محموداً" قال ابن الجوزي: والأكثر على أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة وقوله: حلت له، أي: استحقت ووجبت أو نزلت عليه، يقال: حَلَّ يَحُلُّ بضم الحاء إذا نزل، واللام بمعنى "على" ويؤيده رواية مسلم "حلت عليه". (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (هـ). (¬2) إسناده ضعيف لجهالة أبي كثير مولى أم سلمة، وباقي رجاله ثقات غير عبد الله العدنى فصدوق، حسن الحديث، والمسعودي -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة-، رواية القاسم بن معن عنه قبل الاختلاط. وأخرجه الترمذي (3906) من طريق حفصة بنت أبي كثير، عن أبيها، به. وقال الترمذي: هذا حديث غريب إنما نعرفه من هذا الوجه، وحفصة بنت أبي كثير لا نعرفها ولا أباها. قلنا: حفصة تابعها المسعودي في رواية أبي داود، فتبقى العلة في جهالة أبيها.

41 - باب في الأذان قبل دخول الوقت

قومي، قال: "أنتَ إمامُهم، واقتَدِ بأضعَفِهم، واتخِذْ مُؤَذِّناً لا يأخذُ على أذانِه أجراً" (¬1). 41 - باب في الأذان قبل دخول الوقت 532 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل وداود بن شَبيب -المعنى- قالا: حدَّثنا حماد، عن أيوب، عن نافع عن ابن عمر: أن بلالاً أذَّنَ قبلَ طُلوعِ الفجر، فأمره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، رواية حماد -وهو ابن سلمة- عن سعيد الجريري -وهو ابن إياس- قبل الاختلاط. أبو العلاء: هو يزيد بن عبد الله بن الشخير. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1648) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16271). وأخرجه مختصراً بالاقتداء بالأضعف ابن ماجه (987) من طريق سعيد بن أبي هند، عن مطرف، به. وأخرجه بنحوه دون الأمر باتخاذ المؤذن مسلم (468) من طريق موسى بن طلحة، عن عثمان بن أبي العاص. وأخرج الأمر باتخاذ المؤذن الترمذي (207)، وابن ماجه (714) من طريق الحسن البصري، عن عثمان. وعثمان بن أبي العاص هو الثقفي الطائفي أبو عبد الله صحابي شهير استعمله النبي - صلى الله عليه وسلم - على الطائف، ومات فى خلافة معاوية بالبصرة. وقوله: "واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً". قال ابن رسلان: حمله الشافعي على الكراهة، وقال ابن قدامة في "المغني": لا يجوز أخذ الأجرة عليه في ظاهر المذهب، وكرهه الأوزاعي وابن المنذر وأصحاب الرأي، ورخص مالك وبعض الشافعية، لأنه عمل معلوم يجوز أخذ الرزق عليه إجماعاً، فجاز أخذ الأجرة عليه. وانظر البحث بتوسع في "بذل المجهود" 4/ 98 - 100.

يرجعَ فيُناديَ: ألا إن العبدَ نامَ. زاد موسى: فرجع فنادى: ألا إنَّ العبدَ نام (¬1). قال أبو داود: وهذا الحديثُ لم يَروِهِ عن أيوب إلا حمّادُ بن سلمة. 533 - حدَّثنا أيوب بن منصور، حدَّثنا شُعيب بن حرب، عن عبد العزيز ابن أبي روّاد، أخبرنا نافع، عن مُؤَذّنٍ لعمر يقال له: مسروح، أذّن قبلَ الصبحِ، فأمرَه عمرُ، فذكر نحوَه (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات إلا أن حماداً -وهو ابن سلمة- أخطأ في رفعه كما قال علي ابن المديني وأحمد والذهلي والبخاري وأبو حاتم والترمذي والدارقطني، وهو ظاهر صنيع المصنف هنا، والصحيح أن هذه القصة وقعت لمؤذن عمر كما سيأتي بعده. وأخرجه عبد بن حميد (782)، والطحاوي 1/ 139، والدارقطنى (954)، والبيهقي 1/ 383 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في تعليقنا على "جامع الترمذي" بإثر الحديث (201). وانظر "العلل" لابن أبي حاتم 1/ 114، و"نصب الراية" 1/ 284 - 287، و"فتح الباري" 2/ 103. (¬2) أيوب بن منصور ضعيف يُعتبر به، وباقي رجاله ثقات، وقد اختلف في إسناده: فرواه وكيع عند ابن أبي شيبة 1/ 222 عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع: أن مؤذناً لعمر يقال له: مسروح ... فذكره. وهذا إسناد منقطع، نافع لم يدرك عمر. وهكذا رواه حماد بن زيد -فيما ذكر المصنف بعده- عن عبيد الله بن عمر العمري، عن نافع. وخالفه عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي -فيما ذكر المصنف أيضاً- فرواه عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان لعمر مؤذن ... ، فإن كان هذا محفوظاً -وهو قول المصنف- فالإسناد قوي متصل، إلا أن الدراوردي -وإن كان صدوقاً لا بأس به- في روايته عن عبيد الله بن عمر كلام، قال أحمد: ربما قلب حديث عبد الله بن عمر -وهو ضعيف- يرويها عن عبيد الله بن عمر، وقال النسائى: حديثه عن عبيد الله بن عمر منكر.

42 - باب أذان الأعمى

قال أبو داود: وقد رواه حمَّادُ بنُ زيد، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع أو غيرِه، أن مُؤذّناً لعمر يقال له: مسروح أو غيره. قال أبو داود: ورواه الدَّراوَرْديُّ، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان لعُمرَ مُؤذّن يقال له: مسعود، وذكر نحوَه. وهذا أصحُّ من ذاك. 534 - حدَّثنا زُهير بن حرب، حدَّثنا وكيع، حدَّثنا جعفر بن بُرقان، عن شدّادٍ مولى عِياض بن عامر عن بلال، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: "لا تُؤذّن حتَّى يَستبينَ لك الفَجرُ هكذا" ومدّ يَدَيهِ عَرضاً (¬1). قال أبو داود: شداد مولى عياض لم يُدرك بلالاً (¬2). 42 - باب أذان الأعمى (¬3) 535 - حدَّثنا محمَّد بن سلمة، حدَّثنا ابن وَهب، عن يحيى بن عبد الله بن سالم بن عبد الله بن عمر وسعيد بن عبد الرحمن، عن هشام بن عروة، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة شداد مولى عياض بن عامر، ثمَّ هو منقطع كما قال المصنف. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 214، والبزار (1374)، والرويانى فى "مسنده" (762)، والطبراني (1121)، والبيهقى 1/ 384 من طريق جعفر بن برقان، بهذا الإسناد. (¬2) قوله: قال أبو داود ... زيادة أثبتناها من (ج) و (هـ) إلا أنه أخرها فى (هـ) إلى ما بعد الحديث التالى. (¬3) هذا التبويب أثبتناه من (هـ).

43 - باب الخروج من المسجد بعد الأذان

عن عائشة: أنَّ ابنَ أمِّ مَكتومٍ كان مؤذناً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أعمى (¬1). 43 - باب الخروج من المسجد بعد الأذان 536 - حدَّثنا محمَّد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن إبراهيم بن المُهاجر، عن أبي الشَّعثاء، قال: كُنا مع أبي هريرة في المسجدِ فخرجَ رجل حينَ أذّنَ المُؤذن للعصرِ، فقال أبو هريرة: أما هذا فقد عصى أبا القاسم- صلى الله عليه وسلم - (¬2). 44 - باب في المؤذن ينتظر الإمام 537 - حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا شَبَابةُ، عن إسرائيل، عن سِماك عن جابر بن سَمُرة، قال: كان بلال يُؤَذِّنُ، ثمَّ يُمهِلُ، فإذا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد خرج أقامَ الصلاة (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، يحيى بن عبد الله بن سالم لا بأس به، وسعيد بن عبد الرحمن -وهو الجمحي- صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه مسلم (381) عن محمَّد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً من طريق محمَّد بن جعفر، عن هشام بن عروة، به. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل إبراهيم بن المهاجر، وقد توبع. سفيان: هو الثوري، وأبو الشعثاء: هو سُليم بن أسود. وأخرجه مسلم (655) (258)، والترمذي (202)، وابن ماجه (733) من طريق إبراهيم بن مهاجر، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (655) (259)، والنسائي في "الكبرى" (1659) و (1660) من طريقين عن أبي الشعثاء، به. وهو في "مسند أحمد" (9315)، و "صحيح ابن حبان" (2062). (¬3) إسناده حسن من أجل سماك -وهو ابن حرب-، وباقى رجاله ثقات. شبابة:=

45 - باب في التثويب

45 - باب في التثويب 538 - حدَّثنا محمَّد بن كثير، أخبرنا سفيان، حدَّثنا أبو يحيي القتَّات، عن مجاهد، قال: كنتُ مع ابن عمرَ فثوّبَ رجل في الظهرِ أو العَصرِ، قال: اخرُجْ بنا فإنّ هذه بدعه (¬1). ¬

_ = هو ابن سوار، وإسرائيل: هو ابن يونس السبيعي. وأخرجه الترمذي (200) من طريق إسرائيل، بهذا الإسناد وحسنه. وأخرجه بنحوه مسلم (606) من طريق زهير بن معاوية، عن سماك، به. وهو في "مسند أحمد" (20804). (¬1) حديث حسن، أبو يحيى القتات -وإن كان لينَ الحديث،- قد توبع. سفيان: هو الثوري، ومجاهد: هو ابن جبر المكي. وأخرجه البيهقي 1/ 424 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني (13486) من طريق محمَّد بن كثير، به. وأخرجه عبد الرزاق (1832) من طريق ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، به. وليث سيئ الحفظ. قال الترمذي في "جامعة" بإثر الحديث (196): اختلف أهلُ العلم في تفسير التثويبِ: فقال بعضُهم: التثويبُ أن يقولَ في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم"، وهو قولُ ابن المبارك وأحمد. وقال إسحاق في التثويب غيرَ هذا، قال: هو شيء أحدثه الناسُ بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذا أذّن المؤذن، فاستبطأ القوم قال بين الأذان والإقامة: "قد قامت الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح". وهذا الذي قاله إسحاق هو التثويبُ الذي كرهه أهلُ العلم، والذي أحدثوه بعدَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، والذى فسر ابن المبارك وأحمد أن التثويبَ أن يقولَ المؤذن في أذان الفجر: "الصلاة خير من النوم" هو قول صحيح يقال له: "التثويب" أيضاً، وهو الذى اختاره أهلُ العلم ورأوه. ثمَّ ذكر حديثَ ابنِ عمر هذا وقال: وإنما كره عبد الله التثويب الذي أحدثه الناسُ بعدُ.=

46 - باب في الصلاة تقام ولم يأت الإمام ينتظرونه قعودا

46 - باب في الصلاة تقام ولم يأت الإمام ينتظرونه قعوداً 539 - حدَّثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل، قالا: حدَّثنا أبان، عن يحيي، عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أُقيمت الصلاةُ فلا تقوموا حتَّى تَرَوني" (¬1). قال أبو داود: وهكذا رواه أيوب وحجّاج الصواف، عن يحيي. وهشامٌ الدَّسْتُوائى قال: كتب إليَّ يحيى (¬2). ورواه معاويةُ بن سلام وعلي بن المبارك، عن يحيى، وقالا فيه: "حتَّى تَرَوني، وعليكم السكينةُ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العطار، ويحيى: هو ابن أبي كثير. وأخرجه البخاري (637)، والنسائي في "الكبرى" (867) من طريق هشام الدستوائي، ومسلم (604)، والنسائي (867) من طريق حجاج الصواف، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وقرن حجاج الصوافُ فى إحدى روايات مسلم أبا سلمة بن عبد الرحمن بعبد الله بن أبي قتادة. وهو في "مسند أحمد" (22533) و (22596م)، و "شرح مشكل الآثار" (4197)، و"صحيح ابن حبان" (2222) تحت عنوان: ذكر الزجر عن قيام المأمومين إلى الصلاة حتَّى يروا إمامهم. وانظر الطرق الآتية بعده. (¬2) رواية أيوب -وهو ابن أبي تميمة السختيانى- عن يحيي أخرجها أبو عوانة (1336)، والطحاوي في "شرح المشكل" (4199)، والطبراني في "الأوسط" (8527)، والخطيب في "موضح الأوهام" 2/ 277 - 278. وروايتا حجاج وهشام سلف تخريجهما في التعليق السابق. (¬3) رواية معاوية بن سلام أخرجها ابن خزيمة (1644)، والطبرانى في "مسند الشاميين" (2858)، والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "فتح الباري" 2/ 121.

540 - حدَّثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا عيسى، عن مَعمَر، عن يحيى، بإسناده مثلَه، قال: "حتَّى تَرَونى قد خَرَجتُ" (¬1). قال أبو داود: لم يذكر "قد خَرَجت" إلا مَعمَر. ورواه ابنُ عُيينة، عن مَعمَر، لم يقل فيه: "قد خَرَجتُ" (¬2). 541 - حدَّثنا محمود بن خالد، حدَّثنا الوليد، قال: قال أبو عمرو وحدَّثنا داود بن رُشَيد، حدَّثنا الوليد -وهذا لفظُه- عن الأوزاعي، عن الزُّهريّ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن الصَّلاة كانت تُقامُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيأخُذُ الناسُ مَقامَهم قبلَ أن يأخُذَ النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3). ¬

_ =ورواية على بن المبارك أخرجها أحمد (22649)، والبخارى (909). ولم يسق البخارى لفظه هنا، لكنه كان قد أشار اليه بإثر الحديث (638). وتابعهما على زيادة: "وعليكم السكينة" شيبان بن عبد الرحمن النحوي عند أحمد (22649)، والبخاري (638)، ومسلم (604). (¬1) إسناده صحيح. عيسى: هو ابن يونس السبيعي، ومعمر: هو ابن راشد. وأخرجه مسلم (604) والترمذي (598)، والنسائي في "الكبرى" (1663) مِن طرق عن معمر، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان". (2223). (¬2) رواية سفيان بن عيينة أخرجها مسلم (604). (¬3) إسناده صحيح , الوليد -وهو ابن مسلم- صرح بالتحديث عند مسلم وغيره، فانتفت شهبة تدليسه، وباقي رجاله ثقات. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه بهذا اللفظ مسلم (605) (159) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وقد سلف بنحوه مطولاً برقم (235)، وخرّجناه هناك. قال العلامة الشيخ محمَّد أنور الكشميري رحمه الله في "فيض الباري" 2/ 187: يُعلم من بعض الأحاديث أنهم كانوا يقومون للصلاة بعد تمام الإقامة، ومن بعضها=

542 - حدَّثنا حسين بن معاذ، حدَّثنا عبد الأعلى، عن حُميد، قال: سألتُ ثابتاً البُنانيَّ عن الرجل يتكلمُ بعدما تُقامُ الصَّلاة فحدَّثني عن أنس قال: أُقيمَتِ الصَّلاة، فعَرَضَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -رجل فحَبَسَه بعدما أُقِيمَتِ الصلاة (¬1). ¬

_ =أنهم كانوا يقومون في خلالها، والمسألة فيه: أن الإمام إن كان خارجَ المسجد ينبغي للمقتدين أن يقوموا لتسوية الصفوف إذا دخل في المسجد، وإن كان في المسجد فالمعتبر قيامه من موضعه، وكيفما كان ليست المسألة من مسائل نفس الصلاة، بل من الآداب، فإن قام أحد قبله لا يكون عاصياً. (¬1) إسناده صحيح. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل. وقد سلف من طريق حماد بن سلمة عن ثابت برقم (201)، وسيأتي من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس برقم (544). وقوله: فحبسه بعدما أقيمت. أي: منع الرجل النبي - صلى الله عليه وسلم - من الدخول في الصلاة، لأن معناه حبسه عن الصلاة بسبب التكلم معه وكان الناس ينتظرونه. قال الحافظ في "الفتح": فى الحديث جواز مناجاة الاثنين بحضور الجماعة. وفيه جواز الفصل بين الإقامة والإحرام إذا كان لحاجة، أما إذا كان لغير حاجة، فهو مكروه. وقال في "مراقي الفلاح": ومن الأدب شروع الإمام إلى إحرامه عند قول المقيم: قد قامت الصلاة عندهما، وقال أبو يوسف: يُشرع إذا فرغ من الإقامة، فلو أخر حتَّى يفرغ من الإقامة لا بأس به في قولهم جميعاً، وقال الطحطاوي في "حاشيته على مراقي الفلاح": قوله: إذا فرغ من الإقامة، أى: بدون فصل، وبه قالت الأئمة الثلاثة، وهو أعدل المذاهب "شرح المجمع"، وهو الأصح "قهستانى" عن" الخلاصة"، وهو الحق "نهر" ... وقال الشمنى: وفى هذا رد على من قال: إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة، وجب على الإمام تكبير الإحرام. قال الطحطاوي: فحكم وجوب اتصال الإمام تكبيره بقول المؤذن: قد قامت الصلاة، ليس بمقبول عند جمهور الحنفية.

543 - حدَّثنا أحمد بن على السدوسيُّ، حدَّثنا عون بن كَهمَس، عن أبيه كَهمَس، قال: قُمنا إلى الصَّلاة بمِنًى والإمامُ لم يَخرُج، فقعدَ بعضُنا، فقال لي شيخ من أهل الكوفة: ما يُقعِدُكَ؟ قلتُ: ابنُ بُريدة، قال: هذا السُّمُودُ، فقال الشيخُ: حدَّثني عبد الرحمن بن عَوسَجة، عن البراء بن عازب قال: كُنَّا نقومُ في الصُّفوف على عهدِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طويلاً قبلَ أن يُكبِّرَ. قال: وقال: إن الله وملائكته يُصلُّونَ على الذين يَلُونَ الصفوفَ الأُوَلَ، وما من خُطوةٍ أحبُّ إلى الله من خُطوةٍ يمشيها يَصِلُ بها صفّاً (¬1). ¬

_ (¬1) ضعيف بهذا السياق لإبهام الشيخ من أهل الكوفة، وباقي رجاله ثقات غير عون بن كهمس فقد روى عنه جمع، وقال أبو داود: لم يبلغني إلا خير، وذكره ابن حبان في "الثقات", فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه البيهقي 2/ 20 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرج قوله: "إن الله وملائكته يصلون على الذين يلون الصفوف الأُول" النسائي فى "الكبرى" (887)، وابن ماجه (997) من طريقين عن طلحة بن مُصرِّف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء. وهذا إسناد صحيح. وهو في "مسند أحمد" (18516) و (18518)، و" صحيح ابن حبان" (2157)، وسيأتي برقم (664). ولقوله: "ما من خطوة ... " شاهد من حديث ابن عمر، وقد روي مرفوعاً وموقوفاً: أخرجه الطبراني في "الأوسط" (5240) من طريق ليث بن حماد، عن حماد ابن زيد، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عنه مرفوعا بلفظ: "خياركم ألينكم مناكب في الصلاة، وما من خطوة أعظم أجراً من خطوة مشاها رجل إلى فرجة في الصف". وليث بن حماد ضعيف، وابن أبي سليم سيئ الحفظ. وأخرجه عبد الرزاق (2471) عن معتمر بن سليمان، عن ليث بن أبي سليم، عن نافع، عن ابن عمر موقوفاً. قال الخطابي: السُّمود يفسَّر على وجهين: أحدهما: أن يكون بمعنى الغفلة والذهاب عن الشيء. يقال: رجل سامِد هامِد، أي: لاهٍ غافل، ومن هذا قول الله=

544 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا عبد الوارث، عن عبد العزيز بن صُهيب عن أنس قال: أُقيمَتِ الصلاة ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - نَجِيٌّ في جانب المسجدِ، فما قام إلى الصَّلاةِ حتَّى نامَ القوم (¬1). 545 - حدَّثنا عبد الله بن إسحاق الجَوهَريُّ، حدَّثنا أبو عاصم، عن ابن جُرَيج، عن موسى بن عُقبة عن سالم أبي النضر قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين تُقامُ الصلاةُ في المسجد، إذا رآهم قليلاً جلس لم يُصَلّ، وإذا رآهم جماعةً صلَّى (¬2). ¬

_ = تعالى: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: 61] أي: لاهون ساهون. وقد يكون السامد أيضاً الرافع رأسه، قال أبو عُبيد: ويقال منه: سَمَد يَسمِد ويَسمُد سُموداً، وروي عن علي أنه خرج والناس ينتظرونه قياماً للصلاة، فقال: مالي أراكم سامدين. وحكي عن إبراهيم النخعي أنه قال: كانوا يكرهون أن ينتظروا الإمام قياماً، ولكن قعوداً. ويقولون: ذلك السُّمود. (¬1) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري. وأخرجه البخاري (642)، ومسلم (376) (123) و (124)، والنسائي في "الكبرى" (868) من طرق عن عبد العزيز بن صهيب، به. وانظر ما سلف برقم (200) و (201). (¬2) رجاله ثقات وهو مرسل، وابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- قد صرح بالتحديث عند البيهقي 2/ 20، وقوله: "حين تقام الصلاة" وهم من أحد الرواة، والصواب: "حين يخرج إلى النداء"كما سيأتي في رواية البيهقي. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل. وأخرجه البيهقي 2/ 20 من طريق عبد المجيد بن عبد العزيز، عن ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة، عن سالم أبي النضر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج بعد النداء إلى المسجد، فإذا رأى أهل المسجد قليلاً جلس حتَّى يرى منهم جماعة ثمَّ يصلي، وكان إذا خرج فرأى جماعة أقام الصلاة. قال ابن جريج: وحدثني موسى بن عقبة أيضاً، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم الزرقي، عن علي بن أبي طالب مثل هذا الحديث.=

546 - حدَّثنا عبد الله بن إسحاق، أخبرنا أبو عاصم، عن ابن جُرَيج، عن موسى بن عُقبةَ، عن نافع بن جُبير، عن أبي مسعود الزُّرَقيّ، عن علي بن أبي طالب، مثل ذلك (¬1). ¬

_ =وحديث علي أخرجه الحاكم 1/ 202 من طريق الوليد بن مسلم، حدَّثنا ابن جريج، عن موسى بن عقبة، عن نافع بن جبير، عن مسعود الزرقي، عن علي، إلا أنه قال فيه: "حين تقام الصلاة". وسيأتي بعده. وفي الباب عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس نقية، والمغرب إذا وجبت، والعشاء أحياناً يؤخرها، وأحيانا يُعجل، كان إذا رآهم قد اجتمعوا عجّل، وإذا رآهم قد أبطؤوا أخَّر، والصبح كانوا -أو كان النبي - صلى الله عليه وسلم -- يصليها بغلس. أخرجه البخاري (560)، ومسلم (646). قوله: "حين تقام الصلاة" قال في "عون المعبود": الاتصال بين الإقامة والصلاة ليس من المؤكدات، بل يجوز الفصل بينهما لأمر حادث، لكن انتظار الإمام المأمومين وجلوسه في المسجد لقلة المصلين بعد إقامة الصلاة، لم يثبت إلا من هاتين الروايتين -يعني حديث سالم هذا، وحديث علي الذي بعده-، لكن الرواية الأولى مرسلة، والثانية فيها أبو مسعود الزرقي، وهو مجهول الحال، ففي قلبي من صحة هذا المتن شيء، وأظن أن الوهم قد دخل على بعض الرواة، فإنه لم يثبت من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان ينتظر بعد الإقامة، وإن صحت الرواية فيشبه أن يكون المعنى لقوله: "تقام الصلاة" أي: تُؤدى الصلاة وحان وقت أدائها، فلفظة "تقام" ليس المراد بها الإقامة المعروفة بلسان المؤذن، بل المراد بها إقامة الصلاة وأداؤها. (¬1) ابن جريج -واسمه عبد الملك بن عبد العزيز- صرح بالتحديث عند البيهقي 2/ 20، وأبو مسعود الزرقي: كذا جاء اسمه هنا، وقال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب": صوابه مسعود بن الحكم الزرقي. قلنا: وكذا رواه عن ابن جريج الوليد بن مسلم عند الحاكم 1/ 202، وعبد المجيد بن عبد العزيز عند البيهقي 2/ 20، ومسعود ابن الحكم له رؤية. وانظر ما قبله.

47 - باب التشديد في ترك الجماعة

47 - باب التشديد في ترك الجماعة 547 - حدَّثنا أحمد بن يونس، حدَّثنا زائدةُ، حدَّثنا السائب بن حُبَيش، عن مَعْدان بن أبي طلحة اليَعمَريِّ عن أبي الدرداء، قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بَدوٍ لا تُقامُ فيهمُ الصلاةُ إلا استَحوَذَ عليهمُ الشَّيطانُ، فعليك بالجماعةِ فإنَّما يأكُلُ الذِّئبُ القاصِيَةَ" (¬1). قال زائدة: قال السَّائب: يعني بالجماعة الصَّلاة في الجماعة. 548 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد هَمَمتُ أن آمُرَ بالصلاةِ فتُقامَ، ثمَّ آمُرَ رجلاً فيُصلِّيَ بالناس، ثمَّ أنطَلِقَ برجالٍ معهم حُزَمٌ من حَطَبٍ إلى قومٍ لا يَشهَدونَ الصَّلاةَ، فاُحَرِّقَ عليهم بيوتَهم بالنَّار" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل السائب بن حبيش، وباقي رجاله ثقات. زائدة: هو ابن قدامة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (922) من طريق زائدة بن قدامة، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (21710)، و"صحيح ابن حبان" (2101). وقوله: قد استحوذ، أي: استولى وغلب. واستحوذ مما شذ قياساً، وفصح استعمالاً لأنه من حقه نقلُ حركة حرف علته إلى الساكن قبلها، وقلبها ألفاً كاستقام واستبان. وقوله: يأكل الذئب القاصية، أي: الشاة البعيدة عن القطيع لبعدها عن راعيها. (¬2) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.=

549 - حدَّثنا النُّفْيليُّ، حدَّثنا أبو المَليح، حدّثني يزيد بن يزيد، حدَّثني يزيد بن الأصمّ، قال: سمعتُ أبا هريرة يقول: قال وسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد هَمَمتُ أن آمُرَ فِتيتي فيجمعوا حُزَماً من حَطَبٍ، ثمَّ آتيَ قوماً يُصلُّونَ في بُيوتهم ليست بهم عِلَّةٌ فأُحرِّقَها عليهم". قلتُ ليزيد بن الأصمِّ: يا أبا عَوفٍ، الجمعةَ عَنَى أو غيرَها؟ قال: ¬

_ =وأخرجه البخاري (657)، ومسلم (651) (252) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (644) و (2420)، ومسلم (651) (251) و (253)، والنسائي في "الكبرى" (923) من طرق عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7328) و (9486)، و"صحيح ابن حبان" (2096) و (2097). وانظر ما بعده. قال الحافظ في "الفتح" 2/ 127 بعد كلام مطول على الحديث: والذي يظهر لي أن الحديث ورد فى المنافقين، لقوله في صدر الحديث الآتي بعد أربعة أبواب "ليس صلاة أثقلَ على المنافقين من العشاء والفجر ... " ولقوله: "لو يعلم أحدهم ... " لأن هذا الوصف لائق بالمنافقن لا بالمؤمن الكامل، لكن المراد به نفاق المعصية لا نفاق الكفر بدليل قوله في رواية عجلان: "لا يشهدون العشاء في الجميع" وقوله في حديث أسامة: "لا يشهدون الجماعة" وأصرح من ذلك قوله فى رواية يؤيد بن الأصم عن أبي هريرة عند أبي داود (549): "ثمَّ آتي قوماً يُصلون في بيوتهم ليست بهم علة" فهذا يدل على أن نفاقهم نفاق معصية، لا كفر، لأن الكافر لا يصلي فى بيته إنما يصلي في المسجد رياءً وسمعة، فإذا خلا فى بيته كان كما وصفه الله به من الكفر والاستهزاء، نبَّه عليه القرطبي المحدث. وهذا الحديث يدل على وجوب الجماعة عيناً كما هو مذهب أحمد، وبالغ داود الظاهري: أنها شرط، وقال كثير من الحنفية والمالكية وهو نص الشافعي: إنها فرض كفاية. وقال الباقون: إنها سنة مؤكدة أفاد ذلك ابن رسلان.

صُمَّتا أُذُنايَ إن لم أكن سمعتُ أبا هريرة بأثُرُهُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ما ذكرَ جُمُعةً ولا غيرَها (¬1). 550 - حدَّثنا هارون بن عبَّاد الأزديُّ، حدَّثنا وكيع، عن المسعوديّ، عن علي بن الأقمر، عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال: حافِظُوا على هؤلاء الصَّلَواتِ الخمسِ حيثُ يُنادى بهن، فإنهنَّ من سُنَنِ الهُدى، وإن الله عز وجل شرعَ لنبيّه - صلى الله عليه وسلم - سُنَنَ الهُدى، ولقد رأيتُنا وما يَتَخَلَفُ عنها إلا مُنافقٌ بيِّنُ النفاق، ولقد رأيتُنا وإن الرجلَ لَيُهادى بينَ الرجلَينِ حتَّى يقامَ في الصف، وما منكم من أحدٍ إلا وله مسجدٌ في بَيتِه، ولو صلَّيتُم في بُيوتكم، وتركتُم مساجِدَكم تركتم سُنَّةَ نبيّكم، ولو تركتُم سُنةَ نبيكم كَفَرتُم (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يزيد بن يزيد -وهو الرقي-, وقد توبع. النفيلي: هو عبد الله بن محمَّد، وأبو المليح: هو الحسن بن عمر الرقي. وأخرجه مسلم (651) (253)، والترمذي (217) من طريق جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم، به. وهو في "مسند أحمد" (10101) و (10962). وانظر ما قبله. (¬2) صحيح بلفظ: "لضللتم" بدل "لكفرتم"، وهذا إسناد رجالُه ثقات، إلا أن المسعودي -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة- كان قد اختلط، وقد رواه غير وكيع عنه بلفظ "لضللتم"، وكذا رواه غير المسعودي أيضاً. أبو الأحوص: هو عوف ابن مالك الجشمي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (924) من طريق عبد الله بن المبارك، عن المسعودي، به. وقال فيه: "لضللتم". وأخرجه مسلم (654)، وابن ماجه (777) من طرق عن أبي الأحوص، به. وقالوا فيه: "لضللتم".=

551 - حدَّثنا قُتيبةُ، حدَّثنا جَرير، عن أبي جَنَابٍ، عن مَغراءَ العَبديِّ، عن عَديّ بن ثابت، عن سعيد بن جُبير. عن ابن عباس قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن سمعَ المُناديَ فلم يمنعْه من اتباعِه عُذر -قالوا: وما العُذرُ؟ قال: خوف أو مرضٌ- لم تُقبَل منه الصَّلاة التي صلَّى" (¬1). ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (3623) و (3936)، و"صحيح ابن حبان" (2100). وقوله: "ليهادى": هو بصيغة المجهول قال النووي: أي: يُمسكه رجلان من جانبيه بعضديه يعتمد عليهما. (¬1) ضعيف بهذا السياق، أبو جناب -وهو يحيى بن أبي حية الكلبي- ضعيف ومدلس، وقد اختلف عليه فى لفظه كما سيأتي في التخريج، وباقي رجاله ثقات غير مغراء العبدي، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ونُقل عن العجلي أنه قال: لا بأس به. وأخرجه الدارقطني (1557)، والبيهقي 3/ 75 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن عدي في ترجمة أبي جناب من "الكامل" 7/ 2670 - ومن طريقه البيهقي 3/ 75 عن محمَّد بن داود بن دينار، عن قتيبة بن سعيد، به. وأخرجه الحاكم 1/ 245، والبيهقي 3/ 185 من طريق قيس بن أنيف، عن قتيبة، به بلفظ: "فلا صلاة له". ولقيس بن أنيف ترجمة في "الأنساب" للسمعاني 5/ 617 (الونُوفاغي). وأخرجه الطبراني (12266) من طريق أبي معمر القطيعي، عن جرير بن عبد الحميد، به بلفظ: "فلا صلاة له". وأخرجه ابن عدي 7/ 2670، والحاكم 1/ 245 من طريق سليمان بن قرم، عن أبي جناب، عن عدي بن ثابت، به بلفظ: "فلا صلاة له". وسليمان بن قرم ضعيف، وقد أسقط من إسناده مغراء العبدي. وأخرجه ابن ماجه (793) من طريق هشيم، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، به بلفظ: "فلا صلاة له"، وهو في "صحيح ابن حبان" (2064)، ولم يصرح هشيم=

552 - حدَّثنا سليمان بن حرب، حدَّثنا حماد بن زيد، عن عاصم بن بَهْدلة، عن أبي رَزين عن ابن أمِّ مكتوم، أنه سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ الله، إني رجلٌ ضريرُ البَصَر شاسِعُ الدَّار، ولي قائد لا يُلايمُني (¬1)، فهل لي رُخصة أن أُصلّيَ في بيتي؟ قال: "هل تسمعُ النِّداء؟ "قال: نعم، قال: "لا أجِدُ لك رُخصةً" (¬2). ¬

_ =بالسماع عندهما، ورواه الحاكم 1/ 245 من طريق هشيم قال: حدَّثنا شعبة، وقد رواه غير واحد من الثقات من أصحاب شعبة فأوقفوه على ابن عباس، منهم وهب بن جرير وحفص بن عمر الحوضي وسليمان بن حرب ووكيع بن الجراح وعلي بن الجعد. انظر ابن أبي شيبة 1/ 345، و"مسند ابن الجعد" (496)، و"سنن البيهقي" 3/ 174، وصحح وقفه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 1/ 274، وأقره عليه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 96. (¬1) هكذا أثبتناه من (د) ووضع عليها إشارة "صح"، وفي سائر أصولنا الخطية: يلاومني، قال الخطابي: هكذا يروى في الحديث، والصواب: "لا يلائمني" أي: لا يوافقني ولا يساعدني، فأما الملاومة فإنها مفاعلة من اللوم، وليس هذا موضعه. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، أبو رزين -وهو مسعود بن مالك الأسدي- لم يسمع من ابن أم مكتوم فيما قال ابن معين. وأخرجه ابن ماجه (792) من طريق عاصم بن بهدلة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15490). وأخرجه أحمد (15491)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5087) من طريق عبد الله بن شداد بن الهاد، عن ابن أم مكتوم. وإسناده صحيح إن كان ابن شداد قد سمعه من ابن أم مكتوم، وجوّد الحافظ المنذري إسناده في "الترغيب والترهيب" 1/ 274. وله شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم (653). وانظر ما بعده.=

48 - باب في فضل صلاة الجماعة

553 - حدَّثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن عابسٍ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن أم مكتوم قال: يا رسولَ الله، إن المدينةَ كثيرةُ الهوامِّ والسباع، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "تَسمعُ: حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح؟ فحيّ هلا" (¬1). قال أبو داود: وكذا رواه القاسم الجَرْميُّ عن سفيان. 48 - باب في فضل صلاة الجماعة 554 - حدَّثنا حفصُ بن عمر، حدَّثنا شُعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الله ابن أبي بَصير ¬

_ =قوله: "لا أجد لك رخصة". قال الشيخ علي القاري في "المرقاة" 2/ 66: معناه: لا أجد لك رخصة تُحصلُ لك فضيلة الجماعة من غير حضورها، لا الإيجاب على الأعمى، فإنه عليه السلام قد رخص لعتبان بن مالك في تركها، وحديثه مطول في صحيح البخارى (425) في الصلاة: باب المساجد في البيوت. وقال الحافظ: ليس فيها دلالة على فرضية العين، لإجماع المسلمين على أن الجماعة تسقط بالعذر، ولحديث عتبان في "الصحيحين" أنه عليه السلام رخص لعتبان حيث شكا بصره أن يُصلي في بيته. (¬1) إسناد منقطع، عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من ابن أم مكتوم. سفيان: هو الثوري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (926) عن هارون بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (926) من طريق قاسم بن يزيد الجرمي، عن سفيان، به. وانظر ما قبله. قوله: "كثيرة الهوام" هي الدواب المؤذية من العقارب والحيات ونحوها. وقوله: "فحيَّ هلا" قال في "النهاية": هي كلمتان جعلتا كلمة واحدة، فحيَّ: بمعنى: أقبِل، وهلا: بمعنى أسرع.

عن أُبيِّ بن كعب، قال: صلَّى بنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً الصُّبحَ فقال: "أشاهِد فُلان؟ " قالوا: لا، قال: "أشاهِدٌ فُلان؟ " قالوا: لا، قال: "إنَّ هاتيَنِ الصَّلاتين أثقَلُ الصَّلَواتِ على المُنافقين، ولو تعلمون ما فيهما لأتيتُمُوهما ولو حَبْواً على الرُّكب، وإن الصفَّ الأوّلَ على مِثلِ صَفِّ الملائكة، ولو عَلِمتُم ما فضيلتُه لابتَدَرتُموهُ، وإنّ صلاةَ الرجل مع الرجل أزكى من صلاتِه وحدَه، وصلاتَه مع الرجلَين أزكى من صلاتِه مع الرجل، وما كَثُرَ فهو أحبُّ إلى الله تعالى" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن صحيح، عبد الله بن أبي بصير، وثقه العجلي وذكره ابن حبان في "الثقات" وقد تابعه أبوه أبو بصير العنبري الكوفي، وقد روى عنه ثلاثة وذكره ابن حبان فى "الثقات"، وباقي رجاله ثقات، وقال شعبة في روايته: قال أبو إسحاق: قد سمعته من عبد الله بن أبي بصير ومن أبيه، عن أبي بن كعب وقد حكم على هذا الحديث بالصحة أئمة الحديث: يحيي بن معين وعلي ابن المديني، ومحمد بن يحيي الذهلي وغيرهم كما فى المستدرك 249/ 1، ونقله عنه ابن الملقن في "البدر المنير" 4/ 383 - 384 ونقل تصحيحه أيضاً عن العقيلي، وانتهى هو إلى تصحيحه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (919) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن أبي بصير، عن أبيه -وقال أبو إسحاق: وقد سمعته منه ومن أبيه- قال: سمعت أبي بن كعب، فذكره. وهو فى "مسند أحمد" (21265)، و"صحيح ابن حبان" (2056) و (2057). ويشهد لقوله: "إن هاتين الصلاتين ... لابتدرتموه" حديث أبي هريرة عند البخاري (615) و (654) و (657)، ومسلم (437) و (439) و (651) (252). ويشهد لقوله: "وإن صلاة الرجل مع الرجل ... " حديث قُباث بن أشيم الليثي عند ابن سعد في "الطبقات" 7/ 411، والطبرانى 19/ (73) و (74)، والحاكم 3/ 625، وسنده حسن فى الشواهد. قوله: "إن هاتين الصلاتين" يعني العشاء والفجر، والحَبْوُ: الزحف والمشي على اليدين والركبتين.

49 - باب فضل المشي إلى الصلاة

555 - حدَّثنا أحمد بن حَنبَل، حدَّثنا إسحاق بن يوسف، حدَّثنا سفيان، عن أبي سَهل -يعني عثمانَ بنَ حَكيم-، حدَّثنا عبد الرحمن بن أبي عَمرة عن عثمان بن عفّان رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن صلَّى العِشاءَ في جماعةٍ كان كقيامِ نِصفِ ليلةٍ، ومَن صلَّى العِشاءَ والفَجرَ في جماعةٍ كان كقيامِ ليلةٍ" (¬1). 49 - باب فضل المشي إلى الصلاة 556 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابن أبي ذئب، عن عبد الرحمن بن مِهران، عن عبد الرحمن بن سعد عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأبعَدُ فالأبعَدُ من المسجدِ أعظمُ أجراً" (¬2). 557 - حدَّثنا عبد الله بن محمّد النفيليُّ، حدَّثنا زهير، حدَّثنا سليمان التيميُّ، أن أبا عثمان حدَّثه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" (491). وأخرجه مسلم (656)، والترمذي (219) من طريقين عن عثمان بن حكيم، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (408)، و"صحيح ابن حبان" (2058) و (2059). (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن بن مهران لم يرو عنه غير ابن أبي ذئب -واسمه محمَّد بن عبد الرحمن- وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: يُعتبر به. وباقى رجاله ثقات. يحيي: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه ابن ماجه (782) من طريق وكيع، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8618). ويشهد له الحديثان الآتيان بعده.

عن أُبيِّ بن كعب قال: كان رجلٌ لا أعلم أحداً من الناس ممَّن يُصلّي القِبلةَ من أهل المدينة أبعَدَ مَنزِلاً من المسجدِ من ذلك الرجل، وكان لا تُخطِئُه صلاة في المسجدِ، فقلتُ: لو اشتَرَيتَ حِماراً تَركَبُه في الرَّمْضاء والظلمةِ، فقال: ما أُحِبُّ أن منزلي إلى جَنبِ المسجد، فنَمَى الحديثُ إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فسأله عن قوله ذلك، فقال: أردتُ يا رسولَ الله أن يُكتَبَ لي إقبالي إلى المسجدِ ورجوعي إلى أهلي إذا رجعتُ، فقال: "أعطاكَ اللهُ ذلك كلَّه، أنطاكَ الله ما احتَسبت كلَّه أجمَعَ" (¬1). 558 - حدَّثنا أبو تَوبةَ، حدَّثنا الهيثم بن حُميد، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم أبي عد الرحمن عن أبي أُمامةَ، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن خرج من بيتِه مُتطهراً إلى صلاةٍ مكتوبةٍ فأجرُه كأجر الحاجِّ المُحرِم، ومَن خرجَ إلى تسبيح الضحى لا يُنصِبُه إلا إياه فأجرُه كأجر المُعتَمِر، وصلاةٌ على إثْرِ صلاةٍ لا لَغْوَ بينهما كتاب في عِلِّيِّينَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية، وسليمان التيمي: هو ابنُ طرخان، وأبو عثمان: هو عبد الرحمن بن ملّ النهدي. وأخرجه مسلم (663)، وابن ماجه (783) من طريقين عن أبي عثمان النهدي، به. وهو في "مسند أحمد" (21214)، و"صحيح ابن حبان" (2040). قوله: "الرمضاء" أي: شدة حر الشمس على الرمل والأرض. وقوله: "فنَمَى الحديث" بالبناء للفاعل، أي: ارتفع ووصل. وقوله: "أنطاك الله" أي: أعطاك، وهي لغة أهل اليمن فيها. (¬2) إسناده صحيح. أبو توبة: هو الربيع بن نافع، والقاسم أبو عبد الرحمن: هو ابن عبد الرحمن الدمشقي.=

559 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاةُ الرجل في جماعةٍ تزيدُ على صلاتهِ في بيتِه وصلاتِه في سُوقِه خمساً وعشرين درجةً، وذلك بأنَّ أحدَكم إذا توضّأ فأحسَنَ الوضوء, وأتى المسجدَ لا يريدُ إلا الصلاةَ، ولا يَنهَزُه -يعني إلا الصلاة- ثُمّ لم يَخطُ خُطوةً إلا رفعَ له بها درجة، أو حُطَّ بها عنه خطيئةٌ، حتَّى يدخلَ المسجدَ، فإذا دخل المسجدَ كان في صلاةٍ ما كانت الصَلاةُ هي تَحبِسُه، والملائكةُ يُصلُّونَ على أحدِكم ما دامَ في مَجلِسِه الذي صلى فيه، يقولون: اللهمَّ اغفِر له، اللهمَ ارحمه، اللهم تُب عليه، ما لم يُؤذِ فيه، أو يُحدِثْ فيه" (¬1). ¬

_ =وأخرجه أحمد (22304)، والروياني في "مسنده" (1204)، والطبراني في "الكبير" (7734) و (7741) و (7753) و (7764)، وفي "الأوسط" (3262)، وفي "مسند الشامِيين" (878)، والبيهقي 3/ 63، والبغوي في "شرح السنة" (472) من طرق عن يحيي بن الحارث، بهذا الإسناد. وقرن الطبراني في الموضع الثانى والأخير من "الكبير" بيحيي بن الحارث أبا معيد حفص بن غيلان. وأخرجه مختصراً بقوله: "صلاة على إثر صلاة ... " الطبراني في "الكبير" (7754) و (7755) من طريق يحيي بن الحارث، به. وسيأتي مختصراً بهذه القطعة عند المصنف برقم (1288). وقوله: كتاب في عِليين، أي: عمل مكتوب، قالا علي القاري: هو علم لديوان الخير الذي دون فيه أعمالُ الأبرار، قال تعالي: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} [المطففين: 18 - 21]. (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (477) و (647) و (2119)، ومسلم بإثر الحديث (661) / (272)، والنسائي في "الكبرى" (11876)، وابن ماجه (774) و (786) و (799) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد.=

560 - حدَّثنا محمّد بن عيسى، حدَّثنا أبو معاوية، عن هِلال بن ميمونِ، عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخُدْريِّ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلاةُ في جماعةٍ تَعدِلُ خمساً وعشرين صلاةً، فإذا صلاّها في فَلاةٍ، فأتمَّ رُكوعَها وسُجودها بَلَغَت خمسينَ صلاةَ" (¬1). قال أبو داود: قال عبد الواحد بن زياد في هذا الحديث: "صلاةُ الرجل في الفَلاةِ تَضاعَفُ على صلاته في الجماعة" وساق الحديث (¬2). ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (7430)، و"صحيح ابن حبان" (2043). وأخرجه مختصراً بفضل صلاة الجماعة على صلاة الفرد مسلم (649) (245) و (246)، والترمذي (214)، والنسائى في "الكبرى" (914)، وابن ماجه (787) من طريق سعيد بن المسيب، ومسلم (649) (247) من طريق سلمان الأغر، و (248) من طريق نافع بن جبير، ثلاثتهم عن أبي هريرة. وانظر ما سلف بالأرقام (469) و (470) و (471). (¬1) إسناده قوي، هلال بن ميمون -وهو الجهني، ويقال: الهذلي- وثقه ابن معين، وقال النسائى: لا بأس به، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير. وأخرجه ابن أبي شيبة 479/ 2 - 480، وعبد بن حميد (976)، وأبو يعلى (1011)، وابن حبان (1749) و (2055)، والحاكم 1/ 208، والبغوي في "شرح السنة" (788) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً بالقطعة الأولى منه ابن ماجه (788) من طريق أبي معاوية، به. وأخرجه مختصراً كذلك البخاري (646) من طريق عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد. وهو في "مسند أحمد" (11521). (¬2) قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 2/ 135 تعليقاً على رواية عبد الواحد ابن زياد هذه: كأنه أخذه من إطلاق قوله: "فإن صلاها" لتناوله الجماعة والانفراد، لكن حمله على الجماعة أولى، وهو الذي يظهر مِن السياق.

50 - باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظلم

50 - باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظُّلَم (¬1) 561 - حدَّثنا يحيى بن مَعين، حدَّثنا أبو عُبيدةَ الحدَاد، حدَّثنا إسماعيل أبو سليمان الكحَّال، عن عبد الله بن أوس عن بُريدة، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "بَشِّرِ المَشائينَ في الظُّلَمِ إلى المساجدِ بالنورِ التَّام يومَ القيامة" (¬2). 51 - باب الهدي في المشي إلى الصلاة 562 - حدَّثنا محمَّد بن سليمان الأنباريُّ، أن عبد الملك بن عمرو حدَّثهم، عن داودَ بن قيس، حدَّثني سعد بن إسحاق، حدّثني أبو ثُمامة الحناط أنَّ كعب بن عُجْرة أدركه وهو يُريدُ المسجدَ، أدرك أحدُهما صاحبَه، قال: فوجدني وأنا مُشَبَّك بيديَ، فنهاني عن ذلك وقال: إنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا توضّأ أحدُكم فأحسَنَ وضوءَه، ثمَّ خرج عامِداً إلى المسجدِ فلا يُشَبكَنَّ يَدَيهِ، فإنه في صلاةٍ" (¬3). ¬

_ (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (هـ). (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف إسماعيل -وهو ابن سليمان- الكحال، وجهالة عبد الله بن أوس. أبو عبيدة الحداد: هو عبد الواحد بن واصل. وأخرجه الترمذي (221) من طريق يحيي بن كثير العنبري، عن إسماعيل الكحال، به. وقال: حديث غريب. وله شاهد من حديث سهل بن سعد عند ابن ماجه (780)، وإسناده حسن. وآخر من حديث أنس بن مالك عند ابن ماجه أيضاً (781)، وإسناده ضعيف. وثالث من حديث أبي الدرداء عند ابن حبان (2046)، وإسناده ضعيف أيضاً. (¬3) إسناده ضعيف لجهالة حال أبي ثمامة الحناط، فلم يرو عنه سوى سعد بن إسحاق وسعيد المقبري -وقيل: أبو سعيد المقبري-, وذكره ابن حبان في "الثقات", وقال الدارقطني: لا يُعرف، يترك. وقد اختلف في إسناده كما هو مبين في التعليق على "المسند" (18103).=

563 - حدَّثنا محمَّد بن معاذ بن عبّاد العَنبَريُّ، حدَّثنا أبو عَوَانةَ، عن يعلى ابن عطاء، عن مَعبَد بن هُرمُز، عن سعيد بن المسيب، قال: حضرَ رجلاً من الأنصار الموتُ فقال: إنِّي مُحدثكم حديثاً ما أُحدّثكموهُ إلا احتِساباً، سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا توضّأ أحدُكم فأحسَنَ الوضوء ثمَّ خرج إلى الصَّلاةِ، لم يَرفَع قَدمَه اليُمنى إلا كتبَ اللهُ عزّ وجل له حسنةً، ولم يضع قَدَمَه اليُسرى إلا حطَّ اللهُ عزَّ وجلَّ عنه سيّئة، فليُقَربْ أحدُكم أو لِيُبعِدْ، فإن أتى المسجدَ فصلَّى في جماعةٍ غُفِرَ له، فإن أتى المسجدَ وقد صلّوا بعضاً وبقي بعضٌ، صلَّى ما أدرَكَ وأتمَّ ما بقي كان كذلك، فإن أتى المسجدَ وقد صلَّوا فأتمَّ الصَّلاة كان كذلك" (¬1). ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (18103)، و"صحيح ابن حبان" (2036) من طريق داود ابن قيس، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (387) من طريق الليث بن سعد، عن محمَّد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن رجل، عن كعب. وأخرجه ابن ماجه (967) من طريق أبي بكر بن عياش، عن ابن عجلان، عن المقبري، عن كعب: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً قد شبك أصابعه في الصلاة، ففرّج رسول الله بين أصابعه. وهذه الرواية شاذة بهذا اللفظ، كما بيناه في التعليق على "سنن ابن ماجه". وقد أورد البخاري في "صحيحه" تحت باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره حديث أبي موسى (481) قال الحافظ: وهو دال على جواز التشبيك مطلقاً وحديث أبي هريرة (482) وهو دال على جوازه في المسجد، وإذا جاز في المسجد، فهو في غيره أجوز. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة معبد بن هرمز، وباقي رجاله ثقات. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.

52 - باب فيمن خرج يريد الصلاة فسبق بها

52 - باب فيمن خرج يريد الصلاة فسُبق بها 564 - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمة، حدَّثنا عبد العزيز -يعني ابنَ محمَّد-, عن محمَّد -يعني ابن طَحلاءَ-، عن مُحصِنِ بن علي، عن عوف بن الحارث عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَن توضّأ فأحسَنَ وضوءَه، ثمَّ راحَ فوجد الناسَ قد صلّوا، أعطاه الله عز وجل مثلَ أجرِ مَن صلاّها وحَضَرَها، لا يَنقُصُ ذلك من أجرِهم شيئاً" (¬1). 53 - باب في خروج النساء إلى المسجد 565 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تمنعوا إماءَ الله مساجدَ الله، ولكن لِيَخرُجْنَّ وهنَّ تَفِلاتٌ" (¬2). ¬

_ =وأخرجه البيهقي 3/ 69 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وشهد لأوله حديث أبي هريرة السالف برقم (559). ويشهد لآخره حديث أبي هريرة أيضاً الآتي بعده. (¬1) إسناده حسن، مُحصِن بن علي روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يروي المراسيل. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (930) من طريق عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8947). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- وباقي رجاله ثقات. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه الشافعي في "المسند" 1/ 102، وفي "السنن المأثورة" (190)، وعبد الرزاق (5121)، وأحمد (9645) و (10144) و (10835)، والحميدي (978)،=

566 - حدَّثنا سليمان بن حرب، حدَّثنا حماد، عن أيوب، عن نافع عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا إماءَ الله مساجِدَ اللهِ" (¬1). 567 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا العوَّام بن حَوشَب، حدَّثني حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا نساكم المساجدَ، وبُيوتُهنَّ خيرٌ لهنّ" (¬2). ¬

_ =وابن أبي شيبة 2/ 383، والدارمي (1279) و (1279م)، وابن الجارود (332)، وأبو يعلى (5915) و (5933)، وابن خزيمة (1679)، وابن حبان (2214)، والبيهقي 3/ 134، والبغوي في "شرح السنة" (860) من طرق عن محمَّد بن عمرو، بهذا الإسناد. ويشهد له ما بعده. قوله: "تَفِلات" جمع تَفِلة، أي: تاركات للطّيب. (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد فيما نصَّ عليه المزي في "تحفة الأشراف" (7582)، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه البخاري (900)، ومسلم (442) (136) من طريق عُبيد الله بن عمر، عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4655) و (4932)، و"صحيح ابن حبان" (2209). وأخرجه بنحوه البخاري (865) و (873) و (875)، ومسلم (442) (134) و (135) و (137)، والنسائي في "الكبرى" (787)، وابن ماجه (16) من طريق سالم، ومسلم (442) (140) من طريق بلال، كلاهما عن أبيهما عبد الله بن عمر. وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح فقد سمع حبيب بن أبي ثابت من ابن عمر نص على ذلك يحيى بن معين في "تاريخه" برواية الدوري ص 373 قال البجلي في "ثقاته": سمع من ابن عمر غير شيءٍ ومن ابن عباس. وصححه ابن دقيق العيد في "الاقتراح" ص430.=

568 - حدَّثنا عثمان بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا جرير وأبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن مُجاهدٍ, قال: قال عبد الله بن عمر: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "ائذَنُوا للنساء إلى المساجدِ باللَّيل" فقال ابنٌ له: واللهِ لا نأذَنُ لهن فيتَخِذْنَهُ دَغَلاً، والله لا نأذَنُ لهن، قال: فسبَّه وغضبَ، وقال: أقول: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ائذَنُوا لهنَّ"، وتقولُ: لا نأذَنُ لهنَّ! (¬1). ¬

_ =وأخرجه أحمد (5468)، وابن خزيمة (1684)، والحاكم 1/ 209، والبيهقي 3/ 131، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 395 و400، والبغوي في "شرح السنة" (864) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. تنبيه: أورد الحديث بتمامه الحافظ في "الفتح" 2/ 215، ونسبه إلى مسلم، وهو سبق قلم، فإنه ليس فيه بهذه الزيادة، وقد جاء نسبته على الصواب عنده 2/ 350، فقد نسبه هنا إلى أبي داود وابن خزيمة. وقد سلف قبله من طريق نافع، وسيأتى بعده من طريق مجاهد، كلاهما عن ابن عمر دون قوله: "وبيوتهن خيرٌ لهن". ولهذه الزيادة شاهد من حديث ابن مسعود، سيأتي برقم (570). وآخر من حديث أم سلمة عند أحمد (26542) بلفظ: "خير مساجد النساء قعر بيوتهن"، وإسناده حسن في الشواهد. وثالث من حديث امرأة أبي حميد الساعدي عند أحمد (27090)، وابن حبان (2217)، وهو حديث حسن. (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومجاهد ة هو ابن جبر المكي. وأخرجه البخاري (899)، ومسلم (442) (139) من طريق عمرو بن دينار، ومسلم (442) له (138)، والترمذي (577) من طريق الأعمش، كلاهما عن مجاهد، به. وهو في "مسند أحمد" (4933) و (5021). وانظر الحديثين السالفين قبله.

54 - باب التشديد في ذلك

[54 - باب التشديد في ذلك] (¬1) 569 - حدَّثنا القَعنَبيُّ، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن عَمرةَ بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أنَّ عائشةَ زوجَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قالت: لو أدرَكَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ما أحدَثَ النِّساءُ لَمَنَعهُن المسجدَ كما مُنِعَه نساءُ بني إسرائيل. قال يحيى: فقلت لعَمرةَ: أمُنِعَه نساءُ بني إسرائيل؟ قالت: نعم (¬2). 570 - حدَّثنا ابن المُثنَّى، أن عمرو بن عاصم حدَّثهم، حدَّثنا همام، عن قتادة، عن مُورّق، عن أبي الأحوص عن عبد الله، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاةُ المرأةِ في بيتها أفضلُ من صلاتها في حُجْرَتِها، وصلاتُها في مخدَعِها أفضلُ من صلاتها في بيتها" (¬3). ¬

_ (¬1) التبويب الذي بين المعقوفين لم يرد في أصولنا الخطية، وهو في النسخة التي شرح عليها أبو الطيب العظيم آبادي في "عون المعبود" والسهارنفوري في "بذل المجهود". (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 198، ومن طريقه أخرجه البخاري (869). وأخرجه مسلم (445) من طرق عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25610). قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 2/ 350: وتمسك بعضهم بقول عائشة في منع النساء مطلقاً، وفيه نظر، إذ لا يترتب على ذلك تغير الحكم، لأنها علقته على شرط لم يوجد بناء على ظن ظنته، فقالت: لو رأى لمنع، فيقال عليه: لم ير ولم يمنع فاستمر الحكم، حتَّى إن عائشة لم تصرح بالمنع، وإن كان كلامها يشعر بأنها كانت ترى المنع، وأيضاً فقد علم الله سبحانه ما سيحدثن فما أوحى إلى نبيه بمنعهن، ولو كان ما أحدثن يستلزم منعهن من المساجد، لكان منعهن من غيرها كالأسواق أولى. (¬3) إسناده حسن من أجل عمرو بن عاصم -وهو أبو عثمان البصري- وباقي=

571 - حدَّثنا أبو مَعمَر، حدَّثنا عبد الوارث، حدَّثنا أيوب، عن نافع عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لو تَرَكْنا هذا البابَ للنِّساء" قال نافع: فلم يدخل منه ابنُ عمر حتَّى مات (¬1). قال أبو داود: رواه إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن نافع قال: قال عمر، وهذا أصحُّ (¬2). ¬

_ =رجاله ثقات. ابن المثنى: هو محمَّد، وهمام: هو ابن يحيي العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، ومورق: هو العجلي، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك. وأخرجه البزَّار (2060) و (2063)، والحاكم 1/ 209، والبيهقي 3/ 131، وابن عبد البر في "التمهيد" 398/ 23، والبغوي في "شرح السنة" (865) من طرق عن عمرو بن عاصم، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن خزيمة (1691) من طريق إبراهيم بن مسلم الهجري، عن أبي الأحوص، به بلفظ: "إن أحب صلاةٍ تُصليها المرأة إلى الله في أشد مكان في بيتها ظلمة" وإبراهيم الهجري لين الحديث. وأخرجه الطبرانى (9483) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن ابن مسعود موقوفاً. وأخرجه عبد الرزاق (5116) -ومن طريقه الطبرانى (9482) - من طريق حميد ابن هلال، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود موقوفاً عليه قال: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها فيما سواه، ثمَّ قال: إن المرأة إذا خرجت تشوّف لها الشيطان. وقوله: "إن المرأة إذا خرجت ... " أخرجه بنحوه البزَّار (2061) و (2065)، وابن خزيمة (1685) من طرق عن عمرو بن عاصم، بإسناده مرفوعاً. (¬1) رجاله ثقات، إلا أن عبد الوارث -وهو ابن سعيد العنبري- قد خولف في رفعه كما سلف بيانه برقم (462). ورجح المصنف الوقف. (¬2) إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُلية، وقد سلفت روايته موصولة برقم (463).

55 - باب السعي إلى الصلاة

55 - باب السعي إلى الصلاة 572 - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عَنبَسةُ، أخبرني يونسُ، عن ابن شِهاب، أخبرني سعيد بن المسيّب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أُقيمَتِ الصَّلاةُ فلا تأتوها تَسعَوْنَ، وأتُوها تَمشُونَ وعليكم السَّكينةُ، فما أدركتُم فصَلُّوا، وما فاتكم فأتِمُّوا" (¬1). قال أبو داود: كذا قال الزُّبيديُّ وابن أبي ذئب، وإبراهيم بن سعد، ومَعمَر، وشُعيب بن أبي حمزة، عن الزُّهري: "وما فاتكم فأتِمُّوا" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، عنبسة -وهو ابن يونس الأيلي، وإن كان ضعيفاً- قد توبع، وباقي رجاله ثقات. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو الزُّهريّ. وأخرجه البخاري (636) و (908) من طريق ابن أبي ذئب، ومسلم (602) (151)، وابن ماجه (775) من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (908) من طريق شعيب بن أبي حمزة، ومسلم (602) (151) من طريق يونس، والترمذي (327) من طريق معمر، ثلاثتهم عن الزُّهريّ، عن أبي سلمة، به. وأخرجه مسلم (602) (151)، والترمذي (329)، والنسائي في "الكبرى" (936) من طريق سفيان بن عيينة، والترمذي (328) من طريق معمر، كلاهما عن الزُّهريّ، عن سعيد، به. ورواية ابن عيينة عند النسائي بلفظ: "فاقضوا"، أما مسلم والترمذي فلم يذكرا لفظ روايته. وهو في "مسند أحمد" (7250) و (7252)، و"صحيح ابن حبان" (2145) و (2146). وأخرجه مسلم (602) (152) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب، و (153) من طريق همام بن منبه، كلاهما عن أبي هريرة. وانظر "شرح السنة" 2/ 320، و"فتح الباري" 2/ 119. (¬2) إلا أنه قد اختلف على معمر وابن أبي ذئب، فروي عنهما بلفظ: "فأتموا"، وروي عنهما بلفظ: "فأنصتوا"،كما هو مبين في التعليق على "المسند" (7662) و (7664) و (10893).

وقال ابنُ عُيينة، عن الزُّهريّ وحدَه: "فاقضُوا" (¬1). وقال محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وجعفرُ ابن ربيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة: "فأتِمُّوا" (¬2). وابنُ مسعود عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأبو قتادة وأنسٌ، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -،كلُّهم: "فأتِمُّوا" (¬3). ¬

_ (¬1) تابع ابن عيينة على هذه اللفظة معمر وابن أبى ذئب -على اختلاف عنهما كما سلف قريباً-، وسليمان بن كثير عند البخاري في "القراءة خلف الإمام" (175)، والليث بن سعد عن يونس عنده أيضاً (179)، وابن الهاد عند الطحاوي 396/ 1 خمستهم عن الزُّهريّ. ولهذا قال ابن دقيق العيد في "الإلمام" -كما في "البدر المنير" لابن الملقن 4/ 406 - : وكلاهما صحيح. تنبيه: خرّج الزيلعي رحمه الله في "نصب الراية" 2/ 200 طريقي سليمان بن كثير ويونس من "الأدب المفرد" للبخاري، وهو سبق قلم، والله أعلم. (¬2) رواية محمَّد بن عمرو أخرجها الطحاوي 1/ 396، والبيهقي 2/ 297. أما رواية جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة، فلم نقف عليها. (¬3) حديث ابن مسعود لم نقف عليه. وحديث أبي قتادة أخرجه البخاري (635)، ومسلم (603). وهو في "مسند أحمد" (22608)، و"صحيح ابن حبان" (2147). وحديث أنس أخرجه البخاري في "القراءة خلف الإمام" (167) عن عبد الله بن صالح، عن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، عن حميد الطويل، عن أنس. وعبد الله ابن صالح -وهو كاتب الليث- سيئ الحفظ. وقد أخرجه عبد الرزاق (3406)، والبخاري في "القراءة خلف الإمام" (166)، وأحمد (12034) و (13558) و (13645)، والطحاوي 1/ 397، وأبو يعلى (3814) و (3876) من طرق عن حميد، والطبراني في "الأوسط" (2697) من طريق ثابت البناني، كلاهما عن أنس. بلفظ القضاء.

573 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا شُعبةُ، عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت أبا سلمة عن أبي هريرة، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "ائتُوا الصَّلاةَ وعليكم السَّكينةُ، فصَلُّوا ما أدركتَم، واقضُوا ما سَبقكم" (¬1). قال أبو داود: وكذا قال ابنُ سيرين عن أبي هريرة: "وليَقْضِ"، وكذا قال أبو رافع عن أبىِ هريرة (¬2). وأبو ذر رُوي عنه: "فأتمُوا" و"اقضُوا"، اختُلِفَ عنه (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وسعد بن إبراهيم: هو الزُّهريّ المدني. وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (2350)، وأخرجه أحمد (8964) عن محمَّد بن جعفر، و (9011) عن بهز بن أسد، والطحاوي 396/ 1 من طريق وهب بن جرير، وابن خزيمة (1505) و (1772)، وابن عبد البر في "التمهيد"20/ 230 من طريق إبراهيم بن سعد، خمستهم عن شعبة، بهذا الإسناد. وقال وهب بن جرير وحده: "فأتموا". (¬2) رواية ابن سيرين أخرجها مسلم (602) (154). أما رواية أبي رافع -وهو نفيع الصائغ- فأخرجها أحمد (10340) من طريق قتادة عنه بلفظ: "وما فاتكم فاقضوا"، بينما أخرجها ابن خزيمة (1646) من طريق الحسن البصري عنه بلفظ: "وأتموا ما فاتكم". (¬3) حديث أبي ذر أخرجه ابن أبي شيبة 358/ 2 عن إسماعيل ابن عُلية، عن أيوب، عن عمرو بن دينار، عن أبي نضرة، عن أبي ذر قال: إذا أقيمت الصلاة فامش إليها كما كنت تمشي، فصلِّ ما أدركت واقضِ ما سبقك. وأخرجه عبد الرزاق (2402) عن معمر، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن رجل من بنى غفار، عن أبى نضرة، به، وقال: وأتمَّ ما سبقك.

56 - باب الجمع في المسجد مرتين

56 - باب الجمع في المسجد مرَّتين 574 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا وُهَيب، عن سليمانَ الأسود، عن أبي المُتوكِّل عن أبي سعيد الخُدْريِّ: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أبصَرَ رجلاً يُصَلِّي وحدَه فقال: "ألا رجلٌ يَتَصَدَّقُ على هذا فيُصلّي مَعَه" (¬1). 57 - باب فيمن صلَّى في منزله ثمَّ أدرك الجماعة يصلي معهم 575 - حدَّثنا حفص بن عمر، حدَّثنا شعبةُ، أخبرني يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيدَ بن الأسود عن أبيه: أنه صلَّى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو غُلام شاب، فلمَّا صلَّى إذا رجلان لم يُصَلِّيا في ناحيةِ المسجدِ فدعا بهما، فجيءَ بهما تُرعَدُ فرائِصُهما، فقال: "ما مَنَعَكما أن تُصَلَّيا معنا؟ " قالا: قد صلَّينا في رِحالِنا، قال: فقال: "لا تفعلوا، إذا صلَّى أحدُكم في رَحْلِهِ ثمَّ أدرَكَ الإمامَ ولم يُصَلَّ فليُصَلِّ معه، فإنها له نافِلَةٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد، وسليمان الأسود: هو أبو محمَّد الناجي، وأبو المتوكل: هو علي بن داود الناجي. وأخرجه الترمذي (218) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن سليمان الناجي، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (11019) و (11613)، و"صحيح ابن حبان" (2397 - 2399). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه الترمذي (217)، والنسائي في "الكبرى" (933) من طريق هشيم بن بشير، عن يعلى بن عطاء، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17474)، و"صحيح ابن حبان" (1564) و (1565).=

576 - حدَّثنا ابنُ معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبةُ، عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيدَ عن أبيه، قال: صَلَّيتُ مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الصُّبحَ بمنَى، بمعناه (¬1). 577 - حدَّثنا قتيبةُ، حدّثنا مَعْن بن عيسى، عن سعيد بن السائب، عن نوح ابن صَعصعة عن يزيدَ بن عامر، قال: جئتُ والنبي - صلى الله عليه وسلم - في الصَّلاة، فجلستُ ولم أدخل معهم في الصلاة، فانصَرَفَ علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فرأى يزيدَ جالساً فقال: "ألم تُسْلِم يا يزيدُ؟ " قال: بلى يا رسول الله، قد أسلمتُ، قال: "فما مَنَعَكَ أن تدخُلَ مع الناسِ في صلاتِهم؟ " قال: إنِّي كنتُ صَلَّيتُ في منزلي، وأنا أحسَبُ أنْ قد صلَّيتم، فقال: "إذا جئتَ إلى الصَّلاة فوجدتَ الناسَ فصَلّ معهم، وإن كنتَ قد صلَّيتَ تكن لك نافلةً، وهذه مكتوبة" (¬2). ¬

_ =وانظر ما بعده. قوله: "في ناحية المسجد" هو مسجد الخَيْف بمنى، كما في رواية هشيم. وقوله: "تُرعَد" أي: ترجف وتضطرب "فرائصها" جمع فريصة، وهي لحمة في الجنب ترتعد عند الفزع. (¬1) إسناده صحيح. ابن معاذ: هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف، نوح بن صعصعة لم يرو عنه غير سعيد بن السائب، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وجهله الدارقطني والذهبي، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه البيهقي 2/ 302 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 109، والطبراني 22/ (624)، والدارقطني (1080) من طرق عن معن بن عيسى، به. وقال الدارقطني -كما في "نصب الراية" 2/ 150، و"التلخيص الحبير" 2/ 30 - إنها رواية ضعيفة شاذة.

58 - باب إذا صلى ثم أدرك جماعة، يعيد؟

578 - حدَّثنا أحمد بن صالحِ، قال: قرأتُ على ابن وَهب، أخبرني عمرو، عن بُكير، أنّه سمع عَفيفَ بن عمرو بن المُسيب يقول: حدّثني رجل من أسد بن خُزيمة أنه سأل أبا أيوب الأنصاريَّ فقال: يُصلي أحدُنا في مَنزِلهِ الصَّلاةَ، ثمَّ يأتي المسجدَ وتُقامُ الصَّلاةُ، فأُصلي معهم، فأجدُ في نفسي من ذلك شيئاً؟ فقال أبو أيوب: سألْنا عن ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "فذلك له سَهمُ جَمعٍ" (¬1). 58 - باب إذا صلَّى ثمَّ أدرك جماعة، يُعيد؟ 579 - حدَّثنا أبو كامل، حدَّثنا يزيدُ بن زُرَيع، حدَّثنا حسينٌ، عن عمرو ابن شعيب، عن سليمانَ -يعني مولَى ميمونةَ- قال: أتيتُ ابنَ عمر على البَلاطِ وهم يُصلُّون، فقلت: ألا تُصلِّي معهم؟ قال: قد صلَّيتُ، إني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تُصَلوا صلاةً في يومٍ مرّتين" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لإبهام الرجل من بني أسد، وباقي رجاله ثقات. عمرو: هو ابن الحارث، وبكير: هو ابن عبد الله بن الأشج. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3998)، والمزي في ترجمة عفيف بن عمرو من "تهذيب الكمال" 20/ 183 من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 133 - ومن طريقه البيهقي 2/ 300 - عن عفيف ابن عمرو، به موقوفاً. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3997)، وفي "الأوسط" (8683) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن الليث بن سعد، عن يحيى بن أيوب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن يعقوب بن عفيف بن المسيب، أنه سأل أبا أيوب ... وعبد الله بن صالح سيئ الحفظ. (¬2) إسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب، وباقي رجاله ثقات. أبو كامل: هو فضيل بن حسين، وحسين: هو ذكوان المعلم.=

59 - باب جماع الإمامة وفضلها

59 - باب جِمَاع الإمامة (¬1) وفضلها 580 - حدَّثنا سليمان بن داود المَهريُّ، حدَّثنا ابن وَهب، أخبرني يحيى ابن أيوب، عن عبد الرحمن بن حَرملةَ، عن أبي علي الهَمدانيُّ قال: سمعت عُقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن أمَّ الناسَ فأصابَ الوقتَ فله ولهم، ومَن انتَقَصَ من ذلك شيئاً فعليه ولا عليهم" (¬2). ¬

_ =وأخرجه النسائي في "الكبرى" (935) من طريق حسين المعلم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4689)، و"صحيح ابن حبان" (2396). قال ابن عبد البر في "الاستذكار" 5/ 357 - 358: اتفق أحمد بن حنبل وإسحاق ابن راهويه على أن معنى قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصلوا صلاة في يوم مرتين" أن ذلك أن يصلي الرجل صلاة مكتوبة عليه، ثمَّ يقوم بعدَ الفراغ منها، فيعيدها على جهة الفرض أيضاً. وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها له نافلة اقتداءَ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمره بذلك، فليس ذلك ممن أعاد الصلاة في يوم مرتين، لأن الأولى فريضة، والثانية نافلة. والبَلاط: موضع بالمدينة مبلط بالحجارة بين مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وسوق المدينة. (¬1) قال في "عون المعبود" 2/ 202: في ضبطه وجهان: الأول: جِمَاع بكسر الجيم وفتح الميم المخففة، وجماع الشيء: جمعه، لأن الجماع: ما جمع عدداً، يقال: الخمر جماع الإثم، أي: مجمعه ومظنته. والثاني: جُمَّاع، بضم الجيم وتشديد الميم: وهو كل ما تجمّع وانضم بعضه إلى بعض، وجماع كل شيء: مجتمع خلقه، ولفظ "جماع" في مثل هذا المحل بمنزلة الكتاب والأبواب والفصول. (¬2) إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن حرملة، وباقى رجاله ثقات. ابن وهب: هو عبد الله، وأبو علي الهمداني: هو ثُمامة بن شُفي. وأخرجه ابن ماجه (983) من طريق عبد الرحمن بن حرملة، بهذا الإسناد. وقال فيه: "فأصاب" ولم يذكر "الوقت".=

60 - باب كراهية التدافع على الإمامة

60 - باب كراهية التدافع على (¬1) الإمامة 581 - حدَّثنا هارونُ بن عبّاد الأزديُّ، حدَّثنا مروان، حدّثتني طلحةُ أمُّ غُراب، عن عَقِيلةَ امرأةٍ من بني فزَارة مولاةٍ لهم عن سَلامةَ بنت الحُرِّ أُختِ خَرَشة بن الحرّ الفزاريّ قالت: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن من أشراطِ الساعةِ أن يتدافعَ أهلُ المسجدِ لا يجدون إماماً يُصلّي بهم" (¬2). ¬

=وهو في "مسند أحمد" (17305)، و" صحيح ابن حبان" (2221). وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري (694) بلفظ: "يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطؤوا فلكم وعليهم". قال البغوى في "شرح السنة" 3/ 405: فيه دليل على أنه إذا صلّى بقوم وكان جنباً أو محدثاً أن صلاة القوم صحيحة، وعلى الإمام الإعادة، سواء كان الإمام عالماً بحدثه فتعمد الإمامة أو كان جاهلاً. وقال الحافظ في "الفتح": وقد دل الحديث على أن خطأ الإمام لا يُؤثّرُ في صحة صلاة المأموم إذا أصاب. وقال ابن قدامة في "المغني" 506/ 2: إذا اختلَّ غير الحدث والنجاسة من الشروط كالسّتارة واستقبال القبلة، لم يعف عنه في حق المأموم، لأن ذلك لا يخفى غالباً بخلاف الحدث والنجاسة، وكذا إن فسدت صلاته لترك ركن، فسدت صلاتهم، نص عليه أحمد: في من ترك القراءة يعيد ويعيدون، وكذلك في من ترك تكبيرة الإحرام. وإن فسدت لفعل يُبطل الصلاة، فإن كان عن عمد، أفسد صلاة الجميع، وإن كان عن غير عمد، لم تفسد صلاة المأمومين، نص عليه أحمد في الضحك: أنه يفسد صلاة الإمام، ولا تفسد صلاة المأمومين. (¬1) في (د) و (هـ): التدافع عن الإمامة. (¬2) إسناده ضعيف، طلحة أم غراب وعقيلة مجهولتا الحال.=

61 - باب من أحق بالإمامة؟

61 - باب من أحق بالإمامة؟ 582 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا شعبة، أخبرني إسماعيل بن رجاء، قال: سمعت أوس بن ضَمْعَج يُحدِّث عن أبي مسعود البدريِّ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَؤُمُّ القومَ أقرؤُهم لكتابِ الله وأقدمُهم قراءة، فإن كانوا في القراءةِ سواءَ فليَؤُمَّهم أقدمهم هجرةَ، فإن كانوا في الهِجرةِ سواءَ فليؤمَّهم أكبَرُهم سِناً، ولا يُؤَمُ الرجلُ في بيتِه ولا في سُلطانِه، ولا يُجلَس على تكرِمَتِه إلا بإذنِه" قال شُعبة: فقلتُ لإسماعيلَ: ما تكرِمَتُه؟ قال: فِراشُه (¬1). ¬

_ =وأخرجه ابن ماجه (982) من طريق وكيع، عن أم غراب، بهذا الإسناد، بلفظ: "يأتي على الناس زمان يقومون ساعة لا يجدون إماماً يُصلي بهم". وهو في "مسند أحمد" (27137) و (27138). ومعنى يتدافع أهل المسجد، أي: يدرأ كل من أهل المسجد الإمامةَ عن نفسه، ويقول: لستُ أهلاً ها لما ترك ما تصح به الإمامة. ذكره الطيبي. أو يدفع بعضهم بعضاً إلى المسجد أو المحراب ليؤم بالجماعة فيأبى عنها لعدم صلاحيته لها لعدم علمه بها. قاله ابن الملك. (¬1) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه مسلم (673) (291)، وابن ماجه (980) من طريق محمَّد بن جعفر، والنسائي في "الكبرى" (860) من طريق يحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد. ورواية النسائي مختصرة بقوله: "لا يؤم الرجل في سلطانه، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه". وهو في "مسند أحمد" (17063) و (17099)، و"صحيح ابن حبان" (2127) و (2133). وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (584).

583 - حدَّثنا ابن معاذٍ، حدَّثنا أبي حدَّثنا شُعبةُ، بهذا الحديث، قال فيه: "ولا يَؤُم الرجلُ الرجلَ" (¬1). قال أبو داود: وكذا قال يحيى القطَّان عن شعبة: "أقدمُهم قراءةً". 584 - حدَّثنا الحسنُ بن علي، حدَّثنا عبد الله بن نُمير، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أوس بن ضَمعَج الحضرمي، قال: سمعت أبا مسعود، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، بهذا الحديث، قال: "فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمُهم بالسُّنَّة، فإن كانوا في السُنَّةِ سواءً فأقدَمهم هِجرةً" ولم يقل: "فأقدمُهم قراءةً" (¬2). 585 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد، أخبرنا أيوب عن عمرو بن سَلِمة، قال: كُنَّا بحاضِرٍ يَمُرُّ بنا الناسُ إذا أتَوُا النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -، فكانوا إذا رجعوا مرّوا بنا، فأخبرونا أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن معاذ: هو عُبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه مسلم (673) (290)، والترمذي (232) و (2977)، والنسائى في "الكبرى" (857) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. ورواية الترمذي في الموضع الثاني مختصرة. وانظر ما سلف برقم (582). تنبيه: زاد في الطبعة الشامية بتحقيق الأستاذ عزت عبيد الدعاس، وعادل السيد بعد هذا الحديث: "قال أبو داود: رواه حجاج بن أرطاة عن إسماعيل، قال: "ولا تقعد على تكرمة أحد إلا بإذنه". ورواية حجاج أخرجها الطبرانى 17/ (617)، والدارقطني (1085)، والحاكم 243/ 1 بلفظ الجماعة: "ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه"، أما باللفظ المذكور فلم نقف عليها.

كذا وكذا، وكنتُ غلاماً حافظاً، فحَفِظتُ من ذلك قرآناً كثيراً، فانطَلَقَ أبي وافِداً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نَفَرٍ من قومِه، فعلمَهم الصَّلاة، وقال: "يَؤُمُّكُم أقرَؤُكم" فكنتُ أقرَأَهم لِمَا كنتُ أحفَظُ، فقدّموني، فكنتُ أؤُمهم وعليَّ بُرْدةٌ لي صغيرة صفراءُ، فكنتُ إذا سجدتُ تكشَّفَت عنِّي، فقالت امرأة من النساء: وارُوا عنَّا عَورةَ قارئكم، فاشتَرَوا لي قميصاً عُمانياً، فما فَرِحتُ بشيءٍ بعدَ الإسلام فَرَحي به، فكنتُ أؤمُّهم وأنا ابنُ سبعِ سنين، أو ثمانِ سنين (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه البخاري (4302)، والنسائي في "الكبرى" (866) و (1612) من طريقين عن أيوب، بهذا الإسناد. ورواية النسائي مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (20333). وانظر ما بعده. وقوله: كنا بحاضر. الحاضر: القوم النزول على ما يقيمون به، لا يرحلون عنه، وربما جعلوه اسماً لمكان الحضور، يقال: نزلنا حاضر بني فلان، فهو فاعل بمعنى مفعول. وفي الحديث دليل لما قاله الحسن البصري والشافعي وإسحاق بن راهويه من أنه لا كراهة في إمامة المميز، وكرهها مالك والثوري، وعن أحمد وأبى حنيفة روايتان والمشهور عنهما الأخرى في النوافل دون الفرائض. وقال العيني فى "شرح الهداية" 2/ 344 تعليقاً على قول صاحب "الهداية": وأما الصبى فلأنه متنفل، أي: وأما عدم جواز الاقتداء بالصبى، فلأنه متنفل، والذي يقتدي به مفترض، فلا يجوز اقتداء المفترض بالمنتفل، لأن صلاة الإمام متضمنة صلاة المقتدي صحة وفساداً لقوله عليه السلام: "الإمام ضامن" ولا شك أن الشيء إنما يتضمن ما هو دونه لا ما هو فوقه، فلم يجز اقتداء البالغ بالصبي لهذا، وبه قال الأوزاعي والثوري ومالك وأحمد وإسحاق، وفي النفل روايتان، وقال ابن المنذر: وكرهها=

586 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زهير، حدَّثنا عاصم الأحول عن عمرو بن سَلِمة، بهذا الخبر قال: فكنتُ أؤمهم في بُرْدةٍ مُوَصلةٍ فيها فَتقٌ، فكنتُ إذا سجدتُ خَرَجَتِ اسْتي (¬1). 587 - حدَّثنا قُتيبةُ، حدَّثنا وكيع، عن مِسعَر بن حبيب الجَرمي حدَّثنا عمرو بن سَلِمة، عن أبيه: أنهم وَفَدوا إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فلمّا أرادوا أن ينصرفوا قالوا: يا رسولَ الله، من يَؤُمّنا قال: "أكثرُكم جَمعاً للقُرآن -أو: أخذاً للقُرآن-"، فلم يكن أحد من القَومِ جمعَ ما جَمعتُ، قال: فقدَّموني وأنا غُلام وعليَّ شَمْلة لي، قال: فما شَهِدتُ مَجمعاً من جَرْمٍ إلا كنتُ إمامَهم، وكنتُ أُصلّي على جنائزهم إلى يومي هذا (¬2). ¬

_ = عطاء والشعبي ومجاهد، وقال الحسن والشافعى: تصح إمامته، وفي الجمعة له قولان قال في "الأم": لا تجوز، وقال في "الإملاء": تجوز، واستدل بهذا الحديث. وقال ابن قدامة في "المغني" 3/ 70: ولا يصح ائتمام البالغ بالصبي في الفرض نص عليه أحمد وهو قول ابن مسعود وابن عباس، وبه قال عطاء ومجاهد والشعبي ومالك والثوري والأوزاعى وأبو حنيفة، وأجازه الحسن والشافعى وإسحاق وابن المنذر. (¬1) إسناده صحيح. النفيلى: هو عبد الله بن محمَّد، وزهير: هو ابن معاوية، وعاصم الأحول: هو ابن سليمان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (845) من طريق يزيد بن هارون، عن عاصم الأحول، به. وانظر ما قبله وما بعده. (¬2) إسناده صحيح. قتيبة: هو ابن سعيد، ووكيع: هو ابن الجراح. وهو في "مسند أحمد" (20332). وانظر ما قبله.

قال أبو داود: ورواه يزيد بن هارون، عن مِسعَر بن حَبيب، عن عمرو بن سَلِمة قال: لمَا وَفَدَ قومي إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يقل: عن أبيه (¬1). 588 - حدَّثنا القَعنَبى، حدَّثنا أنس -يعني ابنَ عياض (ح) وحدثنا الهيثم بن خالد الجُهَني -المعنى-، حدَّثنا ابنُ نُمير، عن عُبيد الله، عن نافع عن ابن عمر: أنّه لمَّا قَدِمَ المهاجرون الأوّلون نزلوا العُصبةَ قبلَ مَقْدَمِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان يَؤُمهم سالم مولى أبي حُذَيفة، وكان أكثرَهم قُرآناً. زاد الهيثم: وفيهم عمر بن الخطَّاب، وأبو سلمة بن عبد الأسد (¬2). ¬

_ (¬1) رواية يزيد بن هارون عن مسعر أخرجها ابن سعد 336/ 1 و 89/ 7، والبيهقي 3/ 225. وهكذا رواه عن مسعر الطيالسي في "مسنده" (1363)، وأبو عاصم النبيل عند البيهقي 3/ 91 - 92. (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن نمير: هو عبد الله، وعبيد الله: هو ابن عمر العمري. وأخرجه البخاري (692) من طريق أنس بن عياض، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (7175) من طريق عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، أن نافعاً أخبره، أن ابن عمر أخبره قال: كان سالم مولى أبي حذيفة يؤم المهاجرين الأولين وأصحابَ النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسجد قباء، فيهم أبو بكر وعمر وأبو سلمة وزيد وعامر بن ربيعة. قوله" العُصبة" بضم العين وإسكان الصاد، وقيل: بفتح العين وإسكان الصاد، وقيل: بفتحهما، موضع بالمدينة قرب قباء.=

589 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيل (ح) وحدثنا مُسدَّد، حدَّثنا مَسلَمة بن محمَّد -المعنى واحد-، عن خالد، عن أبي قِلابة عن مالك بن الحُوَيرِث، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له أو لصاحبٍ له: "إذا حضرتِ الصلاة فأذِّنا، ثمَّ أقيما، ثمَّ ليَؤمّكما أكبَرُكما". وفي حديث مَسلَمة قال: وكنّا يومَئذِ مُتقارِبَينِ في العلم. وقال في حديث إسماعيل: قال خالدٌ: قلتُ لأبي قِلابةَ: فأين القُرآنُ؟ قال: إنهما كانا مُتقارِبَين (¬1). ¬

_ =وسالم أبو حذيفة من السابقين الأولين البدريين المقربين العالمين، كان مولى امرأة من الأنصار، ثمَّ لما عتق، لازم أبا حذيفة وتبناه وعرف به، وفى صحيح مسلم (1453) عن عائشة: أن سالماً مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله فى بيتهم، فأتت سهلة بنت سهيل زوجة أبي حذيفة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن سالماً قد بلغ ما يبلغ الرجال، وعَقَلَ ما عقلوا، وإنه يدخل علينا، وإنى أظن أن فى نفس أبي حذيفة من ذلك شيئاً، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أرضعيه تحرمي عليه"، ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة، فرجعت إليه فقالت: إني قد أرضعته، فذهب الذي فى نفس أبي حذيفة. استشهد سالم باليمامة في خلافة أبي بكر رضي الله تعالى عنه. (¬1) إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن إبراهيم المعروف بابن عُلية، وخالد: هو ابن مهران الحذاء، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي. وأخرجه البخاري (630) و (658) و (7246)، ومسلم (674) (293)، والترمذي (203)، والنسائى في "الكبرى" (858) و (1610) و (1645)، وابن ماجه (979) من طريق خالد الحذاء، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (628) و (631) و (6008) و (7246)، ومسلم (674) (292)، والنسائى في "الكبرى" (1611) من طريق أيوب السختيانى، عن أبي قلابة، به. وهو في "مسند أحمد" (15598) و (15601)، و" صحيح ابن حبان" (1658) و (2129) و (2130).

62 - باب إمامة النساء

590 - حدَّثنا عثمان بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا حسينُ بن عيسى الحنفيُّ، حدَّثنا الحَكَم بن أبان، عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لِيؤَذّنْ لكم خِيارُكم، وليَؤُمّكم قُراؤُكم" (¬1). 62 - باب إمامة النساء 591 - حدَّثنا عثمان بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا وكيع بن الجرَّاح، حدَّثنا الوليد ابن عبد الله بن جُمَيعِ، حدثتني جدتي وعبدُ الرحمن بن خلاد الأنصاريُّ عن أمِّ ورقة بنت نَوفَل: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لمَّا غزا بدراً قالت: قلت له: يا رسول الله، ائذَن لي في الغَزْوِ معك، أُمَرِّضُ مَرضاكم، لعلَّ الله يرزُقُني شهادةً، قال: "قِرِّي في بَيتِكِ، فإنَّ الله عز وجل يرزُقُكِ الشَّهادة"، قال: فكانت تُسمَّى الشَّهيدة. قال: وكانت قد قرأتِ القُرآنَ، فاستأذَنَتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تتَّخِذَ في دارها مُؤَذناً، فأذِنَ لها. قال: وكانت قد دَبَّرَت غلاماً لها وجاريةً، فقاما إليها بالليل فغمَّاها بقَطِيفةٍ لها حتَّى ماتت وذهبا، فأصبَحَ عمرُ فقام في الناس، فقال: مَن عندَه من هذين عِلمٌ، أو مَن رآهما فليَجِيءُ بهما، فأمر بهما فصُلِبا، فكانا أوَّلَ مَصلوبٍ بالمدينة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف حسين بن عيسى الحنفي، وقال البخاري عن حديثه هذا: منكر، ذكره عنه المزي فى ترجمة الحسين بن عيسى من "تهذيب الكمال" 6/ 463. وأخرجه ابن ماجه (726) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن خلاد وجدة الوليد بن عبد الله بن جميع، واسمها ليلى بنت مالك.=

63 - باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون

592 - حدَّثنا الحسن بن حمَّاد الحضرميُ، حدَّثنا محمَّد بن فُضيل، عن الوليد بن جُمَيع، عن عبد الرحمن بن خلاَّد عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث، بهذا الحديث، والأوّلُ أتمّ، قال: وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يزورُها في بيتها، وجعلَ لها مُؤَذناً يُؤذّنُ لها، وأمرَها أن تَؤُمَّ أهلَ دارِها. قال عبد الرحمن: فأنا رأيتُ مُؤَذّنَها شيخاً كبيراً (¬1). 63 - باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون 593 - حدَّثنا القَعنَبي، حدَّثنا عبد الله بن عمر بن غانم، عن عبد الرحمن ابن زياد، عن عمران بن عبد المعافِري ¬

_ =وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن سعد في "الطبقات" 457/ 8، وابن أبي شيبة 12/ 527 - 528، وأحمد (27282)، وإبن أبي عاصم في "الآحاد والمثانى" (3366) و (3367)، والطبرانى 25/ (326) و (327)، والحاكم 1/ 203، والبيهقي في "السنن" 1/ 406 و 3/ 130، وفي "الدلائل" 6/ 381 من طرق عن الوليد بن عبد الله بن جميع، بهذا الإسناد. وزاد بعضهم فيه ما سيأتى بعده. وانظر تمام الكلام عليه في التعليق على "المسند". قوله: "كانت قد دبّرت غلاماً لها وجارية" أي: علّقت عتقهما على موتها، من التدبير، وهو أن يقول السيد لعبده: أنت حر بعد موتى، أو: إذا متُّ فأنت حر. وقوله: "فغماها" أي: غطَّيا وجهها، والقطيفة: هي كل ثوب له خَمْل من أيِّ شيء كان. (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. وأخرجه أحمد (27283)، والدارقطني (1506)، والبيهقى في "معرفة السنن" 4/ 230 من طريق الوليد بن جميع، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

65 - باب إمامة الأعمى

عن عبد الله بن عمرو، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "ثلاثة لا يقبلُ الله منهم صلاةَ: مَن تقدَّمَ قوماً وهم له كارهون، ورجلٌ أتى الصَّلاةَ دِباراً -والدِّبار: أن يأتيَها بعد أن تَفوتَه-، ورجلٌ اعتبدَ مُحرَّرَه" (¬1). 65 - باب إمامة الأعمى 595 - حدَّثنا محمَّد بن عبد الرحمن العَنبَري أبو عبد الله، حدَّثنا ابن مَهدي، حدَّثنا عمرانُ القطَّان، عن قتادة ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن زياد -وهو الإفريقي- وعمران القطان ضعيفان، وباقي رجاله ثقات. القعنبى: هو عبد الله بن مسلمة. وأخرجه ابن ماجه (970) من طريق عبد الرحمن بن زياد، بهذا الإسناد. وفي الباب عن ابن عباس عند ابن ماجه (971)، ولفظه: "ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً: رجل أمّ قوماً وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عيها ساخط، وأخوان متصارمان" وإسناده حسن، وصححه ابن حبان (1757). وعن أبي أمامة عند الترمذي (360)، وإسناده ضعيف. تنبيه: جاء هنا فى الطبعة الشامية تحقيق عزت الدعاس بعد هذا الحديث: 64 - باب إمامة البر والفاجر 594 - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا ابن وهب، حدثنى معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلاة المكتوبة واجبة خلف كل مسلم، برّاً كان أو فاجراً، وإن عمل الكبائر". ولم يرد هذا الحديث إلا على هامش (ج). وسيأتي تاماً في كتاب الجهاد برقم (2533)، وعزاه المزي في "تحفة الأشراف" (14619)، والزيلعي في "نصب الراية" 2/ 27 إلى كتاب الجهاد فقط. وقال الشيخ عبد الغني النابلسي في حاشية نسخته بعد أن ذكر هذا الحديث: في عرض كتاب حميد بن ثوابة الراوي عن أبي عيسى الرملي. ولم نجده في نسخ أبي داود، ولهذا لم نلحقه بالأصل.

66 - باب إمامة الزائر

عن أنس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استَخلَفَ ابنَ أم مكتومٍ يَؤُمُ النَّاسَ وهو أعمى (¬1). 66 - باب إمامة الزائر 596 - حدَّثنا مسلم بن إبراهيم، حدَّثنا أبان، عن بُدَيل، حدَّثني أبو عطيَّة مولى منّا قال: ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. عمران -وهو ابن داور- القطان انفرد بروايته عن قتادة، عن أنس، وهو ضعيف يعتبر به، وقد خالفه همام -وهو ابن يحيي العوذي- وهو ثقة من رجال الشيخين، فرواه عن قتادة مرسلاً، وهو أشبه بالصواب وقد روي عن عائشة بإسناد صحيح كما سيأتي. وأخرجه البيهقي3/ 88من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (13000) عن بهز بن أسد، عن عمران القطان، به. وأخرجه أحمد (12344)، وابن الجارود (310)، وأبو يعلى (3110) و (3138) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، به، بلفظ: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - استخلف ابن أم مكتوم مرتين على المدينة، ولقد رأيته يوم القادسية معه راية سوداء. وهذا أيضاً وهم فيه عمران القطان، حيث أدخل حديثا في حديث، فقد أخرج ابن سعد في "الطبقات" 4/ 212، والطبري في "تفسيره" 30/ 51 من طريق سعيد بن أبي عروبة، وابن سعد 4/ 212، والطبري 30/ 51، وأبو يعلى (3123) من طريق معمر بن راشد، وابن سعد 4/ 212 من طريق أبي هلال، ثلاثتهم عن قتادة عن أنس قصة القادسية وحسب، وأما قصة استخلاف ابن أم مكتوم يؤم الناس فأخرجها ابن سعد في "الطبقات" 4/ 205 عن عمرو بن عاصم الكلابي، عن همام بن يحيى العوذي، عن قتادة مرسلاً، وهمام ثقة حافظ فقوله أشبه بالصواب، وعمران القطان أدخل حديث قتادة عن أنس الذي ذكر فيه حضور ابن أم مكتوم القادسية، بحديث قتادة المرسل في استخلاف ابن أم مكتوم، والله تعالى أعلم. وانظر ما سيأتي برقم (2931). وقد صح عن عائشة رضي الله عنها عند ابن حبان (2134) و (2135) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف ابن أم مكتوم على المدينة، يصلي بالناس.

67 - باب الإمام يقوم مكانا أرفع من مكان القوم

كان مالكُ بن الحُوَيرث يأتينا إلى مُصلانا هذا، فأُقيمت الصلاة، فقلنا له: تقدم فصَلِّهْ، فقال لنا: قدِّموا رجلاً منكم يُصلِّي بكم، وسأُحدِّثكم لِمَ لا أُصلِّي بكم: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن زار قومآ فلا يَؤُمَّهم، وليَؤُمهم رجلٌ منهم" (¬1). 67 - باب الإمام يقوم مكاناً أرفع من مكان القوم 597 - حدَّثنا أحمد بن سنان وأحمد بن الفُرات أبو مسعود الرازي - المعنى- قالا: حدَّثنا يعلى، حدَّثنا الأعمش، عن إبراهيمَ، عن همامٍ أن حُذيفة أمَّ الناسَ بالمدائن على دُكَّانِ، فأخذ أبو مسعود بقميصِه فجَبَذَه، فلمَّا فَرَغَ من صلاتِه قال: ألم تعلم أنَهم كانوا يُنهَونَ عن ذلك؟ قال: بلى، قد ذكرتُ حين مَدَدتَني (¬2). ¬

_ (¬1) المرفوع منه حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عطية مولى بني عقيل، قال أبو حاتم: لا يُعرف ولا يُسمى، وقال ابن المديني: لا يعرفونه، وباقي رجاله ثقات. أبان: هو ابن يزيد العطار، وبُديل: هو ابن ميسرة العقيلي. وأخرجه الترمذي (356)، والنسائى في "الكبرى" (864) من طريق أبان العطار، بهذا الإسناد. ورواية النسائى مختصرة بالمرفوع منه وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (15602) و (20531). ويشهد لمتنه حديث أبي مسعود البدري السالف برقم (582). (¬2) إسناده صحيح. يعلى: هو ابن عبيد، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وابراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وهمام: هو ابن الحارث النخعى. وأخرجه الطبراني 17/ (702)، والحاكم 1/ 210، والبيهقي 3/ 108 من طريق يعلى بن عبيد، والشافعي في "مسنده" 1/ 137 - 138 - ومن طريقه ابن خزيمة (1523)، وابن حبان (2143)، والبغوي في "شرح السنة" (831) - عن سفيان بن عيينة، وابن الجارود (313) من طريق عيسى بن أبي عيسى، والطبراني 17/ (700) من طريق زائدة، و 17/ (701) من طريق أبي عوانة، والحاكم 1/ 210، والبيهقى 3/ 109 من طريق=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

=زياد بن عبد الله، ستتهم عن الأعمش، بهذا الإسناد. وفي رواية زياد بن عبد الله البكائي التصريح برفع النهي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 263 من طريق عبد الله بن عون، عن إبراهيم: صلى حذيفة ... ، لم يذكر هماماً. وأخرجه ابن أبي شية 2/ 262 عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، به، غير أنه ذكر أن الذي جذب حذيفة هو سلمان. وهكذا أخرجه أبو يوسف في "الآثار" (326) عن الإمام أبي حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، أن حذيفة ... وأخرجه عبد الرزاق (3904) عن الثوري، عن حماد، عن مجاهد قال: رأى سلمان حذيفة يؤمهم ... قلنا: والوجهان محفوظان، فقد أخرج عبد الرزاق (3905) عن معمر، عن الأعمش، عن مجاهد أو غيره -شك أبو بكر (يعني عبد الرزاق) -: أن أبا مسعود وسلمان وحذيفة صلى بهم أحدهم، فذهب يصلى على دكان، فجبذه صاحباه، وقالا: انزل عنه. وأخرج الخطيب في "تاريخ بغداد" 1/ 180، والبيهقي 3/ 109 من طريقين عن الليث بن سعد، عن زيد بن جبيرة، عن أبي طوالة، عن أبي سعيد الخدري مثل هذه القصة، وفيها أن سلمان جذب حذيفة، وفيها التصريح برفع النهي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم-. وزيد بن جبيرة متروك. وأخرج الدارقطني (1882/ 1) من طريق زياد بن عبد الله البكائي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام، عن أبي مسعود قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه، يعني أسفل منه. قوله: "بالمدائن" هي على سبعة فراسخ (أي 21 ميلاً) من بغداد على حافتي دجلة، وهي دار مملكة الأكاسرة والفرس اختاروها من مدن العراق، افتتحها المسلمون بقيادة سعد بن أبي وقاص في زمن الخليفة عمر بن الخطاب سنة (16هـ) وفيها إيوان كسرى، الذي لا زالت أطلاله باقية إلى الآن. وقوله: "على دكان" هي الدَّكَّة، وهي المكان المرتفع يُجلس عليه. وقوله: "فجبذه" أي: جذبه وجرَّه إليه. وقوله: "مددتني" أي: مددت قميصي وجذبته إليك. قاله صاحب "عون المعبود".

68 - باب إمامة من صلي بقوم وقد صلى تلك الصلاة

598 - حدَّثنا أحمد بن إبراهيمَ، حدَّثنا حجاجٌ، عن ابن جُريج، أخبرني أبو خالدِ، عن عَديّ بن ثابت الأنصاري حدَّثني رجل أنَّه كان مع عمّار بن ياسر بالمدائن، فأُقيمَتِ الصلاةُ، فتقدَّم عمّار، وقام على دكانِ يُصلّي، والناسُ أسفلَ منه، فتقدَّمَ حُذيفةُ فأخذَ على يَدَيهِ، فاتبعه عمَّار حتَّى أنزله حُذيفةُ، فلما فَرَغَ عمَّارٌ من صلاته قال له حُذيفةُ: ألم تسمع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أُم الرجلُ القومَ فلا يَقُمْ في مكانِ أرفَعَ من مَقامِهم"؟ أو نحوَ ذلك. قال عمار: لذلك اتبعتُك حين أخذتَ على يدي (¬1). 68 - باب إمامة من صلَّي بقوم وقد صلَّى تلك الصلاة 599 - حدَّثنا عبيد الله بن عمر بن مَيسَرةَ، حدَّثنا يحيي بن سعيد، عن محمَّد بن عَجلان، حدَّثنا عبيد الله بن مِقسَم عن جابر بن عبد الله: أنَّ معاذَ بنَ جَبَل كان يُصلّي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العِشاء, ثمَّ يأتي قومَه فيُصلّي بهم تلك الصَّلاةَ (¬2). 600 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن عمرو بن دينار ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي خالد شيخ ابن جريج، وباقي رجاله ثقات. حجاج: هو ابن محمَّد المصيصي، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 1/ 151، والبيهقي 3/ 109، والبغوي في "شرح السنة" (830) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محمَّد بن عجلان، وباقي رجاله ثقات. وهو في "مسند أحمد" (14241)، و"صحيح ابن حبان" (2404) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

69 - باب الإمام يصلي من قعود

سمع جابر بن عبد الله يقول: إن معاذاً كان يُصلّي مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ يرجعُ فيَؤُمُّ قومَه (¬1). 69 - باب الإمام يصلي من قُعودٍ 601 - حدَّثنا القَعنَبي، عن مالك، عن ابن شهاب عن أنس بن مالك: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ركبَ فرساً، فصُرع، فجُحِشَ شِقُّه الأيمنُ، فصلّى صلاةً من الصلوات وهو قاعِد، فصلينا وراءه قُعوداً، فلمّا انصرفَ قال: "إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتَمَّ به، فإذا صلَّى قائماً فصلُّوا قياماً، وإذا ركعَ فاركعوا، وإذا رفعَ فارفعوا، وإذا ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (700) و (701)، ومسلم (465)، والترمذي (590)، والنسائى في "الكبرى" (911) من طرق عن عمرو بن دينار، بهذا الإسناد. وعند الترمذي وحده: "المغرب" بدل "العشاء". وهو في "مسند أحمد" (14307). وسيأتي مطولاً برقم (790). قال الإمام العيني في "عمدة القارئ" 5/ 239 استدل الشافعي بهذا الحديث على صحة اقتداء المفترض بالمتنفل بناء على أن معاذ كان ينوي بالأولى الفرض وبالثانية النفل، وبه قال أحمد فى رواية، واختاره ابن المنذر، وهو قول عطاء وطاووس وسليمان بن حرب وداود. وقال أصحابنا (أي الحنفية): لا يصلي المفترض خلف المتنفل، وبه قال مالك في رواية، وأحمد في رواية أبي الحارث وحنبل عنه، وقال ابن قدامة في "المغني" 67/ 3: واختارها أكثر أصحابنا، وهو قول الزُّهريّ والحسن البصري وسعيد بن المسيب والنخعي وأبي قلابة ويحيى بن سعيد الأنصاري لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه" متفق عليه، ولأن صلاة المأموم لا تتأدى بنية الإمام، أشبه صلاة الجمعة خلف من يصلي الظهر ...

قال: سمعَ الله لِمَن حَمِدَه، فقولوا: ربَّنا ولك الحمدُ، وإذا صلَّى جالساً فصلّوا جُلوساً أجمعين" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن شهاب: هو الزُّهريّ. وهو في "موطأ مالك" 1/ 135، ومن طريقه أخرجه البخاري (689)، ومسلم (411) (80)، والنسائى في "الكبرى" (908). وقال البخاري بإثر هذه الرواية: قال الحميدي: قوله: "إذا صلى جلوساً فصلوا جلوساً": هو في مرضه القديم، ثمَّ صلى بعد ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - جالساً والناس خلفه قياماً ولم يأمرهم بالقعود، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. وأخرجه البخاري (732) و (733) و (805)، ومسلم (411)، والترمذي (361)، والنسائي في "الكبرى" (652) و (871) و (908)، وابن ماجه (876) مختصراً و (1238) من طرق عن الزُّهريّ، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12074)، و"صحيح ابن حبان" (2102). وأخرجه البخاري (378) من طريق حُميد الطويل، عن أنس. قوله: "فصُرعَ" أي: سقط."فجُحِش" أي: انخدش. قال الإمام الحازمي في "الناسخ والمنسوخ" ص 109، ونقله عنه الإمام الزيلعي في "نصب الراية": اختلف الناس في الإمام يصلي بالناس جالساً من مرض، فقالت طائفة: يصلون قعوداً اقتداءً به، واحتجوا بحديث عائشة وحديث أنس: "إذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون"، وقد فعله أربعة من الصحابة: جابر بن عبد الله وأبو هريرة وأسيد بن حُضير، وقيس بن قهد. وقال أكثر أهل العلم: يصلون قياماً ولا يتابعونه في الجلوس، وبه قال أبو حنيفة والشافعي، وادعوا نسخ تلك الأحاديث بأحاديث أخرى، منها حديث عائشة في "الصحيحين": البخاري (687)، ومسلم (418) أنه عليه السلام صلى بالناس جالساً وأبو بكر خلفه قائم يقتدي أبو بكر بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر، وليس المراد أن أبا بكر كان إماماً حقيقة، لأن الصلاة لا تصح بإمامين ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان الإمام، وأبو بكر كان يبلغ الناس، فيسمي لذلك إماماً. وانظر "الرسالة" للإمام الشافعي ص 251 - 255، و"الأوسط" 4/ 201 - 209 لابن النذر، و"نصب الراية" 2/ 41 - 48.

602 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا جرير ووكيع، عن الأعمشِ، عن أبي سفيان عن جابر قال: ركبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فرساً بالمدينة، فصَرَعَه على جِذْمِ نخلةٍ، فانفكَّت قَدَمُه، فأتيناه نعوده، فوجدناه في مَشرُبةٍ لعائشةَ يُسبِّحُ جالساً، قال: فقُمنا خلفَه، فسكت عنَّا، ثمَّ أتيناه مرَّةً أُخرى نَعودُه، فصلّى المكتوبةَ جالساً، فقُمنا خلفَه، فأشار إلينا، فقَعَدنا، قال: فلمَّا قضى الصَّلاةَ قال: "إذا صلَّى الإمامُ جالساً فصلُّوا جُلوساً، وإذا صلَّى الإمامُ قائماً فصلوا قياماً ولا تفعلوا كما يفعلُ أهلُ فارسٍ بعُظمائها" (¬1). 603 - حدَّثنا سُليمان بن حرب ومسُلم بن إبراهيم -المعنى- عن وُهَيب، عن مُصعب بن محمَّد، عن أبي صالح ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي سفيان -وهو طلحة بن نافع- فإنه صدوق لا بأس به، وباقى رجاله ثقات. جرير: هو ابن عبد الحميد، والأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه مختصراً بسقوط النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الفرس ابنُ ماجه (3485) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وهو بتمامه في "مسند أحمد" (14205)، و "صحيح ابن حبان " (2112) و (2114). وانظر ما سيأتي برقم (606). قوله: "فصرعه" أي: أسقطه."على جِذمِ نخلة" أي: أصل نخلة. وقوله: "فانفكت قدمُه" قال في "عون المعبود" 2/ 220: انفك العظم، أي: انتقل من مفصله، قال الحافظ زين الدين العراقى في "شرح الترمذي": هذه الرواية لا تنافى الرواية التي قبلها، إذ لا مانع من حصول خدش الجلد وفك القدم معاً، قال: ويحتمل أنهما واقعتان. والمَشربة، بفتح الراء وضمها: الغرفة.

عن أبي هريرةَ قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليؤتَمَّ به، فإذا كبّر فكبّروا، ولا تُكبّروا حتَّى يُكبّر، وإذا ركعَ فاركعوا، ولا تركعوا حتَّى يركعَ، وإذا قال: سمعَ اللهُ لمن حَمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربنا لك الحمدُ -قال مسلم: ولك الحمدُ-، وإذا سجدَ فاسجُدوا، ولا تسجدوا حتَّى يسجُدَ، وإذا صلَّى قائماً فصلُّوا قياماً، وإذا صلَّى قاعداً فصلُّوا قُعوداً أجمعين" (¬1). قال أبو داود: "اللهم ربنا لك الحمدُ": أفهمني بعضُ أصحابنا عن سليمان. 604 - حدَّثنا محمّد بن آدم المِصّيصىّ، حدَّثنا أبو خالدٍ، عن ابن عَجلان، عن زيد بن أسلَمَ، عن أبي صالح عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليُؤتَمَّ به" بهذا الخبر، زاد: "وإذا قرأ فإنصِتُوا" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل مصعب بن محمَّد، وباقي رجاله ثقات. وهيب: هو ابن خالد، وأبو صالح , هو ذكوان السمان. وأخرجه مسلم (415)، وابن ماجه (960) من طريقين عن أبي صالح، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (8502). وأخرجه البخارى (722) و (734)، ومسلم (414) و (416) و (417)، وابن ماجه (1239) من طرق عن أبى هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7144)، و"صحيح ابن حبان" (2107) و (2115). وانظر ما بعده، وما سيأتى برقم (848). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، أبو خالد -وهو سليمان بن حيان الأحمر- وابن عجلان -وهو محمَّد- صدوقان لا بأس بهما. وتوهم المصنف أبا خالد الأحمر=

قال أبو داود: وهذه الزيادة: "وإذا قرأ فأنصِتُوا" ليست بمحفوظة الوهم عندنا من أبي خالد. 605 - حدَّثنا القَعنَبى، عن مالك، عن هشام بن عُروة، عن أبيه عن عائشةَ زوجِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: صلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بيته وهو جالس فصلى وراءَه قوم قياماً، فأشار إليهم أن اجلِسُوا، ¬

_ = في قوله: "وإذا قرأ فأنصتوا" فيه نظر، كما قال المنذري في "تهذيب السنن" 1/ 313، فقد تابعه عليها محمَّدُ بن سعد الأنصاري عند النسائي فى "الكبرى" (996)، ومحمد ابن ميسر الصاغاني عند أحمد (8889)، وإسماعيل بن أبان الغنوي عند الدارقطني (1245)، والبيهقى 2/ 156. ومحمد بن سعد ثقة، أما الصاغاني والغنوي فضعيفان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (995)، وابن ماجه (846) من طريق أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (8889). ولهذه الزيادة شاهد مِن حديث أبي موسى الأشعري سيأتي برقم (973)، عند المصنف. وقد صحح هذه الزيادة الإمام مسلم فى "صحيحه" وإن لم يخرجها فيه بإثر حديث أبي موسى (404) (63)، فقال له أبو بكر بن أخت أبي النضر: فحديث أبي هريرة، فقال: هو صحيح يعني "وإذا قرأ فأنصتوا" فقال هو عندي صحيح، فقال: فلم لم تضعه ها هنا؟ قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا، إنما وضعت ها هنا ما أجمعوا عليه. وقد صححه الإمام الطبري في "تفسيره" 9/ 166، والحافظ المنذري فى "تهذيب السنن" 1/ 313، والحافظ ابن حجر فى "فتح الباري" 1/ 242، وابن حزم في "المحلى" 210/ 3. وذكر الحافظ ابن عبد البر فى "التمهيد" 11/ 34 بسنده إلى أحمد بن حنبل أنه صحح حديثى أبي موسى وأبي هريرة.

فلما انصَرَفَ قال: "إنما جُعِلَ الإمامُ ليُؤتَمَّ به، فإذا ركعَ فاركعُوا، وإذا رفعَ فارفَعُوا، وإذا صلّى جالساً فصلّوا جُلوساً" (¬1). 606 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد ويزيدُ بن خالد بن مَوهَب -المعنى-، أنّ الليثَ حدثهم، عن أبي الزُّبير عن جابر قال: اشتكى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصَلَّينا وراءَه وهو قاعِد، وأبو بكر يكبرُ ليُسمعَ الناسَ تكبيرَه. ثمَّ ساق الحديث (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 135، ومن طريقه أخرجه البخاري (686) و (1113) و (1236). وأخرجه البخاري (5658)، ومسلم (412)، والنسائى في "الكبرى" (7472)، وابن ماجه (1237) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24250) و (25149)، و "صحيح ابن حبان" (2104). (¬2) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وأبو الزُّبير: هو محمَّد بن مسلم بن تدرس المكي. وأخرجه مسلم (413)، والنسائي في "الكبرى" (540) و (875) و (1124)، وابن ماجه (1240) من طريقين عن أبي الزُّبير، به. وهو في "مسند أحمد" (14590)، و "صحيح ابن حبان" (2122). وانظر ما سلف برقم (602). قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 177/ 2: لم يكن هذا في مرض موته - صلى الله عليه وسلم -, وإنما كان ذلك حين سقط عن الفرس كما في رواية أبي سفيان عن جابر [وهي ما سلف برقم (602)]، إلا أن ابن حبان تمسّك بقوله: "وأبو بكر يُسمع الناس التكبير" وقال: إن ذلك لم يكن إلا في مرض موته، لأن صلاته في مرضه الأول كانت في مَشرُبة عائشة، ومعه نفر من أصحابه، لا يحتاجون إلى من يُسمعهم تكبيره، بخلاف صلاته في مرض موته، فإنها كانت في المسجد بجمع كثير من الصحابة، فاحتاج أبو بكر أن يُسمعهم التكبير. انتهى. ولا راحة له فيما تمسَّك به، لإن إسماع التكبير في هذا لم=

607 - حدَّثنا عَبدة بن عبد الله، أخبرنا زيد -يعني ابنَ الحُبَاب-، عن محمّد بن صالح، حدَّثني حُصَين من ولد سعدِ بن معاذ عن أُسيد بن حُضَير أنه كان يَؤُمهم، قال: فجاء رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَعودُه، فقالوا: يا رسولَ الله، إن إمامَنا مَريضٌ، فقال: "إذا صلَّى قاعِداً فصَلوا قُعوداً" (¬1). ¬

_ =يتابع أبا الزُّبير عليه أحد، وعلى تقدير أنه حفظه فلا مانع أن يُسمعهم أبو بكر التكبير في تلك الحالة، لأنه يحمل على أن صوته كان خفياً من الوجع، وكان من عادته أن يجهر بالتكبير، فكان أبو بكر يجهر عنه بالتكبير لذلك، ووراء ذلك كله أنه أمر محتمل لا يُترك لأجله الخبر الصريح بأنهم صلوا قياماً. (¬1) إسناده ضعيف لضعف محمَّد بن صالح، وحصين -وهو ابن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ- روى عنه جمع، وقال أبو داود في رواية الآجري عنه: حسن الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، إلا أنه لم يدرك أسيد بن حضير المتوفى سنة 20هـ. وأخرجه الحاكم 289/ 3 من طريق محمَّد بن طلحة التيمي، عن محمَّد بن الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد، عن أبيه، عن جده، عن أسيد بن حضير، فذكره. ومحمد بن الحصين له ترجمة في "التاريخ الكبير" للبخاري 1/ 62، و "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم 7/ 235، و"الثقات" لابن حبان 9/ 33، ولم يذكروا في الرواة عنه غير التيمي، ولم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلاً. أما جده عبد الرحمن فوثقه أبو زرعة ونصَّ على سماعه من عمر. وأخرجه البخارى في "التاريخ الكبير" 208/ 7 من طريق علي بن مسهر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن كثير بن السائب، عن محمود بن لبيد قال: كان أسيد بن حضير يؤم قومه، فمرض أياماً، فوجد من نفسه خفة، فخرج فصلى بنا قاعداً، لم يذكر عيادة النبي - صلى الله عليه وسلم - له. وكثير بن السائب فيه جهالة. وأخرجه الدارقطني (1480) من طريق محمَّد بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن كثير، به موقوفاً أيضاً.=

70 - باب الرجلين يؤم أحدهما صاحبه كيف يقومان

قال أبو داود: وهذا الحديث ليس بمتصل. 70 - باب الرجلين يؤم أحدهما صاحبه كيف يقومان 608 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، أخبرنا ثابت عن أنس: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دخلَ على أُمِّ حَرَامِ، فأَتَوهُ بسَمْنٍ وتَمرٍ، فقال: "رُدُّوا هذا في وعائه، وهذا في سِقائه، فإني صائم". ثمَّ قام فصلَّى بنا ركعتَين تطوعاً، فقامت أمُ سُليم وأم حَرَام خلفنا. قال ثابت: ولا أعلَمُه إلا قال: أقامني عن يمينه على بِساطٍ (¬1). 609 - حدَّثنا حفص بن عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن عبد الله بن المختار، عن موسى بن أنس ¬

_ =وأخرجه كذلك عبد الرزاق (4085) عن سفيان بن عيينة، عن هشام، عن أبيه: أن أسيد. وهو مرسل. وأخرجه كذلك أيضاً ابن أبي شيبة 2/ 326 - 327 عن يزيد بن هارون، عن يحيي بن سعيد الأنصاري، عن عبد الله بن هبيرة: أن أسيد ... وابن هبيرة لم يدرك أسيداً. وأخرجه كذلك ابن عبد البر في "التمهيد" 139/ 6 من طريق أنس بن عياض، عن يحيي بن سعيد، عن بُشير بن يسار: أن أسيد ... وبشير لم يدرك أسيداً أيضاً. (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البُناني. وهو في "مسند أحمد" (13594) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه دون ذكر السمن والتمر مسلم (660) (268)، والنسائي في "الكبرى" (879) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، به. وأخرجه مطولاً البخاري (1982) من طريق حميد الطويل، عن أنس. وهو في "صحيح ابن حبان" (990) و (7186). وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (612).

يُحدّث عن أنس: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -أمه وامرأةً منهم، فجعله عن يمينه والمرأةَ خلفَ ذلك (¬1). 610 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء عن ابن عباس قال: بِتُّ في بَيتِ خالتي ميمونةَ، فقام رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -من اللَّيل، فأطلَقَ القِرْبَةَ فتوضّأ، ثمَّ أوكأَ القِربةَ، ثمَّ قام إلى الصَّلاة، فقُمتُ فتوضأتُ كما تَوَضأ، ثمَّ جئتُ فقمتُ عن يَسارِه، فأخذني بيمينه، فأدارني من ورائه، فأقامني عن يمينه، فصَلّيتُ معه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (660) (269)، والنسائي في "الكبرى" (880) و (881)، وابن ماجه (975) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (13019)، و"صحيح ابن حبان" (2206). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وأخرجه مسلم (763) (192) و (193)، والنسائى (842) من طرق عن عطاء، عن ابن عباس. وهو في "مسند أحمد" (2245) و (3243). وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (138) و (183) و (726) و (859) و (1198) و (4570) و (6316)، ومسلم (763) (182) و (183) و (185 - 188)، والترمذي (229)، والنسائي في "المجتبى" (442) وفي "الكبرى" (712)، وابن ماجه (423) و (1363) من طريق كريب، والبخاري (728)، وابن ماجه (973) من طريق عامر الشعبي، كلاهما عن ابن عباس. وسيأتي مطولاً من طريق كريب برقم (1367). وهو في "صحيح ابن حبان" (1445). وانظر ما بعده. قوله: "فأطلق القِربة" أي: حلَّها. "ثمَّ أوكأ القِربة" أي: شدها.

71 - باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون

611 - حدَّثنا عمرو بن عون، أخبرنا هُشَيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير عن ابن عبَّاس في هذه القصة قال: فأخذ برأسي -أو بذُؤابتي- فأقامني عن يمينه (¬1). 71 - باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون 612 - حدَّثنا القَعنَبي، عن مالك، عن إسحاقَ بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك: أنَّ جدته مُلَيكةَ دَعَت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لطعامٍ صَنَعَتْهُ، فأكلَ منه، ثمَّ قال: "قوموا فلأصَلِّيَ لكم" قال أنس: فقُمتُ إلى حَصيرٍ لنا قد اسوَدَّ من طُولِ ما لُبِسَ، فنَضَحتُه بماءٍ، فقامَ عليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وصَفَفتُ أنا واليتيمُ وراءَه، والعَجوزُ من ورائنا، فصلّى لنا ركعتين، ثمَّ انصَرَفَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، هشيم -وهو ابن بشير- قد صرح بالتحديث عند البخاري، فانتفت شبهة تدليسه. أبو بشر: هو جعفر بن إياس. وأخرجه البخاري (5919) من طريق هشيم، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (117) و (699)، والنسائي في "الكبرى" (406) من طريقين عن سعيد بن جبير، به. وهو في "مسند أحمد" (1843). وسيأتي برقم (1357) من طريق الحكم، عن سعيد بن جبير. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 153، ومن طريقه أخرجه البخاري (380) و (860) و (1164)، ومسلم (658)، والترمذي (231)، والنسائي في "الكبرى" (878). وهو في "مسند أحمد" (12340)، و"صحيح ابن حبان" (2205). وأخرجه مختصراً بنحوه البخاري (727)، والنسائي في "الكبرى" (818) و (944) من طريقين عن إسحاق بن عبد الله، به.=

613 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدَّثنا محمَّد بن فُضَيلٍ، عن هارونَ بن عنترةَ، عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه، قال: استأذَنَ علقمةُ والأسودُ على عبد الله، وقد كُنَّا أَطَلنا القُعودَ على بابه، فخرجَتِ الجاريةُ فاستأذَنَتْ لهما فأَذِنَ لهما، ثمَّ قام فصلَّى بيني وبينه، ثمَّ قال: هكذا رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَعَل (¬1). ¬

_ =وانظر ما سلف برقم (608)، وما سيأتي برقم (658). قوله: "أن جدته مُليكة" قال ابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 264: الضمير في "جدته" عائد على إسحاق، وهي جدة إسحاق أم أبيه عبد الله بن أبي طلحة، وهي أم سليم بنت ملحان زوج أبي طلحة الأنصاري، وهي أم أنس بن مالك، كانت تحت أبيه مالك بن النضر فولدت له أنس بن مالك والبراء بن مالك، ثمَّ خلف عليها أبو طلحة. وقوله: من طول ما لُبسَ، أي: من طول ما افترش، قال الحافظ: فيه أن الافتراش يُسمى لبساً، وقد استدل به على منع افتراش الحرير لعموم النهي عن لبس الحرير، ولا يرد على ذلك أن من حلف لا يلبس حريراً فإنه يحنث بالافتراش، لأن الأيمان مبناها على العرف. وقوله: "فنضحتُه بماء" أي: رششتُه. وفي الحديث تنظيف مكان المصلى، وقيام الصبي مع الرجل صفاً، وتأخير النساء عن صفوف الرجال، وقيام المرأة صفاً وحدها إذا لم يكن معها امرأة غيرها، وفيه الاقتصار في نافلة النهار على ركعتين، وصحة صلاة الصبي المميز ووضوئه، وأن محل الفضل الوارد في صلاة النافلة منفرداً حيث لا يكون هناك مصلحة كالتعليم، بل يمكن أن يقال: هو إذ ذاك أفضل ولا سيما في حقه - صلى الله عليه وسلم -. (¬1) إسناده قوي من أجل هارون بن عنترة، وباقي رجاله ثقات. الأسود: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (876) من طريق محمَّد بن فضيل، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4030). وأخرجه بنحوه ضمن حديث مطول مسلم (534)، والنسائي في "الكبرى" (620) و (621) و (622) و (800) و (801) من طريق إبراهيم النخعي، عن علقمة والأسود، به.=

72 - باب الإمام ينحرف بعد التسليم

72 - باب الإمام ينحرف بعد التسليم 614 - حدَّثنا مُسدَّد حدَّثنا يحيى، عن سفيان، حدَّثني يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه قال: صَلّيتُ خلفَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان إذا انصَرَفَ انحَرَفَ (¬1). 615 - حدَّثنا محمّد بن رافعٍ، حدَّثنا أبو أحمد الزبيري، حدَّثنا مِسعَرٌ، عن ثابت بن عُبيدٍ، عن عُبيد بن البَراء عن البراء بن عازب قال: كنا إذا صَلَّينا خلفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحببنا أن نكونَ عن يمينه، فيُقبِلُ علينا بوجهه - صلى الله عليه وسلم - (¬2). ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (3927)، و"صحح ابن حبان" (1875). قال المنذري في "تهذيب السنن" 317/ 1: قال بعضهم: حديثُ ابن مسعود منسوخ، لأنه إنما تعلم هذه الصلاة من النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة، وفيها التطبيق وأحكام أخر هي الآن متروكة، وهذا الحكم من جملتها، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم -المدينة تركه. وانظر التعليق على "نصب الراية" 1/ 399. (¬1) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (1258) من طريق يحيي بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً الترمذي (217) من طريق هشيم بن بشير، أخبرنا يعلى، به. وهو في "مسند أحمد" (17474) و (17475). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبيد -وهو ابن البراء- وقد اختلفوا في تعيين اسمه كما هو مبين في "مسند أحمد" (18553). أبو أحمد الزبيري: هو محمَّد بن عبد الله بن الزُّبير، ومسعر: هو ابن كدام. وأخرجه مسلم (709)، والنسائي في "الكبرى" (898)، وابن ماجه (1006) من طرق عن مسعر، بهذا الإسناد، إلا أنه أُبهم اسم ابن البراء عندهم. وهو في "مسند أحمد" (18553)، وفيه تمام الكلام عليه.

73 - باب الإمام يتطوع في مكانه

73 - باب الإمام يتطوع في مكانه 616 - حدَّثنا أبو توبة الرَّبيع بن نافع، حدَّثنا عبد العزيز بن عبد الملك القرشي، حدَّثنا عطاء الخراساني عن المُغيرة بن شُعبة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُصَلِّ الإمامُ في الموضعِ الذي صلّى فيه حتَّى يتحوَّلَ" (¬1). قال أبو داود: عطاءٌ الخُراساني لم يُدرك المُغيرةَ بن شعبة. 74 - باب الإمام يُحدِث بعد ما يرفع رأسَه من آخر رَكعة (¬2) 617 - حدَّثنا أحمد بن يونس، حدَّثنا زهير، حدَّثنا عبد الرحمن بن زياد ابن أنعُمَ، عن عبد الرحمن بن رافع وبكر بن سَوَادة ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، عطاء -وهو ابن أبي مسلم- الخراساني لم يدرك المغيرة كما قال المصنف، وعبد العزيز القرشي مجهول، وإن كان مجهولاً متابع. وأخرجه ابن ماجه (1428) من طريق عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن المغيرة. وعثمان بن عطاء ضعيف. وفي الباب عن أبي هريرة سيأتي برقم (1006) وقد أورده البخاري في صحيحه بأثر حديث ابن عمر (848) معلقاً بصيغة التمريض، فقال: ويُذكر عن أبي هريرة رفعه: "لا يتطوع الإمام في مكانه" ولم يصح. وروى ابن أبي شيبة 209/ 2 - 210 بإسناد حسن فيما قال الحافظ في "الفتح" 2/ 335 عن علي رضي الله عنه قال: لا يتطوع الإمام في المكان الذي أم فيه القوم حتَّى يتحول من مكانه، أو يفصل بينهما بكلام. وحكى ابنُ قدامة في "المغني" 2/ 257 عن أحمد أنه كره ذلك، وقال: لا أعرفه عن غير علي. قال الحافظ في "الفتح": فكأنه لم يثبت عنده حديث أبي هريرة ولا المغيرة. وكأن المعنى في كراهة ذلك خشية التباس النافلة بالفريضة. (¬2) قوله: من آخر ركعة، أثبتناه من (هـ). وبهذه الزيادة يتضح المعنى.

75 - باب ما يؤمر المأموم من اتباع الإمام

عن عبد الله بن عمرو، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قضى الإمامُ الصَّلاةَ وقعدَ، فأحدَثَ قبلَ أن يتكلَّمَ فقد تَمَّتْ صلاتُه ومَن كان خلفَه ممَن أتمَّ الصَّلاةَ " (¬1). 618 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن ابن عَقيل، عن محمَّد ابن الحنفية عن علىّ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مِفتاحُ الصَّلاة الطهورُ، وتحريمُها التكبيرُ، وتحليلُها التَّسليمُ" (¬2). 75 - باب ما يؤمر المأموم من اتباع الإمام 619 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابن عَجلان، حدَّثني محمَّد بن يحيى بن حَبّان، عن ابن مُحيريزٍ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد بن أنعم. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه الترمذي (410) من طريق عبد الرحمن بن زياد، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث ليس إسناده بالقوي وقد اضطربوا في إسناده. ونقل الحافظ ابن حجر في "الفتح" ضعفه عن الحفاظ. وقال الخطابي في "معالم السنن" هذا حديث ضعيف، وقد تكلم الناس في نقلته، وقد عارضته الأحاديث التي فيها إيجاب التشهد والتسليم، ولا أعلم أحداً من الفقهاء قال بظاهره. وفى الباب عن ابن مسعود سيأتي برقم (970). (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن عقيل -وهو عبد الله بن محمَّد- وباقي رجاله ثقات. وهو مكرر الحديث السالف برقم (61)، وقد خرَّجناه هناك.

عن معاويةَ بن أبي سفيانَ، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُبادِروني برُكوعٍ ولا بسُجودٍ، فإنه مهما أسبِقْكم به إذا ركعتُ تُدرِكوني به إذا رفعتُ، إنِّي قد بَدَّنتُ" (¬1). 620 - حدَّثنا حفص بن عمر، حدَّثنا شُعبة، عن أبي إسحاقَ، قال: سمعتُ عبد الله بن يزيدَ الخَطمي يخطُبُ الناس، قال: حدَّثنا البراء -وهو غيرُ كَذوب-: أنَّهم كانوا إذا رفعوا رؤوسَهم من الركوع مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاموا قياماً، فإذا رأوه قَد سجدَ سجدوا (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عَجلان، واسمه محمَّد. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن محيريز: هو عبد الله. وأخرجه ابن ماجه (963) من طريقين عن ابن عجلان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16838)، و"صحيح ابن حبان" (2230). وله شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن حبان (2231)، وإسناده قوي. قوله: "إنى قد بدنتُ" قال الخطابي: يُروى على وجهين: أحدهما: بَدّنتُ، بتشديد الدال، ومعناه كبر السن، يقال: بدَّن الرجلُ تبديناً: إذا أسنّ. والآخر: بدُنت، مضمومة الدال غير مشددة، ومعناه: زيادة الجسم واحتمال اللحم. وروت عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما طعن في السن احتمل بدنه اللحم. وكل واحد من كبر السن واحتمال اللحم يثقل عن الحركة. (¬2) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه البخاري (747)، والنسائى في "الكبرى" (536) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (690)، ومسلم (474) (198)، والترمذي (280) من طريق سفيان الثوري، والبخاري (811) من طريق إسرائيل، ومسلم (474) (197) من طريق زهير، ثلاثتهم عن أبي إسحاق، به بلفظ: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال: "سمع الله لمن حمده" لم يَحنِ أحد منا ظهره حتَّى يقع النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجداً، ثمَّ نقع سجوداً بعده.=

76 - باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله

621 - حدَّثنا زُهير بن حربِ وهارون بن معروفٍ -المعنى-، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن أبانَ بن تَغلِب -قال زُهيرٌ: قال: حدَّثنا الكوفيون أبانُ وغيره-، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء قال: كُنّا نُصَلّي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يَحنُو أحدٌ منَّا ظَهرَه حتَّى يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - يَضَعُ (¬1). 622 - حدَّثنا الربيع بن نافعِ، حدَّثنا أبو إسحاقَ -يعني الفَزَاريَ-، عن أبي إسحاقَ، عن مُحارِب بن دِثَارٍ قال: سمعتُ عبد الله بن يزيدَ يقول على المِنبَر: حدَّثني البراء: أنهم كانوا يُصَلُّون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا ركع ركعوا، وإذا قال: "سمعَ اللهُ لِمَن حمده" لم نزلْ قياماً حتَّى يَرَوهُ (¬2) قد وضعَ جَبهَتَه بالأرض، ثمَّ يَتَبِعُونه - صلى الله عليه وسلم - (¬3). 76 - باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله 623 - حدَّثنا حفص بن عمر، حدَّثنا شُعبةُ، عن محمَّد بن زياد ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (18511) و (18657)، و"صحيح ابن حبان" (2226). وانظر الحديثين الآتيين بعده. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، والحكم: هو ابن عتيبة. وأخرجه مسلم (474) (200) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد، ولفظه: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يحنو أحدٌ منا ظهره حتَّى نراه قد سجد. وانظر ما قبله. (¬2) جاء في (أ) و (ب) و (د): حتَّى يرونه، وضبب عليها في (أ) و (ب)، وجاءت على الجادة في (ج) و (هـ)، ونسخة على هامش (أ) و (ب) وصححاها. (¬3) إسناده صحيح. أبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمَّد، وشيخه أبو إسحاق: هو سليمان بن أبي سليمان الشيبانى. وأخرجه مسلم (474) (199) من طريق أبي إسحاق الفزاري، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (620).

77 - باب فيمن ينصرف قبل الإمام

عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أما يخشى -أو: ألا يخشى- أحدُكم إذا رفعَ رأسَه والإمامُ ساجد أن يُحوّلَ اللهُ رأسَه رأسَ حِمارٍ, أو صورتَه صورةَ حِمارٍ" (¬1). 77 - باب فيمن ينصرف قبل الإمام 624 - حدَّثنا محمَّد بن العلاء، أخبرنا حفص بن بُغَيل الدُّهني (¬2)، حدَّثنا زائدةُ، عن المختار بن فُلفُل ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (691)، ومسلم (427)، والترمذي (589)، والنسائي في "الكبرى" (904)، وابن ماجه (961) من طرق عن محمَّد بن زياد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7534)، و"صحيح ابن حبان" (2282). والحديث نص في المنع من تقدم المأموم على الإمام في الرفع من السجود، ويلتحق به الركوع، لكونه فى معناه، وأما التقدم على الإمام في الخفض للركوع والسجود، فقيل: يلتحق به من باب الأولى، لأن الاعتدال والجلوس بين السجدتين من الوسائل، والركوع والسجود من المقاصد، وإذا دلّ الدليلُ على وجوب الموافقة فيما هو وسيلة، فأولى أن يجب فيما هو مقصد. وظاهر الحديث يقتضي تحريم الرفع قبل الإمام لكونه توعد عليه بالمسخ، وهو أشد العقوبات، وبذلك جزم النووي في "شرح المهذب" ومع القول بالتحريم فالجمهور أن فاعله يأثم وتجزئ صلاته، وعن ابن عمر: تبطل وبه قال أحمد في رواية وأهل الظاهر بناء على أن النهي يقتضي الفساد. واختلفوا في الوعيد المذكور، فقيل: يحتمل أن يرجع ذلك لأمرٍ معنوي، فإن الحمار موصوف بالبلادة فاستعير هذا المعنى للجاهل بما يجب عليه من فرض الصلاة ومتابعة الإمام، ويرجح هذا أن التحويل لم يقع مع كثرة الفاعلين، وحمله آخرون على ظاهره، إذ لا مانع من جواز وقوع ذلك ... أفاده الحافظ في"الفتح" 2/ 183 - 184. (¬2) هكذا نسبهُ في (أ) و (د) و (هـ)، نسبة إلى دهن بن معاوية بن أسلم، وهو الصواب كما قال ابن نقطة في "تكملة الإكمال" وابن حجر في "تبصير المنتبه"، وجاء في (ج): المرهبي كما في "تهذيب الكمال" وفروعه، وهو خطأ.

78 - باب جماع أبواب ما يصلى فيه

عن أنس: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حَضهُم على الصَّلاةِ ونهاهم أن يَنصَرِفوا قبلَ انصرافِه من الصَّلاة (¬1). 78 - باب جِماع أبواب (¬2) ما يُصلَّى فيه 625 - حدَّثنا القَعنَبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيِّب عن أبي هريرة: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن الصَّلاةِ في ثَوبٍ واحدٍ، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم-: "أوَلكُلِّكم ثوبان؟! " (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، حفص بن بغيل روى عنه جمع، ولا يعرف بجرح ولا تعديل، وباقي رجاله ثقات. زائدة: هو ابن قدامة. وهو في "مسند أحمد" (12276) من طريق زائدة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (426)، والنسائي في "الكبرى" (1288) من طريقين عن المختار ابن فلفل، عن أنس قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فلما قضى الصلاة أقبل علينا بوجهه، فقال: "أيها الناس، إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا بالانصراف، فإني أراكم أمامي ومن خلفي ... ". وهو في "مسند أحمد" (11997). وقوله: ونهاهم أن ينصرفوا قبل انصرافه من الصلاة. قال الطيبي: وعلة نهيه - صلى الله عليه وسلم - أصحابه عن انصرافهم قبله أن يذهب النساء اللاتي يصلين خلفه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يثبت في مكانه حتَّى ينصرف النساء ثمَّ يقوم ويقوم الرجال. وقد روى البخاري، عن أم سلمة: أن النساء في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كن إذا سَلّمن، قمن، وثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام الرجال. (¬2) انظر التعليق على باب رقم (59) بين يدي الحديث (580). (¬3) إسناده صحيح. القَعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن شهاب: هو الزُّهريّ. وهو في "موطأ مالك" 1/ 140، ومن طريقه أخرجه البخاري (358)، ومسلم (515) (275)، والنسائي في "الكبرى" (841).=

626 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يُصَل أحدُكم في الثوبِ الواحدِ ليس على مَنكِبَيهِ منه شيءٌ" (¬1). 627 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي (ح) وحدثنا مُسدَّد، حدَّثنا إسماعيلُ -المعنى-؛ عن هشام بن أبي عبد الله، عن يحيي بن أبي كثير، عن عِكرمة ¬

_ =وأخرجه مسلم (515) (275) من طريقي عقيل ويونس، عن الزُّهريّ، عن سعيد ابن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7251)، و"صحيح ابن حبان" (2295). وأخرجه البخاري (365)، ومسلم (515) (276) من طريق محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وأخرجه البخاري (359)، ومسلم (516)، والنسائى في "الكبرى" (847) من طريقين عن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7307). قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 4/ 196 - 197: قال مالك وأبو حنيفة والشافعي رحمهم الله والجمهور: هذا النهي للتنزيه لا للتحريم، فلو صلى في ثوب واحد ساتر لعورته ليس على عاتقه منه شيء، صحت صلاته مع الكراهة، سواء قدر على شيء يجعله على عاتقه أم لا، وقال أحمد وبعض السلف رحمهم الله: لا تصح صلاته إذا قدر على وضع شيء على عاتقه إلا بوضعه لظاهر الحديث، وعن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى رواية: أنه تصح صلاته، ولكن يأثم بتركه، وحجة الجمهور قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر رضي الله عنه: "فإن كان واسعاً فالتحف به، وإن كان ضيقاً فاتزر به" رواه البخاري (361).

عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلَّى أحدُكم في ثوب فليُخالِف بطَرَفَيهِ على عاتِقَيهِ" (¬1). 628 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا الليثُ، عن يحيى بن سعيد، عن أبي أمامةَ بن سهْل عن عمر بن أبي سلمة قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصَلّي في ثوب واحد مُلتَحِفاً مُخالِفاً بين طَرَفَيهِ على مَنكِبَيهِ (¬2). 629 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا مُلازمُ بن عَمرو الحنفي، حدَّثنا عبد الله بن بدرٍ، عن قيس بن طَلق عن أبيه، قال: قَدِمْنا على نبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم -، فجاء رجلٌ، فقال: يا نبي الله: ما ترى في الصَّلاة في الثَّوبِ الواحدِ؟ قال: فأطلَقَ رسولُ الله ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم المعروف بابن علية، وهشام بن أبي عبد الله: هو الدستُوائي. وأخرجه البخاري (360) من طريق شيبان النحوي، عن يحيي بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7466)، و"صحيح ابن حبان" (2304). (¬2) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، ويحيي بن سعيد: هو الأنصاري، وأبو أمامة بن سهل: هو أسعد بن سهل بن حنيف. وأخرجه مسلم (517) (280) عن قتيبة بن سعيد وعيسى بن حماد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (354 - 356)، ومسلم (517) (278) و (279)، والترمذي (339)، والنسائي في "الكبرى" (842)، وابن ماجه (1049) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة. وبعضهم يزيد على بعض. وهو في "مسند أحمد" (16333)، و"صحيح ابن حبان" (2291) و (2292).

79 - باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلي

- صلى الله عليه وسلم - إزارَه، طارَقَ به رداءَه، فاشتَمَلَ بهما، ثمَّ قام، فصلَّى بنا نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا أن قضى الصَّلاة قال: "أَوَكُلكم يجدُ ثَوبَين؟! " (¬1). 79 - باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثمَّ يصلي 630 - حدَّثنا محمَّد بن سليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن أبي حازم عن سهل بن سعد، قال: لقد رأيتُ الرِّجالَ عاقِدِي أُزُرِهم في أعناقِهم من ضِيقِ الأزُرِ خلفَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصَّلاة كأمثال الصِّبيان، فقال قائلٌ: يا معشرَ النساء لا تَرفَعْنَ رؤوسَكُنَّ حتَّى يرفعَ الرِّجالُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل قيس بن طلق، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الطيالسي (1098)، وابن سعد في "الطبقات" 5/ 552 - 553، وابن أبي شيبة 1/ 311، وأحمد (16285) و (16287) و (24009/ 18) و (24009/ 22)، والطحاوي 1/ 379، وابن حبان (2297)، والطبراني (8245) و (8253) و (8255) , وابن عدي في ترجمة أيوب بن عتبة من "الكامل" 1/ 345، والبيهقي 2/ 240 من طرق عن قيس بن طلق، به. وقوله: طارق به رداءه. من طارقت الثوب على الثوب: إذا طبقته عليه. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وأبو حازم: هو سلمة بن دينار الأعرج. وأخرجه البخاري (362)، ومسلم (441)، والنسائي في "الكبرى" (844) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15562)، و"صحيح ابن حبان" (2216) و (2301). قال الحافظ: وإنما نهى النساء عن ذلك لئلا يلمحن عند رفع رؤوسهن من السجود شيئاً من عورات الرجال بسبب ذلك عند نهوضهم، وعند أحمد (26948) وأبي داود (851) من حديث أسماء بنت أبي بكر، ولفظه: فلا ترفع رأسها حتَّى يرفع الرجال رؤوسهم كراهة أن يرين من عورات الرجال. ويؤخذ منه أنه لا يجب التستر من أسفل.

80 - باب الرجل يصلي في ثوب بعضه على غيره

80 - باب الرجل يصلي في ثوبٍ بعضه على غيره 631 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسي، حدَّثنا زائدة، عن أبي حَصِين، عن أبي صالح عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى في ثَوبٍ بعضُه عليَّ (¬1). 81 - باب الرجل يصلي في قميص واحد 632 - حدَّثنا القَعنَبي، حدَّثنا عبد العزيز -يعني ابن محمَّد-، عن موسى ابن إبراهيم عن سَلَمة بن الأكوع، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، إنِّي رجلٌ أصِيْدُ فأُصَلي في القَميصِ الواحد؟ قال: "نعم، وازرُرْهُ ولو بشَوكةٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة، وأبو حَصِين: هو عثمان بن عاصم ابن حُصين. وهو في "مسند أحمد" (24413). وانظر ما سلف برقم (370). (¬2) إسناده حسن، عبد العزيز بن محمَّد -وهو الدراوردي- صدوق قوي الحديث، وموسي بن إبراهيم -وهو ابن عبد الرحمن المخزومي- روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحح حديثه ابن خزيمة وابن حبان، ووثقه الذهبي في "الكاشف". وأخرجه النسائي في "الكبرى" (843) من طريق عطاف بن خالد، عن موسي بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وعلقه البخاري في باب وجوب الصلاة في الثياب فقال: ويُذكر عن سلمة بن الأكوع، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يَزُرُّه ولو بشوكة"، وفي إسناده نظر. وهو في "مسند أحمد" (16520)، و"صحيح ابن حبان" (2294). وقوله: إني رجل أصيدُ. فعل مضارع من صاد يصيد بوزان أبيع، ولفظ أحمد إني أكون أحياناً فى الصيد. وقول بعضهم: هو أصيد على وزن أفعل كأحمر وهو مَن في رقبته علة لا يمكن الالتفات معها وَهمٌ.

82 - باب إذا كان ثوب ضيق

633 - حدَّثنا محمَّد بن حاتم بن بَزيعٍ، حدَّثنا يحيي بن أبي بُكيرٍ، عن إسرائيلَ، عن أبي حَومَلِ العامري -قال أبو داود: كذا قال: وهو أبو حَرمَل-, عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، عن أبيه قال: أمَّنا جابر بن عبد الله في قَميصٍ ليس عليه رِداءٌ، فلمَّا انصَرَفَ قال: إني رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلّي في قميصٍ (¬1). 82 - باب إذا كان ثوبٌ ضيقٌ 634 - حدَّثنا هشام بن عمّار وسليمان بن عبد الرحمن ويحيي بن الفضل السجستاني، قالوا: حدَّثنا حاتم -يعني ابنَ إسماعيل-، حدَّثنا يعقوب بن مجاهد أبو حَزرةَ، عن عُبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: أتينا جابراً -يعني ابن عبد الله- قال: سِرتُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوةٍ، فقام يُصلّي، وكانت عليّ بُردةٌ ذهبتُ أُخالِفُ بين طَرَفَيها فلم ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف مرفوعاً، أبو حومل -أو حرمل- العامري مجهول، وكذا محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي بكر وأبوه. إسرائيل: هو ابن يونس السبيعي. وأخرجه عبد الرزاق (1400) عن إسرائيل، عن رجل سماه وعن أبيه: أن جابر أمهم ... فذكره. وأخرج ابن أبي شيبة 2/ 226 عن وكيع، عن عكرمة بن عمار، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر أنه أمهم في قميص واحد. وهذا إسناد صحيح، لكنه موقوف. وأخرج أبو نعيم في "مسند أبي حنيفة" ص 135 من طريق عبد الرحمن بن يزيد المقرئ، عن أبي حنيفة، عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر: أنه رآه يصلي في قميص واحد خفيف ليس عليه إزار ولا رداء، ولا أظنه صلى فيه إلا ليرينا أنه لا بأس في الصلاة في الثوب الواحد. وقال أبو نعيم: ورواه أبو يوسف عنه فقال: عطاء بن يسار. قلنا: رواية أبي يوسف في "الآثار" (166)، وابن يسار وابن أبي رباح كلاهما ثقة.

تبلغ لي وكانت لها ذباذب، فنكَستُها، ثمَّ خالَفتُ بين طَرَفَيها، ثمَّ تواقصتُ عليها لا تسقُطُ، ثمَّ جئتُ حتَّى قمتُ عن يَسارِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فأخذَ بيدي فأدارني حتَّى أقامني عن يمينه، فجاء ابنُ صخرٍ حتَّى قامَ عن يَسارِه فأخَذَنا بيَدَيهِ جميعاً حتَّى أقامَنا خلفَه. قال: وجعل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يرمُقُني وأنا لا أشعُرُ، ثمَّ فَطِنتُ به، فأشار إليَّ أن أتَّزِرَ بها، فلما فَرَغَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يا جابر" قلتُ: لبيك يا رسولَ الله، قال: "إذا كان واسعاً فخالِف بينَ طَرَفَيهِ، وإذا كان ضَيِّقاً فاشدُدْهُ على حِقْوِكَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم ضمن حديث طويل (3010) من طريقين عن حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (2197). وأخرجه مختصراً بنحوه مسلم (766) من طريق محمَّد بن المنكدر, عن جابر. وأخرجه مختصراً بالصلاة في الثوب الواحد البخاري (361) من طريق سعيد بن الحارث، عن جابر. وأخرجه ابن ماجه (974) من طريق شرحبيل بن سعد، عن جابر قال: كان رسول الله يصلي المغرب، فجئت فقمت عن يساره، فأقامني عن يمينه. قوله: "وكانت عليَّ بُردةٌ" هي الشملة المخططة، وقيل: كساء مربع فيه صِغَر تلبسُه الأعراب. والذباذب: الأهداب والأطراف، مفردها ذبذِب، سميت بذلك، لأنها تتذبذب على صاحبها إذا مشى، أي: تتحرك وتضطرب. وقوله: "فنكستها" بتخفيف الكاف وتشديدها، أي: قلبتها "ثمَّ تواقصتُ عليها" أي: أمسكت عليها بعنقي وحنيتُ عليها لئلا تسقط. والحِقْوُ: مَعقِدُ الإزار، والمراد هنا أن يبلغ السرة.

635 - حدَّثنا سليمان بن حرب، حدَّثنا حمادُ بن زيد، عن أيوب، عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: أو قال: قال عمر رضي الله عنه: "إذا كان لأحدكم ثَوبانِ فليُصَلِّ فيهما، فإن لم يكن إلا ثوبٌ واحدٌ فليَتَزِر، ولا يَشتَمِل اشتمالَ اليهودِ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، لكن شك نافع في رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أو وقفه على عمر، ورجح الطحاوي وقفه كما سيأتي. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه الطحاوي 1/ 377، والبيهقي 2/ 236، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 371 من طريقين عن أيوب، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن خزيمة (766)، والبيهقي 2/ 235 من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب، به مرفوعاً من غير شك. وأخرجه عبد الرزاق (1390)، وأحمد (6356)، والطحاوي 1/ 377 من طريق ابن جريج، والطحاوي 1/ 377 من طريق جرير بن حازم، كلاهما عن نافع، به على الشك. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (7062) من طريق عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر -قال عمر بن نافع: لا أعلمه إلا قد رفعه- فذكره. وأخرجه الطحاوي 1/ 378، والطبراني في "الأوسط" (9368)، والبيهقي 2/ 235 - 236 من طريق موسى بن عقبة، والطحاوي 1/ 378، وابن حبان (1713)، والبيهقي 2/ 235 من طريق توبة العنبري، والطبراني في "الأوسط" (6008) من طريق علي بن ثابت، ثلاثتهم عن نافع، به مرفوعاً من غير شك. ورواية توبة العنبري مختصرة. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 314، والطحاوي 378/ 1 من طريق الزُّهريّ، عن سالم، عن ابن عمر: أن عمر رأى رجلاً يصلي ملتحفاً فقال: لا تشبهوا باليهود، من لم يجد منكم إلا ثوباً واحداً فليتزر به. قال الطحاوي: فهذا سالم -وهو أثبت من نافع وأحفظ- إنما روى ذلك عن ابن عمر، عن عمر، لا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -, فصار هذا الحديث عن عمر رضي الله عنه، لا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

83 - باب الإسبال في الصلاة

636 - حدَّثنا محمّد بن يحيى الذُّهلي، حدَّثنا سعيد بن محمَّد، حدَّثنا أبو تُمَيلةَ، حدَّثنا أبو المُنيب، عن عبد الله بن بُريدة عن أبيه قال: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُصلَّى في لِحافٍ لا يُتوشَّحُ به، والآخرُ أن تُصلِّيَ في سَراويلَ وليس عليك رداء (¬1). 83 - باب الإسبال في الصلاة (¬2) 637 - حدَّثنا زيد بن أخزَمَ، حدَّثنا أبو داودَ، عن أبي عَوَانةَ، عن عاصم، عن أبي عثمان ¬

_ =تنبيه: هذا الحديث والذي يليه جاء في (أ) و (ب) و (ج) و (د) بعد حديث ابن مسعود في الإسبال الآتى برقم (637)، مبوَّباً عليهما: باب من قال: يتزر به إذا كان ضيقاً. والمثبت من (هـ) حيث أخَّر حديثي ابن مسعود وأبي هريرة في الإسبال، إلا أنه قدم حديث أبي هريرة وبوّب عليهما: باب الإسبال في الصلاة. وهو الأليق في ترتيب الأحاديث إن شاء الله. (¬1) إسناده حسن في الشواهد من أجل أبي المنيب -وهو عبيد الله بن عبد الله العتكي-. أبو تُميلة: هو يحيي بن واضح. وأخرجه الرويانى في "مسنده" (26)، وابن عدي في ترجمة أبي المنيب من "الكامل" 4/ 1366 - 1367، والحاكم 1/ 250 و 4/ 272, والبيهقي 2/ 236 من طريق أبي تميلة يحيي بن واضح، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن عدي في ترجمة سفيان بن هشام من "الكامل" 3/ 1252 من طريق هشام بن سفيان، عن أبي المنيب العتكي، به. قوله: "لا يتوشح به" قال في "عون المعبود" 239/ 2: قال في "المجمع": التوشيح: أن يأخذ طرف ثوب ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى، ويأخذ طرفه الذي ألقاه على الأيسر تحت يده اليمنى، ثمَّ يعقدهما على صدره، والمخالفة بين طرفيه والاشتمال بالثوب بمعنى التوشح. (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (هـ).

عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أسبَل إزارَه في صَلاتِه خُيَلاءَ، فليس من الله جل ذِكره في حِلٍّ ولا حَرَامٍ" (¬1). قال أبو داود: روى هذا جماعةٌ عن عاصم موقوفاً على ابن مسعود، منهم حمَّاد بن سلمة، وحماد بن زيد، وأبو الأحوص، وأبو معاوية. 638 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا يحيى، عن أبي جعفر، عن عطاء بن يَسَار عن أبي هريرة قال: بينما رجل يُصلِّي مُسبلاً إزارَه إذ قال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اذهَبْ فتوضّأ" فذهبَ فتوضّأ، َ ثمَّ جاء، ثمَّ قال: "اذهَبْ فتوضَّأ" فذهب فتوضّأ، ثمَّ جاء، فقال له رجلٌ: يا رسولَ الله، ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، إلا أنه قد اختلف على عاصم -وهو ابن سليمان الأحول- في رفعه ووقفه كما قال المصنف، والوقف أصح، لكن قال الحافظ في "الفتح" 10/ 257: مثل هذا لا يقُال بالرأي، يعني أن له حكمَ المرفوع. أبو داود: هو الطيالسي، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو عثمان: هو عبد الرحمن بن ملّ النهدي. وهو في "مسند الطيالسي" (351) عن أبي عوانة وثابت أبي زيد -وهو ابن يزيد الأحول-، عن أبي عثمان، عن ابن مسعود، رفعه أبو عرانة ولم يرفعه ثابت. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (9600) من طريق أبي عوانة، به، ولم يقل: "في صلاته". وأخرجه هناد في "الزهد" (846) عن أبي معاوية الضرير، عن عاصم، به موقوفاً. وأخرج ابن أبي شيبة 378/ 8 من طريقين عن القاسم بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن حرملة، عن ابن مسعود: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن جر الإزار. وفي باب النهي عن إسبال الإزار بوجه عام عن غير واحد من الصحابة، ستأتي أحاديثهم برقم (4084) وما بعده.

84 - باب في كم تصلي المرأة

ما لَكَ أَمَرْتَه أن يتوضَّأ؟! قال: "إنه كان يُصلَّي وهو مُسبِل إزارَه، وإنَّ الله جل ذِكرُه لا يقبلُ صلاةَ رجلٍ مُسبِلٍ إزارَه" (¬1). 84 - باب في كم تصلي المرأة 639 - حدَّثنا القَعنَبي، عن مالك، عن محمّد بن زيد بن قُنفُذ، عن أمِّه أنَها سألت أم سلمة: ماذا تصلي فيه المرأةُ من الثياب؟ فقالت: تُصلّي في الخِمارِ والدرْعِ السَّابغ الذي يُغيب ظُهورَ قَدمَيها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي جعفر -وهو الأنصاري المدني- كما صرح به البيهقي في "السنن" 2/ 242، وباقي رجاله ثقات. أبان: هو ابن يزيد العطار، ويحيى: هو ابن أبي كثير. وأخرجه مختصراً بالمرفوع منه دون القصة النسائى في "الكبرى" (9703) من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد، إلا أنه أبهم أبا هريرة فقال: حدثنى رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهو بتمامه في "مسند أحمد" (11628). وسيأتي مكرراً برقم (4086). (¬2) رجاله ثقات غيرَ أم حرام والدة محمَّد بن زيد بن قنفذ، فلم يرو عنها غير ابنها، وقال الذهبي في "الميزان": لا تُعرف. وهو في "موطأ مالك" 1/ 142، ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق (5028)، والبيهقي 2/ 232، والبغوي في "شرح السنة" (526). وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 8/ 476 من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، وإبن أبي شيبة 2/ 225، والبيهقي 2/ 232 من طريق هشام بن سعد، وابن أبي شيبة 1/ 225 عن حفص بن غياث، والبيهقي 2/ 232 من طريق ابن أبي ذئب، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" 739/ 2 من طريق إسماعيل بن جعفر، خمستهم عن محمَّد بن زيد، به. وفي باب صلاة النساء بدرع وخمار موقوفاً عن:=

640 - حدَّثنا مجاهد بن موسى، حدَّثنا عثمان بن عمر، حدَّثنا عبد الرحمن بن عبد الله -يعني ابنَ دينار-,عن محمّد بن زيد، بهذا الحديث، قال: عن أم سلمة أنها سألت النبيّ - صلى الله عليه وسلم-: أتُصلّي المرأةُ في دِرْعٍ وخِمارٍ ليس عليها إزارٌ؟ قال: "إذا كان الدرع سابغاً يُغَطي ظُهورَ قَدَمَيها" (¬1). قال أبو داود: روى هذا الحديثَ مالكُ بن أنس، وبكرُ بن مُضَر، وحفصُ بن غِياث، وإسماعيلُ بن جعفر، وابن أبي ذئب، ¬

_ =عائشة عند عبد الرزاق (5029)، وابن أبي شيبة 2/ 224 و 226. وميمونة عند مالك 1/ 142، وابن أبي شيبة 2/ 225. وابن عباس عند عبد الرزاق (5030)، وابن أبي شيبة 2/ 225. قال ابن عبد البر في "الاستذكار" 443/ 5: والذي عليه فقهاء الأمصار بالحجاز والعراق أن على المرأة الحرة أن تغطي جسمها كُلَّه بدرعٍ صفيق سابغ وتُخمِّرَ رأسها، فإنها كلها عورة إلا وجهها وكفيها، وأن عليها سترَ ما عدا وجهها وكفيها. وقال صاحب "المغني" 2/ 326 - 329: أجمعوا على أن للمرأة كشف وجهها في الصلاة واختلفوا في الكفين، وقال أبو حنيفة: القدمان ليسا من العورة، وقال مالك والشافعي والجمهور: إنه لا يجوز لها إلا كشف الوجه والكفين. ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى" 22/ 114 عن أبي حنيفة: أنه يجوز إبداء القدم، وقال: وهو الأقوى، فإن عائشة رضي الله عنها جعلته من الزينة الظاهرة، قالت {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قالت: الفتخ: حلق من فضة تكون في أصابع الرجلين رواه ابن أبي حاتم. (¬1) إسناده ضعيف مرفوعاً، عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ضعيف من جهة حفظه، وقد خالفه جماعة، فرووه عن محمَّد بن زيد موقوفاً كما قال المصنف، وقد سلف تخريجُ رواياتهم فيما قبله، وقال الدارقطني في "العلل" -كما في "نصب الراية" 1/ 300 - عن الموقوف: إنه الصواب. وأخرجه الدارقطني في "السنن" (1785)، والحاكم 1/ 250، والبيهقي 2/ 233 من طريق عثمان بن عمر، بهذا الإسناد.

85 - باب المرأة تصلي بغير خمار

وابن إسحاق عن محمَّد بن زيد، عن أمه، عن أم سلمة، لم يذكر أحدٌ منهم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَصَروا به على أمِّ سلمة. 85 - باب المرأة تصلي بغير خِمار 641 - حدَّثنا محمَّد بن المثنى، حدَّثنا حجاج بن مِنهالٍ، حدَّثنا حمَّاد، عن قتادةَ، عن محمَّد بن سيرين، عن صفية بنت الحارث عن عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -أنه قال: "لا يَقبَلُ اللهُ صلاةَ حائضٍ إلا بخِمارٍ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن، صفية بنت الحارث -وهي العبدرية أم طلحة الطلحات- روى عنها محمَّد بن سيرين وقتادة، وذكرها ابن حبان في ثقات التابعين 4/ 385 - 386، وتفرد ابن حجر في "التقريب" فعدها صحابية، ولم يُتابَع، وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تنزل عندها بالبصرة بعد وقعة الجمل، وباقي رجاله ثقات. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه الترمذي (378)، وابن ماجه (655) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (25167)، و"صحيح ابن حبان" (1711) و (1712). وانظر ما بعده. قال الخطابي: يريد بالحائض المرأة التي بلغت سن الحيض ولم يرد به التي هي في أيام حيضها، لأن الحائض لا تصلى بوجه، والخمار: ما يتخمر به من ستر الرأس. وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" 5/ 443: والذي عليه فقهاء الأمصار بالحجاز والعراق أن على المرأة الحرة أن تغطي جسمها كله بدرع صفيق سابغ وتخمر رأسها، فإنها كلها عورة إلا وجهها وكفيها، وأن عليها ستر ما عدا وجهها وكفيها. وقال صاحب "المغني" 2/ 331: فإن انكشف من المرأة شئ يسير عفي عنه، وقول الخرقي: إذا انكشف من المرأة الحرة شيء سوى وجهها وكفيها أعادت الصلاة: محمولٌ على ما يكثر ويفحش، ولا حد للكثير واليسير، وإنما المرجع في ذلك إلى العرف، لأن التقدير طريقه التوقيف ولا توقيف في هذا، ولأنه يشق التحرز من اليسير، فعفي عنه قياساً على يسير عورة الرجل.

86 - باب السدل في الصلاة

قال أبو داود: رواه سعيد -يعني ابنَ أبي عَروبة-، عن قتادة، عن الحسن، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 642 - حدَّثنا محمَّد بن عُبيد، حدَّثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمَّد أنَّ عائشة نزلت على صفيّة أم طلحة الطَّلَحات، فرأت بناتٍ لها، فقالت: إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - دخلَ وفي حُجرتي جارية، فألقى لي حِقْوَه، وقال لي: "شُقِّيه بشُقتَينِ، فأعطي هذه نصفاً والفتاةَ التي عند أم سلمة نصفاً، فإني لا أُراها إلا قد حاضت -أو: لا أُراهما إلا قد حاضتا-" (¬2). قال أبو داود: وكذلك رواه هشامٌ عن ابن سيرين (¬3). 86 - باب السَّدْل في الصلاة 643 - حدَّثنا محمَّد بن العلاء وإبراهيم بن موسى، عن ابن المبارك، عن الحسن بن ذكوان، عن سليمان الأحول ¬

_ (¬1) أخرجه الحاكم 1/ 251، والبيهقي 2/ 333 من طريق عبد الوهَّاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة, بهذا الإسناد مرسلاً. (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد منقطع، محمَّد -وهو ابن سيرين- لم يسمع من عائشة. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختيانى. وأخرجه أحمد (24646)، والبيهقي 6/ 75 من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (1996) من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن محمَّد بن سيرين، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة. والحِقو: الإزار، وأصله مرضعُ شدَّ الإزار، وهو الخاصرة. (¬3) هشام: هو ابن حسان القُردوسي، وروايتُه هذه أخرجها ابنُ أبي شيبة 2/ 229، وأحمد (26016) من طريقين عنه. وأخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (1995) من طريق حماد بن سلمة، عن هشام، عن محمَّد بن سيرين، عن صفية بنت الحارث، عن عائشة.

عن عطاء -قال إبراهيم: عن أبي هريرة-: أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السَّدْلِ في الصلاة، وأنْ يُغَطِّيَ الرجلُ فاه (¬1). ¬

_ (¬1) الحسن بن ذكوان مع كونه ضعفه غير واحد، فقد قال ابن عدي: روى عنه يحيي بن القطان وابن المبارك، وناهيك به جلالة أن يرويا عنه وأرجو أنه لا بأس به، قلنا: وروى له البخاري في "صحيحه" في "الرقائق" وباقي رجاله ثقات. وقد وقع في "تحفة الأشراف" 10/ 261 وهو بصدد إيراد طريق أبي داود: الحسين بن ذكوان، وذكر في ترجمة الحسين هذا من "تهذيب الكمال" 6/ 372 أنه روى عن سليمان الأحول ورمز لروايته بحرف (د)، وكذلك أخرجه الحاكم 1/ 253 من طريق ابن المبارك، فسماه الحسين بن ذكوان وقال: حديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، ووصف حسيناً هذا بالمعلم وهو لقب للحسين بن ذكوان وهو ثقة، فالسند على هذا صحيح. وأخرجه مختصراً بالنهي عن تغطية الفم في الصلاة ابن ماجه (966) من طريق الحسن بن ذكوان، بهذا الإسناد. وأخرج النهي عن السدل في الصلاة منه الترمذي (379) من طريق عسل بن سفيان، عن عطاء، به. وعسل بن سفيان ضعيف. وهو في "مسند أحمد" (7934)، وفيه تمام تخريجه وذكر شواهده، و"صحيح ابن حبان" (2353). وفسر الإمام الخطابي السدل بإرسال الثوب حتَّى يصيب الأرض، فهو والإسبال واحد عنده، وجاء في "النهايه": السدل: أن يلتحف بثوبه، ويدخل يديه من داخل، فيركع ويسجد وهو كذلك، وهذا مطرد في القميص وغيره من الثياب. وقيل: هو أن يضع وسط الإزار على رأسه، ويرصل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه، ورجح السيوطي القول الثاني، وقال: وهو الذي اختاره البيهقي والهروي في "الغريب" وجزم به من أصحابنا أبو إسحاق في "المهذب" والشاشي وصاحب "البيان" ومن الحنفية صاحب "الهداية" والزيلعي والزاهدي وغيرهم، ومن الحنابلة موفق الدين بن قدامة المقدسي.

87 - باب الصلاة في شعر النساء

644 - حدَّثنا محمَّد بن عيسى بن الطَّبَّاع، حدَّثنا حجاج عن ابن جُريج قال: أكثرُ ما رأيتُ عطاءً يُصلِّي سادلاً (¬1). قال أبو داود: وهذا يضعف ذلك الحديث (¬2). قال أبو داود: رواه عِسْلٌ، عن عطاء، عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السَّدْلِ في الصلاة. 87 - باب الصلاة في شُعُر النساء 645 - حدَّثنا عُبَيد الله بن معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا الأشعثُ، عن محمَّد -يعني ابن سيرين-، عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لا يُصلّي في شُعُرِنا أو لُحُفِنا. قال عُبيد الله: شكَّ أبي (¬3). ¬

_ (¬1) إسناد هذا الأثر صحيح. حجاج: هو ابن محمَّد المصيصي الأعور، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وقال البيهقي في "السنن" 242/ 2: وروينا عن عطاء بن أبي رباح أنه صلى سادلاً، وكأنه نسيَ الحديث، أو حمله على أن ذلك إنما لا يجوز للخيلاء، وكان لا يفعله خيلاء، والله أعلم. وأخرج أبو عبيد في "غريب الحديث" 3/ 482، ومن طريقه البيهقي 2/ 242 عن هشيم، أخبرنا عامر الأحول قال: سألتُ عطاء عن السدل فكرهه، فقلت: أعن النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: نعم. (¬2) قوله: قال أبو داود ... زيادة أثبتناها من (هـ). (¬3) إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ العنبري، والأشعث: هو ابن عبد الملك الحُمراني. وهو مكرر ما سلف برقم (367).

88 - باب الرجل يصلي عاقصا شعره

88 - باب الرجل يصلي عاقصاً شعره 646 - حدَّثنا الحسن بن علي، حدَّثنا عبد الرزاق، عن ابن جُريج، حدّثني عمران بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري يُحدِّث عن أبيه أنه رأى أبا رافع مولى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مرّ بحسن بن عليٍّ عليهما السلام وهو يُصلّي قائماً وقد غَرَزَ ضَفْرَه في قفاه، فحلّها أبو رافع، فالتفتَ حسن إليه مُغضَباً، فقال أبو رافع: أَقبِل على صلاتِكَ ولا تغضب، فإني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ذلك كِفْلُ الشَّيطان" يعني مَقعَدَ الشيطان، يعني مَغرِزَ ضَفرِه (¬1). 647 - حدَّثنا محمَّد بن سلمة، حدَّثنا ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، أن بُكيراً حدثه، أن كُريباً مولى ابن عباس حدَّثه ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات، عمران بن موسي روى عنه ابن جريج وإسماعيل ابن عُليه، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحح له هو وابن خزيمة، وقال الحافظ في "الفتح" 2/ 299: إسناده جيد. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (2291)، ومن طريقه أخرجه الترمذي (385) وقال: حديث حسن. وهو في "صحيح ابن حبان" (2279). وأخرجه ابن ماجه (1042) من طريق شعبة، عن مُخوّل بن راشد، عن أبي سعد رجل من أهل المدينة، عن أبي رافع. وقد اختلف في تعيين أبي سعد، كما اختلف في إسناده على مخول بن راشد كما هو مبين في التعليق على"المسند" (23856). قوله: "غرز ضَفره في قفاه" أي: لوى شعره، وأدخل أطرافه في أصوله، والمراد بالضفر -كما قال الخطابي- المضفور من الشعر، وأصل الضفر: الفتل، والضفير والضفائر هي العقائص المضفورة.

89 - باب الصلاة في النعل

أن عبدَ الله بنَ عبَّاس رأى عبد الله بنَ الحارث يُصلَّي، ورأسُه معقوصٌ (¬1) من ورائه، فقام وراءه فجعل يَحلُّه وأقرَّ له الآخرُ، فلمَّا انصرَفَ أقبَلَ إلى ابنِ عباس فقال: ما لَكَ ورأسي؟ قال: إني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنما مَثَلُ هذا مَثَلُ الذي يُصلَّي وهو مكتوفٌ" (¬2). 89 - باب الصلاة في النَّعل 648 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابن جُريج، حدَّثني محمَّد بن عبّاد ابن جعفر، عن ابن سفيان عن عبد الله بن السَّائب قال: رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي يومَ الفَتحِ ووضعَ نَعليهِ عن يَسَاره (¬3). ¬

_ (¬1) في (أ) و (ب) و (د): معقوصاً، والمثبت من (ج) و (هـ)، وهو الموافق لما في "صحيح مسلم". (¬2) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وبكير: هو ابن عبد الله بن الأشج. وأخرجه مسلم (492)، والنسائي في "الكبرى" (705) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2767)، و"صحيح ابن حبان" (2280). قوله: "ورأسه معقوص" أي: وشعر رأسه مربوط. وقوله: "وهو مكتوف" المكتوف: من شُدَّت يداه إلى خلف ظهره بحبل، والتشبيه في أن المكتوف إذا سجد لا تسجد يداه، وكذا هذا لا يسجد شعره. (¬3) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز، وابن سفيان: هو أبو سلمة عبد الله بن سفيان المخزومي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (854)، وابن ماجه (1431) من طريق يحيي بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1081) من طريق خالد بن الحارث، عن ابن جريج، به، وزاد فيه ما سيأتي بعده. وهو في "مسند أحمد" (15392)، و"صحيح ابن حبان" (2189).

649 - حدَّثنا الحسن بن علي، حدَّثنا عبد الرزاق وأبو عاصم قالا: أخبرنا ابن جُريج قال: سمعت محمَّد بن عبّاد بن جعفر يقول: أخبرني أبو سلمة بن سفيان وعبد الله بن المُسيّب العابِدِي وعبد الله بن عمرو عن عبد الله بن السائب، قال: صلَّى بنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الصُّبْحَ بمكَّة، فاستَفتَحَ سورةَ المؤمنين، حتَّى إذا جاء ذِكرُ موسى وهارون -أو: ذكرُ موسى وعيسى، ابنُ عبّاد يشكُّ أو اختلفوا-، أخذتِ النبي - صلى الله عليه وسلم - سَعْلةٌ، فحذفَ فركعَ. وعبدُ الله بن السائب حاضِرٌ لذلك (¬1). 650 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن أبي نَعَامة السَّعدي، عن أبي نَضْرة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (2707)، ومن طريقه أخرجه مسلم (455). وأخرجه مسلم (455) من طريق حجاج بن محمَّد، عن ابن جريج، به، إلا أنه قال: عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو وهم، صوابه: عبد الله بن عمرو بن عبد القاري كما في "المصنف"، وقد نبه على هذا الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في "الفتح" 256/ 2. وعلقه البخاري في "صحيحه" في كتاب الأذان: باب الجمع بين السورتين في الركعة، فقال: ويُذكر عن عبد الله بن السائب: قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - المؤمنون في الصبح ... وهو في "مسند أحمد" (15394)، و"صحيح ابن حبان" (1815). وأخرجه ابن ماجه (820) من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن ابن أيي مليكة، عن عبد الله بن السائب. وخطأ أبو حاتم في "العلل" 87/ 1 سفيان فيه، وقال: إنه لم يضبطه. وقوله: فحذف، أي: ترك القراءة. ويؤخذ من الحديث: أن قطع القراءة لعارض السعال ونحوه أولى من التمادي في القراءة مع السعال أو التنحنح ولو استلزم تخفيف القراءة فيما استحب فيه تطويلها. قاله الحافظ في "الفتح".

عن أبي سعيد الخُدْري قال: بينما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلّي بأصحابه إذ خلعَ نَعلَيهِ، فوضعهما عن يَسَاره، فلمَّا رأى ذلك القومُ ألقَوا نِعالَهم، فلمّا قضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صلاتَه قال: "ما حَمَلَكم على إلقائِكم نِعالَكم؟ " قالوا: رأيناكَ ألقَيتَ نَعلَيك فألقينا نِعالَنا، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن جبريلَ عليه السلام أتاني فأخبرني أنَّ فيهما قَذَراً" وقال: "إذا جاء أحدُكم إلى المَسجدِ فلينظُر، فإن رأى في نَعلَيهِ قَذَراً أو أذًى فليَمسَحهُ وليُصَلِّ فيهما" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطعة. وأخرجه الطيالسي (2154)، وابن سعد في "الطبقات" 1/ 480، وابن أبي شيبة 1/ 417 و418، وأحمد (11153) و (11877)، وعبد بن حميد (880)، والدارمي 1/ 230، وأبو يعلى (1194)، وابن خزيمة (1017)، والطحاوي 1/ 511، وابن حبان (2185)، والحاكم 1/ 260، والبيهقى 2/ 402، والبغوي في "شرح السنة" (299) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (1516) عن معمر، عن أيوب، عن رجل حدثه عن أبي سعيد الخدري. وأخرجه البيهقي 2/ 403 من طريق داود بن عبد الرحمن العطار، عن معمر، عن أيوب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد. وقال البيهقي عن هذا الطريق: غير محفوظ. وانظر ما بعده. قال ابن رسلان: الأذى في اللغة: هو المستقذر طاهراً كان أو نجساً. قال الصنعاني: وفي الحديث دلالة على شرعية الصلاة في النعال، وعلى أن مسح النعل من النجاسة مطهر له من القذر والأذى، والظاهر فيهما عند الإطلاق النجاسة، وسواء كانت النجاسة رطبة أو جافة ويدل له سبب الحديث. وقال الخطابي: فيه من الفقه أن من صلى وفي ثوبه نجاسة لم يعلم بها فإن صلاته مجزية ولا إعادة عليه، وفيه أن العمل اليسير لا يقطع الصلاة.

651 - حدَّثنا موسى -يعني ابنَ إسماعيل-، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا قتادة حدّثني بكر بن عبد الله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا، قال: "فيهما خَبَثٌ"، قال في الموضعين: "خَبَثٌ" (¬1). 652 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا مروان بن معاوية الفَزَاريُّ، عن هِلال ابن ميمون الرَّملي، عن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "خالِفُوا اليهودَ فإنَّهم لا يُصَلُّون في نِعالِهم ولا خِفافِهم" (¬2). 653 - حدَّثنا مُسلِم بن إبراهيمَ، حدَّثنا علي بن المبارك، عن حسينٍ المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه ¬

_ (¬1) رجاله ثقات وهو مرسل. أبان: هو ابن يزيد العطار. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده حسن من أجل هلال بن ميمون، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه البزَّار في "مسنده" (3480)، وابن حبان (2186)، والطبراني (7164) و (7165)، والحاكم 1/ 260، والبيهقي 2/ 432، والبغوي في "شرح السنة" (534) من طريق مروان بن معاوية، بهذا الإسناد. ولفظ ابن حبان وحده: "خالفوا اليهود والنصارى". قال في "الدر المختار" للحصكفي: وينبغى لداخل المسجد تعاهد نعله وخفه، وصلاته فيهما أفضل، وعلق ابن عابدين في "حاشيته" على قوله: "وصلاته فيهما" فقال: أي في النعل والخف الطاهرين أفضل مخالفة لليهود. لكن إذا خشي تلويث فرش المسجد بها ينبغي عدمه وإن كانت طاهرة، وأما المسجد النبوي فقد كان مفروشاً بالحصى في زمنه - صلى الله عليه وسلم - بخلافه في زماننا، ولعل ذلك محمل ما في "عمدة المفتي" من أن دخول المسجد منتعلاً من سوء الأدب. فتأمل. قال السهارنفوري في "بذل المجهود" 4/ 320 - 321: "وأما في زماننا فينبغي أن تكون الصلاة مأمورة بهما حافياً لمخالفة أهل الكتاب، فإنهم لا يخلعونها عن أرجلهم".

90 - باب المصلي إذا خلع نعليه أين يضعهما؟

عن جدِّه قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلّي حافياً ومُنتَعِلاً (¬1). 90 - باب المصلي إذا خَلَع نعلَيه أين يضعهما؟ 654 - حدَّثنا الحسن بن علي، حدَّثنا عثمان بن عمر، حدَّثنا صالح بن رُستُمَ أبو عامر، عن عبد الرحمن بن قيس، عن يوسف بن ماهَكَ عن أبي هريرة أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا صلَّى أحدُكم فلا يَضَعْ نَعلَيهِ عن يمينه، ولا عن يَسَاره فتكونَ عن يمين غيره، إلا أن لا يكون عن يَسَارِه أحدٌ، وليَضَعهما بينَ رِجلَيه" (¬2). 655 - حدَّثنا عبد الوهّاب بن نَجدة، حدَّثنا بقيةُ وشعيبُ بن إسحاقَ، عن الأوزاعي، حدَّثني محمَّد بن الوليد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا صلّى أحدُكم فخلعَ نَعلَيه، فلا يُؤذِ بهما أحداً، لِيَجعَلهما بينَ رِجلَيهِ أو لِيصَل فيهما" (¬3). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. حسين المعلم: هو ابن ذكوان. وأخرجه ابن ماجه (1038) من طريق حسين المعلم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6627). وللصلاة حافياً شاهد من حديث عبد الله بن السائب سلف برقم (648). وللصلاة منتعلاً شاهد من حديث أبي سعيد الخدري، وقد سلف قبله. وآخر من حديث أنس عند البخاري (386) و (5850)، ومسلم (555). (¬2) إسناده حسن في المتابعات والشواهد، صالح بن رستم صدوق كثير الخطأ، وعبد الرحمن بن إسحاق -وهو العتكي- روى عنه جمع، وذكره أبن حبان في "الثقات"، ولا يُعلم فيه جرح، فهو حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. وهو في "صحيح ابن حبان" (2188). ويشهد له ما بعده. (¬3) إسناده صحيح، بقية -وهو ابن الوليد، وإن كان ضعيفاً مدلساً- قد توبع في=

91 - باب الصلاة على الخمرة

91 - باب الصلاة على الخُمْرة 656 - حدَّثنا عمرو بن عون، حدَّثنا خالدْ، عن الشَّيبانى، عن عبد الله بن شدَّاد حدثتني ميمونةُ بنت الحارث قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وأنا حِذاءَه وأنا حائضٌ، وربَّما أصابني ثوبُه إذا سجد، وكان يُصلّي على الخُمرة (¬1). ¬

_ =هذا الإسناد نفسه. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وسعيد بن أبي سعيد: هو سعيد بن كيسان المقبري. وهو في "صحيح ابن حبان" (2182). وأخرجه ابن ماجه (1432) من طريق عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه بلفظ: "أَلزِم نعليك قدميك، فإنّ خلعتهما فاجعلهما بين رجليك، ولا تجعلهما عن يمينك، ولا عن يمين صاحبك، ولا وراءك فتؤذي من خلفك"، وعبد الله ابن سعيد متروك. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي، والشيباني: هو سليمان ابن أبي سليمان. وأخرجه البخاري (333)، ومسلم (513)، وابن ماجه (958) من طرق عن الشيباني، بهذا الإسناد. وليس في رواية ابن ماجه الصلاة على الخمرة. وهو في "مسند أحمد" (26806). وأخرجه مختصراً بالصلاة على الخمرة البخاري (381)، والنسائي في "الكبرى" (819)، وابن ماجه (1028) من طريقين عن الشيباني، به. وهو في "مسند أحمد" (26805) و (26849). وانظر ما سلف برقم (369). قولها: "كان يصلي على الخُمرة" هي سجادة صغيرة تُعمل من سَعَف النخل، فإن كانت كبيرة سُميت حصيراً، وسميت الخمرة بذلك لأنها تُخمّر وجه الأرض، أي:=

92 - باب الصلاة على الحصير

92 - باب الصلاة على الحصير 657 - حدَّثنا عُبيد الله بن معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبة، عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك قال: قال رجل من الأنصار: يا رسولَ الله، إني رجلٌ ضَخم -وكان ضخماً- لا أستطيعُ أن أُصليَ معك -وصنعَ له طعاماً ودعاه إلى بيته- فصَلّ حتَّى أراك كيف تُصلي فأقتديَ بك، فنضحوا له طَرَفَ حَصيرِ لهم، فقام فصلَّى ركعتَين. قَال فلانُ بنُ الجارود لأنس بن مالك: أكانَ يُصَلي الضحى؟ قال: لم أَرَهُ صلَّى إلا يومئذ (¬1). ¬

_ =تستره، وقيل: لأنها تستر الوجه والكفين من حر الأرض وبردها، وقيل: لأن خيوطها مستورة بسَعَفها. واستدل بهذا الحديث على أن ملاقاة بدن الطاهر وثيابه لا تفسد الصلاة، ولو كان متلبساً بنجاسة حكمية، وفيه إشارة إلى أن النجاسة إذا كانت عينية قد تضر. وفيه أن محاذاة المرأة لا تفسد الصلاة. أفاده في "الفتح" 1/ 488. وقال ابن بطال: لا خلاف بين فقهاء الأمصار في جواز الصلاة على الخمرة إلا ما روى عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يؤتى بتراب فيوضع على الخمرة فيسجد عليه، ولعله كان يفعل ذلك على جهة المبالغة في التواضع والخشوع، فلا يكون فيه مخالفة للجماعة. وقد روى ابن أبي شيبة عن عروة بن الزُّبير أنه كان يكره الصلاة على شيءٍ دون الأرض، وكذا روى عن غير عروة. (¬1) إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ العنبري. وأخرجه البخاري (670) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (6080) من طريق خالد الحذاء، عن أنس بن سيرين، به مختصراً. وهو في "مسند أحمد" (12329)، و "صحيح ابن حبان" (2070).=

658 - حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيم، حدَّثنا المثنى بن سعيد، حدَّثنا قتادةُ عن أنس بن مالك: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يزورُ أم سُلَيمٍ، فتُدركُه الصلاةُ أحياناً، فيُصلي على بِساطٍ لنا، وهو حَصيرٌ تَنضَحُه بالماء (¬1). ¬

_ =وأخرجه بنحوه ابن ماجه (756) من طريق عبد الله بن عون، عن أنس بن سيرين، عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12103) و (12303). قال الحافظ ابن حجر فى "فتح الباري" 158/ 2 بعد أن ذكر هذه الطريق: فاقتضى ذلك أن في رواية البخاري انقطاعاً، وهو مندفع بتصريح أنس بن سيرين عنده بسماعه من أنس، فحينئذ رواية ابن ماجه إما من المزيد في متصل الأسانيد، وإما أن يكون فيها وهم لكون ابن الجارود كان حاضراً عند أنس لمّا حدَّث بهذا الحديث، وسأله عما سأله من ذلك (يعني عن صلاة الضحى). أما قوله عن صلاة الضحى: "لم أره صلى إلا يومئذ" فقد أخرج أحمد (12353) و (12622) من طريق عبيد الله بن رواحة، عن أنس: أنه لم ير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى إلا أن يخرج فى سفر، أو يقدَمَ من سفر. وإسناده حسن. وانظر أحاديث باب صلاة الضحى الآتية عند المصنف بالأرقام (1285 - 1294). وقوله: وكان رجلاً ضخماً، أي: سميناً وفي هذا الوصف إشارة إلى علة تخلفه، وقد عدّه ابن حبان من الأعذار المرخصة في التخلف عن الجماعة، فقد أدرج الحديث تحت عنوان: ذكر العذر الرابع وهو السّمنُ المفرط الذي يمنع المرء من حضور الجماعات. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (6203)، ومسلم (659)، والترمذي (333) من طريقين عن أبي التيّاَح يزيد بن حميد، عن أنس قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقاً، فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا، فيأمر بالبساط الذي تحته فيُكنَس، ثمَّ يُنضَح، ثمَّ يؤم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونقوم خلفه، فيصلي بنا، وكان بساطهم من جريد النخل. وهو فى "مسند أحمد" (12199)، و" صحيح ابن حبان" (2506). قوله: "فتدركه الصلاة أحياناً" قال ابن حبان في "صحيحه": أراد به وقت صلاة السُّبحة، إذ المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كان لا يُصلى صلاةَ الفريضةِ جماعة في دار أنصاري دون مسجدِ الجماعة.

659 - حدَّثنا عُبيد الله بن عمر بن مَيسَرةَ وعثمان بن أبي شيبةَ بمعنى الإسناد والحديث، قالا: حدَّثنا أبو أحمد الزُّبيري، عن يونس بن الحارث، عن أبي عون، عن أبيه عن المغيرة بن شُعبة قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -يُصلِّي على الحَصيرِ والفَروةِ المدبوغة (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، يونس بن الحارث ضعيف يُعتبر به، ووالد أبي عون -واسمه عبيد الله بن سعيد الثقفي- مجهول لم يرو عنه غير ابنه أبي عون محمَّد. أبو أحمد الزبيري: هو محمَّد بن عبد الله بن الزُّبير. وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن" (5041)، والبغوي في "شرح السنة" (531) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (18227)، وابن خزيمة (1006)، والحاكم 1/ 259، والبيهقى 2/ 420 من طريق أبي أحمد الزبيري، والطبراني 20/ (999) من طريق أبي نعيم، كلاهما عن يونس بن الحارث، به. وأخرجه البيهقي 2/ 420 من طريق خالد بن عبد الرحمن، عن يونس بن الحارث، عن أبي عون، عن المغيرة، لم يقل: عن أبيه. وكذا رواه عن يونس: معاوية بن هشام وعبد العزيز بن أبان فيما ذكر الدارقطني في "العلل" 7/ 134. ولصلاته - صلى الله عليه وسلم - على الحصير شواهد: منها حديث ميمونة السالف برقم (656)، وحديث أنس السالف برقم (657) و (658)، وحديث أبي سعيد الخدري عند مسلم (519). وللصلاة على الفروة المدبوغة شاهد من حديث أبي ليلى بن عبد الرحمن عند عبد الله بن أحمد فى زوائده على "المسند" (19060) ربما يتقوى به هذه الجملة وفيه: كنت جالساً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتى رجل، فقال: يا رسول الله، أُصلِّي فى الفِراء؟ قال: "فأين الدباغ؟ "، وأبو ليلى واسمه محمَّد ضعيف. وقوله: "فأين الدباغ"، معناه: إن لم تصل فيه فقد ضاع الدباغ، فإنه للتطهير، فإذا لم تَجُز الصلاة بَعدُ، فلا فائدة فيه. والفروة: ما يلبس من الجلد بما عليه من الشعر.

93 - باب الرجل يسجد على ثوبه

93 - باب الرجل يسجد على ثوبه 660 - حدَّثنا أحمد بن حَنبَل، حدَّثنا بشر -يعني ابن المُفضَل-، حدَّثنا غالب القطَّان، عن بكر بن عبد الله عن أنس بن مالك، قال: كُنَّا نُصلِّي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شِدّةِ الحَرِّ، فإذا لم يستطع أحدُنا أن يُمكّنَ وجهَه من الأرضِ بَسَطَ ثَوبَه، فسجدَ عليه (¬1). تمَّ الجزء الأول من "سنن أبي داود" ويليه الجزء الثانى وأوله: تفريع أبواب الصفوف ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. غالب القطان: هو ابن خطّاف. وأخرجه البخاري (385)، ومسلم (620)، وابن ماجه (1033) من طريق بشر ابن المفضل، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البخاري (542)، والترمذى (591)، والنسائي فى "الكبرى" (707) من طريق خالد بن عبد الرحمن السلمي، عن غالب القطان، به. وهو في "مسند أحمد" (11970)، و"صحيح ابن حبان" (2354). وفى الحديث جواز استعمال الثياب، وكذا غيرها في الحيلولة بين المصلى وبين الأرض لاتقاء حرها وكذا بردها. وفيه إشارة إلى أن مباشرة الأرض عند السجود هو الأصل، لأنه علق بسط الثوب بعدم الاستطاعة. واستدل به على إجازة السجود على الثوب المتصل بالمصلي، قال النووي: وبه قال أبو حنيفة والجمهور، وحمله الشافعى على الثوب المنفصل.

سنن أبي داود تصنيف الإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني 202هـ-275هـ حققه وضبط نصه وخرّج أحاديثه وعلق عليه شعيب الأرنؤوط محمد كامل قره بللي الجزء الثاني دار الرسالة العالمية

بسم الله الرحمن الرحيم

سنن أبي داود (2)

بسم الله الرحمن الرحيم حقوق الطبع محفوظة للناشر طبعة خاصة 2009م/1430هـ جميع الحقوق محفوظة يمنع طبع هذا الكتاب أو أي جزء منه بجميع طرق الطبع والتطوير والنقل والترجمة والتسجيل المرئي والمسموع والحاسوبي وغيرها إلا بأذن خطى من شركة الرسالة العالمية م. م. al-Resalah AL-A'Lamiah m publishers الإدارة العامة Head Office دمشق - الحجاز شارع مسلم البارودى بناء خولى وصلاحى 2212773 - 11 (963) 2234305 - 11 (963) الجمهورية العربية السورية Syrian Arab Republic [email protected] http://www.resalahonline.com فرع بيروت BEIRUT/ LEBANON TELEFAX:815112 - 319039 - 818615 P.O BOX:117460

تفريع أبواب الصفوف

تفريع أبواب الصفوف 94 - باب تسوية الصفوف 661 - حدَثنا عبد الله بن محمد النفيلي، حدثنا زهير قال: سألتُ سليمانَ الأعمَشَ عن حديث جابر بن سَمُرةَ في الصُفوف المُقدَمة، فحدَّثنا عن المُسيب ابن رافع، عن تميم بن طَرَفة عن جابر بن سَمُرة قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "ألا تَصُفُّونَ كما تَصُفُّ الملائكةُ عند ربهم؟ "قلنا: وكيف تَصُفُّ الملائكةُ عند ربهم؟ قال: "يُتِمونَ الصُّفوفَ المُقدَّمةَ ويتراصونَ في الصف" (¬1). 662 - حدثنا عثمان بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا وكيع، عن زكريا بن أبي زائدةَ، عن أبي القاسم الجَدَلي، قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: أقبَلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على النَّاسِ بوجهِه فقال: "أقيموا صُفوفَكم- ثلاثاً- واللهِ لتُقيمُن صُفوفَكم أو ليُخالِفَن اللهُ بين قُلوبكم". قال: فرأيتُ الرجلَ يُلزِقُ مَنكِبَه بمَنكِبِ صاحِبِه، ورُكبَتَه برُكبةِ صاحِبِه، وكَعبَه بكعبِه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية، والأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه مسلم (430)، والنسائي في "الكبرى" (892) و (11370)، وابن ماجه (992) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في"مسند أحمد" (20964) و (21024)، و"صحيح ابن حبان" (2154) و (2162)، و"صحيح ابن خزيمة" (1544). (¬2) صحيح، إلا أن قوله: "وركبته بركبته" قد انفرد به أبو القاسم الجدلي - وهو حسين بن الحارث - حسن الحديث ينحط عن رتبة الثقة. =

663 - حدثنا موسى بن إسماعيلَ، حدثنا حماد، عن سِماك بن حرب قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: كان النبي- صلى الله عليه وسلم - يُسَوَّينا في الصُفوفِ كما يُقوَّمُ القِدْحُ، حتَى إذا ظن أنْ قد أخذنا ذلك عنه وفَقِهنا أقبل ذات يوم بوجهه إذا رجل منتبِذٌ بصدره فقال: "لتسوُّن صفوفَكم أو ليُخالِفَنَ الله بين وجُوهِكم" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (18430) من طريق زكريا، بهذا الإسناد. وعلقه البخاري في"صحيحه" مختصراً قبل الحديث (725) فقال: وقال النعمان ابن بشير: رأيتُ الرجلَ منا يلزق كعبه بكعب صاحبه. وأخرجه قوله: "والله لتقيمن صفوفكم ... " البخاري (717)، ومسلم (436) (127) من طريق سالم بن أبي الجعد، عن النعمان بن بشير. ولقول النعمان: "فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه ... " شاهد من حديث أنس عند البخاري (725)، وفيه قول أنس: كان أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه". وانظر ما بعده وما سيأتي برقم (665). والمراد بقوله: يلزق منكبه بمنكب صاحبه .. وكعبه بكعبه: المبالغة في تعديل الصف وسد خلله. (¬1) إسناده حسن من أجل سماك بن حرب. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم (436) (128)، والترمذي (227)، والنسائي فى "الكبرى" (886)، وابن ماجه (994) من طرق عن سماك بن حرب، به. وهو في"مسند أحمد" (18376) و (18400)، و"صحيح ابن حبان" (2165) و (2175). وانظر ما قبله. وقوله: "أو ليخالفن الله بين وجوهكم" قال ابن الأثير: يريد أن كلاً منهم يصرف وجهه عن الآخر، ويوقع بينهم التباغض، فإن إقبال الوجه على الوجه من أثر المودة والألفة. وقيل: أراد بها تحويلها إلى الأدبار، وقيل: تغيير صورها الى صور أخرى. =

664 - حدثنا هناد بن السري وأبو عاصم بن جوَّاس الحنفي، عن أبي الأحوص، عن منصور، عن طلحة اليامي، عن عبد الرحمن بن عَوسَجة عن البراء بن عازب قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - يَتَخَللُ الصَّفَّ من ناحيةٍ إلى ناحيةٍ يمسحُ صُدورَنا ومَناكِبَنا ويقول: "لا تختلفوا فتَختَلِفَ قُلوبُكم" وكان يقول: "إن الله عز وجل وملائكته يُصَلُّون على الصُفوفِ الأُوَل" (¬1). 665 - حدثنا ابنُ معاذٍ، حدَّثنا خالدُ بن الحارث، حدثنا حاتم- يعني ابنَ أبي صَغيرةَ-، عن سِماك سمعتُ النعمان بن بشير قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُسَوي صُفوفَنا اذا قُمنا للصلاة، فإذا استَوَينا كبّرَ (¬2). ¬

_ = قلت: ويؤيد التأويل الأول قوله في رواية أخرى: "سووا صفوفكم، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم"أي: إذا تقدم بعضكم على بعض في الصفوف تأثرت قلوبكم، ونشأ بينكم الخلف. (¬1) إسناده صحيح. أبو عاصم بن جواس: اسمه أحمد، وأبو الأحوص: هو سلام بن سليم، ومنصور: هو ابن المعتمر، وطلحة اليامي، هو ابن مُصرِّف. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (887) من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد. وأخرجه مقتصراً على القطعة الثانية منه ابن ماجه (997) من طريق شعبة، عن طلحة بن مصرف، به. وهو في "مسند أحمد" (18516) و (18518). وانظر ما سلف برقم (543). (¬2) إسناده حسن من أجل سماك، وهو ابن حرب. وأخرجه أبو عوانة (1380)، والبيهقي 2/ 21، والبغوي في "شرح السنة" (810) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (662).

666 - حدَثنا عيسى بن إبراهيمَ الغافِقيُّ، حدَثنا ابن وهب (ح) وحدَثنا قتيبةُ بن سعيد، حدثنا اللَيث - وحديثُ ابن وهب أتمُّ -,عن معاويةَ بن صالح، عن أبي الزاهِرية، عن كثير بن مُرَّة عن عبد الله بن عمر- قال قُتَيبةُ: عن أبي الزاهريَّة، عن أبي شَجَرة، لم يذكر ابنَ عمر-: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "أقيموا الصُفوفَ، وحاذُوا بين المناكِبِ، وسُدُّوا الخَلَلَ، ولينُوا بأيدي إخوانِكم- لم يقل عيسى: بأيدي إخوانِكم-، ولا تَذَروا فُرُجاتِ للشَّيطان، ومَن وصلَ صفاً وصلَه اللهُ، ومَن قطعَ صفاً قطعَه الله" (¬1). قال أبو داود: أبو شَجَرة كثير بن مُرَّة. 667 - حدثنا مسلمُ بن إبراهيمَ، حدَثنا أبانُ، عن قتادة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، والليث: هو ابن سعد، وأبو الزاهرية: هو حُدير بن كريب. وأخرجه مقتصراً على قوله: "من وصل صفاً ... " النسائي فى "الكبرى" (895) عن عيسى بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وهو بتمامه في"مسند أحمد" (5724). قوله: "ولينوا بأيدي إخوانكم" فسَّره المصنف بإلانة المنكب لأجل الداخل في الصف، وقال في "عون المعبود" 2/ 258: ويصح أن يكونَ المراد: لينوا بيد مَن يَجُرُكُم مِن الصف، أي: وافقوه وتأخروا معه لتُزيلوا عنه وصمَة الانفراد خلف الصف. وقوله: "ومن قطع صفاً" أي: بأن يقعد بين الصفوف بلا صلاة، أو يمنع الداخل من الدخول في الفرجات. تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في هامش (هـ) ما نصه: قال أبو داود: ومعنى "لينوا بأيدي إخوانكم": إذا جاء رجل إلى الصف، فذهب يدخل فيه فيبغي أن يُلين له كل رجل مَنكِبَيه، حتى يدخل في الصفِّ.

عن أنس بن مالك، عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "رُصُّوا صُفوفَكم، وقَاربوا بينها، وحاذوا بالأعناق فوالذي نفسي بيده إني لأرى الشيطانَ يدخلُ من خَلَلِ الصف كأنها الحَذَفُ" (¬1). 668 - حدثنا أبو الوليد الطيالسي وسليمانُ بن حربٍ، قالا: حدّثنا شعبة، عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "سَوُّوا صُفوفَكم، فإن تسويةَ الصفّ من تمامِ الصلاة" (¬2). 669 - حدثنا قتيبةُ، حدثنا حاتمُ بن إسماعيلَ، عن مُصعَبِ بن ثابتِ بن عبد الله بن الزُّبير، عن محمد بن مسلم بن السائب صاحبِ المقصورةِ قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (891) من طريق أبي هشام المغيرة بن سلمة، عن أبان، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (13735). وانظر ما سيأتى بالأرقام (668 - 671). قوله: "كأنها الحَذَف" هي غنم سود صغار، يقال: إنها أكثر ما تكون باليمن. قاله الخطابي. (¬2) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه البخاري (723)، ومسلم (433)، وابن ماجه (993) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12231)، و"صحيح ابن حبان" (2171) و (2174). وأخرجه البخاري (718)، ومسلم (434) من طريق عبد العزيز بن صهيب، والبخاري (719) و (725)، والنسائى في "الكبرى" (890) من طريق حميد الطويل، والنسائى (889) من طريق ثابت البنانى، ثلاثتم عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12011) و (12646)، و"صحيح ابن حبان" (2173). وانظر ماقبله.

صَليتُ إلى جَنبِ أنسِ بن مالكٍ يوماً، فقال: هل تدري لِمَ صُنِعَ هذا العُودُ؟ فقلت: لا والله، قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -يضعُ عليه يَدَهُ فيقول: "استَووا واعدِلُوا صُفوفَكم" (¬1). 670 - حدثنا مُسدَّدٌ، حدثنا حُميد بن الأسود، حدثنا مُصعَبُ بن ثابتٍ، عن محمد بن مسلم عن أنس، بهذا الحديث، قال: إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام إلى الصَلاةِ أخذَه بيمينه، ثم التَفَتَ، فقال: "اعتَدِلُوا، سَوُّوا صُفوفَكم". ثم أخذَه بيسارِه فقال: "اعتَدِلوا، سَوُّوا صُفوفَكم" (¬2). 671 - حدثنا محمد بن سليمانَ الأنباريُّ، حدثنا عبد الوهَّاب- يعني ابن عطاءِ-, عن سعيد، عن قتادة ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، مصعب بن ثابت لين الحديث، ومحمد بن مسلم بن السائب مجهول الحال. وأخرجه البيهقي 2/ 22، والبغوي في "شرح السنة" (811) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (13669) من طريق حاتم بن إسماعيل، وابن حبان (2170) من طريق بشر بن السري، كلاهما عن مصعب بن ثابت، به. وانظر ما بعده. وقد سلف المرفوع منه بإسناد صحيح برقم (667) و (668). (¬2) إسناده ضعيف كسابقه. وأخرجه ابن حبان (2168)، والبيهقي 2/ 22، والبغوي بإثر الحديث (811) من طريق حميد بن الأسود، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

عن أنس، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتِمُّوا الصَّفَّ المُقدَّم، ثم الذي يليه، فما كان من نقصٍ فليكن في الصف المُؤخر" (¬1). 672 - حدثنا ابن بشار، حدَثنا أبو عاصم، حدَثنا جعفر بن يحيى بن ثوبان، قال: أخبرني عمّي عُمارة بن ثوبان، عن عطاء عن ابن عباس قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "خِيارُكم أليَنكم مَناكِبَ (¬2) في الصَّلاة" (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح وهذا إسناد قوي، عبد الوهاب بن عطاء قد روى عن سعيد - وهو ابن أبي عروبة- قبل الاختلاط، وهو صدوق لا بأس به، وقد تُويعَ. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (894) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12352)، و"صحيح ابن حبان" (2155). وانظر ما سلف برقم (667). (¬2) في (أ) و (ب) و (د): مناكباً، والمثبت من (ج) و (هـ)، وهو الصحيح. (¬3) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، جعفر بن يحيي بن ثوبان وعمه عمارة بن ثوبان مجهولان. ابن بشار: هو محمد، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل. وأخرجه اليهقي 3/ 101 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن خزيمة (1566) - وعنه ابن حبان (1756) - عن محمد بن بشار، به. وله شاهد من حديث ابن عمر عند البزار (512 - زوائد)، والطبراني (13493) و (13494)، وفي إسناده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف، وقد اختلف عليه فيه، فروي عنه عند ابن عدي في "الكامل" 6/ 2107 من حديث السيدة فاطمة رضي الله عنها. وآخر من حديث زيد بن أسلم مرسلاً، أخرجه عبد الرزاق (2480) عن معمر، عنه. وثالث عن محمد بن المنكدر: كان يقال: خياركم ألينكم مناكب في الصلاة ... ، أخرجه هناد في "الزهد" (1256) بإسناد صحيح إليه. قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" 1/ 184: معنى لين المنكب لزوم السكينة في الصلاة والطمأنينة فيها، لا يلتفت ولا يُحاك بمنكبه منكب صاحبه، وقد يكون فيه =

95 - باب الصفوف بين السواري

95 - باب الصفوف بين السواري 673 - حدَّثنا محمد بن بشار، حدَّثنا عبد الرحمن، حدَّثنا سفيانُ، عن يحيى بن هانىء، عن عبد الحميد بن محمود، قال: صلَّيت مع أنس بن مالك يومَ الجُمُعة، فدُفِعْنا إلى السَّواري فتَقَدَّمْنا وتأخَّرْنا، فقال أنسٌ: كُنَا نتَقي هذا على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ = وجه آخر، وهو أن لا يمتنع على من يريد الدخول بين الصفوف ليسد الخلل أو لضيق المكان، بل يمكنه من ذلك ولا يدفعه بمنكبه لتتراص الصفوف، وتتكاتف الجموع. تنبيه: جاء بعد هذا الحديث حديث ذكره المزي في"تحفة الأشراف" 11/ 143 (15560) نسبه إلى أبي داود في الصلاة ونصه: خطوتان إحداهما هي أحب الخطى إلى الله ... (د) في الصلاة عن عمرو بن عثمان عن بقية، عن بحير، عن خالد بن معدان، وقال: هو موجود في رواية أبي الحسن بن العبد. ونصه بتمامه: "خطوتان إحداهما هي أحب الخطى إلى الله، والأخرى أبغض الخطى إلى الله، فأما الخطوة التي يحبها الله عز وجل فرجل نظر إلى خلل في الصف فسدَّه، وأما التى يُبغض الله فإذا أراد الرجل أن يقوم مدّ رجلَه اليمنى ووضع يده عليها وأثبت اليُسرى ثم قام". أخرجه الحاكم في "المستدرك" 1/ 272 وعنه البيهقي2/ 288من طريق أبي عتبة أحمد بن الفرج الحمصي، عن بقية بن الوليد عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف، بقية ضعيف وخالد بن معدان روايته عن معاذ فيها انقطاع كما قال الذهبي. (¬1) إسناده صحيح، عبد الحميد بن محمود- وهو المِعوَلي- روى عنه جمع، ووثقه النسائي، وتابعه الذهبي وابن حجر، وقال الدارقطني: كوفي يحتج به، وذكره ابن حبان في "الثقات". عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه الترمذي (226)، والنسائى في "الكبرى" (897) من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن، وصححه ابن خزيمة (1568) والحاكم 1/ 210 و 218. وهو في "مسند أحمد" (12339)، و"صحيح ابن حبان" (2218) وذكره تحت باب: الزجر عن الصلاة بين السواري جماعة. =

96 - باب من يستحب أن يلي الإمام في الصف، وكراهية التأخر

96 - باب من يُستحبُّ أن يلي الإمامَ في الصف، وكراهيةِ التأخُّرِ 674 - حدثنا ابنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمش، عن عُمارة بن عُمير، عن أبي مَعمَر عن أبي مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لِيَلِيَنِّي منكم أولو الأحلامِ والنُّهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" (¬1). ¬

_ = وفي الباب عن معاوية بن قرة عن أبيه، قال: كنا نُنهى عن الصلاة بين السواري ونُطرَدُ عنها طرداً. أخرجه ابن ماجه (1002) والطبراني 19/ (39)، والحاكم1/ 218، والبيهقي3/ 104، وصححه ابن خزيمة (1567)، وابن حبان (2219). قال الترمذي: وقد كره قوم من أهل العلم أن يصف بين السواري، وبه قال أحمد وإسحاق، وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك. وقال أبو بكر بن العربي في"العارضة" 28/ 2: ولا خلاف في جواز الصف بين السواري عند الضيق، وأما مع السعة، فهو مكروه للجماعة، فأما الواحد، فلا بأس به، وقد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة بين سواريها. (¬1) إسناده صحيح. ابن كثير: هو محمد، وسفيان: هو الثوري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معمر: هو عبد الله بن سخبرة، وأبو مسعود: هو عقبة بن عمرو الأنصاري البدري. وأخرجه مسلم (432) (122)، والنسائي في "الكبرى" (883) و (888)، وابن ماجه (976) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17102)، و"صحيح ابن حبان" (2172). قوله: "أولو الأحلام" أي: ذوو العقول الراجحة، لأن العمل إن رجح كان سباً للحلم والأناة والتثبت في الأمور. والنهى: جمع نُهية، وهو العقل الذي ينهى صاحبه عن القبائح، وقيل: أراد بأولي الأحلام البالغين، على أن الأحلام جمع حُلُم، وهو ما يراه النائم، لئلا يلزم التكرار. قال الخطابي في "معالم السنن" 1/ 184 - 185: إنما أمر النبي- صلى الله عليه وسلم -أن يليه ذوو الأحلام والنهى ليعقلوا عنه صلاته، وليرجع الى قولهم إن أصابه سهو، أو عرض في صلاته عارض في نحو ذلك من الأمور.

675 - حدثنا مُسدَّد، حدَثنا يزيدُ بن زُرَيع، حدَثنا خالد، عن أبي مَعشَر، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ عن عبد الله، عن النبى- صلى الله عليه وسلم -مثلَه، وزاد: "وَلاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الأَسْوَاقِ" (¬1). 676 - حدَثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدثنا معاوية بن هشامٍ، حدثنا سفيانُ، عن أسامةَ بن زيد، عن عثمان بن عُروة، عن عُروة عن عائشة، قالت: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اللهَ وملائكتَه يُصَلُّونَ على مَيَامِنِ الصُّفوف" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن مهران الحذَّاء، وأبو معشر: هو زياد بن كليب، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي، وعبد الله: هو ابن مسعود. وأخرجه مسلم (432) (123)، والترمذي (225) من طريق يزيد بن زريع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4373)، و"صحيح ابن حبان" (2180). قوله: "إياكم وهَيشات الأسواق" يعني اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات التي تكون فيها. (¬2) إسناده حسن، إلا أن معاوية بن هشام وهمَ في قوله: "على ميامن الصفوف"، والصحيح أنه بلفظ: "على الذين يَصِلُون الصفوف" كما سيأتي في التخريج. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه ابن ماجه (1005) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (2160). وقال البيهقي في "سننه" 3/ 103: كذا قال، والمحفوظ بهذا الإسناد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله وملائكته يصلون على الذين يَصِلُون الصفوف". ثم قال: ومعاوية بن هشام ينفرد بالمتن الأول، فلا أراه محفوظاً. =

97 - باب مقام الصبيان من الصف

97 - باب مقام الصبيان من الصف 677 - حدثنا عيسى بن شاذان، حدَّثنا عياش الرَّقام، حدَّثنا عبد الأعلى، حدَثنا قُرَةُ بن خالد، حدثنا بُدَيل، حدَّثنا شَهر بن حَوشَب، عن عبد الرحمن بن غَنْم، قال: قال أبو مالك الأشعريُّ: ألا أُحدثكم بصلاةِ النبى- صلى الله عليه وسلم -، قال: فأقامَ الصَلاةَ، فصَفّ الرّجالَ، وصَفَّ الغِلمانَ خلفَهم، ثمَ صلَّى بهم، فذكرَ صلاتَه، ثم قال: هكذا صلاةُ- قال عبد الأعلى: لا أحسَبُه إلا قال:- أمّتي (¬1). ¬

_ = وأخرجه باللفظ المحفوظ أحمد (25270) عن أبي أحمد الزبيري، وعبد بن حميد (1513)، والبيهقي 103/ 3 من طريق قبيصة بن عقبة، والبيهقي 103/ 3 من طريق عبيد الله بن عبيد الرحمن الأشجعي، ثلاثتهم عن سفيان، به. وأخرجه كذلك ابن خزيمة (1550)، وابن حبان (2163)، والحاكم1/ 214، والبيهقي 3/ 101 من طريق عبد الله بن وهب، عن أسامة بن زيد، به. وأخرجه كذلك عبد الرزاق (2470)، وأحمد (24381) عن عبد الله بن الوليد، والبيهقي 3/ 103 عن حسين بن حفص، كلاهما عن سفيان، عن أسامة بن زيد، عن عبد الله بن عروة، عن عروة، به. ورجح الدارقطنى قول من قال: عثمان بن عروة. وأخرجه أحمد (24587)، وابن ماجه (995) من طريق إسماعيل بن عياش، عن هشام بن عروة، عن أبيه، به. وابن عياش ضعيف في روايته عن غير أهل بلده، وهذا منها. وانظر حديث البراء السالف برقم (615). (¬1) إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وباقي رجاله ثقات. عياش الرقام: هو ابن الوليد، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي، وبُديل: هو ابن ميسرة. وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير" (3416)، وفي "الأوسط" (4233)، والبيهقي 3/ 97 من طريق عياش الرقام، بهذا الإسناد. وسقط من إسناد الطبراني عبدالرحمن بن غنم. =

98 - باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول

98 - باب صف النساء وكراهية التأخر عن الصف الأول 678 - حدَثنا محمَّد بن الصباح البزاز، حدَّثنا خالدٌ وإسماعيلُ بن زكريا، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "خيرُ صُفوفِ الرّجالِ أوَّلُها، وشَرُّها آخِرُها، وخيرُ صُفوفِ النساء آخِرُها، وشَرها أوَلُها" (¬1). ¬

_ = وأخرجه كذلك أحمد (22896) و (22906) من طريق عبد الحميد بن بهرام، والطبراني (3436)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (151 - زوائد)، والبيهقي 3/ 97 من طريق ليث بن أبي سليم، كلاهما عن شهر بن حوشب، به. ورواية أحمد في الموضع الثاني مطولة. وقول عبد الأعلى: "لا أحسبه إلا قال: أمتي" كذا جاء في رواية أبي داود، وفي رواية البيهقي 3/ 97 من طريق أحمد بن يوسف السلمي عن عياش الرقام: قال عبد الأعلى: لا أحسبه إلا قال: صلاة النبي- صلى الله عليه وسلم -. (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه مسلم (440)، والترمذي (222)، والنسائى في "الكبرى" (896)، وابن ماجه (1000) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (8428). وأخرجه ابن ماجه (1000) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقى، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (10290)، و"صحيح ابن حبان" (2179). قال النووي: أما صفوف الرجال، فهي على عمومها، فخيرها أولها أبداً وشرها آخرها أبداً، أما صفوف النساء، فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتي يصلّين مع الرجال، وأما إذا صلين متميزات لا مع الرجال، فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها. والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء أقلها ثواباً وفضلاً، وأبعدها من مطلوب الشرع، وخيرها بعكسه.

679 - حدّثنا يحيى بن مَعين، حدثنا عبد الرزاق، عن عِكرمةَ بن عمارٍ، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عن عائشة قالت: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزالُ قوم يتأخرونَ عن الصف الأوَل حتى يُؤخرَهم الله في النار" (¬1). 680 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ ومحمد بن عبد الله الخُزاعي، قالا: حدثنا أبو الأشهَب، عن أبي نَضرة عن أبي سعيد الخُدْري: أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -رأى في أصحابه تأخراً، فقال لهم: "تقدَّموا فأئتَمُّوا بي، وليأتَمَ بكم مَن بعدَكم، ولا يزالُ قوم يتأخَّرونَ حتى يُؤخرَهم الله" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره دون قوله: "في النار"، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن عكرمة ابن عمار ضعيف في روايته عن يحيي بن أبي كثير لاضطرابه فيها، ولم يتابع على قوله: "في النار". أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وهو في "مصنف عبد الرزاق " (2453)، ومن طريقه أخرجه ابن خزيمة (1559) ,وابن حبان (2156)، والبيهقي 3/ 103. ويشهد له دون الزيادة المذكورة حديث أبي سعيد الآتي بعده. (¬2) إسناده صحيح. أبو الأشهب: هو جعفر بن حيان، وأبو نضرة: هو المنذر ابن مالك العبدي. وأخرجه مسلم (438)، والنسائي في "الكبرى" (872)، وابن ماجه (978) من طرق عن أبي الأشهب، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (438)، والنسائي (873) من طريق سعيد بن إياس الجريري، عن أبي نضرة، به. وهو في "مسند أحمد" (11142). وعلقه البخاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بصيغة التمريض في كتاب الأذان، باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم. قال الحافظ في "الفتح" 2/ 205: والحق أن هذه الصيغة لا تختص بالضعيف، بل قد تستعمل في الصحيح أيضاً بخلاف صيغة الجزم، فإنها لا تُستعمل إلا في الصحيح.

99 - باب مقام الإمام من الصف

99 - باب مقام الإمام من الصف 681 - حدّثنا جعفر بن مُسافِرٍ، حدَّثنا ابن أبي فُدَيك، عن يحيى بن بشير ابن خلاّد، عن أُمّه، أنها دخلت على محمد بن كعب القُرَظى فسمعتْه يقول: حدَّثني أبو هريرة قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "وَسِّطوا الإمامَ، وسُدُّوا الخَلَلَ" (¬1). 100 - باب الرجل يصلي وحده خلف الصف 682 - حدثنا سليمانُ بن حربٍ وحفصُ بن عمر، قالا: حدَّثنا شعبةُ، عن عمرو بن مُرَّةَ، عن هِلال بن يِسَاف، عن عمرو بن راشد عن وابصةَ: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يُصَلّي خلفَ الصف وحدَه، فأمرَه أن يُعيدَ، قال سليمانُ: الصلاة (¬2). ¬

_ (¬1) قوله: "سُدُّوا الخَلَل" صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أم يحيى بن بشير - واسمها أمة الواحد بنت يامين- لم يرو عنها غير ابنها، وهو مجهول الحال أيضاً. وضعفه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام" 2/ 110، وابن القطان في"الوهم والإيهام" (1097). ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل. وأخرجه البيهقي 3/ 104 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (4457) من طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي، عن يحيى بن بشير، به بلفظ: "وسِّطوا الإمامَ، وسدُّوا الثُّلَم لا يتخللها الشيطان، وضعوا نعالكم بين أقدامكم". ولقوله: "سُدُّوا الخَلَلَ" شاهد صحيح من حديث ابن عمر سلف برقم (666). تنبيه: جاء في (هـ) - وهي برواية ابن داسه- بعد هذا الحديث: حدثنا أبو سلمة: قال: حدثنا هشيم، عن العوّام، عن عبد الملك الأعور صاحب إبراهيم عن إبراهيم قال: مَبنى الصفّ قصدُ الإمام. وقال المزي في "الأطراف" 13/ 137 (18405): هذا في رواية أبي سعيد ابن الأعرابي. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عمرو بن راشد، لكن رواه هلال بن يساف عن وابصة مباشرة، كما سيأتي في التخريج. =

101 - باب الرجل يركع دون الصف

101 - باب الرجل يركع دون الصف 683 - حدَثنا حميد بن مَسعَدةَ، أن يزيدَ بن زُرَيع حدثهم، حدَثنا سعيد بن أبي عَروبةَ، عن زيادٍ الأعلم، حدَّثنا الحسن أن أبا بكرة حدَّث (¬1) أنه دخلَ المسجدَ ونبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -راكع، قال: ¬

_ = وأخرجه الترمذي (228) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (2199). وأخرجه ابن ماجه (1004)، والترمذي (227) من طريق حصين بن عبد الرحمن السلمي، عن هلال بن يساف قال: أخذ زياد بن أبي الجعد بيدي ونحن بالرقة، فقام بي على شيخ يقال له: وابصة بن معبد من بني أسد، فقال زياد: حدثني هذا الشيخ أن رجلاً صلى خلف الصف وحده- والشيخ يسمع- فأمره رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن يعيد. وقال الترمذي: حديث حسن. وقوله: "والشيخ يسمع" يعني أن وابصة قد أقر زياداً أنه سمع الحديث منه، فيكون هلال قد تحمَّل الحديث من قراءة زياد على وابصة، فيعتبر من رواية هلال عن وابصة مباشرة، ويكون الإسناد صحيحاً. وهو في "مسند أحمد" (18002)، و"صحيح ابن حبان" (2200). قال الترمذي: وقد كره قوم من أهل العلم أن يُصلّي الرجل خلف الصف وحده، وقالوا: يعيد إذا صلى خلف الصف وحده، وبه يقول أحمد وإسحاق. وقد قال قوم من أهل العلم: يجزئه إذا صلى خلف الصف وحده، وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي. وقد ذهب قوم من أهل الكوفة إلى حديث وابصة بن معبد أيضاً قالوا: من صلى خلف الصف وحده يُعيد، منهم حماد بن أبي سليمان وابن أبي ليلى ووكيع. واستظهر الشيخ ابن تيمية صحة صلاة المنفرد خلف الصف إذا تعذر انضمامه إلى الصف، وحجته أن جميع واجبات الصلاة تسقط بالعجز. انظر "مجموع الفتاوى" 23/ 396. (¬1) فى رواية ابن داسه والرملي عن أبي داود: حدَّثه، وهكذا أخرجه البيهقي 3/ 106 من طريق ابن داسه، وكذلك أخرجه النسائي في "الكبرى" (946) عن حمد ابن مسعدة، به.

فركعتُ دون الصَّفِّ، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -"زادَكَ اللهُ حِرصاً ولا تَعُدْ" (¬1). 684 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حماد، أخبرنا زيادٌ الأعلمُ، عن الحسن أنَّ أبا بكرة جاء ورسولُ الله راكعٌ، فركعَ دونَ الصفِّ، ثمَ مشى إلى الصف، فلمَّا قضى النبي- صلى الله عليه وسلم -صلاتَه قال: "أيكم الذي ركع دون الصف ثمَ مشى إلى الصف؟ " فقال أبو بكرة: أنا، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "زادَكَ اللهُ حِرصاً ولا تَعُد" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زياد الأعلم: هو ابن حسان بن قُرّة، والحسن: هو ابن أبي الحسن يسار البصري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (946) عن حميد بن مسعدة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (783) من طريق همام، عن زياد الأعلم، به. وهو في "مسند أحمد" (20405)، و"صحح ابن حبان" (2195). وانظر ما بعده. وقوله: ولا تَعُد هو بفتح أوله وضم العين من العود، أي: لا تَعُدْ إلى ما صنعت من السعي الشديد، ثم من الركوع دون الصف، ثم المشي إلى الصف، وقد ورد ما يقتضي ذلك صريحاً في طريق حديثه. ويرى الإمام الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 396 أن قوله: "ولا تعد" يحتمل معنيين: الأول: ولا تعد أن تركع دون الصف حتى تقوم في الصف، واحتج بحديث أبي هريرة رفعه: "إذا أتى أحدكم الصلاة، فلا يركع دون الصف حتى يأخذ مكانه من الصف" (وذكره الحافظ في الفتح 2/ 269 وحسن إسناده). والثاني: ولا تعد أن تسعى للصلاة سعياً يحفزك فيه النفس كما قد جاء عنه في غير هذا الحديث ثم ذكر حديث أي هريرة مرفوعاً: "إذا أقيمت الصلاة، فلا تأتوها تَسعَونَ، وائتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا". (¬2) إسناده صحيح، وقد سمعه الحسن من أبي بكرة كما سلف قبله. حماد: هو ابن سلمة. وهو في "مسند أحمد" (20457).

102 - باب ما يستر المصلي

قال أبو داود: زياد الأعلم: زياد بن فلان بن قُرَّة، وهو ابن خالة يونس بن عُبَيد (¬1). 102 - باب ما يستر المصلي 685 - حدثنا محمد بن كثير العَبدي، أخبرنا إسرائيلُ، عن سِماك، عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة بن عُبيد الله، قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "إذا جَعَلتَ بين يَدَيكَ مِثلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْل، فلا يَضُرُّكَ مَن مَرَّ بينَ يَدَيكَ" (¬2). 686 - حدَّثنا الحسنُ بن علي، حدثنا عبد الرزاق، عن ابن جُرَيج، عن عطاء قال: آخِرَةُ الرحلِ: ذراع فما فوقَه (¬3). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من (هـ). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سماك- وهو ابن حرب- وباقي رجاله ثقات. إسرائيل: هو ابن يونس السبيعي. وأخرجه مسلم (499)، والترمذي (335)، وابن ماجه (940) من طرق عن سماك، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1390)، و"صحيح ابن حبان" (2379) و (2380). وله شاهد من حديث عائشة عند مسلم (500)، ولفظه: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن سترة المصلي؟ فقال: "مثل مؤخرة الرحل". وآخر من حديث ابن عمر سيأتي برقم (687). قوله: "مُؤخِرة الرحل" قال الإمام النووي في "شرح مسلم": بضم الميم وكسر الخاء وهمزة ساكنة، ويقال: بفتح الخاء مع فتح الهمزة وتشديد الخاء، ومع إسكان الهمزة وتخفيف الخاء، ويقال: آخرة الرحل، بهمزة ممدودة وكسر الخاء، فهذه أربع لغات، وهي العود الذي في آخر الرحل. (¬3) رجاله ثقات. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وأخرجه البيهقي 2/ 269 من طريق المصنف، بإسناده ومتنه. =

687 - حدَّثنا الحسنُ بن علي، حدثنا ابن نُمير، عن عُبَيد الله، عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كان إذا خرج يومَ العيدِ أمرَ بالحَرْبة فتُوضَعُ بينَ يَدَيهِ فيُصلي إليها، والناسُ وراءَه، وكان يفعَلُ ذلك في السَّفَر، فمن ثَمَ اتخذها الأمراءُ (¬1). 688 - حدثنا حفصُ بن عمرَ، حدثنا شعبةُ، عن عون بن أبي جُحَيفَة عن أبيه: أن النبي- صلى الله عليه وسلم -صلَّى بهم بالبَطْحاء- وبين يَدَيهِ عَنزة- الظهرَ ركعتَين والعصرَ ركعتَين يَمُرُّ خلفَ العَنزةِ المرأةُ والحمارُ (¬2). ¬

_ = وهو في "مصنف عبد الرزاق" (2272) عن ابن جريج قال: قال عطاء: كان مَن مضى يجعلون مؤخرة الرحل إذا صَلّوا. قلت: وكلم بلغك قدر مؤخرة الرحل؟ قال: ذراع. ومن طريق عبد الرزاق أخرج ابن راهويه (315)، والبيهقي 2/ 269 قول عطاء في قدر مؤخرة الرحِل: ذراع. (¬1) إسناده صحيح. ابن نمير: هو عبد الله، وعبيد الله: هو ابن عمر العمري. وأخرجه البخاري (494)، ومسلم (501)، والنسائي في "الكبرى" (824)، وابن ماجه (941) و (1305) من طرق عن عُبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد. وبعضهم يزيد على بعض. وأخرجه البخاري (973)، وابن ماجه (1304) من طريق الأوزاعي، والنسائي (1782) من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4614). قوله: "أمر بالحربة" هي عصا دون الرمح عريضة النصل. وقوله: "فمن ثمَ اتخذها الأمراء"قال الحافظ في"الفتح" 1/ 573: فصله علي ابن مسهر في روايته عن عبيد الله عند ابن ماجه (1305) فجعله من كلام نافع. قال في"البدائع": والمستحب لمن يُصلي في الصحراء أن ينصب بين يديه عوداً، أو يضع شيئاً أدناه طول ذراع كل لا يحتاج إلى الدرء. قلت: وقد جاء في رواية ابن ماجه زيادة: وذلك أن المُصَلَّى كان فضاءً ليس شيء يستتر به. (¬2) إسناده صحيح. أبو جحيفة: هو وهب بن عبد أدله السُّوائي. =

103 - باب الخط إذا لم يجد عصا

103 - باب الخط إذا لم يجد عصا 689 - حدَّثنا مُسدَّد، حدثنا بشر بن المُفَضل، حدَثنا إسماعيلُ بن أُمية، حدثني أبو عمرو بن محمَد بن حُرَيث، أنه سمع جدَّه حُريثاً يحدّثُ عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا صلَّى أحدُكم فليَجعَلْ تِلقاءَوجهِه شيئاً، فإن لم يجدفليَنصِبْ عصاً، فإن لم يكن معه عصاً فليَخطُطْ خطَّاً، ثم لا يضرُّه ما مرَّ أمامَه" (¬1). 690 - حدَّثنا محمد بن يحيي بن فارس، حدَّثنا علي - يعني ابنَ المدينيِّ -, عن سفيانَ، عن إسماعيلَ بن أُميَّة، عن أبي محمد بن عمرو بن حُرَيث، عن جده حُرَيث رجل من بني عُذْرة ¬

_ = وأخرجه البخاري (495) و (499)، ومسلم (503) (252) و (253) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (187) و (501) و (3553)، ومسلم (503) (252) و (253)، والنسائي في "الكبرى" (341) من طريق شعبة، عن الحكم، عن أبي جحيفة، وبينت رواية مسلم أن شعبة يرويه عن الحكم وعون، وأنه ليس من الاختلاف عليه. وأخرجه كذلك البخاري (633) و (376) و (3566) و (5786)، ومسلم (503) (249 - 251)، والترمذي (195)، والنسائي في "الكبرى" (135) و (850) و (1619) من طرق عن عون بن أبي جحيفة، به. وهو في "مسند أحمد" (18743)، و"صحيح ابن حبان" (1268) و (2334). قوله: "وبين يديه عَنزَة" قال في "عون المعبود" 2/ 156: هي عصا أقصر من الرمح لها سِنان، وقيل: هي الحربة القصيرة. (¬1) إسناده ضعيف لاضطرابه وجهالة راويه أبي عمرو بن محمد بن حريث، وقد اختلفوا في تسميته وإسناده كما هو مبيَّن فى "المسند" (7392)، وجده حريث مجهول أيضاً. وأخرجه ابن ماجه (943) من طريقين عن إسماعيل بن أمية، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7392)، و"صحيح ابن حبان" (2361) و (2376).

104 - باب الصلاة إلى الراحلة

عن أبي هريرة، عن أبي القاسم- صلى الله عليه وسلم -قال: فذكر حديثَ الخط (¬1). قال سفيان: لم نجد شيئاً نَشُدُّ به هذا الحديث، ولم يَجِئ إلا من هذا الوجه، قال: قلتُ لسفيان: إنهم يختلفون فيه، فتفكَّرَ ساعة، ثم قال: ما أحفَظُ إلا أبا محمَّد بنَ عمرو. قال سفيان: قَدِمَ هنا رجلٌ بعدما ماتَ إسماعيلُ بن أمية، فطلبَ هذا الشَّيخَ أبا محمد حتى وجدَه، فسأله عنه، فخلَّطَ عليه. قال أبو داود: وسمعتُ أحمد بن حنبل سُئِلَ عن وَصفِ الخطِّ غيرَ مرَّةٍ فقال: هكذا عرضاً مثل الهِلال. وسمعتُ مُسدَّداً قال: قال ابن داود (¬2): الخطُّ بالطُّول. 691 - حدَّثنا عبد الله بن محمد الزهريُّ، حدَّثنا سفيانُ بن عيينةَ، قال: رأيت شَريكاً صلَّى بنا في جِنازةٍ العصرَ، فوضَع قَلَنسُوَتَهُ بينَ يَدَيهِ، يعني في فريضةِ حَضَرَت (¬3). 104 - باب الصلاة إلى الراحلة 692 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ ووهبُ بن بقيةَ وابن أبي خَلَف وعبد الله ابن سعيدٍ، قال عثمان: حدَّثنا أبو خالد، حدثنا عُبيد الله، عن نافع عن ابن عمر: أنَّ النبي- صلى الله عليه وسلم - كان يُصلّي إلى بعيره (¬4). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. سفيان: هو ابن عيينة. (¬2) هو عبد الله بن داود الخُريبي. (¬3) رجاله ثقات. وشريك: هو ابن عبد الله النخعي. والقلنسوة: غطاء مبطن يستر به الرأس. (¬4) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي خالد- وهو سليمان بن حيان =

105 - باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها، أين يجعلها منه؟

105 - باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها، أين يجعلها منه؟ 693 - حدَّثنا محمود بن خالد الدمشقي، حدَّثنا علي بن عيَّاشِ، حدَّثنا أبو عبيدةَ الوليدُ بن كامل، عن المُهلّب بن حُجر البَهرانى، عن ضُباعةَ بنت المقداد ابن الأسود عن أبيها، قال: ما رأيتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - يُصلّي إلى عُودٍ ولا عمودٍ ولا شجرةٍ إلا جَعَلَه على حاجِبِه الأيمنِ أو الأيسرِ، ولا يَصمُدُ له صَمداً (¬1). ¬

_ = الأحمر فإنه ينحط عن رتبة الصحيح - وقد توبع. ابن أبي خلف: هو محمد بن أحمد، وعبيد الله: هو ابن عمر العمري. وأخرجه البخاري (430)، ومسلم (502) (248)، والترمذي (352) من طريق أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (507)، ومسلم (502) (247) من طريق معتمر بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (4468). (¬1) إسناده ضعيف، الوليد بن كامل لين الحديث، والمهلب بن حُجر البهراني وضباعة بنت المقداد مجهولان. وأخرجه أحمد (23820)، والطبر اني20/ (610)، والبيهقي2/ 271، والبغوي في "شرح السنة" (538)، والمزي فى ترجمة المهلب من "تهذيب الكمال" 29/ 7 من طريق علي بن عياش، بهذا الإسناد. وأخرجه يعقوب بن سفيان فى"المعرفة والتاريخ" 2/ 161 - 162 - ومن طريقه البيهقي 2/ 272 - عن يحيى بن صالح، و 162 من طريق محمد بن حميد، كلاهما عن الوليد بن كامل، به. وتحرف يحيى بن صالح في المطبوع من "المعرفة والتاريخ" إلى محمد بن صالح، وفي رواية البيهقي: المقدام، بدل المقداد، وقال: ورواه محمد بن حِمير وبقية بن الوليد عن الوليد بن كامل، فقال: المقداد، وقيل عن بقية فى رواية أخرى عنه: المقدام، والمقداد أصح، فالله تعالى أعلم، والحديث تفرد به الوليد ابن كامل البجلي الشامي، قال البخاري: عنده عجائب. =

106 - باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام

106 - باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام 694 - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمة القَعنَبيُّ، حدثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمَّن حدَّثه، عن محمد بن كعب القُرَظيِّ قال: قلتُ له- يعني لعمر بن عبد العزيز-: حدَّثني عبدُ الله بن عباس، أن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تُصَلُّوا خلفَ النائمِ ولا المُتحدّث" (¬1). ¬

_ = قلنا: رواية بقية عن الوليد بن كامل التى فيها المقداد أخرجها أحمد (23821)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 4542. أما روايته الأخرى فأخرجها أبو علي ابن السكن في "سننه" - كما في "بيان الوهم والإيهام" لابن القطان 3/ 352 - من طريق أبي تقي هشام بن عبد الملك، عن بقية، عن المهلب بن حجر، عن ضبيعة بنت المقدام بن معدي كرب، عن أبيها قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلى أحدكم إلى عمود أو سارية أو شيء، فلا يجعله نصب عينيه، وليجعله على حاجبه الأيسر". قوله: "ولا يصمد له صمداً" قال الخطابي في "معالم السنن": الصَّمد: القصد، يريد أنه لا يجعله تلقاء وجهه، والصَمَد: هو السيد الذى يُصمد إليه في الحوائج، أي: يقصد فيها ويُعتمد لها. (¬1) إسناده ضعيف جداً، عبد الملك بن محمد وعبد الله بن يعقوب مجهولا الحال، وشيخ عبد الله المبهم قد يكون أبا المقدام هشام بن زياد، فقد أخرجه ابن ماجه (959) من طريق زيد بن الحباب، عن أبي المقدام، عن محمد بن كعب، عن ابن عباس. وأبو المقدام متروك. ثم إن بينه وبين محمد بن كعب راوياً مجهولاً، فقد قال مسلم في مقدمة "صحيحه" (باب 5): سمعت الحسن بن علي الحلواني يقول: رأيت في كتاب عفان حديث هشام أبي المقدام- حديث عمر بن عبد العزيز- قال هشام: حدثني رجل يقال له: يحيى بن فلان عن محمد بن كعب، قال: قلت لعفان: إنهم يقولون: إن هشاماً سمعه من محمد ابن كعب، فقال: إنما ابتلي من قِبَلِ هذا الحديث، كان يقول: حدثني يحيى عن محمد، ثم ادعى بعدُ أنه سمعه من محمد. =

107 - باب الدنو من السترة

107 - باب الدُّنُوِّ من السترة 695 - حدَّثنا محمد بن الصباح بن سفيانَ، أخبرنا سفيانُ (ح) وحدَثنا عثمان بن أبي شيبة وحامدُ بن يحيى وابنُ السرح، قالوا: حدَّثنا سُفيانُ، عن صفوان بن سُلَيم، عن نافع بن جُبير عن سهل بن أبي حَثْمةَ، يبلغُ به النبى- صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا صلَّى أحدُكم إلى سُتْرةِ فليَدْنُ منها، لا يقطعُ الشَيطانُ عليه صلاتَه" (¬1). قال أبو داود: ورواه واقِدُ بن محمد، عن صفوان، عن محمد ابن سهل، عن أبيه أو عن محمد بن سهل عن النبى- صلى الله عليه وسلم - (¬2). ¬

_ = قال الحافظ ابن حجر في"فتح الباري" 1/ 587 عند قول البخاري: باب الصلاة خلف النائم، قال: كأنه أشار إلى تضعيف الحديث الوارد في النهي عن الصلاة إلى النائم، فقد أخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن عباس، وقال أبو داود: طرقه كلها واهية، يعنى حديث ابن عباس (قلنا: جاءت هذه العبارة في "سنن أبي داود" بإثر الحديث (1485)، وهو قطعة من هذا). وفي الباب عن ابن عمر أخرجه ابن عدي، وعن أبي هريرة أخرجه الطبراني فى "الأوسط" (5246)، وهما واهيان أيضاً. قلنا: وأخرج البخاري في هذا الباب حديث عائشة الآتي برقم (711): أن النبي - صلى الله عليه وسلم -كان يُصلي من الليل وهي معترضة بينه وبين القبلة. (¬1) إسناده صحيح. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (826) من طريق سفيان بن عِيينة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16090)، و "صحيح ابن حبان" (2373). (¬2) أخرجه عبد بن حميد (447)، والبيهقي 2/ 272 من طريق شعبة، عن واقد ابن محمد بن زيد، به. ورجاله ثقات، وهو متصل إن كان المحفوظ: عن محمد بن سهل عن أبيه، وإلا فمرسل.

وقال بعضُهم: عن نافع بن جُبير، عن سهل بن سعد (¬1). واختلف في إسناده (¬2). 696 - حدَثنا القَعنَبي والنُّفيليُّ، قالا: حدَثنا عبد العزيز بن أبي حازمٍ، أخبرني أبي عن سهل قال: كان بين مَقامِ النبى- صلى الله عليه وسلم -وبينَ القِبلةِ ممرُّ عَنْزٍ (¬3) الخبر للنُّفيليِّ. ¬

_ (¬1) أخرجه البخاري في"التاريخ الكبير" 7/ 291 عن قتيبة، عن إسماعيل بن جعفر، عن موسى بن عيسى بن إياس، عن صفوان، عن نافع، عن سهل بن سعد الساعدي. وخالف قتيبة أبو الربيع سليمان بن داود الزهراني عند البخاري في "التاريخ" 7/ 290 - 291، فرواه عن إسماعيل بن جعفر، به، وقال: سهل بن أبي حثمة. وهو المحفوظ. (¬2) وهو اختلاف لا يضر في صحة الحديث، قال البيهقي في "سننه" 2/ 272: قد أقام إسناده سفيان بن عيينة، وهو حافظ حجة. (¬3) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، والنفيلي: هو عبد الله بن محمد، وأبو حازم: هو سلمة بن دينار، وسهل: هو ابن سعد الساعدي. وأخرجه البخاري (496)، ومسلم (508) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (7334) من طريق أبي غسان محمد بن مطرف، عن أبي حازم، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (1762) و (2374). قوله: "وبين القبلة" أي: وبين جدار المسجد مما يلي القبلة كما في رواية البخاري (7334). وقوله: "ممرُّ عَنْز" أي: قدر مسافة ما تمر العنز، وهي الأنثى من المعز.

108 - باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه

108 - باب ما يؤمر المصلي أن يدرأ عن الممر بين يديه 697 - حدَثنا القَعنَبىُّ، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخُدري عن أبي سعيد الخُدري، أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا كان أحدُكم يُصلِّي فلا يَدَعْ أحداً يَمُرُّ بين يَدَيهِ، وليَدرَأهُ ما استطاع، فإن أبى فليُقاتِلْهُ، فإنَّما هو شيطانٌ" (¬1). 698 - حدثنا محمد بن العلاء، حدَّثنا أبو خالد، عن ابن عَجلان، عن زيد ابن أسلم، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخُدْري عن أبيه قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلَّى أحدُكم فليُصَلِّ إلى سُتْرةِ، وليَدْنُ منها" ثم ساق معناه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطا مالك"1/ 154، ومن طريقه أخرجه مسلم (505) (258)، والنسائي في "الكبرى" (835). وهو في "مسند أحمد" (11299)، و"صحيح ابن حبان" (2367) و (2368). وأخرجه النسائي (7038) من طريق عطاء بن يسار، عن أبي سعيد. وفيه قصة. وانظر ما سيأتي بالأرقام (698 - 700). قال أبو عمر في: "التمهيد" 4/ 189: معنى وليدرأه: يدفعه ويمنعه عن المرور بين يديه. قال النووي: وهذا الدفع أمر ندب، وهو أمر متأكد، ولا أعلم أحداً أوجبه، بل صرح أصحابنا وغيرهم بأنه مندوب غير واجب. وقال الحافظ في"الفتح" 1/ 584: واستنبط ابن أبي جمرة من قوله: "فإنما هو شيطان" أن المراد بقوله: "فليقاتله": المدافعة اللطيفة، لا حقيقة القتال، لأن مقاتلة الشيطان إنما هي بالاستعاذة والتستر عنه بالتسمية ونحوها. وانظر"التمهيد" 4/ 189 لابن عبد البر. (¬2) إسناده قوي من أجل ابن عجلان. أبو خالد: هو سليمان بن حيان الأحمر. =

699 - حدَثنا أحمد بن أبي سُرَيج الرازيُّ، حدثنا أبو أحمد الزبيري، أخبرنا مَسَرَّةُ بن مَعبَد اللخْمي، لقيتُه بالكوفة حدَثني أبو عُبيد حاجِبُ سليمان قال: رأيتُ عطاءَ بنَ يزيد اللَّيثيَّ قائماً يُصلّي، فذهبتُ أمرُّ بين يَدَيه، فردني، ثم قال: حدَثني أبو سعيد الخُدْري، أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "مَن استطاعَ منكم أن لا يحولَ بينه وبين قِبلتِه أحدٌ فليَفعَلْ" (¬1). 700 - حدَثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا سليمانُ- يعني ابنَ المُغيرةِ-، عن حُميد- يعني ابنَ هِلال قال: قال أبو صالح: أُحدِّثُك عمَّا رأيتُ من أبي سعيد وسمعتُه منه: دخلَ أبو سعيد على مروان فقال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -يقول: "إذا صلَّى أحدُكم إلى شيءِ يَستُرُه من الناس، فأراد أحدٌ أن يجتازَ بين يَدَيهِ فليَدفَعْ في نَحْرِه، فإن أبى فليُقاتِلْهُ، فإنما هو شيطانٌ " (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (954) من طريق أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (2372) و (2375). وانظر ما قبله. (¬1) إسناده حسن. مسرة بن معبد اللخمي صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. أبو أحمد الزبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزبير، وأبو عبيد: هو حي بن أبي عمر المَذْحِجي. وهو مطولاً في "مسند أحمد" (11780). وانظر ما سلف برقم (697). (¬2) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه البخاري (509) و (3275)، ومسلم (505) (259) من طريقين عن حميد بن هلال، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (11607). وانظر ما سلف برقم (697).

109 - باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي

قال أبو داود: قال سفيان الثَّوريُ: يَمُرُ الرجلُ يتبختَرُ بين يديَّ وأنا أُصلّي فأمنعُه، ويمرُّ الضَّعيفُ فلا أمنعُه (¬1). 109 - باب ما يُنهى عنه من المرور بين يدي المصلي 701 - حدَثنا القَعنَبي، عن مالك، عن أبي النَّضْر مولى عمر بن عُبيد الله عن بُسْر بن سعيد: أن زيدَ بنَ خالد الجُهَنى أرسلَه إلى أبي جُهَيم يسأله: ماذا سمع من رسول الله- صلى الله عليه وسلم -في المارّ بين يَدَيِ المُصلي؟ فقال أبو جُهيم: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "لو يَعلمُ المارُ بين يَدَيِ المُصلي ماذا عليه، لكان أن يَقِفَ أربعينَ خيرٌ له من أن يَمُر بين يَدَيهِ" (¬2). قال أبو النَّضْر: لا أدري قال: أربعين يوماً أو شهراً أو سنةً. 110 - باب ما يقطع الصلاة 702 - حدثنا حفصُ بن عمرَ، حدثنا شعبةُ (ح) وحدَثنا عبد السلام بن مُطهَر وابنُ كثير- المعنى-؛أن سليمانَ بن المغيرةِ أخبرهم، عن حُميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت ¬

_ (¬1) قوله: قال أبو داود ... زيادة أثبتناها من (هـ). (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو النضر: هو سالم بن أبى أمية. وهو في "موطأ مالك"1/ 154 - 155، ومن طريقه أخرجه البخاري (510) , ومسلم (507)، والترمذي (336) والنسائي في "الكبرى" (834). وهو في "مسند أحمد" (17540)، و"صحيح ابن حبان" (2366). وأخرجه مسلم (507)، وابن ماجه (945) من طريق سفيان الثوري، وابن ماجه (944) من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن سالم بن النضر، به. إلا أن ابن عيينة جعله من مسند زيد بن خالد فوهم. وهو في "مسند أحمد" (17051).

عن أبي ذَرٍّ- قال حفصٌ: قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وقالا: عن سليمان، قال: قال أبو ذرّ -: "يقطَعُ صلاةَ الرجل إذا لم يكن بين يَدَيه قِيْدُ آخِرَةِ الرَّحْلِ: الحمارُ، والكلبُ الأسود، والمرأةُ" فقلتُ: ما بالُ الأسود من الأحمر من الأصفر من الأبيض؟ فقال: يا ابنَ أخي، سألتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -سألتَني، فقال: "الكلبُ الأسودُ شيطان" (¬1). 703 - حدَّثنا مُسدَّد، حدثنا يحيي, عن شعبةَ، حدَثنا قتادةُ، قال: سمعت جابر بن زيد يُحدِّث عن ابن عباس- رفعه شُعبة- قال: "يقطَعُ الصَلاةَ المرأةُ الحائضُ والكلبُ" (¬2). قال أبو داود: وَقَفَه سعيد وهشام وهمام، عن قتادة، على ابن عباس. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن كثير: هو محمد. وأخرجه مسلم (510)، والترمذي (338)، والنسائي في "الكبرى" (828)، وابن ماجه (952) و (3210) من طرق عن حميد بن هلال، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21323)، و"صحيح ابن حبان" (2385). (¬2) رجاله ثقات، إلا أن شعبة قد خولف في رفعه كما قال المصنف، والموقوف أصح. يحيي: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (829)، وابن ماجه (949) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وفي رواية ابن ماجه: "الكلب الأسود". وهو في "مسند أحمد" (3241)، و"صحيح ابن حبان" (2387). وأخرجه النسائي (829) من طريق هشام الدستوائي، والبزار في"مسنده" - كما في"بيان الوهم والإيهام" لابن القطان 3/ 356 - من طريق سعيد بن أبي عروبة، كلاهما عن قتادة، به موقوفاً على ابن عباس.

704 - حدَّثنا محمد بن إسماعيل البصري، حدَثنا معاذٌ، حدَثنا هشام، عن يحيي، عن عكرمة عن ابن عباس قال: أحسَبُه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا صلَّى أحدُكم إلى غيرِ سُتْرةٍ فإنه يقطَعُ صلاتَه (¬1) الحِمارُ، والخِنزيرُ، واليهوديُ، والمجوسي، والمرأةُ، ويُجزِيءُ عنه إذا مرُّوا بين يَدَيهِ على قَذفةٍ بحَجَرٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) زاد في (هـ) ونسخة على هامش (د) ذكر الكلب قبل ذكر الحمار. (¬2) ضعيف مرفوعاً، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه اختلافاً، فقد روي بالشك في رفعه كما هو هنا، وروي موقوفاً على ابن عباس، وعلى عكرمة، وعلى يحيى بن أبي كثير، ولعل أصحها الموقوفُ على عكرمة. معاذ: هو ابن هشام الدستوائي. وأخرجه عبد بن حميد (576)، وأخرجه الطحاوي 1/ 458 من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي، والبيهقي 2/ 275 من طريق علي بن بحر القطان، ثلاثتهم (عبد بن حميد والمقدمي والقطان) عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن عدي في ترجمة معاذ بن هشام من "الكامل" 6/ 2426 من طريق محمد بن ميمون الخياط ومحمد بن المثنى، كلاهما عن معاذ بن هشام، به موقوفاً على يحيى بن أبي كثير. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 315 عن أبي داود، عن هشام الدستوائي، به موقوفاً على عكرمة. وهكذا أخرجه عبد الرزاق (2352) عن معمر، عمن سمع عكرمة. وأخرجه عبد الرزاق (2353) عن سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن أبي يزيد، عن ابن عباس موقوفاً. وعبد الله بن أبي يزيد مجهول الحال. تنبيه: جاء في (أ) و (ب) وهامش (ج) زيادة نصها: قال أبو داود: في نفسي من هذا الحديث شيء، كنت أذاكر به إبراهيم وغيره، فلم أر أحداً جاء به غير هشام ولا يعرفه، ولم أر أحداً يحدّث به عن هشام، وأحسب الوهم فيه من ابن أبي سمينة. والمنكر فيه ذكر المجوسي، وفيه: "على قذفة حجر" وذِكْرُ الخنزيرِ، وفيه نكارة. قال أبو داود: ولم أسمع هذا الحديث إلا من محمد بن إسماعيل، وأحسبه وهم، لأنه كان =

705 - حدَّثنا محمد بن سليمان الأنباريُّ، حدثنا وكيعٌ، عن سعيد بن عبد العزيز، عن مولى ليزيد بن نِمران، عن يزيد بن نِمران قال: رأيتُ رجلاً بتبوكَ مُقعَداً فقال: مَررتُ بين يَدَيِ النبى- صلى الله عليه وسلم -، وأنا على حمار، وهو يُصلّي، فقال: "اللهمَ اقطَعْ أثرَه" فما مشيتُ عليها بعدُ (¬1). 706 - حدثنا كثير بن عُبَيد- يعني المَذحِجيَّ-, حدثناحَيوة (¬2) عن سعيد، بإسناده ومعناه، زاد: فقال: "قطعَ صلاتَنا قطعَ اللهُ أثَرَه". ¬

_ = يحدّث من حفظه. وأشار الحافظ إلى أن هذه الزيادة ليست في الرواية ولا في السماع. كذا قال الحافظ، ونقل المزي في "تحفة الأشراف"5/ 175 نحو مقالة أبي داود بأخصر مما ها هنا، ولم يُشر إلى أنها ليست في السماع، فالله تعالى أعلم. (¬1) إسناده ضعيف، لجهالة مولى يزيد بن نمران، وقال الحافظ في "التقريب" (2430): قيل: اسمه سعيد، وذكر في"النكت الظراف" (15684) أن أبا اليمان الحكم بن نافع رواه عن سعيد بن عبد العزيز، وسمَّى مولى يزيد بن نمران سعيداً. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 283 - 284، والبخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 366، وأبو نعيم الأصبهاني في "دلائل النبوة" (189)، والبيهقي 2/ 275 من طرق عن سعيد ابن عبد العزيز، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 366 عن أبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر، حدثنا سعيد بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني يزيد بن نمران، به. قال أبو مسهر: وكان سعيد فيما أعلم قال أيضاً: عن مولى يزيد، وأما أنا فسمعته عن ابن جابر. (¬2) جاء في (د) و (هـ): أبو حيوة، بدل: حيوة، وهذا الذي ذكره المزي في "تحفة الأشراف" (15684)، وذكر أيضاً في "تهذيب الكمال" في ترجمة كثير بن عبيد أنه يروي عن أبي حيوة شريح بن يزيد. لكن قال الحافظ في "النكت الظراف": الذي رأيته في أبي داود: عن حيوة بن شريح، وكذا ذكره ابن عساكر في ترجمة يزيد بن نمران من "تاريخه". وهذا الذي ذكره ابن عساكر وابن حجر هو الموافق لما جاء في نسخة الحافظ التي أشرنا إليها بالرمز (أ) وكذا هو في (ب) و (ج). فالله تعالى أعلم.

111 - باب سترة الإمام سترة من خلفه

قال أبو داود: ورواه أبو مُسهِر، عن سعيد، قال فيه: "قطعَ صلاتَنا". 707 - حدثنا أحمد بن سعيد الهَمداني. وحدثنا سليمان بن داود، قالا: حدَثنا ابن وهب، أخبرني معاوية، عن سعيد بن غَزْوان، عن أبيه: أنه نزلَ بتبوكَ وهو حاجٌّ فإذا برجلٍ مُقعَدٍ، فسأله عن أمرِه، فقال: سأُحَدثُكَ حديثاً فلا تُحدث به ما سمعتَ أني حيٌّ، إنَ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - نزلَ بتبوكَ الى نخلةٍ فقال: "هذه قِبلتُنا" ثم صلى إليها، فأقبَلتُ وأنا غُلامٌ أسعى حتى مَرَرتُ بينه وبينها، فقال: "قطعَ صلاتَنا، قطعَ الله أثَرَه" فما قمتُ عليها إلى يومي هذا (¬1). 111 - باب سترة الإمام سترة من خلفه 708 - حدَثنا مُسدد، حدَثنا عيسى بن يونس، حدَثنا هشام بن الغاز، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، قال: هَبَطنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ثَنِيَّةِ أذاخِرَ، فحَضَرتِ الصَلاةُ فصلّى- يعني إلى جَدرٍ -، فاتخذه قِبلةً ونحن خلفَه، فجاءت ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، سعيد بن غزوان وأبوه مجهولان، قال الذهبي في "الميزان": ما رأيت لهم فيه ولا في أبيه كلاماً، ولا يُدرى مَن هما. ابن وهب: هو عبد الله، ومعاوية: هو ابن صالح. وأخرجه البخاري في"التاريخ الكبير" 8/ 365 - 366، والمزي في ترجمة غزوان من "تهذيب الكمال" 23/ 101 من طريقين عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

بَهْمةٌ تَمُرُ بين يَدَيهِ، فما زالَ يُدارئُها حتَى لَصِقَ بطنُه بالجَدْرِ، ومَرَّتْ من ورائه. أو كما قال مُسدَد (¬1). 709 - حدثنا سليمانُ بن حَرب وحفصُ بن عُمرَ، قالا: حدَثنا شعبةُ، عن عمرو بن مُرَة، عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس: أنَ النبي- صلى الله عليه وسلم -كان يُصلَّي، فذهبَ جَدْيٌ يَمُرُّ بين يَدَيهِ فجعلَ يتقيه (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناده حسن. وأخرجه أحمد (6852 م)، والبيهقي 2/ 268، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/ 192 - 193من طريق هشام بن الغاز، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث ابن عباس عند ابن حبان (2371)، وإسناده صحيح. وسيأتي بعده مختصراً. وثنية أذاخر: موضع بين الحرمين قريب من مكة. والجَدْر: بفتح الجيم وتكسر: الجدار، أو أصل الجدار. والبَهمة: ولد الضأن ذكراً كان أو أنثى. وقوله: "يُدارئها" أي: يُدافعها. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه منقطع، يحيى بن الجزار لم يسمع هذا الحديثَ من ابن عباس كما صرح به في رواية أحمد (2653). وقد وصله الييهقي في روايته فذكر بينهما صهيباً البصري أبا الصهباء، فإذا ثبت هذا فالإسناد حسن. وأخرجه الطيالسي (2754)، وابن أبي شيبة 1/ 283، وأحمد (2653) و (3174)، وأبو يعلى (2422)، والبغوي في"الجعديات" (93) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 2/ 268 من طريق يحيى بن أبي بكير، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن صهيب البصري، عن ابن عباس. وصهيب حسن الحديث. وأخرجه بنحوه ابن خزيمة (827)، وابن حبان (2371)، والحاكم1/ 254 من طريق عكرمة، عن ابن عباس. وإسناده صحيح.

112 - باب من قال: المرأة لا تقطع الصلاة

112 - باب من قال: المرأة لا تقطع الصلاة 710 - حدَّثنا مُسلم بن إبراهيمَ، حدثنا شُعبةُ، عن سعد بن إبراهيم، عن عروة عن عائشة قالت: كنتُ بين النبى- صلى الله عليه وسلم -وبين القِبلة. قال شُعبة: وأحسَبُها قالت: وأنا حائض (¬1). قال أبو داود: رواه الزُّهريُّ، وعطاء، وأبو بكر بن حفص، وهشامُ ابن عُروة، وعِرَاك بن مالك، وأبو الأسود، وتميمُ بن سلمة، كلُهم عن عروةَ، عن عائشة. وإبراهيم، عن الأسود، عن عائشة. وأبو الضُّحى، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، إلا أن جملة: "وأنا حائض" قد انفرد بها سعدُ بن إبراهيم، وشك فيها كما في رواية أحمد (24664). وأخرجه بنحوه دون هذه الزيادة البخاري (383) و (515)، ومسلم (512) (267)، وابن ماجه (956) من طريق الزهري، والبخاري (384) من طريق عراك بن مالك، ومسلم (512) (269) من طريق أبي بكر بن حفص، ومسلم (744) (134) من طريق تميم بن سلمة، أربعتهم عن عروة، به. وهو في "مسند أحمد" (24088) و (24947) و (25184) و (25637)، و"صحيح ابن حبان" (2390). وأخرجه كذلك البخاري (511) و (514) و (6276)، ومسلم (512) (270) من طريق أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن مسروق، والبخاري (508) و (511) و (514) و (6276)، ومسلم (512) (270) و (271)، والنسائي في "الكبرى" (833) من طريق إبراهيم النخعي، عن أسود بن يزيد النخعي، كلاهما (مسروق وأسود) عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24139) و (24153) و (25412) و (25929) و (26302). وسيأتي برقم (711) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، وبرقم (712) من طريق القاسم، وبرقم (713) و (714) من طريق أبي سلمة، ثلاثتهم عن عائشة.

عن مسروق، عن عائشة. والقاسمُ بن محمد وأبو سلمة عن عائشة. لم يذكروا: "وأنا حائض" (¬1). 711 - حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدثنا زهير، حدثنا هشام بن عروة، عن عروة عن عائشة: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يُصلّي صلاتَه من الليلِ وهي مُعتَرِضة بينه وبين القِبلةِ راقدة على الفِراشِ الذي يَرقُدُ عليه، حتى إذا أرادَ أن يُوترَ أيقَظَها فأوتَرَتْ (¬2). 712 - حدَثنا مُسدَد، حدثنا يحيي، عن عبيد الله، قال: سمعت القاسمَ يُحدِّث عن عائشة قالت: بئسَما عَدَلتُمونا بالحِمار والكلبِ، لقد رأيتُ رسول الله يُصلِّي وأنا مُعتَرِضة بين يَدَيهِ، فإذا أراد أن يَسجُدَ غَمَزَ رِجلي، فضَمَمتُها إليَّ، ثمَّ يَسجُدُ (¬3). ¬

_ (¬1) قال صاحب "بذل المجهود" 4/ 384: غرض المصنف بهذا الكلام أن لفظ "وأنا حائض" في حديث سعد بن إبراهيم شاذ لم يذكر الجماعة هذا اللفظ. (¬2) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه البخاري (512) و (997)، ومسلم (512) (268)، والنسائي في "الكبرى" (837) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24236) و (25599) و (25696)، و"صحيح ابن حبان" (2341) و (2344) و (2345) و (2347). (¬3) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وعبيد الله: هو ابن عمر العمري، والقاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر. وأخرجه البخاري (519)، والنسائي في "الكبرى" (157) من طريق يحيي بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (744) (135) من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن، والنسائي فى "المجتبى" (166) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، كلاهما عن القاسم، به. وهو في "مسند أحمد" (24169)، و"صحح ابن حبان" (2343).

713 - حدثنا عاصمُ بن النَّضر، حدثنا المُعتَمِر، حدثنا عُبيد الله، عن أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة، أنَها قالت: كنتُ أكونُ نائمةً، رِجلايَ بين يَدَي رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم -وهو يصلي من الليل، فإذا أرادَ أن يَسجُدَ ضربَ رِجلي فَقَبضتُها، فسَجَدَ (¬1). 714 - حدثنا عثمانُ بن أبي شَيبةَ، حدثنا محمَد بن بِشرٍ (ح) قال أبو داود: وحدثنا القَعنَبي، حدثنا عبد العزيز - يعني ابن محمد، وهذا لفظُه - عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت: كنتُ وأنا مُعتَرِضة في قِبلةِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فيُصلّي رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -وأنا أمامَه، فإذا أراد أن يُوترَ- زاد عثمان: غَمَزَني، ثمَّ اتفقا- فقال: "تَنَحَّي" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. المعتمر: هو ابن سليمان، وعبيد الله: هو ابن عمر العمري، وأبو النضر: هو سالم بن أبي أمية. وأخرجه البخاري (382) و (513) و (1209)، ومسلم (512) (272)، والنسائي في "الكبرى" (156) من طريق مالك، عن أبي النضر، بهذا الإسناد. وهو في"موطأ مالك" 1/ 117. وهو في "مسند أحمد" (25148)، و"صحيح ابن حبان" (2342). وانظر ما سلف برقم (710). (¬2) إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو، وهو ابن علقمة الليثي. القعنبي: هو عبدالله بن مسلمة. وهو في "مسند أحمد" (25489). وانظر ما قبله.

113 - باب من قال: الحمار لا يقطع الصلاة

113 - باب من قال: الحمار لا يقطع الصلاة 715 - حدثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَثنا سفيان بن عُيينةَ، عن الزهري، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، قال: جئتُ على حِمارٍ (ح) وحدَثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبةَ عن ابن عباس أنه قال: أقبَلتُ راكباً على أتانٍ، وأنا يومَئذٍ قد ناهَزتُ الاحتِلامَ، ورسولُ الله- صلى الله عليه وسلم-يُصلي بالناس بمِنًى، فمَرَرتُ بين يَدَي بعضِ الصف، فنزلتُ فأرسلتُ الأتانَ ترتَعُ، ودخلتُ في الصَفَّ، فلم يُنكِرْ ذلك أحدٌ (¬1). قال أبو داود: هذا لفظُ القعنبي، وهو أتمُ، قال مالكٌ: وأنا أرى ذلك واسعاً إذا قامت الصَلاة. 716 - حدثنا مُسدد، حدَثنا أبو عَوَانةَ، عن منصور، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن أبي الصهباء، قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطا مالك" 1/ 155 - 156، ومن طريقه أخرجه البخاري (76) و (493) و (861) و (4412)، ومسلم (504) (254). وأخرجه مسلم (504) (256)، والنسائى في "الكبرى" (830)، وابن ماجه (947) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به، وقال: "بعرفة" بدل "بمنى". وأخرجه البخاري (1857) و (4412)، ومسلم (504) (255 - 257)، والترمذي (337) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (1891) و (3184)، و"صحيح ابن حبان" (2151) و (2393). وانظر ما سيأتي بالأرقام (716 - 718). والأتان: الأنثى من الحمير.

114 - باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة

تذاكَرنا ما يقطَعُ الصلاةَ عندَ ابن عباسِ، فقال: جئتُ أنا وغلامٌ من بني عبد المُطلب على حِمارٍ، ورسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي، فنزلَ ونزلتُ، وتركنا الحِمارَ أمامَ الصف، فما بالاهُ، وجاءت جاريتان من بني عبد المُطلب فدخلتا بين الصف فما بالى ذلك (¬1). 717 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة وداود بن مِخراق الفريابي، قالا: حدثنا جرير، عن منصور، بهذا الحديث بإسناده، قال: فجاءت جاريتان من بني عبد المُطلب اقتَتَلَتا فأخذهما، قال عثمان: ففَرَعَ بينهما، وقال داود: فنزعَ إحداهما من الأخرى، فما بالى ذلك (¬2). 114 - باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة 718 - حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث، قال: حدثنا أبي، عن جدِّي، عن يحيي بن أيوب، عن محمد بن عُمر بن علي، عن عباس بن عُبيد الله بن عباس ¬

_ (¬1) إسناده حسن. أبو الصهباء واسمه صهيب البكري البصري مولى ابن عباس. روى عنه جمع من الثقات، وقال أبو زرعة: مدني ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال العجلي: تابعي ثقة، وانفرد النسائي بتضعيفه، وله رواية عن ابن عباس في "صحيح مسلم" (1594) في الصرف وباقي رجاله ثقات. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، ومنصور: هو ابن المعتمر، والحكم: هو ابن عتيبة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (832) من طريق شعبة، عن الحكم، بهذا الإسناد، وذكر فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فَرَعَ بينهما. وستأتي هذه الزيادة في الطريق الآتية بعده. وهو في "مسند أحمد" (3167)، و"صحيح ابن حبان" (2356) و (2381). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده حسن كسابقه. قوله: "ففرع بينهما" أي: فرَّق بينهما.

115 - باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء

عن الفَضْل بن عباس، قال: أتانا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن في باديةٍ لنا ومعه عبَّاسٌ، فصلَّى في صَحراءَ ليس بين يَدَيهِ سُتْرة، وحمارةٌ لنا وكلبةٌ يعبثان (¬1) بين يَدَيه، فما بالى ذلك (¬2). 115 - باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء 719 - حدَثنا محمد بن العلاء، حدَثنا أبو أسامة، عن مُجالِد، عن أبي الوَدّاك عن أبي سعيد، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقطَعُ الصلاةَ شيءٌ، وادرَؤوا ما استَطعتُم فإنَما هو شيطانٌ" (¬3). ¬

_ (¬1) المثبت من (أ) وأشار الحافظ إلى أنها كذلك في نسخة الخطيب البغدادي، وجاءت في (هـ): تعبثان، بالتاء، وفي (ب) و (ج) تعيثان من العيث، وفي (د): تعبثان أو تعيثان. (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه، عباس بن عبيد الله بن عباس- وقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في"الثقات"، وقال ابن القطان: لا يُعرف حاله - لم يدرك عمه الفضل بن عباس فيما قال ابن حزم، وتابعه الحافظ ابن حجر-,وذلك- كما قال الشيخ أحمد شاكر- لأن الفضل مات سنة 12 أو 18 هـ، فكانت سنُ أخيه عبيد الله حين وفاته 13 سنة أو 19 سنة، فأنى يكون له ولد يدرك الفضل ويسمع منه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (831) من طريق ابن جريج، أخبرنى محمد بن عمر بن على، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1797). (¬3) حديث قوي، وهذا إسناد ضعيف. مجالد- وهو ابن سيد الهمداني - أخرج له مسلم مقروناً وهو ضعيف، وباقي رجاله ثقات. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وأبو الوداك: هو جبر بن نوف. وأخرجه ابن أبي شيبة1/ 280، والدارقطني (1382)، والبيهقي 2/ 278، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/ 190 من طريق أبي أسامة، بهذا الإسناد. وسيأتي بعده.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

= وله شاهد من حديث أبى أمامة عند الدارقطني (1385) والطبراني فى "الكبير" (7688) بلفظ: "لا يقطع الصلاة شيء" وفى سند عفير بن معدان وهو ضعيف. وأخرجه موقوفاً على ابن عمر مالك فى "الموطأ" 1/ 156 حدثنا الزهري، عن سالم عن أبيه، قال: لا يقطع الصلاة شيء مما يمر بين يدي المصلي. وهذا إسناد صحيح ووقفه البخاري في "صحيحه" (515) على الزهري، فأخرجه عن محمد بن عبد الله بن أخي الزهري أنه سأل عمه ابن شهاب الزهري عن الصلاة: أيقطعها شىء؟ فقال: لا يقطعها شىء. وثالث من حديث أبى عند الدارقطني (1380) وإسناده حسن كما قال الحافظ في "الدراية" 1/ 178 وهذه الشواهد يشدُّ بعضها بعضاً، فيتقوى بها الحديث. وروى ابن أبي شيبة (2801) بإسناد صحيح عن علي وعثمان رضي الله عنهما قالا: لا يقطع الصلاة شئ، وادرؤوا ما ستطعتم. وأخرج أحمد (26733) بإسناد صحيح عن أم سلمة أنها قالت: كان يفرش لي حيال مصلى رسول الله، فكان يصلي وأنا حياله. قال البغوي فى "شرح السنة" 2/ 461 بعد أن أورد حديث عائشة (545) و (549) و (547) وحديث ابن عباس (548) و (549) وحديث أبي سعيد الخدري (550): في هذه الأحاديث دليل على أن المرأة إذا مرت بين يدي المصلى لا تقطع صلاته، وعليه أكثر أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم أن لا يقطع صلاة المصلي شيء مرَّ بين يديه، وهذا قول على وعثمان وابن عمر، وبه قال ابن المسيب والشعبي وعروة، وإليه ذهب مالك والثورى والشافعي وأصحاب الرأي. وذهب قوم إلى أنه يقطع صلاته المرأة والحمار والكلب الأسود يروى ذلك عن أنس وبه قال الحسن واستدلا بحديث أبي ذر عن أبي داود (712)، ومسلم (510). وقالت طائفة: يقطعها المرأة الحائض والكلب الأسود، روي ذلك عن ابن عباس وبه قال عطاء بن أبي رباح. وقالت طائفة: لا يقطعها إلا الكلب الأسود روي ذلك عن عائشة وهو قول أحمد وإسحاق. وقد سلف الأمر بدفع المار بين يدي المصلي ووصفه بأنه شيطان من حديث أبي سعيد نفسه برقم (700)، وإسناده صحيح.

أبواب تفريع استفتاح الصلاة

720 - حدَّثنا مُسدد, حدَّثنا عبد الواحد بن زياد، حدَّثنا مُجالِد، حدَّثنا أبو الودَّاك قال: مرَّ شاب من قُريشِ بين يَدَي أبي سعيد الخُدْري وهو يُصلّي، فدفَعَه، ثمَّ عاد فدَفَعه، ثلاثَ مراتِ، فلمَّا انصَرَفَ قال: إن الصَلاةَ لا يقطَعُها شيء ولكن قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "ادرَؤوا ما استَطَعتُم، فإنه شَيطان " (¬1). قال أبو داود: إذا تنازَعَ الخَبَران. عن النبى- صلى الله عليه وسلم - نُظِرَ ما عَمِلَ به أصحابُه من بعده. أبواب تفريع استفتاح الصلاة 116 - باب رفع اليدين 721 - حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل، حدثنا سفيانُ، عن الزهري، عن سالم عن أبيه قال: رأيتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -إذا استَفتَحَ الصلاةَ رفعَ يَدَيهِ حتَى تُحاذِيَ مَنكِبَيهِ، وإذا أرادَ أن يركعَ، وبعدما يرفَعُ رأسَه من الرُكوع- وقال سفيانُ مرةَ: وإذا رفعَ رأسَه، وكثرُ ما كان يقول: وبعدما يرفعُ رأسَه من الرُكوع- ولا يرفعُ بينَ السَّجدَتَين (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. وأخرجه البيهقى 2/ 278 من طريق مسدد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر. وأخرجه البخاري (735) و (736) و (738)، ومسلم (390)، والترمذي (253) و (254)، وابن ماجه (858)، والنسائى فى "الكبرى" (648) و (650) و (679) و (734) و (952) و (953) و (954) و (1099) و (1106) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. =

722 - حدثنا محمّد بن المصفى الحِمصي، حدثنا بقيةُ، حدَثنا الزبيديُ، عن الزهري، عن سالم عن عبد الله بن عمر، قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -إذا قامَ إلى الصَّلاة رفعَ يَدَيهِ حتى تكونَ حَذوَ مَنكِبَيهِ، ثم كبَّر وهما كذلك، فيركعُ، ثم إذا أراد أن يرفَعَ صُلْبَه رفعَهما حتى تكونَ حَذْوَ مَنكِبَيهِ، ثم قال: "سمعَ اللهُ لِمَن حَمِدَه"، ولا يرفعُ يَدَيهِ في السجود، ويرفعُهما في كل تكبيرة يكبرُها قبلَ الرُّكوع حتى تنقضيَ صلاتُه (¬1). 723 - حدثنا عُبَيد الله بن عمر بن مَيسرَة، حدَّثنا عبد الوارث بن سعيد، حدَّثنا محمد بن جُحَادةَ، حدَثني عبد الجبار بن وائل بن حُجر، قال: كنتُ غلاماً لا أعقِلُ صلاةَ أبي، فحدَثني وائل بن علقمة (¬2)، عن أبي وائل بن حُجر قال: صَلّيتُ معِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -فكان إذا كبّرَ رفعَ يَدَيهِ، قال: ثم التَحَفَ، ثم أخذ شِمالَه بيمينه، وأدخَلَ يَدَيهِ في ثوبه، قال: فإذا أراد أن يركعَ أخرجَ يَدَيهِ، ثم رفعَهما، وإذا أراد أن ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (4540)، و"صحيح ابن حبان" (1861) و (1864). وانظر ما بعده. وسيأتي بنحوه من طريق نافع برقم (741) و (742)، ومن طريق محارب بن دثار مختصراً برقم (743)، كلاهما عن ابن عمر. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف بقية- وهو ابن الوليد- وقد توبع. الزبيدي: هو محمد بن الوليد. وانظر تخريجه فيما قبله. (¬2) كذا جاء في أصولنا الخطية: وائل بن علقمة، وهو وهم من أحد رواة الحديث، صوابه: علقمة بن وائل، كما نبه عليه المزي في "تحفة الأشراف" (11788). وكذا جاء اسمه على الصواب في "صحيح مسلم".

يرفعَ رأسَه من الركوع رفعَ يَدَيه، ثم سجدَ ووضعَ وجهَه بين كَفَّيهِ، وإذا رفعَ رأسَه من السُّجود أيضاً رفع يديه، حتى فرَغَ من صلاته (¬1). قال محمد: فذكرتُ ذلك للحسن بن أبي الحسن، فقال: هي صلاةُ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -فَعَلَه مَن فعلَه، وتركَه مَن تركَه. قال أبو داود: روى هذا الحديثَ همَّام عن ابن جُحَادة، لم يذكر الرفعَ مع الرفعِ من السُجود. 724 - حدثني عثمانُ بن أبي شَيبةَ، حدثنا عبد الرحيم بن سليمانَ، عن الحسن بن عُبَيد الله النخَعي، عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه: أنه أبصَرَ النبي- صلى الله عليه وسلم - حين قامَ إلى الصَّلاةِ رفعَ يَدَيهِ حتى كانتا بحِيَالِ مَنكِبَيهِ، وحاذى بابهامَيهِ أُذُنَيهِ، ثم كبَّر (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح دونَ قوله: "وإذا رفع رأسَه من السجود أيضاً رفع يديه" فشاذ. وأخرجه مسلم (401) من طريق همام بن يحيي العوذي، عن محمد بن جحادة، عن عبد الجبار بن وائل، حدثني علقمة بن وائل ومولى لهم، عن وائل بن حجر، فذكره، ولم يذكر الرفع من السجود. وهو في "مسند أحمد" (18866)، و"صحيح ابن حبان" (1862). ويعارض الزيادة المذكورة حديث ابن عمر السالف برقم (722)، وفيه: وكان لا يرفع بين السجدتين. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 9/ 227: والسنن لا تثبت إذا تعارضت وتدافعت، ووائل بن حجر إنما رآه أياماً قليلة في قدومه عليه، وابن عمر صحبه إلى أن توفي- صلى الله عليه وسلم -، فحديث ابن عمر أصح عندهم وأولى أن يعمل به من حديث وائل بن حجر. وانظر ما سيأتي بالأرقام (724 - 728) و (737) و (957). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضيف لانقطاعه، عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه. =

725 - حدثنا مُسدد، حدثنا يزيدُ- يعني ابنَ زُرَيع-، حدَّثنا المسعودي، حدثنا عبد الجبار بن وائل، حدثني أهلُ بيتي عن أبي أنه حدثهم: أنّه رأى رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -يرفَعُ يَدَيهِ مع التكبيرة (¬1). 726 - حدَثنا مُسدَد، حدَثنا بشر بن المُفَضل، عن عاصم بن كُليب، عن أبيه عن وائل بن حُجر قال: قلتُ: لأنظُرَنَّ إلى صلاةِ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم - كيف يُصلي، قال: فقام رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -، فاستَقبَلَ القِبلَةَ، فكبَّر فرفع يَدَيهِ حتى حاذتا أُذُنَيهِ، ثم أخذ شِمالَه بيمينه، فلمَّا أراد أن يركعَ رَفَعَهما مثلَ ذلك، ثم وضع يَدَيهِ على رُكبَتَيهِ، فلفَا رفعَ رأسَه من الركوع رَفَعَهما مِثلَ ذلك، فلمَّا سجدَ وضعَ رأسَه بذلك المَنزِلِ من ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (955) و (1006) من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الجبار بن وائل، به. وأخرجه أيضاً (646) من طريق علقمة بن وائل، عن أبيه، وزاد فيه الرفع عند الركوع وعند الرفع منه. ويشهد لمحاذاة الإبهامين بالأذنين حديث مالك بن الحويرث الآتي برقم (745). تنبيه: هذا الحديث جاء في (أ) و (ب) و (ج) - وهي برواية أبي علي اللؤلؤي - بعد الحديث الآتى بعده، والمثبت من (هـ) وهي براوية ابن داسه. (¬1) إسناده صحيح، المسعودي- وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة، وإن كان قد اختلط - قد سمع منه يزيد بن زريع قبل الاختلاط، وإبهام بعض أهل عبد الجبار لا يضر، وقد سُمّي منهم علقمة بن وائل فيما سلف برقم (723)، وهو ثقة. وأخرجه الطبراني 22/ (77) من طريق أبي حفص عمرو بن علي، والبيهقي 2/ 26 من طريق أبي النضر، كلاهما عن المسعودي بهذا الإسناد. وقوله: مع التكبيرة. قال فى "بذل المجهود" 4/ 434: أي: تكبيرة الافتتاح.

بين يَدَيهِ، ثم جلسَ فافتَرَشَ رِجلَه اليُسرى ووضعَ يَدَه اليُسرى على فَخِذِه اليُسرى، وحَد مِرفَقِهِ الأيمَنِ على فَخِذِه اليُمنى، وقبضَ ثِنتَينِ وحلَّق حَلقةً، ورأيته يقول: هكذا، وحلَّقَ بِشرٌ الإبهامَ والوسطى، وأشارَ بالسبابة (¬1). 727 - حدثنا الحسن بن علي، حدثنا أبو الوليد، حدَّثنا زائدة، عن عاصم ابن كُليب، بإسناده ومعناه، قال فيه: ثم وضع يَدَه اليُمنى على ظَهْرِ كَفه اليُسرى والرسغِ والساعِدِ، وقال فيه: ثمَّ جئتُ بعدَ ذلك في زمانٍ فيه برد شديد، فرأيتُ الناسَ عليهم جل الثياب تَحَرَّكُ أيديهم تحتَ الثياب (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل كليب، وهو ابن شهاب الكوفي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1189)، وابن ماجه (867) من طريق بشر بن المفضل، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه النسائي (693) من طريق عبد الله بن إدريس، و (750) و (1187) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن عاصم بن كليب، به. وهو في "مسند أحمد" (18850)، و"صحيح ابن حبان" (1860). وأخرجه مختصراً بكيفية الجلوس للتشهد الترمذي (292) من طريق عبد الله بن إدريس، والنسائي (1188) من طريق سفيان، كلاهما عن عاصم بن كليب، به. وسيأتي مكرراً برقم (957). وانظر ما سلف برقم (723). قوله: "وحدَّ مِرفَقِهِ ... " أي: وجعل حَدّ مِرفَقِهِ الأيمن على فخذه اليمنى، والمراد أنه فصل بين مرفقه وجنبه ومنع أن يلتصقا في حالة استعملائهما على الفخذ. (¬2) إسناده قوي كسابقه. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسلى، وزائدة: هو ابن قدامة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (965) من طريق زائدة بن قدامة، بهذا الإسناد، ولم يذكر فيه وضع اليمين على الشمال ولا قصة الثياب. =

728 - حدثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا شريك، عن عاصم بن كُليبٍ، عن أبيه عن وائل بن حُجر، قال: رأيتُ النبي- صلى الله عليه وسلم - حين افتَتَحَ الصلاةَ رفعَ يَدَيهِ حِيالَ أُذُنَيهِ، قال: ثم أتيتُهم فرأيتُهم يرفعونَ أيديهم إلى صُدورهم في افتِتاحِ الصَلاة وعليهم بَرَانِسُ وأكسِيَةٌ (¬1) (¬2). ¬

_ = وهو بتمامه في "مسند أحمد" (18870). وأخرج وضع اليمين على الشمال ابن ماجه (810) من طريقين عن عاصم بن كليب، به. وأخرجه أيضاً النسائى (963) من طريقين عن علقمة بن وائل، عن أبيه. أما قصة الثياب فقد تابع زائدةَ بنَ قدامة على روايتها بهذا الإسناد سفيانُ بنُ عيينة عند الحميدي (885)، والدارقطني (1120)، والبيهقى 2/ 24، والخطيب في "الفصل للوصل المدرج في النقل" 1/ 427 - 428. وخالفهما زهير بن معاوية عند أحمد (18876)، والخطيب 1/ 437، وأبو بدر شجاع بن الوليد عند الخطيب 1/ 438، فرويا عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل، قصة قدومه في المرة الأولى، ثم رويا عن عاصم بن كليب قال: وحدثني عبد الجبار ابن وائل، عن بعض أهله، عن وائل، فذكر قصة تحريك الأيدي من تحت الثياب. ورجح الخطيب هذه الرواية، وإبهام بعض أهل عبد الجبار لا يضر، وقد سُمّي منهم علقمة بن وائل فيما سلف برقم (723)، وهو ثقة. (¬1) في (أ): برانس الأكسية. (¬2) شريك- وهو ابن عبد الله النخعي - تغيّر حفظُه بعد تولّيه القضاء، وقد اختلف عليه في إسناد هذا الحديث، فروي عنه عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل كما في هذه الرواية، وروي عنه عن عاصم بن كليب عن علقمة بن وائل عن أبيه كما سيأتي بعده، والرواية الثانية أصح لِمَا سلف بيانه في تخريج الحديث السابق. وأخرجه الطحاوي 1/ 196، والخطيب في "الفصل للوصل" 1/ 440 و 441 - 442 و442 من طرق عن شريك، بهذا الإسناد. =

117 - باب افتتاح الصلاة

117 - باب افتتاح الصلاة 729 - حدَّثنا محمد بن سليمان الأنباريُّ، حدثنا وكيع، عن شَريك، عن عاصم بن كُليب، عن علقمة بن وائل عن وائل بن حُجر قال: أتيتُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم -في الشَّتاء، فرأيتُ أصحابَه يرفعون أيديهم في ثيابِهم في الصَلاة (¬1). 730 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدثنا أبو عاصم الضحَاك بن مَخلَد، (ح) وحدثنا مُسدد، حدَثنا يحيى- وهذا حديث أحمد- قال: أخبرنا عبد الحميد - يعني ابنَ جعفر- أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعتُ أبا حُميد السَّاعِدِيَّ في عشرةٍ من أصحابِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - منهم أبو قتادة، قال أبو حُمَيد: أنا أعلَمُكم بصلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ¬

_ = وقد ضعف الحافظ أبو عمران موسى بن هارون - فيما نقله عنه الخطيب - لفظة "إلى صدورهم" وقال: لا أعلم أحداً ذكره في حديث عاصم بن كليب، وإنما هو: "قال: أتيتهم في الشتاء وعليهم الأكسية والبرانس ... " وإنما هذا التخليط في الإسناد وفي المتن من شريك، كان بأخرة قد ساء حفظُه. بيما قال الطحاوي: أخبر وائل بن حجر في حديثه هذا أن رفعهم إلى مناكبهم إنما كان لأن أيديهم كانت حينئذ في ثيابهم، وأخبر أنهم كانوا يرفعون إذا كانت أيديهم ليست في ثيابهم إلى حَذو آذانهم. والبرانس: جمع بُرنُس، وهو كل ثوب رأسُه منه ملتزق به. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه على شريك كما سلف بيانه فيما قبله، والظاهر أن فيه انقطاعاً، فقد رواه غير شريك عن عاصم بن كليب، حدثني عبد الجبار ابن وائل، عن بعض أهله، عن وائل. وأراد ببعض أهله علقمة وغيره. وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (565) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (18847) عن وكيع، به.

قالوا: فلِمَ؟ فوالله ما كنتَ بأكثرِنا له تَبِعةً" (¬1)، ولا أقدَمِنا له صُحبةً! قال: بلى، قالوا: فاعْرِضْ، قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصلاة يرفَعُ يَدَيهِ حتى يُحاذيَ بهما مَنكِبَيه، ثم يكبّر حتى يَقِرَّ كل عظمٍ في مَوضِعِه مُعتدلاَ، ثم يقرأ، ثم يكبر، فيرفعُ يديه حتى يُحاذيَ بهما مَنكِبَيه، ثم يركعُ ويضعُ راحَتَيهِ على رُكبَتَيهِ، ثم يعتدلُ فلا يَصُبُّ رأسَه ولا يقنِعُ، ثم يرفعُ رأسَه فيقول: "سمعَ الله لمن حمدَه" ثم يرفع يَدَيهِ حتى يُحاذِيَ بهما مَنكِبَيهِ مُعتدلاً، ثم يقول: "الله أكبرُ" ثم يهوي إلى الأرض، فيُجافي يَدَيهِ عن جَنبَيه، ثم يرفعُ رأسَه ويَثني رِجلَه اليُسرى فيقعُدُ عليها، ويَفتَحُ أصابعِ رِجلَيهِ إذا سجد، ثم يسجدُ، ثم يقول: "اللهُ أكبرُ" ويرفعُ ويَثني رِجله اليُسرى فيقعدُ عليها حتى يرجِعَ كل عظمٍ إلى مَوضِعِه، ثم يصنعُ في الأخرى مِثلَ ذلك، ثم إذا قام من الركعتَينِ كبَّر ورفعَ يَدَيه حتى يُحاذِيَ بهما مَنكِبَيهِ كما كبَّر عند افتِتاحِ الصلاة، ثمَّ يصنعُ ذلك في بقيهِ صلاته، حتَّى إذا كانت السَّجْدةُ التي فيها التسليمُ أخرَ رِجلَه اليُسرى وقعدَ مُتوركاً على شِقّهِ الأيسَرِ، قالوا: صدقتَ، هكذا كان يُصلّي - صلى الله عليه وسلم - (¬2). ¬

_ (¬1) في رواية ابن داسه: تبعًا، وكذا هي في (هـ) و (ج). (¬2) إسناده صحيح لكن ذكر أبي قتادة فيه نظر، نبه عليه صاحب "الوهم والإيهام" 2/ 462، وانظر"الفتح" 2/ 307. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه ابن ماجه (1061) من طريق أي عاصم، بهذا الإسناد. وأخر جه مطولاً ومختصراً الترمذي (304)، والنسائي في "الكبرى" (631) و (692) و (1105) و (1186)، وابن ماجه (862) من طريق يحيى بن سعيد, به. وأخرجه مختصراً باستقبال القبلة ورفع اليدين في تكبيرة الإحرام ابنُ ماجه (803) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة , عن عبد الحميد بن جعفر، به. =

731 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَثنا ابن لَهِيعةَ، عن يزيد- يعني ابنَ أبي حبيب- عن محمد بن عمرو بن حَلحلة، عن محمد بن عمرو العامريّ، قال: كنت في مَجلِسٍ من أصحابِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فتذاكروا صلاةَ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو حُميد، فذكر بعضَ هذا الحديث، وقال: فإذا ركعَ أمكَنَ كفيهِ من رُكبَتَيهِ، وفرَجَ بين أصابِعِه، ثم هَصَرَ ظهرَه غيرَ مُقنِعِ رأسَه ولا صافِحٍ بخَدِّه، وقال: فإذا قعدَ في الركعَتَين قعدَ على بَطنِ قَدَمِه اليُسرى ونصبَ اليُمنى، فإذا كان في الرابعة أفضى بوَرِكِه اليُسرى إلى الأرض وأخرَجَ قَدَمَيهِ من ناحيةٍ واحدةِ (¬1). 732 - حدَثنا عيسى بن إبراهيمَ المصريُّ، حدَّثنا ابن وهب، عن الليث بن سعد، عن يزيدَ بن محمد القرشي ويزيدَ بن أبي حبيب، عن محمد بن عمرو ابن حَلحلة ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (23599)، و"صحيح ابن حبان " (1865) و (1867) و (1870). وسيتكرر برقم (963). وانظر ما سيأتي بالأرقام (731 - 735). قوله: "فلا يصب رأسه" أي: لا يميله إلى أسفل "ولا يُقنِع" أي: لا يرفع. وقوله: "ويفتخ أصابع رجليه" أي: يثنيهما ويوجههما إلى القبلة. (¬1) إسناده حسن، رواية قتيبة عن ابن لهيعة - واسمه عبد الله - قوية، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه بنحوه البخاري (828) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن محمد بن عمرو بن حلحلة، بهذا الإسناد. وسيتكرر برقم (965). وانظر ما قبله. قوله: "هصر ظهره" أي: ثناه وخفضه. "ولا صافحٍ بخده" أي: غير مُبرز صفحة خدِّه ولا مائلٍ في أحد شقيه.

عن محمد بن عمرو بن عطاء، نحو هذا، قال: فإذا سجدَ وضعَ يَدَيهِ غيرَ مَفتَرِشٍ ولا قابِضِهما، واستَقبَلَ بأطراف أصابِعِه القِبلةَ (¬1). 733 - حدثنا على بن الحسين بن إبراهيم، حدثنا أبو بدر، حدَثني زهيرٌ أبو خَيثمةَ، حدَثنا الحسن بن الحُر، حدثني عيسى بن عبد الله بن مالك، عن محمد ابن عمرو بن عطاء أحد بني مالك، عن عبّاس- أو عيَّاش- بن سهل الساعِدِي: أنه كان في مَجلسٍ فيه أبوه، وكان من أصحاب النبيّ- صلى الله عليه وسلم -، وفي المَجلسِ أبو هريرة وأبو حُميد الساعِدِي وأبو أُسيد، بهذا الخبر يزيد أوينقص. قال فيه: ثم رفعَ رأسَه- يعني من الركوع- فقال: "سمعَ الله لِمَن حمدَه، اللهم ربنا لك الحمد" ورفعَ يَدَيهِ، ثم قال: "الله أكبر" فسجد، فانتَصَبَ على كفَّيهِ ورُكبَتَيهِ وصدور قَدَمَيهِ وهو ساجد، ثم كبّر فجلس فتورك، ونصبَ قَدَمَه الأخرى، ثم كبَّر فسجد، ثم كبر فقام ولم يتورَك، ثم ساق الحديث. قال: ثم جلسَ بعد الركعتَين، حتى إذا هو أراد أن ينهضَ للقيام قامَ بتكبيرةٍ، ثم ركع الركعتَين الأُخرَيَين، ولم يذكر التورُكَ في التشهُد (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه البخاري (827) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1869). وسيتكرر برقم (964). وانظر ما قبله. (¬2) عيسى بن عبد الله بن مالك - وإن روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" - قد خالفه عبد الحميد بن جعفر ومحمد بن عمرو بن حلحلة - وهما ثقتان - فروياه عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد الساعدي، وصرح محمد بن عمرو بن عطاء في روايتيهما بسماعه له من حميد. وقد سلفت هاتان الروايتان بالأرقام =

734 - حدثنا أحمد بن حنبل، حدِّثنا عبد الملك بن عمرو، أخبرني فُلَيح، حدثني عباس بن سهل، قال: اجتَمَعَ أبو حُميد وأبو أُسَيد وسهل بن سعد ومحمد بن مَسلَمة، فذكروا صلاةَ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم -، فقال أبو حُميد: أنا أعلَمُكم بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, فذكر بعضَ هذا، قال: ثم ركعَ فوضعَ يَدَيهِ على رُكبَتَيهِ كأنَه قابِضٌ عليهما، ووترَ يَدَيهِ فتجافى عن جَنبَيهِ، قال: ثم سجد فأمكَنَ أنفَه وجَبهَتَه، ونخَى يَدَيهِ عن جَنبَيهِ، ووضعَ كفيهِ حَذوَ مَنكِبَيهِ، ثم رفعِ رأسَه حتى رجع كل عَظم في مَوضِعِه، حتى فرَغَ، ثم جلس فافتَرَش رِجلَه اليُسرى، وأقبَلَ بصَدرِ اليُمنى على قِبلَتِهِ، ووضع كفه اليُمنى على رُكبَتِهِ اليُمنى، وكفه اليسرى على رُكبَتِه اليُسرى، وأشار بإصبَعِهِ (¬1). ¬

_ = (730 - 732). ولعل ذِكرَ محمد بن عمرو في هذا الإسناد وهم، فقد رواه عتبة بن أبي حكيم فيما ذكر المصنف بإثر الحديث (734)، عن عيسى بن عبد الله، عن عباس ابن سهل، لم يذكر محمد بن عمرو. والله أعلم. أبو بدر: هو شجاع بن الوليد، وزهير: هو ابن حرب. وأخرجه الطحاوي 1/ 260، وابن حبان (1866)، والبيهقي2/ 101 و 118 من طريق أبي بدر، بهذا الإسناد. وعند ابن حبان: "عباس بن سهل" من غير شك، وتحرف "أحد بني مالك" في الموضع الأول من" سنن البيهقي" إلى: أخبرنى مالك. وذهب ابن حبان إلى أن الطريقين محفوظان، وأن محمد بن عمرو بن عطاه سمع هذا الخبرَ من أي حميد الساعدي ومن عباس بن سهل. وسيتكرر برقم (966). وانظر ما سيأتى برقم (735). (¬1) إسناده حسن في المتابعات من أجل فليح، وهو ابن سليمان المدني. وأخرجه مقطعاً االترمذي (259) و (269) و (293)، وابن ماجه (863) من طريق عبد الملك بن عمرو العقدي، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1871).

قال أبو داود: روى هذا الحديثَ عُتبةُ بن أبي حكيم، عن عبد الله ابن عيسى، عن العباس بن سهل، لم يذكرِ التورُّك، وذكر نحوَ حديثِ فُليحِ (¬1). وذكر الحسنُ بن الحُرّ نحوَ جِلسةِ حديث فُلَيحِ وعُتبةَ (¬2). 735 - حدَّثنا عمرو بن عثمان، حدثنا بقية، حدثني عُتبةُ، حدَثني عبد الله ابن عيسى، عن العباس بن سهل الساعِدِي عن أبي حُميد، بهذا الحديث، قال: وإذا سجدَ فَرَّجَ بين فَخِذَيهِ غيرَحامِلِ بطنَه على شيءِ من فَخِذَيهِ (¬3). ¬

_ = وسيتكرر برقم (967). وانظر ما سلف برقم (730). وقوله: "ثم جلس فافترش رجله اليسرى ... " حمله الترمذي في "جامعه" بإثر الحديث (293)، وابن خزيمة في "صحيحه" (689)، والبيهقي في "سننه" 2/ 129 على التشهد الأول، بينما كلام المصنف هنا يُشير إلى أنه حمله على التشهد الأخير، وقد كرره المصنف برقم (967) فقال: "فذكر الحديث، ولم يذكر الرفع إذا قام من ثنتين ولا الجلوس، قال: حتى فرغ، ثم جلس فافترش رجله اليسرى، وأقبل بصدر اليمنى على قبلته" وهذا صريح في أنه يرى حديث فليح هذا في التشهد الأخير. وعلى كُل فقد ثبت التورك في التشهد الأخير من حديث أبي حميد مِن طريقين صحيحين كما سلف برقم (730 - 732). قوله: "ووتر يديه" أي: عوّجهما، من التوتير: وهو جعل الوتر على القوس. (¬1) ستأتي روايته بعد هذا. (¬2) سلفت رواية الحسن بن الحر برقم (733). (¬3) عتبة بن أبي حكيم- وإن كلان صدوقاً - له بعض الأوهام والأخطاء، وقد قلب اسم شيخه، فقال: عبد الله بن عيسى، والصواب: عيسى بن عبد الله، وعيسى هذا روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في"الثقات"، وقد سلف ذكر الاختلات على عيسى في إسناده فيما سلف برقم (733)، وقد انفردا بهذه الزيادة. بقية: هو ابن الوليد الحمصي. وأخرجه البيهقي 2/ 115 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وقال البيهقي: رواه إسماعيل بن عياش عن عتبة، إلا أنه قال في إسناده: عيسى بن عبد الله، وهو الصحيح.=

قال أبو داود: ورواه ابنُ المبارك، حدثنا فُلَيح، سمعت عباسَ بنَ سهلٍ يُحدّث، فلم أحفظه، فحدَّثَنيه، أُراهُ ذكر عيسى بن عبد الله، أنه سمعه من عباس بن سهل، قال: حضرتُ أبا حُميد الساعِدِي. 736 - حدَثنا محمد بن مَعمَر، حدثنا حجاج بن مِنهال، حدَثنا همَام، حدثنا محمد بن جُحَادةَ، عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث قال: فلما سجدَ وَقَعَتا رُكبَتاهُ إلى الأرض قبلَ أن تقعَا كفاه. قال: فلمّا سجدَ وضعَ جَبْهَتَه بين كفيهِ وجافى عن إبطَيهِ (¬1). ¬

_ = قلنا: رواية إسماعيل بن عياش أخرجها الطحاوي 1/ 260 من طريق هشام بن عمار، عن إسماعيل بن عياش، حدثنا عتبة بن أبي حكيم، عن عيسى بن عبد الرحمن العدوي، عن عباس بن سهل، به. وقوله: "عيسى بن عبد الرحمن" وهم، الظاهر أنه من إسماعيل بن عياش فإنه ضعيف في روايته عن غير أهل بلده، وهذا منها. وأخرجه مختصراً الطبرانى في "مسند الشاميين " (763) من طريق عمرو بن عثمان، به. (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد منقطع، عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه وائل بن حجر. وضع الركبتين قبل الكفين في السجود سيأتي تخريجه والكلام عليه برقم (838) و (839). وقوله: "فلما سجد وضع جبهته بين كفيه ... " سلف نحوه موصولاً من طريق عبد الجبار بن وائل، عن علقمة بن وائل، عن أبيه، برقم (723). وإسناده صحيح. وله شاهد من حديث أي حميد الساعدي سلف برقم (734)،وإسناده حسن في المتابعات والشواهد. قوله في الحديث: وقعتا ركبتاه، وقوله: تقعا كفاه، جائز في العربية على لغة "أكلوني البراغيث"، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل والنهار".

قال حجاج: قال همام: وحدّثنا شَقيق، حدَثني عاصم بن كُليب، عن أبيه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -بمثل هذا. وفي حديث أحدهما- وأكبرُ علمي أنه حديث محمد بن جُحَادة-: وإذا نهضَ نهضَ على رُكبَتَيهِ واعتمدَ على فَخِذِه (¬1). 737 - حدَثنا مُسدد، حدَثنا عبد الله بن داود، عن فِطرٍ، عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه، قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يرفعُ إبهامَيهِ في الصلاة إلى شَحمةِ أُذُنَيهِ (¬2). 738 - حدَثنا عبدُ الملك بن شعيب بن الليث، حدَّثني أبي، عن جدي، عن يحيي بن أيوبَ، عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جُرَيج، عن ابن شِهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبي هريرة أنه قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -إذا كبر للصلاةِ جعلَ يَدَيهِ حَذْوَ مَنكِبَيهِ، وإذا ركع فعلَ مثلَ ذلك، وإذا رفع للسُّجود فعلَ مِثلَ ذلك، وإذا قام من الركعَتَينِ فعلَ مثلَ ذلك (¬3). ¬

_ (¬1) سيأتي الكلامُ عليه بإثر الحديث (839). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع، عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه. فطر: هو ابن خليفة. وأخرجه النسائي فى "الكبرى" (985) من طريق فطر بن خليفة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18849). وانظر ما سلف برقم (724). (¬3) يحيى بن أيوب الغافقي ليس بالقوي، وقد خولف في متنه. وأخرجه ابن خزيمة (694) من طريق يحيى بن أيوب، بهذا الإسناد. =

739 - حدثنا قتيبةُ بن سعيد، حدثنا ابن لَهيعةَ، عن أبي هُبَيرةَ (¬1)، عن ميمون المكي أنه رأى عبد الله بن الزبير- وصلَّى بهم- يُشير بكَفَّيهِ حين يقومُ، وحين يركعُ، وحين يسجدُ، وحين ينهضُ للقيام، فيقومُ فيشيرُ بيَدَيهِ، ¬

_ = وأخرجه ابن خزيمة (695) من طريق عثمان بن الحكم الجذامي، عن ابن جريج، أخبرنا ابن شهاب، به. وعثمان بن الحكم صدوق له أوهام. وخالفهما عبد الرزاق عند مسلم (392) (28)، فرواه عن ابن جريج، به بلفظ: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم -إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يقول: "سمع الله لمن حمده " ... ، وذكر فيه التكبير عند كل خفض ورفعِ، ولم يذكر رفع اليدين. وهكذا رواه عن الزهري عقيل عند البخاري (789)، ومسلم (392) (29)، والنسائي في "الكبرى" (740)، ومعمر عند النسائي (746). وهكذا رواه عن أبي هريرة: أبو سلمة بن عبد الرحمن عند البخاري (785) و (803)، ومسلم (392) (27) و (30) و (31)، والنسائي (745) و (746)، وسعيد المقبري عند البخاري (795)، وسعيد بن سَمعان عند النسائي (957)، وأبو صالح ذكوان السمان عند مسلم (392) (32). وهو في "مسند أحمد" (7220) و (7657) و (8253) و (9608)، و"صحيح ابن حبان" (1766) و (1777). وأخرج ابن ماجه (860) من طريق إسماعيل بن عياش، عن صالح بن كيسان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة قال: رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم -يرفع يديه في الصلاة حذو منكبيه حين يفتتح الصلاة، وحين يركع، وحين يسجد. وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير أهل بلده، وهذا منها. وهو في "مسند أحمد" (6163). وصح رفع اليدين في تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه وعند القيام من الركعتين، من حديث ابن عمر، وقد سلف برقم (721)، وسيأتي برقم (741). (¬1) جاء في (د) و (هـ): ابنُ هبيرة، وكلاهما صحيح، إذ إن اسمه عبد الله بن هُبيرة بن أسعد السبئي، وكنيته أبو هبيرة.

فانطَلَقتُ إلى ابن عبَّاس، فقلت: إني رأيتُ ابن الزبير صلّى صلاةً لم أرَ أحداً يُصلّيها، فوصفتُ له هذه الإشارةَ، فقال: إن أحبَبتَ أن تنظُرَ إلى صلاةِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فاقتَدِ بصلاة عبد الله بن الزبير (¬1). 740 - حدَثنا قتيبةُ بن سعيد ومحمد بن أبان- المعنى- قالا: حدثنا النَّضر ابن كثير- يعني السعدي - قال: صلَّى إلى جنبي عبدُ الله بن طاووس في مسجدِ الخَيفِ، فكان إذا سجدَ السجدةَ الأولى فرفعَ رأسَه منها رفعَ يَدَيهِ تلقاءَ وجهِهِ، فانكَرتُ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة ميمون المكي. أبو هبيرة: هو عبد الله بن هبيرة. الحضرمي المصري. وأخرجه أحمد (2308) و (2627)، والطبرانى (11273) من طرق عن عبد الله ابن لهيعة، بهذا الإسناد. ومعنى: يشير بكفيه، أي: يرفع يديه. ويُعارضه ما أخرجه البيهقي 2/ 73 من طريق أيوب السختياني، عن عطاء بن أبي رباح، قال: صليتُ خلف عبد الله بن الزبير، فكان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، واذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، فسألته فقال: صليت خلف أبي بكر الصديق رضي الله عنه فكان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وقال أبو بكر: صليت خلف رسول الله- صلى الله عليه وسلم -فكان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع. وقال البيهقي: رواته ثقات. وتعقبه ابن التركماني بأن في إسناده محمد بن الفضل عارم، اختلط. قلنا: ويؤيد رواية البيهقي ما أخرجه عبد الرزاق (2525) من طريق طاووس قال: رأيت عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير يرفعون أيديهم في الصلاة. وأخرج ابن أبي شيبة 1/ 235 عن عطاء مثله. أما ما أخرجه ابن ماجه (865) عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -كان يرفع يديه عند كل تكبيرة. ففى إسناده عمر بن رباح، وهو ضعيف.

ذلك، فقلت لوُهَيب بن خالد، فقال له وُهَيب بن خالد: تصنعُ شيئاً لم أر أحداً يصنعُه؟ قال ابنُ طاووس: رأيتُ أبي يصنعُه، وقال أبي رأيتُ ابنَ عباس يصنعُه، ولا أعلمُ إلا أنه قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصنعُه (¬1). 741 - حدثنا نصر بن علي، أخبرنا عبد الأعلى، حدَّثنا عُبيد الله، عن نافع عن ابن عمر، أنه كان إذا دخلَ في الصلاةِ كبَّرَ ورفعَ يَدَيهِ، وإذا ركعَ، وإذا قال: سمعَ اللهُ لِمَن حمدَه، وإذا قام من الركعَتَينِ رفعَ يَدَيهِ، ويرفعُ ذلك إلى رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم - (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف النضر بن كثير السعدي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (736) من طريق النضر بن كثير، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. وقول المصنف: الصحيح قول ابن عمر ليس بمرفوع، مدفوع، فقد رواه غير واحد عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً. وصحح رفعه البخاري، وقال الدارقطني في "العلل" كما في "فتح الباري" 2/ 222: والأشبه بالصواب قول عبد الأعلى، يعني مرفوعاً. قلنا: وسلف مرفوعاً من طريق سالم عن ابن عمر برقم (721). وأخرجه البخاري في "الصحيح" (739)، والبيهقي2/ 70 و 136 من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، بهذا الاسناد. وخالف عبدَ الأعلى عبدُ الوهاب الثقفي عن عبيد الله، فرواه موقوفاً كما عند البخاري في رفع اليدين (80). وأخرجه أحمد (5762)، والبخاري في "رفع اليدين" (52) و (53)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5832)، والبيهقي2/ 70من طريق حماد بن سلمة، والبيهقي 2/ 70 - 71 من طريق إبراهيم بن طهمان، كلاهما عن أيوب بن أبي تميمة، وأحمد (6164)، والدارقطني (1136/ 2) من طريق صالح بن كيسان، والبيهقي 2/ 70 - 71 من طريق موسى بن عقبة، ثلاثتهم (أيوب وصالح وموسى) عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً.

قال أبو داود: الصحيحُ قولُ ابن عمر، ليس بمرفوع. قال أبو داود: وروى بقيةُ أوَّلَه عن عُبيد الله وأسنَدَه، ورواه الثقفي عن عُبيد الله. أوقَفَه عن ابن عمر، وقال فيه: وإذا قام من الركعتَينِ يرفعُهما إلى ثَديَيهِ، وهذا هو الصحيح. قال أبو داود: ورواه الليثُ بن سعد ومالك وأيوبُ وابنُ جُرَيج موقوفاً. وأسنَده حمادُ بن سلمة وحده عن أيوب. ولم يذكر أيوبُ ومالكٌ الرفعَ إذا قام من السجدتين، وذكره الليثُ في حديثه، قال ابن جُريج فيه: قلت لنافع: أكان ابنُ عمر يجعل الأُولى أرفَعَهن؟ قال: لا، سواء، قلت: أشِرْ لي، فأشار إلى الثديَين أو أسفَلَ من ذلك. 742 - حدّثنا القَعنَبي، عن مالك، عن نافع أن عبدَ الله بنَ عمر كان إذا ابتَدَأ الصلاةَ يرفعُ يَدَيهِ حَذْوَ مَنكِبَيه، وإذا رفع رأسَه من الرُّكوع رفعَهما دون ذلك (¬1). قال أبو داود: لم يذكُر رفْعهما دون ذلك أحدٌ غير مالك - فيما أعلم -. ¬

_ = وأخرجه موقوفاً عبد الرزاق (2520) ومن طريقه البخاري في "رفع اليدين" (40) عن ابن جريج، والبخاري أيضاً (14) و (51) من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث ابن سعد، كلاهما (ابن جريج والليث) عن نافع، عن ابن عمر. وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح. القعنبى: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "الموطأ" 1/ 77، ومن طريقه أخرجه الشافعي في "مسنده" 1/ 72 - 73 و 73، والبخاري في "رفع اليدين" (73). وانظر ما قبله.

118 - باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من اثنتين

118 - باب من ذكر أنه يرفع يديه إذا قام من اثنتين (¬1) 743 - حدَثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن عُبيد المُحاربي، قالا: حدَثنا محمد بن فُضَيل، عن عاصم بن كلَيب، عن مُحارِب بن دِثار عن ابن عمر، قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -إذا قام في الركعتين كبّرَ ورفعَ يَدَيهِ (¬2). 744 - حدثنا الحسنُ بن علي، حدَثنا سليمانُ بن داودَ الهاشميُّ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عُقبة، عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عُبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: أنه كان إذا قامَ إلى الصلاة المكتوبة، كبّرَ ورفعَ يَدَيهِ حَذْوَ مَنكِبَيهِ، ويصنعُ مِثلَ ذلك إذا قضى قراءتَه وأراد أن يركعَ، ويصنعُه إذا رفعَ من الركوع، ولا يرفعُ يَدَيهِ في شيءٍ من صلاتِه وهو قاعدٌ، وإذا قام من السَّجدتين رفعَ يَدَيهِ كذلك وكبّر (¬3). ¬

_ (¬1) أثبتنا اسم هذا الباب من نسخة على هامش (د) و (هـ)، وجاء (أ) و (ج) مطلقاً غير مسمى، بقوله: بابٌ. (¬2) إسناده قوي من أجل عاصم بن كليب، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 235 - 236، وأحمد (6328)، والبخاري في "رفع اليدين" (26) من طريق محمد بن فضيل، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً البخاري فى "رفع اليدين" (48) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن محارب، به. وانظر ما سلف برقم (721). (¬3) إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد، وباقي رجاله ثقات.

قال أبو داود: وفي حديث أبي حُميد الساعِدِي حين وصفَ صلاةَ النبى- صلى الله عليه وسلم -: إذا قام من الركعتين كبرَ ورفعَ يَدَيهِ حتى يُحاذِيَ بهما مَنكِبَيهِ كما كبَّرَ عند افتِتاح الصلاة (¬1). 745 - حدَّثنا حفصُ بن عمرَ، حدثنا شعبةُ، عن قتادةَ، عن نصرِ بن عاصم عن مالك بن الحُوَيرث، قال: رأيتُ النبي- صلى الله عليه وسلم -يرفعُ يَدَيهِ إذا كبَّرَ، وإذا ركعَ، وإذا رفع رأسَه من الركوع، حتى يبلُغَ بهما فُروعَ أُذُنَيه (¬2). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (3721)، وابن ماجه (864) من طريق سليمان بن داود الهاشمي، بهذا الإسناد. ورواية الترمذي مطولة. وهو في "مسند أحمد" (717). وسيأتي بأطول مما هنا برقم (761). (¬1) سلف حديث أبي حميد برقم (730). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (956) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (391) (25) من طريق أبي عوانة، ومسلم (391) (26)، والنسائي (647) و (957) و (1098) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، كلاهما عن قتادة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20531) و (20535). وأخرجه البخاري (737)، ومسلم (391) (24) من طريق أبي قلابة، عن مالك ابن الحويرث دون قوله: "حتى يبلغ بهما فروع أذنيه". وأخرجه النسائى (676) و (677) من طريقين عن سعيد بن أبلى عروبة، عن قتادة، به، وزاد رفع اليدين بعد السجود. وهي زيادة شاذة خالف سعيداً فيها أبو عوانة وشعبة، وسعيد نفسه لم يذكرها في بعض الروايات عنه كما سلف قريباً. وتحرف سعيد في الموضع الأول عند النسائى في "المجتبى" (1085) إلى: شعبة، والتصويب من "السنن الكبرى" (676). وأخرجه النسائى (678) و (733) من طريق معاذ بن هشام الدستوائى، عن أبيه، عن قتادة، به بهذه الزيادة، ومعاذ بن هشام فيه كلام، وقد خالفه يزيد بن زريع- وهو ثقة- فرواه عند ابن ماجه (859) عن هشام الدستوائي ولم يذكرها.

746 - حدَثنا ابن معاذ، حدثنا أبي (ح) وحدَثنا موسى بن مروان، حدَثنا شعيب - يعني ابنَ إسحاقَ - المعنى- عن عِمران، عن لاحق، عن بشير بن نَهيك، قال: قال أبو هريرة: لو كنتَ قُدَّامَ النبي - صلى الله عليه وسلم -لرأيتَ إبطَهُ، زاد ابنُ معاذ قال: يقول لاحق: ألا ترى أنه في الصلاة لا يستطيعُ أن يكون قُدَّامَ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -؟ وزاد موسى: يعني إذا كبّرَ رفعَ يَدَيهِ (¬1). 747 - حدثنا عثمان بن أبي شَيبةَ، حدثنا ابن إدريس، عن عاصم بن كُليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة قال: قال عبد الله: عَلّمَنا رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -الصلاةَ فكبّرَ ورفعَ يَدَيهِ، فلمَّا ركعَ طَبقَ يَدَيهِ بين رُكبَتَيه، قال: فبلغَ ذلك سعْداً، فقال: صدقَ أخي، قد كنَّا نفعلُ هذا، ثم أُمِرَنا بهذا، يعني الإمساكَ على الركبَتَين (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن معاذ: هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري، وعمران: هو ابن حُدير السدوسي, ولاحق: هو ابن حميد السدوسي أبو مجلز. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (689) من طريق معتمر بن سليمان، عن عمران ابن حُدير، بهذا الإسناد. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عاصم بن كليب، وباقي رجاله ثقات. ابن إدريس: هو عبد الله، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (623) من طريق عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3974). وسيأتي حديث ابن مسعود برقم (868) من طريق علقمة والأسود عنه. التطبيق: هو أن يجمع بين أصابع يديه، ويجعلهما بين ركبتيه في الركوع والتشهد. وجمهور أهل العلم على أن السنة وضع اليدين على الركبتين وكراهة التطبيق. إلا ابن مسعود وصاحبيه علقمة والأسود، فإنهم يقولون: إن السنة التطبيق، لأنهم لم يبلغهم الناسخ وهو حديث سعد بن أبي وقاص, قال النووي: والصواب ما عليه الجمهور لثبوت الناسخ الصريح.

119 - باب من لم يذكر الرفع عند الركوع

119 - باب من لم يذكر الرفع عند الركوع 748 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا وكيع، عن سفيانَ، عن عاصم - يعني ابن كُليب-، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمةَ قال: قال عبد الله بن مسعود: ألا أُصلي بكم صلاةَ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم -؟ قال: فصلّى فلم يرفع يَدَيهِ إلا مرَّةً (¬1) (¬2). 749 - حدَّثنا الحسنُ بن علي، حدَّثنا معاويةُ وخالدُ بن عمرو وأبو حُذَيفة، قالوا: حدَّثنا سفيانُ بإسناده بهذا، قال: فرفعَ يَدَيهِ في أوّلِ مرَّةٍ، وقال بعضُهم: مرةً واحدةً (¬3). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات غير عاصم بن كليب فصدوق قوى الحديث. سمان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه الترمذي (256)، والنسائي في "الكبرى" (649) و (1100) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (3681) وفيه تمام الكلام عليه. ومن حكم بضعفه من الأئمة. وسيأتي بعده. (¬2) زاد بعد هذا الحديث في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي، وهو في المطبوع: قال أبو داود: هذا حديث مختصر من حديث طويل، وليس هو بصحيح على هذا اللفظ. وقال العظيم آبادي: هذه العبارة موجودة في نسختين عتيقتين عندي، وليست في عامة نسخ أبي داود الموجودة عندي. (¬3) خالد بن عمرو - وهو الأموي - متهم بالكذب، لكن تابعه في هذا الإسناد معاوية - وهو ابن هشام- وأبو حذيفة- وهو موسى بن مسعود النهدي- وهما صدوقان حسنا الحديث، وهما متابعان أيضاً كما سلف فيما قبله.

750 - حدثنا محمد بن الصَّبَّاح البزاز، حدثنا شريك، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء: أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - كان إذا افتَتَحَ الصلاةَ رفعَ يديهِ إلى قريبِ من أُذُنَيه، ثم لا يعودُ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم الكوفي - وباقي رجاله ثقات غير شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - فسيئ الحفظ، لكنه متابع. وأخرجه أبو يعلى (1690) من طريق شريك، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني (1129) من طريق إسماعيل بن زكريا، عن يزيد بن أبي زياد, به. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 233، وأحمد (18487)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 80، وأبو يعلى (1658) و (1691) من طريق هشيم بن بشير، وأحمد (18674) و (18682)، والبيهقي 2/ 26 من طريق أسباط بن محمد، وأحمد (18692)، ويعقوب بن سفيان 3/ 80، والدارقطني (1127) من طريق شعبة، وأحمد (18702)، وعبد الرزاق (2530)، والبخاري في "رفع اليدين" (35)، ويعقوب بن سفيان 3/ 79 - 80، والدارقطني (1126) من طريق سفيان الثوري، وأحمد في "العلل" (715) من طريق الجراح بن مليح الرؤاسي، ويعقوب بن سفيان 3/ 80، والدارقطنى (1131) من طريق خالد بن عبد الله، وأبو يعلى (1692) من طريق ابن إدريس، والدارقطني (1132) من طريق علي بن عاصم، عن محمد بن أبي ليلى، والخطيب في "تاريخ بغداد" 5/ 41 من طريق حمزة بن حبيب الزيات، و 7/ 254 من طريق جرير بن عبد الحميد، العشرة عن يزيد بن أبي زياد، به. ولم يذكروا فيه: "ثم لا يعود"، وقال الدارقطني: قال علي بن عاصم: فلما قدمت الكوفة قيل لي: إن يزيد حي، فأتيته فحدثني بهذا الحديث ... فقلت له: أخبرني ابن أبي ليلى أنك قلت: ثم لم يعد، قال: لا أحفظ هذا، فعاودته فقال: ما أحفظه. وانظر رواية سفيان بن عيينة عن يزيد الآتية بعده، وانظر (752).

751 - حدثنا عبدُ الله بن محمد الزهري، حدثنا سفيانُ، عن يزيد، نحوَ حديثِ شريك، لم يقل: "ثم لا يعودُ" قال سفيان: قال لنا بالكوفة بعد: "ثم لا يعودُ" (¬1). قال أبو داود: روى هذا الحديث هُشيم وخالد وابنُ إدريس عن يزيد، لم يذكروا: "ثم لا يعود". 752 - حدثنا حسينُ بن عبد الرحمن، أخبرنا وكيع، عن ابن أبي ليلى، عن أخيه عيسى، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال: رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - رفعَ يَدَيهِ حينَ افتَتَحَ الصلاة، ثم لم يرفعهما حتى انصَرَفَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه الشافعي في "مسنده" (215)، وعبد الرزاق (2531)، والحميدي (724)، والبخاري في "رفع اليدين" (34)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 81، وابن عدي في ترجمة يزيد من "الكامل" 7/ 2730، والبيهقي في "السنن الكبرى" 76/ 2 - 77، وفي "معرفة السنن" (3262) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال سفيان عند الشافعي والحميدي: فلما قدمت الكوفة سمعته يحدث وزاد فيه: ثم لا يعود، فظننت أنهم لقنوه، وكان بمكة يومئذ أحفظ منه يوم رأيته بالكوفة، وقالوا لي: إنه قد تغير حفظه، أو ساء حفظه. قلنا: وممن ذهب إلى أن يزيد لُقن هذه اللفظة البخاري والدارقطني والبيهقي. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لضعف ابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن -، وقد خولف حسين بن عبد الرحمن في إسناده. فقد رواه ابن أبي شيبة 1/ 236، وأحمد في "العلل" بإثر الحديث (708)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 224 من طريق يحيى بن يحيى، وإسحاق بن راهويه عند أبي يعلى (1689)، أربعتهم (ابن أبي شيبة وأحمد ويحيى وإسحاق) عن وكيع، عن عيسى بن عبد الرحمن والحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به.=

120 - باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة

قال أبو داود: هذا الحديث ليس بصحيح. 753 - حدثنا مُسدد، حدَّثنا يحيى، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن سِمعان عن أبي هريرة قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -إذا دخلَ في الصلاة رفعَ يَدَيهِ مداً (¬1). 120 - باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة 754 - حدثنا نصرُ بن علي، أخبرنا أبو أحمدَ، عن العلاء بن صالح، عن زُرعةَ بن عبد الرحمن، قال: سمعتُ ابن الزُّبير يقول: صَف القَدَمَينِ ووَضْعُ اليَدِ على اليَدِ من السُنَّة (¬2). ¬

_ = وأخرجه الطحاوي 1/ 224 من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عن ابن أبي ليلى، عن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، به. (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن أي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن، وسعيد بن سمعان: هو الأنصاري الزرقي مولاهم المدنى. وأخرجه الترمذي (237)، والنسائي في "الكبرى" (959) من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. ورواية النسائي أطول مما هنا. وهو مطولاً أيضاً في "مسند أحمد" (9608) و (10492). (¬2) إسناده ضعيف، زرعة بن عبد الرحمن- ويقال: زرعة أبو عبد الرحمن - لم يرو عنه غير العلاء بن صالح ومالك بن مِغْوَل، ولم يوثقه سوى ابن حبان. أبو أحمد: هو عبد الله بن الزبير الزبيري. وأخرجه البيهقي 2/ 30، وابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 73 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الضياء في "المختارة" 9/ (257)، والمزي في ترجمة زرعة من "تهذيب الكمال" 9/ 350 من طريق أبي أحمد الزبيري، به. =

755 - حدثنا محمَّد بن بكَار بن الرّيان، عن هُشَيم بن بشير، عن الحجاج ابن أبي زينب، عن أبي عثمانَ النهدي عن ابن مسعود: أنه كان يُصلّي، فوضعَ يدَه اليُسرى على اليُمنى، فرآه النبي- صلى الله عليه وسلم -فوضعَ يدَه اليُمنى على اليُسرى (¬1). 756 - حدثنا (¬2) محمد بن محبوب، حدثنا حفصُ بن غِياث، عن عبد الرحمن ابن إسحاق، عن زياد بن زيد، عن أبي جُحَيفة ¬

_ = وانظر في وضع اليد على اليد في الصلاة أحاديث الباب الآتية بعده، وحديث وائل بن حجر السالف برقم (726). أما قوله: "صف القدمين من السنة" فيخالفه ما أخرجه النسائي في"السنن الكبرى" (969)، والبيهقي2/ 288 من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه: أنه رأى رجلاً صفَّ بين قدميه يعني في الصلاة، فقال: أخطأ السنة، أما أنه لو راوح كان أحب إلي. وقال البيهقي: حديث ابن الزبير موصول، وحديث أبي عبيدة عن أبيه مرسل. وقال النسائي: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، والحديث جيد. (¬1) إسناده محتمل للتحسين، حجاج بن أبي زينب مختلف فيه، وقد أخرج له مسلم في المتابعات، وحسّن له الحافظ ابن حجر حديثه هذا في "الفتح" 2/ 224، وقد اختلف عليه في إسناده، فروي عنه عن أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود، وروي عنه عن أبي عثمان النهدي مرسلاً، وروي عنه عن أبي سفيان عن جابر، كما هو مبين في التعليق على "المسند" (15090). وأخرجه النسائى في "الكبرى" (964)، وابن ماجه (811) من طريق هشيم، بهذا الإسناد. وصرح هشيم عند ابن ماجه بسماعه له من حجاج. (¬2) هذا الحديث والأحاديث الثلاثة التي بعده ليست في رواية أبي علي اللؤلؤي فيما أفاده المزى في "تحفة الأشراف"، حيث أوردها جميعاً وعزاها لأبي داود، وذكر أنها من رواية أبي سعيد بن الأعرابي وأبي الحسن بن العبد. والحديث الأول منها موجود عندنا في (هـ)، وهي رواية ابن داسه. وقد أوردها جميعاً عبد الغني النابلسي في نسخته التي رمزنا لها بـ (ج) مع أنها برواية أبي علي اللؤلؤي، فالظاهر أنه استدركها من رواية غيره وقد أُشير في هامش هذه النسخة إلى أن هذه الأحاديث ليست في رواية اللؤلؤي.

أنَ عليّاَ رضى الله عنه قال: السنة وضعُ الكف على الكف في الصلاةِ تحتَ السُرة (¬1). 757 - حدثنا محمد بن قُدامة- يعني ابنَ أعين-، عن أبي بدر، عن أبي طالوت عبد السلام، عن ابن جرير الضبي، عن أبيه قال: رأيتُ عليّاَ رضي الله عنه يُمسِكُ شِمالَه بيمييه على الرسغِ فوقَ السُّرَّة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن إسحاق ضعيف، وزياد بن زيد السوائي مجهول. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 391، وعبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند" (875)، والدارقطني (1102)، والبيهقي2/ 31، والضياء في "المختارة" (771) (وأخطأ في إيراده في "المختارة")، و (772) من طريقين عن عبد الرحمن بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني (1103)، والبيهقي 2/ 31 من طريق حفص بن غياث، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن النعمان بن سعد، عن علي. والنعمان بن سعد مجهول أيضاً. (¬2) إسناده ضعيف، جرير الضبي وابنه- واسمه غزوان- مجهولان، وليس لهما في الكتب الستة سوى هذا الحديث. أبو بدر: هو شجاع بن الوليد، وأبو طالوت: هو عبد السلام بن أبي حازم. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 390 عن وكيع، والبيهقي 2/ 29 - 30 من طريق مسلم ابن إبراهيم، كلاهما عن عبد السلام بن أبي حازم، بهذا الإسناد، بلفظ: كان إذا قام إلى الصلاة فكبر ضرب بيده اليمنى على رسغه الأيسر، فلا يزال كذلك إلا أن يصلح ثوبه أو يحك جسده. ولم يذكرا فيه: "فوق السرة"، وقال البيهقي: إسناده حسن! وبهذا اللفظ، أي: دون قوله: (فوق السرة) علقه البخاري في "صحيحه" أول كتاب العمل في الصلاة. ووصله الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" 2/ 442 من طريق مسلم بن إبراهيم، وحسّن إسناده!

قال أبو داود: وروي عن سعيد بن جُبير: فوق السُّرَّة (¬1). وقال أبو مِجلَز: تحت السُّرَّة (¬2). وروي عن أبي هريرة وليس بالقوي. 758 - حدثنا مُسدد، قال: حدّثنا عبد الواحد بن زياد، عن عبد الرحمن ابن إسحاق الكوفي، عن سيار أبي الحكم، عن أبي وائل، قال: قال أبو هريرة: أخذُ الأكُفِّ على الأكف في الصلاة تحتَ السُّرَّة (¬3). قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن حنبل يُضعفُ عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي. 759 - حدثنا أبو توبة، قال: حدَثنا الهيثم- يعني ابنَ حُميد-, عن ثَورِ، عن سليمانَ بن موسى عن طاووس قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - يضعُ يده اليُمنى على يَدِه اليُسرى، ثم يَشُدُ بهما على صَدْرِه، وهو في الصلاة (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي 2/ 31 من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير قال: أمرني عطاء أن أسأل سعيداً: أين تكون اليدان في الصلاة، فوق السُّرَّة أو أسفل من السُّرَّة؟ فسألته عنه فقال: فوق السُّرَّة. قال البيهقي: يعني به سعيد بن جبير، وقال: إنه أصح أثر روي في هذا الباب، فتعقبه ابن التركماني بأن في إسناده يحيى بن أبي طالب تكلموا فيه. وانظر ترجمة يحيى في"تاريخ بغداد" 14/ 220، و"الميزان" و"اللسان". (¬2) أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 390 - 391عن يزيد بن هارون، عن حجاج بن حسان قال: سمعت أبا مجلز أو صالته قال: قلت: كليف يصنع؟ قال: يضع باطن كفه اليمنى على ظاهر كف شماله، ويجعلهما أسفل من السُّرَّة. وأبو مجلز: اسمه لاحق ابن حميد، وهو تابعي. (¬3) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي. سيار أبو الحكم: هو ابن وردان العنزي، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة. (¬4) مرسل رجاله ثقات غير سليمان بن موسى- وهو الدمشقي- فصدوق حسن=

121 - باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

121 - باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء 760 - حدَثنا عُبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن عمّه الماجِشُون بن أبي سلمة، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عُبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -إذا قام إلى الصَلاة كبَّر ثم قال: "وجَّهتُ وجهيَ للذي فطرَ السماواتِ والأرضَ حنيفاً، وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونُسُكي ومَحيايَ ومماتي لله رب العالمين، لا شريكَ له، وبذلك أُمِرتُ وأنا أوَّلُ المسلمين، اللهمَ أنت المَلِكُ لا إلهَ لي إلا أنتَ، أنتَ ربي، وأنا عبدُكَ، ظلمتُ نفسي، واعتَرَفتُ بذنبي، فاغفِر لي ذنوبي جميعاً، لا يغفِرُ الذنوبَ إلا أنتَ، واهدِني لأحسَنِ الأخلاقِ، لا يَهْدِي لأحسَنِها إلا أنتَ، واصرِفْ عني سيِّئها، لا يصرِفُ سيئها إلا أنت، لبيكَ وسَعدَيكَ، ¬

_ = الحديث. أبو توبة: هو الربيع بن نافع، وثور: هو ابن يزيد الحمصي، وطاووس: هو ابن كيسان. وفي باب وضع اليدين على الصدر عن هلب الطائي عند أحمد (21967)، وإسناده ضيف لجهالة قبيصة أحد رواته. وعن وائل بن حجر عند ابن خزيمة (479)، والبيهقي 2/ 30، وفي سنده مؤمل ابن إسماعيل، وهو سيئ الحفظ وقد انفرد بزيادة "على صدره" من بين أصحاب الثوري. وقد قال ابن القيم رحمه الله فى "بدائع الفوائد" 3/ 91: واختلف في موضع الوضع، فعن الإمام أحمد: فوق السُّرَّة، وعنه تحتها، وقال أبو طالب: سألت أحمد ابن حنبل أين يضع يده إذا كان يصلي؟ قال: على السُّرَّة أو أسفل، وكل ذلك واسع عنده، إن وضع فوق السُّرَّة أو عليها أو تحتها.

والخيرُ كلُه في يَدَيكَ، والشرُ ليس إليك (¬1)، أنا بك وإليك، تباركتَ وتعالَيتَ، أستَغفِرُكَ وأتوبُ إليك". وإذا ركع قال: "اللهمَ لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلَمتُ، خشعَ لك سَمعي وبَصَري ومُخّي وعِظامي وعَصَبي". وإذا رفع قال: "سمعَ اللهُ لِمَن حمدَه، ربنا ولك الحمدُ، مِلءَ السماوات والأرض، وما بينهما، ومِلءَ ما شِئتَ من شيءِ بعدُ". وإذا سجد قال: "اللهمَ لك سَجَدتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلَمتُ، سجدَ وجهي للذي خَلَقَه وصَورَه فأحسَنَ صورتَه، فشقَّ سمعَه وبَصَرَه، وتباركَ الله أحسَنُ الخالِقين". وإذا سلَّم من الصلاة قال: "اللهمَّ اغفِرْ لي ما قدّمتُ، وما أخَّرتُ، وما أسرَرتُ، وما أعلَنتُ، وما أسرَفتُ، وما أنت أعلَمُ به مني، أنت المُقدِّمُ والمُؤخّرُ، لا إله إلا أنت" (¬2). ¬

_ (¬1) قوله: "والشر ليس إليك"، أثبتناه من (هـ)، وقد صحح عليها فيها، وكلام أبي داود في الطريق الآتي بعده يدل على وجودها في هذا الطريق. (¬2) إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ العنبري، والماجشون بن أبي سلمة: هو يعقوب، وعبد الرحمن الأعرج: هو ابن هرمز. وأخرجه مسلم (771) (201)، والترمذي (3720) من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (771) (202)، والترمذي (3719) و (3720) من طريق يوسف ابن يعقوب بن أبي سلمة، عن أبيه، به. وقال فيه: ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: "اللهم اغفر لي ما قدّمتُ ... "، ولم يجعله بعد السلام. =

761 - حدَّثنا الحسنُ بن علي، حدَّثنا سليمانُ بن داود الهاشمي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن موسي بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل بن ربيعةَ بن الحارث بن عبد المطلب، عن الأعرج، عن عُبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبّرَ ورفعَ يَدَيهِ حَذْوَ مَنكِبيهِ، ويصنعُ مثلَ ذلك إذا قضى قَراءتَه، وإذا أراد أن يركعَ، ويصنعُه إذا رفعَ من الركوع، ولا يرفعُ يديه في شيءٍ من صلاتِه وهو قاعِد، وإذا قام من السجدتَين رفعَ يديه كذلك وكبّرَ ودعا، نحو حديث عبد العزيز في الدعاء، يزيدُ وينقُصُ الشي, ولم يذكر: "والخيرُ كلُّه في يَدَيكَ، والشَرُّ ليس إليك"، وزاد فيه: ويقول عند انصرافه من الصلاة: "اللهمَ اغفِرْ لي ما قدمتُ وما أخرتُ، وأسرَرتُ وأعلَنتُ، أنت إلهي لا إله إلا أنت" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مختصراً بدعاء الاستفتاح النسائى في "الكبرى" (973)، وبدعاء الركوع النسائي أيضاً (641)، وبدعاء الرفع من الركوع الترمذي (265)، وبدعاء السجود النسائي (715) من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (729)، و"صحيح ابن حبان" (1977). وسيأتي مختصراً بالقطعة الأخيرة منه برقم (1509). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد. وأخرجه الترمذي (3721) عن الحسن بن على، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً بالقطعة الأولى منه ابن ماجه (864) من طريق سليمان بن داود، بهذا الإسناد. وقد سلفت هذه القطعة برقم (744). وأخرجه مختصراً بدعاء السجود ابن ماجه (1054) من طريق ابن جريج، عن موسى بن عقبة، به، وإسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" (717)، و "صحح ابن حبان" (1978). وانظر ما قبله.

762 - حدثنا عمرو بن عثمان، حدثنا شُريح بن يزيد، حدّثني شُعيب بن أبي حمزة قال: قال لي ابنُ المُنكَدِر وابنُ أبي فَروةَ وغيرُهما من فقهاء أهل المدينة: فإذا قلتَ أنتَ ذاك فقل: "وأنا من المسلمين"، يعنى قوله: "وأنا أوَّلُ المسلمين" (¬1). 763 - حدثنا موسي بن إسماعيل، حدثنا حمَّاد، عن قتادةَ وثابت وحُميد عن أنس بن مالك: أن رجلاً جاء إلى الصلاة وقد حَفَزَه النفَسُ فقال: الله أكبر، الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مُباركاً فيه، فلمَّا قضى رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -صلاتَه قال: "أيكم المتكلمُ بالكلمات، فإنه لم يقل بأساً" فقال الرجل: أنا يا رسولَ الله، جئتُ وقد حَفَزَني النفَسُ فقلتُها، فقال: "لقد رأيتُ اثني عشر ملكاً يَبتَدِرونها أيهم يرفعُها". وزاد حميدٌ فيه: "وإذا جاء أحدُكم فليَمشِ نحوَ ما كان يمشي، فليُصَل ما أدرَك، وليقضِ ما سَبقَه" (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات. وابن أبي فروة - واسمه إسحاق بن عبد الله- متروك الحديث، وليس هو من رجال الإسناد. وأخرجه الدارقطي (1139) من طريقين عن شريح بن يزيد، به، ولم يذكرا فيه ابن أبي فروة. وقوله: فقل: وأنا من المسلمين. قال في "عون المعبود" 2/ 332: أي: ولا تقل أنا أول المسلمين، قال في "الانتصار" إن غير النبي إنما يقول: وأنا من المسلمين وهو وهم منشؤه توهم أن معنى: وأنا أول المسلمين: أي أول شخص أتصف بذلك بعد أن كان الناس بمعزل عنه، وليس كذلك، بل معناه: بيان المسارعة فى الامتثال لما أمر به، ونظيره {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} َ، وقال موسي: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وثابت: هو ابن أسلم البناني، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل. =

764 - حدَثنا عمرو بن مَرزوقِ، أخبرنا شُعبة، عن عمرو بن مُرَة، عن عاصم العَنَزي، عن ابن جُبير بن مُطعِم عن أبيه أنه رأى رسول الله- صلى الله عليه وسلم -يصلّي صلاةً- قال عمرو: لا أدري أيَّ صلاة هي؟ - فقال: "اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ كبيراً، اللهُ أكبرُ كبيراً، اللهُ أكبرُ كبيراً، الحمدُ لله كثيراً، الحمدُ لله كثيراً، وسبحان الله بُكرةً وأصيلاً- ثلاثاً- أعوذُ بالله من الشَيطانِ من نَفْخِه ونَفْثِه وهَمزِه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (600)، والنسائي في "الكبرى" (976) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد، دون زيادة حميد في آخره. وهو بتمامه في "مسند أحمد" (12034) و (12713)، و"صحيح ابن حبان" (1761). وانظر في باب الزيادة المذكورة ما سلف برقم (572) و (573). قوله: "حَفَزَه النفَسُ" قال الخطابي: يريد أنه قد جهده النفس وأعجله من شدة السعي إلى الصلاة. وأصل الحفز: الدفع العنيف. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عاصم العنزي. ابن جبير بن مطعم: هو نافع. وأخرجه ابن ماجه (807) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16784)، و"صحيح ابن حبان" (2601). وانظر ما بعده. ولقوله: "الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلاً" شاهد من حديث ابن عمر عند مسلم (601). وانظر تتمة شواهده في "المسند" (4627). ولقوله: "أعوذ بالله من الشيطان ... " شاهد من حديث ابن مسعود عند أحمد (3828)، وابن ماجه (808)، وإسناده ضعيف. وآخر من حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد (11473)، وإسناده ضعيف أيضاً. ومعنى من نفخه، أي: كبره المؤدي إلى كفره، ونفثه: سحره، وهمزه: وسوسته. قال الطيبي: النفخ كناية عن الكبر، كان الشيطان ينفخ فيه بالوسوسة فيعظمه في عينه، ويحقر الناس عنده، والنفث: عبارة عن الشعر، لأنه ينفثه الإنسان من فيه كالرقية.=

قال: نَفثُه: الشعر، ونَفخُه: الكبر، وهَمزُه: المُوتة. 765 - حدَّثنا مُسدَد، حدَّثنا يحيى، عن مِسعَر، عن عمرو بن مُرَّة، عن رجل، عن نافع بن جُبير، عن أبيه قال: سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم - يقول في التطوُّع، ذكر نحوه (¬1). 766 - حدّثنا محمد بن رافع، حدّثنا زيدُ بن الحُباب، أخبرني معاوية بن صالح، أخبرني أزهر بن سعيد الحَرَازيُّ، عن عاصم بن حُميدٍ، قال: سألتُ عائشة: بأي شيءٍ كان يفتتحُ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -قيامَ الليل؟ فقالت: لقد سألتَني عن شيءٍ ما سألَني عنه أحدٌ قبلَكَ، كان إذا قامَ كبّرَ عشراً، وحَمِدَ اللهَ عشراً، وسبّحَ عشراً، وهلَّلَ عشراً، واستغفَرَ عشراً، وقال: " اللهمَ اغفِر لي، واهدِني، وارزُقْني، وعافِني" ويتعوَّذُ من ضِيقِ المُقامِ يومَ القيامة (¬2). ¬

_ = وقيل: من نفخه، أي: تكبره يعني مما يأمر الناس به من التكبر، ونفثه مما يأمر الناس بإنشاء الشعر المذموم مما فيه هجو مسلم أو كفر أو فسق، وهمزه، أي: من جعله أحداً مجنوناً بنخسه وغمزه، والموتة بضم الميم وفتح التاء: نوع من الجنون والصرع يعتري الإنسان، فإذا أفاق عاد عليه كمال عقله كالنائم والسكران "مرقاة المفاتيح" 1/ 516. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن جبير بن مطعم، وقد سماه شعبة في روايته عن عمرو بن مرة - كما سلف قبله - عاصماً العنزي، وعاصم هذا مجهول. يحيي: هو ابن سعيد القطان، ومسعر: هو ابن كدام. وهو في "مسند أحمد" (16739). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده حسن. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (1319) و (7921)، وابن ماجه (1356) من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (2602). وسيأتى بنحوه برقم (5085).

قال أبو داود: ورواه خالد بن مَعْدان، عن ربيعةَ الجُرَشي، عن عائشة نحوه (¬1). 767 - حدَّثنا ابنُ المثنى، حدَّثنا عُمر بن يونسَ، حدثنا عكرمةُ، حدَّثني يحيى بن أبي كثيرٍ، حدَّثني أبو سلمةَ بن عبد الرحمن بن عوف، قال: سألتُ عائشة: بأيِّ شيءٍ كان نبيّ الله- صلى الله عليه وسلم -يفتتحُ صلاتَه إذا قامَ من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل كان يفتتحُ صلاتَه: "اللهمَ ربّ جبريلَ وميكائيل وإسرافيل، فاطِرَ السماواتِ والأرض، عالمَ الغيبِ والشهادةِ، أنت تحكمُ بين عِبادِك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدِني لِمَا اختُلِفَ فيه من الحقَّ بإذنِكَ، إنك تهدي مَن تشاءُ إلى صِراطٍ مستقيم" (¬2). 768 - حدَثنا محمد بن رافع، حدثنا أبو نوح قراد، حدثنا عِكرِمةُ، بإسناده بلا إخبار ومعناه، قال: إذا قام كبّرَ ويقول (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (25102)، والنسائي في "الكبرى" (10640). وهذا الإسناد غير محفوظ كما هو مبين في التعليق على "المسند". (¬2) إسناده حسن، عكرمة - وهو ابن عمار العجلي، وإن كان في روايته عن يحيى بن أي كثير اضطراب - قد انتقى له. مسلم هذا الحديث. وأخرجه مسلم (770)، والترمذي (3718)، والنسائي في "الكبرى" (1324)، وابن ماجه (1357) من طريق عمر بن يونس، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (2600). وانظر ما بعده. (¬3) إسناده حسن كسابقه. أبو نوح قراد: هو عبد الرحمن بن غزوان ثقة له أفراد. وهو في "مسند أحمد" (25225) عن قراد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

769 - حدثنا القَعنَبي، قال: قال مالك بن أنس: لا بأسَ بالدُّعاء في الصلاة في أوّلهِ وأوسَطِه وفي آخِرِه، في الفريضة وغيرها. 770 - حدَّثنا القَعنَبي، عن مالك، عن نُعيم بن عبد الله المُجمِر، عن علي ابن يحيى الزرَقي، عن أبيه عن رِفاعة بن رافع الزُّرقي، قال: كنا يوماً نُصلّي وراءَ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم -، فلمَّا رفعَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -من الركوع قال: "سمع اللهُ لِمن حمدَه" قال رجلٌ وراءَ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم -: ربنا ولك الحمدُ حمداً كثيراً طيباً مُبارَكاً فيه، فلما انصَرَفَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "مَن المتكلمُ آنفاً؟ " فقال الرجل: أنا يا رسولَ الله، فقال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "لقد رأيتُ بِضعةً وثلاثينَ مَلَكاً يَبتَدِرونَها أيهم يكتبُها أوَّلُ" (¬1). 771 - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمة، عن مالكِ، عن أبي الزبير، عن طاووس عن ابن عبَّاس: أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -كان إذا قام إلى الصلاة من جَوْفِ اللَيل يقول: "اللهم لك الحمدُ أنت نورُ السماواتِ والأرضِ، ولك الحمدُ أنت قيَّامُ السماواتِ والأرضِ، ولك الحمدُ أنت رب السماوات والأرض ومَن فيهن، أنت الحق، وقولُك الحق، ووعدُك ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 211 - 212، ومن طريقه أخرجه البخاري (799)، والنسائي في "الكبرى" (653). وهو في "مسند أحمد" (18996)، و"صحيح ابن حبان" (1910). وسيأتي بنحوه برقم (773) من طريق معاذ بن رفاعة بن رافع، عن أبيه. قوله: يبتدرونها، أى: يسارعون في كتابة هذه الكلمات. وقوله: "أيهم يكتبها أول" قال الحافظ في"فتح الباري" 2/ 286: قال السهيلي: روي "أول" بالضم على البناء، لأنه ظرف قطع عن الإضافة، وبالنصب على الحال.

الحق، ولِقاؤُك حق، والجنَةُ حق، والنارُ حق، والساعةُ حق، اللهم لك أسلَمتُ، وبك آمنت، وعليك توكلتُ، وإليك أنَبتُ، وبك خاصَمتُ، وإليك حاكمتُ، فاغفر لي ما قدمتُ وأخرتُ، وأسرَرتُ وأعلَنتُ، أنت إلهي لا إله إلا أنت" (¬1). 772 - حدَثنا أبو كامل، حدثنا خالد- يعني ابن الحارث-,حدَثنا عِمرانُ ابن مُسلِم، أن قيس بن سعد حدَثه قال: حدثنا طاووس عن ابن عباس: أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -كان في التَّهجدِ يقولُ بعدَما يقول: الله أكبر، ثم ذكر معناه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الزبير: هو محمد بن مسلم المكي. وهو في"موطا مالك"1/ 215 - 216، ومن طريقه أخرجه مسلم (769)، والترمذي (3716)، والنسائى في " الكبرى" (7657). وهو في "مسند أحمد" (2710)، و"صحيح ابن حبان" (2598). وأخرجه البخاري (1120)، ومسلم (769)، والنسائي في "الكبرى" (1321) و (7656) و (7658)، وابن ماجه (1355) من طريق سليمان بن أبي مسلم الأحول، عن طاووس، به. وهو في "مسند أحمد" (3368)، و"صحيح ابن حبان" (2597). وانظر ما بعده. وقوله: أنت نور السماوات والارض، أي: منورهما، وخالق نورهما، وقال أبو عُبيد: معناه بنورك يهتدي أهل السماوات والأرض. وقوله: أنت قيام السماوات والأرض. وفي رواية لمسلم: قيِّمُ السماوات والأرض، قال النووي: من صفاته القيام والقيِم كما صرح به في هذا الحديث، والقيوم بنص القرآن، وقائم ومنه قوله تعالى: {أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ} [الرعد: 33 ومعناه: الدائم القائم بحفظ المخلوقات والقيام والقيوم من أبنية المبالغة، وهو القائم بنفسه الذي يقوم به كل موجود حتى لا يتصور وجود شيءِ ولا دوام وجوده إلا به. (¬2) إسناده صحيح. أبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري. =

773 - حدثنا قتيبةُ بن سعيد وسعيدُ بن عبد الجبار- نحوه- قال قتيبةُ: حدَثنا رِفاعةُ بن يحيى بن عبد الله بن رِفاعة بن رافع، عن عم أبيه معاذ بن رِفاعةَ بن رافع عن أبيه قال: صلَّيتُ خلفَ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فعطَسَ رِفاعة - لم يقل قتيبةُ: رفاعة - فقلتُ: الحمدُ لله حمداً كثيراً طيباً مُبارَكاً فيه مُبارَكاً عليه كما يُحب ربنا ويرضى، فلمّا صلّى رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -انصَرَفَ فقال: "مَن المُتكلمُ في الصلاة؟ " ثم ذكر نحوَ حديثِ مالكٍ وأتم منه (¬1). 774 - حدثنا العباسُ بن عبد العظيم، حدَثنا يزيدُ بن هارون، أخبرنا شَريك، عن عاصم بن عُبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال: عَطَسَ شاب من الأنصار خلفَ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم -وهو في الصلاة فقال: الحمدُ لله كثيراً طيباً مُبارَكاً فيه حتى يرضى ربنا وبعدما يرضى من أمر الدُنيا والآخرة، فلمّا انصَرَفَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -قال: ¬

_ = وأخرجه مسلم (769) من طريق عمران بن مسلم، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (2599). وانظر ما قبله. (¬1) إسناده حسن، رفاعة بن يحيى ومعاذ بن رفاعة صدوقان. وأخرجه الترمذي (406)، والنسائى في "الكبرى" (1005) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وقد سلف نحوه برقم (770) من طريق يحيى بن خلاد الزرقي، عن رفاعة بن رافع، وفيه إبهام القائل، وجعل هذا القول عند الرفع من الركوع، ولم يذكر فيه العطاس. قال الحافظ في "فتح الباري" 2/ 286: لا تعارض بينهما، بل يُحمل على أن عطاسه وقع عند رفع رأس رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، ولا مانع أن يكني عن نفسه، لقصد إخفاء عمله، أو كني عنه لنسيان بعض الرواة لا سمه.

122 - باب من رأى الاستفتاح بسبحانك

"مَن القائلُ الكلمةَ؟ " قال: فسكت الشاب، ثم قال: "مَن القائلُ الكلمةَ، فإنه لم يقل بأساً؟ " فقال: يا رسولَ الله، أنا قلتُها، لم أُرِدْ بها إلا خيراً، قال: "ما تناهَتْ دونَ عرشِ الرحمن تبارك وتعالى" (¬1). 122 - باب من رأى الاستفتاح بسبحانك 775 - حدَّثنا عبدُ السلام بن مُطهرِ، حدثنا جعفرٌ، عن علي بن علي الرِّفاعي، عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخُدْري، قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -إذا قامَ من الليل كبّر، ثمَ يقول: "سُبحانك اللهمَ وبحمدِكَ، تباركَ اسمُكَ، وتعالى جَدُّكَ، ولا إله غيرُك"ثم يقول: "لا إله إلا اللهُ" ثلاثاً، ثم يقول: "اللهُ كبرُ كبيراً- ثلاثاً- أعوذُ بالله السميع العليم من الشَيطان الرجيم من هَمزِه ونَفْخِه ونَفثِه" ثمَّ يقرأ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، شريك- وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ، وعاصم ابن عبيد الله- وهو العمري- ضعيف. وأخرجه ابن عدي في ترجمة شريك من "الكامل" 4/ 1328 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد، وقال فيه: "لقد رأيت اثني عشر ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها" ولم يذكر قوله: "ما تناهت دون عرش الرحمن". وأخرجه البزار في "مسنده" (3819) من طريق معلى بن منصور، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (325)، والضياء في"الأحاديث المختارة" 8/ (215) من طريق محمد بن الطفيل النخعي، كلاهما عن شريك، به بلفظ ابن عدي. وهذا اللفظ أقرب لشواهد هذه القصة السالفة قبله من لفظ المصنف. (¬2) دعاء الاستفتاح منه صحيح لغيره، وهذا إسناد فيه مقال، جعفر - وهو ابن سليمان الضبعي- وعلي بن علي الرفاعي - وإن كانا صدوقين - فيهما كلام يحطهما عن مرتبة الاحتجاج بما انفردا به، وهذا منها. =

قال أبو داود: وهذا الحديثُ يقولون: هو عن علي بن علي، عن الحسن. الوهمُ من جعفر (¬1). 776 - حدثنا حسينُ بن عيسى، حدثنا طَلْقُ بن غنام، حدثنا عبدُ السلام بن حرب المُلائي، عن بُدَيل بن مَيسَرةَ، عن أبي الجَوزاء عن عائشة قالت: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - إذا استفتَحَ الصلاةَ قال: "سُبحانك اللهم، وبحمدِكَ، وتبارك اسمُك، وتعالى جَدك، ولا إله غيرُك" (¬2). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (240)، والنسائي في "الكبرى" (974) و (975)، وابن ماجه (804) من طرق عن جعفر بن سليمان، بهذا الإسناد. ورواية النسائي وابن ماجه مختصرة بدعاء الاستفتاح، وقال الترمذى: قد تكلم في إسناد حديث أبي سعيد. وهو في "مسند أحمد" (11473). ولدعاء الاستفتاح "سبحانك اللهم ... ولا إله غيرك" شاهد من حديث عائشة سيأتي بعده. وآخر من حديث ابن مسعود عند الطبراني في "الكبير" (10117) و (10280) بإسنادين ضعيفين. وثالث عن عمر موقوفاً عند ابن أبي شيبة 1/ 232، ومسلم (399) (52)، والطحاوي1/ 198 وإسناده صحيح. (¬1) أخرجه المصنف في "المراسيل" (32) بإسناد صحح إلى الحسن البصري: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام من الليل يريد أن يتهجد قال قبل أن يكبر: "لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، والله أكبر كبيراً، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه" قال: ثم يقول: "الله أكبر" ورفع عمران (الراوي عن أنس) بيديه يحكي. اهـ، فجعل التهليل والتكبير والاستعاذة قبل تكبيرة الإحرام. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن عبد السلام بن حرب - وإن كان ثقة - له مناكير، وقد انفرد به من بين أصحاب بديل كما قال المصنف. أبو الجوزاء: هو أوس بن عبد الله الربعي. =

123 - باب السكتة عند الافتتاح

قال أبو داود: وهذا الحديثُ ليس بالمشهور عن عبد السلام بن حرب، لم يروِه إلا طَلقُ بن غنام، وقد روى قصَّةَ الصلاة عن بُدَيلِ جماعةٌ (¬1)، لم يذكروا فيه شيئاً من هذا. 123 - باب السكتة عند الافتتاح 777 - حدثنا يعقوبُ بن إبراهيمَ، حدثنا إسماعيلُ، عن يونسَ، عن الحسن، قال: قال سَمُرة: حفظتُ سَكتَتَينِ في الصلاة: سَكْتةً إذا كبّرَ الإمامُ حتى يقرأَ، وسَكْتةً إذا فَرَغَ من فاتحةِ الكِتابِ وسورةِ عند الركوع، قال: فأنكرَ ذلك عليه عِمرانُ بن حُصَين، قال: فكتبوا في ذلك إلى المدينة إلى أُبيّ فصدقَ سَمُرةَ (¬2). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (241)، وابن ماجه (806) من طريق حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة. وحارثة فيه كلام من جهة حفظه. وانظر شواهده فيما قبله. (¬1) سيأتي برقم (783). (¬2) رجاله ثقات، الحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - مخلف في سماعه من سمرة غير حديث العقيقة وحديث النهي عن المثلة، أما ما ذكره ابن حبان في"صحيحه" بإثر الحديث (1807) أن الحسن سمعه من عمران بن حصين بناء على ألفاظ موهِمة وقعت في هذا الخبر عنده، فهو شيء انفرد به، ولم يتابعه عليه أحد، وهو منازع فيه. إسماعيل: هو ابن عُلية، ويونس: هو ابن عبيد البصري. وأخرجه ابن ماجه (854) من طريق إسماعيل ابن عُلية، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20245). وانظر ما سيأتى بالأرقام (778 - 780).

قال أبو داود: كذا قال حُميد في هذا الحديث: "وسَكتةً إذا فَرَغ من القراءة" (¬1). 778 - حدثنا أبو بكر بنُ خلاد، حدَّثنا خالدُ بن الحارث، عن أشعثَ، عن الحسن عن سَمُرة بن جندب، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -: أنه كان يسكتُ سَكْتتين: إذا استفتَحَ، وإذا فَرَغَ من القراءة كلّها، فذكر معنى يونس (¬2). 779 - حدثنا مُسدَدْ، حدَثنا يزيدُ، حدَثنا سعيدٌ، حدثنا قتادةُ، عن الحسن أن سَمُرَةَ بن جُندُبٍ وعِمرانَ بنَ حُصَين تذاكرا، فحدَّثَ سَمُرَةُ بن جُندُب: أنه حفظ عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -سَكتتين: سَكْتةً إذا كبّر، وسَكْتةً إذا فَرَغَ من قراءة {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فحفظَ ذلك سَمُرةُ وأنكَرَ عليه عِمرانُ بنُ حُصَين، فكتبا في ذلك إلى أُبيَّ بن كعب، فكان في كتابه إليهما، أو في رَده عليهما أن سَمُرة قد حفظ (¬3). 780 - حدثنا ابنُ المثنى، حدَثنا عبدُ الأعلى، حدثنا سعيدٌ، بهذا قال: عن قتادة، عن الحسن ¬

_ (¬1) رواية حميد عن الحسن أخرجها أحمد (20166) و (20228) و (20243). (¬2) رجاله ثقات كسابقه. أشعث: هو ابن عبد الملك الحمراني. (¬3) رجاله ثقات كسابقه. يزيد: هو ابن زريع، وسعيد: هو ابن أبي عروبة، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وسيأتي تخريجه فيما بعده. وقد تابع قتادة على أن السكتة بعد الفاتحة منصور بن المعتمر، عند أحمد (20266).

عن سَمُرة، قال: سَكْتتان حفظتُهما عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، قال فيه: قال سعيد: قلنا لقتادة: ما هاتان السَّكتتان؟ قال: إذا دخل في صلاته، وإذا فَرَغَ من القراءة، ثم قال بعدُ: وإذا قال: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (¬1). 781 - حدثنا أحمدُ بن أبي شعيبِ، حدثنا محمدُ بن فُضيل، عن عُمارةَ. وحدثنا أبو كامل، حدثنا عبد الواحد، عن عُمارةَ- المعنى-؛ عن أبي زُرعة عن أبي هريرة، قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -إذا كبّر في الصلاة سكتَ بين التكبير والقراءة، فقلتُ له: بأبي أنت وأمي، أرأيتَ سكوتَكَ بين التكبير والقراءة، أخبِرني ما تقول؟ قال: "اللهم باعِد بيني وبين خطايايَ كما باعَدتَ بين المَشرِقِ والمَغرِبِ، اللهم أَنقِني من خطايايَ كالثوبِ الأبيضِ من الدنَس، اللهمَ اغسِلني بالثلجِ والماء والبَرَد" (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات كسابقه. ابن المشى: هو محمد، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي. وأخرجه الترمذي (249)، وابن ماجه (844) من طريق عبد الأعلى السامي، بهذا الإسناد. وفي رواية الترمذي: أن هذه السكتة كانت ليتراد إليه نَفَسُه. وهو في "مسند أحمد" (20081)، و"صحيح ابن حبان" (1807). (¬2) إسناده صحيح. أبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري، وعبد الواحد: هو ابن زياد، وعمارة: هو ابن القعقاع، وأبو زرعة: هو ابن عمرو البجلي. وأخرجه البخاري (744)، ومسلم (598)، والنسائي في "الكبرى" (60) و (970) و (971)، وابن ماجه (805) من طرق عن عمارة، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (7164)، و"صحيح ابن حبان" (1775). وقال الحافظ في"الفتح" 2/ 230: استدل بهذا الحديث على مشروعية الدعاء بين التكير والقراءة خلافاً للمشهور عن مالك، وورد فيه أيضاً حديث "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين" وهو عند مسلم (771) ,=

124 - باب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم

124 - باب الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم 782 - حدثنا مُسلمُ بن إبراهيمَ، حدثنا هشام، عن قتادةَ عن أنس: أن النبي- صلى الله عليه وسلم -وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءةَ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1). 783 - حدثنا مُسدد، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، عن حسين المُعلِّم، عن بُدَيل بن ميسرةَ، عن أبي الجَوزاء عن عائشة قالت: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - يفتتحُ الصلاةَ بالتكبير، والقراءةَ بـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}،وكان إذا ركع لم يُشخِص رأسَه ولم يُصوِّبه، ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسَه من الركوع ¬

_ = وأخرجه الشافعي وابن خزيمة (464) بلفظ: "إذا صلى المكتوبة"، واعتمده الشافعي في "الأم"، وفي الترمذي (242) و"صحيح ابن حبان"من حديث أبي سعيد الافتتاح بسبحانك اللهم. وهذا الدعاء الصادر منه - صلى الله عليه وسلم - على سبيل المبالغة فى إظهار العبودية. (¬1) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي. وأخرجه البخاري (743)، ومسلم (399)، والترمذي (244) والنسائى فى "الكبرى" (977) و (978) و (981) من طرق عن قتادة، به، وزاد مسلم في إحدى رواياته والنسائي في الموضع الأخير: فلم أسمع أحداً منهم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم. وفى رواية أخرى لمسلم: لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم فى أول قراعة ولا فى آخرها. وهو في "مسند أحمد" (11991)، و"صحيح ابن حبان" (1998). وأخرجه النسائي (980) من طريق منصور بن زاذان، عن أنس قال: صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فلم يُسمعنا قراءة بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى بنا أبو بكر وعمر فلم نسمعها منهم. وأخرجه مسلم (399) (52) من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس، ولم يسق لفظه.

لم يسجد حتى يستويَ قائماً، وكان إذا رفعَ رأسَه من السجود لم يسجد حتى يستويَ قاعداً، وكان يقولُ في كل ركعتين: "التحيَّاتُ"، وكان إذا جلس يفرِشُ رِجلَه اليُسرى وينصِبُ رجلَه اليُمنى (¬1)، وكان ينهى عن عَقِبِ الشيطان، وعن فِرشَةِ السَّبع، وكان يختِمُ الصلاةَ بالتسليم عليه السلام (¬2). ¬

_ (¬1) في (أ) و (ب) و (هـ): يفرش رجله اليُسرى رجله اليمنى، والمثبت من (ج) (¬2) إسناده صحيح. حسين المعلم: هو ابن ذكوان، وأبو الجوزاء: هو أوس بن عبد الله الربعي. وأخرجه مسلم (498)، وابن ماجه (812) و (869) و (893) من طريق حسين المعلم، بهذا الإسناد. وروايات ابن ماجه مختصرة. وهو فى "مسند أحمد" (24030) و (24791)، و"صحيح ابن حبان" (1768). قوله: "لم يشخص رأسه ولم يُصوِّبه" أي: لم يرفعه ولم ينزله، ولكن بين ذلك بحيث يستوي ظهره وعنقه. وقوله: "كان ينهى عن عقب الشيطان" قال الإمام النووي في"شرح مسلم" 3/ 19 تعليقا على حديث ابن عباس الذي فيه سنية الإقعاء على القدمين وأنه سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: والصواب الذي لا معدلَ عنه أن الإقعاء نوعان: احدهما: أن يلصق أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب، هكذا فسره ابو عبيدة، وصاحبه ابو عبيد القاسم بن سلام وآخرون من أهل اللغة، وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي. والنوع الثاني: أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين، وهذا مراد ابن عباس بقوله: سنة نبيكم، وقد نص الشافعي فى البويطي والإملاء على استحبابه في الجلوس بين السجدتين، وحمل حديث ابن عباس عليه جماعات من المحققين, منهم البيهقي والقاضي عياض وآخرون. "وعن فرشة السبع" قال الخطابي: هو أن يفترش يديه وذراعيه في السجود، يمدهما على الأرض كالسبع، وإنما السنة أن يضع كفيه على الأرض ويُقِلَّ ذراعيه، ويُجافي مرفقيه عن جنبيه.

784 - حدثنا هنَّادُ بنُ السَّريِّ، حدثنا ابن فُضيل، عن المختار بن فُلفُلٍ، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "أُنزِلَت عليَّ آنفاً سورة" فقرأ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ *إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} حتى ختمها، قال: "هل تدرون ما الكوثر؟ " قالوا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ، قال: "فإنه نَهرٌ وَعَدَنيهِ ربي عز وجل في الجنة" (¬1). 785 - حدثنا قَطَنُ بن نُسَير، حدثنا جعفر، حدثنا حُميد الأعرجُ المكي، عن ابن شهاب، عن عروةَ عن عائشة- وذكر الإفك- قالت: جلسَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وكشفَ، عن وجهه، وقال: "أعوذُ بالسميع العليم من الشيطان الرَّجيم {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} (النور:11) " (¬2). قال أبو داود: وهذا حديث مُنكر، قد روى هذا الحديثَ جماعةٌ عن الزهري لم يذكروا هذا الكلام على هذا الشرح، وأخافُ أن يكون أمرُ الاستعاذة منه كلامَ حُميدٍ. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن فضيل: هو محمد. وهو بأطول مما هنا في"الزهد" لهناد برقم (133). وأخرجه سلم (400)، والنسائى في "الكبرى" (979) من طريقين عن المختار ابن فلفل، به. وهو في "مسند أحمد" (11994) و (11996). وسيأتي بتمامه برقم (4747). وأخرجه بنحوه الترمذي (3653) من طريق قتادة، عن أنس. (¬2) إسناده ضعيف لضعف قطن بن نسير، وجعفر- وهو ابن سليمان الضبعي- فيه كلام أيضاً. حميد: هو ابن قيس المكي, وابن شهاب: هو الزهري.

786 - أخبرنا (¬1) عمرو بن عون، أخبرنا هشيم، عن عوفٍ، عن يزيدَ الفارسي، قال: سمعتُ ابنَ عباس قال: قلتُ لعثمان بن عفان: ما حَمَلَكم أن عَمَدتُم إلى براءة وهي من المئين وإلى الأنفال وهي من المثاني، فجعلتُموهما في السَّبع الطُّوَل، ولم تكتبوا بينهما سطراً: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}؟ قال عثمان: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم- مما يُنزَلُ عليه الآياتُ، فيدعو بعضَ مَن كان يكتبُ له ويقول: له "ضَعْ هذه الآيةَ في السورة التي يُذكر فيها كذا وكذا"، وتنزلُ عليه الآيةُ والآيتان فيقولُ مِثلَ ذلك، فكانت الأنفالُ من أول ما نزل عليه بالمدينة، وكانت براءَةُ من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتُها شبيهةَ بقصتها، فظننتُ أنها منها، فمِن هناك وضعتُها في السَّبع الطُوَل، ولم أكتب بينهما سطراً: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (¬2). 787 - حدثنا زيادُ بن أيوبَ، حدثنا مروانُ- يعني ابنَ معاويةَ-، أخبرنا عوفٌ الأعرابيُّ، عن يزيدَ الفارسي ¬

_ (¬1) جاءت هذه الأحاديث الثلاثة (786 - 788) في (د) مبوبة: باب من جهر بها، وكذا جاءت في رواية ابن داسه وابن الأعرابي. لكن يعكر على هذا التبويب تقدُّمُ حديث أنس في الجهر بالبسملة. (¬2) إسناده ضعيف ومتنه منكر، يزيد الفارسي هذا لم يرو عنه هذا الحديث غير عوف- وهو ابن أبي جميلة- فهو في عداد المجهولين، وهو غير يزيد بن هرمز الثقة الذي خرج له مسلم. وانظر بسط الكلام في ذلك في تعليقنا على "المسند" (399). وأخرجه الترمذي (3340)، والنسائي في "الكبرى" (7953) من طرق عن عوف ابن أبي جميلة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (399) و (499)، و "صحيح ابن حبان" (43). وانظر ما بعده.

حدثني ابن عباس، بمعناه، قال فيه: فقُبِض رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -ولم يُبيِّن لنا أنها منها (¬1). قال أبو داود: قال الشعبي وأبو مالك وقتادة وثابتُ بن عُمارة: إن النبي- صلى الله عليه وسلم -لم يكتب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} حتى نزلت سورةُ النمل، هذا معناه. 788 - حدثنا قتيبةُ بن سعيد وأحمد بن محمد المروزيُ وابن السرح قالوا: حدثنا سفيان، عن عمرو عن سعيد بن جُبير- قال قتيبةُ: عن ابن عباس- قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -لا يعرفُ فَصلَ السورة (¬2) حتى تنزلَ عليه {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، وهذا لفظُ ابن السَّرْح (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. (¬2) في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي: فصل السُّوَر. (¬3) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه اختلف على سفيان - وهو ابن عيينة - في وصله وإرساله. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو, وعمرو: هو ابن دينار. وأخرجه البيهقي في "السنن" 2/ 42، وفي "الشعب" (2125)، وابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 210، والضياء في"المختارة" 10/ (336) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الحميدي (538) , والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1376)، والبزار (2187 - زوائد)، والحاكم1/ 231من طرق عن سفيان، به موصولاً. وهو في "المراسيل"للمصنف (36) عن أحمد المروزي، به مرسلاً. وقال: قد أُسند هذا الحديث، وهذا أصح. وأخرجه البزار (2187 - زوائد) عن أحمد بن عبدة، عن سفيان، به، وشك البزار نفسه في وصله أو إرساله. =

125 - باب تخفيف الصلاة للأمر يحدث

125 - باب تخفيف الصلاة للأمر يحدُث 789 - حدّثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، حدّثنا عمرُ بن عبد الواحد وبشرُ بن بكرٍ، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادةَ عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إني لأقومُ إلى الصلاة وأنا أُريدُ أن أُطوِّلَ فيها، فأسمعُ بكاءَ الصبى، فأتجوّزُ كراهية أن أشُقَّ على أُمِّه (¬1). ¬

_ = وأخرجه عبد الرزاق (2617)، والحاكم 1/ 231 - 232، والبيهقي في "السنن" 2/ 43 من طريق ابن جريج، حدثنا عمرو بن دينار، به موصولاً. وأخرجه أبو عُبيد في "فضائل القرآن" ص 217 عن حجاج بن محمد، عن ابن جريج، به مرسلاً. وأخرجه ابن عدي في ترجمة الفضل بن عيسى الرقاشي 6/ 2039، والطبراني (12545)، والبيهقي في "الشعب" (2126) و (2127)، والضياء في "المختارة" 10/ (337) من طريق إبراهيم بن يزيد الخوزي، والطبراني (12544) من طريق أبي مريم عبد الغفار بن القاسم، والحاكم 1/ 231، والبيهقي في "الشعب" (2128) من طريق المثنى بن الصباح، ثلاثتهم عن عمرو بن دينار، به موصولاً. والخوزي والمثنى متروكان، وأبو مريم متهم. وأخرجه الطحاوي في "شرح المشكل" (1375) من طريق سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وإسناده حسن. (¬1) إشاده صحيح. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه البخاري (707) و (868)، والنسائي في "الكبرى" (901)، وابن ماجه (991) من طرق عن الأوزاعي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22602). تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في (أ) و (ب) و (هـ) حديث عمار بن ياسر الذي سيأتي برقم (796)، وجاء في (ج) و (د) على الترتيب الذي أثبتناه. إلا أنه في (د) أخَّر حديث أبي قتادة هذا إلى ما بعد حديث أبي هريرة الآتي برقم (795).

126 - باب في تخفيف الصلاة

126 - باب في تخفيف الصلاة 790 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَثنا سفيانُ، عن عمرو سمعه من جابر قال: كان معاذٌ يُصلّي مع النبيّ- صلى الله عليه وسلم -، ثم يرجعُ فيَؤُمُّنا- قال مرَّةً: ثم يرجعُ فيُصلّي بقومه-، فأخَّرَ النبيّ- صلى الله عليه وسلم -ِليلةً الصلاةَ - وقال مرَّةً: العِشاءَ- فصلى معاذٌ مع النبي- صلى الله عليه وسلم -، ثمِ جاء يؤمُ قومَه، فقرأ البقرةَ، فاعتَزَلَ رجل من القوم فصلَى، فقيل: نافقتَ يا فلان، فقال: ما نافقتُ، فأتى رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -فقال: إن معاذاً يُصلّي معك ثم يرجعُ فيؤمُّنا يا رسولَ الله، وإنما نحن أصحابُ نواضِحَ، ونعملُ بأيدينا، وإنه جاء يؤمُنا فقرأ بسورة البقرة، فقال: "يا معاذ، أفتَانٌ أنت؟! أفتَانٌ أنت؟! اقرأ بكذا، اقرأ بكذا"قال أبو الزُّبير: بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} , {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} ,فذكرنا لعمرو فقال: أراه قد ذكره (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وعمرو: هو ابن دينار. وهو في "مسند أحمد" (14307). وأخرجه مسلم (465) (178)، والنسائي في "الكبرى" (911) من طريق سفيان، بهذا الإسناد. زاد مسلم: قال سفيان: فقلت لعمرو: إن أبا الزبير حدثنا عن جابر أنه قال: "اقرأ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} , {وَالضُّحَى} , {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى} و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} " فقال عمرو: نحو هذا. وأخرجه البخارى (701) من طريق شعبة، و (6106) من طريق سليم بن حبان، كلاهما عن عمرو بن دينار، به. وسمى سليم السورتين: الشمس والأعلى. وأخرجه بنحوه البخاري (705)، والنسائي في "الكبرى" (907) و (1058) و (1071) و (11588) و (11600) و (11609) من طريق محارب بن دثار، ومسلم (465) (179) من طريق أبي الزبير، كلاهما عن جابر. وقرن النسائي في الموضع الأول والأخير بمحارب أبا صالح السَّمان. =

791 - حدثنا موسى بن إسماعيلَ، حدثنا طالبُ بن حبيب، حدثنا عبدُ الرحمن ابن جابر يحدث عن حَزْم بن أَبي كعب: أنه أتى معاذَ بنَ جبل وهو يُصلي بقومِ صلاةَ المغرب، في هذا الخبر، قال: فقال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "يا معاذُ، لا تكن فتَّاناً، فإنه يُصلّي وراءك الكبيرُ والضعيفُ وذو الحاجة والمسافرُ" (¬1). ¬

_ = وقد سلف مختصراً برقم (599) و (600). وقوله: أفتان أنت. أي: مُنفر عن الدين وصادُّ عنه، ففيه الإنكار على من ارتكب ما ينهى عنه وإن كان مكروهاً غير محرم. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف طالب بن حبيب، وقد اختلف عليه في إسناده. وأخرجه البيهقي 3/ 117 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار (483 - زوائد) من طريق أبي داود الطيالسي، حدثنا طالب بن حبيب، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه قال: مرَّ حزم بن أبي كعب بن أبي القين بمعاذ، وهو يصلي صلاة العتمة ... فذكره، وذكر فيه المريض بدل المسافر، وجعل الصلاة صلاة العتمة - أي: العشاء - وليست المغرب. وقال البزار: لا نعلم أحداً ممن روى عن جابر سمى هذا الرجل إلا ابن جابر. قلنا: وذِكرُ صلاة العشاء أصحُّ، فقد سلف حديثُ معاذ بإسناد قوي برقم (599)، وبإسناد صحيح برقم (790)، وفيهما أن الصلاة كانت العشاء. وانظر تفصيلَ القول في ذلك في التعليق على "المسند" (14190). وقوله: "فإنه يُصلي وراءك الكبيرُ والضعيفُ وذو الحاجة" جاء نحوه في حديث معاذ عند البخاري (702) و (703). أما المسافر، فيشهد له حديث عدي بن حاتم عند عبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند" (18261) قال: مَن أمَّنا فليتم الركوع والسجود، فإن فينا الضعيفَ والكبيرَ والمريضَ والعابرَ السبيل وذا الحاجة، هكذا كنا نصلي مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -وإسناده صحيح. على أن قوله: "وذا الحاجة" يشمل المسافر وغيره. =

792 - حدثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدثنا حسينُ بن علي، عن زائدةَ، عن سليمانَ، عن أبي صالح عن بعض أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -لرجلِ: "كيف تقولُ في الصلاة؟ قال: أتشهدُ وأقول: "اللهم إني أسالُكَ الجنةَ، وأعوذُ بك من النار، أما إني لا أُحسِنُ دَنْدَنتكَ ولا دَنْدَنَةَ معاذ، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "حولَها نُدِنُدن" (¬1). 793 - حدثنا يحيي بن حبيب، حدَّثنا خالدُ بن الحارث، حدثنا محمد بن عَجلان، عن عُبيد الله بن مِقسَم عن جابر، ذكر قصة معاذ، قال: وقال- يعني النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - للفتى: "كيف تصنعُ يا ابنَ أخي إذا صلّيتَ؟ " قال: أقرأُ بفاتحة الكتاب، وأسألُ اللهَ الجنَةَ، وأعوذُ به من النار، وإني لا أدري ما دَنْدَنتكَ ولا دَنْدَنَةُ ¬

_ = وفيه أمر للإمام بتخفيف الصلاة بحيث لا يُخِل بسنتها ومقاصدها، رأنه إذا صلى لنفسه طَوَّل ما شاء في الأركان التي تحتمل التطويل وهي القيام والركوع والسجود والتشهد دون الاعتدال والجلوس بين السجدتين. قاله النووي. (¬1) إسناده صحيح. حسين بن علي: هو الجعفي، وزائدة: هو ابن قدامة، وسليمان: هو ابن مهران الأعمش، وأبو صالح: هو ذكوان السمَّان. وهو في "مسند أحمد" (15898). وأخرجه ابن ماجه (910) و (3847) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. قوله: "دندنتك" قال الخطابي: الدندنة قراءة مبهمة غير مفهومة، والهينمة مثلها أو نحوها. أي: مسألتك الخفية وكلامك الخفي الذي أسمع نغمته ولا أفهمه، وضمير "حولها" للجنة، أي: حول تحصيلها، أو للنار، أي: حول التعوذ منها، أو لهما بتأويل كل واحدة، ويؤيده الرواية الآتية بعد هذه: "حول هاتين".

معاذ، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "إني ومعاذ (¬1) حولَ هاتين" أو نحو هذا (¬2). 794 - حدثنا القعنبي، عن مالك، عن أبي الزّناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، أن النبى- صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا صلّى أحدُكم للناس فليُخَفِّف، فإن فيهم الضعيفَ والسقيمَ والكبيرَ، وإذا صلّى لنفسِه فليُطَوّل ما شاء" (¬3). ¬

_ (¬1) كذا في (أ) و (ب) و (ج) و (د): معاذ، بالرفع، ويخرج بأن معاذاً مبتدأ حُذف خبره، وفي (هـ):- وهي برواية ابن داسه-: معاذاً، على الجادة، وقد أشار الحافظ في نسخته إلى أنها كذلك في رواية ابن الأعرابي. وانظر "خزانة الأدب"10/ 312 - 322. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل محمد بن عجلان، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (601) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً ابن خزيمة (1634) والبيهقى3/ 116 - 117 عن يحيى بن حبيب، به. وقصة معاذ سلفت برقم (790)، ومختصرة برقم (599) و (600). (¬3) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الله بن هرمز. وهو في "موطأ مالك" 1/ 134، ومن طريقه أخرجه البخاري (703)، والنسائي في "الكبرى" (899). وهو في "مسند أحمد" (10306)، و"صحح ابن حبان" (1760). وأخرجه مسلم (467) (183)، والترمذي (233) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عن أبي الزناد، به. وأخرجه مسلم (467) (184) من طريق همام بن منبه، ومسلم (467) (185) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن، كلاهما عن أبي هريرة. وانظر ما بعده.

127 - باب ما جاء في نقصان الصلاة

795 - حدَّثنا الحسن بن علي، حدَثنا عبد الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الزهري، عن ابن المُسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة، أن النبيّ- صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا صلَّى أحدُكم للناس فليُخَفِّفْ، فإن فيهم السقيمَ والشيخَ الكبيرَ وذا الحاجة" (¬1). 127 - باب ما جاء في نقصان الصلاة (¬2) 796 - حدثنا قتيبةُ بن سعيد، عن بكر- يعني ابنَ مُضَر-,عن ابن عَجلان، عن سعيدِ المَقبُري، عن عمر بن الحكم، عن عبد الله بن عَنَمة المُزَني عن عمار بن ياسر، قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم -يقول: "إن الرجل لينصرفُ، وما كُتب له إلا عُشرُ صلاتِه، تُسعُها ثُمُنُها، سُبْعُها سُدُسُها، خُمُسُها، رُبُعُها، ثُلُثها، نصفُها" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد الأزدي، وابن المسيب: هو سعيد، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (3713)، وعنه أخرجه أحمد (7667). وأخرجه مسلم (467) (185) من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (10522)، و"صحيح ابن حبان" (2136). (¬2) هذا التبويب أثبتناه من نسخة على هامش (هـ)، وهو في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي. (¬3) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات. عبد الله بن عنمة المزني - ويقال: عبد الرحمن بن عنمة- روى عن العباس بن عبد المطلب وعمار بن ياسر، وروى عنه جعفر بن عبد الله بن الحكم وعمر بن الحكم بن ثوبان وكلاهما ثقة. ويقال: له صحبة وباقي رجاله ثقات. ابن عجلان: هو محمد، وسعيد المقبري: هو ابن أبي سعيد كيسان. وأخرجه النسائي فى "الكبرى" (615) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (18894). =

128 - باب القراءة في الظهر

128 - باب القراءة في الظهر 797 - حدثنا موسى بن إسماعيلَ، حدثنا حماد، عن قيس بن سعد وعُمارةَ بن ميمونِ وحبيبِ، عن عطاء بن أبي رباح أن أبا هريرة قال: في كل صلاة يُقرأُ فما أسمَعَنا رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - أسمَعْناكم، وما أخفى علينا أخفَيْنا عليكم (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي (614) من طريق عبيد الله بن عمر العمري، عن سعيد المقبري، عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبيه، عن عمار. وهذا إسناد حسن. وهو في "مسند أحمد" (18879)، و"صحيح ابن حبان" (1889) وفيه أن عمار بن ياسر صلى ركعتين فخففهما، فقال له عبد الرحمن بن الحارث: يا أبا اليقظان أراك قد خففتهما؟ قال: إني بادرت الوسواس، وإنى سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الرجل ليصلي الصلاة ولعله لا يكون له منها إلا عشرها أو تسعها أو ثمنها أو سبعها أو سدسها حتى أتى على العدد". (¬1) إسناده صحيح. عمارة بن ميمون - وان كان مجهولاً - قد توبع في هذا الإسناد نفسه. حماد: هو ابن سلمة، وحبيب: هو المعلم. وأخرجه مسلم (396) (44) من طريق حبيب المعلم، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (772)، ومسلم (396) (43)، والنسائي في "الكبرى" (1044) من طريق ابن جريج، ومسلم (396) (42) من طريق حبيب بن الشهيد، والنسائي (1043) من طريق رقبة بن مصقلة، ثلاثتهم عن عطاء، به. وجاء قول أبي هريرة: في كل صلاة يقرأ، مرفوعاً في رواية حبيب بن الشهد عند مسلم، وتعقبه الدارقطني في "التتبع" ص 196 بأن الصواب وقفه. وهو في "مسند أحمد" (7503) و (8525)، و"صحيح ابن حبان" (1781) و (1853). وقوله: فما أسمعنا أسمعناكم. قال النووي: معناه: ما جهر فيه بالقراءة جهرنا به، وما أسر أسررنا به. وقد اجتمعت الأمة على الجهر بالقراءة في ركعتي الصبح والجمعة والأوليين من المغرب والعشاء، وعلى الإسرار في الظهر والعصر، وثالثة المغرب والأخريين من العشاء.

798 - حدثنا مُسددَ؟، حدثنا يحيى، عن هشام بن أبي عبد الله، قال: وحدَثنا ابن المثنى، حدثنا ابن أبي عدَي، عن الحجاج- وهذا لفظُه-, عن يحيي، عن عبد الله بن أبي قتادة- قال ابن المثنى: وأبي سلمة، ثم اتفقا- عن أبي قتادة قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم -يُصلّي بنا، فيقرأُ في الظهر والعصر في الركعتين الأُولَيَين بفاتحة الكتاب وسورتين، ويُسمِعُنا الآية أحياناً، وكان يُطوّلُ الركعة الأولى من الظهر ويقصرُ الثانية، وكذلك في الصبح (¬1). لم يذكر مُسدَدٌ فاتحة الكتاب وسورة. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وابن المثنى: هو محمد، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم، وحجاج: هو ابن عثمان الصواف، ويحيي: هو ابن أبي كثير. وأخرجه البخاري (762) و (779)، والنسائي في "الكبرى" (1050)، وابن ماجه (829) من طريق هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، بهذا الإسناد. واقتصر ابن ماجه على ذكر صلاة الظهر وإسماع الآية أحياناً. وهو في "مسند أحمد" (22520)، و"صحيح ابن حبان" (1857). وأخرجه مسلم (451) (154)، والنسائى (1052) من طريق ابن أبي عدي، عن حجاج الصواف، به. وهو في "مسند أحمد" (19418). وأخرجه البخاري (759) و (778)، والنسائي (1048) و (1049) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به. وانظر ما سيأتي بالأرقام (799) و (800). قال الحافظ في "الفتح" 4/ 261 تحت باب: يطول في الركعة الأولى، أي: في جميع الصلوات، وهو ظاهر الحديث المذكور (779) فى الباب، وعن أبي حنيفة: يطول في أولى الصبح خاصة، وقال البيهقي في الجمع بين أحاديث المسألة: يطول في الأولى إن كان ينتظر أحداً، وإلا فليسو بين الأوليين، وروى عبد الرزاق (3710) نحوه عن ابن جريج عن عطاء، قال: إني لأحب أن يطول الإمام الأولى من كل صلاة حتى يكثر الناس، قال: فإذا صليت لنفسي، فإني أحرص على أن أجعل الأوليين والأخريين سواء.

799 - حدَّثنا الحسنُ بن علي، حدَّثنا يزيدُ بن هارونَ، أخبرنا همَّام وأبانُ ابن يزيدَ العطَارِ، عن يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادةَ عن أبيه ببعض هذا، وزاد في الأُخرَيَين بفاتحة الكتاب. وزاد همامٌ: قال: وكان يُطوِّلُ في الركعة الأولى ما لا يُطوّلُ في الثانية، وهكذا في صلاة العصر، وهكذا في صلاة الغَدَاة (¬1). 800 - حدثنا الحسنُ بن علي، حدثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادةَ عن أبيه، قال: فظننَّا أنه يريدُ بذلك أن يُدرِكَ الناسُ الركعةَ الأولى (¬2). 801 - حدَّثنا مُسدَد، حدَّثنا عبدُ الواحد بن زيادٍ، عن الأعمشِ، عن عُمارة ابن عُمير، عن أبي مَعمَرٍ قال: قلنا لخبَّاب: هل كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -يقرأ في الظهر والعصر؟ قال: نعم، قلنا: بِمَ كنتم تعرفون ذاك؟ قال: باضطراب لِحيتِه- صلى الله عليه وسلم - (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العوذي. وأخرجه مسلم (451) (155) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1051) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن أبان، به. وهو في "مسند أحمد" (22627)، و"صحيح ابن حبان" (1829). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد الأزدي. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (2675). وهو في"صحيح ابن حبان " (1855). وانظر ما سلف برقم (798). (¬3) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معمر: هو عبد الله ابن سخبرة الأزدي. =

129 - باب تخفيف الأخريين

802 - حدثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدثنا عفانُ، حدثنا همامٌ، حدثنا محمدُ ابن جُحَادةَ، عن رجلٍ عن عبد الله بن أبي أوفى: أن النبيّ- صلى الله عليه وسلم - كان يقومُ في الركعة الأولى من صلاة الظهر حتى لا يُسمَعَ وَقعُ قَدَم (¬1). 129 - باب تخفيف الأُخريين 803 - حدثنا حفصُ بن عمر، حدثنا شعبةُ، عن محمد بن عُبيد الله أبي عَون عن جابر بن سمرة، قال: قال عمرُ لسعدِ: قد شكاكَ الناسُ في كلِّ شيءِ، حتى في الصلاة، قال: أما أنا فأمُدُّ في الأولَيَينِ، وأحذِفُ ¬

_ = وأخرجه البخاري (746) و (760) و (761) و (777)، وابن ماجه (826) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21056)، و"صحيح ابن حبان" (1826) و (1830). قال الحافظ: فيه الحكم بالدليل، لأنهم حكموا باضطراب لحيته على قراءته، لكن لا بد من قرينة تعين القراءة دون الذكر والدعاء مثلاً، لأن اضطراب اللحية يحصل بكل منهما، وكأنهم نَظّروه بالصلاة الجهرية، لأن ذلك المحل منها هو محل القراءة لا الذكر والدعاء، وإذا انضم إلى ذلك قول أبي قتادة: كان يسمعنا الآية أحياناً، قوي الاستدلال والله أعلم. (¬1) إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن عبد الله بن أبي أوفى، وقد سُمّي عند البيهقي: طرفة الحضرمي، ولا يصح لضعف إسناده، ثم إن طرفة مجهول، لم يرو عنه سوى محمد بن جحادة، ولم يذكره في الثقات غير ابن حبان. عفان: هو ابن مسلم الباهلي، وهمام: هو ابن يحيى العوذي. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 337، وأحمد (19146)، والبيهقي 2/ 66 من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً البيهقي 2/ 66 من طريق يحيى الحمّاني، عن أبي إسحاق الحُميسي، عن محمد بن جحادة، عن طرفة الحضرمي، عن ابن أبي أوفى. ويحيى الحماني وأبو إسحاق الحميسي ضعيفان.

في الأخرَيَين، ولا آلو ما اقتَدَيتُ به من صلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، قال: ذاك الظن بك (¬1). 804 - حدثنا عبد الله بن محمد- يعني النفَيلي حدثنا هشيم أخبرنا منصور، عن الوليد بن مسلم الهُجَيميِّ، عن أبي الصديق الناجيٌ عن أبي سعيد الخُدري، قال: حَزَرنا قِيامَ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم -في الظهر والعصر، فحَزَرْنا قِيامَه في الركعتين الأُولَيَينِ من الظهر قَدْرَ ثلاثين آيةً، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (770)، ومسلم (453) (159)، والنسائي في "الكبرى" (1076) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (453) (160) من طريق مسعر بن كدام، عن عبد الملك بن عمير وأبي عون، عن جابر. وأخرجه البخاري (758)، ومسلم (453) (158)، والنسائي (1077) من طرق عن عبد الملك بن عمير، عن جابر. وهو في "مسند أحمد" (1510)، و"صحيح ابن حبان " (1937). وسعد: هو. سعد بن أبي وقاص مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة رضي الله عنه أسلم قديماً سابع سبعة، وهو ابن تسعة عشرة سنة، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وواحد من الستة أصحاب الشورى، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله، وهاجر قبل النبي- صلى الله عليه وسلم -إلى المدينة، وشهد بدراً وأحداً وجمع له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يومئذ أبويه، فقال: ارم فداك أبي وأمي، وهو الذي فتح المدائن، ودخل إيوان كسرى، فصلى فيه صلاة الفتح ثمان ركعات، وفتح عامة البلاد، وهو الذي كوف الكوفة. وما شكاه به بعض أهل الكوفة، فهي شكاوى باطلة لم تثبت عنه رضي الله عنه، ويقويه قول عمر في وصيته عند البخاري (2700) وابن حبان (6917): فإن أصابت الإمرة سعداً فذاك هو ذاك، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة.

130 - باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

قَدْرَ {الم (1) تنزيل} السجدة، وحَزَرْنا قِيامَه في الأُخرَيَين على النصفِ من ذلك، وحَزَرْنا قِيامَه في الأولَيَينِ من العصر على قَدْرِ الأخرَيَين من الظهر، وحَزَرْنا قِيامَه في الأخرَيَينِ من العصر على النصفِ من ذلك (¬1). 130 - باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر 805 - حدثنا موسى بن إسماعيلَ، حدثنا حمادٌ، عن سِماك بن حربٍ عن جابر بن سَمُرة: أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -كان يقرأُ في الظُّهر والعصر بالسماء والطارق، والسماء ذات البُروج، ونحوِهما من السُّوَر (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، هشيم - وهو ابن بشير، وإن كان مدلساً- قد صرح بالتحديث عند النسائي، فانتفت شبهة تدليسه. منصور: هو ابن المعتمر، والوليد بن مسلم: هو أبو بشر البصري، وأبو الصديق الناجي: هو بكر بن عمرو. وأخرجه مسلم (452)، والنسائي في "الكبرى" (349) من طريق منصور، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (350) من طريق أبي المتوكل علي بن داود، عن أبي سعيد، به. وهو في "مسند أحمد" (10986)، و"صحيح ابن حبان" (1828). وأخرجه ابن ماجه (828) من طريق أبي نضرة، عنا أبي سعيد الخدري قال: اجتمع ثلاثون من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -فقالوا: تَعَالَوا حتى نقيسَ قراءةَ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم -فيما لم يجهر فيه مِن الصلاة، فما اختلف منهم رجلان، فقاسُوا قراءته فى الركعة الأولى من الظهر بقدر ثلاثين آية، وفي الركعة الأخرى قدر النصف من ذلك، وقاسوا ذلك في العصر على قدر النصف من الركعتين الأخريين من الظهر. وهو في "مسند أحمد" (23097). وإسناده ضعيف. (¬2) صحيح لغيره، وهو إسناد حسن من أجل سماك بن حرب، وباقي رجاله ثقات. حماد: هو ابن سلمة. =

806 - حدَّثنا عُبيد الله بن معاذ، حدَّثنا أبي، حدثنا شعبةُ، عن سِماك سمع جابر بن سَمُرة قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -إذا دحَضَتِ الشمسُ صلَّى الظُّهر، وقرأ بنحوٍ من: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}، والعصرُ كذلك، والصلواتُ إلا الصُبْحَ فإنه كان يُطيلُها (¬1). 807 - حدَّثنا محمد بن عيسى، حدَّثنا معتمرُ بن سليمانَ ويزيدُ بن هارونَ وهُشيم، عن سليمانَ التيميِّ، عن أُميةَ، عن أبي مِجلَز ¬

_ = وأخرجه الترمذي (307)، والنسائي فى "الكبرى" (1053) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (20982)، و"صحيح ابن حبان" (1827). وانظر ما بعده. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سماك، وباقي رجاله ثقات. معاذ: هو ابن معاذ العنبري. وأخرج القطعة الأولى منه (كان إذا دحضت الشمس صلى الظهر) مسلم (618)، وابن ماجه (673) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (21016). وانظر ما سلف برقم (403). وأخرج القطعة الثانية منه مسلم (459) و (460)، والنسائي في "الكبرى" (1054) من طريق شعبة، به. وهو في "مسند أحمد" (20808). وأخرج مسلم (458) من طريقين عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة: أن النبي- صلى الله عليه وسلم -كان يقرأ في الفجر بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} ونحوها، وكانت صلاته بعدُ تخفيفاً. وهو في "مسند أحمد" (20843)، و"صحيح ابن حبان" (1816). وللقراءة فى الظهر بقدر سورة الليل ونحوها شاهد من حديث أنس: أنه صلى بهم الظهر، فلما فرغ قال: إنى صليت مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -صلاة الظهر، فقرأ لنا بهاتين السورتين في الركعتين بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}.أخرجه النسائي في "الكبرى" (1046)، وصححه ابن حبان (1824)، ولفظه: أنهم كانوا يسمعون منه فى الظهر النغمة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}. وللقراءة في الفجر ب (ق) ـ شاهد من حديث قطبة بن مالك عند مسلم (457).

عن ابن عمر: أن النبي- صلى الله عليه وسلم -سجدَ في صلاة الظُّهر، ثم قام فركع، فرأينا أنه قرأ: {تَنْزِيلٌ} السجدة قال ابن عيسى: لم يذكر أُميةَ أحدٌ إلا معتمر (¬1). 808 - حدثنا مُسدد، حدّثنا عبدُ الوارث، عن موسى بن سالم، حدَّثنا عَبد الله بن عُبيد الله، قال: دخلتُ على ابن عباس في شبابِ من بني هاشم، فقُلنا لشابِّ منّا: سَلِ ابنَ عبَّاس أكان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -يقرأُ في الظهر والعَصر؟ فقال: لا، لا، فقيل له: لعلَّه كان يقرأُ في نفسه، فقال: خَمْشاً! هذه شرٌ من ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، قال الذهبي في "الميزان": أمية عن أبي مجلز لا يُدرَى مَن ذا، وعنه سليمان التيمي، والصواب إسقاطه من بينهما. وقال الحافظ في "التلخيص الحبير" 2/ 10: أمية لا يُعرف، قاله أبو داود في رواية الرملي عنه. قلنا: والروايات التلى جاءت بإسقاطه منقطعة كما سيأتي. أبو مجلز: هو لاحق بن حميد. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 22، وأحمد (5556)، والطحاوي 1/ 207 - 208، البيهقي 2/ 322 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد، وليس فيه أمية، وقال سليمان عندهم: ولم أسمعه من أبي مجلز. وأخرجه الحاكم 1/ 22 من طريق يحيي بن سعيد، عن سليمان التيمي، به. وأخرجه البيهقي 2/ 322 من طريق معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن مية، عن أبي مجلز، به. وقال: كذا قال: مية، وقال غيره: أمية. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 22 عن معتمر بن سليمان، عن أبيه قال: بلغني عن أبي مجلز: أن النبي- صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرسلاً. وأخرجه عبد الرزاق (2678) عن معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي مجلز: أن النبي- صلى الله عليه وسلم - ... فذكره مرسلاً أيضاً. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 22 - 23 عن أبي داود الطيالسي، عن إياس بن دغفل، عن أبي حكيمة: أن ابن عمر صلى بأصحابه الظهر فسجد فيها. ولم يرفعه.

الأولى، كان عبداً مأموراً بلغَ ما أُرسِلَ به، وما اختَصَنا دون الناس بشيءٍ إلا بثلاث خِصال: أمرنا أن نُسبِغَ الوضوءَ وأن لا نأكلَ الصَدَقةَ، وأن لا نُنزيَ الحِمارَ على الفَرَس (¬1). 809 - حدَّثنا زياد بن أيوبَ، حدثنا هشيم، أخبرنا حُصينٌ، عن عكرمةَ عن ابن عباس قال: لا أدري أكان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -يقرأُ في الظهر والعَصر أم لا (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سيد العنبرى. وأخرجه الترمذي (1796)، والنسائي في "الكبرى" (137) و (4406)، وابن ماجه (426) من طريقين عن أبي جهضم موسي بن سالم، بهذا الإسناد. ولم يذكر قصة القراءة في الظهر والعصر إلا النسائي في الموضع الثاني، ورواية ابن ماجه مختصرة بالأمر بإسباغ الوضوء. وهو في "مسند أحمد" (1977) و (2238). قوله: "خمشاً" قال الخطابي: دعاء عليه بان يخمش وجهه أو جلده. وقوله: "وأن لا نُنزي الحمار على الفرس" أي: لا نحمله عليها للنسل، لأنه بذلك يقل عددها وينقطع نماؤها وتتعطل منافعها كالركوب والركض والجهاد وإحراز الغنائم وغيرها من المنافع مما ليس في البغل. (¬2) إسناده صحيح. هشيم: هو ابن بشير، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه أحمد (2246) و (2332)، والطحاوى1/ 205،والطبري في "التفسير" 16/ 51، والحاكم 2/ 244 من طرق عن حصين، بهذا الإسناد. وزاد أحمد والطبري: ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} [مريم: 8] أو {عُسِيًا}. قلت: عتيا، بكسر العين: هي قراءة حمزة والكسائي وحفص عن عاصم، وبضم العين: هي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر وأبي بكر عن عاصم. =

131 - باب قدر القراءة في المغرب

131 - باب قدر القراءة في المغرب 810 - حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عُبيد الله بن عبد الله ابن عُتبةَ عن ابن عباس: أن أم الفضل بنتَ الحارث سمَعتْهُ وهو يقرأ: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} فقالت: يا بنيّ، لقد ذكرتَني بقراءتك هذه السورةَ، إنها لآخرُ ما سمعتُ رسولَ- صلى الله عليه وسلم -يقرأُ بها في المغرب (¬1). 811 - حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن محمد بن جُبير ابن مُطعِم ¬

_ = وقوله: أو عُسيا بضم العين وكسر السين، قال ابن الجوزي في "زاد المسير" 5/ 211بتحقيقنا: هي قراءة ابن عباس ومجاهد. والعتو: هو اليبس والجساوة في المفاصل والعظام كالعود القاحل، يقال: عتا يعتو: اذا يبس وصلب، قال الطبري: يقول: وقد عتوت من الكبر، فصرت نحل العظام يابسَها، يقال منه للعود اليابس: عود عات وعاس، وقد عتا يعتو عِتياً وعُتواً، وعسا يعسو عِسياً وعسواً، وكل متناه إلى غايته فى كبر أو فساد فهو عات وعاسٍ. (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن شهاب: هو الزهري. وهو في "موطا مالك" 1/ 78، ومن طريقه أخرجه البخاري (763)، ومسلم (462). وأخرجه البخاري (4429)، ومسلم (462)، والترمذي (308)، والنسائي في "الكبرى" (1060)، وابن ماجه (831) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26868) و (26884)، و"صحيح ابن حبان" (1832). وأخرجه النسائي (985) من طريق حميد، عن أنس، عن أم الفضل بنت الحارث. وفي هذا الإسناد خطأ سلف بيانه في "مسند أحمد" (26871). وأم الفضل هذه: هي أم ابن عباس، واسمها لبابة تكنى أم الفضل بابنها الفضل ابن عباس وهي أختُ ميمونة زوج النبي- صلى الله عليه وسلم -.

عن أبيه أنه قال: سمعتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -يقرأُ بالطُورِ في المغرب (¬1). 812 - حدَّثنا الحسنُ بن علي، حدثنا عبدُ الرزاق، عن ابن جُريج، حدثني ابنُ أبي مُليكةَ، عن عروةَ بن الزبير، عن مروان بن الحكم، قال: قال لي زيد بن ثابت: ما لَكَ تقرأُ في المغرب بقِصار المُفصَّل، وقد رأيتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - يقرأُ في المغرب بطُولى الطُّولَيَين؟ قال: قلت: ما طُولى الطُّولَيَين؟ قال: الأعراف. قال: وسألتُ أنا ابنَ أبي مُليكة فقال لي من قِبَلِ نفسِه: المائدة والأعراف (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في"موطأ مالك" 1/ 78، ومن طريقه أخرجه البخاري (765)، ومسلم (493)، والنسائي في "الكبرى" (1061). وأخرجه البخاري (3050)، ومسلم (463) من طريق معمر، والبخاري (4854)، ومسلم (463)، وابن ماجه (832) من طريق سفيان بن عيينة، ومسلم (463) من طريق يونس بن يزيد، ثلاثتهم عن الزهري، به. وفي رواية معمرأن جبير بن مطعم كان جاء في أسارى بدر يومها، ولم يكن قد أسلم بعد، وعند ابن ماجه من رواية سفيان: قال جبير: فلما سمعته يقرأ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ} إلى قوله: {فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} (الطور: 35 - 38) كاد قلبي يطير. وبيّن سفيان عند البخاري (4854) أنه لم يسمع هذه الزيادة من الزهري. (¬2) إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عبيد الله. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (2691). وأخرجه البخاري (764)، والنسائي في "الكبرى" (1064) من طريقين عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وليس في رواية البخاري سؤال ابن أبي مليكة عروةَ عن طولى الطوليين. =

132 - باب من رأى التخفيف فيها

132 - باب من رأى التخفيف فيها 813 - حدثنا موسى بن إسماعيلَ، حدثنا حماد أخبرنا هشامُ بن عروة أن أباه كان يقرأُ في صلاة المغرب بنحوِ ما تقرؤون {وَالْعَادِيَاتِ} ونحوِها من السور (¬1). قال أبو داود: هذا يدلُّ على أن ذاك منسوخٌ. ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (21641) و (21646). وأخرجه النسائي (1063) من طريق أبي الأسود يتيم عروة، عن عروة، عن زيد ابن ثابت أنه قال لمروان: يا أبا عبد الملك، أتقرأ في المغرب بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}؟ قال: نعم قال: فمحلوفُهُ: لقد رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم -يقرأ فيها بأطول الطوليين {المص}. قوله: "بطولى الطوليين" أي: بأطول السورتين الطويلتين، وقد اختلف على ابن جريج في تعيين السورتين اللتين ذكرهما ابن أبي مليكة، فقيل: المائدة والأعراف، وقيل: الأنعام والأعراف، وقيل: يونس والاعراف، قال الحافظ في "الفتح" 2/ 247: فحصل الاتفاق على تفسير الطولى بالأعراف، وفي تفسير الاخرى ثلاثة أقوال، المحفوظ منها الأنعام. (¬1) رجاله ثقات، حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه البيهقي 2/ 392 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. قال ابن القيم في "زاد المعاد" 1/ 210: وأما المغرب، فكان هديُه- صلى الله عليه وسلم -فيها خلاف عمل الناس اليوم، فإنه صلاها مرةً بـ (الأعراف) فرقها في الركعتين، ومرة بـ (الطُور) ومرة بـ (المرسلات). قال أبو عمر بن عبد البر: روي عن النبى- صلى الله عليه وسلم -أنه قرأ في المغرب بـ {المص} وأنه قرأ فيها بـ (الصافات) وأنه قرأ فيها بـ (حم) الدخان وأنه قرأ فيهابـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وأنه قرأ فيها بـ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} وأنه قرأ فيها بـ (المعوذتين) وأنه قرأ فيها بـ (المرسلات) وأنه قرأ فيها بقصار المفصل، قال: وهي كلها آثار صحاح مشهورة.

133 - باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين

814 - حدثنا أحمد بن سعيد السرخسيُّ، حدَّثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاقَ يُحدث عن عمرو بن شعيبِ، عن أبيه عن جده أنه قال: ما من المُفَصَّل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا وقد سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يؤمُ الناسَ بها في الصلاة المكتوبة (¬1). 815 - حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا قُرَةُ، عن النزَّال بن عمار، عن أي عثمان النهدي أنه صلى خلفَ ابنِ مسعود المغربَ، فقرأ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬2). 133 - باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين 816 - حدثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا ابن وهب، أخبرني عمرو، عن ابن أبي هلال، عن معاذ بن عبد الله الجُهَني ¬

_ (¬1) حسن، وهذا إسناد فيه عنعنة محمد بن إسحاق، وهو مدلس. جرير: هر ابن حازم. وأخرجه البيهقى2/ 388من طريق وهب بن جرير، بهذا الإسناد. وله شاهد يتقوى به من حديث ابن عمر عند الطبرانى (13359). (¬2) النزال بن عمار روى عنه ثقتان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات. معاذ: هو ابن معاذ العنبري، وقرة: هو ابن خالد، وأبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن مل. وأخرجه البيهقي 2/ 391 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 358، والمزي في ترجمة النزال بن عمار من "تهذيب الكمال" 29/ 338 من طريقين عن قرة، به، وزادا: فوددت أنه كان قرأ سورة البقرة من حسن صوته.

134 - باب القراءة في الفجر

أن رجلاً من جُهَينةَ أخبره أنه سمعَ النبي- صلى الله عليهتَيْهما فلا أدري أنسيَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -أم قرأ ذلك عَمداً (¬1). وسلم - يقرأُ في الصُبح {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1]، في الركعتَينِ كِل 134 - باب القراءة في الفجر 817 - حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أخبرنا عيسى- يعني ابنَ يونس-, عن إسماعيلَ، عن أصبَغَ مولى عمرو بن حُرَيث عن عمرو بن حُرَيث، قال: كأني أسمعُ صوتَ النبيّ- صلى الله عليه وسلم -يقرأُ في صلاةِ الغَداةِ {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} التكوير: 15 - 16 (¬2). 135 - باب من ترك القراءة في صلاته 818 - حدثنا أبو الوليد الطيَالسي، حدثنا همام، عن قتادةَ، عن أبي نَضرة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي هلال: هو سعيد، وعمرو: هو ابن الحارث، وابن وهب: هو عبد الله. وقد صحح إسناده العيني في"عمدة القاري" 6/ 32. وأخرجه البيهقي 2/ 390 من طريق. أبي داود، بهذا الإسناد. وقد خالف سعيد بن أبي هلال الثقة في إسناد هذا الحديث سعدُ بن سعيد بن قيس الأنصاري عند أبي داود في "المراسيل" (40)، فرواه عن معاذ بن عبد الله، عن سعيد ابن المسيب مرسلاً. وسعد بن سعيد متكلم فيه من جهة حفظه، فلا يعتد بمخالفته. (¬2) حديث صحيح، أصبغ مولى عمرو بن حريث متابع، وباقي رجاله ثقات. إسماعيل: هو ابن أبي خالد. وأخرجه ابن ماجه (817) من طريق إسماعيل بن أبي خالد, به. وأخرجه مسلم (456) و (475)، والنسائي في "الكبرى" (1025) و (11587) من طريق الوليد بن سريع، عن عمرو بن حُريث. وأخرجه النسائي (11586) من طريق أبي الأسود مولى عمرو بن حريث، عن عمرو بن حريث. وهو في "مسند أحمد" (18733)، و"صحيح ابن حبان" (1819).

عن أبي سعيدٍ، قال: أُمِرْنا أن نقرأ بفاتحة الكتابِ وما تَيسَّرَ (¬1). 819 - حدّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازي، أخبرنا عيسى، عن جعفر بن ميمون البصريّ، حدَثنا أبو عثمان النّهدي حدَّثني أبو هريرة قال: قال لي رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "اخرُجْ فنادِ في المدينةِ: أنه لا صلاةَ إلا بقُرآنٍ ولو بفاتحةِ الكتابِ فما زادَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك الباهلي مولاهم البصري، وهمام: هو ابن يحيي العوذي، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة. وصحح إسناده الحافظ ابن سيد الناس، والحافظ ابن حجر. وأخرجه عبد بن حميد (879)، والبخاري في "القراءة خلف الإمام" (16)، والبيهقي 2/ 60 من طريق أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (10998) و (11415) و (11922)، وأبو يعلى (1210)، وابن حبان (1790)، والبيهقي 2/ 60 من طرق عن همام، به. وأخرجه ابن ماجه (839)، والترمذي (235) من طريق أبي سفيان السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مرفوعاً بلفظ: "لا صلاة لمن لم يقرأ بـ (الحمد لله) وسورة في فريضة أو غيرها". وسنده ضعيف لضعف أبي سفيان السعدي. (¬2) ضعيف بهذا اللفظ، جعفر بن ميمون ليس بقوي في الحديث، وقد اختلف عليه في لفظ هذا الحديث، وما سيأتي عنه في الحديث الآتى برقم (820) أصح. عيسى: هو ابن يونس بن أبى إسحاق السَّبيعي، وأبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملٍّ. وأخرجه بهذا اللفظ البخاري في "القراءة خلف الامام" (99)، والبيهقي في "القراءة خلف الإمام" أيضاً (44) من طريق جعفر بن ميمون، به. وأخرجه كذلك البيهقي (46) من طريق أبي يوسف القلوسي، عن معلى بن أسد، عن منصور بن سعد، عن عبد الكريم بن رشيد، عن أبي عثمان النهدي، به دون قوله: "فما زاد". وسنده حسن لولا أنه اختُلف على معلّى في لفظه، فقد ذكر البيهقى بإثره أن محمد بن إسحاق بن خزيمة رواه عن أبي يحيى محمد بن عبد الرحيم - وهو المعروت بصاعقة- عن معلَّى بإسناده هذا بلفظ: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب".

820 - حدثنا ابن بَشار، حدثنا يحيى، حدثنا جعفر، عن أبي عثمان عن أبي هريرة قال: أمَرَني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -أن أُناديَ: "أنَه لا صلاةَ إلا بقراءةِ فاتحةِ الكتابِ فما زاد" (¬1). 821 - حدثنا القَعنبيُّ، عن مالكٍ، عن العلاءِ بن عبد الرحمن، أنه سمع أبا السائبِ مولى هشام بن زُهرةَ يقول: سمعتُ أبا هريرةَ يقول: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "مَن صَلّى صلاةً لم يَقرَأ فيها بأم القُرآنِ فهي خِدَاجٌ، فهي خِدَاج، فهي خِدَاج غيرُ تَمامٍ". قال: فقلتُ: يا أبا هريرةَ، إني أكونُ أحيانا وراء الإمام! قال: فغَمَزَ ذِراعي وقال: اقرَأ بها يا فارسىّ في نفسِكَ، فإنّي سمعتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: "قال الله عز وجل: قَسَمتُ الصلاةَ بيني وبينَ عَبدي نِصفَينِ: ¬

_ = وأخرجه بمثل رواية عبد الكريم بن رشيد الخطيبُ البغدادي في "تاريخه" 4/ 216 من طريق نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، عن أبي حنيفة، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة. وفي إسناده إلى نعيم ضعف، ونعيم سيئ الحفظ. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. ابن بشار: هو محمد الملقب ببُندار، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه أحمد (9529)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (126)، والبخاري في "القراءة خلف الإمام" (7) و (84) و (300)، وابن الجارود (186)، والعقيلي في "الضعفاء" 1/ 190، وابن حبان (1791)، والدارقطني فى "السنن" (1224)، والحاكم 1/ 239، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 124، والبيهقي في "السنن" 2/ 37 و59 و 375، وفي "القراءة خلف الإمام" (38 - 43) و (45) من طرق عن جعفر بن ميمون، به. ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري السالف برقم (818) وحديث عبادة بن الصامت الآتى برقم (822).

فنِصْفُها لي، ونصفُها لعَبْدي، ولِعَبدِي ما سَألَ" قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقرؤوا، يقول العبدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} يقول: الله عز وجل: حَمِدَني عَبْدي، يقول: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يقول الله عز وجل: أَثْنَى عليَّ عَبْدي، يقول العبدُ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} يقول الله عز وجل: مَجّدَني عَبْدي، وهذه الآية بيني وبين عبدي، يقول العبد: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فهذه بَيْني وبينَ عَبْدي، ولعَبْدِي ما سألَ، يقول العبد: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فهؤُلاءِ لِعَبدي، ولِعَبْدي ما سألَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وهو في "موطأ مالك" 1/ 84 - 85، ومن طريق مالك أخرجه مسلم (395) (39)، والنسائي في "المجتبى" (909). وهو من طريقه أيضاً فى "مسند أحمد" (9932)، و "صحيح ابن حبان" (1784). وأخرجه مسلم (395) (40 - 41)، وابن ماجه (838)، والترمذي (3185) من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن، به - وليس فيه عند ابن ماجه والترمذي الحديث القدسي فى قسمة الصلاة. ورواه العلاء أيضاً بطوله عن أبيه، عن أبي هريرة، أخرجه مسلم (395) (38)، وابن ماجه (3784)، والترمذي (3184)، والنسائي فى "الكبرى" (7959). إلا أن ابن ماجه لم يذكر أول الحديث. وهو من طريق العلاء عن أبيه عند أحمد (7291)، وابن حبان (776) و (1788). الخداج: النقصان، قال الخطابي: يعني ناقصة نقص فساد وبطلان، تقول العرب: أخدجت الناقة: إذا ألقت ولدها وهو دم لم يستبن خلقه فهي مخدج، والخداج: اسم مبني عليه. =

822 - حدّثنا قُتيبة بن سعيد وابنُ السَّرح، قالا: حدثنا سفيانُ، عن الزهري، عن محمود بن الربيع عن عُبَادةَ بن الصامت، يَبلُغ به النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -قال: "لا صَلاةَ لمن لم يَقرَأ بفاتحةِ الكتابِ فصاعِداً" (¬1). ¬

_ = وقوله: "قسمت الصلاة بينى وبين عبدي نصفين" قال النووي في شرحه على "صحيح مسلم": قال العلماء: المراد بالصلاة هنا الفاتحة، سُمّيَت بذلك، لأنها لا تصحُّ إلا بها، كقوله- صلى الله عليه وسلم -: "الحجُّ عرفة" ففيه دليل على وجوبها بعينها في الصلاة. قال العلماء: والمراد بقسمتها من جهة المعنى، لأن نصفها الأول تحميد لله تعالى، وتمجيد وثناء عليه، وتفويض إليه، والنصف الثاني سؤالٌ وطلب وتضرُّع وافتقار. وقال الخطابي: قد يستدل بهذا الحديث من لا يرى التسمية آية من فاتحة الكتاب، وقالوا: لو كانت آية لذكرت كما ذكر سائر الآي، فلما بدأ بالحمد دل أنه أول آية منها، وأنه لاحظ للتسمية فيها واختلف أهل العلم فيها، فذهب جماعة إلى هذا، يروى ذلك عن عبد الله بن مغفل، وبه قال مالك والأوزاعى وأصحاب الرأي، وعليه قراء المدينة والبصرة. وذهب جماعة إلى أنها آية من الفاتحة وهو قول ابن عباس وأبي هريرة وابن عمر، وبه قال سعيد بن جبير وعطاء، وإليه ذهب الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وعليه قُرّاء مكة والكوفة وأكثر فقهاه الحجاز. وانظر لزاماً "نصب الراية" 1/ 327 - 328 للإمام جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي. (¬1) إسناده صحيح. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله أبو الطاهر المصري، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (756)، ومسلم (394) (34)، وابن ماجه (837)، والترمذي (245)، والنسائي في "الكبرى" (984) و (7955) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد- وليس فيه عندهم "فصاعدا". وأخرجه مسلم (394) (35) من طريق يونس بن يزيد، و (36) من طريق صالح ابن كيسان، ومسلم (394) (37)، والنسائي (985) من طريق معمر، ثلاثتهم عن الزهري، به- زاد معمر في روايته: "فصاعدًا".

قال سفيانُ: لمن يُصلَّي وحده. 823 - حدّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفَيليُّ، حدّثنا محمد بن سَلَمةَ، عن محمد ابن إسحاقَ، عن مكحول، عن محمود بن الرّبيع، عن عُبَادة بن الصامتِ قال: كنا خلفَ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -في صلاةِ الفجرِ، فقرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فثَقُلَت عليه القراءةُ، فلما فَرَغَ قال: "لَعلَّكم تَقرؤونَ خلفَ إمَامِكم؟ " قلنا: نعم، هذّا يا رسول الله. قال: "لا تَفعَلُوا إلا بفاتحةِ الكتاب، فإنَّه لا صلاةَ لمن لم يَقرَأبها" (¬1). 824 - حدّثنا الربيع بن سُليمان الأَزْدي، حدثنا عبد الله بن يوسفَ، حدثناَ الهيثمُ بن حُمَيد، أخبرني زيدُ بن واقد، عن مَكحول، عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري، قال نافع: ¬

_ = والحديث في "مسند أحمد" (2677) و (22749)، و"صحيح ابن حبان" (1782) و (1786). ويشهد لزيادة لفظ "فصاعداً" حديث أبي سعيد السالف برقم (818)، وحديث أبي هريرة برقم (820). (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق وقد صرح بالتحديث عند أحمد برقم (22745). وأخرجه الترمذي (311) من طريق عبدة بن سليمان، عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22671)، و"صحيح ابن حبان" (1785). ويشهد له حديث رجل من الصحابة لم يسمّ عند أحمد (18070)، وسنده صحيح. ولفظه: أن النبى- صلى الله عليه وسلم -قال: "لعلكم تقرؤون والإمام يقرأ" مرتين أو ثلاثا، قالوا: يا رسول الله إنا لنفعل، قال: "فلا تفعلوا إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب". وحديث أيي قتادة عند أحمد أيضاً (22625)، وسنده منقطع. قوله: "هَذا" قال الخطابي: الهذ سَرد القراءة ومداركتها فى سرعة واستعجال، وقيل: أراد بالهَذِّ: الجهرَ بالقراءة، وكانوا يُلبّسون عليه قراءته بالجهر، وقد روي ذلك في حديث عبادة هذا من غير هذا الطريق.

أبطأ عُبَادة بن الصامتِ عن صلاةِ الصبح، فأقام أبو نُعَيم المؤذنُ الصلاةَ، فصَلَّى أبو نعيم بالناس، وأقبلَ عبادةُ وأنا معه حتى صَففنا خلفَ أبي نُعَيم، وأبو نعيم يَجهَرُ بالقراءة، فجعل عبادةُ يقرأُ بأمّ القرآن، فلما انصَرَفَ قلتُ لعبادة: سمعتُك تقرأُ بأمّ القرآن وأبو نعيم يَجهَرُ، قال: أجلْ، صلَّى بنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بعض الصلواتِ التي يُجهرُ فيها بالقراءةُ، قال: فالْتبَسَت عليه القراءةُ، فلما انصرفَ أقبلَ علينا بوَجهِه وقال: "هل تَقرؤُون إذا جَهرْتُ بالقراءة؟ " فقال بعضُنا: إنا نَصنَعُ ذلك. قال: "فلا، وأنا أقولُ: ما لي يُنازِعُنى القرآنُ! فلا تَقرَؤُوا بشيءِ من القرآنِ إذا جَهَرتُ إلا بأمّ القرآنِ" (¬1). 825 - حدثنا علىُّ بن سهل الرَّملىُّ، حدّثنا الوليدُ، عن ابن جابر وسعيدِ بن عبد العزيز وعبدِ الله بن العلاءِ، عن مكحولٍ، عن عُبادةَ، نحو حديث الربِيع (¬2) قالوا: فكان مكحولٌ يقرأُ في المغربِ والعشاء، والصبحِ بفاتحة الكتابِ في كُل ركعةِ سِراً، قال مكحول: اقرأ فيما جَهَرَ به الإمامُ إذا ¬

_ (¬1) إسناده حسن، نافع بن محمود روى عنه اثنان أو ثلاثة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ في" التقريب": مستور، وقال الذهبى في "الكاشف": ثقه. وروى له الدارقطني هذا الحديث في "سننه" (1220) ثم قال: هذا إسناد حسن ورجاله كلهم ثقات. وأخرجه دون قصة أبي نعيم المؤذن: النسائى في "الكبرى" (994) من طريق زيد ابن واقد، عن حَرَام بن حكيم، عن نافع بن محمود، به. وانظر تمام تخريجه من هذا الطريق في "مسند أحمد" عند الحديث (22671). قوله: "ما لى ينازعني القرآن" أي: يعالجنى ولا يتيسر لى، فكأنى أجاذبه فيستعصي ويثقل عليَّ. (¬2) هذا إسناد منقطع، مكحول لم يدرك عبادة بن الصامت، وانظر سابقيه.

136 - باب من رأى القراءة إذا لم يجهر

قرأ بفاتحة الكتاب وسَكَتَ سراً، فإن لم يَسكُتْ اقرأ بها قبلَه ومَعَه وبعدَه، لا تَترُكْها على حالٍ. 136 - باب مَن رأى القراءة إذا لم يجهر (¬1) 826 - حدثنا القَعنبيُّ، عن مالك، عن ابن شِهَاب، عن ابن أُكَيمة الليثي عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -انصرفَ من صلاةٍ جَهَرَ فيها بالقراءَة فقال: "هل قرأ معي أحد منكم آنِفاً؟ " قال رجل: نعم يا رسول الله. قال: "إنّي أقولُ: مالي أُنازَعُ القرآنَ؟ ". قال: فانتهى الناسُ عن القراءَة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما جَهَرَ فيه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالقراءةِ من الصلواتِ حين سمعوا ذلك من رسول الله- صلى الله عليه وسلم - (¬2). قال أبو داود: روى حديثَ ابنِ أُكيمةَ هذا مَعمر ويونُس وأُسامةُ ابن زيدٍ عن الزهْري على معنى مالكٍ. 827 - حدثنا مُسدد وأحمدُ بن محمد المَروَزيُّ ومحمدُ بن أحمد بن أبي خلف وعبد الله بن محمد الزهري وابنُ السرح، قالوا: حدثنا سفيانُ، عن الزهْري، سمعتُ ابنَ أُكَيمة يحدّث سعيدَ بن المسيّب قال: ¬

_ (¬1) هذا التبويب ليس فى (د) و (هـ). وسيتكرر بهذا الاسم في الباب الذي يليه. (¬2) إسناده صحيح. القعنبى: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب، وابن أُكيمة: اسمه عُمارة، وقيل: عَمّار، وقيل: عَمْرو، وقيل: عامر. وهو في "موطا مالك" 1/ 86، ومن طريقه أخرجه الترمذي (312)، والنسائي فى "الكبرى" (993). وهو من هذا الطريق في "مسند أحمد" (8007)، و "صحيح ابن حبان" (1849). وأخرجه ابن ماجه (849) من طريق عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، به. وانظر ما بعده.

سمعتُ أبا هريرة يقول: صَلى بنا رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -صلاةً نَظنُّ أنها الصبحُ، بمعناه إلى قوله: "ما لي أُنازَعُ القرآنَ" (¬1). قال مسدَّدٌ في حديثه: قال معمر: فانتهى الناسُ عن القراءَة فيما جهر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال ابن السَّرح في حديثه: قال معمرٌ عن الزهري: قال أبو هريرة: فانتهى الناسُ. وقال عبد الله بن محمد الزهري من بينهم: قال سفيان: وتكلَّم الزهري بكلمةٍ لم أسمعها، فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناسُ. قال أبو داود: ورواه عبدُ الرحمن بن إسحاقَ عن الزهريِّ وانتهى حديثُه إلى قوله: "ما لي أُنازَعُ القرآن". ورواه الأوزاعي، عن الزهري قال فيه: قال الزهري: فاتّعَظَ المسلمونَ بذلك فلم يكونوا يقرؤُون معه فيما يَجهَرُ به - صلى الله عليه وسلم - (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله أبو الطاهر المصري، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه ابن ماجه (848) عن ابن أبي شيبة وهشام بن عمار، عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7270) عن سفيان. (¬2) حديث عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عند أحمد (10318). وأما حديث الأوزاعى عن الزهري فهو عند ابن حبان في" صحيحه " (1850) و (1851)، لكن جعله الأوزاعي من رواية الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، وهو وهمٌ كما بيّنه ابن حبان بإثر روايته للحديث.

قال أبو داود: سمعتُ محمدَ بن يحيى بن فارسٍ قال: قوله: فانتَهَى الناسُ، من كلام الزُهْريِّ (¬1). ¬

_ (¬1) وكذلك قال البخاري في "القراءة خلف الإمام" (96) وفي "التاريخ الكبير" 9/ 38، وابن حبان في "صحيحه"، والخطيب في "الفصل للوصل المدرج في النقل" 1/ 292، ونقله الحافظ ابن حجر في" التلخيص" 1/ 231 عن غير واحد، وقد رد هذه الدعوى الإمام ابن القيم في بحث جيد في" تهذيب السنن "1/ 391 - 393 فراجعه لزاماً. وسواء كانت هذه الزيادة من قول أبي هريرة أو من مرسل الزهري فإنها زيادة صحيحة، يَعضُدها قولُ الله تبارك وتعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: 204]، فقد اتفق جمهورُ أهلِ العلم على أن المراد من قوله: "فاسْتَمِعُوا" وجوب الإنصات على المأموم في الصلوات التي يجهر فيها الإمام، كما في "تفسير الطبري" 9/ 162 - 166، و"التمهيد" لابن عبد البر11/ 30 - 31. ويعضُدها أيضًا قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا قرأ (يعني الإمام) فأنصِتُوا" رواه مسلم (404) (63)، وسلف عند أبي داود برقم (604)، وهذا الإنصات إنما يكون في الصلاة الجهرية، وليس في السرية. قال البغوي في "شرح السنة" 3/ 84 - 85: اختلف أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم في القراءة خلف الإمام. فذهب جماعة إلى ايجابها سواء جهر الإمام أو أسر يروى ذلك عن عمر وعثمان وعلي وابن عباس ومعاذ وأبي بن كعب، وبه قال مكحول، وهو قول الأوزاعي والشافعي وأبى ثور، فإن أمكنه أن يقرأ في سكتة الإمام، وإلا قرأ معه. وذهب قوم إلى أنه يقرأ فيما أسر الإمامُ فيه القراءة، ولا يقرأ فيما جهر، وقال: هو قول عبد الله بن عمر، يُروي ذلك عن عروة بن الزبير والقاسم بن محمد، ونافع بن جبير، وبه قال الزهري ومالك وابن المبارك وأحمد وإسحاق وهو قول للشافعي. وذهب قوم الى أنه لا يقرأ أحد خلف الامام، سواء أسر الإمام أو جهر، يُروى ذلك عن زيد بن ثابت وجابر ويروى عن ابن عمر: إذا صلى أحدكم خلف الإمام، فحسبه قراءة الإمام، وبه قال سفيان الثوري وأصحاب الرأي. =

137 - باب من رأى القراءة إذا لم يجهر

137 - باب مَن رأى القراءَة إذا لم يجهر 828 - حدَّثنا أبو الوليدِ الطَّيَالسيُّ، حدثنا شُعبةُ (ح) وحدثنا محمد بن كَثيرٍ العَبديُّ، أخبرنا شعبةُ- المعنى- عن قَتادةَ، عن زُرَارةَ عن عِمرانَ بن حُصَين: أن النبي- صلى الله عليه وسلم -صَلى الظهر فجاءَ رجل فقرأ خلفَه: بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} فلما فَرَغَ قال: "أيكم قَرأ؟ " قالوا: رجل. قال: "قد عَرَفتُ أن بَعضَكم خالَجَنِيها" (¬1). ¬

_ = قلت: وقول جابر وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمر أخرجه الطحاوي فى "شرح معاني الآثار" 1/ 129 من طريق عبيد الله بن مقسم أنه سأل عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله، فقالوا: لا تقرؤوا خلف الإمام في شيء من الصلوات. وإسناده صحيح. وأخرج مالك في "الموطأ" 1/ 86 في الصلاة: باب ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل: هل يقرأ أحد خلف الإمام؟ قال: إذا صلى أحدكم خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام، وإذا صلى وحده فليقرأ. قال: وكان عبد الله بن عمر لا يقرأ خلف الإمام. وإسناده صحيح. وفى "المسند" (14643) من حديث جابر بن عبد الله رفعه "من كان له إمام فقراءته له قراءة" وهو حديث حسن بطرقه وشواهده" انظر بسط ذلك في تعليقنا على "المسند". (¬1) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي. اسمه هشام بن عبد الملك، وزرارة: هو ابن أوفى. وأخرجه مسلم (398) (48)، والنسائي في "الكبرى" (991) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم أيضا (398) (47)، والنسائى (992) من طريق أبى عوانة، عن قتادة، به. وهو في "مسند أحمد" (19815) و (19961)، و "صحيح ابن حبان" (1845 - 1847) وانظر ما بعده. قوله: "خالَجَيها" أي: جاذبَنيها ونازعنيها.

138 - باب ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة

قال أبو داود: قال الوليدُ في حديثه: قال شعبةُ: فقلت لقتادةَ: أليس قولُ سعيدِ: أنصِتْ للقرآن؟ قال: ذاك إذا جَهَرَ به. وقال ابن كثير في حديثه: قال: قلتُ لقتادةَ: كأنه كَرِهَه! قال: لو كَرِهَه نَهَى عنه. 829 - حدّثنا ابنُ المثنى، حدّثنا ابنُ أبي عَدِّي، عن سعيدِ، عن قَتادةَ، عن زُرارةَ عن عِمرانَ بن حُصَين: أن نبيّ الله- صلى الله عليه وسلم - صَلّى بهم الظهرَ فلما انفتَلَ قال: "أيكم قَرَأ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}! " فقال رجلٌ: أنا، فقال: "قد عَلِمتُ أن بعضَكم خالَجَنِيها" (¬1). 138 - باب ما يجزئ الأميَّ والأعجميَّ من القراءَة 830 - حدثنا وَهْبُ بن بقيّة، أخبرنا خالدٌ، عن حُميد الأعرج، عن محمد ابن المنكَدِر عن جابر بن عبد الله، قال: خَرَجَ علينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ونحن نقرأُ القرآنَ وفينا الأعرابى والعَجَمي، فقال: "اقرَؤوا، فكُل حَسَنٌ، وسيَجيءُ أقوام يُقِيمُونَه كما يقامُ القِدْحُ، يَتَعجلونَه ولا يَتأجّلونَه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمد بن المثنى أبو موسى البصري الزَّمِن، وابن أبي عَدِي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وسعيد: هو ابن أبي عروبة. وأخرجه مسلم (398) (49) عن محمد بن المثنى، بهذا الإسناد. وعن أبن أبي شيبة، عن ابن عُليّة، عن سعيد, به. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الطحان الواسطي، وحميد الأعرج: هو حميد بن قيس المكي الأعرج أبو صفوان القاريء. =

831 - حدّثنا أحمدُ بن صالح، حدثنا عبدُ الله بن وَهب، أخبرني عَمرو وابنُ لَهِيعةَ، عن بكرِ بن سَوَادةَ، عن وَفاءِ بن شُرَيح الصَّدَفي عن سَهْل بن سعد الساعديِّ، قال: خرجَ علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً ونحن نقترئُ فقال: "الحمدُ لله، كتابُ الله واحد، وفيكم الأحمرُ، وفيكم الأبيضُ وفيكم الأسودُ، اقرَؤُوهُ قبلَ أن يَقرأَه أقوامٌ يقيمُونَه (¬1) ¬

_ = وأخرجه أحمد (15273)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2399)، والبغوي في "شرح السنة" (609) من طرق عن خالد الطحان، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (14855)، وأبو يعلى (2197)، والبيهقي (2400) و (2401) من طريق أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن المنكدر، به. وخالف أسامةَ بن زيد وحميداً الأعرج السفيانان فروياه عن محمد بن المنكدر عن النبي- صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، أخرجه عن سفيان الثورى ابن أبى شيبة 10/ 480 والبيهقي فى "الشعب" (2398)، وعن سفيان بن عيينة أخرجه عبد الرزاق (6034). وفي الباب عن أنس بن مالك وعبد الرحمن بن شبل وعمران بن حصين، وأحاديثهم في "المسند" (12483) و (15529) و (19917)، وعن سهل بن سعد وهو الحديث التالي عند المصنف. قال في "عون المعبود": قوله: "فكلٌّ حسن" أي: فكل واحدة من قراءتكم حسنة مرجوّة للثواب إذا آثرتم الآجلة على العاجلَةِ، ولا عليكم أن لا تُقيموا ألسنتكم إقامةَ القِدح: وهو السهمُ قبل أن يُرَاش. "وسيجيء أقوام يقيمونه" أي: يصلحون ألفاظَه وكلماتِه ويتكلفون في مراعاة مخارجه وصفاته. "كما يقام القدح" أي: يُبالغون في عمل القراءة كمالَ المبالغة لأجل الرياء والسمعة والمباهاة والشهرة. "يتعجلونه" أي: ثوابه في الدنيا "ولا يتأجلونه" بطلب الأجر في العقبى، بل يؤثرون العاجلة على الآجلة، ويتأكلون ولا يتوكلون. (¬1) في نسخة على هامش (د): يُقوِّمونه.

كما يُقوَّم السهمُ، يَتعجَّلُ أجرَهُ ولا يَتأجَّلُه" (¬1). 832 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شَيبةَ، حدّثنا وَكِيع بن الجَرَّاح، حدَّثنا سفيانُ الثوري، عن أبي خالد الدالانىَّ، عن إبراهيم السَّكسَكي عن عبد الله بن أبي أوفَى، قال: جاء رجلٌ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني لا أستطيعُ أن آخذَ من القرآن شيئاَ، فعَلّمْني ما يُجزِئُني منه. قال: "قُلْ: سبحانَ الله، والحمدُ لله، ولا إلهَ إلا اللهُ، واللهُ اْكبرُ، ولا حَوْلَ ولا قوةَ إلا بالله" قال: يا رسولَ الله، هذا لله عز وجل، فما لي؟ قال: "قُل: اللهمَّ ارحَمْني وارزُقْني وعافِني واهْدِني" فلما قامَ قال هكذا بيدهِ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أمَّا هذا فقد مَلأَ يَديهِ من الخيرِ؟ " (¬2). ¬

_ (¬1) حسن بما قبله، وفاء بن شريح روى عنه اثنان ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، فهو مجهول الحال. عمرو: هو ابن الحارث المصري. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 69، وأحمد (22865)، وابن حبان (760) و (6725)، والطبرانى (6024)، والبيهقي في "الشعب" (2404) من طريق بكر بن سوادة، به. وانظر تتمة تخريجه عند أحمد وابن حبان. (¬2) إسناده حسن في المتابعات والشواهد، إبراهيم السكسكي - وهو ابن عبد الرحمن - ضعيف يعتبر به، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات غير أبي خالد الدالاني - واسمه يزيد بن عبد الرحمن - فهو صدوق. وهو في "مسند أحمد" (19110) عن وكيع، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (998) من طريق مسعر بن كدام، عن إبراهيم السكسكي، به- مختصراً إلى قوله: "ولا قوة إلا بالله". وأخرجه بطوله ابن حبان (1810) من طريق طلحة بن مصرف، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 113 من طريق إسماعيل بن أبي خالد، كلاهما عن ابن أبي أوفى. وفي =

833 - حدّثنا أبو تَوبةَ الربيعُ بن نافع، أخبرنا أبو إسحاق- يعني الفَزَاريَّ- عن حُميد، عن الحسن عن جابر بن عبد الله قال: كنا نُصلي التطوَّعَ، نَدْعُو قياماً وقعوداً، ونُسبِّحُ رُكوعاً وسُجوداً (¬1). 834 - حدثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدّثنا حماد، عن حُمَيد، مثلَه، لم يذكر التطوُّع. قال: كان الحسن يقرأُ في الظهر والعصر إماماً أو خلفَ إمام بفاتحةِ الكتاب، ويُسبّح ويكبّر ويُهلل قَدرَ "قَ" و" الذاريات". ¬

_ = سند ابن حبانَ الفضلُ بن موفق، قال أبو حاتم الرازي: كان شيخاً صالحاً ضعيف الحديث، وفي سند أبي نعيم خالدُ بن نزار، روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يُغرب ويخطيء. قلنا: لكن بمجموع هذه الطرق يتحسّنُ الحديث. قوله: "قال هكذا بيده" يعني أشار بها إشارة، وفي بعض الروايات أنه قبضها، قال في "عون المعبود": وظاهر السياق أن المشير هو المأمور، أي: حفظتُ ما قلتَ لي وقبضتُ عليه فلا أُضيعه. (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، الحسن- وهو البصري- لم يسمع من جابر بن عبد الله. أبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل. وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 443 - 444، والبيهقي 2/ 88 من طريق معاذ بن معاذ، عن حميد الطويل، به. قال في "عون المعبود": والحديث يدل على أنه يكفى الدعاء في صلاة التطوع، وأن القراءة ليست بفرض فيه، لكنه موقوف ثم هو منقطع .. وأيضاً هو معارَضٌ بحديث حبيب بن الشهيد "لا صلاة إلا بقراءة" رواه مسلم (396) من رواية أبي أسامة عنه، وبحديث عبادة بن الصامت "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" (سلف برقم: 822)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاة" عامٌّ يشمل التطوع والفريضة.

139 - باب تمام التكبير

139 - باب تمام التكبير (¬1) 835 - حدثنا سليمانُ بن حَرب, حدثنا حماد، عن غَيلانَ بن جَرير، عن مُطَرِّف، قال: صلَّيتُ أنا وعِمرانُ بن حُصَين خلفَ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكان إذا سَجَدَ كَبَّرَ، وإذا ركعَ كَبّر، وإذا نَهَضَ من الركعتَينِ كَبَّر، فلما انصَرَفْنا أخذَ عِمرانُ بيدي وقال: لقد صَلى هذا قَبْلُ- أو قال: لقد صَلَّى بنا هذا قبلُ- صلاةَ محمدِ عليه السلام (¬2). ¬

_ (¬1) أي: إتمام عدد التكبير في الصلاة، ففي كل صلاة ثنائية إحدى عشرة تكبيرة، وهي: تكبيرة الإحرام وخمس في كل ركعة، وفي الثلاثية سبع عشرة، وهي: تكبيرة الإحرام وتكبير القيام من التشهد الأول وخمس في كل ركعة، وفي الرباعية ثنتان وعشرون، ففي المكتوبات الخمس أربع وتسعون تكبيرة. واعلم أن تكبيرات الإحرام واجبة وما عداها سُنَّة لو تركه صحّت صلاته لكن فاتته الفضيلة وموافقة السنة، هذا مذهب العلماء كافة إلا أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى في إحدى الروايتين عنه أن جميع التكبيرات واجبة. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، ومطرف: هو ابن عبد الله بن الشّخّير. وأخرجه البخاري (786) و (826)، ومسلم (393)، والنسائي في "الكبرى" (673) و (1104) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البخاري (784) من طريق أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن أخيه مطرف، به. وهو في "مسند أحمد" (19840) و (19952). وفي هذا الحديث - كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"- إشارة إلى أن التكبير الذي أتى به على بن أبى طالب على وجه الجهر كان قد تُرك، وأول من تركه- فيما روى أحمد (19881) من وجه آخر عن مطرف عن عمران بن حصين- هو عثمان بن عفان حين كبِرَ وضَعُف صوته، وقد حمل ذلك جماعة من أهل العلم على الإخفاء وترك الجهر به، وحكى الطحاوي أن قوماَ كانوا يتركون التكبير في الخفض دون الرفع، قال: وكذلك كانت بنو أُمية تفعل، وروى ابن المنذر نحوه عن ابن عمر، وعن بعض السلف أنه كان =

836 - حدثنا عَمرو بن عثمانَ، حدثنا أبى وبقيَّهُ، عن شعيبِ، عن الزهري قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن وأبو سَلَمة أن أباهريرةَ كان يكبر في كل صلاةٍ من المكتوبةِ وغيرِها: يُكبِّر حين يقومُ، ثم يُكبّر حين يَركَعُ، ثم يقول: سَمعَ اللهُ لمن حَمِده، ثم يقول: ربنا ولك الحمدُ، قبل أن يَسجُدَ، ثم يقول: الله أكبرُ، حين يَهْوِي ساجداً، ثمَ يكبر حين يَرفَعُ رأسَه، ثم يكبر حين يَسجُدُ، ثم يكبر حين يَرفَعُ رأسَه، ثم يكبر حين يقومُ من الجلوس في اثنتين، فيَفعَلُ ذلك في كل ركعةِ حتى يَفرُغَ من الصلاة، ثم يقولُ حين ينصرفُ: والذي نَفْسي بيدِه، إنِّي لأقرَبُكم شَبَهاً بصلاةِ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم -, إنْ كانت هذه لصَلاتُه حتى فارقَ الدنيا (¬1). ¬

_ = لا يكبِّر سوى تكبيرة الإحرام، وفرَّق بعضهم بين المنفرد وغيره، ووجهه بأن التكبير شُرع للإيذان بحركة الإمام فلا يحتاج إليه المنفرد، لكن استقرّ الأمر على مشروعية التكبير في الخفض والرفع لكلِّ مصلٍّ، فالجمهور على ندبية ما عدا تكبيرة الإحرام، وعن أحمد وبعض أهل العلم بالظاهر يجب كلُّه. (¬1) إسناده صحيح. أبو عمرو بن عثمان: هو عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي، وبقية: هو ابن الوليد، وشعيب: هو ابن أبي حمزة، وأبو بكر بن عبد الرحمن: هو ابن الحارث بن هشام المخزومي، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري. وأخرجه البخاري (803) عن أبى اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (746) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، به. كرواية شعيب بن أبي حمزة عن الزهري. وأخرجه مختصراً البخاري (789)، ومسلم (392) و (28) و (29)، والترمذي (252) من طرق عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبى هريرة. وأخرجه كذلك البخاري (785)، ومسلم (392) (27) و (30)، والنسائي (651) و (745) و (1097) من طرق عن الزهري، عن أبى سلمة، عن أبي هريرة. =

قال أبو داود: هذا الكلامُ الأخير يجعله مالك والزُّبيْدي وغيرهما عن الزُّهْري عن علي بن حُسَين (¬1). ووافق عبدُ الأعلى عن معمَرِ شعيبَ بن أبي حمزة عن الزهريَّ. 837 - حدثنا محمدُ بن بَشار وابن المثنى، قالا: حدثنا أبو داودَ، حدّثنا شُعبةُ، عن الحسن بن عِمْران- قال ابن بشار: الشامي، قال أبو داود: أبو عبد الله العَسقلاني- عن ابن عبد الرحمن بن أبزَى عن أبيه: أنه صلى مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -وكان لا يُتِمُّ التكبيرَ (¬2). ¬

_ = وأخرجه مسلم (392) (31) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، به مختصراً. وكذلك أخرجه البخاري (795) من طريق سعيد المقبري، ومسلم (392) (32) من طريق أبي صالح السمان، كلاهما عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7657)، و"صحيح ابن حبان، (1767). (¬1) يعني مرسلاً، ورواية مالك فى "موطئه" 1/ 76 عن الزهري عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. ومراد المصنف بقوله: "هذا الكلام الأخير"، هو قوله: إن كانت هذه لصلاته حتى فارق الدنيا. والزبيدي: هو محمد بن الوليد بن عامر أبو الهُذيل الحمصي القاضي. (¬2) إسناده ضعيف ومتنه منكر، تفرد به الحسن بن عمران وهو لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب"، وقال أبو حاتم الرازي: شيخ، وقال الطبري: مجهول. ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان. ثم إن هذا الحديث مخالف لما صح عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه كان يكبر فى كل خفض ورفع كما في حديثي عمران بن حصين وأبي هريرة المتقدمين وغيرهما من الأحاديث. ابن المثنى: هو محمد بن المثنى أبو موسى الزمِن، وأبو داود: هو الطيالسي سليمان بن داود، وابن عبد الرحمن بن أبزى: هو عبد الله، وقيل: سعيد. =

140 - باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه؟

قال أبو داود: معناه إذا رفع رأسَه من الركوع وأراد أن يسجدَ لم يُكبّر، وإذا قام من السجود لم يُكبِّر (¬1). 140 - باب كيف يضعُ ركبتيه قبلَ يديه؟ 838 - حدثنا الحسَنُ بن علي وحُسَين بن عيسى، قالا: حدثنا يزيدُ بن هارون، أخبرنا شَريك، عن عاصم بن كُلَيب، عن أبيه عن وائل بن حُجر، قال: رأيت النبى- صلى الله عليه وسلم -إذا سجدَ وَضَعَ رُكْبتيهِ قبل يديهِ، وإذا نَهَضَ رفع يديه قبلَ رُكبتيهِ (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند الطيالسي" (1287)، ومن طريقه أخرجه ابن أبي شيبة 1/ 241 - 242، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 300 و 301. ونقل البخاري عن أبى داود الطيالسي أنه قال في الحديث: هذا عندنا لا يصح. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 5/ 462، وأحمد (15352) و (15369)، والبخاري2/ 300، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 220، والبيهقى2/ 68 من طرق عن شعبة، به. (¬1) قوله: قال أبو داود: ... أثبتناه من هامش (هـ) و (د)، وأشار في هامش (هـ) إلى أنه من رواية أبي عيسى الرملى. (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف، شريك- وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ، لكنه لم ينفرد به، فللحديث طريق آخر- وهو وإن كان منقطعاً- يتقوى به فيحسُن، وهو الطريق التالي عند المصنف. وأخرجه ابن ماجه (882)، والترمذي (267)، والنسائي في "الكبرى" (680) و (744) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وحسَّنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة (626) و (629)، وابن حبان (1912)، والحاكم 1/ 226. قال الترمذي: والعمل عليه (أي: على هذا الحديث) عند كثر أهل العلم: يرون أن يضع الرجل ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه. وقال صاحب "عون المعبود": والحديث يدلُّ على مشروعية وضع الركبتين قبل اليدين ورفعهما عند النهوض قبل رفع الركبتين، وإلى ذلك ذهب الجمهور، وحكاه =

839 - حدثنا محمد بن مَعمَر، حدثنا حجّاج بن مِنَهال، حدَثنا همّام، حدَثنا محمد بن جُحَادة، عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه: أن النبي- صلى الله عليه وسلم -، فذكر حديثَ الصلاة، قال: فلما سجد وَقَعَتا رُكْبتاه إلى الأرض قبل أن تقعَا كَفَّاه (¬1). قال همامٌ: وحدثني شَقيقٌ، حدثني عاصم بن كُلَيب، عن أبيه، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، بمثل هذا (¬2)، وفي حديث أحدهما- وأكبرُ عِلْمي أنه ¬

_ = القاضي أبو الطيب عن عامة الفقهاء، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب والنخعي ومسلم بن يسار وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي، قال: وبه أقول. وانظر تفصيل القول في هذه المسألة في تعليقنا على الحديث من "صحيح ابن حبان"، و"زاد المعاد" لابن القيم 1/ 222 - 231، طبع مؤسسة الرسالة. (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه وائل بن حجر. همام: هو ابن يحيى العوذي. وقد سلف من هذا الطريق برقم (736). وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (60)، والبيهقي 2/ 98 من طريق همام بن يحيى، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 2/ 99 من طريق محمد بن حجر بن عبد الجبار، عن سعيد بن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه عبد الجبار بن وائل، عن أُمه، عن وائل بن حجر. فوصله، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن حجر وعمه سعيد. وقوله في الحديث: وقعتا ركبتاه، وتقعا كفَّاه، جائز في العربية، على لغة أكلونى البراغيث، ومنه قوله- صلى الله عليه وسلم -: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ... ". (¬2) هذا الإسناد موصول بحديث محمد بن معمر عن حجاج عن همام، وأخرجه المصنف في "المراسيل" (42) عن يزيد بن خالد، عن عفان، عن همام بن يحيى، به. وهذا إسناد ضعيف، شقيق: هو أبو ليث، تفرد بالرواية عنه همام، فهو مجهول، وقال أبو الحسن بن القطان في "الوهم والايهام" 2/ 66: ضعيف لا يعرف بغير رواية همام عنه. قلنا: وكليب والد عاصم - وهو ابن شهاب - عن النبي- صلى الله عليه وسلم - مرسل.

في حديث محمد بن جُحَادة-: وإذا نهضَ نهضَ على رُكْبتيهِ، واعتمدَ على فَخِذِه. 840 - حدثنا سعيدُ بن منصورِ، حدثنا عبدُ العزيز بن محمدٍ، حدثنى محمدُ بن عبدِ الله بن حسنٍ، عن أبي الزّناد، عن الأعرَج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سَجَدَ أحدُكم فلا يَبرُك كما يَبرُكُ البعيرُ، وليَضَع يديهِ قبل رُكبتيهِ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده قوي، لكن قال البخاري في ترجمة محمد بن عبد الله بن حسن من "التاريخ الكبير" 1/ 139: لا يُتابع عليه، ولا أدري سمع من أبي الزناد أم لا. كذا قال، مع أن سماعه منه محتمل جداً، فهو مدني وأبو الزناد - وهو عبد الله بن ذكوان - مدني، وقد تعاصرا ما يزيد على أربعين عاما. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (682) من طريق مروان بن محمد، عن عبد العزيز ابن محمد الدراوردي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8955). وانظر ما بعده. وفي الباب عن ابن عمر: أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه، وقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك. أخرجه المصنف في هذا الكتاب لكن برواية أبي الحسن بن العبد كما في "تحفة الأشراف" (8030) من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر. ورواه من هذا الطريق ابن خزيمة (627)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 254، والبيهقى 2/ 100، قال أبو داود: روى عبد العزيز عن عبيد الله أحاديث منكرة ,وقال البيهقي: لا أُراه إلا وهماً. قال في "عون المعبود": وحديث أبي هريرة هذا يدل على سُنيّه وضع اليدين قبل الركبتين، وإليه ذهب الأوزاعى ومالك وابن حزم وأحمد في رواية، وروى الحازمى عن الأوزاعى أنه قال: أدركت الناس يضعون أيديهم قبل رُكَبهم، قال ابن أبي داود: وهو قول أصحاب الحديث. قلنا: وانظر التعليق على الحديث السالف قبله. قال في "لسان العرب": وركبة البعير في يده، وكل ذي أربع ركبتاه في يديه. وانظر "شرح معاني الآثار" 1/ 254 للطحاوي.

141 - باب النهوض في الفرد

841 - حدثنا قُتَيبة بن سعيد، حدثنا عبد الله بن نافع، عن محمد بن عبد الله ابن حَسَن، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج عن أبي هريرةَ، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "يَعمَدُ (¬1) أحدُكم في صلاتِه فيَبرُكُ كما يَبرُكُ الجملُ" (¬2). 141 - باب النهوض في الفَرد (¬3) 842 - حدَّثنا مُسدد، حدثنا إسماعيلُ- يعني ابن إبراهيمَ- عن أيوبَ، عن أبي قِلابةَ قال: جاءنا أبو سليمان مالكُ بن الحُوَيْرِث إلى مسجدنا هذا فقال: واللهِ إني لأصلي وما أُريد الصلاةَ، ولكني أريدُ أن أُرِيكم كيف رأيتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -يُصلي. قال: قلتُ لأبي قِلابةَ: كيف صلّى؟ قال: مثلَ صلاةِ شيخِنا هذا- يعني عمرَو بن سَلِمةَ إمامَهم-؛ وذكر أنه كان إذا رفع رأسَه من السجدةِ الآخِرةِ في الركعة الأُولى قَعَدَ ثم قامَ (¬4). ¬

_ (¬1) في (أ): يعتمد. (¬2) إسناده حسن من أجل عبد الله بن نافع- وهو الصائغ- وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الترمذي (268)، والنسائي في "الكبرى" (681) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬3) أي: في الركعة الفردية الأولى والثالثة. (¬4) إسناده صحيح. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُلية، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرمي. وأخرجه البخاري (677) و (802) و (818) و (824)، والنسائي في "الكبرى" (741) من طريق أيوب السختياني، به. وهو في "مسند أحمد" (15599) و (20539). و"صحيح ابن حبان " (1934) و (1935). =

843 - حدّثنا زيادُ بن أيوبَ، حدثنا إسماعيلُ، عن أيوبَ، عن أبي قِلاَبةَ قال: جاءنا أبو سليمان مالكُ بن الحُوَيْرِث إلى مسجدِنا فقال: والله إنّي لأصلي وما أُريد الصلاةَ، ولكنيْ أُريد أن أُرِيكم كيف رأيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلي، قال: فقَعَدَ في الركعة الأولى حين رفع رأسَه من السجدة الآخرة (¬1). ¬

_ = قوله: "من السجدة الآخرة" أي: من السجدة الثانية. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 19/ 254: اختلف الفقهاء في النهوض من السجود إلى القيام، فقال مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه: ينهض على صدور قدميه ولا يجلس، وروي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس، وقال النعمان ابن أبي عياش: أدركتُ غير واحد من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -يفعل ذلك، وقال أبو الزناد: تلك السُّنّة، وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، قال أحمد: أكثر الأحاديث على هذا، قال الأثرم: ورأيت أحمد بن حنبل ينهض بعد السجود على صدور قدميه ولا يجلس قبل أن ينهض، وذكر عن ابن مسعود وابن عمر وأبي سعيد وابن عباس وابن الزبير أنهم كانوا ينهضون على صدور أقدامهم. وقال الشافعي: إذا رفع رأسه من السجدة جلس ثم نهض معتمداً على الأرض بيديه حتى يعتدل قائماً. ومن حجة من ذهب مذهب مالك ومن تابعه حديثُ أبي حميد الساعدي، فيه أن النبي- صلى الله عليه وسلم -لما رفع رأسه من السجدة قام، ولم يذكر قعوداً. وفي حديث رفاعة بن رافع عن النبي- صلى الله عليه وسلم -في تعليم الأعرابي: "ثم اسجد حتى تعتدل ساجداً، ثم قم" ولم يأمره بالقعدة. واحتج أبو جعفر الطحاوي لهذا المذهب أيضاً بأن قال: قد اتفقوا أنه يرجع من السجود بتكبير، ثم لا يكبّر تكبيرة أخرى للقيام، قال: فلو كانت القعدة مسنونة، لكان الانتقال منها إلى القيام بالذكر كسائر أحوال الانتقال. وحُجّة الشافعي لما ذهب إليه في ذلك حديثُ مالك بن الحويرث هذا. قال أصحاب الشافعي: فحديث مالك بن الحويرث أولى ما قيل به في هذه المسالة، لأن فيه زيادة سكت عنها غيره، فوجب قبولها. (¬1) إسناده صحيح. وانظر ما قبله.

142 - باب الإقعاء بين السجدتين

844 - حدثنا مُسدَد، حدثنا هُشيم، عن خالد، عن أبي قلاَبةَ عن مالك بن الحُوَيرِث: أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في وِتْرٍ من صلاتِه لم يَنهَض حتى يستويَ قاعداً (¬1). 142 - باب الإقعاء بين السجدتين 845 - حدثنا يحيى بنُ مَعِين، حدثنا حَجّاج بن محمد، عن ابن جُرَيج، أخبرني أبو الزبَير أنه سمع طاووساً يقول: قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين في السجود، فقال: هي السُّنَّة. قال: قلنا: إنّا لنَراهُ جَفاءً بالرّجُل. فقال ابنُ عباس: هي سُنّةُ نبيّك- صلى الله عليه وسلم - (¬2). 143 - باب ما يقول إذا رفع رأسَه من الركوع 846 - حدثنا محمدُ بنُ عيسى، حدثنا عبدُ الله بن نُمَير وأبو معاويةَ ووكيع ومحمد بن عُبَيدِ، كلهم عن الأعمش، عن عُبَيد بن الحسن قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، ُهشيم قد صرَّح بسماعه عند البخاري. خالد: هو ابن مِهْران الحَذاء. وأخرجه البخاري (823)، والترمذي (286)، والنسائي في "الكبرى" (742) من طريق هشيم، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وانظر سابقيه. (¬2) إسناده صحيح. ابن جريج: اسمه عبد الملك بن عبد العزيز، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي. وأخرجه مسلم (536)، والترمذي (282) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2853). وانظر التعليق على حديث عائشة السالف برقم (783).

سمعتُ عبدَ الله بن أبى أوْفَى يقول: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - إذا رَفَعَ رأسَه من الركوعِ يقول: "سَمعَ اللهُ لمن حَمِده، اللهمَ رَبّنا لك الحمدُ ملءَ السماواتِ ومِلءَ الأرضِ، ومِلءَ ما شئتَ من شيءِ بَعدُ" (¬1). قال أبو داود: قال سفيانُ الثَّوري وشعبةُ بن الحَجّاج، عن عُبيدٍ أبي الحسن: هذا الحديثُ ليس فيه"بعدَ الركوع"، قال سفيان: لَقِينا الشيخَ عبيداً أبا الحسن بعدُ فلم يقل فيه: "بعدَ الركوعِ". ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. محمد بن عيسى: هو ابن نجيح البغدادي ابن الطباع، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه مسلم (476) (202)، وابن ماجه (878) من طريق الأعمش، عن عبيد ابن الحسن، به. وهو في "مسند أحمد" (19104) من هذا الطريق. وأخرجه مسلم (476) (203) من طريق شعبة بن الحجاج، عن عبيد بن الحسن، عن ابن أبي أوفى قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو بهذا الدعاء: "اللهم ربنا ... " إلخ. ولم يذكر فيه شعبة أنه كان بعد الركوع في الصلاة، وتابعه على ذلك سفيان الثوري فيما سيذكره عنه المصنف، ومسعر عند أحمد (19105). وتابع الأعمش على روايته: قيس بن الربيع عند الطيالسي (817) والطبرانى في "الدعاء" (562)، وبكر بن وائل عند الطبرانى (563)، والعلاء بن صالح عنده أيضاً (566). وأخرجه مسلم (476) (204) من طريق شعبة، عن مجزأة بن زاهر، عن ابن أبى أوفى. ولم يذكر فيه الصلاة، وزاد في آخره: " اللهم طهّرنى بالثلج والبَرَد والماء البارد، اللهم طهّرني من الذنوب والخطايا كما ينقّى الثوب الأبيض من الوسخ". وهو في "مسند أحمد" (19118)، و" صحيح ابن حبان" (956). ويشهد للحديث من رواية الأعمش: حديث أبي سعيد، وهو التالي عند المصنف. وحديث ابن عباس عند مسلم (478). وحديث علي عند مسلم أيضاً (771).

قال أبو داود: ورواه شعبةُ عن أبي عِصمةَ عن الأعمش عن عُبَيدٍ قال: "بعدَ الركوعِ" (¬1). 847 - حدثنا مُؤَمَّل بن الفضل الحَرَّاني، حدَثنا الوليدُ (ح) وحدَّثنا محمودُ بن خالد، حدَثنا أبو مُسهِر (ح) وحدَّثنا ابنُ السرح، حدثنا بِشر بن بكر (ح) وحدَّثنا محمدُ بن مُصعَب، حدثنا عبد الله بن يوسفَ، كلهم عن سعيدِ بن عبد العزيزِ، عن عَطيَّه بن قيس، عن قزَعةَ بن يحيى عن أبي سعيدٍ الخُدْري: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كان يقولُ حين يقول: "سَمِعَ الله لمن حَمِدَه: اللهم ربنا لك الحمدُ مِلْءَ السماءِ- قال مؤمَّل: مِلءَ السماواتِ- ومِلءَ الأرضِ ومِلءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ، أهلَ الثناءِ والمَجدِ، أحقُّ ما قال العبدُ، وكلُّنا لك عَبدٌ، لا مانعَ لما أعطَيتَ - زاد محمود: ولا مُعطِيَ لما مَنَعتَ، ثم اتفقوا- ولا يَنفَعُ ذا الجَد منكَ الجَد" (¬2). ¬

_ (¬1) ذكر هذا الطريق أحمد في "مسنده" (19119) عن محمد بن جعفر، عن شعبة، به. وأبو عصمة: هو نوح بن أبى مريم المعروف بنوح الجامع، وهو متهم بالكذب. (¬2) إسناده قوي. الوليد: هو ابن مسلم، وأبو مُسهِر: هو عبد الأعلى بن مسهر. وأخرجه مسلم (477)، والنسائي في "الكبرى" (659) من طريق سعيد بن عبد العزيز، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (11828)، و "صحيح ابن حبان" (11828). قوله: "أهل الثناء والمجد" قال في "عون المعبود": بالنصب على النداء، أي: يا أهل الثناء، هذا هو المشهور، وجوّز بعضهم رفعه على تقدير: أنت أهل الثناء، والمختار النصب، والثناء: الوصف الجميل والمدح، والمجد: العظمة ونهاية الشرف.

قال بِشْر: "ربنا لك الحمدُ" لم يقل: "اللهمَّ"، لم يقل محمودٌ: "اللهمَّ" قال: "ربنا ولك الحمدُ". 848 - حدثنا عبد الله بن مَسلمة، عن مالكٍ، عن سُمَىّ، عن أبي صالح السَّمّان عن أبي هريرة، أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا قال الإمامُ: سَمعَ الله لمن حَمِدَه، فقولوا: اللهمَّ ربنا لكَ الحمدُ، فإنه مَن وافقَ قولُه قولَ الملائكةِ، غُفِرَ له ما تَقدمَ من ذنْبِه" (¬1). 849 - حدَثنا بِشر بن عمّارٍ، حدَثنا أسباط، عن مُطرِّف ¬

_ = وقوله: "ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجدُّ" المشهور فيه فتح الجيم، هكذا ضبطه العلماء المتقدمون والمتأخرون، وهو الصحيح، ومعناه الحظ والغنى والعظمة والسلطان، أي: لا ينفع ذا الحظ في الدنيا بالمال والولد والعظمة والسلطان منك حظّه، أي: لا ينجيه حظه منك وإنما ينفعه وينجيه العمل الصالح، كقوله تعالى: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا (46)} [الكهف: 46] والله تعالى أعلم. (¬1) إسناده صحيح. أبو صالح السمان: اسمه ذكوان. وهو في "موطأ مالك" 1/ 88، ومن طريقه أخرجه البخاري (796)، و (3228)، ومسلم (409)، والترمذي (266)، والنسائي في " الكبرى" (654). وأخرجه مسلم (409) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، به. وأخرجه أيضاً (416) من طريق أبي علقمة، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (9923)، و" صحيح ابن حبان" (1907) و (1911). وأخرجه دون قوله: "فإنه من وافق قوله ... " إلخ: البخاري (722) و (734)، ومسلم (414) و (415) و (417)، وابن ماجه (846) و (1239)، والنسائي في "الكبرى" (995) من طرق عن أبي هريرة. وانظر ما سلف عند المصنف برقم (603).

144 - باب الدعاء بين السجدتين

عن عامرٍ قال: لا يقَول القومُ خلفَ الإمام: "سمع اللهُ لمن حَمِدَه"، ولكن يقولون: "ربِّنا لك الحمدُ" (¬1). 144 - باب الدعاء بين السجدتين 850 - حدثنا محمدُ بن مسعود، حدثنا زيد بن الحُبَاب ,حدَثنا كامل أبو العلاء, حدَثني حَبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباسٍ: كان النبي- صلى الله عليه وسلم -يقول بين السَّجدتينِ: "اللهمَّ اغفِر لي، وارحَمني، وعافِني، واهدِني، وارزُقني" (¬2). 145 - باب رفع النساءِ إذا كنَّ مع الرجال (¬3) رؤوسهنّ من السجدة 851 - حدثنا محمد بن المتوكل العسقَلاني، حدثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمر، عن عبد الله بن مسلم أَخي الزهْريٌ، عن مولى لأسماءَ ابنةِ أبي بكر ¬

_ (¬1) صحيح عن عامر: وهو ابن شراحيل الشعبي، من أئمة التابعين، وأسباط: هو ابن محمد القرشى مولاهم، ومطرف: هو ابن طريف. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 1/ 253 عن محمد بن فضيل، عن مطرِّف، عن عامر. (¬2) إسناده حسن، كامل أبو العلاء- وهو كامل بن العلاء التميمي- صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه ابن ماجه (898)، والترمذى (283) و (284) من طريق كامل أبي العلاء، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2895). وفي الباب عن حذيفة: أن النبي- صلى الله عليه وسلم -كان يقول بين السجدتين: رب اغفر لي، رب اغفر لى. وسيأتي عند المصنف برقم (874). (¬3) في (أ) ونسخة على هامش (ج): مع الإمام.

146 - باب طول القيام من الركوع، وبين السجدتين

عن أسماءَ بنت أبى بكرِ قالت: سمعتُ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -يقول: "منَ كان مِنكنّ يؤمنُ بالله واليومٍ الآخرِ، فلا تَرفَع رأسَها حتى يرفعَ الرجالُ رؤوسَهم" كراهيةَ أن يَرَين من عَوراتِ الرجال (¬1). 146 - باب طول القيام من الركوع، وبين السجدتين 852 - حدَثنا حفصُ بن عمرَ، حدثنا شعبةُ، عن الحَكَم، عن ابن أبى ليلى عن البَرَاءِ: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كان سجودُه وركوعُه وما بينَ السجدتينِ، قريباً من السَّواءِ (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام مولى أسماء، وقد ترجم له الحافظ المزي فى المبهمين من الرجال من "تهذيب الكمال" وقال: إن لم يكن عبد الله بن كيسان، فلا أدري من هو. قلنا: وعبد الله بن كيسان هذا ثقة، وقد وقع فى بعض مصادر الحديث: عن مولاة لأسماء! وهو فى "مصنف عبد الرزاق" (5109)، ومن طريقه أخرجه أحمد (26947)، والطبرانى في "الكبير" 24/ (260)، والبيهقي 2/ 241. والحديث قد اختُلف في إسناده، انظر تفصيل ذلك فى تخريج الحديث في "مسند أحمد" (26947). وله شاهد من حديث سهل بن سعد عند البخاري (362)، ومسلم (441). وآخر من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد (14123)، وسنده حسن فى المتابعات والشواهد. وثالث من حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد (10994)، وسنده حسن في المتابعات والشواهد. (¬2) إسناده صحيح. حفص بن عمر: هو ابن الحارث بن سخبرة أبو عمر الحوضي، والحكم: هو ابن عُتيبة، وابن أبي ليلى: هو عبد الرحمن. وأخرجه البخاري (792) و (801) و (820)، ومسلم (471) (194)، والترمذي (278)، والنسائي فى "الكبرى" (656) و (738) من طريق الحكم، بهذا الإسناد. =

853 - حدثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَثنا حماد، أخبرنا ثابت وحُمَيد عن أنس بن مالكٍ، قال: ما صَليتُ خلفَ رجلٍ أَوجَزَ صلاةً من رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في تَمَامٍ، وكان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -إذا قال: "سَمِعَ اللهُ لمن حَمِدَه" قام حتى نقولَ: قد أوهَمَ، ثم يُكبرُ ويَسجُدُ، وكان يَقعُدُ بين السجدتينِ حتى نقولَ: قد أوهم (¬1). 854 - حدَثنا مُسدَد وأبو كامل - دخل حديثُ أحدهما في الآخَر - قالا: حدَثنا أبو عَوَانةَ، عن هلالِ بن أبي حُمَيد، عن عبدِ الرحمن بن أبي ليلى ¬

_ = وسيأتي عند المصنف برقم (854) من طريق هلال بن أبى حُميد، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، به. وهو في "مسند أحمد" (18469)، و" صحيح ابن حبان" (1884). (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البُنَاني، وحميد: هو ابن أبى حميد الطويل. وأخرجه مسلم (473) من طريق بهز بن أسد، عن حماد بن سلمة، عن ثابت وحده، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (13577). وأخرجه البخاري (800) و (821)، ومسلم (472) من طريقين عن ثابت، عن أنس- ولم يذكرا فيه الإيجاز في صلاة النبي- صلى الله عليه وسلم -. وانظر تخريج قصة الإيجاز في الصلاة في "مسند أحمد" برقم (11967)، و"صحيح ابن حبان" (1759). قوله: "قد أَوهمَ" قال في" عون المعبود": على صيغة الماضي المعلوم، وقيل: مجهول، في "الفائق": أَوهمت الشىء َ: إذا تركته، وأوهمت في الكلام والكتاب: إذا أسقطت معه شيئاً، ذكره الطيبي، يعني كان يلبث في حال الاستواء من الركوع زماناً نظن أنه أسقط الركعة التي ركعها وعاد إلى ما كان عليه من القيام. قال ابن الملك: ويقال: أَوهمتُه: إذا أوقعه في الغلط، وعلى هذا يكون على صيغة الماضي المجهول، أي: أُوقعَ عليه الغلط ووقف سهواً، وقال ابن حجر: أي: أُوقع فى وهم الناس، أى: ذهنهم، أنه تركها.

147 - باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

عن البَرَاء بن عازبٍ قال: رَمَقتُ محمداً- صلى الله عليه وسلم - وقال أبو كامل: رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاةِ فوَجَدتُ قيامَه كرَكعتِه وسَجدتِه، واعتدالَه في الركعةِ كسَجْدتِه، وجَلْستَه بين السجدتينِ وسجدتَه ما بين التسليمِ والانصرافِ قريباً من السَّواءِ (¬1). قال أبو داود: قال مُسدَد: فركعتَه واعتدالَه بين الركعتينِ (¬2)، فسجدتَه فجَلستَه بين السجدتين، فسجدتَه فجلسته بين التسليم والانصراف قريباً من السواء. 147 - باب صلاة من لا يقيم صُلبَه في الركوع والسجود 855 - حدثنا حفصُ بن عمر النَّمَريُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن سليمانَ، عن عُمَارةَ بن عُمَير، عن أبي مَعْمَر ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو كلامل: هو فضيل بن حسين الجَحدري، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليَشكُري. وأخرجه مسلم (471) (193) عن حامد بن عمر البكراوي وأبي كامل الجحدري، والنسائي في "الكبرى" (1256) من طريق عمرو بن عون، ثلاثتهم عن أبي عوانة، بهذا الإسناد. وفي آخره عندهم: فسجدته فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء. بزيادة لفظ "فجلسته"، وهو الصواب، وهي كذلك في حديث مسدد عن أبي عوانة عند المصنف، وما وقع عنده من حديث أبي كامل الجحدري بإسقاطها فغلط، وكذلك إدخال الكاف على ركعته وسجدته، وكذلك ذكر سجدته بعد ركعته، فكلها وهمٌ فيه وسقوط وتجير بالتقديم والتأخير والزيادة والنقصان، ولعل ذكر أبو داود حديث مسدَّد بعد هذا إشارة إلى وهم رواية أبي كامل. قاله صاحب "بذل المجهود". والحديث في "مسند أحمد" (18598). وسلف نحوه مختصراً عند المصنف برقم (852). (¬2) المراد بالركعتين الركوع والسجود، وإطلاق الركوع على السجود هنا من باب التغليب.

عن أبي مسعودٍ البَدْري، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لا تُجزئُ صلاةُ الرجلِ حتى يُقيمَ ظهرَه في الركوعِ والسجود" (¬1). 856 - حدَثنا القَعنبيُّ، حدَثنا أنس - يعني ابنَ عياض (ح) وحدَثنا ابنُ المثنى، حدَثنا يحيى بنُ سعيد، عن عُبَيد الله- وهذا لفظُ ابن المثنى- حدثني سعيدُ بن أبي سعيد، عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ المسجدَ، فدخل رجل فصَلَّى، ثم جاء فسَلَّم على رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فرَد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -عليه السلامَ وقال: "ارجِعْ فصَلَّ، فإنَك لم تُصل"، فرجع الرجلُ فصَلَّى كما كان صَلَى، ثم جاءَ إلى النبى- صلى الله عليه وسلم -فسَلمَ عليه، فقال له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "وعليكَ السَّلامُ" ثم قال: "ارجِع فصَل، فإنكَ لم تُصل" حتى فَعَلَ ذلك ثلاثَ مِرَارٍ، فقال الرجلُ: والذي بَعَثَك بالحقِّ ما أُحسِنُ غيرَ هذا، فعَلِّمْني. قال: "إذا قُمتَ إلى الصلاةِ فكَبر، ثم اقرَأْ ما تَيسَرَ معكَ من القرآنِ، ثم اركَع حتى تَطمئِنَّ راكعاً، ثم ارفَع حتى تَعتدِلَ قائماً، ثم اسجُدْ حتى تَطمئِنَّ ساجداً، ثم اجلِس حتَى تَطمئِن جالساً، ثم افعَل ذلك في صلاتِكَ كُلها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سليمان: هو ابن مهران الأعمش، وأبو معمر: هو عبد الله ابن سخبرة. وأخرجه ابن ماجه (870)، والترمذي (264)، والنسائي في "الكبرى" (703) و (1101) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (17073)، و"صحيح ابن حبان" (1892) و (1893). قوله: "حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود" المراد به الطمأنينة فيهما. (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قَعْنَب، وابن المثنى: هو =

قال القَعنبي: عن سعيد بن أبي سعيدِ المَقبُري عن أبي هريرة، وقال في آخره: "فإذا فعلتَ هذا فقد تَمَّتْ صلاتُك، وما انتَقَصتَ من هذا فإنما انتقَصْتَه من صلاتِك" وقال فيه: "إذا قمتَ إلى الصلاة فأسبِغِ الوضوءَ". 857 - حدثنا موسى بن إسماعيلَ، حدثنا حماد، عن إسحاقَ بن عبد الله ابن أبي طَلْحةَ، عن علي بن يحيى بن خَلاد عن عمه: أن رجلاَ دخل المسجدَ، ذكر نحوه، قال فيه: فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "إنه لا تَتِمُ صلاة لأحدِ من الناس حتَى يَتَوضأ فيَضَعَ الوضوءَ- يعني- مَواضِعَه، ثم يكبرَ ويَحمَدَ الله عز وجل ويُثْنيَ عليه، ويَقرأَ بما شاء من القرآنِ ثم يقولَ: الله أكبرُ، ثم يَركَعَ حتى تَطمئِنَّ مَفاصلُه، ثم يقولَ: سمع الله لمن حَمِدَه، حتى يستويَ قائماً، ثم يقولَ: الله كبرُ، ثم يسجدَ حتى تَطمئِن مَفاصلُه، ثم يقولَ: الله كبرُ ويرفعَ رأسَه حتى يستويَ قاعداً، ثم يقولَ: الله أكبرُ، ثم يسجدَ ¬

_ = محمد بن المثنى أبو موسى الزمِن، ويحيى بن سعيد: هو القَطّان، وعبيد الله: هو ابن عمر العُمَري، وسعيد بن أبي سعيد: هو المقبري. وأخرجه البخاري (757) و (793)، ومسلم (397) (45)، والترمذي (303)، والنسائي فى "الكبرى" (960) من طريق يحيي بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6251) و (6667)، ومسلم (397) (46)، وابن ماجه (1060)، والترمذي (2887) من طريق عبد الله بن نمير وأبي أسامة، كلاهما عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة. بإسقاط أبي سعيد من إسناده كرواية القعنبي عن أنس بن عياض، ولا يضر ذلك فكلاهما - سعيد وأبوه - سمع من أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (9635)، و"صحيح ابن حبان" (1890).

حتى تطمئنَّ مَفاصلُه، ثم يرفعَ رأسَه فيُكبّرَ، فإذا فَعَلَ ذلك تمَّتْ صلاتُه" (¬1). 858 - حدثنا الحسنُ بن عليّ، حدثنا هشامُ بن عبد الملك والحَجاج بن مِنْهال، قالا: حدثنا هَمام، حدَّثنا إسحاقُ بن عبدِ الله بن أبي طَلحة، عن عليَّ ابن يحيى بن خَلاد، عن أبيه عن عمّه رِفَاعة بن رافعٍ، بمعناه، قال: فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "إنها لا تَتِمُ صلاةُ أحدِكم حتى يُسبغَ الوضوءَ كما أَمَر الله تعالى، فيَغسِلَ وجهَه ويديه إلى المِرفقينِ، ويمسحَ برأسه ورِجْليه إلى الكَعبينِ، ثم يكبرَ الله عز وجل ويَحمَدَه، ثم يقرأَ من القرآن ما أُذِنَ له فيه وتَيسَّرَ" فذكر نحو حمادٍ، قال: "ثم يكبّرَ فيسجدَ فيُمكنَ وجهَه - قال همام: وربما قال: جبهتَه- من الأرض حتى تطمئن مَفاصِلُه وتسترخي، ثم يُكبّرَ فيستويَ قاعداً على مقعده ويقيمَ صُلْبَه- فوَصَفَ الصلاةَ هكذا أربعَ رَكعاتٍ حتى فَرغَ-: لا تَتِمُ صلاةُ أحدِكم حتى يفعلَ ذلك" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناده رجاله ثقات، لكن اختُلف فيه على علي بن يحيى بن خلاد كلما هو مبين في التعليق على الحديث (18995) من "مسند أحمد" بتحقيقنا. موسى بن إسماعيل: هو التبُوذكي أبو سلمة، وحماد: هو ابن سلمة، وعمُّ علي ابن يحيى: هو رفاعة بن رافع أبو معاذ الأنصاري، من أهل بدر رضي الله عنه. وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. هشام بن عبد الملك: هو أبو الوليد الطيالسي، وهمام: هو ابن يحيى العَوذي.

859 - حدثنا وَهْبُ بن بقِيةَ، عن خالد، عن محمد- يعني ابنَ عَمرو- عن علي بن يحيى بن خَلاد، عن رِفاعةَ بن رافع، بهذه القصة قال: "إذا قمتَ فتوَجَّهتَ إلى القِبلة فكبر،؛ ثم اقرأ بأُمِّ القرآن وبما شاءَ الله أن تَقرأَ، وإذا ركعتَ فضَعْ راحتَيكَ على رُكبتيكَ وامدُد ظَهْرَك"، وقال: "إذا سجدتَ فمكَّنْ لسجودِك، فإذا رفعتَ فاقعُد على فَخِذِكَ اليُسْرى" (¬1). 860 - حدثنا مؤملُ بن هشامٍ، حدَثنا إسماعيلُ، عن محمد بن إسحاقَ، حدثني عليُّ بن يحيى بن خَلاد بن رافع، عن أبيه عن عمَّه رِفاعةَ بن رافعِ، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -بهذه القصة، قال: "إذا أنتَ قُمتَ في صلاتِكَ فكَبرِ اللهَ عز وجل، ثم اقرَأ ما تيَسرَ عليك من القرآنِ" وقال فيه: "فإذا جلستَ في وَسَطِ الصلاة فاطمَئِنَّ وافترِش فَخِذَك ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه مختصراً (460)، والنسائي (1136) من طريق همام، بهذا الإسناد- واقتصر ابن ماجه على أوله إلى قوله: "ورجليه إلى الكعبين". وأخرجه بنحوه النسائي في "الكبرى" (644) و (1237) من طريق محمد بن عجلان، و (1238) من طريق داود بن قيس، كلاهما عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمِّه. وانظر ما قبله والأحاديث الآتية بعده. وهو في "مسند أحمد" (18995) و (18997)، و"صحيح ابن حبان" (1787). (¬1) صحيح، وسنده مختلف فيه على علي بن يحيى بن خلاد كما سبقت الإشارة إليه عند الحديث (857). محمد بن عمرو- وهو ابن علقمة بن وقاص الليثى - صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان. وأخرجه أحمد (18995) عن يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو، به. وانظر ما قبله.

اليسرى، ثم تَشهَّد، ثم إذا قمتَ فمثلَ ذلك حتى تَفرُغَ من صلاتِكَ" (¬1). 861 - حدثنا عَبَّادُ بن موسى الخُتَّليُّ، حدثنا إسماعيل - يعني ابنَ جعفر- أخبرني يحيى بنُ عليِّ بنِ يحيي بن خَلّاد بن رافع الزُّرَقي، عن أبيه، عن جده عن رِفاعةَ بن رافع: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -ِ، فقصَّ هذا الحديث، قال فيه: "فتوضأ كما أَمرَكَ الله، ثم تَشهَّد فأقِم، ثم كَبِّرْ، فإن كان معك قرآن فاقرأْ به، وإلا فاحمَدِ الله عز وجل وكبرْه وهَلله", وقال فيه: "وإن انتَقَصتَ منه شيئاً انتَقَصتَ من صلاتِك" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن، محمد بن إسحاق صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. إسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مفسم المعروف بابن عُليَّة. وأخرجه الطبراني في"الكبير" (4528)، والبيهقي 2/ 133 - 134 من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله وما بعده. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يحيى بن علي بن يحيى، فلم يرو عنه غير إسماعيل بن جعفر ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وجهَّله الذهبى في "الميزان"، وقال ابن القطان الفاسي في"بيان الوهم والإيهام" 5/ 30: لا تعرف له حال. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1643) وابن خزيمة (545) من طريق إسماعيل ابن جعفر، حدثنا يحيى بن علي بن يحيي بن خلاد بن رافع الزرقي، عن أبيه، عن جده رفاعة. وأخرجه الترمذي (302) عن علي بن حجر، عن إسماعيل بن جعفر، عن يحيى ابن علي بن يحيى، عن جدِّه، عن رفاعة بن رافع. فجعله من رواية يحيى بن علي عن جده لا عن أبيه. وقال: حديث رفاعة بن رافع حديث حسن. ويشهد له حديث ابن أبي أوفى عند أحمد (19110) قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني لا أستطيع آخذ شيئاً من القرآن فعلمني ما يجزئني، قال: "قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله" وسنده حسن في المتابعات.

862 - حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ، حدثنا الليثُ، عن يزيد بن أبي حبيبٍ، عن جعفر بن الحكم (ح) وحدثنا قتيبةُ، حدثنا الليثُ، عن جعفر بن عبد الله الأنصاري، عن تميم ابن محمودٍ عن عبد الرحمن بنِ شبل، قال: نهى رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - عن نَقرة الغُراب، وافتراشِ السَّبُعِ، وأن يُوطِنَ الرجلُ المكانَ في المسجد كما يُوطِنُ البعيرُ (¬1). هذا لفظ قُتيبةَ. 863 - حدثنا زهير بن حَربِ، حدثنا جَرِير، عن عطاءِ بن السائب، عن سالم البَرَّاد قال: ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة تميم بن محمود. جعفر بن الحكم: هو جعفر بن عبد الله بن الحكم الأنصاري. وأخرجه ابن ماجه (1429)، والنسائي في "الكبرى" (700) من طريقين عن جعفر ابن عبد الله، به. وهو في "مسند أحمد" (15532)، و "صحيح ابن حبان" (2277). وفي الباب عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه: أن رسول الله ... الخ، عند أحمد (23758)، وإسناده ضعيف، والصواب أنه يرجع إلى حديث عبد الحميد بن جعفر عن أبيه، كما هو مبيّن في موضعه من "المسند". قوله: "عن نقرة الغراب" يريد المبالغة في تخفيف السجود وأنه لا يمكث فيه إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله. "وافتراش السَّبعُ" هو أن يضع ساعديه على الأرض في السجود. "وأن يوطن الرجلُ المكانَ .... " هو أن يألف مكانا معلوما من المسجد لا يصلي إلا فيه، كالبعير لا يأوي من عَطَنه إلا إلى مَبرك دمث قد أوطنه واتخذه مناخاً لا يبرك إلا فيه.

148 - باب قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه"

أَتينا عُقبةَ بن عمرِو الأنصاري أبا مسعودٍ فقلنا له: حدثْنا عن صلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. فقام بين أيدينا في المسجدِ، فكبّر، فلما ركع وَضَعَ يديه على رُكبتيهِ، وجعل أَصابعَه أسفلَ من ذلك، وجافى بين مِرفقَيهِ، حتى استقرَّ كل شيء منه، ثم قال: سمع اللهُ لمن حَمِدَه، فقام حتى استقرّ كل شيء منه، ثم كَبّرَ وسجدَ ووضع كَفيهِ على الأَرض، ثم جافَى بين مِرفَقيهِ حتى استقرَّ كل شيء منه، ثم رفع رأسَه فجلس حتى استقر كل شيءٍ منه، ففعل مثلَ ذلك أيضاً، ثم صَلى أربعَ رَكعاتِ مثلَ هذه الركعة، فصَلّى صلاتَه، ثم قال: هكذا رأينا رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - يُصلّي (¬1). 148 - باب قول النبي- صلى الله عليه وسلم -: "كلُّ صلاة لا يتمّها صاحبها تُتَم من تطوُّعه" 864 - حدثنا يعقوبُ بن إبراهيمَ، حدثنا إسماعيلُ، حدثنا يونسُ، عن الحسن عن أنس بن حَكِيم الضَّبِّي قال: خاف من زيادِ (¬2) - أو ابنِ زيادِ- فأتى المدينةَ، فلقيَ أبا هريرة، قال: فنَسَبَني فانتَسَبتُ له، فقال: يا فتى، ألا أُحدِّثُك حديثاً؟ قال: قلتُ: بَلَى رَحِمَك الله- قال يونس: وأحسبُه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، جرير- وهو ابن عبد الحميد-وإن روى عن عطاء بن السائب بعد اختلاطه، فقد تابعه همام بن يحيى عند أحمد (17076) وهو ممن روى عن عطاء قبل الاختلاط فيما رجحه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" بإثر الحديث (161)، وزائدة بن قدامة عند النسائي (629) وهو ممن روى عنه قبل اختلاطه أيضاً. وأخرجه النسائي (628) و (630) من طرق عن عطاه بن السائب، به، وصححه ابن خزيمة (598). (¬2) أي: قال الحسن- وهو البصري-: خاف أنس بن حكيم من زياد.

ذكره عن النبي- صلى الله عليه وسلم -قال: "إنَّ أولَ ما يُحاسَبُ الناسُ به يومَ القيامة من أعمالهم الصلاةُ" قال: "يقول ربنا عز وجل لملائكتِه وهو أعلمُ: انظُروا في صلاةِ عَندي أتَمها أم نَقَصَها، فإن كانت تامّةَ كُتِبَت له تامَةَ، وإن كان انتَقَصَ منها شيئاً قال: انظُروا، هل لعَبدي من تَطوُّعٍ؟ فإن كان له تطوع قال: أتِمّوا لعَبدي فَرِيضتَه من تَطوُّعِه. ثم تُؤخَذُ الأعمالُ على ذاكُم" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح بطرقه وشواهده، وقد اختُلف في إسناده على الحسن- وهو البصري- اختلافا كثيراً فيما بينه الدارقطنى في "العلل" 8/ 244 - 248 ثم قال: وأشبهها بالصواب قول من قال: عن الحسن عن أنس بن حكيم عن أبي هريرة. قلنا: وأنس بن حكيم فيه جهالة، لكنه متابع. إسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم المعروف بابن عُليه، ويونس: هو ابن عبيد البصري. وهو في "مسند أحمد" (9494) عن إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1425) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن أنس بن حكيم، به. وهو عند أحمد (7902) من هذا الطريق، وعلي بن زيد ضعيف. وأخرجه الترمذي (415)، والنسائي في "الكبرى" (322) من طريق الحسن عن حريث بن قبيصة، والنسائي في "المجتبى" (466) من طريق الحسن عن أبي رافع، كلاهما عن أبي هريرة. وحسنه الترمذي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (321) من طريق حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن يحيي بن يَعمَر، عن أبي هريرة. وهذا سند صحيح، وهو في "مسند أحمد" (16614) من هذا الطريق إلا أنه لم يسم فيه صحابي الحديث. ويشهد له حديث تميم الداري الآتي عند المصنف برقم (866). وحديث أنس بن مالك عند أبي يعلى (3976)، ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (193)، وهو حسن في الشواهد. قوله: "فنَسَبَني" أي: سألني عن النسب وحملني على الانتساب "فانتسبتُ له" أي: ذكرته له.

149 - باب تفريع أبواب الركوع والسجود ووضع اليدين على الركبتين

865 - حدثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدثنا حَماد، عن حُمَيدٍ، عن الحسن، عن رجل من بني سَلِيط، عن أبي هريرةَ، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -بنحوه (¬1). 866 - حدَثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَثنا حَماد, عن داود بن أبي هند، عن زُرَارةَ بن أَوفى عن تَميم الداري، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -, بهذا المعنى، قال: "ثم الزكاةُ مثل ذلك، ثم تُؤخَذُ الأعمالُ على حَسَبِ ذلك" (¬2). 149 - باب تفريع أبواب الركوع والسجود ووَضع اليدين على الركبتين 867 - حدثنا حَفْص بن عمرَ، حدثنا شُعبة، عن أبي يَعُفورٍ عن مُصعَب بن سعْد، قال: صليتُ إلى جنبِ أبي، فجعلتُ يَديَّ بين رُكبتَيَّ، فنهاني عن ذلك، فعُدتُ، فقال: لا تَصنَعْ هذا، فإنا كلنا نفعلُه فنُهِينا عن ذلك، وأُمِرْنا أن نضعَ أيديَنا على الرُّكب (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح كسابقه، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة. حماد: هو ابن سلمة، وحميد: هو الطويل، والحسن: هو البصري. وأخرجه ابن ماجه (1426) من طريق عفان، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه ابن ماجه (1426) من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16951). (¬3) إسناده صحيح. أبو يعفور: اسمه وَقْدان، ويقال: واقد، العَبدي. وأخرجه البخاري (790)، ومسلم (535) (29)، والترمذي (258)، والنسائي في "الكبرى" (624) من طرق عن أبي يعفور، به. وأخرجه مسلم (535) (30) و (31)، وابن ماجه (873)، والنسائي (625) من طريق الزبير بن عَدِي، عن مصعب بن سعد، به. وهو في "مسند أحمد" (1570)، و"صحيح ابن حبان" (1882).

150 - باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

868 - حدثنا محمدُ بن عبد الله بن نُميرٍ، حدثنا أبو معاويةَ، حدثنا الأعمشُ، عن إبراهيمَ، عن عَلقمةَ والأسودِ عن عبد الله، قال: إذا ركع أحدُكم فليُفرِشْ ذراعَيهِ فَخِذَيه (¬1)، وليُطبُق بين كفّيه، فكأني أنظرُ إلى اختلافِ أصابعِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - (¬2). 150 - باب ما يقول الرجلُ في ركوعه وسجوده 869 - حدثنا الربيعُ بن نافع أبو تَوْبةَ وموسى بنُ إسماعيلَ- المعنى- قالا: حدثنا ابنُ المبارَك، عن موسى- قال أبو سلمة: موسى بن أيوب- عن عمّه عن عُقْبة بن عامرٍ، قال: لما نزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الواقعة: 74]،قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "اجعَلُوها في رُكوعِكم" فلما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] قال: "اجعَلُوها في سُجودِكم" (¬3). ¬

_ (¬1) هكذا في أصولنا الخطية، وهو منصوب بنزع الخافض، والتقدير: فليُفرِش ذراعيه على فخذيه، كما في رواية مسلم وغيره. (¬2) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي. وأخرجه مسلم (534)، والنسائي في "الكبرى" (620) و (621) و (800) و (801) من طريق إبراهيم النخعي، به. وهو في "مسند أحمد" (3588)، و"صحيح ابن حبان" (1875). وجمهور أهل العلم على أن التطبيق منسوخ بحديث سعد بن أبي وقاص السالف قبله. وانظر ما سلف برقم (747). (¬3) إسناده حسن من أجل عمِّ موسى بن أيوب واسمه: إياس بن عامر الغافقي، وباقي رجاله ثقات. موسى بن إسماعيل: هو أبو سلمة التبوذكي. =

870 - حدَثنا أحمدُ بن يونسَ، حدثنا الليثُ- يعني ابنَ سعد- عن أيوبَ ابن موسى، أو موسى بن أيوب، عن رجل من قومه عن عُقبة بن عامر، بمعناه، زاد قال: فكان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - إذا ركعَ قال: "سبحانَ ربيَ العظيمِ وبحَمْدِه" ثلاثاً، وإذا سجد قال: "سبحانَ ربَّيَ الأعلى وبحَمدِه" ثلاثًا (¬1). قال أبو داود: وهذه الزيادةُ نخاف أن لا تكونَ محفوظةً. 871 - حدَثنا حفص بن عمر، حدثنا شعبة، قال: قلت لسليمان: أدعو في الصلاة إذا مررتُ بآيةِ تَخَوُّفٍ؟ فحدثني عن سعد بن عُبيدة، عن مُستورد، عن صِلَةَ بن زُفَر ¬

_ = وأخرجه أبو داود (887) عن عمرو بن رافع البجلي، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وصححه ابن خزيمة (600) و (670)، وابن حبان (1898)، والحاكم 1/ 225 و477. وهو في "مسند أحمد" (17414). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده كسابقه، والرجل المبهم هو عم موسي بن أيوب المذكور في حديث ابن المبارك السالف، واسمه: إياس بن عامر الغافقي. وأخرجه البيهقي 2/ 86 من طريق المصنف بهذا الإسناد. ويشهد له حديث حذيفة عند البزار (2921)، والدارقطني (1292)، وحديث ابن مسعود عند الدارقطني أيضاً (1293)، وإسناد كل منهما ضعيف. وأخرج حديث عقبة بن عامر: الطبرانى في "الكبير" 17/ (890) من طريق عبد الله ابن صالح، عن الليث، به- ولم يذكر فيه لفظة "وبحمده". ويشهد له حديث ابن مسعود الآتي عند المصنف برقم (886)، وفي سنده مقال. ويشهد له دون التقييد بثلاث مرات حديث حذيفة الآتي بعده، وهو صحيح.

عن حذيفة: أنه صلّى مع النبي- صلى الله عليه وسلم -، فكان يقول في ركوعه: "سبحان ربِّي العظيم "، وفي سجوده: "سبحان ربي الأعلى"وما مرَّ بآيةِ رحمةٍ إلا وقفَ عندها، فسأل، ولا بآيةِ عذابٍ إلا وقفَ عندها، فتعوّذ (¬1). 872 - حدثنا مسلم بن إبراهيمَ، حدثنا هشامْ، حدَّثنا قتادةُ، عن مُطرِّف عن عائشة: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -كان يقولُ في سُجوده ورُكوعه: "سُبُّوحٌ قُدُّوس ربُّ الملائكة والرُّوح" (¬2). 873 - حدثنا أحمد بن صالح، حدَثنا ابن وَهْب، حدثنا معاويةُ بن صالح، عن عمرو بن قيس، عن عاصم بن حُميد عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: قمتُ مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ليلةً، فقام فقرأ سورةَ البقرة، لا يمرُّ بآَيةِ رحمةٍ إلا وقفَ فسأل، ولا ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سليمان: هو ابن مهران الأعمش، ومستورد: هو ابن شداد. وأخرجه مطولاً ومختصراً مسلم (772)، والترمذي (261) و (262)، والنسائى في "الكبرى" (638) و (723) و (1082) و (1583) و (1381)، وابن ماجه (1351) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (23240)، و"صحيح ابن حبان" (1897) و (2605). وأخرجه ابن ماجه (888) من طريق ابن لهيعة، عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أبي الأزهر، عن حذيفة. وزاد عند ذكر التسبيح: ثلاث مرات. وانظر ما سيأتي برقم (874). (¬2) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله سنبر الدستوائى، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، ومطرف: هو ابن عبد الله بن الشخير. وأخرجه مسلم (487)، والنسائى في "الكبرى" (640) و (724) و (7646) و (7676) و (11623) من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24063)، و"صحيح ابن حبان" (1899).

يمرُّ بآيةِ عذابٍ إلا وقفَ فتعوَّذ، قال: ثم ركع بقَدْر قيامه، يقول في ركوعه: "سُبحان ذي الجَبَروت والمَلَكوت والكِبرياء والعَظَمة" ثم سجد بقَدْر قيامه، ثم قال في سُجوده مِثلَ ذلك، ثم قام فقرأ بآل عِمران، ثم قرأ سورةً سورة (¬1). 874 - حدَثنا أبو الوليد الطيالسي وعلي بن الجَعد، قالا: حدَثنا شعبةُ، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي حمزة مولى الأنصار، عن رجل من بني عَبس عن حُذيفة: أنه رأى رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -يُصلي من الليل، فكان يقولُ: "الله أكبرُ- ثلاثاً- ذو المَلَكوت والجَبَروت والكِبرياء والعَظَمة " ثم استفتَحَ فقرأ البقرة، ثم ركع فكان ركوعُه نحواً من قيامه، وكان يقولُ في ركوعه: "سُبحان ربي العظيم، سُبحان ربي العظيم" ثم رفع رأسَه من الركوع فكان قيامُه نحواً من قيامه، يقول: "لربِّيَ الحمدُ" ثم سجد فكان سُجوده نحواً من قيامه، فكان يقولُ في سُجوده: "سُبحان ربي الأعلى" ثم رفع رأسَه من السُّجود، وكان يقعُدُ فيما بين السَّجْدتين نحواً من سُجوده، وكان يقولُ: "رب اغفِر لي، ربً أغفِرْ لي" فصلَّى أربعَ ركعات، فقرأ فيهن البقرةَ، وآلَ عِمرانَ، والنساء" والمائدةَ أو الأنعام، شك شعبةُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل معاوية بن صالح وعاصم بن حميد، وباقي رجاله ثقات. ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه النسائى في "المجتبى" (1049) وفي "الكبرى" (722) من طريق الليث ابن سعد، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. وروايته في الموضع الأول مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (23980). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد فيه أبو حمزة مولى الأنصار- واسمه طلحة بن =

151 - باب الدعاء في الركوع والسجود

151 - باب الدعاء في الركوع والسجود 875 - حدثنا أحمد بن صالح وأحمد بن عمرو بن السرح ومحمد بن سلمةَ، قالوا: حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو- يعني ابن الحارث-، عن عُمارة بن غَزيّة، عن سُميَّ مولىَ أُبى، أنه سمع أبا صالح ذكوان يحدث عن أبي هريرة، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "أقربُ ما يكون العبدُ من ربّه وهو ساجد، فأكثِروا الدعاءَ". (¬1) 876 - حدَثنا مُسدَّد حدثنا سفيانُ، عن سليمان بن سُحَيم، عن إبراهيم ابن عبد الله بن مَعبد، عن أبيه عن ابن عباس: أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -كشف الستارة والناسُ صفوف خلفَ أبي بكر، فقال: "يا أيها الناسُ، إنه لم يبقَ من مُبشراتِ النُّبوّة ¬

_ = يزيد- لم يرو عنه غير عمرو بن مرة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، والرجل المبهم يشبه أن يكون صلة بن زفر كما قال النسائى في" الكبرى" بإثر الحديث (1382). وأخرجه النسائى في "الكبرى" (660) و (735) و (1383) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (1083) و (1382) من طريق العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن طلحة بن يزيد أبي حمزة، عن حذيفة. لم يذكر الرجل من بني عبس. وهو في "مسند أحمد" (23375). وأخرجه مسلم (772) من طريق صلة بن زفر، عن حذيفة. وقد سلف الحديث من هذه الطريق مختصراً برقم (871). (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (482)، والنسائي في" الكبرى" (727) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9461).

إلا الرؤيا الصَّالحةُ يراها المسلم أو تُرى له، وإنّي نُهيتُ أن أقرأ راكعاً أو ساجداً، فأما الركوعُ، فعظّموا الرب فيه، وأما السجودُ، فاجتهدوا في الدعاء، فقَمِنٌ أن يُستجابَ لكم" (¬1). 877 - حدثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَثنا جرير، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروقٍ عن عائشة قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يكثِرُ أن يقولَ في ركوعه وسُجوده: "سُبحانك اللهم ربنا وبحمدِكَ، اللهم اغفِر لي" يتأوَّلُ القرآنَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه مسلم (479)، والنسائي (637) و (711) و (7576) من طريقين عن سليمان بن سحيم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1900)، و"صحيح ابن حبان " (1896) و (1900). وأخرجه مختصراً إلى قوله: "أو تُرى له" ابن ماجه (3899) من طريق سفيان بن عيينة، به. قوله: "لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة" المبشرات بكسر الشين جمع مبشرة وهي البشرى، وقد ورد في قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس: 64] هي الرؤيا الصالحة. أخرجه الترمذي وابن ماجه. والمعنى: لم يبق بعد النبوة المختصة بي إلا المبشرات، ثم فسرها بالرؤيا. وقال ابن التين: معنى الحديث أن الوحي ينقطع بموتي، ولا يبقى ما يعلم منه ما سيكون إلا بالرؤيا والتعبير بالمبشرات خرج للأغلب، فإن من الرؤيا ما تكون منذرة وهي صادقة يُريها الله للمؤمن رفقاً به ليستعد لما يقع قبل وقوعه. قوله: "فقَمِن" بفتح الميم وكسرها، أي: خليق وجدير. (¬2) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو الضحى: هو مسلم بن صبيح، ومسروق: هو ابن الأجدع. =

878 - حدَثنا أحمدُ بن صالحِ، حدثنا ابنُ وهب (ح) وحدثنا أحمد بن السرح، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يحيى بن أيوب، عن عُمارة بن غَزية، عن سُمَيّ مولى أبي بكر، عن أبي صالح عن أبي هريرة: أن النبي- صلى الله عليه وسلم -كان يقولُ في سُجوده: "اللهمَّ اغفِر لي ذنبي كلَه: دِقَّه وجِلَّه، وأولَه وآخرَه" زاد ابنُ السَّرْح: "علانيته وسِرَه" (¬1). 879 - حدَثنا محمدُ بن سليمانَ الأنباريُ، حدَثنا عَبدةُ، عن عُبيد الله، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة ¬

_ = وأخرجه البخاري (794)، ومسلم (484) (217)، والنسائى فى "الكبرى" (639) و (713) و (720)، وابن ماجه (889) من طرق عن منصور، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24163)، و"صحيح ابن حبان" (1929) و (1930). وأخرجه البخاري (4967)، ومسلم (484) (219) من طريقين عن الأعمش، عن أبي الضحى، به، بلفظ: ما صلى النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -صلاة بعد أن أنزلت عليه {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إلا أن يقول فيها: ... فذكره. وأخرجه مسلم (484) (218) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به، بلفظ: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم -يكثر أن يقول قبل أن يموت: "سبحانك اللهم وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك" قالت: قلت: يا رسول الله، ما هذه الكلمات التي أراك أحدثتها تقولها؟ قال: "جعلت لي علامة في أمتي إذا رأيتها قلتها {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} إلى آخر السورة. وأخرجه مسلم (484) (220) من طريق الشعبي، عن مسروق، به، بلفظ أبي معاوية. ويتأول القرآن: معناه يفعل ما أمر به، والمراد بالقرآن بعضه، وهو قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ}. (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه مسلم (483) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1931). قوله: "دِقة وجِله" أي: صغيره وكبيره.

152 - باب الدعاء في الصلاة

عن عائشة قالت: فقدتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - ذاتَ ليلةِ فلمستُ المسجدَ فإذا هو ساجد وقَدَماه منصوبتان وهو يقول: "أعوذُ برِضاكَ من سَخَطِكَ، وأعوذ بمعافاتِكَ من عُقوبَتِكَ، وأعوذُ بك منك، لا أُحصي ثناءَعليك، أنت كما أثنيتَ على نفسِك" (¬1). 152 - باب الدعاء في الصلاة 880 - حدَثنا عَمرو بن عُثمان، حدَثنا بقيةُ، حدثنا شعيب، عن الزُّهري، عن عُروة أن عائشة أخبرتْه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كان يدعو في صلاته: "اللهمَ إني أعوذُ بك من عذاب القبر، وأعوذُ بك من فِتنةِ المسيحِ الدجَّال، وأعوذُ بك من فِتنةِ المحيا والممات، اللهمَ إني أعوذُ بك من المَأثَم ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبدة: هو ابن سليمان الكلابي، وعبيد الله: هو ابن عمر العمري، وعبد الرحمن الأعرج: هو ابن هرمز. وأخرجه مسلم (486)، والنسائى فى "الكبرى" (158) و (691) و (7701)، وابن ماجه (3841) من طريق عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24312) و (25655)، و"صحيح ابن حبان" (1932). وأخرجه الترمذي (3799) و (3800)، والنسائي (719) من طريق محمد بن إبراهيم، والنسائي (7920) من طريق مسروق، كلاهما عن عائشة، ومحمد بن إبراهيم لم يسمع من عائشة. قال الخطابي: في هذا الكلام معنى لطيف وهو أنه قد استعاذ بالله وسأله أن يجيره برضاه من سخطه، وبمعافاته من عقوبته، والرضا والسخط ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة والمؤاخذة بالعقوبة، فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له وهو الله سبحانه تعالى استعاذ به منه لا غير. ومعنى ذلك الاستغفار من التقصير من بلوغ الواجب من حق عبادته والثناء عليه، وقوله: "لا أحصي ثناء عليك" أي: لا أطيقه ولا أبلغه.

والمَغْرَم" فقال له قائل: ما أكثَرَ ما تستعيذُ من المَغْرَم؟! فقال: "إن الرجلَ إذا غَرِمَ حدَّثَ فكذبَ، ووعدَ فأخلَفَ" (¬1). 881 - حدثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بن داودَ، عن ابن أبي ليلى، عن ثابت البُناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه، قال: صلَيتُ إلى جَنبِ رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم - في صلاةِ تطوُّعِ فسمعتُه يقول: "أعوذُ بالله من النار، ويلٌ لأهلِ النار" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، بقية - وهو ابن الوليد الحمصي - متابع، وباقي رجاله ثقات. شعيب: هو ابن أبي حمزة. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (832) و (2397)، ومسلم (587) و (589)، والنسائي في "الكبرى" (1233) و (7854) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24578) , و"صحيح ابن حبان" (1968). وأخرجه بنحوه البخاري (6368) و (6375 - 6377)، ومسلم بإثر الحديث (2705)، والترمذي (3802)، والنسائي (7850) و (7859)، وابن ماجه (3838) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وسيأتي مختصراً من طريق هشام برقم (1543). قوله: "المغرم" أي: الدَّين. قال ابن دقيق العيد: فتنة المحيا: ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وأعظمها والعياذ بالله أمر الخاتمة عند الموت، وفتنة الممات يجوز أن يراد بها الفتت عند الموت أضيفت إليه لقربها منه، ويكون المراد بفتنة المحيا على هذا ما قبل ذلك، ويجوز أن يراد بها فتنة القبر. تنبيه: جاء في هامش (هـ) ما نصه: قال أبو داود: المسيح مثقّل: الدجّال، والمسيح مُخفّف: عيسى ابنُ مريم، وقال أبو إسحاق الحربي وغيره: كل واحد منهما مخفف ... وقول أبي داود وحده أوردَه الحافظُ في "فتح الباري"2/ 318، وذكر أن أبا داود ذكره في"السنن"، كذا قال مع أنه لم يُورده في نسخته المرموز لها بـ (أ). (¬2) إسناده ضعيف لضعف ابن أبي ليلى، وهو محمد بن عبد الرحمن. وأخرجه ابن ماجه (1352) من طريق ابن أبي ليلى، بهذا الإسناد. =

882 - حدَثنا أحمدُ بن صالح، حدَثنا عبدُ الله بن وهبٍ، أخبرني يونسُ، عن ابن شِهاب، عن أبي سلمةَ بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: قام رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -إلى الصلاة وقُمنا معه، فقال أعرابيٌّ في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمداً، ولا تَرحم معنا أحداً، فلما سلمَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -قال للأعرابي: "لقد تحجرتَ واسعاً" يريدُ رحمةَ الله عزَ وجل (¬1). 883 - حدَثنا زهيرُ بن حرب، حدثنا وكيع، عن إسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ، عن مُسلم البَطين، عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس: أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -كان إذا قرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال: "سُبحان ربي الأعلى" (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (19055). وفي روايتهما أن ذلك كان في قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - عند مروره بذكر النار. وفي باب التعوذ من النار أثناء القراءة في صلاة التطوع عن حذيفة وعوف بن مالك الأشجعي، وقد سلفا برقم (871) و (873). (¬1) إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي. وأخرجه البخاري (6010)، والنسائي في "الكبرى" (559) و (1140) من طريق الزهري، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (529) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، به. وزاد قصة بول الأعرابي في المسجد. وانظر ما سلف برقم (380). وقوله: "لقد تحجرت واسعاً" أي: ضيقت ما وسعه الله، وخصصت به نفسك دون إخوانك من المسلمين، هلا سألت الله لك ولكل المؤمنين وأشركتهم في رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء، وفي هذا إشارة إلى ترك هذا الدعاء والنهي عنه، وأنه يستحب الدعاء لغيره من المسلمين بالرحمة والهداية ونحوهما. (¬2) صحيح موقوفاً، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه اختلف في رفعه ووقفه، =

قال أبو داود: خُولفَ وكيعٌ في هذا الحديث، رواه أبو وكيع وشعبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عباس موقوفاً. 884 - حدثنا محمدُ بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفرِ، حدثنا شعبةُ، عن موسى بن أبي عائشة, قال: كان رجلٌ يُصلي فوق بيته، وكان إذا قرأ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} [القيامة: 40] قال: سُبحانك فبلى، فسألوه عن ذلك فقال: سمعتُه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ = والوقفُ أصح. إسرائيل: هو ابن يونس السبيعي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، ومسلم البطين: هو ابن عمران. وأخرجه أحمد (2066)، والطبرانى (12335)، والبيهقي2/ 310من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (4051) عن معمر، وابن أبي شيبة 2/ 509 عن وكيع، عن أبيه الجراح، والبيهقي في"شعب الإيمان" (1930) من طريق شعبة، ثلاثتهم عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس موقوفاً. وأخرجه الطبري فى "التفسير" 30/ 151 من طريق حكام بن عنبسة، عن أبي إسحاق الهمدانى: أن ابن عباس كان ... (¬1) رجاله ثقات إلا أن موسي بن أبي عائشة لم يرو عن أحد من الصحابة، وروايته إنما هي عن التابعين، وقد ذكروا أنه كثير الإرسال. وأخرجه البيهقي 2/ 310، والبغوي فى "شرح السنة" (624) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وفي الباب عن أبي هريرة سيأتى برقم (887)، وإسناده ضعيف. وسلف حديث حذيفة برقم (871) وفيه: وما أتى على آية رحمة إلا وقف وسأل، وما أتى على آية عذاب إلا وقف وتعوذ، وهو صحيح. قال الإمام البغوي في "شرح السنة" 3/ 104: المستحب للقارئ في الصلاة وغير الصلاة هذا: إذا قرأ آية رحمة أن يسأل، أو آية عذاب أن يتعوذ، أو آية تسبيح أن يسبح.

153 - باب مقدار الركوع والسجود

قال أبو داود: قال أحمدُ: يُعجبني في الفريضة أن يدعو بما في القرآن. 153 - باب مقدار الركوع والسجود 885 - حدَثنا مُسدَدٌ، حدثنا خالدُ بن عبد الله، حدَثنا سعيد الجُريريُ، عن السَّعدي، عن أبيه أو عمه قال: رَمَقتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في صلاته، فكان يتمكَّنُ فى ركوعه وسُجوده قَدْرَ ما يقول: "سُبحان الله وبحمده" ثلاثًا (¬1). 886 - حدَثنا عبد الملك بن مروانَ الأهوازيُ، حدَثنا أبو عامر وأبو داود، عن ابن أبي ذئب، عن إسحاق بن يزيد الهُذَلي، عن عون بن عبد الله عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -:"إذا ركع أحدُكم فليقل ثلاثَ مرَّات: سُبحان ربي العظيم، وذلك أدناه، وإذا سجد فليقل: سُبحان ربي الأعلى، ثلاثًا، وذلك أدناه" (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، سعيد الجريري - وهو ابن إياس - اختلط، والسعدي لا يعرف ولم يُسمَّ كما في "التقريب". وأخرجه البيهقي 2/ 86 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وفي الباب عن ابن مسعود، سيأتي عند المصنف بعد هذا الحديث. وعن عقبه بن عامر سلف برقم (870)، وإسناده حسن، لكن قال المصنف هناك عن زيادة "ثلاثًا": نخاف أن لا تكون محفوظة. وعن حذيفة بن اليمان عند ابن ماجه (888)، وإسناده ضعيف. وعن جبير بن مطعم عند البزار (3447)، والطبراني (1572)، والدارقطني (1296)، وإسناده ضعيف أيضًا. وعن أبي مالك الأشعري عند أحمد (22906)، وإسناده ضعيف أيضًا. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن عون بن عبد الله بن عتبة لم يدرك ابن مسعود كما قال المصنف والترمذي. أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو =

قال أبو داود: هذا مرسل، عون لم يُدرك عبد الله. 887 - حدثنا عبد الله بن محمد الزهريُ، حدثنا سفيانُ، حدَّثني إسماعيلُ ابن أميةَ، قال: سمعت أعرابيا يقول: سمعتُ أبا هريرة يقول: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "مَن قرأ منكم بـ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التين: 1] فانتهى إلى آخرها {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: 8] فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين، ومن قرأ {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [القيامة: 1] فانتهى إلي {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: 40] فليقل: بلى، ومن قرأ {وَالْمُرْسَلَاتِ} فبلغ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [المرسلات: 50] فليقل: آمنَّا بالله" قال إسماعيل: ذهبتُ أُعيدُ على الرجل الأعرابيِّ وأنظرُ لعله؟! فقال: يا ابن أخي، أتظنُّ أني لم أحفَظْه؟! لقد حَجَجتُ ستين حَجةَ ما منها حَجَّة إلا وأنا أعرفُ البعيرَ الذي حَجَجتُ عليه (¬1). ¬

_ = العقدي، وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن. وهو في "مسند الطيالسي" (349). وأخرجه الترمذي (261)، وابن ماجه (890) من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه مختصرًا بما يتعلق بـ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1)} [التين: 1] الترمذي (3641) من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث إنما يروى بهذا الإسناد عن هذا الأعرابي عن أبي هريرة، ولا يسمى. وهو بتمامه في "مسند أحمد" (7391). وفي الباب عن رجل من الصحابة سلف برقم (884)، وإسناده منقطع.

154 - باب أعضاء السجود

888 - حدَثنا أحمدُ بن صالح وابنُ رافعِ، قالا: حدثنا عبد الله بن إبراهيمَ ابنِ عمر بن كيسان، حدثني أبي، عن وهب بن مانُوس قال: سمعتُ سعيدَ بن جُبير يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: ما صلَيتُ وراء أحدٍ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشبَهَ صلاةً برسول الله- صلى الله عليه وسلم - من هذا الفتى- يعني عمر بنَ عبد العزيز-قال: فحَزَرنا في ركوعه عشرَ تسبيحاتٍ، وفي سُجوده عشرَ تسبيحاتٍ (¬1). قال أبو داود: قال أحمد بن صالح: قلتُ له: مانوس أو مابوس؟ قال: أما عبد الرزاق فيقول: مابُوس، وأما حفظي فمانوس، وهذا لفظ ابن رافع. قال أحمد: عن سعيد بن جُبير عن أنس بن مالك. 154 - باب أعضاء السجود (¬2) 889 - حدَّثنا مُسدد وسليمان بن حرب، قالا: حدَثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن طاووس ¬

_ (¬1) حديث حسن دون قوله: "فحزرنا في ركوعه ... "، وهذا إسناد ضعيف، وهب بن مانوس، وقيل: مابوس، وقيل: ماهنوس، وقيل: ميناس، وقيل في نسبته: العدني، وقيل: البصري، لم يرو عنه غير اثنين، وذكره ابن حبان في "الثقات". وأخرجه النسائي في "الكبرى" (725) عن محمد بن رافع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12661). وأخرج قول أنس: "ما صليت ... " النسائي (981) من طريق زيد بن أسلم، عن أنس. وإسناده ضعيف، لكن رويت هذه القطعة من طرق عن أنس انظرها في "مسند أحمد" (8366) و (12465) و (13350) و (17673). (¬2) هذا الباب جاء في (أ) و (ب) بعد الباب الذي يليه، وهو على هذا الترتيب الذي أبقيناه في (ح) و (د) و (هـ).

عن ابن عباس، عن النبي- صلى الله عليه وسلم - قال: "أُمِرتُ- قال حماد: أُمِرَ نبيكم - صلى الله عليه وسلم- (¬1) أن يَسجدَ على سبعةٍ ولا يكُفَّ شعرًا ولا ثوبًا " (¬2). 890 - حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا شعبةُ، عن عمرو بن دينار، عن طاووس ¬

_ (¬1) قال الشيخ أحمد السهارنفوري في" بذل المجهود" 5/ 163: هذا الذي ذكره أبو داود يخالف ما اصطلح عليه المحدثون من أنهم يقولون: قال فلان هكذا، ثم يقولون: قال فلان هكذا، على خلاف اللفظ الأول، يطلقون هذا في محل يخالفه آخر في مرتبته في اللفظ، وها هنا لم يذكر في مرتبة حماد رجلًا آخر يقول على خلاف ما قال حماد، فقوله: "قال: أُمرت" لم يوجد له قائل ذكره أبو داود في السند، فلا ندري ما المراد بهذا الاختلاف، فلعله يشير إلى أنه قال: "أمرت" مرة، وقال مرة أخرى: "أمر نبيكم" أو أشار إلى أن قال بعض الرواة عن عمرو بن دينار- مثلًا شعبة- أمرت، وقال حماد: أمر نبيكم. والله تعالى أعلم. قلنا: وقد وقع في رواية أبي الطيب الأشناني عن أبى داود- كما في "تحفة الأشراف" (5734) -: عن مسدد، عن سفيان وحماد بن زيد، عن عمرو بن دينار. وقال المزي: الصواب الأول. فإن صح هذا زال الإشكال. والله أعلم. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (815)، ومسلم (490) (227)، والترمذي (272)، والنسائي في "الكبرى" (684)، وابن ماجه (883) و (1040) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (809) و (816) و (1113) و (1115)، وابن ماجه (883) و (1040) من طرق عن عمرو بن دينار، به. وأخرجه البخاري (812)، ومسلم (490) (229 - 231)، والنسائي (687) و (688) و (689)، وابن ماجه (884) من طريق عبد الله بن طاووس، عن أبيه، به. وهو في "مسند أحمد" (1927)، و"صحيح ابن حبان" (1923) و (1924). وانظر ما بعده.

عن ابن عباس، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -قال: "أُمِرتُ- وربما قال: أُمِرَ نبيّكم- أن يسجدَ على سبعةِ آرابٍ" (¬1). 891 - حدَّثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا بكر- يعني ابن مُضَر-، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيمَ، عن عامر بن سعد عن العباس بن عبد المطلب، أنه سمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -يقول: "إذا سجدَ العبدُ سجدَ معه سبعةُ آرابٍ: وجهُه، وكفَّاه، ورُكبتاه، وقَدَماه" (¬2). ¬________ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (810)، ومسلم (490) (228)، والنسائى في "الكبرى" (704) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2300). وانظر ما قبله. وقوله: على سبعة آراب، هو بالمد جمع إرب بكسر أوله وإسكان ثانيه وهو العضو. (¬2) إسناده صحيح. ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله. وأخرجه مسلم (490)، والترمذى (271)، والنسائي في "الكبرى" (685) عن قتيبة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (690)، وابن ماجه (885) من طريقين عن يزيد بن عبد الله بن الهاد , به وهو في "مسند أحمد" (1780)، و" صحيح ابن حبان" (1921) و (1922). وقوله: وجهه. المراد بالوجه ها هنا: الجبهة والأنف كما في رواية عند مسلم (490) (231) أن النبي- صلى الله عليه وسلم -قال: "أمرتُ أن أسجد على سبع: الجبهة والأنف ... ". وأخرجه البخاري (812) من حديث ابن عباس رفعه: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة" وأشار بيده على أنفه، قال ابن قدامة: وإشارته إلى أنفه تدل على أنه أراده، وسلف حديث أبي حميد عند المصنف برقم (734) وفيه: ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته. =

155 - باب الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع؟

892 - حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا إسماعيلُ- يعنى ابنَ إبراهيم-,عن أيوبَ، عن نافع عن ابن عمر رفعه، قال: "إن اليدين تسجدان كما يسجُدُ الوجهُ، فإذا وضعَ أحدُكم وجهَه فليضَعْ يَدَيه، وإذا رفعَه فليرفَعْهما" (¬1). 155 - باب الرجل يدرك الإمام ساجدًا كيف يصنع؟ (¬2) 893 - حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، أن سعيد بن الحكم حدثهم، أخبرنا نافع بن يزيد، حدثني يحيى بن أبي سليمان، عن زيد بن أبي العتّاب وابن المَقبُري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جئتُم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجُدوا، ولا تعدُّوها شيئًا، ومَن أدرك الركعةَ فقد أدركَ الصلاةَ" (¬3). ¬

_ = وأخرج الدارقطني (1318) و (1319) والحاكم 1/ 270، والبيهقي2/ 104من طريق شعبة وسفيان الثوري عن عاصم الأحول، عن عكرمة عن ابن عباس رفعه: "لا صلاة لمن لا يصيب أنفه من الأرض ما يصيب الجبين" وهو صحيح إلا أن الدارقطنى صوب إرساله. وقد ذهب سعيد بن جبير وأحمد في إحدى روايتيه وإسحاق وأبو خيثمة وابن أبي شيبة إلى وجوب السجود على الجهة والأنف جميعًا وهو قول للشافعي. انظر "المغني" 2/ 196، و"المجموع" 3/ 424. (¬1) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه النسائي فى "الكبرى" (683) من طريق إسماعيل ابن عُلية، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4501). (¬2) هذا الباب جاء في (ج) بعد الباب الذي يليه، وفي (هـ) بعد الحديث (902) وسقط مع حديثه من (د)، وجاء في (أ) و (ب) قبل الباب الذي قبله. (¬3) إسناده ضعيف لضعف يحيى بن أبي سليمان- وهو أبو صالح المدني - إلا أن قوله: "من أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة" صح من غير هذه الطريق كما سيأتي برقم (1121) ابن المقبري: هو سعيد بن أبي سعيد. =

156 - باب السجود على الأنف والجبهة

156 - باب السجود على الأنف والجبهة 894 - حدثنا ابن المثنى، حدَثنا صفوان بن عيسى، حدثنا مَعمَر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -رُئيَ على جَبْهته وعلى أرنَبَتِه أثر طينِ من صلاةِ صلَّاها بالناس (¬1). 895 - حدَثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، نحوه (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن خزيمة (1622)، وابن عدي في ترجمة يحيى من "الكامل" 7/ 2686، والدارقطني (1314)، والحاكم1/ 216و 273، والبيهقى 2/ 89 من طريق سعيد بن الحكم ابن أبي مريم، بهذا الإسناد. وقال ابن خزيمة: في القلب من هذا الإسناد، فإنى كنت لا أعرف يحيى بن أبى سليمان بعدالة ولا جرح. وقد وقع في المطبوع من "صحيح ابن خزيمة": "حدثنا ابن أبي مريم وحدثنا نافع بن يزيد" وهو خطأ. (¬1) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمد، ومعمر: هو ابن راشد، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه مطولًا ومختصرًا البخاري (669) و (813) و (2036)، ومسلم (1167) (216) من طرق عن يحيى بن أبى كثير، بهذا الإسناد. وأخرجه كذلك البخاري (2018) و (2040)، ومسلم (1167) (213 - 215) من طرق عن أبي سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (11034) و (11580)، و"صحيح ابن حبان" (3673) و (3674) و (3684) و (3685). وسيأتي بعده وبرقم (911)، ومطولًا برقم (1382). (¬2) إسناده صحيح. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (2685)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1167) (216). وهو في "مسند أحمد" (11895). وانظر ما قبله.

157 - باب صفة السجود

157 - باب صفة السجود 896 - حدثنا الربيع بن نافع أبو توبةَ، حدثنا شَريك، عن أبي إسحاقَ، قال: وَصَفَ لنا البراءُ بنُ عازب، فوضع يَلَيه واعتَمَدَ على رُكبَتَيه ورفع عَجيزتَه، وقال: هكذا كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -يسجُدُ (¬1). 897 - حدثنا مسلم بن إبراهيمَ، حدثنا شعبةُ، عن قتادة عن أنس، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "اعتَدِلوا في السُّجود، ولا يَفتَرِش أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ الْكَلْبِ" (¬2). 898 - حدثنا قتيبةُ، حدثنا سفيانُ، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن عمه يزيدَ بن الأصم ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك - وهو ابن عبد الله النخعي القاضي - وباقي رجاله ثقات. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (695) من طريق شريك، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18701). وأخرجه النسائى (696) من طريق يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن البراء قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم -إذا صلى جخي. أي: فتح عضديه عن جنبيه، وجافاهما عنه. وأخرجه الترمذي (270) من طريق حجاج بن أرطاة، عن أبي إسحاق قال: قلت للبراء: أين كان النبي- صلى الله عليه وسلم - يضع وجهه إذا سجد؟ قال: بِين كفيه. وأخرج مسلم (494) من طريق إياد بن لقيط، عن البراء قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك"، وهو في "مسند أحمد" (18491)، و"صحيح ابن حبان " (1916). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه البخارى (532) و (822)، ومسلم (493)، والترمذي (275)، والنسائى في "الكبرى" (694) و (702) و (1102)، وابن ماجه (892) من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (12016)، و"صحيح ابن حبان" (1926) و (1927).

عن ميمونهَ: أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -كان إذا سجدَ جافى بينَ يَدَيهَ، حتى لو أن بَهمةَ أرادت أن تمُر تحتَ يَدَيهِ مرَّت (¬1). 899 - حدثنا عبد الله بن محمد النُّفيليُّ، حدثنا زهير، حدَثنا أبو اسحاقَ، عن التميمي الذي يُحدِّث بالتفسير عن ابن عباس قال: أتيتُ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -من خلفِه فرأيتُ بياضَ إبْطَيهِ وهو مُجَخ قد فرَجَ يَدَيه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه مسلم (496) و (497) (238)، والنسائي فى "الكبرى" (701) و (737)، وابن ماجه (880) من طريقين عن عبيد الله بن عبد الله، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (497) (239) من طريق جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم، به. وهو في "مسند أحمد" (26809). والبهمة: ولد الضأن سواء كان ذكرًا أو أنثى. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، التميمي الذي يحدث بالتفسير - واسمه أَربِدة، ويقال: أرْبِد- لم يرو عنه غير أبي إسحاق السبيعي، ولم يوثقه غير العجلي وابن حبان. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه أحمد (2405)، والحاكم 1/ 228، والبيهقي 2/ 115 من طريق زهير ابن معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (2740)، وعبد الرزاق (2924)، وأحمد (2405) و (2662) و (2753) و (2781) و (2907) و (2908) و (3152) و (3197) و (3414) و (3447) من طرق عن أبي إسحاق، به. وأخرجه ابن أبي شيبة1/ 258، والطيالسي (2727)، وأحمد (2073)، والطبراني (12219) من طريق شعبة مولى ابن عباس، عن ابن عباس. وله شاهد من حديث عبد الله بن مالك ابن بُحينة عند البخاري (807)، ومسلم (495).=

900 - حدَثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا عباد بن راشد، حدَثنا الحسن حدثنا أحمرُ بن جَزْء صاحبُ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -كان إذا سجدَ جافى عَضُدَيهِ عن جَنبَيهِ حتى نأويَ له (¬1). 901 - حدثنا عبد الملك بن شُعيب بن الليث، حدثنا ابنُ وهب، حدَثنا الليثُ، عن دَراج، عن ابن حُجَيرةَ عن أبي هريرة، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا سجد أحدُكم فلا يَفتَرِشْ يَدَيهِ افتِراشَ الكلبِ وليَضُمَّ فَخِذَيهِ" (¬2). ¬

_ = وآخر من حديث البراء، وثالث من حديث ميمونة، وقد سلفا قبله. قوله: "وهو مُجَخٌ" اسم فاعل من جخَّى يُجخِّي، إذا فتح عضديه وجافاهما عن جنبيه ورفع يطنه عن الأرض. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل عباد بن راشد، وباقي رجاله ثقات. الحسن: هو البصري. وأخرجه ابن ماجه (886) من طريق عباد بن راشد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19012). وتشهد له أحاديث الباب السالفة قبلة. وقوله: نأوي له. قال السندي: من آوى: إذا رق وترحم، أي: لنترحم ونرق ونتألم لما نراه في شدة وتعب بسبب المبالغة في المجافاة، وقلة الاعتماد. (¬2) إسناده قابل للتحسين دراج - وهو ابن سمعان أبو السمح - أحاديثه عن غير أبي الهيثم مستقيمة فيما نقله الآجري عن أبي داود، وهذا منها، فإنه رواه عن ابن حجيرة - وهو عبد الرحمن وهو ثقة، وباقي رجاله ثقات. ابن وهب: هو عبد الله والليث: هو ابن سعد. وأخرجه ابن خزيمة (653)، وابن حبان (1917)، والبيهقى 2/ 115 من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. ويشهد له حديث أنس: الصحيح السالف عند المصنف (897)، وآخر من حديث جابر بن عبد الله عند ابن أبي شيبة 1/ 359، والترمذي (274)، وابن خزيمة (644)،=

158 - باب الرخصة في ذلك للضرورة

158 - باب الرخصة في ذلك للضرورة 902 - حدثنا قتيبةُ بن سعيد، حدثنا الليثُ، عن ابن عَجلان، عن سُمَيّ، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: اشتكى أصحابُ النبيِّ إلى النبيِّ- صلى الله عليه وسلم - مشقَّةَ السُّجود عليهم إذا انفَرجوا، فقال: "استَعينوا بالرُّكَب" (¬1). 159 - باب التخصُّر والإقعاء 903 - حدَّثنا هناد بن السَّري، عن وكيع، عن سعيدِ بن زياد، عن زياد بن صُبَيح الحنفي، قال: صليتُ إلى جَنبِ ابن عمر فوضعتُ يدي على خاصِرَتي، فلمَّا صلَّى قال: هذا الصلْبُ في الصلاة، وكان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -ينهى عنه (¬2). ¬

_ = والبغوي في "شرح السنة" (659) ولفظه: "إذا سجد أحدكم فليعتدل، ولا يفترش ذراعيه افتراش الكلب" وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وانظر"عارضة الأحوذي" 2/ 75 - 76 لأبي بكر بن العربي. (¬1) إسناده قوي من أجل ابن عجلان- واسمه محمد- وباقي رجاله ثقات. الليث: هر ابن سعد، وسُمي: هو مولى أبي بكر، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه الترمذي (285) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو فى "مسند أحمد" (8477)، و"صحيح ابن حبان" (1918). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سعيد بن زياد، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (967) من طريق سعيد بن زياد، بهذا الاسناد. وهر في "مسند أحمد" (4849) و (5836). وله شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (1219) و (1220)، ومسلم (545) (46)، ولفظه عند البخاري: نُهي عن الخصر في الصلاة. وسيأتي برقم (947). =

160 - باب البكاء في الصلاة

160 - باب البُكاء في الصلاة 904 - حدثنا عبد الرحمن بن محمَد بن سلام، حدَثنا يزيدُ- يعني ابنَ هارون-، أخبرنا حماد- يعني ابنَ سلمة-، عن ثابت، عن مُطَرِّف عن أبيه، قال: رأيتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -يُصلّي وفي صَدْرِه أَزيزٌ كأزيز الرَّحى من البكاء- صلى الله عليه وسلم - (¬1) 161 - باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة 905 - حدَثنا أحمد بن محمد بن حنبل، حدثنا عبدُ الملك بن عمرو، حدَثنا هشام- يعني ابنَ سعد-، عن زيد، عن عطاء بن يسار ¬

_ = وآخر من حديث عائشة موقوفًا عند البخاري (3458)، وفيه قولها: إن اليهود تفعله. قوله: "هذا الصلب فى الصلاة" قال الفتني في"مجمع البحار": أي: شبه الصلب، لأن المصلوب يمد باعه على الجذع، وهيئة الصلب في الصلاة أن يضع يديه على خاصرتيه ويجافي بين عضديه فى القيام. (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البناني، ومطرف: هو ابن عبد الله بن الشخير. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (549) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16312)، و"صحيح ابن حبان" (665) و (753). قوله: "أزيز كأزيز الرحى" يعي الطاحون، وأزيزها: صوتها. وفي الحديث دليل على أن البكاء لا يبطل الصلاة سواء ظهر منه حرفان أم لا، وقد قيل: إن كان البكاء من خشية الله لم يبطل، وهذا الحديث يدل عليه، ومثله ما أخرجه ابن حبان (2257) عن علي قال: "ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا قائم إلا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يُصلي ويبكي حتى أصبح" وإسناده صحيح، وبوب عليه: ذكر إباحة بكاء المرء في صلاته إذا لم يكن ذلك لأسباب الدنيا، واستدل على مشروعية البكاء في الصلاة بقوله تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)} [مريم: 58].

162 - باب الفتح على الإمام في الصلاة

عن زيد بن خالد الجُهَني، أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -قال: "مَن توضأَ فأحسَنَ وضوءَه، ثم صلّى ركعتين لا يسهو فيهما، غُفِرَ له ما تقدمَ من ذنبه" (¬1). 906 - حدثنا عثمانُ بن أي شيبةَ، حدثنا زيدُ بن الحُبَاب، حدَثنا معاويةُ بن صالح، عن ربيعةَ بن يزيدَ، عن أبي إدريس الخَوّلاني، عن جُبير بن نُفير الحضرمي عن عقبة بن عامر الجُهَني، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "ما من أحدٍ يتوضأُ فيُحسِنُ الوضوءَ ويُصلي ركعتين يقبِلُ بقلبه ووجهه عليهما إلا وَجَبَت له الجنةُ" (¬2). 162 - باب الفتح على الإمام في الصلاة 907 - حدثنا محمد بن العلاء وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، قالا: أخبرنا مروانُ بن معاويةَ، عن يحيي الكاهلي ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد؛ هشام بن سعد وإن كان فيه ضعف يُعتبر به، وباقي رجاله ثقات. وهو في "مسند أحمد" (17054). وأخرجه عبد بن حميد (280)، والطبراني (5242) و (5243)، والحاكم 1/ 131، والبغوي في "شرح السنة" (1013) من طرق عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني (5244) من طريق محمد بن أبان، عن زيد بن أسلم، به. ومحمد بن أبان واهي الحديث، وقد أخرجه الحاكم 1/ 131 من طريقه أيضًا، عن زيد ابن أسلم، به، لكن سمي الصحابي عقبة بن عامر. وله شاهد من حديث عقبة بن عامر سيأتي بعده. وآخر من حديث عثمان بن عفان عند البخاري (1934)، ومسلم (226)، ولفظه: "من توضأ وضوئي هذا، ثم صلى، ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه". (¬2) حديث قوي، وهذا إسناد اضطرب فيه زيد بن الحباب كما سلف بيانه برقم (169). أبو إدريس الخولاني: هو عائذ الله بن عبد الله.

عن المُسوَّر بن يزيد المالكي: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - قال يحيي: وربما قال: شهِدتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -يقرأ في الصلاة، فترك شيئًا لم يقرأه، فقال له رجلٌ: يا رسول الله، آيةُ كذا وكذا، فقال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "هلا أذكَرتَنيها" قال سليمان في حديثه: قال: كنتُ أُراها نُسِخَت (¬1). وقال سليمان: قال: حدثنا يحيي بن كثير الأسَدي. 907 م - حدثنا يزيد بن محمد الدمشقي، حدثنا هشامُ بن إسماعيلَ، حدَّثنا محمدُ بن شعيب، أخبرنا عبد الله بن العلاء بن زَبر، عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر: أن النبي- صلى الله عليه وسلم -صلّى صلاةً فقرأ فيها فلُبِسَ عليه، فلمَّا انصَرَفَ قال لأُبي: "أصليتَ معنا؟ " قال: نعم، قال: "فمامنعك؟ " (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يحيى- وهو ابن كثير - الباهلي، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 40، وفي "القراءة خلف الإمام" (194)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" (16692)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (872) و (1059) و (2699)، وابن خزيمة (1648)، وابن حبان (2240) و (2241)، والطبراني 20/ (34)، والبيهقي 3/ 211، وابن الأثير في "أسد الغابة" 5/ 177 من طرق عن مروان بن معاوية، بهذا الإسناد. وفي باب نسيانه - صلى الله عليه وسلم -بعض الآيات عن عبد الرحمن بن أبزى عند أحمد (15365)،والنسائي في "الكبرى" (8183). وعن عائشة سيأتي برقم (1331). (¬2) رجاله ثقات، لكن أعله أبو حاتم- كما في "العلل" 1/ 77 - بأنه قد دخل لهشام بن إسماعيل حديث في حديث، قال: نظرت في بعض مصنفات محمد بن شعيب، فوجدت هذا الحديث رواه محمد بن شعيب، عن محمد بن يزيد البصري، =

163 - باب النهي عن التلقين

163 - باب النهي عن التلقين 908 - حدثنا عبد الوهاب بن نَجْدةَ، حدثنا محمدُ بن يوسفَ الفِريابي، عن يونسَ بن أبي إسحاقَ، عن أبي إسحاقَ، عن الحارث ¬

_ = عن هشام بن عروة، عن أبيه: أن النبي- صلى الله عليه وسلم - صلى فترك آية، هكذا مرسل، ورأيت بجنبه حديث عبد الله بن العلاء، عن سالم، عن أبيه، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -أنه سئل عن صلاة الليل فقال: "مثنى مثنى ... " فعلمت أنه سقط على هشام بن إسماعيل متن حديث عبد الله بن العلاء وبقي اسناده، وسقط إسناد حديث محمد بن يزيد البصري، فصار متن محمد بن يزيد البصري بإسناد حديث عبد الله بن العلاء بن زَبْر، وهذا حديث مشهور يرويه الناس عن هشام بن عروة. وأخرجه البغوي في "شرح السنه" (665) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حبان (2242)، والطبرانى في "الكبير" (13216)، وفي "مسند الشاميين" (771)، والبيهقي3/ 212 من طريق هشام بن عمار، عن محمد بن شعيب، به. وذكر أبو حاتم أن هذا الحديث أُدخل على هثام بن عمار وقال: إنه كان قد كتب له سند محمد بن شعيب وليس هذا منه. قوله: "فما منعك؟ " أي: أن تفتح علي، وكذا هو في مصادر التخريج. وقال ابن حجر في "النكت الظراف" (3575) تعقيبًا على كلام أبي حاتم هذا: وقد خفيت هذه العلة على ابن حبان، فأخرج هذا الحديث في "صحيحه" من رواية هشام بن عمار عن محمد بن شعيب به. قلت: ولو سلمنا لأبي حاتم هذه العلة، فيكون الحديث مرسلًا صحيحًا، ويتأيد بحديث المسور بن يزيد الأسدي السالف، وبقول أنس فيما رواه الحاكم 1/ 276 وصححه وسكت عنه الذهبي عن عبد الله بن بزيغ عن أنس قال: كنا نفتح على الأئمة على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -. قال الإمام البغوي في "شرح السنه" 3/ 159 - 160: واختلف الناس فى الفتح على الإمام، فروي عن عثمان وابن عمر أنهما كانا لا يريان به بأسًا، وهو قول عطاء والحسن وابن سيرين، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، وروي عن ابن مسعود الكراهية في الفتح على الإمام، وكرهه الشعبي وسفيان الثوري وأبو حنيفة.

164 - باب الالتفات في الصلاة

عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - "يا علي، لا تَفتَح على الإمام في الصلاة" (¬1). قال أبو داود: أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها. 164 - باب الالتفات في الصلاة 909 - حدثنا أحمدُ بن صالح، حدثنا ابنُ وهب، قال: أخبرنى يونس، عن ابن شهاب قال: سمعت أبا الأحوص يُحدثنا في مجلس سعيد بن المسيب قال: قال أبو ذر: قَال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لا يزالُ اللهُ عز وجل مُقبلًا على العبدِ وهو في صلاته ما لم يلتفت، فإذا التَفَتَ انصَرَفَ عنه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف الحارث- وهو ابن عبد الله الهمداني الأعور-,ثم هو منقطع، أبو إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي- لم يسمع من الحارث هذا الحديث كما قال المصنف. وأخرجه أحمد (1244)، والبزار (854)، والبيهقي 3/ 212 من طريقين عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. وقال البيهقي: وروي عن علي رضي الله عنه (بإسناد خير من هذا) ما يدل على جواز الفتح على الإمام، ثم أخرج من طريقين عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن على قال: إذا استطعمكم الإمام فأطعموه. قلنا: ما استطعامه؟ قال: إذا سكت. لكن رواه بعضهم عن على، وبعضهم عن أبي عبد الرحمن قوله، وقال بعضهم: أحسبه عن علي. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين، أبو الأحوص- وهو مولى بني ليث أو بني غفار - لم يرو عنه غير الزهري، وذكره ابن حبان فى "الثقات"، وصحح له هذا الحديث الحاكم، وصحح له حديثه الآخر الآتي برقم (945) ابن خزيمة وابن حبان والحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام"، وحسَّنه الترمذي، وقد حدّث بهذا الحديث في مجلس سعيد بن المسيب فلم ينكر عليه، وفى المقابل قال النسائي: لا نعرفه، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالمتين عندهم. ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي. =

910 - حدثنا مُسدد، حدثنا أبو الأحوص، عن الأشعث - يعني ابنَ سُليم-، عن أبيه، عن مسروق عن عائشة قالت: سألتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن التِفاتِ الرجلِ في الصلاة، فقال: "هو اختلاسٌ يختلِسُه الشيطانُ من صلاةِ العبد" (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (532) و (1119) من طريق يونس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21508). وله شاهد من حديث الحارث الأشعري عند الترمذي (3079) و (3080)، وهو حديث صحيح. وفي باب إقبال الله على العبد في صلاته عن ابن عمر سلف برقم (479). وفي باب النهي عن الالتفات في الصلاة عن عائشة سيأتي بعده. ولأحمد له (21508) وصححه ابن خزيمة (482) من حديث أبي ذر رفعه "لا يزال الله مقبلًا على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه عنه انصرف". (¬1) إسناده صحيح. أبو الأحوص: هو سلام بن سُليم وسُليم: هو ابن أسود المحاربي أبو الشعثاء، ومسروق: هو ابن الأجدع. وأخرجه البخارى (751) و (3291) والنسائى في "الكبرى" (530) و (1120) و (1121) من طرق عن أشعث، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24746). وأخرجه النسائي (531) و (1122) من طريق إسرائيل، عن أشعث، عن أبي عطية، عن مسروق، عن عائشة. وأخرجه النسائي (1123) من طريق عمارة بن عمير، عن أبي عطية، عن عائشة موقوفًا. قال الدارقطني فى "العلل": الصحيح عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة؟ وهي رواية أبي داود. قال الحافظ فى "الفتح" 2/ 234 عن حديث عائشة هذا: إنه يدل على كراهة الالتفات وهو إجماع، لكن الجمهور على أنها للتنزيه، وقال المتولي: يحرم إلا للضرورة وهو قول أهل الظاهر ... والمراد بالالتفات المذكور ما لم يستدبر القبلة بظهره أو عنقه كله، وسبب كراهة الالتفات يحتمل أن يكون لنقص الخشوع، أو لترك استقبال القبلة ببعض البدن.

165 - باب السجود على الأنف

165 - باب السجود على الأنف 911 - حدَثنا مُؤمَّل بن الفضل، حدثنا عيسى، عن مَعْمَر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخُدْري: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - رُئيَ على جَبهته وعلى أَرْنَبَتِه أثَرُ طينِ من صلاةِ صلاّها بالناس (¬1). قال أبو عليّ: هذا الحديث لم يقرأه أبو داود في العَرضة الرابعة (¬2). 166 - باب النظر في الصلاة 912 - حدثنا مُسدد، حدثنا أبو معاويةَ (ح) وحدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا جرير- وهذا حديثُه وهو أتمُّ-، عن الأعمش، عن المُسيب بن رافع، عن تميم بن طَرَفة الطائي عن جابر بن سَمُرة - قال عثمان: قال: دخل رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -المسجدَ فرأى فيه ناسًا يُصلُّون رافعي أيديهم إلى السماء- ثم اتفقا- فقال: "لينتهيَن رجالٌ يُشخِصون أبصارَهم إلى السماء- قال مُسدد: في الصلاة- أو لا ترجعُ إليهم أبصارُهم" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عيسى: هو ابن يونس السبيعي، ومعمر: هو ابن راشد، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وقد سلف برقم (894)، وخرَجناه هناك. (¬2) أبو علي: هو محمد بن عمرو اللؤلؤي، راوية "السنن" عن أبي داود. وإنما لم يقرأه أبو داود في العرضة الرابعة - فيما نحسب والله أعلم -، اكتفاء منه بالطريق السالف برقم (894) لهذا الحديث. (¬3) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وجرير: هو ابن عبد الحميد، والأعمش: هو سليمان بن مهران. =

913 - حدَثنا مُسدد، حدثنا يحيي، عن سعيد بن أبي عَروبةَ، عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "ما بالُ أقوامِ يرفعون أبصارَهم في صلاتهم؟ " فاشتدَّ قولُه في ذلك فقال: "لَيَنتَهُنَّ عن ذلك أو لتُخطَفَنَّ أبصارُهم" (¬1). 914 - حدَثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدَثنا سفيانُ بن عُيينةَ، عن الزهري، عن عُروة عن عائشة قالت: صلى رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -في خَميصةِ لها أعلامٌ، فقال: "شَغَلَتني أعلامُ هذه، اذهبوا بها إلى أبي جَهْمٍ وأتوني بإنْبِجَانِيَّتِه" (¬2). ¬

_ = وأخرجه مسلم له (428)، وابن ماجه (1045) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20837). قال العلماء: وفى هذا الحديث أن النبي- صلى الله عليه وسلم -كان لا يُواجه أحدًا بمكروه، بل إن رأي أو سمع ما يكره عمم كما قال: "ما بال أقوام يشترطون شروطا" و"لينتهين أقوام عن كذا". وفيه النهي الأكيد والوعيد الشديد في رفع الأبصار فى الصلاة، قال القاضي عياض: واختلفوا في كراهة رفع البصر إلى السماء في الدعاء فى غير الصلاة، فكرهه شريح وآخرون، وجوزه الأكثرون، وقالوا: لأن السماء قبلة الدعاء، كما أن الكعبة قبلة الصلاة، ولا ينكر رفع الأبصار إليها، كما لا يكره رفع اليد، قال الله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22]. (¬1) إسناده صحيح، يحيي- وهو ابن سعيد القطان- سمع من سعيد بن أبي عروبة قبل الاختلاط. وأخرجه البخاري (750)، والنسائى فى "الكبرى" (547) و (1117)، وابن ماجه (1044) من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12065)، و"صحيح ابن حبان" (2284). (¬2) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير. =

915 - حدثنا عُبيد الله بن مُعاذ، حدَثنا أبي، حدثنا عبد الرحمن- يعني ابنَ أبي الزناد- قال: سمعتُ هشامًا يحدث عن أبيه، عن عائشة بهذا الخبر، قال: وأخذ كُرديًا كان لأبي جَهْم، فقيل: يا رسول الله، الخَميصةُ كانت خيرًا من الكُردي (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (752)، ومسلم (556) (61)، والنسائي في "الكبرى" (558) و (849)، وابن ماجه (3550) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (556) (62) من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (24087)، و"صحيح ابن حبان" (2337). وسيأتي بعده وبرقم (4052) و (4053). والخميصة: كساء مربع من صوف. والأعلام: جمع عَلَم، والمرد هنا الرسومات والنقوش على الثوب. وأبو جهم: هو عبد الله - ويقال: عبيد، ويقال: عامر - بن حذيفة العدوي، صحابي معروف، وكان قد أهدى هذه الخميصة للنبي- صلى الله عليه وسلم -،وإنما طلب منه ثوبا آخر ليعلمه أنه لم يرد عليه هديته استخفافًا به. قاله ابن بطال كما في "فتح الباري" 1/ 483. والإنبجانية: كساء غليظ لا علم له، قال في"النهايه": منسوب إلى منبح المدينة المعروفة، وهي مكسورة الباء ففتحت في النسب، وأبدلت الميم همزة وقيل: إنها منسوبة إلى موضع اسمه أنبجَان، وهو أشبه، لأن الأول فيه تعسف. (¬1) إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد، وباقي رجاله ثقات. معاذ: هو ابن معاذ العنبرى. وأخرجه مسلم (556) (63) من طريق وكيع، عن هشام بن عروة، به دون الزيادة التي بيَّنها المصنف. وعلقه بدونها أيضًا البخاري بإثر الحديث (373) بصيغة الجزم عن هشام. وهو في "مسند أحمد" (25734). وقوله: كرديًا، أي: رداءً كرديًا يشبه أن يكون منسوبًا إلى كرد وهو رجل من عامر ابن صعصعة. انظر "المعرب" (كرد) ص 284 للجواليقي.

167 - باب الرخصة في ذلك

167 - باب الرخصة في ذلك 916 - حدثنا الربيع بن نافع، حدثنا معاويةُ- يعني ابنَ سلاَّم-، عن زيد، أنه سمع أبا سلاّم قال: حدَّثني السلولي عن سهل ابن الحنظلية قال: ثُوِّبَ بالصلاة- يعني صلاةَ الصبح - فجعل رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - يُصلي وهو يلتفتُ إلى الشِّعب (¬1). قال أبو داود: وكان أرسَلَ فارسًا إلى الشعْب من الليل يحرس. 168 - باب العمل في الصلاة 917 - حدثنا القعنبي، حدثنا مالك، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن عمرو بن سُليم عن أبي قتادة: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كان يُصلي وهو حاملٌ أُمامةَ بنتَ زينب بنتِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا سجد وَضَعَها، وإذا قام حَمَلَها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زيد: هو ابن سلام بن أبي سلام، وأبو سلام: هو ممطور الحبشي، والسَّلولي: هو أبو كبشة. وأخرجه مطولًا النسائى في "الكبرى" (8819) من طريق أبي توبة الربيع بن نافع، بهذا الإسناد. وسيأتي بطوله برقم (2501). (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 170، ومن طريقه أخرجه البخاري (516)، ومسلم (543) (41)، والنسائي فى "الكبرى" (526) و (1128). وهو في "مسند أحمد" (22524)، و"صحيح ابن حبان" (1109). وأخرجه مسلم (543) (42)، والنسائى (527) من طريقين عن عامر بن عبد الله ابن الزبير, به. وانظر ما سيأتي بالأرقام (918 - 920).

918 - حدَّثنا قُتيبةُ - يعني ابنَ سعيد -، حدَّثنا الليثُ، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عمرو بن سُليم الزُّرَقي أنه سمع أبا قتادة يقول: بينا نحن في المسجدِ جُلوسٌ (¬1) خرج علينا رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -يحملُ أُمامةَ بنتَ أبي العاص بن الربيع، وأُمُّها زينبُ بنتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي صبيةٌ، يحمِلُها على عاتِقِه، فصلَّى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ¬

_ = قال القرطبي المحدث: اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث، والذي أحوجهم إلى ذلك أنه عمل كثير، فروى ابن القاسم عن مالك أنه كان في النافلة، وهو تأويل بعيد، فإن ظاهر الأحاديث أنه كان في فريضة، قال الحافظ: وسبقه إلى استبعاد ذلك المازري وعياض لما ثبت في "صحيح مسلم": رأيت النبي- صلى الله عليه وسلم - يؤم الناس وأمامة على عاتقه، قال المازري: إمامته بالناس في النافلة ليست بمعهودة، وللمصنف وسيأتي (920): بينما نحن ننتظر رسول الله- صلى الله عليه وسلم -للصلاة في الظهر أو العصر، وقد دعاه بلال إلى الصلاة إذ خرج إلينا وأمامة بنت أبي العاص بنت ابنته على عنقه، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -في مصلاه وقمنا خلفه، وهي في مكانها الذي هي فيه ... وروى أشهب وعبد الله ابن نافع عن مالك أن ذلك للضرورة حيث لم يجد من يكفيه أمرها. قال القرطبي: وروى عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك أن الحديث منسوخ، قال الحافظ: روى ذلك الإسماعيلي عقب روايته للحديث من طريقه، لكنه غير صريح، ولفظه: قال التنيسي: قال مالك: من حديث النبي- صلى الله عليه وسلم - ناسخ ومنسوخ، وليس العمل على هذا. وقال النووي في "شرح مسلم" 5/ 27 - 28: ادعى بعض المالكية أن هذا الحديث منسوخ وبعضهم أنه من الخصائص، وبعضهم أنه كان لضرورة، وكل ذلك دعاوي باطلة مردودة لا دليل عليها بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك، وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع، لأن الآدمي طاهر، وما في جوفه من النجاسة معفو عنه، وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى تتبين النجاسة، والأعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت، ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك، وإنما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لبيان الجواز. وانظر "الاستتذكار" 6/ 312 - 316. (¬1) في (أ): جلوسًا. بالنصب على الحالية.

وهي على عاتِقِه، يضعُها إذا ركع، ويُعيدها إذا قام، حتى قضى صلاتَه يفعلُ ذلك بها (¬1). 919 - حدثنا محمد بن سلمةَ المُرادي، حدثنا ابنُ وهب، عن مَخرَمةَ، عن أبيه، عن عمرو بن سُليم الزرَقي، قال: سمعتُ أبا قتادة الأنصاريَّ يقول: رأيتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - يُصلّي للناس، وأُمامةُ بنتُ أبي العاص على عُنُقِه، فإذا سجد وَضَعَها (¬2). قال أبو داود: ولم يسمع مَخْرَمةُ من أبيه إلا حديثًا واحدًا. 920 - حدثنا يحيى بن خلف، حدثنا عبدُ الأعلى، حدثنا محمد - يعني ابنَ إسحاق-, عن سعيد بن أبي سعيد المَقبُري، عن عمرو بن سُليم الزُّرَقي عن أبي قتادةَ صاحبِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: بينما نحن ننتظرُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - للصلاة في الظهر أو العصر- وقد دعاه بلالٌ للصلاة - إذ خرج إلينا، وأُمامةُ بنتُ أبي العاص بنتُ ابنتِه على عُنُقِه، فقام ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وسعيد بن أبي سعيد: هو المقبري. وأخرجه البخاري (5996)، ومسلم (543) (43) , رالنسائي في "الكبرى" (792) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (543) (3) من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن سعيد المقبري، به. وهو في "مسند أحمد" (22584)، و "صحيح ابن حبان" (1110). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح، ورواية مخرمة - وهو ابن بكير بن عبد الله بن الأشج - عن أبيه وِجادة وغير واحد من المحققين يرى وجوب العمل بها عند حصول الثقة بما وجده. ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (543) (43) من طريق عبد الله بن وهب, بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (917).

رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -في مُصلاه، وقُمنا خلفَه، وهي في مكانها الذي هي فيه، قال: فكبَّر فكبَّرنا، قال: حتى إذا أراد رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -أن يركعَ أخَذَها فوضَعَها، ثم ركع وسجد، حتى إذا فَرَغَ من سُجوده ثم قام أخذَها فردّها في مكانها، فما زال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -يصنعُ بها ذلك في كل ركعةٍ حتى فَرَغَ من صلاتِه- صلى الله عليه وسلم - (¬1). 921 - حدثنا مُسلمُ بن إبراهيمَ، حدثنا على بن المبارك، حدثنا (¬2) يحيى ابن أبي كثير، عن ضَمْضم بن جَوس عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "اقتُلوا الأسوَدَينِ في الصَّلاة: الحيةَ والعَقْرَبَ" (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس ورواه بالعنعنة، لكنه متابع، فقد رواه عثمان بن أبي سليمان ومحمد بن عجلان، عن عامر بن عبد الله ابن الزبير، ومخرمة بن بكير، عن أبيه، كلاهما (عامر وبكير) عن عمرو بن سليم، به، وذكروا فيه أن النبي- صلى الله عليه وسلم -كان يؤم الناسَ في تلك الصلاة. ورواياتهم عند مسلم (543). وانظر ما سلف برقم (917). (¬2) في (أ): عن يحيي بن أبي كثير. (¬3) إسناده صحيح. وأخرجه الترمذي (391)، والنسائي في "الكبرى" (525) و (1126) و (1127)، وابن ماجه (1245) من طريقين عن يحيي بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (7178)، و"صحيح ابن حبان" (2351). والحديث يدل على جواز قتل الحية والعقرب ونحوهما من كل مؤذ في الصلاة من غير كراهية. قال ابن قدامة في "المغني" 2/ 398 - 399: ولا بأس بقتل الحية والعقرب في الصلاة، وبه قال الحسن والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي، وكرهه النخعي، لأنه يشغل عن الصلاة والأول أولى. =

169 - باب رد السلام في الصلاة

922 - حدثنا أحمد بن حنبل ومُسدد- وهذا لفظُه - قال: حدَّثنا بشر - يعني ابنَ المُفضل-، حدَثنا بُرد، عن الزهري، عن عروة بن الزبير عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -قال أحمد: يُصلِّي- والبابُ عليه مُغلق، فجئتُ فاستَفتَحتُ- قال أحمد: فمشى- ففتَحَ لي، ثم رجعَ إلى مُصلاَّه. وذكر أن البابَ كان في القِبلة (¬1). 169 - باب رد السلام في الصلاة 923 - حدثنا محمد بن عبد الله بن نُمير، حدَثنا ابن فُضيل، عن الأعمش، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ عن عبد الله، قال: كُنَّا نُسلَّمُ على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيردُّ علينا، فلما رَجَعنا من عند النجاشيِّ سَلَّمنا عليه فلم يردَّ علينا، وقال: "إن في الصَّلاة لَشُغُلًا" (¬2). ¬

_ = وقال الخطابي في "معالم السنن": فيه دلالة على جواز العمل اليسير في الصلاة وأن موالاة الفعل مرتين في حال واحد لا يفسد الصلاة، وذلك أن قتل الحية غالبًا إنما يكون بالضربة أو الضربتين، فأما إذا تتابع العمل، وصار في حد الكثرة بطلت الصلاة. قلنا: واستظهر شيخ الإسلام السرخسي أنها لا تفسد صلاته، لأن هذا عمل رخص فيه للمصلي فأشبه المشي بعد الحدث والاستقاء من البئر والتوضؤ. (¬1) إسناده صحيح. بُرد: هو ابن سنان الدمشقي. وأخرجه الترمذي (607)، والنسائي في "الكبرى" (528) من طريق برد بن سنان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (24027)، و"صحيح ابن حبان" (2355). وفي رواية النسائي وابن حبان: أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي تطوعًا، وقد أدرجه الترمذي تحت باب: ما يجوز من المشي والعمل في صلاة التطوع. (¬2) إسناده صحيح. ابن فضيل: هو محمد، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي، وعبد الله: هو ابن مسعود.=

924 - حدثنا موسى بن اسماعيلَ، حدثنا أبانُ، حدثنا عاصم، عن أبي وائل عن عبد الله، قال: كنا نُسلم في الصلاة ونأمرُ بحاجتنا، فقَدِمتُ على رسول الله- صلى الله عليه وسلم -وهو يُصلّي، فسَلمتُ عليه فلم يردَّ عليّ السلامَ، فأخذني ما قَدُمَ وما حَدُث، فلما قضى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة قال: "إنَّ الله عز وجل يُحدِثُ من أمرِه ما يشاءُ، وإن اللهَ تعالى قد أحدَثَ أن لا تكلَّموا في الصلاة" فرد عليَّ السلامَ (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1199)، ومسلم (538) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1019) من طريق أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله. وهو في "مسند أحمد" (3563). وانظر ما قبله. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم- وهو ابن أبي النجود - وباقي رجاله ثقات. أبان: هو ابن يزيد العطار، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (564) من طريق سفيان بن عيينة، عن عاصم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3575)، و"صحيح ابن حبان" (2243) و (2244). وأخرجه بنحوه النسائي (563) من طريق كلثوم بن المصطلق، عن ابن مسعود. وعلقه البخاري بصيغة الجزم عن ابن مسعود في كتاب التوحيد من "صحيحه" باب42. وانظر ما قبله. قوله: "فأخذني ما قدَمُ وما حَدُث" قال الخطابي: معناه الحزن والكآبة قديمها وحديثها، يريد أنه قد عاوده قديم الأحزان، واتصل بحديثها. قال في "المغني" 4/ 460: إذا سلَّم على المصلي لم يكن له ردُّ السلامِ بالكلام، فإن فعل بطلت صلاته. روي نحو ذلك عن أبي ذر وعطاء والنخعي، وبه قال مالك والشافعي وإسحاق وأبو ثور ...

925 - حدَثنا يزيد بن خالد بن مَوهَب وقتيبةُ بن سعيد، أن الليث حدثهم، عن بُكير، عن نابِلٍ صاحب العَبَاء، عن ابن عمر عن صُهيب أنه قال: مررتُ برسول الله- صلى الله عليه وسلم - وهو يُصلَّي، فسلَّمتُ عليه، فردَّ إشارةً، وقال: ولا أعلمُه إلا قال: إشارةً بأصبعه. وهذا لفظُ حديث قتيبة (¬1). 926 - حدّثنا عبد الله بن محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا زهير، حدَّثنا أبو الزبير عن جابر قال: أرسَلَني نبي الله - صلى الله عليه وسلم -إلى بنى المُصطَلِقِ، فأتيتُه وهو يُصلّي على بَعيرِه، فكلَمتُه، فقال لي بيده هكذا، ثمِ كلَمتُه فقال لي بيده هكذا، وأنا أسمعُه يقرأُ ويُومئُ برأسِه، قال: فلما فرَغَ قال: "ما فعلتَ ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل نابل صاحب العَبَاء، وباقي رجاله ثقات. الليث: هو ابن سعد، وبكير: هو ابن عبد الله بن الأشج. وأخرجه الترمذي (367)، والنسائي في "الكبرى" (1110) عن قتيبة، بهذا الإسناد وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (18931)، و"صحيح ابن حبان" (2259). وأخرجه النسائي (1111)، وابن ماجه (1017) من طريق سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر قال: أتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم -مسجد قباء يصلي فيه، فجاءت رجال من الأنصار يسلمون عليه، فسألت صهيبًا وكان معه: كيف كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم؟ قال: كان يشير بيده. وهذا أصح من أن صهيبًا هو الذي سلَّم. وهو في "مسند أحمد" (4568)، و"صحيح ابن حبان" (2258). وأخرجه الترمذي (368) من طريق هشام بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر بنحوه، إلا أنه ذكر بلالًا بدل صهيب. وهشام بن سعد فيه كلام يحطه عن درجة الصحيح، ولعل ذكر بلال من أوهامه، لكن قال الترمذي: كلا الحديثين عندي صحيح، لأن قصة صهيب غير قصة حديث بلال، وإن كان ابن عمر روى عنهما فاحتمل أن يكون سمع منهما جميعًا. وسيأتي حديث هشام بن سعد برقم (927).

في الذي أرسلتُكَ؟ فإنه لم يمنعني أن أُكلِّمَكَ إلا أني كنتُ أُصلّي" (¬1). 927 - حدَثنا الحسين بن عيسى الخُراسانى الدامَغَانيُّ، حدثنا جعفر بن عَون، حدثنا هشامُ بن سعدٍ، حدثنا نافع قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: خرج رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -إلى قُباءٍ يُصلّي فيه، قال: فجاءته الأنصارُ فسلَّموا عليه وهو يُصلي، قال: فقلتُ لبلال: كيف رأيتَ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -يردُّ عليهم حين كانوا يُسلّمون عليه وهو يُصلّي؟ قال: يقول هكذا، وبسطَ جعفرُ بن عون كفَّه، وجعلَ بطنَه أسفَلَ، وظهرَه إلى فوق (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي، وقد رواه عنه الليث فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه مسلم (540) (37) من طريق زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (540) (36)، والنسائي في "الكبرى" (1113)، وابن ماجه (1018) من طريق الليث بن سعد، والنسائى (1114) من طريق عمرو بن الحارث، كلاهما عن أبي الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (14345)، و"صحيح ابن حبان" (2516). وأخرجه بنحوه البخاري (1217)، ومسلم (540) (38) من طريق عطاء بن أبى رباح، عن جابر. وسيأتي مختصرًا بالصلاة على البعير بالإيماء برقم (1227). قال في "المغني":وإذا سلم عليه وهو في الصلاة، فإنه يرد السلام بالإشارة، وهذا قول مالك والشافعي وإسحاق وأبي ثور ... وإن رد عليه بعد فراغه من الصلاة فحسن روي هذا عن أبي ذر وعطاء والنخعي وداود. وقال النووي: وفي حديث جابر رضي الله عنه رد السلام بالإشارة، وأنه لا تبطل الصلاة بالإشارة ونحوها من الحركات اليسيرة. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل هشام بن سعد. وانظر تعليقنا على الحديث (925).

928 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدثنا عبد الرحمن بن مَهدي، عن سفيانَ، عن أبي مالك الأشجَعيّ، عن أبي حازم عن أبي هريرة، عن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -قال: "لا غِرارَ في صلاةٍ ولا تسليمٍ" (¬1). قال أحمد: يعني- فيما أُرى- أن لا تُسلمَ ولا يُسلَّمَ عليك، ويُغرِّرُ الرجلُ بصلاته فينصرفُ وهو فيها شاكٌّ. 929 - حدَّثنا محمد بن العلاء، حدثنا معاويةُ بن هشام، عن سفيانَ، عن أبي مالك، عن أبي حازم ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وأبو مالك الأشجعي: وهو سعد بن طارق، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي. وهو في "مسند أحمد" (9936)، ومن طريقه أخرجه الحاكم 1/ 264، والبيهقى 2/ 260 و261، والبغوي في "شرح السنة" (3299). وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1597) من طريق محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، به. وانظر ما بعده. قال الخطابي: أصل الغرار: نقصان لبن الناقة، فقوله: لا غرار، أي: لا نقصان في التسليم، ومعناه: أن ترد كما يُسلم عليك وافيًا لا نقص فيه، مثل أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله، فتقول: وعليكم السلام ورحمة الله، ولا تقتصر على أن تقول: عليكم السلام أو عليكم. وأما الغرار في الصلاة، فعلى وجهين: أحدهما: أن لا يُتم ركوعَه وسجوده. والآخر: أن يشك: هل صلى ثلاثًا أم أربعًا، فيأخذ بالأكثر، وينصرف بالشك. وقد جاءت السنة أن يطرح الشكَّ ويبني على اليقين، ويُصلى ركعة حتى يعلم أنه قد أكملها أربعًا.

170 - باب تشميت العاطس في الصلاة

عن أبي هريرة- قال: أُراه رفعَه- قال: " لا غِرارَ في تسليمٍ ولا صلاةٍ" (¬1). قال أبو داود: ورواه ابن فُضيل على لفظ ابن مَهْدي ولم يرفعه. 170 - باب تشميت العاطس في الصلاة 930 - حدثنا مُسدَّدٌ، حدَثنا يحيى (ح) وحدَّثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدَثنا إسماعيلُ بن إبراهيم- المعنى-، عن حجاج الصوَّاف، حدثني يحيى بن أبي كثير، عن هِلال بن أبي ميمونةَ، عن عطاءبن يسار عن معاوية بن الحكم السلَمي، قال: صلَّيتُ مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فعطس رجل من القوم فقلتُ: يرحَمُك الله، فرماني القومُ بأبصارهم، فقلتُ: واثُكْلَ أُمِّياه! ما شأنُكم تنظرون إليَّ؟! قال: فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فعرفتُ أنهم يُصَمِّتوني. قال عثمان: فلما رأيتُهم يُسكتوني، لكني سكت، فلما صلَى رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - بأبي وأمي- ما ضربني ولا كَهَرني ولا سبَّني، ثم قال: "إن هذه الصلاة لا يحلُّ فيها شيءٌ من كلام الناس هذا، إنما هو التسبيحُ والتكبيرُ وقراءةُ القرآن" أو كما قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -. ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل معاوية بن هشام، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الحاكم 1/ 264، والبيهقي 2/ 261 من طريق معاوية بن هشام، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

قلتُ: يا رسولَ الله، إنا قومٌ حديثُ عهدٍ بجاهليةٍ، وقد جاءنا اللهُ بالإسلام، ومنَّا رجالٌ يأتون الكُهَّانَ، قال: "فلا تأتِهم" قال: قلتُ: ومنَّا رجال يتطيرون، قال: "ذاك شيءٌ يجدونه في صُدورهم فلا يَصُدّهم" قلتُ: ومنَّا رجالٌ يخُطُون، قال: "كان نبيٌّ من الأنبياء يَخُطُّ، فمَن وافَقَ خطَّه فذاك". قال: قلتُ: جاريةٌ لي كانت ترعى غُنيماتِ قِبَلَ أُحُدٍ والجَوَّانيَّة إذ اطَّلَعتُ عليها اطلاعةَ فإذا الذئبُ قد ذهب بشاهِ منها، وأنا من بني آدم آسَفُ كما يأسَفون، لكني صككتُها صَكَّةَ، فعظَّمَ ذاك على رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقلتُ: أفلا أُعتِقُها؟ قال: "ائتِني بها" فجئتُه بها، فقال: "أين الله؟ " قالت: في السماء، قال: "مَن أنا؟ " قالت: أنتَ رسولُ الله، قال: "أعتِقْها، فإنها مُؤمنةَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حجاج الصواف: هو ابن أبي عثمان، وإسماعيل بن إبراهيم: هو المعروف بابن عُلَية، ويحيي: هو ابن سعيد القطان. وقال ابن عبد البر فى "الاستيعاب" (2347): أحسن الناس سياقًا لحديث معاوية بن الحكم يحيى بنُ أبي كثير، عن هلال ابن أبى ميمونة. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 432 و 8/ 33 و11/ 19 - 20، وأحمد (23762)، ومسلم (537) وبإثر (2227)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1399)، وابن الجارود (212)، وأبو عوانة (1728)، والبغوي في "شرح السنة" (726) من طريق حجاج الصواف، والطيالسي (1105)، وأبو عوانة (1727) من طريق أبان بن يزيد العطار، والطيالسي (1105) عن حرب بن شداد، ومسلم (537)، والنسائي في "الكبرى" (1142)، وأبو عوانة (1727)، وابن حبان (2247)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 249، وفي "الأسماء والصفات" ص421، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 79 - 80 من طريق الأوزاعي، أربعتهم عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرج قصة الجارية وحدها: مالك في "موطئه" 2/ 776 - 777، ومن طريق الشافعي في "الرسالة" (242)، والنسائي (7708) و (11401)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 283، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4992) و (5331)، والبيهقي في"السنن" 7/ 387 و10/ 57، والخطيب في" موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 187، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 76 و 77 و 78 و 79 عن هلال بن أسامة، عن عطاء ابن يسار، عن عمر بن الحكم (وهذا وهم من مالك رحمه الله في تسمية الصحابى، وصوابه معاوية بن الحكم). وستكرر قصة الجارية عند المصنف برقم (3282)، وانظر ما بعده. وأخرج قصة إتيان الكهان والتطير مسلم بإثر (2227) من طريق الزهري، عن أبي سلمة، عن معاوية بن الحكم. وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" (23762). ولقصة الجارية شاهد من حديث أبي هريرة عند البزار (38 - كشف الأستار)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 283 - 284، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4991) من طريقين عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبى سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. وهذا إسناد حسن. وسيأتي من طريق آخر عن أبي هريرة عند المصنف برقم (3284)، وحسن إسناده الحافظ الذهبي في "العلو" ص 16، وهو كما قال فقد رواه أحمد (7906)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 284 - 285، والبيهقي7/ 388 وابن عبد البر في "التمهيد" 9/ 115 من طريق يزيد بن هارون، وابن خزيمة 1/ 285 - 286 من طريق أسد بن موسى، و 1/ 286 من طريق أبي داود الطيالسى، والطبراني في "الأوسط" (2598) من طريق عبد الله بن رجاء، أربعتهم عن عبد الرحمن بن عبد الله ابن عتبة المسعودي، عن عون بن عبد الله بن عتبة، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة. لفظ حديث أسد وعبد الله بن رجاء: "مَن ربك؟ " فأشارت إلى السماء. وعبد الله بن رجاء ممن سمع من المسعودي قبل اختلاطه. ومن الأحاديث التي تدل على علوه سبحانه حديث أبي هريرة عند أحمد (8769)، وابن ماجه (4262)، وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 276 - 277، والطبري في "تفسيره" 8/ 177، وابن منده في "الإيمان" (1068) في قصة معراج الملائكة بروح المؤمن إلى السماء، وفيه: "حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل". وإسناده صحيح.=

931 - حدثنا محمد بن يونسَ النسائي، حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا فُلَيح، عن هِلال بن علي، عن عطاءبن يَسَار عن معاويةَ بن الحَكَم السُلَمي، قال: لما قدمتُ على رسول الله- صلى الله عليه وسلم - عُلّمتُ أمورًا من أمور الإسلام، فكان فيما عُلّمتُ أن قيل لي: "إذا عَطَستَ فاحمَدِ اللهَ، وإذا عَطَسَ العاطسُ فحَمِدَ اللهَ فقل: يرحمُكَ اللهُ" قال: فبينما أنا قائم مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -في الصلاة إذ عطسَ رجل فحَمِدَ اللهَ، فقلتُ: يرحمُكَ اللهُ رافعًا بها صوتي، فرماني الناسُ بأبصارهم حتى احتَمَلني ذلك، فقلتُ: ما لكم تنظرون إلىّ بأعيُنِ شُزْرٍ؟ قال: فسَبّحوا، فلمَّا قضى النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -قال: "مَن المتكلم؟ " قيل: هذا الأعرابى، فدعاني رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -، فقال لي: "إنما الصلاةُ لقراءة القرآن وذِكرِ الله، فإذا كنتَ فيها فليكن ذلك شأنَكَ" فما رأيتُ معلمًا قطُّ أرفَقَ من رسول الله- صلى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ = ولأبي هريرة أيضًا عند مسلم (1436) قال: قال رسول- صلى الله عليه وسلم -: "ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشها فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطًا عليها حتى يرضى عنها". ومنها حديث ابن عباس عند أحمد (2823) و (2824)، وأبى يعلى (2517)، وابن حبان (2904)، والضياء المقدسي في "المختارة" 10/ (288) في قصة ماشطة ابنة فرعون حين قالت له: "ربى وربك الذي في السماء"وإسناده صحيح. وانظر "الأسماء والصفات" للبيهقي ص 420 - 424، و"إثبات صفة العلو" للذهبي. (¬1) فليح - وهو ابن سليمان الخزاعي- حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وهذا منها، لكنه انفرد برواية أن العاطس حَمِدَ الله وهو يُصلي. هلال بن علي: هو ابن أبى ميمونة. وأخرجه البيهقي 2/ 249 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

171 - باب التأمين وراء الإمام

171 - باب التأمين وراء الإمام 932 - حدثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سفيانُ، عن سلمةَ، عن حُجر أبى العَنبَس الحضرمي عن وائل بن حُجر، قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -إذا قرأ {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: "آمين" ورفع بها صوتَه (¬1). 933 - حدَثنا مَخلَد بن خالد الشَعيريُّ، حدثنا ابن نُمير، حدثنا عليُّ بن صالح، عن سلمةَ بن كهَيل، عن حُجر بن عَنبَس عن وائل بن حُجر أنه صلَى خلفَ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فجهرَ بآمين، وسلَّم عن يمينه وعن شِماله حتى رأيتُ بياضَ خَدّه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه الترمذي (246) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (955) و (1006)، وابن ماجه (855) من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه. وعبد الجبار لم يسمع من أبيه. وهو في "مسند أحمد" (18842) و (18873). وانظر ما بعده. (¬2) صحيح، وهذا إسناد حسن على وهم في تسمية شيخ ابن نمير: "على بن صالح"، والصواب: العلاء بن صالح، كما نبه عليه الحافظ المزي في ترجمة العلاء من "تهذيب الكمال"، والعلاء صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. ابن نمير: هو عبد الله. وأخرجه الترمذى (247) من طريق عبد الله بن نمير، عن العلاء بن صالح، بهذا الإسناد، وقال: حديث حسن، وقال الحافظ في" التلخيص" 1/ 236 بعد أن نسبه إلى الترمذي وأبي داود والدارقطني وابن حبان: وسنده صحيح، وصححه الدارقطنى وأعله ابن القطان 3/ 374 بحجر بن عنبس، وأنه لا يعرف وأخطأ في ذلك، بل هو ثقة معروف، قيل: له صحبة ووثقه يحيى بن معين وغيره. =

934 - حدَثنا نصرُ بن علي، أخبرنا صفوان بن عيسى، عن بشر بن رافع، عن أبي عبد الله ابنِ عم أبي هريرة عن أبي هريرة، قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -إذا تلا: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قال: (آمين) حتى يُسمعَ مَن يليه من الصف الأول (¬1). 935 - حدثنا القَعنَبىُّ، عن مالك، عن سُمَىّ مولى أبي بكر، عن أبي صالح السمَّان عن أبي هريرة، أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قال الإمام: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين، فإنه من وافَقَ قولُه قولَ الملائكة: غُفِرَ له ما تقدم مِن ذنبه" (¬2). ¬

_ = وقد سلف الجهر بآمين بإسناد صحيح قبله. أما التسليم عن اليمين والشمال فله شاهد من حديث ابن مسعود سيأتى برقم (996). وآخر من حديث سعد بن أبي وقاص عند مسلم (582). (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف بشر بن رافع، وجهالة أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة. وأخرجه ابن ماجه (853) من طريق صفوان بن عيسى، بهذا الإسناد. وأخرج ابن حبان (1806)، والدارقطني (1274)، والحاكم 1/ 223، والبيهقي 2/ 58 من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم -إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال: "آمين". وأخرج النسائي في "المجتبى" (905)، وابن حبان (1797) من طريق نعيم بن عبد الله المجمر قال: صليتُ وراء أبي هريرة فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقال: آمين، فقال الناس: آمين ... الحديث، وقال في آخره: والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة (499). (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو صالح السمان: هو ذكوان. =

936 - حدثنا القَعنَبىّ، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المُسيّب وأبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرة، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا أمَّن الإمامُ فأمّنوا، فإنه مَن وافَقَ تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه". قال ابن شهاب: وكان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - يقول: "آمين" (¬1). ¬

_ = وهو في "موطأ مالك" 1/ 87, ومن طريقه أخرجه البخاري (782) و (4475)، والنسائي في "الكبرى" (1003) و (10916). وهو في "مسند أحمد" (9922)، و"صحيح ابن حبان" (1907). وأخرجه مسلم (410) (76) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه. وأخرجه مسلم (415) من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم -يعلمنا، يقول: "لا تبادروا الإمام، إذا كبّر فكبّروا، وإذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين ... ". وانظر ما بعده. وقوله: غفر له ما تقدم من ذنبه، قال الحافظ: ظاهره غفران جميع الذنوب الماضية، وهو محمول عند العلماء على الصغائر. (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو الزهري. وهو في "موطأ مالك"1/ 87، ومن طريقه أخرجه البخاري (780)، ومسلم (410) (72)، والترمذي (248)، والنسائي في "الكبرى" (1002). وأخرجه مسلم (410) (73)، وابن ماجه (852) من طريق يونس بن يزيد، وابن ماجه (852) من طريق معمر، كلاهما عن الزهري، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6402)، والنسائى (1000)، وابن ماجه (851) من طريق سفيان بن عيينة، والنسائي (1001) من طريق معمر، كلاهما عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، عن أبي هريرة. وأخرجه النسائي (999) من طريق محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. =

937 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي عثمان عن بلال أنه قال: يا رسولَ الله، لا تَسبِقْني بآمين (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (7187) و (9921)، و "صحيح ابن حبان" (1804). وأخرجه البخاري (781)، والنسائي (1004) من طريق الأعرج، ومسلم (410) (74) من طريق أبي يونس مولى أبي هريرة، و (75) من طريق همام بن منبه، ثلاثتهم عن أبى هريرة بنحوه. (¬1) رجاله ثقات، لكن روي عن عاصم - وهو ابن سليمان الأحول - عن أبي عثمان- وهو عبد الرحمن بن مل النهدي- بصيغة المتصل وبصيغة المرسل كما سيأتى في التخريج. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه عبد الرزاق (2636) - ومن طريقه أخرجه الطبراني (1124)، والبيهقي 2/ 56 - وابن عبد البر في" التمهيد" 7/ 15 و9/ 189من طريقين عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. ورواية ابن عبد البر في الموضع الأول: عن أبي عثمان أن بلالًا قال للنبي- صلى الله عليه وسلم - ... وأخرجه الشاشي في "مسنده" (976) من طريق على بن قادم، عن سفيان، به، إلا أنه قال: "عن بلال قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... " فجعله من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -،والأول أصح. وأخرجه أحمد (23920) عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عاصم، عن أبي عثمان قال: قال بلال للنبى - صلى الله عليه وسلم - ... وأخرجه الحاكم 1/ 219، والبيهقي 2/ 56 من طريق روح بن عبادة وآدم بن أبي إياس، عن شعبة، عن عاصم، عن أبي عثمان، عن بلال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تسبقني بآمين". وأخرجه البزار (1375) من طريق مغيرة بن مسلم، وابن خزيمة (573) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والطبرانى في "الكبير" (1125)، وفي"الأوسط" (7239) من طريق القاسم بن معن، والبيهقي 2/ 22 من طريق عباد بن عباد، أربعتهم عن عاصم، عن أبي عثمان، عن بلال أنه قال ... فذكره. =

938 - حدثنا الوليد بن عُتبة الدمشقي ومحمود بن خالد، قالا: حدَّثنا الفِريابي، عن صُبَيح بن مُحرِز الحِمصي، حدثنى أبو مُصَبِّح المَقْرائى، قال: كُنَّا نجلسُ إلى أبي زُهير النُّميري - وكان من الصحابة - فيتحدَّثُ أحسَنَ الحديث، فإذا دعا الرجلُ منا بدُعاء قال: اختِمْه بآمين، فإن آمين مثلُ الطابَع على الصحيفة، قال أبو زُهير: أُخبِرُكم عن ذلك، خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -ذاتَ ليلةٍ، فأتينا على رجلٍ قد ألحّ في المسألة، فوقف النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -يستمعُ منه، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم -: "أوجَبَ إن خَتَم"، فقال رجل من القوم: بأي شيءٍ يَختِمُ؟ فقال: "بآَمين، فإنه إن ختمَ بآَمين ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 425 عن حفص بن غياث، وأحمد (23883) عن محمد بن فضيل، والبيهقي 2/ 23 من طريق عبد الواحد بن زياد، ثلاثتهم عن عاصم، عن أبي عثمان قال: قال بلال للنبي- صلى الله عليه وسلم - ... وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 245 من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي: أن بلالًا قال للنبي- صلى الله عليه وسلم - ... وقد رجح المرسل أبو حاتم في "العلل" 1/ 116، والدارقطني وغيرهما، لكن قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" 2/ 23: أبو عثمان أسلم على عهد النبي- صلى الله عليه وسلم -، وسمع جمعًا كثيرًا من أصحابه - صلى الله عليه وسلم - كعمر بن الخطاب وغيره، فإذا روى عن بلال بلفظ (عن) أو (قال) فهو محمول على الاتصال على ما هو المشهور عندهم. وأخرجه الطبراني (6136) من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان: أن بلالًا قال ... ورجاله ثقات، إلا أن شيخ الطبراني فيه محمد بن العباس الأخرم، وكان قد اختلط قبل موته بسنة كما في "لسان الميزان" 5/ 216. وروى عبد الرزاق (2640) نحو قول بلال بلفظ: كان أبو هريرة يدخل المسجد وقد قام الإمام قبله، يقول: لا تسبقني بآمين، ورواه البخاري تعليقًا تحت باب جهر الإمام بالتأمين تجل الحديث (780) بلفظ"لا تَفُتني باَمين" وهو بمعنى لا تسبقني بآمين. والمعنى: لا تدعني أن يفوت مني القول بآمين، قال الحافظ: ومراد أبي هريرة أن يؤمن مع الإمام داخل الصلاة.

172 - باب التصفيق في الصلاة

فقد أوْجَبَ" فانصرفَ الرجلُ الذي سأل النبي- صلى الله عليه وسلم -فأتى الرجلَ فقال: اختِمْ يا فلان بآمين، وأبشِرْ. وهذا لفظ محمود (¬1). قال أبو داود: المَقْرائي قَبيل من حِمَير. 172 - باب التصفيق في الصلاة 939 - حدثنا قتيبةُ بن سعيد، حدثنا سفيانُ، عن الزهري، عن أبي سلمةَ عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "التسبيحُ للرجال، والتصفيقُ للنساء" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة صحبيح بن محرز الحمصي، فقد انفرد بالرواية عنه الفريابي- وهو محمد بن يوسف- وذكره ابن حبان في "الثقات". وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1443)، والطبرانى 22/ (756)، وابن منده في كتابه في "الصحابة" - كما في "الإصابة" 7/ 156 - ، والمزي في ترجمة صحبيح من "تهذيب الكمال" 13/ 111 من طريق محمد بن يوسف الفريابي، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عرف. وأخرجه البخاري (1203)، ومسلم (422) (106)، والنسائي في "الكبرى" (1131)، وابن ماجه (1034) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (422) (106)، والنسائي (1132) من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة. وأخرجه مسلم (422) (157)، والترمذي (369)، والنسائي (1133) و (1134) من طرق عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7285) و (7550)، و"صحيح ابن حبان" (2262). وانظر ما سيأتى برقم (944). وفي الحديث أن السنة لمن نابه شيء في صلاته كإعلام من يستأذن عليه وتنبيه الإمام وغير ذلك أن يُسبح إن كان رجلًا، فيقول: سبحان الله، وأن تصفق إن كانت امرأة فتضرب بطن كلفها الأيمن على ظهر كفها الأيسر.

940 - حدَثنا القعنبي، عن مالك، عن أبي حازم بن دينار عن سهل بن سعد: أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -ذهبَ إلى بني عمرو بن عوف ليُصلحَ بينهم، وحانَتِ الصلاةُ، فجاء المُؤذَّنُ إلى أبي بكر وقال: أتُصلّي بالناس فأُقيمَ؟ قال: نعم، فصلّى أبو بكر، فجاء رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - والناسُ في الصلاةِ، فتخلَّصَ حتى وقفَ في الصف، فصَفقَ الناسُ، وكان أبو بكر لا يلتفتُ في الصلاة، فلمَّا أكثَرَ الناسُ التصفيقَ التَفَتَ فرأى رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -، فأشارَ إليه رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -أنِ امكُثْ مكانَكَ، فرفع أبو بكر يَدَيهِ فحمدَ اللهَ على ما أمَرَه به رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - من ذلك، ثم استأخَرَ أبو بكر حتى استوى في الصَفَّ، وتقدمَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -فصلّى، فلمَّا انصَرَفَ قال: "يا أبا بكر، ما منعَكَ أن تثبُتَ إذ أمرتُك؟ " قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قُحافةَ أن يُصليَ بين يدي رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما لي رأيتكم أكثَرتُم من التصفيح؟ مَن نابَه شيءٌ في صلاتِه فليُسبح، فإنه إذا سبَّحَ التُفِتَ إليه، وإنما التصفيحُ للنساء" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو حازم بن دينار: هو سلمة. وهو في "موطأ مالك"1/ 163 - 164، ومن طريقه أخرجه البخاري (684)، ومسلم (421) (102). وأخرجه البخاري (1201)، ومسلم (421)، والنسائي في "الكبرى" (529) و (861) و (1107)، وابن ماجه (1035) من طرق عن أبي حازم، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (22801) و (22852)، و"صحيح ابن حبان" (2260). وانظر ما بعده.

قال أبو داود: وهذا في الفريضة (¬1). 941 - حدثنا عمرو بن عون، أخبرنا حمَّاد بن زيد، عن أبي حازم عن سهل بن سعد، قال: كان قتالٌ بين بني عَمرو بن عوف، فبلغ ذلك النبيّ- صلى الله عليه وسلم -، فأتاهم ليُصلحَ بينهم بعدَ الظهر، فقال لبلال: "إنْ حضرت صلاةُ العَصر ولم آتِكَ، فمُر أبا بكر فليُصَل بالناس" فلمّا حضرتِ العَصرُ أذنَ بلال، ثم أقام، ثم أمر أبا بكر فتقدّمَ. قال في آخره: "إذا نابكم شئ في الصلاة فليُسبحِ الرجالُ وليُصَفحِ النساءُ" (¬2). ¬

_ = وقوله: ذهب إلى بني عمرو بن عوف. قال الحافظ: أي ابن مالك بن الأوس، والأوس أحد قبيلتي الأنصار وهما الأوس والخزرج، وبنو عمرو بن عوف بطن كبير من الأوس، فيه عدة أحياء كانت منازلهم بقباء. قال الحافظ: وفى هذا الحديث فضل الإصلاح بين الناس، وجمع كلمة القبيلة، وحسم مادة القطيعة، وتوجه الإمام بنفسه إلى بعض رعيته لذلك، وتقديم مثل ذلك على مصلحة الإمامة بنفسه. واستنبط منه توجه الحاكم لسماع دعوى بعض الخصوم إذا رجح ذلك على استحضارهم. وفيه جواز الصلاة الواحدة بإمامين أحدهما بعد الآخر، وأن الإمام الراتب إذا غاب يستخلف غيره، وأنه إذا حضر بعد أن دخل نائبه فى الصلاة يتخير بين أن يأتم به أو يؤم هو ويصير النائب مأمومًا من غير أن يقطع الصلاة، ولا يبطِل شئ من ذلك صلاةَ أحدٍ من المأمومين، وادعى ابن عبد البر أن ذلك من خصائص النبي- صلى الله عليه وسلم -, وادعى الإجماع على عدم جواز ذلك لغيره- صلى الله عليه وسلم -ونُوقِض بأن الخلاف ثابت، فالصحيح المشهور عند الشافعية الجواز. وعن ابن القاسم فى الإمام يحدث فيستخلف ثم يرجع فيخرج المستخلف، ويتم الأول أن الصلاة صحيحة. (¬1) قوله: قال أبو داود ... زيادة أثبتناها من (د). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (870) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22816)، و"صحيح ابن حبان" (2261).

173 - باب الإشارة في الصلاة

942 - حدثنا محمود بن خالد، حدثنا الوليد، عن عيسى بن أيوب قال: قولُه: "التصفيحُ للنساء" تَضرِبُ بإصبَعَين من يمينها على كفها اليُسرى. 173 - باب الإشارة في الصلاة 943 - حدثنا أحمد بن محمد بن شَبويه ومحمدُ بن رافع، قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري عن أنس بن مالك: أن النبي- صلى الله عليه وسلم -كان يُشيرُ في الصلاة (¬1). 944 - حدثنا عبدُ الله بن سعيد، حدثنا يونسُ بن بُكيرٍ، عن محمد بن إسحاقَ، عن يعقوب بن عُتبة بن الأخنس، عن أبي غَطَفان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "التسبيحُ للرجال- يعني في الصلاة- والتصفيقُ للنساء، مَن أشار في صلاته إشارةَ تُفهَم عنه فليَعُد لها" يعني الصلاة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد الأزدي. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (3276)، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد (1162)، وأحمد (12407)، وأبو يعلى (3569) و (3588)، وابن خزيمة (885)، وابن حبان (2264)، والدارقطني (1868)، والبيهقى 2/ 262، والسهمي في"تاريخ جرجان" ص105, والضياء في "المختارة" (2605) و (2606). وأخرجه الطبراني في"الأوسط" (3814)، وفي "الصغير" (695) - ومن طريقه الضياء في "المختارة" (2607) - من طريق يزيد بن السمط، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن أنس. (¬2) إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس ورواه بالعنعنة. ومع هذا قال الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 90: حديث جيد. أبو غطفان: هو ابن طريف أو ابن مالك المُرِّي، وقد وثقه النسائي وابن حبان. وأخرجه إسحاق بن راهويه في"مسنده" (543)، والطحاوي 1/ 453، والدارقطني (1866) و (1867) من طريقين عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. ونقل الدارقطني عن =

174 - باب مسح الحصى في الصلاة

قال أبو داود: هذا الحديث وَهْم. 174 - باب مسح الحصى في الصلاة 945 - حدَثنا مُسدَد، حدَثنا سفيانُ، عن الزهري، عن أبي الأحوص شيخٍ من أهل المدينة أنه سمع أبا ذر يرويه عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا قام أحدكم إلي الصلاة فإن الرحمةَ تُواجِهُه، فلا يمسَحِ الحصى" (¬1). 946 - حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام، عن يحيي، عن أبي سلمةَ عن مُعَيقيبٍ، أن النبي- صلى الله عليه وسلم -قال: "لا تمسَحْ وأنت تُصلّي، فإن كنتَ لا بدَّ فاعِلًا فواحدةً، تسويةَ الحصى" (¬2). ¬

_ = ابن أبي داود تضعيفه بجهالة أبي غطفان! وقوله: ولعله من قول ابن إسحاق، والصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يشير بيده. وقال في"عون المعبود" 3/ 155 تعليقًا على قول أبي داود: هذا الحديث وهم: وقد صحت الإشارة المفهمة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رواية أم سلمة في حديث الركعتين بعد العصر ومن حديث عائشة وجابر لما صلَّى بهم جالسًا في مرض فقاموا خلفه، وأشار اليهم أن اجلسوا وقد تقدم أحاديث الإشارة في الصلاة لرد السلام. وقوله: "التسبيح للرجال والتصفيق للنساء" سلف بإسناد صحيح برقم (939). (¬1) إسناده محتمل للتحسين من أجل أبي الأحوص، وقد سلف الكلام عليه عند حديثه السالف برقم (909). وقد صحح هذا الحديث ابن خزيمة وابن حبان وابن حجر في "بلوغ المرام"، وحسَّنه الترمذي. وأخرجه الترمذي (380)، والنسائي في "الكبرى" (537) و (1115) , وابن ماجه (1027) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21330)، و"صحيح ابن حبان" (2273). (¬2) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله سنبر الدستوائي، ويحيى: هو ابن أبي كثير، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. =

175 - باب الرجل يصلي مختصرا

175 - باب الرجل يصلي مختصرًا 947 - حدثنا يعقوبُ بن كعبٍ، حدثنا محمد بن سلمةَ، عن هشام، عن محمد عن أبي هريرة قال: نهى رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -عن الاختصارِ في الصلاة (¬1). قال أبو داود: يعني يضع يده على خاصِرَتِه. 176 - باب الرجل يعتمد في الصلاة على عصا 948 - حدثنا عبد السلام بن عبد الرحمن الوابِصيُّ، حدَثنا أبي، عن شَيبان، عن حُصَين بن عبد الرحمن، عن هِلال بن يِساف، قال: قدمتُ الرّقَّةَ فقال لي بعضُ أصحابي: هل لك في رجلٍ من أصحاب النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -؟ قال: قلتُ: غَنيمة، فدُفِعنا إلى وابِصَةَ، قلتُ لصاحبي: نبدأ فننظرُ إلى دَلَّه، فإذا عليه قَلَنسُوَة لاطِئةٌ ذاتُ أُذنين، وبُرنُسُ خَزٍّ أغبرُ، وإذا هو معتمدٌ على عصًا في صلاته، فقُلنا بعدَ أن سَلَّمنا، فقال: حدَّثتني أمُ قيسٍ بنتُ مِحْصَنٍ: أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم - لما أسنَّ وحملَ اللحمَ اتخذَ عمودًا في مُصلاه يعتمدُ عليه (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1207)، ومسلم (546)، والترمذي (381)، والنسائي في "الكبرى" (538)، وابن ماجه (1026) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15509)، و"صحيح ابن حبان" (2275). (¬1) إسناده صحيح. هشام: ابن حسان القردوسي، ومحمد: هو ابن سرين. وأخرجه البخاري (1219) و (1220)، ومسلم (545)، والترمذي (384)، والنسائي في "الكبرى" (966) من طرق عن محمد بن سيرين، به. وهو في "مسند أحمد" (7175)، و"صحيح ابن حبان" (2285) و (2286). وفي الباب عن ابن عمر سلف برقم (903). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الرحمن الوابصي، فقد تفرد بالرواية عنه ابنه عبد السلام، وذكره ابن حبان في "الثقات". =

177 - باب النهي عن الكلام في الصلاة

177 - باب النهي عن الكلام في الصلاة 949 - حدثنا محمد بن عيسى، حدثنِا هُشيم، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الحارث بن شُبَيل، عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم، قال: كان أحدُنا يُكلِّمُ الرجل إلى جَنبِه في الصلاة، فنزلت {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فأُمِرنا بالسُّكوت ونُهينا، عن الكلام (¬1). 178 - باب في صلاة القاعد 950 - حدّثنا محمدُ بن قُدامةَ بن أعيَنَ، حدثنا جرير، عن منصورٍ، عن هِلالٍ - يعني ابنَ يِساف - ,عن أبي يحيى ¬

_ وأخرجه الطبراني 25/ (434) - ومن طريقه المزي في ترجمة عبد الرحمن من "تهذيب الكمال" 17/ 184 - من طريق عبد السلام الوابصي، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم 1/ 264 - 265 - وعنه البيهقي 2/ 288 - من طريق شيبان بن عبد الرحمن، عن حصين بن عبد الرحمن، به. وإسناده صحيح. وقد ثبت اعتماد الصحابة رضي الله عنهم على العصا فى صلاة التراويح فقد روى مالك فى "الموطأ" 1/ 115 عن السائبْ بن يزيد، قال: أمر عمر أبى بن كعب وتميمًا الداري أن يقوما للناس في رمضان بإحدى عشرة ركعة، فكان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العِصي من طول القيام، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر. (¬1) إسناده صحيح. هشيم: هو ابن بشير. وأخرجه البخاري (1200)، ومسلم (539)، والترمذي (407) و (3228)، والنسائي في "الكبرى" (562) و (1143) و (10981) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19278)، و"صحيح ابن حبان" (2245) و (2246). قال في"الفتح" 3/ 75: أجمعوا على أن الكلام في الصلاة من عالم بالتحريم عامد لغير مصلحتها أو إنقاذ مسلم مبطل لها، واختلفوا في الساهي والجاهل، فلا يبطلها القليل منه عند الجمهور، وأبطلها الحنفية مطلقًا.

عن عبد الله بن عمرو، قال: حُدّثتُ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صلاةُ الرجلِ قاعدًا نصفُ الصلاة" فأتيتُه فوجدتُه يُصلي جالسًا، فوضعتُ يدي على رأسي، فقال: "ما لَكَ يا عبدَ الله بنَ عمرو؟ " قلتُ: حُدّثتُ يارسولَ الله أنك قلتَ: "صلاةُ الرجل قاعدًا نصفُ الصلاة" وأنت تُصلي قاعدًا، قال: "أجل، ولكني لستُ كأحدٍ منكم" (¬1). 951 - حدثنا مُسدد، حدثنا يحيى، عن حُسين المُعلِّم، عن عبد الله بن بُريدة عن عِمران بن حُصَين: أنه سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن صلاةِ الرجلِ قاعدًا فقال: "صلاتُه قائمًا أفضلُ من صلاته قاعدًا، وصلاتُه قاعدًا على النصفِ من صلاته قائمًا، وصلاتُه نائمًا على النصفِ من صلاتهِ قاعدًا" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو يحيى: هو مصدع الأعرج. وأخرجه مسلم (735)، والنسائى في "الكبرى" (1365) من طرق عن منصور، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6512). وأخرجه مختصرًا بلفظ: "صلاة الجالس على النصف من صلاة القائم" ابن ماجه (1229) من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن عبد الله بن باباه، عن عبد الله بن عمرو. وقد اختلف في إسناده على حبيب بن أبى ثابت كما بيَّناه في تعليقنا على "سنن ابن ماجه". وأخرجه النسائى في "الكبرى" (1376) من طريق الزهري، عن عيسى بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا. وقال: هذا خطأ، والصواب: الزهري عن عبد الله بن عمرو مرسل. قلنا: أخرجه مالك 1/ 136 عن الزهرى عن عبد الله بن عمرو. (¬2) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وحسين المعلم: هو ابن ذكوان. وأخرجه البخاري (1115) و (1116)، والترمذي (371)، والنسائي في "الكبرى" (1366)، وابن ماجه (1231) من طرق عن حسين المعلم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19887)، و"صحيح ابن حبان" (2513). وانظر ما بعده.

952 - حدثنا محمد بن سليمان الأنباريُ، حدَثنا وكيع، عن إبراهيمَ بن طَهمان، عن حُسين المُعلم، عن ابن بُريدة عن عِمران بن حُصين، قال: كان بيَ النّاصورُ، فسألتُ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - فقال: "صَل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جَنْبِ" (¬1). 953 - حدَثنا أحمدُ بن عبد الله بن يونسَ، حدثنا زُهير، حدَثنا هشام بن عُروة، عن عُروة عن عائشة قالت: ما رأيتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -يقرأُ في شيء من صلاةِ الليل جالساً قط، حتى دخلَ في السِّنِّ، فكان يجلسُ فيقرأُ، حتى إذا بقي أربعون أو ثلاثون (¬2) آيةَ قَام فقرأها ثم سجد (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (1117) من طريق إبراهيم بن طهمان، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. قال الحافظ: استدل به من قال: لا ينتقل المريض بعد عجزه عن الاستلقاء إلى حالة أخرى كالإشارة بالرأس ثم الايماء بالطرف، ثم إجراء القرآن والذكر على اللسان ثم على القلب، لكون جميع ذلك لم يذكر في الحديث، وهو قول الحنفية والمالكية وبعض الشافعية، وقال بعض الشافعيِة بالترتيب المذكور، وجعلوا مناط الصلاة حصول العقل فحيث كان حاضر العقل لا يسقط عنه التكليف بها فيأتي بما يستطيعه بدليل قوله- صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم". (¬2) هكذا في (ج) و (هـ)، وفي (أ) و (ب) و (د): بقّى أربعين أو ثلاثين. بالنصب على المفعولية. (¬3) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي. وأخرجه البخاري (1118)، ومسلم (731) (111)، والنسائي في "الكبرى" (1360)، وابن ماجه (1227) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (4837) من طريق أبي الأسود، عن عروة، به. =

954 - حدَثنا القَعنَبي، عن مالك، عن عبد الله بن يزيد وأبي النَّضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة زوج النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -: أنَّ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -كان يصلي جالساً، فيقرأ وهو جالِسٌ، فإذا بقي من قراءتِه قَدرُ ما يكون ثلاثين أو أربعين آيةَ قام فقرأها وهو قائمٌ، ثم ركع، ثم سجد، ثم يفعلُ في الركعة الثانية مِثلَ ذلك (¬1). قال أبو داود: رواه علقمة بن وقَّاص، عن عائشة، عن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - نحوه (¬2). 955 - حدَثنا مُسدد، حدثنا حماد بن زيد، قال: سمعت بُدَيلَ بن مَيسرة وأيوبَ يُحدّثان، عن عبد الله بن شَقيق عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي ليلاً طويلاً قائماً، وليلاً طويلاً قاعداً، فإذا صلَّى قائماً ركع قائماً، وإذا صلى قاعداً ركع قاعداً (¬3). ¬

_ = وأخرجه مسلم (731) (113)، والنسائي في "المجتبى" (1650)، وابن ماجه (1226) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24191)، و"صحيح ابن حبان " (2509). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو النضر: هو سالم بن أبي أمية. وهو في "موطأ مالك" 1/ 138، ومن طريقه أخرجه البخارى (1119)، ومسلم (731) (112)، والترمذي (375)، والنسائي في "المجتبى" (1648). وهو في "مسند أحمد" (25449). (¬2) رواية علقمة أخرجها مسلم (731) (114)، وستأتي برقم (1351). (¬3) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. =

179 - باب كيف الجلوس في التشهد؟

956 - حدثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدثنا يزيدُ بن هارونَ، أخبرنا كَهمَسُ ابن الحسن، عن عبد الله بن شَقيق، قال: سألتُ عائشة: أكان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -يقرأُ السورةَ في ركعةٍ؟ قالت: المُفصَّلَ. قال: قلتُ: فكان يُصلي قاعداً؟ قالت: حين حَطَمَه الناسُ (¬1). 179 - باب كيف الجلوس في التشهد؟ 957 - حدثنا مُسدد، حدثنا بشر بن المُفضّل، عن عاصم بن كلَيب، عن أبيه عن وائل بن حُجر، قال: قلتُ: لأنظُرَنّ إلى صلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم - كيف يُصلي، فقام رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -، فاستقبَلَ القِبلةَ فكبّر، فرفع يديه حتَى حاذتا بأُذُنيه، ثم أخذ شِمالَه بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعَهما مِثلَ ذلك، قال: ثم جلس فافتَرَشَ رِجلَه اليُسرى، ووضع يدَه اليُسرى ¬

_ = وأخرجه مسلم (730) (106) و (107)، والنسائي في "الكبرى" (1359) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذى (376)، والنسائي في "المجتبى" (1647)، وابن ماجه (1228) من طرق عن عبد الله بن شقيق، به. وهو في "مسند أحمد" (25904)، و"صحيح ابن حبان" (2631). (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (732) (115)، والنسائي في "الكبرى" (334) من طريقين عن عبدالله بن شقيق، به. وهو في "مسند أحمد" (25385). والمفصل: في المراد به أقوال، أصحها أنه من سورة (ق) إلى آخر القرآن. قاله الحافظ في "الفتح" 2/ 195. وقولها: "حين حطمه الناس" أي: كبر فيهم، كأنه لمّا حمل أمورهم وأثقالهم واعتنى بمصالحهم، صيَّروه شيخاً محطوماً. قاله النووى في "شرح صحيح مسلم".

على فَخِذه اليُسرى، وحدّ مِرفَقِه الأيمنِ على فَخِذِه اليُمنى، وقبض ثِنتَين وحَلّقَ حَلقةً، ورأيتُه يقولُ هكذا، وحلّقَ بِشر الإبهامَ والوسطى وأشار بالسّبَّابة (¬1). 958 - حدثنا عبدُ الله بن مسلمةَ (¬2)، عن مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عمر قال: سُنّةُ الصلاة أن تَنصِبَ رِجلَك اليُمنى، وتثني رِجلَك اليُسرى (¬3). 959 - حدثنا ابن معاذ، حدَثنا عبد الوهاب، قال: سمعت يحيى، قال: سمعتُ القاسم يقول: أخبرني عبد الله بن عبد الله أنه سمع عبد الله بن عمر يقول: من سُنّةِ الصلاة أن تُضجِعَ رجلَك اليُسرى وتَنصِبَ اليُمنى (¬4). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل كليب والد عاصم. وهو مكرر ما سلف برقم (726). (¬2) هذا الحديث والأحاديث الأربعة التي تليه ليست في رواية أبي علي اللؤلؤي، وقد أثبتناها من هامش (هـ)، ومن "تحفة الأشراف" للمزي 5/ 470 - 471 (7269) وأشارا إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي. (¬3) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 1/ 89، ومن طريقه أخرجه البخاري (827). وانظر ما بعده. (¬4) إسناده صحيح. ابن معاذ: هو عبيد الله العنبري، وعبد الوهاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي، ويحيى: هو ابن سعيد الأنصاري، والقاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (747) من طريق الليث بن سعد، و (748) من طريق عمرو بن الحارث، كلاهما عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله وما بعده.

180 - باب من ذكر التورك في الرابعة

960 - حدَثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدَثنا جرير، عن يحيى بإسناده مثله (¬1). قال أبو داود: قال حماد بن زيد، عن يحيى أيضاً: من السُّنَّة، كما قال جرير. 961 - حدثنا القعنبىّ، عن مالك، عن يحيى بن سعيد: أن القاسمَ بنَ محمد أراهم الجلوسَ في التشهُد، فذكر الحديثَ (¬2). 962 - حدَثنا هنّادُ بن السّرِي، عن وكيع، عن سفيانَ، عن الزبير بن عَدي عن إبراهيمَ، قال: كان النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -إذا جلسَ في الصلاة افتَرَشَ رِجلَه اليُسرى حتى اسود ظَهرُ قَدَمِه (¬3). 180 - باب مَن ذكر التورُّك في الرابعة 963 - حدثنا أحمد بن حنبلِ، حدَثنا أبو عاصم الضحَّاك بن مَخلَدٍ، أخبرنا عبد الحميد- يعني ابنَ جعفر- (ح) وحدَثنا مُسدَد، حدَثنا يحيى، حدَثنا عبد الحميد- يعني ابنَ جعفر-،حدَثني محمد بن عمرو ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي. (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في"موطأ مالك" 1/ 190. (¬3) رجاله. ثقات، لكنه مرسل. سفيان: هو الثوري، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 284 عن وكيع، بهذا الإسناد. ويشهد له ما أخرجه عبد الرزاق (3049) عن ابن جريج قال: أخبرنا خالد - وهو الحذاء - قال: بلغني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا جلس في مثنى تبطَّن اليسرى فجلس عليها، وجعل قدمه تحت أليته حتى اسودّ بالبطحاء ظهر قدمه.

عن أبي حُميد الساعِدِي، قال: سمعتُه في عشرةٍ من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -وقال أحمد: قال: أخبرني محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حُميد الساعِدِيَّ في عشرةٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم أبو قتادة، قال أبو حُميد: أنا أعلمُكم بصلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، قالوا: فاعرِضْ، فذكر الحديثَ. قال: ويَفتَخُ أصابعَ رِجلَيه إذا سجد، ثم يقول: "اللهُ أكبرُ" ويرفعُ، ويثني رِجلَه اليُسرى فيقعدُ عليها، ثم يصنعُ في الأخرى مِثلَ ذلك، فذكر الحديثَ. قال: حتى إذا كانت السجْدةُ التي فيها التسليمُ أخَّرَ رِجلَه اليُسرى وقعد مُتوركاً على شِقه الأيسر. زاد أحمد: قالوا: صدقتَ، هكذا كان يُصلّي، ولم يذكرا في حديثهما الجُلوسَ في الثنتَين كيف جلس (¬1). 964 - حدثنا عيسى بن إبراهيم المصري، حدَّثنا ابنُ وهب، عن الليث، عن يزيدَ بن محمد القرشي ويزيدَ بن أبي حبيب، عن محمد بن عمرو بن حَلحَلة، عن محمد بن عمرو بن عطاء أنه كان جالساً مع نَفَرِ من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، بهذا الحديث، ولم يذكر أبا قتادة، قال: فإذا جلسَ في الركعتين جلسَ على رِجلِه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، لكن في ذكر أبي قتادة نظر، نبه عليه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 2/ 462، وانظر "فتح الباري" 2/ 307. وقد سلف برقم (730). وانظر الأحاديث الآتية بعده.

اليُسرى، فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدَّمَ رِجلَه اليُسرى وجلسَ على مَقعَدَتِه (¬1). 965 - حدثنا قتيبةُ، حدّثنا ابن لَهيعة، عن يزيدَ بن أبي حبيب، عن محمد ابن عمرو بن حَلحَلة، عن محمد بن عمرو العامِري، قال: كنتُ في مجلسٍ، بهذا الحديث، قال فيه: فإذا قعدَ في الركعتَين قعدَ على بَطنِ قَدمِه اليُسرى، ونصَبَ اليُمنى، فإذا كانتِ الرابعةُ أفضى بوَرِكِه اليُسرى إلى الأرض، وأخرَجَ قدمَيهِ من ناحيةٍ واحدةٍ (¬2). 966 - حدثنا علي بن الحسين بن ابراهيم، حدَّثنا أبو بدر، حدّثنا زهيرٌ أبو خَيثمةَ، حدثنا الحسن بن الحُرّ، حدثنا عيسى بن عبد الله بن مالك عن عبّاس- أو عيّاش- بن سهل الساعِدِي، أنه كان في مَجلِسٍ فيه أبوه، فذكر فيه قال: فسجد فانتَصَبَ على كفيهِ ورُكبَتَيهِ وصُدور قَدَمَيهِ وهو جالس، فتورَّك ونصبَ قَدَمَه الأخرى، ثم كبّر فسجد، ثم كبر فقام ولم يتورَّك، ثم عاد فركع الركعةَ الأخرى فكبّر كذلك، ثم جلس بعد الركعتين، حتى إذا هو أراد أن ينهضَ للقيام قام بتكبيرٍ، ثم ركع الركعتَين الأُخرَيَين، فلمّا سلّم سلّم عن يمينه وعن شِماله (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، والليث: هو ابن سعد. وقد سلف برقم (732). (¬2) إسناده حسن، رواية قتيبة عن ابن لهيعة - واسمه عبد الله - قوية، وباقي رجاله ثقات. وقد سلف برقم (731). (¬3) هو مكرر الحديث (733)، لكن في إسناده هناك زيادة محمد بن عمرو بن عطاء بين عيسى بن عبد الله بن مالك وعباس بن سهل.

181 - باب التشهد

قال أبو داود: لم يذكر في حديثه ما ذكر عبدُ الحميد في التورك والرفع إذا قام من ثِنتَين. 967 - حدثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الملك بن عمرو، أخبرني فُلَيح، أخبرني عبّاس بن سهل قال: اجتَمَعَ أبو حُميد وأبو أُسَيد وسهلُ بن سعد ومحمد بن مسلمةَ، فذكر هذا الحديث، لم يذكر الرفعَ إذا قام من ثِنتَين ولا الجلوسَ، قال: حتى فَرَغَ، ثم جلس، فافترشَ رِجلَه اليُسرى، وأقبَلَ بصدر اليُمنى على قِبلَتِه (¬1). 181 - باب التشهُّد 968 - حدثنا مُسدد، حدثنا يحيى، عن سليمانَ الأعمشِ، حدَثني شَقيقُ ابن سلمةَ عن عبد الله بن مسعود قال: كنّا إذا جلسنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -في الصلاة قلنا: السلامُ على الله قبلَ عِبادهِ، السلامُ على فلان وفلان، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لا تقولوا: السلامُ على الله، فإن الله هو السلامُ، ولكن إذا جلس أحدُكم فليقل: التحيّاتُ لله، والصلواتُ والطيبات السلام عليك أيّها النبي ورحمةُ الله وبركاتُه، السلامُ علينا وعلى عِبادِ الله الصالحين- فإنكم إذا قُلتُم ذلك أصابَ كل عبدٍ صالحٍ في السماء والأرض أو: بين السماء والأرض- أشهدُ أن لا إله إلا الله، وأشهد ¬

_ (¬1) إسناده حسن في المتابعات من أجل فليح، وهو ابن سليمان المدني. وقد سلف برقم (967).

أن محمداً عبدُه ورسولُه، ثم ليتخيَّر أحدُكم من الدُّعاءِ أعجَبَه إليه فيدعو به" (¬1). 969 - حدَّثنا تميم بن المُنتصر، أخبرنا إسحاقُ- يعني ابنَ يوسف-,عن شَريك، عن أبي إسحاقَ، عن أبي الأحوص ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وسليمان الأعمش: هو ابن مهران، وشقيق بن سلمة: هو أبو وائل. وأخرجه البخاري (831) و (835) ر (6230)، رمسلم (402) و (58) ,والنسائي في "الكبرى" (760)، وابن ماجه (899) و (899/ م 1) و (899/ م 2) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3622)، و"صحيح ابن حبان" (1948). وأخرجه البخاري (1202) و (6328) و (7381)، ومسلم (402) (55) و (56) و (57)، والنسائي (759)، وابن ماجه و (899/ م ا) و (899/ م 2) من طرق عن أبي وائل، به. وأخرجه البخاري (6265) ومسلم (402) (59)، والترمذي (288)، والنسائي في "الكبرى" (752 - 758) و (761)، وابن ماجه (899/ م 1) و (899/ م 2) من طرق عن ابن مسعود. وانظر ما بعده. قوله: "السلام على الله قبل عباده" أي: قَبلَ السلام على عباده، وفي بعض النسخ: "قِبَلَ عباده" أي: مِن عباده، وهي كذلك في رواية البخاري (835)، والسلام على الله. وقال التوربشتي: وجه النهي عن السلام على الله، لأنه المرجوع إليه بالمسائل المتعالي عن المعاني المذكورة، فكيف يدعى له وهو المدعو على الحالات. وقال الخطابي: المراد أن الله هو ذو السلام، فلا تقولوا: السلام على الله، فإن السلام منه بدأ وإليه يعود، ومرجع الأمر في إضافته إليه أنه ذو السلام من كل آفة وعيب.

عن عبد الله قال: كُنا لا ندري ما نقول إذا جلسنا فيِ الصلاة، وكان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -قد عُلّم، فذكر نحوَه (¬1). 969 م- قال شريك: وحدثنا جامع- يعني ابنَ شداد (¬2)، عن أبي وائل، عن عبد الله بمثله، قال: وكان يُعلمُنا كلماتِ، ولم يكن يُعلّمُناهنَ كما يُعلّمُنا التَّشهُدَ: اللهم ألّف بين قُلوبنا، وأصلح ذاتَ بيينا، واهدِنا سُبُلَ السلام، ونَجنا من الظلمات إلى النور، وجَنبنا الفواحِشَ ما ظهر منها وما بَطَنَ، وبارِكْ ¬

_ (¬1) حديث صحيح، شريك - وهو ابن عبد الله النخعي، وإن كان سيئ الحفظ - قد توبع. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك الجشمي. وأخرجه الترمذي (1131)، والنسائي في "الكبرى" (753 - 755)، وابن ماجه (899/ م 1) و (899/ م 2) و (1892) من طرق عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. وقرن أبو الأحوص عند ابن ماجه في الموضع الأول بالأسود بن يزيد، وفي الموضع الثاني بالأسود وأبي عبيدة. وهو في "مسند أحمد" (3788). وانظر ما قبله. (¬2) هكذا جاء اسمه في (أ) و (ب) و (ج) ونسخة على هامش (د): جامع - يعني ابن شداد -، لكن جاء في "تحفة الأشراف"للحافظ المزي 33/ 7 (9239)، وفي "النكت الظراف" للحافظ ابن حجر: أن جامعاً هذا هو ابن أبي راشد، وهكذا جاء في مصادر التخريج سوى "صحيح ابن حبان"، ففيه: جامع بن شداد، لكن في "زوائده" للحافظ الهيثمي (2429): جامع بن أبي راشد، وكذا في "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر (12635). وأيّاً كان جامعٌ هذا، فكلاهما ثقة، وكلاهما من الطبقة نفسها، وهما كوفيان. لكن يبقى الشأن في شريك - وهو النخعي - فهو سيئ الحفظ كما سيأتي بيانه.

لنا في أسماعنا، وأبصارنا، وقُلوبنا، وأزواجنا، وذُرِّياتنا، وتُب علينا، إنك أنت التوَّابُ الرحيمُ، واجعلنا شاكرين لنِعمتِك، مُثنين بها قابِليها، وأتِمَّها علينا (¬1). 970 - حدَثنا عبد الله بن محمد النُّفَيليُّ، حدَثنا زهير، حدثنا الحسن بن الحُر، عن القاسم بن مُخَيمِرة، قال: أخذ علقمة بيدي فحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيد عبد الله فعلَمه التشهُد في الصلاة، فذكر مِثلَ دعاء حديث الأعمش: "إذا قلتَ: هذا - أو: قضيتَ هذا- فقد قضيتَ صلاتَكَ، إن شئتَ أن تقوم فقُم، وإن شئتَ أن تقعدَ فاقعُد" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح موقوفاً، وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ شريك، وهو ابن عبد الله النخعي. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة. وأخرجه البزار في "مسنده" (1745)، وابن حبان (996)، والطبرانى (10426)، والحاكم 1/ 265، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 110 من طرق عن شريك، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم 1/ 265 من طريق ابن جريج، عن جامع بن أبي راشد، به. وابن جريج مدلس، ورواه بالعنعنة. وأخرجه الطبرانى في "الأوسط" (5769) من طريق داود بن يزيد الأودي، عن أبي وائل، به. وداود الأودي ضعيف. وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 329، والبخاري في "الأدب المفرد" (630) من طريق الأعمش، وابن أبي شيبة 10/ 329 من طريق منصور بن المعمر، كلاهما عن أبي وائل، عن ابن مسعود موقوفاً. ورجح الدارقطني في "العلل" 5/ 85 الموقوف. (¬2) إسناده صحيح، إلا أنه اختلف على الحسن بن الحر فى قوله: "إذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك ... " هل هو من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو من كلام ابن مسعود وأُدرج في الخبر، ورجح ابن حبان والدارقطني والخطيب الثاني، وقد صرح الحسن بن الحر عند ابن حبان (1963) أنه سمع هذه الزيادة من محمد بن أبان الجعفي، ومحمد بن أبان ضعيف. =

971 - حدثنا نصرُ بن علي، حدثني أبي، حدّثنا شعبة، عن أبي بشر، سمعت مجاهداً يُحدّث عن ابن عمر، عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -في التشهُّد: "التحيّاتُ لله، الصلواتُ الطيباتُ، السلامُ عليك أيُّها النبي ورحمةُ الله وبركاتُه- قال: قال ابن عمر: زدتُ فيها: وبركاته- السلامُ علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهدُ أن لا إله إلا الله- قال ابن عمر: زدتُ فيها: وحدَه لا شريك له- وأشهدُ أن محمداً عبلُه ورسولُه " (¬1). ¬

_ = وأخرجه الطيالسي (275)، وأحمد (4006)، والدارمي (1341)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 275، وفي "شرح مشكل الآثار" (3800) و (3801)، وابن حبان (1961)، والدارقطني (1336)، والبيهقي 2/ 174، والخطيب في "الفصل للوصل المدرج في المتن" 1/ 102 - 109 من طرق عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني (9925) من طريق زهير، به دون الزيادة. وأخرجه الدارقطني (1335)، والبيهقى 2/ 174، والخطيب1/ 110 من طريق شبابة بن سوار، عن زهير، به. وجعل الزيادة من كلام ابن مسعود. وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 291، وأحمد (4305)، والطحاوي في "شرح المشكل" (3799)، وابن حبان (1963)، والطبرنى (9926)، والدارقطني (1333)، والخطيب 1/ 113من طريق حسين بن علي الجعفي، والدارقطني (1334)، والطبراني (9923)، والخطيب 1/ 114 من طريق محمد بن عجلان، كلاهما عن الحسن بن الحر، به دون الزيادة. وأخرجه ابن حبان (1962)، والدارقطني (1337)، والطبراني (9924)، والبيهقي 2/ 175، والخطيب 1/ 110 - 111من طريق غسان بن الربيع، والبيهقي 2/ 175، والخطيب 1/ 112 من طريق محمد بن مصفى، عن بقية، كلاهما عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن الحسن بن الحر، به. وجعل الزيادة من كلام ابن مسعود. وحديث الأعمش في تشهد ابن مسعود سلف برقم (968). (¬1) إسناده صحيح. =

972 - حدَّثنا عمرو بن عون، أخبرنا أبو عوانة، عن قتادة (ح) وحدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَثنا يحيى بن سعيد، حدَثنا هشام، عن قتادةَ، عن يونسَ بنِ جُبير، عن حِطَّان بن عبد الله الرَقَاشي، قال: صلَّى بنا أبو موسى الأشعري، فلما جلس في آخر صلاته قال رجل من القوم: أُقِرَتِ الصلاةُ بالبِرِّ والزكاة، فلمَّا انفَتَلَ أبو موسى أقبَلَ على القوم فقال: أيكم القائلُ كلمةَ كذا وكذا؟ قال: فأرَمَّ القومُ، قال: أيكم القائلُ كلمةَ كذا وكذا؟ قال: فأرَمَّ القومُ، قال: فلعلك يا حِطّان قلتَها؟ قال: ما قلتُها، ولقد رَهِبتُ أن تَبْكَعَني بها، قال: فقال رجل من القوم: أنا قلتُها، وما أردتُ بها إلا الخير. ¬

_ = وأخرجه الطحاوي 1/ 263 - 264، والدارقطني (1329)، والبيهقي 2/ 139 من طريق نصر بن علي الجهضمي، والفاكهي في "أخبار مكة" 1/ 205 - 206 من طريق ابن أبي عدي، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي 1/ 264 من طريق معاذ بن معاذ، عن شعبة، به موقوفاً على ابن عمر. لكن قال الطحاوي: إن قول ابن عمر رضي الله عنهما: "وزدت فيها" يدل أنه أخذ ذلك عن غيره. وأخرجه بنحوه أحمد (5360)، والطحاوي 1/ 163، والطبراني في "الأوسط" (2625) من طريق عبد الله بن بابي، والدارقطني (1330) من طريق عبد الله بن دينار، كلاهما عن ابن عمر موقوفاً دون زياداته. وإسناد طريق ابن دينار ضعيف. وأخرجه الطحاوي 1/ 264 من طريق زيد العمي، عن أبي الصديق الناجي، عن ابن عمر قال: كان أبو بكر يعلمنا التشهد على المنبر ... وزيد العمي ضعيف. وأخرجه مالك 1/ 91، والطحاوي 1/ 216، والبيهقي 2/ 142 من طريق نافع، والطحاوي 1/ 261 من طريق سالم، كلاهما عن ابن عمر موقوفاً بلفظ: "التحيات لله، الصلوات لله، الزاكيات لله، السلام عليك ... " وزاد نافع في أوله: "بسم الله". وقد ذكر الحافظ في "الفتح" 1/ 316 الروايات المرفوعة والموقوفة التي فيها البسملة أول التشهد، ثم قال: "وفي الجملة لم تصح هذه الزيادة" يعني مرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فقال أبو موسى: أما تعلمون كيف تقولون في صلاتكم، إن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -خَطَبَنا فعَلمَنا وبيَّن لنا سُنَتنا، وعلَّمنا صلاتَنا فقال: "إذا صلَّيتُم فأقيموا صفوفَكم، ثم ليؤمَّكم أحدُكم، فإذا كبّر فكبّروا، وإذا قرأ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين، يُجِبْكم الله، وإذا كبّر وركع فكبّروا واركعوا، فإن الإمامَ يركعُ قبلَكم ويرفعُ قبلَكم- قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "فتلك بتلك"-، وإذا قال: سمع اللهُ لمن حمده، فقولوا: اللهمَّ ربنا ولك الحمدُ، يَسمَع اللهُ لكم، فإن الله عز وجل قال على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -: سمع اللهُ لمن حمده، وإذا كبَّر وسجد فكبروا واسجُدوا، فإن الإمامَ يسجدُ قبلكم ويرفعُ قبلكم- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فتلك بتلك"- فإذا كان عند القَعدة فليكن من أوَّلِ قول أحدكم أن يقول: التحيّاتُ الطيّباتُ الصلواتُ لله، السلامُ عليك أيُّها النبي ورحمةُ الله وبركاتُه، السلامُ علينا وعلى عِبادِ الله الصالحين، أشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه". لم يقل أحمد: "وبركاته"، ولا قال: "وأشهد" قال: "وأن محمدًا" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه مسلم (404)، والنسائي في "الكبرى" (655) و (762) و (763) و (906) و (1204)، وابن ماجه (901) من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة بالتشهد فقط. وهو في "مسند أحمد" (19665)، و"صحيح ابن حبان" (2167). وانظر ما بعده.

973 - حدثنا عاصم بن النضر، حدثنا المُعتَمِر، قال: سمعت أبي، حدّثنا قتادة، عن أبي غلَّاب، يُحدثه عن حِطَان بن عبد الله الرقَاشي، بهذا الحديث، زاد: "فإذا قرأ فانصِتوا"، وقال في التشهُد بعد "أشهد أن لا إله إلا الله" زاد: "وحدَه لا شريكَ له" (¬1). ¬

_ = قوله: "أُقرت الصلاة بالبر والزكاة" أي: استقرت معهما وقُرنت بهما، فهي مقرونة بالبر وهو الصدق والخير، والزكلاة وهي الطهارة من الذنوب والآثام. وقوله: "فأرم القوم" روي بالراء وتشديد الميم، بمعنى: سكتوا ولم يجيبوا، وروي بالزاي وتخفيف الميم، بمعنى: أمسكوا عن الكلام. وقوله: "تَبكعني بها" أي: توبِّخني بهذه الكلمة. وقوله: "فتلك بتلك" قال الخطابي: فيه وجهان: أحدهما: أن يكون ذلك مردوداً إلى قوله: "وإذا قرأ: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين، يجبكم الله"يريد أن كلمة "آمين" يستجاب بها الدعاء الذي تضمنته السورة أو الآية، فكأنه قال: تلك الدعوة معلَّقة بتلك الكلمة. والثاني أن يكون ذلك معطوفاً على ما يليه من الكلام "وإذا كبر وركع فكبروا واركعوا"يريد أن صلاتكم معلقة بصلاة إمامكم، فاتبعوه وائتموا به ولا تختلفوا عليه، فتلك إنما تصح وتثبت بتلك. وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" 4/ 121: ومعنى"تلك بتلك" أن اللحظة التي سبقكم الإمام بها فى تقدُّمه إلى الركوع تنجبر لكم بتأخيركم في الركوع بعد رفعه لحظة، فتلك اللحظة بتلك اللحظة، وصار قدر ركوعكم كقدر ركوعه. (¬1) إسناده صحيح. المعتمر: هو ابن سليمان التيمي، وأبو غلاب: هو يونس ابن جبير. وأخرجه مسلم (404) (63) , وابن ماجه (847) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد. قال أبو إسحاق- راوي "الصحيح" عن مسلم: قال أبو بكر ابن أخت أبي النضر في هذا الحديث- يعني طعن فيه وقدح في صحته - فقال مسلم: تريد أحفظ من سليمان؟! وهو في "مسند أحمد" (19723).

قال أبو داود: قوله: "وأنصِتوا" ليس بمحفوظ، لم يَجِئْ به إلا سليمانُ التيميُّ في هذا الحديث. 974 - حدثنا قتيبةُ بن سعيد، حدّثنا الليثُ، عن أبي الزُّبير، عن سعيد بن جُبير وطاووس عن ابن عباس أنه قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - يُعلّمنا التشهُّدَ كما يُعلّمنا القرآنَ، وكان يقول: "التحيّاتُ المُباركاتُ الصلواتُ الطيباتُ لله، السلامُ عليك أيها النبي ورحمةُ الله وبركاتُه، السلامُ علينا وعلى عباد الله الصالحين، وأشهدُ أن لا إله لا اللهُ، وأشهدُ أن محمداً رسولُ الله" (¬1). ¬

_ = أما قول المصنف: إن التيمي انفرد بهذه الزيادة (وهي قوله: وإذا قرأ فأنصتوا) ففيه نظر، فقد تابعه عمر بن عامر السلمي، فقد أخرجه البزار (3060)، وابن عدي في ترجمة سالم بن نوح من"الكامل" 3/ 1184، والبيهقي 2/ 156 من طريق محمد بن يحيى القُطعي، عن سالم بن نوح العطار، عن عمر بن عامر، عن قتادة، به. وقُرن عمر بن عامر بسعيد بن أبي عروبة عند البزار وابن عدي، وقال ابن عدي: وهذا قد رواه أيضاً عن قتادة سليمانُ التيمي، وهو به أشهر من رواية سالم عن عمر بن عامر وابن أبي عروبة. قلنا: والقُطَعي ثقة، وسالم وعمر صدوقان. أما سعيد بن أبي عروبة فقد ذكره الدارقطني فيمن خالف التيمي ولم يذكر هذه الزيادة، فلعله اختلف عليه فيه، أو أن سالم بن نوح حمل رواية سعيد على رواية عمر. ولهذه الزيادة شاهد من حديث أبي هريرة سلف برقم (604). (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي. وأخرجه مسلم (403) (60)، والترمذي (290)، والنسائي في "الكبرى" (764)، وابن ماجه (900) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (403) (61) من طريق عبد الرحمن بن حميد، عن أبي الزبير، عن طاووس، به. وهو في "مسند أحمد" (2665)، و"صحيح ابن حبان" (1952).

182 - باب الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم -بعد التشهد

975 - حدَثنا محمد بن داود بن سفيان، حدَثنا يحيي بن حسان، حدَثنا سليمان بن موسى أبو داود، حدَّثنا جعفر بن سعد بن سَمُرة بن جُندُب، حدَثني خُبَيب بن سليمان عن أبيه سليمانَ بنِ سمرة عن سَمُرة بن جُندُب: أما بعدُ، أمرنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في وَسَط الصلاة أو حين انقِضائها: "فابدؤوا قبلَ التسليم فقولوا: التحيَّاتُ الطيّباتُ والصلواتُ والملكُ لله، ثم سَلّموا على اليمين، ثم سَلّموا على قارئكم، وعلى أنفسِكم" (¬1). قال أبو داود: سليمان بن موسى كوفي الأصل كان بدمشق. ودلّت هذه الصَحيفة أن الحسن سمع من سَمُرة. 182 - باب الصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم -بعد التشهد 976 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شُعبة، عن الحكمِ، عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عُجرة، قال: قُلنا- أو قالوا-: يا رسولَ الله، أمرتَنا أن نُصلّيَ عليك، وأن نُسلّمَ عليك، فأما السلامُ فقد عرفناه، فكيف نُصلّي عليك؟ قال: "قولوا: اللهمَ صل على محمَّدِ وآلِ محمَّدِ، كما صلَّيت على إبراهيمَ، وبارِك على محمَّد وآل محمّد، كما باركتَ على إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، جعفر بن سعد ضعيف، وخبيب بن سليمان بن سمرة وأبوه مجهولان. وضعفه الحافظ ابن حجر في"التلخيص" 1/ 267 و 271. وأخرجه البيهقي 2/ 181 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني (7018) من طريق يحيى بن حسان، به. وستأتي قطعة السلام على الإمام من طريق آخر برقم (1001). (¬2) إسناده صحيح. الحكم: هو ابن عتيبة، وابن أبي ليلى: هو عبد الرحمن. =

977 - حدثنا مُسدَّد، حدَثنا يزيد بن زُرَيع، حدثنا شعبةُ، بهذا الحديث، قال: "صل على محمّد وعلى آل محمَّد، كما صلّيتَ على آل إبراهيم" (¬1). 978 - حدثنا محمد بن العلاء، ْ حدثنا ابن بشر، عن مسعَر، عن الحكم، بإسناده بهذا، قال: "اللهمَ صل على محمّد وعلى آل محمَّد، كما صلَّيتَ على إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، اللهمَ بارِكْ على محمَّد وعلى آل محمَّد، كما باركتَ على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (6357)، ومسلم (406) (66) و (67)، والنسائي في "الكبرى" (1213)، وابن ماجه (904) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. ولفظه عندهم: "على آل إبراهيم" في الموضعين، وزاد: "إنك حميد مجيد" بعد الصلاة أيضاً. وهو في "مسند أحمد" (18105)، و"صحيح ابن حبان " (912). وأخرجه مسلم (406) (68)، والترمذي (489)، والنسائي (1212) من طرق عن الحكم، به. ولفظ الترمذي: "كما صليت على إبراهيم ... كما باركت على إبراهيم"، ولفظ النسائي: "على إبراهيم وآل إبراهيم" في الموضعين، ولم يسق مسلم لفظه. وأخرجه البخاري (3370) من طريق عبد الله بن عيسى، عن ابن أبي ليلى، به، بلفظ: "على إبراهيم وآل إبراهيم" في الموضعين. قال الحافظ في "الفتح" 11/ 156: والحق أن ذكر محمد وإبراهيم، وذكر آل محمد وآل إبراهيم ثابت في أصل الخبر، وإنما حفظ بعض الرواة ما لم يحفظ الآخر. وانظر ما سيأتي بالأرقام (977) و (978). (¬1) إسناده صحيح. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. ابن بشر: هو محمد، ومسعر: هو ابن كدام. وأخرجه البخاري (4797)، ومسلم (406) (67) و (68)، والترمذي (489) من طريق مسعر، بهذا الإسناد. ولفظ البخاري: "آل إبراهيم" في الموضعين، ولفظ الترمذي: "على إبراهيم" في الموضعين، ولم يسق مسلم لفظه. وهو في "مسند أحمد" (18127).

قال أبو داود: رواه الزبير بن عَدِفي، عن ابن أبي ليلى كما رواه مِسعَر، إلا أنه قال: "كما صليتَ على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، وبارِك على محمّد"وساق مِثلَه. 979 - حدثنا القعنبي، عن مالك (ح) وحدّثنا ابنُ السَّرْح، أخبرنا ابن وهب، أخبرنى مالك؛ عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزم، عن أبيه، عن عمرو بن سُلَيم الزُّرَقي، أنه قال: أخبرني أبو حُميد الساعِدِي أنهم قالوا: يا رسولَ الله، كيف نُصلّي عليك؟ قال: "قولوا: اللهم صلَّ على محمد وأزواجِه وذُرَّيًتِه، كما صلّيتَ على آل إبراهيم، وبارِكْ على محمد وأزواجِه وذُرِّيَّتِه، كما باركتَ على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد" (¬1). 980 - حدثنا القعنبيّ، عن مالك، عن نُعَيم بن عبد الله المُجمِر، أن محمد ابن عبد الله بن زيد- وعبد الله بن زيد هو الذي أُرِيَ النداءَ بالصلاة- أخبره عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال: أتانا رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - في مَجلِسِ سعد بن عُبادة فقال بَشيرُ بن سعد: أمرنا اللهُ أن نُصلَّي عليك يا رسول الله، فكيف نُصلَّي عليك؟ فسكت رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -حتى تمنَّينا ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمه، وابن السرح: هو أحمد بن عمرو. وهو في "موطأ مالك"1/ 165، ومن طريقه أخرجه البخاري (3369) و (6360)، ومسلم (407)، والنسائي في "الكبرى" (1218)، وابن ماجه (905). وهو في "مسند أحمد" (23600).

أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قولوا" فذكر معنى حديث كعب بن عُجرة، زاد في آخره: "في العالَمين، إنك حميدٌ مجيدٌ" (¬1). 981 - حدثنا أحمد بن يونس، حدّثنا زهيرٌ، حدثنا محمد بن إسحاقَ، حدَثنا محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن محمد بن عبد الله بن زيد عن عقبة بن عمرو، بهذا الخبر، قال: "قولوا: اللهم صل على محمدِ النبيِّ الأُميّ وعلى آل محمَّد" (¬2). 982 - حدثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حِبّان بن يسار الكِلابي حدّثني أبو مُطرِّف عُبيد الله بن طلحة بن عبيد الله بن كرَيز، حدثني محمد بن علي الهاشمي، عن المُجمِر عن أبي هريرة، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -قال: "مَن سرّه أن يكتالَ بالمِكيالِ الأوفى إذا صلَّى علينا أهلَ البيت فليقل: اللهمَّ صل على محمّد النبيِّ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو مسعود الأنصاري: هو عقبة بن عمرو. وهو في "موطأ مالك" 1/ 165 - 166، ومن طريقه أخرجه مسلم (405)، والترمذي (3499)، والنسائي في "الكبرى، (1209). وهو في "مسند أحمد" (22352)، و"صحيح ابن حبان" (1958). وأخرجه النسائي (1210) من طريق محمد، عن عبد الرحمن بن بشر، عن أبي مسعود. وانظر ما بعده. (¬2) إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9794) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17072)، و"صحيح ابن حبان" (1959). وانظر ما قبله.

183 - باب ما يقول بعد التشهد

وأزواجِه أمهاتِ المؤمنين وذُرِّيَّتِه وأهلِ بيته، كما صليت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد" (¬1). 183 - باب ما يقول بعد التشهد (¬2) 983 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا الوليد بن مُسلم، حدثنا الأوزاعيُ، حدثني حسّان بن عطيةَ، حدَثني محمد بن أبي عائشة أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "إذا فَرَغَ أحدُكم من التشهُّدِ الآخِرِ فليتعوَّذ بالله من أربع: من عذاب جهنَم، ومن عذاب ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، حبان بن يسار الكلابي كان قد اختلط، ومحمد بن علي الهاشمي قال الحافظ في"التقريب": كأنه أبو جعفر الباقر أو آخر مجهول، وقد اختلف على حبان بن يسار في إسناده: فأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 87، والعقيلي في ترجمة حبان من "الضعفاء" 1/ 318، والبيهقي 2/ 151 من طريق موسى بن إسماعيل التبوذكي، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "مسند علي" - كما في "النكت الظراف"لابن حجر (14645) - والدولابي في "الكنى" 1/ 173، والعقيلي في "الضعفاء" 1/ 318، وابن عدي في "الكامل" 2/ 830 من طريق عمرو بن عاصم الكلابي، عن حبان بن يسار، عن عبدالرحمن بن طلحة الخزاعي، عن محمد الباقر، عن محمد ابن الحنفية، عن علي مرفوعاً. وعبد الرحمن بن طلحة مجهول. قال الحافظ في "الفتح" 11/ 157: ورواية موسى أرجح، ويحتمل أن يكون لحبان فيه سندان. وقال السخاوي في "القول البديع": رواية موسى أرجح، لأنه أحفظ. قلنا: لكن أعله البخاري في "التاريخ" برواية مالك له عن نعيم بن عبد الله المجمر، عن محمد بن عبد الله بن زيد، عن أبي مسعود. قال: وهذا أصح. قلنا: سلفت رواية مالك هذه برقم (980). وحديث أبي حميد السالف برقم (979) بنحوه. (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (د) و (هـ).

القبر، ومن فِتنةِ المحيا والمماتْ، ومن شَرّ المسيح الدجَّال" (¬1). 984 - حدَّثنا وهبُ بن بقيةَ، أخبرنا عُمر بن يونس اليماميُ، حدَّثني محمد ابن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن طاووس عن ابن عباس، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -أنه كان يقول بعد التشهُّد: "اللهمَّ إني أعوذُ بك من عذاب جهنَم، وأعوذُ بك من عذاب القبر، وأعوذُ بك من فِتنةِ الدجَّال، وأعوذُ بك من فِتنةِ المحيا والممات" (¬2). 985 - حدثنا عبدُ الله بن عمرو أبو معمير، حدثنا عبدُ الوارث، حدثنا الحسينُ المُعلّم، عن عبد الله بن بُريدةَ، عن حنظلةَ بن علي ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وهو في "مسند أحمد" (7237). وأخرجه مسلم (588)، والنسائي في "الكبرى" (1234)، وابن ماجه (909) من طريق الأوزاعي، بهذا الإسناد. وأخرج أمره - صلى الله عليه وسلم - بهذا الدعاء دون تقييده بآخر التشهد النسائيُّ في "الكبرى" (7675) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، و (7895) من طريق أبي علقمة، و (7897) من طريق طاووس، و (7903) من طريق عبد الله بن شقيق، و (7904) من طريق أبي سلمة، خمستهم عن أبي هريرة. وأخرجه من فعله - صلى الله عليه وسلم - (كان يدعو ...) البخاري (1377)، ومسلم (588)، والنسائي في "الكبرى" (2198) من طريق أبي سلمة، والنسائى (7893) و (7894) من طريق أبي علقمة، و (7898) من طريق الأعرج، و (7899) و (7906) من طريق سليمان بن سنان، أربعتهم عن أبي هريرة. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عبد الله بن طاووس، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه بنحوه ابن ماجه (3840) من طريق كريب، عن ابن عباس. وسيأتي برقم (1542).

184 - باب إخفاء التشهد

أن مِحْجَنَ بنَ الأَدرَع حدّثه قال: دخل رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -المسجدَ، فإذا هو برجلِ قد قضى صلاتَه وهو يتشهَّدُ، وهو يقول: اللهم إني أسألُكَ يا اللهُ الأحدُ الصمدُ، الذي لم يلد ولم يُولَد، ولم يكن له كُفواً أحدٌ، أن تَغفِرَ لي ذنوبي، إنك أنْت الغفورُ الرحيمُ، قال: فقال: "قد غُفِرَ له، قد غُفِرَ له " ثلاثاً (¬1). 184 - باب إخفاء التشهد 986 - حدَّثنا عبد الله بن سعيد الكِندي، حدثنا يونُس- يعني ابنَ بُكَير-، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه عن عبد الله، قال: من السنةِ أن يُخفي التشهُّد (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري، وحسين المعلم: هو ابن ذكوان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1225) و (7618) من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18974). وسيأتي بنحوه برقم (1493) من طريق مالك بن مغول، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه. فجعله من حديث بريدة. قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 2/ 197 - 198: وحديث عبد الوارث أشبه. قلنا: كذا قال أبو حاتم، ولا وجه لترجيح إحدى الروايتين على الأخرى، فإن ألفاظهما متباينة، فلا مانع أن يكونا قصتين, وأن يكون ابن بريدة رواهما جميعاً. (¬2) حديث صحيح، محمد بن إسحاق - وإن كان مدلساً ورواه بالعنعنة - قد توبع. الأسود: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه الترمذي (291)، والبزار (1643) عن عبيد الله بن سعيد الكندي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. =

185 - باب الإشارة في التشهد

185 - باب الإشارة في التشهد 987 - حدثنا القعنبي، عن مالك، عن مُسلِم بن أبي مريمَ، عن علي بن عبد الرحمن المُعَاويّ، قال: رآني عبدُ الله بن عمر وأنا أعبَثُ بالحصى في الصلاة، فلما انصَرَفَ نهاني، وقال: اصنَع كما كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - يصنعُ، فقلتُ: وكيف كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -يصنعُ؟ قال: إذا جلسَ في الصلاة وضعَ كفه اليُمنى على فَخِذِه اليُمنى، وقبض أصابعَه كلَّها، وأشارَ بإصبَعِه التي تلي الإبهامَ، ووضعَ كفه اليُسرى على فَخذِهِ اليُسرى (¬1). 988 - حدثنا محمد بن عبد الرحيم البزار، حدَّثنا عفَّان، حدثنا عبد الواحد ابن زياد، حدَّثنا عثمان بن حَكيم، حدَّثنا عامر بن عبد الله بن الزبير ¬

_ = وأخرجه البيهقي 2/ 146 من طريق أحمد بن خالد الوهبي، عن محمد بن إسحاق، به. وأخرجه الحاكم 1/ 230 - وعنه البيهقي 2/ 146 - من طريق الحسن بن عبيد الله النخعي، عن عبد الرحمن بن الأسود، به. وإسناده صحيح. (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو فى "موطأ مالك"1/ 88, ومن طريقه أخرجه مسلم (580) (116)، والنسائي في "الكبرى" (1191). وأخرجه مسلم (580) (116)، والنسائى في "الكبرى" (751) و (1190) من طرق عن مسلم بن أبي مريم، به. وهو في "مسند أحمد" (4575) و (5331)، و"صحيح ابن حبان" (1942) و (1947). وأخرجه دون قصة العبث بالحصى مسلم (580) (114) و (115)، والترمذي (294)، والنسائي (1193)، وابن ماجه (913) من طريق نافع، عن ابن عمر. وانظر في باب مسح الحصى في الصلاة حديث أبي ذر السالف برقم (945)، وحديث معيقيب السالف برقم (946).

عن أبيه، قال: كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم - إذا قعدَ في الصلاة جعلَ قَدَمَه اليُسرى تحتَ فَخِذِه اليُمنى وساقِه، وفَرَشَ قَدَمَه اليُمنى، ووضعَ يَدَه اليُسرى على رُكبته اليُسرى، ووضعَ يَدَه اليُمنى على فَخِذِه اليُمنى، وأشارَ بإصبَعِه- وأرانا عبدُ الواحد- وأشار بالسَّبابة (¬1). 989 - حدَّثنا إبراهيمُ بن الحسن المِصِّيصُّي، حدثنا حجاج، عن ابن جُريج، عن زياد، عن محمد بن عَجلان، عن عامر بن عبد الله عن عبد الله بن الزبير أنه ذكر: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -كان يُشيرُ بإصبَعِه إذا دعا، ولا يُحرِّكُها. قال ابن جُرَيج: وزاد عمرو بن دينار، قال: أخبرني عامر عن أبيه: أنه رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يدعو كذلك، ويتحامَلُ النبيّ- صلى الله عليه وسلم - بيدِه اليُسرى على فَخِذِه اليُسرى (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عفان: هو ابن مسلم الباهلي. وأخرجه مسلم (579) (112) من طريق عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه النسائي في "الكبرى" (749) من طريق مخرمة بن بكير، عن عامر, به. وانظر ما سيأتي برقم (989) و (990). (¬2) حديث صحيح، ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز، وإن كان مدلساً - قد صرح بالتحديث عند النسائي في "الكبرى" (1194)، ومحمد بن عجلان - وإن كان فيه كلام يحطه عن رتبة الصحيح - قد توبع. حجاج: هو ابن محمد المصيصي، وزياد: هو ابن سعد. وأخرجه النسائي (1194) وأبو عوانة 2/ 226، والبيهقي 2/ 131 من طريق حجاج بن محمد، بهذا الإسناد. وعنوان هذا الحديث عند أبي عوانة: بيان الإشارة بالسبابة إلى القبلة ورمي البصر إليها، وترك تحريكها في الإشارة. وأخرجه دون قوله: "ولا يحركها" مسلم (579) (113) من طريق أبي خالد الأحمر، عن ابن عجلان، به. ولم يذكر زيادة عمرو. =

990 - حدثنا محمد بن بشار، حدّثنا يحيي، حدَّثنا ابن عَجلان، عن عامر ابن عبد الله بن الزبير ¬

_ = وهو في "صحيح ابن حبان" (1943). وانظر ما قبله. ولا يعارض هذا الحديثَ حديثُ وائل ابن حجر عند النسائي (1192) من طريق زائدة بن قدامة، حدثنا عاصم بن كليب، حدثني أبي أن وائل بن حجر قال: قلت: لأنظرن إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف يصلي، فنظرت إليه فوصف، قال: ثم قعد وافترش رجله اليسرى، ووضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض اثنتين من أصابعه، وحلق حلقة ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها. وهذا الحديث وإن كان إسناده صحيحاً، فإن قوله: "فرأيته يحركها يدعو بها" لفظة شاذة انفرد بها زائدة بن قدامة من بين أصحاب عاصم بن كليب: سفيان بن عيينة، وخالد الواسطي وقيس بن الربيع، وسلام بن سليم وسفيان الثوري وشعبة وغيرهم، وهؤلاء الأثبات الثقات من أصحاب عاصم لم يذكروا التحريك الذي انفرد به زائدة ... وانظر تمام الكلام عليه في ما علقته على "سنن النسائي" فالإشارة هي السنة لا التحريك، وقد أخطأ الألباني رحمه الله خطأ مبيناً في صفة الصلاة ص 158 فجعل التحريك هو الأصل وهو السنة الثابتة بناء على اللفظة الشاذة التي انفرد بها زائدة، ثم إنه أتبع قوله: كأن رفع إصبعه يحركها يدعو ويقول: لهي أشد على الشيطان من الحديد يعني السبابة، وهذا يوهم أنه من تمام حديث وائل بن حجر، وليس كذلك، فإن هذه القطعة من حديث ابن عمر عند أحمد (6000) ولفظه: كان ابن عمر إذا جلس فى الصلاة وضع يديه على ركبتيه، وأشار بأصبعه وأتبعها بصره، ثم قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "لهي أشد على الشيطان من الحديد" وهذا واضح فى أنه ورد فى الإشارة لا فى التحريك، وإسناده مع هذا ضعيف لضعف كثير بن زيد الأسلمي أحد رواته عند غير واحد من الأئمة. وقد قوَّل الإمام أحمد ما لم يقل فنفل عن"مسائل أحمد": وسئل هل يشير الرجل بأصبعه فى الصلاة؟ قال: نعم شديداً، ففهم منه التحريك، وأظنه لا يفرق بين الإشارة والتحريك، وإلا فما معنى استشهاده بقول أحمد وقد أجاب عن الإشارة لا التحريك، ونص مذهبه كما فى "المغني" 2/ 217 أنه يشير بها ولا يحركها.

186 - باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة

عن أبيه، بهذا الحديث، قال: لا يُجاوِزُ بَصَرُه إشارتَه. وحديثُ حجاج أتمُّ (¬1). 991 - حدثنا عبد الله بن محمد النُّفيليُّ، حدثنا عثمانُ - يعنى ابنَ عبد الرحمن- حدثنا عصامُ بن قُدامةَ من بني بَجيلةَ، عن مالك بن نُمير الخزاعي عن أبيه، قال: رأيت النبي- صلى الله عليه وسلم -واضعاً ذراعَه اليُمنى على فخِذه اليمنى، رافعاً إصبعه السبابةَ، قد حَنَاها شيئاً (¬2). 186 - باب كراهيةِ الاعتمادِ على اليد في الصّلاة 992 - حدثنا أحمد بن حنبل وأحمد بن محمّد بن شبُّويه ومحمد بن رافع ومحمد بن عبد الملك الغَزَّال، قالوا: حدثنا عبدُ الرزاق، عن مَعمرٍ، عن اسماعيلَ ابنِ أُمية، عن نافع ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل ابن عجلان، وباقي رجاله ثقات. يحيى هو ابن سعيد القطان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1199) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16100/ 2)، و"صحيح ابن حبان" (1944). وانظر ما قبله. (¬2) صحيح لغيره دون قوله: قد حناها شيئاً، وهذا إسناد ضعيف لجهالة مالك ابن نمير، وعثان بن عبد الرحمن - وهو الطرائفي - ضعيف يعتبر به، وقد توبع. وأخرجه ابن ماجه (911)، والنسائي في "الكبرى" (1195) و (1198) من طرق عن عصام بن قدامة، به. ولم يرد ذكر الإحناء في رواية ابن ماجه والنسائي في الموضع الأول. وهو في "مسند أحمد" (15866)، و"صحيح ابن حبان" (1946). وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر، سلف عند المصنف برقم (987)، وهو عند مسلم (580). وآخر من حديث عبد الله بن الزبير، سلف أيضاً بالأرقام (988 - 990)، وهو عند مسلم (579). وثالث من حديث وائل بن حجر، سلف أيضاً بالأرقام (726) و (727) و (957).

عن ابن عمر، قال: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قال أحمدُ بن حنبل: أن يجلِسَ الرجلُ في الصلاة، وهو معتمِد على يده. وقال ابن شَبّويَه: نهى أن يَعتَمِدَ الرجل على يدِه في الصلاة، وقال ابنُ رافع: نهى أن يُصَليَ الرجلُ وهو معتمِد على يده، وذكره في بابِ الرفعِ من السجدة (¬1)، وقال ابنُ عبد الملك: نهى أن يَعْتَمِدَ الرجلُ على يديه إذا نهض في الصلاة (¬2). ¬

_ (¬1) قوله: وذكر. في باب الرفع من السجدة، ليست في (أ) و (ب) و (ج). (¬2) إسناده صحيح. وهو في "مصنف عبد الرزاق (3054) باللفظ الذي ساقه أحمد بن حنبل. وأخرجه أحمد في "مسنده" (6347)، ومن طريقه أخرجه البيهقي 2/ 135. وأخرجه البيهقي 2/ 135 من طريق أحمد بن محمد بن شبويه، و 2/ 135 من طريق أحمد بن يوسف السلَمي، كلاهما عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. ولفظ السلمى كلفظ ابن شبويه. وأخرجه البيهقي أيضاً 2/ 135 من طريق محمد بن رافع، به. وأخرجه البيهقي كذلك 2/ 135 من طريق محمد بن عبد الملك الغزال، به. قلنا: ورواية ابن شبويه ومحمد بن رافع لا تخالف رواية الإمام أحمد، وإن كانت رواية الإمام أحمد أبين كما قال البيهقي. وقد أخطأ ابن رافع في فقه الحديث فظن أنه في الاعتماد في الرفع من السجود، فوضعه في ذلك الباب كما حكاه المصنّف. وأخرج ابن المنذر في "الأوسط" 3/ 199، وابن أبي شيبة 1/ 395، والبيهقي 2/ 135 من طريق الأزرق بن قيس، قال: رأيت ابن عمر ينهض في الصلاة ويعتمد على يديه. زاد البيهقي: فقلت لولده وجُلسائه: لعله يفعل هذا من الكبر؟ قالوا: لا، ولكن هذا يكون. وإسناده صحيح. وانظر لزاماً الحديث الآتي برقم (994). وقال ابن المنذر في "الأوسط" 3/ 198 - 199: واختلفوا في اعتماد الرجل على يديه عند القيام، فروينا عن ابن عمر أنه كان يعتمد على يديه إذا أراد القيام ... وهكذا فعل مكحول وعمر بن عبد العزيز وابن أبي زكريا والقاسم أبو عبد الرحمن وأبو مخرمة، وبه قال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل، ورأت طائفة أن لا يعتمد على يديه إلا أن يكون شيخاً كبيراً، روي ذلك عن علي. =

993 - حدثنا بِشُر بنُ هِلالِ، حدثنا. عبدُ الوارِثِ، عن إسماعيلَ بن أُمية، قال: سألتُ نافعاً عن الرجل يُصلي وهو مُشبِّك يديه، قال: قال ابن عمر: تلك صلاة المَغضُوبِ عَلَيهِم (¬1). 994 - حدثنا هارونُ بنُ زيد بنِ أبى الزرقاء، حدثنا أبى (ح) وحدَثنا محمدُ بنُ سلمة، حدثنا ابنُ وهب - وهذا لفظه - جميعاً عن هشام ابنِ سعد، عن نافع ¬

_ = قلنا: هذا الرأي الأخير حكاه ابن هانئ في "مسائله " (259) عن الإمام أحمد أيضاً. وما حكاه عن الإمام أحمد أنه يقول بالاعتماد على اليدين مطلقاً إذا أراد القيام لا يثبت عنه، بل نقل ابن قدامة في "المغني" 2/ 213 عن القاضي أنه لا يختلف قول أحمد أنه لا يعتمد على الأرض، إلا أن يشق ذلك عليه فيعتمد على الأرض. ونقل ابنُ قُدامة أن حجة مالك والشافعى حديثُ مالك بن الحُويرث قال في صفة صلاة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لما رفع رأسه من السجدة الثانية استوى قاعداً، ثم اعتمد على الأرض. وعزاه للنسائى. قلنا: هو عند البخاري (824)، والنسائى في "الكبرى" (743). وبقول أحمد قال أبو حنيفة فيما حكاه عنه صاحب "الهداية" مع شرحه "البناية" 2/ 250 - 252 (¬1) إسناده صحيح موقوفاً. عبد الوارث: هو ابن سعيد. وأخرجه البيهقى 2/ 289 من طريق أبى داود، بهذا الإسناد. وقد روى ابنُ أبى شيبة 2/ 76 ما يخالف ذلك عن ابن عمر، فقد روى عن أبي داود الطيالسي، عن خليفة بن غالب،. عن نافع، قال: رأيت ابن عمر يشبك بين أصابعه في الصلاة. وإسناده قوي. وروى أيضاً 2/ 76 عن إسماعيل بن أمية: أنه رأى سالم بنَ عبد الله بن عمر يُشبّك أصابعه في الصلاة. قال في "بذل المجهود" 5/ 327: وعند الخفية التشبيك مكروه في الصلاة، ولمن كان منتظر الصلاة، أو ماشياً إليها.

187 - باب في تخفيف القعود

عن ابنِ عمر، أنه رأى رجلاً يتكىء على يده اليُسرى وهو قاعِد في الصلاة - وقال هارونُ بنُ زيدٍ: ساقط على شِقه الأيسرِ، ثم اتفقا - فقال له: لا تَجلِس هكذا، فإن هكذا يَجلِسُ الذين يُعذَّبُونَ (¬1). 187 - باب في تخفيف القعود 995 - حدثنا حفصُ بنُ عمر، حدَثنا شُعبةُ، عن سعدِ بنِ إبراهيمَ، عن أبي عُبيدةَ عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: كان في الركعتين الأوليَين كأنه على الرّضْفِ، قال: قلنا: حتى يقومَ؟ قال: حتى يقومَ (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح مرفوعاً، وهذا إسناد حسنْ فى المتابعات، هشام بن سعد يُعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد صح الحديثُ مرفوعاً فهي متابعة قوية لهشام. وأخرجه البيهقي 2/ 136 من طريق هشام بن سعد، به. وأخرجه مرفوعاً الحاكم 1/ 272، وعنه البيهقي 2/ 136 من طريق هشام بن يوسف الصنعانى، عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى رجلاً وهو جالس معتمداً على يده اليسرى فى الصلاة، وقال: "إنها صلاة اليهود". وهذا إسناد صحيح. قلنا: وهذا الحديث يبين المراد بحديث ابن عمر السالف برقم (992)، وأنه ليس المراد منه النهي عن الاعتماد على اليد مطلقاً في الصلاة، وإنما حالة معينة كما أفاده البيهقى 2/ 135 - 136. وبذلك يزول الإشكالُ بينه وبين حديث مالك بن الحويرث، والله تعالى أعلم. (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه. أبو عبيدة - وهو ابن عبد الله بن مسعود - لم يسمع من أبيه. سعد بن إبراهيم: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وشعبة: هو ابن الحجاج. وحفص بن عمر: هو الحوضي. وأخرجه الترمذي (366)، والنسائى في الكبرى، (766) من طريق سعد بن إبراهيم، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه. =

188 - باب في السلام

188 - باب في السّلام 996 - حدثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سفيان (ح) وحدَثنا أحمد بنُ يونس، حدثنا زائدةُ (ح) وحدثنا مُسَدّدة حدثنا أبو الأحوص (ح) وحدَثنا محمد بن عُبَيد المحاربىُّ وزيادُ بن أيوب، قالا: حدثنا عمرُ بنُ عبيد الطنافِسِيُّ (ح) وحدثنا تميمُ بن المنتصر، أخبرنا إسحاق - يعني ابنَ يوسف، عن شريك (ح) وحدَثنا أحمد بن منيع، حدَثنا حسين بن محمد، حدثنا إسرائيلُ، كلهم، عن أبى إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله - وقال إسرائيلُ: عن أبى الأحوص والأسود - عن عبد الله، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُسلمُ عن يمينه وعن شِماله حتَى يُرَى بياضُ خده: "السلام عليكم ورحمةُ الله، السلامُ عليكم ورحمةُ الله" (¬1). ¬

_ = ثم قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم: يختارون أن لا يطيل الرجل القعود فى الركعتين الأولين، ولا يزيد على التشهد شيئاً في الركعتين الأوليين، وقالوا: إن زاد على التشهد فعليه سجدتا السهو، هكذا روي عن الشعبى وغيره. "الرَّضف" قال الخطابي الحجارة المُحماة، واحدتُها رضفة، ومنه المثل: خذ من الرَّضفة ما عليها. قال الفيومي: مثل تَمْر وتَمرة. (¬1) إسناده صحيح. أبو الأحوص: هو عوف بن مالك الجُشَمي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عَبد الله السَّبيعى، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وشريك: هو ابن عبد الله النخعى، ومُسدّد: هو ابن مُسَرهَد، وزائدة: هو ابن قدامة، وسفيان: هو الثورى، وأحمد بن يونس: هو ابن عبد الله بن يونس، معروف بالنسبة إلى جده. =

قال أبو داود: وهذا لفظ حديث سفيانَ، وحديث شريك (¬1) لم يفسره. قال أبو داود: ورواه زهير عن أبي إسحاق. ويحيى بن آدم عن إسرائيل عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه وعلقمة عن عبد الله. قال أبو داود: شعبةُ كان ينكر هذا الحديثَ حديثَ أبي إسحاق أن يكون مرفوعاً (¬2). 997 - حدثنا عَبدَةُ بن عبد الله، حدثنا يحيى بن آدم، حدَّثنا موسى بن قيسِ الحضرميُّ، عن سلمة بن كُهيل، عن علقَمة بن وائل عن أبيه قال: صليتُ مع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فكان يُسَلمُ عن يمينه: ¬

_ = وأخر جه ابن ماجه (914)، والترمذي (295)، والنسائي في "الكبرى" (1246) و (1247) و (1324) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، به. زاد ابنُ ماجه في روايته: و"بركاته"، وهي زيادة شاذة كما بيناه هناك. وأخرجه النسائي (1249) من طريق الحُسين بن واقد، عن أبي إسحاق، عن علقمة والأسود وأبي الأحوص، قالوا: حدثنا عبد الله بن مسعود. وأخرجه النسائي (674) و (1243) من طريق زهير بن معاوية، أبى إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه الأسود وعلقمة، عن ابن مسعود. وهو في "مسند أحمد" (3660) و (3699)، و"صحيح ابن حبان " (1990). (¬1) هكذا في (1) و (د) و (هـ)، وفي (ج): وحديث إسرائيل، وكذا هو في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادى والنسخة التى شرح عليها السهارنفوري! (¬2) قوله: أن يكون مرفرعاً، أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار إلى أنها من رواية ابن الأعرابى.

"السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "، وعن شماله: "السلام عليكم ورحمة الله" (¬1). 988 - حدَثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدثنا يحيى بن زكريا ووكيع، عن مِسعَر، عن عُبيد الله ابن القِبطية عن جابر بن سمرة، قال: كنَّا إذا صلينا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلَّم أحدُنا أشار بيده مِنْ عن يمينه ومِنْ عن يساره، فلما صلى قال: "ما بالُ أحدكم يرمي بيده كأنَّها أذنابُ خيلٍ شُمْسٍ؟ إنما يكفي أحدَكُم، - أو: لا يكفي أحدَكُم- أن يقول هكذا- وأشار بإصبعه- يُسَلّم على أخيه، من عن يمينه، ومن عن شماله" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. رجاله ثقات، وعلقمة بن وائل - وهو ابن حجر- قد سمع أباه وقول الحافظ في "التقريب": لم يسمع من أبيه، خطأ، فإن البخاري إنما قال ذلك في أخيه عبد الجبار، بل إنه نصَّ في "تاريخه الكبير" 7/ 41، وكذلك الترمذيُ بإثر الحديث (1520) على سماع علقمة من أبيه. ثم إن الحافظ نفسه صحح إسناد الحديث في "بلوغ المرام"، ووافقه محمد بن إسماعيل الصنعاني في "سبل السلام" 1/ 195، وسبق الحافظ إلى تصحيحه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 1/ 413، والنووي في "المجموع شرح المهذب " 3/ 479. ووافقه ابن الملقن في" البدر المنير"، 4/ 64. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (115) من طريق يحيى بن آدم، بهذا الإسناد. وقال: هكذا رواه موسى بن قيس، عن سلمة، قال: عن علقمة بن وائل، وزاد في السلام: "وبركاته". قلنا: يعني في التسليمة الأولى، وأما في الثانية، فقد خرّج الحافظ هذا الحديث في "نتائج الأفكار" 2/ 221 - 222 عن أبي داود والسرّاج والطبراني، ثم قال: ولم أرَ عندهم: "وبركاته" في الثانية. (¬2) إسناده صحيح. مسعر: هو ابنُ كِدَام، ووكيع: هو ابن الجرّاح، ويحيى بن زكريا: هو ابنُ أبي زائدة الهَمداني. وأخرجه مسلم (431)، والنسائي في" الكبرى" (541) من طريق مسعر بن كدام، ومسلم (431)، والنسائي (1250) من طريق فرات القزّاز، كلاهما عن عُبيد الله بن القِبطية، به. =

999 - حدثنا محمد بن سليمان الأنباريُ، حدَثنا أبو نعيم، عن مسعر، بإسناده ومعناه، قال: "أما يكفي أحدكم- أو أحدهم- أن يضع يدَه على فخذه، ثم يُسلم على أخيه مِن عن يمينه ومن عن شماله" (¬1). 1000 - حدَثنا عبد الله بن محمد النُّفيليُّ، حدثنا زُهير، حدثنا الأعمشُ، عن المُسَيّب بن رافع، عن تميم الطائي عن جابر بن سمرة، قال: دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناسُ رافعو أيديهم، قال زهير: أراه قال: في الصَلاةِ فقال: " ما لي أراكم رافعي ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (20806)، و"صحيح ابن حبان"، (1880) و (1881). وانظر ما بعده. وانظر ما سيأتي برقم (1000). وقوله: "مالي أراكم رافعى أيديكم كأنها أذناب خيل شمس". قال النووي: هو بإسكان الميم وضمها، وهى التي لا تستقر بل تضطرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها، والمراد بالرفع المنهي عنه هنا رفعهم أيديهم عند السلام مشيرين إلى السلام من الجانبين كما صرح به في الرواية الثانية. وانظر الحديث الآتي بعد هذا، فإنه يوضح المراد. وعنون الإمام للحديث بـ: باب الأمر بالسكون في الصلاة، والنهي عن الإشارة باليد ورفعها عند السلام. وقد أدرج ابن حبان في "صحيحه" حديث جابر بن سمرة (1880) تحت: باب ذكر الخبر المقتضي لِلّفظة المختصرة التي تقدم ذكرنا لها بأن القوم إنما أمروا بالسكون في الصلاة عند الإشارة بالتسليم دون رفع اليدين عند الركوع. (¬1) إسناده صحيح كسابقه. أبو نعيم: هو الفضل بن دكين. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1242) من طريق أبى نعيم الفَضلِ بن دُكين، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

189 - باب الرد على الإمام

أيديكم كأنها أذنابُ خَيلِ شُمسٍ؟! اسكُنوا في الصَّلاة" (¬1). 189 - باب الرد على الإمام 1001 - حدثنا محمد بن عثمان أبو الجُمَاهِرِ، حدثنا سعيد بن بَشير، عن قتادةَ، عن الحسن عن سَمُرَةَ قال: أمرنا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن نرُدَّ على الإمام وأن نَتَحَابّ، وأن يُسلّم بعضُنا على بعضٍ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. تميم الطائي: هو ابن طرفة، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وزهير: هو ابن معاوية. وأخرجه مسلم (430)، والنسائي في "الكبرى" (557) من طريق الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد" (20875)، و "صحيح ابن حبان" (1879) و (1880). وانظر ما سلف برقم (998) و (999). (¬2) إسناده ضعيف. الحسن- وهو البصري- لم يصرح بسماعه من سمرة- وهو ابن جندب. وسعيد بن بشير حسن في المتابعات، وقد توبع. فتبقى عنعنةُ الحسن البصري. ومع ذلك فقد حسنه الحافظ وابن خزيمة والحاكم وسكت عند الذهبي. وأخرجه ابن ماجه (921) من طريق أبى بكر الهُذَلي، و (922) من طريق همام ابن يحيى العوذي، كلاهما عن قتادة، به. دون ذكر التحاب , ولم يذكر الهذليُّ أيضاً: وأن يُسلّم بعضنا على بعض. وابن خزيمة (1710) من طريق همام، والحاكم 1/ 270 من طريق سعيد بن بشير. قال في "المرقاة" 2/ 17: أي: ننوي الرد على الإمام بالتسليمة الثانية من على يمينه، وبالأولى من على يساره، وبهما من على محاذاته كما هو من هنا ... ونتحاب: تفاعل من المحبة، أي: وأن نتحاب مع المصلين، وسائر المؤمنين، بأن يفعل كل منا من الأخلاق الحسنة والأفعال الصالحة، والأقوال الصادقة، والنصائح الخالصة ما يؤدي إلى المحبة والمودة، وأن يسلم بعضنا على بعض في الصلاة، أي: ينوي المصلى من عن يمينه وشماله من البشر، وكذا من المَلَك، فإنه أحق بالتسليم المُشعِر بالتعظيم، ويمكن أن يكون هذا في خارج الصلاة.

190 - باب التكبير بعد الصلاة

190 - باب التكبير بعد الصلاة (¬1) 1002 - حدثنا أحمدُ بن عَبدَةَ، أخبرنا سفيانُ، عن عَمرِو، عن أبى معبد عن ابن عباس، قال: كان يُعلَم انقضاءُ صلاةِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بالتكبير (¬2). ¬

_ (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (هـ). (¬2) إسناده صحيح. أبو مَعبَد: اسمه نافذ، وهو مولى ابن عباس، وعمرو: هو أبن دينار، وسمان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (842)، ومسلم (583)، والنسائى في "الكبرى" (1258) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1933)، و"صحيح ابن حبان" (2232). وانظر ما بعده. وقوله: بالتكبير، أي: بعد الصلاة، وفي الرواية الآتية: بالذكر، وهو أعم من التكبير والتكبير أخص، وهذا مفسر للأعم. قال النووي: هذا دليل لما قاله بعض السلف: إنه يُستحب رفع الصوت بالتكبير والذكر عقب المكتوبة، وممن استحبه من المتأخرين ابن حزم الظاهري، ونقل ابن بطال وآخرون أن أصحاب المذاهب المتبوعة وغيرهم متفقون على عدم استحباب رفع الصوت بالذكر والتكبير، وحمل الشافعي رحمه الله تعالى هذا الحديث على أنه جهر وقتاً يسيراً حتى يعلمهم صفة الذكر، لا أنهم جهروا دائماً، قال: فاختار للإمام والمأموم أن يذكر الله تعالى بعد الفراغ من الصلاة ويخفيان ذلك، إلا أن يكون إماماً يريد أن يُتَعلّمَ منه، فيجهر حتى يُعلَم أنه قد تُعُلّم منه، ثم يُسِرُّ، وحمل الحديث على هذا. وقوله: كنت أعلم إذا انصرفوا (وهو في الرواية التالية) ظاهره أنه لم يكن يحضر الصلاة في الجماعة في بعض الأوقات لصغره. قلنا: وقد ثبت في "صحيح البخاري" (2992)، و"صحيح مسلم" (2704) من حديث أبي موسى الأشعري - وسيأتي عند المصنف برقم (1526) - أنه قال: كنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا وارتفعت أصواتنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:=

191 - باب حذف التسليم

1003 - حدثنا يحيى بن موسى البلخيّ، حدثنا عبدُ الرزاق، أخبرني ابن جُريج، أخبرنا عمرو بن دينار، أن أبا معبد مولى ابن عباس أخبره أن ابن عباس أخبره: أن رَفْعَ الصَوتِ للذكر حين ينصرِف الناس مِن المكتوبة كان ذلك على عهد "رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وأن ابن عباسِ قال: كنتُ أعلم إذا انصرفوا بذلك وأسمعه (¬1). 191 - باب حذف التسليم (¬2) 1004 - حدَثنا أحمد بنُ حنبلِ، حدثني محمد بن يوسف الفِريابىّ، حدَثنا الأوزاعيُ، عن قُرةَ بن عبد الرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "حَذْفُ السَلامِ سُنة" (¬3). ¬

_ ="يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعُون أصمّ ولا غائباً، إنه معكم إنه سميع قريب، تبارك اسمه وتعالى جده". قال النووي: فيه الندب إلى خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه، فإنه إذا خفضه كان أبلغ في توقيره وتعظيمة، فإن دعت حاجة إلى الرفع رفع كما جاءت به أحاديث. (¬1) إسناده صحيح. ابن جُريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (3225)، ومن طريقه أخرجه البخاري (841)، ومسلم (583). وهو في "مسند أحمد" (3478). وانظر ما قبله. (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (ج) و (هـ). (¬3) إسناده ضعيف لضعف قرة بن عبد الرحمن، وقد اختُلف في رفعه ووقفه كما سيأتي. وأخرجه أحمد (10885)، وابن خزيمة (734)، والحاكم1/ 231من طريق محمد بن يوسف الفريابى، وابن خزيمة (735) من طريق عمارة بن بشر المِصِّيصى، والحاكم 1/ 231 من طريق مبشِّر بن اسماعيل، والبيهقي 2/ 180 من طريق ابن المبارك، ثلاثتهم عن الأوزاعي، بهذا الإسناد. =

192 - باب اذا أحدث في صلاته يستقبل

قال عيسى بن يونس: نهاني ابنُ المبارك، عن رفع هذا الحديث. قال أبو داود: سمعت أبا عمير عيسى بن يونس الفاخُوريَّ الرَّملىَّ قال: لما رجع الفريابي من مكة ترك رفع هذا الحديث، وقال: نهاه أحمد بن حنبل عن رفعه (¬1). 192 - باب اذا أحدث في صلاته يستقبل 1005 - حدثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدثنا جرير بن عبدالحميد، عن عاصم الأحول، عن عيسى بن حطَّان، عن مُسلم بن سلّام عن علي بن طلق، قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "إذا فسا أحدُكم في الصلاة فلينصرف، فليتوضأ وليُعِد صلاته" (¬2). ¬

_ = وأخرجه موقوفاً الترمذي (297)، وابن خزيمة بإثر (735)، والحاكم1/ 231. والبيهقي 2/ 180 من طريق ابن المبارك، والترمذي (297) من طريق الهقل بن زياد، وابن خزيمة بإثر (735) من طريق عيسى بن يونس ومحمد بن يوسف الفريابي، أربعتهم عن الأوزاعي به. ونقل الترمذي عن ابن المبارك أن المراد من الحديث أن لا يمد السَّلام مداً. وقال في "النهاية": هو تخفيفه وترك الإطالة فيه، ويدل عليه حديث النخعى: التكبير جزم، والسلام جزم. فإنه إذا جزم السلام وقطعه، فقد خففه وحذفه. (¬1) قوله: قال عيسى بن يونس ... إلى آخره، أثبتاه من (هـ) وأشار إلى أنها من رواية أبي عيسى الرملي. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة مسلم بن سلّام، فلم يرو عنه غير عيسى بن حطان، ولم يوثقه غير ابن حبان، وقد ذكره ابن حبان أيضاً في "مشاهير علماء الأمصار" (972)، وقال: قليل الرواية، يُغرب فيها. وهذا الحديث هو مكرر الحديث السالف برقم (205).

193 - باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة

193 - باب في الرجل يتطوع في مكانه الذي صلى فيه المكتوبة 1006 - حدثنا مُسددة حدثنا حماد وعبدُ الوارث، عن ليث، عن الحجّاج ابن عُبيد، عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "أَيَعجزُ أَحدُكم" قال عن عبد الوارث: "أن يتقدمَ أو يتأخر أو عن يمينه أَو عن شمالِه". زاد في حديث حماد: "في الصلاة" يعني في السُّبحَةِ (¬1). 1007 - حدثنا عبدُ الوهّاب بن نجدةَ، حدثنا أشعثُ بن شعبةَ، عن المنهال ابنِ خليفةَ، عن الأزرق بنِ قيس, قال: صلّى بنا إمام لنا يكنى أبا رِمثَةَ فقال: صليتُ هذه الصلاة- أو مثلَ هذه الصلاة- مع النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -، قال: وكان أبو بكر وعمر يقومانِ في الصف المُقَدَّم عن يمينه، وكان رجل قد شَهِدَ التكبيرةَ الأولى من الصَلاة، فصلى نبى الله- صلى الله عليه وسلم -، ثم سلم عَن يمينه وعَن يساره حتى رأينا بياضَ خدَّيْهِ، ثم انفتلَ كانفتالِ أبي رِمْثةَ- يعني نفسَه- فقامَ الرجلُ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف جداً. إبراهيم بن إسماعيل- ويقال بالعكس- وحجاج بن عُبيد مجهولان، وليث- وهو ابن أبي سُليم- سيئ الحفظ، على اضطراب في إسناد هذا الحديث كما بيناه في "مسند أحمد" (9496). وقال البخاري في "تاريخه الكبير" بعد ذكر الاختلاف في إسناده: لم يثبت هذا الحديث، وقال في "صحيحه" في باب مكث الإمام في مصلاه من كتاب الأذان: ويُذكر عن أبي هريرة رفعه: "لا يتطوع الإمام في مكانه" ولم يصح. وأخرجه ابن ماجه (1427) من طريق الليث بن أبى سُليم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9496). وفي الباب عن المغيرة بن شعبة سلف عند المصنف برقم (616) وإسناده منقطع.

الذي أدرك معه التكبيرة الأولى مِن الصلاة يشفعُ، فوثبَ إليه عمر، فأخذ بمَنكِبه، فهزَّه، ثم قال: اجلِس، فإنه لم يَهلِك أهلُ الكِتاب إلا أنهم لم يكن بين صلواتِهم فصل، فرفع النبي- صلى الله عليه وسلم -بَصَرهُ فقال: "أصابَ الله بكَ يا ابن الخطاب" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف المنهال بن خليفة، لكن روي الحديث من طريق آخر عن الأزرق بن قيس بنحو رواية المصنف بإسناد صحيح كما سيأتى. وأخرجه الحاكم 1/ 270، والبيهقي 2/ 190 من طريقين عن عبد الوهاب بن نجدة، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، لكن تعقبه الذهبى بقوله: المنهال ضعفه ابن معين، وأشعث فيه لين، والحديث منكر. قلنا: لا ندري ما وجه نكارة الحديث، ولعله في قوله "لم يهلك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن بين صلواتهم فصل" لكن روي الحديث بإسناد آخر صحيح وفيه هذا الحرف. وأخرجه الطبرانى في "الكبير" 22/ (728) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي، عن أشعث بن شعبة، به. وأخرجه الطبرانى في "الأوسط" (2088) من طريق عبد الصمد بن النعمان، عن المنهال بن خليفة، به. وقال: لا يُروى هذا الحديث عن أبى رمثة إلا بهذا الإسناد، تفرد به المنهال. وأخرجه عبد الرزاق (3973) عن عبد الله بن سعيد بن أبى هند، وأحمد (23121)، وأبو يعلى (7166) من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن الأزرق بن قيس، عن عبد الله ابن رباح، عن رجل من أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم -: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -صلى العصر، فقام رجل يصلى فرآه عمر، فقال له: اجلس، فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصل، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "أحسنَ ابنُ الخطاب"- هذا لفظ أحمد-وإسناده صحيح. وفي باب النهى عن وصل المكتوبة بالتطوع عن معاوية بن أبي سفيان عند مسلم (883) أنه رأى السائبَ ابن أخت نَمِر قام بعد تسليم الإمام من الجمعة فصلّى، فأرسل إليه فقال: لا تعُد لما فعلت، إذا صليت الجمعة فلا تَصِلها بصلاة حتى تكَلَّم أو تخرج، فإن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -أمرنا بذلك: أن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج.

194 - باب السهو في السجدتين

قال أبو داود: وقد قيل: أبو أُمية مكان أبي رِمثة (¬1). 194 - باب السهو في السجدتين 1008 - حدثنا محمدُ بنُ عبيد، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوبَ، عن محمد عن أبي هريرة، قال: صَلَّى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -إحدى صلاتي العَشِي: الظهرَ أو العصرَ، قال: فَصَلَّى بنا ركعتينِ، ثم سلم، ثم قام إلى خشبةٍ في مقدم المسجد، فوضع يديه عليها، إحداهما على الأخرى، يُعْرَفُ في وجهه الغَضَبُ، ثم خرج سَرَعانُ الناسِ، وهم يقولون: قَصُرَتِ الصلاةُ، قَصُرتِ الصلاةُ،- وفي الناسِ أبو بكرٍ وعمر، فهاباه أن يكلماه، فقام رجل كان رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -يُسميه ذا اليَديْنِ، فقال: يا رسولَ الله، أنسيتَ أم قَصُرتِ الصلاة؟ قال: "لم أنْسَ ولم تَقصُرِ الصلاة"، قال: بل نسيتَ يا رسول الله، فأقبل رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -على القوم، فقالَ: "أصَدَقَ ذو اليدين؟ " فأومَؤوا: أي: نعم، فرجع رسول الله- صلى الله عليه وسلم - إلى مَقامه، فصلى الركعتينِ الباقيتين، ثم سَلَّم، ثم كبّر وسجد مِثلَ سجوده، أو أطولَ، ثم رَفَعَ وكبَّر، ثم كبّر وسجدَ مثلَ سجوده، أو أطولَ، ثم رفع وكبَّر، قال: فقيل لمحمدٍ: سلَّم في السهو؟ فقال: لم أحفظه عن أبي هريرة، ولكن نبِّئتُ أن عمران بن حُصين قال: ثم سلم (¬2). ¬

_ (¬1) قوله: قال أبو داود ... أثبتناه من (هـ) ونسخة بهامش (د). (¬2) إسناده صحيح. محمد: هو ابن سيرين، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ومحمد بن عُبيد: هو ابن حِساب الغُبَري. وأخرجه البخاري (1229) و (6051) من طريق يزيد بن إبراهيم، ومسلم (573) من طريق أيوب السختيانى، والنسائي في "الكبرى" (576) و (1158) من طريق قتادة،=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = و (1159) من طريق خالد الحذاء، أربعتهم عن محمد بن سيرين، به. ورواية النسائي مختصرة بذكر السجود يوم ذى اليدين للسهو بعد السلام. وهو في "مسند أحمد" (7201)، و"صحيح ابن حبان" (2253) و (2256). وأخرجه مسلم (573)، والنسائي (579) و (1150) من طريق أبي سفيان مولى ابن أبى أحمد، عن أبي هريرة، وقال فيه: فأتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بقي من الصلاة، ثم سجد سجدتين، وهو جالس، بعد التسليم. وأخرجه النسائي (575) من طريق عراك بن مالك، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -سجد يوم ذي اليدين سجدتين بعد السلام. وانظر ما بعده، وما سيأتى بالأرقام (1009 - 1016). وقد اختلف أهل العلم في محل سجدتي السهو، أهما قبل السلام أم بعده؟ ذكر مذاهبهم في ذلك الحافظ العلائى في كتابه "نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد" ص 488 - 540، وملخص قوله: إن المشهور من مذب الشافعى أن سجود السهو قبل السلام على الإطلاق، سواء كان عن نقص أو زيادة. وروي هذا القول عن أبي هريرة والسائب بن أبى السائب وعبد الله بن الزبير، ومعاوية وعبد الله بن عباس وأبي سعيد الخدري، وبه قال سعيد بن المسيب ومكحول وابن شهاب ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة والأوزاعي والليث بن سعد. وقال أبو حنيفة وأصحابه جميعاً: سجود السهو كله بعد السلام سواء كان عن نقص أو زيادة. وهو مروي عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وسعد بن أبى وقاص وعمار بن ياسر وعمران بن حصين والضحاك بن قيس والمغيرة بن شعبة وأنس ابن مالك وأبي هريرة والسائب القاري .. واختُلف فيه عن معاوية بن أبى سفيان وابن عباس وابن الزبير. وقال مالك وجماعة من أصحابه: إن كان السهو بزيادة فالسجودُ له بعدَ السلام، وإن كان بنقصان فالسجود قبل السلام، وهو قول أبي ثور والمزني من الشافعية، ونقله أبو إسحاق الشيرازى وجماعة عن القديم. وعند مالك: أن الذي لا يدري صلى ثلاثاً أم أربعاً قولان: قول: إنه يسجد قبل السلام، وآخر أنه يسجد بعد السلام. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأما أحمد بن حنبل يستعمل الأحاديث كلها بأن كُلّ سهو سجد فيه رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قبل السلام أو بعده فمحله حيث سجد النبي- صلى الله عليه وسلم -، وما سوى المواضع التى ورد السهو فيها عنه - صلى الله عليه وسلم - فالسجود لها قبل السلام، لأنه يُتم ما نقص من صلاته، قال: ولولا ما روي عن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -، لرأيت السجود كله قبل السلام، لأنه من شأن الصلاة أن يقضيها قبل السلام. وقال داود الظاهري نحو قول أحمد لكنه اقتصر في مشروعية السجود على المواضع التي ثبت أن النبي- صلى الله عليه وسلم - سجد فيها. وعن أحمد روايتان أخريان كمشهور مذهب الشافعي والأخرى قول مالك. وقول إسحاق بن راهويه كأحمد في تبعية الأحاديث، وفيما عداها كمذهب مالك في التفريق بين الزيادة والنقص. هذا ونقل عن الماوردي في "الحاوي" قوله: لا خلاف بين الفقهاء أن سجود السهو جائز قبل السلام وبعده، وإنما اختلفوا في المسنون والأَولى. واختلفوا أيضاً: هل يعقب سجود السهو تشهد وسلام أم لا؟ فذهب ابن مسعود إلى أنه يتشهد فيها ويسلم، وهو قول حماد بن أبي سليمان والحكم وإبراهيم النخعي وقتادة، وهو مذهب أبي حنيفة. وذهب أنس بن مالك إلى أنه لا تشهد بعدها ولا تسليم، وهو قول الحسن البصري والشعبي وعطاء بن أبي رباح على خلاف عنه، وهو مذهب الشافعي والأوزاعي. وذهب سعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر وعبد الرحمن بن أبي ليلى وابن سيرين وكذلك إبراهيم النخعي والحسن البصري أيضاً في رواية عنهما إلى أنه يسلم فيها ولا يتشهد. وذهب يزيد بن قسيط إلى أنه يتشهد ولا يسلم، وهو رواية عن الحكم بن عتيبة وحماد النخعي. وقال غيرهم: إن سجد قبل السلام لم يتشهد، وإن سجد بعده يتشهد ويسلم وهو مروي عن أحمد بن حنبل، وأكثر أصحاب مالك. ونقل البويطي عن الشافعي أنه رأى التشهد بعدها واجباً. وغلط العلائى هذا القول عن الشافعي. وقوله: قصرت الصلاة: قال الحافظ في "الفتح"3/ 100: بضم القاف وكسر المهملة على البناء للمفعول، أي: أن الله قصرها، وبفتح ثم ضم على البناء للفاعل، أي: صارت قصيرة، قال النووي: هذا أكثر وأرجح.

1009 - حدَثنا عبدُ الله بن مَسلَمة، عن مالك، عن أيوبَ، عن محمد، بإسناده، وحديث حماد أتم. قال: صلى رسول الله، لم يقل: بنا، ولم يقل: فأومؤوا، قال: فقال الناسُ: نعم، قال: ثم رفع، ولم يقل: وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده، أو أطول، ثم رفع، وتمّ حديثه، لم يذكر ما بعده (¬1). ولم يذكُر "فأومؤوا" إلا حمادُ بن زيد. قال أبو داود: وكل من روى هذا الحديث لم يقل: فكبَّر (¬2). 1010 - حدثنا مُسدد، حدثنا بشر- يعني ابن المفضل- حدثنا سلمة- يعني ابن علقمةَ- عن محمد عن أبي هريرة، قال: صلَى بنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -،بمعنى حماد كُلّه، إلى آخر قوله: نبئتُ أن عمران بن حصين قال: ثم سلم. قال: قلت: فالتشهد؟ قال: لم أسمع في التشهد، وأحَبّ إلىّ أن يتشهد، ولم يذكر: كان يُسميه ذا اليدينِ، ولا ذكر: فأومؤوا ولا ذكرَ الغضبَ (¬3). وحديث أيوبَ أتم. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه. وهو في "موطأ مالك" 1/ 93، ومن طريقه أخرجه البخاري (714) و (1228) و (7250)، والترمذي (410)، والنسائى في "الكبرى" (577).إلا أن الترمذي قال في روايته من طريق معن بن عيسى عن مالك: ثم سلم، ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم كبر فرفع ... فذكر التكبير أيضاً في الرفع من السجدة الأولى من سجدتي السهو. وهو في "صحيح ابن حبان" (2249) و (2686). وانظر ما قبله. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). (¬3) إسناده صحيح كسابقيه.

1011 - حدثنا علىُّ بن نصر، حدثنا سليمانُ بن حرب، حدَثنا حمادُ بن زيد، عن أيوبَ وهشامِ ويحيى بنِ عتيق وابنِ عون، عن محمدٍ عن أبي هريرة، عن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -في قِصة ذي اليدينِ أنَّه كبّرَ وسَجَدَ، وقال هشام- يعني ابنَ حسان-: كبّر، ثم كبّرَ وسجد (¬1). قال أبو داود: روى هذا الحديث أيضاً حبيبُ بن الشهيد وحُميدٌ ويونسُ وعاصمٌ الأحول، عن محمد، عن أبي هريرة، لم يذكر أحدٌ منهم ما ذكر حمادُ بنُ زيد، عن هشام: أنه كبَّر، ثم كبَّر، وروى حماد بن سلمة، وأبو بكر بن عياش هذا الحديثَ، عن هشام، لم يذكرا عنه هذا الذي ذكره حماد بن زيد: أنه كبر ثم كبر. 1012 - حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، حدَثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة وعُبيد الله بن عبد الله ¬

_ = وأخرج البخاري بإثر (1228) من طريق حماد بن زيد، عن سلمة بن علقمة، قال: قلت لمحمد: في سجدتى السهو تشهد؟ قال: ليس في حديث أبي هريرة. وانظر سابقيه. (¬1) إسناده صحيح. محمد: هو ابن سيرين، وابن عون: هو عبد الله، وهشام: هو ابن حسان القُردوسي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختيانى. وأخرجه بطوله البخاري (482)، وابن ماجه (1214)، والنسائى في "الكبرى" (578) و (1148) من طريق عبد الله بن عون، به. وأخرج النسائى (1159) من طريق عبد الله بن عون، به. بلفظ أن النبي- صلى الله عليه وسلم - سجد في وهمه بعد السلام. وأخرج الترمذي (396) من طريق هشام بن حسان، به. أن النبي- صلى الله عليه وسلم - سجدهما (يعني سجدتي السهو) بعد السلام. وانظر ما سلف برقم (1008).

عن أبي هريرة، بهذه القصة، قال: ولم يسجد سجدتي السَّهوِ حتى يقَّنه الله ذلك (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، إلا أن الزهريَّ -وهو الإمام محمد بن مسلم بن عُبيد الله بن عَبد الله بن شهاب- قد اضطرب في إسناده وأخطأ في متنه إذ قال: لم يسجُد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - سجدتي السهو، حتى قال ابنُ عبد البر في "التمهيد" 1/ 366 بعد أن ذكر وجوه الاختلاف في إسناده على الزهري: لا أعلم أحداً من أهل العلم والحديث المصنفين فيه عوّل على حديث ابن شهاب في قصة ذى اليدين، لاضطرابه فيه، وأنه لم يقُم لاه إسناداً ولا متناً، وإن كان إماماً عظيماً في هذا الشأن، فالغلطُ لا يسلمُ منه أحدٌ، والكمالُ ليس لمخلوق، وكلُّ أحدٍ يؤخذ من قوله ويُترك إلا النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -. ونقل عن الإمام مسلم في كتاب "التمييز" قوله: قول ابن شهاب: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم -لم يسجد يوم ذي اليدين سجدتي السهو خطأ وغلط، وقد ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم -أنه سجد سجدتي السهو ذلك اليوم من أحاديث الثقات ابن سيرين وغيره. وأخطأ الزهري أيضاً في تسمية الرجل ذا الشمالين، وإنما هو ذو اليدين، وذو الشمالين رجل خُزاعي قتل يوم بدر، وذو اليدين سُلَميّ عاش بعد النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مدة، قيل: إلى خلافة معاوية، والقصة حضرها أبو هريرة الذي أسلم عام خيبر يعني بعد بدر، فتعين أنه ذو اليدين، ولهذا قال ابن عبد البر 1/ 364: لم يتابع الزهريّ عليه أحدٌ. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1156) من طريق عُقَيل بن خالد الأيلي، عن الزهري، عن سعيد- وهو ابن المسيب- وأبي سلمة وأبي بكر بن عبد الرحمن وابن أبي حثمة، عن أبي هريرة أنه قال: لم يجد رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذِ قبل السلام ولا بعده. وأخرجه أيضاً (1154) من طريق معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة، عن أبي هريرة قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر أو العصر فسلم في ركعتين وانصرف، فقال له ذو الشمالين بن عمرو: أنقصت الصلاة أم نسيت؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما يقول ذو اليدين؟ "، فقالوا: صدق يا نبي الله، فأتم بهم الركعتين اللتين نقص. فلم يذكر في روايته سجود السهو. وهو في "مسند أحمد" (7666). وأخرجه كذلك (1153) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. بنحو رواية معمر.- ولم يذكر فيها سجُود السهو. وانظر ما سيأتي برقم (1014). =

1013 - حدثنا حجاجُ بن أبى يعقوب، حدثنا يعقوبُ- يعنى ابن إبراهيمَ- حدثنا أبى، عن صالح عن ابن شهاب، أن أبا بكر بن سليمان بن أبي حَثمَةَ أخبره، أنه بلغه أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، بهذا الخبر، قال: ولم يسجد السَّجدتين اللتين تُسجدانِ إذا شكَّ حين لقَّاه الناس (¬1). ¬

_ = وأخرجه عبد الرزاق (3442) عن ابن جريج: حدثنى الزهري، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة وأبى سلمة بن عبد الرحمن، عمن يقنعان بحديثه: أن النبي- صلى الله عليه وسلم -صلى ركعتين في صلاة الظهر أو العصر فقال له ذو الشمالين ابن عمرو: يا رسول الله، أقصرت الصلاة؟ أم نسيت؟ وذكر الحديث. وأخرجه ابن خزيمة (1050) من طريق عبد الله بن نافع، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، مرسلاً. ورواه صالح بن كيسان ومحمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري بوجه آخر مختلف كما سيأتى عند المصنف بعده. وقد ضعف الحافظ العلائى في "نظم الفرائد" ص215جميع الروايات الأخرى من غير طريق الزهري مما ورد فيه تسمية الرجل بذي الشمالين. وانظر ما بعده، ما سلف برقم (1008). (¬1) رجاله ثقات لكنه مرسل، وقد اضطرب فيه الزهري كما سبق بيانه في الطريق السالف قبله، وأخطأ في نفى السجود للسهو. إبراهيم: هو ابن سعْد بن إبراهيم الزهري، وصالح: هو ابن كيسان، وابن شهاب: هو الزهري. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (1155) من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (1154) من طريق معمر، عن الزهري، عن أبى سلمة بن عبد الرحمن وأبي بكر بن سليمان بن أبى حثمة، عن أبي هريرة، وقال فيه: فأتم بهم الركعتين اللتين نقص فلم يذكر سجدتي السهو. وهو في "صحيح ابن حبان" (2684) و (2685). وأخرجه مالك 1/ 94، ومن طريقه ابن خزيمة (1047) عن الزهري، وابن خزيمة (1049) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن أبي بكر بن سليمان مرسلاً وقال في آخره: فأتم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ما بقى من الصلاة، ثم سلّم. وانظر ما قبله.

قال ابن شهاب: وأخبرني بهذا الخبر سعيدُ بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: وأخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو بكر بن الحارث بن هشام وعُبيد الله بن عبد الله. قال أبو داود: رواه يحيى بن أبي كثير وعمران بن أبي أنس، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن. والعلاءُ بن عبد الرحمن عن أبيه، جميعاً (¬1) عن أبي هريرة بهذه القصة، ولم يذكر أنِّه سجد السَّجدتين. قال أبو داود: ورواه الزُّبيديُّ، عن الزهريّ، عن أبي بكر بن سليمان ابن أبي حَثْمَة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال فيه: ولم يسجد سجدتي السَهو. 1014 - حدَثنا ابن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شُعبةُ، عن سعد، سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة: أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -صلى الظهر، فسلم في الرَكعتين، فقيل له: نقَصَتِ الصلاة؟ فصلَى ركعتين، ثم سجد سجدتين (¬2). ¬

_ (¬1) قوله: والعلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، جميعاً، زيادة أثبتناها من (هـ). (¬2) إسناده صحيح. سعدُ: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، ومعاذ: هو ابن معاذ العنبري. وابن معاذ: هو عُبيد الله. وأخرجه البخاري (715) و (1227) والنسائي (1151) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. زاد البخاري في الموضع الأول والنسائي في روايتيهما: فقام وصلّى ركعتين، ثم سلم، ثم سجد سجدتين. فذكرا السلام، وهذا يبين أن سجودَ السهو كان بعدَ السلام، وعليه تُحمل روايةُ المصنف. وأخرجه أيضاً (1152) من طريق يزيد بن أبى حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن أبى سلمة، به. لكنه لم يذكر سجدتي السهو كما أشار المصنف. وأخرجه مسلم (573) والنسائى في "الكبرى" (567) و (568) من طريق يحيى ابن أبي كثير، عن أبي سلمة، به. ولم يذكر سجدتى السهو كما قال المصنف. وانظر ما سلف برقم (1008) و (1012) و (1013)، وما سيأتى برقم (1030).

1015 - حدَثنا إسماعيل بن أسدِ، أخبرنا شبابةُ، حدثنا ابن أبي ذئبِ، عن سعيد بن أبي سعيدٍ المقبري عن أبي هريرة: أنَّ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -انصرف من الركعتين من صلاة المكتوبة، فقال له رجل: أقصُرَتِ الصَلاةُ يا رسول الله أم نَسِيتَ؟ قال: "كُلِّ ذلك لم أفعل" فقال الناسُ: قد فعلتَ ذلك يا رسول الله، فركع ركعتين أُخريين، ثم انصرف، ولم يسجد سجدتَي السهو (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، لكن قوله في آخره: ثم انصرف ولم يسجد سجدتي السهو، شاذٌّ، خالف فيه سعيد المقبري جمهرة الرواة الذين رووه عن أبى هريرة، وهم محمد ابن سيرين وأبو سفيان مولى ابن أبى أحمد وأبو سلمة بن عبد الرحمن- في رواية سعد ابن إبراهيم الزهري عنه - وضمضم بن جَوس وعِراك بن مالك، فقالوا جميعاً: ثم سجد سجدتى السهو. وقد ورد إثباتُ سجود السهو في غير حديث عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، منها حديثُ عبد الله بن عُمر وحديثُ عمران بن الحُصين، سيأتيان عند المصنف برقم (1017) و (1018). ومنها حديث عبدِ الله ابن بُحينة سيأتي عند المصنف برقم (1034)، وحديث أبي سعيد الخدري، وسيأتي برقم (1024) و (1029). وروى ابنُ شهاب الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن أحَدَكم إذا قامَ. يُصلي، جاءه الشيطانُ، فلبّس عليه حتى لا يَدرِي كم صلى، فإذا وجَدَ أحَدُكُم ذلك، فليسجد سجدتينِ، وهو جالِس"، وسيأتي عند المصنف برقم (1030). وأخرجه السراج في "حديثه" (2395) من طريق ابن أبي ذئب، به. وقد سلف الحديث من طريق محمد بن سيرين بالأرقام (1008 - 1011). وطريق أبى سلمة سلف قبله. وأما طريق ضمضم فسيأتي بعده. وسلف تخريج طريق أبى سفيان وعِراك عند الحديث (1008). وقد جاء في رواية الزهري لحديث أبي هريرة أيضاً نفي سجود السهو كما في الرواية السالفة برقم (1012) و (1013) وتكلمنا على تعليل أهل العلم لروايته وأن الزهري لم يُتابع عليها.

قال أبو داود: رواه داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى أبي أحمد، عن أبي هريرة عن النبي- صلى الله عليه وسلم - بهذه القصة، قال: ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم. 1016 - حدثنا هارون بن عبد الله، حدثنا هاشم بن القاسم، حدَثنا عكرمةُ ابن عمار، عن ضَمضَم بن جَوْسٍ الهِفّاني حدثني أبو هريرة، بهذا الخبر، قال: ثم سجد سجدتي السَّهو بعدما سلَّم (¬1). 1017 - حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت، حدثنا أبو أُسامة (ح) وحدثنا محمد بن العلاء، أخبرنا أبو أُسامة، أخبرني عُبَيد الله، عن نافع عن ابن عمر، قال: صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسلم في الركعتين، فذكر نحو حديث ابن سيرين عنْ أبي هريرة، قال: ثم سلم، ثم سجد سجدتي السهوِ (¬2). 1018 - حدثنا مُسدد، حدثنا يزيد بن زُرَيع (ح) ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل عكرمة بن عمار. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1254) من طريق عبد الله بن المبارك، عن عكرمة بن عمار، به وهو في "صحيح ابن حبان" (2687). وانظر ما سلف برقم (1008). (¬2) إسناده صحيح. وقد قال البيهقى 2/ 359 بعد أن روى الحديثَ من طريقه: تفرد به أبو أسامة حمادُ بن أسامة، وهو من الثقات. فقال الحافظُ العلائي في "نظم الفرائد" ص 230: وهو من رجال الشيخين، ومن الحفاظ الذين يُحتج بما تفرّدوا به ويصحح. عُبيد الله: هو ابن عمر العمري. وأخرجه ابن ماجه (1213) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، بهذا الإسناد.

195 - باب إذا صلى خمسا

وحدَثنا مُسدد، حدثنا مسلمة بن محمد، قالا: حدَثنا خالد الحذّاء، حدثنا أبو قِلابةَ، عن أبي المُهلب عن عمران بن حُصين، قال: سلَّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -في ثلاثِ ركعاتِ مِن العَصْرِ، ثم دخل- قال عن مسلَمة: الحُجَرَ- فقام إليه رجلُ يُقال له: الخِرباقُ، كان طويلَ اليدينِ فقال له: أقصُرَتِ الصَلاةُ يا رسول الله؟ فخرج مُغضباً يَجُرُّ رِداءَهُ فقال: "أصدق؟ " قالوا: نعم، فصلَّى تلك الركعة، ثمَّ سَلَّمَ، ثم سَجَدَ سجدتَيْهَا، ثم سَلَّم (¬1). 195 - باب إذا صلى خمساً 1019 - حدثنا حفص بن عمر ومسلمُ بن إبراهيم- المعنى- قال حفص: حدثنا شُعبة، عن الحَكَم، عن إبراهيمَ، عن علقمة عن عبدِ الله، قال: صلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -الظُّهر خمساً، فقيل له: أزِيدَ في الصلاة؟ قال: "وما ذاك؟ " قال: صلَيْتَ خمساً، فَسَجَدَ سجدتينِ بعدما سلَّم (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو المهلب: اسمه عَمرو أو عبد الرحمن بن معاوية وقيل: ابن عَمرو، وقيل: النضر، وقيل: معاوية الجرمى، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرمى، وخالد الحذاء: هو ابنُ مِهران، ومُسَدد: هو ابنُ مُسَرهَد. وأخرجه مسلم (574)، وابن ماجه (1215)، والنسائي في "الكبرى" (580) و (609) و (610) و (1161) و (1255) من طريق خالد بن مِهران الحذاه، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19828)، و"صحيح ابن حبان " (2654) و (2671). وانظر ما سيأتي برقم (1039). (¬2) إسناده صحيح. علقمة: هو ابن قيس النخعى، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والحكم: هو ابن عُتيبة. =

1020 - حدثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: قال عبدُ الله: صلَّى رسول الله- صلى الله عليه وسلم -قال إبراهيم: فلا أدري زاد أم نَقَصَ- فلما سلَّم، قيل له: يا رسول الله، أحدثَ في الصَلاة شئ؟ قال: "وما ذاكَ؟ " قالوا: صليتَ كذا وكذا، فثنى رجلَه واستقبلَ القبلةَ، فسَجَدَ بهم سجدتين، ثم سلَّم، فلما انفتلَ أقبل علينا بوجهه- صلى الله عليه وسلم -,فقال: "إنه لو حَدَثَ في الصلاة شيءٌ أنبأتكم به، ولكن إنما أنا بَشَر أنسَى كما تنسَون، فإذا نسيتُ فذكِّروني" وقال: "إذا شَكَّ أحَدُكُم في صلاتِه، فليتحرَّ الصَوابَ، فليُتمَّ عليه، ثم ليُسلم ثم ليسجُدْ سجدتَين" (¬1). 1021 - حدثنا محمد بن عبدِ الله بن نُمير، حدثنا أبي، حدثنا الأعمشُ، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ ¬

_ = وأخرجه البخاري (404) و (1226) و (7249)، ومسلم (572)، وابن ماجه (1205)، والترمذي (394)، والنسائى في" الكبرى" (1178) و (1179) من طريق الحكم بن عتيبة، بهذا الإسناد. وقرن النسائى في الموضع الثاني بالحكم مغيرة - وهو ابن مقسم. وأخرجه مسلم (572)، والنسائى (1183) من طريق عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد، عن أبيه، عن ابن مسعود. وهو في "مسند أحمد" (3566)، و"صحيح ابن حبان " (2658). وانظر تالييه، وما سيأتي برقم (1022). (¬1) إسناده صحيح. منصور: هو ابن المعتمر، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه البخاري (401) و (6671)، ومسلم (572)، وابن ماجه (1211) و (1212)، والنسائي في "الكبرى" (585) و (1164) و (1165) و (1166) و (1167) و (1168) من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3602)، و"صحيح ابن حبان" (2656) و (2662). وانظر ما قبله.

عن عبدِ الله، بهذا، قال: "فإذا نَسِيَ أَحَدُكُم، فليسجد سجدتين" ثم تحوَّل فسجدَ سجدتين (¬1). قال أبو داود: رواه حُصين نحوَ الأعمش. 1022 - حدثنا نصرُ بن علي، أخبرنا جرير (ح) وحدثنا يوسفُ بن موسى، حدثَنا جرير- وهذا حديثُ يوسف - عن الحسن بن عُبيد الله، عن إبراهيمَ بن سُويد، عن علقمةَ، قال: قال عبدُ الله: صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم -خمساً، فلما انفتلَ توشوش القوم بينهم، فقال: "ما شأنكُم؟ " قالوا: يا رسولَ اللهِ، هل زِيدَ في الصلاة؟ قال: " لا" قالوا: فإنّك قد صليتَ خمساً، فانفتلَ فسجد سجدتينِ، ثم سلّم، ثم قال: "إنما أنا بَشَر أَنسى كما تنسون" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران الكاهلي. وأخرجه مسلم (572)، وابن ماجه (1203)، والنسائي في "الكبرى" (599) و (1253) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. ورواية النسائي مختصرة بلفظ: أن النبي- صلى الله عليه وسلم - سلّم، ثم تكلم، ثم سجد سجدتي السهو. وهو في "مسند أحمد" (4032). وانظر ما سلف برقم (1019). (¬2) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه مسلم (572)، والنسائي في "الكبرى" (1180) و (1182) من طريق الحسن بن عُبيد الله، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4170)، و"صحيح ابن حبان" (2661). وانظر ما سلف برقم (1019). وقوله: توشوش القوم بينهم. توشوش يُروى بشينين وبسينين، ومعناهما واحد، وهو التحدث بكلام خفي مختلط لا يكادُ يفهم.

196 - باب إذا شك في الثنتين والثلاث، من قال: يلقي الشك

1023 - حدثنا قُتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا الليثُ- يعني ابنَ سعد- عن يزيد بن أبي حبيب، أن سُويدَ بنَ قيس أخبره عن معاوية بن حُديِج: أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -صلّى يوماً، فسلَّم، وقد بقيت من الصلاة ركعة، فأدركه رجل، فقال: نسيتَ مِن الصلاةِ ركعةً، فرجع فدخل المسجد، وأمر بلالاً، فأقام الصلاة، فصلى للناس ركعةً، فأَخبرتُ بذلك الناسَ، فقالوا لي: أتعرف الرجل؟ قلتُ: لا، إلا أن أراه، فمرَّ بي، فقلت: هذا هو، فقالوا: هذا طلحةُ بن عُبيد الله (¬1). 196 - باب إذا شكَّ في الثنتين والثلاث، مَن قال: يُلقي الشك 1024 - حدَّثنا محمد بن العلاء، حدثنا أبو خالدٍ، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يَسارٍ عن أبي سعيد الخُدري، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "إذا شكَّ أحَدُكُم في صلاته فَلْيُلق الشَّكَّ، وليَبْنِ على اليقين، فإذا استيْقن التمامَ سجدَ سجدتين، فإن كانت صلاتُه تامةً كانت الركعة نافلةً والسجدتان (¬2)، وإن كانت ناقصةَ كانت الركعة تماماً لِصلاته وكانت السجدتانِ مُرغمتي الشيطانِ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1640) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (27254)، و"صحيح ابن حبان" (2674). (¬2) المثبتُ من (هـ)، وهو الجادة، وفي سائر أصولنا الخطية: والسجدتين! (¬3) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابنِ عجلان - وهو محمد - فهو صدوق لا بأس به، لكنه متابع. وأخرجه مسلم (571) من طريق سليمان بن بلال و (571) من طريق داود بن قيس، وابن ماجه (1210)، والنسائي في "الكبرى" (1162) من طريق محمد بن عجلان، -

قال أبو داود: رواه هشامُ بن سعد ومحمد بن مطرف، عن زيد، عن عطاء بن يَسار، عن أبي سعيدٍ الخدري، عن النبي- صلى الله عليه وسلم -، وحديث أبي خالد أشبعُ. 1025 - حدثنا محمد بن عبدِ العزيز بن أبي رِزمةً، أخبرنا الفضلُ بن موسى، عن عبدِ الله بن كَيسانَ، عن عكرمة عن ابن عباس: أن النبي- صلى الله عليه وسلم -سَمى سجدتي السهو المُرغِمتَيْنِ (¬1). ¬

_ = والنسائي (1163) من طريق عبد العزيز أبي سلمة، أربعتهم عن زيد بن أسلم، به. زاد سيمان وداود في روايتيهما عند مسلم: يسجد سجدتين قبل أن يُسلم. وهو في "مسند أحمد" (11689)، و"صحيح ابن حبان" (2664) و (2667). وسيأتي برقم (1026) من طريق مالك بن أنس، و (1027) من طريق يعقوب بن عبدالرحمن القاري، كلاهما عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار مرسلاً. والذين وصلوه جماعة ثقات، فلا يضر إرسال من أرسله. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 19: والحديث متصل مسند صحيح، لا يضر تقصير من قصر به في اتصاله، لأن الذين وصلوه حفاظ مقبولة زيادتهم، وبالله التوفيق. وانظر ما سيأتي برقم (1029). وقوله: مرغمتي الشيطان: أصل هذا قولهم: أرغم الله أنف فلان، أي: ألصقه بالرغام بفتح الراء، وهو التراب، ثم استعمل في الذل والعجز عن الانتصاف والانقياد على كره، والمعنى هنا: الباعثتين على إذلال الشيطان. (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن كيسان - وهو المروزي - وقد سبر ابن عدي حديثه عن عكرمة، عن ابن عباس فوجدها غير محفوظة. وأخرجه ابن خزيمة (1063)، وابن حبان (2655) و (2689)، والطبراني في "الكبير" (12550)، وابن عدي في"الكامل" 4/ 1547، والحاكم 1/ 261 و 324 من طريق الفضل بن موسى، بهذا الإسناد. ويغني عنه ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري السالف قبله من قوله- صلى الله عليه وسلم - "وكانت السجدتان مرغمتى الشيطان".

1026 - حدثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن زيدِ بن أسلم عن عطاء بن يسار، أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا شَك أحدُكم في صلاتِه، فلا يدري كم صلى ثلاثاَ أو أربعاَ، فليُصَل ركعةَ، وليسجُد سجدتَين وهو جالِس قبلَ التسليم، فإن كانتِ الركعةُ التي صلى خامسةً شفعها بهاتين، وإن كانت رابعةَ فالسجدتانِ ترغيمٌ لِلشيطان" (¬1). 1027 - حدثنا قتيبة، حدثنا يعقوبُ بن عبد الرحمن القارئ، عن زيدِ بنِ أسلم، بإسنادِ مالك قال: إن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا شَك أحدُكُم في صلاته، فإن استيْقَن أن قد صلَّى ثلاثاً فليقُم، فليتِمَّ ركعةَ بسجودها، ثم يجلسُ فيتشهد، فإذا ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل، وقد روي موصولاً من غير طريق عن زيد بن أسلم كما سلف برقم (1024) والحكم لمن وصله لأنهم جماعة ثقات حفاظ كما قال ابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 19. القعنبي: هو عبد الله ابن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 95، ومن طريق أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (3466)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 433، والبيهقي في"السنن" 2/ 331 و 338، والبغوي في "شرح السنة" (754). وانظر ما بعده. وما سلف برقم (1024). وأخرجه ابن حبان (2663)، والبيهقي 2/ 338 - 339، وابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 19 من طريق الوليد بن مسلم، وابن عبد البر 5/ 20 من طريق يحيى بن راشد المازني، كلاهما عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري. فوصلاه، قلنا: أما يحيى بن راشد المازنى فضعيف، وأما الوليد بن مسلم فلم يتابع على وصل الحديث من طريق مالك، لأن جميع رواة "الموطأ" رووه عن مالك مرسلاً كما قال ابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 18.

197 - باب من قال: يتم على أكبر ظنه

فَرَغَ فلم يبقَ إلا أن يُسلّم، فليسجد سجدَتْينِ وهو جالس، ثم ليُسلمْ" ثمَ ذكر معنى مالك (¬1). قال أبو داود: وكذلك رواه ابن وهب عن مالك وحفصُ بن ميسرة وداودُ بن قيس وهشامُ بن سعد، إلا أن هشاماً بلغ به أبا سعيد الخدريَّ. 197 - باب من قال: يتم على أكبر ظنه 1028 - حدَثنا النُّفيليُّ، حدثنا محمد بن سلمةَ، عن خُصَيف، عن أبي عُبيدة بن عبد الله عن أبيه، عن رسولِ الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا كنتَ في صلاةٍ فَشَكَكتَ في ثلاثٍ وأربع، وأكبرُ ظنك على أربعٍ، تَشهدتَ ثم سجدتَ سجدتينِ وأنتَ جالسٌ قبل أن تُسلّم، ثمَ تشهّدتَ أيضاً، ثم تُسلّمُ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل كسابقه. وانظر ما سلف برقم (1024). (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه. أبو عُبيدة بن عبد الله لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود. وخصيف - وهو ابن عبد الرحمن الجزري - سييء الحفظ. وقد اختُلف في رفعه ووقفه كما أشار إليه المصنف بإثر الحديث. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (608) من طريق محمد بن سلمة الحراني، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4075) عن محمد بن سلمة. وهو في "المسند" أيضاً (4076) عن محمد بن فضيل، عن خُصيف موقوفاً. وانظر ما سلف برقم (1019) و (1020). وسيأتي الكلام على التشهد بعد سجدتي السهو عند حديث عمران بن حصين الآتي عند المصنف برقم (1039).

قال أبو داود: رواه عبدُ الواحد عن خُصَيفٍ ولم يرفعه، ووافق عبد الواحد أيضاً سفيان وشريك وإسرائيل واختلفوا في الكلام في متن الحديث ولم يُسندوه. 1029 - حدثنا محمد بن العلاء، حدَثنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، حدثنا هشام الدستُوائي، حدثنا يحيي بن أبي كثيرٍ، حدَّثنا عياضٌ (ح) وحدثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، حدثنا يحيي، عن هلال بن عياض عن أبي سعيد الخدري أن رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا صلَّى أحدُكم فلم يدرِ زادَ أم نَقَصَ، فليَسجُد سجدتَيْنِ وهو قاعد، فإذا أتاهُ الشيطانُ فقال: إنك قد أحدثتَ، فليقل: كذبتَ، إلا ما وَجَد ريحاً بأنفه أو صوتاً بأُذنه" وهذا لفظ حديثِ أبان (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عياض - وهو ابن هلال الأنصاري - وقد اختُلف في اسمه، فقيل: هلال بن عياض، وقيل: عياض بن هلال، وقيل: عياض بن أبي زهير، قال محمد بن يحيى الذهلي: الصواب عياض بن هلال. يحيى: هو ابن أبي كثير. وأخرج الشطر الأول من الحديث ابن ماجه (1204)، والترمذي (398)، والنسائى في "الكبرى" (590) من طريق هشام الدستوائى، والنسائي (591) من طريق شيبان بن عبد الرحمن النحوي، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير، به. وقال الترمذي: حديث حسن. وأخرجه النسائي (592) و (593) من طريق الأوزاعي، عن يحيى، عن عياض ابن أبي زهير، عن أبي سعيد الخدري. فسماه عياض بن أبي زهير. وأخرجه أيضاً (594) من طريق عكرمة بن عمار، عن يحيى، عن هلال بن عياض، عن أبي سعيد. فسماه هلال بن عياض. وأخرج الشطر الثانى منه أبو يعلى (1241)، وابن خزيمة (29)، وابن حبان (2665) , والحاكم 1/ 134 من طريق هشام الدستوائي، به. =

قال أبو داود: وقال معمر وعلي بن المبارك: عياضُ بن هلال، وقال الأوزاعي: عياضُ بن أبي زهير. 1030 - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رَسُولَ الله- صلى الله عليه وسلم -قال: "إن أحَدَكم إذا قام يُصَلّي جاءه الشيطانُ، فلبَّس عليه حتَى لا يدري كم صلّى، فإذا وجد أحدُكم ذلك، فليَسجُد سجدتَين وهو جالسٌ" (¬1). قال أبو داود: وكذا رواه ابن عُيينةَ ومعمرٌ والليثُ. 1031 - حدَّثنا حجاجُ بن أبي يعقوبَ، حدَّثنا يعقوبُ، حدَّثنا ابن أخي الزهري ¬

_ = وهو بتمامه في "مسند أحمد" (11082)، و"صحيح ابن حبان" (2665). ويشهد للشطر الأول منه حديث أبي هريرة الآتي بعده. ويشهد للشطر الثاني حديث عبد الله بن زيد وحديث أبي هريرة السالفين عند المصنف برقم (176) و (177). (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 1/ 100. وأخرجه البخاري (1232)، ومسلم بإثر الحديث (569)، والترمذي (399)، والنسائي في "الكبرى" (595) و (596) و (1176) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه البخاري (1231)، ومسلم بإثر (569)، والنسائي (595) و (1177) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، به. زاد البخاري في روايته: "فلم يدرِ كم صلى ثلاثاً أو أربعاً". وهو في "مسند أحمد" (7286)، و"صحيح ابن حبان" (16) و (2683). وانظر تالييه. وانظر ما سلف برقم (516).

198 - باب من قال: بعد التسليم

عن محمد بن مسلم، بهذا الحديث بإسناده، زاد: "وهو جالس قبلَ التسليم " (¬1). 1032 - حدثنا حجاجُ، حدثنا يعقوبُ، أخبرنا أبي، عن ابن إسحاقَ حدّثني محمدُ بن مسلم الزهريُ، بإسناده ومعناه قال: "فليسجُد سجدتَينِ قبلَ أن يُسلّم ثم ليُسَلِّم " (¬2). 198 - باب مَن قال: بعدَ التسليم 1033 - حدثنا أحمدُ بن إبراهيمَ، حدّثنا حجاج، عن ابن جُريج، أخبرنى عبد الله بن مُسافع، أن مُصعَب بن شيبةَ أخبره، عن عُتبةَ بن محمد بن الحارث ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن أخي الزهري - وهو محمد ابن عبد الله بن مسلم - لكنه متابع كما سيأتى في التخريج، وكما سيأتي بعد. وأخرجه البيهقي 2/ 339 من طريق أبى داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1217)، والدارقطني (1404)، والبيهقي2/ 340من طريق محمد بن إسحاق، قال: أخبرني سلمة بن صفوان، عن أبي سلمة , به. وهذا إسناد حسن أيضاً. وبمجموع هذين الطريقين مع الطريق الآتي عند المصنف بعده يصح الحديث. وأخرجه البيهقي 2/ 340 من طريق عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، بة. لكن عكرمة انفرد هنا من بين سائر أصحاب يحيى بن أبي كثير بزيادة: "ثم يسلم" يعني بعد السجدتين، لأن المحفوظ عن يحيى بن أبي كثير عدم ذكر هذه الزيادة كما في الرواية السالفة عند المصنف قبله، وانظر تخريج طريق يحيى بن أبي كثير هناك. وانظر ما بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن إسحاق - وهو محمد - فهو صدوق حسن الحديث، لكنه متابع نى الطريق السابق، وانظر تخريجه هناك. وأخرجه ابن ماجه (1216)، والبيهقي 2/ 339 من طريقين عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه.

199 - باب من قام من ثنتين ولم يتشهد

عن عبد الله بن جعفرٍ، أنْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -قال: "مَنْ شَكَّ في صلاتِه، فليسجُدْ سجدَتينِ بعدما يُسلمُ" (¬1). 199 - باب من قام من ثنتين ولم يتشهَّد 1034 - حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهابِ، عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله ابن بُحَينةَ أنه قال: صلّى لنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتَين، ثم قام فلم يجلِس، فقام الناسُ معه، فلما قضى صلاتَه وانتظرنا التسليمَ كبّر، فَسَجَدَ سجدتَينِ وهو جالس قبلَ التسليمِ، ثم سلَّم- صلى الله عليه وسلم - (¬2). 1035 - حدّثنا عمرو بن عثمانَ، حدَثنا أبي وبقيةُ، قالا: حدثنا شعيب ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، مصعب بن شيبة لين الحديث. وعبد الله بن مُسافع مجهول الحال. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (597) و (1172 - 1175) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. وقد سقط من الموضعين الأول والثاني والثالث عنده اسم مصعب بن شيبة، والصواب إثباته. وهو في "مسند أحمد" (1747). (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وعبد الرحمن الأعرج: هو ابن هُرمز. وهو في "موطأ مالك" 1/ 96، ومن طريقه النسائي في "الكبرى" (604) (1146). وأخرجه البخاري (1224) و (1230) و (6670)، ومسلم (570)، وابن ماجه، (1206)، والترمذي (392)، والنسائي (607) من طرق عن الزهري، به. وأخرجه البخاري (830) من طريق جعفر بن ربيعة، والبخاري (1225)، ومسلم (570)، وابن ماجه (1207)، والنسائي (601) و (602) و (1147) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، كلاهما عن الأعرج، به. وهو في "مسند أحمد" (22919)، و"صحيح ابن حبان" (1938). وانظر ما بعده.

200 - باب من نسي أن يتشهد وهو جالس

عن الزهريِّ، بمعنى إسناده وحديثه، زاد: وكان منا المتشهِّدُ في قيامه (¬1). قال أبو داود: وكذلك سجدهما ابن الزبير، قام مِن ثنتين قبل التسليم، وهو قول الزهري. 200 - باب من نسيَ أن يتشهد وهو جالس 1036 - حدَّثنا الحسنُ بن عمرٍو، عن عبد الله بن الوليد، عن سُفيان، عن جابر، حدَّثنا المغيرةُ بن شُبَيل الأحمسيُّ، عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم -: "إذا قام الإمامُ في الركعتين: فإن ذكر قبل أن يستويَ قائماً فليجلِسْ، فإن استوى قائماً فلا يَجلِس، ويسجدُ سجدتي السهوِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح من جهة عثمان - وهو ابن سعيد بن كثير بن دينار -. بقية هو ابن الوليد الحمصي، وشعيب: هو ابن أبي حمزة. وأخرجه البخاري (829) عن أبي اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة، بهذا الإسناد. لكن ليس فيه ذكر الزيادة التي أشار إليها المصنف. لكن ورد ذكرها عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (878) عن أبي زرعة الدمشقي، والطبراني في "الشاميين" (3191) من طريق أبي اليمان، كلاهما عن شعيب، به. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف جابر- وهو ابن يزيد الجُعفي- لكنه متابع كما سيأتى. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وعبد الله بن الوليد: هو العَدَنى، والحسن بن عمرو: هو السدوسي. وأخرجه ابن ماجه (1208) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 440 من طريق إبراهيم بن طهمان، عن المغيرة بن شُبيل، به. وإسناده صحيح. =

قال أبو داود: وليس في كتابي عن جابرِ الجعفيِّ إلا هذا الحديثُ (¬1). 1037 - حدَّثنا عُبيد الله بن عمرَ الجُشميُّ، حدَّثنا يزيدُ بن هارونَ، أخبرنا المسعوديُّ، عن زياد بن عِلاقةَ، قال: صلّى بنا المغيرةُ بن شعبةَ فنهضَ في الركعتين، قلنا: سبحان الله، قال: سبحان الله، ومضى، فلما أتمَّ صلاتَه وسلّم، سَجَدَ سجدتي السَّهوِ، فلما انصرفَ قال: رأيتُ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم -يصنعُ كما صَنَعتُ (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (18222) و (18223). وانظر تمام تخريجه فيه. وانظر الطريق الآتي بعده. قال ابن المنذر في "الأوسط" 3/ 291: وقد اختلف فيمن ذكر وقد نهض للقيام قبل أن يستوي قائما فجلس، فرأت طائفة: أن يسجد سجود السهو، روي ذلك عن النعمان بن بشير وأنس بن مالك، وبه قال الثوري والشافعي وأصحاب الرأي، ... وأسقطت طائفة عنه سجود السهو، كان علقمة والنخعي والأوزاعي لا يرون عليه سجود السهو. (¬1) قوله: قال أبو داود ... زيادة أثبتناها من رواية ابن الأعرابي كما أشار إليه في (أ) و (هـ). (¬2) حديث صحيح. يزيد بن هارون، وإن روى عن المسعودي- وهو عبد الرحمن ابن عبد الله بن عتبة - بعد الاختلاط، قد توبع كما سيأتي. وأخرجه الترمذي (365) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وقال: حسن صحيح. وأخرجه ابنُ أبي شيبة 2/ 35 - 36 عن محمد بن بشر، عن مسعر بن كدام، عن ثابت بن عُبيد، عن المغيرة. وإسناده صحيح. وأخرجه الترمذي (364) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الشعبي، عن المغيرة. وابن أبي ليلى سيئ الحفظ، لكنه متابع. وهو في "مسند أحمد" (18163). وانظر تمام تخريجه فيه. وانظر الطريق السالف قبله.

قال أبو داود: وكذلك رواه ابن أبي ليلى عن الشعبي، عن المغيرةِ ابن شعبةَ، ورفعه، ورواه أبو عُميسٍ عن ثابت بن عُبيد قال: صلَّى بنا المغيرةُ بن شعبةَ، مثل حديث زياد بن عِلاقةَ. قال أبو داود: أبو عُميس أخو المَسعودي، وفعلَ سعدُ بن أبي وقاص مثل ما فعلَ المغيرةُ بن شعبة، وعمرانُ بن حصين والضحاكُ ابن قيس ومعاويةُ بن أبي سفيانَ، وابن عباس أفتى بذلك، وعمرُ بن عبد العزيز. قال أبو داود: وهذا فيمن قام من ثنتين ثم سجدوا بعد ما سَلَّموا. 1038 - حدثنا عمرو بن عثمانَ والربيعُ بن نافع وعثمان بن أبي شيبةَ وشجاعُ ابن مخلد - بمعنى الإسناد - أن ابن عياش حدثهم، عن عُبَيد الله بن عُبَيدِ الكَلاعِيِّ، عن زهير - يعني ابن سالم العَنسيّ - عن عبد الرحمن بن جبير بن نُفير - قال عمرو وحده: عن أبيه - عن ثوبان، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لِكُلِّ سهوٍ سجدتانِ بعدما يُسَلِّم" (¬1). لم يذكر "عن أبيه" غيرُ عمرو. ¬

_ (¬1) حديث حسن لغيره وهذا إسناده ضعيف. زهير بن سالم العَنسي- وإن روى عنه جمع وذكره ابن حبان في"الثقات"- قال فيه الدارقطني: حمصي منكر الحديث. وأخرجه ابن ماجه (1219) عن هشام بن عمار وعثمان بن أبي شيبة، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد. ولم يذكر في إسناده جبير بن نفير. وهو في "مسند أحمد" (22417) عن أبي اليمان الحكم بن نافع، عن ابن إسماعيل. وذكر في إسناده جبير بن نفير. وفي الباب عن عبد الله بن جعفر عند أحمد (1747) ولفظه: "من شك في صلاته فليسجد سجدتين وهو جالس" وسنده ضعيف.

201 - باب سجدتي السهو فيهما تشهد وتسليم

201 - باب سجدتي السهو فيهما تشهُّدٌ وتسليم 1039 - حدثنا محمدُ بن يحيى بن فارس، حدَّثنا محمدُ بن عبدالله بن المثنى، حدثني أشعثُ، عن محمدِ بن سيرين، عن خالدِ- يعني الحذَّاءَ- عن أبي قِلابةَ، عن أبي المُهلَّب عن عِمران بن حُصين: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى بهم، فسها فسجد سجدتين، ثم تشهّد، ثم سَلَّم (¬1). ¬

_ = وآخر من حديث ابن مسعود عند مسلم (572) (94) بلفظ: "إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس". وصح عنه - صلَّى الله عليه وسلم - أنه سجدهما بعد ما سلم في حديث أبي هريرة عند أحمد (7201) والبخاري (482). (¬1) إسناده صحيح. أبو المهلب: هو الجَرمي البصري خال أبي قلابة، وهو مختلف في اسمه وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي، وخالد الحذاء: هو ابن مهران، وأشعث: هو ابن عبد الملك الحُمراني. وأخرجه الترمذى (397)، والنسائى في "الكبرى" (609) و (1160) عن محمد ابن يحيي، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (2670) و (2672)، وصححه أيضاً ابنُ خزيمة (1062). وانظر ما سلف برقم (1018). وقد حكم البيهقي في "السنن" 2/ 355، والحافظ ابن حجر في "الفتح" 3/ 99 بأن ذكر التشهد في هذا الحديث شاذ، لأن أشعث - وهو ابن عبد الملك الحُمراني - تفرد بذكر التشهد فيه دون سائر أصحاب ابن سيرين، إلا أن الحافظ استدرك فقال: لكن قد ورد في التشهد في سجود السهو عن ابن مسعود عند أبي داود (1028)، والنسائي [في "الكبرى" (608)]، وعن المغيرة عند البيهقي [2/ 355]، وفي إسنادهما ضعف، فقد يقال: إن الأحاديث الثلاثة في التشهد باجتماعهما ترتقي إلى درجة الحسن، قال العلائى: وليس ذلك ببعيد، وقد صح ذلك عن ابن مسعود من قوله. أخرجه ابن أبي شيبة [2/ 31].

202 - باب انصراف النساء قبل الرجال من الصلاة

202 - باب انصرافِ النساء قَبلَ الرجال من الصلاة 1040 - حدثنا محمد بن يحيى ومحمد بن رافع، قالا: حدثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن هند بنت الحارث عن أُم سلمة قالت: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا سلّم مكثَ قليلاً، وكانوا يَرَونَ أنَّ ذلك كيما ينفُذَ النساء قبلَ الرجالِ (¬1). ¬

_ = قلنا: وروى الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 434 عن ربيع المؤذِّن، عن يحيى بن حسان، عن وهيب، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله- صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا صلَّى أحدكم فلم يدْر، أثلاثا صلَّى أم أربعا، فلينظر أحرى ذلك إلى الصواب، فليتمه، ثم ليسلم، ثم ليسجد سجدتي السهو، ويتشهد ويسلم" وإسناده صحيح. وقال ابن المنذر في "الأوسط" 3/ 314 - 316: اختلف أهل العلم في التشهد في سجدتي السهو، فقالت طائفة: ليس فيهما تشهد ولا تسليم، كذلك قال أنس بن مالك والحسن البصري وعطاء ... قال: وروي ذلك عن الشعبي. وقالت طائفة: فيهما تشهد هكذا قال الحكم وحماد ويزيد بن عبد الله بن قُسيط، وبه قال النخعي. وقال ابن سيرين: أحَبُّ إلى أن يتشهد، وروي ذلك عن عبد الله بن مسعود. وفيه قول ثالث: وهو أن فيهما تسليم وتشهد، روي ذلك عن عبد الله بن مسعود والنخعي وقتادة والحكم وحماد. وقال الليث بن سعد: إني لأستحسن أن يتشهد في سجدتى السهو ويسلم فيهما ... وحكي هذا القول عن مالك، وبه قال الثوري والشافعي والأوزاعي وأصحاب الرأي. قلنا: نصُّ الشافعي في "الأم" 1/ 131:إذا كانت سجدتا السهو بعد السلام تشهد لهما، وإذا كانتا قبل السلام أجزأه التشهدْ الأول. وجاء في "الأم" أيضاً أن هذا مذهبه في القديم. قلنا: وهذا كمذهب الإمام أحمد الذى حكاه عنه ابن المنذر 3/ 316، وقد حكاه عنه أبو داود في "مسائله" ص 53، وإسحاق بن منصور الكوسج في "مسائله" (312). وانظر " البناية " للعيني 2/ 602، و"المجموع" للنووي 4/ 159 - 160، و"المبدع" لابن مفلح الحفيد 1/ 529. (¬1) إسناده صحيح.

203 - باب كيف الانصراف من الصلاة؟

203 - باب كيف الانصراف من الصلاة؟ 1041 - حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا شعبةُ، عن سماكِ بن حرب، عن قَبيصةَ بن هُلبِ رجل مِنْ طَيِّئٍ عن أبيه، أنه صلَّى مع النبيَّ- صلَّى الله عليه وسلم -فكان يَنصَرفُ عن شِقَّيه (¬1). 1042 - حدثنا مسلمُ بن إبراهيمَ، حدّثنا شعبةُ، عن سليمانَ، عن عُمارةَ، عن الأسودِ بن يزيد عن عبد الله، قال: لا يجعلْ أحدُكم نصيباً للشيطان من صلاتِه، أن لا ينصرفَ إلا عن يمينه، وقد رأيتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أكثرَ ما ينصرفُ عن شمالِه (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (837) و (849) وتعليقا (850)، وابن ماجه (932)، والنسائي في "الكبرى" (1257) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (26541)، و"صحيح ابن حبان" (2233) و (2234). (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة قبيصة بن هُلْب. أبو الوليد الطيالسلى: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه ابن ماجه (929)، والترمذي (301) من طريق سماك بن حرب، به. وقال: الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (21967)، و"صحيح ابن حبان" (1998). وقال الترمذي: وعليه العمل عند أهل العلم: أنه ينصرف على أي جانبيه شاء، إن شاء عن يمينه، وإن شاء عن يساره، وقد صح الأمران عن النبي- صلَّى الله عليه وسلم -. ويشهد له حديث ابن مسعود الآتي. (¬2) إسناده صحيح. عمارة: هو ابن عُمير التيمي الكوفي، وسليمان: هو ابن مهران الأعمش، وشعبة: هو ابن الحجاج العتكي. وأخرجه البخاري (852)، ومسلم (707)، وابن ماجه (930)، والنسائي في "الكبرى" (1285) من طريق سليمان بن مهران الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3631)، و"صحيح ابن حبان" (1997).

204 - باب صلاة الرجل التطوع في بيته

قال عُمارةُ: أتيتُ المدينةَ بعدُ فرأيتُ منازلَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن يساره. 204 - باب صلاةِ الرجل التطوعَ في بيته 1034 - حدثنا أحمدُ بن محمد بن حنبل، حدثنا يحيى، عن عُبيد الله، أخبرني نافع عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اجعلُوا في بيوتكم مِن صلاتكم، ولا تَتَّخِذُوها قبوراً" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وعُبيد الله: هو ابن عمر العُمري. وأخرجه البخاري (432) و (1187)، ومسلم (777)، وابن ماجه (1377)، والترمذى (454) من طريق عُبيد الله بن عمر، والبخاري (1187)، ومسلم (777) من طريق أيوب السختياني، والنسائي في "الكبرى" (1292) من طريق الوليد بن أبي هشام، ثلاثتهم عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4511). وسيأتي برقم (1448). وقوله: "من صلاتكم" يعني التطوع والنافلة، كما هو مبين في حديث زيد بن ثابت الآتي. وقوله: "ولا تتخذوها قبوراً" أي: مثل القبور التي ليست محلاً للصلاة بأن لا تصلوا فيها كالميت الذي انقطعت عنه الأعمال، أو المراد ألا تجعلوا بيوتكم أوطاناً للنوم لا تصلون فيها، فإن النوم أخو الموت. ذكره القسطلاني. قال الإمام النووي: إنما حث على النافلة في البيت، لكونه أخفى وأبعد من الرياء، وأصون من محبطات الأعمال، وليتبرك البيت بذلك، وتنزل فيه الرحمة والملائكة وينفر منه الشيطان.

205 - باب من صلى لغير القبلة ثم علم

1044 - حدَثنا أحمد بن صالحِ، حدثنا عبدُ الله بن وهبٍ، أخبرني سليمان ابن بلال، عن إبراهيمَ بن أبي النضر، عن أبيه، عن بُسر بن سعيد عن زيدِ بن ثابت، أن النبي- صلَّى الله عليه وسلم - قال: "صَلاةُ المرء في بيته أفضلُ مِنْ صلاته في مسجدي هذا، إلا المكتوبة" (¬1). 205 - باب من صلَّى لغير القبلة ثم عَلِمَ 1045 - حدثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن ثابتِ وحُميدٍ عن أنسٍ: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وأصحابَه كانوا يُصَلُّونَ نحو بيتِ المقدسِ فلما نزلت هذه الاَية {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} [البقرة: 144] فمرَّ رجل منِ بني سَلِمَة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية التيمي. وأخرجه البخاري (731) و (7290)، ومسلم (781)، والنسائي في "الكبرى" (1294) من طريق موسي بن عقبة، والبخاري (6113)، ومسلم (781)، والترمذي (453) من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند، كلاهما عن أبي النضر، به. وأخرجه مالك في "موطئه" 1/ 130، ومن طريق النسائي في "الكبرى" (1295) عن أبي النضر، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن ثابت موقوفاً. قال الحافظ في "إتحاف المهرة" 4/ 241: وقد رواه الدارقطني من حديث زيد بن الحباب وأبي مسهر، كلاهما عن مالك مرفوعاً. وقال الترمذي: والحديث المرفوع أصح. وهو في "مسند أحمد" (21582)، و"صحيح ابن حبان" (2491). وسيأتي برقم (1447) من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند. وقد استثنى أصحاب الشافعي من هذا العموم عدة من النوافل، فقالوا: فعلها في غير البيت أفضل وهي ما تشرع فيها الجماعة كالعيدين والكسوف والاستسقاء وتحية المسجد وركعتي الطواف، وركعتي الإحرام.

في تفريع أبواب الجمعة

فَنَاداهم وهُمْ ركوعٌ في صلاة الفجر نحو بَيتِ المقدسِ: ألا إنَّ القِبلةَ قد حُوِّلتْ إلى الكعبةِ، مرتين، قال: فمالوا كما همُ ركوعٌ إلى الكعبةِ (¬1). في تفريع أبواب الجمعة 206 - باب فضل يوم الجمعة وليلة الجمعة (¬2) 1046 - حدَّثنا القعنبي، عن مالك، عن يزيدَ بن عبدِ الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيمَ، عن أبي سَلَمَةَ بن عبدِ الرحمن عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ فيه الشمسُ يَومُ الجُمعة: فيه خُلِقَ آدمُ، وفيه أُهْبِطَ، وفيه تِيبَ عليه، وفيه مات، وفيه تقومُ الساعة، وما مِنْ دابة إلا وهي مُسيخة يَوْمَ الجُمعة مِن حِين تُصبِحُ حتى تطلُعَ الشمسُ شَفَقاً مِنَ الساعةِ إلا الجِنَ والإنسَ، وفيه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، وحُميد: هو ابن أبي حُميد الطويل، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم (527)، والنسائي في "الكبرى" (10941) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت وحده، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (14034). قال الخطابي: فيه من العلم أن ما مضى من صلاتهم كان جائزاً ولولا جوازه لم يجز البناء عليه. وفيه دليل على أن كل شيء له أصل صحيح في التعبد ثم طرأ عليه الفساد قبل أن يعلم صاحبه به فإن الماضي منه صحيح، وذلك مثل أن يجد المصلي بثوبه نجاسة لم يكن علمها حتى صلَّى ركعة، فإنه إذا رأى الخاسة ألقاها عن نفسه وبنى على ما مضى من صلاته، وكذلك هذا في المعاملات، فلو وكل رجلٌ رجلاً فباع الوكيل واشترى ثم عزله بعد أيام، فإن عقوده التي عقدها قبل بلوغ الخبر إليه صحيحة. وفيه دليل على وجوب قبول أخبار. الآحاد. (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (هـ).

ساعةٌ لا يُصادِفُها عبد مسلم وهو يُصَلّي يسأل الله حاجةً إلا أعطاه إياها" قال كعبٌ: ذلك في كل سنةٍ يومٌ، فقلت: بل في كل جمعةٍ. قال: فقرأ كعبٌ التوراةَ، فقال: صدق النبيَّ- صلَّى الله عليه وسلم -، قال: أبو هريرةَ: ثم لقيتُ عبدَ الله ابن سلام، فحدثتُه بمجلسي مع كعْب، فقال عبدُ الله بن سلام: قد علمتُ أيةً ساعةٍ هي؟ قال أبو هريرة: فقلت له: فأخبرني بها، فقال عبدُ الله بن سلام: هي آخِرُ ساعةٍ من يومِ الجمعة، فقلت: كيفَ هي آخِرُ ساعةٍ مِن يومِ الجمعةِ، وقد قال رسول الله- صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يُصَادِفُها عبدٌ مُسِلمٌ وهو يُصَلّي" وتلك الساعةُ لا يُصَلّى فيها؟ فقال عبدُ الله بنُ سلام: ألم يَقُل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من جَلَسَ مجلساً ينتَظِرُ الصَّلاةَ، فهو في صَلاةٍ حتى يُصَلّيَ"؟ قال: فقلتُ: بلى، قال: هو ذاكَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطا مالك" 1/ 108 - 109. وأخرجه الترمذي (497)، والنسائى في "الكبرى" (1766) من طريقين عن يزيد ابن عبد الله بن الهاد، بهذا الإسناد. ولم يذكر الترمذي قصة كعب الأحبار. وهو في "مسند أحمد" (10303)، و"صحيح ابن حبان" (2772). وقوله: "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه أهبط، وفيه تقوم الساعة": أخرجه مسلم (854)، والترمذي (494)، والنسائى في "الكبرى" (1675) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة. لكن النسائي لم يذكر في روايته قيام الساعة. وقوله: "وما من دابة ... إلا الجن والإنس" أخرجه أحمد (7687)، والنسائي في "الكبرى" في الملائكة كما في "تحفة الأشراف" (12186) من طريق أبي عبد الله إسحاق مولى زائدة. وأما حديث الساعة التي ترجى يوم الجمعة فأخرجه البخاري (935)، ومسلم (852)، والنسائي في "الكبرى" (1760) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، =

1047 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله، حدثنا حُسينُ بن علي، عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوسٍ، قال: قال رسولُ الله- صلَّى الله عليه وسلم -: "إن مِنْ أفضل أيامِكُم يومَ الجُمعة: فيه خُلِقَ آدَمُ، وفيه قُبِضَ، وفيه النَّفْخةُ، وفيه الصَعقةُ، فأكثروا على مِن الصلاةِ فيه، فإن صلاتكم معروضة علىّ" قال: قالوا: يا رسولَ الله، وكيفَ تُعرَضُ صلاتُنا عليك وقد أرَمْتَ؟ يقولون: بَلِيت، فقال: "إن الله عز وجل حرَّم على الأرض أجساد الأنبياء" (¬1). ¬

_ = وأحمد (7151)، والبخاري (5294) و (6400)، ومسلم (852)، وابن ماجه (1137)، والنسائي في "الكبرى" (1762)، وابن حبان (2773)، من طريق محمد ابن سيرين، ومسلم (852) من طريق همام بن منبه، و (852) من طريق محمد بن زياد، والنسائي في "الكبرى"، (1761) من طريق سعيد بن المسيب، وفي "الكبرى" (1765) من طريق عبد الله بن عباس، ستتهم عن أبي هريرة. وأخرج أحمد (23379) من طريق فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، وابن ماجه (1139) من طريق الضحاك بن عثمان، كلاهما عن أبي سلمة، عن عبد الله ابن سلام قال: قلت ورسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - جالس: إنا لنجد في كتاب الله: في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يصلي يسأل الله فيها شيئاً إلا قضى له حاجته، قال عبد الله: فأشار إليَّ رسولُ الله- صلَّى الله عليه وسلم -: "أو بعض ساعة"، فقلت":صدقت، أو بعض ساعة، قلت: أي ساعة هي؟ قال: "هي آخر ساعات النهار"، قلت: إنها ليست ساعة صلاة، قال: "بلى، إن العبد المؤمن إذا صلَّى ثم جلس لا يحبسه إلا الصلاة، فهو في الصلاة". وإسناده قوي. و"مسيخة": معناه: مصغية، يقال: أصاخ وأساخ بمعنى واحد قاله الخطابي، وقال غيره: مسيخة: لغة في مصيخة، وهو اسم فاعل من الإصاخة بمعنى: الاستماع، والمراد أنها منتظرة لقيام الساعة. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، عبد الرحمن بن يزيد- وإن جاء مقيداً هنا وفي بعض مصادر التخريج بابن جابر- اختُلف في تعيينه، فذهب الدارقطني =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وغيره إلى أنه ابن جابر الثقة، وعليه فالإسناد صحيح، وذهب البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة وأبو داود وابن حبان إلى أنه ابن تميم الضعيف، وعليه فالإسناد ضعيف. ذكر ذلك ابن رجب في "شرح العلل" 2/ 681 - 682، وابن القيم في "جلاء الأفهام" ص35. حسين بن علي: هو الجُعفى، وأبو الأشعث: هو شراحيل ابن آدهْ. وأخرجه ابن ماجه (1085)، والنسائي في "الكبرى" (1678) من طريق حسين ابن علي الجعُفي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16162)، و"صحيح ابن حبان" (910) وانظر تمام تخريجه عندهما. وسيأتي عند المصنف برقم (1531). ويشهد لأفضلية يوم الجمعة وكون آدم خلق فيه، وأن فيه النفخة والصعقة حديث أبي هريرة الصحيح السالف قبله، وأصله في مسلم (854). ويشهد لقصة الإكثار من الصلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فيه، وأنها معروضة عليه حديث ابن مسعود الصحيح المخرج في "مسند أحمد" (3666). وحديث أبي مسعود الأنصاري عند الحاكم في "المستدرك" 2/ 421. وحديث علي عند ابن أبي شيبة 2/ 375، والبزار في "المسند" (509)، وأبي يعلى (469). وحديث الحسن بن علي بن أبي طالب عند عبد الرزاق (4839)، وابن أبي شيبة 2/ 375، والطبرانى (2729). وحديث أبي هريرة عند أحمد في "مسنده" (8804). والطبراني في"الأوسط" (241) و (3923) و (8030) من طرق عنه. وحديث أبي طلحة عند عبد الرزاق (3113). وحديث أنس عند البيهقي 3/ 249. وحديث أبي أمامة عند الطبراني (7611)، والبيهقي 3/ 249، وهي وإن كان بعضها ضعيفاً، إلا أنها تصلح للشواهد. =

207 - باب الإجابة، أية ساعة هي في يوم الجمعة؟

207 - باب الإجابة، أية ساعة هي في يوم الجمعة؟ 1048 - حدثنا أحمدُ بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو- يعني ابن الحارث - أن الجُلاح مولى عبدِ العزيز، حدّثه أن أبا سلمة - يعني ابن عبد الرحمن - حدّثه عن جابر بن عبد الله عن رسولِ الله- صلَّى الله عليه وسلم -أنه قال: "يوم الجمعةِ ثنتا عشرة" يُريد ساعة "لا يُوجَدُ مسلم يسألُ الله عز وجل شيئاً إلا أتاه الله عز وجل، فالتمِسُوها آخر ساعةٍ بعد العصر" (¬1). 1049 - حدثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا ابن وهب، أخبرني مخرمة - يعني ابن بكير- عن أبيه، عن أبي بُردة بن أبي موسى الأشعري، قال: قال لي عبدُ الله بن عمر: أسمعتَ أباك يُحدث عن رسول الله- صلَّى الله عليه وسلم - في شأن الجمعة، يعني الساعة؟ قال: قلتُ: نعم، سمعتُه يقولُ: ¬

_ ويشهد لقوله: "إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" حديث أنس. "الأنبياءُ أحياءٌ في قبورهم" عند أبي يعلى (3425)، وغيره - وسنده حسن. وحديث أنس أيضاً عند مسلم (2375) وغيره مرفوعاً: "مررت على موسي ليلةَ أُسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره". قال الخطابي: أرمْت، معناه: بليت، وأصله: أرممت، أي: صرت رميماً، فحذفوا إحدى الميمين، وهي لغة لبعض العرب، كما قالت: ظلت أفعل كذا، أي: ظللت، وكما قيل: أحست بمعنى أحسستُ، في نظائر ذلك. (¬1) إسناده قوي من أجل الجُلاح مولى عبد العزيز، فهو صدوق لا بأس به. ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1709) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وفي الباب عن عبد الله بن سلام عند أحمد (23779)، وابن ماجه (1139) وسنده قوي كذلك.

208 - باب فضل الجمعة

سمعتُ رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلم -يقول: "هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تُقْضَى الصَّلاة" (¬1). قال أبو داود: يعني على المنبر. 208 - باب فضل الجمعة 1050 - حدّثنا مُسدَّدٌ، حدّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبى هريرة، قال: قال رسولُ الله- صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ توضأ فاحْسَنَ الوضوءَ ثم أتى الجُمعة فاستمع, وأنصت غُفر له ما بينَ الجمعة إلى الجُمعة وزيادةَ ثلاثةِ أيامٍ، ومن مسَّ الحصى فقد لغا" (¬2). 1051 - حدّثنا إبراهيمُ بن موسى، أخبرنا عيسى، حدثنا عبدُ الرحمن بن يزيد بن جابرٍ، قال: حدّثني عطاة الخراسانيُّ، عن مولى امرأته أُم عثمان، قال: ¬

_ (¬1) رجاله ثقات إلا أن بُكيراً: وهو ابن عبد الله بن الأشج روايته عن أبيهِ وِجَادة من كتابه فيما قاله أحمد وابن معين وغيرهما، وقال ابن المديني: سمع من أبيه قليلاً. وابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (853) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، ومُسَدَد: هو ابن مُسَرهَد. وأخرجه مسلم (857)، وابن ماجه (1090)، والترمذي (504) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مسلم (857) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. وفيه: "من اغتسل" بدل: "من توضأ"، ولم يذكر مس الحصي. وزاد: "فصلى ما قدر له، ثم أنصت ... ". وهو في "مسند أحمد" (9484)، و"صحيح ابن حبان" (1231). وانظر ما سلف عند المصنف برقم (343).

سمعتُ عليّاً رضي الله عنه على منبرِ الكُوفة يقول: إذا كان يومُ الجُمعة غَدَتِ الشياطينُ براياتها إلى الأسواقِ، فَيرْمُونَ الناسُ بالترابيث، أو الربائث ويُثبطونَهم عن الجُمعة، وتَغْدُو الملائكةُ فيجلِسُونَ على أبوابِ المسجد فيكتبونَ الرجل مِن ساعة والرجل مِن ساعتين حتى يخرُجَ الإمامُ، فإذا جلسَ الرجلُ مجلساً يستمكِنُ فيه مِن الاستماعِ والنظر، فأنصَتَ ولم يَلغُ، كان له كِفْلان مِن أجر، فإن نأى وجلس حيث لا يسْمَعُ، فأنصت ولم يلْغ كان له كفلٌ مِنْ أجر، وإن جلس مجلساً يستمكِنُ فيه من الاستماعِ والنظرِ فلغا، ولم ينصت، كان له كِفْل مِن وِزرِ، ومَنْ قال يوم الجُمعةِ لصاحبه: "صهْ" فَقَدْ لَغَا، ومَن لَغَا فَليسَ له في جُمعته تلك شئ، ثم يقول في آخر ذلك: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ ذلك (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لإبهام مولى امرأة عطاء الخراساني - وعطاء: هو ابن أبي مسلم، وعيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. وأخرجه أحمد (719) من طريق الحجاج بن أرطاة، والبيهقي 3/ 220 من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، كلاهما عن عطاء الخراساني، به. ولقوله: "وتغدو الملائكة ... " إلي قوله: "حتى يخرج الإمام، شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (929)، ومسلم (850). ولقوله: "ومن قال يوم الجمعة لصاحبه: صَهْ، فقد لغا"شاهد من حديث أبي هريرة أيضاً عند البخاري (934)، ومسلم (851). ويشهد لقوله: "ومن لغا فليس له في جمعته تلك شئ" حديث أبي هريرة عند الطيالسي (2365) والبزار (447 - زوائد ابن حجر) - وحسن الحافظ إسناده - والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 367، والبيهقي 3/ 222، وابن حزم 5/ 63، واحتج به ابن حزم، وفيه: أن أبيّ بن كعب قال لأبي ذر: ليس لك من صلاتك إلا ما لغوت، فسأل النبي- صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "صدق".

209 - باب التشديد في ترك الجمعة

قال أبو داود: رواه الوليدُ بنُ مسلم عن ابن جابر قال: بالربائث، وقال: مولى امرأته أم عثمان بن عطاء. 209 - باب التشديد في ترك الجمعة 1052 - حدّثنا مُسَدد، حدثنا يحيى، عن محمدِ بن عمرو، حدَّثني عُبَيدةُ ابن سفيان الحضرمي ¬

_ = وحديث عطاء بن يسار، عن أبي بن كعب عند ابن ماجه (1111)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد على "المسند" لأبيه (21287)،وإسناده قوي إن ثبت سماع عطاء بن يسار من أبي بن كعب. وروايته كرواية أبي هريرة. وحديث أبي الدرداء عند أحمد (21730)، والطحاوي 1/ 367 ورجاله ثقات لكن فيه انقطاع. وحديث ابن عباس عند أحمد (2033) وابن أبي شيبة 2/ 125، والطبراني في "الكبير" (12563)، وبحشل في "تاريخ واسط" ص125 وإسناده حسن في الشواهد وفيه: "والذي يقول: أنصت، ليس له جمعة" ولفظ بحشل: "من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له". قال الخطابي: "الترابيث" ليس بشئ، انما هو الربائث، وأصله من ربثت الرجل عن حاجته، إذا حبسته عنها، واحدتها ربيثة، وهي تجري مجرى العلة، والسبب الذي يعوقك عن وجهك الذي تتوجه إليه. وقوله: "يرمون الناس": إنما هو يربثون الناس، كذلك روي لنا في غير هذا الحديث. قلنا: وقوله: "كفلان" قال ابن الأثير: الكفل بالكسر: الحظُّ والنصيب. وقوله: "لم يلغُ " قال ابن الأثير: يقال: لغا الإنسان يَلغو ولَغى يَلغي ولَغِيَ يَلغَى، إذا تكلم بالمُطرح مِن القول وما لا يعني. وقوله: "صَهْ": كلمة زجر، تقال عند الإسكات، وتكون للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث بمعنى: اسكت. وهي من أسماء الأفعال، وتنوَّن ولا تنوَّن، فإذا نُوِّنت فهي للتنكير، كأنك قلت: اسكت سكوتاً، وإذا لم تنوّن فللتعريف، أي: اسكت السكوت المعروف منك.

210 - باب كفارة من تركها

عن أبي الجعد الضّمري، وكانت له صحبةٌ، أن رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ تركَ ثلاث جُمَعٍ تهاوناً بها، طَبَعَ الله على قَلْبِهِ" (¬1). 210 - باب كفارة مَن تركها 1035 - حدَّثنا الحسنُ بن علي، حدثنا يزيدُ بن هارون، أخبرنا همام، حدَّثنا قتادةُ، عن قُدَامَةَ بن وَبرةَ العُجيفي عن سَمُرَةَ بن جُندب، عن النبيَّ- صلَّى الله عليه وسلم -قال: "مَن تَرَكَ الجمعة مِن غيرِ عُذْرٍ، فليتَصَدّقْ بدينارٍ، فإن لم يَجِدْ فبنصفِ دينارٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو- وهو ابن علقمة ابن وقاص الليثي - فهو صدوق حسن الحديث. يحيى: هو ابن سعيد القطان، ومُسَدّد هو ابن مُسَرهَد. وأخرجه ابنُ ماجه (1125)، والترمذي (506)، والنسائي في "الكبرى" (1668) من طريق محمد بن عمرو، به. وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (15498)، و"صحيح ابن حبان" (258) و (2786). وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند ابن ماجه (1126)، والنسائي في "الكبرى" (1669) وإسناده حسن. وعن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، عن عمه يحيى بن سعْد بن زرارة، مرفوعاً عند أبى بكر المروزي في "الجمعة" (63) وإسناده صحيح مع خلاف في صحبة يحيى بن سعد. وقوله: تهاوناً. قال صاحب "بذل المجهود": المراد بالتهاون التساهل وقلة المبالاة والاهتمام، وليس المراد الاستخفاف فإنه كفر، وقوله: طبع الله، أي: ختم على قلبه بمنع إيصال الخير إليه. (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه، قدامة بن وبرة-وإن وثقه ابن معين في رواية عثمان ابن سعيد الدارمى وذكره ابن حبان في "الثقات"- قال البخاري: لم يصح سماعه من سمرة، وقال أيضاً في "تاريخه الكبير" 4/ 177: لا يصح حديث قدامة في الجمعة. همام: هو ابن يحيى العوذي. =

قال أبو داود: هكذا رواه خالدُ بن قيس، وخالفه في الإسناد، ووافقه في المتن. 1054 - حدثنا محمدُ بن سليمان الأنباري، حدثنا محمدُ بن يزيد وإسحاقُ ابن يوسف، عن أيوب أبي العلاء، عن قتادة عن قُدامة بن وَبْرَةَ، قال: قال رسولُ الله- صلَّى الله عليه وسلم-: "مَنْ فاتته الجُمعة من غيرِ عُذْرٍ، فليتصذَق بدرهم أو نِصف درهم، أو صاع حنطةٍ، أو نِصفِ صاع". قال أبو داود: رواه سعيدُ بن بشيرِ عن قتادة هكذا، إلا أنه قال: مدّاً أو نِصفَ مُد، وقال: عن سمرة (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائى في "الكبرى" (1673) من طريق همام بن يحيى، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1128)، والنسائي في "الكبرى" (1674) من طريق خالد بن قيس، عن قتادة، عن الحسن البصري، عن سمرة. وخالد بن قيس قد خالفه من هر أوثق منه، وهو همام بن يحيى، وتابعه اثنان، وهما حجاج الأحول عند البخاري في "تاريخه" 4/ 176 - 177، وسعيد بن بشر عند البيهقي 3/ 248، وقد رجَّح البخاري رواية همام. وهو في "مسند أحمد" (20087)، و"صحيح ابن حبان " (2789). وأخرجه ابن حبان (2788) من طريق وكيع، عن همام بن يحيى، به بلفظ: "من فاتته الجمعة". وانظر ما بعده. (¬1) إسناده ضعيف لإرساله، وقد خالف أيوبَ أبا العلاء في إسناده همام وغيره كما سلف في الطريق السابق، فوصلوا الحديث فقالوا: عن قدامة عن سمرة. وهو الصحيح كما رجحه الإمام أحمد. وانظر ما قبله.

211 - باب من تجب عليه الجمعة

قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن حنبل يسألُ عن اختلاف هذا الحديث، فقال. همام عندي أحفظُ من أَيوبَ، يعني أبا العلاء (¬1). 211 - باب مَن تجبُ عليه الجمعة 1055 - حدثنا أحمدُ بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو، عن عُبيد الله بن أبى جعفرِ، أن محمدُ بن جعفرِ حدثه، عن عُروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنها قالت: كان الناسُ ينتابون الجمعة من منازلهم، ومِن العَوالي (¬2). 1065 - حدثنا محمدُ بن يحيى بنِ فارس، حدَثنا قبيصةُ، حدَثنا سفيانُ، عن محمد بن سعيد - يعني الطائفي - عن أبي سَلَمَة بن نبُيه، عن عبد الله بن هارون عن عبد الله بن عمرو، عن النبي- صلَّى الله عليه وسلم -قال: "الجمعةُ على مَنْ سَمعَ النداء (¬3). ¬

_ (¬1) قوله: قال أبو داود: سمعت .. ، زيادة أثبتناها من (هـ). (¬2) إسناده صحيح. محمد بن جعفر: هو ابن الزبير، وعمرو: هو ابن الحارث، وابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه البخاري (902)، ومسلم (847) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (1237). قوله: "ينتابون" من نابه ينوبه نوباً وانتابه، إذا قصده مرة بعد مرة. قاله ابن الأثير. والعوالي: قال ابن الأثير: هي أماكن بأعلى أراضي المدينة، والنسبة إليها: عُلْوي على غير قياس، وأدناها من المدينة على أربعة أميال، وأبعدها من جهة نجد ثمانية. (¬3) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله بن هارون وأبي سلمة بن نُبيه. على اختلاف في رفعه ووقفه كلما أشار إليه المصنف بإثر الحديث. وقد روي من وجه آخر مختلف في رفعه ووقفه كذلك. سفيان: هو الثورى، وقبيصة: هو ابن عقبة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه مرفوعا أبو بكر المروزي في "الجمعة" (69)، والدارقطني (1590) و (1591)، والبيهقى 173/ 3 من طريق قبيصة بن عقبة، بهذا الإسناد. وأخرجه مرفوعاً أيضاً الدارقطني (1588) من طريق محمد بن الفضل بن عطية، عن حجاج بن أرطاة، والدارقطني كذلك (1589)، ومن طريقه البيهقي 3/ 173 من طريق الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، كلاهما (حجاج وزهير) عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. ومحمد بن الفضل كذبوه، وحجاج بن أرطاة ضعيف، وزهير بن محمد - وهو التميمي - رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، لأنه حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه، والوليد بن مسلم الراوي عن زهير دمشقى. وأخرجه البيهقي 3/ 173 - 174 من طريق الوليد بن مسلم، عن زهير بن محمد، عن عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده موقوفاً عليه من قوله. ويشهد له حديث محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن عمه يحيى بن أسعد بن زرارة عند أبي يعلى (7167) وغيره ولفظه: "من سمع النداء يوم الجمعة فلم يأت - أو لم يجب - ثم سمع النداء فلم يأت- أو فلم يجب- ثم سمع النداء فلم يأت - أو لم يجب - طبع الله عز وجل على قلبه، فجُعِلَ قلبَ منافق" وسنده حسن. ويشهد له أيضاً عموم حديث ابن عباس: "من سمع النداء فلم يُجب فلا صلاة له إلا من عُذر" أخرجه ابن ماجه (793) وابن حبان (2064) وغيرهما بسند صحيح، وهو بنحوه عند المصنف سلف برقم (551). وعموم حديث أبي هريرة عند مسلم (653)، والنسائي في "الكبرى" (925) ولفظه عن أبي هريرة، قال: أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له فلما ولى دعاه، فقال: "هل تسمع النداء بالصلاة، فقال: نعم، قال: "فأجب". وعموم حديث أبى موسى الأشعري عند الحاكم 1/ 246، والبيهقي 3/ 174، وأبي نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 342 ولفظه: "من سمع النداء فارغاً صحيحاً، فلم يُجب فلا صلاة له" وإسناده صحيح أو قوي. قال الترمذي بإثر الحديث (507): واختلف أهل العلم على من تجب الجمعة: فقال بعضهم: تجب الجمعة على من آواه الليل إلى منزله، وقال بعضهم: لا تجب الجمعة إلا على من سمع النداء، وهو قول الشافعى وأحمد وإسحاق.

212 - باب الجمعة في اليوم المطير

قال أبو داود: روى هذا الحديثَ جماعةٌ عن سفيانَ مقصوراً على عبدِ الله بن عمرو، ولم يرفعوه، وإنما أسنده قَبِيصةُ. 212 - باب الجمعة في اليوم المَطير 1057 - حدثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا همَّام، عن قتادة، عن أبي المليح عن أبيه: أن يوم حنين كان يوم مطر، فأمر النبيَّ- صلَّى الله عليه وسلم - مناديه: أن الصلاة في الرِّحال (¬1). 1058 - حدثنا محمدُ بن المثنى، حدثنا عبدُ الأعلى، حدثنا سعيد، عن صَاحب له، عن أبي مَلِيح، أن ذلك كان يَوْم جُمعَةٍ (¬2). 1059 - حدَثنا نصرُ بن علي، قال سفيان بن حبيب: خُبِّرنا، عن خالد الحذّاء، عن أبى قِلابة، عن أبي المليح ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. والد أبي المليح اسمه أسامة بن عُمير، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهمام: هو ابن يحيى العوذي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (929) من طريق قتادة، به. وهو في "مسند أحمد" (20700)، و"صحيح ابن حبان" (2079) و (2081) و (2083). وانظر تاليه. (¬2) إسناده ضعيف لإبهام صاحب سعيد - وهو ابن أبي عروبة - لكن ورد أن ذلك كان في يوم جمعة في طريق سفيان بن حبيب الآتى عند المصنف بعده، إلا أنه جعل القصة يوم الحديبية لا يوم حنين. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي. وأخرجه البيهقي 3/ 186 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، به.

عن أبيه أنه شَهِدَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - زمنَ الحديبية في يومِ جُمعَةٍ وأصابَهُم مطر لم يَبْتلّ أسفلُ نِعالهم، فأمرهم أن يصلُوا في رِحَالِهِم (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه كما هو مصرح به في إسناد المصنف بين سفيان بن حبيب وخالد الحذاء- وهو ابن مهران- وبذلك أعله ابن القطان في "الوهم والإيهام" 2/ 543 لكن رواه غير سفيان بن حبيب عن خالد الحذاء، فلم يذكروا يوم الجمعة. وأخرجه ابن خزيمة (1863)، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 1/ 293 من طريق محمد بن النضر الجارودي، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 186 من طريق يوسف بن يعقوب القاضى، ثلاثتهم (ابن خزيمة والجارودي ويوسف) عن نصر بن علي الجهضمي، عن سفيان بن حبيب، عن خالد الحذاء، به. فقالوا: عن خالد الحذاء. وصححه ابن خزيمة والحاكم وسكت عنه الذهبي وقال ابن خزيمة: لم يقل أحد: يوم الجمعة غير سفيان بن حبيب. وأخرجه ابن ماجه (936) من طريق إسماعيل ابن علية، عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد. ولم يذكر يوم الجمعة. وهو في "مسند أحمد" (20704)، و"صحيح ابن حبان" (2079). وانظر تمام تخريجه عندهما. وأخرجه بذكر يوم الجمعة أحمد (20280)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 11 من طريق أبي بشر الحلبي، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (3581)، والطبرانى في "الكبير" (498)، و"الأوسط" (541) من طريق أبي معاوية سعيد بن زربي العبّاداني، والطبراني في "الكبير" (501) من طريق محمد بن غالب الأنطاكي، عن الحسين بن السكن، عن عمران القطان، عن قتادة وزياد بن أبي المليح، خمستهم عن أبي المليح، عن أبيه. وانظر ما سلف برقم (1057). وقد ورد ذكر الصلاة في الرحال يوم الجمعة من حديث ابن عباس عند مسلم (699). وسيأتي عند المصنف برقم (1066).

213 - باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة

213 - باب التخلف عن الجماعة في الليلة الباردة 1060 - حدثنا محمد بن عُبيد، حدثنا حمادُ بن زيد، حدثنا أيوبُ، عن نافعِ: أن ابن عمر نزل بضَجْنان في ليلةِ بَارِدَةِ، فأمر المنادي فنادى: أنِ الصلاةُ في الرِّحال. قال أيوب: وحدث نافعٌ عن ابن عمر: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا كانت ليلة باردة أو مَطيرةٌ أمر المنادي فنادى: الصلاةُ في الرحال (¬1). 1061 - حدَثنا مؤمّل بن هشامِ، حدثنا إسماعيلُ، عن أيوب، عن نافعِ، قال: نادى ابن عمر بالصلاةِ بِضَجنان، ثم نادى: أن صَلُوا في رِحَالِكُم، قال فيه: ثم حدَّثَ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنّه كان يَأمُرُ المنادِي، فينادِي بالصَّلاة، ثم ينادي: "أن صَلوا في رِحَالِكُم" في اللَيلة البارِدَةِ، وفي الليلة المَطِيَرة في السَّفر (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختيانى. وأخرجه ابن ماجه (937) من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب السختياني، به. وهو في "مسند أحمد" (4478)، و"صحيح ابن حبان" (2077). وانظر ما بعده، وما سيأتي بالأرقام (1062 - 1064). وضجنان: جبل على بريد من مكة، وهو بفتح الضاد المعجمة وبعدها جيم ساكنة ونون مفتوحة، وبعد الألف نون أيضاً. من هامش (ج) نقلاً عن المنذري. (¬2) إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مِقسم، المعروف بابن علَيّهَ. وقد جاء هنا تقييد الإذن بالصلاة في الرحال بأنه في السفر، قال الحافظ في "الفتح" 2/ 113: قوله: في السفر، ظاهره اختصاص ذلك بالسفر، ورواية مالك عن نافع الآتية في أبواب صلاة الجماعة مطلقة، وبها أخذ الجمهور، لكن قاعدة حمل=

قال أبو داود: ورواه حمادُ بن سلمة عن أيوب وعُبيد الله، قال فيه: في السفر، في الليلة القَرَّة أو المطيرة. 1062 - حدثنا عثمانُ بن أبى شيبة، حدثنا أبو أُسامةَ، عن عُبيد الله، عن نافع عن ابن عمر، أنه نادى بالصلاة بضَجنَانَ في ليلةِ ذاتِ برد وريح، فقالَ في آخِرِ ندائه: ألا صَلُّوا في رِحَالِكُم، ألا صَلُّوا في الرِّحَالِ، ثم قال: إن رسول الله- صلَّى الله عليه وسلم -كان يأمُرُ المؤذَن إذا كانت ليلة بارِدَة أو ذاتُ مطرٍ في سفرٍ يقول: "ألا صلُوا في رِحَالِكُم" (¬1). 1063 - حدثنا القعنبى، عن مالكِ، عن نافع أن ابن عمر- يعني أذّن بالصلاة في ليلةٍ ذات برد وريح - فقال: ألا صلُوا في الرِّحَالِ، ثم قال: إن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يأمُرُ المؤذنَ إذا كانت ليلة بارِدَة أو ذاتُ مطرٍ يقول: "ألا صَلُّوا في الرِّحَال" (¬2). ¬

_ = المطلق على المقيد تقتضي أن يختص ذلك بالمسافر مطلقاً، ويلحق به من تلحقه بذلك مشقة في الحضر دون من لا تلحقه، والله أعلم. وهو في "مسند أحمد" (4478). وقد جاء التقييد بالسفر في الطريق الآتي بعده كذلك. والليلة القرّة: الباردة. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر العُمري، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه البخاري (632)، ومسلم (697) من طريق عُبيد الله بن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (5800). وانظر سابقيه. ولقيد السفر انظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قَعنَب. =

1064 - حدَثنا عبدُ الله بن محمد النُّفيليُّ، حدثنا محمدُ بن سلمة، عَنْ محمدِ بن إسحاق، عن نافع عن ابن عمر، قال: نادى مُنادِي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بذلك في المدينة في الليلة المطيرة والغداةِ القرَّةِ (¬1). قال أبو داود: وروى هذا الخبر يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم عن ابن عمر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال فيه: في السفر. 1065 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا الفضل بن دكين، حدثنا زهير، عن أبي الزبير عن جابر، قال: كنا مع رسول الله- صلَّى الله عليه وسلم -في سفر فمُطِرنا، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لِيُصلِّ مَنْ شاء منكم في رحله" (¬2). ¬

_ = وهو في "موطأ مالك " 1/ 73، ومن طريقه أخرجه البخاري (666)، ومسلم (697)، والنسائى في "الكبرى" (1630). وهو في "مسند أحمد" (5302)، و"صحيح ابن حبان" (2078). وانظر ما سلف برقم (1060). (¬1) إسناده ضعيف. محمد بن إسحاق- وهو ابن يسار المطلبى مولاهم - مدلس وقد عنعن، ثم إنه خالف الثقات بقوله: "في المدينة"، لأنهم ذكروا أن ذلك كان في السفر كما سلف برقم (1061) و (1062)، وكما أخرجه ابن حبان (2084) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، عن ابن عمر. وإسناده صحيح. وقوله: "القَرَّة": الباردة. (¬2) حديث صحيح وهذا إسناد على شرط مسلم، وأبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرُس، وقد صح الحديث عن غير واحد من الصحابة. وأخرجه مسلم (698)، والترمذي (411) من طريق أبي خيثمة زهير بن معاوية، عن أبي الزبير، به، وقال الترمذي: حديث جابر حديث حسن صحيح، وفي الباب عن =

1066 - حدثنا مُسدَّدٌ، حدثنا إسماعيل، أخبرني عبدُ الحميد صاحبُ الزيادي، حدثنا عبدُ الله بن الحارث ابن عم محمد بن سيرين أن ابن عباس قال لمؤذنه في يَوْمِ مطير: إذا قلتَ: أشهدُ أن محمداً رسولُ الله، فلا تَقُل: حى على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم. فكأنَّ الناسَ استنكروا ذلك، فقال: قد فعل ذا مَن هو خير مني، إن الجمعة عَزْمَةٌ، وإني كَرِهتُ أن أُخرِجَكُم، فتمشونَ في الطينِ والمطر (¬1). ¬

_ = ابن عمر وسمرة وأبي المليح عن أبيه، وعبد الرحمن بن سمرة، وقد رخص أهل العلم في القعود عن الجماعة والجمعة في المطر والطين، وبه يقول أحمد وإسحاق. وهو في "مسند أحمد" (14347)، و"صحيح ابن حبان" (2082). (¬1) إسناده صحيح. عبد الحميد صاحب الزيادي: هو ابن دينار، وإسماعيل: هو ابن عُليَّة، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرهَد. وأخرجه البخاري (616)، ومسلم (699) من طريق عبد الحميد بن دينار صاحب الزيادي، به. وأخرجه البخاري (616)، ومسلم (699)، وابن ماجه (939) من طريق عاصم ابن سليمان الأحول، ومسلم (699) من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن عبد الله ابن الحارث، به. وجاء عند مسلم في بعض طرقه عن أيوب: قال وُهَيب: لم يسمعه منه. قال الحافظ رشيد الدين العطار في "غرر الفوائد": إنما أورد مسلم حديث وهيب هذا لينبه - والله أعلم - على الاختلات فيه على أيوب، لأن وهيبًا كان من حفاظ أهل البصرة وثقاتهم، إلا أن حماد بن زيد أثبت في أيوب من غيره كما قدمنا ذكره عن يحيى بن معين، ولذلك قدم مسلم حديثه على حديث وهيب، ومع ذلك فلو سلمنا أن أيوب لم يسمعه من عبد الله بن الحارث، فقد بينا أنه متصل في كتاب مسلم وغيره من حديث غير واحد عنه، وبالله التوفيق. وأخرج ابن ماجه (938) من طريق عباد بن منصور، عن عطاء، عن ابن عباس، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال في يوم جمعة يوم مطر: "صلوا في رحالكم". وهو في" مسند أحمد (2503).

214 - باب الجمعة للمملوك والمرأة

214 - باب الجمعة للمملوك والمرأة 1067 - حدَّثنا عباسُ بن عبدِ العظيم، حدثني إسحاقُ بن منصور، حدَّثنا هُريم، عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن قيس بن مسلم عن طارقِ بن شهابٍ، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الجُمعة حقٌّ واجبٌ على كلٍّ مسلم في جماعة إلا أربعةً: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبيّ، أو مريض" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. طارق بن شهاب اتفِق على أنه رأى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، لكن اختُلف هل سمع منه أم لا؟ وعلى تقدير أنه لم يسمع منه تكون روايته مرسل صحابي، وهو حجة بالإجماع إلا من شذَّ، كما قال ابنُ الملقن في "البدر المنير" 4/ 638 - 639، وصحح حديثه. هُريم: هو ابن سفيان. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (8206)، وفي "الأوسط" (5679) , والدارقطني (1577)، والحاكم 1/ 288، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 172و183من طريق إسحاق بن منصور، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقى في "فضائل الأوقات" (263) من طريق عُبيد بن محمد العلجي عن عباس بن عبد العظيم، بهذا الإسناد. لكنه قال: عن طارق بن شهاب , عن أبي موسى. وقال البيهقي بإثره: تفرد بوصله عبيد العجلي. قال ابن الملقن في: "البدر المنير" 4/ 640 - 641: هو ثقة فلا يضر تفرُّده إذن، وقد عُلم ما في تعارض الوصل والإرسال. قال ابن المنذر في "الأوسط" 4/ 16: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن لا جمعة على النساء، وأجمعوا على أنهن إن حضرن الإمام فصلَّين معه أن ذلك مجزئ عنهن. وقوله: "عبد مملوك" جاء في هامش (أ) ما نصه: " كذا في النسخ بصورة المرفوع وقد يُستشكل بأن المذكورات عطف بيان لأربعة، وهو منصوب لأنه استثناء من مُوجب. والجواب أنها منصوبة لا مرفرعة وكانت عادة المتقدمين أن يكتبوا المنصوب بغير ألف، وأن يكتبوا عليه تنوين النصب. ذكره النووي في "شرح مسلم" في مواضع تشبه هذا، ورأيته أنا في كثير من كتب المتقدمين المعتمدة ورأيته في خط الذهبي في =

215 - باب الجمعة في القرى

قال أبو داود: طارقُ بن شهاب قد رأى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -, ولم يسمع منه شيئاً. 215 - باب الجمعة في القُرى 1068 - حدثنا عثمانُ بن أبي شيبة ومحمدُ بن عبدِ الله المُخَرّمي، لفظه، قالا: حدَثنا وكيعٌ، عن إبراهيمَ بن طَهمان، عن أبي جَمرة عن ابن عباس، قال: إنَ أوَل جُمعةِ جُمِّعت في الإسلام بعد جمعةِ جُمِّعت في مَسجِدِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -بالمدينة لجُمعة جُمّعت بِجُواثا قريةٍ من قُرى البحرين، قال عثمان: قريةِ من قرى عبدِ القيس (¬1). 1069 - حدثنا قتيبةُ بن سعيد، حدثنا ابن إدرىس، عن محمد بن إسحاقَ، عن محمدِ بن أبي أُمامة بنِ سهل، عن أبيه، عن عبدِالرحمن بن كَعبِ بن مالك، وكان قائد أبيه بعدما ذهبَ بصرُه عن أبيه كعب بن مالك، أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحَّم لأسعد بن زُرارة، فقلتُ له: إذا سمعتَ النداء ترحّمْتَ لأسعد بن زُرارة، ¬

_ = "مختصر المستدرك". وعلى تقدير أن تكون مرفوعة تعرب خبر مبتدأ محذوف، أي هي لا عطف بيان. سيوطي، قلت: وانظر ما علقته على مسند أبي بكر تصنيف علي بن سعيد الأموي صفحة 31. (¬1) إسناده صحيح. أبو جمرة: هو نصر بن عمران الضُّبعي، ووكيع: هو ابن الجراح. وأخرجه البخاري (892) و (4371) من طريق أبي عامر العَقَدي، عن إبراهيم بن طهمان به. قال في "عون المعبود" عن جواثا: هي قرية من قرى عبد القيس أو مدينة أو حصن، أو قرية من قرى البحرين، وفيه جواز إقامة الجمعة في القرى، لأن الظاهر أن عبد القيس لم يجمعوا إلا بأمر النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، لما عرف من عادة الصحابة من عدم الاستبداد بالأمور الشرعية في زمن نزول الوحي.

قال: لأنه أوَّلُ مَن جمع بنا في هَزمِ النّبيتِ مِن حرّة بني بياضَةَ في نقيع يقال له: نقيعُ الخَضِمات، قُلتُ: كم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. محمد بن إسحاق قد صرح بالتحديث عند ابن حبان وغيره، فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه ابن ماجه (1082) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (7013). قوله: "هَزْم" قال ابن الأثير: موضع بالمدينة. و"النبيت" قال ياقوت في "معجم البلدان" في مادة (هزم): بطن من الأنصار، وهو عمرو بن مالك بن الأوس، و"بياضة" أيضاً بطن من الأنصار، وهو بياضة بن عامر ابن زُرَيق بن عبد حارثة بن مالك بن غَضب بن جُشَم بن الخزرج. و"نقيع الخضمات" موضع بنواحي المدينة، قاله ابن الأثير. والخَضِمات: قال في "شرح القاموس": بالتحريك كما ضبطه الجلال، أو كفرْحات كما ضبطه السيد السمهودي أو بالكسر كما ضبطه المصنف في "تاريخ المدينة" له. وقال الخطابي: وفي الحديث من الفقه أن الجمعة جوازها في القرى كجوازها في المدن والأمصار، ولأن حرة بني بياضة يقال: قرية على ميل من المدينة، وقد استدل به الشافعي على أن الجمعة لا تجزئ بأقل من أربعين رجلاً أحراراً مقيمين، وذلك أن هذه الجمعة كانت أول ما شرع من الجمعات، فكان جميع أوصافها معتبرة فيها، لأن ذلك بيان لمجمل واجب، وبيان المجمل الواجب واجب. وقد روى عن عمر بن عبد العزيز اشتراط الأربعين في الجمعة، وإليه ذهب أحمد ابن حنبل وإسحاق إلا أن عمر قد اشترط مع عدد الأربعين أن يكون فيها والٍ، قال: وليس الوالى من شرط الشافعى. وقال مالك: إذا كان جماعة في القرية التي بيوتها متصلة، وفيها سوق ومسجد يجمع فيه وجبت عليهم الجمعة، ولم يذكر عدداً محصوراً، ومذهبه في الوالى كمذهب الشافعي. وقال أصحاب الرأي: لا جمعة إلا في مصير جامع، وتنعقد عندهم بأربعة. وقال الأوزاعى: إذا كانوا ثلاثة صلوا جمعة إذا كان فيهم الوالى. قال أبو ثور: هي كباقى الصلوات في العدد.

216 - باب إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد

216 - باب إذا وافق يومُ الجمعة يومَ عيد 1070 - حدَّثنا محمدُ بن كثيرِ، أخبرنا إسرائيلُ، حدثنا عثمانُ بن المغيرة، عن إياس بن أبي رَملة الشَّامي، قال: شَهِدْتُ معاوية بن أبي سفيانَ وهو يسأل زيدَ بن أرقم قال: أشَهِدتَ مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عيدين اجتمَعا في يومٍ؟ قال: نعم، قال: فكيف صَنَع؟ قال: صلَّى العيدَ، ثم رخَّصَ في الجمعةِ، فقال: "مَن شاء أن يُصلِّيَ فليُصَلِّ" (¬1). 1071 - حدثنا محمدُ بن طريف البَجليّ، حدَّثنا أسباطٌ، عن الأعمشِ، عن عطاء بن أبي رباح، قال: صلَّى بنا ابن الزبير في يومِ عيدٍ في يَوْمِ جُمعةٍ أوَّل النهار، ثم رُحنْا إلى الجمعة، فلم يخرج إلينا، فصلينا وُحدَاناً وكان ابن عباس بالطَّائِفِ، فلما قَدِمَ ذكرنا ذلك له، فقال: أصابَ السُّنةَ (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة إياس بن أبي رملة الشامي. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي. وأخرجه ابن ماجه (1310)، والنسائي في "الكبرى" (1806) من طريق إسرائيل، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19318). ويشهد له حديثا عبد الله بن الزبير وأبي هريرة الآتيان بعده. (¬2) إسناده صحيح. الأعمش: هر سليمان بن مهران الكاهلى، وأسباط: هو ابن محمد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1807) من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن وهب بن كيسان، عن ابن الزبير وابن عباس. وإسناده صحيح كذلك. وانظر ما بعده.

1072 - حدثنا يحيى بن خلفِ، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جُريج، قال: قال عطاء: اجتَمَعَ يَومُ جُمُعة وَيومُ فِطْرِ على عَهْدِ ابن الزبير فقال: عِيَدان اجتَمَعا في يومِ واحدِ، فجمعهما جميعاً، فصلاهما رَكعَتَينِ بكرةَ، لم يَزِد عليهما حتى صلَّى العصر (¬1). 1073 - حدَّثنا محمدُ بن المُصَفَّى، وعُمَرُ بن حفص الوُصَابي، المعنى، قالا: حدَّثنا بقية، حدثنا شعبة، عن مغيرة الضبّىّ، عن عبدِالعزيز بن رُفَيع، عن أبي صالح عن أبي هريرة، عن رسول الله- صلَّى الله عليه وسلم -أنه قال: "قد اجْتَمَعَ في يومِكم هذا عيدان: فمن شاء أجزأه مِنَ الجُمعَةِ، وإنا مُجمِّعون" (¬2) قال عمر: عن شُعبة. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد صرح ابنُ جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي - بسماعه عطاء - وهو ابن أبي رباح - عند عبد الرزاق. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (5725) عن ابن جريج، قال: قال عطاء: إن اجتمع يوم الجمعة ويوم الفطر في يوم واحد فليجمعهما فليصل ركعتين قط حيث يصلى صلاة الفطر، ثم هي هي حتى العصر، ثم أخبرني عند ذلك قال: اجتمع يوم فطر ويوم جمعة في يوم واحد في زمان ابن الزبير، فقال ابن الزبير: عيدان اجتمعا في يوم واحد، فجمعهما جميعاً بجعلهما واحداً، وصلى يوم الجمعة ركعتين بكرة صلاة الفطر، ثم لم يزد عليها حتى صلَّى العصر. قال: فأما الفقهاء فلم يقولوا في ذلك، وأما من لم يفقه فأنكر ذلك عليه، قال: ولقد أنكرت أنا ذلك عليه، وصليت الظهر يومئذٍ، قال: حتى بلغنا بعدُ أن العيدين كانا إذا اجتمعا كذلك صُلّيا واحدة، وذكر ذلك عن محمد بن علي ابن حسين أخبر أنهما كانا يجمعان إذا اجتمعا، قالا: إنه وجده في كتاب لعليٍّ، زعم. وانظر ما قبله. وانظر فقه الحديث فيما سيأتي بعده. (¬2) إسناده ضعيف لضعف بقية - وهو ابن الوليد الحمصي - وقد رواه جماعة من الثقات عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح - وهو ذكوان السمان - مرسلاً، منهم: =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = سفيان الثوري وزائدة بن قدامة وشريك النخعى وجرير بن عبد الحميد وأبو حمزة السُّكَّري، ذكر ذلك عنهم الدارقطني في "العلل" 10/ 217 وصحح المرسل، وكذلك صحح المرسلَ أحمد بن حنبل فيما أسنده عنه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 3/ 129 - وقد نقله عنهما ابن الملقن في" البدر المنير"5/ 101 - 102 - . هذا، وقد انفرد بقية في رواية هذا الحديث بذكر إجزاء صلاة العيد عن الجمعة، وإنما رواه غيره بصيغة التخيير وإباحة الرجوع وعدم حضُور الجمعة، وهذا يفيد أنه تصلى الظهرُ في البيت. وأخرجه ابن ماجه (1311/ م)، وأبو بكر الفريابي في "أحكام العيدين" (150)، وابن الجارود (302)، والطحاوي في "شرح شكل الآثار" (1155)، والحاكم 1/ 288، والبيهقي 3/ 318، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 3/ 129، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 272، وابن الجوزي في "التحقيق" (769)، وفي "العلل المتناهية" (805) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1311) عن محمد بن المصفى الحمصي أيضاً، عن بقية بن الوليد، به. لكن جعله من مسند ابن عباس بدل أبي هريرة. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" في ترجمة زياد بن عبد الله البكائي 3/ 1050، والبيهقي 3/ 318، وابن عبد البر 10/ 273 من طريق زياد بن عبد الله البكائي، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، في أبي هريرة قال: اجتمعنا إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في يوم عيد ويوم جمعة، فقال لنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو في العيد: "هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان: عيدكم هذا والجمعة، وإني مجمع إذا رجعتُ، فمن أحب منكم أن يشهد الجمعة فليشهدها". هذا لفظ ابن عبد البر، ولفظ ابن عدي والبيهقي بنحوه بلفظ التخيير وإباحة الرجوع. وقد وصله البكائي كما ترى، والذين أرسلوه أوثق وأجل. وأخرجه عبد الرزاق (5728)، والطحاوي في "شرح المشكل" (1156)، والبيهقي 3/ 318 من طريق سفيان الثوري، والفريابي في "العيدين" (151) من طريق أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، كلاهما عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح، مرسلاً بنحو لفظ زياد البكائي.

217 - باب ما يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة

217 - باب ما يقرأ في صلاة الصُّبح يومَ الجمعة 1074 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَثنا أبو عَوانة، عن مُخَوَّل بن راشدٍ، عن مسلم البَطِين، عن سعيدِ بن جُبير ¬

_ = وأخرجه الفريابى (151) من طريق أبي عوانة، عن عبد العزيز بن رفيع، قال: سألت أهل المدينة ... الحديث. وقوله: أهل المدينة يحتمل أن يكون فيهم صحابة، فقد سمع عبد العزيز من عدد من صغار الصحابة كابن عمر وابن الزبير، وغيرهما، ولكن هذا يبقى في حيز الاحتمال. وقد ذهب قوم الى سقوط فرض الجمعة بصلاة العيد، أسنده ابنُ المنذر في "الأوسط" 4/ 290 عن علي بن أبى طالب، وحكاه عن الشعبي والنخعي ثم رد عليهم بقوله 4/ 291: أجمع أهل العلم على وجوب صلاة الجمعة، ودلت الأخبار الثابتة عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - على أن فرائض الصلوات خمس، وصلاة العيدين ليس من الخمس، وإذا دل الكتاب والسنة والاتفاق على وجوب صلاة الجمعة، ودلت الأخبار عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - على أن فرائض الصلوات خمس، وصلاة العيدين ليس من الخمس، وإذا دلّ الكتاب والسنة والاتفاق على وجوب صلاة الجمعة ودلت الأخبار عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -على أن صلاة العيد تطوُّع، لم يجز ترك فرض بتطوع. وذكر نحو هذا ابن عبد البر في "التمهيد"10/ 277. وقال الخطابي: في إسناد حديث أبي هريرة مقال، ويشبه أن يكون معناه لو صح أن يكون المراد بقوله: "فمن شاء أجزأه من الجمعة"، أي: عن حضور الجمعة ولا يسقط عنه الظهر، وأما صنيع ابن الزبير فإنه لا يجوز عندي أن يُحمل الا على مذهب من يرى تقديم صلاة الجمعة قبل الزوال. وقد روي ذلك عن ابن مسعود. وروي عن ابن عباس أنه بلغه فعل ابن الزبير، فقال: أصاب السنة. وقال عطاء: كل عيد حين يمتد الضحى الجمعة والأضحى والفطر، وحكى إسحاق بن منصور عن أحمد بن حنبل أنه قيل له: الجمعة قبل الزوال أو بعده؟ قال: إن صليت قبل الزوال فلا أعيبه، وكذلك قال إسحاق فعلى هذا يشبه أن يكون ابن الزبير صلَّى الركعتين على أنهما جمعة وجعل العيد في معنى التبع لها. وانظر لزاماً "شرح مشكل الآثار" 3/ 186 - 193للإمام الطحاوي.

218 - باب اللبس للجمعة

عن ابن عباس، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صَلاة الفجرِ يومَ الجمعة: {الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة, و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} (¬1). 1075 - حدثنا مُسددْ، حدثنا يحيى، عن شعبةَ، عن مُخوّل، بإسناده ومعناه، وزاد: في صلاة الجمعة بسورةِ الجمعة {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} (¬2). 218 - باب اللبس لِلجمعة 1076 - حدثنا القعنبى، عن مالكِ، عن نافع، عن عبد الله بن عمر أن عمرَ بن الخطاب رأى حُلّةَ سِيَراءَ - يعني تُبَاعُ عندَ بابِ المسجدِ - فقال: يا رسولَ الله، لو اشتريتَ هذه فلبستَها يومَ الجمعة وللوفد إذا قَدِمُوا عليكَ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنما يلبَسُ هذه مَن لا خلاقَ لهم في الآخرة". ثم جاءت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - منها حُلَلٌ، فأعطى عمر حُلَّةً، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مُسلم البَطين: هو ابن عمران، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، ومُسدد: هو ابن مُسَرهَد. وأخرجه مسلم (879)، وابن ماجه (821) من طريق سفيان الثوري، والترمذي (527) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، كلاهما عن مخوّل بن راشد، بهذا الإسناد. زاد مسلم في روايته: وأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين. وهو في "مسند أحمد" (1993)، و"صحيح ابن حبان" (1820) و (1821). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه مسلم (879)، والنسائي في" الكبرى" (1748) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1993). وانظر ما قبله.

فقال عُمَرُ: كَسوتَنِيَها يا رسولَ الله وقد قلت في حُلَّةِ عُطارد ما قلت؟ فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إني لم أكْسُكَها لِتلبَسَها" فكَسَاها عمر أخاً له مُشرِكاً بمكة (¬1). 1077 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس وعمرو ابن الحارث، عن ابن شهاب، عن سالم ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قَعْنَب. وهو في "موطأ مالك" 2/ 917 - 918. وأخرجه البخاري (886) و (2612) و (5841)، ومسلم (2068)، والنسائي في "الكبرى" (1698) من طرق عن نافع، به. وجاء في بعض روايات مسلم أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال لعمر: "شققها خُمُراً بين نسائك". وأخرجه البخاري (2619) و (5981) من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. وقال في روايته: "إنى لم أكسُكَها لتلبسَها، تبيعُها أو تكسُوها". وأخرجه النسائي (9519) من طريق بكر بن عبد الله وبشر بن المحتفز، عن عبد الله ابن عمر، عن رسول الله- صلَّى الله عليه وسلم -قال: "إنما يلبس الحرير من لا خلاق له". وأخرجه النسائي (9497) من طريق عبد الله بن نمير، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر. فجعله من مسند عمر، وأورده المزى في "التحفة" (10551) في مسند عمر بن الخطاب. وذكر أن أبا داود في رواية أبي الحسن بن العَبد عنه قد أخرج الحديث من هذا الطريق بتمامه. وعزاه أيضاً لمسلم مع أن مسلماً قد رواه (2068) عن عبد الله بن نمير، لكنه جعله عن ابن عمر عن النبي- صلَّى الله عليه وسلم -، ولم يجعله من مسند عمر! وهو في "مسند أحمد" (4713) عن يحيي بن سعيد القطان، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن عمر ... فأتى به كرواية الباقين عن نافع. وهو في"صحيح ابن حبان" (5439) من طريق مالك. وسيتكرر عند المصنف برقم (4040). وانظر ما بعده.

عن أبيه قال: وَجَدَ عُمَرُ بن الخطاب حُلة إستبرقٍ تُباع بالسُوق فأخَذَها، فأتى بها رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلم -فقال: ابْتَع هذه تجمَّل بها للعيد وللوفود، ثم ساقَ الحديثَ، والأول أتم (¬1). 1078 - حدثنا أحمدُ بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو، أن يحيي ابن سعيدٍ الأنصاري حدّثه أن محمدَ بن يحيى بن حَبَّان حدَّثه، أن رسُولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ما على أحَدِكُم إن وَجَدَ" أو "ما على أحدِكم إن وَجَدْتُم أن يَتَّخِذَ ثوبينِ ليومِ الجمعة سوى ثوبي مِهْنته"؟ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (948) و (3054) ومسلم (2068) والنسائي في "الكبرى" (1772) من طريق ابن شهاب الزهري، والبخارى (2104)، ومسلم (2068) من طريق أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد الزهري، والبخاري (6081)، ومسلم (2068) والنسائي (9500) من طريق يحيي بن أبي إسحاق، والنسائي (1699) من طريق حنظلة بن أبي سفيان، أربعتهم عن سالم بن عبد الله بن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (4978)، و"صحيح ابن حبان" (5113). وسيتكرر برقم (4041). وانظر ما قبله. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف للاختلاف فيه عن محمد بن يحيي بن حَبَّان كما ترى عند المصنف هنا، فقد رواه يحيي بن سعيد الأنصارى، عنه مرسلاً، وتابعه إسماعيل بن أمية عند عبد الرزاق (5329)، وهما ثقتان جليلان، وخالفهما موسى بن سعد - ويقال: ابن سعيد - وهو أدنى منهما في الثقة، فرواه عن محمد بن يحيي بن حَبّان، عن عبد الله بن سلام، ومحمد بن يحيي لم يُدرك عبد الله بن سلام. ابن أبي حبيب: هو يزيد، وعمرو: هو الحارث. فائدة: زاد الدارقطني في "العلل" 7/ 41 في الذين رووه عن محمد بن يحيي بن حَبّان مرسلاً ابن عيينة وابن المبارك وأبا معاوية.

قال عمرو: وأخبرني ابن أبي حبيبٍ، عن موسى بن سعدٍ، عن ابن حبَّان عن ابن سلام أنه سَمعَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول ذلك على المنبرِ. ¬

_ = وأخرجه البيهقي 3/ 242 من طريق أبي داود بهذين الإسنادين. وأخرجه ابن ماجه (1095) من طريق عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن يزيد بن أبي حبيب، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1095/ م)، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 38 من طريق أي بكر بن أبي شيبة، عن شيخ، عن عبد الحميد بن جعفر، عن محمد بن يحيي بن حبان، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه. وهذا الشيخ المبهم هو محمد بن عمر الواقدي كما جاء مصرحاً به عند عبد بن حميد (499). وأخرجه أبو بكر المروزي في "الجمعة" (38)، والطبراني22/ (736) وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 37 من طريق يحيي بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن موسي بن سعد، عن يوسف بن عبد الله بن سلام- بإسقاط محمد بن يحيي بن حَبّان. جاء في مطبوع "التمهيد" في الإسناد زيادة: عن عبد الله بن سلام، وأشار المحقق هناك بأنها ساقطة من نسخة جامع ابن يوسف بمراكش. قلنا: وهو الصحيح. وأخرجه عبد الرزاق (5330) من طريق يحيي بن سعيد الأنصاري، و (5329) من طريق إسماعيل بن أمية، كلاهما عن محمد بن يحيي بن حبان مرسلاً. وأخرجه ابن خزيمة (1765)، وعنه ابن حبان (2777) من طريق هشام بن عروة عن يحيي بن سعيد، عن رجل منهم مرسلاً. وأخرجه مالك في "موطئه" 1/ 110 عن يحيي بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال ... فذكره. ويشهد له حديث عائشة عند ابن ماجه (1096)، وابن خزيمة (1765)، وابن حبان (2777) من طريق زهير بن محمد، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 35 من طريق مهدي بن ميمون، كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وإسناد ابن عبد البر صحيح. وحديث أنس عند البيهقي في "الشعب" (2732). وسنده حسن في المتابعات والشواهد.

219 - باب التحلق يوم الجمعة قبل الصلاة

قال أبو داود: ورواه وهبُ بن جرير، عن أبيه، عن يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، عن موسى بن سعد، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن النبي- صلَّى الله عليه وسلم -. 219 - باب التحلُّق يومَ الجمعة قبل الصلاة 1079 - حدثنا مُسَدَد، حدثنا يحيي، عن ابن عَجلانَ، عن عمرِو بن شعيب، عن أبيه عن جدَّه: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن الشراء والبَيعِ في المسجد، وأن تُنشَدَ فيه ضَالَّةٌ، وأن يُنشَدَ فيه شِعرٌ، ونهى عن التَّحلُّقِ قبلَ الصَلاةِ يومَ الجمعة (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. ابن عجلان: هو محمد، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، ومُسدد: هو ابن مُسَرهَدِ. وأخرجه دون ذكر إنشاد الضالة الترمذي (322) من طريق الليث بن سعد، عن ابن عجلان، بهذا الإسناد. وأخرج قطعة النهي عن البيع والتحلق في المسجد النسائي في "الكبرى" (795) من طريق يحيى بن سعيد، به. وأخرج قطعة النهي عن تناشد الأشعار في المسجد النسائي أيضاً (796) من طريق الليث بن سعد، عن ابن عجلان، به. وأخرج قطعة النهي عن إنشاد الضالة ابنُ ماجه (766) من طرق عن ابن عجلان، به. وأخرج قطعة النهي عن التحلق ابن ماجه أيضاً (1133) من طرق عن ابن عجلان، به ويشهد لقطعة النهي عن البيع والشراء وإنشاد الضالة حديث أبي هريرة عند مسلم (568)، وابن ماجه (767)، والترمذي (1369)، والنسائى في "الكبرى" (9933) بسند صحيح ولفظه: "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا: لا رد الله عليك" لفظ الترمذي والنسائي، واقتصر مسلم وابن ماجه على إنشاد الضالة. =

220 - باب اتخاذ المنبر

220 - باب اتخاذ المنبر 1080 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدثنا يعقوبُ بن عبدِ الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبدالقاريءُّ القرشي، حدثني أبو حازم بن دينار ¬

_ = ويشهد لقطعة إنشاد الضالة وحدها حديث بريدة الأسلمي عند مسلم (569)، وابن ماجه (765)، والنسائى في "الكبرى" (9931) أن رجلاً نشد في المسجد، فقال: من دعا إلى الجمل الاحمر، فقال النبي- صلَّى الله عليه وسلم -: "لا وجدت، إنما بنيت المساجد لما بنيت له". ويشهد لقطعة النهي عن التحلق وحدها حديث جابر بن سمرة عند مسلم (430)، وسيأتي عند المصنف برقم (4823). ولفظه: خرج علينا رسول الله- صلَّى الله عليه وسلم - فرآنا حِلقاً، فقال: " مالي أراكم عزين". قوله: "عزين" قال البغوي: (3337): يعني متفرقين مختلفين لا يجمعكم مجلس واحد. قلنا: وأما إنشاد الشعر في المسجد فليس النهيُ فيه على إطلاقه، قال البيهقي: ونحن لا نرى بإنشاد مثل ما كان يقول حسان في الذب عن الإسلام وأهله بأساً لا في المسجد ولا في غيره، والحديث الأول [يعني حديثنا هذا]، ورد في تناشد أشعار الجاهلية وغيرها مما لا يليق بالمسجد، وبالله التوفيق. قلنا: حديث حسان أخرجه البخاري (3212)، ومسلم (2485) عن سعيد بن المسيب قال: مرّ عمر بن الخطاب في المسجد وحسان ينشد، فقال: كنت أُنشِد فيه، وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة، فقال: أنشدُك بالله، أسمعت رسول الله- صلَّى الله عليه وسلم -يقول: " أجب عني، اللهم أيده بروح القُدس"؟ قال: نعم. قال الخطابي: وإنما كره الاجتماع قبل الصلاة للعلم والمذاكرة وأمر أن يشتغل بالصلاة وينصت للخطبة والذكر، فإذا فرغ منها كان الاجتماع والتحلُّق بعد ذلك. قلنا: والبيع والشراء في المسجد، معناه: داخل حرم المسجد أو داخل المصلَّى، وهذا لا يدخل فيه البيع على باب المسجد، لأن هذا جائز بالحديث السالف برقم (1076) كما بينه ابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 261، وابن حجر في "الفتح" 10/ 301.

أن رجالاً أتوا سهل بن سعد الساعدي وقد امتروْا في المنبر ممَّ عُودُه، فسألوه عن ذلك، فقال: والله إني لأعرِفُ مما هُوَ، ولقد رأيتُه أوَّل يومٍ وُضِعَ، وأول يَوْمٍ جَلَسَ عليه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: أرسلَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى فلانة - امرأةِ قد سماها سَهْلٌ - أنْ مُرِي غُلامَك النجارَ أن يَعمَلَ لي أعواداً أجلِسُ عليهن إذا كلَمْتُ الناسَ، فأمَرَتْهُ فَعَمِلَها مِن طَرفاءِ الغابة، ثم جاء بها، فأرسلتهُ إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأمرَ بها فَوُضِعت هَا هُنا، فرأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلّى عليها، وكبّر عليها، ثم رَكَعَ وهو عليها ثم نزل القَهقَرى، فَسَجَدَ في أصل المنبر، ثم عاد، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: "أيُّها الناسُ، إنما صنعتُ هذا لِتأتموا بي ولِتَعلَمُوا صلاتي" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأبو حازم بن دينار: اسمه سلمة. وأخرجه البخاري (377) و (448) و (917) و (2094) و (2569)، ومسلم (544)، وابن ماجه (1416)، والنسائى في "الكبرى" (820) من طرق عن أبي حازم سلمة بن دينار، به. وهو في "مسند أحمد" (22800) و (22871)، و"صحيح ابن حبان" (2142). قال الخطابي: فيه من الفقه: جواز أن يكون مقام الإمام أرفع من مقام المأموم إذا كان ذلك لأمر يعلمه الناس ليقتدوا به. وفيه: أن العمل اليسير لا يقطع الصلاة، وإنما كان المنبر مرقاتين، فنزوله وصعوده خطوتان، وذلك في حد القلة، وإنما نزل القَهقَرى لئلا يولي الكلعبة قفاه. فأما إذا قرأ الإمام السجدة وهو يخطب يوم الجمعة، فإنه إذا أراد النزول لم يُقهقِر ونزل مقبلاً على الناس بوجهه حتى يسجد، وقد فعله عمر بن الخطاب. وعند الشافعي أنه إن أحب أن يفعله فعل، فإن لم يفعله أجزأه. وقال أصحاب الرأي: ينزل ويسجد، وقال مالك: لا ينزل ولا يسجد ويمر في خطبته.

221 - باب موضع المنبر

1081 - حدثنا الحسنُ بن علي، حدثنا أبو عاصم، عن ابن أبي روّاد، عن نافع عن ابن عمر، أن النبيّ- صلَّى الله عليه وسلم -لما بدَّن قال له تميم الداريُّ: ألا أتَّخِذُ لك منبراً يا رسولَ الله يَجمَعُ، أو يحمِلُ، عِظامَك؟ قال: "بلى" فأتخذ له منبراً مرقاتين (¬1). 221 - باب موضع المنبر 1082 - حدثنا مخلدُ بن خالد، حدَّثنا أبو عاصم، عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال: كان بين منبرِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وبين الحائِطِ كقدر مَمَر الشاةِ (¬2). 222 - باب الصلاة بوم الجمعة قبل الزوال 1083 - حدثنا محمدُ بن عيسى، حدثنا حسانُ بن إبراهيم، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي الخليل ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي روّاد: هو عبد العزيز، وأبو عاصم: هو الضحاك ابن مخلد، والحسن بن علي: هو الخلال الحُلواني. وأخرجه بأطول مما ها هنا البيهقي3/ 193 و 195 - 196 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، بهذا الإسناد. وعلقه البخاري بصيغة الجزم بإثر الحديث (3583) عن أبي عاصم. قال ابن الأثير في "النهايه": قال أبو عُبيد: هكذا روي في الحديث "بدن" يعني بالتخفيف وإنما هو بدّن بالتشديد: أي: كبر وأسنّ، والتخفيف من البدانة، وهي كثرة اللحم، ولم يكن - صلَّى الله عليه وسلم - سميناً. قلت [القائل ابن الأثير]: قد جاء في صفته - صلَّى الله عليه وسلم -في حديث ابن أبي هالة: بادن متماسك، والبادن: الضخم. (¬2) إسناده صحيح. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد. وسلمة: هو ابن الأكوع. وأخرجه البخاري (497)، ومسلم (509) من طريقين عن يزيد بن أبي عبيد، به. وهو في "مسند أحمد" (16542).

عن أبي قتادة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - أنه كَرِهَ الصلاةَ نصف النهار، إلا يَوَم الجمعة، وقال: "إن جَهَنمَ تُسَجَّرُ إلا يومَ الجمعة" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف ليث - وهو ابن أبي سليم - ثم إنه مرسل، لأن أبا الخليل - واسمه صالح بن أبي مريم الضُّبَعي- لم يسمع من أبي قتادة كما قال المصنف بإثر الحديث، وكذلك قال الترمذي. مجاهد: هو ابن جبر المكي. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (7725)، والبيهقي 2/ 464، والخطيب في "تاريخ بغداد" 8/ 260 من طريق حسان بن إبراهيم، بهذا الإسناد. قال ابن المنذر في "الأوسط" 4/ 90: وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فقالت طائفة بظاهر هذه الأخبار [يعني منها حديث أبي أمامة الطويل الذي أخرجه مسلم (832) وفيه: "إن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة فإنَّ حينئذٍ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء فصل"] إذ غير جائز الخروج على عمومها إلا بسنة أو إجماع، ولا نعلم لمن خرج عن عمومها وأباح الصلاة نصف النهار يوم الجمعة حجة من حيث ذكرنا مع أن إباحة من أباح الصلاة نصف النهار يوم الجمعة وحظر ذلك في سائرِ الأيام كالتحكم من فاعله، وذلك غيرُ جائز. وممن روينا عنه أنه نهى عن الصلاة نصف النهار يوم الجمعة عمر بن الخطاب ... قال: وكان أحمد بن حنبل يكره الصلاةَ نصف النهار يوم الجمعة في الشتاء والصيف. ورخصت طائفة في الصلاة يوم الجمعة نصف النهار، وممن روي عنه ذلك الحسن البصري وطاووس، وقال مالك: أدركنا الناس يُصلون يوم الجمعة نصف النهار وقبله، وقد جاء عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهي عن الصلاة نصف النهار يوم الجمعة، فأنا لا أنهى عن الصلاة نصف النهار يوم الجمعة للذي أدركت الناس عليه، ولستُ أحبها للذي بلغني عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. الجمعة وغير الجمعة في ذلك من الأيام سواء. وممن رخص في ذلك الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز ويزيد بن أبي مالك وابن جابر والشافعي وإسحاق ... قلنا: قد أورد البيهقيُّ الآثار الدالة على جواز الصلاة وسط النهار يوم الجمعة، وضعف أسانيدها، ثم قال: والاعتماد على أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - استحب التبكير إلى الجمعة ثم رغب في الصلاة إلى خروج الإمام من غير تخصيص ولا استثناء. =

223 - باب وقت الجمعة

قال أبو داود: هو مرسل، مجاهدٌ أكبرُ مِن أبي الخليل، وأبو الخليل لم يَسمع مِن أبي قتادة. 223 - باب وقت الجمعة 1084 - حدثنا الحسنُ بن علي، حدَّثنا زيدُ بن الحباب، حدَّثني فُلَيحُ بن سليمان، حدّثني عثمانُ بن عبدِ الرحمن التيمي سمعت أنس بن مالك يقول: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يصلّي الجمعةَ إذا مالت الشمسُ (¬1). 1085 - حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا يعلى بن الحارث، سمعتُ إياسَ ابن سلمة بن الأكوعِ، يُحدّثُ ¬

_ = ومن هذه الآثار التي أوردها 3/ 192 - 193عن ثعلبة بن أبي مالك أنهم كانوا في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم الجمعة يصلون حتى يخرج عمر بن الخطاب فإذا خرج وجلس على المنبر وأذن المؤذن جلسوا يتحدثون حتى إذا سكت المؤذن وقام عمر سكتوا فلم يتحدث أحد ... وهذا في "موطأ مالك" 1/ 103، وعنه الشافعي 1/ 139 بسند صحيح. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل فليح بن سليمان. وأخرجه البخاري (904)، والترمذي (509) و (510) من طريق فليح بن سليمان، به. وهو في "مسند أحمد" (12299). وفي الباب عن سلمة بن الأكوع قال: كنا نُجمع مع رسول الله- صلَّى الله عليه وسلم -إذا زالت الشمس، ثم نرجع نتتبع الفيء. أخرجه بهذا اللفظ ابن أبي شيبة 108/ 2، ومسلم (860)، وابن خزيمة (1839)، وابن حبان (1512)، والبيهقي3/ 190وهو الحديث الآتى عند المصنف بعده.

224 - باب النداء يوم الجمعة

عن أبيه، قال: كُنَّا نُصلي مَعَ رسولِ الله- صلَّى الله عليه وسلم -الجمعةَ، ثم ننصرِفُ وليس للحيطان فَيْءٌ (¬1). 1086 - حدثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سفيانُ، عن أبي حازمٍ عن سهل بن سعدِ، قال: كنا نَقِيلُ ونتغذَى بعد الجمعة (¬2). 224 - باب النداء يوم الجمعة 1087 - حدثنا محمدُ بن سلمة المرادي، حدّثنا ابن وهب، عن يونسَ، عن ابن شهاب أخبرني السائبُ بن يزيد، أن الأذانَ كان أوَّلُه حينَ يجلِسُ الإمام على المنبر يَومَ الجمعة: في عهدِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وعمر، فلما ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (4168)، ومسلم (860)، وابن ماجه (1100)، والنسائى في "الكبرى" (1710) من طرق عن يعلى بن الحارث، به. وقد مضى لفظ رواية مسلم عند الحديث السالف قبله. وهو في "مسند أحمد" (16496). و"صحيح ابن حبان" (1512). ولفظ ابن حبان كلفظ مسلم. (¬2) إسناده صحيح. أبو حازم: هو سلمة بن دينار، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومحمد بن كثير: هو العبدي. وأخرجه البخاري (939) و (2349) و (5403) و (6248) و (6279)، ومسلم (859)، وابن ماجه (1099)، والترمذي (533) من طرق عن أبي حازم، به. وهو في "مسند أحمد" (15561). قال ابن الأثير في "النهاية": المَقيل والقيلولة: الاستراحة نصف النهار وإن لم يكن معها نوم. يقال: قال يقيل فهو قائل.

كان خلافة عثمان وكثرَ الناسُ، أمر عثمان يومَ الجمعةِ بالأذان الثالث، فأُذن به على الزوراء، فثبت الأمرُ على ذلك (¬1). 1088 - حدثنا النُّفيليُّ، حدثنا محمدُ بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري عن السائب بن يزيد، قال: كان يُؤَذن بين يدي رسولِ الله- صلَّى الله عليه وسلم -إذا جلسَ على المنبر يوم الجمعة على بابِ المسجِدِ، وأبي بكر وعُمَرَ، ثم ساقَ نحوَ حديثِ يونس (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم بن عُبيد الله بن عَبد الله الزهري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه البخاري (912) و (913) و (915) و (916)، والترمذي (523)، والنسائى في "الكبرى" (1712) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (15716)، و"صحيح ابن حبان" (1673). وانظر ما سيأتي بالأرقام (1088 - 1090). قال القسطلانى في "شرح البخاري": إن النداء الذي زاده عثمان هو عند دخول الوقت وكان في موضع يبعد عن المسجد بحيث لا يسمع الأذان الذي يفعل في المسجد النبوي، والقصد منه إعلام أكبر قدر من المسلمين ليسعوا إلى ذكر الله، والآن يغني عن هذا الأذان مكبرات الصوت. وسماه ثالثاً باعتبار كونه مزيداً على الأذان بين يدي الإمام والإقامة للصلاة، وأطلق على الإقامة أذان تغليباً بجامع الإعلام فيهما، وكان هذا الأذان لما كثر المسلمون، فزاده اجتهاداً منه، وموافقة سائر الصحابة بالسكوت، وعدم الإنكار، فصار إجماعاً سكوتياً. والزوراء: هو موضع بسوق المدينة. (¬2) إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق- وهو ابن يسار المطلبي مولاهم- وقد صرح بالتحديث عند أحمد (15716) وغيره، فانتفت شبهة تدليسه، ثم إنه متابع. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل.

225 - باب الإمام يكلم الرجل في خطبته

1089 - حدثنا هنَّاد بن السَّرِيٌ، حدثنا عَبْدةُ، عن محمد - يعني ابن إسحاق - عن الزهريٌ عن السائب قال: لم يكُن لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلا مُؤَذِّنٌ واحِدٌ بلالٌ، ثم ذكر معناه (¬1). 1090 - حدثنا محمدُ بن يحيي بن فارس، حدثنا يعقوبُ بن إبراهيمَ بن سعدٍ، حدَّثنا أبي، عن صالحٍ، عن ابن شهاب أن السَّائب بن يزيد بن أُخت نمر أخبره، قال: ولم يكن لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - غَيْرُ مؤذن واحد، وساق هذا الحديث وليس بِتمامه (¬2). 225 - باب الإمام يُكلم الرجل في خطبته 1091 - حدّثنا يعقوبُ بن كعبِ الأنطاكيُّ، حدثنا مخلدُ بن يزيد، حدثنا ابن جُريج، عن عطاءٍ عن جابر، قال: لما استوى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يومَ الجمعة قال: "اجلِسُوا" فَسَمِعَ ذلك ابن مسعود، فَجَلَسَ على باب المسجدِ، فرآه ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1135) من طريقين عن محمد بن إسحاق، به. وهو في "مسند أحمد" (15716) و (15723). وانظر ما قبله. (¬1) إسناده حسن كسابقه. عَبدة: هو ابن سُلَيمان. وانظر ما سلف برقم (1087). (¬2) إسناده صحيح. صالح: هو ابن كيسان. وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1714) عن محمد بن يحيى، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (1087).

رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "تعالَ يا عبدَ الله بن مسعود" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وهو وإن لم يصرح بسماعه من عطاء، فروايته عنه محمولة على الاتصال كما صرح هو نفسه بذلك فيما أسنده ابن أبي خيثمة في"تاريخه" (858) عن يحيى القطان، عنه. وأخرجه الحاكم 1/ 286، والبيهقي3/ 206، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 33/ 128، وابن الجوزي في"التحقيق" (806) من طريق مخلد بن يزيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 218/ 3 من طريق معاذ بن معاذ، عن ابن جريج، به. وهذه متابعة قوية لمخلد بن يزيد. وإسناده صحيح. وأخرجه ابن خزيمة (1780)، والحاكم 1/ 283، والبيهقي3/ 205من طريق هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جريج، عن عطاه، عن ابن عباس، وهذه متابعة جيدة أيضاً، والاختلاف في تعيين الصحابي غير ضارّ، لأنهم جميعاً عدولٌ. وأخرجه عبد الرزاق (5368)، وأخرجه كذلك الحارث بن أبي أسامة (1015 - زوائد الهيثمي) عن روح بن عبادة، كلاهما (عبد الرزاق وروح) عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح مرسلاً. وأخرجه البيهقي 3/ 218 من طريق عمرو بن دينار، عن عطاء مرسلاً كذلك. وقد ثبت في غير حديث جواز كلام الإمام في الخطبة مع أحد الحاضرين، منها حديث جابر بن عبد الله قال: جاء رجل والنبي - صلَّى الله عليه وسلم - يخطب الناس يوم الجمعة، فقال: "أصليت يا فلان" قال: لا، قال: "قم فاركع ركعتين". أخرجه البخاري (930)، ومسلم (875)، وسيأتي عند المصنف برقم (1115) و (1116). ونحوه من حديث أبي سعيد الخدري عند ابن ماجه (1113)، والنسائي في "الكبرى" (1731) وإسناده قوي. ومنها حديث أبي رفاعة العدوي قال: انتهيت إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وهو يخطب، قال: فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه، قال: فأقبل عليَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وترك خطبته حتى انتهى إليّ، فأُتي بكرسي، حسبت قوائمه حديداً، قال: فقعد عليه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها. أخرجه مسلم (876).

226 - باب الجلوس إذا صعد المنبر

قال أبو داود: هذا يعرف مرسلاً، إنما رواه الناسُ، عن عطاء عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ومَخْلد: هو شيخ. 226 - باب الجلوس إذا صعد المنبر 1092 - حدثنا محمدُ بن سليمان الأنباريُّ، حدثنا عبد الوهاب - يعني ابن عطاء- عن العُمَرِي، عن نافع عن ابن عمر، قال: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ خُطبتين: كان يجلِسُ إذا صَعِدَ المنبرَ حتى يَفْرُغَ، أراه قال: المؤذنُ، ثم يقومُ، فيخطب، ثم يجلِسُ، فلا يتكلم، ثم يقوم فيخطب (¬1). 227 - باب الخطبة قائماً 1093 - حدثنا النُّفيليُّ عبد الله بن محمد، حدثنا زهيرٌ، عن سِماك ¬

_ (¬1) حديث صحيح. العمري - وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم - وإن كان ضعيفاً متابع. وأخرجه البخاري (920)، ومسلم (861)، وابن ماجه (1103)، والترمذي (512)، والنسائى في "الكبرى" (1723) من طريق عُبيد الله بن عمر الثقة، عن نافع، به دون ذكر الجلوس عند صعود المنبر حتى يفرغ المؤذن. وهو في "مسند أحمد" (4919). وأخرج البيهقي 3/ 205 من طريق مصعب بن سلام، عن هشام بن الغاز، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إذا خرج يوم الجمعة فقعد على المنبر أذن بلال. وهذا إسناد حسن في الشواهد. ويشهد لذكر جلوس الإمام على المنبر أول صعوده حتى يؤذن المؤذن حديث السائب بن يزيد السالف برقم (1087)، وفيه: أن الأذان كان أوله حين يجلس الإمام على المنبر يوم الجمعة.

عن جابر بن سمرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يَخْطُبُ قائماً، ثم يجلِسُ، ثم يقومُ فيخطُبُ قائماً؛ فمن حدثَكَ أنه كان يَخْطُبُ جالساً فقد كَذَبَ، فقد واللهِ صَلَّيتُ معه أكثرَ مِنْ ألفَيْ صَلاةٍ (¬1). 1094 - حدثنا إبراهيمُ بن موسى وعثمانُ بن أبي شيبة، المعنى، عن أبي الأحوص، حدثنا سِماك عن جابر بن سَمُرة، قال: كان لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خُطْبَتَانِ يجلسُ بينَهما، يقرأ القرآنَ، ويُذَكِّرُ النَّاس (¬2). 1095 - حدّثنا أبو كامل، حدثنا أبو عوانة، عن سماكِ بن حرب عن جابر بن سَمُرَةَ، قال: رأيتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ قائماً، ثمَّ يَقْعُدُ قَعْدَةً لا يتكلمُ، وساقَ الحديث (¬3). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سماك - وهو ابن حرب - زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه مسلم (862)، وابن ماجه (1105) و (1106)، والنسائي (1735) و (1742) و (1796) و (1802) من طرق عن سماك بن حرب، به. وهو في "مسند أحمد" (20813)، و"صحيح ابن حبان" (2801) و (2803). وفي الباب عن ابن عمر سلف قبله. وانظر تالييه. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقه. أبو الأحوص: هو سلام بن سُليم وأخرجه مسلم (862) من طريق أبى الأحوص، به. وانظر ما قبله. وما سيأتي برقم (1101). (¬3) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقيه. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو كامل: هو فضيل بن حُسين الجَحدَري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1801) من طريق أبي عوانة الوضاح، به. وهو في "مسند أحمد" (20833). وانظر سابقيه.

228 - باب الرجل يخطب على قوس

228 - باب الرجل يخطب على قَوْس 1096 - حدثنا سعيدُ بن منصور، حدَّثنا شِهَابُ بن خِرَاشٍ، حدّثني شُعَيبُ ابن رزَيقٍ الطائفيُّ، قال: جلست إلى رجل له صحبة من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقال له: الحكم ابن حَزْنٍ الكُلَفي، فأنشأ يحدّثنا قال: وفَدْتُ إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - سابع سَبعةٍ، أو تاسع تسعة، فدخلنا عليه فقلنا: يا رسولَ اللهِ، زُرناك فادعُ اللهَ لنا بخير، فأمَرَ بنا - أو أمر لنا -، بشيءٍ مِن التمرِ، والشأنُ إذ ذاك دُونٌ، فأقمْنَا بها أياماً شهدنا فيها الجُمعَةَ مَعَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقامَ متوكِّئاً على عصاً - أو قوس - فَحَمِدَ الله، وأثنى عليه كلماتٍ خفيفاتٍ طيباتٍ مباركاتٍ، ثم قال: "أيُّها الناسُ، إنكم لن تُطِيقُوا - أو لن تفعلوا- كل ما أُمِرتُم به، ولكن سَددُوا وأبشِرُوا" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل شهاب بن خراش وشعيب بن رُزَيق الطائفي، فهما صدوقان لا بأس بهما. وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 5/ 516، وأحمد (17856) و (17857)، وأبو يعلى (6826)، وابن خزيمة (1452)، وابن قانع في "معجم الصحابه"1/ 207، والطبراني في "الكبير" (3165)، والبيهقى في "السنن الكبرى" 3/ 206، وفي "السنن الصغرى" (624)، وفي "دلائل النبوة" 5/ 354، وابن عساكر في"تاريخ دمشق" 23/ 209، وابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 34، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة الحكم بن حزن 7/ 92 - 93 من طريق شهاب بن خراش، به. ولم يذكر ابن خزيمة في روايته قصة إنزال النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وفد الحكم أياماً وإطعامهم، وقد وقع في المطبوع من ابن قانع: أخبرنا شهاب بن خراش وشعيب بن رُزَيق، وهو خطأ.

سمعتُ أبا داود (¬1) قال: ثَبتني في شيءٍ منه بعضُ أصحابِنَا (¬2). 1097 - حدثنا محمدُ بن بشارٍ، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عِمرَانُ، عن قتادة، عن عبدِ ربه، عن أبي عياض عن ابنِ مسعود، أن رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلم -كان إذا تَشَهدَ قال: "الحمدُ لله، نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مُضِل له، ومن يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشْهَدُ أن محمداً عَبْدُه ورسولُه أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي السَاعةِ، من يُطِع الله ورسولَه فقد رَشَدَ، ومن يَعْصِهما فإنه لا يَضُرُّ إلا نفسه، ولا يَضُر اللهَ شيئا" (¬3). ¬

_ (¬1) القائل: سمعت أبا داود هو أبو علي اللؤلؤي. وقد نقل مقالة أبي داود هذه أيضاً ابن الأعرابي في روايته كما أشار إليه في (هـ). (¬2) زاد بعد هذا في النسختين اللتين شرح عليهما العظيم آبادي والسهارنفوري: وقد كان انقطع من القرطاس، وليست في شيء من أصولنا الخطية. (¬3) صحيح دون قوله: "أرسله بالحق بشيراً ونذيراً .... " إلى آخر الحديث، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عياض - وهو المدني - وعبد ربه - وهو ابن أبي يزيد. وقد رويت خطبة الحاجة من وجه آخر صحيح سيأتي عند المصنف برقم (2118). عبد ربه: هو ابن أبي يزيد، وعمران: هو ابن داور القطان، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10499)، وفي "الأوسط" (2530)، وفي "الدعاء" (934)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 215 و7/ 146، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة عبد ربه بن أبي يزيد 16/ 489 من طريق عمران بن داور القطان، بهذا الإسناد. وسيتكرر عند المصنف برقم (2119). وفي قوله: "ومن يعصهما" قال في "عون المعبود": فيه جواز التشريك بين ضمير الله تعالى ورسوله ويؤيد ذلك ما ثبت في الصحيح عنه- صلَّى الله عليه وسلم -بلفظ: "أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" وما ثبت أيضاً أنه - صلَّى الله عليه وسلم - أمر منادياً ينادي يوم خيبر "إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية". =

1098 - حدثنا محمدُ بن سلمَة المراديُّ، أخبرنا ابن وهبٍ عن يونسَ، أنه سأل ابن شهابٍ عن تشهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَوْمَ الجمعةِ، فذكر نحوه، قال: "ومَنْ يَعصِهِما فقد غَوَى" ونسأل الله ربنا أن يجعلنا ممن يُطيعه ويُطيع رسوله ويتبعُ رضوانه، ويَجتَنِبُ سخطه؛ فإنما نحنُ به وله (¬1). ¬

_ = وأما في الحديث الآتي عند المصنف برقم (1099) وهو حديث صحيح من حديث عدي بن حاتم أن خطيباً خطب عند النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: من يطع الله تعالى ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى. فقال له - صلَّى الله عليه وسلم -: بئس الخطيب أنت، قل: من يعص الله تعالى ورسوله فقد غوى، فمحمول على ما قال النووي من أسباب الإنكار عليه أن الخطبة شأنها البسط والايضاح واجتناب الإشارات والرموز. قال: ولهذا ثبت أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً لتفهم عنه، قال: ثني الضمير في مثل قوله: "أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" لأنه ليس خطبة وعظ وإنما هو تعليم حكم، فكل ما قل لفظه كان أقرب إلى حفظه، بخلاف خطبة الوعظ فإنه ليس المراد حفظها وإنما يراد الاتعاظ بها، ولكنه يرد عليه أنه قد وقع الجمع بين الضميرين منه - صلَّى الله عليه وسلم - في حديث الباب وهو وارد في الخطبة لا في تعليم الأحكام. وقال القاضي عياض وجماعة من العلماء: إن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما أنكر على الخطيب تشريكه في الضمير المقتضي للتسوية وأمره بالعطف تعظيماً لله تعالى بتقديم اسمه كما قال - صلَّى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر: "لا يقل أحدكم: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل: ما شاء الله ثم ما شاء فلان" ويرد على هذا ما قدمنا من جمعه - صلَّى الله عليه وسلم - بين ضمير الله وضميره، ويمكن أن يقال: إن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما أنكر على ذلك الخطيب التشريك لأنه فهم منه اعتقاد التسوية فنبهه على خلاف معتقده وأمره بتقديم اسم الله تعالى على اسم رسوله يعلم بذلك فساد ما اعتقده. (¬1) رجاله ثقات لكنه مرسل. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله. وهو في "المراسيل" لأبي داود (57). وأخرجه أيضاً في "المراسيل" (56) عن قتيبة بن سعيد، عن الليث - وهو ابن سعد - عن عُقيل - وهو ابن خالد الأيلي - عن الزهري.

1099 - حدثنا مُسَدد، حدثنا يحيى، عن سفيانَ بن سعيد، حدثني عبدُ العزيزِ ابن رُفيع، عن تميمٍ الطائي عن عديِّ بن حاتم: أن خطيباً خَطَبَ عندَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: مَنْ يُطِع اللهَ ورسوله فقد رشَد (¬1) ومن يَعصِهِما ... فقال: "قُم - أو: اذهب - بئسَ الخطيبُ" (¬2). 1100 - حدثنا محمدُ بن بشار، حدَّثنا محمدُ بن جعفر، حدثنا شُعبةُ، عن خُبيبٍ، عن عبد الله بن محمد بن معن عن بنتِ الحارث بن النعمان قالت: ما حَفِظْتُ قاف إلا من في رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ بها كُل جُمُعَةٍ، قالت: وكان تنُّورُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وتنُّورنا واحداً (¬3). ¬

_ (¬1) قوله في الحديث: "فقد رشد" زيادة أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية اللؤلؤي من طريق أبي ذر. (¬2) إسناده صحيح. تميم الطائي: هو ابن طرفة، ويحيي: هو ابن سعيد القطان، ومُسَدَّد: هو ابن مُسَرهَد. وأخرجه مسلم (870)، والنسائي في "الكبرى" (5505) من طريق سفيان بن سعيد الثوري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18247)، و"صحيح ابن حبان" (2798). وسيتكرر برقم (4981). (¬3) حديث صحيح. عبد الله بن محمد بن معن - وإن لم يرو عنه إلا خُبيب، وهو ابن عبد الرحمن المدني، وذكره ابن حبان في "الثقات" وابن خلفون، وجهله الحافظ الذهبي في "الديوان" - أخرج له مسلم هذا الحديث في المتابعات. وأخرجه مسلم (873) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (1733) من طريق يحيي بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن ابن أسعد بن زرارة عن ابنه حارثة بن النعمان. وهذا إسناد منقطع، لأن محمداً من الطبقة السادسة الذين لم يثبت لقاؤهم لأحد من الصحابة. =

قال أبو داود: قال روحُ بنُ عبادة، عن شعبة، قال: بنت حارثة ابن النعمان، وقال ابن إسحاق: أمُّ هشام بنت حارثة بن النعمان. 1101 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدّثني سماك عن جابر بن سمرة قال: كانت صلاةُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قصْداً، وخُطْبَتُه قَصْداً، يقرأُ آياتٍ مِن القرآن، ويُذكرُ الناسَ (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (27628). وانظر ما سيأتي برقم (1102) و (1103). (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سماك - وهو ابن حرب - فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه مسلم (866)، وابن ماجه (1106)، والترمذي (513)، والنسائي في "الكبرى" (1796) و (1800) و (1802) من طرق عن سماك بن حرب، به. وهو في "مسند أحمد" (20846)، و"صحيح ابن حبان" (2802). وانظر ما سيأتي برقم (1107). وأخرج مسلم (643) من طريق أبي عوانة الوضاح اليشكري، عن سماك بن حرب، عن جابر بن سمرة قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يصلي الصلوات نحواً من صلاتكم، وكان يؤخر العتمة بعد صلاتكم شيئاً، وكان يُخِفُّ في الصلاة. وهو في "مسند أحمد" (20826) و (21002). وفى باب تخفيف الصلاة عن أنس بن مالك عند البخاري (706)، ومسلم (469) أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يوجز الصلاة ويكملها. وقد سلف عند المصنف برقم (853). وفى باب تقصير الخطبة عن عمار بن ياسر عند مسلم (869) قال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته، مَئِنَّةٌ من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة ... " وانظر ما سيأتي عند المصنف برقم (1106). وعن عبد الله بن أبي أوفى عند النسائي في "الكبرى" (1728) قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يكثر الذكر ويقل اللغو، ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة، ... ، قال المناوي في "فيض القدير" 2/ 457: طول صلاته بالنسبة إلى قصر خطبته، فليس المراد طولها في نفسها بحيث يشق على المقتدين، فلا تعارض بينه وبين الأخبار الآمرة بالتخفيف.

1102 - حدثنا محمودُ بن خالد، حدثنا مروانُ، حدثنا سليمانُ بن بلال، عن يحيي بن سعيد، عن عمرة عن أُختها قالت: ما أخذتُ قاف إلا مِن في رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، كان يَقرَؤُهَا في كل جُمُعَة (¬1). قال أبو داود: كذا رواه يحيي بن أيوب وابن أبي الرجال عن يحيى بن سعيد، عن عمرةَ، عن أم هشام بنتِ حارثة بن النعمان. 1103 - حدثنا ابن السرح، حدثنا ابن وهب، أخبرني يحيي بن أيوب، عن يحيي بن سعيد، عن عمرة، عن أخت لِعمرة بنت عبد الرحمن كانت أكبرَ منها، بمعناه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عَمرة: هي بنت عبد الرحمن بن سعْد بن زرارة، ويحيي بن سعيد: هو الأنصاري، ومروان: هو ابن محمد الطاطري الدمشقي. وأخرجه مسلم (872) من طريق سليمان بن بلال، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1023) من طريق عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان، قالت: ما أخذتُ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} إلا من وراء رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يصلي بها في الصبح. وذكر صلاة الصبح هنا شاذ، تفرد به ابن أبي الرجال، وخالف سليمان بن بلال ويحيى بن أيوب اللذين ذكرا أن ذلك في صلاة الجمعة. وانظر "مسند أحمد" (27629). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح كسابقه. يحيى بن أيوب: هو الغافقى المصري، وابن وهب: هو عبد الله، وابن السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح. وأخرجه مسلم (872) من طريق يحيى بن أيوب، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله، وما سلف برقم (1100).

229 - باب رفع اليدين على المنبر

229 - باب رفع اليدين على المنبر 1104 - حدثنا أحمدُ بن يونُسَ، حدثنا زائدةُ، عن حُصين بن عبدِ الرحمن، قال: رأى عُمَارَةُ بن رُويبْة بِشرَ بن مروانَ وهو يدعو في يَوم جُمعةٍ، فقال عُمارة: قَبَّحَ الله هاتين اليدين! قال زائدة: قال حصين: حدَّثني عمارة، قال: لقد رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو على المنبر ما يزيدُ على هذه، يعني السَّبَّابة التي تلي الإبهامَ (¬1). 1105 - حدثنا مُسَدد، حدثنا بشرُ بن المفضل، حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن إسحاق - عن عبدِ الرحمن بن معاوية، عن ابن أبي ذُباب عن سهل بن سعد، قال: ما رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - شاهراً يديه قط يدعو على منبره، ولا على غيرِه، ولكن رأيتُه يقولُ هكذا، وأشارَ بالسَّبَّابة، وعَقَدَ الوُسْطَى بالإبهام (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حصين بن عبد الرحمن: هو أبو الهذيل السُّلَمي، وزائدة: هو ابن قدامة، وأحمد بن يونس: هو ابن عبد الله بن يونس، مشهور بالنسبة إلى جده. وأخرجه مسلم (874)، والترمذي (522)، والنسائي في "الكبرى" (1726) و (1727) من طريق حُصين بن عبد الرحمن، به. وهو في "مسند أحمد" (17219) و (18299)، و"صحيح ابن حبان" (882). (¬2) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن معاوية - وهو ابن الحُويرث المدني - ابن أبي ذُباب: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 486 و10/ 377 - 378، وأحمد (22855)، وابن خزيمة (1450)، وأبو يعلى (7551)، وابن حبان (883)، والطبراني في "الكبير" (6023)، والحاكم 1/ 535 - 536، والبيهقي3/ 210من طرق عن عبد الرحمن بن إسحاق، بهذا الإسناد.

230 - باب إقصار الخطب

230 - باب إقصار الخطب 1106 - حدثنا محمدُ بن عبد الله بن نُميرِ، حدثنا أبي، حدثنا العلاء بن صالح، عن عدي بنِ ثابت، عن أبي راشدٍ عن عمار بن ياسرٍ، قال: أمرنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بإقصارِ الخطب (¬1). 1107 - حدثنا محمودُ بن خالد، حدَّثنا الوليدُ، أخبرنى شيبانُ أبو معاوية، عن سماك بن حرب عن جابر بن سَمُرَةَ السُّوَائيُّ، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لا يُطِيلُ الموعظة يوم الجمعة، إنما هُن كلماتٌ يسيرات (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح, وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي راشد، لكن روي الحديث من وجه آخر صحيح بنحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 114، وأحمد (18889)، وأبو يعلى (1618) و (1621)، والبزار (1430)، والحاكم 1/ 289، والبيهقي3/ 208، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 19 من طريق العلاء بن صالح، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. وأخرج مسلم (869) من طريق أبي وائل قال: خطبنا عمار فأوجز وأبلغ فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان، لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفست، فقال: إني سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه، فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة، وإن من البيان سحراً". (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سماك بن حرب شيبان أبو معاوية: هو ابن عبد الرحمن النحوي، والوليد: هو ابن مسلم الدمشقي، وقد صرح بالإخبار من شيبان، وتوبع على بقية الإسناد فيما سلف برقم (1101). وأخرجه الطبراني في "الكبير" (2015)، والحاكم 1/ 289، والبيهقي3/ 207 من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (1101).

231 - باب الدنو من الإمام عند الموعظة

231 - باب الدنو من الإمام عند الموعظة 1108 - حدثنا عليّ بن عبد الله، حدثنا معاذُ بن هشام، قال: وجدتُ في كتاب أبي بخطِّ يده ولم أسمعه منه: قال قتادة: عن يحيى بن مالك عن سمرة بن جندب، أن نبي الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: " احضروا الذكر، وادنوا مِن الإمام فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخرَ في الجنَّة وإن دخلها" (¬1). 232 - باب الإمام يقطع الخطبة للأمر يحدث 1109 - حدثنا محمدُ بن العلاء، أن زيدَ بن حُباب حدَّثهم، حدثنا حسينُ ابن واقد، حدثنى عبدُ الله بن بُريدة عن أبيه، قال: خَطَبَنَا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فأقبل الحسنُ والحسينُ رضي الله عنهما عليهما قميصانِ أحمرانِ يعثرانِ ويقُومانِ، فَنزَلَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيى بن مالك: هو أبو أيوب المَراغي الأزدي، مشهور بكنيته، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وعلى بن عبد الله: هو ابن المديني. وأخرجه أحمد (20118)، والحاكم 1/ 289، والبيهقي 3/ 238 من طريق علي ابن المديني، بهذا الإسناد. وأخرج أحمد (20112)، والطبرانى في "الكبير" (6854)، وفي"الصغير" (346)، والبيهقي 3/ 238 من طريق سريج بن النعمان، عن الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن الحسن - وهو البصري - عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - "احضروا الجمعة، وادنوا من الإمام، فإن الرجل ليتخلف عن الجمعة حتى إنه ليتخلف عن الجنة، وإنه لمن أهلها". والحكم ضعيف، وقد خالف هشاماً الدستوائي الثقة في إسناده ومتنه كما ترى.

233 - باب الاحتباء والإمام يخطب

فأخذهما، فَصَعِدَ بهما، ثم قال: "صدق الله {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} رأيتُ هذين فلم أصبر" ثم أخذ في الخطبة (¬1). 233 - باب الاحتباء والإمام يخطب 1110 - حدثنا محمد بن عوف، حدثنا المقرئ, حدثنا سعيدُ بن أبي أيوب، عن أبي مرحوم، عن سهلِ بن مُعاذ بن أنس عن أبيه، أن رسُولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن الحُبُوة يومَ الجمعةِ والإمام يخطب (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل حسين بن واقد، فهو صدوق لا بأس به. وأخرجه ابن ماجه (3600)، والترمذي (4108)، والنسائي في "الكبرى" (1743) و (1803) و (1804) من طريق حسين بن واقد، به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب، إنما نعرفه من حديث الحسين بن واقد. وهو في "مسند أحمد" (22995)، و"صحيح ابن حبان" (6038). (¬2) إسناده ضعيف لضعف أبي مرحوم - واسمه عبد الرحيم بن ميمون - وسهل ابن معاذ بن أنس كما حقفناه في كتابنا "التحرير"، وكنا قد حسَّنا إسناده في "المسند" و"شرح مشكل الآثار" (2905)، فيُستدرك من هنا. وقد ضعّفه أيضاً الخطابي كما سيأتي وعبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 3/ 63، ووافقه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 173. وأخرجه الترمذي (521) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن، وصححه ابن خزيمة (1815) والحاكم 1/ 289 وسكت عنه الذهبي. قال الترمذي: وقد كره قوم من أهل العلم الحِبوة يومَ الجمعة والإمام يخطب، ورخص في ذلك بعضهم، منهم عبيد الله بن عمرو وغيره، وبه يقول أحمد وإسحاق، لا يريان بالحبوة والإمام يخطب بأساً وقال الخطابي: وإنما نهي عن الاحتباء في ذلك الوقت، لأنه يجلب النوم، ويعرض طهارته للانتقاض. وهو في "مسند أحمد" (15630). =

1111 - حدثنا داود بن رُشَيد، حدثنا خالدُ بن حيّان الرقي، حدثنا سليمانُ ابن عبد الله بن الزبرقان، عن يَعلى بن شداد بن أوس، قال: شهدتُ مع معاوية بيتَ المقدسِ، فجمَّع بنا فنظرتُ فإذا جل مَنْ في المسجد أصحابُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فرأيتهم مُحْتبين والإمامُ يخطب (¬1). ¬

_ = وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند ابن ماجه (1134) وإسناده ضعيف. وقال ابن المنذر في "الأوسط" 4/ 81: اختلف أهل العلم في الاحتباء يوم الجمعة والإمام يخطب، فرخص فيه أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم، وممن كان يفعل ذلك ابن عُمر وسعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء وابن سيرين وأبو الزبير وعكرمة ابن خالد وشريح وسالم بن عبد الله ونافع ... ، وروي ذلك عن مكحول، وهو قول مالك والأوزاعي والثوري والشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي، وقال أحمد: أرجو أن لا يكون به بأس، وكذلك قال إسحاق، وهو قول عوام أهل العلم، ولا نعلم أحداً قال غير ذلك إلا ما اختُلف فيه عن مكحول وعطاء والحسن، فقد روي عنهم أنهم كرهوا ذلك، وروينا عنهم أنهم كانوا لا يرون به بأساً. وقد روينا عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في هذا الباب حديثاً، وقد احتج به بعض أصحابنا، وقد تكلم في إسناده، ولا أراه ثابتاً، لأنه مجهول الإسناد ... ثم ذكر حديثنا هذا. قلنا: وانظر لزاماً كلام المصنف بإثر الحديث الآتي بعده. (¬1) إسناده حسن. سليمان بن عبد الله بن الزبرقان روى عنه خالد بن حيان ويحيى ابن سلام البصري ومبشر بن إسماعيل وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: روى عنه أهل الجزيرة. فمثله يكون حسن الحديث إن شاء الله، وخالد بن حيان الرقي صدوق حسن الحديث كذلك. وأخرجه البيهقي 3/ 235 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" بإثر الحديث (2905) من طريق علي ابن معبد عن خالد بن حيان بهذا الإسناد. وانظر ما سلف قبله.

234 - باب الكلام والإمام يخطب

قال أبو داود: كان ابن عمر يحتبي والإمامُ يخطبُ وأنسُ بن مالك وشريح وصَعصعةُ بن صُوحان وسعيدُ بن المسيب وإبراهيمُ النخعي ومكحول وإسماعيلُ بن محمد بن سعد، ونعيمُ بن سلامة قال: لا بأس بها. قال أبو داود: ولم يبلغني أن أحداً كرهها إلا عبادة بن نُسيٍّ (¬1). 234 - باب الكلام والإمامُ يخطب 1112 - حدثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سعيدٍ عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا قلتَ: أنْصتْ والإمامُ يَخطُبُ فقد لَغَوتَ" (¬2). ¬

_ (¬1) وورد عن مكحول وعطاء والحسن البصري أنهم كانوا يكرهون أن يحتبوا والإمام يخطب يوم الجمعة. رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" 2/ 119. (¬2) إسناده صحيح. سعيد: هو ابنُ المسيب، وابنُ شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، ومالك: هو ابن أنس، والقعبي: هو عبد الله بن مسلَمة بن قعنب. وأخرجه البخاري (934)، ومسلم (851)، وابن ماجه (1110)، والترمذي (519)، والنسائي (1738) و (1739) و (1740) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه مسلم (851)، والنسائى (1740) من طريق ابن شهاب الزهري، عن عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن إبراهيم بن قارظ، عن أبي هريرة. وأخرجه مالك في "موطئه" 1/ 103، ومسلم (851) من طريق سفيان بن عيينة كلاهما (مالك وابن عيينة) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7332) و (7686)، و"صحيح ابن حبان" (2793). وقد ذكر ابن عبد البر في"التمهيد"19/ 29 أن القعنبى وابن القاسم وابن وهب وغيرهم قد جمعوا في"موطآتهم" إسنادَي مالك الأنفي الذكر، وأن يحيى الليثي لم يذكر إلا إسناده عن أبي الزناد. قنا: وكذلك محمد بن الحسن الشيباني في روايته =

1113 - حدثنا مُسَدَّد وأبو كامل، قالا: حدثنا يزيدُ، عن حبيب المعلم، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه عن عبدِ الله بن عمرو، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "يَحضُرُ الجمعة ثلاثةُ نفرِ: رجلٌ حضرها يَلْغُو فهو حظه منها، ورجلٌ حضرها يدعو، فهو رجلٌ دعا الله عز وجل: إن شاء أعطاه، وإن شاء منعه، ورجلٌ حضَرَهَا بإنصات وسكون (¬1) ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحداً، فهي كفارةٌ إلى الجمعة التي تليها وزيادة ثلاثة أيام، وذلك بأن الله عز وجل يقول: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] (¬2). ¬

_ = "للموطأ" لم يذكر إلا إسناده عن أبي الزناد، وأما أبو مصعب الزهري فالذي وقع في "موطئه" هو عن سعيد بن المسيب مرسلاً، وعن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة. ولغوت: من لغا يلغو لغواً: إذا قال باطلاً، وقال الزمخشري في "الكشاف": واللغو: فضول الكلام وما لا طائل له. قال أبو عمر في "الاستذكار"19/ 32: لا خلاف علمته بين فقهاء الأمصار في وجوب الإنصات للخطبة على من سمعها في الجمعة، وأنه غير جائز أن يقول الرجل لمن سمعه من الجهال يتكلم والإمام يخطب يوم الجمعة: أَنصِت أو صَة، أو نحو ذلك أخذاً بهذا الحديث، واستعمالاً له، وتقبلاً لما فيه. وانظر الحديث السالف برقم (1051). (¬1) في (ج) و (د) و (هـ): "وسكوت" بالتاء المثناة. (¬2) إسناده حسن. وقد صحح إسناده ابن الملقن في "البدر المنير" 4/ 683. وأخرجه أحمد (6701) و (7002)، وابن خزيمة (1813)، وابن أبي حاتم فيما نقله عنه ابن كثير في "تفسيره" (الأنعام: 160)، والبيهقي 3/ 219 من طريق عمرو بن شعيب، به. ويشهد للقطعة الأولى منه حديث أبي هريرة السالف قبله. ويشهد للقطعة الأخيرة منه حديث أبي هريرة السالف برقم (1050).

235 - باب استئذان المحدث الأمام

235 - باب استئذان المُحْدِث الأمام 114 ا - حدثنا إبراهيمُ بن الحسن المِصِّيصي، حدِّثنا حجاج، حدثنا ابن جريج، أخبرني هشام بن عُروة، عن عُروة عن عائشة قالت: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إذا أحْدَثَ أحدُكُم في صلاته فلياخُذ بأنفه ثم لينصرف" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد صرَّح ابنُ جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي - بالإخبار، ثم إنه تابعه عمر بن علي المقدّمي والفضل بن موسى السينانى ومحمد بن بشر العبدي، وهم ثقات، وقد صرح المقدمي بسماعه عند الدارقطني (585)، وبذلك يكون أربعة ثقات قد وصلوا الحديث عن عائثة، فيصح الاسناد. وقد ألمح الحافظ في "النكلت الظراف" بهامش "تحفة الأشراف" 12/ 174 إلى ذلك حيث رد على الترمذي قوله في "علله الكبير" 1/ 306: هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أصح من حديث الفضل بن موسى، فتبين أن ثلاثة رووه موصولاً. وأخرجه ابنُ ماجه (1222)، وابن خزيمة (1019)، وابن حبان (2238)، والدارقطني (585) من طريق عُمر بن علي المُقدَّمي، والترمذي في "العلل الكبير"، 1/ 306، وابن الجارود في "المنتقى" (222)، وابن حبان (2239)، والدارقطني (589)، والحاكم 1/ 184 و260، والبيهقي 2/ 254 من طريق الفضل بن موسى السِّيناني، والدارقطني (587)، والحاكم 1/ 184، والبيهقي 3/ 223 من طريق ابن جريج، والدارقطني (586) من طريق محمد بن بشْر العبْدي، وابن ماجه (1222 م) من طريق عمر بن قيس المكي، خمستهم عن هثام بن عروة، به. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (532) عن سفيان الثوري، عن هثام بن عروة، عن أبيه مرسلاً. قال البيهقي 2/ 254: ورواه الثوري وشعبة وزائدة وابن المبارك وشعيب ابن إسحاق وعبْدة بن سليمان، عن هثام ين عروة، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً. قال الخطابي: وفي هذا باب من الأخذ بالأدب في ستر العورة وإخفاء القبيح من الأمر والتورية بما هو أحسن منه، وليس يدخل في هذا الباب الرياء والكذب، وإنما هو من باب التجمل واستعمال الحياء وطلب السلامة من الناس.

236 - باب إذا دخل الرجل والإمام يخطب

قال أبو داود: رواه حمادُ بن سلمة، وأبو أُسامة عن هشام عن أبيه عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لم يذكرا عائشةَ رضيَ الله عنها. 236 - باب إذا دخل الرجلُ والإمام يخطب 1115 - حدثنا سليمانُ بن حرب، حدثنا حماد، عن عمرو - وهو ابن دينار - عن جابر، أن رجلاَ جاء يومَ الجمعة والنبي - صلَّى الله عليه وسلم - يخطُبُ فقال: " أصلَّيتَ يا فلان"؟ قال: لا، قال: "قُمْ فارْكَعْ" (¬1). 1116 - حدثنا محمدُ بن محبوب وإسماعيلُ بن إبراهيم، المعنى، قالا: حدثنا حفصُ بن غياث، عن الأعمش، عن أبي سفيانَ عن جابر وعن أبي صالح عن أبي هريرة، قالا: جاءَ سُليكٌ الغطفاني ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ، فقال له: "أصليتَ شيئاً"؟ قال: لا، قال: "صَلِّ ركعتَين تَجَوَّزْ فيهما" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد. وأخرجه البخاري (930) و (931) و (1166)، ومسلم (875)، وابن ماجه (1112)، والترمذي (516)، والنسائي في "الكبرى" (1715) و (1716) و (1729) من طرق عن عمرو بن دينار، به. وقد سمى بعضهم ذلك الرجل سليكاً الغطفاني. وأخرجه مسلم (875) من طريق الليث بن سعد، وابن ماجه (1112) من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن أبي الزبير، عن جابر. وهو في "مسند أحمد" (14309) و (14906). وانظر تالييه. قال الخطابي: فيه من الفقه جواز الكلام في الخطبة لأمر يحدث، وأن ذلك لا يفسد الخطبة، وفيه أن الداخل للمسجد والإمام يخطب لا يقعد حتى يصلي ركعتين. وقال بعض الفقهاء: إذا تكلم أعاد الخطبة ولا يصلي الداخل والإمام يخطب. والسنة أولى ما اتُّبِع. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. أبو سفيان - وهو طلحة بن نافع الواسطي - =

237 - باب تخطي رقاب الناس يوم الجمعة

1117 - حدثنا أحمدُ بن حنبل، حدثنا محمد بن جعفر، عن سعيدِ، عن، الوليد أبي بشرٍ، عن طلحةَ أنه سَمعَ جابرَ بن عبد الله يُحدّثُ أن سُليْكاً جاء، فذكرَ نحوه، زاد: ثم أقبلَ على الناس، قال: "إذا جاء أحدكم والإمامُ يخطب، فليُصَل ركعتينِ يَتَجوَّزُ فيهما" (¬1). 237 - باب تخطِّي رقاب الناس يوم الجمعة 1118 - حدثنا هارونُ بن معروف، حدثنا بِشرُ بن السَّري، حدثنا معاويةُ ابن صالح، عن أبي الزاهريةِ، قال: كنا مع عبدِ الله بن بُسْر صاحبِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يومَ الجمعة, فجاء رجل يتخطى رقابَ الناس، فقال عبد الله بن بُسْرٍ: جاء رجل يتخطى ¬

_ = صدوق لا بأس به. لكنه متابع. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وإسماعيل بن إبراهيم: هو ابن مَعمَر بن الحَسن الهُذَلي. وأخرجه ابن ماجه (1114) عن داود بن رُشيد، عن حفص بن غياث، بهذين الإسنادين لكنه قال في روايته: "أصليت ركعتين قبل أن تجيء" فزاد: "قبل أن تجيء" وهذه زيادة شاذة لم ترد في شيء من روايات الحديث عن جابر كالرواية السالفة قبله وبعده، ولا في رواية المصنف هذه كما ترى، وهي من طريق حفص بن غياث أيضاً. وقد أخرج مسلم الحديث (875) من طريق عيسى بن يونس السَبيعي، عن الأعمس، عن أبي سفيان، عن جابر فلم يذكر هذه الزيادة. وهو في "مسند أحمد" (14405)، و"صحيح ابن حبان" (2500 - 2502). (¬1) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عَروبة، والوليد أبو بشر: هو ابن مسلم ابن شهاب العنْبري، وطلحة: هو ابن نافع أبو سفيان، مشهور بكنيته. وهو في "مسند أحمد" (14171). وانظر سابقيه.

238 - باب الرجل ينعس والإمام يخطب

رقابَ الناس يوم الجمعة والنبي - صلَّى الله عليه وسلم - يخطب، فقال له النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "اجلِس فقد آذَيتَ" (¬1). 238 - باب الرجل يَنعُسُ والإمامُ يخطب 1119 - حدثنا هنادُ بن السري، عن عبدة، عن ابن إسحاق، عن نافع عن ابنِ عمر قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إذا نعسَ أحدُكم وهو في المسجد، فَليتحوَّلْ من مجلسه ذلك إلى غيره" (¬2). 239 - باب الإمام يتكلم بعدما ينزل مِن المنبر 1120 - حدثنا مسلمُ بن إبراهيمَ، عن جرير - هو ابن حازم - لا أدري كيف قاله مسلم أولاً، عن ثابت ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الزاهرية: هو حُدَير بن كريب. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1718) من طريق عبد الله بن وهب، عن معاوية ابن صالح، به. وهو في "مسند أحمد" (17697)، و"صحيح ابن حبان" (2790). (¬2) رجاله ثقات. وابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم - قد صرح بالسماع عند أحمد (6178) فانتفت شبهة تدليسه، لكن صحح غير واحد من الأئمة وقفه على ابن عمر. وانظر تفصيل ذلك فيما علقناه على الحديث في "مسند أحمد" (4741). وصححه مرفوعاً الترمذي وابن خزيمة (7119)، وابن حبان (2792)، والحاكم 1/ 291. وأخرجه الترمذي (534) من طريقين عن محمد بن إسحاق، به. وهو في "مسند أحمد" (4741)، و"صحيح ابن حبان" (2792). ورواه موقوفاً الشافعي في "المسند" 1/ 142، وابن أبي شيبة 2/ 119، والبيهقي 3/ 237 من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر. وهذا إسناد صحيح على شرطهما.

240 - باب من أدرك من الجمعة ركعة

عن أنس، قال: رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ينزِلُ مِن المنبرِ فيعرِضُ له الرجلُ في الحاجة فيقومُ معه حتى يَقْضِي حاجتَه، ثم يقومُ فيصلي (¬1). قال أبو داود: الحديثُ ليس بمعروف عن ثابتٍ، هو مما تفرَّدَ به جريرُ بن حازم. 240 - باب من أدرك من الجمعة ركعة 1121 - حدثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَن أدركَ ركعةً مِن الصلاة فقد أدرك الصلاةَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني. وقد أَعَل هذا الحديثَ بعضُ أهل العلم كالمصنِّف والبخاري والدارقطني وغيرهم بأن جرير بن حازم وهم فيه - يعني في متنه - وأن الصحيح ما روي عن ثابت عن أنس قال: أقيمت الصلاة فأخذ رجل بيد النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فما زال يكلمه حتى نعس بعض القوم. قلنا: لكن يمكن حمل الروايتين على أنهما حادثتان مختلفتان، ولا خطأ في واحدة منهما، والله تعالى أعلم. وأخرجه الترمذي (524)، والنسائى في "الكبرى" (1744) من طريق جرير بن حازم، به. وهو في "مسند أحمد" (12201)، وابن حبان (2805). وأما الحديث الآخر الذي أشرنا إليه فقد سلف عند المصنف برقم (201). (¬2) إسناده صحيح. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وهو في "موطأ مالك" 1/ 10، ومن طريقه أخرجه البخاري (580)، ومسلم (607)، والنسائى في "الكبرى" (1549). وأخرجه مسلم (607)، وابن ماجه (1122)، والترمذي (532)، والنسائي في "الكبرى" (1753)، وفي "الكبرى" (1548) و (1550) من طرق عن ابن شهاب =

241 - باب ما يقرأ به في الجمعة

241 - باب ما يقرأ به في الجمعة 1122 - حدثنا قتيبةُ بن سعيد، حدثنا أبو عوانةَ، عن إبراهيمَ بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير، أن رَسُولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقرأُ في العيدين ويومَ الجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} , قال: وربما اجتمعا في يومٍ واحد فقرأ بهما (¬1). ¬

_ = الزهري، به، زاد مسلم في بعض طرقه، وهي طريق يونس بن يزيد الأيلي: "مع الإمام" فقال: "من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام .... ". ولم يذكر هذه الزيادة غيره. وهو في "مسند أحمد" (7665)، و"صحيح ابن حبان" (1483). وقد سلف الحديث من طريق أخرى عن أبي هريرة بتقييد ذلك بالعصر والفجر برقم (412)، وإسناده صحيح. وسلف من طريق أخرى أيضاً كلفظ المصنف برقم (893). وانظر تمام تخريجه هناك. قال الخطابي: دلالته أنه إذا لم يدرك تمام الركعة فقد فاتته الجمعة ويصلي أربعا، لأنه إنما جعله مدركاً للجمعة بشرط إدراكه الركعة، فدلالة الشرط تمنع من كونه مدركاً لها بأقل من الركعة، وإلى هذا ذهب سفيان الثوري ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وقد روي ذلك عن عبد الله بن مسعود وابن عمر وأنس وابن المسيب وعلقمة والأسود وعروة والحسن والشعبي والزهري. وقال الحكم وحماد وأبو حنيفة: من أدرك التشهد يوم الجمعة مع الإمام صلَّى ركعتين. (¬1) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضّاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه مسلم (878)، وابن ماجه (1281)، والترمذي (541)، والنسائي في "الكبرى" (1750) و (1752) و (1788) و (11601) من طريق إبراهيم بن محمد بن المنتشر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18383) و (18387)، و"صحيح ابن حبان" (2821) و (2822). وانظر ما بعده.

1123 - حدثنا القعنبي، عن مالك، عن ضمرةَ بن سعيد المازني، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير: ماذا كان يقرأُ به رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يومَ الجمعة على إثر سُورةِ الجمعة؟ فقال: كان يقرأ بـ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (¬1). 1124 - حدثنا القَعنبي، حدثنا سليمانُ - يعني ابن بلال - عن جعفر، عن أبيه، عن ابن أبي رافع، قال: صلّى بنا أبو هريرةَ يومَ الجمعة، فقرأ بسورةِ الجمعة وفي الرَّكعة الآخِرَة {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ}، قال: فأدركتُ أبا هريرة حين انصرف، فقلتُ له: إنك قرأت بسورتين , كان عليّ رضيَ الله عنه يقرأُ بهما بالكُوفة، قال أبو هريرة: فإني سمعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقرأ بهما يَومَ الجمعة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مَسلَمة بن قعنب. وهو في"موطا مالك" 1/ 111. وأخرجه مسلم (878)، وابن ماجه (1119)، والنسائى في "الكبرى" (1749) من طريقين عن ضمرة بن سعيد. وهو في "مسند أحمد" (18381). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. ابن أبي رافع: هو عُبيد الله، وجعفر: هو ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الملقب بالصادق وأبوه الباقر، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وأخرجه مسلم (877)، وابن ماجه (1118)، والترمذي (526)، والنسائي في "الكبرى" (1747) من طرق عن جعفر بن محمد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9550)، و"صحيح ابن حبان" (2806).

242 - باب الرجل يأتم بالإمام وبينهما جدار

1125 - حدثنا مُسَدَّدٌ، عن يحيى بن سعيد، عن شعبة، عن معبد بن خالد، عن زيد بن عقبة عن سمرة بن جُندب، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقرأُ في صَلاة الجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} (¬1). 242 - باب الرجلِ يأتم بالإمام وبينهما جدار 1126 - حدثنا زهيرُ بن حربٍ، حدثنا هُشيم، أخبرنا يحيى بن سعيد، عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت: صلَّى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في حُجرته والناسُ يأتمونَ به مِنْ وراءِ الحُجرَةِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1751) من طريق خالد بن الحارث، عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20150)، و"صحيح ابن حبان" (2808). قال الطحاوي في"شرح معافى الآثار"1/ 414: فلما جاء عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في هذه الآثار أنه قرأ في العيدين والجمعة غير ما جاء عنه في الآثار الأُول، لم يجُز أن يُحمل ذلك على التضاد والتكاذب، ولكنا نحمله على الاتفاق والتصادق، فنجعل ذلك كله قد كان من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقرأ بهذا مرة وبهذا مرة، فحكى عنه كل فريق من الفريقين ما حضره منه، ففي ذلك دليل على أن لا توقيت للقراءة في ذلك، وأن للإمام أن يقرأ في ذلك مع فاتحة الكتاب أي القرآن شاء، وكذلك ما روي عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أيضاً أنه كان يقرأ في ذلك يوم الجمعة. (¬2) إسناده صحيح. وقد صرح هشيم - وهو ابن بشير الواسطي - بسماعه هنا كما ترى، فأمِنَّا تدليسه. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري، وعمرة: هي بنت عبد الرحمن. وأخرجه بنحوه البخاري (729) من طريق عبْدة - وهو ابنُ سُلَيمان - عن يحيى ابن سعيد، به. =

243 - باب الصلاة بعد الجمعة

243 - باب الصلاة بعد الجمعة 1127 - حدثنا محمد بن عُبيد وسليمانُ بن داود، المعنى قالا: حدثنا حمادُ ابن زيد، حدثنا أيوبُ، عن نافعٍ أن ابن عمر رأى رجلاً يُصلي ركعتينِ يومَ الجمعةِ في مقامه، فدفعه، وقال: أتُصلي الجمعةَ أربعاً؟ وكان عبدُ الله يُصلي يومَ الجمعةِ ركعتين في بيته، ويقول: هكذا فعل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (24016). وأخرجه بنحوه أيضا البخاري (730)، ومسلم (782)، وابن ماجه (942)، والنسائي في "الكبرى" (840) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة ولفظه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان له حصير، يبسطه بالنهار ويحتجره بالليل، فثاب إليه ناس، فصلوا وراءه .. وهو في "مسند أحمد" (24124)، و"صحيح ابن حبان" (2571). (¬1) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تيمية السختياني، ومحمد بن عُبيد: هو ابن حساب الغُبَري، وسليمان بن داود: هو الزهْراني العَتكي أبو الربيع مشهور بكنيته. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 336، وابن المنذر في "الأوسط" 4/ 124، والبيهقي 3/ 240 من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرج البيهقي 2/ 191 من طريق عطاء بن أبي رباح، قال: رأيت ابن عمر دفع رجلاً عن مقامه الذي صلَّى فيه المكتوبة، وقال: إنما دفعتك لتقدم أو تأخر. وإسناده صحيح. وقوله: وكان ابنُ عمر يصلى يوم الجمعة ركعتين في بيته، ويقول: هكذا فعل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. أخرجه مسلم (882)، وابنُ ماجه (1130)، والترمذي (529) من طريق الليث ابن سعد، عن نافع، به. وانظر ما بعده. وما سيأتي برقم (1130) و (1132) و (1133) و (1252). =

1128 - حدثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ، أخبرنا أيوبُ، عن نافعٍ، قال: ¬

_ = وقد تعددت الروايات في صنيع ابن عمر، فروي عنه أنه صلَّى بعد الجمعة ركعتين في بيته كما في هذه الرواية، وروي عنه أنه صلَّى في المسجد بعد الانتهاء من صلاة الجمعة ركعتين ثم أربعاً كما في الروايتين الآتيتين برقم (1130) و (1133)، وكلاهما عنه صحيح ثابت. وقال ابن المنذر في "الأوسط" 4/ 125 - 127: وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب فرأت طائفة أن يصلي بعدها أربعاً، هذا قول عبد الله بن مسعود وإبراهيم وإسحاق وأصحاب الرأى ... وفيه قول ثان: وهو أن يصلي بعدها ركعتين ثم أربعاً، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب وابن عمر وأبي موسى الأشعري ومجاهد وعطاء وحميد بن عبد الرحمن وبه قال سفيان الثوري وقال أحمد: إن شاء صلَّى ركعتين وإن شاء أربعاً (قلنا: وحكى ابن قدامة عنه قولاً آخر: وإن شاء ستاً "المغني" 3/ 249). ثم حكى ابن المنذر قولاً آخر وهو أنه يُصلّى ركعتان وحسب. قال: هكذا فعل ابن عمر، وروى ذلك عن النخعي. قلنا: وحكاه الترمذي أيضا عن الشافعي بإثر الحديث (528) ونقل النووي في "المجموع" 4/ 9 عن الشافعي أنه نص في "الأم" على أنه يُصلّى بعد الجمعة أربعُ ركعات، يعني كالقول الأول. ولأجل هذا الاختلاف كله قال ابن قدامة في "المغني" 3/ 250: وهذا يدل على أنه مهما فعل من ذلك كان حسناً. قلنا: وأما الصلاة قبل الجمعة فقد روى الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 335 عن ابن عمر: أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعاً لا يفصل بينهن بسلام. وروى عبد الرزاق (5525)، وابن أبي شيبة 2/ 132، وابن المنذر 4/ 97 عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: كان عبد الله بن مسعود يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعاً. وقال النووي في "المجموع" 4/ 10: وأما السنة قبلها فالعمدة فيها حديث عبد الله بن مغفل "بين كل أذانين صلاة" والقياس على الظهر.

كان ابن عمر يُطِيلُ الصَّلاةَ قبلَ الجُمعةِ، ويُصلي بعدها ركعتين في بيته، ويُحدِّثُ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يفعلُ ذلك (¬1). 1129 - حدثنا الحسنُ بن علي، حدثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابن جُريج، أخبرني عُمَرُ بن عطاء بن أبي الخُوار، أن نافعَ بن جُبير أرسله إلى السائب بن يزيد ابن أُختِ نِمرِ يسألُه عن شيءٍ رأى منه معاويةُ في الصلاة، فقال: صليتُ معه الجُمعةَ في المقصورةِ فلما سَلَّمتُ قمتُ في مقامي فصليتُ، فلما دخل أرسلَ إليّ، فقال: لا تَعُد لما صنعتَ، إذا صليتَ الجمعةَ، فلا تُصَلِّها بصلاةِ حتَّى تكلَّمَ أو تَخرُجَ، فإن نبي الله - صلَّى الله عليه وسلم - أمَرَ بذلك أَنْ لا تُوصلَ صَلاة بصلاةِ حتى تتكلمَ أو تَخْرُجَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أيوب: هو ابنُ أبي تميمة السختياني، وإسماعيل: هو ابنُ عُلَيهَ، ومُسدد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه ابن خزيمة (1836)، وابن حبان (2476)، والبيهقي 3/ 240 من طريق إسماعيل ابن. عُليَّه، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم (1252). (¬2) إسناده صحيح. وقد صرح ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي - بسماعه فأمِنا تدليسه. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، والحسن بن علي: هو الخَلَّال الحُلواني. وهو في "مصنف عبد الرزاق " (3916) و (5534). وأخرجه مسلم (883) من طريقين عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16866). وقوله: صليت معه الجمعة في المقصورة. قال النووي: فيه دليل على جواز اتخاذها في المسجد إذا رآها ولي الأمر مصلحة، قالوا: وأول من عملها معاوية بن أبي سفيان حين ضربه الخارجي. وقوله: فإن رسول الله أمرنا بذلك أن لا نوصل صلاة حتى نتكلم أو نخرج: فيه دليل لما قاله أصحابنا أن النافلة الراتبة وغيرها يستحب أن يتحول لها عن موضع الفريضة =

1130 - حدثنا محمدُ بن عبد العزيز بن أبي رِزمَة المروزي، أخبرنا الفضلُ ابن موسى، عن عبدِ الحميد بن جعفرٍ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن عطاء عن ابن عمر، قال: كان إذا كان بمكة فصلَّى الجمعة تقدم، فصلّى ركعتينِ، ثم تقدَّمَ فصلى أربعاً، وإذا كانَ بالمدينة صلَّى الجمعة، ثم رَجَعَ إلى بيته، فصلى ركعتينِ، ولم يُصَل في المسجدِ، فقيل له، فقال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يفعلُ ذلك (¬1). ¬

_ = إلى موضع آخر، وأفضله التحول إلى بيته، وإلا فموضع آخر من المسجد أو غيره ليكثر مواضع سجوده، ولتنفصل صورة النافلة، عن صورة الفريضة. (¬1) إسناده صحيح، وقوله: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يفعل ذلك راجع إلى الشطر الثاني من الحديث دون الأول، لأن الشطر الأول موقوف على ابن عمر كما رواه جماعة عن عطاء - وهو ابن أي رباح -، وكذلك رواه جبلة بن سُحيم عن ابن عمر. وهذا التفريق في سنة الجمعة الآخرة بين مكة والمدينة انفرد بذكره يزيد بن أبي حبيب عن عطاء، ولم يذكره غيره! وأخرجه الحاكم 1/ 290، والبيهقي 3/ 240 من طريق الفضل بن موسى، بهذا الإسناد. وأخرج الشطر الأول الموقوف عبد الرزاق (5523)، وابن أبي شيبة 2/ 132، وابن المنذر في "الأوسط" 4/ 126، والطحاوي في"شرح معاني الآثار" 1/ 337، ومحمد بن عاصم الثقفي الأصبهاني في"جزئه" (53) من طريق أبي إسحاق السبيعي، وعبد الرزاق (5523)، ومحمد بن عاصم (53) من طريق الزبير بن عدي، وابن أبي شيبة 2/ 139 من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، ثلاثتهم عن عطاء بن أبي رباح، به. وسيأتي عند المصنف (1133) من طريق ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح. وأخرجه الطحاوي 1/ 335 من طريق جبلة بن سُحيم، عن ابن عمر أنه كان يصلي قبل الجمعة أربعاً لا يفصل بينهن بسلام، ثم بعد الجمعة ركعتين، ثم أربعاً. وسنده صحيح. وأما الشطر الثاني المرفوع فقد سلف تخريجه برقم (1127) و (1128) وانظر اختلاف أهل العلم في هذه المسألة هناك.

1131 - حدثنا أحمدُ بن يونس، حدثنا زهيرٌ (ح) وحدَّثنا محمد بن الصباح البزازُ، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن سُهيلٍ، عن أبيهِ عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال ابن الصَّبَّاح، قال: "مَنْ كانَ مصلياً بعدَ الجمعةِ فليصل أربعاً"وتم حديثُه، وقال ابن يونس: "إذا صليتُمُ الجمعة فصلُوا بعدَها أربعاً" قال: فقال لي أبي: يا بُنيَّ، فإن صلَّيتَ في المسجدِ رَكْعَتينِ ثم أتيتَ المنزلَ أو البيتَ، فصلِّ ركعتينِ (¬1). 1132 - حدثنا الحَسَنُ بن علي، حدثنا عبدُ الرزاق، عن معمرِ، عن الزهري، عن سالم عن ابنِ عمر، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُصَلّي بَعدَ الجُمُعَةِ ركعتينِ في بيته (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح من جهة زهير - وهو ابن معاوية الجعفي -، قوي من جهة اسماعيل بن زكريا، فهو صدوق لا بأس به. سُهيل: هو ابن أبي صالح السَّمَّان. وأخرجه مسلم (881)، وابن ماجه (1132)، والترمذي (530)، والنسائي في "الكبرى" (501) و (1755) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، به. وفي رواية لمسلم ورواية النسائى: "إذا صلَّى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا" بالأمر، ورواية الباقين بلفظين: أحدهما: "من كان مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعا"، والثانى: "إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعاً". وهو في "مسند أحمد" (7400)، و"صحيح ابن حبان" (2477 - 2481) وقال ابن حبان بعد أن أورد الرواية الأولى وهي كرواية مسلم والنسائي: الأمر الذي وصفناه بالصلاة بعد الجمعة إنما هو أمر استحباب لا أمر إيجاب، ثم ساق الحديث بلفظ التخيير. (¬2) إسناده صحيح. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر، ومعمر: هو ابن راشد، والحسن بن علي: هو الخلاّل الحُلْواني. =

قال أبو داود: وكذلك رواه عبدُ الله بن دينار، عن ابنِ عمر. 1133 - حدثنا إبراهيمُ بنُ الحسن، حدثنا حجاجُ بنُ محمد، عن ابن جُريجٍ، أخبرني عطاء أنه رأى ابن عمر يُصلي بَعْدَ الجمعة، فينْماز عن مُصلاه الذي صَلَّى فيه الجمعةَ قليلاً غيرَ كثيرِ، قال: فيركعُ ركعتينِ، قال: ثم يمشي أنفسَ مِن ذلك، فيركعُ أربعَ ركعاتٍ، قلتُ لِعطاء: كم رأيتَ ابن عمر يَضنَعُ ذلك؟ قال: مِراراً (¬1). ¬

_ = وهو في "مصنف عبد الرزاق" (5527)، ومن طريقه أخرجه النسائي في "المجتبى" (1428). وأخرجه مسلم (882)، وابن ماجه (1131)، والترمذي (528) من طريق عمرو ابن دينار، عن الزهري، به. ولم يقل في روايته: في بيته. لكن سيأتي عند المصنف برقم (1252) من طريق نافع عن ابن عمر أنه قال: وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين. وسلف برقم (1127) و (1128) أن ابن عمر كان يصلي ركعتين في بيته، ويقول: هكذا فعل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. قلنا: وقد ثبت عن ابن عمر أيضاً أنه صلَّى في المسجد كما في الحديث السالف برقم (1130) وكما سيأتي بعده. ويحمل هذا الاختلاف على التوسُّع، وأن ذلك كله جائز، وللمرء في ذلك الخيار، والله أعلم. وأخرج البخاري (1165) من طريق عُقيل بن خالد الأيلي، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال: صليت مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين بعد الجمعة، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء. وهو في "مسند أحمد" (4591). وانظر ما سلف برقم (1127) وما سيأتى برقم (1252). (¬1) إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز المكى، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وأخرجه الترمذي (531) من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، به. =

244 - باب صلاة العيدين

قال أبو داود: ورواه عبدُ الملك بن أبي سليمان ولم يُتِمَّهُ. 244 - باب صلاة العيدين 1134 - حدثنا موسى بنُ إسماعيل، حدثنا حماد، عن حُميد عن أنسِ، قال: قَدِمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - المدينةَ ولهم يَوْمَانِ يلعبون فيهما، فقال: "ما هذان اليومَان؟ " قالوا: كنا نلعبُ فيهما في الجاهلية، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله قَدْ أبدَلَكُم بهما خَيرَاً مِنهما: يَومُ الأضحى، ويَومُ الفِطرِ" (¬1). ¬

_ = وانظر ما سلف برقم (1127) و (1130). قوله: فينماز: معناه: يفارق مقامه الذي صلَّى فيه. وقوله: أنفس من ذلك: معناه: أبعد من ذلك. (¬1) إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1767) من طريق اسماعيل ابن علية، عن حميد الطويل، به. وهو في "مسند أحمد" (12006). وأصل العيد: عَوْدٌ، لأنه مشتق من: عاد يعود عوداً، وهو الرجوع، قلبت الواو ياء لسكونها وانكسارِ ما قبلها كالميزان والميقات من الوزن والوقت، ويجمع على أعياد، وكان من حقه أن يجمع على أعواد، لأنه من العود كما سلف بيانه، لكن جمع بالياه للزومها في الواحد، أو للفرق بينه وبين أعواد الخشبة. قال في "المبدع" 2/ 178: هي فرض كفاية في ظاهر المذهب، وعن أحمد: فرض عين اختاره الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وعنه: سنة مؤكدة. وقال الحنفية: صلاة العيد واجبة، لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - واظب عليها من غير ترك، ولحديث أم عطية الآتي عند المصنف (1136) وهو في "المسند" (20799) قالت: أمرنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن نخرج ذوات الخدور يوم العيد، فيل: فالحيض؟ قال: "ليشهدن الخير ودعوة المسلمين". ولفظ "المسندا" كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يأمرنا أن نخرج العواتق والحيض وذوات الخدور، فأما الحيض، فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير، والدعوة مع المسلمين.

245 - باب وقت الخروج إلى العيد

245 - بابُ وقتِ الخروجِ إلى العيد 1135 - حدثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدثنا أبو المغيرةِ، حدّثنا صفوان، حدَّثنا يزيدُ بن خُميرِ الرحبي، قال: خَرَجَ عبد الله بن بُسر صاحِبُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مع الناسِ في يومِ عيدِ فطرٍ، أو أضحى، فأنكر إبطاءَ الإمامِ، فقال: إنَا كنا قد فرغنا ساعتَنا هذه، وذلك حين التسبيحُ (¬1). 246 - باب خروج النساء في العيد 1136 - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن أيوبَ ويونسَ وحبيبٍ ويحيي بن عَتيق وهشامِ، في آخرين، عن محمد أن أُمّ عطية قالت: أمرنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن نُخْرِجَ ذواتِ الخدورِ يومَ العيد، قيل: فالحُيَّض؟ قال: "لِيَشْهَدْنَ الخيرَ ودعوةَ المسلمينَ" قال: فقالت امرأةٌ: يا رسولَ الله، إن لم يكن لإحْداهُنَّ ثوْبٌ كَيْفَ تصنعُ؟ قال: "تُلْبِسُها صَاحِبَتُها طائفةً مِن ثَوْبِها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. صفوان: هو ابن عَمرو السَّكسَكي، وأبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخَولاني. وأخرجه ابن ماجه (1317) من طريق إسماعيل بن عياش، عن صفوان بن عمرو، به. وقوله: وذلك حين التسبيح، أي: وقت صلاة السُّبحة، وهي الضحى بعد خروج وقت الكراهة. (¬2) إسناده صحيح. محمد: هو ابن سيرين، وهشام: هو ابن حسان القردوسي، وحبيب: هو ابن الشهيد، ويونس: هو ابن عُبيد، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وحماد: هو ابن سلمة. =

1137 - حدثنا محمدُ بن عُبيدٍ، حدثنا حمادٌ، حدثنا أيوبُ، عن محمد عن أُمٌ عطية، بهذا الخبر، قال: ويَعتَزِلُ الحُيَّضُ مُصَلَّى المُسلِمين، ولم يذكرِ الثوبَ، قال: وحَدث عن حفصةَ عن امرأةٍ تُحدِّثُه، عن امرأةٍ أُخْرى قالت: قيل: يا رسولَ الله، فذكر معنى موسى في الثوب (¬1). 1138 - حدثنا النُّفيليُّ، حدثنا زهيرٌ، حدثنا عاصِمٌ الأحولُ عن حفصةَ بنتِ سيرين عن أُمّ عطية، قالت: كُنَّا نُؤْمَرُ، بهذا الخبرِ، قالت: والحُيَّض يكُن خَلفَ الناسِ فَيُكَبرنَ مع الناسِ (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1308)، والنسائي في "الكبرى" (1770) من طريق سفيان ابن عيينة، عن أيوب السختياني، به. وأخرجه البخاري (351) من طريق يزيد بن إبراهيم التُّستَري، و (981) من طريق عبد الله بن عون، والترمذي (547)، والنسائي (1771) من طريق منصور بن زاذان، والنسائي في (1771) من طريق هشام أربعتهم عن محمد بن سيرين، به. وقرن النسائي في موضعه الثاني حفصة بمحمد بن سيرين. وهو في "مسند أحمد" (20799). وانظر ما سيأتي بالأرقام (1137 - 1139). (¬1) إسناده صحيح. محمد: هو ابن سيرين، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وحماد: هو ابن زيد، ومحمد بن عُبيد: هو ابن حساب الغُبَري. وأخرجه البخاري (974)، ومسلم (890) من طريق حماد بن زيد, بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. عاصم الأحول: هو ابن سُليمان، وزهير: هو ابن معاوية الجعفى أبو خيثمة، والنُّفيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيل. وأخرجه البخاري (971)، ومسلم (890) من طريق عاصم بن سليمان الأحول، به. =

1139 - حدثنا أبو الوليد - يعني الطيالسيَّ - ومسلم، قالا: حدثنا إسحاقُ ابن عثمان، حدّثني إسماعيلُ بنُ عبدِ الرحمنِ بن عطية عن جدته أُم عطية، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لما قَدِمَ المدينةَ جمع نساءَ الأنصارِ في بيتِ فأرسلَ إلينا عُمَرَ بنَ الخطابِ، فقام على الباب، فسلّم علينا، فرددنا عليه السلامَ، ثم قال: أنا رسولُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إليكُنَّ، وأمَرَنَا بالعيدينِ أن نُخْرِجَ فيهما الحُيَّض والعُتَّقَ، ولا جُمعة علينا، ونهانا عن اتباعِ الجنائِز (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (324) و (980) و (1652)، ومسلم (890)، والترمذي (548)، والنسائي في "الكبرى" (1769) من طريقين عن حفصة بنت سيرين، به. وأخرجه النسائى (1771) من طريق هشام، عن حفصة، به. وقرن بحفصة محمد ابن سيرين. وهو في "مسند أحمد" (20789). (¬1) حديث صحيح دون ذكر قصة عمر فيه، وهذا إسناد ضعيف إسماعيل بن عبد الرحمن لم يرو عنه غير إسحاق بن عثمان، وذكره ابن حبان في "الثقات". أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، ومسلم: هو ابن إبراهيم الفراهيدي. وأخرجه ابن سعد 8/ 7، وابن أبي شيبة3/ 390، وأحمد (20797) و (27309) والبزار (252)، وأبو يعلى (226)، وابن خزيمة (1722) و (1723)، والطبري في "تفسيره"28/ 80 - 81، وابن حبان (3041)، والطبراني 25/ (85)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 184، وفي "شعب الإيمان" (8485)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 8/ 261 - 262 و 262 من طريق إسحاق بن عثمان، به. ولخروج النساء للعيدين حتى الحُيَّض والعتق انظر ما سلف بالأرقام (1136 - 1138). وقد سلف ذكر النهي عن اتباع الجنائز من حديث أم عطية برقم (3168). ولسقوط الجمعة عن النساء انظر حديث طارق بن شهاب السالف برقم (1067). قال الخطابي: العُتَّق: جمع عاتق، يقال: جارية عاتق، وهي التي قاربت الادراك، ويقال: بل هي المُدرِكة.

247 - باب الخطبة

247 - باب الخطبة 1140 - حدثنا محمدُ بن العَلاء، حدثنا أبو معاويةَ، حدثنا الأعمشُ، عن إسماعيلَ بنِ رجاء، عن أبيهِ، عن أبي سعيد الخدري (ح) وعن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهابٍ عن أبي سعيد الخدري، قال: أخرجَ مروانُ المِنْبَرَ في يومِ عيد، فبدأ بالخطبة قبلَ الصلاةِ، فقامَ رجلٌ، فقال: يا مروانُ، خالفتَ السنةَ، أخرجتَ المِنبر في يومِ عيد، ولم يكن يُخْرَجُ فيه، وبدأتَ بالخطبة قبلَ الصَّلاةِ، فقال أبو سعيد الخدريُ: مَن هذا؟ قالوا: فلان بنُ فلان، فقال: أما هذا فقد قَضَى ما عليه، سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ رأى منكراً، فاستطاعَ أن يُغَيِّرَه بيدِه، فَلْيُغيره بيدِه، فإن لم يستطِع فَبِلسَانِه، فإن لم يَسْتَطِع فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان" (¬1). 1141 - حدثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدثنا عبدُ الرزاق ومحمدُ بن بكر، قالا: أخبرنا ابنُ جُريج، أخبرني عطاء ¬

_ (¬1) إسناداه صحيحان. رجاء: هو ابن ربيعة، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وأخرجه مسلم (49)، وابن ماجه (1275) و (4013) من طريق أبي معاوية محمد بن خازم الضرير، بهذين الإسنادين. وأخرجه مختصراً بالمرفوع النسائى في "المجتبى" (5008) من طريق سفيان الثوري، عن قيس بن مسلم، به. وأخرجه مسلم (49)، والترمذي (2313) من طريق سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب مرسلاً. وطارق بن شهاب قد رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فتكون روايته هنا مرسل صحابي، وهو حجة. وهو في "مسند أحمد" (11073/ أ)، و"صحيح ابن حبان" (306) و (307).

عن جابر بن عبد الله، قال: سمعتُه يقول: إن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قام يَوْمَ الفِطْر، فصلَّى، فَبَدَأَ بالصلاةِ قبلَ الخطبة، ثم خطب الناسَ، فلما فرغ نبيُّ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نَزَلَ، فأتى النساءَ فذكَّرَهُنَ وهو يتوكأُ على يدِ بلال، وبلالٌ باسطٌ ثوبَه تُلقي فيه النساءُ الصَّدَقَةَ، قال: تُلقي المرأة فَتَخَها. ويُلْقِينَ، ويُلقِين، وقال ابنُ بكر: فتختَها (¬1). 1142 - حدثنا حفصُ بنُ عمر، حدثنا شُعبةُ (ح) وحدّثنا ابنُ كثير، أخبرنا شعبةُ، عن أيوبَ عن عطاءِ قال: أشهد على ابنِ عباس، وشَهِدَ ابنُ عباس على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنه خَرَجَ يومَ فطرٍ، فصلَّى، ثم خطبَ، ثم أتى النساء ومعه بلال، قال ابنُ كثير: أكبرُ علم شُعبة: فأمرهُنَّ بالصدقة، فَجَعَلْنَ يُلقِينَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز وهو في "مصف عبد الرزاق" (5631). وأخرجه البخاري (958) و (961) و (978)، ومسلم (885) من طريق ابن جريج، به. وأخرجه مسلم (885)، والنسائي في "الكبرى" (1774) من طريق عبد الملك ابن أبي سليمان، والنسائي في "الكبرى" (1778) من طريق حصين بن عبد الرحمن، كلاهما عن عطاء بن أبي رباح، به. ولفظ النسائى في الموضعين مختصر بذكر الصلاة قبل الخطبة. وهو في "مسند أحمد" (14163). الفتخ، بفتح الفاء والتاء: الخواتيم تكون في اليد والرجل بفص وغير فص. (¬2) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وشعبة: هو ابن الحجاج، وابن كثير: هو محمد بن كثير العبدي. =

1143 - حدثنا مُسَدَد وأبو معمر عبدُ الله بنُ عمرو، قالا: حدثنا عبدُ الوارثِ، عن أيوبَ، عن عطاءِ عن ابن عباس، بمعناه، قال: فَظَنَّ أنه لم يُسْمعَ النساء, فمشى إليهن وبلالٌ معه فوعظهُن، وأمرهُن بالصدقة، فكانت المرأةُ تُلقي القُرطَ والخاتمَ في ثوبِ بلالِ (¬1). 1144 - حدثنا محمدُ بنُ عبيدٍ، حدثنا حمادُ بنُ زيد، عن أيوبَ، عن عطاءٍ عن ابنِ عباس في هذا الحديث قال: فجعلتِ المرأةُ تُعطي القُرْطَ والخاتمَ، وجعل بلال يجعلُه في كسائه، قال: فقسَّمَهُ على فقراءِ المسلمين (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (98) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. ولم يذكر الخطبة يوم العيد ووقتها. وأخرجه البخاري (1449)، ومسلم (884) و (886)، وابن ماجه (1273) والنسائي في "الكبرى" (1779) و (5863) من طرق عن أيوب السختياني، به. واقتصر مسلم في الموضع الثاني على ذكر الخطبة بعد الصلاة. وأخرج البخاري (962) و (979) و (4895) و (5880)، ومسلم (884)، والنسائي في "الكبرى" (1781) من طريق طاووس اليماني، عن ابن عباس قال: شهدت العيد مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة. وهو في "مسند أحمد" (1902) و (2171). وانظر تالييه، وما سيأتي برقم (1146) و (1159). (¬1) إسناده صحيح كسابقه. عبد الوارث: هو ابن سعيد العَنْبري. والقرط: حلية الأذن تلبس في شحمتها. (¬2) إسناده صحيح كسابقيه. محمد بن عُبيد: هو ابن حِسَاب الغُبَري. وأخرجه مسلم (884) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد.

248 - باب يخطب على قوس

248 - باب يخطب على قوْس (¬1) 1145 - حدّثنا الحسنُ بنُ عليّ، حدثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابنُ عُيينة، عن أبي جنابٍ، عن يزيد بنِ البراء عن أبيه، أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - نُوِّل يَوْمَ العِيدِ قوساً فخطبَ عليه (¬2). 249 - باب ترك الأذان في العيد 1146 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن عبد الرحمن بنِ عابسٍ قال: سأل رَجُلٌ ابنَ عباس: أشهدت العيدَ معَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ قال: نَعَم، ولولا منزلتي منه ما شهدتُه مِن الصِّغَر، فأتى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - العَلَمَ الذي عندَ دارِ كثير بنِ الصَّلت فصلى ثم خطب، ولم يذكر أذاناً ولا إقامة، قال: ثم أمر بالصَّدَقَة، قال: فجعلن النساءُ يُشِرْنَ إلى آذانهنَّ وحُلوقِهِن، قال: فأمرَ بلالاً، فأتاهُنَ ثم رَجَعَ إلى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - (¬3). ¬

_ (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (د) ونسخة على هامش (أ). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي جناب - واسمه يحيي بن أبي حية -. وأخرجه عبد الرزاق (5658) , وابن أبي شيبة 2/ 158، والطبراني في "الكبير" (1169)، والبيهقي 3/ 300 من طريق أبي جنَاب الكلبي، به. وله شاهد من حديث شعيب بن زُريق الطائفي، عن رجل له صحبة، سلف عند المصنف برقم (1096)، وفيه: شهدنا الجمعة مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقام متوكئاً على عصا أو قوس ... وإسناده قوي. وآخر عند الشافعي في "مسنده" 1/ 145، وعبد الرزاق (5246) من طريق ابن جريج، قال: قلت لعطاء [يعني ابن أبي رباح]: أكان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقوم إذا خطب على عصا، قال: نعم، كان يعتمد عليها اعتماداً. وهذا مرسل رجاله ثقات. (¬3) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومحمد بن كثير: هو العبدي. =

250 - باب التكبير في العيدين

1147 - حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يحيى، عن ابنِ جُريجٍ، عن الحسن بن مسلِمٍ، عن طاووس عن ابن عباس، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى العيدَ بلا أذانٍ ولا إقامةٍ، وأبا بكر، وعُمَرَ - أو عثمان - شكَّ يحيى (¬1). 1148 - حدثنا عثمانُ بنُ أبيْ شيبة وهنَّاد - لفظه - قالا: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك - يعني ابنَ حرب - عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ، قال: صليتُ مع النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - غيرَ مرةٍ ولا مرتين العيدينِ بغيرِ أذانِ ولا إقامةٍ (¬2). 250 - باب التكبير في العيدين 1149 - حدثنا قتيْبةُ، حدَّثنا ابنُ لهيعة، عن عُقَيلٍ، عن ابنِ شهاب، عن عُروة ¬

_ = وأخرجه البخاري (863) و (975) و (977) و (5249) و (7325)، والنسائي في "الكبرى" (1769) من طريق سفيان الثورى، به. ولم يرد عند البخاري في المواضع الثلاثة الأولى ولا النسائي ذكر نفي الأذان والاقامة. وهو في "مسند أحمد" (2062)، و"صحيح ابن حبان" (2823). وقوله: "فجعلن النساء" جائز في العربية على لغة: أكلوني البراغيث، ومنه قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار". (¬1) إسناده صحيح. وقد صرح ابنُ جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - بسماعه عند أحمد (2004) وغيره فانتفت شبهة تدليسه. يحيي: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه ابن ماجه (1274) من طريق يحيي بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2004) و (2171). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سماك بن حرب. أبو الأحوص: هو سلام بن سُليم، وهناد: هو ابن السَّريّ. وأخرجه مسلم (887)، والترمذي (540) من طريق أبي الأحوص، به. وهو في "مسند أحمد" (20847)، و"صحيح ابن حبان" (2819).

عن عائشة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يُكبر في الفِطرِ والأضحى في الأُولى سَبْعَ تكبيراتِ وفي الثانية خمساً (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ ابن لهيعة - وهو عبد الله - وقد اضطرب فيه كما بيناه في "مسند أحمد" (24362). عروة: هو ابن الزبير بن العوام، وعُقيل: هو ابن خالد الأيلي، وقتيبة: هو ابن سعيد. وأخرجه ابن ماجه (1280) من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24362) و (24409). وانظر ما بعده. ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الآتي عند المصنف برقم (1151). وعن عمرو بن عوف المزني عند ابن ماجه (1277)، والترمذي (544) وحسنه، ونفل في "علله الكبير" 1/ 288 عن البخاري قوله: ليس في الباب شيء أصح من هذا وبه أقول، وحديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده في هذا الباب هو صحيح أيضاً [قلنا: يعني به حديث عبد الله بن عمرو بن العاص المشار إليه قريباً]. وعن أبي هريرة موقوفاً عند مالك 1/ 180، والشافعي في "الأم" 1/ 236، وابن أبي شيبة 2/ 173، وأبي بكر الفريابي في "أحكام العيدين" (109 - 115)، وعبد الله ابن أحمد بن حنبل في "مسائله" عن أبيه (603)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 344، والبيهقي 3/ 288. وإسناده صحيح، ومثله لا يفعل من قِبَل الرأي والاجتهاد. وعن عبد الله بن عباس موقوفاً كذلك عند ابن أبي شيبة 2/ 176، وابن المنذر في "الأوسط" 4/ 273 - 274 و 274، وأبي بكر الفريابي في "أحكام العيدين" (129)، والبيهقي3/ 288و 289. وإسناده صحيح. قال ابن المنذر في "الأوسط" 4/ 274: وبه قال يحيى الأنصاري والزهري ومالك ابن أنس والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق، قال الشافعي: ليس من السبع تكبيرة الافتتاح. ولا من الخمس في الثانية تكبيرة القيام. وقال أبو ثور: يكبر سبع تكبيرات مع تكبيرة الافتتاح، ويقوم في الثانية ليكبر خمس تكبيرات، وعارض الشافعيَّ بعضُ أصحابه، فقال: لما سنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - التكبير على الجنائز أربعاً وكان تكبيرة الإحرام فيها، لزم الناس سبع تكبيرات في الركعة الأولي، من العيد إلا تكبيرة الافتتاح. وانظر تمام الأقوال الواردة في هذه المسألة عنده.

1150 - حدثنا ابنُ السَّرح، أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرنى ابنُ لَهِيعة، عن خالد بنِ يزيدَ عن ابنِ شهاب، بإسناده ومعناه، قال: سوى تكبيرتي الرُّكُوعِ (¬1). 1151 - حدثنا مسدد، حدثنا المُعتَمِرُ، قال: سمعتُ عبدَ الله بنَ عبد الرحمن الطائفيَّ يُحدث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال نبي الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "التكبيرُ في الفطر سَبع في الأولى، وخَمْسٌ في الآخِرَةِ، والقراءَة بعدَهما كلتيهما" (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. وأخرجه ابن ماجه (1280) من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) حسن لغيره، عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، قال ابن معين: صويلح، وقال مرة: ضعيف، ووثقه ابن المديني فيما نقله ابن خلفون والعجلي، وقال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 288: مقارب الحديث، وصحح حديثه هذا. وضعفه النسائي وأبو حاتم، وقال ابن عدي: أما سائر حديثه فعن عمرو بن شعيب، وهي مستقيمة، فهو ممن يكتب حديثه، وقال الدارقطني: يعتبر به. وأخرجه ابن ماجه (1278) من طريق عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، بهذا الإسناد. ووقع اسم عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي في أصول ابن ماجه: عبد الرحمن الطائفي والتصويب من مصادر تخريج الحديث ومصادر الترجمة. وهو في "مسند أحمد" (6688). وانظر شواهده في الحديث السالف برقم (1149). وانظر ما بعده.

1152 - حدثنا أبو توْبة الربيعُ بنُ نافع، حدثنا سليمانُ - يعني ابنَ حيان - عن أبي يعلى الطَائِفيِّ، عن عمرو بنِ شُعيب، عن أبيه عن جده، أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان يكبر في الفطرِ: في الأولى سبعاً، ثم يقرأُ، ثم يكبرُ، ثم يقومُ، فَيُكَبِّرُ أربعاً، ثم يقرأُ، ثم يركعُ (¬1). قال أبو داود: رواه وكيعٌ وابنُ المبارك، قالا: سبعاً وخمساً 1153 - حدثنا محمدُ بنُ العلاء وابنُ أبي زياد - المعنى قريب - قالا: حدثنا زيد - يعني ابن حُباب - عن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، قال: أخبرني أبو عائشة - جليسٌ لأبي هريرة - اْن سعيدَ بنَ العاص سأل أبا موسى الأشعريَ وحُذَيفة بن اليمان كيف كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يكبر في الأضحى والفطر؟ فقال أبو موسى: كانَ يُكبر أربعاً تكبيرَه على الجنائزِ، فقال حذيفةُ: صَدَقَ، فقال أبو موسى: كذلك كنتُ أُكبِّر في البصرةِ حيثُ كنتُ عليهم، وقال أبو عائشة: وأنا حاضرٌ سعيد بن العاص (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره لكن بذكر خمس تكبيرات في الركعة الثانية، وقد انفرد سليمان ابن حيان - وفيه كلام يُنزله عن مرتبة الثقة - بذكر أربع تكبيرات، وخالف بذلك جماعة الحفاظ الذين رووه عن عبد الله بن عبد الرحمن أبي يعلى الطائفي، فقالوا جميعاً: خمس تكبيرات في الركعة الثانية. منهم معتمر بن سليمان وعبد الله بن المبارك كما في الحديث الذي قبله. زاد البيهقي 3/ 285 وكيعاً وأبا عاصم وعثمان بن عمر وأبا نعيم، ثم قال البيهقي: وفي كل ذلك دلالة على خطأ رواية سليمان بن حيان، عن عبد الله الطائفي في هذا الحديث سبعاً في الأولى وأربعاً في الثانية. (¬2) حسن موقوفاً من قول عبد الله بن مسعود، وقد كان حاضراً القصة وفيها تصديق أبي موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان لما قال ابنُ مسعود، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عائشة. عبد الرحمن بن ثوبان: هو ابن ثابت بن ثوبان، نسب هنا لجده. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 172، وأحمد (19734)، وابن المنذر في"الأوسط" 4/ 277، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 345و 346، والطبراني في "مسند الشاميين" (193) و (3573)، والبيهقي 3/ 289، وابن الجوزي في "التحقيق" (823)، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أبي عائشة من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، به. وخالفه محمد بن إسحاق، فرواه عند ابن المنذر 4/ 277 من طريقه، عن مكحول، عن أبي عائشة، به موقوفاً. وأخرج الطحاوي في "شرح معانى الآثار" 4/ 346 من طريق نعيم بن حماد، عن محمد بن يزيد الواسطي، عن النعمان بن المنذر، عن مكحول، عن رسول حذيفة وأبي موسى: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يكبِّر في العيدين أربعا وأربعاً سوى تكبيرة الافتتاح. ونعيم ضعيف، ورسول حذيفة وأبي موسى هو أبو عائشة. وأخرج ابن أبي شيبة 2/ 172، والطحاوي 4/ 349 من طريق ابن عون، عن مكحول، قال: حدثني من أرسله سعيد بن العاص، فاتفق له أربعة من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - على ثماني تكبيرات. قلنا: الرجل المبهم هنا هو أبو عائشة. وأخرج عبد الرزاق (5687)، ومن طريق ابن المنذر 4/ 275، والطبراني في "الكبير" (9516) عن معمر بن راشد، وعبد الرزاق (5686)، ومن طريق ابن المنذر 4/ 275، والطبرانى في "الكبير" (9517) عن سفيان الثوري، كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي، عن علقمة بن قيس والأسود بن يزيد، أن ابن مسعود كان يكبر في العيدين تسعاً: أربعاً قبل القراءة، ثم يكبر فيركع، وفي الثانية يقرأ، فإذا فرغ كبر أربعاً ثم ركع. هذا لفظ الثوري، وقال الحافظ في "الدراية" 1/ 220: إسناده صحيح. قلنا: وهو موقوف كما ترى. وأخرجه موقوفاً كذلك ابن المنذر 4/ 277، والطبراني في "الكبير" (9522) من طريق سفيان الثوري، عن علي بن الأقمر، عن أبي عطية الوادعي، عن عبد الله بن مسعود: التكبير في العيدين أربعاً كالتكبير على الجنائز. وإسناد الطبراني صحيح. =

251 - باب ما يقرأ في الأضحى والفطر

251 - باب ما يقرأُ في الأضحى والفطر 1154 - حدثنا القعنبى، عن مالكٍ، عن ضمرةَ بنِ سعيد المازِني، عن غبيد الله بنِ عبد الله بنِ عتبة بنِ مسعود ¬

_ = وأخرجه موقوفاً أيضا الطحاوي في "شرح المعاني" 4/ 348 من طريق هشام الدستوائي عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة بن قيس، قال: خرج الوليد بن أبي معيط على ابن مسعود وحذيفة والأشعري رضي الله عنهم، فقال: إن العيد غداً فكيف التكبير؟ فقال ابن مسعود رضي الله عنه فذكر نحو ما سلف. وقال الأشعري وحذيفة: صدق أبو عبد الرحمن. وهذا إسناد صحيح. وخالف هشاماً الدستوائى سفيان الثوري عند ابن أبي شيبة 2/ 173، وأبو حنيفة عند أبي يوسف في "الآثار" (288)، ومحمد بن الحسن في "الآثار" أيضاً 1/ 537، وفى "الحجة على أهل المدينة" 1/ 302، وشعبة بن الحجاج عند المحاملي في "صلاة العيدين" ورقة 120، وحماد بن سلمة عند الطبراني في "الكبير" (9515)، أربعتهم عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، أن الوليد بن عقبة بعث إلى عبد الله ابن مسعود وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن قيس ... هكذا رووه مرسلاً ومراسيل النخعي عن ابن مسعود موصولة كما صرح إبراهيم النخعي نفسه بذلك، بأنه إذا قال: عن ابن مسعود ولم يذكر من حدثه عنه يكون سمعه من غير واحد عن ابن مسعود. وأخرجه موقوفاً أيضا ابن أبي شيبة 2/ 173، والطحاوي في "شرح المعاني" 4/ 348 من طريق سفيان الثوري، والمحاملي في"صلاة العيدين" ورقة 120 من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن أبي موسى، أن سعيد بن العاص بعث إلى عبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وعبد الله بن قيس ... وإسناد المحاملي صحيح، لأن شعبة لا يروي عن أبي إسحاق إلا ما سمعه من شيوخه. وقد بين ابن مسعود في بعض الروايات عنه بأن أحد هذه التكبيرات الأربع في الركعة الأولى تكبيرة الإحرام، وأحد التكبيرات الأربع في الركعة الثانية تكبيرة الركوع. وذكر ذلك عنه ابن المنذر 4/ 274.

252 - باب الجلوس للخطبة

أنَ عمر بن الخطاب سأل أبا واقِدٍ الليثيَّ ماذا كان يقرأُ به رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في الأضحى والفطر؟ قال: كان يقرأُ فيهما بـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} (¬1). 252 - باب الجلوس للخطبة 1155 - حدثنا محمدُ بن الصَّبَّاحِ البزار، حدثنا الفضلُ بنُ موسى السِّيناني، حدثنا ابنُ جُريج، عن عطاءٍ ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد - وإن كان ظاهره الانفطاع - قد صرح فُليح بن سليمان باتصاله عند مسلم (891) وغيره، فقد رواه عن ضمرة بن سعيد، عن عُبيد الله ابن عبد الله ين عتبة، عن أبي واقد الليثي قال: سألني عمر ... الحديث. وعُبيد الله قد أدرك أبا واقد بلا شك، وسماعه منه غير مدفوع، وقد قوى اتصاله البيهقي وابن حزم وابن عبد البر وابن التركماني والنووي إلا أن ابن التركماني صحح الحديث من طريق مالك باعتبار أن عُبيد الله قد أدرك أبا واقد. وخالفهم آخرون فحكموا بانقطاعه كابن خزيمة كما في "النكت على كتاب ابن الصلاح" 2/ 593، ومال إليه الحافظ أيضاً، ومنهم ابن قيم الجوزية في "تهذيب السنن"، وغيرهم. القَعنبي: هو عبد الله بن مسلمة ابن قعنب. وهو في "موطأ مالك" 1/ 180، ومن طريقه أخرجه مسلم (891)، والترمذي (542)، والنسائي في "الكبرى" (11486)، وأخرجه ابن ماجه (1282)، والترمذي (543)، والنسائي في "الكبرى" (1786) من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما (مالك وابن عيينة) عن ضمرة بن سعيد، به. وهو في "مسند أحمد" (21896)، و"صحيح ابن حبان" (2820). وأخرجه مسلم (891)، والنسائي في "الكبرى" (11487) من طريق فليح بن سليمان، عن ضمرة بن سعيد، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن أبي واقد الليثي. وهو في "مسند أحمد" (21911).

253 - باب الخروج إلى العيد في طريق، ويرجع في طريق

عن عبدِ الله بنِ السَّائب، قال: شهدتُ معَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - العيدَ، فلما قضى الصلاةَ، قال: "إنا نَخْطُبُ فمن أحبّ أن يَجْلِسَ لِلخطبة فليجلِس، ومن أحبّ أن يذهبَ فَليَذهب" (¬1). قال أبو داود: هذا مرسل. 253 - باب الخروج إلى العيد في طريق، ويرجعُ في طريق 1156 - حدثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، حدثنا عبدُ الله - يعني ابنَ عُمر - عن نافعٍ ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكنه اختُلف في وصله وإرساله، والصحيح المرسل، فقد انفرد بوصله الفضل بن موسى السيناني, وخالفه سفيان الثوري وعبد الرزاق وهشام بن يوسف الصنعانى، فرووه عن ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز -، عن عطاء - وهو ابن أبي رباح - مرسلاً. وقد صحح المرسلَ كالمصنف: ابنُ معين كما في "تاريخ عباس الدوري" 3/ 15، وأبو زرعة الرازي كما في "العلل" لابن أبي حاتم الرازي 1/ 180، والنسائي فيما نقله عنه المزي في "تحفة الأشراف" 4/ 347، ونقله عنه كذلك المنذري في "مختصر السنن"، ونقله الزيلعي في"نصب الراية" 2/ 149. وقد أخطأ الشيخ الألباني - رحمه الله - إذ صحح هذا الحديث في"الإرواء" (629) تبعاً لابن التركماني 3/ 301، ذاهلين عن طرق الحديث الأخرى، فانتهيا إلى تلك النتيجة، وذلك أن الحديث قد رواه ثلاثة ثقات كبار فأرسلوه كما ذكرنا، وصحح أهل العلم أن الحديث مرسل. وأخرجه ابن ماجه (1290)، والنسائى في "الكبرى" (1792) من طريق الفضل ابن موسى السينانى، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (5670)، وأخرجه كذلك البيهقي 3/ 301، والمحاملي في "صلاة العيدين" ورقة 137 من طريق سفيان الثوري، وأبو زرعة الرازي في "العلل" لابن أبي حاتم 1/ 180 من طريق هشام بن يوسف، ثلاثتهم (عبد الرزاق وسفيان الثوري وهشام) عن ابن جريج، عن عطاء. مرسلاً.

254 - باب إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد

عن ابنِ عُمَرَ، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أَخَذَ يَوْمَ العيدِ في طريقٍ، ثم رَجَعَ في طريقٍ آخَرَ (¬1). 254 - باب إذا لم يخرج الإمام للعيد من يومه يخرج من الغد 1157 - حدثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدثنا شعبةُ، عن جعفرِ بنِ أبي وَحشِيَّه، عن أبي عُمير بن أنس عن عمومةٍ له مِن أصحابِ رسولِ الله: أن ركباً جاؤوا إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يشهدون أنهم رأوا الهلالَ بالأمسِ، فأمَرهُمْ أن يُفْطِرُوا وإذا أصبَحُوا يَغدُوا إلى مُصَلَّاهُم (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن عمر - وهو العمري -. وأخرجه ابن ماجه (1299) من طريق عبد الله بن عمر العمري، به. وهو في "مسند أحمد" (5879). وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله عند البخاري (986) بلفظ: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إذا كان يومُ عيد خالف الطريق، وفي إسناده فليح بن سليمان. قال الحافظ في "الفتح" 2/ 472: تفرد به فليح، وهو مضعف عند ابن معين والنسائي وأبي داود، ووثقه آخرون، فحديثه من قبيل الحسن، لكن له شواهد من حديث ابن عمر وسعد القرظ وأبي رافع وعثمان بن عبيد الله التيمي وغيرهم، يعضد بعضهم بعضاً، فعلى هذا هو من القسم الثاني من قسمي الصحيح. قلنا: حديث سعد القرظ عند ابن ماجه (1298) وإسناده ضعيف. وحديث أبي رافع عند ابن ماجه أيضا (1300) وإسناده ضعيف كذلك. ويشهد له أيضاً حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (1301)، والترمذي (549). وهو في "مسند أحمد" (8454)، و"صحيح ابن حبان" (2815). وإسناده ضعيف. (¬2) إسناده صحيح. وقد صحح إسناده البيهقي 3/ 316، وابنُ حزم 5/ 92، وقال ابن المنذر في "الأوسط" 4/ 295: حديث ثابت، وقال الخطابي في "معالم السنن" حديث صحيح، وكذلك قال ابن الملقن في "البدر المنير" 5/ 95، وحسن إسناده الدارقطني (2203). =

1158 - حدثنا حمزةُ بنُ نُصيرِ، حدثنا ابنُ أبي مريمَ، حدثنا إبراهيمُ بنُ سُويد، أخبرني أُنيس بنُ أبي يحيى، أخبرني إسحاقُ بنُ سالمٍ مولى نوفلِ بنِ عدي أخبرني بكرُ بنُ مبشّر الأنصاريُّ، قال: كنتُ أغدو مع أصحابِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى المُصَلَّى يومَ الفِطر ويومَ الأضحى فنسلُك بطنَ بُطَحانَ حتًى نأتيَ المُصَلَّى فنُصلِّيَ مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ثم نَرْجِعَ مِن بطن بُطحانَ إلى بيوتنا (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1653)، والنسائي في "الكبرى" (1768) من طريقين عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشية، به. وهو في "مسند أحمد" (20579)، و"صحيح ابن حبان" (3456). قال الخطابي: وإلى هذا ذهب الأوزاعي وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وإسحاق في الرجل لا يعلم بيوم الفطر إلا بعد الزوال. وقال الشافعي: إن علموا بذلك قبل الزوال خرجوا وصلى الإمام بهم صلاة العيد، وإن لم يعلموا إلا بعد الزوال لم يصلوا يومهم ولا من الغد، لأنه عمل في وقت إذا جاز ذلك الوقت لم يعمل في غيره، وكذلك قال مالك وأبو ثور. قلت [القائل الخطابي]: سنة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أولى وحديث أبي عمير صحيح فالمصير إليه واجب. (¬1) إسناده حسن. إسحاق بن سالم مولى نوفل بن عدي، روى عنه أنيس بن أبي يحيي وأخوه محمد وابنُه عبد الرحمن بن إسحاق وعبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ومحمد بن خُوط الباهلي المدني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، فمثله يكون حسن الحديث إن شاء الله وبقية رجال الإسناد ثقات غير شيخ أبي داود حمزة بن نصير، فهو حسن الحديث في المتابعات، وقد توبع، ولهذا قال ابن السكن في"صحاحه": إسناده صالح، وصححه الحاكم. وعليه جزم أبو حاتم الرازي وابن حبان وابن عبد البر وابن السكن والذهبي وابن حجر بصحبة بكر بن مبشر الأنصاري، والله تعالى أعلم. وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 94، وأخرجه الحاكم 1/ 296، والبيهقي 3/ 309 من طريق أبي إسماعيل الترمذي (كلاهما البخاري وأبو إسماعيل) عن سعيد ابن أبي مريم، بهذا الإسناد.

255 - باب الصلاة بعد العيد

255 - باب الصلاة بعد العيد 1159 - حدثنا حفصُ بنُ عمر، حدثنا شعبةُ، حدثني عديُّ بن ثابت، عن سعيدبن جُبير عن ابن عباس، قال: خرجَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يومَ فطرٍ، فصلى ركعتين لم يُصل قبلَهما ولا بعدهما، ثم أتى النساءَ ومعه بلالٌ، فأمرهنَّ بالصدقةِ فجعلتِ المرأةُ تُلقي خُرْصَهَا وسِخَابَها (¬1). 256 - باب يصلي بالناس في المسجد إذا كان يومَ مطر 1160 - حدثنا هشام بنُ عمار، حدثنا الوليدُ (ح) وحدَثنا الربيعُ بن سليمان، حدثنا عبدُ الله بن يوسف، حدثنا الوَليدُ بنُ مسلم، حدثنا رجل من الفَرَويين - وسماه الربيعُ في حديثه: عيسى بن عبد الأعلى ابن أبي فروة - سمع أبا يحيى عُبيدَ الله التيميَّ يحدث ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (964) و (1431) و (5881) و (5883)، ومسلم بإثر الحديث (890)، وابن ماجه (1291)، والترمذي (545)، والنسائي في "الكبرى" (497) و (498) و (1805) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2533)، و"صحيح ابن حبان" (2818). الخُرص، قال ابن الأثير: بالضم والكسر: الحلقة الصغيرة من الحَلْي، وهو من حَلي الأذن. قال: والسِّخاب: خيط يُنظم فيه خرز ويلبسه الصبيان والجواري، وقيل: هو قلادة تتخذ من قرنفُل ومَحلَب وسُك ونحوه، وليس فيها من اللؤلؤ والجوهر شيء. وقال الخطابي: وفى الحديث من الفقه أن عطية المرأة البالغة وصدقتها بغير إذن زوجها جائزة ماضية، ولو كان ذلك مفتقراً إلى الأزواج لم يكن - صلَّى الله عليه وسلم - ليأمرهن بالصدقة قبل أن يسألن أزواجَهن الإذنَ لهن في ذلك.

257 - جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها

عن أبي هريرة أنه أصابهم مطر في يوم عيد، فصلى بهم النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - صلاةَ العيد في المسجد (¬1). 257 - جماع أبواب صلاة الاستسقاء وتفريعها 1161 - حدثنا أحمدُ بنُ محمد بنِ ثابت المروزيُ، حدثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الزهري، عن عباد بنِ تميم عن عمه: أن رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - خَرَجَ بالناسِ يَستَسْقي، فصلَّى بهم رَكعتَينِ جَهَرَ بالقراءَةِ فيهما، وحَوَّل رِداءَه، ورَفَعَ يديه فدعا واستسقى، واستقبلَ القبلة (¬2). 1162 - حدثنا ابنُ السرح وسليمانُ بنُ داود، قالا: أخبرنا ابنُ وهب، قال: أَخبرني ابنُ أبي ذئب، ويونسُ، عن ابنِ شهاب، قال: أخبرني عبادُ بنُ تميم المَازِني ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي يحيي عُبيد الله التيمي - وهو ابن عبد الله بن موهب - وجهالة عيسى بن عبد الأعلى بن أبي فروة. وأخرجه ابن ماجه (1313) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. وعم عبّاد: هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني صحابي شهير، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 171: أحسن الناس سياقة لهذا الحديث معمر عن الزهري. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (4889)، ومن طريقه أخرجه الترمذي (564). وأخرجه البخاري (1023)، والنسائي في "الكبرى" (1829) من طريق شعيب ابن أبي حمزة، عن ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه البخاري (1011) من طريق محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، و (6343) من طريق عمرو بن يحيى بن عمارة، كلاهما عن عباد بن تميم، به. وهو في "مسند أحمد" (16437). وانظر ما سيأتي بالأرقام (1162) و (1163) و (1164) و (1166) و (1167).

أنه سَمعَ عمه - وكان مِن أصحابِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: خَرَجَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يوماً يستسقي، فحوَّل إلى الناس ظهرَه يدعو الله عزَّ وجلَّ، قال سليمان بن داود: واستقبل القبلة، وحول رداءَه ثمَ صَلّى ركعتينِ، قال ابنُ أبي ذئب: وقرأ فيهما، زادَ ابنُ السرح: يريد الجهر (¬1). 1163 - حدثنا محمدُ بنُ عوف، قال: قرأتُ في كتاب عمرو بن الحارث - يعني الحمصي - عن عبدِ الله بن سالمٍ، عن الزبيدي عن محمد بن مسلم، بهذا الحديث بإسناده، لم يذكر الصلاةَ. وحوَّل رداءَه، فجعل عِطَافَه الأيمنَ على عاتقهِ الأيسرِ، وجعلِ عطافَه الأيْسَرَ على عاتِقه الأيمنِ، ثم دعا الله عز وجل (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزُّهري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلى، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة، وابن وهب: هو عبد الله، وسليمان بن داود: هو أبو الربيع المَهري، وابن السرح: هو أبو الطاهر أحمد ابن عمرو بن السرح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1823) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (894) من طريق عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد وحده، به. وأخرجه البخاري (1024) و (1025)، والنسائي (1825) و (1840) من طرق عن ابن أبي ذئب وحده، به. وهو في "مسند أحمد" (16436) و (16439). وانظر ما قبله، وما بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عمرو بن الحارث الحمصي، فقد روى عنه إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الزُّبَيدي المعروف بزبريق، ومولاته علوة، وقال محمد بن عوف هنا: قرأت في كتاب عمرو بن الحارث، لكن جاء عند المصنف فيما سيأتي برقم (1582) قوله [يعني أبا داود]: قرأتُ في كتاب عبد الله بن سالم بحمص عند آل عمرو بن الحارث الحمصي، فالكتاب على ذلك =

1164 - حدثنا قتيبةُ بنُ سعيد، حدثنا عبدُ العزيز، عن عُمارة بنِ غَزِيَّةَ، عن عبادِ بن تميم ¬

_ = لشيخه عبد الله بن سالم كان عند عمرو بن الحارث. وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: مستقيم الحديث. وقد توبع. وأخرجه البيهقي 3/ 350 من طريق أبي داود السِّجستاني، بهذا الإسناد. وأخرج البخاري بإثر (1027)، وابن ماجه بإثر (1267/ م) من طريق سفيان بن عيينة قال: فأخبرنى المسعودي، عن أبي بكر - وهو ابن محمد بن عمرو بن حزم - قال: جعل اليمين على الشمال. قال الحافظ في "الفتح" 2/ 515: هو متصل بالإسناد الأول، ثم قال: هو عن عباد بن تميم عن عمه. قلنا: مما يؤكد صحة كلام الحافظ ما رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 323 من طريق عبد الله بن رجاء، عن المسعودي، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عباد بن تميم، عن عمه قال: خرج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فاستسقى، فقلب رداءه. قال: قلت: جعل الأعلى على الأسفل والأسفل على الأعلى؟ قال: لا، بل جعل الأيسر على الأيمن والأيمن على الأيسر. وعبد الله بن رجاء ممن سمع من المسعودي - وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود - قبل اختلاطه. ويشهد لصحة هذه الرواية أيضاً ما أخرجه أحمد (16462) زيادة على الحديث الآتي عند المصنف بعده بعد قوله: فأراد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها، فلما ثقلت قلبها على عاتقه. فزاد: الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن. وإسناده قوي. وحديث أبي هريرة عند ابن ماجه (1268) وفيه: ثم قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن. وإسناده ضعيف. وقد زاد ابنُ إسحاق في روايته عن عبد الله بن أبي بكر، عن عباد بن تميم، عن عمه صفة أخرى في الثوب الذي لبسه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وهي أنه قلبه ظهراً لبطن. أخرجه أحمد (16465) بسند حسن، وقد صرح ابن إسحاق فيه بالسماع فانتفت شبهة تدليسه. فتحصل بذلك أنه - صلَّى الله عليه وسلم - قلب رداعه ظهراً لبطن ثم لبسه واضعاً الشمال على اليمين واليمين على الشمال، والله تعالى أعلم. وهو قول الإمام الشافعي في "الأم". وانظر ما بعده، وما سلف برقم (1161).

عن عبد الله بنَ زيد قال: استَسْقَى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وعليه خَمِيصَة له سُوداء, فأراد رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يأخذ بأسفلِها فيجعَلَه أعلاها، فلما ثقُلت قلَبها على عاتِقه (¬1). 1165 - حدثنا النُّفيليُّ وعثمانُ بنُ أبي شيبة، نحوه، قالا: حدثنا حاتِمُ بنُ إسماعيل، حدثنا هشامُ بن إسحاق بن عبد الله بن كِنانة، قال: أخبرني أبي، قال: أرسلني الوليدُ بنُ عتبة - قال عثمان: ابن عقبة - وكان أميرَ المدينةِ، إلى ابنِ عبَّاس أسأله عن صلاةِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في الاستسقاء, فقال: خَرَجَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مُتبذِّلاَ مُتَواضعاَ مُتضرعاً حتى أتى المُصلَّى - زاد عثمان: فَرَقي على المنبر، ثم اتفقا -: فلم يَخطُبْ خُطَبَكُم هذه، ولكن لم يَزَلْ في الدُّعاء والتضرُّع والتكبيرِ، ثم صَلَّى ركعتينِ كما يُصلَّى في العيدِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل عبد العزيز - وهو ابن محمد الدراوردي - فهو صدوق لا بأس به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1822) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد مختصراً يقوله: استسقى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وعليه خميصة سوداء. وهو في "مسند أحمد" (16462) وعنده زيادة: فثقلت عليه، فقلبها عليه: الأيمن على الأيسر، والأيسر على الأيمن. وانظر ما قبله، وما سلف برقم (1161). (¬2) إسناده حسن من أجل هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه ابن ماجه (1266)، والترمذي (566) و (567)، والنسائي في "الكبرى" (1820) و (1821) و (1839) من طريق هشام بن إسحاق، به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

258 - باب في أي وقت يحول رداءه

قال أبو داود: والإخبار للنفيلى، والصوابُ: ابن عُتبةَ. 258 - باب في أي وقت يُحول رداءه (¬1) 1166 - حدثنا عبدُ الله بن مسلمة، حدثنا سليمانُ - يعني ابنَ بلال - عن يحيى، عن أبي بكرِ بنِ محمد، عن عبادِ بنِ تميم أن عبدَ الله بنَ زيدٍ أخبره: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خرج إلى المُصَلَّى يستسقي، وأنه لما أرادَ أن يَدعُوَ استقبلَ القِبلَةَ، ثم حَوَّلَ رِدَاءَه (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (2039)، و"صحيح ابن حبان" (2862). قال ابن المنذر في"الأوسط": اختلف أهل العلم في عدد التكبير في صلاة الاستسقاء، فقالت طائفة: يصلي الركعتين كسائر الصلاة لا يكبر فيها تكبير العيد، هذا قول مالك بن أنس وأبي ثور وإسحاق ... وقالت طائفة: يكبر فيها كما يكبر في العيدين، هذا قول عمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب وأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم والشافعي، وروي ذلك عن مكحول وأبي الزناد، وقد روينا عن ابن عباس أنه سئل عن صلاة الاستسقاء فقال: سنة كسنة العيدين. تنبيه: جاء هذا الحديث في (أ) و (ب) و (ج) بعد الحديثين التاليين، وتركناه على الترتيب الذي جاء في (د). (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (د). (¬2) إسناده صحيح. أبو بكر بن محمد: هو ابن عمرو بن حزم، ويحيى: هو ابن سعيد بن قيس الأنصاري. وأخرجه البخاري (1028)، ومسلم (894)، وابن ماجه (1267/ م)، والنسائي في "الكبرى" (1835) من طريق يحيى بن سعيد الأنصارى، بهذا الإسناد. وزاد النسائي في روايته: فصلى ركعتين، وهي مثبتة في الروايات الأخرى كالرواية السالفة برقم (1161) و (1162). وأخرجه النسائي (1819) من طريق المسعودي، عن أبي بكر، به. وهو في "مسند أحمد" (16432) و (16448). وانظر ما سلف برقم (1161).

259 - باب رفع اليدين في الاستسقاء

1167 - حدثنا القعنبي، عن مالكِ، عن عبدِ الله بنِ أبي بكر أنه سَمعَ عبادَ ابن تميم يقولُ: سمِعتُ عبدَ الله بنَ زيدِ المازنى يقولُ: خَرَجَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى المُصلى، فاستسقَى، وحَوَّلَ رداءَه حين استقبل القبلةَ (¬1). 259 - باب رفع اليدين في الاستسقاء 1168 - حدثنا محمدُ بنُ سلمة المُراديُّ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، عن حيْوةَ وعُمرَ بنِ مالكٍ، عن ابنِ الهاد، عن محمد بنِ إبراهيم عن عُمَيرٍ مولى بني آبي اللحمِ: أنه رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يستسقي عندَ أحجارِ الزَّيتِ قريباً مِنَ الزورَاءِ قائماً يدعو يستسْقِي رافعاً يديهِ قِبَلَ وجهه، لا يُجاوِزُ بهما رأسَه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب، وعبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري. وهو في"الموطأ" 1/ 190، ومن طريقه أخرجه مسلم (894)، والنسائى في "الكبرى" (1828). وأخرجه البخارى (1005)، و (1012) و (1026) و (1027)، ومسلم (894)، وابن ماجه (1267)، والنسائي (504) و (1819) و (1826) من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن أبي بكر، به. وزاد في روايته: وصلى ركعتين. وهي مثبتة في رواية الزهري، عن عباد، وقد سلفت برقم (1161) و (1162). وهو في "مسند أحمد" (16434) و (16435). وانظر ما سلف برقم (1161). (¬2) إسناده صحيح. وقد صرح بسماعه من عمير مولى آبي اللحم لكن في رواية لم يصرِّح فيها باسمه ستأتي عند المصنف برقم (1172). وأخرجه أحمد (21944)، وابن حبان (878) و (879) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. =

1169 - حدَّثنا ابن أبي خلفِ، حدثنا محمد بن عبيدٍ، حدثنا مسعر، عن يزيدَ الفقيرِ عن جابر بنِ عبدِ الله، قال: أتتِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - بَوَادٍ (¬1) فقال: "اللَّهُمَّ ¬

_ = وانظر ما سيأتى برقم (1172). وأخرجه الترمذي (565)، والنسائي في "الكبرى" (1833) عن قتيبة بن سعيد، عن الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن يزيد بن عبد الله ابن الهاد، عن عمير مولى آبي اللحم، عن آبي اللحم. وسعيد بن أبي هلال أشار الإمام أحمد إلى اختلاطه، وقد وقع له في هذا الحديث وهم بإسقاط محمد بن إبراهيم التيمي بين يزيد بن عبد الله بن الهاد، وبين عمير. وخالف بذلك حيوة بن شريح وعمر ابن مالك - وهو الشَّرعبي - كما في رواية المصنف هذه، وهما ثقتان. ورواه عبد ربه ابن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي فيما سيأتى عند المصنف برقم (1172). وقال الترمذي: كذا قال قتيبة في هذا الحديث: عن آبي اللحم، ولا نعرف له عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إلا هذا الحديث. قلنا: قد أخرج هذا الحديث الحاكم 1/ 327 من طريق يحيى بن بُكير، و1/ 535 من طريق عبد الله بن عبد الحكم وشعيب بن الليث، ثلاثتهم عن الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن عمير. ليس فيه آبي اللحم. لكن وقع في "تلخيص" الذهبي في الموضعين زيادة: آبي اللحم! (¬1) هذا الحرف اختلفت فيه النسخ، فبعضها: بواد، يعني: أهل بادية، وبعضها: بواك، أي: نساء يبكين من القحط والجوع، وجاء على هامش بعضها: يواكيء: وهذا يعود إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وقال الخطابي معناه: التحامل على يديه إذا رفعهما ومدهما في الدعاء. وقوله: بواكي: جمع باكية، أي: نساء باكيات من القحط وقلة المطر. وقوله: مريعاً يروى على وجهين بالياء والباء، فمن رواه بالياء، جعله من المراعة وهو الخصب، يقال منه: أمرع المكان: إذا أخصب، ومن رواه مربعاً بالباء، كان معناه منبتاً للربيع.

اسقِنا غيثاً مُغيثاً مَرِيئاً مريعاً نافعاً غيرَ ضارٍّ، عاجلاً، غيرَ آجلٍ"، قال: فأطبقت عليهم السَّمَاءُ (¬1). 1170 - حدثنا نصرُ بنُ علي، أخبرنا يزيدُ بنُ زُرَيعِ، حدثنا سعيد، عن قتادةَ عن أنس: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان لا يرفعُ يديه في شيءٍ مِنَ الدُّعاء إلا في الاستسقاء، فإنه كان يرفعُ يديه حتى يُرى بياضُ إبطيه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد صححه أبو عوانة وابن خزيمة والحاكم وسكت عنه الذهبي، وصحح إسناده النووي كذلك في"الأذكار"، وقال ابن عبد البر: هو أحسن شيء روي في الدعاء في الاستسقاء مرفوعاً. قلنا: وقد أُعِلَّ بالإرسال، لكن ورود هذا الدعاء من طرق أخرى يقوي وصل الحديث، والله تعالى أعلم. يزيد الفقير: هو ابن صهيب، وإنما لقب بالفقير لأنه شكا فقار ظهره، ومسعر: هو ابن كِدَام، ومحمد بن عبيد: هو الطنافسي، وابن أبي خلف: هو محمد بن أحمد بن أبي خلف البغدادي. وأخرجه عبد بن حميد (1125)، وأبو عوانة (2527)، وابن خزيمة (1416)، وعبد الله بن أحمد بن حنبل في "العلل" (5530)، والطبراني في "الدعاء" (2197)، والحاكم 1/ 327، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 355، وفي "الدعوات الكبير" (479)، والخطيب في "تاريخه"1/ 336، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 433 من طرق عن محمد بن عبيد الطنافسي، بهذا الإسناد. وخالفَه أخوه يعلى بن عبيد عند أحمد في "العلل" (5531) فرواه عن مسعر، عن يزيد الفقير، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مرسلاً. ويشهد له حديث ابن عباس عند ابن ماجه (1270)، وهو - وإن اختُلف في وصله وإرساله - رجاله ثقات، ويعضد حديثنا. ويشهد له كذلك حديث كعب بن مرة عند ابن ماجه أيضاً (1269) ورجاله ثقات كذلك مع أن في إسناده انقطاعاً، ولكنه يصلح للشواهد. وانظر تمام تخريجهما هناك. (¬2) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عروبة. وأخرجه البخاري (1031) و (3565)، ومسلم (896)، وابن ماجه (1180)، والنسائي في "الكبرى" (1832) من طريق سعيد بن أبي عروبة، به. =

1171 - حدثنا الحسنُ بنُ محمد الزعفرانيُّ، حدثنا عفان، حدَّثنا حمادُ، أخبرنا ثابث عن أنس أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يستسقي هكذا، يعني ومدَّ يديه وجَعَل بُطونهما مما يلي الأرضَ، حتى رأيتُ بياضَ إبطيه (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1030) تعليقاً من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري وشريك ابن أبي نمر، عن أنس بن مالك. وأخرجه بنحوه مختصراً ومطولاً ضمن قصة استسقائه - صلَّى الله عليه وسلم - يوم الجمعة وهو يخطب برفع يديه بالدعاء دون ذكر الصلاة: البخاري (933) و (1029) تعليقاً و (1033) ومسلم (897)، والنسائي (1851) و (1852) من طرق عن أنس بن مالك. وأخرجه بذكر الدعاء دون ذكر رفع اليدين فيه ودون ذكر الصلاة: البخاري (1015 - 1019) و (1021) و (6093)، والنسائى (1818) و (1836) من طرق عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12019)، و"صحيح ابن حبان" (992) و (2863). وانظر ما بعده، وما سيأتى برقم (1174) و (1175). وقول أنس: إنه - صلَّى الله عليه وسلم - كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الاستسقاء. قال الحافظ: ظاهره نفي الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء، وهو معارض بالأحاديث الثابتة بالرفع في غير الاستسقاء وقد تقدم أنها كثيرة، وقد أفردها البخاري بترجمة في كتاب الدعوات 11/ 141، وساق فيها عدة أحاديث فذهب بعضهم إلى أن العمل بها أولى، وحمل حديث أنس على نفى رؤيته وذلك لا يستلزم نفي رؤية غيره. وذهب آخرون إلى تأويل حديث أنس بأن يحمل النفي على صفة مخصوصة إما الرفع البليغ فيدل عليه قوله: حتى يرى بياض إبطيه، ويؤيده أن غالب الأحاديث التى وردت في رفع اليدين في الدعاء إنما المراد به مد اليدين وبسطهما عند الدعاء، وكأنه عند الاستسقاء مع ذلك زاد فرفعهما إلى جهة وجهه حتى حاذتاه، وبه حينئذ يرى بياض إبطيه. (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البناني، وحماد: هو ابن سلمة، وعفان: هو ابن مسلم. =

1172 - حدثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدثنا شعبةُ، عن عبدِ ربِّه بن سعيد، عن محمدِ بنِ إبراهيم أخبرني مَنْ رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يدعو عند أحجارِ الزيتِ باسطاً كَفيهِ (¬1). 1173 - حدثنا هارونُ بنُ سعيد الأيلي، حدثنا خالدُ بنُ نزارٍ، قال: حدثني القاسمُ بنُ مبرورٍ، عن يونسَ، عن هشامِ بنِ عُروة، عن أبيه عن عائشة قالت: شَكَا الناسُ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قُحُوطَ المطر، فأمر بمنبر فوضع له في المُصلى، وَوَعَدَ الناسَ يوماً يخرجونَ فيه، قالت عائشةُ: فخرجَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حين بدا حَاجِبُ الشمسِ، فَقَعَدَ ¬

_ = وأخرجه مسلم (896) من طريق حماد بن سلمة، ومسلم أيضاً (895)، والنسائي في "الكبرى" (1440) من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن ثابت البناني، به. وهو في "مسند أحمد" (12903)، و"صحيح ابن حبان" (877). وانظر ما قبله، وما سيأتى برقم (1174). قال النووي: قال جماعة من العلماء: والسنة في كل دعاء لرفع بلاء كالقحط ونحوه أن يرفع يديه، ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله، جعل بطن كفيه إلى السماء، واحتجوا بهذا الحديث. (¬1) إسناده صحيح. وهذا الصحابي المبهم هو عمير مولى آبي اللحم، وقد سلف التصريح باسمه في الرواية (1168). شبة: هو ابن الحجاج، ومحمد بن إبراهيم: هو التيمي. وأخرجه أحمد (16413)، والبخاري في "رفع اليدين" (89)، وأبو القاسم البغوى في"الجعديات" (1636) و (1637)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثانى" (2931) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (1168). أحجار الزيت: قال ياقوت: موضع بالمدينة قريب من الزوراء، وهو موضع صلاة الاستسقاء.

على المنبر فكبر - صلَّى الله عليه وسلم - وحَمِدَ اللهَ عزَ وجل، ثم قال: "إنكم شَكَوْتُم جَدْبَ دِيارِكم، واستئخارَ المطرِ، عن إبَّانِ زَمَانِهِ عنكم، وقد أمركم الله عزَّ وجلَّ أن تدعوه، ووعدكم أن يَسْتَجِيبَ لكم" ثم قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} لا إله إلا الله يَفْعَلُ ما يُرِيدُ، اللهُم أنتَ الله لا إله إلا أنتَ الغني ونحنُ الفقراء، أنزل علينا الغَيثَ، واجْعَل ما أنزلتَ لنا قُوَّةً وبلاغاَ إلى خير" (¬1) ثم رَفَعَ يديه، فلم يزل في الرفعِ حتى بدا بياضُ إبطيه، ثم حوّل إلى الناسِ ظهَره، وقَلَبَ - أو حَوَّلَ - رداءَه وهو رافعٌ يديه، ثم أقبل على الناسِ، ونزلَ فَصَلَّى ركعتينِ، فأنشأ الله سحابةً فرعَدت وبَرَقَت، ثم أَمطرت بإذن الله، فلم يأتِ مسجدَه حتن سالت السيُولُ، فلما رأى سرعَتَهُمْ إلى الكِنِّ ضَحِكَ - صلَّى الله عليه وسلم - حتى بَدَتْ نواجذُه فقال: "أشهدُ أنَّ الله على كل شيء قدير، وأني عبدُ الله ورسوله" (¬2). قال أبو داود: وهذا حديث غريب إسناده جيد، أهلُ المدينة يقرؤون {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وإن هذا الحديث حجةٌ لهم (¬3). ¬

_ (¬1) في (ج) و (د) و (هـ): حين. (¬2) إسناده حسن من أجل القاسم بن مبرور وخالد بن نزار، فهما صدوقان حسنا الحديث. وأخرجه الطحاوي في "شرح معانى الآثار" 1/ 325، وابن حبان (991) و (2860)، والطبراني في "الدعاء" (2170 - 2174)، والحاكم 1/ 328، والبيهقي 3/ 349 من طريق خالد بن نزار، بهذا الإسناد. الكِن: بكسر الكاف وتشديد النون: ما يرد به الحر والبرد من المساكن. (¬3) قال ابن مجاهد في كتابه "السبعة" ص 104: اختلفوا في قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فقرأ عاصم والكسائي (مالِكِ يومِ الدين) بألف، وقرأ الباقون (مَلِكِ) بغير ألف.

1174 - حدثنا مُسَدَّد، حدثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن عبد العزيزِ بنِ صُهيب، عن أنس بنِ مالك ويونسَ بنِ عُبيد، عن ثابتٍ عَنْ أنسِ قال: أصابَ أهلَ المدينةِ قَحْطٌ على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فبينما هُوَ يَخْطُبُنا يومَ جُمعة إذ قامَ رَجُل فقال: يا رسولَ الله، هَلَكَ الكُرَاعُ، هَلَكَ الشَّاءُ، فادعُ الله أن يَسْقِيَنَا، فمد يديه ودعا، قال أنسٌ: وإن السَّماء لمثلُ الزجاجةِ، فهاجَتْ ريحٌ، ثم أنشأت سحابةً، ثم اجتمعت، ثم أرسَلَتِ السماءُ عَزَالِيَها، فخرجنا نخوضُ الماءَ حتى أتينا منازلنا، فلم يَزَلِ المطرُ إلى الجمعةِ الأخرى، فقامَ إليه ذلك الرجلُ، أو غيرُه، فقال: يا رسول الله، تهدَّمت البيوتُ، فادع الله أن يَحْبِسَه، فتبسم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ثم قال: "حَوَالَيْنَا ولا عَلَيْنَا" فنظرتُ إلى السحابِ يَتَصدَّع حَوْلَ المدينةِ كأنه إكلِيلٌ (¬1). 1175 - حدثنا عيسى بنُ حماد، أخبرنا الليثُ، عن سعيدٍ المقبري، عن شريكِ بنِ عبد الله بن أبي نَمِرٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابنْ أسلم البُنانى، ومُسدد: هو ابن مُسرهَد. وأخرجه البخاري (932) و (1021) و (3582)، ومسلم (897)، والنسائي في "الكبرى" (1835) من طريق ثابت بن أسلم البناني، به. لكن البخاري في الموضع الثاني والنسائي لم يذكرا رفع اليدين. وأخرجه البخاري (932) و (3582) من طريق عبد العزيز بن صهيب، به. وهو في "مسند أحمد" (13016) و (13700)، و"صحيح ابن حبان" (2858). وانظر ما سلف برقم (1170) و (1171). الكراع: بضم الكاف جماعة الخيل: وعزاليها: جمع عزلاء وزن حمراء: فم المزادة الأسفل الذي يفرغ منه الماء، والجمع العزالي، بفتح اللام وكسرها، وقوله: أرسلت السماء عزاليها: إشارة إلى شدة وقع المطر على التشبيه بنزوله من أفواه المزادات.

عن أنس؛ أنه سَمِعَه يقولُ؛ فذكر نحوَ حديثِ عبدِ العزيزِ، قال: فرفع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يديه بحذاءِ وجهه فَقَالَ: "اللهم اسقِنَا" وساق نحوَه (¬1). 1176 - حدثنا عبدُ الله بنُ مسلمة، عن مالك، عن يحيي بنِ سعيدٍ عن عمرو بنِ شُعيب: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (ح) وحدَّثنا سهلُ بنُ صالح، حدثنا علي بنُ قَادِم، حدثنا سفيانُ، عن يحيي ابنِ سعيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا استسقَى قال: "اللهمَّ اسقِ عِبادَك وبَهَائِمَكَ، وانشُر رَحمَتَكَ، وأحي بلَدك الميت" هذا لفظُ حديثِ مالك (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سعيد المقبُري: هو ابن أبي سعيد، والليث: هو ابن سعْد. وأخرجه البخاري (1013) و (1014) وتعليقاً (1030)، ومسلم (897)، والنسائي في "الكبرى" (1831) و (1518) من طريق شريك بن أبي نمر، به. وأخرجه بذكر الدعاء دون ذكر رفع اليدين: البخاري (1016) و (1017) و (1019)، والنسائي (1818) من طريق شريك بن أبي نمر، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (992) بذكر الرفع، و (2857) بذكر الدعاء دون الرفع. وانظر ما سلف برقم (1170). (¬2) إسناده حسن. علي بن قادم - وإن كان له عن سفيان الثوري أحاديث غير محفوظة - لم ينفرد برفعه، بل تابعه غير واحد عن يحيي بن سعيد كما قال ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 432 منهم حفص بن غياث وعبد الرحيم بن سليمان وسلام أبو المنذر، ثم أورد عن العقيلي بإسناده إلى حفص بن غياث، عن يحيي بن سعيد، ورجاله ثقات إلا أن شيخ العقيلي محمد بن يحيي العسكري وهو محمد بن يحيي بن سهل بن =

260 - باب صلاة الكسوف

260 - باب صلاة الكسوف 1177 - حدثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدثنا إسماعيلُ ابنُ عُليَّة، عن ابنِ جريج، عن عطاء عن عُبيد بنِ عُمير، أخبرني من أُصدِّقُ، وظننتُ أنه يريدُ عائشة، قالت: كُسِفَتِ الشمسُ على عهدِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقامَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قياماً شديداً: يقومُ بالناس، ثم يركعُ، ثم يقومُ، ثم يركعُ، ثم يقومُ، ثم يركعُ، فركع ركعتين: في كلِّ ركعةٍ ثلاثُ ركعاتٍ، يركعُ الثالثةَ ثم يسجد، حتى إن رجالاً يومئذ ليُغشى عليهم مما قامَ بهم، حتى إن سِجَالَ الماء لَتُصَبُّ عليهم يقول إذا ركع: اللهُ أكبرُ، وإذا رفع: سمع الله لمن حمده، حتى تجلّت الشمسُ، ثم قال: "إن الشمسَ والقمرَ ¬

_ = محمد بن الزبير قد أكثر عنه الطبراني، وروى عنه العقيلي هنا، فمثله لا ينحط عن رتبة الصدوق إن شاء الله. وأما متابعه عبد الرحيم بن سليمان، فأخرجها البيهقي 3/ 356 لكن في إسنادها سليمان بن داود المنقري الشاذكونى ضعيف. وأخرج المرسلَ أبو داود في "مراسيله" (69)، وهو في"موطأ مالك" 1/ 190 - 191. وأخرجه مرسلا كذلك عبد الرزاق (4912) عن معتمر بن سليمان التيمي، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب. وأخرج الموصول ابن أبي حاتم الرازي، عن أبيه في "العلل" 1/ 80 عن سهل بن صالح، بهذا الإسناد. وسأل ابنُ أبي حاتم أباه عن الموصول والمرسل، أيهما أصح؟ فصحح المرسل. وشهد له مرسل حبيب بن أبي ثابت عند ابن أبي شيبة 11/ 499 - 500 ورجاله ثقات.

لا ينكسِفَانِ لموتِ أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتانِ مِنْ آياتِ الله عز وجلَ يُخوّفُ بهما عباده، فإذا كُسِفا، فافزعُوا إلى الصَلاةِ (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكنه مُعَلٌّ؛ فقد خالف فيه عُبيدُ بن عُمير عمرةَ بنت عبد الرحمن وعروةَ بنَ الزبير، فقد رويا عن عائشة أنه - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى الكسوف أربعة ركوعات بأربع سجدات في ركعتين. وروايتهما عند مسلم (901) و (903) وبذلك أعله ابن عبد البر في"التمهيد" 3/ 307، وكذلك ابن القيم في "زاد المعاد" 1/ 453 وأعله ابن عبد البر أيضاً بعلة أخرى، وهي الاختلاف في رفعه ووقفه من طريق عبيد بن عمير على عائشة، بأن أبا داود الطيالسي قد رواه عن هشام الدستوائي عن قتادة، عن عطاء، عن عُبيد بن عمير عن عائشة قالت: صلاة الآيات ست ركعات وأربع سجدات، من قولها. وأعله الشافعي فيما نقله عنه البيهقي 3/ 328 بالانقطاع أيضاً، وقال البيهقي معلقاً: إنما أراد الشافعي بالمنقطع حديث عُبيد بن عُمير حيث قاله عن عائشة بالتوهم، ونقله عن البيهقي ابنُ القيم في "الزاد" 1/ 453 ووافقه عليه، قائلاً: فعطاء إنما أسنده عن عائشة بالظن والحُسبان، لا باليقين. قلنا: لكن جاء عند مسلم بإثر (902) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة من غير ظن، وهو أيضاً معلٌ بالاختلاف على قتادة في رفعه ووقفه كما بينه ابن عبد البر، وأعله ابن عبد البر أيضاً بأن سماع قتادة من عطاء غير صحيح عندهم. قلنا: ولم يصرح بسماعه منه في هذا الخبر. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية مضعفاً جميع الروايات التي تشير إلى صلاة الكسوف بهذه الهيئة في "مجموع الفتاوى" 18/ 73: وأما مسلم ففيه ألفاظ عرف أنها غلط ... وذكر منها: وأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى الكسوف بثلاث ركعات في كل ركعة، والصواب أنه لم يصل الكسوف إلا مرة واحدة. ومن أجل ذلك كله قال الحافظ في "الفتح" 2/ 532 بعد أن ذكر الروايات التي فيها زيادة على الركوعين في كل ركعة - ومنها خبر عائشة هذا -: ولا يخلو إسناد منها من علة، وقد أوضح ذلك البيهقي وابن عبد البر. ونقل الترمذي في "علله الكبير" 1/ 299 عن البخاري قوله: أصح الروايات عندي في صلاة الكسوف أربع ركعات في أربع سجدات وأخرجه مسلم بإثر (902) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. =

261 - باب من قال: أربع ركعات

261 - باب من قال: أربع ركعات 1178 - حدثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا يحيي، عن عبدِ الملك، حدَّثني عطاء عن جابر بنِ عبد الله، قال: كَسَفَتِ الشمسُ على عهدِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وكان ذلك اليوم الذي ماتَ فيه إبراهيمُ ابنُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال ¬

_ = وأخرجه كذلك بإثر (902) من طريق معاذ بن هشام الدستوائي، عن أبيه، عن قتادة، عن عطاء، به. وفي الباب عن جابر بن عبد الله سيأتي بعده، وهو عند مسلم (904). وهو مُعَلٌّ أيضاً. وعن ابن عباس عند الترمذي (568) وفى إسناده اضطراب ومخالفة كما سيأتي بيانه عند الحديث الآتي برقم (1183). وبالجملة فلا يصح في الكسوف أنه - صلَّى الله عليه وسلم - صلاها ستة ركوعات في أربع سجدات، والله تعالى أعلم. ومع ذلك فقد صحح بعض أهل العلم اعتماداً على بعض ما ذكرناه من الروايات أن تصلى بهذه الهيئة منهم الترمذي بإثر الحديث (568)، وحمل هذا الاختلاف على أن كل ذلك جائز على قدر الكسوف إن تطاول الكسوف، فصلى ست ركعات في أربع سجدات فهو جائز، وأن صلَّى أربع ركعات في أربع سجدات وأطال القراءة فهو جائز. وكذا ابن المنذر فقد قال في "الأوسط" 5/ 303 - 304 بعد أن ذكر الروايات كلها: ولا أعلم في شيء من الأخبار التي ذكرناها في عدد صلاة الكسوف علة إلا خبر علي (قلنا: يعني رواية الخمس ركوعات في كل ركعة) فإن في إسناده مقالاً، فأما سائر الأخبار فالعمل بها كلها جائز. ونقل هذا المذهبَ ابنُ القيم في "الزاد"1/ 455 عن إسحاق بن راهويه وابن خزيمة وأبي بكر بن إسحاق الضبعي وأبي سليمان الخطابي. ثم قال: والذي ذهب إليه البخاري والشافعي في ترجيح الأخبار أولى لما ذكرنا من رجوع الأخبار إلى حكاية صلاته - صلَّى الله عليه وسلم - يوم توفي ابنه. قلنا: يعنى أنه - صلَّى الله عليه وسلم - إنما صلاها مرة واحدة.

الناسُ: إنما كَسَفَت لِموت إبراهيم فقام النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فصلَّى بالناسِ ستَّ ركعاتٍ في أربعِ سجداتِ: كَبَّرَ، ثم قرأ فأطالَ القِراءة، ثم ركع نحواً مما قامَ، ثم رفع رأسَه فقرأ دُون القِراءَة الأولى، ثم رَكَعَ نحواً مما قامَ، ثم رفع رأسه فَقَرأ القراءَة الثالثة دون القراءَةِ الثانية، ثم رَكَعَ نحواَ مما قام، ثم رَفَعَ رأسه، فانحدَر لِلسجود فسجد سجدتينِ، ثم قام فركع ثلاثَ ركعات قبل أن يسجُدَ، ليس فيها ركعة إلا التي قَبلَهَا أطولَ مِن التي بعدَها؛ إلا أن رُكُوعَه نحواَ مِن قيامه؛ قال: ثمَّ تأخَّرَ في صلاته؛ فتأخَّرت الصُفوفُ معه؛ ثم تقدم فقام في مقامه وتقدمت الصفوفُ؛ فَقَضَى الصلاة وقد طلعتِ الشَمْس، فقال: "يا أيها الناسُ إن الشمسَ والقَمَرَ آيتانِ مِن آيات الله عز وجل لا ينكسِفَانِ لموتِ بشرٍ، فإذا رأيتُم شيئاَ مِن ذلك فَصَلُّوا حتى تنجلي" وساق بقيةَ الحديثِ (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات لكنه معلٌّ، عبدُ الملك - وهو ابنُ أبي سُليمان وإن كان ثقة وحديثه هذا في "صحيح مسلم" - قد خالفه في روايته هشام الدستوائي، عن أبي الزبير، عن جابر عند مسلم أيضاً، وستأتي روايته عند المصنف في الحديث التالي، فقال فيه: أربعة ركوعات في أربع سجدات. ولهذا قال الشافعي: هذا وجهٌ نراه - والله أعلم - غلطاً، قال البيهقي معلقا على كلام الشافعي: أراد بالغلط حديث عبد الملك بن أبي سليمان، فإن ابن جريج خالفه فرواه عن عطاء، عن عبيد بن عمير، وقال أحمد بن حنبل: أقضي لابن جريج على عبد الملك في حديث عطاء. وقال ابن القيم في "زاد المعاد" 1/ 454: فوجدنا رواية هشام أولى، يعني أن في كل ركعة ركوعين فقط، لكونه مع أبي الزبير أحفظ من عبد الملك، ولموافقة روايته في عدد الركوع رواية عمرة وعروة عن عائشة، ورواية كثير بن عباس وعطاء بن يسار عن ابن عباس، ورواية أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو، ثم رواية يحيى بن سليم وغيره. ثم أعله أيضاً بما أعله به البيهقي. =

1179 - حدثنا مُؤَمَّلُ بنُ هشامِ، حدثنا إسماعيلُ، عن هشامٍ، حدَّثنا أبو الزبيرِ عن جابرٍ، قال: كَسَفَتِ الشمسُ على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في يومِ شديدِ الحر، فصلى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بأصحابه، فأطالَ القيامَ حتى جعلوا يَخِرُّون، ثم ركع، فأطال، ثم رفع، فأطالَ، ثم ركع فأطال، ثم رفعَ فأطال، ثم سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثم قامَ فصنعَ نحواَ مِن ذلك، فكانَ أربعَ ركعاتِ وأربعَ سَجَداتٍ، وساق الحديثَ (¬1). 1180 - حدَّثنا ابنُ السَّرْح، حدثنا ابنُ وهب. وحدثنا محمدُ بنُ سلمة المراديُ، حدثنا ابنُ وهب، عن يونَس، عن ابنِ شهَاب، أخبرني عروةُ بنُ الزبير عن عائشة زوج النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قالت: خَسَفَتِ الشمسُ في حياةِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فخرجَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى المسجدِ، فقام فكبرَ وصَفَّ ¬

_ = وقد سلف في الحديث الذي قبله تضعيف شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع فتاواه" 18/ 73 لروايات مسلم في صلاة الكسوف بهذه الهيئة، وعدها من الأغلاط، وكذلك كلام الحافظ في "الفتح" 2/ 532 حيث قال: لا يخلو إسناد منها من علة. عطاء: هو ابن أبي رباح، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه مسلم (904) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، به. وهو في "مسند أحمد" (14417)، و"صحيح ابن حبان" (2843) و (2844) وإطلاق الصحة على إسناد هذا الحديث تسمُّح. وانظر ما بعده، وما قبله. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن أبا الزبير - وهو محمد بن مسلم ابن تدرس المكي - لم يصرح بسماعه من جابر. وأخرجه مسلم (954)، والنسائي في "الكبرى" (1876) من طريق هشام الدستوائى، به. وهو في "مسند أحمد" (15018). وكنا قد تسمحنا هناك فعددنا رواية عطاء السالفة قبله متابعة لأبي الزبير. وانظر ما قبله.

الناسُ وراءَه، فاقترأ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قراءَةً طويلةً، ثم كَبرَ، فركع ركوعاً طويلاً، ثم رَفَعَ رأسَه، فقال: "سَمِعَ الله لمن حمده، ربنا ولَكَ الحَمْدُ" ثم قام فاقترأ قِراءةَ طويلةً هي أدنى مِن القراءَة الأُولى، ثم كبَّر فَرَكَعَ ركوعاً طَوِيلاً هو أدنى مِن الركوعِ الأوَلِ، ثم قال: "سمع الله لمن حَمِدَه، ربنا ولَكَ الحمدُ" ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، فاسْتكْمَلَ أربعَ ركعاتٍ وأربعَ سجداتٍ، وانجلت الشمسُ قبل أن يَنْصَرِفَ (¬1). 1181 - حدثنا أحمدُ بنُ صالح، حدثنا عنبسةُ، حدثنا يونُس، عن ابنِ شهاب، قال: كان كَثِيرُ بنُ عباس يحدِّثُ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابنُ شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله، وابنُ السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله. وأخرجه البخاري (1046) و (1047) و (1058) و (1065) و (1066) و (1212) و (3203)، ومسلم (901)، وابن ماجه (1263)، والترمذي (569)، والنسائي في "الكبرى" (1860) و (1861) و (1870) و (1871) و (1892) و (1897) من طريق ابن شهاب الزهري، والبخاري (1044) و (1058)، ومسلم (901)، والنسائي (1872) و (1900) من طريق هشام بن عروة بن الزبير، كلاهما عن عروة، به. وأخرجه البخاري (1050) و (1056) و (1064)، ومسلم (903)، والنسائي (1873) و (1874) و (1875) و (1899) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، والنسائي (1879) من طريق أبي حفصة مولى عائشة، كلاهما عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24045)، و"صحح ابن حبان" (2840) و (2841) و (2845). وسيأتي الحديث من طريق هشام بن عروة، عن أبيه برقم (1187) ولم يسقه بتمامه.

أن عبدَ الله بنَ عباس كان يُحدَّثُ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صَلَّى في كسوفِ الشمسِ، مثلَ حديثِ عُروة عن عائشة، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنه صَلَّى ركعتينِ في كُل ركعة ركعتين (¬1). 1182 - حدَّثنا أحمدُ بنُ الفراتِ بنُ خالد أبو مسعود الرازي. أخبرنا محمدُ ابنُ عبدِ الله بن أبي جعفر الرازي، عن أبيه، عن أبي جعفرٍ الرازي. قال أبو داود: وحُدِّثتُ، عن عُمَرَ بنِ شقيق، حدَثنا أبو جعفر الرازي، وهذا لفظه وهو أتمُّ، عن الربيع بنِ أنسٍ، عن أبي العَالِيَةِ عن أُبي بنِ كَعْبِ، قال: انكسَفَتِ الشمسُ على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وإن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى بهم، فقرأ بسورةِ من الطُّوَلِ، ورَكَع خمَس ركعاتٍ، وسَجَدَ سجدتين، ثم قام الثانيةَ، فقرأ سورةً من الطُّوَلِ، ¬

_ (¬1) حديث صحيح. عنبسة - وهو ابن خالد بن يزيد الأيلي - روى له البخاري هذا الحديث مقروناً (1046)، وقد تابعه غير واحد أيضاً. يونس: هو ابن يزيد الأيلي. وأخرجه البخاري (1046) من طريق عنبسة، عن يونس بن يزيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1046) من طريق عُقيل بن خالد الأيلي، ومسلم (902)، والنسائى في "الكبرى" (1865) من طريق عبد الرحمن بن نمر، ومسلم (902) من طريق محمد بن الوليد الزُّبيدي، والنسائي (512) و (1865) من طريق الأوزاعي، أربعتهم عن ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (24571)، و"صحيح ابن حبان" (2831) و (2839). وأخرجه بنحوه البخاري (1052) و (5197)، ومسلم (907)، والنسائي (1891) من طريق مالك بن أنس، ومسلم (907) من طريق حفص بن ميسرة، كلاهما عن زيد ابن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس. وهو في "مسند أحمد" (2711)، و"صحيح ابن حبان" (2832)، و (2853). وانظر ما سيأتى برقم (1183) و (1189).

ورَكَع خمسَ ركعاتِ وسجد سجدتَينِ ثم جلس كما هو مُستقبلَ القِبلة يدعو حتى انجلى كُسُوفُها (¬1). 1183 - حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يحيي، عن سُفيانَ، حدثنا حبيبُ بنُ أبي ثابتِ، عن طاووس عن ابنِ عباسٍ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: أنه صَلي في كُسُوفِ: فقرأ، ثم رَكَعَ، ثم قرأ، ثم ركع، ثم قرأ، ثم ركع، ثم قرأ، ثم ركعَ، ثم سَجَدَ، والأخرى مثلُها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف أبي جعفر الرازي - وهو عيسى بن ماهان - وقد ضعف هذا الحديث ابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 307، والبيهقي 3/ 329، وابن القيم في "زاد المعاد" 1/ 455، والحافظ في"فتح الباري" 2/ 532: وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك " 1/ 333: خبر منكر. وأخرجه عبد الله بن أحمد ني زياداته على "المسند" لأبيه (21225)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "المختارة" للضياء المقدسي 349/ 3، والطبرايى في "الدعاء" (2237)، وفي "الأوسط" (5919)، وابن عدي في ترجمة عمر بن شقيق من "الكامل"، والحاكم 1/ 333، والبيهقي 3/ 329، والضياء المقدسي في "المختارة" (1141) من طريق أي جعفر الرازى، بهذا الإسناد. وفي الباب عن علي بن أي طالب عند البزار (628) و (639)، وابن المنذر في "الاوسط" 5/ 302. وني إسناده عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وهو ضعيف، ولهذا قال ابن المنذر: في إسناده مقال. (¬2) رجاله ثقات لكنه معل، فقد اختُلف فيه عن طاووس - وهو ابن كيسان اليماني في إسناده ومتنه، فرواه عنه حبيب بن أبي ثابت، واضطرب حبيب في متنه: فمرة يرويه يذكر فيه: أربعة ركوعات في كل ركعة، كما عند المصنف هنا، ومرة يرويه يذكر فيه ثلاثة ركوعات في كل ركعة كما أخرجه الترمذي (568). وخالف حبيباً سليمانُ الأحول حيث رواه عن طاووس عن ابن عباس موقوفاً عليه من فعله، واضطرب سليمان أيضاً في متنه، فمرة يحكي فيه عن ابن عباس أنه صلَّى =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الكسوف ستة ركوعات في كل ركعة، ومرة يحكي عنه أنه صلاها أربعة ركوعات في كل ركعة. ولهذا قال ابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 306: حديث طاووس هذا مضطرب ضعيف، رواه وكيع، عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت، عن طاووس، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مرسلاً، ورواه غير الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس - لم يذكر طاووساً، ووقفه ابن عيينة عن سليمان الأحول، عن طاووس، عن ابن عباس فعله، ولم يرفعه، وهذا الاضطراب يوجب طرحه، واختُلف أيضاً في متنه، فقوم يقولون: أربع ركعات في ركعة، وقوم يقولون: ثلاث ركعات في ركعة، ولا يقوم بهذا الاختلاف حجة. وقد ضعَّف هذا الحديثَ أيضاً ابنُ حبان بإثر الحديث (2854) 7/ 98 - 99، والبيهقي 3/ 327 بأن حبيب بن أبي ثابت مدلس وقد عنعن، حتى جزم ابنُ حبان بأن حبيباً لم يسمع هذا الخبر من طاووس، ثم أعله البيهقي بالاختلاف في الرفع والوقف بين حبيب وسليمان الأحول وبالاختلاف في العدد كذلك كالذي ذكرناه آنفاً، وأقره ابنُ القيم في "زاد المعاد" 1/ 455. وما أعله. به ابن حبان والبيهقي من أن حبيباً مدلس وقد عنعنه غير متجه هنا، وذلك أنه إذا كان علي بن المديني ويحيى بن معين في رواية الدوري قد ثبتا سماع حبيب من ابن عباس مباشرة، فلا شك حينئذ أنه إذ ذكر بينه وبينه واسطة وهو طاووس أن احتمال التدليس - إن صح وصف حبيب به - بعيد جداً، والله تعالى أعلم. سفيان: هو الثوري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، ومسدد: هو ابن مُسرهَد. وأخرجه مسلم (908)، والنسائي في "الكبرى" (1863) من طريق إسماعيل ابن علية، ومسلم (909)، والنسائى (1864) عن محمد بن المثنى - وقرن به مسلم أبا بكر بن خلاد - عن يحيى القطان، كلاهما (ابنُ علية ويحيى القطان)، عن سفيان الثوري، به. وهو في "مسند أحمد" (1975) و (3236). وأخرجه الترمذي (568) عن محمد بن بشار، عن يحيى القطان، بهذا الإسناد. غير أنه ذكر ركوع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ثلاث مرات كل ركعة. ثم قال: حديث حسن صحيح. وأخرجه الشافعي في "مسنده" 1/ 167، وابنُ المنذر في "الأوسط" 5/ 301، والبيهقي 3/ 327 من طريق سفيان بن عيينة، عن سليمان الأحول، عن طاووس، عن =

1184 - حدثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زهير، حدثنا الأسود بنُ قيسِ، حدثني ثعلبةُ بنُ عِبَادِ العبدي - مِن أهلِ البصرةِ - أنه شَهِدَ خطبة يوماً لِسَمُرَةَ بن جُندب قال: قال سَمُرَةُ: بينما أنا وغلام مِن الأنصار نرمي غَرَضَيْنِ لنا حتى إذا كانت الشمسُ قِيْدَ رمحينِ أو ثلاثة في عينِ الناظر مِن الأفق اسودَّت حتَى آضَتْ كأنها تنُّومَةٌ، فقال أحَدُنَا لِصاحبه: انطلق بنا إلى المسجد، فوالله ليُحْدِثنَّ شأنُ هذه الشمس لِرسول اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - في أُمته حدثاً، قال: فدفعنا، فإذا هُوَ بارِزٌ، فاسْتَقْدَمَ فصلَّى، فقامَ بنَا كأطولِ ما قامَ بنا في صلاةِ قَط، لا نسْمَعُ له صوتاً، قال: ثم ركع بنا كأطولِ ما ركع بنا في صلاة قَط، لا نسمَعُ له صوتاً، ثم سجد بنا كأطولِ ما سَجَدَ بنا في صلاةِ قَط، لا نَسْمَعُ له صوتاً. ثم فَعَلَ في الركعةِ الأُخرى مثلَ ذلك، قال: فوافق تجلِّي الشمسِ جلوسه في الركعةِ الثانية، قال: ثُمَّ سَلَّمَ، ¬

_ = ابن عباس أنه صلَّى في صفة زمزم ست ركعات في أربع سجدات، هكذا رواه موقوفاً عليه من فعله. وخالف ابنَ عيينة ابنُ جريج، فرواه عبد الرزاق (4934)، وابن أبي شيبة 2/ 468، وابن المنذر 5/ 302 قال: أخبرني سليمان الأحول أن طاووساً أخبره أن ابن عباس وكسفت الشمس فصلى على ظهر صفة زمزم ركعتين في كل ركعة أربع ركعات، فخالفه في عدد الركوعات. وأخرج عبد الرزاق (4935) عن الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت أنه صلَّى لكسوف الشمس فقرأ ثم ركع أربع ركعات في كل سجدة إلا أنه لما رفع رأسه من الركوع قرأ ثم سجد. فخالف حبيب هنا بفعله روايتَه بزيادة القراءة بعد الركوع الأخير وقبل السجود، ولم يروِ ذلك عن طاووسِ عن ابن عباس. والصحيح عن ابن عباس ما سلف عند المصنف برقم (1181) أنه - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى الكسوف أربعة ركوعات في كل ركعة.

ثم قام فَحَمِدَ الله، وأثنى عليه، وشهد أن لا إله إلا الله، وشهد أنه عبلُه ورسولُه، ثم ساق أحمد بنُ يونس خُطبةَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 1185 - حدثنا موسى بنُ إسماعيل، حدثنا وُهَيبُ، حدثنا أيوبُ، عن أبي قلابه عن قَبيصَةَ الهِلالي، قال: كَسَفَتِ الشمسُ على عهدِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فخرج فزعاً يَجُرُّ ثوبَه وأنا معه يومئذ بالمدينةِ، فصلَّى ركعتينِ فأطال فيهما القيامَ، ثم انصرف وانجلتْ، فقالَ: "إنما هذه الآيات يُخوِّفُ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة ثعلبة بن عِبَاد العبدي. زهير: هو ابن معاوية، وأحمد ابن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس، معروف بالنسبة إلى جده. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1882) من طريق زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً ابن ماجه (1264)، والترمذي (570)، والنسائي (1895) من طريق الأسود بن قيس، به. قال: صلَّى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كسوف فلم نسمع له صوتاً. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح! وقد ذهب بعضُ أهل العلم الى هذا، وهو قول الشافعي. وهو في "مسند أحمد" مطولاً (20178)، و"صحيح ابن حبان" (2852) و (2856). ويشهد لصلاة الكسوف ركعتين كسائر الصلاة حديث أبي بكرة عند البخاري (1040) بلفظ: كنا عند رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فانكسفت الشمس، فقام النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يجر رداءه حتى دخل المسجد، فدخلنا، فصلى بنا ركعتين حتى انجلت الشمس. وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند عبد الرزاق (4938)، وأحمد (6868) , وابن خزيمة (1393)، وابن المنذر في "الأوسط" 5/ 299، والحاكم 1/ 329، والبيهقي 3/ 324، وسيأتى عند المصنف برقم (1194). قوله: آضت، قال في"النهاية": أي: رجعت وصارت. وتنُّومة: قال: هي نوع من نبات الأرض فيها وفي ثمرها سواد قليل.

الله عز وجل بها، فإذا رأيتُموها فَصَلُّوا كأحدثِ صلاةٍ صليتموها مِن المكتوبة" (¬1). 1186 - حدثنا أحمدُ بنُ إبراهيمَ، حدثنا ريحانُ بنُ سعيد، حدثنا عبّادُ بنُ منصور، عن أيوبَ، عن أبي قلابة، عن هلالِ بنِ عامر أن قَبِيصةَ الهلاليَ حدَّثه أن الشمسَ كَسَفَتْ، بمعنى حديثِ موسى، قال: حتى بَدَتِ النُجُومُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، فإن أبا قلابة - وهو عبد الله بن زيد الجرمي - كان كثير الإرسال، ولم يصرح هنا بسماعه من قبيصة بن مخارق، وذكر البيهقي في "السنن" 3/ 334 أنه لم يسمعه منه، إنما رواه عن رجل عنه، وهذا الرجل هو هلال بن عامر - وقيل: عمرو - البصري كما سيأتي عند المصنف بعده، وهو لا يُعرف، وروي الحديث أيضاً من طريق أيوب وغيره عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير كما سيأتي عند المصنف برقم (1193) وأبو قلابة لم يسمع من النعمان أيضاً فيما قاله يحيى بن معين وغيره، فهذا يفيد أن في الحديث اضطراباً أيضاً. وقد أشار إلى ضعف هذا الحديث البخاريُّ فيما حكاه عنه الترمذي في "علله الكبير"1/ 299 - 300. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1884) من طريق عُبيد الله بن الوازع، عن أيوب، به. وأخرجه بنحوه النسائي (1885) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن قبيصة. وفي إسناد هذا الحديث - إضافة إلى ما سلف - قتادة عن أبي قلابة. وقد قال يحيى بن معين: لم يسمع منه. وجاء عنده أنه - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى ركعتين ركعتين حتى انجلت. وهذا يخالف رواية المصنف هنا أنه صلَّى ركعتين فقط وأطال فيهما القيام. وانظر تمام تخريجه وبيان الاختلاف فيه في "مسند أحمد" (20607)، وفيما سيأتي برقم (1193). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده ضعيف كسابقه. وعباد بن منصور ضعيف أيضاً، وهذا الرجل الذي زيد في الإسناد - وهو هلال بن عامر - وقيل: ابن عمرو - لا يعرف كما قال الذهبي في "الميزان". =

262 - باب القراءة في صلاة الكسوف

262 - باب القراءَة في صلاة الكسوف 1187 - حدثنا عُبَيدُ الله بنُ سعد، حدثنا عَمي، حدثنا أبي، عن محمد بنِ إسحاق، حدثني هشامُ بنُ عروة. وعبدُ الله بن أبي سلمة، عن سليمانَ بنِ يسار، كلهم قد حدثني عن عُروة عن عائشة قالت: كَسَفَت الشمسُ على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فخرجَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فَصَلَّى بالناسِ، فَقَامَ فَحزَرْتُ قِرَاءَته، فرأيتُ أنه قرأ بسورة البقرة، وساقَ الحديثَ، ثم سَجَدَ سجدتينِ، ثم قام، فأطال القراءَة فحزرت قراءَته، فرأيتُ أنه قرأ بسورة آل عمران (¬1). ¬

_ = وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/ (958)، والبيهقي 3/ 334، والمزي في ترجمة هلال بن عامر من "تهذيب الكمال" 30/ 341 - 342 من طريق عباد بن منصور، والطبراني 18/ (957)، والمزي 30/ 341 من طريق أنيس بن سوار الجرمي، كلاهما عن أيوب، عن أبي قلابه، عن هلال بن عامر، أن قبيصة حدثه. أنيس بن سوار روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات". وانظر ما قبله، (¬1) إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالسماع فانتفت شُبهةُ تدليسه. عُبيد الله بن سعد: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وعمه هو يعقوب. وأخرجه الحاكم 1/ 333 - 334، والبيهقي 3/ 335 من طريق عُبيد الله بن سعد، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. قلنا: دلالة هذا الحديث على الإسرار بصلاة الكسوف بمفهوم قول عائشة: فَحَزَرتُ قراءته، فرأيت أنه قرأ بسورة البقرة ... ، لأن هذا يفهم منه أنها لم تسمع النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وهذا يعني أنه أسرَّ. لكن جاء عن عائشة بإسناد أصح من هذا، وهو الحديث الآتي عند المصنف بعد هذا الحديث صرحت فيه عائشة بجهره - صلَّى الله عليه وسلم -، فيقدم ما صرحت فيه لأمرين: الأمر الأول: أنه أصح إسناداً، والأمر الثاني: أن ما صرحت فيه بالجهر =

1188 - حدثنا العباسُ بنُ الوليد بنِ مَزيدِ، أخبرني أبي، حدثنا الأوزاعيُّ، أخبرنى الزهري، أخبرنى عروةُ بنُ الزبير عن عائشة أن رَسُولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قرأ قراءة طويلة فجهَرَ بها، يعني في صلاةِ الكُسوف (¬1). ¬

_ = يقدم على ما لم تصرح فيه، لأنه كما يقول الحافظ في "الفتح" 2/ 550: مثبت الجهر معه قدر زائد، فالأخذ به أولى. وقد ذكر الحافظ في"الفتح" أن ممن يقول بالجهر في صلاة الكسوف صاحبي أبي حنيفة وأحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهما من محدثى الشافعية، وابن العربي من المالكية. وذكر ابن المنذر في "الأوسط" 5/ 296 - 297 أن علي بن أبي طالب جهر بالقراءة، وفعل ذلك عبد الله بن يزيد الخطمي وبحضرته البراء بن عازب وزيد بن أرقم. قلنا: ومن أدلة من يقول بالإسرار في صلاة الكسوف حديث ابن عباس الذي أخرجه البخاري (1052)، ومسلم (907)، وسيأتى عند المصنف برقم (1189) حيث قال فيه ابن عباس: صلَّى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - والناس معه، فقام قياماً طويلاً بنحو من سورة البقرة، فقد قال الشافعي ومالك: لو كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - جهر بالقراءة لخبر بالذي قرأ، ولم يقدر ذلك بغيره. نقله عنهما ابنُ المنذر في"الأوسط" 5/ 297. ونقل ابن المنذر في الرد عليهما أن عائشة تخبر أنه جهر بالقراءة، فإن قبول خبرها أولى، لأنها في معنى شاهد، فقبول شهادتها يجب، والذي لم يحك الجهر في معنى نافي، وليس بشاهد، وقد يجوز أن يكون ابن عباس من الصفوف بحيث لم يسمع قراءة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقدر ذلك بغيره، وتكون عائشة سمعت الجهر فأدت ما سمعت. قلنا: وممن ذهب إلى الإسرار وترك الجهر غير مالك والشافعي: أبو حنيفة، نقله عنه محمد بن الحسن الشيباني في "الأصل" 1/ 445، وخالفه هو وأبو يوسف فقالا بالجهر لورود ذلك عن علي بن أي طالب. (¬1) إسناده صحيح. وما أعله به ابنُ عبد البر في "التمهيد" 3/ 311 من أن راويه عن الزهري سفيان بن حسين وعبد الرحمن بن نمر وسليمان بن كثير، وكلهم لين الحديث عن الزهري، فمنقوض بمتابعة الأوزاعي عند المصنف هنا. قال الحافظ في "الفتح" =

1189 - حدثنا القعنبي، عن مالك، عن زيدِ بنِ أسلَم، عن عطاء بن يسارِ عن ابن عباس: قال: خَسَفَتِ الشمسُ فصلَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - والناسُ معه، فقام قياماً طويلاً بنحو من سورة البقرة ثم ركع، وساقَ الحديثَ (¬1). ¬

_ = 2/ 550: لو لم يرد في ذلك إلا رواية الأوزاعي لكانت كافية، قلنا: وقال البخاري: حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - جهر بالقراءة في صلاة الكسوف أصح عندي من حديث سمرة: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أسر القراءة فيها. وتعليل ابن أبى داود فيما نقله عنه الدارقطني بإثر الحديث (1790) بأن هذه سنة تفرد بها أهل المدينة الجهر، وكذلك إعلال البيهقي 3/ 336 بأن الزهري ينفرد بهذا الحديث، فتعليل لا ينتهض، لأن مثل الزهري إذا انفرد بحديث لا يسعُ ردّه البتة إن لم يخالف حديثه حديثا أعلى منه، ويكفي إخراج البخاري ومسلم لحديثه هذا، فما بالك وقد عرفت أن ما استدل به من يقول بالإسرار مستفاد من دلالة المفهوم كما بيناه عند الحديث السالف قبله، وحديث عائشة صريح في الجهر، والنص الصريح مقدم على المفهوم عند علماء الأصول، إضافة إلى أن قول عائشة مثبت والمثبت مقدم على النافي إن كلان النافي صريحاَ، فكيف به وهو مفهوم؟! وأخرجه البخاري (1065)، ومسلم (901)، والنسائى في "الكبرى" (1892) من طريق عبد الرحمن بن نمر، والترمذي (571) من طريق سفيان بن حسين، كلاهما عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (24473)، و"صحيح ابن حبان" (2849) و (2850). وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. القعبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قَعنَب. وهو في "موطأ مالك" 1/ 186، ومن طريقه أخرجه البخاري (1052) و (5197)، ومسلم (907)، والنسائي في "الكبرى" (1891)، وأخرجه مسلم (907) من طريق حفص بن ميسرة، كلاهما (مالك وحفص) عن زيد بن أسلم. وهو في "مسند أحمد" (2711)، و"صحيح ابن حبان" (2832) و (2853). وانظر ما سلف برقم (1181).

263 - باب ينادي فبها بالصلاة

263 - باب ينادي فبها بالصلاة 1190 - حدثنا عمرُو بنُ عثمانَ، حدثنا الوليدُ، حدثنا عبدُالرحمن بنُ نِمر، أنه سَأَلَ الزهري، فقال الزهري: أخبرني عُرْوَةُ عن عائشة، قالت: كَسَفَتِ الشمسُ، فأمَرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - رجلاً، فَنَادى: أن الصلاةَ جامعةٌ (¬1). 264 - باب الصدقة فيها 1191 - حدثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن هشام بنِ عُروة، عن عروة عن عائشة، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الشَمسُ والقَمَرُ لا يَخْسِفَانِ لموتِ أحدٍ، ولا لِحياتِه، فإذا رأيتُم ذلك فادعوا الله عز وجل، وكَبِّروا وتَصَدَّقُوا" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عمرو بن عثمان: هو ابن سعيد بن كثير الحمصي، والوليد: هو ابن مسلم. وأخرجه البخارى (1066)، ومسلم (901)، والنسائي في "الكبرى" (1897) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (506) من طريق الأوزاعي، عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (24670)، و"صحيح ابن حبان" (2842). (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قَعنب. وهو في "موطأ مالك" 1/ 186. وأخرجه البخاري (1044)، ومسبم (901)، والنسائي في "الكبرى" (1872) و (1900) من طرق عن هشام بن عروة، به. وهو في "مسند أحمد" (25312)، و"صحيح ابن حبان" (2845) و (2846).

265 - باب العتق فيها

265 - باب العتق فيها 1192 - حدثنا زهير بنُ حرب، حدثنا معاويةُ بنُ عميرو، حدثنا زائدةُ، عن هشامِ، عن فاطِمَة عن أسماء، قالت: كان النبيّ - صلَّى الله عليه وسلم - يأْمُرُ بالعَتَاقةِ في صَلاة الكُسُوفِ (¬1). 266 - باب من قال: يركع ركعتين 1193 - حدثنا أحمدُ بنُ أبي شُعيب الحراني، حدّثني الحارثُ بن عُمير البصريُّ، عن أيوبَ السِّختياني، عن أبي قِلابةَ عن النعمانِ بنِ بشيرٍ، قال: كسَفَتِ الشمسُ على عَهْدِ رسولِ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم -، فَجَعَلَ يُصلي ركعَتْينِ، ركعَتين، ويسأل عنها، حتى انجَلَت (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. معاوية بن عمرو: هو ابن المُهلب الأزدي، وهشام: هو ابن عروة بن الزبير بن العوام، وفاطمة: هي بنت المنذر، وهي امرأة هشام، وأسماء: هي بنت أبي بكر الصديق. وأخرجه البخاري (1054) و (2519) و (2520) من طريقين عن هشام بن عروة، به. وهو في "مسند أحمد" (26923)، و"صحيح ابن حبان" (2855). (¬2) إسناده ضعيف لاضطرابه كما سيأتى بيانه وقد أشار البخاري إلى ضعف هذا الحديث فيما حكاه عنه الترمذي في"علله الكبير" 1/ 299 - 300 ثم إن أبا قلابة - وهو عبد الله بن زيد الجرمي - لم يسمع من النعمان. وفيه أيضاً اختلاف في متنه كما سيأتي بيانه. وأخرجه أحمد (18365) عن عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب السختاني، به. بلفظ: فكان يصلي ركعتين ويَسأل، ويصلي ركعتين ويَسأل، حتى انجلت ... وهذا يوضح رواية المصنف، وأنه - صلَّى الله عليه وسلم - ما زال يصلي ركعتين ركعتين حتى انجلت الشمس، ولم يقتصر على ركعتين وحسب، وهذا يخالف رواية وهيب عن أيوب، عن أبي قلابة، عن قبيصة الهلالي التي جاء فيها: أنه صلَّى ركعتين فقط وأطال فيهما القيام.

1194 - حدثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدثنا حماد، عن عطاء بنِ السائبِ، عن أبيه عن عبدِ الله بنِ عمرو، قال: انكَسَفت الشمسُ على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقامَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يَكَد يَرْكَعُ ثم رَكَعَ، فلم يَكَدْ يَرْفَعُ ثم رَفَع، فلم يَكَد يَسجُدُ ثم سَجَدَ، فلم يَكَد يرفع، ثم رَفَعَ، فلم يَكَدْ يسجُدُ، ثم سجد، فلم يَكَدْ يرفعُ، ثم رَفَعَ، وفَعَلَ في الركعةِ الأُخرى مثلَ ذلك، ثم نَفَخَ في آخرِ سجودِه، فقال: "أُفْ أُفْ"، ثم قال: "ربِّ، ألم تَعِدْني أن لا تُعذِّبَهُم وأنا فيهم؟ ألم تَعِدني ألا تُعذبَهُمْ وهم ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1262)، والنسائي في "الكبرى" (1883) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن النعمان، بلفظ: فلم يزل يصلي حتى انجلت. زاد النسائي في آخره قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة". وذكر خالداً الحذاء بدل أيوب السختيانى. وأخرجه أحمد (18351) من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل، عن النعمان. بلفظ رواية عبد الوهاب الثقفي السالف ذكرها قريباً عند أحمد أيضاً. وأخرجه النسائي (1886) من طريق قتادة، عن أبي قلابة، عن النعمان. بلفظ: "إذا انخسفت الشمس والقمر فصلوا كأحدث صلاة صليتموها". وأخرجه أيضاً (1887) من طريق عاصم الأحول، عن أبي قلابة، عن النعمان. بلفظ: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى حين انكسفت الشمس مثل صلاتنا، يركع ويسجد. وأخرجه كذلك (1888) من طريق قتادة، عن الحسن، عن النعمان. بلفظ: فصلى حتى انجلت. وقد أخرج البيهقي الحديث من هذا الطريق 3/ 333 - 334 ثم قال: هذا أشبه أن يكون محفوظاً. قلنا: نقل العلائي في "جامع التحصيل" عن علي ابن المديني أن الحسن لم يسمع من النعمان. وانظر تمام الاختلاف فيه برقم (1185).

يستغفِرُون"؟ ففرغ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مِن صلاتهِ وقد أمحَصَتِ الشمسُ، وسَاقَ الحديثَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. عطاء بن السائب - وإن كان قد اختلط - رواية حماد بن سلمة عنه قبل الاختلاط وقد تابع حماداً شعبة وسفيان الثوري. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (4938)، وأحمد (6868)، والبزار (2395)، وابن خزيمة (1393)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"1/ 329، والحاكم 1/ 329، والبيهقى 3/ 324 من طريق سفيان الثوري، والنسائي في "الكبرى" (1880) من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد، وأحمد (6517)، والنسائي (1896) من طريق شعبة بن الحجاج، والترمذي في"الشمائل" (317)، وابن خزيمة (1389) و (1392)، وابن حبان (2838) من طريق جرير بن عبد الحميد، والطحاوي 1/ 329 والبيهقي3/ 252 من طريق حماد بن سلمة، والطحاوي 1/ 329 من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، وأحمد (6483) عن محمد بن فضيل، سبعتهم عن عطاء بن السائب، به. ورواية بعضهم مختصرة. وأخرجه البزار (2444) من طريق عبد الصمد، عن شعبة، وأحمد (7080) من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن السائب بن مالك [هو والد عطاء] عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه صلَّى في كسوف الشمس ركعتين. وقال البزار: هذا الحديث قد رواه عطاء بن السائب عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو فذكرناه من حديث أبي إسحاق عن السائب، عن عبد الله بن عمرو، لأنا لا نعلم أن أحداً أسنده عن شعبة إلا عبد الصمد. وغير عبد الصمد يرويه عن أبي إسحاق عن السائب مرسلاً. قلنا: وأبو بكر بن عياش يضطرب في حديثه عن أبي إسحاق كما نقله الخطيب عن أحمد بن حنبل. وانظر كلام البخارى في "تاريخه الكبير" 4/ 154 فقد أشار إلى علة هذا الخبر. وأخرجه البزار (2395)، وابن خزيمة (1393)، والحاكم 1/ 329 ,والبيهقي 3/ 324 من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان الثوري، عن يعلى بن عطاء العامري، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ومؤمل سيئ الحفظ. ولهذا قال البزار: هذا الحديث معروف من حديث عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو. =

1195 - حدثنا مُسَدد، حدثنا بِشرُ بنُ المُفَضَلِ، حدثنا الجُريريُّ، عن حَيان ابن عمير عن عبدِ الرحمن بنِ سَمُرَةَ، قال: بينما أنا أترمَّى بأسْهُمٍ في حياةِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذ كسَفَتِ الشمْسُ، فنبذتهنَّ وقلت: لأنظرنَّ ما أحدثَ لِرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كسوفُ الشَمسِ اليوم، فانتهيتُ إليه وهو رافع يديه، يُسبِّح ويَحمَدُ ويهلِّلُ ويدعو، حتى حُسِرَ عن الشمس، فقرأ بسورتين، ورَكَعَ ركعتين (¬1). ¬

_ = وأما حديث يعلى بن عطاء فلا نعلم رواه إلا مؤمل عن الثوري فجمعهما، والجمع بين الشيوخ أسلوب يتخذه الذي يسوء حفظه شكا في الذي حدثه لا أنه سمع الكلَّ كما بينه الحافظ ابن رجب في "شرح العلل". وجاء حديث الباب في البخاري (1051)، ومسلم (910) عن عبد الله بن عمرو ابن العاص أنه قال: لما كسفت الشمس على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نوديَ: إن الصلاة جامعة، فركع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ركعتين في سجدة، ثم قام فركع ركعتين في سجدة، ثم جلس، ثم جُلِّيَ عن الشمس. وانظر حديث عائشة السالف برقم (1180)، وحديث ابن عباس برقم (1181). قلنا: وقد ثبت أن صلاة الكسوف ركعتان كالركعات المعتادة من حديث سمرة بن جندب عند أحمد في "مسنده" (20178)، ومن حديث أي بكرة عند البخاري (1040)، ومن حديث قبيصة عند أحمد (20607)، ومن حديث النعمان بن بشير عند المصنف (1193)، ومن حديث محمود بن لبيد عند أحمد (23629)، ومن حديث عبد الرحمن بن سمرة عند مسلم (913) وانظر "نصب الراية" 2/ 227 - 230. وقد استدل بهذه الأحاديث أبو خنيفة وموافقوه وسفيان الثوري بأن صلاة الكسوف مثل الصلوات المعهودة ليس فيها إلا ركوعان في ركعتين انظر "اختلاف العلماء" 1/ 380 - 382. (¬1) إسناده صحيح. الجُريري - وهو سعيد بن إياس - سماع بشر بن المفضل منه قبل اختلاطه. مُسَدَّد: هو ابن مُسَرْهد. =

267 - باب الصلاة عند الظلمة ونحوها

267 - باب الصلاة عند الظلمة ونحوها 1196 - حدثنا محمدُ بنُ عمرو بنِ جبلة بنِ أبي روَّاد، حدثني حَرَميُّ بنُ عُمارة، عن عُبيدِ الله بن النضر حدثني أبي، قال: كانت ظُلْمَة على عهدِ أنسِ بنِ مالكٍ، قال: فأتيتُ أنساً، فقلت: يا أبا حمزة, هل كان يُصيبكم مثلُ هذا على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ قال: مَعَاذ الله، إن كانت الريحُ لتشتدُّ فَنُبادِرَ المسجد مخافة القيامة (¬1). 268 - باب السجود عند الآيات 1197 - حدثنا محمد بن عثمان بنِ أبي صَفوَانَ الثقفيُّ، حدثنا يحيى بن كثير، حدثنا سلمُ بنُ جعفر، عن الحكم بن أبان ¬

_ = وأخرجه مسلم (913)، والنسائي في "الكبرى" (1854) من طريقين عن سعيد ابن إياس الجُريري، به. وهو في "مسند أحمد" (20617)، و"صحيح ابن حبان " (2848). (¬1) النضر بن عبد الله بن مطر القيسي روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في"الثقات" فهو مجهول الحال، وفي"الكاشف": ثقة، ولعلها حرفت عن: وُثِّق. وأخرجه الحاكم 1/ 334، والبيهقي في "السنن" 3/ 342، وفي "شعب الايمان" (965)، والضياء المقدسي في"المختارة" (2705) من طريق عُبيد الله بن النضر بن عبد الله بن مطر القيسي، به. وأخرجه البخاري (1034)، وابن حبان (664) من طريق حميد الطويل، عن أنس بن مالك: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا هبت الريح عُرف ذلك في وجهه. وفي الباب عن أبي هريرة عند الطبراني في"الدعاء" (979) قال: بينا نحن نسير مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بين الأبواء والجحفة، إذا غشيتنا رياح وظلمة، فجعل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يتعوذ بأعوذ برب الفلق، وأعوذ برب الناس، ويقول: "يا أبا هريرة، تعوذ بهما فما تعوذ متعوِّذ بمثلهما"، ثم سمعته يؤم بهما في الصلاة. وإسناده حسن.

عن عِكرمة، قال: قيل لابنِ عباسِ: ماتت فلانةُ، بعضُ أزواج النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فخرَّ ساجِداً، فقيل له: تَسجُدُ هذه الساعةَ؟ فقال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتم آيةَ، فاسجُدوا" وأيُ آيةٍ أعظمُ مِن ذهابِ أزواجِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -؟ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 158، والترمذي (4229)، والبيهقي 3/ 343، والبغوي (1156)، والمزي في ترجمة سَلم بن جعفر من "تهذيب الكمال" 11/ 215 و 216 من طريق الحكم بن أبان، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. قال المناوي في "فيض القدير" 1/ 359: "إذا رأيتم آية" علامة تبدو بنزول بلاء ومحنة وانقشاع سحب الرحمة، ومنه انقراض الأنبياء وأزواجهم الآخذات عنهم، إذ هن ذوات البركة الناقلات لنا عنهم بواطن الشريعة ما لا يظهر عليه الرجال فبحياتهن يندفع العذاب عن الناس، "فاسجدوا" لله التجاء إليه ولياذاً به في دفع ما عساه يحصل منه العذاب عند انقطاع بركتهن. فالسجود لدفع الخلل الحاصل ... وأزواجه ضممن شرف الزوجية إلى شرف الصحبة، فهن أحق بهذا المعنى من غيرهن، وزوال الأمنة توجب الخوف. ذكره القاض، ومنه أخذ السجود للآيات.

تفريغ أبواب صلاة السفر

تفريغ أبواب صلاة السفر 269 - باب صلاة المسافر 1198 - حدثنا القَعنَبي، عن مالك، عن صالح بن كَيسانَ، عن عُروة بن الزبير عن عائشة قالت: فُرِضَتِ الصلاةُ رَكعتينِ ركعتينِ في الحَضَر والسَّفر؛ فأُقِرَّت صلاةُ السَّفر، وزِيدَ في صلاةِ الحَضَر (¬1). 1199 - حدثنا أحمدُ بن حنبل ومُسدَّد، قالا: حدثنا يحيى، عن ابن جُرَيج (ح) وحدَثنا خُشَيش - يعني ابن أصرَم - , حدثنا عبدُ الرزاق، عن ابن جُرَيج، حدثني عبدُ الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار، عن عبد الله بن بابَيْه، عن يَعلى ابن أميَّة قال: قلتُ لعمرَ بن الخطاب: أرأيتَ إقصارَ الناسِ الصلاةَ، وإنما قال الله عز وجل: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] فقد ذهب ذلك ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "الموطأ" 1/ 146، ومن طريقه أخرجه البخاري (350)، ومسلم (685) (1)، والنسائي في "المجتبى" (455). وأخرجه البخاري (1090) و (3935)، ومسلم (685) (2) و (3)، والنسائي في "الكبرى" (313) من طريق الزهري، عن عروة، به. وهو في "مسند أحمد" (26338)، و"صحيح ابن حبان" (2736). قال العلماء: إن الصلواتِ الخمسَ فُرِضَت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم زيدت عقب الهجرة إلا الصبح، فقد روى ابن خزيمة (305)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4260)، وابن حبان (2738)، والبيهقي 1/ 263 من طريق الشعبي عن مسروق، عن عائشة قالت: فرضت صلاة السفر والحضر ركعتين، فلما أقام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالمدينة، زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الفجر لطول القراءة وصلاة المغرب لأنها وتر النهار. ثم بعد أن استقر فرضُ الرباعية خفف منها في السفر عند نزول الآية {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101].

اليوم، فقال: عجبتُ ممَا عجبتَ منه، فذكرتُ ذلك لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "صدَقَة تصدَقَ الله عز وجل بها عليكم، فاقْبَلُوا صدقَتَه" (¬1). 1200 - حدثنا أحمدُ بن حنبل، حدثنا عبدُ الرزاق ومحمدُ بن بكر، قالا: أخبرنا ابنُ جُرَيج، قال: سمعتُ عبد الله بن أبي عمار يُحدّث، فذكره (¬2). قال أبو داود: رواه أبو عاصم وحماد بنُ مسعدة كما رواه ابن بكر. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (4275)، ومن طريقه أخرجه الترمذي (3283). وأخرجه مسلم (686) من طريق يحيي بن سعيد القطان، ومسلم (686)، وابن ماجه (1065)، والنسائي في "الكبرى" (1904) من طريق عبد الله بن إدريس، ثلاثتهم عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (174)، و"صحيح ابن حبان" (2739) من طريق عبد الله ابن إدريس. وقد اختلف أهل العلم: هل القصر واجب، أم رخصة والتمام أفضل؟ فذهب إلى الأول الحنفية وروي عن علي وعمر ونسبه النووي إلى كثير من أهل العلم. قال الخطابي في "معالم السنن" 1/ 260: كان أكثر مذاهب علماء السلف، وفقهاء الأمصار على أن القصر هو الواجب في السفر، وهو قول عمر وعلي وابن عمر وجابر وابن عباس، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز والحسن وقتادة، وقال حماد بن أبي سليمان: يُعيد من صلَّى في السفر أربعاً، وقال مالك بن أنس: يعيد ما دام في الوقت. (¬2) إسناده صحيح كسابقه، لكن قوله في السند: عبد الله بن أبي عمار خطأ، صوابه: عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن أبي عمار كما في الرواية السالفة، تال المزي في ترجمة عبد الله بن أبي عمار من "التهذيب": روى عن عبد الله بن بابيه، عن يعلى ابن أمية عن عمر في قصر الصلاة في السفر، وروى عنه عبدالملك بن جريج، قاله محمد بن بكر عن ابن جريج، وتابعه حماد بن مسعدة وعبد الرزاق وأبو عاصم النبيل عن ابن جريج، وقال غير واحد: عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار، وهو المحفوظ.

270 - باب متى يقصر المسافر؟

270 - باب متى يقصر المسافر؟ 1201 - حدثنا ابن بشَار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن يحيي ابن يزيد الهُنائي، قال: سألتُ أنس بن مالك، عن قَصْرِ الصلاة، فقال أنس: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا خرج مسيرةَ ثلاثةِ أميالٍ أو ثلاثة فراسِخَ - شعبة شك - يُصلي ركعتين (¬1). 1202 - حدثنا زُهير بن حرب، حدثنا ابن عُيَينة، عن محمد بن المنكدر وإبراهيم بن مَيسرة سمعا أنس بن مالك يقول: صليتُ مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - الظهرَ بالمدينة أربعاً، والعصرَ بذي الحُلَيفة رَكعتين (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل يحيى بن يزيد الهنائي، فهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه مسلم (691) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12313)، و"صحيح ابن حبان" (2745). واختلف العلماء في مقدار المسافة التي يقصر فيها الصلاة، فقد ذهب الشافعي ومالك والليث والأوزاعي وفقهاء أصحاب الحديث وغيرهم إلى أنه لا يجوز إلا في مسيرة مرحلتين، وقال أبو حنيفة والكوفيون: لا يقصر في أقل من ثلاث مراحل، وقال البخاري في "صحيحه" في تقصير الصلاة: باب في كم يقصر الصلاة، وسمى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يوماً وليلة سفراً، وكان ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم يقصران ويفطران في أربعة بُرد وهي ستة عشر فرسخاً (قلنا: والفرسخ ثلاثة أميال، أي: ما يعادل (80 كم). وانظر "الأوسط" 4/ 346 - 351 لابن المنذر، "وفتح الباري" 2/ 566 - 568. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (690) (11)، والترمذي (554)، والنسائي في "الكبرى" (351) من طريق سفيان بن عيينة، والبخاري (1089) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن محمد بن المنكدر وإبراهيم، بهذا الإسناد.

271 - باب الأذان في السفر

271 - باب الأذان في السَّفر 1203 - حدثنا هارونُ بنُ معروف، حدثنا ابنُ وهب، عن عمرو بن الحارث، أن أبا عُشَانة المَعَافري حدَّثه عن عُقبة بن عامر، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "يَعجبُ ربُّك عزّ وجلّ من راعي غنم في رأسِ (¬1) شَظيةٍ بجبل يُؤذِّن للصلاة ويُصلِّي، فيقول الله عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يُؤذن ويقيم للصلاة، يخاف منِّي، قد غفرتُ لعبدي، وأدخلتُه الجنَّة" (¬2). 272 - باب المسافر يصلِّي وهو يشك في الوقت 1204 - حدثنا مُسدَّد، حدثنا أبو معاوية، عن المسحاج بن موسى، قال: ¬

_ = وسيأتي برقم (1773) من طريق محمد بن المنكدر وحده بأطول مما هنا. وهو في "مسند أحمد" (12079)، و"صحيح ابن حبان" (2748). وأخرجه بنحوه البخاري (1551)، ومسلم (690) (10)، والنسائي (340) من طريق أبي قلابة، عن أنس. (¬1) في (أ): وسط. (¬2) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وأبو عُشَّانة: هو حي بن يُومن. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1642) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17443)، و"صحيح ابن حبان" (1660). قوله: "شظيه" بفتح الشين وكسر الظاء المعجمتين وتشديد المثناة التحتية، قال في "النهاية": قطعة مرتفعة في رأس الجبل. وقوله: "يعجب ربك": قال الفراء في"معاني القرآن" 2/ 384: والعجب وإن أسند إلى الله، فليس معناه كمعناه من العباد، ألا ترى أنه قال: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: 79] وليس السخري من الله كمعناه من العباد، وكذلك قوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 15]، ليس ذلك من الله كمعناه من العباد. وانظر "زاد المسير" 7/ 50.

قلتُ لأنس بن مالك: حدثْنا ما سمعتَ من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: كنَا إذا كنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في السفر، فقلنا: زالتِ الشمس أو لم تزلْ صلَّى الظُّهر ثم ارتحل (¬1). 1205 - حدثنا مُسدَّدٌ، حدثنا يحيى، عن شعبةَ، حدثني حمزة العائدي رجل من بني ضَبَّة، قال: سمعتُ أنس بن مالك يقول: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا نزل منزلاً لم يرتحِل حتى يُصلّي الظُّهرَ، فقال له رجل: وإن كان بنصفِ النهار؟ قال: وإن كان بنصف النهار (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. المسحاج بن موسى - وهو الضبي - روى عنه جمع ووثقه ابن معين وأبو داود، وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال ابن المبارك: من مسحاج حتى نقبل منه؟! وقال ابن حبان تبعاً له: لا يجوز الاحتجاج به بعد أن أورد له هذا الحديث في "المجروحين". قلنا: قد فهم ابن المبارك من هذا الحديث أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى الظهر قبل الزوال وقبل الوقت. والصواب أن هذا الحديث محمول على التعجيل بالصلاة حال السفر، وهذا خلاف عادته - صلَّى الله عليه وسلم - في الحضر، فقد كان يبرد بالظهر، وليس المقصود أنه كان يصليها قبل الزوال أوكان يصليها وهو شاك بدخول وقتها، فعلى ذلك لا وجه لاستنكار الحديث وتضعيف الراوي بسببه. وقال صاحب "عون المعبود" 4/ 51 تعليقاً على قوله: زالت الشمس أو لم تزل، أي: لم يتيقن أنس وغيره بزوال الشمس ولا بعدمه، وأما النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فكان أعرف الناس للأوقات، فلا يُصلي الظهر إلا بعد الزوال. وأخرجه أحمد (12111)، وابن حبان في "المجروحين" 3/ 32 من طريق مسحاج بن موسى الضبي، عن أنس. وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان.

273 - باب الجمع بين الصلاتين

273 - باب الجمع بين الصلاتين 1206 - حدثنا القَعنَبيُّ، عن مالك، عن أبي الزبير المكي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن معاذ بن جبل أخبرهم أنهم خرجُوا مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في غزوة تَبُوكَ، فكان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بين الظهرِ والعصرِ والمغربِ والعشاء, فأخَّرَ الصلاةَ يوماً، ثم خرج فصلَّى الظهر والعصر جميعاً، ثم دخل، ثم خرج فصلَّى المغربَ والعشاء جميعاً (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1496) من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12204)، وصححه ابن خزيمة (975). وقوله: وإن كان بنصف النهار. قال السندي: متعلق بما يفهم من السوق من التعجيل، أي: يعجل ولا يبالي بها وإن كانت بنصف النهار، والمراد قرب النصف، إذ لا بد من الزوال، والله تعالى أعلم بالحال. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 143 - 144، ومن طريقه أخرجه مسلم بإثر الحديث (2281/ 10)، والنسائي في "الكبرى" (1576)، وأخرجه مسلم (706) من طريق زهير وقرة بن خالد، وابن ماجه (1070) من طريق سفيان الثوري، أربعتهم (مالك وزهير وقرة والثوري) عن أبي الزبير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22070)، و"صحيح ابن حبان" (1595). وسيأتى بنحوه برقمي (1208) و (1220). قال الإمام الخطابي في "معالم السنن" 1/ 262 - 263: في هذا بيان أن الجمع بين الصلاتين في غير يوم عرفة وغير المزدلفة جائز، وفيه أن الجمع بين الصلاتين لمن كان نازلاً في السفر غير سائر جائز. وقد اختلف الناس في الجمع بين الصلاتين في غير يوم عرفة بعرفة وبالمزدلفة فقال قوم: لا يجمع بين صلاتين، ويُصلي كل واحدة منهما في وقتها، يروى ذلك عن =

1207 - حدثنا سليمانُ بنُ داود العتكي، حدثنا حماد، حدثنا أيوبُ، عن نافع أن ابن عمر استُصرِخَ على صَفيَّة وهو بمكةَ، فسار حتى غَرَبتِ الشمسُ وبَدَتِ النجومُ، فقال: إن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا عَجِلَ به أمر في سفر جمع بين هاتينِ الصَلاتين، فسار حتى غاب الشَّفق، فنزل فجمع بينهما (¬1). ¬

_ = إبراهيم النخعي، وحكاه عن أصحاب عبد الله بن مسعود، وكان الحسن ومكحول يكرهان الجمع في السفر بين الصلاتين. وقال أصحابُ الرأي: إذا جمع بين الصلاتين في السفر، أخر الظهر إلى آخر وقتها، وعجل العصر في أول وقتها، ولا يجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، ورووا عن سعد بن أبي وقاص: أنه كان يجمع بينهما كذلك. وقال كثير من أهل العلم: يجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما، إن شاء قدَّم العصر، وإن شاء أخر الظهر على ظاهر الأخبار المروية في هذا الباب، هذا قول ابن عباس وعطاء بن أبي رباح، وسالم بن عبد الله وطاووس ومجاهد، وبه قال من الفقهاء الشافعي وإسحاق بن راهويه، وقال أحمد بن حنبل: إن فعل لم يكن به بأس. (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه مسلم (703)، والترمذي (563)، والنسائي في "الكبرى" (1581) و (1585) من طرق عن نافع، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (5120)، و"صحيح ابن حبان" (1455). وسيأتي بنحوه برقم (1213)، من طريق ابن جابر عن نافع، وبرقم (1212) من طريق نافع وعبد الله ابن واقد، وبرقم (1217) من طريق عبد الله بن دينار، جميعهم عن ابن عمر. وأخرجه البخاري (1091) و (1092) و (1106)، ومسلم (703) (44) و (45)، والنسائي (1577) من طريق سالم، والبخاري (1805) من طريق أسلم، والنسائي (1583) من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي جميعهم عن ابن عمر بنحوه، وعند بعضهم مطول. قوله: "استصرخ على صفية" قال في"النهاية": استصرخ الإنسان وبه: إذا أتاه الصارخ وهو المصوِّت يعلمه بأمر حادث يستعين به عليه، أو ينعى له ميتاً. والاستصراخ: الاستغاثة. وصفية: هي بنت أبي عُبيد زوجة ابن عمر.

1208 - حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن مَوهَب الرَملي الهَمداني، حدثنا المفضل بن فَضَالة والليث بن سعد، عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير، عن أبي الطُّفيل عن معاذ بن جبل: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان في غزوة تبوك إذا زاغتِ الشمسُ قبل أن يرتحِلَ جمعَ بين الظهر والعصر، وإن يَرْتَحِلْ قبل أن تزيغَ الشمسُ، أخّرَ الظهر حتى يَنْزِلَ للعصر، وفي المغرب مثلَ ذلك: إن غابت الشمسُ قبل أن يرتحِلَ جمع بين المغرب والعشاء، وإن يرتحل قبل أن تغيبَ الشمس أخرَ المغربَ حتى يَنْزِلَ للعشاء، ثم جمع بينهما (¬1). قال أبو داود: رواه هشام بنُ عُروة، عن حُسين بن عبد الله، عن كُريب، عن ابن عباس، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2)، نحو حديث المفضل والليث. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، هشام بن سعد لين الحديث. وقال الحافظ في "الفتح" 2/ 583 قد خالف هشاماً الحفاظ من أصحاب أبي الزبير كمالك والثوري وقرة وغيرهم (تقدمت هذه الرواية برقم 1206) فلم يذكروا في روايتهم جمع التقديم. وأخرجه الدارقطني (1462) و (1463)، والبيهقي 3/ 162 عن يزيد بن خالد الرملي، بهذا الإسناد. وانظر ما سيأتي برقم (1220). وفي الباب عن أنس، وقد بسطنا الكلام عليه في "مسند أحمد" عند الحديث (13584) وعن ابن عباس وذكرناه كذلك في الموضع ذاته. (¬2) أخرجه من هذا الطريق الطبراني في "الكبير" (11525). وهو في "مسند أحمد" برقم (3480) من طريق ابن جريج عن حسين بن عبد الله، وانظر تمام تخريجه هناك. وإسناده ضعيف لضعف حسين بن عبد الله: وهو ابن عبيد الله بن عباس، وانظر تحقيق القول في حديث ابن عباس هذا في التعليق على حديث أنس في "المسند" برقم (13584).

1209 - حدثنا قُتيبة، حدثنا عبدُ الله بن نافع، عن أبي مودود، عن سليمان ابن أبي يحيي عن ابن عُمَرَ، قال: ما جمع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بين المغربِ والعشاء قط في السفر إلا مرةً (¬1). قال أبو داود: وهذا يُروى عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر موقوفاً على ابن عمر: أنه لم يُرَ ابنُ عمر جمع بينهما قطُّ إلا تلك الليلة، يعني ليلةَ استُصْرِخَ على صَفية، ورُوِيَ من حديث مكحول عن نافع أنه رأى ابنَ عمر فعلَ ذلك مرةً أو مرتين. 1210 - حدثنا القَعنَبيُّ، عن مالك، عن أبي الزبير المكي، عن سعيد بن جُبير عن عبد الله بن عباس، قال: صلَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الظهر والعصر جميعاً، والمغربَ والعشاء جميعاً، في غير خَوْفٍ ولا سَفَرٍ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف عبد الله بن نافع وهو الصائع مختلف فيه وهو ضعيف يعتبر به ولا يحتمل تفرده، وفي هذا المتن نكارة، فقد صح عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه جمع المغرب والعشاء في السفر كما في حديثي ابن عمر ومعاذ السالفين. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "الموطأ" 1/ 144، ومن طريقه أخرجه مسلم (755) (49)، والنسائي في "الكبرى" (1586)، وأخرجه مسلم (705) (50) من طريق زهير بن معاوية، كلاهما عن أبي الزبير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1953)، و"صحيح ابن حبان" (1596). وأخرجه مسلم (705) (51) من طريق قرة بن خالد، عن أبي الزبير، به بلفظ: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك، فجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. وانظر ما بعده. وسيأتي بنحوه برقم (1214) من طريق جابر بن زيد، عن ابن عباس.

قال مالك: أرى ذلك كان في مطر. قال أبو داود: ورواه حماد بن سلمة (¬1) نحوَه عن أبي الزبير، ورواه قُرَّة بن خالد عن أبي الزبير، قال: في سفرةِ سافرناها إلى تبوك. 1211 - حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس، قال: جمع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بين الظهرِ والعصرِ، والمغرب والعشاء، بالمدينة من غير خوفِ ولا مطر، فقيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يُحرِجَ أُمَته (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي 3/ 166. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (705) و (54)، والترمذي (185)، والنسائي في "الكبرى" (1587) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 5/ 185 - 186: اختلف أهل العلم في تأويل هذا الحديث فمنهم من تأوله على أنه جمع بعذر، وهذا مشهور عن جماعة من الكبار المتقدمين، وهو ضعيف بالرواية الأخرى: من غير خوف ولا مطر. ومنهم من تأوله على أنه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم، وبان أن وقت العصر دخل فصلاها، وهذا أيضاً باطل، لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر أو العصر لا احتمال فيه في المغرب والعشاء. ومنهم من تأوله على تأخير الأولى إلى آخر وقتها فصلاها، فلما فرغ منها دخلت الثانية، فصلاها، فصارت صلاته صورة جمع، وهذا أيضاً ضعيف أو باطل، لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل، وفعل ابن عباس الذي ذكرناه حين خطب واستدلاله بالحديث لتصويب فعله وتصديق أبى هريرة له وعدم إنكاره صريح في رد هذا التأويل. ومنهم من قال: هو محمول على الجمع بعذر المرض أو نحوه مما هو في معناه من الأعذار، وهذا قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا، واختاره الخطابي والمتولي والروياني من أصحابنا، وهو المختار في تأويله. لظاهر الحديث، ولفعل =

1212 - حدثنا محمد بن عُبَيد المحاربي، حدثنا محمد بن فُضيل، عن أبيه، عن نافع وعبد الله بن واقد أن مؤذن ابن عمر قال: الصلاة، قال: سِرْ، حتى إذا كان قبلَ غيوب الشَفَق نزل فصلَّى المغرب، ثم انتظر حتى غاب الشَّفقُ فصلَّى العشاء، ثم قال: إنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان اذا عَجِلَ به أمر صنع مثلَ الذي صنعتُ، فسار في ذلك اليوم والليلة مسيرةَ ثلاث (¬1). قال أبو داود: رواه ابنُ جابر عن نافع نحو هذا بإسناده. 1213 - حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أخبرنا عيسى، عن ابن جابر، بهذا المعنى (¬2). ¬

_ = ابن عباس وموافقة أبي هريرة، ولأن المشقة فيه أشد من المطر. وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك، وحكاه الخطابي عن القفال والشاشي الكبير من أصحاب الشافعي عن أبي إسحاق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر، ويؤيده ظاهر قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته، فلم يعلله بمرض ولا غيره. والله أعلم. (¬1) رجاله ثقات. وأخرجه الدارقطني (1466) و (1467) من طريق محمد بن فضيل، بهذا الإسناد. وقوله: حتى إذا كان قبل غيوب الشفق نزل فصلى المغرب، سلف برقم (1207) بلفظ: سار حتى غاب الشفق، فنزل فجمع بينهما. وانظر لزاما "شرح معاني الآثار" للطحاوي 1/ 162 - 163، و"معرفة السنن والآثار" للبيهقي (6213 - 6220) فإنهما قد بسطا القول فيه. وانظر ما بعده. (¬2) رجاله ثقات. وقول أبي داود: ورواه عبد الله بن العلاء ... يؤيده ما سلف برقم (1207) من طريق حماد عن أيوب. أخرجه النسائي في "الكبرى" (1582) من طريق الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد.

قال أبو داود: ورواه عبد الله بن العلاء عن نافع قال: حتى إذا كان عند ذهاب الشفَق، نزل فجمع بينهما. 1214 - حدثنا سليمانُ بنُ حرب ومُسدد، قالا: حدثنا حماد بن زيد (ح) وحدَثنا عمرو بن عون، أخبرنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد عن ابن عباس، قال: صلّى بنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالمدينة ثمانياً وسبعاً، الظهرَ والعصرَ، والمغربَ والعشاء، ولم يقل سليمان ومُسدَّد: "بنا " (¬1). قال أبو داود: ورواه صالح مولى التَوأمة عن ابن عباس قال: في غيرِ مطر (¬2). ¬

_ = وأخرجه الدارقطني (1468) من طريق الوليد بن مزيد، والطحاوي في"شرح معاني الآثار" 1/ 163 من طريق بشر بن بكر، كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (543) و (562) و (1174)، ومسلم بإثر (706)، والنسائي (589) و (603) من طريق عمرو بن دينار، بهذا الإسناد. وعند البخاري: فقال أيوب - وهو السختياني -: لعله في ليلة مطرة؟ قال: عسى. والمقول له: هو جابر بن زيد أبو الشعثاء. ولمسلم من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو ابن دينار وفيه: أن عمرو بن دينار قال لأبي الشعثاء: أظنه أخر الظهر وعجل العصر، وأخر المغرب وعجل العشاء؟ قال: وأنا أظن ذلك. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1578) من طريق عمرو بن هرم، عن جابر بن زيد، به. وهو في "مسند أحمد" (1918)، و"صحيح ابن حبان" (1597). وانظر ما سلف (1210). (¬2) حديث صحيح، وصالح مولى التوأمة كان قد اختلط، لكنه قد توبع في الرواية السالفة برقم (1211). وهو في "مسند أحمد" (3235)، وانظر تتمة تخريجه فيه.

1215 - حدثنا أحمدُ بنُ صالح، حدثنا يحيى بن محمد الجاريُ، حدثنا عبدُ العزيز بن محمد، عن مالك، عن أبي الزُّبير عن جابر، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - غابَت له الشمسُ بمكة، فجمع بينهما بسَرِف (¬1). 1216 - حدثنا محمدُ بنُ هشام جارُ أحمدَ ابن حنبل، حدثنا جعفرُ بنُ عون عن هشام بنِ سعد، قال: بينهما عشرةُ أميالِ يعني بين مكة وسَرِف. 1217 - حدثنا عبد الملك بن شُعيب بن الليث، حدثنا ابن وهب، عن الليث، قال: قال رَبيعةُ - يعني: كَتب إليه - حدثني عبدُ الله بن دينار، قال: غابتِ الشمسُ وأنا عند عبد الله بن عمرَ، فسِرْنا، فلما رأيناه قد أمسى قلنا: الصلاةَ، فسار حتَّى غاب الشفَقُ، وتصوبتِ النجومُ، ثم إنه نزل، فصلَّى الصلاتينِ جميعاً، ثم قال: رأيتُ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا جدّ به السير، صلّى صلاتي هذه، يقول: يَجْمَعُ بينهما بعدَ ليلِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، يحيى بن محمد الجاري - وهو ابن عبد الله بن مهران المدني - ضعفه البخاري وابن حبان والذهبي، ووثقه العجلي ويحيى الزمى , وقال ابن عدي: ليس بحديثه بأس. عبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي، ومالك: هو ابن أنس الإمام. وأخرجه النسائي في "المجتبي" (593) من طريق يحيى بن محمد الجاري، بهذا الإسناد. وسَرِف وزان كَتِف: موضع قرب التنعيم. (¬2) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، والليث: هو ابن سعد، وربيعة الذي كتب إليه: هو ابن أبي عبد الرحمن شيخ الإمام مالك. وأخرجه الطراني في "الأوسط" (8677)، والبيهقي 10/ 169 من طريق الليث، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (1207).

قال أبو داود: رواه عاصمُ بن محمد، عن أخيه، عن سالم، ورواه ابنُ أبي نجيح، عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب، أن الجمعَ بينهما من ابن عمر كان بعدَ غيوبِ الشفق (¬1). 1218 - حدثنا قتيبة وابنُ مَوهَب المعنى، قالا: حدثنا المفضل، عن عُقَيل، عن ابن شهاب عن أنس بن مالك، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا ارتحل قبل أن تَزِيغَ الشَمسُ أخَّر الظهرَ إلى وقت العصر، ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمسُ قبل أن يَرتحِلَ صلَّى الظُّهرَ، ثم ركب - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2). قال أبو داود: كان مُفضَّل قاضيَ مصر، وكان مُجابَ الدعوة، وهو ابنُ فَضَالة. 1219 - حدثنا سليمانُ بنُ داود المَهريُّ، حدثنا ابن وهب، أخبرني جابرُ ابنُ إسماعيل عن عُقيل، بهذا الحديث بإسناده، قال: ويؤخِّر المغرب حتى يجمعَ بينها وبين العشاءحين يغيبُ الشَفقُ (¬3). ¬

_ (¬1) خرجنا هذه الطرق عند الرواية السالفة برقم (1207). (¬2) إسناده صحيح. ابن موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب، والمفضل: هو ابن فضالة، وعقيل: هو ابن خالد الأيلي. وأخرجه البخاري (1111) و (1112)، ومسلم (704) (46) والنسائي في "الكبرى" (1575) من طريق مفضل بن فضالة، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مسلم (704) (47) من طريق شبابة بن سوّار، عن الليث، به. وانظر ما بعده. (¬3) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل جابر بن إسماعيل. =

1220 - حدثنا قُتيبة بن سعيد، حدَّثنا الليث، عن يزيد بن أبي حَبيب، عن أبي الطُّفيل عامر بن واثلة عن معاذ بن جَبَل: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبلَ أن تزيغَ الشمسُ، أخر الظهرَ حتى يجمعها إلى العصر، فيصلِّيهما جميعاً، وإذا ارتحل بعد زَيغْ الشمس، صلَّى الظهر والعصر جميعاً ثم سار، وكان إذا ارتحل قبلَ المغرب، أخر المغربَ حتى يُصليَها مع العشاء، وإذا ارتحل بعدَ المغرب، عجّل العشاء، فصلاها مع المغرب (¬1). قال أبو داود: ولم يرو هذا الحديث إلا قُتيبةُ وحده. ¬

_ = وأخرجه مسلم (704) (48)، والنسائى في "الكبرى" (1579) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البخاري (1108) و (1110) من طريق حفص بن عبيد الله بن أنس، عن أنس. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، وقد أُعل بما لا يقدح في صحته، انظر "زاد المعاد" 1/ 477 - 481، وله شاهد من حديث ابن عباس عند الشافعي 1/ 186 وأحمد (3480) والدارقطني (1450) والبيهقي 3/ 163 - 164 وفي سنده حسين بن عبد الله بن عبيد الله وهو وإن كان ضعيفاً يكتب حديثه في المتابعات، وله طريق آخر عند يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده وآخر عند إسماعيل القاضي في "الأحكام" يتقوى بهما ويصح. وله شاهد آخر عن أنس عند البيهقي 3/ 162 ولفظه: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا كان في سفر، فزالت الشمس صلَّى الظهر والعصر جميعاً ثم ارتحل. وإسناده صحيح كما قال النووي في "المجموع" 4/ 372، وأقره الحافظ ابن حجر في "تلخيص الحبير". وأخرجه الترمذي (561) و (562) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22094)، و"صحيح ابن حبان" (1458).

274 - باب قصر قراءة الصلاة في السفر

274 - باب قصر قراءة الصلاة في السَّفر 1221 - حدثنا حفصُ بنُ عمر، حدثنا شُعبةُ، عن عَدِي بن ثابت عن البَراء، قال: خرجنا مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في سفر، فصلَّى بنا العشاء الآخرة، فقرأ في إحدى الركعتين بـ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} (¬1). 275 - باب التطوّع في السفر 1222 - حدثنا قُتيبةُ بن سعيد، حدثنا الليث، عن صَفوان بن سُلَيم، عن أبي بُسرة الغِفاري عن البراء بنِ عازب الأنصاري، قال: صحبتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ثمانيةَ عشَرَ سفراً، فما رأيتُه ترك ركعتينِ إذا زاغتِ الشمسُ قبلَ الظهر (¬2). 1223 - حدثنا القَعنبي، حدثنا عيسى بنُ حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن أبيه، قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (767) و (769) و (4952) و (7546)، ومسلم (464)، وابن ماجه (834) و (835)، والترمذي (310)، والنسائي في "الكبرى" (1074) و (1075) من طرق عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب. وهو في "مسند أحمد" (18503)، و"صحيح ابن حبان" (1838). (¬2) إسناده ضعيف. أبو بسرة الغفاري، تفرد بالرواية عنه صفوان بن سليم، وقال العجلي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف. وأخرجه الترمذي (558) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال: سألت محمداً عنه فلم يعرفه إلا من حديث الليث بن سعد، ولم يعرف اسم أبي بسرة الغفاري، ورآه حسناً. وهو في "مسند أحمد" (18605).

276 - باب التطوع على الراحلة والوتر

صحبتُ ابنَ عمر في طريق، قال: فصلّى بنا ركعتين، ثم أقبل، فرأى ناساً قياماً، فقال ما يَصْنَعُ هؤلاء؟ قلت: يسبِّحون، فقال: لو كنت مُسَبِّحاً أتممتُ صلاتي، يا ابنَ أخي إني صحبتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في السفر، فلم يزد على ركعتين حتى قبضَه الله عزَّ وجلَّ، وصحبتُ أبا بكر، فلم يزد على ركعتينِ حتى قبضَه الله عزَ وجل، وصحبتُ عمر، فلم يزد على ركعتينِ حتى قبضَه الله عز وجل، وصحبتُ عثمان، فلم يزد على ركعتينِ حتى قبضَه الله عز وجل، وقد قال الله عزَ وجل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] (¬1). 276 - باب التطوع على الراحلة والوتر 1224 - حدثنا أحمدُ بن صالح، حدثنا ابنُ وهب، أخبرني يونس، عن ابن شِهاب، عن سالم عن أبيه، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يسبّحُ على الراحلة أيَّ وجهٍ توجه، ويُوتر عليها، غيرَ أنه لا يُصلّي المكتوبة عليها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه بتمامه ومختصراً: البخاري (1101) و (1102)، ومسلم (689)، وابن ماجه (1071)، والنسائي في "الكبرى" (1929) من طريقين عن حفص بن عاصم، عن ابن عمر. وأخرجه مختصراً البخاري (1655)، ومسلم (694)، والترمذي (552)، وابن ماجه (1193)، والنسائي (1928) من طرق عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4761). (¬2) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي. وأخرجه البخاري (1098) (1105)، ومسلم (700) (39)، والنسائي في "الكبرى" (950) من طريقين عن الزهري، بهذا الإسناد.

1225 - حدثنا مُسدَّدٌ، حدثنا رِبْعيُّ بن عبد الله بن الجارود، حدثني عمرو ابن أبي الحجاج، حدَّثني الجارودُ بن أبي سَبرة حدَّثني أنس بن مالك: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا سافر، فأراد أن يتطوَّعَ استقبل بناقته القبلةَ فكبَّر، ثم صلَّى حيثُ وجهه رِكابُه (¬1). 1226 - حدثنا القَعنبي، عن مالك، عن عمرو بن يحيي المازني، عن أبي الحُباب سعيدِ بن يسار عن عبد الله بن عمر، أنه قال: رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يصلّي على حمار وهو متوجة إلى خَيبر (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (4518)، و"صحيح ابن حبان" (2522). وأخرجه بنحوه البخاري (1000) و (1095)، ومسلم (700) (31) و (32) من طريق نافع، والبخاري (1096) ومسلم (700) (37)، والنسائي (949) من طريق عبد الله بن دينار، ومسلم (700) (33) و (34)، والترمذي (3192)، والنسائى (10930) من طريق سعيد بن جبير، ثلاثتهم عن ابن عمر. وانظر ما سيأتي برقم (1226). قوله: "يسبح" أي: يصلي النوافل، والسُّبحة: هي صلاة النافلة. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، ربعي بن عبد الله بن الجارود وجدُّه صدوقان حسنا الحديث. وأخرجه الطيالسي (2114)، وابن أبي شيبة 2/ 494، وأحمد (13109) وعبد ابن حميد (1233)، والدارقطني (1476)، والبيهقي 2/ 5 من طرق عن ربعي بن الجارود، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البخاري (1100)، ومسلم (702) من طريق أنس بن سيرين، والنسائي في "الكبرى" (822) من طريق يحيي بن سعيد، كلاهما عن أنس. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "الموطأ" 1/ 150، ومن طريقه أخرجه مسلم (700) (35)، والنسائي في "الكبرى" (821). =

277 - باب الفريضة على الراحلة من عذر

1227 - حدثنا عثمانُ ابن أبي شيبةَ، حدثنا وكيع، عن سفيانَ، عن أبي الزبير عن جابر، قال: بعثَني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في حاجة، قال: فجئتُ وهو يُصلّي على راحلته نحوَ المشرق، السجودُ أخفَضُ من الركوع (¬1). 277 - باب الفريضة على الراحلة من عُذر 1228 - حدثنا محمودُ بن خالدِ؟ حدثنا محمد بن شُعيب، عن النعمان بن المنذر، عن عطاء بن أبي رباح أنه سأل عائشة: هل رُخّصَ للنساء أن يُصَلّيْنَ على الدواب؟ قالت: لم يُرخص لهن في ذلك في شِدَه ولا رَخَاء. قال محمد: هذا في المكتوبة (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (4520). وانظر ما سلف (1224). قال الإمام النووي: قال الدارقطني وغيره: هذا غلط من عمرو بن يحيى المازني، قالوا: وإنما المعروف في صلاة النبي على راحلته أو على البعير، والصواب أن الصلاة على الحمار من فعل أنس كما ذكره مسلم بعد هذا، ولهذا لم يذكر البخاري حديث عمرو. هذا كلام الدارقطني ومتابعيه، وفي الحكم بتغليط رواية عمرو نظر، لأنه ثقة نقل شيئاً محتملاً، فلعله كلان الحمار مرة والبعير مرة أو مرات، لكن قد يقال: إنه شاذ، فإنه مخالف لرواية الجمهور في البعير والراحلة، والشاذ مردود وهو المخالف للجماعة. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري. وأخرجه الترمذى (351) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وسلف عند المصنف برقم (926) من طريق زهير بن معاوية، عن أبي الزبير وسلف تخريجه هناك. (¬2) رجاله ثقات سوى النعمان بن المنذر، فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (8960)، وفي "الشاميين" (1255)، والبيهقي 2/ 7 من طرق عن النعمان بن المنذر، بهذا الإسناد. =

278 - باب متى يتم المسافر؟

278 - باب متى يُتم المسافر؟ 1229 - حدثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدثنا حماد (ح) وحدَّثنا إبرإهيمُ بن موسى، أخبرنا ابن عُلَيَّه - وهذا لفظه - أخبرنا عليُّ بنُ زيد، عن أبي نَضرة عن عِمرانَ بنِ حُصَين، قال: غزوتُ مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وشهدتُ معه الفتحَ، فأقام بمكة ثمانيَ عشرةَ (¬1) ليلةً لا يُصلّي إلا ركعتين، يقول: "يا أهلَ البلدِ، صَلُّوا أربعاً، فإنا سَفْرٌ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (6796) من طريق عمر بن عبد الواحد، عن النعمان بن المنذر، عن مكحول، عن عطاء، به فزاد في الإسناد: مكحولاَ، ومكحول يرسل ولا نعرف له سماعا من عطاء، والله أعلم. وصلاة الفرض على الدابة لا تجوز إلا من عذر كمطر وخرف من عدو أو سبع أو عجز عن الركوب للضعف، ففي "المسند" (17573) عن يعلى بن مرة الثقفي: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - انتهى إلى مضيق هو وأصحابه وهو على راحلته، والسماء من فوقهم، والبلة من أسفل منهم، فحضرت الصلاة، فأمر المؤذن، فأذن وأقام، ثم تقدم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - على راحلته، فصلّى يُوميء إيماءً، يجعل السجود أخفض من الركوع، أو يجعل سجوده أخفض من ركوعه وهو في "المسند" (17573). وهذا سند ضعيف لجهالة عمرو بن عثمان وأبيه لا يعرفان. قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق. قلنا: وأبو حنيفة. وقال أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوذي": حديث يعلى ضعيف السند صحيح المعنى، فالصلاة بالإيماء على الدابة صحيحة إذا خاف من خروج الوقت، ولم يقدر على النزول لضيق الموضع، أو لأنه غلبه الطين والماء. وانظر "المغني" 2/ 325 - 326 لابن قدامة المقدسي. (¬1) في (د): ثمان عشرة، بحذف الياء. (¬2) صحيح لغيره دون قوله: "يا أهل البلد صلّوا أربعاً، فإنا سَفرٌ"، وهذا إسناد ضعيف من أجل علي بن زيد: وهو ابن جدعان. =

1230 - حدثنا محمدُ بنُ العلاء وعثمانُ بن أبي شيبةَ - المعنى واحد - قالا: حدثنا حفص، عن عاصم، عن عِكرمة عن ابن عباس: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقامَ سبعَ عَشرَةَ بمكةَ يقصُرُ الصلاةَ، قال ابنُ عباس: ومَنْ أقامَ سبعَ عشرةَ قصَرَ، ومن أقام كثرَ أتمَّ (¬1). قال أبو داود: قال عبادُ بنُ منصور، عن عكرمةَ، عن ابن عباس، ¬

_ = وأخرجه الترمذي (553) من طريق. هشيم، عن ابن جدعان، به. بلفظ: حججتُ مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فصلى ركعتين، وحججتُ مع أبي بكر فصلى ركعتين، ومع عمر فصلى ركعتين، ومع عثمان ست سنين من خلافته - أو ثمان سنين - فصلى ركعتين. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. ويشهد له حديث ابن عباس الآتي بعد هذا. وقد صحّ عن عمر بن الخطاب من قوله من عدة طرق ثابتة صحاح أنه قال لما حج: يا أهل مكة، أتمُّوا صلاتكم، فإنا قوم سَفر. انظر هذه الطرق عند مالك 1/ 149 و 402، وعبد الرزاق (4369 - 4371)، وابن أبي شيبة 1/ 383. وغيرهم. وهو في "مسند أحمد" (19865). (¬1) إسناده صحيح. حفص: هو ابن غياث، وعاصم: هو ابن سليمان الأحول. وأخرجه البخاري (1080) و (4298) و (4300)، وابن ماجه (1075)، والترمذي (557) من طرق عن عاصم الأحول، بهذا الإسناد. وعندهم: أقام تسعة عشر يوماً بدل سبع عشرة. وأخرجه البخاري (1080) من طريق حصين بن عبد الرحمن، عن عكرمة، به. بلفظ: تسعة عشر يوماً. وهو في "مسند أحمد" (1958)، و"صحيح ابن حبان" (2750). وانظر الحديثين بعده. وقد جمع بعض العلماء بين الروايتين باحتمال أن يكون الراوي في هذه الرواية لم يعدَّ يومي الدخول والخروج، وعدّها في رواية تسع عشرة. قال الحافظ في"التلخيص" 2/ 46: وهو جمع متين.

قال: أقام تسع عشرة (¬1). 1231 - حدثنا النُفيلي، حدثنا محمدُ بن سلمةَ، عن محمد بن اسحاقَ، عن الزهري، عن عُبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس، قال: أقام رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بمكةَ عامَ الفتح خمسَ عشرةَ يَقْصُرُ الصلاة (¬2). قال أبو داود: روى هذا الحديثَ عَبْدَةُ بن سليمان وأحمدُ بن خالد الوهبيُّ وسلمةُ بن الفضل، عن ابن إسحاق، لم يذكروا فيه ابن عبَّاس. 1232 - حدثنا نصر بن علي، أخبرني أبي، حدثنا شَريك، عن ابن الأصبهاني، عن عِكرمة عن ابن عباس: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقام بمكةَ سبعَ عشرةَ يُصلّي ركعتين (¬3). 1233 - حدثنا موسى بنُ إسماعيل ومسلمُ بن إبراهيم - المعنى - قالا: حدثنا وُهَيب، حدثني يحيى بنُ أبي إسحاقَ ¬

_ (¬1) وصله البيهقي 3/ 150، وانظر الخلاف فيه في الروايات بين سبعة عشر وتسعة عشر. (¬2) صحيح لكن بلفظ: تسع عشرة، وقوله: خمس عشرة، شاذٌ كما قال الحافظ في "التلخيص الحبير" 2/ 46. وهذا إسناد حسن، ومحمد بن إسحاق متابع، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه ابن ماجه (1076)، من طريق ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (516) من طريق عراك بن مالك، عن عبيد الله بن عبد الله، به بلفظ: خمسة عشرة. وانظر ما قبله. (¬3) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - سيئ الحفظ. ابن الأصبهاني: هو عبد الرحمن بن عبد الله. وانظر (1230).

عن أنس بن مالك، قال: خرجنا معَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكةَ، فكان يُصلّي ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة، فقلنا: هل أقمتُم بها شيئاً؟ قال: أقمنا بها عَشْراً (¬1). 1234 - حدثنا عثمان بن أبي شيبةَ وابن المثنى - وهذا لفظ ابن المثنى - قالا: حدثنا أبو أسامة - قال ابن المثنى: قال: أخبرني عبدُ الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده: أن علياً كان إذا سافر سار بعد ما تغرُبُ الشمسُ حتى تكادَ أن تُظلِمَ، ثم ينزل فيُصلّي المغرب، ثم يدعو بعَشائِه فيتعشى، ثم يُصلّي العشاءَ، ثم يرتحل، ويقول: هكذا كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يصنعُ (¬2). قال عثمان: عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي. سمعتُ (¬3) أبا داود يقول: وروى أسامةُ بنُ زيد، عن حفص بن عُبيد الله - يعني ابن أنس بن مالك - أن أنساً كان يجمع بينهما حين ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (1081) و (4297)، ومسلم (693)، وابن ماجه (1077)، والترمذي (556)، والنسائي في "الكبرى" (1909) و (1923) من طرق عن يحيي بن أبي إسحاق، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12945)، و"صحيح ابن حبان" (2751). (¬2) إسناده حسن. ابن المثنى: هو محمد بن المثنى بن عبيد، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1584) عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي أسامة وحده، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1143). (¬3) القائل هو أبو علي اللؤلؤي الراوي عن أبي داود.

279 - باب إذا أقام بأرض العدو يقصر

يغيبُ الشفق ويقول: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يصنع ذلك (¬1). ورواية الزهري، عن أنس عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مثله (¬2). 279 - باب إذا أقام بأرض العدو يقصُرُ 1235 - حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله، قال: أقامَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بتبوك عشرينَ يوماً يقصُر الصلاة (¬3). قال أبو داود: غيرُ معمر لا يُسنده (¬4). 280 - باب صلاة الخوف من رأى أن يُصلّي بهم وهم صفَّان، فيُكبّرُ بهم جميعاً، ثم يركعُ بهم جميعاً، ثم يَسجُدُ الإمامُ والصف الذي يليه، والآخرون قيام يحرسونهم، فإذا قاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفَهم، ثم تأخَّر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين، وتقدَّم الصفُّ الأخير إلى مقامهم، ثم يركع الإمام ويركعون جميعاً، ثم يسجدُ ويسجدُ الصف الذي يليه، ¬

_ (¬1) سلف تخريجه عند الحديث (1219). (¬2) سلف تخريجه برقم (1218) و (1219). (¬3) إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" (14139)، ومن طريقه أخرجه ابن حبان (2749). وهو في "مصنف عبد الرزاق" (4335)، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد (1139)، وابن حبان (2752)، والبيهقي 3/ 152. (¬4) أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 454 من طريق علي بن المبارك، عن يحيى، عن ابن ثوبان مرسلاً. وانظر "البدر المنير" 4/ 538 - 540.

والآخرون يحرسونهم، فإذا جلس الإمام والصفُّ الذي يليه سجد الآخرون، ثم جلسوا جميعاً، ثم سلَّم عليهم جميعاً. قال أبو داود: هذا قول سفيان. 1236 - حدثنا سعيدُ بن منصور، حدثنا جَرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن مجاهد عن أبي عياش الزُّرَقي، قال: كنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بعسفان، وعلى المشركين خالدُ بن الوليد، فصلَّينا الظهر، فقال المشركون: لقد أصَبنا غِرَّة، لقد أصبنا غَفلة، لو كنّا حملنا عليهم وهم في الصلاة، فنزلت آيةُ القَصْر بين الظهر والعصر، فلمّا حضرت العصرُ، قام رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مستقبلَ القبلة، والمشركون أمامه، فصف خلفَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صفٌ، وصفَّ بعد ذلك الصف صفٌ آخر، فركع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وركعوا جميعاً، ثم سجد وسجد الصف الذين يلونه، وقام الاَخرون يحرسونهم، فلمَّا صلَّى هؤلاء السجدتين وقاموا، سجد الآخرون الذين كانوا خلفَهم، ثم تأخر الصف الذي يليه إلى مقام الآخرين، وتقدَّم الصف الأخير إلى مقام الصف الأول، ثم ركع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وركعوا جميعاً، ثم سَجَدَ وسَجَد الصفّ الذي يليه، وقام الآخرون يحرسونهم، فلمّا جلس رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - والصف الذي يليه، سجد الآخرون، ثم جلسوا جميعاً، فسلَّم عليهم جميعاً، فصلاّها بعُسفان، وصلاّها يومَ بني سُلَيم (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (1950) و (1951) من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16580)، و"صحيح ابن حبان " (2876).

281 - باب من قال: يقوم صف مع الإمام وصف وجاه العدو، فيصلي بالذين يلونه ركعة، ثم يقوم قائما حتى يصلي الذين معه ركعة أخرى، ثم ينصرفوا فيصفوا وجاه العدو، وتجيء الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعة ويثبت جالسا، فيتمون لأنفسهم ركعة أخرى، ثم يسلم بهم جميعا

قال أبو داود: روى أيوب وهشام عن أبي الزُّبير، عن جابر (¬1) هذا المعنى عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وكذلك رواه داود بن حُصين عن عِكرمة، عن ابن عباس (¬2). وكذلك عبد الملك، عن عطاء، عن جابر (¬3). وكذلك قتادة عن الحسن، عن حِطَّان، عن أبي موسى (¬4)، فِعلَه، وكذلك عكرمةُ بن خالد عن مجاهد، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - (¬5). وكذلك هشام بن عروة عن أبيه، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وهو قول الثوري. 281 - باب من قال: يقومُ صف مع الإمام وصف وُجَاهَ العدو، فيصلّي بالذين يلونه ركعةً، ثم يقوم قائماً حتى يُصلّي الذين معه ركعةً أخرى، ثم ينصرفوا فيصفُّوا وُجاه العدوّ، وتجيء الطائفةُ الأخرى فيصلِّي بهم ركعةً ويثبُت جالساً، فيتمون لأنفسهم ركعةً أخرى، ثم يُسلّم بهم جميعاً 1237 - حدثنا عُبَيدُ الله بنُ معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن ابن القاسم، عن أبيه، عن صالح بن خَوّات ¬

_ (¬1) أخرجه أحمد (15019)، ومسلم (840) (308)، وابن ماجه (1260)، والنسائي في "الكبرى" (1949). (¬2) أخرجه أحمد (2382)، والنسائي في "الكبرى" (1936). (¬3) أخرجه أحمد (14436)، ومسلم (840) (307)، والنسائي في "الكبرى" (1948). (¬4) أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 462، والبيهقي 3/ 252 من طريق أبي العالية، وابن أبي شيبة 2/ 465 من طريق الحسن، كلاهما عن أبي موسى الأشعري. (¬5) أخرجه عبد الرزاق (4235) و (4236)، وابن أبي شيبة 2/ 463 من طرق عن مجاهد.

282 - باب من قال: إذا صلى ركعة، وثبت قائما، أتموا لأنفسهم ركعة، ثم سلموا، ثم انصرفوا، فكانوا وجاه العدو، واختلف في السلام

عن سَهْل بن أبي حَثمة: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - صلّى بأصحابه في خوفٍ، فجعلهم خلفَه صَفَّينِ، فصلّى بالذين يلونَه ركعةً، ثم قام، فلم يزل قائماً حتى صلّى الذين خلفَهم ركعةً، ثم تقدَّموا وتأخر الذين كانوا قُدَّامَهم، فصلّى بهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ركعةً، ثم قعد حتى صلَّى الذين تخلَّفوا ركعةً، ثم سلَّم (¬1). قال أبو داود: أما رواية يحيى بن سعيد، عن القاسم نحو رواية يزيد بن رومان إلا أنه خالفه في السلام، ورواية عبيد الله نحو رواية يحيى بن سعيد، قال: ويثبت قائماً (¬2). 282 - باب من قال: إذا صلّى ركعةً، وثبت قائماً، أتمُّوا لأنفسهم ركعة، ثم سلّموا، ثم انصرفوا، فكانوا وُجَاهَ العدوّ، واختلف في السلام 1238 - حدثنا القَعنبي، عن مالك، عن يزيدَ بن رُومان، عن صالحِ بن خَوَّات عمن صلَّى مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يومَ ذاتِ الرقاعِ صلاةَ الخوف: أن طائفةَ صفَّت معه، وطائفةَ وُجاهَ العدو، فصلَّى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائماً، وأتمُوا لأنفسهم، ثم انصرفوا، وصفوا وُجاه العدو، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري بإثر (4131)، ومسلم (841) (309)، وابن ماجه بإثر (1259)، والترمذي (574)، والنسائي في "الكبرى" (1937) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15710)، و"صحيح ابن حبان" (2886). وانظر الحديثين بعده. (¬2) مقالة أبي داود هذه جاءت في (ج) و (هـ) و (و) بعد الحديث التالي.

وجاءتِ الطائفةُ الأخرى، فصلّى بهم الركعةَ التي بقيت مِن صلاته، ثم ثبت جالساً، وأتمُّوا لأنفسهم ثم سلَّم بهم (¬1). قال مالك: وحديثُ يزيد بن رُومان أحب ما سمعتُ إليَّ. 1239 - حدثنا القَعنبي، عن مالك، عن يحيى بنِ سعيد، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خَوَّات الأنصاري أن سهلَ بن أبي حثمة الأنصاري حدّثه: أن صلاةَ الخوف: أن يقوم الإمامُ وطائفةٌ من أصحابه، وطائفةٌ مواجهةُ العدؤ، فيركع الإمامُ ركعةً، ويسجد بالذين معه، ثم يقوم فإذا استوى قائماً ثبت قائماً، وأتمُّوا لأنفسهم الركعةَ الباقية، ثم سلَّموا وانصرفوا والإمامُ قائم، فكانوا وُجاه العدوِّ، ثم يقبِلُ الآخرون الذين لم يصلُّوا، فيُكبِّروا وراء الإمام فيركع بهم ويسجد بهم، ثم يُسلّم، فيقومون، فيركعون لأنفسهم الركعةَ الباقية، ثم يُسلّمون (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو محمد بن مسلمة. وهو في "الموطأ" 1/ 183، ومن طريقه أخرجه البخاري (4129)، ومسلم (842) (310)، والنسائي "في الكبرى" (1938). وانظر ما قبله، وما بعده. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "الموطأ" 1/ 183 - 184. وأخرجه البخاري (4131) وبإثره، وابن ماجه (1259)، والترمذي (573)، والنسائي في "الكبرى" (1954) من طريقين عن يحيي بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد موقوفاً. وهو في "مسند أحمد" (15710)، و"صحح ابن حبان " (2885). وانظر ما قبله.

283 - باب من قال: يكبرون جميعا، وإن كانوا مستدبري القبلة، ثم يصلي بمن معه ركعة، ثم يأتون مصاف أصحابهم، ويجئ الآخرون فيركعون لأنفسهم ركعة، ثم يصلي بهم ركعة، ثم تقبل الطائفة التي كانت مقابل العدو فيصلون لأنفسهم ركعة، والإمام قاعد، ثم يسلم بهم كلهم

قال أبو داود: وأمَّا رواية يحيى بن سعيد عن القاسم نحو رواية يزيد بن رُومان، إلا أنه خالفه في السَّلام، وروايةُ يحيى بن سعيد قال: ويَثبت قائماً. 283 - باب من قال: يُكبِّرون جميعاً، وإن كانوا مستدبري القبلة، ثم يُصلي بمن معه ركعة، ثم يأتون مصاف أصحابهم، ويجئ الآخَرون فيركعون لأنفسهم ركعة، ثم يُصلّي بهم ركعة، ثم تُقبِل الطائفةُ التي كانت مقابلَ العدوّ فيصلون لأنفسهم ركعةً، والإمامُ قاعد، ثم يسلّم بهم كلهم 1240 - حدثنا الحسنُ بن علي، حدثنا أبو عبد الرحمن المُقرئ، حدثنا حَيْوةُ وابنُ لَهيعةَ، قالا: أخبرنا أبو الأسود، أنه سمع عُروة بن الزبير يُحدِّث عن مروانَ بن الحكم أنه سأل أبا هريرة: هل صلّيتَ مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلاةَ الخوف؟ قال أبو هريرة: نعم، فقال مروانُ: متى؟ قال أبو هريرة: عامَ غزوةِ نجد، قام رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى صلاة العصر، فقامت معه طائفة، وطائفة أخرى مقابلي العدوِّ وظهورُهم إلى القبلة، فكبّر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فكبروا جميعاً: الذين معه، والذين مقابلي العدو، ثم ركعَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ركعةَ واحدةَ، وركعتِ الطائفةُ التي معه، ثم سجد، فسجدتِ الطائفةُ التي تليه، والآخرون قيام مقابلي العدوّ، ثم قامَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وقامتِ الطائفةُ التي معه، فذهبوا إلى العدو، فقابَلوهم، وأقبلتِ الطائفةُ التي كانت مقابلي العدوّ، فركعوا وسجدوا، ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قائم كما هو، ثم قاموا فركع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ركعةً أخرى وركعوا معه،

وسجد وسجدُوا معه، ثم أقبتِ الطائفةُ التي كانت مقابلي العدوّ، فركعوا وسجدوا، ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قاعدٌ ومَن معه، ثم كان السلامُ، فسلّم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وسلَّموا جميعاً، فكان لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ركعتان، ولكلِّ رجلِ من الطائفتين ركعة ركعة (¬1). 1241 - حدثنا محمدُ بن عَمرو الرازيُ، حدثنا سلمةُ، حدثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن الأسود، عن عُروة بن الزبير عن أبي هريرة قال: خرجنا معَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى نجْد، حتى إذا كنّا بذاتِ الرِّقاع من نخل، لقي جمعاً من غطَفان، فذكر معناه، ولفظه على غير لفظ حَيوةَ، وقال فيه: حين ركع بمن معه وسجد، قال: فلما قاموا مَشَوا القَهقَرى إلى مصافّ أصحابهم، ولم يذكرِ استدبارَ القِبلة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن المقرئ: هو عبد الله بن يزيد، وحيوة: هو ابن شريح بن صفوان، وأبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود، المعروت بيتيم عروة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1944) من طريقين عن أبي عبد الرحمن المقرئ، بهذا الإسناد. ولم يذكر ابنَ لهيعة، وقال: وذكر آخر. وجاء في رواية النسائي: فكان لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ركعتان، ولكل رجل من الطائفتين ركعتان ركعتان. وهو ظاهر، وأما رواية المصنف: ولكل رجل من الطائفين ركعة ركعة، فقد قال البيهقي: كذا قال، والصواب: أن لكل واحد من الطائفتين ركعتين ركعتين، ولعله أراد: ركعة ركعة مع الإمام. وهو في "مسند أحمد" (8260). وانظر الحديثين بعده. (¬2) حديث صحيح، سلمة - وهو ابن الفضل - قد توبع، ومحمد بن إسحاق قد صرح بالسماع كما سيأتي فانتفت شهة تدليسه. محمد بن الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود أبو الأسود. =

1242 - قال أبو داود: وأما عُبيد الله بنُ سعد، فحدثنا، قال: حدثني عمي، حدثنا أبي، عن ابن إسحاقَ، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، أن عُروة بن الزبير حدثه أن عائشة حدَثته بهذه القصَّة، قالت: كبرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وكبَّرتِ الطائفةُ الذين صفوا معه، ثم ركع فركعوا، ثم سجد فسجدوا، ثم رفع فرفعوا، ثم مكث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - جالساً، ثم سجدوا هُم لأنفسِهم الثانيةَ، ثم قاموا فنكَصوا على أعقابهم يمشون القَهقَرى، حتى قاموا مِن ورائهم، وجاءتِ الطائفة الأخرى، فقاموا فكبّروا، ثم ركعوا لأنفسهم، ثم سجدَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فسجدوا معه، ثم قام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وسجدوا لأنفسهم الثانيةَ، ثم قامت الطائفتانِ جميعاً، فصلوا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فركع فركعوا، ثم سجد فسجدوا جميعاً، ثم عاد فسجد الثانيةَ وسجدوا معه سريعاً كأسرع الإسراع جاهِداً لا يألُون سِراعاً، ثم سلّم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وسلّموا، فقامَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وقد شاركه الناسُ في الصلاة كلها (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن خزيمة (1362)، وعنه ابن حبان (2878) من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن إسحاق، قال: أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة قال: سمعت أبا هريرة ومروان يسأله. ففيه أن عروة سمع القصة من أبي هريرة. وأخرجه الطحاوي 1/ 314، والبيهقي 3/ 264 - 265 من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر، عن عروة، عن أبي هريرة، ولم يذكر مروان بن الحكم. وانظر ما قبله وما بعده. (¬1) إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق. عم عبيد الله بن سعد: هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. =

284 - باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة ثم يسلم فيقوم كل صف، فيصلون لأنفسهم ركعة

284 - باب من قال: يصلّي بكل طائفة ركعةً ثم يُسلّم فيقوم كل صف، فيصلُّون لأنفسهم ركعةً 1243 - حدثنا مُسدَّدٌ، حدثنا يزيدُ بن زُرَيع، عن معمر، عن الزهري، عن سالم عن ابن عمر: أنَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلّى بإحدى الطَّائفتين ركعةً، والطائفةُ الأخرى مُواجهةُ العدوّ، ثم انصرفوا، فقاموا في مقام أولئك، وجاء أولئك فصلّى بهم ركعةً أخرى، ثم سلَّم عليهم ثم قام هؤلاء فقضَوْا ركعتَهم، وقام هؤلاء فقضَوا ركعتَهم (¬1). قال أبو داود: وكذلك رواه نافع وخالد بن مَعْدان، عن ابن عمر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. ¬

_ = وأخرجه أحمد (26354)، وابن خزيمة (1363)، وابن حبان (2873)، والحاكم 1/ 336، والبيهقي 3/ 265 من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد. قوله: "جاهداً"، أي: مجتهداً في السرعة. "لا يألون" لا يقُصرون. "سراعاً" بكسر السين، المعنى أن الجماعة كلها قد بالغت في السرعة لإتمام السجدة الثانية. قاله العظيم آبادي. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (4133)، ومسلم (839) (305)، والترمذي (572)، والنسائي في "الكبرى" (1941) من طريق معمر، والبخاري (942) و (4132)، والنسائي (1942) من طريق شعيب بن أبي حمزة، ومسلم (839) (305) من طريق فليح بن سليمان، ثلاثهم عن الزهري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6351). وأخرجه بنحوه البخاري (943)، ومسلم (839) (306)، والنسائي (1943) من طريق موسى بن عقبة، وابن ماجه (1258) من طريق عبيد الله بن عمر، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (6159)، و"صحيح ابن حبان" (2887).

285 - باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة ثم يسلم فيقوم الذين خلفه فيصلون ركعة ثم يجيء الآخرون إلى مقام هؤلاء فيصلون ركعة

وكذلك قول مسروق (¬1)، ويوسف بن مِهْران، عن ابن عباس (1). وكذلك روى يونس، عن الحسن، عن أبي موسى (¬2): أنه فعله. 285 - باب من قال: يُصلي بكل طائفةِ ركعةَ ثم يُسلِّم فيقومُ الذين خَلفَه فيصلُّون ركعةَ ثم يجيء الآخرون إلى مقام هؤلاء فيصلون ركعةً 1244 - حدثنا عِمرانُ بن مَيسرة، حدثنا ابن فُضَيل، حدثنا خُصَيف، عن أبي عُبيدة عن عبد الله بن مسعود، قال: صلَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلاةَ الخوف، فقاموا صفاً خلفَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وصف مستقبلي العدو، فصلَّى بهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ركعةً، ثم جاء الآخرون، فقاموا مَقامَهم، واستقبل هؤلاء العدوَّ، فصلَّى بهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ركعةً، ثم سلَّم، فقام هؤلاء فصلَّوا لأنفسهم ركعةً، ثم سلَّموا ثم ذهبوا، فقاموا مقام أولئك مستقبلي العدوِّ، ورجع أولئك إلى مقامهم فصلّوا لأنفسهم ركعةً، ثم سلّموا (¬3). ¬

_ (¬1) وصله ابن أبي شيبة 2/ 466. (¬2) وصله ابن أبي شيبة 2/ 465. (¬3) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، خصيف سيئ الحفظ، وقد توبع، وأبو عبيدة - هو ابن عبد الله بن مسعود - لم يسمع من أبيه. ابن فضيل: هو محمد بن فضيل بن غزوان الضبي. وأخرجه أحمد (3561)، وأبو يعلى (5353)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 311، والبيهقي 3/ 261 من طرق عن خصيف، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني (10272) من طريق شريك النخعي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي عبيدة، به. ويشهد له حديث ابن عمر السالف قبله.

286 - باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعة ولا يقضون

1245/ 1 - حدثنا تميم بن المنتصر، أخبرنا إسحاق - يعني ابنَ يوسف - عن شَريك، عن خُصيفٍ، بإسناده ومعناه، قال: فكبّرَ نبيُّ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وكبّر الصَفان جميعاً (¬1). قال أبو داود: رواه الثوري (¬2) بهذا المعنى عن خُصَيف. وصلَّى عبد الرحمن بن سَمُرة هكذا، إلا أن الطائفة التي صلَّى بهم ركعةً ثم سلّم، مَضَوّا إلى مقامِ أصحابهم، وجاء هؤلاء فصَلَّوا لأنفسهم ركعةً، ثم رجعوا إلى مَقَام أولئك فصلَّوا لأنفسهم ركعةً. 1245/ 2 - حدثنا بذلك مسلمُ بن إبراهيم، حدثنا عبد الصمد بن حبيب، أخبرني أبي أنهم غَزَوا مع عبد الرحمن بن سمُرةَ كابُلَ، فصلّى بنا صلاةَ الخوف (¬3). 286 - باب من قال: يُصلِّي بكل طائفة ركعةً ولا يقضُون 1246 - حدثنا مُسدَّدٌ، حدثنا يحيي، عن سفيان، حدثني الأشعث بن سُلَيم، عن الأسود بن هلال، عن ثعلبة بن زَهدَمٍ، قال: كُنّا مع سعيد بن العاص بطَبَرِسْتان فقال: أيُّكم صلّى مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلاةَ الخوف؟ فقال حُذَيفةُ: أنا، فصلّى بهؤلاء ركعةً وبهؤلاء ركعةً، ولم يقضُوا (¬4). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. (¬2) طريق الثوري وصلها عبد الرزاق في "مصنفه" (4245)، وأحمد (3882)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 311. (¬3) إسناده ضعيف، عبد الصمد بن حبيب ضعيف، وأبوه مجهول. وكابل: عاصمة أفغانستان تقع في شمال شرقي البلاد على نهر كابل، فتحها الأحنف بن قيس عام 22 هـ في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. (¬4) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري. =

قال أبو داود: وكذا رواه عُبيد الله بن عبد الله ومجاهد، عن ابن عباس (¬1)، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وعبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة (¬2)، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. ويزيد الفقير وأبو موسي [قال أبو داود: رجل من التابعين ليس بالأشعري]، (¬3)، جميعاً عن جابر (¬4)، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وقد قال بعضهم في حديث يزيدَ الفقير: أنهم قضوا ركعةَ أخرى، وكذلك رواه سِماك ¬

_ = وأخرجه النسائى في "الكبرى" (1931) من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضا (1930) من طريق وكيع، عن سفيان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23268)، و"صحيح ابن حبان" (1452) و (2425). (¬1) طريق مجاهد عن ابن عباس ستأتي عند المصنف برقم (1247)، ويأتي هناك تخريجها وتخريج طريق عبيد الله بن عبد الله. (¬2) حديث أبي هريرة أخرجه أحمد (10765)، والترمذي (3284)، والنسائى في "الكبرى" (1945)، وابن حبان (2872) من طريق سعيد بن عبيد الهُناني، عن عبد الله بن شقيق، عنه. وسنده جيد. (¬3) قوله: قال أبو داود: رجل من التابعين ليى بالأشعري، زيادة أثبتاها من (هـ) و (د). (¬4) طريق يزيد الفقير وصلها: أحمد (14180)، والنسائي في "الكبرى" (1946) و (1947)، وابن حبان (2869) وغيرهم، وسندها صحيح. وطريق أبي موسى وصلها: سعيد بن منصور في "سننه" (2505)، والطبراني في "الأوسط" (8981)، والطبري في"تفسيره" 5/ 248. وعلقها البخاري (4126). قال المزي في ترجمة أبي موسى من "التهذيب": يقال: إنه عُلَي بن رباح، ويقال: أبو موسى الغافقي، والأول أقرب إلى الصواب، واسم أبي موسى الغافقي مالك بن عبادة، له صحبة. وفى سندها: زياد بن نافع التجيبي مجهول.

287 - باب من قال: يصلي بكل طائفة ركعتين

الحنفيُّ، عن ابن عمر (¬1)، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وكذلك زيد بن ثابت (¬2)، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: فكانت للقوْم ركعةَ وللنبي - صلَّى الله عليه وسلم - ركعتين. 1247 - حدثنا مُسدَّد وسعيدُ بن منصور، قالا: حدثنا أبو عَوَانة، عن بُكير ابن الأخنس، عن مجاهد عن ابن عباس قال: فرَضَ اللهُ عز وجل الصلاةَ طى لسان نبيكم - صلَّى الله عليه وسلم - في الحَضَر أربعاً، وفي السفر ركعتين، وفي الخَوف ركعةً (¬3). 287 - باب من قال: يُصلِّي بكلِّ طائفة ركعتين 1248 - حدثنا عُبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا الأشعثُ، عن الحسن عن أبي بكْرة، قال: صلَّى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في خوفٍ الظهر، فصفَّ بعضُهم خلفَه وبعضُهم بإزاء العدوّ، فصلَّى ركعتين ثم سلَّم، فانطلق ¬

_ (¬1) طريق سماك وصلها: ابن خزيمة (1349)، والبيهقي 3/ 263. وسندها صحيح. (¬2) حديث زيد بن ثابت أخرجه: أحمد (21593)، والنسائي في "الكبرى" (1932)، وابن حبان (2870) وغيرهم. وسنده حسن. (¬3) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه مسلم (687)، وابن ماجه (1068)، والنسائي في "الكبرى" (314) و (514) و (523) و (1912) و (1913) و (1933) من طريق بكير بن الأخنس، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (2124)، و"صحيح ابن حبان" (2868). وأخرج أحمد (3364)، والنسائي (1934)، وابن حبان (2871) وغيرهم من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس قال: صلّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلاة الخوف بذي قَرَد صفاً خلفه وصفاَ موازيَ العدو، وصلّى بهم ركعة ثم سلّم، فكانت للنبي - صلَّى الله عليه وسلم - ركعتين ولكل طائفة ركعة. واللفظ لأحمد، وهو عند البخاري أيضاً (944) بنحوه.

الذين صلَّوا معه فوقفوا موقف أصحابهم، ثم جاء أولئكَ فصلَّوا خلفَه فصلَّى بهم ركعتين ثم سلّم، فكانت لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أربعاً، ولأصحابه ركعتين ركعتين (¬1). وبذلك كان يُفتي الحسن (¬2). قال أبو داود: وكذلك في المغرب: يكون للإمام ست رَكعات، وللقوم ثلاثٌ ثلاث (¬3). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الحسن - وهو البصري - مدلس وقد عنعنه. أشعث: هو ابن عبد الملك الحُمراني. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (521) و (1912) و (1952) و (1956) من طريق أشعث، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20408)، و"صحيح ابن حبان" (2881). (¬2) قال البيهقي في"سننه" 3/ 260 بعد أن ذكره: وجدته في كتابي موصولاً بالحديث، وكأنه من قول الأشعث. وهو في بعض النسخ: قال أبو داود. (¬3) قد رويت هذه الهيئة لصلاة الخوف في المغرب من حديث أشعث مرفوعة، فقد أخرج ابن خزيمة (1368)، والدارقطني (1783)، والحاكم 1/ 337، والبيهقي 3/ 260 من طريق عمرو بن خليفة البكراوي، عن أشعث به: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى بالقوم صلاة المغرب ثلاث ركعات، ثم انصرف، وجاه الآخرون فصلى بهم ثلاث ركعات فكانت للنبيّ ست ركعات، وللقوم ثلاث ثلاث. قال الحاكم بإثره: سمعت أبا علي الحافظ يقول: هذا حديث غريب، أشعث الحمراني لم يكتبه الا بهذا الإسناد. ثم صححه الحاكم على شرطهما! ووهم البيهقي هذه الرواية. قلنا: عمرو بن خليفة البكراوي روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: في روايته بعض المناكير. فرواية الركعتين أصح، رواتها أشهر وأكثر وأوثق. ويقوي رواية الركعتين أن أبا حرة الرقاشي تابع أشعث عليها، فقد أخرجه الطيالسي (877)، ومن طريقه البزار (3659)، والطحاوي 1/ 315 عن أبي حرة الرقاشى، عن الحسن، به.

288 - باب صلاة الطالب

قال أبو داود: وكذلك رواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي سَلَمة، عن جابر (¬1)، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، وكذلك قال سليمان اليَشْكُري عن جابر (¬2)، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -. 288 - باب صلاة الطالب 1249 - حدثنا أبو مَعمر عبد الله بن عَمرو، حدثنا عبدُ الوارث، حدثنا محمدُ بنُ إسحاق، عن محمد بن جعفر، عن ابن عبد الله بن أُنيس عن أبيه، قال: بعثني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى خالد بن سفيان الهُذَليّ، وكان نحوَ عُرَنة وعَرفَاتِ، فقال: "اذهب فاقتُلْه" قال: فرأيتُه وحَضَرتْ صلاةُ العصر، فقلت: إني أخافُ أن يكونَ بيني وبينَه ما إن أؤخِّرُ الصلاةَ، فانطلقتُ أمشي وأنا أصلّي أُومئ إيماءً نحوه، فلما دنوتُ منه، قال لي: مَنْ أنْتَ؟ قلتُ: رجلٌ من العرب، بلغني أنك تجمعُ لهذا الرجل، فجئتُك في ذاك، قال: إني لفي ذاك، فمشَيتُ معه ساعةً، حتى إذا أمكنني عَلَوتُه بسيفي حتى بَرَدَ (¬3). ¬

_ (¬1) طريق يحيي، عن أبي سلمة وصلها: أحمد (14928)، ومسلم (843)، وابن حبان (2884) وغيرهم، وعلقها البخاري (4136). (¬2) طريق سليمان اليشكري وصلها: أحمد (14929)، وابن حبان (2883) وغيرهم. ورجال الإسناد ثقات. (¬3) ابن عبد الله بن أنيس جاء مسمى عند البيهقي بعبد الله بن عبد الله بن أنيس، وقد ترجم له البخاري في "تاريخه" 5/ 125، وابن أبي حاتم 5/ 90، وابن حبان في "الثقات" 5/ 37، ولم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلا، وباقي رجال الإسناد ثقات غير محمد بن إسحاق فهو صدوق، وقد صرَّح بالتحديث. وحسن الحافظ إسناده في "الفتح" 2/ 437!

289 - باب تفريع أبواب التطوع وركعات السنة

289 - باب تفريع أبواب التطوع وركَعات السُّنَّة 1250 - حدثنا محمدُ بن عيسى، حدثنا ابن عُليّة، حدثنا داود بن أبي هند، حدثني النُعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن عَنْبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة قالت: قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "من صلّى في يومٍ ثنتي عشرةَ ركعةً تطوعاً، بُنيَ له بِهِنَّ بَيْتٌ في الجنة" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مطولاً ابن خزيمة (982) من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً أيضاً أحمد (16047)، وأبو يعلى (905)، وابن خزيمة (983)، وابن حبان (7160)، وأبو نعيم في"الدلائل" (445) من طريق إبراهيم بن سعد، والبيهقي في "السنن" 3/ 256، وفي "الدلائل" 4/ 42 من طريق محمد بن سلمة، كلاهما عن ابن إسحاق، به. وأخرجه بنحوه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2031) من طريق محمد بن كعب، قال: قال عبد الله بن أنيس فذكره. وسنده منقطع محمد بن كعب لم يدرك عبد الله بن أنيس. قوله: حتى برد، أي: مات. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (728)، والنسائي في "الكبرى" (491) من طريق النعمان بن سالم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26775)، و"صحيح ابن حبان" (2451). وأخرجه النسائي (1476) من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن عمرو بن أوس، به. وزاد فيه: أربع ركعات قبل الظهر، وركعتين بعد الظهر، وركعتين قبل العصر، وركعتين بعد المغرب، وركعتين قبل الصبح. وأخرجه ابن ماجه (1141)، والنسائي (1478) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، والترمذي (417)، والنسائي (1483) من طريق أبي إسحاق السبيعي، كلاهما عن المسيب بن رافع، عن عنبسة، به. وفي رواية السبيعي الزيادة المذكورة. =

1251 - حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا هُشيم، أخبرنا خالد (ح) وحدثنا مُسدَّدٌ، حدثنا يزيد بن زُرَيعْ، حدثنا خالد - المعنى - عن عبد الله ابن شَقِيق، قال: سألتُ عائشة عن صلاة رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - من التطوُّع، فقالت: كان يُصلّي قبلَ الظُّهر أربعاً في بيتي، ثم يخرجُ فيصلّي بالناس، ثم يرجع إلى بيتي فيصلّي ركعتين، وكان يصلّي بالناس المغرب، ثم يرجعُ إلى بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي بهم العِشاء, ثم يدخل بيتي فيصلّي ركعتين، وكان يُصلّي من الليل تسعَ ركعات فيهنَّ الوِترُ، وكان يُصلّي ليلاً طويلاً قائماً، وليلاً طويلاً جالساً، فإذا قرأ وهو قائم ركعَ وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد رَكَع وسجد وهو قاعد، وكان إذا طلع الفجرُ، صلَّى ركعتين، ثم يخرج فيُصلّي بالناس صلاةَ الفجر (¬1). 1252 - حدثنا القَعنبيُّ، عن مالك، عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يصلّي قبلَ الظهر ركعتين، وبعدها ركعتين، وبعد المغرب ركعتين في بيته، وبعد ¬

_ = وأخرجه النسائي (493) و (1474) من طريق يعلى بن أمية، عن عنبسة، به. وأخرجه النسائى (1481) من طريق أبي صالح السمان، عن أم حبيبة. وله طرق أخرى استوفيناها في "مسند أحمد" (26769). (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن مهران الحذاء. وأخرجه تاماً ومقطعاً مسلم (730)، وابن ماجه (1164)، والترمذي (438) والنسائي في "الكبرى" (334) من طريق خالد الحذاء، بهذا الإسناد وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (24019)، و"صحيح ابن حبان" (2475).

290 - باب ركعتي الفجر

صلاة العشاء ركعتين، وكان لا يصلّي بعد الجُمعة حتى ينصرفَ فيصلّي ركعتين (¬1). 1253 - حدثنا مُسدَّدٌ، حدثنا يحيى، عن شُعبة، عن إبراهيمَ بن محمد بن المُنتَشِر، عن أبيه عن عائشة: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان لا يدع أربعاً قبل الظُّهر، وركعتين قبل صلاة الغَداة (¬2). 290 - باب ركعتي الفجر 1254 - حدثنا مُسدَّدٌ، حدثنا يحيى، عن ابن جُرَيج، حدثني عطاء، عن عُبيد بن عُمير ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "الموطأ" 1/ 166، ومن طريق أخرجه البخاري (937)، ومسلم (882)، والنسائي في "الكبرى" (342) و (1757). وهو مختصر عند بعضهم. وأخرجه تاماً ومختصراً البخاري (1172) و (1180)، ومسلم (882)، وابن ماجه (1130)، والترمذي (427) و (432) و (435) و (529)، والنسائي (377) و (503) و (1758) و (1759) من طرق عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (5296)، و"صحيح ابن حبان" بإثر (2479). وانظر ما سلف برقم (1127) و (1132). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (1182)، والنسائي في "الكبرى" (1455) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (1454) من طريق عثمان بن عمر، عن شعبة، عن إبراهيم بن محمد، عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة، فزاد في السند: مسروقاً، قال النسائي: هذا الحديث لم يُتابِعه أحد على قوله: عن مسروق. وانظر ما سلف (1251).

291 - باب تخفيفهما

عن عائشة قالت: إن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يكُن على شيءٍ من النوافلِ أشدَّ معاهَدَه منه على الرَّكعتينِ قبلَ الصُبح (¬1). 291 - باب تخفيفهما 1255 - حدثنا أحمد بن أبي شُعيب الحرَّانيُّ، حدثنا زُهَير بن معاويةَ، حدثنا يحيى بنُ سعيد، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عَمرَةَ عن عائشة، قالت: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يُخفِّفُ الركعتينِ قبلَ صلاة الفجر حتى إني لأقولُ: هل قرأ فيهما بأُمِّ القرآن؟ (¬2). 1256 - حدثنا يحيى بنُ مَعين، حدثنا مروان بنُ معاوية، حدثنا يزيدُ بن كَيسَانَ، عن أبي حازم عن أبي هريرة: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قرأ في ركعتي الفجر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيِح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وأخرجه البخاري (1169)، ومسلم (724)، والنسائي في "الكبرى" (456) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24167)، و"صحيح ابن حبان" (2456). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (1171)، ومسلم (724)، والنسائى في "الكبرى" (1020) من طريقين عن محمد بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24125)، و"صحيح ابن حبان" (2466). (¬3) إسناده صحيح: أبو حازم: هو سلمان الأشجعي. وأخرجه مسلم (726)، وابن ماجه (1148)، والنسائى في "الكبرى" (1019) من طريق مروان بن معاوية، بهذا الإسناد.

1257 - حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا عبد الله بن العلاء، حدثني أبو زيادة عُبيدُ الله بن زيادة الكِنديُّ عن بلال أنه حدَّثه: أنه أتى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ليؤذِنَه بصلاة الغَداة، فشغلَت عائشةُ بلالاً بأمرٍ سألَته عنه حتى فضَحَه الصُبحُ، فأصبح جِدّاً، قال: فقام بلال َفآذنَه بالصلاة، وتابع أذانه، فلم يخرج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فلما خرج صلَّى بالناس، وأخبره أن عائشة شغلَتْه بأمر سألَتْه عنه حتى أصبحَ جِداً، وأنه أبطأ عليه بالخروج، فقال: "إني كنتُ ركعتُ ركعتي الفجر" فقال: يا رسولَ الله، إنك أصبحتَ جدّاً، قال: "لو أصبحتُ أكثرَ مما أصبحتُ لركعتُهما وأحسنتُهما وأجملْتُهما" (¬1). 1258 - حدثنا مُسدَّدٌ، حدثنا خالد، حدثنا عبدُ الرحمن - يعني ابن إسحاق المدني - عن ابن زيد، عن ابن سِيلان ¬

_ (¬1) رجاله ثقات إلا أنه منقطع بين عُبيد الله بن زيادة وبين بلال بن رباح، وما وقع هنا من التصريح بالسماع بينهما فهو وهم من أبي المغيرة واسمه عبد القدوس بن الحجاج، كما بسطناه في تعليقنا على "مسند أحمد". وهو في "المسند" (23910)، ومن طريقه أخرجه البيهقي 2/ 471. وأخرجه البزار (1381)، والطبراني في "الشاميين" (791)، والدولابي في "الكنى" 1/ 181، وابن عساكر في "تاريخه" 37/ 430 من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن عساكر 37/ 429 - 430 من طريق الوليد بن مسلم، عن عبد الله بن العلاء، به. وأخرجه أيضاً من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن أبي زيادة، به. قوله: "فضحه الصبح" أي: دهمه، وفُضحةُ الصبح: بياضه، والأفضَح: الأبيض ليس الشديد البياض، وقيل: فضحه، أي: كشفه وبيَّنه للأعين بضوئه، ويروى بالصاد المهملة، وهو بمعناه، وقيل: معناه أنه لما تبين الصبح جداً ظهرت غفلته عن الوقت، فصار كمن يفتضح بعيب ظهر منه. قاله في "النهاية".

عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تدَعُوهما وإن طَرَدَتْكم الخَيْلُ" (¬1). 1259 - حدثنا أحمدُ بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا عثمانُ بن حَكيم، أخبرني سعيدُ بنُ يسار عن عبد الله بن عباس، أن كثيراً مما كان يَقرأ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في ركعتي الفجر بـ {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} [البقرة: 136] هذه الآية، قال: هذه في الرَّكعة الأولى، وفي الرَّكعة الآخرة بـ {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52)} [آل عمران: 52] (¬2). 1260 - حدثنا محمد بن الصبَّاح بن سفيان، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عثمانَ بن عُمر - يعني ابنَ موسى - عن أبي الغَيث عن أبي هريرة: أنه سمع النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - يقرأ في ركعتي الفجر: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} [آل عمران: 84] في الركعة الأولى، وبهذه الآية (¬3): {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)} [آل عمران: 53] ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة ابن سيلان، وهو عبد ربه، وقيل: جابر، خالد: هو ابن عبد الله الطحان، وابن زيد: هو محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ. وأخرجه أحمد (9253)، والطحاوي 1/ 299، والخطيب في "الموضح" 2/ 246 من طريق خالد بن عبد الله الطحان، بهذا الإسناد. وفي باب المحافظة على ركعتي الفجر حديثُ عائشة السالف برقم (1254). (¬2) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه مسلم (727)، والنسائي في "الكبرى" (1018) من طرق عن عثمان بن حكيم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2038). (¬3) جاء في (د) ونسخة على هامش (أ): وفي الركعة الآخرة.

292 - باب الاضطجاع بعدها

الشَّاهِدِينَ (53)} [آل عمران: 53] أو {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} [البقرة: 119] شك الدَّرَاوَرديُّ (¬1). 292 - باب الاضطجاع بعدها 1261 - حدثنا مُسدد وأبو كامل وعُبيد الله بن عمر بن مَيسرة، قالوا: حدثنا عبدُ الواحد، حدثنا الأعمشُ، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا صلَّى أحدُكم الركعتينِ قبل الصُّبْح فليضطَجِع على يمينه"، فقال له مروانُ بن الحكم: أما يجزئ أحدَنا ممشاهُ إلى المسجد حتى يضطجع على يمينه؟ ¬

_ (¬1) ضعيف، عثمان بن عمر تفرد بهذا الحديث، ومثله لا يحتمل تفرده، لا سيما وقد خالف الحديث المحفوظ عن أبي هريرة وهو الحديث السالف برقم (1256)، وعثمان بن عمر هذا روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن معين: لا أعرفه وتبعه ابن عدي. ثم قد أخرجه البيهقي 3/ 43 من طريق سعيد بن منصور، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا الإسناد لكن جعل مكان الآية الأولى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ...} [البقرة: 136]، وفي الآية الثانية: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)} [آل عمران: 53]: وقال بإثره: هكذا أخبَرناه بلا شك، ثم أشار إلى رواية محمد بن الصباح أنها بالشك، وأنه قد تابعه على الشك إبراهيم بن حمزة عن الدراوردي، ولم يشر إلى اختلاف الرواة في الآية الأولى. قال صاحب "بذل المجهود" 6/ 382: فهذا الحديث (يقصد رواية البيهقي) يدل على أن ما في أبي داود لعله وهم من محمد بن الصباح، قال الحافظ في ترجمته من "التهذيب": قال يحيي: حدّث بحديث منكر، قال يعقوب: هذا حديث منكر جداً من هذا الوجه كالموضوع (يعني حديث المرجئة والقدرية)، ووثقه أبو زرعة ومحمد بن عبد الله الحضرمي.

قال عُبيد الله في حديثه: قال: لا، قال: فبلغ ذلك ابنَ عمر فقال: أكثرَ أبو هريرة على نفسه، قال: فقيل لابنِ عمر: هل تُنكِرُ شيئاً مما يقول؟ قال: لا، ولكنه اجترأ وجَبُّنَّا قال: فبلغ ذلك أبا هريرة، قال: فما ذنبي إن كنتُ حَفِظتُ ونَسُوا؟! (¬1). 1262 - حدثنا يحيى بن حكيم، حدثنا بِشرُ بن عمر، حدثنا مالك بن أنس، عن سالم أبي النضر، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا قضَى صلاتَه من آخر الليل نظر: فإن كنتُ مستيقظةً حدَّثني، وإن كنتُ نائمةً أيقظني، وصلَّى ¬

_ (¬1) صحيح من فعل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لا من قوله، عبد الواحد وهو ابن زياد العبدي قال الذهبي في "الميزان": احتجَّا به في "الصحيحين"، وتجنبا تلك المناكير التي نقمت عليه، وساق له هذا الحديث في منكراته. وقال البيهقي: فعله - صلَّى الله عليه وسلم - هو المحفوظ لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس. قلنا: وقد خالف عبد الواحد اثنان ثقتان: سهيل ابن أبي صالح ومحمد بن إبراهيم التيمي كما سيأتي. وأخرجه الترمذي (422) من طريق عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد، واقتصر على المرفوع منه. وقال: حسن صحيح غريب. وهو في "مسند أحمد" (9368) و"صحيح ابن حبان" (2468) من طريق عبد الواحد. وأخرجه ابن ماجه (1199)، والنسائي في "الكبرى" (1460) من طريقين عن سهيل بن أبي صالح، والبيهقي 3/ 45 من طريق محمد بن إبراهيم التيمي، كلاهما عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا صلَّى ركعتي الفجر اضطجع. ويشهد لفعله - صلَّى الله عليه وسلم - حديث عائشة التالي وهو في "الصحيحين".

الركعتين، ثم اضطجع حتى يأتيَه المؤذِّنُ فيؤذِنَه بصلاة الصُّبح، فيصلي ركعتينِ خفيفتين، ثم يخرجُ إلى الصلاة (¬1). 1263 - حدثنا مُسدَّد، حدثنا سفيانُ، عن زياد بن سعد، عمن حدَّثه ابنُ أبي عتاب أو غيرُه، عن أبي سلمة قال: قالت عائشة: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إذا صلَّى ركعتي الفجر، فإن كنت نائمةً اضطجع، وإن كنتُ مستيقظةَ حدَّثني (¬2). 1264 - حدثنا عبّاس العنبريُّ وزيادُ بنُ يحيي، قالا: حدثنا سهلُ بنُ حماد، عن أبي مَكِين، حدثنا أبو الفضل - رجل مِن الأنصار -، عن مسلم بن أبي بَكرة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (1161) و (1168)، ومسلم (743) (133)، من طريق سفيان ابن عيينة والترمذي (420) من طريق مالك، كلاهما عن سالم أبي النضر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24072). وانظر الحديث التالي. وسيأتي ضمن الحديث (1336) من طريق عروة عن عائشة ويأتى تخريجه هناك. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الواسطة بين زياد بن سعد وابن أبي عتاب واسمه زيد، لكن قد توبع في الإسناد السابق. وأخرجه الحميدى (176)، وإسحاق بن راهويه (1053)، ومسلم (743)، ويعقوب الفسوي في "المعرفة" 2/ 697، وأبو عوانة 2/ 277 و 278 والبيهقي 3/ 46 من طرق عن سفيان بن عيينة، عن زياد بن سعد، عن ابن أبي عتاب، به دون إبهام. قال الحميدي بإثره: كان سفيان يشك في حديث أبي النضر يضطرب فيه، وربما شك في حديث زياد، ويقول: يختلط عليّ، ثم قال لنا غير مرة: حديث أبي النضر كذا، وحديث زياد كذا، وحديث محمد بن عمرو بن علقمة كذا على ما ذكرت كل ذلك. قنا: طريق سفيان عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة أخرجها: الحميدي (177)، وعبد الرزاق (4718)، ويعقوب الفسوي في "المعرفة والتاريخ" 2/ 697. وطريق سفيان عن أبي النضر سلف تخريجها تحت الرواية (1262).

293 - باب إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتي الفجر

عن أبيه، قال: خرجتُ مع النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - لصلاة الصُّبح فكان لا يمرُّ برجُل إلا ناداه بالصلاة، أو حرَّكه برجله (¬1). قال زياد: قال: حدثنا أبو الفضيل. 293 - باب إذا أدرك الإمام ولم يصلِّ ركعتي الفجر 1265 - حدثنا سليمانُ بنُ حربِ، حدثنا حمادُ بنُ زيد، عن عاصم عن عبد الله بن سَرجس، قال: جاء رجل والنبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - يصلّي الصُبْحَ فصلَّى الركعتين، ثم دخل مع النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - في الصلاة، فلما انصرف قال: "يا فلان، أيَّتُهما صلاتُك: التي صلَّيتَ وحدكَ، أو التي صلَّيتَ معنا؟ " (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، أبو الفضل - وهو ابن خلف الأنصاري - مجهول. وأخرجه البيهقي 3/ 46 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. عاصم: هو ابن سليمان الأحول. وأخرجه مسلم (712)، وابن ماجه (1152)، والنسائي في "الكبرى" (943) من طرق عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس. وهو في "مسند أحمد" (20777)، و"صحيح ابن حبان " (2191). قال الإمام النووي: فيه دليل على أنه لا يصلي بعد الإقامة نافلة، وإن كان يدرك الصلاة مع الإمام، ورَّد على من قال: إن علم أنه يدرك الركعة الأولى والثانية يصلي النافلة. وقال ابن عبد البر: كل هذا إنكار منه لذلك الفعل، فلا يجوز لأحد أن يُصلي في المسجد شيئاً من النوافل إذا قامت المكتوبة. وقال ابن قدامة في "المغني" 2/ 119: وإذا أقيمت الصلاة، لم يشتغل عنها بنافلة سواء خشي فوات الركعة الأولى أم لم يخش، وبهذا قال أبو هريرة وابن عمر وعُروة، وابن سيرين، وسعيد بن جبير والشافعي وإسحاق وأبو ثور. وروي عن ابن مسعود أنه دخل والإمام في صلاة الصبح، فركع ركعتي الفجر، وهذا مذهب الحسن ومكحول ومجاهد وحماد بن أبي سليمان. =

294 - باب من فاتته، متى يقضيها؟

1266 - حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا حمادُ بنُ سلمة (ح) وحدثنا أحمدُ بن حنبل، حدثنا محمدُ بنُ جعفر، حدثنا شعبةُ، عن وَرْقاء (ح) وحدَثنا الحسنُ بنُ علي، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جُريج (ح) وحدَّثنا الحسنُ بن عليّ، حدثنا يزيد بن هارون، عن حمَّاد بن زيد، عن أيوب (ح) وحدثنا محمد بن المتوكل، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا زكريا بن إسحاق، كلُّهم عن عمروبن دينار، عن عطاء بن يسار عن أبي هُريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا أُقِيمَتِ الصلاةُ، فلا صَلاةَ إلا المكتوبةُ" (¬1). 294 - باب من فاتته، متى يقضيها؟ 1267 - حدثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدثنا ابن نُمير، عن سعدِ بن سعيد، حدثني محمدُ بنُ إبراهيم عن قيس بن عمرو قال: رأى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - رجلاً يُصلّي بعد صلاةِ الصبح ركعتين، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "صلاةَ الصبح ركعتين؟! " (¬2) ¬

_ = وقال مالك: إن لم يخف فوات الركعة ركعهما خارج المسجد. وقال الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز وأبو حنيفة: يركعهما إلا أن يخاف فوات الركعة الأخيرة. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (710)، وابن ماجه (1151)، والترمذي (423)، والنسائي في "الكبرى" (939) و (940) من طرق عن عمرو بن دينار، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8379)، و"صحيح ابن حبان" (2190) و (2193). (¬2) كذا جاء في (أ) و (د) و (هـ) و (و): "صلاة الصبح ركعتين؟! " ووجهه كما قال الطيبي: أن "ركعتين" منصوب بفعل مُضمر تقديره: أتصلي بعد صلاة الصبح ركعتين وليس بعدها صلاة، وتبعه ابن حجر، فقال: أي: أتصلي صلاة الصبح وتصلي بعدها =

295 - باب الأربع قبل الظهر وبعدها

فقال الرجل: إني لم أكن صلَّيتُ الركعتين اللتين قبلهما، فصليتُهما الآن، فسكتَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 1268 - حدثنا حامدُ بن يحيى البَلخي، قال: قال سفيان: كان عطاءُ بن أبي رباح يحدِّث بهذا الحديث عن سعد بن سعيد (¬2). قال أبو داود: وروى عبدُ ربه ويحيى ابنا سعيد هذا الحديث: أن جدَّهم زيداً صلّى مع النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -. 295 - باب الأربع قبل الظُّهر وبعدها 1269 - حدثنا مؤمّلُ بن الفضل، حدثنا محمد بن شُعيب، عن النعمان، عن مكحول، عن عنْبسَةَ بن أبي سفيان، قال: ¬

_ = ركعتين ركعتين، وقد علمت أنه لا صلاة بعدها، فالاستفهام المقدر للإنكار وركعتين الثاني تأكيد لفظي. وجاء في هامش (د) ما نصه: قال ابنُ ناصر: كذا في الأصل. وصوابُه "مرتين". قلنا: ويؤيد ذلك رواية أحمد في "مسنده " (23760)، ورواية ابن ماجه (1154) عن أبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما (أحمد بن حنبل وأبو بكر بن أبي شيبة) عن عبد الله بن نمير، به، ولفظه: "أصلاة الصبح مرتين؟! " ورواه الترمذي (424) من طريق عبد العزيز بن محمد عن سعد بن سعيد، به بلفظ: "مهلاً يا قيس، أصلاتان معاً؟! ". (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن محمد بن إبراهيم التيمي لم يسمع من قيس بن عمرو فيما قاله الترمذي والطحاوي. وقد بسطنا طرقه والكلام عليه في "مسند أحمد" (23760). وأخرجه ابن ماجه (1154) من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (424) من طريق عبد العزيز الدراوردي، عن سعد بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، عن قيس جد سعد بن سعيد فذكره عن نفسه. وانظر أقوال أهل العلم في حكم من فاتته الركعتان فيما علَّقنا على "المسند" عند الحديث المذكور. (¬2) وصله مرسلاً عبد الرزاق (4016)، وعنه أحمد في "مسنده" (23761).

قالت أمُ حبيبة زوج النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَافظَ على أربعِ رَكَعاتِ قبلَ الظهر وأربعٍ بَعدَها حُرِّم على النار" (¬1). قال أبو داود: رواه العلاء بنُ الحارثِ وسليمانُ بنُ موسى، عن مكحولٍ مثلَه. 1270 - حدثنا ابنُ المثنى، حدثنا محمدُ بنُ جعفر، حدثنا شعبةُ، قال: سمعتُ عُبيدة يحدّث، عن إبراهيم، عن ابن مِنْجاب، عن قَرثَع عن أبي أيوب، عن النبيّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "أربع قبلَ الظهر لَيسَ فيهنَ تسليم تُفْتَحُ لَهُن أبوابُ السماء" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد منقطع، قال النسائي بإثره: مكحول لم يسمع من عنبسة شيئاً، وكذلك قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 160، وكذلك قال أبو زرعة وهشام بن عمار كما في "اختصار السنن" للمنذري 2/ 79، لكن الحديث قد جاء من طريق آخر كما سيأتي. النعمان: هو ابن المنذر الغسَّاني. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1485) و (1491) من طريقين عن مكحول، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (430)، والنسائي (1489) من طريق القاسم بن عبد الرحمن، والنسائي (1484) من طريق حسان بن عطية، والترمذي (429)، والنسائي (1490) من طريق عبد الله الشعيثي، ثلاثتهم عن عنبسة، به. وهو في "مسند أحمد" (26764) و (26772). وأخرجه النسائي (1486) من طريق سليمان بن موسى الأشدق، عن محمد بن أبي سفيان، عن أخته أم حبيبة، به. قال المزي في ترجمة محمد بن أبي سفيان: قال مروان بن محمد عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان عن أخته. وهكذا قال غيرُ واحد عن مكحول، وهو المحفوظ. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبيدة - وهو ابن معتِّب الضبي - وضعف قرثع الضبي، ثم هو مضطرب كما أوضحناه في "مسند أحمد" (23532). إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي.

296 - باب الصلاة قبل العصر

قال أبو داود: بلغني عن يحيى بن سعيد القطَّان قال: لو حدَّثتُ عن عُبيدة بشيء لحدَّثت عنه بهذا الحديث. قال أبو داود: عُبيدةُ ضعيف. قال أبو داود: ابن مِنْجاب هو سهم. 296 - باب الصلاة قبل العصر 1271 - حدَّثنا أحمدُ بن ابراهيم، حدثنا أبو داود، حدثنا محمدُ بن مِهران القُرشي، حدثني جدّي أبو المثنى عن ابن عمر قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "رَحِم الله امْرَأَ صلّى قبلَ العصر أربعاً" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1157) من طريق وكيع، عن عبيدة، عن إبراهيم النخعي، عن سهم بن منجاب، عن قزعة بن يحيي، عن قرثع، عن أبي أيوب، بزيادة قزعة بن يحيي. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 199، وأحمد (23551)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 279 - 280، وابن خزيمة (1215)، وابن حبان في "الثقات" 5/ 163 - 164، والطبراني في "الكبير" (4037) و (4038)، والبيهقي 2/ 489 من طريق شريك النخعي، عن الأعمش، عن المسيب بن رافع، عن علي بن الصلت، عن أبي أيوب وعلي بن الصلت روى عنه ثلاثة من الثقات: الحسن بن علي بن عفان العامري، والمسيب بن رافع، ومنجاب بن الحارث، وذكره ابن حبان في الثقات، وشريك بن عبد الله حديثه حسن في المتابعات. وله شاهد من حديث عبد الله بن السائب عند أحمد (15396) بإسناد صحيح وحسنه الترمذي (478). (¬1) إسناده حسن. وأخرجه الترمذي (432) من طرق عن أبي داود الطيالسي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (5980)، و"صحيح ابن حبان" (2453). وفي الباب عن علي عند أحمد (650).

297 - باب الصلاة بعد العصر

1272 - حدثنا حفصُ بن عُمرَ، حدثنا شعبةُ، عن أبي إسحاقَ، عن عاصم ابن ضَمرة عن عليّ: أن النبيّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان يُصلّي قبلَ العَصرِ رَكعَتَين (¬1). 297 - باب الصلاة بعد العصر 1273 - حدثنا أحمدُ بنُ صالح، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو ابنُ الحارث، عن بُكير بن الأشج، عن كُريب مولى ابن عباس: أن عبدَ الله بن عباس وعبدَ الرحمن بن أزْهر والمسور بن مَخرمة أرسلوه إلى عائشةَ زوجِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقالوا: اقرأ عليها السلامَ منا جميعاً، وسَلْها عن الرَّكعتين بعدَ العصرِ، وقل: إنا أُخبرنا أنكِ تُصلينَهما، وقد بلغنا أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عنهما، فدخلتُ عليها فبلَّغتُها ما أرسلوني به، فقالت: سَلْ أمَّ سلمة، فخرجتُ إليهم فأخبرتُهم بقولها، فردُّوني ¬

_ (¬1) حسن بلفظ أربع ركعات وليس ركعتين، فإنها شاذة انفرد بها حفص بن عمر عن شعبة، وأصحاب شعبة يروونه: أربع ركعات على الجادة، ورواه غير شعبة أيضاً عن أبي إسحاق على الجادة. ولم يتفطن لهذا الإمام النووي، فصححه في شرحه على مسلم عند الحديث (728) وتبعه بعض الشراح. وأخرجه أحمد (1375)، والترمذي (605) من طريق محمد بن جعفر، والترمذي (604) من طريق وهب بن جرير، والنسائي في "الكبرى" (337) و (346) من طريق يزيد بن زريع، وفي "الكبرى" (343) (472) من طريق خالد بن الحارث، أربعتهم عن شعبة، بهذا الإسناد، بلفظ: أربع ركعات. وأخرجه أحمد (650)، وابن ماجه (1161) من طريق سفيان الثوري وإسرائيل والجراح، والترمذي (431) من طريق سفيان الثوري، وأحمد (1257) من طريق مسعر، وعبد الله بن أحمد (1202) من طريق أبي عوانة، والنسائي في "الكبرى" (335) و (345) و (473) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، وبرقم (338) من طريق زهير بن معاوية، سبعتهم عن أبي إسحاق، به بلفظ: أربع ركعات.

298 - باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة

إلى أمِّ سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة، فقالت أمُّ سلمةَ: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ينهى عنهما، ثم رأيتُه يُصليهما، أما حين صلاهما، فإنه صلَّى العصر، ثم دخل وعندي نسوة من بني حَرامٍ من الأنصار، فصلاّهما، فأرسلتُ إليه الجاريةَ، فقلتُ: قومي بجنبه فقولي له: تقولُ أمُّ سلمة: يا رسول الله، أسمعُكَ تنهى عن هاتين الركعتين، وأراك تصلّيهما! فإن أشار بيده، فاستأخري عنه، قالت: ففعلتِ الجاريةُ، فأشار بيده، فاستأخرَتْ عنه، فلمَّا انصرف قال: "يا ابنةَ أبي أميَّهَ، سألت عن الرَّكعتين بعدَ العصرِ، إنه أتاني ناسٌ من عبد القيس بالإسلام مِنْ قومهم، فشغلوني عن الرَّكعتين اللَّتين بعد الظهر، فهما هاتان" (¬1). 298 - باب من رخص فيهما إذا كانت الشمسُ مرتفعةً 1274 - حدثنا مسلمُ بنُ ابراهيم، حدثنا شُعبة، عن منصورِ، عن هلال بن يساف، عن وهب بن الأجدع عن عليّ: أن النبيّ - صلَّى الله عليه وسلم - نَهَى عن الصَّلاة بعد العصر إلا والشمسُ مرتفعه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (1233) و (4370)، ومسلم (834) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (348) من طريق عبد الله بن شداد، و (1569) من طريق أبي سلمة، و (1570) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، ثلاثتهم عن أم سلمة مختصراً. (¬2) حديث صحيح. وهب بن الأجدع: هو الخارفي الكوفي، ذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من أهل الكوفة، وقال: كان قليل الحديث، روى عنه عامر الشعبي =

1275 - حدثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاقَ، عن عاصم بن ضَمرَة عن علي قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُصلي في إثر كل صلاةٍ مكتوبةٍ ركعتينِ إلا الفجرَ والعصرَ (¬1). ¬

_ = وهلال بن يساف، وذكره ابن حبان في الثقات، ووثقه العجلي، وباقي رجاله ثقات. منصور: هو ابن المعتمر. وحسنه الحافظ في "الفتح" 2/ 61، وصححه ابن العراقي في "طرح التثريب" 2/ 187. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (371) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (610)، و"صحيح ابن حبان" (1562). وله طريق آخر يتقوى به عند أحمد (1076) عن علي بسند قوي، وصححه ابن خزيمة (1286). وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند أبي يعلى في "مسنده" (1462) ولفظه: "لا تصلوا عند طلوع الشمس ولا عند غروبها فإنها تطلع وتغرب على قرن شيطان، وصلوا بين ذلك ما شئتم" وسنده حسن. قال السندي في تعليقه على "المسند": إن هذا الحديث يدل على أن النهي إنما هو عن الصلاة عند الغروب، لا عن الصلاة بعد العصر، وقد جاء النهي بعد العصر مطلقاً، وهذا الحديث رجاله ثقات كأحاديث الإطلاق، وقد جاءت أحاديث أخر موافقة لهذا الحديث الدال على التقييد أيضاً، فالوجه أن يقال: إن النهي عن الصلاة بعد العصر مطلقاً لئلا تكون ذريعة الى الصلاة وقت الغروب، وعلى هذا التأويل تدل بعض الروايات عن عمر وغيره، والله تعالى أعلم. (¬1) إسناده قوى. عاصم بن ضَمرة: هو السلولي الكوفي، وثقه ابن المديني وابن سعد والعجلي، وقال النسائي ليس به بأس، وقال البزار: هو صالح الحديث، وباقي رجاله ثقات. وابن كثير: هو محمد العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (339) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1012).

1276 - حدثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدثنا أبانُ، حدثنا قتادةُ، عن أبي العالية عن ابن عباس قال: شهد عندي رجالٌ مرضيُّون، فيهم عُمَرُ بن الخطاب، وأرضاهم عندي عُمَرُ، أن نبي الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا صَلاةَ بَعدَ صلاةِ الصبح حتى تَطلُعَ الشمسُ، ولا صَلاةَ بَعدَ صلاةِ العصرِ حتى تَغرُبَ الشمسُ" (¬1). 1277 - حدثنا الربيعُ بنُ نافع، حدثنا محمدُ بنُ المهاجر، عن العباسِ بنِ سالم، عن أبي سلاّم، عن أبي أمامَة عن عمرو بن عبَسَة السُّلمي أنه قال: قلت: يا رسول الله، أيُّ الليلِ أسمعُ؟ قال: "جَوفُ الليل الآخر، فصلِّ ما شئتَ، فإن الصلاةَ مشهودةٌ مكتوبةٌ، حتى تُصلّيَ الصبح، ثم أَقصِر حتى تَطلُعَ الشمسُ، فترتفعَ قِيسَ رُمْحٍ، أو رمحين، فإنها تَطلعُ بين قَرنَي شيطان، ويصلي لها الكفارُ، ثم صل ما شئت، فإن الصلاة مشهودةٌ مكتوبةٌ، حتى يَعدِلَ الرمحُ ظلّه، ثم أقْصِرْ، فإن جهنم تُسجَرُ وتفتحُ أبوابُها، فإذا زاغتِ الشمسُ، فصلِّ ما شئتَ، فإن الصلاةَ مشهودة، حتي تُصلّيَ العصرَ، ثم أقصِرْ حتى تغرب الشمسُ، فإنها تَغرُبُ بين قَرني شيطانٍ، ويصلّي لها الكفارُ"، وقصَّ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العطار، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وأبو العالية: هو رُفيع بن مِهران الرِّياحي. وأخرجه البخاري (581)، ومسلم (826)، وابن ماجه (1250)، والترمذي (181)، والنسائي في "الكبرى" (367) من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (110). وأخرجه مختصراً بالنهي عن الصلاة بعد العصر النسائي (368) من طريق طاووس عن ابن عباس.

حديثاً طويلاً قال العباس: هكذا حدثني أبو سلاّم، عن أبي أمامة، إلا أن أُخطى شيئاً لا أريدُه، فأستغفرُ الله وأتوبُ إليه (¬1). 1278 - حدثنا مسلمُ بن إبراهيم، حدثنا وُهَيبٌ، حدثنا قدامةُ بنُ موسى، عن أيوب بن حُصين، عن أبي علقمة، عن يسار مولى ابن عمر، قال: رآني ابنُ عمر وأنا أُصَلّي بعد طلوع الفجر، فقال: يا يسار، إن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خَرَجَ علينا ونحق نُصلي هذه الصلاة، فقال: "ليُبلّغْ شاهدُكم غائِبَكم، لا تُصلُّوا بعد الفَجرِ إلا سَجدَتين" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو سلام: هو ممطور الأسود الحبشي، وأبو أمامة: هو صدي بن عجلان. وأخرجه مسلم (832)، والترمذي (3896) مختصراً، والنسائى في "الكبرى" (176) و (1556) من طرق عن أبي أمامة، بهذا الإسناد، ورواية مسلم مطولة دون ذكر صلاة جوف الليل الآخر. وأخرجه ابن ماجه (1251)، والنسائي (1573) من طريق عبد الرحمن ابن البَيلَمَاني، عن عمرو بن عَبَسَةَ. وهو في "مسند أحمد" (17019) مطولاً. قوله: "فإن الصلاة مشهودة مكتوبة"، قال الخطابي: معناه أن الملائكة تشهدها وتكتب أجرها للمصلي. ومعنى قوله: "حتى يعدل الرمح ظله" وهو إذا قامت الشمس قبل أن تزول، فإذا تناهى قصر الظل، فهو وقت اعتداله، وإذا أخذ في الزيادة، فهو وقت الزوال. (¬2) حديث صحيح بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف. أيوب بن الحصين، - وعند الترمذي: محمد بن الحصين، وهو الأصح - قال الدارقطني: مجهول. وهيب: هو ابن خالد بن عجلان، وأبو علقمة: هو الفارسي مولى ابن عباس. وأخرجه ابن ماجه (235)، والترمذي (421) من طريق عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَردى، عن قدامة بن موسى، بهذا الإسناد. ولم يقل ابن ماجه في روايته "لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين"، ولم يذكر الترمذيُ قوله: "ليبلغ شاهدكم غائبكم". وهو في "مسند أحمد" (4756) و (5811).

1279 - حدثنا حفصُ بنُ عمر، حدثنا شُعبةُ، عن أبي إسحاق، عن الأسود ومسروق، قالا: نَشهَدُ على عائشة أنها قالت: ما مِن يومِ يأتي على النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - إلا صَلّى بَعْدَ العَصرِ رَكعَتين (¬1). ¬

_ = وقال الترمذي: حديثُ ابن عمر حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث قدامة بن موسى، وروى عنه غير واحد. وهو ما أجمع عليه أهلُ العلم، كرهوا أن يُصليَ الرجل بعدَ طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر. ومعنى هذا الحديث: إنما يقول: لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر. وقال الحافظ في "التلخيص" 1/ 191: ودعوى الترمذي الإجماع على كراهة التطوع بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر عجيب، فإن الخلاف فيه مشهور حكاه ابن المنذر وغيره، وقال الحسن البصري: لا بأسَ به، وكان مالك يرى أن يفعله من فاتته صلاة بالليل، وقد أطنب في ذلك محمد بن نصر في"قيام الليل"، وطرق حديث الباب يقوي بعضها بعضا فتنهض للاحتجاج بها على الكراهة. (¬1) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله بن عُبيد، والأسود: هو ابن يزيد بن قيس النخعي، ومسروق: هو ابن الأجدع بن مالك. وأخرجه البخاري (593)، ومسلم (835) (301)، والنسائي في "الكبرى" (1567) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (592)، ومسلم (835) (300)، والنسائي (372) و (1566) من طريق الأسود، به. وأخرجه البخاري (591)، ومسلم (835) (299)، والنسائي (1565) عن عروة ابن الزبير، ومسلم (835) (298)، والنسائى (1568) من طريق أبي سلمة، والبخاري (1631) من طريق عبد الله بن الزبير، ثلاثتهم عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24235)، و"صحيح ابن حبان" (1573). قال الخطابي: صلاة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في هذا الوقت قيل: إنه مخصوص بذلك، وقيل: إن الأصل فيه أنه صلاها يوما قضاء لفائت ركعتي الظهر، وكان - صلَّى الله عليه وسلم - إذا فعل فعلاً، واظب عليه ولم يقطعه فيما بعد. وقيل: إنه صلَّى بعد العصر تنبيهاً لأمته أن نهيه - صلَّى الله عليه وسلم - عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر على وجه الكراهية لا على وجه التحريم.

299 - باب الصلاة قبل المغرب

1280 - حدثنا عُبيدُ الله بن سعد، حدثنا عمي، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ذكوان مولى عائشة أنها حدثته أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يُصلّي بَعدَ العَصْرِ، ويَنْهَى عنها، ويُواصِلُ، وينهى عن الوصال (¬1). 299 - باب الصلاة قبل المغرب 1281 - حدثنا عُبيدُ الله بن عمر، حدثنا عبد الوارث بن سعيد، عن الحسين المعلم، عن عبد الله بن بُريدة عن عبد الله المزني، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "صَلُّوا قَبلَ المغرِبِ ركعتينِ"، ثم قال: "صَلُّوا قبلَ المغربِ رَكعتينِ لمن شاء" خشية أن يتَّخذها الناسُ سُنة (¬2). ¬

_ (¬1) محمد بن إسحاق مدلى وقد رواه بالعنعنة، وباقي رجاله ثقات. عبيد الله ابن سعد: هو عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وعمه: هو يعقوب بن إبراهيم، وأبو يعقوب: هو إبراهيم بن سعد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (3899) من طريق عبد الرحمن بن مغراء، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. دون ذكر الوصال. وأخرج النهي عن الوصال البخاري (1964)، ومسلم (1105) من طريق عروة عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24586). وانظر ما قبله. ومعنى "يواصل" أي: في الصيام، بأن يصوم ولا يفطِر يومين أو أياماً. (¬2) إسناده صحيح. حسين المعلم: هو حسين بن ذكوان المُعَلّم المُكتِب العَوذي، وعبد الله المزني: هو عبد الله بن مُغَفل. وأخرجه البخاري (1183) و (7368) من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. ولفظه عند البخاري دون قوله: "ركعتين".

1282 - حدثنا محمدُ بنُ عبد الرحيم البزاز، أخبرنا سعيدُ بنُ سليمان، حدثنا منصورُ بنُ أبي الأسود، عن المختار بن فُلفُل عن أنس بن مالك، قال: صلَّيتُ الركعتينِ قَبلَ المغرب على عهدِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: قلتُ لأنس: أرآكم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ قال: نعم، رآنا، فلم يأمرنا ولم ينْهَنَا (¬1). 1283 - حدثنا عبد الله بنُ محمد النفَيلي، حدثنا ابنُ عُليةَ، عن الجريريّ، عن عبد الله بن بُريدة عن عبد الله بن مُغفَّل، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "بين كُلِّ أذانين صلاةٌ، بين كُل أذانين صلاة، لمَن شَاء" (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (20552)، و"صحيح ابن حبان" (1588). وانظر ما سيأتي برقم (1283). قال المحب الطبري: لم يرد نفي استحبابها، لأنه لا يمكن أن يأمر بما لا يستحب، بل هذا الحديث من أقوى الأدلة على استحبابها، ومعنى قوله: "سنة" أي: شريعة وطريقة لازمة، وكأن المراد بانحطاط مرتبتها عن رواتب الفرائض. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (836) من طريق محمد بن الفضيل، عن المختار، به. وأخرجه البخاري (625) من طريق عمرو بن عامر الأنصاري، ومسلم (837) من طريق عبد العزيز بن صهيب، كلاهما عن أنس بن مالك. (¬2) إسناده صحيح. ابن عُلَية: هو إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، والجُرَيري: هو سعيد بن إياس، وقد سمع منه ابنُ علية قبل الاختلاط. وأخرجه البخاري (624)، ومسلم (838) من طريقين عن الجريري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20574)، و"صحيح ابن حبان" (1560). وأخرجه البخاري (627)، ومسلم (838)، وابن ماجه (1162)، والترمذي (183)، والنسائي في "الكبرى" (374) و (1657) من طرق عن كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن بريدة، به. =

1284 - حدثنا ابنُ بشارِ، حدثنا محمدُ بن جعفرٍ، حدثنا شُعبةُ، عن أبي شعيبِ، عن طاووس، قال: سئل ابنُ عمر عن الركعتين. قبلَ المغرب، فقال: ما رأيت أحداً على عهد رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُصليهما، ورَّخصَ في الركعتين بعدَ العصر (¬1). قال أبو داود: سمعت يحيى بن معين يقول: هو شعيب - يعني وهم شعبة في اسمه -. ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (16790)، و"صحيح ابن حبان" (1559). وانظر ما سلف برقم (1281). قال الخطابي: وأراد بالأذانين: الأذان والإقامة، حمل أحد الاسمين على الآخر، والعرب تفعل ذلك، كقولهم: الأسودان للتمر والماء، وكقولهم: سيرة العمرين يريدون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وإنما فعلوا ذلك، لأنه أخف على اللسان من أن يثبتوا كل اسم على حدته، ويذكروه بخاص صفته. (¬1) أبو شعيب - صوابه: شعيب، كما قال ابنُ معين فيما نقله عنه المصنف - هو صاحب الطيالسة، روى عنه جمع، وقال ابن معين: مشهور بصرى، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات، ولكن أعله صاحب "عون المعبود" 4/ 115 بشعيب هذا، فقال: وعندي أن هذا الحديث وهم من شعيب الراوي عن طاووس، وتفرد بروايته عن طاووس، وكيف تصح هذه الرواية، وقد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يصلون قبل المغرب ركعتين، فمن الصحابة أنس وعبد الرحمن بن عوف وأُبي بن كعب وأبو أيوب الأنصاري وأبو الدرداء وجابر بن عبد الله وغيرهم، ورواية هؤلاء مروية في "قيام الليل" لمحمد بن نصر. ابن بشار: هو محمد العبدي، وطاووس: هو ابن كيسان اليماني. وأخرجه البيهقي 2/ 476 - 477، وعبد بن حميد في"مسنده" (804) من طريق شعبة، بهذا الإسناد.

300 - باب صلاة الضحى

300 - باب صلاة الضحى 1285 - حدثنا أحمدُ بن مَنيعِ، عن عبّاد بن عبّاد (ح) وحدَثنا مُسدَد، حدثنا حمادُ بن زيد - المعنى - عن واصلٍ، عن يحيي بن عُقيل، عن يحيى بن يَعمَر عن أبي ذر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "يُصبِحُ على كُل سُلامَى من ابن آدم صَدَقة: تسليمُه على من لقي صدقة، وأمرُه بالمعروف صدقة، ونهيُه عن المنكر صدقة، وإماطتُه الأذى عن الطريق صدقة، وبُضعةُ أهلِه صدقة، ويجزئ من ذلك كله ركعتان من الضحى" (¬1). وحديثُ عباد أتمُ، ولم يذكر مسدد الأمرَ والنهي، زاد في حديثه: وقال: كذا وكذا، وزاد ابنُ منيع في حديثه: قالوا: يا رسول الله، أحدُنا يقضي شهوته، وتكون له صدقة؟ قال: "أرأيتَ لو وضعها في غير حِلها ألم يكن يأثمُ؟ ". 1286 - حدثنا وهبُ بن بقية، أخبرنا خالد، عن واصلِ، عن يحيي بن عُقيل، عن يحيي بن يَعْمَر، عن أبي الأسود الدِّيلي، قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عباد بن عباد: هو ابن حبيب بن المهلب بن أبي صفرة العتَكي الأزدي، وواصل: هو مولى أبي عيينة. وأخرجه مسلم (720) من طريق مهدي بن ميمون، عن واصل، بهذا الإسناد. دون ذكر التسليم وإماطة الأذى والبُضعة، وسيتكرر برقم (5243). وانظر "صحيح ابن حبان" (4192). وانظر ما بعده. والسُّلاَميَ، بضم السين وتخفيف اللام، جمع سلامية، وهي الأنملة من أنامل الأصابع، وقيل: واحده وجمعه سواء، وتجمع على سلاميات، وهي التي بين كل مفصلين من أصابع الإنسان، والبُضعُ بضم الباء: الجماع.

بينما نحن عند أبي ذر، قال: يُصبِحُ على كل سُلامَى من أحدكم في كل يوم صدقةٌ، فله بكل صلاةٍ صدقةٌ، وصيامٍ صدقةٌ، وحَج صدقةٌ، وتسبيحٍ صدقةٌ، وتكبيرٍ صدقةٌ، وتحميدٍ صدقةٌ، فعدَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - من هذه الأعمالِ الصالحةِ، ثم قال: "يجزئ أحدَكم من ذلك رَكعَتا الضحى" (¬1). 1287 - حدثنا محمدُ بنُ سلمَة المراديُ، حدثنا ابنُ وهب، عن يحيي بن أيوب، عن زبَّان بن فائد، عن سهلِ بنِ معاذ بن أنس الجُهني عن أبيه، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ قَعَدَ في مصلاه حين ينصرِفُ مِن صلاة الصبح حتى يُسبِّحَ ركعتي الضحى لا يقولُ إلا خيراً، غُفِرَ له خطاياه، وإن كانت أكثرَ مِن زبَدِ البحر" (¬2). 1288 - حدثنا أبو توبةَ الربيعُ بنُ نافع، حدثنا الهيثمُ بن حُميد، عن يحيي ابن الحارث، عن القاسِم أبي عبد الرحمن ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي، وواصل: هو مولى أبي عيينة، وأبو الأسود الديلي: هر ظالم بن عمرو بن سفيان. وأخرجه مسلم (720) من طريق مهدي بن ميمون، عن واصل، بهذا الإسناد دون ذكر الصلاة والحج والصوم. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف. زَبَّان بن فائد ضعيف، وكذا سهل بن معاذ. ابن وهب: هو عبد الله القرشي. وأخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 296، والطبراني في "المعجم الكبير" 20/ (442)، والبيهقي 3/ 49 من طرق عن زبّان بن فائد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15623).

عن أبي أمامة أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "صَلاة في إثرِ صلاةِ لا لَغوَ بينَهما كتابٌ في عليين" (¬1). 1289 - حدثنا داود بنُ رُشيد، حدثنا الوليدُ، عن سعيد بن عبد العزيز، عن مكحولٍ، عن كثير بن مرة عن نعيم بن همّار، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "يقول الله عز وجل: يا ابنَ آدم لا تُعجِزني مِن أربعِ ركعاتِ في أولِ نهارِكَ أكفِكَ آخِرَه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد سلف بأطول مما هنا برقم (558) وانظر تخريجه هناك. وقوله: "في عليين" قال في "النهاية": هو اسم للسماء السابعة، وقيل: اسم لديوان الملائكة الحفظة ترفع اليه أعمالُ الصالحين، وقيل: هو أعلى الأمكنة، وأشرف المراتب، وأقربُها من الله في الدار الآخرة. وعليون: جمع عِز أو هو اسم مكان، وجرى مجرى جمع العقلاء فرفع بالواو، ونصب وجُر بالياء مع فوات شرط العقل. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد. رجاله ثقات، وقد صرح الوليد بن مسلم بالتحديث عند أحمد (22470) لكن اختلف في إسناده كما هو مبين في "مسند أحمد" (22469 - 22476). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (466) من طريق خالد بن مَعدَان، و (468) من طريق أبي الزاهرية حُدَير بن كُرَيب، و (469) من طريق العلاء بن الحارث، عن مكحول، ثلاثتهم عن كثير بن مرة، عن نعيم. وأخرجه النسائى (467) من طريق سليمان بن موسى، عن مكحول، عن كثير بن مرة، عن قيس الجذامي، عن نعيم. وأخرجه أيضاً (470) من طريق يحيي بن إسحاق، عن سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، عن أبي مرة الطائفي. وله شاهد من حديث أبي الدرداء وأبي ذر عند الترمذي (479) بسند حسن. =

1290 - حدثنا أحمدُ بنُ صالح وأحمدُ بن عمرو بن السَّرح، قالا: حدثنا ابنُ وهب، حدثني عياضُ بنُ عبد الله، عن مَخرَمة بن سليمان، عن كريبِ مولى ابن عباس عن أمِّ هانئ بنت أبي طالب: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يومَ الفتحِ صلّى سُبحة الضُّحى ثمانيَ ركعاتِ يُسلّم من كل ركعتين - قال أحمدُ بن صالح: إن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يوم الفتح صلَّى سُبحةَ الضحى، فذكر مثله، قال ابنُ السرح: إن أم هانئ قالت: دخل عليَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ولم يذكر سُبحَة الضحى، بمعناه (¬1). 1291 - حدثنا حفصُ بنُ عمر، حدثنا شعبةُ، عن عمرو بن مرة، عن ابن أبي ليلى، قال: ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صلّى الضحى غيرُ أم هانئ، فإنها ذكرت أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة اغتسل في بيتها، وصلى ثماني ركعات، فلم يره أحد صلاهن بعد (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (27480) و (27550). وآخر من حديث عقبة بن عامر عند أحمد (17390). وقوله: لا تعجزني من الإعجاز بمعنى الفوت، والسبق، أي: لا تفتني ولا تسبقني. (¬1) إسناده ضعيف. عياض بن عبد الله - وهو الفهري - قال البخارى: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بالقوى، وذكره العقيلي في"الضعفاء"، وقال: حديثه غير محفوظ. وأخرجه ابن ماجه (1323) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وانظر ما يأتي. (¬2) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج الواسطي، وابن أبي ليلى: هو عبد الرحمن الأنصارى. =

1292 - حدثنا مُسدَّدٌ، حدثنا يزيدُ بن زُرَيع، حدثنا الجُريريُّ، عن عبد الله ابن شقيق قال: سألت عائشة: هل كانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُصلّي الضحى؟ فقالت: لا، إلا أن يجيءَ من مَغِيبه، قلت: هل كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَقرنُ بين السُورِ؟ قالت: من المُفصَّل (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1103) و (1176) و (4292)، ومسلم (719) (80)، والترمذي (478)، والنسائي في "الكبرى" (490) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (357) و (6158)، ومسلم (336) و (719) (82)، والترمذي (2932)، والنسائي (224) من طريق أبي مرة مولى أم هانئ، ومسلم (719) (81)، وابن ماجه (1379)، والنسائي (487) و (488) من طريق عبد الله بن الحارث، كلاهما عن أم هانئ. وأخرجه ابن ماجه (614)، والنسائي (486) من طريق الليث بن سعد عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن أم هانئ أنها أخبرته بذلك. وهذا وهم من الليث، والصواب أن الذي أخبرته أم هانئ بذلك هو عبد الله بن الحارث والد عبد الله. وهو في "مسند أحمد" (26892) و (26900)، وصحيح ابن حبان (1187) و (1188). وانظر ما قبله. وقول عبد الرحمن بن أبي ليلى: ما أخبرنا أحد أنه رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى الضحى غير أم هانئ. قال الحافظ: وهذا لايدل على نفي الوقوع لأن عبد الرحمن بن أبي ليلى إنما نفى ذلك عن نفسه. (¬1) إسناده صحيح. يزيد بن زريع سمع من الجريري - وهو سعيد بن إياس - قبل الاختلاط. مسدد: هو ابن مُسرهَد. وأخرجه مسلم (717)، والنسائي في "الكبرى" (2505) من طريق يزيد بن زريع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25829)، و"صحيح ابن حبان" (2526). وانظر ما سلف برقم (956).

301 - باب صلاة النهار

1293 - حدثنا القَعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنها قالت: ما سبح رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سُبحة الضحى قط، وإني لأسبحُها، وإن كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لَيَدَع العملَ وهو يحب أن يعمل به خشيةَ أن يعمل به الناسُ فيُفرضَ عليهم (¬1). 1294 - حدثنا ابن نُفيل وأحمدُ بنُ يونس، قالا: حدثنا زهير، حدثنا سماك، قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تُجالسُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: نعم كثيراً، فكان لا يقومُ مِن مُصلاه الذي صلَّى فيه الغداةَ حتى تطلعَ الشمسُ، فإذا طلعت قام (¬2). 301 - باب صلاة النهار 1295 - حدثنا عَمرو بن مرزوق، أخبرنا شعبةُ، عن يعلى بن عطاء، عن علي بن عبد الله البارقي ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن شهاب: هو الزهري. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 152 - 153 ومن طريقه أخرجه البخاري (1128)، ومسلم (718). وأخرجه البخاري (1177) من طريق ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، به. وهو في "مسند أحمد" (24056) و (24559)، وصحيح ابن حبان (313). (¬2) إسناده حسن سماك - وهو ابن حرب - صدوق حسن الحديث إلا في روايته عن عكرمة، فإن فيها اضطراباً. ابن نفيل: هو عبد الله بن محمد النُّفيليُّ، وزهير: هو ابن معاوية الجعفي. وأخرجه مسلم (670) و (2322)، والترمذي (592)، والنسائي في "الكبرى" (1282) و (1283) من طرق عن سماك بن حرب، بهذا الإسناد. ورواية الترمذي مختصرة، وقال بإثرها: هذا حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (20820)، و"صحيح ابن حبان" (2028).

عن ابن عمر، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "صلاةُ الليلِ والنهارِ مثنى مثْنى" (¬1). 1296 - حدثنا ابنُ المثنى، حدثنا معاذُ بن معاذ، حدثنا شعبةُ، حدثني عبدُ ربه بن سعيد، عن أنس بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع، عن عبد الله بن الحارث عن المطلب، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الصلاةُ مثْنى مثْنى: أنْ تَشَهَدَ ¬

_ (¬1) إسناده جيد إلا أن الثقات من أصحاب ابن عمر لم يذكروا فيه صلاة النهار. قال الدارقطني في "العلل": ذكر النهار فيه وهم. علي البارقي: هو علي بن عبد الله الأزدي، والبارقي نسبة إلى بارق: جبل كان ينزله الأزد، فنسب إليه. وأخرجه ابن ماجه (1322)، والترمذي (603)، والنسائي في "الكبرى" (474) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد. قال الترمذي: اختلف أصحاب شعبة فيه، فرفعه بعضهم، ووقفه بعضهم، ورواه الثقات عن عبد الله بن عمر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ولم يذكروا فيه صلاة النهار. وقال النسائي في "المجتبى": هذا الحديث عندي خطأ، وقال في "السنن الكبرى": إسناده جيد إلا أن جماعة من أصحاب ابن عمر خالفوا الأزدي فيه، فلم يذكروا فيه النهار، منهم سالم ونافع وطاووس، ثم ساق رواية الثلاثة. وهو في "مسند أحمد" (4791)، و"صحيح ابن حبان" (2482). وأخرجه دون قوله: "والنهار"، البخاري (993)، (995) و (1137)، ومسلم (749) (146) و (147) و (157)، وابن ماجه (1174) و (1175) و (1318) و (1320)، والترمذي (465)، والنسائى (1667 - 1669) و (1672) و (1674) من طرق عن ابن عمر. وانظر "السنن الكبرى" للنسائي (439) و (444) و (476). وانظر ما سيأتى برقم (1326) و (1421).

302 - باب صلاة التسبيح

في كُل ركعتين، وأن تَبَاءَسَ وتَمَسكَنَ وتُقْنِع بيديك، وتقولُ: اللَّهُم اللهم، فمن لم يفعل ذلك فهي خِداج" (¬1). سئل أبو داود عن صلاة الليل مثنى، قال: إن شئت مثنى، وإن شئت أربعاً. 302 - باب صلاة التسبيح 1297 - حدثنا عبدُ الرحمن بنُ بشر بن الحكم النيسابوريُّ، حدثنا موسى ابنُ عبد العزيز، حدثنا الحكمُ بنُ أبان، عن عكرمة عن ابن عبّاس أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال للعباس بن عبد المطلب: "يا عبّاس، يا عمّاه ألا أُعطِيكَ؟ ألا أمنَحُكَ؟ ألا أَحبُوكَ؟ ألا أَفْعَلُ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن نافع بن العمياء، وضعفه الدارقطني، وقال البخاري في "التاريخ" 5/ 13: لم يصح حديثه. ابن المثنى: هو محمد العنزي، والمُطلِب: هو ابن ربيعه الهاشمي. وأخرجه ابن ماجه (1325)، والنسائي في "الكبرى" (619) و (1445) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17523) وانظر تمام الكلام عليه فيه. وأخرجه الترمذي (385)، والنسائي في "الكبرى" (618) من طريق الليث بن سعد، عن عبد ربه بن سعيد، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع بن العمياء، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن العباس بنحوه، فجعله من مسند الفضل بن العباس. وإسناده ضعيف. وهو في "مسند أحمد" (1799) و (17525). تباءس: تفاعل من البؤس، ومعناه: إظهار الفاقة والفقر بالدعاء. وتُقنِعُ من الإقناع: وهو رفع اليدين بالدعاء. والخداج: النقصان.

بك، عشرُ خصالٍ إذا أنت فعلتَ ذلك غَفَرَ اللهُ لك ذَنْبَكَ أوَّله وآخِرَه، قَدِيمَه وحديثَه، خطأه وعمدَه، صغيرَه وكبيرَه، سرَّه وعلانيتَه، عشرُ خصال: أنْ تُصَلي أربعَ ركعاتٍ تقرأ في كل ركعة فاتحةَ الكتاب وسورة، فإذا فرغتَ مِن القراءة في أوَّل ركعة وأنت قائم قلت: سبحانَ الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبرُ، خمسَ عَشْرَ مرةً، ثم تركعُ، فتقولها وأنتَ راكِعٌ عشراً، ثم ترفَعُ رأسَكَ مِن الركوع، فتقولها عشراً، ثم تهوي ساجداً فتقولُها وأنتَ ساجد عَشْراً، ثم ترفَعُ رأسَك مِنَ السجودِ، فتقولُها عشراً، ثم تسجُدُ فتقولُها عَشْرَاً، ثم ترفَعُ رأسَك فتقولها عشراً، فذلك خمس وسبعون في كلَّ ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعاتٍ، إن استطعتَ أن تُصلِّيَها في كُل يوم مرة فافعل، فإن لم تَفْعَل ففي كُلِّ جمعةٍ مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرةً، فإن لم تفعل ففي عمرك مرةً" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن وله شواهد يصح بها. موسي بن عبد العزيز - وهو اليمانى العدني - فقد روى عنه جمع، وقال ابن معين والنسائي: لا بأس به، ووثقه ابن شاهين وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ، وقول ابن المديني فيه ضعيف مردود، لأنه جرح مبهم غير مفسر، وهو في مقابل تعديل ابن معين والنسائي، وهما من هما في التشدد والتوثيق. والحكم بن أبان هو العدني وثقه ابن معين والنسائي والعجلي، وذكره ابن خلفون في الثقات، ونقل توثيقه عن ابن نمير وأبي جعفر السَّبتي، وعلي بن المديني وأحمد ابن حنبل، وصحح حديثه هذا ابن خزيمة (1216) وباقى رجاله ثقات. وأخرجه ابن ماجه (1387) من طريق عبد الرحمن بن بشر، بهذا الإسناد. وقد صحح هذا الحديث الإمام أبو داود فيما نقله عنه الحافظان صلاح الدين العلائي في "النقد الصحيح" لما اعترض عليه من أحاديث المصابيح" ص30 - 31, =

1298 - حدثنا محمدُ بنُ سفيان الأبُلّيُّ، حدثنا حَبّانُ بنُ هلال أبو حبيب، حدثنا مَهدي بن ميمون، حدثنا عمرو بن مالك، عن أبي الجوزاء حدثني رجل كانت له صحبة يُرَوْن أنه عبدُ الله بنُ عمرو قال: قال لي النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "ائتني غداً أحْبُوك وأُثيبُك وأعطيك" حتى ظننتُ أنه يُعطيني عطيةً، قال: "إذا زال النهار، فقم فصل أربعَ ركعات" فذكر نحوه، قال: "ثم ترفع رأسك - يعني من السجدة الثانية - فاستو جالساً، ولا تقم حتى تسبِّحَ عشراً، وتَحمَدَ عشراً، وتكبر عشراَ، وتُهلل عشراً، ثم تصنعُ ذلك في الأربع ركعات" قال: "فإنك لو كنتَ ¬

_ = وابن ناصر الدين الدمشقي في "الترجيح لحديث صلاة التسبيح" ص 39 - 40، وكذا صححه أبو بكر الآجري في "النصيحة" فيما نقله عنه ابن ناصر الدين. ونقل العلائي وابن ناصر الدين عن الإمام مسلم قوله: لا يروى في هذا الحديث إسناد أحسن من هذا، وقال العلائي: إسناده جيد. وصححه كذلك ابن منده وألف فيه كتاباً، والخطيب البغدادي وأبو سعد السمعاني وأبو موسى المديني وغيرهم، نقل ذلك عنهم ابن علان في "الفتوحات الربانية" 4/ 310. وقد حسنه الحافظ المنذري وابن الصلاح وتقط الدين السبكي، وولده تاج الدين، وابن حجر في "الخصال المكفرة" و"أمالي الأذكار". وقد اختلف فيه كلام الإمام النووي، فحسنه في "الأذكار"، وفى "تهذيب الأسماء واللغات"، وقال في "المجموع": حديثها لا يثبت. وقال المنذري في "الترغيب والترهيب" 1/ 468: وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة وعن جماعة من الصحابة، وأمثلها حديث عكرمة، وقد صححه جماعة منهم الحافظ أبو بكر الآجري، وشيخنا أبو محمد عبد الرحيم المصري، وشيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي، وانظر تمام الكلام على هذا الحديث فيما علقته على "العواصم والقواصم" 9/ 141 - 144.

أعظمَ أهل الأرض ذنبا غُفِرَ لك بذلك" قال: قلت: فإن لم أستطع أن أصليَها تلك الساعة؟ قال: "صلها من الليل والنهار" (¬1). قال أبو داود: حبان بن هلال خال هلال الرأي. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، عمرو بن مالك - وهو النُّكري - لم ينص أحد على توثيقه، وإنما ذكره ابن حبان في "ثقاته" 7/ 228، فقال: يعتبر حديثه من غير رواية ابنه عنه، وأخطأ الإمام الذهبي في توثيقه في "الميزان" و"الضعفاء" مع أنه ذكره في "الكاشف" ولم يوثقه، وإنما اقتصر فيه على قوله: وثق، وهو يُطلق هذه اللفظة على من انفرد ابن حبان بذكره في "الثقات". أبو الجوزاء: هو أوس بن عبد الله الربعي. وأخرجه البيهقي 3/ 52 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. قال الحافظ كما في "الفتوحات الربانية" لابن علان 4/ 318: ماروي عن عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي عن صلاة التسبيح؟ فسمعت أبي يقول: لم يثبت عندي في صلاة التسبيح شيء، يُحمل على أنه أراد نفي الصحة، فلا ينتفى الحسن أو أراد وصفه لذاته فلا ينتفى بالمجموع، على أنه قد روي أن أحمد لما قال علي بن سعيد النسائي: قد رواه المستمر بن الريان، عن أبي الجوزاء، فقال: من حدثك؟ قلت: مسلم بن إبراهيم، فقال: المستمر شيخ ثقة، وكأنه أعجبه ذلك، قال الحافظ: كأن أحمد لم يبلغه ذلك الحديث أولاً، إلا من حديث عمرو بن مالك - وهو النكري، بضم النون وسكون الكاف بعدها مهملة، مختلف فيه - عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، فلما بلغه متابعة المستمر أعجبه فظاهره أنه رجع عن تضعيفه. وقد ذكر الحافظ كما نقله ابن علان أيضاً 4/ 314 أن رواية المستمر هذه وصلها علي بن سعيد النسائي في "أسئلته أحمد بن حنبل"، فقال: حدثنيه مسلم - يعني ابن إبراهيم - عن المستمر. ونقل عن المنذري قوله: رواة هذا الحديث ثقات. قلنا: وأما طريق روح بن المسيب هذه فأخرجها الدارقطني في مصنفه في صلاة التسبيح فيما نقله عنه ابن ناصر الدين الدمشقى في "الترجيح" ص 58 - 59 عن دعلج ابن أحمد، عن جعفر بن محمد التركي، عن يحيى بن يحيي، عن روح بن المسيب، به.

قال أبو داود: رواه المستمر بن الريَّان، عن أبي الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو موقوفاً، ورواه رَوْح بن المسيَّب وجعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس، قوله. وقال في حديث روح (¬1): فقال: حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. 1299 - حدَّثنا أبو توبة الربيعُ بنُ نافع، حدثنا محمد بن مهاجر، عن عُروةَ ابن رُوَيم حدثني الأنصاري: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال لجعفر، بهذا الحديث، فذكر نحوهم، قال: في السجدة الثانية من الركعة الأولى كما قال في حديث مهدي بن ميمون (¬2). ¬

_ (¬1) قال في "عون المعبود" 4/ 128: أي: قال الراوي في حديث روح هذه الجملة التالية: فقال: أي: ابن عباس: حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أي: هذا حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، أي: مرفوعاً. ولا أقول لكم من قبَل نفسي. وفي بعض النسخ: حدثت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بصيغة المتكلم. (¬2) رجاله ثقات، وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في كتابه "الخصال المكفرة". الأنصاري، قال المزي: يقال: إنه جابر بن عبد الله. ورجح الحافظ كما في "الفتوحات الإلهية" 4/ 314 لابن علان أنه أبو كبشة الأنمارى. وأخرجه البيهقي 3/ 52 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو نعيم في "قربان المتقين" - كما في "النكت الظراف" (15636) - من طريق أبي رجاء محرز بن عبد الله، عن صدقة الدمشقى، عن عروة بن رويم، عن ابن الديدني، عن العباس بن عبد المطلب ... فذكره بطوله، قال الحافظ والسند الأول أقوى رجالاً. وقال الحافظ: وقد وجدت في"مسند الشاميين" [5221 و1415] للطبراني من طريق أبي توبة، عن محمد بن مهاجر حديثا غير هذا. لكن قال فيه: عن محمد بن مهاجر، عن أبي كبشة الأنماري، قال: خرجنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في غزوة من مغازيه ... فذكر قصة، وفيها "الإيمان ها هنا" إلى لَخم وجُذَام. فليستظهر بنسخ من "سنن أبي داود" لاحتمال أن يكون "الأنصاري" محرَّف من "الأنماري".

303 - باب ركعتي المغرب، أين تصليان؟

303 - باب ركعتي المغرب، أين تصلَّيان؟ 1300 - حدثنا أبو بكر بنُ أبي الأسود، حدثني أبو مطرف مُحمَّدُ بن أبي الوزير، حدثنا محمدُ بنُ موسى الفِطري، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عُجرَة، عن أبيه عن جدِّه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أتى مسجدَ بني عبدِ الأشهل، فصلَّى فيه المغربَ، فلما قضوا صلاتهم رآهم يسبِّحون بعدها، فقال: "هذه صلاةُ البيوت" (¬1). 1301 - حدثنا حسينُ بنُ عبد الرحمن الجَرجَرائي، حدثنا طَلق بنُ غنَّام، حدثنا يعقوبُ بنُ عبد الله، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُطيل القراءةَ في الركعتين بعد المغرب حتى يتفرق أهلُ المسجد (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف لجهالة إسحاق بن كعب. وأخرجه الترمذي (610)، والنسائى في "المجتبى" (1600) من طريق محمد بن موسى الفطري، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث محمود بن لبيد عند أحمد (23624) بسند حسن، وصححه ابن خزيمة (1200). قال "في عون المعبود": ويستفاد من الحديث أن صلاة النوافل في البيوت أفضل، لأنها أبعد من الرياء وأقرب إلى الإخلاص لله تعالى، ولأنه فيه حظ للبيوت من البركة في القنوت، والظاهر أن هذا إنما هو لمن يريد الرجوع إلى بيتة بخلاف المعتكف في المسجد فإنه يصليها فيه ولا كراهة بالاتفاق. (¬2) إسناده حسن. وأخرجه البيهقي 2/ 189 - 190، والضياء في"المختارة" 10/ 102 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.

304 - باب الصلاة بعد العشاء

قال أبو داود: رواه نصر المجدَّر، عن يعقوب القُمى وأسنده مثله. 1301 م - قال أبو داود: حدثناه محمدُ بن عيسى بن الطباع، حدثنا نصر المُجدر، عن يعقوب، مثله (¬1). 1302 - حدثنا أحمدُ بنُ يونسَ وسليمان بنُ داود العَتكي، قالا: حدثنا يعقوبُ، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه مرسلٌ (¬2). قال أبو داود: سمعتُ محمدَ بنَ حميد يقول: سمعتُ يعقوبَ يقول: كُل شيءِ حدَثتكم عن جعفر بن المغيرة، عن سعيد بنِ جُبير، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فهو مسند، عن ابن عباسِ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. 304 - باب الصلاة بعد العشاء 1303 - حدثنا محمدُ بنُ رافع، حدثنا زيدُ بنُ الحُباب العُكليُّ، حدثنا مالك بنُ مغول، حدثني مقاتلُ بنُ بشير العِجلي، عن شريح بن هانئ عن عائشة، قال: سألتُها عن صلاةِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقالت: ما صَلّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - العشاء قط، فدخلَ علي إلا صلَّى أربعَ ركعاتِ، أوسِت ركعات، ولقد مُطِرَنا مرةَ بالليل، فطرحنا له نِطْعاَ، فكأني أنظر إلى ثقب فيه يَنبُعُ الماء منه، وما رأيتُه متّقياً الأرضَ بشيء مِن ثيابه قط (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده حسن كسابقه. نَصر المجدر: هو ابن زيد. (¬2) إسناده حسن، وكونه في هذه الطريق مرسلاً لا يضر، فإن أبا داود ذكر بإثره عن يعقوب القمي قوله: كل شيء حدثتكم عن جعفر، عن سعيد بن جبير عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فهو مسند عن ابن عباس عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فصار موصولاً. وجعفر: هو ابن أبي المغيرة الخزاعي. (¬3) إسناده ضعيف. مقاتل بن بشير العجلي مجهول، فقد انفرد بالرواية عنه مالك ابن مغول ولم يؤثر توثيقه إلا عن ابن حبان، وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (390) من طريق مالك بن مِغوَل، بهذا الإسناد. =

305 - باب نسخ قيام الليل

305 - باب نسخ قيام الليل 1304 - حدثنا أحمد بن محمد المَروزي ابن شَبُّويه، حدثني علي بنُ حسين، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة عن ابن عباس قال: في المزمل: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ} نسختها الآية التي فيها {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}. و {نَاشِئَةَ اللَّيْلِ}: أوله، وكانت صلاتُهم لأول الليل، يقول: هو أجْدَرُ أن تحصوا ما فَرَضَ اللهُ عليكم من قيامٍ، وذلك أن الإنسانَ إذا نام لم يدر متى يستيقظُ، وقوله: {وَأَقْوَمُ قِيلًا}: هو أجْدَرُ أن يفقه في القرآن، وقوله: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} يقول: فراغاً طويلاً (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (24305). وفي الباب عن ابن عباس سيأتي برقم (1357) بإسناد صحيح، وفيه: فصلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - العشاء، ثم جاء فصلى أربعاً، ثم نام. (¬1) صحيح، وهذا إسناد حسن. من أجل علي بن حسين - وهو ابن واقِد المروزي -. يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد المروزي. وأخرجه البيهقي 2/ 500، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 497 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. ورواية ابن الجوزي مختصرة. وأخرجه الطبري في "تفسيره" 29/ 126 عن محمد بن حميد الرازي، عن يحيى ابن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن. مرسلاً. وابن حميد الرازي متروك الحديث. وأخرجه بنحوه موصولاً الطبري 29/ 126 من طريق سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس. وسماك وإن كان في روايته عن عكرمة اضطراب، تصلح روايته هنا للاعتبار. =

306 - باب قيام الليل

1305 - حدثنا أحمدُ بنُ محمد - يعني المروزيّ - ,حدثنا وكيع، عن مِسعَرِ، عن سماك الحنفي عن ابن عباس قال: لما نزلت أوّلُ المزَّمِّل كانوا يقومون نحواً مِن قيامهم في شهرِ رمضان، حتي نَزَل آخِرُها، وكان بينَ أولها وآخرها سَنَة (¬1). 306 - باب قيام الليل 1306 - حدثنا عبدُ الله بن مسلمةَ، عن مالكِ، عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "يعقِدُ الشيطانُ على قافيةِ رأسِ أحَدِكُم إذا هو نامَ ثلاثَ عُقَد، يَضْرِبُ مكانَ كُل عقدة: عليك ¬

_ = وأخرجه بنحوه أيضا الطبرى 29/ 125 من طريق علي بن أبي طلحة، والنحاس ص 291من طريق عطاء الخراساني، كلاهما عن ابن عباس. وهذان الطريقان وإن كانا لا يخلوان من مقال، يَصلحان للاعتبار. وسيأتي بعده بنحوه من طريق سماك الحنفي، عن ابن عباس، بإسناد صحيح. وفي الباب عن عائشة عند مسلم (746) وسيأتي عند أبي داود (1342) وفيه: فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: فقالت: ألست تقرأ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} قلت: بلى، قالت: فإن الله عز وجل افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام نبي الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأصحابه حولاً، وأمسك الله خاتمتها اثني عشر شهراً في السماء حتى أنزل الله في آخر هذه السورة التخفيف، فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة. (¬1) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، ومِسعَر: هو ابن كِدام بن ظُهير الهلالي، وسماك الحنفى: هو ابن الوليد. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 14/ 118، والطبري في "تفسيره" 29/ 124 - 125، والطبراني في "المعجم الكبير" (12877)، والبيهقى 2/ 500، والضياء في "المختارة" 10/ (440) - (441) من طرق عن مِسعَر ابن كدام، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبري 29/ 126 من طريق إسرائيل عن سماك، به.

لَيْلٌ طويل فارقُدْ، فإن استيقظَ فذكر الله انحلت عُقدة، فإن توضأ انحلت عُقدة، فإن صلَّى انحلّت عُقَدُهُ، فأصبحَ نشيطاً طيبَ النفسِ، وإلا أصْبَحَ خبيثَ النفسِ كَسلانَ" (¬1). 1307 - حدثنا محمدُ بنُ بشار، حدثنا أبو داود، حدثنا شعبةُ، عن يزيد بن خُمَير قال: سمعتُ عبد الله بن أبي قيس يقول: قالت عائشة: لا تدَع قيامَ الليل، فإنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان لا يدَعُه، وكان إذا مَرِضَ أو كَسِلَ صلَّى قاعداً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح أبو الزّنَاد: هو عبد الله بن ذكوان المدني، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وهو في "موطأ مالك" 1/ 176، ومن طريقه أخرجه البخاري (1142). وأخرجه مسلم (776)، والنسائي في "الكبرى" (1303) من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3269) من طريق سعيد بن المسيب، وابن ماجه (1329) من طريق أبي صالح، كلاهما عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7308)، و"صحيح ابن حبان" (2553). وقوله: قافية رأس أحدكم، أي: مؤخر عنقه، وقافية كل شيء مؤخره، ومنه قافية القصيدة، قال في"النهاية": القافية: القفا، وقيل: مؤخر الرأس، وقيل: وسطه. ومعنى: يضرب: يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ، ومنه قوله تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ} [الكهف: 11] أي: حجبنا الحس أن يلج في آذانهم فينبهوا. (¬2) إسناده صحيح. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي. وهو عند الطيالسي (1519)، ومن طريقه أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (800)، وابن خزيمة (1137)، والبيهقي 3/ 14 - 15. وهو في "مسند أحمد" مطولاً برقم (24945) و (26114).

1308 - حدثنا ابنُ بشار، حدثنا يحيى، حدثنا ابنُ عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "رحم الله رجلاً قام من الليل، فصلَّى وأيقظَ امرأته، فإن أبت، نَضَحَ في وجهها الماء, رَحِمَ الله امرأةً قامت من الليل، فصلّت وأَيقَظَتْ زوجَها، فإن أبى نَضَحَتْ في وجهه الماء" (¬1). 1309 - حدثنا ابنُ كثير، أخبرنا سفيان (¬2)، عن علي بن الأقمر (ح) وحدثنا محمدُ بنُ حاتم بن بَزِيعٍ، حدثنا عُبَيدُ الله بنُ موسى، عن شيبان، عن الأعمش، عن علي بن الأقمر - المعنى - عن الأغرّ عن أبي سعيد وأبي هريرة، قالا: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا أيقَظَ الرَّجُلُ أهلَه منَ الليل فصلَّيا - أو صلَّى رَكْعتين جميعاً - كُتِبَ في ¬

_ (¬1) إسناده قوي. ابن بشار: هو محمد البصري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن عجلان: هو محمد المدني، والقعقاع: هو ابن حكيم الكناني المدني، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه ابن ماجه (1336)، والنسائي في "الكبرى" (1302) من طريقين عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7410)، و"صحيح ابن حبان" (2567). وسيأتي برقم (1450). (¬2) جاء في (ج) و (د) و (هـ) ونسخة على هامش (و): أخبرنا سفيان، عن مسعر، عن علي بن الأقمر، بزيادة مِسعَر في إسناده، والصواب إسقاطُه كما في (أ) و (و)، ويؤيده أن المزي لم يذكره في إسناد أبي داود في "تحفة الأشراف". ويؤيده كذلك أن البيهقي أخرجه في "سننه الكبرى" 2/ 501 من طريق أبي بكر ابن داسه عن أبي داود، فلم يذكر مِسعراً في إسناده. وكذلك رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (4738) عن الثوري فلم يذكره.

الذَّاكرينَ والذَّاكراتِ". ولم يرفعه ابنُ كثير، ولا ذَكرَ أبا هُريرة، جعله كلامَ أبي سعيد (¬1). قال أبو داود: رواه ابن مهديّ عن سفيان، قال: وأراه ذكر أبا هريرة. قال أبو داود: وحديثُ سفيانَ موقوف. 1310 - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن هشام بن عُروة، عن أبيه عن عائشة زوجِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا نَعَس أحَدُكُم في الصلاة، فليرقُد حتى يَذْهَب عنه النومُ، فإن أحدَكُم إذا صَلَّى وهو ناعِسٌ لعلَّه يذهبُ يستغفِرُ، فيسُب نفسه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن كثير: هو محمد بن كثير العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وشيبان: هر ابن عبد الرحمن التميمي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، والأَغرّ: هو أبو مسلم المديني. وأخرجه ابن ماجه (1335)، والنسائي في "الكبرى" (1312) و (11342) من طريقين عن شيبان، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (2568) و (2569). وسيأتي برقم (1451). وأخرج الموقوف عبد الرزاق (4738)، وأخرجه البيهقي 2/ 501 من طريق أبي داود، عن محمد بن كثير، كلاهما (عبد الرزاق ومحمد بن كثير) عن سفيان الثوري، عن علي بن الأقمر، به. (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 118، ومن طريقه أخرجه البخاري (212)، ومسلم (786). وأخرجه ابن ماجه (1370)، والترمذي (355)، والنسائي في "الكبرى" (153) من طرق عن هشام، به.

1311 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن همام بن مُنبه عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا قامَ أحدُكُم مِن الليل، فاستعجَم القُرآنُ على لسانه، فلم يَدرِ ما يقول، فَلْيَضطَجِع" (¬1). 1312 - حدَّثنا زيادُ بنُ أيوب وهارونُ بنُ عباد الأزدي، أن إسماعيلَ بن إبراهيم حدَّثهم، قال: حدَّثنا عبدُ العزيز عن أنس، قال: دَخَلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - المسجدَ، وحبلٌ ممدودٌ بين سَاريتين، فقال: "ما هذا الحبلُ؟ " فقيل: يا رسولَ الله، هذه حَمنَةُ ابنةُ جحشٍ تُصلي، فإذا أَعْيَت تَعَلَّقَتْ به، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لِتُصَلِّ ما أطاقت، فإذا أعْيَتْ فلتجْلِسْ". ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (24287)، و"صحيح ابن حبان" (2583). قال الإمام النووي: وفي الحديث الحث على الإقبال على الصلاة بخشوع وفراغ قلب ونشاط، وفيه أمر الناعس بالنوم أو نحوه مما يذهب عنه النعاس، وهذا عام في صلاة الفرض والنفل في الليل والنهار، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، لكن لا يُخرجُ فريضةً عن وقتها. (¬1) إسناده صحيِح. معمر: هو ابن راشد. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (4221)، ومن طريقه أخرجه مسلم (787). وهو في "مسند أحمد" (8231)، و"صحيح ابن حبان" (2585). وأخرجه النسائى في "الكبرى" (7990) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، به. وأخرجه ابن ماجه (1372) من طريق أبي بكر بن يحيى بن النضر، عن أبيه، عن أبى هريرة. وقوله: "فاستعجم القرآن", أي: استغلق ولم ينطلق به لسانه لغلبة النعاس. أفاده النووي، وقال صاحب "النهاية": أرتج عليه فلم يقدر أن يقرأ، كأنه صار به عجمة.

307 - باب من نام عن حزبه

قال زياد: قال: "ما هذا؟ " فقالوا: لزينب تُصلي، فإذا كَسِلَتْ أو فَتَرت أمسكت به، فقال: "حلُّوه"، فقال: "لِيُصَلِّ أحدُكم نشاطَه، فإذا كَسِلَ، أو فَتَر فليقعُد" (¬1). 307 - باب من نامَ عن حزبه 1313 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا أبو صفوان عبدُ الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان (ح) وحدَّثنا سليمانُ بن داود ومحمد بن سلمة المراديُّ، قالا: حدَّثنا ابنُ وهب - المعنى - عن يونس، عن ابن شهاب، أن السائبَ بن يزيد وعبيدَ الله أخبراه، أن عبد الرحمن بن عبدٍ، - قالا: عن ابن وهب بن عبد القاريّ - قال: سمعتُ عُمَرَ بن الخطاب يقول: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ نامَ عن ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد العزيز: هو ابن صهيب البناني. وأخرجه البخاري (1150)، ومسلم (784)، وابن ماجه (1371)، والنسائي في "الكبرى" (1308) من طريقين عن عبد العزيز بن صهيب، بهذا الإسناد. وذكروا جميعاً في رواياتهم: أن الحبل كان لزينب بنت جحش. وهو في "مسند أحمد" (11986)، و"صحيح ابن حبان" (2492). وأخرجه بذكر حمنة بنت جحش أحمد في "المسند" (13691)، والحاكم 4/ 61 من طريق حماد بن سلمة، عن حميد الطويل، عن أنس. وإسناده صحيح. وأخرجه كذلك أحمد (13690)، والحاكم 4/ 61 من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، مرسلاً ورجاله ثقات. قال النووي: والحديث فيه الحث على الاقتصاد في العبادة، والنهي عن التعمق، والأمر بالإقبال عليها بنشاط، وأنه إذا فتر، فليقعد حتى يذهب الفتور، وفيه جواز النفل في المسجد، فإنها كانت تصلي النافلة فيه، فلم ينكر عليها.

308 - باب من نوى القيام فنام

حزبه، أو عن شيءٍ منه، فقرأه ما بينَ صلاةِ الفجر وصلاةِ الظهر كتِبَ له كأنما قرأه مِنَ الليل" (¬1). 308 - باب من نوى القيام فنام 1314 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جُبير، عن رجل عنده رضاً ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو الزهري. وعُبيد الله: هو ابن عبد الله بن عُتبة. وأخرجه مسلم (747)، وابن ماجه (1343)، والترمذي (588)، والنسائي في "الكبرى" (1466)، من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1467) عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزهري، به إلا أنه وقفه على عمر بن الخطاب. لكن رواه أحمد في"مسنده" (220) عن عتاب بن في زياد - وهو ثقة - عن ابن المبارك، فرفعه. نبه عليه الحافظ في "النكت الظراف". وهو في "مسند أحمد" (220). و"صحيح ابن حبان" (2643). وأخرجه موقوفاً أيضاً النسائي في "الكبرى" (1469) من طريق مالك، عن داود ابن الحصين، عن الأعرج، عن عبد الرحمن ابن عبد القاريِّ أن عمر بن الخطاب قال: مَن فاته حزبه من الليل، فقرأه حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر، فإنه لم يفته، أو كأنه أدركه. وهو في "الموطأ" 1/ 200. قال ابن عبد البر في"الاستذكار" 8/ 19 - 20: هكذا هذا الحديث في "الموطأ" عن داود بن الحصين، وهو عندهم وهم من داود، والله أعلم، لأن المحفوظ من حديث ابن شهاب، عن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله، عن عبدالرحمن بن عبدٍ القاري، عن عمر بن الخطاب قال: "من نام عن حزبه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتِبَ له كأنما قرأه من الليل"، ومن أصحاب ابن شهاب من يرويه عنه بإسناده عن عمر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وهذا عند أهل العلم أولى بالصواب من حديث داود ابن حصين حيث جعله من زوال الشمس إلى صلاة الظهر، لأن ضيق ذلك الوقت لا يدرك فيه المرء حزبه من الليل، ورُبَّ رجل حزبُه نصف وثلث وربع ونحو ذلك.

309 - باب أي الليل أفضل؟

أن عائشة زوجَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أخبرته أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ما من امرئِ تكونُ له صلاة بليل، يغلبه عليها نومٌ إلا كُتِبَ له أجرُ صلاته، وكان نومُه عليه صدقه" (¬1). 309 - باب أيّ الليل أفضل؟ 1315 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن ابن شهابٍ، عن أبي سلمةَ بن عبد الرحمن، وعن أبي عبد الله الأغر عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "يَنزِلُ ربنا عز وجلّ كُلَّ ليلة إلى سماء الدُنيا حين يبقى ثُلُثُ الليلِ الآخرِ، فيقول: مَنْ يَدْعوني ¬

_ (¬1) حديث حسن لغيره، وهذا سند فيه رجل مُبهم. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو عند مالك في "الموطأ"1/ 117، ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" (1416). وهو في "مسند أحمد" (25464) .. وأخرجه النسائي (1462) من طريق محمد بن سليمان، عن أبي جعفر الرازي، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن جبير، عن الأسود بن يزيد، عن عائشة. وأبو جعفر الرازي سيئ الحفظ. وأخرجه أحمد (24341) والنسائى في "المجتبى" (1786)، من طريق أبي جعفر الرازي، وأحمد (24441) من طريق أبي أويس، كلاهما عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير، عن عائشة. وهذا إسناد منقطع، لان سعيداً لم يسمع من عائشة فيما قاله أبو حاتم وغيره، وصحح الدارقطني في"العلل" 5/ ورقة 80 أن بينهما رجلاً. وله شاهد جيد من طريق أبي الدرداء عند ابن ماجه (1344)، والنسائى في "الكبرى" (1463)، وصححه ابن خزيمة (1173)، وابن حبان (2588)، والحاكم 1/ 311، وقد اختلف في رفعه ووقفه، قال الدارقطني: المحفوظ وقفه، قلنا: لا يضر وقفه، فإنه في حكم المرفوع، لأنه لا يقال من قبل الرأي.

فأستجيبَ له؟ من يسألني فأُعطيَه؟ مَق يستغفِرُني فأغفِرَ له" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو الزهري، وأبو عبد الله الأغر: هو سلمان. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 214، ومن طريقه أخرجه البخاري (1145) و (6321) و (7494)، ومسلم (758)، والترمذي (3805)، والنسائي في "الكبرى" (7720). وأخرجه ابن ماجه (1366)، والنسائي (10240) و (10241) من طريق ابن شهاب، به. وأخرجه مسلم (758) (170)، والنسائي (10239) من طريق يحيي بن أبي كثير، عن أبي سلمة، به. وأخرجه مسلم (758)، والترمذي (449)، والنسائي (10237 - 10238) و (10242 - 10243) و (10245 - 10248) من طرق عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7592)، و"صحيح ابن حبان" (920). وسيتكرر برقم (4733). قال صاحب "عون المعبود" 4/ 140: في كتاب الدعوات لأبي عثمان. وقد اختلف العلماء في قرله: ينزل الله، فسئل أبو حنيفة رحمه الله، فقال: ينزل بلا كيف، وقال بعضهم: ينزل نزولاً يليق بالربوبية بلا كيف من غير أن يكون نزوله مثل نزول الخلق بالتجلي والتملي، لأنه جل جلاله منزه عن أن تكون صفاته مثل صفات الخلق، كما كان منزها عن أن تكون ذاته مثل ذات الغير، فمجيئه وإتيانه ونزوله على حسب ما يليق وصفاته من غير تشبيه وكيفية. وأخرج البيهقي من طريق بقية، قال: حدَّثنا الأوزاعي، عن الزهري ومكحول قالا: أمضوا الأحاديث على ما جاءت. ومن طريق الوليد بن مسلم قال: سئل الأوزاعي ومالك وسفيان الثوري والليث بن سعد عن هذه الأحاديث التى جاءت في التشبيه، فقالوا: أمروها كما جاءت بلا كيفية. وعن إسحاق بن راهويه يقول: دخلتُ على عبد الله ابن طاهر، فقال لي: يا أبا يعقوب، تقول: إن الله ينزل كلَّ ليلة، فقلت: أيها الأمير، إن الله بعث إلينا نبيا، نُقل إلينا عنه أخباراً بها نحلل الدماء، وبها نحرم، وبها نحلل الفروج وبها نحرم، وبها نبيح الأموال وبها نحرم ,فإن صح ذا صح ذاك، وإن بطل ذا بطل ذاك،=

310 - باب وقت قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - من الليل

310 - باب وقت قيام النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من الليل 1316 - حدَّثنا حسين بن يزيد الكوفي، حدَّثنا حفص، عن هشام بن عُروة، عن أبيه عن عائشة، قالت: إن كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ليُوقِظُهُ الله عزَ وجلَّ بالليل، فما يجيء السحَرُ حتى يَفرُغَ من جزئه (¬1) (¬2). 1317 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، حدَّثنا أبو الأحوَص (ح) وحدَّثنا هنَّاد، عن أبي الأحوَص - وهذا حديث إبراهيم - عن أشعَثَ، عن أبيه، عن مَسرُوق، قال: سألت عائشة عن صلاةِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلتُ لها: أيَّ حينٍ كان يُصَلِّي؟ قالت: كان إذا سَمعَ الصُراخَ قامَ فصَلَّى (¬3). ¬

_ = قال: فأمسك عبد الله. انتهى. ملخصاً محرراً. والحاصل: أن هذا الحديث وما أشبهه من الأحاديث في الصفات كان مذهب السلف فيها الإيمان بها وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها. (¬1) في (و): من حِزبه. (¬2) إسناده حسن. الحسين بن يزيد روى عنه جمع غفير من الثقات والأثبات، منهم المصنف، وهو لا يروي فيها إلا عن ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات" فهو حسن الحديث وباقي رجاله ثقات. حفص: هو ابن غياث. وأخرجه البيهقي 3/ 3 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. (¬3) إسناده صحيح. أبو الأحوص: هو سلاّم بن سليم الحنفي، وهنّاد: هو ابن السري بن مصعب التميمي، وإبراهيم: هو ابن موسى بن يزيد الفراء، وأشعث: هو ابن أبي الشعثاء سليم بن أسود بن حنظلة المحاربي، ومسروق: هو ابن الأجدع بن مالك الوادعي. وأخرجه البخاري (1132)، ومسلم (741) من طريق أبي الأحوص عن أشعث، بهذا الإسناد. =

1318 - حدَّثنا أبو توبةَ، عن إبراهيمَ بن سعد، عن أبيه، عن أبي سلمة عن عائشة قالت: ما ألفاه السَّحَرُ عندي إلا نائماً، تعني النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 1319 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا يحيي بنُ زكريا، عن عِكرمةَ بن عمار، عن محمد بن عبد الله الدُّؤلي، عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة عن حُذَيفة قال: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إذا حَزَبَهُ أمْرٌ صَلّى (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1132) و (6461)، والنسائى في "الكبرى" (1318) من طريقين عن شعبة عن الأشعث، به. وهو في "مسند أحمد" (24628)، و"صحيح ابن حبان" (2444). الصراخ: هو الصوت الشديد، وفي رواية البخاري ومسلم: إذا سمع الصارخ وهو الديك، قال الدهلوي: يصرخ ثلاثاً: أولاً نصف الليل، ثم إذا بقي ربع الليل، ثم عند طلوع الصبح المعترض. (¬1) إسناده صحيح. أبو توبة: هو الربيع بن نافع الحلبي، سعد: هو ابن إبراهيم ابن عبد الرحمن القرشي، وأبو سلمة: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه البخاري (1133)، ومسلم (742)، وابن ماجه (1197) من طرق عن سعد بن إبراهيم، به. وهو في "مسند أحمد" (25061). وقولها: ما ألفاه بالفاء، أي: وجده، والسحر مرفوع بأنه فاعله، قال الحافظ: والمراد نومه بعد القيام الذي مبدؤه عند سماع الصارخ جمعاً بينه وبين رواية مسروق السالفة. (¬2) إسناده ضعيف، لجهالة محمد بن عبد الله ويقال: محمد بن عبيد أبو قدامة تفرد بالرواية عنه عكرمة بن عمار اليمامي، ولم يوثقه أحد وعبد العزيز ابن أخي حذيفة روى عنه اثنان من المجهولين، وقال الذهبي: لا يعرف، ومع ذلك وثقه العجلي وذكره ابن حبان في "الثقات"!!

1320 - حدَّثنا هشامُ بنُ عمار، حدَّثنا الهِقلُ بن زياد السَّكْسَكيُّ، حدَّثنا الأوزاعيُّ، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، قال: سمعتُ ربيعةَ بن كعب الأسلميَّ يقولُ: كنتُ أبيتُ مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - آتيه بوَضوئه وبحاجته، فقال: "سلني" فقلت: مرافَقَتَك في الجنة، قال: "أوْ غيرَ ذلك" قلت: هو ذاك، قال: "فأعنِّي على نَفسِكَ بكثرةِ السُجود" (¬1). 1321 - حدَّثنا أبو كامل، حدَّثنا يزيدُ بن زُرَيع، حدَّثنا سعيد، عن قتادة عن أنس بن مالك في هذه الآية: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ ¬

_ = وأخرجه أحمد في "مسنده" (23299)، والبخاري في"التاريخ الكبير" 1/ 172، والطبرى في "تفسيره" 1/ 260، وأبو عوانة في "مسنده" (6842)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 189، والبيهقي في"شعب الإيمان" (2912)، والخطيب البغدادى في "تاريخه" 6/ 274 من طرق عن عكرمة بن عمار، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 189 من طريق عكرمة به مرسلاً، لم يذكر حذيفة. وقوله: حزبه، أي: نزل به أمر شديد. وأخرج أحمد (18937) بإسناد صحيح من حديث صهيب الرومي، وفيه فيما حكاه النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - عن نبي من الأنبياء السابقين: فقام إلى الصلاة، وكانوا إذا فزعوا، فزعوا إلى الصلاة. (¬1) إسناده صحيح. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه مسلم (489)، والنسائي في "الكبرى" (728) من طريق الهِقْل بن زياد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16578).

311 - باب افتتاح صلاة الليل بركعتين

يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة: 16] قال: كانوا يتيقَّظون (¬1) ما بين المغرب والعشاء يُصلُّون (¬2). قال: وكان الحسن يقول: قيام الليل. 1322 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، حدَّثنا يحيي بنُ سعيد وابنُ أبي عدي، عن سعيدٍ، عن قتادة عن أنس في قوله: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ} قال: كانوا يُصلُّون فيما بينهما بين المغرب والعشاء، زاد في حديث يحيى: وكذلك {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ} (¬3). 311 - باب افتتاح صلاة الليل بركعتين 1323 - حدَّثنا الربيعُ بن نافع أبو توبة، حدَّثنا سليمانُ بنُ حيَّان، عن هشام ابن حسَّان، عن ابن سيرين ¬

_ (¬1) جاء في (هـ): يتنفلون، وأشار إلى أنها رواية ابن الأعرابي، وأشار في الهامش إلى الرواية التي ثبتناها وصحح عليها. (¬2) إسناده صحيح. أبو كامل: هو فضيل بن حسين بن طلحة، وسعيد: هو ابن أبي عَروبة، وقتادة: هو ابن دِعامة السدوسي. وأخرجه الترمذي (3473) من طريق يحيي بن سعيد الأنصاري، عن أنس بن مالك: أن هذه الأية {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} نزلت في انتظار هذه الصلاة التي تُدعى العتمة. وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. والعتمة: هي صلاة العشاء. (¬3) إسناده صحيح. يحيي بن سعيد: هو القطان، وابن أبي عدي: هو محمد بن أبي عدي السلمي، وسعيد: هو ابن أبي عَروبة. وانظر ما قبله.

عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا قامَ أحدُكُم مِنَ الليل، فليصلِّ رَكعتين خفيفتين" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح موقوفاً من قول أبي هريرة، ولا يصح رفعه من حديث أبي هريرة، وقد ترك هشام بن حسان رفعه أخيراً بعد أن راجعه فيه أيوب السختياني بواسطة حماد ابن زيد، وأخبره بأن محمد بن سيرين لم يكن يرفع هذا الحديث. جاء ذلك بإسناد صحيح عن أيوب عند العُقيلي في "الضعفاء" 4/ 336. ومما يؤكد انتهاء هشام آخر الأمر عن رفعه أن هشيم بن بشير وحماد بن زيد وغيرهما قد رووه عن هشام موقوفاً، أما رواية هشيم فأخرجها ابنُ أبي شيبة في "مصنفه" 2/ 272 - 273، وابن أبي الدنيا في "التهجد" (400)، وأما رواية حماد بن زيد فأخرجها العُقيلي في "الضعفاء" 4/ 336 وقد أشار المصنف بإثر الحديث التالي إلى ذكر آخرين قد رووه أيضاً عن هشام بن حسان موقوفاً. وأخرجه مرفوعاً عبد الرزاق (3562)، وأحمد (7176) و (7748) و (9182)، ومسلم (768)، والترمذي في "الشمائل" (265)، ومحمد بن نصر في "مختصر قيام الليل" (134)، وابن خزيمة (1155)، وأبو عوانة (2241)، وابن المنذر في "الأوسط" (2571)، وابن حبان (2606)، والبيهقي 3/ 6، وابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 290، والبغوي في "شرح السنة" (908) من طرق عن هشام بن حسان، به. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 273، وأبو عوانة (2239)، والبيهقي 3/ 6 من طريق أبي خالد سليمان بن حيان، عن هشام بن حسان، به. إلا أنه جعله من فعل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لا من قوله! فاضطرب فيه سليمان بن حيان. وأخرجه موقوفاً على أبي هريرة من قوله أيضاً عِدة منهم: أيوب السختياني، وعبد الله بن عون، وسعيد بن أبي صدقة، كلهم رووه عن ابن سيرين: فأما رواية أيوب السختيانى، فستأتي عند المصنف في الطريق الآتى بعده، ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي 3/ 6. وأما رواية سعيد بن أبي صدقة، فأخرجها يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 24 عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن سعيد بن أبى صدقة، عن محمد =

1324 - حدَّثنا مخلد بنُ خالد، حدَّثنا إبراهيم - يعني ابن خالد - عن رباح، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال: "إذا ... " بمعناه، زاد: "ثم ليُطوِّل بعدُ ما شاء" (¬1). قال أبو داود: روى هذا الحديث حمادُ بن سلمة وزهيرُ بن معاوية وجماعة، عن هشام، أوقفوه على أبي هريرة، وكذلك رواه أيوب وابن عون، أوقفوه على أبي هريرة، ورواه ابن عون عن محمد قال: فيهما تجوُّزٌ. ¬

_ = ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: إذا قام أحدكم من الليل، فليصل ركعتين يقرأ فيهما، ثم يقرأ في ركعتين قبل الفريضة أو بعدها. قال حماد: وذكرت لأيوب أن هشاماً يقول: ركعتين خفيفتين، وأنكره. قلنا: إسناده صحيح. وأما رواية عبد الله بن عون فأشار اليها المصنّف بإثر الحديث التالي. حيث بيّن هناك أنه رواه عن ابن سيرين موقوفاً. من هنا يُعلم أن ما أخرجه أبو عوانة (2240) من طريق سليمان بن حيان، عن ابن عون، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قوله، وهم من سليمان بن حيان ويُعلَم أيضاً أن ما أخرجه الحميدي (985)، وابن أبي الدنيا في "التهجد" (481)، وابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 291 من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب السختياني، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قوله، وهم من ابن عيينة، لأن حماد بن زيد قد رواه عن أيوب السختياني وذكر فيه إنكار أيوب على هشام بن حسان رفع الحديث، فانتهى هشام عن الرفع من أجل قول أيوب، فكيف ينكر أيوب الرفع ثم يرويه مرفوعاً؟! لكن صح رفع هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها من فعل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عند مسلم (767). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح، وهو موقوف على أبي هريرة، وانظر تخريجه والكلام عليه عند الطريق السالف قبله.

312 - باب صلاة الليل مثنى مثنى

1325 - حدَّثنا ابنُ حنبل - يعني أحمدَ - , حدَّثنا حجَّاجٌ، قال: قال ابنُ جريج: أخبرني عثمانُ بنُ أبي سليمان، عن علي الأزديِّ، عن عُبيد بن عُمير عن عبد الله بن حُبشي الخثعَمي أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - سئل: أيُّ الأعمالِ أفْضَلُ؟ قال: "طولُ القيام" (¬1). 312 - باب صلاة الليل مَثنى مَثنى 1326 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن نافعِ وعبدِ الله بنِ دينار عن عبد الله بن عمر: أن رجلاً سأل رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن صلاةِ الليل، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "صلاةُ الليلِ مَثْنى مَثنى، فإذا خشيَ أحدُكم الصبحَ، صلّى ركعةً واحدةً تُوتر له ما قد صلّى" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي، ولكن الصحيح في لفظه ما سنورده من روايتي أحمد والنسائي إن شاء الله. عليّ الأزدى - وهو علي بن عبد الله البارقي - أخرج له مسلم حديثاً واحداً، وقال ابن عدي: لا بأس به، وباقي رجاله ثقات، وقد قوى الحافظ إسناده في ترجمة عبد الله بن حبشي من "الإصابة". حَجَّاج: هو ابن محمد الأعور، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز. وأخرجه مطولاً النسائي في "الكبرى" (2317) عن عبد الوهاب بن الحكم الوراق، عن حجاج بن محمد، بهذا الإسناد. إلا أنه قال فيه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - سُئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: "إيمان لا شك فيه، وجهاد لا غلول فيه، وحجة مبرورة"، قيل: فأي الصلاة أفضل؟ قال: "طول القنوت". وهو كذلك في "مسند أحمد" (15401)، فالظاهر أن أبا داود اختصره، فوقع خلل في اختصاره. والله تعالى أعلم. وقد رواه كذلك بهذا اللفظ الذي رواه عبد الوهاب بن الحكم وأحمد في "مسنده": هارونُ بن عبد الله الحمال عند النسائي في "المجتبى" (4986). وأخرج مسلم (756) و (165) من حديث جابر بن عبد الله: بلفظ: أيُّ الصلاةِ أفضل؟ قال: طول القنوت. وسيأتى مطولاً برقم (1449). (¬2) إسناد. صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.

313 - باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل

313 - باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل 1327 - حدَّثنا محمد بنُ جعفر الوَرَكانيُّ، حدَّثنا ابن أبي الزناد، عن عمرو ابن أبي عمرو مولى المطَّلب، عن عكرمة عن ابن عباس قال: كانت قراءةُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - على قدر ما يَسْمَعُه مَن في الحُجرة وهو في البيت (¬1). 1328 - حدَّثنا محمدُ بنُ بكار بن الريان، حدَّثنا عبد الله بنُ المبارك، عن عمرانَ بنِ زائدة، عن أبيه، عن أبي خالد الوالبي عن أبي هريرة أنه قال: كانت قراءةُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بالليل يَرفَعُ طَوراً ويَخْفِضُ طوراً (¬2). ¬

_ = وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 123، ومن طريقه أخرجه البخاري (990)، ومسلم (749) (145)، والنسائي (1694). وأخرجه البخاري (472) و (473) , وابن ماجه (1319)، والترمذي (439)، والنسائي (1670) و (1671) و (1693) بن طرق عن نافع، عن ابن عمر. وأخرجه ابن ماجه (1320) من طريق سفيان عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4492)، و"صحيح ابن حبان" (2622). وانظر "السنن الكبرى، للنسائي (476) و (1403). وانظر ما سلف برقم (1295)، وما سيأتي برقم (1421) و (1436) و (1438). (¬1) إسناده حسن. ابن أبى الزِّنّادِ: هو عبد الرحمن. وأخرجه الترمذي في "الشمائل" (314)، والطحاوي في "معاني الآثار" 1/ 344، والطبراني في "المعجم الكبير" (11545)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صفحة (183)، والبيهقي 3/ 10 - 11 من طرق عن ابن أبي الزنّاد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2446). (¬2) إسناده محتمل للتحسين. زائدة - وهو ابن نشيط الكوفي - روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأبو خالد الوالبي روى عنه جمع، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات".

قال أبو داود: أبو خالد الوالبيُّ اسمه هُرْمز. 1329 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابت البُناني عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - (ح) وحدَّثنا الحسنُ بنُ الصباح، حدَّثنا يحيى بنُ إسحاق، أخبرنا حمادُ بنُ سلمة، عن ثابت البُناني، عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - خَرَجَ ليلةً فإذا هو بأبي بكر يُصلَّي يَخْفِضُ من صوته، قال: ومرَ بعمر بن الخطَاب وهو يُصلّي رافعاً صوته، قال: فلما اجتمعا عندَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أبا بكر، مررتُ بكَ وأنت تُصلّي تَخْفِضُ صوتَك" قال: قد أسمعتُ من ناجيْتُ يا رسولَ الله، قال: وقال لعمر: "مررتُ بك وأنتَ تُصلّي رافعاً صوتك"قال: فقال: يا رسولَ الله، أُوقظُ الوَسْنان، وأطْردُ الشيطان، - زاد الحسن في حديثه: - فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أبا بكر، ارفَعْ مِن صَوتك شيئاً"، وقال لعمر: "اخْفِضْ مِن صوتك شيئاً" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة 1/ 366، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (1352)، وابن خزيمة (1159)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 344، وابن حبان (2603)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلم - " ص 183، والحاكم في "المستدرك" 1/ 310، والبيهقي 3/ 12 - 13، والمزي في ترجمة زائدة بن نشيط الكوفي من "تهذيب الكمال" 9/ 279من طرق عن عمران بن زائدة، بهذا الإسناد. (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم، وأبو قتادة: هو الحارث بن ربعي. وأخرجه الترمذي (450) من طريق يحيى بن إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (733). وله شاهد من حديث أبي هريرة، يأتي بعده. وآخر من حديث علي رضي الله عنه عند أحمد (865).

1330 - حدَّثنا أبو حُصَين بن يحيي الرازيُ، حدَّثنا أسباطُ بن محمد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - بهذه القصة، لم يذكر: فقال لأبي بكر: "ارفَعْ شيئاً"، ولعمر: "اخْفِضْ شيئاً" زاد: "وقد سمعتُك يا بلال وأنت تقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة" قال: كلام طيب يجمع الله تعالى بعضه إلى بعضِ، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "كُلُكُم قد أصابَ" (¬1). 1331 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن هشام بنِ عُروة، عن عُروة عن عائشة: أن رجلاً قام من الليل فقرأ فرفَعَ صوتَه بالقرآن، فلما أصبحَ، قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يَرحَمُ الله فلاناً، كأيِّ مِن آيةٍ أَذْكَرَنيها الليلةَ كنتُ قد أسقطتُها" (¬2). 1332 - حدّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن إسماعيل بن أميةَ، عن أبي سلمة ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي -. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 11، وفي "شعب الإيمان" (2305) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وهارون النحوي: هو ابن موسى. وأخرجه بنحوه البخاري (2655) و (5037) و (5038) و (5042) و (6335)، ومسلم (788) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24335)، و"صحيح ابن حبان" (107). وانظر شرح الحديث في"فتح الباري"9/ 86. وسيتكرر برقم (3970).

عن أبي سعيد، قال: اعتكف رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في المسجد، فسمعهم يجهرونَ بالقراءة، فكَشَفَ السترَ فقال: "ألا إنَ كُلَّكم مُناجِ ربَّه، فلا يُؤذِيَنَّ بعضُكم بعضاً، ولا يَرْفَعْ بعضُكم على بعضٍ في القراءة" أو قال: "في الصلاة" (¬1). 1333 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ عيَّاش، عن بَحيرِ ابنِ سعدٍ، عن خالد بنِ معدان، عن كثير بن مُرّة الحضرميَّ عن عُقبة بن عامر الجُهني، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الجاهِرُ بالقرآن كالجاهِرِ بالصدقة، والمُسرُّ بالقرآن كالمُسرِّ بالصدَقَة" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعانى، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي، وإسماعيل بن أمية: هو ابن عمرو بن سيد الأموي، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. رهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (4216) , ومن طريقه أخرجه النسائى في "الكبرى" (8038). وهو في "مسند أحمد" (11896). وله شاهد من حديث البياضي أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - خرج على الناس وهم يصلون وقد عَلَت أصواتُهم بالقراءة، فقال: "إن المصلي يناجي ربه عز رجل، فلينظر ما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن". أخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 80، ومن طريقه النسائي في "الكبرى" (3364) و (8091) وغيره، وإسناده صحيح. وله شاهد آخر من حديث ابن عمر بإسناد صحيح عند أحمد (4928). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، إسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذا الحديث منها، فبحير بن سعد شامي، وقد توبع. وأخرجه الترمذي (3146) من طريق إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد. وقال: حسن غريب. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2353) من طريق معاوية بن صالح، عن بحير ابن سعد، به. وإسناده صحيح. =

314 - باب في صلاة الليل

314 - باب في صلاة الليل 1334 - حدَّثنا ابنُ المثنى، حدَّثنا ابنُ أبي عدي، عن حنظلةَ، عن القاسم ابن محمد عن عائشة قالت: كانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يصلي مِن الليل عَشْرَ ركعاتِ، ويُوترُ بسجدةٍ، ويَسجُدُ سجدتي الفجر، فذلك ثلاثَ عشرةَ ركعةً (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي (1378) من طريق زيد بن واقد، عن كثير بن مرة , به. وإسناده حسن. وهو في "مسند أحمد" (17368)، و"صحيح ابن حبان" (734). قال الترمذي: ومعنى هذا الحديث أن الذي يُسِرُ بقراءة القرآن أفضل من الذي يجهر بقراءة القرآن، لأن صدقة السر أفضل عند أهل العلم من صدقة العلن، وإنما معنى هذا عند أهل العلم لكي يأمن الرجلُ من العُجب، لأن الذي يُسِرُّ بالعمل لا يُخاف عليه العُجب ما يُخاف عليه في العلانية. (¬1) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمد، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم السُّلمي، وحنظلة: هو ابن أبي سفيان. وأخرجه البخاري (1140)، ومسلم (738)، والنسائي في "الكبرى" (421) و (1427) من طرق عن حنظلة بن أبي سفيان، به. وهو في "المسند" (25319). وانظر ما سيأتي بالأرقام (1336 - 1340) و (1350) و (1359) و (1360) و (1363). وقد اختلف في عدد الركعات التي كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يصليها في الليل مع وتره، قال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 69 - 70: وكيف كان الأمر فلا خلاف بين المسلمين أن صلاة الليل ليس فيها حدٌ محدود، وأنها نافلة وفعل خير، وعمل برّ، فمن شاء استقل ومن شاء استكثر. وقال الحافظ في "الفتح" 3/ 31: قال القرطبي: أشكلت روايات عائشة على كثير من أهل العلم حتى نسب بعضهم حديثها إلى الاضطراب، وهذا إنما يتم لو كان الراوي عنها واحداً أو أخبرت عن وقت واحدٍ، والصواب أن كل شيء ذكرته من ذلك محمول على أوقات متعددة وأحوال مختلفة بحسب النشاط، وبيان الجواز.

1335 - حدَّثنا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عُروة بن الزُّبير عن عائشة زوج النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يُصلِّي من الليل إحدى عشرةَ ركعةً، يوترُ منها بواحدةٍ، فإذا فرغ منها اضطجعَ على شِقِّه الأيمن (¬1). 1336 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ إبراهيم ونصرُ بنُ عاصم - وهذا لفظُه - قالا: حدَّثنا الوليدُ، حدّثنا الأوزاعيُّ - وقال نصر: عن ابن أبي ذئب والأوزاعي - عن الزهري، عن عُروة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. إلا أن الاضطجاع بعد الوتر منه شاذٌ، كما أوضحه الدارقطني في "الأحاديث التي خولف فيها مالك" الحديث (17)، حيث خالف مالكاً فيه عقيل ويونس وشعيب بن أبي حمزة، وابن أبي ذئب والأوزاعي وغيرهم، فذكروا الاضطجاع بعد ركعتي الفجر، يعني سنة الفجر، وقبل الإقامة. وليس بعد الوتر. ونبه عليه أيضاً قبل الدارقطني الذهليُّ كما نقله عنه ابن عبد البر في"التمهيد" 8/ 121 ومسلم في"التمييز"، وغيرهم. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن شهاب: هو الزهري. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 120، ومن طريقه أخرجه مسلم (736)، والترمذي (442) و (443)، والنسائي في "الكبرى" (417) و (445) و (1422). وهو في "مسند أحمد" (24070)، و"صحيح ابن حبان" (2427). ورواية ابن حبان مختصرة بالوتر بواحدة. وأخرجه البخاري (626) و (994) و (1123) و (6310)، ومسلم (736). كلهم ذكروا الاضطجاع بعد ركعتي الفجر. ورواية البخاري الأولى مختصرة. وأخرجه ابن ماجه (1198) والنسائي (1459). وأخرجه البخاري (1160) من طريق أبي الأسود، عن عروة، به. مختصراً بذكر الاضطجاع بعد ركعتي الفجر. وانظر ما سيأتي بالأرقام (1341 - 1345) و (1352). وانظر ما قبله.

عن عائشة قالت: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يصلي فيما بين أن يَفْرُغَ مِن صلاة العشاء إلى أن يَنْصَدِعَ الفجرُ إحدى عشرة ركعةً يُسَلِّمُ مِن كل ثنتَين، ويُوترُ بواحدة، ويَمْكُثُ في سجوده قدرَ ما يقرأ أحدُكُم خمسينَ آيةً قبل أن يرفعَ رأسَه، فإذا سَكَتَ المُؤذِّنُ بالأولى من صلاةِ الفجر، قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن (¬1). 1337 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهريُ، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني ابن أبي ذئب وعمرو بنُ الحارث ويونُس بن يزيد، أن ابنَ شهاب أخبرهم، بإسناده ومعناه، قال: ويُوترُ بواحدة، ويسجد سجدةً قَدْرَ ما يقرأ أحدُكُم خمسينَ آيةً قبل أن يرفعَ رأسَه، فإذا سكت المؤذنُ من صلاة الفجر، وتبيَّنَ له الفجرُ، وساق معناه، قال: وبعضهم يزيدُ على بعض (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الوليد: هو ابن مسلم، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، ونصر: هو ابن عاصم الأنطاكي، والزهري: هو محمد بن مسلم، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة. وأخرجه ابن ماجه (1358) من طريق ابن أبي ذئب والأوزاعي، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1177) من طريق ابن أبي ذئب، به. مختصراً بذكر السلام من كل ركعتين. وهو في "مسند أحمد" (24461) (24537) و (24550)، و"صحيح ابن حبان" (2422) و (2423) و (2431) و (2467) و (2614). وبعض روايات ابن حبان مختصرة بذكر الوتر بواحدة. وانظر ما قبله وما بعده. (¬2) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة.

1338 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا وُهَيب، حدَّثنا هشامُ بنُ عُروة، عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يصَلِّي من الليل ثلاثَ عشرةَ ركعةً، يؤير منها بخمسٍ لا يجلِسُ في شيءٍ مِن الخمس حتى يَجْلِسَ في الآخرة فيُسَلِّم (¬1). قال أبو داود: رواه ابن نُميرٍ عن هشام، نحوه. 1339 - حدَّثنا القعنبي، عن مالكِ، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة قالت: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُصلِّي بالليل ثلاثَ عشرةَ ركعةً، ثم يُصلِّي إذا سَمِعَ النداءَ بالصبح ركعتَين خفيفتَين (¬2). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (418) و (1252) و (1661) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (736) من طريق عمرو بن الحارث، و (736) من طريق يونس ابن يزيد، به. وهو في"صحيح ابن حبان" (2612). وانظر ما سلف برقم (1335) و (1336). (¬1) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد الباهلي، وابن نمير: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (737)، وابن ماجه (1359)، والترمذي (462)، والنسائي في "الكبرى" (434) من طرق عن هشام، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (1411) من طريق سفيان الثوري، عن هشام، به. أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يوتر بخمس، لا يجلس إلا في آخرهن. وانظر تالييه. وما سيأتي بالأرقام (1350) و (1359) و (1360) و (1363). وانظر ما سلف بالأرقام (1334) و (1336) و (1337). (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. =

1340 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل ومسلم بن إبراهيم، قالا: حدَّثنا أبان، عن يحيى، عن أبي سلمة عن عائشة: أن نبي الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يُصلي من الليل ثلاثَ عَشْرَةَ ركعةً، كان يُصلي ثمان ركعات، ويوتر بركعة ثم يصلّي - قال مسلم: بعد الوتر - ركعتين، وهو قاعد، فإذا أراد أن يَرْكَعَ قامَ فركع، ويُصلي بين أذانِ الفجرِ والإقامةِ ركعتَين (¬1). ¬

_ = وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 121، ومن طريقه أخرجه البخاري (1170)، والنسائي في "الكبرى" (419) و (1419). وأخرجه مسلم (724) (90) من طريق عبدة بن سيمان، عن هشام، به. بلفظ: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يصلي ركعتي الفجر، إذا سمع الآذان ويخففهما. وأخرجه الترمذي (462) من طريق عبد الله بن نُمير، عن هشام، به. بنحو لفظ وهيب السالف عند المصنف قبله. وفيه: فإذا أذن المؤذن قام فصلى ركعتين خفيفتين. وهو في "مسند أحمد" (25447). وانظر ما بعده، وما سيأتى بالأرقام (1350) و (1359) و (1360) و (1363). وانظر ما سلف بالأرقام (1334) و (1336 - 1338). (¬1) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العطار، ويحيى: هو ابن أبي كثير، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه مسلم (738)، والنسائي في "الكبرى" (450) و (1426) و (1453) من طرق عن يحيي بن أبي كثير، به. وأخرجه مختصراً بذكر الركعتين بين أذان الفجر والاقامة: البخاريُّ (619)، والنسائي في "المجتبى" (1780) من طريق يحيى بن أبي كثير، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (414) و (451) - من طريق جعفر بن ربيعة، عن أبي سلمة، به. وأخرجه مسلم (738)، والنسائى في "الكبرى" (391) و (413) من طريق عبيد الله ابن أبي لبيد، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: كانت صلاته تعني النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في شهر رمضان وغيره ثلاث عشرة ركعة بالليل، منها ركعتا الفجر. =

1341 - حدَّثنا القعنبي، عن مالكِ، عن سعيد بن أبي سعيد المَقْبُرِيِّ، عن أبي سَلَمة بن عبد الرحمن أنه أخبره أنه سأل عائشةَ زوجَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كيف كانت صلاةُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في رمضان؟ فقالت: ما كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَزيدُ في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرةَ ركعةً: يُصلِّي أربعاً، فلا تسألْ عن حُسْنِهِنَّ وطولهِنَّ، ثم يُصلي أربعاً، فلا تَسْألْ عن حُسنهن وطُولهن، ثم يُصلي ثلاثاً، قالت عائشة: فقلت: يا رسولَ الله، أتنامُ قبل أن تُوتِرُ؟ فقال: يا عائشةُ، أن عَينيَّ تنامان، ولا ينام قلبي" (¬1). 1342 - حدَّثنا حفصُ بن عمر، حدَّثنا همَّامٌ، حدَّثنا قتادةُ، عن زُرارة بن أوفى عن سَعْد بن هشام، قال: طلقتُ امرأتي، فأتيت المدينةَ لأبيع عقاراً كان لي بها، فأشتريَ به السلاحَ فأغزوَ، فلقيتُ نفراً من أصحاب ¬

_ = وأخرجه البخاري (1159)، والنسائي في "الكبرى" (452) من طريق عراك بن مالك، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: صلَّى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - العشاء، وصلى ثمانى ركعات، وركعتن جالساً، وركعتين بين النداءين ولم يكن يدعهما أبداً. قلنا: لم يرد ذكر الوتر في هذه الرواية! وهو في "مسند أحمد" (24116) و (25559). وانظر ما سلف برقم (1334). (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعَنب. وهو في "موطأ مالك " 1/ 120، ومن طريقه أخرجه البخاري (1147) و (2013) و (3569)، ومسلم (738)، والترمذي (441)، والنسانى في "الكبرى" (392) و (393) و (411) و (453) و (1425). وهو في "مسند أحمد" (24073)، و"صحيح ابن حبان" (2430) و (2613). وانظر ما سلف برقم (1334) و (1335).

النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالوا: قد أراد نَفَرٌ مِنا ستَّةٌ أن يفعلوا ذلك، فنهاهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وقال: {لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} فأتيتُ ابن عباس فسألتُه عن وترِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: أدُلُّكَ على أعلمِ الناس بوتر رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأتِ عائشةَ، فأتيتُها، فاستتبعت حكيمَ بن أفلح، فأبى، فناشدتُه، فانطلقَ معي، فاستأذنَّا على عائشة، فقالت: من هذا؟ قال: حكيم بن أفلح، قالت: ومن معك؟ قال: سعد بن هشام، قالت: هشام بن عامر الذي قتل يوم أحد؟ قال: قلتُ: نعم، قالت: نِعْمَ المرءُ كان عامرٌ، قال: قلتُ: يا أمَّ المؤمنين حدثيني عن خُلِق رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قالت: ألستَ تقرأ القرآن؟ فإن خُلُقَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان القرآنُ. قال: قلت: حدِّثيني عن قيام الليل، قالت: ألست تقرأ: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ}؟ قال: قلت: بلى، قالت: فإن أوَّل هذه السورة نزلت، فقام أصحابُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى انتفخت أقدامُهم، وحُبِسَ خاتمتُها في السَّماء اثني عَشَر شهراً، ثم نزل آخِرُها، فصار قيامُ الليل تطوعاً بعد فريضة. قال: قلت: حدِّثيني عن وتر النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. قالت: كان يؤتِرُ بثمانِ ركعاتٍ، لا يجلسُ إلا في الثامنة، ثم يقومُ فيُصلي ركعةً أخرى، لا يجلس إلا في الثامنة والتاسعة، ولا يُسلّم إلا في التاسعة، ثم يصلِّي ركعتين وهو جالس، فتلك إحدى عشرة ركعةً يا بني، فلما أسنَّ وأخذَ اللحمَ أوتر بسبع ركعاتٍ، لم يجلس إلا في السادسة والسابعة، ولم يُسَلِّم إلا في السابعة، ثم يصلّي ركعتين وهو جالس، فتلك تسعُ رَكَعاتٍ يا بنيَّ. ولم يَقُم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ليلةً يُتمُّها إلى الصباح، ولم

يقرأ القراَن في ليلة قَطُّ، ولم يصم شهراً يُتمُّه غيرَ رمضان، وكان إذا صَلّى صلاةً داومَ عليها، وكان إذا غَلَبَتْهُ عيناه من الليل بنومِ صلّى من النَهار ثنتي عشرةَ ركعةً، قال: فأتيتُ ابنَ عباس. فحدَّثتُه، فقال: هذا والله هو الحديث، ولو كنت أكَلِّمُها لأتيتُها حتى أشافهَها به مشافهةً، قال: قلت: لو علمتُ أنك لا تكلِّمها ما حدَّثتُك (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العَوذي، وقتادة: هو ابن دِعامة. وأخرجه مسلم (746)، والنسائي في "الكبرى" (1413) من طريق هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، عن قتادة، بهذا الإسناد. لكن رواية النسائي مختصرة بذكر وتره - صلَّى الله عليه وسلم - بعدما أسنَّ، ولم يسُق مُسلم لفظَه. وأحال على رواية سعيد بن أبي عروبة المطولة، وستأتي عند المصنف. وأخرجه مسلم (746) من طريق شعبة، عن قتادة، به. مختصراً بذكر قضاء صلاة الليل الفائتة. وقول عائشة: ما رأيت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قام ليلة حتى الصباح، وما صام شهراً متتابعاً إلا رمضان. وأخرجه مسلم (746)، والترمذي (447)، والنسائي (1465) من طريق أبي عوانة اليشكري، عن قتادة، به. مختصراً بذكر قضاء صلاة الليل الفائتة في النهار. وأخرج النسائي (1404) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به. أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان لا يُسَلم في ركعتي الوتر. وأخرجه النسائي (1415) من طريق بكر بن عبد الله، عن سعد بن هشام، به مختصراً بقول عائشة أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يوتر بتسع ركعات، فلما لَحُمَ أوتر بسبع، وركع ركعتين وهو جالس. وأخرج النسائي (11287) من طريق يزيد بن بابنوس، عن عائشة، قالت: كان خلق رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - القرآن. وهو في "مسند أحمد" (24269) و (24636)، و"صحيح ابن حبان" (2441) و (2642) و (2645). وانظر ما سلف برقم (1335) و (1336). وانظر ما سيأتي بالأرقام (1343 - 1349) و (1351) و (1352).

1343 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدَّثنا يحيى بنُ سعيد، عن سعيد، عن قتادة بإسناده نحوه، قال: يُصلِّي ثمانَ ركعاتٍ، لا يجلسُ فيهن الا عندَ الثامنة فيجلس، فيذكر الله، ثم يدعو، ثم يُسَلِّمُ تسليماً يُسمِعُنا. ثم يُصلِّي ركعتينِ وهو جالس بعدما يُسلِّم، ثم يُصلي ركعةً، فتلك إحدى عشرة ركعةً يا بنيَّ، فلما أسنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأخذ اللحمَ أوتر بسبعٍ، وصلَّى ركعتين وهو جالس بعدما يُسلم، بمعناه إلى: مشافهةً (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيي بن سعيد: هو القطان، وسعيد: هو ابن أبي عَروبة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1296) من طريق يحيي بن سيد، بهذا الإسناد. مختصراً بذكر قيام الليل. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1239) من طريق يحيي بن سعيد، به. مختصراً عن عائشة أنها قالت: كنا نُعِد له سواكه وطهوره، فيبعثه الله لما شاء أن يبعثه من الليل، فيتسوك ويتوضأ، يصلي ثمان ركعات، لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة، فيجلس، فيذكر الله، ويدعو. وأخرجه النسائي (424) و (1412) و (1418) و (11563) من طريق خالد بن الحارث، عن سعيد بن أبي عروبة، به. وهو عنده في الموضعين الثاني والثالث مختصر بذكر الوتر فقط وفي الموضع الرابع مختصر بذكر قيام الليل. وأخرجه مسلم (746)، والنسائي (448) من طريق معمر، عن قتادة، به. ولم يسق مسلم لفظه، وأحال على رواية محمد بن أبي عدي، عن سيد بن أبي عروبة المطولة عنده بنحو رواية همام السالفة عند المصنف قبله. وأخرجه النسائي (1337) و (2503) من طريق عبدة بن سليمان، و (2669) من طريق خالد بن الحارث، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به. مختصراً بقول عائشة: لا أعلم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قرأ القرآن كله في ليلة، ولا قام حتى الصباح، ولا صام شهراً كاملاً غير رمضان. وانظر ما قبله، وما سيأتي بعده برقم (1344) و (1345).

1344 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا محمدُ بنُ بشر، حدَّثنا سعيدٌ، بهذا الحديث، قال: يُسلِّم تسليماً يُسمِعنا، كما قال يحيى بن سعيد (¬1). 1345 - حدَّثنا محمدُ بن بشَار، حدَّثنا ابنُ أبي عدي، عن سعيد بهذا الحديث، قال ابنُ بشار، بنحو حديث يحيي بن سعيد إلا أنه قال: ويُسلِّم تسليمةً يُسمِعنا (¬2). 1346 - حدَّثنا علي بن حسين الدَّرهميُّ، حدَّثنا ابنُ أبي عدي، عن بَهزِ بن حكيم، حدَّثنا زُرارة بن أوفى أن عائشةَ سُئِلَتْ عن صلاة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في جوف الليل، فقالت: كان يُصلّي العِشاء في جماعة، ثم يرجعُ إلى أهله، فيركع أربعَ ركعاتِ، ثم يأوي إلى فِراشه وينام، وطَهورُهُ مغطى عندَ رأسِه، وسواكُه موضوع حتى يبعثه الله ساعتَه التي يبعثه من الليل، فيتسوَّكُ ويُسبغُ الوضوءَ، ثم يقوم إلى مُصلاه، فيصلي ثمانيَ ركعات يقرأ فيهن بأم الكتاب، وسورة من القرآن، وما شاء الله، ولا يقعُدُ في شيء منها حتى يَقْعُدَ في الثامنة، ولا يُسلِّم، ويقرأ في التاسعة، ثم يقعد، فيدعو بما شاء ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عَروبة. وأخرجه مسلم (746) , وابن ماجه (1191) و (1348) من طريق محمد بن بشر، بهذا الإسناد. والحديث عند ابن ماجه في الموضع الثاني مختصر بقول عائشة: لا أعلم نبي الله - صلَّى الله عليه وسلم - قرأ القرآن كله حتى الصباح. ولم يسق مسلم لفظه، وأحال على رواية محمد بن أبي عدي، عن سعيد بن أبي عروبة المطولة عنده، وانظر ما سلف برقم (1342) و (1343)، وما سيأتي بعده. (¬2) إسناده صحيح. ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم. وأخرجه مسلم (746) من طريق ابن أبي عدي، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف بالأرقام (1342) و (1343) و (1344).

الله أن يدعوَ، ويسألُه ويرغبُ إليه، ويُسلِّمُ تسليمة واحدة شديدة يكادُ يوقِظُ أهلَ البيت من شدة تسليمه، ثم يقرأ وهو قاعِدٌ بأم الكتاب، ويركع وهو قاعد، ثم يقرأ الثانية فيركعُ ويسجدُ وهو قاعدٌ، ثم يدعو ما شاء الله أن يدعوَ، ثم يُسلِّمُ وينصرفُ، فلم تزل تلك صلاةُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى بَدُنَ، فنقص من التسع ثنتَين، فجعلها إلى الست والسبع وركعتيه وهو قاعد حتى قُبِضَ على ذلك (¬1). 1347 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبد الله، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا بَهْزُ بن حكيم، فذكر هذا الحديث بإسناده. قال: يُصلي العشاء ثم يأوي إلى فراشه، لم يذكر الأربعَ ركعاتٍ، وساق الحديث، وقال فيه: فيصلِّي ثمانيَ ركعاتٍ، يُسوِّي بينهن في القراءة والركوع والسجود، ولا يجلس في شيء منهن إلا في الثامنة، فإنه كان يَجلِسُ، ثم يقومُ ولا يُسلِّم، فيصلي ركعةً يوترُ بها، ثم يُسلِّم تسليمةً يرفعُ بها صوته حتى يُوقِظَنا، ثم ساق معناه (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكلن وهم فيه بهز بن حكيم، حيث أسقط من إسناده سغد بن هشام بين زرارة وبين عائشة، وأثبته قتادة كما سلف بالأرقام (1342 - 1345) ثم إن بهزاً أثبته مرة كما سيأتي برقم (1349)، ولهذا قال المزي في "تهذيب الكمال" 9/ 340: المحفوظ أن بينهما سعد بن هشام. وهو في "مسند أحمد" (25987). وقد سلف مختصراً بقطعة السواك برقم (56)، وذكر هناك في إسناده سعد بن هشام. وانظر ما سيأتي بالأرقام (1347 - 1349). (¬2) حديث صحيح، وهذا سند رجاله ثقات كسابقه. وانظر ما سلف برقم (1342) و (1346).

1348 - حدَّثنا عَمرو بنُ عثمان، حدَّثنا مروانُ - يعني ابن معاويةَ - عن بهز، حدَّثنا زُرارةُ بنُ أوفى عن عائشة أم المؤمنين: أنها سُئلت عن صلاة رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالت: كان يُصلي بالناس العشاء, ثم يَرْجِعُ إلى أهله فيُصَلِّي أربعاً، ثم يأوي إلى فراشه، ثم ساقَ الحديث بطوله. لم يذكر: يسوِّي بينهن في القراءةِ والركوعِ والسجودِ، ولم يذكر في التسليم: حتى يُوقظَنا (¬1). 1349 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ - يعني ابنَ سلمَة - عن بهْز ابن حكيم، عن زُرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام، عن عائشة، بهذا الحديث، وليس في تمام حديثهم (¬2). 1350 - حدَّثنا موسى - يعني ابن إسماعيل -، حدَّثنا حمادٌ - يعني ابن سلمة -، عن محمد بن عمرو، عن أبي سَلَمَةَ بن عبد الرحمن عن عائشة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يُصلّي من الليل ثلاثَ عشرةَ ركعةَ يؤترُ بتِسْع (¬3) - أو كما قالت - ويُصَلِّي ركعتين وهو جالس، وركعتي الفجر بين الأذان والإقامة (¬4). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات كسابقيه. وانظر ما سلف برقم (1342) و (1346). (¬2) إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" (25988). وانظر ما سلف برقم (1342) و (1346). (¬3) جاء في (أ) و (ب) و (ج): بسبع، وهو خطأ، والمثبت من (هـ) و (و)، وهو الموافق لما جاه عند البيهقي من طريق أبي داود 3/ 32. وهو الموافق أيضاً لرواية أبي سلمهَ السالفة عند المصنف برقم (1340). (¬4) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة بن =

1351 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حَمَّادٌ، عن محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم، عن علقمة بن وقَّاص عن عائشة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يُوتر بتسع ركعات، ثم أوتر بسبع رَكَعاتٍ ورَكَعَ ركعتين وهو جالسٌ بعد الوتر يقرأ فيهما، فإذا أراد أن يَركعَ قام فركع ثم سَجَدَ (¬1). قال أبو داود: روى الحديثين خالدُ بنُ عبد الله الواسطي، مثله، قال فيه: قال علقمةُ بنُ وقاص: يا أمَّتاه (¬2)، كيف كان يُصَلّي الركعتين فذكر معناه. 1352 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقية، عن خالدٍ (ح) وحدثنا ابنُ المثنى، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا هشام، عن الحسن، عن سعد بن هشام، قال: ¬

_ = وقاص الليثي - مختلف فيه، فهو حسن الحديث وقد خرج له البخاري مقروناً ومسلم متابعة، وقد توبع فيما سلف برقم (1340). وهو في "مسند أحمد" (24275) و (25490). وانظر ما سلف برقم (1334) و (1340). (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة - ولكنه قد توبع فيما سلف برقم (1340). وأخرج منه ذكر الركعتين بعد الوتر مسلمٌ (731) (114) من طريق محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26002). وانظر ما قبله وما سلف برقم (1340). (¬2) في (د) و (هـ) و (و): يا أمَّه. وكلاهما صحيح في لغة العرب.

قَدِمْتُ المدينةَ، فدخلتُ على عائشة، فقلت: أخبريني عن صلاة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قالت: إنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يُصلّي بالناس صلاةَ العشاء، ثم يأوي إلى فِراشه فينامُ، فإذا كان جوفُ الليل، قام إلى حاجته وإلى طَهوره فتوضأ، ثم دخل المسجدَ فصلَّى ثمانَ ركعات يُخيَّل إليَّ أنه يُسوِّي بينهن في القراءة والركوع والسجود، ثم يُوترُ بركعة، ثم يُصلِّي ركعتين وهو جالس، ثم يضعُ جنبه، فربما جاء بلال، فآذنَه بالصلاة، ثم يُغفي، وربما شككتُ أغَفَى أو لا، حتى يُؤْذِنَه بالصَلاةِ، فكانت تلك صلاتَه حتى أسنَّ (¬1) ولَحُمَ، فذكرتْ من لحمه ما شاء الله. وساق الحديث (¬2). 1353 - حدَّثنا محمد بن عيسى، حدَّثنا هُشيمٌ، أخبرنا حُصين، عن حبيب ابن أبي ثابت (ح) وحدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا محمدُ بنُ فُضيل، عن حُصَين، عن حبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه ¬

_ (¬1) في (أ): سنَّ، قال النووي: أسنَّ هو المشهور في اللغة. (¬2) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الطحان الواسطي، وابن المثنى: هو محمد، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي، وهشام: هو ابن حسان القُردوسي، والحسن: هو البصري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (422) و (423) و (449) و (1414) و (1419) و (1420) من طرق عن الحسن البصري، به. والروايات الأولى والثالثة والرابعة والخامسة مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (25986). وانظر ما سلف برقم (1342).

عن ابن عباس: أنه رَقَدَ عند النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فرآه استيقظ فتسوَّك وتوضَّأ وهو يقول: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: 190] حتى ختم السورةَ، ثم قام، فصلَّى ركعتين، أطال فيهما القيامَ والركوعَ والسجودَ، ثم انصرفَ، فنام حتى نَفَخَ، ثم فَعَل ذلك ثلاثَ مرَّات بستِّ ركعات، كل ذلك يستاك ثم يتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوترَ - قال عثمان: بثلاثِ ركعاتٍ، فأتاه المُؤذَّنُ، فخرج إلى الصلاة - وقال ابنُ عيسى: ثم أوتر فأتاه بلال، فآذنَه بالصلاة حين طَلَعَ الفجرُ - فصلَّى ركعتي الفجر، ثم خرج إلى الصلاة، ثم اتَّفقا: وهو يقول: "اللهُمَ اجعلْ في قلبي نوراً، واجْعَلْ في لساني نوراً، واجْعَلْ في سمعي نوراً، واجعل في بصري نوراً، واجْعَلْ خلفي نوراً، وأمامي نوراً، واجْعَلْ مِن فوقي نوراً، ومِن تحتي نوراً، اللهم وأعظم لي نوراً" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هشيم: هو ابن بَشير السُلَمي، وحُصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي. وأخرجه مسلم (763) من طريق محمد بن فضيل، بهذا الإسناد. وقد سلف طريق هشيم برقم (58)، وانظر تخريجه هناك. وأخرج منه قصة الدعاء: أحمد (3301)، والبخاري في "الأدب المفرد" (696). وانظر كلام المصنف بإثر الطريق الذي بعده. وانظر ما سيأتي بالأرقام (1354) و (1355) و (1364). وجاء عن ابن عباس أيضاً أنه - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى ثلاث عشرة ركعة كما سيأتي برقم (1358) و (1365) و (1367) وعنه أيضاً أنه صلَّى ما شاء الله ولم يحدد ثم أوتر بسبع أو خمس كما سيأتي برقم (1356)، وعنه أيضاً أنه صلَّى بعد العشاء أربعاً، ثم نام ثم قام فصلى خمساً كما سيأتي برقم (1357). وهو محمول على أوقات متعددة أو على أحوال مختلفة لبيان الجواز، كما بيناه عند حديث عائشة السالف برقم (1334).

1354 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقية، عن خالد عن حُصين، نحوه، قال: "وأعظِمْ لي نوراً " (¬1). قال أبو داود: وكذلك قال أبو خالد الدَّالاني عن حبيبٍ في هذا، وكذلك قال في هذا، وقال سلمةُ بن كهيل: عن أبي رشدين، عن ابن عباس (¬2). 1355 - حدَّثنا محمدُ بن بشار، حدَّثنا أبو عاصم، حدَّثنا زُهَيرُ بن محمد، عن شَريك بن عبد الله بن أبي نَمرِ، عن كُريب عن الفضل بن عباس، قال: بتُّ ليلةً عندَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - لأُنظر كيفَ يُصلي، فقام فتوضأ وصلَّى ركعتين قِيامُهُ مِثْلُ ركوعِه، وركوعُه مثلُ سجودِه، ثم نام، ثم استيقظ فتوضأ، واستنَّ، ثم قرأ بخمس آياتِ مِنْ آل عمران {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} فلم يزل يَفْعَلُ هذا حتى صَلَّى عشرَ ركعات، ثم قام فصلَّى سجدةً واحدةً، فأوتر بها، ونادى المنادي عندَ ذلك، فقامَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بعدما سكت المؤذِّنُ، فصلَّى سجدتين خفيفتين، ثم جَلَسَ حتى صَلَّى الصبح (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان. وانظر ما قبله، وما سلف برقم (58). (¬2) أبو خالد الدَّالانيّ: هو يزيد بن عبد الرحمن، وأبو رِشدين: هو كُريب مولى ابن عباس. ورواية سلمة بن كهيل عن كريب أخرجها البخاري (6316)، ومسلم (763)، والنسائي في "الكبرى" (712). وهي في "مسند أحمد" (2567) و (3194)، و"صحيح ابن حبان" (2636). وانظر ما سيأتي برقم (1367). (¬3) إسناده صحيح، على اختلاف فيه على شريك ابن أبي نمر في تسمية صحابيّ الحديث، وهذا لا يضر، والمحفوظ أنه عن عبد الله بن عباس. =

قال أبو داود: خفي عليَّ من ابن بشار بعضُه. 1356 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا محمدُ بن قيس الأسديُّ، عن الحكم بنُ عتيبةَ، عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة، فجاء رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بعدما أمسى، فقال: "أصلَّى الغلام؟ " قالوا: نَعَم، فاضطجعَ حتى إذا مضى من الليل ما شاء الله قام فتوضأ، ثم صلَّى سبعاً أو خمساً أوتَرَ بهن لم يُسلّم إلا في آخرهن (¬1). 1357 - حدَّثنا ابنُ المثنَّى، حدَّثنا ابنُ أبي عَدي، عن شُعبة، عن الحكم، عن سعيد بن جُبير ¬

_ = وأخرجه محمد بن نصر المروزي في"كتاب الوتر" (32)، والطبراني 18/ (761) من طريق زهير بن محمد، والطبرانى 18/ (862) من طريق سليمان بن بلال، كلاهما عنه، عن كريب، عن الفضل. وأخرجه البخاري (4569) و (7452)، ومسلم (763) من طريق محمد بن جعفر، عن شريك، عن كريب، عن عبد الله بن عباس. وهكذا رواه غير واحد عن كريب كما سيأتي برقم (1364). وانظر ما سيأتي برقم (1365). وانظر ما سلف برقم (1353). (¬1) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجرّاح. وأخرجه محمد بن نصر المروزي في "الوتر" (38) من طريق محمد بن قيس، بهذا الإسناد. ويشهد لقوله: لم يسلم إلا في آخرهن، حديثا عائشة السالفان برقم (1338) و (1342) وإسناداهما صحيحان. وانظر تالييه.

عن ابن عباس قال: بتُّ في بيتِ خالتي ميمونةَ بنت الحارث، فصلَّى النبيّ - صلَّى الله عليه وسلم - العشاء، ثم جاء فصَلَّى أربعاً، ثم نام، ثم قام يُصلَّي، فقمتُ عن يساره، فأدارني، فأقامني عن يمينه، فصلَّى خمساً، ثم نام حتى سمعتُ غَطيطَه - أو خَطيطَه -، ثم قام فصلَّى ركعتين، ثم خَرجَ فصلَّى الغداة (¬1). 1358 - حدَّثنا قُتيبةُ، حدَّثنا عبدُ العزيز بن محمد، عن عبد المجيد، عن يحيى بن عباد عن سعيد بن جُبير، أن ابن عباس حدَّثه في هذه القصة قال: قام فصلَّى ركعتين ركعتين، حتى صلَّى ثمانيَ ركعاتٍ، ثم أوترَ بخمسٍ، لم يجلس بينهن (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمد، وابن أبي عَدي: هو محمد بن إبراهيم، والحكم: هو ابن عُتيبة. وأخرجه البخاري (117) و (697) والنسائى في "الكبرى" (406) و (1343) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وزادا فيه بعد ذكر الركعات الخمس وقبل النوم: صلاة ركعتين. وهو في "مسند أحمد" (3169) و (3170). وانظر ما سلف قبله، وما سيأتي بعده. وقد سلف منه قوله: فقمت عن يساره، فأدارني، فأقامني عن يمينه، برقم (611). (¬2) إسناده قوي من أجل عبد العزيز بن محمد - وهو الدراوَردي - قتيبة: هو ابن سعيد، وعبد المجيد: هو ابن سهيل. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (405) و (1344) من طريق عبد العزيز بن محمد، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه، وما سلف برقم (1353).

1359 - حدَّثنا عبدُ العزيز بن يحيي الحرَّانىُّ، حدَّثني محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُصلِّي ثلاثَ عشرةَ ركعةً بركعتيه قَبلَ الصُّبح: يُصلّي ستاً مثْنى مثنى، ويُوترُ بخمسٍ لا يقعُدُ بينهنّ إلا في آخرهن (¬1). 1360 - حدَّثنا قتيبةُ، حدَّثنا الليثُ، عن يزيدَ بن أبي حبيب، عن عِراك بن مالك، عن عُروة عن عائشة أنها أخبرته: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان يُصلِّي بالليل ثلاثَ عشرةَ ركعةً بركعتي الفجر (¬2). 1361 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي وجعفر بن مسافر، أن عبدَ الله بن يزيد المقرئ أخبرهما، عن سعيد بن أبي أيوب، عن جعفر بن ربيعة، عن عراك بن مالك، عن أبي سلمة ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. محمد بن إسحاق صرح بالتحديث عند أحمد (26358)، فانتفت شبهة تدليسه. وقد توبع. وأخرجه أحمد (26358)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 284 من طريق محمد بن إسحاق، به. وقرن أحمدُ بمحمد بن جعفر بن الزبير هشام بن عروة. وانظر ما سلف برقم (1338). (¬2) إسناده صحيح. قتيبة: هو ابن سعيد الثقفي، والليث: هو ابن سعد بن عبد الرحمن. وأخرجه مسلم (737)، والنسائي في "الكبرى" (416) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25858). وانظر ما سلف برقم (1334).

عن عائشة: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى العشاء، ثم صَلَّى ثمانيَ ركعاتٍ قائماً، وركعتين بين الأذانَيْنِ، ولم يكن يَدَعُهما، قال جعفرُ بنُ مسافر في حديثه: وركعتين جالساً بين الأذانين، زاد: جالساً (¬1). 1362 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح ومحمدُ بنُ سلمة المراديُ، قالا: حدَّثنا ابنُ وهب، عن معاويةَ بن صالح، عن عبد الله بن أبي قيس، قال: قلت لعائشة: بكَمْ كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُوترُ؟ قالت: كان يُوترُ بأربع وثلاثٍ، وست وثلاثٍ، وثمانٍ وثلاثٍ، وعشرٍ وثلاثٍ، ولم يكن يُوترُ بأنقصَ مِن سبعٍ، ولا بأكثرَ من ثلاثَ عشرةَ (¬2). زاد أحمدُ: ولم يكن يُوترُ بركعتين قبل الفجر، قلتُ: ما يوتر؟ قالت: لم يكُنْ يَدع ذلك، ولم يذكر أحمد: وست وثلاث. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (1159)، والنسائى في "الكبرى" (415) من طريق عد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. ولفظ البخاري: صلَّى ثماني ركعات، وركعتين جالساً، وركعتين بين النداءين، ولم يكن يدعهما أبداً. وهو في "مسند أحمد" (25209). وانظر ما سلف برقم (1338) و (1340). (¬2) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله بن وهب المصري. وأخرجه إسحاق بن راهويه (1667)، وأحمد (25159)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"1/ 285، وابن عدي في "الكامل" 6/ 2401، والبيهقي 3/ 28 من طريق عبد الله بن وهب، والطبراني في "مسند الشاميين" (1918)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 198 من طريق عبد الله بن صالح، كلاهما عن معاوية بن صالح، به. وانظر ما سلف برقم (1307).

1363 - حدَّثنا مؤملُ بنُ هشام، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيم، عن منصور ابن عبد الرحمن، عن أبي إسحاقَ الهَمداني، عن الأسود بن يزيد أنه دَخَلَ على عائشة، فسألها عن صلاةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالليل، فقالت: كان يصلّي ثلاثَ عشرةَ ركعةَ من الليل، ثم إنه صَلَّى إحدى عشرةَ ركعةَ، وترك ركعتين، ثم قُبِضَ - صلَّى الله عليه وسلم - حين قُبِضَ وهو يُصلّي من الليل تسعَ ركعاتٍ، آخِرُ صلاته من الليل الوترُ (¬1). 1364 - حدَّثنا عبدُ الملك بنُ شعيب بن الليث، حدثني أبي، عن جدي، عن خالد بن يزيدَ، عن سعيد بن أبي هلالِ، عن مَخرمَةَ بن سليمان، أن كُريباً مولى ابن عباس أخبره، أنه قال: سألتُ ابن عباس: كيف كانت صلاةُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالليل؟ قال: بتُّ عنده ليلةً وهو عند ميمونة، فنام حتى إذا ذهب ثلثُ الليل أو نصفُه استيقظ، فقام إلى شَن فيه ماء، فتوضأ وتوضأتُ معه، ثم قام، فقمتُ إلى جنْبه على يساره، فجعلني على يمينه، ثم وضع يده على رأسي كأنه يمَسُّ أذني، كأنه يُوقظني، فصلَّى ركعتين خفيفتين، قلت: قرأ فيهما بأم القرآن في كُل ركعةِ، ثم سلَّم، ثم صلَّى حتى صَلَّى إحدى عشرةَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو إسحاق الهمداني: هو عمرو بن عُبيد السَّبيعي. وأخرجه ابن ماجه (1360)، والترمذي (445) و (446)، والنسائي في "الكبرى" (426) و (1351) و (1352) من طريق إبراهيم النخعي، عن الأسود بن يزيد، به مختصراً، بلفظ: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يصلي من الليل تسع ركعات. وأخرجه مسلم (740) من طريق أبي إسحاق، به. مختصراً، بلفظ: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يصلي من الليل حتى يكون آخر صلاته الوتر. وهو في "مسند أحمد" (26158) و (26159)، وابن حبان (2615).

ركعةً بالوتر، ثم نام، فأتاه بلال، فقال: الصلاةَ يا رسولَ الله، فقام فركعَ ركعتين، ثم صلَّى للناس (¬1). 1365 - حدَّثنا نوحُ بنُ حبيب ويحيي بن موسى، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن ابن طاووس، عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس قال: بتُّ عند خالتي ميمونةَ، فقام النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - يصلي من الليل، فصلى ثلاثَ عشرةَ ركعةً منها ركعتا الفجر، حَزَرْتُ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد تابع سعيدَ بن أبي هلال على ذكر الإحدى عشرة ركعة الضحاكُ بن عثمان عند مسلم كما سيأتي، وخالفهما مالك وعياض بن عبد الله الفهري وعبد ربه بن سعيد كما سيأتي برقم (1367)، فقالوا: ثلاث عشرة ركعة ولكل منهم متابع في حديث ابن عباس كما سلف بيانه برقم (1353). الليث: هو ابن سعد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (398) و (340) و (1662) من طريق شعيب بن الليث، بهذا الإسناد. زاد: وصلى للناس ولم يتوضأ. زاد: ولم يتوضأ. وهذه الزيادة ذكرها أيضاً عبد ربه بن سعيد، عن مخرمة عند البخاري (698)، ومسلم (763)، وذكرها كذلك سلمة بن كهيل، عن كريب، عن ابن عباس عند البخاري (6316)، ومسلم (763)، وعمرو بن دينار، عن كريب عن ابن عباس، عند البخاري (138) و (726)، ومسلم (763). قال القاضي عياض في "إكمال المعلم"3/ 122: يفسره ما قال سفيان: هذا للنبي - صلَّى الله عليه وسلم - خاصة، لأنه كان تنام عينه ولا ينام قلبه. وأخرجه بنحوه مسلم (763) من طريق الضحاك بن عثمان، عن مخرمة بن سليمان، به. دون ذكر وقت قيامه - صلَّى الله عليه وسلم -، ودون ذكر الوضوء. وأخرجه البخاري (138) و (726)، ومسلم (763)، وابن ماجه (423)، والترمذي (229) من طريق عمرو بن دينار، عن كريب، مختصراً بقصة إقامة ابن عباس على جهة اليمين، إلا ابن ماجه فإنه اقتصر على ذكر وضوء النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وتقليد ابن عباس له. وانظر ما سلف برقم (610) و (611) و (1353) و (1355).

قيامَه في كلِّ ركعةِ بقدر {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} لم يقلْ نوح: منها ركعتا الفجر (¬1). 1366 - حدَّثنا القعنبي، عن مالكِ، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، أن عبدَ الله بنَ قيس بن مَخرَمَة أخبره عن زيد بن خالد الجهني أنه قال: لأرمُقَن صلاةَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - الليلة، قال: فتوسَّدتُ عتبتَه أو فُسْطاطَه، فصلَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ركعتين خفيفتين، ثم صلَّى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلَّى ركعتين وهما دون اللَّتين قبلهما، ثم صلَّى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلَّى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم صلَّى ركعتين دون اللتين قبلهما، ثم أوتر، فذلك ثلاثَ عشرةَ ركعةً (¬2). 1367 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن مخرمةَ بن سليمانَ، عن كريب مولى ابن عباس ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، وابن طاووس: هو عبد الله. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (3868) و (4706)، ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" (399) و (1429). وهو في "مسند أحمد" (2276) و (3459)، و"صحيح ابن حبان" (2627). وانظر ما سلف برقم (1353) و (1358). (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو بكر: هو ابن محمد ابن عمرو بن حزم. وهو في "موطأ مالك" 1/ 22، ومن طريقه أخرجه مسلم (765)، وابن ماجه (1362)، والنسائي في "الكبرى" (395) و) (1338). وهو في "مسند أحمد" (21680)، و"صحيح ابن حبان" (2608).

أن عبد الله بن عباس أخبره: أنه بات عند ميمونةَ زوج النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وهي خالتُه، قال: فاضطجعتُ في عَرْضِ الوِسَادةِ، واضطجع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأهله في طولها، فنامَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى إذا انتصفَ الليلُ، أو قبلَه بقليلٍ، أو بعدَه بقليلٍ، ثم استيقظَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشرَ الآياتِ الخواتمَ من سورة آل عمران، ثم قامَ إلى شَنٍّ مُعلَّقة، فتوضأ منها فأحسنَ وضوءه، ثم قام يُصلّي، قال عبد الله: فقمتُ فصنعتُ مثلَ ما صنعَ، ثم ذهبتُ فقمتُ إلى جنبه، فوضع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَدَهُ اليُمنى على رأسي، فأخذ بأذُني يفتِلُها، فصلَّى ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، ثم ركعتين، قال القعنبيُّ: ستَّ مرات، ثم أوتر، ثم اضطجع، حتى جاءه المؤذنُ، فقام فصلَّى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلَّى الصبحَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وقد وافق مالكاً على ذكر الثلاث عشرة ركعة غير واحد، وخالفه سعيد بن أبي هلال وغيره، ولكلٍّ متابعٌ في حديث ابن عباس كلما سلف بيانه برقم (1353). وهو في "موطأ مالك" 1/ 121 - 122، ومن طريقه أخرجه البخاري (183) و (992) و (1198) و (4570) و (4571) و (4572)، ومسلم (763)، وابن ماجه (1363)، والنسائي في "الكبرى" (397) و (1339) و (11021). وهو في "مسند أحمد" (2164)، و"صحيح ابن حبان" (2592). وأخرجه مختصراً البخاري (698)، ومسلم (763) من طريق عبد ربه بن سعيد، ومسلم (763) من طريق عياض بن عبد الله الفهري، كلاهما عن مخرمة، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (2626). وأخرجه بنحوه البخاري (6316)، ومسلم (763)، والنسائي في "الكبرى" (396) من طريق سلمة بن كهيل، والنسائي (1341) من طريق حبيب بن أبي ثابت، كلاهما عن كريب، به. =

315 - باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة

315 - باب ما يؤمر به من القصد في الصلاة 1368 - حدَّثنا قتيبةُ، حدَّثنا الليثُ، عن ابن عجلان، عن سعيد المَقبُري، عن أبي سلمة عن عائشة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "اكْلَفُوا من العَمَل ما تُطيقونَ، فإن الله لا يَمَلُّ حتى تَمَلُّوا، فإن أحب العَمَل إلى الله أدْوَمُه وإن قَلَّ" وكان إذا عَمِلَ عملاً أثبتَهُ (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (2567) و (3194)، و"صحيح ابن حبان" (2636). وانظر ما سلف برقم (610) و (611) و (1353) و (1358) و (1364). قال الحافظ أبو عمر في "التمهيد" 3/ 212: وأما قوله في هذا الحديث - أعني قول ابن عباس - ثم قمت إلى جنبه يعني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فوضع يده اليمنى على رأسي، وأخذ بأذني اليمنى يفتلها، فمعناه: أنه قام عن يساره، فأخذه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فجعله عن يمينه، وهذا المعنى لم يقمه مالك في حديثه هذا، وقد ذكره أكثر الرواة لهذا الحديث عن كريب من حديث مخرمة وغيره، وذكر جماعة عن ابن عباس أيضاً في هذا الحديث، وهي سنة مسنونة مجتمع عليها: أن الإمام إذا قام معه واحد لم يقم إلا عن يمينه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان - وهو محمد - فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع. الليث: هو ابن سعد، وابن عجلان: هو محمد، وسعيد المقبري: هو سعيد بن أبي سعيد، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (840) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (5861)، ومسلم (782) من طريق عُبيد الله بن عمر العمري، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، به. وزاد في أوله: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يحتجز حصيراً بالليل، فيصلي ويبسطه بالنهار فيجلس عليه فجعل الناس يثوبون إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فيصلون بصلاته، حتى كثروا، فأقبل فقال: ... ثم ذكره. وأخرجه البخاري (1975)، ومسلم بإثر (1156) من طريق يحيى بن أبي كثير، والبخاري (6465)، ومسلم (782) (216) من طريق سعد بن إبراهيم، والبخاري =

1369 - حدَّثنا عُبيد الله بن سعد، حدَّثنا عَمِّي، حدَّثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه ¬

_ = (6464)، ومسلم (2818) من طريق موسى بن عقبة، ثلاثتهم عن أبي سلمة، به. ولفظ يحيي بن أبي كثير: لم يكن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يصوم شهراً أكثر من شعبان، فإنه كان يصوم شعبان كله، ثم ذكر نحو رواية المقبري، ولفظ موسى بن عقبة: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "سددوا وقاربوا وأبشروا، فإنه لن يُدخل الجنةَ أحداً عملُه" قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟، قال: "ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة، واعلموا أن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قلّ". وأخرجه البخاري (43) و (1151)، ومسلم (785)، وابن ماجه (4238)، والترمذي (3073)، والنسائى في "الكبرى" (1309) من طريق عروة بن الزبير، ومسلم (783) من طريق القاسم بن محمد، والترمذي (3073) من طريق أبي صالح، والنسائي (1361) من طريق الأسود، أربعتهم، عن عائشة، به. وفي رواية عروة أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما قال ذلك في شأن امرأة قيل: إنها لا تنام الليل، وسُميت في رواية عند مسلم: الحولاء بنت تويت. ولفظ رواية الأسود: "ما مات رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى كان أكثر صلاته قاعداً، إلا المكتوبة، وكان أحب العمل إليه ما داوم عليه الإنسان وإن كان يسيراً" ورواية القاسم مختصرة بلفظ: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قلّ" ونحوه رواية أبي صالح. إلا أنها حكاية. وهو في "مسند أحمد" (24124) و (24245) و (25317)، و"صحيح ابن حبان" (353) و (359) (2571). وانظر ما سيأتي برقم (1370). قال الحافظ في "الفتح" 1/ 102: الملال: استثقال الشيء ونفور النفس عنه بعد محبته وهو محال على الله تعالى باتفاق. قال الإسماعيلي وجماعة من المحققين: وإنما أطلق هذا على جهة المقابلة اللفظية مجازاً كما قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: 40] وأنظاره. وقال أبو حاتم ابن حبان في "صحيحه" 1/ 69 بتحقيقنا: قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن الله لا يمل حتى تملوا" من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف صحة ما خوطب به في القصد على الحقيقة إلا بهذه الألفاظ.

عن عائشة: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - بَعَثَ إلى عثمان بن مظعونٍ، فجاءه، فقال: "يا عثمانُ، أرغِبتَ عن سُنتي؟ "قال: لا والله يا رسولَ الله، ولكن سُنَّتك أطلُبُ، قال: " فإني أنامُ وأصلِّي، وأصومُ وأُفطر، وأنكِحُ النساءَ، فاتَّقِ الله يا عثمانُ، فإن لأهلك عليك حقّاَ، وإنَّ لضَيفِكَ عليك حقاَ، وإن لنَفسِكَ عليك حقّاً، فصُم وأَفطِر، وصَلِّ ونَمْ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار - وقد صرح بسماعه عند أحمد، فانتفت شبهة تدليسه. وقد توبع. عمُّ عبيد الله: هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم. وأخرجه أحمد في "مسنده" (26308)، والبزار (1457 - كشف الأستار) من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مختصراً أحمد (24754)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 257 من طريق أبي فاختة سعيد بن علاقة، وعبد الرزاق (10375)، وأحمد (25893)، والبزار (1458) - كشف الأستار)، وابن حبان (9)، والطبراني في "الكبير" (8319) من طريق عروة بن الزبير، وعبد الرزاق (10375) والطبراني (8319) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، ثلاثتهم عن عائشة. إلا أنه لم يقل له: "فإني أنام وأصلي، ... " وإنما قال له: "إن الرهبانية لم تكتب علينا، أما لك فيَّ أسوة، فوالله إن أخشاكم لله، وأحفظكم لحدوده لأنا". وإسناد روايتي عروة وعمرة صحيح. ويشهد له حديث أبي موسى الأشعري عند أبي يعلى (7242)، وعنه ابن حبان (316)، وروي مرسلاً عند ابن سعد 3/ 394 - 395 ورجال المرسل ثقات. وحديث أبي أمامة عند الطبراني في "الكبير" (7715) (7883) بإسنادين عنه، وهما ضعيفان، لكنهما يصلحان للاعتبار. ويشهد له أيضا لكن دون ذكر عثمان بن مطعون، حديث أنس بن مالك في الرهط الذين سألوا عن عبادة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عند البخاري (5063)، ومسلم (1401)، وغيرهما. وحديث عبد الله بن عمرو عند البخاري (1153)، ومسلم (1159). وحديث أبي جحيفة عند البخاري (1968).

باب تفريع أبواب شهر رمضان

1370 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيمَ، عن علقمة، قال: سألت عائشة: كيف كان عملُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ هل كان يَخُصُّ شيئاً من الأيام؟ قالت: لا، كان عملُه ديمةً، وأيكم يستطيعُ ما كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يستطيع؟! (¬1). باب تفريع أبواب شهر رمضان 316 - باب قيام شهر رمضان 1371 - حدَّثنا الحسنُ بن علي ومحمدُ بنُ المتوكل، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَر - قال الحسن في حديثه: ومالك بن أنس - عن الزهري، عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: كانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُرغِّب في قيام رمضان مِن غير أن يأمرهم بعزيمةِ، ثم يقول: "مَنْ قامَ رمضانَ إيماناً واحتساباً غُفِرَ له ما تَقَدَمَ من ذَنْبه" فتوفِّي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - والأمرُ على ذلك، ثم كان الأمرُ على ذلك في خلافة أبي بكرِ، وصدراً من خلافة عُمَرَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضَّبيّ، ومنصور: هو ابن المعتمر السُّلَمي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخَعي، وعلقمة: هو ابنُ قَيس بن عبد الله النَّخَعي. وأخرجه البخاري (1987) و (6466)، ومسلم (783)، والنسائي في "الكبرى" (كما في "تحفة الأشراف" 12/ 245) من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24162)، و"صحيح ابن حبان" (322) و (3647). وانظر ما سلف برقم (1368). قولها: وكان عمله دِيمة. قال في " النهاته": الديمة: المطر الدائم في سكون، شبهت عمله في دوامه مع الاقتصاد بديمة المطر، وأصله الواو، فانقلبت ياء للكسرة قبلها. (¬2) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمد، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. =

قال أبو داود: كذا رواه عُقيلٌ ويونسُ وأبو أويس: "من قام رمضان" وروى عُقيل: "من صامَ رمضانَ وقامَه". 1372 - حدَّثنا مخلَدُ بنُ خالد وابنُ أبي خلف قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، يَبلُغُ به النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ صامَ رمضانَ إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذنبه، ومَن قَامَ ليلةَ القدرِ إيماناً واحتساباً، غُفِرَ له ما تَقَدمَ مِنْ ذنبِه" (¬1). ¬

_ = وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (7719)، ومن طريقه أخرجه مسلم (759)، والترمذي (819)، والنسائي في "الكبرى" (2519). وهو عند مالك في"الموطأ" 1/ 113، ومن طريقه أخرجه النسائى (1298) وأخرجه البخاري (2008)، والنسائي (2515) و (2517) و (2518) و (2524) من طرق عن الزهري، به. وأخرجه البخاري (37) و (2009)، ومسلم (759)، والنسائي (1297) و (1298) و (2520) و (2521) و (2522) و (3410) و (3411) من طريق حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، به. وهو في "مسند أحمد" (7787)، و"صحيح ابن حبان" (2546). وانظر ما بعده. وقوله: "غفر له ما تقدم من ذنبه"، قال صاحب "بذل المجهود" 7/ 148: ظاهره يتناول الصغائر والكبائر وبه جزم ابن المنذر، وقال النووي: المعروف أنه يختص بالصغائر، وبه جزم إمام الحرمين، وعزاه القاضي عياض لأهل السنة. وقال بعضهم: ويجوز أن يخفف من الكبائر إذا لم يصادف صغيرة. (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي خلف: هو محمد بن أحمد، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (2014)، والنسائي في "الكبرى" (2523) و (2524) و (2525) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: كذا رواه يحيى بنُ أبي كثير، عن أبي سلمة، ومحمد بن عمرو، عن أبي سلمة. 1373 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عُروة بن الزبير عن عائشة زوجِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى في المسجد، فصلَّى بصَلاته ناس، ثم صَلَّى من القابلَةِ فكَثُر الناسُ، ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة، فلم يخرج إليهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فلما أصبَحَ قال: "قد رأيتُ الذي صنعْتُم، فلم يمنغني من الخروج إليكم إلا أني خشيتُ أن تُفرَضَ عليكم" وذلك في رمضان (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (38) و (1901)، ومسلم (760)، وابن ماجه (1326)، والترمذي (690)، والنسائي (2526) و (2527) و (2528) و (3399) من طرق عن أبي سلمة، به. وأخرجه البخاري (35)، ومسلم (670) (176) من طريق الأعرج، عن أبي هريرة، به. مختصراً بذكر ليلة القدر فقط. وهو في "مسند أحمد" (7280)، و"صحيح ابن حبان" (3432). وانظر ما قبله. وقوله: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً، قال الخطابي في "أعلام الحديث" 1/ 169: أي: نية وعزيمة وهو أن يصومه على وجه التصديق به، والرغبة في ثوابه، طيبة نفسه بذلك، غير كارهة له، ولا مستثقلة لصيامه، أو مستطيلة لأيامه. وقال السندي: إيماناً، أي: لأجل الإيمان بالله ورسوله، أو للإيمان بافتراض رمضان. واحتساباً، أي: للإخلاص وطلب الأجر من الخالق تعالى، لا من الخلق. (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن شهاب: هو محمد ابن مسلم الزُّهري. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 113، ومن طريقه أخرجه البخاري (1129)، ومسلم (761)، والنسائى"في الكبرى" (1299). =

1374 - حدَّثنا هنَّادٌ، حدَّثنا عَبدَةُ، عن محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمَةَ بن عبد الرحمن عن عائشة قالت: كان الناسُ يُصلُّون في المسجد في رمضان أوزاعاً، فأمرني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فَضَرَبتُ له حَصيراً، فصلَّى عليه، بهذه القصة، قال فيه: قال - وتعني النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "أيُّها الناسُ، أما والله ما بتُّ ليلتي هذه بحمد الله غافلاً، ولا خَفِيَ على مكانكم" (¬1). 1375 - حدَّثنا مُسدَد، حدَّثنا يزيدُ بن زُرَيع، حدَّثنا داودُ بن أبي هند، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن جُبير بن نفير ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (25446)، و"صحيح ابن حبان" (2542). وأخرجه البخاري (924) و (2012) من طريق عُقيل بن خالد الأيلي، ومسلم (761) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، كلاهما، عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (25362)، و"صحيح ابن حبان" (141) و (2543). وأخرجه البخاري (729) من طريق عَمرة، عن عائشةَ، به. وانظر ما بعده. وفي هذا الحديث ندب قيام الليل، ولا سيما في رمضان جماعة، لأن الخشية المذكورة أُمِنَتْ بعد النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ولذلك جمعهم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على أبي بن كعب. (¬1) حديث صحيح وهذا إسناد حسن. عبدة: هو ابن سليمان. وهو في "مسند أحمد" بأطول مما هنا (26307) من طريق محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، به. وسنده حسن. وانظر ما قبله، وما سلف برقم (1368). وقولها: أوزاعاً. قال الخطابي: يريد متفرقين، ومن هذا قولهم: وزعتُ الشيءَ: إذا فرقتَه، وفيه: إثباتُ الجماعةِ في قيام شهر رمضان، وفيه إبطالُ قول من زعم أنها محدثة.

عن أبي ذرّ، قال: صُمنا مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - رمضانَ، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر، حتى بقي سبعٌ، فقام بنا حتَّى ذهب ثُلُثُ الليل، فلما كانت السادسةُ لم يقم بنا، فلما كانت الخامسةُ قام بنا حتَّى ذهبَ شطرُ الليل، فقلت: يا رسولَ الله، لو نفَّلْتنا قيامَ هذه الليلة، قال: فقال: "إن الرجُلَ إذا صَلَّى مع الإمام حتى يَنصِرِفَ حُسِبَ له قيامُ ليلة" قال: فلما كانت الرابعةُ لم يقُمْ، فلما كانت الثالثةُ، جَمَعَ أهلَه ونساءه والناسَ, فقام بنا حتى خَشِينا أن يفوتَنا الفلاحُ؟ قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السُّحور، ثم لم يقم بقية الشهر (¬1). 1376 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي وداود بن أميهَ، أن سفيانَ أخبرهم عن أبي يعفور - وقال داود: عن ابن عبيدِ بن نِسطاس - عن أبي الضُّحى، عن مسروق عن عائشة: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا دَخَلَ العَشرُ أحيا الليلَ، وشدَّ المئزرَ، وأيقَظَ أهلَه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسدي. وأخرجه ابن ماجه (1327)، والترمذي (817) والنسائي في "الكبرى" (1289) و (1300) من طرق عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21447)، و"صحيح ابن حبان" (2547). وفي الباب عن النعمان بن بشير عند أحمد (18402) وسنده صحيح. وقوله: الفلاح: السحور. قال الخطابي: أصل الفلاح: البقاء، وسمي السحور فلاحاً، إذا كان سببا لبقاء الصوم ومعيناً. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو الضحى: هو مُسلم بن صُبيح، ومسروق: هو ابن الأجْدَع. وأخرجه البخاري (2024)، ومسلم (1174)، وابن ماجه (1768)، والنسائي في "الكبرى" (1336) و (3377) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: وأبو يعفُور اسمه عبد الرحمن بن عُبيد بن نِسطاس. 1377 - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيد الهمدانيُّ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهب، أخبرني مُسلِمُ بنُ خالد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة قال: خرج رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فإذا أُناسٌ في رمضانَ يُصلُّون في ناحية المسجد، فقال: "ما هؤلاء؟ " فقيل: هؤلاء ناسٌ ليس معهم قرآنٌ، وأبيُّ بن كعب يُصلِّي، وهم يُصلُّون بصلاته، فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "أصابُوا، ونعمَ ما صَنَعُوا" (¬1). قال أبو داود: ليس هذا الحديث بالقوي، مسلم بن خالد ضعيف. ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (24131)، و"صحيح ابن حبان" (321) و (3436). وقوله: شد المئزر. قال الخطابي: يتأول على وجهين، أحدهما: هجر النساء وترك غشيانهن، والآخر: الجد والتشمير في العمل. (¬1) إسناده ضعيف لضعف مسلم بن خالد الزنجي بسبب سوء حفظه. عبد الرحمن: هو ابن يعقوب مولى الحُرَقَة من جُهينة. وأخرجه محمد بن نصر المروزي في "مختصر قيام رمضان" (14)، وابن خزيمة (2208)، وابن حبان (2541)، والبيهقي 2/ 495 من طريمن عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 2/ 495 من طريقين عن ابن وهب، عن عبد الرحمن بن سلمان وبكر بن مضر، كلاهما عن ابن الهاد، أن ثعلبة بن أبي مالك القرظي حدّثه قال: خرج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ذات ليلة في رمضان .... فذكر نحوه. قال البيهقي: هذا مرسل حسن، ثعلبة بن أبي مالك القرظى من الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة، وقد أخرجه ابن منده في "الصحابة"، وقيل: له رؤية، وقيل: سنُّه سنُّ طية القرظي، أُسِرا يوم قريظة ولم يُقتلا، وليست له صحبة.

317 - باب في ليلة القدر

317 - باب في ليلة القدر 1378 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب ومُسدد - المعنى - قالا: حدَّثنا حمادٌ، عن عاصم، عن زرٍّ، قال: قلتُ لأبىِّ بن كعب: أخبرني عن ليلة القَدْرِ يا أبا المنذر، فإن صاحبَنا سُئِلَ عنها، فقال: من يَقُمِ الحَوْلَ يُصِبْها، فقال: رَحِمَ الله أبا عبدِ الرحمن، والله لقدْ عَلِمَ أنها في رمضانَ - زاد مُسدَّدٌ: - ولكن كره أن يتَّكِلُوا - أو أحبَّ أن لا يَتَّكِلُوا - ثم اتفقا: - والله إنها لَفِي رَمضانَ ليلةَ سبعِ وعشرينَ، لا يستثني، قلت: يا أبا المنذر، أنى علمتَ ذلك؟ قال: بالآية التي أخبَرَنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قلتُ لزِرٍّ: ما الآية؟ قال: تُصبحُ الشمسُ صبيحةَ تلك الليلة مثلَ الطَّستِ ليس لها شُعاعٌ حتى تَرتفعَ (¬1). 1379 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حفص، حدَثنا أبي، حدثني إبراهيمُ بن طَهْمان، عن عبَّاد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم الزهري، عن ضَمرةَ بن عبد الله بن أنيس عن أبيه، قال: كنتُ في مجلس بني سَلِمةَ وأنا أصغرُهم، فقالوا: مَنْ يسألُ لنا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن ليلةِ القدر؟ وذلك صبيحةَ إحدى وعشرينَ ¬

_ (¬1) حديث صحيح وهذا إسناد حسن من أجل عاصم - وهو ابن بهدلة - فإنه لا يَرقى حديثه إلى الصحة، وقد توبع. مسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، وحماد: هو ابن زيد، وزر: هو ابن حُبيش. وأخرجه مسلم (762) وبإثر (1169)، والترمذى (804) و (3645)، والنسائى في "الكبرى" (3392 - 3396) و (11626) عن زرّ بن حُبيش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21190)، و"صحيح ابن حبان" (3689). وانظر حديث معاوية الآتي برقم (1386).

من رمضان، فخرجتُ، فوافَيتُ مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلاةَ المغرب، ثم قمتُ بباب بيته، فمرَّ بي فقال: "ادخُل" فدخلتُ، فأُتِيَ بعَشائه فرآني أكفُّ عنه من قِلَّته، فلما فرغ قال: "ناولني نعلي" فقام، وقُمتُ معه، فقال: "كأنَّ لكَ حاجه"، قلت: أجل، أرسلني إليك رَهْطٌ من بني سَلِمةَ يسألونك عن ليلةِ القدر، فقال: "كم الليلةُ؟ " فقلتُ: اثنتان وعشرون، قال: "هيَ الليلة" ثم رجع، فقال: "أو القابلةُ" يُريدُ ليلةَ ثلاثٍ وعشرين (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. ضمرة بن عبد الله بن أُنيس وعبّاد بن إسحاق صدوقان وقد توبعا. وهو في "مشيخة ابن طهمان (49) ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" (3387). وأخرجه النسائي (3388) من طريق موسى بن يعقوب، عن عبد الرحمن بن إسحاق - وهو عبّاد نفسُه - عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك وعمرو بن عبدالله بن أنيس، كلاهما، عن عبد الله بن أنيس. وابن طهمان أوثق من موسى بن يعقوب. وأخرجه بنحوه الطحاوي في "شرح معانى الآثار" 3/ 86، والبيهقي 4/ 309، وابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 212 من طريق أبي بكر بن حزم، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن عبد الله بن أُنيس. وإسناده حسن. وأخرجه مسلم (1168) من طريق بُسر بن سعيد، عن عبد الله بن أُنيس، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "أريتُ ليلة القدر، ثم أُنسيتُها، وأراني صبحها أسجدُ في ماء وطين" قال: فمُطرنا ليلة ثلاث وعشرين، فصلى بنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فانصرف، وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه. وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "مسند أحمد" (16044). وانظر ما بعده.

1380 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهير، حدَّثنا محمدُ بن إسحاق، حدَّثنا محمدُ بنُ إبراهيم، عن ابن عبد الله بن أنيس الجهنيّ عن أبيه، قال: قلت: يا رسول الله، إن لي باديةً أكون فيها وأنا أصلِّي فيها بحمدِ الله، فمرني بليلةِ أنزِلُها إلى هذا المسجد، فقال: "انزِل ليلةَ ثلاث وعشرين" فقلت لابنه: كيف كان أبوك يَصْنَعُ؟ قال: كان يَدخُلُ المسجد إذا صلَّى العصر، فلا يخرُج منه لحاجة حتى يُصلِّي الصبحَ، فإذا صلَّى الصبحَ وجد دابته على باب المسجد، فجلس عليها فلَحِقَ بباديتِه (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. محمد بن إسحاق قد صرح بالتحديث. وأخرجه ابن خزيمة (2200)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 88، والبيهقي 4/ 309 من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه بنحوه مالك في "الموطأ" 1/ 320، وعبد الرزاق في "مصنفه" (7689 - 7692) و (7694)، وابن أبي شيبة 2/ 514 و 3/ 73، وابن خزيمة (2185) و (2186) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 85 و 86 و 87، والطبراني في "الكبير" (2199) , و"الأوسط" و (2858) و (6568) والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 309 - 310، وفي "الشعب" (3675) و (3676)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 4/ 186، وابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 210 و 2/ 206، والبغوي في تفسير الآية (2) من سورة القدر، وابن الأثير في ترجمة جحش الجهني من "أسد الغابة" 1/ 326، وفي ترجمة عبد الله ابن أنيس الجهني 3/ 179 من طرق عن عبد الله بن أنيس الجهني، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (16045)، ومسلم (1168) من طريق بُسر بن سعيد عن عبد الله ابن أنيس أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "أُريت ليلةَ القدر ثم أنسيتها وأراني صبحها أسجد في ماء وطين" قال: فمُطرنا ليلةَ ثلاثِ وعشرين، فصلى بنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فانصرف، وإنَّ أثر الماء والطين على جبهته وأنفه. قال: وكان عبد الله بن أُنيس يقول: ثلاث وعشرين. وانظر ما قبله.

318 - باب فيمن قال: ليلة إحدى وعشرين

1381 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا وُهَيب، حدَّثنا أيوب، عن عِكرمة عن ابن عباس، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "التمِسُوها في العَشْرِ الأواخِرِ من رمضانَ: في تاسعةٍ تبقى، وفي سابعةِ تبقى، وفي خامسةٍ تبقى" (¬1). 318 - باب فيمن قال: ليلة إحدى وعشرين 1382 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن يزيدَ بن عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التَّيميِّ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيدٍ الخدري قال: كانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَعتكفُ العَشْرَ الأوسَطَ مِنْ رمضانَ، فاعتكفَ عاماً حتى إذا كانت ليلةُ إحدى وعشرين، وهي الليلةُ التَي يخرُجُ فيها من اعتكافه، قال: "من كان اعتكَفَ معي فَلْيعتكِف العشرَ الأواخِرَ، وقد رأيتُ هذه الليلةَ ثم أُنسِيتُها، وقد رأيتُني أسجُد صبيحتَها في ماء وطين, فالتمِسُوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كلِّ وِتر" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهَيب: هو ابن خالد، وأيوب: هو السَّختياني. وأخرجه البخاري (2021) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2022) من طريق عاصم الأحول، عن أبي مِجلَز وعكرمة، عن ابن عباس، بنحوه. وهو في "مسند أحمد" (2052). (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 319، ومن طريقه أخرجه البخاري (2027)، والنسائي في "الكبرى" (686) مختصراً، و (3373). وأخرجه البخاري (2018)، ومسلم (1167)، والنسائي (1281) وله (3328) من طريقين عن محمد بن إبراهيم، به. =

قال أبو سعيد: فَمَطَرَت السماء من تلك الليلة، وكان المسجدُ على عريشِ فوَكَفَ المسجدُ، فقال أبو سعيد: فأبْصَرَتْ عينايَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وعلى جبهته وأنفِهِ أثرُ الماءِ والطينِ من صبيحة إحدى وعشرين. 1383 - حدَّثنا محمدُ بن المثنى، حدَّثنا عبد الأعلى، حدَّثنا سعيدٌ، عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "التمسوها في العشرِ الأواخِرِ من رمضان، والتمِسوها في التاسعة، والسابعة، والخامسة" قال: قلت: يا أبا سعيد، إنكُم أعلمُ بالعدد منَّا، قال: أجل، قلت: ما التاسعةُ والسابعةُ والخامسة؟ قال: إذا مضت واحدة وعشرون، فالتي تليها التاسعة، وإذا مضى ثلاثٌ وعشرون، فالتي تليها السابعة، وإذا مضى خمسٌ وعشرون، فالتي تليها الخامسة (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (813) و (2016) و (2036) و (2040)، ومسلم (1167)، وابن ماجه (1766) مختصراً، من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (11034) و (11186)، و"صحيح ابن حبان" (3673) و (3684). وانظر ما بعده. وقد سلفت قطعة الطين والماء برقم (894) و (911) وخرجناها هناك. (¬1) إسناده صحيح. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى، وسعيد: هو ابن أبي عَروبة اليشكري، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطعة. وأخرجه مسلم (1167) (217) من طريق عبد الأعلى، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه النسائي في "الكبرى" (3391) من طريق سعيد بن إياس الجريري، عن أبي نضرة. وهو في "مسند أحمد" (11076) و (11679)، و"صحيح ابن حبان" (3687). وانظر ما قبله.

319 - باب من روى أنها ليلة سبع عشرة

قال أبو داود: لا أدري أخفي عليَّ منه شيء أم لا. 319 - باب من روى أنها ليلةُ سبعَ عشرةَ 1384 - حدَّثنا حكيمُ بن سيف الرَّقيُّ، أخبرنا عُبيد الله - يعني ابن عمرو - عن زيدٍ - يعني ابن أبي أُنيسةَ - عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه عن ابن مسعود، قال: قال لنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اطلُبُوها ليلةَ سَبعَ عشرةَ من رمضان، وليلةَ إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين" ثم سكت (¬1). 320 - باب من روى في السبع الأواخر 1385 - حدَّثنا القعنبيُ، عن مالك، عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "تحرَّوا ليلةَ القَدْر في السبع الأواخر" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله، والأسود: هو ابن يزيد ابن قيس. وأخرجه البزار في "مسنده" (1648)، والبيهقي 4/ 310 من طريق حكيم بن سيف، بهذا الإسناد. وأخرج بنحوه عبد الرزاق (7697)، وابن أبي شيبة 2/ 513 و 3/ 75، والطبراني في "الكبير" (9579) من طريق إبراهيم النخعي، وابن أبي شيبة 2/ 514، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (10203) من طريق حجير التغلبي، كلاهما، عن الأسود، عن ابن مسعود، موقوفاً. (¬2) إسناده صحيح. القعنبى: هو عبد الله بن مسلمة. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 320، ومن طريقه أخرجه مسلم (1165)، والنسائى في "الكبرى" (3386).

321 - باب من قال: سبع وعشرون

321 - باب من قال: سبعٌ وعشرون 1386 - حدَّثنا عُبَيدُ الله بنُ مُعاذ، حدَّثنا أبي، أخبرنا شعبةُ، عن قتادةَ، أنه سَمعَ مُطرَّفًا عن معاوية بن أبي سفيان، عن النبيِّ في ليلة القدر، قال: "ليلةُ القدرِ ليلةُ سبعٍ وعشرين" (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي (11622) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عبد الله بن دينار، به. وأخرجه البخاري (2015)، ومسلم (1165)، والنسائي في "الكبرى" (3384) و (3385) و (7581) من طريق نافع مولى ابن عمر، والبخاري (6991)، والنسائى في "الكبرى" (3383) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، كلاهما، عن عبد الله بن عمر، به. وأخرجه البخاري (1158) من طريق نافع، ومسلم (1165) من طريق سالم، ومسلم (1165) من طريق عقبة بن حريث، ومسلم (1165) من طريق جبلة بن سُحيم، ومسلم (1165) من طريق محارب بن دثار، خمستهم عن ابن عمر، بلفظ "فليتحرها في العشر الاواخر". وهو في "مسند أحمد"، (4499) و (5283) و (5932)، و "صحيح ابن حبان" (3675) و (3681). (¬1) إسناده صحيح. وقد صححه ابنُ عبد البر في "التمهيد"، 2/ 205. معاذ: هو ابن معاذ بن نصر التميمي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، ومطرف: هو ابن عبد الله. وأخرجه محمد بن نصر المروزي في "مختصر قيام رمضان" (35)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 93 وابن حبان (3680)، والطبراني في "الكبير" 19/ (813)، والبيهقي 4/ 312 من طريق عبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 76، والبيهقي 4/ 312 من طريقين عن شعبة، موقوفًا. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (814) من طريق يزيد بن عبد الله بن الشخير، عن مطرف، به. وانظر حديث أُبيّ الموقوف فيما سلف برقم (1378).

322 - باب من قال: هي في كل رمضان

322 - باب من قال: هي في كل رمضان 1387 - حدَّثنا حُميدُ بنُ زنجُويَه النسائي، أخبرنا سعيدُ بن أبي مريم، حدَّثنا محمدُ بن جعفر بن أبي كثير، حدَّثنا موسى بنُ عقبة، عن أبي إسحاقَ، عن سعيدبن جُبير عن عبد الله بن عمر، قال: سئل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأنا أسمعُ عن ليلة القدر، فقال: "هي في كلِّ رمضان" (¬1). ¬

_ = قال الحافظ في "الفتح" 4/ 264: القول الحادي والعشرون: أنها ليلة سبع وعشرين، وهو الجادة من مذهب أحمد، ورواية عن أبي حنيفة، وبه جزم أبيُّ بن كعب، وحلف عليه كما أخرجه مسلم (762). وروى مسلم (1170) من طريق أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: تذاكرنا لية القدر عند رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: أيكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شِقٌ جفنة. قال أبو الحسن الفارسي: أي ليلة سبع وعشرين فإن القمر يطلع فيها تلك الصفة. وروى الطبراني (1089) من حديث ابن مسعود، قال: سئل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن ليلة القدر، فقال: "أيكم يذكر الصهباوات؟ " فقال عبد الله: أنا بأبي وأمي يا رسول الله حين طلع القمر، وذلك ليلة سبع وعشرين. ورواه ابن أبي شيبة 2/ 512 عن عمر وحذيفة وناس من الصحابة. وفي الباب عن ابن عمر عند مسلم (1165) (207): رأى رجل ليلة القدر ليلة سبع وعشرين. وللطيالسي (1888) وأحمد (4808)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 91 والبيهقي 4/ 311 عن ابن عمر بلفظ: "من كان متحريها فليتحرها لية سبع وعشرين" وإسناده صحيح. وعن جابر بن سمرة عند الطبراني في"الصغير" (285) وسنده حسن. (¬1) صحيح موقوفاً على ابن عمر. فقد خالف موسى بن عقبة، جماعة من الثقات الحفاظ فوقفوه على ابن عمر، منهم شعبة وسفيان كما أشار إليه المصنف بإثر الحديث. وأخرجه الطحاوي في "شرح معانى الآثار" 3/ 84، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 256، والبيهقي 4/ 307 من طريق سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.

323 - باب في كم يقرأ القرآن؟

قال أبو داود: رواه سفيان وشُعبة، عن أبي إسحاق موقوفاً على ابن عمر لم يرفعَاه إلى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -. 323 - باب في كم يقرأ القرآن؟ 1388 - حدَّثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل، قالا: أخبرنا أبانُ، عن يحيي، عن محمد بن إبراهيمَ، عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال له: "اقرأ القرآنَ في شهر" قال: إني أَجِدُ قُوةً، قال: "اقرأ في عشرين" قال: إني أجِدُ قُوةً، قال: "اقرأ في خمسَ عشرةَ" قال: إني أجِدُ قُوةَ، قال: "اقرأ في عشر" قال: إني أجِدُ قُوةَ، قال: "اقرأ في سَبعِ، ولا تزيدنَّ على ذلك" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 75 من طريق سفيان الثوري، والطحاوي 3/ 84 من طريق حسن بن صالح، ومن طريق شعبة، ومن طريق أبي الأحوص، أربعتهم عن أبي إسحاق، موقوفاً. وله شاهد ضعيف من حديث أبي ذر، عند أحمد (21499)، والنسائي في "الكبرى" (3413). وآخر ضعيف أيضاً من حديث عبادة بن الصامت، عند أحمد (22713) و (22741). قال في"الفتح": وفي "شرح الهداية": الجزم به عن أبي حنيفة، وقال به المنذر والمحاملي وبعض الشافعية، ورجحه السبكي في "شرح المنهاج"، وحكاه ابن الحاجب رواية، وقال السروجي في "شرح الهداية": قول أبي حنيفة: إنها تنتقل في جميع رمضان، وقال صاحباه: إنها في ليلة معينة منه مبهمة، وهذا القول حكاه ابن العربي عن قوم. (¬1) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العطار، ويحيي: هو ابن أبي كثير، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف.

قال أبو داود: وحديث مسلم أتمُّ. 1389 - حدَّثنا سليمانُ بن حرب، حدَّثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، قال: قال لي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "صُم مِن كلِّ شهرٍ ثلاثةَ أيام، واقرإ القرآنَ في شهرٍ" فناقَصَني وناقَصْتُه، فقال: ¬

_ = وأخرجه البخاري (5054)، ومسلم (1159) من طريق محمد بن عبد الرحمن مولى بني زهرة، عن أبي سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1159) من طريق يحيى بن أبى كثير، عن أبي سلمة، به. وأخرجه ابن ماجه (1346) من طريق يحيى بن حكيم، والترمذي (3175) من طريق أبي بردة، والنسائى في "الكبرى" (2721) من طريق أبي العباس السائب بن فروخ، ثلاثهم عن عبد الله بن عمرو، به. الا أنه في روايتي أبى بردة وأبي العباس أذن له بختم القرآن بخمسة أيام. وسيأتي الإذن بقراءته في ثلاث كما في الحديث الآتي بعده. وهو في "مسند أحمد" (6876)، و"صحيح ابن حبان" (756). وانظر ما سيأتي برقم (1389) و (1390) و (1391) و (1394) و (1395). وقوله: "ولا تزيدن على ذلك" معناه: لا تغير الحال المذكورة إلى حالة أخرى، فأطلق الزيادة، والمراد: النقص، والزيادة هنا بطريق التدلي، أي: لا يقرؤه في أقل من سبع. قال الحافظ في "الفتح" 9/ 97: وكأن النهي عن الزيادة ليست على التحريم، كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب، وعرف ذلك من قرائن الحال التي أرشد إليها السياق، وهو النظر إلى عجزه عن سوى ذلك في الحال أو في المآل، وأغرب بعض الظاهرية، فقال: يحرم أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث، وقال النووي: أكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك، وإنما هو بحسب النشاط والقوة، فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، وانظر لزاماً رسالة "إقامة الحجة على أن الإكثار في التعبد ليس ببدعة" للإمام اللكنوي بتحقيق الأستاذ المحقق عبد الفتاح أبو غدة.

"صُمْ يوماً وأفطِر يوماً" قال عطاء: واختلفنا عن أبي، فقال بعضنا: سبعة أيام، وقال بعضنا: خمساً (¬1). 1390 - حدَّثنا ابن المثنَّى، حدَّثنا عبدُ الصَّمد، حدَّثنا همّام، حدَّثنا قتادة، عن يزيد بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو أنه قال: يا رسولَ الله، في كم أقرأ القرآن؟ مال: "في شَهرٍ" قال: إني أقوى من ذلك - رَدَّدَ الكلامَ أبو موسى وتَناقَصَه، حتى - قال: "اقرأْه في سَبْعٍ" قال: إني أقوى مِنْ ذلك، قال: "لا يَفْقَه مَنْ قرأه في أقلَّ من ثلاث" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد - وهو ابن زيد - روايته عن عطاء بن السائب قبل اختلاطه. وأخرجه مطولاً ومختصراً وبنحوه البخاري (1131) و (1974 - 1980) و (3418 - 3420) و (5052) و (6134) و (6277)، ومسلم (1159)، والنسائي في "الكبرى" (2709 - 2716) و (2718 - 2724) من طرق عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وذكر بعضهم في روايته أن هذا هو صيام داود عليه السلام. وهو في "مسند أحمد" (6477) و (6506) و (6764). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمد، وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث، وهمام: هو ابن يحيي العَوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه ابن ماجه (1347)، والترمذي (3177) و (3178)، والنسائي في "الكبرى" (8013) من طريق شعبة، عن قتادة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1978)، والنسائي (8012) من طريق مجاهد بن جبر المخزومي عن عبد الله بن عمرو، به. وهو في "مسند أحمد" (6477) و (6535). وصحيح ابن حبان (758). وانظر ما سلف برقم (1388)، وما سيأتي برقم (1391) و (1394). وقوله: ردد الكلام أبو موسى وتناقصه. أبو موسى كنية محمد بن المثنى شيخ أبي داود، قال صاحب "بذل المجهود": ذكر أبو موسى محمد بن المثنى في حديثه ترديد الكلام ومراجعته فيما بين رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وفيما بين عبد الله بن عمرو به.

324 - باب تحزيب القرآن

1391 - حدَّثنا محمدُ بن حفص أبو عبد الرحمن القطان - خال عيسى بن شاذان -، حدَّثنا أبو داود، حدَّثنا الحريشُ بن سُلَيم، عن طلحةَ بن مُصرِّف، عن خيثَمَة عن عبد الله بن عمرو قال: قال لي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اقرإ القرآنَ في شهرٍ" قال: إن بي قُوّةً، قال: "اقرأه في ثلاثٍ " (¬1). قال أبو عليّ: سمعتُ أبا داود يقول: سمعتُ أحمد - يعني ابن حنبل - يقول: عيسى بن شاذان كَيِّسٌ. 324 - باب تحزيب القرآن 1392 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس، أخبرنا ابنُ أبي مريم، أخبرنا يحيى بن أيوب، عن ابن الهاد، قال: سألني نافعُ بنُ جبير بن مطعم فقال لي: في كم تقرأ القرآن؟ فقلت: ما أُحزِّبه، فقال لي نافع: لا تقل: ما أُحزِّبه، فإن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. حريش بن سُليم روى عنه جمع من الثقات ووثقه أبو داود الطيالسي، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال الذهبي في "المغني": صدوق، وانفرد ابن معين بقوله: ليس بشيء، وباقي رجاله ثقات. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، وخيثمة: هو ابن عبد الرحمن الجعفي. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (7415)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 3/ 575، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 122 من طريق أبي داود الطيالسى، بهذا الإسناد. وقال أبو نعيم ومن قبله الدارقطني كما في "أطراف الغرائب" (3503): غريب من حديث طلحة. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2169) من طريق أبي بكر بن عياش، عن خيثمة بن عبد الرحمن، به. وابن عياش لم يدرك خيثمة. وانظر ما قبله.

قال: "قرأت جُزءاً مِن القرآنِ" قال: حَسِبتُ أنه ذكره عن المُغيرة بن شُعبة (¬1). 1393 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا قُرَّانُ بنُ تمام. وحدَثنا عبدُ الله بن سعيد، حدَّثنا أبو خالد - وهذا لفظه - عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى، عن عثمان بن عبد الله بن أوس عن جَدّه - قال عبدُ الله بن سعيد في حديثه: أوس بن حُذَيفة -، قال: قَدِمْنا على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في وفدِ ثقيفٍ، قال: فنزلت الأحلافُ على المغيرة بن شُعبة، وأنزلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بني مالك في قُبَّة له قال مُسدَّد: وكان في الوفدِ الذين قَدِمُوا على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - من ثقيف - قال: كان كلَّ ليلة يأتينا بعد العشاء يُحدّثنا، قال أبو سعيد: قائماً ¬

_ (¬1) إسناده حسن. يحيى بن أيوب - وهو الغافقي - صدوق حسن الحديث. ابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم، وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله الليثي. وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" ص 131 من طريق ابن أبي مريم، بهذا الإسناد. وقد ورد عن بعض الصحابة ذكر الحزب، منهم عمر بن الخطاب عند مالك في "موطئه" 1/ 200 حيث قال: "من فاته حزبه من الليل فقرأه حين تزول الشمس إلى صلاة الظهر فإنه لم يفته، أو كأنه أدركه". وقد أخرجه مسلم (747) وغيره عن عمر مرفوعاً. ومنهم عبد الله بن عمرو بن العاص فقد قال خيثمة بن عبد الرحمن: "انتهيتُ إلى عبد الله بن عمرو وهو يقرأ في المصحف، فقال: هذا حزبي الذي أريد أن أقوم به الليلة". أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 499. ومهم عائشة قالت: إنى لأقرأ حزبي أو عامّة حزبي وأنا مضطجعة على فراشي. أخرجه ابن أبي شيبة 2/ 500، والفريابي في "فضائل القرآن" (154).

على رجليه حتى يُراوِحَ بين رجليه من طول القيام، وأكثر ما يحدِّثنا ما لَقِيَ من قومه من قريش، ثم يقول: "لا سواء، كنَّا مستضعفينَ مستذلين - قال مُسدَّد: - بمكة، فلما خرجنا إلى المدينة كانت سجالُ الحربِ بيننا وبينهم، نُدال عليهم ويدالُون علينا" فلما كانت ليلةٌ أبطأ عن الوقت الذي كان يأتينا فيه، فقلنا: لقد أبطأتَ عنَّا الليلةَ، قال: "إنه طرأ علي جزئي من القرآن، فكَرِهْتُ أن أجيء حتى أتمَّه". قال أوس: سألت أصحابَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كيف يُحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاثٌ، وخمسٌ، وسبعٌ، وتسعٌ، وإحدى عشرة، وثلاثَ عشرةَ، وحِزبُ المفصّل وحدَه (¬1). وحديث أبي سعيد أتم. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي ضعفه غير واحد، وقالوا: يكتب حديثه للاعتبار، وباقي رجاله ثقات. مسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو خالد: هر سليمان بن حيان الأزدي، وأوس: هو ابن حذيفة الثقفي. وأخرجه ابن ماجه (1345) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبى خالد الأحمر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16166). قال الخطابي: قوله: يرواح بين رجليه: هو أن يطول قيام الإنسان حتى يعيا، فيعتمد على إحدى رجليه مرة، ثم يتكى على رجله الأخرى مرة. و"سجال الحرب": نوَبُها، وهي جمع سَجل، وهو الدلو الكبيرة، وقد يكون السجال مصدر ساجَلت الرجل مساجلة وسجالاً، وهو أن يستقي الرجل من بئر، أو ركية، فينزع هذا سجلاً، وهذا سجلاً يتناوبان السَّقي بينهما. قلنا: وقوله: "طرأ علي جزئي من القرآن": يريد أنه أغفله عن وقته ثم ذكره فقرأه. وانظر لزاماً "شرح مشكل الآثار" 3/ 397 - 412.

1394 - حدَّثنا محمد بن المنهال، حدَّثنا يزيدُ بن زُريع، حدَّثنا سعيد، عن قتادةَ، عن أبي العلاء يزيدَ بن عبد الله بن الشِّخَّير عن عبد الله - يعني ابن عمرو - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَفْقَهُ من قَرَأ القرآنَ في أقلَّ مِنْ ثلاثٍ" (¬1). 1395 - حدَّثنا نوحُ بنُ حبيب، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن سماك بن الفضل، عن وهب بن مُنَبِّه عن عبد الله بن عمرو أنه سأل النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -: في كم يقرأ القرآن؟ قال: "في أربعين يوماً" ثم قال: "في شهرٍ" ثم قال: "في عشرين" ثم قال: "في خمسَ عشرةَ" ثم قال: "في عشرٍ" ثم قال: "في سبعٍ" لم ينزل مِن سبعٍ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عروبة اليشكري وقد سمع منه يزيد بن زُريع قبل الاختلاط. وهو في "صحيح ابن حبان" (758). وانظر ما سلف برقم (1390). (¬2) حديث صحيح دون ذكر الأربعين يوماً، فحسنٌ، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن وهباً لم يسمع هذا الحديث من عبد الله بن عمرو فيما جزم به النسائي، وإنما سمعه من عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وبمعرفة الواسطة يحسُن إسناد الحديث، ثم إن الحديث برُمَّته قد روي بإسناد صحيح، لكن دون ذكر الأربعين يوماً. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (5957)، ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" (8014). وأخرجه الترمذي (3176) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، بهذا الإسناد. بلفظ: "اقرإ القرآن في أربعين". وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وروى بعضهم عن معمر، عن سماك بنْ الفضل، عن وهب بن منبه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أمر عبد الله بن عمرو أن يقرأ القرآن في أربعين.

1396 - حدَّثنا عبّادُ بنُ موسى، حدَّثنا إسماعيل بن جعفر، عن إسرائيل، عن أبي إسحاقَ، عن علقمةَ والأسود، قالا: أتى ابنَ مسعودٍ رجلٌ فقال: إني أقرأ المُفَصَّل في رَكعة، فقال: أهذّاً كهذِّ الشِّعرِ ونثراً كنثر الدَّقَل؟ لكنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقرأ النَّظائرَ السُورتين في رَكْعةٍ، (الرحمن، والنجم) في ركعة، و (اقتربت، والحاقة) في ركعة، و (الطور، والذاريات) في ركعة، و (إذا وقَعَت، ونون) في ركعة، و (سأل سائل، والنازعات) في ركعة، و (وَيْلٌ للمطففين، وعبس) في ركعة، و (المدَّثر، والمزمِّل) في ركعة، و (هل أتى، ولا أقسمُ بيوم القيامة) في ركعة، و (عمَ يتساءلون، والمرسلات) في ركعة، و (الدخان، وإذا الشمسُ كورت) في ركعة (¬1). ¬

_ = وأخرجه محمد بن نصر المروزي في "مختصر قيام الليل" (168)، والنسائي في "الكبرى" (8015) من طريق محمد بن ثور، عن معمر، عن سماك بن الفضل، عن وهب بن منبّه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وقد روى هذا الحديثَ أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عموو، فيما سلف برقم (1388)، بإسناد صحيح. دون ذكر الختم في أربعين يوماً. (¬1) إسناده صحيح. إسرائيل: هو ابن يونس السبيعي، وأبو إسحاق: هو عمرو ابن عبد الله، وعلقمة: هو ابن قيس بن عبد الله النخعي، والأسود: هو ابن يزيد. وأخرجه البخاري (775) و (4996) و (5043)، ومسلم (822)، والترمذي (608)، والنسائي في "الكبرى" (1078 - 1079) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، والنسائي (1080) من طريق مسروق بن الأجدع، كلاهما عن عبد الله بن مسعود، بهذا الإسناد. ولم يذكروا أسماء السور تفصيلاً. وهو في "مسند أحمد" (3958) و (3968)، و"صحيح ابن حبان" (1813). قوله: "أتى ابن مسعود رجل ... " سمي هذا الرجل عند مسلم نهيك بن سنان. =

قال أبو داود: هذا تأليف ابن مسعود رحمه الله. 1397 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: سألت أبا مسعود وهو يطوفُ بالبيت، فقال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ قرأ الآيتينِ مِن آخر سُورةِ البقرة في ليلةِ كَفَتاه" (¬1). ¬

_ = وقوله: أهذا كهذِّ الشعر. هو بفتح الهاء وتشديد الذال المعجمة، أي: تُسرع إسراعاً في قراءته بغير تأمل، كما تُسرع في إنشاد الشعر، وأصل الهذ: سرعة الدفع، ونصبه على المصدر وهو استفهام إنكار. وقوله: ولقد عرفنا النظائر. قال في"الفتح": أي: السور المتماثلة في المعاني كالمواعظ والحكم والقصص لا المتماثلة في عدد الآي. وقول أبي داود: هذا تأليف ابن مسعود. يعني ترتيبه في مصحفه. (¬1) إسناده صحيح. منصور: هو ابن المعتمر السلمي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه البخاري (5008) و (5009) و (5040)، ومسلم (807) و (808)، وابن ماجه (1369)، والترمذي (3099)، والنسائي في "الكبرى" (7949) و (7951) و (7964) و (7965) و (7966) و (10486) و (10487) و (10488) و (10489) من طريقين عن إبراهيم بن يزيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17091)، و"صحيح ابن حبان" (781) و (2575). وأخرجه البخاري (4008) و (5040) و (5051)، ومسلم (808)، وابن ماجه (1368)، والنسائي في "الكبرى" (7950) و (7951) و (7966) و (10488) و (10489) من طريق علقمة بن قيس النخعي، عن أبي مسعود، به. وهو في "مسند أحمد" (17068). وقوله: كفتاه، أي: أجزأتا عنه من قيام الليل بالقرآن، وقيل: أجزأتا عنه عن قراءة القرآن مطلقاً، سواء كان داخل الصلاة أم خارجها، وقيل: معناه أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد، لما اشتملتا عليه من الإيمان والأعمال إجمالاً، وقيل: معناه كفتاه =

1398 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرنا عمرو، أن أبا سوية حدَّثه أنه سمع ابن حُجيرةَ يُخبرُ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من قام بعَشْرِ آيات لم يكتَبْ من الغافلين، ومَنْ قامَ بمئةِ آيةِ كُتِبَ مِن القانتين، ومَنْ قامَ بألفِ آية كُتِبَ من المُقنطِرين" (¬1). قال أبو داود: ابنُ حُجيرة الأصغر عبد الله بن عبد الرحمن بن حُجيرة (¬2). ¬

_ = من كل سوء، وقيل: كفتاه شر الشيطان، وقيل: دفعتا عنه شر الإنس والجن، وقيل: معناه كفتاه ما حصل له بسببهما من الثواب عن طلب شيء آخر، وكأنهما اختصتا بذلك لما تضمنتاه من الثناء على الصحابة بجميل انقيادهم إلى الله وابتهالهم ورجوعهم إليه، وما حصل لهم من الإجابة إلى مطلوبهم. (¬1) إسناده حسن من أجل أبي سَوية - وهو عُبيد بن سَويّة - ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو: هو ابن الحارث الأنصاري، وابن حُجَيرَةَ: هو عبد الرحمن الخولاني القاضي. وأخرجه ابن خزيمة (1144)، وابن حبان في "صحيحه" (2572)، وابن السني (703)، والبيهقي في "الشعب (2005)، والمزي في ترجمة عُبيد بن سوية من "تهذيب الكمال" 19/ 214 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد. بعضهم يرويه مطولاً، وبعضهم يرويه مختصراً. وسمى ابنُ حبان في روايته شيخ عمرو بن الحارث: أبا سُويد، وخطأ من سماه: أبا سوية، لكن قال المزي: أبو سوية هو الصواب إن شاء الله، وكذلك قال الحافظ ابن حجر في"إتحاف المهرة" (11894) رداً على ابن حبان: بل هو أبو سوية عبيد بن سوية، كذا سماه أحمد بن صالح وغير واحد، عن ابن وهب. قوله: من المقنطِرين، بكسر الطاء: الذين يعطون من الأجر بالقناطير. (¬2) قال الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" (8874): قد يتوهم من يرى قول أبي داود بإثر الحديث أنه يريد أنه اسم راوي هذا الحديث، وليس ذلك مراده، وإنما معنى كلامه أن راوي الحديث هو عبد الرحمن بن حجيرة الأكبر، وابن حُجيرة يطلق أيضاً، ويراد به ولدُ هذا، واسمُه عبدُ الله.

1399 - حدَّثنا يحيي بنُ موسى البلخيُّ وهارونُ بنُ عبد الله، قالا: حدَّثنا عبدُ الله بن يزيد، حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي أيوب، حدثني عيَّاشُ بن عبَّاس القِتْبانيُّ، عن عيسى بن هلال الصَّدَفيِّ عن عبد الله بن عمرو، قال: أتى رجلٌ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: أقرئني يا رسولَ الله، فقال: "اقرأ ثلاثاً من ذوات {الر} " فقال: كَبِرَتْ سنِّي، واشتدَّ قلبي، وغَلُظَ لساني، قال: "فاقرأ ثلاثاً مِن ذوات (حم) " فقال مثل مقالته، فقال: "اقرأ ثلاثاً من المُسبِّحات" فقال مثل مقالته، فقال الرجل: يا رسول الله، أقرئني سورةً جامعةً، فأقرأه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} حتى فَرَغَ منها، فقال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أزيدُ عليها أبداً، ثم أدْبَرَ الرجلُ، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: " أفلح الرُوَيْجِلُ" مرتين (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن، من أجل عيسى بن هلال الصدفي، وصححه الحاكم والذهبي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7973) و (10484) من طريق عبد الله بن يزيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6575)، و"صحيخ ابن حبان" (773). وقوله: من ذوات (الر)، أي: من السور التي تبدأ بهذه الأحرف الثلاثة التي تقرأ مقطعة: ألف، لام، را، والذي في القرآن منها خمس سور: يونس وهود ويوسف وإبراهيم والحجر. وقوله من ذوات {حم}، أي: من السور التي تبدأ بهذين الحرفين: حا، ميم، وهي في القرآن سبع سور: غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف. وقوله: من المسبحات، أي: السور التي أولها سَبَّح ويُسَبحُ وسَبح، وهي الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن والأعلى.

325 - باب في عدد الآي

325 - باب في عدد الآي 1400 - حدَّثنا عمرو بن مرزوق، أخبرنا شعبةُ، أخبرنا قتادةُ، عن عباس الجُشَميّ عن أبي هريرة، عنِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "سُورة مِن القرآن ثلاثون آيةً تشفعُ لصاحبها حتى يُغفرَ له {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} (¬1). 326 - باب تفريع أبواب السجود وكم سجدة في القرآن؟ 1401 - حدَّثنا محمدُ بن عبد الرحيم بن البَرقيِّ، حدَّثنا ابنُ أبي مريم، أخبرنا نافعُ بنُ يزيدَ، عن الحارث بن سعيد العُتَقيِّ، عن عبد الله بن مُنَين من بني عبد كُلالٍ عن عمرو بن العاص: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أقرأه خمسَ عشرةَ سجدةً في القرآن: منها ثلاثٌ في المفصل، وفي سورة الحج سَجْدَتَان (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره. وهذا سند رجاله ثقات غير عباس الجشمي فقد روى عنه ثقتان وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد حسن البيهقي إسناد هذا الحديث في "إثبات عذاب القبر" (151)، وصححه ابن الملقن في "البدر المنير" 3/ 562. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وعباس الجُشمِيّ: هو عباس بن عبد الله. وأخرجه ابن ماجه (3786)، والترمذي (3111)، والنسائي في "الكبرى" (10478) و (11548) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (7975)، و"صحيح ابن حبان" (787) و (788). وله شاهد من حديث أنس عند الطبراني في"المعجم الأوسط" (3654)، و"المعجم الصغير" (490)، ومن طريقه الضياء في"المختارة" (1738)، وقال الحافظ في "التلخيص الحبير" 1/ 235: إسناده صحيح. (¬2) إسناده ضعيف. لجهالة الحارث بن سعيد وعبد الله بن مُنَين. وقد ضعفه عبد الحق الإشبيلي وابنُ القطان فيما نقله الحافظ في "التلخيص الحبير" 2/ 9، ونقل =

327 - باب من لم ير السجود في المفصل

قال أبو داود: روي، عن أبي الدرداء عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إحدى عشرةَ سجدة، وإسناده واهٍ (¬1). 1402 - حدَّثنا أحمد بن عمرو بن السَّرح، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني ابنُ لهيعة، أن مشرَح بن عاهان أبا المُصعَب حدَّثه أن عقبة بن عامر حدَثه قال: قلتُ لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: في سُورة الحج سجدتان؟ قال: "نَعَمْ، ومَنْ لم يسجدهما، فلا يقرأهما" (¬2). 327 - باب من لم ير السجود في المفصَّل 1403 - حدَّثنا محمد بنُ رافع، حدَّثنا أزهرُ بنُ القاسم - قال محمد: ولقيتُه بمكة - حدَّثنا أبو قدامة، عن مَطَرِ الورَّاق، عن عكرمة ¬

_ = عن المنذري والنووي أنهما حسناه، قلنا: وصححه العيني في "عمدة القاري"!! ابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم. وأخرجه ابن ماجه (1057) من طريق ابن أبي مريم، بهذا الإسناد. (¬1) أخرجه ابن ماجه (1055) و (1056)، والترمذي (575) و (576). وهو في "مسند أحمد" (21692): أنه سجد مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إحدى عشرة سجدة، منهن النجم. وإسناده واهٍ كما قال المصنف، وانظر الكلام عليه في "المسند". (¬2) حسن بطرقه وشواهده. دون قوله: "ومن لم يسجدها فلا يقرأهما". ابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم، وابن لَهيعة: هو عبد الله. وأخرجه الترمذي (585) من طريق قتيبة، عن ابن لهيعة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17364). وأخرجه أبو عبيد في " فضائل القرآن" ص 249، والطبراني في "الكبير" 17/ (846) من طرق عن ابن لهيعة عن أبي عُشَّانة، عن عقبة بن عامر. وانظر تمام شواهده في "المسند". قال صاحب"بذل المجهود" 7/ 197: اختلف الأئمة في وجوب سجدة التلاوة وعدمه، فذهب الإمام أبو حنيفة وأبو يوسف، ومحمد إلى الوجوب والأئمة الثلاثة على أنها سنة، وفي رواية لأحمد واجبة إن كانت في الصلاة، وفي خارجها لا.

عن ابن عباس: أنَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يسجد في شيءٍ من المفصَّل منذ تحوَّل إلى المدينة (¬1). 1404 - حدَّثنا هنَّاد بنُ السَّري، حدَّثنا وكيعٌ، عن ابن أبي ذِئبٍ، عن يزيدَ ابن عبد الله بن قُسيط، عن عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت، قال: قرأتُ على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - النجمَ فلم يَسجُدْ فيها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. أبو قدامة: هو الحارث بن عبيد، قال أحمد: مضطرب الحديث, وقال ابن معين: ضعيف، وقال النسائي: صدوق عنده مناكير، وقال ابن حبان: كان شيخاً صالحاً ممن كثر وهمه ,ومطر الوراق - وهو ابن طَهمان - ضعيف عند التفرد، وقال يحيى القطان: كان يشبه في سوء الحفظ محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وقال ابن عبد البر في "التمهيد"19/ 120: هذا عندي حديث منكر. وأخرجه ابن خزيمة (560)، والطبراني في"الكبير" (11924)، والبيهقي 2/ 312 - 313، وابن عبد البر في "التمهيد" 19/ 120 وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (752) من طريق محمد بن رافع، بهذا الإسناد. وضعفه ابن خزيمة بأن أبا هريرة قد روى عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنه سجد في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}، وأبو هريرة قد أسلم بعد الهجرة بسنين، ولهذا فإنه يقدم قوله لأنه أخبر عما شاهده ورآه، ولا يقُبل قولُ من نفى وأنكر. قلنا: وقد صح عن ابن عباس من قوله لا من روايته، فقد أخرج عبد الرزاق (5900) و (5901) عن ابن عباس قوله: ليس في المُفصَّل سجدة. قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (10600 - 10602): وهو قول أكثر أصحاب مالك، وطائفة من أهل المدينة، وقول ابن عمر وابن عباس وأبيّ بن كعب، وبه قال سعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد وطاووس وعطاء وأيوب، كل هؤلاء يقولون: ليس في المفصّل سجود, بالأسانيد الصحاح عنهم. وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: أدركت القراء لا يسجدون في شئ من المفصَّل. (¬2) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة. =

328 - باب من رأى فيها سجودا

1405 - حدَّثنا ابن السَّرح، أخبرنا ابنُ وهب، حدَّثنا أبو صخر، عن ابن قُسيط، عن خارجةَ بن زيد بن ثابت، عن أبيه، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بمعناه (¬1). قال أبو داود: كان زيدٌ الإمامَ فلم يَسجُد. 328 - باب من رأى فيها سجوداً 1406 - حدَّثنا حفصُ بن عمر، حدَّثنا شُعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود عن عبد الله: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قرأ سورة النجم فسجد بها، وما بقي أحدٌ من القوم إلا سجد، فأخذ رَجَلٌ من القوم كفّاً مِن حصَى أو تُراب، فرَفَعَهُ إلى وجهه، وقال: يكفيني هذا، قال عبد الله: فلقد رأيتُه بعدَ ذلك قُتِلَ كافراً (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1072) و (1073)، ومسلم (577)، والترمذي (583)، والنسائي في "الكبرى" (1034) من طريق يزيد بن عبد الله بن قسيط، به. وهو في "مسند أحمد" (21591)، و"صحيح ابن حبان " (2762) و (2769). وانظر ما سيأتي بعده. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. أبو صخر - واسمه حميد بن زياد - صدوق حسن الحديث، وقد توبع في الرواية التي قبله. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو، وابن قُسيط: هو يزيد بن عبد الله. وأخرجه ابن خزيمة (566)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 352، والدارقطني (1527) من طريق ابن وهبْ، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 352 من طريق حيوة بن شريح، عن أبي صخر، به. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. شعبة روى عن أبي إسحاق قبل الاختلاط. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي. =

329 - باب السجود في {إذا السماء انشقت} و {اقرأ}

329 - باب السجود في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ} 1407 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن أيوب بن موسى، عن عطاء بن مِيناء عن أبي هريرة، قال: سَجَدْنا مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} (¬1). قال أبو داود: أسلم أبو هريرة سنة ست عامَ خيبر، وهذا السجود من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - آخر فعله (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1067) و (1070) و (3853) و (3972)، ومسلم (576)، والنسائي في "الكبرى" (1033) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. ولم يذكر النسائي قوله: "وما بقي أحد ... ". وأخرجه البخاري (4863) من طريق إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، به. وسمى الرجل المذكور أُمية بن خَلَف. وهو في "مسند أحمد" (3682)، و"صحيح ابن حبان" (2764). (¬1) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مُسَرهَد الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه مسلم (578)، وابن ماجه (1058)، والترمذي (580)، والنسائي في "الكبرى" (1041) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (578) من طريق عبد الرحمن الأعرج، والترمذي (581)، والنسائي (1037) و (1038) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن، والنسائي (1040) من طريق محمد بن سيرين، ثلاثتهم عن أبي هريرة، به. ولفظ النسائي (1040): سجد أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ومن هو خير منهما - صلَّى الله عليه وسلم - في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}. وهو في "مسند أحمد" (7371) و (7396)، و"صحيح ابن حبان" (2767). وانظر ما بعده. (¬2) قوله: قال أبو داود ... زيادة من هامش (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي.

330 - باب السجود في (ص)

1408 - حدَّثنا مسدَّد، حدَّثنا المُعتَمِرُ، سمعت أبي، حدَّثنا بكر، عن أبي رافع، قال: صلَّيت مع أبي هريرة العَتمةَ فقرأ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} فسجد، فقلت: ما هذه السجدة؟ قال: سجدتُ بها خلفَ أبي القاسم - صلَّى الله عليه وسلم -، فلا أزالُ أسجُدُ بها حتى ألقاه (¬1). 330 - باب السجود في (ص) 1409 - حدَّثنا موسى بنُ اسماعيل، حدَّثنا وهيب، حدَّثنا أيوبُ، عن عِكرمَة عن ابن عباس، قال: ليس {ص} من عزائم السجود، وقد رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَسجُدُ فيها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. المعتمر: هو ابن سليمان بن طرخان التيمي، وبكر: هو ابن عبد الله المزني، وأبو رافع: هو نفيع بن رافع الصائغ. وأخرجه البخاري (766) و (768) و (1078)، ومسلم (578)، والنسائي في "الكبرى" (1042) من طرق عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (578) من طريق عطاء بن أبي ميمونة، عن أبي رافع، به. وأخرجه البخاري (1074)، ومسلم (578)، والنسائي (1035) و (1036) و (11596) من طريق أبي سلمة، وابن ماجه (1059) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث، والنسائي (1039) من طريق محمد بن سيرين، ثلاثتهم عن أبي هريرة، به. ولفظ النسائي (1039): سجد أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} ومن هو خير منهما - صلَّى الله عليه وسلم -. وهو في "مسند أحمد" (7140)، و"صحيح ابن حبان " (2761). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد الباهلي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختِياني. =

1410 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني عمرو - يعني ابن الحارث -، عن ابن أبي هلال، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرْحٍ عن أبي سعيد الخدريِّ أنه قال: قرأ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو على المنبر {ص}، فلما بلغ السجدة، نزل فسَجَد وسَجَدَ الناسُ معه، فلما كان يوم آخر، قرأها فلمَّا بلغ السجدة تَشَزَّنَ الناسُ للسجود، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنما هي توبة نبي، ولكنيْ رأيتكم تشزَّنْتُمْ للسجود" فنزل فسجد وسجدوا (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1069) و (3422)، والترمذي (584) من طرق عن أيوب، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11105) من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب، به. بلفظ: رأيت النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يسجد في {ص}، {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}. وأخرجه البخاري (3421) و (4632) و (4806) و (4807)، والنسائى (11104) من طريق مجاهد عن ابن عباس، بلفظ: "قلت لابن عباس: أسجد في {ص}؟ فقرأ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} - حتى أتى - {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}: نبيكم - صلَّى الله عليه وسلم - ممن أمر أن يقتدي بهم". وأخرجه النسائى (1031) من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس، بلفظ أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - سجد في (ص) وقال سجدها داود توبة ونسجدها شكراً. وهو في "مسند أحمد" (2521) و (3387) و (3436). واستدل الإمام الشافعي بقوله في حديث ابن عباس: شكراً على أنه لا يسجد فيها في الصلاة، لأن سجود الشاكر لا يشرع داخل الصلاة. (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله القرشي، وابن أبي هلال: هو سعيد الليثي. أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 361، وابن حبان (2765)، والحاكم في "المستدرك " 2/ 431 - 432، والبيهقي 2/ 318 من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد. ورواية الطحاوي مختصرة بذكر السجود مطلقاً. =

331 - باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير الصلاة

331 - باب في الرجل يسمع السجدة وهو راكب أو في غير الصلاة 1411 - حدَّثنا محمدُ بنُ عثمان الدمشقي أبو الجُماهر، حدَّثنا عبدُ العزيز - يعني ابن محمد - عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن نافع عن ابن عمر: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قرأ عام الفتحِ سجدةً، فسَجَدَ الناسُ كلُّهم: منهم الراكبُ، والساجدُ في الأرض، حتى إن الراكبَ ليسجدُ على يَدِهِ (¬1). 1412 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا يحيى بنُ سعيد (ح) وحدَّثنا أحمد بن أبي شعيب، حدَّثنا ابنُ نُمَيْرٍ - المعنى - عن عُبيد الله، عن نافع ¬

_ = وأخرجه الدارمي (1466) و (1554)، وابن خزيمة (1455) و (1795)، وابن حبان (2799)، والدارقطني (1519) والحاكم 1/ 284 - 285 من طريق خالد بن يزيد، عن ابن أبي هلال، به. قال الحافظ في "الفتح" 2/ 553 بعد أن أورد حديث أبي سعيد هذا: فهذا السياق يشعر بأن السجود فيها لم يؤكد كما أكد في غيرها. وقوله: تشزن الناسُ، قال الخطابي: معناه: استوفزوا للسجود، وتهيؤوا له، وأصله من الشزن وهو القلق، يقال: بات فلان على شزن: إذا بات قلقاً يتقلب من جنب إلى جنب. واختلف الناس في سجدة {ص} فقال الشافعي: سجود القرآن أربع عشرة سجدة في الحج منها سجدتان، وفي المفصل ثلاثة، وليس في {ص} سجدة. وقال أصحاب الرأي: في الحج سجدة واحدة، وأثبتوا السجود في {ص}. (¬1) إسناده ضعيف. مصعب بن ثابت وهو ابن عبد الله بن الزبير بن العوام الأسدي لين الحديث. وأخرجه ابن خزيمة (556)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 219، والبيهقي 2/ 325 من طريق محمد بن عثمان، بهذا الإسناد.

332 - باب ما يقول إذا سجد

عن ابن عمر، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقرأ علينا السورة - قال ابن نُمير: في غير الصلاة، ثم اتفقا -: فيسجدُ ونَسجُدُ معه، حتى لايجدَ أحدُنا مكاناً لموضع جبهته (¬1). 1413 - حدَّثنا أحمد بن الفرات. أبو مسعود الرازي، أخبرنا عبدُ الرزاق، أخبرنا عبد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقرأ علينا القرآنَ، فإذا مرَّ بالسجدة، كبَّر وسَجَد وسَجَدْنا (¬2). قال عبد الرزاق: كان الثوريُّ يُعجبه هذا الحديث. قال أبو داود: يعجبه، لأنه كبَّر. 332 - باب ما يقول إذا سجد 1414 - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا إسماعيلُ، حدَّثنا خالد الحَذاء، عن رجل، عن أبي العالية ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن نمير: هو عبد الله، وعُبيد الله: هو ابن عُمر بن حفص العُمري. وأخرجه البخاري (1075) و (1076) و (1079)، ومسلم (575) من طرق عن عبيد الله، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4669) و (6285)، و"صحيح ابن حبان" (2760). (¬2) حديث صحيح بما قبله، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله، وهو ابن عمر العمري. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (5911)، ومن طريقه أخرجه البيهقي 2/ 325. وأخرجه أحمد (6461) من طريق حماد بن خالد الخياط، عن عبد الله. وقول أبي داود: يعجبه لأنه كبر. قال في "عون المعبود": أي: لأنه فيه ذكر التكبير وما جاء ذكر التكبير في سجود التلاوة إلا في هذا الحديث.

333 - باب فيمن يقرأ السجدة بعد الصبح

عن عائشة قالت: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول في سجود القرآن بالليل، يقول في السجدة مراراً: "سَجَدَ وَجْهي للذي خَلَقَه وشَقَّ سَمعَه وبَصَرَه بحوله وقُوَّته" (¬1). 333 - باب فيمن يقرأ السجدةَ بعد الصبح 1415 - حدَّثنا عبد الله بنُ الصباح العطَّارُ، حدَّثنا أبو بحر، حدَّثنا ثابتُ بنُ عُمارة حدَّثنا أبو تميمة الهُجَيمي، قال: لما بعثنا الرَّكْبَ - قال أبو داود: يعني إلى المدينة - قال: كنت أقصُ بَعْدَ صلاةِ الصُّبح فأسجُدُ، فنهاني ابنُ عمر، فلم أنْتَهِ، ثلاثَ مراتٍ، ثم عاد فقال: إني صليتُ خلفَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ومع أبي بكرٍ وعمر وعثمان، فلم يسجدوا حتى تطلع الشمسُ (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرجل بين خالد وبين أبي العالية. مسدد: هو ابن مُسَرْهَد الأسدي، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم المعروف بابن عُلَيَّه، وخالد الحذاء: هو ابن مهران، وأبو العالية: هو رُفيع بن مِهران الرِّياحي. وهو في "مسند أحمد" (25821). وأخرجه الترمذي (587) و (3723)، والنسائي في "الكبرى" (718) من طريق عبد الوهاب عن خالد الحذاء عن أبي العالية، به. فأسقط الرجل المبهم. وقال الترمذي: حديث صحيح. والصواب ذكر الرجل المبهم في إسناده كما قال الدارقطني في"العلل" 5/ ورقة 96 وهو في "مسند أحمد" (24022). وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب سلف برقم (760). وإسناده صحيح. (¬2) حديث صحيح. وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي بحر - وهو عبد الرحمن بن عثمان البَكراوي -، ولكنه متابع. أبو تميمة الهُجَيمي: هو طَريف بن مُجالد. =

باب تفريع أبواب الوتر

باب تفريع أبواب الوتر 334 - باب استحباب الوتر 1416 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا عيسى، عن زكريا، عن أبي إسحاق، عن عاصم عن علي، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أهلَ القرآن أوترُوا، فإن الله وترٌ يُحِبُّ الوترَ" (¬1). 1417 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو حفص الأبارُ، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرة، عن أبي عُبيدة ¬

_ = وأخرجه البيهقي 2/ 326 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 350، وأحمد في"مسنده" (4771) و (5837) من طريق وكيع عن ثابت بن عمارة، به. بلفظ"صليت مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر وعثمان، فلا صلاة بعد الغداة حتى تطلع يعني الشمس". (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل عاصم - وهو ابن ضمرة - فهو صدوق لا بأس به. عيسى: هو ابن يونس السبيعي، وزكريا: هو ابن أبي زائدة، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله. وأخرجه ابن ماجه (1169)، والترمذي (456)، والنسائى في "الكبرى" (1388) من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. وزاد ابن ماجه والترمذي قول عليّ: ألا إن الوتر ليست بحتم كصلاتكم المكتوبة، ولكن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أوتر، ثم ساق الحديث. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (1262). ويشهد له حديث ابن مسعود الآتى بعده. وحديث أبي سعيد الخدري عند الطبراني في "الأوسط" (1557) و (6014). وإسناده صحيح. وحديث أبي هريرة عند الخطيب في"تاريخه" 2/ 44. وإسناده صحيح. وهو عند البخاري (6410)، ومسلم (2677)، وابن ماجه (3861)، والنسائي في "الكبرى" (7612) بلفظ: "وهو وتر يحب الوتر" أو "إنه وتر يحب الوتر".

عن عبد الله، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه، زاد: فقال أعرابيٌ: ما تقول؟ قال: "ليس لك ولا لأصحابك" (¬1). 1418 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ وقُتيبةُ بنُ سعيد - المعنى - قالا: حدَّثنا الليثُ، عن يزيدَ بن أبي حبيب، عن عبد الله بن راشدِ الزوفي، عن عبد الله بن أبي مرة الزَّوفي عن خارجة بن حُذافة - قال أبو الوليد: العدَوي - قال: خَرَجَ علينا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "إن الله قد أمدَّكُم بصلاةٍ وهي خيرٌ لكم من حُمرِ النعَم، وهي الوتر، فجَعَلَها لَكُم فيما بين العِشَاء إلى طُلوعِ الفَجْر" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه، وقد اختلف في وصله وإرساله كما بيناه في تعليقنا على سنن ابن ماجه، ورجح الدارقطنيُّ المرسلَ في "العلل" 5/ 293. وأخرجه ابن ماجه (1170) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. ويشهد له حديث علي بن أي طالب السالف قبله. وانظر تمام شواهده عنده. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن راشد الزوفي وعبد الله ابن أبي مُرَّة الزَّوفي، ثم هو منقطع أيضاً. ليث: هو ابن سعد. وأخرجه ابن ماجه (1168)، والترمذى (455) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24009/ 8). ويشهد له حديث أبى بصرة الغفاري عند أحمد في "مسنده" (23851) بإسناد صحيح. وقد ذكرنا له شواهدَ أخرى عند حديث عبد الله بن عمرو في "المسند" برقم (6693) فانظرها.

335 - باب فيمن لم يوتر

335 - باب فيمن لم يوتر 1419 - حدَّثنا ابنُ المثنى، حدَّثنا أبو إسحاق الطَّالقاني، حدَّثنا الفضلُ بنُ موسى، عن عُبيدِ الله بن عبد الله العتكي، عن عبد الله بن بُريدة عن أبيه، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "الوِترُ حق، فمَنْ لم يوترْ، فلَيسَ منا، الوِترُ حَق، فمَنْ لم يُوترْ فلَيسَ منَا، الوترُ حَقٌ فمَن لم يُوتر فلَيسَ منا" (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، عُبيد الله بن عبد الله العتكي ضعيف لكن يعتبر به في المتابعات والشواهد. ابن المثنى: هو محمد: وأبو إسحاق الطالقاني: هو إبراهيم بن إسحاق، وبُريدة: هو ابن الحُصَيب الأسلمي. وأخرجه أحمد في "مسنده" (23019)، ومحمد بن نصر المروزي في "مختصر كتاب الوتر" (5)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 306 من طرق عن الفضل بن موسى، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 297، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1343)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 1252 و 4/ 1637، والحاكم 1/ 305، والبيهقي 2/ 469 - 470 والخطيب في "تاريخ بغداد" 5/ 175 من طرق عن أبي منيب عبيد الله بن عبد الله العتكي، به. ولفظه عند ابن عدى في أحد مواضعه: "أوتروا، ليس منا من لم يوتر"، وسقط "بريدة" من إسناده في الموضع الثاني من مطبوع ابن عدي، ووقع في "تاريخ بغداد": "الوتر الواجب" بدل "الوتر حق". وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد (9717) بلفظ: "من لم يوتر فليس منا" وإسناده ضعيف. وآخر من حديث أبي أيوب سيأتي برقم (1422) وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان (2407). بلفظ: "الوتر حق على كل مسلم". وانظر ما بعده.

1420 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكِ، عن يحيى بن سعيدِ، عن محمد بن يحيى بن حبّان عن ابن مُحيريزٍ أن رجلاً من بني كنَانَة يُدعى المُخدِجي سَمعَ رجلاً بالشام يُدعى أبا محمد يقول: إن الوتر واجب، قال المخدَجي: فرحت إلى عبادة بن الصَامت فأخبرته، فقال عبادة: كذب أبو محمد، سمعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "خَمْسُ صَلَواتِ كتَبهنَّ اللهُ على العِباد، فمن جاءَ بهن لم يُضَيعْ منهُن شيئاً استخفافاً بحقهنَّ كان له عندَ الله عَهدٌ أن يُدْخِلَه الجَنَّة، ومَنْ لم يأتِ بهِن، فلَيسَ له عندَ الله عهد: إن شاءَ عَذبه، وإن شَاءَ أدْخَلَه الجَنة" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة المخدجي وهو أبو رفيع، وقيل: رفيع، فقد تفرد بالرواية عنه عبد الله بن محيريز، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وهو متابع. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن محيريز: هو عبد الله الجمحي. وأخرجه النسائي في الكبرى (318)، وابن ماجه (1401) من طريقين عن محمد ابن يحيى بن حبان، بهذا الإسناد. واقتصر ابن ماجه على المرفوع عن عباده. وقد سلف تخريجه برقم (425) من طريق آخر بإسناد صحيح. وقوله: كذب أبو محمد. قال الخطابي في "معالم السنن" 1/ 134 - 135: يريد أخطأ أبو محمد لم يرد به تعمد الكذب الذي هو ضد الصدق، لأن الكذب إنما يجري في الأخبار، وأبو محمد هذا إنما أفتى فتيا، ورأى رأياً، فأخطا فيما أفتى به، وهو رجل من الأنصار له صحبه، والكذب عليه في الأخبار غير جائز، والعرب تضع الكذب موضع الخطأ في كلامهما، فتقول: كذب سمعي، وكذب بصري، أي: زل ولم يدرك ما رأى وما سمعَ ولم يحط به ... وإنما أنكر عبادة أن يكون الوتر واجباً وجوب فرض كالصلوات الخمس دون أن يكون الوتر واجباً وجوب فرض كالصلوات الخمس المفروضات في اليوم والليلة.

336 - باب كم الوتر؟

336 - باب كم الوتر؟ 1421 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا هَمّام، عن قَتادةَ، عن عبدِ الله بن شقيقِ عن ابن عمر، أن رجلاً من أهلِ البادية سأل النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - عن صلاةِ الليل، فقال بإصبعيه هكذا، مثنى مثنى، و"الوِترُ رَكْعة من آخرِ الليل" (¬1). 1422 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ المبارك، حدثني قُريش بن حَيَّان العجلي، حدَّثنا بكرُ بن وائل، عن الزُّهريِّ، عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاريَ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الوِترُ حَقٌّ على كُل مسلم، فمن أحب أن يُوترَ بخمس فليفعلْ، ومَنْ أحبَّ أن يُؤترَ بثلاث فليفعلْ، ومن أحب أن يوترَ بواحدةِ فليفعل" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيي الأزدي العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه مسلم (749) (148)، والنسائي في "الكبرى" (1402) من طرق عن عبد الله بن شقيق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (5759). وأخرجه مسلم (752) و (753)، وابن ماجه (1175)، والنسائي (1400) و (1401) من طريق أبي مجلز لاحق بن حميد، ومسلم بإثر (753) من طريق عُبيد الله ابن عبد الله بن عمر، كلاهما عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (2836)، و"صحيح ابن حبان " (2625). وانظر ما سلف برقم (1295) و (1326)، وما سيأتي برقم (1436) و (1438). (¬2) إسناده صحيح، لكن النسائي صحَّح وقفه. وقد تابع بكرَ بنَ وائلٍ على رفع الحديث الأوزاعيُّ ودويد بن نافع كما سيأتي وكذلك يونس بن يزيد عند ابن حبان، (2407) ومعمر بن راشد وجماعة ذكر أحاديثهم الحاكم في"المستدرك " 1/ 302 - 303.=

337 - باب ما يقرأ في الوتر

337 - باب ما يقرأ في الوتر 1423 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو حَفصٍ الأبَّار (ح) وحدثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا محمدُ بنُ أنسٍ - وهذا لفظه - عن الأعمش، عن طلحة وزبيد، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه عن أُبيٍّ بن كعب، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وقُل للذينَ كَفَروا، والله الواحِدُ الصَمَدُ (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1190)، والنسائي في "الكبرى" (1405) من طريق الأوزاعي، والنسائي (442) من طريق دويد بن نافع، كلاهما عن الزهري، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (443) من طريق أبي معيد حفص بن غيلان , و (1406) من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن الزهري، به. موقوفاً. وهو في "مسند أحمد" (23545)، و"صحيح ابن حبان" (2407) و (2410) و (2411). والوتر واجب عند أبي حنيفة، وقال أحمد فيما نقله عنه ابن قدامة في "المغني" 2/ 495: من ترك الوتر عمداً، فهو رجل سوء، ولا ينبغي أن تقبل له شهادة، ونقل أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوذي" 2/ 244 بوجوب الوتر عن سحنون، وأصبغ ابن الفرج، وحكى ابن حزم أن مالكاً قال: من تركه أُدِّبَ وكانت جرحة في شهادته. (¬1) إسناده صحيح. أبو حفص الأبار: هو عمر بن عبد الرحمن الكوفي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وطلحة: هو ابن مصرِّف بن عمرو اليامي، وزُبيد: هو ابن الحارث بن عبد الكريم. وقد روى بعضهم هذا الحديث دون ذكر أبي بن كعب، فيكون حينئذٍ مرسلَ صحابي، لأن ابن أبزى صحابي، ومرسل الصحابي حجة. فلا يؤثر ذلك بصحة الإسناد. ولعل ابن أبزى قد سمع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقرأ في الوتر بتلك السور، وسمع أيضاً من أبي أنه يحدث بذلك، فرواه على الوجهين. وقوله: وقل للذين كفروا، أي: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وقوله: الله الواحد الصمد، أي: سورة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. =

338 - باب القنوت في الوتر

1424 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي شعيب، حدَّثنا محمدُ بنُ سلمة، حدَّثنا خُصَيفٌ، عن عبد العزيز بن جُريج، قال: سألت عائشة أم المؤمنين: بأي شيءٍ كان يُوترُ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ فذكر معناه، قال: وفي الثالثة بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} والمعوذَتَيْن (¬1). 338 - باب القنوت في الوتر 1425 - حدَّثنا قُتيبة بن سعيدِ وأحمدُ بنُ جواس الحنفي، قالا: حدَّثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن بُريد بن أبي مريم، عن أبي الحَوْراء قال: ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1171) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. ولفظه: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يوتر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. وهو بهذا اللفظ في "مسند أحمد" (21141)، و"صحيح ابن حبان" (2436). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (446) و (1433) و (1436) من طرق عن سعيد ابن عبد الرحمن بن أبزى، به. زادوا: ويقول بعد التسليم: "سبحان الملك القدوس"، وستأتي هذه الزيادة منفصلة برقم (1430). وأخرجه النسائي (447) و (1434) و (1435) و (1437 - 1439) من طرق عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. فلم يذكروا أبيَّ بن كعب، وهذا لا يضر بصحة الحديث كما أسلفنا. (¬1) حسن بطرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد العزيز بن جريج، ثم إنه لم يسمع من عائشة فيما قاله أحمد وابن حبان والدارقطني. وتصريحه بالسماع هنا من أخطاء خصيف - وهو ابن عبد الرحمن، فإنه سيئ الحفظ. أحمد بن أبي شعيب: هو أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب مسلم الحراني مولى قريش. وأخرجه ابن ماجه (1173)، والترمذي (467) من طرق عن محمد بن سلمة، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وحسنه الحافظ في"نتائج الأفكار" 1/ 512. وانظر تمام تخريجه في ما علقناه على "سنن ابن ماجه". وهو في "مسند أحمد" (25906)، و"صحيح ابن حبان" (2432).

قال الحسنُ بنُ عليّ: عَلَّمني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كلماتٍ أقولُهُنَّ في الوِتر - قال ابن جوَّاس في قنوتِ الوتر -: "اللهُم اهْدِني فيمَنْ هَدَيتَ، وعافِني فيمَنْ عافَيْتَ، وتَوَلني فيمَنْ تَوَلَيتَ، وبارِكْ لي فيما أعطيتَ، وقني شَرَّ ما قَضَيْتَ، إئك تقضي ولا يُقضَى عَليك، وإنه لا يَذلُ مَنْ وَالَيتَ، تبارَكْت رَبَّنا وتَعَالَيتَ" (¬1). 1426 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا أبو إسحاق، بإسناده ومعناه، وقال في آخره: قال: هذا يقول في الوتر في القنوت، ولم يذكر: أقولُهن في الوتر. أبو الحوراء: ربيعةُ بنُ شيبانَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الأحوص: هو سلاّم بن سليم، وأبو إسحاق: هو عمرو ابن عبد الله السَّبيعي، وأبو الحوراء: هو ربيعة بن شيبان السعدي. وأخرجه الترمذي (468)، والنسائي في "الكبرى" (1446) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي الحوراء السعدي. وصححه النووي في"الخلاصة" (1499). وأخرجه ابن ماجه (1178) من طريق شريك، عن أبي إسحاق، به. وقال: أقولهن في قنوت الوتر. وأخرجه النسائي (1447) من طريق ابن وهب، عن يحيى بن عبد الله بن سالم، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن علي عن الحسن، به. وهذا سند قوي، وصححه الحاكم 3/ 172. وهو في "مسند أحمد" (1718)، و"صحيح ابن حبان" (945). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجُعفي. وأخرجه ابن الجارود (273)، والبزار (1337)، والطبراني في "الكبير" (2704)، والبيهقي 2/ 498 من طرق عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

1427 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد، عن هشام بن عمرو الفزاري، عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن علي بن أبي طالب، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقول في آخر وتره: "اللهم إني أعوذُ برضاكَ من سخطك، وبمعافاتك مِن عُقوبتك، وأعوذُ بكَ منكَ، لا أُحصِي ثَنَاءَ عليكَ، أنتَ كما أثنيتَ على نفسِكَ" (¬1). قال أبو داود: هشامٌ أقدم شيخٍ لحماد، وبلغني عن يحيى بن معين أنه قال: لم يرو عنه غيرُ حماد بن سلمة. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابن ماجه (1179)، والترمذي (3882)، والنسائي في "الكبرى" (1448) من طرق عن حماد، بهذا الإسناد، وحسنه الترمذي. وهو في "مسند أحمد" (751). وقوله: كان يقول في آخر وتره. أي: بعد السلام منه، فقد روى النسائي (10661) عن علي بن حجر، حدَّثنا إسماعيل بن جعفر، عن يزيد بن خصيفة، عن إبراهيم بن عبد الله بن عبد القاري، عن علي بن أبي طالب قال: بت عند رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فكنت أسمعه إذا فرغ من صلاته، وتبوأ مضجعه يقول: "اللهم إنى أعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ برضاك من سخطك، وأعرذ بك منك، اللهم لا أستطيع ثناءً عليك ولو حرصت، ولكن أنت كما أثنيت على نفسك. وإبراهيم بن عبد الله بن عبد القاري روايته عن علي بن أبي طالب مرسلة. وأخرجه النسائي (105662) من طريق يحيي بن حسان، حدَّثنا إسماعيل بن جعفر، حدَّثنا يزيد بن خصيفة، عن عبد الله بن عبد القاري، عن علي. وعبد الله بن عبد القارى له رؤية. وقد سلف عن عائشة أم المرمنين برقم (879) أنها قالت: فقدتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فلمستُ المسجد، فإذا هو ساجد وقدماه منصوبتان، وهو يقول: ... فذكرت هذا الدعاء. وإسناده صحيح.

قال أبو داود: روى عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عَروبةَ، عن قتادة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبيٍّ بن كعب: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قنَت - يعني في الوتر - قبلَ الركوع (¬1). قال أبو داود: وروى عيسى بنُ يونس هذا الحديثَ أيضاً عن فطرِ ابن خليفةَ، عن زُبيدٍ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبي بن كعب، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، مثله (¬2). ورُوي عن حفص بن غياثِ عن مِسْعَرٍ، عن زُبَيدِ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن أبيٍّ بن كعب: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قنَت في الوتر قبلَ الركوع (¬3). قال أبو داود: وحديثُ سعيدِ عن قتادة رواه يزيدُ بن زُريع، عن سعيد، عن قتادة، عن عَزرة، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه، عن النبيِّ علم يذكُر القنوت، ولا ذكر أبيّاً (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه محمد بن نصر المروزي في"مختصر كتاب الوتر" (58) عن إسحاق ابن راهويه، والدارقطني (1659) من طريق المسيب بن واضح، كلاهما عن عيسى بن يونس، به. (¬2) أخرجه الدارقطني (1660) من طريق علي بن خشرم، عن عيسى بن يونس، به. (¬3) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 40 من طريق عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، به. وقد تابع مسعراً وفطراً على ذكر القنوت سفيان الثوري، عند ابن ماجه (1182)، والنسائى في "الكبرى" (1436) و (10502). (¬4) أخرجه النسائي (447) و (10509) من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد، و (10510) من طريق محمد بن بشر كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به. وأخرجه كذلك (1450) و (10511) من طريق شعبة، عن قتاده، به. =

وكذلك رواه عبدُ الأعلى ومحمد بنُ بشرٍ العَبدِيُ، وسماعُه بالكوفة مع عيسى بن يونس، ولم يذكروا القنوتَ. وقد رواه أيضاً هشامٌ الدَّستوائي وشعبةُ عن قتادة، لم يذكرا القنوتَ. وحديث زُبيد رواه سليمانُ الأعمشُ وشعبةُ وعبدُ الملك بنُ أبي سليمان وجريرُ بن حازم كلهم عن زُبيد لم يذكر أحدٌ منهم القنوتَ، إلا ما رُوِيَ عن حفص بن غياث عن مسعرٍ، عن زُبيد، فإنه قال في حديثه: إنه قنت قبلَ الركوع. قال أبو داود: وليس هو بالمشهور من حديث حفص، نخافُ أن يكون عن حفص، عن غير مسعر. قال أبو داود: ويروى أن أُبيّاً كان يقنت في النصف من رمضان. 1428 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد بن حنبل، حدَّثنا محمدُ بنُ بكر، أخبرنا هشام، عن محمدٍ، عن بعض أصحابه أن أبيَّ بن كعب أمَّهم - يعني في رمضان - وكان يَقنُتُ في النصفِ الآخِرِ من رمضان (¬1). ¬

_ = لكن أخرجه النسائي (446) و (10508) من طريق عبد العزيز بن خالد، عن سعيد بن أبي عروبة، به بزيادة ذكر أبي بن كعب في إسناده. وقد أخرج ابن أبي شيبة 2/ 302 من طريق علقمة بن قيس: أن ابن مسعود وأصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كانون يقنتون في الوتر قبل الركوع. وإسناده صحيح. (¬1) صحيح، وهذا سند ضعيف لإبهام الذي حدث محمداً - وهو ابن سيرين - بهذا الخبر كما أشار إليه الحافظ المنذري في "مختصر السنن". ولكنه قد روي من وجه آخر صحيح كما سيأتي. هشام: هو ابن حسان القردوسي. =

1429 - حدَّثنا شجاعُ بنُ مخلد، حدَّثنا هُشَيم، أخبرنا يونُس بن عُبيد، عن الحسن أن عُمَرَ بن الخطاب جمع الناسَ على أبي بن كعبٍ فكان يُصلِّي لهم عشرينَ ليلة، ولا يَقنُتُ بهم إلا في النصفِ الباقي، فإذا كانت ¬

_ = وأخرجه البيهقي 2/ 498 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (1100) من طريق يونس، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القاري - وكان في عهد عمر بن الخطاب مع عبد الله بن الأرقم على بيت المال - أن عمر خرج ليلة في رمضان، فخرج معه عبد الرحمن بن عبد القاري، فطاف بالمسجد، وأهل المسجد أوزاع متفرقون، يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلِّي بصلاته الرهط، فقال عمر: والله إنى أظن لو جمعنا هؤلاء على قارئ واحدٍ لكان أمثل، ثم عزم عمر على ذلك، وأمر أبيّ بن كعب أن يقوم لهم في رمضان، فخرج عمر عليهم والناس يصلّون بصلاة قارئهم، فقال عمر: نعم البدعة هي، والتي تنامون عنها أفضل من التى تقومون - يريد آخر الليل - فكان الناس يقومون أوله، وكانوا يلعنون الكفرة في النصف: اللهم قاتل الكفرة، الذين يصدُّون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ولا يؤمنون بوعدك ... ثم يكبّر ويهوي ساجداً. وهذا إسناد صحيح. وقد أورده الحافظ في"التلخيص الخبير" 2/ 24 من "فوائد" أبي الحسن بن رزقويه. وحسَّن إسناده، قلنا: وإسناد ابن خزيمة أجود وأعلى من إسناد ابن رزقويه. وقد قال ابن خزيمة: هذا أعلى خبر يحفظ في القنوت في الوتر عن أبي بن كعب في عهد عمر بن الخطاب موقوفاً. وأخرج ابن أبي شيبة 2/ 305، والبيهقي 498/ 2 عن ابن عمر بإسناد صحيح أنه كان لا يقنت إلا في النصف يعني من رمضان. وانظر "المصنف" لعبد الرزاق (4995) و (4996)، و "المصنف" لابن أبي شيبة 2/ 305، و"مختصر كتاب الوتر" لمحمد بن نصر المروزي ص 123 - 125. وانظر ما بعده.

339 - باب الدعاء بعد الوتر

العشرُ الأواخِرُ تخلَّفَ، فصلَّى في بيته، فكانوا يقولون: أبَقَ أُبيُّ (¬1). قال أبو داود: وهذا يدلُ على أن الذي ذُكِرَ نن القنوت ليسَ بشيءٍ، وهذان الحديثان يدلانِ على ضعفِ حديثِ أبيّ: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قَنَتَ في الوِتر. 339 - باب الدعاء بعد الوتر 1430 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا محمدُ بنُ أبي عُبيدة، حدَّثنا أبي، عن الأعمش، عن طلحة الإيامي، عن ذَر، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه عن أبيٍّ بن كعب، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا سَلَّم في الوِتر، قال: "سُبحانَ المَلِكِ القُدُوس" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح دون ذكر الاقتصار على عشرين ليلة ثم تخلّف أبيّ العشر الأخير، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن الحسن - وهو البصري - لم يدرك عمر بن الخطاب كما أشار إليه الحافظ المنذري في "مختصر السنن". وأخرجه البيهقي 2/ 498 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 305 من طريق قتادة عن الحسن، نحوه. ولكن ذكر القنوت منه في النصف الأخير قد صح من حديث عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبد القاري، وقد أوردناه عند الحديث السالف قبله. (¬2) إسناده صحيح. أبو عبيدة: هو عبد الملك بن معن الهذلي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وطلحة الإيامي: هو طلحة بن مصرف اليامي، وذرّ: هو ابن عبد الله ابن زرارة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (446) و (1433) و (1436) و (10497) و (10502) و (10508) من طرق عن سعيد بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (447) و (1438) و (1439) و (1450) و (1452) و (10498) و (10499) و (10501) و (10503 - 10507) و (10509 - 10511) من طرق عن =

340 - باب الوتر قبل النوم

1431 - حدَّثنا محمدُ بنُ عوف، حدَّثنا عثمانُ بنُ سعيد، عن أبي غسان محمد بن مُطَرّفٍ المدنيِّ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ نَامَ عن وِتْرِه أو نسيه، فليُصَلِّه إذا ذَكَرَه" (¬1). 340 - باب الوتر قبل النوم 1432 - حدَّثنا ابن المثنى، حدَّثنا أبو داود، حدَّثنا أبانُ بنُ يزيد، عن قتادة، عن أبي سعيدٍ مِن أزد شَنوءَة عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي - صلَّى الله عليه وسلم - بثلاثِ لا أدعُهُنَ في سَفَرِ ولا حَضَرٍ: ركعتي الضُّحى، وصوم ثلاثة أيام من الشهر، وأن لا أنام إلا على وتر (¬2). ¬

_ = سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه. ولم يذكروا أبىَّ بنَ كعب. وعبد الرحمن بن أبزى صحابي، فغاية ما فيه أن يكون عبد الرحمن كان يرسلُه أحياناً، ومرسل الصحابي حجة. ومثل هذا لا يضر بصحة الحديث. وهو في "مسند أحمد" (15354) و (21142)، و"صحيح ابن حبان" (2450). (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه ابن ماجه (1188)، والترمذي (469) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، به. وهو في "مسند أحمد" (11264). وأخرجه مرسلاً الترمذي (470) من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من نام عن وتره فليصل إذا أصبح". (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي سعيد من أزد شنوءة، ولكنه متابع. ابن المثنى: هو محمد، وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. =

1433 - حدَّثنا عبد الوهَّاب بن نجدة، حدَّثنا أبو اليمان، عن صفوان بن عمرو، عن أبي إدريس السَّكونيّ، عن جُبير بن نُفير عن أبي الدرداء، قال: أوصاني خليلي - صلَّى الله عليه وسلم - بثلاثِ لا أدَعُهُنَّ لشيء: أوصاني بصيامِ ثلاثةِ أيامٍ مِنْ كلِّ شهرٍ، ولا أنامُ إلا على وِترٍ، وبِسُبْحَةِ الضُّحى في الحَضرِ والسفر (¬1). ¬

_ = وأخرجه دون قوله: "في سفر ولا حضر" البخاري (1178) و (1981)، ومسلم (721)، والنسائي في "الكبرى" (478) من طريق أبي عثمان النهدي، ومسلم (721) من طريق أبي رافع الصائغ، والنسائي (2728) من طريق الأسود بن هلال، ثلاثتهم عن أبي هريرة، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (4618) و (4850)، وأحمد (7671) من طريق الحسن البصري، والطبرانى في "الأوسط" (3225) من طريق أبي المنيب الجرشي، و (6976) من طريق خلاس بن عمرو، والمزي في"تهذيب الكمال" في ترجمة أبي ثور الأزدي 33/ 178 من طريق أبي ثور الأزدي أربعتهم عن أبي هريرة. وقالوا فيه: لا أدعهن في سفر ولا حضر. ورجال الأسانيد الأربعة ثقات خلا شيخ الطبراني (3225) فضعيف. قال الإمام العيني في"عمدة القاري" تعليقاً على ترجمة البخاري لهذا الحديث بقوله: باب صلاة الضحى في الحضر: الحديث بإطلاقه يتناول حالة السفر والحضر، يدل عليه قوله: لا أدعهن حتى أموت. وكذلك قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 3/ 58: الحديث يتضمن الحضر، لأن إرادة الحضر فيه ظاهرة، وحمله على الحضر والسفر ممكن. وأخرجه مختصراً بقطعة الوتر الترمذي (458) من طريق أبي ثور الأزدي، عن أبي هريرة، به. وأخرجه النسائي (2726) من طريق الأسود بن هلال عن أبي هريرة، به. وذكر الغسل يوم الجمعة بدلاً من الضحى. (¬1) حديث صحيح دون قوله: "في الحضر والسفر" فصحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي إدريس السكونى، ومع ذلك فقد حسن إسناده البزار، فيما نقله عنه ابن القيم في "تهذيب السنن"!! أبو اليمان: الحكم بن نافع.

341 - باب وقت الوتر

1434 - حدَّثنا محمدُ بنُ أحمد بن أبي خلف، حدَّثنا أبو زكريا السَيْلَحينيُّ، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمة، عن ثابتٍ، عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال لأبي بكر: "متى تُوترُ؟ " قال: أوترُ مِن أوَّل الليل، وقال لعُمَر: "متى تُوترُ؟ " قال آخِرَ الليل، فقال لأبي بكر: "أخَذَ هذا بالحذَرِ" وقال لعمر: "أخذ هذا بالقوة" (¬1). 341 - باب وقت الوتر 1435 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا أبو بكر بنُ عياش، عن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، قال: قلت لعائشة: متى كانَ يُوترُ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ قالت: كلَّ ذلكَ قد فَعَلَ، أوتَر أوَلَ الليل، ووسطَه، وآخِرَه، ولكن انتهى وِترُه حين ماتَ إلى السَّحَر (¬2). ¬

_ = وأخرجه مسلم (722) من طريق أبي مُرة مولى أم هانئ، عن أبي الدرداء. دون قوله: في الحضر والسفر. وهو في "مسند أحمد" (27481) و (27551). وقد جاء الحديث بذكر الحضر والسفر من رواية أبي هريرة السالفة قبله. (¬1) إسناده صحيح. أبو قتادة: هو الحارث بن ربعي، وثابت: هو ابن أسلم البُناني. وأبو زكريا السيلحيني: هو يحيى بن إسحاق. وأخرجه ابن خزيمة (1084)، والطبراني في "المعجم الأوسط " (3059)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 301، والبيهقي 3/ 35 - 36 من طريق أبي زكريا يحيى ابن إسحاق السَّيلَحيني، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث ابن عمر عند ابن ماجه (1202م)، وابن خزيمة (1085)، وابن حبان (2446). وإسناده حسن في الشواهد. وآخر من حديث جابر بن عبد الله عند ابن ماجه (1202) وإسناده حسن في الشواهد. (¬2) إسناده صحيح. الأعمش: هو سيمان بن مهران، ومسلم: هو ابن صبيح العطار، ومسروق: هو ابن الأجدع. =

1436 - حدَّثنا هارونُ بنُ معروف، حدَّثنا ابنُ أبي زائدةَ، حدثني عُبيدُ الله ابنُ عمر، عن نافعٍ عن ابن عمر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "بادِرُوا الصُبحَ بالوِتْرِ" (¬1). 1437 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا الليثُ بنُ سعدِ، عن معاويةَ بن صالح، عن عبدِ الله بن أبي قيس قال: سألتُ عائشة عن وِتر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قالت: ربما أوتَرَ أوَّلَ الليل، وربما أوتر مِن آخره، قلت: كيفَ كانت قراءتُه؟ أكان يُسِرُّ بالقراءةِ أم يَجْهَرُ؟ قالت: كُلَّ ذلك كان يَفْعَلُ، ربما أسرَّ، وربما جَهَر، وربما اغتسل فنام، وربما توضأ فنام (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (996)، ومسلم (745) من طريقين عن الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (745) من طريقين عن مسلم، به. وأخرجه مسلم (745) (137)، وابن ماجه (1185)، والترمذي (460)، والنسائي في "الكبرى" (1394) من طريق يحيي بن وَثاب، عن مسروق، به. وهو في "مسند أحمد" (24188) و"صحيح ابن حبان" (2443). (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي زائدة: هو يحيي بن زكريا. وأخرجه الترمذي (471) عن أحمد بن منيع، عن يحيي بن زكريا، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (750) من طريق عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4952)، و"صحيح ابن حبان" (2445). وقوله: "بادروا الصبح بالوتر" معناه: عجلوا بأداء الوتر قبل طلوع الصبح. وسلف حديث أبي سعيد برقم (1431) ولفظه"من نام عن وتره أو نسيه، فليصله إذا ذكره" وإسناده صحيح. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه الترمذي (3151) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرج سؤاله عن قراءة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - الترمذي (451)، والنسائي في "الكبرى" (1377) من طريقين عن معاوية، به. =

342 - باب في نقض الوتر

قال أبو داود: قال غير قتيبةَ: تعني في الجنابة. 1438 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يحيى، عن عُبيد الله، حدَّثني نافعٌ عن ابن عمر، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "اجعَلُوا آخِرَ صَلاتِكُم بالليلِ وِتراً" (¬1). 342 - باب في نقض الوتر 1439 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا ملازمُ بنُ عمرو، حدَّثنا عبدُ الله بنُ بدرٍ، عن قيس بن طَلقٍ، قال: زارنا طلقُ بنُ علي في يومٍ مِنْ رَمضانَ وأمسى عندنا وأفْطَرَ، ثم قام بنا الليلةَ، وأوتَر بنا، ثم انحدَرَ إلى مسجده فصَلَّى بأصحابه، حتى إذا بقي الوِتر، قدَّم رجلاً فقال: أوترْ بأصحابك، فإني سمعتُ ¬

_ = وأخرج سؤاله عن نوم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في الجنابة، مسلم (307)، والنسائي في "المجتبى" (404) من طرق عن معاوية، به. وهو في "مسند أحمد" (24453). وانظر ما سلف برقم (226). (¬1) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وعبيد الله: هو ابن عمر العُمري، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه البخاري (472) و (998)، ومسلم (751) من طرق عن عبيد الله، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (751) والترمذي (439)، والنسائي في "الكبرى" (1395) من طريقين عن نافع، به. وأخرجه مسلم (749) (148) من طريق عبد الله بن شقيق، عن ابن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (4710). وانظر ما سلف برقم (1421).

343 - باب القنوت في الصلوات

النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا وِتْران في لَيْلَة" (¬1). 343 - باب القنوت في الصلوات 1440 - حدَّثنا داودُ بنُ أميَّة، حدَّثنا مُعاذٌ - يعني ابن هشام - حدَّثني أبي، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن حدَّثنا أبو هريرة قال: والله لأقرِّبنَ بكُمْ صلاةَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: فكان أبو هُريرة يَقْنُتُ في الركعة الآخِرَةِ مِن صلاة الظهر، وصَلاةِ العِشاءِ الآخِرَة، وصلاةِ الصُّبح، فيدعو للمؤمنين ويَلعنُ الكافِرين (¬2). 1441 - حدَّثنا أبو الوليدِ ومسلمُ بنُ إبراهيم وحفصُ بنُ عمر (ح) وحدثنا ابنُ معاذ، حَدثني أبي، قالوا كُلُّهم: حدَّثنا شعبةُ، عن عمرو بن مُرَة، عن ابن أبي ليلى عن البراء: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان يَقْنُتُ في صلاة الصبح، زادَ ابنُ معاذ: وصلاةِ المغرب (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. قيس بن طلق صدوق حسن الحديث. مُسَدَّد: هو ابن مُسَرهَد الأسَدي. وأخرجه الترمذي (474) , والنسائي في "الكبري" (1392) عن هنّاد بن السري عن ملازم بن عمرو، بهذا الإسناد وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (16289) و (16296) ,و"صحيح ابن حبان" (2449). (¬2) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائي. وأخرجه البخاري (797) , ومسلم (676) , والنسائي في "الكبري" (666) من طرق عن هشام الدستوائي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7464) ,و"صحيح ابن حبان" (1981). (¬3) إسناده صحيح. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي, وابن معاذ: هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ,وابن أبي ليلي: هو عبد الرحمن. =

1442 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بن إبراهيمَ، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا الأوزاعيُّ، حدثني يحيي بنُ أبي كثير، حدَّثني أبو سلمةَ عن أبي هريرة قال: قَنتَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في صلاة العتَمة شهراً يقول في قنوته: "اللهُم نجِّ الوليدَ بنَ الوليدِ، اللهمَّ نج سلمةَ بنَ هشام، اللهم نجِّ المستضعفينَ مِن المؤمنين، اللهمَّ اشدُد وطأتَكَ على مُضَرَ، اللهمَّ اجعلها عَليهِم سِنينَ كَسِني يوسُفَ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (678)، والترمذي (403)، والنسائى في "الكبرى" (667) من طريق عمرو بن مرة، به. وهو في "مسند أحمد" (18470)، و"صحيح ابن حبان" (1980). (¬1) إسناده صحيح. الوليد: هو ابن مسلم، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه البخاري (4598) و (6393)، ومسلم (675) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. ورواية البخاري دون قوله: "قنت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في صلاة العتمة شهراً". ورواية مسلم دون ذكر "العتمة". وأخرجه البخاري (804) و (4560) و (6940)، ومسلم (675)، والنسائى في "الكبرى" (665) من طرق عن أبي سلمة، به. ورواية البخاري والنسائي دون قوله: "قنت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في صلاة العتمة شهراً". ولفظ مسلم: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه: "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد" ثم يقول: .... وأخرجه البخاري (4560) و (6200)، ومسلم (675)، وابن ماجه (1244)، والنسائي (664) و (665) من طريق سعيد بن المسيب، والبخاري (1006) و (2932) و (3386) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والبخاري (804) من طريق أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، ثلاثتهم عن أبي هريرة، به. ولفظه عندهم دون قوله: "قنت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في صلاة العتمة شهراً". وهو في "مسند أحمد" (10072)، و"صحيح ابن حبان" (1986). =

قال أبو هريرة: وأصْبَحَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ذاتَ يومٍ فلم يَدْعُ لهم، فذكرتُ ذلك له، فقال: "وما تَراهُم قد قَدِموا؟! ". 1443 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ معاوية الجمحيُّ، حدَّثنا ثابتُ بن يزيد، عن هلال بن خبَّاب، عن عِكْرِمَة عن ابن عباس، قال: قَنَتَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - شهراً متتابعاً في الظهر والعصرِ والمغربِ والعشاءِ وصلاةِ الصبح، في دُبُرِ كُلِّ صلاةِ إذا قال: "سَمِعَ الله لمَنْ حَمِدَه" من الركعة الآخرة، يدعو على أحياءٍ من بني سُلَيمٍ، على رغلٍ وذَكْوَان وعُصَيَّة، ويؤمِّنُ مَنْ خلفَه (¬1). 1444 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب ومُسدَّدٌ، قالا: حدَّثنا حمادٌ، عن أيوبَ، عن محمد ¬

_ = وقول أبي هريرة آخر الحديث: وأصبح رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، لم يذكره أحد إلا مسلم (675) وابن حبان (1986) من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي. وقوله: وما تراهم قد قَدِمُوا. قال - صاحب "عون المعبود": أي: الوليد وسلمة وغيرهما من ضعفاء المسلمين من مكة إلى المدينة نجاهم الله من دار الكفار، وكان ذلك الدعاء لهم، لأجل تخليصهم من أيدي الكفرة، وقد خلصوا منهم، وجاؤوا إلى المدينة، فما بقي حاجة بالدعاء لهم بذلك. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه أحمد (2746)، وابن نصر في "مختصر كتاب الوتر" (64)، وابن الجارود في "المنتقى" (198)، وابن خزيمة (618)، والطبراني في "الكبير" (11910)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 225 - 226، والبيهقي 2/ 200 و 212، والحازمي في "الاعتبار" ص 62 من طرق عن ثابت بن يزيد، بهذا الإسناد. ورواية الطبراني مختصرة بقوله: "إن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قنت شهراً في الصلواتِ كُلِّها الظهر والعصر والمغرب والعشاء".

عن أنس أنه سُئل: هل قَنَتَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في صلاةِ الصبح؟ فقال: نعم، فقيل له: قَبلَ الرُّكوع أو بعدَ الرُّكوع؟ قال: بعدَ الركوع، قال مُسدَّدٌ: بيسيرِ (¬1). 1445 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمة، عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالكِ: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قنت شهراً ثم تركَه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مُسَرهَد، وحماد: هو ابن زيد، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، ومحمد: هو ابن سيرين. وأخرجه البخاري (1001)، ومسلم (677)، وابن ماجه (1184)، والنسائي في "الكبرى" (662) من طرق عن أيوب السختياني، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12117). وأخرج مسلم (677) من طريق أبي مجلز، عن أنس، قال: قنت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - شهراً بعد الركوع في صلاة الصبح يدعو على رِعل وذكوان ويقول: "عصية عصت الله ورسوله". وأخرج ابن ماجه (1183) من طريق حميد الطويل، عن أنس، قال: سئل عن القنوت في صلاة الصبح، فقال: كنا نقنت قبل الركوع وبعده. وإسناده صحيح. وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (1446). (¬2) إسناده صحيح. أبو الوليد الطالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه مسلم (677) من طريق بهز بن أسد، عن حماد بن سلمة، به. بلفظ: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قنت شهراً بعد الركوع في صلاة الفجر، يدعو على بني عصية. ولم يقل في روايته: ثم تركه. وأخرجه مسلم (677) والنسائي في "الكبرى" (668) و (670) من طريق قتادة، عن أنس: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قنت شهراً يدعو على أحياء من العرب، ثم تركه. زاد النسائي: بعد الركوع.

344 - باب فضل التطوع في البيت

1446 - حدَّثنا مُسددٌ، حدَّثنا بِشرُ بن مفضَّلٍ، حدَّثنا يونسُ بن عُبيد، عن محمد بن سيرين حدَّثني مَن صَلَّى مع النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - صلاةَ الغداة، فلما رفعَ رأسه من الركعة الثانية قام هُنيَّةً (¬1). 344 - باب فضل التطوع في البيت 1447 - حدَّثنا هارون بن عبد الله البزاز، حدَّثنا مكيّ بن إبراهيم، حدَّثنا عبدُ الله - يعني ابن سعيد بن أبي هند - عن أبي النضر، عن بُسرِ بن سعيد ¬

_ = وأخرجه البخاري (1002) و (1300) و (3170) و (4096) و (6394)، ومسلم (677) من طريق عاصم الأحول، والبخاري (4088) من طريق عبد العزيز بن صهيب، والبخاري (4089) و (4090)، ومسلم (677)، والنسائي في "الكبرى" (668) من طريق قتادة بن دعامة السدوسي، والبخاري (1003) و (4094)، ومسلم (677)، والنسائى (661) من طريق أبي مجلز لاحق بن حميد، والبخاري (4095)، ومسلم (677) من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، ومسلم (677) من طريق موسى بن أنس، ستتهم عن أنس بن مالك. ولم يقل أحدٌ منهم في روايته: ثم تركه. وزاد بعضهم: بعد الركوع، وفي رواية عاصم الأحول أنه قال لأنس: إن فلاناً أخبرنى عنك أنك قلت: بعد الركوع، فقال: كذب، إنما قنت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بعد الركوع شهراً يدعو على أحياء ... وهو في "مسند أحمد" (12150) و (12152) و (12655) و (12911) و (12990)، و"صحيح ابن حبان" (1982) و (1985) و (2007) و (2016) و (2019). وجاء عند أحمد (12150) و (12990)، وابن حبان (1982) و (1985) و (2016) و (2019) قوله: ثم تركه. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسدي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (663) من طريق بشر بن المفضل، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (1444). وقوله: حدثني من صلَّى مع النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال ابن حجر في "التقريب" في المبهمات: هو أنس بن مالك.

عن زيد بن ثابتٍ أنه قال: احتَجَرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في المسجد حُجرَةً، فكانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يخرج مِنَ الليل، فيُصلِّي فيها، قال: فصلَّوا معه بصلاته - يعني رجالاً - وكانوا يأتونه كُل ليلة، حتى إذا كان ليلةٌ من الليالي لم يخرج إليهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فتَنَحْنَحُوا ورفَعُوا أصواتَهم، وحَصَبُوا بابَه قال: فخرج إليهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مُغضَباً فقال: "يا أيها الناسُ، ما زالَ بِكُم صنيعُكم حتى ظننتُ أن سَتكْتَبُ عليكم، فعليكم بالصَّلاة في بيوتكم، فإن خَيْرَ صلاةِ المرء في بيته إلا الصَلاة المكتوبة" (¬1). 1448 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن عُبيد الله، أخبرنا نافع عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اجعلوا في بيوتكم مِن صَلاتِكم ولا تتَّخِذُوها قُبوراً" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية التيمي مولاهم. وأخرجه البخاري (731) و (6113) و (7290)، ومسلم (781)، والنسائي في "المجتبى" (1599) من طريقين عن أبي النضر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21582)، و"صحيح ابن حبان" (2491). وقد سلف مختصراً بقوله: "صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا، إلا المكتوبة" برقم (1044). قال النووي: إنما حث على النافلة في البيت، لكونه أخفى وأبعد من الرياء، وليتبرك البيت بذلك فتنزل فيه الرحمة، وينفر منه الشيطان. (¬2) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مُسَرْهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وعُبيد الله: هو ابن عمر العُمري. وهو مكرر الحديث السالف برقم (1043) غير أن شيخ المصنف هناك أحمد بن حنبل. =

345 - باب

345 - بابٌ 1449 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا حجَّاج، قال: قال ابن جريج: حدثني عثمانُ بن أبي سليمان، عن علي الأزدي، عن عُبيد بن عُمَيرٍ عن عبد الله بن حُبْشي الخَثْعميِّ: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - سئل: أيُّ الأعمالِ أفضلُ؟ قال: "طولُ القيام" قيل: فأيُّ الصدقة أفضل؟ قال: "جُهدُ المُقِلِّ" قيل: فأيُّ الهِجرة أفضلُ؟ قال: "مَن هَجَرَ ما حَرَّمَ اللهُ عليه" قيل: فأيُّ الجهادِ أفضلُ؟ قال: "مَنْ جاهد المشركينَ بماله ونفسه" قيل: فأيُّ القتلِ أشرفُ؟ قال: "من أُهْرِيقَ دَمه وعُقِرَ جَوَادُه" (¬1). ¬

_ = وقوله: "اجعلوا من صلاتكم". قال الطيبي: "من" تبعيضية، وهو مفعول أول لـ"اجعلوا" والثاني: "في بيوتكم" أي: اجعلوا بعض صلاتكم التي هي النفل مؤداة في بيوتكم. وقوله: "ولا تتخذوها قبوراً"، أي: كالقبور مهجورة من الصلاة، شبه البيوت التي لا يُصلى فيها بالقبور التي لا يمكن الموتى التعبد فيها. (¬1) إسناده قوي من أجل علي الأزدي - وهو ابن عبد الله البارقي - فهو صدوق لا بأس به، ولكن الصحيح في لفظه ما سنورده من روايتي أحمد والنسائى إن شاء الله. حجاج: هو ابن محمد المِصِّيصي، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2317) عن عبد الوهاب بن الحكم الوراق عن حجاج بن محمد، بهذا الإسناد. إلا أنه قال فيه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - سئل: أي الأعمال أفضل؟ قال: "إيمان لا شك فيه، وجهاد لا غلول فيه، وحجة مبرورة" قيل: فأي الصلاة أفضل؟ قال: "طول القنوت" ... وهو كذلك في "مسند أحمد" (15401)، فالظاهر أن أبا داود اختصره، فأحل في اختصاره، والله تعالى أعلم. وقد رواه كذلك بهذا اللفظ الذي رواه عبد الوهاب بن الحكم وأحمد في "مسنده": هارونُ بنُ عبد الله الحمال عند النسائي في "المجتبى" (4986). وقد سلف مختصراً بقوله: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - سُئِلَ: أي الأعمال أفضل؟ قال: "طول القيام" برقم (1325). =

346 - باب الحث على قيام الليل

346 - باب الحثِّ على قيام الليل 1450 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا ابن عجلان، حدَّثنا القعقاعُ بنُ حكيم، عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "رَحِمَ اللهُ رجلاً قام مِن الليل فصَلَّى وأيقظ امرأتَه فصلَّت، فإن أبَتْ نضح في وجهها الماء، رَحِمَ الله امرأةَ قامت مِن الليل فصلَّت وأيقظت زوجَها، فإن أبى نَضَحَتْ في وجهه الماء" (¬1). 1451 - حدَّثنا محمدُ بنُ حاتم بن بزيع، حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ موسى، عن شيبان، عن الأعمش، عن علي بن الأقمر، عن الأغرِّ أبي مسلم عن أبي سعيدٍ وأبي هريرة، قالا: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَن استيقظَ مِن الليل، وأيقظ امرأته، فصليا ركعتين جميعاً، كتِبَا مِن الذاكرين الله كثيراً والذاكرات" (¬2) أبواب فضائل القرآن (¬3) 347 - باب في ثواب قراءة القرآن 1452 - حدَّثنا حَفصُ بن عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن عَلقمةَ بن مَرْثَد، عن سعد بن عُبيدة، عن أبي عبد الرحمن ¬

_ = وقوله: "جهد المقل": هو بضم الجيم، أي: قدر ما يحتمله حال من قل ماله، والمراد: ما يعطيه المقل على قدر طاقته، ولا ينافيه حديث: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، لعموم الغنى القلبي وغنى اليد". (¬1) إسناده قوي من أجل ابن عجلان - وهو محمد -. وهو مكررُ ما سلف برقم (1308). (¬2) إسناده صحيح. وهو مكرر ما سلف برقم (1309). (¬3) هذا العنوان أثبتناه من (د) وهامش (هـ)، وصحح عليه في هامش (هـ).

عن عثمان، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "خَيرُكُم مَن تَعلَّمَ القُرآنَ وعلمه" (¬1). 1453 - حدَّثنا أحمدُ بن عمرو بن السَّرح، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني يحيي بن أيوب، عن زبَّان بن فائد، عن سهل بن مُعاذ الجُهني عن أبيه، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "منْ قَرأ القرآن وعَمِلَ بما فيه، ألبِسَ والداه تاجاً يَومَ القيامة ضوؤه أحسنُ مِن ضوءِ الشَّمسِ في ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن حبيب السُّلَمي. وأخرجه البخاري (5027)، والترمذي (3131)، والنسائي في "الكبرى" (7982) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (412)، و"صحيح ابن حبان" (118). وأخرجه ابن ماجه (211)، والترمذي (3133)، والنسائي في "الكبرى" (7983) من طريق يحيى بن سعيد، عن سفيان الثوري وشعبة، عن علقمة، به. وهو في "مسند أحمد" (500). وأخرجه البخاري (5028)، وابن ماجه (212)، والترمذي (3132)، والنسائي في "الكبرى" (7984) من طرق عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن، به. لم يذكر سعد بن عبيدة في إسناده. وهو في "مسند أحمد" (405). وقوله: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه". قال المناوي في "فيض القدير" أي: خير المتعلمن والمعلمين من كان تعلمه وتعليمه في القرآن، لا في غيره، إذ خير الكلام كلام الله فكذا خير الناس بعد النبيين من اشتغل بها، أو المراد: خير المعلمين من يعلم غيره، لا من يقتصر على نفسه، أو المراد خيريَّة خاصة من هذه الجهة، أي: جهة حصول التعليم بعد العلم، والذي يعلم غيره يحصل له النفع المتعدي بخلاف من يعمل فقط. قال الطيبي: ولا بد من تقييد التعلم والتعليم بالإخلاص، فمن أخلصهما وتخلق بهما دخل في زمرة الأنبياء.

بيوتِ الدنيا لو كانت فيكم، فما ظَنُّكم بالذي عَمِلَ بهذا؟ " (¬1). 1454 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا هشامٌ وهمامٌ، عن قتادةَ، عن زُرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام عن عائشة، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الذي يقرأُ القرآنَ وهو ماهِر به مع السَّفرَة الكِرامِ البرَرَة، والذي يقرؤه وهو يشتَدُ عليه، فله أجرَان" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، لضعف زبان بن فائدة، وسهل بن معاذ. ابن وهب: هو عبد الله، ومعاذ: هو ابن أنس الجهني. وأخرجه أبو يعلى (1493)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 567، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1948) وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 135 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (15645)، والطبراني في "الكبير"20/ (445) من طريقين عن زبان بن فائد، به. وفي الباب عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، عند الحاكم 1/ 568، وإسناده ضعيف فيه بشير بن المهاجر وهو وإن كان ضعيفاً يكتب حديثه للاعتبار والشواهد. (¬2) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وهمام: هو ابن يحيى العَوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السَّدُوسي. وأخرجه البخاري (4937)، ومسلم (798)، وابن ماجه (3779)، والترمذى (3128)، والنسائي في "الكبرى" (7991) و (7992) و (7993) من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24211)، و"صحيح ابن حبان" (767). قال النووي: "السفرة": جمع سافر ككاتب وكتبة، والسافر: الرسول والسفرة: الرسل، لأنهم يسفرون إلى الناس برسالات الله، وقيل: السفرة الكتبة، والبررة: المطيعون من البر وهو الطاعة، والماهر: الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة لجودة حفظه وإتقانه. =

1455 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ عن أبي هُريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ما اجتَمَعَ قَومٌ في بَيتٍ مِن بُيوت الله يتلونَ كتابَ الله ويتدارسُونه بينهم، إلا نزلت عليهم السَّكِينة وغَشِيَتهُم الرَّحمَةُ، وحفَّتهم الملائكةُ، وذَكَرهُمُ اللهُ فيمَن عندَه" (¬1). 1456 - حدَّثنا سليمان بنُ داود المَهريُّ، أخبرنا ابنُ وهبِ، حدَّثنا موسى ابنُ علي بن رباح، عن أبيه عن عُقبة بن عامر الجُهنيِّ، قال: خَرَجَ علينا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ونحن في الصُّفة، فقال: "أيكم يُحب أن يَغْدُوَ إلى بُطحانَ أو العَقيق، فيأخذَ ناقتين كَوماوَيْنِ زَهراوَين بغيرِ إثم بالله ولا قَطْعِ رَحِمٍ؟ " قالوا: ¬

_ = والذي يتردد في تلاوته لضعف حفظه، فله أجران: أجر بالقراءة وأجر لتشدده وتردده في تلاوته. وقال القاضي وغيره: وليس معناه أن الذي يتعتع عليه، له من الأجر أكثر من الماهر به، بل الماهر أفضل وأكثر أجراً، لأنه مع السفرة، وله أجور كثيرة، ولم يذكر هذه المنزلة لغيره، وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله تعالى وحفظه وإتقانه وكثرة تلاوته ودرايته كاعتنائه حتى مهر فيه. (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن حازم، والأعمش: هو سليمان ابن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه مسلم (2699)، وابن ماجه (225)، والترمذى (3174) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7427). قال المناوي: السكينة: من السكون، والمراد هنا: الوقار والرحمة أو الطمأنينة، وأحاطت بهم ملائكة الرحمة، وأثنى عبيهم أو أثابهم فيمن عنده من الأنبياء وكرام الملائكة.

348 - باب فاتحة الكتاب

كلُّنا يا رسولَ الله، قال: "فلأنْ يَغدُوَ أحدُكُم كل يَوْمٍ إلى المسجد، فيتَعلَّمَ آيتينِ مِن كتاب الله خيرٌ له مِن ناقتين، وإن ثلاثٌ فثلاثٌ، مثل أعدادِهن من الإبل" (¬1). 348 - باب فاتحة الكتاب 1457 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي شعيب الحرَّانيُّ، حدَّثنا عيسى بنُ يونس، حدَّثنا ابنُ أبي ذئب، عن المقبري عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: " {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} أمُّ القرآن، وأمُّ الكتاب، والسبْعُ المثاني" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (803) من طريق الفضل بن دكين، عن موسي بن عُلَيٍّ، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17408)، و"صحيح ابن حبان" (115). الصفة: موضع مظلل في مسجد المدينة يأوي إليه فقراء المهاجرين ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه، فكانوا يسكون فيه. قال الحافظ: وكانت الصفة في مؤخر المسجد معدة لفقراء أصحابه غير المتأهلين، وكانوا يكثرون تارة حتى يبلغوا المئتين ويقلون أخرى لإرسالهم في الجهاد وتعليم القرآن. بُطحان: بضم الباء: اسم واد بالمدينة سمي بذلك لسعته وانبساطه وضبطه ابن الأكبر بفتح الباء، والعقيق: واد على ثلاثة أميال من المدينة. "كوماوين": تثنية كوماء وهي الناقة العظيمة السنام، وزهراوين: مائلتين إلى البياض من كثرة السمن. (¬2) إسناده صحيح. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة، والمقبري: هو سعيد بن أبي سعيد المقبري. وأخرجه البخاري (4704)، والترمذي (3389) من طريقين عن ابن أبي ذئب بهذا الإسناد. ولفظ البخاري: "أم القرآن هي السبع المثانى والقرآن العظيم".

1458 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ معاذ، حدَّثنا خالدٌ، حدَّثنا شعبةُ، عن خُبيب ابن عبد الرحمن، سمعتُ حفص بن عاصم يُحدِّث عن أبي سعيد بن المُعلَّى: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مرَّ به وهو يُصلّي، فدعاه، قال: فصليتُ ثم أتيتُه، قال: فقال: "ما منعك أن تجيبني؟ " قال: كنتُ أصلِّي، قال: "ألم يَقُل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}؟ [الأنفال: 24]، لأعلمنَّك أعظمَ سورةِ من - أو: في - القرآن - شك خالد - قبلَ أن أخرُجَ مِن المسجد" قال: قلت: يا رسول الله قولَكَ، قال: " {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} هي السَّبعُ المثاني التي أوتيتُ والقرآنُ العظيم" (¬1). ¬

_ = وأخرج الترمذي (3390)، والنسائى في "الكبرى" (988) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبيّ بن كعب قال: قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما أنزل الله في التوراة والإنجيل مثل أم القرآن، وهي السبع المثانى، وهي مقسومة بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل". وهو في "مسند أحمد" (8682) و (9788)، و"صحيح ابن حبان" (775). سميت الفاتحةُ أمَّ القرآن، لأنها أصل القرآن، وقيل: لأنها متقدمة، كأنها تؤمُّه، ووجه تسميتها بالسبع المثاني لأنها سبع آيات تثنى في كل ركعة من الصلاة، أي: تعاد أو لأنها مستثناة من سائر الكتب. (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن الحارث الهجيمي. وأخرجه البخاري (4474) و (4647) و (4703) و (5006)، وابن ماجه (3785)، والنسائي، في "الكبرى" (987) و (7956) و (10914) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15730)، و"صحيح ابن حبان " (777). وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} اختلف المفسرون في معنى قوله: {لِمَا يُحْيِيكُمْ} فقال بعضهم: الإيمان، فإنه يورث الحياة الأبدية، وقال =

349 - باب من قال: هي من الطول

349 - باب من قال: هي من الطُّول 1459 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن مُسلم البَطين، عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس قال: أوتي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سبعاً مِن المثاني الطُّول، وأوتيَ موسى سِتاً، فلما ألقى الألواحَ رُفِعَت ثنتان وبقي أربعُ (¬1). 350 - باب ما جاء في آية الكرسي 1460 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا سعيدُ بن إياس، عن أبي السَّليل، عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبيٍّ بن كعب قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أبا المنذرِ أيُّ آيةٍ معكَ من كتابِ الله أعْظَمُ؟ " قال: قلت: اللهُ ورسولُه أعلم، قال: "أبا ¬

_ = مجاهد: للحق، وقال آخرون: للقرآن فإن فيه الحياة والنجاة، أو الشهادة، فإنهم أحياء عند ربهم يرزقون، أو الجهاد، فإنه سبب بقائكم. قاله صاحب "جامع البيان" 463/ 13 - 467. وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: معناه استجيبوا لله وللرسول بالطاعة إذا دعاكم الرسول لما يحييكم من الحق. (¬1) إسناده صحيح موقوفا. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبى، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومسلم البطين: هو مسلم بن عمران الكوفي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (989) من طريق محمد بن قدامة، عن جرير، بهذا الإسناد. دون ذكر موسى عليه السلام. وقال أبو الطيب في "عون المعبود": عدُّ الفاتحة من الطول فمشكل جداً، والحديث ليس بظاهر بهذا. قلنا: وقد روي عن ابن عباس بإسناد صحيح عند النسائي في "السنن الكبرى" (11212) تعداد هذه السبعة وليس فيها الفاتحة: وهي البقرة وآل عمران والنساء والأعراف والأنعام والمائدة، ونسي بعض رواته السابعة وحفظها آخرون كما عند أبي عبيد في "فضائل القرآن" وهي: يونس.

351 - باب في سورة الصمد

المنذر، أيُّ آية معكَ من كتاب الله أعظمُ"؟ قال: قلت: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} قال: فضرب في صدري، وقال: "لِيَهْنِ لك أبا المنذرِ العلمُ " (¬1). 351 - باب في سورة الصَّمد 1461 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي سعيد الخدري: أنَّ رَجُلاً سَمعَ رجلاً يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يرددها، فلما أصبَح جاء إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذلك له، وكأن الرجلَ يتقالُّها، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده إنها لتعدِلُ ثُلُثَ القرآن" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي، وسعيد بن إياس: هو الجُريري، وأبو السَّليل: هر ضُرَيب بن نُقَير القيسي. وأخرجه مسلم (810) من طريق عبد الأعلى، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20588) و (21278). وقوله: "ليهن لك يا أبا المنذر العلمُ". هذا دعاء له بتيسير العلم ورسوخه فيه وإخباره أنه من أهله، وفيه منقبة عظيمة لأبي المنذر أبي بن كعب رضي الله عنه. (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو عند مالك في "الموطأ" 208/ 1، ومن طريقه أخرجه البخاري (5013) و (6643). والنسائى في "الكبرى" (1069) و (7975) و (10467). وعلقه البخاري (5014) و (7374)، فقَال: "وزاد أبو معمر: حدَّثنا إسماعيل بن جعفر، عن مالك بن أنس، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، عن أبيه، عن أبي سعيد، أخبرنى أخي قتادة بن النعمان أن رجلاً قام في زمن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ... " فذكر نحوه. وهذه الزيادة وصلها من طريق أبي معمر إسماعيل بن إبراهيم القطيعي، النسائى في "الكبرى" (10468). =

352 - باب في المعوذتين

352 - باب في المعوِّذتَين 1462 - حدَّثنا أحمدُ بن عمرو بن السرح، أخبرنا ابنُ وهب أخبرني معاوية، عن العلاء بن الحارث، عن القاسم مولى معاوية عن عقبة بن عامر، قال: كنت أقودُ برسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ناقتَه في السفر، فقال لي: "يا عُقْبَةُ، ألا أعلمكَ خير سورتَيْن قُرئتا؟ " فعلَّمني {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} قال: فلم يرني سُررتُ بهما جداَ، فلما نزلَ لصلاة الصبح، صلّى بهما صلاةَ الصبح للناس، فلما فَرَغَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - من الصلاة، التفتَ إليَّ فقال: "يا عُقْبَة كيفَ رأيتَ؟ " (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (11306)، و"صحيح ابن حبان" (791). قال القرطبي المحدث: اشتملت هذه السورة على اسمين من أسماء الله تعالى يتضمنان جميع أصناف الكمال لم يوجد في غيرها من السور، وهما الأحد الصمد، لأنهما يدلان على أحدِية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال، وبيان ذلك أن "الأحد" يشعر بوجود الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره، والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال، لأنه الذي انتهى إليه سؤدده، فكان مرجع الطلب منه وإليه، ولا يتم ذلك على التحقيق إلا لمن حاز جميع خصال الكمال، وذلك لا يصلح إلا لله تعالى، فلما اشتملت هذه السورة على معرفة الذات المقدسة، كانت بالنسبة إلى تمام المعرفة بصفات الذات وصفات الفعل ثلثاً. (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، ومعاوية: هو ابن صالح الحضرمي، والقاسم: هو ابن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الدمشقي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7799) من طريق أحمد بن عمرو، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (7794) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن القاسم، =

1463 - حدَّثنا عبد الله بن محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعبد المقبري، عن أبيه عن عُقبةَ بن عامر قال: بينا أنا أسيرُ معَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بين الجُحفَة والأبواء، إذ غَشِيَتْنا رِيح وظُلمة شديدة، فجعل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يتعوذ بـ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ويقول: "يا عُقبةُ، تعوذ بهما، فما تَعَوذَ متعوذ بمثلهما" قال: وسمعتُه يؤمُّنا بهما في الصلاة (¬1). ¬

_ = وأخرجه بنحوه مسلم (814)، والترمذي (3126) و (3662)، والنسائي (1028) و (7806) من طريق قيس بن أبي حازم، والنسائي (7797) من طريق عبد الله بن خبيب، و (7798) من طريق أبي عبد الله، و (7803) من طريق معاذ بن عبد الله بن خبيب، و (7807) من طريق زياد أبي أسد، خمستهم عن عقبة بن عامر. وأخرجه النسائي (1026) و (7802) من طريق جبير بن نفير، عن عقبة بن عامر، أنه سأل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن المعوذتين. قال عقبة: فأمّنا بهما رسول الله في صلاة الفجر. وأخرجه (7800) من طريق مكحول، عن عقبة: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى بهما في صلاة الصبح. وهو في "مسند أحمد" (17350) و"صحيح ابن حبان" (1842). وقد روي عن عقبة بن عامر في فضل سورة الفلق غير ما حديث انظرها عند النسائي في "الكبرى" (1027) و (7790) و (7791) و (7793) و (7795). وانظر ما بعده. (¬1) صحيح، وهذا إسناد فيه عنعنة ابن إسحاق، لكن أخرجه النسائي في "الكبرى" بنحوه (7789) من طريق ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن عقبة بن عامر، وهذا سند قوي. وفضل المعوذتين، وصلاة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في الصلاة بهما سلف بأسانيد صحيحة كما في الحديث السالف قبله.

353 - باب كيف يستحب الترتيل في القراءة

353 - باب كيف يستحبُّ الترتيل في القراءة 1464 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن سفيان، حدثني عاصم بن بهدلَةَ، عن زرٍّ عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يقالُ لصاحبِ القرآن: اقرَأ وارتَقِ، ورتِّل كما كُنْتَ ترتِّل في الدُنيا، فإن منزِلَكَ عندَ آخرِ آية تقرؤها" (¬1). 1465 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا جرير، عن قتادةَ قال: سألتُ أنساً عن قراءة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: كان يمدُّ مَدّاً (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم بن أبي النجود. مسدد: هو ابن مُسَرْهَد بن مُسَرْبَل الأسدي، ويحيي: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري، وزرّ: هو ابن حُبيش الأسدي. وأخرجه الترمذي (3141) و (3142)، والنسائى في "الكبرى" (8002) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (6799)، و"صحيح ابن حبان" (766). له شاهد صحيح من حديث أبي هريرة عند أحمد (10087)، والترمذي (3136). (¬2) إسناده صحيح. جرير: هو ابن حازم الأزدي العتكي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه البخاري (5045)، وابن ماجه (1353)، والنسائي في "الكبرى" (1088) و (8005) من طريقين عن جرير بن حازم، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (5046) من طريق همام بن يحيى عن قتادة، به. وهو في "مسند أحمد" (12198)، و"صحيح ابن حبان" (6316) و (6317). والمد عند القراءة على ضربين: أصلي وهو إشباع الحرف الذي بعده ألف أو واو أو ياء، وغير أصلي وهو ما إذا أعقب الحرف الذي هذه صفته همزة وهو متصل ومنفصل، فالمتصل: ما كان من نفس الكلمة، والمنفصل: ما كان بكلمة أخرى.

1466 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد بن موهب الرَّمليُّ، حدَّثنا الليثُ، عن ابن أبي مليكة، عن يَعلَى بن مَملَكٍ أنه سأل أمَّ سلمة عن قراءةِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وصلاتِه، فقالت: وما لكم وصلاته؟: كان يُصلي ويَنامُ قدرَ ما صلَّى، ثم يصلِّي قَدْرَ ما نامَ، ثم ينامُ قدرَ ما صَلَّى، حتى يُصْبِحَ، ونعَتَت قراءتَه، فإذا هي تَنْعَتُ قراءتَه حَرْفاً حَرْفاً (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف على اختلاف في متنه كذلك كما سيأتي. يعلى بن مملك مجهول الحال، ومع ذلك، فقد قال الترمذي: حديث حسن صحيح! وانظر ما قبله. الليث: هو ابن سعده وابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عبيد الله التيمي. وأخرجه الترمذي (3150)، والنسائي (1096) و (1379) و (8003) من طريق عن الليث، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه النسائي في "الكبرى" (1326) من طريق عبد العزيز بن جريج، عن ابن أبي مليكة، به. دون نعت قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهو في "مسند أحمد" (26526). وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 376، وأحمد في "المسند" (26742)، وحفص الدوري في "قراءات النبي - صلى الله عليه وسلم -" (10)، والبيهقي 2/ 44 و 53 من طريق همام ابن يحى العَوْذي، وابن أبي شيبة 2/ 521 و 10/ 524، وأبو يعلى (6920)، والطبراني 23/ (937)، والحاكم 1/ 232، وابن عبد البر في "الانصاف" (54) من طريق حفص بن غياث، كلاهما عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكلة 6 عن أم سلمة. فلم يذكر في إسناده يعلى بن مملك. قال الترمذي: حديث الليث أصح. قلنا: لكن صحح إسناده الدارقطني كما في "نصب الراية" 1/ 350! وقد روي هذا الحديث بلفظ آخر من هذا الطريق نفسه عن أم سلمة أنها ذكرت قراءة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} يقطع قراءته آية آية. دون ذكر يعلى بن مملك في إسناده. وسيأتي بهذا اللفظ عند المصنف برقم (4001)، والراجح أنه حديث واحد اختلف في إسناده ومتنه. =

1467 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن معاويةَ بن قرَّةَ عن عبد الله بن مغفَّل قال: رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَومَ فتحِ مكة وهو على ناقةٍ يقرأ بسُورةِ الفَتْحِ وهو يُرجِّعُ (¬1). 1468 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن طلحة، عن عبد الرحمن بن عَوسجَة عن البراء بن عازب قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "زيِّنوا القُرآنَ بأصواتِكم" (¬2). ¬

_ = وأخرجه أحمد (26451) من طريق نافع بن عمر الجمحي، عن ابن أبي مليكة، أن بعض أزواج النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ولا أعلمها إلا حفصة - سئلت عن قراءة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ... وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الليث قد رواه بزيادة يعلى بن مملك في إسناده والليث حجة، فدل على أن أصل الحديث فيه ذلك الرجل غير أن بعض الرواة كان يسقطه أحياناً من الإسناد، والله تعالى أعلم. ويشهد له حديث أنس السالف قبله، وإسناده صحيح. (¬1) إسناده صحيح. معاوية بن قرة: هو أبو إياس. وأخرجه البخاري (4281) و (4835) و (5034) و (5047) و (7540)، ومسلم (794)، والنسائى في "الكبرى" (8000) و (8001) و (8008) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16789)، و"صحيح ابن حبان" (748). الترجيع: هر تقاربُ ضروب الحركات في القراءة، وأصله: الترديد، وترجيع الصوت: ترديده في الحلق. (¬2) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، والأعمش: هو سليمان ابن مهران، وطلحة: هر ابن مُصرِّف بن عمرو اليامي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1089) و (7996) عن علي بن حُجر، عن جرير، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1342)، والنسائي (1090) من طريق شعبة، عن طلحة، به. =

1469 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ وقتيبةُ بنُ سعيد ويزيدُ بنُ خالد بن مَوهب الرمَّليُّ - بمعناه - أن الليثَ حدّثهم، عن عبد الله بن أبي مُليكة، عن عبد الله بن أبي نَهِيك عن سعدِ بن أي وقَّاص - وقال يزيد: عن ابن أبي مُلَيكة، عن سعيد بن أبي سعيد، وقال قتيبةُ: هو في كتابي عن سعيد بن أبي سعيد - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لَيسَ منَّا مَنْ لم يَتَغن بالقرآن" (¬1). ¬

_ = وعلقه البخاري في "صحيحه" كتاب التوحيد بإثر الحديث (7543)، فقال: باب قول النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "الماهر بالقرآن مع الكرام البررة، وزينوا القرآن بأصواتكم". وهو في "مسند أحمد" (18494)، و"صحيح ابن حبان" (749). وفي الحديث الحث على ترتيل القرآن، ورعاية إعرابه، وتحسين الصوت به، وتنبيه على المتحرز من اللحن والتصحيف، فإنه إذا قرئ كذلك، كان أوقع في القلب وأشد تاثيراً، وأرق لسامعه. وأخرج الدارمي في "سننه" 2/ 274، والحاكم 1/ 575 من حديث البراء مرفوعاً "زينوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً" وسنده قوي. (¬1) إسناده صحيح. وقد اختلف فيه على ابن أبي مليكة كما أشار إليه البزار بإثر الحديث (2192)، والصحيح ما رواه عن عبد الله - أو عبيد الله - بن أبي نهيك، عن سعد بن أبي وقاص كما هو عبد المصنف هنا، كذلك رواه الليث بن سعد هنا وسفيان ابن عيينة في الطريق الآتي بعده، وكذلك رواه سعيد بن حسان المخزومي، ثلاثتهم عن ابن أبي مليكة. وقد صححه من هذا الطريق المزي في "الأطراف" 3/ 304، والذهبي في "تجريد أسماء الصحابة" 1/ 222، وابن حجر في "الإصابة" 3/ 287. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام عبد الملك، والليث: هو ابن سعد. وهو في "مسند أحمد" (1476) و (1512)، و"صحيح ابن حبان" (120). وله شاهد من حديث أبي هريرة محند البخاري (7527). وانظر تالييه. قال في "شرح السنة" 4/ 486: قيل: معنى التغني: هو الاستغناء، وإليه ذهب سفيان بن عيينة، فمعناه: ليس منا من لم يستغن بالقرآن عن غيره، وسئل ابن الأعرابي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عن هذا فقال: كانت العرب تتغنى إذا ركبت الإبل، وإذا جلست في الأخبية، وعلى أكثر أحوالها، فلما نزل القرآن أحب أن يكون القرآن هجيراهم مكان التغني. قال الشافعي: لو كان معني"يتغني بالقرآن" على الاستغناء، لكان: "يتغانى" وتحسين الصوت هو يتغنى، قال الشافعي: فلا بأس بالقراءة بالألحان وتحسين الصوت بأي وجه ما كان، وأحب ما يقَرأ إليّ حدراً وتحزيناً. قال الحافظ ابن حجر: وكان بين السلف والخلف اختلاف في جواز القرآن بالألحان، أما تحسين الصوت وتقديم حسن الصوت على غيره، فلا نزاع في ذلك، فحكى عبد الوهاب المالكي عن مالك تحريم القرآن بالألحان، وحكاه أبو الطيب الطبري والماوردي وابن حمدان الحنبلي عن جماعةٍ من أهل العلم، وحكى ابن بطال وعياض والقرطبي من المالكية، والماوردي والبندنيجي والغزالي من الشافعية، وصاحب "الذخيرة" من الحنفية الكراهة، واختاره أبو يعلى وابن عقيل من الحنابلة. وحكى ابن بطال عن جماعة من الصحابة والتابعين الجواز، وهو المنصوص للشافعي، ونقله الطحاوي عن الحنفية. وقال الفوراني من الشافعية في "الإبانه": يجوز بل يستحب، ومحل هذا الاختلاف إذا لم يختل شيء من الحروف عن مخرجه، فلو تغير، قال النووي في "التبيان": أجمعوا على تحريمه، ولفظه: أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقرآن ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن خرج حتى زاد حرفاً أو أخفاه حرم، وأما القراءة بالألحان فقد نص الشافعي في مواضع على كراهته، وقال في موضع آخر: لا بأس به، فقال أصحابه: ليس على اختلاف قولين بل على اختلاف حالين، فإن لم يخرج بالألحان على النهج القويم جاز، وإلا حرم، وحكى الماوردي عن الشافعي أن القراءة بالألحان إذا انتهت إلى إخراج بعض الألفاظ عن مخارجها حرم، وكذا حكى ابن حمدان في "الرعاية". ورواية يزيد التي ذكرها أبو داود مرسلة نبّه عليها المزي في "الأطراف" 3/ 304، والذهبي في "تجريد أسماء الصحابة" 1/ 222، وأن الصواب رواية ابن أبي نهيك، عن سعد بن أبي وقاص المسندة.

1470 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا سفيانُ بن عُيَينَة، عن عمرٍو، عن ابن أبي مُليكة، عن عُبيد الله بن أبي نَهِيك، عن سعد، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، مثله (¬1). 1471 - حدَّثنا عبد الأعلى بنُ حماد، حدَّثنا عبدُ الجبار بنُ الورد، سمعتُ ابن أبي مُليكة يقول: قال عُبيد الله بنُ أبي يزيد: مرّ بنا أبو لبابة، فاتَّبعناه حتَى دَخَلَ بيته، فدخلنا عليه، فإذا رَجُلٌ رَثُّ البيت رَثُّ الهيئة، فسمعتُه يقول: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لَيسَ مِنا مَنْ لم يَتَغَن بالقرآن" قال: فقلتُ لابن أبي مُليكة: يا أبا محمد، أرأيتَ إذا لم يكن حَسَنَ الصَّوت؟ قال: يُحسِّنُه ما استطاع (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه. عمرو: هو ابن دينار المكي. وهو في "مسند أحمد" (1549). وانظر ما قبله. (¬2) حديث صحيح لكن من رواية ابن أبي مليكة، عن ابن أبي نهيك، عن سعد ابن أبي وقاص، كما في الطريقين السالفين قبله. وهذا إسناد رجاله ثقات غير إنه إن صح ذكر عبيد الله بن أبي يزيد في إسناده، ففي سماعه من أبي لبابة وقفة، فقد قال ابن معين في رواية الدوري 2/ 384: لا أدري سمع من أبي لبابة أم لا. وقد انفرد عبد الجبار ابن الورد في تسمية عبيد الله بن أبي يزيد في هذا الإسناد. وعبد الجبار هذا - وإن وثقه الأكثرون - ذكر البخاري أنه يخالف في بعض حديثه، ولهذا قال الطحاوي في "شرح المشكل" بعد إيراده من هذا الطريق (1308): هكذا قال، وإنما هو ابن أبي نهيك. ثم أسنده من طريق آخر عن عبد الجبار بن الورد (1309)، فسماه على الصواب. وأخرجه البيهقي 2/ 54 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1903)، والبيهقي 10/ 230 من طريق عبد الأعلى بن حماد، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1308) من طريق إبراهيم بن أبي الوزير، كلاهما عن عبد الجبار بن الورد، به.=

354 - باب التشديد فيمن حفظ القرآن ثم نسيه

1472 - حدَّثنا محمدُ بن سليمان الأنباريُّ، قال: قال وَكيعٌ وابنُ عُيينة: يعني يستغني. 1473 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهرِيُّ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، حدثني عُمَرُ ابنُ مالك وحَيوَةُ، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حَسَنِ الصَّوت يَتَغَنى بالقرآنِ - يَجْهَرُ به" (¬1). 354 - باب التشديد فيمن حفظ القرآن ثم نسيه 1474 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا ابنُ إدريس، عن يزيدَ بن أبي زيادٍ، عن عيسى بن فائد ¬

_ = وأخرجه الطحاوي في "شرح المشكل" (1309) من طريق يَسَرةَ بن صفوان بن جميل، والطبراني في "الكبير" (4514) من طريق عبد الأعلى بن حماد، كلاهما عن عبد الجبار بن الورد، عن ابن أبي مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك - وعند الطحاوي: عبد الله بن أبي نهيك - عن أبي لبابة. وانظر سابقيه. (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وحيوة: هو ابن شريح، وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله الليثي. وأخرجه البخاري (7544)، ومسلم (792) (233)، والنسائي في "الكبرى" (1091) و (7998) من طرق عن يزيد ابن الهاد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (5023) و (5024) و (7482)، ومسلم (792). وأخرجه النسائي (1092) و (7994) و (7999) من طريق ابن شهاب الزهري، ومسلم (793) من طريق يحيى بن أبي كثير، كلاهما عن أبي سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (7670)، و"صحيح ابن حبان" (751) و (752).

عن سعد بن عبادة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَا مِن امرئٍ يَقرَأ القرآن، ثم ينساه إلا لقيَ الله يَومَ القَيامة أجذَمَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عيسى - وهو ابن فائد - فلم يرو عنه غير يزيد بن أبي زياد، وقال ابن المديني: مجهول، ويزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم - ضعيف، وقد اضطرب في إسناده، فمرة يقول: عن عيسى بن فائد، عن رجل، عن سعد بن عبادة، ومرة يرويه بإسقاط الرجل المبهم، ومرة يرويه عن عيسى، عن عبادة ابن الصامت. ابن إدريس: هو عبد الله الأودي. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (5989)، وعبد بن حميد (307)، والطبراني (5391)، والخطيب في "الجامع لأحكام الراوي وآداب السامع" (85) من طرق عن يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث" 3/ 48، وسعيد بن منصور في قسم التفسير من "سننه" (18)، وابن أبي شيبة 10/ 478، وأحمد في "مسنده" (22456) و (22463)، وعبد بن حميد (306)، والدارمي (3340)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" (5729)، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 2/ 428، والبزار في "مسنده" (3739)، ومحمد بن نصر المروزي في "مختصر قيام الليل" (219)، والطبراني في "الكبير" (5390) و (5392)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1817) و (1818)، والخطب في "الجامع لأخلاق الراوي" (86)، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 132 من طرق عن يزيد بن أبي زياد، عن عيسى بن فائد، عن رجل، عن سعد، به. وسقط من مطبوع "الإتحاف" من إسناد الحارث: عيسى بن فائد، ووقع عند الطبراني أن اسمه عيسى بن لقيط، وجاء عند البيهقي والخطيب: عيسى بن لقيط أو إياد بن لقيط، على الشك، وكل ذلك خطأ فإن الصواب في اسمه: عيسى بن فائد. وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 131 - 132 من طريق شعبة، عن يزيد ابن أبي زياد، عن رجل من أهل الجزيرة يقال له: عيسى - يحدث، عن سعد بن عبادة، =

355 - باب "أنزل القرآن على سبعة أحرف"

355 - باب "أنزل القرآن على سبعة أحرف" 1475 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاريّ، قال: سمعتُ عمر بن الخطاب يقول: سمعتُ هشام بن حكيم بن حزام يقرأ (سورة الفرقان) على غيرِ ما أقرؤها، وكان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقرأنيها، فكِدتُ أن أعْجَلَ عليه، ثم أمهلتُه حتى انصرف، ثم لبَّبتُه بردائه، فجئت به رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلتُ يا رسولُ الله، إني سمعتُ هذا يقرأ سورةَ الفرقان على غيرِ ما أقرأتنيها، فقال له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اقرأ" فقرأ القراءة التي سمعتُه يقرأ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "هكذا أُنزلت" ثم قال لي: "اقرَأ" فقرأتُ، فقال: "هكذا أُنزِلَتْ" ثم قال: "إنَّ هذا القُرآنَ أُنزِلَ على سَبعةِ أحرُفِ فاقرؤوا ما تَيسَّرَ منه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه أحمد في "مسنده" (22758)، وعبد الله في "زوائده على المسند" (22781) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عيسى، عن عبادة بن الصامت. فجعله من حديث عبادة. وأخرج أحمد في "الزهد" ص 303 عن زيد بن الحباب أنبأنا خالد بن دينار قال سمعت أبا العالية قال: كنا نعد من أعظم الذنوب أن يتعلم القرآن ثم ينام عنه حتى ينساه. وهذا مسند صحيح إلى أبي العالية، وأبو العالية هو رفيع بن مهران الرياحي البصري أدرك الجاهلية، وأسلم بعد وفاة النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ودخل على أبي بكر، وصلى خلف عمر، وروى عن جمع من الصحابة رضوان عيهم، وحديثه في "الصحيحين" والسنن الأربعة والمسانيد وغيرها، وأخباره كثيرة في الزهد والتقوى واعتزال الفتن، وكان ابن عباس إذا دخل عليه أبو العالية يرفعه إلى السرير وقريش أسفل من السرير ويقول: إن هذا العلم يزيد الشريف شرفاً ويجلس المملوك على الأسِرةِ. (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن شهاب: هو الزهري.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 201، ومن طريقه أخرجه البخاري (2419)، ومسلم (818)، والنسائى في "الكبرى" (1011) و (7931) و (11302). وهو في "مسند أحمد" (277)، و"صحيح ابن حبان" (741). وأخرجه البخاري (4992) و (5041) و (6936) و (7550)، ومسلم (818)، والترمذي (3173)، والنسائي (1010) و (1012) من طرق عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن المِسْوَرَ بن مَخرَمَةَ وعبد الرحمن بن عبد القاريّ، عن عمر بن الخطاب، به. ولم يذكر النسائى (1010) عبد الرحمن بن عبد القاري في إسناده في الموضع الأول واقتصر على ذكر المسور. وهو في "مسند أحمد" (158) و (277)، و"صحيح ابن حبان " (741). قال الإمام الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" كان الصحابة يحتاجون إلى حفظ ما قد تلاه عليهم - صلَّى الله عليه وسلم - مما أنزله الله عز وجل عليه من القرآن ليقرؤوه في صلاتهم، وليعلموا به شرائع دينهم، فوسع عليهم في ذلك أن يتلوه بمعانيه وإن خالفت ألفاظهم التي يتلونه بها ألفاظ نبيهم - صلَّى الله عليه وسلم - التي قرأه بها عليهم فوسع لهم في ذلك بما ذكر ثم احتج بحديث عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم هذا ... ثم قال: فقلنا بذلك أن اختلاف عمر وهشام في قراءة هذه السورة حتى قال لهما رسول الله من أجل اختلافهما ما قاله لهما مما ذكر في هذا الحديث، وأن ذلك إنما كان من الألفاظ التى قرأها بها كل واحد منهما مما يخالف الألفاظ التي قرأها بها الآخر منهما وعقلنا بذلك أن السبعة الأحرف التي أعلمهما أن القرآن نزل بها هي الأحرف التي لا تختلف في أمر ولا نهي، ولا في حلال ولا حرام، كمثل قول الرجل للرجل: أقبل، وقوله له: تعال، وقوله له: ادن ... ثم أورد حديث أبي بن كعب ... ثم قال: وكانت هذه السبعة للناس في هذه الحروف في عجزهم عن أخذ القرآن على غيرها مما لا يقدرون عليه، لما قد تقدم ذكرنا له في هذا الباب، وكانرا على ذلك حتى كثر من يكتب منهم، وحتى عادت لغاتهم إلى لسان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقووا بذلك على تحفظ القرآن بألفاظه التي نزل بها، فلم يسعهم حينئذ أن يقرؤوه بخلافها، وبان بما ذكرنا أن تلك السبعة الأحرف أنها كانت في وقت خاص لضرورة دعت إلى ذلك، ثم ارتفعت تلك الضرورة، فارتفع حكم هذه السبعة الأحرف، وعاد ما يقرأ به القرآن إلى حرف واحد. وانظر لزاماً "الرسالة" ص 273 للإمام الشافعي، و"جامع البيان" 1/ 41 - 76 للطبري، و"التمهيد" 8/ 293 - 294، لابن عبد البر.

1476 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيي بن فارس، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَرٌ، قال: قال الزهريُّ: إنما هذه الأحرفُ في الأمر الواحد، ليس تختلف في حَلالٍ ولا حَرَامِ (¬1). 1477 - حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسي، حدَّثنا هَمامُ بنُ يحيى، عن قتادة، عن يحيي بن يَعمَر، عن سُليمانَ بن صُرَدٍ الخزاعي عن أبي بن كعب، قال: قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أبيُّ، إني أُقرئتُ القرآن فقيل لي: على حرفِ أو حرفين؟ فقال المَلَكُ الذي معي: قل: على حرفين، قلت: على حرفين، فقيل لي: على حرفين أو ثلاثة؟ فقال المَلَكُ الذي معي: قل: على ثلاثةٍ، قلت: على ثلاثة، حتى بلغ سبعةَ أحرفٍ، ثم قال: ليس منها إلا شافٍ كافٍ، إن قلت: سميعاً عليماً عزيزاً حكيماً، ما لم تَختِم آيةَ عذابٍ برحمة، أو آيةَ رحمةٍ بعذاب" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح من قول الزهري. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمد بن مسلم. وأخرجه مسلم بإثر الحديث (819) من طريق يونس، عن ابن شهاب قال: بلغني أن تلك الأحرف ... (¬2) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشامُ بن عبد الملك، وقتادة: هو ابنُ دعامة السدوسى. وأخرجه بنحوه مسلم (820) من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، والنسائي في "الكبرى" (1014) من طريقِ ابن عباس، والنسائي (1015) من طريق أنس، ثلاثتهم عن أُبيٍّ، به. وهو في "مسند أحمد" (21149) و (21152) و (21171)، و"صحيح ابن حبان" (738) و (740). وانظر ما بعده.

356 - باب الدعاء

1478 - حدَّثنا ابن المثنى، حدَّثنا محمدُ بنُ جعفر، حدَّثنا شعبةُ، عن الحكم، عن مجاهدٍ، عن ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان عند أضاة بني غِفارِ، فأتاه جبريلُ، فقال: إن الله يامُرُكَ أن تقرئَ أُمَّتَكَ على حرفٍ، قال: "أسالُ الله معافاتَه ومغفرتَه؛ إن أمَّتي لا تُطيقُ ذلك" ثم أتاه ثانية، فذكر نحو هذا، حتى بلغ سبعةَ أحرفِ، قال: إن الله يَامُرُكَ أن تُقرئ أمتَك على سبعةِ أحرف، فأيما حَرْفِ قرؤوا عليه، فقد أصابُوا (¬1). 356 - باب الدعاء 1479 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا شعبةُ، عن منصورٍ، عن ذرٍّ، عن يُسيعٍ الحضرميِّ عن النعمان بن بشير، عني النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الدُّعاءُ هو العِبادةُ، قال ربُّكم: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمدُ، والحكمُ: هو ابنُ عُتبة الكندي، ومُجاهد: هو ابن جبر المخزومي، وابن أبي ليلى: هو عبد الرحمن. وأخرجه مسلم (821)، والنساثي في "الكبرى" (1513) من طريقين عن شُعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21172)، و"صحيح ابن حبان" (738). وانظر ما سلف قبله. والأضاة بوزن الحصاة: الماء المستنقع من سيل أو غيره، ويقال: هو غدير صير. وبنو غفار: قبيلة من كنانة، وأضاة بني غفار: موضع قريب من مكة فوق سَرِفٍ قرب التناضب. (¬2) إسناده صحيح. منصور: هو ابن المُعتمر السُّلمي، وذَر: هو ابن عبد الله بن زرارة المُرهِبي، ويُسَيعْ الحضرمي: هو ابخن معدان الكندي. وأخرجه الترمذي (3528) من طريق سفيان، عن منصور، بهذا الإسناد. =

1480 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شعبة، عن زياد بن مِخراقٍ، عن أبي نعامة، عن ابنٍ لسعد قال: سمعني أبي وأنا أقول: اللهُمَ إني أسالُكَ الجَنَةَ ونعيمَها وبهجَتها، وكذا وكذا، وأعوذُ بكَ من النَارِ وسلاسِلها وأغلالِها، وكذا وكذا، فقال: يا بُنيَّ إني سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "سيكونُ قوم يَعتَدونَ في الدُّعاء" فإياكَ أن تكونَ منهم إنَّك إن أعطيتَ الجئة، أُعطيتَها وما فيها من الخير، وإن أُعِذْتَ من النار، أُعِذْتَ منها وما فيها مِنَ الشَّرِّ (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (3828)، والترمذي (3207) و (3528) و (3668)، والنسائي في "الكبرى" (11400) من طريق الأعمش عن ذرّ، به. وهو في "مسند أحمد" (18352)، و"صحيح ابن حبان" (890). قال صاحب"المرقاة" 2/ 636: الدعاء هو العبادة الحقيقية التي تستأهل أن تُسمى عِبادة لدلالته على الإقبال على الله، والإعراض عما سواه بحيث لا يرجو ولا يخاف إلا إيّاه، قائماً بوجوب العبودية، معترفاً بحق الربوبية، عالماً بنعمة الإيجاد، طالباً لمدد الإمداد وتوفيق الإسعاد. (¬1) حسن من حديث عبد الله بن مفضل كما سلف برقم (96) وهذا إسناد لم يقمه زياد بن مِخراق كما قال الإمام أحمد فيما نقله عنه الأثرم. مسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وأبو نعامة: هو قيس بن عباية الحنفي، ويقال له أيضاً أبو عَباية. وأخرجه الطيالسي (200) - ومن طريقه الدورقي في "مسند سعد" (91) -، وابن أبي شيبة 10/ 288، وأحمد في "مسنده" (1483) و (1584)، وأبو يعلى في "مسنده" (715)، والطبراني في "الدعاء" (55) و (56) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وعندهم عن مولى لسعد بدلاً من ابن لسعد. وسقط من المطبوع من الطيالسي مولى سعد، ورواية ابن أبي شيبة مختصرة. ووقع في المطبوع منه "قيس بن صُبابة" وهو تحريف. وسقطت لفظة "عن" بين قيس بن عباية وبين مولى سعد في المطبوع من "الدعاء". ولم يذكر الطبراني (56) مولى سعد بن أبي وقاص.

1481 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عبدُ الله بن يزيدَ، حدَّثنا حَيوَةُ، أخبرني أبو هانئ حُمَيدُ بنُ هانئ، أن أبا علي عمرو بنَ مالكٍ حدَّثه أنه سَمعَ فَضَالةَ بنَ عُبَيدٍ صاحبَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: سَمِعَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - رجلاً يَدْعُو في صلاته لم يُمجِّدِ الله ولم يُصَل على النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "عَجِلَ هذا" ثم دعاه، فقال له أو لغيره: "إذا صَلَّى أحَدُكُم فليَبْدأ بتَمْجيدِ رَبَّه والثَّناءِ عليه، ثم يُصَلَّي على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، ثم يدعو بعدُ بما شاءَ (¬1). 1482 - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا يزيدُ بن هارون، عن الأسود بن شيبان، عن أبي نوفل عن عائشة قالت: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَستحِبُّ الجَوامِعَ مِن الدُعاء، ويَدَعُ ما سِوى ذلك (¬2). ¬

_ = قال ابن حجر: الاعتداء في الدعاء يقع بزيادة ما فوق الحاجة، أو بطلب ما يستحيل حصوله شرعاً، أو بطلب معصية، أو يدعو بما لم يؤثر سيما ما ورد كراهيته كالسجع المتكلف، وترك المأثور. قال التوربشتي: أنكر على ابنه في هذه المسألة، لأنه تلمح إلى ما لم يبلغه عملاً وحالاً حيث سأل منازل الأنبياء والأولياء، وجعلها من باب الاعتداء في الدعاء لما فيها من التجاوز عن حد الأدب، ونظر الداعي إلى نفسه بعين الكمال. (¬1) إسناده صحيح. حيوة: هو ابن شريح. وأخرجه الترمذي (3784)، والنسائي في "الكبرى" (1208) من طريق حيوة بن شريح، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (3783) من طريق رشدين بن سعد، عن أبي هانئ، به. وهو في "مسند أحمد" (23937)، و"صحيح ابن حبان" (1960). (¬2) إسناده صحيح. أبو نوفل: هو مسلم بن أبي عقرب البكري الكندي. =

1483 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يقولن أحدُكُم: اللهُمَّ اغفِرْ لي إن شئتَ، اللهمَّ ارحمني إنْ شئتَ، ليعْزِمِ المسألة، فإنه لا مُكرِهَ له" (¬1). 1484 - حدَّثنا القعنبي، عن مالك، عن ابنِ شهاب، عن أبي عبيد عن أبي هريرة أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "يُستَجابُ لأحدِكُم ما لم يَعجَلْ، فيقول: قد دَعَوْتُ فلم يُستَجَبْ لي" (¬2). ¬

_ = وأخرجه الطيالسي (1491)، وابن أبي شيبة 10/ 199، وأحمد في "مسنده" (25151) و (25555)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (6029)، و"صحيح ابن حبان" (867)، والطبراني في "الأوسط" (4946) و "الدعاء" (50)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 539، والبيهقي في "الدعوات" (276) من طرق عن الأسود بن شيبان، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان القرشي، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 213، ومن طريقه أخرجه البخاري (6339)، والترمذي (3804). وأخرجه ابن ماجه (3854)، والنسائي في "الكبرى" (10343) و (10344) من طريقين عن أبي الزناد، به. وأخرجه البخاري (7477) من طريق همام بن منبه، ومسلم (2679) من طريق عبد الرحمن الحرقي، ومسلم (2679) (9) من طريق عطاء بن ميناء، ثلاثتهم عن أبي هريرة، به. وهو في "مسند أحمد" (7314) و (10310)، و"صحيح ابن حبان " (977). (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن شهاب: هو محمد ابن مسلم الزهري، وأبو عُبيد: هو سعد بن عبيد. =

1485 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسْلَمةَ، حدَّثنا عبدُ الملك بنُ محمد بن أيمن، عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق، عمن حدثه، عن محمد بن كعب القُرظيِّ حدثني عبدُ الله بن عباس أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا تسْتُروا الجُدُرَ، مَنْ نَظَرَ في كتاب أخيه بغير إذنه فإنما يَنْظُرُ في النار، سَلُوا الله ببُطُونِ أكُفِّكُم، ولا تسألوه بظُهُورِها، فإذا فرغتُم فامْسَحُوا بها وجوهَكُم" (¬1). ¬

_ = وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 213، ومن طريقه أخرجه البخاري (6340)، ومسلم (2735)، وابن ماجه (3853)، والترمذي (3684). وهو في "مسند أحمد" (10312)، و"صحيح ابن حبان" (975). وأخرجه مسلم (2735) (91) من طريق عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب، به. وأخرجه بنحوه مسلم (2735) (92) من طريق أبي إدريس الخولانى عن أبي هريرة، به. وهو في "مسند أحمد" (9148)، و"صحيح ابن حبان" (881). (¬1) إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن محمد بن كعب القُرَظي. وأخرجه مختصراً بقصة الدعاء ابن ماجه (1181) و (3866) من طريق صالح بن حسان الأنصاري، عن محمد بن كعب، به. وإسناده ضعيف بمرة. صالح بن حسان الأنصاري متروك. وقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 2/ 351: هذا حديث منكر. ولقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تستروا الجُدر" شاهد عند ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة المهرة" للبوصيري (5949) والبيهقي 7/ 272 من حديث عبد الله بن يزيد الخَطْمي بإسناد صحيح، ولفظه: "أنتم اليوم خير أم إذا غدت عليكم قصعة وراحت أخرى، ويغدو أحدكم في حُلة ويروح في أخرى، وتسترون بيوتكم كما تُستَر الكعبة؟! " قال البيهقي 7/ 273: يشبه أن يكون ذلك لما فيه من السرف. وقد حسن إسناده الحافظ في "المطالب العالية". ولقوله: "سلوا الله ببطون أكفكم، ولا تسألوه بظهورها" شواهد سيأتي ذكرها عند الحديث الذي يليه.

قال أبو داود: روي هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلُّها واهية، وهذا الطريق أمثلها، وهو ضعيف أيضاً. 1486 - حدَّثنا سليمانُ بنُ عبد الحميد البهراني، قال: قرأتُه في أصل إسماعيل - يعني ابن عياش - حدَّثني ضَمضَم، عن شُرَيحٍ، حدَّثنا أبو ظبيةَ، أن أبا بحرية السَّكوني حدثه عن مالك بن يسار السكوني، ثم العوفي أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا سألتُمُ الله، فاسألُوه ببُطُونِ أكُفِّكُم ولا تسألوه بظهورها" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، أبو ظبية - ويقال: أبو طيبة - هو الكلاعي الحمصي، ثقه، وإسماعيل بن عياش روايته عن أهل بلده مستقيمة، وهذا منها. ضمضم: هو ابن زرعة بن ثوب الحضرمي، وشريح: هو ابن عبيد بن شريح، وأبو بحرية: هو عبد الله بن قيس السّكوني. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 57 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2459)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 47، والطبراني في "مسند الشاميين" (1639)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 43/ 56، وابن الأثير في ترجمة مالك بن يسار من "أسد الغابة" 56/ 5، والمزي في ترجمة مالك بن يسار من "تهذيب الكمال " 27/ 168 من طريقين عن إسماعيل بن عياش، به. وله شاهد من حديث ابن عباس السالف قبله. وآخر من حديث أبي بكرة عند الطبراني كما في "فض الوعاء" للسيوطي (43)، وعلي بن عمر الحربي في "الفوائد المنتقاة عن الشيوخ العوالي" (141)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 224، ورجاله ثقات. وثالث مرسل صحيح من حديث ابن محيريز وهو تابعي كبير عند ابن أبي شيبة 10/ 286. والعقيلي في "الصحابة" - كما في "الاصابة" - 5/ 208. =

قال أبو داود: قال سليمانُ بن عبد الحميد: له عندنا صحبةٌ - يعني مالك بن يسار -. 1487 - حدَّثنا عُقبةُ بن مُكرَمٍ، حدَّثنا سلم بنُ قتيبةَ، عن عمر بن نبهان، عن قَتادة عن أنس بن مالك قال: رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَدْعُو هكذا بِباطِنِ كفيه وظاهِرِهما (¬1). 1488 - حدَّثنا مُؤَمِّلُ بنُ الفضل الحرانيُّ، حدَّثنا عيسى - يعني ابن يونس - حدَّثنا جعفرٌ - يعني ابنَ ميمون صاحبَ الأنماط - حدثني أبو عثمان ¬

_ = ورابع من حديث رجل رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عند أحجار الزيت يدعو باسطاً كفيه، سلف عند المصنف برقم (1172)، وإسناده صحيح. وخامس من حديث عمير مولى آبي اللحم عند أحمد (21944)، وابن حبان (879) وإسناده صحيح. وسادس من حديث أنس سيأتي بعده. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عُمر بن نبْهان، وقد روي هذا الحديث عن أنس من وجه آخر أصح من هذا كما سيأتى. وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 3/ 193، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1690 من طريق سلم بن قتيبة، بهذا الإسناد. وقال العقيلي: وقد روي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه دعا بباطن كفيه وبظاهرهما من غير هذا الوجه بإسناد أصلح من هذا. وأخرج أحمد (12239) وأبو يعلى (3534) من طريق ثابت البناني، عن أنس، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا دعا جعل ظهر كفيه مما يلي وجهه، وباطنها مما يلي الأرض. وإسناده صحيح واللفظ لأحمد. وأخرج أحمد (12554) ومسلم (896) من طريق ثابت البناني أيضاً، عن أنس، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - استسقى فأشار بظهر كفيه إليه. وانظر لزاماً "فتح الباري شرح صحيح البخاري" لابن رجب الحنبلي.

عن سلمان قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنَّ ربكُم حَييٌ كريمٌ يستحيي مِنْ عبدِه إذا رَفعَ يَدَيهِ إليه أن يَرُدهما صِفْراَ" (¬1). 1489 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا وُهَيب - يعني ابنَ خالد، حدثني العباسُ بنُ عبد الله بن مَعبَد بن العبَّاس بن عبد المطلب، عن عكرمة عن ابن عباس قال: المسألة: أن ترفعَ يَدَيْكَ حَذْوَ مَنكِبَيْك أو نحوهما، والاستغفارُ: أن تُشيرَ بإصبعٍ واحدَةٍ، والابتهالُ: أن تمُدَّ يديك جميعا (¬2). 1490 - حدَّثنا عمرو بن عثمان، حدَّثنا سفيانُ، حدثني عباسُ بن عبد الله ابن معبد بن عباس، بهذا الحديث، قال فيه: ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات. جعفر بن ميمون ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد توبع. وجوّد الحافظ إسناد هذا الحديث في "الفتح" 11/ 143. أبو عثمان: هو عبد الرحمن بن ملّ النهدي، وسلمان: هو الفارسي. وأخرجه ابن ماجه (3865)، والترمذي (3872) من طريق جعفر بن ميمون، به. وحسنه الترمذي. وهو في "مسند أحمد" (23714) و (23715)، و"صحيح ابن حبان" (876) و (880) وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" (23714). (¬2) إسناده صحيح موقوفاً. وأخرجه الضياء في "الأحاديث المختارة" 9/ (468) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر ما سيأتي برقم (1490) و (1491). وقوله: والابتهال، أي: التضرع والمبالغة في دفع المكروه عن النفس أدبه أن تمد يديك جميعاً حتى يرى بياض إبطيك.

والابتهال هكذا، ورفعَ يَدَيهِ، وجَعَلَ ظُهورَهما مما يلي وَجْهَهُ (¬1). 1491 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيي بن فارس، حدَّثنا إبراهيمُ بن حمزة، حدَّثنا عبدُ العزيز بن محمد، عن العباس بن عبد الله بن معبد بن عباس، عن أخيه إبراهيمَ بن عبد الله عن ابن عباسِ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال، فذكره نحو (¬2). 1492 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا ابنُ لهيعة، عن حفص بن هاشم بن عتبةَ بن أبي وقاص، عن السائب بن يزيد عن أبيه: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا دعا فرَفَعَ يَدَيْهِ مَسَحَ وَجْهَه بيَدَيْهِ (¬3). 1493 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن مالك بنِ مِغوَلِ، حدَّثنا عبدُ الله ابن بُريدة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح موقوفاً. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (3247)، والضياء في "الأحاديث المختارة" 9/ (469) من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف قبله. (¬2) رجاله ثقات. وأخرجه الطبراني في "الدعاء" (2178) من طريق عبد العزيز بن محمد، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم في "المستدرك " 4/ 320، والبيهقي 2/ 133، والضياء في "الأحاديث المختارة" 9/ (471) من طريق سليمان بن بلال، عن العباس بن عبد الله، به. وانظر ما سلف برقم (1489). (¬3) إسناده ضعيف لجهالة حفص بن هاشم بن عتبة. ابنُ لهيعة: هو عبد الله، ويزيد: هو ابن سعيد الكندي. وأخرجه أحمد في"مسنده" (17943)، والبيهقي في "الدعوات" (184) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.

عن أبيه: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سَمعَ رجلاً يقول: اللهم إني أسالُك أني أشْهَدُ أنَكَ أنتَ الله، لا إله إلا أنتَ الأحَدُ الصَّمدُ الذي لم يَلدْ ولم يُولَدْ ولم يكن له كفُواً أحدٌ، فقال: "لقد سألتَ الله بالاسم الذي إذا سُئِلَ به أعْطَى، وإذا دُعي به أجَابَ" (¬1). 1494 - حدَّثنا عبد الرحمن بنُ خالد الرقي، حدَّثنا زيدُ بن حباب حدَّثنا مالكُ بنُ مغولٍ، بهذا الحديث، قال فيه: "لَقَدْ سَألَ الله باسْمِهِ الأعْظَم" (¬2). 1495 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بن عُبيد الله الحلبي، حدَّثنا خلفُ بنُ خليفة، عن حفص - يعني ابنَ أخي أنس - عن أنس: أنه كان مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - جالساً ورجُلٌ يُصلِّي، ثم دعا: اللهمَّ إني أسالُك بأنَّ لكَ الحمدَ، لا إله إلا أنْتَ المَنَّانُ بَديعُ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه ابن ماجه (3857)، والنسائي في "الكبرى" (7619) من طريقين عن مالك بن مغول، به. ولفظه عندهم: "لقد سأل الله باسمه الأعظم" وسيأتي هذا اللفظ بعده. وهو في "مسند أحمد" (22952) و (22965)، و"صحيح ابن حبان" (891). وانظر حديث محجن بن الأدرع السالف برقم (985) وتعليقنا عليه. (¬2) حديث صحيح وهذا إسناد حسن. عبد الرحمن بن خالد الرقي وزيد بن حُبَاب صدوقان. وأخرجه الترمذي (3781) من طريق زيد بن حباب، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (892). وانظر ما قبله.

السَّماواتِ والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا حيُّ يا قيومُ، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "لقد دَعا الله باسمِهِ العَظيم الذي إذا دُعِيَ به أجابَ، وإذا سُئِلَ به أعطَى" (¬1). 1496 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يونس، حدَّثنا عُبيدُ الله بن أبي زياد، عن شَهر بن حوشَبٍ عن أسماءَ بنتِ يزيدَ، أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: اسمُ الله الأعْظَمُ في هاتين الآيتين {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163] وفاتحة سورة آل عمران {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، وخلف بن خليفة - وإن كان قد اختلط بأخرة - قد توبع. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1224) و (7654) عن قتيبة بن سعيد، عن خلف بن خليفة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12611)، و"صحيح ابن حبان" (893). وأخرجه ابن ماجه (3858) من طريق أنس بن سيرين، والترمذي (3856) من طريق عاصم الأحول وثابت البناني، ثلاثتهم عن أنس بن مالك، به. دون قوله: "يا حي يا قيوم". وهو في "مسند أحمد" (12205). وقد رواه أحمد في"مسنده" (13798) من طريق إبراهيم بن عبيد بن رفاعة عن أنس بن مالك وسمى الرجل: أبا عياش زيد بن صامت الزرقي. (¬2) إسناده ضعيف لضعف عبيد الله بن أبي زياد، وشهر بن حوشب. ومع ذلك قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح!! مُسدَّدٌ: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه ابن ماجه (3855)، والترمذي (3782) من طريقين عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (27611)، لكن جاء في رواية أن الآية الأولى هي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255]

1497 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا حفصُ بنُ غياث، عن الأعمش، عن حبيبِ بن أبي ثابت، عن عطاء عن عائشة، قالت: سُرِقَت مِلحفة لها فجَعَلَت تَدْعُو على من سَرَقهَا، فجعل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا تسبِّخي عنه" (¬1). قال أبو داود: لا تسبخي: لا تخففي عنه. 1498 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب، حدَّثنا شُعبةُ، عن عاصم بن عُبيد الله، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه عن عمر قال استأذنت النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - في العمرَة، فأَذِنَ لي وقال: "لا تَنسَنَا يا أخى مِنْ دُعائك"، فقال كلمةَ ما يَسُرُّني أن لي بها الدُّنيا، قال شعبةُ: ثم لقيت عاصماً بعد بالمدينة فحدثَنيه، وقال: "أشْرِكنا يا أُخَي في دُعائِكَ" (¬2). ¬

_ (¬1) اسناده ضعيف، حبيب بن أبي ثابت حديثه عن عطاء - وهو ابن أبي رباح - ليس بمحفوظ فيما نقله العقيلي عن يحيي القطان، وقال أيضاً في "الضعفاء" 1/ 263: له عن عطاء أحاديث لا يُتابع عليها، وذكر منها هذا الحديث، والأعمش: هو سليمان ابن مهران. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7318) من طريق سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7319) من طريق محمد بن بشار، عن عبد الرحمن ابن مهدي، عن سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن أبي رباح، مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (24183) و (25051). وسيأتي برقم (4909). (¬2) إسناده ضعيف لضعف عاصم بن عبيد الله. ومع ذلك قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح!! =

357 - باب التسبيح بالحصى

1499 - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حربِ، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صالحٍ عن سعد بن أبي وقَّاص قال: مرَّ عليّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وأنا أدْعُو بإصبعي فقال: "أحِّد أحِّد" وأشار بالسَّبابة (¬1). 357 - باب التسبيح بالحصى 1500 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهبِ، أخبرني عمرو، أن سَعيدَ بن أبي هلال حدّثه، عن خزيمة، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص عن أبيها: أنه دَخَلَ مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - على امرأةٍ وبين يديها نَوَىً - أو حَصًى - تُسبّح به، فقال: "أخْبِرُكِ بما هو أيْسَرُ عليكِ من هذا، أو أفضل" فقال: "سُبْحانَ الله عَدَدَ ما خَلَقَ في السَماء، وسُبحانَ الله عَدَدَ ما خَلَقَ في الأرض، وسُبحَانَ الله عَدَدَ ما بين ذلك، وسُبحانَ الله ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2894)، والترمذي (3878) من طريق وكيع بن الجراح، عن سفيان بن سعيد الثوري، عن عاصم بن عبيد الله، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (195). (¬1) إسناده صحيح. وقد اختلف على الأعمش في تسمية صحابيه، ومثل هذا الاختلاف لا يضر، لأنه حيثما دار كان عن صحابي، والصحابة كلهم عدول. أبو معاوية: محمد بن خازم، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذى ان الزيات. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1197) عن محمد بن عبد الله بن المبارك، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وانظر حديث أبي هريرة في "مسند أحمد" (9439) فقد أوضحنا الاختلاف فيه على الأعمش هناك.

عَدَدَ ما هو خَالِقٌ، واللهُ أكبَرُ مِثلَ ذلك، والحمدُ لله مثلَ ذلك، ولا إله إلا الله مثلَ ذلك، - ولا حَولَ ولا قُوةَ إلا بالله مثلَ ذلك" (¬1). 1501 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بن داود، عن هانئ بن عثمان، عن حميضة بنت ياسر عن يسيرة أخبرتها: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أمرَهُنَّ أن يُراعِينَ بالتكبيرِ والتقديسِ والتهليلِ، وأن يعْقِدْنَ بالأنامِلِ، فإنهنَّ مسؤولاتٌ مستنطقاتٌ (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن لغيره , وهذا إسناده ضعيف لجهالة خزيمة. عمرو: هو ابن الحارث بن يعقوب الأنصاري. وأخرجه الترمذي (3884) من طريق أصبغ بن الفَرَج، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب من حديث سعد، وحسنه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 76. وهو في"صحيح ابن حبان" (837). وله شاهد من حديث صفية بنت حُيي عند الترمذي (3870). وقال الحافظ: حديث حسن. ولأصله شاهد من حديت جويرية بنت الحارث عند مسلم (2726)، والترمذي (3871)، والنسائي في "الكبرى" (1277). (¬2) إسناده محتمل للتحسين، حُمَيضة بنتُ ياسر، روى عنها ابنها هانئ بن عثمان الجُهني، وذكرها ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ في "التقريب": مقبولة. وبقية رجال الإسناد ثقات. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويُسيرة - ويقال: أسيرة - صحابية، ذكرها ابن سعد في النساء الغرائب من المسلمات المهاجرات المبايعات، وروى لها أحمد والترمذي هذا الحديث الواحد. وأخرجه الترمذي (3900) من طريق محمد بن بشر، عن هانئ بن عثمان، بهذا الإسناد. =

1502 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عمر بن ميسرة ومحمد بن قُدامة في آخرين، قالوا: حدَّثنا عثَّامٌ، عن الأعمش، عن عطاء بن السائب، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، قال: رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يعقِدُ التسبيحَ. قال ابنُ قدامة: بيمينه (¬1). 1503 - حدَّثنا داودُ بن أمية، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينة، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن كُريب عن ابن عباس قال: خَرَجَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - من عند جُويرية، وكان اسمُها برَّة، فحَوَّل اسمها، فخرج وهي في مُصلاَّها، فرجع وهي في مصلاها، فقال: "لم تزالي في مُصلاكِ هذا؟ " قالت: نَعَم، قال: "قد قُلتُ بَعدَكِ أربَعَ كلمات، ثلاثَ مرات، لو وُزنَت بما قُلتِ لوَزَنَتهُن: سبحانَ اللهِ وبحمده عَدَدَ خَلْقِهِ ورِضا نفسِه وزِنةَ عرشه، ومدادَ كلماته" (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (27089)، و"صحيح ابن حبان " (842)، وحسنه النووي في "الأذكار" والحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 84 - 85. ويشهد لذكر العقد بالأنامل حديث عبد الله بن عمرو الآتي بعده. (¬1) إسناده صحيح. عطاء بن السائب وإن كان قد اختلط رواية الأعمش عنه قبل الاختلاط. عثّام: هو ابن على بن هجير العامري، والسائب: هو ابن مالك الثقفي. وأخرجه الترمذي (3710) و (3792)، والنسائي في "الكبرى" (1280) من طريقين عن عثام، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من حديث الأعمش. وهو في "مسند أحمد" (6498) مطولاً، و"صحيح ابن حبان" (843). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2726)، وابن ماجه (3808)، والترمذي (3871) والنسائي في و "الكبرى" (1277) و (9916 - 9920) من طريق محمد بن عبد الرحمن، به. وبعضهم =

1504 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بن إبراهيم، حدَّثنا الوليدُ بنُ مسلم، حدَّثنا الأوزاعي، حدثني حسانُ بنُ عطية، حدثني محمدُ بن أبي عائشة حدثني أبو هريرة، قال: قال أبو ذرٍّ: يا رسولَ الله، ذَهَبَ أصحابُ الدُثورِ بالأجور، يُصلون كما نُصلِّي، ويصومون كما نصومُ ولهم فُضُولُ أموالٍ يتصَدَّقون بها، وليس لنا مالٌ نَتَصدَقُ به، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أبا ذرٍّ، ألا أعلمُكَ كلمات تُدرك بهن من سبقَك ولا يَلْحَقُكَ مَنْ خلفَك إلا مَنْ أخذ بمثل عملك؟ " قال: بلى يا رسول الله، قال: "تكبر الله دُبَر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمَدُه ثلاثاً وثلاثين، وتسبّحُه ثلائاً وثلاثين، وتختمها بلا إله إلا الله وحدَه، لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غُفِرتْ له ذنوبُه ولو كانت مثلَ زَبَدِ البحر" (¬1). ¬

_ = لا يذكر قصة تغيير اسم جويرية. وبعضهم يجعله من مسند جويرية. فيقول: عن ابن عباس، عن جويرية. ومثل هذا الاختلاف لا يضر، لأن ابن عباس صحابي، فقُصارى ما فيه أن يكون مرسل صحابي، وهو حجة. وأخرج منه قصة تغيير اسم جويرية مسلم (2140) من طريق سفيان بن عيينة، به. وهو في "مسند أحمد" (2334)، و"صحيح ابن حبان " (828) و (832). قوله: "ومداد كلماته". المداد بمعنى المدد، أي: قدر ما يوازيها في الكثرة والعدد. (¬1) إسناده صحيح. الاوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وهو في "مسند أحمد" (7243)، و"صحيح ابن حبان" (2015). وأخرجه البخاري (843) و (6329)، ومسلم (595) من طريق أبي صالح ذكوان، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: جاء الفقراء إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات ... فذكر نحوه.

358 - باب ما يقول الرجل إذا سلم

358 - باب ما يقول الرجل إذا سلّم 1505 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن المسيَّب بن رافع، عن ورَّادٍ مولى المُغيرة بن شُعبة عن المغيرة بن شعبة: كتَبَ معاويةُ إلى المغيرة بن شعبة: أيُّ شيءٍ كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول إذا سلَّم مِن الصلاة؟ فأملاها المغيرةُ عليه، وكتب إلى معاوية، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا إله إلا اللهُ وحدُه، لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كل شيءٍ قدير، اللهم لا مانِعَ لما أعْطَيتَ، ولا مُعطِيَ لما مَنعْتَ ولا يَنْفَعُ ذا الجَدّ منكَ الجَد" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (597) من طريق عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - "من سبح الله ... ". وفي الباب عن أبي ذر عند ابن ماجه (927)، وأحمد (21411). الدثور: جمع الدثر، وهو المال الكثير. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو معاوية: هو محمد ابن خازم، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ورَّاد: هو الثقفى. وأخرجه مسلم (593) من طريق أحمد بن سنان عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه البخارى (6330)، ومسلم (593)، والنسائي في "الكبرى" (1266) من طريق منصور بن المعتمر عن المسيب بن رافع، به. وأخرجه البخاري (844) و (7292) و (6473) و (6615)، ومسلم (593)، والنسائي (1265) و (1267) و (9880) من طرق عن ورّاد، به. وهو في "مسند أحمد" (18183)، و"صحيح ابن حبان" (2005). قوله: ولا ينفع ذا الجد منك الجد، والجد بالفتح: هو الحظ في الدنيا بالمال أو الولد أو العظمة أو السلطان، والمعنى: لا ينجيه حظه منك، وإنما ينجيه فضلك ورحمتك. قاله النووي. وفي الحديث استجاب هذا الذكر عقب الصلوات لما اشتمل عليه من ألفاظ التوحيد، ونسبة الأفعال إلى الله، والمنع والإعطاء، وتمام القدرة.

1506 - حدَّثنا محمد بن عيسى، حدَّثنا ابن عُليه، عن الحجاج بن أبي عثمان، عن أبي الزُّبير سمعتُ عبد الله بن الزبير على المنبر يقول: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إذا انْصَرَفَ من الصلاة يقول: "لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحَمدُ وهو على كل شيءٍ قدير، لا إله إلا الله مُخْلصينَ له الدينَ ولو كَرِهَ الكافرون، أهلَ النعمة والفضل والثناءِ الحسن، لا إله إلا الله مخلصِينَ له الدينَ ولو كَرِهَ الكافِرُون" (¬1). 1507 - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمان الأنباريُّ، حدَّثنا عَبدَةُ، عن هشام بن عُروة، عن أبي الزبير قال: كان عبد الله بن الزبير يُهلِّل بهن في دُبُرِ كُلِّ صلاة، فذكر نحو هذا الدُّعاء، وزاد فيه: "لا حَوْلَ ولا قُوةَ إلا بالله، لا إله إلا الله، لا نَعْبُدُ إلا إيَّاه، له النعمَةُ" وساق بقيةَ الحديث (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن علية: هو إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس. وأخرجه مسلم (594)، والنسائي في "الكبرى" (1263) و (11393) من طريق ابن علية، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (594) من طريق موسى بن عقبة، عن أبي الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (16122)، و"صحح ابن حبان" (2010). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. عبدة: هو ابن سليمان الكلابي. وأخرجه مسلم (594)، والنسائي في "الكبرى" (1264) و (9879) من طريق هشام بن عروة، به. وهو في "مسند أحمد" (16105)، و"صحيح ابن حبان" (2008) و (2009). وانظر ما قبله.

1508 - حدَّثنا مُسدَد وسليمانُ بنُ داود العَتكي - وهذا حديث مُسدَّدٌ - قالا: حدَّثنا المُعتَمرُ، سمعتُ داودَ الطفاوي، حدثني أبو مُسلم البَجَلي عن زيد بن أرقم، سمعتُ نبى الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول - وقال سليمان: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول دبُرَ صلاتِه: "اللهم ربَّنا ورب كل شيءٍ، أنا شهيدٌ أنك أنتَ الرب وَحدَكَ لا شَريكَ لكَ، اللَّهُمَ رَبنا ورَبَّ كُلِّ شيءٍ، أنا شهيد أن محمداً عَبدك ورسولُك، اللهم ربنا ورب كلِّ شيءٍ، أنا شهيدٌ أن العبادَ كلَّهُم إخوة، اللَهُمَّ ربَّنا وربَّ كلِّ شيءِ، اجعلني مخلصاً لك وأهلي في كل ساعةٍ في الدُنيا والآخرة، يا ذا الجلال والإكرام اسْمَع واستَجِب، الله أكبرُ الأكبرُ اللهُمَّ نورُ السماواتِ والأرض - قال سليمانُ بنُ داود: رب السماواتِ والأرض -، الله أكبرُ الأكبرُ، حَسبيَ اللهُ ونعْمَ الوَكيلُ، الله أكبرُ الأكبَرُ" (¬1). 1509 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ معاذ، قال: حدَّثنا أبي، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ أبي سلمة، عن عمّه الماجشون بن أبي سَلَمة، عن عبد الرحمن الأعرَج، عن عُبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالبٍ قال: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إذا سَلّم مِن الصَلاة قال: "اللهمَّ اغفر لي ما قَدَمتُ وما أخرتُ، وما أسرَرتُ وما أعلَنْتُ، ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف داود الطفاوي - وهو ابن راشد - ولجهالة أبي مسلم البَجَلي، مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وإبراهيم بن مهدي: هو المصيصي، ومعتمر: هو ابن سليمان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9849) من طريق محمد بن عبد الأعلى عن معتمر بن سليمان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19293).

وما أسرَفْتُ، وما أنتَ أعلمُ به مني، أنت المُقدِّم والمُؤخِّرُ، لا إله إلا أنت" (¬1). 1510 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن عَمرِو بن مرَّة، عن عبد الله ابن الحارث، عن طُليق بن قيسٍ عن ابن عباس، قال: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يَدعُو: "رَبِّ أعنِّي ولا تُعِنْ علىَّ، وانصُرْني ولا تَنصُر عليَّ، وامكُر لي ولا تَمكُر عليَّ، واهْدِني ويَسر هُدَايَ إليَّ، وانصُرني على من بَغَى علي، اللهم اجعلْني لكَ شَاكراً، لَكَ ذاكراً، لك رَاهباً، لك مِطواعاً، إليك مُخبِتاً - أو مُنيباً - رَبِّ تَقبَّل توبتي، واغسِلْ حوْبتي، وأجِبْ دَعوتي، وثبّتْ حُجتي، واهْدِ قلبي، وسَددْ لساني، واسلُل سَخِيمَةَ قلبي" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد سلف تخريجه برقم (760). (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه ابن ماجه (3830)، والترمذي (3865) و (3866) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1997)، و"صحيح ابن حبان" (947). وانظر ما بعده. قوله: رب أعني. من الإعانة على عبادتك، أي: وفقني لذكرك وشكرك وحسن عبادتك. ولا تُعن علي، أي: الشيطان حنى يمنعني من حسن العبادة. وانصرني على الأعداء ولا تنصر علي أحداً من خلقك، أي: لا تسلطهم، أو انصرني على نفسي فإنها أعدى أعدائي ولا تنصر النفس الأمارة علي بأن أتبع الهوى وأترك الهدى. =

1511 - حدَّثنا مُسدَد، حدَّثنا يحيى، عن سفيان، سمعت عَمرو بنَ مرة، بإسناده ومعناه، قال: ¬

_ = وامكر لي ولا تمكر عليّ، قال الطيبي: المكر: هو الخداع، وهو من الله إيقاع بلائه بأعدائه من حيث لا يشعرون، وقال ابن الملك: المكر: الحيلة والفكر في دفع عدو بحيث لا يشعر به العدو، فالمعنى: اللهم اهدنى إلى طريق دفع أعدائي عني، ولا تهد عدوي إلى طريق دفعه إياي عن نفسه. واهدني، أي: دلني على الخيرات أو على عيوب نفسي، ويسر وصول الهداية إليّ. وانصرني على من بغى عليّ بالاستنكاف عن قبول الحق والاستكبار عن الإسلام، أو بالخروج على القتال. اللهم اجعلني لك راهباً، أى: خائفاً منك خاصة في السراء والضراء. والرهب من المعصية ومن السخط. إليك مخبتاً. قال السيوطي: هو من الإخبات وهو الخشوع والتواضع. وقال علي القاري، أى: خاضعاً خاشعاً متواضعاً من الخبت وهو المطمئن من الأرض، يقال: أخبت الرجل: إذا نزل الخبت، ثم استعمل الخبت استعمال اللين والتواضع، قال تعالى: {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ} [هود: 23] أي: اطمأنوا إلى ذكره. والإنابة: الرجوع إلى الله بالتوبة. أو الرجوع إلى الله عن المعصية إلى الطاعة، وعن الغفلة إلى اليقظة. رب تقبل توبتي بجعلها صحيحة بشرائطها واستجماع آدابها فإنها لا تتخلف عن حيز القبول، قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ} [الشورى: 25]. واغسل حوبتي. بفتح الحاء: الإثم. وغسلها كناية عن إزالتها بالكلية بحيث لا يبقى منها أثر. واهد قلبي إلى معرفتك يا الله، وقوم لساني حتى لا أنطق إلا بالصدق ولا أتكلم إلا بالحق. واسلل سخيمة قلبي. أى: غله وحقده وحسده ونحوها مما ينشأ من الصدر، ويسكن في القلب من مساوئ الأخلاق، وسلها: إخراجها وتنقية القلب منها.

"ويسِّر الهُدَى إليَّ " ولم يقل: "هُداي" (¬1). 1512 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا شعبةُ، عن عاصم الأحولِ وخالدٍ الحذَاء، عن عبد الله بن الحارث عن عائشة رضيَ الله عنها: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا سَلَّم قال: "اللَّهُمَ أنتَ السلامُ، ومنكَ السلامُ، تَبارَكتَ يا ذا الجلال والإكْرام" (¬2). قال أبو داود: سمع سفيانُ من عمرو بن مُرَّة، قالوا: ثمانية عشر حديثاً. 1513 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا عيسى، عن الأوزاعيِّ، عن أبي عمار، عن أبي أسماء ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وعمرو بن مرة: هو ابن عبد الله بن طارق المرادي الكوفي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10368) عن عمرو بن علي، عن يحيى، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (948). وانظر ما سلف قبله. (¬2) إسناده صحيح. عاصم الأحول: هو عاصم بن سليمان البصري، وخالد الحذاء: هو خالد بن مهران. وأخرجه مسلم (592)، وابن ماجه (924)، والترمذي (298) و (299)، والنسائي في "الكبرى" (1262) و (7670) و (9843 - 9845) من طرق عن عاصم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24338)، و"صحيح ابن حبان" (2000). وفي الباب عن ثوبان ويأتي بعده.

359 - باب في الاستغفار

عن ثوبانَ مولى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا أرادَ أن يَنصَرِفَ مِن صلاتِه، استغفر ثلاثَ مرَّات، ثم قال: "اللَّهُمَّ" فذكر معنى حديث عائشة (¬1). 359 - باب في الاستغفار 1514 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا مَخلدُ بنُ يزيد، حدَّثنا عثمانُ بنُ واقدٍ العُمريُّ، عن أبي نُصيرةَ، عن مولى لأبي بكر الصديق عن أبي بكر الصديق قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما أصرَّ مَنِ استَغْفَرَ وإن عادَ في اليوم سبعينَ مرَّة" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عيسى: هو ابن يونس السبيعي، والاوزاعي: هو عبد الرحمن ابن عمرو، وأبو عمار: هو شداد بن عبد الله القرشي، وأبو أسماء: هو عمرو بن مرثد. وأخرجه مسلم (591)، وابن ماجه (928)، والترمذي (300)، والنسائي في "الكبرى" (1261) و (9891) من طرق عن الأوزاعي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22365)، و"صحيح ابن حبان " (2003). وانظر ما قبله. (¬2) حديث حَسَن كما قال ابن كثير في "تفسيره" قال: وجهالة مولى أبى بكر لا تضر، لأنه تابعي كبير، ويكفيه نسبته إلى أبي بكر. وقد حسَّنه أيضاً الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف"، وابنُ حجر والعيني في "شرحيهما على البخاري"، وابن مفلح في "الآداب الشرعية". النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيل، وأبو نصيرة: هو مسلم بن عبيد الواسطي. وأخرجه الترمذي (3875) من طريق عثمان بن واقد، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب، وليس إسناده بالقوي. وقد تعقَّبه ابنُ كثير في "التفسير" بكلامه الذي أسلفنا. =

1515 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب ومُسدد، قالا: حدَّثنا حمادٌ, عن ثابتٍ، عن أبي بُردَة عن الأغَر المُزني - قال مُسدَّد في حديثه: وكانت له صحبة - قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنه ليُغانُ على قلبي، وإني لاستغفِرُ الله في كُل يَومٍ مائة مرة" (¬1). ¬

_ = قال ابن جرير الطبري بعد أن ذكر أقاويل أهل العلم في تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135]: وأولى الأقوال بالصواب عندنا قول من قال: الإصرار: الإقامة على الذنب عامداً، وترك التوية منه، ولا معنى لقول من قال: الإصرار على الذنب هو مواقعته، لأن الله عز وجل مدح بترك الإصرار على الذنب مواقع الذنب، فقال: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، ولو كان المواقع الذنب مصراً بمواقعته إياه، لم يكن للاستغفار وجه مفهوم، لأن الاستغفار من الذنب إنما هو التوبة منه والندم، ولا يعرف للاستغفار من ذنب لم يواقعه صاحبه وجه، وقد روي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما أصر من استغفر، وإن عاد في اليوم سبعين مرة"، فلو كان مواقع الذنب مصراً لم يكن لقوله: "ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة" معنى، لأن مواقعة الذنب إذا كانت هي الإصرار، فلا يزيد الاسم الذي لزمه معنى غيره، كما لا يُزيل عن الزاني اسمَ زانٍ، وعن القاتل اسمَ قاتل، توبتُه، ولا معنى غيرها وقُدِّم بأن هذا الخبر أن المستغفر من ذنبه غير مُصرٍّ عليه، فمعلوم بذلك أن الإصرار غير المواقعة، وأنه المقام عليه على ما قلنا قبلُ. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وحماد: هو ابن زيد الأزدي، وثابت: هو ابن أسلم البناني، وأبو بردة: هو عامر بن عبد الله الأشعري، والأغر: هو ابن يسار المزني. وأخرجه مسلم (2702) من طرق عن حمّاد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2702) من طريق عمرو بن مرة عن أبي بردة، به. =

1516 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا أبو أسامةَ، عن مالك بن مِغوَل، عن محمد بن سُوقَةَ، عن نافع عن ابن عمر قال: إنْ كنَّا لنعُدُّ لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في المجلسِ الواحِدِ مئة مرةِ "رَبِّ اغفِر لي وتُب علىَّ، إنَك أنتَ التَّوابُ الرحيم" (¬1). 1517 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حفصُ بنُ عمر الشَّنِّيُّ، حدثني أبي عُمَرُ بن مرة، سمعتُ بلال (¬2) بن يسار بن زيد مولى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: سمعتُ أبي يحدثُنيه عن جدِّي أنه سَمعَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ قال: أسْتَغْفِرُ الله الذي لا إله إلا هُوَ الحي القيوم وأتوب إليه غُفِرَ له وإن كان فرَّ من الزَّحف" (¬3). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (17848)، و"صحيح ابن حبان" (931). ومعنى: يغان: يغطي ويلبس على قلبي، وأصله من الغين وهو الغطاء، وكل حائل بينك وبين شىء، فهو غين، ولذلك قيل للغيم: غين. (¬1) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه ابن ماجه (3814)، والترمذي (3733)، والنسائي في "الكبرى" (10219) من طرق عن مالك بن مِغْول، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. وأخرجه بنحوه النسائي في "الكبرى" (10220) من طريق مجاهد، و (10221) من طريق أبي الفضل، كلاهما عن ابن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (4726)، و"صحيح ابن حبان" (927). (¬2) جاء في أصولنا الخطية عدا (ج): هلال بن يسار، والمثبت من (ج)، وهو الصواب، كما في مصادر ترجمته، وكما في مصادر تخريج الحديث. (¬3) صحيح لغيره. وهذا إسناد ضعيف لجهالة بلال بن يسار بن زيد وأبيه. ومع ذلك قال المنذري في "الترغيب والترهيب": إسناده جيد متصل، وقال العراقي في "تخريج أحاديث الاحياء": رجاله موثوقون! =

1518 - حدَّثنا هشامُ بنُ عمار، حدَّثنا الوليدُ بنُ مسلم، حدَّثنا الحكَمُ بن مُصعَبٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه أنه حدَّثه عن ابن عباس، أنه حدَّثه قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ لَزِمَ الاستغفارَ جَعَلَ الله له من كل ضيق مَخرَجاً، ومن كل هم فرَجاً، ورزقَه من حيث لا يحتسب" (¬1). 1519 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الوارث وحدّثنا زيادُ بن أيوب، حدَّثنا إسماعيلُ - المعنى - عن عبد العزيز بن صُهَيبٍ، قال: سأل قتادةُ أنساً: أيُّ دعوة كان يدعو بها النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أكثر؟ قال: كان أكْثَرَ دَعوةٍ يدعو بها "اللهُم آتنا في الذُنيا حَسَنَةً وفي الاَخِرَةِ حَسَنةً وقِنَا عذابَ النار" وزاد زياد: وكان أنسٌ إذا أراد أن يَذعُوَ بدعوةٍ دَعَا بها، وإذا أراد أن يَدْعُو بدُعاء دَعَا بها فيها (¬2). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (3894) عن محمد بن إسماعيل البخاري، عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وله شاهد من حديث ابن مسعود عند الحاكم 1/ 511 و 2/ 117 - 118. وإسناده صحيح. (¬1) إسناده ضعيف. الحكم بن مصعب فيه جهالة، كما قال الحافظ الذهبي في "تلخيص المستدرك" 4/ 262. وأخرجه ابن ماجه (3819)، والنسائي في "الكبرى" (10217) من طريقين عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وليى عند ابن ماجه: "عن أبيه". وهو في "مسند أحمد" (2234). (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وعبد الوارث: هو ابن سعيد، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم، المعروف بابن عُلَية، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. =

1520 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدٍ الرَّملي، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، حدَّثنا عبدُ الرحمن ابن شُرَيحٍ، عن أبي أمامة بن سهل بن حُنيف عن أبيه، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَألَ الله الشهادةَ بصدقٍ بلَّغهُ الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (4522) و (6389) من طريقين عن عبد الوارث، بهذا الإسناد. بالمرفوع منه. وأخرجه مسلم (2690)، والنسائي في "الكبرى" (10968) من طريقين عن إسماعيل، به. وأخرجه مسلم (2690)، والنسائي في "الكبرى" (10826) من طريق ثابت، عن أنس، بالمرفوع منه. وهو في "مسند أحمد" (11981)، و"صحيح ابن حبان" (940). قال الحافظ ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201]، الحسنة في الدنيا تَشمَلُ كُل مطلوب دنيوي مِن عافية، ودار رحبة، وزوجة حسنة، ورزق واسع وعلم نافع وعمل صالح، ومركب هنيء وثناء جميل إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين ولا منافاة بينها، فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا، وأما الحسنة في الآخرة، فأعلى ذلك دخول الجنة، وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات وتيسير الحساب وغير ذلك من أمور الأخرة الصالحة، وأما النجاة من النار، فهو يقتضي تيسير أسبابه في الدنيا من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد سقط منه سهل بن أبي أمامة، بين عبد الرحمن ابن شريح وبين أبي أمامة، والصواب ذكلره كما قال المزي في "الأطراف ". ابن وهب: هو عبد الله، وأبو أمامة: اسمه أسعد. وأخرجه مسلم (1909)، وابن ماجه (2797)، والنسائي في "الكبرى" (4355) من طرق عن ابن وهب، عن عبد الرحمن بن شريح، عن سهل بن أبي أمامة بن سهل ابن حنيف، عن أبيه، عن جده، به. فزادوا جميعاً في إسناده سهل بن أبي أمامة. =

1521 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن عثمانُ بن المغيرة الثقفيِّ، عن علي بن ربيعةَ الأسديّ، عن أسماءَ بن الحكم قال: سمعت عليّاً يقول: كنتُ رجلاً إذا سمعتُ مِن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حديثاً نَفَعني الله منه بما شاء أن ينفعني، وإذا حدَّثني أحدٌ من أصحابه استحلفتُه، فإذا حَلَفَ لي صدّقتُه، قال: وحدَّثني أبو بكر، وصَدَقَ أبو بكر أنه قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "ما مِنْ عَبدٍ يُذْنِبُ ذنباً فيُحسنُ الطهُورَ، ثم يقومُ فيصلي ركعتين، ثم يستغفِرُ الله إلا غفر الله له" ثم قرأ هذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ} [آل عمران: 135] إلى آخر الآية (¬1). 1522 - حدَّثنا عُبيدُ الله بن عمر بن ميسرةَ، حدَّثنا عبدُ الله بن يزيد المقرئ، حدَّثنا حَيوةُ بنُ شريحٍ، حدثني عُقبةُ بن مسلم يقول: حدثني أبو عبد الرحمن الحُبُليُّ، عن الصُّنابحي ¬

_ = وأخرجه الترمذي (1749) من طريق القاسم بن كثير المصري، عن عبد الرحمن ابن شريح، به. وهو في"صحيح ابن حبان" (3192). (¬1) إسناده حسن كما قال الحافظ الذهبي في "تذكرة الحافظ" 1/ 11، أسماء بن الحكم روى عنه علي بن ربيعة الوالبي والركين بن الربيع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ووثقه العجلي، وحسن الترمذي وابن عدي حديثه هذا، وصححه ابن حبان، وجودَّ إسناده الحافظ ابن حجر في "التهذيب"، ومال إلى تصحيحه المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أسماء بن الحكم 534/ 2 - 535 وأخرجه الترمذي (408) و (3251)، والنسائي في "الكبرى" (10178) و (11012) عن قتيبة بن سعيد، عن أبي عوانة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1395) والنسائي في "الكبرى" (10175) و (10176) و (10177) من طريق مسعر وسفيان عن عثمان بن المغيرة، به. دون ذكر الآية. وهو في "مسند أحمد" (56)، و"صحيح ابن حبان" (623).

عن معاذ بن جبل: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أخذ بيدِه وقال: "يا معاذُ والله إني لأحِبُّك" فقال: "أُوصيكَ يا معاذ لا تَدَعن في دُبُر كُل صلاةٍ تقول: اللهُمَّ أعني على ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عِبادَتك" وأوصى بذلك معاذ الصُنابحيَّ، وأوصى به الصنابحيُّ أبا عبد الرحمن (¬1). 1523 - حدَّثنا محمدُ بنُ سلمة المراديُّ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، عن اللَّيث بن سعدِ، أن حُنَين بن أبي حكيم حدَثه، عن عُلَيّ بن رباح اللخمي عن عُقبة بن عامر قال: أمرني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن أقرأ بالمعوذات دُبُرَ كلِّ صلاةٍ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن الحُبُلي: هو عبد الله بن يزيد، والصُّنَابِحِىّ: هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن عسيلة قدم المدينة من اليمن بعد وفاة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بخمسة أيام، وشهد فتح مصر، وهو منسوب إلى صنابح بن زاهر بطن من مراد، وهو تابعي روى عن أبي بكر وعمر وغيرهما. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1227) و (9857) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22119)، و"صحيح ابن حبان" (2020) و (2021). (¬2) حديث صحيح كما قال الحافظ في "نتائج الأفكار" 2/ 274 - 275. حنين ابن أبي حكيم متابع. وأخرجه النسائي (1260) عن محمد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي كما في "تحفة الأشراف" (9940) من طريق أبي مرحوم عبد الرحيم ابن ميمون ويزيد بن عبد العزيز الرُّعَيني، كلاهما عن يزيد بن محمد القرشي، عن عُلَي بن رباح، عن عقبة بن عامر. وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. وأخرجه الترمذي (3127) عن قتيبة بن سعيد، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن على بن رباح، عن عقبة بن عامر. وهذا إسناد حسن. فقد قوى أهل العلم رواية قتيبة عن ابن لهيعة. وهو في "مسند أحمد" (17417) و (17792)، و"صحيح ابن حبان" (2004).

1524 - حدَّثنا أحمدُ بنُ على بن سُويد السدوسي، حدَّثنا أبو داود، عن إسرائيل، عن أبي إسحاقَ، عن عمرو بن ميمون عن عبد الله: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كانَ يُعْجِبُهُ أن يَدعو ثلاثاً ويَستَغفِرَ ثلاثاً (¬1). 1525 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبد الله بن داود، عن عبد العزيز بن عمر، عن هلال، عن عُمَرَ بن عبد العزيز، عن ابن جعفر عن أسماء بنت عُمَيسٍ قالت: قال لي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ألا أعلِّمُكِ كلماتٍ تقولينَهُنَّ عندَ الكَربِ - أو في الكَربِ - اللهُ اللهُ ربي لا أشرِكُ به شيئاً (¬2). قال أبو داود: هذا هلال مولى عمر بن عبد العزيز، وابن جعفر هو عبد الله بن جعفر. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، وإسرائيل: هو ابن يونس السبيعي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وعبد الله: هو ابن مسعود. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10218) من طريق يحيي بن آدم عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3744)، و"صحيح ابن حبان" (923). (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وهلال: هو مولى عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي الشامط، وابن جعفر: هو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الهاشمي. وأسماء بنت عميس هي أمه. وأخرجه ابن ماجه (3882)، والنسائي في "الكبرى" (10408) و (10410) من طرق عن عبد العزيز بن عمر، بهذا الإسناد. لكن وقع عند النسائى في طريقه الأولى خطأ في تسمية هلال، نبَّه عليه. وهو في "مسند أحمد" (27127).

1526 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ وعلىّ بن زيد وسعيدٍ الجُريري، عن أبي عثمان النَّهدي أن أبا موسى الأشعريَّ، قال: كنتُ معَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ، فلمّا دَنَوْا مِن المدينةِ كبَّر الناسُ، ورفعَوا أصواتَهم، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أيُّها الناس، إنكم لا تَدعُونَ أصمَ ولا غائباً، إنَ الذي تدعونُه بينكم، وبين أعناق ركابكم" ثم قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أبا موسى، ألا أدُلُكَ على كنزٍ من كنوزِ الجنة؟ " فقلت: وما هو؟ قال: "لا حَولَ ولا قُوَةَ إلا بالله" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البناني، وسعيد: هو ابن إياس الجريري، وأبو عثمان: هو عبد الرحمن بن ملّ. وأخرجه البخاري (6384) و (6610) و (7386)، ومسلم (2704) (46) و (47)، والترمذي (3766)، والنسائي في "الكبرى" (7633) و (7634) و (10116) و (10310) من طرق عن أبي عثمان النهدي، به. وهو في "مسند أحمد" (19575) و (19755). وانظر تالييه، وجاء برقم (1528) بلفظ: "اربَعوا علي أنفسكم". وقوله: اربعوا: هو بفتح الباء، أي: ارفقوا بأنفسكم، واخفضوا أصواتكم، فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسان لبُعد من يخاطبه ليسمعه وأنتم تدعون الله تعالى، وليس هو بأصم ولا غائب، بل هو سميع قريب، وهو معكم بالعلم والإحاطة، ففيه الندب إلى خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه، فإنه إذا خفضه، كان أبلغ في توقيره وتعظيمه فإن دعت حاجة إلى الرفع رفع، كما جاءت به أحاديث. قاله النووي. وقال ابن بطال: كان عليه السلام معلماً لأمته، فلا يراهم على حالة من الخير إلا أحب لهم الزيادة، فأحب الذين رفعوا أصواتهم بكلمة الإخلاص والتكبير أن يضيفوا إليها التبري من الحول والقوة، فيجمعوا بين التوحيد والإيمان بالقدر. قال الحافظ: وأخرج الحاكم في "المستدرك" 1/ 21 من حديث أبي هريرة رفعه: "إذا قال العبد: لا حول ولا قوة إلا بالله، قال الله: أسلم عبدي واستسلم". وسنده قوي. =

1527 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيع، حدَّثنا سليمانُ التَّيمي، عن أبي عثمان عن أبي موسى الأشعري، أنهم كانوا مع النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وهم يَتَصعَّدونَ في ثَنيهِ فجَعَلَ رَجُلٌ كلَّما علا الثَنيّه نادى: لا إله إلا اللهُ واللهُ أكْبَرُ، فقال نبي الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنكم لا تُنادُونَ أصَمَ ولا غائباً" ثم قال: "يا عبدَ الله ابن قيس"فذكر معناه (¬1). 1528 - حدَّثنا أبو صالح محبوب بن موسى، أخبرنا أبو إسحاق الفزاريُّ، عن عاصم، عن أبي عثمان عن أبي موسى، بهذا الحديث، وقال فيه: فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أيُّها النَّاس اربَعُوا على أنفسِكُم" (¬2). ¬

_ = وأخرج أحمد (23552) من حديث أبي أيوب أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ليلة أسري به مر على إبراهيم على نبينا وعليه الصلاة والسلام، فقال: يا محمد مر أمتك أن يكثروا من غراس الجنة، قال: "وما غراس الجنة؟ قال: لا حول ولا قوة إلا بالله" وصححه ابن حبان (821) وقوله: "لا حول ولا قوة إلا بالله" قال النووي: هي كلمة استسلام وتفويض، وأن العبد لا يملك من أمره شيئاً، وليس له حيلة في دفع شر، ولا قوة في جلب خير إلا بإرادة الله تعالى. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وسليمان: هو ابن طرخان التيمي. وأخرجه مسلم (2704)، والنسائي في "الكبرى" (10294) من طريقين عن يزيد ابن زريع، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6409)، ومسلم (2704) من طريقين عن سليمان التيمي، به. وهو في "مسند أحمد" (19648)، و"صحيح ابن حبان" (804). وانظر ما قبله، وما بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محبوب بن موسى صدوق، وقد توبع. أبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث، وعاصم: هو ابن سيمان البصري. =

1529 - حدَّثنا محمدُ بنُ رافع، حدَّثنا أبو الحسين زيدُ بن الحباب، حدَّثنا عبد الرحمن بن شُرَيحٍ الإسكندرانيُّ، حدثني أبو هانئ الخولانيُّ، أنه سَمعَ أبا عليّ الجَنبيَّ أنه سَمعَ أبا سعيدِ الخدريَّ، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ قال رَضيتُ بالله رَبّاً، وبا لإسلامِ ديناً، وبمحمَدِ رَسولاً، وَجَبَتْ له الجنَّةُ" (¬1). 1530 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود العَتكي، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ جعفرٍ، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال"من صَلَّى علي واحدةً صَلَّى الله عليه عَشراً" (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (2992) و (4205)، ومسلم (2704) (44)، وابن ماجه (3824)، والنسائي في "الكبرى" (7632) و (8772) و (10296) و (11363) من طرق عن عاصم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19520) و (19745). وانظر سابقيه. (¬1) إسناده صحيح. أبو هانئ الخولاني: هو حميد بن هانئ، وأبو علي: هو عمرو بن مالك الجنْبي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9748) من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1884)، والنسائي (4324) و (9749) من طريق عبد الله بن وهب، عن أبي هانئ الخولاني، عن أبي عبد الرحمن الحُبُليّ، عن أبي سعيد الخدرى، به. وهو في"صحيح ابن حبان" (863). (¬2) إسناده صحيح. عبد الرحمن: هو ابن يعقوب مولى الحُرَقَة. وأخرجه مسلم (408)، والترمذي (491)، والنسائي في "الكبرى" (1220) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8854)، و"صحيح ابن حبان" (906).

360 - باب النهي أن يدعو الإنسان على أهله وماله

1531 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا الحسين بن علي، عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، عن أبي الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس قال: قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنَّ من أفضَلِ أيامِكُم يومَ الجُمُعة فأكْثِرُوا علي مِن الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضةٌ عليَّ" قال: فقالوا: يا رسولَ الله، وكيف تُعرَضُ صلاتُنا عليك، وقد أرَمْتَ؟ قال: يقولون بَليتَ، قال: "إن الله حرَّم على الأرضِ أجْسادَ الأنبياء" (¬1). 360 - باب النهي أن يدعوَ الإنسان على أهله وماله 1532 - حدَّثنا هشامُ بنُ عمار ويحيى بنُ الفضل وسليمانُ بن عبد الرحمن، قالوا: حدَّثنا حاتِمُ بنُ إسماعيل، حدَّثنا يعقوبُ بنُ مجاهدِ أبو حزرة، عن عُبادَةَ بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن جابر بن عبد الله قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تَدْعُوا على أنفُسِكُم، ولا تَدْعُوا على أولادِكُم، ولا تَدْعُوا على خَدَمِكُم، ولا ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، هذا إسناد رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن يزيد. فقد اختلفوا في تعيينه، فذهب الدارقطني وغيره إلى أنه ابن جابر الأزدي الثقة، وعليه فالإسناد صحيح، وذهب الإمام البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود وابن حبان إلى أنه عبد الرحمن بن يزيد بن تميم السلمي، فالإسناد ضعيف. ذكر ذلك الحافظ ابن رجب في "شرح العلل" 2/ 681 - 684، وابن القيم في "جلاء الأفهام" ص 35 والمنذري في "تهذيب سنن أبي داود" 4/ 273 - 274. وأخرجه ابن ماجه (1085) النسائي في "الكبرى" (1678) من طريق حسين بن علي الجعفي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16162) وصحيح ابن حبان (910). وله شواهد يصح بها، سلف ذكرها عند مكرره السالف برقم (1047).

361 - باب الصلاة على غير النبي - صلى الله عليه وسلم -

تَدْعُوا على أموالِكُم، لا تُوافِقُوا مِنَ الله ساعةَ نيلٍ فيها عطاءٌ، فيستجيبَ لَكُم" (¬1). قال أبو داود: هذا الحديثُ متصل، عبادةُ بن الوليد بن عبادة لقي جابراً (¬2). 361 - باب الصلاة على غير النبي - صلَّى الله عليه وسلم - 1533 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن الأسود بن قيس، عن نُبيح العَنزي عن جابر بن عبد الله: أن امرأةَ قالت للنبى - صلَّى الله عليه وسلم -: صلِّ عليَّ وعلى زوجي، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "صلَّى الله عليك وعلى زوجك" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (3009) من طريقين عن حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (5742). وقوله: لا توافقوا: نهي للداعي وعلة للنهي، أي: لا تدعوا على من ذكر لئلا توافقوا من الله ساعة إجابة فتستجاب دعوتكم السوء. (¬2) مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من (ب) و (د)، ومن نسخة على هامش (أ)، إلا أنها كتبت في (د) بخط مغاير، وأُلحِقَت بأصل النسخة. (¬3) إسناده صحيح. أبو عَوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري، ونبيح: هو ابن عبد الله العنزي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10184) من طريق سفيان، عن الأسود بن قيس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15281)، و"صحيح ابن حبان" (916) و (918). قال بعضهم: الصلاة بمعنى الدعاء والرحمة، قيل: يجوز على غير النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال الله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} وقال - صلَّى الله عليه وسلم - فيما رواه البخاري (1497): "اللهم صل على آل أبي أوفى" وأما الصلاة التي لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فإنها بمعنى التعظيم والتكريم، فهي خاصة له.

362 - باب الدعاء بظهر الغيب

362 - باب الدعاء بظهر الغيب 1534 - حدَّثنا رجاءُ بن المرجى، حدَّثنا النضرُ بن شُميل، أخبرنا موسى ابن ثروان، حدَثني طلحة بن عُبيد الله بن كَرِيزٍ، حدثتني أمُّ الدرداء قالت: حدَّثني سيدي أنه سَمعَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إذا دَعَا الرَجُلُ لأخيه بظَهْرِ الغَيبِ قالت الملائكةُ: آمينَ، ولَكَ بمِثْلٍ" (¬1). 1535 - حدَّثنا أحمدُ بن عمرو بن السرح، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، حدثني عبدُ الرحمن بن زياد، عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ أسرعَ الدُعاء إجابةَ دَعوَةُ غائِبٍ لغائِبٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2732) من طريقين عن طلحة بن عبيد الله، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2733)، وابن ماجه (2895) من طريق صفوان بن عبد الله الجمحي عن أم الدرداء، به. وهو في "مسند أحمد" (21707) و (21708) و (27558)، و"صحيح ابن حبان" (989). قال النووي: وفي هذا الحديث فضل الدعاء لأخيه المسلم، ولو دعا لجماعة من المسلمين حصلت هذه الفضيلة، ولو دعا لجملة المسلمين، فالظاهر حصولها أيضاً. وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة، لأنها تستجاب ويحصل له مثلها. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف عبد الرحمن بن زياد بن أنعُم. ابن وهب: هو عبد الله، وأبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن يزيد المقرئ. وأخرجه الترمذي (2095) من طريق سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن زياد، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب. وشاهده حديث أبي الدرداء السالف.

1536 - حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا هشام، عن يحيى، عن أبي جعفرٍ عن أبي هريرة أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثُ دَعَواتٍ مُستجاباتٌ لا شَكَّ فيهنَّ: دعوةُ الوالدِ، ودعوةُ المسافر، ودعوةُ المظلوم" (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي جعفر، وهو الأنصاري المؤذن. وقول ابن حبان في "صحيحه": اسم أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي، رده الحافظ في "تهذيب التهذيب": بقوله: وليس هذا بمستقيم، لأن محمد بن علي لم يكن مؤذناً، ولأن أبا جعفر هذا قد صرح بسماعه من أبي هريرة في عدة أحاديث، وأما محمد بن علي بن الحسين فلم يدرك أبا هريرة فتعين أنه غيره. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستُوائي، ويحيى: هو ابن أبي كثير الطائي. وأخرجه ابن ماجه (3862)، والترمذي (2017) و (3747) و (3748) من طريق يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (7510)، و"صحيح ابن حبان" (2699). وأخرج ابن حبان (875) والطبراني في "الأوسط" (6534) من طريق عُلَيّ بن رباح، عن أبي هريرة رفعه: "اتقوا دعوة المظلوم"، وإسناده صحيح. وأخرج الطبراني في "الدعاء" (1316) من طريق عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رفعه: "ثلاثة لا يرد الله دعاءهم: الذاكر الله كثيراً، ودعوة المظلوم، والإمام المقسط". وإسناده حسن. وله شاهد من حديث عقبه بن عامر عند عبد الرزاق (19522) وأحمد (17399)، وابن خزيمة (2478) وآخر من حديث أنس بن مالك، عند البيهقي 3/ 345، والضياء في "المختارة" (2057). لكنه ذكر "الصائم" بدل: "المظلوم". وثالث من حديث أم حكيم، عند ابن ماجه (3863). بذكر دعاء الوالد فقط. وقوله: "لا شك فيهن" قال السندي: أي: في استجابتهن. ودعوة المظلوم، أي: على الظالم، وأثر الاستجابة قد لا يظهر في الحال، لكون المجيب تعالى حكيماً، وفيه زجر للظالم عن الظلم خوفاً من أن تصيبه دعوة المظلوم. ودعوة المسافر ما دام مسافراً، وفيه ترغيب للمسافر في صالح الدعاء. ودعوة الوالد على ولده. فيه زجر للولد عن العقوق، وللوالد على الدعاء عليه، ولعل تخصيص الوالد، لكونه لا يدعو إلا إذا اقتضت الحال، وذلك بخلاف الوالدة.

363 - باب ما يقول اذا خاف قوما

363 - باب ما يقول اذا خاف قوماً 1537 - حدَّثنا محمدُ بن المثنى، حدَّثنا معاذُ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي بُردة بن عبد الله أن أباه حدَثه، أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا خَافَ قوماَ، قال: "اللَّهُمَّ إنا نَجعلُكَ في نُحورِهم، ونعوذُ بِكَ مِنْ شُرورِهِمْ" (¬1). 364 - باب الاستخارة 1538 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمة القعنبي وعبد الرحمن بن مقاتل خالُ القعنبى ومحمد بن عيسى - المعنى واحد - قالوا: حدَّثنا عبد الرحمن بن أبي المَوالي، حدثني محمد بن المنكدر أنه سمع جابر بن عبدِ الله قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يعلِّمنا الاستخارةَ كما يعلِّمنا السُورةَ من القرآن، يقول لنا: "إذا همَّ أحدُكم بالأمر فليَرْكَع ركعتين من غير الفريضة، وليقل: اللَّهُمَّ إني أستخيركَ بعلمكَ، وأستقدرُكَ بقُدرَتكَ، وأسألُكَ من فَضلِك العَظيم، فإنك تَقدِرُ ولا أقدِرُ، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستُوائي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وأبو بردة: هو ابن أبي موسي عبد الله بن قيس الأشعري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8577) و (10362) من طريق معاذ بن هشام، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19719)، و"صحيح ابن حبان" (4765). وقوله: "اللهم إنا نجعلك في نحورهم". يقال: جعلت فلانا في نحر العدو، أي: قبالته وحذاءه ليقاتل عنك ويحول بينك وبينه، وخص النحر بالذكر، لأن العدو به يستقبل عند المناهضة للقتال، والمعنى: نسألك أن تصد صدورهم، وتدفع شرورهم، وتكفينا أمورهم وتحول بيننا وبينهم.

365 - باب في الاستعاذة

وتعلمُ ولا أعلمُ، وأنت علاّم الغُيوب، اللهم إن كنتَ تعلَمُ أنَّ هذا الأمر - يسميه بعينه الذي يُريد - خيرٌ لي في دِيني ومَعاشي ومَعَادي وعاقبةِ أمري، فاقدره لي، ويسره لي، وبارِك لي فيه، اللهم وإن كنتَ تعلَمُه شَرّاً لي، مثلَ الأول، فاصرِفني عنه، واصرِفه عنّي، واقدُر لي الخيرَ حيثُ كان، ثم رضّني به" أو قال: "في عاجِلِ أمْرِي وآجِلِه" (¬1). قال ابنُ مسلمة وابنُ عيسى: عن محمد بن المنكدر عن جابر. 365 - باب في الاستعاذة 1539 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا إسرائيلُ، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون عن عمرَ بن الخطاب قال: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يتعوَّذ من خَمْسٍ: من الجُبن، والبُخل، وسوءِ العُمر، وفِتنةِ الصَّدْرِ، وعذابِ القبر (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الرحمن بن أبي الموالي وثقه ابن معين وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم وقال الترمذي في حديثه هذا: صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الموالي، وهو شيخ مدني ثقة، وقد روى عنه غير واحد من الأئمة. وقال البزار: لا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد، وقال الدارقطني في "الأفراد": هو غريب تفرد به عبد الرحمن وهو صحيح، وباقى رجاله ثقات. وأخرجه البخاري (1162) و (6382) و (7390)، وابن ماجه (1383)، والترمذي (484)، والنسائي في "الكبرى" (5551) و (7682) و (10259) من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الموالي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14707)، و"صحيح ابن حبان" (887). (¬2) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، وإسرائيل: هو ابن يونس السبيعي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني. =

1540 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا المعتمِرُ قال: سمعتُ أبي سمعتُ أنسَ بنَ مالك يقول: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: اللهم إني أعوذُ بكَ من العَجزِ والكَسَلِ، والجُبنِ والبُخلِ، والهَرَم، وأعوذُ بكَ من عذابِ القبر، وأعوذُ بكَ مِن فتنةِ المحيا والممات" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (3844)، والنسائي في "الكبرى" (7829) و (7862) من طريقين عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائى (7864) و (7865) و (7881) من طريقين عن أبي إسحاق، به. وأخرجه النسائي (7866) من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن عمرو ابن ميمون، به. مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (145)، و"صحيح ابن حبان" (1024). وقوله: وأعوذ بك من فتنة الصدر. قال وكيع في رواية ابن ماجه: يعني الرجل يموت على فتنة لا يستغفر الله منها. وقال صاحب "بذل المجهود": ما ينطوي عليه الصدر من القساوة والحقد والحسد والعقائد الباطلة، والأخلاق السيئة. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرهد الأسدي، والمعتمر: هو ابن سليمان ابن طرخان التيمي. وأخرجه البخاري (2823) و (6367) عن مسدَّدٌ، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2706)، والنسائي في "الكبرى" (7838) من طريق محمد بن عبد الأعلى، عن المعتمر، به. وأخرجه مسلم (2706) من طرق عن سليمان التيمي، به. وأخرجه البخاري (4707)، ومسلم (2706) من طريق شعيب بن الحباب، والبخاري (6371) من طريق عبد العزيز بن صهيب، والترمذي (3791)، والنسائي (7837) و (7840) و (7878) من طريق حميد بن أبي حميد الطويل، والنسائي (7831)، و (7842) من طريق قتادة بن دعامة السدوسي، أربعتهم عن أنس بن مالك، به. وهو في "مسند أحمد" (12113)، و"صحيح ابن حبان" (1009) و (1010). وانظر ما سيأتي برقم (1541) و (3972).

1541 - حدَّثنا سعيد بنُ منصور وقتيبةُ بنُ سعيد، قالا: حدَّثنا يعقوبُ بن عبد الرحمن - قال سعيد: الزهري - عن عمرو بن أبي عمرو عن أنس بن مالك، قال: كُنتُ أخْدُمُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فكنتُ أسمعه كثيراً يقول: "اللهمَّ إنى أعوذُ بكَ مِنَ الهَم، والحَزَن، وضَلَعِ الدَّين، وغَلَبةِ الرِّجال" وذكر بعضَ ما ذكره التيميُّ (¬1). 1542 - حدَّثنا القعنبي، عن مالكِ، عن أبي الزبير المكي، عن طاووس عن عبد الله بن عباسٍ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، كان يُعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورةَ من القرآن، يقول: "اللهم إني أعوذُ بكَ مِن ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (6363) و (6369)، والترمذي (3790)، والنسائي في "الكبرى" (7836) و (7858) و (7887) من طرق عن عمرو بن أبي عمرو، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (7834) من طريق سعيد بن سلمة، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الله بن المطلب، عن أنس، به. زاد عبد الله بن المطلب. قال النسائي بإثره: سعيد بن سلمة شيخ ضعيف، وإنما أخرجناه للزيادة في الحديث. وقال المزي في "تهذيب الكمال": وروى له النسائي حديثه عن عمرو بن أبي عمرو، عن عبد الله بن المطلب عن أنس في الاستعاذة من العجز والكسل، ورواه غيره عن عمرو، عن أنس، لم يذكر بينهما أحداً وهو المحفوظ. وهو في "مسند أحمد" (12225). وانظر ما قبله. وضَلَعُ الدين: ثِقله وشدته: وذلك حين لا يجد مَن عليه الدَّينُ وفاءَه لا سيما مع المطالبة. وغلبة الرجال: قهرهم وشدة تسلطهم عليه، والمراد بالرجال: الظلمة أو الدائنون. وقال الحافظ: وقوله: وغلبة الرجال: هي إضافة للفاعل استعاذ من أن يغلبه الرجال، لما في ذلك من الوهن في النفس والمعاش.

عذابِ جهنم، وأعوذُ بكَ مِن عذابِ القبر، وأعوذُ بكَ مِن فتنةِ المسيحِ الدجال، وأعوذُ بكَ مِن فِتنةِ المحيا والممات" (¬1). 1543 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازي، أخبرنا عيسى، حدَّثنا هشام، عن أبيه عن عائشة: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يَدعُو بهؤلاء الكلمات: "اللهمَّ إني أعوذُ بكَ مِن فِتنةِ النَار، وعذابِ النار، ومِنْ شَرَّ الغِنى والفَقر" (¬2). 1544 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا إسحاقُ بنُ عبد الله، عن سعيدِ بنِ يسارٍ عن أبي هريرة، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقول: "اللهمَّ إني أعوذُ بكَ مِن الفَقرِ، والقِلَّة، والذِّلَّة، وأعوذُ بكَ مِن أن أَظْلِمَ أو أُظلَمَ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو الزبير المكي: هو محمد بن مسلم بن تدرُس، وطاووس: هو ابن كيسان اليماني. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 215، ومن طريقه أخرجه مسلم (590)، والترمذي (3801)، والنسائى في "الكبرى" (2201) و (7896). وهو في "مسند أحمد" (2168)، و"صحيح ابن حبان" (999). وانظر ما سلف برقم (984). (¬2) إسناده صحيح. عيسى: هو ابن يونس السبيعي، وهشام: هو ابن عروة بن الزبير. وأخرجه البخاري (6368) و (6375) و (6376) و (6377)، ومسلم بإثر (2705)، وابن ماجه (3838)، والترمذي (3802)، والنسائي في "الكبرى" (59) و (7850)، من طرق عن هشام، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24301). وانظر ما سلف برقم (880). (¬3) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة. =

1545 - حدَّثنا ابنُ عوف، حدَّثنا عبدُ الغَفَّار بنُ داود، حدَّثنا يعقوبُ بن عبد الرحمن، عن موسى بن عُقبة، عن عبد الله بن دينار عى ابن عُمرَ، قال: كان مِن دعاء رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - "اللهم إني أعوذ بك مِن زَوالِ نِغمَتِك، وتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وفُجاءةِ نِقْمَتِكَ، وجَميعِ سَخَطِكَ" (¬1). 1546 - حدَّثنا عمرُو بن عثمان، حدَّثنا بقيةُ، حدَّثنا ضُبارّةُ بن عبد الله بن أبي السُّلَيكِ، عن دُويد بن نافعِ، حدَّثنا أبو صالح السمانُ، قال: قال أبو هريرة: إنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يَدعو يقول: "اللهمَّ إني أعوذُ بكَ مِنَ الشِّقاقِ، والنفاق، وسُوءِ الأخلاق" (¬2). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7844) و (7847) من طريقين عن حماد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8053)، و"صحيح ابن حبان" (1030). وأخرجه ابن ماجه (3842)، والنسائي في "الكبرى" (7845) و (7846) و (7848) من طريق الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله، عن جعفر بن عياض، عن أبي هريرة وجعفر بن عياض لا يعرف، لكن تابعه سعيد بن يسار عند المصنف وغيره. وهو في "مسند أحمد" (10973)، و"صحيح ابن حبان" (1003). (¬1) إسناده صحيح. ابن عوف: هو محمد الطائي. وأخرجه مسلم (2739)، والنسائي في "الكبرى" (7900) و (7901) من طريقين عن يعقوب بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. "من زوال نعتمك"، أي: نعمة الإسلام والإيمان ومنحة الإحسان والعرفان. وتحول عافيتك، أي: انتقالها من السمع والبصر وسائر الأعضاء. وفُجاءة نقمتك. النقمة: المكافأة بالعقوبة والانتقام بالغضب والعذاب. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف بقية - وهو ابن الوليد الكلاعي -، وضبارة بن عبد الله مجهول. أبو صالح: هو ذكوان السمان الزيات. =

1547 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، عن ابن إدريس، عن ابنِ عجلانَ، عن المَقْبري. عن أبي هريرة قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "اللهمَ إني أعوذُ بكَ عن الجُوع, فإنه بِئسَ الضَّجيعُ، وأعوذُ بكَ مِن الخِيانَة، فإنها بئسَتِ البِطَانَةُ" (¬1). 1548 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدُ، حدَّثنا الليثُ، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أخيه عباد بن أبي سعيد ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7853) من طريق عمرو بن عثمان، بهذا الإسناد. ويشهد له حديث أنس بن مالك عند الطبراني في "الدعاء" (1343)، وفي "المعجم الصغير" (316)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 530 قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من القسوة والغفلة والعَيلة والمسكنة، وأعوذ بك من الفسوق والشقاق والنفاق والسمعة والرياء، وأعوذ بك من الصمم والبكم، والجنون والجذام وسيئ الأسقام". وإسناده صحيح. وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. (¬1) إسناده قوي. ابن عجلان - هو محمد بن عجلان المدني - صدوق لا بأس به. ابن إدريس: هو عبد الله بن إدريس ين يزيد الأودي، والمقبري: هو سعيد بن أبي سعيد المقبري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7851) و (7852) من طريقين عن عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (3354) من طريق كعب عن أبي هريرة، به. لكن في إسناده ليث بن أبي سليم. وهو في "صحيح ابن حبان" (1029). قال السندي: الضجيع من ينام في فراشك، أي: بئس الجوع الذي يمنعك من وظائف العبادات، ويشوش الدماغ، ويثير الأفكار الفاسدة والخيالات الباطلة، والبطانة بكسر الباء: ضد الظهارة، وأصلها في الثوب، فاتَّسَعَ فيما يستبطن الإنسان من أمره.

أنه سمع أبا هريرة يقول: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "اللهمَّ إني أعوذُ بكَ مِن الأربع: مِن عِلْم لا يَنفَعُ، ومِن قلبٍ لا يخشَعُ، ومِن نَفسٍ لاتَشبَعُ، ومِن دُعاءٍ لا يُسمَعُ" (¬1). 1549 - حدَّثنا محمدُ بنُ المتوكل، حدَّثنا المعتَمِرُ قال: قال أبو المعتمر: أُرَى أنَّ أنس بن مالكٍ حدَّثنا: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقول: "اللهمَّ إني أعوذُ بكَ مِن صَلاةٍ لا تَنْفَعُ" وذكر دعاءً آخَرَ (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح. عباد بن أبي سعيد، قال الذهبي: ما روى عنه غير أخيه سعيد، وقال العجلي: مدني تابعي ثقة، وقال ابن خلفون في"الثقات": وثقه محمد بن عبد الرحيم التبان، وباقي رجاله ثقات. الليث: هو ابن سعد. وأخرجه ابن ماجه (3837)، والنسائي في "الكبرى" (7822) و (7824) من طرق عن الليث، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (250)، والنسائى (7823) من طريق ابن عجلان، عن سعيد ابن أبي سعيد، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (8488). وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد في"مسنده" (6557). وإسناده صحيح. (¬2) حديث صحيح. محمد بن المتوكل وإن كان يقصر عن رتبة الصحيح قد تابعه هُريم بن عبد الأعلى عند ابن حبان وهو ثقة، وباقي رجاله ثقات. ولفظه بتمامه عند ابن حبان (1015) "اللهم إني أعوذ بك من نفس لا تشبع، وأعوذ بك من صلاة لا تنفع، وأعوذ بك من دُعاءٍ لا يُسمع، وأعوذ بك من قلب لا يخشع". وأخرج ابن أبي شيبة 10/ 187 - 188، وأحمد (13003) و (13674)، والطيالسي (2007) من طرق عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس ولفظه: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وعملِ لا يرفع، وقلب لا يخشع، ودعاء لا يسمع". وأخرج أحمد في "مسنده" (14023)، والنسائي في "الكبرى" (7821) من طريق حفص بن عمر ابن أخي أنس، عن أنس، بلفظ: "اللهم إنى أعوذ بك من علم لا ينفع، وقلب لا يخشع، ودعاء لا يسمع، ونفس لا تشبع، اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع".

1550 - حدَّثنا عثمان بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جَرير، عن - منصورِ، عن هلال ابن يِسَاف، ٍ عن فَروَة بن نوفَلٍ الأشجعي، قال: سألتُ عائشةَ أمَّ المؤمنينَ عما كانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَدعُو به، قالت: كان يقولُ: اللهُمَّ اني أعوذُ بكَ من شَر ما عَمِلْتُ، ومِن شَرِّ ما لم أعمَل" (¬1). 1551 - حدَّثنا أحمد بن محمد بن حنبل، حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الله بن الزبير (ح) وحدثنا أحمدُ، حدَّثنا وكيع - المعنى - عن سعد بن أوسِ، عن بلالِ العبسيِّ، عن شُتَير بن شَكَل ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عثمان بن أبي شيبة: هو عثمان بن محمد بن إبراهيم العبْسي، وجرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وفروة بن نوفل الأشجعي مختلف في صحبته والصواب أن الصجة لأبيه، روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وأخرج له مسلم هذا الحديث. وأخرجه مسلم (2716)، والنسائي في "الكبرى" (1231) و (7911) من طرق عن جرير، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2716)، وابن ماجه (3839)، والنسائي (7909) و (7910) و (7912) و (7913) و (7914) من طرق عن هلال بن يساف، به. وهو في "مسند أحمد" (26368)، و"صحيح ابن حبان" (1031). وقوله: من شر ما عملت، أي: فعلت، قال الطيبي: أي: من شر عمل يحتاج فيه إلى العفو والغفران. ومن شر ما لم أعمل: استعاذ من شر أن يُعمل في المستقل ما لا يرضاه بأن يحفظه منه، أو من شر أن يصير معجباً بنفسه في ترك القبائح، فإنه يجب أن يرى ذلك من فضل ربه، أو لئلا يصيبه شر عمل غيره، قال تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25] ويحتمل أنه استعاذ من أن يكون ممن يحب أن يحمد بما لم يفعل "مرقاة المفاتيح" 3/ 138.

عن أبيه - في حديث أبي أحمد: شَكَلِ بن حُميد - قال: قلت: يا رسول الله، علمني دُعاءً، قال: "قل: اللهُم إني أعوذُ بكَ مِن شَرِّ سمْعي ومِن شَرِّ بصري، ومِن شَرِّ لساني، ومِن شَر قلبي، ومِن شَر مَنيي" (¬1). 1552 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عمر، حدَّثنا مكيّ بنُ إبراهيم، حدثني عبدُ الله ابنُ سعيد، عن صَيفي مولى أفلحَ مولى أبي أيوب عن أبي اليَسر، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يَدعُو "اللهُم إني أعوذُ بكَ مِن الهَدْمِ، وأعوذُ بكَ مِن التردِّي، وأعوذُ بكَ مِن الغَرَق، والحَرَق، والهَرَمِ، وأعوذُ بكَ أنْ يَتَخبَّطني الشيطانُ عندَ المَوت، وأعوذُ بكَ أن أموت في سبيلك مُدْبِراً، وأعوذُ بكَ أن أموتَ لَدِيغاً" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. بلال بن يحيي العبسي وثقه أبو الحسن القطان، وقال ابن معين: ليس به بأس، وهي عبارة عنده تساوي ثقة، كما صرح هو بذلك. وكيع: هو ابن الجراح، وبلال: هو ابن يحيي العبسي، وشكل: هو ابن حميد العبسي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7826) من طريق وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (3798)، والنسائي (7827) من طريقين عن سعد بن أوس، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (15541) و (15542). قوله: "ومن شر منيي": هو أن يغلب المنيّ عليه حتى يقع في الزنى أو مقدماته. (¬2) ضعيف لاضطرابه كما هو مبين في شرحنا للمسند. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7917) من طريق الفضل بن موسى عن عبد الله ابن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15523). وانظر ما سيأتي بعده. قال السندي: قوله: من الهدم، بفتح فسكون: مصدر هدم البناء: نقضه، والمراد من أن يهدم على البناء على بناء المصدر للمفعول، أو من أن أهدم البناء على أحد على أنه مصدر للفاعل. وقوله: من التردي: هو السقوط من العالي إلى السافل. =

1553 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرَّازي، أخبرنا عيسى، عن عبد الله بن سعيد، حدثني مولى لأبي أيوب عن أبي اليَسر، زاد فيه: "والغم" (¬1). 1554 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، أخبرنا قتادةُ عن أنس، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقول: "اللهم إني أعوذُ بكَ مِن البَرَصِ والجُنون، والجُذامِ، ومِن سيئ الأسقَام" (¬2). ¬

_ = قوله: والغَرَق بفتحتين وكذا الحرق والهرم، والمراد بالهرم: أقصى الكبر الذي هو أرذل العمر. وقوله: أن يتخبطني الشيطان عند الموت. فسره الخطابي بأن يستولي عليه عند مفارقة الدنيا فيضله، ويحول بينه وبين التوبة، أو يعوقه عن صلاح شأنه، والخروج عن مظلمة تكون قبله، أو يُؤيسه من رحمة الله، أو يكره له الموت، أو يُؤسِّفه على حياة الدنيا فلا يرضي بما قضاه الله عليه من الفناء والنقلة إلى الدار الآخرة، فيختم له بالسوء، ويلقى الله وهو ساخط عليه. وقوله: مدبراً: هذا القيد هو مدار الاستعاذة. (¬1) ضعيف لاضطرابه كسابقه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7918) من طريق أنس بن عياض عن عبد الله بن سعيد، بهذا الإسناد، ومولى لأبي أيوب هو صيفي كما في رواية النسائي (7917) وأحمد. وهو في "مسند أحمد" (15523). وانظر ما سلف قبله. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة البصري، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (7876) من طريق همام بن يحيى، عن قتادة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (13004)، و"صحيح ابن حبان" (1017). والجذام: علة تتآكل منها الأعضاء وتتساقط، وهو مرض مُعدٍ، وقد صح عنه - صلَّى الله عليه وسلم - "وفِرَّ من المجذوم فرارك من الأسد". وسيئ الأسقام كالسل والسرطان والاستسقاء والمرض المزمن.

1555 - حدَّثنا أحمدُ بن عُبيد الله الغُدَانيُّ، أخبرنا غسَّانُ بنُ عوفٍ، أخبرنا الجُرَيري، عن أبي نضرَة عن أبي سعيد الخدري، قال: دخل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ذاتَ يوم المسجدَ، فإذا هو برجلِ من الأنصار يقال له: أبو أمامة، فقال: " يا أبا أمامة، ما لي أراكَ جالساً في المسجدِ في غيرِ وَقتِ الصَلاة؟ "قال: هُمُوم لزِمَتني، وديونٌ يا رسولَ الله، قال: "أفلا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله هَمَّك، وقَضَى عنك دينَك؟ " قال: قلت: بلى يا رسولَ الله، قال: "قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهُم إني أعوذُ بكَ مِن الهَم والحَزَن، وأعوذُ بكَ مِن العَجزِ والكسَل، وأعوذُ بك مِن الجُبن والبُخلِ، وأعوذُ بكَ مِن غلَبةِ الدين وقهْر الرجال" قال: ففعلت ذلك، فأذهب الله همّي، وقضى عني ديني (¬1). آخر كتاب الصلاة تمَّ الجزء الثاني عن "سنن أبي داود" ويليه الجزء الثالث وأوله: كتاب الزكاة ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. غسان بن عرف المازني قال الحافظ: لين الحديث، وقال الذهبي: ليس بالقوي، وضعفه الساجي والأزدي، وقال العقيلي: لا يتابع على كثير من حديثه. الجريري: هو سعيد بن إياس، وأبو نضرة: هر المنذر بن مالك العبدي. وأخرجه البيهقي في "الدعوات الكبير" (179)، والمزي في ترجمة غسان بن عرف المازني من "تهذيب الكمال" 23/ 106 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. قوله: فإذا هو برجل من الأنصار يقال له: أبو أمامة. قال الحافظ المنذري: يشبه أن يكون أبو أمامة هذا إياس بن ثعلبة الأنصاري الحارثي، فإن أبا أمامة أسعد بن زرارة توفي سنة إحدى من الهجرة، ويقال: إنه أول من بايع ليلة العقبة، وهو نقيب لا يكنى عن مثله برجل من الأنصار.

سنن أبي داود تصنيف الإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني 202 هـ - 275 هـ حققه وضبط نصه وخرّج أحاديثه وعلّق عليه شعيب الأرنؤوط محمد كامل قره بللي شادي محسن الشيّاب الجزء الثالث دار الرسالة العالمية

بسم الله الرحمن الرحيم

سنن أبي داود (3)

بسم الله الرحمن الرحيم حقوق الطبع محفوظة للناشر الطبعة الأولي طبعة خاصة 2009م / 1430هـ دار الرسالة العالمية جميع الحقوق محفوظة يمنع طبع هذا الكتاب أو أي جزء منه بجميع طرق الطبع والتطوير والنقل والترجمة والتسجيل المرئي والمسموع والحاسوبي وغيرها إلا بإذن خطي من: شركة الرسالة العالمية م. م. Al-resalah Al-a'lamiah m. Publishers الإدارة العامة Head Office دمشق - الحجاز شارع مسلم البارودي بناء خولي وصلاحي 2625 2212773 - 11 (963) 2234305 - 11 (963) الجمهورية العربية السورية Syrian Arab Republic [email protected] http:www.resalahonline.com فرع ييروت BEIRUT/LEBANON TELEFAX: 815112 - 319039 - 818615 P.O. BOX: 117460

كتاب الزكاة

كتاب الزكاة 1556 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد الثقفيُّ، حدَّثنا الليثُ، عن عُقيلٍ، عن الزُهريِّ أخبرني عُبيدُ الله بنُ عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة، قال: لما توفِّي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، واستُخْلِفَ أبو بكر بعده، وكَفَرَ مَنْ كفر من العرب، قال عُمَرُ بنُ الخطاب لأبي بكر: كيف تُقاتِلُ الناسَ وقد قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أمِرْتُ أن أقاتِلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمَنْ قال: لا إله إلا الله عَصمَ مني مالَه ونَفسَه إلا بحقه وحسابُه على الله؟ فقال أبو بكرٍ: والله لأقاتلن مَنْ فرَّق بين الصَلاة والزَكاة، فإن الزكاةَ حَقُّ المال، والله لو مَنَعُوني عِقالاً كانوا يؤدونه إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعه، فقال عمر ابن الخطاب: فواللهِ ما هُوَ إلا أن رأيتُ الله قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أبي بكر للقتال، قال: فعرفتُ أنه الحقُّ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وعقيل: هو ابن خالد الأموي، والزهري: هو محمد بن مسلم. وأخرجه البخاري (1399)، ومسلم (20)، والترمذي (2790)، والنسائي في "الكبرى" (2235) و (1348) و (3419) و (3421) و (4284) و (4285) من طرق عن الزهري، به. وأخرجه النسائي (3420) و (3422) و (3423) من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، به. وهو في "مسند أحمد" (67)، و"صحيح ابن حبان" (217). والعناق بفتح العين والنون: الأنثى من ولد المعز لم تبلغ سنة. =

قال أبو داود: ورواه رباحُ بنُ زيد وعبد الرزاق، عن معمر عن الزهري بإسناده، وقال بعضهم: عقالاً. ورواه ابن وهب عن يونس قال: عَنَاقاً. قال أبو داود: قال شعيب بن أبي حمزة ومعمر والزُّبيدي، عن الزهري في هذا الحديث: لو منعوني عَنَاقاً، وروى عنْبسة، عن يونس، عن الزهري في هذا الحديث قال: عَناقاً. ¬

_ = وانظر ما بعده. قال المهلب ونقله عنه صاحب "الفتح" 12/ 276 تعليقاً على حديث أبي هريرة هذا (6924) الذي أدرجه الإمام البخاري تحت باب: قتل من أبي قبول الفرائض وما نسبوا إلى الردة: من امتنع من قبول الفرائض، نظر، فإن أقر بوجوب الزكاة مثلاً، أخذت منه قهراً ولا يقتل، فإن أضاف إلى امتناعه نصب القتال، قوتل إلى أن يرجع، قال مالك في "الموطأ" 1/ 269: الأمر عندنا فيمن منع فريضة من فرائض الله تعالى، فلم يستطع المسلمون أخذها منه كان حقاً عليهم جهاده حتى يأخذوها منه (أي تحت راية ولي الأمر). وقال أبو محمد بن حزم في "الملل والنحل": انقسمت العرب بعد موت النبي - صلَّى الله عليه وسلم - على أربعة أقسام: طائفة بقيت على ما كانت في حياته وهم الجمهور. وطائفة بقيت على الإسلام أيضاً، إلا أنهم قالوا: نقيم الشرائع إلا الزكاة وهم كثير، لكنهم قليل بالنسبة إلى الطائفة الأولى. والثالثة أعلنت بالكفر والردة كأصحاب طليحة وسجاح وهم قليل بالنسبة لمن قبلهم إلا أنه كان في كل قبيلة من يقاوم من ارتد. وطائفة توقفت فلم تطع أحداً من الطوائف الثلاثة، وتربصوا لمن تكون الغلبة فأخرج أبو بكر إليهم البعوث، وكان فيروز ومن معه غلبوا على بلاد الأسود وقتلوه، وقتل مسيلمة باليمامة، وعاد طليحة إلى الإسلام وكذا سجاح، ورجع غالب من كان ارتد إلى الإسلام، فلم يحل الحول إلا والجميع قد راجعوا دين الإسلام، ولله الحمد.

1 - باب ما تجب فيه الزكاة

1557 - حدَّثنا ابن السَرح وسليمانُ بنُ داود قالا: أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني يونس، عن الزهري قال: قال أبو بكر: إن حقه أداءُ الزَّكاة، وقال: عِقالاً (¬1). 1 - باب ما تجب فيه الزكاة 1558 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، قال: قرأتُ على مالك بن أنس، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه، قال: سمعتُ أبا سعيد الخدري يقول: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ليس فيما دُونَ خمس ذوْدٍ صدقة، وليس فيما دونَ خمسِ أواقٍ صَدقةٌ، ولَيسَ فيما دُونَ خمسةِ أوسُقٍ صدقة" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو، وابن وهب: هو عبد الله القرشي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي. ورواية يونس اختلف عليه، قال عنبسة عن يونس: عناقاً، وقال ابن وهب عن يونس: عقالاً , ومرة قال ابن وهب: عناقاً كما قال الجماعة، والمراد بالعقال هنا كما ذهب إليه كثير من المحققين: الحبل الذي يعقل به البعير، وهذا القول يحكى عن مالك وابن أبي ذئب وغيرهما، وهو اختيار صاحب "التحرير" وجماعة من حذاق المتأخرين. قاله شمس الحق في "عون المعبود" 4/ 292 - 293. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن عمارة المازني. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 244, ومن طريقه أخرجه البخاري (1447)، والترمذى (632)، والنسائي في "الكبرى" (2237). وأخرجه البخاري (1405)، ومسلم (979) وابن ماجه (1799)، والترمذي (631). و (632)، والنسائي (2237) و (2238) و (2265) و (2275) و (2278) من طرق عن عمرو بن يحيي، به. واقتصر ابن ماجه على ذكر الذود - وهي الإبل - وبيَّن بالتفصيل نصابها. =

1559 - حدَّثنا أيوبُ بنُ محمد الرَّقِّيُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ عبيد، حدَّثنا إدريسُ بنُ يزيد الأوديُّ، عن عمرو بن مُرة الجمليِّ، عن أبي البَختَري الطائي عن أبي سعيدٍ يَرفَعُهُ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لَيسَ فيما دُونَ خَمسةِ أوسَاقٍ زَكاة" والوَسق ستون مختوماً (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (979)، وابن ماجه (1793)، والنسائي (2264) و (2267) و (2274) من طرق عن يحيى بن عُمارة، به. وأخرجه البخاري (1459) و (1484)، والنسائي (2266) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، وابن ماجه (1793)، والنسائي (2264) و (2267) من طريق عباد بن تميم، كلاهما عن أبي سعيد الخدري، به. وهو في "مسند أحمد" (11030) و (11576)، و"صحيح ابن حبان" (3268) و (3275). وانظر تالييه. الأوسق: جمع وسق، وهي ستون صاعاً بالاتفاق، والصاع وزنه (2175) غراماً، فيكون المجموع ست مئة واثنين وخمسين كيلاً ونصفاً. والذود: ما بين الثلاث إلى العشر من الإبل ولا واحد له من لفظه، وإنما يقال للواحد: بعير، كما يقال للواحدة من النساء: المرأة. وأواق: جمع أوقية، وهي أربعون درهماً باتفاق من الفضة الخالصة. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن أبا البختري - وهو سعيد ابن فيروز - لم يسمع من أبي سعيد فيما قاله أبو داود وأبو حاتم الرازي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2277) من طريق وكيع بن الجراح، عن إدريس ابن يزيد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1832) من طريق محمد بن عبيد، به مرفوعاً بلفظ: "الوسق ستون صاعاً". وهو في "مسند أحمد" (11564). وانظر ما قبله.

قال أبو داود: أبو البختريُّ لم يسمع من أبي سعيد. 1560 - حدَّثنا محمدُ بنُ قدامة بن أعين، حدَّثنا جريرٌ، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: الوسق ستون صاعاً مختوماً بالحجَّاجي (¬1). 1561 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدثني محمدُ بنُ عبد الله الأنصاريُّ، حدَّثنا صُرَدُ بن أبي المُنازل، سمعتُ حبيباً المالكيَّ، قال: قال رجلٌ لعمران بن حُصَينٍ: يا أبا نُجيدٍ، إنكم لتحدِّثونا بأحاديث ما نجدُ لها أصلاً في القرآن، فغَضِبَ عمرانُ، وقال للرجل: أوجدتُم في كل أربعينَ درهماً درهماً، ومِن كل كذا وكذا شاةً شاةً، ومن كلِّ كذا وكذا بعيراً كذا وكذا، أوجدتم هذا في القرآن؟ قال: لا، قال: فعن مَنْ أخذتُم هذا، أخذتموه عنا، وأخذناه عن نبى الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وذكر أشياء نحو هذا (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، والمغيرة: هو أبن مِقْسَم، وإبراهيم: هو ابن يزيد بن قيس النخعي. وانظر سابقيه. وقوله: مختوماً بالحجاجي. قال في "عون المعبود": أي: مختوماً بعلامة الحجاج ابن يوسف الثقفي أمير الكوفة وهي ستون صاعاً، وكل صاع أربعة أمداد، وكل مد رطل وثلث عند الحجازيين وهو قول الشافعي وعامة العلماء. (¬2) إسناده ضعيف. صُرَد بن أبي المُنَازل. قال الذهبي: فيه جهالة. وأخرجه ابن أبي عاصم في"السنة" (815)، ومحمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (1081)، والطبرانى في "المعجم الكبير" 18/ (547)، وأبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" والمزي في ترجمة صُرَد بن أبي المنازل من "تهذيب الكمال" 13/ 164 من طريقين عن محمد بن عبد الله الأنصاري، بهذا الإسناد. وذكر ابن أبي عاصم الصلاة بدل الزكاة.

2 - باب العروض إذا كانت للتجارة هل فيها زكاة؟

2 - باب العُروض إذا كانت للتجارة هل فيها زكاة؟ 1562 - حدَّثنا محمدُ بن داود بن سفيان، حدَّثنا يحيى بنُ حسان، حدَّثنا سليمان بن موسى أبو داود، حدَّثنا جعفرُ بنُ سعدٍ بن سمرة بن جندب، حدَّثني خبيبُ بنُ سليمان، عن أبيه سليمان عن سمرة بن جندب، قال: أما بعد فإن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يأمُرُنا أن نُخْرِجَ الصَدقة مِن الذي نُعِدُّ للبيع (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. جعفر بن سعد بن سمرة ضعيف، وخُبيب بن سليمان وأبوه مجهولان. وقال الذهبي في الميزان 1/ 408: وهذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم. ومع ذلك فقد حسَّن إسناده ابن عبد البر في "الاستذكار"!! وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (7029) و (7047)، والدارقطني (2027)، والبيهقي 4/ 146 - 147، وابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 130 - 131 و131من طريقين عن جعفر بن سعد، بهذا الإسناد. قلنا: وفي الباب أحاديث مرفوعة وموقوفة استدل بمجموعها جمهور العلماء على وجوب الزكاة في عروض التجارة، فمن المرفوعة ما رواه الدارقطني في "سننه" (1932)، والحاكم 1/ 388، والبيهقي 4/ 147 من حديث أبي ذر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البر صدقته " قال النووي في "تهذيب الأسماه واللغات": هو بالباء والزاي، وهي الثياب التي هي أمتعة البزاز. قال: ومن الناس من صحّفه بضم الباء والراء المهملة وهو غلط. ولهذا الحديث طرق لا تخلو من ضعف. وأما الآثار: فمنها ما رواه مالك في "الموطأ"1/ 255 عن يحيى بن سعيد، عن زُريق بن حيان - وكان على جواز مصر في زمان الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز - فذكر أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه: أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يُديرون من التجارات من كل أربعين ديناراً ديناراً، فما نقص فبحساب ذلك، حتى يبلغ عشرين ديناراً، فإن نقصت ثلث دينار، فدعها ولا تأخذ منها شيئاً. وإسناده حسن. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وروى عبد الرزاق (7099)، والشافعي في "مسنده" 1/ 229، والدارقطني (2018)، والبيهقي 4/ 147 عن أبي عمرو بن حِماس، عن أبيه، قال: كنت أبيع الأدم والجِعاب، فمر بي عمر بن الخطاب، فقال لي: أدِّ صدقة مالك، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنما هو في الأدم، قال: قوّمه ثم أخرج صدقته. وسنده حسن. وروى عبد الرزاق (7103) عن ابن جريج، قال: أخبرني موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يقول: في كل مالٍ يُدار في عَبيد أو دواب أو بزٍّ للتجارة الزكاةُ فيه كلّ عام. وسنده صحيح. وروى أيضاً عبد الرزاق (7104) عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب والقاسم قالوا: في العروض تُدار الزكاةُ كل عام، لا تؤخذ منها الزكاة حتى يأتي ذلك الشهر عام قابل. وروى الشافعي في "الأم" 2/ 39 عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ليس في العروض من زكاة إلا أن يُراد به التجارة. وإسناده صحيح. ورواه البيهقي في "سننه" 4/ 147 وقال: هذا قول عامة أهل العلم. وقد استدل بعض أهل العلم بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267]، على زكاة عروض التجارة. فقال البخاري في "صحيحه" 3/ 307: باب صدقة الكسب والتجارة، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال الحافظ: هكذا أورد هذه الترجمة مقتصراً على الآية بغير حديث، وكأنه أشار إلى ما رواه شعبة، عن الحكم، عن مجاهد في هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال: من التجارة الحلال. أخرجه الطبري (6124)، وابن أبي حاتم من طريق آدم، عنه. وأخرجه الطبري (6134) من طريق هشيم، حدَّثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهد قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال: من التجارة، {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} قال: من الثمار. وقال ابن المنذر: أجمع عامة أهل العلم على وجوب زكاة التجارة، واتفقوا على وجوبها، في قيمتها لا في عينها، وعلى أنها تجب فيها الزكاة إذا حال الحول إلا أن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الحنفية والشافعية والحنابلة قالوا: تجب بمضي كل حول، ووافقهم المالكية فيما إذا كان التاجر مديراً وهو الذي يبيع كيفما اتفق، ولا ينتظر ارتفاع الأسعار كأرباب الحوانيت، بخلاف ما إذا كان محتكراً، وهو الذي ينتظر بالسلع ارتفاع الأسعار، فإنه يزكيها إذا باعها عن عام واحدٍ ولو كانت عنده أعواماً. وانظر "الموطأ"1/ 255. وقال البغوي في "شرح السنة" 6/ 53: ذهب عامة أهل العلم إلى أن التجارة تجب الزكاة في قيمتها إذا كانت نصاباً عند تمام الحول، فيُخرج منها ربعُ العُشر، وقال داود: زكاة التجارة غير واجبة، رهو مسبوق بالإجماع. وقال العلامة محمد رشيد رضا: جمهور علماء الملة يقولون بوجوب زكاة عروض التجارة، وليس فيها نص قطعي من الكتاب والسنة، وإنما ورد فيها روايات يقوي بعضها بعضاً مع الاعتبار المستنِد إلى النصوص، وهو أن عروض التجارة المتداولة للاستغلال نقود لا فرق بينها وبين الدراهم والدنانير التي هي أثمانها، إلا في كون النصاب يتقلب ويتردد بين الثمن وهو النقد، والمُثمن وهو العروض. فلو لم تجب الزكاة في التجارة لأمكن لجميع الأغنياء أو أكثرهم أن يتّجروا بنقودهم، ويتحرَّوا أن لا يحول الحولُ على نصاب من النقدين أبداً، وبذلك تبطل الزكاة فيهما عندهم. ورأس الاعتبار في المسألة أن الله تعالى فرض في أموال الأغنياء صدقة لمواساة الفقراء ومن في معناهم، وإقامة المصالح العامة، وأن الفائدة في ذلك للأغنياء تطهير أنفسهم من رذيلة البخل وتزكيتها بفضائل الرحمة بالفقراء، وسائر أصناف المستحقين ومساعدة الدولة والأمة في إقامة المصالح العامة، والفائدة للفقراء وغيرهم إعانتهم على نوائب الدهر، مع ما في ذلك من سدّ ذريعة المفاسد في تضخم الأموال، وحصرها في أناس معدودين، وهو المشار إليه بقوله تعالى في حكمة قسمة الفيء {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} [الحشر: 7]، فهل يُعقل أن يخرج من هذه المقاصد الشرعية كلها التجار الذين ربما تكون معظمُ ثروة الأمة في أيديهم؟ وقال الشيخ محمود شلتوت في كتابه "الفتاوى" ص 121: وأما عروض التجارة فالرأي الذي يجب التعويلُ عليه - وهو رأي جماهير العلماء من سلف الأمة وخَلَفها - أنه تجب فيها الزكاة متى بلغت قيمتها في آخر الحول نصاباً نقدياً، ومعنى هذا أن =

3 - باب الكنز، ما هو؟ وزكاة الحلي

3 - باب الكنز، ما هو؟ وزكاة الحلي 1563 - حدَّثنا أبو كامل وحُميد بن مسعدة - المعنى - أن خالد بن الحارث حدَّثهم، حدَّثنا حسين، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدِّه: أن امرأةً أتت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ومعها ابنة لها، وفي يدِ ابنتها مُسْكَتان غليظَتانِ مِنْ ذهبٍ، فقال لها: "أتعطين زكاة هذا؟ " قالت: لا، قال: "أيَسُرُّكِ أن يسوِّرَك الله بهما يومَ القيامَةِ سوارَينِ مِن نار؟ " قال: فخلعتهُما فألقَتهُما إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وقالت: هُما لله ولرسوله (¬1). ¬

_ = التاجر المؤمن يجب عليه في آخر كل عام أن يجرد بضائعه جميعاً ويقدّر قيمتها ويخرج زكاتها متى بلغت نصاباً، مع ملاحظة أنه لا يدخل في التقدير المحل الذي تُدار فيه التجارة ولا أثاثه الثابت. قال: وعروض التجارة في واقعها أموال متداولة بقصد الاستغلال، فلو لم تجب الزكاة في الأعيان التجارية - والأموال عند كثير من الأمم الإسلامية مصدرها الزراعة والتجارة - لتُرك نصف مال الأغنياء دون زكاة، ولاحتال أرباب النصف الآخر على أن يتّجروا بأموالهم، وبذلك تضيع الزكاة جملة وتفوت حكمة الشارع الحكيم من تشريعها وجعلها ركناً من أركان الدين. (¬1) إسناده حسن. أبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري، وحسين: هو ابن ذكوان العوذي، وشعيب: هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص. وأخرجه الترمذي (642)، والنسائي في "الكبرى" (2270) من طريقين عن عمرو بن شعيب، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث قد رواه المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب نحو هذا، والمثنى بن الصباح وابن لهيعة يضعّفان في الحديث، ولا يصح في هذا الباب عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - شيء. وهو في "مسند أحمد" (6667). قال المنذري في "مختصره" (1506): لعل الترمذي قصد الطريقين اللذين ذكرهما، وإلا فطريق أبي داود لا مقال فيها. وقد صحح ابن القطان في "بيان الوهم والايهام" 5/ 365 إسناد أبي داود. =

1564 - حدَّثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا عتابُ - يعني ابن بشير - عن ثابت ابن عجلان، عن عطاء عن أمِّ سلمةَ قالت: كنتُ ألبَسُ أوضاحاً مِنْ ذَهَبٍ، فقلت: يا رسولَ الله، أكنزٌ هُوَ؟ قال: "ما بلغ أن تُؤَدَّى زكاتُه، فزُكِّيَ، فلَيسَ بكَنزٍ" (¬1). 1565 - حدَّثنا محمدُ بنُ إدريَس الرازيُ، حدَّثنا عمرو بنُ الربيع بن طارق، حدَّثنا يحيى بنُ أيوب، عن عُبَيد الله بن أبي جعفر، أن محمد بن عمرو ابن عطاء أخبره، عن عبد الله بن شدَّاد بن الهاد، أنه قال: دَخلْنا على عائشةَ زوج النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالت: دخل علي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فرأى في يديَّ فَتَخاتٍ مِنْ وَرِقٍ، فقال: "ما هذا يا عائشة؟ " ¬

_ = وقال الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 370: وهذا إسناد تقرم به الحجة إن شاء الله تعالى. وله شاهد من حديث أم سلمة، سيأتي بعده. وآخر من حديث عائشة سيأتي برقم (1565). (¬1) حسن لغيره، وهذا سند رجاله ثقات إلا أن عطاء - وهو ابن أبي رباح - لم يسمع من أم سلمة فيما قاله علي بن المديني. ومع ذلك فقد صححه ابن القطان، وجودَّ إسناده الحافظ العراقي فيما نقله عنهما الحافظ ابن حجر في "الفتح"3/ 272! وأخرجه البيهقي 4/ 140 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" 23/ (613)، والدارقطني (1950)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 390، والبيهقي 4/ 83 و140 من طريق محمد بن مهاجر عن ثابت بن عجلان، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث ابن عمر، عند البخاري (1404) وابن ماجه (1787). وآخر من حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (1788)، والترمذي (623)، وابن حبان (3216).

فقلت: صنعتُهنَّ أتزينُ لَكَ يا رسولَ الله، قال: "أتؤدِّين زكاتَهن؟ " قلت: لا، أو ما شاءَ الله، قال: "هوَ حَسْبُك مِنَ النار" (¬1). 1566 - حدَّثنا صفوانُ بنُ صالح، حدَّثنا الوليدُ بنُ مُسلم، حدَّثنا سفيانُ، عن عُمَرَ بن يَعلى، فذَكَرَ الحديثَ نحو حديثِ الخاتِم، قيل لسفيان: كيف تزكيه؟ قال: تَضُمُّه إلى غيره (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. يحيى بن أيوب صدوق حسن الحديث. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 1/ 389 - 390، والبيهقي 4/ 139 من طريق محمد بن إدريس، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني (1951)، والبيهقي 4/ 139 من طريق محمد بن هارون، عن عمرو بن الربيع، به. إلا أنهما قالا: أن محمد بن عطاء أخبره عن عبد الله بن شداد. وعليه فقد جهّل الدارقطني محمد بن عطاء، وتبعه عبد الحق، فرد عليهما ابن القطان مبيناً أنه هو محمد بن عمرو بن عطاء الثقة، وإنما نسب هنا لجده. وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، سلف برقم (1563). وآخر من حديث أم سلمة، سلف قبله. والفتخات خواتيم كبار كان النساء يتختمن بها، الواحدة فتخة. قال الخطابي: واختلف الناس في وجوب الزكاة في الحُلي، فروي عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وابن عباس أنهم أوجبوا فيه الزكاة، وهو قول ابن المسيب وسعيد بن جبير وعطاء وابن سيرين وجابر بن زيد ومجاهد والزهري وإليه ذهب الثوري وأصحاب الرأي. وروي عن ابن عمر وجابر بن عبد الله وعائشة وعن القاسم بن محمد والشعبي أنهم لم يروا فيه زكاة وإليه ذهب مالك بن أنس وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وهو أظهر قولي الشافعي. قال الخطابي: الظاهر من الكتاب يشهد لقول من أوجبها والأثر يؤيده، ومن أسقطها ذهب إلى النظر ومعه طرف من الأثر، والاحتياط أداؤها. (¬2) إسناده ضعيف. عُمر بن يعلى - وهو ابن عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفي وينسب لجده - متفق على ضعفه. سفيان: هو الثوري. =

4 - باب في زكاة السائمة

4 - باب في زكاة السائمة 1567 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، قال: أخذتُ مِن ثُمامة بن عبد الله بن أنسٍ كتاباً زعم أن أبا بكر كَتَبه لأنس، وعليه خاتِم رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، حين بعثه مُصدِّقاً وكتبه له، فإذا فيه: "هذه فريضةُ الصَّدَقةِ التي فَرَضَها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - على المسلِمين التي أمَرَ الله بها نبيَّه عليه السلام فمن سُئِلَها مِن المسلمين على وجهها فليُعْطِها، ومَنْ سُئِلَ فوقَها، فلا يُعطه: فيما دُونَ خَمْسٍ وعِشْرين من الإبلِ: الغنمُ: في كُلِّ خَمْسٍ ذوْدٍ شاةٌ، فإذا بَلَغَتْ خمساً وعِشرينَ، ففيها ابنةُ مَخاضٍ، إلى أن تَبلُغَ خمساً وثلاثين، فإن لم يكن فيها بنتُ مخاضٍ فابن لبونٍ ذكَرٌ، فإذا بلغت ستّاً وثلاثين، ففيها بنتُ لبون، إلى خمس وأربعين، فإذا بلغت ستاً وأربعين، ففيها حِقة طروقةُ الفَحلِ إلى ستينَ، فإذا بَلَغتْ إحدى وستين، ففيها جَذَعَةٌ إلى خمسٍ وسبعين، فإذا بَلغَت ستّاً وسبعينَ، ففيها ابنتَا لَبُونٍ، إلى تسعين، فإذا بلغت إحدى وتسعين، ففيها حِقتان طروقتا الفَحْل، إلى عشرين ومئة، فإذا زادَت على عشرين ومائة، ففي كُل أربعينَ بنتُ لَبُونٍ، وفي كل خمسين حِقّة، ¬

_ = وأخرجه أحمد (17556) من طريق عُبيد الله بن عُبيد الرحمن الأشجعي، عن سفيان الثوري، عن عمرو بن يعلى بن مرة الثقفي، عن أبيه، عن جده. فوصله وقال: عمرو بن يعلى بدل: عمر. وعلى أي حالٍ فهو ضعيف كما ذكرنا. وانظر تمام تخريجه في "المسند". وقوله: فذكر الحديث نحو حديث الخاتم أي: نحو الحديث الذي تقدم عن عائشة في وجوب الزكاة في الخاتم والوعيد عليه بقوله: حسبك من النار. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ) و (و)، وهما برواية أبي بكر بن داسه.

فإذا تباينَ أسنانُ الإبل في فرائضِ الصَّدقات: فمَنْ بَلَغَتْ عندَه صَدَقَةُ الجَذَعةِ وليست عنده جذعةٌ وعنده حِقَّةٌ فإنها تُقبَلُ منه، وأن يَجعَلَ معها شاتين: إن استَيسَرَتا له، أو عشرين درهماً، ومَنْ بَلَغَت عندَهُ صَدَقَة الحِقَّة وليست عندَه حِقة وعندَه جَذَعةٌ فإنها تُقْبَلُ منه ويُعطيه المصدِّق عشريِن درهماً أو شاتين، ومَن بلغت عندَه صدقةُ الحِقَّةِ وليس عنده حِقَّةٌ وعنده ابنةُ لبُونٍ، فإنها تُقبَلُ منه". قال أبو داود: مِن هاهنا لم أضبِطُه عن موسى كما أُحِبُّ - ويَجعلُ معها شاتَين إن استيسَرَتا له، أو عشرين درهماً، ومَن بلغت عندَه صَدَقةُ بنتِ لبونٍ وليست عنده إلا حِقَّةٌ، فإنها تُقبل منه - قال أبو داود: إلى ها هنا، ثم أتقنته - ويُعطيه المُصدِّقُ عشرين درهماً، أو شاتين، ومَن بَلَغَتْ عندَه صدقةُ ابنةِ لَبُونٍ ولَيسَ عندَه إلا بنتُ مخاض، فإنها تُقبل منه وشاتَين أو عشرين درهماً، ومَن بلغت عندَه صدقةُ ابنةِ مخاض وليس عندَه إلا ابنُ لبونٍ ذَكَرٍ فإنه يقبلُ منه، ولَيسَ معه شيئ، ومَن لم يكن عندَه إلا أربعٌ، فليسَ فيها شيئ، إلا أن يَشاءَ ربُّها، وفي سائمةِ الغنم: إذا كانَتْ أربعين ففيها شاةٌ، إلى عشرين ومئة، فإذا زَادَتْ على عشرين ومئة، ففيها شاتانِ، إلى أن تَبلُغَ مئتين، فإذا زادت على مِئتين، ففيها ثلاثُ شياه، إلى أن تبلغُ ثلاث مئة، فإذا زادَتْ على ثلاث مئة، ففي كُلِّ مئةِ شاةٍ شاةٌ، ولا يُؤخَذُ في الصَدقَةِ هَرِمَةٌ، ولا ذاتُ عُوارٍ مِن الغَنَم، ولا تيسُ الغنم، إلا أن يشاء المُصدِّقُ، ولا يُجمَعُ بينَ مُفتَرِقٍ، ولا يُفرَّقُ بينَ مُجتَمعٍ، خشيةَ الصَّدقة، وما كان مِن خليطين، فإنهما يتراجعانِ بينَهما بالسَّويَّة، فإن لم تَبلُغْ سَائِمةُ الرَّجُلِ أربعين، فلَيسَ

فيها شيءٌ, إلا أن يشاءَ رَبُّها، وفي الرِّقة، رُبعُ العُشرِ، فإن لم يكن المال إلا تسعين ومئة فليس فيها شيء، إلا أن يشاء رَبُّها" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2239) و (2247) من طريقين عن حماد، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (1448) و (1450) و (1451) و (1453 - 1455) و (2487) و (6955)، وابن ماجه (1800) من طريق عبد الله بن المثنى عن ثمامة بن عبد الله، به. وهو في "مسند أحمد" (72)، و"صحيح ابن حبان" (3266). ابنة مخاض: هي التي أتى عليها الحول، وطعنت في السنة الثانية، سميت ابنة مخاض، لأن أمها تمخض بولد آخر، والذكر ابن مخاض، والمخاض الحوامل. وابن اللبون: هو الذي أتى عليه حولان، وطعن في السنة الثالثة، لأن أمه تصير لبوناً بوضع الحمل، ووصفه بالذكورة للتأكيد. والحقة: هي التي أتت عليها ثلاث سنين، وطعنت في الرابعة، سميت بها، لأنها تستحق أن تركب، أو تستحق الضراب. والذكر: حق. وطروقة الجمل: بمعنى مطروقه "فعولة" بمعنى " مفعولة" كحلوبة وركوبة، والمراد أنها بلغت أن يطرقها الفحل. والجَذَعَةُ: هي التي تَمَتْ لها أربع سنين، وطعنت في الخامسة، لأنها تُجذعُ السنَ فيها. والسائمة: الراعية. قال البغوي في "شرح السنة" 6/ 13: وفيه دليل على أن الزكاة تجب في الغنم إذا كانت سائمة، أما المعلوفة، فلا زكاة فيها. وقوله: "ولا ذات عوار" فالعوار: النقص والعيب، ويجوز بفتح العين وضمها والفتح أفصح، وذلك إذا كان كل ماله أو بعضه سليماً، فإن كان كل ماله معيباً، فإنه يأخذ واحداً من أوسطه. وقوله: "ولا تيس" أراد به فحل الغنم، ومعناه: إذا كانت ماشية أو كلها أو بعضها إناثاً لا يؤخذ منها الذكر، إنما يؤخذ الأنثى إلا في موضعين وردت بهما السنة، وهو أخذ =

1568 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا عبادُ بنُ العَوَّام، عن سُفيانَ بن الحُسَين، عن الزهري، عن سالمٍ عن أبيه، قال: كتَبَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كتابَ الصَّدَقة فلم يُخرجه إلى عماله حتى قُبِضَ، فقرَنَه بسَيْفِه، فعَمِلَ به أبو بكر حتى قُبِضَ، ثم عَمِلَ به عمر حَتَى قُبِضَ، فكان فيه: "في خَمْسٍ من الإبل شاةٌ، وفي عشرٍ شاتان، وفي خمسَ عشرةَ ثلاثُ شياه، وفي عشرين أربعُ شياه، وفي خمس وعشرين ابنةُ مخاضٍ، إلى خمس وثلاثين، فإن زادت واحدةً، ففيها ابنةُ لبون إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدةً، ففيها حِقَّة، إلى ستين، فإذا زادت واحدةً، ففيها جَذَعَةٌ، إلى خمسٍ وسبعين، فإذا زادت واحدةً، ففيها ابنتا لَبُونٍ، إلى تسعين، فإذا زادت واحدةً، ففيها حِقَّتان، إلى عشرين ومئة، فإن كانت الإبلُ أكثرَ مِن ذلك، ففي كُلِّ خمسين حِقة، وفي كل أربعين ابنةُ لبون. ¬

_ = التبيع من ثلاثين من البقر، وأخذ ابن اللبون من خمس وعشرين من الإبل بدل ابنة المخاض عند عدمها، فأما إذا كانت كل ماشيته ذكوراً، فيؤخذ الذكر. وقوله: "ولا يجمع بين مُفترق، ولا يفرق بين مجتمع" نهي من جهة صاحب الشرع للساعي ورب المال جميعاً، نهى رب المال عن الجمع والتفريق قصداً إلى تقليل الصدقة، ونهى الساعي عنهما قصداً إلى تكثير الصدقة. وقوله: "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" قال الخطابي: معناه: أن يكون بينهما أربعون شاة مثلاً، لكل واحد منهما عشرون قد عرف كل واحد منهما عين ماله، فيأخذ المصدق من أحدهما شاة فيرجع المأخوذ من ماله على خليطه بقيمة نصف شاة، وهذه تسمى خلطة الجوار. والرقة: بكسر الراء وتخفيف القاف المفتوحة: الفضة الخالصة مسكوكة كانت أو غير مسكوكة.

وفي الغنم في كُلِّ أربعين شاةً شاةٌ، إلى عشرين ومئة، فإن زادَتْ واحدةً، فشاتان، إلى مئتين، فإن زادت على المئتين، ففيها ثلاثُ شِياه، إلى ثلاث مئة فإن كانت الغنمُ أكثرَ مِن ذلك، ففي كل مئة شاةٍ شاةٌ، ليس فيها شيءٌ حتى تبلغ المئة. ولا يفرق بين مجتمع، ولا يُجمَعُ بينَ متفرِّق، مخافةَ الصدقة، وما كان من خليطين، فإنهما يتراجَعَان بالسَّويَّة. ولا يُؤخَذُ في الصدقة، هَرِمَة، ولا ذاتُ عيب". قال: وقال الزهري: إذا جاء المصَدّقُ قُسمت الشاءُ أثلاثاً: ثلثاً شِراراً، وثلثاً خياراً، وثلثاً وسطاً، فيأخُذُ المُصَدَّقُ من الوسط، ولم يذكر الزهريُّ البقر (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، سفيان بن الحسين - وإن كان في روايته عن الزهري كلام - متابع. وقد نقل البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 88 عن الترمذي أنه قال في "العلل": سألتُ محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال: أرجو أن يكون محفوظاً وسفيان بن حسين صدوق. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب. وأخرجه الترمذي (626) من طريق عباد بن العوام، بهذا الإسناد، وقال: حديث حسن والعمل على هذا من عامة الفقهاء. وأخرجه ابن ماجه (1798) و (1805) من طريق سليمان بن كثير، عن ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه ابن ماجه (1807) من طريق نافع عن ابن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (4632). وله شاهد من حديث ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالك عن أبي بكر، سلف برقم (1567). وانظر ما سيأتي برقم (1569) و (1570) و (1571).

1569 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا محمدُ بنُ يزيد الواسطيُّ، أخبرنا سفيانُ بنُ حسين، بإسناده ومعناه، قال: فإن لم تكُنِ ابنةُ مخاض، فابنُ لبون، ولم يذكر كلامَ الزهري (¬1). 1570 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا ابنُ المبارك، عن يونس بن يزيد عن ابن شهاب، قال: هذه نسخةُ كتابِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الذي كَتَبه في الصَّدقة، وهي عند آل عمر بن الخطاب، قال ابنُ شهاب: أقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر، فوعيتُها على وجهها، وهي التي انتسخ عُمَرُ بن عبد العزيز من عبد الله بن عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله ابن عمر، فذكر الحديث. قال: "فإذا كانت إحدى وعشرين ومئة، ففيها ثلاثُ بناتِ لبون، حتى تبلغ تسعاً وعشرين ومئة، فإذا كانت ثلاثين ومئة، ففيها بنتا لَبُونٍ وحِقًةٌ، حتى تبلغ تسعاً وثلاثين ومئة، فإذا كانت أربعينَ ومئة، ففيها حقَّتان وبنتُ لبون، حتى تبلغَ تسعاً وأربعين ومئة، فإذا كانت خمسين ومئة، ففيها ثلاثُ حقاق، حتى تبلغ تسعاً وخمسين ومئة، فإذا كانت ستين ومئة، ففيها أربعُ بنات لبون، حتَّى تبلغَ تسعاً وستين ومئة، فإذا كانت سبعينَ ومئة، ففيها ثلاثُ بنات لَبُونٍ وحِقَّةٌ، حتى تبلغَ تسعاً وسبعين ومئة، فإذا كانت ثمانين ومئة، ففيها حِقَّتانِ وابنتا لبون، حتى تَبلُغَ تسعاً وثمانين ومئة، فإذا كانت تسعين ومئة، ففيها ثلاثُ حقاق وبنتُ لبون، حتى تبلغ تسعاً وتسعين ومئةً، فإذا كانت مئتين، ففيها أربعُ حِقاق، أو خمسُ بناتِ لبونٍ، أيُّ ¬

_ (¬1) حديث صحيح كسابقه. وهو في "مسند أحمد" (4634).

السِّنين وُجِدَت أخذت، وفي سائمة الغنم" فذكر نحو حديث سفيان ابن حسين، وفيه: "ولا تؤخذ في الصدقة هَرِمةٌ، ولا ذاتُ عوار مِن الغنم، ولا تيسُ الغنم، إلا أن يشاء المصدّق" (¬1). 1571 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ، قال: قال مالك: وقولُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لا يُجمَعُ بين مفترق ولا يُفَرّقُ بينَ مجتمع": هو أن يكونَ لكل رَجُلٍ أربعون شاةً، فإذا أظلَّهم المُصدِّق، جَمعُوها لئلا يكونَ فيها إلا شاة. "ولا يفرق بين مجتمع": أن الخليطَينِ إذا كان لكُل واحد منهما مئةُ شاةٍ وشاةٌ، فيكون عليهما فيها ثلاثُ شياه، فإذا أظلَّهما المُصدِّق فرَّقا عنهما، فلم يكنْ على كُل واحدٍ منهما إلا شاةٌ، فهذا الذي سمعت في ذلك (¬2). 1572 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهير، حدَّثنا أبو إسحاق، عن عاصم بن ضَمرة، وعن الحارث الأعور ¬

_ (¬1) رجاله ثقات. ابن المبارك: هو عبد الله. وأخرجه الدارقطني (1986)، والحاكم 1/ 393 - 394 والبيهقي 4/ 90 - 91 من طريق عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. إلا أنه جاء في رواية الحاكم. فإذا كانت تسعين ومئة ففيها ثلاث حقاق وثلاث بنات لبون. وهو خطأ. وانظر ما سلف برقم (1568). (¬2) انظر "الموطأ" 1/ 264. وانظر ما سلف برقم (1568).

عن علي رضي الله عنه - قال زهير: أحسبه عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: - "هاتُوا رُبُعَ العُشُورِ، من كلِّ أربعين درهماً دِرْهمٌ ولَيسَ عليكم شيءٌ حتى تتم مئتي درهمٍ، فإذا كانت مئتي درهمٍ، ففيها خمسةُ دراهم، فما زاد، فعلى حساب ذلك، وفي الغنم في كل أربعين شاةً شاةٌ، فإن لم يكن إلا تسعٌ وثلاثون، فليس عليك فيها شيء" وساق صدقة الغنم مثل الزهري. قال: "وفي البَقَرِ في كُل ثلاثينَ تَبيعٌ، وفي الأربعين مسنَّة، ولَيسَ على العوامل شيءٌ. "وفي الإبل" فذكر صدقتها كما ذكر الزهري قال: "وفي خَمْسٍ وعشرينَ خمسة مِن الغنم، فإذا زادت واحدةً، ففيها ابنةُ مخاضٍ، فإن لم تكنْ بنتُ مخاضٍ، فابنُ لَبُونٍ ذكر، إلى خمس وثلاثين، فإذا زادَتْ واحدةً، ففيها بنتُ لبونٍ إلى خمسٍ وأربعين، فإذا زادَتْ واحدةً، ففيها حِقَّةٌ طَرُوقَة الجمل، إلى ستين" ثم ساق مثلَ حديث الزُّهري، قال: فإذا زادَتْ واحدَةً - يعني واحدةً وتسعينَ - ففيها حِقتان طَرُوقتا الجَمَل، إلى عشرين ومئة، فإن كانت الإبلُ أكثرَ من ذلك، ففي كُل خمسينَ حِقَّة". "ولا يُفرق بينَ مجتمع، ولا يُجْمَعَ بينَ متفرِّقَ، خشيةَ الصَّدقة". "ولا يُؤخَذُ في الصدقة هَرِمَة، ولا ذاتُ عَوارِ، ولا تيسٌ، إلا أن يشاء المصدقُ". "وفي النبات: ما سقته الأنهارُ أو سقت السماءُ العُشْرُ، وما سُقي بالغربُ، ففيه نصفُ العُشر" وفي حديث عاصم والحارث: "الصَّدقة

في كلِّ عام" قال زهير: أحْسِبُه قال: مرة، وفي حديث عاصم: "إذا لم يكُنْ في الإبل ابنةُ مخاضٍ ولا ابنُ لبون، فعشرةُ دراهِمَ أو شاتان" (¬1). 1573 - حدَّثنا سليمانُ بن داود المَهريُ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني جريرُ ابنُ حازمٍ، وسمَّى آخر، عن أبي إسحاق، عن عاصمِ بن ضَمرةَ والحارثِ الأعور عن عليّ رضي الله عنه، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ببعض أول الحديث قال: "فإذا كانت لك مئتا درهمِ، وحالَ عليها الحولُ، ففيها خمسةُ دراهم، وليس عليك شيء - يعني في الذهب - حتَّى يكونَ لك عشرون ديناراً، فإذا كان لَكَ عشرون ديناراً، وحالَ عليها الحولُ، ففيها نِصْفُ دينارِ، فما زاد، فبحسابِ ذلك - قال: فلا أدري أعليٌّ يقول: "فبحسابِ ذلك" أو رفعه إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -؟ - "وليس في مالِ زكاة حتى يحولَ عليه الحولُ" إلا أن جريراً قال: ابنُ وهب يزيد في الحديث، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - "ليسَ في مالِ زكاة حتى يحولَ عليه الحَولُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من جهة عاصم بن ضمرة فهو صدوق والحارث الأعور وإن كان ضعيفاً متابع، وقد حسنه الحافظ في "الفتح" 327/ 3. زهير: هو ابن معاوية الجعفي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه ابن ماجه (1790) والنسائي في "الكبرى" (2268) و (2269) من طريقين عن أبي إسحاق، به. مختصراً بذكر زكاة الدراهم، أي: الفضة. وهو في "مسند أحمد" (711). وانظر تالييه. والتبيع: هو ولد البقرة في السنة الأولى، والأنثى تبيحة. والمُسنة: هي التي طعنت في الثالثة. والعوامل: هي التي تعمل في السقي والحرث وغيرهما. (¬2) إسناده حسن كسابقه. ابن وهب: هو عبد الله. وانظر ما قبله.

1574 - حدَّثنا عمرُو بنُ عون، أخبرنا أبو عَوانة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة عن علي، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "قد عفوتُ عن الخيلِ والرقيق، فهاتُوا صَدَقة الرِّقة، مِن كُلِّ أربعينَ درهماً درهماً، ولَيسَ في تسعينَ ومئةٍ شيءٌ، فإذا بَلَغَتْ مئتينِ ففيها خَمْسةُ دراهِم" (¬1). قال أبو داود: روى هذا الحديثَ الأعمشُ، عن أبي إسحاق، كما قال أبو عوانة، ورواه شيبان أبو معاوية وإبراهيم بن طهمان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مثله. وروى حديثَ النفيليّ (¬2) شعبةُ وسفيانُ وغيرهما عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي، لم يرفعوه. ¬

_ (¬1) إسناده حسن كسابقه. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه الترمذي (625) من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد، وقال: وروى هذا الحديث الأعمش وأبو عوانة وغيرهما عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، وروى سفيان الثوري، وابن عيينة وغير واحد، عن أبي إسحاق، عن الحارث عن علي، قال: وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث، فقال: كلاهما عندي صحيح. عن أبي إسحاق يُحتمل أن يكون عنهما جميعاً. وقال الدارقطني في "العلل": 3/ 156 - 159 بعد أن أورده من حديث الحارث ومن حديث عاصم: ويشبه أن يكون القولان صحيحين. وأخرجه ابن ماجه (1790)، والنسائي في "الكبرى" (2268) من طريقين عن أبي إسحاق، به. وهو في "مسند أحمد" (711). وانظر سابقيه. قال ابن القيم: وإنما أسقط الصدقة من الخيل والرقيق إذا كانت للركوب والخدمة، فأما ما كان منها للتجارة، ففيه الزكاة في قيمتها. (¬2) انظر الحديث السالف برقم (1572).

1575 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا بَهزُ بن حكيم (ح) وحدَثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا أبو أسامة، عن بهزِ بنِ حكيمٍ، عن أبيه عن جدِّه أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "في كُلِّ سائمةِ إبلٍ في أربعين بنتُ لبون، لا تُفرَّق إبلٌ عن حسابها، مَنْ أعْطاها مؤتجراً - قال ابن العلاء: مُؤتجراً بها - فله أجرُها، ومَنْ مَنَعها، فإنا آخِذُوها وشَطْرَ مالِه، عَزْمةً من عَزَمَاتِ ربنا عزَّ وجل، لَيسَ لآلِ مُحمَّدٍ منها شيءٌ" (¬1). 1576 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن أبي وائل عن معاذ: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - لما وجهه إلى اليَمنِ، أمَرَهُ أن يأخُذَ مِن البقر: مِن كل ثلاثين تبيعاً أو تبيعةً، ومِنْ كُل أربعين مُسِنَّةً، ومِنْ كُلِّ حَالمِ - يعني مُحتلماً - ديناراً، أو عَدْله من المَعَافر: ثياب تكونُ باليمن (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. حماد: هو ابن سلمة، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2236) و (2241) من طريقين عن بهز، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20016). السائمة: الراعية، وابنة لبون: هي ابنة الناقة أتمت السنة الثانية، ودخلت في الثالثة ولا تفرق إبل عن حسابها، أي: لا يفرق أحد الخليطين ملكه عن ملك صاحبه. وقوله: مؤتجراً. أي: طالباً للأجر، وقوله: عزْمة من عزَمات ربنا، أي: حقاً من حقوقه، وواجباً من واجباته. وفي الحديث دليل على أنه يجوز للإمام أن يعاقب بأخذ المال، وقد بسط المسألة العلامة ابن القيم في كتابه "إعلام الموقعين" 1/ 117، وبين أن تغريم المال - وهو العقوبة المالية - قد شرعت في مواضع فانظره لزاماً. (¬2) إسناده صحيح. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة. =

1577 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ والنُّفيليُّ وابنُ المثنى، قالوا: حدَّثنا أبو معاوية، حدَّثنا الأعمشُ، عن إبراهيمَ، عن مَسروقٍ، عن معاذ، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، مثله (¬1). 1578 - حدَّثنا هارونُ بنُ زيد بن أبي الزرقاء، حدَّثنا أبي، عن سفيانَ، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروقٍ عن معاذ بن جبل، قال: بعثه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إلى اليمن، فذكر مثله، لم يذكر: ثياباً تكونُ باليمن ولا ذكر: - يعني - محتلم (¬2). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2245) من طريق ابن إسحاق قال: حدثني الأعمش، بهذا الإسناد. وانظر ما سيأتي برقم (1577) و (1578) و (1599)، ومختصراً برقم (3038). وهو في "مسند أحمد" (22037). تبيعاً: ما دخل في السنة الثانية، ومسنة: ما دخل في الثالثة، وحالم: بالغ، أي يؤخذ منه في الجزية دينار. عَدله بالفتح وجُوّزَ الكسر: ما يساوي قيمة الشيء. معافر: برود تنسج في اليمن. (¬1) إسناده صحيح. عثمان: هو ابن أبي شيبة، وابن المثنى: هو محمد، وإبراهيم: هو ابن يزيد بن قيس النخعي، ومسروق: هو ابن الأجدع. وأخرجه النسائي في "الكبرى" 2244 من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم (3039). وانظر ما بعده لزاماً. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه الترمذي (628) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن. وأخرجه ابن ماجه (1803)، والنسائي في "الكبرى" (2242) و (2243) من طرق عن الأعمش، به. وأخرجه النسائي (2243) من طريق يعلى بن عُبيد، عن الأعمش، عن شقيق أبي وائل، عن مسروق. والأعمش، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، عن معاذ بن جبل. وهو في "مسند أحمد" (22013)، و"صحيح ابن حبان" (4886). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلنا: وقد تكلم بعض أهل العلم في سماع مسروق من معاذ، لكن غير واحد من المحققين صحح حديث معاذ هذا، فقد قال ابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 275: وقد روي هذا الخبر عن معاذ بإسناد تصل صحيح ثابت ذكره عبد الرزاق (6841) حدَّثنا معمر والثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ. وقال في "الاستذكار" (12807) بعدما ذكر حديث معاذ بن جبل عن مالك عن حميد بن قيس المكي، عن طاووس اليماني: أن معاذ بن جبل أحد من ثلاثين بقرة تبيعاً، ومن أربعين بقرة مسنة ... : ولا خلاف بين العلماء أن السنة في زكاة البقر ما في حديث معاذ هذا وأنه النصاب المجتمع عليه فيها، وحديث طاووس هذا عندهم عن معاذ غير متصل، والحديث عن معاذ ثابت تصل من رواية معمر والثوري عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ بمعنى حديث مالك. وروى معمر والثوري أيضاً عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي: وفي البقر في كل ثلاثين بقرةً تبيع حولين، وفي كل أربعين مسنة. وكذلك في كتاب النبي لعمرو بن حزم [أخرجه ابن حبان (6559)، والحاكم 1/ 395 - 397، والبيهقي 4/ 89 - 90]، وعلى ذلك مضى جماعة الخلفاء، ولم يختلف في ذلك العلماء إلا شيء روي عن سعيد بن المسيب وأبي قلابة والزهري وعمر بن عبد الرحمن بن أبي خلدة المزني وقتادة، ولا يُلتَفَتُ إليه لخلاف الفقهاء من أهل الرأي والآثار بالحجاز والعراق والشام له، وذلك لما قدّمنا عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وأصحابه وجمهور العلماء. وقال ابن حزم في "المحلى" 6/ 16 بعد أن حكم على رواية مسروق عن معاذ بالإرسال: ثم استدركنا فوجدنا حديث مسروق إنما ذكر فيه فعل معاذ باليمن في زكاة البقر، وهو بلا شك قد أدرك معاذاً وشهد حكمه وعمله المشهور المنتشر، فصار نقله لذلك - ولأنه عن عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نقلاً عن الكافة عن معاذ بلا شك فوجب القول به. وقال ابن القطان الفاسي في "الوهم والإيهام " 2/ 575 - ونقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 347 - : ولم أقل بعدُ: إن مسروقاً سمع من معاذ، وإنما أقول: إنه يجب على أصولهم أن يُحكَم لحديثه عن معاذ بحكم المتعاصرين اللذَين لم يُعلم انتفاء اللقاء بينهما، فإن الحكم فيه أن يحكم له بالاتصال له عند الجمهور. وانظر "البدر المنير" لابن الملقن 5/ 426 - 436.

قال أبو داود: ورواه جريرٌ ويعلى ومَعْمَر وشُعبَة وأبو عوانة، ويحيى بن سعيد، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروقٍ، قال يعلى ومعمر عن معاذ مثله. 1579 - حدَّثنا مُسدَد، حدَّثنا أبو عَوانة، عن هلال بن خبَّاب، عن ميسرة أبي صالح عن سُويد بن غفلة قال: سِرْتُ - أو قال: أخبرني من سار - مع مُصدِّق النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فإذا في عهد رسولٍ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أن لا تأخذَ مِنْ راضعِ لبن، ولا تَجْمَعَ بينَ مُفْتَرقٍ، ولا تُفرقَ بينَ مُجتَمِعِ" وكان إنما يأتي المياه حين تَرِدُ الغنمُ، فيقول: أدُّوا صَدَقاتِ أموالِكُم، قال: فعَمَدَ رجلٌ منهم إلى ناقةٍ كوماء، قال: قلت: يا أبا صالح، ما الكوماءُ؟ قال عظيمةُ السَّنام، قال: فأبى أن يَقبَلَها، قال: إني أحِبُّ أن تأخذَ خيرَ إبلي، قال: فأبى أن يَقْبَلَها، وقال: فخطمَ له أخرى دونَها، فأبى أن يَقْبَلَها، ثم خَطمَ له أخرى دونَها فقَبِلها، وقال: إني آخذُها وأخافُ أن يَجدَ عليَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، يقول لي: عَمَدْتُ إلى رَجُلِ فتخيَّرت عليه إبلَه (¬1). قال أبو داود: رواه هُشيمٌ عن هلال بن خبَّاب نحوه، إلا أنه قال: لا يُفرَّق. ¬

_ (¬1) إسناده حسن. ميسرة أبو صالح صدوق حسن الحديث. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو عوانه: هو وضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2249) من طريق هشيم بن بشير عن هلال بن خَبَّاب، به. وهو في "مسند أحمد" (18837). وانظر ما سيأتي بعده.

1580 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصبّاح البزَّاز، حدَّثنا شريك، عن عثمان بن أبي زرعة، عن أبي ليلى الكنديِّ عن سُويد بن غَفلة، قال: أتانا مُصَدِّقُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فأخذتُ بيده، وقرأتُ في عهده قال: "لا يَجْمَعُ بينَ مُتفرق ولا يُفرَقُ بين مُجتمعٍ، خَشيةَ الصدقةِ" ولم يذكر: "راضِع لبن" (¬1). 1581 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا وكيع، عن زكريا بن إسحاق المَكِّي، عن عمرو بن أبي سُفيان الجُمَحِيِّ، عن مسلم بن ثَفِنةَ اليَشكُري - قال الحسن: روح يقول: مُسلم بن شُعبة - قال: استعمل نافعُ بنُ علقمةَ أبي على عِرافَةِ قَومِه، فأمَرَهُ أن يُصدِّقهم، قال: فبعثني أبي في طائفةٍ منهم، فأتيتُ شيخاً كبيراً يقال له: سعر بن دَيسَم فقلت: إن أبي بعثني إليك - يعني لأصدِّقَك - قال: ابنَ أخي، وأيَّ نحو تأخذون؟ قلت: نختار حتَّى إنا نتبين ضُرُوعَ الغَنم، قال: ابن أخي، فإني أحَدِّثُكَ أني كنتُ في شعب من هذه الشعاب على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في غنم لي، فجاءني رجُلان على بعيرٍ، فقالا لي: إنا رسولا رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إليك لتؤدِّي صدقةَ غنمك، فقلت: ما عليَّ فيها، فقالا: شاة، فأعمِد إلى شاةٍ قد عرفتُ مكانَها ممتلئةِ محْضاً وشحْماً، فأخرجتُها إليهما، فقالا: هذه شاةُ الشَافع، وقد نهانا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن نأخذ ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، شريك - وهو ابن عبد الله النخعي، وإن كان سيئ الحفظ تابعه ميسرة أبو صالح في الرواية السالفة قبله. عثمان: هو ابن المغيرة الثقفي، وأبو ليلى الكِنْدي: هو سلمة بن معاوية. وأخرجه ابن ماجه (1801) من طريق وكيع بن الجراح، عن شريك، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

شافعاً، قلت: فأي شيء تأخذان؟ قالا: عَنَاقاً: جَذَعةً أو ثنيَّةً، قال: فأعمدُ إلى عَناق مُعْتاطٍ، والمعتاط: التي لم تَلِدْ ولداً، وقد حانَ ولادُها، فأخرجتُها إليهما، فقالا: ناوِلْناها فجعلاها معهما على بعيرهما، ثم انطلقا (¬1). قال أبو داود: رواه أبو عاصمٍ، عن زكريا، قال أيضاً: مسلم بن شعبة، كما قال روح. 1581م - حدَّثنا محمدُ بنُ يونس النسائي، حدَّثنا روحٌ، حدَّثنا زكريا بنُ إسحاق، بإسناده بهذا الحديث، قال: مسلم بن شعبة. قال فيه: ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، مسلم بن شعبة انفرد بالرواية عنه عمرو بن أبي سفيان، وقال الذهبي في "الميزان": لا يُعرف، وقد أخطأ وكيع - وهو ابن الجراح - في هذه الرواية في اسم مسلم هذا، فقال: مسلم بن ثفنة، والصواب: مسلم بن شعبة، نبه عليه أحمد والنسائي وغيرهما. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2254) من طريق محمد بن عبد الله، عن وكيع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15426). وانظر ما بعده. عرافة قومه: العِرافة بكسر العين، أي: القيام بأمورهم ورياستهم. لأصدقك: ليأخذ منهم الصدقات. والمحض: اللبن. والشافع، أي: الحامل، وسميت شافعاً، لأن ولدها قد شفعها، فصارت زوجاً. عناقاً: بفتح العين ما كان دون ذلك. وقوله: معتاطاً، قال السندي: قيل: هي التي امتنعت عن الحمل لسمنها، وهو لا يوافق ما في الحديث إلا أن يراد بقوله، وقد حان ولادها الحمل، أي: أنها لم تحمل وهي في سنٍ يحمل فيه مثلها، ولا بد من هذا التأويل وإلا لصارت هذه أيضاً شافعاً، والله تعالى أعلم.

والشافع: التي في بطنها الولد (¬1). 1582 - قال أبو داود: وقرأتُ في كتابِ عبدِ الله بن سالم بحمصَ عندَ آلِ عمرو بن الحارث الحمصي، عن الزبيديّ، قال: وأخبرني يحيى بنُ جابر، عن جُبَير بن نُفيرٍ عن عبد الله بن معاوية الغَاضِرِيِّ - من غاضِرَةِ قيْسِ - قال: قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "ثلاثٌ مَنْ فَعَلَهنَّ فقد طَعِمَ طَعْمَ الإيمان: مَنْ عَبَدَ الله وحدَه وأنَّه لا إله إلا الله، وأعطى زكاةَ مالِه طيبةَ بها نفسُه، رافدةً عليه كل عام، ولا يُعطي الهَرِمة، ولا الدَّرِنَة، ولا المريضَة، ولا الشَّرَطَ اللَّئيمةَ، ولكن من وَسَطِ أموالِكُم، فإنَّ الله لم يسألْكُم خَيرَه، ولم يأمُرْكُم بشَرِّه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. روح: هو ابن عبادة القيسي. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (2463) من طريق روح بن عبادة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15427). وانظر ما سلف قبله. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن فيه انقطاع بين يحيي بن جابر وبين جُبير بن نفير. وقد جاء موصولاً من طرق عن عبد الله بن سالم - وهو الأشعري -، بذكر عبد الرحمن بن جبير بن نفير، وهو ثقة. الزبيدي: هو محمد بن الوليد الزبيدي الحمصي. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1062) من طريق عبد الله بن سالم، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 7/ 421، والبخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 31، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"1/ 269 - 270، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 102 - 103، والطبراني في "المعجم الصغير" (555)، وفي "مسند الشاميين" (1870)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 95 - 96، وفي "شعب الإيمان" (3026) =

1583 - حدَّثنا محمدُ بنُ منصور، حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني عبدُ الله بنُ أبي بكر، عن يحيي بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زُرارة، عن عُمارة بن عمرو بن حزم عن أبيِّ بن كعبٍ، قال: بعثني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - مصدَقاً، فمررتُ برجُلٍ، فلما جَمعَ لي مالَه، لم أجِدْ عليه فيه إلا ابنةَ مخاض، فقلت له: أدِّ ابنةَ مخاضٍ فإنها صَدَقتُكَ، قال: ذاك ما لا لبنَ فيه ولا ظَهْرَ، ولكن هذه ناقةٌ فتيةٌ عظيمةٌ سمينة فَخُذها، فقلت له: ما أنا بآخذٍ ما لم أومر به، وهذا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - منكَ قريبٌ، فإن أحببتَ أن تأتيَه، فتعرضَ عليه ما عرضتَ علىّ، فافْعل، فإن قبلَه منك قبلتُه، وإن ردَّه عليك رددتُه، قال: فإني فاعلٌ، فخرج معي، وخرج بالناقة التي عَرَضَ علي حتى قَدِمْنا على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال له: يا نبيَّ الله، أتاني رسولُك ليأخذ مِنِّي صدقةَ مالي، وايْمُ الله ما قامَ في مالي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ولا رسولُه قطُّ قبلَه، فجمعتُ له مالي، فزَعَم أن ما علي فيه ابنةُ مخاضٍ، وذلك ما لا لَبَن فيه ولا ظَهْرَ، وقد عرضتُ عليه ناقةً فتيَّةً عظيمةً ليأخذها، فأبى عليَّ، وها هي ذِهْ، قد جئتُك بها يا رسول الله خُذها، فقال له رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ذاك الذي عليك، فإن تطوعتَ بخير، آجَرَكَ الله فيه، وقبلناه ¬

_ = من طرق عن عبد الله بن سالم الأشعري، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن يحيى بن جابر، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عبد الله بن معاوية الغاضري، به. وهذا إسناد صحيح موصول. وقوله: رافدة عليه، أي: معينة، وأصل الرفد: الإعانة، والرفد المعونة. والهرمة: كبيرة السن، والدرنة: الجرباء، وأصله من الوسخ، والشرط، بفتح الشين والراء: صغار المال ورذالته، واللئيمة: الرذيلة والدنية.

منك" قال: فها هي ذِهْ يا رسولَ الله قد جِئْتُك بها فخُذْها، قال: فأمرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بقبضها، ودعا له في ماله بالبركة (¬1). 1584 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا وكيع، حدَّثنا زكريا بن إسحاق المكي، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبدٍ عن ابن عباسِ، أن رَسُولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بعَثَ معاذاً إلى اليمن، فقال: "إنك تأتي قَوْماً أهلَ كِتاب، فادعُهمُ إلى شهادَةِ أن لا إله إلا الله، وأني رسولُ الله، فإنْ هُمْ أطاعُوكَ لذلكَ فأعْلِمْهُمْ أن الله افترضَ عليهم خمسَ صَلَواتٍ في كُل يَوْمٍ ولَيْلَةٍ، فإن هُمْ أطاعُوك لذلك، فأعْلِمْهُم أن الله افترضَ عليهم صدقةً في أموالهم تُؤخَذُ مِنْ أغنيائِهم، وتُرَدُّ على فُقرائِهم، فإن هم أطاعُوكَ لذلك، فإياك وكَرَائِمَ أموالِهِمْ، واتَّق دَعْوةَ المظلوم، فإنها ليسَ بينَها وبينَ الله حِجابٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. محمد بن إسحاق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث. إبراهيم: هو ابن سعد بن إبراهيم الزهري. وأخرجه أحمد (21279)، وابن خزيمة (2277)، وابن حبان (3269)، والحاكم 1/ 399 - 400، والبيهقي 4/ 96 - 97، والضياء في "المختارة" (1254 - 1256) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن خزيمة (2380) من طريق محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي نجيح، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن عمارة بن عمرو، به. (¬2) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، وأبو معبد: هو نافذ مولى ابن عباس. وأخرجه البخاري (1395) و (1496) و (4347)، ومسلم (19)، وابنُ ماجه (1783)، والترمذي (630) والنسائي في "الكبرى" (2226) و (2313) من طرق عن زكريا بن إسحاق، به. وبعض روايات مسلم عن ابن عباس عن معاذ بن جبل. =

1585 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا الليثُ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن سعد بن سِنانٍ عن أنسِ بن مالك أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "المُعْتَدي في الصَّدقةِ كمانِعِها" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1458) و (7372)، ومسلم (19) (31) من طريق إسماعيل ابن أمية، عن يحيي بن عبد الله، به. وأخرج منه قوله: "واتق دعوة المظلوم ... ": البخاري (2448)، والترمذي (2133) من طريقين، عن وكيع، به. وأخرجه البخاري (7371) من طريق أبي عاصم الضحاك، عن زكريا بن إسحاق، به. مقتصراً على قوله: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بعث معاذاً إلى اليمن. وهو في "مسند أحمد" (2071)، و "صحيح ابن حبان" (156). والكرائم جمع كريمة، يقال: ناقة كريمة، أي: غزيرة اللبن، والمراد: نفائس الأموال من أي صنف كان، وقيل له: نفيس، لأن نفس صاحبه تتعلق به. وقوله: واتق دعوة المظلوم. قال الحافظ: أي: تجنب الظلم لئلا يدعو عليك المظلوم، وفيه تنبيه على المنع من جميع أنواع الظلم، والنكتة في ذكره عقب المنع من أخذ الكرائم الإشارة إلى أن أخذها ظلم. وفي الحديث مراعاة فقه الأولويات. (¬1) إسناده حسن، سعد بن سنان كذا جاءت تسميته هنا، وصوَّب البخاري أن اسمه: سنان بن سعد فيما حكاه عنه الترمذي في "العلل" 1/ 321 وقال عن سنان هذا: صالح مقارب الحديث، ووثقه أحمد بن صالح المصري وابن معين، وذكره ابن حبان في "الثقات" وصحح حديثه هذا ابن خزيمة (2335)، وحسنه الترمذي (652) وابن القطان في "بيان الوهم" 4/ 214، وقال ابن عدي في "الكامل" 3/ 1193 بعد أن ذكر جملة أحاديث من رواية سنان بن سعد عن أنس، وهذا منها: ولسِى هذه الأحاديث مما يجب أن تترك أصلًا كما ذكره ابن حنبل أنه ترك هذه الأحاديث للاختلاف الذي فيه من سعد بن سنان وسنان بن سعد. الليث: هو ابن سعد. وأخرجه ابن ماجه (1808)، والترمذي (652) من طريقين عن الليث، بهذا الإسناد. =

5 - باب رضا المصدق

5 - باب رضا المصدِّق 1586 - حدَّثنا مهديُّ بنُ حفصِ ومحمدُ بنُ عُبيدٍ - المعنى - قالا: حدَّثنا حماد، عن أيوبَ، عن رَجُلٍ يقال له: ديسمٌ - وقال ابنُ عُبيد: من بني سَدُوسَ - عن بشير ابن الخَصاصِيَةِ - قال ابنُ عُبيدٍ في حديثه: وما كان اسمه بشيراً ولكن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سمَّاه بشيراً - قال: قلنا: إنَّ أهلَ الصَّدَقَة يعتدون علينا، أفَنكْتُمُ مِنْ أموالنا بقَدْرِ ما يَعْتَدُونَ علينا؟ فقال: "لا" (¬1). ¬

_ = وله شاهد من حديث جرير بن عبد الله عند الطبراني في "الكبير" (2275)، قال الهيثمي: رجاله ثقات. قال المناوي في شرح هذا الحديث: المعتدي في الصدقة بان يُعطيها غير مستحقها، أو لكون الآخذ يتواضع له، أو يخدمه، أو يثني عليه، كمانعها في بقائها، أو في أنه لا ثواب له، لأنه لم يخرجها مخلصاً لله. أو معناه: أن العامل المتعدي في الصدقة يأخذ أكثر مما يجب، والمانع الذي يمنع أداء الواجب، كلاهما في الوزر سواء. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. ديسم قال الذهبي: رجل من بني سدوس لا يُدري من هو، يعرف بحديثه عن بشير ابن الخصاصية ... تفرد عنه أيوب السختياني. فهو في عداد المجهولين. حماد: هو ابن زيد الأزدي، وستأتي منه قصة تغيير اسم بشير بإسناد صحيح برقم (3230). وقد صح عنه - صلَّى الله عليه وسلم - ذكر وجوب إرضاء المُصدِّق وإن ظَلَم، برقم (1589). وانظر ما بعده. قال الخطابي: يشبه أن يكون نهاهم عن ذلك من أجل أن للمصدِّق أن يستحلف رب المال إذا اتهمه، فلو كتموه شيئاً منها، واتهمهم المصدّق لم يجُز لهم أن يحلفوا على ذلك، فقيل لهم: احتملوا لهم الضيم، ولا تكذبوهم ولا تكتموهم المال. وقد روي: "أدَّ الأمانة إلى من ائتمنكَ ولا تخُن من خانك". وفي هذا تحريض على طاعة السلطان وإن كان ظالماً، وتوكيد لقول من ذهب إلى أن الصدقات الظاهرة لا يجوز أن يتولاها المرء بنفسه، لكن يخرجها إلى السلطان.

1587 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي ويحيى بنُ موسى، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، عن مَعمَرٍ، عن أيوبَ، بإسناده ومعناه، إلا أنه قال: قلنا: يا رسولَ الله، إن أصحابَ الصدقة (¬1). رفعه عبد الرزاق عن معمر. 1588 - حدَّثنا عباسُ بنُ عبد العظيم ومحمدُ بنُ المثنى، قالا: حدَّثنا بِشْرُ ابنُ عمر، عن أبي الغُضن، عن صخر بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن جابر ابن عَتيكٍ عن أبيه، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "سَيَأتِيكُم رَكْبٌ (¬2) مُبَغَّضُون، فإذا جاؤوكم، فرَحِّبُوا بهم، وخَلُّوا بينَهم وبينَ ما يبتغون، فإن عَدَلُوا فلأنفسهم، وإن ظَلَمُوا فعليها، وأرْضُوهُم، فإن تمامَ زكاتِكم رضاهُم، ولْيَدْعُوا لَكم" (¬3). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف كسابقه. عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (6818)، ومن طريقه أخرجه البيهقي 4/ 104. وانظر ما قبله. (¬2) في (هـ) و (و): رُكَيب. قال الخطابي: تصغير ركْب، وهو جمع راكب، كما قيل: صَحب في جمع صاحب، وتَجر في جمع تاجر، وإنما عنى به السُّعاة إذا أقبلوا يطلبون صدقات الأموال، فجعلهم مُبغَضِين لأن الغالب في نفوس أرباب الأموال بغضهم والتكرُّه لهم، لما جُبلت عليه القلوب من حب المال، وشدة حلاوته في الصدر إلا من عصمه الله ممن أخلص النية واحتسب فيها الأجر والمثوبة. (¬3) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، صخر بن إسحاق مجهول، وقد اختلف في اسمه، فقيل: صخر بن إسحاق، وقيل: خارجة بن إسحاق، وعبد الرحمن بن جابر مجهول أيضاً. وأبو الغصن - وهو ثابت بن قيس - مختلف فيه وثقه أحمد وضعفه ابن معين. =

قال اْبو داود: أبو الغصن: هو ثابت بنُ قيس بن غُصن. 1589 - حدَّثنا أبو كامل، حدَّثنا عبدُ الواحد بنُ زياد (ح) وحدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الرحيم بنُ سليمان - وهذا حديثُ أبي كاملٍ - عن محمد بن أبي إسماعيلَ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ هلال العَبْسي عن جرير بن عبد الله، قال: جاء ناسٌ - يعني مِن الأعراب - إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالوا: إن ناساً مِن المُصدِّقين يأتونا، فيظلمونا، قال: فقال: "أرضُوا مُصَدقيكُم" قالوا: يا رسولَ الله، وإن ظلمونا؟ قال: "أرضوا مُصَدقيكم"، زاد عثمان: "وإن ظُلِمْتمْ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البيهقي 4/ 114 من طريق بشر بن عمر، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 115، عن خالد بن مخلد والبزار في "مسنده" كما في "بيان الوهم والإيهام " 2/ 132 من طريق أبي عامر العقدي، كلاهما عن أبي الغُصن ثابت بن قيس، عن خارجة بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن جابر. فسميا شيخ أبي غصن: خارجة، وجعلا الحديث من مسند جابر بن عبد الله. وكذلك علقه البخاري في "تاريخه" 5/ 266 - 267 عن إسحاق بن محمد الفروي، عن أبي الغصن. وقد صح عنه - صلَّى الله عليه وسلم - ذكر وجوب إرضاء المصَدّق وإن ظلم في الحديث الذي يليه. قال الخطابي: فيه من العلم أن السلطان الظالم لا يُغالَب باليد، ولا يُنازَع بالسلاح. (¬1) إسناده صحيح. أبو كامل: هو فضيلُ بنُ حسين الجَحدري. وأخرجه مسلم (989)، والنسائي في "الكبرى" (2252) من طريق محمد بن أبي إسماعيل، به. وأخرجه بنحوه مسلم بإثر (1078)، وابن ماجه (1802)، والترمذي (653) و (654)، والنسائي (2253) من طريق الشعبي عامر بن شراحيل، عن جرير بن عبد الله، به وهو في "مسند أحمد" (19187) و (19207). والمُصدّق: هو عامل الزكاةِ الذي يستوفيها من أربابها.

6 - باب دعاء المصدق لأهل الصدقة

قال أبو كامل في حديثه: قال جرير: ما صدَر عني مُصدِّق بعدما سمعتُ هذا من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلا وهو عنِّي راضٍ. 6 - باب دعاء المصدّق لأهل الصدقة 1590 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر النمَري وأبو الوليد الطَّيالسي - المعنى - قالا: حدَّثنا شُعبةُ، عن عمرِو بن مُرَّةَ عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان أبي مِنْ أصحاب الشجرَة، وكان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إذا أتَاه قَوْمٌ بصَدَقَتِهم، قال: "اللهُمَّ صَل على آلِ فُلانِ"، قال: فأتاه أبي بصَدَقته، فقال: "اللَهُمَّ صَل على آلِ أبي أوفَى" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه البخاري (1497) من طريق حفص بن عمر، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (4166) و (6332) و (6359)، ومسلم (1078)، وابن ماجه (1796)، والنسائي في "الكبرى" (2251) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد وهو في "مسند أحمد" (1911)، و"صحيح ابن حبان " (917) و (3274). وقوله: "اللهم صل على آل أبي أوفى"، يريد أبا أوفى نفسه، لأن الآل يطلق على ذات الشيء كقوله في قصة أبي موسى الأشعري: لقد أوتي مزماراً من مزامير آل داود، واسم أبي أوفى علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمي شهد هو وابنه عبد الله بيعة الرضوان تحت الشجرة. قال الحافظ في "الفتح" 3/ 362: واستدل به على جواز الصلاة على غير الأنبياء، وكرهه مالك والجمهور، قال ابن التين: هذا الحديث يعكر عليه، وقد قال جماعة من العلماء: يدعو آخذ الصدقة للمتصدق بهذا الدعاء لهذا الحديث، وأجاب الخطابي عنه قديماً بأن أصل الصلاة الدعاء إلا أنه يختلف بحسب المدعو له فصلاة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - على أمته دعاء لهم بالمغفرة، وصلاة أمته عليه دعاء له بزيادة القربى والزلفى، ولذلك كان لا يليق بغيره.

7 - باب تفسير أسنان الإبل

7 - باب تفسيرِ أسنانِ الإبل قال أبو داود: سمعتُه من الرِّياشي وأبي حاتم (¬1) وغيرِهما، ومن كتاب النضرِ بن شُمَيل، ومن كتاب أبي عبيد (¬2)، وربما ذكر أحدُهم الكلمة قالوا: يُسمى الحُوارُ، ثم الفصيلُ، إذا فَصَلَ، ثم تكونُ بنتَ مخاض لسنة إلى تمام سنتين، فإذا دَخَلَتْ في الثالثة، فهي ابنةُ لبون، فإذا تمَّت له ثلاثُ سنين، فهو حِقٌّ وحِقةٌ، إلى تمام أربع سنين، لأنها استحقت أنْ ¬

_ (¬1) الرياشي: هو عباس بن الفرج العلامة الحافظ شيغ الأدب أبو الفضل الرياشي البصري النحوي. قال الخطيب: قدم بغداد، وحدث بها وكان ثقة، وكان من الأدب وعلم النحو بمحل عالٍ، وكان يحفظ كتب أبي زيد، وكتب الأصمعي كلها، وقرأ على أبي عثمان كتاب سيبويه، فكان المازني يقول: قرأ على الرياشي الكتاب وهو أعلم به مني، قتل في فتنة الزنج بالبصرة سنة (257هـ) رحمه الله، وجعل الجنة مثواه "السير" 9/ 328 - 332. وأما أبو حاتم، فهو الإمام العلامة سهل بن محمد السجستاني ثم البصري المقرئ النحوي اللغوي صاحب التصانيف الكثيرة في اللغة والشعر والعروض، وقد تخرج به أئمة، منهم أبو العباس المبرد صاحب "الكامل". عاش ثلاثاً وثمانين سنة، ومات في آخر سنة خمس وخمسين ومئتين "السير" 14/ 268 - 270. (¬2) النضر بن شميل: هو العلامة الإمام الحافظ أبو الحسن المازني البصري النحوي نزيل مرو وعالمها، ولد في حدود سنة اثنتين وعشرين ومئة، ومات في أول سنة أربع ومئتين. كان من فصحاء الناس، وعلمائهم بالأدب، وأيام الناس. وثقه ابن معين وابن المديني والنسائى، وقال أبو حاتم: ثقة صاحب سنة. "سير أعلام النبلاء" 9/ 328 - 332. وأما أبو عبيد: فهو الإمام الحافظ المجتهد المتفنن القاسم بن سلام بن عبد الله الهروي صاحب التصانيف الموثقة التي سارت بها الركبان، منها كتاب "غريب الحديث" في أربع مجلدات، وكتاب "الأموال" في مجلد، وكتاب "فضائل القرآن" و"غريب المصنف في علم اللغة". توفي سنة أربع وعشرين ومئتين بمكة. أخباره في "السير" 10/ 490 - 509.

تُرْكَبَ، ويُحْمَلَ عليها الفَحْلُ وهي تَلقحُ، ولا يُلقحُ الذكرُ حتَّى يُثنيَ، ويقال للحِقَّة: طَروقةُ الفحل، لأن الفحلَ يَطرُقُها، إلى تمامِ أربع سنين، فإذا طعنت في الخامسة، فهي جَذَعة، حتى يتمَ لها خمسُ سنين، فإذا دخلت في السادسة وألقى ثَنيته، فهو حينئذ ثنيٌّ، حتى يستكمل ستاً، فإذا طَعَنَ في السابعة، سُمي الذكر رَباعيَاً، والأنثى رَباعيَة، إلى تمام السابعة، فإذا دخل في الثامنة ألقى السِّنَّ السَّديس الذي بعدَ الرَباعية، فهو سديس وسَدِسٌ، إلى تمام الثامنة، فإذا دخل في التسعِ وطلَع نابُه، فهو بازِلٌ، أي: بَزَل نابُه، يعني طَلَعَ، حتى يدخل في العاشرة، فهو حينئذ مُخلِفٌ، ثم ليس له اسم، ولكن يقال: بازلُ عامٍ، وبازلُ عامين، ومُخلِف عام، ومُخلِفُ عامَين، ومُخلِفُ ثلاثةِ أعوام، إلى خمس سنين، والخَلِفة: الحاملُ، قال أبو حاتم: والجُذوعة: وقت من الزمن ليس بسنٍّ، وفصول الأسنان عند طلوع سُهيلٍ (¬1). قال أبو داود: وأنشدنا الرِّياشي: إذا سُهيْلٌ أولَ الليل طَلَع ... فابنُ اللَّبون الحِقُّ والحِقُّ جَذَع لم يبق من أسنانها غيرُ الهُبَعْ والهُبَعُ: الذي يولد في غير حينه (¬2). ¬

_ (¬1) يعني أن حساب أسنان الإبل من وقت طلوع النجم الذي يسمى سهيلاً، لأن سهيلاً إنما يطلع في زمن نتاج الإبل، فالتي كانت ابنة لبون تصير عند طلوع سهيل حِقة، وقلما تنتج الإبل إلا في زمن طلوع سهيل، فالإبل التي تلد في غير زمنه يحسب منها من ولادتها. (¬2) الهبع: الفَصيل يُولد في الصيف.

8 - باب، أين تصدق الأموال؟

8 - باب، أين تُصدَّق الأموال؟ 1591 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا ابنُ أبي عدي، عن ابن إسحاق، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه عن جدِّه، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "لا جَلَبَ، ولا جَنَبَ، ولا تُؤخَذُ صَدَقاتُهم إلا في دُورِهمْ" (¬1). 1592 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيم، سمعتُ أبي يقول: ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، محمد بن إسحاق صرح بالتحديث. عند أحمد (7024) وغيره. ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم السلمي. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 235، وأحمد في "مسنده" (6692) و (7024)، وابن الجارود في "المنتقى" (345) و (1052)، وابن خزيمة (2280)، والبيهقي 8/ 29، والبغوي في "شرح السنة" (2542) من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (7012) من طريق عبد الرحمن بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، به. وانظر ما بعده. وفي الباب عن عمران بن حصين سيأتي برقم (2581). وآخر عن عبد الله بن عمر، عند أحمد في "مسنده" (5654). وثالث عن أنس بن مالك، عند النسائي (3336). وقوله: لا جلب: هو بفتحتين، ومعناه: لا يقرب العامل أموال الناس إليه لما فيه من المشقة عليهم بأن ينزل الساعي محلاً بعيداً عن الماشية ثم يحضرها، وإنما ينبغي له أن ينزل على مياههم أو أمكنة مواشيهم لسهولة الأخدْ حينئذٍ، وقوله: ولا جنب بفتحتين، أي: لا يبعد صاحب المال المال بحيث تكون مشقة على العامل. "ولا تؤخذ إلا في دورهم" أي: في منازلهم وأماكنهم ومياههم وقبائلهم على سبيل الحصر، لأنه كنى بها عنه، فإن أخذ الصدقة في دورهم لازم لعدم بعد الساعي عنها فيجلب إليه، ولعدم بعد المزكي، فإنه إذا بعد عنها لم يؤخذ فيها. "مرقاة المفاتيح" وانظر "شرح السنة"10/ 205.

9 - باب الرجل يبتاع صدقته

عن محمد بن إسحاق في قوله: "لا جَلَبَ ولا جَنَبَ"، قال: أن تُصدَّق الماشيةُ في مواضعِها، ولا تُجلَبَ إلى المُصَدِّق، والجَنَبُ عن هذه الفريضة أيضاً: لا يُجنب أصحابها، يقول: ولا يكونُ الرجلُ باقصى مواضع أصحابِ الصدقة فتُجنَبَ إليه، ولكن تُؤْخَذُ في مَوْضِعِه (¬1). 9 - باب الرجل يبتاعُ صدقتَه 1593 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن نافع عن عبد الله بن عمر: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حَمَلَ على فرسِ في سبيل الله، فوَجَده يُباع، فأراد أن يبتاعَه، فسأل رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: "لا تَبْتَعْهُ، ولا تَعُدْ في صَدَقتك" (¬2). ¬

_ (¬1) تفسير ابن إسحاق هذا أخرجه البيهقي 4/ 110 من طريق المصنف. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 282، ومن طريقه أخرجه البخاري (2971) و (3002)، ومسلم (1621) (3). وأخرجه البخاري (2775)، ومسلم (1621) (3) من طريقين عن نافع، به. وأخرجه البخاري (1489)، ومسلم (1621) (4)، والترمذي (674)، والنسائي (2409) و (2410) من طريق سالم بن عبد الله، وابن ماجه (2392) من طريق عمر ابن عبد الله، كلاهما عن عبد الله بن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (5177)، و"صحيح ابن حبان" (5124). وأخرجه البخاري (1490) و (2623) و (2636) و (2970) و (3003)، ومسلم (1620)، والنسائي (2615) من طريق أسلم مولى عمر، عن عمر بن الخطاب قال: =

10 - باب صدقة الرقيق

10 - باب صدقة الرقيق 1594 - حدَّثنا محمدُ بن المثنى ومحمدُ بنُ يحيى بن فيَّاض، قالا: حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، حدَّثنا عُبيدُ الله، عن رجلٍ، عن مكحولٍ، عن عراكِ بن مالك عن أبي هريرة، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لَيسَ في الخَيلِ والرَّقيقِ زكاةٌ، إلا زَكاةَ الفِطْرِ في الرقيق" (¬1). ¬

_ = حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، فأردتُ أن أشتريه، وظننت أنه يبيعه برخص، فسألت النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: لا تشترِ، ولا تعد في صدقتك وإن أعطاكه بدرهم، فإن العائد في صدقته كالعائد في قيئه. وأخرجه ابن ماجه (2390) من طريق أسلم عن عمر بن الخطاب، به. مختصراً، بلفظ: "لا تعد في صدقتك". وهو في "مسند أحمد" (258) و (281)، و "صحيح ابن حبان" (5125). وقوله: "ولا تعد في صدقتك" قال الحافظ: وسمى شراءه برخص عوداً في الصدقة من حيث إن الغرض منها ثواب الآخرة، فإذا اشتراها برخص، فكأنه اختار عرض الدنيا على الآخرة مع أن العادة تقتضي بيع مثل ذلك برخص لغير المتصدق فكيف بالمتصدق، فيصير راجعاً في ذلك المقدار الذي سومح فيه. وفيه دليل على أن فرس الصدقة ما كان على سبيل الوقف، بل ملكه له ليغزو عليه إذ لو وقفه لما صح أن يبتاعه. قاله القسطلاني. وقال ابن بطال: كره أكثر العلماء شراء الرجل صدقته لحديث عمر رضي الله عنه، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي سواء كانت الصدقة فرضاً أو نفلاً، فإن اشترى أحد صدقته لم يفسخ بيعه وأولى به التنزه عنه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن مكحول، ومكحول وإن أدرك عراك بن مالك، لكنه لم يسمع منه هذا الحديث بعينه كما سيأتي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2260) من طريق إسماعيل بن أمية، عن مكحول، به. وهو في "مسند أحمد" (7757). =

11 - باب صدقة الزرع

1595 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، حدَّثنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن سليمانَ بنِ يسار، عن عراك بن مالك عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لَيسَ على المُسلمِ في عَبْدِهِ، ولا في فَرَسِهِ صَدَقَةٌ" (¬1). 11 - باب صدقة الزَّرع 1596 - حدَّثنا هارونُ بنُ سعيد بن الهيثم الأيليّ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهب، أخبرني يونسُ بن يزيدَ، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله ¬

_ = وأخرجه مسلم (982)، والنسائي (2259) من طريق أيوب بن موسى، عن مكحول، عن سليمان بن يسار، عن عراك بن مالك، به. بلفظ: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة". ولم يذكر صدقة الفطر. وأخرج مسلم (982) من طريق بكير بن الأشج، عن عراك بن مالك، عن أبي هريرة رفعه: "ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر". (¬1) إسناده صحيح. وهو عند مالك في"الموطأ" 1/ 277، ومن طريقه أخرجه مسلم (982)، والنسائي في "الكبرى" (2262). وأخرجه البخاري (1463)، وابن ماجه (1812)، والترمذي (633)، والنسائي (2258) من طرق عن عبد الله بن دينار، به. وأخرجه البخاري (1464)، ومسلم (982)، والنسائي (2261) و (2263) من طريق خثيم بن عراك بن مالك، عن عراك بن مالك، به. وهو في "مسند أحمد" (7295)، و"صحيح ابن حبان" (3271) و (3272). وانظر ما قبله. وليس في الفرس والعبد إذا كانا للخدمة زكاة إجماعاً، وفيها زكاة إجماعاً خلافاً للظاهرية إذا كانا للتجارة، واختلفوا في غيرهما، فقال الثلاثة وصاحب أبي حنيفة والطحاوي: لا زكاة فيهما.

عن أبيه، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "فيما سَقَتِ السماءُ والأنهارُ والعيونُ أو كان بعْلاً العُشُر، وفيما سُقِيَ بالسَّواني أو النَّضْح نِصْفُ العُشرِ" (¬1). 1597 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهب، أخبرني عمرو، عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "فيما سَقَتِ الأنهارُ والعُيونُ العُشرُ، وما سُقِيَ بالسَواني، ففيه نِصْفُ العُشرِ" (¬2). 1598 - حدَّثنا الهيثمُ بنُ خالد الجُهَني وحسينُ بنُ الأسود العجليُّ، قالا: قال وكيع: البعلُ: الكَبوسُ الذي يَنْبُتُ مِن مَاء السَّماء. قال ابنُ الأسود: وقال يحيى - يعني ابنَ آدم -: سألتُ أبا إياسِ الأسدي عن البَعْلِ، فقال: الذي يُسقى بماء السماء، قال النضرُ بنُ شُمَيلٍ: البعلُ: ماءُ المطر (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه البخاري (1483)، وابن ماجه (1817)، والترمذي (645)، والنسائي في "الكبرى" (2279) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (3285 - 3287). البعل: ما شرب من النخيل بعروقه من الأرض غير سقي سانية ولا غيرها. والسواني: جمع سانية، وهي الناقة التي يُستقى عليها. (¬2) إسناده صحيح، فقد صرح أبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرُس - بالسماع عند أحمد ومسلم. عمرو: هو ابن الحارث الأنصاري. وأخرجه مسلم (981)، والنسائي في "الكبرى" (2280) من طرق عن عبد الله ابن وهب، بهذا الإسناد. إلا أنهما قالا: "الأنهار والغيم"، بدل: "الأنهار والعيون". وهو في "مسند أحمد" (14667). (¬3) مقالة النضر أثبتناها من (هـ) وحدها.

12 - باب زكاة العسل

1599 - حدَّثنا الربيعُ بنُ سليمان، حدَّثنا ابنُ وهب، عن سليمانَ - يعني ابنَ بلال - عن شريك بن عبد الله بن أبي نَمِر، عن عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بعثه إلى اليمن فقال: "خُذِ الحب مِنَ الحبِّ، والشاةَ من الغَنَم، والبعيرَ مِن الإبل، والبقرةَ مِن البَقر" (¬1). قال أبو داود: شَبَرْتُ قِثَّاءة بمصرَ ثلاثة عشر شِبراً، ورأيت أترُجَّةَ على بعيرٍ بقطعتين قُطعت وصُيِّرت على مثل عِدلين. 12 - باب زكاة العسل 1600 - حدَّثنا أحمدُ بن أبي شعيب الحرَّانيُّ، حدَّثنا موسى بنُ أعينَ، عن عمرو بن الحارثِ المصري، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدِّه، قال: جاءَ هلالٌ أحدُ بني مُتْعانَ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بعُشُور نَحْلٍ له، وكان سأله أن يحمي وادياً يقال له: سلَبَة، فحمى له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ذلك الوادي، فلمَّا ولي عُمَرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه كَتَبَ سفيانُ بنُ وهب إلى عُمَرَ بن الخطاب يسأله عن ذلك، فكتب عُمَرُ: "إن أدَّى إليك ما كان يُؤدي إلى رَسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - من عُشورِ نحله، فاحْمِ له سَلَبَةَ، وإلا فإنما هُوَ ذُباب غَيْثٍ يأكُلُه مَنْ يَشَاءُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن عطاء بن يسار لم يدرك معاذ بن جبل. ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه ابن ماجه (1814) من طريق عمرو بن سَوَّاد المصري، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده حسن. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2290) من طريق أحمد بن أبي شعيب، بهذا الإسناد. وانظر تالييه.

1601 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدة الضبِّيُّ، حدَّثنا المغيرةُ ونسبه إلى عبد الرحمن ابن الحارث المخزومي، حدَّثني أبي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده: أن شَبابةَ - بَطْن من فَهْمٍ - فذكر نحوه، قال: مِنْ كلِّ عَشْرِ قِرَبٍ قِرْبة. وقال سفيانُ بنُ عبد الله الثقفيُّ، قال: وكان يَحْمِي لهُم وادِيين، زاد: فأدَّوا إليه ما كانوا يُؤَدُّون إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وحَمَى لهم وادِيَيْهِمْ (¬1). 1602 - حدَّثنا الربيع بنُ سليمانَ المؤذِّنُ، حدَّثنا ابنُ وهب، اْخبرني أسامةُ ابنُ زيد، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه عن جَدِّه: أن بطناً مِن فَهْمِ، بمعنى المغيرة، قال: مِنْ عَشْر قِرَبٍ قِربة، وقال: وادِيْين لهم (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن، عبد الرحمن بن الحارث المخزومي ضعيف يعتبر به. وقد توبع في الإسناد السابق والإسناد الذي يليه. المغيرة: هو ابن عبد الرحمن المخزومي. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده حسن، وحسنه ابن عبد البر في"الاستذكار". ابن وهب: هو عبد الله، وأسامة بن زيد: هو الليثي. وأخرجه ابن ماجه (1824) من طريق عبد الله بن المبارك، عن أسامة بن زيد، بهذا الإسناد. بلفظ: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أخذ من العسل العشر. وانظر سابقيه. وقد استدل بأحاديث الباب - وهي مما يشد بعضها بعضاً لتعدد مخارجها واختلاف طرقها - على وجوب العشر في العسل أبو حنيفة وأحمد وإسحاق، وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم، وحكاه في "البحر" عن ابن عمر وابن عباس وعمر بن عبد العزيز وأحد قولي الشافعي. =

13 - باب في خرص العنب

13 - باب في خَرْصِ العِنب 1603 - حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ السَّريِّ الناقط، حدَّثنا بِشْرُ بنُ منصورٍ، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزُّهري، عن سعيد بن المسيّب عن عتَّاب بن أسيد، قال: أمَرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يُخرَصَ العِنَبُ، كما يُخْرَصُ النَّخْلُ، وتُؤخذ زكاتُه زبيباً، كما تُؤخَذُ صَدَقةُ النَّخْلِ تمراً (¬1). ¬

_ = وذهب الشافعي ومالك والثوري وحكاه ابن عبد البر عن الجمهور إلى عدم وجوب الزكاة في العسل. انظر "المغني" 4/ 183 - 184، و"زاد المعاد" 2/ 12 - 16 لابن القيم بتحقيقنا. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، عبد العزيز بن السري وعبد الرحمن بن إسحاق صدوقان، وقد توبعا، وسعيد بن المسيب - وإن قال فيه أبو داود وابن أبي حاتم: لم يسمع من عتاب شيئاً - مراسيله تُعَدُّ من أصح المراسيل، كما هو مقرر عند أهل العلم، وأن لها حكم المسندات. وسأل الترمذيُّ البخاريُّ عن حديث ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة مثل حديث عتاب، فقال: حديث ابن جريج غير محفوظ، وحديث ابن المسيب عن عتاب أثبت وأصح. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (2618) من طريقين عن عبد الرحمن بن إسحاق، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. وله شاهد من حديث عائشة سيأتي برقم (1606). وآخر من حديث جابر سيأتي برقم (3415). وثالث من حديث ابن عمر عند أحمد في "مسنده" (4768). الخرص: تقدير ما على النخل من الرطب تمراً، وما على الكرم من العنب زبيباً ليعرف مقدار عشره، ثم يُخلى بينه وبين مالكه، ويُؤخذ ذلك المقدارُ وقت قطع الثمار، وفائدته التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها، قاله السندي. =

14 - باب في الخرص

1604 - حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاقَ المُسَيبي، حدَّثنا عبدُ الله بن نافع، عن محمد بن صالحٍ التمار، عن ابنِ شهابِ، بإسناده ومعناه (¬1). قال أبو داود: وسعيد لم يسمع مِن عتَّابٍ شيئاً (¬2). 14 - باب في الخَرْص 1605 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا شعبةُ، عن خُبيب بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن مسعود، قال: ¬

_ = فإن أصابت الثمرة جائحة بعد الخرص، فقد قال ابن عبد البر: أجمع من يحفظ عنه العلم أن المخروص إذا أصابته جاثحة قبل الجداد، فلا ضمان. وفائدة الخرص أمن الخيانة من رب المال، ولذلك يجب عليه البينة في دعوى النقص بعد الخرص، وضبط حق الفقراء على المالك، ومطالبة المصدق بقدر ما خرصه، وانتفاع المالك بالأكل ونحوه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن كسابقه. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه ابن ماجه (1819)، والترمذي (649) و (650) من طرق عن عبد الله ابن نافع، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وهو في "صحح ابن حبان" (3278). وانظر ما قبله. وجاء في "بذل المجهود" 8/ 116: قال القاضي: الخطاب مع المصَّدِقين أمرهم أن يتركوا للمالك ثلث ما خرصوا عليه أو ربعه توسعةَ عليه حتى يتصدق به على جيرانه ومن يمر به ويطلب منه، فلا يحتاج إلى أن يغرم ذلك من ماله، وهذا قول قديم للشافعي وعامة أهل الحديث، وعند أصحاب الرأي: لا عبرة بالخرص لإفضائه إلى الربا، وزعموا أن الأحاديث الواردة فيه كان قبل تحريم الربا، ويرده حديث عتاب فإنه أسلم يوم الفتح وتحريم الربا كان مقدماً. (¬2) مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.

15 - باب متى يخرص التمر؟

جاءَ سَهْلُ بنُ أبي حثْمَة إلى مَجْلِسنا، قال: أمَرَنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: " إذا خَرَصْتُم فَخُذوا ودَعُوا الثُّلُثَ، فإن لم تَدَعُوا أو تَجِدُوا الثُّلُثَ، فَدَعُوا الرُّبُعَ" (¬1). قال أبو داود: الخارصُ يدع الثلثَ للخُرفة، وكذا قال يحيى القطان (¬2). 15 - باب متى يُخرص التمر؟ 1606 - حدَّثنا يحيى بنُ معين، حدَّثنا حَجاج، عن ابن جُريج قال: أخبِرتُ عن ابن شهابِ، عن عُروة عن عائشة أنها قالت: وهي تذكُرُ شأن خَيْبر: كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - يبعث عبدَ الله بنَ رَوَاحةَ إلى يهود، فيَخْرِصُ النخلَ حِين يطيبُ قَبلَ أن يُؤكَلَ منه (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن بن مسعود بن نيار، قال الذهبي في "الميزان": لا يُعرف. وأخرجه الترمذي (648)، والنسائي في "الكبرى" (2282) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15713)، و"صحيح ابن حبان" (3280). وقوله: "فخذوا" كما في الأصول بالخاء المعجمة وعليها شرح الخطابي، وهو موافق لجميع من خرج الحديث، فالمعنى: فخذوا زكاة المخروص إن سلم المخروص من الآفة، قال الطيبي: فخذوا جواب للشرط، ودعوا عطف عليه، أي: إذا خرصتم، فبينوا مقدار الزكاة ثم خذوا ذلك المقدار، واتركوا الثلث لصاحب المال حتى يتصدق به. وقول أبي داود: يدع الثلث للخرفة، بالخاء المعجمة، والخرفة: ما يُجنى من الثمار حين يُدرِكُ. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ) و (و). (¬3) إسناده ضعيف، لانقطاعه. ابن جريج لم يسمع هذا الحديث من ابن شهاب =

16 - باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة

16 - باب ما لا يجوز من الثمرة في الصدقة 1607 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس، حدَّثنا سعيدُ بنُ سليمان، حدَّثنا عبادٌ، عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن أبي أمامةَ بنِ سهل عن أبيه قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الجُعْرُورِ ولونِ الحُبيقِ أن يؤخذا في الصَّدَقة، قال الزهري: لونين من تمر المدينة (¬1). ¬

_ = كما صرَّح بذلك في هذا الإسناد. حجاج: هو ابن محمد المصيصي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه أبو عبيد بن سلام في "الأموال" (1438)، والدارقطني في "سننه" (2053)، والبيهقي 4/ 123 من طريق حجاج، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (7219)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (904)، وأحمد بن حنبل في "مسنده" (25305) و (25306)، وابن خزيمة (2315)، والدارقطني في "سننه" (2052)، وابن حزم في "المحلى" 5/ 255 - 256، والبيهقي في"معرفة السنن والآثار" (8178) و (8179) من طريقين عن ابن جريج، به. وقد علق ابن خزيمة القول بصحته على سماع ابن جريج من الزهري، قائلاً: فإني أخاف أن يكون ابن جريج لم يسمع هذا الخبر من ابن شهاب. وله شاهد من حديث عتّاب بن أسيد، سلف برقم (1603). (¬1) حديث صحيح. سفيان بن حسين - وإن كان في روايته عن الزهري كلام - متابع. عبّاد: هو ابن العوام، والزهري: هو محمد بن مسلم. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2283) من طريق عبد الجليل بن حميد، عن ابن شهاب الزهري، عن أبي أمامة بن سهل رفعه لم يذكر أباه. وقصارى ما فيه عندئذ أن يكون مرسل صحابي صغير له رؤية، وهو حجة. الجعرور: ضرب رديء من التمر يحمل رطباً صغاراً لا خيرَ يه، ولون حُبيق نوع رديء من التمر منسوب إلى رجل اسمه ذاك. ورواية سليمان بن كثير التي أشار إليها المصنف بإثر الحديث أخرجها الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 201، والطبراني في "الكبير" (5566)، والدارقطني (2040)، والحاكم 2/ 284، والبيهقي 4/ 136، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 84.

17 - باب زكاة الفطر

قال أبو داود: وأسنده أيضاً أبو الوليد، عن سليمان بن كثير، عن الزهري. 1608 - حدَّثنا نصرُ بنُ عاصم الأنطاكي، حدَّثنا يحيى - يعني القطان - عن عبدِ الحميد بن جعفر، حدثني صالحُ بنُ أبي عَريبٍ، عن كثير بن مُرَّة عن عوف بن مالك، قال: دخل علينا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - المسجدَ، وبيده عصاً، وقد علَّق رجل قِناً (¬1) حَشَفاً، فطَعَنَ بالعَصا في ذلك القِنْوِ، وقال: "لو شاءَ ربُّ هذه الصدقةِ تصدَّق بأطيب منها" وقال: "إن رب هذه الصدقةِ يأكُلُ الحَشَفَ يَومَ القيامَة" (¬2). 17 - باب زكاة الفطر 1609 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالدِ الدِّمشقيُّ وعبدُ الله بن عبدِ الرحمن السمرقندي، قالا: حدَّثنا مروانُ - قال عبدُ الله: قال: حدَّثنا أبو يزيد الخولاني، وكان شيخَ صِدْقٍ، وكان ابنُ وهب يروي عنه - حدَّثنا سَيارُ بنُ عبد الرحمن - قال محمود: الصَّدَفي - عن عِكرمَة ¬

_ (¬1) جاء في (أ) و (ب) و (ج): علق رجلٌ منّا حَشَفاً، وفي (هـ): قنا حَشفٍ، وتحرفت في (و) إلى: منّا حَشَفٍ، والمثبت من "مخصر المنذري"، والنسخة التي شرح عليها العظيم آبادي. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، صالح بن أبي عَريب صدوق حسن الحديث. يحيى القطان: هو ابن سعيد. وأخرجه ابن ماجه (1821)، والنسائى في "الكبرى" (2284) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23976)، و"صحيح ابن حبان" (6774). القنا: هو العذق الفاسد، والحشف: اليابس من التمر، وقيل: الضعيف الذي لا نوى له كالشِّيص. ويشهد له حديث البراء بن عازب عند ابن ماجه (1822)، والترمذي (3230) وإسناده عند الترمذي حسن.

18 - باب متى تؤدى؟

عن ابن عباسٍ قال: فرض رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - زكاةَ الفِطْر طُهْرةً للصَائم مِن اللغو والرَّفثِ وطُعْمةً للمساكينَ، مَنْ أدَّاها قبلَ الصَّلاة، فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومن أدَّاها بعدَ الصَّلاة، فهي صَدَقةٌ من الصَّدقات (¬1). 18 - باب متى تؤدى؟ 1610 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا زهير، حدَّثنا موسى بنُ عُقبة، عن نافعٍ عن ابن عُمَرَ، قال: أمَرَنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بزكاةِ الفِطْرِ أن تُؤدَّى قبلَ خروجِ النَاسِ إلى الصَّلاة، قال: فكان ابنُ عمر يُؤديها قبلَ ذلك باليومِ واليومين (¬2). 19 - باب كم يؤدى في صدقة الفطر؟ 1611 - حدَّثنا عبدُ الله بن مسلمةَ، حدَّثنا مالك - وقراءةً على مالك أيضاً - عن نافعٍ ¬

_ (¬1) إسناده حسن. أبو يزيد الخولاني وشيخه سيار بن عبد الرحمن صدوقان. مروان: هو ابن محمد بن حسان الطاطري. وقال الدارقطني بعد أن رواه (2067): ليس في رواته مجروح. وأخرجه ابن ماجه (1827) من طريق مروان بن محمد، بهذا الإسناد. ولتأدية زكاة الفطر قبل الصلاة انظر الحديث التالي. والحديث الآتي برقم (1612). (¬2) إسناده صحح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي أبو خيثمة. وأخرجه البخاري (1509)، ومسلم (986)، والتر مذي (864)، والنسائي في "الكبرى" (2312) من طرق عن موسى بن عقبة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (986) (23) من طريق الضحاك بن عثمان، عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (6389)، و"صحيح ابن حبان" (3299).

عن ابن عمر: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فَرَضَ زكاةَ الفِطر، قال فيه فيما قرأه على مالك: زَكاةُ الفِطْرِ مِن رمضانَ صاعٌ مِن تمر أو صاعٌ مِن شعير، على كل حُرٍّ أو عَبْدٍ، ذكرٍ أو أنثى، من المسلمين (¬1). 1612 - حدَثنا يحيى بنُ محمد بن السَّكن، حدَثنا محمدُ بنُ جَهضَمٍ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ جعفر، عن عُمَرَ بن نافع، عن أبيه عن عبد الله بن عمر قال: فَرَضَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - زكاةَ الفِطْر صاعاً، فذكر بمعنى مالك، زاد: والصَغيرِ والكبير، وأَمَرَ بها أن تُؤَدَّى قَبلَ خروجِ النَّاسِ إلى الصَّلاة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 284، ومن طريقه أخرجه البخاري (1504)، ومسلم (984)، وابن ماجه (1826)، والترمذي (683)، والنسائي في "الكبرى" (2293) و (2294). وأخرجه مسلم (984)، وابن ماجه (1825) من طريقين عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (5942)، و"صحيح ابن حبان" (3301). وانظر ما سيأتي بالأرقام (1612 - 1614). وقوله: "من المسلمين" ادَّعى بعضهم أن هذه الزيادة تفرد بها مالك، وقال ابن دقيق العيد: وليس بصحيح، فقد تابع مالكاً على هذه اللفظة من الثقات سبعة: عمر بن نافع، والضحاك بن عثمان، والمعلى بن إسماعيل وعُبيد الله بن عمر، وكثير بن فرقد، وعبد الله ابن عمر العمري، ويونس بن يزيد. وانظر "البدر المنير" 5/ 616 - 618 لابن الملقن. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2295) عن يحيي بن محمد بن السكن، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1503) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عمر بن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (5345)، و"صحيح ابن حبان" (3303). وانظر ما قبله.

قال أبو داود: رواه عبدُ الله العُمري عن نافع، قال: على كل مسلمٍ، ورواه سعيدٌ الجمحيُّ عن عُبيد الله، عن نافع، قال فيه: من المسلمين، والمشهورُ عن عُبيد الله ليس فيه: من المسلمين. 1613 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، أن يحيى بن سعيد وبِشْرَ بنَ المفضلِ حدثاهم، عن عُبيدالله (ح) وحدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا أبانُ، عن عُبيد الله، عن نافع عن عبد الله، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -: أنه فرضَ صدقةَ الفِطرِ صاعاً مِن شعير أو تمرٍ، على الصغيرِ والكبيرِ والحرِّ والمملوك، زاد موسى: والذكرِ والأنثى (¬1). قال أبو داود: قال فيه أيوب وعبد الله - يعني العُمَريَّ - في حديثهما عن نافع: ذكر أو أنثى، أيضاً. 1614 - حدَّثنا الهيثمُ بنُ خالدٍ الجُهنيُّ، حدَّثنا حُسينُ بنُ علي الجعفيُّ، عن زائدةَ، حدَّثنا عبدُ العزيز بن أبي رَوادٍ، عن نافعٍ عن عبد الله بن عُمَرَ، قال: كان الناسُ يُخرِجُون صَدَقةَ الفِطرِ على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صاعاً من شعيرٍ أو تمرٍ أو سُلْتٍ أو زبيبٍ، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وعبيد الله: هو ابن عمر، وأبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه البخاري (1512) عن مسدَّدٌ، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (984)، والنسائي في "الكبرى" (2296) من طرق عن عبيد الله ابن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (5174). وانظر سابقيه.

قال: قال عبد الله: فلما كان عُمَرُ وكَثُرَت الحِنْطَةُ جَعَلَ عمرُ نِصف صاعِ حِنطةٍ مكانَ صاعٍ مِن تلك الأشياء (¬1). 1615 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وسليمانُ بنُ داود العَتكيُّ، قالا: حدَّثنا حماد، عن أيوبَ، عن نافعِ، قال: قال عبدُ الله: فعدَل الناسُ بَعْدُ نصفَ صاعٍ مِن بُر، قال: وكانَ عبدُ الله يُعطي التمر، فأعوَز أهلَ المدينة التمرُ عاماً، فأعطى الشَّعيرَ (¬2). 1616 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ، حدَّثنا داود - يعني ابنَ قيس - عن عياضِ بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري، قال: كُنَّا نُخرِجُ إذ كان فينا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - زَكاةَ الفِطْرِ عن كُل صغيرٍ وكبير، حُرّ أو مملوكٍ: صاعاً مِن طعام، أو صاعاً من أقِطٍ، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً مِنْ تمرٍ، أو صاعاً من ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة الثقفي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2307) من طريق حسين بن علي، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (1610). والسلت: ضرب من الشعير ليس له قشر يشبه الحنطة يكون بالغور والحجاز. (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وحماد: هو ابن زيد الأزدي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه البخاري (1511)، والترمذي (682)، والنسائي في "الكبرى" (2292) من طريقين عن حماد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (984)، والنسائي (2291) من طريقين عن أيوب، به. وهو في "مسند أحمد" (4486). وقوله: فأعوز أهل المدينة التمر. أعوز: أحْوَجَ، يقال: أعوزني الشيء: إذا احتجت إليه، فلم أقدر عليه.

زبيبٍ، فلم نزلْ نُخرجه حتَى قَدِمَ معاويةُ حاجاً، أو معتمِراً، فكلَّم الناسَ على المنبر، فكان فيما كَلَّم به الناسَ أن قال: إني أرى أن مُدَّيْنِ من سمراءِ الشَام تَعدِلُ صاعاً مِن تمرٍ، فأخَذَ الناسُ بذلك، فقال أبو سعيد: فأما أنا، فلا أزالُ أُخْرِجُه أبداً ما عِشتُ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (985)، وابن ماجه (1829)، والنسائي في "الكبرى" (2304) و (2308) من طرق عن داود بن قيس، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1506) و (1508) و (1510)، ومسلم (985)، والترمذي (679)، والنسائي (2302) و (2303) من طرق عن عياض بن عبد الله، به. وبعضهم لا يذكر فيه قصة معاوية. وأخرجه البخاري (1505) من طريق زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله، به. مختصراً بلفظ: "كنا نطعم الصدقة صاعاً من شعير". وهو في "مسند أحمد" (11182)، و"صحيح ابن حبان" (3305). وانظر تالييه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2309)، وابن حبان (3306) من طريقين عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم، بهذا الإسناد. وهذا إسناد حسن. عبد الله بن عثمان بن حكيم روى عنه جمع وأخرج حديثه أبو داود والنسائي وباقي رجاله ثقات وهو في صحيح ابن خزيمة (2419)، وقال بإثره: ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ، ولا أدري ممن الوهم. وقوله: "وقال له رجل من القوم: أو مدين من قمح .. " إلى آخر الخبر دال على أن ذِكرَ الحنطة في أول القصة خطأ أو هم، إذ لو كان أبو سعيد قد أعلمهم أنهم كانوا يخرجون على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - صاع حنطة، لما كان لقول الرجل: أو مدين من قمح، معنى. وانظر "نصب الراية" 2/ 418. نقل صاحب "الفتح" 3/ 374 عن ابن المنذر قوله: لا نعلم في القمح خبراً ثابتاً عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يعتمد عليه، ولم يكن البر بالمدينة ذلك الوقت إلا الشيء اليسير منه، فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أن نصف صاع منه يقومُ مقامَ صاعٍ من شعير وهم =

قال أبو داود: رواه ابن عُليَّةَ وعبدةُ وغيرهما عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حِزام، عن عياض، عن أبي سعيد، بمعناه، وذكر رجلٌ (¬1) واحد فيه عن ابن عُلَيّةَ: أو صاعَ حنطةٍ، وليس بمحفوظ. 1617 - حدَّثنا مسدَّدٌ، أخبرنا إسماعيلُ، ليس فيه ذِكرُ الحنطة. قال أبو داود: وقد ذَكَرَ معاويةُ بنُ هشام في هذا الحديث عن الثوري، عن زيد بن أسلم، عن عياض، عن أبي سعيد: نصف صاعٍ من بُر، وهو وَهَمٌ من معاوية بن هشام، أو ممن رواه عنه (¬2). 1618 - حدَّثنا حامدُ بنُ يحيي، أخبرنا سفيان (ح) وحدثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن ابن عجلانَ، سمع عياضاً سمعتُ أبا سعيد الخُدري يقول: لا أُخرجُ أبداً إلا صاعاً، إنا كنا نُخْرِجُ على عهد رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صاعَ تمرٍ، أو شعيرٍ أو أقطٍ أو ¬

_ = الأئمة، فغير جائز أن يُعدل عن قولهم إلا إلى قول مثلهم، ثم أسند عن عثمان وعلي وأبي هريرة وجابر وابن عباس وابن الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر بأسانيد صحيحة أنهم رأوا أن في زكاة الفطرة نصف صاع من قمح. قال الحافظ: وهو مصير منه إلى اختيار ما ذهب إليه الحنفية. ومما يقوي مذهب الحنفية حديث أسماء بنت أبي بكر عند أحمد (26936) كنا نؤدى زكاة الفطر على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - مُدين من قمح بالمُد الذي تقتاتون به. وهو حديث صحيح كما هو مبين في تعليقنا على "المسند". (¬1) هو يعقوب الدورقي، وروايته عند الدارقطني (2096). (¬2) إسناده صحيح كسابقه. إسماعيل: هو ابن عُليَّه. وانظر ما قبله.

20 - باب من روى نصف صاع من قمح

زبيبٍ - هذا حديث يحيى - زاد سفيان: أو صاعاً من دقيق، قال حامدٌ: فأنكروا عليه، فتركه سفيان (¬1). قال أبو داود: فهذه الزيادة وَهمٌ من ابن عيينة. 20 - باب من روى نصف صاع من قمح 1619 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وسليمانُ بن داود العتكيُّ، قالا: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري - قال مُسدَدٌ: - عن ثعلبة ابن أبي صُعَير، عن أبيه - وقال سليمان بن داود: عبد الله بن ثعلبة، أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صُعيْر - عن أبيه، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "صاعٌ من بُرٍّ أو قمح على كلِّ اثنين، صغيرٍ أو كبيرٍ حُرٍّ أو عبدٍ، ذكرٍ أو أنثى، أما غَنِيكُم فيزكِيه الله تعالى، وأما فقيرُكُم فيرد الله تعالى عليه أكثرَ مما أعْطى" زادَ سليمانُ في حديثه: "غنيٍّ أو فقيرٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. محمد بن عجلان صدوق لا بأس به. إلا أن ذكر الدقيق فيه وهم من ابن عيينة كما نبه عليه المصنف. سفيان: هو ابن عيينة، ومسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه مسلم (985)، والنسائي في "الكبرى" (2305) من طريقين عن ابن عجلان، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (3307). وانظر سابقيه. قوله: فهذه الزيادة وهم من ابن عيينة، قلنا: وقال النسائي: لا أعلم أحداً قال في هذا الحديث "دقيق" غير ابن عيينة، ولفظ النسائي: "أو صاعاً من سلت" قال: ثم شك سفيان، فقال: دقيق أو سلت. (¬2) إسناده ضعيف للاختلاف فيه سنداً ومتناً عن الزهري فيما قاله الدارقطني في "العلل" 7/ 39 - 40، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6867)، وتبعهما ابن عبد الهادي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = في "التنقيح" 228/ 3، وابن دقيق العيد في "الإمام" كما نقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 407، ونقل أيضاً عن الإمام أحمد في رواية مهنّا أنه صحح رواية من رواه عن الزهري مرسلاً، وكذلك صحح الدارقطني في "العلل" 7/ 40، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6867) رواية من رواه عن الزهري، عن سعيد بن المسيب مرسلاً، ولعل أحمد ابن حنبل إنما قصد ما قصداه. فقد أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3414 - 3417) من طرق عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، مرسلاً. وأخرجه الطحاوي كذلك (3418)، ومن قبله أبو عبيد القاسم بن سلام في "الأموال" (616) و (1366) من طريق عبد الخالق بن سلمة الشيباني عن سعيد بن المسيب مرسلاً. والنعمان بن راشد ضعفه المصنف ويحيى القطان، وقال أحمد: مضطرب الحديث، روى أحاديث مناكير. قلنا: وقد انفرد بقوله: "أو غني أو فقير". ثم إنه مخالف لصريح ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري من أن القمح أو البر لم يذكره رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في زكاة الفطر، وإنما هو شئ زاده معاوية بن أبي سفيان في خلافته فقال: إني أرى مدين من سمراء الشام [وهو القمح]، تعدل صاعاً من تمر، فأخذ الناس بذلك. وهو حديث صحيح مخرج في "الصحيحين" كما سلف بيانه. وأخرجه البيهقي 4/ 167، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 189 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" تعليقاً 5/ 36، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 45، وفي "شرح مثكل الآثار" (3411)، والدارقطني (2107)، والبيهقي 4/ 167 من طريق مسدَّدٌ، به. إلا أن الدارقطني قال في روايته: صاع من بر أو قمح، ولم يقل: على كل اثنين. وأخرجه أحمد (23664)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 253، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (628)، والطحاوي في "شرح المعاني" 2/ 45، وفي "شرح مشكل الآثار" (3410)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 122، والدارقطني (2103 - 2106) من طرق عن حماد بن زيد، به. وانظر تالييه.

1620 - حدَّثنا عليُّ بنُ الحسن الدَّرَابِجِرديُّ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيد، حدَّثنا همَّامٌ، حدَّثنا بكْرٌ - هو ابنُ وائل - عن الزهري، عن ثعلبةَ بن عبد الله، أو عبد الله بن ثعلبة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - (ح) وحدَّثنا محمدُ بنُ يحيى النَيْسابوريُ، حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا همَّام، عن بكر الكوفي - قال محمد بن يحيى: هو بكر بن وائل بن داود - أنَّ الزهري حدَّثهم، عن عبد الله بن ثعلبة بن صُعَير عن أبيه، قال: قام رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خطيباً، فأمر بصَدَقةِ الفطرِ صاع تمرٍ، أو صاعِ شعيرٍ، عن كُلِّ رأس - زاد على في حديثه: أو صاع بُرٍّ أو قمحٍ بينَ اثنين، ثم اتفقا: - عن الصغيرِ والكبيرِ والحرِّ والعبد (¬1). ¬

_ = وقد خالف بكرُ بنُ وائل - وهو صدوق - النعمان بن راشد، فلم يذكر في روايته الغني والفقير كما في الرواية التالية. بل انفرد بها النعمان عن سائر من روى هذا الخبر عن الزهري على اختلاف وجوهه إلا في رواية واحدة عند الدارقطني (2110) من طريق نعيم بن حماد - وليس هو بذاك - عن ابن عيينة، عن الزهري عن ابن أبي صعير، عن أبي هريرة رواية [أي مرفوعاً]، أنه قال: "زكاة الفطر على الغني والفقير" ثم قال: أُخْبرتُ عن الزهري، فهذا يضعّف الإسناد أيضاً. وقد صح من قول أبي هريرة عند أحمد (7724). (¬1) حسن لغيره دون ذكر الزيادة التي زادها علي بن الحسن، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه كما بيناه عند الحديث السالف قبله. وقال الحافظ محمد بن يحيي الذهلي النيسابوري: لم يقُم أحدٌ هذا الحديث عن الزهري، عن عبد الله بن ثعلبة، إلا همام، عن بكر، وبكر: هو ابن وائل -، فوافق روايته رواية ابن عمر عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نقله عنه ابن عبد الهادي في "التنقيح" 2/ 228 - 229. قلنا: يعني دون ذكر الغني والفقير، ودون ذكر البر أو القمح. وذلك أن رواية محمد بن يحيى الذهلي التي أسندها المصنف عنه هنا موافقة لرواية ابن عمر التي في "الصحيحين"، ولهذا قوَّم أمرَها الذهْلي. وعلى ذلك يحمل أيضاً كلام ابن القطان في "بيان الوهم" 2/ 151 - 153، فإنه تكلم عن طريق أبي داود هذه التي ليس فيها ذكر الغني والفقير والقمح، والله أعلم. ثم إن طريق =

1621 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابنُ جُريجٍ، قال: وقال ابنُ شهابٍ: قال عبدُ الله بنُ ثعلبة - قال أحمد بنُ صالح العدويُّ قال أبو داود: وإنما هو العُذْريُّ - خَطَبَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الناسَ قبل الفطر بيومين، بمعنى حديث المقرئ (¬1). ¬

_ = محمد بن يحيى موصولة، أما طريق علي بن الحسن فمرسلة كما نبه عليه. همام: هو ابن يحيى بن دينار العوذي. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكببر" 5/ 36 تعليقاً، وابن خزيمة (2410)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3412) و (3413)، والدارقطني (2108)، والحاكم في "المستدرك" 279/ 3، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1367) من طرق عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وأخرجه بتمامه موصولاً كذلك ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (629)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 122، والطبراني في "المعجم الكبير" (1389)، والدارقطني (2109)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 288 من طريق عمرو بن عاصم، عن همام، به وزاد فيه عندهم خلا ابن قانع وابن الأثير ذكر القمح، يعني كالزيادة التي زادها علي بن الحسن المشار إليها. ويشهد لرواية موسى بن إسماعيل التبوذكي، عن همام بن يحيى حديثُ ابن عمر السالف برقم (1611) و (1613)، وهو في "الصحيحين". يعني دون ذكر الغني والفقير والقمح. وقد أشار إلى ذلك الحافظ الذهلي كما أسلفنا. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده ضعيف. ابن جريج - هو عبد الملك بن عبد العزيز - مدلس ولم يصرح بسماعه من الزهري، ثم هو مرسل كما قال أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6867). ومع ذلك صحح إسناده الزيلعي في"نصب الراية" 2/ 407! عبد الرزاق: هو الصنعاني، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (5785)، ومن طريقه أخرجه أحمد (23663) والبخاري في "تاريخه" تعليقا 5/ 36، والطبراني في "الكبير" كما في "نصب الراية" 2/ 407، والدارقطني في "سننه" (2118).

1622 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، حدَّثنا سَهلُ بنُ يوسف، قال: حُميدٌ أخبرنا عَنِ الحَسَن، قال: خطبَ ابنُ عباس في آخر رمضانَ على منبرِ البصرة، فقال: أخْرِجُوا صَدَقةَ صَوْمِكُم، فكأنَّ الناسَ لم يَعلَمُوا، قال: مَنْ ها هنا مِنْ أهلِ المدينة؟ قُوموا إلى إخوانِكُم فعَلِّموهم، فإنهم لا يَعلمون: فَرَضَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - هذه الصَدَقَة صاعاً مِن تمر، أو شعيرٍ، أو نصفَ صاعِ قمحٍ، على كُلِّ حُرٍّ، أو مملوكٍ، ذكر أو أنثى، صغير أو كبيرٍ، فلما قدم عليٌّ رأى رُخْصَ السِّعْر، قال: قد أوسعَ اللهُ عليكم، فلو جعلتُموه صاعاً مِن كُلَّ شيءٍ. قال حميدٌ: وكان الحسنُ يرى صَدَقَةَ رمضانَ على مَنْ صام (¬1). ¬

_ = وأخرجه الدارقطني (2111) من طريق يحيي بن جرجة، عن ابن شهاب الزهري، به. ويحيى بن جرجة هذا قال عنه أبو حاتم: شيخ، وقال عنه الدارقطني: ليس بقوي. انظر "نصب الراية" 2/ 47. وانظر سابقيه. (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه. الحسن - وهو ابن أبي الحسن بن يسار البصري - لم يسمع من ابن عباس كما قال غير واحد من أهل العلم. ثم إن الصحيح وقفه على ابن عباس كما سيأتي. حميد: هو ابن أبي حميد الخزاعي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2299) من طريق محمد بن المثنى، عن خالد ابن الحارث، عن حميد، به. وأخرجه موقوفاً النسائي (2300) من طريق محمد بن سيرين، و (2301) من طريق أبي رجاء عمران بن تميم، كلاهما عن ابن عباس، قال: ذكر في صدقة الفطر، فقال: صاعٌ من بر أو صاع من تمر أو صاع من شعير أو صاع من سلت. هذا لفظ ابن سيرين، وأما لفظ أبي رجاء: صدقة الفطر صاع من طعام. وإسناداه صحيحان.

21 - باب في تعجبل الزكاة

21 - باب في تعجبل الزكاة 1623 - حدَّثنا الحسنُ بنُ الصبَّاح، حدَّثنا شَبابةُ، عن ورقاء، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، قال: بعثَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الصدقة فمنع ابن جَميل، وخالدُ بن الوليد، والعباسُ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما ينقِم ابنُ جميل إلا أن كان فقيراً، فأغناه الله، وأمَّا خالدُ بنُ الوليد، فإنَّكم تَظلِمونَ خالداً، فَقَدِ احْتبسَ أدرَاعَهُ وأعتُلَهُ في سبيلِ الله عز وجل، وأما العباسُ عَم رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فهي علىَّ، ومثلُها"، ثم قال: "أما شعرتَ أن عَمَّ الرجل صِنوُ الأب - أو صِنْوُ أبيه -" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. شبابة: هو ابن سوّار الفزاري، ووَرقَاء: هو ابن عمر بن كليب اليشكري، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وأخرجه مسلم (983)، والترمذي (4094) من طريقين عن ورقاء، بهذا الإسناد. واقتصر الترمذي على قوله - صلَّى الله عليه وسلم - في عمّه العباس. وأخرجه البخارى (1468)، والنسائي في "الكبرى" (2255) و (2256) من طريقين عن أبي الزناد، به، دون قوله: "أما شعرت ... ". وهو في "مسند أحمد" (8284)، و"صحيح ابن حبان" (3273) و (7050). وقوله: "ما ينقم ابن جميل" أي: ما ينكر ما ينكر، وقوله: "فأغناه الله" في رواية البخاري: فأغناه الله ورسوله، قال الحافظ: إنما ذكر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نفسه، لأنه كان سبباً لدخوله في الإسلام، فأصبح غنياً بعد فقره مما أفاء الله على رسوله، وأباح لأمته من الغنائم، وهذا السياق من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم، لأنه إذا لم يكن له عذر إلا ما ذكر من أن الله أغناه، فلا عذر له، وفيه التعريض بكفران النعم، وتقريع بسوء الصنيع في مقابلة الإحسان. =

1624 - حدَّثنا سعيدُ بنُ منصور، حدَّثنا إسماعيلُ بن زكريا، عن الحجاج ابن دينارٍ، عن الحَكَمِ، عن حُجيَّه عن علي: أنَّ العباسَ سأل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في تعجيلِ صَدَقَته قبل أنْ تَحُلَّ، فرَخَّصَ في ذلك (¬1). ¬

_ = والأعتاد: جمع عتاد، وكذلك الأعتد: وهو ما أعده الرجل من الدواب والسلاح والآلة للحرب. قال البغوي في "شرح السنة": ثم له تأويلان: أحدهما: أن هذه الآلات كانت عنده للتجارة فطلبوا منه زكاة التجارة، فأخبر النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قد جعلها حبساً في سبيل الله، فلا زكاة عليه فيها، وفيه دليل على وجوب زكاة التجارة (وهو قول جمهور السلف والخلف) وجواز وقف المنقول. والتأويل الثاني: أنه اعتذر لخالد يقول: إن خالداً لما حبَّسَ أدراعه تبرعاً وهو غيرُ واجب عليه، فكيف يظن أنه يمنع الزكاة الواجبة عليه. وقوله: "فهي علي ومثلها" دلالة على أنه - صلَّى الله عليه وسلم - التزم بإخراج ذلك عنه، وفيه تنبيه على سبب ذلك وهو قوله: "إن عم الرجل صنو الأب" تفضيلاً له وتشريفاً. ورواية البخاري والنسائى من طريق شعيب "فهي عليه صدقة ومثلها معها" وتابع شعيباً على ذلك موسى بن عقبة عند النسائى. قال السندي في "حاشيته على النسائى": الظاهر أن ضمير "عليه" للعباس ولذلك قيل: إنه ألزمه بتضعيف صدقته ليكون أرفع لقدره، وأنبه لذكره، وأنفى للذم عنه، والمعنى فهي صدقته ثابتة عليه سيصدَّق بها ويضيف إليها مثلها كرماً، وعلى هذا فما جاء في مسلم وغيره "فهي علي .... " محمول على الضمان، أي: أنا ضامن متكفل عنه، وإلا فالصدقة عليه. ويحتمل أن ضمير "عليه" لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو الموافق لما قيل: إنه - صلَّى الله عليه وسلم - استسلف منه صدقة عامين أو هو عجل صدقة عامين إليه - صلَّى الله عليه وسلم -، ومعنى"عليّ": عندي. لا يقال لا يبقى حيئذ للمبتدأ عائد لأنا نقول: ضمير فهي لصدقة العباس أو زكاته، فيكفى للربط كأنه قيل: فصدقته على الرسول. (¬1) حديث حسن. حُجيَّة - وهو ابن عدي الكندي -. روى عنه ثلاثة، ووثقه العجلي، وقال ابن سعد: روى عن علي بن أبي طالب وكان معروفاً وليس بذاك، =

22 - باب في الزكاة تحمل من بلد إلى بلد

قال أبو داود: رَوَى هذا الحديث هُشيمٌ، عن منصورِ بن زاذانَ، عن الحَكَم، عن الحَسَنِ بن مسلمٍ، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وحديثُ هُشيمٍ أصحُّ. 22 - باب في الزكاة تحمل من بلد إلى بلد 1625 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، أخبرنا أبي، أخبرنا إبراهيمُ بنُ عطاء مولى عمرانَ بن حُصين، عن أبيه ¬

_ = وذكره ابن حبان في الثقات، وكذلك ابن خلفون، وقال ابن القطان في "بيان الوهم" 5/ 371: روي عنه عدة أحاديث هو فيها مستقيم، وقال الذهبي في "الميزان": هو صدوق إن شاء الله. وأخرجه ابن ماجه (1795)، والترمذي (685) من طريق سعيد بن منصور، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (686) من طريق إسرائيل عن الحجاج بن دينار، عن الحكم ابن جَحل، عن حجر العدوي، عن علي. وحجر العدوي قال الحافظ في "التقريب": قيل: هو حجية بن عدي، وإلا فمجهول. ويشهد له حديث أبي هريرة السالف قبله. فقد علق النووي على قوله: "ومثلها معها" فقال: معناه: أني تسلفت منه زكاة عامين. ورواية هشيم المعلقة التي ذكرها المصنف عن الحسن بن مسلم - وهو ابن ينّاق - تابعي ثقة، مرسلة صحيحة الإسناد. ولهذا المرسل شواهد يتقوى بمجموعها، منها حديث علىّ عند البيهقي 4/ 111 وأعله بالانقطاع بين أبي البختري وبين علي رضي الله عنه، ورجاله ثقات كما قال الحافظ. والثاني: حديث أبي رافع عند الدارقطني (2014) وإسناده ضعيف. والثالث: عن عبد الله بن مسعود ورواه البزار (896) وفي سنده محمد بن ذكوان وهو ضعيف. قال الحافظ في "الفتح " 3/ 334 وليس ثبوت هذه القصة في تعجيل صدقة العباس ببعيد في النظر بمجموع هذه الطرق. وفيه دليل على جواز تعجيل الزكاة قبل الحول ولو لعامين، وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة والشافعي وأحمد.

23 - باب من يعطى من الصدقة، وحد الغنى

أن زياداً، أو بعضَ الأمراء، بَعَثَ عِمرانَ بن حُصينٍ على الصدقة، فلما رجع قال لعِمران: أينَ المالُ؟ قال: وللمالِ أرْسَلْتَني؟ أخَذْنَاها مِن حيثُ كنا نأخُذُها على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ووضعناها حيثُ كنا نضعُها على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 23 - باب من يعطى من الصدقة، وحدُّ الغنى 1626 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا يحيى بنُ آدم، حدَّثنا سفيانُ، عن حَكيم بن جبَيْرٍ، عن محمدِ بن عبدِ الرحمن بن يزيد، عن أبيه عن عبد الله، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ سألَ وله ما يُغنيه، جاءَتْ يومَ القيامة خُمُوشٌ - أو خُدُوشٌ، أو كُدوحٌ - في وَجْهِهِ"، ¬

_ (¬1) إسناده حسن. إبراهيم بن عطاء صدوق. علي: هو ابن نصر الجهضمي الأزدي، وعطاء: هو ابن أبي ميمونة. وأخرجه ابن ماجه (1811) من طريق سهل بن حماد، عن إبراهم بن عطاء، بهذا الإسناد. وفي الباب حديث معاذ المتفق عليه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لما بعثه إلى اليمن، قال له: "خذها من أغنيائهم وضعها في فقرائهم". وقد استدل بهذا على مشروعية صرف زكاة كل بلد في فقراء أهله، وكراهية صرفها في غيرهم، وقد روي عن مالك والشافعي والثوري أنه لا يجوز صرفُها في غير فقراء البلد، وقال غيرهم: إنه يجوز مع كراهته لما علم بالضرورة أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يستدعي الصدقات من الأعراب إلى المدينة، ويصرفها في فقراء المهاجرين والأنصار. وقال الحصكفي في "الدر المختار مع حاشيته" 6/ 119 - 121 الطبعة الشامية: وكره نقلها من بلد إلى آخر إلا إلى قرابة أو أحوج أو أصلح أو أورع أو أنفع للمسلمين، أو من دار الحرب إلى دار الإسلام، أو إلى طالب علم، أو إلى الزهاد، أو كانت معجلة قبل تمام الحول، فلا يكره.

فقيل: يا رسولَ الله، وما الغِنى؟ قال: "خَمسونَ دِرهماً، أو قيمتُها مِن الذَّهب" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف حكيم بن جبير، لكن تابعه زبيد اليامي عند المصنف وابن ماجه والنسائي، وهو ثقة، وقد احتج بهذا الحديث أحمد بن حنبل فيما نقله عنه ابن عدي في "الكامل" 2/ 636، واحتج به كذلك الثوري وإسحاق ابن راهويه والحسن بن صالح وابن المبارك فيما حكاه عنهم الترمذي بإثر الحديث (657)، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/ 101 - 103، وصححه ابنُ التركماني في "الجوهر النقي" 7/ 24 - 25. سفيان: هو الثوري. وأخرجه ابن ماجه (1840)، والترمذي (657)، والنسائي في "الكبرى" (2384) من طرق عن يحيى بن آدم، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (656) من طريق شريك، عن حكيم بن جبير، به. وهو في "مسند أحمد" (3675). وله شواهد انظرها فيه. قال الخطابي: الخموش: هي الخدوش، يقال: خمشت المرأة وجهها: إذا خدشته بظفر أو حديدة أو نحوها، والكدوح: الأئار من الخدوش والعض ونحوه. قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أصحابنا، وبه يقول الثوري، وعبد الله ابن المبارك وأحمد وإسحاق، قالوا: إذا كان عند الرجل خمسون درهماً، لم تحل له الصدقة، ولم يذهب بعض أهل العلم إلى حديث حكيم بن جبير، ووسعوا في هذا، وقالوا: إذا كان عنده خمسون درهماً وهو محتاج، فله أن يأخذ من الزكاة وهو قول الشافعي وغيره من أهل العلم. وانظر "شرح السنة" للبغوي 6/ 85 - 86 بتحقيقنا. وقال البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (13337) بعد أن أورد الأحاديث في بيان جواز المسألة وحدّ الغنى الذي يجوز معه السؤال: وكل ذلك متفق في المعنى، وهو أنه اعتبر الغنى، وهو الكفاية، ثم إنها تختلف باختلاف الناس فمنهم من يغنيه خمسون ومنهم من يغنيه أربعون، ومنهم من له كسب يدر عليه كل يوم من يغديه ويعشيه، ولا عيال له فهو مستغن به، فلا يكون له أحد الصدقة. وانظر تمام كلامه في "معرفة السنن والآثار" 9/ 330 - 331.

قال يحيي: فقال عبدُ الله بنُ عثمان لسفيان: حفظي أن شعبةَ لا يروي عن حكيم بن جبير، فقال سفيان: فقد حدَّثناه زُبيدٌ، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد. 1627 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن زيدِ بن أسلم، عن عطاء بن يسار عن رجلٍ من بني أسد، أنه قال: نزلتُ أنا وأهلي ببقيع الغَرقدِ، فقال لي أهلي: اذهت إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فَسَلهُ لنا شيئاً نأكُلُه، فجعلُوا يذكرون مِن حاجَتهم، فذهبتُ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فوجدتُ عنده رجلاً يسألُه، ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا أجِدُ ما أعطيكَ"، فتولى الرجلُ عنه وهو مُغضَبٌ، وهو يقول: لَعَمرِي إنَّك لتُعطي مَنْ شئتَ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يَغضَبُ عليَّ أن لا أجِدَ ما أعطيه، مَن سَألَ منكم وله أوقيةٌ أو عِدلها، فقد سألَ إلحافاً". قال الأسدي: فقلت: للقحة لنا خيرٌ مِن أوقية، والأوقية أربعونَ درهماً، قال: فرجعتُ ولم أسأله، فقَدِمَ على رَسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بَعْدَ ذلك شعير وزبيب، فقسم لنا منه، أو كما قال، حتى أغنانا الله عز وجل! (¬1) ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، رجاله ثقات، وإبهام الصحابي لا تضر. هو عند مالك في "الموطأ" 2/ 999، ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" (2388). وهو في "مسند أحمد" (16411). قال ابن عبد البر في "الاستذكار" 27/ 424: ولا أعلم خلافاً بين العلماء في كراهة السؤال لمن له أُوقية أو عدلها، وقد اختلفوا في المقدار الذي تحرم به الصدقة المفروضة على من ملكه ... وأما السؤال، فمكروه غير جائز عند جميعهم لمن يجد منه بُدّاً.

قال أبو داود: هكذا رواه الثوري كما قال مالك. 1628 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ وهشامُ بنُ عمار، قالا: حدَّثنا عبدُ الرحمن ابنُ أبي الرِّجال، عن عُمارة بن غَزِيَّة، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَن سَألَ وله قيمةُ أوقيةٍ فَقَدْ ألْحَفَ"، فقلت: ناقتي الياقوتة هي خيرٌ مِن أوقية - قال هشام: خيرُ مِن أربعين درهماً - فرجعتُ، فلم أسأله، زاد هشام في حديثه: وكانت الأوقية على عهدِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أربعين درهماً (¬1). 1629 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا مِسكين، حدَّثنا محمدُ بنُ المهاجر، عن ربيعةَ بن يزيدَ، عن أبي كَبشةَ السَلولي حدَّثنا سَهلُ بنُ الحنظلية، قال: قَدِمَ على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عُيينةُ بنُ حِصْنٍ، والأقرعُ بنُ حابسٍ، فسألاه، فأمر لهما بما سألا، وأمَرَ معاويةَ فكتب لهما بما سألا، فأما الأقرعُ، فأخذ كتابه، فلفَّه في عِمامته ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. عبد الرحمن بن أبي الرجال صدوق حسن الحديث. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2387) من طريق قتيبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (11044)، و"صحيح ابن حبان" (3390). وله شاهد من حديث رجل من بني أسد سلف قبله. وآخر من حديث ابن عمرو عند النسائي في "الكبرى" (2386). وهو حسن. اللِّقحة: الناقة ذات لبن وجمعها: لقاح، والأوقية عند أهل الحجاز أربعون درهماً، وذهب أبو عُبيد القاسم بن سلام في تحديد الغنى إلى هذا الحديث، وزعم أن من وجد أربعين درهماً حرمت عليه الصدقة، وقوله: أو عدلها يريد قيمتها، يقال: هذا عَدل الشيء، أي: ما يساويه في القيمة، وهذا عِدله، أي: نطيره ومثله في الصورة والهيئة.

وانطلق، وأما عُيينة، فأخذ كتابه، وأتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - مكانه، فقال: يامحمد، أتراني حاملاً إلى قومي كتاباً لا أدري ما فيه كصحيفة المتلمِّس، فأخبرَ معاويةُ بقوله رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ سألَ وعندَه ما يُغْنِيه، فإنما يَسْتكثِرُ مِن النار" وقال النفيليُّ في موضع آخر: "مِنْ جَمْرِ جَهنم", فقالوا: يا رسولَ الله، وما يُغنيه؟ وقال النُّفيليُّ في موضع آخر: وما الغِنَى الذي لا تنبغي مَعَهُ المسألةُ؟ قال: "قَدْرَ ما يُغذِّيه ويُعشِّيه" وقال النفيليُّ في موضع آخر: "أن يكونَ له شِبَعُ يَومِ ولَيلةٍ، أو ليلةٍ ويَومٍ" وكان حدَّثنا به مختصراً على هذه الألفاظ التي ذَكَرْتُ (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. مسكين - هو ابن بكير الحذاء - صدوق حسن الحديث. وأخرجه ابن خزيمة (2391)، والبيهقي 7/ 24 من طريق عبد الله بن محمد النُّفيليُّ، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (17625)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2074) و (2075)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 26/ 20 و 4/ 371، و"شرح مشكل الآثار" (486)، وابن حبان (545) و (3394)، والطبراني في "المعجم الكبير" (5620)، وفي "مسند الشاميين" (584) و (585) والبيهقي 7/ 24 من طريق عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، عن ربيعة بن يزيد، به. وفي باب تحريم المسألة عن ظهر غنى، عن أبي هريرة عند مسلم (1041)، وابن ماجه (1838). قال الطيبي: وقوله: قدر ما يغديه ويُعشيه: يعني من كان له قوت هذين الوقتين لا يجوز أن يسأل ذلك اليوم صدقة التطوع، وأما في الزكاة المفروضة، فيجوز للمستحق أن يسألها بقدر ما يتم له نفقة سنة له ولعياله وكسوتهما، لأن تفريقها في السنة مرة واحدة. =

1630 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ، حدَّثنا عبدُ الله - يعني ابن عمر ابن غانمٍ - عن عبد الرحمن بن زياد أنه سَمعَ زياد بن نعيم الحضرميَّ أنه سمع زيادَ بنَ الحارث الصُّدائيَّ، قال: أتيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فبايعتُه، فذكَرَ حديثاً طويلاً قال: فأتاه رجل فقال: أعطني مِنَ الصدقة، فقال له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله لم يَرضَ بحُكم نبيٍ ولا غيرِه في الصدقات حتى حَكَم فيها هو، فجزَّأها ثمانيةَ أجزاء، فإن كنتَ مِن تلك الأجزاء أعطيتُك حقَّك" (¬1). 1631 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ وزُهيرُ بن حرب، قالا: حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي صالح ¬

_ = وصحيفة المتلمس لها قصة مشهورة عند العرب، وهو المتلمس الشاعر، وكان هجا عمرو بن هند الملك، فكتب له كتاباً إلى عامله يوهمه أنه أمر له فيه بعطية، وقد كان كتب إليه يأمره بقتله، فارتاب المتلمس به ففكه وقرئ له، فلما علم ما فيه رمى به ونجا فضربت العرب المثل بصحيفته بعده، واسم المتلمس: جرير بن عبد المسيح الضبعي، وهو شاعر جاهلي مُفْلِقٌ مُقِلُّ ذكره ابن سلام الجمحي في الطبقة السابعة من شعراء الجاهلية، وكان مع ابن أخته طرفة بن العبد ينادمان عمرو بن هند ملك الحيرة، ثم إنهما هجواه، فلما علم بذلك كره قتلهما عنده، فكتب لهما كتابين إلى عامله بالبحرين يأمره بقتلهما. انظر "الشعر والشعراء" 1/ 179 - 174 لابن قتيبة. (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد بن أنعم. ونقل الحافظ السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 220 أن الدارقطني ضعّفه. وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (598 - زوائده) وجعفر بن محمد الفريابي في "دلائل النبوة" (38)، والطحاوي في "شرح معانى الآثار" 17/ 2، والطبراني في "الكبير" (5285)، والدارقطني (2063)، والبيهقي 4/ 173 - 174، و 7/ 6، وإسماعيل بن محمد الأصبهاني في "دلائل النبوة" (7)، والمزي في ترجمة زياد بن نعيم الحضرمي من "تهذيب الكمال" 9/ 447 من طريق عبد الرحمن بن زياد، به.

عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لَيسَ المِسكينُ الذي تَرُدُّه التَّمْرَةُ والتَّمرَتان والأُكْلَةُ والأُكلَتانِ، ولكن المِسكينَ الذي لا يَسْألُ الناسَ شيئاً ولا يَفطَنونَ به فيُعطونَه" (¬1). 1632 - حدَّثنا مسدَّدٌ وعبيدُ الله بن عمر وأبو كامل - المعنى - قالوا: حدَّثنا عبدُ الواحد بن زياد، حدَّثنا مَعمَر، عن الزهريِّ، عن أبي سَلَمَة عن أبي هريرة، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، مثله: "ولكن المِسكينَ المُتَعفِّفُ"، زاد مُسدَّد في حديثه: "لَيسَ له ما يَسْتَغني به، الذي لا يَسْأل، ولا يُعلَمُ بحاجته فيتصَدَقَ عليه، فذاك المَحرُوم" ولم يذكر مُسدَّدٌ: "المتعففُ الذي لا يَسألُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد بن قرط الضبي، والأعمش: هو سيمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان الزيات. وأخرجه البخاري (1476) و (1479) و (4539)، ومسلم (1039)، والنسائي في "الكبرى" (2363) و (2364) و (10987) من طرق عن أبي هريرة، به. وانظر ما بعده. وقوله: "الأكلة والأكلتان" قال الحافظ بالضم فيهما، ويؤيده ما في رواية الأعرج (وهي الرواية الثانية عند البخاري) الآتية (1479): اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان. قال أهل اللغة: الأكلة بالضم اللقمة، وبالفتح: المرة من الغداء والعشاء. وقال النووي: معناه المسكين الكامل المسكنة الذي هو أحق بالصدقة، وأحوج إليها ليس هو هذا الطواف، وليس معناه نفي أصل المسكنة عنه، بل معناه نفي كمال المسكنة، ولكن المسكين الذي هو أحق بالصدقة لا يمطن به فيعطى، وفيه دليل على أن المسكين هو الجامع بين عدم الغنى، وعدم تفطن الناس له لما يظن به لأجل تعففه وتظهره بصورة الغني من عدم الحاجة، ومع هذا فهو متعفف عن السؤال. (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري، ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمد بن مسلم، وأبو سلمة: ابن عبد الرحمن بن عوف. =

قال أبو داود: روى هذا مُحمَّدُ بنُ ثور وعبدُ الرزاق عن معمر، جعلا المحرومَ مِن كلام الزُّهري، وهو أصحُّ (¬1). 1633 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يونس، حدَّثنا هِشامُ بن عُروة، عن أبيه، عن عُبيد الله بن عَديّ بن الخِيار أخبرني رجلان: أنهما أتيا النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - في حجَّة الوَدَاع وهو يقسِمُ الصدَقة، فسألاه منها، فرفَّع فينا البصرَ وخفَّضَه، فرآنا جَلدَين، فقال: "إنْ شِئتُما أعطيتكما، ولا حَظَّ فيها لغِنيّ ولا لقويّ مُكتسب" (¬2). 1634 - حدَّثنا عبَّادُ بن موسى الأنباري الختَّليُّ، حدَّثنا إبراهيمُ - يعني ابن سعد - أخبرني أبي، عن ريحان بن يزيد ¬

_ = وأخرجه النسائى في "الكبرى" (2365) من طريق عبد الأعلى، عن معمر، بهذا الإسناد. بلفظ: "ليس المسكين الذين ترده الأُكلة والأكلتان والتمرة والتمرتان" قالوا: فما المسكين يا رسول الله؟ قال: "الذي لا يجد غنى، ولا يعلم الناس بحاجته فيتصدق عليه". وانظر ما قبله. (¬1) هو في "مصنف عبد الرزاق" (20027) عن معمر، عن الزهري، قال: قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ... وفيه: قال معمر: وقال الزهري: فذلك المحروم. (¬2) إسناده صحيح. أخرجه النسائي في "الكبرى" (2390) من طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17972). قوله: فرآنا جلدين: بفتح جيم وسكون لام , أي: قويين. وقوله: ولا حظ فيها، الضمير للصدقة على تقدير المضاف، أي: في سؤالها، أو لمصدر السؤال، أي: في المسألة، مكتسب: قادر على الكسب، قال السندي: والمراد أنه لا يحل لهما السؤال، لا أنه لو أدى أحد إليهما لم يحل لهما أخذه، أو لم يُجزِ عنه وإلا لم يصح له أن يؤديا إليهما بمشيئتهما، كما يدل عليه قرله: إن شئتما أعطيتكما.

عن عبد الله بن عمرو، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا تَحِل الصَّدقةُ لغنيّ، ولا لذي مِرَّةِ سَويٍّ" (¬1). قال أبو داود: رواه سفيانُ عن سعد بن إبراهيم، كما قال إبراهيم، ورواه شعبةُ عن سعد قال: "لذي مِرَّة قوي" والأحاديث الأُخَر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بعضها: "لذي مِرَّة قوي" وبعضها: "لذي مِرَّة سوي ". ¬

_ (¬1) إسناده قوي، ريحان بن يزيد العامري وثقه ابنُ معين وابنُ حبان، وجاء في ترجمته في"التاريخ الكبير" 3/ 329: وكان أعرابي صِدق. سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري. وأخرجه الترمذي (658) من طريق سفيان الثوري، عن سعد بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وقال: حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (6530). وله شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (1839)، والنسائي في "الكبرى" (2389). وآخر من حديث أبي سعيد الخدري سيأتي برقم (1637). وثالث من حديث حُبْشي بن جنادة عند الترمذي (659). ورابع من حديث رجل من بني هلال من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عند أحمد (16594). وقوله: ولا لذي مرة: هو بكسر الميم، أي: قوة وشدة، وسوي: صحيح الأعضاء. وقوله: لا تحل الصدقة، أي: سؤالها، وإلا فهي تحل للفقير، وإن كان قوياً صحيح الأعضاء إذا أعطاه أحد بلا سؤال. قال في "المحيط" فيما نقله عنه القاري في "المرقاة": الغنى على ثلاثة أنواع: غنى يوجب الزكاة وهو ملك نصاب حولي تام. وغنى يحرم الصدقة ويوجب صدقة الفطر والأضحية: وهو ملك ما يبلغ قيمة نصاب من الأموال الفاضلة عن حاجته الأصلية. وغنى يحرم السؤال دون الصدقة، وهو أن يكون له قوت يومه وما يستر عورته.

24 - باب من يجوز له أخذ الصدقة وهو غني

وقال عطاءُ بنُ زهير: إنه لقي عبدَ الله بن عمرو فقال: إنَّ الصدقةَ لا تَحِلُّ لقوي، ولا لذي مِرَّة سَوِي. 24 - باب من يجوز له أخذُ الصدقة وهو غنيٌ 1635 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن مالكٍ، عن زيدِ بن أسلم عن عطاء بن يسار، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا تَحِلُّ الصَدَقةُ لغني إلا لخمسة: لغازٍ في سبيل الله، أو لِعَاملٍ عليها، أو لِغارمٍ، أو لرَجُلٍ اشتراها بماله، أو لرَجُلٍ كان له جارٌ مسكين فتُصُدِّقَ على المسكين، فأهْداها المسكينُ للغنيِّ" (¬1). 1636 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وقد وصله معمر - وهو ابن راشد - كما في الطريق الآتي بعده، وتابعه على وصله الثوري عند عبد الرزاق (7152)، والدارقطني في "سننه" (1997)، وفي "العلل" 3/ ورقة 236، والبيهقي 7/ 15. وصحح وصله البزار في "مسنده" كما في "نصب الراية" 4/ 378. وقد تابع مالكاً على إرساله أيضاً سفيان بن عيينة عند ابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 96، ولا يضر إرسال من أرسله، لأن معمراً والثوري حافظان، فيكون عطاء بن يسار أرسله مرة ووصله أخرى. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 268، ومن طريقه أخرجه البيهقي 7/ 15. وانظر تالييه. (¬2) إسناده صحيح كما سلف بيانه في الطريق السالف قبله. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (7151) ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (1841). =

قال أبو داود: ورواه ابنُ عيينة عن زيد كما قال مالك. ورواه الثوري عن زيد قال: حدثني الثَّبتُ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. 1637 - حدَّثنا محمدُ بنُ عوفٍ الطائي، حدَّثنا الفِريابيُّ، حدَّثنا سُفيانُ، عن عِمران البارقيِّ، عن عَطيَّه عن أبي سعيدٍ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تَحِلُّ الصَّدقةُ لغني، إلا في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو جارٍ فقيرٍ يُتصدَّقُ عليه، فيُهدي لك أو يدعوك" (¬1). ¬

_ = وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7152) عن الثوري، عن زيد بن أسلم، عن عطاه بن يسار، عن رجل من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، به. وهذا اختلاف في تعيين الصحابي، ومثل هذا لا يضر بصحة الحديث، ثم إن إبهام الصحابي لا يضر أيضاً، لأنهم كلهم ثقات. على أنه مرة نص على ذكر أبي سعيد كما بيناه في الطريق السالف قبله. وهو في "مسند أحمد" (11538). (¬1) إسناده ضعيف، لضعف عطية - وهو ابن سعد بن جنادة -، وجهالة عمران البارقي. الفريابي: هو محمد بن يوسف الضبي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه ابن خزيمة (2368)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 19، والبيهقي 7/ 22 من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (2194) مختصراً، وأبو يعلى المرصلي في "مسنده" (1333)، والبيهقى في "السنن الكبرى" 7/ 22 من طريق فراس بن يحيي الهمدانى أبو يحيى المُكتب، وابن أبي شيبة 3/ 210، وعبد بن حميد في "المنتخب" (895)، وأبو يعلى في "مسنده" (1202)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 19، والبيهقي 7/ 23 من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، كلاهما عن عطية العوفي، به. وهو في "مسند أحمد" (11268). والصحيح ما سلف قبله.

25 - باب كم يعطى الرجل الواحد من الزكاة؟

قال أبو داود: ورواه فراسٌ وابن أبي ليلى عن عطية، مثله. 25 - باب كم يُعطَى الرجلُ الواحد من الزكاة؟ 1638 - حدَّثنا الحسنُ بنُ محمد بن الصَّباح، حدَّثنا أبو نعيم، حدثني سعيد بن عبيد الطائيُّ، عن بشير بن يسار زعم أن رجلاً من الأنصار يقال له: سَهْلُ بنُ أبي حَثْمة أخبره: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - ودَاهُ بمئةٍ من إبل الصَّدَقة - يعني دِيّة الأنصاريِّ الذي قتل بخيبر - (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو نعيم: هو الفضل بن دكين. وأخرجه البخاري (6898)، والنسائي في "الكبرى" (5966) و (6895) من طريق أبي نعيم، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1669) من طريق عبد الله بن نمير، عن سعيد بن عبيد، به. وهو في "مسند أحمد" (16091). وسيأتي بطوله برقم (4520) و (4521) و (4523). قال الخطابي: وقد اختلف الناس في قدر ما يُعطى الفقير من الصدقة، فكره أبو حنيفة وأصحابه أن يبلغ مئتي درهم إذا لم يكن عليه دين، أو له عيال، وكان سفيان الثوري يقول: لا يدفع إلى رجل من الزكاة أكثر من خمسين درهماً، وكذلك قال أحمد ابن حنبل، وعلى مذهب الشافعي يجوز أن يعطى على قدر حاجته من غير تحديد فيه، فإذا زال اسم الفقر عنه لم يُعط. قال الإمام النووي في "المجموع" قال أصحابنا العراقيون وكثير من الخراسانيين: يُعطى الفقير والمسكين ما يخرجهما من الحاجة إلى الغنى، وهو ما تحصل به الكفاية على الدوام، وهذا هو نص الشافعي رحمه الله. وقالوا: فإن كان عادته الاحتراف. أعطي ما يشتري به حرفته أو آلات حرفته، ْ قَلَّت قيمته أوكثُرت، ويكون قدره بحيث يحصل له من ربحه ما يفي بكفايته غالباً تقريباً، ويختلف ذلك باختلاف الحرف والبلاد والأزمان والأشخاص ... فإن لم يكن محترفاً ولا يحسن صنعة أصلاً ولا تجارة ولا شيئاً من أنواع المكاسب، أعطي كفاية العمر لأمثاله في بلاده ولا يتقدر بكفاية سنة. =

26 - باب ما تجوز فيه المسألة

26 - باب ما تجوز فيه المسألة (¬1) 1639 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمر النَّمَريُ، حدَّثنا شُعبةُ، عن عبد الملك بن عُمير، عن زيدِ بن عُقبة الفَزاريِّ عن سَمُرَة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "المسائِلُ كُدُوحٌ يمدَحُ بها الرَّجُلَ وَجْهَهُ، فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شَاءَ تَرَكَ، إلا أن يسأل الرجلُ ذا سلطانٍ، أو في أمر لا يَجِدُ منه بُداً" (¬2). 1640 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن هارون بن رِئاب، حدَّثني كِنانة بن نُعَيم العدويُّ عن قَبِيصة بن مُخارق الهلاليِّ، قال: تحمَّلت حَمالةً، فأتيتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "أقم يا قبيصةُ حتى تأتينا الصَدَقَة، فنأمرَ لك بها". ¬

_ = وقال شمس الدين الرملي في "شرح المنهاج": إن المسكين والفقير إن لم يحسن كل منهما كسباً بحرفة ولا تجارة يعطى كفاية ما بقي من العمر الغالب لأمثاله في بلده، لأن القصد إغناؤه، ولا يحصل إلا بذلك، فإن زاد عمره عليه، أعطي سنة بسنة. وليس المراد بإعطاء من لا يحسن الكسب إعطاعه نقداً يكفيه بقية عمره المعتاد، بل إعطاءه ثمن ما يكفيه دخله منه، كأن يشتري له بها عقاراً يستغله، ويغتني به عن الزكاة فيملكه ويورث عنه ... وانظر تفصيل المسألة في "فقه الزكاة" للعلامة القرضاوي 2/ 563 - 578. (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (هـ) و (و). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه الترمذي (688)، والنسائي في "الكبرى" (2391) و (2392) من طريق عبد الملك بن عمير، به. وهو في "مسند أحمد" (20219)، و"صحيح ابن حبان" (3397). كدوح: خدوش وجروح يخدش بها الرجل وجهه يوم القيامة، وهو كناية عن الذل والهوان.

ثم قال: "يا قبيصةُ، إن المسألةَ لا تَحِلُّ إلا لإحدى ثلاثة: رَجُلٍ تحمَّلَ حَمالةً، فحلَّت له المسألةُ، فسأل حتَى يُصيبَها، ثم يمسك. ورجلٌ أصابته جَائحةٌ، فاجتاحت مالَه فَحَلَّت له المسألةُ، فسأل حتى يُصيب قِواماً مِن عيش - أو سِداداً مِن عيشٍ - ورجلٍ أصابتْهُ فاقةٌ حتى يقول ثلاثة من ذوي الحِجى مِنْ قومه: قد أصابت فلاناً الفاقةُ، فحلَّت له المسألةُ، فسأل حتى يُصيب قِواماً مِن عيشٍ - أو سِداداً من عيش - ثم يُمسك، وما سِواهُن مِن المسألةِ يا قَبيصَةُ سُختٌ، يأكلُها صَاحِبُها سُحتاً" (¬1). 1641 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، أخبرنا عيسى بنُ يونس، عن الأخضرِ ابن عجلان، عن أبي بكر الحنفيِّ عن أنس بن مالك: أن رجلاً من الأنصار أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - يسأله، فقال: "أما في بيتك شيء؟ " قال: بلى، حِلْسٌ: نَلْبَسُ بعضَه ونَبْسُطُ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مُسدَد: هو ابن مُسَرْهَد الأسدي. وأخرجه مسلم (1044)، والنسائي في "الكبرى" (2371) و (2372) و (2383). وهو في "مسند أحمد" (15916)، و"صحيح ابن حبان" (3291). قوله: تحمل حمالة. قال في "المجمع ": بالفتح ما يتحمله الإنسان عن غيره من دِية أو غرامة، كأن تقع حرب بين فريقين ويسفك فيها الدماء فيدخل بينهم رجل يتحمل ديات القتلى ليصلح ذات البين، والتحمل: أن يحملها عنهم على نفسه. والجائحة: الآفة كالغرق والحرق وفساد الزرع، والسداد: ما يسد به الفقر ويدفع ويكفي الحاجة، وكل شىء سددت به خللاً، فهو سِداد بالكسر، ولهذا سمي سِداد القارورة بالكسر وهو صمامها، ومنها سِداد الثغر بالكسر إذا سد بالخيل والرجال، وأما السَّداد بالفتح، فإنما معناه الإصابة في المنطق وأن يكون الرجل مسدداً. والسحت: هو الحرام الذي لا يحل كسبه، لأنه يسحت البركة، أي: يذهها.

بعضَه، وقَعْبٌ نشربُ فيه من الماء، قال: "ائتني بهما"، قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بيده، وقال: "من يشتري هذين؟ " قال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: "مَنْ يزيدُ على درهم؟ " مرتين أو ثلاثاً، قال رجل: "أنا آخذُهما بدرهمين"، فأعطاهما إياه، وأخذَ الدرهمين، فأعطاهما الأنصاريَّ، وقال: "اشترِ بأحدهما طعاماً، فانبِذْه إلى أهلك، واشترِ بالآخر قَدوماً فأتني به" فأتاه به، فشدَّ فيه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عوداً بيده، ثم قال له: "اذهبْ فاحتَطِبْ وبع، ولا أرَيَنَّك خمسةَ عشرَ يوماً" فذهب الرجلُ يَحْتَطِب ويبيع، فجاء، وقد أصابَ عشرةَ دراهم، فاشترى ببعضها ثوباً، وببعضها طعاماً، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - "هذا خيرٌ لك من أن تجيءَ المسألةُ نكتةً في وجهك يومَ القيامة، إن المسألة لا تَصلُحُ إلا لثلاثة: لذي فَقْرٍ مُدْقع، أو لذي غُرْمِ مُفْظِعِ، أو لذي دَمٍ مُوجِع" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، لجهالة حال أبي بكر الحنفي، وللقطعة الأخيرة منه وهي قوله: "إن المسألة ... " شواهد تصح بها. أبو بكر الحنفي: هو عبد الله. وأخرجه ابن ماجه (2198)، والترمذي (1261)، والنسائي في "الكبرى" (6054) من طرق عن الأخضر بن عجلان، بهذا الإسناد. ورواية النسائي مختصرة بقوله: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - باع قدحاً وحِلساً فيمن يزيد. وهو في "مسند أحمد" (12134). ويشهد لبيع المزايدة حديث جابر بن عبد الله عند البخاري (2141). ويشهد لقوله: "المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة" حديث ابن عمر عند البخاري (1475)، ومسلم (1040). ولقوله: "إن المسألة لا تصلح إلا ... " حديث حبشي بن جُنادة عند الترمذي (659) و (660). ولعل الترمذي حسنه لهذه الشواهد، وقد فاتنا أن ننبه على هذه الشواهد في "سنن الترمذي"، فتستدرك من هنا.

27 - باب كراهية المسألة

27 - باب كراهية المسألة 1642 - حدَّثنا هشامُ بنُ عمَّار، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا سعيدُ بن عبد العزيز، عن ربيعة - يعني ابن يزيد - عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي مسلم الخولاني حدَّثني الحبيبُ الأمينُ، أما هو إليّ فحبيبٌ، وأما هو عندي فأمينٌ: عوفُ بن مالك، قال: كنا عندَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سبعةً، أو ثمانيةً، أو تسعةً، فقال: "ألا تبايعون رسولَ الله؟ " وكُنَّا حديثَ عهدٍ ببيعة، قلنا: قد بايعناك، حتى قالها ثلاثاً، فبسطنا أيدينا فبايعناه، فقال قائل: يا رسولَ الله، إنا قد بايعناك، فعلام نُبايعُك؟ قال: "أن تعبدُوا الله، ولا تُشْرِكوا به شيئاً، وتُصَلُّوا الصلواتِ الخمسَ، وتسمعُوا وتُطيعوا - وأسرَّ كلمةً خفيَّةً - قال: ولا تَسْألوا الناسَ شيئاً"، قال: فلقد كان بعضُ أولئك النفر يَسقُطُ سَوطُه، فما يسألُ أحداً أن يُناوِلَه إيَّاه (¬1). قال أبو داود: حديثُ هشام لم يروه إلا سعيد. 1643 - حدَّثنا عُبيدُ الله بن معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبةُ، عن عاصم، عن أبي العالية ¬

_ (¬1) حديث صحيح. هشام بن عمار والوليد - وهو ابن مسلم - متابعان. أبو إدريس الخولاني: هو عائذ الله بن عبد الله , وأبو مسلم الخولاني: هو عبد الله بن ثُوَب. وأخرجه ابن ماجه (2867) عن هشام بن عمّار، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1043) من طريق مروان بن محمد، والنسائي في "الكبرى" (316) و (7735) من طريق أبي مُسهر عبد الأعلى بن مُسهر، كلاهما عن سعيد بن عبد العزيز، به. وهو في "مسند أحمد" (23993) مختصراً بذكر المسألة، و"صحيح ابن حبان" (3385).

28 - باب في الاستعفاف

عن ثوبان - قال: وكان ثوبانُ مولى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ تكفَّلَ لي أن لا يَسْألَ الناسَ شيئاً وأتكفَّلَ له بالجنة"، فقال ثوبانُ: أنا، فكان لا يسألُ أحداً شيئاً (¬1). 28 - باب في الاستعفاف 1644 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن ابن شهاب، عن عطاء ابن يزيد الليثيِّ عن أبي سعيد الخدريِّ: أن ناساً من الأنصار سألوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتَى إذا نَفِدَ ما عندَه قال: "ما يكونُ عندي مِن خير، فلن أدَّخره عنكم، ومن يَستَعفِفْ يُعِفُّه الله، ومن يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ الله، ومن يَتَصبَّر يُصبرْهُ الله، وما أُعطيَ أحدٌ مِن عطاءٍ أوسعَ مِن الصبر" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ بن نصر العنبري، وعاصم: هو ابن سليمان الأحول، وأبو العالية: هو رفيع بن مهران الرياحي. وأخرجه ابن ماجه (1837)، والنسائي في "الكبرى" (2382) من طريق عبد الرحمن ابن يزيد عن ثوبان، به. وهو في "مسند أحمد" (22374). وأخرج أحمد (22420)، والدارمي (1645)، والبزار (923 - كشف الأستار)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 20، والطبراني في "المعجم الكبير" (1407)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 181 من حديث ثوبان، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من سأل مسألة وهو عنها غني كانت شيناً في وجهه يوم القيامة" وإسناده صحيح. (¬2) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 997، ومن طريقه أخرجه البخاري (1469)، ومسلم (1053)، والترمذي (2143)، والنسائي في " الكبرى" (2380). =

1645 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود (ح) وحدَّثنا عبدُ الملك بنُ حبيب أبو مروان، حدَّثنا ابن المبارك - وهذا حديثُه - عن بشير بن سلمان، عن سيَّار أبي حمزة، عن طارقٍ عن ابن مسعود، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ أصابته فَاقَةٌ فأنزلها بالناسِ، لم تُسَدَّ فاقتُه، ومن أنزلها بالله أوشَك الله له بالغنى: إمَّا بموت عاجل، أو غِنًى عاجل" (¬1). 1646 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا الليثُ بنُ سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن بَكر بن سَوادَةَ، عن مسلم بن مَخشيٍّ، عن ابنِ الفِرَاسي أن الفِرَاسِيَّ قال لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: أسألُ يا رسولَ الله؟ فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا، وإن كنت سائلاً لا بد، فاسأل الصَّالحين" (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (6470)، ومسلم (1053) من طريقين عن ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (11091)، و"صحيح ابن حبان" (3400). (¬1) إسناده حسن. سيّار أبو حمزة روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات" فهو حسن الحديث. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وعبد الله: هو ابن داود بن عامر الرَّبيع الهمداني، وابن المبارك: هو عبد الله، وطارق: هو ابن شهاب بن عبد شمس البجلي. وأخرجه الترمذي (2479) من طريق سفيان الثوري عن بشير بن سليمان، بهذا الإسناد. وقال عنه: حديث حسن صحيح غريب. وهو في "مسند أحمد" (3696). وقوله: إما بموت عاجل. قال في "عون المعبود": قيل: بموت قريب له غني فيرثه، ولعل الحديث مقتبس من قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:2 - 3]. (¬2) إسناده ضعيف، لجهالة مسلم بن مَخْشيّ وابن الفراسي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2379) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18945).

1647 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا ليثٌ، عن بُكير بن عبد الله بن الأشج، عن بسر بن سعيد عن ابن الساعدي، قال: استعملني عُمرُ على الصدقةِ، فلما فرغتُ منها، وأديتُها إليه، أمر لي بعُمالة، فقلت: إنما عملتُ لله، وأجري على الله، قال: خذ ما أُعطِيتَ، فإني قد عَمِلْتُ على عهد رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فعمَّلني، فقلتُ مِثْلَ قولك، فقال لي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا أعْطِيتَ شيئاً مِن غيرِ أن تسأله، فكُل وتصَدَّقْ" (¬1). 1648 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن مالكٍ، عن نافع عن عبد الله بن عُمَرَ، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال وهو على المنبر وهو يَذكر الصَّدَقَةَ والتعففَ منها، والمسألة: "اليدُ العُليِا خيرٌ مِن اليد السُّفلى، واليِدُ العُليا المنفقَة، والسُّفلى السائلة" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، والليث: هو ابن سعد، وابن الساعدي - وقيل ابن السَّعدي -: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (1045)، والنسائي في "الكبرى" (2396) من طريق بكير بن عبد الله بن الأشج, به. وأخرجه بنحوه البخاري (7164)، والنسائى (2397 - 2398) من طريق حُوَيطِب ابن عبد العُزَّى، عن عبد الله بن السعدي، به. وهو في "مسند أحمد" (371)، و"صحيح ابن حبان" (3405). وسيأتي مختصراً برقم (2944). العُمالة بضم العين: أجر العامل على عمله، وعَمّلَني بتشديد الميم: أعطاني العمالة، وأما العَمالة بفتح العين، فهي نفس العمل. (¬2) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 998، ومن طريقه أخرجه البخاري (1429)، ومسلم (1033)، والنسائي في "الكبرى" (2324). وأخرجه البخاري (1429) من طريق أيوب، عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4474)، و"صحيح ابن حبان" (3364).

قال أبو داود: اختلف على أيوبَ عن نافع في هذا الحديث: قال عبد الوارث: "اليدُ العُليا المتعففةُ"، وقال أكثرُهم عن حماد بن زيد، عن أيوب: "اليدُ العليا المنفقة". وقال واحدٌ عن حماد: المتعففة (¬1). 1649 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عَبيدة بن حُميد التيميُّ، حَدَثني أبو الزعراء، عن أبي الأحوص عن أبيه مالك بن نضلة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الأيْدي ثلاثة: فيَدُ الله العُليا، ويَدُ المُعطِي التي تَلِيها، ويَدُ السائِلِ السُّفلى، فأعْطِ الفَضْلَ، ولا تَعْجِزْ عن نَفْسِكَ" (¬2). ¬

_ (¬1) قال الحافظ في "الفتح" 3/ 297: فأما الذي قال عن حماد: المتعففة بالعين وفائين، مُسدَّد كذلك روينا عنه في "مسنده"رواية معاذ بن المثنى عنه، ومن طريقه أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد"، وقد تابعه على ذلك أبو الربيع الزهراني كما رويناه في كتاب "الزكاة" ليوسف بن يعقوب القاضي: حدَّثنا أبو الربيع. وأما رواية عبد الوارث فلم أقف عليها موصولة، وقد أخرجه أبو نعيم في "المستخرج" من طريق سليمان بن حرب عن حماد بلفظ: "اليد العليا يد المعطي" وهذا يدل على أن من رواه عن نافع بلفظ "المتعففة" فقد صحَّف. (¬2) إسناده صحيح. أبو الزعراء: هو عمرو بن عمرو - ويقال: ابن عامر - بن مالك، وأبو الأحوص: هو عوف بن مالك بن نضْلة. وهو عند أحمد في "مسنده" (15890)، ومن طريقه أخرجه الحاكم في "المستدرك" 1/ 408. وأخرجه ابن خزيمة (2440)، وابن حبان (3362)، والبيهقي 4/ 198 من طريق عَبِيدة بن حُميد، به. وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر سلف قبله. وآخر من حديث عبد الله بن مسعود عند أحمد برقم (4261). وقوله: "ولا تعجز عن نفسك"، أي: لا تعجز عن ردّ نفسك إذا منعتك عن الإعطاء.

29 - باب الصدقة على بني هاشم

29 - باب الصدقة على بني هاشم 1650 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا شُعبةُ، عن الحَكَمِ، عن ابنِ أبي رافعٍ عن أبي رافع: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - بعثَ رجلاً على الصدقة مِن بني مخزوم، فقال لأبي رافع: اصحبني فإنَك تُصيبُ منها، قال: حتى آتيَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فأسألَه، فأتاه فسأله، فقال: "مولى القَومِ مِنْ أنفسهم، وإنا لا تَحِلُّ لنا الصَّدَقَة" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. محمد بن كثير: هو العبدي، والحكم: هو ابن عتيبة الكندي مولاهم، وابن أبي رافع: هو عبيد الله. وأخرجه الترمذي (663)، والنسائي في "الكبرى" (2404) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (23863) و (23872)، و"صحيح ابن حبان" (3293). وبنو هاشم: هم آل علي وآل عباس وآل جعفر وآل عقيل وآل الحارث بن عبدالمطلب. وهاشم: هو ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة. قال الخطابي: أما النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فلا خلاف بين المسلمين أن الصدقة لا تحل له، فكذلك بنو هاشم في قول أكثر العلماء، وقال الشافعي: لا تحل الصدقة لبني عبد المطلب، لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أعطاهم من سهم ذوي القربى، وأشركهم فيه مع بني هاشم، ولم يعط أحداً من قبائل قريش غيرهم، وتلك العطية عِوض عوضوه بدلاً عما حرموه من الصدقة، فأما موالي بني هاشم فإنه لا حظ لهم في سهم ذوي القربى، فلا يجوز أن يحرموا الصدقة، ويشبه أن يكون إنما نهاه عن ذلك تنزيهاً له. وقال: "مولى القوم" على سبيل التشبيه للاستنان بهم والاقتداء بسيرتهم في اجتناب مال الصدقة التي هي أوساخ الناس، ويشبه أن يكون - صلَّى الله عليه وسلم - قد كان يكفيه المؤونة إذ كان أبو رافع مولى له، وكان ينصرف له في الحاجة والخدمة، فقال له على هذا المعنى: إذا كنت تستغني بما أُعطت فلا تطلب أوساخ الناس، فإنك مولانا ومنا.

1651 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل ومسلمُ بنُ إبراهيم - المعنى - قالا: حدَّثنا حماد، عن قتادة عن أنسٍ: إن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان يَمُرُّ بالتمرةِ العائِرة فما يمنعُه مِنْ أخذها إلا مخافةَ أن تكون صدقةً (¬1). 1652 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، أخبرنا أبي، عن خالد بن قيس، عن قتادة عن أنس: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وجَدَ تمرةً، فقال: "لولا أني اْخافُ أن تكونَ صدقةً لأكلتها" (¬2). قال أبو داود: رواه هشامٌ عن قتادة هكذا. 1653 - حدَّثنا محمدُ بن عُبيدٍ المحاربيُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ فضيلٍ، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن كُريب مولى ابن عباس ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وهو في "مسند أحمد" (12913)، و"صحيح ابن حبان" (3296). وانظر ما بعده. قال الخطابي: العائرة: هي الساقطة على وجه الأرض لا يعرف من صاحبها، ومِن هذا قيل: عار الفرس، إذا انفلت على صاحبه فذهب على وجهه ولا يدفع. وهذا أصل في الورع وفي أن كل ما لا يتينه الإنسان من شيء طلقاً لنفسه فإنه يجتنبه ويتركه. (¬2) إسناده صحيح. علي: هو ابن نصر بن علي الأزدي. وأخرجه مسلم (1071) من طريق هشام بن أبي عبد الله، عن قتادة، به. وأخرجه البخاري (2055) و (2431) و (2432)، ومسلم (1071) من طريق طلحة بن مُصرّف، عن أنس بن مالك. وهو في "مسند أحمد" (12190) و (14110). وانظر ما قبله.

30 - باب الفقير يهدي للغني من الصدقة

عن ابن عباسٍ قال: بعثني أبي إلى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - في إبلٍ أعطاها إيّاه من الصَّدقة (¬1). 1654 - حدَّثنا محمدُ بن العلاء وعثمانُ بن أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا محمدٌ - هو ابن أبي عُبيدة - عن أبيه، عن الأعمش، عن سالمٍ، عن كُريب مولى ابن عباس عن ابن عباس، نحوه، زاد أبي: يُبدِّلها (¬2). 30 - باب الفقير يهدي للغنيِّ من الصدقة 1655 - حدَّثنا عمرو بنُ مرزوقِ، أخبرنا شُعبةُ، عن قتادةَ عن أنس: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أُتي بلَحم، قال: "ما هذا؟ " قالوا: شيءٌ تُصدِّق به على بَريرةَ، فقال: "هو لها صدقةٌ ولنا هديةٌ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه النسائي في "السنن الكبرى" مطولاً (1341) من طريق محمد بن إسماعيل عن محمد بن فضيل، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. قال البيهقي: هذا الحديث لا يحتمل إلا معنيين، أحدهما: أن يكون قبل تحريم الصدقة على بني هاشم فصار منسوخاً، والآخر: أن يكون قد استسلف من العباس للمساكين إبلاً ثم ردها عليه من إبل الصدقة. (¬2) إسناده صحيح. ابن أبي عبيدة: هو عبد الملك بن معن الهذلي. وانظر ما قبله. (¬3) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دِعامة السدوسي. وأخرجه البخاري (1495) و (2577)، ومسلم (1074)، والنسائي في "الكبرى" (6559) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12159). قال البيضاوي: إذا تصدق على المحتاج بشيء ملكه، وصار له كسائر ما يملكه، فله أن يهدي به غيره، كما له أن يهدي سائر أمواله بلا فرق.

31 - باب من تصدق بصدقة ثم ورثها

31 - باب من تصدق بصدقة ثم ورثها 1656 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبد الله بن يونس، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا عبدُ الله ابنُ عطاء، عن عبد الله بن بُريدة عن أبيه بريدة: أن امرأةً أتتْ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقالت: كُنتُ تصدقتُ على أمي بوليدةٍ، وإنها ماتَت وتَرَكَت تلك الوليدة، قال: "قد وجَبُ أجرُكِ، ورَجَعَت إليكِ في الميراث" (¬1). 32 - باب في حقوق المال 1657 - حدَّثنا قُتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا أبو عَوانَة، عن عاصم بن أبي النَّجود، عن شقيقٍ عن عبد الله، قال: كنَا نعُدُّ الماعونَ على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عاريةَ الدَّلوِ والقِدْرِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي. وأخرجه مسلم (1149)، وابن ماجه (2394)، والترمذي (673)، والنسائي في "الكبرى" (6280 - 6283) من طرق عن عبد الله بن عطاء، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (22956). وسيكرر برقم (2877) و (3309) وفيه زيادة. وقوله: "ورجعت إليكِ في الميراث"، أي: ردها الله عليكِ بالميراث، وصارت الجارية ملكاً لكِ بالإرث، وعادت إليك بالوجه الحلال، والمعنى: أن ليس هذا من باب العود في الصدقة، لأنه ليس أمراً اختيارياً، وأكثر العلماء على أن الشخص إذا تصدق بصدقة على قريبه، ئم ورثها حلت له. (¬2) إسناده حسن. عاصم بن أبي النجود صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات.=

1658 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن سهيلِ بن أبي صالحٍ، عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ما مِنْ صاحب كنزٍ لا يُؤدي حقَّه إلا جعله الله يومَ القيامةِ يُحمَى عليها في نارِ جهنم فتُكْوى بها جَبْهَتُه وجَنبُه وظَهْره، حتى يقضيَ الله بينَ عباده في يومٍ كان مقدارُه خمسينَ ألفَ سنةٍ مما تعدُّون، ثم يَرَى سبيلَه إما إلى الجنةِ وإما إلى النار، وما مِنْ صاحب غنمٍ لا يُؤدي حَقَّها إلا جاءتْ يومَ القيامةِ أوفَر ما كانتْ، فيُبطَحُ لها بقَاعٍ قَرقرٍ فتنطَحُهُ بقُرونها، وتطؤُه بأظلافها، ليس فيها عقصاء ولا جلحاء كلما مضتْ أخراها رُدَّت عليه أولاها، حتى يحكمَ الله بين عباده في يومٍ كانَ مقدارُه خمسينَ ألفَ سنةٍ مما تَعُدُّون، ثم يَرَى سبيلَه إماْ إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب إبلٍ لا يُؤدي حَقَّها إلا جاءت يومَ القيامة أوفَر ما كانت، فيُبطَحُ لها بقاعٍ قَرْقرٍ، فتطؤه بأخفافِها كلما مَضتْ عليه أُخراها، رُدَّت عليه أولاها، حتى يحكمَ الله بين عباده في يَومٍ كان مقدارُه خمسينَ ألف سنةٍ مما تعدُّونَ، ثم يَرَى سَبيلَه إما إلى الجنة وإما إلى النار" (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11637) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة قال: رأس الماعون زكاة المال، وأدناه: المنخل والدلو والإبرة، قال ابن كثير: وهذا الذي قاله عكرمة حسن، فإنه يشمل الأقوال كلها، وترجع كلها إلى شيء واحد، وهو ترك المعاونة بمال أو بمنفعة. (¬1) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة، وأبو صالح: هو ذكوان السمان وأخرجه مسلم بطوله (987) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. =

1659 - حدَّثنا جعفرُ بنُ مسافر، حدَّثنا ابنُ أبي فُديكٍ، عن هشام بن سعدٍ، عن زيد بن أسلمَ، عن أبي صالح عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نحوه. قال في قصةِ الإبل بعدَ قوله: "لا يُؤدِّي حَقَّها" قال: "ومِن حقِّها حَلْبُها يَوْمَ وِرْدِها" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مختصراً بذكر الكنز النسائي في "الكبرى" (11557) من طريق معمر، عن سهيل، به. بلفظ: "ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل له يوم القيامة شجاعاً من نار، فيكوى بها جبهته وجبينه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين الناس". وأخرجه مسلم (987) من طريق بكير بن عبد الله، عن أبي صالح، به. بنحو حديث سهيل عند المصنف. وأخرجه مختصراً بذكر الكنز البخاري (1403)، والنسائي في "الكبرى" (2273) من طريق عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، به. إلا أنه قال في روايته: "من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته، مُثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان، يطوِّقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه - يعني بشِدقَيه - ثم يقول: أنا مالك أنا كنزك". وأخرجه نحوه مختصراً البخاري (6958) من طريق همام بن منبه، وابن ماجه (1786) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب، كلاهما عن أبي هريرة، به. ولفظهما في الكنز بنحو لفظ عبد الله بن دينار عن أبي صالح. وأخرجه البخاري (1402)، والنسائي في "الكبرى" (2240) من طريق عبد الرحمن ابن هرمز، عن أبي هريرة، به. ورواية البخاري ليس فيها ذكر الكنز. ولفظ رواية النسائي في الكنز كرواية عبد الله بن دينار، عن أبي صالح. وهو في "مسند أحمد" (7563)، و"صحيح ابن حبان" (3253) و (3254). وانظر ما سيأتي برقم (1659) و (1660). القاع: الأرض الواسعة. قر قر: أملس. والأظلاف: جمع ظلف وهو للبقر والغنم بمنزلة الحافر للفرس، والعقصاء: ملتوية القرن، والجلحاء: التي لا قرن لها. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. هشام بن سعد حديثه حسن في المتابعات والشواهد، وقد توبع. =

1660 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا شُعبةُ، عن قتادة، عن أبي عمر الغُدانيِّ عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نحو هذه القصَّة، فقال له - يعني لأبي هريرة -: فما حقُّ الإبل؟ قال: تُعطي الكَريمةَ، وتَمنَحُ الغَزيرةَ وتُفْقِرُ الظهر، وتُطرِقُ الفَحلَ، وتَسْقِي اللَّبَن (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم بتمامه (987) من طريق هشام بن سعد، و (987) من طريق حفص بن ميسرة، كلاهما عن زيد بن أسلم، به. وأخرج البخاري (2378) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة، به. رفعه: "من حق الإبل أن تُحلَب على الماء". وانظر ما قبله. قال الطيبي: ومعنى حلبها يوم وردها: أن يسقي ألبانها المارة، وهذا مثل نهيه عليه الصلاة والسلام عن الجذاذ بالليل أراد أن يصرم بالنهار ليحضرها الفقراء. وقال ابن عبد الملك: وحصر يوم الورد لاجتماعهم غالباً على المياه، وهذا على سبيل الاستحباب. وقال ابن حزم في "المحلى" 6/ 50: وفرض على كل ذي إبل وبقر وغنم أن يحلبها يوم وردها على الماء، ويتصدق من لبنها بما طابت به نفسه. قال شعيب: وأهل القرى في دمشق بارك الله فيهم الذين عندهم البقر يُوزِّع غالبهم الحليب يوم الجمعة على الفقراء حسبة لله، وقد كانوا يفعلون ذلك إذ كنت فيهم قبل ربع قرن، وأظنهم لا يزالون يقومون بذلك إلى يومنا هذا لما أعلم فيهم من الكرم وحب الخير، والبر بالفقراء والمساكين. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عمر - ويقال: عمرو - الغُداني. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2234) من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (10351). =

1661 - حدَّثنا يحيي بنُ خَلَف، حدَّثنا أبو عاصم، عن ابن جُريْج، قال: قال أبو الزبير: سمعتُ عُبيدَ بنَ عُميرٍ، قال: قال رجل: يا رسولَ الله، ما حَقُّ الإبل؟ فذكر نحوه، زاد: "وإعارة دلوها" (¬1). 1662 - حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ يحيى الحَرَّانيُّ، حدثني محمدُ بنُ سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيي بن حبَّان، عن عَمّه واسع بن حَبّان ¬

_ = وقول أبي هريرة آخر الحديث أخرجه ابن أبي شيبة 7/ 33 عن وكيع عن عكرمة ابن عمار، عن علقمة بن الزبرقان - وهو علقمة بن بجالة بن الزبرقان - قال: قلت لأبي هريرة: ما حق الإبل ... وعلقمة هذا ذكره ابن حبان في "الثقات"، وفي "مشاهير علماء الأمصار" وقال: كان ثبتاً. وانظر سابقيه. الغزيرة: الكثيرة اللبن، والمنيحة: الشاة اللبون، أو الناقة ذات الدَّرِ تُعار لدرها، فإذا حُلبت رُدت إلى صاحبها، وإفقار الظهر: إعارته للركوب، يقال: أفقرت الرجل بعيري: إذا أعرته ظهره يركبه، ويبلغ عليه حاجته، وإطراق الفحل: إعارته للضرب لا يمنعه إذا طلبه، ولا يأخذ عليه أجرة. (¬1) إسناده مرسل صحيح. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد الشيباني، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس. وأخرجه مسلم (988) من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14442). وأخرجه مسلم (988)، والنسائي في "الكبرى" (2246) من طريق عبد الملك ابن أبي سليمان، عن أبي الزبير، عن جابر. فوصله. وأخرجه الطحاوي في "أحكام القرآن" (640)، وفي "شرح معاني الآثار" 2/ 27 من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر فوصله أيضاً.

عن جابر بن عبد الله: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أمرَ من كُلِّ جادِّ عشرةِ أوسُقٍ من التمر بقِنْوٍ يُعَلَّقُ في المسجدِ للمساكين (¬1). 1663 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الله الخزاعيُّ وموسى بنُ إسماعيل، قالا: حدَّثنا أبو الأشهب، عن أبي نَضْرَة عن أبي سعيد الخدري، قال: بينما نحنُ مَعَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في سفر إذ جاء رَجُلٌ على ناقةٍ له، فجعل يصرفها يميناً وشمالاً، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ كانَ عندَه فَضْلُ ظَهرٍ فلْيَعُدْ به على مَنْ لا ظَهْرَ له، ومَنْ كان عندَه فَضْلُ زادٍ فليعُدْ به على من لا زادَ له" حتى ظننا أنه لا حق لأحدٍ منا في الفضل (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. محمد بن إسحاق صرح بالسماع في رواية "المسند"، فانتفت شبهة تدليسه. وقال ابن كثير في "تفسيره": هذا إسناد جيد قوي. وأخرجه أحمد في "مسنده" (14867)، وأبو يعلى (2038)، وابن حبان في "صحيحه" (3289) من طريقين عن محمد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (14866)، وأبو يعلى (1781)، وابن خزيمة (2469)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 30، والحاكم 1/ 417، والبيهقي 5/ 311 من طرق عن محمد بن إسحاق، به. وقوله: "جاد عشرة" قال الخطابي: قال إبراهيم الحربي: يريد قدراً من النخل يُجد منه عشرة أوسق، وتقديره تقدير مجدود فاعل بمعنى مفعول، والمراد بالقِنو العذق بما عليه من الرطب والبسر يعلق للمساكين يأكلونه، وهذا من صدقة المعروف دون الصدقة التي هي فرض واجب. (¬2) إسناده صحيح. أبو الأشهب: هو جعفر بن حيان العطاردي، وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك العبدي. وأخرجه مسلم (1728) عن شيبان بن فرُّوخ، عن أبي الأشهب، به. وهو في "مسند أحمد" (11293)، و"صحيح ابن حبان" (5419). وقوله: "فليعد به على من لا ظهر له". قال السندي: أي: فليعط من لا ظهر له.

1664 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا يحيى بنُ يعلى المحاربىُّ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا غيلانُ، عن جعفر بن إياس، عن مجاهدٍ عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34]، قال: كَبُر ذلك على المسلمين، فقال عمر: أنا أُفرِّجُ عنكم، فانطلق، فقال: يا نبيَّ الله، إنه كَبُرَ على أصحابِك هذه الآيةُ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنَ الله لم يَفرِض الزكاةَ إلا ليطيِّبَ ما بقي مِن أموالكم، وإنما فرض المواريثَ لِتكون لِمَن بعدكم" قال: فكبَّر عُمَرُ ثم قال له: "ألا أُخْبِرُكَ بخيرِ ما يكنِزُ المرءُ؟ المرأةَ الصالحةَ: إذا نَظَر إليها سَرَّته، وإذا أمَرَها أطاعَتْه، واذا غَابَ عنها حَفِظْتْه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف فقد زاد غير واحد من الرواة بين غيلان - وهو ابن جامع - وبين جعفر بن إياس - وهو اليشكري الواسطي - عثمان أبا اليقظان، وهو ضعيف. يعلى: هو ابن الحارث بن حرب المحاربي. وأخرجه الحاكم 1/ 408 - 409 من طريق علي بن المديني، عن يحيى بن يعلى، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى (2499)، وابن أبي حاتم في"تفسيره" - كما في تفسير ابن كثير 4/ 82 - ، والحاكم في "المستدرك" 2/ 333، والبيهقي 4/ 83، وابن عبد البر في "التمهيد" 168/ 19 من طرق عن يحيي بن يعلى المحاربي، عن أبيه، عن غيلان، عن عثمان أبي اليقظان، عن جعفر بن إياس، به. وقوله في آخر الحديث: "ألا أخبرك بخير" حسن لغيره. وفى الباب عن ثوبان مولى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بنحوه عند أحمد (22392) من طريق عبد الرحمن، عن إسرائيل عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن ثوبان، وهذا سند رجاله ثقات رجال الصحيح إلا أن سالم بن أبي الجعد راويه عن ثوبان لم يسمع منه فيما قاله غير واحد من أهل العلم. وأخرجه الترمذي (3094) وحسنه، وقال: سألت محمد بن إسماعيل سمع سالم ابن أبي الجعد من ثوبان؟ قال: لا. =

33 - باب حق السائل

33 - باب حق السائل 1665 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، حدَّثنا مصعبُ بنُ محمد بن شُرَحبيلٍ، حدثني يعلى بنُ أبي يحيى، عن فاطمة بنت حُسين عن حُسين بن علي قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "للسَائِلِ حَقٌّ وإن جاء على فرس" (¬1). ¬

_ = وللشطر الثاني في الحديث، وهو قوله: "ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء ... " شاهد من حديث ثوبان عند أحمد (22392)، وابن ماجه (1856)، والترمذي (3094)، وحسَّنَه. وآخر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد (6567)، ومسلم (1467)، وابن ماجه (1855)، والنسائي في "الكبرى" (5325) بلفظ: "الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة". وثالث من حديث أبي هريرة عند النسائي (5324) قال: قيل لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: أيّ النساء خير؟ قال: "التي تسرُّه إذا نظر، وتطيعه إذا أمر" ولا تخالفه في نفسها وماله بما يكره". وإسناده صحيح. (¬1) حديث حسن. وقد حَسَّن إسناد هذا الحديث الحافظ العلائي في "النقد الصحيح" ص 41 - 42، وجوّده الحافظ العراقي في "التقييد والإيضاح" والبرهان الأبناسي في "الشذا الفياح"، والحافظ السخاوي في "المقاصد الحسنة"، ونقل المناوي في "فيض القدير" أن ابن حجر العسقلاني ردّ على ابن الجوزي في إيراده هذا الحديث في "الموضوعات". يعلى بن أبي يحيى - ويقال: يحيى بن أبي يعلى - روى عنه مصعب بن محمد بن شرحبيل ومحمد بن عبد الله بن مسلم الزهري وإسماعيل بن عبد الملك الأسدي، وذكره ابن حبان في "الثقات". ووصفه الدولابي بأنه مولى فاطمة بنت الحُسين. وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 113، وأحمد (1730)، وحميد بن زنجوية في "الأموال" (2088)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 416 معلقاً، والبزار في "مسنده" (1343)، وأبو يعلى (6784)، وابن خزيمة (2468)، والطبراني في "الكبير" (2893)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 8/ 379 وفي "معرفة الصحابة" (1803)، والبيهقي 7/ 23،=

1666 - حدَّثنا محمدُ بنُ رافع، حدَّثنا يحيى بن آدم، حدَّثنا زهيرٌ، عن شيخٍ، قال: رأيتُ سفيان عنده، عن فاطمةَ بنتِ حُسين، عن أبيها، عن عليّ، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - مثله (¬1). ¬

_ = وابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 296 من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. لكن سقط بعضُ الإسناد من مطبوع ابن خزيمة. وانظر ما بعده. ويشهد له حديث الهرماس بن زياد عند ابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 211، والطبراني في "الكبير" 22/ (535) وفي إسناده عثمان بن فائد، وهو ضعيف. ومرسل زيد بن أسلم عند مالك في "الموطأ" 2/ 996، وعبد الرزاق (20017) ورجاله ثقات. وانظر "المقاصد الحسنة" للحافظ السخاوي (873). قال ابن الأثير في "النهاية": معناه الأمر بحسن الظن بالسائل إذا تعرّض لك، وأن لا تجْبَهَه بالتكذيب والردّ مع إمكان الصدق، أي: لا تخيب السائل وإن رابك منظره وجاء راكباً على فرس، فإنه قد يكون له فرس ووراءه عائلة، أو دين يجوز معه أخذ الصدقة، أو يكون من الغزاة أو من الغارمين وله في الصدقة سهم. (¬1) حديث حسن كسابقه، ويغلب على ظننا أن الرجل المبهم في هذا الإسناد مو يعلى بن أبي يحيى الذي مضى ذكره في الإسناد السابق كما استظهره الحافظ العلائي في "النقد الصحيح". وقد اختلف في إسناد هذا الحديث فمرة جاء عن حسين بن علي، عن أبيه كما هو هنا، ومرة جاء عن حسين بن علي مرسلاً - كما في الإسناد السابق. قال العلائي: وإن يكن كذلك فهو مرسل صحابي لا يجيء فيه الخلاف الذي في المرسل. زهير: هو ابن معاوية الجعفي. وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (285)، البيهقي 7/ 23، من طريق زهير ابن معاوية، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

34 - باب الصدقة على أهل الذمة

1667 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليث، عن سعيدِ بنِ أبي سعيد، عن عبد الرحمن بن بُجَيدٍ عن جدته أم بُجَيد - وكانت ممَن بايَع رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنها قالت له: يا رسولَ الله صلَّى الله عليكَ، إن المسكينَ ليقومُ على بابي، فما أجِدُ له شيئاً أعطيه إيَّاه، فقال لها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنْ لم تَجِدي له شيئاً تُعطينه إياه إلا ظِلْفاً مُحَرَّقاً فادفعيه إليه في يَدِه" (¬1). 34 - باب الصدقة على أهل الذِّمَّة 1668 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي شعيب الحرانيُّ، حدَّثنا عيسى بنُ يونس، حدَّثنا هشامُ بنَ عروةَ، عن أبيه عن أسماء قالت: قَدِمَتْ عليَّ أمي راغبةً في عَهْدِ قُريشٍ وهيَ راغِمَةٌ مشركةٌ، فقلت: يا رسولَ الله، إن أمي قَدِمَتْ علي وهِيَ راغِمةٌ مشركة أفأصِلُها؟ قال: "نَعَم، فصِلي أُمَّكِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن، عبد الرحمن بن بجيد مختلف في صحبته، وذكر الحافظ في "التقريب" أن له رؤية، وقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات". وأخرجه الترمذي (671)، والنسائي في "الكبرى" (2366) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي (2357) من طريق زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن بجيد، به. وهو في "مسند أحمد" (2714 - 27151)، و"صحيح ابن حبان" (3373). الظلف، قال في "القاموس": الظلف بالكسر للبقرة والشاة وشبهها بمنزلة القدم لنا. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2620) و (3183) و (5978) و (5979)، ومسلم (1003) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26913)، و"صحيح ابن حبان" (452). =

35 - باب ما لا يجوز منعه

35 - باب ما لا يجوز منعُه 1669 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا كهمَس، عن سيارِ بن منظور - رجل من بني فَزارَة - عن أبيه، عن امرأة يقال لها: بُهَيسةُ عن أبيها قالت: استأذنَ أبي النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فدخل بينَه وبينَ قميصه، فجعل يُقبِّل ويلتزِمُ، ثم قال: يا رسولَ الله، ما الشيءُ الذي لا يَحِلُّ ¬

_ = وقولها: راغبة في عهد قريش، قال الخطابي: أي: طالبة يري وصلتي، وقولها: راغمة. معناه: كارهة للإسلام، ساخطة علي، تريد أنها لم تَقدَم مهاجرة راغبة في الدين كما كان يقدم المسلمون من مكة للهجرة والإقامة بحضرة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وإنما أمر بصلتها لأجل الرحم، فأما دفع الصدقة الواجبة إليها، فلا يجوز، وإنما هي حق للمسلمين لا يجوز صرفها إلى غيرهم، ولو كانت أمها مسلمة لم يكن أيضاً يجوز لها إعطاؤها الصدقة، فإن خَلتها مسدودة بوجوب النفقة لها على ولدها إلا أن تكون غارمة فتعطى من سهم الغارمين، فأما من سهم الفقراء والمساكين، فلا، وكذلك إذا كان الوالد غازياً جاز للولد أن يدفع إليه من سهم السبيل. وأخرج ابن سعد في"الطبقات" 8/ 252 والطبري 28/ 66 وأبو داود الطيالسي (1639) والحاكم 2/ 485 من حديث عبد الله بن الزبير قال: قدمت قُتَيلَةُ بنت عبد العزى ابن سعد من بني مالك بن حِسل على ابنتها أسماء بنت أبي بكر في الهدنة، وكان أبو بكر طلقها في الجاهلية بهدايا وزبيب وسمن وقرظ، فأبت أن تقبل هديتها أو تدخلها بيتها، فأرسلت إلى عائشة: سلي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: لتدخلنها. قلنا: وهو في "المسند" (16111) وفي سنده عندهم مصعب بن ثابت وهو لين الحديث. قال الحافظ في "الفتح " 333/ 5: ووقع عند الزبير بن بكار أن اسمها قيلة، ورأيته في نسخة مجردة منه بسكون التحتانية، وضبط ابن ماكولا 7/ 130 بسكون المثناة قتلة، فعلى هذا فمن قال: "قتيلة" صغرها قال الزبير: أم أسماء وعبد الله ابني أبي بكر قيلة بنت عبد العزى، وساق نسبها إلى حسن بن عامر بن لؤي.

36 - باب المسألة في المساجد

منعه؟ قال: "الماء" قال: يا نبي الله، ما الشيءُ الذي لا يَحِل منعه؟ قال: "الملحُ " قال: يا نبي الله، ما الشيءَ الذي لا يَحِلُّ منعه؟ قال: "أن تَفْعل الخيرَ خَيرٌ لَكَ " (¬1). 36 - باب المسألة في المساجد 1670 - حدَّثنا بشرُ بنُ آدم، حدَّثنا عبدُ الله بن بكر السَهميُّ، حدَّثنا مُبارَكُ ابنُ فضالة، عن ثابتٍ البُنانىِّ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الرحمن بن أبي بكر، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "هلْ منكم أحدٌ أطْعَمَ اليومَ مسكيناً؟ " فقال أبو بكر: دخلتُ المسجد، فإذا ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، مسلسل بالمجاهيل. سيّار بن منظور لم يرو عنه غير كهمس ابن الحسن، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال عبد الحق الإشبيلي فيما نقله عنه الحافظ في "تهذيبه": مجهول. وأبوه منظور - ابن سيار الفزاري - لم يروِ عنه غيرُ ابنه سيار، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الذهبي في "الميزان" 4/ 190: لا يُعرف. وبهيسة الفزارية، قال الذهبي: تفرد عنها أبو سيار بن منظور الفزاري، وقال الحافظ في "التقريب": لا تُعرف، ويقال: إن لها صحبة. وذكر في "الإصابة" أنه ليس في حديثها ما يدل على صحبتها، لأن سياق ابن منده: أن أباها استأذن، وسياق أبي داود والنسائي: عن أبيها أنه استاذن، قال: وهو المعتمد. قلنا: وقد وقع اضطراب في إسناد هذا الحديث أيضاً، فبعض الرواة يذكر والد سيار بن منظور، وبعضهم لا يذكره. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9591) من طريق معاذ بن معاذ العنبرى عن كهمس، بهذا الإسناد. مختصراً بقوله: "استأذن أبي النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فدخل بينه وبين قميصه، فجعل يقبّل ويلتزمه". وهو عند أحمد بتمامه برقم (15945). وسيأتي مكرراً برقم (3476).

37 - باب كراهية المسألة بوجه الله عز وجل

أنا بسائلِ يسألُ، فوجدت كسرةَ خبزٍ في يد عبدِ الرحمن، فأخذتُها فدفعتُها إليه (¬1). 37 - باب كراهية المسألة بوجه الله عز وجل 1671 - حدَّثنا أبو العباس القِلَوريُّ، حدَثنا يعقوبُ بنُ إسحاقَ الحضرمي، عن سليمانَ بن معاذ التميمي، حدَّثنا ابنُ المنكدر عن جابرٍ قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يُسأل بوجْه الله إلا الجنَّةُ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناده حسن. مبارك بن فضالة صدوق، وهو وإن كان يدلس، لا يُظَنُّ تدليسُه هنا، فقد رأى أنس بن مالك، وروايته هنا عن تابعي عن تابعي عن صحابي، فيبعد تدليسُه، والله أعلم. بشر بن آدم: هو البصري، ثابت: هو ابن أسلم البناني. وأخرجه البزار (2267) عن بثر بن آدم، والحاكم في "المستدرك" 1/ 412، والبيهقي 4/ 199 من طريق سهل بن مِهران، كلاهما عن عبد الله بن بكر، بهذا الإسناد. ورواية البزار مطولة بنحو رواية أبي هريرة الآتية. وفي الباب عن أبي هريرة عند مسلم (1028) وغيره قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من أصبح منكم اليوم صائماً؟ "، قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: "فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ " قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: "فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟ " قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، قال: "من عاد منكم اليوم مريضاً؟ " قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة". (¬2) إسناده ضعيف، لضعف سليمان - وهو ابن قرم بن معاذ التميمي الضبي -. أبو العباس: هو أحمد بن عمرو بن عبيدة القلوري العصفري، وابن المنكدر: هو محمد. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 1107، والبيهقي في "سننه" 199/ 4، والخطيب في "الموضح" 1/ 353 من طريق أي العباس القِلَّوري، بهذا الإسناد. وأخرجه الفسوي في "المعرفة والتاريخ" 3/ 362، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3259)، والخطيب في "الموضح" 1/ 352 - 353 من طريقين عن يعقوب بن إسحاق، به.

38 - باب عطية من سأل بالله عز وجل

38 - باب عطية من سأل بالله عز وجل 1672 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن مجاهدٍ عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنِ استعاذَ بالله فأعيذُوه، ومَنْ سألَ بالله فأعطُوه، ومَن دعاكم فأجيبُوه، وَمَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ" (¬1). 39 - باب الرجل يخرج من ماله 1673 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن محمدِ بن إسحاق، عن عاصم بن عُمَرَ بن قتادة، عن محمود بن لَبِيدٍ عن جابر بن عبد الله الأنصاريِّ قال: كنا عندَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل بمثل بيْضَةٍ مِن ذهب، فقال: يا رسولَ الله، أصبتُ هذه مِن مَعْدنٍ، فخذها فهي صدقة ما أملِكُ غيرها، فأعرض عنه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ثم أتاه مِن قبل رُكنِه الأيمن، فقال مثل ذلك، فأعرض عنه، ثم أتاه مِنْ قِبَلِ ركنه الأيسر، فأعرض عنه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ثم أتاه مِنْ خلفه، فأخذها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فحذفه بها، فلو أصابته لأوجَعَته - أو لعَقَرَته - فقال ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد بن قرط الضبي، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، ومُجاهد: هو ابن جبر المكى. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2359) من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وزاد: "ومن استجار بالله فأجيروه"، ولم يذكر قوله: "إذا دعاكم فأجيبوه". وهو في "مسند أحمد" (5365)، و"صحيح ابن حبان" (3375) و (3408). وسيأتي برقم (5109).

رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يأتي أحدُكم بما يملكُ فيقول: هذه صدقة، ثم يَقعُدُ يُستكِف الناسَ، خَيرُ الصدَقةِ ما كان عَن ظَهرِ غنىً" (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات. محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - مدلس وقد عنعن. لكن ذكر الحافظ في"هدي الساري" ص 42: أنه وقع عند أبي يعلى تصريح ابن إسحاق بسماعه من عاصم بن عمر بن قتادة، فإن يكن صحيحاً فالإسناد حسن، على أننا لم نجد تصريحه بالسماع في مطبوع "مسند أبى يعلى"، فالله أعلم. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 1/ 413، والبيهقي في "سننه" 4/ 154 من طريق موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه! وأخرجه عبد بن حميد (1120) و (1121)، والدارمي (1659)، وأبو يعلى (2084) و (2220)، والطبري في "تفسيره" 2/ 366، وابن خزيمة (2441)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4771)، والبيهقي في "سننه الكبرى" 4/ 181 و10/ 322، وفي "الشُّعب" (3144) من طرق عن محمد بن إسحاق، به. وانظر ما بعده. وقوله: يستكف الناس. قال الخطابي: معناه: يتعرض للصدقة، وهو أن يأخذها ببطن كفه، يقال: تكفف الرجل واستكف: إذا فعل ذلك، ومن هذا قوله - صلَّى الله عليه وسلم - لسعد رضي الله عنه: "إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس". وقوله: خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، أي: عن غنى يعتمده ويستظهره به على النوائب التي تنوبه، كقوله في حديث آخر: "خير الصدقة ما أبقت غنيً". وفي الحديث من الفقه أن الاختيار للمرء أن يستبقي بنفسه قوتاً، وأن لا ينخلع من ملكه أجمع مرة واحدة لما يخاف عليه من فتنة الفقر، وشدة نزاع النفس إلى ما خرج من يده فيندم فيذهب ماله، ويبطل أجره، ويصير كلاً على الناس. قال الخطابي: ولم ينكر على أبي بكر الصديق رضي الله عنه خروجه من ماله أجمع لما علمه من صحة نيته وقوة يقينه، ولم يخف عليه الفتنة كما خافها على الرجل الذي رد عليه الذهب.

1674 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا ابنُ إدريس عن ابن إسحاق بإسنادِه ومعناه، زاد: "خُذ عَنّا مالكَ، لا حاجَةَ لنا به" (¬1). 1675 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيل، حدَّثنا سفيانُ، عن ابن عجلان، عن عياض بن عبد الله بن سعد سمع أبا سعيد الخدريَّ يقول: دَخَلَ رجلٌ المسجدَ، فأمر النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - الناسَ أن يطرحوا ثياباً، فطرحوا، فأمر له بثوبينِ ثم حَثَّ على الصدقة، فجاء فَطَرَحَ أحدَ الثوبين، فصاحَ به، وقال: "خُذْ ثوبَكَ" (¬2). 1676 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنَّ خَيرَ الصَدَقَة ما ترك غنًى، أو تُصدِّق به عَنْ ظَهرِ غِنى، وابدأ بمَن تَعُولُ" (¬3). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات كسابقه. ابن ادريس: هو عبد الله الأودي. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3372)، وابن خزيمة (2441) من طريقين عن ابن إدريس، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده قوي. من أجل محمد بن عجلان. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (1731) من طريق سفيان بن عُيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (3328) من طريق يحيي القطان، عن ابن عجلان، به. وهو في "مسند أحمد" (11197)، و"صحيح ابن حبان" (2505). وهذا الرجل هو سليك الغطفانى كما هو مصرح به في رواية أحمد. (¬3) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد بن قرط الضبي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. =

40 - باب الرخصة في ذلك

40 - باب الرخصة في ذلك 1677 - حدَّثنا قُتيبة بنُ سعيد ويزيدُ بن خالد بن مَوهب الرمليُّ، قالا: حدَّثنا الليثُ، عن أبي الزُّبير، عن يحيى بن جَعدة عن أبي هريرة أنه قال: يا رسولَ الله، أيُّ الصدقةِ أفضلُ؟ قال: "جُهْدُ المُقِلِّ، وابدأ بمَنْ تَعُولُ" (¬1). 1678 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح وعثمانُ بنُ أبي شيبة - وهذا حديثه - قالا: حدَّثنا الفضلُ بنُ دكينٍ، حدَّثنا هشامُ بنُ سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: ¬

_ = وأخرجه البخاري (5355)، والنسائي في "الكبرى" (9165) من طريق حفص ابن غياث، عن الأعمش، به. وأخرجه النسائي (9166) و (9167) من طريق زيد بن أسلم، عن أبي صالح، به. وأخرجه البخاري (1426) و (1428) و (5356)، والنسائي في "الكبرى" (2325)، و (2326) و (2336) من طرق عن أبي هريرة. وأخرجه مقتصراً على قوله: "ابدأ بمن تعول" مسلم (1042)، والترمذي (687) من طريق قيس بن أبي حازم عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7155) و (7429)، و"صحيح ابن حبان" (3363) و (4243). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم. وهو في "مسند أحمد" (8703)، و"صحيح ابن حبان" (3346)، وانظر ما قبله. وقوله: "جُهد المقل". قال صاحب"النهاية": بضم الجيم، أي: قدر ما يحتمله حال القليل المال. وهو بمعنى الوسع والطاقة، وبفتح الجيم: المشقة، وقيل: المبالغة والغاية، وقيل: هما لغتان في الوسع والطاقة, فأما في المشقه والغاية، فالفتح لا غير.

41 - باب في فضل سقي الماء

سمعت عُمَرَ بن الخطاب يقول: أمرنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يوماً أن نَتَصَدَّقَ، فوافق ذلك مالاً عندي، فقلت: اليومَ أسْبِقُ أبا بكر إنْ سبقتُه يوماً فجئتُ بنصف مالي، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما أبقيتَ لأهلك؟ " قلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر بكُلَّ ما عنده، فقال له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما أبقيتَ لأهلك؟ " قال: أبقيتُ لهم اللهَ ورسولَه، فقلت: لا أسابِقُكَ إلى شيءٍ أبداً (¬1). 41 - باب في فضل سقي الماء 1679 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا همَّام، عن قتادةَ، عن سعيدٍ أن سعداً أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وقال: أيُّ الصدقةِ أعجبُ إليك؟ قال: "الماء" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن. هشام بن سعد وإن كان فيه كلام، قال الترمذي في حديثه هذا: حسن صحيح، وصححه الحاكم، وقال البزار بعد أن أخرجه في "مسنده" (270): لم نر أحداً توقف عن حديث هشام بن سعد، ولا اعتل عليه بعلة توجب التوقف عن حديثه. وصححه كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية" 8/ 499، وابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 414. وأخرجه الترمذي (4006) عن هارون بن عبد الله البزاز، عن الفضل بن دُكين، بهذا الإسناد. وقوله: إن سبقته يوماً. إن هنا نافية، أي: ما سبقته يوماً. (¬2) صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، سعيد - وهو ابن المسيب - وإن لم يدرك سعداً - وهو ابن عُبادة - قد قبل أهلُ العلم مراسيلَهُ واحتجوا بها. وعدّوها من المسند على المجاز. همام: هو ابن يحيي بن دينار العوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وانظر تالييه.

1680 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الرحيم, حدَّثنا محمدُ بنُ عَرعرةَ، عن شُعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب والحسن، عن سعد بن عبادة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، نحوه (¬1). 1681 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا إسرائيلُ، عن أبي إسحاق، عن رجلٍ عن سعدِ بن عبادة، أنه قال: يا رسولَ الله، إن أمَّ سعدٍ ماتت، فأيُّ الصَّدَقَة أفضَلُ؟ قال: "الماءُ" قال: فحفر بئراً، وقال: هذه لأم سعد (¬2). 1682 - حدَّثنا عليُّ بنُ الحسين، حدَّثنا أبو بَدرٍ، حدَّثنا أبو خالد - الذي كان يَنْزِلُ في بني دالان - عن نُبيحٍ ¬

_ (¬1) صحيح من جهة ابن المسيب، وهذا إسناد رجاله ثقات كسابقه. سعيد بن المسيب والحسن - وهو ابن أبي الحسن البصري - لم يدركا سعد بن عبادة. لكن أهل العلم قد احتجوا بمراسيل ابن المسيب. وأخرجه ابن ماجه (3684)، والنسائي في "الكبرى" (6458) و (6459) من طريق هشام الدستوائي، عن شعبة، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن عبادة. وهو في "صحيح ابن حبان" (3348). وأخرجه النسائي (6460) من طريق شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سعد بن عبادة. وهو في "مسند أحمد" (22459). وانظر ما قبله. (¬2) صحيح كسابقيه، وهذا إسناد ضعيف، فيه جهالة الرجل المبهم، وباقي رجاله ثقات. إسرائيل: هو ابن يونس السبيعي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله. وانظر سابقيه.

42 - باب في المنيحة

عن أبي سعيد عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "أيما مُسلِمٍ كسا مسلماً ثوباً على عُرْيٍ كساه الله من خُضْرِ الجنة، وأيما مسلم أطعمَ مسلماً على جُوع أطعمه الله مِن ثمار الجنة، وأيُّما مسلمٍ سقى مسلماً على ظمإٍ سقاه الله عز وجل من الرحيقِ المختوم" (¬1). 42 - باب في المَنيحَة 1683 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا (ح) وحدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا عيسى - وهذا حديث مسدَّدٍ وهو أتمُّ - عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، عن أبي كبشَة السَّلُوليِّ، قال: سمعتُ عبدَ الله بن عمرو يقول: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أربعون خَصلةً أعلاهُن مَنيحةُ العَنز، ما يعمل رجل بخَضلةٍ منها رجاءَ ثوابِها وتصديقَ موعودِها إلا أدخله الله بها الجنة". ¬

_ (¬1) إسناده حسن. أبو خالد الدالاني - واسمه يزيد بن عبد الرحمن - صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/ 117: رواه أبو داود من رواية أبي خالد يزيد بن عبد الرحمن الدالاني، وحديثه حسن. نبيح: هو ابن عبد الله العنَزِي، وأبو بدر: هو شجاع بن الوليد، وعلي بن الحسين: هو ابن إشكاب. وأخرجه الترمذي (2617) من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد. وعطية العوفي ضعيف. وهو في "مسند أحمد" (11101). وكنا قد قلنا عن أبي خالد الدالاني بأنه مدلس تبعاً للحافظ في "التقريب" مع أن أحداً لم يصفه بذلك. وقد أورده ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 171 من طريق عطية العوفي عن أبي سعيد، ونقل عن أبيه قوله: الصحيح موقوف، الحفاظ لا يرفعونه. قلنا: يعني من طريق عطية العوفي.

43 - باب أجر الخازن

قال أبو داود: في حديث مُسدَّدٍ: قال حسان: فعددنا ما دُونَ منيحةِ العَنْز مِن رَدِّ السلام، وتشميتِ العاطِس، وإماطةِ الأذى عن الطريق، ونحوه، فما استطعنا أن نَبلُغَ خمسَ عشرة خصلةً (¬1). 43 - باب أجر الخازن 1684 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ ومحمدُ بنُ العلاء - المعنى - قالا: حدَّثنا أبو أسامة، عن بُريد بن عبد الله بن أبي بُردة، عن أبي بُردة عن أبي موسى، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنَّ الخازنَ الأمينَ الذي يُعطِي ما أُمِرَ به كاملاً موفراً، طَيبةَ به نفسُهُ، حتى يَدفَعَه إلى الذي أمر له به أحدُ المتصدِّقين" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وعيسى: هو ابن يونس السبيعي، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه البخاري (2631) عن مسدَّدٌ، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6488)، و"صحيح ابن حبان" (5095). قال أبو عبيد، المنيحة عند العرب على وجهين، أحدهما: أن يعطى الرجل صاحبه صلة، فتكون له، والآخر: أن يعطيه ناقة أو شاة ينتفع بحليبها ووبرها زمناً ثم يردها، والمراد بها في هذا الحديث عارية ذوات الألبان، ليؤخذ لبنها، ثم ترد هي لصاحبها. وقول حسان بن عطية موصول بالإسناد المذكور، قال ابن بطال في "شرح البخاري" ولخصه عنه الحافظ: ليس في قول حسان ما يمنع من وجدان ذلك، وقد حض - صلَّى الله عليه وسلم - على أبواب من أبواب الخير والبر لا يُحصى كثرة، ومعلوم أنه - صلَّى الله عليه وسلم - كان عالماً الأربعين المذكورة، وإنما لم يذكرها لمعنى هو أنفع لنا من ذكرها، وذلك خشية أن يكون التعيين لها مزهداً في غيرها من أبواب البر. (¬2) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وأبو بُردة: هو ابن أبي موسي الأشعري، واسمه عامر بن عبد الله بن قيس. =

44 - باب المرأة تصدق من بيت زوجها

44 - باب المرأة تَصدَّقُ من بيت زوجها 1685 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عوانة، عن منصورٍ، عن شقيقٍ، عن مسروقٍ عن عائشة قالت: قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا أنفَقَتِ المرأةُ مِنْ بيتِ زوجها غَيرَ مُفسدة كانَ لها أجرُ ما أنفقت، ولزَوجها أجرُ ما اكتسَبَ، ولخازنه مثلُ ذلك، لا يَنقُصُ بعضهم أجرَ بعض" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1438) و (2319)، ومسلم (1023) من طريق أبي أسامة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2260)، والنسائى في "الكبرى" (2352) من طريق سفيان الثوري، عن بُريد، به. وهو في "مسند أحمد" (19512)، و"صحيح ابن حبان" (3359). (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو عوانة: هو الوضّاح ابن عبد الله اليشكري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل، ومسروق: هو ابن الأجدع. وأخرجه البخاري (1425) و (1439) و (1441) و (2065)، ومسلم (1024) (80)، والترمذي (678) من طرق عن منصور، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1437) و (1439) و (1440)، ومسلم (1024) (81)، وابن ماجه (2294)، والترمذي (677)، والنسائى في "الكبرى" (2331) من طريقين عن شقيق، به. ولم يذكر النسائي في إسناده مسروقاً. وهو في "مسند أحمد" (24171)، و"صحيح ابن حبان" (3358). قال أبو بكر بن العربي: اختلف السلف فيما إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها، فمنهم من أجازه في الشئ اليسير الذي لا يؤبه له، ولا يظهر به النقصان، ومنهم من حمله ما إذا أذن الزوج ولو بطريق الإجمال، وهو اختيار البخاري، وأما التقييد بغير الإفساد فمتفق عليه. قال الإمام النووي: والإذن ضربان: أحدهما: الإذن الصريح في النفقة والصدقة. =

1686 - حدَّثنا محمد بن سَوَّار المصريّ، حدَّثنا عبدُ السلام بن حرب، عن يونس بن عُبيد، عن زيادِ بنِ جُبير عن سعْد، قال: لما بايعَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - النساءَ قامَتِ امرأةٌ جليلةٌ، كأنها مِن نساءِ مُضَر، فقالَت: يا نبى الله، إنا كَلٌّ على آبائنا وأبنائنا - قال أبو داود: وأرى فيه: وأزواجِنا - فما يَحِلُّ لنا مِن أموالهم؟ فقال: "الرَّطبُ تأكلنه وتُهْدِينَه" (¬1). ¬

_ = والثاني: الإذن المفهوم من اطراد العرف والعادة، كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به، واطرد العرف فيه، وعلم بالعرف رضا الزوج والمالك به، فإذنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلم، وهذا إذا علم رضاه لاطراد العرف، وعلم أن نفسه كنفوس غالب الناس في السماحة بذلك والرضا به، فإن اضطرب العرف أو شك في رضاه، أو كان شخصاً يشح بذلك، وعلم من حاله ذلك أو شك فيه، لم يجز للمرأة وغيرها التصدق من ماله إلا بصريح إذنه. (¬1) إسناده صحيح، وما ورد عن ابن المديني وأبي حاتم وأبي زرعة من أن رواية زياد بن جُبير عن سعْد مُرسَلة، بينه ابن القطان في"بيان الوهم والإيهام" 5/ 577 - 578 من أن حجة ابن المديني في ذلك ما رواه هُشَيم بن بَشير، عن يونس بن عبيد، عن زياد ابن جبير أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بعث سعداً على الصدقة [قلنا: ورواه حماد بن سلمة، عن يونس ابن عبيد، عن زياد أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بعث رجلاً يقال له: سعد على السِّعاية ... ذكره الحافظ في "الاصابة" 3/ 94 - 95]، وهذا حديث آخر في الصدقة، وبيَّن ابن القطّان أن هذا الحديث شأنه مختلف، فقد أسنده سفيان الثوري وعبد السلام بن حرب - وكلاهما حافظ - عن يونس بن عبيد، فالقول في هذا الحديث أنه مسند، وليى بمرسل، فلا يَطَّرِدُ قولُ ابن المديني ومن تبعَه هنا. وأخرجه ابن سعد 8/ 10، وابن أبي شيبة 6/ 585، وعبد بن حميد (147)، وابن أبي الدنيا في "العيال" (519)، وابن الأعرابي في "معجمه" (1815)، والحاكم 4/ 134، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3208)، والبغوي في "شرح السنة" (1697)، والضياء المقدسي في "المختارة" (949) من طريق عبد السلام بن حرب، بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: الرَّطب، الخبز والبقل والرُّطَب. قال أبو داود: وكذا رواه الثوري عن يونس. 1687 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن هَمَّام بنِ مُنبِّه، قال: سمعْتُ أبا هريرة يقولُ: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا أنفقَتِ المرأةُ مِن كَسبِ زَوجِها عن غيرِ أمرِه، فلها نِصفُ أجرِهِ" (¬1). 1688 - حدَّثنا محمد بن سوَّار المصريُّ، حدَّثنا عبدُة، عن عبد الملك، عن عطاء ¬

_ = وأخرجه البزار (1241)، وأبو أحمد العسكري في "تصحيفات المحدثين" 1/ 321 - 322، والحاكم 4/ 134 من طريق سفيان الثوري، عن يونس بن عبيد، به. وقوله: جليلة، أي: عظيمة القدر، أو جسيمة طويلة القامة. وقولها: إنّا كلٌّ، هو بكسر الهمزة وتشديد النون، وكل، بفتح الكاف وتشديد اللام، خبر "إن"، أي: نحن عيالٌ عليهم، ليس لنا من الأموال ما ننتفع به. (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (7272) (7886) بنحوه، ومن طريقه أخرجه البخاري (2066) و (5360)، ومسلم (1026). وهو في "مسند أحمد" (8188). وأخرجه البخاري (5195) من طريق الأعرج عن أبي هريرة، بلفظ: "وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدى إليه شطرُه". وقوله: عن غير أمره. قال النووي: معناه من غير أمره الصريح في ذلك القدر المعين ويكون معها إذن عام سابق متناول لهذا القدر وغيره، وذلك الإذن الذي قد بيناه سابقاً إما بالصريح وإما بالعرف.

45 - باب في صلة الرحم

عن أبي هريرة في المرأة: تَصَدَّقُ مِن بيتِ زَوْجِهَا؟ قال: لا، إلا مِن قُوتها، والأجرُ بينهما، ولا يَحِلُّ لها أن تصدّق من مال زَوجِها إلا بإذنه (¬1). قال أبو داود: هذا يضعِّف حديث همام (¬2). 45 - باب في صلة الرحم 1689 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ عن أنس، قال: لما نزلَت: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92] قال أبو طلحة: يا رسولَ الله، أرى ربَّنا يسألُنا مِنْ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبدة: هو ابن سليمان الكلابي، وعبد الملك: هو ابن أبي سليمان العرزمي، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وأخرجه البيهقي 4/ 193 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (7273) و (16618) عن عبد الملك بن أبي سليمان، به. وأخرجه عبد الرزاق (7274) عن ابن جريج عن عطاء، به. (¬2) قول أبي داود هذا أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن الأعرابي، قلنا: وقد نسبه الحافظ في "الفتح" أيضاً 9/ 297 إلى رواية أبي الحسن بن العبد. وقد بيّن صاحبُ "بذل المجهود" مراد أبي داود فقال: أي: حديث أبي هريرة الموقوف عليه يضعف حديث أبي هريرة السالف، ووجهه أن أبا هريرة رضي الله عنه أفتى بنفسه بخلاف ما عنده من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من الحديث المرفوع، فهذا يدل على أن الحديث المرفوع عنده معلول. قلت (القائل صاحب بذل المجهود): دعوى المخالفة بين فتوى أبي هريرة وبين الحديث المرفوع له غير مُسلَّم فإنه يمكن أن يحمل قوله في الحديث المرفوع: من غير أمره، أي: من غير أمره الصريح وبإذنه دلالة وعرفاً، ومعنى قوله في فتواه: إلا بإذنه، أي سواء كان إذنه صراحة أو دلالة، فحينئذ لا اختلاف بينهما، والله أعلم.

أموالِنَا، فإني أشهِدُك أني قد جَعَلتُ أرضي بارِيحا له، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اجعَلْها في قَرابَتِك" فقسمها بينَ حَسَّانَ بنِ ثابت وأُبي بنِ كعب (¬1). قال أبو داود: بلغني عن الأنصاري محمد بن عبد الله قال: أبو طلحة: زيدُ بنُ سهل بن الأسود بن حَرام بن عمرو بن زيْد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النّجار، وحسان: ابن ثابت بن المنذر بن ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني. وأخرجه مسلم (998) (43)، والنسائي في "الكبرى" (6396) من طريق بهز بن أسد عن حماد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1461) و (2318) و (2752) و (2769) و (4554) و (5611)، ومسلم (998) (42) من طريق إسحاق بن عبد الله، والبخاري (4555) من طريق ثمامة بن عبد الله، والترمذى (3242) من طريق حميد بن أبي حميد الطويل، ثلاثتهم عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12144) و (12438) و (14036)، و"صحيح ابن حبان" (3340) و (7183). قوله: باريحا، وفى الطبري (7395) بأريحا، وهو تصحيف، وفي لفظ البخاري (1461) "بيرحاء" قال الحافظ: هو بفح الباء وسكون الياء وفتح الراء وبالمهملة والمد، وجاء في ضبطه أوجه كثيرة جمعها ابن الأثير في "النهاية" فقال: يروى بفتح الباء وكسرها وبفح الراء وضمها وبالمد والقصر فهذه ثمان لغات وفى رواية حماد بن سلمة: بريحا بفتح أوله وكسر الراء، وتقديمها على التحتانية، وفى "سنن أبي داود" باريحا مثله لكن بزيادة ألف، وقال الباجي: أفصحها بفح الباء وسكون الياء وفتح الراء مقصور. وهو بستان بالمدينة بقرب المسجد النبوي من جهة الشمال، وقد أدخل الآن في التوسعة الأخيرة للحرم. قال الخطابي: فيه من الفقه أن الحبس إذا وقع أصله مبهماً ولم يذكر سبله وقع صحيحاً. وفيه دلالة على أن من أحبس عقاراً على رجل بعينه فمات المحبَّس عليه ولم يذكر المحبِّسُ مصرفها بعد موته، فإن مرجعها يكون إلى أقرب الناس بالواقف.

حرام، يجتمعان إلى حرام وهو الأبُ الثالث، وأبيّ: ابن كعب بنِ قيس بن عُبَيد (¬1) بن زيد بن معاوية بن عمرو بن مالك بن النجار، فعمرو يجمع حسانَ وأبا طلحة وأُبيّاً، قال الأنصاري: بين أبي وأبي طلحة ستةُ آباء. 1690 - حدَّثنا هناد بنُ السَّريِّ، عن عَبدةَ، عن محمد بن إسحاق، عن بُكير بن عبد الله بن الأشج، عن سليمانَ بن يسار عن ميمونةَ زوج النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قالت: كانتْ لي جاريةٌ فأعتقتُها، فدخلَ عليَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فأخبرتُه، فقال: "آجرَكِ اللهُ، أما إنك لو كنتِ أعطيتِها أخوالَكِ كان أعظَم لأجرِك" (¬2). 1691 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن محمد بن عجلان، عن المَقبريِّ ¬

_ (¬1) المثبت من (هـ)، وهو الصواب، نبّه عليه الحافظ في هامش نسخته التي رمزنا لها بالحرف (أ)، وفي سائر أصولنا الخطية: عَتيك، وهو خطأ. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن. عبدة: هو ابن سليمان الكلابي. وأخرجه النسائي (4911) عن هنّاد بن السري، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (4913) من طريق محمد بن خازم، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ميمونة. وأخرجه البخاري (2592) من طريق يزيد بن أبي حبيب، والبخاري (2594) تعليقاً، ومسلم (999)، والنسائي في "الكبرى" (4910) من طريق عمرو بن الحارث، كلاهما عن بكير، عن كريب، عن ميمونة. وأخرجه بنحوه النسائي (4912) من طريق عطاء بن يسار، عن ميمونة. وهو في "مسند أحمد" (26817)، و"صحيح ابن حبان" (3343).

عن أبي هريرة، قال: أمرَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بالصَّدَقَة، فقال رجل: يا رسولَ الله، عندي دينارٌ، قال: "تَصَدقْ به على نفسك" قال: عندي آخرُ، قال: "تَصَدَّقْ به على وَلَدِكَ" قال: عندي آخر، قال: "تَصَدَّق به على زوجتِك - أو زوجك -" قال: عندي آخرُ، قال: "تصدَّق به على خادِمِك" قال: عندي آخرُ، قال: "أنتَ أبْصَرُ" (¬1). 1692 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، حدَّثنا أبو إسحاق، عن وهب بن جابر الخيواني عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "كَفَى بالمرءِ إثماً أن يضيّعَ مَنْ يَقُوتُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي، من أجل محمد بن عجلان فهو صدوق لا بأس به. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والمقبري: هو سعيد بن أبي سعيد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2327) من طريق يحيى بن سعيد القطان، و (9137) من طريق يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني، كلاهما عن محمد بن عجلان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7419)، و"صحيح ابن حبان" (3337). (¬2) إسناده صحيح وهب بن جابر الخيواني - وإن لم يرو عنه غيرُ أبي إسحاق - وثقه ابنُ مَعين والعجلي وابن حبان. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9131 - 9133) من طريق أبي إسحاق السَّبيعي، به. وأخرجه مسلم (996) من طريق خيثمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو، رفعه، بلفظ: "كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته". هو في "مسند أحمد" (6495)، و"صحيح ابن حبان" (4240) و (4241). وقوله: "من يقوت". قال البغوي: يريد من يلزمه قوته، وفيه بيان أن ليس للرجل أن يتصدق بما لا يفضل عن قوت أهله يلتمس به الثواب، فإنه ينقلب إثماً.

1693 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ ويعقوبُ بنُ كَعْبٍ - وهذا حديثُه - قالا: حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يونسُ، عن الزهريِّ عن أنس، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَرَّهُ أن يُبسطَ عليه في رِزقه، ويُنسَأَ في أثره، فَليَصِل رَحِمَه" (¬1). 1694 - حدَّثنا مسدَّدٌ، وأبو بكر بنُ أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن أبي سَلَمة عن عبد الرحمن بن عوف، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "قال الله تعالى: أنا الرحمن، وهي الرحم، شققتُ لها اسماً مِن اسمِي، مَنْ وَصَلها وَصَلتُه، ومَنْ قَطَعَها بتتُّه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، والزهري: هو محمد بن مسلم. وأخرجه البخاري (5986)، ومسلم (2557)، والنسائي في "الكبرى" (11365) من طريق الزهري. وأخرجه البخاري (2067) من طريق محمد بن سيرين، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12588)، و"صحيح ابن حبان" (438) و (439). قال البغوي في "شرح السنة" 13/ 19: قوله ويُنسأ في أثره: معناه يؤخر في أجله، يقال: نسأ الله في عمرك, وأنسأ عمرك، والأثر هاهنا: آخر العمر، وسمي الرجل أثراً، لأنه يتبع العمر. وقال العلماء: وتأخير الأجل بالصلة إما بمعنى حصول البركة والتوفيق في العمر وعدم ضياع العمر، فكأنه زاد، أو بمعنى أنه سبب لبقاء ذكره الجميل بعده. ولا مانع أنها سبب لزيادة العمر كسائر أسباب العالم، فمن أراد الله زيادة عمره وفقه بصلة الأرحام، والزيادة إنما هو بحسب الظاهر بالنسبة إلى الخلق، وأما في علم الله فلا زيادة ولا نقصان. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه منقطع، فإن أبا سلمة - هو ابن عبد الرحمن بن عوف - لم يسمع من أبيه، فيما قاله أهل العلم، وقد اختُلف في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = إسناد هذا الحديث، كما بينه الدارقطني في "العلل" 4/ 262 - 264، فمنهم من يرويه عن الزهري عن أبي سلمة عن أبيه كما هو هنا عند المصنف، ومنهم من يرويه عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي الرداد - ويقال: الرداد - عن عبد الرحمن بن عوف كما في الطريق الآتي بعده عند المصنف. ورجح الدارقطنى وغيره ذكر أبي الرداد في الإسناد، وصَوَّب غيرُه كالبخاري وابن حبان وغيرهما عدم ذكره، والله أعلم. وأبو الرداد هذا ذكره الواقدي في الصحابة وقال: كان يسكن المدينة وكذا قال ابن حبان وأبو أحمد الحاكم: له صحبة، وتبعهم أبو نعيم وابن عبد البر وابن الأثير فذكروه في الصحابة، وروى أبو نعينم حديثه هذا وجاء في روايته ما نصه: عن سفيان عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عبد الرحمن بن عوف عاد رجلاً من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، يقال له: أبو الرداد، فقال أبو الرداد: خيرهم وأوصلُهم - ما علمتُ - أبو محمد ... ثم قال: رواه بشر بن شعيب، عن أبيه، عن الزهري مثله، وقال: وكان من الصحابة. وقد ذكره الحافظ في "الإصابة" 7/ 137 - 138 في القسم الأول. وقد صحح حديثه هذا الطبري في "تهذيب الآثار" في الجزء الذي حققه علي رضا (164). فالحديث على مذهب الدارقطني يكون صحيحاً، لأنه رواية صحابي عن صحابي، وعلى مذهب غيره منقطع. وقد روي هذا الحديث من وجه آخر عن عبد الرحمن بن عوت كما سيأتي بيانه. وانظر ما بعده. سفيان: هو ابن عيينة، ومُسئد: هو ابن مُسَرْهد. وأخرجه الترمذي (2019) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال: حديث صحيح. وهو في "مسند أحمد" (1686)، وكنا قد حكمنا هناك على أبي الرداد بأنه مجهول، فيُستدرك من هنا. وأخرجه أحمد (1659)، وابن أبي الدنيا في"مكارم الأخلاق" (205) وأبو يعلى (841)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (263)، والشاشي في "مسنده" (252)، والحاكم 4/ 157 من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف. وقد صحح إسناده الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب"، فلم يُصب، لأن هذا الإسناد قد اختُلف فيه عن يحيى ابن أبي كثير فيما حكاه الدارقطنى في "العلل" 4/ 295، وبين أن بعضهم رواه عن =

1695 - حدَّثنا محمدُ بن المتوكلِ العسقلانيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَر، عن الزهريِّ، حدَّثنا أبو سلمة، أن الردادَ الليثي أخبره، عن عبد الرحمن ابن عوف، أنه سَمعَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه (¬1). ¬

_ = إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، عن رجل، عن عبد الرحمن بن عوف، واستحسنه، وعليه يكون في الإسناد مبهم. قلنا: وإن صح ذكر أبيه فيه فهو لا يُعرف. لكن الحديث بانضمام هذين الطريقين يصح إن شاء الله تعالى. على أن له شواهد كثيرة كما قال ابن كثير في "تفسيره" عند تفسير قوده تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]. قلنا: منها: حديث عائشة عند البخاري (5989)، ومسلم (2555) بلفظ: "الرحم شجنة، فمن وصلها وصلتُه، ومن قطعها قطعتُه". وحديث أبي هريرة عند البخاري (5988) بلفظ: "الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته". وقوله في هذين الحديثين: "شجنة" قال البيهقي في"الأسماء والصفات": إنما أراد أن اسم الرحم شعبة مأخوذة من تسمية الرحمن. وقال الخطابي: في هذا بيان صحة الاشتقاق في الأسماء اللغوية، وذلك أن قوماً أنكروا الاشتقاق، وزعموا أن الأسماء كلها موضوعة، وهذا يبين فساد قولهم. وفيه دليل على أن اسم الرحمن عربي، مأخوذ من الرحمة، وقد زعم بعض المفسرين أنه عبراني. قلت: والرحمن بناؤه فعلان، وهو بناء نعوت المبالغة، كقولهم غضبان، وإنما يقال لمن اشتد غضبه، ولم يغلب عليه الغضب ضجر وحَرِدَ ونحو ذلك، حتى إذا امتلأ غضباً، قيل: غضبان. قال: ولا يجوز أن يسمى بالرحمن أحد غير الله، ولذلك لا يثنى ولا يجمع، كما ثنوا وجمعوا الرحيم، فقيل: رحيمان ورحماء، وقوله: "بتتَه" معناه: قطعتُه، والبتُّ: القطع. (¬1) حديث صحيح. وانظر الكلام على إسناده في الطريق الذي قبله. وهو في"مصنف عبد الرزاق" (20234). وهو في "مسند أحمد" (1680)، و"صحيح ابن حبان" (443). وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد". وانظر ما قبله.

1696 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن محمد بن جُبير بن مطعم عن أبيه، يبلغ به النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يَدخُلُ الجنَّةَ قَاطِعٌ" (¬1). 1697 - حدَّثنا ابنُ كثيرِ، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمش والحسنِ بن عمرو وفِطْرِ، عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو - قال سفيان: ولم يرفعه سليمانُ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ورفعه فطر والحسن - قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لَيسَ الواصِلُ بالمُكافئ، ولكن الواصلَ الذي إذا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم. وأخرجه البخاري (5984)، ومسلم (2556)، والترمذي (2021) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (16732)، و"صحيح ابن حبان " (454). وقوله: لا يدخل الجنة قاطع. قال المناوي: أي مع الداخلين في الوعيد الأول من غير عذاب ولا بأس، أو لا يدخلها حتى يُعاقب بما اجترحه وكذا يقال في نظائره. قال التوربشتي: هذا هو السبيل في تأويل أمثال هذه الأحاديث لتوافق أصول الدين، وقد هلك في التمسك بظواهر أمثال هذه النصوص الجمُّ الغفير من المبتدعة، ومن عرف وجوه القول، وأساليب البيان من كلام العرب، هان عليه التخلصُ بعونِ الله من تلك الشبه. (¬2) إسناده صحيح. ابن كثير: هو محمد بن كثير العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وفِطر: هو ابن خليفة القرشي، ومجاهد: هو ابن جبر المخزومي. وأخرجه البخاري (5991) عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2020) من طريق سفيان بن عيينة، عن بشير أبي إسماعيل وفطر ابن خليفة، عن مجاهد، به. =

46 - باب في الشح

46 - باب في الشُّحِّ 1698 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن عمرو بن مُرة، عن عبد الله ابن الحارث، عن أبي كثيرٍ عن عبدِ الله بن عمرو، قال: خَطَبَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "إيَّاكم والشُّحَّ، فإنما هَلَكَ مَن كان قَبلَكم بالشُّحِّ: أمرهم بالبُخلِ فبَخِلُوا، وأمرَهم بالقَطيعةِ فقَطَعُوا، وأمرَهم بالفُجُور ففَجَرُوا" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (6524)، و"صحيح ابن حبان" (445). وقوله: "ليس الواصل بالمكافئ". أي: الذي يُعطي لغيره نظير ما أعطاه ذلك الغير، وأخرج عبد الرزاق (20232) عن عُمر موقوفاً: ليس الوصل أن تصل من وصلك ذلك القصاص، ولكن الوصل أن تصل من قطعك". وقوله: ولكن الذي إذا قطعت رحمه وصلها. قال الطيبي: المعنى ليست حقيقة الواصل ومن يعتد بصلته من يكافئ صاحبه بمثل فعله، ولكنه من يتفضل على صاحبه. قال الحافظ العراقي: والمراد بالواصل في هذا الحديث الكامل، فإن في المكافاة نوع صلة بخلاف من إذا وصله قريبه لم يكافئه، فإن فيه قطعاً بإعراضه عن ذلك، فهو من قبيل: "ليس الشديد بالصُّرَعَةِ وليس الغنى عن كثرة العرض. قال ابن حجر: وأقول: لا يلزم من نفي الوصل ثبوت القطع، فهم ثلاث درجات مواصل ومكافئ وقاطع. (¬1) إسناده صحيح. أبو كثير: هو زهير بن الأقمر الزُّبيدي. وأخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (11519) من طريق الأعمش، عن عمرو ابن مرة، به. إلا أنه زاد في روايته: "أمرهم بالظلم فظلموا". وهو في "مسند أحمد" (6487)، و"صحيح ابن حبان" (5176). قال الخطابي: الشح أبلغ في المنع من البخل، وإنما الشح بمنزلة الجنس، والبخل بمنزلة النوع، وكثر ما يقال: البخل إنما هو في أفراد الأمور وخواص الأشياء، والشح عامٌّ وهو كالوصف اللازم للإنسان. من قِبَل الطبع والجِبِلّة.

1699 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ، أخبرنا أيوبُ، حدَّثنا عبدُ الله بن أبي مُليكة حدَّثتني أسماءُ بنتُ أبي بكرِ، قالت: قلت: يا رسولَ الله، ما لي شيء إلا ما أدْخَلَ علىَّ الزبيرُ بيتَه، أفأُعطي منه؟ قال: "أَعْطِي ولا تُوكِي فيُوكَى عَلَيكِ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم الأسدي المعروف بابن عُلَيَّه، وأيوب: هو السختياني. وأخرجه الترمذي (2075)، والنسائي في "الكبرى" (9148) من طريق أيوب السختياني، به. وهو في "مسند أحمد" (26912) و (26987). وأخرجه البخاري (1434) و (2590)، ومسلم (1029)، والنسائي (2343) و (9149) من طريق ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عبّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أسماء. فزاد ابنُ جريج في إسناده عبّاد بن عبد الله بن الزبير بين ابن أبي مليكة وبين أسماء، قال الحافظ في "الفتح" 5/ 218: وصرح أيوب عن ابن أبي مليكة بتحديث أسماء له بذلك، فيحمل على أنه سمعه من عبّاد عنها، ثم حدثته به. وهو في "مسند أحمد" (26988). وأخرجه البخاري (1433) و (2591)، ومسلم (1029)، والنسائي (2342) من طريق فاطمة بنت المنذر، ومسلم (1029) من طريق عبّاد بن حمزة، كلاهما عن أسماء. وانظر ما بعده. قال الخطابي: معناه: "وأعطي من نصيبك منه، ولا توكي، أي: لا تدخري، والإيكاء: شد رأس الوعاء بالوكاء، وهو الرباط الذي يربط به، يقول: لا تمنعي ما في يدك فتنقطع مادة الرزق عليك. وفيه وجه آخر: أن صاحب البيت إذا أدخل الشيء بيته، كان ذلك في العرف مفوضاً إلى ربة المنزل، فهي تنفق منه قدر الحاجة في الوقت، وربما تدخر منه الشيء لغابر الزمان، فكأنه قال: إذا كان الشيء مفوضاً إليك موكولاً إلى تدبيرك، فاقتصري على قدر الحاجة للنفقه، وتصدقي بالباقي منه، ولا تدخريه، والله أعلم.

1700 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ، أخبرنا أيوبُ، عن عبد الله بن أبي مُلَيكَة عن عائشة: أنها ذَكَرَتْ عدةَ من مساكين - قال أبو داود: وقال غيره: أو عدة مِن صدقة - فقال لها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أعْطِي ولا تُحْصِي فيُحْصَى عَلَيك" (¬1). آخر كتاب الزكاة ويليه كتاب اللقطة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، إسماعيل: هو ابن إبراهيم ابن مِقسَم المعروف بابن عُلَيَّه، وأيوب: هو السختياني. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (2341) من طريق أبي أمامة سهل بن حنيف، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24773). وهو كذلك في "مسند أحمد" (24418)، و"صحيح ابن حبان" (3365) من طريق عروة بن الزبير، عن عائشة. وانظر ما قبله.

كتاب اللقطة

كتاب اللُّقَطة 1701 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا شعبةُ، عن سلمةَ بن كُهَيل عن سُوَيْدِ بن غَفَلةَ قال: غزوتُ مع زيدِ بن صُوحان وسلمانَ بنِ ربيعةَ، فوجدتُ سوْطاً، فقالا لي: اطْرَحْهُ، فقلتُ: لا، ولكن إن وجَدْتُ صاحبَه وإلا استمتعتُ به، فحججتُ، فمررتُ على المدينة، فسألتُ أُبى بنَ كعبٍ، فقال: وجَدْتُ صُرَّة فيها مئةُ دينارٍ فأتيتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "عَرّفْها حَوْلاً" فعرَفتُها حولاً، ثم أتيتُه، فقال: "عَرِّفها حولاً" فعرَفتها حولاً، ثم أتيتُه، فقال: "عرِّفها حولاً" فعرَّفتُها حولاً، ثم أتيته، فقلت: لَم أَجِدْ مَنْ يعرفُها، فقال: "احفظْ عَدَدَها ووِكاءَها ووِعاءَها، فإن جاء صاحبُها وإلا فاستَمتِعْ بها" وقال: لا أدْرِي أثلاثاً قال: "عَرِّفها" أو مرةَ واحدةً (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، إلا أن سلمة بن كهيل وهِمَ في ذكر التعريف ثلاث سنين كما سيأتي. وأخرجه البخاري (2426) و (2437)، ومسلم (1723)، والنسائى في "الكبرى" (5791 - 5793) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1723)، وابن ماجه (2506)، والترمذي (1426)، والنسائي (5789) و (5790) و (5794) من طرق عن سلمة بن كهيل، به. وهو في "مسند أحمد" (21166 - 21170)، و"صحيح ابن حبان" (4892). قال شعبة في رواية البخاري (2426): فلقيته بعد مكة، فقال: لا أدري ثلاثة أحوال أو حولاً واحداً. وقال شعبة في رواية مسلم (1723) (9)، والنسائي (5792): فسمعته بعد عشر سنين يقول: عرّفها عاماً واحداً. =

1702 - حدَّثنا مُسدَّدٌ حدَّثنا يحيي، عن شعبةَ، بمعناه، قال: "عَرِّفها حَوْلاً" قال: ثلاث مرارٍ، قال: فلا أدري قال له ذلك في سنةٍ أو في ثلاث سنين (¬1). 1703 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، حدَّثنا سلمةُ بنُ كُهَيل، بإسناده ومعناه، قال في التعريف قال: عامَين أو ثلاثة، قال: "اعْرِفْ عَدَدَها ووِعاءَها ووِكاءها" زاد: "فإن جاء صاحبُها، فعَرَفَ عَدَدَها ووِكاءَها، فادْفَعْها إليه" (¬2). ¬

_ = قلنا: وتعريفها عاماً واحداً هو الموافق لحديث زيد بن خالد عند ابن ماجه (2504)، ولحديث عبد الله بن عمرو الآتي برقم (1708). وهو مذهب عامة الفقهاء. وانظر تالييه. قال الخطابي: في هذا الحديث من الفقه أن أخذ اللقطة جائز، فإنه - صلَّى الله عليه وسلم - لم ينكر على أبي أخذها وإلتقاطها، وممن رُوي ذلك عنه عبد الله بن عمر بن الخطاب، وجابر ابن زيد، وعطاء بن أبي رباح ومجاهد، وكره أخذها أحمد ابن حنبل. وفيه: أن اللقطة إذا كان لها بقاء، ولم تكن مما يُسرع إليها الفساد، فيتلف قبل مضي السنة فإنها تعرف سنة كاملة. (¬1) إسناده صحيح كسابقه. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وهو في "مسند أحمد" (21167)، و"صحيح ابن حبان" (4891). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح كسابقيه. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم (1723) من طريق بهز بن أسد عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21170). وانظر سابقيه.

قال أبو داود: ليسَ يقولُ هذه الكلمة إلا حمادٌ في هذا الحديث، يعني: "فعَرَفَ عَدَدَها" (¬1). 1704 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ جعفرٍ، عن ربيعةَ بن أبي عبدِ الرحمن، عن يَزيدَ مولى المُنبعثِ عن زيدِ بنِ خالدِ الجُهَني: أنَّ رجلاً سألَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن اللُّقَطَة، فقال: "عَرِّفها سنةً، ثم اعْرِف وِكاءَها وعِفَاصَهَا ثم استنْفِقْ بها، فإن جاءَ ربُّها فأدِّها إليه" فقال: يا رسول الله فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ فقال: "خُذْها، فإنما هِيَ لَكَ أو لأخيِكَ أو للذِّئب" قال: يا رسولَ الله فضالَّة الإبل؟ فغَضِبَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى احمرَّتْ وجنتاه، أو احْمَرَّ وجْهُهُ، وقال: "مَا لَكَ ولَها؟ مَعَها حِذاؤُها وسِقاؤُها حتى يأتيَها رَبُّها" (¬2). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من (هـ) و (و). وهما برواية ابن داسه. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2436) و (6112)، ومسلم (1722)، والترمذي (1427) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (91) و (2427) و (2438) و (5292)، ومسلم (1722) من طرق عن ربيعه بن أبي عبد الرحمن، به. وأخرج منه قطعة السؤال عن الضَّالة: النسائي في "الكبرى" (5740) و (5772) من طريق إسماعيل بن أمية، ربيعة بن أبي عبد الرحمن، به. وأخرج منه قطعة التعريف باللقطة: النسائي (5784) من طريق إسماعيل بن أمية عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، به. وانظر ما سيأتي برقم (1705 - 1708). قال الخطابي: الوكاء: الخيط يشد به الصرَّة، والعفاص: الوعاء الذي يكون فيه النفقة، وأصل العفاص: الجلد الذي يلبس رأس القارورة. =

1705 - حدَّثنا ابنُ السَّرح، حدَّثنا ابنُ وهبِ، أخبرني مالكٌ، بإسناده ومعناه، زاد: "سِقاؤُها تَرِدُ الماءَ وتأكلُ الشجر" ولم يقل: "خُذْها" في ضالة الشاء، وقال في اللقطة: "عرِّفها سنةً، فإن جاء صاحبُها وإلا فشأنَك بها". ولم يذكر: "استنفِق" (¬1). قال أبو داود: رواه الثوري وسليمان بن بلال وحمادُ بن سلمة، عن ربيعة مثله، لم يقولوا: "خُذْها". 1706 - حدَّثنا محمدُ بنُ رافع وهارونُ بنُ عبد الله - المعنى - قالا: حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، عن الضحاك - يعني ابن عثمانَ - عن بُسرِ بن سعيد ¬

_ = وقوله: في الإبل: معها حذاؤها وسقاؤها، فإنه يريد بالحذاء أخفافها، يقول: إنها تقوى على السير وقطع البلاد، وأراد بالسقاء: أنها تقوى على ورود المياه، فتحمل ريها في أكراشها. فإن كانت الإبل مهازيل لا تنبعث فإنها بمنزلة الغنم التي قيل فيها: هي لك أو لأخيك أو للذئب. وقوله: "استنفق": قال العيني: من الاستنفاق وهو استفعال، وباب الاستفعال للطلب، لكن الطلب على قسمين: صريح وتقديري، وها هنا لا يتأتى الصريح، فيكون للطلب التقديري، وقال النووي: ومعنى "استنفِق بها": تملّكْها، ثم أنفقها على نفسك. (¬1) إسناده صحيح. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو الأموي، وابن وهب: هو عبد الله. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 757، ومن طريقه أخرجه البخاري (2372) و (2429) و (2430)، ومسلم (1722)، والنسائي في "الكبرى" (5783)، ورواية النسائي مختصرة بقطعة التعريف باللقطة. وهو في "صحيح ابن حبان" (4889) و (4898). وانظر ما قبله.

عن زيدِ بن خالد الجهني: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن اللُّقطة، فقال: عَرِّفْها سنةً، فإنْ جاءَ باغيها فأدِّها إليه، وإلا فاعْرِفْ عِفاصَها ووِكاءها ثم كُلْها، فإنْ جاءَ باغيها فأدِّها إليه" (¬1). 1707 - حدَّثنا أحمدُ بن حفص، حدَّثني أبي، حدثني إبراهيمُ بنُ طَهْمان، عن عبادِ بن إسحاق، عن عبد الله بن يزيدَ، عن أبيه يزيد مولى المُنبَعث عن زيد بن خالد الجهني، أنه قال: سُئِلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فذكر نحو حديثِ ربيعةَ، قال: وسُئِلَ عن اللُّقَطَة (¬2) فقال: "تُعَرِّفُها حَوْلاً، ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن الضحاك بن عثمان لم يسمع هذا الخبر من بسر بن سعيد، وإنما سمعه من أبي النضر سالم بن أبي أمية عن بسر بن سعيد كما سيأتي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5780) من طريق هارون بن عبد الله، عن ابن أبي فديك وأبي بكر الحنفي، كلاهما عن الضحاك بن عثمان، عن أبي النضر، عن بُسر ابن سعيد، عن زيد بن خالد الجهني، به. فزاد في الإسناد سالماً أبا النضر وهو الصواب. وأخرجه مسلم (1722)، وابن ماجه (2507)، والنسائي (5779) من طريق عبد الله بن وهب، ومسلم (1722)، وابن ماجه (2507)، والترمذي (1428) من طريق أبي بكر الحنفي، كلاهما عن الضحاك بن عثمان القرشي، عن أبي النضر سالم ابن أبي أمية، عن بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد الجهني، به. وهو في "مسند أحمد" (17046)، و "صحيح ابن حبان" (4895). وانظر ما سلف برقم (1704). (¬2) تحرفت في أصولنا الخطية عدا (ج) إلى: وسئل عن النفقة، والمثبت على الصراب من (ج) ونسخة على هامش (هـ)، وقد أخرجه النسائي في "الكبرى" (5786) عن أحمد بن حفص، على الصواب.

فإنْ جاءَ صاحبُها دفعتَها إليه، وإلا عَرَفْتَ وِكاءَها وعِفاصَها، ثم أفِضْها في مالك، فإنْ جاءَ صاحبُها فادفعها إليه" (¬1). 1708 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، عن حمادِ بنِ سلَمةَ، عن يحيى بن سعيد وربيعةَ، بإسناد قتيبةَ ومعناه، وزاد فيه: "فإنْ جاءَ باغيها، فعَرَفَ عِفاصَها وعَدَدَها فادْفَعْها إليه" وقال حمادٌ أيضاً: عن عُبيد الله بن عُمَرَ، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - مثله (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عباد بن إسحاق وعبد الله بن يزيد مولى المنبعث، وقد توبعا. حفص: هو ابن عبد الله بن راشد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5786) عن أحمد بن حفص، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (5741) و (5785) من طريق الليث، عمن يرضي، عن إسماعيل ابن أمية، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن يزيد مولى المنبعث، عن رجل، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وفيه رجل مبهم. ورواية النسائي في الموضع الأول مختصرة بالسؤال عن الضالة، وفى الموضع الثاني مختصرة بالتعريف باللقطة. وانظر ما سلف برقم (1704). وقوله: "ثم أفضها في مالك". معناه: ألقها في مالك، واخلطها به من قولك: فاض الأمر والحديث: إذا انتشر وذاع. (¬2) إسناده صحيح، من طريق حماد بن سلمة عن ربيعة، وقد اختلف في رواية يحيى بن سعيد فرواه سليمان بن بلال عنه عن يزيد مولى المنعبث عن زيد بن خالد، كرواية حمّاد بن سلمة عند المصنف هنا، وخالفهما سفيان بن عيينة، فرواه عن يحيى ابن سعيد، عن يزيد مولى المنبعث مرسلاً، ورواه سفيان أيضاً، عن يحيى بن سعيد، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد موصولاً. قال الحافظ في بيان هذا الاختلاف في "الفتح" 9/ 432: واقتضى قول سفيان بن عيينة هذا أن يحيي بن سعيد ما سمعه من شيخه يزيد مولى المبعث موصولاً وإنما وصله له =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ربيعة، ولكن تقدم الحديث في اللقطة من طريق سليمان بن بلال عن يحيي بن سعيد عن يزيد موصولاً، فلعل يحيي بن سعيد لما حدث به ابن عيينة ما كان يتذكر وصله أو دلسه لسليمان بن بلال حين حدثه به موصولاً وإنما سمع وصله من ربيعة فأسقط ربيعة. وقد أخرجه مسلم من رواية سليمان بن بلال موصولاً أيضاً، ومن رواية حماد ابن سلمة عن يحيى بن سعيد وربيعة جميعاً عن يزيد عن زيد موصولاً، وهذا يقتضي أنه حمل إحدى الروايتين على الأخرى. وأخرجه مسلم (1722)، والنسائي في "الكبرى" (5739) و (5770) و (5781) من طريق حمّاد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2428)، ومسلم (1722) من طريق سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد وحده، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد. وأخرجه البخاري بإثر (5292)، وابن ماجه (2504)، والنسائي (5738) و (5771) و (5782) من طريق سفيان بن عيينة، عن يحيي بن سعيد، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن يزيد مولى المنبعث، عن زيد بن خالد. وأخرجه البخاري (5292) من طريق سفيان بن عيينة، عن يحيي بن سعيد، عن يزيد مولى المنبعث، مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (17050)، و"صحيح ابن حبان" (4893). وأما حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. فسيأتي برقم (1710) وإسناده حسن. وانظر ما سلف برقم (1704). وقول أبي داود: ليست بمحفوظة ردّه الحافظ المنذري، فقال: وهذه الزيادة أخرجها مسلم في "صحيحه" (1722) من حديث حماد بن سلمة، وقد أخرجه الترمذي (1426)، والنسائي (5794) من حديث سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل بهذه الزيادة كما قدمنا. قلنا: وهي عند مسلم (1723) وابن ماجه أيضاً (2506). وذكر مسلم في "صحيحه" أن سفيان الثوري، وزيد بن أبي أنيسة، وحماد بن سلمة ذكروا هذه الزيادة، فقد تبين أن حماد بن سلمة لم ينفرد بهذه الزيادة، فقد تابعه عليها من ذكرناه. =

قال أبو داود: وهذه الزيادة التي زاد حمادُ بنُ سلمة في حديث سَلَمةَ بن كُهيلٍ ويحيى بن سعيد وعُبيد الله وربيعة: "إن جاء صاحبُها فعَرَفَ عِفاصَها ووِكاءَها فادفعها إليه"، ليست بمحفوظةٍ "فعرف عِفاصَها ووِكاءَها"، وحديثُ عقبةَ بن سويدٍ عن أبيه عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أيضاً، قال: "عَرِّقها سَنَةً"، وحديث عمر بن الخطاب أيضاً عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "عَرِّفْها سَنَةً". 1709 - حدَّثنا مُسدّد، حدَّثنا خالد - يعني الطحان - (ح) وحدثنا موسى - يعني ابنَ إسماعيلَ - حدَّثنا وُهيبٌ - المعنى - عن خالد الحذَّاء، عن أبي العلاء، عن مُطرِّف - يعني ابنَ عبد الله - عن عياض بن حمارٍ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ وجد لُقَطَةً فلْيُشهِدْ ذا عدلٍ - أو ذَوي عَدل - ولا يكتُم، ولا يُغيّبْ، فإن وَجَد صاحبَها فليرُدَّها عليه، وإلا فهو مالُ اللهِ يؤتيه مَنْ يشاءُ" (¬1). ¬

_ = وقال الحافظ في "الفتح" 5/ 78: في رواية حماد بن سلمة وسفيان الثوري وزيد ابن أبي أنيسة عند مسلم، وأخرجه مسلم (1723)، والترمذي (1426)، والنسائي (5794) من طريق الثوري، وأحمد (21170)، وأبو داود (1703) من طريق حماد، كلهم عن سلمة بن كهيل في هذا الحديث، قال: "فإن جاء أحد يخبرك بعددها ووِكائها ووعائها فأعطها إياه". لفظ مسلم، وأما قول أبي داود: إن هذه الزيادة زادها حمّاد بن سلمة وهي غير محفوظة، فتمسك بها من حاول تضعيفها، فلم يصب، بل هي صحيحة وقد عرفت من وافق حماداً عليها وليست شاذة. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ووهيب: هو ابن خالد الباهلي، وخالد الحذاء: هو ابن مهران، وأبو العلاء: هو يزيد بن عبد الله بن الشِّخِّير. وأخرجه ابن ماجه (2505)، والنسائي في "الكبرى" (5776) و (5777) من طرق عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد. وقال ابن ماجه في روايته: "فيشهد ذا عدلٍ أو =

1710 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن ابن عجلانَ، عن عمرو ابن شُعيب، عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص، عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: أنه سُئِلَ عن الثَّمَرِ المُعلَّق، فقال: "من أصابَ بفيهِ مِن ذي حَاجَةٍ غيرَ مُتَخذٍ خُبْنةً فلا شيءَ عليه، ومَنْ خَرَجَ بشيءٍ منه، فعليه غرامةُ مِثْليه والعقوبةُ، ومن سَرَقَ منه شيئاً بعد أن يُؤويه الجَرينُ فبَلغ ثَمَنَ المِجنِّ فعليه القطعُ" وذكر في ضالة الغنم والإبل كما ذكرَ غيرُه، قال: وسُئِلَ عن اللقطةِ فقال: "ما كانَ منها في طَريقِ المِيتاء والقريةِ الجامعةِ فعرِّفها سنةً، فإن جاءَ طالبُها فادفعها إليه، وإن لم يأتِ، فهيَ لك، وما كان في الخراب - يعني - ففيها وفي الرِّكازِ الخُمسُ" (¬1). ¬

_ = ذوي عدلٍ" على الشك أيضاً، وفي رواية النسائي في الموضع الأول: "فليُشهد ذوي عدل" من غير شك، وأما في الموضع الثانى فلم يذكر الإشهاد. وأخرجه النسائي (5777) من طريق حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي العلاء، عن مطرف، عن أبي هريرة. فجعله من مسند أبي هريرة. وهذا اختلاف لا يضر، لأن الصحابة كلهم عدولٌ. وهو في "مسند أحمد" (17481)، و"صحيح ابن حبان" (4894). وانظر تمام تخريجه وبيان الاختلاف فيه والكلام عليه في "مسند أحمد". وقوله: وإلا ... قال ابن حبان: أضمر فيه: إن لم يجئ صاحبها، فهو مال الله يؤتيه من يشاء. (¬1) إسناده حسن. الليث: هو ابن سعد، وابن عجلان: هو محمد. وأخرجه الترمذي (1289)، والنسائي (7404) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. ورواية الترمذي مختصرة بذكر ما يصيبه ذو الحاجة، وقال: حديث حسن. وأخرجه النسائي (7405) من طريق عمرو بن الحارث وهشام بن سعد عن عمرو ابن شعيب، به. =

1711 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا أبو أسامةَ، عن الوليد - يعني ابنَ كثير - حدثني عمرُو بنُ شعيب، بإسناده بهذا. قال في ضالة الشَّاء: قال: "فاجْمَعْها" (¬1). 1712 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوانَةَ، عن عُبيدِ الله بنِ الأخنس، عن عمرو بن شعيب، بهذا بإسناده، قال في ضالة الغنم: ¬

_ = وسيأتي برقم (4390). وانظر ما سيأتي بالأرقام (1711 - 1713). وقوله: "غير متخذ خُبنه" قال ابن الأثير في "النهاية": الخُبنة: مَعطِفُ الإزار وطرف الثوب، أي: لا يأخذ منه في ثوبه، وقوله: فليس عليه شيء: ظاهره ليس عليه عقوبة ولا إثم، وقيل: بل ذلك إذا علم مسامحة صاحب المال كما في بعض البلاد. وقوله: ومن خرج بشيء منه، فعليه غرامة مثليه والعقوبة. قال في "المغني" 12/ 438: وإن سرق من الثمر المعلق فعليه غرامة مثليه، وبه قال إسحاق للخبر المذكور، قال أحمد: لا أعلم شيئاً يدفعه، وقال أكثر الفقهاء: لا يجب فيه أكثر من مثله، قال ابن عبد البر: لا أعلم أحداً من الفقهاء قال بوجوب غرامة مثليه، واعتذر بعض أصحاب الشافعي عن هذا الخبر بأنه كان حين كانت العقوبة في الأموال، ثم نسخ ذلك، ولنا قول النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وهو حجة لا تجوز مخالفته إلا بمعارضة مثله أو أقوى منه، وهذا الذي اعتذر به هذا القائل دعوى للنسخ بالاحتمال من غير دليل عليه وهو فاسد بالاجماع، ثم هو فاسد من وجه آخر لقوله: "ومن سرق منه شيئاً بعد أن يؤويه الجرين، فبلغ ثمن المجن فعليه القطع" فقد بين وجوب القطع مع إيجاب غرامة مثليه، وهذا يبطل ما قاله. والجرين: موضع تجفيف التمر بعد القطع وهو له كالبيدر للحنطة وهو حرز عادة، فإن الجرين للثمار كالمراح للشياه. والمجن: هو الترس، لأنه يواري حامله، أي: يستره، وكان ثمن المجن ثلاثة دراهم وهو ربع دينار، وهو نصاب السرقة. وطريق الميتاء: مفعال من الإتيان، أي: طريقة مسلوكة يأتيها الناس. (¬1) إسناده حسن كسابقه.

"لكَ أو لأخيك أو للذئب، خذها قطُّ". وكذا قال فيه أيوبُ ويعقوبُ ابن عطاء، عن عمرو بن شعيب، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "فخذها" (¬1). 1713 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حماد (ح) وحدَثنا ابنُ العلاء، حدَّثنا ابنُ إدريَس، عن ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدِّه، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، بهذا، وقال في ضالة الشاء: "فاجْمَعْها حتَّى يأتِيَها باغيَها" (¬2). 1714 - حدَّثنا محمدُ بن العلاء، حدَّثنا عبدُ الله بن وهبٍ، عن عمرو بن الحارث، عن بُكير بن الأشجِّ، عن عُيد الله بن مِقْسَمٍ، حدَّثه، عن رجلٍ عن أبي سعيد: أن عليَّ بن أبي طالب وجد ديناراً، فأتى به فاطمةَ، فسألت عنه رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "هُوَ رِزقُ الله" فأَكَلَ منه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأَكَلَ عليُّ وفاطمةُ، فلما كان بعد ذلك أتَتْهُ امرأة تَنشُد الدينار، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا عليُّ، أدِّ الدينار" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده حسن كسابقيه. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7403) من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد. مخصراً. وانظر ما سلف برقم (1710). (¬2) إسناده حسن. ابنُ إسحاق - وهو محمد - متابع. حماد: هو ابن سلمة، وابن العلاء: هو محمد، وابن إدريس: هو عبد الله الأودي. وهو في "مسند أحمد" (6683). وانظر ما سلف برقم (1710). (¬3) حسن بطرقه، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن أبي سعيد الخدري. =

1715 - حدَّثنا الهيثمُ بن خالد الجهني، حدَّثنا وكيع، عن سعد بن أوس، عن بلال بن يحيى العَبْسي عن عليٍّ رضي الله عنه: أنه التقطَ ديناراً، فاشترى به دقيقاً، فعَرَفه صاحبُ الدقيق، فردَّ عليه الدينار، فأخذه علىّ وقطع منه قيراطَين، فاشترى به لحماً (¬1). 1716 - حدَّثنا جعفرُ بنُ مسافر التِّنِّيسي، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، حدَّثنا موسى بن يعقوب الزَّمَعي، عن أبي حازم ¬

_ = وأخرجه البيهقي 6/ 194 من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (18636) عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، به. وأبو هارون العبدي - واسمه عمارة بن جُوين - متروك الحديث. وأخرجه عبد الرزاق أيضاً (18637) وأبو يعلى في "مسنده" (1073) من طريق أبي بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، به. وفي إسناده أبو بكر بن أبي سبرة، وهو متروك الحديث. وانظر تالييه. (¬1) إسناده حسن كما قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 3/ 75. وردَّ على المنذري قوله: في سماع بلال بن يحيى من عليّ نظر، فقال: قد روى عن حذيفة ومات قبل عليٍّ. وأخرجه البيهقي 6/ 194 من طربق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه بأطول مما ها هنا أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" (4016) عن وكيع، به. وزاد: فاشترى به لحماً، ثم أتى به فاطمة، فقال: اصنعي لنا طعاماً، ثم انطلق إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فدعاه فأتاه ومن معه، فأتاه بجفنة، فلما رآها النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنكرها فقال: "ما هذا؟ " فأخبره، فقال: "اللقطة اللقطة، إليّ القيراطان ضعوا أيديكم بسم الله". وانظر ما قبله.

عن سهل بن سعدٍ، أخبره: أن عليَّ بن أبي طالب دَخَلَ على فاطمةَ وحسنٌ وحسينٌ يبكيان، فقال: ما يُبْكيهما؟ قالت: الجوعُ، فخرج عليٌّ، فوجد ديناراً بالسُّوق، فجاء إلى فاطمة فأخبرها، فقالت: اذهبْ إلى فلان اليهوديِّ فخذ لنا دقيقاً، فجاء اليهوديَّ فاشترى به دقيقاً، فقال اليهوديُّ: اْنتَ خَتَنُ هذا الذي يَزعُمُ أنه رسولُ الله؟ قال: نعم، قال: فخذ دينارَك ولكَ الدقيقُ، فخرج عليٌّ حتى جاء به فاطمةَ، فأخبرها، فقَالت: اذهب إلى فلانٍ الجزار فخذ لنا بدرهم لحماً، فذهب فرهن الدينارَ بدرهم لحمٍ، فجاء به، فعَجَنَتْ، ونَصَبَتْ، وخبزت، وأرسلت إلى أبيها، فجاءهم، فقالت: يا رسول الله، أذكر لك، فإن رأيته لنا حلالاً أكلناه وأكلتَ معنا، من شأنه كذا وكذا، فقال: "كلوا باسم الله" فأكلوا، فبينا هم مكانهم إذا غلامٌ يَنشُد الله والإسلامَ الدينار، فأمر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فدُعي له، فسأله، فقال: سَقَطَ مني في السوق، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا عليُّ، اذهبْ إلى الجزّار فقل له: إن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول لك: أرْسِلْ إليَّ بالدينار، ودِرهَمُكَ عليَّ" فأرسل به، فدفعه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إليه (¬1). 1717 - حدَّثنا سليمانُ بنُ عبد الرحمن الدمشقيُّ، حدَّثنا محمدُ بن شعيبٍ، عن المغيرة بن زياد، عن أبي الزبير المكي، أنه حدَّثه ¬

_ (¬1) حسن بالسياقة السالفة قبله. وهذا إسناده ضعيف لضعف موسى بن يعقوب الزمعي. ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل الديلي مولاهم، وأبو حازم: هو سلمة بن دينار. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5759)، والبيهقي في "سننه" 6/ 194 من طريق جعفر بن مسافر، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه.

عن جابر بن عبد الله، قال: رخَّص لنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في العَصَا والسوطِ والحَبْلِ وأشباهه يلتقِطُه الرَّجُلُ ينتفعُ به (¬1). قال أبو داود: رواه النعمانُ بن عبد السلام عن المغيرة - أبي ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لاضطرابه، وللاختلاف في رفعه ووقفه، فقد رواه سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، عن محمد بن شعيب، عن المغيرة بن زياد، عن أبي الزبير، عن جابر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كما في رواية المصنف هنا، ورواية هشام بن عمار، عن محمد ابن شعيب، عن رجل، عن أبي سلمة المغيرة بن زياد. ورواه النعمان بن عبد السلام، عن المغيرة أبي سلمة، عن أبي الزبير. قلنا: ومغيرة أبو سلمة هو مغيرة بن مسلم القسملي، وقد احتمل البيهقي أن محمد بن شعيب في رواية هشام بن عمار إنما أخذه عن النعمان بن عبد السلام، وهذا يعني: أن محمد بن شعيب أخطأ في تعيين مغيرة هذا، فقال: ابن زياد، وإنما هو ابن مسلم؛ لأن أبا سلمة كنية ابن مسلم لا ابن زياد. ويؤيده رواية شبابة بن سوار التي أشار إليها المصنف بإثر الحديث. وأبو الزبير - واسمه محمد بن مسلم بن تدرُس المكي - مدلس وقد عنعن. وأخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (9258)، وابن عدي في ترجمة مغيرة ابن زياد الموصلي من "الكامل"، والبيهقي في "سننه" 6/ 195 من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في "طبقات المحدثين" 3/ 128 من طريق إبراهيم ابن أيوب، عن النعمان، عن مغيرة أبي سلمة، عن أبي الزبير، به. وأخرجه ابن عدي في ترجمة مغيرة بن زياد الموصلي من "الكامل"، ومن طريقه البيهقي 6/ 195 من طريق هشام بن عمار، عن محمد بن شعيب، عن رجل، عن المغيرة بن زياد، به. دون ذكر الحبل. قال ابن قدامة في "المغني" 8/ 296: لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير، والانتفاع به، وقد روي ذلك عن عمر وعليّ وابن عمر وعائشة، وبه قال عطاء وجابر بن زيد وطاووس والنخعي ويحيى بن أبي كثير ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، وليس عن أحمد وأكثر مَن ذكرنا تحديد اليسير الذي يباح.

سلمة - بإسناده، ورواه شَبابةُ عن مغيرة بن مسلم، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: كانوا. لم يذكر النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -. 1718 - حدَّثنا مخلدُ بنُ خالد، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن عمرو بن مسلم، عن عِكرمة أحسبه عن أبي هريرة، أن النبىَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ضالَّةُ الإبلِ المكْتومَةُ غَرامَتُها ومِثْلُها مَعَها" (¬1). 1719 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد بن مَوهب وأحمدُ بن صالح، قالا: حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني عمرو، عن بُكير، عن يحيي بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن لُقَطَةِ الحاجِّ. قال أحمد: قال ابنُ وهب: يعني في لقطة الحاجِّ يَترُكُها حتَى يَجِدَها صاحِبُها، قال ابن موهب: عن عمرو (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف: عمرو بن مسلم - وهو الجَنَديُّ - ضعفه أحمد وقال مرة: ليس بذاك، وقال ابن معين في رواية الدوري: ليس بالقوي، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال المنذري: لم يجزم عكرمة - وهو ابن خالد المخزومي - بسماعه من أبي هريرة، فهو مرسل. عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (18599)، ومن طريقه أخرجه البيهقي 6/ 191. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 146 من طريق محمد بن ثور، عن معمر، به. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (17300) عن ابن جريج أخبرني عمرو بن مسلم، عن طاووس وعكرمة مرسلاً. (¬2) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو: هو ابن الحارث، وبكير: هو ابن عبد الله بن الأشج. =

1720 - حدَّثنا عمرو بنُ عون، أخبرنا خالدٌ، عن أبي حَيَّان التيميِّ، عن المنذر بن جريرٍ، قال: كنتُ مع جريرِ بالبوازيج، فجاء الرَّاعي بالبقر، وفيها بقرةٌ ليست منها، فقال له جرير: ما هذه؟ قال: لحقَتْ بالبقرِ لا ندري لمَنْ هي، فقال جرير: اْخرجوه، سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا يأوي الضَّالة إلا ضال" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1724)، والنسائي في "الكبرى" (5773) من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد. دون تفسير ابن وهب. وهو في "مسند أحمد" (16070)، و"صحيح ابن حبان" (4896). قال المنذري: والصحيح أنه إذا وجد لقطة في الحرم، لم يجز أن يأخذها إلا للحفظ على صاحبها وليعرفها أبداً بخلاف لقطة سائر البلاد، فإنه يجوز التقاطها للتملك، ومنهم من قال: إن حكم لقطة مكة حكم لقطة سائر البلاد. ويقول ابن القيم: إن بعضهم يفرق بين لقطة مكة وغيرها أن الناس يتفرقون من مكة، فلا يمكن تعريف اللقطة في العام، فلا يحل لأحد أن يلتقط لقطتها إلا مبادراً إلى تعريفها قبل تفرق الناس بخلاف غيرها من البلاد. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه، كما بيناه في "المسند" (19184). خالد: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان، وأبو حيّان: هو يحيى بن سعيد التيمي. وأخرجه ابن ماجه (2503)، والنسائى في "الكبرى" (5768) من طريق يحيي ابن سعيد، عن أبي حيان، عن الضحاك خال المنذر بن جرير، عن المنذر بن جرير، به. فزاد في الإسناد بين أبي حيان، وبين المنذر بن جرير: الضحاك خال المنذر - وقيل الضحاك بن المنذر - وهو مجهول. وأخرجه النسائى (5767) من طريق إبراهيم بن عيينة، عن أبي حيان، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن المنذر بن جرير، به. فزاد في الإسناد بين أبي حيان، وبين المنذر: أبا زرعة بن عمرو بن جرير، وهو ثقة. فصار الاختلاف فيه متردداً بين ثقة ومجهول، لا ندري أيهما يكون؟ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه النسائى (5769) من طريق ابن المبارك، عن أبى حيان، عن الضحاك ابن المنذر، عن جرير، به. فزاد في الإسناد: الضحاك وأسقط منه المنذر! وأخرجه مسلم في "صحيحه" (1725) من حديث زيد بن خالد الجهني رفعه "من آوى ضالة، فهو ضال ما لم يُعرّفها". وقوله: "لا يأوي" - وفي لفظ: "يؤوي"، وكلاهما صحيح، فالأول مضارع من الثلاثي "أوى" والثاني مضارع من الرباعي "آوى"، وكلاهما يستعمل لازماً ومتعدياً، أي: لا يضم إلى بيته الأموال الضالة بقصد التملك والانتفاع بها، لا بقصد التعريف والرد إلى صاحبها. وقال النووي في "شرح مسلم": هذا دليل للمذهب المختار أنه يلزمه تعريفُ اللقطة مطلقاً سواء أراد تملكها أو حفظها على صاحبها، ويجوز أن يكون المراد بالضالة هنا ضالة الإبل ونحوها مما لا يجوز التقاطها للتملك، بل إنما تلتقط للحفظ على صاحبها، فيكون معناه: من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها أبداً ولا يتملكها، والمراد بالضال هنا: المفارق للصواب. بوازيج الأنبار فتحها جرير بن عبد الله، وبها قوم من مواليه، وليست بوازيج الملك التي بين تكريت وإربل من هامش "مختصر المنذري"، وفي "عون المعبود": بلد قريب إلى دجلة.

كتاب المناسك

كتاب المناسك 1 - باب فرض الحج 1721 - حدَّثنا زهيرُ بنُ حرب وعثمانُ بنُ أبي شيبةَ - المعنى - قالا: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، عن سفيانَ بن حُسين، عن الزهري، عن أبي سِنان عن ابن عباس، أن الأقرعَ بنَ حابسٍ سأل النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: يارسول الله، الحجُّ في كُل سنةٍ أو مرة واحدة؟ قال: "بَلْ مرةٌ واحدةٌ، فمن زاد فهو تطوُّع " (¬1). قال أبو داود: هو أبو سنان الدُؤلي، كذا قال عبدُ الجليل بن حميد، وسليمان بن كثير جميعاً عن الزهري، وقال عُقَيل: سنان. 1722 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ محمد، عن زيد بن أسلم، عن ابنٍ لأبي واقد الليثي ¬

_ (¬1) حديث صحيح، سفيان بن حسين - وإن كان في روايته عن الزهري شيء - قد توبع. الزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وأبو سنان: هو يزيد بن أمية الدؤلي. وأخرجه ابن ماجه (2886) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3586) من طريق عبد الجليل بن حميد، عن ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (3303). وله شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم (1337) ولفظه: خطبنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "أيها الناسُ قد فرض الله عليكم الحجَ فحجوا"، فقال رجل: أكل عام يارسولَ الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثاً، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لو قلتُ: نعم لوجبت ولما استطعتم".

عن أبيه، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول لأزواجه في حَجَّة الوداع: "هذه ثُمَّ ظُهُورَ الحُصُر" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن في المتابعات والشواهد، وابن أبي واقد الليثي - واسمُه واقد - مختلف في صحبته، وقد تفرد بالرواية عنه زيد بن أسلم العَدَوي. النُّفيليُّ: هو عبد الله ابن محمد، وعبد العزيز بن محمد: هو ابن عُبيد الدَّراوَردي. وأخرجه أحمد في"مسنده" (21905) و (21910)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (903)، وأبو يعلى (1444)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5604)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 173، والطبراني في "المعجم الكبير" (3318)، والبيهقي في "سننه" 4/ 327 و5/ 228، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 3/ 326 و 7/ 110، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 56/ 135، والمزي في ترجمة واقد بن أبي واقد الليثي من "تهذيبه" 415/ 3 من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدَراوَردي، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (8812) عن معمر، عن زيد بن أسلم. مرسلاً. وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد في"مسنده" (9765). وآخر من حديث عبد الله بن عمر عند ابن حبان في"صحيحه" (3706). وثالث من حديث أم سلمة عند أبي يعلى في"مسنده" (6885)، والطبراني في "المعجم الكبير" 23/ (706). وقوله: ثم ظهور الحصر، قال السندي: قوله: هذه، أي: حجتكن هذه، ثم ظهور الحصر بضمتين وتسكين الصاد تخفيفاً جمع حصير يبسط في البيوت، أي: ثم لزوم البيت، ولعل المراد به تطييب أنفسهن بترك الحج بعد وإن لم يتيسر، أو جواز الترك لهن، لا النهي عن الحج، فقد ثبت حجهن بعده - صلَّى الله عليه وسلم -، وأذن لهن في الحج عمر ابن الخطاب في آخر حجة حجها كما في"صحيح البخاري" (1860). وقال البيهقي 4/ 327: في حج عائشة رضي الله عنها وغيرها من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - دلالة على أن المراد من هذا الخبر وجوب الحج عليهن مرة واحدة، كما بين وجوبه على الرجال مرة لا المنع من الزيادة. وانظر لزاماً "شرح مشكل الآثار" 14/ 256 - 264.

2 - باب في المرأة تحج بغير محرم

2 - باب في المرأة تحج بغير مَحرم 1723 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد الثقفي، حدَّثنا اللَيثُ بنُ سعد، عن سعيدِ بن أبي سعيد، عن أبيه أن أبا هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يحِلُّ لامْرَأةٍ مُسلِمةٍ تُسافِرُ مسيرةَ ليلةٍ إلا ومعها رَجُلٌ ذُو حُرْمَةٍ منها" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو سعيد: هو كيسان المقبري. وأخرجه أحمد في "مسنده" (8489) و (10401)، ومسلم (1339)، وابن حبان (2728) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1088) عن آدم بن أبي إياس، وأحمد في"مسنده" (7414)، ومسلم (1339) من طريق يحيي بن سعيد القطان، وأحمد (9741) عن وكيع بن الجراح، وابن حبان (2726) من طريق عثمان بن عمر العبدي، أربعتهم عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، به. لكن قال آدم في روايته: "مسيرة يومِ وليلةٍ" كلفظ مالك الآتي عند المصنف بعده. وقال يحيي بن سعيد: "مسيرة يومٍ"، وقال وكيع: "مسيرة يومٍ تامٍ "، وقال عثمان بن عمر: "يوماً واحداً". وأخرجه ابن ماجه (2899) من طريق شَبَابة بن سوَّار، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. دون ذكر أبي سعيد المقبري ولفظه: "مسيرة يومٍ واحدٍ"، وسيأتي كلام ابن عبد البر في الحديث الآتي بعده في شأن ذكر أبي سعيد المقبري في هذا الإسناد. وأخرجه أحمد (9448) من طريق يحيي بن أبي كثير، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، وقال فيه: "يوماً فما فوقه". وأخرجه مسلم (1339) (422)، وابن حبان في "صحيحه" (2721) من طريق بشر بن مفضل، وأحمد في "مسنده" (8564) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، وقال فيه: "مسيرة ثلاثة أيام". وقوله: "مسيرة ليلةِ" قال ابن عبد البر في "التمهيد"21/ 55: قد اضطربت الآثار المرفوعة في هذا الباب - كما ترى - في ألفاظها، ومحملها عندي - والله أعلم - أنها =

1724 - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمةَ والنُّفيليُّ، عن مالكٍ (ح) وحدثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا بِشرُ بنُ عمر، حدثني مالكٌ، عن سعيد ابن أبي سعيد - قال الحسن في حديثه: عن أبيه، ثم اتَّفقوا -: عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحِل لامرأةٍ تُؤمنُ بالله واليومِ الآخِرِ أن تُسافِرَ يَوْماً وليلةً" فذكر معناه (¬1). ¬

_ = خرجت على أجوبة السائلين، فحدّث كل واحد بمعنى ما سمع، كأنه قيل له - صلَّى الله عليه وسلم - في وقت ما: هل تسافر المرأة مسيرة يوم بلا محرم؟ فقال: لا، وقيل له في وقت آخر: هل تسافر المرأة مسيرة يومين بلا محرم؟ فقال: لا، وقال له آخر: هل تسافر المرأة مسيرة ثلاثة أيام بغير محرم؟ فقال: لا، وكذلك معنى الليلة، والبريد، ونحو ذلك، فأدَّى كل واحد ما سمع على المعنى، والله أعلم. ويجمع معاني الآثار في هذا الباب - وإن اختلف ظواهرها - الحظر على المرأة أن تسافر سفراً يخاف عليها الفتنة بغير محرم، قصيراً كان أو طويلاً، والله أعلم. وانظر تالييه. (¬1) إسناده صحيح. وهذا الاختلاف فيه عن مالك لا يضر بصحة الحديث. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 50: رواه جماعة الرواة للموطأ عن مالك، عن سعيد ابن أبي سعيد المقبري، عن أي هريرة، ورواه بشر بن عمر عن مالك، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، وكان سعيد بن أبي سعيد - فيما يقولون - قد سمع من أبي هريرة، وسمع من أبيه عن أبي هريرة، كذا قال ابن معين وغيره، فجعلها كلها أحيانا عن أبي هريرة. قلنا: وذكر الدارقطني في "العلل" 3/ ورقة 184 أن اثنين آخرين غير بشر بن عمر روياه عن مالك، فقالا فيه: "عن أبيه"، وهما عبد الله بن نافع الصائغ، وإسحاق الفَرويُّ. وقال ابن حبان في"صحيحه" 438/ 6: سمع هذا الخبرَ سعيد المقبري عن أبي هريرة، وسمعه من أبيه عن أبي هريرة، فالطريقان جميعاً محفوظان. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد النُّفيليُّ القضاعي. =

قال النفيليُّ: حدَّثنا مالك. قال أبو داود: ولم يَذكر النُّفيلي والقعنبي: عن أبيه. قال أبو داود: رواه ابن وهب وعثمان بن عمر، عن مالك كما قال القعنبيُّ (¬1). ¬

_ = وهو في "موطأ مالك" برواية يحيى الليثي 2/ 979، وبرواية أبي مصعب الزهري (2061) عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة. كرواية عبد الله بن مسلمة والنفيلي. وأخرجه أحمد في "مسنده" (7222) عن عبد الرحمن بن مهدي، وابن حبان في "صحيحه" (2725) من طريق أحمد بن أبي بكر، كلاهما عن مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وأخرجه مسلم (1339) (421) من طريق يحيى بن يحيى، والترمذي (1204) من طريق بشر بن عمر، كلاهما عن مالك، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. وانظر ما قبله. قال النووي: وأجمعت الأمة على أن المرأة يلزمها حجة الإسلام إذا استطاعت لعموم قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97]، وقوله - صلَّى الله عليه وسلم - "بني الإسلام على خمس ... " واستطاعتها كاستطاعة الرجل، لكن اختلفوا في اشتراط المحرم، فأبو حنيفة يشترطه لوجوب الحج عليها إلا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاثة مراحل، ووافقه جماعة من أصحاب الحديث وأصحاب الرأي، وحكي ذلك عن الحسن البصري والنخعي. وقال عطاء وسعيد بن جبير ومالك والأوزاعي والشافعي في المشهور عنه: لا يشترط المَحرَمُ، بل يشترط الأمن على نفسها، قال أصحابنا: يحصل الأمن بزوج أو محرم أو نسوة ثقات، ولا يلزمها الحج عندنا إلا بأحد هذه الأشياء، فلو وجدت امرأة واحدة ثقة لم يلزمها، لكن يجوز الحج معها، هذا هو الصحيح. وقال بعض أصحابنا: يلزمها بوجود نسوة أو امرأة واحدة، وقد يكثر الأمن ولا تحتاج إلى أحد، بل تسير وحدها في جملة القافلة وتكون آمنة. (¬1) قوله: قال النُّفيليُّ ... إلى قوله: كما قال القعنبي، زيادة من رواية ابن داسه =

1725 - حدَّثنا يوسفُ بنُ موسى، عن جرير، عن سُهيلِ، عن سعيدِ بن أبي سعيد عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فذكر نحوه، إلا أنه قال: "بَريداً" (¬1). 1726 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شَيبةَ وهناد، أن أبا معاوية ووكيعاً حدَّثاهم، عن الأعمش، عن أبي صالح ¬

_ = وابن الأعرابي كما أشار اليه الحافظ في هامش نسخته التي رمزنا لها بـ (أ). وهي عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه. (¬1) رجاله ثقات، لكلن لفظ "البريد" شاذ في هذه الرواية فقد رواه مسلم في "صحيحه" (1339) من طريق بشر بن المفَضل، حدَّثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، رفعه: "لا تحل لامرأة أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم منها". وأشار الحافظ في "الفتح" 2/ 569 الى أن هذه الرواية هي المحفوظة. قلت: وقد فاتنا أن ننبه على شذوذ لفظة "البريد" في صحيح ابن حبان (1727) فليستدرك من هنا. وقد رواه سهيل - وهو ابن أبي صالح السمان - عن أبيه، عن أبي هريرة. كما سلف تخريجه عند الحديث (1723)، لكنه قال في روايته تلك: "ثلاثة أيام". وقد رواه سهيل - وهو ابن أبي صالح السمان - عن أبيه، عن أبي هريرة. كما سلف تخريجه عند الحديث (1723)، لكنه قال في روايته تلك: "ثلاثة أيام". وأخرجه ابن خزيمة (2526)، والحاكم في"المستدرك " 1/ 442 من طريق جرير، بهذا الإسناد. واخرجه ابن خزيمة (2526) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 112 من طريق عبد العزيز بن المختار، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 112، وابن حبان (2727)، والبيهقي في "سننه" 3/ 139 من طريق حماد بن سلمة، ثلاثتهم عن سهيل بن أبي صالح، به. قال ابن خزيمة: البريد اثنا عشر ميلاً بالهاشمي.

عن أبي سعيد، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلُّ لامرأةِ تُؤْمِنُ بالته واليوم الآخِرِ، أن تُسافِرَ سَفراً فَوقَ ثلاثةِ أيّامِ فصَاعِداً إلا ومَعَها اْبوها، أو أخوها، أو زوجُها، أو ابنها، أو ذو مَحرمٍ منها" (¬1). 1727 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا يحيى بنُ سعيد، عن عُبيد الله، حدثني نافع عن ابن عمر، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا تُسافِرُ المرأةُ ثلاثاً إلا ومَعَها ذُو مَحْرَمٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هنّاد: هو ابن السري، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم، ووكيع: هو ابن الجراح، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان الزيات. وأخرجه مسلم (1340)، والتر مذي (1203) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1340)، وابن ماجه (2898) من طريق وكيع، به. وأخرجه البخاري (1197) و (1864) و (1996)، ومسلم بإثر الحديث (1338) من طريق قَزَعَة بن يحيي، عن أبي سعيد بلفظ: "لا تسافر المرأة مسيرة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم". وبعض روايات مسلم كرواية المصنف. وهو في "مسند أحمد" (11515)، و"صحيح ابن حبان" (2719). (¬2) إسناده صحيح. يحيي بن سعيد: هو القطان، وعبيد الله: هو ابن عمر بن حفص العدوي، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه البخاري (1087)، ومسلم (1338) (413) من طرق عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1086)، ومسلم (1338) (413) من طريقين عن عبيد الله، به. وأخرجه مسلم (1338) (414) من طريق الضحاك بن عثمان، عن نافع، به. وقال في روايته: "مسيرة ثلاث ليالٍ". وهو في "مسند أحمد" (4615)، و "صحيح ابن حبان" (2729).

3 - باب لا صرورة في الإسلام

1728 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، حدَّثنا أبو أحمد، حدَّثنا سفيانُ، عن عُبيد الله، عن نافع أن ابن عمر كان يُردِفُ مولاةً له، يقال لها: صفيةٌ، تُسافِرُ مَعَه إلى مكةَ (¬1). 3 - باب لا صرورة في الإسلام 1729 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو خالد - يعني سليمانَ بن حيَّان الأحمر - عن ابن جُريج، عن عُمَر بن عطاءٍ، عن عِكرمة عن ابن عباسِ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا صَرُورَةَ في الإسلام " (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو أحمد: هو محمد بن عبد الله الزبيري، وسفيان: هو الثوري، وعبيد الله: هو ابن عمر بن حفص العدوي، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه البيهقي 5/ 226 من طريق سفيان الثوري، و5/ 226 من طريق عقبة بن خالد، كلاهما عن عبيد الله، بهذا الإسناد. وقوله: يُردف، أي: يركبها خلفه على راحلته والمولاة: الأمة المملوكة. (¬2) إسناده ضعيف، عمر بن عطاء: هو ابن وَرَّاز، ويقال: ورازة، قال أبو طالب عن أحمد: كل شئ روى ابنُ جريج عن عمر بن عطاء عن عكرمة، فهو ابن وراز، وكل شئ روى ابن جريج عن عمر بن عطاء، عن ابن عباس، فهو ابن أبي الخُوار كان كبيراً، قيل له: أيروي ابن أبي الخوار عن عكرمة؟ قال: لا. وكذا جاء نحو هذا عن يحيى بن معين، قال عمر بن عطاء الذي يروي عنه ابن جريج يحدث عن عكرمة ليس هو بشيء، وهو ابن وَرَّاز، وهم يضعفونه، كل شيء عن عكرمة، فهو ابن ورَّاز. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/ 1682، والحاكم في"المستدرك" 1/ 448 من طريق أبي خالد الأحمر، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1282)، والطبراني في "المعجم الكبير" (11595)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (842) من طريق عيسى بن يونس، والحاكم 159/ 2 - 160، والبيهقي في "سننه" 5/ 164 من طريق محمد بن بكر البرساني، ثلاثتهم عن ابن جريج، بهذا الإسناد. =

4 - باب التزود والتجارة في الحج

4 - باب التزوُّد والتجارة في الحج 1730 - حدَّثنا أحمدُ بنُ الفرات - يعني أبا مسعودٍ الرازي ومحمدُ بنُ عبد الله المُخرِّميُّ - وهذا لفظُه - قالا: حدَّثنا شَبابةُ، عن ورقاء، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة عن ابن عباس قال: كانوا يحُجُّون ولا يَتَزَودونَ - قال ابو مسعود: كان أهلُ اليَمن، أو ناس مِنْ أهلِ اليمن يَحُجُّونَ ولا يَتَزوَّدونَ - ¬

_ = وأخرجه الدارقطني (2758)، والبيهقي 5/ 164 - 165 من طريق عمر بن قيس المكي، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس. وعمر بن قيس المكي متروك الحديث. وخالفه سفيان بن عيينة الثقة عند الطحاوي (1283) و (1284)، والقضاعي (843)، والبيهقي 5/ 165، فرواه عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مرسلاً. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1297)، والدارقطني (2757)، والبيهقي 5/ 165 من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس. وشك في رفعه فقال: أُراه رفعه. قال الطبراني: لم يرفعه عن سفيان إلا معاوية. وقال ابن عدي في ترجمة معاوية بن هشام من "الكامل" 6/ 2403: قد أغرب عن الثوري بأشياء. وفي الباب عن عبد الله بن مسعود موقوفاً عند الطبراني في "الكبير" (8932)، والبيهقي 5/ 165 من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن جده. ولم يسمع منه. قال الخطابي: الصرورة تفسر تفسيرين، أحدهما: أن الصرورة هو الرجل الذي انقطع عن النكاح وتبتل. والوجه الآخر: أن الصرورة: هو الرجل الذي لم يحج، فمعناه على هذا أن سنة الدين أن لا يبقى أحد من الناس يستطيع الحج فلا يحج حتى لا يكون صرورة في الإسلام. وقد يستدل به من يزعم أن الصرورة لا يجوز له إن يحج عن غيره، وتقدير الكلام عنده أن الصرورة إذا شرع في الحج عن غيره صار الحج عنه، وانقلب عن فرضه ليحصل معنى النفي، فلا يكون صرورة، وهذا مذهب الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق.

ويقولون: نَحنُ المُتوكلُون، فأنزَلَ الله سُبحانه: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] (¬1). 1731 - حدَّثنا يوسفُ بنُ موسى، حدَّثنا جرير، عن يزيدَ بن أبي زيادٍ، عن مجاهدٍ عن عبد الله بن عباس، قال: قرأ هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198]، قال: كانوا لا يتَجِرُون بمنًى فأمروا بالتجارَةِ إذا أفاضُوا مِنْ عَرَفات (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. شبابة: هو ابن سوار الفزاري، ووَرقَاء: هو ابن عمر اليشكري، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه البخاري (1523) من طريق يحيى بن بشر، عن شبابة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8739) و (10966) من طريق سفيان عن عمرو ابن دينار، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (2691). وعلقه البخاري بإثر الرواية السالفة عن ابن عيينة عن عمرو، عن عكرمة مرسلاً لم يذكر فيه ابن عباس. قال الحافظ: وهكذا أخرجه سعيد بن منصور عن ابن عيينة مرسلاً. تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في هامش (أ) ما نصه: قال ابن الأعرابي: حدثني الدقيقي، حدَّثنا يزيد بن هارون، حدَّثنا ورقاء، به. قال الحافظ: قال المهلب: في هذا الحديث من الفقه أن ترك السؤال من التقوى، ويؤيده أن الله مدح من لم يسأل الناس إلحافاً، فإن قوله: {فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة: 197] أي: تزودوا واتقوا أذى الناس بسؤالكم إياهم والإثم في ذلك. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي مولاهم الكوفي -. وقد خالفه من هو أوثق منه في هذا الإسناد، فلم يجاوزوا فيه مجاهداً. وقد روي الحديث من وجه آخر صحيح كما سيأتي عند المصنف برقم (1734). =

5 - باب

5 - باب 1732 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو معاويةَ محمدُ بنُ خازم، عن الأعمش، عن الحسن بن عمرو، عن مِهران أبي صفوان عن ابن عباسِ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ أرادَ الحَجَّ فلْيَتَعجَّلْ" (¬1). 6 - باب الكَريّ (¬2) 1733 - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا عبدُ الواحد بنُ زياد، حدَّثنا العلاءُ بن المسيِّب ¬

_ = وأخرجه سعيد بن منصور في قسم التفسير من "سننه" (351) من طريق خالد بن عبد الله، والطبري في "تفسيره" 283/ 2 من طريق هُشيم بن بشير،؛ و 2/ 284 من طريق سفيان الثوري، ثلاثتهم عن يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبري 2/ 284 من طريق عطية بن سعد العوفي، عن ابن عباس، به. وإسناده ضعيف. وأخرجه الطبري 2/ 282 و 284 من طريق عمر بن ذرٍّ، و 2/ 283 من طريق الليث ابن أبي سليم، و 2/ 283 من طريق ابن أبي نجيح، ثلاثتهم عن مجاهد، مرسلاً. وانظر ما سيأتي برقم (1734) و (1735). (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف، مِهران أبو صفوان لم يرو عنه غير الحسن بن عمرو الفقيمي، وذكره ابن حبان، في "الثقات"، وقال أبو زرعة: لا أعرفه إلا في هذا الحديث، وقال في "التقريب": مجهول، وقد تابعه سعيد بن جبير عند ابن ماجه كما سيأتي. وهو في "مسند أحمد" (1973). وأخرجه ابن ماجه (2883) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن الفضل أو أحدهما عن الآخر. وزاد: "فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة". وفي إسناده إسماعيل بن خليفة أبو إسرائيل، وحديثه يقبل في المتابعات والشواهد. وهو في "مسند أحمد" (1833) و (1973) و (1974). (¬2) قال في "النهاية": الكري بوزن الصبي: الذي يكري دابته، فعيل بمعنى مُفعِل، يقال: أَكرى دابته، فهو مُكرٍ وكَرِيٌّ.

حدَّثنا أبو أمامة التَّيميُّ، قال: كُنتُ رجلاً أُكْرِي في هذا الوَجْه، وكان ناس يقولون: إنَه لَيسَ لك حجٌّ، فلقيتُ ابنَ عمر، فقلت: يا أبا عبد الرحمن إنِّي رَجُلٌ أُكرِي في هذا الوجه، وإن ناساً يقولون: إنه لَيسَ لك حَجٌّ، فقال ابنُ عُمَرَ: أليس تُحرِمُ وتُلبي، وتَطُوفُ بالبَيتِ، وتُفِيضُ مِنْ عَرَفاتِ، وتَرْمي الجِمار؟ قال: قلت: بلى، قال: فإنَّ لك حجّاً، جاء رَجُل إلى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فسأله عَنْ مِثْلِ ما سألتني عنه، فسَكَت عنه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فلم يُجبْهُ، حتى نزلتْ هذه الآية: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] فأرسَلَ إليه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وقرأ عليه هذه الآية، وقال: "لَكَ حَجٌّ" (¬1). 1734 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدَّثنا حمّاد بنُ مَسعدةَ، حدَثنا ابن أبي ذِئب، عن عطاء بن أبي رباح، عن عُبيد بنِ عُمير ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو أمامة التيمي: وقيل: أبو أميمة. وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة: لا بأس به. وأخرجه الدارقطني في "سننه" (2751)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 449، والبيهقي 4/ 333 و 6/ 121 من طريق عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه أحمد في"مسنده" (6435)، والطبري في "تفسيره" 2/ 285، والدارقطني في "سننه" (2753) و (2755) من طريق سفيان الثوري، والدارقطني (2752) من طريق مروان بن معاوية، كلاهما عن العلاء بن المسيب، به. وأخرجه بنحوه أيضاً أحمد في "مسنده" (6434)، والطبري في "تفسيره" 2/ 282، والدارقطني في "سننه" (2756) من طريق الحسن بن عمرو الفقيمي، والطبري في "تفسيره" 2/ 283 من طريق شعبة، كلاهما عن أبي أمامة، به. وقوله: أُكرِي: مِن أَكرَى يكرِي إِكراء، بمعنى: آجرته فاستأجر، وهو مؤاجرة الإبل ونحوها للحج.

عن ابن عباس: أن الناسَ في أوَّل الحج كانوا يتبايعونَ بمنًى وعَرَفَة، وسوق ذي المجاز ومواسمِ الحجِّ، فخافوا البيع وهم حُرُمٌ، فأنزل الله سبحانه: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] "في مواسم الحج". قال: فحدَّثني عُبيد بن عُمَيرٍ أنه كان يقرؤها في المصحف (¬1). 1735 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ أبي فُديك، أخبرني ابنُ أبي ذئبٍ، عن عُبَيدِ بنِ عُمير - قال أحمدُ بنُ صالحِ كلاماً معناه: أنه مولى ابنِ عباس - عن عبد الله بن عباس: أن الناسَ في أوَّل ما كانَ الحَجُّ كانوا يبيعونَ، فذَكَرَ معناه، إلى قوله: "مواسم الحجِّ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف. عبيد بن عمير: هو مولى ابن عباس فيما قاله أحمد بن صالح المصري الحافظ، وأيده المزي في ترجمة عبيد بن عمير مولى ابن عباس من "تهذيب الكمال" 19/ 226 - 227، لأن ابن أبي ذئب - وهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة العامري - يقول في آخر الحديث: "فحدثني عبيد بن عمير"، ولم يدرك ابن أبي ذئب عبيدَ بن عمير الليثي الثقة. وعبيد بن عمير مولى ابن عباس مجهول، لكن روي الحديث من وجه آخر صحيح كما سيأتي. فقد أخرجه البخاري (1770) و (2050) و (2098) و (4519) من طريق عمرو ابن دينار، عن ابن عباس. بلفظ: "كان ذو المَجَازِ وعُكاظ متجر الناس في الجاهليه فلما جاء الإسلامُ كأنهم كرِهُوا ذلك حتى نزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} "في مواسم الحج". وهو في "صحيح ابن حبان" (3894). والذي كان يقرؤه عُبيد بن عُمير هو قوله: "في مواسم الحج" بزيادتها في الآية. والظاهر أنها قراءة ابن عباس، كما تشير إليها رواية البخاري. وانظر ما سلف برقم (1731)، وما سيأتي بعده. (¬2) حديث صحيح كسابقه. ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم الدِّيلِي مولاهم. وانظر ما قبه.

7 - باب في الصبي يحج

7 - باب في الصبي يحج 1736 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا سفيانُ بنُ عيينة، عن إبراهيمَ بن عُقبة، عن كُريبٍ عن ابن عباس، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالرَّوْحاء فلَقِيَ رَكباً، فسلَّم عليهم، فقال: "مَن القوم؟ " فقالوا: المسلمون، فقالوا: فَمَنْ أنتم؟ قالوا: رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ففَزِعَتِ امرأةٌ، فأخَذَتْ بعَضُدِ صَبِيٍّ فأخْرَجَتْهُ مِن مِحفَّتها، قالت: يا رسولَ الله، هل لهذا حَجٌّ؟ قال: "نَعَمْ، ولَكَ أجْرٌ" (¬1). 8 - باب في المواقيت 1737 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك (ح) وحدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا مالكٌ، عن نافعِ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1336)، والنسائي في "الكبرى" (3614) من طرق عن سفيان ابن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1336)، والنسائي (3613) من طريق سفيان الثوري، والنسائي (2649) من طريق مالك بن أنس، كلاهما عن إبراهيم بن عقبة، به. وأخرجه مسلم (1336)، والنسائي (3611) و (3612) من طريق سفيان الثوري، عن محمد بن عقبة، عن كريب، به. وهو في "مسند أحمد" (1898)، و"صحيح ابن حبان" (144). قوله: من مِحفَّتها، قال في "القاموس": بالكسر، مركب للنساء كالهودج الا أنها لا تُقبَّب.

عن ابن عمر، قال: وقَّتَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لأهْلِ المَدينةِ ذا الحُليْفَة، ولأهل الشَّام الجُحفَةَ، ولأهْلِ نَجْدٍ قَرْن، وبلغني أنه وقَّت لأهل اليمن يَلَمْلَم (¬1). 1738 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، حدَّثنا حمادٌ، عن عمرو بن دينار، عن طاووس عن ابن عباس، وعن ابن طاووس عن أبيه، قالا: وقَّتَ رسولُ - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه، قال أحدهما: ولأهْلِ اليَمَنِ يَلَملم، وقال أحدهما: ألَمْلَم، قال: "فهُنَّ لَهُمْ ولِمَنْ أتى عليهِنَّ مِن غيرِ أهلِهِن ممن كان ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأحمد بن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي اليربُوعي. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 330، ومن طريقه أخرجه البخاري (1525)، ومسلم (1182)، وابن ماجه (2914)، والنسائى في "الكبرى" (3617). وأخرجه البخاري (133)، والنسائي (3618) من طريق الليث بن سعد، والترمذي (846) من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن نافع مولى ابن عمر، به. وأخرجه البخاري (1522) من طريق زيد بن جبير، و (7344)، ومسلم (1182) من طريق عبد الله بن دينار، والبخاري (1527) و (1528)، ومسلم (1182)، والنسائي (3621) من طريق سالم بن عبد الله، ثلاثتهم عن عبد الله بن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (4455) و (5087)، و"صحيح ابن حبان" (3761). وانظر ما بعده. الحليفة: قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة، والجحفة: كانت قرية كبيرة على طريق المدينة من مكة واسمها مهيعة، وإنما سميت الجحفة، لأن السيل اجتحفها، وحمل أهلها في بعض الأعوام، وقرنٌ قال القاضي عياض: ميقات أهل نجد تلقاء مكة على يوم وليلة، وقال الأصمعي: جبل مطل بعرفات، ويلملم: موضع على ليلتين من مكة.

يريدُ الحجَّ والعُمرة، ومن كان دونَ ذلك" قال ابنُ طاووس: مِن حَيثُ أنشأ، قال: وكذلك حتى أهلُ مَكَّةَ يُهِلُّون منها (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح من جهة عمرو بن دينار، مرسل من جهة ابن طاووس - واسمه عبد الله -. حماد: هو ابن زيد الأزدي، وطاووس: هو ابن كيسان اليماني الجندي. ومُحصَّل الإسنادين أن لحماد بن زيد فيه شيخين، وهما عمرو بن دينار وعبد الله بن طاووس. إلا أن عَمراً وصله، وأرسله ابن طاووس، لكن قال الحافظ المزي في "التحفة" (5738): رواه غير واحد عن ابن طاووس عن أبيه، عن ابن عباس. قلنا: يعني أنه صح وصله من جهة عبد الله بن طاووس أيضاً، لكن من غير طريق سليمان بن حرب. وأخرجه البخاري (1526) و (1529)، ومسلم (1181)، والنسائي في "الكبرى" (3624) من طريق حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار وحده، به. وأخرجه البخاري (1524) و (1530) و (1845)، ومسلم (1181)، والنسائي (3620) من طريق وهيب بن خالد، والنسائي (3623) من طريق معمر بن راشد، كلاهما عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس. وأخرجه النسائي (3620) من طريق يحيي بن حسان، عن حماد بن زيد، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس، به. وهو في "مسند أحمد" (2128). وانظر ما قبله. قال الخطابي: معنى التحديد في هذه المواقيت: أن لا تتعدى ولا تتجاوز إلا باستصحاب الإحرام، وقد أجمعوا أنه لو أحرم دونها حتى يوافي الميقات محرماً أجزأه، وليس هذا كتحديد مواقيت الصلاة، فإنها إنما ضربت حداً لئلا تقدم الصلاة عليها. وفي الحديث بيان أن المدني إذا جاء من الشام على طريق الجحفة، فإنه يحرم من الجحفة ويصير كأنه شامي، وإذا أتى اليماني على ذي الحليفة أحرم منه، وصار كأنه إنما جاء من المدينة. وفيه أن من كان منزله وراء هذه المواقيت مما يلي مكة، فإنه يحرم من منزله الذي هو وطنه، وفيه أن ميقات أهل مكة في الحج خاصة مكة، أما إذا أراد العمرة، فإنه يخرج إلى أدنى الحل، فيحرم منه ألا ترى أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أمر عبد الرحمن ابن أبي بكر أن يخرج بعائشة فيعمرها من التنعيم.

1739 - حدَّثنا هشامُ بنُ بَهرام المدائنيُّ، حدَّثنا المُعافى بنُ عِمران، عن أفلح - يعني ابنَ حُميد - عن القاسم بنِ محمد عن عائشة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وقتَ لأهلِ العِراقِ ذاتَ عِرْقٍ (¬1). 1740 - حدَّثنا أحمد بن محمد بن حنبل، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن يزيدَ بن أبي زياد، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن ابن عباسٍ، قال: وقَّتَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لأهلِ المَشْرِقِ العَقِيقَ (¬2). ¬

_ = وفي قوله: "ممن كان يرد الحج والعُمرة" بيان أن الإحرام من هذه المواقيت إنما يجب على من كان عند مروره بها قاصداً حجاً أو عمرة دون من لم يرد شيئاً منهما، فلو أن مدنياً مر بذي الحليفة وهو لا يريد حجاً ولا عمرة، فسار حتى قرب من الحرم، فأراد الحج أو العمرة، فإنه يُحرم من حيث حضرته النية، ولا يجب عليه دم كما يجب على من خرج من بيته يريد الحج والعمرة، فطوى الميقات، وأحرم بعدما جاوزه وذهب الأوزاعي وأحمد وإسحاق إلى أن عليه دماً إن لم يرجع إلى الميقات، ودلالة الحديث توجب أن لا دم عليه. (¬1) رجاله ثقات. لكن الإمام أحمد كما في "الكامل" لابن عدي كان ينكر على أفلح بن حميد هذا الحديث. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3619) عن هشام بن بَهْرَام، بهذا الإسناد. وقد أخرج البخاري في صحيحه (1531) من حديث ابن عمر أن الذي حَدَد ذات عِرق إنما هو أمير المؤمنين عمر. قال الحافظ في "الفتح" 3/ 389: وظاهره أن عمر حدَّ لهم ذات عرق باجتهاد منه، وانظر تمام كلامه فيه. وانظر أيضاً تعليقنا على الحديث (5492) في "مسند أحمد". (¬2) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد الهاشمي، وذكر البيهقي في "معرفة السنن والآثار" 3/ 533 أنه تفرد به، وقال ابن القطان فيما نقله عنه الزيلعي في "نصب =

1741 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيك، عن عبد الله بن عبدِ الرحمن بن يُحنَّس، عن يحيي بن أبي سفيان الأخنسي، عن جدته حُكيمة عن أمِّ سلمةَ زوجِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أنها سَمِعَتْ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ أَهَل بحَجَّةٍ أو عُمرَةٍ مِنَ المَسجدِ الأقصى إلى المسجدِ الحَرام، غُفِرَ له ما تقدَمَ مِنْ ذَنْبِه وما تأخَّرَ - أَو وجَبَتْ لهُ الجَنة -" شكَّ عبدُ الله أيَّتَهما قال (¬1). ¬

_ = الراية" 3/ 14: هذا حديث أخاف أن يكون منقطعاً، فإن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس إنما عُهِدَ أن يروي عن أبيه، عن جده ابن عباس، كما جاء ذلك في "صحيح مسلم" في صلاته عليه السلام من الليل، وقال مسلم في كتاب "التمييز": لا نعلم له سماعاً من جده، ولا أنه لقيه، ولم يذكر البخاري ولا ابن أبي حاتم أنه يروي عن جده، وذكر أنه يروي عن أبيه. وأخرجه الترمذي (847) من طريق وكيع، به. وقال: حديث حسن! وهو في "مسند أحمد" (3205). والعقيق: قال في "النهاية": هو موضع قريب من ذات عرق، قبلها بمرحلة أو مرحلتين قال: وهو وادٍ من أودية المدينة، مَسيل للماء. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة حال حُكيمة - وتكنى أم حَكيم، وهي بنت أمية بن الأخنس - , ثم إنه قد اضُطرب في إسناده ومتنه اضطراباً شديداً، كما فصلناه في "مسند أحمد" عند الحديث (26558). وأخرجه ابن ماجه (3002) من طريق محمد بن إسحاق، عن يحيى بن أبي سفيان الأخنسيّ، به. ولفظه: "من أهل بعمرة من بيت المقدس كانت له كفارة لما قبلها من الذنوب". وأخرجه ابن ماجه أيضاً (3001) من طريق سليمان بن سُحَيم، عن أم حكيم، به. بلفظ: "من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر له". وهو في "مسند أحمد" (26558)، و"صحيح ابن حبان" (3701).

قال أبو داود: يرحمُ الله وكيعاً! أحرم مِنْ بَيْتِ المقدس، يعني إلى مكة (¬1). 1742 - حدَّثنا أبو مَعمرٍ عبدُ الله بنُ عمرو بن أبي الحَجاج، حدَّثنا عبدُ الوارث، حدَّثنا عتبةُ بن عبد الملك السهمي، حدثني زُرارةُ بن كَريمٍ (¬2) أن الحارثَ بنَ عمرو السَّهْميَّ حَدَّثه قال: أتيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو بمنى أو بعَرَفاتٍ، وقد أطافَ به الناسُ، قال: فتَجيءُ الأعراب فإذا رأَوا وَجْهَهُ قالوا: هذا وَجْهٌ مُبارَكٌ، قال: ووَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ لأهْلِ العِرَاقِ (¬3). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها في روايتي ابن الأعرابي وابن داسه. (¬2) ضُبط في "الكاشف" و"تقريب التهذيب" بضم الكاف، والصواب بفتحها، كما جزم به ابن ماكولا 7/ 166 وابن ناصر الدين في "توضيح المشتبه" 7/ 327، وابن حجر في "تبصير المنتبه" 3/ 1194، وغيرهم. (¬3) إسناده ضعيف. قال البيهقي: وفي إسناده من هو غير معروف، قلنا: يعني عتبة بن عبد الملك السهمي وزرارة بن كَرِيم، ذكرهما ابن حبان في "الثقات" ولا يؤثر توثيقهما عن أحد. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1148)، وفي "التاريخ الكبير" 3/ 438، والطبراني في "المعجم الكبير" (3351)، والدارقطني في "سننه" (2502)، والبيهقي 5/ 28 من طريق أبي معمر عبد الله بن عمرو، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1257) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن عتبة بن عبد الملك، به. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1065) من طريق أبي معمر عبد الله ابن عمرو، به. واقتصر على قوله: "أتيت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو بمنى وعرفات وقد أطاف به الناس".

9 - باب الحائض تهل بالحج

9 - باب الحائض تهلُّ بالحجِّ 1743 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا عَبدة، عن عُبيد الله، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة قالت: نُفِسَت أسماءُ بنت عُمَيْسٍ بمحمَّد بن أبي بكرٍ بالشَّجَرَةِ، فأمَرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أبا بكرٍ أن تَغْتَسِلَ وتُهِلَّ (¬1). 1744 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى وإسماعيلُ بن إبراهيم أبو معمر، قالا: حدَّثنا مروانُ بنُ شجاع، عن خُصَيفٍ، عن عِكْرمة ومجاهد وعطاء عن ابن عباس أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الحائِضُ والنُّفَساءُ إذا أتتا على الوقتِ تغتسِلانِ وتُحرِمَانِ وتَقْضِيانِ المَنَاسِكَ كُلَّها غَيرَ الطَوافِ بالبَيْتِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبيد الله: هو ابن عمر العدوي، والقاسم: هو ابن محمد التيمي. وأخرجه مسلم (1209)، وابن ماجه (2911) من طريق عبدة بن سليمان، بهذا الإسناد. قال الخطابي: فيه من العلم استحباب التشبه من أهل التقصير بأهل الفضل والكمال، والاقتداء بأفعالهم طمعاً في درك مراتبهم، ورجاء لمشاركتهم في نيل المثوبة، ومعلوم أن اغتسال الحاثض والنفساء قبل أوان الطهر لا يطهرهما ولا يخرجهما عن حكم الحدث، وإنما هو لفضيلة المكان والوقت. وقوله: بالشجرة، وفي رواية مسلم: بذي الحليفة، وفي رواية: بالبيداء، هذه المواضع الثلاثة متقاربة، فالشجرة بذي الحليفة، وأما البيداء، فهي في طرف ذي الحليفة. (¬2) صحيح لغيره، وهذا سند فيه ضعف، خصيف - وهو ابن عبد الرحمن الجزري - فيه ضعف من جهة حفظه. =

10 - باب الطيب عند الإحرام

قال أبو معمر في حديثه: "حتى تَطْهُرَ"، ولم يذكر ابنُ عيسى: عكرمةَ ومجاهداً، قال: عن عطاء عن ابن عباس، ولم يقل ابن عيسى: "كلها"، قال: "المناسك إلا الطوافَ بالبيت". 10 - باب الطيب عند الإحرام 1745 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، (ح) وحذَثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا مالكٌ، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة قالت: كنتُ أُطيبُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لإحرامِه قبل أن يُحْرِمَ، ولإحْلالِه قَبْلَ أن يَطُوفَ بالبيت (¬1). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (966) من طريق زياد بن أيوب، عن مروان بن شجاع، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه. وهو في "مسند أحمد" (3435). وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله سيأتي برقم (1905). وآخر من حديث عائشة سيأتي برقم (1782). (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأحمد بن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي، والقاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر التيمي. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 328، ومن طريقه أخرجه البخاري (1539)، ومسلم (1189)، والنسائي في "الكبرى" (3651). وأخرجه البخاري (1754) و (5922)، ومسلم (1191)، وابن ماجه (2926)، والترمذي (934)، والنسائى (3652) من طرق عن عبد الرحمن بن القاسم، به. وأخرجه البخاري (5930)، ومسلم (1189)، وابن ماجه (3042) من طرق عن القاسم بن محمد، به. وأخرجه البخاري (5928) و (5930)، ومسلم (1189)، والنسائي (3653) و (3654) و (3655) من طريق عروة بن الزبير، ومسلم (1189) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، والنسائي (2684) من طريق سالم بن عبد الله، ثلاثتهم عن عائشة، به. =

1746 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح البزاز، حدَّثنا إسماعيل بن زكريا، عن الحسن بن عُبيد الله، عن إبراهيمَ، عن الأسود عن عائشة، قالت: كأني أنظُرُ إلى وَبِيصِ الطيب (¬1) في مَفْرق رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو مُحرم (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (267) و (270)، ومسلم (1192)، والنسائي (3670) و (3671) من طريق محمد بن المنتشر، عن عائشة، به. بلفظ: "كنت أطيب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فيطوف على نسائه ثم يصبح محرماً ينضح طيباً". وهو في "مسند أحمد" (25525)، و"صحيح ابن حبان" (3766). وانظر ما بعده. (¬1) أشار الحافظ في هامش نسخته التي رمزنا لها بـ (أ) إلى أن رواية ابن داسه وابن الأعرابي: المسك، بدل: الطيب، مع أن الذي في (هـ) عندنا - وهي برواية ابن داسه -: الطيب! وفي (ج) وهي برواية اللؤلؤي: المسك! (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. إسماعيل بن زكريا الخلقاني صدوق لا بأس به، وقد توبع. إبراهيم: هو ابن يزيد بن قيس النخعي، والأسود: هو ابن يزيد ابن قيس النخعي خال إبراهيم. وأخرجه مسلم (1190)، والنسائي في "الكبرى" (3659) من طريقين عن الحسن بن عبيد الله، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (271) و (1538) و (5918)، ومسلم (1190)، والنسائي (3660 - 3665) و (3668) من طرق عن إبراهيم، به. ورواية مسلم (1190)، والنسائي (3665) بلفظ: "وهو يُهل"، ومسلم (1190) بلفظ: "وهو يلبي" بدلاً من: "وهو محرم "، ورواية النسائي (3668) دون ذكر الإحرام. وأخرجه البخاري (5923)، ومسلم (1190)، وابن ماجه (2928)، والنسائي (3666) و (3667) و (3669) من طريقين عن الأسود، به. ورواية البخاري (3669) دون ذكر الإحرام. وأخرجه مسلم (1190)، وابن ماجه (2927) من طريق مسروق بن الأجدع، عن عائشة، به. بلفظ: "وهو يلبي". وهو في "مسند أحمد" (24107)، و"صحيح ابن حبان" (1376). =

11 - باب التلبيد

11 - باب التَّلبيد 1747 - حدَّثنا سليمانُ بن داود المَهريُّ، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يونس، عن ابنِ شهاب، عن سالم - يعني ابن عبد الله - عن أبيه، قال: سمعتُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يُهِلُّ مُلبِّداً (¬1). ¬

_ = وانظر ما قبله. قال الخطابي: وبيص المسك: بريقه، يقال: وَبَصَ الشيءُ وبَصَّ أيضاً بصيصاً: إذا برق. وقال الحافظ في "الفتح" 3/ 398: واستدل به على استحباب التطيب عند الإحرام وأنه لا يضر بقاء لونه ورائحته، وإنما يحرم ابتداؤه في الإحرام وهو قول الجمهور، وعن مالك: يحرم، ولكن لا فدية، وفي رواية عنه: تجب، وقال محمد ابن الحسن: يكره أن يتطيب قبل الإحرام بما يبقى عينة بعده. وسيأتي عند المصنف (1830) عن عائشة قالت: كنا نخرج مع النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - إلى مكة فنضمدُ جباهنا بالسُّكِّ المُطَيَّب عند الإحرام، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فلا ينهانا. (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم ابن شهاب الزهري. وأخرجه البخاري (540)، ومسلم (1184)، وابن ماجه (3047)، والنسائي في "الكبرى" (3649) من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (5915) من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس، به. وأخرجه البخاري (5914) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (6021). وانظر ما بعده. قال الخطابي: تلبيد الشعر قد يكون بالصمغ وقد يكون بالعسل، وإنما يفعل ذلك بالشعر ليجتمع ويتلبد، فلا يتخلله الغبار، ولا يصيبه الشَّعَثُ، ولا يقع فيه الدبيب. وقال الحافظ في "الفتح" 3/ 400: أي: أحرم وقد لبد شعر رأسه، أي: جعل فيه شيئاً نحو الصمغ ليجتمع شعره لئلا يتشعث في الإحرام، أو يقع فيه القمل.

12 - باب في الهدي

1748 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عمر، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا محمد بنُ إسحاق، عن نافعٍ عن ابن عُمَرَ، أنَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - لَبّدَ رأسَه بالعَسَل (¬1). 12 - باب في الهدي 1749 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ سلمةَ، حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاق (ح) وحدَّثنا محمدُ بنُ منهالٍ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، عن ابن إسحاقَ - المعنى - قال: قال عبد الله - يعني ابن أبي نَجيح - حدثني مجاهد عن ابن عباس، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أهدى عامَ الحُديبيةِ في هَدَايا رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - جملاً كان لأبي جَهْلٍ في رأسه بُرَةُ فضَّةٍ - قال ابنُ منهالٍ: بُرةٌ مِن ذهب - زاد النُّفيليُّ: يَغِيظُ بذلك المشركين (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. محمد بن إسحاق لم يصرح بالسماع. ومع ذلك فقد جوّد إسناده الحافظ ابن كثير في "البداية والنهاية"! عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى القرشي، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه الحاكم 1/ 450، والبيهقي 5/ 36 من طريق عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد ولم يذكر الحاكم العسل. (¬2) حسن، وتصريح ابن إسحاق في رواية الإمام أحمد (2362) وغيره فيه وقفة كما بيناه في تعليقنا على "المسند"، لكن ابن إسحاق لم ينفرد به، بل توبع عليه، فالحديث حسن إن شاء الله. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد النُّفيليُّ القضاعي، ومجاهد: هو ابن جبر المخزومي. وأخرجه ابن ماجه (3100) من طريق مِقسَم مولى ابن عباس، عن ابن عباس، وفي الإسناد إليه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، يصلح حديثه للاعتبار. وهو في "مسند أحمد" (2079) و (2362). =

13 - باب في هدي البقر

13 - باب في هدي البقر 1750 - حدَّثنا ابن السَّرْح، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يونُس، عن ابنِ شهابٍ، عن عَمرة بنت عبد الرحمن عن عائشةَ زوجِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نحَرَ عن آلِ محمد في حَجَّةِ الوَدَاع بقرةً واحدةً (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: فيه من الفقه أن الذكران في الهدي جائزة، وقد روي عن ابن عمر أنه كان يكره ذلك في الإبل ويرى أن يُهدى الإناث منها. وفيه دليل على جواز استعمال اليسير من الفضة في لجم الراكب من الخيل وغيرها، والبرة: حلقة تجعل في أنف البعير، وتجمع على برين. وقوله: يغيظ بذلك المشركين: معناه أن هذا الجمل كان معروفاً بأبي جهل، فحازه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في سلبه، فكان يغيظهم أن يروه في يده، وصاحبه قتيل سليب. (¬1) إسناده صحيح، وقد أُعِلَّ بالانقطاع، وليس بشئ فقد انتهينا إلى تصحيحه في "المسند"، و"سنن ابن ماجه". ابن السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله الأموي، وابن وهب: هو عبد الله القرشي، ويونس: هو اين يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه ابن ماجه (3135) من طريق أحمد بن عمرو بن السرح، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4112) و (4116) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه البخاري (294) و (5448) و (5559)، ومسلم (1211)، وابن ماجه (2963)، والنسائي في "المجتبى" (290) من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة، به. بلفظ: "ضحى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن أزواجه بالبقر". ولم يذكروا التقييد ببقرة واحدة. وأخرجه البخاري (1709) و (1720) و (2952)، ومسلم (1211)، وابن ماجه (2981) من طريق عمرة بن عبد الرحمن، عن عائشة، بلفظ: دُخل علينا يوم النحر بلحم بقر، فقلت: ما هذا؟ قال: نحر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن أزواجه. ولم يذكروا فيه التقييد ببقرة واحدة. =

14 - باب في الإشعار

1751 - حدَّثنا عمرو بنُ عثمان ومحمد بنُ مِهران الرازيُ، قالا: حدَّثنا الوليدُ، عن الأوزاعيِّ، عن يحيي، عن أبي سَلَمَة عن أبي هُريرة: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ذَبَحَ عمن اعْتَمَرَ مِن نِسائه بقرةً بَينَهُنَّ (¬1). 14 - باب في الإشعار 1752 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، وحفصُ بنُ عُمَرَ، المعنى، قالا: حدَّثنا شُعبهَ، عن قَتادةَ - قال أبو الوليد: قال: سمعتُ أبا حسان ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (26109). وله شاهد من حديث أبي هريرة سيأتى بعده. وآخر من حديث جابر عند مسلم (1319) ولفظه: "نحر النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن عائشة بقرة في حجته". قال الخطابي: البقرة تجزئ عن سبعة كالبدنة من الإبل، وفيه بيان جواز شركة الجماعة في الذبيحة الواحدة. وممن أجاز ذلك عطاء وطاووس وسفيان الثوري والشافعي، وقال مالك بن أنس: لا يشتركون في شيءٍ من الهدي والبدن والنسك. وعن أبي حنيفة أنه قال: إن كانوا كلهم يريدون النسك فجائز، وإن كان بعضهم يريد النسك وبعضهم اللحم لم يجز، وعند الشافعي يجوز على الوجهين معاً. (¬1) إسناده صحيح وقد صرح الوليد بن مسلم بالتحديث من الأوزاعي عند ابن ماجه (3133)، وصرح بسماع الأوزاعي من يحيى عند الحاكم 1/ 467، والبيهقي 4/ 254 فانتهت شبهة تدليسه. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، ويحيى: هو ابن أبي كثير، وأبو سلمة هو عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه ابن ماجه (3133) من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (4008). وفي الباب عن عائشة سلف قبله.

عن ابن عباس: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صَلّى الظهر بذي الحُلَيفَة، ثم دعا بِبَدنةٍ فأشعَرَها مِن صَفحَةِ سَنَامِها الأيمن، ثم سَلَت الدمَ عنها، وقلَّدها بنَعْلَيْن، ثم أُتي براحِلَته، فلمَّا قَعَد عليها، واسْتَوَت به على البيداء أهلَّ بالحَجّ (¬1). 1753 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن شعبة، بهذا الحديث بمعنى أبي الوليد، قال: ثم سلت الدمَ بيده (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وأبو حسان: هو مسلم بن عبد الله البصري. وأخرجه مسلم (1243)، والنسائي في "الكبرى" (3739) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1243)، وابن ماجه (3097)، والترمذي (922)، والنسائي في "الكبرى" (3748) و (3758) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به. وأخرجه بنحوه البخاري (1545) من طريق كريب، عن ابن عباس، به. لكنه ليس فيه ذكر الإشعار وإنما اقتصر على التقليد. وهو في "مسند أحمد" (2296)، و"صحيح ابن حبان" (4002). وانظر ما بعده. قال الخطابي: الإشعار: أن يطعن في سنامها بمبضعٍ أو نحو ذلك حتى يسيل دمها، فيكون ذلك على أنها بدنة، ومنه الشعار في الحروب وهو العلامة التي يعرف بها الرجلُ صاحبَه، ويميز بذلك بينه وبين عدوه. وقوله: استوت على البيداء، أى: - علت فوق البيداء، وقال الخليل: أتينا أبا ربيعة الأعرابي وهو فوق سطح، فلما رآنا، قال: استووا، يريد: اصعدوا. (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيي: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3740) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال: "ثم سَلَتَ عنها" بدلاً من: "ثم سلت الدم بيده". وهو في "مسند أحمد" (3244). وانظر ما قبله.

قال أبو داود: رواه همَّام. قال: سَلَتَ الدّمَ عنها بإصبعِه. قال أبو داود: هذا من سُنن أهل البصرة الذي تفردوا به (¬1). 1754 - حدَّثنا عبدُ الأعلى بنُ حماد، حدَّثنا سفيانُ بنُ عيينة، عن الزهري، عن عُروة عن المسوَر بن مَخْرَمَة ومروان بن الحكم، أنهما قالا: خرج رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عامَ الحُديبية، فلما كان بذي الحليفة قلَّد الهديَ وأشْعَرَ وأحْرَمَ (¬2). ¬

_ (¬1) جاء في هامش (أ) و (هـ) ما نصه: هذا مما تفرد به أهل البصرة من السنن، لا يشركهم فيه أحد أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أشعر من الجانب الأيمن. وأشارا إلى أنها في رواية ابن الأعرابي. قلنا: في هذه الرواية بيان أن ما تفرد به أهل البصرة إشعار الجانب الأيمن لا مطلق الاشعار. (¬2) إسناده صحيح. وهذه الرواية من طريق مروان مرسلة، لأنه لم يصح له سماع من النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ولا صحبة، ومن طريق المسور بن مخرمة مرسل صحابي، لأنه قدم صغيراً على النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - مع أبيه بعد الفتح، ولم يشهد القصة، وقد صرح المسور ومروان أنهما سمعاها من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، في رواية البخاري (2711) و (2712). الزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وعروة: هو ابن الزبير. وأخرجه البخاري (4157) و (4158) و (4178) و (4179)، والنسائي في "الكبرى" (8528) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (4178) و (4179)، والنسائي في "الكبرى" (8528) من طريق سفيان بن عيينة، قال: سمعت الزهري حين حدث هذا الحديث، حفظت بعضه وثبتني معمر عن عروة بن الزبير، به. وأخرجه البخاري (1694) و (1695)، والنسائي في " الكبرى" (3737) و (8789) من طريق معمر، عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (18909). وسيأتي مطولاً برقم (2765).

15 - باب تبديل الهدي

1755 - حدَّثنا هنّادٌ، حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن منصورٍ والأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أهْدَى غنماً مُقَلَّدَةَ (¬1). 15 - باب تبديل الهدي 1756 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ سلمة، عن أبي عبد الرحيم - قال أبو داود: أبو عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد، خال ابنِ سلمة، روى عنه حَجاجُ بنُ محمد - عن جَهمِ بن الجارود، عن سالم بن عبد الله عَنْ أبيهِ، قال: أهدى عمَرُ بنُ الخطاب بُختيّاً (¬2) فأعطيَ بها ثلاثَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هنّاد: هو ابن السري التميمي، ووكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر السلمي، والأعمش: هو سليمان بن مهران الأسدي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه البخاري (1703)، ومسلم (1321)، والترمذي (925)، والنسائي في "الكبرى" (3745) و (3571) و (3755) و (3765) من طرق عن منصور، عن إبراهيم، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البخاري (1701) و (1702)، ومسلم (1321)، وابن ماجه (3095) و (3096)، والنسائي (3744) و (3753) و (3755) من طرق عن الأعمش، عن إبراهيم، به. وأخرجه بنحوه كذلك مسلم (1321)، والنسائي في "المجتبى" (2790) من طريق الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم، به. وأخرجه النسائي (3764) من طريق أبي إسحاق، عن الأسود، به. وهو في "مسند أحمد" (25581) و (25565)، و"صحيح ابن حبان" (4011). وانظر ما سيأتي برقم (1757) و (1758) و (1759). (¬2) المثبت من (أ) و (هـ)، وجاء في (ج) في الموضعين: نجيبة. وكلاهما من أوصاف الأبل.

16 - باب من بعث بهديه وأقام

مئة دينار، فأتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني أهْدَيْتُ بُختياً، فأُعطيتُ بها ثلاثَ مئة دينار، أفأبِيعُها وأشْتَرِي بثَمنِها بُدْناً؟ قال: "لا، انْحَرْها إيّاها" (¬1). قال أبو داود: هذا لأنه كان أشعَرَها. 16 - باب مَن بَعَثَ بهديه وأقام 1757 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ القَعنَبي، حدَّثنا أفلحُ بنُ حميد، عن القاسم عن عائشة قالت: فتَلتُ قلائِدَ بُدْن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بيدي، ثم أشْعَرها وقلَّدها، ثم بَعَثَ بها إلى البيتِ، وأقامَ بالمدينةِ، فما حَرُمَ عليه شَيءٌ كانَ له حِلاًّ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. جهم بن الجارود - وقيل: شهم بن الجارود - لم يذكروا في الرواة عنه غير أبي عبد الرحيم، وهو خالد بن يزيد الحراني، وقال البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 230: لا يعرف لجهم سماع من سالم، وقال الذهبي في "الميزان": فيه جهالة. محمد بن سلمة: هو عبد الله الباهلي الحراني. وأخرجه أحمد (6325)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 230، وابن خزيمة (2911)، والبيهقي في "السنن" 5/ 241 - 242، و 9/ 288 من طريق محمد بن سلمة، بهذا الإسناد. النجيب: قال في "النهاية": النجيب: الفاضل من كل حيوان ... وقد تكرر في الحديث ذكر الجيب من الإبل مفرداً ومجموعاً. وهو القوي منها، الخفيف السريع. وقال في "النهاية" أيضاً: البُختية: الأنثى من الجمال البخت، والذكر بختي وهي جمال طوال الأعناق. (¬2) إسناده صحيح. القاسم: هو ابن محمد التيمي. وأخرجه بتمامه ومختصراً البخاري (1696) و (1699)، ومسلم (1321)، وابن ماجه (3098)، والنسائي في "الكبرى" (3738) و (3749) من طريق أفلح بن حميد، بهذا الإسناد. =

1758 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد الرَملي الهَمْدانيُّ وقتيبةُ بن سعيد، أن الليثَ ابن سعدٍ حدَّثهم، عن ابنِ شهابٍ، عن عُروة وعَمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة قالت: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُهْدِي مِنَ المدينة، فأفتِل قلائدَ هديِه، ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتَنِبُ المُحرِمُ (¬1). 1759 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بشرُ بنُ المُفَضَّل، حدَّثنا ابنُ عون، عن القاسم بن محمد وعن إبراهيم - زعَم أنه سَمِعَه منهما جميعاً، ولم يحفظ حديثَ هذا من حديثِ هذا، ولا حديثَ هذا مِن حديثِ هذا - قالا: ¬

_ = وأخرجه مسلم (1321)، والترمذي (924)، والنسائي في "الكبرى" (3742) و (3750) و (3763) من طريقين عن القاسم، به. وأخرجه البخاري (1704) و (5566)، ومسلم (1321)، والنسائي في "الكبرى" (3743) من طريق مسرُوق، ومسلم (1321) من طريق أبي قلابة، كلاهما عن عائشة، به. وهو في "مسند أحمد" (24492)، و"صحيح ابن حبان" (4003). وانظر ما سلف برقم (1755). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه البخاري (1698)، ومسلم (1321)، وابن ماجه (3094)، والنسائي في "الكبرى" (3741) و (3761) من طرق عن الليث، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1321)، والنسائى في "الكبرى" (3762) من طريقين عن ابن شهاب، ومسلم (1321) من طريق هشام بن عروة، كلاهما عن عروة، به. وقرن مسلم في الرواية الأولى مع عروة عمرة بنت عبد الرحمن. وأخرجه بنحوه البخاري (1700) و (2317)، ومسلم (1321)، والنسائي (3760) من طريق عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عمرة بنت عبدالرحمن، عن عائشة، به. وهو في "مسند أحمد" (24524)، و"صحيح ابن حبان" (4009) و (4013). وانظر ما قبله، وما سلف برقم (1755).

17 - باب في ركوب البدن

قالت أمُّ المؤمنينَ: بَعَثَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالهَدْي، فأنا فتلتُ قلائِدها بِيَدي مِن عِهنٍ كانَ عندنا، ثم أصبَحَ فينا حلالاً يأتي ما يأتي الرَجُلُ مِن أهلِه (¬1). 17 - باب في ركوب البُدْن 1760 - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن أبي الزناد، عن الأعرجِ عن أبي هريرة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يسوق بَدَنةَ، فقال: "ارْكَنها" قال: إنها بَدَنة، قال: "اركَبها ويلَك" في الثانية، أو الثالثة (¬2). 1761 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يحيي بنُ سعيدٍ، عن ابن جُريج، أخبرنى أبو الزبير قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وابن عون: هو عبد الله بن عون المزني، وإبراهيم: هو ابن يزيد بن قيس النخعي. وأخرجه البخاري (1705)، ومسلم (1321)، والنسائى في "الكبرى" (3746) من طريقين عن ابن عون، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (1755). (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان القرشي، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز المدنى. وهو عند مالك في "الموطأ"، 1/ 377، ومن طريقه أخرجه البخاري (1689) و (2755) و (6160)، ومسلم (1322)، والنسائي في "الكبرى" (3767). وأخرجه مسلم (1322)، وابن ماجه (3103) من طريقين عن أبي الزناد، به. وأخرجه البخاري (1706) من طريق عكرمة، ومسلم (1322) من طريق همّام ابن منبه، كلاهما عن أبي هريرة، به. وهو في "مسند أحمد" (7350) و (7454) و (10315)، و "صحيح ابن حبان" (4014).

18 - باب في الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ

سألتُ جابرَ بنَ عبد الله، عن رُكوب الهَدي، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "اركبها بالمَعرُوفِ إذا أُلجئْتَ إليها، حتى تَجِدَ ظهراً" (¬1). 18 - باب في الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ 1762 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن هشامٍ، عن أبيه عن ناجية الأسلميِّ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بعَثَ معه بهديٍ، فقال: "إن عَطِبَ منها شيءٌ فانحَرهُ، ثم اصْبُغ نعلَه في دمه، ثم خلِّ بينه وبين الناس" (¬2). 1763 - حدَّثنا سليمان بنُ حرب ومُسددٌ قالا: حدَّثنا حمادٌ (ح) وحدثنا مُسدَّدٌ حدَّثنا عبد الوارث - وهذا حديثُ مُسددِ - عن أبي التَّيِّاح، عن موسى بن سلمة عن ابن عباس، قال: بَعَثَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فلاناً الأسلميَّ، وبَعَثَ معه بثمانِ عشرةَ بَدَنةً، فقال: أرأيتَ إن أُزحِفَ عليَّ منها شيءٌ؟ قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز الأموي، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي. وأخرجه مسلم (1324)، والنسائى في "الكبرى" (3770) من طريقين عن يحيي ابن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1324) من طريق معقل بن عُبيد الله، عن أبي الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (14413)، و"صحيح ابن حبان" (4015) و (4017). (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وهشام: هو ابن عروة بن الزبير الأسدي. وأخرجه ابن ماجه (3106)، والترمذي (926)، والنسافى في "الكبرى" (4123) و (6605) من طريقين عن هشام، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (18943)، و"صحيح ابن حبان" (4023).

"تَنْحَرُهَا ثم تَصْبغُ نَعْلَها في دَمِهَا، ثم اضْرِبْها على صَفْحَتِها، ولا تأكُلْ منها أنتَ ولا أحدٌ مِنْ أصْحَابِكَ - أو قال: مِنْ أهْلِ رُفقَتِكَ -" (¬1). وقال في حديث عبد الوارث: "ثم اجعله على صَفْحَتِها" مكان "اضْرِبها". قال أبو داود: سمعتُ أبا سلمة، يقول: إذا أقمتَ الإسنادَ والمعنى، كفاك، فهذه توسعةٌ في نقل الحديث على المعنى. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وحماد: هو ابن زيد الأزدي، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري، وأبو التياح: هو يزيد بن حميد الضُبَعي، وموسى ابن سلمة: هو ابن المُحَبِّق الهُذَلي. وأخرجه مسلم (1325) من طريق عبد الوارث، بهذا الإسناد. ولفظه: بعث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بست عشرة بدنة. وأخرجه مسلم (1325)، والنسائي في "الكبرى" (4122) من طريق إسماعيل ابن عُلَيّة، عن أبي التياح، به. وهو في "مسند أحمد" (1869)، و"صحيح ابن حبان" (4024) و (4025). وأخرجه مسلم (1326)، وابن ماجه (3105) من طريق قتادة، عن سنان بن سلمة، عن ابن عباس، عن ذؤيب الخُزاعى، به. دون تحديد عدد البدن. وهو في "مسند أحمد" (17974). قوله: أزحف. قال الخطابي: معناه: أعيا وكل، يقال: زحف البعير: إذا جرَّ فرسنه على الأرض من الأعياء، وأزحفه السير إذا جهده فبلغ هذه الحال. وقوله: ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أصحابك، يشبه أن يكون معناه: حرم ذلك عليه وعلى أصحابه ليحسم عنهم باب التهمة فلا يعتلوا بأن بعضها قد زحف فينحروه إذا قرموا إلى اللحم فيأكلوه. وقال الطيبي رحمه الله: سواء كان فقيراً أو غنياً، وإنما منعوا ذلك قطعاً لأطماعهم لثلا ينحرها أحد، ويتعلل بالعطب، هذا إذا أوجبه على نفسه، وأما إذا كان متطوعاً، فله أن ينحر ويأكل منه، فإن مجرد التقليد لا يخرجه عن ملكه.

قال أبو داود: الذي تفرَّد به من هذا الحديث قولُه: "ولا تأكل منها أنتَ ولا أحدٌ مِنْ رفقتك" (¬1). 1764 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبد الله، حدَّثنا محمدٌ ويعلى ابنا عُبيدٍ، قالا: حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاق، عن ابن أبا نَجيح، عن مجاهدٍ، عن عبدِ الرحمن بن أبي ليلى عن علي قال: لما نَحَرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بُدْنه، فنَحَرَ ثلاثينَ بيدِه، وأمَرَني فنَحَرْتُ سائِرَها (¬2). 1765 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازي، أخبرنا (ح) وحدَثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى - وهذا لفظُ إبراهيمَ - عن ثورٍ، عن راشد بن سعد، عن عبد الله بن عامر بن لُحَيٍّ ¬

_ (¬1) قوله: قال أبو داود: سمعت أبا سلمة ... إلى هنا، أثبتناه من (أ) و (هـ)، وهو في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي. (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه، محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعنه، بينه وبين ابن أبي نجيح فيه رجل مبهم، فقد رواه أحمد في مسند ابن عباس برقم (2359) عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن إسحاق، قال: حدثني رجل، عن عبد الله بن أبي نحيح، عن مجاهد بن جبر، عن ابن عباس ... فذكر الحديث بعينه. ثم هو مخالف لما في "صحيح مسلم" (1218) (147) وغيره من حديث جابر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نحر من هديه ثلاثاً وستين بيده، ثم أعطى عليا فَنَحر ما غبر، وهي سبع وثلاثون بدنه تكملة المئة. محمد: هو ابن عبيد الطنافسي، وابن أبي نجيح: هو عبد الله الثقفي، ومجاهد: هو ابن جبر المخزومي. وأخرجه أحمد في "مسنده" (1374)، والبيهقي 5/ 238 من طريق محمد بن عبيد، بهذا الإسناد. وانظر ما سيأتي برقم (1769).

عن عبد الله بن قُرطٍ، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ أعظم الأيامِ عندَ الله يومُ النحرِ، ثم يومُ القَرِّ" - قال عيسى: قال ثور: وهو اليومُ الثاني - قال: وقُرِّبَ لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بَدَناتٌ خَمْسٌ - أوسِتٌّ - فطفِقْنَ يزدلِفْنَ إليه بأيتهن يبدأ، فلما وَجَبَتْ جنوبُها، قال: فتكلَّم بكلمةِ خفيَّة لم أفهمها، فقلت: ما قال؟ قال: "مَن شاءَ اقْتَطَعَ" (¬1). 1766 - حدَّثنا محمد بنُ حاتم، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ مهدي، حدَّثنا عبدُ الله ابن المبارك، عن حَرمَلَة بن عِمران، عن عبدِ الله بنِ الحارث الأزديِّ سمعتُ غَرَفَة بنَ الحارِثِ الكنديَّ قال: شَهِدْتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الوَداع وأُتِيَ بالبُدنِ، فقال: "اُدْعُو لي أبا حسن"، فدُعي له علي، فقال له "خُذْ بِأسفَلِ الحربةِ" وأخذَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بأعلاها، ثم طعنا بِها في البُدنِ، فلما فَرَغَ رَكبَ بغلَته، وأردف علياً رضي الله عنه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عيسى: هو ابن يونس السبيعي، ومسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، وثور: هو ابن يزيد الرَّحَبي، وراشد بن سعد: هو المَقْرائي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4083) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ثور، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19075)، و"صحيح ابن حبان" (2811). يوم القر: هو اليوم الذي يلي يوم النحر، وإنما سمي يوم القر، لأن الناس يقرون فيه بمنى، وذلك لأنهم فرغوا من طواف الإفاضة والنحر، واستراحوا وقروا. وقوله: يزدلفن معناه: يقتربن من قولك: زلف الشئ: إذا قرب. وقوله: وجت جنوبها معناه: زهقت أنفسها، فسقطت على جنوبها، وأصل الوجوب: السقوط، وفي قوله: من شاء اقتطع دليل على جواز هبة المشاع. (¬2) إسناده ضعيف، لجهالة عبد الله بن الحارث الأزدي. ومع ذلك فقد حسنه الحافظ ابن حجر في "الأربعين المتباينة السماع" الحديث الثلاثون! =

19 - باب كيف تنحر البدن

19 - باب كيف تُنحَرُ البُدن 1767 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو خالد الأحمرُ، عن ابنِ جُريج، عن أبي الزُّبير عن جابر. وأخبرني عبد الرحمن بن سابِط: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وأصحابَه كانوا يَنحَرُونَ البَدَنَة معقولَة اليُسْرَى، قائمةً على ما بقي مِنْ قوائِمها (¬1). 1768 - حَدَّثَنَا أحمدُ بن حنبل حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنِى زِيَادُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ: كنتُ مع ابنِ عمر بمنى، فمرّ بِرَجُلِ وهو يَنْحَرُ بدنتهُ وهي بارِكة، فقال: ابعثْها قياماً مُقَيَّدةَ، سنةُ محمدٍ - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 7/ 431، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 317، والطبراني في "المعجم الكبير" 18/ (655)، وفي"الأوسط" (2858)، والبيهقي في "سننه الكبرى" 238/ 5، والمِزي في ترجمة غَرَفَة بن الحارث الكندي من "تهذيب الكمال" 23/ 96 - 97 من طريق عبد الرحمن بن مهدلى، بهذا الإسناد. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد يرويه ابنُ جريج، عن أبي الزبير، عن جابر موصولاً، إلا أن ابن جريج وأبا الزبير موصوفان بالتدليس وقد عنعنا. ورواية ابن جريج عن عبد الرحمن بن سابط مرسلة. وأخرجه البيهقي في "سننه" 5/ 237 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. ويشهد له حديث ابن عمر الآتي بعده. (¬2) إسناده صحيح. هشيم: هو ابن بشير السلمي، ويونس: هو ابن عبيد بن دينار العبدي، وزياد بن جبير: هو ابن حَيَّة الثقفى. وأخرجه البخاري (1713)، ومسلم (1320)، والنسائي في "الكبرى" (4120) من طرق عن يونس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4459)، و"صحيح ابن حبان" (5903).

1769 - حدَّثنا عمرو بنُ عَون، أخبرنا سفيانُ - يعني ابن عُيينةَ - عن عبدِ الكَرِيمِ الجَزَريِّ، عن مجاهدٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ أبي ليلى عن علي، قال: أمرني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن أقُومَ على بُدْنهِ وأقْسِمَ جُلُودَها وجِلالها، وأمرني اْن لا أُعْطِيَ الجزَّارَ منها شيئاً، وقال: "نحْنُ نُعطيه مِن عندنا" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الكريم الجزري: هو ابن مالك، ومجاهد: هو ابن جبر المكي. وأخرجه مسلم (1317)، وابن ماجه (3099)، والنسائي في "الكبرى" (4132) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخارىِ (1716 م) و (1717)، ومسلم (1317)، والنسائي في "الكبرى" (4130) و (4131) و (4135) و (4137) و (4138) و (4139) من طرق عن عبد الكريم، به. وأخرجه البخاري (1707) و (1716) و (1717) و (1718) و (2299)، ومسلم (1317) (349)، وابن ماجه (3157)، والنسائي في "الكبرى" (4128) و (4129) و (4131) و (4133 - 4136) من طرق عن مجاهد، به. ولم يذكر أحد منهم إلا مسلم في إحدى رواياته، والنسائي في "الكبرى" (4139): قوله: "نحن نعطيه من عندنا". وهو في "مسند أحمد" (593)، و"صحيح ابن حبان" (4021) و (4022). وانظر ما سلف برقم (1764). وقوله: أمرني أن لا أعطي الجزار منها شيئاً. قال الخطابي: أي: لا يُعطى على معنى الأجرة شيئاً منها، فأما أن يتصدق به عليه فلا بأس به، والدليل على هذا قوله: ونعطيه من عندنا، أي: أجرة عمله، وبهذا قال أكثر أهل العلم، وروي عن الحسن البصري أنه قال: لا بأس أن يعطي الجازر الجلد. وأما الأكل من لحوم الهدي، فما كان منها واجباً لم يحل أكل شيء منه، وهو مثل الدم الذي يجب في جزاء الصيد وإفساد الحج ودم المتعة والقِران، وكذلك ما كان =

20 - باب في وقت الإحرام

20 - باب في وقت الإحرام 1770 - حدَّثنا محمدُ بنُ منصورِ، حدَّثنا يعقوبُ - يعني ابنَ إبراهيم - حدَّثنا أبي، عن ابنِ إسحاق، حدثني خُصيفُ بنُ عبدِ الرحمن الجزريُّ، عن سعيد بنِ جُبَيرٍ، قال: قلتُ: لِعبدِ الله بنِ عباس: يا أبا العباسِ، عَجِبْتُ لاختلافِ أصحابِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في إهلالِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حينَ أوجَبَ، فقال: إني لأعلمُ الناسِ بذلك، إنها إنما كانت مِن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حَجَّة واحِدة، فَمِنْ هناك اختلفوا، خرج رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حاجّاً، فلما صَلَّى في مسجدِه بذي الحليفة رَكْعَتْيه أوجبَ في مجلسه، فأهلَّ بالحجِّ حين فرغَ مِن ركعتَيه، فَسَمعَ ذلك منه أقوام فحفظتْه عنه، ثم رَكِبَ فلما استقلَّت به ناقته أهلَّ، وأدرك ذلك مِنْه أقوامٌ، وذلك أن الناسَ إنما كانوا يأتون أرسالاً، فسمعوه حين استقلَّت به ناقته يُهِلُّ، فقالوا: إنما أهلَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حين استقلت به ناقته، ثم مضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فلما علا على شَرَفِ البيْدِاء أهل، وأدركَ ذلك منه أقوام، فقالوا: انما أهل حينَ ¬

_ = نذراً أوجبه المرء على نفسه، وما كان تطوعاً كالضحايا والهدايا، فله أن يأكل منه ويهدي ويتصدق، وهذا كله على مذهب الشافعي. وقال مالك: يؤكل من الهدي الذي ساقه لفساد حجه، ولفوات الحج ومن هدي التمتع ومن الهدي كله إلا فدية الأذى وجزاء الصيد وما نذره للمساكين. وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: لا يؤكل من النذر ولا من جزاء الصيد ويؤكل ما سوى ذلك، وروي ذلك عن ابن عمر. وعند أصحاب الرأي: يؤكل من هدي المتعة، وهدي القِران وهدي التطوع ولا يؤكل مما سواها.

علا على شَرَف البيداش، وايمُ الله لقد أوجَب في مُصلاه، وأهلَّ حين استقلتْ به ناقتُه، وأهلَّ حين علا على شرف البيداء، قال سعيد: فمن أحد بقولِ ابنِ عبَّاس أهل في مُصلَّاه إذا فَرَغَ من ركعتَيه (¬1). 1771 - حدَّثنا "القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن موسى بنِ عُقبة، عن سالم بنِ عبدِ الله عن أبيه، أنه قال: بيْدَاؤُكُم هذه التي تكذبون على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فيها، ما أهلَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلا مِنْ عندِ المسجد، يعني مسجدَ ذي الحُليفةِ (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا سند محتمل للتحسين، ابن إسحاق صرح بالتحديث، وخصيف بن عبد الرحمن - دان كان في حفظه شيء - حديثه يعتبر به في المتابعات والشواهد. إبراهيم: هو ابن سعد بن إبراهيم الزهري. وأخرجه أحمد في "مسندما (2358)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 451، والبيهقي في "سننه" 5/ 37 من طريق يعقبرب، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مختصرًا أبو يعلى (2513) من طريق أبي خالد، عن ابن إسحاق، به. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الأثار" 2/ 123 من طريق عبد السلام بن حرب، كا خصيف، به. وانظر شواهده في "مسند أحمد" (2358). (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 332، ومن طريقه أخرجه البخاري (1541)، ومسلم (1186)، والنسائي في "الكبرى" (3723). وأخرجه البخاري (1541) من طريق سفيان بن عيينة، ومسلم (1184) و (1186)، والترمذي (831) من طريق حاتم بن إصماعيل، كلاهما عن موسى بن عقبة، به. وأخرجه بنحوه البخارى (1514)، ؤمسلم (1184) و (1187)، والنسائي (3724) من طريق ابن شهاب الزهري سالم بن عبد الله، به. =

1772 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن سعيدِ بنِ أبي سعيد المَقبُرِيِّ، عن عُبيد بنِ جُريج أنه قال لعبدِ الله بنِ عمر: يا أبا عبدِ الرحمن، رأيتُك تَضنَعُ أربعاً لم أر أحداً مِن أصحابك يَصْنَعُها، قال: ما هُن يا ابنَ جُرَيجٍ؟ قال: رأيتُك لا تَمَسُّ مِن الأركانِ إلا اليمانيَّينِ، ورأيتُك تلبس النعال السبْتِتَّة، ورأيتك تَصْبغُ بالصُّفرَةِ، ورأيتُك إذا كنت بمكة أهلَّ الناسُ إذا رأوا الهلالَ ولم تُهلَّ أنتَ حتى كان يَوْمُ الترويةِ، فقال عبد الله بن عمر: أما الأركانُ فإني لم أرَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَمَسُّ إلا اليمانيين، وأما النعال السِّبتيَّة فإني رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضَّأ فيها، فأنا أُحِبُّ أن ألبسها، وأمَّا الصُفرة فإني رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَصبغُ بها فأنا أُحِبَّ أن أصْبغَ بها، وأما الإهلالُ فإني لم أر رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُهلُّ حتى تنْبعِثَ به راحلتُه (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1553) و (2865)، ومسلم (1184)، وابن ماجه (2916) من طريق نافع، ومسلم (1184) من طريق حمزة بن عبد الله بن عمر، كلاهما عن عبد الله ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4570)، و"صحيح ابن حبان" (3762). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 333، ومن طريقه أخرجه البخاري (166) و (5851)، ومسلم (1187)، والنسائي في "الكبرى" (117) و (3726) و (3917). ورواية بعضهم مختصرة. وأخرجه مقطعاً ابن ماجه (3626)، والنسائي في "الكبرى" (117) و (3726) و (3917) من طرق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، به.

1773 - حدَّثنا أحمد بنُ حنبل، حدَّثنا محمدُ بنُ بكير، حدَّثنا ابنُ جُريجٍ، عن محمد بنِ المنكدر عن أنسٍ، قال: صلَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الظهرَ بالمدينةِ أربعاً، وصَلَّى العصرَ بذي الحُليفة ركعتَيْنِ، ثم باتَ بذي الحُليفة حتى أصبح، فلما ركب راحِلَتَه واسْتَوَت بِهِ أهَلَّ (¬1). 1774 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا رَوحٌ، حدَّثنا أشعثُ، عن الحسنِ ¬

_ = وأخرجه مسلم (1187)، والنسائي في "الكبرى" (9306) من طريقين عن عُبيد ابن جريج، به. وأخرجه البخاري (1606) من طريق نافع، عن ابن عمر. مختصراً بذكر الركنين اليمانيين. وأخرجه النسائي (3725) من طريق نافع، عن ابن عمر. مختصراً بذكر الإهلال عند الاستواء على الراحلة. وهو في "مسند أحمد" (4672)، و"صحيح ابن حبان" (3763). وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم (4210). والنعال السبتية: هي المتخذة من جلد مدبوغ لا شعر فيه، وهي نعال أهل النعمة والسَّعةِ. (¬1) إسناده صحيح. محمد بن بكر: هو البرساني، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز الأموي. وأخرجه البخاري (1546) من طريق هشام بن يوسف، عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1551) من طريق أبي قلابة، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (15040). وقد سلفت قطعة الصلاة برقم (1202)، وانظر ما بعده.

عن أنس بنِ مالك: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى الظهرَ، ثم رَكِبَ راحِلَته، فلما علا على جَبَلِ (¬1) البَيدَاء أَهَلَّ (¬2). 1775 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارِ، حدَّثنا وَهب - يعني ابنَ جرير - حدَّثنا أبي، سمعتُ محمد بنَ إسحاق يُحدث، عن أبي الزناد، عن عائشةَ بنتِ سعدِ بنِ أبي وقاصٍ، قالت: قال سعدُ بن أبي وقَّاص: كان نبيُّ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا أخَذَ طَرِيقَ الفُرْعِ أهل إذا استقلَّتْ به راحِلَتُه، فإذا أخذ طَرِيقَ أُحد أهلَّ إذا أشْرَفَ على جَبَلِ البَيْدَاء (¬3). ¬

_ (¬1) في (أ) و (ب): حَبْل، بالحاء المهملة، والمثبت من (ج)، موافقاً لروايتي ابن داسه وابن الأعرابي فيما أشار إليه في (أ)، وهو كذلك في "مختصر المنذري"، وهو الموافق لما في "مسند أحمد" (13153)، فقد أخرج أبو داود هذا الحديث عنه كما ترى. (¬2) إسناده صحيح. رَوح: هو ابن عبادة بن العلاء القيسي، وأشعث: هو ابن عبد الملك الحُمراني، والحسن: هو البصري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3628) و (3721) من طريق النضر بن شميل، عن أشعث، بهذا الإسناد. ولفظه: "أهل بالحج والعمرة". وهو في: "مسند أحمد" (13153)، و "صحيح ابن حبان" (3931). وانظر ما قبله. (¬3) إسناده ضعيف. ابن إسحاق لم يصرّح بسماعه من أبي الزناد - وهو عبد الله ابن ذكوان. وقال الدارقطني فيما نقله عنه ابن طاهر في "أطراف الغرائب"1/ 341: تفرد به محمد بن إسحاق عن أبي الزناد. وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" 5/ 109: فيه غرابة ونكارة. وأخرجه البزار في "مسنده" (1198)، وأبو يعلى في "مسنده " (818)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 452، والبيهقي في"سننه" 5/ 38 - 39، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 288، والضياء في "المختارة" (1012) من طرق عن وهب بن جرير، بهذا =

21 - باب الاشتراط في الحج

21 - باب الاشتراط في الحج 1776 - حدَّثنا أحمد بنُ حنبل، حدَّثنا عبادُ بن العوام، عن هلالِ بنِ خبّاب، عن عِكرمة عن ابن عباس: أن ضُباعَة بنتَ الزبيرِ بن عبدِ المطلب أتَتْ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، إني أُرِيدُ الحج أأشترِطُ؟ قال "نَعَمْ" قالت: فكيف أقولُ؟ قال: "قُولي: لبيك اللهم لبيْكَ، ومحلِّي من الأرْضِ حَيْثُ حَبَسْتَني (¬1). 22 - باب في إفراد الحج 1777 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمة القعنبي، حدَّثنا مالك، عن عبد الرحمن ابنِ قاسم، عن أبيه ¬

_ = الإسناد. ولفظ البزار: "وإذا أحد طريقاً آخر أهل"، وأبو يعلى والبيهقي والضياء بلفظ: "وإذا أخذ الطريق الأخرى أهل"، أما الحاكم فلم يذكر هذه القطعة. الفرع، بضم الفاء وسكون الراء ويقال بضمها: موضع بأعالي المدينة واسع فيه مساجد لنبي - صلَّى الله عليه وسلم - ومنابر وقرى كثيرة. وانظر الكلام على اختلاف الأصول الخطية في ضبط كلمة "جبل البيداء" عند الحديث السابق. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1208)، وابن ماجه (2938)، والتر مذي (961)، والنسائي في "الكبرى" (3731) و (3732) و (3734) من طرق عن عكرمة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1208)، وابن ماجه (2938)، والنسائى (3732) من طريق طاووس بن كيسان، ومسلم (1208) والنسائي (3731) من طريق سعيد بن جبير، ومسلم (1208) (108) من طريق عطاء بن أبي رباح، ثلاثتهم عن ابن عباس. وهو في "مسند أحمد" (3053) و (3117)، و "صحيح ابن حبان" (3775). وانظر أقاويل أهل العلم في الاشتراط في" شرح السنة" 7/ 289.

عن عائشة: أنَ رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - أفْرَدَ الحجَّ (¬1). 1778 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ حدَّثنا حمادُ بنُ زيد (ح) وحدَثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمّاد - يعني ابنَ سلمَة - (ح) وحدَثنا موسى، حدَّثنا وُهَيب، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه عن عائشة أنها قالتْ: خرجنا مع رسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مُوافِينَ هِلالَ ذي الحِجَّة، فلما كان بذي الحُلَيْفَةِ قال: "من شاء أن يُهِلَّ بحج فَلْيُهلَّ، ومَنْ شاء أن يُهِل بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ بعُمرة". قال موسى: في حديث وهيب: "فإني لولا أني أهْدَيْتُ لأهللتُ بعمرة " وقال في حديث حمَّاد بنِ سلمة: "وأما أنا فأُهِل بالحجِّ، فإن مَعِيَ الهَدْيَ" ثم اتفقوا: فكنتُ فيمن أهلَّ بُعْمرةٍ، فلما كان في بعض الطريق حِضْتُ، فدخل عليَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقال"ما يُبْكِيكِ؟ " قلت: وَددتُ أني لم أكُنْ خرجتُ العامَ، قال: "ارفُضِي عُمَرَتَكِ، وانقُضي رأسك، وامتشِطِي" قال موسى: "وأهلِّي ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 335، ومن طريقه أخرجه مسلم (1211)، وابن ماجه (2964)، والترمذي (833)، والنسائي في "الكبرى" (3681). وأخرجه ابن ماجه (2965) والنسائي (3682) من طريق عروة بن الزبير، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24077)، و"صحيح ابن حبان" (3934). وانظر ما سيأتي بالأرقام (1778 - 1780). قال الإمام الخطابي: لم تختلف الأمة في أن الإفراد والقِران والتمتع بالعمرة إلى الحج كلها جائزة، غير أن طوائف العلماء اختلفوا في الأفضل منها، فقال مالك والشافعي: الإفراد أفضل، وقال أصحاب الرأي والثوري: القِرانُ أفضل، وقال أحمد بن حنبل: التمتع بالعُمرة إلى الحج هو الأفضل. وانظر لزاماً "زاد المعاد" 2/ 177 - 187.

بالحجِّ" وقال سليمان: "واصنعي ما يصنعُ المسلمون في حَجهِمْ" فلما كان ليلةُ الصدَرِ أمَر - يعني - رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عبد الرحمن، فذهب بها إلى التنعيم. زاد موسى: فأهلَّت بعمرة مكانَ عُمرتها، وطافَتْ بالبيتِ، فقضى الله عمرتَها وحَجَّهَا (¬1). قال هشام: ولم يَكُنْ في شيءِ مِنْ ذلك هَدْيٌ. زادَ موسى في حديثِ حمَّاد بنِ سلمة: فلما كانت ليلةُ البطْحاء طَهُرَتْ عائِشَةُ. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد الباهلي، وعروة: هو ابن الزبير. وأخرجه البخاري (317)، والنسائي في "الكبرى" (3683) مختصراً من طريقين، عن حمّاد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1783) و (1786)، ومسلم (1211)، وابن ماجه (3000) من طرق عن هشام بن عروة، به. وبعضهم يختصره. وهو في "مسند أحمد" (25587)، و"صحيح ابن حبان" (3792) و (3942). وانظر ما سيأتى برقم (1779 - 1784). ليلة الصدر وليلة البطحاء وليلة الحصبة، كل ذلك واحد وهي ليلة نزوله - صلَّى الله عليه وسلم - بالمحصب ليلة النفر الآخر، وتلك ليلة الرابع عشر من ذي الحِجة والمحصب والأبطح والمُعرَّس وخيف بني كنانة واحد، وهو بطحاء مكة فيما بين مكة ومنى وهو إلى منى أقرب. وقوله: "ارفضي عمرتك": اختلف الناس في معناه فقال بعضهم: اتركيها وأخريها على القضاء. وقال الشافعي: إنما أمرها أن تترك العمل للعمرة من الطواف والسعي لا أنها تترك العمرة أصلاً، وإنما أمرها أن تدخل الحج على العمرة، فتكون قارنة. "معالم السنن". والتنعيم من الحل بين مكة وسرف، وسميت بذلك، لأن على يمينه جبل يقال له: نعيم وآخر يقال له: ناعم، والوادي: نعمان وهي على فرسخين من مكة، وقيل: على أربعة أميال.

1779 - حدَّثنا القعنبيُّ عبدُ الله بن مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن أبي الأسود محمدِ بنِ عبد الرحمن بنِ نَوفَلِ، عن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ عن عائشةَ زوجِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قالت: خرجنا مَعَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عامَ حجةِ الوَدَاع، فَمِنا مَنْ أهَلَّ بعُمرةٍ، ومِنا مَنْ أهلّ بحجِّ وعُمرةٍ، ومِنَّا من أهلَّ بالحجِّ، وأهلَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالحَج، فأمَّا مَن أهلَّ بالحج، أو جَمَعَ الحجَّ والعُمرةَ، فلم يحلُّوا حتى كان يَوم النحرِ (¬1). 1780 - حدَّثنا ابن السَّرح، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني مالك عن أبي الأسود، بإسنادِه مثلَه، زاد: فأما مَنْ أهَلَّ بِعُمْرَةٍ فأحَل (¬2). 1781 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن ابنِ شهاب، عن عُروةُ بن الزبير عن عائشةَ زوجِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - أنها قالت: خرجنا مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في حجَّةِ الوداع فأهللنا بعُمرة، ثم قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من كان معه هَدْيٌ، فليُهِلَّ بالحج مع العمرةِ: ثم لا يحِلُّ حتى يحِل منهما جميعاً" فَقَدِمتُ مكةَ وأنا حائض، ولم أطُف بالبيتِ، ولا بين الصفا والمروةِ، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 335، ومن طريقه أخرجه البخاري (1562) و (4408)، ومسلم (1211)، والنسائي (3682). ورواية النسائي مختصرة. وأخرجه مسلم (1211) من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: منّا من أهلّ بالحج مفرداً، ومنّا من قرن، ومنّا من تمتع. وهو في "مسند أحمد" (24076). وانظر ما سلف برقم (1777). (¬2) إسناده صحيح. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو الأموي، وابن وهب: هو عبدالله. وانظر ما قبله.

فشكوتُ ذلك إلى رَسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "انقُضِي رأسَكِ، وامتشطِي وأهِلّي بالحجِّ، ودَعي العُمرَةَ" قالت: ففعلتُ، فلما قضينا الحجَّ أرسلني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مع عبدِ الرحمن بنِ أبي بكر إلى التنعيمِ، فاعتمرتُ، فقال: "هذه مكانَ عمرتك" قالت: فطاف الذين أهلُّوا بالعُمرة بالبيتِ، وبين الصَّفَا والمروةِ، ثم حلُّوا ثم طافُوا طوافاً آخر بَعْدَ أن رجعوا مِن منى لِحَجِّهم، وأما الذين كانوا جمعوا الحجَ والعُمْرَة. فإنما طافُوا طَوافاً واحِداً (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 410 - 411، ومن طريقه أخرجه البخاري (1556) و (1638) و (4395)، ومسلم (1211)، والنسائى في "الكبرى" (3730) و (3895). وأخرج بنحوه البخاري (316) و (319)، ومسلم (1211)، والنسائي في "المجتبى" (2991) من طرق عن ابن شهاب، به. وهو في "مسند أحمد" (25441)، و"صحيح ابن حبان" (3912) و (3917). وانظر ما سلف برقم (1778). قال الخطابي تعليقاً على قولها: وأما الذين كانوا جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافاً واحداً: هذا يؤكد معنى ما قلناه من إجزاء الطواف الواحد للقارن، وهو مذهب عطاء ومجاهد والحسن وطاووس، وبه قال مالك والشافعي وأحمد ابن حنبل وإسحاق بن راهويه. وعن الشعبي: أن القارن يطوف طوافين وهو قول أصحاب الرأي، وكذلك قال سفيان الثوري. وقال ابن القيم في "تهذيب السنن" 2/ 382 - 383: اختلف العلماء في طواف القارن والمتمتع على ثلاثة مذاهب: أحدها: أن على كل منهما طوافين وسعيين، روي ذلك عن على وابن مسعود، وهو قول سفيان الثوري وأبي حنيفة وأهل الكوفة والأوزاعي، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد. =

قال أبو داود: رواه إبراهيمُ بنُ سعْد ومعمر عن ابنِ شهاب، نحوَه لم يذكروا طوافَ الذين أهلُّوا بعُمرةٍ وطواف الذين جمعوا الحجَّ والعمرة (¬1). 1782 - حدَّثنا أبو سلمة موسى بنُ اسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن عبدِ الرحمن ابنِ القاسِم، عن أبيه عن عائشةَ أنها قالت: لبينا بالحج، حتى إذا كنا بِسَرِفَ حِضْتُ، فدخل عليَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأنا أبكي، فقال: "ما يُبكيكِ يا عائشة؟ " فقلت: حِضتُ، ليتَني لم أكن حججتُ، فقال: "سبحان الله! إنما ذلك شيءٌ كتبه اللهُ على بناتِ آدم" فقال: "انسكي المناسك كُلَّها غير أن لا تطوفي بالبيتِ" فلما دخلنا مكة قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من شاء أن يجعلها عمرة فليجعلها عُمرة، إلا مَن كان معه الهدي" قالت: وذبحَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن نسائه البقَر يومَ النحرِ، فلما كانت ليلةُ البطحاء وطهُرَت عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسولَ الله، أترجِع صَواحِبي بحَجٍّ وعُمرة وأرجع أنا بالحجٍّ؟ فأمرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عبدَ الرحمن بنَ أَبي بكر، فذهب بها إلى التنعيمِ , فلبَّتْ بالعُمرة (¬2). ¬

_ = الثاني: أن عليهما كليهما طوافاً واحداً وسعياً واحداً، نص عليه الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله، وهو ظاهر حديث جابر. الثالث: أن على المتمتع طوافين وسعيين، وعلى القارن سعي واحد، وهذا هو المعروف عن عطاء وطاووس والحسن، وهو مذهب مالك والشافعي وظاهر مذهب أحمد. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من روايتي ابن داسه وابن الأعرابي، وقد أشار إليها الحافظ في هامش نسخته التي رمزنا لها بالرمز (أ)، وصحح عليها. (¬2) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، والقاسم: هو ابن محمد التيمي. =

1783 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جرير، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ، عن الأسودِ عن عائشة قالت: خرجنا مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ولا نرى إلا أنه الحجُّ، فلما قدمنا تطوَّفنا بالبيتِ، فأمر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - من لم يكُنْ ساقَ الهدي أن يحِلَّ، فأحلَّ من لم يكُنْ ساقَ الهديَ (¬1). 1784 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس، حدَّثنا عثمان بن عمر، أخبرنا يونس، عن الزهريِّ، عن عُروةُ ¬

_ = وأخرجه مسلم (1211) من طريق بَهز بن أسد، عن حمّاد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (294) و (305) و (1650) و (5548) و (5559)، ومسلم (1211) وابن ماجه (2963)، والنسائي في "الكبرى" (279) و (3707) و (3893) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، به. وأخرجه البخاري (1518) و (1560) و (1788)، ومسلم (1211) من طرق عن القاسم، به. وأخرجه البخاري (2984) من طريق ابن أبي مليكة، والترمذي (965) من طريق الأسود بن يزيد، كلاهما عن عائشة. مختصراً. وهو في "مسند أحمد" (25838)، و"صحيح ابن حبان" (3795) و (4005). وانظر ما سلف برقم (1778). (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المعتمر السلمي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه البخاري (1561) و (1762)، ومسلم (1211) وبإثر (1328)، والنسائي في "الكبرى" (3771) و (3684) من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1211) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، به ولم يسُق لفظه. وهو في "مسند أحمد" (24906). وانظر ما سلف برفم (1778).

عن عائشة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لو استقبلتُ من أمري ما استدبَرتُ لما سُقْتُ الهديَ - قال محمد: أحسبه قال: - ولَحَلَلْتُ مع الذينَ أحلُوا مِن العُمرة " قال: أرادَ أن يكونَ أمرُ الناس واحداً (¬1). 1785 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا الليث، عن أبي الزُّبير عن جابر، قال: أقبلنا مُهلّين مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالحجِّ مُفرِداً، وأقبلت عائشة مُهلَّةً بعُمرة، حتى إذا كانت بسَرِفَ عَرَكَت، حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبة، وبالصفا والمروة، فأمرنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يحِلَّ منا من لم يكن معه هديٌ، قال: فقلنا: حِلُّ ماذا؟ فقال: "الحِلُّ كُلُه" فواقعنا النساء، وتطيبنا بالطيب، ولبسنا ثيابنا، وليس بيننا وبين عرفة إلا أربعُ ليال، ثم أهللنا يومَ التروية، ثم دخلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - على عائشة فوجدها تَبكي، فقال: "ما شانُك؟ " قالت: شأني أني قد حِضْتُ، وقد حَلَّ الناسُ ولم أحللْ، ولم أطُف بالبيت، والناسُ يذهبون إلى الحجِّ الآن، قال: "إن هذا أمرٌ كتبه اللهُ على بناتِ آدم، فاغتسلي، ثم أهلِّي بالحج"، ففعلَتْ ووقَفَت المواقف، حتى إذا طَهُرَتْ طافَتْ بالبيت وبالصَّفا والمروةِ، ثم قال: "قد حللت مِن حَجِّكِ وعُمْرتك ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب القرشي، وعروة: هو ابن الزبير. وأخرجه البخاري (7229) من طريق عقيل بن خالد، عن الزهري، به. وأخرجه مسلم (1211) من طريق ذكوان مولى عائشة، عن عائشة، به. وهو في "مسند أحمد" (26094). وانظر ما سلف برقم (1778).

جميعاً" قالت: يا رسول الله، إني أجِدُ في نفسي أني لم أَطُفْ بالبيتِ حين حججتُ، قال: "فاذهبْ بها يا عبد الرحمن، فأعْمِرْها مِن التنعيم" وذلك ليلةَ الحصْبة (¬1). 1786 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل ومُسدَد قال: حدَّثنا يحيي بنُ سعيدٍ، عن ابنِ جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابراً قال: دخل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - على عائشة، ببعضِ هذه القِصَّةِ، قال عندَ قوله: "وأهلّي بالحج": "ثم حُجِّي واصْنَعِي ما يصنعُ الحاجُّ غير أن لا تطُوفي بالبَيتِ ولا تُصَلِّي" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي. وقد رواه عن أبي الزبير هنا الليث وهو لم يرو عنه إلا ما ثبت سماعه له من جابر. وأخرجه مسلم (1213)، والنسائي في "الكبرى" (3729) من طرق عن الليث، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1213) من طرق عن أبي الزبير، به. وزاد في بعض طرقه: أمرنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل والبقر، كل سبعة منا في بدنة. وهو في "مسند أحمد" (14322) و (15244)، و "صحيح ابن حبان" (3924). وانظر ما سيأتي بالأرقام (1786 - 1789)، و (1905) مطولاً. وقوله: عركت: معناه: حاضت، يقال: عركت المرأة تَعرُكُ: إذا حاضت، وامرأة عارك، ونساء عوارك. وقولها: ليلة الحصبة، أي: ليلة قيام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في المحصَّب، وتلك ليلة الرابع عشر من ذي الحجة. والمشهور في الحصبة بسكون الصاد وجاء فتحها وكسرها وهي أرض ذات حصى. (¬2) إسناده صحيح. ابن جريج وأبو الزبير صرحا بالسماع. يحيي بن سعيد: هو القطان. =

1787 - حدَّثنا العباسُ بنُ الوليد بنِ مَزيَدٍ، أخبرني أبي، حدثني الأوزاعيُّ، حَدَثني مَن سَمعَ عَطَاءَ بنَ أبي ربَاحٍ حدثني جَابِرُ بنُ عبد الله قال: أهللنا مَعَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالحجِّ خالصاً لا يُخالطه شيءٌ، فَقَدِمْنَا مكةَ لأربع ليالٍ خَلَوْن مِن ذي الحِجَّة، فطُفنا وسعينا ثم أمَرَنَا رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - أن نحِلَّ، وقال: "لولا هَدْيي لَحَلَلْتُ" (¬1)، ثم قام سُراقةُ بنُ مالك فقال: يا رسولَ اللهِ، أرأَيتَ مُتْعتنا هذه ألعَامِنَا هذا أم لِلأبدِ؟ فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "بَل هِيَ للأبدِ" قال الأوزاعيُّ: سمعتُ عطاءَ بنَ أبي رباح يُحدث بهذا، فلم أحفظه، حتى لقيتُ ابن جريج فَأثْبَتَهُ لِي (¬2). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1213) من طريق محمد بن بكر، والنسائى في "الكبرى" (4217) من طريق ابن أبى زائدة، كلاهما عن ابن جريج، به. ورواية النسائي مختصرة بقصة إرسالها إلى التنعيم مع أخيها، ولم يسق مسلم لفظه. وهو في "مسند أحمد" (14322). وانظر ما قبله. (¬1) في (أ): لأحللتُ. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف فيه راو لم يُسم. الوليد: هو ابن مَزيَد العُذْري، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه ابن ماجه (2980) من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله. وأخرجه البخاري (1557) و (1568) و (2505) و (2506)، ومسلم (1216)، والنسائي في "الكبرى" (3773) و (3971) من طريق عطاء بن أبي رباح، به. ولفظه عند البخاري في الموضع الأول: أمر النبي - صلَّى الله عليه وسلم - علياً أن يقيم على إحرامه، وذكر قول سراقة. وهو في "مسند أحمد" (14409)، و"صحيح ابن حبان" (3791) و (3921). وانظر ما سلف برقم (1785).

1788 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادُ، عن قيسِ بنِ سعدٍ، عن عطاء بنِ أبي رباحٍ عن جابر قال: قَدِمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأصحابُه لأربَعٍ خَلَوْنَ مِن ذِي الحِجَّة، فلما طافُوا بالبيتِ وبالصَّفا والمروةِ، قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اجعلُوها عُمرةَ إلا مَنْ كان معه الهَديُ" فلمَّا كان يَومُ الترويةِ، أهلُّوا بالحَجَّ، فلمَّا كان يومُ النحر قَدِمُوا فطافُوا بالبيتِ، ولم يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفا والمروة (¬1). 1789 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عَبْدُ الوهاب الثقفيُّ، حدَّثنا حبيب - يعني المُعَلِّمَ - عن عطاء حدَّثني جابر بن عبد الله: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أهل هو وأصحابُه بالحجِّ، ولَيْسَ مع أحدٍ منهم يومئذٍ هَديٌ، إلا النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وطلحةَ، وكان عليٌ رضي الله عنه قَدِمَ مِن اليمن ومعه الهدْيُ، فقال: أهللتُ بما أهلَّ به رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وإنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أمر أصحابه أن يجعلوها عمرةَ: يطوفوا، ثم يقصَّروا ويحِلُّوا، إلا من كان مَعَهُ الهَدْيُ فقالوا: أننطلِق إلى منًى وذكورُنا تَقْطُرُ؟! فبلغ ذلك رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "لو ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة البصري، وقيس بن سعد: هو الحبشي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4157) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1568)، ومسلم (1216)، والنسائي (3971) من طرق عن عطاء بن أبي رباح، به. وهو في "مسند أحمد" (14905)، و"صحيح ابن حبان" (3791). وانظر ما سلف برقم (1785) و (1787).

أنَّي استقبلْتُ من أمرِي ما استدبرتُ ما أهدَيْتُ، ولولا أن مَعِيَ الهَدْيَ لأحللتُ" (¬1). 1790 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، أن محمدَ بنَ جعفر حدَّثهم، عن شُعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ عن ابن عباس، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "هذه عُمَرَةٌ استمتَعْنَا بها، فمن لم يكن عنده هدْيٌ فليحِلَّ الحِلَّ كُلَّه، وقَد دَخَلَتِ العُمْرَةُ في الحجِّ إلى يَوْمِ القِيامَه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حبيب المعلّم: هو ابن أبي قريبة زائدة - ويقال: زيد - مولى معقل بن يسار. وأخرجه البخاري (1651) و (1785) و (7230) من طريق حبيب المعلم، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2505) و (2506) و (7367) من طريق عطاء بن أبي رباح، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (4352)، والنسائى في "الكبرى" (3710) من طريق ابن جريج، عن عطاء، عن جابر مختصراً بذكر قدوم علي وإهلاله بمثل ما أهل به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. وهو في "مسند أحمد" (14279). وانظر ما سلف برقم (1785) و (1787). قال أبو داود في رواية أبي عيسى الرملي عنه: يعني بذكورنا تقطُر: قرب العهد بالنساء. (¬2) إسناده صحيح. الحكم: هو ابن عتيبة الكندي، ومجاهد: هو ابن جبر المخزومي. وأخرجه مسلم (1241)، والنسائي في "الكبرى" (3681) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد ورواية النسائي دون قوله: "إلى يوم القيامة". وأخرجه الترمذي (950) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، به. مختصراً بقوله: "دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة"، وقال: حديث حسن. =

قال أبو داود: هذا منكر (¬1)، إنما هو قولُ ابن عباس. 1791 - حدَّثنا عُبَيدُ اللهِ بنُ معاذ، حدثني أبي، حدَّثنا النهاسُ، عن عطاء عن ابنِ عباس، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا أهَلَّ الرجلُ بالحجِّ، ثم قَدِمَ مكة فطاف بالبيتِ وبالصَّفا والمروةِ فقد حَلَّ، وهي عُمْرَةٌ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه بنحوه بذكر أمره - صلَّى الله عليه وسلم - بالإحلال لمن ليس معه هدي: البخاري (1085) و (1545) و (1572)، ومسلم (1239) و (1240)، والنسائي في" الكبرى" (3782) من طرق عن ابن عباس ولم يذكروا قوله: "دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة". وهو في "مسند أحمد" (2115). وانظر تالِييه. (¬1) قال المنذري في "مختصر السنن": وفيما قاله أبو داود نظر، وذلك أنه قد رواه أحمد بن حنبل، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، وعثمان بن أبي شيبة، عن محمد بن جعفر عن شعبة مرفوعاً، ورواه يزيد بن هارون ومعاذ العنبري وأبو داود الطيالسي، وعمرو بن مرزوق عن شعبة مرفوعاً، وتقصير من يقصر فيه من الرواة لا يؤثر فيما أثبته الحفاظ. وقال ابن القيم: والتعليل الذي تقدم لأبي داود في قوله: هذا حديث منكر، إنما هو لحديث عطاء هذا، عن ابن عباس يرفعه: "إذا أهل الرجل بالحج" فإن هذا قولُ ابن عباس الثابت عنه بلا ريب، رواه عنه أبو الشعثاء وعطاه وأنس بن سليم وغيرهم من كلامه، فانقلب على الناسخ، فنقله إلى حديث مجاهد عن ابن عباس، وهو إلى جانبه، وهو حديث صحيح، لا مطعن فيه ولا علة، ولا يعلِّل أبو داود مثلَه، ولا من هو دونَ أبي داود، وقد اتفق الأئمة الأثبات على رفعه، والمنذري رحمه الله رأى ذلك في"السنن"، فنقله كما وجده، والأمر كما ذكرناه، والله أعلم. (¬2) إسناده ضعيف، لضعف النهاس - وهو ابن قَهْم -. معاذ: هو ابن معاذ العنبري التميمي، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وانظر ما قبله. وأخرجه أحمد (2223) ومن طريقه الطبراني في"الكبير" (11483) من طريق حبيب بن أبي مرزوق، عن عطاء، عن ابن عباس قال: من قدم حاجاً، وطاف بالبيت =

قال أبو داود: رواه ابنُ جريج [عن رجل] عن عطاءٍ: دخل أصحابُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مُهلِّيِن بالحج خالصاً، فجعلها النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عُمرةً. 1792 - حدَّثنا الحسنُ بنُ شَوكَر وأحمد بن منيع، قالا: حدَّثنا هُشيمٌ، عن يزيدَ بن أبي زياد - قال ابن منيع: أخبرنا يزيدُ بن أبي زياد، المعنى - عن مجاهد عن ابنِ عباس، قال: أهلَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بالحجِّ، فلما قدم طاف بالبيت وبين الصفا والمروة - وقال ابن شَوْكر: ولم يقصِّرْ، ثم اتفقا - ولم يحِلّ مِن أجل الهدي، وأَمَرَ مَنْ لم يكُنْ ساقَ الهديَ أن يطوفَ، وأن يسعى ويُقصّر ثم يحِلَّ - زاد ابنُ منيعٍ في حديثه: أو يحلق ثم يُحِل - (¬1). 1793 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهب، أخبرنى حَيوةُ، أخبرنى أبو عيسى الخراسانيُّ، عن عبد الله بنِ القاسم، عن أبيه (¬2)، عن سعيدِ ابنِ المسيب: ¬

_ = وبين الصفا والمروة، فقد انقضت حجته، وصارت عمرة، كذلك سنة الله عز وجل وسنة رسوله - صلَّى الله عليه وسلم -. وفي إسناده عبد الله بن ميمون الرقي شيخ أحمد لم يُذكر بجرح ولا تعديل. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، لضعف يزيد بن أبي زياد القرشي الهاشمي، وله طرق يتقوى بها، انظرها في "المسند" (2241) و (2274) و (2360) و (2641). هشيم: هو ابن بشير السلمي، وابن منيع: هو أحمد البغوي. وهو في "مسند أحمد" (2152). وانظر ما سلف برقم (1790). قال السندي: وحاصل الحديث أنه أمر من لم يُسقِ الهدى بالفسخ، وبقي هو محرماً لأجل الهدى. (¬2) قوله: عن أبيه، أثبتناه من نسخة (هـ) وهي برواية ابن داسه، وقد أخرجه ابن حزم في "حجة الوداع" برقم (551) من طريق ابن داسه كذلك، فذكر القاسم أبا عبد الله. =

أن رجلاً مِن أصحابِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أتى عُمَرَ بنَ الخَطَابِ رَضِيَ الله عنه، فَشَهِدَ عندَه. أنه سَمعَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في مرضه الذي قُبِضَ فيه ينهى عن العُمرةِ قبلَ الحجِّ (¬1). 1794 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل أبو سلمةَ، حدَّثنا حمادٌ، عن قتادةَ، عن أبي شيخ الهُنائي - حيوان بن خَلْدةِ (¬2) ممَن قرأ على أبي موسى الأشعري من أهلِ البصرةِ - ¬

_ = ولم يرد ذكره عندنا في (أ) و (ج) وهما برواية أبي علي اللؤلؤي، ولهذا لم يذكره المزي في "تحفة الأشراف" 11/ 156، واستغربه الحافظ في "النكت الظراف" بعد أن نقل عن ابن القطان إثباته في إسناد أبي داود. ولا غرابة فيه، لأنه ثابت في رواية ابن داسه. والله أعلم. (¬1) ضعيف، وقال ابن القطان في "الوهم والإيهام" 3/ 451: أبو عيسى الخراساني مجهول، وعبد الله بن القاسم وأبوه أيضاً لا تعرف أحوالهما، وأعله المنذري بالانقطاع، فقال: سعيد بن المسيب لم يصح سماعه من عمر بن الخطاب، وقال الخطابي: في إسناد هذا الحديث مقال، وقد اعتمر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عمرتين قبل حجه، والأمر الثابت المعلوم لا يترك بالأمر المظنون، وجواز ذلك إجماع من أهل العلم لم يذكر فيه خلاف. وقال ابن القيم: وهذا الحديث باطل ولا يحتاج تعليله إلى عدم سماع ابن المسيب عن عمر، فإن ابن المسيب إذا قال: قال رسول الله، فهو حجة، قال الإمام أحمد: إذا لم يُقبل سعيد بن المسيب عن عمر فمن يقبل. وقال أبو محمد بن حزم: هذا حديث في غاية الوهي والسقوط، لأنه مرسل عمن لم يسم، وفيه ثلاثة مجهولون: أبو عيسى الخراساني، وعبد الله بن القاسم، وأبوه. وأخرجه البيهقي في "سننه" 5/ 19 من طريق أبى داود، بهذا الإسناد. (¬2) كذا جاء اسمه في (أ): حيوان بن خَلدة، وإنما هو ابن خالد، كما جاء في مصادر ترجمته، وكذا سمَّى أباه خالداً أصحاب كتب المشتبه، كالدارقطي وابن ماكولا والذهبي وابن ناصر وابن حجر! وكلهم سموه: حيوان، بالحاء المهملة، وكذلك سماه البخاري في "تاريخه الكبير".

23 - باب في الإقران

أن معاويةَ بن أبي سُفيان قال لأصحابِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -: هل تعلمون أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كذا وكذا، وعن ركوبِ جلودِ النُّمور؟ قالوا: نَعَم، قال: فتعلمون أنه نهى أن يكرن بينَ الحجِّ والعُمرة؟ فقالوا: أما هذا فلا، فقال: أما إنها مَعَهُنَّ، ولكنَكُم نَسِيتُمْ (¬1). 23 - باب في الإقران 1795 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا هُشيم، أخبرنا يحيى بن أبي إسحاقَ وعبدُ العزيز بنُ صُهيب وحُميدٌ الطويلُ ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل أبي شيخ الهنائي حيوان بن خلدة فإنه حسن الحديث. حماد: هو ابن سلمة البصري، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (217) و (19927)، وأحمد في "مسنده" (16833) و (16864) و (16909)، وعبد بن حميد في "المنتخب" (419)، والطحاوي في"شرح مشكل الآثار" (3250)، والطبرانى في"المعجم الكبير" 19/ 824 و 827 و 828 من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد. وبعضهم يختصره. ورواية عبد الرزاق الثانية، وأحمد (16864)، والطبراني 19/ 824 بلفظ: "نهى عن متعة الحج". وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" 19/ 829 من طريق بيهس بن فهدان، عن أبي شيخ، به. مختصراً. وانظر ما سيأتي برقم (4129) و (4131). وقوله: "أما إنهن معهن" قال السندي: أى: هذه الخصلة وهي الجمع، أو إن المتعة لمعهن، أى: مع الخصال المنهي عنها، ولا يخفى أن يبعد كونها معهن، وقد جاء بها الكتاب والسنة، وقد فعل هو - صلَّى الله عليه وسلم -، وفعل الصحابة معه في حجة الوداع، ولا يمكن حمل الحديث على أنه كذب في ذلك، فالوجه أن يقال: لعله اشتبه عليه بأن سمع النهي عن المتعة، فزعم أن المراد متعة الحج فكان المراد متعة النساء، وذلك لأن النهي كان في مكة، فزعم أن المناسب بها ذكر المناسك، ويحتمل أنه رأى أن نهي عمر وعثمان عنه لا يمكن بلا ثبوت نهي من النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عنه عندهما، وقد ثبت عنده النهي منهما. فبنى على ذلك ثبوت النهي من النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، والله تعالى أعلم.

عن أنس بنِ مالك، أنهم سَمِعُوه يقولُ: سمعتُ رَسُولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - يُلبِّي بالحجِّ والعُمرَةِ جميعاً يقولُ: "لبَّيك عُمرةً وحَجّاً، لبَّيك عُمرةً وحجّاً" (¬1). 1769 - حدَّثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل، حدَّثنا وُهَيب، حدَّثنا أيوبُ، عن أبي قِلابة عن أنس: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - باتَ بها - يعني بذي الحليفة - حتَى أصبَحَ، ثم رَكِبَ، حتى إذا استَوَتْ بهِ على البيداء حَمِدَ الله وسبَّحَ وكبَّر، ثم أهل بِحَجَّ وعُمرةٍ، وأهل الناسُ بهما، فلما قَدِمنَا أمر الناسَ فَحَلُّوا، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وقد صرح حميد الطويل بسماعه من أنس عند مسلم وغيره، وكذلك قد رواه عن بكر بن عبد الله عن أنس كما سيأتي، فيكون هذا من المزيد في متصل الأسانيد. هشيم: هو ابن بشير السلمي. وأخرجه مسلم (1251)، والنسائي في "الكبرى" (3695) من طرق عن هشيم، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1251) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، عن يحيي بن أبي إسحاق وحميده عن أنس. وأخرجه ابن ماجه (2968) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن يحيي بن أبي إسحاق، عن أنس. وأخرجه ابن ماجه (2969)، والترمذي (835) من طريقين عن حميد، عن أنس. وأخرجه مسلم (1232) (185)، والنسائي في "الكبرى" (3697) من طريق حميد الطويل, ومسلم (1232) (186) من طريق حبيب بن الشهيد، كلاهما، عن بكر بن عبد الله المزنى، عن أنس. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3696) من طريق أبي أسماء، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (11958)، و "صحيح ابن حبان" (3930) و (3932). وانظر ما بعده.

حتَى اذا كان يومُ التروية أهلُّوا (¬1) بالحج، ونحر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - سبع بدَنات بيده قياماً (¬2). قال أبو داود: الذي تَفَرَّدَ به - يعني أنساً - من هذا الحديثِ أنه بدأ بالحمدِ والتسبيحِ والتكبيرِ ثم أهلَّ بالحجِّ (¬3). ¬

_ (¬1) في (أ) و (ج): أهلَّ بالحج، على صيغة الإفراد، والمثبت من (هـ) وهي برواية أبي بكر ابن داسه، وقد أشار الحافظ إلى أنها كذلك في رواية ابن الأعرابي، وقد أخرج البخاري الحديث (1551) عن موسى بن إسماعيل، كما رواه ابن داسه وابن الأعرابي. (¬2) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد الباهلي، وأيوب: هو السختياني, وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي. وأخرجه البخاري (1551) و (1712) و (1714) من طريقين عن وهيب، بهذا الإسناد. وروايته الثانية مختصرة. بذكر نحره - صلَّى الله عليه وسلم - سبع بدن قياماً، وزاد فيه: وضحى بالمدينة كبشين أملحين أقرنين. وأخرجه مختصراً بذكر المبيت بذي الحليفة: البخاري (1547) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن أيوب، به. وأخرجه مختصراً أيضاً البخاري (2986) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، قال: كنت رديف أبي طلحة، وإنهم ليصرخون بهما جميعاً: الحج والعمرة. وأخرج مختصراً بذكر المبيت بذي الحليفة البخاري (1546) من طريق محمد بن المنكدر، وبذكر إهلاله - صلَّى الله عليه وسلم - بالحج والعمرة (4353) و (4354) من طريق بكر بن عبد الله، كلاهما عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (13831)، و"صحيح ابن حبان" (4019). وستأتي قصة النحر والأضجة برقم (2793). وانظر ما قبله. (¬3) قول أبي داود هذا أثبتناه من نسخة على هامش (أ)، وهي في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي.

1797 - حدَّثنا يحيى بنُ معينٍ، حدَّثنا حجاجٌ، حدَّثنا يونس، عن أبي إسحاقَ عن البراء بن عازِبٍ، قال: كنتُ مع علي رضي الله عنه حينَ أمَّره رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - على اليَمَنِ، قال: فأصبتُ معه أواقي (¬1)، قال: فلما قَدِمَ عليٌّ من اليمن على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وَجَدَ فاطمة رضي الله عنها قد لبست ثياباً صَبيغاً، وقد نضَحَتِ البيتَ بِنَضُوحٍ، فقالت: ما لك؟ فإن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قد أمر أصحابه فأحلُّوا؟ قال: قلت لها: إني أهللتُ بإهلالِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: فأتيتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال لي رسول الله: "كيف صنعتَ؟ " قال: قلتُ: أهللتُ بإهلالِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "فإني قد سُقْتُ الهديَ وقَرَنْتُ" قال: فقال لي: "انْحَرْ مِن البُدْنِ سبعاً وستينَ، أو ستاً وستينَ، وأمسِك لِنفسك ثلاثاً وثلاثين، أو أربعاً وثلاثين، وأمسِكْ لي مِن كلِّ بَدَنَةٍ منها بَضْعةً" (¬2). ¬

_ (¬1) في (أ) و (ج): أواقاً، والمثبت من (هـ) وهو الجادة. (¬2) إسناده حسن. يونُس - وهو ابن أبي إسحاق السبيعي - صدوق حسن الحديث. حجاج: هو ابن محمد المِصِّيصي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3691) و (3711) من طريق يحيي بن معين، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (4349) من طريق يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي، عن أبيه، به. بلفظ: بعثنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - مع خالد بن الوليد إلى اليمن، قال: ثم بعث علياً بعد ذلك مكانه فقال: "مُرْ أصحاب خالد من شاء منهم أن يُعَقِّب معك فليُعَقِّب، ومن شاء فليقبل فكنت فيمن عقب معه" قال: فغنمتُ أواقيَ ذوات عددٍ. وقوله: انحر من البدن سبعاً وستين أو ستاً وستين ... قال صاحب "بذل المجهود": يخالفه ما في "صحيح مسلم" (1218): فنحر ثلاثاً وستين (أي: بيده) وأعطى علياً فنحر ما غَبر، قال النووي والقرطبى ونقله القاضي عن جميع الرواة أن هذا هو الصواب لا ما وقع في رواية أبي داود.

1798 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جريرُ بنُ عبدِالحميد، عن منصور، عن أبي وائل، قال: قال الصُّبَيُّ بن معبد: أهللتُ بهما معاً، فقال عمر: هُدِيتَ لِسُنَّة نبيكَ - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 1799 - حدَّثنا محمد بن قدامة بن أعين وعثمان بن أبي شيبةَ [المعنى] قالا: حدَّثنا جرير بن عبدِ الحميد، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ، قال: قال الصُّبَيُّ بنُ معبدٍ: كنت رجلاً أعرابياً نصرانياً، فأسلمتُ، فأتيتُ رجلاً مِن عشيرتي يقال له: هُدَيم بن ثُرْمُلة (¬2)، فقلتُ: يا هنَاه، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. منصور: هو ابن المعتمر السُّلَمي، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي. وهو في "مسند أحمد" و"صحيح ابن حبان" (3910). وانظر ما بعده. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ) وحدها وهي برواية ابن داسه، وقد أشار المزي في "تحفة الأشراف" 8/ 29 - 30، وكذا الحافظ في "النكت الظراف" إلى هذه الرواية المختصرة عند أبي داود، وهي مختصرة من الحديث التالي الذي رواه المصنف عن عثمان ابن أبي شيبة ومحمد بن قدامة بن أعين مطولاً، واقتصر في (أ) و (ج) على الرواية المطولة. (¬2) هذا الرجل اختلف في اسمه، فقد جاء في (أ) و (ب): هريم، بالراء المهملة، وجاء في (ج) و (هـ): هُدَيم، بالدال المهملة، وهو الصواب كما جاء في مصادر ترجمته وكتب المشتبه، وكما جاء في مصادر تخريج الحديث إلا في "المجتبى" للنسائي، فقد تحرف فيها إلى: هريم، بالراء المهملة، وصوبناه من "الكبرى". واختلف في اسم أبيه أيضاً، فالذي جاء في أصولنا الخطية: ابن ثُرمُلة، وجاء في نسخة على هامش (ب): ابن عبد الله، وبهذا سماه البخاري في "تاريخه" 8/ 250، وكذلك جاء اسمه عند النسائي في "الكبرى"، وابن خزيمة. قال العظيم آبادي: ابن ثرملة، بالثاء المثلثة ثم الراء المهملة ثم الميم، هكذا في بعض النسخ، وهو غلط، فإنه هُدَيم بن عبد الله كما في رواية النسائي ...

إني حريصٌ على الجهاد وإني وجدت الحجَّ والعمرة مكتوبينِ عليَّ، فكيف لي بأن أجمعهما؟ قال: اجمعهما واذبح ما استيسر من الهدي، فأهللتُ بهما معاً، فلمّا أتيت العُذيبَ لقيني سلمانُ بنُ ربيعة وزيدُ بنُ صُوْحانَ وأنا أهِلُّ بهما جميعاً فقال أحدهما للآخر: ما هذا بأفقه مِن بعيره، قال: فكأنما أُلقِيَ عليَّ جَبَلٌ حتى أتيتُ عمرَ بنَ الخطاب رضي الله عنه، فقلت له: يا أميرَ المؤمنين إني كنتُ رجلاً أعرابياً نصرانياً، وإني أسلمتُ، وأنا حريص على الجهاد، وإني وجدتُ الحجَّ والعُمرةَ مكتوبين عليَّ، فأتيتُ رجلاً من قومي فقال لي: اجمعهما واذبحْ ما استيسرَ من الهدي، وإني أهللتُ بهما معاً، فقال عُمَرُ رضي الله عنه هديت لِسُنَّة نبيكَ - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 1800 - حدَّثنا النفيليُّ، حدَّثنا مِسكينٌ، عن الأوزاعيِّ، عن يحيي بن أبي كثير، عن عِكرمة، قال: سمعتُ ابنَ عباس يقول: حدَّثني عُمَرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه أنه سَمعَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "أتاني الليلةَ آتٍ مِن عند ربِّي عز وجلَّ" قال: وهو بالعقيق ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3685) و (3686) من طريق منصور بن المعتمر، به. وأخرجه ابن ماجه (2970) و (2970/ م)، والنسائي (3687) من طرق عن شقيق أبي وائل، به. وهو في "مسند أحمد" (83) و (256)، و "صحيح ابن حبان" (3910). وانظر ما قبله. قوله: يا هناه، بسكون الهاء، ولك ضمها، والمعنى: يا هذا.

وقال: "صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقال: عمرةٌ في حجةٍ" (¬1). قال أبو داود: رواه الوليد بن مسلم وعمر بن عبد الواحد في هذا الحديث عن الأوزاعي: "وقُلْ: عمرةٌ في حجة". قال أبو داود: وكذا رواه علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، في هذا الحديثِ، قال: "وقل: عمرةٌ في حجّة". 1801 - حدَّثنا هَنّادُ بنُ السَّرِيِّ، حدَّثنا ابنُ أبي زائدة، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ عمر بنِ عبد العزيز، حدثني الربيعُ بنُ سَبْرةَ عن أبيه، قال: خرجنَا مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، حتى إذا كان بعُسفان قال له سُراقَةُ بنُ مالك المدْلجِيُّ: يا رسولَ الله، اقْضِ لنا قضاءَ قومٍ كأنما وُلِدُوا اليومَ، فقال: "إن الله عز وجل قد أدخل عليكم في حَجِّكم هذا عمرةً، فإذا قَدِمْتُم فمن تَطَوَّف بالبيتِ وبين الصفا والمروةِ فقد حلَّ، إلا مَن كان معه هَدْيٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. مسكين - وهو ابن بكير الحرّاني - صدوق حسن الحديث. ولكنه قد توبع. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه البخاري (1534) و (2337)، وابن ماجه (2976) من طرق عن الأوزاعي، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (7343) من طريق علي بن المبارك، عن يحيي بن أبي كثير، به. وكلهم قال في روايته: "وقل: عمرة في حجة". وهو في "مسند أحمد" (161)، و"صحيح ابن حبان" (3790). (¬2) إسناده صحيح. ابن أبي زائدة: هو يحيي بن زكريا الوادعي، والربيع: هو ابن سبْرة بن معبد الجهني. =

1802 - حدَّثنا عبدُ الوهاب بنُ نجدةَ، حدَّثنا شعيبُ بن إسحاقَ، عن ابن جريج. وحدثنا أبو بكر بن خلاد، حدَّثنا يحيى - المعنى - عن ابن جريج، أخبرني الحسن بن مُسلمٍ، عن طاووس، عن ابن عباس أن معاويةَ بنَ أبي سفيان أخبره قال: قصَّرتُ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بِمِشْقَصٍ على المروةِ، أو رأيتهُ يقصَّر عنه على المروة بِمشقصٍ (¬1). ¬

_ = وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفمه" (14041)، وأحمد في "مسنده" (15345)، والدارمي في "سننه" (1857)، والطبراني في "المعجم الكبير" (6513) و (6514) و (6515) و (6517) و (6520)، والبيهقي 203/ 7 - 204 من طرق عن عبد العزيز بن عمر، بهذا الإسناد. (¬1) إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز الأموي، وأبو بكر ابن خلاد: هو محمد الباهلي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وطاووس: هو ابن كيسان اليماني. وأخرجه البخاري (1730)، ومسلم (1246)، والنسائي في "الكبرى" (3967) من طريقين عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1246)، والنسائى في "الكبرى" (3703) من طريق هشام بن حجير، عن طاووس، به. وهو في "مسند أحمد" (2664) و (16870). وانظر ما بعده. والمشقص بوزن منبر: سهم فيه نصل عريض يرمى به الوحش، وقيل: المراد به: المقص، وهو الأشبه في هذا المحل. قال الخطابي: هذا صنيع من كان متمتعاً، وذلك أن المفرد والقارن لا يحلق رأسه ولا يقصر شعره إلا يوم النحر، والمعتمر يقصره عند الفراغ من السعي، وفي الروايات الصحيحة: أنه لم يحلق ولم يقصر إلا يوم النحر بعد رمي الجمار، وهي أولى، ويشبه أن يكون ما حكاه معاوية إنما هو في عمرة اعتمرها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - دون الحجة المشهورة له. وانظر "فتح الباري" 3/ 565 - 566.

قال ابنُ خلاد: إن معاوية لم يذكر أخبره. 1803 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي ومخلد بنُ خالد ومحمدُ بن يحيى - المعنى - قالوا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ أن معاوية قال له: أما علمت أني قصَّرت عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بِمشْقَصِ أعرابيٍّ، على المروةِ، زاد الحسنُ في حديثه: لحجته (¬1). 1804 - حدَّثنا عُبيد الله بن معاذٍ، أخبرنا أبي، حدَّثنا شعبةُ، عن مسلم القُرِّيِّ سمع ابن عبَّاس يقول: أهلَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بعمرة وأهلَّ أصحابه بحجٍّ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنعانى، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي، وابن طاووس: هو عبد الله بن طاووس بن كيسان الهمداني. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3968) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وانظر "مسند أحمد" (16884). وانظر ما قبله. قال صاحب "بذل المجهود" 9/ 13: قوله: لحجته. الظاهر المراد بالحج العمرة، وإلا لا يصح هذا القول، فإن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يحل في حجته بعد العمرة، بل حل بعد الحج يوم النحر. (¬2) إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ العنبري، ومسلم القُرِّي: هو مسلم بن مِخْراق العبدي. وأخرجه مسلم (1239)، والنسائي في "الكبرى" (3782) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2141). وقوله: أهل بعمرة. قد ثبت أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أهل لعمرة وحج، فذكر أحدهما لا ينفي الآخر، وقد ثبت أنه - صلَّى الله عليه وسلم - حج فصار قارناً، وأما أصحابه فبعضهم أحرم بعمرة، وبعضهم أحرم بحجٍّ فقط، وبعضهم أحرم بحجة وعمرة، فذكر في الحديث ما فعله بعضهم "بذل المجهود".

1805 - حدَّثنا عبدُ الملك بنُ شعيب بنِ الليث، حدثني أبي، حدثني أبي، عن عُقيل، عن ابنِ شهابٍ، عن سالم بنِ عبدِ الله أن عبد الله بن عمر قال: تمتَعَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في حجةِ الوداع بالعمرة إلى الحج، فأهدى وساقَ معه الهديَ من ذي الحليفةِ، وبدأَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فأهلَّ بالعمرةِ، ثم أهل بالحج، وتمتع الناسُ مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالعُمرة إلى الحجِّ، فكان مِن الناسِ من أهدى وساق الهديَ، ومنهم من لم يُهدِ، فلما قَدِمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مكة قال للناس: "من كان منكم أهدى، فإنه لا يحل مِن شيءِ حَرُمَ منه حتى يقضي حجهُ، ومن لم يكن مِنكم أهدى، فليَطُف بالبيتِ وبالصفا والمروةِ، وليُقصِّرْ وليَحلِل ثم ليُهل بالحج وليُهد، فمن لم يجد هَدياَ فليصُم ثلاثة أيامٍ في الحجِّ وسبعةٍ إذا رجع إلى أهله" وطافَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حين قَدِمٍ مكة: فاستلم الركن أوَّل شيءٍ، ثم خَبَّ ثلاثةَ أطوافٍ من السبعِ ومشى أربعة أطوافٍ، ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم سلَّم، فانصرف فأتى الصَّفا، فطاف بالصَّفا والمروةِ سبعة أطواف، ثم لم يحلل مِن شيءٍ حَرُمَ منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النَّحر، وأفاضَ فطافَ بالبيت، ثم حلَّ من كل شيءٍ حرم منه، وفَعَل مثلَ ما فَعَل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مَن أهدَى وساق الهديَ مِن الناس (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. شعيب بن اليث: هو ابن سعد بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم، وعُقيل: هو ابن خالد الأموي مولاهم الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه البخاري (1691)، ومسلم (1227) و (1228)، والنسائي في "الكبرى" (3698) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. =

1806 - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن نافع، عن عبدِ الله بن عمر عن حفصةَ زوج النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنها قالت: يا رسولَ اللهِ، ما شأنُ الناسِ قد حَلُّوا ولم تحلِل أنتَ مِن عُمرتك؟ فقال: "إني لبَّدْتُ رأسي، وقلّدتُ هديي، فلا أحِلُّ حتى أنحرَ الهدي" (¬1). ¬

_ = وأخرج بنحوه البخاري (1603)، ومسلم (1261) وابن ماجه (2946)، والترمذي (837)، والنسائي في "الكبرى" (3724) و (3925) من طريقين عن ابن شهاب، به. مختصراً. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3723) من طريق موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، به. مختصراً. وأخرج بنحوه البخاري (396) و (1624) و (1627) و (1646) و (1647) و (1794)، ومسلم (1234)، وابن ماجه (2959)، والنسائي في "الكبرى" (3897) و (3944) من طريق عمرو بن دينار، والبخاري (1604) و (1617) و (1644) ومسلم (1261)، وابن ماجه (2950) و (2974)، والنسائي في "الكبرى" (3921) و (3923) و (3924) من طريق نافع، كلاهما عن ابن عمر، به. مختصراً بقصة طوافه - صلَّى الله عليه وسلم -. وهو في "مسند أحمد" (6247). وله شاهد من حديث عائشة عند البخاري (1692). وقوله: تمتع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال القاضي: هو محمول على التمتع اللغوي وهو القِرَانُ آخراً، ومعناه أنه - صلَّى الله عليه وسلم - أحرم أولاً بالحج مفرداً، ثم أحرم بالعمرة فصار قارناً في آخر أمره، والقارن: هو متمتع من حيث اللغة ومن حيث المعنى، لأنه ترفه باتحاد الميقات والإحرام والفعل، ويتعين هذا التأويل هنا للجمع بين الأحاديث في ذلك. (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 394، ومن طريقه أخرجه البخارى (1566) و (1725) و (5916)، ومسلم (1229)، والنسائي في "الكبرى" (3747). وأخرجه البخاري (1697) و (4398)، ومسلم (1229)، وابن ماجه (3046)، والنسائي في "الكبرى" (3648) من طرق عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (6068) و (26424)، و"صحيح ابن حبان" (3925).

24 - باب الرجل يهل بالحج ثم يجعلها عمرة

24 - باب الرجل يُهل بالحجِّ ثم يجعلها عُمَرةً (¬1) 1807 - حدَّثنا هنَّاد - يعني ابنَ السَّري - عن ابنِ أبي زائدة، أخبرنا محمدُ ابنُ إسحاقَ، عن عبدِ الرحمن بنِ الأسود، عن سُليم بن الأسود أن أبا ذرّ كان يقولُ فيمن حج، ثم فسخها بعمرة: لم يكن ذلك إلا للرَّكبِ الذين كانُوا مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2). 1808 - حدَّثنا النُّفَيليُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز - يعني ابنَ محمد - أخبرنا ربيعةُ ابن أبي عبد الرحمن، عن الحارث بنِ بلال بن الحارث عن أبيه، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فسْخُ الحج لنا خاصَّة أو لِمَنْ بَعدَنا؟ قال: "بل لكم خاصة" (¬3). ¬

_ (¬1) هذا التبويب أثبتناه من هامشي (ج) و (هـ). (¬2) صحيح موقوفاً، وهذا إسناد ضعيف. محمد بن إسحاق لم يصرح بالسماع. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا الهمداني الوادعي. وأخرجه مسلم (1224)، وابن ماجه (2985)، والنسائي (3777 - 3780) من طريق يزيد بن شريك التيمي، عن أبي ذر، قال: كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد - صلَّى الله عليه وسلم -. قال صاحب "المغني" 5/ 252: قد صح عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنه أمر أصحابه في حجة الوداع الذين أفردوا الحج وقرنوا أن يحلُّوا كلهم، ويجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي، وثبت ذلك في أحاديث كثيرة متفق عليهن بحيث يقرب من التواتر والقطع، ولم يختلف في صحة ذلك وثبوته عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أحد من أهل العلم علمناه ... وقول أبي ذر من رأيه، وقد خالفه من هو أعلم منه، وقد شذ به عن الصحابة رضي الله عنهم، فلا يلتفت إلى هذا. (¬3) إسناده ضعيف لجهالة حال الحارث بن بلال، فقد انفرد ربيعة بن أبي عبد الرحمن - وهو المعروف بربيعة الرأي - في رواية هذا الحديث عنه فيما ذكر الذهبي في "الميزان"، وقال أحمد: ليس إسناده بالمعروف، وقال أبو داود في "المسائل" =

25 - باب الرجل يحج عن غيره

25 - باب الرجل يحج عن غيره 1809 - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب؛ عن سُليمان بن يسار عن عبدِ الله بن عباس، قال: كان الفضلُ بنُ عباس رَديفَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فجاءته امرأةٌ مِن خَثْعَم تستفتيه، فجعل الفَضلُ ينظر إليها وتنظر إليه، فجعلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يصرفُ وجه الفضلِ إلى الشق الآخرِ، فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله عز وجل على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يستطيعُ أن يَثبُتَ على الراحلةِ، أفأحُجُّ عنه؟ قال "نَعَمْ" وذلك في حجَّة الوَدَاع (¬1). ¬

_ = ص 302: قلت لأحمد حديث بلال بن الحارث في فسخ الحج، قال: ومن بلال بن الحارث أو الحارث بن بلال ومن روى عنه؟ ليس يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة، وهذا أبو موسى يفتي به في خلافة أبي بكر، وصدر من خلافة عمر. وانظر "زاد المعاد" 2/ 191 - 193 بتحقيقنا مع صاحبنا العلامة الشيخ عبد القادر الأرنؤوط رحمه الله. وأخرجه ابن ماجه (2984)، والنسائى في "الكبرى" (3776) من طريقين عن عبد العزيز الدراوردي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15853). (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن شهاب: هو محمد ابن مسلم الزهري. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 359، ومن طريقه أخرجه البخاري (1513) و (1855)، ومسلم (1334)، والنسائي في "الكبرى" (3607). وأخرجه البخاري (1854) و (4399) و (6228)، والنسائي في "الكبرى" (3600) و (3601) و (3608) وفي "المجتبى" (5390) و (5392) من طرق عن ابن شهاب, به. وهو في "مسند أحمد" (3375)، و"صحيح ابن حبان" (3989) و (3996). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه البخاري (1853)، ومسلم (1335)، والترمذي (946) من طريق ابن جريج، وابن ماجه (2909)، والنسائي في "الكبرى" (5915) من طريق الأوزاعي، كلاهما عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عباس، عن الفضل بن عباس. فجعل الحديث من مسند الفضل ين عباس صاحب القصة. وهو في "مسند أحمد" (1818). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3606) و (5912) من طريق يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان بن يسار، عن عبد الله بن عباس. إلا أنه جعل السائل رجلاً بدل المرأة الخثعمية. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (3609) و (5914) من طريق يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان بن يسار، عن الفضل بن العباس، به. وجعل السؤال أيضاً لرجل وليس للمرأة الخثعمية. وهو في "مسند أحمد" (1812) وروايته على الشك بين عبد الله بن عباس أو الفضل بن العباس. وأخرجه ابن ماجه (2907) من طريق نافع بن جبير، والنسائى في "الكبرى" (3605) من طريق عكرمة، وفي "المجتبى" (5396) من طريق جابر بن زيد، ثلاثتهم عن ابن عباس، به. لكن وقع عند النسائى السؤال لرجل وليس للخثعمية. قال الخطابي: في هذا الحديث بيان جواز حج الإنسان عن غيره حياً وميتاً، وأنه ليس كالصلاة والصيام وسائر الأعمال البدنية التي لا تجري فيها النيابة، وإلى هذا ذهب الشافعي. وكان مالك لا يرى ذلك، وقال: لا يُجزئه إن فعل، وهو الذي روى حديث ابن عباس، وكان يقول في الحج عن الميت: إن لم يُوصِ به الميت إن تصدق عنه وأعتق أحب إلي من أن يحج عنه، وكان إبراهيم النخعي وابن أبي ذئب يقولان: لا يحج أحد عن أحد، والحديث حجة على جماعتهم. وفيه دليل على أن فرض الحج يلزم من استفاد مالاً في حال كبره وزمانته إذ كان قادراً به على أن يأمر غيره فيحج عنه، كما لو قدر على ذلك بنفسه. ويه دليل على أن حج المرأة عن الرجل جائز. =

1810 - حدَّثنا حَفْصُ بنُ عمر ومسلمُ بنُ إبراهيم - بمعناه - قالا: حدَّثنا شعبةُ، عن النُّعمان بنِ سالم، عن عمرو بنِ أوسٍ عن أبي رَزينٍ - قال حفص في حديثه: رجلٍ من بني عامرٍ - أنه قال: يا رسولَ اللهِ، إن أبي شيخٌ كَبِيرٌ لا يستطِيعُ الحجَّ والعُمرةَ ولا الظَّعنَ، قال "احجُج، عن أبيك واعتمِر" (¬1). ¬

_ = وفيه دليل على أن وجه المرأة ليس بعورة، قال ابن حزم: لأنه لو كان الوجه عورة يلزم ستره لما أقرها على كشفه بحضرة الناس، ولأمرها أن تسبل عليه من فوق، ولو كان وجهها مغطى ما عرف ابن عباس أحسناء هي أم شوهاء. وقال ابن بطال في "شرح البخاري": في الحديث الأمر بغض البصر خشية الفتنة، ومقتضاه أنه إذا أمنت الفتنة لم يمتنع، ويؤيده أنه - صلَّى الله عليه وسلم - لم يحول وجه الفضل حتى أدمن النظر لإعجابه بها، فخشي الفتنة عليه، وفيه مغالبة طباع البشر لابن آدم وضعفه عما ركب فيه من الميل الى النساء والإعجاب بهن. وفيه دليل على أن ستر المرأة وجهها ليس فرضاً، لإجماعهم على أن للمرأة أن تبدي وجهها في الصلاة ولو رآه الغرباء. (¬1) إسناده صحيح. أبو رَزين: هو لَقِيطُ بن صَبِرة، ويقال: لقيط بن عامر. وأخرجه ابن ماجه (2906)، والترمذي (947)، والنسائي في "الكبرى" (3603) من طريق وكيع بن الجراح، والنسائي (3587) من طريق خالد بن الحارث، كلاهما عن شبة، بهذا الإسناد. وقال الترمدي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (16184)، و "صحيح ابن حبان" (3991). وقد استُدل بهذا الحديث على وجوب الحج والعمرة، وقد جزم بوجوب العمرة جماعة من أهل الحديث وهو المشهور عن الشافعي وأحمد، وبه قال إسحاق والثوري والمزني، والمشهور عن المالكية أن العمرة ليست بواجبة وهو قول الحنفية، ولا خلاف في المشروعية. قلنا: قال في "الدر المختار": والعرة في العمر مرَّة سنة مؤكدةٌ، وصحح في "الجوهرة" وجوبها، قال ابن عابدين في "حاشيته" 3/ 476: قال في "البحر": واختاره في "البدائع"، وقال: إنه مذهب أصحابنا، ومنهم من أطلق اسم السنة، وهذا لا ينافي الوجوب. =

1811 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيلَ الطالقانيُّ وحدثنا هنادُ بنُ السَّرِي - المعنى واحد - قال إسحاقُ: حدَّثنا عبدةُ بنُ سليمان، عن ابنِ أبي عَروبة، عن قتادة، عن عَزْرَةَ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - سَمعَ رجلاً يقولُ: لبيك عن شُبْرُمَةَ، قال: "من شُبْرُمَة؟ " قال: أخٌ لي، أو قريبٌ لي، قال: "حججتَ عن نفسِك؟ " قال: لا، قال: "حج عَنْ نفسِكَ ثم حُجَّ عن شُبْرَمَة" (¬1). ¬

_ = وقال أبو عمر في "التمهيد"20/ 14: وأما اختلاف الفقهاء ني وجوب العمرة، فذهب مالك إلى أن العمرة سنة مؤكدة، وقال في "موطئه": ولا أعلم أحداً من المسلمين أرخص في تركها، وهذا اللفظ يوجبها إلا أن أصحابه وتحصيل مذهبه على ما ذكرت لك. وانظر "المغني" 5/ 13. (¬1) إسناده صحيح، وقد اختلف في رفعه ووقفه، وصحح المرفوع ابن حبان والبيهقي، وقال البيهقي: وليس في هذا الباب أصح منه وقد روي موقوفاً والرفع زيادة يتعين قبولها إذا جاءت من طريق ثقة، وهي هاهنا كذلك، لأن الذي رفعه عبدة بن سليمان، قال الحافظ: وهو ثقة محتج به في "الصحيحين" وتابعه على رفعه محمد بن بشر، ومحمد بن عبد الله الأنصاري وكذا رجح عبد الحق وابن القطان رفعه. وقد رجح الطحاوي وقفه، وقال أحمد: رفعه خطأ، وقال ابن المنذر: لا يثبت رفعه. ابن أبي عروبة: هو سعيد اليشكري العدوي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وعزرة: هو ابن عبد الرحمن الخزاعي. وأخرجه ابن ماجه (2903) من طريق عبدة بن سليمان، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (3988). واختلف أهل العلم في أن من لم يحج عن نفسه هل يجوز أن يحج عن غيره، وقال الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: لا يحج عن غيره من لم يحج عن نفسه، وهو قول الأوزاعي. وقال أصحاب الرأي: له أن يحج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه، وقال الثوري نحواً من ذلك، وهو قول مالك بن أنس. "معالم السنن".

26 - باب كيف التلبية؟

26 - باب كيف التلبية؟ 812 ا - حدَّثنا القعنبيُّ، عن ماللث، عن نافع عن عبدِ الله بن عمر، أن تلبية رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - "لبيكَ اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمدَ والنِّعمةَ لك والمُلك لا شَرِيكَ لك" قال: وكانَ عبدُ الله بنُ عمر يزيد في تلبيته: لبيك لبيك، لبيك وسعديك، والخيرُ بيديك، والرَّغباءُ إليك والعمل (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبلى: هو عبد الله بن مسلمة. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 331، ومن طريقه أخرجه البخاري (1549)، ومسلم (1184)، والنسائي في "الكبرى" (3715). ولم يذكر البخاري والنسائي تلبية ابن عمر. وأخرجه مسلم (1184)، وابن ماجه (2918)، والترمذي (839) و (840)، والنسائي في "الكبرى" (3714) من طرق عن نافع، به. ورواية الترمذي في الموضع الأول والنسائي دون ذكر تلبية ابن عمر. وأخرجه البخاري (5915)، ومسلم (1184)، والنسائي في "الكبرى" (3713) من طريق سالم بن عبد الله، ومسلم (1184) من طريق حمزة بن عبد الله، والنسائي (3716) من طريق عبيد الله بن عبد الله، ثلاثتهم عن عبد الله بن عمر، به. ولم يذكلر البخاري والنساثي في الطريق الأول تلبية ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4896)، و"صحيح ابن حبان" (3799). قال في "الفتح " 3/ 411: وفي التلبية أربعة مذاهب: الأول: أنها سنة من السنن لا يجب بتركها شيء، وهو قول الشافعي وأحمد. ثانيها: واجبة ويجب بتركلها دم، حكاه الماوردي عن ابن أبي هريرة من الشافعية، وقال: إنه وجد للشافعي نصًا يدلُّ عليه، وحكاه ابنُ قُدامة عن بعض المالكية والخطابي عن مالك وأبي حنيفة، وأكرب النووي، فحكى عن مالك أنها سنة ويجب بتركلها دم، ولا يعرف ذلك عندهم إلا أن ابن الجلاب قال: التلبية في الحج مسنونة غير مفروضة، وقال ابن التين: يريد أنها ليست من أركان الحج دالا فهي واجبة، ولذلك يجب =

1813 - حدَّثنا أحمد بنُ حنبل، حدَّثنا يحيى بن سعيد، حدَّثنا جعفر، حدَّثنا أبي عن جابر بن عبد الله، قال: أهل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فذكر التلبية مثلَ حديثِ ابنِ عمر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: والناسُ يزيدونَ: "ذا المعارج" ونحوه مِن الكلام، والنبي - صلَّى الله عليه وسلم - يَسْمَعُ، فلا يقولُ لهم شيئاً (¬1). ¬

_ = بتركها الدم ولو لم تكن واجبة لم يجب، وحكى ابن العربي أنه يجب عندهم بترك تكرارها دم وهذا قدر زائد على أصل الوجوب. ثالثها: واجبة لكن يقوم مقامها فعل يتعلق بالحج كالتوجه على الطريق وبهذا صدر ابن شاس من المالكية كلامه في "الجواهر" له، وحكى صاحب "الهداية" من الحنفية مثله لكن زاد القول الذي يقوم مقام التلبية من الذكر كما في مذهبهم من أنه لا يجب لفظ معين، وقال ابن المنذر: قال أصحاب الرأي: إن كبر أو هلل أو سبح ينوي بذلك الإحرام فهو محرم. رابعها: أنها ركن في الإحرام لا ينعقد بدونها، حكاه ابن عبد البر عن الثوري وأبي حنيفة وابن حبيب من المالكية والزبيري من الشافعية، وأهل الظاهر قالوا: هي نظير تكبيرة الإحرام للصلاة، ويقويه ما تقدم من بحث ابن عبد السلام عن حقيقة الإحرام وهو قول عطاء، أخرجه سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه قال: التلبية فرض الحج، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر وطاووس وعكرمة. وقال في "بذل المجهود" 9/ 31: ومذهب الحنفية في ذلك ما قاله القاري في "شرح لباب المناسك": والتلبية مرة فرض، وهو عند الشروع لا غيرها، وتكرارها سنة ... وكل ذِكر يقصد به تعظيم الله سبحانه ولو مشوباً بالدعاء على الصحيح يقوم مقام التلبية كالتهليل والتسبيح والتحميد والتكبير وغير ذلك من أنواع الثناء والتمجيد. (¬1) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وجعفر: هو ابن محمد بن علي الهاشمي. وأخرجه البيهقي في "سننه" 5/ 45 من طريق يحيي بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2919) من طريق سفيان الثوري، عن جعفر، به. وأخرجه البيهقي 5/ 45 من طريق قتيبة بن سعيد، عن محمد بن جعفر، عن أبيه، عن جده، عن جابر به. وسيأتي مطولاً برقم (1905).

27 - باب، متى يقطع التلبية؟

1814 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزمٍ، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، عن خلاد بنِ السائبِ الأنصاري عن أبيه، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "أتاني جِبريلُ عليه السلام فأمرني أن آمر أصحابي ومَن معي أن يرفعَوا أصواتَهُم بالإهلالِ" أو قال "بالتلبيةِ" يُريدُ أحدهما (¬1). 27 - باب، متى يقطعُ التلبية؟ 1815 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا ابنُ جريج، عن عطاء، عن ابن عباس عن الفضل بنِ عباس: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لبَّى حتى رمى جَمْرَةَ العَقَبَةِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 334. وأخرجه ابن ماجه (2922)، والترمذي (844)، والنسائي في "الكبرى" (3719) من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن أبي بكر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (16557) و (16567)، و"صحيح ابن حبان" (3802). قال الخطابي: يحتج بهذا الحديث من يرى التلبية واجبة (أي: التلفظ بالتلبية مع النية)، وهو قول أبي حنيفة، وقال: من لم يلبِّ لزمه دم، ولا شيء عند الشافعي على من لم يلب. (¬2) إسناده صحيح. ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - صرح بالتحديث عند مسلم وغيره. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وعطاء: هو ابن أبي رباح. =

28 - باب، متى يقطع المعتمر التلبية؟

1816 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الله بنُ نُمير، حدَّثنا يحيى بن سعيد، عن عبد الله بن أبي سلمة، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه، قال: غَدَونا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من منى إلى عرفات مِنَّا المُلبّي ومنا المُكبِّرُ (¬1). 28 - باب، متى يقطعُ المعتمر التلبية؟ 1817 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا هُشيم، عن ابن أبي ليلى، عن عطاء ¬

_ = وأخرجه البخاري (1685)، ومسلم (1281)، والترمذي (935)، والنسائي في "الكبرى" (4047) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (4047) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، به. وأخرجه البخاري (1543) و (1544) و (1686) و (1687) من طريق عبيد الله ابن عبد الله، والبخاري (1670)، ومسلم (1281) من طريق كريب، ومسلم (1282)، والنسائي في "الكبرى" (4042) و (4050) من طريق أبي معبد مولى ابن عباس، وابن ماجه (3040)، والنسائي (4072) من طريق مجاهد بن جبر، والنسائي (4073) و (4074) من طريق سعيد بن جبير، و (4071) من طريق علي بن الحسين، ستتهم عن عبد الله بن عباس، به. وهو في "مسند أحمد" (1791) و (1825)، و "صحيح ابن حبان" (3804). (¬1) إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري. وأخرجه مسلم (1284)، والنسائي في "الكبرى" (3975) و (3976) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1284) من طريق عُمر بن حسين الجمحي، عن عبد الله بن أبي سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (4733). تنبيه: جاء بعد هذا الحديث على هامش (أ) ما نصه: قال ابن الأعرابي: حدَّثنا الدقيقي، حدَّثنا يزيد، حدَّثنا يحيى بن سعيد، بإسناده.

29 - باب المحرم يؤدب

عن ابنِ عباس، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "يُلبي المعتَمِرُ حتى يستلمَ الحَجَر" (¬1). قال أبو داود: رواه عبدُ الملك بنُ أبي سليمان وهمام، عن عطاء، عن ابن عباسِ موقوفاً. 29 - باب المحرم يؤدِّب 1818 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، قال: حدَّثنا. وحدثنا محمدُ بن عبد العزيز ابنِ أبي رزمَة، أخبرنا عبد الله بن إدريس، أخبرنا ابن إسحاق، عن يحيى بنِ عباد بنِ عبد الله بنِ الزبير، عن أبيه عن أسماء بنتِ أبي بكرِ، قالت: خرجنا مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حُجَّاجاً، حتى إذا كنا بالعَرج نزلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ونزلنا، فَجَلَسَتْ عائشةُ إلى جنبِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وجلستُ إلى جنبِ أبي، وكانت زمالةُ أبي بكرٍ وزِمالةُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - واحدةً مع غلامٍ لأبي بكر، فجلس إبو بكر ينتظِرُ أن يطلُع عليه، فطلع وليس معه بعيرُه، قال: أين بعيرك؟ قال: أضللتُه ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. ابن أبي ليلى - وهو محمد بن عبد الرحمن - ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وهشيم: هو ابن بشير السلمي، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وأخرجه الترمذي (936) من طريق هشيم، بهذا الإسناد. إلا أنه جعله من فعل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وقال: حديث صحيح. وله شاهد ضعيف عند أحمد في "مسنده" برقم (6685) من حديث عبد الله بن عمرو. وأخرج الموقوف ابن أبي شيبة في "مصنفه" في القسم الأول من الجزء الرابع ص 271، والبيهقي 5/ 104 من طريق عبد الملك بن أبي سليمان ومن طريق ابن أبي نجيح، كلاهما عن عطاء، وابن أبي شيبة من طريق سعيد بن جبير، كلاهما (عطاء وسعيد بن جبير) عن ابن عباس.

30 - باب الرجل يحرم في ثيابه

البارحةَ، قال: فقال أبو بكر: بعيرٌ واحد تُضِله؟ قال فَطَفِقَ أبو بكر يضربه ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يتبسَّمُ، ويقولُ: "انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع" قال ابن أبي رزمة: فما يزيدُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - على أن يقول: "انظروا الى هذا المحرم ما يصنعُ" ويتبسَّم (¬1). 30 - باب الرجلُ يحرم في ثيابه 1819 - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا همام، سمعت عطاءً، أخبرنا صفوان بن يعلى بن أُمية عن أبيه: أن رجلاً أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وهو بالجِعرَانة وعليه أثرُ خَلُوقٍ، أو قال: صُفرةٍ، وعليه جُبةٌ، فقال: يا رسول الله، كيف تأمرني أن أصنع في عُمرتي؟ فأنزل اللهُ تباركَ وتعالى على النبي - صلَّى الله عليه وسلم - الوحي، فلما سُرِّيَ عنه قال: "أين السائلُ عن العُمرة؟ " قال: "اغسِل عَنْك أثرَ الخَلوق - أو قال: أثر الصُّفرة - واخلعِ الجُبَّة عنك، واصنَع في عُمرتك ماصنعت في حجتِك" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن. وأخرجه ابن ماجه (2933) من طريق عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26916). (¬2) إسناده صحيح. همّام: هو ابن يحيي بن دينار الأزدي العوذي، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وأخرجه البخاري (1789) و (1847) و (4985)، ومسلم (1180) من طرق عن همّام، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1536) تعليقاً، و (4329) و (4985)، ومسلم (1180)، والترمذي (851) و (852)، والنسائي في "الكبرى" (3634) و (3675) و (7927) من طرق عن عطاء، به.

1820 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن عطاء، عن يعلى بنِ أُمية. وهُشيمُ، عن الحجاجِ، عن عطاءٍ، عن صفوانَ بنِ يعلى ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (17948)، و "صحيح ابن حبان" (3779). وانظر ما سيأتى بالأرقام (1820) و (1821) و (1822). والجِعرَانة: موضع بين مكة والطائف، وهي على سبعة أميال من مكة. قال في "المصباح المنير"، وهي بالتخفيف، واقتصر عليه في"البارع" ونقله جماعة عن الأصمعي، وهو مضبوط كذلك في "المحكم"، وعن ابن المدني: العراقيون يثقلون الجعرَّانة والحديبيَّه، والحجازيون يخففونهما، فأخذ به المحدثون، .. وفي "العُباب": الجعْرَانة بسكون العين، وقال الشافعي: المحدثون يخطؤون في تشديدها، وكذلك قال الخطابي. والخلوق: نوع من الطيب مركب، فيه زعفران. وقد أورد البخاري الحديث برقم (1847) تحت باب: إذا أحرم جاهلاً وعليه قميص، ونقل عن عطاء قوله: إذا تطيب أو لبس جاهلاً أو ناسياً، فلا كفارة عليه. قال الحافظ تعليقاً على قوله: باب إذا أحرم جاهلاً وعليه قميص: أي: هل يلزمه فدية أو لا، وإنما لم يجزم (يعني البخاري) بالحكم، لأن حديث الباب لا تصريح فيه بإسقاط القضاء، ومن ثم استظهر المصنف للراجح بقول عطاء راوي الحديث، كأنه يشير إلى أنه لو كانت الفدية واجبة لما خفيت على عطاء وهو راوي الحديث. قال ابن بطال وغيره: وجه الدلالة منه أنه لو لزمته الفدية لبينها - صلَّى الله عليه وسلم -، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وفرق مالك - فيمن تطيب أو لبس ناسياً -، بين من بادر، فنزع وغسل وبين من تمادى، فتلزمه فدية إذا طال ذلك عليه، وعن أبي حنيفة وأحمد في رواية تجب مطلقاً. وقال ابن العربي: كأنهم كانوا في الجاهية يخلعون الثياب ويجتنبون الطيب في الإحرام إذا حجوا، وكانوا يتساهلون في ذلك في العمرة، فأخبره النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أن مجراهما واحد. واستدل بحديث الباب على منع استدامة الطيب بعد الإحرام للأمر بغسل أثره من الثوب والبدن، وهو قول مالك ومحمد بن الحسن، وأجاب الجمهور بأن قصة يعلى بالجعرانة ثبت في هذا الحديث وهي في سنة ثمان بلا خلاف، وقد ثبت عن عائشة: أنها طيبت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بيديها عند إحرامه، وكان ذلك في حجة الوداع سنة عشر بلا خلاف، وإنما يؤخذ من الآخر فالآخر من الأمر.

عن أبيه، بهذه القصة، قال: فقال له النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "اخلع جُبتكَ" فخلعها مِن رأسه، وساقَ الحديث (¬1). 1821 - حدَّثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن مَوهَب الهمدانيُّ الرمليُّ، حدَّثنا الليثُ، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن يعلى ابن منية (¬2) عن أبيه بهذا الخبرِ، قال فيه: فأمره رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن ينزعها نزعاً، ويْغتَسِلَ مرَّتين أو ثلاثاً، وساقَ الحديثَ (¬3). 1822 - حدَّثنا عُقبةُ بنُ مُكرَمٍ، حدَّثنا وهبُ بن جرير، حدَّثنا أبي، قال: سمعتُ قيسَ بنَ سعد يُحدث، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى بن أُمية، - أحسبه - عن أبيه: أن رجلاً أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - بالجِعْرَانة وقد أحرم بعُمرة وعليه جُبةٌ، وهو مُصفِّر لحيَته ورأسه، وساق هذا الحديثَ (¬4). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عوانه: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس اليشكري البصري، وهشيم: هو ابن بشير السُّلمي، والحجاج: هو ابن أرطاة النخعي. وهو في "مسند أحمد" (17964). وانظر ما قبله. (¬2) المثبت من (هـ) وهي برواية ابن داسه، وجاء في (أ) و (ب) و (ج): عن يعلى بن مُنية، عن أبيه، وقد أشار الحافظ في "النكت الظراف" 9/ 112 إلى أن هذه رواية اللؤلؤي، وأنها خطأ، وأن الصواب ما جاء في رواية ابن داسه، لأن ابن حبان رواه (3778) من طريق يزيد ابن مَوهَب، على الصواب، فقال: عن صفوان بن يعلى، عن أبيه. (¬3) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد. وهو في "صحيح ابن حبان" (3778). وانظر ما سلف برقم (1819). (¬4) إسناده صحيح. جرير: هو ابن حازم الأزدي العتكي، وقيس بن سعد: هو الحبشي. =

31 - باب ما يلبس المحرم

31 - باب ما يَلبَسُ المحرِم 1833 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وأحمدُ بن حنبل، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن سالم عن أبيه، قال: سأل رجلٌ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: ما يترك المُحْرِمُ مِن الثيابِ؟ فقال: "لا يلبسُ القميصَ، ولا البُرْنُسَ، ولا السَّرَاويلَ، ولا العِمَامَة، ولا ثوباً مسَّهُ ورْسٌ ولا زعفران، ولا الخُفيَّنِ، إلا لِمَنْ لا يجِدُ النعلَينِ، فمن لم يجد النَعلَينِ فليلبَسِ الخُفَّين وليقطَعْهُما حتى يكونا أسفلَ مِن الكَعْبَين" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1180)، والنسائي (3676) من طريق وهب بن جرير، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (1819). (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم. وأخرجه البخاري (5806)، ومسلم (1177)، والنسائي في "الكبرى" (3633) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (134) و (366) و (1842) من طريقين عن الزهري، به. وأخرجه مختصراً وتاماً البخاري (5847) و (5852) , ومسلم (1177)، وابن ماجه (2930) و (2932)، والنسائي في "الكبرى" (3632) من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (4538). وانظر ما سيأتي بالأرقام (1824) و (1825) و (1826) و (1827) و (1828). البرنس: هو الثوب الذي رأسه منه. قال القاضي عياض: أجمع المسلمون على أن ما ذكر في هذا الحديث لا يلبسه المحرم، وأنه نبه بالقميص والسراويل على كل مخيط، وبالعمائم والبرانس على كل ما يُغطى الرأس به مخيطاً أو غيره، وبالخفاف كل ما يستر الرّجلَ. =

1824 - حدَّثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالكٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه (¬1). 1825 - حدَّثنا قُتيبة بن سعيدِ، حدَّثنا الليثُ، عن نافع عن ابن عمر، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه، زاد "ولا تنتقِبُ المرأةُ الحرَامُ، ولا تلبَسُ القُفَّازَينِ" (¬2). ¬

_ = وقال الخطابي: ذكر العمامة والبرنس معاً يدل على أنه لا يجوز تغطية الرأس لا بالمعتاد ولا بالنادر، ومن النادر المكتل يحمله على رأسه. قال الحافظ: إن أراد أنه يجعله على رأسه كلابس القبع، صح ما قال، وإلا فمجرد وضعه على رأسه على هيئة الحامل لحاجته لا يضر على مذهبه، ومما لا يضر أيضاً الانغماس في الماء، فإنه لا يسمى لابساً. (¬1) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 324، ومن طريقه أخرجه البخاري (1542) و (5803)، ومسلم (1177)، وابن ماجه (2929) و (2932)، والنسائي في "الكبرى" و (3640). ورواية ابن ماجه في الموضع الثاني مختصرة. وأخرجه مختصراً وتاماً البخاري (134) و (366) و (5794) و (5805)، والنسائي (3636) و (3641) و (3642) و (3643) و (3644) و (3646) من طرق عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (5308)، و"صحيح ابن حبان" (3784). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد. وأخرجه البخاري (1838)، والترمذي (848)، والنسائي في " الكبرى" (3639) و (5847) من طريق الليث، به. وأخرجه النسائي (3647) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (6003). وانظر ما سلف بوقم (1823). والقفاز بزنة رُمَّان: ما يُلبس في اليدين.

قال أبو داود: وقد روى هذا الحديث حاتِمُ بن إسماعيل ويحيى ابن أيوب، عن موسى بن عُقبة، عن نافع، على ما قال الليث ورواه موسى بن طارقٍ، عن موسى بن عقبة، موقوفاً على ابن عمر، وكذلك رواه عبيدُ الله بن عمر ومالكٌ وأيوب عن نافع عن ابن عمر موقوفاً. وإبراهيم بن سعيد المديني عن نافع عن ابن عمر عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "المُحرِمَةُ لا تنتقِبُ ولا تلبَسُ القُفّازَين". قال أبو داود: إبراهيمُ بن سعيد المديني شيخٌ مِن أهلِ المدينة ليس له كبيرُ حديث. 1826 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا إبراهيم بن سعيد المدينيُّ، عن نافع عن ابن عمر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "المُحْرِمَة لا تنتَقِبُ ولا تَلْبَسُ القفازَيْن" (¬1). 1827 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا يعقوب، حدَّثنا أبي، عن ابن إسحاقَ، قال: فإن نافعاً مولى عبد الله بن عمر حدَّثني عن عبد الله بن عمر، أنه سَمِعَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى النِّساء في إحرامهن عن القُفَّازَيْن والنِّقاب، وما مَسَّ الوَرْسُ والزعفرانُ مِن الثياب، ولتلبَسْ بعدَ ذلك ما أحبَّت مِن ألوانِ الثيابِ من مُعَصْفَرٍ أو خَزَّ أو حليٍّ أو سراويلَ أو قميصٍ أو خُفٍّ (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف. إبراهيم بن سعيد المدني مجهول. لكن روي الحديث من طرق أخرى عن نافع كما سلف عند المصنف قبله وكما سيأتي بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، فقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث هنا عند المصنف. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري. =

قال أبو داود: روى هذا الحديثَ عن ابن إسحاق عن نافعِ عبدةُ ابن سليمان ومحمدُ بن سلمة عن محمد بن إسحاق إلى قوله: "وما مس الورسُ والزعفرانُ مِن الثياب" ولم يذكرا ما بعده. 1828 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن أيوب، عن نافعٍ عن ابن عمر: اْنه وجَدَ القُرَّ فقال: ألْقِ عليَّ ثوباً يا نافع، فألقيتُ عليه بُرنُساً، فقال: تُلقي عليَّ هذا وقد نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يلبسه المُحْرِمُ؟! (¬1). 1829 - حدَّثنا سليمانُ بن حرب، حدَّثنا حمادُ بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابرِ بن زيدٍ عن ابن عباس، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "السراويلُ لِمَنْ لا يَجِدُ الإزار، والخُفُّ لمن لا يجدُ النعلينِ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه الحاكم 1/ 486 من طريق أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4740). وانظر ما سلف برقم (1823). (¬1) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة، وأيوب: هو السختياني. وهو في "مسند أحمد" (4856). وانظر ما سلف برقم (1823). قوله: القُرّ، معناه: البَرد. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1178)، والترمذي (850)، والنسائي في "الكبرى" (3637) من طرق عن حمّاد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1841) و (1843) و (5804) و (5853)، ومسلم (1178)، وابن ماجه (2931)، والترمذي (849)، والنسائي في "الكبرى" (3638) و (9596) من طرق، عن عمرو بن دينار، به. =

قال أبو داود: هذا حديث أهلِ مكة، ومرْجِعُه إلى البصرة إلى جابر بن زيد، والذي تفرّد به منه ذكرُ السراويل، ولم يذكرِ القطْعَ في الخُفِّ (¬1). 1830 - حدَّثنا الحسينُ بن الجنيدِ الدامَغَانيُّ، حدَّثنا أبو أُسامةَ، أخبرني عُمَرُ بن سويدٍ الثقفي، حدثتني عائشةُ بنتُ طلحة ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (1848)، و"صحيح ابن حبان" (3781). قال الخطابي: وفيه دليل على أنه اذا لم يجد الإزار فلبس السراويل لم يكن عليه شئٌ، وإلى هذا ذهب عطاء والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق، وحكي ذلك عن الثوري. وقال مالك: ليس أن يلبس السراويل، وكذلك قال أبو حنيفة، ويحكى عنه أنه قال: يفتق السراويل ويتزر به، وقالوا هذا كما جاء في الخف أنه يُقطع. قال القرطبي في "المفهم" ونقله عنه الحافظ في "الفتح": أخذ بظاهر هذا الحديث أحمد فأجاز لبس الخف والسراويل للمحرم الذي لا يجد النعلين والإزار على حالهما، واشترط الجهمور قطع الخف وفتق السراويل، فلو لبس شيئاً منهما على حاله لزمته الفديه، والدليل لهم قوله في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "وليقطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين، فيحمل المطلق على المقيد، ويلحق النظير بالنظير لاستوائهما في الحكم. ونقل ابن القيم في "تهذيب السنن" وجوب قطع الخف عن الشافعي وأبي حنيفة ومالك والثوري وإسحاق وابن المنذر وإحدى الروايتين عن أحمد، وأصح الروايتين عن أحمد: أن القطع ليس بواجب ويروى عن علي بن أبي طالب، وهو قول أصحاب ابن عباس وعطاء وعكرمة، قال ابن القيم: وهذه الرواية ... وانظر تمام كلامه فيه. (¬1) قول أبي داود هذا أثبتناه من هامش (هـ)، وكتب فوقه: صح لمحمد ابن داسه. ومع هذا فلم ينفرد جابر بن زيد بهذا، بل جاء عن ابن عباس بإسناد صحيح عند ابن أبي شيبة 4/ 101 من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إذا لم يجد المحرم إزاراً فليلبس سراويل، وإذا لم يجد نعلين فليلبس خفين. وانظر لزاماً كلام صاحب "بذل المجهود" 9/ 57.

أن عائشة أُمِّ المؤمنين حدَّثتها قالت: كنا نَخْرُجُ مع النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - إلى مكة فنُضمِّدُ جباهنَا بالسُّك المُطَيَّبِ عندَ الإحرام، فإذا عَرِقَت إحدانا سالَ على وجهها فيراه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فلا ينهاها (¬1). 1831 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا ابن أبي عديّ، عن محمد بن إسحاق، قال: ذكرتُ لابن شهابٍ، فقال: حدثني سالم بن عبد الله أن عبد الله - يعني ابن عمر - كان يَصنَعُ ذلك - يعني يَقْطَعُ الخفينِ للمرأة المُحرمة - ثم حدثته صفيةُ بنتُ أبي عُبيدٍ أن عائشةَ حدَّثتها: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قد كان رخَّص للنساءِ في الخُفين، فترك ذلك (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. الحُسين بن الجُنيد الدامغاني لا بأس به. لكنه قد توبع أبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه إسحاق بن راهريه في "مسنده" (1772) و (1797)، والبيهقي 5/ 48 من طريق أبي أسامة، بهذا الإسناد. وأخرجه اسحاق (1021) و (1022)، وأحمد في "مسنده" (24502) و (25062)، وإبو يعلى (4886) من طرق عن عمر بن سويد الثقفي، به. وزاد إسحاق في الموضع الأول فقال: والضّماد: هو السُّك. وأخرجه بنحوه الطبراني في "الأوسط" (1433) من طريق محمد بن سُوقة، عن عائشة بنت طلحة، به. وانظر ما سلف برقم (254). (¬2) إسناده حسن، محمد بن إسحاق قد ذكر هنا سماعه من الزهري، فانتفت شبهةُ تدليسه. ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم السلمي مولاهم، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه البيهقي في "سننه" 5/ 52 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. =

32 - باب المحرم يحمل السلاح

32 - بابُ المحرم يحمل السلاح 1832 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا محمدُ بن جعفر، حدَّثنا شعبةُ، عن أبي إسحاق، قال: سمعتُ البراء يقول: لما صَالَحَ رسولُ الله أهل الحُديبيةِ صالحهم على أن لا يدخُلوهَا إلا بِجُلْبان السلاح، فسألته: ما جُلْبانُ السِّلاح؟ قال: القِرابُ بما فيه (¬1). ¬

_ = وأخرجه أحمد في "مسنده" (4836) و (24067) عن ابن أبي عدي، به ,زاد أحمد في الرواية الثانية اول الحديث: عن محمد بن إسحاق، حدثني نافع وكانت امرأته أم ولد لعبد الله بن عمر حدثته: أن عبد الله بن عمر ابتاع جارية بطريق مكة فأعتقها، وأمرها أن تحج معه، فابتغى لها نعلين، فلم يجدهما، فقطع لها خفين أسفل من الكعبين، قال ابن إسحاق، فذكرت لابن شهاب فقال: حدثني سالم. وأخرجه ابن خزيمة (2686) من طريق عبد الأعلى، عن ابن إسحاق، به. وأخرجه البيهقي 5/ 52 من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به. وأخرجه أحمد في "مسنده" (24067) من طريق ابن أبي عدي، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن امرأته، عن عبد الله بن عمر، عن صفية، عن عائشة، به. (¬1) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه البخاري (2698) ومسلم (1783)، والنسائي في "الكبرى" (8524) من طريقين عن محمد بن جعفر، ومسلم (1783) من طريق معاذ بن معاذ العنبري، كلاهما عن شعبة، به. وأخرجه البخاري (3184) و (4251)، ومسلم (1783) من طرق عن أبي إسحاق، به. وهو في "مسند أحمد" (18545) و (18567)، و "صحيح ابن حبان" (4869). قال الإمام البغوي في "شرح السنة" 11/ 160: قد جاء في تفسير الجلبان (بضم الجيم وسكون اللام) في الحديث قال: فسألته ما جلبان السلاح؟ قال: القِراب بما فيها. =

33 - باب في المحرمة تغطي وجهها

33 - باب في المُحرِمةِ تُغطِّي وجهها 1833 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا هُشيم، أخبرنا يزيدُ بن أبي زياد، عن مجاهد عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان الرُّكبان يمرُّون بنا ونحن مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - مُحرِماتٌ، فإذا حاذَوْا بنا سَدَلتْ إحدانا جلبابها مِن رأسِها على وجهها فإذا جاوزُونا كشفناه (¬1). 34 - باب في المحرم يُظلَّل 1834 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبدِ الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يحيي بن حصين ¬

_ = وإنما شرط هذا ليكون أمارة للسلم، فلا يظن أنهم يدخلونها قهراً، قال الأزهري: القراب: غِمد السيف، والجلبان شبه الجراب من الأدم يرضع فيه السيف مغموداً، ويطرح فيه الراكب سوطه وأداته، ويعلقه من آخرة الرحل أو في واسطته، قال شِمر: كأن اشتقاقه من الجُلبة: وهي الجلدة التي تجعل على القَتَب، والجلدة التي تَغشِّي التميمة، لأنها كالغشاء للقراب. قلنا: ورواه ابن قتيبة بضم الجيم واللام وتشديد الباء، وقال: هو أوعية السلاح بما فيها، ولا أراه إلا سمي به لجفائه، ولذلك قيل للمرأة الغليظة الخَلقِ الجافية: جُلُبَّانة. (¬1) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي القرشي -. هشيم: هو ابن بشير السلمي، ومجاهد: هو ابن جبر المخزومي مولاهم. وأخرجه ابن ماجه (2935) و (2935 م) من طريقين عن يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24021).

35 - باب المحرم يحتجم

عن أمُّ الحصين حدَّثته قالت: حججنا مع النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - حجَّة الوداع، فرأيتُ أُسامةَ وبلالاً، وأحدُهما آخِذٌ بِخِطَامِ ناقةِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، والآخر رَافعٌ ثوبه يستُرُه مِن الحَرِّ حتى رمى جَمرَةَ العقبة (¬1). 35 - باب المحرم يحتجم 1835 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا سفيان، عن عمرو، عن عطاء وطاووس عن ابن عباس: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - احتجم وهو مُحرِم (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد الأموي. وأخرجه مسلم (1298)، والنسائي في "الكبرى" (4052) من طريق محمد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1298) من طريق معقل بن عبيد الله، عن زيد بن أبي أنيسة، به. وهو في "مسند أحمد" (27259)، و"صحيح ابن حبان" (4564). وقال النووي: فيه جوازُ تظليل المحرم على رأسه بثوب وغيره وهو مذهبنا ومذهب جماهير العلماء سواء كان راكباً أو نازلاً، وقال مالك وأحمد: لا يجوز، وإن فعل لزمته الفدية، وعن أحمد رواية أنه لا فدية، وأجمعوا على أنه لو قعد تحت خيمة أو سقف جاز، ووافقونا على أنه إذا كان الزمن يسيراً في المحمل لا فدية وكذا لو استظل بيده. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وعمرو: هو ابن دينار، وعطاء: هو ابن أبي رباح، وطاووس: هو ابن كيسان. وأخرجه البخارى (1835) و (5695)، ومسلم (1202)، والترمذي (855)، والنسائى في "الكبرى" (3815) و (3816) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائى (3223) و (3814) من طريق أبي الزبير، عن عطاء، به. وهو في "مسند أحمد" (1923)، و"صحيح ابن حبان" (3951). وانظر ما سيأتى بالأرقام (1836) و (2372) و (2373) و (3423). =

1836 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا هِشام، عن عِكرِمَة عن ابن عباس: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - احتجم - وهو محرم - في رأسِه مِنْ داءٍ كان بهِ (¬1). 1837 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة عن أنسِ: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - احتجَم وهو محرمٌ على ظهرِ القَدَمِ من وجَعٍ كانَ به (¬2). ¬

_ = قال الخطابي: لم يكره أكثر من كره من الفقهاء الحجامة للمحرم إلا من أجل قطع الشعر، فإن احتجم في موضع لا شعر فيه، فلا بأس به، وإن قطع شعراً افتدى. وممن رخص في الحجامة للمحرم سفيان الثوري وأصحاب الرأي، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، وقال مالك: لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة لا بد منها، وكان الحسن البصري: يرى في الحجامة دماً يهريقه. (¬1) إسناده صحيح. هشام: هو ابن حسان الأزدي. وأخرجه البخاري (5700)، والنسائي في "الكبرى" (7555) من طريقين عن هشام، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2108)، و "صحيح ابن حبان" (3950). وانظر ما قبله. (¬2) رجاله ثقات. لكن خالف معمراً في وصله سعيد بن أبي عَروبة كما قال المصنف، فأرسله عن قتادة. وابن أبي عروبة ثبتٌ في قتادة، وأما معمر فنقل ابنُ معين عنه أنه قال: جلست إلى قتادة وأنا صغير، فلم أحفظ عنه الأسانيد، ذكره ابن رجب في "شرح العلل" 2/ 509، وقال الدارقطني فيما نقله عنه ابن رجب أيضاً: معمر سيئ الحفظ لحديث قتادة. وقد شذ بقوله: على ظهر القدم، فقد روى ابن عباس عند البخاري (5700) وغيره: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم في رأسه. وروى ابن بحينة عن البخاري (1836)، ومسلم (1203): أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم في وسط رأسه. =

36 - باب يكتحل المحرم

قال أبو داود: سمعتُ أحمد قال: ابن أبي عَرُوبة، أرسله، يعني عن قتادَة (¬1). 36 - باب يكتحلُ المحرم 1838 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا سفيانُ، عن أيوب بن موسى عن نبيه بنِ وهْبٍ، قال: اشتكى عُمَرُ بن عُبيدِ الله بن معمر عينيه، فأرسل إلى أبانَ بن عثمان - قال سفيان: وهو أميرُ الموسم - ما يصنعُ بهما؟ قال: أضمِدهما بالصَّبِرِ، فإني سمعتُ عثمانَ يُحدِّث ذلك عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2). ¬

_ = وقد ثبت عن أنس بن مالك من طريق حميد، عنه. لكن بذكر الحجامة فقط دون بيان موضعها عند أحمد (13816)، وابن خزيمة (2658). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3818) و (7554) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12682)، و"صحيح ابن حبان" (3952). وكنا قد صححنا الحديث فيهما فيُستدرك من هنا. (¬1) قول أبى داود هذا أثبتناه من (ج) و (هـ)، وهو في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه مسلم (1204)، والترمذي (973)، والنسائي في "الكبرى" (3677) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1204) من طريق عبد الوارث، عن أيوب بن موسى، به. وهو في "مسند أحمد" (494)، و"صحيح ابن حبان" (3954). وانظر ما بعده. قال النووي: اتفق العلماء على جواز تضميد العين وغيرها بالصبر ونحوه مما ليس بطيب ولا فدية في ذلك، فإن احتاج إلى ما فيه طيب فعله وعليه الفدية، واتفق =

37 - باب المحرم يغتسل

1839 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدَّثنا إسماعيل بن إبراهيم ابن عُلَيَّةَ، عن أيوبَ، عن نافعٍ، عن نُبيه بن وهب، بهذا الحديث (¬1). 37 - باب المحرم يغتسل 1840 - حدَّثنا عبدُ الله بن مسلمة، عن مالكٍ، عن زيدِ بن أسلم، عن إبراهيمَ بنِ عبدِ الله بن حُنين، عن أبيه أن عبد الله بن عباس والمسور بن مَخْرمَة اختلفا بالأبْواء: فقال ابن عباس: يغِسلُ المحرمُ رأسَه، وقال المِسورُ: لا يغسل المحرمُ رأسه، فأرسله عبدُ الله بن عباس إلى أبي أيوبَ الأنصاريِّ، فوجده يغتسِلُ بين القَرْنين وهو يُسْتَرُ بثوبٍ، قال: فسلَّمت عليه، فقال: مَن هذا؟ قلتُ: أنا عبدُ الله بن حُنينٍ، أرسلني إليكَ عبدُ الله بن عباس أسألُك: كيف كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَغْسِلُ رأسَهُ وهو مُحرم؟ قال: فوضع أبو أيوب يدَه على الثوبِ فَطَأْطَأه حتى بدا لي رأسُه، ثم قال لإنسان يصُبُّ عليه: اصبُب، قال: فصبَّ على رأسِه، ثم حَرَّك أبو أيوب رأسَه بيديه فأَقْبَلَ بهما وأَدبَرَ، ثم قال: هكذا رأيتُه يَفعَلُ - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2). ¬

_ = العلماء على أن للمحرم أن يكتحل بكحل لا طيب فيه إذا احتاج إليه ولا فدية عليه، وأما الاكتحال للزينة فمكروه عند الشافعي وآخرين، ومنعه جماعة، منهم أحمد وإسحاق وفي مذهب مالك قولان كالمذهبين وفي إيجاب الفدية عندهم بذلك خلاف، والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح. أيوب: هو السختياني. وهو في "مسند أحمد" (422). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 323، ومن طريقه أخرجه البخاري (1840)، ومسلم (1205)، وابن ماجه (2934)، والنسائي في "الكبرى" (3631). =

38 - باب في المحرم يتزوج

38 - باب في المحرم يتزوَّج 1841 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن نافعٍ، عن نبيه بن وهب - أخي بني عبد الدَّار - أن عُمَرَ بن عُبيَدِ الله أرسل إلى أبان بن عثمان بن عفَّان يسأله، وأبانُ يومئذ أمير الحاجِّ, وهما محرمانِ: إني أردتُ أن أُنكِحَ طلحةَ ابن عمر ابنةَ شيبةَ بن جُبير، فأردتُ أن تَحضُرَ ذلك، فأنكر ذلك عليه أبان، وقال: إني سَمِعتُ أبي عثمان بن عفان يقول: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَنكِحُ المُحرِم ولا يُنْكِحُ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1205) من طريقين عن زيد بن أسلم، به. وهو في "مسند أحمد" (23548)، و "صحيح ابن حبان" (3948). قال النووي: في هذا الحديث فوائد، منها جواز اغتسال المحرم وغسل رأسه وإمرار اليد على شعره بحيث لا ينتف شعراً، ومنه قبول خبر الواحد، وأن قوله كان مشهوراً عند الصحابة رضي الله عنهم، ومنها الرجوع إلى النص عند الاختلاف وترك الاجتهاد والقياس عند وجود النص، ومنها السلام على المتطهر في وضوء وغسل بخلاف الجالس على الحدث، ومنها جهاز الاستعانة في الطهارة، ولكن الأولى تركها إلا لحاجة، واتفق العلماء على جواز غسل المحرم رأسه وجسده من الجنابة بل هو واجب عليه، وأما غسله تبرداً فمذهبنا ومذهب الجمهور جوازه بلا كراهة ويجوز عندنا غسل رأسه بالسدر والخطمي بحيث لا ينتف شعراً فلا فدية عليه، وقال أبو حنيفة ومالك: هو حرام موجب للفدية. (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ونافع: هو مولى ابن عمر. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 348 - 349، ومن طريقه أخرجه مسلم (1409)، وابن ماجه (1966)، والنسائي في "الكبرى" (3811) و (3812) و (5390). وزادوا: "ولا يخطب" وستأتي هذه الزيادة بعده. =

1842 - حدَّثنا قُتيبةُ بن سعيدٍ، أن محمدَ بن جعفر حدَّثهم، حدَّثنا سعيدٌ، عن مطر ويعلى بن حكيم، عن نافع، عن نبيه بن وهب، عن أبان بن عثمان عن عثمان: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ذكر مثلَه، زاد: "ولا يَخْطُبُ" (¬1). 1843 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن حبيب بن شهيدٍ، عن ميمون بن مهران، عن يزيدَ بن الأصم بن أخي ميمونةَ عن ميمونة، قالت: تزوجني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ونَحْنُ حَلاَلاَنِ بَسرِفَ (¬2). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1409)، والترمذي (856) من طريق أيوب السختياني، عن نافع، به. وأخرجه مسلم (1409) من طريق سعيد بن أبي هلال، عن نبيه بن وهب، به. وهو في "مسند أحمد" (401)، و"صحيح ابن حبان" (4123). وانظر ما بعده. قال الخطابي: ذهب الى ظاهر هذا الحديث مالك والشافعي ورأيا النكاح إذا عقد في الإحرام مفسوخاً سواء عقده المرء لنفسه، أو كان ولياً وعقده لغيره. وقال أصحاب الرأي: نكاح المرء لنفسه وإنكاحه لغيره جائز، واحتجوا بخبر ابن عباس الآتي برقم (1844) أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - تَزوَّج ميمونة وهو محرم. (¬1) إسناده صحيح. مطر - هو ابن طهمان الوراق - وإن كان فيه كلام فقد توبع. سعيد: هو ابن أبي عروبة اليشكري العدوي. وأخرجه مسلم (1409)، والنسائي في "الكبرى" (5391) من طرق عن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1409) من طريق مالك عن نافع، ومسلم (1409)، والنسائي (3813) من طريق أيوب بن موسي، كلاهما عن نبيه بن وهب، به. وهو في "مسند أحمد" (401) و (462)، و"صحيح ابن حبان" (4124). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، وقد اختلف في وصله وإرساله، ورجح البخاري - كما في "علل الترمذي الكبير" 1/ 379 - 380 - =

1844 - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا حمادُ بن زيد، عن أيوب، عن عكرمة عن ابن عباس: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - تزوَجَ ميمونة وهو مُحْرِمٌ (¬1). ¬

_ = إرساله، وكذا الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 182 فقال: المرسل أشبه. حماد: هو ابن سلمة البصري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5383) من طريق الوليد بن زَوران، عن ميمون ابن مهران، بهذا الإسناد. موصولاً. وأخرجه مسلم (1411)، وابن ماجه (1965)، والترمذي (861) من طريق أبو فزَارة راشد بن كيسان، عن يزيد بن الأصم، به. موصولاً. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3219) من طريق سفيان بن حبيب، عن حبيب ابن الشهيد، عن ميمون بن مهران، عن يزيد بن الأصم، به. مرسلاً. وأخرجه مسلم بإثر الحديث (1410) من طريق ابن نمير، عن الزهري، عن يزيد ابن الأصم، به. مرسلاً. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5382) من طريق جعفر بن بُرقان، عن ميمون ابن مهران، عن صفية، به. وهو في "مسند أحمد" (26815)، و"صحيح ابن حبان" (4134) و (4136). (¬1) إسناده صحيع. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأزدي، وأيوب: هو السختياني. وأخرجه البخاري (4258)، والترمذي (859) من طريق أيوب السختياني، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (858)، والنسائي في "الكبرى" (3809) و (5389) من طرق عن عكرمة، به. وأخرجه البخاري (5114)، ومسلم (1410)، وابن ماجه (1964)، والترمذي (860)، والنسائي (5386) من طريق أبي الشعثاء جابر بن زيد، والبخاري (1837)، والنسائي (3189) و (3810) و (5385) و (5386) من طريق عطاء بن أبي رباح، والنسائي (3806) من طريق أبي الشعثاء. سُليم بن أسود، و (3808) من طريق مجاهد ابن جبر، أربعتهم عن عبد الله بن عباس، به. =

39 - باب ما يقتل المحرم من الدواب

1845 - حدَّثنا ابن بشارٍ، حدَّثنا عَبدُ الرحمن بن مهدي، حدَّثنا سفيانُ، عن إسماعيلَ بن أُميةَ، عن رجُلٍ عن سعيد بن المسيب، قال: وهِمَ ابن عباس في تزويج ميمونة وهو مُحرِمٌ (¬1). 39 - باب ما يقتل المحرم من الدواب 1846 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا سفيانُ بن عيينة، عن الزُّهريَّ، عن سالم عن أبيه، سُئل النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - عما يقتل المحرمُ مِن الدواب، فقال: "خَمْسٌ لا جُنَاحَ في قتْلِهِنَّ على مَنْ قتَلَهُن في الحِل والحَرمِ: العقربُ، والفأرةُ، والغُرابُ، والحِدَأةُ، والكلبُ العَقُورُ" (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (2565)، و"صحيح ابن حبان" (4129). قال الحافظ في "الفتح" 9/ 165: وتد عارض حديث ابن عباس حديثُ عثمان السالف برقم (1841) "لا يَنكِح المحرم ولا يُنكح" ويجمع بينه وبين حديث ابن عباس بحمل حديث ابن عباس على أنه من خصائص النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وقال ابن عبد البر: اختلفت الآثار في هذا الحكم، لكن الرواية أنه تزوجها وهو حلال جاءت من طرق شتى، وحديث ابن عباس صحيح الإسناد لكن الوهم إلى الواحد أقرب إلى الوهم من الجماعة، فأقل أحوال الخبرين أن يتعارضا، فتطلب الحجة من غيرهما وحديث عثمان صحيح في نكاح المحرم فهو المعتمد. (¬1) أثر ضعيف، لإبهام الراوي عن سعيد بن المسيب. ابن بشار: هو محمد العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه البيهقي في "سننه" 7/ 212 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. الزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب القرشي. =

1847 - حدَّثنا عليُّ بن بحْر، حدَّثنا حَاتِمُ بن إسماعيلَ، حدثني محمدُ بن عجلانَ، عن القَعقاع بن حكيم، عن أبي صالح عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "خَمْسٌ قتْلهُن حلالٌ في الحَرَمِ: الحيَّةُ، والعَقْرَبُ، والحِدأةُ، والفارَةُ، والكَلْبُ العَقُورُ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1199)، والنسائي في "الكبرى" (3804) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1826)، ومسلم (1199)، وابن ماجه (3088)، والنسائي (3797) و (3799) و (3801 - 3803) من طريق نافع مولى ابن عمر، والبخاري (1826) و (3315)، ومسلم (1199) من طريق عبد الله بن دينار، ومسلم (1199) من طريق عبيد الله بن عبد الله، ثلاثتهم عن عبد الله بن عمر. وأخرجه البخاري (1828)، ومسلم (1200) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن ابن شهاب الزهري، عن سالم، عن عبد الله بن عمر، عن حفصة. وأخرجه البخاري (1827) من طريق زيد بن جبير، عن ابن عمر، عن إحدى نسوة النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، به. وأخرجه مسلم (1200) من طريق زيد بن جبير، عن رجل، عن إحدى نسوة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، به. وهو في "مسند أحمد" (4543)، و "صحيح ابن حبان" (3962). والحِدأة بكسر الحاء المهملة وفتح الدال بعدها همزة: أخسُّ الطيور، تخطف أطعمةَ الناسِ من أيديهم. قال الدميري في "حياة الحيوان" 327/ 1 بعد أن أورد الحديث من جهة "الصحيحين" من حديث ابن عمر وعائشة وحفصة: نبه بذكر هذه الخمسة على جواز قتل كل مضرٍّ، فيجوز له أن يقتل الفهد والنمر والذئب والصفر والشاهين والباشق والزنبور والبرغوث والبق والبعوض والوزغ والذباب والنمل إذا آذاه، فهذه الأنواع يستحب قتلها للمحرم وغيره. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. محمد بن عجلان صدوق لا بأس به. أبو صالح: هو ذكوان السمان. =

1848 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا هُشيمٌ، أخبرنا يزيدُ بن أبي زياد، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن أبي نُعم البَجَليُّ عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ أن النبيَّ: - صلَّى الله عليه وسلم - سُئِلَ عما يَقْتُلُ المحرِمُ؟ قال: "الحيةُ، والعقربُ، والفُوَيسِقَةُ، ويرمي الغُرابَ ولا يَقْتُلُه، والكلبُ العَقُورُ، والحِدَأةُ، والسَبع العَادي" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (2667)، والبيهقي في "سننه" 5/ 210، وابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 170 من طريق علي بن بحر، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن خزيمة (2666)، والبيهقي 5/ 210 من طريق يحيي بن أيوب، عن محمد بن عجلان، به. إلا أن أبا هريرة في رواية ابن خزيمة قال: "الحية والذئب والكلب العقور". وله شاهد صحيح من حديث عبد الله بن عمر سلف قبله. (¬1) إسناده ضعيف، لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو القرش الهاشمي مولاهم الكوفي - وفيه لفظة منكرة وهي قوله: "ويرمي الغراب ولا يقتله" ولهذا قال الذهبي في "السير" 6/ 131: هذا خبر منكر. قلنا: وقد سلف حديث ابن عمر برقم (1846) بإسناد صحيح. وفيه: أن المحرم يقتل الغراب. وأخرجه الترمذي (854) من طريق أحمد بن منيع، عن هشيم بن بشير، بهذا الإسناد. وشمل الغرابَ فيما يقتله المحرم أيضاً. وقال: هذا حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم، قالوا: المحرم يقتل السبع العادي والكلب (العقور)، وهو قول سفيان الثوري والشافعي، قال الشافعي: كل سبع عدا على الناس أو على دوابهم، فللمحرم قتله. وأخرجه ابن ماجه (3089) من طريق محمد بن فضيل، عن يزيد بن أبي زياد، به. دون ذكر الغراب والحدأة. وهو في "مسند أحمد" (10990) عن هشيم، كلفظ المصنف. ولقتل الحية شاهد من حديث ابن عمر عند مسلم (1200) (75) وآخر من حديث: ابن مسعود عند أحمد (3586). =

40 - باب لحم الصيد للمحرم

40 - باب لحم الصيد للمحرم 1849 - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سليمانُ بن كثير، عن حُمَيدٍ الطويلِ، عن إسحاقَ بن عبد الله بن الحارث عن أبيه، وكان الحارثُ خليفةَ عثمانَ على الطائفِ، فَصَنَعَ لعثمان طعاماً فيه من الحَجَلِ واليَعاقِيبِ ولَحْمِ الوحْشِ، قال: فبعث إلى عليّ بن أبي طالب، فجاءه الرسولُ وهو يَخبِطُ لأباعِرَ له، فجاء وهو يَنْفُضُ الخَبَطَ عن يدهِ، فقالوا له: كُل، فقال: أطعموه قوماً حلالاً، فإنا حُرُمٌ، فقال علي رضي الله عنه: أنشُدُ اللهَ مَن كان ها هُنا مِن أشجعَ، أتعلمونَ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أهدى إليه رجُلٌ حمارَ وحشٍ وهو مُحرمٌ، فأبى أن يأكُلَه؟ قالوا: نعم (¬1). 1850 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن قيس، عن عطاء ¬

_ = والفويسقة: هي الفأرة، قال الخطابي: وقيل: سميت فويسقة لخروجها من جحرها على الناس واغتيالها إياهم في أموالهم بالفساد، وأصل الفسق: الخروج، ومن هذا سمي الخارج عن الطاعة فاسقاً، ويقال: فسقت الرطبة عن قشرها إذا خرجت عنه. (¬1) إسناده حسن. سليمان بن كثير - وهو العبدي - صدوق حسن الحديث. حميد الطويل: هو حميد بن أبي حميد. وأخرجه مختصراً ابن ماجه (13091) من طريق عبد الكريم، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، عن على بن أبي طالب، قال: أُتِيَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - بلحم صيدٍ وهو مُحرِم، فلم يأكله. وهو في "مسند أحمد" (783). وقوله: وهو يخبط لأباعر له. الخبط: ضرب الشجرة بالعصا ليتناثر ورقها لعلف الإبل، والخبط بفتحتين: الورق الساقط بمعنى المخبوط.

عن ابن عباس، أنه قال: يا زَيدُ بن أرقم، هل علمتَ أن رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - أهُدِي إليهِ عُضوُ (¬1) صَيدٍ فلم يَقبَلهُ، وقال: "إنا حُرُمٌ"؟ قال: نعم (¬2). 1851 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا يعقوبُ - يعني الإسكندراني القاريّ - عن عمرٍو، عن المطّلب عن جابر بن عبد الله قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "صيْدُ البر لكم حلالٌ، ما لم تَصِيدوه أو يُصَدْ لكم" (¬3). ¬

_ (¬1) في (ج) و (هـ): عَضُد. (¬2) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وقيس: هو ابن سعد الحبشي، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3789) من طريق عفان بن مسلم، عن حمّاد، بهذا الإسناد. وأخرج بنحوه مسلم (1195) والنسائي في "الكبرى" (3790) من طريق طاووس، عن ابن عباس، به. وهو في "مسند أحمد" (19294)، و"صحيح ابن حبان" (3968). (¬3) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن إن صح سماع المطلب - وهو ابن عبد الله ابن حنطب المخزومي - من جابر بن عبد الله، وقد اختلف فيه على عمرو - وهو ابن أبي عمرو المدني - كما بيناه في "المسند". وعمرو بن أبي عمرو صدوق حسن الحديث. وأخرجه الترمذي (862)، والنسائي في "الكبرى" (3796) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14894)، و"صحيح ابن حبان" (3971). وفي الباب عن أبي قتادة عند أحمدْ (22526) وإسناده صحيح. وآخر من حديث رجل من بهز عند أحمد (15744). =

قال أبو داود: إذا تنازع الخبرانِ عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - ينظر بما أخذ به أصحابُه. 1852 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بن مسلمة، عن مالكٍ، عن أبي النضر مولى عمر ابنِ عُبيد الله التيميِّ، عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري عن أبي قتادة أنه كان مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى إذا كان ببعضِ طريقِ مكةَ تخلَّفَ مع أصحابٍ له مُحرمين، وهو غيرُ محرمٍ، فرأى حماراً وحشياً، فاستوى على فرسه، قال فسأل أصحابه أن يُناولوه سَوْطَه، فأبوا، فسألهم رُمحَه، فأبوا، فأخذه، ثم شَدَّ على الحمارِ فقتله، فأكلَ منه بعضُ أصحابِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وأبى بعضُهم، فلما ¬

_ = وعن طلحة بن عببد الله عنده أيضاً (1383) وقد وقع خطأ في حديث "المسند" (14894) في ذكر الشواهد فيستدرك من هنا. وإلى هذا الحديث ذهب طائفة من أهل العلم، فأجازوا للمحرم أكل ما صاده الحلال من الصيد مما يحل للحلال أكله منهم عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وهو قول عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وأبي هريرة، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. وقالت طائفة أخرى: إن لحم الصيد محرم على المحرمين على كل حال ولا يجوز لمحرم كل صيد البتة منهم ابن عباس وعلي بن أبي طالب وابن عمر، وكره ذلك طاووس وجابر بن زيد، وروي عن الثوري والليث وإسحاق مثل ذلك. وقالت طائفة ثالثة: ما صاده الحلال للمحرم أو من أجله أو بأمره وإشارته فلا يجوز له أكله، وما لم يصد له ولا من أجله أو بأمره وإشارته، فلا بأس للمحرم بأكله وهو الصحيح عن عثمان، وبه قال مالك والشافعي وأصحابهما وأحمد وإسحاق وأبو ثور وروي عن عطاء، وحجتهم أن عليه تصح الأحاديث في هذا الباب، وأنها إذا حملت على ذلك لم تتضاد ولم تتدافع، وعلى هذا يجب أن تحمل السنن ولا يعارض بعضها ببعض ما وجد إلى استعمالها سبيل. انظر "التمهيد" 21/ 150 - 156 و"شرح معاني الآثار"2/ 168 - 176، و"فتح الباري" 4/ 33 - 34.

41 - باب في الجراد للمحرم

أدركوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سألوه، عن ذلك، فقال: "إنما هي طُعمَةٌ أطعَمَكُمُوهَا اللهُ تعالى" (¬1). 41 - باب في الجراد للمحرم 1853 - حدَّثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا حماد، عن ميمونِ بن جابان، عن أبي رافع عن أبي هُريرة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "الجرادُ مِن صَيدِ البَحرِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية المدني، ونافع مولى أبي قتادة: هو نافع بن عباس. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 350، ومن طريقه أخرجه البخاري (2914) و (5490)، ومسلم (1196)، والترمذي (863)، والنسائي في" الكبرى" (3784). وأخرج بنحوه البخاري (5492) من طريق عمرو بن الحارث، عن أبي النضر، به. وزاد فيها: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "أبقي معكم شيء منه؟ " قلت: نعم. وأخرج بنحوه أيضاً البخاري (1823)، ومسلم (1196) من طريق صالح بن كيسان، عن نافع، به. وأخرج بنحوه البخارى (1821) و (1822) و (1824) و (2570) و (2854) و (5407)، ومسلم (1196)، وابن ماجه (3093)، والنسائي في "الكبرى" (3793) و (3794) و (3795) من طريق عبد الله بن أبي قتادة، والبخاري (2570) و (2914) و (5407) و (5491)، ومسلم (1196) (58)، والترمذي (864) من طريق عطاء بن يسار، والبخاري (5492) من طريق أبي صالح نبهان الجمحي، ثلاثتهم عن أبي قتادة الحارث بن ربعي، به. وهو في "مسند أحمد" (22567)، و "صحيح ابن حبان" (3975). (¬2) إسناده ضعيف، ميمون بن جابان جهله ابن حزم، وقال البيهقي: غير معروف، وقال الأزدى: لا يحتج بحديثه، وذكره العجلي وابن حبان في "الثقات": حمّاد: هو ابن زيد الأزدي، وأبو رافع: هو نفيع بن رافع الصائغ. ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في "سننه" 5/ 207. وانظر تالييه.

42 - باب في الفدية

1854 - حدَّثنا مُسَدَد، حدَّثنا عبدُ الوارِث، عن حبيبٍ المُعلّمِ، عن أبي المهزِّمِ عن أبي هريرة قال: أصبنا صِرماً مِن جَراد، فكان رجل منا يَضْرِبُ بسوطه وهو محرم، فقيل له: إن هذا لا يصلح، فذكر ذلك للنبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "إنما هو مِن صَيدِ البَحرِ" (¬1). سمعت أبا داود يقول: أبو المُهزمِ ضعيفٌ، والحديثانِ جميعاً وهم. 1855 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن ميمونِ بنِ جابان، عن أبي رافعٍ عن كعب، قال: الجرادُ مِن صيدِ البحر (¬2). 42 - باب في الفِدية 1856 - حدَّثنا وهبُ بن بقيةَ، عن خالد بن عبد الله الطحان، عن خالدٍ الحذاء، عن أبي قلابِة، عن عبدِ الرحمن بنِ أبي ليلى ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف جداً، أبو المُهَزِّم - وهو يزيد بن سفيان التميمي - متروك الحديث. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري. وأخرجه ابن ماجه (3222)، والترمذي (866) من طريق حمّاد بن سلمة، عن أبي المهزم، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث غريب. وهو في "مسند أحمد" (8060). وانظر ما قبله. قوله: صِرْماً، بكسر الصاد وسكون الراء: قطعة من الجماعة الكبيرة. (¬2) إسناده ضعيف كما سبق برقم (1853). حماد: هو ابن سلمة البصري، وأبو رافع: هو نفيع بن رافع الصائغ، وكعب: هو ابن مَاتِع الحِمْيَري. وانظر سابقيه. تنبيه: هذا الحديث من روايتي ابن الأعرابي وابن داسه كما أشار إليه الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ). وهو عندنا في (هـ)، وهي برواية ابن داسه.

عن كعب بن عجرة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مرَّ به زَمَنَ الحُديبية، فقال: "قد آذاك هَوَامُّ رأسِكَ؟ " قال: نعم، فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "احلِقْ ثم اذبَحْ شاةً نُسكاً، أو صُم ثلاثة أيامٍ، أو أطعم ثلاثةَ آصُعِ مِنْ تَمْرٍ على سِتَّةِ مساكِينَ" (¬1). 1857 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن داود، عن الشعبيِّ، عن عبدِ الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عُجرة أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال له: "إن شئَت فانسُك نسيكةً، وإن شئتَ فَصُم ثلاثةَ أيامٍ، وإن شئتَ فَأطعِمْ ثلاثة آصُع مِنْ تمرٍ لِستةِ مساكِينَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. خالد الحذاء: هو ابن مهران البصري، وأبو قِلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي. وأخرجه مسلم (1201) من طريق خالد الطحَّان، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1814) و (4190) و (5665) و (5703)، ومسلم (1201)، والترمذي (974) و (3215) من طريق مجاهد بن جبر، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به. وأخرجه البخاري (1816) و (4517) من طريق عبد الله بن معقل، وابن ماجه (3080) من طريق محمد بن كعب، والنسائي في "الكبرى" (8321) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، ثلاثتهم عن كعب، به. وهو في "مسند أحمد" (18117)، و"صحيح ابن حبان" (3984) و (3986). وانظر ما سيأتي برقم (1857 - 1861). قال الخطابي: هذا إنما هو حكم من حلق رأسه لعذر من أذى يكون به، وهو رخصة له، فإذا فعل ذلك كان مخيراً بين الدم والصدقة والصيام، فأما من حلق رأسه عامداً لغير عذر، فإن عليه دماً، وهو قول الشافعي وإليه ذهب أبو حنيفة، وقال مالك: هو مخير إذا حلق لغير علة كهو إذا حلق لعذر. (¬2) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وداود: هو ابن أبي هند القشيري مولاهم، والشعبي: هو عامر بن شراحيل. =

1858 - حدَّثنا ابن المثنى، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب. وحدَّثنا نصرُ بن علي، حدَّثنا يزيدُ بن زُرَيعٍ - وهذا لفظُ ابن المثنى - عن داود، عن عامر عن كعبِ بنِ عُجْرةَ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مَرَّ بهِ زَمَنَ الحُديبية، فذكر القِصَّة، قال: "أمعك دَمٌ؟ " قال: لا، قال: "فصُم ثلاثةَ أيامِ، أو تَصَدَّق بثلاثةِ آصُعِ مِن تمرٍ على ستَّة مساكينَ بينَ كُلِّ مسكينين صَاعٌ" (¬1). 1859 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن نافع، أن رجلاً من الأنصارِ أخبره عن كعبِ بن عجْرةَ - وكان قد أصابَه في رأسه أذىً فحلق - فأمره النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - أن يُهديَ هَدْياً بقرةً (¬2). 1860 - حدَّثنا محمدُ بن منصورٍ، حدَّثنا يعقوبُ، حدثني أبي، عن ابنِ إسحاق، حدَّثني أبانُ - يعني ابن صالح - عن الحَكَمِ بنِ عُتيبةَ، عن عبدِ الرحمن بن أبي ليلى ¬

_ = وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 5/ 185 من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18122)، و "صحيح ابن حبان" (3983). وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمد العنزي، وعبد الوهاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي. وأخرجه الدارقطني في "سننه" (2784) من طريق داود بن أبي هند، به. وهو في "مسند أحمد" (18124). وانظر سابقيه. (¬2) الرجل من الأنصار هو عبد الرحمن بن أبي ليلى الثقة ذكر ذلك الحافظ في "التقريب"، وباقي رجاله ثقات لكن لفظ البقرة منكر شاذ نقله العيني في "عمدته" 10/ 156 عن شيخه زين الدين العراقي، فإن من ذكر النسك في هذا الحديث مفسراً إنما ذكره شاة. وانظر ما سلف برقم (1856).

عن كعبِ بنِ عُجرةَ قال: أصابني هوَامُّ في رأسي، وأنا مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عام الحديبية، حتى تخوّفُت على بصري، فأنزل الله سبحانه وتعالى فيَّ {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} الآية [البقرة: 196] فدعاني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال لي: "احْلِق رأسَك وصُمْ ثلاثةَ أيَّام، أو أطْعِم ستةَ مساكينَ فَرقاً مِن زبيبٍ، أو انْسُك شاةً " فحلقتُ رأسي، ثم نَسَكْتُ (¬1). 1861 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بن مسلمة القعنبي، عن مالكٍ، عن عبدِ الكريمِ بنِ مالكٍ الجزريِّ، عن عبدِ الرحمن بن أبي ليلى عن كعبِ بنِ عُجرة في هذه القصة، زاد: أيّ ذلك فعلتَ، أجزأ عنك" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار المطلبي مولاهم - وقد صرح بسماعه فانتفت شبهة تدليسه. لكن ذكر الزبيب فيه وهم، والمحفوظ فيه ذكر التمر، كما في الروايات السالفة. وأخرجه البخاري (1815) و (1817) و (1818) و (4159) و (4191) و (6708)، ومسلم (1201)، والترمذي (2973) و (3213) من طرق عن مجاهد بن جبر، ومسلم (1201)، والترمذي (3214) من طريق عبد الله بن معقل، كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به. وأخرجه الترمذي (3212) من طريق مغيرة، عن مجاهد، عن كعب بن عجرة، به. فلم يذكر في إسناده عبد الرحمن بن أبي ليلى، والصواب ذكره كما في رواية الباقين. وهو في "مسند أحمد" (18108) و (18121). وانظر ما سلف برقم (1856). (¬2) إسناده صحيح. =

43 - باب الإحصار

43 - بابُ الإحصار 1862 - حدَّثنا مُسَددٌ، حدَّثنا يحيى، عن حجاج الصَّوافِ، حدثني يحيى ابن أبي كثير، عن عِكرمة، قال: ¬

_ = وهو في "الموطأ" 1/ 417 من طريق يحيى بن يحيى الليثي، عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عن ابن أبي ليلى، به. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 62 - 63: وتابعه أبو المصعب، وابنُ بكير، والقعنبي، ومُطرّف، والشافعي، ومعن بن عيسى، وسعيد بن عُفير، وعبد الله بنُ يوسف التنيسي، ومصعب الزبيري، ومحمد بن المبارك الصُّوري، كل هؤلاء رووه عن مالك كما رواه يحيى، لم يذكروا مجاهداً في إسناد هذا الحديث. ورواه ابنُ وهب، وابن القاسم، ومكي بن إبراهيم، عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة. وذكر الطحاوي أن القعنبي رواه هكذا كما رواه ابنُ وهب، وابن القاسم فذكر فيه مجاهداً. وقال: إن الصواب في إسناد هذا الحديث قول من جعل فيه مجاهداً بين عبد الكريم وبين ابن أبي ليلى، ومن أسقطه، فقد أخطأ فيه - والله أعلم. وزعم الشافعيُّ أن مالكاً هو الذي وهِمَ فيه، فرواه عن عبد الكريم، عن ابن أبي ليلى، وأسقط من إسناده مجاهداً. وقال: إن عبد الكريم لم يلقَ ابن أبي ليلى ولا رآه، والحديث محفوطٌ لمجاهد عن ابن أبي ليلى من طرق شتى صحاح كلها، وهذا عند أهل الحديث أبينُ من أن يحتاج فيه إلى استشهاد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3820) من طريق ابن القاسم، عن مالك، عن عبد الكريم بن مالك الجزري، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب ابن عجرة، به. وأخرجه ابن ماجه (3079) من طريق عبد الله بن معقل، عن كعب، به. وهو في "مسند أحمد" (18106)، و "صحيح ابن حبان" (3983). وانظر ما سلف برقم (1856). تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ) وهي برواية ابن داسه.

سمعتُ الحجَّاجَ بن عمرو الأنصاريَّ قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من كُسِر أو عَرَجَ، فقد حَلَّ، وعليه الحجُّ مِن قابل" قال عكرمة: فسألتُ ابن عباسِ وأبا هريرة عن ذلك فقالا: صَدَقَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، ويحيي: هو ابن سعيد القطان، وحجّاج الصَّوَّاف: هو ابن أبي عثمان. وأخرجه ابن ماجه (3077)، والترمذي (958) و (959)، والنسائي في "الكبرى" (3829) و (3830) من طرق عن حجاج الصوّاف، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (15731). وانظر ما بعده. قال الخطابي: في هذا الحديث حجة لمن رأى الإحصار بالمرض والعذر يعرض للمحرم من غير حبس العدو وهو مذهب سفيان الثوري وأصحاب الرأي، وقد روي ذلك عن عطاء وعروة والنخعي. وقال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق: لا حصر إلا حصر العدو، وقد روي ذلك عن ابن عباس وروي معناه أيضاً عن ابن عمر. وأما قوله: "وعليه الحجُّ من قابل" فإنما هذا فيمن كان حجه عن فرض، فأما المتطوع بالحج إذا أحصر فلا شيء عليه غير هدي الإحصار، وهذا على مذهب مالك والشافعي، وقال أصحاب الرأي: عليه حج وعمرة، وهو قول النخعي، وعن مجاهد والشعبي وعكرمة: عليه حج من قابل. وقال العيني في "عمدته" 10/ 140 اختلف العلماء في الحصر بأي شيء يكون، وبأي معنى يكون، فقال قوم وهم عطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري: يكون الحصر بكل حابس من مرض أو غيره من عدو وكسر وذهاب نفقة ونحوها مما يمنعه من المضي إلى البيت، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد وزفر وروي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وزيد بن ثابت. وقال آخرون وهم الليث بن سعد ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق: لا يكون الإحصار إلا بالعدو فقط ولا يكون بالمرض، وهو قول عبد الله بن عمر.

1863 - حدَّثنا محمدُ بن المتوكِّلِ العسقلاني وسلمةُ (¬1)، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، عن معمرٍ، عن يحيي بن أبي كثيرٍ، عن عِكْرِمَةَ، عن عبد الله بن رافع عن الحجَّاجِ بنِ عمرو، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ عَرَجَ أو كُسِرَ أو مَرِضَ" فذكر معناه قال سلمةُ: قال: أخبرنا معمر (¬2). 1864 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا محمد بن سلمةَ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن عمرو بنِ ميمون سمعتُ أبا حاضر الحِميريَّ يُحدث أبي ميمون بنَ مهران قال: خرجتُ مُعتمراً عام حَاصَرَ أهلُ الشامِ ابنَ الزبير بمكةَ، وبعث معي رجالٌ مِنْ قومي بِهَدْيِ، فلما انتهينَا إلى أهلَ الشام مَنعونا أن ندخُلَ الحرم، فنحرتُ الهدي مكاني، ثم أحللتُ، ثم رجَعتُ، فلما كان مِن العام المُقبِل، خرجتُ لأقضيَ عُمرتي، فأتيتُ ابنَ عبّاس فسألتُه، فقال: أبدِلِ الهَدْيَ؛ فإن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أمرَ أصحابه أن يُبدلوا الهديَ الذي نحروا عامَ الحُديبية في عُمرة القضاء (¬3). ¬

_ (¬1) "سلمة" أثبتناه من (هـ)، وهي برواية ابن داسه. (¬2) إسناده صحيح. سلمة: هو ابن شبيب المسمعي، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي مولاهم. وأخرجه ابن ماجه (3078)، والترمذي (960) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬3) إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار - موصوف بالتدليس ولم يصرح بالسماع. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد القضاعي، ومحمد بن سلمة: هو الباهلي. وأخرجه الحاكم 1/ 485 - 486، وابن عبد البر 15/ 207 من طريق النُّفيليُّ، بهذا الإسناد.

44 - باب دخول مكة

44 - باب دخول مكة 1865 - حدَّثنا محمدُ بن عُبيدٍ، حدَّثنا حمادُ بن زيد، عن أيوبَ، عن نافعٍ أن ابنَ عمر كان إذا قَدِمَ مكةَ باتَ بذي طُوى حتى يُصْبِحَ ويغتسِلَ، ثم يدخلَ مكةَ نهاراً، ويذكر عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أنه فَعَلَه (¬1). 1866 - حدَّثنا عبدُ الله بن جعفرٍ البَرمَكيُّ، حدَّثنا مَعنٌ، عن مالك (ح) وحدَثنا مُسَدَّد وابن حنبل، عن يحيى (¬2) (ح) وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا أبو أُسامة - جميعاً - عن عُبيد الله، عن نافع عن ابنِ عمر: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان يَدخُلُ مكة من الثنيَّة العُليا - قالا عن يحيى: إن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان يدخل مكة من كَدَاء مِن ثنية البطحاء -، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أيوب: هو السختيانى، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه البخاري (1574) و (1769)، ومسلم (1259) من طريق أيوب، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (491)، ومسلم (1259)، والنسائى في "الكبرى" (3831) من طريق موسي بن عقبة، والبخاري (1574)، ومسلم (1259) من طريق عبيد الله ابن نافع، وابن ماجه (2941)، والترمذي (870) من طريق عبد الله بن عمر العمري، ثلاثتهم عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4628). وانظر ما سيأتى بالأرقام (1866 - 1869). قال الخطابي: دخول مكة ليلاً جائز، ودخولها نهاراً أفضل استناناً بفعل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وقد روي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه دخلها ليلاً عام اعتمر من الجعرانة، فدل ذلك على جوازه. (¬2) طريق مسدَّدٌ وابن حنبل أثبتاه من (هـ)، وهي برواية ابن داسه.

ويخرجُ من الثنيَّة السُّفلَى، زاد البرمكي: يعني ثنيتي مكة. وحديث مسددٍ أتمُّ (¬1). 1867 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبة، حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن عُبيد الله، عن نافع عن ابن عمر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يَخْرُجُ مِن طريق الشجرةِ، ويَدْخُلُ مِن طريق المُعرَّسِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. معن: هو ابن عيسى القزاز، ومسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيي: هو ابن سعيد القطان، وأبو أسامة: هو حمّاد بن أسامة القرشي. وأخرجه البخاري (1575) من طريق معن بن عيسى، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1576)، ومسلم (1257)، والنسائي في "الكبرى" (3834) من طريق يحيي بن سعيد القطان، وابن ماجه (2940) من طريق أبي معاوية الضرير، كلاهما عن عبيد الله، به. وأخرجه البخاري (1767) من طريق موسي بن عقبة، عن نافع، به. مطولاً. وهو في "مسند أحمد" (4625) و (4725)، و"صحيح ابن حبان" (3908). وانظر ما قبله وما بعده. وكداء بفتح الكاف والمد، قال أبو عُبيد: لا يُصرف، قال الحافظ في "الفتح" 3/ 437: وهذه الثنية هي التي ينزل منها إلى المعلى مقبرة أهل مكة، وهي التي يقال لها: الحَجون، وكانت صعبة المرتقى فسهّلها معاوية ثم عبد الملك، ثم المهدي على ما ذكره الأزرقي، ثم سهل في عصرنا هذا منها سنة إحدى عشرة وثمان مئة موضع، ثم سهلت كلها في زمن سلطان مصر الملك المؤيد في حدود العشرين وثمان مئة، وكل عقبة في جبل أو طريق عالٍ فيه تسمى ثنية. والثنية السفلى: هي التي أسفل مكة، يقال لها: كُدى بضم الكاف مقصور، وهي عند باب شُبيكة من ناحية قُعَيقِعان. (¬2) إسناده صحيح. عبيد الله: هو ابن عمر بن حفص العمري. وأخرجه البخاري (1533)، ومسلم (1257) من طريقين عن عبيد الله، بهذا الإسناد. =

1868 - حدَّثنا هارونُ بن عبدِ الله، حدَّثنا أبو أُسامَةَ، حدَّثنا هشامُ بن عُروة، عن أبيه عن عائشة قالت: دخلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عامَ الفتح مِنْ كَدَاء مِن أعلى مكةَ، ودخل في العُمرة مِن كُدَى، وكان عروةُ يدخلُ منهما جميعاً، وأكثَرُ ما كان يدخل مِن كُدَى، وكان أقربهما إلى منزله (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (6284). وانظر سابقيه. وقوله: من طريق الشجرة: هي شجرة كانت بذي الحليفة قاله السندي، وقال المنذري: هي على ستة أميال من المدينة، وقال عياض: هو موضع معروف على طريق من أراد الذهاب إلى مكة من المدينة، كان - صلَّى الله عليه وسلم - يخرج منها إلى ذي الحليفة، فيبيت بها، وإذا رجع بات بها أيضاً. والمعرَّس: مكان معروف على ستة أميال من المدينة. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (1578)، ومسلم (1258) من طريقين عن أبي أسامة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1579) و (4290) من طريقين عن هشام بن عروة، به. وأخرجه البخاري (1580) من طريق حاتم بن إسماعيل الحارثي، و (1581) من طربق وهيب بن خالد الباهلي، و (4291) من طريق عببدة بن إسماعيل، عن أبي أسامة، ثلاثتهم عن هشام، عن أبيه، مرسلاً. ولم يذكروا في إسناده عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24311)، و"صحيح ابن حبان" (3807). وانظر ما سلف برقم (1865). قال في"اللسان": وكداء، بالفتح والمد: الثنية العليا بمكة مما يلي المقابر، وهو المعلى، وكُدى، بالضم والقصر: الثنية السفلى مما يلي باب العمرة، وأما كُدَيّ، بالضم وتشديد الياء، فهو موضع بأسفل مكة شرفها الله تعالى. وانظر التعليق على الحديث (1866).

45 - باب في رفع اليد إذا رأى البيت

1869 - حدَّثنا ابنُ المثنَّى، حدَّثنا سفيانُ بن عيينةَ، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه عن عائشة: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان اذا دَخَلَ مكة، دَخَلَ مِن أعلاها وخَرَجَ مِن أسفلِها (¬1). 45 - باب في رفعِ اليدِ إذا رأى البيتَ 1870 - حدَّثنا يحيى بن معينٍ، أن محمدَ بنَ جعفر حدَّثهم، حدَّثنا شُعبة، سمعت أبا قزَعَةَ يُحدث، عن المهاجرِ المكي، قال: سئل جابر بن عبدِ الله عن الرجلِ يرى البيتَ يرفعُ يديه؟ فقال: ما كنتُ أرى أحداً يفعلُ هذا إلا اليهود، قد حججنا مَعَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فلم نكُنْ نَفْعلُه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمد العنزي. وأخرجه البخاري (1577)، ومسلم (1258)، والترمذي (869)، والنسائي في "الكبرى" (4227) من طريق محمد بن المثنى، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24121). وانظر ما سلف برقم (1865). (¬2) إسناده ضعيف. المهاجر - وهو ابن عكرمة بن عبد الرحمن المخزومي، وإن روى عنه ثلاثة وذكره ابن حبان في الثقات - ضعف حديثه هذا الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق؛ لأن مهاجراً عندهم مجهول. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (3864) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرج بنحوه الترمذي (871) من طريق وكيع بن الجراح، عن شعبة، به. قال الخطابي: اختلف الناس في هذا: فكان ممن يرفع يديه إذا رأى البيت سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، فضعف هؤلاء حديث جابر، لأن المهاجر راويه عندهم مجهول، وذهبوا إلى حديث ابن عباس عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - =

1871 - حدَّثنا مسلم بن إبراهيمَ، حدَّثنا سلَّامُ بن مسكين، حدَّثنا ثابت البُنانيُّ، عن عبدِ الله بنِ رباح الأنصاري عن أبي هريرة: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لما دَخَلَ مكةَ طافَ بالبيتِ وصَلَّى ركعتَيْنِ خلفَ المقامِ، يعني يَوْمَ الفتحِ (¬1). 1872 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا بَهْزُ بن أسدٍ وهاشم - يعني ابنَ القاسم - قالا: حدَّثنا سليمانُ بن المغيرة، عن ثابتٍ، عن عبدِ الله بنِ رباح عن أبي هريرة قال: أقبلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ مكة، وأقبلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى الحجَرِ فاستلمه، ثم طافَ بالبيتِ، ثم أتى الصَّفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت، فرفع يديه، فَجَعَلَ يَذُكُر الله عز وجل ما ¬

_ = قال: "ترفع الأيدي في سبعة مواطن: افتتاح الصلاة، واستقبال البيت، وعلى الصفا والمروة، والموقفين، والجمرتين" وروي عن ابن عمر أنه كان يرفع اليدين عند رؤية البيت، وعن ابن عباس مثل ذلك. قلنا: وحديث ابن عباس هو عند ابن خزيمة (2703) والطبراني (12072) والبيهقي 5/ 72 - 73 وفي سنده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ضعيف. ورواه ابن أبى شيبة في "المصنف" 1/ 236 - 237 و 4/ 96. عن محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله. ومحمد بن فضيل سمع من عطاء بن السائب بعد اختلاطه. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11234) من طريق سلام بن مسكين، بهذا الإسناد مطولاً. وأخرجه مسلم (1780) من طريق حمّاد بن سلمة، عن ثابت، به. مطولاً دون ذكر الصلاة. وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (3024).

46 - باب في تقبيل الحجر

شاء أن يذكره ويدعوه، قال: والأنصارُ تحته (¬1)، قال هاشِمٌ: فدعا وحَمِدَ الله ودَعَا بما شاءَ أن يَدْعو (¬2). 46 - باب في تقبيل الحجر 1873 - حدَّثنا محمد بن كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عابس بنِ ربيعة عن عُمَرَ: أنه جاءَ إلى الحَجَرِ فقبَّله فقال: إني أعلمُ أنَّكَ حجرٌ لا تنفعُ ولا تضرُّ، ولولا أنِّي رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقبِّلكَ ما قبلتُك (¬3). ¬

_ (¬1) في (أ) و (ج): والأنصابُ تحته، والمثبت من "مختصر المنذري"، ومن نسخة صحيحة أشار إليها العظيم آبادي وهو الصواب الموافق لما في "مسند أحمد" (10948) و"سنن النسائي الكبرى" (11234) وغيرهما. وفي روايتي ابن داسه وابن الأعرابي: والأنصار بجنبه، كما في هامشي (أ) و (هـ). ورواية أبي داود هذه مختصرة، يُفسِّرها رواية أحمد وابن حبان: يقول بعضهم لبعض: أمّا الرجل فأدركته رغبة في قريته، ورأفة بعشيرته. ورواية النسائي: فقالت الأنصار وهم أسفل منه ... (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1780) من طريق شيبان بن فروخ، و (1780) من طريق عبد الله ابن هاشم، عن بهز بن أسد، كلاهما عن سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد، مطولاً. وهو في "مسند أحمد" (10948). وانظر ما قبله. (¬3) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه البخاري (1597) من طريق محمد بن كثير، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1270)، والترمذي (876)، والنسائي في "الكبرى" (3906) من طرق عن الأعمش، به.

47 - باب استلام الأركان

47 - باب استلام الأركان 1874 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا ليثٌ، عن ابن شهابٍ، عن سالم عن ابنِ عمر، قال: لم أرَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يمسَحُ مِن البيتِ إلا الرُّكنَين اليمانيَّين (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1605) و (1610) من طريق أسلم مولى عمر، ومسلم (1270) من طريق عبد الله بن عمر، والنسائي (3907) من طريق سويد بن غفلة، و (3908) من طريق عبد الله بن عباس، ومسلم (1270)، وابن ماجه (2943)، والنسائي في "الكبرى" (3904) من طريق عبد الله بن سرجس، خمستهم عن عمر بن الخطاب، به. ورواية البخاري في الموضع الأول دون ذكر تقبيل الحجر، ورواية النسائى (3907) مقتصرة بذكر: "أن عمر قبَّل الحجر". وهو في "مسند أحمد" (99)، و"صحيح ابن حبان" (3822). وأخرج أحمد (2398) وصححه ابن خزيمة (2736) وابن حبان (3711) والحاكم 1/ 457 من حديث ابن عباس رفعه" إن لهذا الحجر لساناً وشفتين يشهد لمن استلمه يوم القيامة بحق". (¬1) إسناده صحيح. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، والليث: هو ابن سعد، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر. وأخرجه البخاري (1609)، ومسلم (1267)، والنسائى في "الكبرى" (3915) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2946)، والنسائي (3919) من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، به. وهو في "مسند أحمد" (6017)، و"صحيح ابن حبان" (3827). وقد سلف مطولاً برقم (1772). الركن: هو الجانب، والبيت له أربعة أركان: الركن الأسود والركن اليماني، ويقال لهما اليمانيان تغليباً، والركن الشامي والركن العراقي، ويقال لهما: الشاميان، فأما الركن الأسود فيقبل ويستلم، والركن اليماني لا يقبل بل يمس فقط، وأما الركنان الباقيان، فلا يقبلان ولا يمسان، لأنهما ليسا على قواعد البيت كما سيأتي بيانه في الحديث الآتي.

1875 - حدَّثنا مخلدُ بن خالد، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريّ، عن سالمٍ عن ابنِ عمر أنه أُخبِرَ بقولِ عائشةَ: إن الحِجرَ بعضُه من البيت، فقال ابن عمر: والله - إني لأظن عائشة إن كانت سَمِعَت هذا من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إني لأظن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يترك استلامهما إلا أنهما ليسا على قواعِدِ البيت، ولا طافَ الناسُ وراءَ الحِجْرِ إلا لذلك (¬1). 1876 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن عبدِ العزيز بن أبي رَوّاد، عن نافع عن ابنِ عمر، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لا يَدَعُ أن يستلم الرُّكْنَ اليمانيَّ والحَجَرَ في كُلّ طوفه، قال: وكان عبدُ الله بن عمر يفعلُه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، معمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (8941). وأخرجه البخاري (1583) و (3368) و (4484)، ومسلم (1333)، والنسائى في "الكبرى" (3869) من طريق مالك بن أنس، عن الزهري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25440)، و"صحيح ابن حبان" (3815). وانظر ما سيأتي برقم (2028). (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن أبي روّاد: هو عبد العزيز المكي، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (3914) من طريق محمد بن المثنى، عن يحيى، بهذا الإسناد. وأخرج بنحوه النسائي (3919) من طريق عبيد الله، و (3917) من طريق أيوب، كلاهما عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4686) و (5965). وانظر ما سلف برقم (1772).

48 - باب الطوات الواجب

48 - باب الطوات الواجب 1877 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا ابن وهب، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهاب، عن عُبيد الله - يعني ابن عبد الله بن عتبةَ - عن ابنِ عباس: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - طاف في حَجَّة الوَدَاع على بعيرٍ بَستلِمُ الركنَ بِمِحجَنٍ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله القرشي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلى، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه البخاري (1607)، ومسلم (1272)، وابن ماجه (2948)، والنسائي في "الكبرى" (794) و (3910) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (3829). وقد روى عكرمة هذا الحديث عن ابن عباس عند البخاري (1612) وغيره، غير أنه قال فيه: "طاف النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بالبيت على بعير، كلما أتى على الركن أشار إليه". فذكر الإشارة بدل الاستلام، قال الحافظ في "الفتح"3/ 476: قال ابن التين: تقدم أنه كان يستلمه بالمحجن، فيدل على قربه من البيت، لكن من طاف راكباً يستحب له أن يبعد إن خاف أن يؤذي أحداً، فيحمل فعله - صلَّى الله عليه وسلم - على الأمن من ذلك. انتهى. قال الحافظ: ويحتمل أن يكون في حال استلامه قريباً حيث أمن ذلك، وأن يكون في حال إشارته بعيداً حيث خاف ذلك. وسيأتي من طريق عكرمة، عن ابن عباس بلفظ الاستلام برقم (1881) وانظر الكلام عليه وتخريجه هناك. قال الخطابي: معنى طوافه على البعير: أن يكون بحيث يراه الناس، وأن يشاهدوه، فيسألوه عن أمر دينهم، ويأخذوا عنه مناسكهم، فاحتاج إلى أن يشرف عليهم، وقد روي في هذا المعنى عن جابر بن عبد الله. والمحجنُ: عود معقوف الرأس يكون مع الراكب يحرك به راحلته. وفي "المغني" 5/ 249 - 250: لا نعلم بين أهل العلم خلافاً في صحة طواف الراكب إذا كان له عذر ... والمحمول كالراكب فيما ذكرناه، وأما الطواف راكباً أو محمولاً لغير عذر فمفهوم كلام الخرقي أنه لا يجزئ وهو إحدى الروايات عن أحمد ... والثانية: يجزئه ويجبره بدم وهو قول مالك وبه قال أبو حنيفة، والثالثة يجزئه ولا شيء عليه اختارها أبو بكر وهي مذهب الشافعي.

1878 - حدَّثنا مُصرِّفُ بن عمرو الياميُّ، حدَّثنا يونسُ - يعني ابنَ بُكير - حدَّثنا ابن إسحاق، حدَّثني محمدُ بن جعفر بنِ الزبير، عن عُبيد الله بن عبد الله ابن أبي ثور عن صفيةَ بنتِ شيبة، قالت: لما اطمأنَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بمكة عام الفتحِ طَافَ على بعيرٍ يستلِمُ الرُّكْنَ بمِحْجَنٍ في يده، قالت: وأنا أنظُرُ إليه (¬1). 1879 - حدَّثنا هارونُ بن عبدِ الله ومحمد بن رافعٍ - المعنى - قالا: حدَّثنا أبو عاصمٍ، عن معروف - يعني ابنَ خَرَّبُوذَ المكي - حدَّثنا أبو الطفَيْلِ، قال: رأيتُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يطوفُ بالبيتِ على راحلتِه يستلِمُ الركنَ بِمحجَنه، ثم يُقبِّلُه، زادَ محمد بن رافع: ثم خَرَجَ إلى الصَّفا والمروة فطاف سبعاً على راحِلته (¬2). 1880 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يحيي، عن ابنِ جُريج، أخبرني أبو الزبير ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. يونس بن بكير وابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار - صدوقان، وقد صرح ابن إسحاق في هذه الرواية بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه ابن ماجه (2947) من طريق يونس بن بكير، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث ابن عباس سلف قبله. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل معروف بن خرَّبوذ. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد الشيباني. وأخرجه مسلم (1275)، وابن ماجه (2949) من طرق عن معروف بن خربوذ، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (33798). ويشهد له حديث ابن عباس السالف برقم (1877).

أنه سَمعَ جابرَ بنَ عبدِ الله يقولُ: طافَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - في حَجَّة الوداع على راحلته بالبيتِ وبالصَّفا والمروة لِيراه الناسُ، وليُشرفَ، ولِيسألوه فإن الناسَ غَشُوه (¬1). 1881 - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا خالدُ بن عبد الله، حدَّثنا يزيدُ بن أبي زيادٍ، عن عكرمة عن ابنِ عباس: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قَدِمَ مكة وهو يشتكي، فطافَ على راحلته، كلما أتى على الرُّكنِ استلم الركنَ بمِحجَن، فلما فَرَغَ مِن طوافه أناخ، فصلَّى ركعتينِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز الأموي، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم. وأخرجه مسلم (1273)، والنسائي في "الكبرى" (3955) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14415). وسيأتي مطولاً برقم (1905). (¬2) صحيح بشواهده، يزيد بن أبي زياد - وإن كان ضعيفاً - قد تابعه على ذكر استلام الركن عُبيدُ الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس كما سيأتي، وتابعه على قوله: وهو يشتكي، سعيد بن جبير وطاووس مرسلاً كما سيأتي. ولقوله: "فصلى ركعتين" شاهد من حديث جابر الطويل في حجة الوداع. وأخرجه البخاري (1612) و (1613) و (1632) و (5293)، والترمذي (881)، من طريق عكرمة، عن ابن عباس، ولفظه: "طاف النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بالبيت على بعير، كلما أتى على الركن أشار إليه وهو في "مسند أحمد" (2772). وقد سلف من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبه، عن ابن عباس برقم (1877) بلفظ: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن، وهو عند البخاري (1607). =

49 - باب الاضطباع في الطواف

1882 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن محمد بنِ عبدِ الرحمن بن نَوفَلٍ، عن عُروةَ بن الزبير، عن زينبَ بنتِ أبي سلمة عن أُمِّ سلمة زوجِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنها قالت: شكوتُ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أشتكي، فقال: "طُوفي مِن وراء الناس وأنتِ راكِبَةٌ" قالت: فطفتُ ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حينئذٍ يُصلي إلى جنبِ البيتِ، وهو يقرأ بالطُّور وكتابٍ مسطورٍ (¬1). 49 - باب الاضطباع في الطواف 1883 - حدَّثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيانُ، عن ابنِ جُريج، عن ابنِ يعلى ¬

_ = وأخرج عبد الرزاق (8927)، ومن طريق الطبري في "تهذيب الآثار" في مسند ابن عباس (81) عن سفيان الثوري (وسقط من مطبوع عبد الرزاق اسمُه) عن حماد بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، قال: قدم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو مريض، فطاف بالبيت على راحته، يستلم الركن، بمحجنه، ثم يقبل طرف المحجن. وهو مرسل رجاله ثقات. وأخرج الطبري (80) عن الحسن بن يحيي، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - طاف على راحلة، وهو شاكٍ, يستلم الركن بمحجنه، ثم يقبّل طرف المحجن. وهذا مرسل رجاله ثقات أيضاً. ولصلاة الركعتين بعد الطواف انظر حديث جابر بن عبد الله الطويل الآتي عند المصنف برقم (1905) وهو في "صحيح مسلم" (1218). (¬1) إسناده صحيح. القعبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 370 - 371، ومن طريقه أخرجه البخاري (464) و (1619) و (1626) و (1633) و (4853)، ومسلم (1276)، وابن ماجه (2961)، والنسائي في "الكبرى" (3889) و (3929). وأخرجه البخاري (1626)، والنسائي (3890) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن أم سلمة، دون ذكر زينب بنت أم سلمة، وسماع عروة من أم سلمة ممكن فإنه أدرك من حياتها نيفاً وثلاثين سنة، وهو معها في بلدٍ واحد. وهو في "مسند أحمد" (26485)، و"صحيح ابن حبان" (3830) و (3833).

50 - باب في الرمل

عن يعلى، قال: طافَ النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - مُضْطَبِعاً بِبُرْدٍ أخضر (¬1). 1884 - حدَّثنا أبو سَلَمةَ موسى، حدَّثنا حمادٌ، عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن سعيد بن جُبير عن ابنِ عباس: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأصحابَه اعتمروا مِن الجِعْرَانة، فرمَلوا بالبيتِ، وجعلُوا أرديتَهم تحتَ آباطِهِم ثم قَذَفُوها على عواتقِهم اليُسرى (¬2). 50 - باب في الرَّملَ 1885 - حدَّثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، حدَّثنا أبو عاصمٍ الغَنَوي، عن أبي الطُّفيلِ، قال: ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أنه منقطع، ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - لم يسمعه من ابن يعلى، وقد دلَّسَه عنه، والواسطة بينهما عبد الحميد بن جبير وهو ثقة من رجال الشيخين، سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وابن يعلى: هو صفوان بن يعلى التميمي، ذكره الحافظ المزي في "التهذيب" 34/ 484 فيمن اشتهر بالنسبة إلى أبيه وقال: إن لم يكن صفوان بن يعلى فلا أدري من هو. قلنا: وصفوان ثقة من رجال الشيخين. وأخرجه ابن ماجه (2954)، والترمذي (875) من طريقين عن سفيان، عن ابن جريج، عن عبد الحميد، عن ابن يعلى، عن أبيه، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (17956). (¬2) إسناده قوي. عبد الله بن عثمان بن خثيم صدوق لا بأس به. حمّاد: هو ابن سلمة بن دينار البصري. وأخرجه أحمد في "مسنده" (2792) و (3512)، والطبراني في "المعجم الكبير" (12478)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 79 من طرق عن حمّاد، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

قلتُ لابنِ عباس: يزعمُ قومُك أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قد رَمَلَ بالبيتِ، وأن ذلك سنَّةٌ، قال: صَدَقُوا وكَذبُوا، قلت: وما صَدقوا، وما كذبوا؟ قال: صَدَقُوا: قد رمَلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وكَذَبُوا: ليس بسنَّة، إن قريشاً قالت زَمَنَ الحُديبية: دعوا محمداً وأصحابَه حتى يموتوا موتَ النَّغَفِ، فلما صالحُوه على أن يجيئوا مِن العامِ المقبل، فيُقِيمُوا بمكةَ ثلاثةَ أيامٍ، فَقَدِمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - والمشركون مِن قِبَل قُعَيْقِعَان، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لأصحابه: "ارمُلُوا بالبيتِ ثلاثاً " وليس بسنةٍ، قلتُ: يزعمُ قومُك أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - طافَ بين الصفا والمروةِ على بعيرٍ وأن ذلك سنةٌ، قال: صدقوا وكذبوا، قلت: ما صدقوا وما كذبوا؟ قال: صدقوا: قد طافَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بين الصفا والمروةِ على بعير، وكذبوا: ليست بسنة، كان الناسُ لا يُدْفعون عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ولا يُصرفون عنه، فطاف على بعيرٍ، ليسمعوا كلامه، وليروا مكانه، ولا تنالُه أيديهم (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عاصم الغَنَوي وثقه ابن معين في رواية إسحاق بن منصور، وقول الحافظ في "التقريب": مقبول، غير مقبول، وباقي رجاله ثقات. وانظر تمام كلامنا عليه في "مسند أحمد" (2707). حمّاد: هو ابن سلمة البصري. وأخرجه بطوله الطيالسي (2697)، والطبراني (10628)، والبيهقي في "الشعب" (4077) من طريق حمّاد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1264) من طريقين عن أبي الطُّفيل، به. وأخرجه مختصراً البخاري (1649) و (4257)، ومسلم (1266)، والنسائي في "الكبرى" (3959) من طريق عطاه بن أبي رباح، والترمذي (879) من طريق طاووس ابن كيسان، كلاهما عن ابن عباس، قال: "إنما سعى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالبيت وبين الصفا والمروة ليُريَ المشركين قُوَّته". وهو في "مسند أحمد" (2707)، و"صحيح ابن حبان" (3811). وانظر ما سيأتي برقم (1886) و (1889) و (1890). =

1886 - حدَّثنا مُسدَّدٌ, حدَّثنا حمادُ بن زيد، عن أيوب، عن سعيد بنِ جُبير أنه حدَّث عن ابن عبَّاس، قال: قَدِمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مكة وقد وهنتْهم حُمَّى يَثْرِبَ، فقال المشركونَ: إنه يقدمُ. عليكم قومٌ قد وهَنَتْهُمُ الحُمّى، ولقُوا منها شراً، فأطلعَ اللهُ تعالى سبحانه نبيَّه - صلَّى الله عليه وسلم - على ما قالوه، فأمرهم أن يَرمُلوا الأشواطَ الثلاثةَ، وأن يمشوا بَينَ الرُّكنينِ، فلما رأوهُم رمَلُوا قالوا: هؤلاء الذين ذكرتم أن الحُمَّى قد وهنتَهُم، هؤلاء أجْلُد منا، قال ابنُ عباس: ولم يأمرهم أن يرملوا الأشواط كُلَّها إلا إبقاء عليهم (¬1). ¬

_ = النغف: قال الخطابي: دود يسقط من أنوف الدواب، واحدتها: نغفة، يقال للرجل إذا استُحقِر واستضعِفَ، ما هو إلا نَغَفَة. وقعيقعان بضم القاف وفتح العين: جبل مشهور بمكة، سمي بذلك، لأن جُرهُماً لما تحاربوا، كثرت القعقعة بالسلاح هناك. وقوله: ليس بسنة. معناه أنه أمر لم يُسن فعله لكافة الأمة على معنى القربة كالسنن التي هي عبادات، ولكنه شيء فعله رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لسبب خاص وهو أنه أراد أن يُري الكفار قوة أصحابه، وكانوا يزعمون أن أصحاب محمد قد أوهنتهم حُمى يثرب ووقذتهم، فلم يبق فيهم طِرق. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه البخاري (1602) و (4256)، ومسلم (1266)، والنسائي في "الكبرى" (3928) من طرق عن حمّاد بن زيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2639). وانظر ما قبله. وهنتهم: أضعفتهم، ويثرب اسم المدينة في الجاهلية، وسميت في الإسلام المدينة وطيبة وطابة.=

1887 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الملك بن عمرو، حدَّثنا هشامُ ابن سعد، عن زيدِ بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعتُ عمر بن الخطاب يقول: فيم الرَّمَلان اليوم، والكشفُ عن المناكب؟ وقد أطَّأ الله الإسلامَ، ونفى الكفرَ وأهلَه، مع ذلك لا نَدَعُ شيئاً كنا نفعلُه على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 1888 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بن يونس، حدَّثنا عُبيد الله بن أبي زياد، عن القاسم عن عائشةَ، قالت: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنما جُعِلَ الطوافُ بالبيتِ وبين الصَّفا والمروةِ ورمْيُ الجِمار لإقامةِ ذكرِ الله" (¬2). ¬

_ = أجلد: أشد جلدة وقوة، والإبقاء عليهم علة لعدم أمرهم بالرمل في الأشواط كلها لانهم كانوا على الحقيقة ضعافاً مهازيل. (¬1) صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات. هشام بن سعد: ضعيف يعتبر به، وقد توبع. وأخرجه ابن ماجه (2952) من طريق جعفر بن عون، عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرج بنحوه البخاري (1605) من طريق محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن زيد ابن أسلم، به. وهو في "مسند أحمد" (317). وقوله: وقد أطأ الله الإسلام: إنما هو: وطأ الله الإسلام، أي: ثبته وأرساه والواو قد تبدل همزة. قال الخطابي: وفيه دليل على أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قد يسن الشيء لمعنى، فيزول ذلك المعنى، وتبقى السنة على حالها، وممن كان يرى الرمل سنة مؤكدة، ويرى على من تركه دماً سفيان الثوري، وقال عامة أهل العلم: ليس على تاركه شيء. (¬2) إسناده ضعيف. عُبيد الله بن أبي زياد - وهو القدّاح - مختلفٌ فيه، وهو إلى الضعف أقربُ، وقد انفرد برفعه عن القاسم، ووقفه غيرُه كما بيناه في "مسند أحمد" (24351). =

1889 - حدّثنا محمدُ بن سليمان الأنباريُّ، حدَّثنا يحيي بن سُليم، عن ابن خُثَيم، عن أبي الطُّفيل عن ابنِ عباس: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - اضطبعَ فاستلَم وكبَّرَ، ثم رَمَلَ ثلاثةَ أطوافٍ، وكانوا إذا بلغوا الرُّكنَ اليماني وتغيَّبوا مِن قُريش، مَشَوْا، ثم يطلُعُون عليهم يَرْمُلُونَ، تقول قريش: كأنهم الغِزلانُ. قال ابن عباس: فكانت سنةً (¬1). 1890 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا عبدُ الله بن عثمان بن خُثَيم، عن أبي الطُّفيل عن ابنِ عباس: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأصحابه اعتمرُوا من الجِعْرَانة، فرمَلُوا بالبيتِ ثلاثاً، ومَشَوْا أربعاً (¬2). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (918) من طريقين عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (24351). (¬1) حديثٌ صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن سُليم - وهو الطائفي القرشي -، لكنه متابع. ابن خثيم: هو عبد الله بن عثمان القارئ. وأخرجه بنحوه ابن ماجه (2953) من طريق معمر، عن ابن خثيم، بهذا الإسناد. دون ذكر الاضطباع فيه. وهو في "مسند أحمد" (2220)، و "صحيح ابن حبان" (3812). وانظر ما سلف برقم (1885)، وما سيأتي بعده. (¬2) إسناده قوي. عبد الله بن عثمان بن خثيم صدوق لا بأس به. حمّاد: هو ابن سلمة البصري. وهو في "مسند أحمد" (2688)، و"صحيح ابن حبان" (3814). وانظر ما سلف برقم (1885)، وما قبله. =

51 - باب الدعاء في الطواف

1891 - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا سُليمُ بن أخْضَر، حدَّثنا عُبيد اللهِ، عن نافع أن ابنَ عمر رَمَلَ مِن الحَجَر إلى الحَجَر، وذكر أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فَعَلَ ذلك (¬1). 51 - باب الدعاء في الطواف 1892 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بن يونس، حدَّثنا ابن جُريجٍ، عن يحيي بن عُبيد، عن أبيه عن عبد الله بن السائب، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول ما بين الرُّكْنينِ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: 201] (¬2). ¬

_ = والجعرانة: قال في "النهاية": موضع قريب من مكة (بينها وبين الطائف) وهي في الحِلِّ، وميقات للإحرام، وهي بتسكين العين والتخفيف، وقد تكسر العين وتشدد الراء. قال علي ابن المديني: أهل المدينة يخففونها وأهل العراق يشددونها، وخطَّأ الخطابي التخفيف. وقد نزلها النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لما قسم غنائم هوازن مرجعه من غزاة حنين وأحرم منها. (¬1) إسناده صحيح. أبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري. وأخرجه مسلم (1262) من طريق أبي كامل، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مسلم (1262)، وابن ماجه (2950)، والنسائى في "الكبرى" (3924) من طرق عن عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (5760). وانظر ما سيأتي برقم (1893). (¬2) إسناده محتمل للتحسين، عببد والد يحيي: هو مولى السائب بن أبي السائب المخزومي، انفرد بالرواية عنه ولده يحيي، وهو ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد عده بعضهم صحابياً فوهم، قال الحافظ في "الإصابة" في ترجمته: عبيد تابعي، ما روى عنه إلا ابنه يحيي، والله أعلم، وابن جريج: وهو عبد الملك بن عبد العزيز قد =

52 - باب الطواف بعد العصر

1893 - حدَّثنا قُتيبة بن سعيد، حدَّثنا يعقوبُ، عن موسى بن عقبة، عن نافعٍ عن ابنِ عمر: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا طافَ في الحجِّ والعمرةِ أوَّلَ ما يَقْدَمُ، فإنَّه يسعى ثلاثةَ أطوافٍ، ويمشي أربعاً، ثم يُصلِّي سجدتين (¬1). 52 - باب الطواف بعد العصر 1894 - حدَّثنا ابن السَّرحِ والفضلُ بن يعقوبَ - وهذا لفظه - قالا (¬2): حدَّثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن عبد الله بن بَابَاه ¬

_ = صرح بالتحديث عند أحمد في "مسنده" (15398). مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وعيسى بن يونس: هو السبيعي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3920) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15398)، و"صحيح ابن حبان" (3826). (¬1) إسناده صحيح. يعقوب: هو ابن عبد الرحمن القاريّ. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3921) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1616)، ومسلم (1261) من طريقين عن موسى بن عقبة، به. وأخرجه البخاري (1604) و (1617)، ومسلم (1261)، والنسائي (3923) من طرق عن نافع، به. ورواية البخاري في الموضع الثاني، ومسلم، والنسائي، بلفظ: "خبَّ" بدل: "سعى". وأخرجه البخاري (1603)، ومسلم (1261)، والنسائى (3925) من طريق الزهري، عن سالم، عن أبيه رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حين يقدَمُ مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف يَخُبُّ ثلاثة أطواف من السَّبع. وانظر ما سلف برقم (1891). (¬2) طريق الفضل بن يعقوب أثبتناه من (هـ).

53 - باب طواف القارن

عن جُبير بن مُطعِم، يَبلُغُ به النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "لا تمنعُوا أحداً يطوفُ بهذا البيتِ ويُصلي أيَّ ساعةٍ شاءَ مِن ليلٍ أو نهارٍ". قال الفضلُ: إنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: " يا بني عبدِ منافٍ، لا تمنعوا أحداً" (¬1). 53 - باب طواف القارِنِ 1895 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يحيي, عن ابنِ جُريج، قال: أخبرنى أبو الزبير، قال: سمعتُ جابر بن عبد الله يقولُ: لم يَطُفِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ولا أصحابُه بين الصفا والمروةِ إلا طوافاً واحداً، طوافَه الأوّلَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرس - صرح بالتحديث عند أحمد في "مسنده" (16774)، فانتفت شبهة تدليسه. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو، وسفيان: هو ابن عيينة، وعبد الله بن باباه: هو المكي، ويقال في اسم أبيه: بابيه، ويقال: بابي. وأخرجه ابن ماجه (1254)، والترمذي (883)، والنسائي في "الكبرى" (3932) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث جبير بن مطعم حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (16736)، و"صحيح ابن حبان" (1552). (¬2) إسناده صحيح. ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز -، وأبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرس - قد صرحا بالتحديث في هذه الرواية، فانتفت شبهة تدليسهما. يحيي: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه مسلم (1215) و (1279)، والنسائي في "الكبرى" (3966) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2973)، والترمذي (968) من طريقين عن ابن الزبير، به. وأخرجه ابن ماجه (2972) من طريق ليث بن أبي سليم، عن عطاء وطاووس ومجاهد، عن جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس. =

1896 - حدَّثنا قتيبةُ، حدَّثنا مالكُ بن أنسٍ، عن ابنِ شهاب، عن عُروة عن عائشة: أن أصحابَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الذين كانوا معه لم يطوفوا حتى رموا الجمرة (¬1). 1897 - حدَّثنا الربيعُ بن سليمانَ المؤذِّن، أخبرني الشافعيُّ، عن ابن عُيَينة، عن ابنِ أبي نَجيح، عن عطاء عن عائشة أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال لها: "طوافُكِ بالبيتِ وبين الصفا والمروةِ يكفيكِ لِحَجتكِ وعُمرتكِ" (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (14414)، و "صحيح ابن حبان" (3819). قال ابن القيم في "تهذيب السنن" 2/ 382 - 383: اختلف العلماء في طواف القارن والمتمتع على ثلاثة مذاهب: أحدها: أن على كل منهما طوافين وسعيين، روي ذلك عن علي وابن مسعود، وهو قول سفيان الثوري وأبي حنيفة وأهل الكوفة والأوزاعي وإحدى الروايتين عن أحمد. الثاني: أن عليهما كليهما طوافاً واحداً وسعياً واحداً نص عليه أحمد في رواية ابنه عبد الله، وهو ظاهر حديث جابر. الثالث: أن على المتمتع طوافين وسعيين وعلى القارن سعي واحد، وهذا هو المعروف عن عطاء وطاووس والحسن وهو مذهب مالك والشافعي وظاهر مذهب أحمد. وانظر حديث ابن عباس عند البخاري (1572). (¬1) إسناده صحيح. قتيبة: هو ابن سعيد، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وعروة: هو ابن الزبير الأسدي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4158) من طريق مالك، بهذا الإسناد. وانظر حديث عائشة مطولاً في "الموطأ" 1/ 410 - 411، والبخاري (1556) ومسلم (1211). (¬2) إسناده صحيح. ابن عيينة: هو سفيان، وابن أبي نجيح: هو عبد الله الثقفي مولاهم، وعطاء: هو ابن أبى رباح. =

54 - باب الملتزم

قال الشافعيُّ: كان سفيانُ ربما قال: عن عطاء، عن عائشةَ، وربما قال: عن عطاء، أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال لِعائِشة رضي الله عنها. 54 - باب المُلْتَزَم 1898 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرُ بن عبدِالحميد، عن يزيد ابن أبي زياد، عن مجاهدٍ عن عبدِ الرحمن بنِ صفوانَ، قال: لما فَتَحَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مكةَ، قلتُ: لألبَسنَّ ثيابي، وكانت داري على الطريقِ، فلأنظُرنَّ كيفَ يصنعُ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فانطلقتُ، فرأيتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قد خرج مِن الكعبةِ هو وأصحابه [و]، قد استلموا البيتَ من البابِ إلى الحَطِيمِ، وقد وضعُوا خدودَهم على البيتِ ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وسَطُهم (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1211) من طريق طاووس بن كيسان، و (1211) من طريق مجاهد، كلاهما عن عائشة. ولفظه في الرواية الأولى: "يَسعُكِ طَوافُكِ لحَجِّكِ وعُمرَتك"، وفي الثانية: "يُجْزئُ عنكِ طوافُكِ بالصَّفَا والمروة، عن حَجِّكِ وعُمرَتكِ". وهو في "مسند أحمد" (24932). (¬1) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو القرشي الهاشمي مولاهم، وقال البخاري في "تاريخ الكبير" 3/ 247: عبد الرحمن بن صفوان، أو صفوان بن عبد الرحمن، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قاله يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، ولا يصح. وأخرجه أحمد في "مسنده" (15550) مختصراً، و (15552) و (15553)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (781)، وابن خزيمة في "صحيحه" (3017)، والطحاوي في"شرح معاني الآثار" 1/ 391، والبيهقي في "الكبرى" 5/ 92 من طرق عن يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد. وزاد ابن أبي عاصم وابن خزيمة قوله: "دخل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - البيت، فلما خرج سألت من كان معه، فقالوا: صلَّى ركعتين عند السارية الوسطى عن يمينها"، وقد سمي ابنُ خزيمة الصحابيَّ في روايته: صفوان بن عبد الرحمن =

1899 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ, حدَّثنا عيسى بن يونس، حدَّثنا المثنى بن الصبَّاح، عن عمرو بنِ شعيبٍ، عن أبيه قال: طفت مع عبد الله، فلما جئنا دُبُرَ الكعبةِ قلتُ: ألا تتعوَّذ، قال: نعوذُ بالله من النار، ثم مضى حتى استلَم الحجر، وأقامَ بين الركنِ والبابِ، فوضع صدرَه، ووجهه، وذِراعيهِ، وكفيه هكذا، وبسَطهما بسطاً، ثم قال: هكذا رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يفعله (¬1). 1900 - حدَّثنا عُبيد اللهِ بن عمر بنِ ميسرةَ، حدَّثنا يحيي بن سعيد، حدَّثنا السائب بن عمرو المخزومي، حدثني محمدُ بن عبدِ الله بنِ السائبِ عن أبيه: أنه كان يقودُ ابنَ عباس، فيُقيمه عند الشُّقَّة الثالثة مما يلي الركنَ الذي يلي الحجرَ مما يلي البابَ، فيقول له ابن عباس: أُنبئتَ أن رسولَ الله عيه كان يُصلي ها هنا؟ فيقول: نعم فيقومُ فيصلِّي (¬2). ¬

_ = أو عبد الرحمن بن صفوان، على الشك، وسماه الطحاوي أبا صفوان أو عبد الله بن صفوان، ورواية الطحاوي مختصرة بقوله: "سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يوم الفتح قد قدم، فجمعت عليَّ ثيابي، فوجدته قد خرج من البيت". والملتزم: ما بين الركن والباب، والحطيم: هو الحِجر، لأن البيتَ رُفع وتُرِكَ هو محطوماً، وهو الذي ذكره البخاري في "صحيحه" واحتج عليه بحديث الإسراء (3887) "قال: بينما أنا نائم في الحطيم وربما قال: في الحجر" وهو حطيم بمعنى محطوم كقتيل بمعنى مقتول. (¬1) إسناده ضعيف، لضعف المثنى بن الصبَّاح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدى، وعيسى بن يونس: هو السبيعي. وأخرجه ابن ماجه (2962) من طريق عبد الرزاق، عن المثنى بن الصبَّاح، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة محمد بن عبد الله بن السائب، وقد اختلف في إسناد هذا الحديث كما بينه أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" 7/ 299. =

55 - باب أمر الصفا والمروة

55 - باب أمر الصفا والمروة 1901 - حدَّثنا القعنبي، عن مالك، عن هشام بنِ عُروة (ح) وحدَّثنا ابن السَّرْحِ، حدَّثنا ابن وهب، عن مالكٍ، عن هشامِ بن عُروة، عن أبيه، أنه قال: قلتُ: لعائشةَ زوجِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وأنا يومئذ حديثُ السنِّ: أرأيتِ قولَ الله عز وجل: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] فما أرى على أحدٍ شيئاً أن لا يطَّوَّفَ بهما، قالت عائشة: كلا، لو كان كما تقولُ كانت (فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما) إنما أُنزِلت هذه الآيةُ في الأنصارِ، كانوا يُهِلُّونَ لمناةَ، وكانت مَناةُ حَذْوَ قُدَيدٍ، وكانوا يتحَرَّجُون أن يَطوَّفُوا بين - الصفا والمروةِ، فلمَّا جاء الإسلامُ سألوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأنزلَ الله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3887) عن عمرو بن علي الفلَّاس، عن يحيي ابن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15391). (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وابن السَّرح: هو أحمد بن عمرو الأموي، وابن وهب: هو عبد الله القرشي. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 373، ومن طريقه أخرجه البخاري (1790) و (4495). وأخرجه مسلم (1277)، وابن ماجه (2986) من طريقين عن هشام بن عروة، به. وأخرجه البخاري (1643) مطولاً، و (4861)، ومسلم (1277)، والترمذي (3203)، والنسائى في "الكبرى" (3946) و (3947) من طريق ابن شهاب الزهري، عن عروة، به. =

1902 - حدَّثنا مُسددٌ، حدَّثنا خالدُ بن عبد الله، حدَّثنا إسماعيلُ بن أبي خالد عن عبدِ الله بن أبي أوفى: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - اعتمر فطافَ بالبيتِ وصلَّى خلفَ المقامِ ركعتينِ ومعه من يستُرُهُ مِنَ الناسِ، فقيل لِعبدِ الله: أَدَخَلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الكعبةَ؟ قال: لا (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (25112)، و"صحيح ابن حبان" (3839) و (3840). قال النووي في "شرح مسلم" 9/ 19: قال العلماء: هذا من دقيق علمها، وفهمها الثاقب، وكبير معرفتها بدقائق الألفاظ، لأن الآية الكريمة إنما دلَّ لفظها على رفع الجناح عمن يطوف بهما، وليس دلالة على عدم وجوب السعي ولا على وجوبه، فأخبرته عائشة رضي الله عنها أن الآية ليست فيها دلالة للوجوب ولا لعدمه، وبينت السبب في نزولها والحكمة في نظمها، وأنها في الأنصار حين تحرجوا من السعي بين الصفا والمروة في الإسلام، وأنها لو كانت كما يقول عروة لكانت: فلا جناح عليه ألا يطوف بهما. وقد يكون الفعل واجباً، ويعتقد إنسان أنه يمنع إيقاعه على صفة مخصوصة، وذلك كمن عليه صلاة الظهر، وظن أنه لا يجوز فعلها عند غروب الشمس، فسأل عن ذلك، فيقال في جوابه: لا جناح عليك إن صليتها في هذا الوقت، فيكون جوابه صحيحاً ولا يقتضي نفي وجوب صلاة الظهر. وقال ابن قدامة في "المغني" 5/ 238: واختلفت الرواية في السعي، فروي عن أحمد: أنه ركن لا يتم الحج إلا به، وهو قول عائشة وعروة ومالك والشافعي ... وروي عن أحمد: أنه سنة لا يجب - بتركه دم رُوي ذلك عن ابن عباس وأنس وابن الزبير. وابن سيرين. وقال القاضي: هو واجب وليس بركن إذا تركه وجب عليه دم وهو مذهب الحسن وأبي حنيفة والثوري، وهو أولى. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي. وأخرجه البخاري (1600) من طريق مسدَّدٌ، بهذا الإسناد في الحج: باب من لم يدخل مكة. وكان ابن عمر يحج كثيراً ولا يدخل. قال الحافظ: كأنه أشار بهذه الترجمة إلى الرد على من زعم أن دخولها من مناسك الحج، واقتصر المصنف على الاحتجاج بفعل ابن عمر، لأنه أشهر من روى عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - دخول الكعبة، فلو كان دخولها عنده من المناسك لما أخل به مع كثرة اتباعه. وانظر حديث ابن عمر عند البخاري (1599). =

1903 - حدَّثنا تميمُ بن المنتصِرِ، أخبرنا إسحاقُ بن يوسف، أخبرنا شريكٌ، عن إسماعيلَ بنِ أبي خالد، قال: سمعتُ عبدَ الله بنَ أبي أوفى، بهذا الحديثِ، زاد: ثم أتى الصَّفا والمروةَ، فسعى بينهما سبعاً، ثم حَلَقَ رأسَه (¬1). 1904 - حدَّثنا النفيليُّ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا عطاء بن السائب، عن كثيرِ ابنِ جُمهان أن رجلاً قال لِعبد الله بن عمر بين الصَّفا والمروةِ: يا أبا عبدِ الرحمن إني أراك تمشِي والناسُ يسعَون، قال: إن أمْشِ فقد رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يمشي، وإن أسعَ فقد رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يسعى، وأنا شيخٌ كبيرٌ (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1792) و (4188) و (4255)، ومسلم (1332)، وابن ماجه (2990)، والنسائي في "الكبرى" (4206) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به. ورواية البخاري في الموضع الثاني، وابن ماجه، والنسائي دون ذكر قصة دخول الكعبة، ورواية البخاري في الموضع الثالث مختصرة بذكر ستر النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ورواية مسلم مختصرة بقصة نفي دخول الكعبة. وهو في "مسند أحمد" (19108)، و"صحيح ابن حبان" (3843). وانظر ما بعده. (¬1) شريك - وهو ابن عبد الله - في حفظه شيء، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 5/ 102 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات. كثير بن جُمهان مقبول وقد توبع. وأخرجه ابن ماجه (2988) من طريق الجراح بن مليح، والترمذي (880) من طريق محمد بن فضيل، والنسائي في "الكبرى" (3957) من طريق سفيان الثوري، ثلاثتهم، عن عطاء بن السائب، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. =

56 - باب صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -

56 - بابُ صفة حَجَّة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - 1905 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفيليُّ وعثمانُ بن أبي شيبة وهشامُ بن عمار وسليمانُ بن عبدِ الرحمن الدمشقيان - وربما زاد بعضُهم على بعض الكلمةَ والشيء - قالوا: حدَّثنا حاتِمُ بن إسماعيل، حدَّثنا جعفرُ بن محمدٍ، عن أبيه، قال: دخلنا على جابرِ بنِ عبد الله، فلما انتهينا إليه سأل عن القومِ، حتى انتهى إليَّ، فقلت: أنا محمدُ بن علي بن حسين، فأهوى بيدِه إلى رأسي فَنزعَ زرِّيَ الأعلى، ثم نزعَ زرِّي الأسفل، ثم وضع كفَّه بين ثدييَّ وأنا يومئذٍ غلامٌ شابٌ فقال: مرحباً بكَ وأهلاً يا ابنَ أخي. سَلْ عَمَّ شئت، فسألتُه وهو أعمى، وجاء وقتُ الصلاة فقام في نِسَاجَةٍ ملتحفاً بها، يعني ثوباً مُلفَّقاً، كلما وضعها على منكبه رَجَعَ طرفاها إليه من صغرها، فَصَلَّى بنا ورداؤُه إلى جنبه على المِشْجَب، فقلتُ: أخبرني عن حَجَّةِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال بيده، فعقد تسعاً، ثم قال: إن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مكث تسعَ سنين لم يحج ثم أذَّن في الناسِ في العاشرة أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حاجٌّ، فَقَدِمَ المدينةَ بَشَرٌ كثير كلُّهم يلتمِسُ أن يأتمَّ برسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ويَعمَلَ بمثلِ عَمَلِهِ، فخرجَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وخرجنا معه، حتى أتينا ذا الحُليفة، فولدت أسماء بنت عُميْس محمدَ بنَ أبي بكر، فأرسلتْ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: كيف أصنعُ؟ فقال: "اغتسلي واستَذْفِري بثوبٍ وأحرمي" فصلَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في المسجد، ثم ¬

_ = وأخرجه النسائي (3956) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عمر. وسنده صحيح. وهو في "مسند أحمد" (5143) و (6013). وزهير وسفيان الثوري ممن سمع من عطاء بن السائب قبل اختلاطه.

ركب القَصواءَ، حتى إذا استَوَتْ به ناقتُه على البيداءِ، قال جابرٌ: نظرت إلى مَدِّ بصري مِنْ بين يديه من راكبٍ وماشٍ وعن يمينه مثلَ ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثلَ ذلك، ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بين أظهرنا، وعليه يَنزِلُ القُرآنُ، وهو يعلمُ تأويلَه، فما عَمِلَ بهِ من شيءٍ عَمِلنا به. فأهلَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالتوحيدِ "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شَرِيكَ لك، لَبيْكَ إن الحمدَ والنعمة لك، والملكَ، لا شريكَ لَكَ" وأهَلَّ الناسُ بهذا الذي يُهِلُّون به، فلم يَرُدَّ عليهم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - شيئاً منه، ولزِمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - تلبيتَه. قال جابر: لسنا نَنوي إلا الحجَّ، لسنا نعرف العُمْرةَ، حتى إذا أتينا البيتَ معه، استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً، ثم تقدَّمَ إلى مقامِ إبراهيمَ فقرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] فجعل المقامَ بينه وبينَ البيتِ، قال: فكان أبي يقولُ: - قال ابن نُفَيل وعثمان: ولا أعلمه ذكره إلا عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال سليمانُ: ولا أعلمه إلا قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقرأُ في الركعتين بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وبـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} ثم رجع إلى البيتِ فاستلم الركنَ. ثم خرجَ من الباب إلى الصفا، فلما دنا مِن الصَّفا قرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] "نبدأ بما بدأ الله به" فبدأ بالصفا فرقِيَ عليه حتى رأى البيت فكبَّر الله ووحَّده وقال: "لا إله إلا الله وحدَه، لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، يُحيي ويُميت،

وهو على كلِّ شيءٍ قدير، لا إله إلا الله وحدَه، أنجزَ وعدَه، ونصرَ عبدَه، وهَزَمَ الأحزابَ وحده" ثم دعا بين ذلك، وقال مثلَ هذا ثلاثَ مرات، ثم نزل إلى المروةِ حتى إذا انصبَّت قدماه رَمَلَ في بطنِ الوادِي، حتى إذا صَعِدَ مشى، حتى أتى المروةَ فصنعَ على المروة مثلَ ما صنع على الصفا. حتى إذا كان آخر الطوافِ على المروةِ قال: "إني لو استقبلتُ مِن أمرِي ما استدبرتُ لم أسُقِ الهَدْيَ، ولجعلتُها عُمْرَةً، فمن كان منكم ليس معه هديٌ، فليحلِلْ، وليجعلها عمرةً" فحل الناسُ كلُّهم وقصَّروا، إلا النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - ومن كان معه هَدْيٌ، فقامَ سُراقَةُ بن جُعْشُم فقالَ: يا رسولَ الله، ألعامِنَا هذا أمْ للأبدِ؟ فشبّك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أصابعه في الأخرى ثم قال: "دخلتِ العمرةُ في الحج " هكذا مرتين: "لا بل لأبدِ أبدٍ، لا بل لأبدِ أبدٍ". قال: وقدم عليٌّ رضيَ الله عنه مِنَ اليمنِ ببُدْنِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فَوَجَدَ فاطمةَ رضي الله عنها ممن حَلَّ ولبسَتْ ثياباً صَبيغاً واكتحلتْ، فأنكر عليٌّ ذلك عليها، وقال: مَنْ أمرك بهذا؟ فقالت: أبي، فكان عليٌّ يقولُ بالعراقِ: ذهبتُ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - محرِّشاً على فاطمة في الأمرِ الذي صَنَعَتْهُ مستفتياً لِرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في الذي ذَكَرَتْ عنه، فأخبرتُه أني أنكرتُ ذلك عليها، فقالت: أبي أمرني بهذا، فقال: "صَدَقتْ صَدَقَتْ! ماذا قلتَ حينَ فَرَضْتَ الحجَّ؟ " قال: قلتُ: اللهم إني أُهِلُّ بما أهَلَّ بهِ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "فإن معي الهدي، فلا تحْلِل" قال: فكان جماعةُ الهدي الذي قدم به عليٌّ من اليمن والذي أتى به النبيُّ

- صلَّى الله عليه وسلم - من المدينة مئةً، فحلَّ الناسُ كُلُّهم وقصَّروا، إلا النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - ومن كانَ معه هَدْيٌ. قال: فلما كانَ يومُ الترويةِ ووجَّهوا إلى مِنى، أهلُّوا بالحجِّ، فَرَكبَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فصلَّى بمنى الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاء والصبحَ، ثم مكثَ قليلاً حتى طلعتِ الشمسُ، وأمر بقيَّه له مِن شعرٍ، فضُرِبَتْ بنَمِرَة فسارَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ولا تشُكُّ قريشٌ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - واقفٌ عندَ المشعرِ الحرامِ بالمُزدَلِفَةِ كما كانت قريشٌ تصنعُ في الجاهلية، فأجاز رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى أتى عرفةَ، فوجد القُبُّه قد ضُرِبَت له بنَمِرة، فنزلَ بها حتى إذا زاغتِ الشمسُ أمَرَ بالقصواء فرُحِلَت له، فَرَكِبَ حتى أتى بَطْنَ الوادِي، فخطب الناسَ فقال: "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرامٌ كحُرمةِ يومكم هذا في شهرِكُم هذا في بلدِكم هذا، ألا إن كُلَّ شيءٍ مِن أمرِ الجاهليةِ تحت قَدَميَّ موضوعٌ، ودماءُ الجاهِلية موضوعةٌ، وأول دم أضعُه دماؤنا: - قال عثمان: "دمُ ابنِ ربيعة" وقال سليمان: "دمُ ربيعةَ بن الحارث ابن عبد المطلب" وقال بعضُ هؤلاء: كان مُسترضَعاً في بني سعدٍ، فقتلته هُذَيلٌ - "وَرِبا الجاهِلِيَّة موضوعٌ، وأوَّل رباً أضعُ ربانا: ربا عباسِ بنِ عبد المطلب، فإنه موضوعٌ كُلُّه، اتقوا اللهَ في النَّساء، فإنكَم أخذتموهُنَّ بأمانةِ الله، واستحللتُم فُروجَهُنَّ بكلمةِ الله، وإنَّ لكم عليهن أن لا يُوطِئنَ فُرُشَكُم أحداً تكرهونَه، فإن فَعَلْنَ فاضربُوهُن ضرباً غيرَ مُبرِّح، ولَهُنَّ عليكُم رِزقُهن وكِسوتُهن بالمعروفِ، وإني قد تركتُ فيكم ما لن تَضِلُوا بعدَه إن اعتصمتُم به: كتابَ الله، وأنتم

مسؤولون عني، فما أنتم قائلون؟ " قالوا: نشهَدُ أنَّك قد بلَّغت وأدَّيت ونصحتَ، ثم قال بإصبعه السَّبابَة يرفعُها إلى السماء، وينكُبُهَا (¬1) إلى الناسِ"اللهم اشهَد، اللهم اشهَد، اللهم اشهد". ثم أذَّن بلالٌ، ثم أقامَ فصلَّى الظهرَ، ثم أقامَ فصلَّى العصرَ لم يُصَلِّ بينَهما شيئاً، ثم رَكِبَ القَصْواءَ حتى أتى الموقفَ فجعل بطنَ ناقته القَصْوَاء إلى الصخرات، وجَعَل حَبلَ المُشاةِ بين يديه، فاستقبلَ القِبلة، فلم يزل واقفاً حتى غرَبَت الشمسُ، وذهبت الصُّفرة قليلاً حين غاب القرصُ، وأردفَ أُسامةَ خلفَه، فدفع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وقد شَنَقَ لِلقصواء الزِّمامَ حتى إن رأسَها ليُصِيْبُ مَورِكَ رحلِه، وهو يقولُ بيده اليُمنى: "السَّكينةَ أيها الناسُ، السكينةَ أيُّها الناسُ" كلما أتى حبلاً مِن الحبال أرخى لها قليلاً حتى تَصْعدَ، حتى أتى المزدلِفَةَ فجمع بين المغربِ والعِشاء بأذانٍ واحدٍ وإقامَتَيْنِ - قال عثمان: ولم يُسبِّح بينهما شيئاً، ثم اتفقوا: - ثم اضطجع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى طلعَ الفجرُ، فصلَّى الفجرَ حين تبيَّن له الصبحُ - قال سليمان: بنداءٍ وإقامة، ثم اتفقوا: - ثم رَكِبَ القصواء حتى أتى المَشْعَرَ الحرامَ فَرَقِيَ عليه، قال عثمانُ ¬

_ (¬1) في (أ) و (ب): ينكتها، والمثبت من (ج) ومن رواية أبي بكر ابن داسه التمار، قال القاضي عياض كما نقله عنه النووي في "شرح مسلم": هكذا الرواية - يعني في "صحيح مسلم" - قال: وهو بعيد المعنى، قيل: صوابه: ينكبها، بباء موحدة، قال: ورويناه في "سنن أبي داود" بالتاء المثناة من طريق ابن الأعرابي، وبالموحدة من طريق أبي بكر التمار، وهو ابن داسه، ومعناه: يردُّها ويقلبها إلى الناس مشيراً إليهم، ومنه: نكب كنانته إذا قلبها. وقال ابن الأثير: ينكبُها إلى الناس، أي: يُميلها إليهم، يريد بذلك أن يشهد الله عليهم، يقال: نكبت الإناء نكباً ونكّبتُه تنكيباً إذا أمالَه وكبَّه.

وسليمانُ: فاستقبلَ القبلةَ، فحمد الله وكبَّره وهلَّله، زاد عثمانُ: ووحَّدَه، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، ثم دفع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قبل أن تطلع الشمسُ، وأردفَ الفضلَ بن عباس، وكان رجلاً حَسَنَ الشعرِ أبيْضَ وسيماً، فلما دفع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مرَّ الظُّعُنُ يَجرِينَ، فطفِق الفضلُ ينظر إليهن، فوضعَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يده على وجه الفضلِ، وصرف الفضلُ وجهه إلى الشِّقِّ الآخَرِ، وحوَّل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يده إلى الشِّقِّ الآخرِ، وصرف الفضل وجهه إلى الشق الآخر يَنْظرُ، حتى أتى مُحسِّراً فحرَّك قليلاً، ثم سلكَ الطريقَ الوُسْطَى الذي يُخرجك إلى الجمرةِ الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عندَ الشجرةِ، فرماها بسبعِ حصياتٍ يُكبّر مع كُلِّ حصاةٍ [منها] بمثل حصى الخَذْفِ، فرمى مِن بطنِ الوادي، ثم انصرفَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى المَنْحَرِ، فنحر بيدِه ثلاثاً وستِّين، وأمر علياً فَنَحَرَ ما غَبَرَ - يقول: ما بقي - وأشركَه في هَدْيه، ثم أَمَرَ مِن كُل بَدَنَةٍ ببَضعةٍ فجُعِلت في قِدرٍ فطُبِخَتْ فأكلا مِنْ لحمها وشَرِبَا مِنْ مَرَقِها - قال سليمان: - ثم رَكِبَ، ثم أفاضَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى البيتِ فَصَلَّى بمكةَ الظهرَ، ثم أتى بني عبدِ المُطَّلب وهم يَسْقُونَ على زمزم فقال: "انزِعُوا بني عبدِ المطَّلب، فلولا أن يغلبكم الناسُ على سِقايتكم لنزعتُ معكم" فناولوه دلواً فَشَرِبَ مِنه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1218)، وابن ماجه (2966) و (3074)، والنسائي في "الكبرى" (1588) و (4046) و (4068) من طرق عن حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه في الموضع الأول مختصرة بذكر إفراد الحج، ورواية النسائي في الموضع =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الأول مختصرة بذكر الجمع بين الظهرْ والعصر بعرفة، وفي الموضع الثاني مخصرة بالإيضاع في وادي محسِّر ورمي الجمرة، وفي الموضع الثالث مختصرة بذكر رمي الجمرة والنحر. وأخرج قصة إحرامه - صلَّى الله عليه وسلم - والصحابة من البيداء الترمذي (830) من طريق جعفر بن محمد، به. وأخرجه مختصراً بإحلال النفساء مسلم (1210)، وابن ماجه (2913)، والنسائي في "الكبرى" (219) و (280) و (3727) و (3728) من طريق جعفر بن محمد، به. وانظر ما سلف برقم (1785) و (1786). وأخرجه مخصراً بقصة الإهلال النسائى في "الكبرى" (3706) و (3722) من طريق جعفر بن محمد، به. وأخرجه مختصراً بقصة الرمَل في الطواف مسلم (1218) (150) و (1263) (235) و (236)، وابن ماجه (2951)، والترمذي (873)، والنسائي في "الكبرى" (3926) من طريق جعفر بن محمد، به. وأخرجه مختصراً بقصة الطواف الترمذي (884) و (885)، والنسائي في "الكبرى" (3941) من طريق جعفر بن محمد، به. وأخرجه مختصراً بذكر السعي بين الصفا والمروة النسائى في "الكبرى" (3949 - 3953) و (3961) و (3962) و (3964) و (3965) من طريق محمد بن جعفر، به. وأخرجه مختصراً بذكر سوق الهدي النسائي في "الكبرى" (3766) من طريق جعفر بن محمد، به. وأخرجه مختصراً بذكر بعض خطبة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وهو على ناقته بعرفة: الترمذي (4120) من طريق جعفر بن محمد، به. وأخرجه مختصراً بالنحر ابن ماجه (3158). وقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: ومِنى كُلُّها منحر، وعرفة كلها موقف، وجمع كلها موقف، أخرجها مسلم (1218) (149) من طريق جعفر بن محمد، به. وستأتي عند المصنف من طريق محمد بن علي عن جابر برقم (1907) و (1908) و (1936). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرج النسائي في "الكبرى" (4493) من طريق جعفر بن محمد، به: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نحر بعضَ بُدنه بيده، ونحر بعضَه غيرُه. وأخرج قصة أكلهم من الهدي ابن ماجه (3158) من طريق جعفر بن محمد، به. وأخرجه البخاري (1515) و (1568)، والنسائى في "الكبرى" (4403) من طريقين عن جابر. واقتصر البخاري في الموضع الأول على ذكر الإهلال، وفي الموضع الثاني على الإفراد، واقتصر النسائي على الإفاضة. وهو في "مسند أحمد" (14440)، و "صحيح ابن حبان" (3944). وقد سلفت بعض أجزاء هذا الحديث بالأرقام (1785 - 1789) و (1813) و (1880). من طرق عن جابر. وستأتي بعض أجزائه أيضاً بالأرقام (1906 - 1909) و (1936) و (1937) و (1944) و (3969). من طرق عن جابر. وانظر تفصيل ذلك في "مسند أحمد". المشجب: وزان منبر: أعواد تنصب وتوضع عليها الثياب. نِسَاجة: ضرب من ملاحف منسوجة كأنها سميت بالمصدر. استثفري: أمر من الاستثفار قال في "النهاية": وهو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطناً، وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها فتمنع بذلك سيل الدم. القصواء بفتح القاف: اسم ناقته - صلَّى الله عليه وسلم -. قال أبو عبيدة: القصواء المقطوعة الأذن عرضاً. أهل: رفع صوته بالتلبية، يقال: أهل المحرم بالحج يُهل إهلالاً: إذا لبَّى ورفع صوته. سرِف: موضع قرب التنعيم، وهو من مكة على عشرة أميال تقريباً. عَرَكت: حاضت. استلام الركن: مسحه بيده وهو سنة في كل طواف. رمل: أسرع في المشي مع تقارب الخطى وهو الخبب حتى إذا انصبت قدماه، أي: انحدرت فهو مجاز من انصباب الماء. بِبُدن: جمع بدنة. محرشاً: التحريش الإغراء، والمراد هنا أن يذكر له ما يقتضي عتابها. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = نمرة بفتح النون وكسر الميم: موضع بجنب عرفات، وليس من عرفات. بطن الوادي: هو وادي عرنة وليست عرنة من عرفات عند عامة العلماء إلا مالكاً فإنه قال: هي من عرفات. الضرب المبرح: الشديد الشاق. يوم التروية: هو اليوم الثامن من ذي الحجة سمي بذلك لأنهم يرتوون من الماء لما بعده، أي: يسقون ويستقون. حبل المشاة: مجتمعهم. لم يسبح: لم يتنفل. السكينة: هي الرفق والطمأنينة، قال النووي: فيه أن السكينة في الدفع من عرفات سُنَّة، فإذا وجد فرجة يسرع. شنق: ضم وضيق. المشعر الحرام: المراد به هنا قزح: وهو جبل معروف في المزدلفة، قال النووي: وهذا الحديث حجة للفقهاء في أن المشعر الحرام هو قزح، وقال جماهير المفسرين وأهل السير والحديث: المشعر الحرام: جميع المزدلفة. محسر: بضم الميم وفتح الحاء وكسر السين المشددة، سمي بذلك، لأن فيل أصحاب الفيل حُسِر فيه، أي: أُعيي وكلَّ. قال ابن القيم: محسر: برزخ بين منى ومزدلفة، لكن في "صحيح مسلم" (1282) عن الفضل بن عباس: أن محسراً من منى. فحرك قليلاً، أي: أسرع السير كما هو دأبه - صلَّى الله عليه وسلم - في المواضع التي نزل فيها بأس الله بأعدائه. حصى الخذف: قال النووي: هو نحو حبة الباقلاء، وينبغي أن لا يكون أكبر ولا أصغر، فإن كان أكبر أو أصغر: أجزأ. أيام التشريق: هي الأيام الثلائة التي بعد يوم النحر، ومذهب الجمهور أنه لا يجوز الرمي في هذه الأيام الثلاثة إلا بعد الزوال. البضعة بفتح الباء: القطعة من اللحم. وقوله: "ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام" قال النووي: معناه: أن قريشاً كانت في الجاهلية تقف بالمشعر الحرام، وهو جبل في المزدلفة يقال له: قُزح، =

1906 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بن مَسلَمةَ، حدَّثنا سليمانُ - يعني ابنَ بلال - (ح) وحدثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عَبدُ الوهاب الثقفيُّ - المعنى واحد - عن جعفر بنِ محمد عن أبيه: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى الظهرَ والعصرَ بأذانٍ واحد بِعرَفَةَ، ولم يُسبِّح بينهما، وإقامتين، وصلَّى المغربَ والعِشاء بجمعٍ بأذانٍ واحدٍ وإقامتين ولم يُسبّح بينهما (¬1). قال أبو داود: هذا الحديثُ أسنده حاتِمُ بن إسماعيل في الحديث الطويلِ، ووافق حاتِمَ بنَ إسماعيل على إسناده محمدُ بن علي الجُعْفي، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر، إلا أنه قال: فصلى المغربَ والعتمَةَ بأذانٍ وإقامة. ¬

_ = وكان سائر العرب يتجاوزون المزدلفة ويقفون بعرفات، فظنت قريش أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقف في المشعر الحرام على عادتهم ولا يتجاوزه، فتجاوزه - صلَّى الله عليه وسلم - إلى عرفات، لأن الله تعالى أمره بذلك في قوله: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} أي: سائر العرب غير قريش، وإنما كانت قريش تقف بالمزدلفة لأنها من الحرم، وكانوا يقولون نحن أهل حرم الله، فلا نخرج منه. وقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لهن عليكم أن لا يُوطئن فرشكم أحداً تكرهونه" قال النووي: المختار في معناه: أن لا يأذنَّ لأحد تكرهونه في دخول بيوتكم والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له رجلاً أجنبياً أو امرأةً أو أحداً من محارم الزوجة، فالنهي يتناول جميع ذلك. وقال ابن جرير في "تفسيره": المعنى لا يأذن لأحد من الرجال الأجانب أن يدخل عليهن فيتحدث إليهن، وكان من عادة العرب لا يرون به بأساً، فلما نزلت آية الحجاب نهي عن محادثتهن والقعود إليهن، وليس هذا كناية عن الزنى وإلا كان عقوبتهن الرجم دون الضرب. (¬1) رجاله ثقات، لكنه مرسل. وانظر ما قبله.

1907 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، حدَّثنا جعفر، حدَّثنا أبي عن جابرٍ، قال: ثم قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "قد نحرتُ ها هنا ومِنًى كُلُّها مَنْحَرٌ" ووقف بعرفة فقال: "قد وقفتُ ها هنا وعرفةُ كُلُّها موقِفٌ" ووقَفَ بالمزدلفةِ، فقال: "قد وقَفْتُ ها هنا، ومُزدلفةُ كُلُّها مَوْقِفٌ" (¬1). 1908 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا حفصُ بن غياثٍ، عن جعفرٍ، بإسنادِه، زاد "فانحَرُوا في رِحَالِكُم" (¬2). 1909 - حدَّثنا يعقوبُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ القطان، عن جعفرٍ، حدثني أبي عن جابر، فذكر هذا الحديث، وأدرجَ في الحديث عند قوله: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] قال: فقرأ فيهما بالتوحيدِ و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وقال فيه: قال علي رضي الله عنه بالكوفة، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيي بن سعيد: هو القطان. وأخرجه مفرقاً النسائي في "الكبرى" (3994) و (4037) و (4119) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن يحيي بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (3012) من طريق محمد بن المنكدر، و (3048) من طريق عطاء بن أبي رباح، كلاهما عن جابر، به. وهو في "مسند أحمد" (14440). وانظر ما سلف برقم (1905)، وما سيأتي بالأرقام (1908) و (1936) و (1937). (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرهَد الأسدي. وأخرجه مسلم (1218) عن طريق عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، بهذا الإسناد. وسيتكرر برقم (1936). وانظر ما سلف برقم (1905) و (1907).

57 - باب الوقوت بعرفة

قال أبي: هذا الحرفُ لم يذكره جابر: فذهبتُ مُحرِّشاً، وذكر قصةَ فاطمةَ رضوان الله عليها (¬1). 57 - باب الوقوت بعرفة 1910 - حدَّثنا هنادٌ، عن أبي معاوية، عن هشامِ بنِ عروة، عن أبيه عن عائشة، قالت: كانت قريشٌ ومن دان دِينَها يقفون بالمزدلفةِ، وكانوا يُسمَّون الحُمسَ، وكان سائرُ العربِ يَقِفُون بعرفة، قالت: فلما جاءَ الإسلامُ أمَرَ اللهُ تعالى نبيّه - صلَّى الله عليه وسلم - أن يأتي عرفاتٍ، فيقفَ بها ثم يُفِيضَ منها، فذلك قولُه تعالى {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" (14440). وانظر ما سلف برقم (1905)، وما سيأتي برقم (3969). وقوله: "فقرأ فيها بالتوحيد، أي: بسورة التوحيد، وهي {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. (¬2) إسناده صحيح. هناد: هو ابن السَّريِّ، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وأخرجه البخاري (1665) و (4520)، ومسلم (1219)، وابن ماجه (3018) مختصراً، والترمذي (899)، والنسائي في "الكبرى" (3999) و (10967) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (3856). والحمس: قال في "النهاية": جمع الأحمس وهم قريش ومن ولدت قريش وكِنانة وجديلة قيس، سموا حمساً، لأنهم تحمسوا في دينهم، أي: تشددوا، والحماسة: الشجاعة، كانوا يقفون بمزدلفة ولا يقفون بعرفة، ويقولون: نحن أهل الله، فلا نخرج من الحرم.

58 - باب الخروج إلى منى

58 - باب الخروجِ إلى مِنى 1911 - حدَّثنا زهيرُ بنُ حرب، حدَّثنا الأحوصُ بن جوَّاب الضَّبىُّ، حدَّثنا عمارُ بنُ رُزيقٍ، عن سليمانَ الأعمشِ، عن الحَكَمِ، عن مِقسَمٍ عن ابنِ عباس قال: صلَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الظهرَ يوم الترويةِ والفجرَ يومَ عرفة بمِنًى (¬1). 1912 - حدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا إسحاقُ الأزرقُ، عن سفيان، عن عبدِ العزيز بنِ رُفيع، قال: سألتُ أنسَ بنَ مالك قلت: أخبرني بشيءٍ عقَلْتَه، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، أين صَلَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الظهرَ يومَ الترويةِ؟ قال: بمنًى، قلتُ: أين صلَّى العصرَ يوم النَّفرِ؟ قال: بالأبطحِ، ثم قال: افْعَلْ كما يفعلُ أمراؤُك (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. الأحوص بن جَوَّاب صدوق لا بأس به، وقد توبع. سليمان الأعمش: هو سليمان بن مهران الأسدي مولاهم، والحكم: هو ابن عُتيبة الكندي مولاهم، ومِقسَم: هو ابن بُجرة الهاشمي مولاهم. وأخرجه الترمذي (895) من طريق عبد الله بن الاجلَح، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (3004)، والترمذي (894) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى بمنى يوم التروية الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم غدا إلى عرفة. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (2700) و (2701). (¬2) إسناده صحيح. إسحاق الأزرق: هو إسحاق بن يوسف، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه البخاري (1653) و (1763)، ومسلم (1309)، والترمذي (985)، والنسائي في "الكبرى" (3973) من طرق عن إسحاق الأزرق، بهذا الإسناد.

59 - باب الخروج إلى عرفة

59 - باب الخروج إلى عرفَةَ 1913 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يعقوبُ، حدَّثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني نافع عن ابنِ عمر قال: غدا رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - من مِنىً حينَ صلَّى الصبحَ صبيحةَ يومِ عَرَفَةَ، حتى أتى عرفة فنزل بنَمِرَةَ، وهي منزلُ الإمام الذي ينزل به بعرفة، حتى إذا كانَ عندَ صلاةِ الظهرِ راحَ رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - ¬

_ = وأخرجه البخاري (1654) من طريق أبي بكر بن عياش، عن عبد العزيز قال: خرجت إلى منى يوم التروية فلقيت أنساً رضي الله عنه ذاهباً على حِمارٍ، فقلت: أين صلَّى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - هذا اليومَ الظهر؟ فقال: انظر حيث يصلي أمراؤك فصلِّ. وهي متابعة قوية لطريق إسحاق. وهو في "مسند أحمد" (11975)، و"صحيح ابن حبان" (3846). وقوله: أنه - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى الظهر يوم التروية (وهو اليوم الثامن من ذي الحجة) بمنى وقد سلف التصريح في حديث جابر السالف (1905) أنه - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح. وفي الحديث أن السنة أن يصلى الحاج الظهر يوم التروية بمنى وهو قول الجمهور، ولا يحفظ عن أحد من أهل العلم أنه أوجب على من تخلف عن منى ليلة التاسع شيئاً. وقوله: صلَّى العصر يوم النفر (وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة وهو يوم الرجوع من منى) بالأبطح. يعني عند الرجوع من منى بعد انقضاء أعمال الحج، والمراد بالأبطح البطحاء التي بين مكة ومنى، وهي ما انبطح من الوادي واتسع، وهي التي يقال لها: المحصَّب والمعرَّس، وحَدُّها ما بين الجبلين إلى المقبرة. وقوله: افعل كما يفعل أمراؤك، أي: لا يخالفهم، فإن نزلوا به فانزل به، وإن تركوه فاتركه وفيه إشارة إلى متابعة أولي الأمر والاحتراز عن مخالفة الجماعة، وأن ذلك ليس بنسك واجب. نعم المسنون ما فعله الشارع، وبه قال الأئمة الأربعة وغيرهم.

60 - باب الرواح إلى عرفة

مُهَجَّراً، فَجَمَعَ بينَ الظهر والعصرِ، ثم خطب الناسَ، ثم راحَ فوقف على الموقف مِن عرفة (¬1). 60 - باب الرَّواح إلى عرفة 1914 - حدَّثنا أحمد بن حنبلٍ، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا نافعُ بنُ عمر، عن سعيد بنِ حسان عن ابنِ عمر، قال: لما قَتَلَ الحجاجُ ابنَ الزبير أَرسل إلى ابنِ عمر: أيةَ ساعة كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يروحُ في هذا اليوم؟ قال: إذا كان ذاك رُحْنا، فلما أراد ابنُ عمر أن يروحَ قال، قالوا: لم تَزِغِ الشمسُ، قال: أزاغَتْ؟ قالوا: لم تَزِغ، قال: فلما قالوا: قد زَاغَت، ارتحلَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن، ورجاله ثقات إلا أن قوله: ثم خطب الناس، شاذٌّ، لأن خطبةَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كانت يومَ عرفة قبلَ الصلاة وليس بعدها، كما هو في رواية جابر الصحيحة التي سلفت (1905). يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد الزهري المدني، وابن إسحاق: هو محمد. وهو في "مسند أحمد" (6130). وانظر ما سلف برقم (1905). وقوله: مهجّراً، أى: سائراً في وقت الهاجرة، وهي نصف النهار عند اشتداد الحر، والتهجير في ذلك اليوم سنة، لما يلزم من تعجيل الصلاة في ذلك اليوم. (¬2) إسناده ضعيف، سعيد بن حسان - وهو الحجازي - لم يرو عنه إلا إبراهيم ابن نافع الصائغ ونافع بن عمر الجمحي، وذكره ابن حبان في"الثقات" ولم يُوثَر توثيقه عن أحد غيره. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي. وأخرجه ابن ماجه (3009) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وأخرج البخاري (1660) و (1663)، والنسائي في "الكبرى" (3984) و (3989) من طريق مالك، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله أنه قال: كتب عبدُ الملك بن مروان إلى الحجَّاج بن يوسف أن لا تُخالِف عبدَ الله بن عمر في شيء من أمر الحج، فلما كان =

61 - باب الخطبة على المنبر بعرفة

61 - باب الخطبة على المنبر بعرفة 1915 - حدَّثنا هنّادٌ عن ابنِ أبي زائدةَ، أخبرنا سفيانُ بنُ عيينةَ، عن زيدِ ابنِ أسلم، عن رجلٍ مِن بني ضَمرة عن أبيه، أو عمه، قال: رأيتُ رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - وهو على المنبرِ بِعرفَةَ (¬1). 1916 - حدَّثنا مُسددٌ حدَّثنا عبدُ الله بن داود، عن سلمةَ بن نُبَيْطٍ، عن رجلٍ من الحيّ عن أبيه نُبَيْط: أنه رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - واقفاً بعرفة على بعيرٍ أحمرَ يخطبُ (¬2). ¬

_ = يومُ عرفة، جاءه عبد الله بن عمر حين زالت الشمسُ وأنا معه، فصاح به عند سرادقه: أين هذا؟ فخرج عليه الحجاج، وعليه ملحفة معصفرة، فقال: ما لَكَ يا أبا عبد الرحمن؟ فقال: الرواح إن كنت تريد السنة، فقال: أهذه الساعة؟ قال: نعم. قال: فأنظرني حتى أُفيض عليَّ ماءً، ثم أخرج. فنزل عبدُ الله حتى خرج الحجاج، فسار بيني وبين أبي، فقلت له: إن كنت تريد أن تصيبَ السنةَ اليوم، فأقصر الخطبة، وعجِّل الصلاة. قال: فجعل ينظر إلى عبد الله ابن عمر كيما يسمع ذلك منه، فلما رأى ذلك عبد الله، قال: صدق سالم. (¬1) إسناده ضعيف، لإبهام الرجل من بني ضمرة. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد قد اضطرب فيه سلمة بن نُبيط فرواه مرة كما عند المصنِّف هنا، ورواه مرة أخرى عن أبيه مباشرة بإسقاط الرجل المبهم، وانظر تمام الكلام على إسناده فيما علقناه على "مسند أحمد" (18721). وأخرجه ابن ماجه (1286)، والنسائي في "الكبرى" (3985) و (3986) من طرق عن سلمة بن نبيط، عن أبيه، به. بإسقاط الرجل المبهم، ورواية ابن ماجه دون قوله: أحمر. وهو في "مسند أحمد" (18721). وله شاهد من حديث العَدّء بنُ خالد بن هَوذَة، سيأتي بعده.

62 - باب موضع الوقوف بعرفة

1917 - حدَّثنا هنّاد بنُ السَّريِّ وعثمانُ بن أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن عبد المجيد حدثني العَدَّاء بن خالد بن هَوذَة - قال هناد: عن عبد المجيد أبي عمرو، حدثني خالد بن العدّاء بن هَوذةَ - قال: رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَخطُبُ الناسَ يَومَ عرفَةَ على بعيرٍ قائماً (¬1) في الرِّكابَين (¬2). قال أبو داود: رواه ابنُ العلاء، عن وكيع كما قال هنادٌ. 1918 - حدَّثنا عباسُ بنُ عبد العظيم، حدَّثنا عثمانُ بنُ عمر، حدَّثنا عبدُ المجيد أبو عمرو، عن العدَّاء بنِ خالد، بمعناه (¬3). 62 - باب موضع الوقوف بعرفة 1919 - حدَّثنا ابنُ نُفيلٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن عمرٍو - يعني ابنَ دينار - عن عمرِو بنِ عبد الله بنِ صفوانَ، عن يزيد بنِ شيبان، قال: ¬

_ (¬1) في (أ) و (ج): "قائم" بالرفع، والمثبت من (هـ). (¬2) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وعبد المجيد: هو ابن أبي يزيد العقيلي العامري. وأخرجه أحمد في "مسنده" (20335)، والمزي في ترجمة عبد المجيد من "تهذيب الكمال" 18/ 277 من طريق وكيع، به. وأخرجه أحمد في "مسنده" (20336) مطولاً، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 279 - 280، والطبراني في "الكبير" 18/ (12) و (13) مطولاً أيضاً من طرقٍ عن عبدالمجيد، به. وانظر ما بعده. الرِّكابين مثنى ركاب: وهو ما توضع فيه الرجل من السرج. (¬3) إسناده صحيح. وانظر ما قبله.

63 - باب الدفعة من عرفة

أتانا ابنُ مِرْبَعٍ الأنصاري ونحنُ بعرفَة في مكان يُباعِدُه عمرو عن الإمام، فقال: إني رَسُولُ رَسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إليكم، يقول: لَكُم: "قِفُوا على مَشَاعِرِكُم، فإنَّكم على إرثٍ مِن إرثِ إبراهيمَ" (¬1). 63 - باب الدَّفعَة من عرفة 1920 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمش (ح) وحدَّثنا وهبُ بنُ بيانٍ، حدَّثنا عَبيدةُ، حدَّثنا سليمان الأعمش - المعنى - عن الحكم، عن مِقسَم عن ابنِ عباسِ، قال: أفاضَ رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - مِنْ عرفةَ وعليه السَّكِينَةُ ورَدِيفُه أُسامَةُ، فقال: "أيها الناسُ عليكم بالسكِينة، فإن البِرَّ ليس ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن مِرْبَع: هو زيد بن مِربَع بن قيظي من بني حارثة، وعمرو ابن عبد الله بن صفوان الجمحي صدوق شريف، وباقي رجاله ثقات. ابن نُفَيل: هو عبد الله بن محمد النُّفَيلي، وسفيان: هو ابن عُيينة الهِلالي. وأخرجه ابن ماجه (3011)، والترمذي (898)، والنسائى في "الكبرى" (3996) من طريق سفيان، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث ابن مِربع الأنصاري حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (17233). قوله: "قفوا على مشاعركم". قال الخطابي: المشاعر: المعالم، وأصله من قولك: شعرتُ بالشىء، أي: علمته، وليت شعري ما فعل فلان، أي: ليت علمي بلغه وأحاط به. يريد: قفوا بعرفة خارج الحرم، فإن إبراهيم هو الذي جعلها مَشعَراً وموقفاً للحاج، وكان عامة العرب يقفون بعرفة، وكانت قريش من بينها تقف داخل الحرم، وهم الذين كانوا يسمون أنفسهم الحُمس، وهم أهل الصلابة والشدة في الدين والتمسك به، وكانوا يزعمون أنا لا نخرج عن الحرم ولا نُخليه، فرد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ذلك من فعلهم، وأعلمهم أنه شيء قد أحدثوه من قبل أنفسهم، وأن الذي أورث إبراهيم من سننه هو الوقوف بعرفة.

بإيجافِ الخيلِ والإبل" قال: فما رأيتُها رافعةً يديها، عادِيةً، حتى أتى جَمعاً، زاد وهبٌ: ثم أردفَ الفضلَ بنَ العباس، وقال: "أيُّها الناسُ، إن البِرَّ ليسَ بإيجاف الخيل والإبل، فعليكم بالسكِينَةِ"، قال: فما رأيتُها رافعةً يديها حتى أتى مِنى (¬1). 1921 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدِ الله بنِ يونس، حدَّثنا زُهَيرٌ (ح) وحدَثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ - وهذا لفظُ حديثِ زهيرٍ - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ عُقبة، أخبرني كُريبٌ أنه سأل أُسامةَ بنَ زيد، قلت: أخبرني كيفَ فعلتُم - أو صنعتُم - عشيةَ رَدِفْتَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ قال: جئنا الشِّعبَ الذي يُنيخ الناسق فيه للمُعَرَّس، فأناخ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ناقتَه، ثم بالَ - وما قال زهير: أهراق الماءَ - ثم دعا بالوَضوء فتوضأ وضوءاً ليس بالبالغِ جداً، قلت: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد بن مسروق الثوري، وعَبيدة: هو ابن حميد بن صهيب الكوفي، وسليمان الأعمش: هو ابن مهران، والحكم: هو ابن عُتيبة الكندي مولاهم، ومِقسَم: هو ابن بجرة الهاشمي. وأخرجه بنحوه البخاري (1671) من طريق سعيد بن جبير، ومسلم (1282)، والنسائى في "الكبرى" (4050) من طريق أبي معبد، والنسائي (4000) و (4001) من طريق عطاء بن أبي رباح، ثلاثتهم عن ابن عباس. ورواية مسلم عن ابن عباس عن أخيه الفضل بن عباس، والنسائي عن ابن عباس عن أسامة بن زيد. وهو في "مسند أحمد" (2427). وقوله: أفاض. معناه: صدر راجعاً إلى منى، والإيجاف: الإسراع في السير. وقوله: حتى جاء جَمعاً، أي: مزدلفة، وسميت جمعاً، لأنه يجمع فيها بين الصلاتين، ويجتمع الناس بها، وأهلها يزدلفون، أي: يتقربون إلى الله تعالى بالوقوف بها، وفيها المشعر الحرام، وبه جاء القرآن الكريم، أي: المحرم فيه الصيد، وسمي مشعراً لما فيه من معالم الدين.

يا رسولَ الله، الصلاةَ، قال: "الصلاة أمامَك" قال: فَرَكِبَ حتى قَدِمْنَا المزدلفةَ، فأقام المغربَ، ثم أناخ الناسُ في منازِلهم، ولم يَحِلُّوا حتى أقامَ العشاء وصَلَّى، ثم حَلَّ الناسُ (¬1). زاد محمدٌ في حديثه: قال: قلتُ: كيف فعلتُم حين أصبحتُم؟ قال: رَدِفَهُ الفضلُ، وانطلقتُ أنا في سُبَّاق قريشٍ على رِجْلَيَّ. 1922 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا يحيي بنُ آدم، حدَّثنا سفيانُ، عن عبدِ الرحمن بنِ عياش، عن زيدِ بنِ علي، عن أبيه، عن عُبيد الله بن أبي رافع عن علي، قال: ثم أردف أُسامةَ، فجعل يُعْنِقُ على ناقته، والناسُ يضرِبون الإبَل يميناً وشِمالاً، لا يلتفتُ إليهم، ويقول: "السكينةَ أيُّها الناسُ" ودفَعَ حينَ غابتِ الشَّمسُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وكريب: هو ابن أبي مسلم مولى ابن عباس. وأخرجه ابن ماجه (3019)، والنسائي فى "الكبرى" (4006) من طريقين عن سفيان الثرري، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم بإثر (1285)، والنسائي في "الكبرى" (1592) و (4007) مختصراً، وفي "المجتبى" (3031) من طرق، عن إبراهيم بن عُقبة، به. وأخرجه البخاري (1669)، ومسلم (1280)، وبإثر (1285)، والنسائي في "الكبرى" (1592) من طريق كريب، به. وأخرجه مسلم بإثر (1285) من طريق عطاء مولى ابن سباع، عن أسامة بن زيد. وهو في "مسند أحمد" (21742) و (21749) و (21831). وانظر ما سيأتي بالأرقام (1923) و (1924) و (1925). وقوله: لم يحلوا، أي: المحامل عن ظهور الدواب. (¬2) صحيح لغيره، دون قوله: "لا يلتفت" والمحفوظ نى حديث علي بن أبي طالب أنه كان يلتفت، وهذا إسناد حسن، عبد الرحمن بن عياش - وهو عبد الرحمن =

1923 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن هشامِ بنِ عُروة، عن أبيه أنه قال: سُئِلَ أُسامةُ بنُ زيد وأنا جالس: كيف كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يسير في حَجَّة الوَدَاع حين دَفَعَ؟ قال: كان يَسيرُ العَنَقَ، فإذا وجَدَ فجوةً نَصَّ (¬1). قال هشام: النَصُّ: فوقَ العَنَقِ. 1924 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا يعقوبُ، حدَّثنا أبي، عن ابن اسحاق، حدَّثني إبراهيمُ بن عُقبة، عن كريب مولى عبد الله بن عباس ¬

_ = ابن الحارث بن عبد الله بن عياش - مختلف فيه وهو حسن الحديث. سفيان: هو ابن سعيد بن مسروق الثوري. وأخرجه مطولاً الترمذي (900) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح، وقال فيه: يلتفت إليهم. وهو في "مسند أحمد" (1348). ويشهد له حديث ابن عباس السالف برقم (1920). وآخر من حديث أسامة بن زيد الآتي بعده برقم (1923) و (1924). وقوله: وجعل يُعنق، هو من أعنق يعنق، أي: يسير سيراً وسطاً. (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 392، ومن طريقه أخرجه البخاري (1666)، والنسائي في "الكبرى" (4043). وأخرجه البخاري (2999) و (4413)، ومسلم (1286)، وابن ماجه (3017)، والنسائى في "الكبرى" (4005) من طرق عن هشام بن عروة، به. وهو في "مسند أحمد" (21760). وانظر ما قبله وما بعده. قال الخطابي: العنق: السير الوسيع (وقيل: ما بين الإبطاء والاسراع فوق المشى)، والنص: أرفع السير، والفجوة: الفرجة بين المكانين وفي هذا بيان أن السكينة والتؤدة المأمور بها إنما هي من أجل الرفق بالناس لئلا يتصادموا، فإذا لم يكن زحام، وكان في الموضع سعة سار كيف يشاء.

عن أُسامة، قال: كنتُ رِدفَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فلما وَقَعَتِ الشمسُ دفعَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 1925 - حدَّثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالكٍ، عن موسى بنِ عُقبة، عن كُريب مولى عبدِ الله بن عباس عن أُسامة بن زيد، أنه سَمِعَه يقولُ: دفَع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مِنْ عَرَفَةَ، حتى إذا كان بالشِّعب، نزلَ فبالَ، فتوضَّأ ولم يُسبغِ الوضوءَ، قلتُ له: الصلاةَ، فقال: "الصلاةُ أمامَك"، فركب، فلما جاءَ المزدلفة، نزلَ فتوضأ، فأسبغَ الوضوءَ، ثم أُقيمَتِ الصلاة فَصَلَّى المغربَ، ثم أناخَ كُلُّ إنسانٍ بعيَره في منزله، ثم أُقيمتِ العِشَاءُ فصلاها، ولم يُصلِّ بينهما شيئاً (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار - صدوق حسن الحديث، وقد صرح في هذه الرواية بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه. وقد حسن إسناده ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق". وهو في "مسند أحمد" (21760) ؤ (21761) مطولاً. وانظر ما سلف برقم (1921). (¬2) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 400 - 401، ومن طريقه أخرجه البخاري (139) و (1672)، ومسلم بإثر (1285)، والنسائى في "الكبرى" (4015). وأخرجه البخاري (181) و (1667)، ومسلم بإثر (1285)، والنسائي في "الكبرى" (4008) من طريق يحيي بن سعيد الأنصارى، عن موس بن عقبة، به. بلفظ: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لمّا أفاض من عرفة عدل إلى الشعب فقضي حاجته، قال أسامة بن زيد: فجعلت أصبُّ عليه ويتوضأ، فقلت: يا رسول الله أتصلي؟ فقال: "المصلى أمامك". وهو في "مسند أحمد" (21814)، و "صحيح ابن حبان" (1594) و (3857). وانظر ما سلف برقم (1921). الشعب بكسر الشين: الطريق بين الجبلين.

64 - باب الصلاة بجمع

64 - باب الصلاة بجَمْعٍ 1926 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلَمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب، عن سالمِ ابنِ عبدِ الله عن عبدِ الله بنِ عُمَرَ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صَلَّى المَغْرِبَ والعِشَاءَ، بالمزدلفةِ جميعاً (¬1). 1927 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا حمادُ بن خالدٍ، عن ابنِ أبي ذئب عن الزهريِّ، بإسناده ومعناه، وقال: بإقامةٍ إقامةٍ، جَمَعَ بينَهما قال أحمد: قال وكيع: صلَّى كُل صلاةٍ بإقامة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم بن عُبيد الله القرشي الزهري. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 400، ومن طريقه أخرجه مسلم بإثر (1217)، والنسائي في "المجتبي" (607). وأخرجه البخارى (1092) من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب, به. وأخرجه ابن ماجه (3021) من طريق عُبيد الله، عن سالم، عن أبيه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى المغرب بالمزدلفة فلمّا أنخنا قال: "الصلاة بإقامة". وأخرجه البخاري (1668) من طريق نافع، ومسلم (1288) والنسائي (4017) من طريق عُبيد الله بن عَبد الله بن عمر، والنسائي في "الكبرى" (1591) من طريق عبد الرحمن بن يزيد، ثلاثتهم عن عبد الله بن عمر. وهو في "مسند أحمد" (5287)، و"صحيح ابن حبان" (3859). وانظر ما سيأتي بالأرقام (1927 - 1933). (¬2) إسناده صحيح. حمّاد بن خالد: هو الخياط، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن العامرى، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب. وهو في "مسند أحمد" (6473). وانظر ما قبله وما بعده.

1928 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا شَبابةُ (ح) وحدَثنا مَخلَدُ بنُ خالد - المعنى - حدَّثنا عثمانُ بنُ عمر، عن ابنِ أبي ذئب عن الزهري، بإسناد ابنِ حنبلٍ عن حماد، ومعناه، قال: بإقامةٍ واحدةٍ لِكل صلاة، ولم يُنادِ في الأولى، ولم يُسبّح على إثر واحدةٍ منهما، قال مخلد: لم يُنادِ في واحدةٍ منهما (¬1). 1929 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي إسحاق، عن عبدِ اللهِ ابنِ مالك، قال: صليتُ مَعَ ابنِ عمر المغربَ ثلاثاً والعشاءَ ركعتينِ، فقال له مالكُ بنُ الحارث: ما هذه الصلاةُ؟ قال: صليتُهما مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في هذا المكانِ بإقامةٍ واحِدَةٍ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. شبابة: هو ابن سَوّار الفزاري مولاهم. وأخرجه البخاري (1673)، والنسائي في "الكبرى" (4016) من طريقين، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. دون قوله: لم يُنَادِ في واحدة منهما. وهو في "مسند أحمد" (5186). وانظر ما سلف برقم (1926). (¬2) حديث صحيح، عبد الله بن مالك - وهو ابن الحارث الهمداني - روى عنه أبو إسحاق السبيعي، وأبو رَوق الهمداني، وذكره ابن حبان في "الثقات" وهو متابع، وباقي رجاله ثقات. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه الترمذي (902) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (4676). وانظر ما سلف بالأرقام (1926 - 1928)، وما سيأتي بالأرقام (1930 - 1933). وحديث ابن عمر السالف قبله فيه: أنه صلَّى بإقامة واحدة لكل صلاة، وهو عند البخاري (1673)، ولفظه: جمع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بين المغرب والعشاء بجَمعٍ كل واحدةٍ منهما بإقامة. =

1930 - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا إسحاقُ - يعني ابنَ يوسفَ، عن شريكٍ، عن أبي إسحاقَ عن سعيد بنِ جُبير وعبدالله بن مالك قالا: صلينا مع ابنِ عمر بالمزدلفةِ المغربَ والعِشَاءَ بإقامةٍ واحِدَةٍ، فذكر معنى ابن كثير (¬1). 1931 - حدَّثنا ابنُ العلاءِ، حدَّثنا أبو أُسامَة، عن إسماعيلَ، عن أبي إسحاقَ، عن سعيدِ بنِ جُبير، قال: أفضْنا مع ابنِ عمر، فلما بلغنا جَمْعاً صَلَّى بِنَا المغربَ والعشاءَ بإقامةٍ واحدةٍ، ثلاثاً واثنتينِ، فلما انصرفَ قال لنا ابنُ عمر: هكذا صلَّى بنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في هذا المكانِ (¬2). ¬

_ = واختار الإمام الطحاوي ما جاء عن جابر في حديثه الطويل الذي أخرجه مسلم (1218) (147)، والسالف عند أبي داود برقم (1905)، أنه جمع بينهما بأذان واحد وإقامتين. قال الحافظ ابن حجر في "الفتح " 525/ 3: وهذا قول الشافعي في القديم، ورواية عن أحمد، وبه قال ابن الماجشون وابن حزم، وقواه الطحاوي بالقياس على الجمع بين الظهر والعصر بعرفة، وقال الشافعي في الجديد، والثوري، وهو رواية عن أحمد: يجمع بينهما بإقامتين فقط. وهو ظاهر حديث أسامة عند البخاري (1672) حيث قال: ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخَ كل إنسانٍ بعيرهُ في منزله، ثم أقيمت الصلاة فصلى. قال الحافظ: وقد جاء عن ابن عمر كل واحد من هذه الصفات، أخرجه الطحاوي وغيره، وكأنه كان يراه من الأمر الذي يتغير فيه الانسان، وهو المشهور عن أحمد. (¬1) حديث صحيح كسابقه. شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - وإن كان سيئ الحفظ متابع. وهو في "مسند أحمد" (4452) و (4676). وانظر ما قبله وما سيأتي بالأرقام (1931 - 1933). (¬2) إسناده صحيح. ابن العلاء: هو محمد بن العلاء الهمدانى، وأبو أسامة: هو =

1932 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن شُعبة، حدثني سلمة بنُ كُهيل قال: رأيتُ سعيدَ بنَ جُبيرٍ أقام بجَمعٍ فصلَّى المغربَ ثلاثاً، ثم صلَّى العشاءَ ركعتين، ثم قال: شَهِدتُ ابنَ عمر صنع في هذا المكان مثلَ هذا، وقال: شَهِدْتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صَنَعَ مثلَ هذا في هذا المكان (¬1). 1933 - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا أبو الأحوصِ، حدَّثنا أشعثُ بن سُلَيم عن أبيه قال: أقبلتُ مع ابنِ عمر مِن عَرفاتٍ إلى المزدلفَةِ، فلم يكن يَفْتُرُ مِن التَّكبير والتهليل حتى أتينا المزدلفة، فأذَّنَ وأقامَ، أو أمرَ إنساناً، فأذن وأقامَ، فصلَّى بنا المغربَ ثلاثَ ركعاتٍ، ثم التفتَ إلينا، ¬

_ = حماد بن أسامة بن زيد، وإسماعيل: هو ابن أبي خالد البجلي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه مسلم (1288)، والترمذي (903)، والنسائي في "الكبرى" (1590) من طريقين عن إسماعيل، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (4452). وانظر سابقيه، وتالييه. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيي: هو ابن سعيد القطان، وشعبة: هو ابن الحجاج الأزدي. وأخرجه مسلم (1288)، والنسائى في "الكبرى" (4012) و (4014) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد. وقرن بسلمة الحكم بن عتيبة. وأخرجه مسلم (1288)، والنسائي (4013) من طريق سفيان الثوري، عن سلمة ابن كهيل، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (3859). وانظر ما سلف بالأرقام (1929 - 1931). وانظر ما بعده.

فقال: الصلاةَ، فصلَّى بنا العشاءَ ركعتَينِ، ثم دعا بعشائِه، قال: وأخبرني عِلاجُ بن عمرو بمثلِ حديثِ أبي، عن ابنِ عمر، قال: فقيل لابنِ عمر في ذلك، فقال: صليتُ معَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - هكذا (¬1). 1934 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، أن عبدَ الواحدِ بنَ زياد وأبا عَوانة وأبا معاوية، حدثوهم، عن الأعمشِ، عن عُمارة، عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابنِ مسعود، قال: ما رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى صلاةً إلا لِوقتها، إلا بجَمْعٍ، فإنه جمع بَينَ المغربِ والعشاء بجَمْعٍ، وصلَّى صلاة الصبحِ مِن الغَدِ قبلَ وقتِها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو الأحوص: هو سلاّم ابن سليم الحنفي، وأشعث: هو ابن سُليم بن أبي الشعثاء المحاربي. وانظر ما سلف بالأرقام (1929 - 1932). يفتر: يمل ويضعف، و"أو" في قوله: "أو أمر إنساناً" للشك من الراوي، والصلاة: منصوب بفعل محذوف، أي: أدوا الصلاة. (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وعُمَارة: هو ابن عمير التيمي، وعبد الرحمن بن يزيد: هو ابن قيس النخعي. وأخرجه مسلم (1289)، والنسائي في "الكبرى" (4029) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1682)، ومسلم (1289)، والنسائى في "الكبرى" (1591) و (3991) من طرق عن الأعمش، به. وأخرجه البخاري (1675) و (1683) من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الرحمن ابن يزيد، به. وهو في "مسند أحمد" (3637). وقوله: وصلى صلاة الصبح قبل وقتها، قال النووي في "شرح مسلم": المراد أنه صلاها قبل وقتها المعتاد لا قبل طلوع الفجر، لأن ذلك ليس بجائز بإجماع المسلمين، =

1935 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا يحيى بنُ آدمَ، حدَّثنا سفيانُ، عن عبدِ الرحمن بنِ عيّاشٍ، عن زيدِ بنِ علي، عن أبيه، عن عُبيد الله بن أبي رافع عن علي، قال: فلما أصبَحَ - يعني النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - ووقَفَ على قُزحَ، فقال: "هذا قُزحُ وهو الموقفُ، وجَمعٌ كلُّها موقف، ونحرتُ ها هنا، ومِنىً كُلُّها منحَرٌ، فانحروا في رحالِكم (¬1). 1936 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حفصُ بنُ غياث، عن جعفر بنِ محمد، عن أبيهِ عن جابر، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "وقفتُ ها هنا بعرفَةَ، وعرفُة كُلُّها موْقِفٌ، ووقفتُ ها هنا بجَمْعٍ، وجَمعٌ كُلُّها موقِفٌ، ونحرتُ ها هنا، ومِنىً كلها مَنحَرٌ، فانحرُوا في رِحالكم" (¬2). ¬

_ = فيتعين تأويله على ما ذكرته، وقد ثبت في "صحيح البخاري" في هذا الحديث في بعض رواياته: أن ابن مسعود صلَّى الفجر حين طلع الفجر بالمزدلفة ثم قال: إن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى الفجر هذه الساعة، وفي رواية: فلما طلع الفجر، قال: إن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان لا يُصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. عبد الرحمن بن عياش - وهو عبد الرحمن ابن الحارث بن عبد الله بن عياش - مختلف فيه وهو حسن الحديث. سفيان: هو ابن سعيد بن مسروق الثوري. وأخرجه ابن ماجه (3010) من طريق يحيى بن آدم، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً الترمذي (900) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان الثوري، به. وهو في "مسند أحمد" (1348). ويشهد له حديث جابر الذي بعده. وقزح: بضم وفتح: موضع وقوف الإمام بمزدلفة بزنة عمر، وهو ممنوع من الصرف للعلمية والعدل. (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي. وقد سلف تخريجه برقم (1907) و (1908). وانظر ما بعده، وما سلف برقم (1905).

1937 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا أبو أسامةَ، عن أسامة بنِ زيدٍ، عن عطاء، قال: حدثني جابرُ بنُ عبدِ الله أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "كُلُّ عرفَةَ موقِفٌ، وكُلُّ مِنًى مَنحَرٌ، وكُل المزدلفَةِ موقفٌ، وكل فِجَاج مكةَ طريقٌ ومَنحَرٌ" (¬1). 1937 - حدَّثنا ابنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، قال: قال عمر بن الخطاب: كان أهلُ الجاهلية لا يُفِيضُونَ حتى يروا الشمسَ على ثبيرٍ، فخالفهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فدفع قبلَ طلوعِ الشمسِ (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. أسامة بن زيد - وهو الليثي - حسن الحديث، وقد توبع. الحسن بن علي: هو الخَلاّل الحُلوانى، وأبو أسامة: هو حمّاد ابن أسامة بن زيد القرشي، وعطاء: هو ابن أبي رباح القرشي. وأخرجه ابن ماجه (3048) من طريق وكيع بن الجراح، عن أسامة بن زيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14498). وانظر ما قبله. وقوله: "كل فجاج مكة طريق ومَنحَر" له شاهد من حديث أبي هريرة سيأتي برقم (2324). والفجاج: جمع فجّ: هو الطريق الواسعة. (¬2) إسناده صحيح. ابن كثير: وهو محمد بن كثير العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثورى، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وعمرو بن ميمون: هو الأودي. وأخرجه البخاري (1684) و (3838)، وابن ماجه (3022)، والترمذي (911)، والنسائى في "الكبرى" (4040) من طرق عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (84) و (200)، و"صحيح ابن حبان" (3860). =

65 - باب التعجيل من جمع

65 - باب التعجيل مِن جَمعٍ 1939 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا سفيانُ، أخبرني عُبيدُ اللهِ بن أبي يزيد أنه سَمعَ ابنَ عباسٍ يقولُ: أنا مِمن قَدَّمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ليلةَ المزدلفَةِ في ضَعَفَةِ أهلِه (¬1). 1940 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، حدَّثنا سلمةُ بنُ كهيل، عن الحسن العُرنِيِّ عن ابنِ عباس قال: قدَّمَنا رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - ليلةَ المزدلِفَةِ أغَيْلِمَةَ بني عبدِ المطلب على حُمُرات فجعل يلْطَحُ أفخاذَنا، ويقولُ: "أُبَينيَّ لا تَرمُوا الجمرةَ حتى تطلُعَ الشمسُ" (¬2). ¬

_ = ثبير: جبل عظيم بمزدلفة عن يسار الذاهب إلى منى. وكانوا يقولون: أشرق ثبير كيما نغير، أي: ادخل أيها الجبل في الشروق وهو ضوء الشمس، معناه كيما ندفع للنحر، وهو من قولهم أغار الفرس: إذا أسرع في عدوه. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (1678)، ومسلم (1293)، والنسائي في "الكبرى" (4021) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1856)، ومسلم (1293) من طريق حماد بن زيد، عن عبيد الله ابن أبي يزيد، به. وأخرجه البخاري (1677)، والترمذي (907) من طريق عكرمة، ومسلم (1294)، وابن ماجه (3026)، والنسائي (4022) و (4041) من طريق عطاء بن أبي رباح، والترمذي (908) من طريق مقسم مولى ابن عباس، ثلاثتهم عن ابن عباس. وهو في "مسند أحمد" (1920) و (1939)، و"صحيح ابن حبان" (3862) و (3865). وانظر تالييه. (¬2) حديث صحيح، وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أنه منقطع. =

قال أبو داود: اللطحُ: الضربُ الليّنُ. 1941 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا الوليدُ بن عقبة، حدَّثنا حمزةُ الزياتُ، عن حبيبِ بن أبي ثابت، عن عطاء عن ابنِ عباس، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُقدِّم ضُعفاءَ أهلِه بغَلَسٍ، ويأمرُهم، يعني لا يرمون الجمرةَ حتى تطلُعَ الشمسُ (¬1). ¬

_ = الحسن العرني: وهو ابن عبد الله - لم يلق ابن عباس، بل لم يدركه وهو يرسل عنه، صرَّح بذلك أحمد ويحيى بن معين وأبو حاتم، وقد وصله ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير أو عن الحسن، عن ابن عباس. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه ابن ماجه (3025)، والنسائي في "الكبرى" (4056) من طريقين عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (3025) من طريق مسعر بن كدام، عن سلمة بن كهيل، به. وأخرجه أحمد (2507)، والترمذي (908) من طريق الحكم، عن مِقسم بن بُجرة، عن ابن عباس، به. بلفظ: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قَّدَّم ضَعَفَة أهله، وقال: "لا ترمُوا حتى تطلع الشمس". وقال: حديث حسن صحيح. وفيه دليل على أنه لا يرمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس لأنه إذا كان من رخص له منع أن يرمي قبل طلوع الشمس، فمن لم يرخص له أولى. وقال الخطابي: والأفضل أن لا يرمي إلا بعد طلوع الشمس كما جاء في حديث ابن عباس. واللطح: الضرب الخفيف ببطن الكف ونحوه، وأبيني: تصغير يريد يا بني، وأغيلمة: تصغير الغلمة. وانظر لزاماً "فتح الباري " 3/ 528 - 529. وهو في "مسند أحمد" (2082)، و"صحيح ابن حبان" (3869). وانظر ما قبله وما بعده. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، من أجل الوليد بن عقبة - وهو ابن المغيرة -. حمزة الزيات: هو ابن حبيب بن عمارة. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (4057) من طريق سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، بهذا الإسناد. =

1942 - حدَّثنا هارون بنُ عبدِ الله، حدَّثنا ابنُ أبي فُديكٍ، عن الضحاك - يعنى ابنَ عثمان - عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه عن عائشة أنها قالت: أرسلَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بأمِّ سلمةَ ليلةَ النحرِ، فرمت الجَمرَةَ قبل الفجِر، ثم مضت فأفاضَتْ، وكان ذلك اليومُ اليومَ الذي يكون رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - تعني - عندَها (¬1). ¬

_ = وأخرجه بنحوه مسلم (1294)، وابن ماجه (3026)، والنسائي في "الكبرى" (4022) و (4041) من طريق عطاء، به. دون ذكر النهي عن الرمي حتى تطلع الشمس. وأخرجه الترمذي (908) من طريق مقسم بن بُجرة، عن ابن عباس. وفيه النهي عن الرمي حتى تطلع الشمس. وقال: حديث حسن صحيح. وقد سلف ذكر النهي عن الرمي حتى تطلع الشمس في الطريق التي قبله. وهو في "مسند أحمد" (1920)، و"صحيح ابن حبان" (3869). وانظر سابقيه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل الضحاك بن عثمان - وهو الأسدي الحزامي - فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع. ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل. وقد صحح إسناده الحاكم 1/ 469، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 133، وقال ابن كثير في "البداية والنهاية" 5/ 162: إسناده جيد قوي، رجاله ثقات، وقال أيضاً في "تخريج أحاديث التنبيه" 1/ 339: إسناده جبد، لكن رواه الشافعي مرسلاً، ورواه جماعةٌ من الكبار عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أمها بنحوه، ولعل هذا غير قادح، إذ قد يكون عن هشام عن أبيه من الطريقين. وقال الحافظ في "بلوغ المرام": إسناده على شرط مسلم، وقال في "الدراية" 2/ 24: إسناده صحيح. وكذلك قال ابن الملقن في "البدر المنير" 6/ 250: إسناده صحيح. ابن أبي فديك: هو محمد ابن إسماعيل. وأخرجه الدارقطني (2689)، والحاكم 1/ 469، وابن حزم في "حجة الوداع" (124)، والبيهقي في "الكبرى" 5/ 133، وابن عبد البر في "الاستذكار" (18075) من طريق ابن أبي فديك، بهذا الإسناد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3523) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، و (3524) من طريق يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني، كلاهما عن هشام بن عروة، به. ولفظ الدراوردي: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أمر أم سلمة أن تصلي الصبح يوم النفر بمكة، وكان يومَها فأحب أن توافقه. ولفظ يعقوب: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أمر أم سلمة أن توافيه يرم النفر بمكة. وأخرجه الشافعي في "الأم" 2/ 213 ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 133، وفي "معرفة السنن" (10163) عن داود بن عبد الرحمن وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وابن أبي شيبة ص 234 من القسم الذي نشره العمروي من الجزء الرابع، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 221، وفي "شرح مشكل الآثار" بإثر الحديث (3519) من طريق وكيع بن الجراح، وأحمد في "العلل" (2637)، والطحاوي في "شرح المعاني" 2/ 221، وفي "شرح المشكل" بإثر (3519) من طريق يحيى بن سعيد القطان، ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي، والطحاوي في "شرح المشكل" (3521) و (3522) من طريق حماد بن سلمة، كلهم عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلاً. أما لفظ داود والدراوردي: قال: دار رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يوم النحر إلى أم سلمة، فأمرها أن تعجل الإفاضة من جَمع حتى ترمي الجمرة، وتوافي صلاة الصبح بمكة، وكان يومها فأحب أن توافيه. وأما لفظ وكيع: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أمرها أن توافيه صلاة الصبح يوم النحر بمكة - وعند ابن أبي شيبة وحده: بمنى. وهو مخالف لسائر الروايات كما قال أحمد في "العلل" (2637). وأما لفظ يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي: أن توافي. دون ضمير الغائب العائد على ذكره - صلَّى الله عليه وسلم -. وأما رواية حماد بن سلمة فهي بنحو رواية المُصنِّف ليس فيها: "أن توافي" ولا "أن توافيه". قنا: وإنما أنكر الإمام أحمد في هذا الحديث عبارة: "أن توافيه بمكة"، ففد نقل عنه الطحاوي بإثر الحديث (3519) قوله: هذا عجبٌ، والنبي - صلَّى الله عليه وسلم - يوم النحر ما يصنع =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = بمكة؟! لكن قال الحافظ في"التلخيص" 2/ 258: رواية أبي داود سالمة من الزيادة التي استنكرها أحمد. قلنا: وكذلك رواية حماد بن سلمة، وكذلك رواية يحيي القطان وابن مهدي، فإنها خلت من ضمير الغائب الذي يعود على ذكره - صلَّى الله عليه وسلم -. لكن بقي الاختلاف في وصل الحديث وإرساله، قال ابن كثير في "تخريج أحاديث التنبيه" 1/ 339: لعل هذا غير قادح، إذ قد يكون عن هشام، عن أبيه من الطريقين. قلنا: على أنه دون الزيادة التي استنكرها الإمام أحمد - له ما يشهد له من حديث عبد الله ابن كيسان، عن أسماء بنت أبي بكر عند البخاري (1679)، ومسلم (1291) وغيرهما: أنها نزلت ليلة جَمع عند المزدلفة، فقامت تصلي، فصلّت ساعة، ثم قالت: يا بُني، هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلّت ساعة، ثم قالت: هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت: فارتحِلُوا، فارتحلنا ومضينا، حتى رمت الجمرة، ثم رجعت فصلّت الصبح في منزلها. فقلت لها: يا هنْتَاهُ، ما أُرانا إلا قد غلَّسنا، قالت: يا بني، إن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أذِنَ للظُّعُن. قلنا: والظُّعُن: النساءُ. ويشهد له أيضاً حديث عائشة عند البخاري (1681) ومسلم (1290) قالت: استأذنَت سودة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أن تدفع قبل حَطمة الناس، وكانت امرأة بطيئة، فأذن لها، فدفعت قبل حَطمة الناس، وأقمنا حتى أصبحنا نحن، ثم دفعنا بدفعه، فلأن أكون استأذنتُ كما استأذنت سودة أحب إليَّ من مفروحٍ به ففي هذا دليل على أن سودة أيضًا كانت ممن تقدم مع الضعفة للرمي. وقد روى أبو معاوية محمد بن خازم الضرير هذا الحديث - أعني حديث الباب عن هشام بن عروة عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أمها: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أمرها يوم النحر أن توافي معه صلاة الصبح بمكة. أخرجه من طريقه إسحاق بن راهويه في "مسنده" 4/ (1824)، وأحمد (26492)، وأبو يعلى (7000)، والطحاوي في "شرح المعاني" 2/ 219، وفي "شرح المشكل" (3517) و (3518) و (3519)، والطبراني في "الكبير" 23/ (799)، والبيهقي في"السنن الكبرى" 5/ 133، وفي "معرفة السنن والآثار" (10167) و (10169). قال ابن كثير في "تخريج أحاديث التنبيه" 1/ 339 وقد ذكر الطريقين: لعل هذا غير قادح، إذ قد يكون عن هشام، عن أبيه من الطريقين. وكذلك رواه الشافعي في "الأم" 2/ 213، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 133، وفي "معرفة السنن والآثار" (10164) إلا أنه قال: عن الثقة (وفي رواية =

1934 - حدَّثنا محمدُ بنُ خلادٍ الباهليُّ، حدَّثنا يحيى، عن ابِن جُرَيجٍ، أخبرني عطاءٌ, أخبرني مُخبرٌ عن أسماء: أنها رَمَتِ الجمرةَ، قلت: إنا رَمَينَا الجمرةَ بليلٍ، قالت: إنا كُنَّا نصنعُ هذا على عهدِ رسولِ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ = أخرى عن الشافعي: من أثق به من المشرقيين) عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب، عن أمها أم سلمة. قال البيهقي: وكان الشافعي أخذه من أبي معاوية الضرير. وخالفه سفيان الثوري عند الطحاوي في "شرح المشكل" (3520)، والطبراني 23/ (982) من طريقين عن سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أم سلمة أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أمرها أن تصلي الفجر بمكة يوم النحر. فلم يقل في روايته: "توافي" أو "توافيه"، فوافق رواية المصنِّف. فقد صح هذا الحديث إن شاء الله بما انضم إليه من طريق زينب بنت أم سلمة، عن أمها، ثم بما انضم إليه من شاهديه اللذين ذكرناهما عن أسماء بنت أبي بكر وعائشة، وهما صحيحان بلا مرية، وهما في "الصحيحين". وقد سقا لفظهما وقد يشكل هذا الحديث مع حديث ابن عباس الذي قبله، لكن قال ابن القيم في "زاد المعاد" 2/ 252: إنه لا تعارض بين هذه الأحاديث، فإنه أمر الصبيان أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس، فإنه لا عذر لهم في تقديم الرمي , أما من قدّمه من النساء فرمين قبل طلوع الشمس للعذر والخوف عليهن من مزاحمة الناس وحطمهم، وهذا الذي دلت عليه السنة جواز الرمي قبل طلوع الشمس للعذر بمرض أوكبر يشق عليه مزاحمة الناس لأجله، وأما القادر الصحيح فلا يجوز له ذلك. وقال الحافظ في "الفتح" 3/ 529: يجمع بينه وبين حديث ابن عباس بحمل الأمر في حديث ابن عباس على الندب. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن أسماء، لكن روي الحديث من طريق آخر صحيح ذكرناه عند الحديث السالف قبله. وهو في "صحيح البخاري" (1679)، و"صحيح مسلم" (1291) من طريق عبد الله ابن كيسان عن أسماء، وبنحوه عند النسائي (4027) من طريق مولى لأسماء، عنها، وهو في "المسند" (26941).

66 - باب يوم الحج الأكبر

1944 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، حدَّثني أبو الزبيرِ عن جابر، قال: أفاضَ رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - وعليهِ السَّكِينَةُ، وأَمَرَهُم أن يَرْمُوا بمثلِ حَصَى الخَذفِ، وأوضَع في وادِي مُحسِّرٍ (¬1). 66 - باب يوم الحج الأكبر 1945 - حدَّثنا مُؤَمَّلُ بنُ الفضِل، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا هشام - يعني ابنَ الغاز - حدَّثنا نافعٌ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي - قد صرح عند أحمد في"مسنده" (14418) أنه سمع قصة حجة النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - من جابر، ثم إنه متابع. محمد بن كثير: هو العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه ابن ماجه (3023)، والترمذي (901)، والنسائي في "الكبرى" (4044) و (4045) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح، ورواية النسائي في الموضع الثاني مختصرة. وأخرجه مسلم (1299)، والترمذي (912)، والنسائي في "الكبرى" (4003) و (4066) و (4067) من طرق عن أبي الزبير، به. ورواية النسائي في الموضع الأول مختصرة. وأخرجه مسلم (1218)، وابن ماجه (3074)، والنسائي في "الكبرى" (4046) و (4068) من طريق محمد بن علي بن الحسين، والنسائي (4066) من طريق عُبيد الله ابن عمر، كلاهما عن جابر، به. ورواية مسلم وابن ماجه مطولة. وأخرجه ابن ماجه (3012) من طريق محمد بن المنكدر، عن جابر. بذكر الإيضاع في وادي محسِّر. وهو في "مسند أحمد" (14553)، و"صحيح ابن حبان" (3944). وقد سلفت هذه القطعة ضمن حديث مطول برقم (1905). وقوله: أوضع، معناه: أسرع السير بإبله، يقال: وضع البعير، وأوضعه راكبه، أي: أسرع به السير، ووادي محسر: اسم فاعل من التحسير، قال الأزرقي: وهو خمس مئة ذراع، وخمسة وأربعون ذراعاً، قال النووي: سمي بذلك، لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه، أي: أعيا، وكلَّ، وفي الحديث مشروعية الإسراع بالمشي في وادي محسر.

عن ابنِ عمر: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وَقَفَ يَوْمَ النحرِ بَينَ الجمراتِ في الحجَّة التي حَجَّ، فقال: "أيُّ يَوْمٍ هذا؟ " قالوا: يومُ النحرِ، قال: "هذا يَومُ الحج الأكْبَرِ" (¬1). 1946 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس، أن الحَكَمَ بن نافعٍ حَدثهم، أخبرنا شعيبٌ، عن الزهريِّ، حدثني حُمَيدُ بنُ عبدِ الرحمن أن أبا هُريرة قال: بعثني أبو بكر فيمن يُؤذن يَوْمَ النحرِ بِمنى: أن لا يَحُجَّ بعدَ العامِ مُشْرِكٌ، ولا يَطُوفَ بالبيتِ عُرْيَان، ويَومُ الحجِّ الأكبرِ يَوْمُ النَّحرِ، والحجُّ الأكبر الحجُّ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الوليد: هو ابن مسلم القرشي. وأخرجه ابن ماجه (3058) مطولاً من طريق صدقة بن خالد، عن هشام بن الغاز، به. وعلقه البخاري في"صحيحه" بإثر الحديث (1742) بصيغة الجزم عن هشام بن الغاز. وهو في "شرح مشكل الآثار" (1459) و (1460). وله شاهد من حديث أبي هريرة سيأتي بعده. وآخر من حديث أبي بكرة عند الطحاوي في "شرح المشكل" (1458). وإسناده صحيح. قال ابن القيم في "تهذيب السنن": والقرآن قد صرح بأن الأذان يوم الحج الأكبر، ولا خلاف أن النداء بذلك إنما وقع يوم النحر بمنى، فهذا دليل قاطع على أن يومَ الحج الأكبر هو يومُ النحر. (¬2) إسناده صحيح. شعيب: هو ابن أبي حمزة الأموي مولاهم، والزهري: هو محمد بن مسلم القرضي. وأخرجه البخاري (3177) من طريق شعيب بن أبي حمزة، بهذا الإسناد. =

67 - باب الأشهر الحرم

67 - باب الأشهر الحرم 1947 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ، حدَّثنا أيوبُ، عن محمد عن أبي بكرة: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - خَطَبَ في حَجته، فقالَ: "إنَّ الزمانَ قد استدارَ كهيئته يَوْمَ خَلَقَ الله السمواتِ والأرضَ: السنةُ اثنا عَشَرَ شهراً، منها أربعةٌ حُرُمٌ: ثلاثٌ متوالياتٌ ذو القَعدَةِ وذو الحِجَّةِ والمُحرمُ، ورجبُ مُضَر الذي بين جُمادى وشعبانَ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (369) و (1622) و (4363) و (4655) و (4656) و (4657) ومسلم (1347)، والنسائي في "الكبرى" (3934) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وعامة روايات البخاري غير (4657)، ورواية النسائي دون قوله: ويوم الحج الأكبر ... وأخرجه النسائي (3935) من طريق المُحرَّر بن أبي هريرة، به. دون قوله: ويوم الحج الأكبر ... وهو في "مسند أحمد" (7977)، و"صحيح ابن حبان" (3820). (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين، لكن محمد - وهو ابن سيرين الأنصاري - لم يثبت سماعه من أبي بكرة، وروايته عنه مرسلة، والواسطة بينهما عبد الرحمن بن أبي بكرة وحميد بن عبد الرحمن الحميري وهما ثقتان، كما بيناه في "مسند أحمد" (20386)، وما سيأتي بعده. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم الأسدي , المعروف بابن عُلَيّة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وهو في "مسند أحمد" (20386). وانظر ما بعده. وقوله: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض" قال السندي في حاشيته على "المسند": أي على هيئته وحسابه القديم، وكان العرب يقدمون شهراً ويؤخرون آخر، ويسمون ذلك النسيء، فبين - صلَّى الله عليه وسلم - أن ذلك الوضع وضع جاهلي باطل =

68 - باب من لم يدرك عرفة

1948 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فيّاضٍ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، حدَّثنا أيوبُ السختْياني، عن محمد بنِ سيرين، عن ابنِ أبي بكرة، عن أبي بكرة، عن النبيّ - صلَّى الله عليه وسلم - بمعناه (¬1). قال أبو داود: سماه ابنُ عون عبدَ الرحمن بنَ أبي بكرة في هذا الحديث. 68 - باب من لم يدرك عرفة 1949 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، حدثني بُكيرُ بن عطاء، عن عبدِ الرحمن بنِ يعمر الدِّيلي، قال: ¬

_ = والمعتبر في المناسك وغيرها هو الوضع الإلهي السابق، وإضافة رجب إلى مضر، لأنهم كانوا يحافظون عليه أشد المحافظة، ثم بين ذلك توضيحاً وتاكيداً فقال: "الذي بين جمادى وشعبان". وقال في "مرقاة المفاتيح" 3/ 244 تعليقاً على قوله: "منها أربعة حرم": قال تعالى: {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36] قال البيضاوي رحمه الله، أي: بهتك حرمتها وارتكاب حرامها، والجمهور على أن حرمة المقاتلة فيها منسوخة، وأوَّلوا الظلم بارتكاب المعاصي فيهن، فإنه أعظم وزراً كارتكابها في الحرم وحال الإحرام، وعن عطاء: لا يحل للناس أن يغزوا في الحرم والأشهر الحرم إلا أن يقاتلوا، ويؤيد الأول ما روي أنه - صلَّى الله عليه وسلم - حاصر الطائف، وغزا هوازن بحنين في شوال وذي القعدة. (¬1) إسناده صحيح. عبد الوهاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي. وأخرجه البخاري (3197) و (4406) و (5550) و (7447)، ومسلم (1679) من طرق عن عبد الوهاب، بهذا الإسناد. وجميع الروايات مطولة ما عدا الموضع الأول من البخاري. وهو في "مسند أحمد" (20386)، و"صحيح ابن حبان" (3848). وانظر ما قبله.

أتيتُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وهو بعرفةَ، فجاء ناسٌ - أو نفرٌ - من أهلِ نجدٍ، فأمروا رجلاً، فنادى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: كيف الحَجُّ؟ فأمَرَ رجلاً فنادى: "الحجُّ الحجُّ يَومُ عرفةَ، مَنْ جاء. قبلَ صلاةِ الصُبحِ مِن ليلةِ جَمْع فتمَّ حَجُّه، أيامُ مِنى ثلاثةٌ، فمن تعجَّلَ في يومينِ فلا إثمَ عليهِ، ومن تأخَّرَ فلا إثمَ عليهِ" قال: ثم أردف رجلاً خَلفَهُ، فجعل يُنادِي بذلكَ (¬1). قال أبو داود: وكذلك رواه مِهرانُ، عن سفيانَ قالْ: "الحجّ الحج"، مرتين، ورواه يحيى بنُ سعيدٍ القطانُ، عن سفيان قال: "الحج"مرةً. 1950 - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا يحيي، عن إسماعيلَ، حدَّثنا عامِرٌ أخبرني عُروةُ بنُ مُضَرِّسِ الطائي، قال: أتيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالموقِفِ يعني بِجَمعٍ، قلتُ: جئتُ يا رسولَ الله مِن جبلِ طيِّئ، أكلَلتُ مَطيَّتي، وأتعبتُ نفسي، واللهِ ما تركتُ مِن حبْلٍ إلا وقفتُ عليه، فهلْ لي مِن حَجٍّ؟ فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ أدرَكَ معنا هذه الصلاة، وأتى عَرَفَاتٍ قبلَ ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجُّه وقضى تفَثَه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحح. محمد بن كثير: هو العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه ابن ماجه (3015) و (3015 م)، والترمذي (954) و (905)، والنسائي في "الكبرى" (3997) و (3998) و (4036) من طرق عن سفيان الثوري، والنسائي (4166) من طريق شعبة، كلاهما عن بكير بن عطاء، به. وهو في "مسند أحمد" (18774)، و"صحيح ابن حبان" (3892). (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيي: هو ابن سعيد القطان، وإسماعيل: هو ابن أبى خالد البجلي، وعامر: هو ابن شراحيل الشعبى. =

69 - باب النزول بمنى

69 - باب النزول بمنىً 1951 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا مَغمَرٌ، عن حميدٍ الأعرجِ، عن محمدِ بنِ إبراهيم التيميِّ، عن عبدِ الرحمن بنِ مُعاذ ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (3016)، والترمذي (906)، والنسائي في "الكبرى" (4031 - 4035) من طرق عن الشعبي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (16208) و (18300)، و"صحيح ابن حبان" (3851). قال الخطابي: في هذا الحديث من الفقه أن من وقف بعرفات وقفة ما بين الزوال من يوم عرفة إلى أن يطلع الفجر من يوم النحر فقد أدرك الحج. وقال أصحاب مالك: النهار تبع الليل في الوقوف، فمن لم يقف بعرفة حتى تغرب الشمس فقد فاته الحج وعليه حج من قابل، وروي عن الحسن أنه قال: عليه هدي من الإبل وحجه تام. وقال أكثر الفقهاه: من صدر من عرفة قبل غروب الشمس فعليه دم وحجه تام. وكذلك قال عطاء وسفيان الثوري وأصحاب الرأي وهو قول الشافعي وأحمد. وقال مالك والشافعي: فيمن دفع من عرنة قبل غروب الشمس ثم رجع إليها قبل طلوع الفجر، فلا شيء عليه. وقال أصحاب الرأي: إذا رجع بعد غروب الشمس ووقف لم يسقط عنه الدم، وظاهر قوله: "من أدرك معنا هذه الصلاة" شرط لا يصح الحج إلا بشهوده جمعاً، وقد قال به غير واحد من أعيان أهل العلم، قال علقمة والشعبي والنخعي: إذا فاته جمع ولم يقف به فقد فاته الحج ويجعل إحرامه عمرة. وممن تابعهم على ذلك أبو عبد الرحمن الشافعي وإليه ذهب محمد بن إسحاق ابن خزيمة - وأحسب محمد بن جرير الطبري أيضاً - واحتجوا، أو من احتج منهم بقوله سبحانه: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: 198]، وهذا نص، والأمر على الوجوب، فتركه لا يجوز بوجه. وقال أكثر الفقهاء: إن فاته المبيت بالمزدلفة والوقوف بها أجزأه وعليه دم. وقوله: "ففد تم حجه" يريد به معظم الحج وهو الوقوف بعرفة لأنه هو الذي يخاف عليه الفوات، فأما طواف الزيارة فلا يخشى فواته، وهذا كقوله: "الحج عرفة" أي: معظم الحج هو الوقوف بعرفة.

70 - باب أي يوم يخطب بمنى؟

عن رَجُلٍ من أصحابِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: خَطَبَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - الناس بمنىً، ونزلهم مَنَازلهم، فقال: "لِيَنزِلِ المهاجرونَ ها هنا - وأشار إلى ميمنةِ القِبلة - والأنصار ها هنا - وأشار إلى مَيسرةِ القِبلة - ثم لِينزلِ الناسُ حولَهم" (¬1). 70 - باب أي يوم يخطُب بمنى؟ 1952 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا ابنُ المبارك، عن إبراهيمَ بنِ نافع، عن ابنِ أبي نَجيح، عن أبيه ¬

_ (¬1) رجاله ثقات إلا أن محمد بن إبراهيم التيمي لم يدرك عبد الرحمن بن معاذ فيما قاله الذهبي في "تجريد الصحابة"، وعبد الرحمن بن معاذ التيمي هو ابن عم طلحة بن عبد الله، قال البخاري وغيره: له صحبة، وعده ابن سعد مع مسلمة الفتح. ونص على صحبته في هذا الحديث سفيان بن عيينة، وعبد الوارث بن سعيد، وخالد بن عبد الله الواسطي، لكن خالف ابن عيينة في اسمه فقال: معاذ أو ابن معاذ. وخالفهم معمر فجعله من روايته عن رجل من الصحابة. عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي، وحميد الأعرج: هو ابن قيس. وأخرجه الحميدي (852)، وأحمد في "مسنده" (16588) و (16589) و (23177) و (23178)، والبيهقي في "الكبرى" 5/ 127 - 128 من طرق عن حميد الأعرج، بهذا الإسناد. وقال المزي في ترجمة عبد الرحمن بن معاذ من "تهذيب الكمال" 17/ 409: حديثه عند محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي قال: خطبنا النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ونحن بمنى (عن سعيد بن منصور). وقيل عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الرحمن بن معاذ، عن رجل من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وقيل: عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن رجل من قومه يقال له: معاذ بن عثمان، أو عثمان بن معاذ. وانظر ما سيأتي برقم (1957).

عن رَجُلَيْنِ من بني بكرٍ، قالا: رأيْنَا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يخْطُبُ بَيْنَ أوسطِ أيامِ التَشريقِ، ونحن عندَ راحِلتِه، وهي خُطبةُ رَسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - التي خَطَبَ بِمنى (¬1). 1953 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدَّثنا أبو عاصمٍ، حدَّثنا ربيعةُ بن عبدِالرحمن بنِ حُصَينٍ، حدَثتني جَدَّتي سرّاءُ بنتُ نَبهانَ، وكانت ربّهَ بَيتٍ في الجاهِلِيَة، قالت: خَطَبنا رَسُولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يومَ الرؤوس فقال: "أيُّ يوم هذا؟ " قلنا: الله ورسولُه أعلم، قال: "أليسَ أوسَطَ أيام التشريقِ؟ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن المبارك: هو عبد الله المروزي، وابن أبي نجيح: هو عبد الله بن أبي نجيح يسار المكي. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 5/ 151 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة ربيعة بن عبد الرحمن بن حصين. محمد بن بشار: هو العبدي، وأبو عاصم: هو الضحاك. وأخرجه البيهقي 5/ 151، وابن الأثير في"أسد الغابة" 7/ 140 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3305). ويشهد له ما قبله. وقول أبي داود: وكذلك قال عم أبي حُرَّة الرقاشي: إنه خطب أوسط أيام التشريق. أخرجه أحمد في "مسنده" (20695) وفي إسناده علي بن زيد بن جُدعان، وهو ضعيف. وقوله: يوم الرؤوس: هو اليوم الثاني من أيام التشريق، سمي بذلك لأنهم كانوا يأكلون فيه رؤوس الأضاحي, قال الزمخشري في "أساس البلاغة": أهل مكة يسمون يوم القر يوم الرؤوس، لأنهم يأكلون فيه رؤوس الأضاحي. ويوم القر: هو اليوم التالي ليوم النحر.

71 - باب من قال: خطب يوم النحر

قال أبو داود: وكذلك قال عمُّ أبي حُرَّة الرَّقاشي: أنه خَطَبَ أوسَطَ أيامِ التشريقِ. 71 - باب من قال: خَطَبَ يَومَ النحرِ 1954 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا هشامُ بنُ عبدِ الملك، حدَّثنا عِكرمَة حدَّثني الهِرْمَاسُ بنُ زياد الباهلي، قال: رأيتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ الناس على ناقته العَضباء يَومَ الأضحى بِمنَى (¬1). 1955 - حدَّثنا مُؤمَّلٌ - يعني ابنَ الفضلِ الحرَّانيَّ - حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا ابنُ جابر، حدَّثنا سُليمُ بنُ عامر الكَلاعي سمعتُ أبا أمامة يقول: سمعتُ خطبةَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بمنىً يَوْمَ النحر (¬2). 72 - أيّ وقت يخطبُ؟ 1956 - حدَّثنا عبدُ الوهَّاب بنُ عبدِ الرحيم الدمشقيُّ، حدَّثنا مروان، عن هلال بنِ عامر المزنيِّ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عكرمة: هو ابن عمار العجلي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4080) من طريق عكرمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15968)، و"صحيح ابن حبان" (3875). (¬2) إسناده صحيح. الوليد: هو ابن مسلم القرشي الدمشقي، وابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد الأزدي. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (578)، والبيهقي في "الكبرى" 5/ 140 من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرج الترمذي (620) من طريق معاوية بن صالح، عن سُليم بن عامر الكلاعي، بلفظ: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يخطب في حجة الوداع ... وانظر "مسند أحمد" (22161)، و"صحيح ابن حبان" (4563).

73 - باب ما يذكر الإمام في خطبته بمنى

حدثني رافعُ بنُ عمرو المزنيُّ، قال: رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَخطُبُ الناسَ بِمنى حينَ ارتفِع الضُّحى على بغلةٍ شهباء وعلىٌ رَضِيَ الله عنه يُعَبِّرُ عنه، والناسُ بَين قائمٍ وقاعدٍ (¬1). 73 - باب ما يذكر الإمام في خطبته بمنى 1957 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن حُميد الأعرج، عن محمدِ ابنِ إبراهيم التيمي عن عبدِ الرحمن بن معاذ التيمي، قال: خطبنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ونحن بِمنىً فَفُتِحَت أسماعُنا، حتى كُنَّا نسمعُ ما يقولُ ونحن في منازلنا، فَطَفِقَ يُعلّمهم مناسِكَهم حتى بلغَ الجمارَ، فوضع إصبَعيه السَّبابَتَيْنِ، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد روى هذا الحديث أبو معاوية محمد بن خازم كما سيأتي برقم (4073) فقال: عن هلال بن عامر، عن أبيه. وصحح البخاري وابن السكن والبغوي وغيرهم رواية مروان - وهو ابن معاوية الفزاري - كما بيناه في "مسند أحمد" (15920). وصوب المزي في "تحفة الأشراف" 4/ 236 رواية أبي معاوية. لكن ما قاله البخاري ومن تبعه أولى بالصواب لمتايعة يعلى بن عبيد ويحيي بن سعيد الأموي لمروان في روايته كما سيأتي. وعلى أي حال فالاختلاف في تعيين الصحابي، وهذا لا يضر، لأنهم جميعاً عدول. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 302، والنسائي في "الكبرى" (4079)، واليهقي في "الكبرى" 5/ 140 من طريق مروان بن معاوية، به. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1096)، والطبراني في "الكبير" (4458) من طريق يعلى بن عبيد، والطبراني (4458) من طريق يحيي بن سعيد الأموي، كلاهما عن هلال بن عامر، به. وسيأتي من طريق أبي معاوية الضرير، عن هلال بن عامر، عن أبيه برقم (4073). قال السندي: يعبر عنه، أي: يُسمع الناس ما عسى أن يخفى عليهم.

74 - باب يبيت بمكة ليالي منى

ثم قال: "بحصى الخَذْفِ" ثم أمَرَ المهاجرينَ فنزلوا في مُقدَّمِ المسجدِ، وأمَرَ الأنصارَ، فنزلوا مِن وراءِ المسجد، ثم نزل الناسُ بعدَ ذلك (¬1). 74 - باب يبيتُ بمكة ليالي منى 1958 - حدَّثنا أبو بكرٍ محمدُ بنُ خلاد الباهِليُّ، حدَّثنا يحيي، عن ابنِ جُريج، حدثني حريز - أو أبو حريز، الشك مِن يحيي - أنه سَمِعَ عبدَ الرحمن بنَ فرُّوخٍ يسألُ ابنَ عمر، قال: إنا نتبايعُ بأموالِ الناسِ، فيأتي أحدُنا مكةَ، فيبيتُ على المالِ، فقال: أما رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فباتَ بِمِنىً وظلَّ (¬2). 1959 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا ابنُ نمير وأبو أُسامة، عن عُبيد الله، عن نافع عن ابن عمر، قال: استأذنَ العبَّاسُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يبيتَ بمكة ليَالي مِنَى مِن أجلِ سقايته، فأذِنَ له (¬3). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، كما بيناه في (1951)، مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (2996) من طريق عبد الوارث، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16589). ولأمره - صلَّى الله عليه وسلم - بالرمي بمثل حصى الخذف شاهد من حديث جابر السالف برقم (1905) و (1944). (¬2) إسناده ضعيف؛ لجهالة حريز أو أبي حَريز. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وأخرجه البيهقي 5/ 153 من طريق أبي داود. (¬3) إسناده صحيح. ابن نُمير: هو عبد الله، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة بن زيد القرشي، وعُبيد الله: هو ابن عمر العمري العدوي. =

75 - باب الصلاة بمنى

75 - باب الصلاة بمنى 1960 - حدَّثنا مسدَّدٌ، أن أبا معاويةَ وحفص بنَ غياث حدَّثاهم - وحديثُ أبي معاوية أتمُّ - عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، عن عبدِ الرحمن بنِ يزيد، قال: صلَّى عثمان بمنى أربعاً، فقال عبدُ الله: صليتُ مع النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - ركعتين، ومَعْ أبي بكر ركعتين، ومع عُمر ركعتين - زاد عن حفص - ومع عثمان صدراً من إمارته، ثم أتمَّها، - زاد مِن ها هنا عن أبي معاويةَ - ثم تفرَّقت بكم الطرقُ فلودِدتُ أن لي مِن أربع ركعات ركعتينِ مُتقبَّلَتَين. فال الأعمش: فحدثني معاويةُ بنُ قرة عن أشياخه أن عبدَ الله صَلَّى أربعاً، قال: فقِيْلَ له: عبتَ على عثمان، ثم صليتَ أربعاً، قال: الخلافُ شَرٌّ (¬1). 1961 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا ابنُ المبارك، عن معمر ¬

_ = وأخرجه البخاري (1634) و (1743) و (1744) و (1745)، ومسلم (1315)، وابن ماجه (3065)، والنسائي في "الكبرى" (4163) من طرق عن عبيد الله، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4691) و (4731)، و"صحح ابن حبان" (3889) و (3890). (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هر ابن مسرهد الأسدي، وأبو معاوية: هو محمد ابن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران الأسدي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه البخاري (1084) و (1657)، ومسلم (695)، والنسائي في "الكبرى" (1919) و (1920) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وبعضهم يختصره، وجميعهم دون حديث معاوية بن قرة. وهو في "مسند أحمد" (3593).

عن الزُّهريِّ: أن عثمان إنما صَلَّى بمنى أربعاً، لأنه أجمَعَ على الإقامةِ بعدَ الحج (¬1). 1962 - حدَّثنا هنادُ بنُ السري، عن أبي الأحوص، عن المغيرةِ عن إبراهيمَ، قال: إن عثمان صَلّى أربعاً، لأنه اتخذَها وطَناً (¬2). 1963 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ، أخبرنا ابنُ المبارك، عن يونس عن الزهري، قال: لما اتَّخَذَ عثمانُ الأموالَ بالطائفِ وأراد أن يقيم بها صَلَّى أربعاً، قال: ثم أخَذَ به الأئمةُ بَعدُ (¬3). 1964 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن أيوبَ عن الزهريِّ: أن عثمانَ بنَ عفان أتمَّ الصلاةَ بمنى مِن أجلِ الأعراب، لأنهم كَثُرُوا عامَئِذٍ فَصَلَّى بالناسِ أربعاً، لِيعلمهم أن الصلاةَ أربع (¬4). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، وهو من كلام الزهري. ابن المبارك: هو عبد الله المروزي، ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمد بن مسلم. وانظر ما قبله. (¬2) رجاله ثقات، وهو من قول إبراهيم - وهو ابن يزيد النخعي - أبو الأحوص: هو سلام بن سليم الحنفي، والمغيرة: هو ابن مقسم الضبي. وانظر ما سلف برقم (1960). (¬3) رجاله ثقات وهو من كلام الزهري. ابن المبارك: هو عبد الله المروزي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي. وانظر ما سلف برقم (1960). (¬4) رجاله ثقات، وهو من كلام الزهري. موسى بن إسماعيل: هو التبُوذكي، وحمّاد: هو ابن سلمة بن دينار البصري، وأيوب: هو ابن أبي تميمة كيسان السَّختِياني. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 3/ 144 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (1960 - 1963).

76 - باب القصر لأهل مكة

76 - باب القصر لأهل مكة 1965 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا أبو إسحاق حدثني حارثةُ بنُ وهبِ الخُزَاعيُّ - وكانت أُمُّه تحتَ عمر، فولدت عُبيدَ الله بن عمر - قال: صليتُ مَعَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بمنى والناسُ أكثر ما كانوا، فصلَّى بنا رَكعَتَينِ في حَجَّةِ الوَدَاع (¬1). 77 - باب في رمي الجمار 1966 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ مهدي، حدثني عليُّ بن مُسهرٍ، عن يزيدَ بنِ أبي زياد، أخبرنا سليمانُ بن عمرو بن الأحوص عن أُمه، قالت: رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يرمي الجمرةَ مِن بطنِ الوادي وهو راكب يُكبِّرُ مع كُلِّ حصاةٍ، ورجل مِن خلفه يستُرُه، فسألت عن الرجل، فقالوا: الفضلُ بنُ العباس، وازدحم الناسُ، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أيها الناسُ لا يَقتُلْ بعضُكم بعضاً، وإذا رميتمُ الجمرةَ، فارمُوا بمثلِ حصى الخَذْفِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل، وزهير: هر ابن معاوية الجُعفي، وأبو إسحاق، هو عَمرو بن عبد الله السَّبيعي. وأخرجه البخاري (1083) و (1656)، ومسلم (696)، والترمذي (897)، والنسائي في "الكبرى" (1916) و (1917) من طرق عن أبي إسحاق. قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (18727)، و"صحيح ابن حبان" (2756) و (2757). (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو الهاشمي -، ولجهالة حال سليمان بن عمرو بن الأحوص. وأخرجه ابن ماجه (3028) و (3031) و (3031 م) و (3532) مطولاً، من طريق يزيد بن أبي زياد، بنحوه إلا أنه في الرواية (3031 م) سمى الصحابية أم جُندُب. =

1967 - حدَّثنا أبو ثورٍ - إبراهيمُ بنُ خالد - ووهبُ بنُ بيان، قالا: حدَّثنا عَبيدةُ، عن يزيدَ بنِ أبي زيادٍ، عن سليمان بنِ عمرو بنِ الأحوص عن أُمِّهِ، قالت: رأيتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عندَ جمرةِ العَقَبَةِ راكباً، ورأيت بين أصابِعِه حجراً، فرمى ورَمَى الناسُ (¬1). 1968 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا ابنُ إدريس، حدَّثنا يزيدُ بنُ أبي زيادٍ، بإسناده في هذا الحديثِ، زاد: ولم يَقُم عندها (¬2). 1969 - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا عبدُ الله - يعني ابن عمر - عن نافعٍ عن ابنِ عمر: أنه كان يأتي الجمار، في الأيام الثلاثة بعدَ يومِ النحرِ، ماشياً ذاهباً وراجعاً، ويُخبر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يفعلُ ذلك (¬3). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (16087). ويشهد له حديث ابن مسعود الآتى برقم (1974). وحديث الفضل بن عباس، عند مسلم (1282)، وأحمد (1794). وحديث جابر السالف برقم (1905). وحديث حرملة بن عمرو عند أحمد (19016). وانظر ما سيأتي برقم (1967) و (1968). (¬1) حسن لغيره، كسابقه. عَبيدة: هو ابن حُميد الليثي. (¬2) حسن لغيره، كسابقيه. ابن إدريس: هو عبد الله بن إدريس الأودي. وقوله: (ولم يَقمْ عندها) أي: عند جمرة العقبة يوم النحر. وأما في أيام التشريق فسيأتى برقم (1973) من حديث عائشة أنه كان يقف عند الأولى والثانية فيطيل القيام. (¬3) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن عمر - وهو العمري -، لكنه متابع. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وأخرجه الترمذي (915) من طريق ابن نُمير، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، به. وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (5944) و (6222).

1970 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا يحيى، عن ابنِ جُرَيجٍ، أخبرني أبو الزبير أنه سع جابرَ بنَ عبد الله يقول: رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يرمي على راحلته يَوْمَ النحرِ يقولُ: "لِتَأخُذُوا مَنَاسِككم، فإني لا أدْرِي لَعَلِّي لا أحُجُّ بَعْدَ حَجتي هذه" (¬1). 1971 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا يحيى بنُ سعيد، عن ابن جُريجٍ، أخبرني أبو الزبير سمعتُ جابرَ بنَ عبد الله يقول: رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يرمي يَومَ النحرِ ضُحىً، فأما بعد ذلك فَبَعدَ زَوالِ الشَمسِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. فقد صرح ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - وأبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرس - بالتحديث فانتفت شبهة تدليسهما. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه مسلم (1297)، والنسائي في "الكبرى" (4054) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (4002) من طريق سفيان الثوري، عن أبي الزبير، به. مختصراً بقول النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وهو في "مسند أحمد" (14419). قال الحافظ المزي في "الأطراف" (2804): هذا الحديث في رواية أبي الحسن ابن العبد، وأبي بكر بن داسة، ولم يذكره أبو القاسم. (¬2) إسناده صحيح كسابقه. وأخرجه مسلم (1299)، وابن ماجه (3053)، والترمذي (909)، والنسائي في "الكبرى" (4056) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (14354) و (14435)، و"صحيح ابن حبان" (3886).

1972 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد الزهريُّ، حدَّثنا سفيانُ، عن مِسعَر، عن وَبَرَةَ، قال: سألت ابنَ عمر: مَتَى أرمي الجمارَ؟ قال: إذا رَمَى إمامُكَ فارمِ، فأعدتُ عليه المسألةَ، فقال: كنا نتحيّنُ زوالَ الشمس، فإذا زالتِ الشمسُ رمينا (¬1). 1973 - حدَّثنا علىُّ بنُ بحر وعبُد الله بنُ سعيد - المعنى - قالا: حدَّثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن إسحاق، عن عبدِ الرحمن بنِ القاسم، عن أبيه عن عائشة قالت: أفاضَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مِن آخرِ يومه حينَ صلَّى الظهرَ، ثم رجعَ إلى مِنى، فمكثَ بها ليالي أيامِ التشريقِ، يرمي الجمرةَ إذا زالتِ الشمسُ، كلَّ جمرة بسبع حصياتٍ يُكبر مَع كُلِّ حصاةٍ، ويَقِفُ عندَ الأولى والثانية، فَيُطِيلُ القيام ويتضرع، ويرمي الثالثة ولا يقِفُ عندها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، ومِسعَر: هو ابن كدام العامري، ووَبَرَة: هو ابن عبد الرحمن المُسْلِي. وأخرجه البخاري (1746) من طريق مِسعر، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده حَسَن. أبو خالد الأحمر - وهو سليمان بن حيان الأزدي - قوي الحديث، ثم هو متابع، ومحمد بن إسحاق حسن الحديث، وقد صرح بالسماع عند ابن حبان (3868) فانتفت شبهة تدليسه. علي بن بَحْر: هو القطان، وعبد الله بن سعيد: هو الكندى الأشج. وأخرجه أحمد في "مسنده" (24592)، وابن الجارود في "المنتقى" (492)، وأبو يعلى في "مسنده" (4744)، وابن خزيمة في "صحيحه" (2956) و (2971)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3514)، وفي"شرح معاني الآثار" 2/ 220، والدارقطني في "سننه" (2680)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 443 من طُرق عن أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد. =

1974 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر ومسلم بن ابراهيم - المعنى - قالا: حدَّثنا شعبةُ، عن الحكم، عن إبراهيم، عن عبدِ الرحمن بن يزيد عن ابنِ مسعود، قال: لما انتهى إلى الجمرةِ الكُبرى جَعَلَ البيتَ عن يساره ومِنىً عن يمينه، ورمى الجمرةَ بسبعِ حَصياتٍ، وقال: هكذا رمى الذي أُنزِلَتْ عليه سُورَةُ البقرة (¬1). 1975 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمة القعنبيُّ، عن مالكٍ (ح) وحدثنا ابنُ السرحِ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني مالك، عن عبدِ الله بنِ أبي بكرٍ بن محمد بنِ عمرو بنِ حزم، عن أبيه، عن أبي البَدّاح بنِ عاصم ¬

_ = وأخرجه ابن حبان (3868)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 477 - 478، والبيهقي في "الكبرى" 5/ 148 من طريق محمد بن إسحاق، به. وقد صححه الحاكم على شرط مسلم، وسكت عنه الذهبي. وقول عائشة: أفاض رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من آخر يومه حين صلَّى الظهر، ثم رجع إلى منى، مخالف لحديث ابن عمر الآتي برقم (1998) أنه - صلَّى الله عليه وسلم - أفاض يوم النحر ثم صلَّى الظهر بمنى، يعنط راجعاً. وانظر للجمع بينهما ما علّقناه في "المسند" (24592) على حديث عائشة، وانظر كذلك "صحيح ابن خزيمة" (2956). (¬1) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، والحكم: هو ابن عُتيبة الكِندي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه البخاري (1748) و (1749)، ومسلم (1296)، والنسائى في "الكبرى" (4063) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وقرن النسائي مع الحكم منصور بن المعتمر. وأخرجه بنحوه البخاري (1747) و (1750)، ومسلم (1296)، والنسائي (4064) و (4065) من طرق عن إبراهيم النخعي، به. وأخرجه بنحوه أيضاً مسلم (1296)، والنسائي (4062) من طريق سلمة بن كهيل، وابن ماجه (3030)، والترمذي (916) و (917) من طريق جامع بن شداد، كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (3941)، و"صحيح ابن حبان" (3870).

عن أبيه: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - رخَّص لِرعاء الإبلِ في البيتوتة يرمونَ يومَ النحرِ، ثم يَرمُونَ الغَدَ، أو مِنْ بعدِ الغَدِ بيومينِ، ويرمون يَوْمَ النَّفرِ (¬1). 1976 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن عبدِ الله ومحمد ابني أبي بكرٍ، عن أبيهما، عن أبي البدَّاح بنِ عدي عن أبيه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - رخَّصَ للرِّعاء أن يرمُوا يوماً ويَدعوا يوماً (¬2). 1977 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ المباركِ، حدَّثنا خالدُ بنُ الحارث، حدَّثنا شعبةُ، عن قتادة قال: سمعت أبا مِجلَزٍ يقول: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو الأموي، وابن وهب: هو عبدالله. وهو عند مالك في "الموطأ" 8/ 401، ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (3037)، والترمذي (976)، والنسائي في "الكبرى" (4061). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (23775) و (23776). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة، وعبد الله ومحمد: هما ابن أبي بكر بن محمد الأنصاري، وأبو البدّاح بن عدي: هو أبو البداح بن عاصم بن عدي، نسب إلى جدِّه هنا. وأخرجه ابن ماجه (3036)، والترمذي (975)، والنسائي في "الكبرى" (4060) من طرق عن سفيان، عن عبد الله وحده، عن أبيه، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23774)، و"صحيح ابن حبان" (3888). وانظر ما قبله.

سألت ابنَ عباسِ عن شيء مِن أمرِ الجمارِ، قال: ما أدرى أرَمَاهَا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بستٍّ أو بسبعٍ (¬1). 1978 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الواحدِ بنُ زياد، حدَّثنا الحجاج، عن الزهري، عن عَمرَةَ بنتِ عبدِ الرحمن عن عائشة قالتْ: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا رَمَى أحَدُكُم جمرَةَ العَقَبةِ فقد حَلَّ لهُ كُل شيءٍ إلا النساءَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو مجلز: هو لاحق بن حميد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4070) من طريق خالد بن الحارث، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3522). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف. حجاج - وهو ابن أرطاة - مدلس وقد عنعن، ثم هو لم ير الزهري كما قال المصنف. وأخرجه موقوفاً ابن أبي شيبة في "مصنفه" ص242 - القسم الذي نشره العمروي - عن وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: إذا رمى حل له كل شيء إلا النساء حتى يطوف بالبيت، فإذا طاف بالبيت حل له النساء. وإسناده صحيح. وفي الباب عن ابن عباس عند أحمد (2090)، وابن ماجه (3041)، والنسائي في "الكبرى" (4076) قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء"، فقال رجل: والطيبُ؟ فقال ابن عباس: أما أنا فقد رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُضمِّخ رأسه بالمسك، أفطيبٌ ذاك أم لا؟ ورجاله ثقات رجال الصحيح إلا أن فيه انقطاعاً بين الحسن العرني وبين ابن عباس، وعن عمر عند الشافعي في "مسنده" 1/ 299، والحميدي (212)، وإسحاق بن راهويه (1121)، والنسائي في "الكبرى" (4152)، وابن خزيمة (2939)، والطبراني في"الشاميين" (3178)، والبيهقي 5/ 135 من طريقين عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن أبيه، عن جده قال: إذا رميتم الجمرة وذبحتم وحلقتم، فقد حل لكم كل شيء حرُم عليكم إلا النساء والطيب. قال سالم: وقالت عائشة: أنا طيبتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لإحرامه قبل أن يحرم =

78 - باب الحلق والتقصير

قال أبو داود: هذا حديثٌ ضعيف، الحجاج لم يرَ الزهري، ولم يسمع منه. 78 - باب الحلق والتقصير 1979 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن نافع عن عبد الله بن عمر، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "اللهمَّ ارحم المُحلِّقِينَ"، قالوا: يا رسولَ اللهِ، والمقصرين، قال: "اللهم ارحَمِ المُحلِّقِينَ" قالوا: يا رسول اللهِ والمقصرِينَ، قال: "والمقصرين" (¬1). ¬

_ = ولِحلّه بعد أن رمى جمرة العقبة، وقبل أن يزور البيت، قال سالم: وسنة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أحق أن تتبع. قلنا: وقد جعله ابن راهويه والنسائي من قول ابن عمر لا عمر، والصحيح أنه من قول عمر. وفي "المسند" برقم (26078) بإسناد صحيح على شرط الشيخين من حديث عائشة قالت: طيبتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بيدي بذريرة لحجةِ الوداع للحل والإحرامِ حين أحرم وحين رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت. (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ونافع: هو مولى ابن عمر. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 395، ومن طريقه أخرجه البخاري (1727)، ومسلم (1301). وأخرجه مسلم (1301)، وابن ماجه (3044)، والترمذي (930)، والنسائى في "الكبرى" (4099) و (4101) من طريقين عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4657) و (5507)، و"صحيح ابن حبان" (3880). وفي الحديث أن الحلق أفضل من التقصير، قال الحافظ: ووجهه أنه أبلغ في العبادة، وأبين للخضوع والذلة، وأدل على صدق النية، والذي يقصر يبقي على نفسه شيئاً مما يتزين به بخلاف الحالق فإنه يشعر بأنه ترك ذلك لله تعالى. واستدل بقوله: "المحلقين" على مشروعية حلق جميع الرأس، لأنه الذي تقتضيه الصيغة. وقال بوجوب حلقه جميعه مالك وأحمد، واستحبه الكوفيون والشافعي =

1980 - حدَّثنا قتيبةُ، حدَّثنا يعقوبُ - يعني الإسكندرانيَّ - عن موسى بنِ عُقبة، عن نافعٍ عن ابنِ عمر: أن رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - حلَق رأسَه في حَجَّةِ الوَدَاع (¬1). 1981 - حدثثا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا حفص، عن هشام، عن ابنِ سيرين عن أنس بنِ مالك: أن رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - رَمَى جمرةَ العقبةِ يومَ النحرِ، ثم رجع إلى منزله بمنىً فدعا بذِبحٍ فذبحَ، ثم دعا بالحَلاَّقِ فأخَذَ بشقِّ رأسِه الأيمنِ، فحلقه فجعل يَقْسِمُ بينَ من يليه الشَّعرةَ والشعرَتْينِ، ثم أخذ بِشقِّ رأسه الأيسر فحلقه، ثم قال: "ها هنا أبو طلحَة" فدفعه إلى أبي طلحة (¬2). ¬

_ = ويجزئ للبعض عندهم، واختلفوا فيه، فعن الحنفية الربع إلا أبا يوسف، فقال: النصف، وقال الشافعي: أقل ما يجب ثلاث شعرات، والتقصير كالحلق، فالأفضل أن يقصر من جميع شعر رأسه، ويسحب أن لا ينقص عن قدر الأنملة، وإن اقتصر على دونها أجزأ هذا عند الشافعية، وهو مرتب عند غيرهم على الحلق، وهذا كله في حق الرجال، وأما النساء فالمشروع في حقهن التقصير بالإجماع. (¬1) إسناده صحيح. قتيبة: هو ابن سعيد الثقفي، يعقوب الاسكندراني: هو يعقوب بن عبد الرحمن المدني القاري. وأخرجه البخاري (4410) و (4411)، ومسلم (1304) من طريق موسى بن عقبة، به. وأخرجه البخاري (1726) و (1729)، ومسلم (1301) (316)، والترمذي (930)، والنسائي في "الكبرى" (4099) من طرق عن نافع، به. وأخرجه النسائى (4100) من طريق سالم، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (5614). (¬2) إسناده صحيح. حفص: هو ابن غياث النخعي، وهشام: هو ابن حسان الأزدي، وابن سيرين: هو محمد الأنصاري. =

1982 - حدَّثنا عبيد بن هشامٍ - أبو نعيم الحلبي - وعمرو بن عثمان - المعنى - قالا: حدَّثنا سفيانُ عن هشامِ بنِ حسانٍ، بإسناده بهذا، قال فيه: قال لِلحَالِقِ: "ابدأْ بالشق الأيمنِ، فاحْلِقه" (¬1). 1983 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، أخبرنا يزيدُ بنُ زُرَيعٍ، أخبرنا خالدٌ، عن عِكرمة ¬

_ = وأخرجه مسلم (1305)، والترمذي (928)، والنسائي في "الكبرى" (4087) من طريق هشام، بهذا الإسناد. وأخرج البخاري (171) من طريق ابن عون، عن محمد ابن سيرين، به. بلفظ: "أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لما حلق رأسه كان أبو طلحة أول من أخذ من شعره". وهو في "مسند أحمد" (12092)، و"صحيح ابن حبان" (1371). وانظر "مسند أحمد" (12483). وانظر ما بعده. قال الخطابي: فيه من السنة أن يبدأ في الحِلاق بالشق الأيمن من الرأس، ثم بالشق الأيسر وهو من باب ما كان يستحبه - صلَّى الله عليه وسلم - من التيمن في كل شيءٍ من طهوره ولباسه ونعله في نحو ذلك من الأمور. والذبح مكسورة الذال ما يذبح من الغنم، والذَّبح: الفعل. وأبو طلحة: هو زيد بن سهل بن الأسود الأنصاري الخزرجي النجاري عقبي بدري نقيب، مشهور بكنيته، وهو زوج أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك. (¬1) إسناده صحيح. عمرو بن عثمان: هو ابن سعيد القرشي الحمصي، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه مسلم (1305)، والترمذي (928) و (929)، والنسائي في "الكبرى" (4102) من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (12092)، و "صحيح ابن حبان" (3879). وانظر ما قبله. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ) وحدها - وير برواية ابن داسه - وذكر المزي في "التحفة" (1456) أن هذا الحديث في رواية أبي الحسن بن العبد وأبي بكر بن داسه.

عن ابنِ عباسٍ: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان يُسألُ يومَ مِنىً فيقولُ: "لا حَرَجَ "، فسأله رجلٌ، فقال: إني حلقتُ قبلَ أن أذبَحَ، قال: "اذْبَحْ ولا حَرَج" قال: إني أمسيتُ ولم أرْمِ، قال: "ارْمِ ولا حَرَج" (¬1). 1984 - حدَّثنا محمدُ بنُ الحسن العَتكيُّ، أخبرنا محمدُ بنُ بكر، أخبرنا ابنُ جريجٍ قال: بلغني عن صَفِيّةَ بنتِ شيبةَ بنِ عثمان قالت: أخبرتني أُم عثمان ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن مهران الحذاء، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه البخاري (1723) و (1735)، والنسائي في "الكبرى" (4059)، وابن ماجه (3050) من طريقين، عن خالد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (84)، وابن ماجه (3049) من طريق أيوب السختياني، عن عكرمة، به. وأخرجه البخاري (1721) و (1722) و (6666) من طريق عطاء بن أبي رباح، والبخاري (1734)، ومسلم (1307) من طريق طاووس، كلاهما عن ابن عباس، به. وهو في "مسند أحمد" (1857) و (1858)، و"صحيح ابن حبان" (3876). قال الطيبي: أفعال يوم النحر أربعة: رمى جمرة العقبة، ثم الذبح، ثم الحلق، ثم طواف الإفاضة، فقيل: هذا الترتيب سنة , وبه قال الشافعي وأحمد وإسحاق لهذا الحديث، فلا يتعلق بتركه دم، وقال ابن جبير: إنه واجب، وإليه ذهب جماعة من العلماء، وبه قال أبو حنيفة ومالك، وأولوا قوله: "ولا حرج" على دفع الإثم لجهله دون الفدية. فال ابن دقيق العيد في "إحكام الإحكام" 1/ 92: نقل عن أحمد أنه إن قدم بعض هذه الأشياء على بعض فلا شيء عليه إن كان جاهلاً. وإن كان عالماً ففي وجوب الدم روايتان، وهذا القول في سقوط الدم عن الجاهل والناسي دون العامد قوي من جهة أن الدليل دل على وجوب اتباع أفعال الرسول - صلَّى الله عليه وسلم - في الحج بقوله: "خذوا عني مناسككم"، وهذه الأحاديث المرخصة في التقديم لما وقع السؤال عنه إنما قرنت بقول السائل: لم أشعر فيُخصَّص الحكم بهذه الحالة، وتبقى حالة العمد على أصل وجوب اتباع الرسول - صلَّى الله عليه وسلم - في أعمال الحج. ومن قال بوجوب الدم في العمد والنسيان عند تقدم الحلق على الرمي فإنه يحمل قوله عليه السلام: "لا حرج" على نفي الإثم في التقديم مع النسيان، ولا يلزم من نفي الإثم نفي وجوب الدم.

أن ابن عباس قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ليس على النساء حَلْقٌ، إنما على النساء التقصيرُ" (¬1). 1985 - حدَّثنا أبو يعقوب البغدادي - ثقة - حدَّثنا هشامُ بن يوسف، عن ابنِ جُريج، عن عبد الحميد بنِ جُبير بن شيبةَ، عن صَفِيَّه بنتِ شيبة، قالت: أخبرتني أمُ عثمان بنتُ أبي سفيان أن ابنَ عباس قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لَيسَ على النساء الحلقُ، إنما على النِّساء التقصيرُ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد فيه انقطاع. محمد بن بكر: هو البرساني، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وأم عثمان: هي بنت أبي سفيان. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 104 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "المعجم" 12/ (13018)، والدارقطني في "سننه" (2667)، والبيهقي في "الكبرى" 5/ 104 من طريق يعقوب بن عطاء، عن صفية بنت شيبة، به. وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. أبو يعقوب البغدادي واسمه إسحاق بن أبي إسرائيل إبراهيم ابن كامَجرا المروزي نزيل بغداد، وثقه ابن معين وأبو داود هنا، ويعفوب بن شيبة، والدارقطني، وأبو القاسم البغوي وغيرُهم، وقد تكلَّم فيه بعضُهم لوقفه في القرآن، ولا يُؤثِّر فيه، لأنه اتهام في فرع من فروع العقائد، فلا يُعوَّل عليه. وقد توبع. وباقي رجاله ثقات من رجال الصحيح، غير أم عثمان بنت أبي سفيان، فقد روى حديثها أبو داود، وعدَّها في الصحابةِ ابنُ عبد البر في "الاستيعاب", والحافظُ ابن حجر في "الإصابة" وفي "التقريب". وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز قد صرح بالتحديث عند الدارمي والدارقطني والبيهقي، فانتفت شبهة تدليسه. وقد صحح هذا الحديث أبو حاتم الرازي في "العلل" 1/ 281، وسكت عنه عبد الحق الإشبيلي مصححاً له، وحسّن إسناده الحافظ في "التلخيص" 2/ 261، =

79 - باب العمرة

79 - باب العُمرة 1986 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا مخلدُ بنُ يزيد ويحيى بنُ زكريا، عن ابنِ جريج، عن عِكرمةَ بنِ خالد عن ابنِ عمر قال: اعتمرَ رَسُولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - قبلَ أن يَحُجَّ (¬1). ¬

_ = وأعله ابن القطان في "الوهم والإيهام" (546)، ورَدَّ عليه ابن الموَّاق في "بغية النقاد" 1/ 167 - 168 فأصاب. وأخرجه الدارمي (1905)، والطحاوي في "أحكام القرآن" (1545)، وأبو زرعة في "تاريخ دمشق" 1/ 516، والدارقطني (2666)، والبيهقي 5/ 104 من طرق عن هشام بن يوسف، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. قال الشوكاني في "نيل الأوطار" 5/ 149: فيه دليل على أن المشروع في حقِّهن التقصير، وقد حكى الحافظُ الإجماعَ على ذلك. وقال جمهور الشافعية: فإن حلقتْ أجزأها. وقال القاض أبو الطيب والقاضي حُسين: لا يجوز. وقد أخرج الترمذي (931) من حديث علي، قال: نهى رسول الله أن تحلق المرأة رأسها. (¬1) إسناده صحيح. ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - صرح بالإخبار عند البخارى. يحيى بن زكريا: هو ابن أبي زائدة الهمداني. وأخرجه البخاري (1774) من طريق عبد الله بن المبارك، عن ابن جريج، به. وهو في "مسند أحمد" (5069). وأخرج أحمد (6475) عن يعقوب بن إبراهيم عن أبيه إبراهيم بن سعد، عنِ ابن إسحاق، حدثني عكرمة بن خالد بن العاص المخزومي قال: قدمتُ المدينة في نَفرٍ من أهل مكة، نريد العمرة منها، فلقيت عبد الله بن عمر، فقلت: إنا قوم من أهل مكة، قدِمنا المدينة، ولم نحجَّ قطُّ، أفنعتمر منها؟ قال: نعم، وما يمنعكم من ذلك؟ فقد اعتمر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عُمَرَه كلَّها قبل حجته واعتمرنا. وسنده حسن، وعلّقه البخاري بإثر الحديث (1774) عن إبراهيم بن سعد.

1987 - حدَّثنا هنادُ بنُ السريِّ، عن ابنِ أبي زائدةَ، حدَّثنا ابنُ جُريج ومحمدُ بنُ إسحاق، عن عبدِ الله بنِ طاووس، عن أبيه عن ابنِ عباس، قال: والله ما أعْمَرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عائشةَ في ذي الحِجَّة إلا لِيقطع بذلك أمرَ أهْلِ الشركِ؛ فإن هذا الحى مِن قُريش ومَن دان دِينَهُمْ كانوا يقولون: إذا عَفَا الوَبَر، وبَرَأ الدَّبرْ، ودَخَلَ صَفر، فقد حلَّت العُمرَةُ لِمن اعتَمَر، فكانوا يُحرّمون العمرةَ حتى يَنْسلخَ ذو الحِجة والمحرّم (¬1). 1988 - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن إبراهيمَ بنِ مُهاجرِ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، أخبرني رسولُ مروان الذي أرسل إلى أُم مَعقِلٍ قالت: ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وقد صرح محمد بن إسحاق بسماعه في "المسند" (2361)، وتابعه ابن جُريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكهي - ابن أبي زائدة: هو يحيي ابن زكريا الهَمداني، وطاووس: هو ابن كيسان. وأخرجه البخاري (1564) و (3832)، ومسلم (1240)، والنسائي في "الكبرى" (3781)، من حديث وهيب بن خالد، عن ابن طاووس، بهذا الإسناد. دون ذكر قصة عائشة. وهو في "مسند أحمد" (2274) و (2361)، و"صحيح ابن حبان" (3765). وأخرجه مسلم (1213) من طريق أبي الزبير سمع جابراً: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال لعبد الرحمن بن أبي بكر أخي عائشة: "اذهب بها يا عبد الرحمن فأعمِرها من التنعيم". وذلك ليلة المحصَّب. قلنا: وهذا يعني أنها اعتمرت في ذي الحجة. ومعنى قوله: عفا الوبر: كثر وأثَّ نباته، يقال: عفا القوم: إذا كثر عددهم، ومنه قوله تعالى: {حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: 95] وكانوا لا يعتمرون في الأشهر الحرم حتى تنسلخ. وقوله: برأ الدَّبر: معناه: شُفي الجُرح الذي على ظهر البعير. وذكر النووي في "شرح مسلم" وتبعه الحافظ في "الفتح" أن هذه الألفاظ تقرأ ساكنة الآخر، ويوقف عليها، لأن مرادهم السجع.

كان أبو مَعقِل حاجّاً مَعَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فلما قَدِمَ، قالت أم مَعْقِل: قد علمت أن عليَّ حجةً، فانطلقا يمشيان حتى دخلا عليه، فقالت: يا رسولَ الله، إن عليَّ حجةً، وإن لأبي معقلٍ بكْراً، قال أبو مَعْقِلٍ: صدَقَتْ، جعلتُه في سبيل الله، فقالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أعْطِها فلتحُجَّ عليه، فإنه في سبيل الله"، فأعطاها البَكرَ، فقالت: يا رسولَ الله، إني امرأةٌ قد كبِرْتُ وسَقِمتُ، فهل من عمل يُجزئ عنِّي من حجتي؟ قال: "عُمرةٌ في رمضانَ تُجزِئ حجةً" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. إبراهيم بن مهاجر ضعيف وقد تفرد بهذا السياق، واضطرب في إسناد الحديث أيضاً كما بيناه في "مسند أحمد" (27106) و (27107). أبو كامل: هو فضيل بن حسن الجحدري، وأبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرج النسائي في "الكبرى" (4214) من طريق عمارة وجامع بن شداد، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي مَعقِل: أنه جاء إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: إن أم معقل جعلت عليها حجة معك، فلم يتيسَّر لها ذلك، فما يجزئ عنها؟ قال: "عمرة في رمضان"، قال: فإن عندي جملاً جعلته في سبيل الله حبيساً، فأعطيها إياه فتركبه؟ قال: "نعم". وأخرج أيضاً (4213) من طريق الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم مَعقِل، قالت: أردت الحج، فضَلَّ بعيري، فسألتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "اعتمري في شهر رمضان، فإن عمرة في شهر رمضان تعدل حجة". وأخرج كذلك (4212) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن معقِل بن أم مَعقِل: أرادت أمي أن تحجَّ، وكان بعيرها أعجف، فسألت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "اعتمري في رمضان، فإن عمرة فيه تعدل حجة". وانظر ما بعده. وانظر تمام تخريجه في "المسند" (27106).

1989 - حدَّثنا محمدُ بنُ عوفٍ الطائيُّ، حدَّثنا أحمدُ بنُ خالدٍ الوهبيُّ، حدَّثنا محمدُ بن إسحاق، عن عيسى بنِ مَعْقِلِ بن أُم معقل الأسدي أسدِ خُزيمةَ، حدثني يوسفُ بنُ عبدِ الله بنِ سلاَم عن جدته أُم مَعقل، قالت: لما حج رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حجَّة الوداع، وكان لنا جملٌ، فجعله أبو معقل في سبيل الله، وأصابنا مرضٌ، وهلك أبو معقل، وخرج النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فلما فرغ من حجِّه جئتُه فقال: "يا أُم معقل، ما منعكِ أن تخرجي معنا؟ " قالت: لقد تهيأنا، فهلك أبو مَعْقِلٍ، وكان لنا جَمَلٌ هو الذي نَحُجُّ عليه، فأوصى به أبو معقل في سبيلِ الله، قال: "فهلاَّ خرجتِ عليه فإن الحج في سبيل الله، فأما إذ فاتتك هذه الحجةُ معنا، فاعتمري في رمضان، فإنها كحجة" فكانت تقول: الحجُّ حجة، والعُمرة عُمرة، وقد قال هذا لي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - , ما أدرِي ألي خَاصَّةً؟ (¬1) ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لاضطرابه، دونْ قوله: "اعتمري في رمضان فإنها كحجة"، فهو صحيح لغيره. وقد خالف ابنَ إسحاق في روايته هنا محمدُ بنُ المنكدر الثقة، فرواه عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال: قال رسول - صلَّى الله عليه وسلم - لرجل من الأنصار وامرأته: "اعتمرا في رمضان، فإن عمرة في رمضان لكما كحجة". أخرجه من طريقه أحمد (16406) والنسائي في "الكبرى" (4210) وإسناده صحيح. وأخرج ابن ماجه (2993) من طريق أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن أيي معقل، وأخرج الترمذي (957) من طريق أبي إسحاق، عن الأسود بن يزيد، عن ابن أم معقل، من أم معقل، كلاهما عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "عمرة في رمضان تعدل حجة". وقال الترمذي: حسن غريب. ويشهد لقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "عمرة في رمضان تعدل حجة" حديث ابن عباس عند البخاري (1782)، ومسلم (1256). =

1990 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، وحدَثنا عبدُ الوارث، عن عامرٍ الأحولِ، عن بكرِ ابنِ عبد الله عن ابنِ عباس، قال: أرادَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الحجَّ، فقالت امرأةٌ لزوجها: أحجَّني مَعَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - على جملك، فقال: ما عِندي ما أُحجُّك عليه، قالت: أحجَّني على جملك فلان، قال: ذاك حبيسٌ في سبيلِ الله، فأتى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: إنَّ امرأتي تقرأُ عليكَ السلامَ ورحمةَ الله، وإنها سألتني الحجَّ معك، قالت: أحجَّني مَعَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلت: ما عندي ما أُحجُّك عليه، فقالت: أحجَّني على جملِك فلان، فقلتُ: ذاك حبيسٌ في سبيل الله، قال: "أما إنَّكَ لو أحججتَها عليه، كان في سبيلِ الله" وإنها أمرتني أن أسألك ما يَعْدِلُ حجةً معك، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: " أقرئها السلامَ ورحمةَ الله وبركاتِه، وأخبِرْهَا أنها تَعدِلُ حجَّةً معي: عُمرة في رمضان" (¬1). ¬

_ = وآخر من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد في "مسنده" (14795)، وابن ماجه (2995). وصحح إسناده الحافظ في "التلخيص" 2/ 227. وثالث من حديث وهب بن خنبش عند أحمد (17599)، وابن ماجه (2991)، والنسائي (4211). وانظر تفصيل الكلام عليه في "مسند أحمد" (27106). وانظر ما قبله. (¬1) رجاله ثقات غير عامر - وهو ابن عبد الواحد الأحول البصري - فقد ضعفه أحمد والنسائي، ووثقه أبو حاتم، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال ابن عدي: لا أرى برواياته بأساً، وذكره ابن حبان في "الثقات". فهو حسن الحديث إلا عند المخالفة لمن هو أوثق منه. =

1991 - حدَّثنا عبد الأعلى بنُ حمادٍ، حدَّثنا داودُ بنُ عبد الرحمن، عن هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه ¬

_ = وأخرجه بغير هذه السياقة البخاريُّ في "صحيحه" (1782) و (1863)، ومسلم (1256) من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما رجع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من حجته، قال لأم سِنان الأنصارية: "ما منعك من الحج"، قالت: أبو فلان - تعني زوجها - كان له ناضحان، حج على أحدهما، والآخر يسقي أرضاً لنا، قال: "فإن عُمْرةً في رمضان تقضي حجة أو حجةً معي". وهذا لفظ رواية البخاري في الموضع الثاني وإحدى روايتي مسلم، وإنما ذكرناها لأن فيها النص على اسم الأنصارية، ليُعرف أنها غير أم معقِل. وفي الباب عن أبي طليق - بسند صحيح - أخرجه ابن أبى عاصم في "الآحاد والمثاني" (2710)، والبزار في "زوائده" (1151)، والدولابي في "الكنى والأسماء" 1/ 120، والطبراني في "المعجم الكبير" 22/ (816)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 182 - 183، وابن حجر في "الإصابة" 7/ 232 - 233 ولفظه عند الطبراني: أن امرأة أبي طليق قالت له - وله جمل وناقة -: أعطني جملك أحج عليه، فقال: هو حَبيس في سبيل الله، فقالت: إنه في سبيل الله أن أحج عليه، قالت: فأعطني الناقة وحُجَّ على جملك، قال: لا أوثر على نفسي أحداَ، قالت: فأعطني من نفقتك، فقال: ما عندي فضل عما أخرج به وأدع لكم، ولو كان معي لأعطيتك، قالت: فإذا فعلت ما فعلت فاقرئ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا لقيته، وقل له الذي قلتُ لك، فلما لقي رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقرأه منها السلام، وأخبره بالذي قالت له، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "صدقت أمُّ طليق، لو أعطيتَها جملك كان في سبيل الله، ولو أعطيتها ناقتك كانت في سبيل الله، ولو أعطيتها من نفقتك أخلَفَها الله لك"، قال: قلت: يا رسول الله، فما يعدل بحج؟ قال: "عمرة في رمضان". وأورده البوصيري في "إتحاف الخيرة" (3277) وزاد نسبته إلى أبي يعلى. وأورده الحافظ في الإصابة: وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن السكن وابن منده من طريق عبد الرحيم بن سليمان عن المختار، وقال: سنده جيد.

عن عائشة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - اعتمرَ عُمرتين: عمرةً في ذي القعدة، وعمرةً في شوال (¬1). 1992 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا أبو إسحاق، عن مجاهدٍ قال: سُئِلَ ابنُ عمر: كم اعتَمرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ فقال: مرتين، فقالت عائشةُ: لقد علمِ ابنُ عمر أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قد اعتمر ثلاثاً سوى التي قَرنَها بِحجَّة الوداع (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، وقد اختُلف في وصله وإرساله، فقد رواه مالك في "موطئه" 1/ 342 عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلاً، ورجح ابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 289 المرسل، وكذلك ابن القيم في "زاد المعاد" 2/ 125، فإنه رجح المرسل، وقال: وهو غلط أيضاً، إما من هشام، وإما من عروة، أصابه فيه ما أصاب ابن عمر، وقد رواه أبو داود مرفوعاً عن عائشة، وهو غلط أيضاً لا يصح رفعه. قال: ويدل على بطلانه عن عائشة: أن عائشة وابن عباس وأنس بن مالك، قالوا: لم يعتمر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلا في ذي القعدة. وهذا هو الصواب. فإن عمرة الحديبية وعمرة القضية كانتا في ذي القعدة، وعمرة القران إنما كانت في ذي القعدة، وعمرة الجعرانة أيضاً كانت في أول ذي القعدة، وإنما وقع الاشتباه أنه خرج من مكة في شوال للقاء العدوّ، وفرغ من عدوّه، وقسم الغنائم، ودخل مكة معتمراً من الجِعرانة، ودخل مكة ليلاً معمراً من الجِعرانة، وخرج منها ليلاً، فخفيت عمرتُه هذه على كثير من الناس، وكذلك قال مُحرِّش الكعبي. والله أعلم. وقال الذهبي في "مهذب السنن الكبرى" للبيهقي 4/ 162: هذا منكر. قلنا: وقد أخرجه عن عائشة على الصواب ابنُ ماجه (2997) من طريق مجاهد، عنها، قالت: لم يَعتمر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلا في ذي القعدة. وإسناده صحيح كما قال الحافظ في "فتح الباري" 3/ 600. وفي الباب عن أنس بن مالك، سيأتي عند المصنف برقم (1994) وهو في "الصحيحين". (¬2) رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن زهيراً - وهو ابن معاوية - سماعُه من أبي إسحاق السبيعي بأخرة، ومع ذلك فقد روى له البخاري ومسلم من روايته عن أبي =

1993 - حدَّثنا النُّفيليُّ وقتيبةُ، قالا: حدَّثنا داودُ بنُ عبدِ الرحمن العطار، عن عمرو بنِ دينار، عن عِكرمة عن ابنِ عباس قال: اعتمر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أربعَ عُمَرٍ: عُمرةَ الحُديبية، والثانيةَ حين تواطؤوا على عُمرة قابلٍ، والثالثةَ مِن الجِعْرَانَةِ، والرابعةَ التي قَرَنَ مع حَجَّتِه (¬1). ¬

_ = إسحاق، وانظر تمام الكلام عليه في "المسند" لكن خالف أبا إسحاق السَّبيعيَّ منصورُ ابنُ المعتمر، فرواه عن مجاهد، عن ابن عمر أنه قال: اعتمر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أربع عُمَرٍ، إحداهن في رجب، فقالت عائشة: يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عمرة إلا وهو شاهدٌ، وما اعتمر في رجب قطُّ. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد بن علي ابن نفيل، وزهير: هو ابن معاوية الجعفي، وأبو إسحاق: هو السبيعي، ومجاهد: هو ابن جَبر المكي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4204) من طريق زهير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (5383) و (6242). وأخرجه البخاري (1775) و (1776) و (4253) و (4254)، ومسلم (1255) من طريق منصور بن المعتمر، عن مجاهد، باللفظ الذي ذكرناه. وهو عند الترمذي (955)، والنسائي في "الكبرى" (4203) من طريق منصور مختصراً بحديث عبد الله ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (6126)، و"صحيح ابن حبان" (3945). (¬1) إسناده صحيح. النُّفيليُّ: عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيل، وقُتيبة: هو ابنُ سعيد، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه ابن ماجه (3003)، والترمذي (828) من طريق داود بن عبد الرحمن ابن داود العطار، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وأخرجه الترمذي (829) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة. مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (2211)، و"صحيح ابن حبان" (3946).

80 - باب المهلة بالعمرة تحيض فيدركها الحج فتنقض عمرتها وتهل بالحج، هل تقضي عمرتها؟

1994 - حدَّثنا أبو الوليدِ الطيالسيُّ وهُدْبةُ بنُ خالدٍ، قالا: حدَّثنا همَّام، عن قتادةَ عن أنس: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - اعتمر أربعَ عُمَرٍ، كُلُّهُنَّ في ذي القَعدة، إلا التي مع حجّته - قال أبو داود: أتقنتُ من ها هنا من هُدْبةَ، وسمعتُه مِن أبي الوليد ولم أضبطه -: عُمرةً زمنَ الحُديبيةِ - أو من الحُديبية - وعمرةَ القضاء في ذي القعدة، وعُمرةً مِن الجِعْرَانَةِ، حيثُ قسم غنائمَ حُنينٍ في ذي القعدة، وعُمْرَةً مع حَجَّته (¬1). 80 - باب المُهِلَّة بالعمرة تحيض فيدركُها الحجُّ فتنقُض عمرتَها وتُهلُّ بالحج، هل تقضي عمرتَها؟ 1995 - حدَّثنا عبدُ الأعلى بنُ حماد، حدَّثنا داودُ بنُ عبدِ الرحمن، حدثني عبدُ الله بنُ عثمان بنُ خثَيْم، عن يوسف بن ماهك، عن حفصة بنت عبد الرحمن ابن أبي بكر عن أبيها: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال لعبدِ الرحمن: "يا عبدَ الرحمن، أردِفْ أُختكَ عائشةَ، فأعمرها مِن التنعيمِ، فإذا هَبَطْتَ بها مِنَ الأكَمَةِ فلتُحْرِمْ، فإنها عُمْرَةٌ مُتقبَّلة" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العَوذي، وقتادة: هو ابن دِعامة السَّدوسي، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه البخاري (1780) و (4148) ومختصراً (3066)، ومسلم (1253) من طريق هُدبةُ بن خالد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1778) و (1779)، ومسلم (1253)، والترمذي (827) من طرق عن همام بن يحيي, به. وهو في "مسند أحمد" (12372)، و"صحيح ابن حبان" (3764). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. عبد الله بن عثمان بن خُثَيم صدوق لا بأس به، وقد توبع. =

81 - باب المقام في العمرة

1996 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا سعيدُ بنُ مزاحم بن أبي مزاحم، حدثني أبي مُزاحمٌ، عن عبدِ العزيز بنِ عبد الله بن أَسيد عن مُحرِّشٍ الكَعْبِيّ قال: دخل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - الجِعْرَانَةَ فجاء إلى المسجدِ فركَعَ ما شاء الله، ثم أَحرَمَ، ثم استوى على راحِلَتِه، فاستقبل بَطْن سَرِف حتى لقيَ طريقَ المدينةِ، فأصبح بمكة كبائتٍ (¬1). 81 - باب المُقام في العُمرة 1997 - حدَّثنا داودُ بنُ رُشيد، حدَّثنا يحيى بنُ زكريا، حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، عن أبانَ بنِ صالح. وعن ابن أبي نجيح، عن مجاهدٍ عن ابن عباسٍ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقام في عُمْرَةِ القَضَاءِ ثلاثاً (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1784) و (2985)، ومسلم (1212)، وابن ماجه (2999)، والترمذي (952)، والنسائي في "الكبرى" (4216) من طريق عمرو بن أوس، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، به. دون قوله: "فإذا هبطتَ بها من الأكمه ... ". وهو في "مسند أحمد" (1705) و (1710). (¬1) إسناده ضعيف بهذه السياقة، ممعيد بن مزاحم بن أبي مزاحم مجهول. والمحفوظ في رواية الحديث ما أخرجه الترمذي (953) - واللفظ له -، والنسائي في "الكبرى" (3832) من طريق ابن جريج، والنسائى (3833) من طريق إسماعيل بن أمية، كلاهما عن مزاحم بن أبي مزاحم، عن عبد العزيز بن عبد الله، عن مُحَرِّش الكعبي: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - خرج من الجعرانة ليلاً معتمراً، فدخل مكة ليلاً فقضي عُمرَتَهُ، ثم خرج من ليلته فأصبح بالجعرانة كبائتٍ، فلما زالت الشمس من الغد، خرج من بطن سَرِف، حتى جاء مع الطريق، طريق جمعٍ ببطن سَرِف، فمن أجل ذلك خفيت عمرتُه على الناس. ولم يذكرا فيه الصلاة في مسجد، وقال الترمذي: حسن غريب. وهو كما قال. وانظر "مسند أحمد" (15512) و (15513). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. محمد بن إسحاق - وهو ابن يسار المطلبي - صرح بالسماع عند الطبراني في "الكبير" وعند الحاكم فانتفت شبهة تدليسه. =

82 - باب الإفاضة في الحج

82 - باب الإفاضة في الحج 1998 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا عُبيد اللهِ، عن نافعٍ عن ابنِ عُمَرَ: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أفاضَ يوَم النحرِ، ثم صلَّى الظهر بمنى راجعاً (¬1). 1999 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ ويحيى بنُ معين - المعنى واحد - قالا: حدَّثنا ابنُ أبي عَديّ، عن محمد بن إسحاق، حدَّثنا أبو عُبيدة بنُ عبد الله بن زَمعَةَ، عن أبيه. وعن أُمه زينب بنتِ أبي سلمة عن أُمِّ سلمة - يُحدثانه جميعاً ذاكَ عنها - قالت: كانت ليلتي التي يصيرُ إليَّ فيها رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - مساءَ يوم النحرِ، فصارَ إليَّ فدخل عليَّ وهبُ بن زَمْعَةَ ومعه رجل من آل أبي أمية مُتقمصَيْن، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لوهب: "هل أفَضْتَ أبا عبدِ الله؟ " قال: لا واللهِ يارسولَ الله، ¬

_ = وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير" (11401) من طريق إبراهيم بن سعد، والحاكم في "المستدرك" 4/ 31 من طريق يونس بن بكير، كلاهما عن ابن إسحاق، به. وقرنا بمجاهد عطاء بن أبي رباح، ولم يذكر الحاكم في روايته أبان بن صالح. وله شاهد من حديث البراء بن عازب عند مسلم (1783). (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنْعاني، وعُبيد الله: هو ابن عمر، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه مسلم (1308)، والنسائي في "الكبرى" (4154) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1732) من طريق سفيان، عن عبيد الله، به. موقوفاً دون ذكر الصلاة. وهو في "مسند أحمد" (4898)، و"صحيح ابن حبان" (3882) و (3883) و (3885).

قال: "انزعْ عنك القميصَ" قال: فنزعه مِن رأسه، ونزع صاحبه قميصَه مِن رأسه، ثم قال: ولمَ يا رسوكَ الله؟ قال: "إن هذا يومٌ رُخِّص لكم إذا أنتم رميتُمُ الجمرة أن تحلُّوا" يعني مِن كل ما حُرمتُم منه إلا النساء: "فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيتِ صرتم حُرُماً كهيئتِكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به" (¬1). 2000 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدَّثنا عبدُ الرحمن، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي الزُّبير ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، أبو عبيدة بن عبد الله بن زَمعة لم يذكره أحدٌ بجرح ولا تعديل، وأخرج له مسلمٌ حديثَ إرضاعِ سالم متابعةَ، وقال الحافظُ في "التقريب": مقبول. وقد اضطرب في هذا الحديث كما بيناه في "مسند أحمد" (26530) ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم السُّلمي مولاهم. وأخرجه أحمد في "مسنده" (26530)، وابن خزيمة (2958)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 489 - 490، والبيهقي في "سننه" 5/ 137 من طريق ابن أبي عدي، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 136/ 5 من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، به. وقال: لا أعلمُ أحداً من الفقهاء يقول بذلك. وهو مخالف لحديث: "إذا رمي أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شيء إلا النساء" وقد سلف عند المصنف برقم (1978). وهو حديث صحيح. وروى أحمد (26078) بسند صحيح على شرط الشيخين عن عائشة قالت: طيبتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بيدي بذريرة لحجة الوداع للحل والإحرام: حين أحرم، وحين رمي جمرة العقبة يوم النحر قبل أن يطوف بالبيت. وقد جاء في "المغني" لابن قدامة 5/ 310: وعن أحمد: أنه إذا رمي جمرة العقبة فقد حَلَّ ولم يذكر الحلق، وهذا يدل على أن الحِلَّ بدون الحلق، وهذا قول عطاء ومالك وأبي ثور وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، لقوله في حديث أم سلمة: "إذا رميتم الجمرة، فقد حل لكم كل شيء إلا النساء" وكذلك قال ابن عباس.

عن عائشة وابنِ عباس: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أخَّرَ طوافَ يومِ النَحْرِ إلى الليلِ (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، إلا أن أبا الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي - مَوصُوف بالتدليس، وقد رواه بالعنعنةِ، وقد سأل الترمذي كما في "علله الكبير" البخاريَّ عن سماع أبي الزبير عن عائشة وابن عباس، قال: أما ابن عباس فنعم، وإن في سماعه من عائشة نظراً. قلنا: وعلى أي حال فلم يصرح بالسماع. ثم إن هذا الحديث غلط، قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام "، ووافقه ابن القيم في "زاد المعاد" 2/ 276: هذا الحديث ليس بصحيح، إنما طاف النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يومئذ نهاراً. وإنما اختلفوا هل صلَّى الظهر بمكة أو رجع إلى منى فصلى الظهر بها بعد أن فرغ من طوافه؟ فابن عمر يقول: إنه رجع إلى منى فصلى الظهر بها، وجابر يقول: إنه صلَّى الظهر بمكة، وهو ظاهر حديث عائشة من غير رواية أبي الزبير هذه التي فيها أنه أخر الطواف إلى الليل. وهذا شيء لم يرو إلا من هذا الطريق. قلنا: وقد سلفت أحاديث جابر وعائشة وابن عمر على التوالي بالأرقام (1905) و (1973) و (1998). وقد جُمعَ بينهما بحَمل حديث ابن عمر وجابر وعائشة على اليوم الأول، وحملِ حديثِ الباب على باقي الأيام. وانظر "فتح الباري" 3/ 567 وقال ابن القيم في "حاشية السنن": يمكن أن يُحمل قولها: أخّر الطواف يوم النحر إلى الليل، على أنه أذِن في ذلك، فنسِبَ إليه، وله نظائر. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه ابن ماجه (3059)، والترمذي (937)، والنسائي في "الكبرى" (4155) من طريقين عن أبي الزبير، به. وقال الترمذي: حديث حسن. وعلقه البخاري في "صحيحه" قبل الحديث (1732) بصيغة الجزم عن أبي الزبير. وأخرجه ابن ماجه (3059) من طريق يحيي بن سعيد، عن سفيان، عن محمد ابن طارق، عن طاووس: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ... مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (2612).

83 - باب الوداع

2001 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود، أخبرنا ابنُ وهب، حدثني ابُن جُريجٍ، عن عطاء بنِ أبي رباح عن ابنِ عباس: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - لم يَرمُلْ في السُّبعِ الذي أفاضَ فيه (¬1). 83 - باب الوداع 2002 - حدَّثنا نصرُ بنُ عليّ، حدَّثنا سفيانُ، عن سليمانَ الأحولِ، عن طاووس عن ابنِ عباسٍ قال: كان الناسُ ينصرِفُونَ في كُلِّ وجه، فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَنفِرنَّ أحدٌ حتى يكون آخرَ عهدِه الطوافُ بالبيتِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ورواية ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - عن عطاء محمولة على الاتصال وإن لم يصرّح ابنُ جريج، كما أخبر هو بذلك عن نفسه. ابنُ وهب: هو عبد الله بن وهْب المصري. وأخرجه ابن ماجه (3060)، والنسائى في "الكبرى" (4156) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد. الرَّمَل، قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (17062): هو المشي خَبَباً يشتَدُّ فيه دون الهرولة، وهيئتُه أن يحرّك الماشي منكبيه لشدة الحركة في مشيه، هذا حكم الثلاثة الأشواط في الطواف بالبيت طواف دخول لا غيره، وأما الأربعة الأشواط تتمة السبعة فحكمها المشي المعهود، هذا أمر مُجتمع عليه أن الرمَل لا يكون إلا في ثلاثة أطواف من طواف الدخول للحاجّ والمعتمر دون طواف الإفاضة وغيره. (¬2) إسناده صحيح. نصر بن علي: هو ابن صُهبان الأزدى، وسفيان: هو ابن عيينة، وسليمان الأحول: هو ابن أبي مسلم المكي، وطاووس: هو ابن كيسان. وأخرجه مسلم (1327)، وابن ماجه (3070)، والنسائي في "الكبرى" (4170) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1755)، ومسلم (1328)، والنسائي في "الكبرى" (4185) من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن طاووس، عن طاووس، به. بلفظ: أُمر الناسُ أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض. =

84 - باب الحائض تخرج بعد الإفاضة

84 - باب الحائض تخرج بعد الإفاضة 2003 - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه عن عائشة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ذكر صفيّة بنتَ حُييّ، فقيل: انها قد حاضَتْ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لعلَّها حابستُنا" فقالوا: يا رسولَ الله، إنها قد أفاضَتْ، فقال: "فلا إذاً" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (1936)، و"صحيح ابن حبان" (3897). قال الإمام النووي: طواف الوداع واجب يلزم بتركه دم على الصحيح عندنا، وهو قول أكثر العلماء، وقال مالك وداود وابن المنذر: هو سنة لا شيء في تركه. قال الحافظ في "الفتح" 3/ 585: والذي رأيته في "الأوسط" لابن المنذر: أنه واجب للأمر به إلا أنه لا يجب بتركه شيء، وقال ابن المنذر: عامة الفقهاء بالأمصار يقولون: ليس على الحائض التي قد أفاضت طواف وداع، وانظر الحديث الآتي بعد هذا. (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 413. وأخرجه البخاري (4401)، ومسلم بإثر (1328)، وابن ماجه (3072) من طريق ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة وعروة، عن عائشة، به. وأخرجه البخاري (328)، ومسلم بإثر (1328)، والنسائي في "الكبرى" (4181) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، والبخاري (1561) و (1762) و (1771) و (1772) و (5329) و (6157)، ومسلم (1211) بإثر (1328)، وابن ماجه (3073) من طريق الأسود بن يزيد، والبخاري (1733)، ومسلم بإثر (1328) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، والبخاري (1757)، ومسلم بإثر (1328)، والترمذي (963) من طريق القاسم بن محمد، أربعتهم عن عائشة، به. وهو في "مسند أحمد" (24101) و (25662)، و"صحيح ابن حبان" (3902) و (3903) و (3904). وقوله: فلا إذاً، أي: فلا حبس علينا حينئذٍ، أي: إذا أفاضت، فلا مانع من التوجه، لأن الذي يجب عليها قد فعلته.

2004 - حدَّثنا عمرُو بنُ عونٍ، أخبرنا أبو عَوانةَ، عن يعلى بنِ عطاء، عن الوليدِ بنِ عبدِ الرحمن، عن الحارثِ بنِ عبد الله بن أوسٍ، قال: أتيتُ عمرَ بنَ الخطاب، فسألتُه عن المرأة تطوفُ بالبيتِ يَوْمَ النحرِ، ثم تحيضُ، قال: لِيَكُنْ آخِرُ عهدِها بالبيت، قال: فقال الحارث: كذلك أفتاني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: فقال عُمَرُ: أرِبْتَ عن يَدَيْكَ، سألتني عن شيءٍ سألتَ عنه رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لِكيما أُخَالِفَ؟ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكُري، ويعلى بن عطاء: هو العامري، والوليد بن عبد الرحمن: هو الجُرَشي الحِمصي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4171) من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (967) من طريق عمرو بن أوس، عن الحارث بن عبد الله، به. وقال: حديث غريب. وهو في "مسند أحمد" (15440). قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "شرح العمدة" 3/ 571 بعد أن ذكر حديث الحارث وعمر هذا: الحارث كان قد سمع من النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أن من حج البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت. واللفظ ظاهر في العموم، ثم سأل عمر عن صورة من صور العموم وأفتاه بما يطابق العموم، ولم يعلما أن تلك الصورة مخصوصة من هذا اللفظ. أي: بحديث عائشة السالف عند المصنف قبله، وبحديث ابن عباس الذي أخرجه الخاري (1755)، ومسلم (1328) (381). وقال الخطابي: قوله: أربتَ: دعاء عليه، كأنه يقول: سقطت آرابه، وهي جمع إرْبٍ وهو العضو، وهذا على سبيل الاختيار في الحائض إذا كان في الزمان نَفَسٌ وفي الوقت مهلة، فأما إذا أعجلها السير، كان لها أن تنفر من غير ودل بدليل خبر صفية، وممن قال: إنه لا وداع على الحائض مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق، وهو قول أصحاب الرأي، وكذلك قال سفيان. وقوله: لكيما أخالف. قال صاحب "عون المعبود": "ما" زائدة. المعنى: أنك لما سألت عنها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان ينبغي لك أن تخبرني به ولا تسألني عنها لئلا أقول قولاً أخالف فيه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -.

85 - باب طواف الوداع

85 - باب طواف الوداع 2005 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، عن خالدٍ، عن أفلحَ، عن القاسم عن عائشة رضي اللهُ عنها قالت: أحرمتُ مِن التنعيم بعمرةٍ، فدخلتُ، فقضيتُ عمرتي، وانتظرني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالأبطح حتى فرغتُ، وأمر الناسَ بالرحيلِ، قالت: وأتى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - البيتَ فطافَ به، ثم خَرَج (¬1). 2006 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدَّثنا أبو بكر - يعني الحنفيَّ - حدَّثنا أفلحُ، عن القاسم عن عائشة قالت: خرجتُ معه - تعني مع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في النَّفْرِ الآخِرِ، فنزل المُحَصَّبَ - قال أبو داود: ولم يذكر ابنُ بشار قصةَ بعثها إلى التنعيم - في هذا الحديث، قالت: ثم جئتُه بِسَحَر، فأذَّن في أصحابه بالرحيل، فارتحل، فمَرَّ بالبيتِ قبلَ صلاةِ الصبحِ، فطافَ به حينَ خَرَجَ، ثم انصرفَ متوجهاً إلى المدينةِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله المزني مولاهم الطحّان, وأفلح: هو ابن حميد الأنصاري، والقاسم: هو ابن محمد التيمي. وقد ثبت إحرام عائشة من التنعيم لقضاء العمرة بعد الحج من غير طريق أفلح كما سلف عند المصنف بالأرقام (1778) و (1781) و (1782). وأما قصة طوافه - صلَّى الله عليه وسلم - بعد ذلك طواف الوداع فسيأتي بعده. (¬2) إسناده صحيح. أبو بكر الحنفي: هو عبد الكبير بن عبد المجيد. وأخرجه البخاري (1788)، ومسلم (1211)، والنسائي في "الكبرى" (4228) من طرق عن أفلح بن حميد، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (3795) و (3918). وانظر ما قبله.

86 - باب التحصيب

2007 - حدَّثنا يحيي بنُ مَعينِ، حدَّثنا هشامُ بنُ يوسف، عن ابنِ جريج، أخبرني عُبَيدُ الله بنُ أبي يزيد، أن عبدَ الرحمن بنَ طارقٍ أخبره عن أُمِّه: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا جَازَ مكاناً مِن دارِ يعلى - نسيه عُبيدُ الله - استقبل البيتَ فدعا (¬1). 86 - باب التحصيب 2008 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا يحيي بنُ سعيدٍ، عن هشامٍ، عن أبيه عن عائشة: إنما نزلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - المُحَصَّبَ ليكونَ أسمحَ لِخروجه، وليس بِسُنَّةٍ، فمن شاء نزلَه، ومَنْ شاء لم يَنْزِلْه (¬2). ¬

_ = المحصب. قال الطيبي: هو في الأصل كل موضع كثير الحصباء، والمراد به الشّعب الذي أحد طرفيه مِنى ويتصل الآخر بالأبطح، فعبر به عن المحصب المعروف إطلاقاً لاسم المجاوِر على المجاوَر، وفي "النهاية" هو الشِّعب الذي مخرجه إلى الأبطح بين مكة ومنى. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة حال عبد الرحمن بن طارق. وقد اضطرب في إسناده هذا، فقد رواه مرة عن أبيه، وقال مرة: عن عمه. قال البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 298: ولا يصح، وقال مرة أخرى: عن أمه، كما عند المصنف هنا، وهو الأشبه فيما ذكره الحافظ في ترجمة طارق بن علقمة من "الإصابة". هشام بن يوسف: هو الصنعاني، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (3865) من طريق أبي عاصم النبيل، عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16587). (¬2) إسناده صحيح. يحيي بن سعيد: هو القطان، وهشام: هو ابن عروة بن الزبير. وأخرجه البخارى (1765)، ومسلم (1311)، وابن ماجه (3067)، والترمذى (940) و (941)، والنسائي في "الكبرى" (4193) من طرق عن هشام، بهذا الإسناد. =

2009 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل وعثمان بنُ أبي شيبة - المعنى - (ح) وحدَثنا مُسَدَّدٌ، قالوا: حدَّثنا سفيانُ، حدَّثنا صالحُ بنُ كيسانَ، عن سليمانَ ابنِ يسارٍ، قال: قال أبو رافعٍ: لم يأمرني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن أنزله، ولكن ضُرِبَتْ قُبَّتُه، فنزله. قال مُسَدَّدٌ: وكان على ثَقَلِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، وقال عثمان: يعني في الأبطحِ (¬1). 2010 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهريِّ، عن علي بن حُسين، عن عمرو بنِ عثمان ¬

_ = وجاء عند بعضهم: الأبطح بدل: المحصَّب. قال النووي في "شرح مسلم ": المحصّب بفح الحاء والصاد المهملتين، والحصبة بفتح الحاء وإسكان الصاد، والأبطح والبطحاء، وخَيف بني كنانة، اسم لشئٍ واحدٍ. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4192) من طريق الزهري، عن عروة، به. وهو في "مسند أحمد" (24143) و (25575)، و"صحيح ابن حبان" (3896). قال الخطابي: التحصيب: إذا نفر الرجل من منى إلى مكة للتوديع أن يقيم بالشِّعب الذي يُخرجه إلى الأبطح حتى يهجع بها من الليل ساعة، ثم يدخل مكة، وكان هذا شيئاً يُفعَل ثم تُرِك. (¬1) إسناده صحيح. وقد وقع تصريح سليمان بن يسار بسماعه من أبي رافع عند ابن أبي خيثمة في "تاريخه" حيث أورد الحديث من طريق عمرو بن دينار عن صالح بن كيسان، وعليه اعتمد ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 2/ 561 - 562 فحكم باتصال الحديث. وأخرجه مسلم (1313) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23875). والثقل بفتح الثاء والقاف: متاع المسافر.

عن أُسامة بنِ زيد، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، أين تنزِلُ غداً؟ في حجته، قال: "هل ترك لنا عَقِيلٌ مَنْزِلاً؟ " ثم قال: "نحنُ نازلونَ بِخَيْفِ بني كِنانة، حيث قاسمَت قُريشٌ على الكفرِ" يعني المُحَصَّبِ، وذلك أن بني كِنانة حالفَتْ قريشاً على بني هاشم أن لا يُناكِحوهم ولا يُبايعوهم ولا يُؤووهم. قال الزهري: والخَيفُ الوادي (¬1). 2011 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا عُمَرُ، حدَّثنا أبو عمرو - يعني الأوزاعيَّ - عن الزهري، عن أبي سلمة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي البصري، والزهري: هو محمد بن مسلم القرشي. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (9851) و (19304)، ومن طريقه أخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (3058)، ومسلم (1351)، وابن ماجه (2942)، والنسائي في "الكبرى" (4242). وأخرجه البخاري (1588) و (4282) و (4283)، ومسلم (1351)، وابن ماجه (2730)، والنسائي في "الكبرى" (4241) و (4242) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (21752) و (21766)، و"صحيح ابن حبان" (5149). وسيتكرر سنداً ومتناً برقم (2910). وانظر ما بعده. وقوله: أن بني كنانة حالفت قريشاً. قال النووي: تحالفوا على إخراج النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وبني هاشم وبني المطلب من مكة إلى هذا الشعب وهو خيف بني كنانة، وكتبوا بينهم الصحيفة المسطورة فيها أنواع من الباطل، فأرسل الله عليها الأرضة، فأكلت ما فيها من الكفر وتركت ما فيها من ذكر الله تعالى، فأخبر جبريل النبي بذلك، فأخبر به عمه أبا طالب، فأخبرهم عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فوجدوه كما قاله فسقط في أيديهم، ونكسوا على رؤوسهم.

عن أبي هُريرة: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال حين أراد أن يَنْفِر مِن مِنَى: "نَحْنُ نازلونَ غداً" فذكر نحوه، ولم يذكر أوَّله، ولا ذكر الخَيفَ الوادِي (¬1). 2012 - حدَّثنا موسى أبو سلمةَ، حدَّثنا حمادٌ، عن حُميدٍ، عن بكر بنِ عبدِ الله وأيوب، عن نافعٍ: أن ابنَ عُمَرَ كان يَهْجَعُ هَجعَةً بالبطحاء، ثم يَدْخُلُ مكةَ، ويزعم أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يَفْعَلُ ذلك (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عُمر: هو ابن عبد الواحد السلمي، وأبو عمرو الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه البخاري (1589) و (1590) و (3882) و (4285) و (7479)، ومسلم (1314)، والنسائي في "الكبرى" (4188) من طرق عن ابن شهاب، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (4284)، ومسلم (1314) من طريق عبد الرحمن بن هرمز، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7240) و (8278). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. موسى أبو سلمة: هو ابن إسماعيل التبوذكي، وحمّاد: هو ابن سلمة البصري , وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرج مسلم (1310) من طريق معمر، عن أيوب السختياني، وابن ماجه (3069)، والترمذي (938) من طريق عُبيد الله بن عمر، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان ينزلون بالأبطح. قال الترمذي: حديث صحيح غريب. وهو في "مسند أحمد" (4828). وانظر ما بعده، وما سلف برقم (1865). وقوله: يهجع هجعة: ينام نومة خفيفة في أول الليل.

87 - باب فيمن قدم شيئا قبل شيء في حجه

2013 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عفانُ، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمةَ، أخبرنا حُميدٌ، عن بكر بنِ عبدِ الله، عن ابنِ عمر. وأيوب، عَن نافع عن ابنِ عمر: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى الظهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ بالبَطحاء, ثم هَجَعَ بها هَجعةً، ثم دخل مكةَ، وكان ابنُ عمر يفعلُه (¬1). 87 - باب فيمن قَدَّمَ شيئاً قبلَ شيءٍ في حجه 2014 - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب، عن عيسى بنِ طلْحَةَ ابنِ عُبيد الله عن عبدِ الله بن عمرو بنِ العاص، أنه قال: وقفَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في حَجَّةِ الوداع بمنًى يسألونَه، فجاء رجلٌ، فقال: يا رسولَ الله، إني لم أَشعُر فحلقتُ قَبلَ أن أذبَجَ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اذبَخ ولا حَرَجَ" وجاء رجل آخر فقال: يا رسول الله، لم أَشْعُرْ فنحرتُ قبل أن أرميَ، قال: "ارمِ ولا حَرَجَ"، قال: فما سُئِلَ يومئذٍ عن شيءٍ قُدِّمُ أو أُخِّرَ إلا قالَ: "اضنَعْ ولا حَرَج" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عفان: هو ابن مسلم البصري. وأخرجه البخاري (1768) من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (5756). وانظر ما قبله، وما سلف برقم (1865). (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 421، ومن طريقه أخرجه البخاري (83) و (1736)، ومسلم (1306)، والنسائى في "الكبرى" (4093) و (4094). وأخرجه البخاري (124) و (1737) و (1738) و (6665)، ومسلم (1306)، وابن ماجه (3051)، والترمذي (933)، والنسائى في "الكبرى" (4091) و (4092) و (4094) و (5848) من طرق عن ابن شهاب، به. =

2015 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جرير، عن الشيباني، عن زيادِ ابنِ عِلاقة عن أُسامة بنِ شريكٍ، قال: خرجتُ مَعَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - حاجّاً، فكان الناسُ يأتونه، فمن قال: يا رسولَ الله سعيتُ قَبلَ أن أطوفَ، أو قَدَّمتُ شيئاً، أو أخرتُ شيئاً، فكان يقول: "لا حَرَجَ لا حَرَجَ، إلا على رجلٍ اقترضَ عرض رَجُلٍ مسلمٍ وهو ظَالِمٌ، فذلك الذي حَرِجَ وهَلَكَ" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (6800)، و"صحيح ابن حبان" (3877). قال ابن قدامة في "المغني" 5/ 320 - 322: وفي يوم النحر أربعة أشياء: الرمي، ثم النحر، ثم الحلق، ثم الطواف (أي طواف الإفاضة) والسنة ترتيبها هكذا، فإن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - رتبها، كذلك وصفه جابر في حج النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، وروى أنس أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - رمى ثم نحر ثم حلق ... رواه أبو داود (1981) فإن أخل بترتيبها ناسياً أو جاهلاً بالسنة فيها، فلا شيء عليه في قول كثير من أهل العلم، منهم الحسن وطاووس ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء والشافعي وإسحاق وأبو ثور وداود ومحمد بن جرير الطبري، وقال أبو حنيفة: إن قدم الحلق على الرمي أو على النحر، فعليه دم، فإن كان قارناً فعليه دمان، وقال زفر: عليه ثلاثة دماء، لأنه لم يوجد التحلل الأول فلزمه الدم كما لو حلق قبل يوم النحر ولنا - وذكر حديث عبد الله بن عمرو هذا وحديث ابن عباس عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قيل له يوم النحر وهو بمني في النحر والحلق والرمي والتقديم والتأخير، فقال: لا حرج - فأما إن فعله عمداً عالماً بمخالفة السنة في ذلك، ففيه روايتان: إحداهما: لا دم عليه وهو قول عطاء وإسحاق لإطلاق حديث ابن عباس وكذلك حديث عبد الله بن عمرو من رواية سفيان بن عيينة. والثانية: عليه دم روي نحو ذلك عن سعيد بن جبير، وجابر بن زيد، وقتادة والنخعي، لأن الله تعالى قال: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196]، لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - رتب وقال: خذوا عني مناسككم" والحديث المطلق قد جاء مقيداً فيحمل المطلقَ على المقيد. وانظر "الفتح" 3/ 571. (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، والشيباني: هو سليمان ابن أبي سليمان. =

88 - باب في مكة

88 - باب في مكة 2016 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينة، حدثني كثيرُ بنُ كثير بن المطّلب بنِ أبي ودَاعَةَ، عن بعضِ أهلِه عن جدِّه: أنه رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يُصَلِّي ممَّا يلي بابَ بني سهمٍ والناسُ يمرُّون بَينَ يديه، وليس بينهما سُتْرَةٌ، قال سفيان: ليس بينه وبين الكعبةِ سُترة (¬1). قال سفيان: كان ابنُ جريج أخبرنا عنه قال: أخبرنا كثيرٌ عن أبيه، فسألتُه، فقال: ليس مِن أبي سمعتُه، ولكن مِن بعض أهلي عن جَدِّي. ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (3436)، والنسائي في "الكبرى" (7512) من طريق زياد بن عِلاقة، به. بلفظ: شهدتُ الأعراب يسألون النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أعلينا حرجٌ في كذا؟ أعلينا حرج في كذا؟ فقال لهم: "عباد الله، وضع الله الحرج إلا من اقترض من عرض أخيه شيئاً، فذاك الذي حَرِجَ", وزادا في الخبر السؤال عن التداوي. وسيأتي عند المصنف برقم (3855). وهو في "مسند أحمد" (18454)، و"صحيح ابن حبان" (486) و (6061). ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو بن العاص السالف قبله. وقوله: اقترض: معناه: اغتاب، وأصله من القرض: وهو القطع. (¬1) إسناده ضعيف لإبهام الواسطة بين كثير بن كثير وجدِّه. وأخرجه ابن ماجه (2958) من طريق أبي أسامة، والنسائي في "الكبرى" (836) من طريق عيسى بن يونس، و (3939) من طريق يحيي بن سعيد القطان، ثلاثتهم عن ابن جريج، عن كثير بن كثير، عن أبيه، عن جده. فعُين الواسطة، والصحيح أن كثيراً لم يسمعه من أبيه، وإنما سمعه من بعض أهله، كما نص هو على ذلك في رواية المصنف وغيره، وهو الذى صوبه الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 10. وهو في "مسند أحمد" (27241)، و"صحيح ابن حبان" (2363).

89 - باب تحريم مكة

89 - باب تحريم مكة 2017 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلِ، حدَّثنا الوليد بن مسلم، حدَّثنا الأوزاعي، حدَّثني يحيى - يعني ابن أبي كثيرٍ - عن أبي سلمة عن أبي هُريرة، قال: لما فتَحَ الله على رسوله مكة، قامَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - فيهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن الله حبسَ عن مكة الفيلَ وسلَّط عليها رَسُولَه والمؤمنينَ، وإنما أُحِلَّتْ لي ساعةً مِن النهارِ، ثم هِيَ حَرَامٌ إلى يومِ القِيامة: لا يُعضَدُ شَجَرُهَا، ولا يُنفَّرُ صيدُها، ولا تَحِلُّ لُقَطَتُها إلا لِمُنشِدٍ" فقام عباسٌ، أو قال: قال العباسُ: يا رسولَ الله إلا الإذخِر، فإنه لِقُبورنا وبيوتنا، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إلا الإذخر". وزاد فيه ابنُ المُصفى عن الوليدِ: فقام أبو شاهٍ - رجلٌ مِن أهلِ اليمنِ، فقال: يا رسولَ الله اكتُبوا لي، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اكتبوا لأبي شَاهٍ" قلت للأوزاعيِّ: ما قوله "اكتبوا لأبي شاةٍ"؟ قال: هذه الخطبةُ التي سمعها مِن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وابن المُصفّى: هو محمد بن المصفّى الحمصي. وأخرجه البخاري (2434)، ومسلم (1355) (447) من طرق عن الوليد بن مسلم، والنسائي في "الكبرى" (5824) من طريق إسماعيل بن سَمَاعة، كلاهما عن الأوزاعى، بهذا الإسناد. وزادوا فيها الزيادة التي أشار المصنف إلى أن محمد بن المصفَّى قد زادها. وأخرجه البخاري (112) و (6880)، ومسلم (1355) من طريقين عن يحيى بن أبي كثير، به. وزاد الزيادة التي أشار إليها المصنف. وهو في "مسند أحمد" (7242)، و "صحيح ابن حبان" (3715). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه الترمذي (2858) عن محمود بن غيلان ويحيى بن موسى، عن الوليد ابن مسلم، مختصراً بذكر الزيادة التي أشار إليها المصنف. وسيأتي برقم (3649) و (3650) و (5405). وانظر ما بعده. قال الحافظ في"الفتح" 1/ 206: والمراد بحبس الفيل أهل الفيل، وأشار بذلك إلى القصة المشهورة للحبشة في غزوهم مكة ومعهم الفيل، فمنعها الله منهم، وسلط عليهم الطير الأبابيل مع كون أهل مكة إذ ذاك كانوا كفاراً، فحرمة أهلها بعد الإسلام آكد، لكن غزو النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إياها مخصوص به على ظاهر هذا الحديث وغيره. وقوله: "ولا يعضد شجرها". وفي لفظ: "لا يعضد شوكها" وفي لفظ لمسلم: "ولا يخبط شوكها" ومعنى: لا يعضد: لا يقطع، واتفق أهل العلم على أن الشجر البري الذي لم ينبته الآدمي على اختلاف أنواعه مراد من هذا اللفظ. وقوله: "ولا ينفر صيدها" أي: لا يتعرض له بالاصطياد والإيحاش والإيهاج. وقوله: "ولا تحل لقطتها إلا لمنشد" أي: مُعَرِّف، وأما الطالب، فيقال له: الناشد، تقول: نشدتُ الضالة، إذا طلبتها، وأنشدتها: إذا عرفتها، وأصل الإنشاد والنشيد: رفع الصوت، والمعنى: لا تحل لقطتها إلا لمن يريد أن يعرفها فقط، فأما من أراد أن يعرفها ثم يتملكها فلا. الإذخر: حشيشة طيبة الرائحة تسقف بها البيوت فوق الخشب. قال ابن القيم في "تهذيب السنن" 2/ 434 - 435 في الحديث أن مكة فتحت عنوة وفيه تحريم قطع شجر الحرم، وتحريم التعرض لصيده بالتنفير فما فوقه، وفيه جواز قطع الإذخر خاصة رطبه ويابسه. وفيه أن اللاجئ إلى الحرم لا يتعرض له ما دام فيه، ويؤيده قوله في"الصحيحين" في هذا الحديث: "فلا يحل لأحد أن يسفك بها دماً". وفيه جواز تأخير الاستثناء عن المستثنى، وأنه لا يشترط اتصاله به، ولا نيته من أول الكلام. وفيه الإذن بكتابة السنن، وأن النهي عن ذلك منسوخ. قلنا: ومثله حديث علي رضي الله عنه "ما عندنا إلا ما في هذه الصحيفة" ومثله حديث أبي هريرة: كان عبد الله بن عمرو يكتب ولا أكتب.

2018 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن طاووس عن ابنِ عباس، في هذه القصة، قال: "ولا يُختلى خَلاها" (¬1). 2019 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ مَهديٍّ، حدَّثنا إسرائيلُ، عن إبراهيمَ بنِ مُهاجرٍ، عن يوسف بن ماهَك، عن أُمِّه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المعتمر السُّلمي، ومجاهد بن جبر المخزومي مولاهم، وطاووس: هو ابن كيسان اليماني. وأخرجه البخاري (1834) و (3189)، ومسلم (1353)، والنسائي في "الكبرى" (3843) و (3844) من طريقين عن منصور، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1349) و (1833) و (2090) و (2433)، والنسائي في "الكبرى" (3861) من طريق عكرمة، عن ابن عباس، به. وهو في "مسند أحمد" (2279) و (2353)، و"صحيح ابن حبان" (3720). وانظر ما قبله. وقوله: "لا يختلى خلاها" قال الخطابي: الخلا: الحشيش، ومنه سُميت المخلاة، وكان الشافعي يقول: لا يُحْتَشُّ من الحرم، فأما الرعي، فلا بأس به، وتفصيل ذلك على مذهبه أن ينظر الى الحشيش فإن كان يستخلف إذا قطع، كان جائزاً قطعه، وكذلك القضيب من أغصان الشجر، وإن كان لا يستخلف لم يجز وفيه ما يقصه. ويكره على مذهبه إخراج شيء من أحجار مكة ومن جميع أجزاء أرضها وتربتها لتعلق حرمة الحرم بها إلا إخراج ماء زمزم فإنه غير مكروه لما فيه من التبرك والتشفي. وقال أبو حنيفة لمحمد بن الحسن: لا يُحتشُّ ولا يرعى، وقول أبي يوسف قريب من قول الشافعي. قلت (القائل الخطابي): فأما الشوك، فلا بأس بقطعه لما فيه من الضرر وعدم النفع، ولا بأس أن ينتفع بحطام الشجر وما بلي منه، والله أعلم.

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلتُ: يا رسولَ الله، ألا نبني لك بِمنىً بيتاً، أو بناءً، يُظِلكَ مِن الشمسِ؟ فقال: "لا، إنما هُوَ مُناخ مَنْ سَبَقَ إلَيهِ" (¬1). 2020 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا أبو عاصمٍ، عن جعفر بنِ يحيي بن ثوبانَ، أخبرني عُمارَةُ بنُ ثوبانَ، حدثني موسى بنُ باذان، قال: أتيت يَعلى بنَ أُمية فقالَ: إن رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "احتكارُ الطعامِ في الحَرَمِ إلحادٌ فيه" (¬2). ¬

(¬1) إسناده ضعيف. إبراهيم بن مهاجر - وهو البجلي - ضعيف يعتبر به في المتابعات، وقد تفرد بهذا الحديث، وأم يوسف بن ماهك - واسمها مُسَيكَة المكية - مجهولة. إسرائيل: هو ابن يونس السبيعي. وأخرجه ابن ماجه (3006) و (3007)، والترمذي (896) من طريق وكيع بن الجرّاح، عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن! وهو في "مسند أحمد" (25541) و (25718). (¬2) إسناده ضعيف، لجهالة جعفر بن يحيى بن ثوبان وعمارة بن ثوبان وموسى ابن باذان. وقال الذهبي في "الميزان" في ترجمة جعفر بن يحيى: هذا حديث واهي الإسناد. وقد روي هذا الحديث موقوفاً على عمر بن الخطاب وهو الصحيح، فقد أخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 7/ 255 والأزرقي في "أخبار مكة" 2/ 135 من طريق يحيى بن سُليم الطائفي، عن عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاريّ، عن يعلى بن منية - وهو ابن أمية نفسه - أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: احتكار الطعام بمكة إلحاد. وإسناده حسن. وأخرج المرفوع ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما نى تفسير ابن كثير 5/ 408 من طريق أبي عاصم، بهذا الإسناد. ورواه مرفوعاً من حديث عبد الله بن عُمر الطبرانيُّ في "الأوسط" (1485)، والبيهقي في"شعب الإيمان" (11221)، وإسناده ضعيف.

90 - باب في نبيذ السقاية

90 - باب في نبيذ السِّقاية 2021 - حدَّثنا عمرُو بنُ عونٍ، حدَّثنا خالد، عن حُميد، عن بكرِ بنِ عبدِ الله قال: قال رجلٌ لابنِ عباسِ: ما بالُ أهْلِ هذا البيتِ يَسْقُونَ النبيذَ، وبنو عمهم يَسْقُونَ اللبنَ والعسلَ والسَّويقَ؟ أبخلٌ بِهم أمْ حاجةٌ؟ قال ابنُ عباس: ما بنا مِن بُخل ولا بنا مِن حاجةٍ، ولكن دخلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - على راحلتِه وخلفَه أُسامةُ بنُ زيدٍ، فدعا رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - بشرابٍ، فأتي بنبيذٍ، فَشَرِبَ منه، ودفع فضلَه إلى أُسامةَ، فَشَرِبَ، ثم قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أحسنتُم، وأجملتُم، كذلِكَ فافعلوا" فنحنُ هكذا لا نرِيدُ أن نُغَيِّرَ ما قاله رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 91 - باب الإقامة بمكة 2022 - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز - يعني الدَّرَاورديَّ - عن عبدِالرحمن بنِ حُمَيدٍ، أنه سَمعَ عُمَرَ بنَ عبدِ العزيز يسألُ السائبَ بن يزيد: هل سمعتَ في الإقامة بمكة شيئاً؟ قال: أخبرني ابنُ الحضرميِّ أنه سَمعَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لِلمُهَاجِرينَ إقامةٌ بعدَ الصَّدَرِ ثلاثٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي، وحميد: هو ابن أبي حُميد الطويل. وأخرجه مسلم (1316) من طريق يزيد بن زريع، عن حميد، به. وهو في "مسند أحمد" (2944) و (3528). ونبيذ السقاية هذا بزبيب أو تمر أو غيره، بحيث يطيب طعمه ولا يكون مُسكراً، فأما إذا طال زمنه وصار مُسكراً فهو حرام. (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. =

92 - باب الصلاة في الكعبة

92 - باب الصلاة في الكعبة 2023 - حدَّثنا القعنبي، عن مالكٍ، عن نافعٍ عن عبدِ الله بنِ عُمَرَ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - دَخَلَ الكعبةَ هو وأُسامةُ ابنُ زيدِ وعثمانُ بن طلحة الحَجَبىُّ وبلالٌ، فأغلقها عليه، فمكثَ فيها، قال عبدُ الله بنُ عمر: فسألتُ بلالاً حين خَرَجَ: ماذا صَنَعَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ فقال: جعل عموداً عن يسارِه وعمودَيْنِ عن يمينه وثلاثةَ أعمِدَةً وراءه، وكان البيت يومئذ على سِتَةِ أعْمِدَةٍ ثم صَلَّى (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (3933)، ومسلم (1352)، وابن ماجه (1073)، والترمذي (970)، والنسائي في "الكبرى" (4198) و (4199) من طرق عن عبد الرحمن بن حميد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1352)، والنسائي في "الكبرى" (1925) و (4200) من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن السائب، به. وهو في "مسند أحمد" (18985)، و"صحيح ابن حبان" (3906). (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس، ونافع: هو مولى ابن عمر. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 398، ومن طريقه أخرجه البخاري (505)، ومسلم (1329). وأخرجه البخاري (504) و (4400)، وابن ماجه (3063)، والنسائي في "الكبرى" (3875) و (3877) من طرق عن نافع، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (397) و (1167) من طريق مجاهد بن جبر، والبخاري (1598)، ومسلم (1329)، والنسائي في "الكبرى" (773) من طريق سالم، والترمذي (889) من طريق عمرو بن دينار، والنسائي في "الكبرى" (3876) من طريق ابن أبي مليكة، أربعتهم عن ابن عمر، به. وبعضهم يختصره. وجاء في رواية مجاهد وابن أبي مليكة تعيين عدد الركعات التي صلاها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بأنها ركعتان. وهو في "مسند أحمد" (4464)، و"صحيح ابن حبان" (3204). وانظر تالييه.

2024 - حدَّثنا عبد الله بن محمد بن إسحاقَ الأذرَميُّ، حدَّثنا عبدُ الرحمن ابن مَهدي عن مالك، بهذا لم يذكر السَّوارِىِ، قال: ثم صلَّى وبيَنه وبَينَ القِبلة ثلاثةُ أذرع (¬1). 2025 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن عُبيد اللهِ، عن نافعٍ عن ابنِ عمر، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعنى حديثِ القعنبيِّ، قال: ونسيتُ أن أسأله كم صَلَّى (¬2). 2026 - حدَّثنا زهيرُ بنُ حربٍ، حدَّثنا جريرٌ، عن يزيدَ بنِ أبي زياد، عن مجاهدٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ صفوان قال: قلتُ: لِعَمَرَ بنِ الخطاب: كيفَ صَنَعَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حينَ دَخَلَ الكعبةَ؟ قال: صلَّى ركعتين (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (827). وأخرجه البخاري (506) و (1599) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (5927)، و"صحيح ابن حبان" (3206). وانظر ما قبله وما بعده. (¬2) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وعُبيد الله: هو ابن عمر العُمري. وأخرجه البخاري (468) و (2988) و (4289) و (4400)، ومسلم (1329)، وابن ماجه (3063)، والنسائي في "الكبرى" (3874) من طرق عن نافع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4891)، و"صحيح ابن حبان" (2220) و (3203). وانظر سابقيه. (¬3) صحيح لغيره وهذا إسناده ضعيف؛ لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو القرشي الهاشمي -، وقال البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 247: عبد الرحمن بن صفوان، أو =

2027 - حدَّثنا أبو معمر عبدُ الله بنُ عمرو بن أبي الحجاج، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن أيوبَ، عن عِكرمة عن ابنِ عباسٍ: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قَدِمَ مكةَ أبى أن يَدخُلَ البيتَ وفيه الآلِهَةُ، فأمر بها فأُخرِجَتْ، قال: فأخرجَ صورةَ إبراهيمَ وإسماعيلَ، وفي أيديهما الأزلامُ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "قاتلهم اللهُ! والله لقد عَلِمُوا ما استقْسَما بها قَط" قال: ثم دَخَلَ البيتَ، فكبَّر في نواحيه، وفي زَواياه، ثم خَرَج ولم يُصَلِّ فيه (¬1). ¬

_ = صفوان بن عبد الرحمن، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قاله يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، ولا يصح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومجاهد: هو ابن جبر المخزومي. وأخرجه أحمد في "مسنده" (15553)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (781)، وأبو يعلى (216)، وابن خزيمة في "صحيحه" (3517)، والطحاوي في "شرح معانى الآثار" 1/ 391، والبيهقي في "الكبرى" 2/ 328، وابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 317 - 318، والمزي في "تهذيب الكمال" 17/ 188 من طريقين عن يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث ابن عمر سلف برقم (2023) وانظر تعليقنا عليه. (¬1) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري، وأيوب: هو ابن أبي تميمة كيسان السَّختياني، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه البخاري (1601) و (4288) و (3352) من طريقين عن أيوب، بهذا الإسناد. واقتصر في آخر رواية على قصة الصلاة والتكبير. وأخرجه البخاري (398) ومسلم (1331) من طريق عطاء، والبخاري (3351)، والنسائي في "الكبرى" (9687) من طريق كُريب مولى ابن عباس، والنسائي في "الكبرى" (3882) من طريق عمرو بن دينار، ثلاثتهم عن ابن عباس، به. واقتصر جميعهم أيضاً ما عدا النسائي (9687) على قصة الصلاة والتكبير. وهو في "مسند أحمد" (3093)، و"صحيح ابن حبان" (5858) و (5861). =

93 - باب الصلاة في الحجر

93 - باب الصلاة في الحِجْر (¬1) 2028 - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز، عن علقمةَ، عن أُمِّه عن عائشةَ أنها قالت: كنتُ أُحِبُّ أن أدخُلَ البَيتَ فأصليَ فيه، فأخَذَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بِيَدِي، فأدخلني في الحجْرِ، فقال: "صَلِّي في الحِجْرِ إذا أردتِ دخولَ البيتِ، فإنما هو قطعةٌ مِن البيت، فإن قومَك اقتصُروا حين بنوا الكعبة، فأخرجوه مِنَ البَيت" (¬2). ¬

_ = الأزلام: جمع زلم، وهي القداح التي كانوا يستقسمون بها في الجاهلية، مكتوب عليها الأمر والنهي، افعل ولا تفعل، كان الرجل منهم يضعها في وعاء له، فإذا أراد سفراً أو زواجاً أو أمراً مهماً، أدخل يده، فأخرج منها زلماً، فإن خرج الأمر مضى لشأنه، وإن خرج النهي كف عنه ولم يفعله. (¬1) هذا التبويب أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية أبي عيسى الرملي. (¬2) حديث صحيح دون قوله: "صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت" فإنما هو قطعة من البيت" فحسن لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين، أم علقمة بن أبي علقمة - وهي مرجانة المدنية - تفرد بالرواية عنها ابنها، ولم يؤثر توثيقها عن غير ابن حبان، وقد ذكرها الذهبي في المجهولات من "الميزان"، وقال الحافظ في "التقريب": مقبولة. وبقية رجاله ثقات. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة. وأخرجه الترمذي (891) , والنسائي في "الكبرى" (3881) من طريق عبد العزيز، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه بنحوه البخاري (1583) و (3368) و (4484)، ومسلم (1333) من طريق عبد الله بن عمر، والبخارى (1584) و (7243)، وابن ماجه (2955) من طريق الأسود بن يزيد، والبخاري (1585) و (1586)، ومسلم (1333) من طريق عروة، والنسائي في "الكبرى" (3880) و (9190) من طريق صفية بنت شيبة، أربعتهم عن عائشة. وأقتصر جميعهم دون صفية على قطحة إخراج الحجر من البيت، وأما صفية فاقتصرت في روايتها على أن الحجر من البيت. وهو في "مسند أحمد" (24616)، و"صحيح ابن حبان" (3815) و (3816).

2029 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود، عن اسماعيلَ بنِ عبدِ الملك، عن عبدِ الله بنِ أبي مُليكة عن عائشة: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - خَرَجَ مِن عندها وهو مسرورٌ، ثم رَجَعَ إليّ وهو كئيبٌ، فقال: "إني دخلتُ الكعبةَ، ولو استقبلتُ مِن أمري ما استدبرتُ ما دخلتُها، إني أخاف أن أكونَ قد شَققْتُ على أُمتي" (¬1). 2030 - حدَّثنا ابنُ السرح وسعيدُ بنُ منمور ومُسَدَّدٌ، قالوا: حدَّثنا سفيانُ، عن منصورٍ الحَجَبيِّ، حدثني خالي، عن أُمي قالت: سمعتُ الأسلميةَ تقولُ: قلتُ لعثمانَ: ما قال لك رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حين دَعَاكَ؟ قال: قال: "إني نسيتُ أن آمرك أن تُخمِّر القَرنينِ فإنه ليسَ ينبغي أن يكونَ في البيتِ شيءٌ يَشغَلُ المصلي" (¬2) قال ابنُ السرح: خالي مُسافع بنُ شَيبة. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف؛ لضعف إسماعيل بن عبد الملك. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عُبيد الله. وأخرجه ابن ماجه (3064)، والترمذي (888) من طريق وكيع بن الجراح، عن إسماعيل بن عبد الملك، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح! وهو في "مسند أحمد" (25056). وأخرجه أحمد (25197) من طريق جابر الجعفي، عن عَرْفَجَةَ بن عبد الله الثقفي، عن عائشة، وجابر الجعفي لا يصلح للاعتبار به في المتابعات لشدة الكلام فيه. وأخرجه البزار كما في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 476 من طريق ثعلبة، عن شريح بن هانئ، عن عائشة. قال ابن القطان: ثعلبة هذا لا يُدرى من هو. تنبيه: كنا قد حسَّنَّا هذا الحديث في "مسند أحمد" و "جامع الترمذي" فيستدرك من هنا، ومن ابن ماجه. (¬2) إسناده صحيح. والأسلمية هذه - ويقال: السُّلمية - هي أم بني شيبة الأكابر كما جاء مصرحاً بذلك في "مسند أحمد" (16636) وذكرها في الصحابة غير واحدٍ، =

94 - باب في مال الكعبة

94 - باب في مال الكعبة 2031 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ محمد المحاربىُّ، عن الشيبانيِّ، عن واصل الأحدب، عن شقيقٍ، عن شيبةَ - يعني ابن عثمان - قال: قعد عُمَرُ بنُ الخطاب في مقعدك الذي أنتَ فيه، فقال: لا أخرُجُ حتى أقسِمَ مالَ الكعبةِ، قال: قلت: ما أنتَ بفاعلٍ، قال: بلى لأفعَلَنَّ، قال: قلتُ: ما أنتَ بفاعلٍ، قال: لِمَ؟ قلتُ: لأن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قد رأى مكانَه، وأبو بكر، وهما أحوجُ منك إلى المال، فلم يُخرجاه، فقامَ فخرجَ (¬1). ¬

_ = وذكروا أنها كانت قابلة لأهل الدار، ولذا يستغرب قول الحافظ في "التقريب": لا تعرف. وعثمان المذكور هو ابن طلحة الحجبي، وابن السرح: هو أحمد بن عمرو الأموي، ومسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، وسفبان: هو ابن عيينة، ومنصور الحَجَبي: هو منصور بن عبد الرحمن القرشي، وخاله: هو مُسافع بن عبد الله الحجبي. وأم منصور: قال المنذري: هي صفية بنت شيبة القرشية العبدرية، اختلف في صحبتها، وقد جاءت أحاديث ظاهرة في صحبتها. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (9083)، والحميدي في "مسنده" (565)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 46/ 2، وأحمد في "مسنده" (16637) و (23221)، والبيهقي 2/ 438، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 57/ 384، والمزي في ترجمة مسافع من "تهذيب الكمال" 27/ 424 من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وقوله: أن تخمر القرنين، أي: تغطي قرني الكبش الذي فدى الله تعالى به إسماعيل عليه السلام عن أعين الناس. (¬1) إسناده صحيح. الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان، وواصل الأحدب: هو واصل بن حيان الأسدي، وشفيق: هو ابن سلمة الأسدي. وأخرجه ابن ماجه (3116) من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي، بهذا الإسناد. =

2032 - حدَّثنا حامدُ بنُ يحيى، حدَّثنا عبدُ الله بنُ الحارث، عن محمد بنِ عبدِ الله بن إنسان الطَّائفيِّ، عن أبيه، عن عروة بن الزبير عن الزبير قال: أقبلنا مَعَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مِن لِيَّةَ حتى إذا كنا عندَ السِّدرةِ وقف رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في طَرَف القَرن الأسود حَذْوَها، فاستقبل نخْبَاً ببصَره - وقال مرة: واديه - وَوَقَفَ حتى اتقَفَ الناسُ كلُّهم، ثم قال: "إن صيْد وجٍّ وعِضاهَهُ حَرَمٌ مُحرَّمٌ لله"، وذلك قبلَ نزوله الطائفَ وحِصاره لِثقيفٍ (¬1). ¬

_ = وأخرجه بنحوه البخاري (1594) و (7275) من طريق سفيان الثوري، عن واصل الأحدب، عن أبي وائل قال: جلست مع شيبة على الكرسي في الكعبة، فقال: لقد جلس هذا المجلس عمر رضي الله عنه، فقال: لقد هممتُ أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمته. قلتُ: إن صاحبيك لم يفعلا! قال: هما المرءان أقتدي بهما. وهو في "مسند أحمد" (15382) و (15383). وانظر "الفتح" 3/ 456 - 457. (¬1) إسناده ضعيف، محمد بن عبد الله بن إنسان سُئِلَ عنه أبو حاتم الرازي فقال: ليس بالقوي، وفي حديثه نظر، وذكره البخاري في "تاريخه" 1/ 140 وذكر له هذا الحديث، وقال: لم يُتابع عليه، وذكر أباه 5/ 45 وأشار إلى هذا الحديث وقال: لم يَصِحَّ حديثه. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (63)، وأحمد في "مسنده" (1416)، والعقيلي في "الضعفاء" 4/ 93، والشاشي في "مسنده" (48)، والدارقطني في "العلل" 4/ 239، والبيهقي في "الكبرى" 5/ 200 من طريق عبد الله بن الحارث، بهذا الإسناد. لية: أرض بالطائف على أميال منها، والسدرة: شجرة النبق، والقرن: جبيل صغير ورابية تشرف على وهدة، ونخبٌ ووج: واديان بالطائف، والعضاه: كل شجر له شوك، وقوله: حتى اتقف الناس. قال ابن الأثير، أي: حتى وقفوا، يقال: وقفته فوقف واتقف، وأصله: اوتقف على وزن افتعل من الوقوف، فقلبت الواو ياء للكسرة قبلها، ثم قلبت الياء تاء، وأدغمت في التاء بعدها مثل وصفته فاتصف، ووعدته فاتعد. =

95 - باب في اتيان المدينة

95 - باب في اتيان المدينة 2033 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن سعيدِ بنِ المسيب عن أبي هُريرة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلا إلى ثَلاَثةِ مَسَاجِدَ: مسجدِ الحرامِ، ومسجدِي هذا، والمسجدِ الأقصى" (¬1). 96 - باب في تحريم المدينة 2034 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ التيمي، عن أبيه عن عليٍّ، قال: ما كتبنا عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلا القرآن، وما في هذه الصحيفة، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "المدينة حَرَامٌ ما بَيْنَ عائرٍ إلى ثوْرٍ، فمن أحْدَثَ حدثاً أو آوى مُحْدِثاً، فعليهِ لعنةُ اللهِ والملائكةِ ¬

_ = قال في "المغني" 5/ 194: صيد وجّ وشجره مباح وهو واد بالطائف، وقال أصحاب الشافعي: هو محرم، لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "صيد وجٍّ وعضاهها محرم " رواه أحمد في "المسند" ولنا أن الأصل الإباحة، والحديث ضعيف ضعفه أحمد، ذكره أبو بكر الخلال في كتاب "العلل". وقال ابن القيم في "زاد المعاد" 3/ 508 عن صيد وَجٍّ وقطع شجره: اختلف الفقهاء في ذلك والجمهور قالوا: ليس في البقاع حرم إلا مكة والمدينة، وأبو حنيفة رحمه الله خالفهم في حرم المدينة. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم. وأخرجه البخاري (1189)، ومسلم (1397)، وابن ماجه (1409)، والنسائي في "الكبرى" (781) من طريقين عن الزهري، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1397) من طريق سلمان الأغر، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إنما يسافَر إلى ثلاثة مساجد: مسجد الكعبة، ومسجدي، ومسجد إيلياء". وهو في "مسند أحمد" (7249) و "صحيح ابن حبان" (1619).

والناسِ أجمعين، لا يُقبَلُ منه عَدلٌ ولا صَرف، ذِمَّةُ المسلمينَ واحدةٌ يسعى بها أدناهم، فمن أخْفَر مسلماً، فعليه لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجمعين، لا يُقبَلُ منه عَدلٌ ولا صَرفٌ، ومَن والى قوماً بِغَيرِ إذن مواليه، فعليه لعنةُ الله والملائكةِ والناسِ أجمعين لا يُقبَلُ منه عدْلٌ ولا صَرْفٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم التيمي: هو ابن يزيد بن شَريك. وأخرجه البخاري (1870) و (3172) و (3179) و (6755) و (7300)، ومسلم (1370)، وبإثر (1508)، والترمذي (2260)، والنسائي في "الكبرى" (4264) من طرق، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وبعضهم يختصره. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4263) من طريق الحارث بن سويد، عن علي. وهو في "مسند أحمد" (615) و (1037)، و"صحيح ابن حبان" (3716) و (3717). وانظر ما سيأتي برقم (2035) و (4530). وقوله: عائر ويقال: عير وهو وثور: اسما جبلين من جبال المدينة، أولهما عظيم شامخ يقع جنوب المدينة على مسافة ساعتين منها تقريباً، وثانيهما أحمر صغير يقع شمال أحد، ويَحُدَّان حرم المدينة جنوباً وشمالاً. وقال المجد في "القاموس": وثور: جبل بالمدينة، ومنه الحديث الصحيح "المدينة حَرَم ما بين عَير إلى ثور" وأما قول أبي عُبيد بن سلام وغيره من الأكابر والأعلام: إن هذا تصحيف، والصواب: إلى أحد، لأن ثوراً إنما هو بمكة فغير جيد ... قال ابن قدامة في "المغني": يحرم صيد المدينة وقطع شجرها، وبه قال مالك والشافعي وأكثر أهل العلم. وقال أبو حنيفة: لا يحرم. ثم من فعل مما حرم عليه فيه شيئاً أثم ولا جزاء عليه في رواية لأحمد، وهو قول مالك والشافعي في الجديد وأكثر أهل العلم. وقوله: من آوى محدثاً. قال الخطابي: يروى على وجهين: محدثاً مكسورة الدال وهو صاحب الحدث وجانيه، ومُحدَثاً مفتوحة الدال: وهو الأمر المحدث والعمل المبتدع الذي لم تجر به سنة، ولم يتقدم به عمل. =

2035 - حدَّثنا ابنُ المثنى، حدَّثنا عبدُ الصمد، حدَّثنا همَّام، حدَّثنا قتادةُ، عن أبي حسان عن عليٍّ رضيَ الله عنه، في هذه القصة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لايُخْتَلَى خَلاها، ولا يُنفَّرُ صيدُها، ولا يُلْتَقَطُ لُقطتُها إلا لِمَن أشادَ بها، ولا يصلُح لِرَجُل أن يَحْمِلَ فيها السلاحَ لِقتالٍ، ولا يَصْلُحُ أن يقطَعَ منها شجرة إلا أن يَعلِفَ رَجُلٌ بعيرَه" (¬1). ¬

_ = وقوله: لا يقبل منه عدل ولا صرف، فإنه يقال في تفسير العدل: إنه الفريضة، والصرف النافلة، ومعنى العدل: الواجب الذي لا بد منه، ومعنى الصرف: الربح والزيادة، ومنه صرف الدراهم والدنانير، والنوافل زيادات على الأصول فلذلك سميت صرفاً. وقوله: يسعى بذمتهم أدناهم، فمعناه أن يحاصر الإمام قوماً من الكفار فيعطي بعض أهل عسكر المسلمين أماناً لبعض الكفار، فإن أمانه ماض وإن كان المجير عبداً وهو أدناهم وأقلهم، وهذا خاص في أمان بعض الكفار دون جماعتهم. وقوله: فمن أخفر مسلماً. يريد نقض العهد، يقال: خفرت الرجل: إذا آمنته، وأخفرته بالألف: إذا نقضت عهده. (¬1) صحيح لغيره، رجاله ثقات غير أبي حسان - وهو مسلم بن عبد الله الأعرج - صدوق , وروايته عن علي مرسلة، ومع ذلك فقد حَسَّن سنده الحافظ في "الفتح" 12/ 261! وهو في "مسند أحمد" (959) و (991). ويشهد له حديثُ عدي بن زيد الآتي بعده. وحديث سعد بن أبي وقاص عند مسلم (1363). وانظر ما سيأتى برقم (2037) و (2038). ويشهد له كذلك حديث جابر عند مسلم أيضاً (1362). وانظر ما سيأتي برقم (2039). قوله: "أشاد بها" أي: رفع صوته للتعريف بها. وفي رواية: "أنشدها". والمعنى واحد.

2036 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أن زيدَ بنَ الحُبَاب، حدَثهم، حدَّثنا سليمانُ بنُ كِنانة مولى عثمانَ بن عفان، أخبرنا عبدُ الله بنُ أبي سفيان عن عدي بنِ زيد، قال: حمى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كُل ناحيةٍ مِن المدينة بريداً بريداً: لا يُخْبَطُ شَجَرُهُ ولا يُعضَدُ، إلا ما يُساقُ به الجمل (¬1). 2037 - حدَّثنا أبو سلمَة، حدَّثنا جريرٌ - يعني ابنَ حازم - قال: حدَّثني يعلى بنُ حكيم، عن سليمانَ بنِ أبي عبدِ الله، قال: رأيتُ سعدَ بنَ أبي وقاص أخذ رجلاً يصِيدُ في حَرَم المدينةِ الذي حرّم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فسلبَه ثيابَه، فجاء مواليه فكلَّمُوه فيه، فقال: إنَّ رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - حرَّم هذا الحَرَمَ، وقال: "مَنْ أخَذَ أحَداً يصيد فيهُ فليسلُبْه ثيابَه" فلا أرُدُّ عليكم طُعمَةً أطعمنيها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ولكن إنْ شئتُم دفعتُ إليكم ثَمَنَهُ" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. سليمان بن كنانة مجهول الحال. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (272) من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد. قوله: لا يُخبط شجره، أى: لا يُضْرب بالعصا ليتناثر ورقُه. وقوله: لا يُعضَد، أي: لا يقطع. (¬2) حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن أبي عبد الله، فقد أخرج له أبو داود، ولم يرو عنه غير يعلى بن حكيم، وهو تابعي كبير أدرك المهاجرين والأنصار، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: ليس بالمشهور فيعتبر بحديثه. أبو سلمة: هو موصى بن إسماعيل التبوذكي. وأخرجه أحمد في "مسنده" (1460)، والدورقي في "مسند سعد" (122)، وأبو يعلى في "مسنده" (806)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 191، والبيهقي في "الكبرى" 5/ 199 - 200 من طريق جرير بن حازم، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

2038 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا ابنُ أبي ذئبِ، عن صالحِ مولى التوأمة عن مولى لسعدٍ أن سعداً وجَدَ عَبيداً مِن عَبيدِ المدينة يقطعون مِن شَجَرِ المدينةِ، فأخذ متاعَهم، وقال - يعني لمواليهم -: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ينهى أن يُقطَعَ مِن شَجَرِ المدينةِ شيءٌ، وقال: "مَن قَطَعَ منه شيئاً فَلِمَن أخذه سلبُه" (¬1). 2039 - حدَّثنا محمدُ بنُ حفص أبو عبد الرحمن القَطَّان، حدَّثنا محمدُ بنُ خالد، أخبرني خارجةُ بنُ الحارث الجهَنِيُّ، أخبرني أبي ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير صالح مولى التوأمة - وهو ابن نبهان - وقد وقع في روايته هذه اضطرابٌ في تسمية الراوي عن سعد فقال في هذه الرواية: مولى لسعد، وفي رواية: عن بعض ولد سعد كما هو عند الطيالسي في "مسنده" (218)، والشاشي (139)، والبيهقي 5/ 199. والمحفوظ أن الذي رواه عن سعد بعض ولده، فقد رواه إسماعيل بن محمد بن سعد، عن عامر بن سعد كما سيأتي عند أحمد ومسلم. وأخرجه ينحوه مسلم (1364) من طريق عامر بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص، به. وهو في "مسند أحمد" (1443). وانظر ما قبله. قال النووي في "شرح مسلم": وفي هذا الحديث دلالة لقول الشافعي القديم: إن من صاد في حَرَم المدينة، أو قطع من شجرها، أُخِذ سَلَبُه، وبهذا قال سعد بن أبي وقاص وجماعة من الصحابة، قال القاضي عياض: ولم يقُل به أحد بعد الصحابة إلا الشافعي في قوله القديم، وخالفه أئمة الأمصار. قلت: ولا تضرُّ مخالفتهم إذا كانت السنة معه، وهذا القول القديم هو المختار لثبوت الحديث فيه، وعمل الصحابة على وفقه، ولم يثبت له دافع. وانظر "شرح معافي الآثار" 4/ 191 - 196، و"التمهيد" لابن عبد البر 6/ 310 - 311، و"فتح الباري" 4/ 83 - 84.

عن جابرِ بنِ عبد الله أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يُخْبَطُ ولا يُعضَدُ حِمى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ولكن يُهَشُّ هشّاً رَفِيقاً" (¬1). 2040 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحى (ح) وحدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة , عن ابنِ نُمير, عن عُبيد الله, عن نافع عن ابن عمر: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يأتي قُباء ماشياً وراكِباً. زاد ابنُ نميرٍ: ويُصلي رَكعتين (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الحارث الجهني - وهو ابن رافع -، ومحمد بن خالد - وهو الجهني - مجهول الحال أيضاً، وليس هو محمد بن خالد بن رافع الجهني كما توهمه الحافظ ابن حجر حيث رد على المزي بتفريقه بينهما، وهذا الأخير وإن تابعه إسماعيل بن أبي أويس تبقى جهالة الحارث بن رافع. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 5/ 200، والمزي في ترجمة محمد بن خالد الجهني من "تهذيب الكمال" 25/ 151 من طريق أحمد بن ثابت، عن محمد بن خالد، وابن حبان في "صحيحه" (3752)، والطبراني في "الأوسط" (3775)، والبيهقي في "الكبرى" 5/ 200 من طريق إسماعيل بن أبي أويس، كلاهما عن خارجة، به. وزاد إسماعيل في روايته: إن كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لينهانا أن نقطع المَسَد ومِرود البَكَرَة. وأخرج مسلم في "صحيحه" (1362) من طريق أبي الزبير، عن جابر، قال: قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن إبراهيم حرَّم مكة، وإني حرمتُ المدينة ما بين لابتيها. لا يُقطَع عِضَاهُها ولا يُصَادُ صَيدها". ولتحريم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - المدينة شواهدُ صحيحة ذكرها المصنف في هذا الباب. قوله: "يُهَشُّ هشاً" قال في "النهاية: أي يُنثر نَثْراً بليق ورِفقٍ. (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرهد الأصدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن نُمير: هو عبد الله الخارفي، وعبيد الله: هو ابن عمر، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه البخاري (1191) و (1194)، ومسلم (1399) من طرق عن نافع، به. وفي رواية البخاري (1191): كان يأتي قُباء كلَّ سبت. =

97 - باب في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وزيارة قبره

97 - باب في الصلاة على النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وزيارة قبره (¬1) 2041 - حدَّثنا محمدُ بنُ عوفٍ، حدَّثنا المقرئ، حدَّثنا حيوةُ، عن أبي صَخْرٍ حميدِ بنِ زياد، عن يزيدَ بنِ عبد الله بن قُسيطٍ عن أبي هريرة أن رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ما مِنْ أحَدٍ يُسلِّمُ علي إلا ردَّ اللهُ عليَّ رُوحي حتى أردَّ عليه السَّلامَ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1193) و (7326)، ومسلم (1399)، والنسائى في "الكبرى" (779) من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به. وفي رواية البخاري (1193)، ومسلم (1399) في بعضى رواياته أيضاً أنه - صلَّى الله عليه وسلم - كان يأتي قباء كل سبت. وهو في "مسند أحمد" (5199)، و"صحيح ابن حبان" (1618) و (1628). وقباء بضم القاف: يمد ويُقصر، ويذكر ويؤنث، ويُصرف ولا يُصرف: وهي قرية على ثلاثة أميال من المدينة. (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (هـ) ومن هامش (ج) مُصحَّحاً عليه. (¬2) إسناده حسن. أبو صخر حميد بن زياد - وهو الخراط - حسن الحديث. وقد صححه النووي في "الأذكار"، وجوّد إسناده الحافظ العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (965). المقرئ: هو عبد الله بن يزيد المكي، وحَيوَة: هو ابن شُريح. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (526)، وأحمد في "مسنده" (10815)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 245، وفي "الدعوات الكبير" (158)، وفي "شعب الإيمان" (1581)، وفي "حياة الأنبياء بعد وفاتهم" (15)، والقاضي عياض في "الشفا" 2/ 78 - 79 من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وقوله: رد على روحي. قال المناوي: يعني ردّ علىَّ نطقي، لأنه - صلَّى الله عليه وسلم - حي على الدوام، وروحه لا تفارقه أبداً لما صح أن الأنبياء أحياء في قبورهم ... هذا ظاهر في استمرار حياته لاستحالة أن يخلو الوجود كله من أحد يسلم عليه عادة، ومن خص الرد بوقت الزيارة فعليه البيان، فالمراد كما قال ابن الملقن وغيره بالروح النطق مجازاً وعلاقة المجاز أن النطق من لازمه وجود الروح، كما أن الروح من لازمه وجود النطق بالفعل أو القوة، وهو في البرزخ مشغول بأحوال الملكوت، مستغرق في مشاهدته، =

2042 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، قرأتُ على عبدِ الله بنِ نافع، قال: أخبرني ابنُ أبي ذئبٍ، عن سعيدٍ المقبري عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تجعلوا بيوتَكُم قُبوراً، ولا تجعلُوا قَبْرِي عِيداً؛ وصلُّوا عليَّ فإن صلاتكُم تُبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ" (¬1). ¬

_ = مأخوذ عن النطق بسبب ذلك، ولهذا قال ابن حجر: الأحسن أن يؤول رد الروح بحضور الفكر، كما قالوه في خبر "يغان على قلبي". ونقل علي القاري في "المرقاة" 2/ 6 عن القاضي قرله: لعل معناه أن روحه المقدسة في شأن ما في الحضرة الإلهية، فإذا بلغه سلام أحد من الأمة رد الله تعالى روحه المطهرة من تلك الحالة إلى رد من سلم عليه، وكذلك عادته في الدنيا يفيض على الأمة من سبحات الوحي الإلهي ما أفاضه الله تعالى عليه فهو صلوات الله عليه في الدنيا والبرزخ والآخرة في شأن أمته وقال ابن الملك: رد الروح كناية عن إعلام الله إياه بأن فلاناً صلَّى عليه. وقد أجاب الحافظ السيوطي عن الإشكال بأجوبة أخرى في رسالته "إنباء الأذكياء بأخبار الأنبياء" المدرجة في "الحاوي للفتاوي" 2/ 327 - 337، فانظرها. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. عبد الله بن نافع - وهو الصائغ المخزومي - صدوق حسن الحديث. وقد صحح إسناده الحافظ في "الفتح" 6/ 488 ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن العامري، وسعيد المقبري: هو ابن أبي سعيد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (8804)، والطبراني في "الأوسط" (8030) من طريق عبد الله بن نافع، بهذا الإسناد. وأخرج أحمد في "مسنده" (7358) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، رفعه: "اللهم لا تجعل قبري وثنا، لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". وإسناده قوي. وأخرجه أحمد أيضاً في "مسنده" (7821)، ومسلم (780)، والترمذي (3093)، والنسائي في "الكبرى" (7961) من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة، رفعه: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر" وإسناده صحيح. وفي الباب عن علي عند البزار (509)، وأبي يعلى (469)، وإسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي" (20)، وسنده ضعيف. =

2043 - حدَّثنا حامدُ بنُ يحيى، حدَّثنا محمدُ بنُ معنٍ المدنيُّ، أخبرني داودُ ابنُ خالد، عن ربيعةَ بنِ أبي عبد الرحمن، عن ربيعةَ - يعني ابن الهُدَير - قال: ¬

_ = وعن الحسن بن علي بن أبي طالب عند أبي يعلى (6761). وسنده ضعيف أيضاً. وعن ابن مسعود عند أحمد في "مسنده" (3666)، والنسائي في "الكبرى" (1206) و (9811)، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن لله في الأرض ملائكة سيَّاحين، يبلِّغوني من أمتي السلام" وإسناده صحيح. وعن أوس بن أوس السالف عند المصنف برقم (1047) بلفظ: "إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ... فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ" وهو صحيح لغيره. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: معنى الحديث: لا تعطلوا البيوت من الصلاة فيها والدعاء والقراءة، فتكون بمنزلة القبور، فأمر بتحري العبادة في البيوت، ونهى عن تحريها عند القبور. وقال المناوى: لا تجعلوها كالقبور في خلوها عن الذكر والعبادة، بل صلوا فيها، قال ابن الكمال: كنى بهذا النهي عن الأمر بأن يجعلوا لبيوتهم حظاً من الصلاة، ولا يخفى ما في هذه الكناية من الدقة والغرابة، فإن مبناها على كون الصلاة منهية عند المقابر على ما نص عليه في خبر "لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها". وقوله: ولا تجعلوا قبري عيداً. معناه: النهي عن الاجتماع لزيارته اجتماعهم للعيد، إما لدفع المشقة أو كراهة أن يتجاوزوا حد التعظيم، وقيل: العيد: ما يعاد إليه، أي: لا تجعلوا قبري عيداً تعودون إليه متى أردتم أن تصلوا علي، فظاهره منهى عن المعاودة، والمراد المنع عما يوجبه، وهو ظنهم بأن دعاء الغائب لا يصل إليه، ويؤيده قوله: "وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" أي: لا تتكلفوا المعاودة إلي فقد استغيتم بالصلاة علي. ونقل صاحب "عون المعبود" عن المناوي قوله: ويؤخذ منه أن اجتماع العامة في بعض أضرحة الأولياء في يوم أو شهر مخصوص من السنة، ويقولون: هذا يوم مولد الشيخ ويأكلون ويشربون وربما يرقصون فيه منهي عنه شرعاً وعلى ولي الشرع ردعهم عن ذلك وإنكاره عليهم وإبطاله. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "الحديث يشير إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم عنه، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيداً".

ما سمعتُ طلحةَ بنَ عُبيد الله يُحَدَّثُ عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حديثاً قَطُّ غيرَ حديثٍ واحِدٍ، قال: قلتُ: وما هو؟ قال: خرجنا مَعَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُرِيدُ قُبورَ الشهداء، حتى إذا أشرفنا على حَرَّةِ واقِمٍ، فلما تدلَّيْنا منها فإذا قبورٌ بمَحنيَّه، قال: قلنا: يا رسولَ الله، أقبورُ إخواننا هذه؟ قال: "قُبُورُ أصحابِنا" فلما جئنا قُبُورَ الشهداء قال: "هذه قبورُ إخواننا" (¬1). 2044 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن نافعٍ عن عبدِ الله بنِ عمر: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أناخَ بالبطحاء التي بذي الحُليفة فصلَّى بها، فكان عبدُ الله بنُ عمر يَفْعَلُ ذلك (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن كما قال ابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 247. داود بن خالد - وهو ابن دينار المدني - ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد تفرد بهذا الحديث، قال علي ابن المديني في "العلل" ص 96 بعد ما ذكر حديث طلحة هذا: وإسناده كله جيد، إلا أن داود بن خالد هذا لا يُحفظ عنه إلا هذا الحديث. ربيعة بن الهدير: هو ربيعة بن عبد الله بن الهدير التيمي القرشي. وأخرجه أحمد في "مسنده" (1387)، والبزار في "مسنده" (955)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4598)، وابن عدي في"الكامل" 3/ 961، والبيهقي في "الكبرى" 5/ 249 وفي "الدلائل" 3/ 305 - 306، وابن عبد البر في "التمهيد"20/ 245 و 246 من طريق محمد بن معن، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 5/ 249 من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن، به. حرة واقم: الحرة: أرض ذات حجارة سود، وواقم: اسم لأطم (حصن) من آطام المدينة، أضيفت الحرة إليه للمجاورة، وهي التي تعرف اليوم بالحرة الشرقية في المدينة المنورة. بمحنية: بمنعطف الوادي. (¬2) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، ونافع: هو مولى ابن عمر. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 405، ومن طريقه أخرجه البخاري (1532)، ومسلم بإثر (1345)، والنسائي في "الكبرى" (3627) و (4231). =

2045 - حدَّثنا القعنبيُّ، قال: قال مالك: لا ينبغي لأحدٍ أن يُجاوزَ المعرَّسَ إذا قَفَلَ راجعاً إلى المدينة، حتى يُصَلِّيَ فيها ما بدا له، لأنه بلغني: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عرَّس به (¬1). سمعت محمد بن إسحاق المديني قال: المُعَرَّس على ستة أميال من المدينة. آخر كتاب المناسك ¬

_ = وأخرجه البخاري (484) مطولاً و (1533) و (1799) و (1767)، ومسلم بإثر (1345) من طريق نافع، به. ولم يرد في بعض المواضع ذكر الصلاة. وهو في "مسند أحمد" (4819). قال القاضي: والنزول بالبطحاء بذي الحليفة في رجوع الحاج ليس من مناسك الحج، وإنما فعله من فعله من أهل المدينة تبركاً بآثار النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ولأنها بطحاء مباركة، قال: وقيل: إنما نزل به - صلَّى الله عليه وسلم - في رجوعه حتى يصبح لئلا يفجأ الناس أهاليهم ليلاً، كما نهي عنه صريحاً في الأحاديث المشهورة. (¬1) انظر ما قبله. المعرَّس: موضع النزول للاستراحة، قال أبو زيد: عرَّس القوم في المنزل: إذا نزلوا به أيّ وقت كان من ليل أو نهار، وقال الخليل والأصمعي: التعريس النزول في آخر الليل.

أول كتاب النكاح

أول كتاب النكاح 1 - باب التحريض على النكاح 2046 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ، قال: إني لأمشي مَعَ عبد الله بنِ مسعود بمنى إذ لَقِيَه عثمان فاستخلاهُ، فلما رأى عبدُ الله أن ليست له حاجة قال لي: تعالَ يا علقمة، فجئتُ. فقال له عثمانُ: ألا نُزَوِّجُكَ يا أبا عبدَ الرحمن جاريةً بكراً، لعلَّهُ يَرجع إليك مِن نَفْسِكَ ما كنتَ تعهدُ؟ فقال عبدُ الله: لَئِنْ قلت ذاك، لقد سَمِعْتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَنِ اسْتَطَاعَ منكم الباءَةَ، فليتزوَّجْ، فإنه أغضُّ للبصرِ، وأحصنُ لِلفرجِ، ومن لم يستطِعْ منكم، فعليه بالصَّومِ، فإنه له وِجَاءٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد بن قرط الضبي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي. وأخرجه البخاري (1905) و (5065)، ومسلم (1400)، وابن ماجه (1845)، والنسائي في "الكبرى" (2560) و (2561) و (5297) و (5298) و (5299) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وقرن في رواية النسائي (5298) مع علقمة الأسود بن يزيد. وأخرجه النسائي (2563) و (5296) من طريق أبي معشر زياد بن كليب، عن إبراهيم النخعي، به. وهو في "مسند أحمد" (3592)، و"صحيح ابن حبان" (4026). وأخرجه البخاري (5066)، ومسلم (1400)، والترمذي (1105) و (1106)، والنسائي في "الكبرى" (2559) و (2562) و (5300) و (5301) من طرق عن الأعمش، عن عمارة بن عمير التيمي، عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي، عن عبد الله بن مسعود، به. =

2 - باب ما يؤمر به من تزويج ذات الدين

2 - باب ما يؤمر به من تزويج ذات الدين 2047 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى - يعني ابن سعيد - حدَثني عُبيدُ الله، حدَثني سعيدُ بنُ أبي سعيد، عن أبيه عن أبي هريرة، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "تُنكحُ النساءُ لأربعٍ: لِمالِها، ولحسبها، ولجمالِها، ولدينها، فاظْفَز بذاتِ الذينِ تَرِبَتْ يداك" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (4023). قال ابن حبان بعد أن أورد الخبر: الأمر بالتزويج في هذا الخبر، وسببه استطاعة الباءة، وعلته غض البصر، وتحصين الفرج، والأمر الثاني: هو الصوم عند عدم السبب وهو الباءة، والعلة الأخرى هو قطع الشهوة. وقال البغوي في "شرح السنة" 9/ 4: والباءة كناية عن النكاح، ويقال للجماع أيضاً: الباءة، وأصلها المكان الذي يأوي إليه الإنسان، ومنه اشتق مباءة الغنم وهي الموضع التي تأوي إليه بالليل، سمي النكاح بها، لأن من تزوج امرأة بوأها منزلاً. والوِجاء: رضُّ الأنثيين، والخصاء: نزعهما، ومعناه أنه يقطع النكاح، فإن الموجوء لا يضرب. وقال الحافظ في "الفتح " 9/ 110: وقد قسم العلماء الرجل في التزويج إلى أقسام: الأول التائق إليه، القادر على مؤنه، الخائف على نفسه، فهذا يندب له النكاح عند الجميع، وزاد الحنابلة في رواية (المغني" 9/ 341): أنه يجب، وبذلك قال أبو عوانة الإسفراييني من الشافعية، وصرح به في "صحيحه"، ونقله المصيصي في "شرح مختصر الجويني" وجهاً، وهو قول داود الظاهري وأتباعه ... وقال المازري: الذي نطق به مذهب مالك أنه مندوب، وقد يجب عندنا في حق من لا ينكف عن الزنى إلا به. وقال القرطبي: المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة بحيث لا يرتفع عنه ذلك إلا بالتزويج لا يختلف في وجوب التزويج عليه. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وعبيد الله: هو ابن عمر العدوي، وسعيد بن أبي سيد: هو المقبري. =

3 - باب في تزويج الأبكار

3 - باب في تزويج الأبكار 2048 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا أبو معاويةَ، أخبرنا الأعمشُ، عن سالم بنِ أبي الجَعد عن جابر بنِ عبد الله، قال: قال لي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أتزوجْتَ؟ " قلتُ: نعم، قال: "أبِكراً أم ثيِّباَ؟ " (¬1) فقلتُ: ثيباً، قال: "أفلا بِكْراً تُلاعِبُها وتُلاعِبُك؟ " (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (5090)، ومسلم (1466)، وابن ماجه (1858)، والنسائي في "الكبرى" (5318) من طرق عن يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9521)، و"صحيح ابن حبان" (4036). قال الخطابي: فيه من الفقه مراعاة الكفاءة في المناكح، وأن الدين أولى ما اعتبر فيها، وقوله: "تربت يداك": كلمة معناها الحث والتحريض، وأصل ذلك في الدعاء على الإنسان، يقال: تَرِبَ الرجل، أي: افتقر، وأترب: إذا أثرى وأيسر، والعرب تُطلق ذلك في كلامها، ولا يقصد بها وقوع الأمر. وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 132: وقد جزم بأن اعتبار الكفاءة مختص بالدين مالك ونقل عن ابن عمر وابن مسعود ومن التابعين عن محمد بن سيرين وعمر بن عبد العزيز، واعتبر الكفاءة في النسب الجمهور ... وقال الثوري: إذا نكح المولى العربية يفسخ النكاح، وبه قال أحمد في رواية، وتوسط الشافعي، فقال: ليس نكاح غير الأكفاء حراماً، فَأَرُدَّ به النكاح، وإنما هو تقصير بالمرأة والأولياء، فإذا رضوا صح، ويكون حقاً لهم تركوه، فلو رضوا إلا واحداً فله فسخه، وذكر أن المعنى في اشتراط الولاية في النكاح كيلا تضيع المرأة نفسها في غير كفءٍ. (¬1) جاء في (أ) و (ب) و (ج): "بكرٌ أم ثيّبٌ" بالرفع، والمثبت من (هـ)، وهو الموافق لما في "مسند أحمد". (¬2) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والاعمش: هو سليمان بن مهران. =

2049 - قال أبو داود: كَتَبَ إليَّ حُسينُ بنُ حريث المروزيُّ، حدَّثنا الفضلُ ابنُ موسى، عن الحسين بنِ واقد، عن عُمارةَ بنِ أبي حفصة، عن عِكْرِمَة ¬

_ = وأخرجه مختصراً ومطولاً البخاري (2097)، ومسلم بإثر (1466) من طريق وهب بن كيسان، والبخاري (2309)، ومسلم بإثر (1466)، وابن ماجه (1860)، والنسائي في "الكبرى" (5309) و (5317) من طريق عطاء بن أبي رباح، والبخاري (2967) و (5079) و (5245) و (5247)، ومسلم بإثر (1466) من طريق الشعبي عامر بن شراحيل، والبخاري (4052) و (5367) و (6387)، ومسلم بإثر (1466)، والترمذي (1125)، والنسائي في "الكبرى" (5308) و (8888) من طريق عمرو بن دينار، والبخاري (5080)، ومسلم بإثر (1466) من طريق محارب بن دثار السدوسي، ومسلم بإثر (1466) من طريق أبي نضرة، ستتهم عن جابر بن عبد الله، به. وفي رواية البخاري ومسلم زيادة: قال جابر: فقلت له: إن عبد الله هلك وترك بنات، وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن، فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن، فقال: "بارك الله لك، أو: خيراً". وهو في "مسند أحمد" (14132)، و (14237)، و"صحيح ابن حبان" (2717) و (6517). وفي الحديث الحث على نكاح البكر، وفي "سنن ابن ماجه" (1861): "عليكم بالأبكار، فإنهن أعذب أفواهاً، وأنتق أرحاماً، وأرضى باليسير" وفيه فضيلة لجابر لشفقته على أخواته، وإيثاره مصلحتهن على حظ نفسه، ويؤخذ منه أنه إذا تزاحمت مصلحتان قدم أهمهما، لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صوب فعل جابر ودعا له لأجل ذلك. ويؤخذ منه الدعاء لمن فعل خيراً وإن لم يتعلق بالداعي. وفيه سؤال الإمام أصحابه عن أمورهم، وتفقد أحوالهم، وإرشاده إلى مصالحهم، وتنبيههم على وجه المصلحة ولو كان في باب النكاح وفيما يُستحيا من ذكره. وفيه مشروعية خدمة المرأة زوجها ومن كان منه بسبيل من ولد وأخ وعائلة، وأنه لا حرج على الرجل في قصده ذلك من امرأته وإن كان ذلك لا يجب عيها، لكن يؤخذ منه أن العادة جارية بذلك، فلذلك لم ينكره النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. "فتح الباري" 9/ 123.

عن ابنِ عباسٍ قال: جاء رَجُل إلى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتي لا تَمْنَعُ يَدَ لا مسٍ، قال: "غَرِّبْها" قال: أخافُ أن تَتْبَعَها نفسِي، قال: "فاستمْتِع بها" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل الحسين بن واقد، فهو صدوق لا بأس به، وهو متابع. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5629) من طريق الحسين بن حريث، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5320) و (5321) و (5630) من طريق عبد الله ابن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس، به. وقال: "طلقها" بدلاً من "غربها"، وقال: "فأمسكها" بدلاً من "فاستمتع بها". رجاله ثقات، لكن تفرد به بهذا الإسناد الحسين بن واقد، وعنه الفضل بن موسى، فيما قاله الدارقطني، حكاه عنه ابن طاهر المقدسي في "أطراف الغرائب" 3/ 348 (2560)، قلنا: ولا يحتمل تفرد مثله بهذا الإسناد. لكن رواه أيضاً عبد الله ابن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس، إلا أنه اختلف عنه، فقد رواه عنه ابنُ جريج، مرسلاً، دون ذكر ابن عباس. ورواه عنه أيضاً هارون بن رئاب، واختلف عنه كذلك، فقد رواه النضر بن شميل وأبو داود الطيالسي عن حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس. وخالفهما يزيد بن هارون وعفان بن مسلم، فروياه عن حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير، مرسلاً، وكذلك رواه حماد بن زيد وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد بن عمير مرسلاً، ورواه عبد الكريم بن أبي المخارق عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير، عن ابن عباس، موصولاً. وعبد الكريم ضعيف لا تقوم به حجة. قلنا: فالأكثرون إذاً قد رووه عن عبد الله بن عُبيد بن عمير مرسلاً. ولهذا صحح يحيي بن سعيد القطان والنسائي وغيرهما القولَ بإرساله. ووافق ابن كثير في "تفسيره" النسائيَّ على القول بإرساله من طريق عبد الله بن عُبيد بن عمير. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى ردَّ هذا الحديث جملة، فقد نقل ابن كثير عن الإمام أحمد قوله: هو حديث منكر، وقال أبو بكر بن العربي فيما نقله عنه مرعي بن يوسف الكرمي في "أقاويل الثقات" ص 189: هذا حديث لم يثبت، وذكره ابن الجوزي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = في "الموضوعات"، وقال ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 32/ 116: ضعفه أحمد وغيره، فلا تقوم به حجة في معارضة الكتاب والسنة. وقال أبو عبيد القاسم بن سلاّم في "الناسخ والمنسوخ" (190): ليس يثبت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما يحدثه هارون بن رئاب عن عبد الله بن عُبيد (وتحرف في المطبوع إلى: عتبة) ويحدثه عبد الكريم الجزري، عن أبي الزبير، كلاهما يرسله. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5629) عن الحسين بن حريث، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (5320) و (5630) من طريق النضر بن شميل، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (145)، والخطيب البغدادي في"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1903) من طريق أبي داود الطالسي، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد بن عمير، عن ابن عباس. وأخرجه النسائي (5321) من طريق يزيد بن هارون، والرامهرمزي (145)، والخطيب في"الجامع" (1903) من طريق عفان بن مسلم، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، مرسلاً. وأخرجه الشافعي في "الأم" 5/ 12 عن سفيان بن عيينة، وعبد الرزاق (12365) عن معمر بن راشد، كلاهما عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد بن عمير، مرسلاً. قال يحيى القطان فيما نقله عنه الخطيب في "الجامع" (1903): وقال حماد ابن زيد: عن هارون بن رئاب، عن عبد الله بن عُبيد، مرسل. وأخرجه الخطيب (1903) من طريق يحيى بن سعيد القطان، قال: حدثني ابن جريج، قال: حدثني عبد الله بن عبيد مرسلاً. وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 183 - 184، والنسائي في "الكبرى" (5321) من طريق يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن عبد الكريم بن أبي المخارق، عن عبد الله ابن عُبيد بن عمير، عن ابن عباس. وعبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف الحديث. وقد روي من طريق آخر عن أبي الزبير، واختلف عنه، فرواه بعضهم عنه عن جابر، وبعضهم يرويه عنه عن هشام مولى رسول الله، وفي كل ذلك لم يُصرِّح أبو الزبير بسماعه، وهو مُدلِّس، انظر بيان طرقه في"التلخيص الحبير" 3/ 225. وعلى فرض صحة الحديث فليس المعنى على ظاهره، فقد قال الحافظ في "التلخيص" 3/ 226: قيل: والظاهر أنها لا تمتنع ممن يمد يدَه ليتلذذ بلمسها، ولو =

2050 - حدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا مستلمُ بنُ سعيد ابن أُخت منصور بنِ زاذان، عن منصورٍ - يعني ابن زاذان - عن معاوية بنِ قرَّةَ عن مَعْقِلِ بنِ يسارٍ، قال: جاء رجل إلى النبيٌ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: إني أصبتُ امرأةً ذاتَ حَسَبٍ وجَمَالٍ، وأنها لا تَلِدُ، أفاتزوجُها؟ قال: " لا" ثم أتاهُ الثانيةَ فنهاه، ثم أتاه الثالثةَ، فقال: "تزوجوا الوَدُودَ الوَلُودَ فإني مكاثِرٌ بِكُمُ الأمم" (¬1). ¬

_ = كان كنى به عن الجماع، لعد قاذفاً، أو أن زوجها فهم من حالها أنها لا تمتنع ممن أراد منها الفاحشة لا أن ذلك وقع منها. وقال محمد بن اسماعيل الصنعاني في "سبل السلام": الأقرب المراد أنها سهلة الأخلاق ليس فيها نفور وحشمة عن الأجانب، لا أنها تأتي الفاحشة، وكثير من النساء والرجال بهذه المثابة مع البعد عن الفاحشة، ولو أراد أنها لا تمنع نفسها من الوقاع من الأجانب، لكان قاذفاً لها. وقال ابن كثير: وقيل: المراد أن سجيتها لا ترد يد لامس، لا أن المراد أن هذا وقع منها، وأنها تفعل الفاحشة، فإن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لا يأذن في مصاحبة من هذه صفتها، فإن زوجها والحالة هذه يكون ديوثاً، وقد تقدم الوعيد على ذلك، ولكن لما كانت سجيتها هكذا ليس فيها ممانعة ولا مخالفة لمن أرادها لو خلا بها أحد أمره رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بفراقها، فلما ذكر أنه يحبها، أباح له البقاء معها، لأن محبتها له محققة، ووقوع الفاحشة منها متوهم، فلا يُصار إلى الضرر العاجل لتوهم الآجل. وقوله: غربها: معناه: أبعدها، يريد الطلاق، وأصل الغرب: البعد. (¬1) إسناده قوي. مستلم بن سعيد صدوق لا بأس به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5323) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (4065) و (4057). وفي الباب عن أنس بن مالك عند أحمد في "مسنده" (12613)، وابن حبان في "صحيحه" (4028)، قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "تزوجوا الوَدودَ الوَلُود, إني مُكاثرٌ الأنبياءَ يوم القيامة". وإسناده قوي أيضاً.

4 - باب في قوله: {الزاني لا ينكح إلا زانية} [النور: 3]

4 - باب في قوله: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً} [النور: 3] 2051 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ محمد التيمي، حدَّثنا يحيي، عن عُبيدالله بن الأخنسِ، عن عمرو بنِ شعيب، عن أبيه عن جده، ان مَرْثَدَ بن أبي مرثَدٍ الغَنَويَّ كان يحمِلُ الأسارى بمكة، وكان بمكة بغيٌّ يقالُ لها عَنَاقُ، وكانت صديقَته، قال: جئتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلتُ: يا رسولَ الله أنْكِحُ عَنَاقَ؟ قال: فسكتَ عني، فَنزلَتْ {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ} فدعاني فقرأها علىَّ وقال: "لا تنكحها" (¬1). 2052 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ؟ وأبو معَمرٍ، قالا: حدَّثنا عبدُ الوارث، عن حبيبٍ، حدثني عمرو بنُ شعيب، عن سعيدٍ المقبريِّ عن أبي هريرة، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَنْكِحُ الزَّاني المجلودُ إلا مِثلَه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه الترمذي (3451)، والنسائي في "الكبرى" (5319) من طريق عبيد الله ابن الأخنس، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وهو في "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (4552). ومرثد بفتح الميم وسكون الراء، وفتح الثاء، والغنوي، بفتح الغين وبعدها نون مفتوحة نسبة إلى غني بفتح الغين وكسر النون، وهو غني بن يعصر، ويقال: أعصر بن سعد بن قيس عيلان بن مضر. قاله النذرى. (¬2) إسناده صحيح. عمرو بن شعيب ثقة، وما عيب عليه فهو ممن دونه من الضعفاء. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو معمر: هو عبد الله بن عمرو التميمي، وعبد الوارث: هو ابن سعيد، وحبيب: هو ابن أبي قريبة المعلم، وسعيد: هو ابن أبي سعيد المقبري. =

5 - باب في الرجل يعتق أمته ثم يتزوجها

وقال أبو مَعْمَرِ: قال: حدَّثنا حبيبٌ المعلمُ، عن عمرو بنِ شعيب. 5 - باب في الرجل يُعتِق أَمته ثم يتزوجها 2053 - حدَّثنا هنَّاد بنُ السَّري، حدَّثنا عَبثَر، عن مُطرِّفٍ، عن عامرٍ، عن أبي بُردة عن أبي موسى، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ أعتق جاريتَه وتزوَجها كان له أجْرَان" (¬1). 2054 - حدَّثنا عمرو بنُ عونٍ، أخبرنا أبو عَوانة، عن قَتادة وعبدِ العزيز بن صهيب ¬

_ = وأخرجه أحمد في "مسنده" (8300)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4548) و (4549)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 817، والحاكم في "المستدرك" 166/ 2، من طرق عن عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. وأخرجه الطحاوي (4550)، والحاكم 2/ 193 من طريق يزيد بن زريع، عن حبيب المعلم، قال: قلت لعمرو بن شعيب: إن فلاناً يقول: إن الزاني لا ينكح إلا زانية مثله، قال: وما يُعَجِّبُك من ذلك؟ حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "الزاني لا ينكح إلا زانية مثله، والمجلود لا ينكح إلا مجلودة مثله". واللفظ للطحاوي، ورواية الحاكم مثلها دون قوله: "الزاني لا ينكح إلا زانية مثله". (¬1) إسناده صحيح. عَبثَرٌ: هو ابن القاسم الزبيدي، ومطرِّف: هو ابن طريف الحارثي، وعامر: هو ابن شراحيل الشعبي، وأبو بردة: هو عامر بن عبد الله الأشعري. وأخرجه تاماً ومطولاً البخاري (97) و (2544)، ومسلم (154)، وبإثر (1427) رقم (86)، وابن ماجه (1956)، والترمذي (1143) و (1144)، والنسائي في "الكبرى" (5476) و (5477) من طريق عامر الشعبي، به. وهو في "مسند أحمد" (19564)، و"صحيح ابن حبان" (227) و (4053).

6 - باب يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب

عن أنس: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أعتق صَفِيَّةَ وجَعَلَ عِتْقَها صَدَاقَهَا (¬1). 6 - باب يَحرُم مِن الرضاعة ما يحرم من النسب 2055 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن مالكٍ، عن عبدِ الله بن دينارٍ، عن سليمانَ بنِ يسارٍ، عن عُروة عن عائشة زَوْجِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "يَحرُمُ مِن الرَّضاعةِ ما يَحرُمُ مِن الوِلادَةِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه مسلم بإثر (1427) رقم (85)، والترمذي (1142)، والنسائي في "الكبرى" (5474) من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد. وأخرجه تاماً ومطولاً البخاري (371) و (947) و (4201)، ومسلم بإثر (1427) (84) و (85)، وابن ماجه (1957) من طرق عن عبد العزيز بن صُهيب، والبخاري (947) و (4200) و (5086)، ومسلم بإثر (1427) رقم (85)، وابن ماجه (1957)، والنسائي في "الكبرى" (5474) من طريق ثابت بن أسلم البناني، والبخاري (5086) و (5169)، ومسلم بإثر (1427) (85)، والنسائي في "الكبرى" (5474) و (5475) و (6565) من طريق شعيب بن الحَبحَاب، ثلاثتهم عن أنس بن مالك. وهو في "مسند أحمد" (11957)، و"صحيح ابن حبان" (4063) و (4091). (¬2) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 607، ومن طريقه أخرجه الترمذي (1180)، والنسائي في "الكبرى" (5413). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه مسلم (1445)، وابن ماجه (1937)، والنسائي في "الكبرى" (5414) و (5421) من طريقين عن عروة، به. ورواية النسائي (5414) موقوفة على عائشة. وأخرجه مطولاً البخاري (2646) و (3105) و (5099)، ومسلم (1444)، والنسائي في "الكبرى" (5411)، و (5412) و (5446) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة، به. وهو في "مسند أحمد" (24170)، و"صحيح ابن حبان" (4223). وانظر ما سيأتي برقم (2057).

2056 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا زهير، عن هشام بن عُروة، عن عُروة، عن زينب بنتِ أُم سلمة عن أم سلمة، أن أُم حَبيبةَ قالت: يا رسول الله؟ هل لك في أُختي؟ قال: "فأفعل ماذا؟ " قالت: فَتَنْكِحُها، قال: "أُختك؟ " قالت: نعم، قال: "أو تُحبِّين ذاك؟ " قالت: لستُ بمُخْليةٍ بِك، وأحَبُّ مَنْ شَرَكَنِي في خيرٍ أُختي، قال: "فإنها لا تَحِلُّ لي" قالت: فواللهِ لقد أُخبِرْتُ أنك تَخْطُبُ دُرَّة - أو ذرَّة -[شك زهير]، بنتَ أبي سَلَمَةَ، قال: "بنتُ أُم سلمة؟ " قالت: نعم، قال: "أما واللهِ لو لم تكن ربيبتي في حِجْري ما حلَّتْ لي، أنها ابنةُ أخي من الرَّضَاعَة، أرضعتني وأباها ثُويَبْةُ، فلا تَعْرِضْنَ عليَّ بناتِكُنَّ، ولا أخواتِكُنَّ" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان - أو بنت أم سفيان - قال الحافظ ابن حجر في "أطراف المسند" 9/ 440، بعد أن أورده من حديث أم سلمة: هذا مما أخطأ فيه هشام بن عروة بالعراق، وحديث ابن إسحاق والليث عنه - كما هو عند أحمد في "مسنده" (26494 - 26495) - وهو بالمدينة هو الأصحُّ، والموافق لحديث الزهري. زهير: هو ابن معاوية الجعفي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5395) من طريق عبدة بن سليمان، عن هشام ابن عروة، بهذا الإسناد. وأخرجه تاماً ومختصراً البخاري (5106)، ومسلم (1449)، وابن ماجه (1939 م) من طرق عن هشام بن عروة، والبخاري (5101) و (5107) و (5372)، ومسلم (1449)، وابن ماجه (1939)، والنسائي في "الكبرى" (5392) و (5394) من طريق ابن شهاب الزهري، كلاهما عن عروة بن الزبير، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم حبيبة، به. وأخرج بنحوه مختصراً البخاري (5123)، والنسائي في "الكبرى" (5393) من طريق عراك بن مالك، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم حبيبة، به. وهو في "مسند أحمد" (26493 - 26495) و (27422)، و"صحيح ابن حبان" (4110) و (4111).

7 - باب في لبن الفحل

7 - باب في لبن الفحل 2057 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ العَبديُّ، أخبرنا سفيان، عن هشام بنِ عُروة، عن عُروة عن عائشة، قالت: دَخَلَ عليَّ أفلحُ بن أبي القُعيْسِ، فاستترتُ منه، قال: تَسْتِتِرينَ مِنِّي وأنا عمُّك؟ قالت: قلت: مِنْ أينَ؟ قال: أرضعتْكِ امرأةُ أخي، قالت: إنما أرضعتْني المرأةُ ولم يُرضعني الرجلُ، فدخل عليَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فحدثتُه فقال: "إنَه عَمُّكِ فَلْيَلِجْ عليكِ" (¬1). 8 - باب في رضاعة الكبير 2058 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ (ح) وحدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن أشعث بنِ سليم، عن أبيه، عن مسروقٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه البخاري (2644) و (4796) و (5103) و (5239) و (6156)، ومسلم (1445)، وابن ماجه (1948) و (1949)، والترمذي (1181)، والنسائي في "الكبرى" (5444) و (5445) و (5447) و (5448) و (5449) من طرق عن عروة، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (24054) و (24102)، و"صحيح ابن حبان" (4219) و (5799). وانظر ما سلف برقم (2055). وفي الحديث أن لبن الفحل يحرم حتى تثبت الحرمة من جهة صاحب اللبن، كما ثبت في جانب المرضعة، وأن زوج المرضعة بمنزلة الوالد للرضيع، وأخاه بمنزلة العم، فإنه - صلَّى الله عليه وسلم - أثبت عمومة الرضاع، وألحقها بالنسب، لأن سبب اللبن هو ماء الرجل والمرأة معاً، فوجب أن يكون الرضاع منهما، وهذا مذهب الأئمة الأربعة كجمهور الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار. أفاده الزرقانى في "شرح الموطأ" 3/ 240 - 241.

عن عائشة - المعنى واحد -: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - دخَلَ عليها وعندها رَجُلٌ - قال حفص: فشقَّ ذلك عليه، وتغيَّرَ وجهه، ثم اتفقا: - قالت: يا رسولَ الله إنه أخي مِن الرَّضاعة فقال: " انْظُرنَ مَنْ إخوانُكُنَّ، فإنما الرَّضاعَةِ مِنَ المَجَاعَةِ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج الأزدي، ومحمد بن كثير: هو العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأشعث: هو ابن أبي الشعثاء سُلَيم بن أسود المحاربي، ومسروق: هو ابن الأجدع الوادعي. وأخرجه البخاري (2647)، ومسلم (1455)، وابن ماجه (1945)، من طرق، عن سفيان الثوري، ومسلم (1455)، والنسائي في "الكبرى" (5440) من طريق أبي الأحوص، والبخاري (5102) من طريق شعبة، ومسلم (1455) من طريق زائدة بن قدامة، أربعتهم عن أشعث، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24632). قوله: "فإن الرضاعة من المجاعة" قال الحافظ في "الفتح" 9/ 148: فيه تعليل الباعث على إمعان النظر والفكر، لأن الرضاعة تُثبت النسب، تجعل الرضيع محرماً، وقوله: "من المجاعة" أي: الرضاعة التي تثبت بها الحرمة، وتحل بها الخلوة هي حيث يكون الرضيع طفلاً لسد اللبن جوعته، لأن معدته ضعيفة يكفيها اللبن، وينبت بذلك لحمه فيصير كجزء من المرضعة، فيشترك في الحرمة مع أولادها فكأنه قال: لا رضاعه معتبرة إلا المغنية عن المجاعة، أو المطعمة من المجاعة. وقد اختلف العلماء في تحديد مدة الرضاع، فقالت طائفة منهم: إنه حولان وإليه ذهب سفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق، واحتجوا بقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] قالوا: فدل على أن مدة الحولين إذا انقضت، فقد انقطع حكمها، ولا عبرة لما زاد بعد تمام المدة، وقال أبو حنيفة: حولان وستة أشهر، وخالفه صاحباه، وقال زفر بن الهذيل: ثلاث سنين، ويحكى عن مالك أنه جعل حكم الزيادة على الحولين إذا كانت يسيراً حكم الحولي ن. قاله الخطابي. =

2059 - حدَّثنا عبدُ السلام بنُ مُطهَّر، أن سليمانَ بنَ المغيرةِ حدثهم، عن أبي موسى، عن أبيه، عن ابنٍ لعبد الله بن مسعود عن ابن مسعودٍ قال: لا رَضاع إلا ما شَدَّ العظمَ، وأنبَت اللحمَ، فقال أبو موسى. لا تسألونا وهذا الحَبْرُ فيكم (¬1). 2060 - حدَّثنا محمد بن سليمان الأنباريُّ، حدَّثنا وكيع، عن سليمان بن المغيرة، عن أبي موسى الهلالي، عن أبيه عن ابنِ مسعود، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه، وقال: أنْشَزَ العَظْمَ (¬2). ¬

_ = وقال الخطابي: معناه: أن الرضاعة التي تقع بها الحرمة ما كان في الصغر، والرضيع طفل يقوته اللبن ويسد جوعه، وأما ما كان منه بعد ذلك في الحال التي لا يسد جوعه اللبن، ولا يشبعه إلا الخبز واللحم وما في معناهما من الثفل فلا حرمة له. (¬1) حديث صحيح بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي موسى الهلالي، وأبيه. وأخرجه الدارقطني في "السنن" 4/ 173، والبيهقي في "السنن" 7/ 460 و 461 من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد. ورواية الدارقطني مرفوعة. وانظر ما بعده. وله شاهد من حديث أم سلمة عند الترمذي (1152)، والنسائي في "الكبرى" (5441)، وابن حبان (4224) بلفظ: "لا يحرم من الرَّضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام" وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وغيرهم أن الرضاعة لا تحرم إلا ما كان دون الحولين، وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يحرم شيئاً. وآخر من حديث عبد الله بن الزبير، أخرجه ابن ماجه (1946). وثالث من حديث أبي هريرة عند البزار (1444 - كشف الأستار)، والبيهقي 7/ 455. (¬2) حديث صحيح بشواهده، وهذا إسناد ضعيف للانقطاع بين والد أبي موسى الهلالي وعبد الله بن مسعود، ولجهالة أبي موسى الهلالي، وأبيه. وقد وصله المصنف قبله. =

9 - باب من حرم به

9 - باب من حرَّم به 2061 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عَنبسَةُ، حدثني يُونس، عن ابنِ شهاب، حدثني عُروةُ بنُ الزبير عن عائشة زوج النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وأُمِّ سلمة: أن أبا حُذيفة بنَ عُتْبةَ بنِ ربيعة بنِ عبد شمسٍ كان تبنَّى سالماً وأنكحه ابنةَ أخيه هندَ بنتَ الوليد ابنِ عُتبة بن رَبيعة، وهو مولى لامرأة من الأنصارِ، كما تبنَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - زيداً - وكان من تبنى رجلاً في الجاهلية دعاه الناسُ إليه ووُرِّث ميراثَه، حتى أنزلَ الله عز وجل في ذلك {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} إلي قوله: {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} [الأحزاب: 5] فَرُدُّوا إلى آبائهم، فمن لم يُعلَم له أبٌ كان مولًى وأخاً في الدين - فجاءت سهلةُ بنتُ سهيل بنِ عمرو القُرشيّ ثم العامِريّ، وهي امرأةُ أبي حُذيفة، فقالت: يا رسولَ اللهَ، إنا كُنا نرى سالماً ولداً، وكان يأوي معي ومَعَ أبي حذيفة في بيتٍ واحدٍ، ويراني فُضُلاً، وقد أنزلَ الله فيهم ما قد عَلِمتَ، فكيف ترى فيه؟ فقال لها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "أرضعِيه" فأرضعته خمسَ رضعاتٍ، فكان بمنزلة وَلَدِها مِن الرَّضاعة. ¬

_ = وأخرجه أحمد في "مسنده" (4114)، والدارقطني في "السنن" 4/ 172 - 173، والبيهقي 7/ 461 من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد. وانظر تتمة تخريجه في "مسند أحمد" (4114). وانظر ما قبله. وقوله: أنشر العَظم، أي: رفعَه وأعلاه وأكبر حجمه، وهو من النَّشَز: المرتفع من الأرض.

فبذلك كانتْ عائشةُ تأمُرُ بناتِ أخواتِها وبناتِ إخوتها أن يُرْضِعْنَ مَنْ أحَبَّتْ عائشةُ أن يراها ويدخُلَ عليها، وإن كان كبيراً، خمسَ رضعاتٍ، ثم يدخل عليها. وأبت أُمُّ سلمةَ وسائرُ أزواجِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - أن يُدْخِلْنَ عليهن بتلك الرَّضاعةِ أحداً من الناس حتى يُرْضَعَ في المهدِ، وقُلن لِعائشة: والله ما نَدْرِي لعلَّها كانَتْ رُخصةً مِن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - لِسالمٍ دونَ الناسِ (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. عنبسة - وهو ابن خالد الأموي - ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه البخاري (4000) و (5088)، والنسائي في "الكبرى" (5453) من طرق عن ابن شهاب، بهذا الإسناد. ولم يذكر البخاري في روايته مسألة الرضاعة، وإنما اقتصر على أول الحديث، واقتصر النسائي على آخر الحديث في امتناع أزواج النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إدخال أحد بتلك الرضاعة. وأخرجه بنحوه مختصراً مسلم (1453)، وابن ماجه (1943)، والنسائي في "الكبرى" (5450 - 5452) و (5456) و (5457) من طريق القاسم بن محمد، ومسلم (1453)، والنسائى في "الكبرى" (5455) من طريق زينب بنت أبي سلمة، كلاهما عن عائشة، به. وأخرج بنحوه مختصراً أيضاً مسلم (1454)، والنسائي في "الكبرى" (5454) من طريق زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة. وهو في "مسند أحمد" (26330)، و"صحيح ابن حبان" (4214) و (4215). وقولها: فضلاً. قال في "النهاية" أي: متبذلة في ثياب مهنتي، يقال: تفضلتِ المرأة: إذا لبست ثياب مهنتها، أو كانت في ثوب واحد، فهي فُضُل، والرجل فضل أيضاً، قال ابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 456: فمعنى هذا عندي أنه كان يدخل عليها وهي متكشفة بعضها مثل الشعر واليد والوجه، يدخل عليها وهي كيف أمكنها. =

10 - باب هل يحرم ما دون خمس رضعات

10 - باب هل يُحرِّم ما دون خمسِ رضعات 2062 - حدَّثنا عبدُ الله بن مسلمةَ القعنبيُّ، عن مالك، عن عبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عَمرو بن حَزمٍ، عن عَمرَةَ بنت عبدِ الرحمن ¬

_ = قلنا: وتخصيص هذا الحكم - وهو أن رضاع الكبير يُحرِّمُ - بسالم مولى أبي حذيفة هو قول عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وسائر أمهات المؤمنين غير عائشة، وجمهور التابعين، وجماعة فقهاء الأمصار، فهم الثوري ومالك وأصحابه، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، وأبي حنيفة وأصحابه، والشافعي وأصحابه، وأحمد وإسحاق وأبي ثور وأبي عبيد والطبري. وحملت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها حديث سالم مولى أبي حذيفة على العموم، فكانت تأمر أختها أم كلثوم بنت أبي بكر، وبنات أخيها أن يرضعن من أحبت أن يدخل عليها من الرجال وصنعت ذلك بسالم بن عبد الله بن عمر وأمرت أم كلثوم فأرضعته، وذهب إلى قولها عطاء والليث بن سعد لحديثها هذا وفتواها وعملها به، قال أبو بكر بن العربي: ولعمر الله إنه لقوي، ولو كان خاصاً بسالم، لقال لها: ولا يكون لأحد بعدك، كما قال لأبي بردة في الجذعة. قال صاحب "الزاد" 5/ 593 بتحقيقنا بعد أن أورد حجج من قال بعموم هذا الحديث وخصوصه: حديث سهلة ليس بمنسوخ ولا بمخصوص، ولا عام في حق كل أحد، وإنما هو رخصة للحاجة لمن لا يستغني عن دخوله على المرأة، ويشقُّ احتجابُها عنه، كحال سالم مع امرأة أبي حذيفة، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثر رضاعه، وأما من عداه فلا يؤثر إلا رضاع الصغير، وهذا مسلك شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، والأحاديث النافية للرضاع في الكبير إما مطلقة فتقيد بحديث سهلة، أو عامة في الأحوال، فتخصص هذه الحال من عمومها وهذا أولى من النسخ ودعوى التخصيص بشخص بعينه، وأقرب إلى العمل بجميع الأحاديث من الجانبين وقواعد الشرع تشهد له، والله الموفق، ونقل ابن مفلح في "الفروع" 5/ 570 عن شيخ الإسلام ابن تيمية أن رضاع الكبير مُحَرِّمٌ لحاجة، وانظر "مجموع فتاوى شيخ الإسلام" 34/ 60.

عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنْزَلَ اللهُ عز وجل مِن القرآن: (عشرُ رَضَعاتٍ يُحرِّمْنَ) ثم نُسخن بـ: (خمسٌ معلوماتٌ يُحرِّمنَ) فتوفي، النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وهُن مما يقرَأُ مِن القُرآنِ (¬1) ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 608/ 2، ومن طريقه أخرجه مسلم (1452)، والترمذي (1184)، والنسائي في "الكبرى" (5425). ولفظه: (عشر رضعات معلومات يُحرِّمن) وصححه ابن حبان (4221). وأخرجه مسلم (1452)، وابن ماجه (1942) من طريقين عن عمرة بنت عبد الرحمن، به. ورواية مسلم: ثم نزل أيضاً: (خمسٌ معلومات). وأخرج ابن ماجه (1944) من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة، قالت: لقد نزلت آيةُ الرَّجمِ، ورَضاعةُ الكبيرِ عَشراً، ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلمَّا مات رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وتشاغَلنا بمَوته، دخلَ داجنٌ فأكلها. وهذا حديث لا يصح، تفرد به محمد بن إسحاق صاحب المغازي، وفي متنه نكارة. وهو في "المسند" (26316). قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/ 146 - 147 تعليقاً على قول الإمام البخاري: "وما يحرم من قليل الرضاع وكثيره ": هذا مصير من البخاري إلى التمسك بالعموم الواردة في الأخبار مثل حديث الباب وغيره، وهذا قول مالك وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي والليث، وهو المشهور عند أحمد. وذهب آخرون إلى أن الذي يحرم ما زاد على الرضعة الواحدة. ثم اختلفوا فجاء عن عائشة عشر رضعات أخرجه مالك في "الموطأ"، وعن حفصة كذلك، وجاء عن عائشة أيضاً سبع رضعات أخرجه ابن أبي خيثمة بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير عنها، وعبد الرزاق من طريق عروة: "كانت عائشة تقول: لا يحرم دون سبع رضعات أو خمس رضعات" وجاء عن عائشة أيضاً خمس رضعات، فعند مسلم عنها: " كان فيما نزل من القرآن عشر رضعات معلومات، ثم نسخت بخمس رضعات معلومات فتوفي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهن مما يقرأ" وعند عبد الرزاق بإسناد صحيح عنها قالت: لا يحرم دون خمس رضعات معلومات، وإلى هذا ذهب الشافعي، =

2063 - حدَّثنا مُسَددُ بنُ مُسرهَدٍ، حدَّثنا اسماعيلُ، عن أيوبَ، عن ابن أبي مليكةَ، عن عبدِ الله بن الزبير ¬

_ = وهي رواية عن أحمد، وقال به ابن حزم، وذهب أحمد في رواية وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر وداود وأتباعه - إلا ابن حزم - إلى أن الذي يحرم ثلاث رضعات لقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: " لا تحرم الرضعة والرضعتان"فإن مفهومه أن الثلاث تحرم، وأغرب القرطبي. فقال: لم يقل به إلا داود. ويخرج مما أخرجه البيهقي عند زيد بن ثابت بإسناد صحيح أنه يقول: لا تحرم الرضعة والرضعتان والثلاث، وأن الأربع هي التي تحرم. والثابت من الأحاديث حديث عائشة في الخمس، وأما حديث: "لا تحرم الرضعة والرضعتان" فلعله مثال لما دون الخمس، وإلا فالتحريم بالثلاث فما فوقها إنما يؤخذ من الحديث بالمفهوم، وقد عارضه مفهوم الحديث الآخر المخرج عند مسلم وهو الخمس، فمفهوم: "لا تحرم المصة ولا المصتان" أن الثلاث تحرم، ومفهوم خمس رضعات أن الذي دون الأربع لا يحرم فتعارضا، فيرجع إلى الترجيح بين المفهومين، وحديث الخمس جاء من طرق صحيحه، وحديث المصتان جاء أيضاً من طرق صحيحة، لكن قد قال بعضهم: إنه مضطرب لأنه اختلف فيه هل هو عن عائشة أو عن الزبير أو عن ابن الزبير أو عن أم الفضل، لكن لم يقدح الاضطراب عند مسلم فأخرجه من حديث أم الفضل زوج العباس: "أن رجلاً من بني عامر قال: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - هل تحرم الرضعة الواحدة؟ قال: لا" وفي رواية له عنها: "لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان ولا المصة ولا المصتان" قال القرطبي: هو أنص ما في الباب، إلا أنه يمكن حمله على ما إذا لم يتحقق وصوله إلى جوف الرضيع، وقوى مذهب الجمهور بأن الأخبار اختلفت في العدد، وعائشة التي روت ذلك قد اختلف عليها فيما يعتبر من ذلك فوجب الرجوع إلى أقل ما ينطلق عليه الاسم، ويعضده من حيث النظر أنه معنى طارئ يقتضي تأييد التحريم فلا يشترط فيه العدد كالصهر، أو يقال مائع يلج الباطن فيحرم فلا يشترط فيه العدد كالمني، والله أعلم. وأيضا فقول عائشة: "عشر رضعات معلومات ثم نسخن بخمس معلومات، فمات النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وهن مما يقرأ" لا ينتهض للاحتجاج على الأصح من قولي الأصوليين، لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، والراوي روى هذا على أنه قرآن لا خبر فلم يثبت كونه قرآناً ولا ذكر الراوي أنه خبر ليقبل قوله فيه، والله أعلم.

11 - باب في الرضخ عند الفصال

عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تُحرِّمُ المصَّةُ، ولا المصَّتانِ" (¬1). 11 - باب في الرَّضخ عندَ الفِصَالِ 2064 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا أبو معاويةَ (ح) وحدَّثنا ابنُ العلاء، حدَّثنا ابنُ إدريس، عن هشام بنِ عروة، عن أبيه، عن حَجَّاج بنِ حَجَّاجٍ عن أبيه، قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما يُذْهِبُ عَنِّي مَذِمَّة الرَّضَاع؟ قال: "الغُرَّة: العَبدُ أو الأمَةُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن إبراهيم الأسدي المعروف بابن عُلَيّة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وابن أبي مُليكة: هو عبد الله بن عُبيد الله التيمي. وأخرجه مسلم (1450)، وابن ماجه (1941)، والترمذي (1183)، والنسائي في "الكبرى" (5428) من طرق عن أيوب، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح. وأخرجه النسائي (5427) من طريق شعبة، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة. فأسقط من إسناده عبد الله بن الزبير وابن أبي مليكة قد سمع من عائشة أيضاً، فلعله رواه على الوجهين. وأخرج النسائي في "الكبرى" (5439) من طريق أبي الشعثاء المحاربي، عن عائشة، أن نبي الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقول: "لا تحرم الخطفة والخطفتان". وهو في "مسند أحمد" (24026) و (25812)، و"صحيح ابن حبان" (4228). (¬2) إسناده محتمل للتحسين. حجاج بن حجاج: هو ابن مالك الأسلمي لم يروِ عنه غير عروة بن الزبير، وقد ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 12/ 371، وأبو حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 157، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، ووثقه العجلي وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ الذهبي في "الميزان": صدوق، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب": مقبول. =

12 - باب ما يكره أن يجمع بينهن من النساء

قال النُّفيليُّ: حجاجُ بنُ حجاج الأسلميُّ، وهذا لفظه. 12 - باب ما يُكره أن يُجمَعَ بينهن من النساء 2065 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا داود بنُ أبي هِندٍ، عن عامرٍ عن أبي هُريرة، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تُنْكَحُ المرأةُ على عَمَّتِهَا، ولا العَمَّةُ على بنتِ أخيها، ولا المرأةُ على خالتِها، ولا الخالةُ على بنتِ أختها، ولا تُنكحُ الكُبرى على الصُّغرى، ولا الصُّغرى على الكبرى" (¬1). ¬

_ = ابن العلاء: هو محمد بن العلاء الهمداني، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وابن إدريس: هو عبد الله الأودي. وأخرجه الترمذي (1187)، والنسائي في "الكبرى" (5458) و (5459) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (15733)، و"صحيح ابن حبان" (4230) و (4231). وقوله: "مذمة الرضاع" قال في"النهاية": المذمة بالفتح مَفْعَلَةٌ من الذم، وبالكسر: من الذمة والذّمام، وقيل: هي بالكسر والفتح الحق والحرمة التي يذم مضيعها والمراد بمذمة الرضاع: الحق اللازم بسبب الرضناع، فكأنه سأل ما يُسقِطُ عني حق المرضعة حتى أكون قد أديته كاملاً، وكانوا يستحبون أن يُعطوا للمرضعة عند فصال الصبي شيئاً سوى أجرتها. (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي، وعامر: هو ابن شراحيل الشعبي. وأخرجه الترمذي (1155) من طريق يزيد بن هارون، عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح. وقال: أدرك الشعبي أبا هريرة وروى عنه، وسألت محمداً (يعني البخاري) عن هذا، فقال: صحيح. =

2066 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عنبسةُ، أخبرني يونس، عن ابنِ شهاب، أخبرني قَبيصةُ بنُ ذُؤيبٍ أنه سَمِعَ أبا هريرة يقول: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يُجْمَعَ بين المرأةِ وخالتِها، وبين المرأةِ وعَمَّتِها (¬1). ¬

_ = وأخرجه مختصراً مسلم (1408) (35) من طريق قبيصة بن ذؤيب، و (1408)، والنسائي في "الكبرى" (5396) و (5401) من طريق أبي سلمة، ومسلم (1408)، وابن ماجه (1929)، والترمذي (1154)، والنسائي في "الكبرى" (5402) من طريق محمد بن سيرين، ومسلم (1408)، والنسائي في "الكبرى" (5399) و (5400) من طريق عراك بن مالك، والبخاري (5109)، ومسلم (1408)، والنسائي (5397) و (5399) من طريق عبد الرحمن الأعرج، خمستهم عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (9500)، و "صحيح ابن حبان" (4117) و (4118). وانظر ما بعده. قال الخطابي: يشبه أن يكون المعنى في ذلك ما يخاف من وقوع العداوة بينهن، لأن المشاركة في الحظ من الزوج تدفع المنافسة بينهن، فيكون منها قطيعة الرحم. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن بالمتابعات والشواهد. عنبسة: وهو ابن خالد الأموي، ضعيف يعتبر به في المتابعات، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه البخاري (5110)، ومسلم (1408) (36)، والنسائي في "الكبرى" (5398) من طرق عن يونس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9203)، و"صحيح ابن حبان" (4113) و (4115). وقال الترمذي بعد تخريجه: والعمل على هذا عند عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافاً أنه لا يحل للرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، ولا أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها. وقال ابن المنذر: لست أعلم في منع ذلك اختلافاً اليوم، وإنما قال بالجواز فرقة من الخوارج، وإذا ثبت الحكم بالسنة، واتفق أهل العلم على القول به، لم يضره خلاف من خالفه، وكذا نقل الإجماع ابن عبد البر وابن حزم والقرطبي والنووي. =

2067 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا خطّابُ بنُ القاسم، عن خُصَيفٍ، عن عِكرمة عن ابنِ عباس، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: أنه كَرِهَ أن يجمع بين العمّةِ والخالَةِ، وبين الخالتين والعمَّتينِ (¬1). 2068 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بنِ السَّرح المصريُّ، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يونس، عن ابنِ شهاب، أخبرني عروةُ بنُ الزبير أنه سأل عائشةَ زوجَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - عن قولِ الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3]، قالت: يا ابن أُختي، هي اليتيمةُ تكونُ في حِجْر وَليها، فَتُشَارِكُه في ماله، فَيُعْجِبُه مالُها وجمالُها، فيريدُ [وليُّها] أن يتزوجَها بغيرِ أن يُقسِطُ في صَدَاقِها ¬

_ = وقد ذكر الحنفية والحنابلة والمالكية في قضية الجمع بين المرأتين قاعدة كلية: هي أن كل شخصين لا يجوز لأحدهما أن يتزوج الآخر، لو كان أحدهما ذكراً والآخر أنثى لأجل القرابة، لا يجوز الجمع بينهما لتأدية ذلك إلى قطيعة الرحم القريبة، لما في الطباع من التنافس والغيرة بين الضرائر، ولا يجوز الجمع بين المرأة وأمها في العقد لما ذكرنا، ولأن الأم إلى ابنتها أقرب من الأختين، فإذا لم يجمع بين الأختين، فالمرأة وبنتها أولى. انظر "المغني" 9/ 523 - 524: و"بداية المجتهد" 6/ 452 - 453 و"رد المحتار" 4/ 116، وانظر "روضة الطالبين" 7/ 118 للإمام النووي. وانظر ما قبله. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ خُصَيف - وهو ابن عبد الرحمن - ولكنه متابع. عكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه الترمذي (1153) من طريق أبي حَرِيز، عن عكرمة، به. وأبو حريز حديئه حَسَن في المتابعات، وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (1178) و (3530)، و"صحيح ابن حبان" (4116). ويشهد له حديث أبي هريرة الذي قبله.

فَيُعطِيَها مثلَ ما يُعطيها غيرُه، فنهُوا أن يَنْكِحُوهُنَّ، إلا أن يُقسِطُوا لهن، ويبلُغوا بهن أعلى سُنَّتهنَّ مِن الصَّداقِ، وأُمِرُوا اْنْ يَنْكِحُوا ما طَابَ لهم مِن النساء سواهُنَّ. قال عُروةُ: قالت عائشة: ثم إنَّ الناسَ استفتَوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بَعْدَ هذه الآية فيهن، فأنزلَ اللهُ عزَ وجلَّ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] قالت: والذي ذكر الله أنه يتلى عليهم في الكتاب الآية الأولى التي قال الله تعالى فيها: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] قالت عائشة: وقولُ الله عزَّ وجلَّ في الآية الآخرة: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} هي رغبةُ أحدِكم عن يتيمته التي تكونُ في حِجْرِه حين تكون قليلةَ المال والجمالِ، فنُهوا أن ينكحوا ما رَغِبُوا في مالها وجمالها من يتامى النِّساءِ إلا بالقسطِ، من أجلِ رغبتهم عنهنِّ، قال يونس: وقال ربيعة في قولِ الله عزَّ وجلَّ {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} قال: يقول: اتركوهن إن خفتم فقد أحللتُ لكم أربعاً (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله بن وهب المصري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه مختصراً وتاماً البخاري (2494) و (2763) و (4574) و (5064) و (5092) و (5140) و (6965)، ومسلم (3018)، والنسائي في "الكبرى" (5488) و (11024) من طرق عن ابن شهاب، بهذا الإسناد. وزاد البخاري (4574)، ومسلم (3018) (6)، والنسائي في "الكبرى" (11024): من أجل رغبتهم عنهُنَّ إذا كُنَّ قليلات المالِ والجمال. =

2069 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيم بن سعد، حدثني أبي، عن أبي الوليد بن كثير، حدثني محمد بن عمرو بن حَلحَلة الدُّؤلي، أن ابن شهابٍ حدَّثه أن علي بنَ الحسين حدثه: أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد ابن معاوية - مَقْتَلَ الحسين بن علي رضي الله عنه - لقيه المِسْورُ بن مخْرمة، فقال له: هل لك إليَّ من حاجة تأمرُني بها؟ قال: فقلتُ له: لا، قال: هل أنت مُعطِيَّ سيفَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فإنِّي أخافُ أن يَغْلِبَكَ القومُ عليه؟ وايمُ اللهِ لَئِن أعطيتَنِيه لا يُخْلَصُ إليه أبداً حتى يُبْلَغَ إلى نفسي، إن علي بنَ أبي طالبٍ رَضِيَ الله عنه خطبَ بنتَ أبي جهل على فاطمة رضيَ الله عنها، فسمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو يَخْطُبُ الناسَ في ذلك على منبره هذا، وأنا يومئذ محتلِمٌ، فقال: "إن فاطمة مِنِّي وأنا أتخوَّفُ أن تُفْتَنَ في دِينها" قال: ثم ذكر صِهْرَاً له من بني عبدِ شمس، فأثنى عليه في مُصاهرته إياه فأحسن، قال: "حدَّثني فَصَدَقني، ووعَدَني فَوفَى لي، وإني لستُ أُحرِّم حلالاً ولا أُحِلُّ حراماً، ولكن والله لا تجتمعُ بنتُ رسول الله وبنتُ عدوِّ الله مكاناً واحداً أبداً" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مختصراً البخاري (4573) و (4600) و (5098) و (5128) و (5131)، ومسلم (3018)، والنسائي في "الكبرى" (11059) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (4073). (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه بتمامه ومختصراً البخاري (3110)، ومسلم (2449)، والنسائي في "الكبرى" (8314) و (8469) من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد. =

2070 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيي بن فارس، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، وعن أيوب عن ابن أبي مليكة، بهذا الخبر، قال: فسكت عليٌّ عن ذلك النكاح (¬1). ¬

_ = وأخرجه بتمامه ومختصراً أيضأ البخاري (3729)، ومسلم (2449)، وابن ماجه (1999)، والنسائي في "الكبرى" (8468) من طريق شعيب بن أبي حمزة، ومسلم (2449) من طريق النعمان بن راشد، كلاهما عن الزهري، به. زادوا في آخره: فترك عليٌّ الخطبة. وهو في "مسند أحمد" (18911)، و"صحيح ابن حبان" (6956). وانظر لاحقيه. قال ابن القيم في "تهذيب السنن" 3/ 17: وفي هذا الحديث تحريم أذى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بكل وجه من الوجوه وإن كان بفعل مباح، فإن تأذى به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يجز فعله لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} [الأحزاب: 53] وفيه غيرة الرجل وغضبه لابنته وحرمته. وفيه بقاء عار الآباء في الأعقاب لقوله: "بنت عدو الله" فدل على أن لهذا الوصف تأثيراً في المنع، وإلا لم يذكره مع كونها مسلمة، وعليه بقاء أثر صلاح الآباء في الأعقاب. وفيه أوضح دليل على فضل فاطمة، وأنها سيدة نساء هذه الأمة، لكونها بضعة من النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وفيه ثناء الرجل على زوج ابنته بجميل أوصافه ومحاسن أفعاله. وفيه أن أذى أهل بيته - صلَّى الله عليه وسلم - وإرابتهم أذى له. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد مرسل. ولمعمر في هذا الحديث طريقان، الأول عن الزهري، والثاني عن أيوب، عن ابن أبى مليكة. أما ابنُ أبي مليكة - واسمه عَبد الله بن عُبيد الله - فيرويه عن المسور بن مخرمة كما يتضح من إسناد الرواية التالية عند المصنف، وأما الزهري فالذي أثبتناه من أصولنا الخطية أنه عن الزهري عن عروة. قلنا: وعروة - وهو ابن الزبير - قد روى عن المسور بن مخرمة عند الستة، لكن جاء في "تحفة الأشراف" للمزي (11278) أنه من رواية الزهري، عن علي بن الحسين، =

2071 - حدَّثنا أحمد بنُ يونس وقتيبةُ بن سعيد - المعنى، قال أحمد: حدَّثنا الليثُ، حدثني عبدُ الله بن عُبيد الله بن أبي مليكة القرشي التيمي أن المسورَ بن مخرمة حدَّثه، أنه سمع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - على المنبر يقول: "إن بني هشام بن المغيرة استأذَنُوني أن يُنكحوا ابنتهم من علي بن أبي طالب، فلا آذَنُ، ثم لا آذَنُ [ثم لا آذَنُ] إلا أن يريد ابنُ أبي طالب أن يطلِّقَ ابنتي ويَنكِحَ ابنتَهم، فإنما ابنتي بَضْعة مني، يُرِيبُني ما أرابَها، ويُؤذيني ما آذاها". والإخبار في حديثِ أحمدٌ (¬1). ¬

_ = عن المسور، يعني كالرواية السالفة عند المصنِّف قبله، وقد رواه عن الزهري من هذا الوجه جماعة، وجاء في "مصنف عبد الرزاق" (13269) عن معمر، عن الزهري، وعن أيوب، عن ابن أبي مليكة: أن علي بن أبي طالب خطب، وهذا يؤيد ما جاء في "تحفة الأشراف". لكن روى هذا الحديث أحمدُ في "فضائل الصحابة" (1330) عن عبد الرزاق، فقال: عن معمر، عن الزهري، عن عروة، وعن أيوب، عن ابن أبي مليكة: أن علي بن أبي طالب. فوافق ما جاء في أصولنا الخطية. فالظاهر أن عبد الرزاق قد اضطرب في إسناده. فمرة يرويه عن معمر، عن الزهري وعن معمر، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، وتارة يرويه بزيادة عُروة في طريق الزهري. بقي أن ينبه هنا على أن المزي جعل هذا الإسناد بطريقيه موصولاً، وإنما حمله على ذلك أنه نظر إلى الإسناد الذي قبله والإسناد الذي بعده عند المصنِّف، فحمل هذا الإسناد على الوصل، لكن صنيع المصنِّف يشير إلى أنه عن الزهري - أو عن الزهري عن عروة - وعن ابن أبي مليكة مرسلاً. ويؤيده ما جاء في "مصنف عبد الرزاق" و"فضائل الصحابة" لأحمد بن حنبل، مبيناً فيه الإرسال كما سلف. وانظر ما قبله وما بعده. (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد وأخرجه بتمامه ومختصراً البخاري (3714) و (3767) و (5230) و (5278)، ومسلم (2449)، وابن ماجه (1998)، والترمذي (4205)، والنسائي في "الكبرى" (8312) و (8313) و (8465 - 8467) من طريقين عن عبد الله ابن أبي مليكة، به. وقال الترمذي: حسن صحيح. =

13 - باب في نكاح المتعة

13 - باب في نكاح المتعة (¬1) 2072 - حدَّثنا مُسَدَّدُ بنُ مُسَرهَدٍ، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن إسماعيلَ بنِ أُميةَ، عن الزهريِّ، قال: كنا عندَ عمر بنِ عبد العزيز، فتذاكرنا مُتْعَةَ النساء فقال له رَجُلٌ يقال له: ربيعُ بنُ سَبْرَةَ: أشهد على أبي أنه حَدَّث: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عنها في حَجَّة الوَداع (¬2). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (4207) من طريق أيوب السختيانى، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن الزبير. فجعله من مسند عبد الله بن الزبير. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. هكذا قال أيوب: عن ابن أبي مليكة، عن ابن الزبير. وقال غير واحدٍ: عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة، ويحتمل أن يكون ابن أبي مليكة روى عنهما جميعاً. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8468) من طريق علي بن حسين، عن المسور ابن مخرمة. وهو في "مسند أحمد" (18926)، و"صحيح ابن حبان" (6955). وانظر سابقيه. (¬1) نكاح المتعة: هو تزويج المرأة إلى أجل، فإذا انقضى وقعت الفرقة. (¬2) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب. وأخرجه بنحوه مسلم (1406) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وجاء في روايتين عند مسلم أن النهي عن المتعة كان يوم الفتح. ولم يَرِد في بقية الروايات زمنُ ذلك. وأخرجه بنحوه أيضاً مسلم (1406)، وابن ماجه (1962)، والنسائي في "الكبرى" (5516 - 5520) و (5525) من طرق عن الربيع بن سبرة، به. وقال النسائي: حديث صحيح، وجاء في رواية مسلم أن ذلك كان عام الفتح، ولم يرد عند النسائي في غير الموضع الأول زمنُ ذلك. =

2073 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيي بن فارسٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَغمَرٌ، عن الزهري، عن ربيع بنِ سَبرةَ عن أبيه: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حَرَّمَ مُتْعَةَ النِّسَاء (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد"، و"صحيح ابن حبان" (4146). وانظر ما بعده. قال الحافظ في "الفتح" 9/ 170: وأما حجة الوداع، فهو اختلاف على الربيع بن سبرة، والرواية عنه أنها في الفتح أصحُّ وأشهر. وقال في "التلخيص" بعد أن روى هذا الحديث من طريق الربيع بن سبرة، قال: أشهد على أبي أنه حدث أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عنها في حجة الوداع: ويجاب عنه بجوابين: أحدهما: أن المراد بذكر ذلك في حجة الوداع إشاعة النهي والتحريم لكثرة من حضرها من الخلائق، والثاني: احتمال أن يكون انتقل ذهن أحد رواته من فتح مكة إلى حجة الوداع، لأن أكثر الرواة عن سبرة أن ذلك كان في الفتح. تنبيه: قال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" 5/ 111: وأما نكاحُ المتعة، فثبت عنه - صلَّى الله عليه وسلم - أنه أحلها عامَ الفتح، وثبت عنه أنه نهى عنها عامَ الفتح، كما في "صحيح مسلم" (1406) (22)، واختلف: هل نهى عنها يومَ خيبر على قولين، والصحيح أن النهي إنما كان عام الفتح وأن النهي يومَ خيبر إنما كان عن الحمر الأهلية، وإنما قال عليٌّ لابن عباس: إن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى يوم خيبر عن متعة النساء، ونهى عن الحمر الأهلية محتجاً عليه في المسألتين، فظن بعض الرواة أن التقييد بيوم خيبر راجع إلى الفصلين، فرواه بالمعنى، ثم أفرد بعضهم أحد الفصلين، وقيده بيوم خيبر. وقد تقدم بيان المسألة في غزاة الفتح في الجزء الثالث من "زاد المعاد" بتحقيقنا 3/ 459 - 464 فارجع إليه. (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد. وأخرجه بنحوه مسلم (1406)، والنسائي في "الكبرى" (5521) من طريقين عن معمر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15344). وانظر ما قبله. =

14 - باب في الشغار

14 - باب في الشِّغار 2074 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ (ح) وحدَّثنا مُسَدَدُ بن مُسَرْهَدٍ، حدَّثنا يحيى، عن عُبيد الله، كلاهما عن نافعٍ عن ابنِ عمر: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن الشِّغار. زاد مُسَدَّدٌ في حديثه: قلتُ لنافع: ما الشِّغَارُ؟ قال: يَنْكِحُ ابنَةَ الرَّجُلِ ويُنْكِحُه ابنَته، بغيرِ صَدَاقٍ، ويَنكِحُ أختَ الرجلِ ويُنْكِحُه أختَه بغيرِ صَدَاقٍ (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: تحريم نكاح المتعة، كالإجماع بين المسلمين، وقد كان ذلك مباحاً في صدر الإسلام ثم حرمه في حجة الوداع (الصواب في غزاة الفتح) وذلك في آخر أيام رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فلم يبق اليوم فيه خلاف بين الأئمة إلا شيئاً ذهب إليه بعض الروافض. وكان ابن عباس يتأول في إباحته للمضطر إليه بطول العُزبة وقلة اليسار والجِدة، ثم توقف عنه، وأمسك عن الفتوى به ... قال الخطابي: وإنما سلك ابن عباس فيه مذهب القياس وشبهه بالمضطر إلى الطعام، وهو قياس غير صحيح، لأن الضرورة في هذا الباب لا تتحقق كهي في باب الطعام الذي به قوام الأنفس، وبعدمه يكون التلف، وإنما هذا من باب غلبة الشهوة، ومصابرتها ممكنة، وقد تحسم مادتها بالصوم والعلاج، فليس أحدهما فلى حكم الضرورة كالآخر. (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، يحيى: هو ابن سعيد القطان، وعبيد الله: هو ابن عمر، ونافع: هو مولى ابن عمر. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 535، ومن طريقه أخرجه البخاري (5112)، ومسلم (1415)، وابن ماجه (1883)، والترمذي (1152)، والنسائي في "الكبرى" (5473). وقال الترمذي: حسن صحيح. وأخرجه البخاري (6960)، ومسلم (1415)، والنسائي في "الكبرى" (5470) من طرق عن نافع، به. ولفظ إحدى روايات مسلم: "لا شغار في الإسلام". وهو في "مسند أحمد" (4526)، و"صحيح ابن حبان" (4152). قال النووي: الشغار بكسر الشين وبالغين أصله في اللغة الرفع، يقال: شغر الكلب: إذا رفع رجله ليبول كأنه قال: لا ترفع رجل بنتي حتى أرفع رجل بنتك، وقيل: =

2075 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس، حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا أبي، عن ابنِ إسحاقَ، حدَثني عبدُ الرحمن بن هُزمز الأعرجُ أن العباسَ ابنَ عبدِ الله بن العباس، أنكح عبدَ الرحمن بنَ الحكم ابنَته، وأنكحه عبدُ الرحمن ابنته، وكانا جَعلا صَدَاقاً. فكتَبُ معاويةُ إلى مروانَ يأمره بالتفريقِ بينَهما، وقال في كتابه: هذا الشِّغَار الذي نهى عنه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ = هو من شغر البلد: إذا خلا لخلوه من الصداق، وكان الشغار من نكاح الجاهلية وأجمع العلماء على أنه منهي عنه، لكن اختلفوا هل هو نهي يقتضي إبطال النكاح أم لا، فعند الشافعي يقتضي إبطاله، وحكاه الخطابي عن أحمد وإسحاق وأبي عبيد، وقال مالك: يفسخ قبل الدخول وبعده، وفي رواية عنه: قبله لا بعده، وقال جماعة: يصح بمهر المثل، وهو مذهب أبي حنيفة وحكي عن عطاء والزهري والليث وهو رواية عن أحمد وإسحاق، وبه قال أبو ثور وابن جرير، وأجمعوا على أن غير البنات من الأخوات وبنات الأخ والعمات وبنات الأعمام كالبنات. وصورته: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك، وبضع كل واحدة صداق للأخرى، فيقول: قبلت. (¬1) مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق المطلبي مولاهم - قد صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه أحمد في "مسنده" (16856)، وأبو يعلى في "مسنده" (7370)، وابن حبان في "صحيحه" (4153)، والطبراني في "الكبير" 19/ (803)، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 200 من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وقرن أحمد في روايته مع يعقوب سعد بن إبراهيم. ولم يذكر الطبراني في روايته القصة. ويشهد للنهي عن الشغار ما سلف قبله من حديث عبد الله بن عمر. وآخر من حديث أبي هريرة عند مسلم (1416). وثالث من حديث جابر بن عبد الله عند مسلم أيضاً (1417). ورابع من حديث أنس بن مالك عند أحمد في"مسنده" (12658). وخامس من حديث عمران بن حصين عند الترمذي (1151)، والنسائي في "الكبرى" (4415).

15 - باب في التحليل

15 - باب في التحليل 2076 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زهير، حدثني إسماعيلُ، عن عامرٍ، عن الحارثِ عن علي - قال إسماعيل: وأُراه قد رفعَه إلى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لُعِنَ المُحِلُّ والمُحَلَّلُ لَه" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناده ضعيف، لضعف الحارث - وهو ابن عبد الله الأعور - زهير: هو ابن معاوية الجعفي، وإسماعيل: هو ابن أبي خالد البجلي، وعامر: هو ابن شراحيل الشعبي. وأخرجه ابن ماجه (1935)، والترمذي (1147) من طريقين عن الشعبي، بهذا الإسناد. وقرن الترمذي مع علي جابر بن عبد الله، وقال: حديث علي وجابر حديثٌ معلول. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9335) من طريق ابن عون، عن الشعبي، عن الحارث مرسلاً. وأخرجه أيضاً النسائي في "الكبرى" (9336) من طريق عطاء بن السائب، عن الشعبي قال: لعن ... مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (635) و (980). وانظر ما بعده. وله شاهد من حديث عبد الله بن مسعود عند أحمد في "مسنده" (4283) و (4284) و (4403)، والترمذي (1148). وإسناده صحيح. وآخر من حديث أبي هريرة عند أحمد (8287) وغيره، وإسناده حسن. قال في "المغني" 49/ 10: إن نكاح المحلل حرام باطل في قول عامة أهل العلم، منهم الحسن والنخعي وقتادة ومالك والليث والثوري وابن المبارك والشافعي، وسواه قال: زوجتكها أن تطأها، أو شرط أنه إذا أحلها، فلا نكاح بينهما، أو أنه إذا أحلها للأول طلقها، وحكي عن أبي حنيفة أنه يصح النكاح ويبطل الشرط، وقال الشافعي في الصورتين الأوليين: لا يصح، وفي الثالثة على قولين. =

16 - باب في نكاح العبد بغير إذن سيده

2077 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، عن خالدٍ، عن حُصَين، عن عامرٍ، عن الحارثِ الأعورِ عن رجل مِن أصحابِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: فرأينا أنه عليٌّ، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه (¬1). 16 - باب في نكاح العبد بغير إذن سيده 2078 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل وعثمانُ بنُ أبي شيبة - وهذا لفظُ إسناده - وكلاهما، عن وكيع، حدَّثنا الحسنُ بنُ صالح، عن عبدِ الله بنِ محمد بن عقيل عن جابر قال: قال رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم -: "أيما عَبدٍ تزوَّجَ بغير إذن مَواليه فَهُوَ عاهِرٌ" (¬2). ¬

_ = قال ابن الهمام من الحنفية: وعلى المختار للفتوى لو زوجت المطلقة ثلاثاً نفسها بغير كفء، ودخل بها لا تحل للأول، قالوا: ينبغي أن تحفظ هذه المسألة، فإن المحلل في الغالب أن يكون غير كفء. وقال القاضي فيما نقله عنه القاري في "المرقاة" 3/ 487: المحلل الذي تزوج مطلقة الغير ثلاثاً على قصد أن يطلقها بعد الوطء، ليحل للمطلق نكاحها، وكأنه يحللها على الزوج الأول بالنكاح والوطء، والمحلل له هو الزوج، وإنما لعنهما لما في ذلك من هتك المروءة، وقِلَّة الحميَّه والدلالة على خِسة النفس وسقوطها، أما بالنسبة إلى المحلل له فظاهر، وأما بالنسبة إلى المحلل، فلأنه يعير نفسه بالوطء لغرض الغير، فإنما يطؤها ليعرضها لوطء المحلل له، ولذلك مثله - صلَّى الله عليه وسلم - بالتيس المستعار. (¬1) صحيح لغيره كسابقه. خالد: هو ابن عبد الله الطحّان. وهو في "مسند أحمد" (660). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف. عبد الله بن محمد بن عقيل تفرد به عن جابر، ولم يتابعه عليه أحد، ومثله لا يُقبَل عند التفرد. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي. =

17 - باب في كراهية أن يخطب الرجل على خطبة أخيه

2079 - حدَّثنا عقبةُ بنُ مُكرَمٍ، حدَّثنا أبو قتيبةَ، عن عبدِ الله بنِ عمر، عن نافع عن ابنِ عمر، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا نكحَ العبدُ بغيرِ إذن مولاه، فَنِكَاحُهُ بَاطِلٌ" (¬1). قال أبو داود: هذا الحديث ضعيف، وهو موقوف، وهو قولُ ابن عُمر. 17 - باب في كراهيةِ أن يخطُب الرجل على خِطبة أخيه 2080 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عَمرو بنِ السَّرْح، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سعيد بنِ المسيب ¬

_ = وأخرجه الترمذي (1137) و (1138) من طريقين عن عبد الله بن محمد، به. وقال في الموضع الأول: حديث حسن، وفي الموضع الثانى: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (14212). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده ضعيف. لضعف عبد الله بن عمر - وهو ابن حفص العمري -. أبو قتيبة: هو سَلْم بن قتيبة الشَّعِيري، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه ابن ماجه (1960) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، به. بلفظ: "فهو زانٍ". وفى سنده مندل بن علي وهو ضعيف، وقال أحمد: هذا حديث منكر، وصوب الدارقطني وقفه في "العلل" كما صنع المصنف هنا. وأخرجه موقوفاً عبد الرزاق (12981)، وابن أبي شيبة 4/ 261 - 262، عن ابن عمر أنه وجد عبداً له تزوج بغير إذنه، ففرق بينهما، وأبطل صداقه، وضَرَبَه حدّاً. وهذا إسناد صحيح. وأخرجه ابن ماجه (1959) من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن القاسم بن عبد الواحد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن عمر. بلفظ: "كان عاهراً". قال الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 434: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، فقال: عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر أصح. وانظر ما قبله.

عن أبي هُريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَخْطُبُ الرَّجُلُ على خِطبةِ أخيه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة الهلالي، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب. وأخرجه البخاري (2140) و (2723)، ومسلم (1413)، وابن ماجه (1867)، والترمذي (1165)، والنسائي في "الكبرى" (5336) و (5337) و (6049) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وزاد النسائي (5337): "حتى يَنكح أو يَترُك". وأخرجه البخاري (5144)، والنسائي في "الكبرى" (5335) من طريق الأعرج عبد الرحمن بن هرمز، ومسلم (1408)، والنسائى (5339) من طريق محمد بن سيرين، ومسلم (1413) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب و (1413) من طريق أبي صالح السمان. عن أبي هريرة، به. زاد البخاري: "حتى يَنْكح أو يَترُك". وهو في "مسند أحمد" (7248)، و"صحيح ابن حبان" (4046) و (4048) و (4050). الخطبة بكسر الخاء: التماس النكاح، واما الخطبة في الجمعة والعيد والحج وبين يدي عقد النكاح فبضم الحاء. وذهب الجمهور إلى أن النهي في الحديث للتحريم كما حكى ذلك الحافظ في "الفتح" وقال الخطابي: إن النهي هاهنا للتأديب، وليس بنهي تحريم يُبطِلُ العقدَ عند أكثر الفقهاء، قال الحافظ: ولا ملازمة بين كونه للتحريم وبين البطلان عند الجمهور، بل هو عندهم للتحريم ولا يبطِل العقدَ، وحكى النووي أن النهي فيه للتحريم بالإجماع، ولكنهم اختلفوا في شروطه، فقالت الشافعية والحنابلة: محل التحريم إذا صَرَّحَت المخطوبة بالإجابة أو وليها الذي أذنت له، فلو وقع التصريح بالرد، فلا تحريم، وليس في الأحاديث ما يدل على اعتبار الإجابة، وأما ما احتج به الخطابي من قول فاطمة بنت قيس للنبي - صلَّى الله عليه وسلم -: إن معاوية وأبا جهم خطباها، فلم ينكر النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عليهما، بل خطبها لأسامة، فليس فيه حجة كما قال النووي لاحتمال أن يكونا خطباها معاً، أو لم يعلم الثاني بخطبة الأول، والنبي - صلَّى الله عليه وسلم - أشار بأسامة ولم يخطب.

18 - باب الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها

2081 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ نُمير، عن عُبيد الله، عن نافع عن ابنِ عمر، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَخطُب أحَدُكُم على خِطبةِ أخيه، ولا يَبِعْ على بيعِ أخيه، إلا بإذنِهِ" (¬1). 18 - باب الرجل ينظُر إلى المرأةِ وهو يريد تزويجها 2082 - حدَّثنا مُسَددٌ، حدَّثنا عبدُ الواحدِ بنُ زيادٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، عن داود بنِ حُصينٍ، عن واقدِ بنِ عبدِ الرحمن - يعني ابنَ سعد بن معاذٍ - عن جابر بنِ عبد الله، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا خَطَبَ أحَدُكُم المرأةَ، فإن استطاعَ أن يَنْظُرَ إلى ما يَدْعُوهُ إلى نِكَاحها فَلْيفعَل". فخطبتُ جاريةً فكنت أتخبَّأ لها، حتى رأيتُ منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوَّجْتُها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبيد الله: هو ابن عمر العمري، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه البخاري (2139) و (2165) و (5142)، ومسلم (1412)، وبإثر (1514)، وابن ماجه (1868) و (2171)، والترمذي (1338)، والنسائي في "الكبرى" (5334) و (5340) و (6050) و (6051) من طرق عن نافع، به. وزاد النسائي في "الكبري" (5340): "حتى يترك الخاطبُ قبلَه أو يأذن له الخاطب"، و (6051) في البيع: "حتى يَبتَاعَ أو يَذَرَ". واقتصر بعضهم على ذكر البيع على البيع. وهو في "مسند أحمد" (4722) و (6276)، و"صحيح ابن حبان" (4047) و (4966). وانظر ما سيأتي برقم (3436). (¬2) مرفوعه صحيح، وهذا حديث حسن، وقد اختُلف على محمد بن إسحاق في تسمية الراوي عن جابر، والصحيح أنه واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، وليس واقد بن عبد الرحمن، كما في رواية إبراهيم بن سعد الزهري، وأحمد بن خالد الوهبي =

19 - باب في الولي

19 - باب في الولي 2083 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، أخبرنا ابنُ جريج، عن سليمانَ بنِ موسى، عن الزَّهري، عن عُروة عن عائشة قالت: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أيُّما امرأةٍ نكَحَتْ بغيرِ إذن مَوَاليها فنِكاحُهَا بَاطِلٌ - ثلاثَ مرات - فإن دَخَلَ بها فالمهرُ لها ¬

_ = وغيرهما، وواقد بن عمرو ثقة. وابن إسحاق صرح بسماعه من داود بن حصين عند أحمد (14869). وانظر تمام الكلام عليه في "مسند أحمد" (14586). مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 355 - 356، وأحمد في "مسنده" (14586) من طريق عبد الواحد بن زياد، والبزار - كما في "الوهم والإيهام " 4/ 428 - 429، عن عمر بن علي المقدَّمي، كلاهما عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (14869) من طريق إبراهيم بن سعد، والطحاوي في"شرح معاني الآثار" 3/ 14، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 84 من طريق أحمد بن خالد الوَهبي، والحاكم في "المستدرك" 2/ 165 من طريق عمر بن علي المقدَّمي، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، عن داود بن حصين، عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن جابر بن عبد الله، به. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. ولمرفوعه شاهد من حديث أنس بن مالك عند ابن ماجه (1865). وصححه ابنُ حبان (4043)، والحاكم 2/ 165، ووافقه الذهبي. وآخر من حديث أبي هريرة عند أحمد في "مسنده" (7842)، ومسلم (1424). وثالث من حديث المغيرة بن شعبة عند أحمد (18137). وهو صحيح. ورابع من حديث أبي حميد الساعدى عند أحمد أيضاً (23602). وإسناده صحيح. قال الشوكانى: وقد وقع الخلاف في الموضع الذي يجوز النظر إليه من المخطوبة، فذهب الأكثر إلى أنه يجوز إلى الوجه والكفين فقط، وقال داود: يجوز النظر إلى جميع البدن، وقال الأوزاعي: ينظر إلى مواضع اللحم، وظاهر الأحاديث أنه يجوز له النظر إليها سواء كان ذلك بإذنها أم لا، وروي عن مالك اعتبار الإذن.

بما أصابَ منها، فإن تَشَاجَرُوا فالسُلطَانُ وَليُّ مَن لا وليَّ له" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وصححه ابن معين، وأبو عوانة، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، وقد صرّح ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - بسماعه من سليمان بن موسى عند عبد الرزاق في. "مصنفه" (10472)، وفي رواية أبي عاصم الضحاك عند الحاكم 2/ 168. وكذا جاء عندهما تصريح سليمان بن موسى بسماعه من الزهري، وسليمان ثقة حافظ، فما جاء في رواية إسماعيل ابن عليّة من أن ابن جريج لقي الزهري فسأله عن هذا الحديث فلم يعرفه، فيه وقفة، فقد تكلم ابن معين في سماع ابن عُلية من ابن جريج. وقد فصلنا القول في هذا الحديث في "مسند أحمد" (24205)، فانظر تمام تخريجه والكلام عليه عنده. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وعروة: هو ابن الزبير. وأخرجه ابن ماجه (1879)، والنرمذي (1127)، والنسائي في "الكبرى" (5373) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وأخرجه ابن ماجه (1880) من طريق حجاج بن أرطاة، عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (24205)، و"صحيح ابن حبان" (4074). وله شاهد من حديث ابن عباس عند أحمد في "مسنده" (2260)، وابن ماجه (1880). وآخر من حديث أبي هريرة عند ابن حبان (4076). وثالث من حديث أبي موسى الأشعري سيأتي عند المصنف بعده. ورابع من حديث ابن مسعود عند الدارقطني 3/ 225. وخامس من حديث علي عند البيهقي 7/ 111. وسادس من حديث ابن عمر عند الدارقطني 3/ 225. وهذه الأحاديث لا يخلو واحد منها من ضعف، لكن الحديث يتقوى بمجموع هذه الشواهد. وانظر ما بعده.

2084 - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا ابنُ لهيعةَ، عن جعفرٍ - يعني ابنَ ربيعةَ - عن ابنِ شهابٍ، عن عُروة، عن عائشة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه (¬1). قال أبو داود: جعفرٌ لم يَسمَع مِن الزهري، كتب إليه. 2085 - حدَّثنا محمدُ بنُ قدامةَ بن أعين، حدَّثنا أبو عبيدةَ الحدادُ، عن يونسَ. وإسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي بردةَ عن أبي موسى، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا نِكَاحَ إلا بِوَليٍّ" (¬2). قال أبو داود: هو يونس، عن أبي بُردةَ، وإسرائيلَ عن أبي إسحاقَ عن أبي بُردة (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. ابن لهيعة - وهو عبد الله - سماع القعنبيُّ - وهو عبد الله بن مسلمة - منه قبل سوء حفظه، ولهذا قبل العلماءُ رواية ابن لهيعة من طريقه. وهو في "مسند أحمد" (24372). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. وقد اختُلف في وصله وإرساله، ووصله أصح كما بيناه في "مسند أحمد" (19518). أبو عُبيدة الحداد: هو عبد الواحد بن واصل، ويونس: هو ابن أبي إسحاق السبيعي، وإسرائيل: هوْ ابن يونس السبيعي، وأبو إسحاق: هو عمرو ابن عبد الله السبيعي، وأبو بردة: هو عامر بن عبد الله الأشعري. وأخرجه ابن ماجه (1881)، والترمذي (1126) من طرق عن أبي إسحاق، به. وأخرجه الترمذي (1128) من طريق سفيان الثوري، وشعبة، عن أبي إسحاق، به. مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (19518)، و"صحيح ابن حبان" (4077) و (4078) و (4083) و (4090). وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "المسند". (¬3) أراد المصنف هنا أن ينبه على أن رواية أبي عبيدة الحداد عن يونس إنما هي عن أبي بردة مباشرة دون ذكر أبي إسحاق السبيعي، وبذلك يشترك مع أبي إسحاق في =

2086 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس، حدَّثنا عبدُ الرزاق، عن معمر، عن الزهريِّ، عن عُروة بن الزبير عن أُمِّ حبيبة أنها كانت عندَ ابنِ جحْش فهلَكَ عنها، وكان فيمن هاجَرَ إلى أرضِ الحبشةِ، فزوَّجَهَا النّجاشيُّ رَسُولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهي عِنْدَهُم (¬1). ¬

_ = رواية هذا الحديث موصولاً ابنه يونُس. ولهذا فقد نقل ابن القيم في "تهذيب السنن" 3/ 30 - 31 عن قبيصة بن عقبة أنه قال: جاءني علي بن المديني فسألني عن هذا الحديث، فحدثته به عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى. لم يذكر فيه أبا إسحاق، فقال: استرحنا من خلاف أبي إسحاق. قلنا: على أن يونس قد رواه أيضاً بواسطة أبيه كما جاء عند الترمذي (1126). فلعله رواه على الوجهين، والله أعلم. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف في وصله وإرساله، كما بيناه في "مسند أحمد" (27408)، وقد تابع معمراً على وصل هذا الحديث عبد الرحمن بن خالد بن مسافر وهو ثقة، إلا أنه جعله عن عروة، عن عائشة، وهذا اختلاف في ذكر الصحابي، ومثله لا يضر بصحة الحديث. عبد الرزاق: هو إبن همام الصنعانى، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب. وأخرجه بنحوه النسائي في "الكبرى" (5486) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر بن راشد، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه أيضاً ابن حبان في "صحيحه" (6027) من طريق عبد الرحمن ابن مسافر، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، به. وهو في "مسند أحمد" (27408)، وفي "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (5061). وانظر ما سيأتي برقم (2107) و (2108). قال الإمام ابن القيم في "تهذيب السنن": هذا هو المعروف المعلوم عند أهل العلم أن الذي زوج أم حبيبة للنبي - صلَّى الله عليه وسلم - هو النجاشي في أرض الحبشة، وأمهرها من عنده، وزوجها الأول التي كانت معه في الحبشة هو عُبيد الله بن جحش بن رئاب أخو =

20 - باب في العضل

20 - باب في العَضل 2087 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، حدثني أبو عامرٍ، حدَّثنا عبادُ بن راشدٍ، عن الحسن حدَّثني مَعْقِل بن يَسَارٍ، قال: كانت لي أُخْتٌ تُخطَبُ إليَّ، فأتاني ابنُ عَمٍّ لي، فأنكحتُها إياه، ثم طَلّقَها طلاقاً له رجعةٌ، ثم تركها، حتى انقضتْ عِدَّتُها، فلما خُطبت إليَّ أتاني يَخْطُبُها، فقلت: والله لا أنكَحتكَها أبداً، قال: ففيَّ نزلت هذه الآيةُ: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] الآية، قال: فكفَّرتُ عن يميني فأنكحتُها إياه (¬1). ¬

_ = زينب بنت جحش زوج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - تنصر بأرض الحبشة، ومات بها نصرانياً، فتزوج امرأته رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وفي اسمها قولان، أحدهما: رملة وهو الأشهر، والثاني: هند، وتزويج النجاشي لها حقيقة، فإنه كان مسلماً، وهو أمير البلد وسلطانه. وقد تأوله بعض المتكلفين على أنه ساق المهر من عنده، فأضيف التزويج إليه، وتأوله بعضهم على أنه كان هذا الخاطب والذي ولي العقد عثمان بن عفان، وقيل: عمرو بن أمية الضمري، والصحيح أن عمرو بن أمية كان وكيل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في ذلك، بعث به النجاشي يزوجه إياها، وقيل: الذي ولي العقد عليها خالد بن سعيد بن العاص ابن عم أبيها. وانظر أخبار أم حبيبة رضي الله عنها في"طبقات ابن سعد" 8/ 96 - 100. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. عبَّاد بن راشد ضعيف يعتبر به، وقد توبع. أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العقدي، والحسن: هو ابن أبي الحسن يسار البصري. وأخرجه البخاري (4529) و (5130) و (5330) مختصراً، و (5331)، والترمذي (3223)، والنسائي في "الكبرى" (10974) و (10975) من طرق عن الحسن البصري، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. =

21 - باب إذا أنكح الوليان

21 - باب إذا أنكح الوليان 2088 - حدَّثنا مُسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا هشامُ (ح) وحدثنا محمدُ بنُ كثير، خَبَّرنا همام، (ح) وحدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد - المعنى - عن قتادةَ، عن الحسنِ عن سَمُرَةَ، عن النبيّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "أيُّما امرأةٍ زَوَّجَهَا وليّانِ فهي للأولِ منهما، وأيُّما رجُلٍ باعَ بيعاً مِن رجلينِ، فهو للأولِ منهما" (¬1). ¬

_ = وهو في "صحيح ابن حبان" (4071). العضل: منع الولى مُولِّيَتَهُ مِن التزويج. وبهذا الحديث احتج من قال باشتراط الولي في النكاح، وهم الجمهور، وقالوا لا تزوج المرأة نفسها: أصلاً، واحتجوا بذلك بجملة أحاديث، قال الحافظ ومن أقواها هذا السبب المذكور في نزول الآية المذكورة، وهي أصرح دليل على اعتبار الولي، وإلا لما كان لعضله معنى، ولأنها لو كانت لها أن تزوج نفسها لم تحتج إلى أخيها، ومن كان أمره إليه لا يقال: إن غيره منعه منه، وذكر ابن المنذر أنه لا يعرف أحد عن الصحابة خلاف ذلك، وعن مالك رواية أنها إن كانت غير شريفة زوجت نفسها، وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يشترط الولي أصلاً، ويجوز أن تزوج نفسها ولو بغير إذن وليها إذا تزوجت كفئاً. (¬1) رجاله ثقات، وفي سماع الحسن من سمرة خلاف مشهور. ومع ذلك فقد صححه أبو حاتم وأبو زرعة - كما في "التلخيص الحبير" للحافظ ابن حجر 3/ 165 - والحاكم، وحسنه الترمذي، وقال: والعمل على هذا عند أهل العلم: لا نعلم بينهم في ذلك اختلافاً. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، ومحمد بن كثير: هو العَبْدي، وهمام: هو ابن يحيي العوذي، وحمّاد: هو ابن سلمة البصري، وقتادة: هو ابن دعامة السدُوسي. وأخرجه ابن ماجه (2191) و (2344)، والترمذي (1136)، والنسائي في "الكبرى" (5376) و (5377) و (6234) و (1163) من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد.=

22 - باب قوله تعالى

22 - باب قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} 2089 - حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ، حدَّثنا أسباطُ بنُ محمد، حدَّثنا الشيبانيُّ، عن عكرمةَ عن ابنِ عباس - قال الشيباني: وذكره عطاءٌ أبو الحسن السُّوائي، ولا أظنه إلا عن ابنِ عباس - في هذه الأية: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} [النساء: 19] , قال: كان الرجلُ إذا ماتَ، كان أولياؤُه أحق بامرأتِه مِنْ وليِّ نفسِها: إن شاء بعضهُم زوَّجها أو زَوَّجُوهَا، وإن شاؤوا لم يُزوجوها، فنزلت هذه الآيةُ في ذلك (¬1). ¬

_ = وقال الترمذي: حديث حسن، وأقتصر ابن ماجه في روايته على ذكر البيع، واقتصر النسائي (5377) على ذكر إنكاح الوليين. وأخرجه ابن ماجه (2190)، والنسائي (6235) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن عقبة بن عامر أو سمرة بن جندب، على الشك، وقرن بينهما النسائي. واقتصر ابن ماجه على ذكر البيع. وهو في "مسند أحمد" (20085). (¬1) إسناده صحيح. الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان، وعكرمة هو مولى ابن عباس. وأخرجه البخاري (4579) و (6948)، والنسائي في "الكبرى" (11028) من طرق عن أسباط، بهذا الإسناد. بلفظ: "إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاؤوا زوَّجُوها وإن شاؤوا لم يزوجوها". وانظر تالييه. قال ابن الجوزي في "زاد المسير" 2/ 19: وفي معنى قوله تعالى: {أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} [النساء: 19] قولان: أحدهما: أن ترثوا نكاح النساء. =

2090 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد بن ثابت المَروزيُ، حدثني عليُّ بنُ حسين ابنِ واقد، عن أبيه، عن يزيد النحويِّ، عن عِكرمة عن ابنِ عباسٍ، قال: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} , وذلك أن الرجلَ كان يَرِثُ امرأةَ ذي قَرابته، فَيَعضُلُها حتى تموتَ أو تَرُدَّ إليه صَدَاقَها، فأحْكَمَ الله عن ذلك، أي: نهى عن ذلك (¬1). ¬

_ = والثاني: أن ترثوا أموالهن كرهاً، روى ابن أبي طلحة عن ابن عباس، قال: كان الرجل إذا مات وترك جارية، ألقى عليها حميمُه ثوبه، فمنعها من الناس، فإن كانت جميلة تزوجها، وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها. رواه الطبري (8812). وقوله: ولا تعضلوهن. فيه ثلاثة أقوال: أحدها: أنه الخطاب للأزواج، وفي معنى العضل المنهي عنه أقوال، أحدها: أن الرجل كان يكره صحبة امرأته، ولها عليه مهر، فيحبسها ويَضُرُّ بها لتفتدي. قاله ابن عباس وقتادة والضحاك والسدي. والثاني: أن الرجل كان ينكح المرأة الشريفة فلعلها لا توافقه، فيفارقها على أن لا تتزوج إلا بإذنه ويشهد على ذلك، فإذا خطبت، فأرضتة، أذن لها وإلا عضلها. قاله ابن زيد. والثالث: أنهم كانوا بعد الطلاق يعضلون، كما كانت الجاهلية تفعل، فنهوا عن ذلك، روي عن ابن زيد أيضاً، وقد ذكرنا في "البقرة": أن الرجل كان يطلق المرأة ثم يراجعها، ثم يطلقها كذلك أبداً إلى غير غاية يقصد إضرارها حتى نزلت: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229]. والثافى: أنه خطاب للأولياء. والثالث: أنه خطاب لورثة أزواج النساء الذين قيل لهم: لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها. واختار ابن جرير في تفسيره 8/ 113 القول الأول ... (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. على بن الحسين بن واقد حسن الحديث. يزيد النَّخوِي: هو ابن أبي سعيد المروزي. وانظر ما قبله، وما بعده.

23 - باب في الاستئمار

2091 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد ابن شَبُّويه أبو الحسن المروزيُّ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ عثمانَ، عن عيسى بنِ عُبيدٍ، عن عُبيد الله مولى عمر عن الضحاك، بمعناه، قال: فَوَعَظَ اللهُ عن ذلك (¬1). 23 - باب في الاستئمار 2092 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا يحيى، عن أبي سلمة عن أبي هُريرة، أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "لا تُنْكَحُ الثيبُ حتى تُستَأْمَرَ، ولا البِكْرُ إلا بإذنها" قالوا: يا رسولَ الله، وما إذنُها؟ قال: "أن تَسكُتَ" (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات غير عُبيد الله مولى عمر بن مسلم الباهلي، فهو في عداد المجهولين. وهذا من قول الضحّاك. وأخرجه الطبري في "تفسيره" 4/ 308 من طريق عُبيد بن سليمان الباهلي، عن الضحاك. وفي الإسناد إليه ضعف. (¬2) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العَطَّار، ويحيى: هو ابن أبي كثير البصري، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري. وأخرجه البخاري (5136) و (6968) و (6970)، ومسلم (1419)، وابن ماجه (1871)، والترمذي (1133)، والنسائى في "الكبرى" (5357) و (5358) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به. وهو في "مسند أحمد" (7404). وانظر تالييه. قال الخطابي: ظاهر الحديث يدل على أن البكر إذا أنكحت قبل أن تُستأذن فَتَصمِت - أن النكاح باطل كما يبطل نكاح الثيب قبل أن تستأمر، فتأذن بالقول، وإلى هذا ذهب الأوزاعي وسفيان الثوري، وهو قول أصحاب الرأي. وقال مالك بن أنس وابن أبي ليلى والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: إنكاح الأب البكر البالغ جائز وإن لم تستأذن، ومعنى استئذانها عندهم إنما هو على استطابة النفس دون الوجوب، كلما جاء الحديث باستئمار أمهاتهن، وليس ذلك بشرط في صحة العقد.

2093 - حدَّثنا أبو كامِلٍ، حدَّثنا يزيدُ - يعني ابنَ زريع - (ح) وحدثنا موسى بنُ اسماعيل، حدَّثنا حمادٌ - المعنى - حدثني محمدُ بنُ عمرو، حدَّثنا أبو سَلَمَةَ عن أبي هريرة قال: قال رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم -: "تُسْتَأْمَرُ اليتيمةُ في نَفْسِها، فإن سَكَتَتْ فهو إذنُها، وإن أبَتْ فلا جَوازَ عليها". والإخبار في حديث يزيد (¬1). قال أبو داود: وكذلك رواه أبو خالد سليمانُ بنُ حيّان ومعاذُ بن معاذ، عن محمد بن عمرو. ورواه أبو عمرو ذكوانُ، عن عائشة، قالت: يا رسولَ الله، إن البكر تستحيي أن تَتكَلَّمَ، قال: "سُكاتُها إقرارُها". ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة بن وقَّاص الليثي - صدوق حسن الحديث. أبو كامل: هو فُضيل بن حسين الجَحدري، وحمّاد: هو ابن سلمة البصري. وأخرجه الترمذي (1135)، والنسائي في "الكبرى" (5360) من طريقين عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (7527)، و"صحيح ابن حبان" (4079) و (4086). وانظر ما قبله وما بعده. وفي الباب عن ابن عباس سيأتى عند المصنف برقم (2100). وعن أبي موسي الأشعري عند أحمد (19516)، وابن حبان (4085). قال الخطابي: وقد اختلف أهل العلم في جواز إنكاح غير الأب الصغيرة، فقال الشافعي: لا يزوجها غير الأب والجد، ولا يزوجها الأخ ولا العم ولا الوصي. وقال الثوري: لا يزوجها الوصي، وقال حماد بن أبي سليمان ومالك بن أنس: للوصي أن يزوج اليتيمة قبل البلوغ، وروي ذلك عن شريح. وقال أصحاب الرأي: لا يزوجها الوصي حتى يكون ولياً لها، وللولي أن يزوجها وإن لم يكن وصياً إلا أن لها الخيار إذا بلغت.

2094 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا ابنُ إدريس، عن محمد بنِ عمرو، بهذا الحديثِ بإسناده، زاد فيه: قال: "فإن بكَتْ أو سَكَتَت" زاد: "بكت" (¬1). قال أبو داود: وليس "بَكَت" بمحفوظٍ، وهو وهَمٌ في الحديث، الوهَم من ابنِ إدريسَ، أو من محمد بن العلاء. 2095 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا معاويةُ بنُ هشام، عن سفيانَ، عن إسماعيلَ بنِ أُمية، حَدَّثني الثقةُ عن ابنِ عمر قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "آمِرُوا النسَاءَ في بناتِهن" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره كسابقه. ابن ادريس: هو عبد الله الأودي. وانظر سابقيه. وقول أبي داود: ورواه أبو عمرو ذكوان عن عائشة قالت: أخرجه البخاري (5137) و (6946) و (6971)، ومسلم (1420)، والنسائي في "الكبرى" (5356) من طريق ابن أبي مُليكة، عن ذكوان، به. وهو في "مسند أحمد" (24185)، و"صحيح ابن حبان" (4080). (¬2) حديث حسن, وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن فيه رجلاً مبهماً حدث عنه إسماعيل بن أمية ووثقه، ومعاوية بن هشام - وهو القصّار - صدوق حسن الحديث. ولهذه القصة طرق أخرى تشدها وتحسنها، وتبين أن لها أصلاً ذكرناها في الكلام على الحديث في "مسند أحمد". سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (10311)، وأحمد في "مسنده" (4905)، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 115، وفي "المعرفة" (13576) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. قال الخطابي: مؤامرة الأمهات في بضع البنات ليس من أجل أنهن يملكن من عقدة النكاح شيئاً، ولكن من جهة استطابة أنفسهن وحسن العشرة معهن، ولأن ذلك أدعى الى الألفة بين البنات وأزواجهن، إذا كان مبدأ العقد برضاء من الأمهات ورغبة =

24 - باب في البكر يزوجها أبوها ولا يستأمرها

24 - باب في البكر يزوجها أبوها ولا يستأمرها 2096 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا حسينُ بنُ محمد، حدَّثنا جريرُ ابنُ حازم، عن أيوبَ، عن عِكرمة عن ابنِ عباس: أن جاريةً بكراً أتَتِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَتْ أن أباها زوَّجها وهي كارِهَةٌ، فخيَّرها النبي - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ = منهن، وإذا كان بخلاف ذلك لم يؤمن تضريتهن ووقوع الفساد من قبلهن، والبنات إلى الأمهات أميَل، ولقولهن أقبل ... وقد يحتمل أن يكون ذلك لعلة أخرى غير ما ذكرناه، وذلك أن المرأة ربما علمت من خاصّ أمر ابنتها ومن سر حديثها أمراً لا يستصلح لها معه عقد النكاح، وذلك مثل العلة تكون بها والآفة تمنع من إيفاء حقوق النكاح. (¬1) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه ابن ماجه (1875)، والنسائي في "الكبرى" (5366) من طريقين عن الحسين بن محمد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1875 م)، والنسائى في "الكبرى" (5368) من طريق زيد بن حبّان، عن أيوب، به. وهو في "مسند أحمد" (2469). قال شمس الحق في "عون المعبود" 6/ 84: في الحديث دلالة على تحريم الإجبار للأب لابنته البكر على النكاح، وغيره من الأولياء بالأولى، وإلى عدم جواز إجبار الأب ذهبت الحنفية لهذا الحديث ولحديث "والبكر يستأمرها أبوها" وذهب أحمد وإسحاق والشافعي إلى أن للأب إجبار ابنته البكر البالغة على النكاح عملاً بمفهوم حديث "الثيب أحق بنفسها من وليها"، فإنه دل على أن البكر بخلافها وأن الولي أحق بها، ويرد بأنه مفهوم لا يقاوم المنطوق، وبأنه لو أخذ بعمومه لزم في حق غير الأب من الأولياء، وأن لا يخص بجواز الإجبار. =

2097 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبيدٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن أيوبَ، عن عِكرمة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بهذا الحديث (¬1). ¬

_ = وقال صاحب "الجوهر النقي" 7/ 114: وقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تنكح البكر حتى تستأذن" دليل على أن البكر البالغ لا يجبرها أبوها ولا غيره، قال شارح "العمدة": وهو مذهب أبي حنيفة، وتمسكه بالحديث قوي، لأنه أقرب إلى العموم في لفظ البكر، وربما يزاد على ذلك بأن يقال: الاستئذان إنما يكون في حق من له إذن، ولا إذن للصغيرة، فلا تكون داخلة تحت الإرادة، ويختص الحديث بالبالغين، فيكون أقرب إلى التناول. وقال ابن المنذر: وهو قول عام - أي الحديث المذكور - وكل من عقد على خلاف ما شرع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فهو باطل. وقوله عليه السلام في حديث ابن عباس: "والبكر يستأذنها أبوها" صريح في أن الأب لا يجبر البكر البالغ. وفي "التمهيد" 19/ 100: قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي والحسن بن حي وأبو ثور وأبو عبيد: لا يجوز للأب أن يزوج بنته البالغة بكراً أو ثيباً إلا بإذنها، والأيم التي لا بعل لها بكراً أو ثيباً، فحديث "الأيم أحق بنفسها" وحديث: "لا تنكح البكر حتى تستأمر" على عمومهما، وخص منهما الصغيرة بقصة عائشة. (¬1) رجاله ثقات، لكنه مرسل، وبه أعلَّ الرواية السالفة المتصلة المصنف هنا وأبو حاتم والدارقطني والبيهقي، وقد صحح الموصول وهو الصواب غير واحد من الأئمة، قال ابن القطان في "الوهم والإيهام" 2/ 250 عن حديث ابن عباس: هو صحيح، ولا يضره أن يرسله بنص رواته، إذا أسنده من هو ثقة، وقد يُظَنُّ أن جرير بن حازم منفرد عن أيوب بوصله بزيادة ابن عباس فيه، وليس كذلك بل قد رواه عن أيوب كذلك زيد بن حبان ورواه أيضاً عن الثوري عن أيوب بذلك. وقال ابن التركماني "الجوهر النقي" 7/ 117: جرير بن حازم ثقة جليل وقد زاد الرفع، فلا يضره إرسال من أرسله، كيف وقد تابعه الثوري وزيد بن حبان، فروياه عن أيوب كذلك مرفوعاً. وقال ابن القيم في "تهذيب السنن" 3/ 40: وعلى طريقة البيهقي وأكثر الفقهاء وجميع أهل الأصول هذا حديث صحيح، لأن جرير بن حازم ثقة ثبت وقد وصله، وهم يقولون: زيادة الثقة مقبولة، فما بالها تقبل في موضع، بل في أكثر المواضع التي توافق مذهب المقلد وترد في موضع يخالف مذهبه؟! وقد قبلوا زيادة الثقة في أكثر من مئتين =

25 - باب في الثيب

قال أبو داود: لم يَذْكُرِ ابنَ عباس، وهكذا رواه الناسُ مرسلاً معروف. 25 - باب في الثيب 2098 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس وعبدُ الله بن مسلمة، قالا: حدَّثنا مالك، عن عبد الله بنِ الفَضل، عن نافعِ بنِ جُبير عن ابنِ عباسٍ قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الأيِّمُ أحقُّ بنفسِها مِن ولِيها، والبِكْرُ تُستأمَر في نفسِها، وإذنُها صُماتُها" وهذا لفظُ القعنبيُّ (¬1). ¬

_ = من الأحاديث رفعا ووصلاً وزيادة لحفظه ونحوه. هذا لو انفرد جرير، فكيف وقد تابعه على رفعه عن أيوب زيد بن حبان، ذكره ابن ماجه في "سننه". وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/ 196: الطعن في الحديث لا معنى له، فإن طرقه يقوي بعضها بعضاً. وقال العيني في "عمدة القاري": رواه أبو داود بإسناده على شرط الصحيحين. ونقل عن ابن حزم قوله (وهو في "المحلى" 8/ 335): صحيح في غاية الصحة، ولا معارض له. قلنا: وذكره ابن دقيق العيد في قسم الأحاديث الصحيحة من "الاقتراح". محمد بن عُبيد: هو ابن حساب الغُبَري. وأخرجه البيهقى 7/ 117 من طريق أبي داود بهذا الإسناد، مرسلاً. وهو عند النسائي في الكبرى (5367) من طريق زيد بن حبان، عن أيوب السختياني عن يحيي بن أبي كثير عن أبي سلمة به مرسلاً. (¬1) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 524 - 525، ومن طريقه أخرجه مسلم (1421) وابن ماجه (1870)، والترمذي (1134)، والنسائي في "الكبرى" (5351) و (5352). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (1888)، و"صحيح ابن حبان" (4084) و (4087). وانظر تالييه.

2099 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا سفيانُ، عن زياد بنِ سعد، عن عبد الله ابن الفضل، بإسناده ومعناه قال: "الثَّيِّبُ أحق بنفسها مِن وَلِيِّها، والبِكرُ يستأمِرهَا أبوها" (¬1). قال أبو داود: "أبوها" ليس بمحفوظٍ. 2100 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن صالح بنِ كَيسان، عن نافع بن جُبير بن مُطعِم عن ابنِ عباسٍ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ليس لِلولي مَعَ الثيّبِ أمرٌ، واليتيمة تُستأمَرُ، وصَمتُها إقرارُها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عُيينة. وأخرجه مسلم (1421)، والنسائي في "الكبرى" (5355) من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1897)، و"صحيح ابن حبان" (4088). وانظر ما قبله وما بعده. (¬2) حديث صحيح، رجاله ثقات، إلا أن صالح بن كيسان قال الدارقطني في "سننه" 3/ 239: لم يسمعه من نافع بن جبير، وإنما سمعه من عبد الله بن الفضل عنه، اتفق على ذلك ابن إسحاق وسعيد بن سلمة، عن صالح، سمعت النيسابوريّ يقول: الذي عندي أن معمراً أخطأ فيه. قلنا: لا يَبْعُد أن يكون صالح بن كيسان قد سمعه من عبد الله بن الفضل ثم سمعه مرةً أخرى من نافع بن جبير، فحدَّث به على الوجهين، فسماعه من نافع بن جبير محتمل، فقد قيل: إنه رأى ابن الزبير وابن عمر. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعَاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (10299)، ومن طريقه أخرجه أحمد في "مسنده " (3087)، والنسائى في "الكبرى" (5354) و (5370)، والدارقطني 3/ 239، والبيهقي 7/ 118. =

26 - باب في الأكفاء

2101 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ القاسم، عن أبيه، عن عبدِ الرحمن ومُجمِّع ابني يزيد الأنصاريَّين عن خنساء بنت خِذام الأنصارية: أن أباها زوَّجها وهي ثَيِّب فَكَرِهَتْ ذلك، فجاءت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فذكرتْ ذلك له، فَرَدَّ نكاحَها (¬1). 26 - باب في الأكفاء 2102 - حدَّثنا عبدُ الواحد بنُ غياث، حدَّثنا حمادٌ، حدَّثنا محمدُ بنُ عمرو، عن أبي سَلَمَة عن أبي هُريرة: أن أبا هِنْدٍ حَجَم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في اليافُوخ، فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا بني بياضَةَ، أنْكحُوا أبا هِنْدٍ، وانْكِحُوا إليه" وقال: "إن كان ¬

_ = وأخرجه الطحاوي 4/ 366، وابن حبان (4089)، والدارقطني 3/ 239، والبيهقي 7/ 118 من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، به. وأخرجه ابن أبي شيبة في"مصنفه" 4/ 136، وأحمد في "مسنده" (2365)، والنسائي في "الكبرى" (5353) و (5371)، والدارقطني 3/ 238 - 239 من طريق محمد بن إسحاق، والدارقطني 3/ 239 من طريق سعيد بن سلمة، كلاهما عن صالح ابن كيسان، عن عبد الله بن الفضل بن عباس بن ربيعة، عن نافع بن جُبَير بن مُطعمٍ، عن عبد الله بن عباس. وانظر سابقيه. (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس، والقاسم: هو ابن محمد التيمي. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 535, ومن طريقه أخرجه البخاري (5138) و (6945)، والنسائي في "الكبرى" (5362). وأخرجه البخاري (5139) و (6969) من طريق يحيي بن سعيد الأنصاري، عن القاسم، عن عبد الرحمن ومجمِّع ابني يزيد حدَّثنا: أن رجلاً يدعى خذاماً. وهو في "مسند أحمد" (26786).

في شيءٍ ممَّا تُدَاوَونَ به خَيْرٌ فالحِجَامَة" (¬1) ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، من أجل محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وأبو سلمة: هو عبد الله بن عبد الرحمن الزهري. وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (5911)، وابن حبان في "صحيحه" (6078)، والحاكم في "المستدرك" 3/ 410 من طريقين عن حمّاد بن سلمة، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه! وروايته دون ذكر إنكاح أبي هند. وأخرج الحديث الأول وحده ابن حبان في "صحيحه" (4067)، والطبراني في "الكبير" 22/ 808، والدارقطني في "سننه" (3794)، والحاكم 2/ 164 من طرق عن حمّاد بن سلمة، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه! وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 268 من طريق محمد بن يعلى، عن محمد بن عمرو، به. مقتصراً على إنكاح أبي هند. وأخرج الحديث الثاني وحده أحمد في "مسنده" (8513) و (9452)، وابن ماجه (3476) من طرق عن حمّاد بن سلمة، به. وسيأتي الحديث الثاني عند المصنف برقم (3857). وللحديث الأول شاهد من حديث عائشة عند الطبراني في "الأوسط" (6544)، والدارقطني في "سننه" (3793) و (3795). وإسناده حسن. وللحديث الثاني شاهد من حديث أنس بن مالك عند البخاري (5696)، ومسلم (1577). وآخر من حديث جابر بن عبد الله عند البخاري (5683)، ومسلم (2205) (71). وثالث من حديث عقبة بن عامر عند أحمد (17315). ورابع من حديث معاوية بن حُدَيج عند أحمد أيضاً (27256). قال الخطابي: في هذا الحديث حجة لمالك ولمن ذهب مذهبه في أن الكفاءة بالدين وحده دون غيره، وأبو هند مولى بني بياضة ليس من أنفسهم، والكفاءة معتبرة في قول أكثر العلماء بأربعة أشياء: بالدين والحرية والنسب والصناعة، ومنهم من اعتبر فيها السلامة من العيوب واليسار، فيكون جماعها ست خصال.

27 - باب في تزويج من لم يولد

27 - باب في تزويج من لم يولد 2103 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي ومحمدُ بنُ المثنى - المعنى - قالا: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا عبدُ الله بن يزيد بن مِقسَمٍ الثقفيُّ - من أهل الطائفِ - حدَّثتني سارَةُ بنتُ مِقَسمٍ أنها سَمِعَتْ ميمونةَ بنت كردَم، ْ قالت: خرجتُ مع أبي في حجةِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فرأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فدنا إليه أبي وهو على ناقةٍ له ومعه دِرةٌ كَدِرَّة الكُتَّاب، فسمعتُ الأعرابَ والناسَ وهم يقولونَ: الطَّبْطَبِيَّه الطَّبْطَبِيَّة الطبْطَبِيَّة، فَدَنَا إليه أبي، فأخذ بقدَمِه، فأقرَّ له، ووقَفَ عليه، واستمَع من، فقال: إني حضرت جيش عِثْرَانَ، - قال ابنُ المثنى: جيش غِثران - فقال طارقُ بنُ المرقع: مَنْ يعطيني رمحاً بثوابه؟ قلتُ: وما ثوابُه؟ قال: أُزوِّجه أوَّلَ بنتٍ تكون لي، فأعطيتُه رمحي، ثم غِبتُ عنه، حتى علمتُ أنه قد ولد له جاريةٌ وبَلَغتْ، ثم جئتُه فقلتُ له: أهلي جَهِّزهُنَّ إلي، فَحَلَفَ أن لا يَفْعَلَ احتى أُصدِقَه صَداقاً جديداً غيرَ الذي كان بيني وبينه، وحلفتُ أن لا أُصْدِقَ غير الذي أعطيتُه، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "وَبِقَرْنِ أيِّ النساءِ هي اليوم؟ " قال: قد رأتِ القَتيرَ، قال: "أرى أن تَتْرُكَها" قال: فَرَاعَنِي ذلك، ونظرتُ إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - , فلما رأى ذلك مِني قال: "لا تأثمُ، ولا يأثمُ صاحبُك" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة حال سارة بنت مِقسَم، فقد انفرد بالرواية عنها ابن أخيها عبد الله بن يزيد بن مقسم الضبي. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 8/ 304، وأحمد في "مسنده" (27064) و (27065)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1592)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 394، والطبراني في "المعجم الكبير" 19/ (428)، والبيهقي 10/ 83 =

قال أبو داود: القَتيرُ: الشيبُ. 2104 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابنُ جُريج، أخبرني إبراهيمُ بنُ مَيسَرَةَ، أن خالته أخبرته عن امرأةٍ قالت: هي مُصَدَّقةٌ، امرأة صدْقٍ - قالت: بينا أبي في غَزَاةٍ في الجاهلية إذ رَمِضُوا فقال رجل: مَن يُعطيني نعليه وأنكِحُه أوَّلَ بنتٍ تُولَدُ لي؟ فخلع أبي نعليه فألقاهما إليه، فوُلدت له جاريةٌ، فبلغت، ذكر نحوه، لم يذكر قصة القتير (¬1). ¬

_ = من طرق عن عبد الله بن يزيد، به. وجميعهم خلا ابن أبي عاصم والطبراني زادوا فيه قصة الوفاء بالنذر. وقصة النذر ستأتي عند المصنف برقم (3314). وانظر ما بعده. قولها: يقولون: الطبطبية، قال الخطابي: يحتمل وجهين، أحدهما: أن يكون أرادت بها حكاية وقع الأقدام، أي: يقولون بأرجلهم على الأرض: طَب طَب. والوجه الآخر: أن يكون كناية عن الدرة، يريد صوتها إذا خفقت. وقوله: "وبقرن أي النساء" يريد سن أي النساء هي، والقرن: بنو سِنٍّ واحد، والقتير: الشيب. (¬1) إسناده ضعيف، لجهالة خالة. إبراهيم بن ميسرة. أحمد بن صالح: هو المِصْريُّ، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (10418)، ومن طريقه أخرجه إسحاق بن راهويه 5/ (4)، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 145 - 146. وانظر ما قبله. وقد صح عن عبد الله بن مسعود عند سعيد بن منصور (636 - 638) أنه أمضى مثل هذا النكاح وأوجبه، وقال: لها صداق مثلها، لا وكس ولا شطط.

28 - باب الصداق

28 - باب الصَّداق 2105 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز بن محمد، حدَّثنا يزيدُ بنُ الهادِ، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، قال: سألتُ عائشةَ عن صَدَاقِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقالت: ثنتا عشرةَ أُوقيةً ونَشٌّ، فقلتُ: وما نشٌّ؟ قالت: نِصْفُ أُوقيةٍ (¬1). 2106 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن أيوب، عن محمد عن أبي العَجفَاء السُّلَمي، قال: خطبنا عُمَرُ فقال: ألا لا تُغَالوا بصدُقُ النِّسَاءِ، فإنها لو كانت مَكرُمَةً في الدنيا أو تقوى عندَ اللهِ، لكان أولاكم بها النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ما أصْدَقَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - امرأةً مِن نِسائه ولا أُصْدِقَت امرأةٌ مِن بناته أكثرَ مِن ثنتي عَشَرَة أُوقِيةً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد العزيز بن محمد: هو الدَّراوردي، ويزيد بن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة الليثي، ومحمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي، وأبو سلمة: هو عبد الله بن عبد الرحمن الزهري. وأخرجه مسلم (1426)، وابن ماجه (1886)، والنسائي في "الكبرى" (5487) من طرق عن عبد العزيز بن محمد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24626). وفي الباب عن عمر بن الخطاب سيأتي بعده. والاثنا عشر أوقية ونصف، تساوي بالغرامات (5 ,1487) غراماً، بحساب أن الأوقية تساوي أربعين درهماً، والدرهم بساوي (975، 2) غراماً، وفق ما اعتمده مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف. (¬2) إسناده قوي. أبو العَجفَاء السُّلَمي - وهو هَرِم بن نُسيب - صدوق لا بأس به. محمد بن عبيد: هو ابن حِسَاب الغُبَري، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ومحمد: هو ابن سيرين. =

2107 - حدَّثنا حجاجُ بنُ أبي يعقوب الثقفيُّ، حدَّثنا مُعَلَّى بنُ منصورٍ، حدَّثنا ابنُ المبارك، حدَّثنا مَعمَر، عن الزهريِّ، عن عُروةَ عن أُمِّ حبيبة: أنها كانت تحتَ عُبيدِ الله بن جحش، فماتَ بأرض الحبشةِ، فزوَّجها النجاشيُّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، وأمهرها عنه أربعةَ آلافٍ، وبعث بها إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - مع شُرَحْبيلَ ابنِ حَسَنةَ. قال أبو داود: حسنةُ هي أُمُّه (¬1). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (1141)، والنسائي في "الكبرى" (5485) من طريق أيوب، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن ماجه (1887)، والنسائى في "الكبرى" (5485) من طرق عن محمد بن سيرين، به. وهو في "مسند أحمد" (285) و (340)، و"صحيح ابن حبان" (4620). وله شاهد من حديث عائشة سلف قبله. (¬1) إسناده صحيح، وقد اختلف فيه على الزهري في وصله وإرساله كما هو مبين في تعليقنا على "المسند" (27408). ابن المبارك: هو عبد الله المروزي، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وعروة: هو ابن الزبير الأسدي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5486) من طريق ابن المبارك، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (27408). وانظر ما بعده، وما سلف برقم (2086). ويشهد للموصول طريق آخر صحيح عند ابن حبان (6027) من طريق محمد بن يحيى الذهلي، حدَّثنا سعيد بن كثير بن عفير، قال: حدَّثنا الليث، عن ابن مسافر، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، قالت: هاجر عُبيدُ الله بن جحش بأم حبيبة بنت أبي سفيان وهي امرأته إلى أرض الحبشة، فلما قدم أرض الحبشة، مرض، فلما حضرته الوفاة، أوصى إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فتزوج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أم حبيبة، وبعث معها النجاشي شرحبيل ابن حسنة. =

29 - باب قلة المهر

2108 - حدَّثنا محمدُ بن حاتِم بن بَزِيعٍ، حدَّثنا علي بنُ الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك، عن يونَس عن الزهريِّ: أن النجاشي زوَّج أُمَّ حبيبة بنتَ أبي سفيان من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - على صدَاقِ أربعةِ آلاف دِرهم، وكتب بذلك إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقبِل (¬1). 29 - باب قِلة المهر 2109 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ البُنانىِّ وحُميدٍ ¬

_ = وانظر "سنن البيهقي" 7/ 234، و"طبقات ابن سعد" 8/ 99، والطبراني 23/ (499). واسم النجاشي: أصحمة بن أبجر ملك الحبشة، أسلم على عهد النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ولم يهاجر إليه، وكان ردءاً للمسلمين نافعاً، وقصته مشهورة في المغازي في إحسانه إلى المسلمين الذين هاجروا إليه في صدر الإسلام وهي في "المسند" برقم (1740) بتحقيقنا وسندها صحيح. وشرحبيل ابن حسنة، وهي أمه، واسم أبيه عبد الله بن المطاع حليف بني زهرة أبو عبد الله من كندة، هاجر هو وأمه إلى الحبشة، وكان أحد الأمراء الأربعة الذين أمَّرهم أبو بكر الصديق، وكان والياً على الشام لعمر بن الخطاب على رُبع من أرباعها، توفي في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة وله سبع وستون سنة، طعن هو وأبو عبيدة ابن الجراح وأبو مالك الأشعري في يوم واحد. (¬1) رجاله ثقات، لكنه مرسل. وقد صح وصله كما في الطريق الذي قبله. وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 8/ 99، والحاكم في "المستدرك" 4/ 22 من طريق عبد الرحمن بن عبد العزيز، والطبراني في "الكبير" 23/ (403)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 20 من طريق عبيد الله بن أبي زياد، كلاهما عن الزهري بنحوه مرسلاً. وانظر ما قبله وما سلف برقم (2086).

عن أنس: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - رأى عبدَ الرحمن بنَ عوفٍ وعليه رَدْعُ زعفران فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَهْيَمْ"، قال: يا رسولَ الله تزوَّجتُ امرأةً، قال: "ما أصدَقْتَها"؟ قال: وَزْنَ نواةٍ من ذهبٍ، قال: "أوْلِم ولو بِشاةٍ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وثابت: هو ابن أسلم البناني، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (2049) من طريق زهير بن معاوية، و (5148) من طريق عبد العزيز بن صهيب، ومسلم (1427) من طريق قتادة , و (1427) من طريق أبي حمزة، والبخاري (3781) و (3937) و (5072) و (5153) و (5167) و (6082)، ومسلم (1427)، والترمذي (2046)، والنسائي في "الكبرى" (5482) و (5533) و (5535) و (6560) و (10019) من طريق حُميد، والبخاري (5155) و (6386)، ومسلم (1427)، وابن ماجه (1907) و (1908)، والترمذي (1119)، والنسائي في "الكبرى" (5533) و (5534) و (10018) من طريق ثابت، ستتهم عن أنس بن مالك. وأخرجه مسلم (1427)، والنسائي في "الكبرى" (5481) من طريق عبد العزيز ابن صهيب، عن أنس بن مالك، عن عبد الرحمن بن عوف. وهو في "مسند أحمد" (12685) و (13863)، و "صحيح ابن حبان" (4060) و (4096). قال الخطابي: ردع الزعفران: أثر لونه وخضابه، وقوله: "مهيم": كلمة يمانية معناه: مالك وما شأنك؟ ويشبه أن تكون المسألة إنما عرضت من حاله من أجل الصفرة التي رآها عليه من ردع الزعفران، وقد نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أن يتزعفر الرجل - فأنكرها، ويشبه أن يكون ذلك شيئا يسيراً، فرخص له فيه لقلته. ووزن نواة من ذهب فسروها: خمسة دراهم من ذهب، وهو اسم معروف لمقدار معلوم. وقوله: أولم ولو بشاة من الوليمة وهو طعام الإملاك. وقد نظم بعضهم أنواع الولائم وهي أحد عشر، فقال: =

2110 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ جبريلَ البغداديُ، أخبرنا يزيدُ، أخبرنا موسى ابنُ مسلم بنِ رومان، عن أبي الزبير عن جابر بنِ عبدِ الله، أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أعْطَى في صَدَاقِ امرأةٍ مِلءَ كَفَّيْهِ سَويقاً أو تمراً فقد استَحَلَّ" (¬1). ¬

_ = إن الولائم عشرة مع واحدٍ ... مَنْ عدّها قد عزَّ في أقرانه فالخرسُ عند نِفاسها وعقيقةٌ ... للطِفلِ والإعذار عند خِتانه ولحفظ قرآن وآداب لقدْ ... قالوا الحُذَاقُ لِحذقه وبيانه ثُم المِلاكُ لِعقده ووليمةٍ ... في عُرسه فاحرِص على إعلانهِ وكذاك مأدبة بلا سبب يرى ... ووكيرة لِبنائه لِمكانِهِ ونقيعةٌ لقدومه ووضيمة لمصيبة ... وتكون من جيرانه ولأول الشهر الأصمِّ عَتيرَةٌ ... بذبيحة جاءت لرفعة شانِهِ (¬1) إسناده ضعيف. موسى بن مسلم بن رومان خطأٌ صوابُه صالح بن مسلم بن رومان، ضعفه يحيى بن معين وأبو حاتم. وقال أبو عُبيد الآجري: سمعت أبا داود وذكر صالح بن مسلم بن رومان، فقال: أخطأ يزيد - وهو ابن هارون - فقال: موسى بن مسلم. قلنا: وقد جاء على الصواب في رواية أحمد والدارقطني والبيهقي، وفي رواية عبد الرحمن بن مهدى وأبي عاصم عند المصنف. أبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي. وأخرجه الدارقطني في "سننه" (3595)، والبيهقي في "الكبري" 7/ 238، والخطيب البغدادي في "تاريخه" 6/ 364 - 365 من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (14824)، والدارقطني في "سننه" (3593)، والبيهقي 7/ 238 من طريق يونس بن محمد المؤدب، عن صالح بن مسلم بن رومان، عن أبي الزبير، به. ولفظه: "طعاماً"، بدل قوله: "سَويقاً وتمراً". وأخرجه الدارقطني (3591) من طريق عبد الله بن واقد أبي قتادة، عن عبد الله ابن المؤمل، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: إنْ كُنَّا لنَنكحُ المرأة على الحَفنة والحفنتين من الدَّقيق". وعبد الله بن واقد متروك، وعبد الله بن المؤمل ضعيف. =

قال أبو داود: رواه عبدُ الرحمن بنُ مَهديٍّ، عن صالح بنِ رُومان، عن أبي الزبيرِ، عن جابرٍ موقوفاً. ورواه أبو عاصمٍ، عن صالح بنِ رُومان، عن أبي الزبيرِ، عن جابر قال: كنا على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نستمتِعُ بالقُبضة من الطَّعَامِ على معنى المُتْعَةِ. قال أبو داود: رواه ابنُ جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، على معنى أبي عاصم. ¬

_ = وقول أبي داود: رواه ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر: أخرجه مسلم (1405) والبيهقي في "الكبرى" 7/ 237 من طريق عبد الرزاق، أخبرنا ابن جُريج، أخبرني أبو الزبير، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 238/ 7 من طريق يعقوب بن عطاء، عن أبيه، عن جابر. وقال: يعقوب بن عطاء غير محتج به. وانظر "مسند أحمد" (14182). وقوله: على معنى المتعة، قال صاحب "بذل المجهود"10/ 133: أي: متعة النكاح، فالمراد بقوله: نستمتع، أى: الاستمتاع بالنساء على وجه المتعة لا النكاح، والغرض بهذا التعليق تأييد حديث عبد الرحمن بن مهدي في تسمية صالح بن رومان، فإن أبا عاصم أيضاً سماه صالح بن رومان، قال أبو داود: رواه ابن جريج، عن أبي الزبير عن جابر على معنى أبي عاصم، أي: موافقاً في المعنى لحديث أبي عاصم، والغرض بذكر حديث ابن جريج تقوية حديث أبي عاصم أن هذا الحديث وقع في قصة المتعة لا في النكاح، فعلى هذا معنى الحديث: من أعطى امرأة ملء كفيه سويقاً أو تمراً بطريق الصداق في المتعة، فقد استحل وقد علمت أن المتعة منسوخة، وثبتت حرمتها إلى يوم القيامة بحديث سبرة بن معبد الجهني السالف برقم (2072) و 2073 وهو في "صحيح مسلم " (1406) (21). وانظر تعليقنا على حديث جابر بن عبد الله في "المسند" (14182).

30 - باب في التزويج على العمل يعمل

30 - باب في التزويج على العمل يُعمل 2111 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن أبي حازم بنِ دينار عن سهل بن سعدٍ الساعديِّ: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - جاءته امرأةٌ، فقالت: يا رسولَ الله، إني قد وهَبْتُ نَفْسِي لَكَ، فقامت قياماً طويلاً، فقام رجل، فقال: يا رسولَ الله، زوِّجْنيها إن لم يَكُنْ لَكَ بها حاجةٌ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "هلْ عِنْدَكَ مِن شيء تُصدِقُها إياه؟ "، فقال: ما عِندي إلا إزاري هذا، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنك إن أعطيتَها إزارَك جلستَ لا إزارَ لك، فالتمس شيئاً"، قال: لا أجد شيئاً، قال: "فالتمِسْ ولو خاتماً من حديد"، فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "هل مَعَك مِن القُرآن شيء؟ قال: نَعَمْ سورةُ كذا وسورةُ كذا، لِسور سماها، فقال له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "قد زوجتكهَا بما مَعَكَ مِن القُرآنِ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس، وأبو حازم بن دينار: هو سلمة. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 526، ومن طريقه أخرجه البخاري (2310) و (5135) و (7417)، والترمذي (1140)، والنسائي في "الكبرى" (5499). وهو عند بعضهم مختصر. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (5029) و (5030) و (5087) و (5121) و (5126) و (5132) و (5141) و (5149) (في النكاح: باب التزويج على القرآن وبغير صداق، وقد توسع الحافظ في شرحه هنا) و (5150) و (5871)، ومسلم (1425)، وابن ماجه (1889)، والنسائي في "الكبرى" (5289) و (5500) و (5501) و (8007) من طرق عن أبي حازم، به. وهو في "مسند أحمد" (22798) و (22850)، و"صحيح ابن حبان" (4093). =

31 - باب فيمن تزوج ولم يسم صداقا حتى مات

2112 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حفص بنِ عبدِ الله، حدثني أبي حفصُ بنُ عبدِ الله، حدثني إبراهيمُ بنُ طهمان، عن الحجاج بنِ الحجاج الباهليِّ، عن عِسلٍ، عن عطاء بنِ أبي رباح عن أبي هُريرة، نحو هذه القصة، لم يذكر الإزارَ والخاتِمَ، فقال: "ما تحفظ مِنَ القرآن؟ " قال: سورة البقرة أو التي تليها، قال: "فقم فعلِّمها عشرين آية، وهي امرأتُك" (¬1). 2113 - حدَّثنا هارونُ بنُ زيد بن أبي الزرقاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا محمدُ ابنُ راشد، عن مكحولٍ، نحو خبر سهل، قال: وكان مكحول يقول: ليسَ ذلك لأحدٍ بعدَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2). 31 - باب فيمن تزوَّج ولم يُسَمَّ صَدَاقاً حتى مات 2114 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ مهدي، عن سفيانَ، عن فراسٍ، عن الشعبيِّ، عن مسروقٍ ¬

_ = قال الخطابي: وقد اختلف الناس في جواز النكاح على تعليم القرآن، فقال الشافعي بجوازه على ظاهر الحديث، وقال مالك: لا يجوز، وهو قول أصحاب الرأي، وقال أحمد ابن حنبل: أكرهه، وكان مكحول يقول: ليس لأحد بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يفعله. (¬1) إسناده ضعيف لضعف عِسل - وهو ابن سفيان التيمي -، وقد اختلف عليه في وصله وإرساله، فقد رواه شعبة عند البيهقي 7/ 242 عن عِسل، عن عطاء، مرسلاً. وهو عند ابن طهمان في "مشيخته" (50)، ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" (5480). وانظر ما قبله. (¬2) رجاله ثقات وهو مرسل. وأخرجه ابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف" (1678) من طريق أبي داود، به. وانظر سابقيه.

عن عبد الله، في رَجُلٍ تزوَّج امرأةً فمات عنها ولم يَدخُلْ بها ولم يَفرِضْ لها الصداقَ، فقال: لها الصَّداقُ كاملاً، وعليها العِدَّة، ولها الميراثُ، فقال مَعقِل بن سِنان: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قضى به في بَرْوَعَ بنتِ واشِقٍ (¬1). 2115 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون وابنُ مهدي، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله وساق عثمانُ مثلَه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وفراس: هو ابن يحيى الهَمداني، والشعبي: هو عامر بن شَراحيل، ومسروق: هو ابن الأجدع. وأخرجه ابن ماجه (1891)، والنسائي في "الكبرى" (5492) من طريق عبد الرحمن ابن مهدي، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5495) من طريق عبد الله بن عون، عن معقل ابن سنان الأشجعي، عن ابن مسعود. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5496) و (5497) و (5498) من طرق عن الشعبي، عن عبد الله بن مسعود مرسلاً. دون ذكر الواسطة بين الشعبي وعبد الله بن مسعود. وهو في "مسند أحمد" (4099)، و"صحيح ابن حبان" (4098). وانظر لاحقيه. وفي الحديث دليل على أن المرأة تستحق كمال المهر بالموت، وإن لم يسم لها الزوج، ولا دخل بها. (¬2) إسناده صحيح. ابن مهدي: هو. عبد الرحمن، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر السُّلمي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي. وأخرجه ابن ماجه (1891م)، والترمذي (1177) و (1178)، والنسائي في "الكبرى" (5489) و (5490) و (5491) و (5493) و (5688) من طريق منصور، =

2116 - حدَّثنا عُبَيْدُ الله بنُ عمر، حدَّثنا يزيد بنُ زريع، حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي عَروبةَ، عن قتادة، عن خِلاَس وأبي حسان، عن عبدِ الله بن عتبة بنِ مسعود أن عبدَ الله بنَ مسعودٍ أُتِيَ في رَجُلٍ، بهذا الخبرِ، قال: فاختلفوا إليه شهراً، أو قال: مراتٍ، قال: فإني أقولُ فيها: إن لها صداقاً كصداقِ نسائِها، لا وَكس ولا شَطَطَ، وإن لها الميراثَ، وعليها العِدّةَ، فإن يك صواباً فمن اللهِ، وإن يكن خطأً فمنِّي ومِن الشيطان، والله ورسوله بريئان، فقام ناسٌ مِن أشجعَ، فيهم الجرَّاحُ وأبو سنان، فقالوا: يا ابنَ مسعودٍ، نحن نَشْهَدُ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قضاها فينا في بَرْوعَ بنتِ واشِقٍ، وإن زوجَها هلالُ بنُ مُرَّة الأشجعي، كما قَضَيْتَ. قال: ففرح عبدُ الله بنُ مسعود فرحاً شديداً، حين وافَقَ قضاؤه قضاءَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ = بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقرن النسائي في الموضع الأول بعلقمة الأسود بن يزيد النخعي. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (5494) من طريق داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن علقمة، به. وهو في "مسند أحمد" (15943)، و"صحيح ابن حبان" (4099) و (4100). وانظر ما قبله وما بعده. (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وخِلاَس: هو ابن عمرو الهَجَري، وأبو حسَّان: هو مسلم بن عبد الله البصري. وهو في "مسند أحمد" (4099) و (4100) و (4276). وانظر سابقيه. وقوله: "لا وكس ولا شطط": قال الخطابي: الوكس: النقصان، والشطط: العدوان، وهو الزيادة على قدر الحق، يقال: أشطَّ الرجل في الحكم: إذا تعدى الحقَّ وجاوزه. وفيه من الفقه جوازُ الاجتهاد في الحوادث من الأحكام فيما لم يوجد فيه نص مع إمكان أن يكون فيها نص وتوقيف. =

2117 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيي بن فارس الذُّهليُّ ومحمدُ بنُ المثنَّى (¬1) وعُمر ابن الخطاب - قال محمد بن يحيي: أخبرنا، وقال عمر: حدَّثني أبو الأصبغ الجزريُّ عبدُ العزيز بن يحيي، أخبرنا محمدُ بنُ سَلَمَةَ، عن أبي عبد الرحيم خالد بنِ أبي يزيدَ، عن زيد بن أبي أنيسةَ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن مَرثَدِ بنِ عبد الله ¬

_ = وقوله: "فإن يك صواباً فمن الله" أي: من توفيق الله، وإن يك خطأ، فمني ومن تسويل الشيطان وتلبيسه على وجه الحق. وقوله: "والله ورسوله بريئان" يريد أن الله تعالى ورسوله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يتركا شيئاً لم يبيناه في الكتاب أو في السنة، ولم يرشدا إلى صواب الحق فيه إما نصاً وإما دلالة. وقال الترمذي: والعمل على هذا (أي هذا الحديث الذي فيه أن المرأة تستحق بموت زوجها بعد العقد قبل فرض الصداق جميع المهر، وإن لم يقع منه دخول ولا خلوة) عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وغيرهم، وبه يقول الثوري وأحمد وإسحاق (وهو قول أبي حنيفة وأصحابه) وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، منهم علي بن أي طالب، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وابن عمر: إذا تزوج الرجل المرأة، ولم يدخل بها، ولم يفرض لها صداقاً حتى مات، قالوا: لها الميراث، ولا صداق لها وعليها العدة، وهو قول الشافعي، وقال: لو ثبت حديث بروع بنت واشق لكانت الحجة فيما رُوي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وروي عن الشافعي أنه رجع بمصر عن هذا القول وقال بحديث بروع بنت واشق. قلنا: وجاء في "الأم": إن كان ثبت عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فهو أولى الأمور بنا ولا حجة في قول أحد دون رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وإن كثروا، ولا في قياس، فلا شيء في قوله إلا طاعة الله بالتسليم له. وروى الحاكم في "المستدرك" 2/ 535 عن حرملة بن يحيي أنه قال: سمعت الشافعي يقول: إن صح حديث بروع بنت واشق قلت به، قال الحاكم: قال شيخنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ: لو حضرت الشافعي، لقلتُ على رؤوس الناس، وقلت له: قد صح الحديث. (¬1) ذكر المزي في "تحفة الأشراف" 7/ 321 أن حديث محمد بن المثنى في رواية أبي الحسن بن العبد.

عن عُقبة بنِ عامر، أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: لرجل: "أترضى أن أُزوِّجَكَ فلانة؟ " قال: نَعَم، وقال للمرأةِ: "أتَرْضَينَ أن أزوّجكِ فلاناً؟ " قالت: نَعَم، فزوَّج أحَدهما صاحِبَه، فدخل بها الرجلُ، ولم يفرِضْ لها صَدَاقاً، ولم يُعطِها شيئاً، وكان ممن شهد الحُديبيةَ، وكان مَن شهد الحديبيةَ له سهم بخيبرَ، فلما حضرته الوفاةُ، قال: إن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - زوَّجني فلانةَ، ولم أفرض لها صداقاً ولم أُعطها شيئاً، وإني أُشْهِدُكُم أني أعطيتُها مِن صَداقها سَهْمي بخيبر، فأَخَذَت سهماً، فباعَته بمئةِ ألفٍ (¬1). قال أبو داود: وزاد عُمَرُ في أول الحديث: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "خَيرُ النكاحِ أيسَرُهُ" وقال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لرجل ثم ساقَ معناه. قال أبو داود: يُخافُ أن يكونَ هذا الحديث ملزقاً، لأن الأمر على غيرِ هذا (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. أبو الأصبغ الجزري عبد العزيز بن يحى صدوق لا بأس به. عمر بن الخطاب: هو السجستاني القُشيري. وأخرجه البيهقي 7/ 232 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (4072) من طريق هاشم بن القاسم الحراني، والحاكم في "المستدرك" 2/ 181 - 182، والبيهقي 7/ 232 من طريق أبي الأصبغ عبد العزيز بن يحيى، كلاهما عن محمد بن سلمة، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (723) و (724) من طريق أحمد بن القاسم، عن أبي الأصبغ، عن محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، به. واقتصر في الموضع الأول على سؤال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، والموضع الثاني عنده بلفظ: "خير النكاح أيسره". وانظر فقه الحديث فيما سيأتي برقم (2125). (¬2) قول أبي داود هذا أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك الى أنه في رواية أبي عيسى الرملي.

32 - باب في خطبة النكاح

32 - باب في خُطبة النكاح 2118 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن أبي اسحاقَ، عن أبي عُبيدة عن عبدِ الله بنِ مسعود في خطبة الحاجةِ في النكاح وغيرهِ. وحدَثنا محمدُ ابنُ سليمان الأنباري - المعنى - حدَّثنا وكيعٌ، عن إسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي الأحوص وأبي عُبيدة عن عبدِ الله، قال: علَّمنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خُطبة الحاجةِ: "إن الحمد لله، نستعينُه ونستغفِرُه، ونعوذ به مِن شرورِ أنفسنا، مَنْ يهدهِ الله، فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ، فلا هَادِيَ له، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأشهدُ أن محمداًعبدُه ورسولُه، يا أيها الذين آمنوا {اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} (¬1) [النساء: 1] , {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] , {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب:70 - 71] لم يقل محمد بن سليمان: "إن" (¬2). ¬

_ (¬1) قوله: {تَسَاءَلُونَ} قرأها عاصم وحمزة والكسائي بتخفيف السين، وقرأها الباقون بالتشديد، وهي مضبوطة بالتشديد في (أ). (¬2) إسناده صحيح من جهة أبي الأحوص - وهو عوف بن مالك بن نَضلة الجُشَمي - ضعيف من جهة أبي عُبيدة - وهو ابن عبد الله بن مسعود - لأنه لم يسمع من أبيه. محمد بن كثير، هو العَبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، ووكيع: هو ابن الجراح، وإسرائيل: هو ابن يونُس السَّبيعي. وأخرجه ابن ماجه (1892)، والترمذي (1131)، والنسائي في "الكبرى" (5502) و (10249) و (10250) و (10254) من طرق عن أبى إسحاق، عن أبي =

2119 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدَّثنا أبو عاصم، حدَّثنا عِمران، عن قتادةَ، عن عبدِ ربه، عن أبي عياض عن ابنِ مسعود: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا تشهدَ، ذكر نحوه، قال بعد قوله: "ورسوله": "أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رَشَدَ، ومن يعصهما فإنه لا يَضُرُّ إلا نفسَه، ولا يَضُرُّ الله شيئاً" (¬1). 2120 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدَّثنا بَدَلُ بنُ المُحبَّر، حدَّثنا شُعبةُ، عن العلاء ابنِ أخي شُعيب الرازي، عن إسماعيل بن إبراهيم عن رجل من بني سُليم، قال: خَطَبتُ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أُمامةَ بنت عبدِ المطلب، فأنكحني مِن غَيرِ أن يتشَهَّدَ (¬2). ¬

_ = الأحوص، والنسائي في "الكبرى" (1721) و (5503) و (10252) و (10253) و (10254) من طرق عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، كلاهما عن عبد الله بن مسعود. وقال الترمذي: حديث حسن، وزاد ابن ماجه بعد قوله: "ونعوذ به من شرور أنفسنا": "ومن سيئات أعمالنا". وهي عند أبي يعلى (7221). وأخرجه النسائى في "الكبرى" (10251) من طريق زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود موقوفاً. وهو في "مسند أحمد" (3720) و (4115) و (4116). وانظر ما بعده. وما سلف برقم (1097). (¬1) صحيح دون قوله: "أرسله بالحق بشيراً ونذيرً ... " إلى آخر الحديث، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عياض. لكن صح من غير طريقه كما سلف قبله. وهو مكرر الحديث السالف برقم (1097). (¬2) إسناده ضعيف. العلاء بن أخي شعيب الرازي مجهول، تفرد شعبة بالرواية عنه، وقال الذهبي: لا يعرف، وشيخه إسماعيل بن إبراهيم مجهول أيضاً، ثم إن فيه اضطراباً كما بينه البخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 343 - 345.

33 - باب في تزويج الصغار

33 - باب في تزويج الصِّغار 2121 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب وأبو كامل، قالا: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد عن هشام بنِ عروة، عن أبيه عن عائشة، قالت: تزوَّجَنِي رَسُولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأنا بنت سبعٍ - قال سليمان: أو ست -، ودخل بي وأنا بنتُ تِسعٍ (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" تعليقاً 1/ 343 - 344، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثانى" (1428)، والبيهقى في "الكبرى" 7/ 147، وابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 396 من طريق بَدَل بن المحبَّر، عن شعبة، عن العلاء، عن رجل، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن رجل. فزاد في الإسناد رجلاً مبهماً. وأخرجه البخاري في "تاريخه" 1/ 344 من طريق محمد بن عقبة السدوسي، عن حفص بن عمر بن عامر، عن إبراهيم بن إسماعيل بن عباد بن شيبان، عن أبيه، عن جده. وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 340 - 341 من طريق إبراهيم بن محمد بن عرعرة، عن حفص بن عمر بن عامر، عن يحس بن العلاء، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عباد بن شيبان، عن أبيه، عن جده. وأخرجه البخاري في "تاريخه" 1/ 345 من طريق محمد بن عياض المدنى، عن إسماعيل بن إبراهيم بن علي السلمي، عن أبيه، عن جده أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال له: "ألا أنكحك أمامة بنت ربيعة بن الحارث؟ " قال: بلى يا رسول الله، قال: "قد أنكحتكها". (¬1) إسناده صحيح. أبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري. وأخرجه تاماً ومطولاً البخاري (3894) و (3896) و (5133) و (5134) و (5158)، ومسلم (1422)، وابن ماجه (1876)، والنسائى في "الكبرى" (5346) و (5347) و (5543) و (5544) من طرق عن هشام بن عروة، به. وفيه أنه تزوجها وهي بنت ست سنين، وفي رواية النسائي في "الكبرى" (5347) أنه تزوجها وهي بنت سبع سنين، وفي رواية النسائي أيضاً (5544) على الشك كرواية المصنف. وأخرجه مسلم (1422)، والنسائى في "الكبرى" (5544) من طريق الزهري، عن عروة بن الزبير، به. وفي رواية مسلم أنه تزوجها وهي بنت سبع سنين، أما النسائي على الشك كرواية المصنف. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه مسلم (1422)، والنسائي في "الكبرى" (5348) من طريق الأسود بن بزيد، والنسائى في "الكبرى" (5345) من طريق ابن أبي مليكة، و (5349) من طريق أبي عبيدة، ثلاثتهم عن عائشة، به. وفي رواية مسلم والنسائى (5345) أنه تزوجها وهي بنت ست سنين، ورواية النسائى (5348) و (5349) أنه تزوجها وهي بنت تسع سنين. وهو في "مسند أحمد" (24152) و (24867) و (26397)، و "صحيح ابن حبان" (7097). وانظر ما سياتي (4933 - 4937). قال الحافظ في "الفتح" 9/ 190: قال المهلب: أجمعوا على أنه يجوز للأب تزويج ابنته الصغيرة البكر ولو كانت لا توطأ مثلها الا أن الطحاوي حكى عن ابن شبرمة منعه في من لا توطأ، وحكى ابن حزم عن ابن شبرمة مطلقاً أن الأب لا يزوج بنته البكر الصغيرة حتى تبلغ وتأذن، وزعم أن تزويج النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عائشة وهي بنت ست سنين كان من خصائصه. وقال النووي في "شرح مسلم" 9/ 176: وأجمع المسلمون على تزويجه بنته البكر الصغيرة لهذا الحديث، وإذا بلغت فلا خيار لها في فسخه عند مالك والشافعي وسائر فقهاء الحجاز، وقال أهل العراق: لها الخيار إذا بلغت، أما غير الأب والجد من الأولياء، فلا يجوز أن يزوجها عند الشافعي والثوري ومالك وابن أبي ليلى وأحمد وأبي ثور وأبي عبيد والجمهور، قالوا: فإن زوجها لم يصح، وقال الأوزاعي وأبو حنيفة وآخرون من السلف: يجوز لجميع الأولياء ويصح، ولها الخيار إذا بلغت إلا أبا يوسف، فقال: لا خيار لها. واعلم أن الشافعي وأصحابه قالوا: يستحب أن لا يزوج الأب والجد البكر حتى تبلغ ويستأذنها لئلا يوقعها في أسر الزوج وهي كارهة، وهذا الذي قالوه لا يخالف حديث عائشة لأن مرادهم أنه لا يزوجها قبل البلوغ إذا لم تكن مصلحةٌ ظاهرة يُخاف فوتها بالتأخير كحديث عائشة فيستحب تحصيل ذلك الزوج، لأن الأب مأمورٌ بمصلحة ولده فلا يفوتها. والله أعلم. وأما وقت زفاف الصغيرة المزوجة والدخول بها فإن اتفق الزوج والولي على شىءٍ لا ضرر فيه على الصغيرة عُمل به، وإن اختلفا فقال أحمد وأبو عبيد تجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها، وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة حدُّ ذلك أن تطيق الجماع ويخلف ذلك باختلافهن، ولا يضبط بسن، وهذا هو الصحيح.

34 - باب في المقام عند البكر

34 - باب في المُقام عند البكر 2122 - حدَّثنا زهيرُ بنُ حرب، حدَّثنا يحيي، عن سُفيانَ، حدثني محمد ابن أبي بكر، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن أبيه عن أُم سلمة: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لما تزوَّج أُم سلمة أقام عندها ثلاثاً ثم قال: "ليس بكِ على أهلكِ هوانٌ، إن شِئتِ سبّعتُ لكِ، وإن سَبَّعْتُ لكِ سبَّعْتُ لِنسائي" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيي: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وعبد الملك بن أبي بكر: هو ابن محمد بن عمرو بن حزم. وأخرجه مسلم (1460)، وابن ماجه (1917)، والنسائي في "الكبرى" (8876) من طريق يحيي بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. قال الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 170: حديث الثوري عن محمد بن أبي بكر صحيح. وأخرجه مالك في "موطئه" 2/ 529، ومن طريقه مسلم (1460) عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبيه مرسلاً: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حين تزوج أم سلمة، وأصبحت عنده قال لها: "ليس بكِ على أهلك هوانٌ، إن شئتِ سَبَّعْتُ عِندَك، وإن شئتِ ثَلَّثتُ ثم درتُ"، قالت: ثَلَّثْ. وسقط من إسناد المطبوع من صحيح مسلم: أبو بكر بن محمد، واستدركناه من "التحفة" 13/ 38. وأخرجه مسلم (1460) من طريق عبد الرحمن بن حميد، عن عبد الملك بن أبي بكر، عن أبي بكر بن عبد الرحمن مرسلاً: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حين تزوج أم سلمة فدَخَل عليها، فأراد أن يَخرُجَ أخذت بثوبه، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن شِئتِ زدتُكِ وحاسَبتُكِ به، للبِكرِ سَبعٌ وللثيّبِ ثلاثٌ". وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 243: هذا حديث ظاهره الانقطاع، وهو متصل مسند صحيح، قد سمعه أبو بكر من أم سلمة. وأخرجه مسلم (1460) من طريق عبد الواحد بن أيمن، والنسائي في "الكبرى" (8877) من طريق عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو والقاسم بن محمد، ثلاثتهم عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أم سلمة. وهو في "مسند أحمد" (26504)، و "صحيح ابن حبان" (2949).

2123 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقية وعثمانُ بنُ أبي شيبة، عن هُشيم، عن حُميد عن أنس بنِ مالك، قال: لما أخَذَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صفيَّة أقامَ عندها ثلاثاً، زاد عثمانُ: وكانت ثيِّباً، وقال: حدثني هُشيم، أخبرنا حميد، حدَّثنا أنس (¬1). 2124 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا هشيمٌ وإسماعيلُ ابنُ عُلَيَّه، عن خالدٍ الحذاءِ، عن أبي قِلابة عن أنس بن مالكٍ، قال: إذا تَزَوَّج البِكْرَ على الثَّيَّبِ، أقامَ عندَها سَبْعاً، وإذا تزوَّج الثيبَ أقامَ عندها ثلاثاً، ولو قلتُ: إنه رفعه، لصدقْتُ، ولكنه قال: السُّنةُ كذلك (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هُشَيم - وهو ابن بشير السُّلمي - صرح بالتحديث من طريق عثمان بن أبي شيبة، فانتفت شبهة تدليسه. حُمَيد: هو ابن أبي حميد الخزاعى. وأخرجه البخاري (4212) و (4213) و (5085) و (5159)، والنسائي في "الكبرى" (5550) و (5510) و (6563) و (6590) من طرق عن حميد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (11952). (¬2) إسناده صحيح. عثمان بن أبي شيبة: هو عثمان بن محمد العبسي، وهشيم: هو ابن بشير السُّلمي، وخالد الحذاء: هو ابن مهران البصري، وأبو قِلابة: هو عبد الله ابن زيد الجَرمي. وأخرجه البخاري (5213) و (5214)، ومسلم (1461)، والترمذي (1171) من طرق عن خالد الحذاء، والبخاري (5214) , ومسلم (1461) من طريق سفيان الثوري، عن أيوب السختياني، كلاهما عن أبي قلابة , به. وأخرجه ابن ماجه (1916) من طريق محمد بن إسحاق، وابن حبان في "صحيحه" (4208) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فذْكره. فجعله من قول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. =

35 - باب في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئا

35 - باب في الرجل يدخل بامرأته قبلَ أن ينقُدَها شيئاً 2125 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيل الطالقاني، حدَّثنا عَبْدَةُ، حدَّثنا سعيد، عن أيوبَ، عن عِكرمةَ عن ابنِ عباس، قال: لما تزوَّج عليٌّ فاطمةَ قال له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أعطِها شيئاً" قال: ما عِندي شيءٌ، قال: "أين درْعُكَ الحُطَمِيةُ؟ " (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن حبان "صحيحه" (4209) من طريق سفيان، حفظناه عن حميد، عن أنس عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مثله. يعني جعله من قول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أيضاً. وانظر "مسند أحمد" (11952). وانظر ما قبله. قال ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام" 4/ 41: الذي قاله أكثر الأصوليين من أن قول الراوي: "من السنة كذا" في حكم المرفوع، لأن الظاهر أنه ينصرف إلى سنة النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وإن كان يحتمل أن يكون ذلك قاله بناءً على اجتهاد رآه، ولكن الأظهر خلافه، وقول أبي قِلابة: "لو شئت لقلت: إن أنساً رفعه" يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون ظن ذلك مرفوعاً لفظاً من أنس، فتحرَّز عن ذلك تورعاً، والثاني: أن يكون رأى أن قول أنس: "من السنة كذا" في حكم المرفوع، فلو شاء، لعبَّر عنه بأنه مرفوع بحسب ما اعتقده من أنه في حكم المرفوع، والأول أقرب، لأن قولَه: "من السنة" يقتضي أن يكون مرفوعاً بطريق اجتهادي محتمل، وقوله: "إنه رفعه": نصٌّ في رفعه، وليس للراوي أن ينقل ما هو ظاهر محتمل إلى ما هو نصٌّ غير محتمل. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسنادٌ رجاله ثقات، لكنه اختلف في وصله وإرساله عن عكرمة، كما سيأتي بيانه، عبدة - وهو ابن سليمان الكلابي - سمع من سعيد - هو ابن أبي عروبة اليشكري - قبل اختلاطه. أيوب: هو السختياني، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5542) من طريق عبدة، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (6945). وخالف عبدةَ بن سليمان عبدُ الوهاب بن عطاء الخَفَّاف عند ابن سعد في "الطبقات" 8/ 22، فرواه عن سعيد بن أبي عروبة، عن أيوب، عن عكرمة مرسلاً. وعبد الوهاب الخفاف سمع من ابن أبي عروبة قبل اختلاطه أيضاً. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه ابن سعد أيضاً 8/ 20 من طريق جرير بن حازم، و 8/ 21 من طريق حمّاد بن زيد، وابن أبي شيبة 4/ 199 عن إسماعيل ابن علية، ثلاثتهم عن أيوب، عن عكرمة مرسلاً. وأخرجه موصولاً النسائي (5541) من طريق حمّاد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن علي. فجعله من مسند علي. وأخرجه موصولاً كذلك البيهقي 7/ 234 من طريق ابن جريج أخبره عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس. بلفظ: "ما استحل عليٌّ فاطمة رضى الله عنها إلا بِبُدنٍ من حديد". وبُدن الحديد: هو الدرع نفسه. وخالف ابنَ جريج محمدُ بن مسلم الطائفي عند ابن سعد 8/ 20، وسفيانُ بن عيينة عنده كذلك 8/ 24 فروياه عن عمرو بن دينار، عن عكرمة مرسلاً. وأخرجه موصولاً أيضاً الطبراني في "الكبير" (12000)، وفي "الأوسط" (2870) و (7981) من طريق معمر، عن يحيي بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس. بلفظ المصنف. لكن خالف معمراً علي بن المبارك عند ابن سعد 8/ 20 فرواه عن يحيي بن أبي كثير، عن عكرمة مرسلاً. وسيأتي موصولاً عند المصنف برقم (2127) من طريق غيلان بن أنس، عن عكرمة، عن ابن عباس. فالحديث صحيح موصولاً بمجموع هذه الطرق. وله شاهد من حديث علي عند أحمد في "مسنده" (603). قال الخطابي: الحُطَميَّه: منسوبة الى حُطَمَة بطنٍ من عبد القيس، كانوا يعملون في الدروع , ويقال: انها الدروع السابغة التي تحطم السلاح. قال في "المغني" 10/ 147 - 148: ويجوز الدخول بالمرأة قبل إعطائها شيئاً سواء كانت مفوضة أو مسمى لها، وبهذا قال سعيد بن المسيب والحسن والنخعي والثوري والشافعي، وروي عن ابن عباس وابن عمر والزهري وقتادة ومالك: لا يدخل بها حتى يعطيها شيئاً، قال الزهري: مضت السنة أن لا يدخل بها حتى يعطيها شيئاً، قال ابن عباس: يخلع إحدى نعليه ويلقيها إليها (رواه سعيد بن منصور 1/ 199) (وهو قول أبي حنيفة كما في "البدائع" 2/ 288 - 289). =

2126 - حدَّثنا كثيرُ بنُ عُبيدٍ الحمصي، حدَّثنا أبو حيوة، عن شُعيب - يعني ابنَ أبي حمزة - حدثني غيلانُ بنُ أنس، حدثني محمدُ بنُ عبدِ الرحمن بن ثوبان عن رَجُلٍ مِن أصحابِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -: أن علياً لما تزوَّجَ فاطمةَ بنتَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أراد أن يَدْخُلَ بها، فمنعه رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - حتى يُعْطِيَها شيئاً، فقال: يا رسولَ الله، ليس لي شيءٌ، فقال له النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "أعْطِهَا درعَكَ" فأعطاها درْعَهُ، ثم دَخَلَ بها (¬1). 2127 - حدَّثنا كثيرٌ - يعني ابنَ عُبيدٍ - حدَّثنا أبو حَيوَةَ، عن شعيبٍ، عن غيلانَ، عن عِكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ، مثلَه (¬2). ¬

_ = وذكر حديث أبي داود هذا ثم قال: ولنا حديث عقبة بن عامر في الذي زوجه النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ودخل بها ولم يُعطها شيئاً. (وهو عند المصنف برقم (2117)) وروت عائشة (وهو الحديث الآتي عند أبي داود برقم (2128)) قالت: أمرني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطها شيئاً. ولأنه عوض في عقد معاوضة، فلم يقف جواز تسليم المعوض على قبض شيء منه كالثمن في المبيع، والأجرة في الإجارة، وأما الأخبار (كحديث ابن عباس وغيره) فمحمولة على الاستحباب، فإنه يستحب أن يعطيها قبل الدخول شيئاً موافقة للأخبار، ولعادة الناس فيما بينهم، ولتخرج المفوضة عن شبه الموهوبة، وليكون ذلك أقطع للخصومة، ويمكن حمل قول ابن عباس ومن وافقه على الاستحباب، فلا يكون بين القولين فرق. (¬1) صحيح لغيره وهذا إسناد اختلف فيه على غيلان بن أنس وهو صدوق حسن الحديث، فرواه مرة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن رجل من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كما هو عند المصنف هنا، ورواه مرة أخرى عن عكرمة، عن ابن عباس كما سيأتي بعده. أبو حيوة: هو شريح بن يزيد المؤذن. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 252 من طريق أبي داود. وانظر ما قبله. (¬2) صحيح لغيره. وانظر سابقيه.

2128 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصبَّاح البزازُ، حدَّثنا شريكٌ، عن منصورٍ، عن طلحةَ، عن خَيثَمَةَ عن عائشة قالت: أمرني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن أُدْخِلَ امْرَأةً على زَوجِها قَبلَ أن يُعطِيَها شيئاً (¬1). قال أبو داود: خيثمةُ لم يسمع مِن عائشة. 2129 - حدَّثنا محمد بنُ معمر، حدَّثنا محمد بنُ بكرٍ البُرسانيُّ، أخبرنا ابنُ جُرِيجٍ، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أيّما امرَأةٍ نكحَتْ على صَدَاقٍ أو حِباءٍ أو عِدَةٍ قَبلَ عصمةِ النكاح، فهو لها، وما كان بَعْدَ عِصمة النكاح، فهو لمن أُعطِيَه، وأحق ما أُكرِم عديه الرجل: ابنتُه أو أختُه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه. خيثمة - وهو ابن عبد الرحمن بن أبي سَبرة - لم يسمع من عائشة فيما قاله المصنف، وشريك - هو ابن عبد الله النخعي - ضعيف سيئ الحفظ. منصور: هو ابن المعتمر السلمي، وطلحة: هو ابن مُصَرِّف اليامي. وأخرجه ابن ماجه (1992) من طريق الهيثم بن جميل، عن شريك، بهذا الإسناد. ويغني عنه في هذا الباب حديث عقبة بن عامر سلف برقم (2117). وانظر فقه الحديث فيما سلف برقم (2125). (¬2) إسناده حسن. ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - قد صرّح بالتحديث عند النسائي في "الكبرى" (5483) فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه ابن ماجه (1955)، والنسائي في "الكبرى" (5483) و (5507) من طريقين عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6709). الحِباء: ما يعطيه الزوجُ سوى الصَّداق بطريق الهبة، والعدة: ما يعد الزوج أنه يعطها. قال الشوكاني: فيه دليل على أن المرأة تستحق جميع ما يذكر قبل العقد من صداق أو حباء وهو العطاء أو عدة بوعد، ولو كان ذلك الشيء مذكوراً لغيرها، وما =

36 - باب ما يقال للمتزوج

36 - باب ما يقالُ للمتزوّج 2130 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا عبدُ العزيز - يعني ابنَ محمد - عن سهيل، عن أبيه عن أبي هريرة: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا رفَّأ الإنسانَ إذا تزَوَّج قال: "باركَ الله لَكَ، وبَارَكَ عليكَ، وجَمَعَ بينكما في خيرٍ" (¬1). ¬

_ = يذكر بعد عقد النكاح، فهو لمن جُعل له، سواء كان ولياً أو غير وليّ أو المرأة نفسها، وقد ذهب إلى هذا عمر بن عبد العزيز والثوري وأبر عبيد ومالك، وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الشرط لازم لمن ذكره من أخ أو أب. وانظر "الاستذكار" 16/ 109 - 113، و"المغني" 10/ 118 - 120. وفي الحديث دليل على مشروعية صلة أقارب الزوجة وإكرامهم والإحسان إليهم، وأن ذلك حلال لهم، وليس من قبيل الرسوم المحرمة إلا أن يمتنعوا من التزويج إلا به. (¬1) إسناده قوي، عبد العزيز بن محمد - وهو الدراوردي - صدوق قوي الحديث. سهيل: هو ابن أبي صالح السمان. وأخرجه ابن ماجه (1905)، والترمذي (1116)، والنسائي في "الكبرى" (10017) من طرق عن عبد العزيز، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (8956) و (8957)، و"صحيح ابن حبان" (4052). قال الخطابي: رفأ الإنسان. يريد هنأه ودعا له، وكان من عادتهم أن يقولوا: بالرفاء والبنين، وأصله من الرفأ وهو على معنيين: أحدهما: التسكين، يقال: رفوت الرجل: إذا سكنتَ ما به من روع، والآخر: أن يكون بمعنى الموافقة والملاءمة، ومنه: رفوت الثوب، وفيه لغتان، يقال: رفَوْت الثوب ورفأته. وفي "المسند" (1738) و (1739) من طريق عبد الله بن عقل أن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه تزوج امرأة من بنى جُشَم، فخرج علينا فقلنا: بالرِّفاء والبنين، فقال: مَة لا تقولوا ذلك، فإن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قد نهانا عن ذلك وقال: قولوا: "بارك الله فيك، وبارك لك فيها". وأخرج أحمد (8956) وغيره بسند قوي، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا رفأ إنساناً قال: "بارك الله لكَ، وباركَ عليكَ، وجمع بينكما على خير" وصححه ابن حبان (4052).

37 - باب في الرجل يتزوج المرأة فيجدها حبلى

37 - باب في الرجل يتزوَّجُ المرأةَ فيجِدُها حُبلى 2131 - حدَّثنا مَخَلدُ بنَ خالد والحسنُ بنُ علي ومحمد بن أبي السَّريَّ - المعنى - قالوا: حَدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابنُ جُرَيجٍ، عن صفوان بنِ سُليم، عن سعيد بنِ المسيب عن رجل مِن الأنصارِ - قال ابنُ أبي السري: من أصحابِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ولم يقل: مِن الأنصار، ثم اتفقوا - يقال له بَصْرَةُ، قال: تزوجتُ امرأةً بِكراً في سِترها، فدخلتُ عليها، فإذا هي حُبْلَى، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "لها الصداقُ بما استحللتَ مِن فرجها، والولدُ عبدٌ لك، فإذا وَلَدَت" قال الحسن: "فاجلدوها" وقال ابنُ أبي السري: "فاجلِدُوهَا" أو قال: "فَحُدُّوهَا" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لعلتين، الأولى: أن ابن جريج لم يسمعه من صفوان بن سُلَيم كما توضحه رواية "المصنَّف" (10705) حين قال عبد الرزاق: عن ابن جُريج، قال: حُدِّثت عن صفوان بن سُلَيم، قال البيهقي في "السنن" 7/ 157، وابن القيم في "تهذيب السنن": هذا الحديث إنما أخذه ابن جريج، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن صفوان بن سُلَيم. وإبراهيم مختلفٌ في عدالته. قلنا: بل هو متروك الحديث كما قال ابن القيم، ويؤكد كلام البيهقي وابن القيم أن عبد الرزاق وغيره قد أخرجوا هذا الحديث عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، عن صفوان بن سُليم، عن سعيد بن المسيب، عن رجل من الأنصار يقال له: بصرة، فتبين أن وصل الحديث خطأ من إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى. والعلة الثانية: أن جماعة رَوَوه عن سعيد بن المسيب مرسلاً كما أشار إليه المصنف بإثر الحديث. عبد الرزاق: هو الصنعاني، وابن جريج: هر عبد الملك بن عبد العزيز. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (10705)، ومن طريقه أخرجه ابن أبى عاصم في "الآحاد والمثاني" (2212)، والطبراني في"الكبير" (1243)، والدارقطني في "سننه" (3616)، والحاكم في "المستدرك" 2/ 183, و 3/ 593, والبيهقي في =

قال أبو داود: روى هذا الحديث قتادةُ، عن سعيد بنِ يزيدَ، عن ابنِ المسيب. ورواه يحيي بنُ أبي كثير، عن يزيد بنِ نعيم، عن سعيد ابنِ المسيب، وعطاء الخراساني عن سعيد بنِ المسيب، أرسلوه، وفي حديثِ يحيى بنِ أبي كثير أن بصرةَ بنَ أكثمَ نكَحَ امرأة، وكُلُّهم قال في حَدِيثه: جعل الولد عبداً له. 2132 - حدَّثنا محمدُ بن المثتى، حدَّثنا عثمانُ بنُ عمر، حدَّثنا علي - يعني ابنَ المبارك - عن يحيى، عن يزيد بنِ نعيم عن سعيد بنِ المسيب: أن رجلاً يقال له: بصْرَةُ بن أكثَم، نكحَ امرأةً، فذكر معناه، زاد: وفرَّق بينهما، وحديثُ ابن جريج أتم (¬1). ¬

_ = "الكبرى" 7/ 157، وابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف" (1744). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه! وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (10704)، وأبو الفتح في "المخزون في علم الحديث" (22)، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 157 من طريق إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن صفوان بن سُليم، به. وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1209) من طريق إبراهيم بن محمد الأسلمي، عن صفوان بن سُليم، مرسلاً. وهذا أولى لأنه يوافق رواية الجماعة عن سعيد بن المسيب. وانظر ما بعده. قال الخطابي: هذا الحديث لا أعلم أحداً من الفقهاء قال به. وهو مرسل، ولا أعلم أحداً من العلماء اختلف في أن ولد الزنى حرٌّ إذا كان من حرة، فكيف يستعبده. ويشبه أن يكون معناه إن ثبت الخبر أنه أوصاه به خيراً أو أمره باصطناعه وتربيته واقتنائه لينتفع بخدمته إذا بلغ فيكون كالعبد له في الطاعة مكافأة له على إحسانه وجزاءً لمعروفه ... (¬1) رجاله ثقات لكنه مرسل، وهو أصح من إسناد الموصول السالف قبله. يحيى: هو ابن أبي كثير. =

38 - باب في القسم بين النساء

38 - باب في القَسم بين النساء 2133 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسي، حدَّثنا هَمّام، حدَّثنا قتادةُ، عن النضر ابنِ أنس، عن بَشِير بنِ نَهيك عن أبي هُريرة، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَن كانت له امرأتانِ، فمال إلى إحداهما جاء يَومَ القيامَةِ وشِقُّه مَائِلٌ" (¬1). 2134 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حَمَّاد، عن أيوبَ، عن أبي قِلابة، عن عبدِ الله بنِ يزيد الخطميِّ ¬

_ = وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (693)، والبيهقي في "الكبرى" 57/ 17 من طريق عبد الله بن المبارك، عن علي بن المبارك، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/ 183 عن علي بن حَمشاذ العدل، عن الحسين بن محمد بن زياد، عن محمد بن المثنى، عن عثمان بن عمر، عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن يزيد بن نعيم، عن سعيد بن المسيب، عن بَصرة ابن أكثم فوصله. وهذا مخالف لرواية المصنف هنا فلعل الوهم في وصله من الحسين ابن محمد بن زياد أو ممن دونه. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى الأزدي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه ابن ماجه (1969)، والترمدي (1173)، والنسائي في "الكبرى" (8839) من طريق همام، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7936)، و"صحيح ابن حبان" (4207). قال الخطابي: في هذا دلالة على توكيد وجوب القسم بين الضرائر والحرائر، وإنما المكروه من الميل هو ميل العِشرة الذي يكون معه بخس الحق دون ميل القلوب، فإن القلوب لا تملك، فكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يسوي في القسم بين نسائه ويقول: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تؤاخذني فيما لا أملك" وفى هذا نزل قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} [النساء: 129].

عن عائشة قالت: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقْسم فيعدل، ويقول: "اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلُمني فيما تَملِكُ ولا أملِكُ" قال أبو داود: يعني القلبَ (¬1). 2135 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا عبدُ الرحمن - يعني ابنَ أبي الزناد - عن هشامِ بنِ عُروة، عن أبيه، قال: قالت عائشةُ: يا ابنَ أُختي، كان رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - لا يُفضِّلُ بعضنا على بعضٍ في القَسمِ، من مُكثه عِندنا، وكان قلَّ يومٌ إلا وهو يَطُوفُ علينا جميعاً، فيدنو مِنْ كُلِّ امرأة مِن غير مَسِيسٍ حئى يَبْلُغَ إلى التي هو يَوْمُها فيبيتُ عندها، ولقد قالت سودَةُ بنتُ زمْعَةَ حين أسنَّتْ وَفرِقَتْ أن يُفَارِقَها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: يا رسولَ الله، يومي لِعائشة، فَقَبِلَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، كما قال ابن كثير في "التفسير" 2/ 382، إلا أنه اختلف في وصله وإرساله، ورجح الإرسالَ غير واحد من الأئمة، وقد روي من وجهٍ آخر عن عائشة بإسناد حسن سيأتي بعده. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وأيوب: هو السختياني، وأبو قِلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي. وأخرجه ابن ماجه (1971)، والترمذي (1172)، والنسائي في "الكبرى" (8840) من طريق حمّاد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25111)، و "صحيح ابن حبان" (4205). وقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقسم بين نسائه فيعدل، صحيح معناه من حديث عائشة عند أحمد (24859). وانظر ما بعده. وقد توسع في شرح هذا الحديث الإمام الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/ 214 - 217 فارجع إليه.

ذلك رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - منها، قالت: نقولُ في ذلك أنزلَ اللهُ تعالى وفي أشباهها، أراه قال: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا} [النساء: 128] (¬1). 2136 - حدَّثنا يحيي بنُ مَعين ومحمدُ بنُ عيسى - المعنى - قالا: حدَّثنا عبادُ بنُ عباد، عن عاصمٍ، عن مُعاذة عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يستأذنّا إذا كان في يومِ المرأةِ منَّا بعدما نزلت {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51] قالت معاذةُ: فقلتُ لها: ما كنتِ تقولينَ لِرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ قالت: أقول: إن كانَ ذلك إليَّ لم أُوثر أحداً على نفسِي (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. عبد الرحمن بن أبي الزناد حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه أحمد (24765)، والطبراني في "الكبير" 24/ (81)، وأبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" 3/ 368، والحاكم في "المستدرك" 2/ 186، والبيهقي 7/ 74 - 75 و300 من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. وأخرج الترمذي (3289) من حديث ابن عباس، قال: خَشيتْ سَودة أن يُطَلِّقَها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقالت: لا تطلقني وأمسِكني، وأجعَلُ يَومي لعائشة، فَفَعل، فنزلت: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128]. وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وحسّنه الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 7/ 720. وانظر ما سيأتى برقم (2138). (¬2) إسناده صحيح. عبّاد بن عبّاد: هو العتكي الأزدي، وعاصم: هو ابن سليمان الأحول، ومعاذة: هي العدوية. وأخرجه مسلم (1476)، والنسائي في "الكبرى" (8887) من طريق عبّاد بن عبّاد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (4789)، ومسلم (1476) من طريق عبد الله بن المبارك، عن عاصم، به. =

2137 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا مرحوم بنُ عبد العزيز العطارُ، حدثني أبو عِمران الجَونيُّ، عن يزيدَ بنِ بابَنُوس عن عائشة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بعثَ إلى النساء - تعني في مرضه - فاجتمعْنَ، فقال: "إني لا أستطِيعُ أن أدورَ بينكن، فإن رأيتُن أن تأذنَّ لي فأكونَ عندَ عائشة فعلتُنَّ" فأذِنَّ له (¬1). 2138 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بن السَّرح، حدَّثنا ابنُ وهب، عن يونَس، عن ابنِ شهاب، أن عُروةَ بنَ الزبير حدَّثه ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (24476)، و"صحيح ابن حبان" (4206). قال ابن الجوزي في "زاد المسير" 6/ 407: وفي معنى الآية أربعة أقوال: أحدها: تطلِّق من تشاء من نسائك، وتُمسِكُ من تشاء من نسائك. قاله ابن عباس. والثاني: تترك نكاح من تشاء، وتنكح من نساء أمتك من تشاء، قاله الحسن. والثالث: تعزل من شئتَ من أزواجك، فلا تأتيها بغير طلاق، وتأتي من تشاء فلا تعزلها. قاله مجاهد. والرابع: تقبل من تشاء من المؤمنات اللواتي يَهَبْنَ أنفسهن، وتترك من تشاء، قاله الشعبي وعكرمة. وأكثر أهل العلم على أن هذه الآية نزلت مبيحة لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - مصاحبة نسائه كيف شاء من غير إيجاب القسمة عليه والتسوية بيهن غير أنه كان يُسوي بينهن. وانظر "تفسير ابن كثير" 6/ 437. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن يزيد بن بَابَنُوس حسن الحديث، وقد توبع. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرهَد الأسدي. وأخرجه بأطول مما هنا البخارى (198) و (665) و (2588) و (3099) و (4442) و (5714)، ومسلم (418)، وابن ماجه (1618)، والنسائي في "الكبرى" (7046) و (7051) و (8886) من طريق عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، والبخارى (4450) و (5217) من طريق عروة بن الزبير، كلاهما عن عائشة. وانظر "مسند أحمد" (24061) و (24103) و (24858)، و"صحيح ابن حبان" (6588).

أن عائشةَ زوجَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قالت: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا أراد سَفَراً أقرَعَ بين نسائه، فأيتُهُنَّ خرج سهمُها، خرجَ بها معه، وكان يَقسِمُ لِكل امرأةٍ منهن يَومَهَا ولَيلَتَها، غَيْرَ أن سودة بنتَ زمعةَ وهَبَت يَوْمَها لعائشة (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله المصري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (2593) و (2661) و (2688) و (2879) و (4141) و (4750)، ومسلم (2770)، وابن ماجه (1970) و (2347)، والنسائي في "الكبرى" (8874) و (8880) (8882) و (11296) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وقرن البخاري (2661) و (2879) و (4141) و (4750)، ومسلم (2770) والنسائي (8882) و (11296) بعروة بن الزبير: سعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص الليثي وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة. وأخرجه البخاري (5212)، ومسلم (1463)، وابن ماجه (1972)، والنسائي (8885) من طريق هشام، عن عروة، عن عائشة: أن سودة بنت زمعة وهبت يومها لعائشة، وكان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقسم لعائشة بيومها ويوم سودة. هذا لفظ البخاري. وأخرجه البخارى (5211)، ومسلم (2445)، والنسائي في "الكبرى" (8883) من طريق القاسم بن محمد، والنسائى في "الكبرى" (8881) من طريق محمد بن علي ابن شافع، عن ابن شهاب، عن عبيد الله، كلاهما عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24395) و (24834) و (24859)، و"صحيح ابن حبان" (4211) و (4212) و (7099). قال الخطابي: فيه إثبات القرعة، وفيه أن القسم قد يكون بالنهار كما يكون بالليل، وفيه أن الهبة قد تجري في حقوق عشرة الزوجية كما تجري في حقوق الأموال. واتفق أكثر أهل العلم على أن المرأة التي يخرج بها في السفر لا يحسب عليها بتلك المدة للبواقي، ولا تقاس بما فاتهن في أيام الغيبة إذا كان خروجها بقرعة. =

39 - باب في الرجل يشترط لها دارها

39 - باب في الرجل يشترط لها دارها 2139 - حدَّثنا عيسى بنُ حماد، أخبرنا الليثُ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن أبي الخير عن عُقبة بنِ عامر، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، أنه قال: "إن أحَقَّ الشُروطِ أن تُوفوا به ما استحللتم به الفُرُوجَ" (¬1). ¬

_ = وزعم بعض أهل العلم أن عليه أن يوفي للبواقي ما فاتهن أيام غيبته حتى يساوينها في الحظ، والقول الأول أولى لاجتماع عامة أهل العلم عليه، ولأنها إنما ارتفقت بزيادة الحظ بما يلحقها من مشقة السفر وتعب السير، والقواعد خليات من ذلك، فلو سوى بينها وبينهن لكان في ذلك العدول عن الإنصاف، والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وأبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزني. وأخرجه البخاري (2721) و (5151)، ومسلم (1418)، وابن ماجه (1954)، والترمذي (1156) و (1157)، والنسائى في "الكبرى" (5506) و (5508) من طرق عن يزيد بن أبي حبيب، به. وهو في "مسند أحمد" (17302)، و"صحيح ابن حبان" (4092). قال الخطابي: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه يريان أن من تزوج امرأة على أن لا يخرجها من دارها، أو لا يخرج بها إلى البلد أو ما أشبه ذلك أن عليه الوفاء بذلك وهو قول الأوزاعي، وقد روي معناه عن عمر رضي الله عنه. وقال سفيان وأصحاب الرأي: إن شاء أن ينقلها عن دارها، كان له، وكذلك قال الشافعي ومالك، وقال النخعي: كل شرط في نكاح، فالنكاح يهدمه إلا الطلاق، وهو مذهب عطاء والشعبي والزهري وقتادة وابن المسيب والحسن وابن سيرين. وتأويل الحديث على مذهب هؤلاء أن يكون ما يشترطه من ذلك خاصاً في المهر والحقوق الواجبة التي هي مقتضى العقد دون غيرها مما لا يقتضيه. وانظر لزاماً "المغني" 9/ 483 - 489.

40 - باب في حق الزوج على المرأة

40 - باب في حق الزوج على المرأة 2140 - حدَّثنا عمرو بنُ عون، أخبرنا اسحاق بنُ يوسفَ، عن شريكٍ، عن حُصينٍ، عن الشعبيِّ عن قيسِ بنِ سعد، قال: أتيتُ الحِيرةَ فرأيتُهم يسجدون لِمرْزُبانٍ لهم، فقلتُ: رسولُ الله أحقُّ أن يُسجدَ له، قال: فأتيتُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقلت: إني أتيتُ الحِيرَةَ فرأيتُهم يَسجُدُونَ لمرزبانٍ لَهُمْ، فأنت يا رسولَ الله أحقُّ أن نسجُدَ لك، قال: "أرأيتَ لو مررتَ بقبري أكنتَ تَسجُدُ له؟ " قال: قلت: لا، قال: "فلا تَفْعَلُوا، لو كنتُ آمراً أحداً أن يَسجُدَ لأحدٍ لأمرتُ النِّساءَ أن يسجُدْنَ لأزواجِهِنَّ، لِمَا جَعَل الله لهم عليهنَّ من الحق" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره دون ذكر السجود للمرزبان والسجود للقبر، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. شريك - وهو ابن عبد الله النخعي - صدوق حسن الحديث في المتابعات والشواهد. إسحاق بن يوسف: هو الأزرق، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي، والشعبي: هو عامر بن شراحيل. وأخرجه الدارمي في "سننه" (1463)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثانى" (2023)، والطبراني في "الكبير" 18/ (895)، والحاكم في "المستدرك " 2/ 187 من طريق شريك، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 291 من طريق أبي بكر النخعي، عن حصين، به. ولقوله: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد ... " شاهد من حديث أبي هريرة عند الترمذي (1193) وإسناده حسن، وصححه ابن حبان (4162). وآخر من حديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" (12003) وإسناده قوي. وثالث من حديث معاذ بن جبل عند أحمد (21986) ورجاله ثقات. ورابع من حديث أنس بن مالك عند أحمد أيضاً (12614) ورجاله ثقات. وخامس من حديث ابن أبي أوفى عند ابن ماجه (1853)، وصححه ابن حبان (4171). =

41 - باب في حق المرأة على زوجها

2141 - حدَّثنا محمدُ بنُ عمرو الرازيُّ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمشِ، عن أبي حازمٍ عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا دَعَا الرجلُ امرأتَه إلى فِراشه فلم تأتِهِ، فباتَ غَضْبَانَ عليها لَعَنتها الملائكةُ حتى تُصْبِحَ" (¬1). 41 - باب في حق المرأة على زوجها 2142 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، أخبرنا أبو قزَعَةَ الباهليُّ، عن حكيم بن معاوية القُشيريِّ عن أبيه، قال: قلت: يا رسولَ الله، ما حق زوجة أحدِنا عليه؟ قال: "أن تُطعمَها إذا طَعِمتَ، وتكسُوَها إذا اكتَسَيْتَ - أو اكتسبْتَ - ولا تضربَ الوجهَ، ولا تُقبِّحَ، ولا تَهْجُرَ إلا في البيت" (¬2). ¬

_ = الحِيرة: مدينة كانت على ثلاثة أميال من الكوفة، وهي قاعدة الملوك اللخميين فتحها المسلمون بقيادة سيف الله خالد بن الوليد سنة 12هـ. والمرزبان: هو بفتح الميم وضم الزاي: الفارس الشجاع المقدم على القوم دون الملك وهو معرب. كذا في "النهاية". (¬1) إسناده صحيح. جرير: هر ابن عبد الحميد الضبّي، والأعمش: هو سليمان ابن مهران، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي. وأخرجه البخاري (3237) و (5193)، ومسلم (1436) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1436) (121) من طريق يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، به. وأخرجه البخاري (5194)، ومسلم (1436) (120)، والنسائي في "الكبرى" (8921) من طريق زرارة بن أوفى, عن أبي هريرة قال: قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتي ترجع". وهو في "مسند أحمد" (9671)، و"صحيح ابن حبان" (4172) و (4173). (¬2) إسناده حسن من أجل حكيم بن معاوية - وهو ابن حَيدة القُشَيرِي - فهو صدوق حسن الحديث. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وأبو قزعة الباهلي: هو سويد بن حُجَير. =

قال أبو داود: "ولا تقبَّح" أن تقول: قَبَّحكِ الله. 2143 - حدَّثنا ابنُ بشار، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا بَهزُ بن حكيم، حدثني أبي عن جدِّي قال: قلت: يا رسول الله، نساؤنا ما نأتي منهنَّ وما نَذَرُ؟ قال: "ائتِ حَرْثَكَ أنَّى شِئْتَ، وأَطْعِمْها إذا طَعِمْتَ، واكْسُها إذا اكتَسَيْتَ، ولا تُقَبِّحِ الوَجهَ، ولا تَضْرِب" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1850)، والنسائي في "الكبرى" (9126) و (9136) و (11038) (11367) من طريق أبي قزعة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20011)، و "صحيح ابن حبان" (4175). وانظر لاحقيه. وفي باب حق الزوجة عن جابر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ولهنَّ عليكم رِزقُهُنَّ وكسوتهنَّ بالمعروف". أخرجه مسلم (1218). وفي باب النهي عن ضرب الوجه وتقبيحه بوجه عام دون حصره بالنساء عن أبي هريرة عند أحمد (7420) ولفظه: "إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، ولا يقل: قبح اللهُ وجهك ووجه من أشبه وجهك، فإن الله تعالى خلق آدم على صورته". قال الخطابي: في الحديث إيجاب النفقة والكسوة لها، وليس في ذلك حد معلوم، وإنما هو على المعروف، وعلى قدر وسع الزوج وجدته، وإذا جعله النبي - صلَّى الله عليه وسلم - حقاً لها فهو لازم للزوج حضر أو غاب، وإن لم يجده في وقته، كان ديناً عليه إلى أن يؤديه إليها كسائر الحقوق الواجبة، وسواء فرض لها القاضي عليه أيام غيبته، أم لم يفرض وقوله: ولا تهجر إلا في البيت، أي: لا تهجرها إلا في المضجع، ولا تتحول عنها، أو تحولها إلى دار أخرى. (¬1) إسناده حسن كسابقه. ابن بشار: هو محمد بن بشار العبدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9115) عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد. وزاد: "وأطعمهما إذا طعمت واكسُها إذا اكتَسَيت، ولا تهجُرها إلا في بيتها، كيف وقد أفضَى بعضُكُم إلى بعض، إلا بما حَلَّ عليها". =

قال أبو داود: روى شعبة "تُطْعِمُها إذا طَعِمتَ، وتكسُوها إذا اكتسيتَ". 2144 - أخبرني أحمدُ بنُ يوسف المهلبي النيسابوري، حدَّثنا عمر بنُ عبد الله ابن رَزينٍ، حدَّثنا سفيانُ بنُ حسينٍ، عن داود الوراق، عن سعيد بن حكيم، عن أبيه عن جدِّه معاوية القشيري قال: أتيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: فقلت: ما تقول في نسائنا؟ قال: "أطْعِمُوهنَّ مما تأكلون، واكسوهُنَّ مما يكتَسُون، ولا تَضْربوهنَّ، ولا تُقبَّحوهُن" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (20030). وانظر ما قبله، وما بعده. وقوله: "أنى شئت"، أي: كيف شئت من قيام أو قعود واضطجاع وإقبال وإدبار بأن يأتيها في قبلها من جهة الخلف، ففي "صحيح مسلم" وابن أبي حاتم والطحاوي في"مشكل الآثار" (3126) من حديث جابر بن عبد الله، قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الوليد أحول، فأنزل الله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج" فهذا بيان في المعنى المراد من قوله تعالى: {أَنَّى شِئْتُمْ} صادر ممن أنزل الله إليه الذكر ليبين للناس ما نزل إليهم، ولا يسع المؤمن الذي ارتضى الله رباً، والإسلام دينا، ومحمداً رسولاً إلا أن يقبل به، وينتهي إليه، ويلغي فهمه ويطرح هواه. وقد ثبت عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - جملة أحاديث فيها نهي للزوج أن يأتي امرأته في دبرها ذكرتها في التعليق على "زاد المسير" لابن الجوزي 1/ 253، وانظر عند المصنف حديث أبي هريرة الآتي برقم (2162). (¬1) إسناده حسن، وداود الوراق متابع. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9106) من طريق سفيان بن حسين، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20011) من طريق آخر عن حكيم بن معاوية، عن أبيه. وانظر سابقيه. تنبيه: هذا الحديث والحديث الذي قبله جاء في هامش (هـ) مكتوباً بجانبه: صح لابن الأعرابي واللؤلؤي.

42 - باب في ضرب النساء

42 - باب في ضرب النساء 2145 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن علي بن زيدٍ، عن أبي حُرَّة الرَّقاشيِّ عن عمِّه، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "فإن خِفْتُمْ نُشُوزَهنَّ فاهْجُروهُنَّ في المضاجع". قال حمادٌ: يعني النكاح (¬1). 2146 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي خلفٍ وأحمدُ بنُ عمرو بن السَّرح، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن عبدِ الله بن عبد الله - قال ابن السرح: عبيدُ الله ابن عبد الله - عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تَضرِبُوا إماءَ الله" فجاء عُمَرُ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: ذَئِرنَ النِّساء على أزواجِهِنَّ، فرخَّص في ضربهِنَّ، فأطافَ بآل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نساءٌ كثير يشكونَ أزواجَهُنَّ، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "لَقَد طَافَ بآل محمدِ نساءٌ كثير يشكونَ أزواجَهُنَّ، لَيسَ أولئك بخيارِكُم" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد - وهو ابن جدعان التيمي -. حماد: هو ابن سلمة البصري. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 303 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً أحمد في "مسنده" (20695) من طريق حماد بن سلمة، به. وقد اختصر المصنف رحمه الله هذا الحديث فلم يذكر موضع الشاهد فيه الذي بَوَّب من أجله، وهو الضرب، وقد جاء بتمامه عند أحمد في "مسنده" كما ذكرنا. وللنهي عن ضرب النساء ضرباً غير مبرِّح شاهد من حديث جابر بن عبد الله سلف برقم (1905)، وهو صحيح. وآخر من حديث عمرو بن الأحوص عند ابن ماجه (1851)، والترمذي (1197) و (3341)، والنسائي في "الكبرى" (9124)، وسنده حسن. (¬2) إسناده صحيح. إياس بن عبد الله بن أبي ذُباب قال البخاري في "تايخه" =

2147 - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حربٍ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن مهديٍّ، حدَّثنا أبو عَوانة، عن داود بن عبد الله الأودي، عن عبد الرحمن المُسلىِّ، عن الأشعث ابن قيس عن عمر بن الخطاب، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يُسْألُ الرَّجُلُ فيما ضَرَبَ امرأتَه" (¬1). ¬

_ = 1/ 440: لا تعرف له صحبة، وخالفه أبو حاتم وأبوزرعة، فأثبتا صحته كما في "الجرح والتعديل" 2/ 280، ورجح الحافظ صحبته في "تهذيب التهذيب"، وصحح إسناد حديثه هذا في "الإصابة". سفيان: هو ابن عيينة الهلالي، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وعبد الله ابن عبد الله: هو ابن عبد الله بن عمر، وله أخ اسمُه عُبيد الله، وكلاهما ثقة من رجال الشيخين. وأخرجه ابن ماجه (1985)، والنسائي في "الكبرى" (9122) من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (4189). وقوله: ذئرن: معناه سوء الخلق والجرأة على الأزواج، والذائر: المغتاظ على خصمه، المستعد للشر، يقال: أذأرتُ الرجل بالشر: إذا أغريته به، فيكون معناه على هذا: أنهن أغرين بأزواجهن واستخففن بحقوقهم. وفيه بيان أن الصبر على سوء أخلاقهن والتجافي عما يكون فيهن أفضل. قلنا: وإنما عبّر هنا بقوله: ذئرن النساء، على لغة أكلوني البراغيث، ومنه قوله تعالى: {وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الأنبياء: 3] وقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يتعاقبون فيكم ملائكة ... ". (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن المُسلي. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه ابن ماجه (1986) و (1987)، والنسائي في "الكبرى" (9123) من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (122).

43 - باب ما يؤمر به من غض البصر

43 - باب ما يؤمر به من غضِّ البصر 2148 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، حدثني يونسُ بن عُبيد، عن عمرو بن سعيد، عن أبي زرعة عن جرير، قال: سألت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن نظرةِ الفَجْأة، فقال: "اصْرِف بَصَرَكَ" (¬1). 2149 - حدَّثنا إسماعيلُ بنُ موسى الفَزاريُّ، أخبرنا شريك، عن أبي ربيعة الإياديِّ، عن ابن بُريدة عن أبيه، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لعليٍّ: "يا عليُّ، لا تُتْبِعِ النظرةَ النظرةَ، فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. محمد بن كثير: هو العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير البجلي. وأخرجه مسلم (2159)، والترمذي (2981)، والنسائي في "الكبرى" (9189) من طرق عن يونس بن عُبيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (19160)، و"صحيح ابن حبان" (5571). (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أبو ربيعة - واسمه عمر بن ربيعة الإيادي - قال أبو حاتم: منكر الحديث، وذكره الذهبي في "المغني في الضعفاء". وشريك - وهو ابن عبد الله النخعي - سيئ الحفظ. ابن بريدة: هو عبد الله الأسلمي. وأخرجه الترمذي (2982) من طريق شريك، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب. وهو في "مسند أحمد" (22974) وانظر تمام كلامنا عليه فيه. وفي الباب عن علي بن أبي طالب في "مسند أحمد" (1369) وغيره، وهو حسن. وفي الباب عن جرير بن عبد الله سلف قبله. قال الخطابي: النظرة الأولى إنما تكون له لا عليه إذا كانت فجاة من غير قصد أو تعمد، وليس له أن يكرر النظرة ثانية، ولا له أن يتعمده بدءاً كان أو عوداً.

2150 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عوانةَ، عن الأعمش، عن أبي وائل عن ابن مسعود، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تُبَاشِرُ المرأةُ المرأةَ لتَنْعتَها لزوجِها، كأنما يَنظُرُ إليها" (¬1). 2151 - حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيم، حدَّثنا هشامٌ، عن أبي الزُّبير عن جابر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - رأى امرأةً فدَخَلَ على زينبَ بنتِ جحشٍ، فقضى حاجتَه منها، ثم خَرَجَ إلى أصحابه، فقال لهم: "إن المرأة تُقبِلُ في صورةِ شَيطان، فمن وَجَدَ مِن ذلك فليأتِ أهلَه، فإنه يُضْمِرُ ما في نفسِه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرهَد الأسدي، وأبو عوانَة: هو الوضاح ابن عبد الله اليشكري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي. وأخرجه البخاري (5241)، والترمذي (3000)، والنسائي في "الكبرى" (9187) من طريق الأعمش، والبخاري (5240)، والنسائي في "الكبرى" (9186) و (9187) من طريق منصور بن المعتمر السُّلمي، كلاهما عن أبي وائل، به. زاد النسائى (9186): "في الثوب الواحد". وأخرجه بنحوه موقوفاً النسائي في "الكبرى" (9188) من طريق مسروق، عن عبد الله بن مسعود. وهو في "مسند أحمد" (3609)، و"صحيح ابن حبان" (4160) و (4161). قال القابسي: هذا أصل لمالك في سدِّ الذرائع، فإن الحكمة في هذا النهي خشية أن يعجبَ الزوجَ الوصفُ المذكور، فيفضي ذلك إلى تطليق الواصفة، أو الافتتان بالموصوفة. نقله عنه الحافظ في "الفتح". وقال الخطابي: فيه دلالة على أن الحيوان قد يضبط بالصفة ضبط حصر وإحاطة، واستدلوا به على جواز السلم في الحيوان. (¬2) إسناده صحيح، أبو الزبير - هو محمد بن مسلم بن تدرس - صرح بالتحديث عند أحمد (14744). هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستُوائي. =

2152 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد، حدَّثنا ابنُ ثور، عن معمرٍ، أخبرنا ابنُ طاووس، عن أبيه عن ابنِ عباس، قال: ما رأيتُ شيئاً أشبَه باللَّمَمِ مما قال أبو هريرة عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن اللهَ كَتَبَ على ابنِ آدَمَ حَظه من الزِّنى، أدرَكَ ذلك لا مَحالَةَ، فزنى العينينِ النَّظَرُ، وزنى اللسانِ المَنطقُ، والنفسُ تَمنَّى وتَشْتَهي، والفرجُ يُصَدِّقُ ذلك ويُكذِّبه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1403)، والترمذي (1192)، والنسائي في "الكبرى" (9072) من طريق هشام الدستوائى، ومسلم (1403) من طريق حَرب بن أبي العالية، ومسلم (1403) من طريق مَعْقِل بن عبيد الله الجزري، ثلاثتهم عن أبي الزبير، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وأخرجه النسائي (9073) من طريق حرب بن أبي العالية، عن أبي الزبير، مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (14537)، و"صحيح ابن حبان" (5572) و (5573). وله شاهد من حديث أبي كبشة عند أحمد (18028) وإسناده حسن. وآخر من حديث ابن مسعود عند الدارمي (2215)، والبخاري في "التاريخ" 5/ 69، والبيهقي في "الشعب" (5436) وروي مرفوعاً وموقوفاً. وقوله: "فإنه يضمر ما في نفسه". قال في "النهاية": أي يُضعفه ويقلله من الضُّمور وهو الهزال والضعف. وما في نفسه من الميل إلى النساء والتلذذ بالنظر إليهن. (¬1) إسناده صحيح. محمد بن عُبيد: هو ابن حساب الغُبَري، وابن ثور: هو محمد الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد ألأزدي، وابن طاووس: هو عبد الله اليماني. وأخرجه البخاري (6243) من طريق سفيان بن عيينة، والبخاري (6612)، ومسلم (2657)، والنسائي في "الكبرى" (11480) من طريق معمر، كلاهما عن ابن طاووس، به. وهو في "مسند أحمد" (7719)، و"صحيح ابن حبان" (4420) و (4421). وانظر لاحقيه. =

2153 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة، أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لكل ابنِ آدم حظُّه من الزِّنى"، بهذه القصة، قال: "واليَدَانِ تَزْنيان، فزِنَاهُما البَطْشُ، والرِّجلان تزنيان، فزناهما المشيُ، والفمُ يزني، فزِناة القُبَلُ" (¬1). 2154 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن ابن عجلان، عن القعقاع ابن حكيم، عن أبي صالح عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - بهذه القصة، قال: "والأذنُ زِناها الاستماعُ" (¬2). ¬

_ = وقوله: أشبه باللمم. قال الخطابي: يريد بذلك ما عفا الله عنه من صغائر الذنوب، وهو معنى قوله تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم: 32]، وهو ما يلم به الإنسان من صغائر الذنوب التي لا يكاد يسلم منها إلا من عصمه الله وحفظه، وإنما سمي النظر والقول زنى، لأنهما مقدمتان للزنى، فإن البصر رائد، واللسان خاطب، والفرج مصدق للزنى، ومحقق له بالفعل. وقال ابن بطال: تفضل الله على عباده بغفران اللمم إذا لم يكن للفرج تصديق بها، فإذا صدقها الفرج كان ذلك كبيرة. (¬1) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه مسلم (2657) من طريق وهيب بن خالد، عن سهيل بن أبي صالح، به. وقال: "واللسانُ زناه الكلام" بدلاً من: "والفم يزني، فزناه القُبَل". وهو في "مسند أحمد" (8526) و (10920). وانظر ما قبله وما بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان - وهو محمد القرشي -. الليث: هو ابن سعد. وأخرجه مسلم (2657) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، به. وهو في "مسند أحمد" (8932)، و"صحيح ابن حبان" (4423). وانظر سابقيه.

44 - باب في وطء السبايا

44 - باب في وطء السَّبايا 2155 - حدَّثنا عُبيد الله بن عمر بن مَيْسَرَةَ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيع، حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن صالح أبي الخليل، عن أبي علقمةَ الهاشِميِّ عن أبي سعيدِ الخدري: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بَعَثَ يومَ حُنَيْنٍ بَعْثاً إلى أوطاسٍ، فلقُوا عَدُوَّهم، فقاتلوهم، فظَهروا عليهم، وأصابُوا لهم سبايا، فكأن أُناساً مِنْ أصحابِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - تحرَّجُوا مِن غشيانهنَّ، من أجلِ أزواجهِنَّ مِن المشركين، فأنزل الله تعالى في ذلك: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] أي: فَهُن لهم حلالٌ إذا انْقَضَتْ عِدَّتُهُن (¬1). 2156 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا مسكين، حدَّثنا شعبةُ، عن يزيدَ بن خُمير، عن عبد الرحمن بن جبير بن نُفير، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عَروبة، وقتادة: هو ابن دِعامة السَّدوسي، وصالح أبي الخليل: هو صالح بن أبي مَريم الضُّبَعي. وأخرجه مسلم (1456)، والترمذي (1163) و (3264)، والنسائي في "الكبرى" (5468) و (11030) من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1456) من طريق قتادة، والترمذي (1162) و (3265)، والنسائي في "الكبرى" (5467) و (11031) من طريق عثمان البَتِّىِّ، كلاهما عن أبي الخليل، عن أبي سعيد. دون ذكر أبي علقمة في إسناده. قال النووي في "شرح مسلم"10/ 34: هكذا هو في جميع نسخ بلادنا ... ووقع في نسخة ابن الحذاء بإثبات أبي علقمة، وصَوَّب الدارقطني في "العلل" 4/ ورقة 8، والمزي في "تحفة الأشراف" (4077)، وغيرهما إثبات أبي علقمة في إسناده. وهو في "مسند أحمد" (11691) و (11797). وانظر تمام الكلام عليه عنده وفي "شرح مسلم" للنووي. وانظر ما سيأتي برقم (2157).

عن أبي الدَّرداء: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان في غزوةٍ فرأى امرأةً مجِحّاً فقال: "لعل صاحبَها ألمَّ بها" قالوا: نَعم، فقال: "لقد هَمَمْتُ أن ألعنَه لعنةً تَدْخُلُ مَعهُ في قبرِه، كيف يُوَرِّثُه وهو لا يَحِلُّ له؟ وكيفَ يستخدِمُه وهو لا يَحِلُّ له؟ " (¬1). 2157 - حدَّثنا عمرو بن عون، أخبرنا شريكٌ، عن قيس بن وهب، عن أبي الودَّاك عن أبي سعيدٍ الخدري - ورفعَه - أنَه قال في سَبايا أوطاس: "لا تَوطَأ حَامِلٌ حتى تَضَعَ، ولا غيرُ ذاتِ حَملٍ حتَّى تحيضَ حَيْضةً" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد جيد. مسكين - وهو ابن بكير الحذّاء - صدوق، وقد توبع. النفيلى: هو عبد الله بن محمد القضاعي، وشعبة: هو ابن الحجاج. وأخرجه مسلم (1441) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21703). المُجِحُّ: الحامل المُقربُ التي دنا ولادها، ومعنى: ألمَّ بها، أي: وطئها، وكانت حاملاً مسبية لا يحل جماعها حتى تضع. وقوله: وكيف يورثه وهو لا يحل له، أم كيف يستخدمه وهو لا يحل له. يريد أن ذلك الحمل قد يكون من زوجها المشرك، فلا يحل له استلحاقه ولا توريثه، وقد يكون منه إذا وطئها أن ينغشَّ ما كان في الظاهر حملاً، وتعلق من وطئه، فلا يجوز نفيه واستخدامه. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ شريك - وهو ابن عبد الله النخعي -. أبو الوَدَّاك: هو جَبر بن نَوف الهَمداني. وأخرجه الدارمي في "سننه" (2295)، والحاكم في "المستدرك" 2/ 195، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 449، وفي "معرفة السنن والآثار" (15397)، والبغوي في "شرح السنة" (2394) من طريق عمرو بن عون، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. =

2158 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ سلمة، عن محمد بن إسحاق، حدثني يزيدُ بنُ أبي حبيبٍ، عن أبي مرزوقٍ، عن حَنَشٍ الصنعانيِّ عن رُوَيفع بن ثابت الأنصاري، قال: قام فينا خطيباً، قال: أما إنِّي لا أقولُ لَكُم إلا ما سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ يومَ حُنَينٍ، قال: "لا يَحِلُّ لامرئٍ يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخرِ أن يَسْقِيَ ماءَه زَرع غيرِه - يعني إتيانَ الحَبالَى - ولا يَحِلُّ لامرئٍ يُؤمِنُ بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأةٍ من السَّبيِ حتى يستبرئها، ولا يَحِل لامرئٍ يُؤْمِنُ بالله واليومِ الآخرِ أن يَبيعَ مغنماً حتى يُقسَمَ" (¬1). ¬

_ وأخرجه أحمد في "مسنده" (11228) و (11596) و (11823)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3048) و (3049)، والبيهقي في "الكبرى" 9/ 124، وفي "معرفة السنن والآثار" (18300) من طرق عن شريك، به. وبعضهم قرن مع قيس بن وهب أبا إسحاق، وبعضهم قرنَ معه مجالداً. وانظر ما قبله. وله شاهد من حديث رُوَيفع بن ثابت الأنصاري الآتي بعده. وإسناده حسن. وآخر من حديث ابن عباس عند الدارقطني 3/ 257. وإسناده ضعيف. وثالث من حديث علي عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 4/ 370. وإسناده ضعيف. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه. النُّفيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل، وأبو مرزوق: هو حبيب بن الشهيد مولى تُجِيب، وحَنَش الصنعاني: هو ابن عبد الله. وأخرجه مختصراً الترمذي (1161) من طريق بُسر بن عبيد الله، عن رُويفع. وقال: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (16997) و"صحيح ابن حبان" (4850). وانظر شواهده في "مسند أحمد" (16990). وانظر ما بعده. قال الخطابي: شبه - صلَّى الله عليه وسلم - الولد إذا علق بالرحم بالزرع إذا نبت ورسخ في الأرض، وفيه كراهة وطء الحبلى إذا كان الحبل من غير الواطئ على الوجوه كلها.

45 - باب في جامع النكاح

2159 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا أبو معاويةَ عن ابن إسحاق، بهذا الحديث قال: "حتى يَستَبْرِئها بحَيضَةٍ" [زاد فيه: "بحيضةٍ"، وهو وهم من أبي معاوية، وهو صحيح في حديث أبي سعيدٍ] (¬1) "ومَنْ كان يُؤْمِنُ بالله واليومِ الآخرِ فلا يَرْكَبْ دابةً مِن فَيءِ المسلمينَ حتَى إذا أعْجَفَها رَدَّها فيه، ومَنْ كانَ يُؤْمِنُ بالله واليومِ الآخرِ، فلا يَلْبَسْ ثوباً مِن فيء المسلمينَ حتَى إذا أخْلَقَه رَدَّهُ فيه" (¬2). قال أبو داود: الحيضة ليست بمحفوظة (¬3). 45 - باب في جامع النكاح 2160 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ وعبدُ الله بن سعيد، قالا: حدَّثنا أبو خالد - يعني سليمان بن حيان - عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدِّه، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا تزوج أحدُكُم امرأةً أو اشْتَرى خادماً، فلْيَقُلْ: اللهم إني أسالُك خَيْرَها، وخَيْرَ ما جَبَلْتَها عليه، وأعوذُ بِكَ من شَرِّها، وشَرِّ ما جبلتَها عليه، وإذا اشْتَرَى بعيراً فليأخُذْ بِذُرْوةَ سَنامِهِ، وليقل مِثْلَ ذلك" (¬4). ¬

_ (¬1) ما بين معقوفين زيادة من (هـ) وهي برواية ابن داسه. (¬2) صحيح لغيره كسابقه. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وانظر ما قبله. (¬3) مقالة أبي داود هذه مقيّدة بما قاله هو نفسه في أثناء الحديث، بأنها غير محفوظة في حديث رويفع. (¬4) إسناده حسن. شعيب والد عمرو: هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وابن عجلان: هو محمد. =

قال أبو داود: زاد أبو سعيد: "ثم ليأخُذْ بنَاصِيتِها، وليَدْعُ بالبَرَكَةِ" في المرأةِ والخادِمِ. 2161 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن سالمِ بن أبي الجَعدِ، عن كُريبٍ عن ابنِ عباسٍ، قال: قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "لو أنَّ أحدكم، إذا أراد إن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشَّيطانَ، وجنِّبِ الشَّيطانَ ما رَزَقْتَنا، ثم قُدِّر أن يكونَ بينهما ولدٌ في ذلك لم يَضُرَّه شيطانٌ أبداً" (¬1). 2162 - حدَّثنا هنّاد، عن وكيعٍ، عن سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، عن الحارث بن مُخلَّد ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1918) و (2252)، والنسائي في "الكبرى" (9998) و (10021) من طرق عن ابن عجلان، به. "جبلتها": خلقتها وطبعتها عليه من الأخلاق، وذروة كل شيءٍ بفتح الذال أو كسرها أو ضمها: أعلاه: والسنام بزنه سحاب: أعلى موضع بظهر البعير، والناصية: مقدم شعر الرأس. (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المُعتمر السُّلَمي، وكُريب: هو مولى ابن عباس. وأخرجه البخاري (141)، ومسلم (1434)، وابن ماجه (1919)، والترمذي (1117)، والنسائي في "الكبرى" (8981) و (10024) و (10028) من طرق عن منصور، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1867)، و"صحيح ابن حبان" (983). وفي الحديث استحباب التسمية والدعاء والمحافظة على ذلك حتى في حالة الملاذ كالوقاع. وفيه الاعتصام بذكر الله ودعائه من الشيطان، والتبرك باسمه، والاستعاذة به من جميع الأسواء.

عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَلْعُون مَنْ أتَى امرأتَه في دُبُرِها" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن، الحارث بن مُخَلَّد روى عنه ثقتان، وشهد سعيد بن سمعان الزُّرقي وصية أبي هريرة له، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقد جوَّد إسناده ابن عبد الهادي في "تنقح التحقيق" (2769). هنّاد: هو ابن السريّ، ووكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8966) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1923)، والنسائي (8963) و (8964) و (8965) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، به. بلفظ: "لا ينظر الله إلى رجل جامع امرأته في دبرها". وأخرجه النسائي (8962) عن قتيبة بن سعد، عن الليث بن سعد، عن يزيد ابن الهاد، عن الحارث بن مخلّد، به. والظاهر أن بين ابن الهاد والحارث فيه سهيل بن أبي صالح، فقد رواه إبراهيم بن سعد عند النسائى (8963) عن يزيد ابن الهاد، عن سهيل، عن الحارث، وكذا رواه عمرو بن خالد الحراني، فيما قاله المزي في "التحفة" (12237) عن الليث بن سعد عن يزيد بن الهاد، عن سهيل، عن الحارث. وهو في "مسند أحمد" (9733). وسيأتي عن أبي هريرة برقم (3904) بلفظ: "من أتى كاهناً أو أتى امرأته في دبرها، فقد برئ مما أنزل على محمد". ويشهد له بلفظ المصنف حديث عقبة بن عامر عند العقيلي في "الضعفاء" 3/ 84، والطبراني في "الأوسط" كما في "مجمع البحرين" (2309)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 1466. وإسناده حسن. ويشهد للنهي عن إتيان النساء في أدبارهن عدة أحاديث منها: حديث ابن عباس عند الترمذي (1200)، والنسائي في "الكبرى" (8952). وإسناده حسن. وآخر من حديث علي بن طلق الحنفي عند الترمذي (1199)، والنسائي في "الكبرى" (8974). وإسناده ضعيف. وثالث من حديث خزيمة بن ثابت عند ابن ماجه (1924). وإسناده حسن. =

2163 - حدَّثنا ابنُ بشَّار، حدَّثنا عبدُ الرحمن، حدَّثنا سفيانُ، عن محمد ابن المنكَدر، قال: سمعتُ جابراً يقول: إنَّ اليهودَ يقولون: إذا جَامَعَ الرَجُلُ أهلَه في فَرجِهَا مِن وَرائِها كان وَلَدُه أَحوَلَ، فأنزلَ الله سبحانه وتعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] (¬1). ¬

_ = ورابع من حديث عمر بن الخطاب عند النسائي في "الكبرى" (8959) و (8960). وخامس عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد في "مسنده" (6706)، والصحيح وقفه. وسادس عن أم سلمة عند أحمد (26601). وإسناده حسن. قال الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 4/ 128: قد تيقَّنَّا بطرقٍ لا محيد عنها نهيَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن أدبار النساء، وجزمنا بتحريمه، ولي في ذلك مُصنَّف كبير. (¬1) إسناده صحيح. ابن بشار: هو محمد العبدي، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه البخاري (4528)، ومسلم (1435)، وابن ماجه (1925)، والنسائي في "الكبرى" (8924 - 8927) و (10971) و (10972) من طرق عن محمد بن المنكدر، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (4166) و (4197). وقوله: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}. قال ابن الجوزي في "زاد المسير"1/ 251: وفي قوله: {أَنَّى شِئْتُمْ} قولان: أحدهما: أن المعنى: كيف شئتم مقبلة أو مدبرة، وعلى كل حال إذا كان الإتيان في الفرج، وهذا قول ابن عباس ومجاهد وعطية والسدي وابن قتية في آخرين. وقال سعيد بن المسيب: نزلت في العزل، أي: إن شئتم فاعزلوا، وإن شئتم فلا تعزلوا. والقول الثاني: أنه بمعنى إن شئتم ومتى شئتم، وهو قول ابن الحنفية والضحاك وروي عن ابن عباس أيضاً. =

2164 - حدَّثنا عبدُ العزيز بن يحيي أبو الأصبغ، حدثني محمدٌ - يعني ابنَ سلمة - عن محمد بن إسحاق، عن أبانَ بن صالح، عن مجاهدٍ عن ابن عباس قال: إن ابنَ عمر - واللهُ يغفِرُ له - أوْهَمَ إنما كانَ هذا الحيُّ من الأنصار - وهم أهلُ وَثَنٍ - مع هذا الحيِّ من يهود - وهم أهل كتابٍ - وكانوا يرون لهم فضلاً عليهم في العلم، فكانوا يَقتدُونَ بكثير من فعلهم، وكانَ من أمْرِ أهلِ الكتاب أن لا ياتوا النِّساءَ ¬

_ = والثالث: أنه بمعنى: حيث شئتم، وهذا محكي عن ابن عمر ومالك بن أنس، وهو فاسد من وجوه: أحدها: أن سالم بن عبد الله لما بلغه أن نافعاً تحدث بذلك عن ابن عمر، قال: كذب العبد إنما قال عبد الله: يؤتون في فروجهن من أدبارهن. وأما أصحاب مالك، فينكرون صحته عن مالك، والثاني: أن أبا هريرة روى عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "ملعون من أتى النساء في أدبارهن"، فدل على أن الآية لا يراد بها هذا. والثالث: أن الآية نبهت على أن محل الولد بقوله: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ} وموضع الزرع: هو مكان الولد. قال ابن الأنباري: لما نص الله على ذكر الحرث، والحرث به يكون النبات، والولد مُشبَّه بالنبات لم يجز أن يقع الوطء في محل لا يكون منه ولد. قلنا: وسبب النزول الثابت عنه - صلَّى الله عليه وسلم - المخرج في "الصحيحين" و"سنن أبي داود" وابن أبي حاتم وغيرهم من حديث جابر بن عبد الله قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها، كان الوليد أحول، فنزلت: نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج" فهذا بيان في المعنى المراد من قوله تعالى: {أَنَّى شِئْتُمْ} صادر مما أنزل الله إليه الذكر ليبين للناس ما نزل إليهم، ولا يسع المؤمن الذي ارتضى الله رباً، والإسلام دينا، ومحمداً رسولاً إلا أن يقبل به، وينتهي إليه ويلغي فهمه ويطرح هواه. وانظر لزاماً "تفسير المنار" 2/ 361 - 363.

إلا على حَرْفٍ، وذلك أستَرُ ما تكونُ المرأة، فكان هذا الحي مِنَ الأنصارِ قد أخَذُوا بذلك مِنْ فِعلِهنم، وكان هذا الحي من قُريشٍ يَشْرَحُون النِّساء شرحاً منكراً، ويتلذذُونَ منهنَ مُقبلاتٍ، ومُدْبِرَاتٍ، ومستلقيات، فلما قَدِمَ المهاجرونَ المدينةَ تزوَّجَ رجلٌ منهم امرأةً من الأنصار، فذهب يَصْنَعُ بها ذلك، فأنكَرَتْه عليه، وقالت: إنما كُنا نُؤتى على حَرْفٍ، فاصنعْ ذلك وإلا فاجْتَنِبْني، حتى شَرِيَ اْمرُهُما، فبَلَغَ ذلك رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فأنزل الله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} أي: مُقبلاتٍ ومُدبراتٍ ومُستلقياتٍ، يعني بذلك مَوضِعَ الوَلَد (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا سند حسن. وقد صرح محمد بن إسحاق بسماعه عند الحاكم. وأخرجه الطبري في "تفسيره" 2/ 395 - 396 و 396، والحاكم في "المستدرك" 2/ 195 و 279، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 195 من طريق عبد العزيز بن يحيى، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه. وأخرج أحمد في "مسنده" (2703)، والترمذى (3222)، وقال: حسن غريب، والنسائي في "الكبرى" (8928) و (10973) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جاء عمرُ إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. فقال: يا رسول الله هلكت! قال: "وما أهلَكَك؟ قال: حَوَّلْتُ رَحلِي الليلة، قال: فلم يَرُد عليه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - شيئاً، قال: فأُوحي إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] "أقبِل وأدبر، واتق الدُّبُر والحِيضة". وإسناده حسن. وأخرج أحمد (26601) وغيره عن أم سلمة قالت: إن الأنصار كانوا لا يجبُّون (وهو وطء المرأة وهي مُنكبّة على وجهها) النساء، وكانت اليهود تقول: إنه من جَبّى امرأته كان ولده أحول، فلما قدم المهاجرون المدينة، نكحوا في نساء الأنصار، فجبُّوهن، فأبتِ امرأة أن تطيع زوجَها، فقالت لزوجها: لن تفعل ذلك حتى آتي رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فدخلت على أم سلمة فذكرت ذلك لها، فقالت: اجلسي حتى يأتي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، =

46 - باب في إتيان الحائض ومباشرتها

46 - باب في إتيانِ الحائض ومباشرتها 2165 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، أخبرنا ثابت البناني عن أنس بن مالكٍ، أن اليهود كانتْ إذا حاضَت منهم امرأةٌ أخرجُوها من البيتِ، ولم يُؤاكِلُوها، ولم يُشَارِبُوها، ولم يُجامِعُوهَا في البيت، فسُئل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن ذلك، فأنزل الله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: 222] إلى آخر الآية، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "جَامِعوهُنَّ في البيوت، واصنعوا كلَّ شيء غيرَ النكاح" فقالت اليهود: ما يريدُ هذا الرجلُ أن يَدَعَ شيئاً من أمْرنا إلا خالفَنَا فيه، فجاء أسيْدُ بنُ حُضيرٍ وعبَّاد بن بشر إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقالا: يا رسولَ الله، إن اليهودَ تقول كذا وكذا، أفلا ¬

_ = فلما جاء رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - استحيت الأنصارية أن تسأله، فخرجت، فحدَّثت أمُّ سلمة رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال "ادعي الأنصارية" فدُعيت، فتلا عيها هذه الآية: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} صماماً واحداً. وسنده قوي. قال الخطابي: قوله: أوهم ابن عمر - هكذا وقع في الرواية، والصواب: وهم بغير ألف، يقال: وَهِمَ الرجل: إذا غلط في الشيء، ووهَم مفتوحة الهاء: إذا ذهب وهمه إلى الشيء، وأوهم بالألف: إذا أسقط من قراءته أوكلامه شيئاً. ويشبه أن يكون قد بلغ ابن عباس عن ابن عمر في تأويل الآية شيء خلاف ما كان يذهب إليه ابن عباس. وقوله: يشرحون النساء. أصل الشرح في اللغة: البسط، ومنه: انشراح الصدر بالأمر: وهو انفتاحه، ومن هذا قولهم: شرحت المسألة: إذا فتحت المنغلق منها، وبينت المشكل من معناها. وقوله: حتى شري أمرهما، أي: ارتفع وعظم، وأصله من قولك: شري البرق، إذا لج في اللمعان، واستشرى الرجل: إذا لج في الأمر. وفيه بيان تحريم إتيان النساء في أدبارهن مع ما جاء في النهي من ذلك في سائر الأخبار.

نَنْكِحُهنَّ في المحيض؟ فتمعَّر وجهُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى ظننَّا أن قد وَجَدَ عليهما، فَخَرجا، فاستقبلتهما هَديَّة من لَبَنٍ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فبَعَث في آثارهما، فظننَّا أنه لم يجد عليهما (¬1). 2166 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن جابر بن صُبْح، قال: سمعت خلاساً الهَجَري سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: كنتُ أنا ورسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نبيتُ في الشِّعار الواحد، وأنا حائض طامِثٌ، فإن أصابه مِنِّي شيءٌ، غَسلَ مكانَه، لم يَعْدُهُ وإن أصاب - تعني ثوبه - منه شيء غسل مكانه، ولم يَعْدُهُ، وصلَّى فيه (¬2). 2167 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء ومُسدَّدٌ، قالا: حدَّثنا حفص، عن الشيبانيِّ، عن عبدِ الله بن شداد عن خالَتِه ميمونَة بنت الحارث: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا أرادَ أن يُباشِرَ امرأةً مِن نسائه وهي حائض أمَرَها أن تتَزِرَ ثم يباشِرُها (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو مكرر الحديث السالف برقم (258). وقوله في رواية أحمد والترمذي: حولت رحلي البارحة، قال ابن الأثير: كنى برحله عن زوجته، أراد بها غشيانها في قبلها من جهة ظهرها، لأن المجامع يعلو المرأة ويركبها مما يلى رجهها، فحيث ركبها من جهة ظهرها كنى عنه بتحويل رحله. (¬2) إسناده صحيح. وهو مكرر الحديث السالف برقم (269). (¬3) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وحفص: هو ابن غياث النخعي، والشيباني: هو أبو اسحاق سليمان بن أبي سليمان. وأخرجه البخاري (303)، رمسلم (294) من طريقين عن الشيباني، بهذا الإسناد. =

47 - باب في كفارة من أتى حائضا

47 - باب في كفارة من أتى حائضاً 2168 - حدَّثنا مُسدَدٌ، حدَّثنا يحيي، عن شعبة [غيره، عن سعيد] حدثني الحكم، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مقسمٍ عن ابنِ عباسٍ، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - في الذي يأتي امرأته وهي حائضٌ، قال: "يتصدَّقُ بدينارٍ، أو بنصفِ دينار" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (295) من طريق كريب مولى ابن عباس، عن ميمونة. وهو في "مسند أحمد" (26854) و (26855). وانظر ما سلف برقم (267). قال الخطابي: في هذا دليل على أن ما تحت الإزار من الحيض حِمى لا يقرب، وإليه ذهب مالك بن أنس وأبو حنيفة، وهو قول سعيد بن المسيب وشريح وعطاء وطاووس وقتادة. ورخص بعضهم في إتيانها دون الفرج، وهو قول عكرمة، وإلى نحو من هذا أشار الشافعي، وقال إسحاق: إن جامعها دون الفرج، لم يكن به بأس، وقول أبي يوسف ومحمد قريب من ذلك. قال الحافظ في "الفتح" 1/ 404: ذهب كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق إلى أن الذي يمتنع من الاستمتاع بالحائض الفرج فقط، وبه قال محمد بن الحسن عن الحنفية ورجحه الطحاوي، وهو اختيار أصبغ من المالكية، وأحد القولين أو الوجهين للشافعية، واختاره ابن المنذر، وقال النووي: هو الأرجح دليلاً لحديث أنس عند مسلم (302) اصنعوا كل شيءٍ إلا الجماع وحملوا هذا الحديث وشبهه على الاستحباب جمعاً بين الأدلة. (¬1) رجاله ثقات، وهو مكرر الحديث السالف بر قم (264). وقد انتهينا إلى أنه روي مرفوعاً وموقوفاً وأن الموقوف أصح. وقوله: غيره عن سعيد، يعي أن غير يحيي - وهو ابن سعيد القطان - يرويه عن سعيد بن أبي عروبة، يعني عن قتادة، عن عبد الحميد ... وهذه الرواية عند النسائي في "الكبرى" (9055). وقد رواه عن شعبة غير يحيى بن سعيد، انظر "سنن النسائي الكبرى" (9050) و (9051).

48 - باب ما جاء في العزل

2169 - حدَّثنا عبدُ السَّلام بن مُطَهَّر، حدَّثنا جعفرٌ - يعني ابنَ سليمان - عن علي بن الحكم البُنانيِّ، عن أبي الحسن الجزَري، عن مقسَمٍ عن ابنِ عباسٍ قال: إذا أصابَها في الدَّمِ فدِينارٌ، وإذا أصابَها في انقطاعِ الدَّمِ فنصفُ دينار (¬1). 48 - باب ما جاء في العزل 2170 - حدَّثنا إسحاقُ بن اسماعيل الطَّالقانيُّ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابن أبي نجيح، عن مُجاهِدٍ، عن قزَعَةَ عن أبي سعيدٍ، ذُكِرَ ذلك عند النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يعني العزلَ - قال: "فلِمَ يَفْعَلُ أحَدُكُم؟ - ولم يقُل: فَلا يَفْعَل أحَدُكُم - فإنَه لَيسَتْ مِنْ نَفسٍ مخلوقةٍ إلا اللهُ خَالِقُها" (¬2). قال أبو داود: قزعة مولي زياد. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي الحسن الجزري , وهو مكرر الحديث السالف برقم (265). (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة , وابن أبي نجيح: هو عبد الله بن أبي نَجيح، مجاهد: هو ابن جَبْر، وقزَعة: هو ابن يحيى البصري. وأخرجه مسلم (1438)، والترمذي (1170)، والنسائي في "الكبرى" (9042) من طرق عن سفيان بن عُيينة، بهذا الإسناد. وعَلَّقه البخاري بصيغة الجزم عن قزعة بإثر (7409). وانظر تالييه. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 148: لا خلاف بين العلماء أنه لا يعزل عن الزوجة الحرة إلا بإذنها، لأن الجماع من حقها، ولها المطالبة به، وليس الجماع المعروف التام إلا ما لا يلحقه عزل، ووافقه في نقل هذا الإجماع ابن هُبَيرةَ. قال الحافظ في "الفتح" 9/ 308: وتُعُقِّبَ بأن المعروف عند الشافعية أنه لا حق للمرأة في الجماع، فيجوز عندهم العزل عن الحرة بغير إذنها على مقتضى قولهم: إنه لا حق لها في الوطء، وأما الأمة، فإن كانت زوجة، فحكمها حكم الحرة.

2171 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أيانُ، حدَّثنا يحيى، أن محمَّدَ ابنَ عبد الرحمن بن ثوبان حدَّثه، أن رِفَاعةَ حدَّثه عن أبي سعيدِ الخدريِّ: أن رجلاً قال: يا رسولَ الله، إن لي جاريةً وأنا أعزِلُ عنها، وأنا أكرَهُ أن تَحمِلَ، وأنا أريدُ ما يريدُ الرجالُ، وإن اليهود تحدث أن العزلَ مَوْءُودَةُ الصُّغرى، قال: "كذَبَت يهود، لو أرادَ الله أن يَخْلُقَه ما استطعتَ أن تَصرِفَه" (¬1). 2172 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان عن ابن مُحيريزٍ، قال: دخلتُ المسجدَ، فرأيت أبا سعيدٍ الخدري، فجلستُ إليه، فسألتُه عن العزلِ، فقال أبو سعيد: خرجنا مَعَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في غزوة بني المُصطَلق، فأصبنا سبياً مِن سبي العَرَبِ، فاشتهينا النساء واشتَدَّتْ علينا العُزبةُ، وأحببنا الفِداء، فأردنا أن نَعْزِلَ، ثم قلنا: نَعزِلُ ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بينَ أظهرُنا قبل أن نسألَه عن ذلك؟ فسألناهُ ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال رفاعة - ويقال: أبو مطيع ابن رفاعة، ويقال: أبو رفاعة - فقد ذكره صاحب"التهذيب" ولم يذكر جرحاً ولا تعديلاً، ولم يروِ عنه غير محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، ولم يذكره ابن حبان في "الثقات" ومع ذلك فقد صحح إسناده ابن القيم في "زاد المعاد" 5/ 144، بل قال: حسبك بهذا الإسناد صحة!! أبان: هو ابن يزيد العطار، ويحيى: هو ابن أبي كثير. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9031 - 9034) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (11288) وقد ذكرنا له هناك طريقين آخرين غير الطريق الذي قبله والذي بعده هنا عند المصنف.

عن ذلك، فقال: "ما عَليكم أن لا تَفعَلُوا، ما مِنْ نَسْمَةٍ كائنةٍ إلى يومِ القيامَةِ إلا وهي كائنَةٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، وابن مُحيريز: هو عبد الله الجُمَحي. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 594، ومن طريقه أخرجه البخاري (2542). وأخرجه البخاري (4138)، ومسلم (1438)، والنسائي في "الكبرى" (5026) و (5027) من طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن، والبخاري (7409) من طريق موسى ابن عقبة، والنسائي (9041) من طريق الضحاك بن عثمان، ثلاثتهم عن محمد بن يحى بن حبّان، به. وأخرجه البخاري (2229) و (5210) و (6603)، ومسلم (1438) والنسائي في "الكبرى" (5024) و (5025) و (5028) و (9039) و (9040) من طريق ابن شهاب الزهري، عن عبد الله بن محيريز، به. وأخرجه مسلم (1438)، والنسائي في "الكبرى" (5029) من طريق معبد بن سيرين، ومسلم (1438)، والنسائي في "الكبرى" (5030) و (5462) و (9046) من طريق عبد الرحمن بن بشر بن مسعود، ومسلم (1438) من طريق أبي الوَدَّاك، وابن ماجه (1926)، والنسائي في "الكبرى" (9037) من طريق عُبيد الله بن عَبد الله، والنسائي في "الكبرى" (9038) من طريق عطاء بن يزيد، خمستهم عن أبي سعيد الخدري. وانظر "سنن النسائي الكبرى" (5030) و (9046). وهو في "مسند أحمد" (11647)، و"صحيح ابن حبان" (4193). قال النووي في "شرح مسلم": في هذا الحديث دلالة لمذهب جماهير العلماء أن العرب يجري عليهم الرق، كما يجري على العجم، وأنهم إذا كانوا مشركين، وسُبوا جاز استرقاقهم، وبهذا قال مالك والشافعي في قوله الصحيح الجديد وجمهور العلماء، وقال أبو حنيفة والشافعي في قوله القديم: لا يجري عليهم الرق. قلنا: وفى "الهداية" من كتب الحنفية أن استرقاق الرجال من العرب غير جائز عندهم، وأما استرقاق نسائهم وصبيانهم، فجائز. قوله: أحببنا الفداء، وعند مسلم: ورغبنا في الفداء، والمراد بالفداء القيمة، أي: خفنا أننا إذا وطئناهن فيحملن، فلا يمكن بيعهن، ورغبنا في أن تحصل لنا القيمة. =

49 - باب ما يكره من ذكر الرجل ما يكون من إصابته أهله

2173 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا الفَضْلُ بنُ دُكين، حدَّثنا زهيرٌ، عن أبي الزُّبير عن جابرٍ، قال: جاء رجلٌ من الأنصارِ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: إن لي جاريةً أطوفُ عليها، وأنا أكره أن تحمِلَ، فقال: "اعزِلْ عنها إن شئتَ، فأنه سيأتيها ما قُدِّرَ لها" قال: فَلَبثَ الرجل، ثم أتاه، فقال: إنَّ الجاريَةَ قد حَمَلَتْ، قال: "قد أخبرتُكَ أنه سيأتيها ما قُدِّرَ لها" (¬1). 49 - باب ما يكره من ذكر الرجل ما يكون من إصابته أهلَه 2174 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بِشرٌ، حدَّثنا الجُريريُّ (ح) وحدثنا مُؤمَّلٌ، حدَّثنا إسماعيل (ح) وحدَّثنا موسى، حدَّثنا حمادٌ كلُهم عن الجُريري، عن أبي نضْرةَ، حدَّثني شيخٌ من طُفَاوةَ، قال: تَثَويتُ أبا هُريرة بالمدينة، فلم أرَ رجلاً مِنْ ¬

_ = وقوله: "ما عليكم أن لا تفعلوا" قال النووي في "شرح مسلم": معناه: ما عليكم ضرر في ترك العزل، لأن كل نفسٍ قدَّر الله تعالى خلفها لا بد أن يخلقها، سواء عزلتم أم لا، وما لم يقدّر خلقها لا يقع، سواء عزلتم أم لا، فلا فائدة في عزلكم. قال ابن عبد البر في"التمهيد" 3/ 148: لا خلاف بين العلماء في أن الحرة لا يُعزل عنها إلا بإذنها، لأن الجماع من حقها، ولها المطالبة به، وليس الجماع المعروف التامّ إلا أن لا يلحقه العزل. قال الحافظ في "الفتح" 9/ 308: ووافقه في نقل هذا الإجماع ابن هُبيرة. (¬1) إسناده صحيح. أبو الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تَدرُس، ون لم يصرح بالسماع - متابع. زهير: هو ابن معاوية الجعفي. وأخرجه مسلم (1439) من طريق زهير بن معاوية، به. وأخرجه مسلم (1439) والنسائي في "الكبرى" (9048) من طريق عُروة بن عياض، وابن ماجه (89) من طريق سالم بن أبي الجَعد، كلاهما عن جابر. وهو في "مسند أحمد" (14318) و (15174)، و"صحيح ابن حبان" (4194).

أصحابِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أشدَّ تشميراً، ولا أقومَ على ضيفٍ منه، فبينما أنا عِنْده يوماً وهو على سَرِيرٍ له، ومعه كِيْسٌ فيه حصى، أو نوى، وأسفل منه جاريةٌ له سَوْدَاءُ وهو يُسبِّح بها، حتى إذا أنفَدَ ما في الكِيس، ألقاه إليها فجمعتْه فأعادتْه في الكِيس، فدفعته إليه، فقال: ألا أحَدِّثُك عنِّي وعن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ قال: قلت: بلى، قال: بينا أنا أوعَكُ في المسجد، إذ جاء رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتَى دَخَلَ المسجدَ، فقال: "مَنْ أحسَّ الفَتَى الدَّوْسيَّ؟ " ثلاثَ مرَّات، فقال رجل: يا رسول الله هو ذا يوعَكُ في جانِب المَسجِد، فأقبل يمشي حتَّى انتهى إليَّ، فوَضَعَ يدَه علي، فقال لي معروفاً، فنَهَضْتُ، فانطلقَ يمشي حتَّى أتى مقامَه الذي يُصلي فيه، فأقبل عليهم ومعه صَفَّان مِن رجالٍ وصَفٌّ مِن نساءٍ أو صفَّان مِن نساء وصَفٌ مِن رجال، فقال: " إن نسَّاني الشيطانُ شيئاً مِن صلاتي، فليسبحِ القومُ وليُصفِّق النساء" قال: فصلى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ولم يُنَسَّ مِن صلاته شيئاً، فقال: "مَجالِسَكم مَجالِسَكم" - زاد موسى ها هنا: ثم حَمِدَ الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال: "أما بعد" ثم اتفقوا - ثم أقبل على الرِّجال، فقال: "هَلْ منكم الرجلُ إذا أتى أهله، فأغلَقَ عليه بابَه، وألقى عليه سِتْرَه، واستتر بستر الله؟ " قالوا: نعم، قال: "ثم يجلسُ بعد ذلك فيقول: فعلتُ كذا، فعلتُ كذا" قال: فسكتوا، قال: فأقبلَ على النساء فقال: "هلْ مِنكن مَنْ تُحدِّث؟ " فسَكَتْنَ فجثت فتاة - قال مؤمل في حديثه: فتاة كَعَابٌ - على إحدى رُكبتيها، وتطاولَت لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ليراها ويَسمَعَ كَلامَها، فقالت: يا رسول الله، إنهم لَيتحَدَّثون، وإنهُنَّ ليتحدَّثْنَه، فقال: "هل تدرون ما مثل ذلك؟ " فقال: "إنما مَثَلُ ذلك مَثَلُ شيطانةٍ لَقِيتْ شيطاناً في السِّكةِ، فقَضَى منها حاجَتَه والناسُ ينظرون

إليه، ألا وإن طِيبَ الرِّجال ما ظَهَرَ رِيحُه، ولم يَظهر لَونُه، ألا وإنَّ طِيبَ النساءِ ما ظَهَرَ لَونُه ولم يَظهَر ريحُه". قال أبو داود: ومن ها هنا حفظتُه عن مُؤمَّل وموسى "ألا لا يُفضينَّ رَجلٌ إلى رَجلٍ، ولا امرأةٌ إلى امرأةٍ، إلا إلى ولدٍ أو والدٍ" وذكر ثالثةً فنُسِّيُتها، وهو في حديث مُسدَّدٌ، ولكني لم أتقنه كما أحبّ، قال موسى: حدَّثنا حماد، عن الجُريري، عن أبي نضرة، عن الطُّفاوي (¬1). آخر كتاب النكاح ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة الطفاوي، وباقى رجاله ثقات، ولبعض فقرات هذا الحديث طرق وشواهد تقويه ذكرناها في "المسند" (10977) فانظرها فيه. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وبشر: هو ابن المفضل الرقاشي، والجُرَيري: هو سعيد بن أبي إياس، ومؤمل: هو ابن هَشام، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم الأسدي، وموسي: هو ابن إسماعيل التبوذكي، وحمّاد: هو ابن سلمة، وأبو نضرة: هو المنذر ابن مالك العوقي. وأخرجه مختصراً بقصة الطيب الترمذي (2994) و (2995) - وحسَّنه -، والنسائي في "الكبرى" (9348) و (9349) من طريق الجُريري، بهذا الإسناد. ولذكر التسبيح للرجال والتصفيق للنساء انظر ما سلف برقم (939). ولقصة الطيب شاهد من حديث عمران بن حصين في "المسند" (19978) وعند أبي داود سيأتي برقم (4048). وآخر من حديث أنس عند البزار (2989)، وإسناده قوي. قال السندى: "فتاة كعاب"، هو بالفتح: المرأة حين يبدو ثديها للنهوض، وهي الكاعب أيضاً، وجمعها كواعب. وقوله: "لا يُفِضِيَنَّ"، قال: من الإفضاء بمعنى الوصول، قالوا: هو نهيُ تحريم إذا لم يكن بينهما حائل بأن يكونا متجردين، وإن كان بينهما حائل فتنزيه. وقوله: "ألا إن طيب الرجال .... "، قال: أي: ينبغي للرجال الاحتراز عن الزينة، وينبغي للنساء الاحتراز عن الرائحة لئلا تثير شهوة الرجال، لكن هذا مخصوص بما إذا كانت خارجة من البيت، وإلا فعند الزوج لها أن تستعمل ما شاءت

أول كتاب الطلاق

أول كتاب الطلاق تفريع أبواب الطلاق 1 - باب فيمن خَبَّب امرأةً على زوجها 2175 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا زيدُ بنُ الحباب، حدَّثنا عمارُ بن رُزيق، عن عبد الله بنِ عيسى، عن عِكرمة، عن يحيي بن يَعمَر عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ليس مِنَّا مَنْ خبَّب امرأةً على زوجها، أو عبداً على سَيدِه" (¬1). 2 - باب في المرأة تَسألُ زوجَها طلاقَ امرأةٍ له 2176 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تسألُ المرأةُ طلاقَ أُختِها لِتستفرغ صحفَتها ولِتَنكِحَ، فإنما لها ما قُدِّرَ لها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الحسن بن علي: هو ابن محمد الخلال. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9170) من طريق عمار بن رزيق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9157)، و"صحيح ابن حبان" (568) و (5560). وسيتكرر منه ذكر تخبيب المرأة برقم (5170). وخبَّب: أفسد وخدع. وقوله: امرأة على زوجها بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته، أو محاسن أجنبي عندها. (¬2) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرمز. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 900، ومن طريقه أخرجه البخاري (6601)، والنسائي في "الكبرى" (9168). =

3 - باب في كراهية الطلاق

3 - باب في كراهية الطلاق 2177 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا مُعرِّفٌ عن مُحارِب، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما أحلَّ الله شيئاً أبغَضَ اليه مِنَ الطلاقِ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الجاري (2140) و (2723)، ومسلم (1413)، والترمذي (1227) والنسائي في "الكبرى" (5336) و (9169) من طريق سعيد بن المسيب، والبخاري (5152)، والنسائي في "الكبرى" (9169) من طريق أبي سلمة، والبخاري (2727)، ومسلم (1515)، والنسائي (6038) من طريق أبي حازم، ومسلم (1408) من طريق محمد بن سيرين، أربعتهم عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7248)، و"صحيح ابن حبان" (4069) و (4070). وقوله: "لا تسأل"، قال السندي: الصيغة تحتمل النهي والنفي، والمعنى على النهي: قيل: هو نهي للمخطوبة عن أن تسأل الخاطب طلاق التي في نكاحه، وللمرأة أن تسأل طلاق الضرة أيضاً، والمراد: الأخت في الدين، وفي التعبير باسم الأخت تشنيع لفعلها، وتأكيد للنهي عنه، وتحريض لها على تركه. وقوله: "لتستفرغ صحفتها"، وفي رواية البخاري: "لتستفرغ ما في صحفتها"، والصحفة: إناء كالقصعة المبسوطة ونحوها وجمعها صحائف، وهذا مثل، يريد به الاستئثار عليها بحظها، فتكون كمن استفرغ صحفة غيره، وقلب ما في إنائه إلى إناء نفسه. (¬1) رجاله ثقات، لكنه مرسلٌ. وقد روي موصولاً كما في الطريق الآتي بعده، ولكن الصحيح المرسل كما قال غير واحد من أهل العلم منهم أبو حاتم والدارقطني في "العلل" والبيهقي وغيرهم. ولكنه مع إرساله يحتج به عند الأئمة الثلاثة أبي حنيفة ومالك وأحمد إذا لم يكن في الباب ما يخالفه. وانظر بسط الكلام عليه في "سنن ابن ماجه" (2018). مُعَرف: هو ابن واصل السعدي، ومحارب: هو ابن دِثار السدوسي. وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 253 عن وكيع بن الجراح، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 322 من طريق يحيي بن بكير، كلاهما عن معرف بن واصل، عن محارب بن دِثار مرسلاً.

4 - باب في طلاق السنة

2178 - حدَّثنا كثيرُ بنُ عُبيد، حدَّثنا محمدُ بنُ خالدٍ، عن مُعَرفِ بنُ واصلٍ، عن محارِبِ بن دِثار عن ابنِ عُمَرَ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "أَبغَضُ الحَلاَلِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ الطَّلاَقُ" (¬1). 4 - باب في طلاق السُّنَّةِ 2179 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكِ، عن نافعٍ عن عبدِ الله بن عُمَرَ: أنه طلَّقَ امرأتَه وهي حَائِض على عَهْدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فسأل عُمَرُ بنُ الخطاب رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عنْ ذلك، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مُرْهُ فليُرَاجِعْهَا، ثم ليُمْسِكْهَا حتى تَطْهُرَ ثم تَحيضَ ثم تَطهُرَ، ثم إنْ شاءَ أمْسَكَ بعد ذلك وإنْ شاءَ طلَّق قبل أن يَمَسَّ، فتِلْكَ العِدَّة التي أمَرَ الله أن يُطَلَّق لها النِّسَاء" (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكن الصحيح عند الأئمة إرساله، كما سلف. وأخرجه ابن ماجه (2018) من طريق عُبيد الله بن الوليد الوصَّافي، عن محارب ابن دِثار، به. وانظر تمام الكلام عليه فيه. (¬2) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، ونافع: هو مولى ابن عمر. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 576، ومن طريقه أخرجه البخاري (5251)، ومسلم (1471)، والنسائي في "الكبرى" (5553). وأحرجه مسلم (1471)، وابن ماجه (2019)، والنسائي في "الكبرى" (5552) و (5559) و (5719) و (5720) من طرق عن نافع، به. وأخرجه مسلم (1471) من طريق عبد الله بن دينار، ومسلم (1471)، والنسائي في "الكبرى" (5722) من طريق طاووس، والنسائي في "الكبرى" (5561) من طريق سعيد بن جبير، ثلاثتهم عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (5299)، و"صحيح ابن حبان" (4263). وانظر ما سيأتي بالأرقام (2180) و (2181) و (2182) و (2183) و (2184) و (2185).

2180 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن نافعٍ أن ابن عُمَرَ طلقَّ امرأةَ له وهِيَ حَائِضٌ تَطَليقةً، بمعنى حديثِ مالك (¬1). 2181 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن محمد ابنِ عبدِ الرحمن مولى آلِ طلحةَ، عن سالمٍ عن ابنِ عمر: أنه طلَّق امرأتَه وهي حَائِض، فذكر ذلك عُمَرُ للنبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "مُرهُ فَليراجِعْها، ثم ليطلِّقها إذا طَهُرَتْ، أو وهِيَ حَامل" (¬2). 2182 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عنبَسَةُ، حدَّثنا يونسُ، عن ابنِ شهابٍ، أخبرني سالمُ بنُ عبدِ الله عن أبيه: أنه طَلَّقَ امرأتَه وهى حَائِضٌ، فذكَرَ ذلك عُمَرُ لِرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فتغيَّظ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ثم قال: "مُرْه فَلْيراجِعْها، ثم لِيُمْسِكْها ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد. وأخرجه البخاري (5332)، ومسلم (1471) من طريق الليث بن سعد، به. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر. وأخرجه مسلم (1471)، وابن ماجه (2023)، والترمذي (1210)، والنسائى في "الكبرى" (5560) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (5721) من طريق حنظلة، عن سالم، به. وهو في "مسند أحمد" (4789). وانظر ما سلف برقم (2179).

حتى تَطهُرَ ثم تحيضَ فتطهرَ، ثم إن شاء طلَّقها طاهِراً قبل أن يَمَسَّ، فذلك الطَّلاق للعِدَّةِ كما أَمَرَ الله تعالى ذكرهُ" (¬1). 2183 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوبَ، عن ابنِ سيرينَ، أخبرنى يونسُ بنُ جُبير أنه سألَ ابنَ عمرَ فقالَ: كم طلّقْتَ امرأتَكَ؟ فقال: واحِدة (¬2). 2184 - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا يزيدُ - يعني ابنَ إبراهيم - عن محمد بنِ سيرين، حدثني يونسُ بنُ جُبير، قال: سألتُ عبدَ الله بنَ عمر، قال: قلتُ: رَجُلٌ طلَّق امرأتَه وهي حائضٌ، قال: أتعرِفُ عبد الله بنَ عمر؟ قلت: نعم، قال: فإن عبدَ الله ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات. عنبسة - وهو ابن خالد بن يزيد الأموي - ضعيف يعتبر به. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد ابن مسلم ابن شهاب القرشي. وأخرجه البخاري (4908) و (7160)، ومسلم (1471)، والنسائي في "الكبرى" (5554) من طرق عن ابن شهاب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (5270). وانظر ما سلف برقم (2179). (¬2) إسناده صحيح، عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، وأيوب: هو السختياني، وابن سيرين: هو محمد الأنصاري. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (10959). وأخرجه بنحوه البخاري (5253) ومسلم (1471)، والترمذي (1209)، والنسائي في "الكبرى" (5562) من طرق عن أيوب، بهذا الاسناد. وأخرج بنحوه أيضاً مسلم (1471) من طرق عن أيوب، عن ابن سيرين، عمن لا أتهم، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (5121). وانظر ما بعده وما سلف برقم (2179).

ابنَ عمر طلق امرأتَه وهي حائض، فأتى عُمَرُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فسأله فقال: "مُرْه فَلْيُراجِعْها، ثم يُطَلقْها في قُبُلِ عِدَّتها" قال: قلتُ: فَيُعْتَدُّ بها؟ قال: فمَهْ، أرأيتَ إن عَجَزَ واسْتَحْمَق؟! (¬1). 2185 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابنُ جُريج، أخبرني أبو الزبيرِ، أنه سَمعَ عبد الرحمن بن أيمن مولى عُروة يسأل ابنَ عمر وأبو الزبير يَسمعُ، قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة. وأخرجه البخاري (5258) و (5333)، ومسلم (1471)، وابن ماجه (2022)، والترمذي (1209)، والنسائي في "الكبرى" (5562) و (5563) و (5718) من طرق عن يونس بن جبير، به. وأخرجه البخاري (5252)، ومسلم (1471) من طريق أنس بن سيرين، عن ابن عمر. وأخرجه مسلم (1471) من طريق أيوب، محمد بن سيرين، عمن لا أتهمهم، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (5025). وانظر ما قبله وما سلف برقم (2179). قال الخطابي: فيه بيان أن الطلاق في الحيض واقع، ولولا أنه قد وقع لم يكن لأمره بالمراجعة معنى، وانظر "التمهيد" 15/ 58 لابن عبد البر. وفي قوله: أرأيت إن عجز أو استحمق حذفٌ وإضمارٌ، كأنه يقول: أرأيت إن عجز أو استحمق أيُسقِطُ عنه الطلاق حمقُه أو يبطله عجزُه، وقال النووي: الهمزة في "أرأيتَ" للاستفهام الإنكاري، أي: نعم يحتسب الطلاق، ولا يمنع احتسابه لعجزه وحماقته. وقال: قد أجمعت الأمة على تحريم طلاق الحائض الحائل بغير رضاها، فلو طلقها أثم ووقع طلاقه، ويؤمر بالرجعة. وانظر لزاماً في ما علقته على الحديث (4263) من "صحيح ابن حبان" و"شرح مسلم" للنووي 5/ 52 - 60.

كيف ترى فىِ رجلِ طلَّقَ امرأتَه حائضاً؟ قال: طَلَّقَ عبدُ الله بنُ عمر امرأته وهي حائض على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فسأل عمر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: إن عبدَ الله بنَ عمر طَلَّق امرأتَه وهي حائضٌ، قال عبدُ الله: فردَّها عليَّ ولم يرها شيئاً، وقال: "إذا طَهُرَت فَليطَلِّق أو لِيُمْسِكْ" قال ابنُ عمر: وقرأ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: 1] في قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ (¬1). قال أبو داود: روى هذا الحديثَ عن ابنِ عمر: يونسُ بنُ جبير، وأنسُ بنُ سيرين، وسعيدُ بن جُبير، وزيدُ بن أسلم، وأبو الزُّبير، ومنصور، عن أبي وائل، معناهم كُلُّهم: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أمره أن يُرِاجِعها حتى تَطْهُرَ، ثم إن شاء طلّق، وإن شاء أَمْسَكَ. وكذلك رواه محمدُ بنُ عبدِ الرحمن، عن سالم، عن ابنِ عمر. وأما روايةُ الزهريِّ، عن سالمٍ ونافع، عن ابنِ عمر: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أمره أن يُرَاجِعَها حتى تَطْهُرَ، ثم تَحِيضَ ثم تطهر، ثم إن شاء طلَّق أو أمْسَكَ. ¬

_ (¬1) صحيح دون قوله: ولم يرها شيئاً، فهي شاذة، وسيتكلم عنها المصنف بإثر الحديث، ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز -، وأبو الزبير - وهو محمد بن مسلم ابن تدرس - صرَّحا بالتحديث فانتفت شبهة تدليسهما. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (10960)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1471) (14). وأخرجه مسلم (1471) (14)، والنسائى في "الكبرى" (5555) من طريق ابن جريج، به. وهو في "مسند أحمد" (5524). وانظر ما سلف برقم (2179 - 2184).

5 - باب الرجل يراجع ولا يشهد

ورُوِيَ عن عطاء الخراسانيِّ، عن الحسن، عن ابنِ عمر نحوُ روايةِ نافعٍ والزهري، والأحاديث كلُّها على خلافِ ما قال أبو الزبير (¬1). 5 - باب الرجل يراجع ولا يُشْهِد 2186 - حدَّثنا بشرُ بنُ هلال، أن جعفرَ بنَ سليمان، حدَّثهم، عن يزيد الرِّشك، عن مُطرِّف بنِ عبد الله أن عِمرانَ بن حصين سئل عن الرجل يُطلِّق امرأته، ثم يقعُ بها، ولم يُشهد على طلاقها، ولا على رجعتِها، فقال: طلَّقتَ لِغَيْرِ سُنةٍ، وراجعتَ لِغير سنّةٍ، أشهِدْ على طلاقها وعلى رجعتها، ولا تعُدْ (¬2). ¬

_ (¬1) نقل المنذري في "تهذيبه" عن الشافعي قوله: ونافع أثبت عن ابن عمر من ابن الزبير، والأثبت من الحديثين أولى أن يقال به إذا خالفه. وقال الخطابي: حديث يونس بن جبير (أي الذي قبل هذا) أثبت من هذا، وقال أبو داود: جاءت الأحاديث كلها بخلاف ما رواه أبو الزبير، وقال أهل الحديث: لم يرو أبو الزبير حديثاً أنكر من هذا، وقد يحتمل أن يكون معناه: أنه لم يرها شيئاً. (¬2) إسناده قوي. جعفر بن سليمان - وهو الضبعي - صدوق لا بأس به. يزيد الرِّشْك: هو ابن أبي يزيد الضبعي البصري، والرِّشك لقبٌ اشتُهر به. وأخرجه ابن ماجه (2025) عن بشر بن هلال، بهذا الإسناد. قال صاحب "عون المعبود" 6/ 181: وقد استدل بهذا الحديث من قال بوجوب الإشهاد على المراجعة، وقد ذهب إلى عدم وجوب الإشهاد في الرجعة أبو حنيفة وأصحابه والشافعي في أحد قوليه واستدل لهم بحديث ابن عمر السالف، فإن فيه أنه قال - صلَّى الله عليه وسلم - "فليراجعها" ولم يذكر الإشهاد، وقال مالك والشافعي: إنه يجب الإشهاد في الرجعة والاحتجاج بحديث الباب لا يصلح للاحتجاج، لأنه قول صحابي في أمر من مسارح الاجتهاد وما كان كذلك، فليس بحجة لولا ما وقع من قوله: طلقت لغير سنة، وراجعت لغير سنة.

6 - باب في سنة طلاق العبد

6 - باب في سنة طلاق العبد 2187 - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حربٍ، حدَّثنا يحيى - يعني ابنَ سعيد - حدَّثنا عليُّ ابنُ المبارك، حدثني يحيى بنُ أبي كثير، أن عمر بنَ مُعتبٍ أخبره، أن أبا حسن مولى بني نوفلٍ أخبره أنه استفتى ابن عباس في مملوك كانت تحتَه مملوكة فطلّقها تطليقتين، ثم عتقا بعد ذلك: هل يصلح له أن يخطبها؟ قال: نعم، قضى بذلك رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 2188 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، حدَّثنا عثمان بنُ عمر، أخبرنا عليٌّ، بإسناده ومعناه بلا إخبارٍ قال ابنُ عباس: بقِيَتْ لك واحدةٌ، قضى به رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2). [قال أبو داود: سمعتُ أحمد بنَ حنبلٍ، قال: قال عبدُ الرزاق: قال ابنُ المبارك لمعمر: مَنْ أبو الحسن هذا؟ لقد تحمَّلَ صخْرةً عظيمةً! ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، لضعف عمر بن مُعتِّب. يحيى بن سعيد: هو القطان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5591) من طريق يحيي بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2082)، والنسائي في "الكبرى" (5592) من طريق معمر بن راشد، عن يحيي بن أبي كثير، به. وهو في "مسند أحمد" (2031) و (3088). قال الخطابي: لم يذهب إلى هذا أحد من العلماء فيما أعلم، وفي إسناده مقال. (¬2) إسناده ضعيف كسابقه. عثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي.

قال أبو داود: أبو الحسن هذا روى عنه الزهريُّ، قال الزهريُّ: وكان مِن الفقهاء روى الزهريُّ عن أبي الحسنِ أحاديثَ. قال أبو داود: وأبو الحسن معروفٌ، وليس العملُ على هذا الحديث] (¬1). 2189 - حدَّثنا محمدُ بنُ مسعودٍ، حدَّثنا أبو عاصم، عن ابنِ جريجٍ، عن مُظاهرٍ، عن القاسم بنِ محمد عن عائشة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "طلاقُ الأمَةِ تطليقَتانِ، وقُرْؤُهَا حيضتان" (¬2). قال أبو عاصم: حدَّثني مُظاهر، حدثني القاسمُ عن عائشة عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، مثله، إلا أنه قال: "وعِدَتُها حَيْضَتَانِ". ¬

_ (¬1) ما بين معقوفين أثبتناه من (هـ) وحدها، وهي برواية أبي بكر ابن داسه. (¬2) إسناده ضعيف؛ لضعف مُظاهر - وهو ابن أسلم المخزومي المدني -. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، والقاسم بن محمد: هو ابن أبي بكر الصديق. وأخرجه ابن ماجه (2080)، والترمذي (1218) من طريق أبي عاصم، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث عائشة حديثٌ غريب لا نعرفه مرفوعاً إلا من مُظاهر بن أسلم، ومظاهر لا نعرف له في العلم غير هذا الحديث، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وغيرهم، وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق. قلنا: ورواه هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن القاسم أنه سئل عن الأمة كم تطلق؟ قال: طلاقها اثنتان، وعدتها حيضتان، قال: فقيل له: أبلغك عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في هذا؟ قال: لا. أخرجه الدارقطني (4005) و (4006)، والبيهقي 7/ 370، وقال الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 146: وهو الصواب.

7 - باب في الطلاق قبل النكاح

قال أبو داود: وهو حديثٌ مجهول (¬1). 7 - باب في الطلاق قبل النكاح 2190 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا هشامٌ (ح) وحدَّثنا ابنُ الصّبّاح، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ عبد الصمدِ، قالا: حدَّثنا مَطَرٌ الوراقُ، عن عمرو بنِ شعيب، عن أبيه عن جدِّه، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا طَلاقَ إلا فيما تَمْلِكُ، ولا عِتقَ إلا فيما تَمْلِكُ، ولا بَيْعَ إلا فيما تَملِكُ" زاد ابنُ الصَّبَّاح: "ولا وَفَاءَ نَذْرٍ إلا فيما تَمْلِكُ" (¬2). 2191 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ، أخبرنا أبو أُسامةَ، عن الوليد بنِ كثيرٍ، حدثني عبدُ الرحمن بنُ الحارث ¬

_ (¬1) جاء في (هـ) - وهي برواية ابن داسه - بدل قول أبي داود هذا: قال أبو داود: الحديثان جميعاً ليس العمل عليهما. قال أبو داود: مظاهر ليس بمعروف. وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن الأعرابي. (¬2) حديث حسن كما قال الخطابي. مطر الورّاق - وهو ابن طهمان السلمي، وإن كان فيه كلام - قد توبع. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستُوائي، وابن الصَّبَّاح: هو عبد الله الهاشمي العطار. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6161) من طريق أبي رجاء محمد بن سيف، عن مطر الورّاق، بهذا الإسناد. واقتصر فيه على ذكر البيع. وأخرجه ابن ماجه (2047) من طريق عبد الرحمن بن الحارث، وابن ماجه (2047)، والترمذي (1217) من طريق. عامر الأحول، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. واقتصر ابن ماجه فيه على ذكر الطلاق. وقال الترمذي: حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (6769). وانظر ما سيأتي برقم (2191) و (2192) و (3273) و (3274) و (3504).

8 - باب في الطلاق على غلط

عن عمرو بنِ شعيب، بإسنادِه ومعناه، زاد: "مَنْ حَلَفَ على معصيةٍ فلا يَمِينَ لهُ، ومَن حَلَفَ على قَطِيعةِ رَحِمٍ فلا يَمِينَ له" (¬1). 2192 - حدَّثنا ابنُ السَّرحِ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، عن يحيى بنِ عبدالله بنِ سالم، عن عبدِ الرحمن بن الحارث المخزومي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدِّه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال في هذا الخبرِ، زاد "ولا نَذرَ إلا فيما ابتُغِيَ به وجهُ الله تعالى" (¬2). 8 - باب في الطلاق على غَلط 2193 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ سعدٍ الزهري، أن يعقوبَ بن إبراهيم حدَّثهم، قال: حدَّثنا أبي، عن ابنِ إسحاقَ، عن ثور بنِ يزيد الحمصي، عن محمد بن عُبيد بن أبي صالحٍ الذي كان يَسكُنُ إيليا، قال: خرجتُ مع عَدي بنِ عَدي الكِندي حتى قدمنا مكةَ، فبعثني إلى صفيةَ بنتِ شيبةَ، وكانت قد حَفِظَت من عائشة، قالت: ¬

_ (¬1) حديث حسن. عبد الرحمن بن الحارث - وهو ابن عبد الله بن عياش المخزومي - متابع. أبو أسامة: هو حمّاد بن أسامة بن زيد. وأخرجه ابن ماجه (2047) من طريق عبد الرحمن بن الحارث، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (4715) من طريق عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب، به. وسيأتي من طريق عبيد الله بن الأخنس بتمامه برقم (3274). وهو في "مسند أحمد" (6714) و (6732). وانظر ما قبله وما سيأتى برقم (3273). (¬2) حديث حسن كسابقه. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو، وابن وهب: هو عبد الله القرشي. وهو في "مسند أحمد" (6714). وانظر سابقيه.

سمعت عائشة تقولُ: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا طَلاَقَ ولا عِتَاقَ في غَلاَق (¬1) " (¬2). ¬

_ (¬1) قوله: "غلاق" كذا أثبتناه من (أ)، ومن نسخة على هامش (ب) مصححاً عليها، وهي كذلك في نسخة المنذري في "تهذيبه"، وكلام أبي داود بإثر الحديث يقتضي أنه كذلك في روايته، وفي (ب) و (ج) و (هـ): "في إغلاق"، وعليها شرح الخطابي وابن القيم! (¬2) إسناده ضعيف لضعف محمد بن عبيد بن أبي صالح. إبراهيم: هو ابن سعد القرشي، وابن إسحاق: هو محمد المطلبي. وأخرجه ابن ماجه (2046) من طريق عبد الله بن نمير، عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وقد سمى في روايته محمد بن عبيد بن أبي صالح: عُبيد بن أبي صالح. قال المزي: وهو وهم. وهو في "مسند أحمد" (26360). قال الخطابي: معنى الإغلاق: الإكراه، وكان عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم لا يرون طلاق المكره طلاقاً، وهو قول شريح وعطاء وطاووس وجابر بن زيد والحسن وعمر بن عبد العزيز والقاسم وسالم، وإليه ذهب مالك بن أنس والأوزاعي والشافعي - وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه. وكان الشعبي والنخعي والزهري وقتادة يرون طلاق المكره جائزاً، وإليه ذهب أصحاب الرأي، وقالوا في بيع المكره: إنه غير جائز. وقال الحافظ في "التلخيص" 3/ 210: الإغلاق: فسره علماء الغريب بالإكراه، [لأن المكره يغلق عليه أمره وتصرفه] وقال: هو قول ابن قتيبة والخطابي وابن السِّيد وغيرهم، وقيل: الجنون، واستبعده المطرزي، وقيل: الغضب، وقع في "سنن أبي داود" في رواية ابن الأعرابي، وكذا فسره أحمد، وردَّه ابن السيد، فقال: لو كان كذلك لم يقع على أحد طلاق، لأن أحداً لا يطلق حتى يغضب، وقال أبو عُبيد: الإغلاق: التضييقُ. وقال ابن القيم في "تهذيب السنن" 6/ 187: قال شيخنا (شيخ الإسلام ابن تيمية): والإغلاق: انسداد باب العلم، والقصد عليه، يدخل فيه طلاق المعتوه والمجنون والسكران والمكره والغضبان الذي لا يعقل ما يقول، لأن كلاً من هؤلاء قد أغلق عليه باب العلم والقصد، والطلاق إنما يقع من قاصد له، عالم به.

9 - باب في الطلاق على الهزل

قال أبو داود: الغَلاقُ أظنُّه في الغَضَبِ. 9 - باب في الطلاق على الهزل 2194 - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز - يعني ابنَ محمد - عن عبد الرحمن ابنِ حبيبٍ، عن عطاه بنِ أبي رباح، عن ابنِ ماهَك عن أبي هريرة أن رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: " ثلاث جدُّهنَّ جَدٌّ وهَزْلُهُنَّ جدٌّ: النكَاحُ، والطَلاقُ، والرَّجْعَة" (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، عبد الرحمن بن حبيب - وهو ابن أردك المخزومي - قال عنه الذهبي: صدوق له ما ينكر، وقال ابن حجر في "التلخيص" 3/ 210: مختلف فيه، قال النسائي: منكر الحديث، ووثقه غيره، فهو على هذا حسن الحديث. قلنا: وذكره ابن حبان في "الثقات". القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، وابن ماهَك: هو يوسف الفارسي. وأخرجه ابن ماجه (2039)، والترمذي (1220) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن حبيب، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن غريب. وهو في "شرح السنة" للبغوي (2356). وله شواهده ذكرها الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 293 - 294، وابن حجر في "التلخيص الحبير" 3/ 209. وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وغيرهم. قوله: "والرَّجعة" بكسر الراء وفتحها، أي: عود المطلّق إلى طليقته. قال الخطابي: اتفق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق إذا جرى على لسان البالغ العاقل، فإنه مؤاخذ به، ولا ينفعه أن يقول: كنت لاعباً أو هازلاً، أو لم أنوِ به طلاقاً، أو ما أشبه ذلك من الأمور. واختلفوا في الخطأ والنسيان، فقال عطاء وعمر بن دينار فيمن حلف على أمر لا يفعله بالطلاق ففعله ناسياً أنه لا يحنث، وقال الزهري ومكحول وقتادة: يحنث وإليه ذهب مالك وأصحاب الرأي، وهو قول الأوزاعي والثوري وابن أبي ليلى. =

10 - باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث

10 - باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث 2195 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد المروزيُّ، حدثني علي بنُ حُسين بن واقدٍ، عن أبيه، عن يزيد النحويِّ، عن عِكرمة عن ابنِ عباسٍ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] الآية, وذلك أن الرجُلَ كان إذا طلَّقَ امرأتَه فهو أحقُّ بِرَجْعَتِها وإن طَلَّقها ثلاثاً، فَنُسِخَ ذلك، وقال: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] (¬1). ¬

_ = وقال القاري في "شرح المشكاة" أو هازلاً لا ينفعه، وكلذا البيع والهبة وجميع التصرفات، وإنما خص هذه الثلاثة، لإنها أعظم وآثم، وجاء في "بذل المجهود" 10/ 286: وقال القاضي: اتفق أهل العلم على أن طلاق الهازل يقع، فإذا جرى صريح لفظة الطلاق على لسان العاقل البالغ لا ينفعه أن يقول: كنت فيه لاعباً أو هازلاً، لأنه لو قبل ذلك منه، لتعطلت الأحكام، فمن تكلم بشيء مما جاء ذكره في هذا الحديث، لزمه حكمه، وخص هذه الثلاثة بالذكر لتأكيد أمر الفرج. وفي "فيض القدير": وخص الثلاثة بالذكر لتأكد أمر الفروج، وإلا فكل تصرف ينعقد بالهزل على الأصح عند أصحابنا الشافعية إذ الهازل بالقول، وإن كان غير مستلزم لحكمه، فترتب الأحكام على الأسباب للشارع، لا للعاقد، فإذا أتى بالسبب لزمه حكمه شاء أم أبى، ولا يقف على اختياره وذلك لأن الهازل قاصد للقول مريد له مع علمه بمعناه وموجبه، وقصد اللفظ المتضمن لذلك المعنى قصد لتلازمهما إلا أن يعارضه قصد آخر كالمكره، فإنه قصد غير المعنى المقول وموجبه، فلذلك أبطله الشارع. (¬1) إسناده حسن. علي بن حسين. - وهو ابن واقد المروزي - حسن الحديث. يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5717) من طريق علي بن حسين، بهذا الإسناد. وقال ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 208 بعد أن أورد حديثه ابن عباس هذا: التحقيق أن هذا لا يقال فيه ناسخ ولا منسوخ وإنما هو ابتداء شرع وإبطال لحكم العادة. =

2196 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابُن جُريجٍ، أخبرني بعضُ بني أبي رافع مولى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، عن عِكرِمَة مولى ابن عباس عن ابنِ عباسِ، قال: طلَّق عبدُ يزيد - أبو رُكَانَةَ وإخوته - أُمَّ ركانة، ونكحَ امرأةً مِن مُزينَةَ، فجاءت النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقالت: ما يُغْنِي عنِّي إلا كما تُغني هذه الشعرة، لِشعَرةٍ أخذتها مِن رَأسِهَا، فَفَرِّق بيني وبينَه، فأخذتِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - حَمِيَّةٌ، فدعا بُركانة وإخوته، ثم قال: لجلسائه: "أتَرَوْنَ فلاناً يُشبه منه كذا وكذا، مِن عبد يزيد، وفلاناً منه كذا وكذا؟ " قالوا: نعم، قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: لعبد يزيد "طلقها" ففعل، قال: "راجع امرأتَك أُمَّ ركانة وإخوته " فقال: إني طلقتُها ثلاثاً يا رسولَ الله، قال: "قد عَلِمْتُ، راجعها" وتلا {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] (¬1). ¬

_ = وإلى القول بإحكام الآية أيضاً ذهب مكي بن أبي طالب في "الإيضاح" ص 149 - 150، فقال: وقد قيل: إنها منسوخة {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق:1] وهذا قول بعيد، بل الآيتان محكمتان في معنيين مختلفين لا ينسخ أحدهما الآخر، فآية البقرة ذكر الله فيها بيان عدد الطلاق، وآية الطلاق ذكر فيها بيان وقت الطلاق، فهما حكمان مختلفان معمول بهما، لا ينسخ أحدهما الآخر لتباين معنييهما. (¬1) إسناده ضعيف. لعلتين: أولاهما: إبهام شيخ ابن جريج. وقد جاء مصرحاً باسمه في رواية محمد بن ثور الصنعاني، أنه محمد بن عبيد الله بن رافع. قال الذهبي في"تلخيص المستدرك" 2/ 491 محمد واهٍ. قال: والخبر خطأ، عبد يزيد لم يدرك الإسلام. قلنا: فهذه علة ثانية. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (113340) عن ابن جريج، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 339. =

قال أبو داود: وحديثُ نافعِ بنِ عُجير وعبدِ الله بن علي بن يزيد ابن رُكانة، عن أبيه عن جده: أن رُكانة طلَّقَ امرأتَه البتة (¬1) فردَّها إليه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - أصحُّ؛ لأن ولدَ الرجل وأهلَه أعلمُ به، أن ركانة إنما طلَّق امرأته البتَّةَ، فجعلها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - واحدةً. 2197 - حدَّثنا حميدُ بنُ مسعدة، حدَّثنا إسماعيلُ، أخبرنا أيوبُ، عن عبدِ الله ابنِ كثير عن مُجاهِدِ، قال: كُنتُ عندَ ابنِ عباس، فجاءه رجلٌ فقال: إنه طلَّقَ امرأتَه ثلاثاً، قال: فَسَكَتَ حتى ظننتُ أنه رادُّها إليه، ثم قال: يَنطَلِقُ أحَدُكُم فيركبُ الحَمُوقَةَ ثم يقولُ: يا ابنَ عباس، يا ابنَ عباس، وإن الله قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] وإنك لم تَتَّقِ الله فلا أجِد لك مخرجاً، عَصَيتَ ربَّكَ، وبانَتْ مِنكَ امرأتُكَ، وإنَّ ¬

_ = وأخرجه الحاكم 2/ 491 من طريق محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن محمد ابن عبيد الله بن أبي رافع مولى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، عن عكرمة، عن ابن عباس. وصححه وتعقبه الذهبي بما نقلناه عنه آنفاً. وقال الخطابي: في إسناد هذا الحديث مقال، لأن ابن جريج إنما رواه عن بعض بني رافع ولم يسمه، والمجهول لا تقوم به حجة وقد نص ابن قدامة في "المغني" 10/ 366 على أن أحمد ضعف إسناد حديث ركانة وتركه، وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 363: إن أبا داود رجح أن ركانة إنما طلق امرأته البتة كما أخرجه هو من طريق آل بيت ركانة وهو تعليل قوي، لجواز أن يكون بعض رواته حمل البتة على الثلاث، فقال: طلقها ثلاثاً، فبهذه النكتة يقف الاستدلال بحديث ابن عباس. وانظر تمام الكلام على هذا الحديث فيما علقناه في "المسند" رقم الحديث (2387). وانظر ما سيأتى برقم (2197) و (2198). (¬1) قوله: البتة، أثبتاه من (هـ).

الله قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} [الطلاق: 1] في قبل عدَّتهنَّ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كما قال الحافظ في "الفتح" 9/ 362. إسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مِقْسَم المعروف بابن علية، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ومجاهد: هو ابن جَبر المكي. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 331 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5556) مختصراً من طريق شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس. قلنا: وهذا الأثر عن ابن عباس هكذا أورده المصنف، وقد اختصره بعضُ الرواة، فأفسده، ذلك أن ابن عباس إنما قال لمن طلق امرأته أكثر من ثلاث: عصيتَ ربك، ولم يقل ذلك لمن طلق ثلاثاً. روى ذلك ابن أبي نجيح وحميد الأعرج عن مجاهد، عنه. عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 58، والدارقطني (3926)، والبيهقي 7/ 331 و 337، فقالا في روايتهما: إن الرجل طلق امرأته مئةً. وكذلك رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس عند الطحاوي 3/ 58، والدارقطني (3928)، والبيهقي 7/ 332 و 337 إلا أنه قال عند الدارقطنى والبيهقي: إنه طلق امرأته ألفاً. وأخرج البيهقي 7/ 337 من طريق عمرو بن دينار: أن ابن عباس سئل عن رجل طلق امرأته عدد النجوم، فقال: إنما يكفيك رأس الجوزاء، وكذلك رواه غير واحد عن ابن عباس، انظر "السنن الكبرى" للبيهقي 7/ 331 و 337. وأما إيقاع الطلاق بالثلاث فلا يُعَدُّ معصية، ولا يخفى ذلك عن مثل ابن عباس. قال ابن الأثير: الحموقة بفتح الحاء: هي فعولة من الحمق، أي: ذات حمق، وحقيفة الحمق: وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه. وقوله: (في قبل عدتهن) قال النووي في شرح مسلم 10/ 60: هذه قراءة ابن عباس وابن عمر، وهي شاذة لا تثبت قرآناً بالإجماع، ولا يكون لها حكم خبر الواحد عندنا، وعند محققي الأصوليين.

قال أبو داود: روى هذا الحديثَ حُميْدٌ الأعرجُ وغيرُه عن مجاهد عن ابنِ عباس (¬1). ورواه شعبةُ، عن عمرِو بنِ مُرَّة، عن سعيد بنِ جُبير، عن ابن عباس (¬2). وأيوبُ وابنُ جريج جميعاً، عن عكرمة بنِ خالد، عن سعيد بن جُبير، عن ابنِ عباس (¬3). وابنُ جريج، عن عبدِ الحميد بن رافع، عن عطاء، عن ابنِ عباس (¬4). ¬

_ (¬1) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (11352) من طريق ابن جريج، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 58 من طريق ابن أبي نجيح وحميد الأعرج، ثلاثتهم عن مجاهد، به. وأخرجه الدارقطني في"سننه" (3926)، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 331 - 332 من طريق عبد الله بن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس: أنه سئل عن رجلٍ طلق امرأته مئة تطليقة؟ قال: عصيت ربك، وباتت منك امرأتك، لم تتق الله فيجعل لك مخرجاً، ثم قرأ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ} في قبل عدتهن [الطلاق: 1]. (¬2) أخرجه عبد الرزاق (11350)، وابن أبي شيبة 5/ 13، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 58، والبيهقي 7/ 332 من طريق سفيان الثوري، والدارقطني (3925) من طريق شعبة، كلاهما عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. (¬3) أخرجه عبد الرزاق (11350)، وعنه الدارقطني (3924) من طريق ابن جريج، عن عكرمة بن خالد، عن سعيد بن جبير: أن رجلاً جاء إلى ابن عباس، فقال: طلقت امرأتي ألفاً، فقال: تأخذ ثلاثاً، وتدع تسع مئة وسبعة وتسعين. (¬4) أخرجه عبد الرزاق (11348)، والبيهقي 7/ 337، عن ابن جريج، عن عبدالحميد بن رافع، عن عطاء: أن رجلاً قال لابن عباس: رجلٌ طلق امرأته مئة، فقال ابن عباس: يأخذ من ذلك ثلاثاً، ويدع سبعاً وتسعين.

ورواه الأعمشُ، عن مالك بنِ الحارثِ عن ابنِ عباس (¬1). وابنِ جُريج، عن عمرو بنِ دينارٍ عن ابنِ عباس، كلُّهُم قالوا في الطلاقِ الثلاثِ: إنه أجَازَهَا، قال: وبانتْ منك، نحو حديث إسماعيل، عن أيوب، عن عبد الله بنِ كثير. قال أبو داود: وروى حمادُ بنُ زيدٍ، عن أيوبَ، عن عِكرمَة، عن ابن عباسٍ، إذا قال: "أنتِ طَالِقٌ ثلاثاً " بفم واحد، فهي واحدة، ورواه إسماعيل بنُ إبراهيم، عن أيوب، عن عكرمة، هذا قوله، لم يذكر ابنَ عباس، وجَعَلَه قولَ عكرمة. 2198 - وصار قول ابن عباس فيما حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح ومحمدُ بنُ يحيي - وهذا حديث أحمد - قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، عن معمرٍ، عن الزهريِّ، عن أبي سلمة بنِ عبد الرحمن ومحمد بنِ عبد الرحمن بنِ ثوبان، عن محمد بن إياس أن ابنَ عباس وأبا هريرة وعبدَ الله بن عمرو بن العاص سُئِلُوا عن البكر يطلقها زوجها ثلاثاً، فكلهم قال: لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره (¬2). ¬

_ (¬1) أخرجه الطحاوي في "شرح معانى الآثار" 3/ 57 من طريق الأعمش، عن مالك بن الحارث، قال: جاء رجل إلى ابن عباس، فقال: إن عمي طلق امرأته ثلاثاً، فقال: إن عمك عصي الله فأندمه الله، وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجاً، فقلت: كيف ترى في رجل يحلها له؟ فقال: من يخادع الله يخادعه. ورواه عبد الرزاق (10779) وابن أبي شيبة 5/ 11، والبيهقي 7/ 337. (¬2) إسناده صحيح. محمد بن يحيي: هو الذهلي، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعانى، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب، ومحمد بن إياس: هو ابن البكير الليثي. وأخرجه البيهقي 7/ 354 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: روى مالك عن يحيى بن سعيد، عن بُكير بنِ الأشج عن معاويةَ بنِ أبي عياش أنه شهد هذه القصة حين جاء محمد ابن إياس بن البُكير إلى ابن الزبير وعاصم بن عمر، فسألهما عن ذلك، فقالا: اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة فإني تركتهما عند عائشة رضي الله عنها، ثم ساق هذا الخبر (¬1). [قال أبو داود: وقول ابن عباس هو أن الطلاق الثلاث تبين من زوجها، مدخولاً بها وغير مدخول بها، لا تحل له حتى تنكح زوجاً ¬

_ = وأخرجه مالك 2/ 570، ومن طريقه الشافعي في "مسنده" 2/ 35 - 36، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 57، والبيهقي 7/ 335. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (11071) عن ابن جريج، وأخرجه الطحاوي في"شرح معاني الآثار" 57/ 3 من طريق ابن أبي ذئب، ثلاثتهم (مالك وابن جريج وابن أبي ذئب) عن الزهري، عن محمد بن عبد الرحمن وحده، به. ولم يذكر مالك في روايته عبد الله بن عمرو بن العاص. وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 23 من طريق نافع عن محمد بن إياس بن البُكير، به. غير أنه ذكر عائشة بدل عبد الله بن عمرو. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (1075)، والطحاوي 3/ 58 من طريق سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة وابن عباس. وأبو سلمة معروف بالرواية عن أبي هريرة فلا يَبْعد أن يكون سمعه أولاً بواسطة محمد بن إياس، ثم لقي أبا هريرة فاستثبته منه. وأخرجه مالك 2/ 570، وابن أبي شيبة 5/ 22، والبيهقي 7/ 335 من طريق عطاء بن يسار، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. (¬1) أخرجه مالك 2/ 571، والشافعي في "مسنده" 2/ 36، وابن أبي شيبة 5/ 22، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 57 والبيهقي 7/ 335 و 354 عن يحيي بن سعيد بهذا الإسناد.

غيره، هذا مثلُ خبرِ الصرف، قال فيه، ثم إنه رجع عنه، يعني ابن عباس] (¬1) (¬2). 2199 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الملك بنِ مروان، حدَّثنا أبو النعمان، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن أيوب، عن غيرِ واحدٍ عن طاووس، أن رجلاً يقال له: أبو الصَّهباء كان كثيرَ السؤال لابنِ عباس، قال: أما عَلِمْتَ أن الرجلَ كان إذا طلق امرأتَه ثلاثاً قَبْلَ أن يدخُلَ بها جَعلُوها واحِدةً على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأبي بكرٍ وصَدراً مِن إمارَةِ عُمَرَ؟ قال ابنُ عباس: بلى، كان الرجلُ إذا طلَّق امرأته ثلاثاً قبل أن يُدْخُلَ بها جعلُوها واحدةً على عهد رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأبي بكرٍ وصَدراً مِن إمارَةُ عُمَرَ، فلما رأى الناسَ - يعني: عمر - قد تتايَعُوا فيها قال: أجِيزُوهُنَّ عليهم (¬3). ¬

_ (¬1) ما بين معقوفين زيادة أثبتناها من (هـ). (¬2) قال صاحب "بذل المجهود" 10/ 296: حاصل ذلك أن مسألة الطلاق كمسألة الصرف فإن ابن عباس رضي الله عنه يقول في بيع الصرف أولاً: إنه يحرم بيعها نسيئة، وأما التفاضل في الذهب أو الفضة فلا ربا فيها وهو جائز، ثم رجع ابن عباس في مسألة الصرف، فكذلك رجع في مسألة الطلاق كأنه يقول أولاً بأن الثلاث واحدة، ثم رجع عنه، وقال بوقوع الثلاث. (¬3) أبو النعمان - وهو محمد بن الفضل السدوسي -: ثقة إلا أنه اختلط بأخرة، وقال الحافظ المنذري: الرواة عن طاووس مجاهيل. وقوله: "قبل أن يدخل بها" لم ترد إلا في رواية أبي داود هذه تفرد بها أبو النعمان، ويغلب على الظن أنه حدث بهذا الحديث بعد اختلاطه، أيوب: هو ابن أبي تميمة السختيانى، وطاووس: هو ابن كيسان. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 338 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 26 ومسلم (1472) (17)، والدارقطني في "سننه" (4019)، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 336 من طرق عن حماد بن زيد، عن =

2200 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، أخبرنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابنُ جُرَيج، أخبرني ابنُ طاووس عن أبيه، أنَّ أبا الصهباء قال لابنِ عباس: أتعلمُ أنما كانت الثلاثُ تُجْعَلُ واحِدةً على عهدِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - وأبي بكر وثلاثاً مِن إمارَةِ عُمَرَ؟ قال ابنُ عباس: نعم (¬1). ¬

_ = أيوب السختياني، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاووس أن أبا الصهباء قال لابن عباس: هات من هناتك (أي من أمورك المستغربة) ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأبي بكر واحدة؟ فقال: قد كان ذلك فلما كان في عهد عمر تتابع (تتابع، والتتابع يستعمل في الشر) الناس في الطلاق فأجازه عليهم. وانظر ما بعده. (¬1) رجال ثقات رجال الشيخين. ابن جريج - وهو عبد الملك بن عبد العزيز - صرح في هذه الرواية بالإخبار فانتفت شبهة تدليسه. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، وابن طاووس: هو عبد الله بن طاووس بن كيسان اليماني. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (11337)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1472). وأخرجه مسلم (1472)، والنسائي في "الكبرى" (5569) من طريقين عن ابن جريج، به. وأخرجه مسلم (1472) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس. وهو في "مسند أحمد" (2875). وقد أعلّ حديث ابن عباس هذا الحافظ ابن رجب الحنلي في "مشكل الأحاديث الواردة في أن الطلاق الثلاث واحدة" ونقله عنه يوسف بن عبد الهادي في كتابه "سير الحاث إلى علم الطلاق الثلاث" فقال: فهذا الحديث لأئمة الإسلام فيه طريقان: أحدهما: مسلك الإمام أحمد ومن وافقه، وهو يرجع إلى الكلام في إسناد الحديث ولشذوذه وانفراد طاووس به, فإنه لم يتابع عليه، وانفراد الراوي بالحديث مخالفاً للأكثرين هو علة في الحديث يوجب التوقف فيه، وأنه يكون شاذاً أو منكراً إذ لم يُرو معناه من وجه يصح، =

11 - باب فيما عني به الطلاق والنيات

11 - باب فيما عُني به الطلاق والنيات 2201 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، حدثني يحيي بنُ سعيد، عن محمد بنِ إبراهيمَ التيمي، عن علقمةَ بنِ وقَّاصٍ الليثيِّ سمعتُ عُمَرَ بنَ الخطاب يقول: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمالُ بالنيِّة، وإنما لامرىءٍ ما نَوَى، فَمَن كانت هجرتُه إلى اللهِ ورسوله، فهجرته إلى الله ورَسُوله، ومَن كانَت هِجرتُه لِدنيا يُصِيبُها أو امرأةٍ يتزوَّجُها، فهِجرته إلى ما هَاجَرَ إليه (¬1). ¬

_ = وهذه طريقة المتقدمين كالإمام أحمد ويحيى القطان، ويحيى بن معين، ومتى أجمع علماء الأمة على اطراح العمل بحديث، وجب اطراحه وترك العمل به. ثم قال ابن رجب: وقد صح عن ابن عباس - وهو راوي الحديث - أنه أفتى بخلاف هذا الحديث ولزوم الثلاثة المجموعة، وقد علل بهذا أحمد والشافعي كما ذكره الموفق ابن قدامة في "المغني" وهذه أيضاً علَّة في الحديث بانفرادها، فكيف وقد انضم إليها علة الشذوذ والإنكار. وانظر في هذه المسألة "الاستذكار" 17/ 7 - 18. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري. وأخرجه البخاري (1) و (54) و (2529) و (3898) و (5070) و (6689) و (6953)، ومسلم (1907)، وابن ماجه (4227)، والترمذي (1742)، والنسائي في "الكبرى" (78) و (4717) و (5601) من طرق عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (168)، - و"صحح ابن حبان" (388) و (389) و (4868). قال الخطابي: قوله: إنما الأعمال بالنيات معناه أن صحة الأعمال ووجوب أحكامها إنما يكون بالنية، فإن النية هي المصرفة لها إلى جهاتها، ولم يرد به أعيان الأعمال، لأن أعيانها حاصلة بغير نية، ولو كان المراد به أعيانها، لكان خُلفاً من القول، وكلمة "إنما" مرصدة لإثبات الشيء ونفي ما عداه. =

2202 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بنِ السرح، وسليمانُ بنُ داود، قالا: أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهاب، قال: فأخبرني عَبدُ الرحمن بن عبد الله ابن كعب بنِ مالك، أن عبدَ الله بنَ كعب - وكان قائِدَ كعب من بَنيه حِين عَمِيَ - قال: سمعتُ كعبَ بنَ مالكٍ فساق قِصتَه في تبوكَ، قال: حتى إذا مضت أربعون مِن الخمسين إذا رسولُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يأتي، فقال: إنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يأمرُك أن تَعتَزِلَ امرأتَك، قال: فقُلتُ: أُطلِقُها أم ماذا أفعلُ؟ قال: لا، بل اعتزِلها فلا تَقَربنها، فقلتُ لامرأتي: الحَقِي بأهْلِكِ فكُوني عندهم حتى يقضيَ اللهُ تعالى سبحانَه في هذا الأمرِ (¬1). ¬

_ = وقال عبد الرحمن بن مهدي: ينبغي لمن صنف كتاباً أن يبدأ فيه بهذا الحديث تنبيها للطالب على تصحيح النية. وقال البويطي: سمعت الشافعي يقول: يدخل في حديث الأعمال بالنيات ثلث العلم. وانظر شرح الحديث في"جامع العلوم والحكم" 1/ 59 - 92 لابن رجب الحنبلي. (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله المصري، يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (4418)، ومسلم (2769)، والنسائي في "الكبرى" (5586) و (5587) و (5588) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2769) من طريق محمد بن عبد الله بن مسلم، و (2769)، والنسائي في "الكبرى" (5589) من طريق معقل بن عُبيد الله، كلاهما عن الزهري، عن عبدالرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن عمه عُبيد الله بن كعب، عن كعب ابن مالك. قلنا: وقد نقل النووي عن الدارقطني قوله: الصواب رواية من قال: عبد الله مكبَّراً. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5585) من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن كعب بن مالك. =

12 - باب في الخيار

12 - باب في الخيار 2203 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوانَة، عن الأعمشِ، عن أبي الضُّحى، عن مسروقٍ عن عائشة قالت: خيَّرنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فاخترناه، فلم يَعُدَّ ذلك شيئاً (¬1). 13 - باب في أمرِكِ بيدك 2204 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، عن حماد بنِ زيد، قال: قلتُ لأيوبَ: هل تعلم أحداً قال بقول الحسنِ في أمرُك بيدِك؟ قال: لا، إلا شئٌ حدثناه قتادةُ، عن كثير مولى ابنِ سمرةَ، عن أبي سلمة ¬

_ = وأخرجه النسائي (5590)، وابن حبان في "صحيحه" (3370) من طريق معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه. وهو في "مسند أحمد" (15789). (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرْهَد الأسدي، وأبو عوانة: هو الوضَّاح ابن عبد الله اليشكُرى، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو الضُّحى: هو مُسلم بن صُبيح العطار، ومَسروق: هو ابن الأجدع الهَمداني. وأخرجه البخاري (5262)، ومسلم (1477)، وابن ماجه (2052)، والترمذي (1214)، والنسائي في "الكبرى" (5609) من طرق عن الأعمش بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (5263)، ومسلم (1477)، والترمذي (1213)، والنسائي (5292) و (5293) و (5605 - 5608) من طريق مسروق، به. وأخرجه مسلم (1477) (28) من طريق إسماعيل بن زكريا، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، به. وهو في "مسند أحمد" (24181)، و"صحيح ابن حبان" (4267).

14 - باب في البتة

عن أبي هُريرة، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، بنحوه، قال أيوبُ: فَقَدِمَ علينا كثيرٌ. فسألتُه فقال: ما حدَّثتُ بهذا قَط، فذكرتُه لِقتادة، فقال: بلى، ولكِنَّهُ نَسِيَ (¬1). 2205 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا هشام، عن قتادَةَ عن الحسنِ في: أمْرُكِ بِيَدِكِ، قال: ثلاث (¬2). 14 - باب في البتّة 2206 - حدَّثنا ابنُ السرح وإبراهيمُ بنُ خالد الكلبي في آخرين قالوا: حدَّثنا محمدُ بنُ إدريس الشافعيُّ، حدثني عمي محمدُ بنُ علي بن شافع، عن عُبيد الله ابنِ علي بنِ السائب، عن نافعِ بنِ عُجير بن عبد يزيد بن رُكانة أن رُكانةَ بنَ عبدِ يزيد طلَّق امرأته سُهَيْمة البتة، فأخبر النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - بذلك، وقال: واللهِ ما أردتُ إلا واحدةً، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "والله ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، غير كثير هو ابن أبي كثير البصري - فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات", ووثقه العجلي، لكن الحديث أُعِل بوجوه منها: الوقف كما ذكره الترمذي عن البخاري، ومنها: إنكار كثير للحديث كما في رواية المصنف، ومنها: النكارة فيما قاله النسائي. أيوب: هو ابن أبى تميمة السختياني، والحسن: هو ابن أبي الحسن البصري، والحسن بن علي: هو الحُلواني الخلاّل. وأخرجه الترمذي (1212)، والنسائى في "الكبرى" (5573) من طريق سليمان بن حرب، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث سليمان بن حرب عن حماد بن زيد. وقال النسائي في "المجتبى" (3410): هذا حديث منكر. وانظر ما بعده. (¬2) أثر صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وقتادة: هو ابن دعامة السَّدوسي. وانظر ما قبله.

ما أردتَ إلا واحدةً؟ " فقال رُكانة: والله ما أردتُ إلا واحدة، فردها إليه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فطلقها الثانيةَ في زمان عمر، والثالثة في زمانِ عثمان (¬1). قال أبو داود: أوله لفظُ إبراهيم،، وآخِرُه لفظُ ابنِ السرْح. ¬

_ (¬1) إسناده حسن. محمد بن علي بن شافع، وعُبيد الله بن علي بن السائب، وثقهما الإمام الشافعي في "الأم" 5/ 174، ونافع بن عجير روى عنه ثلاثة، وقيل: له صحبته وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. وأخرجه الدارقطني في"سننه" (3979) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد، وقال في نهايته: قال أبو داود: هذا حديث صحيح. وقال الحاكم: قد صح الحديث بهذه الرواية، فإن الإمام الشافعي قد أتقنه، وحفظه عن أهل بيتة، والسائب بن عبد يزيد أبو الشافع بن السائب، وهو أخو ركانة بن عبد يزيد، ومحمد بن علي بن شافع عم الشافعي شيخ قريش في عصره. وقال ابن كثير في "إرشاد الفقيه" 2/ 197: حديث حسن إن شاء الله. وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (25105): رواية الشافعي لحديث ركانة عن عمه، أتمُّ فقد زاد زيادة لا تردها الأصول، فوجب قبولها لثقة ناقلها، الشافعي وعمه وجده أهل بيت ركانة من بني عبد المطلب بن مناف، وهم أعلم بالقصة التي عرض لها. وهو عند الشافعي في "مسنده" 2/ 37 و 38، ومن طريقه أخرجه العقيلي في "الضعفاء" 2/ 282، والدارقطني 4/ 33، وابن منده في "معرفة الصحابة" كما في " الإصابة" 7/ 718، والحاكم 2/ 199 - 200، والبيهقى 7/ 342، والبغوي (2353)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 7/ 156. وسقط من إسناده في مطبوع الحاكم: عبد الله بن علي بن السائب. وأخرجه الطيالسي (1188)، ومن طريقه البيهقي 7/ 342 قال: سمعت شيخاً بمكة، فقال: حدَّثنا عبد الله بن علي، عن نافع بن عُجَير، عن ركانة. وانظر ما سيأتي برقم (2207) و (2208).

2207 - حدَّثنا محمدُ بنُ يونس النسائى، أن عبدَ الله بنَ الزبير حدَّثهم، عن محمد بنِ إدريس، حدَّثني عمي محمد بن علي، عن ابنِ السائب، عن نافع ابن عُجير، عن رُكانة بن عبد يزيد، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بهذا الحديث (¬1). 2208 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود حدَّثنا جريرُ بنُ حازم، عن الزُّبيرِ بنِ سعيد، عن عبدِ الله بن علي بن يزيد بنِ رُكانة، عن أبيه عن جَدِّه، أنه طلَّق امرأته البتةَ، فأتى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "ما أرَدْتَ "؟ قال: واحِدَة، قال: "آللهِ؟ " قال: آللهِ، قال: "هو على ما أردتَ" (¬2). قال أبو داود: وهذا أصحُّ مِن حديث ابنِ جُريج: أن رُكانة طلق امرأتَه ثلاثاً، لأنهم أهلُ بيته وهم أعلمُ به، وحديثُ ابنِ جريج رواه عن بعضِ بني أبي رافع، عن عِكرمة، عن ابن عباس. ¬

_ (¬1) إسناده حسن كسابقه. (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف الزبير بن سعيد الهاشمي، وعبدالله بن علي بن يزيد بن ركانة تفرد بالرواية عنه الزبير بن سعيد الهاشمي، ولم يوثقه غير ابن حبان، فهو في عداد المجهولين، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه، مضطرب الإسناد. وقال ابن حجر في "التقريب": لَيِّنُ الحديث، وعلي بن يزيد بن ركانة مجهول الحال، وقال البخاري في"التاريخ الكبير" 6/ 301: لم يصح حديثه. قلنا: لكن جاء الحديث من وجه آخر حسن بلفظ: "البتة" سلف في سابقيه. وأخرجه ابن ماجه (2051)، والترمذي (1211) من طريق جرير بن حازم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24009/ 91)، و"صحيح ابن حبان" (4274). وانظر سابقيه. وحديث ابن جريج الذي أشار إليه المصنف بإثر الحديث هو الحديث السالف برقم (2196).

15 - باب في الوسوسة بالطلاق

15 - باب في الوسوسة بالطلاق 2209 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا هشامُ، عن قتادةَ، عن زرارةَ بنِ أوفى عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "إن الله تجاوزَ لأمَّتي عمّا لم تتكلَّم به أو تعمل به، وبما حدَّثت به أنفُسها" (¬1). 16 - باب في الرجل يقول لامرأته: يا أُختي 2210 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد (ح) وحدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا عبدُ الواحد وخالد الطحانُ - المعنى - كلهم عن خالد عن أبي تميمة الهُجَيمي، أنَّ رجُلاً قال لامرأتِهِ: يا أُخيَّة، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أُختُك هي؟ " فكره ذلك ونهى عنه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائى، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه الخاري (2528) و (5269) و (6664)، ومسلم (127)، وابن ماجه (2040) و (2044)، والترمذي (1219)، والنسائي في "الكبرى" (5598) و (5599) من طرق عن قتادة، بهذا الإسناد. وزاد ابن ماجه في روايته الثانية: "وما استكرهوا عليه". وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5597) من طريق عطاء، عن أبي هريرة، به. وهو في "مسند أحمد" (7470)، و"صحيح ابن حبان" (4334) و (4335). (¬2) رجاله ثقات، لكنه مرسل كما قال المنذري، على اضطراب في إسناده كما أشار إليه المصنف بإثر الطريق الآتى بعده، وأقره المنذري. حمّاد: هو ابن سلمة، وأبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري، وعبد الواحد: هو ابن زياد العبدي، وخالد: هو ابن مهران الملقب بالحذاء، وأبو تميمة الهجيمي: هو طريف بن مُجالِد. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 366 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (12595) و (15930) من طريق سفيان الثوري، عن خالد الحذاء، به. وانظر ما بعده.

2211 - حدَّثنا محمدُ بنُ إبراهيم البزاز، حدَّثنا أبو نُعيم، حدَّثنا عبدُ السلام - يعني ابنَ حرب - عن خالدٍ الحذَّاء، عن أبي تميمة عن رجل من قومِه: أنه سَمعَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - سَمعَ رجلاً يقولُ لامرأته: يا أُخيةُ، فنهاه (1). قال أبو داود: ورواه عبدُ العزيز بنُ المختار، عن خالدٍ، عن أبي عثمان، عن أبي تميمة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. ورواه شعبة، عن خالدٍ، عن رجلٍ، عن أبي تميمة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. 2212 - حدَّثنا ابنُ المثنى، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، حدَّثنا هشام، عن محمدٍ عن أبي هُريرة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -: أنَّ إبراهيمَ عليه السلام لم يكْذِبْ قَط إلا ثلاثاً: ثنتان في ذاتِ الله: قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} [الصافات: 89] وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} [الأنبياء: 63]، وبينما هو يسيرُ في أرضِ جبَّار من الجبابرة إذ نزل منزلاً، فأتِيَ الجبارُ، فقيل له: إنه نزل ها هنا رجل معه امرأة هي أحسنُ الناسِ، قال: فأرسَلَ إليه فسأله عنها، فقال: إنها أُختي، فلما رَجَعَ إليها قال: إن هذا سألني عنك، فأنبأتُه أنكِ أُختي، وأنه ليس اليومَ مسلِم غيري وغيرُكِ، وإنك أُختي في كِتَابِ الله، فلا تكذبيني عندَه، وساق الحديثَ (¬2). ¬

_ (11 رجاله ثقات، لكن الصحيح إرساله. فقد انفرد بوصله عبد السلام بن حرب، وخالفه عبد الواحد بن زياد وخالد الطحان وسفيان الثوري وحماد بن سلمة، وعبد السلام ابن حَرب وإن كان ثقةً له ما يُنكَر. أبو نعيم: هو الفضل بن دكين. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمد، وعبد الوهاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي، وهشام: هو ابن حسان الأزدي، ومحمد: هو ابن سيرين. =

قال أبو داود: روى هذا الخبر شعيب بن أبي حمزة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، نحوه (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (3358) و (5084)، ومسلم (2371) من طريق أيوب السختياني، والنسائي في "الكبرى" (8316) من طريق أبي أسامة، عن هشام بن حسان، كلاهما عن محمد بن سيرين، به. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (8317) من طريق ابن عون، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، به موقوفاً. وهو في "صحيح ابن حبان" (5737) وقد أدرجه تحت قوله: ذكر الخبر الدال على إباحة قول المرء الكذب في المعاريض يريد به صيانة دينه ودنياه. قال أبو الوفاء ابن عقيل فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 6/ 392: دلالة العقل تصرف ظاهر الكذب على إبراهيم، وذلك أن العقل قطع بأن الرسول ينبغي أن يكون موثوقاً به ليعلم صدق ما جاء به عن الله، ولا ثقة مع تجويز الكذب عليه، فكيف مع وجود الكذب منه، وإنما أطلق عليه ذلك لكونه بصورة الكذب عند السامع، وعلى تقديره فلم يصدر ذلك من إبراهيم عليه السلام - يعني إطلاق الكذب على ذلك - إلا في حال شدة الخوف لعلو مقامه، وإلا فالكذب المحض في مثل تلك المقامات يجوز، وقد يجب لتحمل أخف الضررين دفعاً لأعظمهما، وأما تسميتة إياها كذبات، فلا يريد أنها تذم، فإن الكذب وإن كان قبيحاً مخلاًّ، لكنه قد يحسن في مواضع، وهذا منها. (¬1) إسناده صحيح. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (2217) و (2635) و (6950)، والنسائي في "الكبرى" (8315) من طريق شعيب بن أبي حمزة، والترمذي (3437) من طريق محمد بن إسحاق، كلاهما عن أبي الزناد، بهذا الإسناد. ولم يذكر شعيب أول الحديث الكذباتِ الثلاثَ، وأما ابن إسحاق فاقتصر عليها، ولم يذكر قصة الجبار. وهو بطوله في "مسند أحمد" (9241). وانظر تتمه كلامنا عليه فيه.

17 - باب في الظهار

17 - باب في الظهار 2213 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ ومحمدُ بنُ العلاء - المعنى - قالا: حدَّثنا ابنُ إدريس، عن محمد بنِ إسحاق، عن محمد بنِ عمرو بنِ عطاء، قال ابن العلاء: ابن علقمة بنِ عياش، عن سُليمان بن يَسار عن سلمةَ بنِ صخرٍ - قال ابن العلاء: البياضيّ - قال: كنتُ امرأً أُصِيبُ مِنَ النساءِ ما لا يُصيب غيري، فلما دخَلَ شهرُ رمضانِ، خفتُ أن أُصيب مِن امرأتي شيئاً يُتابع بي، حتى أُصبحَ، فظاهرتُ منها حتى ينسلخَ شهرُ رمضان، فبينا هي تخدِمُني ذاتَ ليلة إذ تكشَّف لي منها شيء, فلم ألبث أن نزوتُ عليها، فلما أصبحتُ خرجتُ إلى قومي، فأخبرتهم الخبرَ، وقلت: امشوا معي إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قالوا: لا واللهِ، فانطلقتُ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فأخبرتُه، فقال: "أنتَ بذاكَ يا سلمة؟ " قلت: أنا بِذَاكَ يا رسول الله، مرتين، وأنا صابرٌ لأمرِ الله عز وجلَّ، فاحكم في ما أراك الله، قال: "حرِّر رقبةً"، قلت: والذي بَعَثَكَ بالحق ما أملِكُ رقبةً غيرها، وضربتُ صفحة رقبتي، قال: "فصُمْ شهرين متتابعين"، قال: وهل أصبتُ الذي أصبتُ إلا مِن الصيام؟ قال: "فأطعم وسقاً مِن تمر بين ستين مسكيناً" قلتُ: والذي بعثكَ بالحق، لقد بتنا وحشينِ، ما لنا طعامٌ، قال: "فانطلِقْ إلى صاحِب صَدَقةِ بني زُرَيقٍ، فليدفعها إليك، فأطعِم ستينَ مسكيناً وسقاً من تمر، وكل أنت وعيالُك بقيتها"، فرجعت إلى قومي، فقلت: وجَدتُ عندكم الضيقَ، وسوء الرأي، ووجدتُ عندَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - السعَةَ، وحُسنَ الرأي، وقد أمرني، أو أمَرَ لي بِصَدَقتكم (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح بطرقه وشاهده، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق =

زاد ابنُ العلاء: قال ابنُ إدريبس: وبياضَةُ: بطن من بني زُريق. 2214 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا يحيى بنُ آدم، حدَّثنا ابنُ إدريس، عن محمد بنِ إسحاق، عن معمرِ بنِ عبدِ الله بن حنظلة، عن يوسفَ بنِ عبد الله ابن سَلاَم ¬

_ = مدلس وقد عَنعنَ، وسليمان بن يسار لم يسمع من سلمة بن صخر - وقيل: سلمان بن صخر الأنصاري - ابن إدريس: هو عبد الله الأودي. وأخرجه ابن ماجه (2062)، والترمذي (3584) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وأخرجه الترمذي (1239) من طريق علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، أن سلمان بن صخر الأنصاري. وهذا سند رجاله ثقات لكن قال أبو الفتح الأزدي في "المخزون": لم يتبين سَمَاعُهما منه. وقد أورده من هذا الطريق البيهقي 7/ 390، وقال: مُرسَل. قلنا: قد رواه عن يحيى بن أبي كثير جماعة فأرسلوه، قالوا: إن سلمان - أو سلمة - بن صخر وهم أبان ابن يزيد وعلي بن المبارك وحرب بن شداد. ورواه معمر بن راشد وشيبان بن عبد الرحمن النحوي عن يحيى، فقالا: عن سلمة بن صَخر. وهو في "مسند أحمد" (16421). وقال البغوي فيما نقله الحافظ في "الإصابة" 3/ 150: روى عن سلمة حديثَ الظهار: سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وأبو سلمة وسماك بن عبدالرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان. وله شاهد صحيح من حديث ابن عباس سيأتى برقم (2223). وقوله: يُتايَع بي. بضم الياء وتشديد التاء، أي: يلازمني، فلا أستطيع الفكاك منه. وقوله: "أنت بذاك يا سلمة". معناه: أنت المُلِم بذاك والمرتكب له. وقوله: بتنا وحشينِ - معناه بتنا مُقفرين لا طعام لنا، قال في "النهاية": يقال: رجلُ وحْشٌ: إذا كان جائعاً لا طعام له. والوسق: ستُّون صاعَاً.

عن خُوَيلةَ بنتِ مالك بنِ ثعلبة، قالت: ظَاهَرَ مِني زوجي أوْس بنُ الصَامِت، فجئتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أشكو إليه، ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يجَادِلُني فيه، ويقول: "اتقي الله، فإنه ابنُ عَمكِ" فما بَرِحتُ حتى نزل القرآن {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1] إلى الفرض، فقال: "يُعتِقُ رقَبةً" قالت: لا يَجِدُ، قال: "فَيَصُومُ شَهْرَيْنِ متتابعين" قالت: يا رسولَ الله، إنه شيخ كبير ما بِهِ مِن صيامٍ، قال: "فَليُطْعِمْ سِتينَ مسكِيناً" قالت: ما عِندهُ مِن شيءٍ يتصدَّقُ به، قالت: فأُتِيَ ساعتئذٍ بعَرَقٍ مِنْ تمرٍ، قلتُ: يا رسولَ الله، فإني أُعينُه بعرَقٍ آخر، قال: "قد أحسنتِ، اذهبي فأطْعِمِي بها عنه ستينَ مسكيناً، وارجعي إلى ابنِ عمك" قال: والعَرَقُ سِتون صاعاً (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره دون قوله: والعَرَق ستون صاعاً، وهذا إسناد ضعيف لجهالة معمر بن عبد الله بن حَنظلة، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد وابن حبان، ومع ذلك فقد حسَّن إسنادَه الحافظ في "الفتح" 9/ 433، وجَوَّده ابنُ التُّركماني في "الجوهر النقي " 7/ 391! ابن إدريس: هو عبد الله الأودي. وأخرجه أحمد في "مسنده" (27319)، ومن طريقه ابن الأثير في ترجمة خولة بنت ثعلبة من "أُسد الغابة" 7/ 91 - 92، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (4279)، والطبرى في "تفسيره" 28/ 5، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 391 - 392، وابن عبد البر في "الاستيعاب" 4/ 292 من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. ولم يذكر أحد منهم في آخر الحديث قوله: والعرق ستون صاعاً. وأخرجه الطبراني 24/ (634)، والبيهقي 7/ 392 من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن يزيد بن يزيد، عن خولة بنت الصامت ... فذكر نحوه. قال الطبراني: هكذا قال: خولة بنت الصامت، وهي خولة بنت ثعلبة امرأة أوس بن الصامت. قلنا: ويزيد بن يزيد قال الذهبي في "الميزان" 4/ 426 و 442: قال البخاري: في صحته نظر. =

قال أبو داود في هذا: إنها كَفَّرت عنه من غير أن تستأمِرَه. 2215 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا عبدُ العزيز بن يحيي، حدَّثنا محمد ابن سلمة عن ابن إسحاقَ، بهذا الإسناد نحوه، إلا أنه قال: والعَرَق: مِكتَلٌ يَسَعُ ثلاثين صاعاً (¬1). ¬

_ = وانظر ما سيأتي بالأرقام (2215 - 2218). قلنا: وهذه المجادلة هي خولة بنت ثعلبة، كما نسبها أبو عبيدة المسعودي، وسمّى زوجَها أوسَ بنَ الصامت. قال الحافظ في "الفتح" 13/ 374: وهذا أصحُّ ما ورد في قصة المجادلة وتسميتها. وفي الباب عن ابن عباس سيأتي برقم (2223). وآخر من حديث عائشة مختصراً سيأتي برقم (2220). وثالث عن أبي العالية مرسلاً عند الطبري 28/ 1 - 2. ورابع عن عطاء بن يسار مرسلاً عند اليهقي 7/ 389 - 390. والصحيح في العَرَق: أنه مكيال يُساوي خمسة عشر صاعاً كما يدل عليه حديث أبي هريرة الصحيح في الذي وقع على امرأته في نهار رمضان عند ابن حبان في "صحيحه" (3526)، والدارقطني في "سننه" (2303) - وصحح إسناده -، والبيهقي 4/ 224، حيث قال فيه: فَأُتي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بعَرَقٍ فيه خمسة عشرَ صاعاً من تمرٍ، وكما في حديث سلمة بن صخر الأنصاري عند الترمذي (1239)، وكما بيَّنه أبو سلمة ابن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وعطاء بن أبي رباح في رواياتهم الآتية عند المصنف بالأرقام (2216) و (2217) و (2218). قال الأخفش: سمي المكتل عرقاً، لأنه يضفر عرقة عرقة، والعرقة: الصغيرة من الخوص. (¬1) صحيح لغيره كسابقه دون قوله: والعَرَق: ثلاثون صاعاً. محمد بن سلمة: هو الباهلي الحراني. =

قال أبو داود: وهذا أصحُّ مِن حديث يحيى بنِ آدم. 2216 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا يحيي عن أبي سلمةَ بنِ عبدِ الرحمن، قال: يعني بالعَرَق زَبيلاً يأخذُ خمسة عشرَ صاعاً (¬1). 2217 - حدَثنا ابنُ السرح، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني ابنُ لهِيعَةَ وعمرُو بنُ الحارثِ، عن بُكيرِ ابنِ الأشجِّ، عن سليمانَ بنِ يسارٍ، بهذا الخبر قال: فأتيَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بِتَمْرٍ، فأعطاه إياه وهو قريبٌ مِن خمسة عشر صاعاً، قال: "تَصَدَّقْ بهذا" قال: فقال: يا رسولَ الله، على أفقرَ مني ومِن أهلي؟ فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "كُلْهُ أنتَ وأهْلُكَ" (¬2). 2218 - قرأتُ على محمد بنِ وزير المصري: حدَّثكم بِشْرُ بنُ بكر، حدَّثنا الأوزاعيُّ، حدَّثنا عطاءٌ ¬

_ = وأخرجه ابن الجارود في "المنتقي" (746)، والطبراني في "الكبير" (616) و 24/ (633)، والبيهقي في "الكبرى" 389/ 7 و 392، والمزي في ترجمة معمر بن عبد الله من "تهذيب الكمال" 28/ 312 من طرق عن محمد بن سلمة، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬1) صحيح عن أبي سلمة. أبان: هو ابن يزيد العطار، ويحيى: هو ابن أبي كثير. وانظر سابقيه، وتالييه. (¬2) رجاله ثقات لكنه مرسل. وانظر كلامنا على الحديث (2213). ابن السرح: هو أحمد بن عمرو الأموي، وابن وهب: هو عبد الله القرشي، وابن لهيعة: هو عبد الله الحضرمي، وعمرو بن الحارث: هو الأنصاري، وبكير الأشَجّ: هو بُكَير بن عبد الله ابن الأشجّ. وأخرجه البيهقي 7/ 391 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (745) من طريق ابن وهب. به.

عن أوسِ أخي عُبادة بنِ الصامِت: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أعطاه خمسةَ عَشَرَ صاعاً مِن شعيرٍ إطعام ستينَ مِسكيناً (¬1). قال أبو داود: وعطاءٌ لم يُدرك أوساً، وهو مِن أهل بدرٍ قديمُ الموت، والحديثُ مرسل، وإنما رووهُ، عن الأوزاعيِّ، عن عطاء، أن أوساً. 2219 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ عن هشام بنِ عُروة: أن جميلةَ كانت تحتَ أوسِ بنِ الصامِت، وكان رجلاً به لمَمٌ، فكانَ إذا اشتدَّ لمَمُه ظاهر مِن امرأته، فأنزلَ الله عزَ وجلَّ فيه كفارةَ الظِّهار (¬2). 2220 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبد الله، حدَّثنا محمدُ بنُ الفضل، حدَّثنا حمادُ ابنُ سلمة، عن هشام بنِ عروة، عن عُروة، عن عائشة رضي الله عنها مثله (¬3). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات إلا أنه مرسل كما ذكره المصنف بإثره. الأوزاعي: هو عبد الرحمن ابن عمرو، وعطاء: هو ابن أبي رباح القرشي. وأخرجه البيهقي 7/ 392 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف بالأرقام (2213 - 2217). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات وهو وإن كان مرسلاً قد وصله المصنف في الرواية الآتية بعده. حمّاد: هو ابن سلمة البصري. قال الخطابي: معنى "اللمم" هاهنا: الإلمام بالنساء وشدة الحرص والتوقان إليهن يدل على ذلك قوله في هذا الحديث من الرواية الأولى: كنت امرأَ أصيب من النساء ما لا يصيب غيري، وليس معنى اللمم ها هنا هذا الخبل والجنون، ولو كان به ذلك، ثم ظاهر في تلك الحالة لم يكن يلزمه شيء من كفارة ولا غيرها. والله أعلم. (¬3) إسناده صحيح. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/ 481، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 382 من طريق محمد بن الفضل، والطبري 6/ 28 من طريق أسد بن موسى، كلاهما عن حماد ابن سلمة بهذا الإسناد. وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

2221 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيلَ الطالقانيُّ، حدَّثنا سفيانُ، حدَّثنا الحكم ابنُ أبان عن عِكرمةَ: أن رجلاً ظاهر مِن امرأته، ثم واقعها قبل أن يُكفِّرَ، فأتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فأخبره، فقال: "ما حَمَلَكَ على ما صَنَعْتَ؟ " قال: رأيتُ بياضَ سَاقِهَا في القَمَرِ، قال "فاعتزِلها حتى تُكفِّر عنك" (¬1). 2222 - حدَّثنا الزعفرانيُّ، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينة، عن الحكم بنِ أبان عن عِكْرِمَةَ: أن رجلاً ظاهرَ مِن امرأته، فرأى بَرِيقَ ساقِها في القَمَرِ، فوقع عليها، فأتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فأمره أن يُكَفِّرَ (¬2). 2223 - حدَّثنا زيادُ بنُ أيوبَ، حدَّثنا إسماعيلُ، حدَّثنا الحَكَمُ بنُ أبان، عن عِكرِمَةَ عن ابنِ عباس، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، نحوه، لم يذكر السَّاقَ (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل، وقد وصله المصنف برقم (2223) و (2225 م). سفيان: هو ابن عيينة. وصوَّب النسائي في "المجتبى" بإثر الحديث (3459) المرسل، وكذا أبو حاتم في "العلل" لابنه 1/ 430 ونقل الحافظ في "التلخيص" 3/ 222 عن ابن حزم قوله: ورواته ثقات، ولا يضره إرسال من أرسله. قلنا: وقد صحح الترمذي الحديث (1238)، وأيده المنذري في "مختصره" فيحا نقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 246، فقال: رجاله ثقات مشهور سماع بعضهم من بعض. وانظر ما سيأتي بالأرقام (2222 - 2225). (¬2) حديث صحيح، وانظر ما قبله. الزعفراني: هو الحسن بن محمد بن الصبَّاح. تنبيه: هذا الطريق ليس في الأصول الخطية التي بين أيدينا، وأثبتناه من "تحفة الاشراف" 5/ 122، ومن النسخه التي شرح عليها العظيم آبادي، وذكر العظيم آبادي أنه موجود في بعض النسخ دون غيرها. (¬3) إسناده صحيح، وقد اختلف في وصله وإرساله كما سلف بيانه برقم (2221)، وقد روي موصولاً أيضاً من طريق معمر، عند الحكم كما سيأتي عند المصنف (2225 م).=

2224 - حدَّثنا أبو كامل، أنَّ عبدَ العزيزِ بن المختارِ حدثهم، حدَّثنا خالدٌ، حدثني مُحدِّثٌ عن عِكرمة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، بنحو حديثِ سفيان (¬1). 2225 - قال أبو داود: وسمعتُ محمدَ بن عيسى يُحَدِّثُ به، حدَّثنا المُعتَمِرُ. قال: سمعتُ الحكم بنَ أبان بهذا الحديثِ، ولم يذكر ابن عباس (¬2). 2225 م - كتَبَ اليَّ الحسينُ بن حُريثٍ، أخبرنا الفضلُ بنُ موسى، عن معمر، عن الحكمِ بنِ أبان، عن عِكرِمَةَ، عن ابنِ عباس، بمعناه، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - (¬3). ¬

_ = تنبيه: هذا الحديث جاء في (أ) و (ب) و (هـ) عن عكرمة مرسلاً، ووضع في (أ) و (ب) علامة التضبيب بعد عكرمة، دلالة على استغرابه، وجاء على الصواب في (ج) و"تحفة الأشراف" 5/ 122 - 123. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، والرجل المبهم فيه هو الحكم بن أبان كما جاء بيانه في سائر روايات الحديث. وانظر ما سلف برقم (2221). أبو كامل: هو فُضيل بن حسين الجَحدري، وخالد: هو ابن مِهران الحذّاء. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد على ثقة رجاله مرسل. المعتمر: هو ابن سليمان التيمي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5624) من طريق المعتمر، بهذا الإسناد. وقد رُوي مَوصولاً، كما سيأتي بعده، وكما سلف برقم (2223). (¬3) إسناده صحيح، وقد اختلف في وصله وإرساله عن الحكم بن أبان كما بيناه برقم (2221)، وقد روي موصولاً أيضاً من طريق إسماعيل ابن عُلية كما سلف عند المصنف (2223). واختلف في وصله وإرساله عن معمر - وهو ابن راشد الأزدي - أيضاً كما سيأتي بيانه. =

18 - باب في الخلع

18 - باب في الخلع 2226 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب، حدَّثنا حماد، عن أيوبَ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي أسماءَ عن ثوبانَ قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أيما امرأةٍ سألتْ زوجَها طلاقاً في غيرِ ما بأسٍ، فحرامٌ عليها رائحةُ الجنةِ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2065) من طريق محمد بن جعفر، والترمذي (1238)، والنسائي في "الكبرى" (5622) من طريق الفضل بن موسى، كلاهما عن معمر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (11525)، ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" (5623) عن معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، مرسلاً. (¬1) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن زيد الأزدي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة كيسان السَّختياني، وأبو قِلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي وأبو أسماء: هو عمرو بن مرثد الرَّحَبي. وأخرجه ابن ماجه (2055) من طريق محمد بن الفضل، عن حمّاد بن زيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22440)، و"صحيح ابن حبان" (4184). وأخرجه الترمذي (1224) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن أيوب، عن أبي قِلابة، عمَّن حدثه، عن ثوبان. وقال: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (22379) عن إسماعيل ابن علية، عن أبي قلابة، عمن حدثه، عن ثوبان. قلنا: وهذا المبهم مبين في رواية المصنف وأحمد وابن ماجه، وهو أبو أسماء الرَّحَبي. وقوله: "من غير ما بأس". قال المناوي في "فيض القدير": البأس: الشدة، أي في غير حالة شدة تدعوها وتلجئها إلى المفارقة كأن تخاف ألا تقيم حدود الله فيما يجب عليها من حسن الصحبة، وجميل العشرة، لكراهتها له، أو بأن يضارها لتختلع منه. وقال ابن حجر: الأخبار الواردة في ترهيب المرأة من طلب طلاق زوجها محمولة على ما إذا لم يكن سبب يقتضي ذلك كحديث ثوبان هذا.

2227 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن يحيى بنِ سعيد، عن عَمرَةَ بنتِ عبدِ الرحمن بنِ سعد بنِ زُرارة، أنها أخبرتْه عن حَبيبةَ بنتِ سهلٍ الأنصارية: أنها كانت تحتَ ثابتِ بنِ قَيْسِ بنِ الشمَّاس، وأن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خَرَجَ إلى الصبحِ، فَوَجَدَ حبيبةَ بنتَ سهل عندَ بابه في الغَلَسِ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ هذه؟ " فقالت: أنا حبيبةُ بنتُ سهلٍ، قال: "ما شأنُك؟ " قالت: لا أنا ولا ثابتُ بنُ قيس - لزوجها - فلما جاء ثابتُ بنُ قيس قال له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "هذه حبيبةُ بنتُ سهل" وذكرت ما شاء الله أن تَذكُرَ، وقالت حبيبةُ: يا رسولَ اللهِ، كُلُّ ما أعطاني عندي، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لثابتِ بنِ قيس: "خُذْ مِنْها" فأخذ منها، وجَلَسَتْ في أَهْلِهَا (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبدُ الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس، ويحيي بن سعيد: هو الأنصاري. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 564 ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" (5627). وهو في "مسند أحمد" (27444)، و"صحيح ابن حبان" (4280). قال السندي: قولها: لا أنا ولا ثابت بن قيس، أي: لا أجتمع أنا ولا ثابت. وجلست في أهلها، قيل: فكان ذلك أول خلع في الإسلام. وقد جاء في الرواية التالية ما يبين علة سؤالها الخُلعَ من زوجها من حديث عمرة، عن عائشة فقد جاء فيه: "أنه ضربها فكسر بعضها"، ويؤيده روايةُ الرُّبَيِّع بنت مُعَوّذٍ عندَ النسائي في "الكبرى" (5661)، وفيه: أنه ضرب امرأته فكسرَ يدها. وإسناده حسن. قال في "المغني" 10/ 274: اختلفت الرواية عن أحمد في الخلع، ففي إحدى الروايتين أنه فسخ، وهذا اختيار أبي بكر وقول ابن عباس وطاووس وعكرمة وإسحاق وأبي ثور وأحد قولي الشافعي. والرواية الثانية: أنه طلقة بائنة روي عن ذلك عن سعيد بن المسيب والحسن وعطاء وقبيصة وشريح ومجاهد، وأبي سلمة بن عبد الرحمن والنخعي والشعبي والزهري ومكحول وابن أبي نجيع ومالك والأوزاعي والثوري وأصحاب الرأي.

2228 - حدَّثنا محمدُ بنُ مَعمر، حدَّثنا أبو عامر عبدُ الملك بنِ عمرو، حدَّثنا أبو عمرِو السَّدُوسيُّ المديني، عن عبدِ الله بنِ أبي بكر بنِ محمد بن عَمرو ابنِ حَزم، عن عَمرَةَ عن عائشة: أن حبيبةَ بنتَ سهل كانت عند ثابت بن قيس بن شمَّاس فضربها، فكسر بعضَها، فأتت رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - بعدَ الصُّبْحِ فاشتكته إليه، فدعا النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ثابتاً فقال: "خُذْ بَعْضَ مالِها وفارِقها" فقال: ويَصْلُح ذلك يا رسولَ الله؟ قال "نعم" قال: فإني أصدقتُها حديقَتْينِ وهما بيدها، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "خُذْهما وفَارِقْها" ففعل (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا اسناد حسن من أجل أبر عمرو السَّدُوسي المديني - وهو سعيد بن سلمة بن أبي الحُسام - أبو عامر عبد الملك: هو العَقَدي، وعمرة: هي بنت عبد الرحمن. وأخرجه الطبري في "تفسيره" (4808) من طريق أبي عامر العقدي، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 315 من طريق عبد الله بن رجاء، عن سعيد بن سلمة بن أبي الحسام، به. وله شاهد من حديث حبيبة بنت سهل الأنصارية، سلف قبله. وآخر من حديث سهل بن أبي حثمة عند أحمد في "مسنده" (16095). وهو حسن لغيره. وثالث من حديث ابن عباس عند البخاري (5273) و (5275) و (5276). وقوله: فكسر بعضها، كذا في الأصول الخطية التى عندنا، وفي الطبري: فكسر نغضها، وضبطه الشيخ محمود شاكر رحمه الله: بضم النون وسكون الغين المعجمة، وآخرها ضاد معجمة: العظم الرقيق على طرف الكتف، ثم قال: وهذا هو الصواب في هذا الحرف هنا. وثبت في المطبوعة (أي: مطبوعة الطبري): بعضها، وكذلك في النسخ المطبوعة من سنن أبي داود إلا في نسخة بهامش طبعة الهند ذكرت على الصواب، وهو الصحيح الثابت في مخطوطة الشيخ عابد السندي (التي وصفها أخوه الشيخ أحمد في مقدمة الترمذي 3) واضحة مضبوطة لا تحتمل تصحيفاً. قلنا: وقد ذكر صاحب "بذل المجهود" 10/ 361 أنه في نسخة من نسخ أبي داود التي عنده: نغضها.

2229 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الرحيم البزازُ، حدَّثنا عليُّ بنُ بحرٍ القطان، حدَّثنا هشامُ بنُ يوسف، عن معمرٍ، عن عمرِو بنِ مسلم، عن عِكرمةَ عن ابنِ عباسِ أن امرأةَ ثابتِ بنِ قيس اختلعت منه، فجعل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عِدَّتها حيضةً (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. عمرو بن مسلم - وهو الجَنَدي - ضعيف يُعتبر به. هشام بن يوسف: هو الصنعانى، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي. وأخرجه الترمذي (1222) من طريق علي بن بحر، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن غريب. وله شاهد من حديث الرُّبَيِّع بنت معوذ بن عفراء عند ابن ماجه (2058)، والترمذي (1221)، والنسائى في "الكبرى" (5662). وإسناده صحيح. قال الخطابي: هذا أدل شيء على أن الخلع فسخ، وليس بطلاق، وذلك أن الله تعالى يقول: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] فلو كانت مطلقة لم يقتصرلها على قرء واحد. وقال ابن القيم في "زاد المعاد" 5/ 196 - 197: وفي أمرة - صلَّى الله عليه وسلم - المختلعة أن تعتد بحيضة دليل على حُكمين أحدهما: أنه لا يجب عليها ثلاث حيض، بل تكفيها حيضة واحدة، وهذا كما أنه صريح السنة، فهو مذهب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، والربيع بنت معوذ وعمُّها وهو من كبار الصحابة، لا يعرف لهم مخالف عنهم، ... كما رواه الليث بن سعد، عن نافع مولى ابن عمر، أنه سمع الرُّبيِّع بنت بن عفراء، وهي تخبر عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنها اختلعت من زوجها على عهد عثمان بن عفان، فجاء عمها إلى عثمان بن عفان، فقال له: إن ابنة معوِّذٍ اختلعت من زوجها اليوم أفتنتقل؟ فقال عثمان: لتنتقل ولا ميراث بينهما، ولا عدة عليها إلا أنها لا تنكح حتى تحيض حيضة خشية أن يكون بها حَبَل. فقال عبد الله بن عمر: فعثمان خيرنا وأعلمنا. وذهب إلى هذا المذهب إسحاق بن راهويه، والإمام أحمد في رواية عنه. اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية. قال من نصر هذا القول: هو مقتضى قواعد الشريعة، فإن العدة إنما جعلت ثلاث حيض ليطول زمان الرجعة، فيتروى الزوج ويتمكن من الرجعة في مدة العدة، فإن لم تكن عليها رجعة فالمقصود مجرد براءة رحمها من الحمل، وذلك يكفي فيه حيضة كالاستبراء.

قال أبو داود: وهذا الحديث رواه عبدُ الرزاق، عن معمر، عن عمرو بن مسلم، عن عِكرمَة، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، مرسلاً (¬1). 2230 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن نافع عن ابن عمر، قال: عِدَّةُ المختَلِعةِ حَيضَة (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (11858)، ومن طريقه أخرجه الدارقطني في "سننه" (3632) و (4027)، والحاكم في "المستدرك" 2/ 206، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 455، به مرسلاً. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 114 و 10/ 163 - 164، وأحمد في "العلل" (5643) من طريق أبي الطُّفيل سعيد بن حمد، عن عكرمة به، مرسلاً. وقد سلف قبله موصولاً. (¬2) إسناده صحيح موقوف. لكن اختلفَتْ رواياتُ "سُنن أبي داود" في فتوى ابن عمر، ففى رواية أبي علي اللؤلؤي: عن ابن عمر، قال: عدةُ المُختلعة حَيضة، وفي رواية ابن داسه: عدةُ المختلعة عدةُ المُطَلَّقة. وهذه الرواية الثانية هي المُوافقة لما في "المُوطأ" برواية أبي مصعب الزهري (1614)، ورواية يحيى الليثي 2/ 565. وقد روى عَبدةُ بن سُليمان، عن عُبيد الله بن عُمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: عِدَّة المختلعة حيضة، يعني كرواية أبى علي اللؤلؤي. أخرجه ابن أبي شيبة 5/ 114. فدلّ ذلك على صحة الروايتين عن ابن عمر. وعليه فما قاله الإمام ابن عبد البر في "التمهد" 23/ 377، وشيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 32/ 323 بأن الأصح عن ابن عمر فتواه بأن عِدةَ المختلعةِ عدةُ المُطلقة، ليس بمُسَلَّم لهما لأمرين: أولهما: أن عُبيد الله بن عمر قد رواه عن نافع عند ابن أبي شيبة 5/ 114، فقال فيه: عن ابن عمر: عدة المُختلعة حيضة، وهذه متابعةٌ صحيحة لرواية اللؤلؤي، عن أبي داود، عن القعنبيُّ، عن مالك. =

19 - باب في المملوكة تعتق وهي تحت حر أو عبد

19 - باب في المملوكةِ تعتق وهي تحتَ حُرٍّ أو عَبدٍ 2231 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن خالدٍ الحذَّاء، عن عِكرمةَ عن ابنِ عباس: أن مُغيثاً كان عبداً، فقال: يا رسولَ الله، اشْفَعْ إليها، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا بَريرَةُ اتقي اللهَ، فإنه زَوْجُكِ وأبو ولدكِ" فقالت: يا رسولَ الله، تأمرني بذلك؟ قال: "لا، إنما أنا شَافِعٌ" فكان دُمُوعُهُ تَسِيلُ على خَده، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - للعباسِ: "ألا تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغيثٍ برَيرَة وبُغْضِهَا إيَّاه" (¬1). 2232 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا عفانُ، حدَّثنا همامٌ، عن قتادةَ، عن عِكرِمَة ¬

_ = وثانيهما: أن آخر ما كان يفتي به ابن عمر هو أن عدتها حَيضَة، وعليه فلا تعارض بينهما أصلاً، وقد نصَّ على ذلك يحيى بن سعيد القطان في روايته عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع عند ابن أبي شيبة 5/ 114 حيث قال: عن ابن عمر: إن الرُّبيِّع اختلعت من زوجها، فأتى عمها عثمان، فقال: تعتد بحيضة، وكان ابن عمر يقول: تعتد ثلاث حيض، حتى قال هذا عثمان، فكان يفتي به ويقول: خيرُنا وأعلمُنا. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه البخاري (5283)، وابن ماجه (2075)، والنسائي في "الكبرى" (5937) من طريق خالد الحذاء، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً البخاري (5281) من طريق أيوب السختياني، عن عكر مة، به. وهو في "مسند أحمد" (1844)، و"صحيح ابن حبان" (4270) و (4273). وانظر ما بعده.

عن ابنِ عباسٍ: أن زَوْجَ بريرةَ كان عَبْداً أسود يُسمى مُغيثاً، فخيَّرَهَا - يعني النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وأمرها أن تَعتَدَّ (¬1). 2233 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جرير، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه: عن عائشة في قصَّة بريرة، قالت: كان زوجها عبداً فخيرها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فاختارتْ نفسها، ولو كان حُرّاً لم يُخيَّرهَا (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عفان: هو ابن مسلم الصَّفَّار، وهمّام: هو ابن يحيى العَوذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه البخاري (5280) و (5282)، والترمذي (1190) من طريقين عن عكرمة، به. دون ذكر العدة. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، ولم يذكر البخاري في روايته التخيير. وهو في "مسند أحمد" (2542) و (3405) بذكر العدة والتخيير. وانظر ما قبله. وأخرج ابنُ ماجه (2077) من طريق الأسود، عن عائشة، قالت: أُمِرت بريرةُ أن تعتدَّ بثلاث حِيَض. وإسناده صحيح. (¬2) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي. وأخرجه مسلم (1504) (9)، والترمذي (1188)، والنسائي في "الكبرى" (4996) و (5615) من طرق عن جرير، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه مسلم (1504) (13)، والنسائي في "الكبرى" (4998) و (5616) من طريق يزيد بن رومان، عن عروة، به. دون ذكر التخيير. وهو في "مسند أحمد" (25367)، و "صحيح ابن حبان" (4272). وانظر ما سيأتي بالأرقام (2234 - 2236). وقوله: ولو كان حراً لم يخيرها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، هو من قول عروة، بيَّن ذلك روايةُ النسائي.

20 - باب من قال: كان حرا

2234 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا حسينُ بنُ علي والوليدُ بن عقبة، عن زائدةَ، عن سِماكٍ، عن عبد الرحمن بنِ القاسم، عن أبيهِ عن عائشة أن بريرة خيَّرهَا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - , وكان زوجُها عبداً (¬1). 20 - باب من قال: كان حراً 2235 - حدَّثنا ابنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ، عن الأسودِ عن عائشة: أن زوجَ بريرةَ كان حُرّاً حين أُعْتِقَتْ، وأنها خُيِّرَتْ، فقالت: ما أُحبُّ أن أكونَ مَعَه وإنَّ لي كذا وكذا (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. سماك - وهو ابن حَرب الذُّهلي - صدوق. الحسين بن علي: هو الجُعفي، والوليد بن عقبة: هو ابن المغيرة الشيباني، وزائدة: هو ابن قدامة الثقفي. وأخرجه مسلم (1504)، والنسائي (5618) من طريق حسين بن علي وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2578) و (5097) و (5279)، ومسلم (1504) (10 - 12) و (14)، وابن ماجه (2076)، والنسائى في "الكبرى" (5611) و (5612) و (5619) و (6194) من طرق عن القاسم، به. لم يذكر أحد منهم أنه كان عبداً سوى ابن ماجه فإنه قال: وكان زوجها مملوكاً. ورواية النسائى (5619): وكان زوجها عبداً، ثم قال بعد ذلك: ما أدري ما أدري، ورواية البخاري الأولى ومسلم (1504) (12) أن شعبة قال: سألت عبد الرحمن عن زوجها، قال: لا أدري أحر أم عبد. وهو في "مسند أحمد" (24187) و (24839)، و"صحيح ابن حبان" (4261) و (5115) و (5116). ورواية أحمد الأولى كرواية المصنف. ولم يذكر هو في الموضع الثاني ولا ابن حبان أن زوج بريرة كان عبداً، بل جاء عند ابن حبان في الموضع الثاني أن عبد الرحمن بن القاسم قال: وكان زوجها حراً. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح، دون قوله: "أن زوج بريرة كان حُرّاً" فإنه مُدرج من قول الأسود - وهو ابن يزيد النخعي - كما جاء موضحاً في رواية البخاري (6754) وقال عَقِبَهُ: =

21 - باب حتى متى يكون لها الخيار

21 - باب حتى متى يكونُ لها الخيار 2236 - حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ يحيى الحراني، حدثني محمد - يعني ابنَ سلمةَ - عن محمد بن إسحاقَ، عن أبي جعفرٍ. وعن أبانَ بنِ صالح، عن مجاهد. وعن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة: أن بريرة أُعتِقَتْ وهي عندَ مغيثٍ - عبدٍ لآل أبي أحمد - فخيَّرها رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - وقال لها: "إن قَرِبَكِ فلا خيَارَ لك" (¬1). ¬

_ = قول الأسود منقطِعٌ، وقول ابن عباس: رأيته عبداً أصح، قلنا: يعني حديث ابن عباس الذي أخرجه برقم (5280). وهو عند المصنف برقم (2231) و (2232)، لكنه صح من رواية هشام بن عروة وغيره، عن أبيه، عن عائشة عند المصنف برقم (2233).ابن كثير: هو محمد العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه البخاري (2536) وبإثر (5284) و (6754) و (6758)، والنسائي في "الكبرى" (5613) و (6193) من طريقين عن منصور، بهذا الإسناد. وروايات البخاري خلا الرواية الثالثة دون ذكر صفة زوج بريرة. وأخرجه ابن ماجه (2074)، والتر مذي (1189)، والنسائي في "الكبرى" (2407) من طريقين عن إبراهيم، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (24150)، و"صحيح ابن حبان" (4271). قلنا: وقوله: إن زوج بريرة كان حراً، قال الحافظ في "الفتح" 9/ 411: مدرج من قول الأسود، أدرج في أول الخبر وهو نادر، فإن الأكثر أن يكون في آخره، ودونه أن يقع في وسطه، وعلى تقدير أن يكون موصولاً فترجح رواية من قال: كان عبداً، بالكثرة. قلنا: وقد بسط ذلك الحافظ 9/ 410 - 411 فانظره لزاماً. وانظر سابقيه. (¬1) صحيح لغيره، وهذا الحديث لمحمد بن إسحاق فيه ثلاثة أسانيد اثنان مرسلان وهما طريق أبي جعفر - وهو محمد بن علي بن الحُسين بن علي بن أبي طالب - وطريق مجاهد - وهو ابن جَبر المكي - وطريق ثالث موصول، وهو طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، ومحمد بن إسحاق مُدلِّس ولم يصرح بالتحديث. وقد تابعه =

22 - باب في المملوكين يعتقان معا، هل تخير امرأته؟

22 - باب في المملوكين يُعتقان معاً، هل تخيَّر امرأته؟ 2237 - حدَّثنا زهيرُ بنُ حرب ونصرُ بنُ علي، قال زهير: حدَّثنا عُبيد الله ابنُ عبد المجيد، حدَّثنا عُبيد الله بن عبدِ الرحمن بنِ موهب، عن القاسم ¬

_ = شعيب بن إسحاق، لكن في الإسناد إليه رجل متروك. وقد روي عن عائشة من طريق آخر حسن كما سيأتي، وله ما يشهد له. وأخرجه الدارقطني في "السنن" (3775)، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 225 من طريق محمد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني (3775)، والبيهقي 7/ 225 من طريق أحمد بن علي الخزَّاز، عن محمد بن إبراهيم الشامي، عن شعيب بن إسحاق، عن هشام بن عروة، به. ولفظه: "إن وطئك فلا خيار لك". ومحمد بن إبراهيم الشامي، قال ابن عدي في "الكامل": منكر الحديث، وعامة أحاديثه غير محفوظة، واتهمه الدارقطني بالكذب. وأخرج الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4384) من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة: أن بريرة كانت تحت عبد مملوك، فلما عتقت، قال لها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أنت أملَكُ بنفسك إن شئتِ أقمتِ مع زوجك، وإن شئت فارقتيه ما لم يَمَسَّك" وإسناده حسن. ويشهد له حديث الفضل بن الحسن بن عمرو بن أمية الضَّمري، قال: سمعتُ رجالاً من أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يتحدثون أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا أعتقت الأمة وهي تحت العبد فأمرها بيدها، فإن هي أقرّت حتى يطأها، فهي امرأته لا تستطيع فراقه". أخرجه أحمد (16620)، والطحاوي (4382). وإسناده حسن. وأخرج مالك في "الموطأ" 2/ 562، وابن أبي شيبة 4/ 212 من طريق نافع عن ابن عمر: أنه كان يقول في الأمة تكون تحت العبد فتُعتق: إن الأمة لها الخيار ما لم يمَسها، وإسناده صحيح موقوف. وأخرج مالك أيضاً 2/ 563، وسعيد بن نصور (1250) عن حفصة أنها قالت لأمة يقال لها: زبراء، كانت تحت عبد، فعتقت، فقالت لها: إني مخبرتك خبراً، ولا أحب أن تصنعي شيئاً، إن أمرك بيدك ما لم يمسَّك زوجك، فإن مسَّكِ فليس لك من الأمر شيء ... وقد صحح إسناده الحافظ في "فتح الباري" 9/ 413. قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (25730): لا أعلم مخالفاً لعبد الله وحفصة ابني عمر بن الخطاب في أن الخيار لها ما لم يمسَّها زوجها.

23 - باب إذا أسلم أحد الزوجين

عن عائشة: أنها أرادت أن تَعْتِقَ مملوكَيْن لها، زوج، قال: فسألت النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فأمرها أن تبدأ بالرجُلِ قبل المرأة. قال نصر: أخبرني ابو علي الحنفيُّ، عن عُبيدِ الله (¬1). 23 - باب إذا أسلم أحدُ الزوجين 2238 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا وكيعٌ، عن إسرائيلَ، عن سماكٍ، عن عِكرمةَ عن ابنِ عباس: أن رجلاً جاء مُسلِماً على عهدِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ثم جاءت امرأتُه مسلمةً بعدَه، فقال: يا رسول الله، إنها قد كانت أسلَمَتْ معي، فرَدَّها عليهِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، لضعف عُبيد الله بن عَبد الرحمن بن عَبد الله بن مَوهب. القاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق. وأخرجه ابن ماجه (2532)، والنسائي في "الكبرى" (4915) و (5610) من طريقين، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن مَوهب، به. وهو في"صحيح ابن حبان" (4311). وقوله: زوج، أي: هما زوج، أي: رجل وامرأته. (¬2) صحيح لغيره، سماك في روايته عن عكرمة اضطراب، وباقي رجاله ثقات، وله شاهد من حديث ابن عباس وغيره. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وإسرائيل: هو ابن يونس السبيعي. وأخرجه الترمذي (1176) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وقال: حديث صحيح. وهو في "مسند أحمد" (2059)، و "صحيح ابن حبان" (4159). وصححه أيضاً ابن الجارود (757)، والحاكم 2/ 200، وسكت عنه الذهبى. وانظر ما بعده. وفي الباب عن ابن عباس عند المصنف برقم (2240) قال: ردَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ابنته زينب على أبي العاص بالنكاح الأول، ولم يُحدِث شيئاً. وإسناده حسن. =

24 - باب إلى متى ترد عليه امرأته إذا أسلم بعدها؟

2239 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، أخبرني أبو أحمد، عن إسرائيلَ، عن سماكٍ، عن عِكرِمَةَ عن ابنِ عباس، قال: أسلَمَتِ امرأةٌ على عَهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فتزوَّجَتْ، فجاء زوجُها الى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسولَ الله، إني قد كُنْتُ أسلَمتُ وعَلِمَت بإسلامي، فانتزعَها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - منْ زَوْجِهَا الآخرِ، ورَدَّها إلى زوجها الأول (¬1). 24 - باب إلى متى تُردُّ عليه امرأته إذا أسلم بعدها؟ 2240 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ سلمة (ح) وحدثنا محمدُ بنُ عَمرو الرازيُّ، حدَّثنا سلمةُ - يعني ابنَ الفَضلِ - (ح) وحَدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا يزيد -المعنى- كلهم عن ابنِ إسحاقَ، عن داود بنِ الحصين، عن عكرمةَ عن ابن عباس، قال: ردَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ابنته زينبَ على أبي العاصِ بالنكاحِ الأول، لم يُحدثْ شيئاً، قال محمدُ بنُ عمرو في حديثهِ: بعد ستِّ سنين، وقال الحسنُ بنُ علي: بعدَ سنتين (¬2). ¬

_ = ومراسيل صحيحة عن عامر الشعبي وقتادة وعكرمة بن خالد عند ابن سعد في "الطبقات" 8/ 32، وعبد الرزاق في "مصنفه" (12647)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 149. (¬1) صحيح لغيره كسابقه. أبو أحمد: هو محمد بن عبد الله الزبيري. وأخرجه ابن ماجه (2008) من طريق حفص بن جُمَيع، عن سماك، به. وهو في "مسند أحمد" (2972). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده حسن. ابن إسحاق -وهو محمد المطلبي- صرح بالتحديث عند أحمد (2366)، والترمذى (1175) فانتفت شبهة تدليسه، وقال الترمذي في "جامعه" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = بإثر إخراج حديث ابن عباس السالف برقم (2238) و (2239): سمعت يزيد بن هارون يذكر عن محمد بن إسحاق هذا الحديث وحديث الحجاج عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ردَّ ابنته زينب على أبي العاص بمهر جديد ونكاح جديد. قال يزيد بن هارون: حديث ابن عباس (يعني هذا الحديث) أجودُ إسناداً. قلنا: وصححه كذلك الإمام أحمد في "مسنده" عقب إخراجه حديث عمرو بن شعيب (6938). ونقل الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 452 عن البخاري قوله: حديث ابن عباس أصحُّ في هذا الباب من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. يزيد: هو ابن هارون السلمي. وأخرجه ابن ماجه (2009)، والترمذي (1175) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وقال الترمذى: هذا حديث ليس بإسناده بأس. ورواية ابن ماجه بذكر سنتين، أما الترمذي: بعد ست سنين. وهو في "مسند أحمد" (1876) و (2366). وله شاهد صحيح من مرسل قتادة بن دعامة عند ابن سعد 8/ 32. ولفظه: أن زينب بنت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كانت تحت أبي العاص بن الربيع، فهاجرت مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ثم أسلم زوجها فهاجر إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فردها عليه. قال قتادة: ثم أنزلت سورة براءة بعد ذلك، فإذا أسلمتِ المرأةُ قبل زوجها، فلا سبيل له عليها إلا بخطبة، وإسلامها تطليقة بائنة. ونقل ابن عبد البر في "الاستذكار" 16/ 327 عن قتادة قوله: كان هذا قبل أن تنزل سورة براءة بقطع العهود بين المسلمين والمشركين. وقال الزهرى: كان هذا قبل أن تنزل الفرائض. وشاهد آخر من مرسل الشعبي، وهو صحيح، عند عبد الرزاق (12640)، وسعيد بن منصور (2107)، وابن سعد 8/ 32، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 256 أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ردَّ ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع حيث أسلم بعد إسلام زينب، فردها بالنكاح الأول. وثالث من مرسل عمرو بن دينار، وهو صحيح أيضاً، عند عبد الرزاق (12643)، وسعيد بن منصور (2108) ولفظه: أن زينب بنت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كانت تحت أبي العاص ابن الربيع فأسلمت قبله وأسر، فجيء به أسيراً في قِدّ، فأسلم فكانا على نكاحهما.=

25 - باب في من أسلم وعنده نساء أكثر من أربع أو أختان

25 - باب في من أسلَم وعنده نساء أكثر مِن أربع أو أُختان 2241 - حدَّثنا مُسَدَدٌ، حدَثنا هُشيم (ح) وحدَثنا وهبُ بنُ بقية، أخبرنا هُشَيم، عن ابنِ أبي ليلى، عن حُميضَة بن الشَّمَرْدَل عن الحارث بنِ قيسٍ - قال مُسَدد: ابنِ عُميرة، وقال وهبٌ: الأسدي - قال: أسلمتُ وعندي ثمانُ نسوةٍ، فذكرتُ ذلك للنبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "اختر منهنَّ أربعاً" (¬1). ¬

_ = ورابع من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص في "مسند أحمد" (6938) أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ردّ ابنته إلى أبي العاص بمهر جديد، ونكاح جديد. وإسناده ضعيف. وانظر حديث الزهري في قصة صفوان بن أمية مع امرأته بعدما أسلم عند مالك في "الموطأ" 2/ 543. وانظر حكم المسألة في "معالم السنن" 3/ 259 - 260، و"المغني" 10/ 10 - 11، و"نصب الراية" 3/ 209 - 212. (¬1) حديث حسن. ابن أبي ليلى -وهو محمد بن عبد الرحمن، وإن كان سيئ الحفظ - قد توبع، وكذا حُميضة بن الشمَردل - بالدال المهملة، وبعضهم ضبطها بالذال المعجمة، وقال الأكثرون: ابن الشَمَرْدل، لكن جاء في رواية ابن ماجه: بنت الشَمَرْدل، والصحيح أنه رجل لا امرأة - متابع. وقد حسّن الحافظ ابنُ كثير إسناد هذا الحديث في "تفسيره" 2/ 184، وقد وقع في اسم صحابيه خلاف فبعضهم يسميه: قيس بن الحارث، وبعضهم يسميه: الحارث بن قيس. وصوب أحمد بن إبراهيم الأول نقله المصنف عنه. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرهَد الأسَدِيُّ، هشيم: هو ابن بشير السُّلمي. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (1863)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 255، والعقيلي في "الضعفاء" 1/ 299، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 175، والطبرانى في "المعجم الكبير" 18/ (922)، والدارقطني في "سننه" (3690)،=

2241 م - وحدَّثنا بهِ أحمدُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا هُشَيم، بهذا الحديثِ، فقال: قيسُ بنُ الحارث، مكان الحارث بنِ قيس، قال أحمد بن إبراهيم: هذا الصواب، يعني قيسَ بن الحارث (¬1). ¬

_ = والبيهقي في "الكبرى" 7/ 149 و 183، وابن عبد البر في "التمهيد" 56/ 12 من طرق عن هُشَيم، بهذا الإسناد. وانظر تالييه. قال ابن عبد البر: الأحاديث المروية في هذا الباب كُلُّها معلولة، وليست أسانيدها بالقوية، ولكنها لم يُرو شيء يُخالفها عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، والأصول تعضدها، والقولُ بها، والمصير إليها أولى، وبالله التوفيق. (¬1) حديث حسن كسابقه. وأخرجه ابن ماجه (1952)، وأبو يعلى في "مسنده" (6872)، والبيهقي 7/ 183، وابن عبد البر في "التمهيد" 12/ 56 من طريق أحمد بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (1865)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2737)، وأبو يعلى في "مسنده" (6874)، والطبراني في"الكبير" 18/ (923)، والدارقطني في "سننه" (3690)، وابن عبد البر في "التمهيد" 12/ 57 من طريق محمد بن السائب الكلبي، عن حميضة بن الشمردل، عن قيس بن الحارث -وعند بعضهم: الحارث بن قيس- والكلبي متروك. وأخرجه عبد الرزاق (12624) عن معمر، عن الكلبي، عن رجل، عن قيس بن الحارث. وأخرجه ابن قانع 1/ 175 من طريق هشيم، عن الكلبي، عن أبي صالح باذام، عن ابن عباس، عن الحارث بن قيس. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 262، وابن قانع 1/ 175 من طريق أبي عوانة، عن مغيرة بن مقسم الضبي، عن قيس بن عبد الله بن الحارث -وعند ابن قانع: الربيع بن الحارث بن قيس- قال: أسلم جدي ... فذكره بنحوه. وأخرجه سعيد بن منصور (1864)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 255، وابن قانع 1/ 175، والدارقطني (3692) و (3693) من طريق هُشَيم بن بشير،=

2242 - حدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا بكْرُ بنُ عبدِ الرحمن قاضي الكُوفة، عن عيسى بنِ المختار، عن ابنِ أبي ليلى، عن حُمَيضَةَ بنِ الشَّمردلِ، عن قيس ابنِ الحارث، بمعناه (¬1). 2243 - حدَّثنا يحيي بنُ معين، حدَّثنا وهبُ بنُ جرير، عن أبيه، سمعتُ يحيي بنَ أيوب يحدث، عن يزيد بنِ أبي حبيب، عن أبي وهب الجَيْشاني، عن الضحاك بنِ فيروز عن أبيه، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، إني أسلمتُ وتحتي أُختَانِ، قال: "طلِّق أيتَهما شِئثَ" (¬2). ¬

_ = أخبرنا مغيرة بن مقسم الضبي، عن بعض ولد الحارث بن قيس -وقال بعضهم: عن رجل من ولد الحارث، وسماه بعضهم: الربيع بن قيس-: أن الحارث أسلم ... فذكره بنحوه. وأخرجه أبو يعلى (6873) من طريق عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، قال: قدم وفد بني تميم على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فيهم قيس بن الحارث، ورجاله ثقات، لكنه معضل. وانظر ما قبله وما بعده. (¬1) حديث حسن كسابقيه. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 60، وابن أبي شيبه في "مصنفه" 4/ 318، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1054)، وابن عبد البر في "التمهيد" 12/ 56 و 58، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 183 من طريق بكر بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (4059)، وأبو بكر الإسماعيلي في "معجمه" 1/ 446 من طريق المختار بن فلفل، عن ابن أبي ليلى، به. وانظر سابقيه. (¬2) إسناده حسن. الضحاك بن فيروز -وهو الديلمي- روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وكذلك أبو وهْب الجَيشاني -وهو ديلم بن هوشع-. وأخرجه الترمذي (1160) من طريق وهب بن جرير، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن.=

26 - باب إذا أسلم أحد الأبوين مع من يكون الولد

26 - باب إذا أسلم أحد الأبوين مع مَن يكون الولد 2244 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، أخبرنا عيسى، حدَّثنا عبدُ الحميدِ ابنُ جعفر، أخبرني أبي عن جدِّي رافعِ بنِ سنان: أنه أسلَمَ، وأبَتِ امرأتُه أن تُسْلِمَ، فأتتِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالت: ابنتي، وهي فَطيمٌ أو شبهه، وقال رَافِعٌ: ابنتِي، فقال له النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "اقعُدْ ناحيةً" وقال لها: "اقعُدِي نَاحِيةً" قال: وأقعَدَ الصبيّةَ بينهما، ثم قال: "ادعُواها" فمالت الصبيةُ إلى أُمها، فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "اللهُمَّ اهدِهَا" فمالتْ إلى أبيها، فأخَذَهَا (¬1). ¬

_ وأخرجه ابن ماجه (1951)، والترمذي (1159) من طريق ابن لهيعة، عن أبي وهب، به. وأخرجه ابن ماجه (1950) من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن أبي وهب الجيشانى، عن أبي خِراش الرُّعيني، عن الديلمي، قال: قدمت على رسول الله، فذكر نحوه. وإسحاق بن عبد الله متروك الحديث. وهو في "مسند أحمد" (18040)، و"صحيح ابن حبان" (4155)، وانظر تتمة كلامنا عليه في "المسند". قلنا: وتحريم الجمع بين الأختين ثابت في القرآن في قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} [النساء: 23]. (¬1) حديث صحيح، رجاله ثقات. عبد الحميد بن جعفر وأبوه ثقتان، لكن قيل: إن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان لم يسمع من جد أبيه رافع بن سنان، لكن جعفراً ثقة، وما رواه كان قد حصل في أهل بيته فهو أدرى به. والله أعلم. عيسى: هو ابن يونس السبيعي. وأخرجه ابن ماجه (2352)، والنسائي في "الكبرى" (5659) و (6352) و (6353) و (6354) من طريقين عن عبد الحميد بن جعفر، بهذا الإسناد. وقد وقع وهمٌ في إسناد ابن ماجه حيث جاء فيه: عبد الحميد بن سلمة، وجاء عنده أيضاً أن جده كان الطفلَ الذي اختلف فيه أبواه.=

27 - باب في اللعان

27 - باب في اللعان 2245 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلَمةَ القعنبيُّ، عن مالك، عن ابنِ شهابٍ أن سهل بنَ سعدٍ الساعديَّ أخبره، أن عُوَيمِرَ بنَ أشقر العجلانيَّ جاء إلى عاصِم بنِ عديٍّ، فقال له: يا عاصِمُ، أرأيتَ رجلاً وجَدَ مع امرأتِه رجلاً أيقتُلُه، فتقْتُلُونَه أمْ كيفَ يَفعَلُ؟ سَلْ لي يا عاصِمُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن ذلك، فسأل عاصِمٌ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فكره رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - المسائِلَ وعَابَها، حتى كَبُرَ على عاصمٍ ما سَمعَ مِن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فلما رَجَعَ عاصِمٌ إلى أهلِه جاءه عُويمرٌ، فقال له: يا عاصِمُ، ماذا قال لك رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ فقال عَاصِمٌ: لم تأتِني بخيرٍ، قد كَرِهَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - المسألة التي سألتُه عنها، فقال عويمرٌ: والله لا أنتَهِي حتى أسأله عنها، فأقبل عُويمرٌ حتى أتى رَسُولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو وَسَطَ الناسِ، فقال: يا رسولَ الله، أرأيتَ رجلاً وجَدَ مع امرأته رجلاً أيقتلُه، فتقتلونَه، أم كيفَ يفعلُ؟ فقال رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم -: "قد أُنزِلَ فيك وفي صاحبتِك قرآنٌ، فاذهبْ فأتِ بها" قال سهل: فتلاعَنا وأنا مَع الناسِ عندَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فلما فرغا قال عويمرٌ: كَذَبْتُ عليها يا رسولَ الله إن أمسكتُها، فطلَّقها عُويمرٌ ثلاثاً قَبْلَ أن يأمُرَهُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال ابنُ شهابٍ: فكانت تِلك سُنةَ المتلاعِنَيْنِ (¬1). ¬

_ وهو في "مسند أحمد" (23756). وانظر تمام كلامنا عليه فيه. قال الخطابي: في هذا بيان أن الولد الصغير إذا كان بين المسلم والكافر، فإن المسلم أحق به، وإلى هذا ذهب الشافعي. وقال أصحاب الرأي في الزوجين يفترقان بالطلاق والزوجة ذميه: إن الأم أحق بأولادها ما لم تتزوج، ولا فرق في ذلك بين الذمية والمسلمة. (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 566 - 567، ومن طريقه أخرجه البخاري (5259) و (5308)، ومسلم (1492)، والنسائي في "الكبرى" (5565). وأخرجه البخاري (7166) و (7304)، ومسلم (1492)، وابن ماجه (2066)، والنسائي في "الكبرى" (5632) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (22851)، و "صحيح ابن حبان" (4284). وانظر ما سيأتي بالأرقام (2246 - 2252). قال الخطابي: قوله: "كره رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - المسائل وعابها" يريد به المسألة عما لا حاجة بالسائل إليها دون ما به إليه حاجة، وذلك أن عاصماً إنما كان يسأل لغيره لا لنفسه، فأظهر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - الكراهة في ذلك إيثاراً لستر العورات وكراهةً لهتك الحرمات. وقد وجدنا المسألة في كتاب الله عز وجل على وجهين: أحدهما: ما كان على وجه التبين والتعلم فيما يلزم الحاجة إليه من أمر الدين. والآخر: ما كان على طريق التكلف والتعنت، فأباح النوع الأول وأمر به وأجاب عنه فقال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] وقال: {فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [يونس: 94] وقال في قصة موسى والخضر: {فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} [الكهف: 70] وقال: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187] فأوجب على من يُسأل عن علم أن يجيب عنه وأن يبين ولا يكتم، وقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار" وقال عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189] وقال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [البقرة: 222] وقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1] وقال في النوع الآخر: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [الإسراء: 85]: وقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44)} [النازعات:42 - 44] وعاب مسألة بني إسرائيل في قصة البقرة لما كان على سبيل التكلف لما لا حاجة بهم إليه، وقد كانت الغُنية وقعت بالبيان المتقدم فيها، وكل ما كان من المسائل على هذا الوجه فهو مكروه، فإذا وقع السكوت عن جوابه فإنما هو زجر ورع للسائل، وإذا وقع الجواب فهو عقوبة وتغليظ.=

2246 - حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ يحيى، حدثني محمدٌ -يعني ابن سلمةَ- عن محمد بن إسحاق، حدَّثني عباسُ بنُ سهل عن أبيه أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال لِعاصم بن عدي: "أمْسِكِ المرأةَ عندَك حتى تَلِدَ" (¬1). 2247 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يونُس، عن ابنِ شهابٍ، عن سهلِ بنِ سعد الساعديِّ، قال: ¬

_ = وفي قوله: "هي طالق ثلاثاً" دليل على أن إيقاع التطليقات الثلاث مباح، ولو كان محرماً لأشبه أن يرد عليه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قوله في ذلك، وبين بطلانه لمن بحضرته لأنه لا يجوز عليه أن يجري بحضرته باطل فلا ينكره ولا يرده. وقد يحتج به من يرى أن الفرقة لا تقع بنفس اللعان حتى يفرق بينهما الحكام، وذلك أن الفرقة لو كانت واقعة بينهما لم يكن للتطليقات الثلاث معنى. وقد يحتج بذلك أيضاً من يرى الفرقة بنفس اللعان على وجه آخر وذلك أن الفرقة لو لم تكن واقعة باللعان لكانت المرأة في حكم المطلقات ثلاثاً. وقد أجمعوا على أنها ليست في حكم المطلقات ثلاثاً تحل له بعد زوج، فدل على أن الفرقة واقعة قبل، وشبه أن يكون إنما دعاه إلى هذا القول أنه قيل له لا سبيل لك عليها وجد من ذلك في نفسه فقال: كذبت عليها إن أمسكها هي طالق ثلاثاً، يريد بذلك تحقق ما مضى من الفرقة وتوكيده. قوله: (فكانت سنة المتلاعنين) يريد التفريق بينهما. وقد اختلف في الوقت الذي يزول فيه فراش المرأة وتقع فيه الفرقة، فقال مالك والأوزاعي: إذا التعن الرجل والمرأة جميعاً وقعت الفرقة، وروى ذلك عن ابن عباس. وقال الشافعي: إذا التعن الرجل وقعت الفرقة وإن لم تكن المرأة التعنت بعد. وقال أصحاب الرأي: الفرقة إنما تقع بتفريق الحاكم بينهما بعد أن يتلاعنا معاً. (¬1) إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق. وهو في "مسند أحمد" (22837). وانظر ما قبله، وما سيأتي بالأرقام (2247 - 2252).

حضرت لِعَانَهما عندَ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وأنا ابنُ خمسَ عشرةَ سنةً، وساق الحديثَ، قال فيه: ثم خَرَجَتْ حاملاً، فكان الولدُ يُدعى إلى أُمه (¬1). 2248 - حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ الوَرْكانيُّ, أخبرنا إبراهيمُ -يعني ابنَ سعد- عن الزهري عن سهل بنِ سعد، في خبر المتلاعِنَيْنِ قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أبصروها، فإن جاءت به أدعَجَ العينينِ، عظيمَ الأليتَيْنِ فلا أراه إلا قد صَدَقَ، وإن جاءت به أُحَيْمِرَ كأنه وَحَرَةٌ فلا أُراه إلا كاذِباً" قال: فجاءت به على النعتِ المكروه (¬2). 2249 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالد، حدَّثنا الفريابي، عن الأوزاعي، عن الزهري ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله بن وهب المصري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي. وأخرجه مسلم (1492) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (7165) من طريق ابن شهاب، به. واقتصر على ذكر حضور سهل القصة وهو ابن خمس عشرة. وانظر سابقيه، وما سيأتي بالأرقام (2248 - 2252). (¬2) إسناده صحيح. إبراهيم بن سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه ابن ماجه (2066) من طريق محمد بن عثمان العثماني، عن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (5309) و (7304) من طريقين عن ابن شهاب، به. وهو في "مسند أحمد" (22830). وانظر ما سلف برقم (2245). الدَّعَج: شدة سوادِ الحدقَةِ.

عن سهل بنِ سعد الساعدي، بهذا الخبرِ، قال: فكان يُدعى -يعني الولد- لأمه (¬1). 2250 - حدَّثنا أحمدُ بن عمرو بنِ السرح، حدَّثنا ابنُ وهب، عن عياض بنِ عبد الله الفِهري وغيره، عن ابنِ شهاب، عن سهل بنِ سعد، في هذا الخبرِ، قال: فطلَّقها ثلاثَ تطليقاتٍ عندَ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فأنفذه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-،وكان ما صُنِعَ عندَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- سُنَّةً. قال سهل: حضرتُ هذا عندَ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فمضتِ السنةُ بعدُ في المتلاعِنَيْن أن يفرَّق بينهما، ثم لا يجتمعانِ أبداً (¬2). 2251 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ ووهبُ بنُ بيان وأحمدُ بنُ عمرو بن السرح وعمرو بنُ عثمان، قالوا: حدَّثنا سفيان، عن الزهري، عن سهل بن سعد، -قال مسدَّدٌ-: قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الفريابي: هو محمد بن يوسف، والأوزاعي: هو عبد الرحمن ابن عمرو. وأخرجه البخاري (4745) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (4285). وانظر ما سلف برقم (2245). (¬2) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله. وانظر ما سلف برقم (2245). قال الخطابي: وقوله: فأنفذه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: يحتمل وجهين، أحدهما: إيقاع الطلاق وإنفاذه، وهذا على قول من زعم أن اللعان لا يوجب الفرقة، وأن فراق العجلاني امرأته إنما كان بالطلاق وهو قول عثمان البتي. والوجه الآخر: أن يكون معناه إنفاذ الفرقة الدائمة المتأبدة وهذا على قول من لا يراها تصلح للزوج بحال وإن كذب نفسه فيما رماها، وإلى هذا ذهب الشافعي ومالك والأوزاعي والثوري ويعقوب وأحمد وإسحاق وشهد لذلك قوله: "ولا يجتمعان أبداً" ومذهب أبى حنيفة ومحمد بن الحسن أنه إذا كذب نفسه، ثبت النسب ولحقه الولد.

شهدت المتلاعنين على عهد النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وأنا ابن خمس عشرة، ففرَّق بينهما رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- حين تلاعَنَا -وتم حديث مسدَّدٌ- وقال الآخرون: إنه شَهِدَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فرَّق بينَ المتلاعِنْينِ، فقال الرجلُ: كذبتُ عليها يا رسولَ الله إن أمسكتُها، بعضهم لم يقل: "عليها" (¬1). قال أبو داود: لم يُتابِع ابنَ عيينة أحدٌ على أنه فرَّق بين المتلاعنَين (¬2). 2252 - حدَّثنا سليمانُ بن داود العتكعيُّ، حدَّثنا فُلَيحٌ، عن الزهريِّ عن سهل بنِ سعد، في هذا الحديث: وكانت حاملاً، فأنكر حملَها، فكان ابنُها يُدْعَى إليها، ثم جَرَتِ السُّنة في الميراثِ أن يَرِثَها وتَرِثَ منه ما فرض الله عزَّ وجلَّ لها (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدِي، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (6854) و (7165) من طريق علي بن عبد الله، عن سفيان، بهذا الإسناد، ورواية البخاري في الموضع الثاني مختصرة بذكر حضور سهل الحادثة. وهو في "مسند أحمد" (22803). وانظر ما سلف برقم (2245). (¬2) قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 3/ 163: قال البيهقي: ويعني بذلك في حديث الزهري عن سهل بن سعد، لا ما رويناه عن الزبيدي، عن الزهري. يريد أن ابن عيينة لم ينفرد بها وقد تابعه عليها الزبيدي. وذكر البيهقي بعد هذا حديث ابن عمر: فرق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- بين أخوي بني عجلان. والمراد من هذا أن الفرقة لم تقع بالطلاق، ومعنى التفريق تبِيينه -صلَّى الله عليه وسلم- الحكم لإيقاع الفرقة بدليل قوله: قبل أن يأمره -صلَّى الله عليه وسلم- بذلك. (¬3) حديث صحيح. فُليح -وهو ابن سليمان الخُزاعي، وإن كان فيه كلام- قد توبع. وأخرجه البخاري (4746) عن سليمان بن داود العتكي الزهراني، بهذا الإسناد.=

2253 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، عن علقمة عن عبدِ الله، قال: إنا لَلَيلةَ جُمُعَةٍ في المسجدِ إذ دخل رجل مِن الأنصارِ المسجد، فقال: لو أنَّ رجلاً وجد مع امرأته رجلاً، فتكلم به جلدتموه أو قتَل قتلتُموه، فإن سَكَتَ سَكَتَ على غيظٍ، واللهِ لأسألنَّ عنه رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فلما كان مِن الغدِ أتى رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فسأله، فقال: لو أن رجلاً وجد معَ امرأتِه رجلاً فتكلَّم به جَلدتُموهُ، أو قَتَل قتلْتُموه، أو سكتَ سكتَ على غيظ، فقال: "اللهم افتح" وجعل يدعو فنزلت آية اللعان: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6]، فابتلي به ذلك الرجلُ من بين الناس، فجاء هو وامرأته إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فتلاعنَا: فشهد الرجلُ أربع شهاداتٍ بالله إنه لمن الصادقين، ثم لَعَنَ الخامسةَ عليه إن كان من الكاذبين، قال: فذهبت لِتَلْتعِن، فقال لها النبي -صلَّى الله عليه وسلم- "مَه" فأبت، ففعلت، فلما أدبرا، قال: "لعلها أن تجيء به أسودَ جَعْداً" فجاءت به أسودَ جَعداً (¬1). ¬

_ وأخرجه البخاري (5309) من طريق ابن جريج، ومسلم (1492) (2) من طريق يونس بن يزيد، كلاهما عن ابن شهاب، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (4283). وانظر ما سلف برقم (2245). (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، والأعمش: هو سليمان ابن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي، وعبد الله: هو ابن مسعود.=

2254 - حدَّثنا محمد بن بشار، حدَّثنا ابن أبي عَدي، أنبأنا هشام بن حسان، حدَثني عكرمةُ عن ابن عباس: أن هلالَ بن أميةَ قذف امرأته عند النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بشريك ابن سَحماء، فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "البينةَ أو حَدٌّ في ظهرِك" فقال: يا رسول الله، إذا رأى أحدنا رجُلاً على امرأته يلتمس البيِّنةَ؟ فجعل النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "البينةَ وإلا فحَدٌّ في ظهرك" فقال هلالٌ: والذي بعثك بالحق إني لصادق، وليُنزِلنَّ الله في أمري ما يبرِّئ ظهري من الحد، فنزلت {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} قرأ حتى بلغ {لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 6] فانصرف النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فأرسل إليهما فجاءا، فقام هلالُ بن أُميةَ فشهد والنبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "الله يعلم أن أحدَكما كاذبٌ، فهلِ منكما مِن تائِب؟ " ثم قامتْ فشهِدتْ، فلما كان عند الخامسة {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} [النور: 9] , وقالوا لها: إنها مُوجِبَةٌ، قال ابن عباس: فتلكَّأت ونكصت حتى ظننا أنها سترجع، فقالت: لا أفْضَحُ قومي سائرَ اليومِ، فَمَضَتْ، فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "أبْصِرُوهَا فإن جاءَت بهِ أكحَلَ العينينِ، سابغَ الأليتَين، خَدلَّج الساقَين، فهو لشريكِ ¬

_ = وأخرجه مسلم (1495)، وابن ماجه (2068) من طرق عن الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد" (4001) و"صحيح ابن حبان" (4281). قال الخطابي في "معالم السنن " 3/ 265: قوله: "اللهم افتح" معناه: اللهم احكم أو بيِّن الحُكم فيه، والفتاح: الحاكم، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: 26] وفي قوله: "لعلهما أن تجىء به أسودَ جَعداً": دليل على أن المرأة كانت حاملاً وأن اللعان وقع على الحمل. وممن رأى اللعان على نفى الحمل مالك والأوزاعي وابن أبي ليلى والشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يلاعن بالحمل لأنه لا يدري لعله ريح.

ابن سَحْماء" فجاءت به كذلك، فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "لولا ما مضى من كِتابِ اللهِ لكان لي ولها شأن" (¬1). قال أبو داود: وهذا مما تفرد به أهل المدينة، حديث ابن بشار حديث هلال. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي عدي: هو محمد بن ابراهيم. وأخرجه البخارى (2671) و (4747) و (5307) مختصراً، وابن ماجه (2067)، والترمذى (3453) عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد. وانظر ما سيأتي برقم (2256). قال الخطابي: فيه من الفقه أن الزوج إذا قذف امرأته برجل بعينه، ثم تلاعنا، فإن اللعان يسقط عنه الحد، فيصير في التقدير ذكره المقذوف به تبعاً لا يعتبر حكمه، وذلك لأنه -صلَّى الله عليه وسلم- قال لهلال بن أمية: "البينة أو حدٌ في ظهرك" فلما تلاعنا لم يعرض لهلال بالحد، ولا روي في شي من الأخبار أن شريكاً بن سحماء عفا عنه، فعلم أن الحد الذي كان يلزمه بالقذف سقط عنه باللعان، وذلك لأنه مضطر إلى ذكر من يقذفها به، لإزالة الضرر عن نفسه، فلم يجعل أمره على القصد له بالقذف وإدخال الضرر عليه. وقال الشافعي: إنما يسقط الحد إذا ذكر الرجل، وسماه في اللعان، فإن لم يفعل ذلك حُدَّ له. وقال أبو حنيفة: الحد لازم له، وللرجل مطالبته به، وقال مالك: يحد للرجل ويلاعن للزوجة. وفي قوله: "البينة وإلا حد في ظهرك" دليل على أنه إذ قذف زوجته، ثم لم يأت بالبينة، ولم يلاعن كان عليه الحد (أي: حد القذف) وقال أبو حنيفة: إذا لم يلتعن الزوج فلا شيء عليه. وفي قوله عند الخامسة: "إنها موجبة" دليل على أن اللعان لا يتم إلا باستيفاء عدد الخمس، وإليه ذهب الشافعى وقال أبو حيفة: إذا جاء بأكثر الحدد أناب عن الجميع - وقوله: "الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل من تائب" فيه دليل على أن البينتين إذا تعارضتا تهاترتا وسقطتا. وفيه دليل على أن الإمام إنما عليه أن يحكم بالظاهر، وإن كانت هناك شبهة تعترض وأمور تدل على خلافه، ألا تراه يقول: "لولا ما مضي من كتاب الله، لكان لي ولها شأن".

2255 - حدَّثنا مخلدُ بنُ خالدٍ الشعيريُّ، حدَّثنا سفيانُ، عن عاصم بنِ كُليب، عن أبيه عن ابنِ عباس: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أمر رجلاً حين أمر المتلاعنَين أن يتلاعنا أن يضعَ يده على فيهِ عندَ الخامسة يقول: إنها مُوجِبة (¬1). 2256 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا عبَّادُ بنُ منصور، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباسٍ قال: جاء هلالُ بنُ أُميةَ -وهو أحد الثلاثة الذين تابَ الله عليهم- فجاء مِن أرضهِ عِشاءً فَوَجَدَ عند أهلِه رجلاً، فرأى بعينه وسَمعَ بأُذنَيه، فلم يُهِجْهُ حتى أصبَح، ثم غدا على رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ الله، إني جئتُ أهلي عِشاءً فوجدتُ عندَهم رجلاً، فرأيت بعينيَّ وسمعتُ بأذنيَّ، فكره رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ما جاء به، واشتدَّ عليه، فنزلت {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} [النور: 6] الآيتين كِلتيهما، فسُرِّيَ عن رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "أبْشِرْ يا هلالُ، قد جعل الله عزَ وجل لك فرجاً ومخرجاً" قال هلال: قد كُنْتُ أرجُو ذلك مِن ربي، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أرسلوا إليها" فجاءت، فتلا عليهما رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وذكَّرهما وأخبرهما أن عذابَ الآخِرَة أشدُّ مِن عذابِ الدنيا، فقال هِلال: واللهِ لقد صدقتُ عليها، فقالت: كَذَبَ، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لاعِنوا بينهما" فقيل لهلالٍ: اشهَدْ، فشهد ¬

_ (¬1) إسناده قوي. كليب -وهو ابن شهاب- صدوق لا بأس به. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5636) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.

أربَع شهاداتٍ بالله: إنه لمن الصَّادقينَ، فلما كانتِ الخامِسَة قيلَ: يا هلالُ، اتقِ الله، فإن عذابَ الدنيا أهونُ مِن عذابِ الآخِرَةِ، وإن هذه المُوجبةُ التي توجبُ عليكَ العذابَ، فقال: واللهِ لا يُعَذبُنِي الله عليها كما لم يَجْلِدني عليها، فَشَهِدَ الخامسَة أن لعة الله عليه إن كانَ مِن الكاذبينَ، ثم قيل لها: اشْهَدِي، فَشَهِدتْ أربعَ شهاداتِ بالله إنه لمِنَ الكاذبينَ، فلما كانت الخامسة، قيل لها: اتقي اللهَ فإن عذابَ الدنيا أهونُ مِن عذابِ الآخرة، وإن هذه الموجبةُ التي تُوجِبُ عليكِ العذابَ، فتلكأت ساعةً، ثم قالت: والله لا أفْضَحُ قومي، فشهدتِ الخامِسَةَ أن غَضبَ اللهِ عليها إن كانَ مِنَ الصَادِقينَ، ففرَّق رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بينهما وقَضَى أن لا يُدعى ولدها لأبٍ، ولا تُرمى ولا يُرمى ولدها، ومَنْ رماها أو رَمَى ولدها فعليه الحَدُّ، وقضى أن لا بَيْتَ لها عليه، ولا قُوتَ مِن أجْلِ أنهما يتفرقانِ مِن غير طَلاق، ولا مُتوفَّى عنها، وقال: "إن جاءت بهِ أُصيْهِبَ أُرَيصِحَ أثُيبجَ حَمْشَ الساقيْن فهو لِهلال، وإن جاءت به أورْقَ جَعْداً جُمالياً خدلَّج السَّاقيْنِ سابغَ الأليَتَيْنِ، فهو للذي رُمِيَت به" فجاءت به أورقَ جعداً جُمالياً خَدَلّجَ الساقَينِ سابغَ الأليتين، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لولا الأيمانُ لكان لي ولها شأنٌ" قال عِكرمة: فكان بعد ذلك أميراً على مِصر وما يُدْعَى لأب (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، عبّاد بن منصور -وإن كان فيه ضعف من جهة حفظه- قد تابعه هشام بن حسان فيما سلف برقم (2254)، وقد صرح بالسماع عند الطيالسي والطبري والبيهقي، ولقضاء النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فيها بأن لا يُنسب ولدها لهلال، وإنما ينسب إليها شاهد من حديث سهل بن سعد السالف برقم (2247) و (2249)، وهو في "الصحيحين".

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه الطيالسي (2667)، وأبو يعلى (2740) و (2741)، والطبري في "تفسيره" 18/ 82 - 83، والبيهقي 7/ 349 من طرق عن عباد بن منصور، بهذا الإسناد. وأخرج عبد الرزاق (12451)، وأحمد (3106) و (3360) من طريق القاسم بن محمد، عن ابن عباس: أن رجلاً أتى النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: ما لي عهد بأهلي مذ عفار النخل، قال: فوجدتُ رجلاً مع امرأتي، قال: وكان زوجها مصفراً، حمشاً، سبط الشعر، والذي رميت به خدْلٌ إلى السواد جَعد قطط، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "اللهم بيِّن" ثم لاعن بينهما، فجاءت برجل يشبه الذي رميت به. وإسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" (2131). وانظر ما سلف برقم (2254). وفي الباب عن أنس بن مالك عند مسلم (1496)، والنسائي في "الكبرى" (5633) و (5634). قوله: "فَسُرِّيَ عن رسول الله" بالبناء للمجهول، أي: كُشِفَ الوحي أو ذهب عنه ما كان قد ألَمَّ به من الشدة والكراهية بما جاء به. أُصَيْهب: تصغير الأصْهب، وهو من الرجال الأشقر، ومن الإبل الذي يخالط بياضه حمرة. أُرَيصِح: تصغير الأرْصَح: وهو خفيف الأليتين، أبدلت السين منه صاداً، وقد يكون تصغير الأرْسَع أبدلت عينه حاءً. أثيبِج: تصغير الأثبَج: وهو الناتىء الثَبَج وهو ما بين الكاهل ووسط الظهر، قاله السيوطي. حَمش الساقين: دقيق الساقين. الأورق: هو الأسمر. جعداً: الجعد من الشعر خلاف السبط أو القصير منه. جُمَاليّاً: الضخم الأعضاء التام الأوصال كأنه الجَمَل. خَدلَّج الساقين، أي: ممتلئ الساقين وعظيمهما. سابغ الأليتين، أي: تامَّهما وعظيمهما. وقوله: "لولا الأيمان" أي: الشهادات، واستدل به من قال: إن اللعان يمين، وإليه ذهب الشافعي والجمهور، وذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي في قول: أنه شهادة.

2257 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيينةَ، قال: سَمعَ عمرٌو سعيدَ بنَ جبير يقول: سمعت ابن عمر يقول: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- للمُتَلاعِنَيْنِ: "حِسَابُكما على الله، أحدُكما كاذِبٌ، لا سبيلَ لك عليها" قال: يا رسولَ الله مالي، قال: "لا مَالَ لك، إن كنتَ صدقتَ عليها، فهو بما استحللتَ مِنْ فرْجِها، وإن كُنْتَ كذبتَ عليها فذلك أبعدُ لك" (¬1). 2258 - حدَّثنا أحمدُ بن محمد بنِ حَنبلٍ، حدَّثنا إسماعيلُ، حدَّثنا أيوبُ، عن سعيد بنِ جُبير، قال: قلت: لابنِ عُمَرَ: رجلٌ قذف امرأتَه، قال: فرَّق رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بين أخوَيْ بني العجلان، وقال: "اللهُ يَعْلَمُ أن أحدَكما كاذِبٌ، فهل منكما تائب؟ " يُردِّدُها ثلاثَ مرات، فأبيا، ففرَّق بينهما (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (5312) و (5350)، ومسلم (1493)، والنسائي في "الكبرى" (5640) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4587)، و"صحيح ابن حبان" (4287). وانظر تالييه. (¬2) إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن إبراهيم، المعروف بابن علية، وأيوب: هو ابنُ أبي تَمِيمةَ السَّختِياني. وأخرجه البخاري (5311) و (5312) و (5349) ومسلم (1493)، والنسائي في "الكبرى" (5639) من طريق أيوب السختياني، به. وأخرجه مختصراً مسلم (1493)، والنسائي (5638) من طريق عَزْرة بن عبدالرحمن، عن سعيد بن جبير، به. وهو في "مسند أحمد" (4477). وانظر ما قبله وما بعده.

2259 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن نافعٍ عن ابنِ عمر: أن رجلاً لاعن امرأته في زمانِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وانتفى من ولَدِهَا، ففرَّقَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بينهما، وألحق الولَدَ بالمرأة (¬1). قال أبو داود: الذي تفرَّد بِهِ مالك قوله: وألحق الولدَ بالمرأةِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 567، ومن طريقه أخرجه البخاري (5315) و (6748) , ومسلم (1494)، وابن ماجه (2069)، والترمذي (1242)، والنسائي في "الكبرى" (5641). وفي مطبوع "الموطأ": وانتقل بدل وانتفى، قال الحافظ في "الفتح" 9/ 460: ذكر ابن عبد البر أن بعض الرواة عن مالك ذكره بلفظ: وانتقل، يعني: بقاف بدل الفاء، ولام آخره، وكأنه تصحيف، وإن كان محفوظاً، فمعناه قريب من الأول. وأخرجه بنحوه البخاري (4748) و (5306) و (5313) و (5314)، ومسلم (1494) من طريقين عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4527)، و"صحيح ابن حبان" (4288). وانظر سابقيه. وقال الخطابي: يحتج به من لا يرى البينونة تقع بين المتلاعنين إلا بتفريق الحاكم، وذلك لإضافة التفريق بينهما إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وقد استشهدوا في ذلك أيضاً بالفسوخ التي يحتاج فيها إلى حضرة الحكام، فإنها لا تقع إلا بهم. وذهب الشافعي إلى أن التفريق بينهما واقع بنفس اللعان أو بنفس اللعن إلا أنه لما جرى التلاعن بحضرة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أضيف التفريق ونسب إلى فعله، كما تقوم البينة إما بالشهادة أو بإقرار المدعى عليه، فيثبت الحق بهما عليه، ثم يضاف الأمر في ذلك إلى قضاء القاضي. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وهي في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي. وزاد بعدها في "عون المعبود" 6/ 349 ما نصه: وقال يونس، عن الزهري، عن سهل بن سعد، في حديث اللعان: وأنكر حملها، فكان ابنُها يدعى إليها.

28 - باب إذا شك في الولد

28 - باب إذا شكَّ في الولد 2260 - حدَّثنا ابنُ أبي خلفٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن سعيدٍ عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- من بني فزَارَةَ فقال: إن امرأتي جاءت بولدٍ أسودَ، فقال: "هل لك مِن إبل؟ " قال: نعم، قال: "ما ألوانُها؟ " قال: حُمْرٌ، قال: "فهل فيها من أوْرقَ؟ " قال: إن فيها لوُرْقاً، قال: "فأنى تُراه؟ " قال: عسى أن يكون نزعه عِرْقٌ، قال: "وهذا عسى أن يكونَ نزعَه عِرْقٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي خلف: هو محمد بن أحمد القطيعي، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وسعيد: هو ابن المسيب. وأخرجه البخاري (5305) و (6847)، ومسلم (1500)، وابن ماجه (2002)، والترمذي (2261)، والنسائي في "الكبرى" (5642) و (5644) من طرق عن ابن شهاب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7264)، و"صحيح ابن حبان" (4106) و (4107). وانظر تالييه. والأورق: الذي فيه سواد ليس بصافٍ، والوُرقَة: سوادٌ في غُبرة. قال الحافظ في "الفتح" 9/ 444: في هذا الحديث ضرب المثل، وتشبيه المجهول بالمعلوم تقريباً لفهم السائل، واستدل به لصحة العمل بالقياس. قال الخطابي: هو أصل في قياس الشبه. وقال ابن العربي: فيه دليل على صحة القياس والاعتبار بالنظير ... وأن التعريض إذا كان على سبيل السؤال لا حَدَّ فيه، وإنما يجب الحد في التعريض إذا كان على سبيل المواجهة والمشاتمة. قال السندي: وقوله: "عسى أن يكون نَزعَه عِرق" أي: عسى ذاك السواد نزعة عرقٍ، أي: أثرها، يقال: نزَع إليه في الشبه، إذا أشبهه، وقال النووي: المراد بالعرق: الأصل من النسب، تشبيهاً بعرق الثمرة، ومنه قولهم فلان مُعرِقٌ في النسبِ والحسب وفي اللؤم والكرم ومعنى "نزعه": أشبهه واجتذبه إليه، وأظهر لونه عليه.

29 - باب التغليظ في الانتفاء

2261 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَرٌ عن الزهري، بإسناده ومعناه، قال: وهو حينئذ يُعرِّضُ بأن ينفيَه (¬1). 2262 - حدثتا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهاب، عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هريرة: أن أعرابياً أتى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: إن امرأتي وَلَدَتْ غلاماً أسودَ وإني أُنكره، فذكر معناه (¬2). 29 - باب التغليظ في الانتفاء 2263 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهبِ، أخبرنى عمرو -يعني ابنَ الحارث- عن ابنِ الهاد، عن عبدِ الله بن يونس، عن سعيدِ المَقبُرِي عن أبي هريرة: أنه سَمِعَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول حين نزلت آيةُ المُلاعنة: "أيما امرأة أدخلَتْ على قوم مَنْ ليس منهم، فليستْ مِن الله في شيء، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (12371)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1500). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5643) من طريق يزيد بن زريع، عن معمر، به. وهو في "مسند أحمد" (7189) و (7760). وانظر ما قبله وما بعده. (¬2) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي, وأبوسلمة: هو عبد الله بن عبد الرحمن. وأخرجه البخاري (7314)، ومسلم (1550) من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5643) من طريق معمر، عن الزهري، به. وانظر سابقيه.

30 - باب في ادعاء ولد الزنى

ولن يُدْخلَها اللهُ جنتَه، وأيُّما رَجُلٍ جَحَدَ ولَدَه وهو ينظُرُ إليه احتجبَ اللهُ تعالى منه، وفضَحَهُ على رُؤُوسِ الأولين والآخِرِين" (¬1). 30 - باب في ادعاء ولد الزِّنَى 2264 - حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا مُعْتَمِرٌ، عن سَلم -يعني ابنَ أبي الذَّيَّال- حدثني بعضُ أصحابنا، عن سعيدِ بنِ جُبير عن ابن عباس أنه قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا مُسَاعاة في الإسلام، مَن سَاعى في الجاهلية، فقد لحق بعصَبَته، ومن ادّعى ولداً من غيرِ رِشْدَةٍ فلا يَرِثُ ولا يُوَرثُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف؛ لجهالة عبد الله بن يونس. ابن وهب: هو عبد الله، وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله الليثي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5645) من طريق الليث بن سعد، عن ابن الهاد، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (4108). وأخرجه ابن ماجه (2743) من طريق موسى بن عبيدة، عن يحيى بن حرب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وإسناده ضعيف لضعف موسى بن عُبيدة، وجهالة يحيى بن حرب. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام راويه عن سعيد بن جبير. معتمر: هو ابن سليمان التيمي. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 6/ 259 - 260 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3416). وللحديث شاهد بسند حسن عن عبد الله بن عمرو بن العاص وهو عند المصنف بعد هذا الحديث. قال الخطابي: المساعاة: الزنى، وكان الأصمعي يجعل المساعاة في الإماء دون الحرائر، وذلك لأنهن يسعين لمواليهن، فيكتسبن لهم بضرائب كانت عليهن، فأبطل -صلَّى الله عليه وسلم- المساعاة في الإسلام، ولم يُلحق النسب لها، وعفا عما كان منها في الجاهلية، وألحق النسبَ به.

2265 - حدَّثنا شيبانُ بن فرّوخٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ راشدٍ (ح) وحدثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا محمد بنُ راشد -وهو أشبعُ- عن سليمان بنِ موسى، عن عمرو بنِ شُعيب، عن أبيه عن جده، قال: إن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قضَىَ أن كُلَّ مُستَلْحَقٍ استُلْحِقَ بعدَ أبيه الذي يُدعى له ادّعاه ورثتُه، فقضى أن كُلَّ مَنْ كان مِن أمَةٍ يملِكُها يومَ أصابَها، فقد لَحِقَ بمن استلحقَه، وليس له مما قسم قبلَه مِن الميراث [شيء] وما أدْرَكَ مِن ميراثٍ لم يُقْسَم، فله نصيبُه، ولا يُلْحَقُ إذا كان أبوه الذي يُدعى له أنكره، وإن كان مِنْ أمةٍ لم يَمْلِكْها أو مَن حُرَّةٍ عَاهَرَ بها، فإنه لا يلحقُ ولا يَرِثُ، وإن كان الذي يُدعى له هو ادعاه، فهو وَلَدُ زنْيَةٍ من حُرّة كان أو أمةٍ (¬1). ¬

_ = وقال ابن الأثير في "النهاية" 1/ 369 نحو ذلك، وزاد: يقال: ساعت الأمة: إذا فجرت، وساعاها فلان: إذا فجر بها، وهي مفاعلة من السعي، كأن كل واحد منهما يسعى لصاحبه في حصول غرضه. وقوله: "من غير رِشدة": قال الخطابي 3/ 273، وابن الأثير 1/ 225: يقال هذا ولد رشْدة: إذا كان لنكاح صحيح، كما يقال في ضده ولد زِنية، بكسر الراء والزاي وفتحهما، لغتان. (¬1) إسناده حسن. محمد بن راشد: وهو المكحولي الخزاعي، وسليمان بن موسى: هو الأشدق. وأخرجه مختصراً ابن ماجه (2745) من طريق المثنى بن الصباح، والترمذي (2246) من طريق ابن لهيعة، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم: أن ولد الزنى لا يرث من أبيه. وهو في "مسند أحمد" (6699) و (7042). وانظر ما بعده.=

31 - باب في القافة

2266 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالد، حدَّثنا أبي عن محمد بنِ راشد، بإسناده ومعناه، زاد: وهو وَلَدُ زِنى لأهل أُمِّه مَنْ كانوا حرّةً أو أمَةً، وذلك فيما استُلْحِقَ في أولِ الإسلامِ، فما اقتُسِمَ مِن مال قبل الإسلامِ فقد مَضَى (¬1). 31 - باب في القافَةِ 2267 - حدَّثنا مُسَدد وعثمانُ بنُ أبي شيبة -المعنى- وابنُ السرْح، قالوا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن عُروة ¬

_ = وله شاهد من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب عند بحشل في "تاريخ واسط" ص 164، وابن حبان في "صحيحه" (5996)، والطبراني في "الكبير" 25/ (59)، وإسناده عند ابن حبان حسن. وآخر ضعيف من حديث ابن عباس سلف قبله. قوله: "مستلحَق"، قال السندي: بفتح الحاء: الذي طلب الورثةُ إلحاقه بهم. قوله: "استُلحق" على بناء المفعول، والجملة كالصفة الكاشفة، لمستَلحَق. قوله: "بعد أبيه"، أي: بعد موت أبيه، وإضافة الأب إليه باعتبار الادعاء والاستلحاق. قوله: "فقد لَحِقَ بمَنِ اسْتَلْحَقَهُ"، أي: فقد لحق بالوارث الذي ادعاه. قوله: "عاهر بها"، أي: زنى. قوله: "لا يلحق به": على بناء الفاعل من اللحوق، أو بناء المفعول من الإلحاق، والأول أظهر. (¬1) إسناده حسن. خالد: هو ابن يزيد السُّلَمي. وأخرجه ابن ماجه (2746) من طريق محمد بن بكَّار الدمشقي، عن محمد بن راشد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

عن عائشة قالت: دخل عليَّ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: مُسدَّدٌ وابنُ السرح: - يوماً مسروراً، وقال عثمان: تُعرَفُ أساريُر وجهه، فقال: "أي عائشة ألم تري أن مُجزِّراً المُدْلِجيَّ رأى زيداً وأُسَامَةَ قد غطَّيا رؤوسهما بقَطيفة، وبدت أقدامُهما، فقال: إن هذه لأقْدامٌ بعضُها مِن بَعْضٍ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، وابن السرح: هو أحمد ابن عمرو الأموي، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وعروة: هو ابن الزبير. وأخرجه البخاري (6771)، ومسلم (1459)، وابن ماجه (2349)، والترمذي (2263)، والنسائي في "الكبرى" (5658) و (5992) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً البخاري (3731)، ومسلم (1459) من طريق إبراهيم بن سعد، والبخاري (3555) من طريق ابن جريج، كلاهما عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (24099)، و"صحيح ابن حبان" (7057). وانظر ما بعده. قال في "النهاية": القائف: الذي يتتبع الآثار ويعرفها، ويعرف شَبَه الرجل بأخيه وأبيه، والجمع: القافة، يقال: فلان يقوف الأثر ويقتافه قِيافة، مثل: قفا الأثر واقتفاف. والأسارير: هي الخطوط التي في الجبهة، واحدها: سر وسرر، وجمعه أسرار وجمع الجمع أسارير. قال المازري فيما نقله عنه النووي في "شرح مسلم": وكانت الجاهلية تقدح في نسب أسامة لكونه أسود شديد السواد، وكان زيد أبيض، فلما قضى هذا القائف بإلحاق نسبه مع اختلاف اللون، وكانت الجاهلية تعتمد قول القائف، فرح النبي -صلَّى الله عليه وسلم- لكونه زاجراً لهم عن الطعن في النسب. قال النووي: واختلف العلماء في العمل بقول القائف، فنفاه أبو حنيفة وأصحابه والثوري وإسحاق، وأثبته الشافعي وجماهير العلماء، والمشهور عن مالك إثباته في الإماء ونفيه عن الحرائر، وفي رواية عنه إثباته فيهما.

32 - باب من قال بالقرعة إذا تنازعوا في الولد

قال أبو داود: كان أُسامةُ أسودَ: وكان زيدٌ أبيضَ. 2268 - حدثثا قتيبةُ، حدَّثنا الليثُ، عن ابنِ شهابٍ، بإسناده ومعناه، قال: قالت: دَخَلَ علي مَسْرُوراً تَبْرُقُ أساريرُ وَجْهِهِ (¬1). قال أبو داود: أساريرُ وجهه، لم يحفظه ابنُ عُيينة. قال أبو داود: أساريرُ وجهه: هو تدليسٌ مِن ابنِ عيينة، لم يَسْمَعْهُ مِن الزهري، إنما سَمعَ الأسارير مِن غير الزهري، والأساريرُ في حديث الليث وغيرِه. قال أبو داود: سمعتُ أحمد بنَ صالحٍ يقول: كان أُسامةُ أسودَ شديدَ السواد مِثْلَ القَارِ، وكان زيدٌ أبيضَ منَ القطن. 32 - باب من قال بالقُرعَة إذا تنازعوا في الولد 2269 - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا يحيي، عن الأجلحِ، عن الشعبيِّ، عن عبدِ الله ابنِ الخليل عن زيدِ بنِ أرقم، قال: كنت جالساً عندَ النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فجاءَ رجلٌ مِن اليمن، فقال: إن ثلاثةَ نَفَرٍ مِن أهل اليمن أتوا علياً يختصِمُون إليه في ولدٍ، وقد وقعوا على امرأةٍ في طُهْرٍ واحِدٍ، فقال لاثنينِ منهما: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. قتيبة: هو ابن سعيد الثقفي، والليث: هو ابن سعد. وأخرجه البخاري (6770)، ومسلم (1459)، والترمذي (2262)، والنسائي في "الكبرى" (5657) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24526)، و"صحيح ابن حبان" (4102). وانظر ما قبله.

طيبا بالولَدِ لهذا، فغليا، ثم قال لاثنين: طِيبا بالولدِ لهذا، فَغَلَيا، ثم قال لاثنين: طِيَبا بالولدِ لهذا، فغليا، فقال: أنتم شُركاءُ متشاكِسُون، إني مُقْرعٌ بينكم فمن قَرَعَ فله الوَلَدُ، وعليه لِصاحبيه ثلثا الديةِ، فأقرع بينهم، فجعله لمن قَرَعَ، فَضَحِكَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- حتى بدَت أَضْراسُه أو نَوَاجِذُه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لاضطرابه، وقد بسطنا القول فيه في "مسند أحمد" (19329) فارجع إليه. والأجلح -وهو ابن عبد الله الكندي- ضعيف. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، والشعبي: هو عامر بن شراحيل، وعبد الله ابن الخليل: هو الحضرمي- ويقال: عبد الله بن أبي الخليل، والأول أظهر كما رجحه ابن حجر في "التقريب"- وكنيتُه أبو الخَليل. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5654) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وقال: هذه الأحاديث كلها مضطربة الأسانيد. وأخرجه النسائي (5653) و (5995) من طريق علي بن مسُهِر، عن الأجلح، به. وأخرجه النسائي (5655) و (5994) من طريق سليمان الشيباني، عن الشعبي, عن رجل من حضرموت، عن زيد، به. وهو في "مسند أحمد" (19342) و (19344). وسيأتي بعده من طريق صالح الهَمداني، عن الشعبي عن عبد خير، عن زيد، وبرقم (2271) من طريق سلمة بن كُهيل، عن الشعبي عن الخليل أو ابن الخَليل، عن زيد. قال النسائي في "الكبرى" بإثر الحديث (5656): وسلمة بنُ كُهَيل أثبتهم، وحديثه أولى بالصواب، والله أعلم. قلنا: وروايته مرسلة، فيكون النسائي قد صوب الرواية المرسلة. وقال العقيلي: الحديث مضطرب الإسناد، متقارب في الضعف. وقال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه 1/ 402: قد اختلفوا في هذا الحديث فاضطربوا، والصحيح حديث سلمة بن كهيل.=

2270 - حدَّثنا خُشيشُ بنُ أصرمَ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا الثوريُّ، عن صالح الهمدَانيِّ، عن الشعبيِّ، عن عبدِ خيرٍ عن زيد بن أرقم، قال: أُتِيَ عَليٌّ بثلاثة وهو باليمن وقَعُوا على امرأةٍ في طُهرٍ واحدٍ، فسأل اثنين: أتُقِرَّان لهذا بالولد؟ قالا: لا، حتى سألهم جميعاً، فَجَعَلَ كلما سأل اثنين، قالا: لا، فأقرع بينهم، فألحق الولد بالذي صارتْ عليه القرعةُ، وجَعَلَ عليه ثلثي الدية، قال: فذُكِرَ ذلك للنبى -صلَّى الله عليه وسلم-، فَضَحِكَ حتى بَدَتْ نَوَاجِذُه (¬1). ¬

_ قلنا: يعني أصح ما روي في هذا الباب، كما قال البيهقي. وروايته مرسلة كما ذكرنا. وستأتي رواية سلمة بن كهيل برقم (2271). قال الخطابي: فيه دليل على أن الولد لا يلحق بأكثر من أب واحد، وفيه إثبات القرعة لأمر الولد وإحقاق القارع، وللقرعة مراضع غير هذا في العتق وتساوي البينتين في الشيء يتداعاه اثنان فصاعداً، وفي الخروج بالنساء في الأسفار، وفي قسم المواريث وإفراز الحصص بها، وقد قال بجميع وجوهها نفر من العلماء، ومنهم من قال بها في بعض هذه المواضع ولم يقل بها في بعض. وممن ذهب إلى ظاهره إسحاق بن راهويه، وقال: هو سنة في دعوى الولد، وقال به الشافعي قديماً، وقيل لأحمد في حديث زيدٍ هذا فقال: حديث القافة أحب لدي، وقد تكلم بعضهم في إسناده. وقوله: فغليا، أي: صاحا وتخاصما ورفضا. وقوله: متشاكسون، أي: مختلفون متنازعون. (¬1) رجاله ثقات، إلا أن فيه اضطراباً كما بيناه في "مسند أحمد" (19329). عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعانى، والثوري: هو سفيان بن سعيد، وصالح الهمداني: هو صالح بن صالح بن حي، وعبد بن خير: هو ابن يزيد الحضرمي. وهو عند عبد الرزاق في "الموطأ" (13472)، ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (2348)، والنسائي في "الكبرى" (5652) و (5993).

33 - باب في وجوه النكاح التي كان يتناكح بها أهل الجاهلية

2271 - حدَّثنا عُبيد الله بنُ معاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبةُ، عن سَلَمَةَ، سمع الشعبيَّ، عن الخليلِ، أو ابنِ الخليل، قال: أُتيَ علي بنُ أبي طالبِ في امرأةٍ وَلَدَتْ مِن ثلاثةٍ، نحوَه، ولم يَذْكُرِ اليَمَنَ، ولا النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ولا قوله: طِيبا بالولد (¬1). 33 - باب في وجوه النكاح التي كان يتناكَحُ بها أهلُ الجاهلية 2272 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عنبسةُ بنُ خالدٍ، حدثني يونسُ بنُ يزيد، قال: قال محمد بن مسلم بن شهاب: أخبرني عروةُ بن الزبير أن عائشة رضيَ الله عنها زوجَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أخبرته: أن النّكاحَ كان في الجاهليةِ على أربعةِ أنحاء: فَنِكَاحٌ منها نِكَاحُ النَّاسِ اليوم، يخطبُ الرجلُ إلى الرجل وليَّته، فَيُصْدِقُها ثم يَنْكِحُها، ونكاح آخر: كان الرَّجُلُ يقول لامرأتِه إذا طَهُرَت مِن طمثْها: أرسلي إلى فلانٍ فاستبضعي منه، ويعتزِلُها زوجُها، ولا يَمسُّها أبداً حتى يتبينَ حَمْلُهَا ¬

_ = وقال المنذري: فأما حديث عبد خير، فرجال إسناده ثقات غير أن الصواب فيه الإرسالُ. وهو في "مسند أحمد" (19329). وانظر ما قبله. (¬1) رجاله ثقات، لكنه مرسل. الخليل أو ابن الخليل -وهو عبد الله الحضرمي- حسن الحديث، وقد أرسله كما ترى. شعبة: هو ابن الحجاج، وسلمة: هو ابن كُهَيل، والشعبي: هو عامر بن شَراحيل. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5656) من طريق غندر، عن شعبة، بهذا الإسناد. وقال: لم يذكر زيد بن أرقم، ولم يرفعه، وسلمة بن كهيل أثبتهم , وحديثه أولى بالصواب. قلنا: هذا مصير من النسائي إلى ترجيح الرواية المرسلة على الرواية الموصولة لهذا الحديث. وانظر سابقيه.

مِن ذلك الرجل الذي تستبضِعُ منه، فإذا تبين حَمْلُهَا أصابَها زوجها إن أحبَّ، وإنما يَفْعل ذلك رغبةً في نجابة الولد، فكان هذا النكاح يُسمى نِكاحَ الاستبضَاع. ونكاح آخر، يجتمعُ الرَّهط دونَ العشرةِ، فيدخلون على المرأةِ كلُّهم يُصيبها، فإذا حَمَلتْ ووضَعَتْ ومرَّ ليالٍ بعد أن تضعِ حملَها، أرسلت إليهم، فلم يستطع رجُل منهم أن يمتنِعَ، حتى يجتمعوا عندها، فتقولُ لهم: قد عرفتُم الذي كان مِن أمركم، وقد ولَدْتُ وهو ابنُك يا فلان، فتُسمي مَنْ أحبَّتْ منهم باسمه، فيَلْحَقُ به ولدها. ونكاح رابع: يجتمعُ الناسُ الكثير، فيدخلون على المرأة، لا تمتنع ممن جاءَها وهُنَّ البغايا، كنَّ يَنْصِبْنَ على أبوابهن راياتٍ تكونُ عَلَماً لمن أرادهن دخلَ عليهن، فإذا حَمَلَت، فوضَعَتْ حَملَها جُمِعوا لها، ودعوا لهم القَافَةَ، ثم ألحقوا ولدها بالذي يَروْن، فالتاطه، ودُعي ابنه، لا يمتنعُ من ذلك، فلما بعثَ الله محمداً -صلَّى الله عليه وسلم- هَدَمَ نكاحَ أهلِ الجاهلية كله، إلا نكاحَ أهلِ الإسلامِ اليومَ (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح. عَنبسة بن خالد -وإن كان فيه كلام- قد تابعه ابن وهب عند البخاري. وأخرجه البخارى (5127) من طريق أحمد بن صالح، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري أيضاً (5127) -تعيقاً بصيغة الجزم- من طريق عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد، به. الطمث: دم الحيض. وقولها: التاطَهُ، معناه: استلحقهُ, وأصل اللوط الإلصاقُ، والرهط، بفتح الراء وسكون الهاء: الجماعة من ثلاثة إلى عشرة، وفي القرآن الكريم: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ} [النمل: 48].

34 - باب "الولد للفراش"

34 - باب "الولد لِلفراش" 2273 - حدَّثنا سعيدُ بنُ منصورٍ ومُسَدَد، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن عُروة عن عائشةَ: اختصم سعدُ بنُ أبي وقاص وعبدُ بن زمعة إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، في ابنِ أمة زَمْعَةَ، فقال سعدٌ: أوصاني أخي عُتبة إذا قَدِمْتُ مكَّة أن أنظُرَ إلى ابنِ أمَةِ زَمعَة فأقبضَه، فإنه ابنه، وقال عبد ابن زمعة: أخي، ابن أمَة أبي، وُلِدَ على فراش أبي، فرأى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- شبَهاً بيّناَ بُعتبةَ، فقال: "الولَدُ لِلفَراشِ واحتجبي منه يا سَوْدَةُ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وعروة: هو ابن الزبير. وأخرجه البخاري (2053)، ومسلم (1457)، وابن ماجه (2004)، والنسائي في "الكبرى" (5648) و (5651) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وبعضهم دون قوله: "وللعاهر الحجر". وهو في "مسند أحمد" (24086)، و"صحيح ابن حبان" (4105). قال الإمام الخطابي: قد ذكرنا أن أهل الجاهلية كانوا يقتنون الولائد، ويضربون عليهم الضرائب، فيكتسبن بالفجور، وكان من سيرتهم إلحاق النسب بالزناة إذا ادعوا الولد كهو في النكاح، وكانت لزمعة أمة كان يُلمُّ بها، وكانت له عليها ضريبة، فظهر بها حمل كان يظن أنه من عتبة بن أبي وقاص، وهلك عتبة كافراً لم يسلم، فعهد إلى أخيه سعد أن يستلحق الحمل الذي بان في أمة زمعة، وكان لزمعة ابن يقال له: عبد، فخاصم سعد عبد ابن زمعة في الغلام الذي ولدته الأمة، فقال سعد: هو ابن أخي على ما كان عليه الأمر في الجاهلية، وقال عبد ابن زمعة: بل هو أخي ولدَ على فراش أبي على ما استقر حكم الإسلام، فقضى به رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- لعبد ابن زمعة، وأبطل دعوى الجاهلية. قال ابن القيم: وأما أمره سودة وهي أخته بالاحتجاب منه، فهذا يدل على أصل وهو تبعيض أحكام النسب، فيكون أخاها في التحريم والميراث وغيره، ولا يكون=

زاد مُسدَّد في حَديثِه وقال: "هو أخوكَ يا عبدُ". 2274 - حدَّثنا زهيرُ بنُ حرب، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا حسينٌ المعلمُ، عن عمرو بنِ شُعيب، عن أَبيه عن جدِّه، قال: قام رجلٌ فقال: يا رسولَ الله، إن فلاناً ابني عاهَرْتُ بأُمِّه في الجاهلية، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا دِعوةَ في الإسلامِ، ذهب أمرُ الجاهليةِ، الولدُ لِلفراش وللعاهِرِ الحجَرُ" (¬1). 2275 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا مهديُّ بنُ ميمون أبو يحيى، حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الله بن أبي يعقوب، عن الحسن بنِ سعد مولى الحسن بنِ علي بن أبي طالب ¬

_ = أخاها في المحرمية والخلوة والنظر إليها، لمعارضة الشبه للفراش، فأعطى الفراش حكمه من ثبوت الحرمة وغيرها، وأعطى الشبه حكمه من عدم ثبوت المحرمية لسودة، وهذا باب دقيق من العلم وسره لا يلحظه إلا الأئمة المطلعون على أغواره، المعنيون بالنظر في مأخذ الشرع وأسراره، ومن نبا فهمه عن هذا وغلظ عنه طبعه، فلينظر إلى الولد من الرضاعة كيف هو ابن في التحريم لا في الميراث ولا في النفقة ولا في الولاية، وهذا ينفع في مسألة البنت المخلوقة من ماء الزاني، فإنها بنته في تحريم النكاح عليه عند الجمهور، وليست بنته في الميراث ولا في النفقة ولا في المحرمية. (¬1) مرفوعه صحيح، وهذا إسناد حسن كما قال الحافظ في "فتح الباري" 12/ 34. وأخرجه تاماً ومطولاً أحمد (6681) و (6933)، وابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 182 من طريق حسين المعلّم، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً أحمد (6971) من طريق عامر الأحول، عن عمرو بن شعيب، به وانظر تتمة شواهده في "المسند". الدِّعوة، بكسر الدال: ادعاء الولد، وقوله: للفراش، أي: لصاحب الفراش، ومعنى الحجر هنا: الحِرمان والخيبة. قاله الخطابي.

عن رباح قال: زوَّجني أهلي أمةً لهم روميةً، فوقعتُ عليها، فولدت غلاماً أسود مثلي، فسميتُه عبدَ الله، ثم وقعتُ عليها فولَدَتْ غلاماً أسودَ مثلي، فسميته عُبيدَ الله، ثم طَبِنَ لها غلامٌ لأهلي روميٌّ، يقال له: يوحنّه، فراطَنَها بلسانه، فولدت غلاماً كأنه وزَغَة من الوزَغَات، فقلتُ لها: ما هذا؟ قالت: هذا ليوحنه، فَرُفِعْنا إلى عثمان، أحسبُه قال: -مَهْدِيٌّ قال- فسألهما، فاعتَرفَا، فقال لهما: أترضَيانِ أن أقضيَ بينكما بقضاءِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-؟ إن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قضى أن الولدَ لِلفراش، وأحسبه قال: فجلدها وجَلَدُه وكانا مملوكين (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة رباح. وأخرجه تاماً ومختصراً ابن أبي شيبة 4/ 415 و10/ 160، وأحمد في "مسنده" (416) و (417) و (502)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 104، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 402 - 403 من طرق، عن مهدي بن ميمون، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار في "مسنده" (408) من طريق وهب بن جرير، عن أبيه، عن محمد بن عبد الله، به. وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (86)، ومن طريقه البيهقي في "الكبرى" 7/ 403، وأخرجه أحمد (467) من طريقين عن محمد بن عبد الله، به. دون ذكر الحسن بن سعد في الإسناد. ولقوله: "الولد للفراش" شواهد صحيحةٌ سلف ذكرها. وقوله: طَبِنَ لها، كضرب: أفسدها، ومن باب فَرِحَ، أي: فطن لها،، قال ابن الأثير: أصل الطبن الفطنة، يقال: طَبِنَ هذا طبانة فهو طبن، أي: هجم على باطنها وخبر أمرها وأنها ممن تواتيه على المراودة، هذا إذا روي بكسر الباء، وإن روي بالفتح، كان معناه خبَّبَها وأفسدها.

35 - باب من أحق بالولد

35 - باب من أحقُّ بالولدِ 2276 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالد السلميُّ، حدَّثنا الوليدُ، عن أبي عمرو - يعني الأوزاعي - حدثني عمرو بنُ شعيب، عن أبيه عن جده عبدِ الله بنِ عمرو: أن امرأةً قالت: يا رسولَ الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاءً، وثدي له سِقاءً، وحجري له حِواءً، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينتزعه مني، فقال لها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أنتِ أحق به ما لم تنكحي" (¬1). 2277 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق وأبو عاصم، عن ابنِ جريج، أخبرني زياد، عن هلال بنِ أُسامة أن أبا ميمونة سُلْمى مولىً مِن أهلِ المدينةِ رجلَ صدقٍ، قال: بينما أنا جالسٌ مع أبي هريرة إذ جاءته امرأةٌ فارسية، معها ابنٌ لها، ¬

_ (¬1) إسناده حسن. الوليد -وهو ابن مسلم- صرح بالتحديث عند الحاكم. وأخرجه الحاكم فىِ "المستدرك" 2/ 207، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 4 - 5 من طريق محمود بن خالد السُّلمي، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (12597)، وأحمد في "مسنده" (6707)، والدارقطني في "سننه" (3810) من طريق ابن جريج، وعبد الرزاق (12596)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "نصب الراية" 3/ 265، والدارقطني (3808) و (3809) من طريق المثنى بن الصباح، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. قال الخطابي: ولم يختلفوا أن الأم أحق بالولد الطفل من الأب ما لم تتزوج، فإذا تزوجت، فلا حق لها في حضانته، فإن كانت لها أم، فأمها تقوم مقامها، ثم الجدات من قبل الأم أحق به ما بقيت منهن واحدة. وقال ابنُ القيم في "زاد المعاد" 5/ 434: هو حديث احتاج الناس فيه إلى عمرو بن شعيب، ولم يجدوا بداً من الاحتجاج هنا به، ومدارُ الحديث عليه، وليس عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- حديثه في سقوط الحضانة بالتزويج غير هذا، وقد ذهب إليه الأئمة الأربعة وغيرهم.

فادَّعَياه، وقد طلّقها زوجُها، فقالت: يا أبا هريرة ورطنت له بالفارسية، زوجي يُريد أن يذهبَ بابني، فقال أبو هريرة: استهما عليه، ورَطَنَ لها بذلك، فجاء زوجُها، فقال: من يُحاقُّني في ولدي؟ فقال أبو هريرة: اللهم إني لا أقولُ هذا، إلا أني سمعتُ امرأةً جاءت إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وأنا قاعد عنده، فقالت: يا رسولَ الله، إن زوجي يريدُ أن يذهبَ بابني، وقد سقاني مِن بئر أبي عِنَبة، وقد نفعني، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "استَهِما عليه" فقال زوجُها: من يُحاقُّني في ولدي؟ فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "هذا أبوك، وهذه أُمُّك، فَخُذْ بيدِ أيهما شئتَ" فأخَذَ بيدِ أُمه، فانطلقتْ به (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الحسنُ بن عليّ: هو الحُلواني الخلاَّل، وابن جُريج- وهو عبد الملك بن عبد العزيز- صَرّح بالإخبار فانتفت شبهة تدليسه. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعانى، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مَخلَد النبيل، وزياد: هو ابن سعْد الخراساني وهلال بن أسامة: هو ابن أبي ميمونة؟ وأبو ميمونة: هو الفارسي المدني الأبار، من الموالي، قيل: اسمه سُلَيْم، وقيل: سَلْمان، وقيل: أسامة. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (12611) و (12612). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5660) من طريق خالد بن الحارث، عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9771). وأخرجه ابن ماجه (2351)، والترمذي (1407) من طريق سفيان بن عيينة، عن زياد، به. مختصراً بلفظ: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- خَيَّر غلاماً بين أبيه وأُمه. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (7352). قال الخطابي: وهذا في الغلام الذي عقل واستغنى عن الحضانة، فإذا كان كذلك خير بين أبويه.

2278 - حدَّثنا العباسُ بن عبدِ العظيم، حدَّثنا عبدُ الملك بنُ عمرو، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ محمد، عن يزيدَ ابنِ الهاد، عن محمد بنِ إبراهيمَ، عن نافع بنِ عجير، عن أبيه عن علي، قال: خرج زيدُ بن حارثة إلى مكة، فقدم بابنةِ حمزة، فقال جعفر: أنا آخُذُها، أنا أحق بها، ابنةُ عمي، وعندي خالتُها، وإنما الخالة أم، فقال عليٌّ: أنا أحق بها، ابنة عمي، وعندي ابنةُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، وهي أحقُّ بها، فقال زيدٌ: أنا أحقُّ بها، أنا خرجتُ إليها وسافرتُ، وقَدِمْتُ بها فخرج النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فذكر حديثاً، قال: "وأما الجاريهُ فأقضي بها لجعفر، تكون مع خالتها، وإنما الخالةُ أُم" (¬1). ¬

_ واختلف فيه، فقال الشافعي: إذا صار ابن سبع أو ثماني سنين خُيِّرَ. وقال أحمد: يخير إذا كبر. وقال أهل الرأي والثوري: الأم أحق بالغلام حتى يأكل وحده، ويلبس وحده، والجارية حتى تحيض ثم الوالد أحق الوالدين. وقال مالك: الأم أحق بالجواري وإن حضن حتى ينكحن، والغلمان فهي أحق بهم حتى يحتلموا. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمد -وهو الدراوردي- وقد توبع كما في الطريق الآتي برقم (2280) يزيد ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله الليثي، ومحمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي، وعُجَيْر: هو ابن عبد يزيد المطلبي. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 249 - 250، والبزار في "مسنده" (891)، والحاكم في "المستدرك " 3/ 211، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 6 من طريق عبد العزيز بن محمد، بهذا الإسناد. وانظر تالييه. وفي الباب عن البراء بن عازب عند البخاري (2699)، والترمذي (4098)، والنسائي في "الكبرى" (8525)، وقال الترمذي: وفي الحديث قصة، وهذا حديث حسن صحيح. قال المنذري: وبنت حمزة هذه هي عُمارة، وقيل: هي أمامة وتكنَى أمَّ الفضل.

36 - باب في عدة المطلقة

2279 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا سُفيانُ، عن أبي فَروةَ، عن عبدِ الرحمن بنِ أبي ليلى، بهذا الخبرِ، وليس بتمامه، قال: وقضى بها لجعفر، لأن خالتَها عندَه (¬1). 2280 - حدَّثنا عبادُ بنُ موسى، أن إسماعيلَ بنَ جعفرٍ حدثهم، عن إسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ، عن هانئ وهبَيرة عن عليٌّ، قال: لما خرجنا مِنْ مكة تبعتنا بنتُ حمزة، تنادي: يا عمُّ يا عمُّ، فتناولها علي، فأخذ بيدها، وقال: دُونَكِ بنتَ عَمك، فحملتها، فقصَّ الخبرَ، قال: وقال جعفر: ابنة عمي، وخالتُها تحتي، فقضى بها النبي -صلَّى الله عليه وسلم- لخالتها، وقال: "الخالةُ بمنزلةِ الأمِّ" (¬2). 36 - باب في عِدة المطلقة 2281 - حدَّثنا سليمانُ بنُ عبدِ الحميد البَهراني، حدَّثنا يحيي بنُ صالح، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ عياش، حدثني عمرو بنُ مهاجر، عن أبيه ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل، وقد صح بمجموع طرقه كما سلف قبله، وكما سيأتي بعده. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو فروة: هو مسلم ابن سالم النهدي. وانظر ما قبله، وما بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد. حسن، هانئ - وهو ابن هانئ الهَنداني -, وهُبَيرة -وهو ابن يَريم الشِّبَامي- صدوقان حسنا الحديث. إسرائيل: هو ابن يونُس السبيعي، وأبو إسحاق: هو السبيعي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8402) و (8526) من طريقين عند إسرائيل، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (770). وانظر سابقيه. وقوله: دونك بنت عمك. يعني أن علياً رضي الله عنه أخذ بيدها فدفعها إلى فاطمة زوجته رضي الله عنها وقال لها: دونك بنت عمك، كما هو مبين في رواية "المسند" (770) بتحقيقنا.

37 - باب في نسخ ما استثني به من عدة المطلقات

عن أسماء بنتِ يزيد بن السَّكَن الأنصاريةِ: أنها طُلِّقتْ على عهدِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ولم يكن لِلمُطلَّقةِ عدَّةٌ، فأنزل الله عزَ وجل حين طُلِّقت أسماءُ بالعدَّه للطلاقِ، فكانت أولَ منْ أُنزِلَتْ فيها العِدَّةُ للمطلقاتِ (¬1). 37 - باب في نسخ ما استُثني بهِ من عدة المطلقات 2282 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد بن ثابت المروزي، حدثني عليُّ بن حُسين، عن أبيه، عن يزيدَ النحوي، عن عِكرمة عن ابنِ عباس، قال: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وقال: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: 4] فنسخ مِن ذلك، وقال: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: 49] (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. إسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذا منها، ومهاجر -وهو ابن أبي مسلم الأنصاري- صدوق حسن الحديث أيضاً. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 414 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] من طريق إسماعيل بن عياش، به. وقال ابن كثير في "تفسيره" 1/ 396 بعد أن أورده من طريق ابن أبي حاتم: هذا حديث غريب من هذا الوجه. وأسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية: هي من بني عبد الأشهل، وهي ابنة عمة معاذ بن جبل، وكانت من المبايعات، وكانت رسول النساء إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، قتلت تسعة من الروم يوم اليرموك بعمود فُسطاطها. (¬2) إسناده حسن. علي بن الحسين -وهو ابن واقد المَروَزي- حسن الحديث. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5674) والبيهقي 7/ 424 من طريق علي بن الحسين، بهذا الإسناد. وقد سلف الكلام على أنه ليس ثَمة نسخ عند الحديث (2195).

38 - باب في المراجعة

38 - باب في المراجعة 2283 - حدَّثنا سهل بن محمد بن الزبير العسكريُّ، حدَّثنا يحيي بنُ زكريا ابنِ أبي زائدة، عن صالح بن صالح، عن سلمة بن كُهيل، عن سعيدِ بن جبير عن ابن عباس عن عمر: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- طَلَّقَ حفصة، ثم راجعها (¬1). 39 - باب في نفقة الْمَبْتوتة 2284 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن عبدِ الله بن يزيد -مولى الأسود ابنِ سفيان- عن أبي سلمةَ بن عبد الرحمن عن فاطمةَ بنتِ قيس: أن أبا عمرو بنَ حفص طلَّقها البتةَ، وهو غائب، فأرسل إليها وكيلَه بشعير فتسخَّطته، فقال: - واللهِ ما لكِ علينا مِن شيءٍ، فجاءت رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فقال لها: "ليسَ لكِ عليه نفقة" وأمرها أن تعتدَّ في بيت أُم شَريكٍ، ثم قال: "إنَّ تلك امرأةٌ يغشاها أصحابي، اعتدي في بيتِ ابنِ أُمِّ مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعينَ ثيابَكِ، وإذا حَلَلْتِ فآذنيني" قالت: فلما حللتُ، ذكرتُ له أن معاويةَ بن أبي سفيان وأبا جهم خطباني، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أما أبو جَهْم، فلا يَضَعُ عصاه، عن عاتقه، وأما معاوية، فَصُعلُوكٌ، لا مالَ له، انكحي أُسامة بن زيد" قالت: فكرهْتُه، ثم قال: "انكِحي أُسامةَ بنَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. صالح بن صالح: هو ابن حَيٍّ. وأخرجه ابن ماجه (2016)، والنسائي في "الكبرى" (5723) من طرق عن يحيي بن زكريا، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (4275) و (4276).

زيد" فنكحتُه، فجعل الله تعالى فيه خيراً واغتبطتُ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبيّ: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 580 - 581، ومن طريقه أخرجه مسلم (1480)، والنسائي في "الكبرى" (5989). وهو في "مسند أحمد" (27327) و (27328)، و "صحيح ابن حبان" (4049) و (4290). وأخرجه تاماً ومختصراً مسلم (1480)، والنسائي في "الكبرى" (5332) من طريق أبي سلمة، ومسلم (1480)، وابن ماجه (1869) و (2035)، والترمذي (1166) و (1167)، والنسائي في "الكبرى" (5581) و (5714) و (9200) من طريق أبي بكر بن أبي الجهم صُخَير العدوي، ومسلم (1480) من طريق عبد الله البهي ثلاثتهم عن فاطمة بنت قيس. وقال الترمذي: حديث صحيح. وانظر ما سيأتي بالأرقام (2285 - 2290). قال الخطابي: معى "البتة" هنا الطلاق، وقد روي أنها كانت آخر تطليقةٍ بقيت لها من الثلاث. وفيه دليل أن المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها واختلف فيها، فقالت طائفة: لا نفقة لها ولا سُكنى إلا أن تكون حاملاً، وروي ذلك عن ابن عباس وأحمد، وروي عن فاطمة أنها قالت: لم يجعل لي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- سكنى ولا نفقة. وقالت طائفة: لها السكنى والنفقة حاملاً كانت أو غير حامل، وقاله عمر وسفيان وأهل الرأي (وزاد العيني في "عمدة القاري": حماداً وشريحاً والنخعي والثوري وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وابن مسعود). وقالت طائفة: لها السكنى ولا نفقة لها، قاله مالك والأوزاعي وابن أبي ليلى والشافعي وابن المسيب والحسن وعطاء والشعبي، واحتجوا بقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6] فأوجب السكنى عاماً، وأما نقل النبي -صلَّى الله عليه وسلم- إياها من بيت أحمائها إلى بيت ابن أم مكتوم، فلبس فيه إبطال السكنى، بل فيه إثباته وإنما هو اختيار لموضع السكنى. وانظر لزاماً "عمدة القاري"، 20/ 307 - 312 للبدر العيني.

2285 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعبلَ، حدَّثنا أبانُ بن يزيدَ العطار، حدَّثنا يحيى بنُ أبي كثيرِ، حدثني أبو سلمة بنُ عبدِ الرحمن أن فاطمة بنتَ قيسِ حدَّثته: أن أبا حفص بنَ المغيرة طلَّقها ثلاثاً، وساق الحديثَ فيه، وأن خالد بن الوليد ونفراً من بني مخزوم أتوا النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فقالوا: يا نبي الله، إن أبا حفص بنَ المغيرة طلَّق امرأته ثلاثاً، وإنه تَرَك لها نفقةَ يسيرةً، فقال: "لا نفقة لها" وساقَ الحديثَ، وحديثُ مالكٍ أتمُ (¬1). 2286 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالد، حدَّثنا الوليد، حدَّثنا أبو عَمرو، عن يحيى، حدثني أبو سلمةَ حدَّثتني فاطمةُ بنتُ قيس: أن أبا عمرو بن حفص المخزومي طلقها ثلاثاً، وساق الحديثَ، وخبرَ خالدِ بنِ الوليد، قال: فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "ليست لها نفقةٌ ولا مسكن" قال فيه: وأرسل إليها -صلَّى الله عليه وسلم- أن: "لا تسبقيني بنفسِك" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1480) من طريق شيبان بن عبد الرحمن، عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. الوليد -وهو ابن مسلم- صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه. ثم إنه متابع. أبو عمرو: هو عبد الرحمن الأوزاعي، ويحيى: هو ابن أبي كثير. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5568) من طريق بقية بن الوليد، عن أبي عمرو، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (4253). وانظر ما سلف برقم (2284).

2287 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد، أن محمدَ بن جعفر حدَّثهم، حدَّثنا محمدُ ابنُ عمرو، عن أبي سلمة عن فاطمةَ بنتِ قيسِ، قالت: كنتُ عندَ رجلٍ من بني مخزوم، فَطلَّقني البتة، ثم ساق نحوَ حديثِ مالك، قال فيه: "ولا تُفوِّتيني بنفسِك" (¬1). قال أبو داود: وكذلك رواه الشعبيُّ والبهيُّ وعطاءٌ عن عبدِ الرحمن ابن عاصم، وأبو بكر بنُ أبي الجهم، كُلُّهُمْ، عن فاطمةَ بنتِ قيسٍ، أن زوجها طلَّقها ثلاثاً. 2288 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، حدَّثنا سلمة بنُ كُهيلٍ، عن الشعبى عن فاطمة بنتِ قيس: أن زوجَها طَلَّقها ثلاثاً، فلم يجعل لها النبي -صلَّى الله عليه وسلم- نفقةً ولا سُكنى (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي- صدوق حسن الحديث. لكنه متابع. محمد بن جعفر: هو ابن أبي كثير الأنصاري. كذا في جميع أصول "سنن أبي داود" الخطية ومسند أحمد (27333)، وجاء في تحفة الأشراف للمزي 12/ 470: إسماعيل بن جعفر وهو أخو محمد بن جعفر، وكلاهما ثقة، لكن المذكور في شيوخ إسماعيل بن جعفر محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، وأنه روى عنه قتيبة بن سعيد، ولم يذكروا ذلك في محمد بن جعفر، فيترجح أنه إسماعيل بن جعفر، والله أعلم. وأخرجه مسلم (1480) من طريق إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1480) من طريق محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، به. وانظر ما سلف برقم (2284). (¬2) إسناده صحيح. محمد بن كثير: هو العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، والشعبي: هو عامر بن شَراحيل.

2289 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد الرمليُّ، حدَّثنا الليثُ، عن عُقَيلٍ، عن ابنِ شهاب، عن أبي سلمة عن فاطمة بنتِ قيس أنها أخبرته: أنها كانَتْ عند أبي حفص بنِ المغيرة، وأن أبا حفص بنَ المغيرةِ طلَّقها آخرَ ثلاث تطليقاتٍ، فزَعَمَتْ أنها جاءت رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فاستفْتَته في خروجها من بيتها، فأمرها أن تَنْتَقِلَ إلى ابنِ أمِّ مكتوم الأعمى، فأبَى مروان أن يصدِّق حديثَ فاطمةَ في خروج المطلقة مِن بيتها، قال عروةُ: أنكرت عائشةُ رَضِيَ الله عنها على فاطمةَ بنتِ قيسِ (¬1). ¬

_ وأخرجه مسلم (1480)، والنسائي في "الكبرى" (5567) من طريق عبد الرحمن ابن مهدي، عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1480)، وابن ماجه (2036)، والترمذي (1215) و (1216)، والنسائي في "الكبرى" (5566) و (5711) من طرق عن الشعبي، به. وقال الترمذي: حديث حسن. وأخرجه مسلم (1480) من طريق عبد الله البهي، وابن ماجه (2035) من طريق أبي بكر بن أبي الجهم، كلاهما عن فاطمة بنت قيس، به. وهو في "مسند أحمد" (27326)، و"صحيح ابن حبان" (4250). وانظر ما سلف برقم (2284). (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وعُقَيل: هو ابن خالد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه مسلم (1480)، والنسائي في "الكبرى" (5709) من طريق حُجَين بن المثنى، عن الليث، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1480) من طريق صالح بن كيسان، والنسائي (5332) من طريق ابن أبي ذئب، كلاهما عن ابن شهاب، به. وقرن النسائي بالزهري يزيد بن عبد الله ابن قُسَيط.

قال أبو داود: وكذلك رواه صالحُ بنُ كيسان وابنُ جُرَيجٍ وشعيب بن أبي حمزة كُلُّهم، عن الزهري. قال أبو داود: شعيبُ بنُ أبي حمزة، واسم أبي حمزة: دينار، وهو مولى زياد. 2290 - حدَّثنا مَخْلَدُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، عن معمرٍ، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله، قال: أرسل مروانُ إلى فاطمة، فسألها، فأخبرته: أنها كانت عندَ أبي حفص، وكان النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أمَّر علي بن أبي طالب -يعني على بعض اليمن- فخرج معه زوجها، فبعث إليها بتطليقة كانت بقيت لها، وأمر عيَّاش بن أبي ربيعة والحارث بن هشام أن ينفقا عليها فقالا: والله مالها نفقةٌ الا أن تكون حاملاً، فأتتِ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: "لا نفقةَ لك إلا أن تكوني حاملاً" واستأذنَتْه في الانتقال، فأذن لها، فقالت: أين أنتقل يا رسولَ الله؟ قال: "عند ابنِ أُم مكتوم" وكان أعمى، تضع ثيابَها عنده ولا يُبْصِرُهَا، فلم تَزَلْ هناك حتى مضت عِدتُها، فأنكحها النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- أُسامةَ، فرجع قبيصةُ إلى مروانَ فأخبره بذلك، فقال مروان: لم نسمع هذا الحديث إلا من امرأةٍ، فسنأخذ بالعِصمَةِ التي وجدنا الناسَ عليها، فقالت فاطمة حين بلغها ذلك: بَيْني وبَينكم كتابُ الله، ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (27335) و (27341)، و"صحيح ابن حبان" (4289). وانظر ما سلف برقم (2284). وقول عروة بن الزبير بأن عائشة أنكرت ذلك على فاطمة بنت قيس سيأتي برقم (2292) و (2293).

قال الله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} حتى {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] قالت: فأيَّ أمر يُحدث بعدَ الثلاث؟ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وعبيد الله: هو ابن عبد الله بن مسعود. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (12025)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1480). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5313) من طريق محمد بن الوليد الزبيدي، و (5715) من طريق شعيب بن أبي حمزة، كلاهما عن الزهري، به. وانظر ما سلف برقم (2284). وقول فاطمة: فأي أمر يحدث بعد الثلاث، أي: أن الآية لم تتناول المطلقة البائن، وإنما هي لمن كانت له مراجعة، لأن الأمر الذي يرجى إحداثه هو الرجعة لا سواه، فأي أمر يحدث بعد الثلاث من الطلاق. قال الحافظ في "الفتح" 9/ 480: وقد وافق فاطمة على أن المراد بقوله تعالى: {يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: 1] المراجعة قتادة والحسن والسُّدِّي والضحّاك. أخرجه الطبري في تفسيره 28/ 135 - 136 ولم يحك عن أحد غيرهم خلافه، وحكى غيره أن المراد بالأمر ما يأتي من قبل الله تعالى من نسخ أو تخصيص أو نحو ذلك، فلم ينحصر ذلك في المراجعة. وقال ابن القيم في "تهذيب السنن" 3/ 190 - 191: اختلف الناس في المبتوته هل لها نفقه أو سكنى على ثلاثة مذاهب، وعلى ثلاث روايات عن أحمد. أحدها: أنه لا سكنى لها ولا نفقة، وهو ظاهر مذهبه، وهذا قول علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وجابر وعطاء وطاووس، والحسن وعكرمة، وميمون بن مهران، وإسحاق بن راهويه، وداود بن علي، وأكثر فقهاء الحديث، وهو مذهب صاحبة القصة فاطمة بنت قيس وكانت تناظر عليه. والثاني: ويروى عن عمر وعبد الله بن مسعود أن لها السكنى والنفقة، وهو قول أكثر أهل العراق وقول ابن شبرمة وابن أبي ليلى وسفيان الثوري، والحسن بن صالح، وأبي حنيفة وأصحابه، وعثمان البَّتي والعنبري وحكاه أبو يعلى القاضي في مفرداته رواية عن أحمد. والثالث: أن لها السكنى دون النفقة، وهذا قول مالك والشافعي وفقهاء المدينة السبعة، وهو مذهب عائشة أم المؤمنين.

40 - باب من أنكر ذلك على فاطمة

قال أبو داود: وكذلك رواه يونسُ عن الزهري، وأمَّا الزُّبيديُّ، فروى الحديثين جميعاً: حديثَ عُبيدِ الله بمعنى معمرٍ، وحديثَ أبي سلمة بمعنى عُقيلٍ. ورواه محمدُ بن إسحاق، عن الزهري: أن قبيصةَ ابنَ ذؤيب حدثه بمعنًى دلَّ على خبرِ عُبيد الله بن عبد الله حين قال: فرجع قبيصة إلى مروان فأخبره بذلك. 40 - باب من أنكر ذلك على فاطمة 2291 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، أخبرني أبو أحمد، حدَّثنا عمارُ بنُ رُزَيق عن أبي إسحاق، قال: كنتُ في المسجدِ الجامعِ مع الأسود، فقال: أتت فاطمةُ بنتُ قيسٍ عُمَرَ بن الخطاب رَضِيَ الله عنه، فقال: ما كنا لِنَدَعَ كتاب رَبنا وسنةَ نبينا -صلَّى الله عليه وسلم- لِقول امرأةٍ لا ندري أحفِظَتْ أم لا (¬1). 2292 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرنى عبدُ الرحمن ابن أبي الزنادِ، عن هشامِ بن عُروةَ، عن أبيه، قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. نَصْر بن علي: هو الجَهضمي، وأبو أحمد: هو محمد بن عبد الله الزبَيري، وعمّار بن رُزَيق: هو الضَّبي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه مسلم (1480) عن محمد بن عمرو بن جَبَلة، عن أبي أحمد الزبيري، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً من طريق سليمان بن معاذ، عن أبي إسحاق، به. وأخرجه الترمذي (1215) من طريق مُغيرة، عن إبراهيم النخعي، قال: قال عمر ... فذكره وهو مرسل، لأن إبراهيم لم يدرك عمر بن الخطاب. اللهم إلا أن يكون سمعه من خاله الأسود بن يزيد.

لقد عابت ذلك عائشةُ رضي الله عنها أشدَّ العيب -يعني حديث فاطمة بنت قيس- وقالت: إن فاطمة كانت في مكان وَحْشٍ، فخِيفَ على ناحيتِها، فلذلك أرخَصَ لها رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). 2293 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عروة بن الزبير أنه قيل لعائشة: ألم تريْ إلى قولِ فاطمة؟ قالت: أما إنه لا خَيرَ لها في ذكر ذلك (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزّناد، لكن تابعه حفص بنُ غياث. ابن وهب: هو عبد الله القرشي. وأخرجه البخاري تعليقاً (5326)، وابن ماجه (2032) من طريق عبد الرحمن ابن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وأخرج بنحوه مسلم (1481)، وابن ماجه (2033)، والنسائي في "الكبرى" (5710) من طريق حفص بن غياث، عن هشام بن عروة، به. بلفظ: قلت: يا رسول الله، زوجي طلقني ثلاثاً، وأخاف أن يقتَحَم عليَّ، قال: فأمرها فتحولت. قلنا: وقد جاء عن سليمان بن يسار بسند صحيح إليه عند المصنف (2294) أن سبب خروج فاطمة من بيتها في العدة من سوء الخُلُق. وكذا ثبت عن سعيد بن المسيب عنده أيضاً (2296) أنها كانت لَسِنةً فتنتِ الناسَ، فوُضعت على يدي ابن أم مكتوم، قلنا: واللسِنة سيئة الخلق، ولا يمنع أن يكون الأمران ثابتين، فقد كان بيتُها وَحشاً فخيفَ عليها. وانظر ما سيأتي (2293 - 2295). وقولها: في مكان وحش، هو بفتح الواو، وسكون الحاء، أي: خلاء لا ساكن به موحش قفْر. (¬2) إسناده صحيح. محمد بن كثير: هو العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، والقاسم: هو ابن محمد التيمي.

2294 - حدَّثنا هارونُ بن زيد، حدَّثنا أبي، عن سفيانَ، عن يحيى بنِ سعيد عن سليمانَ بنِ يسارٍ، في خروجِ فاطمة، قال: إنما كانَ ذلك مِن سوءِ الخُلقِ (¬1). 2295 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بنِ محمد وسليمانَ بن يسار، أنه سمعهما يذكران ¬

_ = وأخرجه البخاري (5325)، ومسلم (1481) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري بنحوه (5323)، ومسلم (1481) من طريق شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، به. وأخرجه البخاري (5327) من طريق ابن شهاب بنحوه مختصراً، ومسلم (1481) من طريق هشام بن عروة، كلاهما عن عروة بن الزبير، به. وانظر ما قبله. (¬1) رجاله ثقات، وهو قول سليمان بن يسار. زيد: هو ابن أبي الزرقاء التغلبي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ويحيي بن سعيد: هو الأنصاري. وأخرجه أبو عوانة (4631)، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 433، وابن عبد البر في "التمهيد" 19/ 150 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وقد ردَّ صاحب "المفهم" 4/ 269 - 270 هذا الكلام، وقال: إنما اذِنَ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- لفاطمةَ أن تخرج من البيت الذي طلقت فيه ... من أنها خافت على نفسها من عورة منزلها، وفيه دليل على أن المعتدَّة تنتقل لأجل الضرورة، وهذا أولى من قول من قال: إنهما كانت لَسِنةَ تؤذي زوجَها وأحماءها بلسانها، فإن هذه الصفة لا تليقُ بمن اختارها رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- لحِبِّه ابنِ حبِّه، وتواردت رغباتُ الصحابة عليها حين انقضت عِدتها، ولو كانت على مثل تلك الحال، لكان ينبغي ألا يُرغبَ فيها، ولا يُحرَصَ عليها أيضاً، فلم يثبت بذلك نقل مسند صحيح ... وانظر تتمة كلامه، فإنه نفيس. وانظر سابقيه، وما بعده.

أن يحيى بنَ سعيد بن العاص طلَّق بنتَ عبدِ الرحمن بن الحكم البتة، فانتقلها عبدُ الرحمن، فأرسلَتْ عائشةُ رضي الله عنها إلى مروانَ بنِ الحكم، وهو أميرُ المدينة، فقالت له: اتقِ الله وارددِ المرأة إلى بيتها، فقال مروانُ في حديث سليمان: إن عبدَ الرحمن غلبني، وقال مروانُ في حديث القاسم: أو ما بلغكِ شأنُ فاطمةَ بنتِ قيسٍ، فقالت عائشةُ: لا يضرُّكَ أن لا تذكر حديثَ فاطمة، فقال مروان: إن كان بك الشَّرُّ، فحسبُك ما كان بين هذين من الشر (¬1). 2296 - حدَّثنا أحمدُ بن عبد الله. بن يونس، حدَّثنا زهير، حدَّثنا جعفر بن بُرقانَ حدَّثنا ميمون بنُ مهْرانَ، قال: قدمت المدينةَ فدُفِعْتُ إلى سعيدِ ابنِ المسيّب، فقلتُ: فاطمةُ بنتُ قيس طُلِّقت فخرجت مِن بيتها، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبيّ: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 579، ومن طريقه أخرجه البخاري (5321) و (5322). وأخرجه مختصراً مسلم (1481) من طريق عروة بن الزبير، عن عائشة. وانظر ما سلف برقم (2292). قوله: إن كان بك الشَّرُّ: أي: إن كان عندك أن سبب خروج فاطمة ما وقع بينها وبين أقارب زوجها من الشر، فهذا السبب موجود، ولذلك قال: فحسبك، أي: فيكفيك ما كان بين هذين، أي: عمرة وزوجها يحيى، وهذا مصير من مروان إلى الرجوع عن رد خبر فاطمة، فقد كان أنكر الخروج مطلقاً، كما مرَّ، ثم رجع إلى الجواز بشرط وجود عارض يقتضي جواز خروجها من منزل الطلاق.

41 - باب في المبتوتة تخرج بالنهار

فقال سعيد: تلك امرأةٌ فتنتِ الناسَ؛ إنها كانت لَسِنَةً فوُضِعَتْ على يدَيْ ابنِ أُمِّ مكتوم الأعمى (¬1). 41 - باب في المبتوتةِ تخرُجُ بالنهارِ 2297 - حدَّثنا أحمد بنُ حنبل، حدَّثنا يحيى بنُ سعيد، عن ابنِ جُريج، أخبرني أبو الزبير عن جابر، قال: طُلقت خالتي ثلاثاً، فخرجَت تجُدُ نخلاً لها فلقيها رجُلٌ، فنهاها، فأتتِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فَذَكَرتْ ذلك له، فقال لها: "اخرجي فجُدِّي نخلك لعلَّكِ أن تَصدَّقِي منه أو تفعلي خيراً" (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات وهو قول سعيد بن المسيَّب. زهير: هو ابن معاوية الجعفي. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (12037) و (12038)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" 5/ (2378 - 2380)، والبيهقي في "الكبرى" 7/ 474، وابن عبد البر في "التمهيد" 19/ 150 - 151 من طرق عن ميمون بن مهران، به. (¬2) إسناده صحيح. ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- صرح بالتحديث عند المصنف، وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي- صرح بالتحديث عند مسلم، فانتفت شهبة تدليسهما. يحيى بن سعيد: هو القطان. وأخرجه مسلم (1483) من طريق محمد بن حاتم بن ميمون، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1483)، وابن ماجه (2034) والنسائي في "الكبرى" (5713) من طرق عن ابن جريج، به. وهو في "مسند أحمد" (14444). قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 10/ 91: هذا الحديث دليل لخروج البائن للحاجة، ومذهب مالك والثوري والليث والشافعي وأحمد وآخرين جواز خروجها في النهار للحاجة، وكذلك عند هؤلاء يجوز لها الخروج في عدة الوفاة، ووافقهم أبو حنيفة في عدة الوفاة، وقال في البائن: لا تخرج ليلاً ولا نهاراً.

42 - باب نسخ متاع المتوفى عنها بما فرض لها من الميراث

42 - باب نَسخ متاع المتوفَّى عنها بما فُرضَ لها من الميراث 2298 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد المروزي، حدثني علي بنُ الحسين بن واقدٍ، عن أبيه، عن يزيدَ النحويٌ، عن عكرمةَ عن ابن عباس {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] فَنُسِخَ ذلك بآيةِ الميراث، بما فُرض لهن مِنَ الرُبُعِ والثمُنِ، ونسخ أجل الحول بأن جُعِلَ أجلُها أربعةَ أشهرٍ وعشراً (¬1). ¬

_ = وقال في "المغني" 11/ 297: وللمعتدة الخروج في حوائجها نهاراً، سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها ... ، واستدل بهذا الحديث وليس لها المبيت في غير بيتها ولا الخروج ليلاً إلا لضرورة. (¬1) إسناده حسن. علي بن الحسين بن واقد حسن الحديث. يزيد النحوي: هو يزيد بن أبي سعيد، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5706) من طريق إسحاق بن راهويه، عن على ابن الحُسين، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (5707) من طريق سماك، عن عكرمة، به. فجعله من قول عكرمة. وقد ذهب بعض السلف إلى أن الآية محكمة، فقال: إنما خص من الحول بعضه وبقي البعض وصية لها إن شاءت أقامت، وإن شاءت خرجت، والعدة كما هي واجب عليها وقد روى ذلك البخاري (4531) عن مجاهد قال: دلت الآية الأولى وهي {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] على أن هذه عدتها المفروضة تعتدها عند أهل زوجها، ودلت هذه الآية بزيادة سبعة أشهر وعشرين ليلة على العدة السابقة تمام الحول، أن ذلك من باب الوصية بالزوجات أن يُمكَّنَّ من السكنى في بيوت أزواجهن بعد وفاتهم حولاً كاملاً، ولا يمنعن من ذلك لقوله: (غير إخراج) فإذا انقضت عدتهن بالأربعة أشهر والعشر أو بوضع الحمل، واخترن الخروج والانتقال من ذلك المنزل، فإنهن لا يمنعن من ذلك لقوله: (فإن خرجن ...) قال الإمام ابن كثير في "تفسيره" 1/ 429: وهذا القول له اتجاه، وفي اللفظ مساعدة له، وقد اختاره جماعة منهم الإمام أبو العباس ابن تيمية.

43 - باب إحداد المتوفى عنها زوجها

43 - باب إحداد المتوفى عنها زوجُها 2299/ 1 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن عبد الله بن أبي بكر، عن حُميد ابنِ نافع، عن زينب بنت أبي سلمة، أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة (¬1): قالت زينب: دخلتُ على أُم حبيبة حينَ تُوفي أبوها -أبو سفيان- فَدَعَتْ بطيبٍ فيه صُفرةٌ: خَلُوقِ أو غيرِه، فدَهَنَتْ منه جاريةٌ، ثم مسَّت بِعَارِضَيها، ثم قالت: واللهِ ما لي بالطيب من حاجةٍ، غيرَ أني سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "لا يِحلُّ لامرأةٍ تُؤمن بالله واليومِ الآخر أن تُحدَّ على ميتٍ فَوْقَ ثلاثِ ليالٍ، إلا على زوج أربعةَ أشهر وعشراً". 2299/ 2 - قالت زينبُ: ودخلتُ على زينبَ بنتِ جحشٍ حين توفي أخوها، فدعت بطيبٍ فمسَّتْ منه، ثم قالت: والله ما لي بالطِّيب من حاجة غير أني سمعت رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: وهو على المنبر: "لا يَحِل لامرأةٍ تُؤمن بالله واليوم الآخر أن تُحِدَّ على ميتٍ فوقَ ثلاثِ ليالٍ، إلا على زوجٍ أربعةَ أشهرٍ وعشراً" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، وعبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمد الأنصاري. وهو عند مالك في "الموطأ" 596/ 2 - 597، ومن طريقه أخرجه البخاري (5334)، ومسلم (1486)، والترمذي (1234)، والنسائي في "الكبرى" (5697). وأخرجه تاماً ومختصراً البخاري (1280) و (1281) و (5339) و (5345)، ومسلم (1486)، والنسائي في "الكبرى" (5663) و (5691) من طرق عن حميد بن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (26765)، و"صحيح ابن حبان" (4304). وانظر ما سيأتي بالأرقام (2299/ 2 - 4). (¬2) إسناده صحيح.=

2299/ 3 - قالت زينبُ: وسمعتُ أُمي - أُمَّ سلمة - تقول: جاءت امرأة إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسولَ الله، إن ابنتي توفي عنها زوجُها، وقد اشتكت عينيها، أَفنكحُلُها، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا" مرتين أو ثلاثاً، كلّ ذلك يقولُ: "لا" ثم قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنما هي أربعةُ أشهرٍ وعشراً، وقد كانت إحداكنَّ في الجاهلية ترمي بالبعرَةِ على رأسِ الحولِ" (¬1). 2299/ 4 - قال حُميدٌ: فقلتُ لزينبَ: وما ترمي بالبعرة على رأس الحول؟ فقالت زينبُ: كانت المرأةُ إذا تُوفي عنها زوجها دخلت حِفشاً، ولبست شرَّ ثيابها، ولم تمسَّ طيباً ولا شيئاً، حتى تمرَّ بها سنة، ثم تُؤتى بدابةٍ: حمارٍ أو شاةٍ أو طائرٍ، فتفتضُّ به، فقلَّما تَفتَضُّ بشيءٍ إلا ماتَ، ثم تخرجُ فتُعطَى بعْرَةً فترمي بها، ثم تُراجع بعدُ ما شاءت مِن طيبٍ أوغيره. ¬

_ وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 597، ومن طريقه أخرجه البخاري (1282) و (5335)، ومسلم (1487)، والترمذي (1235)، والنسائي في "الكبرى" (5697). وهو في "مسند أحمد" (26754)، و"صحيح ابن حبان" (4304). وانظر ما قبله، وتالييه. (¬1) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 597، ومن طريقه أخرجه البخاري (5336)، ومسلم (1488)، والترمذي (1236)، والنسائي في "الكبرى" (5697). وأخرجه البخاري (5338) و (5706)، ومسلم (1488) و (1486/ 1488)، وابن ماجه (2084)، والنسائي في "الكبرى" (5664) و (5665) و (5701 - 5704) من طرق عن حُميد بن نافع، به. وقرن بعضهم مع أم سلمة أم حبيبة. وهو في "مسند أحمد" (26501) و (26652)، و "صحيح ابن حبان" (4304). وانظر سابقيه، وما بعده.

44 - باب في المتوفى عنها تنتقل

قال أبو داود: الحِفْشُ: بيتٌ صغير (¬1). 44 - باب في المتوفَّى عنها تنتقل 2300 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن سعد بن إسحاق بنِ كعب بنِ عُجرة، عن عمته زينبَ بنت كعب بنِ عُجرة أن الفُريْعةَ بنتَ مالك بن سنان -وهي أُختُ أبي سعيد الخدري- أخبرتها أنها جاءت إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- تسألُه أن تَرْجع إلى أهلها في بني خُدرةَ، فإن زوجها خَرَجَ في طلبِ أعبُدٍ له أبقُوا، حتى إذا كانوا بطرف القَدوم لحقهم فقتلُوه، فسألتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن أرجِعَ إلى أهلي، فإني لم يتركني في مَسكَنٍ يَملِكُه ولا نَفَقَةٍ، قالت: فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "نَعَمْ " قالت: فخرجتُ حتى إذا كنتُ في الحُجرة -أو في المسجدِ - دعاني -أو أمَرَ بي فَدُعِيتُ له- فقال: "كيف قلت؟ " فردّدت عليه القِصَّةَ التي ذكرتُ مِن شأن زوجي، قالت: فقال: "امْكُثِي في بيتِكَ حتى يَبلُغَ الكِتابُ أجلَه" قالت: فاعتددتُ فيه أربعةَ أشهرٍ وعشراً، قالت: فلما كان عثمانُ بن عفان أرسلَ إليَّ فسألني عن ذلك، فأخبرته، فاتَّبعه وقَضَى به (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 597 - 598، ومن طريقه أخرجه البخاري (5337)، ومسلم (1489)، والنسائي في "الكبرى" (5697). وقال مالك في آخره: والحِفش: البيتُ الردئ، وتفتضُّ: تمسح به جلدها كالنُّشْرة. وانظر ما سلف بالأرقام (2299/ 1 - 3). (¬2) إسناده صحيح. زينب بنت كعب بن عجرة روى عنها ابنا أخويها سعد بن إسحاق وسليمان بن محمد، وهما ثقتان، وذكرها ابن حبان في "الثقات"، وصحح حديثها، واحتج بها مالك والشافعي، كما صحح حديثها الترمذي والذهلى وابن حبان والحاكم والذهبي وابن القطان الفاسي وغيرهم، وباقي رجاله ثقات.=

45 - باب من رأى التحول

45 - باب من رأى التحوُّل 2301 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد المروزي، حدَّثنا موسى بنُ مسعودٍ، حدَّثنا شِبلٌ، عن ابنِ أبي نجيح، قال: قالَ عطاءٌ: قال ابنُ عباس: نَسخت هذه الآيةُ عِدَّتَها عندَ أهلِها فتعتدُّ حيثُ شاءتْ، وهو قولُ اللهِ عزَ وجلَّ: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] قال عطاء: إن شَاءت اعتدت عندَ أهله وسكنت في وصيتها، وإن شاءت خَرَجَت؛ لقول الله عزَ وجلَّ: {فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ} [البقرة: 240] قال عطاء: ثم جاء الميراث، فنسخ السُّكنى، تَعْتَدُّ حيثُ شاءت (¬1). ¬

_ وهو في "موطأ مالك" 2/ 591، ومن طريقه أخرجه الترمذي (1243)، والنسائي في "الكبرى" (10977) وقال الترمذي: حسن صحيح. وأخرجه ابن ماجه (2031)، والترمذي (1244)، والنسائي (5692 - 5694) و (5696) من طرق عن سعد بن إسحاق، به. وهو في "مسند أحمد" (27087)، و"صحيح ابن حبان" (4292) و (4293). وقولها: بطرف القَدوم، القَدُوم بفتح القاف ودال مهملة مضمومة تشدد وتخفف: موضع على ستة أميال من المدينة. وقوله: "امكثي في بيتك". قال الخطابي: فيه أن للمتوفى عنها زوجها السكنى، وأنها لا تعتد إلا في بيت زوجها وقال أبو حنيفة: لها السكنى ولا تبيت إلا في بيتها، وتخرج نهاراً إذا شاءت، وبه قال مالك والثوري والشافعي وأحمد، وقال محمد بن الحسن: المتوفى عنها لا تخرج في العدة، وعن عطاء وجابر والحسن وعلي وابن عباس وعائشة تعتد حيث شاءت. وفي قولها: "حتى يبلغ الكتاب أجله" بعد إذنه لها في الانتقال دليل على جواز وقوع نسخ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قبل أن يفعل. والله أعلم. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. موسى بن مسعود -وهو النَّهدي- صدوق=

46 - باب فيما تجتنب المعتدة في عدتها

46 - باب فيما تجتنبُ المعتدةُ في عِدَّتها 2302 - حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيم الدورقيُّ، حدَّثنا يحيي بنُ أبي بُكير، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ طهمان، حدثني هشامُ بنُ حسان (ح) وحدثنا عبدُ الله بنُ الجراح القُهُستانيُّ، عن عبدِ الله -يعني ابنَ بكرِ السهميّ- عن هشام -وهذا لفظ ابنُ الجراح- عن حفصةَ عن أمِّ عطية أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا تُحِدُّ المرأةُ فوقَ ثلاثٍ، إلا على زوجٍ، فإنها تُحِدُّ عليه أربعةَ أشهرٍ وعشراً، ولا تَلْبَسُ ثوباً مصبوغاً إلا ثوبَ عَصبٍ، ولا تكتحِلُ، ولا تَمَسُّ طيباً إلا أدنى طُهرتها إذا طَهُرَتْ مِن مَحيضها بنُبذَة من قُسطٍ وأظفار" قال يعقوبُ، مكانَ عصب: إلا مغسولاً، وزاد يعقوبُ: ولا تختضِبُ (¬1). ¬

_ = حسن الحديث، وقد توبع. شِبل: هو ابن عَبَّاد المكي القارئ، وابن أبي نجيح: هو عبد الله بن يسار، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وأخرجه البخاري (4531) و (5344) من طريق رَوح بن عبادة، عن شِبل، والنسائي في "الكبرى" (5695) من طريق وَرقَاء بن عمر اليَشْكري، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به. (¬1) إسناده صحيح. يحيي بن أبي بُكَير: هو الكرماني. وأخرجه تاماً ومختصراً البخارى (313) معلقاً و (5342) و (5343) معلقاً، ومسلم بإثر (1491)، وابن ماجه (2087)، والنسائي في "الكبرى" (5698) و (5705) من طرق عن هشام بن حسان، به. وزاد النسائي في الموضع الأول: "ولا تمتشط". وأخرجه تاماً ومختصراً أيضاً البخاري (313) و (5341)، ومسلم بإثر (1491)، والنسائي في "الكبرى" (5699) من طريقين عن حفصة، والبخاري (1279) و (5340) من طريق محمد بن سيرين، كلاهما عن أم عطية، به. وزاد البخاري من طريق حفصة: وكنا نُنهى عن اتباعِ الجنائز. وهو في "مسند أحمد" (20794) , و"صحيح ابن حبان" (4305). وانظر ما بعده.=

2303 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله ومالكُ بنُ عبدِ الواحد المِسْمَعيُّ، قالا: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، عن هشامٍ، عن حفصةَ ¬

_ = الإحداد: قال ابن بطال: بالمهملة: امتناع المرأة المتوفى عنها زوجها من الزينةِ كُلِّها مِن لباسٍ وطيب، وكل ما كان من دواعي الجماع. وأباح الشارع للمرأة أن تُحد على غير زوجها ثلاثة أيام لما يغلب من لوعة الحزن، ويهجم من ألم الوجد، وليس ذلك واجباً لاتفاقهم على أن الزوج لو طلبها بالوقاع لم يحل لها منعه في تلك الحال. قوله: "ثوب عَصْبٍ"، قال السندي: بفتح فسكون: هو برود يمنية يُعصَبُ بها غزلها، أي: يربط ثم يصبغ وينسج، فيبقى ما عُصِب أبيض لم يأخذه صبغ. وقيل: برود مخططة، قيل: على الأول يكون النهي للمعتدة عما صبغ بعد النسج. قلت (القائل السندي): والأقرب أن النهي عما صبغ كله، فإن الإضافة إلى العصب تقتضي ذلك، فإن عمله منع الكُلَّ عن الصبغ، فتأمل. أدنى طهرتها: أول طهرتها. نُبذَة: ضبطه العيني في "عمدته" 3/ 282، وتبعه القسطلانى في "إرشاد الساري" 1/ 353 بضم النون وفتحها، وسكون الباء، أي: في قطعة يسيرة. قُسْط: قال النووي: القُسط والأظفار معروفان من البخور، رخص فيهما لإزالة الرائحة الكريهة لا للتطيب. والله أعلم. قال الخطابي: واختلف فيما تجتنبه المُحِدُّ من الثياب، فقال الشافعي: كل صبغ كان زينة أو وشي كان لزينة في ثوب أو يلمع، كان من العصب أو الحبرة، فلا تلبسه الحاد غليظاً أو رقيقاً. وقال مالك: لا تلبس مصبوغاً بعصفر أو بورس أو زعفران. قال الخطابي: ويشُبه أن لا يكره على مذهبهم لبس العصب والحبر ونحوه، وهو أشبه بالحديث من قول من منع منه. وقالوا: لا تلبس شيئاً من الحُلي، وقال مالك: لا خاتماً ولا حُلة، والخصاب مكروه، في قول الأكثر.

عن أمِّ عطية عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، بهذا الحديث، وليس في تمام حديثهما، قال الْمِسْمَعيُّ: قال يزيدُ: لا أعلمه إلا قال فيه: "ولا تختضِبُ" وزاد فيه هارون: "ولا تَلْبَسُ ثوباً مصبوغاً إلا ثوبَ عَصْبٍ" (¬1). 2304 - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حرب، حدَّثنا يحيى بنُ أبي بُكير، حدَّثنا إبراهيمُ ابنُ طَهمانَ، حَدَّثني بُدَيلٌ، عن الحسن بنِ مُسلم، عن صفيةَ بنتِ شيبةَ عن أمِّ سلمة زوج النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- أنه قال: "المتوفَّى عنها زوجُها لا تَلبَسُ المُعَصفرَ مِن الثياب، ولا المُمَشَّقَةَ ولا الحُليَّ، ولا تختضِبُ، ولا تَكتحِلُ" (¬2). 2305 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرنى مَخرَمَةُ، عن أبيه، سمعتُ المغيرةَ بن الضحاكِ يقولُ: أخبرتني أُمُّ حكيم بنتُ أَسِيد عن أُمها: أن زوجَها تُوفي وكانت تشتِكي عينَيها فتكتَحلُ بالجِلاء، -قال أحمدُ: الصوابُ بكُحل الجِلاء-، فأرسلت مولاةً لها ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم بإثر (1491) من طريقين عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. يحيى بن أبي بُكَير: هو الكرماني، وبُدَيل: هو ابن مَيسَرة. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (3534) من طريق يحيى بن أبي بكير، بهذا الإسناد. دون ذكر الحلي. وهو في "مسند أحمد" (26581)، و"صحيح ابن حبان" (4306). قوله: "المُمَشَّقَة": المِشْق بالكسر: وهو الطين الأحمر الذي يسمّى مغرة، وهو لون ليس بناصع الحمرة، أو شقرة بكدرة، وثوب معشق: مصبوغ به.

47 - باب في عدة الحامل

إلى أُمِّ سلمة، فسألتْها عن كُحْلِ الجِلاء فقالت: لا تَكتحِلي به إلا مِن أمرٍ لا بُدَّ منه يشتدُّ عليكِ فتكتحلين بالليلِ وتمسحينَه بالنهارِ، ثم قالت عند ذلك أُمُّ سلمةَ: دخل عليَّ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- حين توفي أبو سلمةَ، وقد جعلتُ على عيني صَبِراً، فقال: "ما هذا يا أُمَّ سلمة؟ " فقلت: إنَّما هو صَبِرٌ يا رسولَ الله ليس فيه طيبٌ، قال: "إنه يَشُبُّ الوجهَ، فلا تَجْعلِيه إلا بالليل وتنزِعِيه بالنهارِ، ولا تمتشِطِي بالطِّيبِ ولا بالحِنّاء، فإنه خِضَاب" قالت: قلت: بأي شيء أمتَشِطُ يا رسول الله؟ قال: "بالسِّدْرِ تُغلِّفين به رأسَك" (¬1). 47 - باب في عدة الحامل 2306 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهْريُّ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهاب، حدثني عُبَيدُ اللهِ بنُ عبد الله بنِ عتبة: ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، لجهالة المغيرة بن الضَّحَّاك وأم حكيم بنتُ أَسِيد وأمها. ابن وهب: هو عبد الله القرشي، ومَخْرمة: هو ابن بكير المخزومي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5700) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد. وقوله: "كحل الجلاء"، قال الخطابي: هو الإثمد لجلوه البصر، و"صَبِراً"، بفتح فكسر أو سكون: عصارة شجر مُرّ. وقوله: "إنه يشُبُّ الوجه"، قال السيوطي: أي: يلونُه ويُحسِّنه. قال الخطابي: واختلف في الكحل، فقال الشافعي "كل كحل كان زينة لا خير فيه كالإثمد ونحوه مما يَحسُنُ موقعه في عينها، فأما الكحل الفارسى ونحوه إذا احتاجت إليه، فلا بأس إذ ليس فيه زينة، بل يزيد العين مرهاً وقبحاً. ورخص في الكحل عند الضرورة أهل الرأي ومالك بالكحل الأسود ونحوه عن عطاء والنخعي.

أن أباه كتب إلى عُمَرَ بنِ عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يَدخُلَ على سُبيعة بنتِ الحارث الأسلمية فيسألها، عن حديثها وعما قال لها رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- حين اسْتَفْتَتْهُ، فكتبَ عُمَرُ بنُ عبد الله إلى عبدِ الله ابن عُتبةَ يخبِرُه أن سُبيعةَ أخبرته: أنَّها كانت تحتَ سَعْدِ بنِ خولَةَ، وهو مِن بني عامر بن لؤي، وهو ممِن شَهِدَ بدراً، فتُوفي عنها في حَجَّة الوداع وهي حامِلٌ، فلم تنْشَبْ أن وضعت حملَها بَعْدَ وفاته، فلما تعَلَّت من نِفاسها تجمّلتْ للخُطَّابِ، فَدَخَل عليها أبو السنابل بنِ بَعكَك -رجلٌ مِن بني عبد الدار- فقال لها: ما لي أراكِ مُتَجَمَّلَة، لَعَلَّكِ ترتجينَ النّكَاحَ؟ إنكِ واللهِ ما أنتِ بِنَاكِحٍ حتى تمر عليكِ أربعةُ أشهر وعشرٌ، قالت سُبيعةُ: فلما قال لي ذلك جمعتُ عليَّ ثيابي حين أمسيتُ، فأتيتُ رَسُولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فسألتُه عن ذلك، فأفتاني بأني قد حَلَلتُ حِينَ وضعتُ حَملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي، قال ابنُ شهاب: ولا أرى بأساً أن تتزوح حين وضعت وإن كانت في دمها، غيرَ أنه لا يقربُها زوجُها حتى تَطهُرَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه البخاري (3991) معلقاً و (5319) مختصراً، ومسلم (1484)، والنسائي في "الكبرى" (5682) و (5684) من طرق عن ابن شهاب، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2028) من طريق الشعبي، عن مسروق وعمرو بن عتبة، والنسائى في "الكبرى" (5683) من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن زُفَر بن أوس، ثلاثتهم (مسروق وعمرو بن عتبة وزفر بن أوس) عن سبيعة، به. وهو في "مسند أحمد" (27435)، و "صحيح ابن حبان" (4294).=

2307 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة ومحمدُ بنُ العلاء، قال عثمان: حدَّثنا، وقال ابنُ العلاء: أخبرنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمش، عن مسلم، عن مسروقٍ عن عبد الله قال: من شاء لاعَنتُه لأُنزِلَتْ سورةُ النساء القُصرى بَعْدَ الأربعة أشهر وعشراً (¬1). ¬

_ = قوله: "تعلَّت" قال ابن الأثير: ويُروى: تعالت، أي: ارتفعت وطهُرت. ويجوز أن يكون من قولهم: تعلَّى الرجلُ من علَّتِه: إذا بَرَأ. أي: خرجت من نفاسها وسلمت. قوله: فلما تَعَلَّتْ من نفاسها. قال الخطابي: أي: طهرت من دمها، واختلف العلماء فيه، فقال علي وابن عباس: ينتظر المتوفى عنها آخر الأجلين، ومعناه: أن تمكث حتى تضع حملها فإن كانت مدة الحمل من وقت وفاة زوجها أربعة أشهر وعشرا، فقد حلّت، وإن وضعت قبل ذلك تربصت الى أن تستوفي المدة. وقال عامة العلماء: انقضاء عدتها بوضع الحمل طالت المدة أو قصرت، وهو قول عمر وابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة، ومالك والأوزاعي والثوري وأهل الرأي والشافعي. (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومُسلم: هو ابن صُبيح، ومسروق: هو ابن الأجدع، وعبد الله: هو ابن مسعود. وأخرجه ابن ماجه (2030) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرج بنحوه البخاري (4532) و (4910)، والنسائي في "الكبرى" (5686) و (5687) و (11540) و (11541) من طرق عن ابن مسعود. قوله: "سورة النساء القصرى" قال الخطابي في "معالم السنن": يريد سورةَ الطلاق إذ إن نزول هذه السورة كان بعدَ نزولِ البقرة فقال في الطلاق: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] وفي البقرة: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: 234]، فظاهر كلامه يدل على أنه حمله على النسخ فذهب إلى أن ما في سورة الطلاق ناسخ لما في سورة البقرة، وعامة العلماء لا يحملونه على النسخ، بل يرتبون إحدى الآيتين على الأخرى، فيجعلون التى في سورة البقرة في عُدد الحوائل، وهذه في الحوامل.

48 - باب في عدة أم الولد

48 - باب في عِدَّة أم الولد 2308 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد، أن محمد بن جعفر، حدَّثهم (ح) وحدَّثنا ابن المثنى، حدَّثنا عبدُ الأعلى، عن سعيدٍ، عن مَطَرٍ، عن رجاء ابنِ حَيوةَ، عن قَبيصَةَ بنِ ذؤيب عن عمرِو بنِ العاصِ قال: لا تَلْبسُوا علينا السُّنةَ -قال ابن المثنى: سُنةَ نبينا -صلَّى الله عليه وسلم- عِدةُ المتوفَّى عنها أربعةُ أشهرٍ وعشرٌ، يعني أمَّ الولد (¬1). 49 - باب المبتوتة لا يرجع إليها زوجُها حتى تنكِحَ زوجاً غيره 2309 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن إبراهيم، عن الأسودِ عن عائشة، قالت: سُئِلَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن رَجُلٍ طلَّق امرأتَه، يعني ثلاثاً، فتزوَّجت زوجاً غيرَه، فدخل بها، ثم طَلَّقها قبل أن يُواقِعَها، ¬

_ (¬1) إسناده حسن. مَطَر -وهو ابن طَهمَان الورَّاق- حديثه حسن في المتابعات والشواهد، وهذا منها، وباقي رجاله ثقات، وقول الدارقطني في "سننه": قبيصةُ لم يسمع من عمرو بن العاص، فيه نظر، فإن سماعه منه محتمل، فإن قبيصة ولد عامَ الفتح، وتوفي عمرو بن العاص سنة اثنتين وستين، كان سن قبيصة سنة وفاة عمرو إحدى وخمسين سنة، ثم إن قبيصة قد سكن الشام، وكذلك عمرو قد أقام بالشام بعد الفتوحات كثيراً، وعليه فسماعه منه محتمل إقامة ومعاصرة. محمد بن جعفر: هو الهُذَلي المعروف بغُندر، وابن المثنى: هو محمد العَنَزي، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي، وسعيد: هو ابن أبي عروبة اليَشكُري. وأخرجه ابن ماجه (2083) من طريق وكيع بن الجراح، عن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17803)، و"صحيح ابن حبان" (4300). وفي الباب موقوفاً عن علي عند ابن أبي شيبة 5/ 163 - 164، والبيهقي 7/ 448، وفيه انقطاع. وانظر الخلاف في هذه المسألة في "المغني" لابن قدامة المقدسي 11/ 262 - 264.

50 - باب في تعظيم الزنى

أتحِلُّ لِزوجها الأولِ؟ قالت: قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تحلُّ للأوَّل حتى تذُوقَ عُسيلة الآخرِ ويَذُوقَ عُسَيْلتَها" (¬1). 50 - باب في تعظيم الزِّنى 2310 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ، عن عمرِو بنِ شُرحبيلَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو معاوية: هو محمد ابن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (5570) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24149)، و"صحيح ابن حبان" (4122). وأخرجه البخاري (2639) و (5260) و (5265) و (5317) و (5792) و (6084)، ومسلم (1433) (111 - 114)، وابن ماجه (1932)، والترمذي (1146)، والنسائي في "الكبرى" (5509) و (5571) و (5572) و (5574) من طريق عروة بن الزبير، والبخاري (5261)، ومسلم (1433) (115)، والنسائي (5575) من طريق القاسم ابن محمد، والبخاري (5825) من طريق عكرمة مولى ابن عباس، ثلاثتهم، عن عائشة، به. وهو في "مسند أحمد" (24058)، و"صحيح ابن حبان" (4119) و (4120). وقوله: عسيلتها. قال جمهور العلماء: ذوق العُسيلةَ كناية عن المجامعة، وهو تغييب حشفة الرجل في فرج المرأة. وزاد الحسن البصري: حصول الإنزال. قال الحافظ في "الفتح" 9/ 466: وهذا الشرط انفرد به عن الجماعة، قاله ابن المنذر وآخرون. وقال ابن بطال: شذ الحسن في هذا وخالفه سائر الفقهاء، وقالوا: يكفي من ذلك ما يوجب الحد، ويحصن الشخص، ويوجب كمال الصداق ويفسد الحج والصوم. وقال السندي: عسيلة: تصغير العسل، والتاء، لأن العسل يُذكر ويؤنث، وقيل: على إرادة اللذة، والمراد لذة الجماع لا لذة إنزال الماء، لأن التصغير يقتضي الاكتفاء بالتقليل، فيكتفى بلذة الجماع.

عن عبد الله، قال: قلت: يا رسولَ الله، أيُّ الذنبِ أعظمُ؟ قال: "أن تجْعَلَ للهِ نِدّاً وهو خَلَقَكَ" قال: قلتُ: ثم أيٌّ؟ قال: "أن تَقْتُلَ ولَدَك خشية أن يأكلَ معك" قال: قلت: ثم أيٌّ؟ قال: "أن تُزَانَي حَليلةَ جَارِك" قال: وأنزلَ الله تعالى تصديقَ قولِ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان: 68] (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. محمد بن كثير: هو العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر السلمي، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسَدي، وعمرو بن شُرَحبيل: هو أبو ميسرة الهمداني الكوفي. وأخرجه البخاري (4477) و (4761) و (6001) و (6811) و (7520)، ومسلم (86) , والترمذي (3457)، والنسائي في "الكبرى" (7086) و (10920) و (11305) من طريق منصور، بهذا الإسناد. ولم يَرِدْ عند بعضهم ذكر الآية. وأخرجه البخاري (6811) و (6861) و (7532)، ومسلم (86)، والترمذي (3457)، والنسائي في "الكبرى" (11305) من طريق الأعمش سليمان بن مهران، والبخاري (6811)، والترمذي (3456)، والنسائي (3462) و (3463) من طريق واصل الأحدب، والنسائي (3464) من طريق عاصم بن بهدلة، ثلاثتهم عن أبي وائل، به. وبعضهم أيضاً دون ذكر الآية. وهو في "مسند أحمد" (4131)، و"صحيح ابن حبان" (4414) و (4415) و (4416). وانظر تمام كلامنا عليه في "المسند". وأخرجه البخاري (4761) و (6811)، والترمذي (3458) و (3459)، والنسائي (7087) من طريق واصل بن حيان الأحدب، والنسائي (3464) من طريق عاصم بن بهدلة، و (11304) من طريق الأعمش، ثلاثتهم عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود. دون ذكر عمرو بن شرحبيل في الإسناد. وقد ذكر عمرو الفلاّس كما في رواية البخاري (6811) لعبد الرحمن بن مهدي رواية واصل هذه التى أسقط منها عمرو بن شرحبيل، فقال له: دَعْه دَعْه، قلنا: يعني لم تعجبه، وأنكرها. وخطأ النسائي رواية عاصم بن -

2311 - حدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيم، عن حجَّاج، عن ابن جريج، قال: وأخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرَ بنَ عبدِ الله يقولُ: جاءت مُسيكةُ لِبعضِ الأنصارِ، فقالت: ان سيدي يكْرِهُني على البِغَاء فنزَلَ في ذلك {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور: 33] (¬1). ¬

_ = بهدلة، قلنا: أما رواية الأعمش، فقد خالف فيها أبو معاوية جريرَ بنَ عبد الحميد وسفيانَ الثوريَّ حيث تابعا في روايتهما عن الأعمش منصوراً فذكرا عمرو بن شرحبيل، ولهذا قال الترمذي: حديث سفيان عن منصور والأعمش أصح من حديث واصل، لأنه زاد في الإسناد رجلاً. (¬1) إسناده صحيح. ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تَدرُس المكي- قد صرحا بالسماع، فانتفت شبهة تدليسهما. أحمد بن إبراهيم: هو ابن كثير الدَّورَقي، وحجّاج: هو ابن محمد الأعور. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11301) من طريق حجّاج، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (3029) من طريق أبي سفيان طلحة بن نافع، عن جابر، أن جارية لعبد الله بن أبيّ ابن سلول، يقال لها: مُسَيكة، وأخرى يقال لها: أميمة، فكان يكرههما على الزنى، فشكتا ذلك إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فأنزل الله: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} .... إلي قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33] وقوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ} أي: إماءكم، فإنه يكنى بالفتى والفتاة عن العبد والأمة. وفي الحديث الصحيح: "ليقل أحدكم: فتاي وفتاتيِ، ولا يقل: عبدي وأمتي". وقوله تعالى: {عَلَى الْبِغَاءِ} أي: على الزنى، يقال: بَغتْ بَغِيّاً وبغاءً: إذا عهرت، وذلك لتجاوزها ما ليس لها. وقوله تعالى: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} ليس لتخصيص النهي بصورة إرادتهن التعفف عن الزنى، وإخراج ما عداها من حُكمه، بل للمحافظة على عادتهم المستمرة حيث كانوا يكرهونهن على البغاء، وهن يردن التعفف عنه مع وفور شهوتهن الآمرة بالفجور وقصورهن في معرفة الأمور الداعية الى المحاسن الزاجرة عن تعاطي القبائح. أفاده أبو السعود في "تفسيره". وحينئذ لا مفهوم للشرط. وانظر ما بعده.

2312 - حدَّثنا عُبيدُ اللهِ بنُ مُعاذ، حدَّثنا مُعتَمِرٌ عن أبيه {وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 33] قال: قال سعيد بن أبي الحسن: غفور لهن: المُكْرَهاتُ (¬1). آخر كتاب الطلاق تم الجزء الثالث من "سنن أبي داود" ويليه الجزء الرابع وأوله: كتاب الصوم ¬

_ (¬1) أثر صحيح. معتمر: هو ابن سليمان بن طرخان التيمي. وانظر ما قبله. وقال المنذري في "مختصره": وكان الحسن البصري يقول: لَهُنَّ واللهِ لهُنَّ، لا لمكرهِهِنَّ.

سُنن أبي داود تصنيف الإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني 202 هـ - 275 هـ حققه وضبط نصّه وخرّج أحاديثه وعلّق عليه شعيب الأرنؤؤط محمد كامل قره بللي الجزء الرابع دار الرسالة العالمية

بسم الله الرحمن الرحيم

سنن أبي داود (4)

بسم الله الرحمن الرحيم حقوق الطبع محفوظة للناشر طبعة خاصة 2009م / 1430هـ دار الرسالة العالمية جميع الحقوق محفوظة يمنع طبع هذا الكتاب أو أي جزء منه بجميع طرق الطبع والتطوير والنقل والترجمة والتسجيل المرئي والمسموع والحاسوبي وغيرها إلا بإذن خطي من: شركة الرسالة العالمية م. م. Al-resalah Al-a'lamiah m. Publishers الإدارة العامة Head Office دمشق - الحجاز شارع مسلم البارودي بناء خولي وصلاحي 2625 2212773 - 11 (963) 2234305 - 11 (963) الجمهورية العربية السورية Syrian Arab Republic [email protected] http:www.resalahonline.com فرع ييروت BEIRUT/LEBANON TELEFAX: 815112 - 319039 - 818615 P.O. BOX: 117460

أول كتاب الصوم

أول كتاب الصوم 1 - مبدأ فرض الصيام 2313 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد ابن شَبُّوْيَهْ، حدثني عليُّ بنُ حُسينِ بنِ واقِدٍ، عن أبيه، عن يزيدَ النحوي، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباس {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] فكان الناس على عهدِ النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم- إذا صلُّوا العتَمَة حَرُمَ عليهم الطعامُ والشرابُ والنساءُ، وصاموا إلى القابلة، فاخْتانَ رجُلٌ نفسَه، فجامعَ امرأته وقد صلَّى العِشَاءَ ولم يُفطِر، فأرادَ اللهُ عر وجلَّ أن يجعلَ ذلك يُسْراً لِمَنْ بقي ورُخْصَةً ومنفعةً، فقال سبحانه: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} الآيه [البقرة: 187]. وكان هذا مما نَفَعَ اللهُ به الناسَ، ورخصَ لهم ويسَّر (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. علي بن حسين بن واقد حسن الحديث. يزيد النحوي: هو يزيد بن أبي سعيد، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 4/ 201 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وذكر ابن كثير في "تفسيره" 1/ 317 عن موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس نحوه. قال الحافظ في "العجاب في بيان الأسباب" 1/ 437: وهذا سند صحيح. ويشهد له أيضاً حديث البراء بن عازب الآتي بعده. وقد فرض الصوم في شعبان من السنة الثانية للهجرة. ومعنى تختانون أنفسكم، أي: تخونون أنفسكم بالجماع ليلة الصيام، وقع ذلك لبعضهم، واعتذروا إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم-.

2 - باب نسخ قوله تعالى: {وعلى الذين يطيقونه فدية} [البقرة: 184]

2314 - حدَّثنا نصرُ بنُ على بنِ نصرٍ الجَهضَمِيُّ، أخبرنا أبو أحمد، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاقَ عن البراء، قال: كان الرجلُ إذا صامَ فنامَ لمَ يأكُلْ إلى مِثلِها، وإنَّ صِرْمَة بن قيسٍ الأنصاريَّ أتى امرأتَه وكان صائماً فقال: عِندكِ شيء؟ قالت: لا، لعلي أذْهَبُ فأطلُبُ لك، فذهبتُ وغَلَبَتْهُ عينُه، فجاءت فقالت: خيْبةً لك، فلم ينتصِفِ النهارُ حتى غُشِيَ عليه، وكان يَعْمَلُ يومَه في أرضه، فذُكِرَ ذلك للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- فنزلت {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} قرأ إلى قوله {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] (¬1). 2 - باب نسخ قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184] 2315 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا بَكرٌ -يعني ابنَ مُضر- عن عمرو بنِ الحارث، عن بُكير، عن يزيدَ مولى سلمة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. قال الحافظ في "الفتح" 1/ 351: وسماع إسرائيل من أبي إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السبيعي- في غاية الإتقان للزومه إياه، لأنه جده، وكان خصيصاً به. أبو أحمد: هو محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري، وإسرائيل: هو ابن يونس السبيعي. وصرمة بن قيس، كذا في الأصول وهو الصواب، ووقع عند البخاري: قيس بن صرمة، وقد جزم الداوودي والسهيلي وغيرهما بأنه وقع مقلوباً في رواية البخاري. وقد فاتنا أن ننبه عليه في "صحيح ابن حبان" (3460) فليستدرك من هنا. وأخرجه البخاري (1915)، و (4508) بنحوه، والترمذي (3206) من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح. وأخرجه البخاري (4508) بنحوه، والنسائي في "الكبرى" (2489) و (10956) من طريقين عن أبي إسحاق، به. وهو في "مسند احمد" (18611)، و"صحيح ابن حبان" (3460) و (3461).

عن سلمةَ بنِ الأكوع قال: لما نزلت هذه الآية {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184] كان من أراد منا أن يُفْطِرَ ويفتدي فعل، حتى نزلَتْ هذه الآيةُ التي بَعْدها فَنَسختها (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عمرو بن الحارث: هو ابن يعقوب الأنصاري، وبُكير: هو ابن عبد الله بن الأشج. وأخرجه البخاري (4507)، ومسلم (1145)، والترمذي (809)، والنسائي في "الكبرى" (2637) و (10950) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وأخرجه مسلم (1145) من طريق عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (3478) و (3624). وقوله: كان من أراد منا أن يفطر ويفتدي فعل، وضَّحته رواية مسلم من طريق ابن وهب: كنا في رمضان على عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- من شاء صام ومن شاء أفطر فافتدى بطعام مسكين، حتى أُنزلت هذه الآية: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]. قلنا: وقد ذهب ابن عباس إلى عدم النسخ، وكان يقرأ الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} بفتح الطاء وتشديد الواو، مبنياً للمفعول، فقد أخرج البخاري في "صحيحه" (4505) من طريق عمرو بن دينار، عن عطاء، سمع ابن عباس يقرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، وهو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً. قال الحافظ في "الفتح" 8/ 180: وهذه قراءة ابن مسعود أيضاً. وقد وقع عند النسائي [في "الكبرى" (10951)] من طريق ابن أبي نجيح [صوابه: ورقاء] عن عمرو ابن دينار: يطوَّقونه: يكلفونه. وهو تفسير حسن، أي: يكلَّفون إطاقته. قال: فعلى قراءة ابن عباس: يطوَّقونه، لا نسخ، لأنه يجعل الفدية على من تكلف الصوم وهو لا يقدر عليه، فيفطر ويكفّر، وهذا الحكم باقٍ. وسيأتي حديث ابن عباس هذا الذي أشار إليه الحافظ عند المصنف برقم (2318) وانظر تمام تخريجه هناك.

2316 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد، حدثني عليُّ بنُ حسين، عن أبيه، عن يزيدَ النحوي، عن عِكرمَة عن ابنِ عباسِ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، فكان من شاء منهم أن يفتدي بطعامِ مِسكين افتدى، وتمَّ له صومُه، فقال: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وقال {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 185] (¬1). ¬

_ (¬1) ضعيف، وقد رُوي عن ابن عباس بأسانيد أصح من هذا وأوثق رجالاً بأنه كان يذهب إلى أن هذه الآية محكمة وليست بمنسوخة، كما سيأتي عند المصنف برقم (2318). وأخرجه الطبري في "تفسيره" 2/ 133 عن محمد بن حميد الرازي، عن يحيى ابن واضح أبي تميلة، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري، به مرسلاً. ومحمد بن حميد الرازي متروك، ثم إن روايته هنا مرسلة. وأخرجه موصولاً عن ابن عباس أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (59)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" عند تفسير قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، وأبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 26، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 172 من طريق ابن جريج وعثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني، كلاهما عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس. وعطاء الخراساني لم يُدرك ابن عباس فيما قاله غير واحد من أهل العلم. ولم يصرح ابن جريج بالسماع، وعثمان بن عطاء ضعيف الحديث. وأخرجه موصولاً كذلك أبو عبيد (60) من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية ابن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. وعلي بن أبي طلحة روايته عن ابن عباس مرسلة. وفي الإسناد إليه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وهو ضعيف. وأخرجه الطبري في "تفسيره" 2/ 134 من طريق عطية العوفي، عن ابن عباس. وعطية العوفي ضعيف، والإسناد إليه ضعيف أيضاً.=

3 - باب من قال: هي مثبتة للشيخ والحبلى

3 - باب من قال: هي مُثبَتَة للشيخ والحبلى 2317 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا قتادة، أن عِكرِمَة حدثه أن ابنَ عباسٍ قال: أُثْبِتَتْ لِلحُبلى والمُرْضِع (¬1). 2318 - حدَّثنا ابن المثنى، حدَّثنا ابنُ أبي عَدي، عن سعيدٍ، عن قتادةَ، عن عَزْرَةَ، عن سعيد بنِ جبيرٍ عن ابنِ عباس {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال: كانت رُخْصَةً للشيخِ الكبيرِ والمرأةِ الكبيرة وهما يُطيقان الصيام أن يُفْطِرَا ويُطْعِمَا مكان كُل يومٍ مسكيناً، والحُبْلى والمُرْضِعُ إذا خافتا (¬2). ¬

_ وأخرجه ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 172 و 173، والخطيب في "تاريخ بغداد" 12/ 431 من طريق محمد بن سيرين، عن ابن عباس. ولم يسمع ابن سيرين من عبد الله بن عباس فيما قاله غير واحدٍ من أهل العلم. وأخرجه بنحوه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 1/ 308 من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس. وابن أبي ليلى سيئ الحفظ. (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دِعامة، وأبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه الطبري في "تفسيره" 2/ 139 من طريق عاصم الأحول، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الحامل والمرضع والشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم، يفطرون في رمضان، ويطعمون عن كل يوم مسكيناً، ثم قرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}. وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح، وقد اختصر المصنِّف هذا الحديث هنا، وتمامه عن ابن عباس: رُخِّص للشيح الكبير والعجوز الكبيرة في ذلك وهما يطيقان الصوم أن يفطرا إن شاءا أو يُطعما كلَّ يوم مسكيناً، ولا قضاء عليهما، ثم نُسخ ذلك في هذه الآية:=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يُطيقان الصوم، والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا، وأطعمتا كل يوم مسكيناً. عَزْرة: هو ابن عبد الرحمن الخُزاعي، وقتادة: هو ابن دِعامة، وسعيد: هو ابن أبي عَروبة، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم، وابن المثنى: هو محمد. وأخرجه بتمامه كما أشرنا ابن الجارود في "المنتقى" (381) واللفظ له، والطبري في "تفسيره" 2/ 135 من طريق سعيد بن أبي عَروبة، بهذا الإسناد. وأخرج الطبري 2/ 136 من طريق سعيد بن أبي عروبة، به. عن ابن عباس قال: إذا خافت الحامل على نفسها والمرضع على ولدها في رمضان، قال: يفطران ويطعمان مكان كل يوم مسكيناً ولا يقضيان صوماً. وأخرج الدارقطني (2382) من طريق سعيد بن أبي عَروبة، به بلفظ: إن ابن عباس قال لأم ولد له حبلى أو مرضع: أنت من الذين لا يُطيقون الصيام عليك الجزاء، وليس عليك القضاء. وقال الدارقطني: هذا إسناد صحيح. وأخرجه بنحو رواية الدارقطني هذه الطبري 2/ 136 بالإسناد نفسه، لكن وقع في إسناده سقط يستدرك من الدارقطني. وأخرج الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 6/ 185 - 186، والدارقطني (2384) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به بلفظ: كانت لابن عباس جارية ترضع فجهدت، فقال لها: أفطري، فإنك بمنزلة الذين يطيقونَهُ. هذا لفظ الطحاوي، ولفظ الدارقطني: أنه كانت له أمة ترضع فأجهضت، فأمرها أن تفطر، يعني وتطعم، ولا تقضي. وقال الدراقطني: هذا صحيح. وأخرج الدارقطني (2385) من طريق أيوب السختياني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أو ابن عمر قال: الحامل والمرضع تفطر ولا تقضي. وقال الدارقطني: وهذا صحيح. وأخرج أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" بإثر (108) من طريق قتادة وأيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قال لامرأة ترضع: أنت من الذين يطوّقونه، أفطري وأطعمي كل يوم مسكيناً.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرج الطبري 2/ 138 من طريق شريك النخعي، والطحاوي 6/ 185 من طريق إسرائيل بن يونس السبيعي، كلاهما عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} -وتحرف عند الطبري إلى: يطوَّقونه- قال: الذين يتجشمونه، ولا يطيقونه يعني إلا بالجهد: الحبلى والكبير والمريض وصاحب العطاش (فسره ابن الأثير فقال: العطاش بالضم: شدة العطش، وقد يكون داءً يَشرب معه ولا يَروى صاحبه) هذا لفظ الطحاوي وهو أتم. قلنا: وبحسب رواية ابن الجارود والطبري التامة يتضح أن ابن عباس كان يرى أن قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كان حكماً خاصاً للشيخ الكبير والعجوز اللذين يطيقان الصوم كان مرخَّصاً لهما أن يفديا صومهما بإطعام مسكين ويفطرا، ثم نسخ ذلك بقوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، فلزمهما من الصوم مثل الذي لزم الشابَّ، إلا أن يعجِزا عن الصوم فيكون ذلك الحكم الذي كان لهما قبل النسخ ثابتاً لهما حينئذٍ بحاله. بيَّنه الطبري 2/ 135. وهذا يُخالف روايات أخرى من غير طريق سعيد بن جبير نص فيها ابن عباس على أن الآية محكمة لم تُنسَخ بحالٍ. منها: ما أخرجه البخاري (4505)، والنسائي في "الكبرى" (2638) و (10951)، والطبري 2/ 138، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 6/ 182، والطبراني في "الكبير" (11388) والدارقطني (2377) و (2378) و (2381)، والحاكم 1/ 440، والبيهقي 4/ 270 من طريق عمرو بن دينار، والبيهقي 4/ 271 من طريق ابن أبي نجيح، كلاهما عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [وتحرف عند النسائي والطبري والدارقطني (2377) و (2378) و (2381)، والحاكم (يطوَّقونه) إلى: يطيقونه] قال: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعمان مكان كل يوم مسكيناً. وقد صحح الدارقطني (2379) إسناد طريق ابن أبي نجيح عن عطاء بن أبي رباح. وأخرجه الطبري 2/ 137 و 138 من طريق مجاهد بن جبر المكي، وعبد الرزاق (7573)، والطبري 2/ 137، والطبراني في "الكبير" (11854) من طريق عكرمة، كلاهما عن ابن عباس أنه قال: ليست بمنسوخة. وعند بعضهم: هي للناس اليوم قائمة.=

4 - باب الشهر يكون تسعا وعشرين

قال أبو داود: يعني على أولادهما أفطرَتَا وأطْعَمَتا. 4 - باب الشهر يكون تسعاً وعشرين 2319 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، حدَّثنا شعبةُ، عن الأسود بن قيسٍ، عن سعيدِ بنِ عمرو -يعني ابنَ سعيد بنِ العاص- عن ابنِ عمر، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنَا أُمَّة أميَّة، لا نكتُبُ، ولا نحسُبُ، الشهرُ هكذا وهكذا وهكذا" وخنس سليمانُ إصبَعهُ في الثالثة، يعني تسعاً وعشرين وثلاثين (¬1). ¬

_ ثم إن من روى عن ابن عباس أنه كان يقرأ: {يُطِيقُونَهُ}، يقتضي أنه لا نسخ كما قال الحافظ في "الفتح" 108/ 8، لأنه يجعل الفدية على من تكلَّف الصوم وهو لا يقدر عليه، فيفطر ويكفّر، وهذا الحكم باقٍ. وممن روى عنه أنه كان يقرؤها كذلك عطاء بن أبي رباح ومجاهد وعكرمة: فقد أخرجه عبد الرزاق (7575) و (7577)، والبخاري (4505)، والنسائي في "الكبرى" (10952)، والطبري 2/ 137، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 6/ 182، والطبراني في "الكبير" (11388)، والدارقطني (2377) و (2379) و (2381)، والحاكم 1/ 440، والبيهقي 4/ 270 - 271 و271 من طريق عطاء بن أبي رباح وعبد الرزاق (7574)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في "الناسخ والمنسوخ" (71)، والطبري 2/ 137، والطحاوي 6/ 184، والدارقطني (2379)، والبيهقي 4/ 271 من طريق مجاهد بن جبر، وعبد الرزاق (7573)، والطبري 2/ 137، والطبراني (11854) من طريق عكرمة مولى ابن عباس، ثلاثتهم عن ابن عباس أنه كان يقرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} لكن تحرف عند الدارقطني (2377) و (2381) إلى: {يُطِيقُونَهُ}. وكذلك كانت عائشة تقرؤها. أخرجه عنها عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 70، وفي "مصنفه" (7576)، ومن طريقه الطبري 2/ 138، والبيهقي 4/ 272. وإسناده صحيح. إلا أنها كانت تشدد الطاء كذلك، فتقول: (يطَّوَّقونه) مِن اطَوّاَق. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج الأزدي.

2320 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داودَ العَتكي، حدَّثنا حَمَّادٌ، حدَّثنا أيوبُ، عن نافع عن ابنِ عمر قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "الشَهْرُ تِسْعٌ وعِشرونَ، فلا تَصُوموا حتى تَرَوْهُ، ولا تُفْطِرُوا حتى تَرَوْهُ، فإن غُمَّ عليكم فاقْدُرُوا له" قال: فكان ابنُ عمر إذا كان شعبانُ تسعاً وعشرينَ نُظِرَ له، فإن رُؤي فذاك، وإن لم يُرَ ولم يَحُلْ دونَ منظَرِه سَحَابٌ ولا قَتَرَةٌ أصْبَحَ مفطراً، فإن حالَ دونَ منظرِه سَحَابٌ أو قَتَرَةٌ أصبحَ صائماً، قال: وكان ابنُ عُمَرَ يُفطِرُ معَ الناسِ ولا يأخُذُ بهذا الحسابِ (¬1). ¬

_ وأخرجه البخاري (1913)، ومسلم (1080)، والنسائي في "الكبرى" (2462) و (2463) و (2464) مختصراً و (5853) من طريق شعبة، ومسلم (1080)، والنسائي (2461) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن الأسود بن قيس، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً وتاماً البخاري (1908) و (5302)، ومسلم (1080)، والنسائي (2460) من طرق عن عبد الله بن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (4611) و (4815) و (5017)، و "صحيح ابن حبان" (3449) و (3454) و (3455). وقوله: "إنا أمَّةٌ أمِّيَّةٌ" قال ابن الأثير: أراد أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب، فهم على جِبِلَّتِهم الأولى، وقيل: الأُمي الذي لا يكتب، ومنه الحديث: "بُعثت إلى أمة أمية"، قيل للعرب: الأُميُّون؛ لأن الكتابة كانت فيهم عزيزةً أو عديمةً، ومنه قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: 2]. وقوله: "لا نحسُب" بضم السين، أي: لا نعرف العدَّ. وقوله: "خَنَسَ إصْبَعَهُ": قال الخطابي: أي: أضجعها فأخرها عن مقام أخواتها، ويقال للرجل إذا كان مع أصحابه في مسير أو سفر فتخلَّف عنهم: قد خَنَس عن أصحابه. (¬1) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن زيد، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه البخاري (1906)، ومسلم (1080)، والنسائي في "الكبرى" (2442) و (2443) من طرق عن نافع، به. وبعضهم لا يذكر فيه قوله: "الشهر تسعٌ وعشرون"=.

2321 - حدَّثنا حُمَيدُ بنُ مَسعدةَ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، حدثني أيوبُ، قال: كَتَبَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ إلى أهلِ البَصْرَةِ: بلغنا عن رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نحوَ حديثِ ابنِ عمر، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، زاد: "وإن أحْسنَ ما يُقْدَرُ له إذا رأينا هِلالَ شعبانَ لكذا وكذا فالصومُ إن شاء الله لِكذا وكذا، إلا أن تَرَوا الهِلالَ قبلَ ذلك" (¬1). 2322 - حدَّثنا أحمدُ بنُ منيع، عن ابنِ أبي زائدة، عن عيسى بنِ دينارٍ، عن أبيه، عن عمرِو بنِ الحارث بن أبي ضِرار عن ابنِ مسعودٍ، قال: لَمَا صُمنا مع النبي -صلَّى الله عليه وسلم- تسعاً وعشرينَ أكثرُ مِمَّا صمنا معه ثلاثين (¬2). ¬

_ وأخرجه البخاري (1900)، ومسلم (1080)، وابن ماجه (1655)، والنسائي (2441) من طريق سالم بن عبد الله، والبخاري (1907)، ومسلم (1080) من طريق عبد الله بن دينار، كلاهما عن ابن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (4488)، و"صحيح ابن حبان" (3441) و (3445) و (3451) و (3593). وقوله: "غُمَّ عليكم" من قولك: غممت الشيء إذا غَطيته: فهو مغموم. وقوله: "فاقدُروا له " معناه: التقدير له بإكمال العدة ثلاثين، يقال: قدرت الشيء أقدرُه قَدراً -بمعنى قدرته تقديراً- ومنه قوله تعالى: {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} [المرسلات: 23]. (¬1) رجاله ثقات، لكنه منقطع. عبد الوهاب: هر ابن عبد المجيد الثقفي. وانظر ما قبله. وقال المنذري في "المختصر" 3/ 211: وهذا الذي قاله عمر بن عبد العزيز قضت به الروايات الثابتة عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال دينار والد عيسى. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا الهمداني الوادعي.=

5 - باب إذا أخطأ القوم الهلال

2323 - حدَّثنا مُسَدَد، أن يزيدَ بنَ زُريع، حدَثهم، حدَّثنا خالدٌ الحذَّاء, عن عبدِ الرحمن بنِ أبي بكرة عن أبيه، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "شَهرَا عيدٍ لا يَنقُصَانِ: رمضانُ، وذو الحِجة" (¬1). 5 - باب إذا أخطأ القوم الهلالَ 2324 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا حمادٌ في حديث أيوبَ، عن محمد ابنِ المنكدرِ عن أبي هُريرة، ذكر النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم- فيه قال: "وفِطْرُكم يَوْمَ تُفْطِرُونَ، وأضْحَاكُم يَوْمَ تُضَحُّونَ، وكُلُّ عَرَفَةَ مَوقِفٌ، وكُلُّ مِنىً مَنْحَرٌ، وكُلُّ فِجاجِ مَكَّةَ مَنْحَرٌ، وكُلّ جَمْعٍ مَوْقِفٌ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (697) من طريق أحمد بن مَنيع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3776). ويشهد له حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (1658). وإسناده صحيح. وحديث عائشة عند أحمد (24518). وإسناده صحيح كذلك. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّد: هو ابن مُسرْهَد الأسَدي، وخالد الحذاء: هو ابن مِهران البصري. وأخرجه البخاري (1912)، ومسلم (1089)، وابن ماجه (1659)، والترمذي (701) من طرق عن خالد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وأخرجه البخاري (1912)، ومسلم (1089) من طريق إسحاق بن سويد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، به. وهو في "مسند أحمد" (20399)، و"صحيح ابن حبان" (325). (¬2) حديث صحيح بطرقه، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن محمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة. محمد بن عُبيد: هو ابن حِسَاب الغُبَري، وحمّاد: هو ابن زيد الأزدي، وأيوب: هو السختياني.

6 - باب إذا أغمي الشهر

6 - باب إذا أُغمي الشهر 2325 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدثني عبدُ الرحمن بنُ مهدي، حدثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عبدِ الله بنِ أبي قيسٍ، قال: ¬

_ وأخرجه ابن ماجه (1660) عن محمد بن عمر المُقرِئ، عن إسحاق بن عيسى، عن حمّاد بن زيد، عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. دون قوله: "وكل عرفة ... ". وهذا إسناد ضعيف لجهالة محمد بن عمر المقرئ. وأخرجه الترمذي (706) عن محمد بن إسماعيل، عن إبراهيم بن المنذر، عن إسحاق بن جعفر بن محمد، عن عبد الله بن جعفر، عن عثمان بن محمد الأخنسي، عن سيد المقبري، عن أبي هريرة دون قوله أيضاً: "وكل عرفة ... ". وهذا إسناد حسن متصل. وأخرجه أيضاً الترمذي (813) من طريق يحيي بن اليمان، عن معمر، عن محمد ابن المنكدر، عن عائشة. ويحيى بن اليمان ضعيف كثير الخطأ، وقد خالفه من هو أوثق منه فجعله من مسند أبي هريرة. ويشهد لقوله: "كل عرفة موقف .... " حديث جابر بن عبد الله السالف (1907) و (1936) و (1937). قال الخطابي: معنى الحديث: أن الخطأ موضوع عن الناس فيما كان سبيله الاجتهاد، فلو أن قوماً اجتهدوا فلم يروا الهلال إلا بعد الثلاثين، فلم يفطروا حتى استوفوا العدد، ثم ثبت عندهم أن الشهر كان تسعاً وعشرين، فإن صومهم وفطرهم ماضٍ، فلا شيء عليهم من وزر أو عتب، وكذلك هذا في الحج إذا أخطؤوا يوم عرفة، فإنه ليس عليهم إعادته ويجزيهم أضحاهم كذلك، وإنما هذا تخفيف من الله سبحانه ورفق بعباده. وقال الترمذي بإثر الحديث: وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث، فقال: إنما معنى هذا أن الصوم والفطر مع الجماعة وعُظْم الناس. وقوله: "وكل فجاج مكة منحر": الفجاج جمع فج: وهو الطريق الواسع. وقوله: "كل جمع" جمع: هي المزدلفة. والمعنى: أن محل الوقوف بعرفة، ومحل النحر في منى ومكة، ومحل الوقوف في مزدلفة لا ينحصر فيما وقف النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، ونحر من تلك الأماكن، بل يجوز الوقوف في جميع أمكنة عرفة، وجمغ أمكنة مزدلفة، ويجوز النحر في جميع أمكنة الحرم من منى ومكة.

سمعتُ عائشةَ رضي اللهُ عنها تقولُ: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يتحفظ من شعبانَ ما لا يتحفَّظ مِن غيرهِ، ثم يصوُم لِرؤيةِ رمضانَ، فإن غُمَّ عليهِ عدَّ ثلاثينَ يوماً، ثم صَامَ (¬1). 2326 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصباح البزازُ، حدَّثنا جريرُ بنُ عبد الحميد الضبيُّ، عن منصور بن المعتمر، عن ربْعيِّ بنِ حِراش عن حُذيفة قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تَقَدِّمُوا الشهرَ حتى تروا الهِلالَ أو تكمِلوا العِدةَ، ثم صُوموا حتى تروا الهِلالَ أو تكملُوا العِدَّة" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. معاوية بن صالح: هو ابن حُدَير الحضرمي الحمصي. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1675)، وأحمد (25161)، وابن خزيمة في "صحيحه" (1910)، وابن حبان (3444)، والطبراني في "مسند الشاميين" (1921)، والدارقطني في "سننه" (2149) وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 353 من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. وقال الدارقطني: هذا إسناد حسن صحيح. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (377) مطولاً من طريق أسد بن موسى، والحاكم في "المستدرك" 1/ 423، والبيهقي 4/ 206 من طريق عبد الله بن صالح، كلاهما عن معاوية بن صالح، به. وقولها: "يتحفظ" معناه يتكلف في حفظ أيام شعبان لمحافظة صوم رمضان. (¬2) إسناده صحيح. وأخرحه النسائى في "الكبرى" (2447) من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (2448) من طريق سفيان الثورى، عن منصور، عن ربعي، عن بعض أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ومثل هذا الاختلاف لا يؤثر بصحة الحديث، لأنه حيثما دار، دار على صحابي، وكلهم عدول. =

7 - باب من قال: فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين

قال أبو داود: ورواه سفيانُ وغيرُه عن منصورٍ، عن ربعيٍّ، عن رجُلٍ من أصحابِ النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، لم يُسَمِّ حذيفة (¬1). 7 - باب من قال: فإن غُم عليكم فصومُوا ثلاثين 2327 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا حسين، عن زائدةَ، عن سِماكٍ، عن عِكرمة عن ابنِ عباسٍ قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تَقَدَمُوا الشهرَ بصيام يومٍ ولا يومينِ، إلا أن يكونَ شيءٌ يصومُه أحدُكُم، ولا تصوموا حتى تروه، ثم صُوموا حتى تَرَوْه، فإن حال دونه غَمامة فأتِمُّوا العِدّة ثلاثين، ثم أفطروا، والشهر تسع وعشرون" (¬2). ¬

_ وأخرجه (2449) من طريق الحجاج بن أرطاة، عن منصور بن المعتمر، عن ربعي، به. مرسلاً. وهو في "صحيح ابن حبان" (3458) من حديث حذيفة، وفي "مسند أحمد" (18825) من حديث بعض أصحاب النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-. قال السندي: قوله: "لا تقدموا" أصله تتقدموا بتائين، والمقصود أن كلاً من الفطر والصوم لا يثبت إلا بأحد الأمرين. (¬1) مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي. (¬2) حديث صحيح. سِمَاك - وهو ابن حَرْب الذُّهلي، وإن كان في روايته عن عكرمة، وهو مولى ابن عباس، كلام -قد توبع. الحسن بن علي: هو ابن محمد الخَلاّل الحُلْواني، وحُسين: هو بن علي بن الوليد الجُعفي، وزائدة: هو ابن قُدامة. وأخرجه الترمذي (696)، والنسائي في "الكبرى" (2450) و (2451) و (2510) من طرق عن سماك، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه مختصراً مسلم (1088) من طريق أبي البختري، والنسائي (2445) من طريق عمرو بن دينار، و (2446) من طريق محمد بن حنين، ثلاثتهم عن ابن عباس، به. دون قوله: "لا تقدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين".

8 - باب في التقدم

قال أبو داود: رواه حاتِم بن أبي صَغيرةَ وشعبةُ والحسنُ بنُ صالح، عن سماكٍ، بمعناه، لم يقولوا: "ثم أفطروا". قال أبو داود: وهو حاتِم بنُ مسلم وأبو صغيرة: زوجُ أُمِّه. 8 - باب في التقدم 2328 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ، عن مُطرِّفٍ، عن عِمران بنِ حُصين. وسعيدٍ الجُريريّ، عن أبي العلاء، عن مُطرِّف عن عمران بن حصين، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال لرجلٍ: "هَلْ صُمْتَ مِنْ سِرَرِ شعبانَ شيئاً؟ " قال: لا، قال: "فإذا أفْطَرْتَ فَصمْ يوماً" وقال أحدهما: "يومين" (¬1). ¬

_ وهو في "مسند أحمد" (1931)، و"صحيح ابن حبان" (3590) و (3594). وانظر ما سيأتي برقم (2332). ولقوله: "لا تقدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين" شاهد من حديث أبي هريرة سيأتي برقم (2335). (¬1) إسناداه صحيحان. حمّاد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البُناني، ومُطَرِّف: هو ابن عبد الله بن الشِّخِّير، وأبو العلاء: هو يزيد بن عبد الله بن الشخير. وأخرجه البخاري (1983)، ومسلم (1161)، والنسائي في "الكبرى" (2881 - 2884) من طرق عن مطرف، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19839)، و: "صحيح ابن حبان" (3587) و (3588). قوله: سِرَر شعبان، قال ابن القيم في "تهذيب السنن": بكسر السين وفتحها، وهو آخره، وقت استسرار هلاله. وقال الخطابي تعليقاً على هذا الحديث وحديث ابن عباس السالف قبله: هذان الحديثان متعارضان في الظاهر، ووجه الجمع بينهما أن يكون الأول إنما هو شيء كان=

2329 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ العلاء الزُّبيديُّ من كتابه، حدَّثنا الوليدُ بنُ مسلم، حدَّثنا عبدُ الله بنُ العلاء، عن أبي الأزهرِ -المغيرةِ بنِ فروةَ- قال: قام معاويةُ في الناسِ بدَيْرِ مِسْحَل الذي على بابِ حِمْص، فقال: يا أيّها الناس، إنا قد رأينا الهِلالَ. يومَ كذا وكذا، وأنا مَتقَدّمٌ بالصِّيام، فمن أحبَّ أن يَفْعَلَه فليفعلْه، قال: فقام إليهِ مالك بنُ هُبَيرة السَّبَئي، فقال: يا معاويةُ، أشيءٌ سمعته من رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أمْ شيء مِنْ رأيك؟ قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "صُومُوا الشَّهْرَ وسِرَّه" (¬1). 2330 - حدَّثنا سليمانُ بنُ عبدِ الرحمن الدمشقي في هذا الحديثِ قال: قال الوليدُ: سمعتُ أبا عمرو -يعني الأوزاعيَّ- يقول: سِرُّه: أولُه (¬2). ¬

_ = الرجل قد أوجبه على نفسه بنذره، فأمره بالوفاء به، أو كان ذلك عادة قد اعتادها في صيام أواخر الشهور، فتركه لاستقبال الشهر فاستحب له -صلَّى الله عليه وسلم- أن يقضيه، وأما المنهي عنه في حديث ابن عباس، فهو أن يبتدئ المرء متبرعاً به من غير إيجاب نذر ولا عادة كان قد تعودها فيما مضى. (¬1) إسناده حسن. الوليد بن مسلم صرح بالسماع، وشيخه كذلك قد صرح بالسماع عند الطبراني 19/ (901)، وأبو الأزهر المغيرة بن فروة روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات". وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (901)، و"مسند الشاميين" (795)، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 210 من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. ومالك بن هبيرة: له صحبة، كنيتة أبو سعيد، وقيل: أبو سليمان، سكن مصر، ويقال: إنه شهد فتح مصر، ويُعد في الحمصيين، لأنه ولى حمص لمعاوية. (¬2) قال الخطابي: أنا أنكر هذا التفسير وأراه غلطاً في النقل، ولا أعرف له وجهاً في اللغة، والصحيح أن سرَّه آخره، هكذا حدَّثناه أصحابنا عن إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل، حدَّثنا محمود بن خالد الدمشقي، عن الوليد، عن الأوزاعي، قال: سِرّه: آخره، وهذا هو الصواب.

9 - باب إذا رئي الهلال في بلد قبل الآخرين بليلة

2331 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدِ الواحدِ، حدَّثنا أبو مُسهِرٍ، قال: كان سعيد - يعني ابنَ عبد العزيز - يقول: سِرُّهُ أوَّلُه (¬1). قال أبو داود: وقال بعضهم: سِرُّه وسَطه، وقالوا: آخرُه (¬2). 9 - باب إذا رُئِيَ الهلال في بلد قبل الآخرين بليلة 2332 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا إسماعيلُ -يعني ابنَ جعفر- أخبرني محمدُ بنُ أبي حرملَةَ أخبرني كُرَيْبٌ، أن أُمَّ الفضلِ ابنةَ الحارث بَعَثَتْهُ إلى معاوية بالشامِ، قال: فَقَدِمْتُ الشامَ فقضيت حاجَتَها، فاستُهِلَّ رَمَضَانُ وأنا بالشام، فرأينا الهلالَ ليلة الجمعة، ثم قَدِمت المدينة في آخرِ الشهرِ، فسألني ابنُ عباس، ثم ذكر الهلال، فقال: متى رأيتُم الهلالَ؟ قلتُ: رأيتُه ليلةَ الجمعة، قال: أنتَ رأيتَه؟ قلتُ: نعم، ورآه الناسُ، وصَامُوا وصامَ معاويةُ، قال: لكنا رأيناه ليلةَ السبت، فلا نزالُ نصومه حتى نكمِّل الثلاثينَ أو نراه، فقلتُ: أفلا تكتفي برؤيةِ معاوية وصيامِه؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- (¬3). ¬

_ (¬1) انظر ما قبله. (¬2) مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من هامش (هـ) - وهي برواية ابن داسه -، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي. (¬3) إسناده صحيح. كريب: هو مولى ابن عباس. وأخرجه مسلم (1087)، والترمذي (702)، والنسائي في "الكبرى" (2432) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. وهو في "مسند أحمد" (2789). =

2333 - حدَّثنا عُبيدُ الله بن مُعاذٍ، حدثني أبي، حدَّثنا الأشعثُ عن الحسن، في رجلٍ كان بمصْرٍ من الأمصارِ فصامَ يومَ الاثنينِ، وشَهِدَ رجلانِ أنهما رأيا الهلالَ ليلةَ الأحَدِ، فقال: لا يَقْضِي ذلك اليومَ الرَّجل ولا أهلُ مصره، إلا أن يَعْلَموا أن أهلَ مصرٍ من أمصارِ المسلمين قد صامُوا يَوْمَ الأحد فيقضُوه (¬1). ¬

_ وقوله: "فاستَهلَّ رمضان"، قال السندي: على بناء الفاعل، أي: تَبيَّن هلالُه، أو المفعول، أي: رُئي هلالُه، كذا في الصحاح. وقوله: هكذا أمرنا النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: يحتمل أن المراد به أنه أمرنا أن لا نقبل شهادة الواحد في حق الإفطار، أو أمرنا بأن نعتمد على رؤية أهل بلدنا ولا نعتمد على رؤية غيرهم، وكلامُ العلماء يميلُ إلى المعنى الثاني، والله تعالى أعلم. قال الحافظ العراقي في "طرح التثريب" 4/ 116: إذا رئي الهلال ببلدة لزم أهل جميع البلاد الصوم وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد والليث بن سعد، وحكاه ابن المنذر عن أكثر الفقهاء، وبه قال بعض الشافعية، فإنهم قالوا: إن تقاربت البلدان، فحكمهما حكم البلد الواحد، وإن تباعدتا وجهان، أصحهما عند الشيخ أبي حامد والشيخ أبي إسحاق والغزالي والشاشي والأكثر من أنه لا يجب الصوم على أهل البلد الآخر. والثاني: الوجوب وإليه ذهب القاضي أبو الطيب والروياني، وقال: إنه ظاهر المذهب، واختاره جميع أصحابنا، وحكاه البغوي عن الشافعي نفسه. قلنا: وقد ألف الحافظ أبو الفيض أحمد الصديقي الغماري رسالة أسماها "توجيه الأنظار لتوحيد المسلمين في الصوم والإفطار" ذهب فيها إلى أنه لا عبرة في اختلاف المطالع، وأن جميع المسلمين في مختلف الأقطار يلزمهم الصوم مع من ثبت عندهم رؤية الهلال في أهل أي قطر من الأقطار، وقد أقام على ذلك الأدلة القاطعة والبراهين والحجج، وأبان أنه لا دليل في حديث ابن عباس أصلاً ولا ذكر فيه لاختلاف المطالع، ولا لكل بلد رؤيتهم، بل كل ذلك من التقول على الحديث وتحميله ما لا يحتمل. (¬1) إسناده صحيح. وهو مقطوع. معاذ: هو ابن معاذ العنبري التميمي، والأشعث: هو ابن عبد الملك الحُمرانيّ، والحسن: هو البصري. =

10 - باب كراهية صوم يوم الشك

10 - باب كراهية صوْمِ يومِ الشَّك 2334 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الله بن نُمَير، حدَّثنا أبو خالدٍ الأحمرُ، عن عمرو بنِ قيسٍ، عن أبي إسحاق، عن صِلَةَ، قال: كُنَّا عندَ عمارِ في اليومِ الذي يُشَكُّ فيه، فأُتي بشاةٍ، فتنحَّى بعضُ القَوْمِ، فقال عمار: مَنْ صامَ هذا اليومَ، فقد عَصَى أبا القَاسِمِ -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). 11 - باب فيمن يصلُ شعبانَ برمضانَ 2335 - حدَّثنا مسلُم بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا هشام، عن يحيى بنِ أبي كثير، عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هريرة، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا تَقَدمُوا صَوْمَ رمضَانَ بيوْمٍ ولا يومين، إلا أن يكونَ صوم يصومُه رجُل فليصُمْ ذلك الصَوْمَ" (¬2). ¬

_ تنبيه: هذا الأثر أثبتناه من (هـ)، وهامش (ج) بخط مغاير وصحح عليه، وقال الحافظ المزي في "تحفة الأشراف" 13/ 162: هذا الحديث في رواية أبي الحسن بن العبد وأبي بكر بن داسه. (¬1) إسناده قوي من أجل أبي خالد الأحمر -واسمه سليمان بن حيان- فهو صدوق لا بأس به. وقد صحح إسناده الدارقطني (2150)، والحاكم 1/ 423 - 424، وسكت عنه الذهبي. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه ابن ماجه (1645)، والترمذي (694)، والنسائي في "الكبرى" (2509) من طريق أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، ومن بعدهم من التابعين، وبه يقول سفيان الثوري، ومالك بن أنس وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق كرهوا أن يصوم الرجل اليوم الذي يشكُّ فيه. وهو في "صحيح ابن حبان" (3585). (¬2) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري.=

2336 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا محمدُ بنُ جعفر، حدَّثنا شعبةُ، عن توبةَ العنبريِّ، عن محمد بنِ إبراهيمَ، عن أبي سلمة عن أمِّ سلمة، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: أنه لم يكُنْ يصومُ مِن السَّنةِ شهراً تاماً إلا شعبانَ يَصِلُه بِرَمضانَ (¬1). ¬

_ وأخرجه البخاري (1914)، ومسلم (1082)، وابن ماجه (1650)، والترمذي (693)، والنسائي في "الكبرى" (2493) و (2494) و (2511) من طرق عن يحيي بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (692) من طريق محمد بن عمرو الليثي، عن أبي سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (7200)، و "صحيح ابن حبان" (3586) و (3592). قال الخطابي: معنى الحديث أن يكون قد اعتاد صوم الاثنين والخميس، فيوافق صوم اليوم المعتاد فيصومه، ولا يتعمد صومه إن لم تكن له عادة. (¬1) إسناده صحيح. محمد بن جعفر: هو المعروف بغُندَر، وشعبة: هو ابن الحجّاج الأزدي، وتَوبة العَنْبَري: هو ابن أبي الأسد، ومحمد بن إبراهيم: هو التيمي، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2497) و (2674) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1648)، والترمذي (746)، والنسائي (2496) و (2673) من طريق سالم أبي الجعد، عن أبي سلمة، به. وقال الترمذي: حديث أم سلمة حديث حسن وقد روي هذا الحديث أيضاً عن أبي سلمة عن عائشة أنها قالت: ما رأيت النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في شهر أكثر صياماً منه في شعبان كان يصومه إلا قليلاً، بل كان يصومه كله. وقال في "الشمائل" (294) عن حديث أم سلمة: هذا إسناد صحيح، وهكذا قال عن أبي سلمة، عن أم سلمة، وروى هذا الحديث غير واحد عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله تعالى عنها عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، ويحتمل أن يكون أبو سلمة بن عبد الرحمن قد روى هذا الحديث عن عائشة وأم سلمة جميعاً، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. قلنا: وحديث عائشة هو عند الترمذي في "الشمائل" (295) وفي "المسند" (24116) وانظر تمام الكلام عليه فيه. وهو في "مسند أحمد" (26653).

12 - باب في كراهية ذلك

12 - باب في كراهية ذلك 2337 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ محمد، قال: قَدِمَ عَبّادُ ابنُ كثيرٍ المدينةَ، فمال إلى مجلس العلاءِ فأخذ بيدِه فأقامه، ثم قال: اللهُمَ إن هذا يَحدِّث عن أبيه عن أبي هُريرة، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا انتَصَفَ شعبانُ، فلا تَصُوموا" فقال العلاء. اللَّهُمَّ إن أبي حدَّثني عن أبي هريرة عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بذلك (¬1). [قال أبو داود: رواه الثوريُّ وشِبلُ بنُ العلاء وأبو عميس وزهيرُ ابن محمد، عن العلاء. ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قري من أجل عبد العزيز بن محمد - وهو الدَّراوردي- العلاء: هو ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقيُّ. وأخرجه ابن ماجه (1651)، والترمذي (748) من طريق عبد العزيز بن محمد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن ماجه (1651) من طريق مسلم بن خالد، والنسائي في "الكبرى" (2923) من طريق أبي عُميس عتبة بن عبد الله، كلاهما عن العلاء، به. وهو في "مسند أحمد" (9707) من طريق أبي العُميس، وفي "صحيح ابن حبان" (3589) من طريق روح بن القاسم، كلاهما عن العلاء. ولا معارضة بين هذا الحديث، وبين الحديث السالف الدال على صيام شعبان، لأن حديث أم سلمة يدل على صوم نصفه مع قبله، وعلى الصوم المعتاد في النصف الثاني، وحديث العلاء عن أبي هريرة يدل على المنع من تعمد الصوم بعد النصف، لا لعادة ولا مضافاً إلى ما قبله، ويشهد له حديث أبي هريرة السالف برقم (2335): "لا تقدموا صوم رمضان بيوم أو يومين".

13 - باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال

قال أبو داود: وكان عبدُ الرحمن لا يُحدث به، قلتُ لأحمد: لم؟ قال: لأنه كان عنده: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يَصِلُ شعبانَ برمضان، وقال: عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- خِلافُه. قال أبو داود: هذا عندي ليس خلافه] (¬1). 13 - باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال 2338 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الرحيم أبو يحيى البزاز، أخبرنا سعيدُ بنُ سليمانَ، حدَّثنا عباد، عن أبي مالك الأشجعيِّ، حدَّثنا حسينُ بنُ الحارثِ الجَدَليُ جَديلة قيس أن أميرَ مكةَ خطبَ ثم قالَ: عَهِدَ إلينا رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- أن نَنْسُكَ لِلرؤيةِ، فإن لم نَرَه وشَهِدَ شاهدا عَدْلٍ نَسَكْنَا بِشَهَادتِهِمَا، فسألتُ الحسينَ بن الحارث: مَنْ أميرُ مكَّة؟ قال: لا أدري، ثم لقيني بَعْدُ فقال: هُوَ الحارثُ بن حاطب أخو محمد بنِ حاطب، ثم قال الأمير: إنَ فيكم من هو أعلمُ بالله ورسوله مني، وشهد هذا من رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وأومأ بيدِه إلى رجُلٍ، قال الحسينُ: فقلتُ لِشيخٍ إلى جنبي من: هذا الذي أومأ إليهِ الأميرُ؟ قال: هذا عبدُ الله بنُ عمر، وصَدَقَ، كان أعلَم باللهِ مِنْه، فقال: بذلك أمَرَنَا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- (¬2). ¬

_ (¬1) ما بين معقوفين زيادة أثبتناها من (هـ) و (و) وبعضُه زدناه من هامش (هـ): من قوله: قلت لأحمد ... إلى آخره. (¬2) إسناده حسن. حسين بن الحارث الجَدَلي صدوق. سعيدُ بن سليمان: هو الضبي الواسطي، وعبَّاد: هو ابن العوام الكلابي، وأبو مالك الأشجعي: هو سعد بن طارق. =

2339 - حدَّثنا مُسَدَدٌ وخلفُ بنُ هشام المُقرئ، قالا: حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن منصورٍ، عن ربْعى بن حِراش عن رجلٍ من أصحاب النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: اختلف الناسُ في آخر يومٍ من رمضانَ، فقدم أعرابيانِ فشهدا عندَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بالله لأهلاَّ الهِلال أمسِ عشيةً، فأمرَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- الناسَ أن يُفْطِرُوا، زاد خلف في حديثه: وأن يَغْدُوا إلى مُصَلاَّهُم (¬1). ¬

_ وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" (192)، والدارقطني في "سننه" (2191) و (2192)، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 247، وابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف" (1073) من طرق عن سعيد بن سليمان، بهذا الإسناد. وقال الدارقطني: هذا إسناد متصل صحيح. (¬1) إسناده صحيح، وإبهام صحابيه لا يضر، لأن الصحابة كلهم عدول، قال الإمام البيهقي: وأصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كلهم ثقات، سواء سموا أم لم يسموا. مسدَد: هو ابن مسرهد الأسَدي، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، ومنصور: هو ابن المعتمر السُّلمي. وأخرجه الدارقطني في "سننه" (2202)، والبيهقي في "الكبرى" 2/ 248 من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد. وقال الدارقطني: هذا إسناد حسن ثابت. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (7335) و (7337)، وأحمد في "مسنده" (18824) و (23069)، وابن الجارود (396)، والطبراني في "الكبير" 17/ (662)، والدارقطني (2199) و (2200) و (2201)، والبيهقي 4/ 248 من طريق سفيان الثوري، والدارقطني (2194) من طريق عَبيدة بن حُميد، كلاهما عن منصور، به وقال الدارقطني من طريق عَبيدة: هذا صحيح. وأخرجه الطبراني 17/ (663)، والحاكم 1/ 297، والبيهقي 4/ 248 من طريق إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، عن سفيان بن عيينة، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن أبي مسعود ... فذكر الحديث. وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" (18824). وقوله: لأهلّا الهلال، أي: رأياه، والهلال مفعول به منصوب.

14 - باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان

14 - باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان 2340 - حدَّثنا محمدُ بنُ بكار بنِ الريان، حدَّثنا الوليدُ -يعني ابنَ أبي ثور- (ح) وحدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا الحسين -يعني الجعفي- عن زائدةَ -المعنى- عن سِمَاك، عن عِكرمة عن ابنِ عباسٍ قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: إني رأيتُ الهِلالَ -قال الحسنُ في حديثه: يعني رمضان- فقال: " أتَشْهَدُ أن لا إله إلا الله؟ " قال: نعم، قال: "أتَشهدُ أن محمداً رسولُ الله؟ " قال: نعم، قال: "يا بلالُ، أذِّن في النَّاسِ، فليصُومُوا غداً" (¬1). 2341 - حدثني موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن سماكِ بنِ حرب عن عِكرمَةَ، أنهم شكُّوا في هلالِ رمضانَ مرةً فأرادُوا أن لا يَقُومُوا ولا يَصُومُوا، فجاء أعرابيٌّ من الحرَّة، فشهد أنه رأى الهِلالَ، فأُتيَ به النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "أتَشْهَدُ أنْ لا إله إلا الله، وأني رسولُ الله؟ " ¬

_ (¬1) حديث حسن لغيره، وهذا سند رجاله ثقات إلا أن سماكاً في روايته عن عكرمة اضطراب، وقد اختلفوا عليه في هذا الحديث، فروي عنه مرسلاً، ورجَّحه غيرُ واحدٍ من الأئمة، لكن يشهَدُ لهُ حديثُ ابن عمر الآتي بعده، فيتَقَوى به. وأخرجه ابنُ ماجه (1652) من طريق حماد بن أسامة، والترمذي (700)، والنسائي في "الكبرى" (2433) من طريق حسين الجعفي، كلاهما عن زائدة، وأخرجه الترمذي (699) من طريق محمد بن الصباح، عن الوليد بن أبي ثور، وأخرجه النسائي (2434) من طريق سفيان الثوري، ثلاثتهم (زائدة والوليد بن أبي ثور وسفيان الثوري) عن سماك، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (3446). وانظر ما بعده.

قال: نعم، وشَهِدَ أنه رأى الهِلال، فأمر بلالاً فنادَى في النَّاسِ أن يقوُمُوا وأن يَصُومُوا (¬1). قال أبو داود: رواه جماعة عن سِمَاك، عن عِكْرِمَة مرسلاً، لم يذكر القيامَ أحدٌ إلا حمادُ بنُ سَلَمَةَ. 2342 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالدِ وعبدُ الله بنُ عبدِ الرحمن السمرقنديُ -وأنا لحديثه أتقَنُ- قالا: حدَّثنا مروانُ -هو ابنُ محمد- عن عبدِ اللهِ بنِ وهْب، عن يحيى بن عبد الله بنِ سالم، عن أبي بكرِ بنِ نافع، عن أبيه عن ابنِ عمر، قال: تراءى الناسُ الهِلالَ، فأخبرتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أني رأيتُه فَصَامَ وأمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكنه مرسل، ورواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب كسابقه. حمّاد: هو ابن سلمة البصري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2435) و (2436) من طريق سفيان الثوري، عن سماك، به مرسلاً. وقال الترمذي (699): حديث ابن عباس فيه اختلاف، وأكثر أصحاب سماك يروونه عنه عن عكرمة مرسلاً. ونقل الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 443 قول النسائي: وهذا أولى بالصواب، لأن سماكاً كان يُلَقن فيتلقن. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه الدارمي في"سننه" (1691)، وابن حبان في "صحيحه" (3447)، والطبراني في "الأوسط" (3877) والدارقطني في "سننه" (2146)، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 212، وابن الجوزي في "التحقيق" (1070) من طريق مروان بن محمد. وقال الدارقطني: تفرد به مروان بن محمد عن ابن وهب وهو ثقة. قلنا: فيه نظر، فقد تابعه هارون بن سعيد الأيلي عن ابن وهب، به عند الحاكم 1/ 423، والبيهقي 4/ 212.

15 - باب في توكيد السحور

15 - باب في توكيد السّحور 2343 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ المبارك، عن موسى بنِ عُلَيّ بنِ رباح، عن أبيه، عن أبي قيسٍ مولى عمرو بنِ العاص عن عمرو بن العاص، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنَّ فَصْلَ ما بَيْنَ صِيامِنَا وصِيامِ أهْلِ الكتاب أكلَةُ السَّحَرِ" (¬1). 16 - باب من سمَّى السَّحور الغداءَ 2344 - حدَّثنا عمرُو بنُ محمد الناقد، حدَّثنا حمادُ بن خالدٍ الخياط، حدَّثنا معاويةُ بنُ صالحٍ، عن يونسَ بنِ سيفٍ، عن الحارث بنِ زيادٍ، عن أبي رُهْم عن العِرْباضِ بنِ سَارِيَةُ، قال: دعاني رسُولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- إلى السَّحُورِ في رمضان، فقال: "هلُمَّ إلى الغَدَاء المُبَاركِ " (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، وأبو قيس: هو عبد الرحمن ابن ثابت السهمي. وأخرجه مسلم (1096)، والترمذي (718)، والنسائي في "الكبرى" (2487) من طرق عن موسى بن عُلى، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (17762)، و"صحيح ابن حبان" (3477). قال الخطابي: معنى هذا الكلام الحث على التسحر، وفيه الإعلام بأن هذا الدين يسر لا عسر فيه، وكان أهل الكتاب إذا ناموا بعد الإفطار لم يحل لهم معاودة الأكل والشرب، وعلى مثل ذلك كان الأمر في أول الإسلام، ثم نسخ الله عز وجل ذلك، ورخص في الطعام والشراب إلى وقت الفجر بقوله: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]. (¬2) حديث حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف، لجهالة الحارث بن زياد -وهو الشامي-. معاوية بن صالح: هو ابن حُدَير الحضرمي، وأبو رُهَم: هو أحزاب بن أَسِيد السَّمَعي، وهو مخضرم.

17 - باب وقت السحور

2345 - حدَّثنا عمرُ بنُ الحسنِ بنِ إبراهيمَ، حدَّثنا محمدُ بنُ أبي الوزير أبو المطرّفِ، حدَّثنا محمدُ بنُ موسى، عن سعيدٍ المقبريِّ عن أبي هريرة، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "نِعْمَ سَحُورُ المُؤمِنِ التَّمْرُ" (¬1). 17 - باب وقت السّحور 2346 - حدَّثنا مُسَدَد، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن عبدِ الله بنِ سَوَادة القُشيريِّ، عن أبيه قال: ¬

_ وأخرجه النسائى في "الكبرى" (2484) من طريق معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17143)، و"صحيح ابن حبان" (3465). وللحديث شاهد من حديث المقدام بن معدي كرب، وعائشة، وأبي الدرداء، وعمر بن الخطاب. انظرها في "المسند". قال الخطابي: إنما سماه غداءً، لأن الصائم يتقوى به على صيام النهار، فكأنه قد تغدى، والعرب تقول: غدا فلان لحاجته: إذا بكر فيها، وذلك من لدن وقت السحر إلى طلوع الشمس. والسحور بفتح السين: اسم ما يؤكل في وقت السحر، والفطور كذلك ما يفطر به، والسحور بالضم: اسم الفعل بالوجهين. (¬1) إسناده صحيح. محمد بن موسى: هو الفِطرِي. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3475)، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 236 من طريق محمد بن موسى، به. وفي الباب عن جابر عند البزار (978)، وأبي نعيم في "الحلية" 3/ 350. وآخر عن السائب بن يزيد عند الطبراني في"الكبير" (6689). تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ) و (و) وهما برواية ابن داسه. وقد ذكره المزي في "تحفة الأشراف" (13067) ونسبه لأبي داود مطلقاً!

سمعت سَمُرة بن جُنْدُب يَخْطُبُ وهو يقول: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا يمنعنَ من سَحورِكُم أذانُ بِلالٍ، ولا بياض الأفقِ الذي هكذا حتى يستطِيرَ" (¬1). 2347 - حدَّثنا مُسَدَد، حدَّثنا يحيى، عن التيميِّ (ح) وحدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا زُهير، حدَّثنا سليمانُ التيمي، عن أبي عثمانَ عن عبدِ الله بنِ مسعود، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا يَمْنَعَن أحَدَكُم أذانُ بلالٍ من سَحورهِ، فإنه يُؤذِّنُ -أو قال: يُنادِي- لِيَرْجِعَ قائِمَكُم، وينتبِه نائمُكُم، وليس الفَجْرُ أن يقول هكذا" -قال مُسَدَّد: وجمع يحيى كَفَّهُ- "حتى يقول هكذا" ومدَّ يحيى بإصبعيه السَّبابَتْين (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. سوادة -وهو ابن حنظلة القشيري البصري- روى عنه جمع، وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى له مسلم هذا الحديث في"صحيحه". مُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد الأسَدي. وأخرجه مسلم (1094) من طريق عبد الله بن سوادة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1094)، والترمذي (715)، والنسائي في "الكبرى" (2492) من فريقين عن سوادة، به. وهو في "مسند أحمد" (20097) و (20149). وله شاهد من حديث ابن مسعود سيأتي بعده. وانظر تتمة شواهده في "مسند أحمد" (3654). وقوله: "يستطير": معناه يعترض في الأفق، وينشر ضوءه هناك. (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، والتيمي: هو سُليمان بن طَرْخان. وزهير: هو ابن معاوية الجُعفي، وأبو عثمان: هو عبد الرحمن بن مُل النَهدي. وأخرجه البخاري (621) و (5298) و (7247)، ومسلم (1093)، وابن ماجه (1696)، والنسائي في "الكبرى" (1617) و (2491) من طرق، عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد.

2348 - حدَّثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا مُلازِمُ بن عَمرو، عن عبد الله بنِ النعمان، حدثني قيسُ بنُ طلقٍ عن أبيهِ، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "كُلُوا واشْرَبُوا، ولا يَهيدَنكُمُ السَّاطِعُ المُصْعِدُ، فَكُلوا واشْرَبُوا حتى يعترِضَ لكُمُ الأحْمَرُ" (¬1). قال أبو داود: هذا مما تفرد به أهلُ اليمامة (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (3654)، و"صحيح ابن حبان" (3468) و (3472). وقوله: "ليرجع قائمكم": لفظ قائمكم منصوبة على أنها مفعول به "ليرجع" ورجع يستعمل لازماً ومتعدياً، قال الله سبحانه {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ} [التوبة: 83] ومعناه يرد القائم، أي: المتهجد إلى راحته ليقوم إلى صلاة الفجر نشيطاً، أو يكون له حاجة إلى الصيام فيتسحر. وقوله: "وينتبه نائمكم" في رواية مسلم: "ويوقظ نائمكم" ولفظ البخاري: "وينبه نائمكم" وقوله: "وليس الفجر أن يقول هكذا وهكذا". فيه إطلاق القول على الفعل، أي: يظهر، وكذا قوله: "حتى يقول" وكأنه -صلَّى الله عليه وسلم- يحكي بذلك صفة الفجر الصادق، لأنه يطلع معترضاً ثم يعم الأفق ذاهباً يميناً وشمالاً بخلاف الفجر الكاذب وهو الذي تسميه العرب: ذنب السرحان، فإنه يظهر في أعلى السماء ثم ينخفض. (¬1) إسناده حسن. قيس بن طلق صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الترمذي (714) من طريق ملازم بن عمرو، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (16291). وفي الباب عن سمرة بن جندب سلف برقم (2346). وقوله: ولا يهيدنكم. قال ابن الأثير في "النهاية"، أي: لا تنزعجوا للفجر المستطيل فتمتنعوا عن السُّحور، فإنه الصبح الكاذب، وأصل الهيد: الحركة، وقد هِدْتُ الشيء أهيدُه هَيداً: إذا حركته وأزعجته. الساطع: المرتفع، وسطوعها: ارتفاعها مصعداً قبل أن يعترض، ومعنى الأحمر هنا أن يستبطن البياض المعترض أوائل حُمرة، وذلك أن البياض إذا تَتَامَّ طُلُوعه ظهرت أوائل الحمرة. (¬2) مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي.

18 - باب [في] الرجل يسمع النداء والإناء على يده

2349 - حدَّثنا مُسَدَد، حدَّثنا حُصينُ بنُ نمير (ح) وحدَثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا ابنُ إدريس -المعنى- عن حُصين، عن الشَعبى عن عدي بنِ حاتِم، قال: لما نزلت هذه الآية {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: 187] قال: أخذتُ عِقالاً أبيضَ وعِقالاً أسودَ، فوضعتُهما تحتَ وسَادتي، فنظرتُ، فلم أتبيَّن، فذكرتُ ذلك لِرسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فَضَحِكَ فقال: "إن وِسَادَكَ إذاً لعَرِيضٌ طويلٌ، إنما هو الليل والنهار" وقال عثمانُ: "إنما هو سوادُ الليل وبياضُ النهارِ" (¬1). 18 - باب [في] الرجل يسمع النداء والإناءُ على يده 2350 - حدَّثنا عبدُ الأعلى بنُ حمَّادِ، حدَّثنا حماد، عن محمد بنِ عمرو، عن أبي سلمة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، وابن إدريس: هو عبد الله الأودي، وحُصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، والشعبي: هو عامر بن شَراحيل. وأخرجه البخاري (1916) و (4509)، ومسلم (1090)، والترمذي (3208) من طرق عن حصين، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (4510)، والترمذي (3209) و (3210)، والنسائي في "الكبرى" (2490) و (10954) من طريقين عن الشعبي، به. وهو في "مسند أحمد" (19370)، و"صحيح ابن حبان" (3462) و (3463). وقوله: "إن وسادك إذاً لعريض", قال الخطابي: فيه قولان: أحدهما: يريد أن نومك إذاً لكثير، وكنى بالوساد عن النوم إذ كان النائم يتوسده، أو يكون أراد أن ليلك إذاً لطويل إذا كنت لا تمسك عن الأكل والشرب حتى يتبين لك سواد العقال من بياضه. والقول الآخر: إنه كنى بالوساد عن الموضع الذي يضعه من رأسه وعنقه على الوساد إذا نام، والعرب تقول: فلان عريض القفا: إذا كانت فيه غباوة وغفلة.

19 - باب وقت فطر الصائم

عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا سَمِعَ أحَدُكُم النداء والإناءُ على يَدِهِ، فلا يَضَعْهُ حتى يقضِيَ حاجتَه منه" (¬1). 19 - باب وقت فطر الصائم 2351 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا وكيع، حدَّثنا هِشَامٌ (ح) وحدَثنا مُسَدد، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود، عن هشامٍ -المعنى، قال: هشام ابنُ عروة- عن أبيه، عن عَاصِمِ بنِ عُمَرَ ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناده حسن. محمد بن عمرو - وهو ابن علقمة الليثي - صدوق حسن الحديث، لكنه قد توبع. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه أحمد في "مسنده " (9474) و (10629)، والطبراني في "تفسيره" (3015)، والدارقطني في "سننه" (2182)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 203، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 218 من طرق عن حمّاد بن سلمة. بهذا الإسناد. وقال الدارقطني: هذا حديث حسن. وصححه الحاكم على شرط مسلم. وأخرجه أحمد (10630)، والطبري 2/ 175، والحاكم 1/ 203، وابن حزم في "المحلى" 6/ 232، واليهقي 4/ 218 من طريقين عن حماد بن سلمة، عن عمّار ابن أبي عمّار، عن أبي هريرة. وإسناده صحيح. وفي الباب عن جابر عند أحمد (14755)، وإسناده حسن في الشواهد. وعن أبي أمامة عند الطبري في "تفسيره" 2/ 175، وإسناده حسن في الشواهد أيضاً. أما الإمام الخطابي، فقد قال في "المعالم": هذا على قوله: إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، أو يكون معناه أن يسمع الأذان وهو يشُكُّ في الصبح، مثل أن تكون السماء مُتَّغمةً، فلا يقعُ له العلم بأذانه أن الفجر قد طلع، لعلمه أن دلائل الفجر معه معدومة، ولو ظهرت للمؤذن لظهرت له أيضاً، فأما إذا علم انفجار الصبح فلا حاجة به إلى أذان الصارخ، لأنه مأمور بأن يمسك عن الطعام والشراب إذا تبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.

عن أبيهِ، قال: قال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا جاء الليلُ مِن ها هنا، وذهبَ النهارُ مِن ها هنا" زاد مسدد: "وغابت الشمسُ، فقد أفْطَرَ الصَّائِمُ" (¬1). 2352 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الواحِدِ، حدَّثنا سليمانُ الشَّيبَانيُّ، قال: سمعتُ عبدَ الله بنَ أبي أوفى يقول: سِرْنا مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو صَائِمٌ، فلما غَرَبَتِ الشمسُ قال: "يا بلالُ، انزِل فاجْدَحْ لنا" قال: يا رسولَ اللهِ، لو أمسيتَ، قال: "انزِلْ فاجْدَحْ لنا" قال: يا رسولَ الله، إنَّ عليكَ نهاراً، قال: " انزِلْ فاجْدَحْ لنا" فنزل، فَجَدَحَ، فَشَربَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ثم قال: "إذا رأيتُمُ الليلَ قد أقبل من ها هنا، فقد أفْطَرَ الصَائمُ" وأشارَ بإصبعه قِبَلَ المشرِقِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، ومسدد: هو ابن مسرهد الأسدي. وأخرجه البخاري (1954)، ومسلم (1100)، والترمذي (707)، والنسائي في "الكبرى" (3296) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث صحيح. وهو في "مسند أحمد" (192)، و"صحيح ابن حبان" (3513). قال الخطابي تعليقاً على قوله: "فقد أفطر الصائم": معناه: أنه قد صار في حكم المفطر وإن لم يأكل، وقيل: معناه: أنه قد دخل في وقت الفطر، وحان له أن يفطر، كما قيل: أصبح الرجل إذا دخل في وقت الصبح وأمسى وأظهر كذلك. (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وعبد الواحد: هو ابن زياد العَبدي، وسليمان الشيباني: هو ابن أبي سليمان أبو إسحاق. وأخرجه البخاري (1941)، ومسلم (1101)، والنسائي في "الكبرى" (3297) من طرق عن سليمان الشيباني، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19395)، و "صحيح ابن حبان" (3511) و (3512).=

20 - باب ما يستحب من تعجيل الفطر

20 - باب ما يُستحب من تعجيل الفطر 2353 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقية، عن خالدٍ، عن محمد -يعني ابنَ عمرو- عن أبي سلمة عن أبي هريرة، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا يَزَالُ الذينُ ظاهِراً ما عجَّل الناسُ الفِطْر، لأن اليهودَ والنصارى يُؤخِّرونَ" (¬1). 2354 - حدَّثنا مُسَدَدٌ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن عُمَارَة بنِ عُميرٍ، عن أبي عطية، قال: دخلتُ على عائشةَ رضيَ اللهُ عنها أنا ومسروقٌ فقلنا: يا أمَّ المؤمنين، رَجُلانِ من أصحابِ محمدٍ -صلَّى الله عليه وسلم- أحدهما يُعجِّل الإفطارَ، ويُعَجِّلُ الصَلاةَ، والآخر يُؤخِّرُ الإفطارَ، ويُؤخِّرُ الصَّلاة، قالت: ¬

_ = وقوله: "اجدح لنا": الجدح: أن يخاض السَّويق بالماء ويُحرك حتى يستوي، وكذلك اللبن ونحوه، والمِجدَحُ: العود المجنح الرأس الذي يخاض به الأشربة لِترِقّ وتستوي. قاله الخطابي. (¬1) صحيح لغيره دون قوله: "لأن اليهود والنصارى يؤخرون"، وهذا إسناد حسن. محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- صدوف حسن الحديث. خالد: هو ابن عبد الله الطحان، وأبو سلمة: هو عبد الله بن عبد الرحمن الزهري. وأخرجه ابن ماجه (1698)، والنسائي في "الكبرى" (3299) من طريق محمد ابن عمرو، بهذا الإسناد. دون ذكر النصارى. وهو في "مسند أحمد" (9810)، و "صحيح ابن حبان" (3503) و (3509). وله شاهد من حديث سهل بن سعد عند البخاري (1957)، ومسلم (1098). وآخر من حديثه عائشة سيأتي بعده. وثالث من حديث أنس بن مالك عند ابن حبان (3504).

21 - باب ما يفطر عليه

أيهما يُعجِّلُ الإفطارَ، ويُعَجِّلُ الصَّلاة؟ قلنا: عبدُ الله، قالت: كذلك كان يَصْنَعُ رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). 21 - باب ما يُفطَرُ عليه 2355 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَثنا عبدُ الواحد بنُ زياد، عن عاصم الأحولِ، عن حفصةَ بنتِ سيرينَ، عن الرَّباب عن سلمان بنِ عامرٍ عمِّها، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا كان أحدُكُم صائماً فليفطِرْ على التمر، فإن لم يجدِ التمرَ فعلى الماء، فإن الماءَ طهورٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو معاوية: هو محمد ابن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو عطية مختلف في اسمه، وهو الوادِعي الهَمداني. وأخرجه مسلم (1099)، والترمذي (711)، والنسائي في "الكبرى" (2481) و (2482) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (2479) و (2480) من طريق خيثمة، عن أبي عطيَّة، به. وهو في "مسند أحمد" (24212). وقد جاء عند مسلم وغيره بيان أن عبد الله المذكور هو ابن مسعود، والآخر هو أبو موسى الأشعري. (¬2) صحيح من فعل النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وهذا إسناد حسن في الشواهد، الرباب -وهي بنت صُلَيع- لم يرو عنها غير حفصة بنت سيرين، وذكرها ابن حبان في "الثقات". وأخرجه ابن ماجه (1699)، والترمذي (664) و (704)، والنسائي في "الكبرى" (3305) و (3306) و (3311) و (6675) من طرق عن عاصم الأحول، بهذا الإسناد. وقال الترمذي في الموضع الأول: حديث حسن، وفي الموضع الثاني: حسن صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3307 - 3309) و (3312) و (6676) من طريق هشام بن حسان، عن حفصة، به. وهو في "مسند أحمد" (16226)، و"صحيح ابن حبان" (3515). =

22 - باب القول عند الإفطار

2356 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، حدَّثنا جعفرُ بنُ سيمانَ، أخبرنا ثابت البُناني أنه سَمِعَ أنسَ بنَ مالكِ يقولُ: كان رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يُفْطِرُ على رُطَبَاتٍ قبل أن يصلي، فإن لم تكن رُطَبَاتٌ فعلى تَمَرَاتٍ، فإن لم تكن تَمَراتٌ حسا حسوَاتٍ من ماء (¬1). 22 - باب القول عند الإفطار 2357 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ يحيى أبو محمد، حدَّثنا عليُّ بن الحسن، أخبرني الحسينُ بنُ واقد، حدَّثنا مروانُ -يعني ابنَ سالم المُقَفَّع- قال: ¬

_ = ورواه شعبة بن الحجاج، عن عاصم الأحول فأسقط من إسناده الرباب، كذلك أخرجه أحمد (16242)، والنسائي في "الكبرى" (3301) و (6677)، وكذلك رواه شعبة عن هشام بن حسان، عن حفصة عند النسائي (3300) و (6678)، وكذا رواه عن خالد الحذاء عنده أيضاً (3302). وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "سنن ابن ماجه" (1699). وله شاهد من حديث أنس بن مالك سيأتى بعده. وإسناده صحيح. (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنعاني. وأخرجه الترمذي (703)، والنسائي في "الكبرى" (3303) و (6679) من طريق شعبة، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس مرفوعاً بلفظ: "من وَجَد تمراً فليفطر عليه، ومن لا، فليفطر على ماء، فإنه طهور". قال النسائي: حديث شعبة، عن عبدالعزيز بن صهيب خطأ، والصواب شعبة، عن خالد، عن حفصة، عن سلمان بن عامر. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3304) من طريق بُريد بن أبي مريم، عن أنس أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان يبدأُ إذا أفطر بالتمر. وهو في "مسند أحمد" (12676).

رأيتُ ابنَ عُمر يَقْبِضُ على لِحيَتِهِ فيقطعُ ما زادَ على الكفِّ، وقال: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا أفطر قال: "ذهب الظمأ وابتلَّت العُرُوقُ وثبتَ الأجر إن شاء اللهُ" (¬1). 2358 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا هُشَيْمٌ، عن حُصينٍ عن معاذ بن زُهْرة، أنه بلغه أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان إذا أفطر، قال: "اللَهُمَّ لك صُمْتُ، وعلى رِزْقِكَ أفْطَرْتُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن كما قال الدارقطني في "سننه" 3/ 156، والحافظ في "تلخيص الحبير" 2/ 202، مروان بن سالم المُقَفَّع روى عنه ثقتان وذكره ابن حبان في "الثقات"، والحسين بن واقد أخرج له مسلم وهو صدوق لا بأس به. علي بن الحسن: هو ابن شقيق العبدي المروزي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3315) و (10058) من طريق علي بن الحسن ابن شقيق، بهذا الإسناد. وعلق البخاري بإثر الحديث (5892) أن ابن عمر كان إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه، قال الحافظ في "الفتح": هو موصول بالسند المذكور إلى نافع. وأخرجه مالك في "الموطأ" عن نافع بلفظ: كان ابن عمر إذا حَلَقَ رأسَه بحج أو عمرة أخذ من لحيته وشاربه. (¬2) حديث مرسل ومعاذ بن زهرة -وقيل: معاذ أبو زهرة-، تابعي ذكره ابن حبان في "ثقاته" 7/ 482، ولم يرو عنه غير حصين -وهو ابن عبد الرحمن السلمي- وأورده البخاري في"تاريخه الكبير" 7/ 364، وابن أبي حاتم 8/ 248، فلم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. على أنه اختُلف عليه في هذا الحديث كما سيأتي. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرهَد الأسَدي، وهشيم: هو ابن بشير السلمي. وأخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (1410) و (1411)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 3/ 100، وأبو داود في "مراسيله" (99)، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 239، والبغوى في "شرح السنة" (1741) من طرق عن حصين، بهذا الإسناد. =

23 - باب الفطر قبل غروب الشمس

23 - باب الفطر قبل غروب الشمس 2359 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله ومحمدُ بنُ العلاء -المعنى- قالا: حدَّثنا أبو أُسامة، حدَّثنا هشامُ بنُ عُروة، عن فاطمةَ بنتِ المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت: أفطرنا يوماً في رمضانَ في غيْم في عهدِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ثم طلعت الشمسُ، قال أبو أسامةَ: قلتُ لهشامٍ: أُمِرُوا بالقضاء؟ قال: وبدٌّ مِنْ ذلك؟! (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (479) من طريق سفيان الثوري، عن حصين بن عبد الرحمن، عن رجل، عن معاذ بن زهرة. بزيادة رجل قبل معاذ بن زهرة. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 189 من طريق سفيان الثوري، عن حصين، عن معاذ، عن الربيع بن خُثيم قوله. فجعله من قول الربيع بن خثيم، وليس من قول النبي -صلَّى الله عليه وسلم- والظاهر أنه هو الصواب، فقد أُسنِد من وجه آخر عند ابن سعد أيضاً 6/ 189 من طريق شريك النخعي، عن حصين، عن هلال بن يِساف، عن الربيع بن خثيم، قوله وشريك يعتبر به عند المتابعة. وفي الباب عن ابن عباس عند الدارقطني في "سننه" (2280)، والطبراني في "الكبير" (12720)، وابن السُني في "عمل اليوم والليلة" (480). وفي سنده عبد الملك بن هارون، وقال الحافظ في "التلخيص" 2/ 202: سنده ضعيف، وقال الذهبي في "الضعفاء": تركوه. وآخر من حديث أنس بن مالك عند الطبراني في "الأوسط" (7545)، وفي "الصغير" (912)، وأبي نعيم في "تاريخ أصبهان " 2/ 217 - 218. وفي سنده داود بن الزبرقان متروك وكذبه الأزدي. (¬1) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة القرشي. وأخرجه البخاري (1959)، وابن ماجه (1674) من طرق عن أبي أسامة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26927). =

24 - باب في الوصال

24 - باب في الوِصال 2360 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمة القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن نافع عن ابنِ عُمَرَ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن الوصال، قالوا: فإنَّكَ تُواصِلُ يا رسولَ الله، قال: "إني لَسْتُ كَهَيْئَتِكُم، إني أُطْعَمُ وأُسْقَى" (¬1). 2361 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، أن بكْرَ بنَ مُضَرَ حدَّثهم، عن ابنِ الهاد، عن عبدِ الله بنِ خَبَّابٍ عن أبي سَعيدٍ الخُدْرِي، أنه سَمِعَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: " لا تُواصِلُوا، فأيُّكم أراد أن يُوَاصِلَ فليواصِلْ حتى السَّحر" قالوا: فإنك تُوَاصِلُ، قال: "إني لَسْتُ كهيئتِكُم، إن لي مُطْعِمَاً يُطعُمِني وساقياً يسقيني" (¬2). ¬

_ = وقوله: و"بدٌ من ذلك" في رواية البخاري "بُدٌّ من قضاء": هو استفهام إنكار محذوف الأداة، والمعنى: لا بد من قضاء، وأكثر أهل العلم على إيجاب القضاء، وقال إسحاق بن راهويه وأهل الظاهر: لا قضاء عليه، ويمسك بقية النهار عن الأكل حتى تغرب الشمس، وروي ذلك عن الحسن البصري. (¬1) إسناده صحيح. مالك: هو ابن أنس، ونافع: هو مولى ابن عمر. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 300، ومن طريقه أخرجه البخاري (1962)، ومسلم (1102). وأخرجه البخاري (1922)، ومسلم (1102)، والنسائي في "الكبرى" (3250) من طرق عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4721) و (5917). (¬2) إسناده صحح. ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي، وعبد الله بن خَبَّاب: هو الأنصاري المدني. وأخرجه البخاري (1963) و (1967) من طريق ابن الهاد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (11055)، و"صحيح ابن حبان" (3577). =

25 - باب الغيبة للصائم

25 - باب الغِيبة للصائم 2362 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا ابنُ أبي ذئب، عن المَقْبُرِيِّ، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَنْ لم يَدَعْ قولَ الزورِ والعملَ به، فليسَ لله حاجَةٌ أن يَدَعَ طعامَه وشرابه" قال أحمد: فهمتُ إسنادَه من ابنِ أبي ذئب، وأفهمني الحديثَ رجل إلى جنبه أُراه ابنَ أخيه (¬1). 2363 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسلمة القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج ¬

_ = قال الخطابي: الوصال من خصائص ما أبيح لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو محظور على أمته، يشبه أن يكون المعنى في ذلك ما يتخوف على الصائم من الضعف وسقوط القوة فيعجزوا عن الصيام المفروض وعن سائر الطاعات، أو يملوها إذا نالتهم المشقة، فيكون سبباً لترك الفريضة. (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة، والمقبُري: هو سعيد بن أبي سعيد كيسان. وأخرجه البخاري (1903) و (6057)، وابن ماجه (1689)، والترمذي (716)، والنسائي في "الكبرى" (3233) و (3234) من طرق، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9839)، و"صحيح ابن حبان" (3480). قال ابن بطال: ليس معناه أن يؤمر بأن يدع صيامه، وإنما معناه التحذير من قول الزور وما ذكر معه، وهو مثل قوله: "من باع الخمر، فليشقص الخنازير" أي: يذبحها، ولم يأمره بذبحها، ولكنه على التحذير والتعظيم لإثم بائع الخمر. وقال البيضاوي: ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش، بل ما يتبعه من كسر الشهوات وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر القبول، فقوله: ليس لله حاجة مجاز عن عدم القبول، فنفى السبب وأراد المسبب.

26 - باب السواك للصائم

عن أبي هريرة أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "الصِّيامُ جُنّة (¬1)، إذا كان أحدُكُم صائماً، فلا يرفُث ولا يجهل، فإن امرُؤٌ قاتله أو شاتمه، فليقُلْ إني صَائِمٌ، إني صَائِمٌ" (¬2). 26 - باب السِّواك للصائم 2364 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصبَّاح، حدَّثنا شريكٌ (ح) وحدَثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، عن عاصم بنِ عُبيد الله، عن عبدِ الله بنِ عامر بنِ ربيعة ¬

_ (¬1) قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "الصيام جُنَّه" لم يرد في (أ) و (ب) و (ج)، وأثبتناه من (هـ) و (و)، وهو ثابت في الحديث في رواية "الموطأ" 1/ 310. (¬2) إسناده صحيح. مالك: هو ابن أنس، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان القرشي، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرمز. وهو عند مالك في "الموطأ "1/ 310، ومن طريقه أخرجه البخاري (1894)، والنسائي في "الكبرى" (3240). وأخرجه مسلم (1151)، والنسائي (3239) و (3256) من طريقين عن أبي الزناد، به. وأخرجه بنحوه البخاري (1904)، ومسلم (1151)، وابن ماجه (1691)، والنسائي (3242) من طريق أبي صالح الزيات، والترمذي (774)، والنسائي (3244) من طريق سعيد بن المسيب، والنسائي (3246) من طريق عجلان، و (3243) من طريق عطاء الزيات، أربعتهم عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (9998)، و"صحيح ابن حبان" (3482 - 3484). وقوله "الصيام جُنَّة". الجنة، بضم الجيم: الوقاية والستر، ومعناه: سترة من الآثام أو من النار، أو من جميع ذلك، وقال أبو بكر بن العربي: إنما كان الصوم جنة من النار، لأنه إمساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات. وقوله: "فلا يرفث". الرفث: الكلام الفاحش، وهو يطلق على هذا وعلى الجماع، وعلى مقدماته وعلى ذكره مع النساء أو مطلقاً، ويحتمل أن يكون لما هو أعم منها، قاله الحافظ في "الفتح" 4/ 104.

27 - باب الصائم يصب عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق

عن أبيه قال: رأيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يستاكُ وهو صائِمٌ، زاد مُسَدَّدٌ في حديثه: ما لا أعد ولا أُحْصِي (¬1). 27 - باب الصائم يصُبُّ عليه الماء من العطش ويبالغ في الاستنشاق 2365 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن سُميِّ مولى أبي بكر، عن أبي بكرِ بنِ عبدِ الرحمن عن بعضِ أصحابِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: رأيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أمرَ النَّاسَ في سفرِه عامَ الفتحِ بالفِطْرِ، وقال: "تَقَوَّوْا لِعدُوكُم" وصامَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف؛ لضعف عاصم بن عبيد الله. وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي، وإن كان سيئ الحفظ- متابغ، فالحديث ضعيف من قِبَل عاصم. ومسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيي: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه الترمذي (734) من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وصححه ابن خزيمة! (2007)، وحسن إسناده الحافظ في "التلخيص" 1/ 62، لكنه عاد، فقال فيه 1/ 68: وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف. وهو في "مسند أحمد" (15678). وانظر تتمة كلامنا عليه فيه. وعلقه البخاري في صحيحه 4/ 158 قبل الحديث (1934) عن عامر بن ربيعة بصيغة التحريض فقال: ويذكر عن عامر بن ربيعة قال: رأيت النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يستاك وهو صائم ما لا أحصي ولا أعدُّ. وقال الترمذي: حديث عامر بن ربيعة حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم لا يرون بالسواك للصائم بأساً إلا أن بعض أهل العلم كرهوا السواك بالعود الرطب، وكرهوا له السواك آخر النهار، ولم ير الشافعي بالسواك بأساً أول النهار وآخره، وكره أحمد وإسحاق السواك آخر النهار.

28 - باب الصائم يحتجم

قال أبو بكر: قال الذي حدَّثني: لقد رأيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بالعَرْجِ يصُبُّ على رأسِه الماءَ وهو صَائِمٌ مِن العطش، أو مِن الحَرِّ (¬1). 2366 - حدَّثنا قُتَيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا يحيي بنُ سُلَيمٍ، عن إسماعيلَ بنِ كثير، عن عاصِم بنِ لقيط بن صَبِرَةَ عن أبيه لقيط بن صَبِرَةَ، قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم-: "بالِغْ في الاسْتِنْشَاق، إلا أن تكون صَائِماً" (¬2). 28 - باب الصائم يحتجم 2367 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن هِشَامٍ (ح) وحدَثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا حسنُ بنُ موسى، حدَّثنا شيبانُ، جميعاً عن يحيى، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء -يعني الرَّحَبِيَّ- ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مالك: هو ابن أنس. وهو في "الموطأ" 1/ 294، ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" (3017). لكن اختصره النسائي بقصة صبِّ الماء. وهو في "مسند أحمد" (15903). والعرج بفتح العين وسكون الراء: قرية جامعة على طريق مكة بينها وبين المدينة تسعة وتسعون فرسخاً، وهو في الطريق الذي سلكه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- حين هاجر إلى المدينة، وسمي العرج بتعريج السيول به. (¬2) حديث صحيح. وقد سلف ضمن حديث مطول برقم (142). وإنما كره المبالغة في الاستنشاق للصائم خشية أن ينزل إلى حلقه ما يفطره. واختلف إذا دخل من ماء المضمضة والاستنشاق إلى جوفه خطأ، فقالت الحنفية ومالك والشافعي في أحد قوليه والمزني: إنه يفسد الصوم، وقال أحمد وإسحاق والأوزاعي وأصحاب الشافعي: إنه لا يفسد الصوم كالناسي.

عن ثوبانَ، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "أفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وقد صححه غير واحد من الأئمة، لكن ثبت عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- نسخُه. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وشيبان: هو ابن فَروُّخ الحَبَطي، ويحيى شيخ شيبان: هو ابن أبي كثير، وأبو قِلابة: هو عبد الله زيد الجَرمي، وأبو أسماء: هو عمرو بن مرثد الرَّحَبي. وأخرجه ابنُ ماجه (1680)، والنسائي في "الكبرى" (3125) من طريق يحيى ابن أبي كثير، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (3124) و (3128) من طريق أبي أسماء، به. وأخرجه النسائي أيضاً (3120) و (3145 - 3148) من طرق عن ثوبان، به. وهو في "مسند أحمد" (22382)، و"صحيح ابن حبان" (3532). وانظر ما سيأتي برقم (2368 - 2371). قال ابن حزم فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 4/ 178: صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم بلا ريب، لكن وجدنا من حديث أبي سعيد: أرخص النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في الحجامة للصائم. وإسناده صحيح فوجب الأخذ به، لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجماً أو محجوماً، انتهى، والحديث المذكور أخرجه النسائي (3224) وابن خزيمة (1967) والدارقطني (2262) ورجاله ثقات لكن اختلف في رفعه ووقفه وله شاهد من حديث أنس أخرجه الدارقطني (2260) ولفظه: أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: أفطر هذان، ثم رخص النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم. [وقال الدارقطني: كلهم ثقات ولا أعلم له علة] ورواته كلهم من رجال البخاري. ومن أحسن ما ورد في ذلك ما رواه عبد الرزاق (7535) وأبو داود (2374) من طريق عبد الرحمن بن عابس، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن رجل من أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "نهى النبي عن الحجامة للصائم، وعن المواصلة، ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه" إسناده صحيح، والجهالة بالصحابي لا تضر، وقوله: "إبقاء على أصحابه" متعلق بقوله: نهى. =

قال شيبان في حديثه: قال: أخبرني أبو قِلابة أن أبا أسماء الرحبيَّ حَدثَهُ، أن ثوبانَ مولى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أخبره، أنه سمع النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-. 2368 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا حسنُ بنُ موسى، حدَّثنا شيبانُ، عن يحيى، قال: حدَّثني أبو قِلابة الجرميِّ، أنه أخبره أن شداد بن أوس بينما هو يمشي مع النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فذكره نحوه (¬1). 2369 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا وُهَيبٌ، حدَّثنا أيوبُ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي الأشعثِ عن شداد بن أوس، أن رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- أتى على رَجُلٍ بالبَقيعِ، وهو يحتجِمُ، وهو آخِذٌ بيدي لِثمان عشرةَ خَلَتْ من رمضان، فقال: "أفْطَرَ الحاجِمُ والمحجومُ " (¬2). ¬

_ = وقد رواه ابن أبي شيبة 3/ 52 عن وكيع، عن الثوري بإسناده هذا، ولفظه: عن أصحاب محمد -صلَّى الله عليه وسلم- قالوا: إنما نهى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- عن الحجامة للصائم، وكرهها للضعيف، أي: لئلا يضعف. وفي البخاري (1940) أن أنس بن مالك سئل: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا إلا من أجل الضعف. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد منقطع؛ لأن أبا قِلابة -وهو عبد الله بن زيد الجرمي- لم يسمعه من شداد بن أوس، وإنما سمعه من أبي الأشعث -وهو شراحيل بن آده الصنعاني- عن شداد بن أوس كما سيأتي بعده، وعن أبي الأشعث عن أبي أسماء الرحبي عن شداد بن أوس، وذِكر أبى أسماء الرحبي في الثاني من المزيد في متصل الأسانيد. وأخرجه ابن ماجه (1681)، والنسائي في "الكبرى" (3130 - 3132) من طريق أبي قلابة، عن شداد بن أوس. وانظر ما قبله وما بعده. (¬2) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد الباهلي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. =

قال أبو داود: وروى هذا خالِدٌ الحذاءُ عن أبي قِلابةَ بإسنادِ أيوبَ مثله. 2370 - حدَّثنا أحمدُ بن حَنبل، حدَّثنا محمدُ بنُ بكر وعبدُ الرزاق (ح) وحتَثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا إسماعيلُ -يعني ابن إبراهيم- عن ابنِ جُريج، أخبرني مكحول أن شيخاً من الحيِّ -قال عثمان في حديثه: مُصدَّق- أخبرَه أن ثوبانَ مولى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أخبرَه أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "أفْطَرَ الحَاجِم والمَحْجُومُ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3126) و (3127) و (3129) و (3133 - 3135) و (3137 - 3141) من طرق عن أبي قلابة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17124)، و "صحيح ابن حبان" (3534). وأخرجه النسائي (3133 - 3136) من طريق أبي قلابة عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء الرحبي، عن شداد بن أوس. وهو في "مسند أحمد" (17117)، و"صحيح ابن حبان " (3523). وأخرجه النسائي أيضاً (3142) و (3143) من طريق أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن شداد بن أوس. وانظر ما قبله. (¬1) حديث صحيح، رجاله ثقات، والشيخ المبهم: هو أبو أسماء عمرو بن مرثد الرحَبي، كما جاء مسمىً في الرواية التالية. محمد بن بكر: هو البُرساني، وعبد الرزاق: هو الصنعاني، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، ومكحول: هو الشامي. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (7525). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3122) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22431). وانظر ما بعده، وما سلف برقم (2367).

29 - باب في الرخصة في ذلك

2371 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا مروان، حدَّثنا الهيثمُ بنُ حُميد، حدَّثنا العلاءُ بنُ الحارِث، عن مكحولٍ، عن أبي أسماء الرحَبيَّ عن ثوبانَ، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "أفْطَرَ الحَاجِمُ والمَحْجُوُم" (¬1). قال أبو داود: ورواه ابنُ ثوبانَ، عن أبيه، عن مكحولٍ، بإسناده مثلَه. 29 - باب في الرخصة في ذلك 2372 - حدَّثنا أبو مَعْمَرٍ عبدُ الله بنُ عَمرو، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن أيوبَ، عن عِكرمة عن ابنِ عباسِ: أن رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- احتجَمَ وهو صَائِمٌ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مروان: هو ابن محمد الطاطَري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3123) من طريق محمود بن خالد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه البخاري (1939) و (5694)، والترمذي (785)، والنسائي في "الكبرى" (3204) من طريق عبد الوارث، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1938)، والنسائي في "الكبرى" (3205) و (3206) من طريقين عن أيوب، به. وأخرجه الترمذي (786) من طريق ميمون بن مهران، والنسائي في "الكبرى" (3202) من طريق عكرمة، كلاهما عن ابن عباس، به. وقال الترمذي: حسن غريب. وهو في "صحيح ابن حبان" (3531). وانظر ما سلف برقم (1835) و (1836)، وما سيأتي برقم (2373) و (3423). قال الخطابي: وهذا الحديث يؤكد قول من رخص في الحجامة للصائم، ورأى أن الحجامة لا تفسد الصوم، وقال ابن عبد البر وغيره: فيه دليل على أن حديث "أفطر الحاجم والمحجوم" منسوخ، لأنه جاء في بعض طرقه أن ذلك كان في حجة الوداع.

قال أبو داود: رواه وُهَيْبُ بنُ خالد عن أيوبَ بإسنادِه مثلَه. وجعفرُ ابنُ ربيعة وهشامُ بنُ حسان، عن عكرمة، عن ابنِ عباس مثلَه. 2373 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدُّثنا شعبةُ، عن يزيدَ بنِ أبي زياد، عن مِقسَمِ عن ابنِ عبَّاس: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- احْتَجَمَ وهو صائمٌ مُحْرِمٌ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف؛ لضعف يزيد بن أبي زياد -وهو الهاشمي الكوفي-، وباقي رجاله ثقات غير مِقسَم- وهو ابن بُجرة، ويقال: نجدة -فصدوق حسن الحديث. والحديث صح بغير هذا السياق كما سيأتي في التخريج. شعبة: هو ابن الحجاج. وأخرجه ابن ماجه (1682) و (3081)، والترمذي (787)، والنسائي في "الكبرى" (3212) و (3213) من طريق يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. ولم يذكر النسائي في روايته (3212) الإحرام. وهو في "مسند أحمد" (2589). وأخرجه النسائي (3211) و (3214) من طريق شعبة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس. وقال: الحكم لم يسمعه من مقسم. وأخرجه النسائي (3215) من طريق شريك، عن خُصيف بن عبد الرحمن الجزري، عن مقسم، به. وشريك وخُصيف كلاهما سيئ الحفظ. وأخرجه البخاري (3938)، والترمذي (785)، والنسائي (2306) من طريق عكرمة، عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو محرم، واحتجم وهو صائم. وهذا هو السياق الصحيح للحديث، واختصره بعض الرواة، فأوهم أنه -صلَّى الله عليه وسلم- جمع بين الاحتجام والسفر والصيام، والصواب: أنه جمع بين الاحتجام والسفر مرة وبين الاحتجام والصيام أخرى. قال الحميدي فيما نقله عنه الحافط في "التلخيص الحبير" 2/ 192 عن رواية يزيد بن أبي زياد: "وهو صائم محرم": هذا ريح، لأنه لم يكن صائماً محرماً، لأنه خرج في رمضان في غزاة الفتح، ولم يكن محرماً، ونقل ابن حجر هناك عن أحمد وابن المديني إعلال رواية يزيد.=

2374 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ مهدي، عن سفيانَ، عن عبدِ الرحمن بنِ عابسٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ أبي ليلى حدَّثني رجلٌ مِن أصحاب النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: أن رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن الحِجَامَةِ والمُواصلة، ولم يُحرِّمْهما إبقاءً على أصحابه، فقيل له: يا رسولَ الله، إنَك تُواصِلُ إلى السحرِ، فقال: "إني أُواصِلُ إلى السَّحَرَ، وربي يُطْعِمُنِي ويَسْقِيني" (¬1). 2375 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، حدَّثنا سليمان -يعني ابنَ المغيرةِ- عن ثابتٍ، قال: قال أنس: ما كُنَّا نَدَعُ الحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ إلا كَرَاهِيةَ الجَهدِ (¬2). ¬

_ = وأخرجه النسائي (3218) من طريق ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو محرم صائم. وقال: منكر. وانظر تمام تخريجه في "سنن ابن ماجه" (1682). (¬1) إسناده صحيح. وجهالة صحابيه لا تضر، فكلهم عدول ثقات. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وهو في "مسند أحمد" (18822). وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (7535)، وأحمد (18836)، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 263 - 264 من طريق سفيان، بهذا الإسناد. قال السندي في حاشية "المسند" تعليقاً على قوله: "إبقاء على أصحابه": أي رحمة عليهم، وهذا علة النهي، أي: لم يكن النهي للحرمة، بل للرحمة. وقوله: إلى السحر. هذا بالنظر إلى بعض الأوقات، وإلا فقد جاء ما يدل على أنه كان يواصل أكثر من ذلك. (¬2) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني. وأخرجه بنحوه البخاري (1940) من طريق شعبة، عن ثابت، عن أنس ولفظه: سئل مالك بن أنس رضي الله عنه: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال: لا إلا من أجل الضعف.

30 - باب في الصائم يحتلم نهارا في رمضان

30 - باب في الصَّائم يحتلِمُ نهاراً في رمضان 2376 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سُفيانُ، عن زيدِ بنِ أسلم، عن رَجُل من أصحابه عن رجُلٍ مِنْ أصْحَابِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا يُفْطِرُ مَن قاء، ولا مَن احْتَلَمَ، ولا مَن احْتَجَمَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لإبهام شيخ زيد بن أسلم، وقد اختلف على سفيان -وهو ابن سعيد الثوري- في رفعه ووقفه، فقد رواه عنه مرفوعاً كرواية المُصنف: عبد الرحمن ابن مهدي وأبو عاصم النبيل ومحمد بن يوسف الفريابي، ثلاثتهم عند ابن خزيمة (1973) و (1974) و (1975)، وكذلك رواه عنه عبد الرزاق عند البيهقي 4/ 264 مرفوعاً. مع أنه جاء في "مصنفه" (7538) عن الثوري موقوفاً! وأخرجه البيهقي 4/ 220 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وقد تابع سفيان على رفعه معمرٌ، عن زيد بن أسلم عند عبد الرزاق في "مصنفه" (7538)، ومن طريقه ابن خزيمة (1974). وأخرجه الترمذي (728) من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. فسمى المبهمين في رواية سفيان، وهما: عطاء بن يسار عن أبي سعيد وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف. وقال ابن خزيمة بإثر (1973): فلو كان هذا الخبر عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، لباح الثوريُّ بذكرهما، ولم يسكت عن اسميهما، يقول: عن صاحب له، عن رجل، وإنما يقال في الأخبار: عن صاحب له، وعن رجل، إذا كان غير مشهور. وأخرجه عبد الرزاق (7539)، ومن طريقه ابن خزيمة (1976) عن أبي بكر بن عبد الله -وهو ابن محمد بن أبي سبْرة-، وابن خزيمة (1977) و (1978) من طريق هشام بن سعْد، كلاهما عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- رفعه إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أبو بكر بن عبد الله ابن أبي سبرة، وأرسله هشام بن سعد. وأبو بكر بن عبد الله ابن أبي سبرة متروك، وهشام بن سعد ضعيف يعتبر به. وقال ابن خزيمة بإثر (1978): سمعت محمد بن يحيى يقول: هذا الخبرُ =

31 - باب في الكحل عند النوم

31 - باب في الكحل عند النوم 2377 - حدَّثنا النُّفَيليُّ، حدَّثنا علي بنُ ثابتٍ، حدَّثني عبدُ الرحمن بن النُّعمانِ بن معبد بنِ هَوذة، عن أبيهِ عن جدِّه، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أنه أمرَ بالإثمدِ المُرَوَّحِ عندَ النومِ، وقال: "لِيتَّقِهِ الصَّائِمُ" (¬1). ¬

_ = غيرُ محفوظٍ عن أبي سعيد، ولا عن عطاء بن يسار، والمحفوظ عندنا حديث سفيانَ ومعمرٍ. وقال الحافظ المنذري في "مختصره" 3/ 258: هذا لا يثبت، وقد روي من وجه آخر، ولا يثبت أيضاً. وقوله: "من قاء" معناه قاء غير عامد، أما من استقاء عمداً فعليه القضاء كما في حديث أبي هريرة الآتي برقم (3380)، وإسناده صحيح. (¬1) إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة ضعيف، ووالده النعمان بن معبد مجهول. النُّفَيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيل الحرّانى. وأخرجه أحمد في "مسنده" (16072)، والطبري في "تهذيب الآثار" قسم مسند ابن عباس (749 - 751)، والطبراني في "الكبير" 20/ (802) من طريق علي بن ثابت، بهذا الإسناد. ورواية أحمد دون قوله: "وليتقه الصائم". وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 7/ 398، والدارمي (1733)، والبيهقي في "السنن" 4/ 262 من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن أبي النعمان، به. بلفظ: وكان جدي قد أُتي به النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فمسح على رأسه، وقال: "لا تكتحل بالنهار وأنت صائم، واكتحل ليلاً بالإثمد، فإنه يجلو البصر ويُنبِتُ الشعر". وله شاهد من حديث جابر عند ابن أبي شيبة 8/ 598، وابن ماجه (3496)، وعبد بن حميد في "المنتخب" (1085) من طريق إسماعيل بن مسلم المكي، والترمذي في "الشمائل" (50) من طريق محمد بن إسحاق، كلاهما عن محمد بن المنكدر، عن جابر مرفوعاً بلفظ: "عليكم بالإثمد عند النوم فإنه يشُدُّ البصر، وينبت الشعر". وإسناده ضعيف، إسماعيل بن مسلم ضعيف، ومحمد بن إسحاق مُدلس، وقد عنعن. =

قال أبو داود: قال لى يحيى بن معين: هو حديثٌ منكرٌ، يعني حديث الكُحل. 2378 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقية، أخبرنا أبو مُعاويَةَ، عن عُتبة أبي معاذٍ، عن عُبيدِ الله بنِ أبي بكر بنِ أنسٍ عن أنسِ بنِ مالك، أنه كان يكْتَحِلُ وهو صائِمٌ (¬1). 2379 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الله المخرِّمي ويحيى بنُ موسى البَلْخيُّ، قالا: حدَّثنا يحيي بنُ عيسى ¬

_ = وآخر من حديث ابن عباس عند أحمد (3320)، والطبري في "تهذيب الآثار" قسم مسند ابن عباس 1/ 472 وأبي الشيخ في "أخلاق النبي " ص 169 - 170، وفي إسناده عباد بن منصور عن عكرمة، ولم يسمع منه. وفي الاكتحال بالإثمد في الصوم وغيره حديث ابن عباس عند المصنف (3878) ولفظه: "وإن خيرَ أكحالكم الإثمد، يَخلُو البَصَرَ، ويُنْبِتُ الشَعَرَ". وإسناده قوي. (¬1) حسن موقوفاً، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عتبة -وهو ابن حُمَيْد الضَّبي- قال الحافظ في "التقريب": صدوق له أوهام، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أحمد: ضعيف ليس بالقوي. وقال ابن عبد الهادي في "التنقيح" عند الحديث (1769): إسناد مُقارِب. لو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 3/ 47 من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرج الطبراني في "الأوسط" (6911)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (7539) من حديث بَريرة مولاة عائشة، قالت: رأيت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يكتحل بالإثمد وهو صائم. وعند أبي نعيم: في شهر رمضان. وفي إسناده محمد بن مِهران المصيصي لم نتبيّنه. وأخرج ابن أبي شيبة 3/ 47 عن عطاء والحسن البصري وغيرهم أنه لا بأس في الكحل للصائم. وبعضهم كان يكتحل وهو صائم. وعن عطاء أيضاً عند عبد الرزاق (7514)، وعن الحسن عنده (7516). وانظر ما بعده.

32 - باب الصائم يستقيء عامدا

عن الأعمشِ، قال: ما رأيتُ أحداً مِنْ أصحابِنَا يكره الكحلَ لِلصَائِمِ، وكان إبراهيمُ يُرَخِّصُ أن يكْتَحِلَ الصائمُ بالصَّبِر (¬1). 32 - باب الصائم يستقيء عامداً 2380 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يونس، حدَّثنا هشام بنُ حسَّان، عن محمدِ بنِ سِيرينَ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَنْ ذَرَعَهُ قيءٌ وهو صَائِمٌ، فليسَ عليهِ قَضَاءٌ، وإن استقاء فَلْيَقْضِ" (¬2). ¬

_ (¬1) حسن مقطوعاً، وهذا سند رجاله ثقات غير يحيى بن عيسى -وهو التميمي النَّهْشَلي- قال الحافظ في "التقريب": صدوق يخطئ، ووثقه العجلي، وقال الذهبي: صويلح الحديث، وضعفه ابن معين والنسائي وابن حبان والجُوزَجاني، وابن عدي. وأخرج ابن أبي شيبة 3/ 47 عن حفص، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: لا بأس بالكحل للصائم. وأخرج عبد الرزاق (7515) عن سفيان الثوري، عن القعقاع بن يزيد الضبي أنه سأل إبراهيم عن الصبر للصائم، قال: اكتحل به ولا تَستَعِطهُ. والصَّبِر بكسر الباء: عصارة شجر مر، واحدته صَبرة، والجمع: صُبور، قال الدكتور محمد علي البار في شرحه للطب النبوي ص 189: هو نبات صحراوي جبلي له أوراق يصل طولها إلى ما بين 30 و40 سم وهي غليظة لحمة هلامية متراصة منشارية شوكية الحواف، لا سيما أجزاؤها العلوية، موطنه المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية لقارة إفريقيا، وذكر له جملة فوائد منها أنه مسهل قوي طارد للديدان، يقي من السموم، مفيد في أمراض العين والأورام وتضخم الطحال وأمراض الكبد. (¬2) إسناده صحيح. وقد تابع عيسى بن يونس حفصُ بنُ غياث ذكره المصنف بعد هذا. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي. وأخرجه ابن ماجه (1676)، والترمذي (729)، والنسائي في "الكبرى" (3117) من طرق عن عيسى بن يونس: بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: رواه أيضاً حفصُ بنُ غِياثٍ، عن هشامٍ، مثله (¬1). 2381 - حدَّثنا أبو معمر عبدُ الله بنُ عمرو، حدَّثنا عبدُ الوارث، حدَّثنا الحسينُ، عن يحيي، حدثني عبدُ الرحمن بنُ عَمرو الأوزاعيُّ، عن يَعيش بن الوليدِ بنِ هِشَامٍ، أن أباه حدَّثه، حدثني مَعدانُ بنُ طلحةَ أن أبا الدرداء حدَّثه: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قاءَ فأفطَر، فلقيتُ ثوبانَ مولى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في مسجدِ دمشق، فقلت: إن أبا الدرداء حدثني أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قاءَ فأفطَر، قال: صَدَق، وأنا صببتُ له وَضوءَه (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (10463)، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان (3518)، والحاكم 1/ 426، وسكت الذهبي على تصحيحه، وقال الترمذي: حسن غريب، والعمل عند أهل العلم عليه أن الصائم إذا ذرعه القيء فلا قضاء عليه، وإذا استقاء عمداً فليقض، وبه يقول الشافعي وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق. قلنا: وهو قول أبي حنيفة، ففي "الموطأ" (358) برواية محمد بن الحسن: أخبرنا مالك، أخبرنا نافع، أن ابن عمر كان يقول: من استقاء وهو صائم فعليه القضاء، ومن ذرعه القيء فليس عليه شيء. قال محمد: وبه نأخذ، وهو قول أبي حنيفة. قوله: "ذرعه القئ" أي: سبقه وغلبه في الخروج. قال الخطابي: لا أعلم خلافاً بين أهل العلم في أن من ذرعه القيء، فإنه لا قضاء عليه، ولا في أن من استقاء عامداً أن عليه القضاء. (¬1) مقالة أبي داود هذه زيادة من (و) وهي برواية ابن داسه، وهذه المتابعة أخرجها ابن ماجه (1676) من طريق علي بن الحسن أبي الشعثاء، عن حفص بن غياث، عن هشام بن حسان، به. وإسنادها صحيح. وصححها ابن خزيمة بإثر الحديث (1961). تنبيه: زاد بعد هذا الحديث في (هـ). قال أبو داود: سمعت أحمد يقول: ليس من ذا شيء، وزاد في هامشها أيضاً ما نصه: قال أبو داود: يُخاف أن لا يكون محفوظاً، وأشار إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي. ولم يذكر قول أبي داود في متابعة حفص ابن غياث لعيسى بن يونس. (¬2) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد، والحسين: هو ابن ذكوان المعلم، ويحيى: هو ابن أبي كثير الطائي. =

33 - باب القبلة للصائم

33 - باب القُبلة للصائم 2382 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، عن الأسودِ وعلقمةَ عن عائشة قالت: كان رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يقبِّل وهو صائِمٌ، ويُباشِرُ وهو صائِمٌ، ولكنَّه كان أملكَ لإرْبِهِ (¬1). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (87)، والنسائي في "الكبرى" (3107) و (3108) و (3109) من طريق عبد الوارث، بهذا الإسناد. وفي رواية الترمذي: "قاء فتوضأ" بدلاً من "قاء فأفطر". وقال الترمذي: وجوَّده حسين المعلم، وحديث حسين أصح شيء في هذا الباب. ونقل المنذري في "مختصر السنن " عن الإمام أحمد أنه قال: حسين المعلم يجوِّده. وهو في "مسند أحمد" (21701) و (27502)، و"صحيح ابن حبان" (1097). وكل من خرج هذا الحديث رووه بلفظ: قاء فأفطر، إلا الترمذي فلفظه: قاء فتوضأ، ولفظ عبد الرزاق (7548) استقاء رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فأفطر وأتي بماء فتوضأ. قلنا: وليس في هذا الحديث ما يدل على وجوب الوضوء من القيء، لأن الفعل لا يثبت به الوجوب إلا أن يفعله ويأمر الناس بفعله، أو ينص على أن هذا الفعل ناقض للوضوء. وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" 10/ 184: واختلف العلماء فيمن استقاء بعد إجماعهم على أن من ذرعه، فلا شيء عليه، فقال مالك والثوري وأبو حنيفة وصاحباه والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق: من استقاء عمداً، فعليه القضاء، وروي ذلك عن عمر وعلي وابن عمر وأبي هريرة وجماعة من التابعين، وهو قول ابن شهاب. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، وأبو معاوية: هو محمد ابن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي. وأخرجه الترمذي (738)، والنسائى في "الكبرى" (3088) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. =

2383 - حدَّثنا أبو توبةَ الربيعُ بنُ نافعٍ، حدَّثنا أبو الأحوصِ، عن زيادِ بنِ عِلاقةَ، عن عمرو بنِ ميمون عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يُقبِّل في شهر الصَومِ (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1927)، ومسلم (1106)، وابن ماجه (1687)، والنسائي في "الكبرى" (3073) و (3074) و (3078) و (3079) و (3082) و (3083) و (3087) و (3089 - 3096) من طرق عن إبراهيم، به. وبعضهم لا يذكر علقمة في إسناده. وأخرجه البخاري (1928)، ومسلم (1106)، وابن ماجه (1684) و (1687)، والترمذي (737)، والنسائي في "الكبرى" (3074) و (3078 - 3081) و (3084 - 3086) و (3089) و (3090) و (3092 - 3094) من طرق عن عائشة، به. وهو في "مسند أحمد" (24110) و (24154)، و"صحيح ابن حبان" (3537) و (3539 - 3541) و (3543). وانظر ما سيأتي بالأرقام (2383) و (2384) و (2386). قال النووي: إن القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته، لكن الأولى له تركها، ولا يقال: إنها مكروهة له، وإنما قال الشافعي: إنها خلاف الأولى في حقه مع ثبوت أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان يفعلها، لأنه -صلَّى الله عليه وسلم- يؤمن في حقه مجاوزة القبلة، ويخاف على غيره مجاوزتها كما قالت عائشة: "كان أملككم لإربه" وأما من حركت شهوته فهي حرام في حقه على الأصح. وقال القاضي: قد قال بإباحتها للصائم مطلقاً جماعة من الصحابة والتابعين وأحمد وإسحاق وداود، وكرهها على الإطلاق مالك، وقال ابن عباس وأبو حنيفة والثوري والأوزاعى والشافعي: تكره للشاب دون الشيخ الكبير وهي رواية عن مالك، وروى ابن وهب عن مالك إباحتها في صوم النفل دون الفرض. ولا خلاف أنها لا تبطل إلا أن ينزل المني بالقبلة. ومعنى المباشرة هاهنا: اللمس باليد، وهو من التقاء البشرتين. (¬1) إسناده صحيح. أبو الأحوص: هو سلاّم بن سليم الحنفي، وعمرو بن ميمون: هو الأوْدي. =

2384 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن سعْدِ بنِ إبراهيمَ، عن طلحةَ بنِ عبدِ الله -يعنيابنَ عثمان القرشي- عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يُقبِّلني وهو صائمٌ وأنا صائمة (¬1). 2385 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسُ، حدَّثنا الليثُ (ح) وحدَّثنا عيسى بنُ حمَّاد، أخبرنا الليثُ بنُ سعدٍ، عن بُكير بنِ عبدِ الله، عن عبدِ الملك بنِ سعيد عن جابرِ بنِ عبد الله، قال: قال عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: هَشَشْتُ فقبّلتُ وأنا صَائِم، فقلتُ: يا رسولَ الله، صنعتُ اليومَ أمراً عظيماً، قبَّلتُ وأنا صائمٌ، قال: "أرأيتَ لو مَضْمَضْتَ مِنَ الماءِ وأنتَ صائِمٌ؟ " -قال عيسى بنُ حماد في حديثه: قلتُ: لا بأسَ به- قال"فَمَهْ " (¬2). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1106)، وابن ماجه (1683)، والترمذي (736)، والنسائي في "الكبرى" (3077) من طريق زياد بن علاقة، به. وهو في "مسند أحمد" (24989). وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. محمد بن كثير: هو العَبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وسعد بن إبراهيم: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3038) و (9131) من طريق سعد بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25022). وانظر سابقيه. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3036) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (138)، و"صحيح ابن حبان" (3544). =

34 - باب الصائم يبلع الريق

34 - باب الصائم يبلعُ الريق 2386 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا محمدُ بنُ دينار، حدَّثنا سعد بنُ أوسٍ العبديُّ، عن مِصدَعٍ أبي يحيى عن عائشة: أنَ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان يُقبِّلُها وهو صائِمٌ، ويَمُصُّ لِسانَها (¬1). قال ابنُ الأعرابي: بَلَغَنِي عن أبي داود أنه قال: ليس هذا الإسناد بصحيح (¬2). ¬

_ وقوله: هَشَشتُ: معناه نشطت وفرحت لفظاً ومعنى، أي: بالنظر إلى امرأتي، والهشاش في الأصل: الارتياح والخِفة والنشاط. قال الخطابي: في هذا إثبات القياس، والجمع بين الشيئين في الحكم الواحد، لاجتماعها في الشبه، وذلك أن المضمضة بالماء ذريعة لنزوله الحلق ووصوله إلى الجوف، فيكون فيه فساد الصوم، كما أن القبلة ذريعة إلى الجماع المفسد لصومه، يقول: فإذا كان أحد الأمرين منهما غير مفطر للصائم فالآخر بمثابته. (¬1) حديث صحيح دون قوله: "ويمصُّ لسانها"، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن دينار وقد تفرد بهذه اللفظة، ولضعفِ سعد بن أوس العبدي، ومِصدع أبو يحيى الأنصاري -وهو الأعرج المُعَرقب- قال ابن معين: لا أعرفه، وذكره العُقيلي في "الضعفاء"، ووثقه العجلي، وقال ابن حبان في "المجروحين": كان ممن يخالف الأثبات في الروايات، وينفرد عن الثقات بألفاظ الزيادات مما يوجب ترك ما انفرد منها. قلنا: فالإسناد مسلسل بمن لا يحتج بما انفرد به. وقد انفردوا بلفظة: "ويمصُّ لسانها". وضعفه الحافظ في "الفتح" 4/ 153. وأخرجه أحمد في "مسنده" (24916)، وابن خزيمة (2003)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 2205 و 2459، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 234، والمزي (في ترجمة سعد بن أوس) من "تهذيب الكمال" من طرق عن محمد بن دينار، بهذا الإسناد. وقد سلف بأسانيد صحيحة برقم (2382 - 2385) دون قوله: ويمص لسانها. (¬2) مقالة ابن الأعرابي هذه زيادة أثبتناها من هامش (هـ). وقد ذكرها ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام " 3/ 110.

35 - باب كراهيته للشاب

35 - باب كراهيته للشاب 2387 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، حدَّثنا أبو أحمد -يعني الزبيريَّ- أخبرنا إسرائِيل، عن أبي العَنبَسِ، عن الأغرِّ عن أبي هريرة: أن رجلاً سأل النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- عن المباشرة للصائم فرخَّص له، وأتاه آخرُ فسأله فنهاه، فإذا الذي رخصَ له شَيْخٌ، والذي نهاه شابٌّ (¬1). 36 - باب فيمن أصبح جُنباً في شهر رمضان 2388 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ (ح) وحدَثنا عبدُ الله بنُ محمد بن إسحاق الأذرميُّ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ مهدي، عن مالكٍ، عن عبدِ ربِّه بنِ سعيدٍ، عن أبي بكرِ بنِ عبد الرحمن بنِ الحارث بنِ هشام ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو العَنْبس -وهو الحارث بن عبيد بن كعب العدوي الكوفي- روى عنه جمع من الثقات، ووثقه ابن معين في رواية الدارمي (916). إسرائيل: هو ابن يونس السبيعي، والأغر: هو أبو مسلم المديني نزيل الكوفة. وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" 6/ 281، وفي "الكبرى" 4/ 231 من طريق إسرائيل، بهذا الإسناد. وأخرج البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 232 من طريق أبي بكر بن حفص، عن عائشة: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- رخص في القبلة للشيخ وهو صائم، ونهى عنها الشاب. ورجاله ثقات إلا أن أبا بكر بن حفص -وهو عبد الله بن حفص بن عمر بن سعدبن أبي وقاص- لم يسمع من عائشة فيما قاله أبو حاتم. وروى مالك في "الموطأ" 1/ 293 عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، أن ابن عباس سُئل عن القبلة للصائم فرخص فيها للشيخ وكره للشاب. وروى ابن أبي شيبة 3/ 63 من طريق مجالد، عن وبرَة قال: جاء رجل إلى ابن عمر قال: أباشر امرأتي وأنا صائم؟ قال: نعم، فقيل له: يا أبا عبد الرحمن: قلت لهذا: نعم، وقلت لهذا: لا، فقال: إن هذا شيخ وهذا شاب.

عن عائشة وأُم سلمة زوجي النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، أنهما قالتا: كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يُصْبِحُ جنباً- قال عبدُ الله الأذرميِّ في حديثه: في رمضانَ- من جِماعٍ غير احتلامٍ، ثم يصومُ (¬1). قال أبو داود: وما أقلَّ من يقول هذه الكلمة، يعني "يُصبح جنباً في رمضان"، وإنما الحديثُ: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان يُصبِحُ جنباً وهو صائِم (¬2). 2389 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمة -يعني القعنبيُّ- عن مالكٍ، عن عبدِ الله ابنِ عبد الرحمن بنِ معمرِ الأنصاريِّ، عن أبي يونس مولى عائشةَ عن عائشة زوج النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: أن رجلاً قال لِرسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو واقِفٌ على الباب: يا رسولَ الله، إني أُصْبِحُ جنباً، وأنا أريدُ الصيامَ، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "وأنا أُصْبِحُ جنباً وأنا أُريدُ الصِّيامَ، فأغتسِلُ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 289 - 290، ومن طريقه أخرجه مسلم (1109)، والنسائي في "الكبرى" (2971). وأخرجه البخاري (1925) و (1930 - 1932)، ومسلم (1109)، وبإثر (1110)، والترمذي (789)، والنسائي في "الكبرى" (2947) من طرق عن أبي بكر بن عبد الرحمن، به. وجاء في بعض الطرق مقروناً به عروة بن الزبير. وأخرجه بنحوه ابن ماجه (1703)، والنسائي (2985) من طريق مسروق عن عائشة وحدها. وأخرجه النسائي (2994) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة وأم سلمة، وأخرجه ابن ماجه (1704) من طريق نافع، عن أم سلمة وحدها. وهو في (مسند أحمد، (1804) و (24062)، و"صحيح ابن حبان" (3489). (¬2) مقالة أبي داود هذه زيادة من (هـ) و (و).

37 - باب كفارة من أتى أهله في رمضان

وأصومُ "، فقال الرجلُ: يا رسولَ اللهِ، إنك لستَ مثلَنا، قد غَفَرَ الله لكَ ما تقدَّمَ مِن ذنبكَ وما تأخَّرَ، فَغَضِبَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وقال: "واللهِ إني لأرْجُو أن أكونَ أخْشَاكم للهِ وأعلمَكُم بما أتَّبِعُ" (¬1). 37 - باب كفَّارة من أتى أهله في رمضان 2390 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ ومحمدُ بن عيسى -المعنى- قالا: حدَّثنا سفيانُ، قال مُسَدَّدٌ: حدَّثنا الزهريُ، عن حميدِ بنِ عبدِ الرحمن عن أبي هريرة، قال: أتى رَجُلٌ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: هَلَكْتُ، فقال: "ما شأنُكَ؟ " قال: وقَعْتُ على امرأتي في رَمَضَان، قال: "فَهَلْ تَجِدُ ما تُعتِقُ رقبةً؟ " قال: لا، قال -: "فهل تَسْتَطِيعُ أن تَصُومَ شهرينِ متتابعين؟ " قال: لا، قال: "فَهَلْ تستطِيعُ أن تُطعم ستينَ مسكيناً؟ " قال: لا، قال: "اجْلِسْ" فأُتيَ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بعَرَقٍ فيه تَمْرٌ، فقال: "تصدَّق به" فقال: يا رسولَ الله، ما بين لابتيها أهلُ بيتٍ أفقرَ منا، قال فَضَحِكَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- حتى بَدَتْ ثَنَاياهُ، قال: "فأطعِمْه إيَّاهم، وقال مُسَدَدٌ: في مَوْضِعٍ آخر: أنيابُه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 289. وأخرجه مسلم (1110)، والنسائي في "الكبرى" (3013) و (11436) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن، به. وهو في "مسند أحمد" (24385)، و"صحيح ابن حبان" (3492). (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، ومحمد بن عيسى: هو ابن نجيح البغدادي، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب. =

2391 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، بهذا الحديثِ، بمعناه زادَ الزهريُّ: وإنما كان هذا رخصةً له خاصةً، فلو أن رجلاً فعل ذلك اليومَ لم يكُنْ له بدٌ من التكفير (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1936) و (1937) و (5368) و (6087) و (6164) و (6709) و (6711) و (6821)، ومسلم (1111)، وابن ماجه (1671)، والترمذي (733)، والنسائي في "الكبرى" (3101 - 3106) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7290)، و"صحيح ابن حبان" (3524). وانظر ما سيأتي بالأرقام (2391 - 2393). قال الخطابي: في هذا الحديث من الفقه أن على المجامع متعمداً في شهر رمضان القضاء والكفارة، وهو قول عوام أهل العلم. وفيه أنه من قدر على عتق الرقبة لم يجزئه الصيام ولا الإطعام؛ لأن البيان خرج مرتباً، فقدَّم العتق ثم نسق عليه الصيام ثم الإطعام، كما رأيت ذلك في كفارة الظهار، وهو قول أكثر العلماء، إلا أن مالك بن أنس زعم أنه مخير بين عتق الرقبة، وصوم شهرين والإطعام. وفي قوله: "وصم يوماً واستغفر الله" بيان أن صوم ذلك اليوم الذي هو القضاء لا يدخل في صيام الشهرين الذي هو الكفارة، وهو مذهب عامة أهل العلم. قال: وفي أمره الرجل بالكفارة لما كان منه من الجناية دليل على أن على المرأة كفارة مثلها، لأن الشريعة سوَّت بين الناس في الأحكام إلا في مواضع قام عليها دليل التخصيص، وإذا لزمها القضاء، لأنها أفطرت بجماع متعمد كما وجب على الرجل، وجبت عليها الكفارة لهذه العلة، كالرجل سواء، وهذا مذهب أكثر العلماء، وقال الشافعي: يجزيهما كفارة واحدة، وهي على الرجل دونها، وكذلك قال الأوزاعي إلا أنه قال: إن كانت الكفارة بالصيام كان على واحد منهم صوم شهرين. (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (7457)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1111) لكن لم يذكر مسلم كلام الزهري. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه البخاري (2600) و (6710) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن معمر، به. ولم يذكر كلام الزهري أيضاً. وهو في "مسند أحمد" (7785) دون كلام الزهري الذي بإثر الحديث كذلك. قال الخطابي: وهذا من الزهري دعوى لم يُحضِر عليها برهاناً، ولا ذكر فيها شاهداً، وقال غيره: هذا منسوخ، ولم يذكر في نسخه خبراً يُعلم به صحة قوله، وأحسن ما سمعت فيه قول أبي يعقوب البويطي، وذلك أنه قال: هذا رجل وجبت عليه الرقبة فلم يكن عنده ما يشتري به رقبة، فقيل له: صم، فلم يطق الصوم، فقيل له: أطعم ستين مسكيناً فلم يجد ما يطعم، فأمر له النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بطعام ليتصدق به، فأخبر أنه ليس بالمدينة أحوج منه، وقد قال النبي -صلَّى الله عليه وسلم- "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى" فلم يَرَ له أن تصدق على غيره ويترك نفسه وعياله، فلما نقص من ذلك بقدر ما أطعم أهله لقوت يومهم صار طعاماً لا يكفي ستين مسكيناً، فسقطت عنه الكفارة في ذلك الوقت، فكانت في ذمته إلى أن يجدهاً، وصار كالمفلس يُمهل ويُؤجل، وليس في الحديث أنه قال: لا كفارة عليك. وقد ذهب بعضهم إلى أن الكفارة لا تلزم الفقير، واحتج بظاهر الحديث، وقال النووي في "شرح مسلم" 7/ 194: ومذهب العلماء كافة وجوب الكفارة عليه إذا جامع عامداً جماعاً أفسد به صوم يوم من رمضان، والكفارة عتق رقبة مؤمنة، فإن عجز عنها فصوم شهرين متتابعين، فإن عجز، فإطعام ستين مسكيناً، فإن عجز عن الخصال الثلاث، فللشافعي قولان: أحدهما: لا شيء عليه، وإن استطاع بعد ذلك فلا شيء عليه. والثاني -وهو الصحيح عند أصحابنا وهو المختار-: أن الكفارة لا تسقط بل تستقر في ذمته حتى يمكن قياساً على سائر الديون والحقوق. وقوله: بعَرَق بفتح العين والراء: هو المكتل الضخم وهو الزَّبيلُ، وقوله: ما بين لابتيها: يريد حرتي المدينة، والحرة: الأرض التي فيها حجارة بركانية سود كثيرة، والمدينة تقع بين حرتين عظيمتين: حرة واقم وهي الشرقية، وحرة وبرة وهي الغربية.

قال أبو داود: رواه الليثُ بنُ سعْدٍ والأوزاعيُّ ومنصور بنُ المعتمِرِ وعِراك بنُ مالكٍ على معنى ابنِ عيينة، زاد فيه الأوزاعيُّ: "واستغفِرِ الله" (¬1). 2392 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب، عن حُميد ابنِ عبدِ الرحمن عن أبي هريرة: أن رجلاً أفطرَ في رمضانَ، فأمره رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- أن يُعْتِقَ رقبةً، أو يَصُومَ شهرينِ متتابعينِ، أو يُطعِمَ ستينَ مسكيناً، قال: لا أجِدُ، فقال له رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "اجْلِسْ" فأُتي رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بعَرَقِ تَمْرٍ، فقال: "خُذْ هذا فتصدَّقْ بهِ" فقال: يا رسولَ الله، ما أحدٌ أحوجَ مِنّي، فَضَحِكَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، حتى بَدَتْ أنيابُه، وقال له: "كُلْه" (¬2). قال أبو داود: رواه ابنُ جُريجٍ، عن الزهري على لفظِ مالك: أن رجلاً أفطر، وقال فيه: " أو تُعتِقَ رقبةً، أو تصومَ شهرينِ، أو تُطعِمَ ستينَ مِسْكِيناً" (¬3). ¬

_ (¬1) أخرجه أبو يعلى (6393)، وابن حبان (3526) و (3527)، والدارقطني (2303)، والبيهقي 4/ 227، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/ 173 - 174 من طرق عن الأوزاعي، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. (¬2) إسناده صحيح، وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 296 - 297، ومن طريقه أخرجه مسلم (1111)، والنسائي في "الكبرى" (3102). وهو في "مسند أحمد" (10687)، و"صحيح ابن حبان" (3523). وانظر سابقيه، وما بعده. (¬3) أخرجه مسلم (1111) من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج، به.

2393 - حدَّثنا جعفرُ بنُ مُسافرٍ، حدَّثنا ابنُ أبي فُديكٍ، حدَّثنا هشامُ بنُ سعدٍ، عن ابنِ شهاب، عن أبي سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمنِ عن أبي هريرة، قال: جاءَ رجلٌ إلى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أفطرَ في رمضانَ، بهذا الحديثِ، قال: فأُتيَ بِعَرَقٍ فيه تمرٌ قدرَ خمسةَ عشرَ صاعاً، وقال فيه: "كُلْهُ أنتَ وأهلُ بَيْتِكَ، وصُمْ يوماً واستغفرِ الله" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا الإسناد خالف فيه هشام بن سعد من فوقه في الحفظ والضبط من أصحاب الزهري الذين اتفقوا على روايته عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وليس هو من حديث أبي سلمة. فقد أخرجه ابن خزيمة (1954)، وابن عدي في "الكامل" 7/ 2567، والدارقطني في "سننه" (2305) و (2402)، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 226 - 227 من طريق هشام بن سعد، عن الزهريِّ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. كذا قال هشام بن سعد: عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فخالف فيه من هو فوقه في الحفظ والضبط من أصحاب الزهري، ولم يكن هشام بالحافظ، وقد أنكروا عليه هذا الحديث، فقد قال ابنُ خزيمة: الخَبر عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، هو الصحيح [وهو الطريق السالف عند المصنف بالأرقام 2390 - 2392]، لا عن أبي سلمة. وقال ابنُ عدي: رواه الثقاتُ عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، وخالف هشامُ بن سعدٍ فيه الناسَ، ومع ضعفه يكتب حديثه، والحديثُ حديثُ حميد بن عبد الرحمن. وقال الخليلي في "الإرشاد" 1/ 345 بعد أن أشار إلى أن رواية هشام هذا الحديث عن الزهري، عن أبي سلمة: وهذا أنكره الحفاظ قاطبة من حديث الزهري عن أبي سلمة، لأن أصحابَ الزهري كلهم اتفقوا عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أخي أبي سلمة، وليس هو من حديث أبي سلمة. والزيادة التي جاعت في هذا الحديث من رواية هشام بن سعد "وهي الأمر بالقضاء" لم ينفرد بها، فقد جاءت من طرق أخرى يقوي بعضها بعضاً كما قال الحافظ في "الفتح" 4/ 172.=

2394 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهريُّ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني عمرو ابنُ الحارثِ، أن عبدَ الرحمن بنِ القَاسِم، حدَّثه، أن محمدَ بنَ جعفر بنِ الزبير حدَّثه، أن عبّادَ بنَ عبد الله بنِ الزبير حدَّثه أنه سَمِعَ عائشةَ زوجَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- تقولُ: أتى رجُلٌ إلى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- في المسجدِ في رمضَانَ، فقال: يا رسولَ الله، احترقتُ، فسأله النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "ما شأنُه؟ " فقال أصبتُ أهلي، قال: "تَصَدَّقْ" قال: واللهِ ما لي شيء ولا أقْدِرُ عليه، قال: " اجْلِسْ " فجلسَ، فبينما هو على ذلك أقْبَلَ رجلٌ يسوقُ حماراً عليه طعامٌ، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أينَ المُحْتَرِقُ آنفاً؟ " فقامَ الرجلُ، فقالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "تَصَدَّقْ بهذا" فقال: يا رسولَ الله، أعلى غيرِنا؟ فو اللهِ إنا لجياعٌ، ما لنا شيءٌ! قال: "كُلُوه" (¬1). ¬

_ وقال في "تلخيص الحبير" 2/ 207 بعد ذكر رواية أبي داود هذه: وأعلّه ابن حزم بهشام وقد تابعه إبراهيم بن سعد كما رواه أبو عوانة في "صحيحه"، وله طريق أخرى عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده عند ابن خزيمة (1955) والبيهقي 4/ 226. وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 297 عن عطاء بن عبد الله الخراساني، عن سعيد ابن المسيب. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 21: هكذا هذا الحديث عند جماعة رواة "الموطأ" مرسلاً، وقد روي معناه متصلاً من وجوه صحاح. (¬1) إسناده صحيح. ابن وهَبْ: هو عبد الله المصري، وعمرو بن الحارث: هو ابن يعقوب الأنصاري. وأخرجه البخاري (1935)، ومسلم (1112)، والنسائي في "الكبرى" (3097 - 3099) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، بهذا الإسناد. وأخرجه تعليقاً البخاري (6822) من طريق الليث، عن عمرو بن الحارث، به. وهو في "مسند أحمد" (25092). وانظر ما بعده.

38 - باب التغليظ في من أفطر عمدا

2395 - حدَّثنا محمدُ بنُ عوفِ، حدَّثنا سَعِيدُ بن أبي مريم، حدَّثنا ابنُ أبي الزِّنادِ، عن عبدِ الرحمن بنِ الحارث، عن محمد بنِ جعفرِ بنِ الزبير، عن عباد ابنِ عبد الله عن عائشة، بهذه القِصَّة، قال: فأتي بعَرَقٍ فيه عشرون صاعاً (¬1). 38 - باب التغليظ في من أفطر عمداً 2396 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حَرب، قال: حدَّثنا (ح) وحدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ قال: أخبرنا شُعبَةُ، عن حبيب بنِ أبي ثابت، عن عُمارَةَ بنِ عُمير، عن ابنِ مُطَوِّس عن أبيه -قال ابنُ كثير: عن أبي المُطوّسِ، عن أبيه - عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَنْ أفطرَ يوماً مِن رمضانَ في غيرِ رُخصةٍ رخَّصها الله له لم يَقْضِ عنه صِيَامُ الدَّهْرِ" (¬2). 2397 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن سفيانَ، حدثني حبيب، عن عُمارةَ، عن ابنِ المُطَوِّسِ، قال: فلقيتُ ابنَ المُطَوِّسِ فحدَّثني عن أبيه ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. ابنُ أبي الزناد -وهو عبد الرحمن-، وعبد الرحمن بن الحارث -وهو ابن عبد الله بن عياش المخزومي- كلاهما حسن الحديث. وقد توبعا. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف. لضعف ابن المطوِّس -واسمه يزيد بن المطوس- وجهالة أبيه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3267 - 3270) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9014). وانظر ما بعده.

39 - باب من أكل ناسيا

عن أبي هريرة قال: قال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: مثلَ حديثِ ابنِ كثيرٍ وسليمان (¬1). قال أبو داود: واختُلِفَ على سفيانَ وشعبة عنهما: ابنُ المُطَوِّسِ وأبو المُطَوِّسِ. 39 - باب من أكل ناسياً 2398 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن أيوبَ وحبيب وهِشَامِ، عن محمد بنِ سيرين عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ اللهِ إني أكلْتُ وشَرِبْتُ ناسياً وأنا صَائم فقال: "اللهُ أطعَمَكَ وسَقَاكَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه ابن ماجه (1672)، والترمذي (732)، والنسائي في "الكبرى" (3265) و (3266) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9706). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سلمة البصري، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وحبيب: هو ابن الشهيد الأزدي مولاهم، وهشام: هو ابن حسان الأزدي. وأخرجه البخاري (1933)، ومسلم (1155)، والنسائى في "الكبرى" (3263) من طرق، عن هشام وحده، بهذا الاسناد. وأخرجه البخاري (6669)، وابن ماجه (1673)، والترمذي بنحوه (730) و (731)، والنسائي (3262) من طريق محمد بن سيرين، به. وقرن جميعُهم ما عدا الترمذي في الموضع الأول بمحمد بن سيرين خلاس بن عمرو. وهو في "مسند أحمد" (9136)، و"صحيح ابن حبان" (3519). =

40 - باب تأخير قضاء رمضان

40 - باب تأخير قضاء رمضان 2399 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ القعنبيُّ، عن مالك، عن يحيي بن سعيد، عن أبي سلمة بنِ عبدِ الرحمن أنه سَمعَ عائشةَ تقولُ: إن كان ليكون عليّ الصومُ مِنْ رمضان فما أستطِيعُ أن أقْضِيَهُ حتى يأتي شعبان (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: وفي قوله: "الله أطعمك وسقاك" دليل على أن لا قضاء على المفطر ناسياً، وذلك أن النسيان من باب الضرورة، والضرورات من فعل الله سبحانه ليست من فعل العباد، ولذلك أضاف الفعل في ذلك إلى الله سبحانه وتعالى. وإلى إسقاط القضاء والكفارة عن الناس ذهب عامة أهل العلم، وأما إذا وطئ زوجته ناسياً في نهار الصوم، فقد اختلف العلماء في ذلك، فقال الثوري وأصحاب الرأي والشافعي وإسحاق مثل قولهم فيمن أكل أو شرب ناسياً، وإليه ذهب الحسن ومجاهد، وقال عطاء والأوزاعي ومالك والليث بن سعد: عليه القضاء، وقال أحمد: عليه القضاء والكفارة. (¬1) إسناده صحيح. مالك: هو ابن أنس، ويحيي بن سعيد: هو الأنصاري، وأبو سلمة بن عبد الرحمن: هو عبد الله. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 308. وأخرجه البخاري (1950)، ومسلم (1146)، وابن ماجه (1669)، والنسائي في "الكبرى" (2640) من طرق عن يحيي بن سعيد، به. وقرن ابن ماجه بيحيى عَمرو ابن دينار. وأخرجه بنحوه مسلم (1146)، والنسائي في "الكبرى" (2499) من طريق محمد ابن إبراهيم، عن أبي سلمة، به. وأخرجه الترمذي (793) من طريق عبد الله البَهيّ، عن عائشة. وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (24928)، و"صحيح ابن حبان" (3516). =

41 - باب فيمن مات وعليه صيام

41 - باب فيمن مات وعليه صيامٌ 2400 - حدَّثنا أحمد بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني عمرو بنُ الحارث، عن عُبيدِ الله بنِ أبي جعفر، عن محمد بنِ جعفرِ بنِ الزبير، عن عُروة عن عائشةَ، أنَّ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من مَاتَ وعليه صيام صامَ عنهُ ولِيُّه" (¬1). ¬

_ = وقولها: فما استطيع أن أقضيه. قال الخطابي: إنما هو لاشتغالها بقضاء حق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وتوفير الحظ في عشرته. قال المنذري: واختلف فيما لو أخره عن رمضان آخر، فقال جماعة من الصحابة والتابعين: يقضي ويطعم كل يوم مسكيناً، قال ابن القيم: وهذا قول ابن عباس وابن عمر وأبي هريرة ومجاهد وسعيد بن جبير والثوري والأوزاعي والإمام أحمد والشافعي ومالك وإسحاق. وقال جماعة: يقضي ولا فدية عليه، وهذا يُروى عن الحسن وإبراهيم والنخعي وهو مذهب أبي حنيفة. وقالت طائفة منهم قتادة: يطعم ولا يقضي. (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله بن وهْب المصري. وأخرجه البخاري (1952)، ومسلم (1147)، والنسائي في "الكبرى" (2931) من طريق عمرو بن الحارث، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24401)، و"صحيح ابن حبان" (3569). وسيأتي مكرراً برقم (3311). قال الخطابي: هذا فيمن لزمه فرض الصوم إما نذراً وإما قضاء عن رمضان فائت، مثل أن يكون مسافراً فيقدم، وأمكنه القضاء ففرط فيه حتى مات، أو يكون مريضاً فيبرأ ولا يقضي، وإلى ظاهر هذا الحديث ذهب أحمد وإسحاق، وقالا: يصوم عنه وليه وهو قول أهل الظاهر. وتأوله بعض أهل العلم فقال: معناه أن يطعم عنه وليه، فإذا فعل ذلك، فكأنه قد صام عنه، وسمي الإطعام صياماً على سبيل المجاز والاتساع، إذ كان الطعام قد ينوب عنه، وقد قال سبحانه: {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} [المائدة: 95] فدل على أنهما يتناوبان. =

قال أبو داود: هذا في النذرِ (¬1). وهو قول أحمد بنِ حنبل (¬2). 2401 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن أبي حَصين، عن سعيدِ ابنِ جُبير عن ابنِ عباسٍ قال: إذا مَرِضَ الرجلُ في رمَضَانَ ثم ماتَ ولم يصُمْ أُطعِمَ عنه ولم يكن عليه قضاءٌ, وإن كان عليه نذر قضى عنهُ وليُّه (¬3). ¬

_ = وذهب مالك والشافعي إلى أنه لا يجوز صيام أحد عن أحد، وهو قولُ أصحاب الرأي وقاسوه على الصلاة ونظائرها من أعمال البَدَنِ التي لا مدخل للمال فيها. واتفق عامة أهل العلم على أنه إذا أفطر في المرض أو السفر، ثم لم يفرط في القضاء حتى مات، فإنه لا شيء عليه، ولا يجب الإطعام عنه غير قتادة فإنه قال: يطعم عنه، وقد حكي ذلك أيضاً عن طاووس. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح " 193/ 4: وقد اختلف السلف في هذه المسألة، فأجاز الصيام عن الميت أصحاب الحديث، وعلق الشافعي في القديم على القول به على صحة الحديث كما نقله عنه البيهقي في "المعرفة" 6/ 309، وهو قول أبي ثور وجماعة من محدثي الشافعية، وقال البيهقي في "الخلافيات": هذه المسألة ثابتة لا أعلم خلافاً بين أهل الحديث في صحتها، فوجب العمل بها، ثم ساق بسنده إلى الشافعي قال: كل ما قلت وصح عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- خلافه. فخذوا بالحديث ولا تقلدوني. وقال الشافعي في الجديد ومالك وأبو حنيفة: لا يُصام عن الميت. وقال الليث بن سعد وأحمد وإسحاق وأبو عُبيد: لا يصام عنه إلا النذر. (¬1) قوله: قال أبو دواد: هذا في النذر، زيادة أثبتناها من (هـ) و (و). (¬2) قوله: وهو قول أحمد، زيادة ملحقة في هامش (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن الأعرابي. (¬3) إسناده صحيح موقوفاً. محمد بن كثير: هو العبدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو حَصين: هو عثمان بن عاصم الأسدي.

42 - باب الصوم في السفر

42 - باب الصوم في السفر 2402 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ ومُسَدَّدٌ، قالا: حدَّثنا حمادٌ، عن هشام ابنِ عُروة، عن أبيه عن عائشة: أن حمزةَ الأسلميَّ سأل النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ الله، إني رجُلٌ أسرُدُ الصوم أفأصومُ في السَّفَرِ؟ قال: "صمْ إن شئتَ، وأفْطِرْ إن شِئتَ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 4/ 254 من طريق ميمون بن مهران، عن ابن عباس. وأخرج النسائي في "الكبرى" (2930) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: لا يصلي أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد، ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مُدا من حنطة. وإسناده صحيح. وأخرج البخاري (1953) تعليقاً، ومسلم (1148) واللفظ له، والنسائي (2929) من طريق الحكم بن عتيبة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ فقال: "أرأيتِ لو كان على أُمكِ دَين فقضيتيه كان يؤدي ذلك عنها؟ " قالت: نعم، قال: "فصُومي عن أمك". وصححه ابن حبان (4396). (¬1) إسناده صحيح. مسدَّد: هو ابن مسرهد الأسَدي، وحمّاد: هو ابن زيد. وأخرجه مسلم (1121)، والنسائي في "الكبرى" (2705) من طريق حمّاد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1942) مختصراً و (1943)، ومسلم (1121)، وابن ماجه (1662)، والترمذي (720)، والنسائي في "الكبرى" (2626 - 2629) من طرق عن هشام بن عروة، به. وهو في "مسند أحمد" (24196)، و"صحيح ابن حبان" (3560). قال الخطابي: هذا نص في إثبات الخيار للمسافر بين الصوم والإفطار، وفيه بيان جواز صوم الفرض للمسافر إذا صامه، وهو قول عامة أهل العلم. ثم اختلف أهل العلم بعد هذا في أفضل الأمرين منهما: =

2403 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ المجيد المدنيُّ قال: سمعتُ حمزةَ بنَ محمد بنِ حمزةَ الأسلمي يذكر أن أباه أخبره عن جدِّهِ، قال: قلتُ يا رسول الله، إني صاحِبُ ظهْرٍ أُعَالِجُه: أُسَافِرُ عليه، وأُكْرِيهِ، وإنهُ ربما صادَفني هذا الشهر -يعني رمضان- وأنا أجد القوةَ، وأنا شابٌّ، فأجدُ بأن أصومَ يا رسولَ الله أهونُ على من أن أؤخرَهُ فيكون ديناً، أفأصومُ يا رسولَ الله أعظمَ لأجري أو أفطرُ! قال: "أيَّ ذلك شئتَ يا حمزةُ" (¬1). ¬

_ = فقالت طائفة: أفضل الأمرين الفطر، وإليه ذهب ابن المسيب والشعبي والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وقال أنس بن مالك وعثمان بن أبي العاص: أفضل الأمرين الصوم في السفر، وبه قال النخعي وسعيد بن جبير، وهو قول مالك والثوري والشافعي وأصحاب الرأي. وقالت فرقة ثالثة: أفضل الأمرين أيسرهما على المرء، لقوله عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] فإن كان الصوم عليه أيسر، صامه، وإن كان الفطر أيسر، فليفطِر، وإليه ذهب مجاهد وعمر بن عبد العزيز وقتادة. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن عبد المجيد المدني مجهول تفرد بالرواية عنه أبو جعفر النُّفيليّ، وذكلره ابن حبان وحده في "الثقات"، وحمزة بن محمد بن حمزة الأسلمي مجهول، ولم يوثقه أحد. وقد رُوي من وجوه أُخرى. فقد أخرجه بنحوه مختصراً مسلم (1121)، والنسائي في "الكبرى" (2622) و (2623) من طريق أبي مُرَاوح، والنسائي (2614) و (2615) و (2617) و (2618) و (2620) من طريق سليمان بن يسار، و (2619) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، و (2620) و (2621) من طريق حنظلة بن علي، و (2624) من طريق عروة بن الزبير، أربعتهم، عن حمزة بن عمرو الأسلمي بهذا الإسناد. وعروة إنما رواه عن أبي مُراوح. وحمزة بن عمرو الأسلمي صحابي جليل مات سنة إحدى وستين وله إحدى وسبعون، وقيل: ثمانون. وهو في "مسند أحمد" (16037). ويشهد له حديث عائشة السالف قبله.

2404 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عوانة، عن منصور، عن مجاهدٍ، عن طاووس عن ابنِ عباس، قال: خَرَجَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- من المدينةِ إلى مكَّة حتى بلغَ عُسْفانَ، ثم دعا بإناء فرفعه إلى فيه لِيُريَه الناس، وذلك في رمضان، فكان ابنُ عباسِ يقول: قد صامَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- وأفطرَ، فمن شاء صامَ، ومن شاء أفْطَرَ (¬1). 2405 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زائدةُ، عن حُميدِ الطويل عن أنس، قال: سافَرْنَا مَعَ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في رمضان، فصامَ بعضُنا، وأفطر بعضُنا، فلم يَعِبِ الصَائِمُ على المُفْطِرِ، ولا المُفْطِرُ على الصَّائم (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرهد الأسَدي، وأبو عوانة: هو الوضاح ابن عبد الله اليشكُري، ومنصور: هو ابن المعتَمِر السُّلَمي، ومُجاهد: هو ابن جبر المكي، وطاووس: هو ابن كَيسَان. وأخرجه البخارى (1948) و (4279)، ومسلم (1113)، وابن ماجه (1661)، والنسائي في "الكبرى" (2610) و (2611) و (2635) من طرق عن منصور، بهذا الإسناد. وفي رواية مسلم والنسائي (2611): فشربه نهاراً ليراه الناس، ولفظ ابن ماجه: أنه -صلَّى الله عليه وسلم- صام في السفر وأفطر. وأخرجه النسائي مختصراً (2609) من طريق الحكم، عن مجاهد، به. وأخرجه بنحوه البخاري (1944) و (4275) و (4276)، ومسلم (1113)، والنسائي في "الكبرى" (2634) من طريق عيد الله بن عبد الله، والنسائي (2608) من طريق مِقْسَم، كلاهما، عن ابن عباس. وهو في "مسند أحمد" (2350) و (2652)، و"صحيح ابن حبان" (3566). وعُسفان: بلد بين مكة والمدينة، وهي من مكة على مرحلتين، وقيل: على ستة وثلاثين ميلاً من مكة وهى حَدُّ تِهامة، وسميت عسفان لتعسف السيول فيها. (¬2) إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قُدامة الثقفي، وحُميد الطويل: هو ابن أبي حُميد الخزاعي. =

2406 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح ووهبُ بنُ بيان -المعنى- قالا: حدَّثنا ابنُ وهب، حدَّثني معاويةُ، عن ربيعةَ بنِ يزيدَ، أنه حدَّثه، عن قزَعَة، قال: أتيتُ أبا سعيدِ الخدريَّ وهو يُفتي الناسَ وهم مكثُورٌ عليه، فانتظرتُ خَلْوَته، فلما خلا سألتُه، عن صِيامِ رمضانَ في السَّفر، فقال: خرجنا مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في رمضانَ عام الفتح، فكان رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يصومُ ونصومُ، حتى بلغ منزِلاً مِن المنازلِ فقال: "إنكم قد دنوتُم مِنْ عدوِّكُم، والفطرُ أقوى لكم", فأصبحنا: منّا الصَائِمُ ومنَّا المفطِرُ، قال: ثم سِرْنا فنزلنا منزِلاً فقال: "إنكم تُصبِّحونَ عدوَّكم والفطر أقوى لكم، فأفطِرُوا" فكانت عزيمةً من رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1947)، ومسلم (1118) من طرق عن حميد الطويل، به. وهو في"صحيح ابن حبان" (3561). وأخرج النسائي في "الكبرى" (2654) من طريق مورّق العِجلي، عن أنس بن مالك، قال: كنا مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في سفر، فمنا الصائم ومنا المفطر، فنزلنا في يوم حارٍّ، واتخذنا ظلاً، فسقط الصُّوّام، وقام المفطرون، وسقوا الركاب، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ذهب المفطرون اليوم بالأجر" وإسناده صحيح. وصححه ابن حبان (3559) وترجم له بقوله: ذكر البيان بأن بعض المسافرين إذا أفطروا قد يكونون أفضل من بعض الصوّام في بعض الأحوال. (¬1) إسناده صحيح. ابن وَهْب: هو عبد الله بن وهب المصري، ومعاوية: هو ابن صالح بن حُدير الحضرمي، وقَزَعَةُ: هو ابنُ يحيي البصري. وأخرجه مسلم (1120) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي مختصراً (1779) من طريق عطية بن قيس، عن قزعة، به. وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (11307) مطولاً. =

43 - باب اختيار الفطر

قال: أبو سعيدٍ: ثم لقد رأيتُني أصومُ مع النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قبلَ ذلك وبعد ذلك. 43 - باب اختيار الفطر 2407 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسي, حدَّثنا شُعبةُ، عن محمد بنِ عبدِ الرحمن -يعني ابنَ سعد بنِ زُرارةَ- عن محمدِ بنِ عمرو بنِ حَسَنٍ عن جابرِ بنِ عبدِ الله: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يُظلَّلُ عليه والزِّحَامُ عليه، فقال: "ليس من البرِّ الصيامُ في السَّفَرِ" (¬1). ¬

_ = وله شاهد من حديث عمر في "مسند أحمد" (140) وسنده قوي. وأخرج مسلم (1116) و (1117)، والترمذي (721) و (722)، والنسائي في "الكبرى" (2630 - 2633) من طريق أبي نضرة المنذر بن مالك، عن أبي سعيد الخدري، قال: غزونا مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- لست عشرة مضت من رمضان، فمنا من صام، ومنا من أفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم. هذا لفظ مسلم، وفي رواية أخرى عند مسلم: لثمان عشرة، وفي رواية أخرى: لسبع عشرة أو تسع كرة. قلنا: وهي غزوة الفتح فقد كانت في ذلك الوقت من الشهر. وعند بعضهم زيادة: يَرَون أن من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن، ويَرون أن من وجد ضعفاً فافطر فإن ذلك حسن. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (1946)، ومسلم (1115)، والنسائي في "الكبرى" (2582) من طرق، عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14193)، و"صحيح ابن حبان" (3552). وأخرج مسلم (1114)، والترمذى (719)، والنسائي في "الكبرى" (2583) من طريق محمد بن علي الباقر، عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- خرج إلى مكة عام الفتح، فصام حتى بلغ كراع الغميم، وصام الناس معه، فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام، وإن الناس ينظرون فيما فعلتَ. فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب، والناس ينظرون إليه، فأفطر بعضهم، وصام بعضهم، فبلغه أن ناساً صاموا، فقال: "أولئك العصاة". =

2408 - حدَّثنا شيبانُ بنُ فرُّوخِ، حدَّثنا أبو هلال الراسِبِيُّ، حدَّثنا ابنُ سَوادة القُشيريُّ عن أنسِ بنِ مالك - رجلٍ مِن بني عبد الله بنِ كعب إخوةِ بني قشير - قال: أغارَتْ علينا خيلٌ لرسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فانتهيتُ -أو قال: فانطلقتُ- إلى رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- وهو يأكُلُ، فقال: "اجْلِسْ فأصِبْ مِن طعامِنا هذا" فقلتُ: إني صائِم قال: "اجْلِسْ أُحدِّثْكَ، عن الصلاةِ وعنِ الصيامِ، إن الله تعالى وضَعَ شَطْرَ الصلاةِ، أو نِصفَ الصلاةِ، والصومَ عن المسافرِ، وعن المُرضِع، أو الحُبلى" والله لقد قالهما جميعاً أو أحدهما، قال: فتلهَّفَتْ نفسِي أن لا أكونَ أكلتُ مِن طعامِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). ¬

_ قال الخطابي: هذا كلام خرج على سبب، فهو مقصور على من كان في مثل حاله، كأنه قال: ليس من البر أن يصومَ المسافر إذا كانَ الصومُ يؤذيه إلى مثل هذه الحال، بدليل صيام النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في سفره عام الفتح، وبدليل خبر حمزة الأسلمي وتخييره بين الصوم والإفطار، ولو لم يكن الصوم براً لم يخيره فيه، والله أعلم. (¬1) حديث حسن. وهذا إسناد وهم فيه أبو هلال الراسبي -وهو محمد بن سُليم- فأسقط من إسناده سوادة بن حنظلة القشيري، وخالفه وهيب بن خالد الثقة، فرواه عن عبد الله بن سوادة، عن أبيه، عن أنس بن مالك الكعبي. وأبو هلال الراسبي ضعيف، وسوادة بن حنظلة صدوق حسن الحديث. وكنا قد عددنا رواية وهيب متابعة لرواية أبي هلال في "المسند" و"ابن ماجه"، فيُستدرك من هنا. وأخرجه ابن ماجه (1667) ومختصراً (3299)، والترمذي (724) من طريق أبي هِلال الراسِبي، به. وقال الترمذي: حديث حسن. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2636) من طريق وهيب بن خالد، عن عبد الله ابن سَوادة، عن أبيه، عن أنس بن مالك وهذا إسناد حسن. وهو في "مسند أحمد" (19048). =

44 - باب فيمن اختار الصيام

44 - باب فيمن اختار الصيامَ 2409 - حدَّثنا مُؤمَّلُ بنُ الفضل، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا سعيدُ بنُ عبدِ العزيز، حدثني إسماعيلُ بنُ عُبيد الله، حدثتني أُمُ الدرداء عن أبي الدرداء، قال: خرجْنا مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في بعضِ غَزَواتِهِ في حَرٍّ شديد، حتى إن أحدنا ليَضعُ يَدَهُ على رأسِه -أو كفه على رأسِه- مِن شِدْةِ الحر، ما فينا صائِم إلا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وعبدُ الله بنُ رواحة (¬1). 2410 - حدَّثنا حامِدُ بنُ يحيي، حدَّثنا هاشمُ بنُ القاسم (ح) ¬

_ = قال الخطابي: قد يجمع نظم الكلام أشاء ذات عدد منسوقة في الذكر، مفترقة في الحكم، وذلك أن الشطر الموضوع من الصلاة يسقط لا إلى قضاء، والصوم يسقط في السفر ترخيص للمسافر ثم يلزمه القضاء إذا أقام، والحامل والمرضع تفطران إبقاءً على الولد ثم تقضيان، وتطعمان من أجل أن إفطارهما كان من أجل غير أنفسهما. وممن أوجب على الحامل والمرضع مع القضاء الإطعام مجاهد والشافعي وأحمد، وقال مالك: الحبلى تقضي، ولا تكفر، لأنها بمنزلة المريض، والمرضع تقضي وتكفر، وقال الحسن وعطاء: تقضيان ولا تطعمان كالمريض، وهو قول الأوزاعي والثوري وإليه ذهب أصحاب الرأي. (¬1) إسناده صحيح. الوليد -وهو ابن مسلم- صرح بالتحديث بكامل السند. سعيد بن عبد العزيز: هر التنوخي، فمن رجال مسلم، وإسماعيل بن عبيد الله: هر ابن أبي المهاجر. وأخرجه مسلم (1122) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1945) من طريق إسماعيل بن عبيد الله، به. وأخرجه مسلم (1122)، وابن ماجه (1663) من طريق عثمان بن حَيان، عن أم الدرداء، به. وهو في "مسند أحمد" (21696).

وحدَّثنا عقبةُ بنُ مُكرَم، حدَّثنا أبو قتيبة -المعنى- قالا: حدَّثنا عبدُ الصمد ابنُ حبيب بنِ عبد الله الأزديُّ، حدَّثنى حبيبُ بنُ عبد الله، قال: سمعتُ سِنانَ ابنَ سلمةَ بن المحبَّقِ الهذليِّ يُحدّثُ عن أبيه، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من كانت لهُ حمولةٌ تأوي إلى شِبَعٍ، فليَصُمْ رمضانَ حيثُ أدرَكَهُ" (¬1). 2411 - حدَّثنا نصرُ بنُ المهاجر، حدَّثنا عبدُ الصمد بنِ عبدِ الوارث، حدَّثنا عبدُ الصمدِ بنُ حبيب، قال: حدثني أبي، عن سِنان بنِ سلمة عن سلمةَ بنِ المُحبَّقِ، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَنْ أدركَهُ رمضانُ في السفر" فذكر معناه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة حال حبيب بن عبد الله -وهو الأزدي اليُحمِدي- , وضعف ابنه عبد الصمد. هاشم بن القاسم: هو أبو النضر الليثي، وعُقبة بن مُكرَم: هو العَمي، وأبو قتيبة: هو سَلم بن قُتيبة الشَّعيري. وأخرجه أبو بكر الجَصّاص في "أحكام القرآن" 1/ 215، وابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 431 من طريق المُصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (15912) - ومن طريقه المزي في ترجمة حبيب بن عبد الله الأزدي من "تهذيب الكمال" 5/ 384 - وابنُ الأثير 2/ 431 من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، به. وأخرجه العُقيلي في "الضعفاء"3/ 83، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 245، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (884) والمزي في ترجمة عبد الصمد بن حبيب من "تهذيب الكمال" 18/ 96 من طريق مسلم بن إبراهيم، عن عبد الصمد بن حبيب، به. وقد سقط من مطبوع العقيلي اسم حبيب بن عبد الله من الإسناد، وتحرف فيه قوله: "فليصم" إلى: "فليقم". وانظر ما بعده. والحَمولة بفتح الحاء: كل ما يُركب عليه من إبل أو حمار أو غيرهما، وفي القرآن الكريم: {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا} [الأنعام: 142]. (¬2) إسناده ضعيف كسابقه. =

45 - باب متى يفطر المسافر إذا خرج؟

45 - باب متى يفطر المسافر إذا خرج؟ 2412 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عُمر، حدثني عبدُ الله بنُ يزيد (ح) وحدَّثنا جعفرُ بن مسافر، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يحيى -المعنى- حدثني سعيد -يعني ابنَ أبي أيوب-، وزاد جعفرٌ: والليثُ قال: حَدَّثني يزيدُ بنُ أبي حبيب، أن كُلَيبَ بنَ ذُهْلٍ الحضرميَّ أخبره، عن عُبيدٍ،-قال جعفر: بن جبر- قال: كنتُ مع أبي بَصْرَةَ الغفاريِّ صاحبِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- في سفينةٍ مِن الفُسْطاطِ في رمضانَ، فرفع، ثم قَرَّبَ غداءه -قال جعفر في حديثه: فلم يُجاوز البيوتَ حتى دعا بالسُّفرة- قال: اقتربْ، قلتُ: ألستَ ترى البيوتَ؟ قال أبو بصرةَ: أتَرْغَبُ عن سُنةِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-؟ قال جعفر في حديثه: فأَكَلَ (¬1). ¬

_ = وأخرجه أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" 1/ 215 من طريق المصنِّف، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (20072)، والبيهقي 4/ 245 من طريق عبد الصمد ابن عبد الوارث، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة كليب بن ذهل. عُبَيد بن جَبْر -وهو الغِفاري- وثقه العجلي وذكره يعقوب بن سفيان في الثقات. سعيد بن أبي أيوب: هو ابن مقلاص الخزاعي، والليث: هو ابن سعد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (27232)، والدارمي (1713)، وابن خزيمة في "صحيحه" (2040)، والطبرانى في "الكبير" (2169)، والبيهقي في "سننه" 4/ 246، والمزي في ترجمة عُبيد بن جَبر من "تهذيبه" 19/ 192 من طريق سعيد بن أبي أيوب، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (27233) و (27234) من طريقين عن يزيد بن أبي حبيب=.

46 - باب مسيرة ما يفطر فيه

46 - باب مسيرة ما يُفطَر فيه 2413 - حدَّثنا عيسى بنُ حمّاد، أخبرنا الليثُ -يعني ابنَ سعْد- عن يزيدَ ابن أبي حبيب، عن أبي الخير عن منصورٍ الكلبيِّ، أن دِحْيَةَ بنَ خليفه خَرَجَ مِنْ قريه من دمشقَ مرةً إلى قَدْرِ قريةِ عَقَبة من الفُسطاط، وذلك ثلاثةُ أميال، في رمضان، ثم إنه أفْطَرَ وأفْطَرَ معه ناس، وكرهَ آخرون أن يُفطِروا، فلما رَجَعَ إلى قريتِه قال: والله لَقَدْ رأيتُ اليومَ أمراً ما كنتُ أظن أني أراه، إن قَوْماً رَغِبُوا عن هَدْي رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وأصحابه، يقولُ ذلك لِلذين صاموا، ثم قال عند ذلك: اللهمَّ اقبضْني إليك (¬1). ¬

_ وفي الباب عن دِحية الكلبي سيأتي عند المصنف بعد هذا الحديث. وآخر عن أنس بن مالك عند الترمذي (810) و (811) وقال: حديث حسن. قال في "المغني": وإذا سافر في أثناء يوم من رمضان، فحكمه في الثاني كمن سافر ليلاً، في إباحة فطر اليوم الذي سافر فيه، عن أحمد: روايتان، إحداها: له أن يفطر، وهو قول عمرو بن شرحبيل والشعبي وإسحاق وداود وابن المنذر. والرواية الثانية: لا يباح له فطر ذلك اليوم، وهو قول مكحول والزهري، ويحيى الأنصاري، ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة منصور الكلبي -وهو ابن سعيد بن الأصبغ- أبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزَني. وأخرجه أحمد في"مسنده" (27231)، وابن خزيمة في "صحيحه" (2041)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 70، والطبراني في"الكبير" (4197)، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 241 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وشاهده حديث أبي بصرة الغِفاري الذي سلف قبله. وأخرج الترمذي (810) و (811) عن محمد بن كعب أنه قال: أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفراً، وقد رُحِلت له راحلته، ولبس ثياب السفر، فدعا بطعام،=

47 - باب من يقول: صمت رمضان كله

2414 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا المعتَمِرُ، عن عُبيدِ الله، عن نافعٍ أن ابن عمر كان يَخرُجُ إلى الغابَةِ فلا يُفطِرُ ولا يَقْصُرُ (¬1). 47 - باب من يقول: صمت رمضان كلَّه 2415 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن المهلَّب بن أبي حبيبةَ، حدَّثنا الحسنُ عن أبي بكرة، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا يقولنَّ أحدُكُم: إني صُمْتُ رمضانَ كُلَّه وقمتُه كلَّه" فلا أدْرِي أكَرِهَ التزكيةَ، أو قال: لا بدَّ من نَوْمةٍ أو رقْدَةٍ (¬2). ¬

_ = فأكل، فقلت له: سنة؟ قال: سنة، ثم ركب، وهو حديث حسن كما قال الترمذي، ثم قال: وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث، وقال: للمسافر أن يفطر في بيته قبل أن يخرج، وليس له أن يقصر الصلاة حتى يخرج من جدار المدينة أو القرية، وهو قول إسحق بن إبراهيم الحنظلي. والقرية التي ذكرت في الخبر هي المِزَّة، وهي ما تزال قائمة، وقد اتصلت الآن عمرانياً بمدينة دمشق. (¬1) إسناده صحيح وهو موقوف. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، والمُعتمِر: هو ابن سليمان التَّيمي، وعبيد الله: هو ابن عمر، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 3/ 16، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 241 من طريق المعتمر، بهذا الإسناد. والغابة: موضع مِن عوالي المدينة من ناحية الشام على بَريدٍ منها. (¬2) إسناده صحيح. الحسن -وهو ابن أبي الحسن يسار البصري- سمع من أبي بكرة فقد روى البخاري في "صحيحه" ثلاثة أحاديث للحسن البصري صرح فيها بالسماع من أبي بكرة وهي: (2704) و (3746) و (7109). مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرهَد الأسدَي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2430) من طريق يحيى، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20406)، و"صحيح ابن حبان" (3439).

48 - باب في صوم العيدين

48 - باب في صوم العيدين 2416 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد وزهيرُ بنُ حرب -وهذا حديثُه- قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري عن أبي عُبيدٍ، قال: شَهِدْتُ العيدَ مع عُمَرَ، فبدأ بالصلاةِ قبل الخُطبةِ، ثم قال: إن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن صِيامِ هذين اليومين: أما يومُ الأضحى، فتأكُلُون من لحم نُسُكِكُم، وأما يومُ الفِطْر، فَفِطْركُم من صِيامِكُم (¬1). 2417 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا وُهَيبٌ، حدَّثنا عمرُو بنُ يحيى، عن أبيه عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: نهى رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- عن صيامِ يومينِ: يومِ الفِطْرِ، ويومِ الأضحى، وعن لِبْستينِ: الصَّمَّاء، وأن يحتبي الرَّجُلُ في الثوبِ الواحِدِ، وعن الصلاةِ في ساعتين: بَعْدَ الصُّبحِ، وبعدَ العَصْرِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمد بن مسلم بن شهاب، وأبو عبيد: هو سعد بن عبيد الزهري. وأخرجه ابن ماجه (1722)، والنسائي في "الكبرى" (2802) من طريقين عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1990) و (5571)، ومسلم (1137)، والترمذي (782) من طرق، عن الزهري، به. وقال الترمذي: حديث صحيح. وهو في "مسند أحمد" (163)، و"صحيح ابن حبان" (3600). قال النووي: وقد أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين لكل حال، سواء صامهما عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك. (¬2) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد الباهلي، وعمرو بن يحيي: هو ابن عمارة المازني.=

49 - باب صيام أيام التشريق

49 - باب صيام أيام التشريق 2418 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن يزيدَ بنِ الهاد عن أبي مُرَّة مولى أُم هانئ، أنه دخل مع عبدِ الله بنِ عمرو على أبيه عمرو بنِ العاص، فقرَّب إليهما طعاماً، فقال: كُل، فقال: إني صائم، فقال عمرو: كُلْ فهذه الأيامُ التي كانَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يأمُرُنا بإفطارِهَا وينهانا عن صِيامِها، قال مالكٌ: وهي أيامُ التَّشريقِ (¬1). ¬

_ وأخرجه البخاري (1991) و (1992) من طريق موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. دون ذكر اللباس. وأخرجه مسلم بإثر (1138) (141)، والترمذي (781) من طريق عمرو بن يحيى، به. مقتصراً على الصيام. وأخرجه مفرقاً البخاري (1197) و (1864) و (1995)، ومسلم بإثر (1138) (140)، وابن ماجه (1721)، والنسائي في "الكبرى" (2803 - 2806) من طريق قزعة بن يحيى، والبخاري (586) و (6284)، ومسلم (827) من طريق عطاء بن يزيد الليثي، والبخاري (367) و (5822) من طريق عُبيد الله بن عبد الله، والبخاري (5820) من طريق عامر بن سعيد، أربعتهم عن أبي سعيد الخدري، به. وهو في "مسند أحمد" (11910)، و "صحيح ابن حبان" (3599). لبسة الصماء: أن يشتمل الرجل بثوب واحد ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه، فيضعه على أحد منكبيه فتبدو منه سوأته، وقبل: أن يلف على جمع بدنه بحيث لا يترك فرجة يخرج منها يده. والاحتباء: أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليها، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب، وإنما نهى عنه، لأنه إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد ربما تحرك أو زال الثوب، فتبدو عورتُه. قاله في "النهاية". (¬1) إسناده صحيح. مالك: هو ابن أنس، ويزيد ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله الليثي، وأبو مرة: هو يزيد الهاشمي. وهو في "الموطأ" (1369) برواية أبي مصعب الزهري، عن مالك. =

2419 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا وهبٌ، حدَّثنا موسى بنُ على (ح) وحدَثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا وكيع، عن موسى بنُ عليٌّ، -والإخبار في حديثِ وهبٍ- قال: سمِعتُ أبي أنه سَمِعَ عُقبة بنَ عامرٍ قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يومُ عرفة ويومُ النحرِ وأيامُ التشريقِ عيدُنا أهلَ الإسلامِ، وهي أيامُ أكلٍ وشُرْبٍ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه أحمد (17768) عن رَوح بن عُبادة، والحاكم 1/ 435، وعنه البيهقي 4/ 297 - 298 من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبيُّ، وابن خزيمة (2961) من طريق ابن وهب، والحاكم 1/ 435، وعنه البيهقي 4/ 297 - 298 من طريق الشافعي، أربعتهم عن مالك، به. وقرن ابنُ وهب بمالك عبدَ الله بنَ لهيعة. وأخرجه الدارمي (1767)، وابن خزيمة (2149)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 244 من طريق الليث بن سعد، عن يزيد ابن الهاد، به. وهو في "مسند أحمد" (17768). قال النووي في "شرح مسلم" في شرح حديث نُبَيشَةَ الهُذلي عند مسلم (1144) "أيام التشريق أيام أكل وشرب": وفيه دليل على من قال: لا يصح صومها بحال وهو أظهر القولين في مذهب الشافعي، وبه قال أبو حنيفة وابن المنذر وغيرهما. وقال جماعة من العلماء يجوز صيامها لكل أحد تطوعاً وغيره، حكاه ابن المنذر عن الزبير بن العوام وابن عمر وابن سيرين. وقال مالك والأوزاعي وإسحاق والشافعي في أحد قوليه: يجوز صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي ولا يجوز لغيره، واحتج هؤلاء بحديث البخاري في "صحيحه" عن ابن عمر وعائشة قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي. وأيام التشريق ثلاثة بعد يوم النحر سميت بذلك لتشريق الناس لحوم الأضاحي فيها وهو تقديدها ونشرها في الشمس. (¬1) إسناده صحيح. الحسن بن علي: هو الهُذَليُّ الخَلاّل الحُلوانيُّ، ووَهبٌ: هو ابن جرير الأزدي، ووكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وموسى بن عُليّ: هو ابن رَبَاح ابن قَصِير اللَّخْمِي. =

50 - باب النهي أن يخص يوم الجمعة بصوم

50 - باب النهي أن يُخَصَّ يومُ الجمعة بصومٍ 2420 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا يَصُمْ أحدُكُم يومَ الجمعةِ، إلا أن يَصُومَ قبلَه بيومٍ أو بعدَهُ" (¬1). 51 - باب النهي أن يُخَصَّ يوم السبت بصومٍ 2421 - حدَّثنا حُميدُ بنُ مَسعدةَ، حدَّثنا سفيانُ بنُ حبيب (ح) وحدَّثنا يزيدُ بنُ قُبيس من أهل جَبَلَةَ، حدَّثنا الوليد، جميعاً عن ثورِ بنِ يزيدَ، عن خالدِ بنِ معدان، عن عبدِ الله بن بسر السلمي ¬

_ = وأخرجه الترمذي (783) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2842) و (3981) و (4167) من طرق عن موسى بن عُليّ، به. وهو في "مسند أحمد" (17379)، و"صحيح ابن حبان" (3603). (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه مسلم (1144)، وابن ماجه (1723)، والترمذي (753)، والنسائي في "الكبرى" (2769) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1985)، ومسلم (1144)، وابن ماجه (1723) من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، به. وأخرجه مسلم (1144) من طريق محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، به. وهو في "مسند أحمد" (8025) و (10424)، و "صحيح ابن حبان" (3614). قال في "الفتح ": ويؤخذ من الاستثناء جواز صومه لمن صام قبله أو بعده، أو اتفق وقوعه في أيام له عادة بصومها، كمن يصوم أيام البيض، أو من له عادة بصوم يوم معين كيوم عرفة فوافق يوم الجمعة، ويؤخذ منه جواز صومه لمن نذر يوم قدوم زيد مثلاً، أو يوم شفاء فلان.

52 - باب الرخصة في ذلك

عن أُختِه، -وقال يزيدُ: الصَّماء- أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا تَصُومُوا يومَ السبتِ إلا في ما افْتُرِضَ عليكم، وإن لم يجد أحدُكم إلا لحاء عِنَبَة أو عُودَ شجرةٍ فليمْضَغهما (¬1). قال أبو داود: وهذا الحديث منسوخ (¬2). 52 - باب الرخصة في ذلك 2422 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا همّامٌ، عن قتادة (ح) ¬

_ (¬1) رجاله ثقات إلا أن غيرَ واحد من الأئمة الذين يُرجَعُ إليهم في النقد أعلُّوه بالاضطراب والمعارضة، وانظر كلامنا عليه في "المسند" (17686). الوليد: هو ابن مسلم. وأخرجه ابن ماجه (1726 م)، والترمذي (754)، والنسائي في "الكبرى" (2776) من طريق حميد بن مسعدة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2775) و (2777) من طريق ثور بن يزيد، به. وهو في "مسند أحمد" (27075). قال ابن مفلح في "الفروع " 3/ 123 - 124: قال الأثرم: قال أبو عبد الله: قد جاء في حديث الصماء وكان يحيي بن سعيد يتقيه، وأبى أن يحدثني به، قال الأثرم: وحجة أبي عبد الله في الرخصة في صوم يوم السبت أن الأحاديث كلها مخالفة لحديث عبد الله بن بسر منها حديث أم سلمة: كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر مما يصوم من الأيام ويقول: "إنهما يوما عيد المشركين، فأنا أحب أن أخالفهم" أخرجه أحمد (26750)، وصححه ابن خزيمة (2167) وابن حبان (3616). قال ابن مفلح: واختار شيخنا (يعني ابن تيمية) أنه لا يكره، وأنه قول أكثر العلماء، وأنه الذي فهمه الأثرم من روايتهم، وأنه لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليسثنى، فالحديث شاذ أو منسوخ. وجَبَلة: بالتحريك، بلدة مشهورة بساحِل الشام من أعمال حلب، قرب اللاذقية. (¬2) جاء في هامشي (أ) و (هـ) ما نصُّه: قال أبو داود: عبد الله بن بسر حمصي، وهذا الحديث منسوخ، نسخه حديث جُويرية. وأشارا هناك إلى أنه كذلك في رواية ابن الأعرابي.

وحدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا همَّام، حدَّثنا قتادةُ، عن أبي أيوبَ -قال حفص: العتكى- عن جُويريةَ بنتُ الحارث: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- دخل عليها يومَ الجمعةِ وهي صائمة، فقال: "صُمْتِ أمْسِ؟ " قالت: لا، قال: "تُريدينَ أن تَصُومِي غداً؟ " قالت: لا، قال: "فأفطري" (¬1). 2423 - حدَّثنا عبدُ الملك بنُ شعيب، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، قال: سمعتُ الليثَ يُحدثُ عن ابنِ شهاب، أنه كان إذا ذُكِرَ له أنه نُهِيَ عن صِيامِ يومِ السَّبْتِ، يقول ابنُ شهاب: هذا حديث حِمْصيٌّ (¬2). 2424 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّباح بنِ سُفيانَ، حدَّثنا الوليدُ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العَوذِي، وقتادة: هو ابن دِعامة السَّدُوسي، وأبو أيوب: هو يحيى -ويقال: حبيب- بن مالك المَراغي العتكي. وأخرجه البخاري (1986)، والنسائي في "الكبرى" (2767) من طريق شعبة، عن قتادة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26756). وفي هذا الحديث دليل على أن صوم يوم السبت جائز صومه إذا ضم إليه صيام يوم قبله أو بعده، وإنما المكروه إفرادُه. (¬2) أخرج قول ابن شهاب هذا البيهقي في "الكبرى" 4/ 302 من طريق عبد الملك ابن شعيب، به. وقال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 81: ولقد أنكر الزهري حديث الصماء في كراهة صوم يوم السبت، ولم يعدّه من حديث أهل العلم بعد معرفته به، حدَّثنا محمد بن حميد بن هشام الرعيني، حدَّثنا عبد الله بن صالح، حدثني الليث، قال: سُئل الزهري عن صوم يوم السبت، فقال: لا بأس به، فقيل له: فقد رُوي عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في كراهته، فقال: ذاك حديث حمصي، فلم يَعُدَّه الزهري حديثاً يقال به وضعَّفه.

53 - باب في صوم الدهر

عن الأوزاعي، قال: ما زِلتُ له كاتماً حتى رأيتُه انتشر، يعني حديثَ عبد الله بن بُسْر هذا في صَوْمِ يَوْمِ السبْتِ (¬1). قال أبو داود: قال مالك: هذا كَذِبٌ. 53 - باب في صوم الدهر 2425 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ ومُسَدَّدٌ، قالا: حدَّثنا حمادُ بنُ زيدِ، عن غيلانَ بنِ جرير، عن عبدِ الله بن مَعبدٍ الزِّمَّاني عن أبي قتادة: أن رجلاً أتى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، كيف تَصومُ؟ فغَضِبَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- من قوله، فلما رأى ذلك عُمَرُ، قال: رَضِينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمَّدٍ نبياً، نعوذُ بالله من غَضَبِ الله وغضبِ رسوله، فلم يَزَلْ عمر يُردِّدها حتى سكن من غضبِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ الله، كيف بمن يصوم الدهرَ كُلَّه؟ قال: "لا صامَ ولا أفْطَرَ" قال مُسدَّدٌ: "لم يصُم ولم يُفطِر -أو ما صام ولا أفطر-" شك غَيْلانُ. قال: يا رسول الله، كيف بمن يصومُ يومينِ ويُفطر يوماً؟ قال: "أَوَيُطِيقُ ذلك أحد؟ " قال: يا رسولَ الله، فكيفَ بِمَنْ يَصومُ يوماً ويفطر يوماً؟ قال: "ذلك صومُ داودَ" قال: يا رسولَ الله، فكيف بمن يَصومُ يوماً ويفطر يومين؟ قال: "وَدِدْتُ أني طُوِّقتُ ذلك". ثم قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ثلاثٌ مِنْ كُلّ شهر، ورمضانُ إلى رمضانَ، فهذا صيام الدَّهرِ كُلِّه، وصيامُ عرفةَ إني أحتسِبُ على الله أن يُكفّرَ ¬

_ (¬1) أخرجه البيهقي في "الكبرى" 4/ 302 - 303 من طريق المصنف، بهذا الإسناد.

السنةَ التي قبلَه والسنةَ التي بعدَه، وصومُ يومِ عاشوراء إني أحْتَسِبُ على الله أن يُكفِّر السَّنةَ التي قبلَه " (¬1). 2426 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا مَهديٌّ، حدَّثنا غَيلانُ، عن عبدِ الله ابن معبَدٍ الزِّمَّاني عن أبي قتادةَ، بهذا الحديثِ، زاد: قال: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ صومَ يوم الاثنينِ والخميس؟ قال: "فيهِ وُلِدْتُ، وفيه أُنزِلَ عليَّ القرآنُ" (¬2). 2427 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ابنِ المسيب وأبي سلمة عن عبدِ الله بنِ عمرو بنِ العاص، قال: لقيني رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: " ألم أُحَدَّثْ أنك تقولُ: لأقومَنَّ الليلَ، ولأصُومنَّ النهارَ؟ " ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي. وأخرجه مطولاً ومختصراً مسلم (1162)، وابن ماجه (1713) و (1730) و (1738)، والترمذي (759) و (762) و (777)، والنسائي في "الكبرى" (2708) من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (2698) و (2826) من طريق شعبة، عن غيلان، به. مختصراً. وهو في "مسند أحمد" (22517) و (22537)، و"صحيح ابن حبان" (3639). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. مهدي: هو ابن ميمون الأزدي. وأخرجه مسلم (1162)، والنسائي في "الكبرى" (2790) من طريق مهدي، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1162) من طريق شعبة، عن غيلان، به. وهو في "مسند أحمد" (22550)، و"صحيح ابن حبان" (4642). وانظر ما قبله.

54 - باب في صوم أشهر الحرم

قال: أحسِبُه قال: نعم يا رسولَ اللهِ، قد قلتُ ذاك، قال: " قُمْ ونَمْ، وصُمْ وأفطِرْ، وصُمْ مِن كُل شهرٍ ثلاثةَ أيامٍ، وذاك مثلُ صيامِ الدَّهرِ" قال: قلتُ: يا رسولَ الله، إني أُطيقُ أفضلَ مِن ذلك، قال: "فَصُمْ يوماً وأفطِرْ يومين" قال: فقلت: إني أُطيق أفضلَ مِن ذلك، قال: "فَصُمْ يوماً وأفْطِرْ يوماً، وهو أعدلُ الصيام، وهو صيامُ داودَ" قلت: إني أُطِيقُ أفضَلَ مِنْ ذلك، فقال رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا أفْضَلَ مِنْ ذلك" (¬1). 54 - باب في صوم أشهر الحُرُم 2428 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن سعيدٍ الجُريرِي، عن أبي السَّليلِ، عن مُجيبةَ الباهِلية ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وابن المسيب: هو سعيد، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (7862)، ومن طريقه أخرجه البخاري (6134). وأخرجه البخاري (1976) و (3418)، ومسلم (1159)، والنسائي في "الكبرى" (2713) من طريق الزهري، به. وأخرجه البخاري (1975)، ومسلم (1159) من طريق يحيى بن أبي كثير، والنسائي (2714) من طريق محمد بن إبراهيم، كلاهما عن أبي سلمة وحده، به. وأخرجه مختصراً البخاري (1977) و (1978) و (1979) و (1980) و (3419) و (5052)، ومسلم (1159)، والنسائي في "الكبرى" (2704) و (2709 - 2711) و (2715 - 2724) من طرق عن عبد الله بن عمرو. بعضهم يزيد فيه على بعض. وهو في "مسند أحمد" (6760)، و "صحيح ابن حبان" (3660). وانظر ما سلف برقم (1389).

عن أبيها أو عمِّها، أنه أتى رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ثم انطلَقَ، فأتاه بعد سنة وقد تغيَّرتْ حالُه وهيئتُه، فقال: يا رسولَ الله، أما تَعْرِفني؟ قال: "ومن أنت؟ " قال: أنا الباهليُّ الذي جئتُكَ عام الأولِ قال: "فما غَيَّرَكَ، وقد كنتَ حسنَ الهيئة؟ " قال: ما أكلتُ طعاماً منذ فارقتُك إلا بليلِ، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لم عذَّبت نفسك؟ " ثم قال: "صم شهر الصَّبر، ويوماً من كلِّ شهرٍ" قال: زدني فإن بي قوةً، قال: "صم يومين" قال: زدني، قال: "صُم ثلاثة أيام" قال: زدني، قال: "صم مِن الحُرُمِ واتْرُكْ، صُمْ مِن الحُرُم واتْرُك، صمْ من الحُرُم واتْرُك" وقال بأصابعه الثلاثة فضمَّها ثم أرسلها (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة مُجيبة الباهلية، وذكر بعضهم أن مُجيبة رجل، وقيل فيه: أبو مجيبة. حمّاد: هو ابن سلمة، سعيد الجريري: هو ابن إياس، وأبو السليل: هو ضُريب بن نُقير. وأخرجه ابن ماجه (1741)، والنسائي في "الكبرى" (2756) من طريق سفيان الثوري، عن سعيد الجريري، بهذا الإسناد. وقال ابن ماجه فيه: عن أبي مجيبة الباهلي عن أبيه أو عن عمه. وهو في "مسند أحمد" (20323). وقوله: "صم ثلاثة أيام" له شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد في "مسنده" (6477) وإسناده صحيح. وآخر من حديث أبي هريرة عند النسائي في "الكبرى" (2729). وإسناده صحيح أيضاً. وهو في "المسند" (7577). ولصوم شهر المحرَّم شاهد صحيح سيأتي بعده. وقوله: "صُم من الحرم". قال الخطابي: فإن الحرم أربعة أشهر، وهي التي ذكرها الله في كتابه فقال: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36] وهي شهر رجب وذي القَعدة وذي الحِجة والمحرم، وقيل لأعرابي يتفقه: كم الاشهر الحرم؟ قال: أربعة: ثلاث سرد وواحد فرد.

55 - باب في صوم المحرم

55 - باب في صَومِ المُحرَّم 2429 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ وقتيبةُ بنُ سعيد، قالا: حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن أبي بِشرٍ، عن حُميد بنِ عبدِ الرحمن عن أبي هُريرة قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أفضلُ الصيامِ بَعْدَ شهرِ رمضانَ شهرُ اللهِ المُحرَّم، وإنَّ أفضلَ الصلاةِ بعد المفروضةِ صلاةٌ من الليلِ" لم يَقُلْ قتيبةُ: "شهر" قال: "رمضان" (¬1). 2430 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، حدَّثنا عيسى، حدَّثنا عثمانُ -يعني ابن حكيم- قال: سألتُ سعيدَ بنَ جُبيرٍ عن صِيام رجب، فقال: أخبرني ابنُ عباس: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان يصوم حتى نقول: لا يُفْطِرُ، ويُفْطِرُ حتى نقولَ: لا يَصُومُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، وأبو عوانة: هو الوضاح ابن عبد الله اليشكري، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس. وأخرجه مسلم (1163)، والترمذي (440) و (750)، والنسائي في "الكبرى" (1314) و (2919) من طريق قتيبة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1163)، وابن ماجه (1742)، والنسائي (2917) و (2918) من طريق محمد بن المنتشر، عن حميد بن عبد الرحمن، به. وأخرجه النسائي (1315) من طريق شعبة، عن أبي بشر، به. مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (8026) و (8534)، و"صحيح ابن حبان" (2563) و (3636). (¬2) إسناده صحيح. عيسى: هو ابن يونس السبيعي. وأخرجه مسلم (1157) عن إبراهيم بن موسى، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم أيضاً (1157) من طريقين، عن عثمان بن حكيم، به. وأخرجه البخاري (1971)، ومسلم (1157)، وابن ماجه (1711)، والنسائي (2667) من طريق أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، به. وهو في "مسند أحمد" (1998) و (2046).

56 - باب في صوم شعبان

56 - باب في صوم شعبان 2431 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ مهدي، عن معاويةَ ابنِ صالح، عن عبدِ الله بن أبي قيس سَمِعَ عائشة تقولُ: كان أحبَّ الشُّهور إلى رسول اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- أن يَصُومَهُ شعبانُ، ثم يَصِلُه برمضانَ (¬1). 57 - باب في صومِ شوال 2432 - حدَّثنا محمدُ بنُ عثمان العِجْليُّ، حدَّثنا عُبيد الله -يعني ابنَ موسى- عن هارونَ بنِ سلْمانَ، عن عُبيدِ الله بنِ مسلم القُرشيِّ عن أبيه، قال: سألتُ أو سُئلَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- عن صيامِ الدهرِ، فقال: "إن لأهلِكَ عليكَ حقّاً، صُمْ رمضانَ والذي يليه، وكلَّ أربعاءَ وخميسٍ، فإذا أنتَ قد صُمتَ الدهرَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. معاوية بن صالح: هو ابن حُدَير الحضرمي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2671) و (2922) من طريق عبد الله بن وهب، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25548). وانظر ما سيأتي برقم (2434). (¬2) إسناده ضعيف؛ لجهالة عبيد الله بن مسلم القرشي -وقيل: مسلم بن عبيد الله وهو الذي رجحه البغوي وغيرُ واحد-. هارون بن سَلْمان: هو القرشي المخزومي. وأخرجه الترمذي (758) من طريقين عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد. وقال: حديث غريب. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2792) و (2793) من طريقين عن هارون بن سلمان، به.

58 - باب في صوم ستة أيام من شوال

قال أبو داود: وافقه زيدٌ العُكْلِيُّ، وخالفه أبو نُعيم، قال: مسلم ابن عُبيد الله (¬1). 58 - باب في صوم ستةِ أيامٍ مِن شوال 2433 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ محمد، عن صفوانَ بنِ سُلَيم وسعْدِ بنِ سعيد، عن عُمَرَ بنِ ثابت الأنصاريِّ عن أبي أيوبَ صاحبِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ صامَ رمضانَ، ثم أَتبَعَهُ بِسِتٍّ مِن شَوّالٍ، فكأنما صام الدَّهر" (¬2). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من جهة صفوان بن سليم، حسن من جهة سعد بن سعيد -وهو ابن قيس الأنصاري- عبد العزيز بن محمد -وهو الداروردي- صدوق لا بأس به، وسعد بن سعيد حسن الحديث في المتابعات، وقد توبعا. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (2876) من طريق عبد العزيز بن محمد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1164)، وابن ماجه (1716)، والترمذي (769)، والنسائي في "الكبرى" (2875) و (2877) من طرق عن سعد بن سعيد وحده، به. وأخرجه النسائي (2879) من طريق يحيى بن سعيد، عن عمر بن ثابت، به. وأخرجه النسائي أيضاً (2878) من طريق عبد ربه بن سعيد، عن عمر بن ثابت، به. موقوفاً. وهو في "مسند أحمد" (23533)، و"صحيح ابن حبان" (3634). وانظر تمام كلامنا عليه في "المسند". ويشهد له حديث ثوبان مولى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عند ابن ماجه (1715)، والنسائي في "الكبرى" (2873) و (2874). وإسناده عند النسائي صحيح. وهو في "مسند أحمد" (22412). ولفظ النسائى الأول: "صيام شهر رمضان بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام من شوال بشهرين، فذلك صيام سنة". قلنا: في هذه الرواية تفسير لقوله -صلَّى الله عليه وسلم- في الرواية الأخرى: "فكأنما صام الدهر" يعني الستة.

59 - باب، كيف كان يصوم النبي -صلى الله عليه وسلم-؟

59 - باب، كيف كان يصومُ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-؟ 2434 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن مالكٍ، عن أبي النضرِ مولى عمرَ ابنِ عُبيد الله، عن أبي سلمةَ بن عبدِ الرحمن عن عائشة زوجِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، أنها قالت: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يصُومُ حتى نقولَ: لا يُفْطِرُ، ويُفْطِرُ حتى نقولَ: لا يصومُ، وما رأيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- استكملَ صيامَ شهرٍ قطُّ إلا رمضانَ، وما رأيتُه في شهرٍ أكثر صياماً منه في شعبان (¬1). 2435 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن محمدِ بنِ عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، بمعناه، زاد: كان يصومُه إلا قليلاً، بل كان يُصُومُه كُلَّه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مالك: هو ابن أنس، وأبو النضر: هو سالم بن أبي أمية التيمي، وأبو سلمة: هو عبد الله الزهري. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 309، ومن طريقه أخرجه البخاري (1969)، ومسلم (1156)، والنسائي في "الكبرى" (2672). وقرن النسائي بمالك عمرو بن الحارث المصري، وقال: وذكر آخر قبلهما. وأخرجه مختصراً البخاري (1970)، ومسلم (1156) من طريق يحيى بن أبي كثير، ومسلم (1156)، وابن ماجه (1710) من طريق ابن أبي لبيد، والنسائي (2498) و (2499) من طريق محمد بن إبراهيم، ثلاثتهم عن أبي سلمة، به. وأخرجه مختصراً أيضاً مسلم (1156)، والترمذي (778)، والنسائي (2504) و (2505) و (2670) من طريق عبد الله بن شقيق، والنسائي (2668) و (10480) و (11380) من طريق مروان أبي لبابة كلاهما عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24757)، و"صحيح ابن حبان" (3580) و (3648). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- =

60 - باب في صوم الاثنين والخميس

60 - باب في صوم الاثنين والخميس 2436 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا يحيى، عن عُمَرَ ابن أبي الحكم بنِ ثوبانَ، عن مولى قُدَامَةَ بنِ مَظعون عن مولى أُسامةَ بنِ زيدٍ: أنه انطلقَ مع أُسامة إلى وادي القُرى في طَلَبِ مالٍ له، فكان يصومُ يومَ الاثنينِ ويومَ الخميسِ، فقال له مولاه: لِمَ تصومُ يومَ الاثنينِ ويوم الخميسِ وأنت شيخٌ كبير؟ فقال: إن نبيَّ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يصومُ يوم الاثنين ويوم الخميس، وسُئِلَ عن ذلك، فقال: "إن أعمالَ الناسِ تُعرَضُ يومَ الاثنين ويومَ الخميس" (¬1). ¬

_ = صدوق حسن الحديث. لكن ذكر أبي هريرة فيه غير محفوظ وإنما يروى عن أم سلمة وعائشة، وانظر ما قبله. حماد: هو ابن سلمة. وقال المنذري: وهذه الزيادة أخرجها مسلم في "صحيحه" وفي البخاري أيضاً. (¬1) المرفوع منه صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة مولى قدامة، وجهالة مولى أسامة، عمر بن أبي الحكم بن ثوبان، كذا جاء اسمه في أصولنا الخطية، لكن جاء في هامش (أ) و (هـ) أن صوابه عمر بن الحكم. قلنا: كذا سماه أبان -وهو ابن يزيد العطار- فقد جاء اسمه كذلك في "مسند أحمد" (21744): عمر بن أبي الحكم، لكن خالفه هشام الدستوائي فسماه: عمر بن الحكم. وذكر صاحب "بذل المجهود" 11/ 303 أن كلاهما صواب فأحدهما نسبه إلى أبيه والآخر إلى جده. لأنه عمر بن الحكم بن أبي الحكم ثوبان إلا أن ما جاء في الأصول الخطية هنا من زيادة: بن ثوبان فخطأ، لأن ثوبان هو نفسه أبو الحكم. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2794) و (2795) من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (2679) من طريق أبي سعيد المقبري، عن أسامة بن زيد، به. وإسناده حسن. وهو في "مسند أحمد" (21744) و (21753) وانظر تمام تخريجه فيه. =

61 - باب في صوم العشر

قال أبو داود: كذا قال هِشَامٌ الدَّستوائي، عن يحيى، عن عُمَرَ ابنِ أبي الحَكَمِ (¬1). 61 - باب في صوم العشر 2437 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوانة، عن الحرِّ بنِ الصَّيَّاح، عن هُنيدَة ابنِ خالد، عن امرأتِه عن بعضِ أزواج النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قالت: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يَصُوُم تسعَ ذي الحجة، ويَوْمَ عاشوراء، وثلاثةَ أيامٍ من كُلِّ شهرٍ: أولَ اثنين من الشهر، والخميسَ والخَميسَ (¬2) (¬3). ¬

_ = ويشهد للمرفوع منه حديث أبي هريرة الآتي عند المصنف برقم (4916)، وهو في "الصحيح". وحديث عائشة عند أحمد (24508)، وابن ماجه (1649) و (1739)، والترمذي (755)، والنسائي في "الكبرى" (2507) و (2508). وحديث أم سلمة أو حفصة عند النسائي (2686) و (2687) و (2688). (¬1) ما قاله المصنف هنا غير مسلّم، لأن هشاماً سماه: عمر بن الحكم بن ثوبان كما جاء في "سنن النسائي الكبرى" (2794) و (2795) من طريقين عن هشام. (¬2) كلمة "والخميس" الثانية، أثبتناها من (هـ) وهامش (أ)، وهي في رواية ابن داسه وابن الأعرابي وأبي عيسى الرملي، وليست في رواية اللؤلؤي. (¬3) ضعيف لاضطرابه فقد اختلف عن هنيدة في إسناده، فروي عنه كما ذكره المصنف هنا وروي عنه، عن حفصة زوج النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وروي عنه، عن أمه عن أم سلمة زوج النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مختصراً، وانظر التفصيل في ما كتبناه على الحديث في "مسند أحمد" برقم (22334). مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2693)، (2738) من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد. وانظر ما سيأتي برقم (2452).

62 - باب في فطره

2438 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيع، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صالح ومجاهدٍ ومسلمٍ البَطينِ، عن سعيد بنِ جُبير عن ابنِ عباس، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ما مِنْ أيَّامٍ العمَلُ الصَّالِحُ فيها أحبُّ إلى اللهِ مِن هذه الأيام" يعني أيامَ العشر، قالوا: يا رسُولَ الله، ولا الجهادُ في سبيلِ الله؟ قال: "ولا الجهادُ في سبيلِ الله، إلا رجلٌ خَرَجَ بنفسِه ومالِه فلم يَرْجِعْ من ذلك بشيءٍ" (¬1). 62 - باب في فطره 2439 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانَةَ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، عن الأسودِ عن عائشةَ، قالت: ما رأيتُ رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- صائماً العشرَ قَطُّ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان، ومجاهد: هو ابن جَبر، ومُسلم البَطين: هو مُسلم بن عِمران. وأخرجه الخاري (969)، وابن ماجه (1727)، والترمذي (767). من طريقين، عن الأعمش، عن مسلم البَطين وحده، به. وهو في "مسند أحمد" (1968)، و"صحيح ابن حبان" (324). (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو عوانة: هو الوضاح ابن عبد الله اليشكري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي. وأخرجه مسلم (1176)، والترمذي (766)، والنسائي في "الكبرى" (2885 - 2887) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1729) من طريق منصور، عن إبراهيم، به. وهو في "مسند أحمد" (24147)، و"صحيح ابن حبان" (1441) و (3608).

63 - باب في صوم يوم عرفة بعرفة

63 - باب في صوم يوم عرفةَ بعرفةَ 2440 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب، حدَّثنا حَوشَبُ بنُ عَقيل، عن مَهديٍّ الهجرِي، حدَّثنا عِكرِمَة، قال: كنَّا عندَ أبي هريرة في بيته فحدَّثنا: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن صومِ يومِ عرفَةَ بَعَرَفَة (¬1). 2441 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن أبي النَّضْرِ، عن عُميرٍ مولى عبدِ الله ابنِ عباس عن أُمِّ الفضل بنتِ الحارث: أن ناساً تمارَوا عندها يوم عرفة في صومِ رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال بعضُهم: هو صائم، وقال بعضُهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه بقدَحِ لبنٍ وهو واقفٌ على بعيره بعرفة فشَرِبَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة مهدي الهَجَري -وهو ابن حرب العبدي المُحَاربي-. وأخرجه ابن ماجه (1732)، والنسائي في "الكبرى" (2843) و (2844) من طريق حوشب بن عقيل، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8031). قال الخطابي: هذا نهي استحباب لا نهي إيجاب، وإنما نهي المحرم عن ذلك خوفاً عليه أن يضعف عن الدعاء والابتهال في ذلك المقام، فأما من وجد قوة، ولا يخاف معها ضعفاً فصوم ذلك اليوم أفضل له إن شاء الله، وقد قال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "صيامُ يومِ عرفَة يُكفر سنتين: سنة قبلها، وسنة بعدها. قال ابن القيم: وقد صح عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أنه أفطر بعرفة، وصح عنه أن صيامه يكفر سنتين، فالصواب أن الأفضل لأهل الآفاق صومه، ولأهل عرفة فطره، لاختياره -صلَّى الله عليه وسلم- ذلك لنفسه وعمل خلفائه بعده بالفطر، وفيه قوة على الدعاء الذي هو أفضل دعاء العبد، وفيه أن يوم عرفة عيد لأهل عرفة، فلا يستحب لهم صيامه. وانظر الحديث الآتي بعد هذا. (¬2) إسناده صحيح. القعنبيّ: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس، وأبو النضر: هو سالم بن أبي أمية. =

64 - باب في صوم يوم عاشوراء

64 - باب في صوم يوم عاشوراءَ 2442 - حدَّثنا عبدُ الله بن مسلمةَ، عن مالكٍ، عن هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه عن عائشة، قالت: كان يومُ عاشوراءَ يوماً تصومُه قريش في الجاهليةِ، وكان رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يَصُومه في الجاهليةِ، فلما قَدِمَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- المدينةَ صامَه وأمرَ بصيامِه، فلما فُرِضَ رمضانُ كان هو الفريضةَ، وتُرِكَ عاشوراءُ، فمن شاء صامَه، ومن شاء تركه (¬1). ¬

_ = وهو عند مالك في "الموطأ"1/ 375، ومن طريقه أخرجه البخاري (1661) و (1988)، ومسلم (1123). وأخرجه البخاري (1658) و (5604) و (5618) و (5636)، ومسلم (1123) من طرق عيب أبي النضر، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2832) من طريق عبد الله بن عباس عن أم الفضل. وهو في "مسند أحمد" (26869) و (26872)، و"صحيح ابن حبان " (3605) و (3606). (¬1) إسناده صحيح. وهو عند مالك في "الموطأ"1/ 299، ومن طريقه أخرجه البخاري (2002). وأخرجه البخاري (3831) و (4504)، ومسلم (1125)، والترمذي (763)، والنسائي في "الكبرى" (2851) و (10948) من طرق عن هشام بن عروة، به. وأخرجه مختصراً البخاري (1592) و (1893) و (2001) و (4502)، ومسلم (1125)، وابن ماجه (1733)، والنسائي (2850) و (2852) و (10949) من طرق عن عروة بن الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (24011)، و"صحيح ابن حبان" (3621). قال القرطبي: عاشوراء: معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم، وهو في الأصل: صفة لليلة العاشرة، لأنه مأخوذ من العشر الذي هو اسم العقد واليوم مضاف إليها، فإذا قيل: يوم عاشوراء، فكأنه قيل: يوم الليلة العاشرة إلا أنهم لما عدلوا به عن الصفة غلبت عليه الاسمية، فاستغنوا عن الموصوف، فحذفوا الليلة، فصار هذا اللفظ علماً على اليوم العاشر.

2443 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن عُبيدِ الله، أخبرني نافعٌ عن ابنِ عُمَرَ، قال: كان عاشوراء يوماً نَصُومُه في الجاهلية، فلما نزلَ رمضانُ قال رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم-: "هذا يومٌ من أيام الله، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه" (¬1). 2444 - حدَّثنا زيادُ بنُ أيوبَ، حدَّثنا هُشَيم، أخبرنا أبو بشرٍ، عن سعيد ابنِ جُبير عن ابنِ عباسٍ، قال: لما قَدِمَ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- المدينةَ وجد اليهودَ يصومون عاشُوراء، فسُئِلوا عن ذلك، فقالوا: هو اليومُ الذي أظهر الله فيهِ موسى على فِرعونَ، ونحنُ نصومُه تعظيماً له، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "نحنُ أولى بموسى مِنْكُم " وأمر بصيامه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وعُبيد الله: هو ابن عمر العمري، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه البخاري (4501)، ومسلم (1126) من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1126) من طريق عُبيد الله، به. وأخرجه بنحوه مختصراً البخاري (1892)، ومسلم (1126)، وابن ماجه (1737)، والنسائي في "الكبرى" (2853) من طرق عن نافع، والبخاري (2000)، ومسلم (1126) من طرق سالم بن عبد الله، كلاهما عن ابن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (5203)، و"صحيح ابن حبان" (3622). (¬2) إسناده صحيح. هُشيم: هو ابن بَشير السُّلمي، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس اليشكري. وأخرجه البخاري (3943)، والنسائي في "الكبرى" (2847) و (11173) من طريق زياد بن أيوب، بهذا الإسناد. =

65 - باب ما روي أن عاشوراء اليوم التاسع

65 - باب ما روي أن عاشوراء اليوم التاسع 2445 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهريُّ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني يحيى ابنُ أيوبَ، أن إسماعيلَ بنَ أُميةَ القرشيَّ حدَّثه، أنه سَمعَ أبا غطفان يقول: سَمِعْتُ عبدَ الله بنَ عباسٍ يقول: حين صام النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يومَ عاشوراء وأمرنا بِصيامِه، قالوا: يا رسولَ اللهِ، إنه يومٌ تُعظِّمه اليهودُ والنصارى، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: " فإذا كان العامُ المقبلُ صُمْنا يومَ التَّاسِعِ" فلم يأتِ العامُ المُقْبِلُ حتى توفي رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1130) من طريق هُشيم، والبخاري (4680) و (4737)، ومسلم (1130) من طريق شعبة، كلاهما عن أبي بِشر، به. وأخرجه البخاري (2004) و (3397)، ومسلم (1130)، والنسائي (2848) و (2849) من طريق عبد الله بن سعيد بن جبير، وابن ماجه (1734) من طريق أيوب، كلاهما عن سعيد بن جبير، به. وأخرج الترمذي (765) من طريق الحسن البصري، عن ابن عباس، قال: أمرَ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- بصوم عاشوراء، يوم عاشِر. وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (3164)، و"صحيح ابن حبان" (3625). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله المصري، ويحيي بن أيوب: هو الغافقي المصري، وأبو غَطَفَان: هو ابن طَريف المُري. وأخرجه مسلم (1134) من طريق سعيد بن الحكم بن أبي مريم، عن يحيي بن أيوب، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم أيضاً (1134) من طريق عبد الله بن عُمَير، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: "لأصومن التاسع". وانظر ما بعده.

2446 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا يحيي -يعني ابن سعيدٍ، عن معاوية بنِ غَلاَب (ح) وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ، أخبرني حاجبُ بنُ عُمَرَ، جميعاً -المعنى- عن الحكم بنِ الأعرجِ، قال: أتيتُ ابنَ عباسٍ وهو مُتوسِّدٌ رداءه في المسجد الحرام، فسألتُه، عن صومِ يومِ عاشوراء، فقال: إذا رأيتَ هِلالَ المُحرَّمِ فاعدُدْ، فإذا كان يومُ التاسِع فأصبِح صائماً، فقلت: كذا كان محمد -صلَّى الله عليه وسلم- يصوم؟ فقال: كذلك كان محمد -صلَّى الله عليه وسلم- يصوم (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مسرهد الأسَدي، ويحيى بن سعيد: هو القطان، ومعاوية بن غَلاَب: هو معاوية بن عمرو بن خالد بن غَلاَب، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم الأسدي، والحكم بن الأعرج: هو الحكم بن عبد الله بن إسحاق البصري. وأخرجه مسلم (1133)، والنسائي في "الكبرى" (2872) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1133)، والترمذي (764) من طريق وكيع بن الجراح، عن حاجب بن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (2135)، و"صحيح ابن حبان" (3633). وانظر ما قبله. قال ابن القيم في "تهذيب السنن ": والصحيح أن المراد صوم التاسع مع العاشر لا نقل اليوم لما روى أحمد في "مسنده" (2154) من حديث ابن عباس يرفعه إلى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده". وقال عطاء عن ابن عباس: "صوموا التاسع والعاشر، وخالفوا اليهود" ذكره البيهقي، وهو يبين أن قول ابن عباس: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد، فإذا كان يوم التاسع فأصبح صائماً، أنه ليس المراد به: أن عاشوراء هو التاسع، بل أمره أن يصوم اليوم التاسع قبل عاشوراء.

66 - باب في فضل صومه

66 - باب في فضل صومه 2447 - حدَّثنا محمدُ بنُ المنهالِ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُريع، حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن عبد الرحمن بن مَسلمةَ عن عمه، أن أسلْمَ أتَتِ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: "صُمتم يومكم هذا؟ " قالوا: لا، قال: "فأتِمُّوا بقيةَ يَومِكُم واقضُوه" (¬1). قال أبو داود: يعني عاشوراء (¬2). 67 - باب في صوم يوم وفطر يوم 2448 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل ومحمدُ بنُ عيسى ومُسَدَّد -والإخبار في حديثِ أحمد- قالوا: حدَّثنا سفيانُ، قال: سمعتُ عَمراً، قال: أخبرني عمرُو ابنُ أوس سمعه من عبدِ الله بنِ عمرو، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أحبُّ الصِّيامِ إلى الله صِيَامُ داودَ، وأحبُّ الصَّلاةِ إلى الله صَلاةُ داودَ: كان ¬

_ (¬1) حديث صحيح لغيره دون قوله: "فاقضوه" فإنها زيادة تفرد بها عبد الرحمن ابن مسلمة -ويقال: ابن سلمة- الخزاعي، وهو مجهول. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2864) و (2865) من طريق سعيد، بهذا الإسناد. دون قوله: "واقضوه". وأخرجه النسائى أيضاً (2863) من طريق شعبة، عن قتادة، به. دون قوله: "واقضوه". وهو في "مسند أحمد" (23475). وله شاهد من حديث هند بن أسماء عند أحمد في "مسنده" (15962). وانظر تتمة شواهده والكلام عليه في "المسند". (¬2) مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من (هـ) وهي برواية ابن داسه.

68 - باب في صوم الثلاث من كل شهر

ينامُ نِصْفَهُ ويَقُومُ ثُلُثَهُ، وينامُ سُدُسَهُ، وكان يُفطِرُ يوماً ويصوم يوماً" (¬1). 68 - باب في صوم الثلاث من كل شهر 2449 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا همام، عن أنسٍ أخي محمدٍ، عن ابنِ ملحان القيسيِّ عن أبيه، قال: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يأمرنا أن نَصُومَ البِيضَ: ثلاثَ عشرةَ، وأربعَ عشرةَ، وخَمْسَ عشرةَ، قال: وقال: "هُنَ كهيئةِ الدَّهرِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. محمد بن عيسى: هو ابن نَجِيح البغدادي، ومُسدَّد: هو ابنُ مسرهد الأسَدي، وسفيان: هو ابن عيينة، وعمرو: هو ابن دينار المكي. وأخرجه البخاري (1131) و (3420)، ومسلم (1159)، وابن ماجه (1712)، والنسائي في "الكبرى" (1329) و (2665) من طرق عن سفيان بن عيينة، ومسلم (1159) من طريق ابن جريج، كلاهما عن عمرو بن دينار، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1153) و (1974 - 1980) و (3418 - 3420) و (5052) و (6134) و (6277)، ومسلم (1159)، والترمذي (780)، والنسائي (2709 - 2724) من طرق عن عبد الله بن عمرو بن العاص. واقتصروا جميعاً في رواياتهم على ذكر صوم داود دون صلاته, وعندهم أن هذا الحديث ضمن قصة لعبد الله بن عمرو نفسه. وهو في "مسند أحمد" (6491)، و"صحيح ابن حبان" (2590). وانظر ما سلف برقم (2425) و (2427). (¬2) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة ابن مِلحَان القَيْسِيُّ -وهو عبد الملك بن قتادة-. محمد بن كثير: هو العَبْدي، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي، وأنس: هو ابن سيرين الأنصاري. وأخرجه ابن ماجه (1707 م)، والنسائي في "الكبرى" (2752) من طريق همام، بهذا الإسناد. ورواية النسائي دون قوله: "هن كهيئة الدهر". =

2450 - حدَّثنا أبو كامِل، حدَّثنا أبو داودَ، حدَّثنا شيبانُ، عن عاصم، عن زِرٍّ عن عبدِ الله، قال: كان رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يصومُ -يعني مِن غُرَّةِ كُل شهرِ- ثلاثةَ أيامٍ (¬1). ¬

_ = وأخطأ شعبة في تسمية ابن مِلحَان القيسي كما أخرجه عند ابن ماجه (1707) فقال: عن أنس، عن عبد الملك بن المِنهال، وعند النسائي في "الكبرى" (2750) قال: عن أنس، عن عبد الملك. ولم يُسمِّه، و (2751) قال: عن أنس، عن ابن أبي المِنهَال، والصواب كما أسلفنا أنه: عبد الملك بن قتادة. والله أعلم. وهو في "مسند أحمد" (17514)، وفي "صحيح ابن حبان" (3651). ويشهد له حديث قُرّة بن إياس عند أحمد في "مسنده" (15584)، و"صحيح ابن حبان" (3652). وإسناده صحيح. وآخر عند أبي ذرّ عند أحمد (21301)، وابن ماجه (1708)، والترمذي (772). ورجاله ثقات لكن فيه انقطاع. وثالث عن جرير بن عبد الله عند النسائي في "الكبرى" (2741). وجوَّد إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب " 2/ 124. وفي الحث على صيام ثلاثة أيام من كل شهر أيضاً شواهد انظرها في "المسند" (17513). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النَّجُود- فإنه حسن الحديث. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي المؤدب، وزر: هو ابن حُبيش، وعبد الله: هو ابن مسعود. وهو عند أبي داود الطيالسي في "مسنده" (360) ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" (2771)، وأخرجه الترمذي (752) من طريق طلق بن غنام، كلاهما عن شيبان، بهذا الإسناد. وزاد الترمذي والنسائى: وقَلَّما كان يفطر يوم الجمعة، وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وأخرجه النسائي (2689) من طريق أبي حمزة، عن عاصم، به. وزاد: وقلما يفطر يوم الجمعة. وهذه الزيادة أخرجها الطيالسي منفصلة برقم (359)، ومن طريقه ابن ماجه (1725). وهو في "مسند أحمد" (3860)، و"صحيح ابن حبان" (3641) و (3645).

69 - باب من قال الاثنين والخميس

69 - باب من قال الاثنين والخميس 2451 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن عاصم بن بَهْدلَة، عن سواءٍ الخُزاعيِّ عن حفصةَ، قالت: كانَ رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يَصُومُ ثلاثةَ أيامٍ مِن الشَّهرِ: الاثنينِ، والخميسَ، والاثنين من الجُمعة الأخرى (¬1). 2452 - حدَّثنا زهيرُ بنُ حربٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ فضيلٍ، حدَّثنا الحسنُ بنُ عُبيدِ الله، عن هُنيْدة الخُزاعيِّ عن أُمِّهِ، قالت: دخلتُ على أُمِّ سلمةَ فسألتُها عن الصِّيامِ، فقالت: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يأمرُني أن أصومَ ثلاثةَ أيامٍ من كل شهرٍ، أوَّلَها الاثنينِ، والخميسَ، والخَميسَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة حال سَوَاء الخُزاعي، ثم إن الإسناد منقطع بين عاصم -وهو ابن أبي النجود- وسَوَاء الخزاعي، بينهما المسيب بن رافع، أو معبد بن خالد، وعاصم بن أبي النَّجود تكلموا في حفظه، وقد اضطرب، وانظر تمام ذلك كما بيناه في "مسند أحمد" برقم (26460). حماد: هو ابن سلمة البصري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2687) من طريق النضر بن شُميل، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي أيضاً (2800) من طريق زائدة، عن عاصم، عن المسيّب، عن حفصة، به. مختصراً بلفظ: كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يصوم الاثنين والخميس. وهو في "مسند أحمد" (26460) و (26461). (¬2) حديث ضعيف لاضطرابه كما سلف برقم (2437). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2740) من طريق محمد بن فضيل، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26480).

70 - باب من قال: لا يبالي من أي الشهر

70 - باب من قال: لا يُبالِي مِن أيِّ الشهر 2453 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الوارثِ، عن يزيدَ الرِّشْكِ، عن مُعاذةَ، قالت: قلت لعائِشةَ: أكان رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يَصُومُ مِنْ كُل شَهْرٍ ثلاثةَ أيامٍ؟ قالت: نَعَمْ، قلتُ: من أي شهرٍ كان يصومُ؟ قالت: ما كان يبالِي مِن أيّ أيامِ الشهرِ كان يصومُ (¬1). 71 - باب النية في الصيام 2454 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهب، حدَّثني ابنُ لهيعةَ ويحيى بنُ أيوب، عن عبدِ اللهِ بنِ أبي بكر بنِ حَزْمٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن سالم بنِ عبدِ الله، عن أبيه عن حفْصةَ زوجِ النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من لم يُجْمّعِ (¬2) الصِّيامَ قبلَ الفجرِ فلا صِيامَ له" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرهَد الأسدي , وعبد الوارث: هو ابن سعيد، ويزيد الرّشك -والرشك: القسَّام بلغة أهل البصرة-: هو يزيد بن أبي يزيد الضُّبَعي مولاهم، ومُعَاذَة: هي بنت عبد الله العدوية. وأخرجه مسلم (1160) من طريق عبد الوارث، وابن ماجه (1709)، والترمذي (773) من طريق شعبة، كلاهما عن يزيد الرِّشْك، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25127)، و"صحيح ابن حبان" (3654) و (3657). (¬2) قال في "مرقاة المفاتيح" 2/ 511: بالتخفيف من أجمع يُجمع، وبالتشديد من جمَّعَ يُجَمِّع، وهو إحكام النية والعزيمة. (¬3) صحيح. ورواية ابن وهب عن ابن لهيعة -وهو عبد الله الحضرمي- قوية، ثم هو متابع، وباقي رجاله ثقات، إلا أنه قد اختلف في رفعه ووقفه، ورجَّح وقفه الأئمة أبو حاتم والبخاري والترمذي والنسائي وغيرهم، وعمل بظاهر الإسناد جماعة من الأئمة، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فصحَّحوا الحديث، منهم ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والخطابي والحاكم وابن حزم والبيهقي وابن العربي، وروى له الدارقطني طريقا آخر (2213) وقال: رجالها ثقات. أحمد بن صالح: هو المِصْريُّ، ويحيى بن أيوب: هو الغافقي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وأخرجه الترمذي (739) من طريق سعيد بن الحكم بن أبي مريم، والنسائي في "الكبرى" (2652) و (2653) من طريق الليث بن سعد، كلاهما عن يحيى بن أيوب وحده، بهذا الإسناد. ولم يذكر النسائي في الموضع الأول ابن شهاب الزهري. وأخرجه النسائي (2654) من طريق أشهب بن عبد العزيز، وابن ماجه (1700) من طريق إسحاق بن حازم، كلاهما، عن عبد الله بن أبي بكر، به. وسقط من إسناد ابن ماجه اسم الزهري. وأخرجه النسائي (2655) من طريق ابن جريج، عن ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2656) من طريق عُبيد الله بن عمر، و (2657) من طريق يونس، و (2658) من طريق معمر، ثلاثتهم عن ابن شهاب، به. موقوفاً وأخرجه موقوفاً كذلك النسائي (2659) من طريق سفيان بن عيينة، ومعمر، عن الزهري، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن حفصة. وأخرجه موقوفاً أيضاً النسائي (2660) و (2661) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن حمزة بن عبد الله، عن حفصة. وأخرجه النسائي أيضاً (2662) من طريق مالك، عن ابن شهاب، عن عائشة وحفصة، به. موقوفاً. وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 288، ومن طريقه النسائي (2663)، والبيهقي في "الكبرى" 6/ 227 - 228 عن نافع، عن ابن عمر قوله. وتابع مالكاً عُبيد الله بن عمر العمري عند النسائي (2664)، وموسى بن عقبة عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 55، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر قوله. وقد بسطنا الكلام عليه في "مسند أحمد" (26457)، فانظره.=

72 - باب في الرخصة في ذلك

قال أبو داود: رواه الليثُ (¬1) وإسحاقُ بنُ حازِمِ أيضاً جميعاً عن عبدِ الله بن أبي بكْر مثله. وأوقفه (¬2) على حفصةَ: معمرٌ والزُّبيديُّ وابنُ عيينةَ ويونسُ الأيليُّ، كلُّهم، عن الزهري. 72 - باب في الرخصة في ذلك 2455 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ (ح) وحدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، جميعاً عن طلحةَ بنِ يحيى عن عائشة بنتِ طلحة عن عائشة رضِيَ اللهُ عنها، قالت: كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- إذا دخل علىَّ قال: "هل عِندَكُم طعامٌ؟ " فإذا قلنا: لا، قال: "إني صائِمٌ" زادَ وكيعٌ: فدخل علينا يوماً آخر، فقلنا: يا رسولَ اللهِ، أُهديَ لنا حيْس فحبسناه لك، فقال "أدْنيهِ" قال طلحةُ: فأصبَحَ صائماً وأفطر (¬3). ¬

_ قال الخطابي: معنى الإجماع أو إحكام النية والعزيمة، يقال: أجمعت الرأي وأزمعت بمعنى واحد، وفيه بيان "أن من تأخرت نيته للصوم عن أول وقته فإن صومه فاسد، وقال أصحاب الرأي: إذا نوى الفرض قبل زوال الشمس أجزأه، وقالوا في صوم النذر والكفارة والقضاء: إن عليه تقديم النية قبل الفجر، وقال صاحب "المغني" 4/ 337: وتعتبر النية لكل يوم، وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد وابن المنذر، وعن أحمد: أنه تجزئه نية واحدة لجميع الشهر إذا نوى صوم جميعه، وهو مذهب مالك وإسحاق. (¬1) متابعة الليث عند ابن خزيمة (1933) والطبرانى في "الكبير" 23/ (337). (¬2) قوله: أوقفه، من الثلاثي المزيد، وهو لغة، والفصيح: وقَفَه يقِفُه. (¬3) إسناده قوي. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، ووكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وطلحة بن يحيى: هو ابن طلحة بن عبيد الله التيمي. وأخرجه مسلم (1154)، والترمذي (742)، والنسائي في "الكبرى" (2648) من طريق وكيع، ومسلم (1154) (169) من طريق عبد الواحد بن زياد، والترمذي=

2456 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرُ بنُ عبدِ الحميدِ، عن يزيدَ ابنِ أبي زياد، عن عبدِ الله بنِ الحارث عن أُم هانئ، قالت: لما كان يومُ الفتحِ -فتحِ مكة- جاءت فاطِمةُ، فجلست عن يسار رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وأُمُّ هانئ عن يمينه، قال: فجاءت الوليدةُ بإناءٍ فيه شرابٌ فناولتْهُ، فشَرِبَ منه، ثم ناوله أُمِّ هانئ، فشربت منه، فقالت: يا رسولَ الله، لقد أفطرتُ وكنتُ صائمةً، فقال لها: "أكُنْتِ تقضِينَ شيئاً؟ " قالت: لا، قال: "فلا يضرُّك إن كان تطوُّعاً" (¬1). ¬

_ = (743)، والنسائي (2646) و (3286) من طريق سفيان، والنسائي (2647) من طريق يحيي بن سعيد القطان، و (2649) من طريق القاسم بن معن، خمستهم عن طلحة بن يحيي، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1701)، والنسائي في "الكبرى" (2644) من طريق شريك، عن طلحة بن يحيي، عن مجاهد، عن عائشة، به. وهو في "مسند أحمد" (24220)، و"صحيح ابن حبان" (3628) و (3629). وانظر لزاماً تمام كلامنا عليه في "المسند". (¬1) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو القرشي الهاشمي، قال ابن التركماني في "الجوهر النقي" 278/ 4: هذا الحديث مضطرب متناً وسنداً، أما اضطراب متنه فظاهر، وقد ذكر فيه أنه كان يوم الفتح، وهي أسلمت عام الفتح، وكان الفتح في رمضان، فكيف يلزمها قضاؤه، وأما اضطراب سنده: فاختلف على سماك فيه، فتارةً رواه عن أبي صالح باذام مولى أم هانئ وهو ضعيف، وتارةً عن جَعدة، وتارةً عن هارون، وكلاهما مجهول. وأخرجه الترمذي (740) و (741)، والنسائي في "الكبرى" (3288) و (3289) و (3290) و (3292) من طريق ابن أم هانئ عن أم هانئ. وسماه الترمذي في روايته الثانية والنسائي في الروايتين الأولى والثانية: جعدة، وهو ابن ابن أم هانئ. =

73 - باب من رأى عليه القضاء

73 - باب مَنْ رأى عليه القضاء 2457 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهب، أخبرني حيوة ابنُ شُرَيح، عن ابنِ الهادِ، عن زُمَيْلِ مولى عُروة، عن عُروة بنِ الزُّبير عن عائشة، قالت: أُهْدِي لِي ولحفصةَ طعامٌ، وكنا صائمتين، فأفطرنا، ثم دخلَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقلنا له: يا رسولَ الله، إنا أُهدِيَتْ لنا هديةٌ، فاشتهينَاها، فأفطرنا، فقالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا عليكما، صُوما مكانَه يوماَ آخر" (¬1). ¬

_ وأخرجه النسائي (3291) من طريق سماك بن حرب، عن هارون بن أم هانئ، عن أم هانئ. وأخرجه الترمذي (741)، والنسائي (3289) من طريق شعبة، عن جعدة، عن أهله وأبي صالح باذام، عن أم هانئ. وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص" 2/ 211: ومما يدل على غلط سِمَاك فيه أنه قال في بعض الروايات عنه: إن ذلك كان يوم الفتح، وهي عند النسائي (3290)، والطبراني 22/ (993)، ويوم الفتح كان في رمضان فكيف يتصور قضاء رمضان في رمضان. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة زُمَيل - وهو ابن عباس الأسَدي مولى عروة بن الزبير - وباقي رجاله ثقات. ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله الليثي. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (3277) من طريق عبد الله بن وَهب، بهذا الإسناد. وله طريق آخر رجاله ثقات أخرجه النسائى (3282)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 109، وابن حبان (3517)، وابن حزم في "المحلى" 6/ 270، وابن عبد البر في "التمهد" 12/ 70 - 71 من طرق عن ابن وهب، حدثني جرير بن حازم، عن يحيي ابن سعيد، عن عمرة، عن عائشة. وهذا إسناد موصول رجاله ثقات رجال صحيح، إلا أن البيهقي 4/ 280 - 281 قال: وجرير بن حازم وإن كان من الثقات فهو واهم فيه، وقد خطأه في ذلك الإمام أحمد وعلي بن المديني، والمحفوظ: عن يحيي بن سعيد، عن=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = الزهري، عن عائشة: مرسلاً، لكن ابن حزم صحح الحديث في كتابه "المحلى" 6/ 270 ولم يلتفت إلى هذه العلة، فقال: لم يخفَ عليا قول من قال: إن جرير بن حازم أخطأ في هذا الخبر، إلا أن هذا ليس بشيء لأن جريراً ثقة، ودعوى الخطأ باطلة، إلا أن يُقيم المدعي له برهاناً على صحة دعواه، وليس انفرادُ جَرير بإسناده علة، لأنه ثقة. وممن صحح الحديث أيضاً ابن حبان. وأخرجه الترمذي (744)، والنسائي (3278) و (3279) و (3281) من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة. موصولاً. وقال الترمذي: وروى صالحُ بن أبي الأخضر ومحمد بن أبي حفصة هذا الحديث، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة مثلَ هذا، وروى مالك بن أنس ومعمر وعُبَيد الله بن عُمر وزياد بن سعد وغير واحدٍ من الحفاظ عن الزهري، عن عائشة مُرسلاً. ولم يذكروا فيه: عن عروة، وهذا أصح، لأنه روي عن ابن جريج، قال: سألت الزهري فقلت لهُ: أحدثك عروة، عن عائشة؟ قال: لم أسْمَع من عروة في هذا شيئاً، ولكن سمعتُ في خلافة سليمان بن عبد الملك من ناس عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث. وقال الترمذي بإثر (745): وقد ذهب قومٌ من أهل العلم من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وغيرهم إلى هذا الحديث؛ فرأوا عليه القضاء إذا أفطَرَ، وهو قول مالك بن أنس. انظر "شرح معاني الآثار" 2/ 111. وقد بسطنا الكلام على الحديث في "مسند أحمد" (25094) فانظره لزاماً. قلنا: وفي الباب عن ابن عباس موقوفاً عند ابن أبي شيبة 3/ 29، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 111 قال: يقضي يوماً مكانه. رجاله ثقات رجال الشيخين. وعن أنس بن سيرين عند ابن أبي شيبة 29/ 3: أنه صام يوم عرفة فعطش عطشاً شديداً فأفطر، فسأل عدة من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فأمروه أن يقضى يوماً مكانَه. ورجالُه ثقات. وعن أنس بن سيرين أيضاً عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 111 قال: صمتُ يومَ عرفة فجهدني الصوم فأفطرت، فسألت عن ذلك عبد الله بن عمر، فقال: يوماً آخر مكانه. =

74 - باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها

74 - باب المرأة تصوم بغير إذن زوجها 2458 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن همَّام بن مُنبِّه أنه سَمعَ أبا هريرة يقولُ: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تَصوُمُ المرأةُ وبعْلُهَا شاهِدٌ إلا بإذنه، غيرَ رمضانَ، ولا تأذنُ في بيتهِ وهو شاهِدٌ إلا بإذنِه" (¬1). ¬

_ = وقوله: "صوماً مكانه يوماً آخر" قال السندي على "حاشية المسند": وهذا يدل على جواز الإفطار للمتطوع لكن بشرط أن يقضي، وبه قال بعض أهل العلم، وهو أقرب إلى التوفيق بين الأدلة بخلاف قول من لا يرى جواز الإفطار أو لا يرى لزوم القضاء، وفي "التمهيد" 12/ 270: اختلف الفقهاء في هذا الباب، فقال مالك وأصحابه: من أصبح صائماً متطوعاً فأفطر متعمداً فعليه القضاء، وكذلك قال أبو حنيفة وأبو ثور، وقال الشافعي وأصحابه وأحمد وإسحاق: استُحِب له أن لا يفطر، فإن أفطر فلا قضاء عليه، قال الثوري: أحبُّ إليِّ أن يقضي. (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (7886)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1026). وأخرجه البخاري (5192) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، به. واقتصر على ذكر الصوم. وأخرجه البخاري (5195)، وابن ماجه (1761)، والترمذي (792)، والنسائي في "الكبرى" (2933) و (3275) من طريق الأعرج، والنسائي (2932) و (3274) من طريق أبي عثمان، كلاهما عن أبي هريرة، به. واقتصر جميعهم دون البخاري على ذكر الصوم. وهو في "مسند أحمد" (8188)، و"صحيح ابن حبان" (3572) و (3573). وقوله: "وهو شاهد إلا بإذنه". قال الحافظ في "الفتح": وهذا القيد لا مفهوم له، بل خرج مخرج الغالب وإلا فغيبة الزوج لا تقتضي، الإباحة للمرأة أن تأذن لمن يدخل بيته، بل يتأكد حينئذ عليها المنع لثبوت الأحاديث الواردة في النهي عن الدخول على المغيبات، أي: من غاب عنها زوجها.=

2459 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جرير، عن الأعمشِ، عن أبي صالحٍ عن أبي سعيدٍ، قال: جاءتِ امرأةٌ إلى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- ونحن عنده فقالت: يا رسولَ اللهِ، إن زوجي صفوانَ بنَ المُعطَّل يضرِبُني إذا صليتُ ويُفطِّرني إذا صُمْتُ، ولا يُصَلي صلاةَ الفجر حتى تطلعَ الشمسُ، قال: وصفوانُ عندَه، قال: فسأله عما قالت، فقال: يا رسولَ الله، أما قولُها يَضْرِبُني إذا صليتُ، فإنها تقرأ بسُورتَيَّ وقد نهيتُها، قال: فقال: "لو كانت سورةً واحِدةً لكَفَتِ الناس" وأما قولُها يفطِّرني، فإنها تنطلق فتصومُ وأنا رَجُل شابٌّ فلا أصبِرُ، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يومئذ: "لا تَصُومُ امرأةٌ إلا بإذن زوْجِهَا"، وأما قولها إنِّي لا أُصلِّي حتى تطلُعَ الشمسُ، فإنا أهْلَ بَيْت قد عُرِفَ لنا ذاك، لا نكادُ نستيقِظُ حتى تطلعَ الشمسُ، قال: "فإذا استيقظتَ فَصَل" (¬1). ¬

_ = وقال النووي: في هذا الحديث إشارة إلى أنه لا يفتات على الزوج بالإذن في بيته إلا بإذنه، وهو محمول على ما تعلم رضا الزوج به، أما لو علمت رضا الزوج بذلك فلا حرج عليها، كمن جرت عادته بإدخال الضيفان موضعاً معداً لهم سواء كان حاضراً أم غائباً، فلا يفتقر إدخالهم إلى إذن خاص لذلك. (¬1) إسناده صحيح. وقد صحح إسناده الحافظ في "الإصابة" 3/ 441. جرير: هو ابن عبد الحميد بن قرط الضبي، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2044)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 436، والبيهقي في "السنن" 4/ 303 من طريق عثمان، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط الشيخين وسكت عنه الذهبي. وأخرجه أبو يعلى (1037)، وابن حبان (1488) من طريقين، عن جرير، به.=

75 - باب في الصائم يدعى إلى وليمة

قال أبو داود: رواه حماد -يعني ابنَ سلمةَ- عن حُميدٍ أو ثابتٍ عن أبي المتوكَّل (¬1). 75 - باب في الصائم يُدعى إلى وليمة 2460 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ سعيدٍ، حدَّثنا أبو خالدٍ، عن هِشام، عن ابنِ سيرينَ ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1762) من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، بلفظ: نهى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- النساء أن يَصُمنَ إلا بإذن أزواجِهن. وهو في "مسند أحمد" (11759). قال الخطابي: في هذا الحديث من الفقه أن منافع المتعة والعشرة من الزوجة مملوكة للزوج في عامة الأوقات، وأن حقها في نفسها محصور في وقت دون وقت. وفيه دليل على أنها لو أحرمت بالحج كان له منعها وحصرها، لأن حقه عليها معجل، وحق الحج متراخٍ، وإلى هذا ذهب عطاء بن أبي رباح، ولم يختلف العلماء في أن له منعها من حج التطوع. وقوله: فإذا استيقظت فصل، ثم تركه التعنيف له في ذلك أمر عجيب من لطف الله سبحانه بعباده، ومن لطف نبيه ورفقه بأمته، ويشبه أن يكون ذلك منه على معنى ملكة الطبع واستيلاء العادة، فصار كالشيء المعجوز عنه، وكان صاحبه في ذلك بمنزلة من يُغمى عليه، فعذر فيه، ولم يؤنب عليه. ويحتمل أن يكون ذلك إنما كان يصيبه في بعض الأوقات دون بعض، وذلك إذا لم يكن بحضرته من يوقظه ويبعثه من المنام، فيتمادى به النوم حتى تطلع الشمس دون أن يكون ذلك منه في عامة الأوقات، فإنه قد يبعد أن يبقى الإنسان على هذا في دائم الأوقات، وليس بحضرته أحد لا يصلح هذا القدر من شأنه، ولا يراعي مثل هذا من حاله، ولا يجوز أن يظن به الامتناع من الصلاة في وقتها ذلك مع زوال العذر بوقوع التنبيه والإيقاظ ممن يحضره ويشاهده. والله أعلم. (¬1) أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "زوائده" للهيثمي (232) عن روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي المتوكل، أن امرأة صَفْوان ابن المُعطَّل ... ثم قال الهيثمي: هذا مرسل. قلنا: وقد رَدَّ الحافظ في "الفتح" 8/ 462 على من أعل حديث أبي سعيد الخدري بهذا المرسل.

76 - باب ما يقول الصائم إذا دعي إلى الطعام

عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا دُعي أحدُكُم، فليجِبْ، فإن كان مُفْطِراً فليَطْعَمْ، وإن كان صائماً، فليُصَلِّ". قال هشامٌ: والصلاةُ: الدُّعاءُ (¬1). قال أبو داود: رواه حفصُ بن غِياثٍ أيضاً عن هشامٍ. 76 - باب ما يقول الصائمُ إذا دُعيَ إلى الطعام 2461 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي الزنادِ، عن الأعرجِ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا دُعِيَ أحدُكُم إلى طعامٍ وهو صَائِمٌ، فليَقُلْ: إني صَائِم" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. أبو خالد -وهو سُلَيمان بن حَيان الأزدي- صدوق لا بأس به. هشام: هو ابن حسان الأزدي، وابن سيرين: هو محمد الأنصاري. وأخرجه مسلم (1431)، والنسائي في "الكبرى" (3257) و (6576) من طريقين عن هشام بن حسَّان، به. وأخرجه الترمذي (790) من طريق أيوب، عن ابن سيرين، به. وهو في "مسند أحمد" (7749)، و"صحيح ابن حبان" (5306). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. مسدَّد: هو ابن مسرهد الأسَدي، وسفيان: هو ابن عُيينة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرمز. وأخرجه مسلم (1150)، وابن ماجه (1750)، والترمذي (791)، والنسائي في "الكبرى" (3256) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7304). وانظر ما قبله.

77 - باب الاعتكاف

77 - باب الاعتكاف 2462 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن عُقيلٍ، عن الزُهريِّ، عن عُروةَ عن عائشة: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يعتكِفُ العشرَ الأواخِرَ من رمضانَ حتى قبضَهُ اللهُ، ثم اعتكفَ أزواجُه من بعدِهِ (¬1). 2463 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، أخبرنا ثابت، عن أبي رافع عن أُبى بنِ كعب: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يعتكِفُ العشرَ الأواخِرَ من رمضانَ، فلم يعتكِفْ عاماً، فلما كان العامُ المُقْبِلُ اعتكفَ عشرينَ ليلةً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وعُقَيل: ابن خالد الأموي الأيلي، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وعروة: هو ابن الزبير بن العوّام. وأخرجه البخاري (2026)، ومسلم (1172)، والنسائي في "الكبري" (3324) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1172) من طريق هشام بن عروة، والترمذي (800)، والنسائي (3321) و (3322) من طريقين، عن الزهري، كلاهما عن عروة، به. دون قوله: ثم اعتكف أزواجه من بعده. وأخرجه مسلم (1172) من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة، به. دون ذكر اعتكاف أزواجه أيضاً. وهو في "مسند أحمد" (24613)، و"صحيح ابن حبان" (3665). (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة البصري، وثابت: هو ابن أسلم البُناني، وأبو رافع: هو نُفَيع الصائغ المدني. وأخرجه ابن ماجه (1770)، والنسائي في "الكبرى" (3330) و (3375) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. =

2464 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةَ ويعلى بن عُبيدٍ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن عَمرَةَ عن عائشةَ قالت: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يعتكِفَ صلَّى الفجرَ ثم دخلَ مُعْتكَفَه، قالت: وإنَّه أرادَ مرةً أن يَعْتكِفَ في العشرِ الأواخرِ مِنْ رمضانَ، قالت: فأمَرَ ببنائِه فَضُرِبَ، فلما رأيتُ ذَلِكَ أمرتُ ببنائي فضُرِبَ، قالت: وأمرَ غيري مِنْ أزواجِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- ببنائه فَضُرِبَ، فلما صلَّى الفجرَ نظرَ إلى الأبنيةِ، فقال: "ما هذه آلبِرَّ تُرِدْنَ؟ " قالت: فأمر ببنائه فقُوِّضَ، وأمر أزواجُه بأبنيتهنَّ فَقُوِّضَتْ، ثم أخَّرَ الاعتكافَ إلى العَشْرِ الأُوَلِ، تعني من شَوَّال (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (21277)، و"صحيح ابن حبان" (3663). قال الخطابي: فيه من الفقه أن النوافل المعتادة تقضى كما تقضى الفرائض، ومن هذا قضاء رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- بعد العصر الركعتين اللتين فاتتاه لِقدوم الوفد عليه، واشتغاله بهم. وفيه مستدل لمن أجاز الاعتكاف بغير صوم ينشئه له، وذلك أن صومه في شهر رمضان إنما كان للشهر، لأن الوقت مستحق له. وقد اختلف الناس في هذا فقال الحسن البصري: إن اعتكف من غير صيام أجزأه، وإليه ذهب الشافعي. وروي عن علي وابن مسعود أنهما قالا: إن شاء صام، وإن شاء أفطر. وقال الأوزاعي ومالك: لا اعتكاف إلا بصوم، وهو مذهب أصحاب الرأي، وروي ذلك عن ابن عمر وابن عباس وعائشة، وهو قول سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والأوزاعي. (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري، وعَمرَة: هي بنت عبد الرحمن الأنصارية. وأخرجه مسلم (1173)، ومختصراً الترمذي (801) من طريق أبي معاوية، وابن ماجه (1771)، والنسائي في "الكبرى" (790) من طريق يعلى بن عُبيد، بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: رواه ابنُ إسحاق والأوزاعيُّ، عن يحيى بنِ سعيد، نحوه (¬1) ورواه مالكٌ، عن يحيى بنِ سعيدٍ قال: اعتكفَ عشرينَ مِن شوال (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (2033) و (2034) و (2041)، ومسلم (1173)، والنسائي (3333) من طرق عن يحيى بن سعيد، به. وهو في "مسند أحمد" (24544)، و "صحيح ابن حبان" (3666). قال الخطابي: فيه من الفقه أن المعتكف يبتدئ اعتكافه أول النهار، ويدخل في معتكَفه بعد أن يصلي الفجر، وإليه ذهب الأوزاعي، وبه قال أبو ثور. وقال مالك والشافعي وأحمد: يدخل في الاعتكاف قبل غروب الشمس إذا أراد اعتكاف شهر بعينه، وهو مذهب أصحاب الرأي. (¬1) أخرجه البخاري (2045)، ومسلم (1173)، والنسائي في "الكبرى" (3331) من طريق الأوزاعي، ومسلم (1173) من طريق محمد بن إسحاق، كلاهما عن يحيى ابن سعيد، به. (¬2) كذا وقع في الأصول: عشرين، قال ابن رسْلانُ: المحفوظ عشراً من شوال. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3667) من طريق عمرو بن الحارث، عن يحيى بن سعيد، به بلفظ: ثم إنه اعتكف في عشرين من شوال، وهو اللفظ الموجود في "التقاسيم والأنواع" ولفظ صاحب "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان": اعتكف في عشر من شوال، وهو الصواب. وقال صاحب "بذل المجهود" 11/ 350 تعليقاً على قوله: اعتكف عشرين من شوال: هذا القول مخالف لما أخرجه البخاري في "صحيحه" (2034) عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة، عن عائشة وفيه: "فلم يعتكف حتى اعتكف عشراً من شوال". ورواه غير واحد من الأئمة من طرق عن يحيى بن سعيد به، وهي مُخرَّجة في تعليقنا على "المسند" (24544).

78 - باب أين يكون الاعتكاف؟

78 - باب أين يكون الاعتكاف؟ 2465 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهريُّ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، عن يونسَ، أن نافعاً أخبره عن ابنِ عُمَرَ: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يعتكِفُ العشر الأواخِرَ مِن رمضانَ. قال نافع: وفد أراني عبدُ الله المكانَ الذي كان يعتكِفُ فيه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- من المسجِدِ (¬1). 2466 - حدَّثنا هنّاد، عن أبي بكير، عن أبي حَصين، عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: كان النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يعتكِفُ كُلَّ رمضانَ عشرةَ أيامٍ، فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه اعْتكفَ عِشرينَ يوماً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وَهب: هو عبد الله القرشي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، ونافع: هو مولى ابن عمر. وأخرجه البخاري (2025)، ومسلم (1171)، وابن ماجه (1773) من طريق ابن وَهب، بهذا الإسناد. ورواية البخاري ليس فيها قولُ نافع. وأخرجه مسلم كذلك دون قول نافع (1171) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (6172). (¬2) إسناده صحيح. هناد: هو ابن السري، وأبو بكر: هو ابن عياش، وأبو حَصين: هو عثمان بن عاصم الأسَدي، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان. وأخرجه البخاري (2044) و (4998)، وابن ماجه (1769)، والنسائي في "الكبرى" (3329) و (7938) من طريق أبي بكر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8435). وإنما اعتكف في ذلك العام عشرين، لأنه كان في العام الذي قبله مسافراً، ويدل لذلك ما سلف عند المصنف من حديث أبي بن كعب: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر=

79 - باب المعتكف يدخل البيت لحاجته

79 - باب المعتكف يَدخُل البيت لحاجتِه 2467 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب، عن عُروةَ ابنِ الزبير، عن عَمْرَةَ بنتِ عبدِ الرحمن عن عائِشَةَ، قالت: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا اعْتكَفَ يُدْني إليَّ رأسَه فأرجلُّه، وكانَ لا يَدخُلُ البَيْتَ إلا لِحَاجَةِ الإنسانِ (¬1). 2468 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ وعبدُ الله بنُ مسلمة، قالا: حدَّثنا الليثُ، عن ابنِ شهابٍ، عن عُروة وعَمْرَةَ، عن عائشةَ، عنِ النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، نحوه (¬2). ¬

_ = الأواخر من رمضان، فلم يعتكف عاماً، فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين ليلة، وإسناده صحيح، وأخرجه النسائي ولفظه: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فسافر عاماً، فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين. (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري. وهو عند مالك في "الموطأ" 312/ 1، ومن طريقه أخرجه مسلم (297)، والنسائي في "الكبرى" (3360). وهو في "مسند أحمد" (24731). وانظر تمام كلامنا عليه فيه. وانظر تالييه. قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 4/ 273 التعليق على قوله: إلا لحاجة الإنسان: وفسرها الزهري بالبول والغائط، وقد اتفقوا على استثنائهما، واختلفوا في غيرهما من الحاجات، كالأكل والشرب , ولو خرج لهما فتوضأ خارج المسجد لم يبطل، ويلتحق بهما القيء والفصد لمن احتاج إليه ... وروينا عن علي والنخعي والحسن البصري: إن شهد المعتكف جنازة أو عاد مريضاً أو خرج للجمعة، بطل اعتكافه، وبه قال الكوفيون وابن المنذر في الجمعة، وقال الثوري والشافعي وإسحاق: إن شرط شيئاً من ذلك في ابتداء اعتكافه لم يبطل اعتكافه بفعله، وهو رواية عن أحمد. وانظر "المغني" 4/ 465 - 471. (¬2) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد. =

قال أبو داود: وكذلك رواه يونسُ عن الزهري، ولم يُتابع أحدٌ مالكاً على عُروة عن عَمرة (¬1)، ورواه معمرٌ وزيادُ بن سعدٍ وغيرهما عن الزهري عن عُروة، عن عائِشة. 2469 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ ومُسَدد، قالا: حدَّثنا حمادُ بن زيد، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيهِ عن عائشة قالت: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يكونُ معتكفاً في المسجدِ، فيناوِلُني رأسَه من خَلَل الحُجرَةِ فأغْسِلُ رأسَه. وقال مُسدَّد: فأرجِّله، وأنا حائض (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (2029)، ومسلم (297)، وابن ماجه (1776)، والترمذي (816)، والنسائي في "الكبرى" (3361) من طرق عن الليث، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (815) من طريق مالك، عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (24521)، و"صحيح ابن حبان" (3672). وانظر ما قبله وما بعده. (¬1) أخرجه النسائي في "الكبرى" (3356) و (3367) من طريق يونس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26102). وقول أبي داود: لم يتابع أحد مالكاً على عروة عن عمرة، فيه نظر، فقد تابعه عُبيد الله بن عمر العمري فيما أخرجه الطبراني في "الأوسط" (6600)، وفي "الصغير" (1017)، والخطيب في "تاريخه" 2/ 130 عن الزهري، به. (¬2) إسناده صحيح. مسدَّدٌ: هو ابن مُسَرْهَد الأسَدي. وأخرجه البخاري (295) و (296) و (2028) وبإثر (5925)، ومسلم (297)، وابن ماجه (633) و (1778) والنسائي في "الكبرى" (266) و (3371) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2046)، ومسلم (297)، والنسائي (3369) و (3370) من طرق عن عروة، به. وأخرجه البخاري (301) و (2031). ومسلم (297)، والنسائي (3364 - 3366) من طريق الأسود، عن عائشة. =

2475 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد ابن شَبُّويه المَروزِيُّ، حدثني عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَرٌ عن الزهريِّ، عن علي بنِ حُسين عن صفيَّه، قالت: كانَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- معتكفاً، فأتيتُه أزورُه ليلاً، فحدَّثتُه، ثم قمتُ، فانقلبتُ فقام معي ليَقْلِبَني، وكان مَسْكَنُها في دارِ اُسامةَ بنِ زيدِ، فمرَّ رجلانِ من الأنصَارِ،؛ فلما رأيا النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أسْرَعَا، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "على رِسْلِكُما، إنَّها صَفيةُ بنتُ حُيَيٌّ" قالا: سُبحانَ اللهِ يا رسولَ الله! قال: "إنَّ الشَيطان يَجْرِي مِن الإنسانِ مَجْرَى الدَّمِ، فَخشِيتُ أن يَقْذِفَ في قلوبِكُما شيئاً -أو قال: شرّاً- " (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (24238) و (24683) و (25682)، و"صحيح ابن حبان" (1359). وانظر سابقيه. قال الخطابي: فيه أن المعتكف ممنوع من الخروج من المسجد إلا لغائط أو بول. وفيه أن ترجيل الشعر يجوز للمعتكف، وفي معناه حلق الرأس وتقليم الأظافر، وتنظيف البدن من الشعث والدرن. وفيه أن بدن الحائض طاهر غير نجس. وفيه أن من حلف لا يدخل بيتاً، فأدخل رأسه فيه، وسائر بدنه خارج لم يحنث. (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، وعلي بن الحسين: هو ابن علي بن أبي طالب زين العابدين. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (8065)، ومن طريقه أخرجه البخاري (3281)، ومسلم (2175)، والنسائي في "الكبرى" (3343). وأخرجه البخاري (2038) و (2039) و (3101) و (6219) و (7171)، وابن ماجه (1779)، والنسائي (3342) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (26863)، و"صحيح ابن حبان" (3671). وسيتكرر برقم (4994). وانظر ما بعده. =

80 - باب المعتكف يعود المريض

2471 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فِارسٍ، حدَّثنا أبو اليمانِ، أخبرنا شعيبٌ، عن الزُّهريِّ، بإسناده بهذا، قالت: حتى إذا كان عندَ باب المسجدِ الذي عندَ بابِ أُمِّ سلمة مرَّ بهما رجُلانِ، وساق معناه (¬1). 80 - باب المعتكف يعود المريض 2472 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ النُّفيليُّ ومحمدُ بنُ عيسى، قالا: حدَّثنا عبدُ السلامِ بنُ حَربٍ، أخبرنا الليثُ بن أبي سُلَيم، عن عبدِ الرحمنِ بن القاسِمِ، عن أبيه عن عائشة، قال النُّفيليُّ: قالت: كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يَمُرُّ بالمريضِ وهو معتكِفٌ، فيمرُّ كما هو ولا يُعرِّج يسألُ عنه، وقال ابنُ عيسى: قالت: إن كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يعودُ المريضَ وهو مُعْتكِفٌ (¬2). ¬

_ = وفي الحديث من الفوائد جواز اشتغاله المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره، والقيام معه، والحديث مع غيره، وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة، وزيارة المرأة للمعتكف، وبيان شفقته -صلَّى الله عليه وسلم- على أمته، وإرشادهم إلى ما يدفع عنهم الإثم، وفيه التحرز من التعرض لسوء الظن، والاحتفاظ من كيد الشيطان والاعتذار. قال ابن دقيق العيد: وهذا متأكد في حق العلماء، ومن يقتدى به فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلاً يوجب سوء الظن بهم، وإن كان لهم فيه مخلص، لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم، ومن ثم قال بعض العلماء: ينبغي للحاكم أن يبين للمحكوم عليه وجه الحكم إذا كان خافياً نفياً للتهمة. (¬1) إسناده صحيح. أبو اليمان: هو الحكم بن نافع البَهراني، وشعيب: هو ابن أبي حمزة الأموي مولاهم. وأخرجه البخاري (2035) و (6219)، ومسلم (2175) من طريق أبي اليمان، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (4496) و (4497). وانظر ما قبله. (¬2) صحيح من فعل عائشة، وهذا إسناد ضعيف لضعف الليث بن أبي سُلَيم.=

2473 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، أخبرَنا خالِدٌ، عن عبدِ الرحمن -يعني ابنَ إسحاقَ- عن الزهري، عن عُروة عن عائشةَ، أنها قالت: السُّنةُ على المُعْتكِفِ أن لا يَعُودَ مريضاً، ولا يَشْهَدَ جنازة، ولا يَمَسَّ امرأةً، ولا يُباشِرَهَا، ولا يَخْرُجَ لِحَاجَةٍ إلا لِما لا بُدَّ منه، ولا اعتكافَ إلا بِصَوْمٍ، ولا اعتكافَ إلا في مسجدٍ جَامعِ (¬1). ¬

_ وأخرجه البيهقي 4/ 321 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه من فعل عائشة مسلم في "صحيحه" (297) من طريقين عن الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن، أن عائشة زوج النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قالت: إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة، وإن كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- لَيُدخِلُ عليَّ رأسه وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً. (¬1) إسناده حسن. عبد الرحمن بن إسحاق مختلفَ فيه، وثقه يحيى بن معين وأثنى عليه غيره، وتكلم فيه بعضُهم، فهو حسن الحديث، وقد أخرج له مسلم حديثاً واحداً متابعة. وقول أبي داود بإثره غير عبد الرحمن بن إسحاق لا يقول فيه: قالت: السنة، جعله من قول عائشة فيه نظر. فقد روى الحديث البيهقى في "سننه" 4/ 315 و320 من طريق الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، به. وفيه: إن السنة في المعتكف أن لا يخرج إلا للحاجة التي لا بد منها، ولا يعود مريضاً، ولا يمسَّ امرأة ولا يباشرها، ولا اعتكافَ إلا في مسجد جماعه، والسنة فيمن اعتكف الصومُ. وأخرجه الدارقطني (2363) عن عبد الملك بن جريج، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير عن عائشة، أنها أخبرتهما: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من شهر رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكفَهنَّ أزواجه من بعده، وأن السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان، ولا يتغ جِنازة، ولا يعود مريضاً، ولا يمس امرأةً، ولا يباشرها، ولا اعتكاف إلا في مسجدِ جماعةٍ، ويأمر مَن اعتكف أن يصومَ.=

قال أبو داود: غيرُ عبدِ الرحمن بن إسحاق لا يقولُ فيه: قالت: السنة. قال أبو داود: جعلَه قولَ عائِشة. 2474 - حدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا أبو داود، حدَّثنا عبدُ الله بن بُديل، عن عمرو بنِ دينارٍ ¬

_ = وذكر البيهقي في "السنن" 4/ 321 أن كثيراً من الحفاظ يقولون: إن هذا الكلام قولُ مَن دُون عائشةَ، وأن من أدرجه في الحديث وهمَ فيه، فقد رواه سفيان الثوري عن هشام بن عروة، عن عروة، قال: المعتكف لا يشهد جنازه ولا يعود مريضاً ولا يجيبُ دعوة ولا اعتكاف إلا بصيام. قال ابن التركماني: جَعلُ هذا الكلام من قول مَن دونَ عائشةَ دعوى، بل هو معطوف على ما تقدَّم من قولها: السنة كذا وكذا، وهذا عند المحدثين من قسم المرفوع. رواه عروة عن عائشة مرةً، وأفتى به مرة أخرى، وقد أخرجه الدارقطني (2363) من حديث القاسم بن معن، عن ابن جريج، عن الزهري، بسنده. وفي آخره: ويؤمَرُ من اعتكف أن يصومَ. وأخرجه أيضاً (2364) من حديث الحجاج، عن ابن جريج، بسنده. وفي آخره: وسنةُ من اعتكف أن يصومَ. وانظر كلام الحافظ في"الفتح" 4/ 273. قال الخطابي في "المعالم": قولها: السنة، إن كانت أرادت بذلك إضافة هذه الأمور إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قولاً أو فعلاً، فهي نصوص لا يجوز خلافها، وإن كانت أرادت الفتيا على معاني ما عقلت من السنة فقد خالفها بعض الصحابة في بعض هذه الأمور، والصحابة إذا اختلفوا في مسألة كان سبيلها النظر ... ويشبه أن يكون أرادت بقولها: لا يعود مريضاً، أي: لا يخرج من معتكفه قاصداً عيادته وأنه لا يضيق عليه أن يمر به فيسأله غير معرج عليه كما في الحديث السالف. وقولها: لا اعتكاف إلا في مسجد جامع، فقد يحتمل أن يكون معناه نفي الفضيلة والكمال وإنما يكره الاعتكاف في غير الجامع لمن نذر اعتكافاً أكثر من جمعة لئلا تفوته صلاة الجمعة، فأما من كان اعتكافه دون ذلك فلا بأس به، والجامع وغيره سواء في ذلك. والله أعلم.

عن ابنِ عمر: أنَّ عمر رضي اللهُ عنه جَعَلَ عليه أن يعتكِفَ في الجاهلية ليلة أو يوماً عند الكعبةِ، فسألَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: "اعْتكِفْ وصُمْ" (¬1). 2475 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ عمر بنِ محمد بنِ أبانَ بنِ صالحٍ القرشيُّ، حدَّثنا عمرو بن محمد، عن عبدِ الله بنِ بُدَيْل، بإسناده نحوه، قال: فبينما هو مُعتكِفٌ إذ كَبّرَ الناسُ، فقال: ما هذا يا عبدَ الله؟ قال: سَبْيُ هَوَازِنَ أعتقهم النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: وتلك الجاريةُ، فأرسِلْها معهم (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح بغير هذه السياقة، وهذا إسناد ضعيف، في سنده عبد الله بن بُديل -وهو الخزاعي، ويقال: الليثي المكي- وهو ضعيف، وقد ذكر ابن عدي والدارقطني أنه تفرد بذلك عن عمرو بن دينار، وروايةُ مَن روى يوماً شاذة. وقد رواه البخاري (2032)، ومسلم (1656) من طرق عن يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر سأل النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام؟ فقال: أوفِ بنذرك. وسيأتي عند المصنف برقم (3325). قال النووي في "شرح مسلم": اختلف العلماءُ في صحة نذر الكافر فقال مالك وأبو حنيفة وسائر الكوفيين وجمهور أصحابنا: لا يصح، وقال الميرة المخزومي وأبو ثور والبخاري وابن جرير وبعض أصحابنا: يصح، وحجتهم ظاهر حديث عمر هذا، وأجاب الأولون عنه: أنه محمول على الاستحباب، أي: يستحب لك أن تفعل الآن مثل ذلك الذي نذرته في الجاهلية. (¬2) حديث صحيح دون قوله: "وصم" كما سلف قبله. عمرو بن محمد: هو العَنقَزي. وأخرجه بنحوه مسلم (1656) من طريق أيوب السختياني، عن نافع، عن ابن عمر. وليس فيه ذكر الصيام.

81 - باب المستحاضة تعتكف

81 - باب المستحاضةُ تعتكف 2476 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى وقتيبةُ بنُ سعيد، قالا: حدَّثنا يزيدُ، عن خالدٍ، عن عِكرمة عن عائشةَ رضيَ اللهُ عنها، قالت: اعتكفتْ مع النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- امرأة من أزْواجِهِ، فكانت ترى الصُّفْرةَ والحُمرَةَ، فربما وضَعْنَا الطَّستَ تحتَها وهي تُصلِّي (¬1). آخر كتاب الصيام والاعتكاف ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. محمد بن عيسى: هو ابن نَجيح البغدادي، ويزيد: هو ابن زُريع، وخالد: هو ابن مِهران الحذَّاء، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه البخاري (310) و (2037) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1780)، والنساني في "الكبرى" (3332) من طرق عن يزيد ابن زريع، به. وأخرجه البخاري (309) و (311) من طريقين عن خالد الحذاء، به. ورواية البخاري الثانية مختصره. وهو في "مسند أحمد" (24998).

أول كتاب الجهاد

أول كتاب الجهاد 1 - باب ما جاء في الهجرة وسكنى البَدوِ 2477 - حدَّثنا مُؤمل بن الفَضل، حدَّثنا الوليد -يعني ابنَ مُسلم- عن الأوزاعيّ، عن الزهري، عن عطاء بن يزيدَ عن أبي سعيد الخدري: أن أعرابياً سأل النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- عن الهجرة، فقال: "وَيحَكَ! إن شأن الهجرةِ شديدٌ فهل لك من إبلٍ؟ " قال: نعم، قال: "فهل تؤدي صدقتها؟ " قال: نعم، قال: " فاعمل من وراء البحار؛ فإن الله لن يَتِركَ مِن عملِك شيئاً" (¬1). 2478 - حدَّثنا أبو بكر وعثمانُ ابنا أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا شريكٌ، عن المِقدام بن شُريحٍ، عن أبيه، قال: سألت عائشةَ، عن البَدَاوة، فقالت: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يبْدو إلى هذه التِّلاع، وإنه أراد البَدَاوة مرةً، فأرسل إليَّ ناقةً مُحرَّمة من إبل ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد صرح الوليد بن مسلم بسماعه في كل طبقات الإسناد عند مسلم وغيره. وأخرجه البخاري (1452)، ومسلم (1865)، والنسائي في "الكبرى" (7739)، و (8646) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (11105)، و"صحيح ابن حبان" (3249). قال الخطابي: وقوله: "لن يترك" معناه: لن يَنقُصَك، ومن هذا قوله تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 35]، والمعنى: أنك قد تدرك بالنية أجر المهاجر وإن أقمتَ من وراء البحار، وسكنت أقصى الأرض. وفيه دلالة على أن الهجرة إنما كان وجوبها على من أطاقها دون من لا يقدر عليها.

2 - باب في الهجرة هل انقطعت؟

الصَّدقة، فقال لي: "يا عائشةُ ارفُقي، فإن الرِّفق لم يكن في شيء قطُّ إلا زانَهُ، ولا نُزِع من شيء قط إلا شانَه" (¬1). 2 - باب في الهجرةِ هل انقطعتْ؟ 2479 - حدَّثنا إبراهيمُ بن موسى الرازيُّ، أخبرنا عيسى، عن حَريزٍ، عن عبد الرحمن بن أبي عوفٍ، عن أبي هندٍ عن معاويةَ، قال: سمعتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "لا تنقطع الهجرةُ حتى تنقطعَ التوبةُ، ولا تنقطعُ التوبةُ حتى تطلعَ الشمسُ من مَغربِها" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- وإن كان سيئ الحفظ، قد توبع. وأخرجه بنحوه مسلم (2594) من طريق شعبة بن الحجاج، عن المقدام بن شريح، به. لكن ليس فيه ذكر البداوة. وهو في "مسند أحمد" (24307) و (24808)، و"صحيح ابن حبان" (550). وقد جاء في طريق أحمد الثاني: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- خرج إلى البادية إلى إبل الصدقة من طريق إسرائيل عن المقدام. وسيتكرر برقم (4808). قال الخطابي: البداوة: الخروج إلى البدو، والمقام به، وفيه لغتان: البداوة بفتح الباء، والبداوة بكسرها. والناقة المُحرّمة هي التي لم تُركب ولم تذلل فهي غير وطيئة، ويقال: أعرابي محرّم إذا كان جلفاً لم يخالط أهل الحضر، والتلاع: جمع تلعة، وهي ما ارتفع من الأرض وغَلُظ، وكان ما سفل منها مسيلاً لمائها. (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي هند -وهو البجلي- ولكنه متابع. عيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8658) من طريق حريز بن عثمان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16906).

2480 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا جَرير، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن طاووسٍ عن ابن عباسٍ، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يوم الفتح -فتحِ مكةَ-: "لا هجرةَ، ولكن جهادٌ ونيةٌ، وإذا استُنْفرتمْ فانفِروا" (¬1). ¬

_ = وأخرجه أحمد (1671) من طريق مالك بن يخامر، عن معاوية بن أبي سفيان وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص. وإسناده حسن. وقوله: لا تنقطع الهجرة ... معناه: لا تنقطع الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام إلى يوم القيامة. قال الإمام البغوي في "شرح السنة" في الجمع بين هذا الحديث وبين حديث ابن عباس: "لا هجرة بعد الفتح": إن قوله: "لا هجرة بعد الفتح" أراد به من مكة إلى المدينة، وإن قوله: "لا تنقطع الهجرة" أراد بها هجرة من أسلم في دار الكفر عليه أن يفارق تلك الدار ويخرج من بنيهم إلى دار الإسلام. وقد فصل الحافظ في "الفتح" في هذه المسألة، فقال: فمن به (أي: في البلد التي لم يفتحها المسلمون) من المسلمين أحد ثلاثة: الأول: قادر على الهجرة منها لا يمكنه إظهار دينه بها، ولا أداء واجباته، فالهجرة منه واجبة. الثاني: قادر، لكنه يمكنه إظهار دينه وأداء واجباته، فمستحبة لتكثير المسلمين بها ومعونتهم ... الثالث: عاجز يُعْذَر من أسر أو مرض أو غيره، فتجوز له الإقامة، فإن حمل على نفسه وتكلف الخروج منها أجر. (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبّي، ومنصور: هو ابن المعتمر، ومجاهد: هو ابن جبْر المكي، وطاووس: هو ابن كيسان اليماني. وأخرجه البخاري (1834)، ومسلم (1353)، وبإثر الحديث (1863)، والترمذي (1590)، والنسائي (4170) من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1991)، وابن حبان (3720). وأخرج ابن ماجه (2773) من طريق أبي صالح السمان، عن ابن عباس رفعه: "إذا استنفرتم فانفروا". =

2481 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيي، عن اسماعيلَ بن أبي خالدٍ، حدَّثنا عامر، قال: أتى رجلٌ عبدَ الله بن عَمرو وعنده القوم حتى جلس عندَه، فقال: أخبِرْني بشيء سمعتَه من رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: سمعتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "المسلم من سَلِم المسلمون من لِسانه ويده، والمُهاجر مَنْ هجر ما نهى اللهُ عنه" (¬1). ¬

_ = وقوله: ولكن جهاد ونية. قال النووي: يريد أن الخير الذي انقطع بانقطاع الهجرة يمكن تحصيله بالجهاد والنية الصالحة، وإذا أمركم الإمام بالخروج إلى الجهاد ونحوه من الأعمال الصالحة، فاخرجوا إليه. (¬1) إسناده صحيح. مُسَدَّد: هو ابن مُسَرْهَد، ويحيى: هو ابن سعيد القطّان، وعامر: هو ابن شَراحيل الشَّعبي. وأخرجه البخاري (10)، والنساثي (4996) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، به. وقرن به البخاري عبد الله بن أبي السفر. وقد تحرف اسم عبد الله بن عَمرو في مطبوع النسائي إلى: بن عُمر، وصوبناه من "تحفة الأشراف"، ومن "السنن الكبرى" (8648). وهو في "مسند أحمد" (6515)، و"صحيح ابن حبان" (196). وأخرج النسائي (4165) من طريق أبي كثير الزبيدي. عن عبد الله بن عمرو قال: قال رجل: يا رسول الله، أي الهجرة أفضل؟ قال: "أن تهجر ما كره الله". وهو في "مسند أحمد" (6487). وأخرج مسلم (40) من طريق أبي الخير اليزني، عن عبد الله بن عمرو يقول: إن رجلاً سأل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أيّ المسلمين خير؟ فقال: "من سلم المسلمون من لسانه ويده". قال الحافظ في "الفتح"11/ 319: قيل: خص المهاجر بالذكر تطييباً لقلب مَن لم يُهاجر من المسلمين، لفوات ذلك بفتح مكة، فأعلمهم أن من هجر ما نهى الله عنه كان هو المهاجر الكامل، ويُحتمل أن يكون ذلك تنبيهاً للمهاجرين أن لا يتكلوا على الهجرة، فيقصّروا في العمل، وهذا الحديث من جوامع الكلم التي أُوتيها -صلَّى الله عليه وسلم-، والله أعلم.

3 - باب في سكنى الشام

3 - باب في سُكنى الشام 2482 - حدَّثنا عُبيد الله بن عمرَ، حدَّثنا مُعاذ بن هِشام، حدثني أبي، عن قتادةَ، عن شهرِ بن حَوشب عن عبد الله بن عمرو، قال: سمعتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "ستكون هجرةٌ بعد هجرةٍ، فخِيار أهلِ الأرضِ ألْزمُهمِ مُهاجَرَ إبراهيمَ، ويبقى في الأرضِ شرارُ أهلها، تَلفِظُهم أرَضُوهُم، تقْذَرُهم نَفْسُ اللهِ، وتحشُرهم النارُ مع القردةِ والخنازيرِ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، ثم إنه اضطرب فيه كما سيأتي ومع ذلك قال الحافظ في "الفتح" 11/ 380: سنده لا بأس به. قتادة: هو ابن دِعامة السدوسي. وأخرجه الطيالسي (2293)، وعبد الرزاق (20790)، وأحمد (6871)، والحاكم 4/ 486، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 53 - 54، والبغوي (4008) من طريق قتادة بن دعامة، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 66 من طريق ليث بن أبي سُليم، كلاهما عن شهر بن حوشب، به. وأخرجه أحمد (5562 م 2) من طريق أبي جناب يحيى بن أبي حية الكلبي، عن شهر بن حوشب، عن عبد الله بن عمر بن الخطاب. فجعله من مسند عبد الله بن عمر ابن الخطاب، وأبو جناب الكلبي ضعيف أيضاً. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (6791)، وفي "الشاميين" (2761) من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن نوف البِكالي، عن عبد الله بن عمرو. فزاد في الإسناد نوفاً البكالي بين شهر وعبد الله بن عمرو، وإنما كان نوف البكالي حاضراً في المجلس الذي كان فيه شهر بن حوشب كما تدل عليه رواية أكثر من خرّج الحديث، وفي ذلك المجلس سمع شهر ونوف الحديث من عبد الله بن عمرو، وسعيد بن بشير ضعيف. وأخرجه الحاكم 4/ 510 و511 في قصة عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن موسي بن عُلَي بن رباح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن عبد الله بن عمرو. وصححه على شرط الشيخين وسكت عنه الذهبي مع أن في إسناده عبد الله كاتب الليث في حفظه شيء، ولم يحتج به البخاري لكن علّق له. =

2483 - حدَّثنا حيوةُ بن شُريح الحضرمي، حدَّثنا بقيةُ، حدثني بَحيرٌ، عن خالدٍ - يعني ابنَ مَعدانَ - عن أبي قُتَيلةَ (¬1) عن ابن حَوالةَ، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "سيصير الأمرُ إلى أن تكونوا جنُوداً مُجنَّدةً، جندٌ بالشام، وجندٌ باليمن، وجندٌ بالعراق" قال ابن حَوالة: خِرْ لي يا رسول الله إن أدركتُ ذلك، فقال: "عليك بالشامِ فإنها خِيَرةُ اللهِ من أرضِه، يجْتبي إليها خِيَرتَه من عبادِه، فأما إن أبيتُم فعليكم بيَمَنِكم، واسقُوا من غُدُرِكم، فإن الله تَوكّل لي بالشامِ وأهلِه" (¬2). ¬

_ وأخرجه البيهقي فيما قاله ابن كثير في "تفسيره" 6/ 284 من طريق أبي النضر إسحاق بن يزيد وهشام بن عمار الدمشقيين، عن يحيى بن حمزة، عن الأوزاعي، عن نافع، -وقال أبو النضر: عمن حدثه عن نافع- عن عبد الله بن عُمر. قال ابن كثير: غريب من حديث نافع، والظاهر أن الأوزاعي قد رواه عن شيخ له من الضعفاء، والله أعلم. وروايته من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أقرب إلى الحفظ. وأخرجه مرسلاً ابن جرير الطبري في "تفسيره" 20/ 142 من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة قال: ذُكر لنا أن نبي الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان يقول .. مهاجر إبراهيم: موضع هجرة إبراهيم عليه السلام وهو الشام. تقذرهم: تكرههم. نفس الله بسكون الفاء: ذاته. (¬1) تحرف في (أ) و (ع) إلى: ابن أبي قتيلة، والمثبت على الصواب من (هـ). وكذلك هي على الصواب في "تحفة الأشراف" (5248). (¬2) حديث صحيح. وهذا إسناد ضعيف، بقية -وهو ابن الوليد- ضعيف يدلس ويُسوِّي، وأبو قُتيلة -وهو مرثد بن وداعة الشرعبي- مختلف في صحبته، وإن يكن تابعياً فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات". وللحديث طرق أخرى صحيحة. وأخرجه أحمد (17005)، والطبرانى في "مسند الشاميين" (1172)، ومن طريق الطبراني أخرجه ضياء الدين المقدسي في "المختارة" 9/ (231)، والمزيُّ في "تهذيب الكمال" 27/ 361 في ترجمة مرثد بن وداعة أبي قتيلة، من طريق حيوة بن شريح، بهذا الإسناد. =

4 - باب في دوام الجهاد

4 - باب في دوام الجهاد 2484 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن قتادةَ، عن مُطَرِّفٍ عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفةٌ من أُمتي يقاتِلون على الحق ظاهرين على من ناوأَهم حتى يُقاتِل آخرُهُم المسيحَ الدجّالَ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه بنحوه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 288 - 289، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2295)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1114)، والطبراني في "مسند الشاميين" (2540)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 3 - 4، وفي "الدلائل" (478)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 327، وأبو عمرو الداني في "الفتن " (500)، والبيهقي 9/ 179، وضياء الدين المقدسي 9/ (241) من طرق عن يحيى بن حمزة الحضرمي، عن نصر بن علقمة الحضرمي يردُّه إلى جبير بن نفير، عن عبد الله بن حوالة. وهذا الإسناد وإن كان ظاهره الانقطاع بين نصر وبين جبير، إلا أن نصراً صرح بسماعه من الواسطة بينهما، وهو عبد الرحمن بن جبير بن نفير في آخر الحديث فاتصل الإسناد، ورجاله ثقات. وأخرجه ابن حبان (7306)، والحاكم 4/ 510 من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، عن أبي إدريس الخولاني، عن عبد الله بن حوالة. وهذا إسناد صحيح. وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" (17005). خِر لي: اختر لي جنداً ألزمه، وغدره جمع غدير، أي: حياضه. توكل لي بالشام وأهله، أي: تكفل لأجلي وإكراماً لي في أمتي، وقيل: تكفل لي بأمر الشام وحفظ أهله من بأس الكفرة واستيلائهم بحيث يتخطفهم ويدمرهم بالكلية. (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وقتادة: هو ابن دعامة، ومُطرِّف: هو ابن عبد الله بن الشِّخِّير. وأخرجه أحمد (19851)، والبزار (3524)، والحاكم 2/ 71 و 4/ 450، والطبراني في "الكبير" 18/ (228)، والخطيب في "شرف أصحاب الحديث" (46)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (168) و (169) من طريق قتادة بن دعامة، به. =

5 - باب في ثواب الجهاد

5 - باب في ثواب الجهاد 2485 - حدَّثنا أبو الوليدِ الطيالسيُّ، حدَّثنا سليمانُ بن كثيرٍ، حدَّثنا الزُّهري، عن عطاء بن يزيدَ عن أبى سعيد، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أنه سُئِلَ: أيُّ المؤمنين أكملُ إيماناً؟ قال: "رجلٌ يُجاهد في سبيل الله بنفسه ومالِه، ورجلٌ يعبُد الله في شِعْب من الشِّعاب قد كفَى الناسَ شرَّه" (¬1). ¬

_ = وجاء في رواية أحمد: "حتى يأتي أمر الله وينزل عيسى ابن مريم" بدل قوله: "حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال". وأخرجه أبو عوانة (7513) والطبرانى 18/ (254) من طريق مطرّف، عن عمران بن الحصين. وفي رواية أبي عوانة: "حتى تقوم الساعة" بدل "حتى يقاتل آخرهم ... ". وأخرجه موقوفاً على عمران ضمن حديث أحمد (19895) من طريق يزيد بن عبد الله بن الشخير أبي العلاء، عن أخيه مُطرِّف، عن عمران. قوله: "ناوأهم": قال الخطابي: يريد ناهضهم للقتال، وأصله من ناء ينوء، إذا نهض، والمناوأة مهموزة مفاعلة منه. وأما هذه الطائفة فقال البخاري: هم أهل العلم، ويرى الإمام النووي أن هذه الطائفة متفرقة بين أنهل من المؤمنين، منهم شجعان مقاتلون، ومنهم فقهاء، ومنهم محدثون، ومنهم زهاد وآمرون بالمعروف وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع من الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين، بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سليمان بن كثير -وهو العبدي البصري- وهو متابع. وأخرجه البخاري (6494)، ومسلم (1888)، وابن ماجه (3978)، والترمذي (1755)، والنسائي (3155) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (11125)، و"صحيح ابن حبان" (606). قال النووي في "شرح مسلم ": فيه دليل لمن قال بتفضيل العُزلة على الاختلاط، وفي ذلك خلاف مشهور، فمذهب الشافعي وأكثر العلماء أن الاختلاط أفضل بشرط=

6 - باب في النهي عن السياحة

6 - باب في النهيِ عن السِّياحة 2486 - حدَّثنا محمد بن عثمان التَّنُوخِيُّ أبو الجُماهِر، حدَّثنا الهيثمُ بن حُميدٍ، أخبرني العلاءُ بن الحارث، عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أُمامة: أن رجلاً قال: يا رسول الله، ائذن لي بالسِّياحة، قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن سياحةَ أُمتي الجهادُ في سبيل الله" (¬1). ¬

_ = رجاء السلامة من الفتن، ومذهب طوائف أن الاعتزال أفضل، وأجاب الجمهور عن هذا الحديث بأنه محمول على الاعتزال في زمن الفتن والحروب أو هو فيمن لا يسلم الناسُ منه، ولا يصبر عليهم أو نحو ذلك من الخصوص، وقد كانت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وجماهير الصحابة والتابعين والعلماء والزهاد مختلطين، فيحصّلون منافع الاختلاط كشهود الجمعة والجماعة والجنائز وعيادة المرضى وحِلَق الذكر وغير ذلك. قال: وأما الشِّعْب فهو ما انفرج بين جبلين، وليس المراد نفس الشعب خصوصاً، بل المراد الانفرادُ والاعتزالُ، وذكر الشعب مثالاً، لأنه خالٍ عن الناس غالباً. قال العيني في "شرح البخاري " وذكر كلام النووي هذا: قلت: يدل لقول الجمهور قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "المؤمنُ الذي يخالِطُ الناسَ ويَصبِرُ على أذاهم أعظم أجراً مِن المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم" رواه الترمذي في أبواب الزهد [2675] وابن ماجه [4032]. (¬1) إسناده صحيح. وقد صححه عبد الحق الإشبيلي وسكت عنه ابن القطان، وجوّد إسناده العراقى في "تخريج أحاديث الإحياء". وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7760)، وفي "مسند الشاميين" (1522)، والحاكم 2/ 73، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 161، وفي "شعب الإيمان" (4226)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 53/ 289 من طريق الهيثم بن حميد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في"الكبير" (7706) من طريق عفير بن معدان، عن سُليم بن عامر، عن أبي أمامة. وعفير بن معدان ضعيف الحديث. ونقل أبو الطيب العظيم آبادي عن علي بن محمد العزيزي في "شرح الجامع الصغير للسيوطي" قوله: كأن هذا السائل استأذن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في الذهاب في الأرض قهراً=

7 - باب في فضل القفل في الغزو

7 - باب في فضل القَفْل في الغزو 2487 - حدَّثنا محمد بن المصُفَّى، حدَّثنا عليُّ بن عَيَّاش، عن الليث بن سعدٍ، حدَّثنا حيْوةُ، عن ابن شُفَيٍّ عن شُفيِّ بن ماتِعٍ عن عبد الله -هو ابنُ عَمرو- عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "قَفْلةٌ كغزوةٍ" (¬1). ¬

_ = لنفسه بمفارقة المألوفات والمباحات واللذات، وترك الجمعة والجماعات، وتعلم العلم ونحوه، فردّ عليه ذلك كما ردّ على عثمان بن مظعون التبتُّل. (¬1) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن المُصفَّى -وهو الحمصي- ولكنه متابع. ابن شُفَيٍّ: اسمُه حسين، وحيوة: هو ابن شُريح. وأخرجه أحمد (6625)، وابن الجارود (1039) والحاكم 2/ 73، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 169، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 28، وفي "شعب الإيمان" (4275)، والبغوي في "شرح السنة" (2671) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وسقط من مطبوع الحاكم من الإسناد: عن أبيه. قال الخطابي في "معالم السنن" عن قوله: "قفلة كغزوة": هذا يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون أراد به القفولَ عن الغزو والرجوعَ إلى الوطن، يقول: إن أجرَ المجاهد في انصرافه إلى أهله كأجره في إقباله إلى الجهاد، وذلك لأن تجهيز الغازي يَضُرُّ بأهله، وفي قُفوله إليهم إزالةُ الضرر عنهم واستجمامٌ للنفس، واستعدادٌ بالقوة للعَود. والوجه الآخر: أن يكون أراد بذلك التعقيب وهو رجوعه ثانياً في الوجه الذي جاء منه منصرفاً وإن لم يَلقَ عدواً ولم يشهد قتالاً، وقد يفعل ذلك الجيش إذا انصرفوا من مَغزاتهم، وذلك لأحد أمرين: أحدهما: أن العدو إذا رأوهم قد انصرفوا عن ساحتهم أمِنوهم فخرجوا من مكانهم، فإذا قفل الجيش إلى دار العدوّ نالوا الفرصة منهم فأغاروا عليهم. والوجه الآخر: أنهم إذا انصرفوا من مغزاتهم ظاهرين لم يأمَنوا أن يقَفُوَ العدوُّ أثرهم فيوقِعُوا بهم وهم غادُون، فربما استظهر الجيش أو بعضهم الرجوع على أدراجهم بغضون الطريق، فإن كان من العدوّ طلب كانوا مستعدين للقائهم، وإلا فقد سلموا وأَحرزوا ما معهم من الغنيمة.

8 - باب فضل قتال الروم على غيرهم من الأمم

8 - باب فضل قتال الروم على غيرهم من الأمم 2488 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بن سلاَّم، حدَّثنا حجّاج بن محمد، عن فَرَج بن فَضَالةَ، عن عبد الخَبير بن ثابتِ بن قَيسِ بن شَمَّاسٍ، عن أبيه عن جده، قال: جاءت امرأةٌ إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يقال لها: أُم خَلّاد، وهي مُتنَقِّبةٌ، تسألُ عن ابنِها وهو مقتولٌ، فقال لها بعضُ أصحابِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: جئتِ تسألين عن ابنِك وأنت مُتنقِّبةٌ؟ فقالت: إن أُرْزَإ ابني فلن أُرْزأَ حيائي، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ابنُك له أجرُ شهيدَين" قالت: ولِمَ ذاك يا رسولَ الله؟ قال: "لأنه قتَلَه أهلُ الكتابِ" (¬1). 9 - باب في ركوب البحر في الغزو 2489 - حدَّثنا سعيدُ بن منصور، حدَّثنا إسماعيلُ بن زكريا، عن مُطرِّفٍ، عن بشرٍ أبي عبد الله، عن بَشيرِ بن مُسلم عن عبد الله بن عَمرو قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا يركبُ البحرَ إلا حاجٌّ أو معتمرٌ أو غازٍ في سبيل الله، فإن تحتَ البحرِ ناراً، وتحت النارِ بحراً" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف ومتنه منكر. فرج بن فضالة ضعيف، وعبد الخبير بن ثابت ابن قيس -كذا جاء في رواية أبي داود، والصواب أنه: ابن قيس بن ثابت بن شماس - قال البخاري: حديثه ليس بالقائم، وقال أبو حاتم: منكر الحديث، حديثه ليس بالقائم، وقال ابن عدي وأبو أحمد الحاكم: ليس بالمعروف. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 530، وأبو يعلى في"مسنده " (1591)، والبيهقي 9/ 175 من طريق فرج بن فضالة، بهذا الإسناد. متنقبة: أي: سادلة نقابها على وجهها. إن أرزأ من الرزء وهي المصيبة بفقد الأعزة، أي: إن أصابتنى مصيبة قتل ابني وفقدته، فلم أصب بحيائي. (¬2) إسناده ضعيف جداً لجهالة بشر أبي عبد الله وبشير بن مسلم على اختلاف في إسناده. وقد ضعف هذا الحديث البخاري في "تاريخه الكبير" في ترجمة الثاني منهما،=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وضعفه كذلك ابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 240 بل قال: مظلمُ الإسناد لا يُصححه أهلُ العلم بالحديث، لأن رواتَه مجهولون لا يُعرفون. وقال الخطابي: ضعفوا إسناد هذا الحديث، ونقل الحافظ في "التلخيص" 2/ 221 عن أبي داود نفسه أنه قال: رواته مجهولون. وضعف هذا الحديث أيضاً العيني في "شرح البخاري" 14/ 87. مطرّف: هو ابن طريف. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2393)، ومن طريقه أخرجه البيهقي 4/ 334، وابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف" (1200). ورواه أحمد بن الهيثم الشعراني وأحمد بن بشر المرثدي، عن سعيد بن منصور -فقالا:- عن إسماعيل بن زكريا، عن مطرف بن طريف، عن بشير أبي عبد الله، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. فأسقطا من إسناده بشير بن مسلم، وجعلا اسم بشر أبي عبد الله بشيراً! أخرجه من هذا الوجه البيهقي 6/ 18. وكذلك رواه أبو الربيع الزهراني، عن إسماعيل بن زكريا، عن مطرف، وكذا أبو حمزة السكري، عن مطرّف فيما قاله البخاري في "تاريخه " 2/ 104. ورواه سعيد بن سليمان الواسطي، عن إسماعيل بن زكريا وصالح بن عمر الواسطي، عن مطرف بن طريف، عن بشير بن مسلم، عن عبد الله بن عمرو. فأسقط من إسناده بشراً أبا عبد الله. أخرجه من هذا الوجه البيهقي 4/ 334. وخالفه محمد بن الصباح الدولابي، فرواه عن صالح بن عمر الواسطي، عن مطرّف عن بشير بن مسلم، عن رجل، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. أخرجه من هذا الوجه البخاري في "تاريخه" 2/ 104. وقد رُوي هذا الحديث موقوفاً على عبد الله بن عمرو بن العاص من طريق شعبة وهمام، عن قتادة بن دعامة، عن أبي أيوب المراغي الأزدي، عن عبد الله بن عمرو قال: ماء البحر لا يجزئ من وضوء ولا من جنابة. إن تحت البحر ناراً ثم ماءً ثم ناراً حتى عدّ سبعة أبحر وسبعة أنيار. أخرجه البيهقي 4/ 334 وإسناده صحيح موقوفاً. وفي الباب عن عبد الله بن عمر بن الخطاب عند البزار (1668 - كشف الأستار) وابن حبان في "المجروحين" 2/ 234 وفي إسناده ليث بن أبي سُليم سيئ الحفظ، وقد=

2490 - حدَّثنا سليمانُ بن داودَ العَتكيُّ، حدَّثنا حمادٌ -يعني ابنَ زيد- عن يحيى بن سعيدٍ، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن أنس بن مالك، قال: حدَّثتني أمُّ حَرامٍ بنتُ مِلْحانَ أختُ أُم سُليم: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قالَ عندهم، فاستيقظ وهو يضحَك، قالت: فقلت: يا رسولَ الله، ما أضحكك؟ قال: "رأيتُ قوماً ممن يركبُ ظهرَ هذا البحرِ كالملوك على الأسِرَّةِ" قالت: قلت: يا رسول الله، ادعُ اللهَ أن يجعلني منهم، قال: "فإنك منهم" قالت: ثم نام فاستيقظ وهو يضحكُ، قالت: فقلتُ: يا رسول الله، ما أضحكك؟ فقال مثل مَقالتِه، قالت: قلت: يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلني منهم، قال: "أنتِ من الأَوَّلِين" قال: فتزوجها عُبادة بن الصامت فغزا في البحر فحملها معه، فلما رجع قُرِّبت لها بغلةٌ لتركبَها فصرعتْها فاندقَّت عنقُها فماتت (¬1). ¬

_ = اختُلِف عليه فيه، فرواه مرة عن نافع عن ابن عمر كما عند البزار وابن حبان، ورواه مرة عن مجاهد من قوله كما أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2392)، وابن أبي شيبة 5/ 315. وعن أبي بكرة الثقفي عند الحارث بن أبي أسامة (359 - زوائده) وفي إسناده الخليل بن زكريا الشيباني البصري متروك الحديث. (¬1) إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو ابن قيس الأنصاري. وأخرجه البخاري (2799) و (2800) و (2894) و (2895)، ومسلم (1912) (161) و (162)، وابن ماجه (2776)، والنسائي (3172) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (27032) و (27377)، و"صحيح ابن حبان" (4608) وانظر تمام تخريجه في "المسند". وسيأتي بعده من حديث أنس بن مالك يرفعه، وبرقم (2492) من طريق عطاء بن يسار، عن أخت أم سليم الرميصاء. قلنا: يعني أم حرام نفسها.

2491 - حدَّثنا القَعنبيُّ، عن مالكٍ، عن إسحاقَ بن عبد الله بن أبي طلحةَ عن أنس بن مالك أنه سمعه يقول: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا ذهب إلى قُباء يدخل على أمِّ حرام بنتِ مِلْحانَ، وكانت تحت عُبادةَ بن الصَّامت، فدخل عليها يوماً، فأطعمتْه وجلستْ تَفْلِي رأسَه، وساقَ هذا الحديثَ (¬1). قال أبو داود: وماتت بنتُ مِلحان بقُبرسَ 2492 - حدَّثنا يحيى بن مَعين، حدَّثنا هشام بن يوسفَ، عن مَعمر، عن زيدِ بن أسلَم، عن عطا، بن يسارٍ عن أُخت أُمِّ سُليم الرُّميصاءِ، قالت: نام النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فاستيقظ، وكانت تغسِل رأسَها، فاستيقظ وهو يضحكُ، فقالت: يا رسول الله، أتضحكُ من رأسي؟ قال: "لا" وساق هذا الخبرَ: يَزيدُ، ويَنقُص (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القَعنَبي: هو عبد الله مسلمة. وهو في "الموطأ" 2/ 464 - 465، ومن طريقه أخرجه البخاري (2788) و (6282) و (7001)، ومسلم (1912) (160) والترمذي (1740)، والنسائي (3171). وهو في "مسند أحمد" (13520) مختصراً، و"صحيح ابن حبان" (6667). وانظر ما قبله. قوله: تَفلِي رأْسه، من فَلا يَفْلو ويَفْلي فِلاية وفلْياً وفلَّاه: بحثه عن القمل. وانظر "فتح الباري"11/ 78 - 79. (¬2) إسناده صحيح. هشام بن يوسف: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد. وأخرجه عبد الرزاق (9629)، وأحمد (27454)، والطبراني في "المعجم الكبير" 25/ (325) من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار - قال عبد الرزاق: إن امرأة حذيفة قالت ... ، وهذا تحريف قديم في "مصنف عبدالرزاق" مشى عليه=

قال أبو داود: الرُّميْصاء أختُ أُمِّ سُليم من الرَّضاعة. 2493 - حدَّثنا محمد بن بكار العَيشيُّ، حدَّثنا مروانُ (ح) وحدَّثنا عبدُ الوهاب بن عبد الرحيم الجَوبَري الدمشقي -المعنى- قال: حدَّثنا مروانُ، أخبرنا هلالُ بن ميمونٍ الرَّمليُّ، عن يَعلى بن شدَّادٍ عن أُمِّ حرام، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أنه قال: "المائدُ في البحر الذي يصيبُه القيء له أجرُ شهيدٍ، والغَرِقُ له أجرُ شهيدَين" (¬1). 2494 - حدَّثنا عبدُ السلام بن عَتيقٍ، حدَّثنا أبو مسهرٍ، حدَّثنا إسماعيلُ بن عبد الله -يعني ابنَ سَمَاعةَ- حدَّثنا الأوزاعيُ، حدَّثني سليمانُ بن حبيب عن أبي أُمامةَ الباهلي، عن رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "ثلاثةٌ كلُّهم ضامنٌ على الله عزَ وجل: رجلٌ خرج غازياً في سبيل الله فهو ضامنٌ على الله ¬

_ = الدارقطني في "علله" 5/ ورقة 225، لأن أحمد رواه عن عبد الرزاق فقال: إن امرأة حدثته، قلنا: وهذه المرأة هي أم حرام بنت مِلحان، وقال الطبراني: عن امرأةٍ كانت عند رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يوماً وهو نائم ... فوافقت رواية أحمد، وهو الصحيح. وانظر ما سلف برقم (2490). (¬1) إسناده حسن من أجل هلال بنِ ميمون. مروان: هو ابن معاوية الفَزاري. وأخرجه الحميدي (349)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني " (3315)، وفي"الجهاد" (285) و (286)، والدولابي في "الكنى" 2/ 127، والطبراني في "الكبير" 25/ (324)، والبيهقي 4/ 335، وابن عبد البر في "التمهيد"1/ 239 من طريق يعلى بن شداد، به. زاد الحميدي وابن أبي عاصم والطبرانى: أن أم حرام قالت: فقلت: يا رسول الله، ادعُ الله أن يجعلني منهم، قال: "اللهم اجعلها منهم"، فغزت البحر، فلما خرجت، ركبت دابتها، فسقطت، فماتت. قوله: المائد في البحر: هو اسم فاعل من ماد يميد: إذا دار رأسه من غثيان معدته بشم ريح البحر، قال تعالى: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} [النحل: 15]. أي: لئلا تضطرب بكم. قاله المناوي في "فيض القدير".

10 - باب في فضل من قتل كافرا

حتى يَتَوفاه فيدخلَه الجنةَ، أو يَرُدَّه بما نال من أجرٍ وغنيمةِ، ورجلٌ راحَ إلى المسجد فهو ضامنٌ على الله حتى يَتَوفاه فيدخلَه الجنةَ أو يردَّه بما نال من أجرٍ وغنيمةٍ، ورجل دخلَ بيتَه بسلامٍ فهو ضامنٌ على الله عزَّ وجل" (¬1). 10 - باب في فضل من قتل كافراً 2495 - حدَّثنا محمد بن الصَّباح البزّازُ، حدَّثنا إسماعيل -يعني ابنَ جعفرٍ- عن العلاء عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو مسهر: هو عبد الأعلى بن مُسهر الدمشقي، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو أمامة الباهلي: اسمه صُدَيُّ بن عجلان. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (51)، والطبراني في "الكبير" (7491)، وفي "الأوسط" (3094)، وفي "مسند الشاميين" (1596)، والحاكم 2/ 73، والبيهقي 9/ 166 من طريق الأوزاعي، به، وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1094)، وابن حبان (499) من طريق عثمان بن أبي العاتكة، والطبراني في "الكبير" (7493) من طريق كلثوم بن زياد مولى سليمان بن حبيب، كلاهما عن سليمان بن حبيب، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7579)، وفي "مسند الشاميين" (1541) و (3413) من طريق مكحول، عن أبي أمامة الباهلي. وفي الباب عن معاذ بن جبل عند أحمد (22093)، وابن حبان (372) وهو حديث حسن. ولضمان المجاهد على الله شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (36)، ومسلم (1876)، وابن ماجه (2753)، والنسائي (3122) و (3123). ومن حديث أنس بن مالك عند الترمذي (1714) وهو حديث صحيح. ومن حديث ابن عمر عند النسائي (3126)، ورجاله ثقات.

11 - باب في حرمة نساء المجاهدين على القاعدين

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا يجتمعُ في النارِ كافرٌ وقاتلُه أبداً" (¬1). 11 - باب في حرمةِ نساء المجاهدين على القاعدين 2496 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن قَعنَبِ، عن علقمةَ بن مرثَدٍ، عن ابن بُريدة عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "حُرمةُ نساءِ المجاهدين على القاعدين كحرمةِ أمَّهاتهم، وما من رجلٍ من القاعدين يخلُف رجلاً من المجاهدين في أهلِه إلا نُصِب له يومَ القيامةِ، فقيل: هذا قد خَلَفَك في أهلك فخُذ من حسناتِه ما شئتَ" فالْتفتَ إلينا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "ما ظَنُّكم؟ " (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. إسماعيل بن جعفر: هو ابن أبي كثير الأنصاري مولاهم والعلاء: هو ابن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحُرَقَة. وأخرجه مسلم (1891) من طريق إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8816)، و"صحيح ابن حبان" (4665). (¬2) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن من أجل قَعنَبٍ -وهو التميمي الكوفي- وهو متابع. سفيان: هو ابن عيينة. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2331)، وعنه أخرجه مسلم (1897). وأخرجه النسائي (3191) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1897)، والنسائى (3189) من طريق سفيان الثوري، والنسائي (3190) من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن علقمة بن مرثد، به. وهو في "مسند أحمد" (22977)، و"صحيح ابن حبان" (4634). قال النووي في "شرح مسلم" في قوله: "كحرمة أمهاتهم": هذا في شيئين: أحدهما: تحريم التعرض لهن بريبة من نظر محرم وخلوة وحديث محرم وغير ذلك،=

12 - باب السرية تخفق

[قال أبو سعيد (¬1): قال أبو داود: كان قعنبٌ رجلاً صالحاً، وكان ابنُ أبي ليلى أراد قعنباً على القضاء، فأبى عليه، وقال قعنبٌ: أنا أُريد الحاجةَ بدرهمٍ فاستعينُ عليها برجلٍ، قال: وأيُّنا لا يستعينُ في حاجتِه؟ قال: أخرِجوني حتى أنظرَ، فأُخرِجَ، فتَوارَى، قال سفيان: فبينما هو مُتَوارٍ إذ وقعَ عليه البيتُ فماتَ]. 12 - باب السَّرية تُخفِقُ 2497 - حدَّثنا عُبيد الله بنُ عُمر بنِ مَيسرةَ، حدَّثنا عبد الله بن يزيدَ، حدَّثنا حيوةُ وابنُ لهيعةَ، قالا: حدَّثنا أبو هانئ الخَولانيُّ، أنه سمع أبا عبد الرحمنِ الحُبُليَّ يقول: سمعتُ عبد الله بن عَمرو يقول: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ما مِن غازيةٍ تغزو في سبيل الله فيصيبون غنيمةً إلا تعجَّلوا ثلُثَي أجرِهم من الآخرةِ، ويبقى لهم الثلثُ، فإن لم يُصيبوا غنيمةً تمّ لهم أجرُهُم" (¬2). ¬

_ = والثاني: في برِّهن والإحسان إليهن وقضاء حوائجهن التي لا يترتب عليها مفسدة ولا يُتوصَّل بها إلى ريبة ونحوها. وقال عن قوله: "فما ظنكم؟ ": معناه: ما تظنون في رغبته في أخذ حسناته والاستكثار منها في ذلك المقام، أي: لا يبقي منها شيئاً إن أمكنه، والله أعلم. (¬1) هو أبو سعيد ابن الأعرابي، أحد رواة "السنن" عن أبي داود. (¬2) إسناده صحيح. عبد الله بن يزيد: هو أبو عبد الرحمن المقريء، وحيوة: هو ابن شُريح، وابن لهيعة: هو عبد الله، وأبو هانئ الخَولاني: هو حميد بن هانئ، وأبو عبد الرحمن الحُبُلي: هو عبد الله بن يزيد المَعافري. وأخرجه مسلم (1906)، وابن ماجه (2785)، والنسائي (3125) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة بن شريح، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1906) من طريق نافع بن يزيد، عن أبي هانئ الخولاني، به. وهو في "مسند أحمد" (6577). =

13 - باب في تضعيف الذكر في سبيل الله عز وجل

13 - باب في تضعيفِ الذكر في سبيل الله عز وجل 2498 - حدَّثنا أحمدُ بن عَمرو بن السَّرح، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، عن يحيى بن أيوبَ وسعيدِ بن أبي أيوبَ، عن زبَّانِ بن فائدٍ، عن سهل بن مُعاذ عن أبيه قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن الصلاةَ والصيامَ والذكر يُضاعَفُ على النفقةِ في سبيل الله بسبع مئة ضِعْفٍ" (¬1). ¬

_ = قال النووي في "شرح مسلم": معنى الحديث فالصواب الذي لا يجوز غيره أن الغزاة إذا سَلِموا وغَنِموا يكونُ أجرهم أقل من أجر مَن لم يَسلم أو سَلِم ولم يغنَم، وأن الغنيمة هي في مقابلة جزء من أجر غزوهم، فإذا حصلت لهم، فقد تعجلوا ثلثي أجرهم المترتب على الغزو، وتكون هذه الغنيمةُ من جملة الأجر، وهذا موافق للأحاديث الصحيحة المشهورة عن الصحابة كقوله: منا من مات ولم يأكل مِن أجره شيئاً، ومنا من أينعت له ثمرتُه فهو يَهدِبُها، أي يجتنيها، فهذا الذي ذكرنا هو الصواب وهو ظاهر الحديث، ولم يأت حديث صريح صحيح يخالف هذا فتعين حملُه على ما ذكرنا، وقد اختار القاضي عياض معنى هذا الذي ذكرناه. (¬1) إسناده ضعيف لضعف زبّان بن فائد وسهل بن معاذ -وهو ابن أنس الجُهني- على اضطراب في لفظه كما سيأتي. وأخرجه الحاكم 2/ 78، وعنه البيهقي 9/ 172 من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وأخرجه أحمد (15613)، والطبرانى في "الكبير" 20/ (405) من طريق عبد الله ابن لهيعة، عن زبّان بن فائد، به. ولفظه: "إن الذكر في سبيل الله تعالى يُضعَّف فوق النفقة بسغ مئة ضعف". فاقتصر على الذكر، وقيّده بأنه في سبيل الله تعالى يعني حال الجهاد في سبيل الله. وأخرجه الطبراني 20/ (406) من طريق محمد بن أبي السري، عن رشدين بن سعد، عن زبان، به. ولفظه كلفظ ابن لهيعة السابق. وخالف محمدَ بنَ أبى السري يحيى بنُ غيلان عند أحمد (15613)، فرواه عن رشدين، عن زبّان بن فائد، به. كلفظ ابن لهيعة إلا أنه قال: "بسبع مئة ألف ضعف".=

14 - باب فيمن مات غازيا

14 - باب فيمن مات غازياً 2499 - حدَّثنا عبد الوهّاب بن نَجْدةَ، حدَّثنا بقيةُ بن الوليد، عن ابن ثوبانَ، عن أبيه، يَرُدُّ إلى مكحولٍ، إلى عبد الرحمن بن غَنمٍ الأشعري أن أبا مالك الأشعريَّ قال: سمعتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَن فَصَل في سبيل الله فماتَ أو قُتل فهو شهيد، أو وقَصه فرسُه أو بعيرُه أو لدغَتْه هامَّةٌ أو مات على فراشه بأيِّ حَتْفٍ شاء اللهُ فإنه شهيدٌ، وإن له الجنةَ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه أحمد (15647) عن إسحاق بن عيسى ابن الطباع، عن ابن لهيعة، عن خير بن نعيم الحضرمي، عن سهل بن معاذ، به. بلفظ: "يفضل الذكر على النفقة في سبيل الله تبارك وتعالى بسبع مئة ألف ضعف". وخالف ابنَ الطباع يحيي بنُ بُكير، فرواه عن ابن لهيعة، به بلفظ: "الذكر يفضل على النفقة في سبيل الله مئة ضعف". (¬1) إسناده ضعيف لضعف بقية بن الوليد وهو على ضعفه يدلس تدليس التسوية، ثم في إدراك مكحول لعبد الرحمن بن غنم الأشعري نظر، قال الذهبي في "تلخيص المستدرك": عبد الرحمن بن غنم لم يدركه مكحول فيما أظن. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" (54) و (235)، والطبراني في "الكبير" (3418)، وفي "مسند الشاميين" (188)، والحاكم 2/ 78، والبيهقي 9/ 166 من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد. وتحرف اسم بقية في مطبوع البيهقي إلى: عتبة وفي الباب عن عبد الله بن عتيك عند أحمد (16414) وغيره، وإسناده فيه ضعيفٌ. وعن يحيي بن أبي كثير مرسلاً عند ابن المبارك في "الجهاد" (67). ويغني عنه حديث أبي هريرة عند مسلم (1915) بلفظ: "من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد". وحديث أبي أمامة الباهلي السالف عند المصنف برقم (2494) ولفظه: "ثلاثة كلهم ضامن على الله عز وجل، رجل خرج غازياً في سبيل الله فهو ضامن على الله عز وجل حتى يتوفاهُ فيدخله الجنة ... ". وإسناده صحيح. =

15 - باب في فضل الرباط

15 - باب في فضل الرِّباط 2500 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا عبدُ الله بن وهب، حدثني أبو هانئ، عن عَمرو بن مالك عن فَضالةَ بنِ عُبيد، أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "كلُّ الميِّت يُختَم على عمله، إلا المُرابِطَ، فإنه ينمو له عملُه إلى يوم القيامة ويُؤمَّن من فَتَّان القبرِ" (¬1). 16 - باب فضل الحَرَس في سبيل الله عز وجل 2501 - حدَّثنا أبو توبةَ، حدَّثنا مُعاويةُ -يعني ابنَ سلَّام-، عن زيدٍ -يعني ابنَ سلَّام-، أنه سمع أبا سلّامٍ قال: حدثني السَّلُوليُّ أبو كَبشةَ ¬

_ وحديث عقبة بن عامر عند ابن أبي عاصم في "الجهاد" (237)، وأبي يعلى (1752)، والطبراني في "الكبير" (17/ (892) بلفظ: "من صُرع عن دابته في سبيل الله فهو شهيد". وإسناده صحيح. قوله: "مَن فَصل في سبيل الله" قال في"النهاية": أي: خرج من منزله وبلده. قلنا: ومنه قوله تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ} [البقرة: 249]. وقوله: "وقصه فرسُه" من الوقْص: وهو كسر العُنُق. وقوله: "هامَّة" واحدة الهوامِّ، وهي الحيّات وكُلُّ ذي سمٍّ يقتل سمُّه، فأما ما يسم ولا يقتل، فهو السامَّة كالعقرب والزنبور. وقوله: "حتفٍ"، أي: هلاكٍ. (¬1) إسناده صحيح. أبو هانئ: هو حُميد بن هانئ الخَولاني. وهو في"سنن سعيد بن منصور" (2414). وأخرجه الترمذي (1715) من طريق حيوة بن شُريح، عن أبي هانئ الخولاني، به. وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (23951)، و"صحيح ابن حبان" (4624)، و"شرح مشكل الآثار" (2316). الفتان بفتح الفاء وتشديد التاء للمبالغة من الفتنة، ولفظ الترمذي وأحمد: ويأمن فتنة القبر.

أنه حدَّثه سهلُ ابن الحَنْظليةِ: أنهم ساروا مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يومَ حُنينٍ، فأطنَبُوا السيرَ حتى كانَ عشيَّةً، فحضرتُ الصلاةَ عند رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فجاء رجلٌ فارسٌ، فقال: يا رسول الله، إني انطلقتُ بين أيديكم حتى طلعتُ جبلَ كذا وكذا، فإذا أنا بهَوازنَ على بَكْرةِ آبائهم، بظُعُنهِم ونَعَمِهم وشائهم اجتمعوا إلى حنينٍ، فتبسّم رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وقال: "تلك غنيمةُ المسلمين غداً إن شاء الله" ثم قال: "من يحرُسُنا الليلةَ؟ " قال أنسُ بن أبي مَرْثَدٍ الغَنَويُّ: أنا يا رسول الله، قال: "فاركَبْ" فركب فرساً له، فجاء إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال له رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "استقبِلْ هذا الشِّعْبَ حتى تكون في أعلاهُ ولا نُغَرَّنَّ من قِبَلِكَ الليلةَ " فلما أصبحنا خرجَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إلى مُصلاّه فركع ركعتين، ثم قال: "هل أحسسْتم فارسَكم؟ " قالوا: يا رسول الله ما أحسَسْناه، فثُوِّب بالصلاة، فجعلَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يصلي وهو يلتفتُ إلى الشعبِ حتى إذا قضى صلاتَه وسلَّم، قال: " أبشِروا فقد جاءكم فارسُكم" فجعلنا ننظُر إلى خِلال الشَّجر في الشِّعب، فإذا هو قد جاء حتى وقفَ على رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فسلّم، فقال: إني انطلقتُ حتى كنتُ في أعلى هذا الشِّعب حيث أمرني رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فلما أصبحتُ اطَّلعتُ الشَّعبَين كليهما، فنظرتُ فلم أرَ أحداً، فقال له رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "هل نزلتَ الليلةَ؟ " قال: لا، إلا مُصلياً أو قاضياً حاجةً، فقال له رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "قد أَوْجَبْتَ، فلا عليك أن لا تعملَ بَعَدها (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو توبة: هو الربيع بن نافع الحلبي. =

17 - باب كراهية ترك الغزو

17 - باب كراهيةِ تركِ الغزو 2502 - حدَّثنا عبدةُ بن سُليمانَ المروزيُّ، أخبرنا ابنُ المباركِ، أخبرنا وُهَيبٌ -قال عَبدة: يعني ابنَ الوَرْدِ- أخبرني عُمر بن محمد بن المنكَدِر، عن سُميٍّ، عن أبي صالح عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من ماتَ ولم يَغزُ ولم يحدث نفسَه بغزوٍ، ماتَ على شُعبةٍ من نِفاقٍ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8819)، والطبراني في "المعجم الكبير" (5619) وفي "الأوسط" (407)، وفي "الشاميين" (2866)، والحاكم 1/ 237 و 2/ 83 - 84، والبيهقي 2/ 13 و 9/ 149 من طريق أبي توبة الربيع بن نافع، والبيهقي 9/ 149 من طريق مروان بن محمد، كلاهما عن معاوية بن سلام، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم في الموضعين وسكت عنه الذهبي. وقد سلفت قصة التثويب بالصلاة والتفاته -صلَّى الله عليه وسلم- عند المصنف برقم (916). قوله: "فأطنبوا السيرَ" من الإطناب وهو المبالغة. وقوله: "على بكْرة أبيهم" هذه كلمة للعرب يريدون بها الكثرة وتوفير العدد، وأنهم جاؤوا جميعاً لم يتخلف منهم أحدٌ. قاله في "اللسان". وقوله: "بظُعُنهم" قال الخطابي: أي: النساء، واحدتها ظعينة، وأصل الظعينة الراحلة التي تَظْعَن وترتحل، فقيل للمرأة: ظعينة، إذا كانت تظعن مع الزوج حيثما ظَعَن، أو لأنها تُحمل على الراحلة إذا ظعنت، وهذا من باب تسمية الشيء باسم سببه كما سمَّوا المطر سماءً. (¬1) إسناده صحيح. ابن المبارك: هو عبد الله، وسُمَىٌّ: هو مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، وأبو صالح: هو ذكوان السمّان. وأخرجه مسلم (1910)، والنسائي (3097) من طريق عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وجاء عند مسلم عقب روايته: قال ابن المبارك: فنُرى أن ذلك كان على عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-. وهو في "مسند أحمد" (8865). =

2503 - حدَّثنا عَمرو بن عثمانَ، وقرأتُه على يزيدَ بن عبدِ ربِّه الجُرْجُسيِّ، قالا: حدَّثنا الوليد بن مُسلمٍ، عن يحيى بن الحارث، عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أَبي أُمامةَ، عن النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من لم يغزُ أو يجهِّزْ غازياً أو يَخلُفْ غازياً في أهله بخير أصابَه الله بقارعةٍ". قال يزيدُ بنُ عبدِ ربِّه في حديثه: "قبل يوم القيامة" (¬1). 2504 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن حُميدٍ ¬

_ = وأخرجه الترمذي (1761)، وابن ماجه (2763) من طريق إسماعيل بن رافع، عن سمي، به بلفظ: "من لقي الله بغير أثر من جهاد لقي الله وفيه ثُلمةٌ". وإسماعيل بن رافع ضعيف الحديث. قال النووي في "شرحه على مسلم": قوله: "نُرى" بضم النون، أي: نظن وهذا الذي قاله ابن المبارك محتمل، وقد قال غيره: إنه عامٌّ، والمراد: أن مَن فعل هذا فقد أشبه المنافقين المتخلفين عن الجهاد في هذا الوصف، فإنَّ ترك الجهاد أحدُ شُعَبِ النِّفاقِ. (¬1) إسناده صحيح، وقد صرح الوليد بن مسلم بسماعه من يحيي بن الحارث -وهو الذِّماري- عند ابن ماجه وغيره، وصرح بالسماع كذلك في جميع طبقات الإسناد عند الروياني في "مسنده" (1201)، ومن طريق الروياني أخرجه ابن عساكر في "الأربعون في الحث على الجهاد" ص 84 - 85 فأُمِنَ من تدليس التسوية، ثم هو متابع. وأخرجه الدارمي (2418)، وابن ماجه (2762)، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (99)، والرويانى في "مسنده" (1201)، والطبراني في "الكبير" (7747)، وفي "مسند الشاميين" (891)، وابن عساكر في "الأربعون في الحث على الجهاد" ص 84 - 85 من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (883) من طرق عن يحيي بن الحارث الذماري، به. وفي كلِّها مقالٌ. القارعة: الداهية والمصيبة.

18 - باب في نسخ نفير العامة بالخاصة

عن أنسٍ أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "جاهِدوا المشركين بأَموالِكم وأَنفُسِكُم وأَلسنتِكم" (¬1). 18 - باب في نسخِ نفيرِ العامّة بالخاصّة 2505 - حدَّثنا أحمدُ بن محمد المَروزيُّ، حدَّثني عليُّ بن الحُسينِ، عن أبيه، عن يزيدَ النحويِّ، عن عِكرمةَ عن ابن عباس قال: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] و {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ} إلى قوله: {يَعْمَلُونَ} [التوبة: 120 - 121]: نسخَتْها الآيةُ التي تَليها: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: 122] (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل. وأخرجه النسائي (3096) و (3192) من طريق حماد بن سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (12246)، و"صحيح ابن حبان" (4708). (¬2) إسناده حسن من أجل علي بن الحسين - وهو ابن واقد المروزي، أحمد بن محمد: هو ابن ثابت بن عثمان الخزاعي، ويزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد. وقد حسنه الحافظ في "الفتح" 6/ 38. وأخرجه أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" 4/ 310، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 47 وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 364 من طريق أبي داود السجستانى، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "تفسيره" 10/ 135 عن محمد بن حميد الرازي، عن أبي تميلة يحيي بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قولَهما، ومحمد بن حميد الرازي ضعيف. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (2413) من طريق عطاء بن أبي مسلم الخراساني، عن عكرمة، عن ابن عباس. وعطاء الخراساني ليس بذاك، ثم في الإسناد إليه رجل مجهول. =

2506 - حدَّثنا عثمانُ بن أَبي شيبةَ، حدَّثنا زيدُ بن الحُباب، عن عبدِ المؤمن ابن خالد الحَنفيِّ، حدَّثني نَجدةُ بن نُفَيع، قال: ¬

_ = وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في "الناسخ والمنسوخ" (385)، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 366 من طريق حجاج بن محمد المصيصي الأعور، عن ابن جريج وأبو عبيد القاسم (385)، والبيهقي 9/ 47 من طريق عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني، كلاهما (ابن جريج وعثمان بن عطاء) عن عطاء بن أبي مسلم الخراساني، عن ابن عباس لم يذكرا بينهما عكرمة. وعطاء الخراساني لم يسمع من ابن عباس، وقال الحافظ أبو مسعود الدمشقي فيما نقله عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 8/ 667، وابن جريج لم يسمع التفسير من عطاء الخراساني، وإنما أخذه من ابنه عثمان بن عطاء فنظر فيه، ونقل الحافظ ابن حجر كذلك عن ابن المديني قوله: سألت يحيي القطان، عن حديث ابن جريج عن عطاء الخراساني فقال: ضعيف، فقلت له: يقول: أخبرنا، قال: لا شيء، إنما هو كتاب رفعه إليه. قال الحافظ معلقاً: وكان ابن جريج يستجيز إطلاق أخبرنا في المناولة والمكاتبة. وأخرجه أبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 201 من طريق جويبر بن سعيد الأزدي، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس. وجويبر ضعيف جداً. قال الطبري 10/ 135: ولا خبر بالذي قال عكرمة والحسن من نسخ حكم هذه الآية التي ذكرا يجب التسليم له، ولا حجة تأتي لصحة ذلك، وقد رأى ثبوت الحكم بذلك عدد من الصحابة والتابعين سنذكرهم بعد، وجائز أن يكون قوله: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] لخاص من الناس، ويكون المراد من استنفره رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فلم ينفر على ما ذكرنا من الرواية عن ابن عباس (قلنا: يعني حديثه الآتي عند المضنف بعده). وإذا كان ذلك كذلك كان قوله: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} [التوبة: 122] نهياً من الله المؤمنين عن إخلاء بلاد الإسلام بغير مؤمن مقيم فيها، وإعلاماً من الله لهم أن الواجب النفر على بعضهم دون بعض، وذلك على من استنفر منهم دون من لم يستنفر، وإذا كان ذلك كذلك لم يكن في إحدى الآيتين نسخ للأخرى، وكان حكم كل واحدة منهما ماضياً فيما عُنيت به. وإلى القول بالإحكام وعدم النسخ ذهب ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ونسبه إلى ابن جرير الطبري -وقد أسلفنا كلامه- وإلى أبى سليمان الدمشقي.

19 - باب الرخصة في القعود من العذر

سألتُ ابنَ عباسٍ، عن هذه الآية: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة: 39] قال: فأمسكَ عنهم المَطَرَ وكان عذابَهم (¬1). 19 - باب الرخصةِ في القعود من العُذْر 2507 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن أبي الزَّنادِ، عن أبيه، عن خارجةَ بن زيدٍ عن زيد بن ثابتٍ، قال: كنتُ إلى جنْبِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فغشِيَتْه السكينةُ فوقعتْ فخذُ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- على فَخِذي، فما وجدتُ ثِقلَ شيءٍ أثقلَ من فَخِذِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ثم سُرِّيَ عنه، فقال: "اكتُبْ" فكتبتُ في كتِفٍ: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله) إلى آخر الآية، فقام ابنُ أُم مكتومٍ، وكان رجلاً أعمى، لمّا سمع فضيلةَ المجاهدين، فقال: يا رسول الله، فكيف بمن لا يستطيعُ الجهادَ من المؤمنين؟ فلمّا قَضَى كلامَه غشيتْ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- السَّكينةُ فوقعتْ فخذُه على فَخِذِي، ووجدت من ثِقلِها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأُولى ثم سُرِّيَ عن رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "اقرأ يا زيدُ" فقرأتُ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} الآية كلها [النساء: 95] , قال زيد: فأنزلها الله عزَّ وجل وحدها، فألحقتُها، والذي نفسي بيده ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة نجدة بن نفيع -وهو الحنفي- نسبة إلى بني حنيفة. وأخرجه عبد بن حميد (681)، والطبري في "تفسيره" 10/ 134، والحاكم 2/ 104 و 118، والبيهقي 9/ 48 من طريق عبد المؤمن بن خالد الحنفي، به. وصححه الحاكم! وسكت عنه الذهبي.

لكأنّي أَنظُرُ إلى مُلْحَقِها عند صَدْعٍ في كَتِفٍ (¬1). 2508 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن حُميدٍ، عن مُوسى ابن أنسٍ بن مالكٍ عن أبيه، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لقد تركتم بالمدينةِ أقواماً ما سِرْتمْ مَسيراً، ولا أنفقتم من نفقةٍ، ولا قطعتمْ من وادٍ إلا وهم معكم فيهِ" قالوا: يا رسول الله، وكيف يكونون معنا وهم بالمدينةِ؟ فقال: "حبَسَهُم العُذْر" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، عبد الرحمن بن أبي الزناد ضعيف يعتبر به، وقد توبع. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان المدني وخارجة بن زيد: هو ابن ثابت. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2314)، وفي قسم التفسير منه (681). وأخرجه بنحوه البخاري (2832) و (4592)، والترمذي (3282)، والنسائي (3099) و (3100) من طريق مروان بن الحكم الأموي، عن زيد بن ثابت. وهو في "مسند أحمد" (21602) من طريق مروان بن الحكم. وهو في "مسند أحمد" أيضاً (21601)، و "صحيح ابن حبان" (4713) من طريق قبيصة بن ذؤيب، عن زيد بن ثابت. وإسناده صحيح، وانظر تمام تخريجه عندهما. وأخرجه البخاري (2831)، ومسلم (1898)، والترمذي (1765) و (3280) والنسائي (3101) و (3102) من حديث البراء بن عازب. ابن أم مكتوم: هو عمرو بن زائدة، أو ابن قيس بن زائدة القرشي العامري المعروف بابنِ أم مكتوم الأعمى مؤذن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وهو الأعمى المذكور في قوله تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى} [عبس:1 - 2] وقيل اسمه عبد الله، والأول أكثر وأشهر، وهو ابن خال خديجة بنت خويلد أم المؤمنين. هاجر إلى المدينة قبل مقدم النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وبعد مصعب بن عمير، واستخلفه النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، مات في آخر خلافة عمر. (¬2) إسناده صحيح. وقد رواه جماعة غير حماد -وهو ابن سلمة- عن حميد -وهو ابن أبي حميد الطويل-، عن أنس بن مالك، بإسقاط ابنه موسي من الإسناد،=

20 - باب ما يجزئ من الغزو

20 - باب ما يُجزئ من الغزو 2509 - حدَّثنا عبدُ الله بن عمرِو بن أبي الحَجَّاج أبو مَعمَرٍ، حدَّثنا عبدُ الوارثِ حدَّثنا الحُسينُ، حدثني يحيى، حدثني أبو سلمةَ، حدثني بُسرُ بن سعيدٍ ¬

_ = قال البخاري بإثر (2839): وهو أصح، لكن قال الحافظ في "الفتح" 6/ 47: وإنما قال البخاري ذلك لتصريح حميد بتحديث أنس له كما تراه من رواية زهير عنده [يعني الحديث رقم (2838)]، وكذلك قال معتمر. قال الحافظ: ولا مانع من أن يكونا محفوظين، فلعل حميداً سمعه من موسي عن أبيه، ثم لقي أنساً فحدثه به، أو سمعه من أنس فثبّته فيه ابنه موسى. قلنا: وفي تصريح حميد بسماعه من أنس لقطعة من أصل الحديث ردٌّ على ابن عبد البر، إذ قال في "التمهيد" 12/ 268: هذا الحديث لم يسمعه حميد من أنس. وأخرجه البخاري معلقا (2839)، والبيهقي 9/ 24 وابن عبد البر في "التمهيد" 19/ 204 من طريق موسى بن إسماعيل وأبو يعلى (4209) من طريق عفان بن مسلم، كلاهما عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12629). وفي هذا الحديث دليل على أن المرء يبلغ بنيته أجر العامل إذا منعه العُذر عن العمل. وأخرجه البخاري (2839) من طريق حماد بن زيد، و (4423) من طريق عبد الله ابن المبارك، وابن ماجه (2764) من طريق محمد بن أبي عدي، ثلاثتهم عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك. دون ذكر موسى بن أنس في الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12009)، و"صحيح ابن حبان" (4731). قال الحافظ في "الفتح" 6/ 47 عن معنى الحديث: قال المهلّب [وهو أحد شراح البخاري]: يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95] ,فإنه فاضَلَ بين المجاهدين والقاعدين، ثم استثنى أولي الضرر من القاعدين، فكأنه ألحقهم بالفاضلين، وفيه أن المرء يبلغ بنيته أجر العامل إذا منعه العذر عن العمل.

حدَّثني زيدُ بن خالد الجهنيُّ، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من جهَّز غازياً في سبيل الله فقد غَزا، ومن خَلَفَه في أهله بخيرٍ فقد غزا" (¬1). 2510 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني عمرو بن الحارِث، عن يزيدَ بن أبي حبيب، عن يزيدَ بن أبي سعيد مولى المَهريَّ، عن أبيه عن أبي سعيد الخدري: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بعث إلى بني لَحيانَ وقال: "لِيخرُجْ من كل رجلين رجلٌ" ثم قال للقاعد: "أيّكّم خَلَفَ الخارجَ في أهله ومالِه بخيرٍ كان له مثلُ نصفِ أجرِ الخارجِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد البصري، والحسين: هو ابن ذكوان المُعلِّم، ويحيي: هو ابن أبي كثير، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وأخرجه البخاري (2843)، ومسلم (1895)، والترمذي (1722) و (1725)، والنسائي (3181) من طريق يحيي بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1895)، والنسائي (3180) من طريق بكير ابن الأشجّ، عن بسر بن سعيد، به. وأخرجه الترمذي (1723) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن زيد بن خالد. وعطاء لم يسمع من زيد، وهو في "مسند أحمد" (17039)، و"صحيح ابن حبان" (4631). وأخرج الترمذي (1724)، وابن ماجه (2759) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن زيد بن خالد قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من جهز غازياً في سبيل الله حتى يستقل كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجبره شيئاً". ولم يسق الترمذي لفظه. وهو في "مسند أحمد" (17033). وقوله: من جهز غازياً، أي: هيأ له أسباب سفره وما يحتاج إليه مما لا بد منه، أو خلفه: هو بفتح الخاء واللام الخفيفة، قال القاضي: يقال: خلفه في أهله: إذا قام مقامه في إصلاح حالهم ومحافظة أمرهم، أي: من تولى أمر الغازي وناب منابه في مراعاة أهله زمان غيبته شاركه في الثواب. (¬2) إسناده صحيح. =

21 - باب في الجرأة والجبن

21 - باب في الجُرأة والجبن 2511 - حدَّثنا عبدُ الله بن الجرّاح، عن عبدِ الله بن يزيدَ، عن موسى بن عُليِّ بن رَباح، عن أبيه، عن عبدِ العزيز بن مَروان، قال: سمعتُ أبا هريرةَ يقول: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "شَرُّ ما في رجُلٍ شُحٌّ هالعٌ وجُبنٌ خالعٌ " (¬1). ¬

_ وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2326)، وعنه مسلم (1896). وأخرجه مسلم (1896) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سعيد مولى المهري، عن أبي سعيد الخدري. وهو في "مسند أحمد" (11110)، و "صحيح ابن حبان" (4629). ولا تعارض بين هذا الحديث والذي قبله فإن لفظة النصف أطلقت فيه بالنسبة إلى مجموع الثواب الحاصل للغازي والخالف له بخير، فإن الثواب إذا انقسم بينهما نصفين، كان لكل منهما مثل ما للآخر أفاده الحافظ في "الفتح". (¬1) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن من أجل عبد الله بن الجراح وهو التميمي القُهُستاني - ولكه متابع. عبد الله بن يزيد: هو المكي المقرئ، وعبد العزيز بن مروان: هو ابن الحكم الأموي والد أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد، وأخو الخليفة عبد الملك بن مروان. وأخرجه عبد الله بن المبارك في "الجهاد" (111)، وابن أبي شيبة 9/ 98، وإسحاق بن راهويه -قسم مسند أبي هريرة- (341) و (342)، وأحمد (8010) و (8263)، وعبد بن حميد (1428)، والبخاري في "التاريخ الكبير" تعليقاً 6/ 8، وابن حبان (3250)، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 50، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1338)، والبيهقي 9/ 170 من طرق عن موسى بن عُلَي بن رباح، بهذا الإسناد. قوله: "شحٌّ هالعٌ" قال الخطابي: أصل الهَلَع: الجَزَع، والهالع هنا: ذو الهلع كقول النابغة: كِليني لهمٍّ يا أميمة ناصب، أي: ذو نصب، ويقال: إن الشح أشد من البخل، ومعناه البخل الذي يمنعه من إخراج الحق الواجب عليه، فإذا استُخرج منه هَلعَ، وجَزِعَ منه. و"الجُبن الخالع": هو الشديد الذي يخلعُ فؤاده من شدة خوفه.

22 - باب في قوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة} [البقرة: 195]

22 - باب في قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] 2512 - حدَّثنا أحمد بن عمرو بن السَّرح، حدَّثنا ابنُ وهب، عن حَيوةَ بن شُريحٍ وابنِ لَهيعةَ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ عن أسلمَ أبي عمرانَ، قال: غزونا من المدينة، نريدُ القُسطنطينيةَ، وعلى الجماعةِ عبدُ الرحمن بن خالدِ بن الوليد، والرومُ مُلصِقو ظُهورِهم بحائطِ المدينةِ، فحمل رجلٌ على العدوّ، فقال الناسُ: مَهْ، مَهْ، لا إله إلا الله، يُلقي بيديه إلى التَّهْلُكَةِ، فقال أَبو أَيوب: إنما نزلتْ هذه الآيةُ فينا معشرَ الأنصارِ لمَّا نصر الله نبيه -صلَّى الله عليه وسلم-، وأظهرَ الإسلامَ، قلنا: هَلُمَّ نقيمُ في أموالِنا ونُصلِحُها، فأنزلَ اللهُ عز وجل: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195] فالإلقاء بالأيدي إلى التَّهْلُكةِ: أن نقيمَ في أموالِنا ونصلِحُها وندعَ الجهاد، قال أبو عمرانَ: فلم يزلْ أبو أَيوبَ يُجاهدُ في سبيلِ الله حتى دُفِنَ بالقُسطنطينيةِ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح من جهة حيوة بن شريح. ابن وهب: هو عبد الله، وابن لهيعة: هو عبد الله أيضاً، وأسلم أبو عمران: هو ابن يزيد التجيبي المصري، وأبو أيوب: هو الأنصاري الصحابي الجليل. وأخرجه الترمذي (3211)، والنسائي في "الكبرى" (10961) و (10962) من طريق حيوة بن شريح وحده، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن غريب صحيح. وقد جاء عند الترمذي: أن الذي كان على الجماعة: فضالة بن عُبيد لا عبد الرحمن بن خالد ابن الوليد، وعند النسائي قال: وعلى أهل الشام فضالة بن عُبيد. وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (4711) ولم يذكر فضالة ولا عبد الرحمن. =

23 - باب في الرمي

23 - باب في الرمي 2513 - حدَّثنا سعيدُ بن مَنصورٍ، حدَّثنا عبدُ الله بن المُبارَكِ، حدثني عبدُ الرحمن بن يزيدَ بن جابرٍ، حدّثني أبو سلام، عن خالد بن زيدٍ عن عقبةَ بن عامرٍ، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله عزَّ وجل يُدخلُ بالسَّهم الواحد ثلاثةَ نَفَرٍ الجنةَ: صانعَه يحتسِبُ في صَنْعَتِه الخيرَ، والراميَ به، ومُنْبلَه، وارمُوا واركَبُوا، وأن ترمُوا أحبُّ إليَّ مِن أن تركَبُوا، ليس من اللهْو إلا ثلاثٌ: تأديبُ الرجلِ فرسَه، ومُلاعبتُه أهلَه، ورميُه بقوسه ونَبْلِه، ومن تركَ الرْميَ بعد ما عَلِمَه رَغْبةً عنه، فإنها نعمةٌ تركَها -أو قال: كَفَرَها-" (¬1). ¬

_ أبو أيوب الأنصاري: هو خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة من بني النجار صحابي جليل، شهد العقبة وبدراً وأحداً والمشاهد كلها. وكان شجاعاً صابراً تقياً محباً للجهاد، عاش إلى أيام بني أمية، وكان يسكن المدينة، فرحل إلى الشام، ولما غزا يزيد القسطنطينية في خلافة أبيه معاوية، صحبه أبو أيوب غازياً فحضر الوقائع ومرض، فأوصى أن يوغل به في أرض العدو، فلما توفي، دفن في أصل حصن القسطنطينية (استنبول عاصمة العثمانيين). (¬1) حديث حسن بمجموع طرقه وشواهده، وهذا إسناد ضعيف لجهالة خالد بن زيد -ويقال: ابن يزيد- فقد تفرد بالرواية عنه أبو سلاّم -وهو ممطور الحبشي- وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد ذهب الخطيب بغير حجة إلى أنه وخالد ابن الصحابي زيد ابن خالد الجهني واحدٌ، وفرق بينهما البخاري وأبو حاتم وغيرهما، وهو الذي صوّبه المزي في "تهذيب الكمال"، وجعله ابن عساكر في "تاريخه" هو وعبد الله بن زيد الأزرق واحداً، ورده المزى في "تهذيبه" وحاصله أن خالد بن زيد هذا مجهول، وباقي رجال الإسناد ثقات. وقد اختُلف في إسناده كما فصلنا القول فيه في "المسند" (17300) و (17321). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه النسائي (3146) و (3578) من طريقين عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد. لكنه قال في روايته: خالد بن يزيد، فسمى أباه يزيد، بدل: زيد، ونَسَبَهُ جُهَنياً. ورواية النسائي الأولى مختصرة بذكر السهم. وهو في "مسند أحمد" (17321). وأخرجه الترمذي (1732) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن عبد الله ابن الأزرق، عن عقبة بن عامر الجهني. كذا رواه هام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير، وخالفه معمر عند عبد الرزاق (21010) وعنه أحمد (17337) وغيرهما، فرواه عن يحيى، عن زيد بن سلاّم -وهو حمد أبي سلاّم- عن عبد الله بن زيد الأزرق، عن عقبة بن عامر. وأخرج القطعة الأخيرة بنحوه مسلم (1919) من طريق عبد الرحمن بن شماسة، عن عقبة بن عامر رفعه: "من علم الرمي ثم تركه، فليس منا، أو قد عصى". وأخرجها ابن ماجه (2814) من طريق عثمان بن نعيم الرعيني، عن المغيرة بن نهيك، عن عقبة رفعه: "من تعلم الرمي ثم تركه فقد عصانى". وإسناده ضعيف لجهالة عثمان والمغيرة. ويشهد له دون هذه القطعة الأخيرة حديث أبي هريرة عند الحاكم 2/ 95 من طريق سويد بن عبد العزيز، عن محمد بن عجلان، عن سيد المقبري، عن أبي هريرة مرفوعاً. وهذا إسناد ضعيف لضعف سويد، وخالفه الليث وحاتم بن إسماعيل وجماعة، فرووه عن ابن عجلان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مرسلاً، هكذا قال أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان كما في "العلل " 1/ 302 لابن أبي حاتم، وقالا: وهو الصحيح مرسلٌ. قلنا: ورجال المرسل ثقات لا بأس بهم، وتابع ابنَ عجلان على إرساله محمد بن إسحاق عند الترمذي (1731). ويشهد له أيضاً ما رواه سعيد بن منصور (2451) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً. ورجاله ثقات. ويشهد للقطعة الأولى منه حديث أبي هريرة عند الخطيب في "تاريخه" 3/ 128 و 6/ 367 وهو ضعيف. =

24 - باب في من يغزو يلتمس الدنيا

2514 - حدَّثنا سعيدُ بن مَنصورٍ، حدَّثنا عبدُ الله بن وهْب، أخبرني عَمرو ابن الحارث، عن أبي علي ثُمامةَ بن شُفَيّ الهَمدانيٍّ أنه سمع عقبةَ بن عامرٍ الجُهنيَّ يقول: سمعتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو على المِنبَر يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60] ألا إنِ القوةَ الرمْيُ، ألاَ إِن القوةَ الرمْيُ، ألا إن القوةَ الرمْيُ" (¬1). 24 - باب في من يغزو يَلتمِسُ الدنيا 2515 - حدَّثنا حَيوةَ بن شُريحِ الحضرميُّ، حدَّثنا بقيةُ، حدثني بَحيرٌ، عن خالدِ بن مَعدانَ، عن أبي بَحريةَ ¬

_ = ويشهد لقوله في القطعة الثانية: "كل شيء يلهو به الرجل ... " إلخ حديث جابر ابن عمر أو جابر بن عبد الله عند النسائي في "الكبرى" (8938) و (8939) و (8940) والبزار (1704 - كشف الأستار)، والطبراني في "الكبير" (1785)، وجوَّد إسناده المنذري في "الترغيب" 2/ 170، وصححه ابن حجر في ترجمة جابر بن عمير من "الإصابة". ويشهد للقطعة الأخيرة منه حديث أبي هريرة عند الطبراني في"الصغير" (543)، وفي "الأوسط" (4189)، وسنده حسن في المتابعات والشواهد، ونقل ابن أبي حاتم في"العلل" 1/ 40 عن أبيه أنه قال فيه: حديث منكر! (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1917)، وابن ماجه (2813) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17432)، و"صحيح ابن حبان" (4709). وأخرج مسلم (1918) من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي علي ثمامة بن شُفَيّ، عن عقبة بن عامر، قال: سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "ستُفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله، فلا يعجز أحدكم أن يلهُو بأسهُمه". وهو في "مسند أحمد" (17433)، و"صحيح ابن حبان" (4697).

عن معاذِ بن جبَلٍ، عن رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أنه قال: "الغَزْوُ غزوانِ: فأما من ابتغَى وجهَ اللهِ، وأطاعَ الإمامَ، وأنفقَ الكريمةَ، وياسَرَ الشريكَ، واجتنَبَ الفَسادَ، فإنَّ نومَه ونَبَهَه أجرٌ كُلُّه. وأما من غزا فخْراً ورِياءً وسُمعةً، وعصَى الإمامَ، وأفسدَ في الأرضِ، فإنه لم يَرجِع بالكَفَافِ" (¬1). 2516 - حدَّثنا أبو توبةَ الربيعُ بن نافعٍ، عن ابنُ المباركِ، عن ابن أبي ذئبٍ، عن القاسمِ، عن بُكَيرِ بن عبد الله بن الاَشَجِّ، عن ابنِ مَكرَزٍ -رجلٍ من أهل الشام- عن أبي هريرةَ: أن رجلاً قال: يا رسولَ الله، رجلٌ يريد الجهادَ في سبيل الله وهو يبتغي عَرَضاً من عَرَضِ الدنيا، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا أجْرَ له"، فأعظَمَ ذلك الناسُ، وقالوا للرجل: عُدْ لِرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ¬

_ (¬1) حسن موقوفاً، وهذا إسناد ضعيف لضعف بقية بن الوليد، ثم إنه يدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بالسماع في جميع طبقات الإسناد. أبو بحرية: هو عبد الله ابن قيس. وأخرجه النسائي (3188) و (4195) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22042). وأخرجه سعيد بن منصور (2323) من طريق جنادة بن أبي أمية عن معاذ موقوفاً. وإسناده حسن. وأخرجه مالك في "موطئه" 2/ 466 - 467 عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن معاذ بن جبل موقوفاً. وهو منقطع، فإن يحيى بن سعيد لم يدرك معاذاً. قوله: "أنفق الكريمة" الكريمة واحدة الكرائم، وهي النفائس التي تتعلق بها نفس مالكها، ويختصها لها من حيث هي جامعة للكمال الممكن في حقها. قاله في "النهايه". و"ياسر الشريك" قال الخطابي: معناه الأخذ باليسر في الأمر والسهولة فيه مع الشريك والصاحب، والمعاونة لهما.

فلعلّك لم تُفْهِمْه، فقال: يا رسولَ الله، رجلٌ يريدُ الجِهاد في سبيل الله وهو يبتغي عَرَضاً من عَرَض الدنيا، فقال: "لا أجْرَ له"، فقالوا للرجل: عُد لِرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال له الثالثة، فقال له: "لا أجْرَ له" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن، ابن مكرز اختلف في اسمه، فسماه أحمد في إحدى روايتيه (8793): يزيد بن مكرز، وسماه الحاكم في "المستدرك" 2/ 85 ومن طريقه البيهقى 9/ 169: أيوب بن مكرز، وأيوب هذا هو: ابن عبد الله بن مكرز، رجل من أهل الشام من بني عامر بن لؤي بن غالب كما قال البخاري وغيره، وزاد البخاري: وكان رجلاً خطيباً، وقد ذهب علي ابن المديني إلى أن راوي هذا الحديث ليس بأيوب بن مكرز، ولكنه رجلٌ آخر لم يرو عنه غير ابن الأشج، وأنه مجهول كما نقله عنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" والمزي في "تهذيب الكمال"، وإلى ذلك ذهب المزي، لكن ذهب ابن عساكر إلى أنه أيوب بن عبد الله بن مكرز نفسه. ويؤيده ما جاء في رواية عبد الله بن المبارك في كتاب "الجهاد" له (227)، ومن طريقه ابن حبان (4637) وقد أخرج الحديث فقال فيه: ابن مكرز رجل من أهل الشام من بني عامر بن لؤي. فترجح أن ابن مكرز هذا هو أيوب نفسه, والله أعلم. وأيوب بن عبد الله بن مكرز هذا يكون بذلك قد روى عنه ثلاثة وهم الزبير أبو عبد السلام وشُريح بن عُبيد الحضرمي, وبكير ابن عبد الله بن الأشج، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال البخاري: كان رجلاً خطيباً، وذكر أبو القاسم ابن عساكر أن معاوية بن أبي سفيان ولاه غزو الروم سنة خمسين, وعليه يكون حسن الحديث إن شاء الله تعالى. القاسم: هو ابن عباس الهاشمي. وهو في "الجهاد" لعبد الله بن المبارك (227). وأخرجه أحمد (7900) و (8793)، وابن حبان (4637)، والحاكم 2/ 85، وأبو نعيم في "الحلية" 10/ 171، والبيهقي في " السنن الكبرى" 9/ 169 من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي، لكن سقط من إسناد الحاكم: القاسم بن عباس، وكذلك لم يذكره الحافظ في "إتحاف المهرة" في إسناد "المستدرك "، لكن البيهقي أخرج الحديث من طريق الحاكم وأوهم أنه مثبَتٌ فيه القاسم بن عباس! ووقع في إسناد ابن حبان وأبي نعيم: مكرز بدل: ابن مكرز، وهو تحريف، =

25 - باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا

25 - باب من قاتَلَ لتكونَ كلمةُ اللهِ هي العُليا 2517 - حدَّثنا حفصُ بن عُمرَ، حدَّثنا شُعبة، عن عَمرو بن مُرّةَ، عن أبي وائلٍ عن أبى موسى: أن أعرابياً جاء إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: إن الرجلَ يقاتلُ للذِّكْر، ويقاتلُ ليُحمَدَ، ويقاتلُ ليَغْنَم، ويقاتلُ ليُرى مكانُه، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من قاتلَ حتى تكونَ كلمةُ الله هي أَعلَى فهو في سبيلِ اللهِ عز وجل" (¬1). ¬

_ = لأن ابن حبان أخرجه من طريق ابن المبارك، وقد جاء عند ابن المبارك في "الجهاد" على الصواب: ابن مكرز. وأخرجه الحاكم 2/ 371، وعنه البيهقي في "شعب الإيمان" (6840) من طريق سعيد بن مسعود، عن يزيد بن هارون، عن ابن أبي ذئب، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن الوليد بن سرح (وتحرف في مطبوع الحاكم إلى: الوليد بن مسلم، وصوبناه من الأصل ومن "الشعب" عن أبي هريرة. كذا سماه الوليد بن سرح، ولكن الحافظ في "إتحاف المهرة" سماه: الوليد بن سراح! وسقط من إسناد الحاكم أيضاً القاسم بن عباس! ولم يذكره الحافظ كذلك في "الإتحاف" في إسناد الحاكم، ومع ذلك صححه الحاكم ووافقه الذهبي!! وسعيد بن مسعود -وهو ابن عبد الرحمن المروزي، وإن قال فيه الذهبي في "السير" 12/ 504: أحد الثقات- خالفه الإمام أحمد (7900) فرواه عن يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب، عن القاسم بن عباس، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن ابن مكرز، عن أبي هريرة، ولا شك أن رواية الإمام أحمد أولى بالقبول لجلالته، ولموافقة روايته رواية الباقين عن ابن أبي ذئب. وفي الباب عن أبي أمامة الباهلي عند النسائي (3140) وحسن إسناده العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" 4/ 384، وجوّده ابن حجر في "الفتح" 6/ 35. (¬1) إسناده صحيح. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة. وأخرجه البخاري (2810)، ومسلم (1904)، والنسائي (3136) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. =

2518 - حدَّثنا علي بن مُسلم، حدَّثنا أبو داودَ، عن شعبةَ، عن عَمرو، قال: سمعتُ من أبي وائلٍ حديثاً أعجَبَني، فذكر معناهُ (¬1). 2519 - حدَّثنا مُسلُم بن حاتِمٍ الأنصاريُّ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن مَهديٍّ، حدَّثنا محمدُ بن أبي الوضاحِ، عن العلاءِ بن عبدِ الله بن رافعٍ، عن حَنَانِ بن خارجةَ عن عبد الله بن عمرو، قال: قال عبدُ الله بن عَمرٍو: يا رسولَ الله، أخبِرْني، عن الجهاد والغزْو، فقال: "يا عبدَ الله بن عمرو، إن قاتلتَ صابراً مُحتسباً بعثكَ اللهُ صابراً مُحتسباً، وإن قاتلتَ مُرائياً مُكاثراً بعثكَ اللهُ مُرائياً مُكاثراً، يا عبدَ اللهِ بن عَمرٍو، على أيّ حالٍ قاتَلْتَ أو قُتلْتَ بعثكَ اللهُ على تِيكَ الحالِ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (123)، ومسلم (1904) من طريق منصور بن المعتمر، والبخاري (7458)، ومسلم (1904)، وابن ماجه (2783)، والترمذي (1741)، من طريق الأعمش، كلاهما عن أبي وائل، به. وهو في "مسند أحمد" (19493)، و "صحيح ابن حبان" (4636). وقوله: والرجل يقاتل للذكر، أي: ليذكر بين الناس، ويشتهر بالشجاعة. وقوله: من قاتل لتكون كلمة ... المراد بكلمة الله دعوة الله إلى الإسلام، قال الحافظ: ويحتمل أن يكون المراد أنه لا يكون في سبيل الله إلا من كان سبب قتاله طلب إعلاء كلمة الله فقط، بمعنى أنه لو أضاف إلى ذلك سبباً من الأسباب المذكورة أخل بذلك، ويحتمل أن لا يخل إذا حصل ضمناً لا أصلاً ولا مقصوداً، وبذلك صرح الطبري فقال: إذا كان أصل الباعث هو الأول لا يضره ما عرض له بعد ذلك، وبذلك قال الجمهور. "فتح الباري" 28/ 6 - 29. (¬1) إسناده صحيح. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة حنان بن خارجة، فقد قال ابن القطان: مجهول الحال. وقد اختلف في رفع الحديث ووقفه. محمد بن أبي الوضاح: هو محمد بن مُسلم بن أبي الوضاح.

26 - باب في فضل الشهادة

26 - باب في فضْل الشهادة 2520 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الله بن إدريسَ، عن محمدِ ابن إسحاقَ، عن إسماعيلَ بن أُميّةَ، عن أبي الزُّبيرِ، عن سعيدِ بن جُبَير عن ابنِ عباس قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لما أُصيب إخوانُكم بأحُدٍ جعلَ اللهُ أرواحَهم في جَوْفِ طَيرٍ خُضْر تَرِدُ أنهارَ الجَنةِ: تأكلُ من ثمارِها، وتَأوي إلى قَناديلَ من ذهبٍ مُعلَّقةٍ في ظلّ العرشِ، فلما وجَدُوا طِيْبَ مأكَلِهم ومَشربِهم ومَقِيلِهم، قالوا: من يُبلِّغُ إخوانَنا عنّا أنا أحياءٌ [في الجنةِ] نُرزقُ، لئلا يَزهَدُوا في الجهاد ولا يَنكُلوا عند الحرب؟ فقال الله تعالى: أَنا أُبلغهم عنكُم، قال: فأنزلَ اللهُ عزَّ وجل: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا} [آل عمران: 169] إلى آخر الآية (¬1). ¬

_ = وأخرجه الحاكم 2/ 85 - 86 من طريق إسحاق من منصور، والحاكم 2/ 112، والبيهقي في "السنن" 9/ 168 من طريق أحمد بن حنبل، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4264) من طريق مسلم بن حاتم الأنصاري ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي! وأخرجه ابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس" (62) ومن طريقه البيهقي في "الزهد" (369) عن أبي خيثمة زهير بن حرب، عن عبد الرحمن بن مهدي، به موقوفاً على عبد الله بن عمرو بن العاص. وكذلك أخرجه موقوفاً الطيالسي (2277) عن محمد بن مسلم بن أبي الوضاح، به، لكن أخرجه المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة حنان بن خارجة من طريق أبي داود الطيالسي، فجعله مرفوعاً!! والحديث عند أبي يعلى الموصلي في "مسنده" كما أشار إليه البوصيري في "إتحاف الخيرة" (9481) موقوفاً كذلك. ونظنه من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب كابن أبي الدنيا، والله أعلم. (¬1) إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطلبي- وقد صرح بالسماع عند أحمد (2388) وغيره، فانتفت شبهة تدليسه. =

2521 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ بن زُريع، حدَّثنا عَوف، حدَّثتنا حسناءُ بنتُ معاويةَ الصُّريميَّهُ، قالت: حدَّثنا عمّي، قال: قلتُ للنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-: مَنْ في الجنة؟ قال: "النبيُّ في الجنةِ، والشهيدُ في الجنةِ، والمولُودُ في الجنةِ، والوَئيدُ في الجنةِ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه بقي بنُ مخلدٍ كما في "التمهيد" 11/ 61، وعبد الله بن أحمد في زيادات "المسند" (2389)، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (52) و (193)، وأبو يعلى (2331)، والآجري في "الشريعة" ص 392 - 393، والحاكم 2/ 88 و 297 - 298، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 163، وفي"الدلائل" 3/ 304، وفي "الشعب" (4240)، وفي "الأسماء والصفات" ص 364 - 365، وفي "البعث" (201)، وفي "إثبات عذاب القبر" (145)، والواحدي في "أسباب النزول" ص 85 من طرق عن عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. وأخرجه عبد بن حميد (679) عن يوسف بن بهلول، عن عبد الله بن إدريس، به ولم يذكر سعيد بن جبير في إسناده! وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 294 - 295، وأحمد (2388)، وهناد بن السري في "الزهد" (155)، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (194) من طريق محمد بن فضيل، وابن أبي عاصم (195) من طريق إسماعيل بن عياش، والطبري في "تفسيره" من طريق سلمة ابن الفضل وإسماعيل بن عياش، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. دون ذكر سعيد بن جبير في إسناده. وأخرجه عبد الله بن المبارك في "الجهاد" (62) عن محمد بن إسحاق، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير المكي وغيره، عن ابن عباس. دون ذكر سعيد بن جبير في إسناده. قال ابن كثير في "تفسيره" 2/ 141 عن طريق عبد الله بن إدريس الذي فيه سعيد بن جبير: وهذا أثبتُ، وكذا رواه سفيان الثوري، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وفي الباب عن عبد الله بن مسعود عند مسلم (1887). (¬1) حديث حسن وهذا إسناد رجاله ثقات غير حسناء بنت معاوية فإنها لا تعرف. مُسَدد: هو ابن مُسَرهَد. عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي. =

27 - باب في الشهيد يشفع

27 - باب في الشهيد يَشفع 2522 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا يحيى بنُ حسانَ، حدَّثنا الوليدُ بنُ رباحٍ الذِّماريُّ حدثني عمّي نِمْرانُ بن عتبةَ الذِّماريُّ، قال: دخلْنا على أُم الدَرداء ونحن أيتامٌ، فقالت: أبشِروا فإني سمعتُ أبا الدَرداء يقول: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يَشفعُ الشهيدُ في سبعينَ من أهلِ بيتهِ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 7/ 84، وابن أبي شيبة 5/ 339، وأحمد (20583)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (451)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (864)، وفي "أخبار أصبهان" 2/ 199، والبيهقي 9/ 163، وابن عبد البر في "التمهيد" 18/ 116 من طرق عن عوف الأعرابي، به. وله شاهد من حديث الأسود بن سريع وأنس بن مالك، وكعب بن عجرة، انظر تخريجها في "المسند" (20583). ولقوله: "النبي في الجنة" شاهد من حديث سعيد بن زيد، عند أحمد (1631) وإسناده حسن. وله شاهد مرسل صحيح عند أبي القاسم البغوي في "مسند ابن الجعد" (3182)، حدَّثنا يزيد بن إبراهيم التستري، قال: سمعت الحسن قال: قيل: يا رسول الله من في الجنة؟ قال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "النبي في الجنة، والصِّديق في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والموءودة في الجنة". والوئيد هو الموءود، أي: المدفون في الأرض حيّاً، وكانوا يئدون البنات، ومنهم من كان يئد البنين أيضاً عند المجاعة والضيق يُصيبهم. ومن هذا قوله سبحانه: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (9)} [التكوير:8 - 9]. "والمولود": هو الطفل الصغير والسقط ومن لم يُدرك الحِنث. قاله الخطابي. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. نمران بن عتبة الذِّماري روى عنه حريز بن عثمان ورباح بن الوليد الذماري وعياش بن يونس أبو معاذ الشامي، وذكره ابن حبان في "الثقات" فهو صدوق حسن الحديث، والله أعلم، وقد قال أبو داود: شيوخ حريز كلهم ثقات. =

28 - باب في النور يرى عند قبر الشهيد

قال أبو داودَ: صوابه رباحُ بن الوليدِ. 28 - باب في النور يُرى عند قبر الشهيدِ 2523 - حدَّثنا محمد بن عَمرو الرَّازيُّ، حدَّثنا سلمةُ -يعني ابنَ الفضلِ- عن محمد بن إسحاقَ، حدثني يزيدُ بن رُومانَ، عن عروةَ عن عائشة، قالتْ: لما ماتَ النَّجاشيُّ كنَّا نتحدثُ أنه لا يَزالُ يُرى على قبرهِ نورٌ (¬1). 2524 - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا شعبةُ، عن عَمرو بن مُرَّةَ، قال: سمعت عَمرو بن ميمونٍ، عن عبدِ الله بن رُبَيِّعةَ عن عُبيد بن خالدٍ السُّلميِّ، قال: آخى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بين رجلين، فقُتل أحدُهما، وماتَ الآخَر بعدَه بجمعةٍ أو نحوِها فصلَّينا عليه، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ما قلتُم؟ " فقلنا: دعَونَا لَه، وقلنا: اللهم اغفِرْ ¬

_ = وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (4660)، والطبراني كما قال المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة رباح بن الوليد الذماري، والبزار في "مسنده" كما قال المنذري في "تهذيب السنن" 3/ 375، والآجري في "الشريعة" ص 359، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 164، وابن عساكر في " تاريخ دمشق" 62/ 222 من طريق يحيى ابن حسان، بهذا الإسناد. كلهم قالوا: الوليد بن رباح على الوهم. وفي الباب عن المقدام بن معدي كرب عند أحمد (17182)، وابن ماجه (2799)، والترمذي (1756). وقال الترمذي: حديث صحيح غريب. قلنا: إسناد أحمد حسن. (¬1) إسناده حسن. سلمة بن الفضل -وهو الأبرش- أثبتُ الناس في ابن إسحاق-، وقد صرح ابن إسحاق بسماعه فانتفت مظِنَّة تدليسه هنا. وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 1/ 364 عن زياد بن عبد الله البكائي، عن ابن إسحاق، به.

29 - باب في الجعائل في الغزو

له وألحِقْه بصاحبِه، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "فأينَ صلاتُه بعد صلاتِه وصومُه بعد صومِه؟ -شك شعبة في صومه- وعملُه بعد عملِه، إن بينهما كما بين السماءِ والأرضِ" (¬1). 29 - باب في الجَعائل في الغزو 2525 - حدَّثنا إبراهيمُ بن موسى الرازيُّ، أخبرنا أبو سلمةَ (ح) وحدَّثنا عَمرو بن عُثمانَ، حدَّثنا محمدُ بن حرب -المعنى، وأنا لحديثه أتقنُ- عن أبي سلمةَ سليمانَ بن سُليمِ، عن يحيى بن جابرٍ الطائى، عن ابنِ أخي أبي أيوبَ الأنصاريِّ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عمرو بن ميمون: هو الأودي، وشعبة: هو ابن الحجاج، ومحمد بن كثير: هو العَبدي. وأخرجه النسائي (1985) من طريق عبد الله بن المبارك، عن شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. وقال في روايته: عن عبد الله بن رُبيِّعة السلمي - وكان من أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ونقل الحافظ في "الإصابة" عن البخاري قوله: لم يتابع شعبة على ذلك. قلنا: يعني على ذكر الصحبة لعبد الله بن ربيعة. وهو في "مسند أحمد" (16074) و (17921). وفي الباب عن طلحة بن عُبيد الله، وعن سعد بن أبي وقاص عند أحمد (1403) و (1534). قال صاحب "بذل المجهود" 12/ 10: قد يُستشكل فضيلة درجة الآخر بالصلاة والصوم والأعمال غير الصلاة والصوم على القتل في سبيل الله. قلت: لا إشكال فيه، فإن بعضهم يبلغ درجة بالصلاة والصوم لا يبلغها الشهداء وغيرهم بكمال إخلاصه وصدقه مع الله تعالى، فلعل هذا الرجل الآخر بلغ درجة بإخلاصه وصدقه في أعماله لم يبلغها الأول مع شهادته في سبيل الله. ويحتمل أن يقال: إن الأول لم يبلغ منزلة الشهادة الكاملة لأمر عرض في نيته، فقصر عن درجة الشهادة الكاملة، وأما الآخر، فبلغ بإخلاصه في نيته في الصلاة والصوم والأعمال درجة فاق على الأول.

عن أبى أيوبَ أنه سمعَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "ستُفتَحُ عليكم الأمصارُ، وستكونُ جنود مُجنَّدةٌ تُقطَع عليكم فيها بُعوثٌ، فيكرهُ الرجلُ منكم البَعْثَ فيها، فيتخلَّص من قومِه، ثم يتصفَّح القبائلَ يَعرِضُ نفسَه عليهم، يقول: من أكفِيه بَعْثَ كذا، من أكفيه بَعْثَ كذا؟ ألا وذلك الأجيرُ إلى آخر قَطْرَةٍ من دمِه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف ابن أخي أبي أيوب -وهو أبو سورة- قال البخاري: منكر الحديث، يروي عن أبي أيوب مناكير لا يتابَع عليها، وقال أيضاً: لا يُعرف له سماع من أبي أيوب. عمرو بن عثمان: هو ابن سعيد بن كثير، ومحمد بن حرب: هو الأبرش الخولاني. وأخرجه أحمد (23500)، والهيثم الشاشي في "مسنده " (1130)، والطبراني في "مسند الشاميين، (1380)، والبيهقي 27/ 9 من طريق محمد بن حرب، بهذا الإسناد. قال الخطابي: فيه دليل على كراهة الجعائل (ما يعطاه الإنسان على الأمر بفعله، والمراد به في الحديث: أن يكتب الجهاد على الرجل فيعطي آخر شيئاً من المال ليخرج مكانه، أو يدفع المقيم إلى الغازي شيئاً فيقيم الغازي، ويخرج هو). وفيه دليل على أن عقد الإجارة على الجهاد غير جائز. وقد اختلف الناس في الأجير يحضر الوقعة، هل يُسهم له، فقال الأوزاعي: المستأجَر على خدمة القوم لا سهم له، وكذلك قال إسحاق بن راهويه، وقال سفيان الثوري: يُسهَم له إذا غزا وقاتل، وقال مالك وأحمد: يُسهَم له إذا شهد وكان مع الناس عند القتال. قال الخطابي: قلت: يشبه أن يكون معناه في ذلك أن الإجارةَ إذا عقدت على أن يجاهد عن المستأجِر، فإنه إذا صار جهاده لحضور الوقعة فرضاً عن نفسه، بطل معنى الإجارة، وصار الأجيرُ واحداً من جملة من حضر الوقعة، فإنه يُعطى سهمَه إلا أن حصة الأجرة لتلك المدة ساقطة عن المستأجر.

30 - باب الرخصة في أخذ الجعائل

30 - باب الرُّخصةِ في أخذِ الجَعائل 2526 - حدَّثنا إبراهيمُ بن الحَسن المِصِّيصِيُّ، حدَّثنا حَجَّاج -يعني ابنَ محمدٍ- (ح) وحدَّثنا عبدُ الملك بن شُعيب، حدَّثنا ابنُ وهب، عن الليث بن سعْدٍ، عن حَيوةَ بن شُريحٍ، عن ابنِ شُفَيٍّ، عن أبيه عن عبد الله بن عَمرو أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "للغازي أجرُه، وللجاعِلِ أجرُه وأجرُ الغازي" (¬1). 31 - باب في الرجل يغزو بأجْرِ الخِدمة 2527 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا عبدُ الله بن وهْب، أخبرني عاصمُ ابن حَكيم، عن يحيى بن أبي عَمرو السَّيْبانيِّ، عن عبدِ الله بن الدَّيلَمِيِّ أن يَعلَى ابن مُنْيَةَ، قال: أَذن رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بالغزو وأنا شيخٌ كبيرٌ، ليس لي خادمٌ، فالتمستُ أجيراً يكفيني وأُجْري له سَهْمَه، فوجدتُ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن شُفَيٍّ: هو حسين بن شُفَى بن ماتِعٍ الأصبحي، وابن وهب: هو عبد الله بن وهب. وأخرجه أحمد (6624)، وابن الجارود (1039)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3264)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 28، وفي "شعب الإيمان " (4275)، والبغوي في "شرح السنة" (2671) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. قال الخطابي: في هذا ترغيب للجاعل ورخصة للمجعول له، واختلف العلماء في ذلك: فرخص فيه الزهري ومالك بن أنس، وقال أصحاب الرأي: لا بأس به وكرهه قوم، وروي عن ابن عمر أنه قال: أرى الغازي يبيع غزوَهُ وأرى هذا يفرُّ من عدوّه، وكرهه علقمة. وقال الشافعي: لا يجوز أن يغزو بجُعل فلو أخذه فعليه ردُّه، وعن النخعي أنه قال: لا بأس بإعطائه، وأكره أخذه للأجر.

32 - باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان

رجلاً، فلما دنا الرحيلُ أتاني، فقال: ما أدري ما السُّهْمانُ، وما يبلغُ سَهمي؟ فسَمِّ لي شيئاً كان السهمُ أَو لم يكن، فسمّيتُ له ثلاثةَ دنانيرَ. فلما حضرتْ غنيمتُه أردتُ أن أُجريَ له سهمَه، فذكرتُ الدنانيرَ، فجئتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فذكرتُ له أَمرَه، فقال "ما أجِدُ له في غزوته هذه في الدنيا والآخرةِ، إلا دنانيرَه التي سمَّى" (¬1). 32 - باب في الرجل يغزُو وأبوَاه كارهان 2528 - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سفيانُ، وقال: حدَّثنا عطاءُ بن السائبِ، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الله بن الديلمي: هو ابن فيروز، ويعلى ابن مُنيةَ: هو ابن أميَّهَ، فأُمية أبوه، ومنية اسم أمه. وأخرجه الحاكم 2/ 112 وعنه البيهقي 6/ 331 من طريق أحمد بن صالح، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. وأخرجه بنحوه أحمد (17957)، والطبراني في "الكبير" 18/ (146) و 22/ (667)، و" الأوسط " (6625)، والحاكم 2/ 109، والبيهقي 9/ 29 من طريق خالد بن دُريك، عن يعلى ابن مُنية. وخالد بن دريك لا يصح سماعُه من يعلى ابن منية. قال ابن حجر في "الفتح" 125/ 6: للأجير في الغزو حالان: إما أن يكون استؤجر للخدمة، أو استؤجر ليقاتل، فالأول: قال الأوزاعي وأحمد وإسحاق: لا يُسهَم له، وقال الأكثر: يُسهَم له لحديث سلمة: كنت أجيراً لطلحة أسوسُ فرسَه .. أخرجه مسلم [1807]، وفيه أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أسهم له، وقال الثوري: لا يُسهم للأجير إلا إن قاتل، وأما الأجير إذا استؤجر ليقاتل فقال المالكية والحنفية: لا يُسهم له، وقال الأكثر: له سَهمُه، وقال أحمد: لو استأجر الإمام قوماً على الغزو لم يُسهم لهم سوى الأجرة، وقال الشافعي: هذا فيمن لم يجب عليه الجهادُ، أما الحر البالغ المسلم إذا حضر الصف، فإنه يتعين عليه الجهاد، فيُسهم له، ولا يستحق أجرة.

عن عبد الله بن عَمرٍو، قال: جاء رجل إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: جئتُ أُبايُعك على الهجرةِ، وتركتُ أبويَّ يبكيان، فقال: "ارجِعْ إليهما فَأضحِكْهُما كما أبكيتَهما" (¬1). 2529 - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سفيانُ، عن حبيبِ بن أبي ثابتٍ، عن أبي العباسِ عن عبد الله بن عمرو، قال: جاء رجلٌ إلى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ الله، أُجاهدُ؟ قال: " ألك أبوانِ؟ " قال: نعم، قال: "ففيهما فَجاهِدْ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان -وهو الثوري- سماعه من عطاء بن السائب قبل اختلاطه. والسائب والد عطاء: هو ابن مالك أو ابن زيد الثقفي. وأخرجه ابن ماجه (2782) من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي، والنسائي (4163) من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن عطاء بن السائب، به. وجاء عند ابن ماجه: إني جئت أريد الجهاد، بدل: الهجرة. وهو في "مسند أحمد" (6490)، و "صحيح ابن حبان" (419). قال الخطابي: الجهاد إذا كان الخارج فيه متطوعاً، فإن ذلك لا يجوز إلا بإذن الوالدين، فأما إذا تعين عليه فرضُ الجهاد، فلا حاجة به إلى إذنهما، وإن منعاه من الخروج عصاهما، وخرج في الجهاد. وهذا إذا كانا مسلمين، فإن كانا كافرين فلا سبيل لهما إلى منعه من الجهاد فرضاً كان أو نفلاً، وطاعتهما حينئذٍ معصية لله، ومعونة للكفار، وإنما عليه أن يبرهما ويُطيعهما فيما ليس بمعصية. قال: ولا يخرج إلى الغزو إلا بإذن الغرماء إذا كان عليه لهم دَين عاجلٌ، كما لا يخرج إلى الحج إلا بإذنهم، فإن تعين عليه فرض الجهاد لم يعرّج على الإذن. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه البخاري (3004)، ومسلم (2549)، والترمذي (1766)، والنسائي (3103) من طريق حبيب بن أبي ثابت، به. =

33 - باب في النساء يغزون

قال أبو داودَ: أبو العبَّاس هذا: الشاعرُ، اسمُه السائبُ بن فَرُّوخٍ 2530 - حدَّثنا سعيدُ بن مَنصور، حدَّثنا عبدُ الله بن وهب، أخبرني عَمرو ابن الحارث، أن درَّاجاً أبا السّمح، حدثه، عن أبي الهَيثم عن أبي سعيد الخدري: أن رجلاً هاجَر إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- مِن اليمنِ، فقال: "هل لك أحدٌ باليمن؟ " قال: أبواي، قال: "أذِنا لك؟ " قال: لا، قال: "ارجعِ إليهما فاستأذِتهما، فإن أذِنا لك فجَاهِد، وإلا فبِرَّهما" (¬1). 33 - باب في النساء يغزون 2531 - حدَّثنا عبدُ السلامِ بن مُطَهرٍ، حدَّثنا جعفرُ بن سُليمَانَ، عن ثابتٍ عن أنسٍ قال: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يغزو بأم سُليم، ونسْوةٍ من الأنصارِ ليَستقِينَ الماءَ ويُداوِينَ الجَرحَى (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (6544)، و"صحيح ابن حبان" (318). وأخرجه بنحوه مسلم (2549) من طريق ناعم مولى أم سلمة عن عبد الله بن عمرو. وهو في "مسند أحمد" (6525). (¬1) إسناده ضعيف لضعف درّاج أبي السَّمح -وهو ابن سمعان- في روايته عن أبي الهيثم - وهو سيمان بن عمرو العُتْواري. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2334). وأخرجه أحمد (11721)، وابن الجارود (1035)، وأبو يعلى (1402)، وابن حبان (422)، والحاكم 2/ 103 - 104، وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 328، والبيهقي 9/ 26 من طريق درّاج أبي السَّمح، به. وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: درّاج واهٍ. ويغني عنه حديث عبد الله بن عمرو السالف قبله. (¬2) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلمَ البُنانيُّ. =

34 - باب في الغزو مع أئمة الجور

34 - باب في الغزو مع أئمة الجَوْر 2532 - حدَّثنا سعيدُ بن مَنصورٍ، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا جعفرُ بن بُرقانَ، عن يزيدَ بن أبي نُشبةَ عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ثلاث من أصلِ الإيمان: الكفُّ عمَّن قال: لا إله إلا اللهُ، ولا نكفِّره بذنبٍ، ولا نُخرجُه من الإسلام بعملٍ، والجهادُ ماضٍ منذُ بعثني اللهُ إلى أن يقاتلَ آخِرُ أُمتي الدجالَ، لا يبطِلُه جَوْر جائرٍ، ولا عَدل عادلٍ، والإيمانُ بالأقدار" (¬1). ¬

_ وأخرجه مسلم (1810)، والترمذي (1665)، والنسائى في "الكبرى" (7515) و (8831) من طريق جعفر بن سليمان، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (4723). قال الإمام النووي: فيه خروج النساء في الغزو والانتفاع بهن في السقي والمداواة ونحوهما، وهذه المداواة لمحارمهن وأزواجهن، وما كان منها لغيرهم لا يكون فيه مسُّ بشرة إلا في موضع الحاجة. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يزيد بن أبي نُشْبَة، بضم النون وسكون الشين المعجمة، وبعدها باء بواحدة مفتوحة وتاء تأنيث. ضبطه المنذري. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2367). وأخرجه أبو يعلى (4311) و (4312)، والبيهقي في "السنن" 9/ 156، وفي "الاعتقاد" ص 188، والضياء المقدسي في "المختارة" (2741) و (2742)، والمزي في ترجمة يزيد بن أبي نُشبة من "تهذيب الكمال" من طريق جعفر بن بُرقان، به. ولقوله: "الكف عمن قال: لا إله إلا الله" شواهد عدة منها: قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه، وحسابه على الله" روي من حديث أبي هريرة عند البخاري (2946)، ومسلم (21). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقوله -صلَّى الله عليه وسلم- لأسامة بن زيد وقد قتل رجلاً بعد أن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله: " أقال: لا إله إلا الله وقتلته؟ " قال: قلت: يا رسول الله إنما قالها خوفاً من السلاح، قال: "أفلا شققت عن قلبه، حتى تعلم أقالها أم لا؟! " أخرجه البخاري (4269)، ومسلم (96) من حديث أسامة نفسه. واللفظ لمسلم. ولقرله: "الجهاد ماضٍ منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال، لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل" شواهد منها: قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة" روي من حديث عبد الله ابن عمر عند البخاري (2849)، ومسلم (1871)، ومن حديث عروة بن الجعد عند البخاري (2850) و (2852)، ومسلم (1873)، وزاد: " الأجر والمغنم". وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله: "الجهاد ماضٍ مع البر والفاجر" قال الحافظ في "الفتح " 6/ 56: سبقه إلى الاستدلال بهذا الإمام أحمد، لأنه جمع ذكر بقاء الخير في نواصي الخيل إلى يوم القيامة، وفسره بالأجر والمغنم، والمغنم المقترن بالأجر إنما يكون من الخيل بالجهاد، ولم يقيد ذلك بما إذا كان الإمام عادلاً، فدل على أن لا فرق في حصول هذا الفضل بين أن يكون الغزو مع الإمام العادل أو الجائر. وكذلك قال ابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 97 وذكر هذا الحديث: وقد استدل جماعة من العلماء بأن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة تحت راية كل بر وفاجر من الأئمة بهذا الحديث، لأنه قال فيه: "إلى يوم القيامة" ولا وجه لذلك إلا الجهاد في سبيل الله لأنه قد ورد الذم فيمن ارتبطها واحتبسها رياة وفخراً ونواء لأهل الإسلام قلنا: يعني بحديث الذم حديث أبى هريرة عند البخاري (7356)، ومسلم (987) وفيه: "ورجل ربطها فخراً ورياء فهي على ذلك وزر". ويشهد لقوله: "الجهاد ماض" أيضاً قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، لا يضرهم من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال"، وقد سلف عند المصنف من حديث عمران بن حصين برقم (2484) وإسناده صحيح ومن حديث جابر بن عبد الله عند مسلم (156)، وحديث جابر بن سمرة عند مسلم كذلك (1922)، وحديث معاوية بن أبي سفيان كذلك عنده (1037) (175). ويشهد له أيضاً حديث أبي هريرة الآتي بعده. =

35 - باب الرجل يتحمل بمال غيره يغزو

2533 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهب، حدثني معاويةُ بن صالح، عن العلاءِ بن الحارثِ، عن مكحولٍ عن أبي هُريرةَ، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "الجهادُ واجبٌ عليكم مع كلِّ أميرٍ، بَرّاً كان أو فاجراً، والصلاةُ واجبةٌ عليكم خلفَ كلِّ مسلمٍ، بَراً كان أو فاجراً، وإنْ عَمِل الكبائرَ، والصلاةُ واجبةٌ على كلِّ مسلمٍ، براً كان أو فاجراً، وإن عملَ الكبائرَ" (¬1). 35 - باب الرجلِ يتحمل بمالِ غيرِه يغزو 2534 - حدَّثنا محمد بن سليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا عَبيدةُ بن حُميدٍ، عن الأسودِ بن قَيسِ، عن نبيحٍ العَنَزيِّ عن جابر بن عبد الله، حدَّث، عن رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أنه أراد أن يغزوَ، فقال: "يا معشرَ المهاجرين والأنصارِ، إنَّ من إخوانِكم قوماً ليس لهم مالٌ ولا عَشيرةٌ، فليضُمَّ أحدُكم إليه الرجلين أو الثلاثةَ" فما ¬

_ ولقوله: "والإيمان بالأقدار" يشهد له حديث جبريل الطويل لما جاء بصورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، وفيه: أن جبريل سأل النبي -صلَّى الله عليه وسلم- عن الإيمان، فقال -صلَّى الله عليه وسلم-: "أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره"، وهو عند مسلم (8) من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه، و (10) من حديث أبي هريرة. (¬1) رجاله ثقات لكنه منقطع فإن مكحولاً -وهو الشامي- لم يسمع من أبي هريرة كما قال المنذري في "تهذيب السنن". معاوية بن صالح: هو ابن حُدَير الحمصي، وابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1512)، والبيهقي في"السنن الكبرى" 3/ 121 و 8/ 185، وفي "السنن الصغرى" (534)، وفي "شعب الإيمان " (9242) من طريق معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. وقطعةُ الصلاةِ خلف كل بَرّ وفاجر سلفت عند المصنف برقم (594) بهذا الإسناد.

36 - باب في الرجل يغزو يلتمس الأجر والغنيمة

لأحدنا من ظهرٍ يحملُه إلا عُقبْةً كعُقبةِ -يعني- أحدِهم، قال: فضممتُ إليَّ اثنين أو ثلاثةً، قال: مالي إلا عُقبةٌ كعُقبةِ أحدِهم من جَمَلي (¬1). 36 - باب في الرجلِ يغزو يلتمسُ الأجرَ والغنيمةَ 2535 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ، حدَّثنا أسدُ بن موسى، حدَّثنا معاويةُ بن صالحٍ، حدثني ضَمْرةُ أن ابن زُغْبٍ الإياديَّ حدَّثه، قال: نزل عليَّ عبدُ الله بن حَوالَةَ الأزديُّ، فقال لي: بعثَنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- لِنَغْنَم على أقدامِنا فرجَعْنا، فلم نغنمْ شيئاً، وعرفَ الجَهْدَ في وجُوهنا، فقام فينا، فقال: "اللهم لا تَكِلْهم إليَّ، فأضعُفَ عنهم، ولا تَكِلْهُم إلى أَنفُسِهم، فيعجِزُوا عنها، ولا تكلْهم إلى الناسِ، فيستأثِروا عليهم" ثم وضعَ يدَه على رأسِي -أو قال: على هامَتي- ثم قال: "يا ابنَ حَوالة، إذا رأيتَ الخِلافةَ قد نزلت أَرض المقدَّسة فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدي هذه من رأسك" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. نُبيحٌ العَنزي: هو ابن عبد الله أبو عمرو الكوفي. وأخرجه أحمد (14863)، والحاكم 2/ 90، والبيهقي 9/ 172 من طريق عَبيدة ابن حميد، بهذا الإسناد. قوله: "إلا عُقبة كعُقبةِ يعني أحدهم" العُقبة بالضم ركوبُ مركب واحد بالنوبة على التعاقب، "كعقبة يعني أحدهم" بالجر وهو المضاف إليه لعقبة، ووقع لفظ "يعني" بين المضاف والمضاف إليه، والمعنى: لم يكن لي فضل في الركوب على الذين ضممتُهم إليّ، بل كان لي عقبة من جملي مثل عقبة أحدهم. قاله العظيم آبادي في "شرحه" على سنن أبي داود. (¬2) ضعيف. معاوية بن صالح -وهو ابن حُدير الحضرمي، وإن كان ثقة- يقع في حديثه إفرادات يهم فيها، وفى حديثه هذا نكارة. ابن زُغْب -وهو عبد الله- مختلف =

37 - باب في الرجل يشري نفسه

قال أبو داود: عبد الله بن حَوالة حمصي. 37 - باب في الرجُل يَشْري نفسَه 2536 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا عطاءُ بن السائب، عن مُرَّةَ الهَمدانى ¬

_ = في صحبته، والصواب أنه من تابعي أهل حمص، وقال الذهبي في "الميزان": ما روى عنه سوى ضمرة بن حبيب، وقال في "الكاشف": ليس بالمشهور، وترجمه ابن حبان في"الثقات" فسماه: زُغب بن عبد الله، وقال: يُغرب. قلنا: فهو في عداد المجهولين، والله تعالى أعلم. وأخرجه البخاري في "تاريخه" 8/ 436 - 437، وأحمد (22487)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 266 - 267، وابن أبي الدنيا في "العقوبات" (262)، وأبو يعلى (6867)، والطبراني في "مسند الشاميين" (2019)، والحاكم 4/ 425، والبيهقي 9/ 169، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 389 و391 - 392، وفي ترجمة عبد الله بن حوالة 27/ 435، والمزي في ترجمة عبد الله بن زغب من "تهذيب الكمال" 14/ 519 من طريق معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. ووقع عند أبي يعلى ومن طريقه ابن عساكر في بعض رواياته: زغب بن فلان الأزدي، بدل: عبد الله بن زغب، قال ابن عساكر: كذا قال، وإنما هو عبد الله بن زغب. وأخرجه بسياقة أخرى يعقوب بن سفيان 2/ 288 - 289، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2295)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1114)، والطبراني في "مسند الشاميين" (2540)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 3 - 4، وفي "دلائل النبوة" (478) والبيهقي في "الدلائل" 6/ 327، وأبو عمرو الداني في "الفتن" (500) من طريق يحيى بن حمزة الحضرمي، عن نصر بن علقمة الحضرمي، يرده إلى جبير بن نفير، عن عبد الله بن حوالة. ولم يذكر فيه قوله: "إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد دنت البلايا ... " وهو صحيح بهذه السياقة، وانظر ما سلف برقم (2483).

عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "عَجِب ربُّنا عزَّ وجلَّ من رجلٍ غزا في سبيلِ الفهِ فانهزمَ -يعني أصحابه- فعَلِمَ ما عليه، فرجَع حتى أُهَرِيقَ دَمُه، فيقولُ اللهُ عزَّ وجلَّ لملائكتِه: انظُروا إلى عبدي رجَع رغْبةً فيما عندي، وشَفَقةً مما عندي، حتى أُهَرِيقَ دمه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عطاء بن السائب سماعُ حماد -وهو ابن سلمة- منه قبل اختلاطه، لكن الدارقطني صحح وقفه في "العلل" 5/ 267. وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 313، وأحمد (3949)، وابن أبي عاصم في "السنة" (569)، وأبو يعلى (5272) و (5361) و (5362)، وابن خزيمة في "التوحيد" (605)، والشاشي في "مسنده" (876)، وابن حبان (2557)، والطبراني في "الكبير" (10383)، والحاكم 2/ 112، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 167، والبيهقي في "السنن" 9/ 46 و 164، وفي "الأسماء والصفات" ص 472، والبنوي في "شرح السنة" (930) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. قال أبو نعيم: هذا حديث غريب تفرد به عطاء عن مرة، وعنه حماد بن سلمة. وقال البيهقي في "الأسماء والصفات ": رواه أبو عبيدة، عن ابن مسعود من قوله موقوفاً عليه. وأخرجه الخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 413 من طريق زائدة بن قدامة، عن عطاء بن السائب، به. وزائدة ممن سمع من عطاء قبل اختلاطه أيضاً. فتكون تلك متابعة لحماد بن سلمة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10637) من طريق شريك النخعي، والطبراني في "الكبير" (8798) من طريق معمر، كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي عُبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه موقوفاً عليه وشريك النخعي سيئ الحفظ وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه. وذكر الدارقطني في "العلل" 5/ 267 أن خالد بن عبد الله الواسطي قد رواه عن عطاء بن السائب موقوفاً. قلنا: أخرجه كذلك أبو بكر القرشي في "التهجد وقيام الليل" (249). لكن خالداً الواسطي سمع من عطاء بعد اختلاطه. =

38 - باب فيمن يسلم ويقتل في مكانه في سببل الله عز وجل

38 - باب فيمن يُسلِم ويقتَل في مكانِه في سببلِ الله عزَّ وجلَّ 2537 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا محمدُ بن عَمرِو، عن أبي سَلَمةَ عن أبي هريرة: ان عَمرو بن أقَيْشٍ كان له رِباً في الجاهليةِ، فكَره أن يُسلِمَ حتى يأخذَه، فجاء يومَ أُحدٍ، فقال: أين بنو عمّي؟ قالوا: بأُحدٍ، قال: أين فلان؟ قالوا: بأُحدِ، قال: فأين فلان؟ قالوا: بأُحدِ، فلبس لأمَتَه، وركبَ فرسَه، ثم توجّه قِبَلَهم، فلما رآه المسلمون قالوا: إليك عنا يا عَمرو، قال: إني قد آمنتُ، فقاتَلَ حتى جُرِحَ، فحُمل إلى أهله جَريحاً، فجاءه سعدُ بن مُعاذٍ فقال لأخته: سَليه: حَميَّةَ لقومك، أَو غضباً لهم، أم غضباً لله؟ فقال: بل غضباً لله ولِرسوله، فماتَ، فدخل الجنَة، وما صلّى لله صلاةً (¬1). ¬

_ = وذكر أن قيس بن الربيع قد رواه عن أبي إسحاق، عن مرة، عن عبد الله مرفوعاً. قلنا: وقيس بن الربيع ضعيف، ونظنه أخطأ في هذا الإسناد فأدخل إسناداً في إسناد، ولعله من يحيى الحماني الراوي عن قيس بن الربيع فهو ضعيف أيضاً. وذكر الدارقطني أيضاً أن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي قد رواه عن جده فاختُلف عنه: فرواه أحمد بن يونس، عنه، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص وأبي الكنود، عن عبد الله موقوفاً. ورواه يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة وأبي الكنود موقوفاً. ثم قال: والصحيح هو الموقوف! (¬1) إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وحماد: هو ابن سلمة. وحسنه الحافظ في "الإصابة " 4/ 609. وأخرجه الطبراني في"الكبير" 17/ (83)، والحاكم 2/ 113، والبيهقي في "السنن" 9/ 167، وفي "الشعب" (4316) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. =

39 - باب في الرجل يموت بسلاحه

39 - باب في الرجل يموتُ بسلاحِه 2538 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا عبدُ اللهِ بن وَهْب، أخبرني يونسُ، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبدُ الرحمنِ وعبدُ الله بن كَعْبِ بن مالكٍ -قال أبو داودَ: قالَ أحمدُ: كذا قال هو، يعني ابنَ وهبٍ، وعَنْبَسةُ، يعني ابنَ خالدٍ، جميعاً عن يونسُ، قال أحمدُ: والصوابُ عبدُ الرحمن بنُ عبد الله- أن سلمةَ بن الأكوعِ قال: لما كان يومُ خيبرَ قاتلَ أخي قتالاً شديداً، فارتَدَّ عليه سيفُه فقتلَه، فقال أصحابُ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في ذلك، وشَكُّوا فيه: رجلٌ مات بسلاحِه، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ماتَ جَاهداً مُجاهداً ". قال ابنُ شهابٍ: ثم سألتُ ابناً لسلمةَ بن الأكوعِ فحدَّثني عن أبيه بمثل ذلك، غيرَ أَنه قال: فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "كذَبُوا ماتَ جَاهداً مُجاهداً، فله أَجرُه مرتين" (¬1). ¬

_ = وأخرج ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 3/ 95 عن الحصين بن عبد الرحمن ابن عمرو بن سعد بن معاذ، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة قال: كان يقول -يعني أباهريرة-: حدِّثوني عن رجل دخل الجنة لم يصلّ قط، فإذا لم يعرفه الناس، سألوه: من هو؟ فيقول: أُصيرِم بني عبد الأشهل عمرو بن ثابت بن وَقْش. وحسّن إسناده الحافظ في "الإصابة" 4/ 609. وفي ذلك ردٌّ على الدارقطني إذ قال بأن حماد بن سلمة قد تفرد به كما نقله المنذري في "اختصار السنن". أفاده الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تحقيقه. (¬1) إسناداه صحيحان. إلا أن ابنَ وهب قد وهم في قوله: عبد الرحمن وعبد الله ابن كعب بن مالك كما قال أحمد بن صالح -وهو المصري الحافظ- هنا، وكما قال النسائي في "الكبرى" بإثر رواية الحديث (10291)، والصحيح ما جاء في غير رواية ابن وهب: عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك. يونس: هو ابن يزيد الأيلي. وابن سلمة الوارد في الإسناد الثاني هو إياس كما سيأتي في رواية مسلم الآتي ذكرها.

2539 - حدَّثنا هِشامُ بن خالدٍ الدمشقيُّ، حدَّثنا الوليدُ، عن معاويةَ بن أبي سلام، عن أبيه، عن جده أبي سلاَّم عن رجلٍ من أصحابِ النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: أَغَرْنا على حيٍّ من جُهينةَ، فطلبَ رجل من المسلمين رجلاً منهم، فضربَه فأخطأَه، وأَصابَ نفسَه ¬

_ = وأخرجه النسائي في "المجتبى" (3150)، وفي "الكبرى" (4343) و (10291) من طريق عمرو بن سوَّاد، عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (3196) من طريق حرملة بن يحيى التجيبي، عن عبد الله بن وهب. وأخرجه مسلم (1802) عن أبي الطاهر بن السَّرْح المصري، عن عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد، عن عبد الرحمن -ونسبه غير ابن وهب، فقال: ابن عبد الله بن كعب بن مالك- عن سلمة بن الأكوع. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10292) من طريق عبد الرحمن بن خالد بن مسافر المصري، عن ابن شهاب الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن سلمة بن الأكوع. فنسب عبد الرحمن هنا إلى جده كعب. وأخرجه بنحوه البخاري (4196) و (6148)، ومسلم (1802) من طريق يزيد ابن أبي عُبيد مولى سلمة بن الأكوع، ومسلم (1807) من طريق إياس بن سلمة بن الأكوع، كلاهما، عن سلمة بن الأكوع. وقد جاء عند البخاري ومسلم في رواية يزيد بن أبي عُبيد هذه: أن عامر بن الأكوع عم سلمة بن عمرو بن الأكوع - جرى له ذلك، من رجوع سيفه فقتله، وقال الناس فيه ما قالوا. وردّه -صلَّى الله عليه وسلم- بما ردّ. قال المنذري في "تهذيب السنن" 3/ 383: الظاهر أنهما قضيتان، وأن المنكرين على الثاني منهما غير الأولين، إذ لا يقول أحدٌ من الأولين ذلك بعدما سمعوا من رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- جوابه الأول. قال: وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام أن لسلمة بن الأكوع أخوين، أحدهما عامر، والآخر أُهبان. وذكر أبو القاسم البغوي أن عامراً أخا سلمة صحب النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وحكى محمد بن سعد في "الطبقات الكبرى" أن أهبان بن الأكوع أسلم وصحب النبي -صلَّى الله عليه وسلم-.

40 - باب الدعاء عند اللقاء

بالسيف، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أخوكُم يا معشرَ المسلمين" فابتدرَه الناسُ فوجَدُوه قد ماتَ، فلفَّه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بثيابِه ودمائِه وصلّى عليه ودفنَه، فقالوا: يا رسولَ اللهِ أشهيد هو؟ قال: "نَعَمْ وأنا له شهيدٌ" (¬1). 40 - باب الدعاء عند اللقاء 2540 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا ابنُ أَبي مريمَ، حدَّثنا مُوسى بن يعقوبَ الزمعِيُّ، عن أبي حازمٍ عن سهل بن سعْد، قال: قالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ثنتان لا تُردَّانِ، أو قلّما تُردّان: الدعاءُ عند النِّداءِ، وعِند البأسِ حين يُلحِمُ بعضُه بَعضاً". قال موسى: وحدَّثني رِزْقُ بن سَعيدِ بن عبدِ الرحمن، عن أبي حازم، عن سهل بن سعدٍ، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "وتحتَ المطر" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. الوليد -وهو ابن مسلم الدمشقي، وإن كان ثقة- يدلِّس تدليس التسوية، ولم يُصرِّح بالسماع في شيء من طبقات الإسناد، ثم إن سلَّام بن أبي سلَّام والدَ معاوية مجهول، لكن جاء في بعض نسخ أبي داود من رواية اللؤلؤي أن أبا داود قال بإثر الحديث: إنما هو معاوية، عن أخيه، عن جده. قال: وهو معاوية بن سلّام بن أبي سلّام. قلنا: وأخو معاوية هو زيد بن سلام ثقة، لكن تبقى شبهة تدليس الوليد بن مسلم، والله تعالى أعلم. وأخرجه البيهقي 8/ 110 من طريق أبي بكر بن داسة، عن أبي داود السجستاني بهذا الإسناد. ولم يذكُر كلامَ أبي داود في آخره. (¬2) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. موسى بن يعقوب الزمعي ضعيف يُعتبر به، وقد توبع. أبو حازم: هو سلمة بن دينار، وابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم، والحسن بن علي: هو الخلال. وأخرجه الدارمي (1200)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (18)، وابن الجارود (1065)، والروياني في "مسنده" (1046)، وابن خزيمة (419)، والطبراني=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ في "الكبير" (5756)، والحاكم 1/ 198 و 2/ 113، والبيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 410 و 3/ 360، وفي "الدعوات الكبير" (52) والمزي في ترجمة رزيق بن سعيد من "تهذيب الكمال" 9/ 184 من طريق سعيد بن الحكم بن أبي مريم، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (5847)، وفي "الدعاء" (489)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 4/ 142 من طريق عبد الحميد بن سليمان، وأبو بشر الدولابي في "الكنى" 2/ 24 من طريق دَبّاب بن محمد أبي العباس المديني، كلاهما عن أبي حازم سلمة بن دينار، عن سهل بن سعد. وعبد الحميد ضعيف الحديث ودَبّاب بن محمد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 454 بالذال المعجمة، ولم يأثر فيه جرحاً ولا تعديلاً. ورواه مالك عن أبي حازم سلمة بن دينار، واختلف عنه. فرواه يحيي الليثي في "موطأ مالك" 1/ 70 وكذلك أبو مصعب الزهري في "الموطأ" (185)، ومعن بن عيسى عند ابن أبي شيبة 10/ 224، وعبد الرزاق في "مصنفه" (1910)، وإسماعيل بن أبي أويس عند البخاري في "الأدب المفرد" (661)، ويحيى بن بكير عند البيهقي 1/ 411، كلهم يحيى الليثي وأبو معصب ومعن بن عيسى وعبد الرزاق، وابن أبي أويس، وابن بكير، عن مالك بن أنس، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد موقوفاً عليه من قوله. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 138: هكذا هو موقوف على سهل بن سعد في "الموطأ" عند جماعة الرواة، ومثله لا يُقال من جهة الرأي، وقد رواه أيوب بن سويد ومحمد بن مخلد وإسماعيل بن عُمر عن مالك مرفوعاً. قلنا: أما رواية أيوب بن سويد فأخرجها ابن حبان (1764)، والطبرانى في "الكبير" (5774)، وابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 138 و 139، وفي "الاستذكار" (4092)، وشمس الدين المقدسي في "فضل الجهاد والمجاهدين" (14)، وأيوب بن سويد ضعيف. وأما رواية محمد بن مخلد -وهو الرُّعيني- فأخرجها أبو نعيم في "الحلية" 6/ 343، وابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 139. ومحمد بن مخلد الرعيني ضعيف. وأما رواية إسماعيل بن عمر -وهو أبو المنذر الواسطي- فأخرجها ابن حبان (1720) من طريق محمد بن إسماعيل البخاري عنه. وإسماعيل بن عمر ثقة. =

41 - باب فيمن سأل الله تعالى الشهادة

41 - باب فيمن سألَ اللهَ تعالى الشهادةَ 2541 - حدَّثنا هِشامُ بن خالدٍ أبو مَروان وابنُ المُصفَّى، قالا: حدَّثنا بقيّةُ، عن ابنِ ثَوبانَ، عن أبيه يَردُّ إلى مَكحولٍ، إلى مالكِ بن يُخامر أن معاذَ بن جبلٍ حدَّثهم أنه سمع رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقولُ: "من قاتلَ في سبيلِ اللهِ فُواقَ ناقةٍ فقد وجَبَتْ له الجنةُ، ومن سألَ اللهَ القتلَ من نفسِه صادقاً ثم ماتَ أو قُتِلَ فإن له أَجرَ شهيدٍ" زادَ ابنُ المُصفَّى مِن هنا: "ومَن جُرحَ جُرحاً في سبيل اللهِ أو نُكِب نَكبَةً فإنها تَجيء يومَ القيامةِ كأَغْزَرِ ما كانتْ: لونُها لونُ الزعفرانِ، وريحُها ريحُ المِسك، ومن خَرج به خُرَاج في سبيل الله فإن عليه طابَعَ الشهداءِ" (¬1). ¬

_ = ورواه عن مالك كذلك مرفوعاً أبو مطر منيع عند أبي نعيم في "الحلية" 6/ 343 ومنيع أبو مطر -هو منيع بن ماجد بن مطر- لين الحديث، فحديثه حسن في المتابعات. قال الخطابي: قوله: "يلحم" معناه حين يشتبك الحرب ويلزم بعضهم بعضاً، ويقال: لحمت الرجل إذا قتلته، أو من هذا قولهم: كانت بين القوم ملحمة، أي: مقتلة. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف بقية بن الوليد، ثم هو يدلس تدليس التسوية، وأسقط من إسناده كثير بن مرة الحضرمي بين مكحول ومالك بن يخامر، وقد قال الذهبي في "أسير أعلام النبلاء" 5/ 156 في ترجمة مكحول: روى مكحول عن طائفة من قدماء التابعين، ما أحسبه لقيهم، وذكر منهم مالك بن يخامر. وما حسِبَه الذهبي قد تحقق، فقد أخرج أحمد (22110)، وابن حبان (3191) و (4618) هذا الحديث من طريق آخر عن ابن ثوبان -وهو عبد الرحمن بن ثابت- عن أبيه، عن مكحول، عن كثير بن مرة، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل، وإسناده حسن لأن ابن ثوبان صدوق حسن الحديث، وقد توبع. وأخرجه ابن ماجه (2792)، والترمذي (1751)، والنسائي (3141) من طريق سليمان بن موسى الأشدق، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل، وهذا إسناد صحيح، وما ذكره ابن معين من كون رواية سليمان بن موسى عن مالك بن يخامر مرسلة،=

42 - باب في كراهية جز نواصي الخيل وأذنابها

42 - باب في كراهية جَزِّ نَواصي الخيلِ وأَذنابها 2542 - حدَّثنا أبو تَوبةَ، عن الهيثمِ بن حُمَيدٍ (ح) وحدَّثنا خُشَيشُ بن أصْرمَ، حدَّثنا أبو عاصمٍ، جميعاً عن ثورِ بن يزيدَ، عن نصرٍ الكِنانيِّ، عن رجلٍ -وقال أبو تَوبةَ: عن ثَورِ بن يزيدَ، عن شيخِ من بني سُلَيم- عن عتبةَ بن عَبْدِ السُّلَميِّ -وهذا لفظه- أنه سمعَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقولُ: "لا تَقُصُّوا نواصيَ الخيلِ، ولا مَعارِفَها، ولا أذنابَها، فإن أذنابَها مَذابُّها، ومعارفَها دِفاؤها، ونَواصيَها معقودٌ فيها الخير" (¬1). ¬

_ = وموافقة المزي له، مدفوع بتصريح سليمان بسماعه من مالك بن يخامر في هذا الحديث عند ابن ماجه والنسائي. وقد اقتصر الترمذي في روايته على القطعة الأولى والثالثة من الحديث، واقتصر ابن ماجه على القطعة الأولى منه. وهو في "مسند أحمد" (22014)، و"صحيح ابن حبان" (3185) ورواية ابن حبان مختصرة. قوله: "فُواق" قال الخطابي: هو ما بين الحَلْبَتَين، وقيل: هو ما بين الشُخْبَين. والشُّخبان ما يخرج من اللبن. وقوله: "خُرَاج" قال العظيم آبادي: بضم الخاء المعجمة وتخفيف الراء (بزنة غراب) ما يخرج في البدن من القروح والدماميل. (¬1) إسناده ضعيف لاضطرابه، فقد اختُلف فيه على ثور بن يزيد كما سيأتي. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، ونصر الكناني: هو ابن عبد الرحمن. وأخرجه البيهقي 6/ 331 من طريق أبي عاصم النبيل، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (17640) عن عبد الله بن الحارث المخزومي، عن ثور بن يزيد، عن نصر، عن رجل من بني سليم، عن عتبة بن عبد، فأطلق اسم نصر ولم يبينه. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (319)، وفي "الشاميين" (455) من طريق عبد الملك بن الصباح، عن ثور، عن نصر بن شفي، عن شيخ من بني سيم، عن عتبة. فسماه نصر بن شفي. وإنما هو النضر بن شفي، بالضاد المعجمة، قال ابن القطان: مجهول جداً. =

43 - باب فيما يستحب من ألوان الخيل

43 - باب فيما يُستحبُّ من ألوانِ الخيلِ 2543 - حدَّثنا هارونُ بن عبدِ الله، حدَّثنا هشامُ بن سعيدِ الطَّالْقَاني، حدَّثنا محمدُ بن المُهاجِر الأنصاريُ، حدَّثني عَقِيلُ بن شَبيبٍ عن أبي وَهب الجُشَميِّ -وكانت له صحبةٌ- قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "عليكم بكل كُمَيْتٍ أَغرَّ مُحجَّلٍ، أو أَشقرَ أَغرَّ مُحجَّلٍ، أو أَدهمَ أَغَرَّ مُحجَّلٍ" (¬1). ¬

_ وأخرجه أبو عوانة (7292) من طريق عمرو بن الحصين، عن ابن علاثة، والطبراني في "مسند الشاميين" (467) من طريق جبارة بن مغلس، عن مندل بن علي، كلاهما (ابن علاثة ومندل) عن ثور، عن نصر بن علقمة، عن عتبة. وعمرو بن الحصين متروك، وجبارة ومندل ضعيفان. وقد أخطؤوا في الرواية، فجعلوا الحديث لنصر بن علقمة الثقة. وأخرجه أبو عوانة (7290)، والبيهقي 6/ 331 من طريق الهيثم بن حميد، و (7291) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن ثور بن يزيد، عن شيخ -زاد الهيثم: من بني سليم- , عن عتبة. وأخرجه أحمد (17643) من طريق بقية بن الوليد، عن نصر بن علقمة، عن رجال من بني سليم، عن عتبة. فسماه بقية نصر بن علقمة، وهذا هو الحضرمي وهو ثقة، ويغلب على الظن أن بقية قد أخطأ في تعيينه، ثم إن بقية نفسه ضعيف. ولقوله: "ونواصيها معقود فيها الخير" شواهد صحيحة ذكرناها عند الحديث (2532). قوله: "معارفها" أي: شعر عُنقها جمع عَرف على غير قياس، وقيل: هي جمع مَعرفة، وهي المحل الذي ينبت عليه العرف، فأطلق على الأعراف مجازاً. وقوله: "أذنابها مذابُّها" أي: مراوحها تذب بها الهوام عن نفسها. وقوله: "معارفها دفاؤها" أي: كساؤها التي تَدَفّأ بها. قاله السهارنفوري. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عقيل بن شبيب، قال الذهبي في "الميزان": لا يعرف. وأخرجه النسائي (3565) من طريق هشام بن سعيد الطالقاني، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19032). =

44 - باب هل تسمى الأنثى من الخيل فرسا؟

2544 - حدَّثنا محمدُ بن عَوفٍ الطائيُّ، حدَّثنا أبو المُغيرةِ، حدَّثنا محمدُ ابن المُهاجر، حدَّثنا عَقيلٌ عن أبي وَهْب، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "عليكم بكلِّ أَشقرَ أَغرَّ مُحجَّلٍ، أو كُمَيتٍ أَغرَّ" فذكر نحوه. قال محمد، يعني ابنَ مُهاجرٍ: فسألتُه لِمَ فَضَّل الأشقر؟ قال: لأَن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بعثَ سريةً فكانَ أولَ من جاء بالفتح صاحبُ أشقَرَ (¬1). 2545 - حدَّثنا يحيى بن مَعينٍ، حدَّثنا حُسينُ بن محمدٍ، عن شيبانَ، عن عيسى بن عَليّ، عن أبيه عن جده ابنِ عباس، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يُمنُ الخيلِ في شُقْرِها" (¬2). 44 - باب هل تُسمَّى الأنثى من الخيل فرساً (¬3)؟ 2546 - حدَّثنا مُوسى بن مَروانَ الرَّقِّي، حدَّثنا مَروانُ بن مُعاويةَ، عن أبي حيّانَ التيميِّ، حدَّثنا أبو زُرعةَ ¬

_ = الكُميتُ: هو الفرس في لونه حُمرة، والأغرّ: الذي في جبهته بياض. والمُحجَّل: الذي في قوائمه كلها أو ثلاث منها بياض، والأدهم: الأسود اللون. (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني. (¬2) إسناده حسن من أجل عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس. شيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي. وأخرجه الترمذي (1790) من طريق شيبان بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. وقال: حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (2454). (¬3) هذا التبويب أثبتناه من النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي ومن النسخة التي شرح عليها السَّهارَنفوري، ووجوده يقتضيه الحديث المسوق تحته.

45 - باب ما يكره من الخيل

عن أبي هريرةَ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان يُسمَّي الأُنثى من الخيلِ فرساً (¬1). 45 - باب ما يُكره من الخيلِ 2547 - حدَّثنا محمدُ بن كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن سَلْم -هُو ابنُ عبدِ الرحمن- عن أبي زُرعةَ عن أبي هريرة قال: كانَ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يكره الشِّكالَ من الخيلِ، والشِّكالُ: يكونُ الفرسُ في رِجْلِه اليُمنى بَياضٌ وفي يَدِه اليُسرى بياضٌ، أو في يدِه اليُمنى وفي رِجْلِه اليُسرى (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل موسى بن مروان الرقي. أبو حيان: هو يحيي بن سعيد بن حيّان، وأبو زُرعة: هو ابن عَمرو بن جرير بن عبد الله البَجَلي. وأخرجه ابن حبان (4680)، والحاكم 2/ 144، والبيهقي 6/ 330 من طريق مروان ابن معاوية، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومحمد بن كثير: هو العَبدي. وأخرجه مسلم (1875)، والترمذى (1793)، وابن ماجه (2790)، والنسائي (3567) من طريق سفيان الثوري، ومسلم (1875)، والنسائي (3566) من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن سلم بن عبد الرحمن، به لكن شعبة سمى سَلماً في روايته: عبد الله بن يزيد النخعي، وهو خطأ كما نص عليه الإمام أحمد بإثر الحديث (9894) من"مسنده". وهو في "مسند أحمد" (7408)، و"صحيح ابن حبان" (4677) من طريق سفيان، وهو في "مسند أحمد" (9894) من طريق شعبة. وقد اختُلِفَ في تفسيرِ الشِّكال على أقوال غير هذا القول الذي بإثر هذا الحديث، منها ما قاله أبو عُبيد وجمهورُ أهلِ اللّغة والغريب وهو أن يكون منه ثلاث قوائم مُحجَّلة وواحدة مطلقة تشبيهاً بالشكال الذي تشكل به الخيل، فإنه يكون في ثلاث قوائم غالباً، ولا تكون المطلقة من الأرجل أو المحجلة إلا الرجل، ... وقال العلماء: إنما كرهه على صورة المشكول، وقيل: يحتمل أن يكون قد جرَّب ذلك الجنس فلم يكن فيه نجابة. قاله النووي في "شرح مسلم".

46 - باب ما يؤمر به من القيام على الدواب والبهائم

قال أبو داودَ: أي مُخالفٌ. 46 - باب ما يؤمَر به مِن القيام على الدوابِّ والبهائم 2548 - حدّثنا عبدُ الله بن محمدٍ النُّفيليُّ، حدَّثنا مِسكين -يعني ابنَ بُكير- حدَّثنا محمد بن مُهاجِرٍ، عن ربيعةَ بن يزيدَ، عن أبي كَبشةَ السَّلُولي عن سهْل ابن الحنْظليَّةِ، قال: مرَّ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ببعيرٍ قد لَحِقَ ظهرُه ببطنه، فقال: "اتقُوا الله في هذه البهائمِ المُعْجَمَةِ، فارْكَبوها صالحةً، وكلُوها صالحةً" (¬1). 2549 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا مَهدي، حدَثنا ابنُ أبي يعقوبَ، عن الحسنِ بن سَعدٍ مولى الحسنِ بن عليٍّ عن عبد الله بن جعفرٍ، قال: أرْدفَني رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- خلفَه ذاتَ يومٍ، فأسرَّ إليَّ حديثاً لا أُحدَّث به أحداً من الناس، وكان أحبُّ ما استتر به رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- لحاجته هَدَفاً أو حائشَ نخلٍ، قال: فدخل حائطاً لرجلٍ من الأنصار، فإذا جملٌ، فلما رأى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- حَنَّ وذَرَفَت عيناه، فأتاه النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- فمسح ذِفْراه فسكتَ، فقال: "من ربُّ هذا الجملِ؟ لمن هذا الجملُ؟ " فجاء فتًى من الأنصارِ، فقال: لي يا رسول الله، قال: ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل مسكين بن بُكير فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع. وأخرجه ابن خزيمة (2545) من طريق عبد الله بن محمد النُّفيليُّ، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (17625)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2074)، وابن حبان (545) و (3394)، والطبراني في "الكبير" (5620)، وفي "مسند الشاميين" (584) و (585) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن ربيعة بن يزيد، به. وإسناده صحيح.

"أفلا تتقي اللهَ في هذه البهيمةِ التي مَلَّككَ اللهُ إياها، فإنه شكا إليَّ أنك تُجِيعُه وتُدْئبه" (¬1). 2550 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمة القَعنَبيُّ، عن مالكٍ، عن سُمَيٍّ مولى أبي بكرٍ، عن أبي صالحٍ السمانِ عن أبي هريرة، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "بينما رجل يمشي بطريقٍ، فاشتدّ عليه العطشُ، فوجد بئراً، فنزلَ فيها، فشَرِبَ ثم خرجَ فإذا كلبٌ يَلْهثُ يأكلُ الثَّرى من العطشِ، فقال الرجلُ: لقد بلغَ هذا الكلبُ من العطشِ مثلَ الذي كانَ بلغَ بي، فنزلَ البئرَ، فملأ خُفَّه فأمسكه بفيه حتى رَقِيَ، فسقى الكلبَ، فشكرَ اللهُ له، فغفَرَ له" فقالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجراً؟ قال: "في كل ذاتِ كبدٍ رَطْبةٍ أجْرٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مهدي: هو ابن ميمون المِعولي، وابن أبي يعقوب: هو محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب الضبي. وأخرجه مختصراً مسلم (342) و (2429)، وابن ماجه (340) من طريق مهدي ابن ميمون، بهذا الإسناد. واقتصر مسلم في الموضع الأول وابن ماجه على قصة الاستتار، واقتصر مسلم في الموضع الثاني على قصة الإسرار. وهو بتمامه في "مسند أحمد" (1745) و (1754). وفي "صحيح ابن حبان" (1411) و (1412) مختصراً بقصة الاستتار. قال الخطابي: "الهدف": كل ما كان له شخص مرتفع من بناء وغيره، و"الحائش": جماعة النخل الصغار، لا واحد له من لفظه، و "الذِّفْرى" من البعير: مؤخر رأسه، وهو الموضع الذي يعرق مِن قفاه. قال: وقوله: "تُدئبُه": يريد تُكِدُّه وتتعِبُه. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "الموطأ" 2/ 929 - 930، ومن طريقه أخرجه البخاري (2363)، ومسلم (2244). =

47 - باب في تقليد الخيل بالأوتار

2551 - حدَّثنا محمدُ بن المثنَّى، حدَّثني محمدُ بن جعفرٍ، حدَّثنا شُعبة، عن حمزةَ الضبيٍّ قال: سمعتُ أنسَ بنَ مالكِ قال: كنا إذا نزلْنا منزلاً لا نُسبِّح حتى تُحَلَّ الرِّحالُ (¬1). 47 - باب في تقليدِ الخيل بالأوتار 2552 - حدَّثنا عبدُ الله بن مسلمةَ القَعنبيُّ، عن مالكٍ، عن عبد الله بن أبي بكرِ بن محمدِ بنِ عَمرو بن حَزمٍ، عن عَبَّادِ بن تميم ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (8874)، و"صحيح ابن حبان" (544). وأخرجه بنحوه البخاري (173) من طريق عبد الله بن دينار, عن أبي صالح، به. لكنه قال فيه: "فشكر الله له فأدخله الجنة"، ولم يذكر قوله: " في كل ذات كبد رطبة أجر". وأخرج البخاري (3321)، ومسلم (2245)، واللفظ للبخاري من طريق محمد ابن سيرين، عن أبي هريرة، عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "غُفر لامرأة مُومِسَة، مرت بكلبٍ على رأس رَكيٍّ يلهث، قال: كاد يقتله العطش، فنزعت خفَّها، فأوثقته بخمارها، فنزعت له من الماء، فغفر لها بذلك". وقرن البخاري بابن سيرين الحسن البصري. فجعلا القصة لامرأة مُومِسة. والركي: هو البئر. (¬1) إسناده صحيح. حمزة الضبي: هو ابن عمرو العائذي، وشعبة: هو ابن الحجاج العتكي. وأخرجه عبد الرزاق (9263) عن عبد الله بن كثير، عن شعبة، به. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1376) من طريق بقية بن الوليد، عن شعبة، عن قتادة، عن أنس. وبقية ضعيف الحديث، ومع ذلك جود إسناده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 190!! قال الخطابي: يريد (قلنا: يعني أنساً) لا نصلي سبحة الضحى حتى تُحطُّ الرَّحالُ ويُجَمَّ المَطيُّ، وكان بعض العلماء يستحب أن لا يَطعَم الراكب إذا نزل المنزل حتى يَعلِفَ الدابة، وأنشدني بعضهم فيما يشبه هذا المعنى: حق المطية أن يُبدا بحاجتها ... لا أُطعمُ الضيفَ حتى أَعلِف الفرسا

48 - باب إكرام الخيل، وارتباطها، والمسح عليها

أن أبا بشَيرٍ الأنصاريِّ أخبره: أنه كان مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في بعض أسفارِه، قال: فأرسل رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- رسولاً، قال عبد الله بن أبي بكر: حسبتُ أنه قال: والناسُ في مَبيتِهم "لا يُبقَيَنَّ في رقبةِ بعيرٍ قلادةٌ من وَتَر ولا قِلادةٌ إلا قُطِعتْ" قال مالكٌ: أُرى أن ذلك من أجل العَينِ (¬1). 48 - باب إكرامِ الخيلِ، وارتباطِها، والمسحِ عليها (¬2) 2553 - حدَّثنا هارونُ بن عبدِ الله، حدَّثنا هشامُ بن سعيدٍ الطالقَانيُّ، أخبرنا محمدُ بن المُهاجِر، حدَّثني عَقيلُ بن شَبيبٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 937، ومن طريقه أخرجه البخاري (3005)، ومسلم (2115)، والنسائي في "الكبرى" (8757). إلا أن النسائي قال في روايته: عن عباد ابن تميم، أن رجلاً من الأنصار أخبره. ولم يذكر البخاري قول مالك في آخره. وهو في "مسند أحمد" (21887)، و"صحيح ابن حبان" (4698). قال الحافظ في "الفتح" 6/ 142: قال ابن الجوزي: وفي المراد بالأوتار ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم كلانوا يقلدون الإبل أوتار القسي لئلا تصيبها العين بزعمهم، فأمروا بقطعها إعلاماً بأن الأوتار لا ترد من قدر الله شيئاً، وهذا قول مالك. وثانيها: النهي عن ذلك لئلا تختنق الدابة بها عند شدة الركض، ويحكى ذلك عن محمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة، وكلام أبي عُبيد يرجحه، فإنه قال: نهى عن ذلك، لأن الدواب تتأذى بذلك ويضيق عليها نفسُها ورعيها. وربما تعلقت بشجرة فاختنقت أو تعوقت عن السير. ثالها: أنهم كانوا يُعلقون فيها الأجراس، حكلاه الخطابي، قال النووي وغيره: الجمهور على أن النهي للكراهة، وأنها كراهة تنزيه، وقيل: للتحريم، وعن مالك: تختص الكراهة من القلائد بالوتر، ويجوز بغيرها إذا لم يقصد رفع العين. هذا كله في تعليق التمائم وغيرها مما ليس فيه قرآن ونحوه، وأما ما فيه ذكر الله، فلا نهي فيه، فإنه إنما يجعل للتبرك به والتعوذ بأسمائه وذكره، وكذلك لا نهي عما يعلق لأجل الزينة ما لم يبلغ الخيلاء أو السرف. (¬2) هذا التبويب من هامش (هـ) وأشار هناك إلى أنه من رواية أبي عيسى الرملي.

49 - باب في تعليق الأجراس

عن أبي وهبٍ الجُشَمي -وكانت له صحبةٌ- قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ارتَبِطوا الخيلَ، وامسَحُوا بنواصيها وأعجازها -أوقال: أكفالها- وقَلِّدوها، ولا تُقلدوها الأَوتارَ" (¬1). 49 - باب في تعليق الأجراس 2554 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن عُبيد الله، عن نافعٍ، عن سالم، عن أبي الجرَّاح مولَى أُم حبيبةَ عن أم حبيبةَ، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا تصحبُ الملائكةُ رُفْقةً فيها جَرَسٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عقيل بن شبيب، قال عنه الذهبي في "الميزان": لا يُعرف. وأخرجه النسائي (3565) من طريق هشام بن سعيد الطالقاني، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19032). قال الخطابي: قوله: "لا تقلدوه الأوتار" يحتمل أن يكون أراد عين الوتر خاصة، دون غيره من السُّيور والخيوط وغيرها، وقيل: معناه: لا تطلبوا عليها الأوتار والذُّحول (جمع ذَحْل، وهو الثأر أو طلب مكافأة بجناية)، ولا تركضوها في درك الثأر، على ما كان من عاداتهم في الجاهلية. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في الشواهد. أبو الجراح مولى أم حبيبة زوج النبي -صلَّى الله عليه وسلم- روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: تابعي ثقة، ووثقه الذهبي في "الكاشف" لكن قال في "الميزان": وثق، وهي عبارة يقولها لمن ذكر في كتاب "الثقات" لابن حبان ولم يؤثر توثيقه عن أحد غيره، فهذا أصح مما جاء في "الكاشف". وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8760) من طريق مالك، عن نافع، به ولفظه: "العير التي فيها الجرس لا تصحبها الملائكة". وهو في "مسند أحمد" (26770)، و"صحيح ابن حبان" (4705). =

2555 - حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا سهيلُ بن أبي صالحٍ، عن أبيه عن أبي هُريرةَ، قال: قالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تصحبُ الملائكةُ رُفْقةً فيها كلبٌ أو جَرسٌ" (¬1). ¬

_ = قال النووي في شرحه حديث أبي هريرة: "لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس" من "صحيح مسلم": فيه كراهة استصحاب الكلب والجرس في الأسفار، وأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها أحدهما، والمراد بالملائكة ملائكة الرحمة والاستغفار لا الحفظة قال: قيل: سبب منافرة الملائكة للجرس أنه شبيه بالنواقيس، أو لأنه من المعاليق المنهي عنها، وقيل: سببه كراهة صوتها، وتؤيده رواية: مزامير الشيطان، وهذا الذي ذكرناه من كراهة الجرس على الإطلاق هو مذهبنا ومذهب مالك وآخرين، وهي كراهة تنزيه، وقال جماعة من متقدمي علماء الشام يكره الجرسُ الكبير دون الصغير. وذهب ابن حبان في "صحيحه" بإثر الحديث (5845) وهو حديث: "إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة" إلى أنه البيت الذي يوحى فيه على النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: إذ محالٌ أن يكون رجلٌ في بيت وفيه صورة من غير أن يكون حافظاه معه، وهما من الملائكة، وكذلك معنى قوله: "لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس" يريد به رفقة فيها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، إذ محالٌ أن يخرج الحاجُّ والعمار من أقاصي المدن والأقطار يؤمُّون البيت العتيق على نَعَم وعِيس بأجراس وكلاب ثم لا تصحبها الملائكة وهم وفد الله. وعلق صاحب "بذل المجهود" على قوله: "لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس أو كلب" بقوله: وهذا إذا خليا من المنفعة، وأما ما احتيج إليه منهما، فرخص فيه. (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية بن حُديج، وأحمد بن يونس: هو ابن عبد الله بن يونس، فنسب إلى جده هنا، وهو مشهور بنسبته إلى جده. وأخرجه مسلم (2113)، والترمذي (1798) من طريق سهيل بن أبي صالح، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8759) من طريق زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة. لكن ليس فيه ذكر الكلب. وهو في "مسند أحمد" (7566)، و"صحيح ابن حبان" (4703).

50 - باب في ركوب الجلالة

2556 - حدَّثنا محمدُ بن رافع، حدَّثنا أبو بكرِ بن أبي أوَيس، حدثني سليمانُ بن بلالٍ، عن العَلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة، أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال في الجَرس: "مِزمارُ الشيطان" (¬1). 50 - باب في ركوبِ الجلَّالة 2557 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الوارثِ، عن أيوبَ، عن نافع عن ابن عمرَ، قال: نُهيَ عَن ركوب الجَلَّالة (¬2). 2558 - حدَّثنا أحمدُ بن أبي سُريج الرازيُّ، أخبرني عبدُ الله بن الجَهم، حدَّثنا عَمرو -يعني ابنَ أبي قَيس- عن أيَوبَ السَختِيانيِّ، عن نافع ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو بكر بن أبي أويس اسمه: عبد الحميد بن عبد الله الأصبحي مشهور بكنيته كأبيه وهو أخو إسماعيل. والعلاء بن عبد الرحمن: هو ابن يعقوب مولى الحُرَقة. وأخرجه مسلم (2113)، والنسائي في "الكبرى" (8761) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، به. وهو في "مسند أحمد" (8783)، و"صحيح ابن حبان" (4704). (¬2) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنَبري، ومُسَدَّد: هو ابن مُسَرهَد بن مُسَربَل. وأخرجه البيهقي 5/ 254 و 9/ 333 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (3787). قال الخطابي: الجلالة الإبل التي تأكل العَذرة، والجَلة: البعر، كره -صلَّى الله عليه وسلم- ركوبها، كما نهى عن أكل لحومها، ويقال: إن الإبل إذا اجتلت أنتنَ روائحُها إذا عَرِقَت كما تُنتن لحومُها. وقال في "المجمع": وهذا إذا كان غالب علفها من النجاسة حتى ظهر على لحمها ولبنها وعرلَها فيحرم أكلُها وركوبُها إلا بعد أن تحبس أياماً.

51 - باب في الرجل يسمي دابته

عن ابن عمرَ قال: نهى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن الجَلاَّلة في الإبل أن يُركَبَ عليها (¬1). 51 - باب في الرجلِ يُسمِّي دابته 2559 - حدَّثنا هَنَّاد بن السَّريِّ، عن أبي الأحوصِ، عن أبي إسحاقَ، عن عَمرِو بن ميمونٍ عن معاذ، قال: كنتُ رِدْف النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- على حمارٍ يُقال له: عُفَيْرٌ (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الله بن الجهم وعمرو بن أبي قيس الرازيان. وقد توبعا في الطريق السالفة قبله. وأخرجه الحاكم 2/ 34 - 35، والبيهقي 9/ 333 من طريق أحمد بن أبي سريج الرازي، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. وسيتكرر برقم (3787). (¬2) إسناده صحيح. أبو الأحوص: هو سلَّام بن سُليم، وأبو إسحاق: هو عمرو ابن عبد الله السَّبيعي. وأخرجه البخاري (2856)، ومسلم (30)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثانى" (1843)، والطبراني في "الكبير" 20/ (256)، وابن منده في "الإيمان" (108)، وأبو نعيم في "مستخرجه" (138)، والبيهقي 10/ 25 من طريق أبي الأحوص سلام بن سُليم، بهذا الإسناد. قال الخطابي: وفيه أن الإرداف مباح إذا كانت الدابّة تقوى على ذلك، ولا يضر بها الضرر البين، وتسمية الدوابّ شكل من أشكال العرب وعادة من عاداتها، وكذلك تسمية السلاح وأداة الحرب، وكان سيفه -صلَّى الله عليه وسلم- يُسمى ذا الفقار، ورايتُه العُقاب، ودرعُه ذات الفضول، وبغلتُه دُلْدُل، وبعض أفراسه السكب وبعضها البحر. وعفير: هو تصغير ترخيم لأعفر، من العفرة، وهي الغبرة ولون التراب، كما قالوا في أسود: سويد، وتصغيره غير مرخم: أعيفر.

52 - باب في النداء عند النفير: يا خيل الله، اركبي

52 - باب في النِّداء عند النفير: يا خيلَ اللهِ، اركَبِيْ 2560 - حدَّثنا محمدُ بن داودَ بنِ سفيانَ، حدَّثني يحيي بنُ حسان، أخبرنا سليمانُ بن مُوسى أبو داودَ، حدَّثنا جعفرُ بن سعدٍ بن سَمُرةَ بن جُندُب، حدّثني خُبيبُ بن سليمانَ، عن أبيه سليمانَ بنِ سَمُرةَ عن سمرة بن جندب: قال: أما بعد، فإن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- سمَّى خيلَنا خيلَ اللهِ، إذا فَزِعنا، وكان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يأمُرُنا إذا فَزِعنا بالجماعةِ والصبرِ والسَّكينةِ، وإذا قاتلْنا (¬1). 53 - باب النهيِ عن لعنِ البهيمةِ 2561 - حدَّثنا سليمانُ بن حَربٍ، حدَّثنا حمادٌ، عن أَيوبَ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي المُهَلَّبِ عن عمرانَ بن حُصينٍ: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان في سفر فسمع لعنةً، فقال: "ما هذه؟ " قالوا: هذه فلانةُ لعنتْ راحِلَتَها، فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "ضَعُوا عنها فإنها ملعونةٌ" فوضعوا عنها، قال عمرانُ: فكأني أَنظُر إليها ناقةً وَرْقاءَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده مسلسل بالضعفاء والمجاهيل. محمد بن داود وسليمان بن موسى -وهو الزهري- وجعفر بن سعد ضعفاء، وخبيب بن سليمان وأبوه مجهولان. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7102) من طريق يحيى بن حسان، بهذا الإسناد. وللسكينة في القتال شاهد من حديث قيس بن عُباد قال: كان أصحاب محمد -صلَّى الله عليه وسلم- يستحبون خفضَ صوتٍ عند ثلاث: عند القتال، وعند القرآن، وعند الجنائز. أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (247)، وابن أبي شيبة 3/ 274. وإسناد هذا الأثر صحيح. وقوله: "يا خيل الله اركبي" قال ابن الأثير: هذا على حذف المضاف، أراد: يا فرسان خيل الله اركبي، وهذا من أحسن المجازات وألطفها. (¬2) إسناده صحيح. أبو المهلب: هو الجَرْمي عم أبي قلابة، وأبو قلابة: هو عبد الله بنُ زيد الجَرْمي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وحماد: هو ابن زيد. =

54 - باب في التحريش بين البهائم

54 - باب في التحريش بين البَهائم 2562 - حدَّثنا محمدُ بن العَلاء، أخبرنا يحيى بنُ آدمَ، عن قُطْبةَ بن عبد العزيز ابن سِياه، عن الأعمش، عن أبي يحيى القتَّات، عن مجاهد عن ابن عباس قال: نهى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن التحريشِ بين البَهائم (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2595)، والنسائي في "الكبرى" (8765) من طريق أبي قلابة الجرمي، به. وهو في "مسند أحمد" (19859)، و"صحيح ابن حبان" (5740). قال الخطابي: زعم بعض أهل العلم أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- إنما أمرهم بذلك فيها، لأنه قد استجيب لها الدعاء عليها باللعن، واستدل على ذلك بقوله: فإنها ملعونة. قال: وقد يُحتمل أن يكونَ إنما فعل ذلك عقوبة لصاحبها، لئلا تعود إلى مثل قولها، ومعنى ضعُوا عنها، أي: ضعوا رحلها وأعروها، لئلا تُرْكَب. (¬1) إسناده ضعيف لضعف أبي يحيى القتات. وقد اختُلف فيه عن الأعمش كما سيأتي. محمد بن العلاء: هو أبو كريب الهمداني مشهور بكنيته. فأخرجه الترمذي (1804)، وأبو يعلى (2509)، والطبراني في "الكبير" (11123)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 1092، والبيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 22، وفي "شعب الإيمان" (6539) من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، بهذا الإسناد. وخالف قطبةَ بن عبد العزيز فيه سفيانُ الثوري، فرواه عن الأعمش، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد مرسلاً أخرجه كذلك الترمذي (1805) وقال: هذا أصح من حديث قطبة، وكذلك صححه مرسلاً البخاري نقله عنه الترمذي في "علله الكبير". ورواه شريك النخعي، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس، فأسقط من إسناده أبا يحيي القتات. وشريك سيئ الحفظ. أخرجه كذلك أبو يعلى (2510) وابنُ عدي 3/ 1092. ورواه شريك مرة أخرى عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر. فأسقط من إسناده أبا يحيي القتات، وجعله من مسند ابن عمر. أخرجه كذلك أبو القاسم البغوي في "الجعديات" (2212). =

55 - باب في وسم الدواب

55 - باب في وسْم الدوابّ 2563 - حدَّثنا حفصُ بن عُمرَ، حدَّثنا شعبةُ، عن هشامِ بن زيد عن أنس بن مالك، قال: أتيت النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بأخ لي حين وُلِد ليُحنّكَه فإذا هو في مِرْبدٍ يسِمُ غنماً، أحسبه قال: في آذانها (¬1). ¬

_ ورواه وكيع بن الجراح عند البيهقي في "سننه" 10/ 22، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير فيما قاله الترمذي بإثر الحديث (1805) وعُبيد الله بن موسى عند ابن أبي هاشم في "العلل" 2/ 242، ثلاثتهم عن الأعمش، عن مجاهد مرسلاً. فأسقط من إسناده أبا يحيى القتات. قال البيهقي: وهو المحفوظ. ورواه زياد بن عبد الله البكائي عند الطبراني في "الأوسط" (2136)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 238 عن الأعمش، عن المنهال بن عمرة، عن مجاهد، عن ابن عباس. فذكر المنهال بن عمرو بدل أبي يحيي القتات، والمنهال ثقة. إلا أن زياداً البكائي لا يُحتمل تفرُّدُه بمثل ذلك. ورواه الليث بن أبي سليم عند البخاري في "الأدب المفرد" (1232) عن مجاهد، عن ابن عمر موقوفاً عليه. والليث سيئ الحفظ. وقد ذكر البيهقي في "السنن" 10/ 22، وفي "شعب الإيمان" بإثر الحديث (6539) أن منصور بن أبي الأسود قد رواه عن الأعمش، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر!! قوله: "التحريش" معناه الإغراء وتهييج بعضها على بعض كما يفعل بين الجِمال والكِباش والدُّيوك وغيرها. قاله في "النهاية". قال ابن مفلح في "الآداب الشرعية" 3/ 339: ويكره التحريش بين الناس وكل حيوان بهيم ككباش وديكة وغيرها، ذكره في "الرعاية الكبرى". وذكر في "المستوعب" أنه لا يجوز التحريش بين البهائم. وقال المناوي في "فيض القدير" 6/ 303: وهل النهي للتحريم أو الكراهة. وجهان: قلنا: الذي قاله الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" ويحرم الهريش بين البهائم. (¬1) إسناده صحيح. هشام بن زيد: هو ابن أنس بن مالك، وحفص بن عمر: هو أبو عمر الحوضي. =

56 - باب النهي عن الوسم في الوجه والضرب في الوجه

56 - باب النهيِ عن الوسْم في الوجه والضرب في الوجه (¬1) 2564 - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سفيانُ، عن أبي الزُّبير عن جابر: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مُرَّ عليه بحمار قد وُسِم في وجهه، فقال: "أما بَلَغكم أني قد لعنتُ من وسَم البهيمة في وجهها أو ضربَها في وجهها؟ " فنهى عن ذلك (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (5542)، ومسلم (2119)، وابن ماجه (3565) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12725)، و "صحيح ابن حبان" (5629). وأخرجه بنحوه البخاري (1502)، ومسلم (2119) من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، والبخاري (5824)، ومسلم (2119) من طريق محمد بن سيرين، كلاهما عن أنس بن مالك. إلا أن إسحاق قال في روايته: يَسِم إبلَ الصدقةِ، وأما ابن سيرين، فقال: يسِم الظَّهرَ الذي قدم عليه في الفتح. وهو في "مسند أحمد" (12028) و (14027)، و"صحيح ابن حبان" (4532) و (4533). وسيأتي من طريق ثابت عن أنس برقم (4951) بلفظ: والنبي -صلَّى الله عليه وسلم- في عباءة يَهنأ بعيراً له. المِرْبد: بِكسرِ الميم وسكون الراء وفتح الباء: الموضع الذي تحبس فيه الإبل والغنم، من ربد بالمكان: إذا أقام فيه، وقوله: يسم شاة. من الوسم: وهو أن يُعَلَّم الشيء بشيءٍ يؤثر فيه تأثيراً بالغاً، وأصله أن يجعل في البهيمة علامة ليميزها عن غيرها. وفي هذا الحديث حجة للجمهور في جواز وسم البهائم بالكي، وخالف فيه الحنفية تمسكاً بعموم النهي عن التعذيب بالنار، ومنهم من ادعى نسخ الوسم، وجعله الجمهور مخصوصاً من عموم النهي. (¬1) هذا التبويب أثبتناه من هامش (هـ)، وهو في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي. (¬2) إسناده صحيح. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- قد صرح بسماعه من جابر عند ابن حبان (5626) بلفظ: "لعن الله من فعل هذا"، وإنما=

57 - باب في كراهية الحمر تنزى على الخيل

57 - باب في كراهيةِ الحمرِ تُنزَى على الخيلِ 2565 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا الليثُ، عن يزيدَ بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن ابن زُرَير عن عليِّ بن أبي طالبٍ قال: أُهديَتْ لرسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بغلةٌ فركبها، فقال عليٌّ: لو حملْنا الحميرَ على الخيلِ فكانت لنا مثلُ هذه، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنما يفعلُ ذلك الذين لا يعلمونَ" (¬1). ¬

_ = قلنا ذلك مع أنه صرح عند مسلم أيضاً بسماعه من جابر، لأن لفظ حديث مسلم الذي صرح فيه بالسماع مختلف ليس فيه ذكر اللعن، وإنما فيه النهي وحسبُ. سفيان: هو الثوري. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (175) من طريق سفيان الثوري، به بلفظ: "لعن الله من فعل هذا". وأخرجه مسلم (2117)، وابن حبان (5628) من طريق معقل بن عبد الله الجزري، عن أبي الزبير، عن جابر: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مر عليه حمارٌ قد وسم في وجهه فقال: "لعن الله الذي وسمه" فجعل اللعْن من الله كذلك، وكذلك رواه أبو يعلى (2099) وعنه ابن حبان (5627) من طريق حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر. وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن جابر عند عبد الرزاق (8450)، وعنه أحمد (14164). وإسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرج مسلم (2116)، والترمذي (1806) من طريق ابن جريج - قال عند مسلم: - أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضرب في الوجه، وعن الوسم في الوجه. فجعله بالنهي دون اللعن وهو في "مسند أحمد" (14424). ويشهد لهذا اللفظ الأخير حديث ابن عباس عند مسلم (2118) قال: ورأى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- حماراً موسوم الوجه فأنكر ذلك. وليس فيه اللعن. (¬1) إسناده صحيح. ابن زُرير -هو عبد الله بن زُرير الغافقي، وأبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليَزَني، والليث: هو ابن سعد. =

58 - باب في ركوب ثلاثه على دابة

58 - باب في ركوبِ ثلاثهٍ على دابّةٍ 2566 - حدَّثنا أبو صالحٍ محبوبُ بن موسى، أخبرنا أبو إسحاق الفَزَاريُّ، عن عاصمِ بن سليمانَ، عن مُورِّقٍ -يعني العِجلىَّ- حدثني عبد الله بن جعفرٍ، قال: كانَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- إذا قدم من سفر استُقبِل بنا، فأيُّنا استقبلَ أولاً جعله أمامَه، فاستُقبلَ بي، فحملَني أمامَه، ثم استُقبل بحسنٍ أو حسينٍ فجعلَه خلفَه، فدخلْنا المدينةَ وإنا لكذلك (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي (3580) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (785)، و"صحيح ابن حبان" (4682). قال الخطابي: يُشبه أن يكونَ المعنى في ذلك -والله أعلم- أن الحمر إذا حملت على الخيل، تعطَّلَتْ منافع الخيل وقلَّ عدَدُها وانقطع نماؤها، والخيل يُحتاج إليها للركوب والركض والطلب، وعليها يُجاهَد العدوُّ وبها تُحرز الغنائم ولحمها مأكول، ويُسهَم للفرس كما يُسهَم للفارس، وليس للبغل شيء من هذه الفضائل، فأحب -صلَّى الله عليه وسلم- أن ينمو عددُ الخيل ويكثر نسلُها لما فيها من النفع والصلاح، ولكن يحتمل أن يكون حمل الخيل على الحمر جائزاً، لأن الكراهة في هذا الحديث إنما جاءت في حمل الحمر على الخيل لئلا تشغل أرحامها بنجل الحمر، فيقطعها ذلك عن نسل الخيل، فإذا كانت الفحولة خيلاً والأمهات حمراً فقد يحتمل أن لا يكون داخلاً في النهي إلا أن يتأول متأول أن المراد بالحديث صيانة الخيل عن مزاوجة الحمر وكراهة اختلاط مائها بمائها لئلا يضيع طَرقُها، ولئلا يكون منه الحيوان المركب من نوعين مختلفين ... وانظر "شرح معاني الآثار" 3/ 273 للإمام الطحاوي. (¬1) إسناده صحيح. مُورِّق العجلي: هو ابن مُشَمْرِج بن عبد الله، وأبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث صاحب "السير". وأخرجه مسلم (2428)، وابن ماجه (3773)، والنسائي في "الكبرى" (4232) من طريق عاصم بن سليمان الأحول، به. وهو في "مسند أحمد" (1743).

59 - باب في الوقوف على الدابة

59 - باب في الوقوف على الدابة 2567 - حدَّثنا عبد الوهّابِ بنُ نَجْدةَ، حدَّثنا ابنُ عيّاشٍ، عن يحيي بن أبي عَمرٍو السَّيبانيِّ، عن أبي مريمَ عن أبي هريرة، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إياي أن تتخِذوا ظهورَ دوابِّكم منابرَ؛ فإن الله إنما سخَّرها لكم لِتُبلغَكُم إلى بلدٍ لم تكونوا بالِغيه إلا بِشِقِّ الأنفُسِ، وجعلَ لكُم الأرضَ فعليها فاقْضُوا حاجَاتِكم" (¬1). 60 - باب في الجنائب 2568 - حدَّثنا محمدُ بن رافعٍ، حدَّثنا ابنُ أبى فُدَيكٍ، حدَّثني عبدُ الله بنُ أبي يحيي، عن سعيدِ بن أبي هندٍ، قال: قال أبو هريرة: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "تكون إبل للشياطين، وبيوت للشياطين: فأما إبل الشياطين فقد رأيتُها، يخرج أحدُكم بنَجيباتٍ معه قد أسمنَها، فلا يعلُو بعيراً منها، ويَمُرُّ بأخيه قد انقُطِعَ به فلا يحملُه، ¬

_ (¬1) إسناده حسن، ابن عياش -وهو إسماعيل- روايته عن أهل بلده مستقيمة، وهذا منها إذِ السَّيباني حمصي. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (867)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 255، وفي"شعب الإيمان" (11083)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 27/ 212 من طريق يحيى بن أبي عمرو السيباني، به. قال الخطابي: قد ثبت عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أنه خطب على راحلته واقفاً عليها فدلَّ ذلك على أن الوقوف على ظهورها إذا كان لأربٍ أو بلوغ وطر لا يُدرك مع النزول إلى الأرض مباح جائز، وأن النهي إنما انصرف في ذلك إلى الوقوفِ عليها، لا لمعنى يوجبه، لكن بأن يستوطنه الإنسانُ، ويتخذه مقعداً فيتعب الدابة، ويُضرُّ بها من غير طائل. قوله: "إياي" قال العظيم آبادي: المشهور في التحذير الخطاب، وقد يكون بصيغة المتكلم.

61 - باب في سرعة السير

وأما بيوتُ الشياطين فلم أرها" (¬1). كان سعيدٌ يقول: لا أُراها إلا هذه الأقفاصَ التي يسترُ الناسُ بالديباجِ. 61 - باب في سرعة السير 2569 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، أخبرنا سهيلُ بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا سافرتم في الخِصْب فأعطوا الإبلَ حقَّها، وإذا سافرتُم في الجَدْبِ فأسرعوا السيرَ، فإذا أردتُم التعريسَ فتنكَّبوا عن الطريقِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه. قال أبو حاتم: سعيد بن أبي هند لم يلق أبا هريرة، ونقله عنه العلائي وأبو زرعة ابن العراقي في "المراسيل"، والمنذري في "مختصر السنن" وأقروه. وابن أبي فديك -وهو محمد بن إسماعيل بن مسلم، وإن وثقه ابن معين وقال أحمد والنسائي: ليس به بأس وروى له الجماعة- قد ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ربما أخطأ، وضعفه يعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة والتاريخ" وقال ابن سعد في "طبقاته": كان كثير الحديث وليس بحجة. وأخطا الألباني رحمه الله في إدراج هذا الحديث في "صحيحته" (93) وأثبت له عنوانا: تنبؤه -صلَّى الله عليه وسلم- عن السيارات ثم قال في آخره: فالحديث من أعلام نبوته -صلَّى الله عليه وسلم-، ثم تبين له في ما بعد أن الحديث ضعيف، فحذفه من "الصحيحة" في طبعته الجديدة. وأخرجه البيهقى 5/ 255 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد. وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" (459) عن عبد الرحمن بن يونس، و (777) عن إبراهيم بن المنذر، كلاهما عن ابن أبي فديك، عن عبد الله بن أبي يحيى، عن سعيد ابن أبي هند، عن أبي هريرة عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-لفظ إبراهيم-: "لا تقوم الساعة حتى يبني الناس بيوتاً يوشُّونها وشي المَراحيل". قال إبراهيم: يعني الثياب المخططة. (¬2) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم (1926)، والترمذي (3069)، والنسائي في "الكبرى" (8763) من طريق سهيل بن أبي صالح، به. زاد مسلم في إحدى روايتيه والترمذي: "فاجتنبوا=

2570 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدَّثنا يزيدُ بن هارونَ، أخبرنا هشامٌ، عن الحسنِ عن جابر بن عبد الله، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، نحو هذا، قال بعد قوله: "حقها": "ولا تَعدُوا المنازِلَ" (¬1). ¬

_ = الطريق فإنها طرقُ الدواب ومأوى الهوام بالليل"، وفي الرواية الأخرى عند مسلم وعند النسائي: "فإنها مأوى الهوامِّ بالليل". وجاء عندهم جميعاً: "فأعطوا الإبل حظها من الأرض"، وقال مسلم في ثاني روايتيه والترمذي: "وإذا سافرتم في السَّنَةِ فبادروا بها نِقْيَها". وهو في "مسند أحمد" (8442)، و"صحيح ابن حبان" (2703) و (2705). قال النووي في "شرح مسلم": الخصب، بكسر الخاء وهو كثرة العشب والمرعى، وهو ضد الجدْب، والمراد بالسَّنة هنا: القحطُ، ومنه قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} [الأعراف: 130] أي: بالقحوط، ونقْيُها بكسر النون وإسكان القاف وهو المخُّ، ومعنى الحديث: الحث على الرفق بالدوابّ، ومراعاة مصلحتها، فإن سافروا في الخصب، قللوا السير، وتركوها ترعى في بعض النهار، وفي أثناء السير، فتأخذ حظَّها من الأرض بما ترعاه منها، وإن سافروا في القحط عجلوا السير ليصِلوا المقصِد، وفيها بقية من قوتها، ولا يقللوا السير فيلحقها الضرر، لأنها لا تجد ما ترعى فتضعف ويذهب نقيُها، وربما كلَّت ووقفت، وقد جاء في أول هذا الحديث في رواية مالك في "الموطأ": "إن الله رفيق يحب الرفق". ثم قال في بيان الشطر الثاني من الحديث: قال أهل اللغة: التعريس: النزول في أواخر الليل لنوم والراحة، هذا قول الخليل والأكثرين، وقال أبو زيد: هو النزول أي وقت كان من ليل أو نهار، والمراد بهذا الحديث هو الأول، وهذا أدبٌ من آداب السير والنزول أرشد إليه -صلَّى الله عليه وسلم- لأن الحشرات ودواب الأرض من ذوات السموم، والسباع تمشي في الليل على الطرق لسهولتها، ولأنها تلتقط منها ما يسقط من مأكول ونحوه وما تجد فيها من رِمَّة ونحوها، فإذا عرّس الإنسان في الطريق ربما مرّ به منها ما يؤذيه، فينبغي أن يتباعد عن الطريق. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن الحسن -وهو ابن أبي الحسن البصري- لم يسمع من جابر. وقد روي عن الحسن مرسلاً، وروي مقطوعاً أيضاً. هشام: هو ابن حسان القردوسي. =

62 - باب في الدلجة

62 - باب في الدُّلْجة (¬1) 2571 - حدَّثنا عَمرو بن علي، حدَّثنا خالدُ بن يزيدَ، حدَّثنا أبو جعفرٍ الرازيُّ، عن الرَّبيعِ بن أنس عن أنس، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "عليكم بالدُّلْجة، فإن الأرضَ تُطوى بالليل" (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (329) من طريق سالم بن عبد الله الخياط، عن الحسن البصري، به لكنه اقتصر على النهي عن التعريس على جوادّ الطريق. وهو في "مسند أحمد" (14277) و (15091) مطولاً بنحو رواية حديث أبي هريرة السالف قبله وزيادات ليست عنده. وانظر تمام تخريجه هناك. وأخرجه عبد الرزاق (9247) عن هشام بن حسان، عن الحسن مرسلاً. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2619) عن أبي شهاب الحناط، عن هشام ابن حسان، عن الحسن قال: كان يُقال: إذا كان الخصب فأعطوا الظهر ... مقطوعاً. ويشهد له حديث أبي هريرة السالف قبله. وانظر تمام شواهده في "المسند". (¬1) هذا التبويب أثبتناه من هامش (هـ)، وهو في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، أبو جعفر الرازي -واسمه عيسى بن أبي عيسى: عبد الله بن ماهان- ضعيف يعتبر به، وقد توبع. خالد ابن يزيد: هو الأزدي العتكي صاحب اللؤلؤ. وأخرجه البزار (1694 - كشف الأستار)، والحاكم 2/ 114، والبيهقي 5/ 256، والضياء المقدسي في "المختارة" (2118) من طريق خالد بن يزيد، به. وجاء عند الحاكم وعنه البيهقي مقيداً بالعمري خطأ وخالد بن يزيد العمري متهم متروك، بينما جاء عند الضياء على الصواب مقيداً بصاحب اللؤلؤ. وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير" 2/ 874، والبزار (1696 - كشف الأستار)، وأبو يعلى (3618)، وابن خزيمة بإثر (2555)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" -

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = (113)، والحاكم 1/ 445، والبيهقي 5/ 256، والخطيب البغدادي في "تاريخه" 8/ 429، والضياء المقدسي (2629) من طريق رُويم بن يزيد اللَّخْمي، وأخرجه ابن خزيمة (2555)، وابن أبلى حاتم في "العلل" 2/ 254، والحاكم 1/ 445، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 9/ 250 من طريق محمد بن أسلم الطوسي، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 159 من طريق قطن بن إبراهيم النيسابوري، كلاهما (محمد بن أسلم وقطن بن إبراهيم) عن قبيصة بن عقبة، كلاهما (رُويم بن يزيد وقبيصة بن عقبة) عن الليث بن سعد، عن عُقيل بن خالد، عن ابن شهاب الزهري، عن أنس بن مالك. ورجال هذه الطرق ثقات، لكن رواه قتيبة بن سعيد وغيره فخالفوا فيه رويم بن يزيد وقبيصة بن عقبة فرووه عن الليث بن سعد، عن عُقيل، عن ابن شهاب مرسلاً أخرجه ابن أبي حاتم في "علله" 2/ 254 عن أحمد بن سلمة النيسابوري الحافظ، عن قتيبة بن سعيد، والطحاوي في "شرح المشكل" (114) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، كلاهما عن الليث، به. وقد ذكر الدارقطني في "الغرائب والأفراد" كما في "أطرافه" لأبي الفضل المقدسي (1120) أن ابن أعين -وهو إبراهيم بن أعين نزيل مصر- قد رواه كقتيبة بن سعيد - يعني مرسلاً. وذكر الإمام مسلم بن الحجاج فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في"العلل" 2/ 254 أن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد قد أخرج له كتاب جده الليث فإذا هو على ما رواه قتيبة بن سعيد يعني مرسلاً أيضاً. قلنا: فتعين أن المرسَلَ هو الصحيح كما ذهب إليه البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "علله الكبير" 2/ 875، ومسلم فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 254، وكذلك الدارقطني فيما نقله عنه الخطيب البغدادي في "تاريخه" 8/ 429. وفي الباب عن أبي هريرة عند الطحاوي في "شرح المشكل" (115) وإسناده حسن في الشواهد. وعن عبد الله بن عباس عند البزار (1695 - كشف) وإسناده حسن في الشواهد. وعن عبد الله بن مغفل ذكره الهيثمي في "المجمع" 3/ 488 وعزاه للطبراني، وقال: رجاله ثقات. =

63 - باب رب الدابة أحق بصدرها

63 - باب ربُّ الدابة أحق بصدرها 2572 - حدَّثنا أحمد بن محمد بن ثابتٍ المروزيُّ، حدثني عليُّ بن حسينٍ، حدثني أبي، حدثني عبدُ الله بن بُريدةَ، قال: سمعت أبي -بريدةَ- يقول: بينما رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يمشي جاء رجلٌ ومعه حمارٌ، فقال: يا رسول الله، اركَبْ، وتأخَّر الرجلُ، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا، أنت أحق بصدْرِ دابتِك مني، إلا أن تجعلَه لي" قال: فإني قد جعلتُه لك، فركِبَ (¬1). ¬

_ = وعن خالد بن معدان، عن أبيه ذكره الهيثمي أيضاً في "المجمع" وقال: ورجاله رجال الصحيح. ويشهد له أيضاً حديث أبى هريرة عند البخاري (39)، ومسلم (2816) رفعه: "واستعينوا بالغَدوة والرَّوحة وشيء من الدُّلجة". الدلجة: قال في "النهاية": هو سير الليل، يقال: أدلَجَ بالتخفيف: إذا سار من أول الليل، وادَّلَج بالتشديد: إذا سار من آخره، والاسم منهما الدُّلجة والدَّلجة بالضم والفتح، ومنهم من يجعل الإدلاج لليل كله، وكأنه المراد في هذا الحديث، لأنه عقبه بقوله: فإن الأرض تُطوى بالليل، ولم يفرق بين أوله وآخره. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل علي بن الحسين بن واقد، فقد وصفه الذهبي في "السير" بالمحدث الصدوق، وقال فيه النسائي: ليس به بأس، وروى عنه جمع من الحفاظ، وتضعيف بعضهم له بسبب الإرجاء ليس بشيء، فهو كما قال الذهبي في "الميزان" في ترجمة مسعر بن كدام: مذهب لعدة من جلة العلماء لا ينبغي التحامل على قائله، ومع ذلك فقد توبع، وأبوه الحسين قوي الحديث. وأخرجه الترمذي (2978) من طريق علي بن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه. وأخرجه الحاكم 2/ 64 من طريق علي بن الحسن بن شقيق، عن الحسين بن واقد، به. =

64 - باب في الدابة تعرقب في الحرب

64 - باب في الدابة تُعرْقَب في الحرب 2573 - حدَّثنا عبد الله بن محمد النُّفَيليُّ، حدَّثنا محمدُ بن سلَمةَ، عن محمدِ بن إسحاقَ، حدثني ابنُ عبَّاد، عن أبيه عبّاد بنِ عبد الله بن الزُّبير [قال أبو داود: هو يحيى بن عباد] قال: حدثني أبي الذي أرضَعَني -وهو أحدُ بني مُرَّة بن عَوف- وكان في تلك الغَزاة -غَزاةِ مُؤتةَ- قال: واللهِ لكأني أنظرُ إلى جعفرٍ حين اقْتَحَم عن فرسٍ له شقراءَ فعَقَرها، ثم قاتَلَ القومَ حتى قُتِلَ (¬1). قال أبو داود: هذا الحديثُ ليس بالقويِّ. ¬

_ وهو في "مسند أحمد" (22992)،و"صحيح ابن حبان" (4735) من طريق زيد ابن الحباب عن الحسين بن واقد. وفي الباب عن عمر بن الخطاب وأبي سعيد الخدري وقيس بن سعد بن عبادة وعبد الله بن حنظلة الغسيل وأنس بن مالك وأبي هريرة وابن عمر خرجنا حديثهم في "المسند" عند حديث بريدة هذا. (¬1) أثر إسناده حسن كما قال الحافظ في "فتح الباري" 7/ 511. محمد بن إسحاق حسن الحديث، وقد صرح بسماعه فانتفت شبهة تدليسه. وإنما ضعف أبو داود هذا الحديث مع صحة إسناده ظناً منه أن فيه إتلافَ المال، وهو منهي عنه، فقد ذكر السهارنفوري في "شرحه" أنه وقع في بعض نسخ أبي داود زيادة من قوله: وقد جاء فيه نهي كثير عن أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قلنا: أسندها البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 87 عن أبي داود. وقلنا: وهذا الحديث لا يعارض الأحاديث التي فيها النهي عن إتلاف المال، فإن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه علم أن هذا الجواد سيقع في يد أعداء الإسلام فينتفعون به، ويتقوَّون به على المسلمين، فعقره لهذا السبب، وهذا مذهب مالك بن أنس وغيره من أهل العلم أنهم يُجيزون ذلك في مثل هذا الحال. وهذا الأثر في "السيرة النبوية" لابن هشام 4/ 20. =

65 - باب في السبق

65 - باب في السَّبَق 2574 - حدَّثنا أحمد بن يونُس، حدَّثنا ابن أبي ذِئبٍ، عن نافعِ بن أبي نافعٍ عن أبي هُريرةَ قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا سَبق إلا في خُفٍّ أو حافرٍ أو نَصلٍ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه من طريق ابن إسحاق: ابن سعد في "الطبقات" 4/ 37، وابن أبي شيبة 5/ 316 و 12/ 532، و 14/ 517 - 518، والطبري في "تاريخه" 2/ 151، والطبراني في "المعجم الكبير" (1462)، والحاكم 3/ 209، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 118، والبيهقي 9/ 87، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 68/ 67 و88، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 343. لكن وقع عند ابن أبي شية: عن يحيى بن عباد، عن أبيه، عن جده، قال: أخبرنى أبي الذي أرضعني، والظاهر أنه أراد بجده جدَّه من الرضاعة، فيكون هو نفسه أبو عباد بن عبد الله بن الزبير من الرضاعة، فتتفق الروايات. (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب القرشي، وأحمد بن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي. وأخرجه الترمذي (1795)، والنسائي (3585) و (3586) من طريق ابن أبي ذئب، به. وأخرجه دون ذكر النصل النسائي (3587) من طريق سليمان بن يسار، عن أبي عبد الله مولى الجُنْدَعيِّين [وتحرف في المطبوع إلى: أبي عُبيد الله]، عن أبي هريرة. وأبو عبد الله هذا هو نافع بن أبي نافع نفسُه كما نقله المزي في "تحفة الإشراف" 11/ 86 عن محمد بن يحيى الذهلي. وقد جاء عند النسائي موقوفاً على أبي هريرة، ولم يشر المزي إلى أنه موقوف. وقد جاء من هذا الطريق مرفوعاً عند البخاري في "تاريخه" 9/ 48. وأخرجه ابن ماجه (2878) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي الحكم مولى بني ليث، عن أبي هريرة. ولم يذكر النصل أيضاً. وهو في "مسند أحمد" (7482)، و"صحيح ابن حبان" (4690). =

2575 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمةَ القَعْنبيُّ، عن مالك، عن نافعٍ عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- سابَقَ بين الخيلِ التي قد أُضْمِرتْ من الحَفْياء، وكان أمَدُها ثنيَّهَ الوَداع، وسابَقَ بين الخيلِ التي لم تُضْمَر من الثنيةِ إلى مسجدِ بني زُريْقٍ، وإن عبدَ الله ممن سابَقَ بها (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: "السبق" بفتح الباء: هو ما يجعل للسابق على شقه من جُعل أو نوال. فأما "السبق" بسكون الباء، فهو مصدر. سبقت الرجل أسبقه سبقاً، والرواية الصحيحة في هذا الحديث "السبق" مفتوحة الباء. يُريد أن الجُعل والعطاء لا يُستَحقُّ إلا في سباق الخيل والإبل وما في معناهما، وفي النصل وهو الرميُ، وذلك لأن هذه الأمور عُدة في قتال العدو، وفي بذل الجُعل عليها ترغيب في الجهاد وتحريض عليه. ويدخل في معنى الخيل البغال والحمير، لأنها كلها ذوات حوافر، وقد يُحتاج إلى سرعة سيرها ونجائها، لأنها تحمل أثقال العساكر وتكون معها في المغازي. وقال الحافظ في "الفتح": وقد أجمع العلماء على جواز المسابقة بغير عوض، لكن قصرها مالك والشافعي على الخف والحافر والنصل، وخصه بعض العلماء بالخيل، وأجازه عطاء في كل شيء، واتفقوا على جوازها بعوض بشرط أن يكون من غير المتسابقين كالإمام حيث لا يكون له معهم فرس، وجوز الجمهور أن يكون من أحد الجانبين من المتسابقين، وكذا إذا كان معهما ثالث محلل بشرط أن لا يخرج من عنده شيئاً ليخرج العقد عن صورة القمار، وهو أن يخرج كل منهما سبقاً، فمن غلب أخذ السبقين، فاتفقوا على منعه. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 467. وأخرجه البخاري (420)، ومسلم (1870)، والترمذي (1794)، والنسائي (3583) و (3584) من طرق عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4487)، و "صحيح ابن حبان" (4686). وانظر تالييه. والحَفياء: قال البكري: بفتح أوله وبالياء أخت الواو ممدود على مثال علياء موضع قرب المدينة، وبينه وبين ثنية الوداع ستة أميال. =

66 - باب في السبق على الرجل

2576 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا المُعتمِرُ، عن عُبيدِ الله، عن نافعٍ عن ابن عمر: أن نبيَّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان يُضمِّر الخيلَ يُسابِقُ بها (¬1). 2577 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا عُقبةُ بن خالد، عن عبيد الله، عن نافع عن ابن عمر: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- سَبَّق بين الخيلِ، وفضَّل القُرَّح في الغايةِ (¬2). 66 - باب في السَّبَق على الرِّجْل 2578 - حدَّثنا أبو صالح الأنطاكيُّ محبوبُ بن مُوسى، أخبرنا أبو إسحاقَ -يعني الفَزاريَّ- عن هشامِ بن عُروةَ، عن أبيه. وعن أبي سلمةَ ¬

_ وقال الخطابي: تضمر الخيل أن تُعلَف الحب والقضيم حتى تسمن وتقوى، ثم تغشى بالجلال وتترك حتى تحمى فتعرق ولا تعلف إلا قوتاً حتى تضمّر ويذهب رَهَلُها فيخف، فإذا فُعل ذلك بها فهي مضمّرة، ومن العرب من يطعمها اللحم واللبن في أيام التضمير. و"الأمد" الغاية. (¬1) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر العمري، ومعتمر: هو ابن سليمان، ومُسَدَّد: هو ابن مُسرهَد بن مُسَربَل. وأخرجه الجاري (2868)، ومسلم (1870)، وابن ماجه (2877) من طريق عُبيد الله بن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (5348)، و"صحيح ابن حبان" (4687). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح كسابقه. وهو في "مسند أحمد" (6466)، و"صحيح ابن حبان" (4688). قال المنذري: "القُرَّح" بضم القاف وتشديد الراء المهملة وفتحها، وحاء مهملة: جمع قارح، والقارح من الخيل: هو الذي دخل في السنة الخامسة. ومعنى قوله: وفضل القرح قي الغاية، أي: جعل مسافة عددها أكثر من غيرها، لأنها أقوى على الجري من غيرها.

67 - باب في المحلل

عن عائشة: أنها كانت مع النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- في سفرٍ، قالت: فسابقتُه فسبقتُه على رِجليَّ، فلما حملتُ اللحمَ سابقتُه فسبقَني، فقال: "هذه بتلك السبْقَة" (¬1). 67 - باب في المحلِّل 2579 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حُصينُ بن نُميرٍ، حدَّثنا سفيانُ بن حُسينٍ (ح) وحدَّثنا عليُّ بن مُسلم، حدَّثنا عبادُ بن العوّام، أخبرنا سفيانُ بنُ حُسينٍ -المعنى- عن الزهريِّ، عن سعيدِ بن المسيَّب عن أبي هريرة، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "من أدخَل فرساً بين فرسَين، يعني وهو لا يؤمَن أن يُسبَقَ فليس بقِمارٍ، ومن أدخَل فرساً بين فرسَين وقد أُمِن أن يُسبَق فهو قِمارٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل شيخ المصنف محبوب بن موسى الأنطاكي فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع، وهذا الحديث سمعه هشام بن عروة من أبيه، ومن أبي سلمة -وهو ابن عبد الرحمن بن عوف- كلاهما روياه عن عائشة. وأخرجه ابن ماجه (1979)، والنسائي في "الكبرى" (8893) و (8895) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وأخرجه النسائي (8896) من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن هشام بن عروة، عن أبي سلمة، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24118) و (26252). (¬2) إسناده ضعيف، سفيان بن حسين ضعيف في الزهري ثقة في غيره، وتابعه سعيد بن بشير الأزدي مولاهم الشامي في الطريق التالية، وهو ضعيف، وخالفهما الثقات من أصحاب الزهري كمعمر وشعيب بن أبي حمزة وعُقيل بن خالد فيما ذكر أبو داود نفسُه، فرووه عن الزهري، عن رجال من أهل العلم. وقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 2/ 252: هذا خطأ لم يعمل سفيان شيئاً، لا يشبه أن يكون عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وأحسنُ أحوالِه أن يكون عن سعيد بن المسيب =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قوله، فقد رواه يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قوله. قلنا: أخرجه من قول سعيد بن المسيب مالكٌ في "موطئه" 2/ 468. ونقل ابن القيم في"تهذيب السنن" عن ابن أبي خيثمة في "تاريخه" أنه قال: سألت يحيى بن معين عن حديث سفيان هذا، فخط على أبي هريرة -قلنا: يعني: ضرب عليه خطأ، يريدُ حذفَه. وقال البيهقي 10/ 20: تفرد به سفيان بن حسين وسعيد بن بشير عن الزهري. وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام " 3/ 480: علة هذا الخبر ضعف سفيان بن حسين في الزهري، فقد عُهد كثيرَ المخالفة لحفاظ أصحابه، كثير الخطأ عنه، وضعف سعيد بن بشير بالجملة ومنهم من يوثقه. وأخرجه ابن ماجه (2876) من طريق سفيان بن حسين، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (10557). قال الخطابي: الفرس الثالث الذي يُدخَل بينهما يُسمي المُحلِّل، ومعناه: أنه يحلل للسابق ما يأخذه من السبق، فيخرج به عقد التراهن عن معنى القمار الذي إنما هو مواضعة بين اثنين على مال يدور بينهما في الشقين، فيكون كل واحد منهما إما غانماً أو غارماً، ومعنى المحلل ودخوله بين الفرسين المتسابقين هو لأن يكون أمارة لقصدهما إلى الجري والركض لا إلى المال، فيشبه حينئذٍ القمار، وإذا كان الفرس المحلل كفئاً لفرسيهما يخافان أن يسبقهما فيحرز السبق، اجتهدا في الركض وارتاضا به، ومَرَنا عليه، وإذا كان المحلّل بليداً أو كؤوداً، مأموناً أن يُسبق، غير مَخوف أن يتقدم فيُحرز السبق، لم يحصل به معنى التحليل، وصار إدخاله بينهما لغواً لا معنى له، وحصل الأمر على رهانٍ بين فرسين لا محلل محهما، وهو عين القمار المحرم. قال: وصورة الرهان والمسابقة في الخيل: أن يتسابق الرجلان بفرسيهما، فيعمدا إلى فرس ثالث كفءٍ لفرسيهما يدخلانه بينهما، ويتواضعا على مالٍ معلومٍ يكون للسابق منهما، فمن سبق أحرز سبقَهُ، وأخذ سَبَق صاحبه، ولم يكن على المحلل شيء، فإن سبقهما المحلل أحرز السبَقين معاً، وإنما يُحتاج إلى المحلل فيما كان الرهن فيه دائراً بين اثنين، فأما إذا سبّق الأمير وجعل للسابق منهما جُعلا، أو قال الرجل لصاحبه: إن سبقت فلك عشرة دراهم، فهذا جائز من غير محلل، والله أعلم. قال: وفي الحديث دليل على أن التوصل إلى المباح بالذرائع جائز، وأن ذلك ليس من باب الحيلة والتَّلجئة المكروهتين.

68 - باب الجلب على الخيل في السباق

2580 - حدَّثنا محمود بن خالد، حدَّثنا الوليدُ بن مُسلمِ، عن سعيدِ بن بَشيرٍ، عن الزهريِّ، بإسنادِ عبَّادٍ ومعناه (¬1). قال أبو داود: رواه مَعمر وشعيب وعُقَيل [عن الزهريِّ] (¬2) عن رجالٍ من أهل العلمِ، قال أبو داود: وهذا أصحُّ عندنا. 68 - باب الجَلَبِ على الخيلِ في السِّباق 2581 - حدَّثنا يحيى بن خلَف، حدَّثنا عبدُ الوهاب بن عبد المجيد، حدَّثنا عَنبسةُ (ح) وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بِشرُ بن المُفضَّل، عن حميدٍ الطويلِ، جميعاً عن الحسن عن عمرانَ بن حُصينٍ، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا جَلَب ولا جَنَب" زاد يحيى في حديثه: "في الرِّهانِ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف سعيد بن بشير - وهو الأزدى مولاهم الشامي. وانظر ما قبله. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (ج) و (هـ)، ولم ترد في (أ)، وزدنا ذكر الزهري هنا من "تهذيب السنن" لابن قيم الجوزية، ووجوده هنا ضروري، لأن أبا داود أراد ذكر اختلاف أصحاب الزهري عنه في هذا الخبر، وأن الثقات منهم قد رووه على خلاف ما رواه سفيان بن حسين وسعيد بن بشير. (¬3) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الحسن -وهو البصري- لم يسمع من عمران بن حصين. عنبسة مختلف في تعيينه كما ذكر الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" في ترجمة عنبسة بن سعيد القطان، ومحصله أنه معدود في جملة الضعفاء، وقد انفرد بذكر الرهان. حميد الطويل: هو ابن أبي حميد. وأخرجه الترمذي (1151)، والنسائى (3335) و (3590) من طريق حميد الطويل، والنسائي (3591) من طريق أبي قزعة سويد بن حُجير، كلاهما عن الحسن البصري. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. ولم يذكر أحدٌ منهم الرهان.

69 - باب في السيف يحلى

2582 - حدَّثنا ابن المثنى، حدَّثنا عبد الأعلى، عن سعيدٍ، عن قتادةَ، قال: الجَلَب والجَنَب في الرِّهان (¬1). 69 - باب في السيف يُحلَّى 2583 - حدَّثنا مُسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا جَريرُ بن حازمِ، حدَّثنا قتادةُ عن أنس، قال: كانت قَبِيعَةُ سيفِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فضةً (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (19855)، و"صحيح ابن حبان" (3267). وفي الباب عن عبد الله بن عمرو سلف برقم (1591) وفُسِّر هناك الجلب والجنب أنه في الزكاة وهو في "المسند" (6692) وانظر تمام شواهده هناك. قال الخطابي: هذا يفسِّر على أن الفرس لا يُجلَب عليه في السباق، ولا يزجَر الزجرَ الذي يزيد معه مِن شأوه، وإنما يجب أن يركض فرسيهما بتحريك اللجام، وتعريكهما العنان، والاستحثاث بالسوط والمهماز وما في معناهما من غير إجلاب بالصوت. وقد قيل: إن معناه أن يجتمع قوم، فيصطَفُّوا وقوفاً من الجانبين، ويجلبوا، فنهوا عن ذلك. وأما الجنَب، فيقال: إنهم كانوا يجنبون الفرس، حتى إذا قاربوا الأمد تحوّلوا عن المركوب الذي قد كدّه الركوب إلى الفرس الذي لم يُركب، فنهى عن ذلك. (¬1) أثر إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي، وابن المثنى: هو محمد بن المثنى. كذا فسَّر قتادةُ هنا الجَلَب والجَنَب أنه في الرهان، وكذلك فسَّره مالك فيما أسنده عنه البيهقي 10/ 21، وكذلك فسّره ابن أبي أويس فيما أسنده عنه الدارقطني (4832) وفسَّره محمد بن إسحاق فيما سلف عند المصنف برقم (1592) بأنه في زكاة الماشية فقال: هو أن تُصَدَّق الماشية في مواضعها ولا تجلب إلى المُصدِّق، والجنب عن هذه الفريضة أيضاً: لا يُجنَبُ أصحابُها يقول: ولا يكون الرجل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة فتُجْنَبُ إليه، ولكن تؤخذ من موضعه، وفسر أبو عبيد القاسم الجلب والجنب بكلا الأمرين فيما أسنده عنه الدارقطني (4833). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات. مسلم بن إبراهيم: هو الأزدي الفراهيدي أكبر شيخ لأبي داود، وقتادة: هو ابن دِعامة السَّدُوسي. وقد تابع جريرَ بنَ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = حازم على رواية هذا الحديث عن قتادة: همامُ بن يحيى العوذي وأبو عوانة كما سيأتي، وخالفهم هشام بن أبي عبد الله الدستُوائي، فرواه عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن البصري كما في الطريق الآتية، وقد رجح المرسلَ كلٌّ من أحمد بن حنبل في "العلل ومعرفة الرجال" 1/ 239 و 543 والدارمي في "سننه" (2458)، وأبو حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه 1/ 313، وأبو داود نفسه كما سيأتي بإثر الحديث (2585)، والبزار في "مسنده" كما نقله عنه ابن الملقن في "البدر المنير" 1/ 636، ونقله عنه أيضاً ابنُ القطان الفاسي في "بيان الوهم والإيهام" 2/ 147، والنسائى فيما نقله عنه المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 3/ 403، وكذلك نقله عنه ابن الملقن في "البدر المنير" 1/ 635، والدارقطني فيما حكاه عنه ابنُ الملقن 1/ 635 - 636، ونقله عنه أيضاً ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود" 3/ 404، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 143. وقد قال الترمذي بعد إخراجه الحديث (1786): هذا حديث حسن غريب، وقال ابن القيم في "تهذيبه " 3/ 404: الصواب أن حديث قتادة عن أنس محفوظ من رواية الثقات الضابطين المتثبتين جرير بن حازم وهمام، عن قتادة، عن أنس، والذي رواه عن قتادة، عن سعيد بن أبي الحسن مرسلاً هو هشام الدستوائي، وهشام وإن كان مقدماً في أصحاب قتادة، فليس همام وجرير إذا اتفقا بدونه، والله أعلم، وصححه الضياء المقدسي في "مختارته" (2375)، وصححه كذلك العلامة خليل أحمد السهارنفوري في "بذل المجهود" 12/ 86، وله فيه بحث في غاية النفاسة، فراجعه. وأخرجه الترمذي (1786)، والنسائي (5374) من طريق جرير بن حازم، والنسائي (5374) من طريق همام بن يحيى، كلاهما عن قتادة، به. وهو عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1398) من طريق أبي عوانة اليشكري، عن قتادة، عن أنس. لكن في إسناده هلالُ بن يحيى البصري المعروف بهلال الرأي ضعيف. وانظر تمام تخريجه هناك. ويشهد لحديث أنس هذا حديث أبي أمامة بن سهل عند النسائي (5373)، وصحح إسناده ابن الملقن في "البدر المنير" 1/ 639، وتبعه الحافظ في "التلخيص الحبير" 1/ 52، وهو كما قالا. =

2584 - حدَّثنا محمد بنُ المُثنَّى، حدَّثنا معاذُ بن هشامٍ، حدثني أبي، عن قتادةَ عن سعيدِ بن أبي الحسنِ، قال: كانتْ قَبيعةُ سيفِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فضةً (¬1). قال قتادةُ: وما علمتُ أحداً تابعه على ذلك. 2585 - حدَّثنا محمدُ بن بشارٍ، حدَّثني يحيى بنُ كثيرٍ أبو غسّانَ العنبريُّ، عن عثمانَ بن سَعدٍ عن أنس بن مالك، قال: كانت فذكَر مثلَه (¬2). ¬

_ ويشهد له كذلك حديث مرزوق الصيقل عند الطبراني في"الكبير"20/ (844) وأبي الشيخ في "أخلاق النبي -صلَّى الله عليه وسلم- " ص140، والبيهقي 4/ 143، قال ابن الملقن: لا أعلم بهذا السند بأساً، وأثر محمد الباقر عند عبد الرزاق (9663)، وابن سعد في "الطبقات" 1/ 487، والإسناد إليه صحيح. (¬1) رجاله ثقات، ولكنه مُرسل. وسعيد بن أبي الحسن هو أخو الحسن البصري وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائى. وأخرجه النسائي (5375) من طريق يزيد بن زريع، عن هشام الدستوائى، به. وقد تابع هشاماً على إرساله نصر بن طريف عند أحمد في "العلل " 1/ 239 و 543، والعقيلي في "الضعفاء" 1/ 199، ولكن نصر بن طريف متروك الحديث. وذكر العقيلي أن شعبة بن الحجاج قد رواه كما رواه هشام الدستوائي، ولم نقف على متابعته تلك. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عثمان بن سعد -وهو البصري الكاتب- وقد اختلف عليه في هذا الحديث، فرواه أبو عبيدة الحداد كما في "العلل" لابن أبي حاتم 1/ 483، عن عثمان بن سعد، عن ابن سيرين، عن سمرة عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. قال أبو زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم وقد سأله عن هذا الحديث: أبو عبيدة الحداد أحفظ من يحيي بن كثير. قلنا: لكن أبا زرعة جعل الوهم من يحيى بن كثير مع =

70 - باب في النبل يدخل به المسجد

قال أبو داود: أقواها حديثُ سعيدِ بن أبي الحسنِ، والباقيةُ ضِعافٌ. 70 - باب في النَّبْل يُدخَلُ به المسجد 2586 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن أبي الزُّبيرِ عن جابر، عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: أنه أمر رجلاً كان يتصدَّق بالنَّبْل في المسجد أن لا يَمُرَّ بها إلا وهو آخِذٌ بنُصُولها (¬1). ¬

_ = أنه ثقة، ولأن يكون الوهم من عثمان بن سعد الضعيف أليق وأنسب، بأن يكون عثمان رواه مرة كما عند المصنف ومرة كما في الرواية التي أشار إليها ابن أبي حاتم، والله تعالى أعلم. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (5594)، وابن عدي في "الكامل" في ترجمة عثمان بن سعد 5/ 1816، والبيهقي 4/ 143 من طريق يحيي بن كثير، به. وقد صح من طريق أخرى عن أنس كما سلف برقم (2583)، وصح أيضاً عن أبي أمامة بن سهل كما ذكرناه هناك. قال الخطابي: "قبيعة السيف" هو التومة التي فوق المقبض، قلنا: التومة بضم التاء المثناة: اللؤلؤة والدرة ونحوهما، أو مثل ذلك يصنع من الفضة. ثم قال الخطابي: ويستدل به على جواز تحلية اللجام باليسير من الفضة، وسقوط الزكاة عنه على مذهب من يسقط الزكاة عن الحلي. وقد قيل: إنه لا يجوز ذلك، لأنه من زينة الدابة، وإنما جاز ذلك في السيف لأنه من زينة الرجل وآلته، فيقاس عليه المِنطَقة ونحوها من أداة الفارس، دون أداة الفرس. (¬1) إسناده صحيح. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- وإن لم يصرح بالسماع، فإن روايته هنا محمولة على السماع، ذلك أنها من رواية الليث - وهو ابن سعد، عنه، وقد أعلم له أبو الزبير على الأحاديث التي سمعها من جابر سماعاً كما رواه ابن حزم بسنده في "المحلى" 7/ 396 و 9/ 11، ونقله عنه الذهبي في "الميزان" في ترجمة أبي الزبير. =

71 - باب في النهي أن يتعاطى السيف مسلولا

2587 - حدَّثنا محمدُ بن العلاءِ حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن بُريدٍ، عن أبي بُردةَ عن أبي موسى، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا مَرَّ أحدُكم في مسجدِنا، أو في سوقِنا، ومعه نَبلٌ، فليُمسك على نِصالِها -أو قال: فلْيقبِضْ كفَّه أو قال: فليقبِضْ بكفِّه- أن تُصيبَ أحداً من المسلمين" (¬1). 71 - باب في النهي أن يُتعاطَى السيفُ مسلُولاً 2588 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حَمّاد، عن أبي الزبيرِ عن جابرِ: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- نَهى أن يُتعاطَى السيفُ مَسلُولاً (¬2). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2614) من طريق الليث بن سعد، به. وهو في "مسند أحمد" (14781)، و"صحيح ابن حبان" (1648). وأخرج البخاري (451)، ومسلم (2614)، وابن ماجه (3777)، والنسائى (718) من طريق عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله قال: مرَّ رجل في المسجد ومعه سهام، فقال له رسول الله: "أمسك بنصالها". (¬1) إسناده صحيح. أبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري، وبُريد: هو ابن عبدالله بن أبي بُردة، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة، ومحمد بن العلاء: هو الهَمداني أبو كريب مشهور بكنيته. وأخرجه البخاري (452)، ومسلم (2615)، وابن ماجه (3778) من طريق بريد بن عبد الله بن أبي بردة، به. وهو في "مسند أحمد" (19488) و (19545)، و "صحيح ابن حبان" (1649). وقال الحافظ في "الفتح" وفى الحديث إشارة إلى تعظيم قليل الدم وكثيره، وتأكيد حرمة المسلم، وجواز إدخال السلاح المسجد. (¬2) إسناده صحيح، وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- قد صرح بالسماع عند أحمد (14981)، وابن حبان (5943). حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه الترمذي (2302) من طريق حماد بن سلمة، به. وقال: حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (14201)، و"صحيح ابن حبان" (5943).

72 - باب في النهي أن يقد السير بين إصبعين

72 - باب في النهي أن يُقَدَّ السَّيرُ بين إصبعين (¬1) 2589 - حدَّثنا محمدُ بن بشار، حدَّثنا قُريشُ بن أنسٍ، حدَّثنا أشعثُ، عن الحسن عن سَمُرة بن جُندبٍ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهى أن يُقَدَّ السَّيرُ بين إصبعين (¬2). ¬

_ (¬1) هذا التبويب أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنه من رواية أبي عيسى الرملي. (¬2) ضعيف، وهذا سند رجاله ثقات، لكن الحسن -وهو البصري- مختلف في سماعه من سمرة بن جندب، وقريش بن أنس ثقة، لكنه اختلط قُبيل موته. وأخرجه الرويانى في "مسنده" (819)، وابن حبان في "المجروحين" 2/ 220 من طريق محمد بن بشار، والطبراني في "الكبير" (6935) من طريق علي ابن المديني، والحاكم 4/ 281 من طريق أبي قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثلاثتهم عن قريش بن أنس، بهذا الإسناد. وقال الذهبي في "الميزان" 3/ 389 في ترجمة قريش بن أنس: هذا حديث منكر. وأخرجه أبو بكر القطيعي في "جزء الألف دينار" (297)، والطبرانى (6910) من طريق يعلى بن عباد، عن همام، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة. ويعلى بن عباد -وهو الكلابي- ضعيف الحديث. وأخرجه الطبراني (6949) من طريق عاصم بن على الواسطي، عن قيس بن الربيع، عن إسماعيل بن مسلم المكي، عن الحسن، عن سمرة. وإسماعيل بن مسلم المكي ضعيف الحديث وعاصم بن علي وقيس بن الربيع في حفظهما شيء. وأخرجه الطبراني أيضاً (7077) من طريق محمد بن إبراهيم بن خبيب بن سليمان بن سمرة، عن جعفر بن سعد بن سمرة، عن خبيب بن سليمان بن سمرة، عن أبيه، عن جده سمرة بن جندب. قال الذهبي في "الميزان" في ترجمة جعفر بن سعد ابن سمرة وروى له عدة أحاديث بهذه السلسلة نفسها: وبكل حالٍ هذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم. ونقل عن ابن القطان قوله: ما من هؤلاء من يُعرف حاله، وقد جَهِد المحدثون فيهم جُهدَهم. =

73 - باب في لبس الدروع

73 - باب في لُبس الدُّروعِ 2590 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، قال: حسبتُ أني سمعتُ يزيدَ ابنَ خُصيفةَ يَذكُر، عن السَّائبِ بن يزيدَ عن رجلٍ قد سماه: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ظاهَرَ يومَ أُحدٍ بين درْعَين، أو لَبِسَ دِرْعَين (¬1). ¬

_ = القد: القطع طولاً كالشق، والسير: ما يقد من الجلد. أي: نهى أن يقطع ويشق قطعة الجلد بين إصبعين لئلا تعقر الحديدة يده. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وتعيين الحافظ المنذري له بأنه الثوري فيه نظر، فالثوري وإن توفى في البصرة بلد مُسَدَّد بن مُسَرْهَد، وكان عمر مسدَّد إذ ذاك بحدودِ الأحدَ عشرَ عاماً -لا يُعرف أنه سمع منه، وإنما يُعرف سماعُه من سفيان بن عيينة، ثم إن هذا الحديث لا يُعرف أحدٌ رواه غير سفيان بن عيينة، عن يزيد ابن خصيفة- وهو يزيد بن عبد الله ابن خصيفة - كذلك رواه أحمد وابن المديني والشافعي وغيرهم عن ابن عيينة. وأما شك سفيان بسماعه من ابن خصيفة فزائل بما وقع من التصريح جزماً عند أحمد في "مسنده" (15722) وقد رواه ابن عيينة على ثلاثة وجوه كما سيأتي بيانه. فأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (660)، والشاشي في"مسنده" (23)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 25 - 26 من طريق سويد بن سعيد، عن سفيان بن عيينة، عن يزيد ابن خصيفة، عن السائب بن يزيد، عن رجل من بني تيم يقال له معاذ. فسماه معاذاً. وسُويد ابن سعيد ضعيف يعتبر به، وقد تابعه دون تسمية الرجل مسدَّدٌ كما في طريق المصنف. وأخرجه أبو يعلى (659) من طريق بشر بن السريّ، والشاشي (22) و (24) و (25)، وابن قانع 2/ 39، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 46 من طريق إبراهيم بن بشار الرمادي، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن يزيد بن خُصيفة، عن السائب بن يزيد، عن رجل من بنى تيم، عن طلحة بن عبيد الله - فزاد في الإسناد طلحة بن عبيد الله. وبمتابعة إبراهيم بن بشار الرمادي هنا ينفي ما قاله الدارقطني في "علله" 4/ 218 من تفرد بشر بن السري بهذا الوجه. وقال إبراهيم بن بشار في روايته عند الشاشي (22): وقال سفيان مرة أخرى: حدَّثنا يزيد ابن خصيفة، عن السائب. ولم يذكر الإسناد فيه. قلنا: يعني رواه بالوجه الثالث الآتى. =

74 - باب في الرايات والألوية

74 - باب في الرايات والألوية (¬1) 2591 - حدَّثنا إبراهيم بن مُوسى الرازيُّ، أخبرنا ابنُ أبي زائدةَ، أخبرنا أبو يعقوب الثقفيُّ، حدثني يونُس بن عُبيدٍ مولى محمدِ بن القاسم، قال: ¬

_ = وأخرجه الشافعي في "مسند" 2/ 120، وسعيد بن منصور (2858)، وأحمد (15722)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (6669) وأخرجه ابن سعد في"الطبقات" 2/ 46 من طريق عبد الله بن المبارك، وابن ماجه (2806) عن هشام بن عمار، والترمذي (104)، والبغوي في "شرح السنة" (2658) من طريق ابن أبي عمر العدني، والنسائي في "الكبرى" (8529) عن عبد الله بن محمد الضعيف، وابن الجارود في "المنتقى" (1060) عن عبد الله بن هاشم، والشاشي (22) من طريق إبراهيم بن بشار الرمادي، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي -صلَّى الله عليه وسلم-" ص 142 من طريق علي ابن المديني، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 46، والبغوي في "شرح السنة" (2659) من طريق يحيى بن الربيع المكي، كلهم (الشافعي وسعيد بن منصور وأحمد بن حنبل وعبد الله بن المبارك وهشام ابن عمار وابن أبي عمر وعبد الله بن هاشم وعبد الله بن محمد الضعيف وإبراهيم بن بشار وعلي ابن المديني ويحيى بن الربيع) عن سفيان بن عيينة، عن يزيد بن عبد الله بن خصيفة، عن السائب بن يزيد لم يجاوزه، وهذا الذي رجحه الدارقطني في "العلل" 4/ 218. والسائب بن يزيد له صحبة، فعلى أي تقدير يكون الإسناد صحيحاً، ويكون رفع السائب له إرسالاً من صحابي، ومُرسل الصحابي صحيح. وفي الباب عن الزبير بن العوام عند ابن هشام في"السيرة النبوية" 3/ 91، والترمذي في "جامعه" (1787)، وفي "الشمائل" (103)، والحاكم 3/ 25، والبيهقي 6/ 370، والضياء المقدسي في "المختارة" (861) و (862). وإسناده حسن. وعن سعد بن أبي وقاص عند الدورقي في "مسند سعد" (90)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 746، والخطيب البغدادي في"تاريخه" 7/ 305 وإسناد ابن عدي والخطيب حسن. (¬1) جاء في "بذل المجهود" 12/ 92: قال ابن الأثير في "النهاية" 3/ 526: الراية العلم الضخم، وكان اسم راية النبي -صلَّى الله عليه وسلم- العقاب، وفي "المغرب ": اللواء علم الجيش، وهو دون الراية، لأنه شقة ثوب يلوى ويشد إلى عود الرمح، والراية: علم الجيش، ويكنى أم الحرب، وهو فوق اللواء، وقال التوربشتي: الراية: هي التي يتولاها صاحب الحرب ويقاتل عليها، واللواء: علامة كبكبة الأمير تدور معه حيث دار.

بعثني محمد بن القاسم، إلى البَراء بن عازِبٍ يسألُه عن رايةِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ما كانت؟ فقال: كانت سوداءَ مُربَّعةً من نَمِرةٍ (¬1). 2592 - حدَّثنا إسحاقُ بن إبراهيمَ المروزي -وهو ابن راهَويه-، حدَّثنا يحيي بنُ آدمَ، حدَّثنا شريكٌ، عن عمارِ الدهنيِّ، عن أبي الزبيرِ عن جابر يرفعُه إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: أنه كان لِواؤُه يومَ دخلَ مكة أبيضَ (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يونس بن عبيد مولى محمد بن القاسم. ولضعف أبي يعقوب الثقفي -واسمه إسحاق بن إبراهيم- ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة. وسأل الترمذي في "العلل الكبير" 713/ 2 شيخه البخاري عن هذا الحديث فقال: هو حديث حسن. وأخرجه الترمذي (1775)، والنسائي في "الكبرى" (8552) من طريق ابن أبي زائدة، بهذا الإسناد. وقال الترمذى: حديث حسن غريب. وفي الباب عنِ ابن عباس عند ابن ماجه (2818)، وانظر تمام شواهده هناك. وقوله: من نمِرة: بفتح النون وكسر الميم: بردة من صوف يلبسها الأعراب، فيها تخطيط من سواد وبياض، ولذلك سميت نمرة تشبيهاً بالنمر. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي- مدلس وقد عنعن. وأخرجه ابن ماجه (2817)، والترمذي (1774)، والنسائي (2866) من طريق يحيى بن آدم، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يحى بن آدم، عن شريك، وسألت محمداً (يعني البخاري) عن هذا الحديث فلم يعرفه إلا من حديث يحيى بن آدم، عن شريك، وقال: حدَّثنا غير واحدٍ عن شريك، عن عمار، عن أبي الزبير، عن جابر: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- دخل مكة وعليه عمامة سوداء. وهو في "صحيح ابن حبان" (4743). وفي الباب عن ابن عباس عند الترمذي (1776)، وابن ماجه (2818) وهو حديث حسن. وعن عائشة عند أبي الشيخ في "أخلاق النبي -صلَّى الله عليه وسلم-" ص 144 - 145، والبغوي (2665).

75 - باب في الانتصار برذل الخيل والضعفة

2593 - حدَّثنا عقبةُ بن مُكرَمٍ، حدَّثنا سَلمُ بن قُتيبةَ الشَعِيريُّ، عن شُعبةَ، عن سماكٍ، عن رجلِ من قومِه عن آخَرَ منهم، قال: رأيتُ رايةَ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- صفراءَ (¬1). 75 - باب في الانتصار برُذُل الخيل والضَّعفة 2594 - حدَّثنا مُؤمَّل بن الفَضل الحرَّانيُّ، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا ابنُ جابر، عن زيدِ بن أرطاةَ الفَزَاريِّ، عن جُبيرِ بن نُفَير الحضرميِّ أنه سمع أبا الدرداء يقولُ: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "ابغُوني الضعفاءَ، فإنما تُرزَقُون وتُنْصَرون بضعفائِكم" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لإبهام شيخ سماك -وهو ابن حرب. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1694)، والبيهقي 6/ 363 من طريق سلم بن قتيبة، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الشامي، والوليد: هو ابن مسلم الدشقى، وهو وإن لم يصرح بسماعه في كل طبقات الإسناد تابعه عبد الله بن المبارك وغيره. فأُمن تدليسه. وأخرجه الترمذي (1797) من طريق عبد الله بن المبارك، والنسائي (3179) من طريق عمر بن عبد الواحد، كلاهما عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21731)، و"صحيح ابن حبان" (4767). وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص عند البخاري (2896) من طريق مصعب بن سعد قال: رأى سعد رضي الله عنه أن له فضلاً على من دونه، فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "هل تُنصرون وتُرزقون إلا بضعفائكم". وهو عند النسائي 6/ 45 من طريق مصعب بن سعد عن أبيه بزيادة تبين معنى الحديث، ولفظه: "إنما ينصُرُ الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم". قال ابن بطال: تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصاً في الدعاء، وأكثر خشوعاً في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا. =

76 - باب في الرجل ينادي بالشعار

قال أبو داودَ: زيدُ بن أرطاةَ أخو عديِّ بن أرطاةَ. 76 - باب في الرجل ينادي بالشِّعار 2595 - حدَّثنا سعيدُ بن مَنصورٍ، حدَّثنا يزيدُ بن هارونَ، عن الحجّاج، عن قتادةَ، عن الحسنِ عن سَمُرةَ بن جُندبِ، قال: كانَ شعارُ المهاجرين عبدَ الله، وشعارُ الأنصار عبدَ الرحمن (¬1). ¬

_ = وقوله: "ابغوني" قال المناوي في "فيض القدير" 1/ 82: بالوصل من الثلاثي، فهو مكسور الهمز، أي: اطلبوا لي طلباً حثيثاً، يقال: ابغني مطالبي: اطلبها لي، وفي رواية بالقطع من الرباعي فهو مفتوح الهمزة، أي: أعينوني على الطلب. يقال: أبغيتك الشي أي: أعنتك على طلبه، قال ابن حجر: الأول أليق بالقياس، وأوفق في المذاق. (¬1) إسناده ضعيف لضعف الحجاج -وهو ابن أرطاة- ثم هو مدلس وقد عنعن، والحسن -وهو البصري- مختلف في سماعه من سمرة. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2909). وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 530، والروياني في "مسنده" (803)، والطبراني في "الكبير" (6953)، والبيهقي 6/ 361 من طريق الحجاج بن أرطاة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني (7102) من طريق سليمان بن موسى الزهري، عن جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب، عن خبيب بن سليمان بن سمرة، عن أبيه، عن جده. قال: كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- جعل شعار المهاجرين يا بني عبد الرحمن، وشعار الخزرج يا بني عبد الله، وشعار الأوس يا بني عُبيد الله، وسمى خيلنا خيل الله إذا فَزِعنا. قال الذهبي في "الميزان" في ترجمة جعفر بن سعد بن سمرة وروى له عدة أحاديث بهذه السلسلة نفسها: وبكل حال هذا إسناد مُظلم لا ينهض بحكم، ونقل عن ابن القطان قوله: ما من هؤلاء من يعرف حاله، وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم. قلنا: لكن أخرج الحاكم 2/ 106، وعنه البيهقي 6/ 361 ما يوافق هذه الرواية الأخيرة من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن يزيد بن رومان، عن عروة ابن الزبير، عن عائشة. وإبراهيم ضعيف، وخالفه ابن إسحاق عند البيهقي 6/ 361 فرواه عن عمر بن عبد الله بن عروة، عن جده عروة بن الزبير مرسلاً.

2596 - حدَّثنا هَنَّادٌ، عن ابنِ المبارَك، عن عكرمةَ بن عمارٍ، عن إياسِ بن سلمة عن أبيه، قال: غَزَونا مع أبي بكرِ رضي الله عنه زمنَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فكان شعارُنا أمِتْ أمِتْ (¬1). 2597 - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سفيانُ، عن أبي إسحاقَ، عن المُهلَّب بن أبي صُفْرة قال: أخبرني مَنْ سمع النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "إنْ بُيِّتُّم فليكن شعارُكم: حم لا يُنصَرونَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل عكرمة بن عمار. سلمة: هو ابن الأكوع، وابن المبارك: هو عبد الله، وهناد: هو ابن السَّريِّ. وأخرجه النسائي في "الكبري" (8612) و (8811) من طريق عكرمة بن عمار، به. وهو في "مسند أحمد" (16498)، و"صحيح ابن حبان" (4744). وسيأتي عند المصنف أيضاً (2638). والشعار: العلامة في الحرب. أمت أمت قال ابن الأثير: هو أمر بالموت، والمراد به التفاؤل بالنصر بعد الأمر بالإماتة مع حصول الفرض للشعار فإنهم جعلوا هذه الكلمة علامة يتعارفون بها لأجل ظلمة الليل. قيل: المخاطب هو الله تعالى، فإنه المميت، فالمعنى: يا ناصر أمت وفي رواية في "أخلاق النبي" ص165: يا منصور أمت أمت، فالمخاطب على هذه الرواية: كل واحد من المقاتلين ذكره القاري. (¬2) إسناده صحيح. وإبهام الصحابي لا يضر، أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وسفيان -وهو الثوري- أثبت الناس في أبي إسحاق. وأخرجه الترمذي (1777) من طريق سفيان الثوري والنسائي في "الكبرى" (8810) من طريق شريك النخعي، كلاهما عن أبي إسحاق، به. وهو في "مسند أحمد" (16615). وأخرجه النسائي (10376) عن هشام بن عمار، عن الوليد بن مسلم، عن شيبان (وفي "تحفة الأشراف": "سفيان"، وقال: في نسخة "شيبان" بدل "سفيان") عن أبي إسحاق، عن البراء. =

77 - باب ما يقول الرجل إذا سافر

77 - باب ما يقول الرجل إذا سافر 2598 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا محمدُ بن عَجْلانَ، حدَّثني سعيدٌ المقَبُريُّ عن أبي هُريرةَ، قال: كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا سافر قال: "اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ، والخليفةُ في الأَهلِ، اللهم إني أعوذ بك من وعْثَاء السفرِ، وكآبةِ المُنقَلَب، وسُوء المنظَرِ في الأَهل والمالِ، اللهم اطْوِ لنا الأَرَضَ، وهَوِّن علينا السفرَ" (¬1). 2599 - حدَّثنا الحسنُ بن علي، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا ابنُ جُريجٍ، أخبرني أبو الزبيرِ، أن علياً الأَزديَّ أخبره ¬

_ = وأخرجه النسائي (10377) من طريق أجلح بن عبد الله بن حُجَيَّهَ، عن أبي إسحاق، عن البراء. وهو في "مسند أحمد" (18549). وأخرجه النسائى (10379) من طريق زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن المهلب بن أبي صفرة، مرسلاً وزهير ممن سمع من أبي إسحاق بعد اختلاطه. (¬1) إسناده صحيح. سعيد المقبري: هو ابن أبي سعيد، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، ومُسَدَّد: هو ابنُ مُسَرهَد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10261) من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (3738) و (3739)، والنسائي (7885) و (8751) من طريق أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (9205) و (9599). قال الخطابي: قوله: "وعثاء السفر" معناه المشقة والشدة، وأصله: من الوَعْث، وهو أرض فيها رملٌ تسوخ فيها الأرجل. ومعنى "كآبة المنقلب" أن ينقلب من سفره إلى أهله كئيباً حزيناً، غير مَقضيّ الحاجة، أو منكوباً ذهب مالُه، أو أصابته آفة في سفره، أو أن يرد على أهله فيجدهم مرضى، أو يفقد بعضهم، وما أشبه ذلك من المكروه.

78 - باب في الدعاء عند الوداع

أن ابنَ عمر علَّمه: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان إذا استوى على بعيرِه خارجاً إلى سفرٍ كبَّر ثلاثاً، ثم قال: " {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف:13 - 14] اللهم إني أسألُك في سفرِنا هذا البرَّ والتقوى، ومِن العملِ ما تَرضَى، اللهم هَوِّن علينا سفرَنا هذا، اللهم اطْوِ لنا البُعدَ، اللهم أنت الصاحبُ في السفر، والخليفةُ في الأهلِ والمالِ"، وإذا رجَعَ قالهن، وزاد فيهن: "آيبُون تائبون عابدون لِربنا حامِدُونَ"، وكان النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وجيوشُه إذا علوا الثنايا كبَّروا، وإذا هَبَطُوا سبَّحوا، فوُضِعَتِ الصلاةُ على ذلكَ (¬1). 78 - باب في الدعاء عند الوداع 2600 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بن داودَ، عن عبد العزيز بن عمر، عن إسماعيلَ بن جرير، عن قزَعَةَ، قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. علي الأزدي: هو ابن عبد الله البارقي، وأبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وقد صرح هو وأبو الزبير بالسماع فانتفت شبهة تدليسهما. وهو في "مصنف عبد الرزاق " (9232). وأخرجه مسلم (1342)، والترمذي (3750)، والنسائي في "الكبرى" (11402) من طريق أبي الزبير، به، ولم يذكر النسائى في روايته دعاءه -صلَّى الله عليه وسلم- إذا رجع من سفره، ولم يذكروا جميعاً قوله في آخر الحديث: وكان النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وجيوشُه ... وهو في "مسند أحمد" (6311)، و"صحيح ابن حبان" (2696). وقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} قال ابن عباس ومجاهد: مطيقين. قال ابن قتيبة: يقال: أنا مُقْرِنٌ لك، أي: مطيق لك، ويقال: هو من قولهم: أنا قِرْنٌ لفلان: إذا كنت مثله في الشدة، فإن قلت: أنا قرن لفلان بفتح القاف، فمعناه أن يكون مثله بالسن.

قال لي ابنُ عمر: هلُمَّ أُودِّعْك كما ودَّعني رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أستودع الله دينَك وأمانتَك وخواتيمَ عملِك" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه في تسمية شيخ عبد العزيز بن عمر -وهو الأموي- والصحيح أنه يحيى بن إسماعيل بن جرير فيما رجحه أبو حاتم وأبو زرعة كما ذكر ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 269، وكذلك رجحه الدارقطني في "العلل" 4/ ورقة 112، وقال المزي في "تهذيب الكمال" 3/ 56: هو المحفوظ، وتابعه ابن حجر في "تهذيب التهذيب"، ويحيى بن إسماعيل بن جرير بن عبد الله البجلي ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: لا يحتج به. قلنا: وقد انفرد برفع الحديث عن قزعة، لكن الحديث روي من وجوه أُخَر عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4957). وأخرجه النسائى في "الكبري" (10269/ 3) من طريق عبدة بن سليمان، و (10269/ 4) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، و (10269/ 5) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، ثلاثتهم عن عبد العزيز بن عمر، عن يحيى بن إسماعيل بن جرير، عن قزعة, عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (6199)، وانظر تمام الكلام على هذا الإسناد عنده. وأخرجه النسائي (10271) من طريق عيسى بن يونس، عن عبد العزيز بن عمر، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن قزعة، عن ابن عمر. كذا سماه إسماعيل بن محمد بن سعد، فوهم، والصحيح يحيى بن إسماعيل كما سبق بيانه. وأخرجه كذلك (10272) عن هشام بن عمار، عن يحيى بن سعيد، عن عبد العزيز ابن عمر، عن قزعة، عن ابن عمر، فأسقط من إسناده يحيى بن إسماعيل!! ولعل الوهم فيه من هشام. وأخرجه النسائي أيضا (10273 - 10275) من طريق نهشل بن مُجمِّع الضبي، عن قزعة، قال: كنت عند ابن عمر، فلما خرجتُ شيعني، وقال: سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: قال لقمان الحكيم: إن الله إذا استُودع شيئاً حفظه وإني أستودع الله دينك=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأمانتك وخواتم عملك، وأقرأ عليك السلام. كذلك رواه نهشل في رواية النسائي الأولى وهي أتم الروايات عنه فجعله من قول ابن عمر، وكذلك رواه المطعم بن المقداد، عن مجاهد، عن ابن عمر عند النسائي (10269/ 1). لكنه لم يذكر لقمان الحكيم. وإسناد نهشل صحيح وإسناد المُطعمِ قوي. وأخرجه موقوفاً كذلك النسائي (10276) من طريق نهشلٍ أيضاً، عن أبي غالب قال: شيعت أنا وقزعةُ ابنَ عمر، فقال ... كروايته السابقة. إلا أنه جعل المشيَّع هنا عبد الله بن عمر. وأخرجه موقوفاً أيضاً النسائي (10177) و (10278) من طريق أبي سنان ضرار ابن مرة الشيباني، عن قزعة وأبي غالب قالا: شيعنا ابن عمر ... وأبو سنان ثقة والإسناد إليه صحيح. وأخرجه الترمذي (3744)، والنسائي (8755) و (10280) من طريق أبي معمر سعيد بن خثيم، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه مرفوعاً. وأعله أبو زرعة وأبو حاتم كما في "العلل" لابن أبي حاتم 1/ 268 - 269 بأن سعيد بن خثيم وهم فيه، وأن الصحيح عندهما: عن عبد العزيز بن عمر، عن يحيي ابن إسماعيل بن جرير، عن قزعة، عن ابن عمر. لكن الترمذي قال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث سالم بن عبد الله. وهو في "مسند أحمد" (4524). وأخرجه النسائي (8754) و (10279)، وأبو يعلى (5674)، وابن خزيمة (2531)، والحاكم 2/ 97 من طريق الوليد بن مسلم، عن حنظلة بن أبي سفيان، عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن عمر. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، لكن نقل ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 268 - 269 عن أبيه وأبي زرعة أنهما قالا: وروى هذا الحديث الوليد بن مسلم، فوهم فيه أيضاً؛ فقال: عن حنظلة، عن سالم، عن القاسم، عن ابن عمر!! قلنا: أما ذكر سالم فلم يرد في حديث الوليد عند من خرج الحديث من طريقه: ثم إن الوليد لم ينفرد به، فقد أخرجه الحاكم 1/ 442، وعنه البيهقي 5/ 251 من طريق إسحاق بن سليمان الرازي، وهو ثقة والإسناد إليه ثقات كلهم. =

79 - باب ما يقول الرجل إذا ركب

2601 - حدَّثنا الحسنُ بن علي، حدَّثنا يحيي بنُ إسحاقَ السِّيلَحيني، حدَّثنا حمادُ بن سلمةَ، عن أبي جعفرِ الخَطميِّ، عن محمد بن كعْبٍ عن عبدِ الله الخَطمِيّ قال: كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يستودعَ الجيشَ قال: "أستودعُ اللهَ دينكُم وأمانتكم وخَواتيمَ أعمالِكم" (¬1). 79 - باب ما يقول الرجل إذا ركب 2602 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو الأحوصِ، حدَّثنا أبو إسحاقَ الهمدانيُّ، عن عليِّ بن ربيعةَ، قال: شهدتُ علياً رضي الله عنه وأُتيَ بدابّة ليركبَها، فلما وضع رجلَه في الرِّكاب، قال: باسمِ اللهِ، فلما استوى على ظهرِها قال: الحمدُ ¬

_ = وأخرجه الترمذي (3743) من طريق إبراهيم بن عبد الرحمن بن يزيد بن أمية، وابن ماجه (2826)، والنسائي (10267) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر. وابراهيم مجهول وابن أبي ليلى سيئ الحفظ. وأخرجه النسائي (10269) من طريق عبد الله بن عمر العمري، عن عبد العزيز ابن عمر بن عبد العزيز، عن مجاهد، عن ابن عمر. وعبد الله بن عمر العمري ضعيف الحديث. ويشهد له حديث عبد الله بن يزيد الخطمي الآتي بعده، واسناده صحيح. وقوله: أستودع الله دينك، أي: أستحفظ وأطلب منه حفظ دينك. وأمانتك: قال الخطابي: الأمانة هاهنا أهله ومن يخلفه منهم، وماله الذي يودعه ويستحفظه أمينه ووكيله ومن في معناهما. (¬1) إسناده صحيح. محمد بن كعب: هو القُرظي، وأبو جعفر الخَطمي: هو عُمير بن يزيد الأنصاري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10268)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5942)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 114، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (504)، والحاكم 2/ 97 - 98، والبيهقي 7/ 272 من طريق حماد بن سلمة، عن أي جعفر الخطْمي، به.

لله ثم قال: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ (14)} [الزخرف:13 - 14] ثم قال: الحمدُ لله، ثلاثَ مراتٍ، ثم قال: اللهُ أكبرُ، ثلاثَ مراتٍ، ثم قال: سُبحانَك إني ظلمتُ نفسِي فاغفرْ لي، فإنه لا يغفرُ الذنوبَ إلا أنت، ثم ضحكَ، فقيل: يا أمير المؤمنين، من أيِّ شيء ضحكتَ؟ قال: رأيتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فعل كما فعلتُ، ثم ضحكَ، فقلت: يا رسول الله، من أي شيء ضحكتَ؟ قال: "إن ربَّك يعجَبُ من عبده إذا قال: اغفرْ لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفرُ الذنوبَ غَيرِي" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن، أبو إسحاق الهمداني -وهو عمرو بن عبد الله السبيعي- قد دلَّس في هذا الإسناد، فحذف منه رجلين بينه وبين علي بن ربيعة، مع أنه محتمل السماع منه جداً، لكن روى ابن أبي حاتم في مقدمة "الجرح والتعديل" ص168 عن شعبة أنه قال: قلت لأبي إسحاق: من حدثك عن علي بن ربيعة قال: كنت ردف عليٍّ، فلما ركب قال: سبحان الذي سخر لنا هذا؟ قال: سمعتُ من يونس بن خباب، َ فأتيتُ يونس بن خباب، فقلتُ من حدثك؟ قال: حدثني رجلٌ عن علي بن ربيعة، ونحو هذا نقل البخاري في" التاريخ الأوسط"1/ 290 - 291, والدارقطني في "العلل" 4/ 61. وهذا الرجل المبهم سماه الطبراني في "الأوسط" (175): شقيق بن أبي عبد الله، والدارقطني في "العلل": شقيق بن عقبة, قال الحافظ في "نتائج الأفكار" كما نقله عنه ابن علان في "الفتوحات الربانية" 5/ 126: شقيق هذا ما عرفت اسم أبيه ولا حاله هو، والعلم عند الله تعالى. قلنا: وقع تصريح أبي إسحاق السبيعي بإخبار علي بن ربيعة له عند عبد بن حميد (88)، والبيهقي 5/ 252، والبغوي في "شرح السنة" (1342)، والضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" (677) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق! وقال عبد الرزاق فيما حكاه الإمام أحمد عنه في "المسند" (930): وأكثر ذاك يقول (يعني به أبا إسحاق): أخبرني من شهد عليا حين ركب ... الحديث! فالظاهر من كلام عبد الرزاق هذا أن أبا إسحاق السبيعي كان أحياناً يصرح بالإخبار، وأحياناً لا يصرح، فالله تعالى أعلم! =

80 - باب ما يقول الرجل إذا نزل المنزل

80 - باب ما يقولُ الرجلُ إذا نزلَ المنزلَ 2603 - حدَّثنا عَمرو بن عُثمانَ، حدَّثنا بقيةُ، حدَّثني صفوانُ، حدَّثني شُريحُ بن عُبيدٍ، عن الزُّبير بن الوليد عن عبد الله بن عمر، قال: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا سافر فأقبل الليل، قال: "يا أرضُ، ربي وربُّكِ اللهُ، أعوذُ بالله من شَرِّك، وشَرِّ ما فيك، وشرِّ ما خُلِقَ فيك، وشَرِّ ما يَدِبُّ عليكِ، وأعوذ بالله من أسَدٍ وأسودَ، ومِن الحيةِ والعقْربِ، ومن ساكنِ البلد، ومِن والدٍ وما وَلَدَ" (¬1). ¬

_ = وعلى أي حال فللحديث طرق أخرى. وأخرجه الترمذي (3749)، والنسائي في "الكبرى" (8748) و (8749) و (10263) من طريقين عن أبي إسحاق السبيعي، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (753)، و"صحيح ابن حبان" (2697) و (2698). وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 284، والبزار في "مسنده" (771)، والطبراني في "الدعاء" (777) من طريق إسماعيل بن عبد الملك بن أبي الضُّفير -أو الضُّفَيرا- والطبراني (780) من طريق الحكم، والطبراني أيضاً (778)، والحاكم 2/ 98 - 99 من طريق المنهال بن عمرو، ثلاثتهم عن علي بن ربيعة، به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقد قال الدارقطنى في "العلل" 4/ 62: أحسنها إسناداً حديث المنهال بن عمرو، عن علي بن ربيعة، وقال الحافظ في "أمالي الأذكار" عن طريق المنهال كما في "الفتوحات الربانية" 5/ 125: رجاله كلهم موثقون من رجال الصحيح إلا ميسرة وهو ثقة. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة الزبير بن الوليد، وبقية -وهو ابن الوليد- وإن كان ضعيفاً قد توبع، فتبقى جهالة الزبير بن الوليد. عمرو بن عثمان: هو ابن سعيد بن كثير ابن دينار، وصفوان: هو ابن عمرو السَّكسَكي. =

81 - باب في كراهية السير أول الليل

81 - باب في كراهيةِ السيرِ أولَ الليلِ 2604 - حدَّثنا أحمدُ بن أبي شعيبِ الحرَّانيُّ، حدَّثنا زُهير، حدَّثنا أبو الزبير عن جابر قال: قال رسولُ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تُرسِلُوا فَواشيَكم إذا غابتِ الشمسُ حتى تذهبَ فحمةُ العِشاءِ؛ فإن الشياطينَ تَعيثُ إذا غابتِ الشمسُ حتى تذهبَ فحمة العِشاء" (¬1). قال أبو داود: الفَواشي ما يفشُو مِن كلّ شيءٍ. ¬

_ وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7813) من طريق أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني، و (10322) من طريق بقية بن الوليد، كلاهما عن صفوان بن عمرو، بهذا الإسناد. وقال النسائي عقب روايته الثانية: الزبير بن الوليد شامي ما أعرف له غير هذا الحديث. وهو في "مسند أحمد" (6161). قوله: "ساكن البلد" قال الخطابي: يريد به الجن الذين هم سكانُ الأرض، والبلد من الأرض: ما كان مأوى للحيوان، وإن لم يكن فيه بناء ومنازل. قال: ويحتمل أن يكون أراد بالوالد: إبليس، وما ولد: الشياطين. (¬1) إسناده صحح. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي- قد صرح بالسماع عند الحميدي (1273) فانتفت شبهة تدليسه ثم إنه متابع. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه مسلم (2013) من طريق زهير بن معاوية، به. وهو في "مسند أحمد" (14342)، و"صحيح ابن حبان" (1275). وأخرجه البخاري (3280)، ومسلم (2012) من طريق عطاء بن أبي رباح، والبخاري (3304)، ومسلم بإثر (2012) من طريق عمرو بن دينار، كلاهما عن جابر ابن عبد الله بلفظ: "إذا استجنح الليل -أو كان جُنحُ الليل- , فكُفُّوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ، فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم". لفظ عطاء عند البخاري. وسيأتي عند المصنف من طريق عطاء، عن جابر بلفظ: "واكفتوا صبيانكم عند العشاء -أو عند المساء- فإن للجن انتشاراً وخطفة" وانظر تمام تخريجه هناك. =

82 - باب، في أي يوم يستحب السفر

82 - باب، في أي يومٍ يُستحب السفرُ 2605 - حدَّثنا سعيدُ بن مَنصورٍ، حدَّثنا عبدُ الله بن المبارَكِ، عن يونسَ بن يزيدَ، عن الزُّهري، عن عبد الرحمن بن كعبِ بن مالكٍ عن كعب بن مالك، قال: قلَّما كانَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يَخرُجُ في سفرِ إلا يومَ الخميسِ (¬1). 83 - باب في الابتكار في السفر 2606 - حدَّثنا سعيدُ بن مَنصورٍ، حدَّثنا هُشيمٌ، حدَّثنا يعلى بن عطاءٍ، حدَّثنا عُمارة بن حَديدٍ عن صخرِ الغامديِّ، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "اللهم بارِك لأُمتي في بُكورِها"، وكان إذا بعثَ سَريَّةً، أو جيشاً بعثهم من أولِ النهار. ¬

_ = قوله: "فواشيكم" قال المنذري في "تهذيب السنن": جمع فاشية، وهي الماشية التي تنتشر من المال، كالإبل والبقر والغنم السائمة والصبيان وغيرهم، لأنها تفشو أي: تنتشر. و"فَحْمة العشاء" (بفتح الفاء وسكون العين): هو إقبالُه وأول سواده، وهو أشد الليل سواداً، قال ابن الأعرابي: يقال للظُّلْمة التي بين الصلاتين: الفحمة، وللظُّلْمة التي بين العتمة والغداة: العَسْعَسَة. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2380). وأخرجه البخاري (2949)، والنسائى في "الكبرى" (8736) من طريق يونس بن يزيد، والنسائي (8734) من طريق معمر بن راشد، كلاهما عن الزهري، به. لكن لفظ معمر: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- خرج في غزوة تبوك يوم الخميس، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس. وهو في "مسند أحمد" (15781)، و"صحيح ابن حبان" (3370). قال الحافظ في "الفتح" وكونه يحب الخروج يوم الخميس لا يستلزم المواظبة عليه لقيام مانع منه، وقد ثبت أنه خرج لحجة الوداع يوم السبت.

وكان صخرٌ رجلاً تاجراً، وكان يبعثُ تجارتَه من أولِ النهار فأَثْرى وكثُر مالُه (¬1). قال أبو داود: صخرُ بن وَدَاعةَ. ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عمارة بن حديد -وهو البجلي-، وصححه الحافظ أبو طاهر السِّلفي في "المجالس الخمسة" ص111، وقال العقيلي بعد أن أخرج حديث ابن عباس في ترجمة عمر بن مساور في "الضعفاء" 3/ 193: والمتن ثابت عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- من غير هذا الوجه. هشيم: هو ابن بَشير. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2382). وأخرجه ابن ماجه (2236)، والترمذي (1255) من طريق هشيم بن بشير والنسائى في "الكبرى" (8782) من طريق شعبة، كلاهما عن يعلى بن عطاء، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (15443)، و"صحيح ابن حبان" (4754). وفي الباب عن أنس بن مالك عند البزار (1249 - كشف الأستار)، وأبى يعلى في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة " للبوصيري (3636)، وابن الأعرابى في "معجمه" (2096)، وابن عدي في "الكامل" 1/ 170. وتمام في "فوائده" (671)، والخطيب في "تاريخه" 10/ 103، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (519 - 522) وهو حديث حسن، وعده الحافظ الذهبي في "تلخيص العلل المتناهية" أجود أحاديث الباب. وعن جابر بن عبد الله عند الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (431)، والطبراني في "الأوسط" (996)، وابن عدي في "الكامل " 5/ 1666 و 7/ 2603. وإسناد الطبراني صحيح إن شاء الله. وعن أبي هريرة عند ابن ماجه (2237)، وإسناده ضعيف. وعن ابن عمر عند ابن ماجه أيضاً (2238)، وإسناده ضعيف كذلك. وعن بريدة بن الحصيب عند النسائي في "الكبرى" (8737)، وإسناده ضعيف. وانظر تمام أحاديث الباب عند ابن ماجه (2236).

84 - باب في الرجل يسافر وحده

84 - باب في الرجلِ يُسافر وحدَه 2607 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمةَ القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن عبدِ الرحمن بن حَرملةَ، عن عَمرِو بن شُعيبٍ، عن أبيه عن جده، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "الراكبُ شيطانٌ، والراكبان شَيطانانِ، والثلاثةُ رَكبٌ" (¬1). 85 - باب في القوم يُسافِرون يؤمِّرون أحدَهم 2608 - حدَّثنا عليُّ بن بحرِ بن بَرِّي، حدَّثنا حاتمُ بن إسماعيلَ، حدَّثنا محمدُ بن عجلانَ، عن نافع، عن أبيْ سَلَمةَ عن أبي سعيدِ الخدري، أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا خرجَ ثلاثةٌ في سفرٍ فليُؤمِّروا أحدهم" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل شعيب بن محمد والد عمرو، وعبد الرحمن بن حرملة، فهما صدوقان حسنا الحديث. وهو في "موطأ مالك" 2/ 978، ومن طريقه أخرجه الترمذي (1769)، والنسائي في "الكبرى" (8798). وهو في "مسند أحمد" (6748). قال الخطابي: معناه -والله أعلم- أن التفرد والذهاب وحده في الأرض من فعل الشيطان، أو هو شيء يحمله عليه الشيطان، ويدعوه إليه، فقيل على هذا: إن فاعله شيطان. ويقال: إن اسم الشيطان مشتق من الشُّطُون، وهو البعد والنزوح، يقال: بئرٌ شَطون: إذا كانت بعيدة المهوى. فيحتمل على هذا أن يكون المراد أن المُمعِن في الأرض وحده مضاهئاً للشيطان في فعله، وشبه اسمه، وكذلك الاثنان ليس معهما ثالث، فإذا صاروا ثلاثة فهم ركب، أي: جماعة وصحب. (¬2) رجاله ثقات، وقد اختلف في وصله وإرساله، ورجح المرسل أبو حاتم وأبو زرعة فيما نقله عنهما ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 84، ورجح المرسل كذلك الدارقطني في "العلل" 9/ 326. وقال أبو زرعة: وروى أصحاب ابن عجلان هذا الحديث، عن أبي سلمة مرسلاً. =

2609 - حدَّثنا علي بن بحرٍ، حدَّثنا حاتمُ بن إسماعيلَ، حدَّثنا محمدُ بن عَجلانَ، عن نافعٍ، عن أبي سلمةَ ¬

_ = وأخرجه أبو يعلى (1054) و (1359)، وأبو عوانة (7538)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4620)، والطبراني في "الأوسط" (8093) و (8094)، والبيهقي 5/ 257، وابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 7، والبغوي في "شرح السنة" (2676) من طريق حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وتحرف قوله: " فليؤمروا" عند أبي يعلى في الموضعين إلى: "فليؤمهم". وأخرجه البزار (1673 - كشف الأستار) عن إبراهيم بن المستمر، عن عُبيس بن مرحوم العطار، عن حاتم بن إسماعيل، عن ابن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا كانوا ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث، وإذا كانوا ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم". قلنا: لعل إبراهيم بن المستمر أو عُبيس بن مرحوم أحدهما قد سلك في هذه الرواية الجادة، لأن جل رواية نافع عن مولاه ابن عمر. وأخرجه مسدَّدٌ في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" (5724)، والدارقطني في "العلل " 9/ 326 من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ابن عجلان، عن نافع، عن أبي سلمة مرسلاً. وقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 1/ 84: ورواه يحيى بن أيوب، عن ابن عجلان، عن نافع، عن أبي سلمة أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يعني مرسلاً كذلك. ثم قال أبو حاتم: ومما يقوي قولنا أن معاوية بن صالح وثور بن يزيد وفرج بن فضالة، حدثوا عن المهاصر بن حبيب، عن أبي سلمة، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- هذا الكلام. قلنا: رواية ثور بن يزيد عن المهاصر عند عبد الرزاق في "مصنفه" (3812) لكن تحرف اسم المهاصر بن حبيب إلى: مهاجر بن ضمرة، وإنما هو المهاصر بن حبيب أخو ضمرة بن حبيب. والصحيح من حديث أبي سعيد الخدري ما أخرجه مسلم (672)، والنسائي (782) و (840) من طريق قتادة بن دعامة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم". وهو في "مسند أحمد" (11190)، و "صحيح ابن حبان" (2132). وانظر ما بعده.

86 - باب في المصحف يسافر به إلى أرض العدو

عن أبي هريرة، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا كان ثلاثةٌ في سفرٍ فليُؤمِّروا أحدَهم" قال نافعٌ: فقُلنا لأبي سلمةَ: فأَنت أَميرُنا (¬1). 86 - باب في المُصحف يُسافَر به إلى أرض العدوّ 2610 - حدَّثنا عبدُ الله بن مسلمةَ القَعنبيُّ، عن مالكٍ، عن نافع أن عبد الله بن عُمر قال: نَهَى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن يُسافَر بالقرآنِ إلى أرضِ العدوِّ، قال مالكٌ: أُراه مَخافةَ أن ينالَه العدوُّ (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، وقد اختُلف في وصله وإرساله، والصحيح المرسل كما بيناه في الطريق السالف. وأخرجه أبو عوانة (7539)، والبيهقي 5/ 257، والبغوي في "شرح السنة" (2676) من طريق حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 446، ومن طريقه أخرجه البخاري (2990) ومسلم (1869)، وابن ماجه (2879). لكن ابن ماجه جعل قول مالك الذي في آخر الحديث تتمة للمرفوع. ولم يذكره البخاري ولا مسلم أصلاً. وأخرجه مسلم (1869)، وابن ماجه (2880)، والنسائي في "الكبرى" (8006) و (8738) من طريق الليث بن سعد، ومسلم (1869) من طريق أيوب السختياني، و (1869) من طريق الضحاك بن عثمان، ثلاثتهم عن نافع، عن ابن عمر. وجعل الليث والضحاك ما قاله مالك تتمة للمرفوع. ورواية أيوب: "لا تسافروا بالقرآن، فإني لا آمَنُ أن يناله العدوّ" جعله من قوله -صلَّى الله عليه وسلم- جميعاً. وهو في "مسند أحمد" (4507)، و"صحيح ابن حبان" (4715). قال المنذري في "اختصار السنن": المراد بالقرآن هاهنا المصحف، وكذا جاء مفسّراً في بعض الحديث، ونيلُ العدوّ له: استخفافه به وامتهانه إياه، فإذا أمنت العلة في الجيوش الكثيرة ... ، وقد قيل: ارتفع النهي، وهو مذهب أبي حنيفة وغيره من العلماء وأشار إليه البخاري، وحملوا النهي عن الخصوص، ولم يفرق مالك بين=

87 - باب فيما يستحب من الجيوش والرفقاء والسرايا

87 - باب فيما يستحبُّ من الجيوشِ والرُّفقاءِ والسرايا 2611 - حدَّثنا زهيرٌ بن حَرب أبو خَيثمةَ، حدَّثنا وهبُ بن جَرير، حدَّثنا أبي، قال: سمعتُ يونسَ، عن الزهري، عن عُبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "خيْرُ الصحابةِ أربعةٌ، وخيرُ السرايا أربعُ مئةٍ، وخيرُ الجيوشِ أربعةُ آلافٍ، ولن يُغْلَبَ اثنا عَشَر. ألفاً من قِلَّةِ" (¬1). ¬

_ = العسكر الكبير والصغير في النهي عن ذلك، وحكي عن بعضهم جواز السفر به مطلقاً، وقيل: إن نهيه -صلَّى الله عليه وسلم- فيه ليس على وجه التحريم والفرض، وإنما هو على معنى الندب والإكرام للقرآن. (¬1) ضعيف وهذا سند رجاله ثقات، إلا أنه قد اختلف في وصله وإرساله، قال المصنف هنا: الصحيح مرسل، وقال أيضاً في "المراسيل" عقب الحديث (314): وقد أُسند هذا ولا يصح، وقال الترمذي: لا يسنده كبير أحدٍ غير جرير بن حازم، وإنما روى هذا الحديث عن الزهري، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مرسلاً، وقال أبو حاتم كما في "العلل" لابنه 1/ 347: مرسل أشبه، لا يَحتمِلُ هذا الكلام أن يكونَ كلامَ النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. يونس: هو ابن يزيد الأيلي. ومع ذلك فقد صححه ابن خزيمة (2538)، وابن حبان (4717)، والحاكم 1/ 443، وابن التركماني في "الجوهر النقي " 9/ 156، وابن القطان في "بيان الوهم والإيهام " 3/ 484، قال الحافظ في "إتحاف المهرة" 3/ 60: وصححه ابن القطان لأنه لا يرى الاختلاف في الإرسال والوصل علة كما هو رأي أبي محمد بن حزم. قلنا: وصححه كذلك الضياء المقدسي في "المختارة" 62/ 292/ 2! وأخرجه الترمذي (1638) من طريق وهب بن جرير، بهذا الإسناد. وقال: حسن غريب، لا يسنده كبير أحد غير جرير بن حازم، وإنما رُوي هذا الحديث عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (2682)، و"صحيح ابن حبان" (4717). =

88 - باب في دعاء المشركين

قال أبو داود: والصحيحُ مرسل (¬1). 88 - باب في دعاءِ المشركين 2612 - حدَّثنا محمدُ بنُ سُليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن علقمةَ بن مَرثَدٍ، عن سليمانَ بن بُريدةَ عن أبيه، قال: كانَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا بعثَ أميراً على سَرِيّةٍ أو جيشٍ أوصاهُ بِتَقْوَى الله في خاصَّةِ نفسِه وبمن معه من المسلمين خيراً، وقال: "إذا لقيتَ عَدوَّك من المشركين فادْعُهُم إلى إحدى ثلاثِ خِصالٍ، -أو خِلالٍ- فأيَّتُها أجابوك إليها، فاقبَلْ منهم وكُفَّ عنهم: ادْعهُمْ إلى الإسلامِ، فإن أجابوك فاقبلْ منهم وكُفَّ عنَهُم، ثم ادعُهم إلى التحوُّلِ من دارهِم إلى دارِ المُهاجرينَ، وأعلِمْهم أنهم إن فَعلُوا ذلك أن لَهم ما لِلمهاجرين وأن عَليهم ما عَلى المهاجرين، فإن ¬

_ = وأخرجه أبو داود في "المراسيل" (314) من طريق عثمان بن عمر، عن يونس بن يزيد، عن عُقيل بن خالد، عن الزهري، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بمعناه مرسلاً. وأخرجه عبد الرزاق (9699) عن معمر بن راشد، وسعيد بن منصور (2387) وعنه أبو داود في "المراسيل" (313) عن عبد الله بن المبارك، عن حيوة بن شريح، عن عُقيل كلاهما (معمر، وعقيل) عن الزهري، مرسلاً. ولم يذكر عقيل في روايته هنا: "لن يغلب اثنا عثر ألفاً من قلة". وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (575) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن الليث بن سعد، عن عُقيل، عن الزهري، مرسلاً. وعبد الله بن صالح حسن الحديث في المتابعات. وانظر تمام تخريجه موصولاً في "مسند أحمد". (¬1) قول أبي داود هذا أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنه من رواية ابن الأعرابي.

أبَوا واختاروُا دارَهم فأعلِمهم أنهم يكونُون كأعرابِ المسلمين: يجْري عليهم حُكْمُ اللهِ الذي يَجري على المؤمنينَ، ولا يكونُ لهم في الفيء والغنيمةِ نَصيبٌ، إلا أنْ يُجاهدوا مَع المسلمينَ، فإن هم أبَوا فادعُهمْ إلى إعطاء الجِزْيَةِ، فإن أجابُوا فاقبَلْ منهم وكُفَّ عنهم، فإن أبَوْا فاستعنْ بالله وقاتِلْهم، وإذا حاصرتَ أهلَ حِصْنٍ فأرادُوك أن تُنزِلَهمْ على حكمِ الله فلا تُنزِلْهم، فإنكم لا تَدْرُون ما يحكُمُ اللهُ فيهم، ولكن أنزِلُوهم على حُكْمِكُم، ثم اقضُوا فيهم بعدُ ما شئتُم" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري. وأخرجه مسلم (1731)، وابن ماجه (2858)، والترمذي (1466) و (1709) و (1710)، والنسائي في "الكبرى" (8532) و (8627) و (8712) و (8731) من طرق عن علقمة بن مرثد، به. وزادوا جميعاً في روايتهم أولَ الحديث ما جاء في الحديث الآتي بعده. وهو في "مسند أحمد" (22978)، و "صحيح ابن حبان" (4739). قال الخطابي: في هذا الحديث عدة أحكام: منها: دعاء المشركين قبل القتال، وظاهر الحديث يدل على أن لا يقاتَلوا إلا بعد الدعاء. وقد اختلف العلماء في ذلك: فقال مالك بن أنس: لا يقاتَلون حتى يُدعَوا، أو يُؤذَنوا. وقال الحسن البصري: يجوز أن يقاتلوا قبل أن يُدعَوا، قد بلغتهم الدعوة. وكذلك قال الثوري وأصحاب الرأي، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. واحتج الشافعي في ذلك بقتل ابن أبي الحُقيق. فأما من لم تبلغه الدعوة ممن بعدت دارُه، ونأى محلُّه، فإنه لا يقاتل حتى يُدعى، فإن قتل منهم أحدٌ قبل الدعوة وجبت فيه الكفارة والدية. وفي وجوب الدية اختلاف بين أهل العلم. =

قال سفيانُ: قال علقمةُ: فذكرتُ هذا الحديثَ لِمُقاتِل بن حَيَّان، فقالَ: حدَّثني مُسِلمٌ -قال أبو داود- هو ابن هَيْصَمَ، عن النعمانِ بن مُقرِّن عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مثل حديث سليمانَ بن بُريدةَ (¬1). 2613 - حدَّثنا أبو صالح الأنطاكيُّ مَحبوبُ بن مُوسى، أخبرنا أبو إسحاقَ الفَزَاريُّ، عن سفيانَ، عن علقمةَ بن مَرثدٍ، عن سُليمانَ بن بريدةَ ¬

_ = وأما قوله: "فأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين" فإن المهاجرين كانوا أقواماً من قبائل مختلفة، تركوا أوطانهم وهجروها في الله، واختاروا المدينة داراً ووطناً، ولم يكن لهم أو لأكثرهم بها زرعٌ ولا ضَرْع، فكان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ينفق عليهم مما أفاء الله عليه أيام حياته، ولم يكن للأعراب وسكان البدو في ذلك حظ، إلا من قاتل منهم، فإن شهد الوقعة أخذ سهمه، وانصرف إلى أهله، فكان فيهم. وقوله: "وعليهم ما على المهاجرين" أي: من الجهاد والنَّفير، أي وقتٍ دُعُوا إليه لا يتخلَّفون. والأعراب: من أجاب منهم وقاتل أحد سهمَه، ومن لم يخرج في البعث فلا شيء له من الفيء، ولا عتْب عليه، ما دام في أهل الجهاد كفاية. وقوله: "فإن أبو فادعُهم إلى إعطاء الجزية" فظاهره يوجب قبول الجزية من كل مشرك، كتابيٍّ أو غير كتابيٍّ، من عَبَدة الشمس والنيران والأوثان، إذا أذعَنوا لها وأعطَوها، وإلى هذا ذهب الأوزاعي. ومذهب مالك قريب منه وحكى عنه أنه قال: تقبل من كل مشرك إلا المرتد. وقال الشافعي: لا تقل الجزية إلا من أهل الكتاب، سواءٌ كانوا عرباً أو عجماً، وتقبل من المجوس، ولا تقل من مشرك غيرهم. وقال أبو حنيفة: تقل من كل مشرك من العجم، ولا تقبل من مشركي العرب. قلت (القائل الخطابي): لم يثبت عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أنه حارب أعجمياً قط، ولا بعث إليهم جيشاً, وإنما كانت عامة حروبه مع العرب, وكذلك بعوثه وسراياه، فلا يجوز أن يصرف هذا الخطاب عن العرب إلى غيرهم. (¬1) أخرجه مسلم (1731)، وابن ماجه (2858)، والنسائي في "الكبرى" (8712) من طريق علقمة بن مرثد، به.

عن أبيه، أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "اغْزُوا باسم اللهِ، وفي سبيلِ اللهِ، وقاتِلُوا من كَفَر باللهِ، اغزُوا، ولا تَغدِرُوا، ولا تَغُلُّوا، ولا تمثِّلوا، ولا تقتُلوا وليداً" (¬1). 2614 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شبةَ، حدَّثنا يحيى بنُ آدم وعُبيدُ الله بن مُوسى، عن حسنِ بن صالح، عن خالد بن الفِزْرِ حدَّثني أنس بن مالك، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "انطلِقُوا باسم الله، وبالله، وعلى مِلَّةِ رسول الله، ولا تقتُلوا شيخاً فانياً. ولا طفلاً، ولا صغيراً، ولا امرأةً، ولا تَغُلُّوا، وضُمُّوا غنائمَكم، وأصلِحُوا {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} " [البقرة: 195] (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل محبوب بن موسى أبي صالح الأنطاكي، فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع. وهذا الحديث قطعة من الحديث السالف قبله عند جميع من خرجه، فراجع تخريجه هناك. قال الخطابي: نهيه عن قتل النساء والصبيان يُتأول على وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك بعد الإسار، نهى عن قتلهم، لأنهم غيمة للمسلمين. والوجه الآخر: أن يكون ذلك عاماً قبل الإسار وبعده، نهى أن يقصدوا بالقتل، وهم متميزون عن المقاتلة، فأما وهم مختلطون بهم لا يوصل إليهم إلا بقتلهم، فإنهم لا يُتحاشَون، والمرأة إنما لا تقتل إذا لم تكن تقاتل، فإن قاتلت قُتلت، وعلى هذا مذهب أكثر الفقهاء. وقال الشافعي: الصبي الذي يقاتل يجوز قتله، وكذلك قال الأوزاعي وأحمد. واختلفوا في الرهبان، فقال مالك وأهل الرأي: لا يجوز قتلهم. وقال الشافعي: يقتلون، إلا أن يُسلموا أو يؤدوا الجزية. وقال أصحاب الرأي: لا يقتل شيخ ولا زَمِنٌ ولا أعمى، وقال الشافعي: هؤلاء كلهم يُقتلون. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة خالد بن الفزر. =

89 - باب في الحرق في بلاد العدو

89 - باب في الحَرْق في بلاد العدوّ 2615 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن نافع عن ابن عمرَ: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- حرَّق نخلَ بني النضِيرِ وقَطَع -وهي البُوَيْرةُ-، فأنزل الله -صلَّى الله عليه وسلم- عز وجل: {مَا قَطَعْتُمْ مِّنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً} [الحشر: 5] (¬1). ¬

_ وأخرجه البيهقي 9/ 90، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 233 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 12/ 382 - 383، وتمام في "فوائده" (872)، والمزي في ترجمة خالد بن الفزر من "تهذيب الكمال" 8/ 151 من طريق يحيى بن آم وحده، به. وفي الباب عن بريدة الأسلمي، عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 224، والطبراني في "الأوسط" (135) و (1431)، وفي"الصغير" (340)، والبغوي في "شرح السنة" (2669) بذكر الشيخ الكبير، وانظر ما قبله لبقية الذين نهى عن قتلهم وللغلول من الغنائم. وعن أبي موسى الأشعري عند البزار (3122)، والطبراني في "الصغير" (514)، والخطيب في "تاريخه" 4/ 296 وسنده حسن، لكن الدارقطني حكم بغرابته من هذا الطريق كما في "أطراف الغرائب" لأبي الفضل المقدسي. وعن أبي بكر الصديق من قوله لجيش الشام عند مالك في "موطئه" 2/ 447، وعبد الرزاق (9375)، وسعيد بن منصور (2383)، وابن أبي شيبة 12/ 383، وأبي بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (21)، والبيهقي 9/ 89 و90 من طرق عن أبي بكر الصديق، مرسلات ورجالها ثقات، وإسناد أبي بكر المروزي متصل لكن في إسناده رجل ضعيف. ولم يذكر سعيد بن منصور في روايته الشيخ الكبير. وعن عمر بن الخطاب عند سعيد بن منصور في "سننه" (2476) ورجاله ثقات. (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد. =

2616 - حدَّثنا هنَّادُ بن السَّرِيِّ، عن ابنِ المُباركِ، عن صالحِ بنِ أبي الأخضَر، عن الزهريِّ، قال عروةُ: فحدَّثني أُسامةُ أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان عَهِدَ إليه فقال: "أغِرْ على أُبنَى صباحاً وحَرِّق" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (2326) و (4031)، ومسلم (1746)، وابن ماجه (2844)، والترمذي (1633) و (3587)، والنسائي في "الكبرى" (8554) و (8555) و (11509) من طرق عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4532). قال الخطابي: اختلف العلماء في تأويل ما فعل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- من ذلك: فقال بعضهم: إنما أمر بقطع النخيل، لأنه كان مقابل القوم، فأمر بقطعها ليتسع المكان له، وكره هذا القائل قطع الشجر. واحتج بنهي أبي بكر عن ذلك (قلنا: هي الرواية السالفة الإشارة إليها في الحديث السابق) وإلى هذا المعنى ذهب الأوزاعي. وقال الأوزاعي: لا بأس بقطع الشجر وتحريقها في بلاد المشركين، وبهدم دورهم وكذلك قال مالك. وقال أصحاب الرأي: لا بأس بذلك، وكذلك قال إسحاق. وكره أحمد تخريب العامر، إلا من حاجة إلى ذلك. قال الشافعي: ولعل أبا بكر إنما أمرهم أن يكفوا عن أن يقطعوا شجراً مثمراً، لأنه سمع النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يخبر أن بلاد الشام تفتح على المسلمين، فأراد بقاءها عليهم. والبويرة: تصغير بورة، وهو موضع كان به نخل بني النضير. وقال الإمام النووي: اللينة المذكورة في القرآن: هي أنواع التمر كله إلا العجوة، وقيل: كمام النخل، وقيل: كل الأشجار. (¬1) إسناده ضعيف لضعف صالح بن أبي الأخضر، ثم إنه خالفه هشام بن عروة فرواه عن أبيه عروة مرسلاً، ولم يذكر التحريق، لكن ذكر من غير طريق عروة بن الزبير مرسلاً كذلك. وأخرجه ابن ماجه (2843) من طريق صالح بن أبي الأخضر، به. وهو في "مسند أحمد" (21785). =

90 - باب في بعث العيون

2617 - حدَّثنا عبد الله بن عَمرٍو الغَزِّيُّ: سمعتُ أبا مُسْهِرٍ، قيل له: أُبنَى، قال: نحن أعلَمُ، هي يُننَى فلسطين (¬1). 90 - باب في بَعث العُيُون 2618 - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا هاشمُ بن القاسمِ، حدَّثنا سليمانُ -يعني ابنَ المُغيرةِ- عن ثابتٍ عن أنسِ، قال: بعثَ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بُسَيْسَةَ عيناً ينظرُ ما صَنَعَتْ عِيرُ أبي سفيانَ (¬2). ¬

_ = وأخرجه مرسلاً ابن سعد في "الطبقات" 4/ 67 عن حماد بن أسامة، عن هشام ابن عروة، عن أبيه، قال: أمر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد، وأمره أن يغير على أبنى من ساحل البحر. ورجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه مرسلاً كذلك سعيد بن منصور (2641) عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن سليمان بن يسار قال: أمّر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أسامة بن زيد على جيشٍ، وأمره أن يُحرق في يُبنى. ورجاله ثقات رجال الشيخين. ويشهد للتحريق حديث ابن عمر السالف قبله. ولضبط أبنى انظر الأثر الآتي بعده. (¬1) رجاله ثقات. عبد الله بن عمرو الغزي: هو عبد الله بن محمد بن عمرو بن الجراح الأزدي، نسب هنا لجده، وهو من غزة فلسطين، وأبو مسهر: هو عبد الأعلى ابن مسهر الدمشقي. وأُبنى أو يُبنى، قال أبو مسهر هنا بأنها في فلسطين، وقال ابن الأثير كذلك: هي بفم الهمزة والقصر اسم موضع من فلسطين بين عسقلان والرملة. وذهب نصر بن عبد الرحمن الإسكندري إلى أنها قرية بمؤتة، ووافقه ياقوت وأبو عبيد البكري فقالا: موضع بناحية البلقاء. قلنا: لكن أبا مُسهر وابن الأثير شاميان وهما أعرف بالبلدان الشامية من غيرهما، ورواية عروة المرسلة عند ابن سعد 4/ 67 توافق قولهما، حيث جاء فيها: أبنى على ساحل البحر. وأين البلقاء من ساحل البحر. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1901) من طريق هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد. =

91 - باب في ابن السبيل يأكل من الثمرة ويشرب من اللبن إذا مر به

91 - باب في ابنِ السبيلِ يأكُلُ من الثمرة ويشرب من اللبن إذا مرَّ به 2619 - حدَّثنا عياشُ بن الوليدِ الرَّقَّام، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن الحسنِ عن سَمُرةَ بن جُندبٍ أن نبيَّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا أتى أحدُكم على ماشيةٍ: فإن كان فيها صاحبُها فليستأْذنْهُ، فإن أذِنَ له فَلْيَحتلِبْ وليشربْ، فإن لم يكن فيها فَليُصَوَّتْ ثلاثاً، فإن أجابَه فليستأْذنْه، وإلا فليحْتلِب وليشربْ ولا يَحمِلْ" (¬1). ¬

_ وهو في "مسند أحمد" (12398). وقوله: بسبسة. قال المنذري: بفتح الباء الموحدة وبعدها سين مهملة ساكنة، وبعدها باء بواحدة مفتوحة، وسين مهملة مفتوحة وتاء تأنيث، ويقال: بسبس ليس فيه هاء تأنيث، وقيل فيه أيضاً بُسيسة، وهو بسبسة بن عمرو، ويقال ابن بشر قال في "الإصابة": شهد بدراً باتفاق. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد اختُلف في سماع الحسن -وهو البصري- من سمرة بن جندب، قتادة: هو ابن دعامة، وسعيد: هو ابن أبي عروبة، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي. وأخرجه الترمذي (1342)، والطبراني في "الكبير" (6877) و (6878)، والبيهقي 9/ 359 من طريق سعيد بن أبي عروبة، به. وقال الترمذي: حسن غريب صحيح. ووقع عند الطبراني في الموضع الأول: سعيد بن بشير بدل: سعيد بن أبي عروبة، ولا نظنه إلا وهماً، لأنه من رواية عبد الأعلى السامي عنه، وعبد الأعلى معروف بالرواية عن ابن أبي عروبة، ولا تذكر له رواية عن سعيد بن بشير، والله أعلم. وفي الباب عن أبي سعيد الخدرى عند أحمد في "مسنده" (11045)، وصححه ابن حبان (5281)، وهو كذلك. قلنا: ويخالف هذين الحديثين ظاهراً حديثُ ابن عمر الآتي عند المصنف برقم (2623)، وعموم الأحاديث الواردة في النهي عن أكل مال أحدٍ إلا بإذنه، وقوله =

2620 - حدَّثنا عُبيدُ الله بن مُعاذٍ العَنبريُّ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبةُ، عن أبي بِشرٍ ¬

_ = تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] , وقد أزال هذا التعارض ابن القيم في "تهذيب السنن" قال: إن الآية وعموم أحاديث النهي لا تعارضَ بينها وبين حديثي أبي سعيد وسمرة، لأن التحريم في الآية مقيد بالباطل الذي لم يأذن فيه الشارعُ ولا المالك، فإذا وجد الإذنُ الشرعي أو الإذن من المالك لم يكن باطلاً , وكذلك أحاديث النهي فإن التحريم فيها يتناول ما لم يقع فيه الإذن من الشارع ولا من المالك. ويبقى حديث ابن عمر، وهو الآتي عند المصنف برقم (2623)، فيقول ابن القيم: إنه لا تعارض كذلك، لأن النهي في حديث ابن عمر ذاك يتناول المحتلب غير الشارب، لأنه يكون حينئذٍ كالمتخذ خُبنة من الثمار، يُشير بذلك إلى حديث عبد الله ابن عمر بن الخطاب عند الترمذي (1333) , وابن ماجه (2301)، وحديث عبد الله ابن عمرو بن العاص السالف عند المصنف برقم (1710)، وفيهما أنه -صلَّى الله عليه وسلم- قال فيمن يدخل الحائط: "يأكل غير متخذٍ خبنة" يعني: لا يأخذ منه بثوبه. وهما حديثان حسنان. قال: وحديث الإباحة يتناولُ المحتَلِب الشاربَ فقط، دون غيره، ويدل على هذا التفريق قوله -صلَّى الله عليه وسلم- في حديث سمرة: "فليحتلب وليشرب ولا يحمل"، فلو احتلب للحمل كان حراماً عليه، فهذا هو الاحتلاب المنهي عنه في حديث ابن عمر. ثم قوى ابن القيم الجواز بحديث عباد بن شرحبيل الآتي عند المصنف بعده وصحح إسناده وردّ على من تكلّف ردّه بما لا يصلح التعليل به. وأطال النَّفَس في درء التعارض في هذا البحث النفيس , بما يُقنع ويُمتع، فراجعه. وذكر في بحثه ذلك اختلافَ الفقهاء. في هذه المسألة على قولين، فقال: فذهبت طائفة منهم أن أحاديث الجواز محكمة، وأنه يسوغ الأكل من الثمار، وشرب البن لضرورة وغيرها ولا ضمانَ عليه، وهذا المشهور عند أحمد. وقالت طائفة: لا يجوزُ له شيء من ذلك إلا لضرورة مع ثبوت العوض في ذمته، وهذا المنقول عن مالك والشافعي وأبي حنيفة، وحجة هؤلاء الآية السالفة الذكر وعموم أحاديث النهي عن أكل مال المرء إلا بإذنه. ورد على الطائفة الثانية في تضمينهم للآكل والمُخزِّن على حدٍّ سواءٍ في ذلك البحث فراجعه.

92 - باب من قال: يأكل مما سقط

عن عَبّاد بنِ شرُحْبيل، قال: أصابتْني سَنَةٌ فدخَلْتُ حائطاً من حيطانِ المدينة فَفركْتُ سُنْبُلاً، فأكلْتُ وحَمَلْتُ في ثوبي، فجاء صاحبُه فضربني وأخذَ ثَوبي، فأتيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقال له: "ما علَّمْتَ إذ كانَ جاهِلاً، ولا أطعَمتَ إذ كان جائعاً - أو قال: ساغِباً" وأمره فردَّ عليَّ ثوبي، وأعطاني وسْقاً أو نِصفَ وَسْقٍ من طعامٍ (¬1). 2621 - حدَّثنا محمدُ بن بشَّارٍ، حدَّثنا محمدُ بن جعفرٍ، عن شعبةَ، عن أبي بِشْر قال: سمعت عبَّاد بن شُرَحْبيلَ -رجُلاً مِنَّا من بني غُبَر- بمعناه (¬2). 92 - باب من قال: يأكُلُ مما سَقَطَ (¬3) 2622 - حدَّثنا عثمانُ وأبو بكرْ ابنا أبي شيبةَ -وهذا لفظُ أبي بكرٍ- عن معتمرِ بنِ سُليمانَ، قال: سمعتُ ابنَ أبي حَكَمٍ الغِفاريَّ يقول: حدثتني جدَّتي عن عَم أبي رافعِ بن عَمرٍو الغفاريِّ، قال: كنتُ غُلاماً أرمي نَخْلَ الأنصار، فأُتِي بي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: "يا غُلامُ، لِمَ تَرمي النخلَ؟ " ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو بشر: هو جعفر بن إياس أبي وحشية، ومعاذ العنبري: هو ابن معاذ. وقد صحح هذا الإسناد الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 3/ 615، وابن القيم كذلك من قبله في "تهذيب السنن" عند الكلام على حديث سمرة السالف قبه. وأخرجه ابن ماجه (2298) من طريق شعبة بن الحجاج، والنسائي (5409) من طريق سفيان بن حسين، كلاهما عن أبي بشر جعفر بن إياس، به. وهو في "مسند أحمد" (17521). (¬2) إسناده صحيح كسابقه. (¬3) هذا التبويب أثبتناه من (هـ) وحدها.

93 - باب فيمن قال: لا يحلب

قال: آكُلُ، قال "فلا تَرمِ النَّخلَ وكُل ما يَسقُطُ في أسفلِها" ثم مَسَحَ رأسَه، فقال: "اللَهُمَّ أشبغ بَطْنَه" (¬1). 93 - باب فيمن قال: لا يحلُب 2623 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمةَ، عن مالكٍ، عن نافع عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا يَحلُبَنَّ أحَدٌ ماشيةَ أحَدٍ بغير إذنه، أيُحِبُّ أحدُكم أن تُؤتَى مَشْرَبَتُه فتكسَرَ خِزانتُهُ فيُنْتَثَلَ طعامُه؟ فإنما تَخزُن لهم ضُروعُ مواشيهم أطعِمَتَهم فلا يَحلُبَنَ أحَدٌ ماشيةَ أحَدٍ إلاَّ بإذنِه" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث محتمل للتحسين. وهذا إسناد ضعيف لجهالة ابن أبي الحكم وجدته، وله إسناد آخر سيأتي تخريجه، وفيه ضعف أيضاً. وأخرجه ابن ماجه (2299) من طريق معتمر بن سليمان، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1335) من طريق صالح بن أبي جبير، عن أبيه، عن رافع بن عمرو. وقال: حديث حسن غريب صحيح. وهو في "مسند أحمد" (20343). (¬2) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 971، ومن طريقه أخرجه البخاري (2435)، ومسلم (1726). وأخرجه مسلم (1726)، وابن ماجه (2302) من طرق عن نافع، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4471) و (4505)، و"صحيح ابن حبان" (5171). قال الخطابي: "المشربة" كالغرفة يرنع فيها المتاع والشيء. وقوله: "ينتثل" معناه: يستخرج، ويقال لما يخرج من تراب البئر إذا حُفرت: نثيل، ومن هذا قولهم: نثل الرجل كنانته: إذا صبها على الأرض، فأخرج ما فيها من النبل. ثم قال الخطابي: وفي هذا إثبات للقياس، والحكم للشيء بحكم نظيره. =

94 - باب في الطاعة

94 - باب في الطاعةِ 2624 - حدَّثنا زهيرُ بن حَربٍ، حدَّثنا حجاجٌ، قال: قال ابنُ جُرَيج: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] في عبدِ الله بن قَيسِ بن عَدِيٍّ، بعثَه النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في سريةٍ، أخبَرَنيه يَعْلَى، عن سعيدِ بن جُبَيرٍ، عن ابن عباسٍ (¬1). ¬

_ = قلنا: وقد سلف تلخيص كلام الإمام ابن القيم في "تهذيب السنن" في درء التعارض بين بهذا الحديث، وبين حديث سمرة بن جندب السالف عند المصنف برقم (2619) فراجعه هناك. (¬1) إسناده صحيح. يعلى: هو ابن مسلم بن هرمُز المكي، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز بن جريج المكي، وحجاج: هو ابن محمد المصيصي الأعور. وأخرجه البخاري (4584)، ومسلم (1834)، والترمذي (1767)، والنسائي (4194) من طريق حجاج بن محمد، بهذا الاسناد. وجاء عندهم جميعاً: عبد الله بن حُذافة بن قيس بن عدي، وإنما نسب في رواية المصنف هنا إلى جده. وهو في "مسند أحمد" (3124). والمقصود من الآية في قصة عبد الله بن حذافة قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59] كما أفاده الحافظ في"الفتح" 8/ 254 في ردّه على الداوودي إذ توهم أن المقصود من هذه الآية أولُها، فحكم بأن هذا وهمٌ على ابن عباس. وذلك أن عبد الله بن حذافة لما خرج على جيش فغضب فأوقدوا ناراً، وقال: اقتحِموها، فامتغ بعضهم، وهم بعضهم أن يفعل، فقال الداوودي: فإن كانت الآية نزلت قبل فكيف يخص عبد الله بن حذافة بالطاعة دون غيره، وإن كانت نزلت بعد فإنما قيل لهم: إنما الطاعة في المعروف، وما قيل لهم: لِمَ لَمْ تطيعوه؟ فقال الحافظ: وبالحمل الذي قدمتُه يظهر المراد، وينتفي الإشكال الذي أبداه. وقوله: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} قال النووي: المراد بأولي الأمر من أوجب الله طاعته من الولاة والأمراء. هذا قول جماهير السلف والخلف من المفسرين والفقهاء وغيرهم، وقيل: هم العلماء، وقيل الأمراء والعلماء. =

2625 - حدَّثنا عَمرو بن مَرزُوقِ، أخبرنا شعبةُ، عن زُبَيدٍ، عن سَعد بن عُبيدةَ، عن أبي عبدِ الرحمن السُّلَميِّ عن علي: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بَعَثَ جيشاً وأَمَّرَ عليهم رجلاً، وأمَرَهُم أن يَسمَعُوا له ويُطيعوا، فأجَّجَ ناراً وأمَرَهُم أن يَقتحِمُوا فيها، فأبَى قومٌ أن يدخُلُوها، وقالوا: إنما فَرَرْنا من النار، وأراد قومٌ أن يدخُلُوها، فبلغ ذلك النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: "لَو دخلُوها -أو دخَلُوا فيها- لم يزالُوا فيها". وقال: " لا طاعةَ في معصيةِ اللهِ، إنما الطاعةُ في المعروفِ" (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: هذه القصة وما ذكر فيها من شأن النار والوقوع فيها يدل على أن المراد به طاعة الولاة، وأنها لا تجب إلا في المعروف كالخروج في البعث إذا أمر به الولاة والنفوذ لهم في الأمور التي هي طاعات ومعاون للمسلمين ومصالح لهم، فأما ما كان فيها من معصية كقتل النفس المحرمة وما أشبهه، فلا طاعة لهم في ذلك. (¬1) إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن السُّلَمي: هو عبد الله بن حبيب بن رُبَيَّعة، وزُبيد: هو ابن الحارث اليامي أو الإيامي، شعبة: هو ابن الحجاج. وأخرجه البخاري (7257)، ومسلم (1840)، والنسائي في "المجتبى" (4205) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (4340) و (7145)، ومسلم (1840)، والنسائي في "الكبرى" (8669) من طريق الأعمش، عن سعد بن عبيدة، به. وقرن النسائي بالأعمش منصوراً واقتصر على قوله: "إنما الطاعة في المعروف". ووقع في رواية الأعمش عند البخاري ومسلم: فاستعمل رجلاً من الأنصار، وأمرهم أن يطيعوه ... فقال: من الأنصار، وهذا الأمير هو عبد الله بن حذافة وهو سهمي قرشي لا أنصاري. قال الحافظ تعليقاً على قول البخاري في ترجمة الباب: باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجرز المُدلجي، ويقال: إنها سرية الأنصاري: وأما قوله: ويقال: إنها سرية الأنصاري، فأشار بذلك إلى احتمال تعدد القصة، وهو الذي يظهر لي لاختلاف سياقهما واسم أميرهما، والسبب في أمره بدخول النار، ويحتمل الجمع بينهما بضرب من التأويل، ويبعده وصف عبد الله بن حذافة السهمي القرشي المهاجري بكونه أنصارياً، فقد تقدَّم نسب عبد الله بن حذافة في كتاب العلم، ويحتمل الحمل على المعنى الأعم، أي: أنه =

2626 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن عُبيد الله، حدَّثني نافعٌ عن عبد الله، عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، أنه قال: "السمعُ والطاعةُ على المرء المسلمِ فيما أَحبَّ وكَرِهَ، ما لم يُؤمَر بمعصيةٍ، فإذا أمُر بمعصيةٍ فلا سَمْعَ ولا طاعةَ" (¬1). 2627 - حدَّثنا يحيى بنُ مَعينٍ، حدَّثنا عبدُ الصَّمد بن عبد الوارثِ، حدَّثنا سليمانُ بن المغيرةِ، حدَّثنا حميدُ بن هِلالٍ، عن بِشْرِ بن عاصمٍ عن عُقبةَ بن مالكٍ -من رَهْطِهِ- قال: بعثَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- سريةً فسلَّحتُ رجلاً منهم سيفاً، فلما رجَعَ قال: لو رأيتَ ما لامَنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "أعَجَزْتُم إذْ بعثتُ رجلاً منكم، فلم يَمْضِ لأمري، أن تجعلُوا مكانَه مَن يمضي لأمري؟ " (¬2). ¬

_ = نصَر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في الجملة، وإلى التعدد جنح ابن القيم، وأما ابن الجوزي فقال: قوله: من الأنصار، وهم من بعض الرواة وإنما هو سهمي. قلت (القائل ابن حجر): ويؤيده حديث ابن عباس ... قلنا: يعني الحديث السالف قبله. ورواية شعبة بن الحجاج عن زُبيد اليامي التي عند المصنف والشيخين ليس فيها قوله: من الأنصار، فيترجح قول ابن الجوزي، والله تعالى أعلم. وهو في "مسند أحمد" (622). (¬1) إسناده صحيح. عبد الله: هو ابن عمر بن الخطاب، ونافع مولاه، وعُببد الله: هو ابن عمر العمري، ويحيي: هو ابن سعيد القطان، ومُسَدَد: هو ابن مُسَرهد. وأخرجه البخاري (2955)، ومسلم (1839)، وابن ماجه (2464)، والترمذي (1803)، والنسائي (4206) من طرق عن نافع، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4668). (¬2) إسناده صحيح إن كان بشر بن عاصم الليثي هو الذي وثقه النسائي، فقد قال الحافظ في "التهذيب": لم ينسبه النسائي إذ وثقه، وزعم ابن القطان أن مراده بذلك الثقفي، وأن الليثي مجهول الحال. قلنا: قد أطلق الذهبي في "الميزان" توثيقه عن =

95 - باب ما يؤمر من انضمام العسكر وسعته

95 - باب ما يؤمَرُ من انضمامِ العَسْكر وسَعَتِه 2628 - حدَّثنا عَمرو بن عثمانَ الحمصي ويزيدُ بن قُبيسٍ -من أهل جَبَلةَ، ساحلِ حمصَ، وهذا لفظ يزيد- قالا: حدَّثنا الوليدُ بن مسلم، عن عبدِ الله بن العلاء، أنه سمع مُسلَم بنَ مِشكَمِ أبا عُبيد الله يقول: حدَّثنا أبو ثعلبةَ الخُشَنيُّ قال: كان الناسُ إذا نزلوا منزلاً -قال عمرو: كان الناس إذا نزل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- منزلاً- تفرَّقُوا في الشِّعَابِ والأوْدِيةِ، فقال رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنَّ تَفَرُّقَكُم في هذه الشِّعابِ والأوديةِ إنما ذلكمُ من الشيطانِ"، فلم ينزلْ بعدَ ذلكَ مَنزلاً إلا انضَمَّ بعضُهم إلى بعض، حتى يقال: لو بُسِطَ عليهم ثَوبٌ لَعَمَّهُم (¬1). ¬

_ = النسائي، وإن لم يكُنه، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات" فهو حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات. وقد صحح هذا الحديث العراقي في "أماليه" كما قال المناوي في "فيض القدير"، وصححه ابن حزم في "المحلى" 9/ 362. وأخرجه أحمد (17007)، وابن حبان (4740)، والحاكم 2/ 114 - 115، وابن حزم في "المحلى" 9/ 362، والمزي في ترجمة عقبة بن مالك من "تهذيب الكمال" 20/ 220 من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد. وقد أدرجه ابن حبان تحت قوله: ذكر البيان بأن صاحب السرية إذا خالف الإمام فيما أمره به كان على القوم أن يعزلوه ويولوا غيره، وقوله: سلحتُ رجلاً سيفاً على صيغة المتكلم، أي: جعلته سلاحه وهو ما أعددته للحرب من آلة الحديد، والسيف وحده يسمى سلاحاً، يقال: سلحته: إذا أعطيته سلاحاً، وقوله: "لو رأيت ما لامنا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- "من اللوم، وجواب لو محذوف، أي: لو رأيت ما لامنا رسول -صلَّى الله عليه وسلم- على عجزنا وتقصيرنا في ترك التأمير لرأيت أمراً عجباً. (¬1) إسناده صحيح، وقد صرح الوليد بن مسلم بسماعه عند أحمد وابن حبان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8805) عن عمرو بن عثمان وحده، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17736)، و"صحيح ابن حبان" (2690).

2629 - حدَّثنا سعيدُ بنَ منصورٍ، حدَّثنا إسماعيلُ بن عيّاشٍ، عن أَسِيد بن عبد الرحمن الخَثعميِّ، عن فَروةَ بن مُجاهِدٍ اللَّخْمِيِّ، عن سَهلِ بن معاذِ بن أنسٍ الجُهَنيِّ عن أبيه، قال: غزوتُ مع نبى الله -صلَّى الله عليه وسلم- غزوةَ كذا وكذا فَضَيّقَ الناسُ المنازلَ، وقطَعُوا الطريقَ، فبعثَ نبي الله -صلَّى الله عليه وسلم- مُنادياً يُنادي في الناسِ: أنَّ مَن ضَيّق منزلاً أو قَطَعَ طريقاً، فلا جِهادَ له (¬1). 2630 - حدَّثنا عَمرو بن عثمانَ، حدَّثنا بقيةُ، عن الأوزاعيِّ، عن أَسِيدِ بن عبد الرحمن، عن فَروةَ بن مُجاهِدٍ، جمن سهلِ بن مُعاذِ عن أبيه، قال: غزونا مع نبي الله -صلَّى الله عليه وسلم-، بمعناه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل سهل بن معاذ بن أنس، وإسماعيل بن عياش ثقة في روايته عن أهل بلده، وقد رواه هنا عن أسيد بن عبد الرحمن، وهو من أهل بلده. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2468). وأخرجه أحمد (15648)، وأبو يعلى (1483)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (45)، والطبراني في "الكبير" 20/ (434)، والبيهقي 9/ 152 من طريق إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. وقوله: فضيق الناس المنازل وقطعوا الطريق. قال السهارنفوري: أي: وَسدُّوا الطريق فلم يبق للناس مجال أن يخرجوا من منازلهم ويرجعوا إليها بسبب تضييق المنازل. (¬2) حديث حسن كسابقه، وقد تابع بقيةَ -وهو ابن الوليد- إسماعيلُ بن عياش في الإسناد السابق. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (44)، والطبراني في "الكبير" 20/ (435)، والبيهقي 9/ 152 من طريق الأوزاعي، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

96 - باب في كراهية تمني لقاء العدو

96 - باب في كراهية تمني لقاء العدو 2631 - حدَّثنا أبو صالحٍ مَحبوبُ بيب مُوسى، أخبرنا أبو إسحاقَ الفَزَاريُّ، عن موسى بن عُقبةَ، عن سالمِ أبي النَّضْر مولى عُمر بن عُبيد الله -يعني ابنَ مَعمرٍ- وكان كاتباً له قال: كتب إليه عبدُ الله بن أبي أوفَى حين خرج إلى الحروريَّة: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في بعضِ أيامه التي لقي فيها العدوَّ قال: "يا أيَّها الناسُ، لا تَتَمَنَّوا لِقاءَ العدوِّ، وسَلُوا اللهَ العافيةَ، فإذا لقيتُموهم فاصبِروا، واعلَمُوا أن الجنةَ تحتَ ظِلالِ السيُّوفِ". ثم قال: "اللهم مُنزِلَ الكتابِ، مُجْرِيَ السَّحابِ، وهازِم الأحزَاب، اهزِمهُم وانصُرنا عليهم" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي صالح محبوب بن موسى، فهو صدوق لا بأس به، وهو متابع. أبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث صاحب كتاب السير، والحديث عنده فيه برقم (508 - 510). وأخرجه البخاري (2818) و (2833) و (2933) و (2966)، ومسلم (1742) من طريق موسى بن عقبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19114). وأخرج قصة الدعاء منه فقط البخاري (4115) و (6392)، ومسلم (1742) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الله بن أبي أوفى. قال ابن بطال: حكمة النهي أن المرء لا يعلم ما يؤول إليه الأمر، وهو نظير سؤال العافية من الفتن، وقد قال الصديق: لأن أعافى فأشكر أحب إلي من أبتلى فأصبر. وقال غيره: إنما نهي عن تمني لقاء العدو، لما فيه من صورة الإعجاب والاتكال على النفوس، والوثوق بالقوة، وقلة الاهتمام بالعدو، وكل ذلك يباين الاحتياط والأخذ بالحزم. قاله في "الفتح " 6/ 156. قال الخطابي: ومعنى ظلال السيوف الدنو من القِرْنِ حتى يعلوه ظل سيفه لا يولي عنه ولا يفر منه، وكل شيء دنا منك، فقد أظلك قال الشاعر: ورنقَّت المنيةُ فهي ظلٌّ ... على الأقران دانية الجناح =

97 - باب ما يدعى عند اللقاء

97 - باب ما يُدعَى عند اللقاء 2632 - حدَّثنا نصرُ بن علي، أخبرني أبي، حدَّثنا المُثنَّى بن سعيدٍ، عن قتادةَ عن أنسِ بن مالكٍ، قال: كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا غَزَا قال: "اللهم أَنْتَ عَضُدِي ونَصيري، بِكَ أَحُول، وبِكَ أَصُولُ، وبِكَ أُقاتِلُ" (¬1). 98 - باب في دعاء المشركين 2633 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، قال: أَخبرنا ابن عَونٍ، قال: ¬

_ وقال القرطبي المحدث: وهو من الكلام النفيس الجامع الموجز المشتمل على ضروب من البلاغة مع الوجازة وعذوبة اللفظ، فإنه أفاد الحض على الجهاد، والإخبار بالثواب عليه والحض على مقاربة العدو، واستعمال السيوف، والاجتماع حين الزحف حتى تصير السيوف تظل المقاتلين. (¬1) إسناده صحيح. نصر بن علي هو ابن نصر الجَهضَمي، والمثنى بن سعيد: هو الضُّبَعي القسّام القصير. وأخرجه الترمذي (3901)، والنسائي في "الكبرى" (8576) و (10365) من طريق المثنى بن سعيد، به. وهو في "مسند أحمد" (12909/ 2)، و"صحيح ابن حبان" (4761). قال الخطابي: "أحُولُ" معناه: أحتال. قال ابن الأنباري: الحول معناه في كلام العرب: الحيلة، يقال: ما للرجل حَوْل، وماله مَحالة، قال: ومنه قولك: "لا حول ولا قوة إلا بالله" أي: لا حيلة في دفع سوء، ولا قوة في درك خير إلا بالله. قال: وفيه وجه آخر، وهو أن يكون معناه: المنع والدفع، من قولك: حال بين الشيئين: إذا منع أحدهما عن الآخر. يقول: لا أمنع، ولا أدفع إلا بك. وقال ابن الأثير: "وبك أصول"، وفي رواية: "أصاول" أي: أسطو وأقهر، والصولة الوثْبة. وقوله: أنت عضدي، أي: معتمدي وناصري ومعيني.

كتبت إلى نافعٍ أسالُه، عن دُعاءِ المشركين عند القتال، فكتب إليَّ أن ذلك كان في أول الإسلام، وقد أغارَ نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- على بني المُصْطَلِقِ وهم غَارُّون، وأنعامُهم تُسقَى على الماء، فقتل مُقاتِلَتَهُم، وسَبَى سَبْيَهُم، وأصاب يومئذٍ جُوَيرِيَةَ بنتَ الحارثِ. حدَّثني بذلك عبدُ الله وكان في ذلك الجيش (¬1). قال أبو داود: هذا حديثٌ نبِيلٌ، رواه ابن عون عن نافع، لم يَشْرَكهُ فيه أحدٌ. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرطبان، وإسماعيل بن إبراهيم: هو ابن عُلَيّة. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2484). وأخرجه البخاري (2541)، ومسلم (1703)، والنسائي في "الكبرى" (8531) من طرق عن عبد الله بن عون، به. وهو في "مسند أحمد" (4857). قال النووي في "شرح مسلم": في دعاء المشركين إلى الإسلام ثلاثة مذاهب حكاها المازري والقاضي: أحدها: يجب الإنذار مطلقاً، قاله مالك وغيره، وهذا ضعيف. والثاني: لا يجب مطلقاً، وهذا أضعف منه أو باطل. والثالث: يجب إن لم تبلغهم الدعوة، ولا يجب إن بلغتهم، لكن يستحب، وهذا هو الصحيح، وبه قال نافع مولى ابن عمر والحسن البصري والثوري والليث والثافعي، وأبو ثور وابن المنذر والجمهور. قال ابن المنذر: وهو قولُ أكثر أهل العلم، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على معناه، فمنها هذا الحديث، وحديثُ كعب بن الأشرف، وحديث قتل ابن أبي الحقيق، وفي هذا الحديث جوازُ استرقاق العرب، لأن بني المصطلق عرب مِن خُزَاعَة، وهذا قول الشافعي في الجديد، وهو الصحيح، وبه قال مالك وجمهور أصحابه، وأبو حنيفة والأوزاعي وجمهور العلماء، وقال جماعة من العلماء: لا يُسترقون، وهذا قول الشافعي في القديم.

2634 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا ثابتٌ عن أنسٍ: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يُغيرُ عند صلاة الصبحِ، وكان يَتَسَمَّعُ، فإذا سَمِعَ أذاناً أمْسَكَ، وإلا أغارَ (¬1). 2635 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن عبدِ الملك بن نَوفَلِ ابن مُسَاحِقٍ، عن ابنِ عِصامٍ المزنيِّ عن أبيه، قال: بعثنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في سَرِيّةٍ، فقال: "إذا رَأيتم مَسجداً، أُو سمعتُم مُؤذِّناً، فلا تَقتُلُوا أحَداً" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم (382)، والترمذي (1711) و (1712) من طرق عن حماد بن سلمة، به. وزادا في روايتهما: فسمع رجلاً يقول: الله كبر الله أكبر، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "على الفطرة" ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "خرجتَ من النار". وهو في "مسند أحمد" (12351)، و"صحيح ابن حبان" (4745) و (4753). قال الخطابي: فيه من الفقه أن إظهار شعار الإسلام في القتال وعند شن الغارة يُحقن به الدم، وليس كذلك حال السلامة والطمأنينة التي يتسع فيها معرفة الأمور على حقائقها واستيفاء الشروط اللازمة فيها. ونقل عن الشافعي قوله في هذا الحديث: إنما كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- لا يُغير حتى يصبح ليس لتحريم الغارة ليلاً أو نهاراً، ولا غارّين، وفي كل حالٍ، ولكنه على أن يكونَ يبصر من معه كيف يُغيرون احتياطاً أن يُؤتَوا من كمين ومن حيث لا يشعرون، وقد يختلط أهل الحرب إذا أغاروا ليلاً، فيقتل بعض المسلمين بعضاً. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لجهالة ابن عصام المزني، قال الذهبي في "الكاشف": تفرد عنه عبد الملك بن نوفل، وقال الحافظ في "التقريب": لا يُعرف حاله. قنا: ولم يؤثر توثيقه عن أحد، وعبد الملك بن نوفل بن مُساحق صدوق حسن الحديث. سفيان: هو ابن عُيينة. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2385). =

99 - باب المكر في الحرب

99 - باب المكر في الحرب 2636 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن عَمرٍو أنه سمع جابراً، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: الحَربُ خَدْعَةٌ" (¬1). 2637 - حدَّثنا محمدُ بن عُبيدٍ، حدَّثنا ابنُ ثَورٍ، عن مَعمرٍ، عن الزُّهريِّ، عن عبدِ الرحمن بن كعب بن مالكٍ عن أبيه: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان إذا أراد غزوةً وَرَّى غيرَها، وكانَ يقولُ: "الحربُ خَدْعَهٌ" (¬2). ¬

_ وأخرجه الترمذى (1630)، والنسائي في "الكبرى" (8780) و (8787) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (15714). ويشهد له الحديث السالف قبله. (¬1) إسناده صحيح. عمرو: هو ابن دينار المكي، وسيان: هو ابن عيينة. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2889). وأخرجه البخاري (3030)، ومسلم (1739)، والترمذي (1770)، والنسائي في "الكبرى" (8589) من طريق سفيان بن عيينة، به. وهو في "مسند أحمد" (14177)، و"صحيح ابن حبان" (4763). وقوله: الحرب خدعة. قال الخطابي: معناه: إباحة الخداع في الحرب، وإن كان محظوراً في غيرها من الأمور. وهذا الحرف يُروى على ثلاثة أوجه: خَدْعَة بفتح الخاء وسكون الدال، وخُدْعَة بضم الخاء وسكون الدال، وخُدَعَة الخاء مضمومة والدال منصوبة، وأصوبها خَدْعة، ومعنى الخُدَعَةِ: أنها هي مرة واحدة، أي: إذا خُدع المقاتل مرة واحدة، لم يكن له إقالة، ومن قال: خُدْعة أراد الاسم كما يقال: هذه لعبة، ومن قال: خُدَعَة بفتح الدال، كان معناه أنها تخدع الرجال وتمنيهم، ثم لا تفي لهم، كما يقال: رجل لعبة: إذا كان كثير التلعب بالأشياء. (¬2) إسناده صحيح. ابن ثور: هو محمد بن ثور الصنعاني، محمد بن عبيد: هو ابن حِسابٍ الغُبَري. =

قال أبو داود: لم يجئ به إلا معمرٌ -يعني: "الحَربُ خَدْعةٌ"- من هذا الطريق (¬1). ¬

_ = وأخرجه البيهقي 9/ 150 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (9744) ومن طريقه أحمد (27175)، وأبو عوانة (6548)، وابن حبان (3370)، والطبراني في "الكبير" 19/ (90)، وأبو بكر القطيعي في "جزء الألف دينار" (321)، وأخرجه أبو عوانة (6549) من طريق عبد الله بن المبارك، والقضاعي في "مسند الشهاب" (8) من طريق الحسن بن أبي جعفر، ثلاثتهم (عبد الرزاق وعبد الله بن المبارك والحسن) عن معمر، بهذا الإسناد. إلا أن ابن المبارك قال في روايته عند أبي عوانة: عن ابن كعب بن مالك. فلم يُسمِّه. وليس في رواية عبد الرزاق وابن المبارك عند أبي عوانة أنه -صلَّى الله عليه وسلم- كان إذا أراد غزوة ورّى غيرها. وأخرجه أبو عوانة (6547) من طريق زيد بن المبارك، عن محمد بن ثور، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه قال: قال: يعني كعب بن مالك ... وأخرجه أبو عوانة (6546) من طريق يونس بن زيد، عن الزهري، عن عبد الرحمن ابن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن عمه عُبيد الله -وكان قائد أبيه- عن كعب بن مالك، وفي الإسناد إلى يونس يعقوب بن محمد الزهري ضعيف الحديث. وأخرجه دون قوله: "الحرب خدعة": البخاري (2947) من طريق عُقيل بن خالد، ومسلم (2769) من طريق محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري، والنسائي في "الكبرى" (8728) من طريق إسحاق بن راشد، ثلاثتهم عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، عن كعب بن مالك. وأخرجه كذلك النسائي في "الكبرى" (8727) من طريق معقل بن عبيد الله، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن عمه عُبيد الله، عن كعب ابن مالك. وأخرجه كذلك البخاري (2948) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن جده كعب بن مالك. وقوله: ورَّى غيرها: معنى التورية: أن يريد الإنسان الشيء فيظهر غيره. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ) وهي برواية ابن داسه.

100 - باب في البيات

100 - باب في البَيات 2638 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الصمدِ وأبو عامرٍ، عن عكرمةَ ابن عمَّارٍ، حدَّثنا إياسُ بن سَلمةَ عن أبيه، قال: أمَّرَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- علينا أبا بكرٍ، فغزونا ناساً من المشركين، فبَيَّتنْاهم نقتُلُهم، وكان شعارُنا تلك الليلة: أمِتْ، أمِتْ، قال سلمةُ: فقتلتُ بيديّ تلك الليلةَ سبعةَ أهلِ أبياتٍ من المشركين (¬1). 101 - باب في لُزوم الساقَةِ 2639 - حدَّثنا الحسنُ بن شَوكَر، حدَّثنا إسماعيلُ ابنُ عُلَيَّةَ، حدَّثنا الحجاجُ ابن أبي عثمانَ، عن أبي الزبيرِ أن جابر بن عبد الله حدثهم، قال: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يتخلَّف في المسير، فيرْجِي الضَّعِيفَ، ويُرْدِفُ، ويَدْعُو لهم (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل عكرمة بن عمار. سلمة: هو ابن الأكوع، وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنبري، وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العَقَدي، والحسن ابن علي: هو الخلال. وأخرجه ابن ماجه (2840)، والنسائي في "الكبرى" (8612) من طريق عكرمة ابن عمار، به. وهو في "مسند أحمد" (16498)، و"صحيح ابن حبان" (4744). وقد سلف برقم (2596). قوله: أمِت أمِت، قال ابن الأثير: هو أمرٌ بالموت. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل الحسن بن شوكر، فهو حسن الحديث وهو متابع. وقد صرح أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي-بالسماع فانتفت شبهة تدليسه. =

102 - باب، على ما يقاتل المشركون؟

102 - باب، على ما يقاتَل المشركون؟ 2640 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن أبي صالح عن أبي هُريرةَ قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أُمِرْتُ أن أُقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا اللهُ، فإذا قالُوها مَنعُوا مني دماءَهم وأموالَهم، إلا بحقِّها، وحِسابُهم على الله عزَّ وجل" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الحاكم 2/ 115 وعنه البيهقي 5/ 257 من طريق أحمد بن حنبل، عن إسماعيل بن عُلَية، بهذا الإسناد. قال الخطابي: قوله: "يُزجي" أي: يسوق بهم، يقال: أزجيتُ المطية: إذا حثثتُها في السَّوق. (¬1) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان، والأعمش: هو سيمان بن مِفران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، ومُسَدَّد: هو ابن مُسرهَد. وأخرجه مسلم (21) وابن ماجه (3927)، والترمذي (2789)، والنسائي (3976) و (3977) من طريق الأعمش، به. وأخرجه البخاري (2946)، ومسلم (21)، والنسائي (3090) و (3095) و (3972) و (3973) من طريق سعيد بن المسيب، ومسلم (21) من طريق عبد الرحمن ابن يعقوب الحُرقي، والنسائي (3978) مق طريق زياد بن قيس، ثلاثتهم عن أبي هريرة. زاد يعقوب في روايته: "حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي وبما جئت به". وهو في "مسند أحمد" (8163)، و "صحيح ابن حبان" (174) و (218). وقد سلف عند المصنف برقم (1556) من طريق عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة، عن عمر بن الخطاب ضمن قصة ارتداد العرب. وقوله: أمرت أن أقاتل الناس: هذا عامٌّ خُصَّ منه من أقر بالجزية بالآية وهي قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]. =

2641 - حدَّثنا سعيدُ بن يعقوبَ الطَّالْقانيُّ، حدَّثنا عبدُ الله بن المبارَك، عن حميدٍ عن أنس، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: " أُمِرتُ أن أُقاتِلَ الناسَ حتى يشهدوا أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأن محمداً عبدُه ورسولُه، وأن يستقبِلُوا قبلتَنا، وأن يأكُلوا ذبيحتَنا، وأن يُصَلُّوا صلاتَنا، فإذا فعلوا ذلك حَرُمَتْ علينا دماؤُهم وأموالُهم، إلا بحقها: لهم ما للمسلمين، وعليهم ما على المسلمين" (¬1). ¬

_ = وقوله: إلا بحقها، ولفظ حديث ابن عمر في "الصحيحين": "إلا بحق الإسلام" والمعنى إذا فعلوا ذلك لا يجوز إهدار دمائهم واستباحة أموالهم بسبب من الأسباب إلا بحق الإسلام من استيفاء قصاص نفس أو طرف إذا قتل أو قطع، ومن أخذ مال إذا غصب إلى غير ذلك من الحقوق الإسلامية كقتل لنحو زنى محض، وقطع لنحو سرقة، وتغريم مال لنحو إتلاف مال الغير المحترم. قاله القاري في "مرقاة المفاتيح" 1/ 74. وقوله: "وحسابهم على الله" فيما يُسرونه من كفر وإثم، أي: أنهم إذا أسلموا في الظاهر يجري عليهم حكمُ الإسلام وإن كانوا في الباطن على خلاف ذلك، فإذا كان باطنهم على خلاف ظاهرهم لا يتعرض لهم في الدنيا، ولكن يؤاخذون به في الآخرة، فيعاقبون عليه، لأنهم منافقون." بذل المجهود" 12/ 150. (¬1) إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل. وأخرجه البخاري (392)، والترمذي (2791)، والنسائى (3967) و (5003) من طريق عبد الله بن المبارك عن حميد الطويل، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وهو في "مسند أحمد، (13056)، و"صحيح ابن حبان" (5895). وانظر ما بعده. وأخرج البخاريُ تعليقاً (393) من طريق خالد بن الحارث، والنسائي (3968) من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، كلاهما عن حميد الطويل قال: سأل ميمون بن =

2642 - حدَّثنا سليمانُ بن داودَ المَهريُّ، أخبرنا ابنُ وَهبٍ، أخبرني يحيى ابنُ أيوبَ، عن حُميدٍ الطَّويلِ عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أُمِرْتُ أن أقاتلَ المشركين" بمعناه (¬1). 2643 - حدَّثنا الحسنُ بن عَليٍّ وعثمانُ بن أبي شَيبةَ -المعنى- قالا: حدَّثنا يعلَى بن عُبيدٍ، عن الأعْمشِ، عن أبي ظَبيانَ حدَّثنا أُسامة بن زيدٍ، قال: بعثَنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- سريةً إلى الحُرقَاتِ، فَنُذِرُوا بنا، فهَربوا، فأدركْنا رجلاً، فلما غَشِيناه، قال: لا إله إلا اللهُ، فضربْناه، حتى قتلناه، فذكرتُه للنبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "مَنْ لكَ بلا إله إلا الله يومَ القيامة؟ "، فقلت: يا رسول الله، إنما قالها مخافَةَ السلاح، قال: " أفلا شَققْتَ عن قلبه حتى تعلمَ مِن أجلِ ذلك قالها أم لا؟ مَنْ ¬

_ = سياه أنس بن مالك قال: يا أبا حمزة، ما يحرِّم دمَ العبد ومالَه؟ فقال: من شهد أن لا إله إلا الله، واستقبل قبلتنا، وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا، فهو المسلم، له ما للمسلم، وعليه ما على المسلم. هكذا روياه موقوفاً عليه. وأخرجه البخاري (391) من طريق منصور بن سعد، عن ميمون بن سياه، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من صلَّى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم، الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته"، فرفعه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيي بن أيوب -وهو الغافقي-، وهو متابع. ابن وهب: هو عبد الله بن وهب. وأخرجه البخاري تعليقاً (393) من طريق يحيي بن أيوب، والنسائي (3966) من طريق محمد بن عيسى بن سميع، كلاهما عن حميد الطويل، به. وانظر ما قبله.

لكَ بلا إله إلا اللهُ يومَ القيامةِ؟ " فما زالَ يقولُها حتى ودِدْت أني لم أُسلم إلا يومئذ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو ظبيان: هو حُصَين بن جندب الجَنبي الكوفي، والأعمش: هو سليمان بن مهران الكاهلي، والحسن بن علي: هو الخلال. وأخرجه مسلم (96)، والنسائي في "الكبرى" (8540) من طريق الأعمش، به. وأخرجه بنحوه البخاري (4269)، ومسلم (96)، والنسائي (8541) من طريق حصين بن عبد الرحمن الواسطي، عن أبي ظبيان، به. وهو في "مسند أحمد" (21745)، و"صحيح ابن حبان" (4751). الحُرَقات: بضم الحاء وفتح الراء بعدها قاف: نسبة إلى الحُرَقَة: بطن من جهينة سموا بذلك لوقعة كانت بينهم وبين بنى مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، فأحرقوهم بالسهام لكثرة من قتلوا منهم، وهذه السرية يقال لها: سرية غالب بن عبيد الله الليثي وكانت في رمضان سنة سبع فيما ذكره ابن سعد 2/ 119 عن شيخه محمد بن عمر، وكذا ذكره ابن إسحاق في المغازي (وانظر ابن هشام 4/ 271) حدثني شيخ من أسلم عن رجال من قومه، قالوا: بعث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- غالب بن عبد الله الكلبي ثم الليثي إلى أرض بني مرة، وبها مرداس بن نهيل حليف لهم من بنى الحرقة، فقتله أسامة بن زيد. قال الخطابي: فيه من الفقه: أن الكافر إذا تكلم بالشهادة، وإن لم يَصف الإيمان، وجب الكفُّ عنه، والوقوفُ عن قتله، سواء بعد القدرة عليه أو قبلَها. وفي قوله: "هلا شققتَ عن قلبه؟ " دليل على أن الحكم إنما يجري على الظاهر، وأن السرائر موكولة إلى الله سبحانه. وفيه أنه لم يُلزم أسامة مع إنكاره عليه الدية. ويشبه أن يكون المعنى فيه: أن أصل دماء الكفار الإباحة، وكان عند أسامة: أنه إنما تكلم بكلمة التوحيد مستعيذاً من القتل، لا مصدقاً به. فقتله على أنه كافر مباح الدم، فلم تلزمه الدية، إذ كان في الأصل مأموراً بقتاله، والخطأ عن المجتهد موضوع. ويحتمل أن يكون قد تأول فيه قول الله: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} [غافر: 85] وقوله في قصة فرعون: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: 91] , فلم يخلّصهم إظهار الإيمان عند الضرورة، والإرهاق من نزول العقوبة بساحتهم ووقوع بأسه بهم.

103 - باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود

2644 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، عن الليثِ، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيدَ الليثيَّ، عن عُبيد الله بن عَديِّ بن الخِيَارِ عن المِقداد بن الأسود، أنه أخبره، أنه قال: يا رسول الله، أرأيت إن لقيتُ رجلاً من الكفار فقاتَلَني، فضرب إحدى يَدَيَّ بالسيف، ثمَّ لاذَ مِنِّي بشجرةٍ، فقال: أسلمتُ للهِ، أفأقتُلُهُ يا رسولَ الله بعد أن قالها؟ قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: " لا تقتُلْه"، فقلتُ: يا رسولَ الله، إنه قطعَ يَدِي، قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تقتُلْه، فإن قتلْتَه فإنه بمنزلتِك قبلَ أن تقتلَه، وأنت بمنزلتِه قبل أن يقولَ كلمتَه التي قال" (¬1). 103 - باب النهي عن قتل من اعتصمَ بالسجود (¬2) 2645 - حدَّثنا هنادُ بن السَّرِي، حدَّثنا أبو مُعاويةَ، عن إسماعيلَ، عن قيس عن جريرِ بن عبد الله، قال: بعثَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- سريةً إلى خَثْعَمٍ، فاعتصم ناسٌ منهم بالسجود، فأَسرع فيهم القتل، قال: فبلغَ ذلك النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فأمر لهم بنصفِ العقلِ. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد. وأخرجه البخاري (4019)، ومسلم (95)، والنسائي في "الكبرى" (8537) من طريق عطاء بن يزيد الليثي، به. وهو في "مسند أحمد" (23811)، و"صحيح ابن حبان" (164). قال الخطابي: الخوارج ومن يذهب مذاهبهم في التكفير بالكبائر يتأولونه على أنه بمنزلة الكفر، وهذا تأويل فاسد. وإنما وجهه أنه جعله بمنزلته في إباحة الدم. لأن الكافر قبل أن يُسلم مباح الدم بحق الدين، فإذا أسلم فقتله قاتل، فإن قاتله مباحُ الدم بحق القصاص. (¬2) هذا التبويب أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها من رواية أبي عيسى الرملي.

وقال: "أنا بريء من كل مُسلم يقيم بين أظْهُرِ المشركين" قالوا: يا رسول الله، لم؟ قال: " لا تَرَاءَى نارَاهما" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد اختُلف في وصله وإرساله، فوصله أبو معاوية - وهو محمد بن خازم الضرير، وحفص بن غياث والحجاج بن أرطاة، وأرسله آخرون، وقد صحح الوصل ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 421، وابن دقيق العيد في "الإمام" فيما نقله عنه ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 164، وصحح الإرسال البخاري كما في "العلل الكبير" للترمذي 2/ 686، والترمذي عقب الرواية (1697) من "جامعه"، وأبو حاتم الرازي كما في "العلل" لابنه 1/ 314، والدارقطني في "العلل" 4/ ورقة 88. إسماعيل: هو ابن أبي خالد، وقيس: هو ابن أبي حازم، وهو تابعي كبير مخضرم. وأخرجه الترمذي في "جامعه" (1696)، وفي "العلل الكبير" 2/ 686، والطبراني في "الكبير" (2264)، وابن حزم في "المحلى" 10/ 369 و11/ 199، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 131 و 9/ 142، وفي "شعب الإيمان " (8929) من طريق أبي معاوية الضرير، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الديات" ص 91، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3233)، والطبراني (3836)، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 131 من طريق حفص بن غياث، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن خالد بن الوليد أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بعثه إلى ناس من خثعم ... الحديث، فجعله من مسند خالد بن الوليد، وأنه هو صاحب تلك السرية، واختلافُ الصحابي لا يضر، ما دام الإسنادُ إليه صحيحاً. لكن وقع عند البيهقي وحده: عن جرير بن عبد الله. وأخرجه الطبراني (2265) من طريق صالح بن عمر الواسطي، والطبراني أيضاً (2262)، والبيهقي في "الشعب" (8928) من طريق الحجاج بن أرطاة، كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أي حازم، عن جرير بن عبد الله. وهذان الإسنادان، وإن كان فيهما مقال، يصلحان للاعتبار. ورواية الحجاج مختصرة بالنهي عن الإقامة بين ظهراني المشركين. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ وأخرجه الشافعي في "مسنده" 2/ 102، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 130 من طريق مروان بن معاوية وسعيد بن منصور في "سننه" (2663) عن معتمر بن سيمان، وابن أبي شيبة 14/ 340 عن عبد الرحيم بن سليمان، والترمذي (1697) من طريق عبدة بن سليمان، والنسائي (4780) من طريق أبي خالد الأحمر، خمستهم عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم مرسلاً. وكذلك رواه مرسلاً الذين أشار إليهم المصنف بإثر الحديث، وهم هشيم ومعمر وخالد الواسطي. وأخرج النسائي (4177) من طريق أبي نُخيلة البجلي، عن جرير بن عبد الله قصة بيعته النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وفيه: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أبايعك على أن تعبد الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتُنَاصِحَ المسلمين، وتفارق المشركين" وإسناده صحيح. ولابن ماجه (2536)، والنسائي (2568) من حديث معاوية بن حيدة، رفعه: "لا يقبل الله من مشرك أشرك بعدما أسلم عملاً حتى يفارق المشركين إلى المسلمين". وسنده حسن. قال الخطابي: إنما أمر بنصف العقل، ولم يكمل لهم الدية -بعد علمه بإسلامهم- لأنهم قد أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين ظهراني الكفار، فكانوا كمن هلك بجناية نفسه وجناية غيره. فسقط حصة جنايته من الدية. وأما اعتصامهم بالسجود فإنه لا يُمحِّص الدلالة على قبول الدين، لأن ذلك قد يكون منهم في تعظيم السادة والرؤساء، فعُذِروا لوجود الشبه. وفيه دليل على أنه إذا كان أسيراً ي أيديهم فأمكنه الخلاص والانفلات منهم لم يحل له المقام معهم، وإن حلَّفوه فحلف لهم أن ايخرج، كان الواجب أن يخرج، إلا أنه إن كان مكرهاً على اليمين لم تلزمه الكفارة، وإن ان غير مكره كانت عليه الكفارة عن يمينه. وعلى الوجهين جميعاً، فعليه الاحتيال للخلاص، وقد قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير، وليكفّر عن يمينه". وقوله: "لا تَراءى ناراهما: فيه وجوه: أحدها: معناه: لا يستوي حكماهما، قاله بعض أهل العلم. =

104 - باب في التولي يوم الزحف

قال أبو داود: رواه هُشيم، ومُعمرٌ، وخَالدٌ الواسطيُّ، وجماعةٌ، لم يذكروا جَريراً. 104 - باب في التَّولي يوم الزَّحْفِ 2646 - حدَّثنا أبو توبةَ الربيعُ بن نافعٍ، حدَّثنا ابنُ المُبارَك، عن جريرِ بن حازمٍ، عن الزُّبير بن خِرِّيتِ، عن عكرمةَ عن ابن عباسٍ، قال: نزلت {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 65] فشقَّ ذلك على المسلمين حين فرض اللهُ عليهم أن لا يَفرَّ واحدٌ من عشرةٍ، ثم إنه جاء تخفيفٌ، فقال: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ} [الأنفال: 66] قرأ أبو توبة إلى قوله: {يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}، قال: فلما خفَّف الله عنهم من العِدَّه نقصَ من الصبرِ بقدْرما خَفَّف عنهم (¬1). ¬

_ وقال بعضهم: معناه: أن الله قد فرق بين داري الإسلام والكفر، فلا يجوز لمسلم أن يُساكن الكفار في بلادهم، حتى إذا أوقدوا ناراً كان منهم بحيث يراها. وفيه دلالة على كراهة دخول المسلم دار الحرب للتجارة والمقام فيها أكثر من مدة أربعة أيام. وفيه وجه ثالث ذكره بعض أهل اللغة، قال: معناه لا يتَّسم المسلم بسِمَة المشرك، ولا يتشبه به في هديه وشكله، والعرب تقول: "ما نار بعيرك؟ " أي: ما سِمَتُه، ومن هذا قولهم: "نارها نجارها" يريدون: أن مِيسَمها يدل على كَرَمِها وعِتقها، ومنه قول الشاعر: حتى سقوا آبالهم بالنار ... والنار قد تشفي من الأُوار يريد: أنهم يعرفون الكرام منها بسِماتها، فيقدمونها في السقي على اللئام. (¬1) إسناده صحيح. ابن المبارك: هو عبد الله. وأخرجه البخاري (4653) من طريق عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً بنحوه (4652) من طريق عمرو بن دينار، عن ابن عباس. وهو في "صحيح ابن حبان" (4773) بنحوه أيضاً من طريق عطاء، عن ابن عباس.

2647 - حدَّثنا أحمد ابن يونس، حدَّثنا زهُيرٌ، حدَّثنا يزيد بن أبي زياد، أن عبدَ الرحمن بن أبي ليلى حدثه أن عبدَ الله بن عُمر حدثه: أنه كان في سَرِيَّةٍ، من سرايا رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: فحَاصَ الناسُ حَيْصَةً، فكنت فيمن حَاصَ، قال: فلما بَرَزْنا قلنا: كيف نصنعُ، وقد فَرَرْنا من الزَّحْف، وبُؤْنا بالغضبِ؟ فقلنا: ندخُل المدينةَ، فنثبتُ (¬1) فيها، لنذهبَ، ولا يرانا أحدٌ، قال: فدخلنا، فقلنا: لو عَرَضنَا أنفسنا على رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فإن كانت لنا توبةٌ أقَمْنا، وإن كان غيرَ ذلك ذهبنا، قال: فجلسنا لِرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قبلَ صلاةِ الفجرِ، فلما خرج قُمنا إليه، فقلنا: نحن الفَرَّارون، فأقبلَ إلينا، فقال: "لا، بل أنتم العَكَّارون"، قال: فدنَونا فقبَّلْنا يدَه، فقال: "أنا فِئةُ المُسلمين" (¬2). ¬

_ (¬1) كذا في (أ): فنثبت، وهي كذلك عند العظيم آبادي والسهارنفوري. وفي (ج): فنبيت، وهي كذلك عند ابن سعد وأحمد، وفي (ب) و"اختصار السنن" للمنذري: فنتثبَّت، وفي (هـ): فننبثُّ، وأشار الحافظ في نسخه (أ) إلى أن رواية ابن الأعرابي: فننبتُّ، والله أعلم بالصواب. (¬2) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد -وهو مولى الهاشميين- أحمد بن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس التميمي اليربوعي الكوفي، زهير: هو ابن معاوية الجُعفي. وأخرجه بنحوه الترمذي (1813) من طريق سفيان بن عيينة، عن يزيد بن أبي زياد، به. ولم يذكر فيه قصة تقبيل اليد، وقال: هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن أبي زياد. وهو في "مسند أحمد" (5384). وفي الباب عن عروة بن الزبير عند ابن إسحاق كما في "السيرة النبوية" لابن هشام 4/ 24 قال ابن إسحاق: فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، قال: لما دنوا من حول المدينة تلقاهم رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- والمسلمون، قال: ولقيهم =

105 - باب في الأسير يكره على الكفر

2648 - حدَّثنا محمد بن هشام المِصريُّ، حدَّثنا بِشر بن المُفضَّل، حدَّثنا داودُ، عن أبي نَضْرةَ عن أبي سعيدٍ، قال: نزلَتْ في يوم بدرٍ {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: 16] (¬1). 105 - باب في الأسير يُكره على الكفر 2649 - حدَّثنا عَمرو بن عَونٍ، أخبرنا هُشيمٌ وخالدٌ، عن إسماعيلَ، عن قيسِ بن أبي حازمٍ ¬

_ = الصبيان يشتدون، ورسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- مقبل مع القوم على دابّة، فقال: "خذوا الصبيان فاحملوهم، وأعطوني ابن جعفر"، فأتي بعبد الله بن جعفر فحمله بين يديه. قال: وجعل الناس يحثون على الجيش التراب، ويقولون: يا فُرّار، فررتم في سبيل الله! قال: فيقول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ليسوا بالفُرار، ولكنهم الكُرار إن شاء الله تعالى" وهذا مرسل حسن، وكان ذلك في قفول المسلمين من مؤتة. وستأتي قصة تقبيل اليد برقم (5223). قال الخطابي: يقال: "حاص الرجل" إذا حاد عن طريقه، أو انصرف عن وجهه إلى جهة أخرى. وقوله: " وأنتم العكارون" يريد: أنتم العائدون إلى القتال، والعاطفون عليه، يقال: عكرتُ على الشيء: إذا عطفتَ عليه، وانصرفتَ إليه بعد الذهاب عنه، وأخبرني ابن الزَّيبقي، حدَّثنا الكُديمي، عن الأصمعي، قال: رأيتُ أعرابياً يَفْلى ثيابه، فيقتل البراغيث، ويترك القمل. فقلت: لم تصنع هذا؟ قال: أقتل الفرسان، ثم أعكر على الرجالة. وقوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أنا فئة المسلمين" يُمهِّد بذلك عُذرهم، وهو تأويل قوله تعالى: {أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ} [الأنفال: 16]. (¬1) إسناده صحيح. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطعة، وداود: هو ابن أبي هند. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8600) و (11139) و (11140)، والطبري في "تفسيره" 9/ 201 و 201 - 202 و 202، والحاكم 2/ 327 من طرق عن داود بن أبي هند، به.

106 - باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلما

عن خَبّابٍ، قال: أتينا رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو مُتوسد بُردةً في ظلِّ الكعبة، فشكَونا إليه فقلْنا: ألا تستَنْصِر لنا، ألا تدعُو اللهَ لنا؟ فجلس مُحمَرّاً وجهُه فقال: "قد كانَ مَن قبلَكم يؤخَذُ الرجلُ فيُحفَر له في الأرض، ثم يُؤتى بالمِنشارِ، فيُجعَل على رأسِه فيجعل فرقَتَينِ، ما يصرِفُه ذلك عن دينه، ويُمشطُ بأمشاطِ الحديدِ، ما دون عظمِه من لحم وعَصَبٍ، ما يصرِفُه ذلك عن دينه، والله لَيُتِمَّنَّ اللهُ هذا الأمرَ حتى يسيرَ الراكبُ ما بين صنعاءَ وحضرموتَ، ما يَخافُ إلا الله والذئبَ على غنمِه، ولكنكم تَعْجَلون" (¬1). 106 - باب في حكم الجاسوس إذا كان مسلماً 2650 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن عَمرو، حدثه حَسنُ بن محمدِ ابن علي، أخبرَه عُبيدُ الله بن أبي رافع -وكان كاتباً لعلي بن أبي طالب- قال: سمعتُ علياً يقولُ: بعثَني رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أنا والزبيرَ والمقدادَ، فقال:، انطلِقُوا حتى تأْتوا رَوضَة خَاخٍ، فإن بها ظَعينةً معها كتابٌ فخذُوه منها، فانطلَقْنا تتعادى بنا خَيلُنا حتى أتينا الرَّوضةَ، فإذا نحن بالظَّعينةِ، فقلنا: هَلُمِّي الكتابَ، قالت: ما عندي مِن كتابٍ، فقلتُ: لتُخْرِجِنَّ الكتابَ، أو لنُلْقِيَنَّ الثيابَ، فأخرجتْه من عِقاصِها، فأتينا به النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فإذا هو: من حاطبِ بن أبي بَلْتَعَةَ إلى ناسٍ من المشركين، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن أبي خالد الأحمسي، وهشيم: هو ابن بشير الواسطي، وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي. وأخرجه البخاري (3612)، والنسائي في "الكبرى" (5862) من طريق إسماعيل ابن أبي خالد، به. وقرن النسائي بإسماعيل بيان بن بشر. وهو في "مسند أحمد" (21057)، و"صحيح ابن حبان" (2897) و (6698).

يُخبرهم ببعض أمرِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "ما هذا يا حاطبُ؟ " فقال: يا رسولَ الله، لا تعجَلْ عليَّ فإني كنتُ امرأً مُلْصقَاً في قريش، ولم أكن من أنفُسِها، وإن قريشاً لهم بها قَراباتٌ يحمُونَ بها أهليهم بمكةَ، فأحببتُ إذ فاتني ذلك أن أتخذ فيهم يداً يحمُون قرابتي بها، واللهِ ما كان بي كُفرٌ ولا ارتدادٌ، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "صَدَقَكم" فقال عمرُ: دَعْني أضْربْ عُنُقَ هذا المنافقِ، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "قد شهد بدراً، وما يُدريك لعلَّ اللهَ اطَّلع على أهلِ بدر فقال: اعمَلُوا ما شئتم فقد غَفرْتُ لكم" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عمرو: هو ابن دينار المكي، وسفيان: هو ابن عُيينة، ومُسَدَّد: هو ابنُ مُسَرْهَدٍ. وأخرجه البخاري (3007)، ومسلم (2494)، والترمذي (3591)، والنسائى في "الكبرى" (11521) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (600)، و"صحيح ابن حبان" (6499). وانظر ما بعده. قال الخطابي: في هذا الحديث من الفقه: أن الحكم المتأول في استباحة المحظور عليه، خلاف حكم المتعمد لاستحلاله من غير تأويل. وفيه: أنه إذا تعاطى شيئاً من المحظور وادعى أمراً مما يحتمله التأويل، كان القول قوله في ذلك. وإن كان غالب الظن بخلافه. ألا ترى أن الأمر لما احتمل وأمكن أن يكون كما قال حاطب، وأمكن أن يكون كما قاله عمر رضى الله عنهما. استعمل رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- حُسنَ الظن في أمره، وقبل ما ادّعاه في قوله. وفيه دليل على أن الجاسوس إذا كان مسلماً لم يقتل. واختلفوا فيما يفعل به من العقوبة. فقال أصحاب الرأي في المسلم إذا كتب إلى العدو ودلَّه على عورات المسلمين: يُوجَع عقوبةً، ويُطال حبْسُه. وقال الأوزاعي: إن كان مسلماً عاقبه الإمام عقوبة مُنكِّلة، وغرَّبه إلى بعض الآفاق في وثاق. وإن كان ذمياً فقد نقض عهده. =

2651 - حدَّثنا وهبُ بن بقيةَ، عن خالدٍ، عن حُصَين، عن سعد بن عُبيدةَ، عن أبي عبد الرحمن السُّلمَي، عن عليٍّ، بهذه القصة، قال: انطلق حاطبٌ فكتب إلى أهل مكةَ: أن محمداً قد سار إليكم، وقال فيه: قالت: ما معي كتابٌ، فانْتَحيناها، فما وجدنا معها كتاباً، فقال عليٌّ: والذي يُحلَفُ به لأقْتُلَنَّكِ أو لتُخْرِجِنَّ الكتابَ، وساق الحديثَ (¬1). ¬

_ = وقال مالك: لم أسمع فيه شيئاً، وأرى فيه اجتهاد الإمام. وقال الشافعي: إذا كان هذا من الرجل ذي الهيئة بجهالة، كما كان من حاطب بجهالة، وكان غير متهم أحببتُ أن يُتجافى عنه. وإن كان من غير ذي الهيئة كان للإمام تعزيره. وفي الحديث من الفقه أيضاً: جواز النظر إلى ما يكشف من النساء لاقامة حدٍّ، أو إقامة شهادة في إثبات حقٍّ، إلى ما أشبه ذلك من الأمور. وفيه دليل على أن من كفَّر مسلماً، أو نفقه على سبيل التأويل، وكان من أهل الاجتهاد لم تلزمه عقوبة. ألا ترى أن عمر رضي الله عنه قال: "دعني أضرب عنق هذا المنافق" وهو مؤمن، وقد صدقه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فيما ادعاه من ذلك، ثم لم يعنف عمر فيما قاله؟ وذلك أن عمر لم يكن منه عدوان في هذا القول على ظاهر حكم الدين إذ كان المنافق هو الذي يظهر نُصرة الدين في الظاهر، ويبطن نصرة الكفار، وكان هذا الصنيع من حاطب شبيهاً بأفعالِ المنافقين، إلا أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قد أخبر أن الله تعالى قد غفر له ما كان منه من ذلك الصنيع، وعفا عنه، فزال عنه اسم النفاق، والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن السُّلَمي: هو عبد الله بن حبيب الكوفي، مشهور بكنيته، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان. وأخرجه البخاري (3081) و (3983) و (6259) و (6939)، ومسلم (2494) من طرق عن حصين بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. =

107 - باب في الجاسوس الذمي

107 - باب في الجاسوس الذمي 2652 - حدَّثنا محمد بن بشار، حدثني محمد بن مُحَبَّب أبو همامٍ الدَّلَّالُ، حدَّثنا سفيانُ بن سعيدٍ، عن أبي اسحاقَ، عن حارثةَ بن مُضَرَّب عن فُرَات بن حَيانَ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أمر بقتله، وكان عيناً لأبي سفيانَ، وحليفاً لرجل من الأنصار، فمر بحلْقة من الأنصار فقال: إني مسلمٌ, فقال رجلٌ من الأنصار: يا رسول الله، إنه يقول: إننى مسلمٌ فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن منكم رجالاً نكلُهُم إلى إيمانِهم، منهم فراتُ بن حَيَّانَ" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (827). وانظر ما قبله. قوله: فانتحيناها، أي: قصدناها. (¬1) إسناده صحيح. سفيان بن سعيد: هو الثوري. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (9396)، وأحمد في "مسنده" (18965)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 128، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1662)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" لأبيه (18965)، وابن الجارود (1058)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 324/ 2 - 325، والطبراني في "الكبير" 18/ (831)، والحاكم 2/ 115 و 4/ 366، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 18، والبيهقي 8/ 197 و 9/ 147، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 352، والمزي في ترجمة فرات بن حيان من "تهذيب الكمال" من طرق عن سفيان بن سعيد الثوري، بهذا الإسناد. قال المنذري: وفرات، بضم الفاء، وراء مهملة مفتوحة، وبعد الألف تاء ثالث الحروف. وحيان، بفتح الحاء المهملة، وياء آخر الحروف مشددة مفتوحة، وبعد الألف نون. وفرات -هذا- له صحبة، وهو عِجْلي، سكن الكوفة، وهاجر إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ولم يزل يغزو مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- إلى أن قُبض فتحول، فنزل الكوفة.

108 - باب في الجاسوس المستأمن

108 - باب في الجاسوس المستأمَن 2653 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا أبو نعيم، حدَّثنا أبو عميس، عن ابن سلمة بن الأكوع عن أبيه، قال: أتى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- عينُ المشركين وهو في سفر، فجلس عند أصحابه ثم انسَلَّ، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "اطلُبوه، فاقتُلوه" قال: فسبقتُهم إليه فقتلتُه، وأخذتُ سَلَبَهَ، فنفَّلَني إياه (¬1). 2654 - حدَّثنا هارونُ بن عبدِ الله، أن هاشمَ بن القاسمِ وهشاماً حدثاهم، قالا: حدَّثنا عكرمةُ بن عمار، قال: حدَّثني إياس بن سلمةَ قال: حدَّثني أبي، قال: غزوتُ مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- هوَازنَ، قال: فبينما نحنُ نَتضَحَّى وعامَّتُنا مُشاةٌ وفينا ضَعَفَةٌ إذ جاء رجلٌ على جمل أحمرَ، فانتزع طَلَقاً من حَقو البعيرِ فقيَّد به جملَه، ثم جاء يتغذَّى مع القومِ، فلما رأى ضعَفَتَهم ورِقَّةَ ظهرِهم خرج يعدُو إلى جملِه، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن سلمة: هو إياس، وأبو العُميس: هو عتبة بن عبد الله ابن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي، وأبو نعيم: هو الفضل بن دُكين، والحسن بن علي: هو الهُذلي الخلال. وأخرجه البخاري (3051) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، والنسائي في "الكبرى" (8793) من طريق جعفر بن عون، كلاهما عن أبي العميس، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2836) من طريق وكيع، عن أبي العُميس، به بلفظ: بارزت رجلاً فقتلته، فنفّلني رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- سلبه. كذا جاء عنده بذكر تنفيل السلب، دون ذكر أن ذلك كان عيناً للمشركين وأن قتله كان لذلك السبب. وهو في "مسند أحمد" (16492) عن وكيع كلفظ ابن ماجه. وانظر ما بعده.

فأطلَقه ثم أناخَه فقعَد عليه، ثم خرج يَرْكُضه، واتَّبعه رجلٌ من أسلَمَ على ناقة وَرقَاءَ هي أمثَلُ ظَهْرِ القوم، فخرجتُ أعدُو، فأدركتُه، ورأسُ النَّاقة عند وَرِك الجمل، وكنت عند وَرِك الناقة، ثم تقدَّمتُ، حتى كنت عند وَرِك الجمل، ثم تقدَّمتُ، حتى أخذْتُ بخُطامِ الجمل، فأنَخْتُه، فلما وضَعَ رُكبتَه بالأرضُ اختَرَطْتُ سيفي فأضربُ رأسه، فَنَدَرَ، فجئتُ براحلتِه وما عليها أقودُها، فاستقبَلَني رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في الناسِ مُقبلاً، فقال: "مَن قَتَل الرَّجُلَ؟ " فقالوا: سلمة بن الأكْوعِ، فقال: "له سَلَبُهُ أجمعُ" (¬1). قال هارونُ: هذا لفظُ هاشم. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. إياس بن سلمة: هو ابن الأكوع، وهشام: هو ابن سعيد الطالقاني. وأخرجه مسلم (1754)، والنسائي في "الكبرى" (8624) من طريق عكرمة بن عمار، به. وأخرج قصَّة تنفيل السلب منه فقط ابن ماجه (2836) من طريق عكرمة بن عمار، به. وهو في "مسند أحمد" (16519) و (16523)، و "صحيح ابن حبان" (4843) بتمامه. وتختلف هذه الرواية عن سابقتها بأن الرواية الأولى التي عند البخاري والنسائي (8793) فيها أمر منه -صلَّى الله عليه وسلم- بقتل ذلك العين المشرك، وهنا فيه إقرارٌ منه -صلَّى الله عليه وسلم- لقتله، لا أمرٌ منه بذلك. قال الخطابي: "نتضحّى" معناه: نتغدى، والضحاء -ممدود- الغداء. و"الطلق": سَير يقيد به البعير، و"حقوه ": مؤخَّره. وقوله: "نَدَر" معناه: بانَ منه وسقط. قال: وفيه إثبات السَّلب للقاتل، وأنه -صلَّى الله عليه وسلم- لم يخمِّسْه.

109 - باب في أي وقت يستحب اللقاء

109 - باب في أيِّ وقتٍ يُستحب اللقاء 2655 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، أخبرنا أبو عِمرانَ الجَوني، عن علقمةَ بن عبدِ الله المُزني، عن مَعْقلِ بن يَسارٍ أن النعمانَ -يعني ابنَ مقَرِّن- قال: شهدتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا لم يقاتل من أول النهار أخَّر القتالَ حتى تزولَ الشمسُ، وتهبَّ الرياحُ، وينزلَ النصرُ (¬1). 110 - باب فيما يؤمَرُ به من الصَّمت عند اللقاء 2656 - حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا هِشام (ح) وحدَّثنا عُبيد الله بن عمر، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن مَهدي، حدَّثنا هشامٌ، حدَّثنا قتادةُ، عن الحسنِ عن قيس بن عُبَاد قال: كانَ أصحابُ النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- يكرهُون الصوتَ عند القتالِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عمران الجَوني: اسمه عبد الملك بن حبيب، مشهور بكنيته، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه الترمذي (1705)، والنسائي في "الكبرى" (8583) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (23744)، و"صحيح ابن حبان" (4757). وأخرجه بنحوه البخاري (3160) من طريق جبير بن حية، والترمذي (1704) من طريق قتادة بن دعامة، كلاهما عن النعمان بن مقرن. وطريق الترمذي منقطع، لأن قتادة لم يدرك النعمان بن مقرن فيما قاله الترمذي. (¬2) أثر إسناده صحيح. الحسن: هو ابن أبي الحسن البصري، وقتادة: هو ابن دِعامة، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي، وعبيد الله بن عمر: هو ابن ميسرة القواريري، ومسلم بن إبراهيم: هو الفراهيدي. =

111 - باب في الرجل يترجل عند اللقاء

2657 - حدَّثنا عُيد الله بن عُمر، حدَّثنا عبدُ الرحمنِ، عن همامٍ، حدثني مَطرٌ، عن قتادةَ، عن أبي بُردةَ عن أبيه، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، بمثل ذلك (¬1). 111 - باب في الرجل يترجل عند اللقاء 2658 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، عن إسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ ¬

_ = وأخرجه الحاكم 2/ 116، والبيهقي 9/ 153 من طريق مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 4/ 74 من طريق وكيع بن الجراح، و 9/ 153 من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، كلاهما عن هشام الدستوائي، به. وزادا: وعند الجنائز وعند الذكر. وخالف معمر هشاماً في إسناده عند عبد الرزاق (6281) فقال: عن قتادة، عن الحسن قال: أدركتُ أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يستحبون خفض الصوت عند الجنائز وعند قراءة القرآن وعند القتال وبه نأخذ. فجعله من قول الحسن البصري. وهشام الدستوائي أوثق الناس في قتادة، حتى قال شعبة: هشام الدستوائى أعلم بحديث قتادة منى وأكثر مجالسة له مني. وخالفه كذلك مطر الوراق كما سيأتى في الطريق الآتي بعده. ومطر ضعيف. (¬1) أثر صحيح لكن عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عُباد كما في الطريق السابق، وهذا إسناد أخطأ فيه مطر -وهو ابن طهمان الوراق، وهو ضعيف- إذ جعله عن قتادة، عن أبي بردة -وهو ابن أبي موسى الأشعري-، عن أبيه، وإنما الصحيح ما رواه هشام الدستوائي، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عُباد. عبد الرحمن: هو ابن مهدي. وأخرجه الحاكم 2/ 116 من طريق عُبيد الله بن عمر القواريري، بهذا الإسناد. وقال: وحديث هشام الدستوائي شاهده، وهو أولى بالمحفوظ، وقال الذهبي في "تلخيصه" عن طريق هشام: هذا أصح.

112 - باب في الخيلاء عند الحرب

عن البراءِ قال: لما لقي النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- المشركين يومَ حنينٍ نزل عن بغلته فتَرجَّل (¬1). 112 - باب في الخُيلاء عند الحرب 2659 - حدَّثنا مُسلُم بن إبراهيمَ وموسى بن إسماعيلَ -المعنى واحد- قالا: حدَّثنا أبانُ، قال، حدَّثنا يحيى، عن محمدِ بن إبراهيمَ، عن ابن جابرِ بن عَتيكٍ عن جابرِ بن عَتيكٍ، أن نبيَّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان يقول: "مِن الغَيرةِ ما يحبُّ اللهُ، ومنها ما يُبغِضُ اللهُ: فأما التي يُحبها الله عزَ وجلَّ فالغَيرةُ في الرِّيبةِ، وأما التي يُبغِضُها فالغَيرةُ في غيرِ ريبةٍ. وإن مِن الخُيلاء ما يُبغضُ اللهُ، ومنها ما يحبُّ اللهُ: فأما الخُيلاءُ التي يحبُّ اللهُ فاختيالُ الرجلِ نفسَه عند اللقاء، واختيالُه عند الصدقةِ، وأما التي يُبغِضُ اللهُ فاختيالُه في البغيِ" قال موسى: "والفخرِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو من أثبت الناس في جده للزومه إياه. ووكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي. وأخرجه البخاري (2930) و (3042)، ومسلم (1776)، والنسائي في "الكبرى" (8575) و (10366) من طرق عن أبي إسحاق، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (4775). (¬2) حسن لغيره، ابن جابر بن عتيك قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 416: إن كان هو عبد الملك فهو ثقة، وإن كان هو عبد الرحمن المذكور في إسناد حديث "سيأتيكم ركيب مبغّضون" فإنه غير معروف، ولا مذكور، فيما أعلم، والله الموفق. لكن ابن حبان قال: هو أبو سفيان بن جابر بن عتيك وذكره في "الثقات". قلنا: وباقي رجاله ثقات. محمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي، ويحيى: هو ابن أبي كثير، وأبان: هو ابن يزيد العطار. وقد سكت عبد الحق الإشبيلي عن هذا الحديث مصححاً له، وصحح إسناده الحافظ في "الإصابة" في ترجمة جابر بن عتيك. =

113 - باب في الرجل يستأسر

113 - باب في الرجلُ يستأسِر 2660 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا إبراهيمُ -يعني ابنَ سعدٍ- أخبرنا ابنُ شهابٍ، أخبرني عَمرو بن جَارِيةَ الثقفي -حليفُ بني زُهرةَ- عن أبي هريرةَ، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: بعثَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عشرةً عيناً وأمّر عليهم عاصمَ بن ثابتٍ، فنَفَروا لهم هُذيلٌ بقريبٍ من مئةِ رجلٍ رامٍ، فلما أحسَّ بهم عاصمٌ لجؤوا إلى قَرْدَدٍ، فقالوا لهم: انزِلُوا فأعطُوا بأيديكم ولكم العهدُ والميثاقُ، أن لا نقتلَ منكم أحداً، فقال عاصم: أما أنا فلا أنزِلُ في ذمَّة كافرٍ، فرَمَوهُم بالنَّبْل، فقتلوا عاصماً في سبعةِ نفرٍ، ونَزل إليهم ثلائةُ نفرٍ على العهدِ والميثاق، منهم خُبَيبٌ وزيدُ بن الدَّثِنَة ورجلٌ آخرُ، فلمَّا استمكَنُوا منهم أطلقوا أوتار قِسِيِّهم فربطُوهم ¬

_ = وأخرجه النسائي (2558) من طريق الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23747)، و"صحيح ابن حبان" (295). ويشهد له حديث عقبة بن عامر الجهني عند أحمد (17398)، وعبد الرزاق (19522)، وابن خزيمة (2478)، والطبراني في "الكبير" 17/ (939)، والخطيب في "تاريخه" 12/ 380 - 381، والبغوي في "شرح السنة" (2641)، لكنه لم يذكر فيه المخيلة في القتال. وهو حسن في الشواهد. ويشهد للخيلاء في الحرب والقتال قوله -صلَّى الله عليه وسلم- لأبي دجانة في غزوة أحد وقد كان يتبختر في مشيته: "إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن" أخرجه ابن إسحاق في "سيرته " كما في "السيرة النبوية" لابن هشام، ومن طريقه الطبري في"تاريخه" 2/ 63 و 63 - 64، والأثير في "أسد الغابة" في ترجمة أبي دجانة. قال الخطابي: معنى الاختيال في الصدقة: أن يَهُزَّه أريحية السخاء، فيعطيها طيبة نفسه بها، من غير مَنٍّ ولا تصريد [أي: تعاظم على الفقير] واختيال الحرب، أن يتقدم فيها بنشاط نفسٍ، وقوة جَنان، ولا يكبَعُ [من الكبوع، وهو الذل والخضوع] ولا يجبُن.

بها، قالَ الرجلُ الثالثُ: هذا أولُ الغَدْرِ، واللهِ لا أصحبُكم، إن لي بهؤلاء لأسوةَ، فجرُّوه، فأبى أن يصحبَهم، فقتَلوه، فلبِثَ خبيبٌ أسيراً حتى أجمعوا قتلَه، فاستعار مُوسى يَستحِدُّ بها، فلما خرجوا به ليقتُلوه، قال لهم خُبيبٌ: دعوني أركعْ ركعتَين، ثم قال: واللهِ لولا أن تحسَبُوا ما بي جَزَعاً لزِدْتُ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه بأطول مما هاهنا البخاري (3989) عن موسى بن إسماعيل، عن إبراهيم بن سعد، و (4086) من طريق معمر، كلاهما عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (7928)، و"صحيح ابن حبان" (7039). وانظر ما بعده. قال الخطابي: "القردد" رابية مشرفة على وَهْدة. فال الشاعر: متى ما تزُزنا آخر الدهر تلقنا ... بقرقرةٍ ملساءَ ليست بقَردَدِ وقوله: "يستحد بها" أي: يحلق شعر - عانته. والاستحداد: مأخوذ من الحديد. وفيه من العلم: أن المسلم يجالد العدو إذا أُرهِق، ولا يستأسر له ما قدر على الامتناع منه. وإنما استحد خبيب خوفاً أن تظهر عورته إذا صلبوه، ثم إنه من السنة، فاستعمله متجهزاً للموت. وقال المنذري: خُبيب، بضم الخاء المعجمة، وفح الباء الموحدة، وسكون الياء آخر الحروف، وبعدها باء موحدة. والدثنة: بفتح الدال المهملة، وكسر الثاء المثلثة، وفح النون، وبعدها تاء تأنيث. ويقال: الدَّثنة بفتح الدال وسكون الثاء. قال: وخبيب: هو ابنُ عدي الأنصاري الأوسى، وابن الدثنة، هو أنصاري بياضي. وعاصم بن ثابت بن أبي الأقلح -بالقاف والحاء المهملة- أنصاري، شهد بدراً، وهو الذي حمته دَبَر النحل من المشركين، كنيته أبو سليمان. وكان ذلك يوم الرجيع سنة ثلاث من الهجرة.

114 - باب في الكمناء

2661 - حدَّثنا ابنُ عوف، حدَّثنا أبو اليمانِ، أخبرنا شعيبٌ، عن الزُّهريِّ، أخبرني عَمرو بن أبي سفيانَ بنِ أسيد بن جَارية الثقفيُّ -وهو حليفٌ لبني زُهرةَ- وكان من أصحاب أبي هريرة، فذكر الحديث (¬1). 114 - باب في الكُمناء 2662 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفَيليُّ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا أبو إسحاقَ، قال: سمعتُ البَراءَ يُحدَّث، قال: جعلَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- على الرُّماةِ يومَ أُحدٍ -وكانوا خمسينَ رجلاً- عبدَ الله بن جُبيرٍ، وقال: "إن رأيتُمونا تَخْطَفُنا الطيرُ فلا تَبرحُوا من مكانِكم هذا، حتى أُرسلَ إليكم، وإن رأيتُمونا هَزمْنا القومَ وأوطأناهم فلا تبرَحُوا حتى أُرسِلَ إليكُم" قال: فهزمهم اللهُ، قال: فأنا واللهِ رأيتُ النساءَ يَشْتدِدْنَ (¬2) على الجبل، فقال أصحابُ عبدِ الله بن جُبيرٍ: الغنيمةَ، أيْ قومِ، الغنيمةَ!! ظَهَرَ أصحابُكم فما تَنْظُرون؟ فقال عبدُ الله بن جُبيرٍ: أنسيتُم ما قال لكُم رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-؟ فقالوا: والله لنأتينَ الناسَ فلَنُصِيبنَّ مِن الغنيمةِ، فأتَوهم، فصُرِفَتْ وجوهُهم، وأقبَلُوا مُنهزمين (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه. شعيب: هو ابن أبي حمزة، وأبو اليمان: هو الحكم ابن نافع البهراني، وابن عوف: هو محمد بن عوف الحمصي. وأخرجه مطولاً البخاري (3045)، والنسائي في "الكبرى" (8788) من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) كذا جاء في أصولنا الخطية: يشتددن، وجاء في نسخة الخطابي التي شرح عليها: يُسندن، وفسّرَها بقوله: معناه: يصعدن فيه، يقال: سند الرجل في الجبل: إذا صعد فيه. وكذلك هو عند العظيم آبادى والسهارنفوري. (¬3) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وزهير: هو ابن معاوية الجُعفي. =

115 - باب في الصفوف

115 - باب في الصفوف 2663 - حدَّثنا أحمدُ بن سنانٍ، حدَّثنا أبو أحمد الزبيريُّ، حدَّثنا عبدُ الرحمن ابن سليمانَ بن الغَسِيل، عن حمزةَ بن أبي أُسَيدٍ عن أبيه، قال: قالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- حين اصطفَفْنا يومَ بدرِ: "إذا أكْثَبوكم -يعني إذا غَشُوكْم- فارمُوهم بالنَّبل، واستَبْقُوا نَبْلَكم" (¬1). ¬

_ وأخرجه البخاري (3039)، والنسائي في "الكبرى" (8581) و (11013) من طريق زهير بن معاوية، والبخاري (4043) من طريق إسرائيل، كلاهما عن أبي إسحاق، به. وهو في "مسند أحمد" (18593)، و"صحيح ابن حبان" (4738). قال الخطابي: قوله: "تخطَفُنا الطير" معناه الهزيمة. يقول: إن رأيتمونا وقد أسرعنا مُولِّين، فاثبتوا أنتم، ولا تبرحوا، والعرب تقول: فلان ساكن الطير: إذا كان ركيناً ثابت الجأش، وقد طار طير فلانٍ: إذا طاش وخفَّ، قال لقيط الإيادي: هو الجلاء الذي يَجتَذُّ أصلكُمُ ... إن طار طيرُكم يوماً، وإن وقعا (¬1) إسناده صحيح. عبد الرحمن بن سليمان الغسيل: هو عبد الرحمن بن سليمان ابن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة، وأبو أحمد الزبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزبير، مشكور بكنيته. وأخرجه البخاري (2900) و (3984) و (3985) من طريق عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل، به. لكن قرن في الموضع الثاني بحمزة الزبير بن المنذر بن أبي أسيد، وفي الموضع الثالث قرن بحمزة المنذر بن أبي أسيد. قال الحافظ في "الفتح" 7/ 306: قيل: هو عمه، وقيل: هو هو لكن نسب إلى جده، والأول أصوب. قلنا: لم يذكر البخاري في الموضع الأول قوله: "واستبقوا نبلكم". وهو في "مسند أحمد" (16060). وانظر ما بعده. قال الخطابي: قوله: "أكثبوكم" معناه: غشوكم، وأصله من الكَثْب، وهو القُرب يقول: إذا دنوا منكم فارموهم، ولا ترمُوهم على بُعد، أي: فإنه يسقط في الأرض فتذهب السهام ولا تحصل نكاية.

116 - باب في سل السيوف عند اللقاء

116 - باب في سَلِّ السيوف عند اللقاء 2664 - حدَّثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا إسحاقُ بن نَجيح -وليس بالمَلَطِيِّ- عن مالك بن حمزةَ بن أبي أُسَيدٍ السَّاعِدي، عن أبيه عن جده، قال: قال النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يومَ بدر: "إذا أكثَبُوكم فارمُوهم بالنَّبْل، ولا تَسُلُّوا السيوفَ حتى يَغشَوكُم" (¬1). 117 - باب في المبارزة 2665 - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا عثمانُ بن عُمر، أخبرنا إسرائيلُ، عن أبي إسحاقَ، عن حارثةَ بن مُضَرِّب عن عليِّ، قال: تقدَّم، يعني عتبةَ بن ربيعةَ، وتبعَه ابنُه وأخوه، فنادى: من يُبارِزُ؟ فانتَدَب له شبابٌ من الأنصارِ، فقال: من أنتم؟ فأخبروه، فقال: لا حاجةَ لنا فيكم، إنما أردنا بني عَمِّنا، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "قُم يا حمزةُ، قم يا عليُّ، قم يا عُبيدةُ بن الحارث" فأقبل حمزةُ إلى عتبةَ، وأقبلْتُ إلى شيبةَ، واختلُف بين عُبيدةَ والوليدِ ضربتان، فأثْخَنَ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه، ثم مِلْنا على الوليد، فقتلْناهُ، واحتَمَلْنا عُبيدةَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة إسحاق بن نجيح. وهو في معنى ما قبله دون قوله: "ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم". (¬2) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق، وعثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي. وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 362 - 364، وأحمد (948)، والبزار في "مسنده" (719)، والطبري في "تاريخه" 2/ 424 - 426، والحاكم 3/ 194، والبيهقي 3/ 276 و 9/ 131 من طرق عن إسرائيل، بهذا الإسناد. =

118 - باب في النهي عن المثلة

118 - باب في النهي عن المُثلةِ 2666 - حدَّثنا محمد بن عيسى وزياد بن أيوب، قالا: حدَّثنا هشيمٌ، أخبرنا مُغيرةُ، عن شِباكٍ، عن إبراهيمَ، عن هُنَي بن نويرةَ، عن علقمةَ عن عبد الله، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أعَفُّ الناسِ قِتْلَةً أهلُ الإيمانِ" (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: فيه من الفقه: إباحة المبارزة في جهاد الكفار، ولا أعلم اختلافاً في جوازها إذا أذن الإمام فيها، وإنما اختلفوا فيها إذا لم تكن عن إذنٍ من الإمام. فكره سفيان الثوري وأحمد وإسحاق أن يفعل ذلك إلا بإذن الإمام. وحكي ذلك أيضاً عن الأوزاعي. وقال مالك والشافعي: لا بأس بها، كانت بإذن الإمام أو بغير إذنه. وقد روي ذلك أيضاً عن الأوزاعي. قلت (القائل الخطابي): قد جمع هذا الحديث معنى جوازها بإذن الإمام، وبغير إذنه، وذلك أن مبارَزة حمزة وعلي رضي الله عنهما كانت بإذن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، ولم يذكر فيه إذن من النبي -صلَّى الله عليه وسلم- للأنصاريين اللذين خرجا إلى عتبة وشيبة قبل عليٍّ وحمزة، ولا إنكار من النبي -صلَّى الله عليه وسلم- عليهما في ذلك. وفي الحديث من الفقه أيضاً: أن معونة المبارز جائزة إذا ضعُف أو عَجَزَ عن قِرنه. ألا ترى أن عُبيدة لما أُثخن أعانه عليٌّ وحمزة على قتل الوليد؟ واختلفوا في ذلك. فرخص فيه الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال الأوزاعي: لا يعينونه عليه، لأن المبارزة إنما تكون هكذا. (¬1) إسناده حسن من أجل هني بن نويرة، فقد روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات"ووثقه العجلي، وقال أبو داود: كان من العُبّاد، وباقي رجاله ثقات. عبد الله: هو ابن مسعود، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وشباك: هو الضبي، ومغيرة: هو ابن مِقْسَم الضبي، وهشيم: هو ابن بشير الواسطي. وأخرجه ابن ماجه (2682) من طريق هشيم بن بشير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3728)، و"صحيح ابن حبان" (5994)، وانظر تمام الكلام عليه وتخريجه عندهما. =

2667 - حدَّثنا محمد بن المُثنَّى، حدَّثنا معاذُ بن هِشام، حدَّثني أبي، عن قتادةَ، عن الحسنِ، عن الهَيَّاج بن عِمرانَ أن عمرانَ أبَقَ له غلامٌ، فجعلَ للهِ عليه، لئن قَدَرَ عليه ليقطَعَنَّ يدَه، فأرسلني لأسأل فأتيتُ سمُرةَ بنَ جُندب فسألْته، فقال: كان نبي الله -صلَّى الله عليه وسلم- يحثُّنا على الصدقةِ وينهانا عن المُثلَةِ، وأتيتُ عمرانَ بن حُصينٍ فسألتُه، فقال: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يَحُثُّنا على الصدقة وينهانا عن المُثلَة (¬1). ¬

_ وفي الباب عن شداد بن أوس عند مسلم (1955) قال: ثنتان حفظتهما عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتُم فأحسنوا الذَّبح، وليُحد أحدكم شفرته، فليُرِح ذبيحتَه". قال المناوي في "فيض القدير": قوله: "أعف الناس قتلة أهل الإيمان": هم أرحم الناس بخلق الله، وأشدهم تحرياً عن التمثيل والتشويه بالمقتول، وإطالة تعذيبه، إجلالاً لخالقهم، وامتثالاً لما صدر عن صدر النبوة من قوله: "إذا قتلتم فأحسنوا القتلة"، بخلاف أهل الكفر وبعض أهل الفسوق ممن لم تذق قلوبهم حلاوة الإيمان، واكتفَوا من مُسماه بلقلقة اللسان، وأُشرِبُوا القسوة، حتى أُبعدوا عن الرحمن، وأبعدُ القلوب من الله القلب القاسي، ومن لا يَرحم لا يُرحَم. (¬1) إسناده حسن، والمرفوع منه صحيح. الهياج بن عمران، قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقاقط، وجهله ابن المدينط لأنه لم يرو عنه غير الحسن -وهو البصري- وباقي رجاله ثقات. قتادة: هو ابن دعامة، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي. وأخرجه عبد الرزاق (15819)، ومن طريقه أحمد (19847)، والطبراني في "الكبير" 18/ (541) عن معمر بن راشد، وابن أبي شيبة 9/ 423، وأحمد (19846)، والطبراني في "الكبير" (6966) و 18/ (543)، والبيهقي 9/ 69 و 10/ 71 من طريق همام بن يحيى العوذي، والدارمي (1656) من طريق هشام الدستوائي، ثلاثتهم عن قتادة، به. وجاء عند الدارمي والطبراني 18/ (543) عن عمران بن حصين وحده، وعند الطبراني (6966) عن سمرة بن جندب وحده. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه أحمد (19844)، والطبراني 18/ (542) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، أن هياج بن عمران أتى عمران بن حصين ... فأرسله. وأخرج المرفوع منه الطيالسي (836)، وأحمد (19857)، والبزار في "مسنده" (3566) و (3567)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 182، وفي"شرح مشكل الآثار" (1820)، وابن حبان (4473) و (5616)، والطبراني 18/ (325 - 327) و (343) و (345) و (349) و (350) و (352) و (388) و (402)، والحاكم 4/ 305، والبيهقي 10/ 80 من طرق عن الحسن البصري، وأحمد (19909) من طريق أبي قلابة الجرمي، كلاهما عن عمران بن حصين. وقرن أبو قلابة بعمران سمرة بن جندب، والحسن وأبو قلابة لم يسمعا عمران بن حصين. ولم يسمع أبو قلابة من سمرة كذلك. وأخرج المرفوع كذلك ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 3/ 102، وأخرجه أحمد (20136)، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 182، وفي"شرح المشكل" (1821) من طريق هشيم بن بشير، كلاهما (ابن إسحاق وهشيم) عن حميد الطويل، وأخرجه أحمد (20225)، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 182، وفي "شرح المشكل" (1822)، والطبراني (6944) من طريق يزيد بن إبراهيم التُّستَري، كلاهما (حميد ويزيد) عن الحسن عن سمرة بن جندب. وقد صرح الحسن في رواية هشيم بالسماع من سمرة، فإن كان هشيمٌ حفظ ذلك فالإسناد صحيح. وقد احتج الحافظ العلائي في "جامع التحصيل" برواية هشيم هذه في إثبات سماع الحسن من سمرة لغير حديث العقيقة. وفي باب الأمر بالصدقة والنهي عن المثلة عن جرير بن عبد الله عند الطيالسي (665) وإسناده صحيح. وفي باب النهي عن المثلة وحدها عن عبد الله بن يزيد الخطمي عند البخاري (2474)، وهو في "المسند" (18740). وعن بريدة بن الحُصيب عند مسلم (1731)، وقد سلف عند المصنف برقم (2613). وعن المغيرة بن شعبة عند أحمد (18152). =

119 - باب في قتل النساء

119 - باب في قتل النساء 2668 - حدَّثنا يزيدُ بن خالدِ ابن مَوهَب وقتيبةُ -يعني ابنَ سعيدٍ- قالا: حدَّثنا الليثُ، عن نافع عن عبدِ الله: أن امرأةً وُجِدت في بعضِ مغازي رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- مقتولةً، فأْنكَر رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قتلَ النساءِ والصبيانِ (¬1). 2669 - حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ، حدَّثنا عُمر بن المرقَّع بن صيفيِّ، قال: حدَّثني أبي عن جده رِياحِ بن ربيعٍ، قال: كُنا مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في غزوةٍ، فرأى الناسَ مجتمعين على شيءٍ، فبعثَ رجلاً، فقال: "انظُر عَلامَ ¬

_ وعن عبد الله بن عمر عند أحمد (4622)، وإسناده صحيح. وانظر تمام شواهده هناك. قال الخطابي: المثلة تعذيب المقتول بقطع أعضائه، وتشويه خَلقه قبل أن يقتل، أو بعده. وذلك مثل أن يُجدَع أنفه أو أذنه، أو يفقأ عينه، أو ما أشبه ذلك من أعضائه. قال: قلت: وهذا إذا لم يكن الكافر فعل مثل ذلك بالمقتول المسلم. فإن مثل بالمقتول جاز أن يمثل به. ولذلك قطع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أيدي العرنيين وأرجلهم، وسَمَر أعينهم، وكانوا فعلوا ذلك برعاء رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وكذلك هذا في القصاص بين المسلمين إذا كان القاتل قطع أعضاء المقتول وعذبه قبل القتل، فإنه يعاقب بمثله، وقد قال الله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]. (¬1) إسناده صحيح. عبد الله: هو ابن عمر بن الخطاب، ونافع: هو مولاه، والليث: هو ابن سعد. وأخرجه الجاري (3014)، ومسلم (1744)، وابن ماجه (2841)، والترمذي (1659)، والنسائي في "الكبرى" (8564) من طريق نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4739)، و "صحيح ابن حبان" (135). قال البغوي في "شرح السنة" 11/ 47: والعمل على هذا عند أهل العلم أنه لا يقتل نساه أهل الحرب وصبيانهم إلا أن يقاتلوا فيدفعوا بالقتل.

اجتمعَ هؤلاء" فجاءَ، فقال: على امرأةٍ قَتيلٍ. فقال: "ما كانتْ هذهِ لتقاتلَ"، قال: وعلى المُقدِّمة خالدُ بن الوليدِ، فبعث رجلاً، فقال: "قُل لخالد: لا يقتُلَنَّ امرأةً ولا عَسِيفاً" (¬1). 2670 - حدَّثنا سعيدُ بن مَنصورٍ، حدَّثنا هشيمٌ، حدَّثنا حَجّاجٌ، حدَّثنا قتادةُ، عن الحسنِ عن سمرةَ بن جُندبٍ، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "اقتُلوا شُيوخَ المشركين، واستَبقُوا شَرْخَهُم" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه النسائي في "الكبري" (8571) من طريق عمر بن مرقع، به. وأخرجه ابن ماجه (2842/ م)، والنسائي في "الكبرى" (8572) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عن المرقع، به. وهو في "مسند أحمد" (15992)، و"صحيح ابن حبان" (4789). وأخرجه ابن ماجه (2842)، والنسائي (8573) من طريق سفيان الثوري، عن أبي الزناد، عن المرقع، عن حنظلة بن الربيع الكاتب وهو أخو رياح بن الربيع ونفل ابن ماجه عن ابن أبي شيبة قوله: يخطئ الثوري فيه. وهو في "مسند أحمد" (17610)، و"صحيح ابن حبان" (4791). قال الخطابي: فيه دليل على أن المرأة إذا قاتلت قتلت. ألا ترى أنه جعل العلة في تحريم قتلها: أنها لا تقاتل. فإذا قاتلت دل على جواز قتلها؟ و"العسيف" الأجير والتابع. واختلفوا في جواز قتله: فقال الثوري: لا يقتل العسيف وهو التابع. قلنا: هو كالأجير وزناً ومعنى. وقال الأوزاعي نحواً منه. وقال: لا يقتل الحرّاث إذا علم أنه ليس من المقاتلة. قال: وكذلك لا يقتل صاحب الصَّومعة، ولا شيخاً فانياً، ولا صغيراً. (¬2) إسناده ضعيف. الحسن -وهو البصري- لم يصرح بسماعه من سمرة. وهو مدلس، وقد رواه بالعنعنة. =

2671 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بن سَلَمةَ، عن محمد بنِ إسحاقَ، حدَّثني محمدُ بن جعفرِ بن الزُّبَير، عن عُروةَ بن الزبيرِ عن عائشةَ، قالت: لم يقتَل من نسائِهم -تعني بني قُرَيظةَ- إلا امرأةٌ، إنها لَعِنْدي تُحَدِّثُ تضحكُ ظهراً وبطناً، ورسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقتُل رجالَهم بالسُّيوف، إذ هتَفَ هاتِف باسمها: أين فلانةُ؟ قالت: أنا، قلتُ: وما شأنُكِ؟ قالت: حَدَثٌ أحدثتُه، قالت: فانطُلِقَ بها، فضُربَتْ عنقُها، فما أنسى عجباً منها أنها تضحَكُ ظهراً وبطناً، وقد علمتْ أنها تُقتَلُ (¬1). ¬

_ = وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2624). وأخرجه الترمذي (1674) من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، به. وقال: هذا حديث حسن صحيح، ورواه الحجاج بن أرطاة عن قتادة نحوه. وهو في "مسند أحمد" (20145). قال الخطابي: "الشرخ" هاهنا جمع شارخ، وهو الحديثُ السن، يقال: شَارِخُ وشرخ، كما قالوا: راكب ورَكْب، وصاحب وصحب، يريد بهم الصبيان ومن لم يبلغ مبلغ الرجال. و"الشيوخ" هاهنا المَسَانُّ، فإذا قيل: شرخ الشباب، كان معناه أول الشباب. قال حسان: إن شرخَ الشباب والشعَر الأسـ ... ـود ما لم يُعاصَ كان جنونا (¬1) إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطلبي، صاحب السيرة النبوية- وقد صرح بالسماع فانتفت شبهةُ تدليسه. محمد بن سلمة: هو الحراني، وعبد الله بن محمد النُّفيليُّ: هو ابن علي بن نفيل الحراني. وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 3/ 252 - 253. وأخرجه أحمد (26364)، والطبري في "تفسيره" 21/ 153 - 154، وفي "تاريخه" 2/ 102، والحاكم 3/ 35 - 36، والبيهقي في "السنن" 9/ 82، وفي "معرفة السنن" (18018)، وابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 141 - 142 من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. =

2672 - حدَّثنا أحمد بن عَمرو بن السَّرْحِ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزُهريِّ، عن عُبيد الله -يعني ابنَ عبد الله- عن ابنِ عبّاسٍ عن الصَّعْب بن جَثامةَ، أنه سألَ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن الدارِ من المشركين يُبَيِّتُون، فيُصاب من ذَرارِيهم ونسائِهم، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "هُم منهم"، وكان عمرٌو -يعني ابنَ دينارِ- يقول: "هم من آبائهم". قال الزهري: ثم نهى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بعد ذلك عن قتل النساء والولدان (¬1). ¬

_ = قال ابنُ هشام في تفسير قول المرأة: "حَدَثٌ أحدثْتُه": هي التي طرحت الرحا على خلاد بن سويد فقتلته. لكن قال الخطابي: يقال: إنها كانت شتمتِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-. قال: وفي ذلك دلالة على وجوب قتل من فعل ذلك، ويُحكى عن مالك أنه كان لا يرى لمن سبَّ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- توبة، ويقبل توبة من ذكر الله سبحانه بسبّ أو شتم ويكف عنه. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (3012)، ومسلم (1745)، وابن ماجه (2839)، والترمذي (1660)، والنسائي في "الكبرى" (8568 - 8570) من طرق عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16422)، و"صحيح ابن حبان" (137) و (4786). وقول الزهري الذي في آخر الحديث أسنده عن ابن كعب بن مالك، عن عمه أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- لما بعث إلى ابن أبي الحُقيق نهى عن قتل النساء والولدان. أخرجه الشافعي في "مسنده " 2/ 118، والحميدي (874)، وسعيد بن منصور (2627)، وابن أبي شيبة 12/ 381، وأحمد بن حنبل (24009/ 66)، والطحاوي في "شرح معانى الآثار" 3/ 221، والبيهقي 9/ 77 و 78، وابن عبد البر في "التمهيد" 11/ 69. وقد اختُلف فيه عن الزهري، فقيل: عنه، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه، وقيل: عنه، عن عبد الله بن كعب، عن أبيه، وقيل: عنه عن عبد الرحمن بن كعب، مرسلاً،=

120 - باب في كراهية حرق العدو بالنار

120 - باب في كراهية حرق العدو بالنار 2673 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا مُغيرةُ بن عبدِ الرحمن الحِزَاميُّ، عن أبي الزِّناد، حدَّثني محمدُ بن حمزةَ الأسلميُّ عن أبيه: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أمَّرَه على سريةٍ، قال: فخرجتُ فيها، وقال: "إن وجدتُم فلاناً فأحرقُوه بالنار" فولَّيتُ، فناداني، ¬

_ = وقيل: عنه عن عبد الله بن كعب مرسلاً، وقيل: غير ذلك. وبالجملة فهو صحيح لغيره. انظر: تفصيل طرقه في "التمهيد" لابن عبد البر 11/ 66 - 73 نقلاً عن محمد بن يحيى الذهلي. وانظر كذلك "مسند أحمد" (24009/ 66). قال الشافعي في "الرسالة" ص 299: حديث الصعب بن جثامة في عمرة النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فإن كان في عمرته الأولى فقد قيل: أمرُ ابن أبي الحقيق قبلها، وقيل: في سنتها، وإن كان في عمرته الآخرة، فهو بعد أمر ابن أبي الحُقيق غير شكٍّ، والله أعلم. ولم نعلمه -صلَّى الله عليه وسلم- رخص في قتل النساء والولدان ثم نهى عنه. قال: ومعنى نهيه عندنا -والله أعلم- عن قتل النساء والولدان: أن يقصد قصدَهم بقتل، وهم يُعرفون متميزين ممن أمر بقتله منهم. قال: ومعنى قوله: "هم منهم" أنهم يجمعون خصلتين: أن ليس لهم حكمُ الإيمان الذي يُمنع به الدم، ولا حكم دار الإيمان الذي يُمنع به الإغارةُ على الدار. وإذ أباح رسول الله البيات والإغارة على الدار، فأغار على بني المصطلق غارَّين، فالعلم يحيط أن البيات والإغارة إذا حلّ بإحلال رسول الله لم يمتنع أحدٌ بيَّتَ أو أغار من أن يُصيب النساء والولدان، فيسقط المأثم فيهم والكفارة والعقل والقَوَدُ عمن أصابهم؛ إذ أُبيح له أن يُبيِّت ويُغير، وليست لهم حرمة الإسلام. ولا يكون له قتلهم عامداً لهم متميزين عارفاً بهم. فإنما نهى عن قتل الولدان لأنهم لم يبلغوا كفراً فيعملوا به، وعن قتل النساء لأنه لا معنى فيهن لقتالٍ، وأنهن والولدان يُتَخَوَّلون فيكونون قوةً لأهل دين الله.

فرجعتُ إليه، فقال: "إن وجدتُم فُلاناً فاقتُلوه ولا تُحرِقُوه، فإنه لا يُعذب بالنارِ إلا ربُّ النارِ" (¬1). 2674 - حدَّثنا يزيدُ بن خالدٍ وقتيبةُ، أن الليثَ بن سعدِ حدثهم، عن بُكَيرٍ , عن سليمانَ بن يسارٍ عن أبي هُريرةَ، قال: بعثَنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في بَعْثٍ، فقال: " إنْ وجدتُم فلاناً وفلاناً" فذكر معناه (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن حمزة الأسلمي والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، فهما صدوقان حسنا الحديث، وقد روي بإسناد آخر صحيح عن حمزة بن عمرو الأسلمي. وهو عند سعيد بن منصور (2643). وأخرجه أحمد بن حنبل (16034)، والبخاري في "تاريخه" 1/ 59، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2376)، وأبو يعلى (1536)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 167، والطبراني في "الكبير" (2990)، وابن حزم في "المحلى" 10/ 376 و 11/ 383، والبيهقي 9/ 72 من طريق المغيرة بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (9418)، وأحمد (16036)، والبيهقي 9/ 72 من طريق ابن جريج، قال: أخبرنا زياد أن أبا الزناد أخبره، قال: أخبرني حنظلة بن علي الأسلمي، أن حمزة بن عمرو الأسلمى صاحب النبي -صلَّى الله عليه وسلم- حدثه ... الحديث وهذا إسناد صحيح. وزياد: هو ابن سعد الخراساني. قال الخطابي: هذا إنما يكره إذا كان الكافر أسيراً قد ظُفِر به، وحصل في الكف، وقد أباح رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن تُضرمَ النار على الكفار في الحرب. وقال لأسامة: "اغزُ على أُبنى صباحاً، وحَرِّق". ورخص سفيان الثوري والشافعي في أن يرمي أهل الحصون بالنيران، إلا أنه يستحب أن لا يُرموا بالنار ما داموا يطاقون، إلا أن يخافوا من ناحيتهم الغلبة. فيجوز حينئذٍ أن يقذفوا بالنار. (¬2) إسناده صحيح. بكير: هو ابن عبد الله بن الأشج. =

2675 - حدَّثنا أبو صالح محبوبُ بن مُوسى، أخبرنا أبو إسحاقَ الفَزَاريُّ، عن أبي إسحاقَ الشَيبانيِّ، عن ابنِ سعدٍ -قال غيرُ أبي صالح: عن الحسنِ بن سَعْدٍ- عن عبدِ الرحمن بن عبد الله عن أبيه، قال: كنا مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في سَفَرٍ، فانطَلق لحاجتِه، فرأينا حُمَّرةً معها فَرْخَانِ، فأخذْنا فرخَيها، فجاءتِ الحُمَّرة فجعلتْ تفرُشُ، فجاء النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: "من فَجَعَ هذهِ بولَدها؟ رُدُّوا ولدَها إليها". ورأى قريةَ نملٍ قد حَرَقْناها، فقال: "من حَرَق هذه؟ " قلنا: نحنُ، قال: "إنه لا ينبغي أن يعذِّب بالنار إلا رَبُّ النار" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (3016)، والترمذي (1661)، والنسائي في "الكبرى" (8559) من طريق الليث بن سعد، والنسائي (8753) و (8781) - وهو عند البخاري معلقاً (2954) - من طريق عمرو بن الحارث المصري، كلاهما عن بكير بن عبد الله ابن الأشج، به. وهو في "مسند أحمد" (8068)، و"صحيح ابن حبان" (5611). (¬1) إسناده صحيح. فقد ذكر المنذري: أن البخاري وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قالا: إنه سمع من أبيه عبد الله بن مسعود، وصحح الترمذي حديث عبد الرحمن عن أبيه في "جامعه". قلنا: أبو إسحاق الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان، وأبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث. وهو في "السير" له. وأخرج الحديثين هناد في "الزهد" (1337) عن أبي معاوية الضرير، عن أبي إسحاق الشيباني، عن الحسن بن سعد، به. وأخرج الحديث الأول وهو قصة الحمرة: الطيالسي (336)، والبخاري في "الأدب المفرد" (382)، والبزار (2010)، والطبرانى في "الكبير" (10375) و (10376)، و"الأوسط" (4143)، والحاكم 4/ 239، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 32 - 33 من طرق عن الحسن بن سعد، به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وأخرج الحديث الثاني، وهو قصة حرق قرية النمل: عبد الرزاق (9414)، وأحمد (4018)، والنسائى في "الكبرى" (8560)، والطبراني في"الكبير" (10374) من طريق أبي إسحاق الشيباني، بهذا الإسناد. =

121 - باب في الرجل يكري دابته على النصف أو السهم

121 - باب في الرجل يَكري دابته على النصف أو السهم 2676 - حدَّثنا إسحاقُ بن إبراهيمَ الدمشقيُّ أبو النضرِ، حدَّثنا محمدُ بن شُعيبٍ، أخبرني أبو زُرعةَ يحيي بن أبي عَمرو السَّيباني، عن عمرو بن عبد الله أنه حدَّثه عن واثِلةَ بنِ الأسْقَع، قال: نادَى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في غزوةِ تَبُوكَ، فخرجتُ إلى أهلي، َ فأقبلتُ وقد خرجَ أولُ صحابةِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فطفِقْت في المدينة أُنادي: ألا مَن يَحمِلُ رجلاً له سهمُه، فنادى شيخٌ من الأنصارِ، قال: لنا سهمُه على أن نحمِلَه عُقْبةً وطعامُه معنا؟ قلتُ: نعم، قال: فَسِرْ على بركةِ الله، قال: فخرجتُ مع خيرِ صاحبٍ حتى أفاءَ اللهُ علينا، فأصابني قَلائِصُ فسُقْتُهن حتى أتيتُه، فخرجَ فقعد على حقيبةٍ من حقائبِ إبله، ثم قال: سُقْهنَّ مُدبِراتٍ، ثم قال: سُقْهُن مُقبِلاتٍ، فقال: ما أرى قلائصَك إلا كِراماً، ¬

_ = وسيتكرر الحديثان برقم (5268). وأخرج الطيالسي (345)، وأحمد (3763) من طريق المسعودي، عن الحسن ابن سعد، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه أنه قال: نزل النبي منزلاً، فانطلق لحاجته، فجاء وقد أوقد رجلٌ على قرية نمل، إما في الأرض وإما في شجرة، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أيكم فعل هذا؟ " فقال رجل من القوم: أنا يا رسول الله، قال: "أطفها أطفها". قال الخطابي: "الحُمَّرة" طائر. قوله: "تفرشُ" أو "تعرش" معناه: ترفرف. والتفريش مأخوذ من فرش الجناح وبسطه، والعريش: أن ترتفع فرقهما، ويظلل عليهما، ومنه أخذ العريش، يقال: عَرَشتُ عريشاً أعرُشُه وأعرِشُه. وفيه دلالة على أن تحريق بيوت الزنابير مكروه، وأما النمل فالعذر فيه أقل. وذلك أن ضرره قد يمكن أن يُزال من غير إحراق. وقد روي عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن نبياً من الأنبياء نزل على قرية نمل، فقرصته نملة، فأمر بالنمل فأحرقت، فأوحى إليه: ألا نملة واحدة؟ ".

122 - باب في الأسير يوثق

قال: إنما هي غنيمتُك التي شرطتُ لك، قال: خُذْ قلائِصَك يا ابن أخي، فغيرَ سَهْمِك أرَدنا (¬1). 122 - باب في الأسير يوثَقُ 2677 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ -يعني ابنَ سلمةَ- أخبرنا محمدُ بن زيادٍ، قال: سمعت أبا هريرةَ يقولُ: سمعتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "عجِبَ ربُّنا من قوم يُقادُونَ إلى الجنَّة في السَّلاسِلِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. عمرو بن عبد الله -وهو السيباني الحضرمي الحمصي - روى عن عمر بن الخطاب وذي مخمر وعوف بن مالك الأشجعي وواثلة بن الأسقع وأبي هريرة وأبي أمامة وكلهم صحابة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "مشاهير علماء الأمصار": كان متقناً. ووثقه العجلي، وباقي رجاله ثقات. محمد بن شعيب: هو ابن شابور الدمشقي. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني " (921)، والطبراني في "الكبير" 22/ (196)، والبيهقي 9/ 28 من طريق محمد بن شعيب بن شابور، بهذا الإسناد. قال الخطابي: اختلف الناس في هذا: فقال أحمد بن حنبل فيمن يعطي فرسه على النصف مما يغنمه في غزاته: أرجو أن لا يكون به بأس. وقال الأوزاعي: ما أُراه إلا جائزاً. وكان مالك بن أنس يكرهُه، وفي مذهب الشافعي: لا يجوز أن يعطيه فرساً على سهم من الغنيمة. فإن فعل فله أجر مثل ركوبه. قال: وقوله: "فغير سهمك أردْنا" يشبه أن يكون معناه: أني لم أُرِدْ سهمَك من المغنم. إنما أردتُ مشاركتك في الأجر والثواب، والله أعلم. (¬2) إسناده صحيح. محمد بن زياد هو الجمحي المدني. وأخرجه البخاري (3010) من طريق شعبة بن الحجاج، عن محمد بن زياد، به. وهو في "مسند أحمد" (8013)، و"صحيح ابن حبان" (134). =

2678 - حدَّثنا عبدُ الله بن عَمرو بن أبي الحجّاج أبو مَعمرٍ، حدَّثنا عبدُ الوارِثِ، حدَّثنا محمدُ بن إسحاقَ، عن يعقوبَ بن عُتبةَ، عن مُسلمِ بن عبد الله عن جُندبِ بن مَكيثٍ، قال: بعثَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عبدَ الله بن غالبٍ الليثيَّ في سرِيةٍ، وكنتُ فيهم، وأمرهم أن يَشُنُّوا الغارةَ على بني المُلوِّحِ بالكَدِيد، فخرجْنا، حتى إذا كنا بالكَدِيد لقِينا الحارثَ بن البَرصاء الليثيَّ، فأخذناهُ، فقال: إنما جئتُ أُريد الإسلامَ، وإنما خرجتُ إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقلنا: إن تكنْ مُسلماً لم يضُرَّك رباطُنا يوماً وليلةً، وإن تكن غيرَ ذلك نَستوثقُ منك، فشددناه وَثَاقاً (¬1). ¬

_ = قال ابن حبان: قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "عجب ربنا" من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ علمُ المخاطَبِ بما يخاطب به في القصد إلا بهذه الألفاظ التي استعملها الناسُ فيما بينهم. والقصد في هذا الخبر السَّبيُ الذين يَسبيهم المسلمون من دار الشرك مُكَتَّفين في السلاسل يُقادون إلى دور الإسلام حتى يُسلموا فيدخلوا الجنة. ولهذا المعنى أراد -صلَّى الله عليه وسلم- بقوله في خبر الأسود بن سريع: "أوليس خيارَكم أولادُ المشركين" وهذه اللفظة أطلقت أيضاً بحذف "من" عنها: يريد: أوليس من خياركم. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة مسلم بن عبد الله -وهو ابن خبيب الجهني، فقد تفرد بالرواية عنه يعقوب بن عتبة- وهو ابن المغيرة الثقفي-، وقال الحافظ في"التقريب": مجهول. عبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري. وهو في "السيرة النبويه" لابن هشام 4/ 257 - 258. وأخرجه مطولاً ومختصراً ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 2/ 124، وأحمد (15844)، والبخاري في "تاريخه" 2/ 221، والطبري في "تاريخه" 2/ 144، والطحاوي في "شرح المعاني" 3/ 208، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 145 - 146، والطبراني في "الكبير" (1726)، والحاكم 2/ 124، والبيهقي 9/ 88 من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. قال الخطابي: "فشنُّوا الغارة" معناه: بثُّوها من كل وجه، وأصل الشَّنِّ: الصبُّ، يقال: شننتُ الماء: إذا صببتَه صبّاً متفرقاً، والشِّنان: ما تفرق من الماء. =

2679 - حدَّثنا عيسى بن حمّادٍ المِصريُّ وقتيبةُ - قال قتيبةُ: حدَّثنا الليثُ، عن سعيدِ بن أبي سعيدٍ أنه سمع أبا هريرةَ يقول: بعثَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- خيلاً قبَل نجدٍ، فجاءتْ برجُلٍ من بني حَنيفةَ، يقال له: ثُمامةُ بنُ أُثالٍ - سيدُ أهل اليمامةِ - فربطوه بساريةٍ من سَواري المسجدِ، فخرجَ إليه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "ماذا عندك يا ثُمامةُ؟ " قال: عندي يا محمدُ خيرٌ إن تَقتُل تقتُل ذا دَمٍ، وإن تُنعِم تُنعِم على شاكرٍ، وإن كنتَ تُريدُ المالَ فسَل تُعْطَ منه ما شئتَ، فتركه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، حتى كانَ الغَدُ، ثم قال له: "ما عندك يا ثُمامةُ؟ " فأعاد مثلَ هذا الكلامِ، فتركَه حتى كان بعدَ الغَدِ، فذكر مثلَ هذا، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أطلِقُوا ثُمامةَ" فانطلقَ إلى نَخْلٍ قريبٍ من المسجد، فاغتسل فيه ثم دخلَ المسجدَ، فقال: أشهدُ أن لا إله إلا اللهُ، وأشهد أن محمداً عبدُه ورسولُه، وساقَ الحديثَ، قال عيسى: أخبرنا الليثُ، وقال: ذا ذِمٍّ (¬1). ¬

_ وفيه دلالة على جواز الاستيثاق من الأسير الكافر بالرباط والقيد والغُلّ، وما يدخل في معناها، إن خيف انفلاته، ولم يؤمن شرّه، إن ترك مطلقاً. قلنا: والكَديد: قال البكري في "معجم ما استعجم": بفتح أوله وكسر ثانيه، بعده دال وياء مهملة أيضاً موضع بين مكة والمدينة. (¬1) إسناده صحيح. سعيد بن أبي سعيد: هو المقبري، واسم أبي سعيد كيسان، وقتيبة: هو ابن سعيد البَغْلاني، والليث: هو ابن سعد. وأخرجه البخاري (462) و (4372)، ومسلم (1764)، والنسائي (712) من طريق سعيد المقبري، عن أبي هريرة. ورواية البخاري الاولى والنسائي مختصرة بقصة ربط ثمامة بسارية المسجد. وهو في "مسند أحمد" (9833)، و"صحيح ابن حبان" (1239). =

2680 - حدَّثنا محمدُ بن عَمروْ الرَّازيُ، قال، حدَّثنا سَلَمةُ -يعني ابنَ الفَضلِ- عن ابنِ اسحاقَ، حدثني عبدُ الله بن أبي بكرٍ عن يحيي بنِ عبد الله بن عبد الرحمن بن سَعْد بن زُرارةَ، قال: قُدِم بالأسارى حين قُدم بهم وسَودةُ بنت زَمْعةَ عند آلِ عفْراءَ في مَنَاحَتِهم على عوفٍ ومُعوِّذٍ ابنَي عَفْراء، قال: وذلك قبل أن يُضْرَب عليهنَّ الحجابُ، قال: تَقُول سودةُ: واللهِ إني لَعِندهم إذ أُتيتُ، فقيل: هؤلاء الأُسارى قد أُتي بهم، فرجعتُ إلى بيتي ورسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فيه، وإذا أبو يزيدَ سهيلُ بن عَمرٍو في ناحيةِ الحجرةِ مجموعَةٌ يداه إلى عنُقه بحبْلٍ، ثم ذكر الحديثَ (¬1). ¬

_ = قال في "النهاية": "إن تقتل تقتل ذا دَم" أي: مَن هو مُطالِبٌ بدم أو صاحب دمٍ مطلوب، ويُروى: ذا ذمٍّ بالذال المعجمة، أي: ذا ذمامٍ وحُرمةٍ في قومه، وإذا عَقَد ذِمّة وُفِّي له. (¬1) إسناده حسن. سلمة بن الفضل -وهو الأبرش- من أثبت الناس في محمد ابن إسحاق، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث هنا، وقوله في السند: ابن سَعد بن زرارة، قال في "تهذيب الكمال": ويقال: ابن أسعد بن زرارة، وقال البخاري في "تاريخه الكبير" 8/ 283: من قال: سَعد بن زرارة فقد وهم. وأخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 39 من طريق سلمة بن الفضل الأبرش، بهذا الإسناد. وأخرجه يونس بن بكير في "مغازيه" كما في "الإصابة" 4/ 286، ومن طريقه البيهقي 9/ 89، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 426 - 427، والمزي في ترجمة سودة بنت زمعة من "تهذيب الكمال" عن محمد بن إسحاق، به. وقد جاء عندهم: ابن أسعد بن زرارة. على الصواب. وكذلك هو"سيرة ابن هشام" 2/ 299. وقول المصنف بإثر الحديث عن عوفٍ ومعوِّذ ابني عفراء بأنهما قتلا أبا جهل، قال صاحب "بذل المجهود" 12/ 220: قلت: اللذان قتلا أبا جهل هما معاذ ومعوِّذ

123 - باب في الأسير ينال منه ويضرب

قال أبو داودَ: وهما قتلا أبا جهلٍ، وكانا انْتَدبا له، ولم يعرفاه، وقُتِلا يومَ بدرٍ. 123 - باب في الأسير يُنالُ منه ويُضرَبُ 2681 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمّادٌ، عن ثابتِ عن أنسٍ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ندبَ أصحابَه، فانطلقوا إلى بدر، فإذا هم بِرَوَايا قريشٍ فيها عبدٌ أسودُ لبني الحجّاج، فأخذه أصحابُ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فجعلوا يسألونه: أين أبو سفيانَ؟ فيقول: واللهِ مالي بشيءٍ من أمره علمٌ ولكن هذه قريشٌ قد جاءتْ فيهم أبو جهلٍ وعتبةُ وشيبةُ ابنا ربيعةَ، وأميةُ بن خَلَفٍ، فإذا قال لهم ذلك ضربوُه، فيقول: دعوني دعوني أُخبِرْكم، فإذا تركوه، قال: واللهِ مالي بأبي سُفيانَ ¬

_ = ابنا عفراء، وفي بعض الروايات ذُكر معاذ بن عمرو بن الجموح، ولم أر أحداً ذكر عوفاً فيمن قتل أبا جهل إلا أبا داود وابن سعد، فإنه قال في "طبقاته" 4/ 492 - 493: وقُتِل عوف بن الحارث [الحارث هو والد معوِّذ ومعاذ وعوف، وأمهم عفراء] يوم بدر شهيداً، قتله أبو جهل ابن هشام بعد أن ضربه عوف وأخوه معوّذ ابنا الحارث، فأثبتاه. والذي في البخاري ومسلم أن الذي قتل أبا جهل هم ثلاثة: معاذ ومعوِّذ؟ ابني عفراء، ومعاذ بن عمرو بن الجموح، ولم أر لعوفٍ ذكراً وشركة في قتل أبي جهل. قلنا: وفي البخاري (3141)، ومسلم (1752) من طريق ابن الماجشون ... ، وفيهما: وكانا معاذَ بن عفراء ومعاذَ بن عمرو بن الجموح. وعوف ومعوّذ استشهدا يوم بدر، وأما معاذ فقال ابن الأثير في "أسد الغاية" 5/ 198: شهد بدراً هو وأخوه عوف ومعوِّذ ابنا عفراء، وقُتِل عوف ومعوِّذ ببدرٍ، وسلم معاذ فشهد أحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ... وقيل: إن معاذاً بقى إلى زمن عثمان، وقيل: إنه جرح ببدر وعاد إلى المدينة فتوفي بها. وقال خليفة: عاش معاذ إلى زمن علي.

علمٌ، ولكنْ هذه قريشٌ قد أقبلت فيهم أبو جهلٍ وعُتبةُ وشَيبةُ ابنا ربيعةَ، وأُميةُ بن خَلَفٍ قد أقبَلُوا، والنبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يصلي، وهو يسمعُ ذلك، فلما انصرفَ، قال: "والذي نفسي بيده، إنكم لتضرِبُونه إذا صَدقَكم، وتَدَعُونه إذا كَذَبكم، هذه قريش قد أقبلَتْ لتمنَع أبا سُفيانَ". قال أنس: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "هذا مَصرَعُ فلانٍ غداً"، ووضَعَ يدَه على الأرض، "وهذا مَصرَعُ فلانٍ غداً" ووضَعَ يدَه على الأرض، "وهذا مَصرعُ فلانٍ غداً" ووضَع يدَه على الأرض، فقال: والذي نفسي بيده، ما جاوزَ أحدٌ منهم عن مَوضعِ يدِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فأمر بهم رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فأُخِذَ بأرجُلِهم، فسُحِبُوا، فألقُوا في قَليبِ بدرٍ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 378، وأحمد (13296)، وأبو عوانة (6767)، وابن حبان (4722)، والبيهقي 9/ 147 من طريق حماد بن سلمة، به. وأخرج قصة تعيين مصارع المشركين يوم بدر أحمد (182)، ومسلم (2873)، والنسائي (2074) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، عن عمر بن الخطاب، فجعله من مسند عمر بن الخطاب. وإنما أخذ أنسٌ الحديثَ من عمر بن الخطاب، لأن أنساً لم يشهد بدراً، إذ كان عمره إذ ذاك اثنى عشر عاماً تقريباً، وإرسال الصحابيّ لا يضر. وأخرج قصة إلقاء قتلى بدر من المشركين في القليب مسلم (2874) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس. وزاد فيه قصة مخاطبته -صلَّى الله عليه وسلم- لصناديد قريش القتلى. وقوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم". قال الخطابي: "السحب" الجرّ العنيف. و"القليب" البئر التلى لم تُطوَ. وإنما هي حفيرة قُلب ترابها. فسميت قليباً. و"الروايا" الإبل التي يُستقى عليها. واحدتها: راوية، وأصل الراوية المزادة، فقيل للبعير: راوية، لحملهِ المزادة.

124 - باب في الأسير يكره على الإسلام

124 - باب في الأسير يُكرهُ على الإسلام 2682 - حدَّثنا محمدُ بن عُمر بن عليٍّ المُقدميُّ، حدَّثنا أشعثُ بن عبدِ الله -يعني السجِستاني- (ح) وحدَّثنا ابنُ بشار، حدَّثنا ابن أبي عَدِيٍّ -وهذا لفظه- (ح) وحدَّثنا الحسنُ بن عَليٍّ، حدَّثنا وهبُ بن جَريرٍ، عن شُعبةَ، عن أبي بشرٍ، عن سعيدِ بن جُبيرٍ عن ابن عباسِ، قال: كانت المرأةُ تكونُ مِقْلاتاً، فتجعلُ على نفسِها إن عاشَ لها ولدٌ أن تُهَوِّدهُ، فلما أُجلِيتْ بنو النَّضيرِ كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندَع أبناءنا، فأنزل اللهُ عزَّ وجل: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256] (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو بشر: هو جعفر بن إياس أبى وحشية، وشعبة هو ابن الحجاج، والحسن بن علي: هو الخلال، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وابن بشار: هو محمد بن بشار بُندار. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10982) و (10983) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (140). قال الخطابي: "المقلات": هي المرأة التي لا يعيش لها ولد، وأصله من القَلْت، وهو الهلاك. قال الشاعر: بغاث الطير أكثرُها فِراخاً ... وأمُّ الصقر مِقلاةٌ نَزورُ وفيه دليل على أن من انتقل من كفر وشرك إلى يهودية أو نصرانية، قبل مجئ دين الإسلام فإنه يُقَرُّ على ماكان انتقل إليه. وكان سبيلُه سبيلَ أهل الكتاب في أخذ الجزية منه، وجواز مناكحته واستباحة ذبيحته. فأما من انتقل عن شرك إلى يهودية أو نصرانية، بعد وقوع نسخ اليهودية، وتبديل ملة النصرانية، فإنه لايُقرُّ على ذلك. =

125 - باب قتل الأسير ولا يعرض عليه الإسلام

125 - باب قَتلِ الأَسير ولا يُعرَضُ عليه الإسلام 2683 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبةَ، حدَّثنا أحمدُ بن المفضَّل، حدَّثنا أسباطُ بن نَصْرٍ، قال: زَعَمَ السُّديُّ، عن مُصعبِ بن سعْدٍ عن سعْدٍ، قال: لمَّا كان يومُ فتح مكة أمَّنَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- الناسَ إلا أربعةَ نفرٍ وامرأتين، وسمّاهم، وابنُ أبي سَرْحٍ، فذكر الحديثَ، قال: وأما ابنُ أبي سَرْحٍ فإنه اختبأ عند عثمانَ بنِ عفّان، فلما دعا ¬

_ = وقوله سبحانه {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256]. محكمة غير منسوخة، وهي من العام المخصوص، فإنه خُص منه أهل الكتاب بأنهم لا يكرهون على الإسلام، بل يقرون على دينهم إذا بذلوا الجزية، فقد روى الطبري (5830) عن قتادة في قوله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} قال: كانت العرب ليس لها دين، فأكرهوا على الدين بالسيف، قال: ولا يكره اليهود ولا النصارى والمجوس إذا أعطوا الجزية. وقال الطبري بعد ذكر الخلاف في معنى هذه الآية وإحكامها أو نسخها، وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: نزلت هذه الآية في خاص من الناس، وقال: عنى بقوله تعالى ذكره: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} أهل الكتابين والمجوس وكل من جاء بإقرار، على دينه المخالف دين الحق وأخذ الجزية منه، وأنكروا أن يكون شيء منها منسوخاً وكان المسلمون جميعاً قد نقلوا عن نبيهم -صلَّى الله عليه وسلم- أنه أكره على الإسلام قوماً فأبى أن يقبل منهم إلا الإسلام، وحكم بقتلهم إن امتنعوا منه، وذلك كعبدة الأوثان من مشركي العرب وكالمرتد عن دينه دين الحق إلى الكفر، ومن أشبههم، وأنه ترك إكراه آخرين على الإسلام بقبول الجزية منه، وإقراره على دينه الباطل، وذلك كأهل الكتابين ومن أشبههم. انظر "تفسير الطبري " 2/ 415. قلنا: والجهاد المشروع في الإسلام لم يستعمل للإكراه على الدخول في الدين، ولا حمل الناس عليه بقوة السلاح ولكن لحماية الدعوة إلى الدين، وأن يسود نظام الإسلام في المجتمع، وأن لا يحال بين الدعاة وما كلفوه من دعوة، وأن لا يفتن مسلم عن دينه.

رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- الناسَ إلى البيعةِ جاء به حتى أوقفه على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقالَ: يا نبي الله: بايعْ عبدَ الله، فرفع رأسَه، فنظَر إليه ثلاثاً، كلُّ ذلك يأبى عليه، فبايَعه بعدَ ثلاثٍ، ثم أقبَل على أصحابه، فقال: "أما كان فيكم رجل رشيدٌ يقوم إلى هذا حيثُ رآني كَفَفْتُ يدِي عن بيعتِه فيقتُلَه"؟ فقالوا: ما ندري يا رسولَ الله ما في نفسِك، ألا أومأْتَ إلينا بعينك، قال: "إنه لا ينبغي لنبيٍّ أن تكونَ له خائنةُ الأعيُن" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. السُّدي -وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة- وأسباط بن نصر وأحمد بن المفضل حديثهم حسن لا يرتقي إلى الصحة. وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 491 - 492، والبزار (1151)، والنسائي (4067)، وأبو يعلى (757)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 330، والهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده" (73)، والدارقطني (4345) و (4346)، والحاكم 2/ 54 و 3/ 45، والبيهقي 7/ 40 و 8/ 205 من طريق أسباط بن نصر، بهذا الإسناد. وجاء عند بعضهم تعيين الذين أمر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بقتلهم وهم: عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة وابن أبي السرح. وسيتكرر عند المصنف برقم (4359). قال الخطابي: معنى "خائنة الأعين" أن يُضمر بقلبه غير ما يُظهره للناس، فإذا كَفَّ بلسانه، وأومأ بعينه إلى خلاف ذلك فقد خان. وكان ظهور تلك الخيانة من قبل عينيه، فسميت خائنة الأعين، ومعنى الرشد هاهنا: الفطنة لصواب الحكم في قتله. وفيه دليل على أن ظاهر السكوت من رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في الشيء يراه يصنع بحضرته: يحُّل محلَّ الرضا به، والتقرير له. وابن أبي سرح هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حُبيب القرشي العامري يكنى أبا يحيي، وكان أخا عثمان من الرضاعة، له صحبة ورواية حديث. قال ابن يونر: شهد فتح مصر، واختط بها، وكان صاحب الميمنة في الحرب مع عمرو بن العاص في فتح مصر، وله مواقف محمودة في الفتوح وأمره عثمان على مصر، ولما وقعت الفتنة، سكن عسقلان، ولم يبايع لأحد، ومات بها سنة ست =

قال أبو داود: كان عبد الله أخا عثمانَ من الرِّضاعةِ، وكانَ الوليدُ ابنُ عقبةَ أخا عثمان لأُمه، وضربَه عثمانُ الحدَّ إذ شَربَ الخمرَ (¬1). 2684 - حدَّثنا محمد بن العلاءِ، قال: أخبرنا زيد بن حُبابٍ، أخبرنا عَمرو ابن عثمانَ بنِ عبد الرحمن بن سعيدِ بن يَربوعِ المخزوميُّ، حدَّثني جدي عن أبيه، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال يومَ فتح مكة: "أربعةٌ لا أُؤمِّنُهم في حلٍّ ولا حَرَمٍ" فسمَّاهم، فال: وقَيْنتَين كانتا لِمقْيَسٍ، فقُتلتْ إحداهُما، وأفلِتَتِ الأخرى فأسلمت (¬2). ¬

_ = وثلاثين في خلافة علي رضي الله عنه، وذكره ابن سعد في تسمية من نزل مصر من الصحابة، وهو الذي افتتح إفريقية زمن عثمان، وولي مصر بعد ذلك، وكانت ولايته مصر سنة خمس وعشرين، وكان فتح إفريقية من أعظم الفتوح بلغ سهم الفارس فيها ثلاثة آلاف دينار. وقال خليفة: سنة سبع وعشرين عُزل عمرو عن مصر وولى عبد الله بن سعد، فغزا إفريقية ومعه العبادلة، وأرخ الليث عزل عمرو سنة خمس وعشرين، وغزا إفريقية سنة سبع وعشرين، وغزا الأساود سنة إحدى وثلاثين، وذات الصواري سنة أربع وثلاثين. وأما الوليد بن عقبة، فهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموي، له صحبة قليلة ورواية يسيرة، وهو أخو أمير المؤمنين عثمان لأمه من مسلمة الفتح، بعثه رسول الله على صدقات بني المصطلق، وولي الكوفة لعثمان وجاهد بالشام، ثم اعتزل بالجزيرة بعد قتل أخيه عثمان، ولم يحارب مع أحد الفريقين، وكان سخياً ممدحاً شاعراً شجاعاً قائماً بأمر الجهاد، وكان يشرب الخمر، وقصة صلاته بالناس الصبح أربعاً وهو سكران مشهورة في الصحيح، وعزله عثمان بعد إقامة الحد عليه عن الكوفة، وولاها سعيد بن العاص."سير أعلام النبلاء" 3/ 412 - 416 للذهبي. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عمرو بن عثمان. قال المزي: وقيل فيه: عُمر بن عثمان، ويقال: إنه الصواب، وقال أبو داود في كتاب "التفرد": والصواب عُمر بن عثمان. =

قال أبو داود: لم أَفهم إسناده من ابن العلاءِ كما أُحِبُّ. 2685 - حدَّثنا القَعنَبيُّ، عن مالكٍ، عن ابن شهابٍ عن أنس بن مالكٍ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- دخل مكةَ عامَ الفتحِ وعلى رأسِه المِغْفَرُ، فلما نزعه جاءه رجلٌ، فقال: ابنُ خَطَل مُتعلِّق بأستارِ الكعبةِ، فقال "اقتُلُوه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 262، والطبراني في "الكبير" (5529)، والدارقطني (2793) و (4347)، والبيهقي 9/ 120 و 212، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 31/ 29 - 32، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة سعيد بن يربوع 11/ 113 من طرق عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد. وجاء عند بعضهم تسمية أولئك الذين أمر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بقتلهم، وهم: الحويرث بن نقيذ ومقيس بن صبابة، وهلال بن خطل - كذا جاءت تسميته في هذه الرواية، خلافاً للرواية السابقة - وابن أبي السرح. وفي الباب دون ذكر الحويرث بن نقيذ عن أنس بن مالك عند الحارث بن أبي أسامة (698 - زوائده) وإسناء صحيح. وهو في "المسند" (12068)، و"صحيح البخاري" (1846)، و "صحيح مسلم" (1357) بذكر ابن خطل وحده. وسيأتي في الطريق الذي بعده. وعن سعد بن أبي وقاص في الحديث السالف قبله. وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب مرسلاً عند ابن أبي شيبة 14/ 473 - 475. وقد جاء ذكر الحويرث بن نقيذ عند البيهقي 9/ 120 من طريق عروة بن الزبير، ومن طريق موسى بن عقبة مرسلاً. (¬1) إسناء صحيح. القعنبيُّ: هو عبدالله بن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 423، ومن طريقه أخرجه البخاري (1846)، ومسلم (1357)، والترمذي (1788)، والنسائي (2867). وهو في "مسند أحمد" (12068)، و"صحيح ابن حبان" (3719). =

126 - باب في قتل الأسير صبرا

قال أبو داودَ: ابن خَطَلٍ اسمُهُ عبدُ الله، وكان أبو برزةَ الأسلميُّ قتلَه (¬1). 126 - باب في قَتْل الأسيرِ صبراً (¬2) 2686 - حدَّثنا علي بن الحسين الرَّقِّيُّ، حدثني عبد الله بن جعفر الرَّقِّيُّ، أخبرني عُبيد الله بن عَمرٍو، عن زَيد بن أبي أُنيسةَ، عن عمرو بن مُرَّة، عن إبراهيمَ، قال: أراد الضَّحَّاكُ بن قيسِ أن يستعمِل مَسروقاً، فقال له عُمارةُ بن عُقبة: أتستعمِلُ رجلاً من بقايا قَتَلَةِ عثمانَ؟ فقال له مسروقٌ: حدَّثنا: عبدُ الله بن مَسعودٍ - وكان في أنفُسِنا مَوثُوقَ الحديثِ-: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- لمَّا أراد قتل أبيك قال: مَنْ للصِّبيةِ؟ قال "النارُ" فقد رضيتُ لكَ ما رضي لكَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- (¬3). ¬

_ = قال الخطابي: في كون المغفر على رأسه دليل على جواز ترك الإحرام للخائف على نفسه إذا دخل مكة، وعلى أن صاحب الحاجة إذا أراد دخول الحرم لم يلزمه الإحرام إذا لم يُرد حجاً أو عمرة، وكان ابن خطل بعثه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في وجهٍ مع رجل من الأنصار، وأمَّر الأنصاري عليه، فلما كان ببعض الطريق وثب على الأنصاري فقتله، وذهب بماله، فلم ينفذ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- له الأمان، وقتله بحق ما جناه في الإسلام. وفيه دليل على أن الحرم لا يَعصِمُ من إقامة حكم واجب، ولا يؤخره عن وقته. قلنا: والمِغْفَر، بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الفاء، قال في "اللسان": زردٌ يُنسج من الدروع على قدر الرأس يُلبس تحت القلنسوة، قال أبو عبيد في "غريبه ": والأصل في الغَفر التغطية، ومنه سُمي المِغفرُ، لأنه يغفر الرأس، أي: يلبسُه ويغطيه. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). (¬2) قوله: صبراً: هو أن يمسك من ذوات الروح شيء حياً، ثم يُرمى بشئ حتى يموت، وكل من قُتِل في غير معركة ولا حرب ولا خطأٍ فإنه قتلُ صبر. (¬3) إسناده صحيح. إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومسروق: هو ابن الأجْدع=

127 - باب في قتل الأسير بالنبل

127 - باب في قتل الأسير بالنَّبْل 2687 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا عبدُ الله بن وهْبٍ، أخبرني عَمرو ابن الحارثِ، عن بُكَيرِ بن عبد الله بن الأشجِّ، عن ابن تِعلَى قال: غَزَونا مع عبد الرحمن بن خالدِ بن الوليد، فأتي بأربعةِ أعْلاجٍ من العدوِّ، فأمر بهم فقُتِلُوا صَبْراً (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (565)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4514)، والشاشي في "مسنده" (409)، والطبراني في "الأوسط" (2949)، والحاكم 2/ 124، والبيهقي 9/ 65 من طريق عُبيد الله بن عمرو الرقي، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. قوله: من للصّبية؟: قال القاري في "مرقاة المفاتيح" 4/ 250 - 251: بكسر الصاد وسكون الموحدة جمع صبي، كفتية، والقياس: صبوة، والمعنى: من يكفل بصبيانى ويتصدى لتربيتهم ومؤنتهم وأنت تقتلُ كافلهم. وقوله: "النار" قال الطيبي في "شرح المشكاة" فيما نقله عنه القاري: يحتمل وجهين: أحدهما: أن تكون النار عبارة عن الضياع، يعني: إن صلحت النار أن تكون كافلة فهي هي. وثانيهما: أن الجواب من الأسلوب الحكيم، أي: لك النار، والمعنى: اهتم بشأن نفسك وما هُيِّئ لك من النار، ودع عنك أمر الصبية، فإن كافلهم هو الله الذي ما من دابة في الأرض إلا عليه رزقها، وهذا هو الوجه. قال القاري معلقاً: والأظهر أن الأول هو الوجه، فإنه لو أريد هذا المعنى لقال: الله، بدل: "النار". (¬1) المرفوع منه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، فإن فيه -على الصواب- بين بكير بن عبد الله وبين ابن تِعْلَى -واسمه عُبيد- والدَ بكيرٍ عبدَ الله بن الأشج، وهو مجهول لم يرو عنه غير ابنه، ولم يوثقه سوى ابن حبان. قال المزي في ترجمة عبيد ابن تعلى عن "تهذيب الكمال": الصحيح قول من قال: عن أبيه. وقال الذهبي في "الكاشف" في ترجمة عبيد نحوه.=

قال أبو داود: قال لنا غيرُ سعيدٍ عن ابنِ وهْبٍ في هذا الحديث، قال: بالنَّبْل صبْراً - فبلغ ذلك أبا أيوبَ الأنصاريَّ، فقال: سمعتُ ¬

_ = وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2667). وأخرجه أحمد (23590) عن سريج بن النعمان، وابن حبان (5610) من طريق حرملة بن يحيى، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح معانى الآثار" 3/ 182 عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، والطبراني في "الكبير" (4002)، ومن طريقه المزي في ترجمة عُبيد بن تِعلَى من "تهذيب الكمال" 19/ 190 - 191 من طريق أحمد بن صالح، كلاهما عن ابن وهب، به. وذكرا فيه عبد الله بن الأشج. وقرن أحمد بن عبد الرحمن بعمر بن الحارث ابن لهيعة. وأخرج المرفوع منه فقط أحمد (23589)، والدارمي (1974)، والطحاوي 3/ 182، والشاشي في "مسنده" (1160) و (1161)، والطبراني في "الكبير" (4001)، والبيهقي 9/ 71 من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، والطحاوي 3/ 182، والطبراني (4003)، والبيهقي من طريقين عن محمد بن إسحاق، كلاهما عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن أبيه، عن عُبيد بن تعلى، به فذكرا عبد الله بن الأشج. وأخرجه ابن حبان (5609) من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن يزيد بن أبي حبيب، وابن أبي شيبة 5/ 398، والطبراني (4004) من طريق عبد الرحيم بن سليمان، عن محمد بن إسحاق، والطبراني كذلك (4005) من طريق عبيد الله بن أبي جعفر، ثلاثتهم عن بكير بن عبد الله، عن عبيد بن تِعلى، به فلم يذكروا عبد الله بن الأشج. قال المنذري في "اختصار السنن" تِعلى: بكسر التاء ثالث الحروف وسكون العين المهملة. وفي باب النهي عن صبر البهائم عن عبد الله بن عمر عند البخاري (5515)، ومسلم (1958). وعن أنس بن مالك عند البخاري (5513)، ومسلم (1956). وعن جابر عند مسلم (1959). وانظر تمام شواهده عند أحمد في "المسند" عند حديث ابن عمر (4622). والقتل صبراً: هو أن يمسك من ذوات الروح بشئٍ حياً ثم يرمى بشئ حتى يموت، وكل من قتل في غير معركة ولا حرب ولا خطأ فإنه مقتول صبراً.

128 - باب في المن على الأسير بغير فداء

رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ينهَى عن قتْلِ الصبْر، فوالذي نفسِي بيده لو كانتْ دجاجةٌ ما صَبَرْتُها، فبلغَ ذلك عبدَ الرحمن بن خالدِ بن الوليد فأعتقَ أربعَ رِقابٍ. 128 - باب في المَنِّ على الأسير بغير فداء 2688 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمّاد، أخبرنا ثابت عن أنسٍ: أن ثمانين رجلاً من أهل مكةَ هَبَطُوا على النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم- وأصحابِه من جبال التَنْعيم عند صلاة الفجر ليقتُلُوهم، فأخذَهم رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- سَلْماً، فأعتَقَهُم رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فأنزلَ اللهُ عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} إلي آخر الآية (¬1) [الفتح: 24]. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم (1808)، والترمذي (3547)، والنسائى في "الكبرى" (8614) و (11446) من طريق حماد بن سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (12227). وقوله: سلماً. قال النووي: ضبطوه بوجهين بفتح السين واللام، وبإسكان اللام مع كسر السين وفتحها، قال الحميدي: معناه: الصلح، وقال القاضي: هكذا ضبط الأكثرون، والرواية الأولى أظهر، أي: أسرهم، وجزم الخطابي بفتح اللام والسين، قال: والمراد به الاستسلام والإذعان، كقوله تعالى: {وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ} أي: الانقياد، وهو مصدر يقع على الواحد والاثنين والجمع، قال ابن الأثير: هذا هو الأشبه بالقضية، فإنهم لم يؤخذوا صلحاً، وإنما أخذوا قهراً، وأسلموا أنفسهم عجزاً. والتنعيم: موضع بمكة في الجبل، وهو بين مكة وسرف، ومنه يحرم من أراد العمرة من أهل مكة، وهو الموضع الذي أمر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عبد الرحمن بن أبي بكر أن يُعمِر منه عائشة، وهو أدنى الحلِّ، لأنه ليس موضع في الحل أقرب إلى الحرم منه، وهو على ثلاثة أميال من مكة، وقيل: أربعة أميال، وسمي بذلك، لأن جبلاً عن يمينه يقال له: نعيم وآخر عن شماله، يقال له ناعم، والوادي نعمان.

129 - باب في فداء الأسير بالمال

2689 - حدَّثنا محمدُ بن يحيي بن فارسٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا مَعمرٌ، عن الزهري، عن محمدِ بن جُبير بن مُطعِمٍ عن أبيه، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال لأُسارى بدر: "لَو كان مُطعِمُ بنُ عَدِيّ حيّاً ثم كلَّمني في هؤلاءِ النَّتنَى لأطلقتُهم له" (¬1). 129 - باب في فداء الأسير بالمال 2690 - حدَّثنا أحمد بن محمد بن حَنبلِ، حدَّثنا أبو نُوحٍ، أخبرنا عِكرمةُ ابن عمارٍ، حدَّثنا سِمَاكٌ الحنفيُّ، حدثني ابنُ عبّاس، قال: حدثني عمرُ بن الخطاب، قال: لما كان يومُ بدرٍ فأخذَ -يعني النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-- الفداء أنزل اللهُ عزَ وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال:67 - 68] من الفداء ثم أحل لهم الغَنائمَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في"مصنف عبد الرزاق " (9400)، ومن طريقه أخرجه البخاري (3139). وهو في "مسند أحمد" (16733). قال الخطابي: "النتنى" جمع النتِن، وهو المُنتن، يقال: نَتِن الشيء يَنتَنُ، فهو نَتِنٌ، ويجمع على النَّتْنى، كما يقال: زَمِنَ الرجلُ يَزمَنُ، فهو زَمِنٌ، ويجمع على الزَّمني. وفيه دليل على جواز إطلاق الأسير والمن عليه من غير فداء. (¬2) إسناده قوي من أجل عكرمة بن عمار. سماك الحنفي: هو ابن الوليد أبو زُمَيل -مصغراً-، وأبو نوح سيعرِّفه المصنِّف. وقد نقل ابن كثير في أول سورة الأنفال تصحيح هذا الحديث عن علي ابن المديني والترمذي. وأخرجه مسلم (1763) من طريقين عن عكرمة بن عمار، بهذا الإسناد. ضمن قصة طويلة في غزوة بدر. وهو في "مسند أحمد" (208)، و"صحيح ابن حبان" (4793) مطولاً كرواية مسلم.=

قالَ أبو داودَ: سمعتُ أحمد بن حَنبلٍ يُسأل عن اسم أبي نُوحٍ، فقال: إيش تصنعُوا باسمِه؟ اسمُه اسمٌ شَنيعٌ. ¬

_ = قلنا: الذي في "جامع الترمذي"، من حديث عمر الطويل في غزوة بدر قصةُ دعائه -صلَّى الله عليه وسلم- (3334) وهناك صححه. قال الخطابي: في هذه الأحاديث الثلاثة: حديث جبير بن مطعم، وحديث ابن عباس وحديث عبد الله بن مسعود دليل على أن الإمام مُخيَّر في الأسارى البالغين: إن شاء مَنَّ عليهم وأطلقهم من غير فداء، وإن شاء فاداهم بمالٍ معلوم، وإن شاء قتلهم، أي ذلك كان أصلح، ومن أمر الدين وإعزاز الإسلام أوقع. وإلى هذا ذهب الشافعي وأحمد، وهو قول الأوزاعي وسفيان الثوري. وقال أصحاب الرأي: إن شاء قتلهم، وإن شاء فاداهم، وإن شاء استرقَّهم. ولا يمُنُّ عليهم فيطلقهم بغير عوض، فيكون فيه تقوية للكفار وزيادة في عددهم. وزعم بعضهم أن المنّ كان خاصاً للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- دون غيره. قلت (القائل الخطابي): التخصيص في أحكام الشريعة لا يكون إلا بدليل، والنبي -صلَّى الله عليه وسلم- إذا حكم بحكم في زمانه كان ذلك سنة وشريعة في سائر الأزمان، وقد قال سبحانه: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: 4] وهذا خطاب لجماعة الأمة كلهم، ليس فيه تخصيص للنبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وإنما كان فعله امتثالاً للآية. وأما الذي اعتلوا به في تقوية الكفر: فإن الإمام إذا رأى أن يعطي كافراً عطية يستميله بها إلى الإسلام كان ذلك جائزاً، وإن كان في ذلك تقوية لهم، فكذلك هذا. وقد أعطى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- رجلاً من الكفار غنماً بين جبلين. حدثناه ابن الأعرابي، حدَّثنا عبد الرحمن بن منصور الحارثي، حدَّثنا عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد العذري، عن مالك بن أنس، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه قال: جاء رجل من العرب إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فسأله شيئاً بين جبلين، فكتب له بها، فأسلم، ثم أتى قومه فقال لهم: "أسلموا فقد جئتكم من عند رجل يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة". وفي أخذه في الفداء المال دليلٌ على فسادِ قول من يقول: إنه يفادى بالرجال ولا يفادى بالمال، ويُحكى نحو هذا القول عن مالك بن أنس. وانظر "المغني" 13/ 44 - 47 لابن قدامة المقدسي.

قال أبو داودَ: اسمُ أبي نُوح قُرادٌ، والصحيحُ عبدُ الرحمن بن غَزْوانَ. 2691 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بن المُبارك العَيشيُّ، حدَّثنا سفيانُ بن حَبيب، حدَّثنا شعبةُ، عن أبي العَنبَسِ، عن أبي الشَّعثاء عن ابنِ عباس: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- جعلَ فداءَ أهلِ الجاهليةِ يومَ بدرٍ أربعَ مئةٍ (¬1). 2692 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بن سلمةَ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن يحيى بن عَبّادٍ، عن أبيه عبادِ بن عبد الله بن الزُّبيرِ عن عائشةَ قالت: لما بعثَ أهلُ مكةَ في فداء أسْرَاهُم بعثتْ زينبُ في فداء أبي العاصِ بمالٍ، وبعثتْ فيه بقِلادةٍ لها كانت عند خديجةَ أدخلَتْها بها على أبي العاص، قالت: فلما رآها رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- رقَّ لها رِقَّةً شديدةً، وقال: "إن رأيتُم أن تُطلِقُوا لها أسيرَها وتردُّوا عليها ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي العنبس -وهو الأكبر-، فلم يرو عنه غير شعبة ومسعر ولا يُعرف اسمُه: وسكت عنه عبد الحق الإشبيلي مصححاً له، فاعترض عليه ابن القطان في "بيان الوهم" 4/ 417. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8607)، والحاكم 2/ 125، والبيهقي 6/ 321 و 9/ 68، وابن الجوزي في "التحقيق" (1883)، والضياء المقدسي في "المختارة" 9/ (502) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. والصحيح في مقدار ما أُخذ من الفداء من أسرى بدر ما أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (9394) ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (12154) عن معمر، عن قتادة، قال (القائل هو معمر): وأخبرني عثمان الجزري، عن مقسم عن ابن عباس قال: فادى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بأسارى بدر، فكان فداء كل واحدٍ منهم أربعة آلاف. وهذا إسناد حسن وكذلك رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 2/ 26 عن عكرمة مولى ابن عباس مرسلاً بإسناد صحيح إليه.

الذي لها" فقالوا: نعم، وكان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أخذ عليه، أو وَعَدَه، أن يُخلّيَ سبيلَ زينبَ إليه، وبعثَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- زيدَ بن حارثةَ ورجلاً من الأنصارِ، فقال: "كونا ببطن يَأْجِج حتى تمرَّ بكما زينب فتصحباها حتى تأْتيا بها" (¬1). 2693 - حدَّثنا أحمد بن أبي مَريمَ، حدَّثنا عمِّي -يعني سعيدَ بنَ الحَكَم- قال: أخبرنا الليثُ، عن عُقَيل، عن ابن شهابٍ، قال: وذكر عُروةُ بن الزُّبير أن مروانَ والمِسوَرَ بنَ مَخْرمةَ أخبراه: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال حين جاءه وَفْد هَوَازنَ مسلمين فسألُوه أن يَرُدَّ إليهم أموالَهم، فقال لهم رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "معي من ترون، وأحبُّ الحديث إليَّ أصدَقُهُ، فاختاروا إمَّا السبْيَ، وإما المالَ" فقالوا: نختار سبْيَنا، فقامَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فأثْنى على الله، ثم قال: "أما بعدُ، فإن إخوانكم هؤلاءِ جاؤوا تائبينَ، وإني قد رأيتُ أن أرُدَّ إليهم سَبْيَهم، فمن أحبَّ منكم أن يُطَيِّبَ ذلك فليفعلْ، ومن أحبَّ منكم أن يكون على حظِّه حتى نعطيَه ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق، فقد صرح بالسماع عند ابن هشام في "السيرة النبوية" 2/ 307 - 308 وغيره فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه أحمد (26362)، وابن الجارود (1090)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4708)، والطبراني في "الكبير" 22/ (1050)، والحاكم 3/ 23 و 236 و 324 و 4/ 44 - 45، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 322، وفي "دلائل النبوة" 3/ 154 من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. قوله: "يأجج"، قال المنذري في "اختصار السنن" بفتح الياء آخر الحروف، وبعدها همزة وجيمين، الأولى مكسورة، موضع على ثمانية أميالٍ من مكة، كان ينزله عبد الله بن الزبير، فلما قتله الحجاج أنزله المجذَّمين، وبنواحي مكة موضع آخر يقال له: ياجج، وهو أبعدهما، بينه وبين مسجد التنعيم ميلان.

إياهُ من أول ما يُفيءُ اللهُ علينا فليفعلْ"، فقال الناسُ: قد طَيَّبْنَا ذلك لهم يا رسول الله، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنا لا نَدْري مَن أذِنَ منكم مِمن لم يأذَنْ، فارجِعوا حتى يرفَع إلينا عُرَفَاؤكم أمْرَكم" فرجعَ الناسُ، فكلَّمَهم عُرفاؤهم فأخبَروهم أنهم قد طَيَّبُوا وأذِنُوا (¬1). 2694 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن محمد بن إسحاقَ، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدِّه -في هذه القصة- قال: فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "رُدُّوا عليهم نساءَهم وأبناءَهم، فمن مَسَّك بشيءٍ من هذا الفيءِ فإن له به علينا سِتَّ فرائضَ من أولِ شيءٍ يُفيئهُ اللهُ علينا" ثم دنا -يعني النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- من بعيرٍ، فأخذَ وَبَرَةً من سَنامِه، ثم قال: "يا أيها الناسُ، إنه ليس لي من هذا الفيء شيء, ولا هذا" ورفع إصبَعَيْه "إلا الخُمُسَ، والخُمُسُ مُردُودٌ عليكم، فأدُّوا الخِياط والمِخْيَطَ" فقام رجل في يده كُبَّةٌ من شَعر، فقال: أخذْتُ هذه لأُصلحَ بها بَرذَعةً لي، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أمَّا ما كان لي ولبني عبد المُطَّلب فهو لك" فقال: أمَا إذْ بلغتَ ما أرى فلا أرَبَ لي فيها، ونَبَذَها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو الزهري، وعُقيل: هو ابن خالد الأيلي، وأحمد ابن أبي مريم: هو أحمد بن سعْد بن الحكم بن محمد الجُمَحي، والليث: هو ابن سعد. وأخرجه البخاري (2307) و (2308)، والنسائى في "الكبرى" (8825) من طريق ابن شهاب الزهري، به. ورواية النسائي مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (18914). (¬2) إسناده حسن. فقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند أحمد (7037) وغيره فانتفت شبهة تدليسه. حماد: هو ابن سلمة. =

130 - باب في الإمام يقيم عند الظهور على العدو بعرصتهم

130 - باب في الإمام يُقيم عند الظُّهور على العدو بعَرْصَتِهم 2695 - حدَّثنا محمدُ بن المثنى، حدَّثنا مُعاذُ بن معاذٍ وحدَّثنا هارونُ بن عبدِ الله، حدَّثنا رَوْحٌ، قالا: حدَّثنا سَعيدٌ، عن قتادةَ، عن أنسٍ عن أبي طلحةَ، قال: كانَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا غَلَبَ على قومٍ أقامَ بالعَرْصَةِ ثلاثاً -قال ابنُ المثنى: إذا غَلَبَ قوماً أحب أن يُقيم بعَرْصَتِهم ثلاثاً (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي (3688) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6729). قوله: "من مسَّك، قال الخطابي: يريد: أمسك، يقال: مَسَّكْتُ بالشيء وأمسكته، بمعنى واحد. وفيه إضمارٌ، وهو الردّ، كأنه قال: من أصاب شيئاَ من هذا الفيء فأمسكه ثم ردّه. وقوله: "أدّوا الخِياط والمِخْيَط" الخِياط هنا: الخيط، والمِخْيَط: ما يخاط به وهو الإبرة. قال الخطابي: فيه دليل على أن قليل ما يغنم وكثيره مقسوم بين مَنْ شهد الوقعة، ليس لأحد أن يستبِدَّ بشىء منه، وإن قلّ، إلا الطعام الذي قد وردت فيه الرخصة، وهذا قول الشافعي. وقال مالك: إذا كان شيئاً خفيفاً، فلا أرى به بأساً أن يرتفق به آخِذُه دونَ أصحابه. وقوله: كبة من شعر، أي: مجموعة من شعر، والبَرْدَعَة: قال الفيومي: حلس يجعل تحت الرحل بالدال والذال، والجمع: البرادع هذا هو الأصل، وفي عرف زماننا: هي للحمار ما يُركب عليه بمنزلة السرج للفرس. (¬1) إسناده صحيح. أبو طلحة: اسمه زيد بن سهل بن الأسود الأنصاري، مشهور بكنيته من كبار الصحابة، وأنس: هو ابن مالك الصحابي. وقتادة: هو ابن دِعامة، وسعيد: هو ابن أبي عروبة، ورَوح: هو ابن عُبادة. وسماع روح من سعيد بن أبي عروبة قبل اختلاطه. =

131 - باب في التفريق بين السبي

قال أبو داود: كان يحيى بنُ سعيدٍ يطعُن في هذا الحديث، لأنه ليس من قديم حديث سعيدٍ، لأنه تغيَّر سنة خمسٍ وأربعينَ، ولم يُخرج هذا الحديثَ إلا بأخَرَةٍ. قال أبو داود: يقال: إن وكيعاً حَمل عنه في تغيُّره (¬1). 131 - باب في التفريقِ بين السَّبْيِ 2696 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا اسحاقُ بن منصورٍ، حدَّثنا عبدُ السلام بن حَرْبٍ، عن يزيدَ بن عبدِ الرحمنِ، عن الحكمِ، عن ميمونِ بن أبي شَبيبٍ عن عليٍّ، أنه فرَّق بين جاريةٍ وولدِها، فنهاهُ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- عن ذلكَ، ورَدَّ البيعَ (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (3065) من طريق روح بن عُبادة، والترمذي (1632)، والنسائي في "الكبرى" (8603) من طريق معاذ بن معاذ، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16355)، و"صحح ابن حبان" (4776). والعرصة: الساحة الواسعة بين الدور ليس فيها بناء، قال ابن الجوزي: إنما كان يُقيم ليظهر تأثير الغلبة وتنفيذ الأحكام، وقلة الاحتفال، فكأنه يقول: من كان فيه قوة منكم فليرجع إلينا. (¬1) مقالتا أبي داود هاتان أثبتناهما من هاش (هـ). (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضيف لانقطاعه، ميمون بن أبي شبيب لم يدرك علياً كما قال المصنف بإثر الحديث، وليس هو بذاك، الحكم: هو ابن عتيبة، ويزيد بن عبد الرحمن: هو الدالاني أبو خالد، وقد اختُلف في إسناده كما بينه الدارقطني في "العلل" 3/ 272 - 275. وأخرجه الدارقطني (3042)، والحاكم 2/ 55 و125، والبيهقي 9/ 126 من طريق يزيد بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. =

قال أبو داودَ: ميمونٌ لم يُدرك علياً، قُتل بالجماجم، والجماجم سنة ثلاثٍ وثمانين. ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2249)، والترمذي (1330) من طريق الحجاج بن أرطاة، عن الحكم بن عتيبة، عن ميمون بن أبي شبيب، عن علي قال: وهب لي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- غلامين أخوين، فبعتُ أحدهما، فقال: "ما فعل الغلامان؟ "قلتُ: بعتُ أحدهما، قال: "رُدَّه". والحجاج بن أرطاة مدلس وقد عنعن. وهو في "مسند أحمد" (800) بهذا اللفظ الأخير. وأخرجه بنحو هذا اللفظ الأخير أحمد (760) عن محمد بن جعفر، والبزار (624)، والبيهقي 9/ 127 من طريق الحسن بن محمد الزعفراني، عن عبد الوهَّاب بن عطاء الخفاف، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن علي. وسعيد لم يسمع من الحكم فيما قاله غير واحدٍ من أهل العلم. ويدل على ذلك رواية أحمد بن حنبل لهذا الحديث (1045) عن عبد الوهَّاب ابن عطاء الخفاف، عن سعيد بن أبي عروبة، عن رجل، عن الحكم، به فذكر بينهما واسطة. وكذلك رواه محمد بن سواء عند إسحاق بن راهويه كما في "نصب الراية" 4/ 26، والبيهقي 9/ 127 عن سعيد بن أبي عروبة. وانظر تمام تخريجه، والكلام عليه في "المسند" (1045)، و"علل الدارقطني" 3/ 272 - 275. وفي الباب عن أبي أيوب الأنصاري عند أحمد (23499)، والترمذي (1329) ولفظه: "من فرق بين والدة وولدها، فرّق الله بينه وبين الأحبة يوم القيامة" وهو حديث حسن. والجماجم: موضع يُسمى دير الجماجم قرب الكونة، وبه كانت وقعة ابن الأشعث مع الحجاج، والحرة: أرض بظاهر المدينة، بها حجارة سود كثيرة بها كانت الوقعة بين جيش يزيد بن معاوية وبين أهل المدينة، وهي فيما يقول ابن حزم أكبر مصائب الإسلام وخرومه، لأن أفاضل المسلمين وبقية الصحابة وخيار المسلمين من جلة التابعين قتلوا جهراً ظلماً في الحرب وصبراً ...

132 - باب الرخصة في المدركين يفرق بينهم

قال أبو داود: والحَرَّةُ سنة ثلاثٍ وستين، وقُتِلَ ابنُ الزُّبيرِ سنة ثلاث وسبعين (¬1). 132 - باب الرُّخصة في المدرِكين يُفرَّق بينهم 2697 - حدَّثنا هارونُ بن عبدِ الله، حدَّثنا هاشِمُ بن القاسمِ، حدَّثنا عِكرمةُ، حدَّثني إياسُ بن سلمةَ حدثني أبي، قال خرجْنا مع أبي بكرٍ -وأمَّرَهُ علينا رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم-- فغَزَونا فَزارةَ، فشَننَّا الغارةَ ثم نظرتُ إلى عُنُقٍ من الناسِ فيه الذريةُ والنساء، فرمَيتُ بسهْمٍ، فوقع بينهم وبين الجبل، فقاموا، فجئتُ بهم إلى أبي بكرٍ فيهم امرأة من فَزارةَ، عليها قِشْعٌ من أدَمٍ، معها بنتُ لها من أحسن العرب، فنفَّلني أبو بكر ابنتَها، فقدمتُ المدينةَ، فلقيَني رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقال لي: "يا سلمةُ، هَبْ لي المرأةَ" فقلت: والله لقد أعجبتْني، وما كشفتُ لها ثوباً، فسكتَ، حتى إذا كان من الغَدِ لقيَني رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في السُّوق فقال: "يا سلمةُ، هبْ لي المرأةَ، لله أبوكَ" فقلت: يا رسول الله، والله ما كشفتُ لها ثوباً، وهي لكَ، فبعثَ بها إلى أهل مكةَ وفي أيديهم أسرى فَفَداهمُ بتلك المرأةِ (¬2). ¬

_ (¬1) مقالتا أبي داود هاتين أثبتناهما من (هـ). (¬2) إسناده صحيح. سلمة: هو ابن الأكوع، وعكرمة: هو ابن عمار اليمامي. وأخرجه مسلم (1755)، وابن ماجه (2846)، والنسائي في "الكبرى" (8612) من طريق عكرمة بن عمار، به. وهو في "مسند أحمد" (16502)، و"صحيح ابن حبان" (4860). =

133 - باب في المال يصيبه العدو من المسلمين ثم يدركه صاحبه في الغنيمة

133 - باب في المال يصيبُه العدوُّ من المسلمين ثم يدركه صاحبه في الغنيمة 2698 - حدَّثنا صالحُ بن سُهيلٍ، حدَّثنا يحيي -يعني ابنَ أبي زائدةَ- عن عُبيد الله، عن نافعٍ عن ابن عُمر: أن غُلاماً لابن عُمر أبقَ إلى العدوِّ فظهر عليه المسلمون، فردَّه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إلى ابنِ عمر، ولم يُقسَم (¬1). ¬

_ = قوله: "قشع من أدم" هو الجلد اليابس، وقيل: هو الفرو الخَلَق. قاله ابن الأثير في "النهاية". قال الخطابي: "عنق من الناس" يريد جماعة منهم، ومن هذا قوله تعالى: {فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} [الشعراء: 4] أي: جماعاتهم، ولو كان المراد به الرقاب لقيل: "خاضعات"، والله أعلم. وفي قوله: "نفلني أبو بكر ابنتها" دليل على أن النفل قبل الخمس. قال: وفيه دليل على جواز التفريق بين الأم وولدها الكبير، خلاف ما ذهب إليه أحمد بن حنبل. وفي قوله: "ما كشفت لها ثوباً" وسكوت النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وتركه الإنكار عليه دليل على أنهم كانوا يستبيحون إذ ذاك وطء الوثنيات، وذلك قبل نزوله من الحديبية، ولولا إقامة هذه الجارية على كفرها لما رُدَّت إلى أهل مكة وهم كفار إذ ذاك. (¬1) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر بن حفص العُمري، ويحيى: هو ابن زكريا بن أبي زائدة. وأخرج البخاري (3068) من طريق يحيى بن سعيد القطان، و (3069) من طريق موسى بن عقبة، كلاهما عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع: أن عبداً لابن عمر أبق فلحق بالروم فظهر عليه خالد بن الوليد فردَّه على عبد الله، وأن فرساً لابن عمر عار فلحق بالروم، فظهر عليه فردَّوه على عبد الله. لفظ رواية يحيى، واقتصر موسى على ذكر الفرس. وسيأتي بعده بنحوه، فانظره. =

134 - باب في عبيد المشركين يلحقون بالمسلمين فيسلمون

قال أبو داود: وقال غيره: ردَّه عليه خالد بن الوليد (¬1). 2699 - حدَّثنا محمدُ بن سليمانَ الأنباريُّ والحسنُ بن علي -المعنى- قالا: حدَّثنا ابن نُمير، عن عُبيد الله، عن نافعٍ عن ابن عُمر قال: ذَهبَ فرسٌ له، فأخذها العدوُّ، فظهر عليهم المسلمون، فَرُدَّ عليه في زمنِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وأبَقَ عبدٌ له، فلحِق بأرضِ الرُّوم، فظهر عليهم المسلمون، فردَّه عليه خالدُ بن الوليد بعدَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- (¬2). 134 - باب في عَبيد المشركين يَلحَقُونَ بالمسلمين فيُسلمون 2700 - حدَّثنا عبدُ العزيز بن يحيى الحَرَّانيُّ، حدثني محمد -يعني ابنَ سلمةَ- عن محمدِ بن إسحاقَ، عن أبانَ بن صالح، عن منصورِ بن المُعتمِر، عن ربعيِّ بن حِراشٍ ¬

_ قال الخطابي: في هذا دليل على أن المشركين لا يُحرزون على المسلم مالاً بوجه، وأن المسلمين إذا استنقذوا من أيديهم شيئاً كان للمسلم، وكان عليهم ردُّه عليه، ولا يغنمونه. واختلفوا في هذا، فقال الشافعي: صاحب الشيء أحق به قُسم أو لم يُقسم. وقال الأوزاعي والثوري: إن أدركه صاحبه قبل أن يُقسم فهو له، وإن لم يدركه حتى قُسم كان أحق به، وكذلك قال أبو حنيفة، إلا أنه فرق بين المال يغلب عليه العدو، وبين العبد يأبق، فيأسره العدو: فقال في المال مثل قول الأوزاعي، وقال في العبد مثل قول الشافعي. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها من رواية ابن الأعرابي. (¬2) إسناده صحيح. ابن نمير: هو عبد الله بن نمير. وأخرجه البخاري تعليقا (3067)، وابن ماجه (2847) من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (4845).

135 - باب في إباحة الطعام في أرض العدو

عن عليِّ بن أبي طالبِ قال: خرجَ عُبدَانٌ إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يعني يومَ الحُدَيبيةِ - قبلَ الصُّلْح، فكتب إليه مواليهم فقالوا: يا محمدُ، واللهِ ما خَرَجوا إليك رغبةً في دينك، وإنما خرجُوا هرباً من الرِّقِّ، فقال ناسٌ: صدقُوا يا رسولَ الله، رُدَّهم إليهم، فغضِبَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وقال: "ما أُراكُم تنتهون يا مَعشَر قُريش، حتى يبعثَ اللهُ عليكم من يَضْربُ رقابكم على هذا" وأبى أن يَرُدَّهم، وقال: "همُ عتَقَاءُ الله عز وجل" (¬1). 135 - باب في إباحة الطعام في أرض العدو 2701 - حدَّثنا إبراهيمُ بن حمزةَ الزُّبيريُّ، حدَّثنا أنسُ بن عياض، عن عُبيد الله، عن نافعٍ عن ابن عُمر: أن جيشاً غَنِموا في زمانِ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- طعاماً وعسلاً فلم يؤخَذْ منهم الخُمُسُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (1093)، والطبراني في "الأوسط" (4307)، والحاكم 2/ 125، والبيهقى 9/ 229 من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. وأخرجه بنحوه أحمد (1336)، والترمذي (4048)، والنسائي في "الكبرى" (8362) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن منصور، به. وشريك سيئ الحفظ. ومع ذلك قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وصحح الضياء المقدسي في "الأحاديث المختارة" كلا الطريقين وانظر "نصب الراية" 3/ 281 - 283 و "المغني" لابن قدامة 13/ 116. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، إبراهيم بن حمزة صدوق لا بأس به، وهو تابع. =

2702 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ والقَعنَبيُّ، قالا: حدَّثنا سليمانُ، عن حميدٍ -يعني ابنَ هِلالٍ- عن عبدِ الله بن مُغَفَّل، قال: دُلِّيَ جِرَابٌ من شَحْمٍ يومَ خيبرَ، قال: فأتيتُه فالتزمتُه، قال: ثم قلتُ: لا أُعطي من هذا أحداً اليومَ شيئاً، قال: فالتفَتُّ، فإذا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يتبسَّم إليَّ (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن حبان (4825) من طريق شعيب بن إسحاق، والطبراني في "الكبرى" (13372)، وفي "الأوسط" (894) و (5301)، والبيهقي 9/ 59 من طريق أنس بن عياض، كلاهما عن عُبيد الله بن عمر، به. وأخرج البخاري (3154) من طريق أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب، فنأكله ولا نرفعه. قال الخطابي: لا أعلم خلافاً بين الفقهاء في أن الطعام لا يخمس في جملة ما يخمس من الغنيمة، وأن لواجده أكلَه، ما دام الطعام في حدِّ القلة، وعلى قدر الحاجة، وما دام صاحبه مقيماً في دار الحرب، وهو مخصوص من عموم الآية ببيان النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، كما خصّ منها السَّلَب وسهم النبي -صلَّى الله عليه وسلم- والصفي، ورخص أكثر العلماء في علف الدواب، ورأوه في معنى الطعام، للحاجة إليه. (¬1) إسناده صحيح. سليمان: هو ابن المغيرة القيسي، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وأخرجه مسلم (1772)، والنسائي (4435) من طريق سليمان بن المغيرة، والبخاري (3153)، ومسلم (1772) من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن حميد ابن هلال، عن ابن مغفل. وهو في "مسند أحمد" (16791) و (20555). قال القاضي عياض: أجمع العلماء على جواز أكل طعام الحربيين ما دام المسلمون في دار الحرب على قدر حاجتهم، ويجوز بإذن الإمام وبغير إذنه، ولم يشترط أحد من العلماء استئذانه إلا الزهري.

136 - باب في النهي عن النهبى إذا كان في الطعام قلة في أرض العدو

136 - باب في النهي عن النُّهبى إذا كان في الطعام قلةٌ في أَرض العدو 2703 - حدَّثنا سليمانُ بن حَرب، حدَّثنا جَريرٌ -يعني ابنَ حازمٍ- عن يَعلَى ابنِ حكيم، عن أبي لَبيدٍ، قال: كنا مع عبد الرحمن بن سمُرةَ بكابُلَ فأصابَ الناسُ غنيمةً، فانتهبوها، فقامَ خطيباً فقال: سمعتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ينهى عن النُّهْبى. فردُّوا ما أخذوا، فقسَمه بينهم (¬1). 2704 - حدَّثنا محمد بن العَلاء, حدَّثنا أبو مُعاويةَ، حدَّثنا أبو إسحاقَ الشَّيبانيُّ، عن محمدِ بن أبي مُجالدٍ ¬

_ (¬1) مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل أبي لبيد -واسمه لمازة ابن زبّار الأزدي- وباقي رجاله ثقات. وأخرجه أحمد (20619)، والدارمي (1995)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار"، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 167 - 168 من طريق جرير بن حازم، بهذا الإسناد. وفي باب النهي عن النُّهبى عن أبي هريرة عند البخاري (2475)، ومسلم (57). وعن عبد الله بن يزيد الأنصاري عند البخاري (2474). وانظر تمام شواهده في "المسند" عند حديث أبي هريرة (8317). قال الخطابي: "النُّهبى" اسم مبني على فُعْلَى: من النهب، كالرُّغبَى من الرَّغبة. وإنما نهى عن النهب، لأن الناهب إنما يأخذه على قدر قوته، لا على قدر استحقاقه، فيؤدي ذلك إلى أن يأخذ بعضهم فوق حظه، وأن يبخس بعضهم حقه. وإنما لهم سهام معلومة: للفارس سهمان، وللراجل سهم، فإذا انتهبوا الغنيمة بطلت القسمة وعدمت التسوية. وكابل: هي عاصمة أفغانستان الواقعة شمال باكستان، افتتحها الأحنف بن قيس عام (22 هـ) في خلافة عمر رضي الله عنه.

عن عبدِ الله بن أبي أوفَى قال: قلتُ: هل كنتم تخمِّسوُن -يعني الطعامَ- في عهدِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-؟ فقال: أصبْنا طعاماً يومَ خَيبَر، فكان الرجلُ يجيءُ فيأخذُ منه مقدارَ ما يكفيه ثم ينصرفُ (¬1). 2705 - حدَّثنا هنَّادُ بن السَّرِيِّ، حدَّثنا أبو الأحوصِ، عن عاصمٍ -يعني ابنَ كُليبٍ- عن أبيه عن رجلِ من الأنصار، قال: خرجنا مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في سفر فأصابَ الناسَ حاجةٌ شديدةٌ وجَهدٌ، وأصابوا غنماً فانتَهبُوها، فإن قُدُورنَا لَتَغِلي إذ جاءَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يمشي على قوسِه، فأكْفأ قُدُورنا بقوسه، ثم جعلَ يُرَمِّلُ اللحمَ بالتُّراب، ثم قال: "إن النُّهْبَة ليست بأحلَّ من الميتةِ" أو "إن الميتةَ ليستْ بأحلَّ من النُّهْبةِ" الشَّكُّ من هنَّادٍ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو إسحاق الشيباني: سليمان بن أبي سليمان، وأبو معاوية: هو محمد بن خَازم الضرير، ومحمد بن العلاء: هو أبو كُريب الهمْداني، مشهور بكنيته. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2740)، وأحمد (19124)، وابن الجارود (1072)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3454)، والحاكم 2/ 126 و 133 - 134، والبيهقي في"السنن الكبرى" 9/ 60، وفي "دلائل النبوة" 4/ 241 من طريق أبي إسحاق الشيباني، به. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عاصم بن كليب -وهو ابن شهاب- وأبيه، فهما صدوقان لا بأس بهما، لكن روي الحديث من وجه آخر عن رافع بن خديج وهو أنصاري، فلعله هو، والله أعلم. أبو الأحوص: هو سلاّم بن سُليم. وأخرجه سعيد بن منصور (2636)، والبيهقي 9/ 61 من طريق عاصم بن كليب، به. وأخرج البخاري (2488)، ومسلم (1968)، وابن ماجه (3137)، والترمذي (1691)، والنسائي (4297) عن رافع بن خديج، نحوه. إلا أنه قال: فأمر النبيُّ بالقدور فأكفئت، ثم قسم، فعدل عشرة من الغنم ببعير. وانظر في شرح هذا الحديث "فتح الباري" 9/ 626 - 627 رقم الحديث (5498).

137 - باب في حمل الطعام من أرض العدو

137 - باب في حمل الطعام من أَرض العدو 2706 - حدَّثنا سعيد بن منصور، حدَّثنا عبد الله بن وهب، أخبرني عَمرو ابن الحارثِ، أن ابنَ حَرْشَفٍ الأزديَّ حدَّثه، عن القاسِمِ مولى عبد الرحمن عن بعضِ أصحابِ النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: كُنا نأكُل الجَزور في الغزوِ، ولا نقسِمه، حتى إنْ كنا لَنرجِعُ إلى رحالِنا وأخْرِجَتُنا منه مُملأةٌ (¬1). 138 - باب في بيع الطعام إذا فضل عن الناس في أرض العدو 2707 - حدَّثنا محمد بن المُصفّى، حدَّثنا محمد بن المبارك، عن يحيى ابن حمزة، حدَّثنا أبو عبد العزيز -شيخ من أهل الأردن- عن عُبادةَ بن نُسَيٍّ عن عبد الرحمن بن غَنْم، قال: رابطْنا مدينةَ قِنَّسرينَ مع شُرَحبيل ابن السِّمْطِ، فلما فتحها أصابَ فيها غنَماً وبقَراً، فقسم فينا طائفةً منها، وجعل بقيَّتَها في المغنَم، فلقيتُ معاذَ بن جَبَلٍ فحدثتُه، فقال معاذٌ: غزونا مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فأصبْنا فيها غنَماً فقسَم فينا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- طائفةً، وجعل بقيَّتَها في المغنَم (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة ابن حرشف. القاسم مولى عبد الرحمن: هو نفسه القاسم بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن صاحب أبي أمامة. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2739). وأخرجه سحنون في "المدونة الكبرى" 3/ 38 عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. إلا أنه قال: عن رجل من أهل الأردن، بدل: ابن حرشف. وأخرجه البيهقي 9/ 61 من طريق هشيم بن بشير، عن عمرو بن الحارث، به. (¬2) إسناده حسن من أجل محمد بن المصفى وأبي عبد العزيز -وهو يحى بن عبد العزيز- فهما صدوقان حسنا الحديث، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (170)، وفي "الأوسط" (6737)، والبيهقي 9/ 60 من طريق يحيى بن حمزة، بهذا الإسناد. =

139 - باب في الرجل ينتفع من الغنيمة بالشيء

139 - باب في الرجل ينتفع من الغنيمة بالشيء 2708 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ وعثمانُ بن أبي شيبةَ -المعنى، قال أبو داودَ: وأنا لحديثه أتْقَنُ- قالا: حدَّثنا أبو مُعاوية، عن محمد بن إسحاق، عن يزيدَ بن أبي حبيبِ، عن أبي مَرزوقٍ مولى تُجيب، عن حَنَشٍ الصنعانيِّ عن رُويفعِ بن ثابتٍ الأنصاريِّ، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "مَن كانَ يُؤمِنُ بالله وباليومِ الآخِرِ فلا يركبْ دابَّةً من فَيءِ المسلمين حتى إذا أعْجَفَها رَدَّها فيه، ومن كان يُؤمِنُ بالله وباليوم الآخر فلا يَلْبَس ثَوباً مِن فَئ المُسلمين حتى إذا أخْلَقَهُ رَدَّهُ فيه" (¬1). 140 - باب في الرخصة في السلاح يقاتَل به في المعركة 2709 - حدَّثنا محمد بن العلاء، أخبرنا إبراهيمُ -يعني ابنَ يُوسفَ، قال أبو داود: هو إبراهيمُ بن يوسفَ بن إسحاقَ بن أبي إسحاقَ السَّبيعيُّ -عن أبيه، عن أبي إسحاقَ السَّبيعيِّ، قال: حدثني أبو عُبيدةَ ¬

_ = وأخرجه الطبراني في "الكبير"20/ (131) من طريق رشدين بن سعد، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعُم، عن عبادة بن نسيّ، به. وقنسرين: مدينة بالشام، بينها وبين حلب اثنا عشر ميلاً، فتحها أبو عبيدة بن الجراح، رضي الله عنه سنة (17 هـ). (¬1) صحيح بشواهده، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالسماع عند أحمد (16997) فانتفت شبهة تدليسه. وباقي رجاله ثقات. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وقد سلف برقم (2159). قال الخطابي: أما في حال الضرورة وقيام الحرب فلا أعلم بين أهل العلم اختلافاً في جواز استعمال سلاح العدو ودوابهم، فأما إذا انقضت الحرب، فإن الواجب ردُّها في المغنم. فأما الثياب والخرثى والأدوات فلا يجوز أن يستعمل شيئاً منها إلا أن يقول قائل الثياب: إنه إذا احتاج إلى شيء منها حاجة ضرورة كان له أن يستعمله مثل أن يشتد البرد فيستدفئ بثوب ويتقوى به على المقام في بلاد العدو مرصداً لقتالهم.

عن أبيه، قال: مررتُ فإذا أبو جهلٍ صريعٌ قد ضُربتْ رجلُه فقلت: يا عدوَّ الله يا أبا جهلٍ، قد أخْزى اللهُ الآخِرَ، قال: ولا أهابُه عند ذلك، فقال: أبعَدُ من رجلٍ قتلَه قومُه! فضربتُه بسيفٍ غيرِ طائلٍ، فلم يُغنِ شيئاً حتى سقط سيفُه من يدِه، فضربتُه به حتى بَرَد (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن أبا عبيدة -وهو ابن عبد الله بن مسعود- لم يسمع من أبيه، وإبراهيم بن يوسف -وإن كان ضعيفاً- متابع، لكن وردت قصة مقتل أبي جهل في "سيرة ابن إسحاق" من وجه آخر كما سيأتي. وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 373، وأحمد (3824) و (4246)، وأبو يعلى (5232)، والشاشي (932)، والطبراني في "الكبير" (8468 - 8471)، والبيهقي في "السنن" 9/ 62، وفي "دلائل النبوة" 3/ 87 و88 من طريق أبي عُبيدة، عن أبيه. وأخرج ابن إسحاق في "سيرته" كما في "سيرة ابن هشام" 2/ 288 قال: حدثني ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس وعبد الله بن أبي بكر أيضاً قد حدثني ذلك، قالا: ... فذكر قصة مقتلهِ إلى أن قال: فمر عبد الله بن مسعود بأبي جهل، حين أمر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن يُلتمس في القتلى، قال ابن مسعود: فوجدته بآخر رمقٍ فعرفتُه، فوضعت رجلي عدى عنقه، قال: وقد كان ضَبَثَ بي مرة بمكة (يعني قبض عليه ولزمه) فآذاني ولكَزَني، ثم قلت له: هل أخزاك الله يا عدوّ الله؟ قال: وبماذا أخزاني! أعمَدُ من رجلِ قتلتموه! أخبرني لمن الدائرة اليوم؟ قلت: لله ولرسوله. وهذا إسناد حسن، لأن ابن إسحاق صرح بسماعه. وقد تحرف ثور بن زيد في "سيرة ابن هشام" إلى: ثور بن يزيد. وأخرجه من طريق ابن إسحاق الطبري في "تاريخه" 2/ 37. قال الخطابي: قوله: "أبعد من رجل" هكذا رواه أبو داود. وهو غلط، إنما هو: "أعمد من رجل" بالميم بعد العين، وهي كلمة للعرب، معناها: كأنه يقول: هل زاد على رجل قتله قومه، يهوِّن على نفسه ما حلّ به من الهلاك. حكاها أبو عبيد عن أبي عُبيدة معمر بن المثنى، وأنشد لابن ميادة: وأعمدُ مِن قوم كفاهم أخوهُم ... صدامَ الأعادي حين فلَّتْ نيوبُها يقول: هل زادنا على أن كفينا إخواننا؟ =

141 - باب في تعظيم الغلول

141 - باب في تعظيم الغلول 2710 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، أن يحيى بنَ سعيدٍ وبِشرَ بن المُفضَّل حدثاهم، عن يحيى بنِ سعيد، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن أبي عَمرةَ عن زيدِ بن خالدِ الجُهنيِّ: أن رجلاً من أصحابِ النيى -صلَّى الله عليه وسلم- تُوفِّي يومَ خيبرَ، فذكَروا ذلك لِرسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: "صلُّوا على صاحبِكم" فتغيَّرتْ وجوهُ الناسِ لذلك، فقال: "إن صاحبَكم غَلَّ في سبيلِ الله"، ففتَّشنا مَتاعَه فوجدنا خَرَزاً من خَرزِ يهودَ لا يُساوي درهمين (¬1). 2711 - حدَّثنا القَعنبيُّ، عن مالك، عن ثَورِ بن زَيدٍ الدِّيليِّ، عن أبي الغَيثِ مولى ابنِ مُطيعٍ عن أبي هُريرةَ، أنه قال: خرجْنا مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عامَ خيبرَ فلم نَغْنم ذهباً ولا وَرِقاً إلا الثيابَ والمتاعَ والأموالَ، قال: فوجَّه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ¬

_ = وقوله: "برد" يريد مات، وأصل الكلمة من الثبوت. يريد سكون الموت، وعدم حركة الحياة، ومن ذلك قولهم: برد لي على فلان حقّ، أي: ثبت. وقوله: "غير طائل" أي غير ماض، وأصل الطائل: النفع والعائدة، يقال: أتيت فلاناً فلم أر عنده طائلاً. وفيه أنه قد استعمل سلاحه في قتله، وانتفع به قبل القسم. (¬1) اسناده محتمل للتحسين. أبو عمرة: هو مولى زيد بن خالد مجهول الحال، فلم يرو عنه غير محمد بن يحيى بن حبان، ولم يُؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال الحاكم: رجل معروف بالصدق، وأقره الذهبي. وقد سمى بعضهم أبا عمرة: ابن أبي عمرة -وهو عبد الرحمن الثقة- وهو خطأ، وانظر تفصيل ذلك في "المسند" (17031). وأخرجه ابن ماجه (2848)، والنسائي (1959) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، به. وهو في "مسند أحمد" (17031)، و"صحيح ابن حبان" (4853). قال الفقهاء: إذا مات الفاسق المصر على فسقه يجوز أن يمتنع من الصلاة عليه الأئمة الذين يقتدى بهم، بل يأمرون الناس أن يُصلوا عليه.

142 - باب في الغلول اذا كان يسيرا يتركه الإمام ولا يحرق رحله

نحو وادي القُرَى -وقد أُهديَ لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عبدٌ أسودُ يقال له: مِدْعَمٌ- حتى إذا كانوا بوادي القُرَى، فبينا مِدعَمٌ يَحُطُّ رَحْل رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذ جاءه سهمٌ فقتَله، فقال الناسُ: هنيئاً له الجنةُ، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "كلَّا، والذي نفسي بيدِه إن الشَّمْلَةَ التي أخذها يومَ خيبرَ من المغانم لم تُصِبها المَقاسِم لَتشتَعِلُ عليه ناراً" فلما سمعوا ذلك جاء رجلٌ بشِراكٍ أو شِراكَين إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "شِراكٌ من نارٍ -أو قال: شِراكان مِن نارٍ-" (¬1). 142 - باب في الغُلول اذا كان يسيراً يتركه الإمام ولا يُحرِق رحلَه 2712 - حدَّثنا أبو صالحٍ محبوبُ بن مُوسى، أخبرنا أبو إسحاق الفزاريُّ، عن عبد الله بن شَوذَبٍ، حدَّثني عامرٌ -يعني ابنَ عبدِ الواحد، عن ابن بُريدةَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الغيث مولى ابن مطيع: اسمه سالم، والقعنبي: هو عبد الله ابن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 2/ 459، ومن طريقه أخرجه البخاري (4234)، ومسلم (115)، والنسائى (3827). وأخرجه مسلم (115) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن ثور بن زيد، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (4851). وقوله في الحديث: عن أبي هريرة أنه قال: خرجنا مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عام خيبر. ولفظ البخاري: افتتحنا خيبر، فحكى الدارقطني عن موسى بن هارون قال: وهم ثور ابن زيد في هذا الحديث، لأن أبا هريرة لم يخرج مع النبي -صلَّى الله عليه وسلم- إلى خيبر، وإنما قدم بعد خروجهم من المدينة إلى خيبر، وقدم عليهم خيبر بعد أن فتحت. انظر "تحفة الأشراف" 9/ 459، وفتح الباري 7/ 488.

143 - باب في عقوبة الغال

عن عبد الله بن عَمرٍو، قال: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا أصاب غنيمةً أمر بلالاً فنادى في النَّاس فيجيئون بغنائِمهم فيُخَمِّسُه ويَقسِمُه، فجاء رجل بعدَ ذلك بزمامٍ من شَعر فقال: يا رسولَ الله، هذا فيما كنا أصبنا من الغنيمة، فقال: "أسمعتَ بلالاً يُنادي؟ " ثلاثاً، قال: نعم، قال: "فما منعك أن تجيء به؟ " فاعتَذر إليه فقال: "كن أنتَ تجيءُ به يومَ القيامة، فلن أقبلَه عنك" (¬1). 143 - باب في عقوبة الغالِّ 2713 - حدَّثنا النُّفيليُّ وسعيد بن منصور، قالا: حدَّثنا عبدُ العزيزِ بن محمدٍ -قال النُّفيليُّ: الأنْدَرَاوَردِيُّ- عن صالح بن محمدِ بن زائدةَ قال: دخلتُ مع مَسلَمةَ أرضَ الرُّومِ، فأُتي برجلٍ قد غَلَّ، فسألَ سالماً عنه، فقال: سمعتُ أبي يحدث عن عمر بن الخطاب، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "إذا وجَدتُم الرجلَ قد غلَّ فأحرِقُوا مَتاعَه واضرِبُوه" ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل عامر بن عبد الواحد -وهو الأحول-. ابن بريدة: هو عبد الله، وأبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث. وأخرجه أحمد (6996)، وابن حبان (4809)، والطبراني في "الأوسط" (8023)، وفي "مسند الشاميين" (1280)، والحاكم 2/ 127 و 139، والبيهقي في "السنن" 6/ 293 و 324 و 8/ 322 و 9/ 102 من طريق عبد الله بن شوذب، بهذا الإسناد. وقوله: "فلن أقبله عنك" قال الطيبي: هذا وارد على سبيل التغليظ، لا أن توبته غير مقبولة، ولا أن ردَّ المظالم على أهلها أو الاستحلال منهم غير ممكن. وقال المظهر: وإنما لم يقبل ذلك منه، لأن جميع الغانمين فيه شركة، وقد تفرقوا وتعذر إيصال نصيب كل واحد منهم منه إليه، فتركه في يده، ليكون إثمه عليه لأنه هو الغاصب. أفاده في "المرقاة".

قال: فوجدنا في متاعِه مُصحفاً، فسأل سالماً عنه فقال: بعْه وتَصدَّق بثمنِه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف صالح بن محمد بن زائدة، فقد قال عنه البخاري فيما نقله الترمذي في "جامعه" بأثر الحديث (1528): هو منكر الحديث، وقال عن حديثه: حديث غريب، وكذلك قال الترمذي عن حديثه هذا. النُّفيليُّ: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2729). وأخرجه الترمذي (1528) من طريق عبد العزيز بن محمد الدَّراوَرْدي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (144). قال البخاري فيما نقله الترمذي بإثر الحديث: وقد روي في غير حديثٍ عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في الغالِّ، ولم يأمر فيه بحرق متاعه. وقال الخطابي: أما تأديبُه عقوبته في نفسه على سوء فعله، فلا أعلم بين أهل العلم فيه خلافا، وأما عقوبته في ماله: فقد اختلف العلماءُ في ذلك. فقال الحسن البصري: يحرق ماله إلا أن يكون حيواناً أو مصحفاً. وقال الأوزاعي: يُحرق متاعه، وكذلك قال أحمد وإسحاق، قالوا: ولا يُحرق ماغل، لأنه حق الغانمين يُرَدُّ عليهم، فإن استهلكه غرم قيمته. وقال الأوزاعي: يُحرق متاعه الذي غزا به وسرجه وإكافه، ولا يُحرق دابته ولا نفقته إن كانت معه، ولا سلاحه، ولا ثيابه التي عليه. وقال الشافعي: لا يُحرق رحله، ولا يُعاقَبُ الرجل في ماله، إنما يعاقب في بدنه، جعل اللهُ الحدودَ على الأبدان، لا على الأموال. وإلى هذا ذهب مالك. ولا أراه إلا قولَ أصحاب الرأي. ويشبه أن يكونَ الحديثُ عندهم معناه: الزجرُ والوعيدُ، لا الإيجابُ، والله أعلم. وقال الإمام محمد بن الحسن في "السير الكبير" 4/ 1206 - 1211: وإذا وجد الغلول في رحل رجل، أُوجعَ ضرباً، ولم يبلغ به أربعين سوطاً، ولا يُحرق رحلُه بما صنع، ولا قطع عليه أيضاً، وهذا قول الجمهور من الفقهاء، فأما أهل الشام كانوا =

2714 - حدَّثنا أبو صالح محبوبُ بن مُوسى الأنطاكيُّ، أخبرنا أبو إسحاقَ، عن صالحِ بن محمدٍ، قال: غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا سالمُ بنُ عبدِ الله بن عُمر وعمرُ ابن عبد العزيز، فغَلَّ رجلٌ متاعاً، فأمر الوليدُ بمتاعِه فأُحرِقَ، وطِيْفَ به، ولم يُعْطِهِ سَهْمَه (¬1). قال أبو داود: وهذا أصِحُّ الحديثين، رواه غيرُ واحدٍ أن الوليد ابنِ هشام حرَّقَ رحْلَ زيادٍ شَغَر، وكان قد غَلَّ، وضربَه. قال أبو داود: شَغر لقبُه. 2715 - حدَّثنا محمد بن عَوفٍ، حدَّثنا مُوسى بن أيوبَ، حدَّثنا الوليدُ بن مُسلم، حدَّثنا زُهيرُ بنُ محمدٍ، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعُمرَ حرّقُوا متاع الغالِّ وضربُوه (¬2). ¬

_ = يقولون: يحرق رحلُ الغالِّ، ويروون فيه حديثاً عن الحسن رضي الله عنه، قال: يؤخذ الغلول من رحله ثم يُحرق رحلُه إلا أن يكون فيه مصحف، وأصحاب الحسن يروونه عنه موقوفاً، وقد ذكر الأوزاعي عن الحسن هذا الحديث مرفوعاً، ولكن الفقهاء لم يُصححوا هذا الحديث، لأنه شاذ يرويه مجهول لا يعرف، فإن الأوزاعي لم يذكر اسم الرجل الذي بينه وبين الحسن، ثم هو مخالف للأحاديث المشهورة أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ألحق الوعيد بكل من ظهر منه غلول، ولم يشتغل بإحراق رحل أحد ... (¬1) إسناده ضعيف لضعف صالح بن محمد -وهو ابن زائدة- السالف ذكره في الحديث السابق. أبو إسحاق: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث الفَزاري. وأخرجه البيهقي 9/ 103 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده ضعيف. زهير بن محمد -وهو التميمي- رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة لأنه كان يحدث هناك من حفظه فيكثر غلُطه، والوليد بن مسلم دمشقي، ثم =

144 - باب النهي عن الستر على من غل

قال أبو داود: وزاد فيه عليُّ بن بَحْرِ عن الوليدِ -ولم أسمعْه منه-: ومَنَعُوه سهمَه. وحدَّثنا به الوليد بن عتبةَ وعبدُ الوهاب بن نَجْدةَ، قالا: حدَّثنا الوليدُ، عن زهيرِ بن محمد، عن عَمرو بن شُعيبٍ قولَه: لم يذكُر عبدُ الوهّاب بن نَجْدةَ الحَوطِيُّ: منع سهمه. 144 - باب النهيِ عن السَّترِ على مَن غَلَّ 2716 - حدَّثنا محمدُ بن داودَ بن سفيانَ، حدَّثنا يحيي بنُ حَسَّانَ، حدَّثنا سليمانُ بن موسى أبو داود، حدَّثنا جعفرُ بن سَعدِ بن سَمُرةَ بن جُندب، حدثني خُبيبُ بن سُليمانَ، عن أبيه سليمانَ بنِ سَمُرةَ عن سَمرةَ بن جُندب: أما بعدُ، وكان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقولُ: "مَنْ كَتَم غَالا فإنه مثلُه" (¬1). ¬

_ = إنه اختلف عنه في رفعه ووقفه، إذ روي من طريقه مرة من قول عمرو بن شعيب لم يجاوزه، كما أشار إليه المصنف. وأخرجه ابن الجارود (1082)، والحاكم 2/ 130 - 131، والبيهقي 9/ 102 من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي! لكن ضعفه البيهقي، والحق ما قال. (¬1) إسناده ضعيف مسلسل بالضعفاء والمجاهيل، قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 138 عند حديث بناء المساجد في الدور عن سمرة بهذا الإسناد: إسناد مجهول ألبتة، وما من هؤلاء من تعرف له حالٌ، وقد جَهِدَ المُحدِّثون فيهم جهدهم. وقال الذهبي في ترجمة جعفر بن سعد بن سمرة من "الميزان": هذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم، وأورد هذا الحديث. يحيى بن حسان: هو التِّنِّيسي، وسليمان بن موسى: هو الزهري الكوفي. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7023) من طريق دُحيم، عن يحيي بن حسان، بهذا الإسناد.

145 - باب في السلب يعطى القاتل

145 - باب في السَّلَبِ يُعطَى القاتل 2717 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ القَعنبيُّ، عن مالكٍ، عن يحيى بنِ سَعيدٍ، عن عمرَ بن كثيرِ بن أفلحَ، عن أبي محمدٍ مولى أبي قَتادةَ عن أبي قتَادةَ، قال: خرجْنا مع رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- في عامِ حنينٍ، فلما التقينا كانت للمسلمين جَولَةٌ، قال: فرأيتُ رجلاً من المشركين قد عَلا رجلاً مِنَ المُسلمين، قال: فاستدَرْتُ له حتى أتيتُه من ورائه، فضربتُه بالسيفِ على حَبْل عاتقِه، فأقبلَ عليَّ، فضَمَّني ضَمَّةً وجدتُ منها ريحَ الموت، ثم أدركه الموتُ فأَرسلَني، فلحقتُ عمرَ بن الخطاب فقلتُ له: ما بالُ الناسِ؟ قال: أمرُ الله، ثم إن الناسَ رجَعوا، وجلسَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وقال: "مَن قَتَل قَتِيلاً لَهُ عليه بيِّنَةٌ، فله سلَبُه" قال: فقمتُ، ثم قلتُ: من يشهدُ لي؟ ثم جلستُ، ثم قال: "مَن قتل قتيلاً له عليه بينةٌ، فله سلَبُه" قال: فقمتُ، ثم قلتُ: من يشهدُ لي؟ ثم جلستُ، ثم قال ذلك الثالثةَ، فقمتُ، فقالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ما لك يا أبا قتادةَ؟ " فاقتصَصْتُ عليه القصةَ، فقال رجل من القوم: صَدَق يا رسولَ الله، وسَلَبُ ذلك القتيلِ عندي، فأَرْضِه منْه، فقال أبو بكر الصديق: لاها اللهِ إذا، يَعْمِدُ إلى أسدٍ من أُسْدِ الله، يقاتِل عن الله وعن رسوله، فيعطيك سَلبَه، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "صَدَقَ، فأعطِه إياهُ". فقال أبو قتادةَ: فأعطانِيه، فبعتُ الدِّرعَ، فابتَعْتُ مَخْرَفاً في بني سَلِمةَ، فإنه لأوَّلُ مالٍ تَأثَّلْتُهُ في الإسلام (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو محمد مولى أبي قتادة: هو نافع بن عباس الأقرع، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري، ومالك: هو ابن أنس. =

2718 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمّاد، عن إسحاقَ بن عبد الله ابن أبي طلحةَ ¬

_ = وهو في "موطأ مالك" 2/ 454. وأخرجه البخاري (3142)، ومسلم (1751)، وابن ماجه (2837) والترمذي (1649) و (1650) من طريق يحيى بن سعيد، به. ورواية ابن ماجه مختصرة بلفظ: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- نفله سلَبَ قتيل، قتله يوم حُنين. وهو في "مسند أحمد" (22518) و (22607)، و"صحيح ابن حبان" (4805). قال الخطابي: "حبل العاتق": وصلة ما بين العنق والكاهل. وقوله: "لاها الله إذاً"، هكذا يروى، والصواب: "لاها الله ذا" بغير ألف قبل الذال، ومعناه في كلامهم: لا والله، يجعلون الهاء مكان الواو. ومعناه: لا والله لا يكون ذا. و"المخرف" بفتح الميم: البستان، يريد حائط نخل يُخترف منه الثمر، فأما المِخرف بكسر الميم: فالوعاء الذي يُخرف فيه الثمر. وقوله: "تأثَّلْتُه" معناه: تملكتُه، فجعلته أصل مالٍ. وأثَلَةُ كل شيء: أصله، ويقال: تأثَّل مِلكُ فلانٍ: إذا كثُر. وقال النووي في "شرح مسلم": اختلف العلماء في معنى هذا الحديث: فقال الشافعي ومالك والأوزاعي والليث والثوري وأبو ثور وأحمد وإسحاق وابن جرير وغيرهم: يستحق القاتل سلب القتيل في جميع الحروب سواء قال أمير الجيش قبل ذلك: من قتل قتيلاً فله سلبه، أم لم يقل ذلك. قالوا: وهذه فتوى من النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وإخبار عن حكم الشرع فلا يتوقف على قول أحدٍ. وقال أبو حنيفة ومالك ومن تابعهما رحمهم الله تعالى: لا يستحق القاتل بمجرد القتل سلب القتيل، بل هو لجميع الغانمين كسائر الغنيمة إلا أن يقول الأمير قبل القتال: من قتل قتيلاً فله سلبه، وحملوا الحديث على هذا، وجعلوا هذا إطلاقاً من النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وليس بفتوى وإخبار عام، وهذا الذي قالوه ضعيف، لأنه صرح في هذا الحديث بأن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال هذا بعد الفراغ من القتاد واجتماع الغنائم، والله أعلم. قال: ثم إن الشافعي رضي الله عنه يشترط في استحقاقه أن يغزو بنفسه في قتل كافر ممتنع قي حال القتال، والأصح أن القاتل لو كان ممن له رضْخ ولا سهم له كالمرأة والصبي والعبد استحق السَّلَب، وقال مالك رضي الله عنه: لا يستحقه إلا المقاتل، وقال الأوزاعي والشاميون: لا يستحق السلب إلا في قتيل قتله قبل التحام الحرب، فأما من قتل في التحام الحرب فلا يستحقه.

146 - باب في الإمام يمنع القاتل السلب إن رأى، والفرس والسلاح من السلب

عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يومئذٍ -يعني يومَ حُنينٍ- "من قتلَ كافراً فله سَلبَه" فقتَل أبو طلحةَ يومئذ عشرينَ رجلاً وأخذ أسلابَهُم، ولقي أبو طلحةَ أُمَّ سُليمٍ ومعها خِنْجَرٌ، فقال: يا أُم سليم، ما هذا معك؟ قالت: أردْتُ والله إن دنا منِّي بعضُهم أبْعَجُ به بطنَه، فأخبر بذلك أبو طلحةَ رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). قال أبو داود: هذا حديث حسنٌ. قال أبو داود: أردنا بهذا الخِنْجرَ، وكان سلاحَ العَجَم يومئذ الخِنجرُ (¬2). 146 - باب في الإمام يمنع القاتل السلب إن رأى، والفرسُ والسلاحُ من السَّلَبِ 2719 - حدّثنا أحمد بن محمد بن حنبل، حدّثنا الوليد بن مُسلم، حدّثني صفوانُ بن عَمرو، عن عبد الرحمن بن جُبيرِ بن نُفَيرِ، عن أبيه عن عَوفِ بن مالكِ الأشجعىِّ، قال: خرجتُ مع زيدِ بن حارثةَ في غزوة مُؤْتَةَ ورَافَقَني مَدَدِيٌّ في أهل اليمن، ليس معه غيرُ سيفِه، فنحر رجلٌ من المسلمين جَزُوراً، فسأله المدَدِيُّ طائفةً من جِلْدهِ، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم (1809) من طريق حماد بن سلمة، به. وأخرجه مسلم أيضاً (1809) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس فيكون لحماد بن سلمة في هذا الحديث شيخان هما ثابت وإسحاق. وهو في "مسند أحمد" (12058) و (12977)، و"صحيح ابن حبان" (4838). (¬2) مقالتا أبي داود هاتان أثبتناهما من (هـ) وهي برواية ابن داسه.

فأعطاهُ إياهُ، فاتخذه كهيئةِ الدَّرَقِ ومضَينا فلقِينا جُموعَ الرُّوم، وفيهم رجلٌ على فرسِ له أشقرَ عليه سَرجٌ مُنْ مُذْهَبٌ وسِلاح مُذْهَبٌ، فجعل الروميُّ يُغرِي بالمسلمين، فقعدَ له المَدَدِّيُّ خلفَ صخرةٍ، فمرَّ به الروميُّ فَعَرْقَب فَرسه، فخرَّ، وعلاه فقتَلَه وحازَ فرسَه وسلاحَه، فلما فتحَ اللهُ عزَ وجلَّ للمسلمين بعثَ إليه خالدُ بنُ الوليدِ، فأخذ من السلب، قال عوفٌ: فأتيتُه فقلتُ: يا خالدُ، أما علمتَ أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قضى بالسَّلبَ للقاتِل؟ قال: بلى، ولكني استكثرْتُه، قلتُ: لَتردَّنهُ إليه أو لأعرفَنَّكَهَا عندَ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فأبى أن يردَّ عليه، قال عوفٌ: فاجتمعْنا عندَ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقصَصَتُ عليه قصةَ المَدديِّ، وما فعلَ خالدٌ، فقالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يا خالدُ، ما حَمَلَك على ما صنعتَ؟ " قال: يا رسولَ الله، لقد استكْثرْتُه، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يا خالدُ، رُدَّ عليه ما أخذتَ منه" قال عوفٌ: فقلتُ: دونَك يا خالدُ، ألم أفِ لكَ؟ فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- "وما ذلك؟ " قال: فأخبرتُه، قال: فغضِبَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: "يا خالدُ، لا تَرُدَّ عليه، هل أنتم تاركو (¬1) لي أُمَرائي؟ لكُم صِفوةُ أمرِهم وعليهم كَدَرُهُ" (¬2). ¬

_ (¬1) قال النووي في "شرح مسلم": تعليقا على قوله: "هل أنتم تاركو لي؟ ": هكذا هو في بعض النسخ "تاركو" بغير نون، وفي بعضها: "تاركون"بالنون. وهذا هو الأصل، والأول، صحيح أيضاً، وهي لغة معروفة، وقد جاءت بها أحاديث كثيرة، منها: "لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا". (¬2) إسناده صحيح، والوليد بن مسلم -وإن كان يدلس تدليس التسوية. تابعه أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج الخولاني عند أحمد (23987) وغيره فانتقت شبهة تدليسه. وهو في "مسند أحمد" (23997). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه مسلم (1753) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه كذلك (1753) من طريق معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير ابن نفير، به. وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (2721). قوله: يُغري، من الإغراء وتشجيع الكافرين على المسلمين، وفي النسخة التى شرح عليها الخطابي: يفريَ من الفرْي، وهو شدة النكاية في المسلمين، يقال: فلان يفري الفري إذا كان يبالغ في الأمر، وأصل الفري القطع. وقال الخطابي: وقوله: "لأعرفنَّكها" يريد لأجازينك بها حتى تعرف صنيعك. قال الفراء: العرب تقول للراجل إذا أساء إليه رجل:! لأعرفنَّ لك عن هذا" أي: لأجازينك عليه، تقول هذا لمن تتوعده: قد علمت ما علمت، وعرفت ما صنعت، ومعناه: سأجازيك عليه، لا أنك تقصد إلى أن تعرِّفه أنك قد علمت فقط، ومنه قول الله عز وجل {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} [التحريم: 3] قراءة الكسائي بالتخفيف. وقد روي ذلك عن عاصم في إحدى الروايتين، قال: ومعنى "عرف" جازى. قال الخطابي: وفي الحديث من الفقه: أن الفرس من السلب، وأن السلب ما كان قليلاً أو كثيراً فإنه للقاتل، لا يخمس، ألا ترى أنه أمر خالداً بردّه عليه مع استكثاره إياه، وإنما كان ردّه إلى خالد بعد الأمر الأول بإعطائه القاتل نوعا من التكبر على معروف، وردعاً له وزجراً، لئلا يتجرأ الناس على الأئمة، ولئلا يتسرعوا إلى الوقيعة فيهم، وكان خالد مجتهداً في صنيعه ذلك، إذا كان قد استكثر السلب، فأمضى له رسول -صلَّى الله عليه وسلم- اجتهاده، لما رأى في ذلك من المصلحة العامة، بعد أن كان خطأه في رأيه الأول، والأمر الخاص مغمور بالعام، واليسير من الضرر محتمل للكثير من النفع والصلاح. ويشبه أن يكون النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قد عوّض المدديَّ من الخمس الذي هو له، وترضّى خالداً بالصفح عنه، وتسليم الحكم له في السلب. وفيه دليل على أن نسخ الشيء قبل الفعل جائز، ألا ترى أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أمره بإمساكه قبل أن يَردَّه، فكان في ذلك نسخ لحكمه الأول؟ و"الصفوة" مكسورة الصاد، خلاصة الشىء، وما صفا منه. إذا أثبت الهاء قلت: صفوة بكسر الصاد، وإذا حذفتها قلت: صفو بفتحها.

147 - باب في السلب لا يخمس

2720 - حدّثنا أحمد بن محمد بن حَنبلٍ، حدَّثنا الوليدُ، قال: سألتُ ثَوراً عن هذا الحديثِ، فحدَّثني عن خالدِ بن مَعدانَ، عن جُبيرِ بن نُفيرٍ، عن عوفِ ابن مالكٍ الأشجعيِّ، نحوه (¬1). 147 - باب في السَّلب لا يُخَمَّس 2721 - حدَّثنا سعيدُ بن مَنصور، حدَّثنا إسماعيلُ بن عيَّاشِ، عن صفوانَ ابن عَمروٍ، عن عبد الرحمن بن جُبيرِ بن نُفَير، عن أبيه عن عوفِ بن مالكٍ الأشجعيِّ وخالدِ بن الوليد: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قَضَى بالسّلَب للقاتِل، ولم يُخَمِّس السَّلَبَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه. ثور: هو ابن زيد الكَلاعي الحمصي. وانظر ما بعده أيضاً. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل إسماعيل بن عياش، وروايته هنا عن أهل بلده، ثم إنه متابع. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2698). وأخرجه أبو عبيد في "الأموال" (772)، وأبو يعلى (7192)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 226، والبيهقي 6/ 310، وابن عبد البر في "الاستذكار" (19753) من طريق إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (16822)، وابن الجارود (1077) من طريق أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، عن صفوان بن عمرو، به. وإسناده صحيح ولفظه: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- لم يخمس السلب. وانظر ما سلف برقم (2719). قال النووي في "شرح مسلم" عند حديث أبي قتادة الأنصاري (1751): واختلفوا في تخميس السلب، وللشافعي فيه قولان: الصحيح منهما عند أصحابه. لا يخمس، وهو ظاهر الأحاديث, وبه قال أحمد وابن جرير وابن المنذر وآخرون. وقال مكحول ومالك والأوزاعي: يخمس، وهو قول ضعيف للشافعي، وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإسحاق بن راهويه: يخمس إذا كثر، وعن مالك رواية، اختارها إسماعيل القاضي: أن الإمام بالخيار إن شاء خمسه وإلا فلا. =

148 - باب من أجاز على جريح مثخن ينفل من سلبه

148 - باب من أجازَ على جريحٍ مُثخَنٍ يُنَفَّل من سَلَبِهِ 2722 - حدَّثنا هارونُ بن عبَّاد الأزديُّ، حدَّثنا وكيعٌ، عن أبيه، عن أبي إسحاقَ، عن أبي عُبيدةَ عن عبد الله بن مَسعودٍ، قال: نَفَّلني رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يومَ بدرٍ سَيفَ أبي جَهْل، كان قتَلَه (¬1). 149 - باب فيمن جاء بعد الغنيمةِ لاسَهْمَ له 2723 - حدّثنا سعيدُ بن منصور، حدّثنا إسماعيلُ بن عيَّاش، عن محمد ابن الوليد الزُّبَيديِّ، عن الزُّهريِّ أن عَنْبَسةُ بن سعيد أخبره أنه سمع أبا هُريرةَ يُحدَّث سعيدَ بن العاص أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بعثَ أبانَ بن سعيدِ بن العاصِ على سَريّةٍ من المدينةِ قِبَلَ نَجْدٍ، فقدِم أبانُ بن سعيد وأصحابُه على رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بخيبرَ بعد أن فتحها، وإنَّ حُزُمَ خَيلِهم لِيْفٌ، فقال أبانُ: اقْسِمْ لنا يا رسولَ الله، فقال أبو هُريرةَ: فقلتُ: لا تَقْسِم لهم يا رسولَ الله، فقال أبانُ: أنتَ بها يا وَبْرُ، تحدَّرَ علينا من رأس ضَالٍ، ¬

_ = وقال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 231: كل من كان من أهل العسكر في دار الحرب لا يستحق أحدٌ منهم شيئاً مما تولَّى أخذه من أسلاب القتلى وغيرها، إلا كما يستحق منه سائرُ أهل العسكر، إلا أن يكونَ الإمامُ نفَّله من ذلك شيئاً، فيكون ذلك له بتنفيل الإمام لا بغير ذلك ... وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، رحمة الله عليهم أجمعين. (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن أبا عبيدة -وهو ابن عبد الله بن مسعود- لم يسمع من أبيه. وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 373، وأحمد (4246)، وأبو يعلى في "مسنده" (5231) عن وكيع، بهذا الإسناد. وزاد محقق "مسند أبي يعلى" من كيسه خطأ "سفيان بن" قبل وكيع وليست هذه الزيادة في الأصلين اللذين اعتمدهما.

فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "اجلِسْ يا أبانُ"، ولم يَقْسِمْ لهم رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل إسماعيل بن عياش، فهو صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذا منها، على أنه متابع كما سيأتي. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2793). وعلقه البخاري في "صحيحه" بصيغة التمريض (4238) عن محمد بن الوليد الزبيدي، به. وأخرجه محمد بن يحيي الذهلي في "الزهريات" كما في "تغليق التعليق" لابن حجر 4/ 135، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (532) و (534) و (541) وابن الجارود (1088)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2906)، وفي "شرح معاني الآثار" 3/ 244، والطبراني في "الأوسط" (3242)، وأبو نعيم في "مستخرجه على البخاري" كما في" التغليق" 4/ 134، وابن حجر كذلك في "التغليق" 4/ 135 من طريق إسماعيل بن عياش، وأبو نعيم في "مستخرجه"، وابن حجر في "التغليق" 4/ 135 من طريق عبد الله بن سالم، كلاهما عن محمد بن الوليد، به. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2907)، وابن حبان (4814) و (4815)، والطبراني في "مسند الشاميين" (273)، والبيهقي 6/ 334 من طريق الولِيد بن مسلم قال: فذكرته لسعيد بن عبد العزيز قال: سمعت الزهري يذكر عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكره. وهذا إسناد صحيح. وسيأتي بعده من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عنبسة بن سعيد، عن أبي هريرة، فخالفَ الزّبَيديَّ، إذ جعل السائل القَسْمَ أبا هريرة. وقد صحح الذُّهليُّ فيما نقله البيهقي 6/ 334 روايةَ الزُّبيدي ورواية سعيد بن عبد العزيز، وهما متفقتان. أما البخاري فالذي يظهر من صنيعه أنه يصحح رواية سفيان بن عيينة، إذ علق طريق الزُّبيدي وأسند طريق سفيان. وانظر فقه الحديث بعد تخريج الحديث الآتي. قال الخطابي: قوله: أنت بها، فيه اختصار وإضمار. ومعناه: أنت المتكلم بهذه الكلمة. وكان ابن عمر يرمي، فإذا أصاب الخصل قال: "أنا بها" أي أنا الفائز بالإصابة. و"الوبر" دويبة في قدر السِّنَّور أو نحوه. و"ضال" يقال: إنه جبل. أو موضع. يريد بهذا الكلام تصغير شأنه، وتوهين أمره.

2724 - حدَّثنا حامدُ بن يحيى البَلْخِيُّ، حدَّثنا سفيانُ، حدّثنا الزهريُّ، وسأله إسماعيلُ بن أُميةَ، فحدثَنَاه الزُّهريُّ أنه سمع عَنبَسةَ بنَ سعيد القرشىَّ يحدثُ عن أبي هُريرةَ، قال: قدمتُ المدينةَ ورسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- بخيبرَ حين افتتحها، فسألتُه أن يُسهِمَ لي، فتكلم بعضُ ولدِ سعيدِ بن العاصِ، فقال: لا تُسْهِم له يا رسول الله، قال: فقلتُ: هذا قاتِلُ ابنِ قَوْقَلٍ، فقال سعيدُ ابن العاص: يا عجباً لوبْرٍ قد تدلَّى علينا من قَدومِ ضالٍ، يُعيِّرنُي بقتْل امرىءٍ مسلمٍ أكرَمَهُ الله تعالى على يديَّ، ولم يُهِنِّي على يدَيه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. لكن حامد بن يحيي قد أخطأ في روايته إذ قال: فقال سعيد ابن العاص، وإنما هو: ابن سعيد بن العاص، وهو أبان، كما جاء في الطريق السالفة وكما رواه البخاري من طريق ابن عيينة. وأخرجه البخاري (2827) و (4237) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. لكن جاء في الموضع الأول عند البخاري قول سفيان: فلا أدري أسهم له رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أم لم يسهم له. في حين جزم الزبيدي وسعيد بن عبد العزيز بأنه لم يسُهم له. وأخرجه البخاري (2827) و (4239) من طريق عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن جده: أن أبان بن سعيد أقبل إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فسلّم عليه، فقال أبو هريرة: يا رسول الله، هذا قاتل ابن قوقل، فقال أبان لأبي هريرة: واعجباً لك، وبْرٌ تدأدأ من قَدومِ ضأن، ينعى عليَّ امرأً أكرمه الله بيدي، ومنعه أن يهينني بيده. هكذا ليس فيه ذكر سؤال القسمة أصلا. قال الخطابي: وفيه من الفقه: أن الغنيمة لمن شهد الوقعة، دون من لحقهم بعد إحرازها. وقال أبو حنيفة: من لحق بالجيش بعد أخذ الغنيمة قبل قسمها في دار الحرب، فهو شريك الغانمين. وقال الشافعي: الغنيمة لمن حضر الوقعة، أو كان رِدءاً لهم، فأما من لم يحضرها فلا شيء له منها. وهو قول مالك وأحمد. وكان الشافعي يقول: إن مات قبل القتال فلا شيء له ولا لورثته، وإن مات بعد القتال وقبل القسم كان سهمه لورثته. =

قال أبو داود: هؤلاء كانوا نحو عشرة، فقُتِل منهم ستةٌ ورجع من بقي. 2725 - حدَّثنا محمد بن العَلاء، حدَّثنا أبو أُسامةَ، حدَّثنا بُريد، عن أبي بُردةَ عن أبي موسى، قال: قدِمنا فوافَقنا رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- حين افتتح خيبرَ، فأسهم لنا -أو قال: فأعطانا منها- وما قَسمَ لأحدٍ غابَ عن فتحِ خيبرَ منها شيئاً إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب سفينتِنا جعفرٍ وأصحابِه، فأسهمَ لهم معهم (¬1). 2726 - حدَّثنا محبوبُ بن مُوسى أبو صالح، أخبرنا أبو إسحاقَ الفَزَاريُّ، عن كُليبِ بن وائلٍ، عن هانىء بن قَيس، عن حبيبِ بن أبي مُلَيكةَ عن ابن عمر، قال: إن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قامَ -يعني يومَ بدرٍ- فقال: "إن عُثمانَ انطلقَ في حاجةِ اللهِ وحاجةِ رسولهِ، وإني أُبايعُ له"، فضربَ له رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بسهمٍ، ولم يضربْ لأحدٍ غابَ غيرِه (¬2). ¬

_ = وكان الأوزاعى يقول: إذا أَدْرَبَ [أي: دخل الدرب]، قاصداً في سبيل الله أسهم له، شهد القتال أو لم يشهد. (¬1) إسناده صحيح. أبو موسى: هو عبد الله بن قيس الأشعري، وأبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري، وبُريد: هو ابن عبد الله بن أبي بُردة، وأبو أسامة: هو حماد ابن أسامة، ومحمد بن العلاء: هو أبو كريب الهَمْداني، مشهور بكنيته. وأخرجه ضمنَ حديث مطول البخاري (3136)، ومسلم (2502)، والترمذي (1644) من طريق بريد بن عبد الله، به. وهو في "مسند أحمد" (19635)، و"صحيح ابن حبان" (4813). (¬2) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن من أجل هانىء بن قيس، فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات" فمثله يكون حسن الحديث إن شاء الله، وقد توبع.=

150 - باب في المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة

150 - باب في المرأةِ والعبدِ يُحْذَيان من الغنيمةِ 2727 - حدَّثنا محبوبُ بن موسى أبو صالحٍ، حدَّثنا أبو إسحاقَ الفَزَاريُّ، عن زائدةَ، عن الأعمشِ، عن المُختار بن صَيفيٍّ، عن يزيدَ بن هُرمُزَ قال: كتب نَجْدَةُ إلى ابنِ عباسٍ يسألُه عن كذا وعن أشياءَ، وعن المملوكِ: ألَهُ في الفيء شيءٌ؟ وعن النساءِ: هل كُنَّ يَخرجْن مع النبيَّ ¬

_ = وأخرجه الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 5، والمزي في ترجمة حبيب بن أبي مليكة عن "تهذيب الكمال" 5/ 401 - 402 من طريق أبي إسحاق الفزاري، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5774)، وفي "شرح معاني الآثار" 3/ 244، والطبراني في "الأوسط" (8494) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن كليب بن وائل، به. وقد سقط اسمُ عبد الواحد من مطبوع "المشكل" واستدركناه من "شرح المعاني". وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 46 - 47، وابن حبان (6909)، والمزي في ترجمة حبيب من "تهذيب الكمال" من طريق زائدة بن قدامة، والحاكم 3/ 98 من طريق معتمر بن سليمان، كلاهما عن كليب بن وائل، عن حبيب بن أبي مليكة، عن ابن عمر. فلم يذكرا في الإسناد هانىء بن قيس، ولم يتعقَّب المزيُّ هذا الأمر بشيءٍ. وقد صرح كليبٌ بسماعه من حبيب في رواية المعتمر! وأخرج البخاري (3130) من طريق عثمان بن موهب، عن ابن عمر قال: إنما تغيب عثمان عن بدرٍ، فإنه كانت تحته بنتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وكانت مريضة، فقال له النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن لك أجرَ رجلٍ ممن شهد بدراً وسهمَه" وهو في "مسند أحمد" (5772). قال الخطابي: هذا خاصٌّ لعثمان رضي الله عنه. لأنه كان مُمرِّض ابنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-. وهو معنى قوله: "حاجة الله وحاجة رسوله" يريد بذلك حاجة عثمان في حق الله وحق رسوله، وهذا كقوله سبحانه: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء: 27] وإنما هو رسول الله إليهم. ومن احتج بهذا في وجوب القسم لمن لحق الجيش قبل القسم، فهو غير مُصيب، وذلك أن عثمان رضي الله عنه كان بالمدينة. وهذا القائل لا يقسم لمن كان في المصر. فلا موضع لاستدلاله فيه.

-صلَّى الله عليه وسلم-؟ وهل لهن نَصيبٌ؟ فقالَ ابنُ عباسٍ: لولا أن يأتيَ أُحمُوقَةً ما كتبتُ إليه، أما المملوكُ فكان يُحْذَى، وأما النساءُ فقد كُنَّ يُداوينَ الجَرحى ويَسْقِينَ الماءَ (¬1). 2728 - حدَّثنا محمدُ بن يحيى بن فارسٍ، حدَّثنا أحمدُ بن خالدٍ -يعني الوَهْبىَّ- حدَّثنا ابن إسحاقَ، عن أبي جعفر والزُّهريِّ، عن يزيدَ بن هُرمزَ، قال: كتب نجْدةُ الحَروريُّ إلى ابن عباسٍ يسألُه عن النساءِ: هل كُنَّ يشهدْنَ الحربَ مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-؟ وهل كان يُضربُ لهن بسهمٍ؟ قال: فأنا كتبتُ كتابَ ابنِ عباسٍ إلى نَجْدةَ: قد كُنَّ يَحضُرنَ الحربَ ¬

_ (¬1) حديث صحيح. وهذا إسناد ضعيف لجهالة المختار بن صيفى فلم يرو عنه غير الأعمش، وليس له عند مسلم غير هذا الحديث متابعة. زائدة: هو ابن قدامة. وأخرجه مسلم (1812) من طريق زائدة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم أيضاً (1812)، والترمذي (1639) من طريق محمد بن علي الباقر، ومسلم (1812)، والنسائي في "الكبرى" (8563) من طريق سعيد المقبري، ومسلم (1812) من طريق قيس بن سعد، ثلاثتهم عن يزيد بن هرمز. لكن اقتصر الترمذي على ذكر النساء، وأما النسائي فلم يقل في روايته: يُحذيان، واكتفى بقوله: وأما العبد والمرأة فليس لهما شيء، يعني سهماً في الغنيمة. وهو في "مسند أحمد" (2335). وانظر ما بعده. ونجدة السائل: هو نجدة بن عامر الحروري نسبة إلى حروراء - وهو موضع بنواحى الكوفة على ميلين منها، نزل به جماعة خالفوا الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه من الخوارج يقال لهم: الحرورية، ينسبون إلى هذا الموضع لنزولهم به. الأحموقة، بضم الهمزة وميم، أي: لولا أن يفعل فعل الحمقى غير الفقهاء في الدين ما كتبت إليه، وفي رواية لمسلم: لولا أن أكتم علماً ما كتبت إليه، وإنما كره ابن عباس خطابه وجوابه لبدعته، وهى كونه من الخوارج. وقوله: يُحذى، أي: يعطى.

مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فأما أن يُضْرَبَ لهنَّ بسهمٍ فلا، وقد كانَ يُرضَخُ لهن (¬1). 2729 - حدَّثنا إبراهيمُ بن سعيد وغيرُه، قا لا: أخبرنا زيدٌ -يعنى ابنَ الحُبابِ- قال: حدَّثنا رافعُ بن سَلَمةَ بنِ زياد، حدثني حَشرَجُ بن زياد عن جدتِه أم أبيه: أنها خرجتْ مع رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- في غزوةِ خيبرَ سادسَ سِتّة نِسْوَةٍ، فبلغَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فبعث إلينا، فجئنا فرأينا فيه الغضبَ، فقال: " مَعَ مَنْ خَرَجْتُنَّ، وبإذنِ مَنْ خَرَجْتُنَّ؟ " فقلنا: يا رسولَ الله، خرجنا نغزِل الشَّعرَ، ونُعينُ في سبيلِ الله، ومعَنا دواءٌ للجَرحى، ونُناول السِّهامَ، ونَسقي السَّويق، فقال: "قُمْنَ" حتى إذا فتحَ اللهُ عليه خيبرَ أسهم لنا كما أسهم للرجالِ، قال: قلتُ لها: يا جدَّةُ، وما كانَ ذلك؟ قالت: تمراً (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح. ابن إسحاق -وهو محمد- وإن لم يصرح بالسماع متابع. أبو جعفر: هو محمد بن علي الباقر، والزهري: هو محمد بن مسلم بن عُبيد بن عبد الله ابن شهاب. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة حشرج بن زياد، وقد ضعف هذا الإسناد الخطابي في "معالم السنن" 2/ 307. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8828) من طريق رافع بن سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (22332). قال الخطابي: قد ذهب أكثر الفقهاء إلى أن النساء والعبيد والصبيان لا يُسهم لهم. وإنما يُرضَخ لهم، إلا أن الأوزاعى قال: يسهم لهن. وأحسبه ذهب إلى هذا الحديث. وإسناده ضعيف، لا تقوم الحجة بمثله، وقد قيل أيضاً: إن المرأة إذا كانت تقاتل أُسهم لها، وكذلك المراهق إذا قوي على القتال أسهم له. =

2730 - حدَّثنا أحمد بن حنبل، حدَّثنا بشرٌ -يعني ابنَ المُفضَّل- عن محمدِ بن زيدٍ، قال: حدَّثني عُميرٌ مولى آبي اللّحْم، قال: شهدتُ خيبرَ مع سادتي فكلَّموا فيَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فأمر بي فقُلِّدْتُ سيفاً، فإذا أنا أجُرُّه، فأخبِر أني مملوكٌ، فأمر لي بشيءٍ من خُرْثِيِّ المَتاع (¬1). قال أبو داودَ: وقال أبو عُبيدٍ: كان حَرَّمَ اللحمَ على نفسِه، فسُمي آبيَ اللحمِ. 2731 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن أبي سفيانَ عن جابرٍ، قال: كنتُ أمِيحُ أصحابي الماءَ يومَ بدر (¬2). ¬

_ = وذهب بعض الفقهاء إلى أنه لا يرضخ للنساء من الغنيمة، وإنما يرضخ لهن من خمس الخُمس سهم النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وقد روي في هذا الحديث أنها قالت: أسهم لنا تمراً. والتمر طعام، وليس الطعام كسائر الأموال. وقال مالك بن أنس: لا يُسهِم للنساء ولا يُرضخ لهن شيئاً. (¬1) إسناده صحيح. محمد بن زيد: هو ابنُ المهاجِر بن قُنفُذ. وأخرجَه ابنُ ماجَه (2855)، والترمذي (1641)، والنسائي في "الكبرى" (7493) من طريق محمد بن زيد، به. زاد الترمذي والنسائي في الرواية: وعرضت عليه رقية كنت أرقي بها المجانين، فأمرني بطرح بعضها وحبس بعضها. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (12940)، و"صحيح ابن حبان" (4831). وخرثي المتاع، بضم الخاء: أثاث البيت وأسقاطه كالقِدْرِ وغيره. (¬2) إسناده قوي مِن أجل أبي سفيان - واسمه طلحة بن نافع. وقد صححه الحافظ في "الفتح" 7/ 292. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. =

151 - باب في المشرك يسهم له

قال أبو داود: معناه لم يُسْهَم له. 151 - باب في المشرِك يُسهَمُ له 2732 - حدَّثنا مُسدَّدٌ ويحيى بنُ مَعينٍ، قالا: حدَّثنا يَحيى، عن مالكٍ، عن الفُضَيل، عن عبدِ الله بن نِيَارِ، عن عُروةَ ¬

_ = وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2466). وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 359 والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 27، وفي " التاريخ الأوسط" 1/ 193,وأبو يعلى (2315)، والبيهقي 9/ 31 من طريق الأعمش، به. قال ابن ماكولا في "تهذيب مستمر الأوهام" ص 215: شهود جابر العقبة صحيح، وأما بدرا فليس بصحيح، وأهل العلم بالسير ينكرون ذلك. قال ابن ماكولا ذلك رداً على الدارقطني إذ قال في "المؤتلف والمختلف" في باب حبتة وروى حديثا في استصغار النبي -صلَّى الله عليه وسلم- لعدد من الصحابة يوم أحد وذكر منهم جابر بن عبد الله فقال الدارقطني: أخاف ألا يكون حفظ فيه جابرا، لأن جابرا شهد العقبة مع أبيه وخاله، وشهد بدرا (النص في المطبوع فيه تحريف صوبناه من "تهذيب مستمر الأوهام"). وكذلك قال أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي أحد رواة الحديث الذي أسنده الدارقطني بعد أن رواه: أخاف أن لا يكون حفظ جابر. أخرجه البخاري في "التاريخ الأوسط " 1/ 161 وغيره. لكن ذكر الحافظ في "الإصابة" في ترجمة جابر بن عبد الله رجل من الأنصار، أن ابن فتحون ذكر عن ابن سعد أنه أسند الحديث نفسه في استصغار عدد من الصحابة يوم أحد، وقال في روايته: وجابر بن عبد الله وليس بالذي يُروى عنه الحديث. قلنا: فهذا إن صح يكون صحابيا آخر، فيسلم حديثنا من الطعن، ويكون الذي شهد بدراً هو جابر بن عبد الله بن حرام الصحابي المعروف، والذي استُصغر آخرُ هو سميُّ جابر، ويكون هو الذي عناه أهل السِّير، ويكون ابن ماكولا في دعواه واهماً، ويكون الدارقطني وأبو منصور من قبله واهمين أيضا، لأنهما ظنا أنه جابر بن عبد الله الصحابى المعروف، والله تعالى أعلم. قال الخطابي: "المايْح" هو الذي ينزل إلى أسفل البئر، فيملأ الدلو، ويرفعها إلى الماتح. وهو الذي ينزع الدلو.

عن عائشة - قال يحيى: إن رجلاً من المشركين لَحِقَ بالنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- ليقاتِل معه، فقال: "إرجِعْ" ثم اتفقا - فقال: "إنا لا نَستعينُ بمُشرِكٍ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الفضيل: هو ابن أبي عبد الله. ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه مسلم (1817)، والترمذي (1642)، والنسائي في "الكبرى" (708) و (8835) من طريق مالك بن أنس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24386)، و"صحيح ابن حبان" (4726). وأخرجه ابن ماجه (2832) من طريق وكيع، عن مالك، عن عبد الله بن يزيد، عن نيار، عن عروة بن الزبير، عن عائشة. فوقع لوكيع في هذا الإسناد وهم فيما قاله أبو حاتم في "العلل" لابنه 1/ 305، والدارقطني في العلل " 5/ ورقة 50، والصواب على ما رواه الجماعة عن مالك. وقد ذهب إلى عدم جواز الاستعانة بالمشركين مطلقا في الجهاد جماعة من أهل العلم، منهم الإمام أحمد وابن المنذر والجوزجانى. وقال في "المغني" 13/ 98: وعن أحمد ما يدل على جواز الاستعانة بالمشرك عند الحاجة وهو مذهب الشافعي، يشترط أن يكون من يُستعانُ به حسن الرأي في المسلمين، فإن كان غير مأمون عليهم، لم يجز الاستعانة به، لأننا إذا منعنا الاستعانة بمن لا يؤمن من المسلمين مثل المخذِّل والمرجف، فالكافر أولى. وقال الإمام محمد ابن الحسن في "السير الكبير" 4/ 1422: ولا بأس بأن يستعين المسلمون بأهل الشرك على أهل الشرك إذا كان حكم الإسلام هو الظاهر عليهم. وقال النووي في شرح مسلم تعليقا على قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: " فارجع فلن أستعين بمشرك": وقد جاء في الحديث الآخر أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- استعان بصفوان بن أمية قبل إسلامه، فأخذ طائفة من العلماء بالحديث الأول على إطلاقه، وقال الشافعى وآخرون: إن كان الكافر حسن الرأي في المسلمين، ودعت الحاجة إلى الاستعانة به، استعين به وإلا فيكره، وحمل الحديثين على هذين الحالين، وإذا حضر الكافر بالإذن رُضِخَ ولا يُسهم له، هذا مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة والجمهور. =

152 - باب في سهمان الخيل

152 - باب في سُهمَان الخيلِ 2733 - حدَّثنا أحمد بن حَنبلٍ، حدَّثنا أبو مُعاويةَ، حدَّثنا عُبيد الله، عن نافع عن ابن عمرَ: أن رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- أسهَمَ لِرجلِ ولِفرسِه ثلاثةَ أسهم: سَهْماً له، وسهمَين لفرسِه (¬1). ¬

_ = وقال الشوكانى في "نيل الأوطار" 8/ 44: وشرط بعض أهل العلم ومنهم الهادوية: أنها لا تجوز الاستعانة بالكفار والفساق إلا حيث مع الإمام جماعة من المسلمين يستقل بهم في إمضاء الأحكام الشرعية على الذين استعان بهم ليكونوا مغلوبين لا غالبين، كما كان عبد الله بن أبي ومن معه من المنافقين يخرجون مع النبي -صلَّى الله عليه وسلم- للقتال وهم كذلك. ومما يدل على جواز الاستعانة بالمشركين أن قزمان خرج مع أصحاب رسول الله يوم أحد وهو مشرك، فقتل ثلاثة من بني عبد الدار حملة لواء المشركين حتى قال -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن الله ليأزر هذا الدين بالرجل الفاجر" كما ثبت ذلك عند أهل السير [وانظر حديث البخاري (3062)] وخرجت خزاعة مع النبي -صلَّى الله عليه وسلم- على قريش عام الفتح. (¬1) إسناده صحيح. نافع: هو مولى ابن عمر، وعُبيد الله: هو ابن عمر العمري، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وأخرجه البخاري (2863) و (4228)، ومسلم (1762)، وابن ماجه (2854)، والترمذي (1636) من طريق عُبيد الله بن عمر العُمري، به. وهو في "مسند أحمد" (4448)، و"صحيح ابن حبان" (4810). قال الخطابي: قوله: "سهما له" اللام في هذه الإضافة لام التمليك. وقوله: "سهمين لفرسه" عطف على الكلام الأول، إلا أن اللام فيه لام التسبيب. وتحرير الكلام: أنه أعطى الفارس ثلاثة أسهم: سهما له، وسهمين لأجل فرسه. أي لغنَائه في الحرب، ولما يلزمه من مؤنته، إذ كان معلوماً أن مؤنة الفرس متضاعفة على مؤنة صاحبه , فضوعف له العرض من أجله، وهذا قول عامة العلماء، إلا أن أبا حنيفة قال: للفارس سهمان ... وخالفه صاحباه، فكان مع جماعة العلماء. قال: وقد روي هذا الحديث من طريق عَبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر فقال: "للفارس سهمان، وللراجل سهم" وعُبيد الله أحفظ من عبد الله، وأثبت باتفاق أهل الحديث كلهم. =

2734 - حدَّثنا أحمد بن حَنبل، حدَّثنا عبدُ الله بن يزيدَ، حدَّثنا المَسعوديُّ، حدثني أبو عَمرَة عن أبيه، قال: أتينا رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- أربعةَ نَفَرٍ ومعنا فرسٌ، فأعْطَى كُلَّ إنسانٍ منا سَهْماً، وأعطى للفرسِ سهمَين (¬1). 2735 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أُميّةُ بن خالدٍ، حدَّثنا المَسعوديُّ، عن رجلٍ من آلِ أبي عَمرةَ ¬

_ = وقال الإمام محمد في "السير الكبير" 3/ 885: وإذا أصاب المسلمون الغنائم فأحرزوها وأرادوا قسمتها، فعلى قول أبي حنيفة يُعطى للفارس سهمين: سهما له وسهما لفرسه والراجل سهماً، وقال: لا أجعل سهم الفرس أفضل من سهم الرجل المسلم، وهو قول أهل العراق من أهل الكوفة والبصرة، وعلى قول أبي يوسف ومحمد للفارس ثلاثة أسهم: سهم له وسهمان لفرسه، وهو قول أهل الحجاز والشام. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي عمرة، ولاختلاط المسعودي -وهو عبد الرحمن ابن عبد الله بن عتبة- واضطرابه فيه كما سيأتي. وأخرجه أحمد (17239)، وأبو يعلى (922) من طريق عبد الله بن يزيد المقرىء، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 85 عن محمد بن يونس الكديمي والبيهقي 6/ 326 من طريق أبي الأزهر أحمد بن الأزهر، كلاهما عن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن المسعودي، عن ابن أبي عمرة، عن أبيه، وأخرجه ابن منده في "الصحابة" كما في "الإصابة" 7/ 290 من طريق يوسف بن بكير، عن المسعودي، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبيه، عن جده. وسيأتي بعده من طريق آخر عن المسعودي، عن رجل من آل أبي عمرة، عن أبي عمرة. وأخرج الدارقطني (4177) من طريق محمد بن صالح، عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي عمرة، عن أبيه، عن جده بشير بن عمرو بن محصن قال: أسهم رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- لفرسى أربعة أسهم، ولي سهما فأخذت خمسة أسهم. ويغنى عنه حديث ابن عمر السالف قبله.

153 - باب فيمن أسهم له سهما

عن أبي عَمْرةَ، بمعناه إلا أنه قال: ثلاثة نَفَرٍ، زادَ: فكان للفارسِ ثلاثةُ أسهم (¬1). 153 - باب فيمن أسهم له سَهْماً 2736 - حدَثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا مُجمّعُ بن يعقوبَ بنِ مُجمّع بن يزيدَ الأنصاريُّ، سمعتُ أبي يعقوبَ بنَ مُجمَّع يذكُر، عن عمه عبدِ الرحمن بن يزيدَ الأنصاري عن عمِّه مُجمّع بن جاريةَ الأنصاريِّ -وكان أحدَ القراء الذين قرؤوا القرآنَ- قال: شهدْنا الحُديبيةَ مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فلما انصرفْنا عنها إذا الناسُ يَهُزُونَ الأباعِرَ، فقالَ بعضُ الناسِ لبعضٍ: ما للناس؟ قالوا: أُوحِيَ إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فخرجْنا مع الناس نُوجِفُ، فوجدْنا النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- واقفاً على راحِلتِه عند كُراع الغَمِيمِ، فلما اجتمعَ عليه الناسُ قرأ عليهم: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] فقالَ رجل: يا رسولَ الله، أفَتْحٌ هو؟ قال: "نعم، والذي نَفْسُ محَمَدٍ بيَدهِ إنّهُ لَفَتْحٌ" فقُسمتْ خيبرُ على أهل الحديبيةِ، فقسَمها رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- على ثمانيةَ عشرَ سهماً، وكان الجيشُ ألفاً وخمس مئةٍ، فيهم ثلاثُ مئةِ فارسٍ، فأعطى الفارسَ سهمَين، وأعطى الراجِلَ سهماً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. مسدَّد: هو ابن مُسَرهَد. وأخرجه البيهقي 6/ 326 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف. يعقوب بن مجمع بن جارية، والد مجمع -وإن كان حسن الحديث- قد انفرد به، وقد خولف فيه كما أشار إليه المصنِّف بإثر الحديث، وكما قال البيهقي فيما نقله عنه المنذري في "مختصر السنن". =

154 - باب في النفل

قال أبو داودَ: حديثُ أبي مُعاويةَ أصحُّ والعملُ عليه، وأرى الوهم في حديث مُجمّع أنه قال: ثلاثَ مئةِ فارسٍ، وإنما كانوا مئتي فارسٍ. 154 - باب في النَّفَلِ 2737 - حدَّثنا وهبُ بن بقيةَ، أخبرنا خالدٌ، عن داودَ، عن عكرمةَ عن ابن عباسٍ، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يومَ بدرٍ: "مَن فَعَلَ كذا وكذا فلَهُ من النَّفَلِ كذا وكذا" قال: فتقدَّم الفِتيانُ ولزم المَشْيَخةُ الراياتِ فلم يبرَحُوها، فلما فتحَ اللهُ عليهم، قال المَشْيَخَةُ: كنا رِدْءاً لكم، لو انهزمتُم لَفِئْتُم إلينا، فلا تَذهَبُوا بالمَغنم ونبقى، فأبى الفِتيانُ وقالوا: جعلَه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- لنا، فأنزل اللهُ عزَ وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنفال: 1] إلى قوله: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5)} [الأنفال: 5] يقول: ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 437، وأحمد (15470)، والطبري في "التفسير" 26/ 71، والدارقطني (4179)، والحاكم 2/ 131، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 325، وفي "الدلائل" 4/ 239 من طريق مجمع بن يعقوب، بهذا الإسناد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وقد سقط من مطبوع الحاكم يعقوب بن مجمع وعبد الرحمن من الإسناد. وأخرجه الطبراني 19/ (1082)، والحاكم 2/ 459 من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن مجمع، عن أبيه، به دون ذكر عبد الرحمن بن يزيد. وصححه الحاكم على شرط مسلم، وتعقبه الذهبي بقوله: لم يرو مسلم لمجمع شيئاً ولا لأبيه، وهما ثقتان! وقصة تقسيم خيبر على أهل الحديبية ستتكرر عند المصنف برقم (3015). قال الخطابي: "يهزّون، أى: يحركون رواحلهم، والهزُّ: كالضغط للشيء، وشدة الاعتماد عليه. والإيجاف: الركض والإسراع. يقال: وجف البعير وجيفاً، وأوجفه راكبه إيجافاً.

فكان ذلكَ خيراً لهم، فكذلك أيضاً، فأطيعوني، فإني أعلمُ بعاقبةِ هذا منكم (¬1). 2738 - حدَّثنا زيادُ بن أيوبَ، حدَّثنا هُشَيم أخبرنا داودُ بن أبي هند، عن عكرمةَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عكرمة: هو أبو عبد الله البربري مولى ابن عباس، وداود: هو ابن أبي هند، وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان. وأخرجه الطبري في "تفسيره" 9/ 172، والحاكم 2/ 131 - 132، والبيهقي 6/ 291 من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، والطبري 9/ 172 من طريق عبد الأعلى السامي، والبيهقي 6/ 315 من طريق معتمر بن سليمان، ثلاثتهم عن داود بن أبي هند، به. وأخرجه الطبري 9/ 172 من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن داود، عن عكرمة مرسلا. وانظر ما بعده وما سيأتي برقم (2739). قال الخطابي: "النفل" ما زاد من العطاء على القدر المستحق منه بالقسمة. ومنه النافلة، وهي الزيادة من الطاعة بعد الفرض. وكان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ينفل الجيوش والسرايا، تحريضا على القتال، وتعويضا لهم عما يصيبهم من المشقة والكآبة. ويجعلهم أُسوة الجماعة في سُهمان الغنيمة، فيكون ما يخصهم به من النفل كالصلة والعطية المستأنفة. ولا يفعل ذلك إلا بأهل الغناء في الحروب، وأصحابِ البلاء في الجهاد. وقد اختلفت مذاهب العلماء في هذا الباب، وفي تأويل ما روي فيه من الأخبار. فكان مالك بن أنس لا يرى النفل، ويكره أن يقول الإمام: من قاتل في موضع كذا، أو قتل من العدو عددا فله كذا، أو يبحث سرية في وجه من الوجوه، فيقول: ما غنمتم من شيء فلكم نصفه، ويكره أن يقاتل الرجل ويسفك دمَ نفسه في مثل هذا. وأثبت الشافعي النفل، وقال به الأوزاعي وأحمد بن حنبل. وقال الثوري: إذا قال الإمام: من جاء برأسٍ فله كذا، ومن أخذ شيئا فهو له. ومن جاء بأسير فله كذا جاز.

عن ابنِ عبّاس، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال يومَ بدرٍ: "من قَتَل قَتيِلاً فله كذا وكذا، ومن أسرَ أسيراً، فله كَذا وكَذا" ثم ساقَ نحوه، وحديثُ خالدٍ أتَمُّ (¬1). 2739 - حدَّثنا هارونُ بن محمد بن بَكَّارِ بن بلالٍ، حدَّثنا يزيدُ ابن خالدِ بنِ مَوهَبٍ الهَمْدانيُّ، حدَّثنا يَحيى بن أبي زائدةَ، أَخبرني داودُ، بهذا الحديثِ بإسناده قال: فقسَمها رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بالسَّواءِ, وحديثُ خالدٍ أتمُّ (¬2). 2740 - حدَّثنا هَنّاد بن السَّريِّ، عن أبي بكرٍ، عن عاصمٍ، عن مُصعبِ بن سعدٍ عن أبيه، قال: جئتُ إلى النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- يومَ بدر بسيفٍ، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، إن اللهَ قد شَفَى صَدْري اليومَ مِن العدو، فَهَبْ لي هذا السَّيفَ، قال: "إن هذا السيفَ ليس لي وَلاَ لَكَ" فذهبتُ وأنا أقولُ: يُعطاهُ اليومَ مَن لَمْ يُبْلِ بَلائي، فبينما أنا إذ جاءني الرسولُ، فقال: أجِبْ، فظننتُ أنه نزلَ فيَّ شيءٌ بكلامي، فجئتُ، فقال لي النبي ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه. هُشيم: هو ابن بشير الواسطي. وأخرجه الحاكم 2/ 221 والبيهقي 6/ 315 من طريق هشيم، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبى. وانظر ما قبله، وما بعده. (¬2) إسناده صحيح كسابقيه. يحيى بن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، نسب هنا لجده، وهو معروف بذلك. وأخرجه البيهقي 6/ 292 من طريق سهل بن عثمان الكندي، عن ابن أبي زائدة، به

155 - باب في نفل السرية تخرج من العسكر

-صلَّى الله عليه وسلم-: "إنك سألتَني هذا السيفَ، وليس هو لي وَلا لَك، وإن اللهَ قد جَعَلَه لي، فهو لَك" ثم قرأ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} إلى آخر الآية (¬1) [الأنفال: 1]. قال أبو داود: قراءةُ ابنِ مَسعُود (يسألونك النَّفَلَ). 155 - باب في نَفَل السرية تخرُجُ مِنَ العَسْكَر 2741 - حدَّثنا عبد الوهَاب بن نَجْدَةَ، حدَّثنا الوليدُ بن مُسلم (ح) وحدَثنا مُوسى بن عبدِ الرحمن الأنطاكيُّ، حدَّثنا مُبَشِّرٌ (ح) وحدَثنا محمدُ بن عَوفٍ الطائيُّ، أن الحَكَمَ بن نافعٍ حدَثهم -المعنى- كلُّهم عن شعيبِ بن أبي حمزةَ، عن نافع عن ابن عُمر، قال: بعثنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في جيشٍ قِبلَ نَجْدٍ، وانبعثتْ سريةٌ من الجيشِ، فكان سُهمانُ الجيشِ اثني عشر بعيراً اثني عشر بعيراً، ونَفل أهلَ السريةِ بعيراً بعيراً، فكانتْ سُهمانُهم ثلاثةَ عشرَ ثلاثةَ عشرَ (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. عاصم -وهو ابن بَهدلة- صدوق حسن الحديث. أبو بكر: هو ابن عياش. وأخرجه الترمذي (3333)، والنسائي في "الكبرى" (11132) من طريق أبي بكر ابن عياش، بهذا الإسناد، وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (1538). وأخرجه بنحوه ضمن حديث مطول مسلم (1748) وبإثر (2412) من طريق سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد، عن أبيه. وهو في "مسند أحمد" (1567). (¬2) إسناده صحيح، إلا أن شعيب بن أبي حمزة قد خالف مالكاً والليث بن سعد وعبيد الله، إذ جعل السرية منبعثة من الجيش، وأن قسمة ما غنموا كان بين الجيش =

2742 - حدَّثنا الوليدُ بن عتبةَ الدِّمشقىُّ، قال: قال الوليدُ - يعني ابنَ مُسلم، حَدَثتُ ابنَ المبارك بهذا الحديثِ، قلتُ: وكذا حدَّثنا ابنُ أبي فَروةَ عن نافعٍ، قال: لا تَعدِلْ مَن سميت بمالكٍ، هكذا أو نحوَه، يعني مالكَ بن أنسِ (¬1). 2743 - حدَّثنا هَنّادٌ، حدَّثنا عَبدةُ بنُ سُليمانَ الكِلابيُّ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن نافع عن ابنِ عُمرَ، قال: بعثَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- سريةً إلى نجْدٍ، فخرجتُ معها، فأصبنا نَعَماً كثيراً، فنفَّلنا أميرُنا بعيراً بعيراً لكل إنسانٍ، ثُم قدِمنا على رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فَقَسَمَ بيننا غَنيمتَنا، فأصابَ كلَّ رجلٍ منا ¬

_ = وبين السرية، وأن أهل السرية فضلوا على الجيش بعيراً بعيراً، وحديث الليث ومالك وعبيد الله بن عمر وأيوب عن نافع يدل على أن الاثني عشر بعيراً كان سهمان السرية وأنهم هم الذين نُفلوا مع ذلك بعيراً بعيراً. أفاده ابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 39 - 40. وأخرجه ابن الجارود (1074)، وأبو عوانة (6620)، والبيهقي 6/ 312، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 37 - 38 و 38 - 39 من طريق شعيب بن أبي حمزة، به. وسيأتى الحديث عند أبي داود من طريق ابن إسحاق برقم (2743)، ومن طريق مالك والليث برقم (2744)، ومن طريق عُبيد الله بن عمر برقم (2745). وانظر تمام تخريجه عند الحديث (2744) و (2745). قال البغوي في "شرح السنة" 11/ 112: والنفل: اسم لزيادة يعطيها الإمام بعض الجيش على القدر المستحق، ومنه سميت النافلة لما زاد على الفرائض من الصلوات. وفي الحديث دليل على أنه يجوز للإمام أن يُنفِّل بعض الجيش لزيادة غناء وبلاء منهم في الحرب يخصهم من بين سائر الجيش، لما يصيبهم من المشقة ويجعلهم أسوة الجماعة في سهمان الغنيمة. (¬1) إسناده ضعيف جداً. ابن أبي فروة -وهوإسحاق بن عبد الله- متروك الحديث. وانظر ما قبله.

اثنا عشرَ بعيراً بعد الخُمُس، وما حاسَبَنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بالذي أعطانا صاحِبُنا ولا عابَ عليه ما صَنَعَ، فكان لكلِّ رجلٍ منا ثلاثةَ عشرَ بعيراً بنَفَله (¬1). 2744 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمةَ، عن مالك (ح) وحدَثنا عبدُ الله بن مَسلمةَ ويزيدُ بن خالدِ بن مَوْهَب، قالا: حدَّثنا الليثُ -المعنى- عن نافعِ عن عبدِ الله بن عمرَ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بعثَ سريّةً فيها عبدُ الله بن عمر قِبَل نجدٍ، فغنموا إبلاً كثيرةً، فكانت سُهْمانُهُمْ اثني عشر بعيراً، ونُفِّلُوا بعيراً بعيراً -زاد ابن مَوْهَبٍ: فلم يُغيرْه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، ثم إنه خالف في متنه من هو أوثق منه كمالك والليث بن سعد وعُبيد الله بن عمر وغيرهم، إذ جعل ابنُ إسحاق النفل من رأس الغنيمة ثم جعل القسمة بعدُ، وأولئك جعلوا النفل بعد القسمة، أفاده ابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 46 - 47. وأخرجه البيهقي 6/ 312، وابنُ عبد البر في "التمهيد" 14/ 45 و 46 من طريق محمد بن إسحاق، به. وسيأتى بعده من طريق مالك والليث بن سعد، وبرقم (2745) من طريق عُبيدالله بن عمر، كلهم عن نافع. وسلف برقم (2741) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن نافع. (¬2) إسناده صحيح. لكن ذكر ابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 35 أن مالكاً شك في روايته فقال: كانت سهمانُهم اثني عشر بعيراً أو أحد عشر بعيراً، كذا رواه جماعة رواة "الموطأ" عنه قال: وهذا مما حُمل فيه حديث مالك على حديث الليث، لأن القعنبي رواه في "الموطأ" عن مالك على الشك. قلنا: لكن جاء في رواية محمد بن الحسن الشيباني "للموطأ" (863) كرواية أبي داود دون شك، وكذلك رواه أحمد (5919) عن إسحاق بن عيسى الطباع، عن مالك. فالله تعالى أعلم. =

2745 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن عُبيد الله، حدَّثني نافعٌ عن عَبد الله، قال: بعثَنَا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في سريةٍ، فبلغتْ سُهمانُنا اثني عشر بعيراً، ونفلنا رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- بعيراً بعيراً (¬1). ¬

_ = وهو في "الموطأ" برواية يحيى بن يحيى 2/ 450، وفيه برواية أبي مصعب الزهري (953) ومن طريق مالك أخرجه البخاري (3134)، ومسلم (1749). وهو في "مسند أحمد" (5288)، و"صحيح ابن حبان" (4833). وأخرجه مسلم (1749) من طريق الليث بن سعد، به. وأخرجه البخاري (4338)، ومسلم (1749) من طريق أيوب بن أبي تميمة السختيانى، ومسلم (1749) من طريق عبد الله بن عون، و (1749) من طريق موسى ابن عقبة، ومن طريق أسامة بن زيد الليثي، أربعتهم عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4579) من طريق أيوب. (¬1) إسناده صحيح. عبيد الله: هو ابن عمر العمري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، ومُسَدَّد: هو ابنُ مُسَرهَدٍ. وأخرجه مسلم (1749) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (5519). قال الخطابي: اختلفوا في هذه الزيادة التي هي النفل، من أين أعطاهم إياها؟ فكان ابن المسيب يقول: إنما ينفلُ الإمامُ من الخمس، يعني سهم النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. وهو خمس الخمس من الغنيمة. وإلى هذا ذهب الشافعي وأبو عبيد. وذلك أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان يضعه حيث أراه الله عز وجل في مصالح أمر الدين ومعاونة المسلمين. قال الشافعي: فإذا كثر العدو، واشتدت شوكتهم، وقل من بإزائهم من المسلمين نفّل منه الإمام، اتباعاً للسنة، وإذا لم يكن ذلك لم ينفِّل. وقال أبو عُبيد: الخمس مُفوَّض إلى الإمام، ينفل منه إن شاء، ومن ذلك قول النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "ما لي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم". وقال غيرهم: إنما كان النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ينفلهم من الغنيمة التي يغنمونها، كما نفل القاتل السلب من جملة الغنيمة. قلت (القائل الخطابي): وعلى هذا دل أكثر ما روي من الأخبار في هذا الباب.

قال أبو داود: رواهُ بُرْدُ بن سِنانٍ عن نافغ مثل حديث عُبيد اللهِ، ورواه أيوبُ عن نافعٍ مثلَه، إلا أنه قال: ونُفِّلْنَا بعيراً بعيراً، لم يذكر النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. 2746 - حدَّثنا عبدُ الملك بن شُعَيبِ بن الليثِ، حدثني أبي، عن جدِّي (ح) وحدَّثنا حجاجُ بن أبي يعقوبَ، حدَّثني حُجَيْنٌ، حدَّثنا الليثُ، عن عُقَيلٍ، عن ابنِ شهاب، عن سالمٍ عن عبد الله بن عُمر: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قد كان يُنَفّلُ بعضَ من يبعث من السَّرايا لأنفُسِهم خاصةً النفَلَ، سوى قَسْمِ عامّةِ الجيش، والخُمسُ في ذلك واجبٌ كلُّه (¬1). 2747 - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عبدُ الله بن وَهب، حدَّثنا حُييٌّ، عن أبي عبدِ الرحمن الحُبُليِّ عن عبد الله بن عَمرِو: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- خرجَ يوم بدر في ثلاثِ مئةٍ وخمسةَ عشرَ، فقالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "اللهم إنهم حُفَاةٌ فاحْمِلْهم، اللهم إنهم عُرَاةٌ فاكْسُهُم، اللهم إنَّهُم جِياعٌ فأشْبِعْهُم" ففتح اللهُ لهُ يومَ بدرٍ، فانقلبُوا حين انقلَبُوا وما منهم رجلٌ إلا وقد رجَع بجمَل أو جملَين، واكتَسَوا، وشَبِعُوا (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حُجَين: هو ابن المثنى اليمامي، والليث: هو ابن سعد، وعُقيل: هو ابن خالد الأيلي، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب. وأخرجه البخاري (3135)، ومسلم (1750) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مسلم (1750) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (6250). (¬2) رجاله ثقات غير حُيي -وهو ابن عبد الله المعافري- ضعفه غير واحد وقال =

156 - باب فيمن قال: الخمس قبل النفل

156 - باب فيمن قال: الخُمس قبل النَّفَلِ 2748 - حدَّثنا محمدُ بن كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن يزيدَ بن يزيدَ بن جابرٍ الشامي، عن مَكحولٍ، عن زيادِ بن جاريةَ التميميِّ عن حبيبِ بن مَسلَمة الفِهْريِّ أنه قال: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يُنَفِّل الثلُثَ بعدَ الخُمُس (¬1). 2749 - حدَّثنا عُبيد الله بن عُمر بن مَيسرةَ الْجُشَمىّ، حدَّثنا عبدُ الرحمن ابن مهديٍّ، عن معاويةَ بن صالحٍ، عن العلاءِ بن الحارث، عن مَكحولٍ، عن ابنِ جاريةَ ¬

_ = ابن معين لا بأس به، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: لا بأس به إذا روى عنه ثقة، والراوي عنه هنا عبد الله بن وهب وهو ثقة. وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 2/ 20، والحاكم 2/ 132 - 133 و145، والبيهقي 6/ 305 و9/ 57 من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم، وحسنه الحافظ في "الفتح" 7/ 292، وانظر عدة أصحاب بدر في "صحيح البخاري" (3956) و (3957) و (3958). (¬1) إسناده صحيح. زياد بن جارية -ويقال: زيد- الصواب أنه تابعي كما بيناه في "المسند" (17462) وهو ثقة. وباقى رجاله ثقات. مكحول: هو الشامي، وسفيان: هو الثورى، ومحمد بن كثير: هو العبدي. وأخرجه ابن ماجه (2851) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17462). وانظر ما بعده، وما سيأتى برقم (2750). قال الخطابي: وفي هذا الحديث أنه أعطاهم ذلك بعد أن خمس الغنيمة، فيشبه -والله أعلم- أن يكون الأمران معا جائزين، وفيه أنه قد بلغ بالنفل الثلث. قال: وقد اختلف العلماء في ذلك. فقال مكحول والأوزاعي: لا يجاوز بالنفل الثلث. وقال الشافعي: ليس في النفل حدٌّ لا يُجاوَزُ، وإنما هو اجتهاد الإمام.

عن حبيبِ بن مَسلَمةَ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان يُنفِّل الربُعَ بعدَ الخُمُسِ، والثُّلُثَ بعد الخُمسِ، إذا قَفَلَ (¬1). 2750 - حدَّثنا عبدُ الله بن أحمد بن بَشيرِ بن ذَكوان ومحمودُ بن خالد الدمشقيّانِ -المعنى- قالا: حدَّثنا مَروانُ بن محمدٍ، حدَّثنا يحيي بن حمزةَ، سمعتُ أبا وهب يقول: سمعتُ مكحولاً يقول: كنتُ عبداً بمصرَ لامرأةٍ من بني هُذَيلٍ فأعتقتْني، فما خرجْتُ من مصرَ وبها عِلْمٌ إلا حَوَيتُ عليه فيما أُرَى، ثم أتيتُ الحجازَ فما خرجتُ منها وبها علمٌ إلا حَوَيتُ عليه فيما أُرَى، ثم أتيتُ العراقَ فما خرجتُ منها وبها علمٌ إلا حَوَيت عليه فيما ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن جارية: هو زياد -وقيل: زيد- وهو تابعي ثقة كما أسلفنا في الطريق السالف. وهو في "مسند أحمد" (17465). وانظر ما بعده. قال الخطابي: قال ابن المنذر: قيل: إن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- إنما فرق بين البدأة والقفول، حتى فضل إحدى العطيتين على الأخرى، لقوة الظهر عند دخولهم، وضعفه عند خروجهم، لأنهم -وهم داخلون- أنشط وأشهى للسير، والإمعان في بلاد العدو وأجمّ، وهم عند القفول تضعف دوابهم. وهم أشهى للرجوع إلى أوطانهم وأهاليهم، لطول عهدهم بهم، وحبهم للرجوع إليهم. فنرى أنه زادهم في القفول لهذه العلل. قلت (القائل الخطابي):كلام ابن المنذر هذا ليس بالبين لأن فحواه يوهم أن معنى الرجعة هو القفول إلى أوطانهم، وليس هو معنى الحديث. و"البدأة" إنما هي ابتداء سفر الغزو، إذا نهضت سرية من جملة العسكر، فأوقعت بطائفة العدو، فما غنموا كان لهم منه الربع، ويشركهم سائر العسكر في ثلاثة أرباعه. فإن قفلوا من الغزاة ثم رجعوا فأوقعوا بالعدو ثانية كان لهم مما غنموا الثلث، لأن نهوضهم بعد القفل أشقُّ، والخطر فيه أعظم.

157 - باب في السرية ترد على أهل العسكر

أُرى، ثم أتيتُ الشامَ فَغَرْبَلْتُها، كلُّ ذلك أسأل عن النَّفَل، فلم أجد أحداً يخبرُني فيه بشيءِ، حتى لقيتُ شيخاً يقال له: زياد بن جاريةَ التميميُّ، فقلت له: هل سمعتَ في النَّفَل شيئاً؟ قال: نعم، سمعتُ حبيبَ بن مَسْلَمةَ الفِهْرِيَّ يقول: شهدتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- نَفَّل الرُّبُعَ في البَدْأةِ، والثلُثَ في الرَّجْعة (¬1). 157 - باب في السَّرية تردُّ على أهل العسكر 2751 - حدَّثنا قُتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا ابن أبي عَدِيٍّ، عن ابن إسحاق (ح) وحدَثنا عُبيد الله بن عُمرَ، حدَّثني هُشَيم عن يحيى بن سعيدٍ، جميعاً، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه عن جده قال: قالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: " المسلمون تَتكافأ دِمَاؤُهُم: يَسعَى بذمَّتهم أدناهم، ويُجيرُ عليهم أقْصاهُم، وهم يَدٌ على مَن سِوَاهم، يَرُدُّ مُشِدُّهُم على مُضْعِفِهِم، ومُتَسَرِّيهم على قاعِدهم، لا يُقْتَل مؤمنٌ بكافرٍ، ولا ذو عهدٍ في عهدِه" ولم يذكر ابنُ إسحاقَ القَوَدَ والتكافُؤ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو وهب -واسمه عبيد الله بن عُبيد الكلاعي- ثقة، فقد وثقه دُحيم، وقال ابن معين: ليس به بأس، وهذه تُساوي عنده ثقة كما نص هو على ذلك، فقد قال ابن أبي خيثمة في "تاريخه" (690) و (4445): قلت ليحيي: إنك تقول: فلان ليس به بأس، وفلان ضعيف، قال: إذا قلتُ لك: ليس به بأس فهو ثقة، وإذا قلتُ لك: ضعيف، فليس هو بثقة لا يُكتب حديثُه. وانظر ما قبله، وما سلف برقم (2748). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. عمرو بن شعيب: هو ابن محمد بن عبد الله ابن عمرو بن العاص، والْمُراد بجده: عبد الله، يحيى بن سعيد: هو الأنصاري، وهُشيم: هو ابن بَشير، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2685) من طريق عبد الرحمن بن عياش، عن عمرو بن شعيب، به. دون قوله: "يردُّ مُشدُّهم على مُضعفهم ... " إلى آخر الحديث. وقوله في الحديث "لا يقتل مؤمن بكافر" أخرجه ابن ماجه (2659) من طريق عبد الرحمن بن عياش، والترمذي (1471) من طريق أسامة بن زيد، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. وهو في "مسند أحمد" (7012) لكن ليس فيه قوله: "يردُّ مُشِدُّهم على مضعفهم، ومتسريهم على قاعدهم"، ولا قوله: "ولا ذو عهد في عهده". وقد أخرجه بتمامه ابن الجارود (1073) من طريق عُبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 8/ 29 من طريق إبراهيم بن سعد و 9/ 51 من طريق يونس بن بكير، كلاهما عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عمرو بن شعيب، به. لكنه لم يذكر قوله: "يرد مشدهُّم على مضُعفهم". ويشهد له بتمامه حديث علي بن أبي طالب الآتي عند المصنف برقم (4530). وإسناده صحيح. وسيتكرر عند المصنف طريق عُبيد الله بن عمر بن ميسرة برقم (4531). وقوله: "لا يقتل مؤمن بكافر" سيأتى ضمن الحديث (4506). قال الخطابي: قوله: " تتكافأ دماؤهم"معناه: أن أحرار المسلمين دماؤهم متكافئة في وجوب القصاص والقود لبعضهم من بعض، لا يفضّل منهم شريف على وضيع. فإذا كان المقتول وضيعاً وجب القصاص على قاتله. وإن كان شريفا لم يُسقِط القَوَدَ عنه شرفُه، وإن كان القتيل شريفا لم يُقتص له إلا من قاتله حَسْبُ. وكان أهل الجاهلية لا يرضَون في دم الرجل الشريف بالاستقادة من قاتله، ولا يرونه بواء به، حتى يقتصوا من عدة من قبيلة القاتل، فأبطل الإسلام حكم الجاهلية وجعل المسلمين على التكافؤ في دمائهم، وإن كان بينهم تفاضل وتفاوت في معنى آخر. وقوله: "يسعى بذمتهم أدناهم" يريد أن العبد ومن كان في معناه من الطبقة الدنيا كالنساء والضعفاء الذين لا جهاد عليهم إذا أجاروا كافراً أُمضي جوارهم ولم تُخْفَر ذمتُهم. وقوله: "ويجير عليهم أقصاهم" معناه: أن بعض المسلمين، وإن كان قاصي الدار، إذا عقد للكافر عقداً لم يكن لأحد منهم أن ينقضه، وإن كان أقرب داراً من المعقود له. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلت (القائل الخطابي): وهذا إذا كان العقد والذمة منه لبعض الكفار دون عامتهم. فإنه لا يجوز له عقد الأمان لجماعتهم، وإنما الأمر في بذل الأمان وعقد الذمة للكافة منهم إلى الإمام على سبيل الاجتهاد، وتحري المصلحة فيه، دون غيره. ولو جعل لأفناء الناس ولآحادهم أن يعقدوا لعامة الكفار كلما شاؤوا، صار ذلك ذريعةً إلى إبطال الجهاد، وذلك غير جائز. وقوله: "وهم يدٌ على مَن سِواهم" فإن معنى اليد المعاونة والمظاهرة: إذا استُنفِروا وجب عليهم النفير، وإذا استُنجِدوا أنجدوا، ولم يتخلفوا، ولم يتخاذلوا. و"المُشِدُّ" المقوي، و"المضعف" من كانت دوابه ضعافاً. قلنا: وقال ابن الأثير: المُشِدُّ: الذي دوابه شديدة قوية، والمضعف الذي دوابُّه ضعيفة، يريد أن القوي من الغزاة يُساهم الضعيف فيما يكسبه من الغنيمة. قال الخطابي: وجاء في بعض الحديث: "المضعف أمير الرُّفقة" يريد أن الناس يسيرون بسير الضعيف لا يتقدمونه، فيتخلف عنهم، ويبقى بمضْيَعة. و"المتسري" هو الذي يخرج في السرية، ومعناه: أن يخرج الجيش فيُنيخوا بقرب دار العدو، ثم ينفصل منهم سرية، فيغنموا، فإنهم يردون ما غنموه على الذين هم ردءٌ لهم، لا ينفردون به، فأما إذا كان خروج السرية من البلد، فإنهم لا يردون على المقيمين في أوطانهم شيئاً. وقوله: "لا يقتل مؤمن بكافر" فإنه قد دخل فيه كل كافر، له عهد وذمة، أو لا عهد له ولا ذمة. وقوله: "ولا ذو عهد في عهده"، فإن العهد للكفار على ضربين: أحدهما: عهد متأبِّد، كمن حُقن دمه للجزية. والآخر: من كان له عهد إلى مدة، فإذا انقضت تلك المُدة عاد مباح الدم، كما كان. وقد تأوله مَن ذهب من الفقهاء إلى أن المسلم يقتل بالذمي، على أن قوله: "ولا ذو عهد في عهده" معطوف على قوله:. لا يقتل مؤمن بكافر" ويقع في الكلام على مذهبه تقديم وتأخير، فيصير كأنه قال: لا يقتل مؤمن، ولا ذو عهد في عهده بكافر، وإلى هذا ذهب أصحاب الرأي. =

2752 - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا هاشِمُ بن القاسمِ، حدَّثنا عكرمةُ، حدَّثني إياسُ بن سلمة عن أبيه، قال: أغارَ عبدُ الرحمن بن عُيينةَ على إبل رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقتل راعيَها، وخرج يَطرُدُها هو وأنُاسٌ معه في خيلٍ، فجعلتُ وجهيَ قِبَلَ المدينةِ، ثم ناديتُ ثلاثَ مراتِ: يا صبَاحَاهُ، ثم اتَّبعتُ القومَ فجعلتُ أرمي وأعْقِرُهُم، فإذا رجعَ إلّيَ فارسٌ جلستُ في أصل شجرةِ، حتى ما خلق الله شيئاً من ظهْر النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- إلا جعلتُه وراءَ ظهري، وحتى ألْقَوا أكثر من ثلاثين رُمحاً وثلاثين بُردةَ يستخِفُّون منها، ثم أتاهم عيينةُ مدَداً فقال: لِيقُم إليه نفرٌ منكُم، فقامَ إلي منهم أربعةٌ فصعِدُوا الجبلَ، فلما أسمعتُهم قلتُ: أتعرفُوني؟ قالوا: ومَن أنتَ؟ قلت: أنا ابنُ الأكْوع، والذي كرَّم وجهَ محمدٍ -صلَّى الله عليه وسلم-، لا يطلُبُني رجلٌ منكم فيُدركَني، ولا أطلُبُه فيفُوتَني، فما برِحْتُ حتى نظرت إلى فَوارِسِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يتخلَّلُون الشجرَ أولُهم الأخرمُ الأسديُ، فيلحقُ بعبد الرحمن بن عُيينةَ ويعطِفُ عليه عبدُ الرحمن، فاختلفا طعنتَين، فعقَرَ الأخْرمُ عبدَ الرحمن وطعنه عبدُ الرحمن فقتله، فتحوَّلَ عبدُ الرحمن على فرسِ الأخْرم، فيلحقُ أبو قتادةَ بعبد الرحمن، ¬

_ = وقال الشافعي: لا يقتل مسلم بوجه من الوجوه بأحد من الكفار، على ظاهر الحديث وعمومه. قال: وقوله: "لا يقتل مسلم بكافر" كلام تام بنفسه، ثم قال على أثره: "ولا ذو عهد في عهده" أي: لا يقتل معاهَدٌ ما دام في عهده. قال: وإنما احتيج إلى أن يجري ذكر المعاهَد، ويؤكد تحريم دمه هاهنا. لأن قوله: "لا يقتل مؤمن بكافر" قد يوهم ضعفاً وتوهيناً لشأنه، ويوقع شبهة في دمه، فلا يؤمن أن يُستباح، إذا علم أن لا قود على قاتله. فوكّد تحريمه بإعادة البيان، لئلا يَعرِض الأشكال في ذلك.

158 - باب في النفل من الذهب والفضة ومن أول مغنم

فاختلفا طعنتَين فَعُقِر بأبي قتادةَ وقتلَه أبو قتادةَ، فتحوَّل أبو قتادةَ على فرسِ الأخْرمِ، ثم جئتُ إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو على الماء الذي جَلَّيتُهُم عنه ذو قَرَدٍ، فإذا نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في خمس مئةٍ، فأعطاني سهمَ الفارسِ والراجِلِ (¬1). 158 - باب في النّفَل من الذهبِ والفضةِ ومن أول مَغنمٍ 2753 - حدَّثنا أبو صالحٍ محبوبُ بن موسى، أخبرنا أبو إسحاق الفَزاريُ، عن عاصمِ بن كُلَيب عن أبي الجُويرية الجَرْميِّ، قال: أصبتُ بأرض الرومِ جَرَّة حمراءَ فيها دنانيرُ في إمرةِ معاويةَ، وعلينا رجلٌ من أصحاب النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- من بني سُلَيمٍ يقال له: معنُ بن يزيدَ، فأتيتُه بها، فقسَمَها بين المسلمين، وأعطاني منها مثلَ ما أعطى رجلا منهم، ثم قال: لولا أني سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: " لا نَفَلَ إلا بعدَ الخُمس "لأعطيتُك، ثم أخذ يَعرضُ عَلَىَّ من نَصيبِه فأبَيتُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سلمة: هو ابن الأكوع الأسلمي، وعكرمة: هو ابن عمار اليمامي. وأخرجه بأطول مما هاهنا مسلم (1807) من طريق عكرمة بن عمار، به. وهو في "مسند أحمد" (16539)، و"صحيح ابن حبان" (7173). وقوله: "أعطاني سهم الفارس والراجل" فإنه يشبه أن يكون إنما أعطاه من الغنيمة سهم الراجل حسبُ، لأن سلمة كان راجلاً في ذلك اليوم، وأعطاه الزيادة نفلاً، لما كان من حسنِ بلائه. (¬2) حديث قوي، وهذا إسناد قد اختلفتْ فيه نسخُ أبي داود عن أبي إسحاق الفزاري، كما نبه عليه المزي في "تحفة الأشراف" (11484) نقلاً عن الخطيب البغدادي حيث قال: في نسختين مرويتين عن أبي داود: هذا الحديث مروي عن أبي إسحاق =

159 - باب الإمام يستأثر بشئ من الفيء لنفسه

2754 - حدَّثنا هنّادٌ، عن ابنِ المباركِ، عن أبي عَوانةَ، عن عاصمِ بن كُلَيب، بإسناده ومَعناه (¬1). 159 - باب الإمام يستأْثِر بشئٍ من الفيء لنفسه 2755 - حدَّثنا الوليدُ بن عُتبةَ، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا عبد الله بن العلاء، أنه سمع أبا سَلاَّم الأسودَ ¬

_ = الفزاري، عن ابن المبارك، عن أبي عوانة، عن عاصم بن كليب، وقال المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة معن بن يزيد السلمى: رواه أبو داود عن أبي صالح محبوب بن موسى الفراء، عن إبي إسحاق الفزاري، عن أبي عوانة. وفي بعض النسخ: عن أبي إسحاق الفزاري، عن ابن المبارك، عن أبي عوانة، فوقع لنا عالياً بدرجتين أو ثلاث. قلنا: فتحصل من هذا الكلام ثلاث احتمالات، احتمال كما رواه المصنف بإسقاط ابن المبارك وأبي عوانة، واحتمال بإسقاط ابن المبارك وحده، واحتمال بذكر الاثنين كليهما. لكن الذي في "السير" لأبي إسحاق الفزاري نفسه برقم (540) كإسناد المصنف بإسقاط ابن المبارك وأبى عوانة، فالله تعالى أعلم. وقد روي الحديث من غير طريق الفزاري كما في الطريق الآتي بعده. وأخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه " 5/ 150 من طريق أبي حمزة، عن عاصم بن كليب، به. وانظر ما بعده. (¬1) إسناده قوي من أجل عاصم بن كليب، فهو صدوق لا بأس به. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وابن المبارك: هو عبد الله، وهناد: هو ابن السَّري. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 242 من طريق سهل بن بكار، والطبراني في "الكبير" 19/ (1073)، والبيهقي 6/ 314 من طريق عفان بن مسلم، والطبراني في "الأوسط" (3748) من طريق أبي ربيعة فهد بن عوف، والبيهقي 6/ 314 من طريق محمد بن عُبيد، أربعتهم، عن أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

160 - باب في الوفاء بالعهد

سمعتُ عَمرو بن عَبَسَةَ قال: صلَّى بنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إلى بعيرٍ من المغنم، فلما سَلَّم أخذ وبَرَةَ من جَنْبِ البعير، ثم قال: " ولا يَحِلُّ لي من غنائمكم مثلُ هذا، إلا الخُمس، والخُمس مَردُود فيكم" (¬1). 160 - باب في الوفاء بالعهد 2756 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمةَ القَعنَبِيُّ، عن مالك، عن عبد الله بن دينارٍ عن ابنِ عُمُر، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إن الغادرَ يُنْصَبُ له لواء يومَ القيامةِ، فيُقال: هذه غَدرَةُ فلانِ بن فلانٍ " (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الله بن العلاء: هو ابن زبر، والوليد: هو ابن مسلم الدمشقي، وقد صرح بالسماع في جميع طبقات الإسناد، فانتفت شبهة تدليسه، ثم هو متابع. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (805)، والبيهقي 6/ 339، وابن عبد البر في "التمهيد" 25/ 50 - 51 من طريق الوليد بن مسلم، والحاكم 3/ 616 - 617 من طريق محمد بن شعيب بن شابور، كلاهما عن عبد الله بن العلاء، به. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "الموطأ" برواية محمد بن الحسن الشيباني (993). وأخرجه البخاري (6178) و (6966)، ومسلم (1735)، والنسائي في "الكبرى" (8683) من طرق عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر. وأخرجه البخاري (3188) و (6177) و (1735)، ومسلم (1735)، والترمذي (1672)، والنسائي في "الكبرى" (8684) من طريق نافع مولى ابن عمر، ومسلم (1735) من طريق حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر، ثلاثتهم عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4648)، و"صحيح ابن حبان" (7342) و (7343). قال القرطبي فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 6/ 284: هذا خطاب منه للعرب بنحو ما كانت تفعل، لأنهم كانوا يرفعون للوفاء راية بيضاء، وللغدر راية سوداء، ليلوموا الغادر ويذموه، فاقتضى الحديث وقوع مثل ذلك للغادر ليشتهر بصفته في القيامة، فيذمه أهل الموقف. =

161 - باب يستجن بالإمام في العهود

161 - باب يُستَجَنُّ بالإمام في العُهود 2757 - حدَّثنا محمدُ بن الصبّاح البَزّازُ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ أبي الزِّنادِ، عن أبي الزِّنَادِ، عن الأعرَجِ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنما الإمامُ جُنَّةٌ يقاتلُ به" (¬1). ¬

_ = قال الحافظ: وفي الحديث غلظُ تحريم الغدر لا سيما من صاحب الولاية العامة، لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق كثير، ولأنه غير مضطر إلى الغدر لقدرته على الوفاء. وقال القاضى عياض: المشهور أن هذا الحديث ورد في ذم الإمام إذا غدر في عهوده لرعيته أو لمقاتلته أو للإمامة التي تقلدها، والتزم القيام بها، فمتى خانَ فيها أو ترك الرفق، فقد غدر بعهده. وقيل: المراد نهي الرعية عن الغدر بالإمام، فلا تخرج عليه، ولا تتعرض لمعصيته، لما يترتب على ذلك من الفتنة. قال: والصحيح الأول. قلت (القائل ابن حجر): ولا أدري ما المانع من حمل الخبر على أعم من ذلك. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات، عبد الرحمن بن أبي الزناد ضعيف يعتبر به في المتابعات، وقد توبع. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وأخرجه البخاري (2957)، والنسائي (4196) من طريق شعيب بن أبي حمزة، ومسلم (1841) من طريق ورقاء بن عمر اليشكري، كلاهما عن أبي الزناد، به. وهو في "مسند أحمد" (10777). قال الخطابي: معناه أن الإمام (رئيس الدولة) هو الذي يَعقِد العهدَ والهُدنة بينَ المسلمين، وبين أهلِ الشرك، فإذا رأى ذلك صلاحاً وهادنهم، فقد وجب على المسلمن أن يُجيزوا أمانَه، وأن لا يعرِضوا لمن عقد لهم في نفسِ أو مال. ومعنى جُنّة: العصمة والوقاية، وليس لغير الإمام أن يجعل للأمة بأسرها من الكفار أماناً، وإنما معنى قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يسعى بذمتهم أدناهم" أن يكون ذلك في الأفراد والآحاد، أو في أهل حصن أو قلعة ونحوها. فأما أن يجوز ذلك في جيل وأمة منهم، فلا يجوز.

162 - باب الإمام يكون بينه وبين العدو عهد فيسير إليه

2758 - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عبدُ الله بن وهْبٍ، أخبرني عَمرٌو، عن بُكير ابنِ الأشَجِّ، عن الحسنِ بن عليِّ بن أبي رافعٍ أن أبا رافعٍ أخبره قال: بعثَتْني قريشٌ إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فلما رأيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أُلقي في قلبي الإسلامُ، فقلت: يا رسول الله، إني والله لا أرجِعُ إليهم أبداً، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إني لا أخِيسُ بالعَهْدِ ولا أحبِسُ البُرُدَ، ولكن ارجِع فإن كانَ في نفسِك الذي في نفسك الآنَ فارجع" قال: فذهبتُ، ثم أتيتُ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فأسلمتُ، قال بكيرٌ: فأخبرني أَن أبا رافعِ كان قِبْطيّاً (¬1). قال أبو داود: هذا كان في ذلك الزمان، فأما اليومَ فلا يصلُح. 162 - باب الإمام يكون بينه وبين العدو عهدٌ فيسير إليه 2759 - حدَّثنا حفصُ بن عُمرَ النَّمَريُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن أبي الفَيض، عن سُليمِ بن عامرٍ -رجلٍ من حِمْير- قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. بكير بن الأشج. هو ابن عبد الله بن الأشج، وعمرو: هو ابن الحارث. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (8621) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23857)، و"صحيح ابن حبان" (4877). قال الخطابي: قوله: "لا أخيس بالعهد" معناه: لا أنقض العهد، ولا أفسده، من قولك: خاس الشيءُ في الوعاء: إذا فَسَدَ. وفيه من الفقه: أن العقد يُرعَى مع الكافر، كما يُرعى مع المسلم، وأن الكافر إذا عقد لك عقد أمان، ففد وجب عليك أن تؤمنه، وأن لا تغتاله في دم، ولا مالٍ، ولا ولامنفعة. وقوله: "لا أحبس البرد" فقد يشبه أن يكون المعنى في ذلك: أن الرسالة تقتضي جواباً، والجواب لا يصل إلى المرسل إلا على لسان الرسول بعد انصرافه. فصار كأنه عقد له العهد مدة مجيئه ورجوعه، والله أعلم.

163 - باب في الوفاء للمعاهد وحرمة ذمته

كان بين معاويةَ وبين الروم عهدٌ، وكان يسيرُ نحو بلادِهم، حتى إذا انقضى العهدُ غَزاهُم، فجاء رجل على فرسٍ أو بِرْذَونٍ وهو يقولُ: الله أكبرُ، الله أكبرُ، وفاءٌ لا غَدْرٌ، فنظروا فإذا عَمرو بن عَبَسَةَ، فأرسَلَ إليه معاويةُ، فسأله، فقال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقولُ: " مَن كانَ بينهُ وبين قومٍ عهدٌ فلا يَشُدُّ عُقدةً ولا يحلُّها حتى يَنقضيَ أمَدُها أو يَنْبِذَ إليهم على سَوَاءٍ" فرجع معاوية (¬1). 163 - باب في الوفاء للمُعَاهِد وحرمة ذمته 2760 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، عن عُيَينةَ بنِ عبد الرحمن، عن أبيه ¬

_ (¬1) حديث صحيح. سُلَيم بن عامر: هو الخبائري الكلاعي، وأبو الفيض: هو موسى بن أيوب -ويقال: ابن أبي أيوب- المَهري الحمصي، وشعبة: هو ابن الحجاج. وأخرجه الترمذي (1671)، والنسائي في "الكبرى" (8679) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (17015)، و"صحيح ابن حبان" (4871). وفي الباب عن أبي هريرة (369) و (3177)، وهو في "مسند أحمد" (7977). قال الخطابي: "الأمد" الغاية، قال النابغة: سَبق الجوادِ إذا استولى على الأمدِ ومعنى قوله: "ينبذ إليهم على سواء" أي: يُعلمُهم أنه يُريد أن يغزوهم، وأن الصلح الذي كان بينه وبينهم قد ارتفع. فيكون الفريقان في ذلك على السواء. وفيه دليل على أن العهد الذي يقعْ بين المسلمين وبين العدو ليس بعقدٍ لازمٍ لا يجوز القتال قبل انقضاء مدته، ولكن لا يجوز أن يفعل ذلك إلا بعد الإعلام به والإنذار فيه.

164 - باب في الرسل

عن أبي بكرةَ، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَنْ قتلَ مُعَاهِداً في غير كُنْهِهِ حَرَّم الله عليهِ الجنةَ" (¬1). 164 - باب في الرُّسُل 2761 - حدَّثنا محمدُ بن عَمرٍ والرَّازيُّ، حدَّثنا سلمةُ -يعني ابنَ الفضلِ- عن محمد بن إسحاقَ، قال: كان مُسَيلِمةُ كتبَ إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: وقد حدَّثني محمدُ بن إسحاق عن شيخٍ من أشْجَعَ يقال له: سعدُ بن طارقٍ، عن سلمةَ بن نُعيمِ بن مَسعودٍ الأشجعيِّ عن أبيه نعيم، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول لهما حين قرأ كتابَ مُسيلمةَ: "ما تقُولانِ أنتُما؟ " قالا: نقولُ كما قال، قال: "أما واللهِ لولا أنَّ الرُّسلَ لا تُقتَلُ لضربتُ أعناقَكُما" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الرحمن:. هو ابن جَوشَنٍ الغَطَفاني، ووكيع: هو ابنُ الجراح. وأخرجه النسائى في "المجتبى" (4747) من طريق عيينة بن عبد الرحمن، به. وهو في "مسند أحمد" (20377). وأخرجه النسائي في "المجتبى" (4748) من طريق الأشعث بن ثُرمُلة، وفي "الكبرى" (8691) من طريق الحسن البصري، كلاهما عن أبي بكرة. وهو في "مسند أحمد" (20383) و (20469)، و"صحيح ابن حبان" (4881) و (7382). والمعاهد: قال ابن الأثير في "النهاية": يجوز بكسر الهاء وفتحها على الفاعل والمفعول، وهو في الحديث بالفتح أشهر وأكثر، والمعاهد: من كان بينك وبينه عهد، وأكثر ما يطلق في الحديث على أهل الذمة، وقد يطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب مدة، وقوله: "في غير كهنه" كنه الأمر: حقيقته، وقيل: وقته وقدره، وقيل: غايته يعني مَن قتله في غير وقته، أو غاية أمره الذي يجوز فيه قتله. (¬2) حديث صحيح بطرقه وشاهده، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق وقد صرح بالسماع كما في "سيرة ابن هشام" 4/ 247 وغيرها، فانتفت شبهة تدليسه،=

2762 - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سفيانُ، عن أبي إسحاقَ عن حارثةَ بن مُضَرِّبِ أنه أتى عبدَ الله فقال: ما بيني وبين أحدٍ من العرب حِنَةٌ، وإني مررتُ بمسجدٍ لبني حَنيفةَ فإذا هم يؤمنون بمُسيلمةَ، فأرسل إليهم عبدُ الله، فجِيء بهم فاستتابَهم، غيرَ ابنِ النَّوّاحة قال له: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "لولا أنك رسولٌ لضربتُ عنقكَ" فأنتَ اليومَ لستَ برَسُولٍ، فأمر قَرَظَةَ بن كَعبِ فضرب عُنقَه في السوق، ثم قال: من أراد أن ينظُرَ إلى ابنِ النّوّاحةِ قتيلاَ بالسُّوق (¬1). ¬

_ وسلمة بن الفضْل -وهو الأبرش- من أوثق الناس في ابن إسحاق، وأتمهم روايةَ لسيرته، ومع ذلك فقد توبع. وأخرجه أحمد (15989)، والحاكم 2/ 142 - 143 من طريق سلمة بن الأبرش، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1309) من طريق جرير بن حازم، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2863)، وفي "شرح معاني الآثار" 3/ 318، والحاكم 3/ 52، والبيهقي في "السنن الكبرى"9/ 211، وفي "الدلائل" 5/ 332 من طريق يونس بن بكير، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وفي الباب عن ابن مسعود سيأتي عند المصنف بعده. (¬1) إسناده صحيح. وسماع سفيان -وهو الثوري- من أبي إسحاق -وهو عمرو ابن عبد الله السبيعى- قبل اختلاطه. وعبد الله: هو ابن مسعود. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8622) من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق، به. وهو في "مسند أحمد" (3642). وأخرجه النسائي (8623) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود رفعه: "لولا أنك رسولٌ -يعنى رسولاً لمسيلمة- لقتلتك". وهو في "مسند أحمد" (3708). قال الخطابي: قوله: "حنة" يريد الوِتر والضغن. واللغة الفصيحة: إحنة بالهمزة، قال الشاعر: إذا كان في نفس ابنِ عمِّك إحنَةٌ ... فلا تَسْتَثْرها، سَوْف يبدو دَفينُها =

165 - باب في أمان المرأة

165 - باب في أمان المرأة 2763 - حدَّثنا أحمد بن صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني عِياضُ بن عبدِ الله، عن مَخرمةَ بن سليمانَ، عن كُريبٍ، عن ابن عباس قال: حدَّثتني أُم هانئ بنتُ أبي طالبٍ: أنها أجارَتْ رجلا من المشركين يوم الفتح، فأتتِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- ,فذكرتْ ذلك له، فقال: "قد أجَرْنَا من أجَرْتِ وآَمَنَّا مَن آمَنْتِ" (¬1). ¬

_ = ويقال: فلان مواحن لفلان: إذا كان مضمراً له على عداوة. ويشبه أن يكون مذهب ابن مسعود في قتله من غير استتابة أنه رأى قول النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "لولا أنك رسول لضربت عنقك" حكماً منه لولا علة الرسالة، فلما ظفر به، وقد ارتفعت العلة أمضاه فيه، ولم يستأنف له حكم سائر المرتدين. وفيه حجة لمذهب مالك في قتل المستسر بالكفر، وترك استتابته. ومعلوم أن هؤلاء لا يمكنهم إظهار الكفر بالكوفة في مسجدهم، وهى دار الإسلام، وإنما كانوا يستبطنون الكفر ويُسرُّون الإيمان بمُسيلمة، فاطلع على ذلك منهم حارثة، فرفعهم إلى عبد الله، وهو والٍ عليها، فاستتاب قوماً منهم، وحقن بالتوبة دماءهم. ولعلهم قد كانت داخلتهم شبهة في أمر مسيلمة، ثم تبينوا الحقَّ، فراجعوا الدين، فكانت توبتهم مقبولة عند عبد الله، ورأى أن أمر ابن النواحة بخلاف ذلك، لأنه كان داعية إلى مذهب مسيلمة، فلم يعرض عليه التوبة، ورأى الصلاح في قتله. وإلى نحو من هذا ذهب بعض العلماء في أمر هؤلاء القرامطة الذين يلقبون بالباطنية. وأما قوله: "لولا أنك رسول لضربت عنقك" فالمعنى في الكف عن دمه: أن الله سبحانه قال: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6] فحقن له دمه، حتى يبلغ مأمنه، ويعود بجواب ما أرسل به، فتقوم به الحجة على مرسله. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، عياض بن عبد الله -وهو ابن عبد الرحمن الفهري- حسن الحديث في المتابعات والشواهد، وقد توبع. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (6832) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. =

166 - باب في صلح العدو

2764 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينةَ، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسودِ عن عائشة قالت: إن كانت المرأة لتجير على المؤمنين فيجوز (¬1). 166 - باب في صلح العدو 2765 - حدَّثنا محمدُ بن عُبيدِ، أن محمدَ بن ثور حدَّثهم، عن مَعمرٍ، عن الزُّهريِّ، عن عُروةَ بن الزبير ¬

_ = وأخرجه بنحوه البخاري (357) و (3171) و (6158)، ومسلم بإثر (719)، والترمذي (1670)، والنسائي في "الكبرى" (8631) من طريق أبي مرة مولى أم هانئ، عن أم هانىء. وهو في "مسند أحمد" (26892)، و"صحيح ابن حبان" (1188). قال الخطابي: في هذا حجة لمن ذهب إلى أن مكة فتحت عنوة، لأنه لو كان صلحاً لوقع به الأمان العام، فلم يحتج إلى إجازة أمان أم هانىء، ولا إلى تجديد الأمان من رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-. وأجمع عوام أهل العلم أن أمان المرأة جائز. وكذلك قال أكثر الفقهاء في أمان العبد، غير أن أصحاب الرأي فرقوا بين العبد الذي يقاتل، والذي لا يقاتل، فأجازوا أمانه إن كان ممن يقاتل، ولم يجيزوا أمانه إن كان لم يقاتل، فأما أمان الصبي، فإنه لا ينعقد، لأن القلم مرفوعٌ عنه. قلنا: وقوله: "آمَنّا من آمنتِ": بمد الهمزة، أي: أعطينا الأمان، "من آمنت" أي: أعطيتِه الأمان. (¬1) إسناده صحيح. الأسود: هو ابن يزيد النخعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومنصور: هو ابن المعتمر. وأخرجه الطيالسي (1396)، وسعيد بن منصور (2611)، والنسائي في "الكبرى" (8630)، والبيهقي 8/ 194، وابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 188 من طريق إبراهيم بن يزيد النخعي، به. قولها: فيجوز، أي: يُقبل أمانُها وجوارها.

عن المِسوَر بن مَخْرَمةَ، قال: خرجَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- زمنَ الحديبيةِ في بِضْعَ عَشرةَ مئةٍ من أصحابِه، حتى إذا كانوا بذِي الحُلَيفةِ قَلَّدَ الهديَ وأشعَرَهُ وأحرمَ بالعمرةِ، وساقَ الحديثَ، قال: وسارَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- حتى إذا كان بالثَّنِيّة التي يُهبَطُ عليهم منها بَرَكَتْ به راحلتُه، فقال الناسُ: حَلْ حَلْ خَلأتِ القَصْواءُ, مرتين، فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "ما خَلأتْ وما ذلكَ لها بخُلُقٍ، ولكن حَبَسها حابِسُ الفِيل" ثم قال: "والذي نفسي بيدِه لا يَسألوني اليومَ خُطَّةً يُعظِّمون بها حُرُماتِ اللهِ إلا أعطيتُهم إياها" ثم زَجَرها فوثَبتْ، فعَدلَ عنهم حتى نَزل بأقصى الحديبيةِ على ثَمَدٍ قليلِ الماء فجاءَه بُديلُ بن وَرقاءَ الخُزاعيُّ، ثم أتاه -يعني عروةُ بن مَسعودٍ- فجعل يكلم النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فكلما كلَّمه أخذ بلحيتِه، والمغيرةُ بن شُعبةَ قائمٌ على النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ومعه السيفُ وعليه المِغفَرُ، فضربَ يدَه بنعلِ السيف، وقال أخِّر يدَك عن لحيتِه، فرفَع عروةُ رأسَه، فقال: مَن هذا؟ قالوا: المُغيرة بن شعبةَ، فقال: أي غُدَرُ، أوَلستُ أسعى في غَدرتك؟ -وكان المغيرةُ صحبَ قوماً في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالَهم، ثم جاءَ فأسلمَ، فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: " أما الإسلامُ فقد قبِلْنا، وأما المالُ فإنه مالُ غَدْرٍ لا حاجةَ لنا فيه"- فذكر الحديثَ، فقالَ النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "اكتُبْ: هذا ما قاضَى عليه محمدٌ رسولُ الله" وقصَّ الخبَر، فقال سهيلٌ: وعلى أنه لا يأتيكَ منا رجلٌ وإن كان على دينك إلا رَدَدتَهُ إلينا، فلمّا فرَغَ من قضيةِ الكتابِ، قال النبي -صلَّى الله عليه وسلم- لأصحابِه: "قومُوا فانْحَروا، ثم احلِقُوا" ثم جاء نِسوةٌ مؤمناتٌ مهاجراتٌ، الآية (¬1)، فنهاهُم اللهُ أن ¬

_ (¬1) يعني الآية: (10) من سورة الممتحنة.

يَردُّوهُنَّ، وأمرهم أن يردُّوا الصَّدَاق، ثم رجع إلى المدينةِ، فجاءه أبو بَصيرٍ رجلٌ من قريشٍ -يعني فأرسلوا في طلبه- فدفَعه إلى الرجلين، فخَرجا به حتى إذا بلغَا ذا الحليفةِ نزَلُوا يأكلون من تمرٍ لهم، فقال أبو بَصيرٍ لأحدِ الرجلين: واللهِ إني لأرى سيفَكَ هذا يا فلانُ جيداً، فاستلَّه الآخَر، فقال: أجل قد جرَّبْتُ به، فقال أبو بَصيرٍ: أرِني أنظرْ إليه، فأمكَنَه منه، فضربه به حتى بَرَدَ، وفَرَّ الآخَرُ حتى أتى المدينةَ، فدخل المسجدَ يعْدُو، فقالَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- "لقد رأى هذا ذُعْراً" فقال: قُتِلَ واللهِ صاحبي وإني لَمَقتُولٌ، فجاء أبو بَصيرٍ فقال: قد أوفى اللهُ ذِمَتَك، فقد رددتَني إليهم ثم نَجَّاني اللهُ منهم، فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "وَيْلُ أمِّهِ مِسْعَرُ حَرْبٍ لو كان له أحدٌ" فلما سمع ذلك عرف أنه سيردُّه إليهم، فخرج حتىً أتى سِيفَ البحرِ، ويَنفَلِتُ أبو جَنْدَلٍ، فلحق بأبي بَصيرٍ حتى اجتمعتْ منهم عِصابة (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الزهري: هو محمد بن مسلم بن عُبيد الله بن عَبد الله بن شهاب, ومعمر: هو ابن راشد، ومحمد بن عُبيد: هو ابن حِساب الغُبَري. وأخرجه بأطول مما هاهنا بقصة صلح الحديبية جميعها البخاري (2731) (2732) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، بهذا الإسناد. وأخرج قصة الخروج إلى العمرة وإشعار الهدي وتقليده البخاري (1694) (1695)، والنسائي (2771) من طريقين عن معمر، به. وأخرج قصة المهاجرات البخاري (2711) و (2712) من طريق عقيل بن خالد، ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (18909) و (18910) و (18928)، و"ابن حبان" (4872). وقد سلفت قصة الخروج للعمرة وإشعار الهدي وتقليده عند المصنف برقم وستأتي عنده قصة عروة بن مسعود مع المغيرة بن شعبة برقم (4655). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الخطابي: قوله: "حَلْ حَلْ": كلمة معناها الزجر، يقال في زجر البعير: حل -بالتخفيف- ويقال: حَلحَلتُ الإبلَ إذا زجرتَها لتنبعث. وأما قوله: "خلأت القصواء" فإن. الخلأ في الإبل، كالحران في الخيل، ومنه قول زهير: بِآرِزَةِ الفَقَارَةِ لم يَخُنها ... قطافٌ في الركاب ولا خِلاءُ والقصواء: اسم ناقته، وكانت مقصوَّة الأُذنَ -وهو أن يقطع طرفاً من الأذن- يقال: نافة قصواء، ولم يقولوا: جمل أقصى، ومعناه المقصوة، جاء بلفظ فاعل ومعناه مفعول. وقوله: "ما خلأت، وما ذلك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل" يريد أن الخلاء لم يكن لها بخلق فيما مضى، ولكن الله حبسها عن دخول مكة كما حبس الفيل حين جاء به أبرهة الحبشي يريد هدم الكعبة واستباحة الحرم، ويشبه أن يكون المعنى في ذلك، وفي التمثيل بحبس الفيل أن أصحابه لو دخلوا مكة لوقع بينهم وبين قريش قتال في الحرم وأُريق فيه دماء، وكان منه الفساد والفناء، ولعل الله سبحانه قد سبق في علمه ومضى في قضائه أنه سيُسلم جماعة من أولئك الكفار في غابر الزمان، وسيخرج من أصلابهم قوم مؤمنون يعبدون الله ويوحدونه، فلو استُبيحت مكةُ، وأتى القتل عليهم لانقطع ذلك النسل، ولبطلت تلك العواقب. وقوله: "والذى نفسي بيده، لا يسألوني اليوم خطة يعظمون بها حُرُمات الله إلا أعطيتهم إياها" يريد -والله أعلم- المصالحة والجنوح إلى المسالمة، وترك القتال في الحرم، والكف عن إراقة الدم فيه، وهو معنى تعظيم حُرُمات الله. وقوله: "حتى نزل على ثمد"، فالثمد: الماء القليل، ويقال: ماء مثمود إذا كثرت عليه الشفاه حتى يفنى وينزف. قال: وأما مسُّ عروة بن مسعود لحية رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في أثناء مخاطبته وتناوله إياها بيده، فإن ذلك شكل من أشكال العرب وعادة من عاداتهم، يفعل الرجل ذلك بصاحبه إذا حدّثه، ويجري ذلك مجرى الملاطفة من بعضهم، وكان -صلَّى الله عليه وسلم- لا يدفعه عن ذلك، استمالة لقلبه، ولما كان يرجوه من إسلامه، ثم هداه الله بعدُ فحسُن إسلامه، وكان رئيسا في ثقيف، وكان المغيرة بن شعبة يمنعه من ذلك الفعل تعظيما لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وتوقيراً له وإجلالاً لقدره. وإنما يفعل الرجل ذلك بنظيره وخليطه المساوي له في الدرجة والمنزلة. =

2766 - حدَّثنا محمدُ بن العلاءِ، حدَّثنا ابنُ إدريسَ، سمعتُ ابنَ إسحاقَ، عن الزهريِّ، عن عُروةَ بن الزبيرِ ¬

_ = قال: وفي قيام المغيرة على رأس رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- دليل على أن إقامة الرئيس الرجال على رأسه في مقام الخوف ومواطن الحروب جائز، وأن الذي نهى عنه وتوعد فيه من قوله: "من أراد أن يمثُل له الرجال صفوفا فليتبوأ مقعده من النار" إنما هو فيمن فعل ذلك قاصداً به الكبر، وذاهباً فيه مذاهب النخوة والجبرية. وقوله: "أي غُدر" فهو نعت، يُنعت الرجلُ به عند المبالغة في الغَدْر. وفي قوله -صلَّى الله عليه وسلم- للمغيرة: "أما الإسلام فقد قبلنا، وأما المال، فإنه مالُ غدر، لا حاجة لنا فيه" دليل على أن أموال أهل الشرك -وإن كانت مباحة للمسلمين مغنومة إذا أخذوها منهم قهراً- فإنها ممنوعة بالأمان لهم، مردودة إلى أربابها إذا أخذت في حال المسالمة والأمان، وذلك أن المغيرة إنما صحِبهم صحبة الرفقاء في الأسفار"، والرفيق في السفر يأمن رفيقه على نفسه وماله، فكان ما أتاه المغيرة من سفك دمائهم وأخذ أموالهم غدراً منه، والغدر محظور غير جائز، والأمانة مؤادة إلى البرِّ والفاجر. ثم قال الخطابي: وفي إجابته -صلَّى الله عليه وسلم- إياهم إلى ذلك أن يرد إلى الكفار من جاءه منهم مسلماً، دليل على جواز أن يُقِرَّ الإمامُ فيما يصالح عليه العدو ببعض ما فيه الضيمُ على أهل الدين إذا كان يرجو لذلك فيما يستقبله عاقبةً حميدةً، سيما إذا وافق ذلك زمانَ ضعفِ المسلمين عن مقاومة الكفار، وخوفهم الغلبة منهم. قال: وفي أمر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أصحابه بعد فراغه من الكتاب أن ينحروا ويحلقوا رؤوسهم، دليل على أن من أحرم بحج أو عمرة فأُحْصِر بعدوٍّ، فإنه ينحر الهدي مكانه ويَحِلّ، وإن لم يكن بلغ هديهُ الحرم، والموضع الذي نحر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- هديه فيه بالحديبية حلٌّ، إذ كان مصدوداً عن دخول الحرم. وقوله في قصة أبي بصير: "فضربه بالسيف حتى برد" معناه حتى مات وسكنت منه حرارة الحياة، وأصل البرد: السكون والثبوت. وقوله: "ويلُ أمه مِسْعَر حرب" كلمة تعجب، يصفه بالمبالغة في الحروب، وجودة معالجتها، وسرعة النهوض فيها، يقال: فلان مسعر حرب: إذا كان أولَ من يوقد نارها ويَصلى حرَّها، من قولك: سعَّرت النار، إذا أوقدتَها، ومنه السعير: وهو النار الموقدة.

عن المسور بن مَخْرَمةَ ومروانَ بنِ الحكم، أنهم اصطلحوا على وضْعِ الحربِ عَشْرَ سنين يأمَنُ فيهنَّ الناسُ، وعلى أن بيننا عَيْبَةً مكفُوفةٌ، وأنه لا إسْلالَ ولا إغْلالَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع عند أحمد والبيهقي، فانتفت شبهة تدليسه. فأخرجه أحمد (18910) عن يزيد بن هارون، والبيهقي 9/ 221 و 227 من طريق يونس بن بكير، كلاهما عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. قال الخطابي: اختلفوا في المدة التي يجوز أن يُهادن إليها الكفار: فقال الشافعي: أقصاها عشر سنين، لا يُزادُ عليها، وما وراءها محظور، لأن الله سبحانه أمر بقتال الكفار، فاستثنينا ما أباحه رسولُ -صلَّى الله عليه وسلم- في قصة الحديبية، وما وراء ذلك محظور. وقال قوم: لا يجوز ذلك أكثرَ من أربع سنين. وقال قوم: ثلاث سنين، لأن الصلح لم يبق فيما بينهم أكثر من ثلاث سنين، ثم إن المشركين نقضوا العهد، فخرج رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- إلى مكة، وكان الفتح. وقال بعضهم: ليس لذلك حدٌّ معلوم، وهو إلى الإمام يفعل ذلك على حسب ما يرى من المصلحة. قلت (القائل الخطابي): كان سببُ نقضِ العهد: أن خزاعة كانت حلفاء رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقاتلهم بنو بكر، فأعانت قريش بنى بكر على خزاعة، فنقضوا بذلك العهد. وقوله: "عيبة مكفوفة" المكفوفة: المشرجة، وهي المشدودة بشَرَجها، أي: بعراها، والعيبة -هي وعاء تجعل فيه الثياب ونفيس المتاع- وهاهنا مَثَلٌ والمعنى: أن بيننا صدوراً سليمة، وعقائد صحيحة في المحافظة على العهد الذي عقدناه بيننا، وقد يشبه صدر الإنسان الذي هو مستودع سره وموضع مكنون أمره بالعيبه التي يودعها حُرَّ متاعه، ومصون ثيابه، قال الشاعر: وكادت عِيابُ الوُدِّ مِنا ومِنكُمُ ... وإن قِيل أبناءُ العمومةِ تَصفَرُ أراد بعياب الودِّ: صدورهم. وقوله: "لا إسلال ولا إغلال" فإن "الإسلال" من السلة، وهى السرقه، و"الإغلال" الخيانة، يقال: أغل الرجلُ -إذا خان- إغلالاً، وغل في الغنيمة غلولاً. =

167 - باب في العدو يؤتى على غرة ويتشبه بهم

2767 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا عيسى بن يونُسَ، حدَّثنا الأوزاعي، عن حسانَ بن عطيةَ قال: مَال مكحولٌ وابنُ أبيِ زكريا إلى خالد بن مَعْدَانَ، ومِلْتُ معهما، فحدَثنا، عن جُبَيرِ بن نُفير قال: قال جبيرٌ: انطَلِقْ بنا إلى ذي مِخبَرٍ -رجلِ من أصحابِ النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-- فأتيناهُ، فسأله جبيرٌ عن الهُدنةِ، فقال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "ستُصَالِحون الرومَ صُلْحاً آمِناً، وتَغزُون أنتم وهم عَدُوّاً من ورائِكم" (¬1). 167 - باب في العدوِّ يُؤتى على غِرَّةٍ ويُتَشَبّه بهم 2768 - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا سفيانُ، عن عَمرو بن دينار عن جابرٍ، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَنْ لِكعبِ بن الأشْرفِ، فإنه قد آذى اللهَ ورسولَه؟ " فقامَ محمدُ بن مَسْلَمةَ فقال: أنا يا رسول الله، أتحبُّ أن أقتُلَه؟ قال: "نعم"، قال: فأذَنْ لي أن أقولَ شيئاً، قال: "نعم، قُل" فأتاه فقال: إن هذا الرجلَ قد سألنا الصدقةَ، وقد عَنّانا، ¬

_ = يقول: إن بعضنا يأمن بعضاً في نفسه ومالِه، فلا يتعرض لدمه ولا لماله سراً ولا جهراً، ولا يخرنُه في شيء مِن ذلك. وقال بعضهم: معنى "الإغلال" لبس الدرع للحرب، و"الإسلال"سلّ السيف، وزيّف أبو عبيد هذا القول ولم يرتضه. (¬1) إسناده صحيح. عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السبيعي. وأخرجه ابن ماجه (4089) من طريق عيسى بن يونس، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (4089/ م) من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، به. وهو في "مسند أحمد" (16825) عن روح بن عبادة، و"صحيح ابن حبان" (6708) و (6709) من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما عن الأوزاعى. وسيتكرر عند المصنف بأطول مما هاهنا برقم (4292).

قال: وأيضاً لتَمَلُّنَّهُ، قال: اتّبعناه فنحن نكرَه أن ندَعَه حتى ننظرَ إلى أيّ شيءٍ يصيرُ أمْرُه، وقد أردنا أن تُسْلِفَنا وَسْقاً أو وَسْقينِ، قال كعب: أيَّ شيءٍ تُرهنوني؟ قالوا: وما تريدُ منا؟ قال: نسائكم، قالوا: سبحان الله، أنت أجملُ العربِ، نُرهنكَ نساءَنا فيكونُ ذلك عاراً علينا، قال: فترهنوني أولادَكم، قالوا: سبحان الله يُسَبُّ ابنُ أحدِنا فيقال: رُهِنتَ بوَسْقٍ أو وَسْقين، قالوا: نُرهنك اللأمةَ؟ -يريد السلاح- قال: نعم، فلما أتاه ناداه فخرجَ إليه، وهو مُتطيِّبٌ ينضَحُ رأْسُه، فلما أن جَلَس إليه وقد كان جاء معه بنفرٍ ثلاثةٍ أو أربعة، فذَكرُوا له، قال: عندي فلانةُ وهي أعطَرُ نساءِ الناس، قال: تأْذنُ لي فأشَمَّ؟ قال: نعم، فأدخلَ يدَه في رأسِه فشمَّه، قال: أعودُ؟ قال: نعم، فأدخلَ يدَه في رأْسِه، فلما استمكن منه، قال: دونكم، فضربُوه حتى قتلُوه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (2510) و (4037)، ومسلم (1801)، والنسائي في "الكبرى" (8587) من طريق سفيان بن عيينة، به. وهو في "شرح مشكل الآثار" (200). وقوله: - صلى الله عليه وسلم - "مَن لكعب بن الأشرف؟ ". قال ابن إسحاق: كان عربياً من بني نبهان وهم بطن من طيىء، وكان أبوه أصاب دماً في الجاهلية، فأتى المدينة، فحالف بني النضير، فشرف فيهم، وتزوج عقيلة بنت أبي الحقيق، فولدت له كعباً، وكان طويلاً جسيماً ذا بطن وهامة، وهجا المسلمين بعد وقعة بدر، وخرج إلى مكة، فنزل على ابن وداعة السهمي والد المطلب فهجاه حسان وهجا امرأته عاتكة بنت أسيد بن العيص بن أمية فطردته، فرجع كعب إلى المدينة وتشبب بنساء المسلمين حتى آذاهم ... وذكر ابن سعد أن قتله كان في ربيع الأول من السنة الثالثة. =

168 - باب في التكبير على كل شرف في المسير

2769 - حدَّثنا محمدُ بن حُزَابة، حدَّثنا إسحاقُ -يعني ابنَ منصورٍ- حدَّثنا أسباطٌ الهَمدانيُّ، عن السُّدِّىِّ، عن أبيه عن أبي هريرةَ، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "الإيمانُ قَيَّدَ الفَتْكَ، لا يَفْتِكُ مُؤمِنٌ" (¬1). 168 - باب في التكبير على كل شَرَفٍ في المسير 2770 - حدَّثنا القَعنَبيّ، عن مالك، عن نافع ¬

_ = قال الخطابي: في هذا من الفقه: إسقاط الحرج عمن تأول الكلام، فأخبر عن الشيء لما لم يكن إذا كان يريد بذلك استصلاح أمر دينه أو الذبّ عن نفسه وذويه، ومثل هذا الصنيع جائز في الكافر الذي لا عهد له، كما جاز البياتُ والإغارة عليهم في أوقات الغِرّة وأوان الغفلة. وكان كعب هذا لهج بسب النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وهجائه, فاستحق القتل مع كفره بِسَبِّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-. وقد ذهب معنى ذلك على قوم فتوهموا أن ذلك الصنيع من قتله كان غدراً أو فتكاً، وقد حرم رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- الفتك. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة والد السدي، واسمه عبد الرحمن ابن أبي كريمة. والسدي: اسمه إسماعيل. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 122 - 123، والبخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 403، وابن أبي عاصم في "الديات " ص 52 - 53، والحاكم 4/ 352، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"10/ 387، والمزي في ترجمة عبد الرحمن بن أبي كريمة من "تهذيب الكمال "، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 17/ 28، وفي "تذكرة الحفاظ" 3/ 1020 من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي، به. وفي الباب عن الزبير بن العوام عند عبد الرزاق (9676) و (9677)، وابن أبي شيبة 15/ 123 و 279، وأحمد (1426) وإسناده حسن في الشواهد. وعن معاوية بن أبي سفيان عند أحمد (16832) وإسناده حسن في الشواهد. وبمجموع هذه الشواهد يصح الحديث. قال الخطابي: الفتك إنما هو فُجاةُ قتلِ مَن له أمانٌ، وكان كعب بن الأشرف ممن خلع الأمان ونقض العهد.

169 - باب في الإذن في القفول بعد النهي

عن عبدِ الله بن عُمَر: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان إذا قَفَلَ من غَزْوٍ أو حج أو عُمْرةٍ يُكبِّر على كل شَرَفٍ من الأرض ثلاثَ تكبيراتٍ، ويقولُ: "لا إله إلا الله وحدَه، لا شريكَ له، له المُلكُ، وله الحمدُ، وهو على كل شيءٍ قدير، آيِبون، تائِبون، عابِدون، ساجِدون، لِربنا حامِدُون، صدق اللهُ وعْدَه، ونَصَر عبدَه، وهَزَم الأحزابَ وحدَه" (¬1). 169 - باب في الإذن في القُفول بعد النهي 2771 - حدَّثنا أحمد بن محمد بن ثابت المَروزيُّ، حدثني على بن حُسين، عن أبيه، عن يزيدَ النحويِّ، عن عكرمةَ عن ابنِ عباس قال: {لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 44] نسخَتْها التي في النُّور: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} إلى قوله {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 62] (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلَمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 421. وأخرجه البخاري (1797)، ومسلم (1344)، والترمذي (971)، والنسائي في "الكبرى" (4229) و (10297) و (10298) من طرق عن نافع، به. وأخرجه البخاري (2995)، والنسائي في "الكبرى" (4230) و (10298) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه. وهو في "مسند أحمد" (4496)، و"صحيح ابن حبان" (2707). وانظر ما سلف برقم (2599). (¬2) إسناده حسن من أجل علي بن الحسين -وهو ابن واقد المروزي-، فهو صدوق حسن الحديث. يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد. وأخرجه البيهقي 9/ 173 - 174، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن " ص 367 - 368 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. =

170 - باب في بعثة البشراء

170 - باب في بعثةِ البُشَراء 2772 - حدَّثنا أبو توبةَ الربيعُ بن نافعٍ، حدَّثنا عيسى، عن إسماعيلَ، عن قَيسٍ ¬

_ = وأخرجه الطبري في "تفسيره"10/ 143 عن محمد بن حميد الرازي، عن يحيى ابن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قولهما. ومحمد بن حميد متروك. وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في "الناسخ والمنسوخ" (357)، وابن الجوزي ص 367 من طريق حجاج بن محمد، عن ابن جريج (وقرن به أبو عبيد عثمان ابن عطاء)، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس. وعطاء الخراساني لم يسمع من ابن عباس. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (2414) من طريق يونس بن راشد، عن عطاء الخراساني، عن عكرمة، عن ابن عباس. وقد جاء عن ابن عباس ما يخالف ذلك بما يفيد عدم النسخ، وهو ما أخرجه أبو عبيد (356)، والطبري10/ 143 من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح، عن على بن أبي طلحة، عن ابن عباس في قوله: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة: 45] قال: هذا تعيير للمنافقين حين استأذنوه في القعود عن الجهاد في غير عذر، وعَذَر اللهُ المؤمنين، فقال: {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: 62]. وأخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 202 من طريق عبد الله بن صالح، لكن جعله من قول على بن أبي طلحة! وإلى القول بعدم النسخ، وإحكام الآيتين ذهب الطبري وأبو جعفر النحاس وابن الجوزي، وحكاه ابن الجوزي عن أبي سليمان الدمشقي. قال ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 368: الصحيح أنه ليس للنسخ هاهنا مدخل، لإمكان العمل بالآيتين، وذلك أنه إنما عاب على المنافقين أن يستأذنوه في القعود عن الجهاد من غير عذرِ، وأجاز للمؤمنين الاستئذان لما يعرض لهم من حاجة، وكان المنافقون إذا كانوا معه، فعرضت لهم حاجة، ذهبوا من غير استئذانه.

171 - باب في إعطاء البشير

عن جَريرِ، قال: قال لي رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ألا تُريحُني من ذي الخَلَصَة؟ " فأتاها فحرَّقَها، ثم بعثَ رجلاً من أحمَسَ إلى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - يُبشِّره، يكنى أبا أرطاةَ (¬1). 171 - باب في إعطاءِ البشير 2773 - حدَّثنا ابن السَّرحِ، أخبرنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني يونسُ، عن ابن شهابٍ، قال: فأخبرنى عبدُ الرحمن بن عبد الله بن كَعْب بن مالكٍ, أن عبدَ الله ابن كعْبٍ قال: سمعتُ كعبَ بن مالكٍ قال: كانَ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- إذا قَدِمَ من سفرٍ بدأ بالمسجدِ، فركع فيه ركعتَين، ثم جلس للناسِ، وقَصَّ ابنُ السَّرْحِ الحديثَ، قال: ونهى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- المسلمينَ عن كلامنا أيها الثلاثةُ، حتى إذا طالَ علي تَسَوَّرْتُ جدارَ حائطِ أبي قتادةَ -وهو ابنُ عمي- فسلمتُ عليه، فوالله ما ردَّ على السلامَ، ثم صليتُ الصبحَ صباحَ خمسينَ ليلةً على ظهرِ بيتِ من بيُوتنا، فسمعتُ صَارِخاً: يا كَعْبَ بنَ مالكٍ أبشِر، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الله البَجَلي، وقيس: هو ابن أبي حازم، وإسماعيل: هو ابنُ أبي خالد، وعيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. وأخرجه البخاري (3020)، ومسلم (2476)، والنسائي في "الكبرى" (8245) و (8558) و (8618) و (10281) من طريق قيس بن أبي حازم، به. ولم يذكر النسائي في الموضعين الأول والأخير قصة البشير، وجعله في الموضع الثاني جريراً نفسه أنه هو الذي جاء بالخبر. قال المنذري في "مختصر السنن": وأبو أرطاة: اسمه الحصين بن ربيعة. له صحبة. والخَلَصة: بفتح الخاء المعجمة، وبعدها لام مفتوحة، وصاد مهملة مفتوحة، ويقال: بضمهما، وقيل: بفتح الخاء وسكون اللام: هو بيت صنم ببلاد دَوْس. وقيل: ذو الخلصة، اسم الصنم، لا اسمُ بيته.

172 - باب في سجود الشكر

فلما جاءني الذي سمعتُ صوتَه يُبشِّرني نزعتُ له ثوبَيَّ فكسوتُهما إياه، فانطلقتُ حتى دخلتُ المسجدَ فإذا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- جالسٌ، فقامَ إليَّ طلحةُ بن عُبيدِ الله يُهرْوِلُ حتى صافحني وهَنّأني (¬1). 172 - باب في سُجودِ الشُّكْر 2774 - حدَّثنا مَخلَدُ بن خَالدٍ، حدَّثنا أبو عاصم، عن أبي بكْرةَ بكارِ بن عبد العزيز، أخبرني أبي عبدُ العزيز عن أبي بكْرةَ، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: أنه كان إذا جاءَه أمْرُ سرُورٍ -أو يُسَرُّ بهِ خرَّ ساجداً شاكراً للهِ تعالى (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يونُس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله، وابن السَّرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السَّرْح أبو الطاهر. وأخرجه مطولاً البخاري (4418)، ومسلم (2769) من طريق ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. وأخرج قصة صلاة الركعتين منه النسائى في "المجتبى" (731) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وأخرج قصة البشارة وتهنئة طلحة بن عبيد الله النسائي في "الكبرى" (11168) من طريق ابن شهاب، به. وهو في "مسند أحمد" (15789) و (27175)، وفي "صحيح ابن حبان" (3370). وستأتي قصة صلاة الركعتين برقم (2781). وقصة كعب مع أبي قتادة برقم (4600). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف بكار بن عبد العزيز. وأخرجه ابن ماجه (1394)، والترمذي (1668) من طريق بكار بن عبد العزيز، به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (20455). ويشهد له حديث البراء بن عازب عند الطبري في "تاريخه" 2/ 197، والبيهقي 2/ 369 وصححه المنذري في "مختصر السنن" والذهبي في "تاريخ الإسلام "والبيهقي. وحديث عبد الرحمن بن عوف عند أحمد (1662) وهو حديث حسن.

2775 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ، حدَّثنا ابن أبي فُدَيكٍ، حدثني مُوسى بن يَعقوبَ، عن ابنِ عُثمانَ -قال أبو داودَ: وهو يحيى بنُ الحسن بنِ عثمانَ- عن أشعثَ بن إسحاقَ بن سَعدٍ، عن عامرِ بن سَعدٍ عن أبيه، قال: خرجْنا مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- من مكةَ نريدُ المدينةَ، فلما كنا قريباً من عَزوَرَا، نَزلَ ثمَّ رفع يديه فدعا اللهَ ساعةً، ثم خَرَّ ساجداً، فمكثَ طويلاً، ثم قامَ فرفعَ يديه فدعا اللهَ ساعةً ثم خَرَّ ساجِداً، فمكثَ طويلاً، ثم قامَ فرفعَ يدَيه ساعةً ثمَ خَرّ ساجداً، ذكرَه أحمدُ ثلاثاً، قال: "إني سألتُ ربِّي، وشَفَعْتُ لأُمتي، فأعطاني ثُلُثَ أُمتي، فخرَرْتُ ساجداً شكراً لربي، ثم رفعتُ رأْسي فسألتُ ربِّي لأمتي، فأعطاني ثُلُثَ أُمتي فخَررتُ ساجداً لربي شُكراً، ثم رفعتُ رأسي فسألتُ ربي لأُمتي فأعطاني الثُّلثَ الآخِر، فخررتُ ساجداً لربي" (¬1). ¬

_ = وحديث سعد بن أبي وقاص الآتى بعده. وإسناده ضعيف. وحديث أنس بن مالك عند ابن ماجه (1392) وفي اسناده ابن لهيعة، وهو سيئ الحفظ. وموقوفاً من فعل كعب بن مالك عند البخاري (4418)، ومسلم (2769). وانظر تمام شواهده في "مسند أحمد" (20455). (¬1) إسناده ضعيف لضعف موسى بن يعقوب، وجهالة يحيى بن الحسن بن عثمان. ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم. وأخرجه محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (234)، والبيهقي 2/ 370 من طريق ابن أبي فُديك، بهذا الإسناد. وعزورا: بفتح العين وسكون الزاي وفتح الواو، وفتح الراء بالقصر، ويقال فيها: عَزْوَر: ثنية (هضبة) الجحفة عليها الطريق من المدينة إلى مكة، قال إبراهيم بن هرمة: تَذكَّر بعد النأي هنداً وشَفْغرا ... فقصَّرَ يقضي حاجة ثم هَجَّرا ولم ينس أظعاناً عرضنَ عشيّةً ... طوالعَ مِن هرشى قواصد عَزورا

173 - باب في الطروق

قال أبو داودَ: أشعثُ بن إسحاقَ أسقطَه أحمدُ بن صالحٍ حين حدَّثنا به، فحدَّثني به عنه مُوسى بن سَهْلٍ الرّمْلىُّ. 173 - باب في الطُّرُوق 2776 - حدَّثنا حفصُ بن عمرَ ومُسلمُ بن إبراهيمَ، قالا: حدَّثنا شُعبةُ، عن محارِبِ بن دِثارٍ عن جابر بن عبد الله، قال: كانَ رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يكرَه أن يأتي الرجُل أهْلَهُ طُرُوقاً (¬1). 2777 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جَرير، عن مُغيرةَ، عن الشعبىِّ عن جابر بن عبد الله، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ أحسن مَا دخَلَ الرجلُ على أهله إذا قَدِمَ من سفرِ أولُ اللَّيل" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (1801) و (5243)، ومسلم بإثر (1928)، والنسائي في "الكبرى" (9096) من طريق محارب بن دثار، به. وأخرجه الترمذي (2909) من طريق نبيح العنزي، عن جابر بن عبد الله. وهو في "مسند أحمد" (14191)، و"صحيح ابن حبان" (4182). وانظر ما بعده وما سيأتي برقم (2778). قال الخطابي: "طروقاً" أي: ليلا. يقال لكل ما أتاك ليلاً: طارق، ومنه قوله تعالى: {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} أي: النجم، لأنه يطرق بطلوعه ليلاً. (¬2) إسناده صحيح. الشعبى: هو عامر بن شراحيل، ومغيرة: هو ابن مِقسَم، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه بنحوه البخاري (5244)، ومسلم بإثر (1928)، والنسائي في "الكبرى" (9097) (9089) من طريق عاصم بن سليمان الأحول، عن الشعبي، به بلفظ: "إذا أطال أحدكم الغيبة، فلا يطرق أهله ليلاً" لفظ البخاري، ولفظ الآخرين حكاية نهي. =

2778 - حدَّثنا أحمد بن حَنْبلٍ، حدَّثنا هُشَيم، أخبرنا سَيَّارٌ، عن الشعبيِّ عن جابرِ بن عبد الله، قال: كنا مع النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- في سَفَرٍ، فَلمَّا ذهبنا لِنَدخُلَ قال: " أمهِلُوا حتى نَدخُل ليلاً، لكي تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وتَسْتَحِدَّ المُغِيبةُ" (¬1). قال أبو داودَ: قال الزهْريُّ: الطَّرْقُ بعد العشاء. قال أبو داودَ: وبعدَ المغربِ لا بأسَ به. ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (15265). وانظر ما قبله، وما بعده. قال الحافظ في "الفتح" 9/ 340: التقييد فيه بطول الغيبة يشير إلى أن علة النهي إنما توجد حينئذ، فالحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فلما كان الذي يخرج لحاجته مثلاً نهاراً، ويرجع ليلاً لا يتأتى له ما يحذر من الذي يطيل الغيبة، كان طول الغيبة مظنة الأمن من الهجوم، فيقع للذي يهجم بعد طول الغيبة غالبا ما يكره: إما أن يجد أهله على غير أهبة من التنظيف والتزين المطلوب من المرأة، فيكون ذلك سبب النفرة بينهما، وقد أشار إلى ذلك بقوله في الحديث الآتي: "لكى تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة"، ويؤخذ منه كراهة مباشرة المرأة في الحالة التي تكون فيها غير متنظفة، لئلا يطلع منها على ما يكون سببا لنفرته منها، وإما أن يجدها على حالة غير مرضية والشرع محرض على الستر. (¬1) إسناده صحيح. سيار: هو أبو الحكم العَنَزي، وهُشيم: هو ابن بشير الواسطي. وأخرجه البخاري (5079) و (5245 - 5247)، ومسلم بإثر (1928)، والنسائي في "الكبرى" (9099) و (9100) من طريق سيار أبي الحكم، به. وهو في "مسند أحمد" (14184)، و"صحيح ابن حبان" (2714). وانظر سابقيه. قال الخطابي: "وتستحد" أي: تصلح من شأن نفسها، والاستحداد مشتق من الحديد، ومعناه الاحتلاق بالموسى، يقال: استحد الرجل إذا احتلق بالحديد، واستعان بمعناه: إذا حلق عانته.

174 - باب في التلقي

174 - باب في التَّلقّي 2779 - حدَّثنا ابنُ السرح، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ عن السائبِ بن يزيدَ، قال: لما قَدِمَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- المدينةَ من غَزْوَةِ تبوك تَلَقّاه الناسُ فَلَقِيتهُ مع الصبيان على ثَنِيَّة الوَداع (¬1). 175 - باب فيما يُستحبّ من إنفادِ الزادِ في الغزو إذا قفل 2780 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، أخبرنا ثابتٌ البُنَانيُّ عن أنس بن مالك: أن فتى من أسْلَمَ قال: يا رسولَ اللهِ، إني أُريدُ الجهادَ، وليس لي مالٌ أتجهزُ به، قال: "اذهبْ إلى فلانٍ الأنصاريِّ فإنه قد تجهز فمرِضَ، فقُل له: إن رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يُقرئك السلامَ، وقُل لَه: ادفعْ إلىّ ما تجهزتَ به" فأتاهُ فقالَ له ذلك، فقال لامرأته: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وابن السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح أبو الطاهر. وأخرجه البخاري (3083)، والترمذي (1815) من طريق سفيان بن عيينة، به. وهو في "مسند أحمد" (15721)، و"صحيح ابن حبان" (4792). قال المنذري في "اختصار السنن": فيه تمرين الصبيان على مكارم الأخلاق، واستجلاب الدعاء لهم. قال: وقال المُهلّب (قلنا: وهو أحد شراح البخاري): التلقي للمسافرين والقادمين من الجهاد والحج بالبشر والسرور أمرٌ معروف، ووجه من وجوه البر. وغزوة تبوك كانت في شهر رجب سنة تسع من الهجرة انظر خبرها في "زاد المعاد" 3/ 526 - 537 الثنية: ما ارتفع من الأرض، وقيل: الطريق في الجبل. وثنية الوداع: هي من ناحية الشام لا يراها القادم من مكة إلى المدينة، ولا يمر بها إلا إذا توجه إلى الشام.

176 - باب في الصلاة عند القدوم من السفر

يا فلانةُ، ادفعي له ما جهَّزْتيني به ولا تحبِسي منه شيئا، فوالله لا تحبسينَ منه شيئا فيبارَكَ لَكِ فيه (¬1). 176 - باب في الصلاةِ عند القُدوم من السفر 2781 - حدَّثنا محمد بن المتوكِّل العَسقلانيُّ والحسنُ بن علىٍّ، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزّاق، أخبرني ابنُ جُريجٍ، أخبرني ابنُ شِهابٍ، أخبرني عبدُ الرحمن ابن عبدِ الله بن كعبِ بن مالكٍ، عن أبيه عبدِ الله بن كعبٍ وعمّه عُبيدِ الله بن كعبٍ عن أبيهما كعب بن مالكِ: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان لا يَقدَمُ من سفرِ إلا نهارا -قال الحسنُ: في الضُّحَى- فإذا قدِمَ من سَفَرِ أتى المسجدَ فرَكَعَ فيه ركعتين ثم جلس فيه (¬2). 2782 - حدَّثنا محمدُ بن مَنصور الطُّوسِيُّ، حدَّثنا يعقوبُ، حدَّثنا أبي، عن ابنِ إسحاقَ، حدَّثني نافعٌ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثابت البُناني: هو ابن أسلم، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم (1894) من طريق حماد بن سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (13160)، و"صحيح ابن حبان" (4730). (¬2) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني. وهو في "مصنف عبد الرزاق " (4864). وأخرجه البخاري (3088)، ومسلم (716)، والنسائي في "الكبرى" (8723) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15775). وانظر ما سلف برقم (2773). تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنه من نسخة برواية أبي عيسى الرملي. وأورده المزي في "الأطراف" (11132)، وقال: حديث العسقلانى والخلال في رواية أبي الحسن بن العبد وأبي بكر ابن داسه، ولم يذكره أبو القاسم.

177 - باب في كراء المقاسم

عن ابن عمر: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- حين أقبلَ من حَجَّتِهِ دخلَ المدينةَ، فأناخَ على بابِ مَسْجدِه، ثم دخلَه، فركَع فيه ركعتَين، ثم انصرفَ إلى بيتهِ، قال نافعٌ: فكانَ ابنُ عمرَ كذلك يصنَعُ (¬1). 177 - باب في كِراءِ المَقاسِم 2783 - حدَّثنا جعفرُ بن مُسافرِ التِّنِّيسيُّ، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، أخبرنا الزَّمْعِيُّ، عن الزبيرِ بن عثمانَ بن عبدِ الله بن سُراقةَ (¬2)، أن محمدَ بن عبدِ الرحمن بن ثوبانَ أخبرَه أن أبا سعيدٍ الخُدريَّ أخبره، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إياكُم والقُسامَةَ" قال: فقُلْنا: وما القُسامَةُ؟ قال: الشيءُ يكونُ بين الناسِ فيُنْتَقَصُ منه" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل ابن إسحاق -وهو محمد- وقد صرح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه. يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري. وأخرجه أحمد في "مسنده" (6132) من طريق محمد بن إسحاق، به. (¬2) وقع في أصولنا الخطية هنا اختلاف في هذا الإسناد، فالذي في (أ) و (ب) و (ج): عن الزبير بن عثمان، عن عبد الله بن عبد الله بن سُراقة، وجاء في (هـ): عن الزبير بن عثمان بن عبد الله بن عبد الله بن سُراقة، قال المزي في "تهذيب الكمال" 15/ 177 عن الإسناد الذي جاء في (أ) و (ب) و (ج): هكذا وقع في بعض النسخ المتأخرة من "سنن أبي داود" في باب كراء المقاسم من كتاب الجهاد، وهكذا ذكره صاحب "الأطراف"وهو وهم، والصواب: عن الزبير بن عثمان بن عبد الله بن سراقة. هكذا وقع في عامة الأصول العتيقة الصحيحة. وهكذا ذكره البخاري في "التاريخ" وغير واحد. قلنا: يحتمل أن يكون ما جاء في (هـ) صواباً، ويكون عبدُ الله والد عثمان اسمه عبد الله أيضاً، وأنه كان ينسب لجده أحياناً فيقال: عبد الله بن سراقة. (¬3) حديث محتمل للتحسين بشاهده المرسل بعده، وهذا إسناد ضعيف لضعف الزمعي -واسمه موسى بن يعقوب- وجهالة الزبير بن عثمان بن عبد الله بن سراقة. ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم. =

178 - باب في التجارة في الغزو

2784 - حدَّثنا القَعنبي، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمد- عن شَريك -يعني ابنَ أبي نَمِر- عن عطاء بن يَسارٍ، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- نحوَه، قال: "الرجلُ يكونُ على الفِئامِ من الناسِ، فيأخُذُ من حَّظ هذا وحَظِّ هذا" (¬1). 178 - باب في التجارة في الغزو 2785 - حدَّثنا الربيعُ بن نافعٍ، حدَّثنا معاويةُ -يعني ابنَ سلام- عن زيدٍ -يعني ابنَ سلام- أنه سمع أبا سلَّام يقولُ: حدثني عُبيد الله بن سَلْمان أن رجلاً من أصحابِ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- حدَّثه قال: لما فَتَحنا خيبرَ أخرَجُوا غنائمَهم من المتاعِ والسَّبْيِ، فجعلَ الناسُ يتبايعونَ غنائمهم، فجاء ¬

_ = وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (8281)، والبيهقي 6/ 356 من طريق ابن أبي فُديك، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. قال الخطابي: "القسام" مضمومة القاف: اسم لما يأخذه القسام لنفسه في القسمة كالنّشارة لما يُنشر، والفُصالة لما يفصل، والعُجالة لما يُعجّل للضيف من الطعام. قال: وليس في هذا تحريم لأجرة القسام إذا أخذها بإذن المقسوم لهم، وإنما جاء هذا فيمن ولي أمر قوم فكان عريفاً عليهم، أو نقيباً. فإذا قسم بينهم سهامهم أمسك منها شيئاً لنفسه يستأثر به عليهم. وقد جاء بيان ذلك في الحديث الآخر. (¬1) حديث محتمل للتحسين، وهذا مرسل رجاله ثقات. القعنبى: هو عبد الله ابن مسلمة بن قعنب، وعبد العزيز بن محمد: هو الدَّرَاوردي. وأخرجه البيهقي 6/ 356 من طريق زهير بن محمد ومن طريق عبد العزيز بن محمد، كلاهما عن شريك بن أبى نمر، به. وانظر ما قبله. قال الخطابي: الفئام: الجماعات. قال الفرزدق: فئام ينهضون إلى فئام.

179 - باب حمل السلاح إلى أرض العدو

رجلٌ فقال: يا رسولَ اللهِ، لقد ربحتُ ربحاً ما ربحَ اليومَ مثلَه أحدٌ من أهل هذا الوادي، قال: "ويحك وما ربحتَ؟ " قال: ما زلتُ أبيعُ وأبتاعُ حتى ربحتُ ثلاثَ مئةِ أُوقيّةٍ، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: " أنا أُنبئكَ بخيرِ رَجُلٍ ربحَ" قال: ما هو يا رسول الله؟ قال: "ركعتَين بعدَ الصلاةِ" (¬1). 179 - باب حَمل السلاحِ إلى أرض العدوِّ 2786 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا عيسى بن يونُس، أخبرني أبي، عن أبي إسحاقَ عن ذي الجَوْشَنِ -رجلٍ من الضِّبَاب- قال: أتيتُ النبىَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بعد أن فرغ من أهلِ بدرٍ بابنِ فرسٍ لي يقال لها: القَرْحاء، فقلتُ: يا محمدُ، اني قد جئتُك بابنِ القَرْحاءِ لِتتَّخذَه، قال: "لا حاجةَ لي فيه، وإن شئتَ أن أُقَيِّضَك به المُخْتارَة من دُروع بدرٍ فَعْلتُ" قلتُ: ما كنت أُقيِّضُه اليومَ بغُرَّةٍ، قال: "فلا حاجةَ لي فيهِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عُبيد الله بن سلمان. وأخرجه البيهقي 6/ 332 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. قلنا: وقد ثبت عنه -صلَّى الله عليه وسلم- فيما أخرجه النسائي (4645) وغيره: أنه نهى عن بيع المغانم حتى تُقسم، وهذا يدل بمفهومه على جواز البيع والشراء للغنائم في الغزو بعد قسمتها، والله تعالى أعلم. (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه. أبو إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي- لم يسمع من ذي الجوشن، وإنما سمعه من ابنه شمر عنه، نص على ذلك سفيان الثوري عن عبد الله بن أحمد في "زوائده على المسند" لأبيه (15966/ 2)، وابن أبي حاتم في "المراسيل" ص 146، وأبو القاسم البغوي فيما نقله عنه المنذري في "اختصار السنن"، وقال المنذري: الحديث لا يثبت، فإنه دائر بين الانقطاع، أو رواية من لا يُعتمد على روايته. قلنا: يعني بذلك جهالة شمر، والله أعلم. =

180 - باب في الإقامة بأرض الشرك

180 - باب في الإقامة بأَرض الشركِ 2787 - حدَّثنا محمدُ بن داودَ بن سُفيانَ، حدَّثنا يحيى بنُ حسانَ، أخبرنا سليمانُ بن مُوسى أبو داودَ، حدَّثنا جعفرُ بن سَعدِ بن سَمُرةَ بن جُندب: حدثني خُبيبُ بن سُليمانَ، عن أبيه سليمانَ بن سَمُرَة عن سَمُرةَ بن جُندب: أما بعدُ، قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَن جامعَ المُشرِكَ وسكنَ معهُ فإنَّهُ مِثْلُه" (¬1). آخر كتاب الجهاد ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 375 - 376، وابن سعد 6/ 47، وأحمد (15965)، وابن أبي عاصم في" الآحاد والمثاني" (1506)، والطبراني في "الكبير" (7216)، والبيهقي 9/ 108 من طريق عيسى بن يونس، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند" لأبيه (15966) من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن ذي الجوشن أبي شمر الضبابى نحو هذا الحديث قال سفيان: فكان ابن ذي جوشن جاراً لأبي إسحاق، لا أُراه إلا سمعه منه. قال الخطابي: "أقيضك به "معناه: أبدلك به، وأعوضك منه، والمقايضة في البيوع المعاوضة: أن يُعطي متاعاً ويأخذ آخر لا نقد فيه. وفيه أنه سمى الفَرَسَ غُرَّة، وكثر ما جاء ذكر الغرة في الحديث إنما يُراد به النَّسمة من أولاد آدم عليه السلام عبد أو أمةٍ، وعلى ذلك تفسير قوله في الجنين وقضائه فيه بغرة عبدٍ أو أمةٍ. وكان أبو عمرو بن العلاء يقول لا تكون الغرة إلا عبداً أبيض أو جارية بيضاء ... وقد روى حديث الجنين عيسى بن يونس، فجاء بزيادة تفرد بها لم يذكرها غيره من رواة الحديث، فقال: "عبد أو فرس أو بغل" فجعل الفرس والبغل غرة. (¬1) إسناده مسلسلٌ بالضعفاء والمجاهيل. قال ابن القطان الفاسى في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 138 عند حديث بناء المساجد في الدور عن سمرة بهذا الإسناد: إسناد مجهول ألبتة، وما من هؤلاء من تعرف له حالٌ، وقد جَهِد المُحدِّثون فيهم جهدهم، وقال الذهبي في ترجمة جعفر بن سعد من "الميزان": هذا إسناد مظلم لا ينهض بحكمِ، وأورد هذا الحديث. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7023) و (7024) من طريق جعفر بن سعد، بهذا الإسناد. ويغني عنه ما صح عن جرير بن عبد الله، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "أنا بريء من كل مسلم يُقيم بين أظهر المشركين" قالوا: يا رسول الله، لم؟ قال: "لا تراءى ناراهما". وقد سلف عند المصنف برقم (2645)، وانظر الكلام على فقهه عند حديث جرير. قال ابن القيم في "زاد المعاد" 3/ 122 - 123 بتحقيقنا: ومنع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- من إقامة المسلم بين المشركين إذا قدر على الهجرة من بينهم، وقال: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، قيل: يا رسول الله ولم؟ قال: لا تراءى ناراهما" وقال: "من جامع المشرك وسكن معه، فهو مثله"، وقال: "لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها" سلف عند المصنف (2479) وقال: "ستكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم، ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم، تقذرهم نفس الله، وتحشرهم النار مع القردة والخنازير" سلف عن أبي داود (2482).

كتاب الأضاحى

كتاب الأضاحى 1 - باب ما جاء في إيجاب الأضاحي (¬1) 2788 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ (ح) وحدَثنا حميدُ بن مَسْعَدةَ، حدَّثنا بشرٌ، عن عَبدِ الله بن عَونٍ، عن عامر أبي رَمْلَةَ أنبأنا مِخْنَفُ بن سُليم، قال: ونحنُ وقوفٌ مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بعرفاتٍ، قال: قال: "يا أيُّها الناسُ، إن على كل أهلِ بيتٍ في كلِّ عام أُضحيةً وعَتِيرَةً، أتَدْرُونَ مَا العَتيِرَة؟ هذه التي يقولُ الناسُ: الرجَبيّة" (¬2). ¬

_ (¬1) كذا بوّب في رواية اللؤلؤي، وفي (هـ) وهي برواية أبي بكر ابن داسه قال: استحباب الضحية! (¬2) حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي رملة واسمه عامر، وقد تابعه حبيب ابن مخنف، وقواه الحافظ في "الفتح" 10/ 4، وحسنه الترمذي. بشر: هو ابن المفضل، ويزيد: هو ابن هارون، ومُسدد: هو ابن مسرهد. وأخرجه ابن ماجه (3125)، والترمذي (1596) من طريق عبد الله بن عون، به. وهو في "مسند أحمد" (17889). وأخرجه عبد الرزاق (8001) و (8159)، وعنه أحمد (20730) عن ابن جريج، عن عبد الكريم بن أبي المخارق، عن حبيب بن مخنف، عن أبيه قال: انتهيت إلى النبي. وعند أحمد: عن حبيب بن مخنف قال: انتهيت. فجعله من مسند حبيب وليس من مسند أبيه، فكأنه هو الصحابي، وقد كان عبد الرزاق يفعل هذا تارة، وهذا تارة، ولهذا اختلفت الروايات عنه كما نقل ابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 448. عن أبي نعيم الأصبهانى في "معرفة الصحابة" أنه قال ذلك. وصوب أبو نعيم روايته عن أبيه، ومال إليه أبو زرعة العراقي في "ذيل الكاشف" ووافقه ابن حجر في "التعجيل" و"الإصابة" و"أطراف المسند".=

قال أبو داودَ: العتيرةُ منسوخهٌ (¬1). 2789 - حدَّثنا هارونُ بن عبدِ الله، حدَّثنا عبدُ الله بن يزيدَ، حدثني سعيدُ ابن أبي أيوبَ، حدثني عَيَّاش بن عبَّاس القِتْبانىُّ، عن عيسى بنِ هِلالي الصّدَفي عن عبدِ الله بن عمرو بن العاص، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "أُمِرتُ بيومِ الأضحى عيداً، جعلَه اللهُ عز وجلَّ لهذهِ الأمةِ"، قال الرجلُ: أرأيتَ ¬

_ = قال الخطابي: "العتيرة" تفسيرها في الحديث: أنها شاة تذبح في رجب. وهذا هو الذي يشبه معنى الحديث، ويليق بحكم التدين، فأما العتيرة التي كان يَعتِرُها أهل الجاهلية: فهي الذبيحة تذبح للصنم، فيصبُّ دمها على رأسه، والعتر: بمعنى الذبح. وقول أبي داود في آخر الحديث: العتيرة منسوخة. هذا خبر منسوخ فيه نظر، فصلنا القول فيه في تعليقنا على "شرح السنة" 4/ 351 - 353. وانتهينا إلى أن العتيرة مستحبة وليست بمنسوخة إذا كان الذبح لله سبحانه. والحديث يدل على وجوب الأضحية على الموسر، وهو قول أبي حنيفة والليث بن سعد وربيعة الرأي والأوزاعي وبعض المالكية. ومن الأدلة على وجوبها حديث أبي هريرة عند أحمد (8273)، وابن ماجه (3123) أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من وجد سعة ولم يضح، فلا يقربن مصلانا" وهو حسن في الشواهد وصححه الحاكم 2/ 349 و 4/ 231، ووجه الاستدلال: أنه لما نهى من كان ذا سعة عن قربان المصلى إذا لم يضح، دل على أنه قد ترك واجباً، فكأنه لا فائدة من التقرب مع ترك هذا الواجب. وحديث جندب بن عبد الله البجلي قال: شهدت النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يوم النحر قال: "من ذبح قبل أن يصلي فليُعد مكانها أخرى". أخرجه البخاري (985)، ومسلم (1962)، والأمر ظاهر في الوجوب، ولم يأت من قال بعدم الوجوب بما يصلح للصرف، اللهم إلا ما رواه أحمد في "المسند" (2050) وغيره: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "ثلاث هن علي فرائض، وهن لكم تطوع، الوتر والنحر وصلاة الضحى، وهو حديث ضعيف، في سنده أبو جناب الكلبي يحيى بن أبي حية، قال يحيى القطان: لا أستحل أن أروي عنه، وقال النسائي والدارقطني: ضعيف، وقال الفلاس متروك، وله طرق أخرى كلها ضعيفة لا تصح. (¬1) مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من (هـ).

2 - باب الأضحية عن الميت

إن لم أجد إلا مَنيِحة ابني (¬1) أفأضحِّي بها؟ قال:، لا، ولكن تأخُذُ من شعرِك وأظفارِك، وتقُصُّ شاربَك، وتحلِقُ عانَتَك، فتلك تمامُ أُضحيَّتِك عند الله عزَّ وجلَّ" (¬2). 2 - باب الأُضحية عن الميت 2790 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا شَريك، عن أبي الحَسناء عن الحَكَم، عن حَنَش، قال: رأيت علياً يضحِّي بكبشَين، فقلتُ له: ما هذا؟ فقال: إن رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- أوصاني أن أُضحِّي عنه، فأنا أُضحِّي عنه (¬3). ¬

_ (¬1) كذا جاء في (أ) و (ج) و (هـ): ابني، وهي كذلك عند أحمد والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 159، والفريابي في "أحكام العيدين" (2)، والمزي في "تهذيب الكمال" 23/ 33، وكذلك ضبطه الدمياطي كما في هامش (أ)، وفي (ب): أنثى، وهى كذلك عند النسائي وابن حبان، وعند الدارقطني (4749): فإن أجد إلا منيحة أبي، أو شاة ابني وأهلي ومنيحتهم. (¬2) إسناده قوي من أجل عيسى بن هلال الصدفي، فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكره يعقوب بن سفيان في "تاريخه" في ثقات التابعين من أهل مصر. وأخرجه النسائي (4365) من طريق سعيد بن أبي أيوب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6575)، و"صحيح ابن حبان" (5914). وإنما منعه، لأنه لم يكن عنده شيء سواها ينتفع بها. (¬3) إسناده ضعيف لجهالة أبي الحسناء، وسوء حفظ شريك -وهو النَّخَعي-، وحنش -وهو ابن المعتمر الكوفي- تكلم فيه غير واحد. وأخرجه الترمذي (1569) من طريق شريك النخعي، بهذا الإسناد. وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك. وهو في "مسند أحمد" (843). =

3 - باب الرجل يأخذ من شعره في العشر وهو يريد أن يضحي

3 - باب الرجل يأخُذُ من شعره في العشرِ وهو يُريد أن يُضحِّي 2791 - حدَّثنا عُبيد الله بن مُعاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا مُحمد بن عَمرو، حدَّثنا عَمرو بن مُسلم اللَّيثيُّ، قال: سمعتُ سعيدَ بنَ المُسيّب يقول: سمعت أُم سَلمةَ تقولُ: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَن كان لهُ ذِبْحٌ يذْبَحُهُ، فإذا أهلَّ هِلالُ ذي الحِجّة فَلا يأخُذَنَّ من شَعرهِ ولا مِن أظفارِه شيئاً حتى يُضَحيَ" (¬1). ¬

_ = قال الترمذي: قد رخص بعض أهل العلم أن يضحي عن الميت، ولم ير بعضهم أن يُضحي عنه، وقال عبد الله بن المبارك: أحبّ إلي أن يتصدق عنه ولا يُضحى، وإن ضحى عنه، فلا يأكل منها شيئاً، ويتصدق بها كلها. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة اليثي- وهو متابع. وأخرجه مسلم (1977) عن عُبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1977)، والترمذي (1602)، والنسائي (4361) و (4362) من طريق عَمرو بن مسلم -وقيل: عُمر بن مسلم، وكلاهما وارد في اسمه-، به. وأخرجه مسلم (1977)، والنسائي (4364) من طريق عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب، به. قال الخطابي: "الذِّبح" بكسر الذال: الضحية التي يذبحها المضحي. واختلف العلماء في القول بظاهر هذا الخبر. فكان سعيد بن المسيب يقول به. ويمنع المضحيَ من أحد أظفاره وشعره أيام العشر من ذي الحجة. وكذلك قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وإليه ذهب أحمد وإسحاق. وكان مالك والشافعي يريان ذلك على الندب والاستحباب. ورخص أصحاب الرأي في ذلك. قال: وأجمعوا أنه لا يحرم عليه اللباسُ والطيب، كما يحرمان على المحرم. فدل ذلك على سبيل الندب والاستحباب، دون الحتم والإيجاب.

4 - باب ما يستحب من الضحايا

قال أبو داود: اختلفوا على مالك وعلى محمد بن عمرو، في عمرو بن مسلم، قال بعضهم: عمر، وأكثرهم قال: عمرو. قال أبو داود: وهو عمرو بن مسلم بن أكيمة الليثي الجندعيُّ (¬1). 4 - باب ما يُستحَبُّ من الضحايا 2792 - حدَّثنا أحمد بن صَالحٍ، حدَّثنا عبدُ الله بن وهْبٍ، أخبرني حَيْوةُ، حدثني أبو صخرٍ، عن ابن قُسَيطٍ، عن عُروةَ بن الزبيرِ عن عائشةَ: أن رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- أمر بكبشٍ أقرَنَ يَطَأُ في سَوادٍ، ويَنْظُرُ في سواد، ويَبرُكُ في سَوادٍ، فأتيَ به فَضَحَّى به، فقال: "يا عائشةُ، هلُمِّي المُدْية، ثم قالَ: "اشْحذيِها بحجَرٍ" ففعلتْ، فأخذها وأخذ الكبشَ فأضْجَعه وذبَحه، وقال: "باسمِ الله، اللهمَّ تقبَّل من محمدٍ وآلِ محمدٍ، ومِن أُمَّةِ محمدٍ" ثم ضَحَّى به -صلَّى الله عليه وسلم- (¬2). ¬

_ (¬1) مقالتا أبي داود هاتان زيادة أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها من رواية ابن الأعرابي. (¬2) إسناد حسن. أبو صخر - واسمه حميد بن زياد المدني - صدوق حسن الحديث. حيوة: هو ابن شُريح، وابن قُسيط: هو يزيد بن عبد الله بن قُسيط. وأخرجه مسلم (1967) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24491)، و"صحيح ابن حبان" (5915). قوله: "يطأ في سواد" قال الخطابي: يريد أن أظلافه ومواضع البروك منه، وما أحاط بملاحظ عينيه من وجهه: أسود، وسائر بدنه أبيض. وقوله: "اشحذيها" قال ابن الأثير: يقال: شحذت السيف والسكين، إذا حدَّدته بالمِسَنِّ وغيره مما يُخرج حدَّه. قال الخطابي: وفي قوله: "تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد" دليل على أن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهله، وإن كثروا. =

2793 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا وُهَيْب، عن أيوبَ، عن أبي قِلابة عن أنسٍ: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- نَحرَ سبع بَدنَاتٍ بيدهِ قياماً، وضَحَّى بالمدينةِ بكبشَين أقرَنَينِ أَملَحَينِ (¬1). 2794 - حدَّثنا مُسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا هشام، عن قتادةَ عن أنسٍ: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ضحَّى بكبشَين أقْرنَين أَملَحَين، يذبَحُ ويُكبِّر ويُسمِّي، ويضَعُ رجلَه على صَفْحتِهما (¬2). ¬

_ = وروي عن أبي هريرة وابن عمر: أنهما كانا يفعلان ذلك. وأجازه مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد. وكره ذلك الثوري وأبو حنيفة. (¬1) إسناده صحيح. وُهَيب: هو ابن خالد. وأخرجه البخاري (1551) و (1712) و (1714) و (5554) من طريق أيوب السختاني، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (13831). وأخرجه بنحوه البخاري (5553) من طريق عبد العزيز بن صهيب، والنسائي (4388) من طريق محمد بن سيرين، و (4386) من طريق ثابت البناني، ثلاثتهم عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (11984) و (12120) و (12830). وانظر ما بعده. وقد ذهل الحافظ المنذري في "اختصار السنن" فقال: أخرج البخاري قصة الكبشين فقط بنحوه مع أنه أخرج الحديث بتمامه في المواضع الثلاثة المشار إليها. قال الخطابي: "الأملح" من الكباش: هو الذي في خلال صوفه الأبيض طاقات سود. (¬2) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دِعامة السدوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي. =

2795 - حدَّثنا إبراهيمُ بن مُوسى الرازيُّ، حدَّثنا عِيسى، حدَّثنا محمدُ بن إسحاقَ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن أبي عيّاش عن جابرِ بن عبد الله، قال: ذبحَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يومَ الذبحِ كبشَين أقرنَين أملحَين مُوجَئَيْنِ، فلمّا وجَّههما قال: "إني وجهتُ وجهيَ للذي فَطَر السماواتِ والأرضَ، على ملة إبراهيمَ حَنيفاً، وما أنا من المُشركينَ، إن صلاتي ونُسكي، ومَحيايَ ومماتي لله ربِّ العالَمينَ، لا شريكَ له، وبذلك أُمِرتُ وأنا مِن المُسلمين، اللهمَّ مِنكَ ولَكَ، عَن مُحمدٍ وأُمتِه، باسم الله والله أكبر" ثم ذبح (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (5558) و (5564) و (5565)، ومسلم (1966)، وابنُ ماجه (3120)، والترمذي (1568)، والنسائي (4387) و (4415 - 4418) من طرق عن قتادة، به. وبعضهم لا يذكر التكبير، وبعضهم يزيد في التسمة. وهو في "مسند أحمد" (11960)، و"صحيح ابن حبان" (5900). وانظر ما قبله. قوله: "صفحتهما" أي: جانب العُنُق. (¬1) إسناده حسن، أبو عياش - وهو ابن النعمان المعافري المصري - روى عنه ثلاثة، وقال الذهبي: شيخ، وصحح حديثه ابن خزيمة والحاكم ووافقه الذهبى، وقد رواه إبراهيم بن سعد الزهري ويونس بن بكير عن محمد بن إسحاق، فزادا في الإسناد: خالد بن أبي عمران التّجيبى، بين يزيد بن أبي حبيب وأبي عياش، وخالد ثقة، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع في رواية إبراهيم بن سعد، فانتفت شبهة تدليسه. عيسى: هو ابن يونُس السَّبيعي. وأخرجه ابن ماجه (3121) من طريق إسماعيل بن عياش، والدارمي (1946)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 177، والبيهقي 9/ 287 من طريق أحمد بن خالد الوهبي، والبيهقي 9/ 287من طريق عيسى بن يونس السَّبيعي، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7324) من طريق يزيد بن زريع، أربعتهم عن محمد بن إسحاق، به. =

5 - باب ما يجوز من السن في الضحايا

2796 - حدَّثنا يحيى بنُ مَعينِ، حدَّثنا حَفص، عن جَعفر، عن أبيهِ عن أبي سعيدٍ، قال: كانَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يُضحِّي بكبْشِ أَقرنَ فَحِيلٍ، ينظُر في سَوادٍ، ويأكُلُ في سَوادٍ، ويَمشي في سَوادٍ (¬1). 5 - باب ما يجُوز من السِّنِّ في الضحايا 2797 - حدَّثنا أحمدُ بن أبي شُعيبِ الحَرَّانىُّ، حدَّثنا زُهيرُ بن مُعاويةَ، حدَّثنا أبو الزبيرِ ¬

_ = وأخرجه ابن خزيمة (2899)، والحاكم 1/ 467 من طريق إبراهيم بن سعد، والحاكم 1/ 467 من طريق يونس بن بكير، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن يزيد ابن أبي حبيب، عن خالد بن أبي عمران، عن أبي عياش، عن جابر بن عبد الله. وهو في "مسند أحمد" (15022) من طريق إبراهيم بن سعد. قوله: مُوجَئين، وفي الرواية التي شرح عليها الخطابي: مُوجَيين: يريد مَنزوعَي الأنثيين، والوِجاء: الخصاء، يقال: وجأت الدابة فهي موجوءة: إذا خصيتها. قال الخطابي: وفي هذا دليل على أن الخصيَّ في الضحايا غير مكروه. وقد كرهه بعض أهل العلم لنقص العضو، وهذا نقص ليس بعيب، لأن الخصاء يفيد اللحم طيباً, وينفي منه الزهومة وسوء الرائحة. (¬1) إسناده صحيح. جعفر: هو ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المعروف بالصادق، وحفص: هو ابن غياث. وأخرجه ابن ماجه (3128)، والترمذي (1570)، والنسائى (4390) من طريق حفص بن غياث، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (5902). قال الخطابي: "الفحيل" الكريم المختار للفُحلة، فأما الفحل، فهو عام في الذكور منها. وقالوا في ذكورة النخل: فُحال، فرقًا بينه وبين سائر الفحول من الحيوان. وسلف كلام الخطابي في تفسير السواد برقم (2792). و"يأكل في سواد" قال السندي في حاشيته على "النسائي": أي: في بطنه سواد.

عن جابرٍ، قال: قالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تَذْبَحوا إلا مُسِنَّةً، إلا أن يَعسُرَ عليكم فتذبَحوا جَذَعةً من الضَّأن" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده على شرط مسلم، رجاله ثقات، إلا أن أبا الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي - مدلس، وقد عنعنه، ومع ذلك فقد صححه عبد الحق الإشبيلى في "أحكامه الوسطى" 4/ 129، والحافظ في "الفتح " 10/ 15، بينما ضعفه ابن حزم في "المحلى" 7/ 364، وابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 298 و301 رداً على سكوت عبد الحق الإشبيلى مصححاً له. وأخرجه مسلم (1963)، وابن ماجه (3141)، والنسائي (4378) من طريق زهير بن معاوية، به. وهو في "مسند أحمد" (14348). وفي الباب عن مجاشع بن مسعود السُّلمي سيأتي برقم (2799). وعن عقبة بن عامر عند البخاري (2300)، ومسلم (1965)، وابن ماجه (3138)، والترمذي (1576) و (1577)، والنسائي (4379) و (4380) و (4381)، ولفظه عند أكثرهم: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أعطاه غنما يقسمها على صحابته، فبقى عتود - وعند بعضهم: جذعة - فذكره للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: "ضح به أنت". وسيأتي عند المصنف بعده من حديث زيد بن خالد الجهني. وأخرج أحمد (14927)، وابن حبان (5909) وغيرهما من طريق حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر: أن رجلاً ذبح قبل أن يصلي النبي -صلَّى الله عليه وسلم- عتوداً جذعاً، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تجزئ من أحدٍ بعدك" ونهى أن يذبحوا حتى يصلوا. وفيه عنعنعة أبي الزبير أيضاً. لكن يشهد له حديث البراء بن عازب عند البخارى (5545)، ومسلم (1961): أن خاله أبا بردة بن نيار ذبح قبل الصلاة، فلما سمع النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ينهى عن ذلك، قال: يا رسول الله، إن عندي جذعة خير من مسنة! قال: "اجعلها مكانها، ولن تجزئ عن أحدٍ بعدك". قال النووي في "شرح صحيح مسلم" عند الحديث (1963): الجمهور يجوزون الجذع من الضأن مع وجود غيره وعدمه، وابن عمر والزهري يمنعانه مع وجود غيره وعدمه، فتعين تأويل الحديث على ما ذكرنا من الاستحباب، والله أعلم. ونحو هذا قال ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 306.=

2798 - حدَّثنا محمد بنُ صُدرَانَ، حدَّثنا عبدُ الأعلى بن عبد الأعلى، حدَّثنا محمدُ بن إسحاق، حدثني عُمارةُ بن عبدِ الله بن طُعمةَ، عن سعيدِ بن المُسيب عن زيدِ بن خالدٍ الجُهَنيِّ، قال: قَسَمَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في أصحابِه ضحايا، فأعطاني عَتُودا جَذَعًا، قال: فرجعتُ به إليه، فقلتُ: إنَّه جَذَع، قال: "ضحِّ بِهِ" فضحَّيتُ به (¬1). ¬

_ = والجذع من الضأن اختلف في سنه، فقال الحنفية والحنابلة: ما له ستة أشهر ودخل في السابع، والأصح عند الشافعية: ما أكمل السنة ودخل في الثانية، وهو الأشهر عند أهل اللغة. قاله الحافظ في "الفتح" 10/ 16. و"المُسنة" قال العلماء: هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها قال النووي في "شرح مسلم"، وقال ابن الأثير في "النهاية": والثنية من الغنم ما دخل في السنة الثالثة، ومن البقر كذلك، ومن الإبل في السادسة، والذكر ثني. (¬1) صحيح من حديث عقبة بن عامر الجهني، وهذا إسناد قد خالف فيه ابنُ إسحاق أو شيخُه - وهما دون الثقة - من هو أوثق منهما، فقد رواه أبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني وبعجة بن عبد الله الجهني عن عقبة بن عامر، فجعلا القصة قصتة. قال ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود": وأما حديث زيد بن خالد الجهني، فهو - والله أعلم - حديث عقبة بن عامر الجهني بعينه. واشتبه على ابن إسحاق أو من حدثه اسمّه، وأن قصة العتود وقسمة الضحايا إنما كانت مع عقبة بن عامر الجهني، وهى التي رواها أصحاب الصحيح. وأخرجه أحمد (21690)، والبزار في "مسنده" (3776)، وابن حبان (5899)، والطبراني في "الكبير" (5217) و (5218) و (5219) و (5220)، وفي "الأوسط" (210)، والبيهقي 9/ 270 من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2300)، ومسلم (1965)، وابن ماجه (3138)، والترمذي (1576)، والنسائي (4379) من طريق أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني، والبخاري (5547)، ومسلم (1965)، والترمذي (1577)، والنسائي (4380) و (4381) من طريق بعجة بن عبد الله الجهني، كلاهما عن عقبة بن عامر. =

2799 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا الثوريُّ، عن عاصمِ بن كُلَيبٍ، عن أبيهِ، قال: كنا مع رجلِ من أصحابِ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يقال له: مُجَاشعٌ من بني سُليمِ، فَعَزَّت الغنمُ، فأمر مُنادياً فنادى: إن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقولُ: "إن الجَذَعَ يُوَفِّي مما يُوفِّي منه الثّنِيُّ" (¬1). ¬

_ = وقد روى حديث عقبة بن عامر هذا البيهقي 9/ 270 من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر فزاد يحيى في روايته: "ضح بها أنت"، ولا أرخصه لأحد فيها بعدُ" فانفرد بقوله: "ولا أرخصه ... " ولم يذكرها عمرو بن خالد الحراني ولا قتيبة بن سعيد ولا محمد بن رمح عند البخاري ومسلم عن الليث، ولهذا قال ابن القيم في "تهذيب سنن أبى داود": هذه الزيادة غير محفوظة في حديثه، ولا ذكرها أحد من أصحاب "الصحيحين"، ولو كانت محفوظة لذكروها، ولم يحذفوها، فإنه لا يجوز اختصار مثلها، وكثر الرواة لا يذكرون هذه اللفظة. وأخرج النسائي (4382) من طريق معاذ بن عبد الله بن خُبيب، عن عقبة بن عامر قال: ضحينا مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- بجذع من الضأن. وإسناده حسن. وانظر كلام النووي السالف ذكرُه عند الحديث السابق. (¬1) إسناده قوي. عاصم بن كليب - وهو ابن شهاب - وأبوه صدوقان لا بأس بهما، وباقي رجاله ثقات. الثوري: هو سفيان بن سعيد. وأخرجه ابن ماجه (3140) من طريق سفيان الثوري، والنسائي (4383) من طريق أبي الأحوص سلام بن سُليم، و (4384) من طريق شعبة بن الحجاج، ثلاثتهم عن عاصم، به إلا أن أبا الأحوص قال في روايته: عن رجل من مزينة، بدل رجل من بني سُليم. وهو في "مسند أحمد" (23123) من طريق شعبة وقال: رجل من مزينة أو جهينة. وقد ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه إذا اختلف سفيان الثوري وشعبة، فالقول ما قال سفيان. وانظر تفسير الجذع والثني عند الحديث السالف برقم (2797).

2800 - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا أبو الأخوصِ، حدَّثنا مَنصورٌ، عن الشَّعبي عن البراء، قال: خطبَنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يومَ النحرِ بعد الصلاة فقال: "مَن صلَّى صلاتَنا ونَسَك نُسُكَنا فقد أَصاب النُّسُكَ، ومَن نَسَكَ قَبْلَ الصلاةِ فتلْكَ شاةُ لحمٍ" فقام أبو بُرْدةَ بنُ نِيارٍ فقال: يا رسول الله، واللهِ لقد نَسَكْتُ قبلَ أن أخرجَ إلى الصلاةِ، وعرفتُ أن اليومَ يومُ أكلٍ وشُربٍ، فتعجَّلْتُ فأكلتُ وأطعمتُ أهلي وجيراني، فقالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "تِلْكَ شاةُ لحمٍ" فقال: إن عندي عَنَاقاً جَذَعةً، وهي خَيْرٌ من شاتَيْ لحمٍ فهل تُجزئُ عني؟ قال: "نعمْ، ولَن تُجزئ عن أحدٍ بعدك" (¬1). 2801 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا خالد، عن مُطَرف، عن عامر ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الشَّعبي: هو عامر بن شَراحيل، ومنصور: هو ابن المعتمر وأبو الأحوص: هو سلام بن سُلَيم، ومُسَدد: هو ابن مُسَرهَد. وأخرجه البخاري (955) و (983)، ومسلم (1961)، والنسائي (1581) و (4395) من طريق منصور بن المعتمر، به. وأخرجه بنحوه البخاري (965) و (968) و (976) و (5545) و (5560)، ومسلم (1961)، والنسائي (1563) من طريق زبيد اليامى، والبخاري (5563)، ومسلم (1961)، من طريق فراس بن يحيى، ومسلم (1961) من طريق داود بن أبي هند، و (1961) من طريق عاصم الأحول، أربعتهم عن عامر الشعبي، به. وأخرجه بنحوه كذلك البخاري (5557)، ومسلم (1961) من طريق أبي جُحيفة، عن البراء. وهو في "مسند أحمد" (18481)، و"صحيح ابن حبان" (5906) و (5911). وانظر ما بعده. قال الخطابي: العَناق، بفح العين: الأنثى من الماعز لا تتم لها سنة.

6 - باب ما يكره من الضحايا

عن البَراء، بن عازبِ، قال: ضَحَّى خالٌ لي - يقال له: أبو بُردةَ - قبلَ الصلاةِ فقال له رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم-: "شاتُكَ شاةُ لحمٍ" فقالَ: يا رسولَ اللهِ، إن عندي داجِناً جَذَعةَ من المَعْزِ، فقال: "اذبَحْها ولا تَصْلُحُ لِغَيرك" (¬1). 6 - باب ما يُكرَه من الضحايا 2802 - حدَّثنا حفصُ بن عُمر النَّمَري، حدَّثنا شعبةُ، عن سليمانَ بنِ عبدِ الرحمن، عن عُبيدِ بن فيروزَ، قال: سألتُ البراءَ بنَ عازب: ما لا يجوزُ في الأضاحي؟ فقالَ: قامَ فينا رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- وأصابِعي أقصرُ من أصابِعه وأنامِلي أقصرُ من أناملِه، فقال: " أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحِي: العَوراءُ بيِّن عَوَرُها، والمريضةُ بيِّن مَرَضُها، والعَرجاءُ بين ظَلْعُها، والكَسِيرُ التي لا تُنْقِي" قالَ: قلتُ: فإني أكرَه أن يكونَ في السِّنِّ نقص، قال: ما كرهتَ فَدَعْه، ولا تُحرِّمْه على أحد (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عامر: هو ابن شَراحيل الشَّعبي، ومُطرِّف: هو ابن طريف الحارثي، وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي، ومُسدَّد: هو ابن مُسرهَد. وأخرجه البخاري (5556)، ومسلم (1961) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. سليمان بن عبد الرحمن: هو ابن عيسى المصري، وشعبة: هو ابن الحجاج، وحفص بن عمر النمري: هو ابن الحارث بن سخبرة الحوضي. قال أحمد بن حنبل: ما أحسن حديث سليمان عن البراء في الضحايا. وأخرجه ابن ماجه (3144)، والترمذي (1571) و (1572)، والنسائي (4369) و (4370) و (4371) من طريق سليمان بن عبد الرحمن، به. وقال الترمذي: حديث=

قال أبو داود: تُنْقِي: ليس لها مُخٌّ. 2803 - حدَّثنا إبراهيمُ بن موسى الرازيُّ، أخبرنا ح وحدَثنا عليُّ بن بَحْرٍ، حدَّثنا عيسى - المعنى - عن ثَورٍ، حدثني أبو حُميدٍ الرُّعَينيُّ، أخبرني يزيدُ ذو مِصرَ، قال: أتيتُ عُتبةَ بنَ عبدٍ السُّلَميَّ. فقلت: يا أبا الوليد، إنى خرجتُ ألتمِسُ الضحايا فلم أجد شيئاً يُعجِبُني غيرَ ثَرْماء, فكرهتُها، فما تقولُ؟ قال: أفلا جِئتَني بها، قلتُ: سبحان الله! تجوزُ عنكَ ولا تجوزُ عني؟ قال: نعم، إنك تَشكُّ ولا أشكُّ، إنما نهى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن المُصفَّرةِ والمُستأصَلةِ والبَخْقَاء والمُشَيّعةِ والكَسْراء. والمُصفَّرة: التي تُستأصَلُ أُذنها حتى يبدُوَ سِماخُها، والمُسْتأصَلةُ: التي استُؤْصِل قرنُها من أصلِه، والبَخْقاءُ: التي تُبْخَق عَينُها، والمشيّعة: التي لا تتبع الغنم، عَجَفاً وضَعفاً، والكسراء: الكَسِيرُ (¬1). ¬

_ = حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث عُبَيد بن فيروز عن البراء، والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم. وهو في "مسند أحمد" (18510)، و"صحيح ابن حبان " (5919). قال الخطابي: قوله: "لا تُنقى" أي: لا نقِي لها، وهو المخُّ. وفيه دليل على أن العيب الخفيف في الضحايا معفو عنه. ألا تراه يقول: "بيّنٌ عَورُها، وبين مرضُها، وبيّن ظَلعها" فالقليل منه غير بيِّن، فكان معفواً عنه. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، أبو حميد الرعيني ويزيد ذو مِصر مجهولان. عيسى: هو ابن يونس السبيعي، وثور: هو ابن يزيد. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 330، وأحمد (17652)، والطبراني في "الكبير" 17/ (314)، والحاكم 4/ 225، والبيهقي 9/ 275، والمزي في ترجمة يزيد من "تهذيب الكمال" 32/ 292 - 293 من طريق عيسى بن يونس، بهذا الإسناد. -

2804 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفَيليُّ، حدَّثنا زُهير، حدَّثنا أبو إسحاقَ، عن شُريحِ بن النعمانِ - وكان رجلَ صِدق - عن عليٍّ، قال: أمرنا رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- أن نَسْتَشْرِفَ العينَ والأُذنَ، ولا نضحِّي بعَوراءَ، ولا مُقابَلَةٍ، ولا مُدَابَرَةٍ، ولا خَرقاءَ، ولا شَرْقاءَ، قال زهيرٌ: فقلت لأبى إسحاقَ: أذَكَرَ عَضْباء؟ قال: لا، قلت: فما المقابلةُ؟ قال: يقطَعُ طرفُ الأذن، قلتُ: فما المُدابَرة؟ قال: يقطَعُ من مُؤخِرِ الأذُن، قلت: فما الشَّرقاءُ؟ قال: تُشَقُّ الأذُنُ، قلت: فما الخَرقاءُ؟ قال: تَخْرِقُ أُذنَها السِّمة (¬1). ¬

_ = وأخرجه الحاكم 1/ 469 من طريق صدقة بن عبد الله، عن ثور، عن أبي حميد قال: كنا جلوساً إلى عتبة بن عبد، فأقبل يزيد ذو مصر ... وإسناده ضعيف. ويشهد له حديث البراء السالف قبله. وحديث على بن أبي طالب الآتي بعده. قال الخطابي: إنما سميت الشاةُ التي استُؤصِلَت أُذنُها مُصَفَّرَة: لأن الأذن إذا زالت صَفِر مكانُها، أي: خلا، والمشيَّعة: هي التي لا تلحق الغنم لضعفها وهُزالها. فهي تشيعها من ورائها. وبَخق العين: فقؤها. و"الثرماء" قال في "اللسان": الثرَم، بالتحريك: انكسار السنِّ من أصلها، وقيل: هو انكسار سن من الأسنان المقدمة مثل الثنايا والرباعيات، وقيل: انكسار الثنية خاصة. وقال ابن الأثير في "النهاية": المشيعة: هي التى لا تزال تتبع الغنم عَجَفاً: أي: التى لا تلحقُها، فهي أبدا تشيِّعُها، أي: تمشي وراءها، هذا إن كسرت الياء، وإن فتحتها فلأنها تحتاج إلى من يشيِّعُها: أي: يسوقُها لتأخرها عن الغنم. (¬1) حسن، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن أبا إسحاق - وهو عمرو بن عبد الله السبيعي - لم يسمع هذا الحديث من شريح بن النعمان، بينهما سعيد بن عمرو بن أشوع، كما جاء في رواية قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عند أبي الشيخ في "الأضاحي" كما في "شرح الترمذي" للعراقي 6/ ورقة 12، والحاكم 4/ 224 إذ قال قيس: قلت لأبي إسحاق: سمعته من شُريح؟ قال: حدثني ابن أشوع عنه. وقد أورد ذلك أيضاً =

2805 - حدَّثنا مُسلِمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا هشام، عن قتادةَ، عن جُرَيّ بن كُلَيبٍ ¬

_ = الدارقطني في "العلل" 3/ 239، وذكر أن الجراح بن الضحاك قد رواه عن أبي إسحاق، عن سعيد ابن أشوع، عن شريح بن النعمان، عن علي مرفوعاً. قلنا: وسعيد بن عمرو بن أشوع ثقة، وقيس بن الربيع كان شعبة وسفيان يوثقانه، وتكلم فيه الأكثرون، ولكن الجراح ابن الضحاك صدوق حسن الحديث، فباجتماع روايتيهما يحسن الحديث، وذكر العراقى أن أبا الشيخ رواه في "الأضاحي" بسند جيد إلى زهير بن معاوية وأبي بكر بن عياش، وصرح فيه أبو إسحاق بسماعه لهذا الحديث من شريح بن النعمان، فالله تعالى أعلم. وقد رواه الثوري، عن ابن أشوع، عن شريح، عن علي موقوفاً. قال الدارقطني: ويشبه أن يكون القول قول الثوري. وأورده كذلك البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 230 من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن شريح بن النعمان، به مرفوعاً، وقال: لم يثبت رفعُه. ثم ساقه من طريق أبي نعيم ووكيع عن سفيان الثوري، عن سعيد بن أشوع، قال: سمعت شريح بن النعمان يقول: لا مقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء. سليمة العين والأذن. وأخرجه ابن ماجه (3142)، والترمذي (1573) و (1574)، والنسائي (4372 - 4375) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، به. وهو في "مسند أحمد" (609)، وصححه الترمذي، وانتقاه ابن الجارود (906)، وصححه الحاكم 4/ 224 ووافقه الذهبي، وصححه كذلك الضياء في "المختارة" (487) و (488). وانظر ما بعده. قال ابن قدامة في "المغني" 13/ 373: وهذا نهي تنزيه، ويحصل الإجزاء بها، لا نعلم فيه خلافاً. وقال الخطابي: "العضب" كسر القرن، وكبش أعضب، ونعجة عضباء. وقوله: نستشرف العين والأذن، معناه: الصحة والعِظَم، ويقال: أذن شراقية. قال أبو عبيد: قال الأصمعي: الشرقاء من الغنم المشقوقة الأذنين. والخرقاء: أن يكون في الأذن ثقب مستدير. والمقابلة: أن يقطع من مقدم أذنها شيء، ثم يترك معلقاً، كأنه زنمة. والمدابرة: أن يفعل ذلك بمؤخر الأذن من الشاة.

7 - باب في البقرة والجزور، عن كم تجزىء؟

عن عليٍّ: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- نهى أن يُضَحَّى بعضْباءِ الأذنِ والقَرْنِ (¬1). قال أبو داود: جُرَيٌّ بَصريٌّ سَدوسِيّ لم يُحدِّث عنه إلا قتادةُ. 2806 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا هشام، عن قتادةَ، قال: قلتُ لسعيدِ بن المُسيّب: ما الأعْضَبُ؟ قال: النِّصْفُ فما فَوقه (¬2). 7 - باب في البقرة والجَزُورِ، عن كم تُجزىء؟ 2807 - حدَّثنا أحمد بنُ حَنْبلٍ، حدَّثنا هُشيم، حدَّثنا عبدُ الملك، عن عطاءٍ ¬

_ (¬1) إسناده حسن. جُريّ بن كُليب: هو السدوسى، صاحب قتادة، روى عنه قتادة وكان يثنى عليه خيراً، وقال الترمذي عن حديثه هذا: حسن صحيح، وصححه الحاكم 4/ 224 ووافقه الذهبي، وذكره العجلى وابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: شيخ لا يحتج بحديثه. وأخرجه ابن ماجه (3145)، والترمذي (1581) من طريق قتادة، به. وهو في "مسند أحمد" (633) و (791). وأخرجه أحمد (864) من طريق جابر الجعفي، عن عبد الله بن نُجيّ، عن علي. وإسناده ضعيف ومنقطع. ابن نجي لم يسمع من علي، وهو وجابر الجعفي ضعيفان. وانظر ما قبله وما بعده. وانظر تفسير العضباء عند الحديث السابق. (¬2) إسناده صحيح. هشام: هو الدستوائي، ويحيى: هو ابنُ سعيد القطان، ومُسدَّد: هو ابن مُسرهَد. وأخرجه الترمذي (1581) ضمن حديث علي بن أبي طالب السالف قبله من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به.

عن جابر بن عبد الله، قال: كنا نتمتَّع في عَهْدِ رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- نَذبح البقرةَ عن سبعةٍ نشتركُ فيها (¬1). 2808 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن قيسٍ، عن عطاءٍ عن جابر بن عبد الله، أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "البقرَةُ عن سَبْعةٍ، والجَزورُ عن سَبْعةٍ" (¬2). 2809 - حدَّثنا القَعنبيُّ، عن مالكٍ، عن أبي الزبير المَكِّي عن جابرِ بن عبد الله أنه قال: نَحْرنا مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بالحديبيةِ البَدَنةَ عن سَبْعةٍ، والبقرةَ عن سَبْعةٍ (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وعبد الملك: هو ابن أبي سليمان، وهُشيم: هو ابن بشير. وأخرجه مسلم (1318) والنسائى في "الكبرى" (4106) من طريق هشيم بن بَشير، والنسائي في "الكبرى" (4106) و (4467) من طريق يحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن عبد الملك بن أبي سليمان، به. وهو في "سند أحمد" (14265) عن هشيم، و (14422) عن يحيى بن سعيد القطان. وانظر تالييه. (¬2) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وقيس: هو ابن سعد المكي، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4107) من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، به. وانظر ما قبله، وما بعده. (¬3) إسناده صحيح. أبو الزبير المكي - وهو محمد بن مسلم بن تدرُس - قد صرح بسماعه عند مسلم وابن خزيمة (2900) وغيرهما، فانتفت شبهة تدليسه. مالك: هو ابن أنس الإمام، والقعنبي: هو عبد الله بن مَسلمة بن قَعنَب. وهو في "موطأ مالك" 2/ 486. =

8 - باب في الشاة يضحى بها عن جماعة

8 - باب في الشاةِ يُضحَّى بها عن جماعةٍ 2810 - حدَّثنا قتيبةُ بن سَعيد، حدَّثنا يعقوبُ - يعني الإسكندرانيَّ - عن عَمرو، عن المُطَّلبِ عن جابرِ بن عبد الله، قال: شهدتُ مع رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- الأضحى بالمُصلَّى، فلما قضى خطبتَه نزلَ من مِنبَرِه وأُتي بكبشٍ فذبَحه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بيده، وقال: "باسمِ اللهِ واللهُ أكبرُ، هذا عني وعمَّنْ لم يُضَحِّ من أُمتي" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1318)، وابن ماجه (3132)، والترمذي (920) و (1579)، والنسائي في "الكبرى" (4108) من طرق عن أبي الزبيرِ المكي، عن جابر. وهو في "مسند أحمد" (14116) و (14127)، و"صحيح ابن حبان" (3919) و (4004). وانظر ما قبله، وما سلف برقم (2807). (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن إن صح سماع المطلب - وهو ابن عبد الله ابن حنطب - من جابر، فقد نص غير واحد من أهل العلم أنه لم يسمع منه، لكن أبا حاتم قال مرة كما في "الجرح والتعديل": يشبه أن يكون أدرك جابراً، وقد جاء تصريحه بالسماع عند الطحاوي 4/ 177 والحاكم 4/ 229، فالله تعالى أعلم. وقد روي من وجهين آخرين عن جابر كما سيأتي. يعقوب: هو ابن عبد الرحمن بن محمد القاريّ، وعمرو: هو ابن أبي عمرو مولى المطلب. وأخرجه الترمذي (1599) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه، والمطلب بن عبد الله بن حنطب يقال: إنه لم يسمع من جابر. وهو في "مسند أحمد" (14837). وأخرج عبد بن حميد (1146)، وأبو يعلى (1792)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 177، والبيهقي 9/ 268 من طريق حماد بن سلمة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عبد الرحمن بن جابر، قال: حدثني أبي: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أُتي =

9 - باب الإمام يذبح بالمصلى

9 - باب الإمامِ يَذبحُ بالمصلى 2811 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شَيبةَ، أن أبا أُسامةَ حدثهم، عن أسامةَ، عن نافعٍ عن ابن عُمر: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يذبح أُضحيتَه بالمُصلى، وكانَ ابنُ عُمر يفعلُه (¬1). ¬

_ = بكبشين أملحين أقرنين، عظيمين، موجوءين، فأضجع أحدهما، وقال: "باسم الله، والله أكبر، عن محمد وأمته، من شهد لك بالتوحيد، وشهد لي بالبلاغ". وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. وسلف برقم (2795) من طريق أبي عياش بن النعمان المعافري عن جابر بن عبد الله بنحو رواية عبد الرحمن بن جابر السالفة الذكر، وإسناده حسن. وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند أحمد (11051)، والطحاوي 4/ 178، والحاكم 4/ 228 وغيرهما. وعن عائشة عند مسلم (1967)، وسلف عند المصنف برقم (2792). قال الخطابي: فيه دليل على أن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وعن أهله وإن كثروا، وروي عن أبي هريرة وعن ابن عمر رضي الله عنهم أنهما كانا يفعلان ذلك، وأجازه مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق، وكره ذلك أبو حنيفة والثوري رحمهما الله. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أسامة - وهو ابن زيد الليثي - فهو صدوق حسن الحديث، ولكنه متابع. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه ابن ماجه (3161) من طريق أسامة بن زيد، به. دون ذكر فعل ابن عمر. وأخرجه البخاري (982) و (5552)، والنسائي (1589) و (4366) من طريق كثير بن فرقد، و (4367) من طريق عبد الله بن سليمان، كلاهما عن نافع، به. دون ذكر ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (5876). وأخرج الموقوف من فعل ابن عمر: البخاريُّ (1710) و (5551) من طريق عُبيد الله ابن عمر و (1711) من طريق موسى بن عقبة، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر.

10 - باب في حبس لحوم الأضاحي

10 - باب في حَبس لُحوم الأضاحي 2812 - حدَّثنا القَعنَبىُّ، عن مالكٍ، عن عبدِ الله بن أبي بكْرٍ، عن عَمرةَ بنتِ عبدِ الرحمن، قالت: سمعت عائشة تقول: دَفَّ ناس من أهلِ الباديةِ - حَضْرَةَ الأضحى - في زمانِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ادَّخِرُوا لِثَلاثٍ وتَصَدَّقُوا بما بقي" قالت: فلما كانَ بعدَ ذلك، قيل لِرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: يا رسولَ الله، لقد كانَ الناسُ ينتفِعُون من ضحاياهم ويَجْمُلون منها الوَدَكَ، ويتخِذُون منها الأسقيةَ، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "وما ذاك؟ " أو كما قال، قالوا: يا رسول الله نَهَيْتَ عن إمساكِ لُحوم الضحايا بعد ثَلاثٍ، فقالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنما نَهيتكم من أجل الدَّافَّةِ التي دَفَّتْ عليكم، فكُلُوا وتصدَقُوا وادَّخِرُوا" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمد بن عمرو بن حَزم، ومالك: هو ابن أنس، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وهو في "موطأ مالك" 2/ 484، ومن طريقه أخرجه مسلم (1971)، والنسائي (4431). هو في "مسند أحمد" (24249)، و"صحيح ابن حبان" (5927). قال الخطابي: "دفَّ ناس" معناه: أقبلوا من البادية. والدف: سير سريع، يقارب فيه الخطو، يقال: دفَّ الرجلُ دفيفاً. وهم دافَّة، أي: جماعة يدفون. وإنما أراد قوماً أقحمتهم السَّنة، وأقدمتهم المجاعة. يقول: إنما حرّمت عليكم الادّخار فوق ثلاث لتواسوهم، وتتصدقوا عليهم، فأما وقد جاء الله بالسعة، فادخروا ما بدا لكم. وقوله: "يجملون الودك" معناه: يذيبونه. قال لبيد: واشتوى ليلة ريح واجتمل. =

2813 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا يزيدُ بن زُريعٍ، حدَّثنا خالد الحذَّاءُ، عن أبي المَليح عن نُبيْشةَ، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنَّا كنَّا نَهَيْناكُم عن لُحُومها أن تأكُلُوها فوق ثَلاثٍ، لكي تَسَعَكُم. جاء الله بالسَّعهِ، فكُلوا وادَّخِرُوا واتّجِرُوا، ألاوإنَّ هذِهِ الأيامَ أيَّامُ أكلٍ وشُرْبٍ وذِكرٍ للهِ عزَ وجلَّ" (¬1). ¬

_ = ومن هذا قيل: فلان جميل الوجه، يريدون به الحسن والنضارة، كأنه دهين صقيل. قال في "النهاية": "الودك": دسم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه. (¬1) إسناده صحيح. أبو المليح: هو ابن أسامة بن عُمير الهُذَلي، وخالد الحذاء: هو ابن مِهران، ومُسدد: هو ابن مُسَرهَد. وأخرجه ابن ماجه (3160)، والنسائي (4230) من طريق خالد الحذاء، به. ورواية ابن ماجه مختصرة، وعند النسائي قال خالد الحذاء: عن أبي قلابة، عن أبي المليح، وأحسبني قد سمعته من أبي المليح. فيكون بذلك قد سمعه خالد على الوجهين كليهما. وهو في "مسند أحمد" (20723). وأخرج القطعة الأخيرة من الحديث وهي أن هذه الأيام أيامُ أكل وشرب وذكر الله تعالى: مسلم (1141) من طريق خالد الحذاء، عن أبي المليح، و (1141) من طريق خالد، عن أبي قلابة، عن أبي المليح. وهو في "مسند أحمد" (20722). قال الخطابي: وقوله: "واتجروا" أصله: ايتجروا على وزن افتعِلو، يريد الصدقة التي يبتغي أجرها وثوابها، ثم قيل: اتجروا، كلما قيل: اتخذت الشيء. وأصله: ايتخذته. وهو من الأخذ، فهو من الأجر. وليس من باب التجارة. لأن البيع في الضحايا فاسد. إنما تؤكل ويتصدق منها. وقوله: "هذه الأيام أيام أكل وشرب" فيه دليل على أن صوم أيام التشريق غير جائز. لأنه قد وسمَها بالأكل والشرب، كما وسم يوم العيد بالفطر، ثم لم يجز صيامه. فكذلك أيام التشريق، وسواء كان ذلك تطوعاً من الصائم أو نذراً، أو صامها الحاج عن التمتع.

11 - باب في المسافر يضحي

11 - باب في المسافر يُضحِّي 2814 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفَيليُّ، حدَّثنا حمادُ بن خالدٍ الخَيَّاطُ، حدَّثنا معاويةُ بن صالحِ، عن أبي الزاهريةِ، عن جُبير بن نُفَيرٍ عن ثوبانَ، قال: ضَحَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ثم قال: "يا ثوبانُ، أصْلحْ لنا لَحْم هذ الشاة "قال: فما زلتُ أُطعِمُه منها حتى قدم المدينةَ (¬1). 12 - باب في الرفقِ بالذبيحةِ 2815 - حدَّثنا مسلُم بن إبراهيمَ، حدَّثنا شعبةُ، عن خالدِ الحذَّاء عن أبي قِلابةَ، عن أبي الأشعثِ عن شدَّاد بن أوسِ، قال: خَصْلتان سمعتُهما من رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- "إنَّ الله كَتَبَ الإحْسَانَ على كلِّ شيءٍ، فإذا قتلتُم فأحْسِنوا" - غيرُ مُسلمٍ يقولُ: "فأحسِنُوا القِتْلَةَ - وإذا ذَبحتُم فأحسِنُوا الذَّبْحَ، وليُحِدَّ أحدُكُمْ شَفْرَتَه، وليُرِح ذَبيحَتَه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الزاهرية: هو حُدير بن كُريب الحضرمي. وأخرجه مسلم (1975)، والنسائى في "الكبرى" (4142) من طريق معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1975) من طريق عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، به. وهو في "مسند أحمد" (22391)، و"صحيح ابن حبان" (5932). تنبيه: هذا الحديث جاء في (أ) و (ب) و (ج) بعد الحديث الآتي برقم (2816). ونحن تركناه على الترتيب الذي في (هـ) إبقاء على الترقيم المتسلسل. (¬2) إسناده صحيح. أبو الأشعث: هو شَراحيل بن آده الصنعاني، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرمي، وخالد الحذاء: هو ابن مِهران، وشعبة: هو ابن الحجاج. وأخر جه مسلم (1955)، وابن ماجه (3170)، والترمذي (1467)، والنسائي (4405) و (4412) و (4413) و (4414) من طريق أبي قلابة الجَرمي، به. =

13 - باب في ذبائح أهل الكتاب

2816 - حدَّثنا أبو الوليدِ الطَّيالِسي، حدَّثنا شعبةُ، عن هشامِ بن زَيد، قال: دخلتُ مع أنسِ بن مالك على الحكمِ بن أيوبَ فرأى فتياناً، أو غلماناً، قد نَصَبُوا دَجاجةً يرمونَها، فقال أنس: نهى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن تُصْبَرَ البهائمُ (¬1). 13 - باب في ذبائح أهلِ الكتاب 2817 - حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بن ثابت المَروزيُّ، حدثني علي بن حُسينٍ، عن أبيه، عن يزيدَ النَّحويِّ، عن عِكرِمةَ عن ابن عبّاس، قال: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ}، {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (الأنعام: 118 و121)، فنَسَخَ، واستثنَى من ذلك، فقال: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5] (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (17113)، و"صحيح ابن حبان" (5883). وأخرجه النسائي (4411) من طريق خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي الأشعث، عن شداد بن أوس. فزاد في الإسناد أبا أسماء الرحبي. قال أبو عوانة وقد أخرج الحديث (7744): وهو خطأ. (¬1) إسناده صحيح. هشام بن زيد: هو ابن أنس بن مالك، وشعبة: هو ابن الحجاج، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه البخاري (5513)، ومسلم (1956)، وابن ماجه (3186)، والنسائي (4439) من طريق شعبة بن الحجاج، به. وهو في "مسند أحمد" (12161). وقوله: أن تُصبَر، بصيغة المجهول، أي: تحبس لتُرمى حتى تموت. وقال الخطابي: أصل الصبر: الحبس. ومنه قيل: قتل فلان صبراً، أي: قهراً، أو حبساً على الموت. وإنما نهي عن ذلك لما فيه من تعذيبها، وأمر بإزهاق نفسها بأوحى الذكاة وأخفّها. (¬2) إسناده حسن من أجل علي بن الحسين - وهو ابن واقد المروزي - فهو صدوق حسن الحديث. =

2818 - حدَّثنا محمدُ بن كثيرٍ، أخبرنا إسرائيلُ، حدَّثنا سِماكٌ، عن عِكرِمةَ عن ابن عباسِ في قوله: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: 121] يقولون: ما ذَبَح اللهُ فلا تأكُلُوه، وما ذبحتُم أنتُم فكُلُوهُ، فأنزلَ اللهُ عَزَّ وجلَّ: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (¬1). ¬

_ = وأخرج الطبري في "تفسيره" 8/ 21 عن محمد بن حميد الرازي، عن يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن قولهما. ومحمد بن حميد متروك. وإلى القول بالنسخ ذهب أيضاً مكحول فيما أسنده عنه ابن أبي حاتم كما في "تفسير ابن كثير"عند آية الأنعام. وقد ذهب الطبري إلى القول بإحكام آيتى الأنعام، فقال: الصواب من القول في ذلك عندنا أن هذه الآية محكمة فيما أنزلت لم ينسخ منها شيء، وأن طعام أهل الكتاب حلال، وذبائحهم ذكية، وذلك مما حرم الله على المؤمنين أكله بقوله: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] بمعزل، لأن الله إنما حرم علينا بهذه الآية الميتة، وما أُهل به للطواغيت، وذبائح أهل الكتاب ذكية سموا عليها أو لم يسمُّوا، لأنهم أهل توحيد وأصحاب كتب لله يدينون بأحكامها، يذبحون الذبائح بأديانهم، كما ذبح المسلم بدينه، سمى الله على ذبيحته أو لم يُسمه، إلا أن يكون ترك من ذكر تسمية الله على ذبيحته على الدينونة بالتعطيل، أو بعبادة شيء سوى الله، فيحرم حينئذ أكل ذبيحته سمى الله عليها أو لم يُسمِّ. ونسبَ القولَ بإحكامها إلى عامة أهل العلم. وإلى القول بإحكامها أيضاً ذهب ابنُ الجوزي في "نواسخ القرآن" ص330، ومكي بن أبي طالب في "الإيضاح" ص 262 .. (¬1) حديث صحيح. سماك - وهو ابن حرب، وإن كان في روايته عن عكرمة اضطراب - متابع. إسرائيل: هو ابن يُونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، ومحمد بن كثير: هو العبْدي وقد صحح إسناد حديث سماك الحاكم 4/ 113 و231، ووافقه الذهبي، وصححه كذلك ابن كثير في "تفسيره" 3/ 321، وابن حجر في "الفتح" 9/ 624. =

2819 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا عِمرانُ بن عُيينةَ، عن عطاء بن السائبِ، عن سعيدِ بن جُبَيرٍ عن ابن عباسِ، قال: جاءتِ اليهودُ إلى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالوا: نأكُلُ ممَّا قتَلْنا ولا نأكُلُ ممَّا قتلَ اللهُ؟ فأنزل اللهُ {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} إلى آخر الآية (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (3173)، والطبري في "تفسيره" 8/ 16 و 17 و 18، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 3/ 321، والحاكم 4/ 113 و231، والبيهقى 9/ 241 من طريق سماك بن حرب، به. وأخرجه بنحوه النسائي في "الكبرى" (4511) و (11106)، والطبري 8/ 17، والحاكم 4/ 233، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 301 من طريق عنترَة بن عبد الرحمن الكوفي، والطبري 8/ 16، والطبراني (11614) من طريق الحكم بن أبان، عن عكرمة، والطبري 8/ 17 من طريق عطية العوفي، و 8/ 17 من طريق علي بن أبي طلحة، كلهم عن ابن عباس. وسيأتي بعده عند المصنف من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عمران بن عيينة - وهو أخو سفيان - فهو ضعيف يعتبر به في المتابعات، وقد توبع، إلا أنه أخطأ في ذكر اليهود في الرواية، لأن المحفوظ هو المشركون لا اليهود، كما نبه عليه ابن كثير في "تفسيره" عند تفسير هذه الآية المذكورة. وأخرجه البزار في "مسنده" كما في "تفسير ابن كثير" 3/ 320، والطبري 8/ 18 - 19، والطبراني (12295)، والبيهقي 9/ 240، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 300 - 301، والضياء المقدسي في "المختارة" 10/ (271) من طريق عمران بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (3323) من طريق زياد بن عبد الله البكائي، والطبري 8/ 18 من طريق جرير بن عبد الحميد، والضياء10/ (270) من طريق أبي كدينة يحيى بن المهلب، ثلاثتهم عن عطاء بن السائب، به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابن عباس أيضاً.

14 - باب ما جاء في أكل معاقرة الأعراب

14 - باب ما جاء في أكلِ مُعاقَرةِ الأعرابِ 2820 - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا حماد بن مَسعدةَ، عن عَوفٍ، عن أبي رَيحانة عن ابن عباسٍ، قال نهى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن مُعَاقَرَةِ الأعرابِ (¬1). ¬

_ = وانظر ما قبله. قال الخطابي: في هذا دلالة على أن معنى ذكر اسم الله على الذبيحة في هذه الآية ليس باللسان، وإنما معناه: تحريم ما ليس بالمذكَّى من الحيوان، فإذا كان الذابح ممن يعتقد الاسم، وإن لم يذكره بلسانه، فقد سمى، وإلى هذا ذهب ابن عباس في تأويل الآية. (¬1) إسناده حسن من أجل أبي ريحانة عبد الله بن مطر، فهو صدوق حسن الحديث، ومع أنه تغير بأخرة، قال ابن عدي: لا أعرف له حديثاً منكراً فأذكره، فالظاهر أنه لم يحدث بعدما تغير بشيء. وأخرج أبو بكر بن أبى شيبة في "تفسيره" كما في "اقتضاء الصراط المستقيم" لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 260 عن وكيع، عن أصحابه، عن عوف الأعرابي، عن أبي ريحانة، قال: سئل ابن عباس عن معاقرة الأعراب فقال: إني أخاف أن تكون مما أهل لغير الله به. هكذا جعله موقوفاً. وفي الباب عن علي بن طالب موقوفاً عند أبى إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن دُحيم في "تفسيره" كما في "اقتضاء الصراط المستقيم" ص260 قال: حدَّثنا أبي، حدَّثنا سعيد بن منصور، عن ربعي [بن عبد الله بن الجارود]، عن عبدالله بن الجارود، قال: سمعت الجارود هو ابن أبي سبْرة، قال: كان من بني رباح رجل يقال له: ابن وثيل شاعراً، نافر أبا الفرزدق غالباً الشاعر، بماء بظهر الكونة، على أن يعقر هذا مئة من إبله، وهذا مئة من إبله، إذا وردت الماء، فلما وردت الإبل الماء قاما إليها بأسيافهما، فجعلا ينسفان عراقيبها. فخرج الناس على الحمر والبغال، يريدون اللحم. وعليٌّ رضي الله عنه بالكوفة، فخرج على بغلة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- البيضاء، وهو ينادي: يا أيها الناس لا تأكلوا من لحومها، فإنها أُهل بها لغير الله. =

15 - باب في الذبيحة بالمروة

قال أبو داودَ: اسمُ أبي رَيحانة عبدُ الله بن مَطَرٍ، وغُندَر أوقَفَه على ابن عباسٍ. 15 - باب في الذبيحةِ بالمَروةِ 2821 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو الأحْوصِ، حدَّثنا سعيدُ بن مسروقٍ، عن عَبايةَ بن رِفاعةَ، عن أبيه عن جده رافعِ بن خَديجٍ، قال: أتيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلتُ: يا رسولَ الله، إنا نَلْقَى العدوَّ غداً وليس معنا مُدًى، فقال رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم-: "أرِنْ - أو اعْجَل - ما أنهَرَ الدَّمَ وذُكِرَ اسمُ اللهِ عليه فكلُوا، ما لم يكن سِنّاً أو ظُفراً، وسأحَدثكم عن ذلك: أما السِّنُّ فعَظْمٌ وأما الظُّفر فمُدَى الحبَشةِ" وتقدَّم سَرعانُ الناسِ فتعجَّلُوا فأصابُوا من الغنائِمِ، ورسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - في آخِرِ الناسِ، فنَصَبُوا قُدوراً، فمرَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالقُدور فأمَر بها فأكفِئتْ، وقَسم بينهم فَعَدَلَ بعيراً بعشرِ شِياهٍ، ونَدَّ بعيرٌ من إبل القومِ، ولم يكن معهم خيلٌ فرماه رجلٌ بسهم فحبَسه اللهُ، فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن لهذه البهائمِ أوَابِدَ كأوابدِ الوَحْشِ، ما فَعلَ منها هذا فافعَلُوا به مثلَ هذا" (¬1). ¬

_ = قال الخطابي في تفسير معاقرة الأعراب: هو أن يتبارى الرجلان كل واحد يجاود صاحبه، فيعقر هذا عددا من إبله، فأيهما كان أكثر عقراً غلب صاحبه ونفره. كره أكل لحومها لئلا تكون مما أُهِلَّ به لغير الله. (¬1) إسناده صحيح. سعيد بن مسروق: هو والد سفيان الثوري، وأبو الأحوص: هو سلّام بن سُلَيم، ومُسدد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه بطوله ومختصراً البخاري (5543)، والترمذي (1563) و (1565) و (1691)، والنسائي في "المجتبى" (4404) من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه بطوله ومختصراً البخاري (2488) و (3075) و (5498) من طريق أبي عوانة اليشكري، والبخاري (2507) و (5506) و (5509)، ومسلم (1968)، وابن ماجه (3137)، والترمذي (1564) و (1692) والنسائي (4391) من طريق سفيان الثوري، والبخاري (5503)، ومسلم (1968)، والنسائي (4391) و (4409) من طريق شعبة بن الحجاج، والبخاري (5544)، وابن ماجه (3178) و (3183) من طريق عمر بن عُبيد الطنافسي، ومسلم (1968) والنسائي (4403) من طريق عُمر بن سعيد بن مسروق، ومسلم (1968) من طريق إسماعيل بن مسلم العبدي، ومسلم (1968)، والنسائي (4297) من طريق زائدة بن قدامة، كلهم عن سعيد بن مسروق الثوري، عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج، عن جده. دون ذكر رفاعة بن رافع وهو في "مسند أحمد" (15806)، و"صحيح ابن حبان" (4821) و (5886). وقد صحح البخاري كلا الروايتين، إذ أخرجهما في "الصحيح "، وأما الترمذي فصحح الرواية الثانية التي ليس فيها ذكر رفاعة، وكذلك أبو حاتم في "العلل" لابنه 2/ 45. قلنا: لم ينفرد أبو الأحوص بذكر رفاعة في الإسناد فقد تابعه حسان بن إبراهيم الكرماني عند الطبراني في "الكبير" (4389)، والبيهقي 9/ 247. قال الخطابي: قوله: "أرن" صوابه: إئرن بهمزة، ومعناه: خِفَّ وأعجَل، لئلا تخنقها فإن الذبح إذا كان بغير الحديد احتاج صاحبه إلى خفة يده, وسرعته في إمرار الآلة على المريء والحلقوم والأوداج كلها، والإتيان عليها قطعاً، قبل هلاك الذبيحة بما ينالها من ألم الضغط قبل قطع مذابحها. وفُسّر به في غريب الحديث. وفيه دلالة على أن العظم كذلك، لأنه لما علَّل النهي عن الذبح بالسن، قال: لأنه عظم، فكل عظم من العظام يجب أن تكون الزكاة به محرمة غير جائزة. وقال أصحاب الرأي: إذا كان العظم والسن بائنين من الأسنان فوقع بهما الزكاة، حلّ وإن ذبحها بسنّه أو ظفره، وهما غير منزوعين من مكانهما من بدنه، فهو محرم. وقال مالك: إن ذَكَّّى بالعظم فمَرى مرياً أجزأه.=

2822 - حدَّثنا مُسَدَّد، أن عبدَ الواحد بنَ زيادٍ وحماداً حدثاهم - المعنى واحد - عن عاصمٍ، عن الشعيىِّ عن محمدِ بن صفوانَ أو صفوانَ بن محمدٍ، قال: اصَّدْتُ أرنبَين فذبحتُهما بمَروةِ، فسألتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عنهما، فأمرني بأكْلِهما (¬1). ¬

_ = وقال بعض أصحاب الشافعي: إن العظم إذا كان من مأكول اللحم وقعت به الذكاة. وكافة أصحابه على خلاف ذلك، وسواء عندهم كان الظفر والسن منفصلين من الإنسان أو لا. قلت (القائل الخطابي): وهذا خاص في المقدور على ذكاته. فإن الذكاة في المقدور عليه ربما وقعت بسن الكلب المعلَّم، وبأسنان سائر الجوارح المعلمة، وبأظفارها ومخالبها. و"سرعان الناس" هم الذين تقدموا في السير بين أيدي الأصحاب. ويشبه أن يكون إكفاء القدور، لأن الذي فيها لم يكن دارت عليه سهام القسمة بعدُ. وقوله: "أوابد كأوابد الوحش" فالأوابد: هي التي قد توحشت ونفرت، يقال: أبد الرجل وبود: إذا توحش وتخلَّى، ويقال: هذه آبدة من الأوابد. إذا كانت نادرة في بابها لا نظيرَ لها في حسنها. وفيه بيان أن المقدور عليه من الدواب الإنسية إذا توحش فامتنع صار حكمه في الذكاة حكم الوحشي غير المقدور عليه. (¬1) إسنادة صحيح. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وعاصم: هو ابن سليمان الأحول، وحماد: هو ابن زيد، ومُسدَّد: هو ابنُ مُسرهَد. وأخرجه ابن ماجه (3175)، والنسائي (4313) من طريق عاصم الأحول، وابن ماجه (3244)، والنسائي (4313) و (4399) من طريق داود بن أبي هند، كلاهما عن الشعبي، به. وقد وقع اسم الصحابي عند ابن ماجه: محمد بن صيفي، والصحيح محمد بن صفوان كما قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" (256)، والدارقطني في "العلل" هـ/ ورقة هـ. وهو في "مسند أحمد" (15870).

2823 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا يعقوبُ، عن زيدِ بن أسلَم، عن عطاء بن يَسارٍ عن رجلٍ من بني حارثةَ أنه كانَ يَرعَى لِقْحَةً بِشِعْبٍ من شِعاب أُحُد، فأخذها الموت، فلم يجد شيئا ينحرُها به، فأخذَ وَتداَ فوجَأ به في لَبَّتها حتى أُهرِيق دمُها. ثم جاء إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فأخبره بذلك، فأمرَه بأكلِها (¬1). 2824 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن سماكِ بن حَرْبٍ، عن مُرَيِّ بن قَطَرِيِّ ¬

_ = وأخرجه الترمذي (1540) من طريق قتادة، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله ونقل عن البخاري قوله: حديث الشعبي عن جابر غير محفوظ، زاد في "العلل الكبير" (256) عنه: وحديث محمد بن صفوان أصح لكن الترمذي قال: وروى جابر الجعفي، عن الشعبى، عن جابر بن عبد الله نحو حديث قتادة عن الشعبي، ويحتمل أن يكون الشعبي روى عنهما جميعاً. وهو في "مسند أحمد" (14486). اصدت: أصلها: اصطدتُ، قلبت الطاء صاداً وأدغمت مثل اصبر في اصطبر، والطاء بدل من طاء افتعل. قال الخطابي: و"المروة" حجارة بيض، قال الأصمعي: وهي التي يقدح منها النار. وإنما تجزي الذكاة من الحجر بما كان له حدٌّ يقطع. (¬1) إسناده صحيح. يعقوب. هو ابن عبد الرحمن الإسكندراني. وأخرجه البيهقي 9/ 250 و281 من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (23647) من طريق سفيان الثوري، عن زيد بن أسلم، به. وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 391، وعبد الرزاق (8626) و (8627) عن سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار: أن غلاما من بنى حارثة فذكره مرسلاً. وأخرجه النسائي (4402)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 552 من طريق جرير بن حازم، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري قال: كانت لرجل من الأنصار ناقة ... فجعله من مسند أبي سعيد الخدري.

16 - باب ما جاء في ذبيحة المتردية

عن عَديّ بن حاتم، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أرأيتَ إنْ أحدُنا أصابَ صيداً وليس معه سِكِّين، أيذْبَحُ بالمَروَةِ وشِقةِ العصا؟ فقال: " أمْرِرِ الدمَ بما شئتَ، واذكُرِ اسمَ اللهِ عزّ وجلّ" (¬1). 16 - باب ما جاء في ذبيحة المُتردِّية 2825 - حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدَّثنا حمادُ بن سلمةَ، عن أبي العُشَراءِ عن أبيه، أنه قال: يا رسولَ اللهِ، أمَا تكونُ الذكاةُ إلا مِنَ اللبَّةِ أو الحَلْقِ؟ قال: فقالَ رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم -: "لو طَعَنتَ في فَخِذِها لأجْزَأ عَنْكَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل سماك بن حرب، فهو صدوق حسن الحديث، ومُرَيّ بن قطري وثقه ابن معين في رواية عثمان بن سعيد الدارمي، فهو ثقة. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابن ماجه (3177) من طريق سفيان الثوري، والنسائي (4401) من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن سماك بن حرب، به. وهو في "مسند أحمد" (18250)، و"صحيح ابن حبان" (332). قال الخطابي: قوله: "أمرِ الدم" أي: أسِله وأجْرِهِ، يقال: مريت الدمع من عيني، أَمريه مَرْياً، ومريت الناقة: إذا حلبتها وهي مَرِيَّه، والمريُّ: الناقة ذات الدَّرِّ. وهى إذا وضعت أخذوا حُوارها فأكلوه، ثم راموها على جلده، بعد أن يحشوه بتبنٍ أو مُشاقة، ونحوها، فيبقى لبنها وتَدِرُّ عليه زمانا طويلاً. وأصحاب الحديث يروونه "أمرَّ الدم" مشددة الراء، وهو خطأ. والصواب ساكنة الميم خفيفة الراء. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة أبي العشراء وأبيه، قال الذهبي في "الميزان": لا يُدرى مَن هو ولا مَن أبوه، وقال البخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 22: في حديثه واسمه وسماعه من أبيه نظر، وقال أحمد بن حنبل: هو عندي خطأ، ولا يعجبني، ولا أذهب إليه إلا في موضع الضرورة. وأخرجه ابن ماجه (3184)، والترمذي (1551)، والنسائي (4408) من طريق حماد بن سلمة، به. =

17 - باب المبالغة في الذبح

قال أبو داود: وهذا لا يَصلُح إلا في المُتردِّية والمُتوحِّش. 17 - باب المبالغةِ في الذبح 2826 - حدَّثنا هنَّادُ بن السَّرِيِّ والحسنُ بن عيسى مولى ابن المبارَك، عن ابنِ المبارَك، عن معمرٍ، عن عَمرو بن عبد الله، عن عِكرِمةَ عن ابن عباس - زاد ابنُ عيسى: وأبي هريرةَ، قالا: - نَهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، عن شَريطة الشيطانِ - زادُ ابنُ عيسى في حديثه: وهي التي تُذبَح فيُقْطَعُ الجلدُ ولا تُفْرَى الأوداجُ، ثم تُترَكُ حتى تموتَ (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (18947). قال الخطابي: هذا في ذكاة غير المقدور عليه، فأما المقدور عليه فلا يذكيه إلا قطع المذابح، لا أعلم فيه خلافاً بين أهل العلم، وضعفوا هذا الحديث، لأن راويه مجهول، وأبو العشراء الدارمي لا يُدرى مَن أبوه؟ ولم يرو عنه غير حماد بن سلمة. واختلفوا فيما توحش من الأوانس: فقال أكثر العلماء: إذا جرجته الرمية فسال الدم، فهو ذكيٌّ، وإن لم يُصب مذابحه. وقال مالك: لا يكون هذا ذكاة حتى تقطع المذابح، قال: وحكم الأنعام لا يتحول بالتوحش. (¬1) إسناده ضعيف لضعف عمرو بن عبد الله - وهو ابن الأسوار اليماني. وأخرجه أحمد (2618)، وابنُ حبان (5888)، والحاكم 4/ 113، والبيهقي 9/ 278 من طريق عبد الله بن المبارك، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. قال الخطابي: إنما سمي هذا شريطة الشيطان من أجل أن الشيطان هو الذي يحملهم على ذلك، ويُحسِّن هذا الفعل عندهم، وأخذت الشريطة من الشرط، وهو شق الجلد بالمِبضَع ونحوه، وكأنه قد اقتصر على شرطه بالحديد دون ذبحه والإتيان بالقطع على حلقه. وقوله: "تُفري الأوداج" قال الجوهري: أفريتُ الأوداج إذا قطعتها، وهي ما أحاط بالحلق من العروق.

18 - باب ما جاء في ذكاة الجنين

18 - باب ما جاءَ في ذكاةِ الجنين 2827 - حدَّثنا القَعنَبيُّ، حدَّثنا ابنُ المبارَك (ح) وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا هُشيمٌ، عن مُجالد، عن أبي الوَدَّاك عن أبي سعيدٍ، قال: سألتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الجنين، فقال: "كُلُوهُ إن شئتمُ"، وقال مُسدَّد: قال: قلنا: يا رسولَ اللهِ، ننحرُ الناقةَ ونَذبَحُ البقرةَ أو الشاةَ، في بطنِها الجنينَ، أنُلقِيه أم نأكلُه؟ فقال: "كلُوه إن شئتُم، فإن ذكاتَه ذكاة أمّه" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح بطرقه وشواهده. وهذا إسناد ضعيف لضعف مجالد - وهو ابن سيد الهمداني، وهو متابع أبو الودّاك. هو جَبر بن نَوف البكالي. وأخرجه ابن ماجه (3199)، والترمذي (1544) من طريق مجالد بن سعيد، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (11260). وأخرجه أحمد (11343) من طريق يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، عن أبي الوداك، به. وهذا إسناد حسن. وأخرجه أحمد (11414) من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري. وإسناده ضعيف لضعف عطية العوفي. وفي الباب عن جابر بن عبد الله سيأتي بعده. وعن عبد الله بن عمر عند الحاكم 4/ 114، والدارقطني (4731)، والطبراني في "الصغير" (20) و (1067)، والبيهقي في "السنن"9/ 335، وفيه ضعف والصحيح وقفه. قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وغيرهم وهو قول سفيان الثوري، وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق. وقال الخطابي: وذهب أكثر العلماء إلى أن ذكاة الشاة ذكاة لجنينها، إلا أن بعضهم اشترط فيها الإشعار. =

19 - باب ما جاء في أكل اللحم لا يدرىأذكر اسم الله عليه أم لا

2828 - حدَّثنا محمدُ بن يحيى بن فارسٍ، حدَّثني إسحاقُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا عتَّابُ بن بَشير، حدَّثنا عُبيد الله بن أبي زيادٍ القَدّاحُ المكيُّ، عن أبي الزبير عن جابرِ بن عبد الله، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ذَكاةُ الجنين ذَكاةُ أمِّه" (¬1). 19 - باب ما جاءَ في أكلِ اللحمِ لا يُدرَىأَذُكر اسمُ الله عليه أم لا 2829 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ (ح) وحدَثنا القَعنَبي، حدَّثنا أبي (ح) ¬

_ = وقال أبو حنيفة: لا يحل أكل الأجنة إلا ما خرج من بطون الأمهات حية فذُبحت. قال ابن المنذر: لم يرو عن أحد من الصحابة والتابعين وسائر علماء الأمصار أن الجنين لا يؤكل إلا باستئناف الذكاة فيه، غير ما روي عن أبي حنيفة. قال: ولا أحسب أصحابه وافقوه عليه. قلنا: نصَّ محمد بن الحسن الشيباني في روايته "لموطأ مالك" (652) أنه يذهب إلى ما ذهب إليه الجمهور. ونقل ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 77 أن الليث بن سعد والأوزاعي وأبا يوسف ذهبوا إلى ما ذهب إليه الجمهور، وأن زفر بن الهذيل ذهب إلى قول أبي حنيفة، وأنه قول إبراهيم النخعي. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عُبيد الله بن أبي زياد القداح، وتدليس أبي الزبير - وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي - وعُبيد الله متابع، فتبقى عنعنة أبي الزبير. إسحاق بن إبراهيم: هو ابن راهويه. وأخرجه الدارمي (1979)، وأبو يعلى (1808)، والطبراني في "الأوسط" (8099)، والدارقطني (4734)، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 92 و 9/ 236، وفي "أخبار أصبهان" 1/ 92، وأبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" (113)، والحاكم 4/ 114، والبيهقي 9/ 334 - 335 من طرق عن أبي الزبير، عن جابر، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وفي الباب عن أبي سعيد الخدري قبله.

وحدَثنا القَعنَبيُّ (¬1)، عن مالك (ح) وحدَثنا يوسفُ بن موسى، حدَّثنا سليمانُ بن حَيّانَ ومُحاضِرٌ - المعنى - عن هشامِ بن عُروةَ، عن أبيهِ عن عائشة - ولم يذكُرا عن حمادٍ ومالكٍ: عن عائشةَ - أنهم قالوا: يا رسولَ اللهِ، إن قوماً حديثُو عهدٍ بالجاهلية يأتُون بلُحْمَانٍ لا نَدري أذكَروا اسمَ اللهِ عليها أم لم يذكروا، أفنأكُلُ منها؟ فقال رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم -: "سَمُّوا وكلُوا" (¬2). ¬

_ (¬1) طريق القعنبيُّ عن أبيه أثبتناه من (هـ)، ولم يرد في سائر أصولنا الخطية. (¬2) صحيح من طريق يوسف بن موسى - وهو القطان - مرسل من طريقي موسى ابن إسماعيل والقعنبي - وهو عبد الله بن مسلمة بن قعنب -. وهو في "موطأ مالك" 2/ 488، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 298: لم يختلف عن مالك فيما علمتُ في إرسال هذا الحديث. وأخرجه البخاري (7398) عن يوسف بن موسى القطان، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2057) من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، و (5507) من طريق أسامة بن حفص المدني، وابن ماجه (3174) من طريق عبد الرحيم بن سليمان، والنسائي (4436) من طريق النضر بن شميل، أربعتهم عن هشام بن عروة، به. ونقل الحافظ في "النكت الظراف" 12/ 157 عن الدارقطني قوله: المحفوظ عن مالك مرسلاً، وكذا قال الحمادان وابن عيينة والقطان، قال: وهو أشبه بالصواب. قال الخطابي: فيه دليل على أن التسمية غير واجبة عند الذبح، لأن البهيمة أصلها على التحريم، حتى يُتَيقَّن وقوع الزكاة. فهي لا تُستباح بالأمر المشكوك فيه، فلو كانت التسمية من شرط الزكاة لم يُجز أن يُحمل الأمر فيها على حسن الظن بهم، فيُستباح أكلها كما لو عرض الشك في نفس الذبح. فلم يعلم: هل وقعت الذكاة أم لا؟ لم يجُز أن تؤكل. واختلفوا فيمن ترك التسمية على الذبح عامداً أو ساهياً. فقال الشافعي: التسيمة استحباب، وليس بواجب. وسواء تركها عامداً أو ساهياً.=

20 - باب في العتيرة

20 - باب في الْعَتِيرة 2830 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا (ح) وحدَّثنا نَضرُ بن علي، عن بِشر بن المُفضَّلِ - المعنى - حدَّثنا خالد الحذّاءُ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي المَليحِ، قال: قال نُبيشةُ: نادى رجلٌ رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم -: إنا كنا نَعْتِرُ عَتيرةً في الجاهليةِ في رجَبٍ، فما تأمرُنا؟ ْ قال: "اذبحُوا للهِ في أي شهرٍ كانَ، وبَرُّوا اللهَ عَزَّ وجلَّ، وأطعِمُوا" قال: إنا كنا نُفْرعُ فَرَعاً في الجاهلية، فما تأمرُنا؟ قال: "في كلِّ سائمةٍ فَرَعٌ تغذُوه ماشِيتُك حتى إذا اسْتَحْمَلَ" قال نَصرٌ: "استحملَ لِلحَجيجِ، ذبحتَه فتصدقتَ بلحمِه" قال خالد: أحسَبه قال: "على ابن السبيلِ، فإنَّ ذلك خير" قال خالد: قلتُ لأبي قِلابةَ: كم السائمةُ؟ قال: مئة (¬1). ¬

_ = وهو قول مالك وأحمد. وقال الثوري وأهل الرأي وإسحاق: إن تركها ساهياً، حلَّت. وإن تركها عامداً لم تحل. وقال أبو ثور وداود: كل من ترك التسمية عامداً كان أو ساهياً فذبيحته لا تحل. ومثله عن ابن سيرين والشعبي. (¬1) إسناده صحيح. أبو المَليح: هو ابن أسامة بن عُمير الهُذَلي، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَزمي، وخالد الحذاء: هو ابن مِهْران، ومُسَدَّد: هو ابن مُسَرهَد. وأخرجه ابن ماجه (3167)، والنسائي (4228 - 4232) من طريق أبي المَليح الهذلي، به. وبعض روايات النسائي مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (20723). قال الخطابي: "العتيرة" النسيكة التي تُعتر، أي: تُذبح. وكانوا يذبحونها في شهر رجب، ويسمونها الرجبية. =

2831 - حدَّثنا أحمدُ بن عبدةَ، أخبرنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سعيدِ عن أبي هريرةَ أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قالَ: "لا فَرَعَ ولا عَتِيرةَ" (¬1). 2832 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن سعيدٍ، قال: الفَرَعُ أولُ النِّتاجِ، كان يُنْتَجُ لهم فيذبحونَه (¬2). ¬

_ = والفرع: أول ما تلد الناقة. وكانوا يذبحون ذلك لآلهتهم في الجاهلية. وهو الفرع -مفتوحة الراء- ثم نهى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن ذلك. (¬1) إسناده صحيح - سعيد: هو ابن المسيّب، وسفيان: هو ابن عُيينة. وأخرجه البخاري (5473)، ومسلم (1976)، وابن ماجه (3168)، والترمذي (1512)، والنسائي (4222) و (4223) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وزادوا في رواياتهم تفسير سعيد بن المسيب للفرع، وهو الآتي عند المصنف بعده. وهو في "مسند أحمد" (7751)، و"صحيح ابن حبان" (5890). وقوله: لا فَرَع ولا عتيرة: معناه: ليس واجبين جمعاً بين الأحاديث، قال الشيخ أنور الكشميري في "فيض الباري" 4/ 347: كان الفرع تأكداً في أول الإسلام، ثم وسع فيها بعده، وكان أهل الجاهلية يذبحونها لأصنامهم، وأما أهل الإسلام، فما كانوا ليفعلوه إلا لله تعالى، فلما فرضت الأضحية، نُسِخَ الفَرَعُ وغيره، فمن شاء ذبح ومن شاء لم يذبح. قلنا: وردت أحاديث يؤخذ منها بقاء مشروعية الفرع - وهو ذبح أول ما تلده الناقة، والعتيرة وهي التي كانوا يذبحونها في شهر رجب ويسمونها الرجبية، منها حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وسيأتي عند المصنف برقم (2942)، وحديث نبيشة الهذلي السالف عند المصنف (2830)، وحديث الحارث بن عمرو عند أحمد (15972) وسنده حسن، ولفظه: قال رجل: يا رسول الله الفرائع والعتائر؟ قال: "من شاء فرَّع ومن شاء لم يفرع، ومن شاء عتر ومن شاء لم يعتر، في الغنم أضحية". (¬2) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن المسيب، ومعمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني. وانظر ما قبله.

21 - باب في العقيقة

2833 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن عبد الله بن عثمانَ ابن خُثَيم، عن يوسفَ بن ماهَكَ، عن حفصةَ بنتِ عبد الرحمن عن عائشة، قالت: أمرَنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- من كل خمسينَ شاةً شاةٌ (¬1). قال أبو داود: قال بعضُهم: الفَرَعُ أوّل ما تُنْتَجُ الإبلُ، كانوا يذبحونَه لطواغيتِهم، ثم يأكُلُه (¬2)، ويُلقَى جلدُه على الشجرِ، والعَتيرةُ: في العشرِ الأُوَل من رجبٍ. 21 - باب في العقيقة 2834 - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا سفيانُ، عن عَمرو بن دينارٍ، عن عَطاءٍ، عن حَبيبةَ بنتِ مَيسرةَ عن أم كُرْز الكعْبيةِ، قالت: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "عن الغُلامِ شاتانِ مُكافِئتانِ، وعن الجاريةِ شاةٌ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل عبد الله بن عثمان بن خثيم، فهو صدوق لا بأس به. حماد: هو ابنُ سَلَمة. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1536)، والبيهقي 9/ 312 من طريق عبد الله ابن عثمان بن خُثيم، بهذا الإسناد. قال البيهقي في روايته: أمر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- بالفرعة من كل خمسين واحدة. (¬2) أي: الذابح، قاله العظيم آبادي. (¬3) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حبيبة بنت ميسرة، لكن تابعها سباع بن ثابت في الحديث الآتي بعده، وسنذكر حالَه ثَمَّ. عطاء: هو ابن أبي رباح، وسفيان: هو ابن عيينة، ومُسَدَّد: هو ابن مُسَرهَد. وأخرجه النسائي (4216) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي أيضاً (4215) من طريق قيس بن سعد، عن عطاء وطاووس ومجاهد، عن أم كُرز، وهو في "مسند أحمد" (27142) و"صحيح ابن حبان" (5313). =

قال أبو داود: سمعت أحمد قال: مُكافِئتان: مستويتان أو مُقاربتان. 2835 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا سفيانُ، عن عُبيد الله بن أبي يزيدَ، عن أبيهِ، عن سِباعِ بن ثابتٍ ¬

_ = وانظر ما بعده. وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص سيأتي حديثه عند المصنف برقم (2842). وعن عائشة عند أحمد (24028)، وابن ماجه (3163)، والترمذي (1590). وإسناده حسن. وعن أسماء بنت يزيد عند أحمد (27582). وإسناده حسن إن شاء الله. قال الخطابي: وفسره أبو عُبيد قريباً من هذا (يعني كما فسّر الإمام أحمد "مكافئتان" فيما نقله عنه أبو داود في آخر الحديث لأن حقيقة ذلك التكافؤ في السن، يُريد شاتين مسنتين، تجوزان في الضحايا، بأن لا تكون إحداهما مسنة، والأخرى غير مُسنة. قال: والعقيقة: سنة في المولود. لا يجوز تركُها، وهو قولُ أكثرهم، إلا أنهم اختلفوا في التسوية بين الغلام والجارية فيها. فقال أحمد بن حنبل والشافعى وإسحاق بظاهر ما جاء في الحديث، من أن في الغلام شاتين، وفي الجارية شاة. وكان الحسن وقتادة لا يريان عن الجارية عقيقة. وقال مالك: الغلام والجارية شاة واحدة سواء. وقال أصحاب الرأي: إن شاء عق، وإن شاء لم يعُقّ. وقال اللكنوي في "التعليق الممجد" بتحقيقنا: العقيقة: هي الذبيحة عن المولود يوم السابع وقد اختلف فيه: فعند مالك والشافعي: هو سنة مشروعة، وقال أبو حنيفة: هي مباحة ولا أقول: إنها مستحبة، وعن أحمد روايتان: أشهرهما أنها سنة، والثانية: أنها واجبة، واختارها بعض أصحابه.

عن أم كرز، قالت: سمعتُ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "أقِرُّوا الطيرَ على مَكِناتِها". قالت وسمعتُه يقولُ: "عن الغلامِ شاتانِ، وعن الجاريةِ شاةٌ، لا يضرُّكم أذُكرَاناً كنَّ أم إنَاثا" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره كسابقه، دون قوله: "أقروا الطير على مَكِناتها"، وهذا إسناد وهم فيه سفيان بن عيينة، حيث زاد بين عُبيد الله بن أبي يزيد وبين سباع بن ثابت أبا يزيد والد عُبيد الله، نبه على ذلك الإمام أحمد بإثر الحديث (27142)، وكذلك المصنف بإثر الحديث (2836)، وكذلك الدارقطني في "علله" 5/ ورقة 218، لكن لابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 589 رأي آخر، وهو احتمال أن يكون سمعه من أبيه ومن سباع. وسِباع بن ثابت، مختلف في صحبته، فعدّه البغوي وابن قانع في الصحابة اعتماداً على ما أخرجاه عنه أنه قال: سمعتُ أهل الجاهلية يطوفون وهم يقولون: اليومَ قرنا عَينا ... بقَرْع الْمَرْوَتَينا وهذه الرواية عند أحمد (27140) - وتبعهما الحافظ ابنُ حجر في "الإصابة" و" تهذيب التهذيب"وكذلك الذهبي من قبله في "التجريد"، لكنه قال في "الميزان": لا يكاد يُعرف! والمروي بهذا الإسناد حديثان كما ترى: فأما الحديث الثاني، وهو حديث الباب فأخرجه ابنُ ماجه (3162) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (27139). وأخرجه النسائي (4217) عن قتيبة بن سعيد، عن سفيان بن عيينة، به. ولم يذكر أبا يزيد في إسناده، فأتى به على الصواب. وأخرجه النسائي (4218) من طريق يحيي القطان، عن ابن جريج، حدثني عُبيد الله ابن أبي يزيد، عن سباع، عن أم كرز، فأتى به على الصواب، كرواية حماد بن زيد عن عُبيد الله الآتية عند المصنف بعده. وأخرجه أحمد (27373)، والترمذي (1591) من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرنا عُبيد الله بن أبي يزيد، عن سباع بن ثابت، أن محمد بن ثابت بن سباع أخبره، أن أم كرز أخبرته ... الحديث، فزاد في الإسناد محمد بن ثابت، وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. ونقل الدارقطني في "علله" 5/ ورقة 218 عن أبي بكر =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = النيسابوري قوله: الذي عندي في هذا الحديث أن عبد الرزاق أخطأ فيه، لأنه ليس فيه محمد بن ثابت، إنما هو: سباع بن ثابت ابن عم محمد بن ثابت. وكذلك قال ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 588 - 589. وبذلك جزم الذهبي في "الميزان" في ترجمة سباع، بأن الصحيح عن ابن جريج بحذف محمد بن ثابت. وكذلك قال المزي في "تحفة الأشراف" 13/ 101: المحفوظ عن سباع، عن أم كرز. وانظر ما قبله وما بعده. وأما الحديث الأول فأخرجه الشافعي في "سننه" (410)، والحميدي (347) وابن أبي شيبة 9/ 42، وإسحاق بن راهويه ج 4 و5/ ص 158، وأحمد (27139)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3284)، وابن حبان (6126)، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" ص 258 - 259، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 94، والحاكم 4/ 237، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 311، وفي "الصغرى" (1845)، وابن عبد البر في " التمهيد" 4/ 315، والبغوي في "شرح السنة" (2818) من طريق سفيان ابن عِيينة، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وأخرجه الطيالسي (1634)، والطبراني في "الكبير" 25/ (407)، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 95، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 311 من طريق سفيان بن عيينة، به. دون ذكر والد عُبيد الله في إسناده، فأتوا به على الصواب. قال الخطابي: قوله: "مكناتها" قال أبو الزناد الكلابي: لا نعرف للطير مكنات، وإنما هي وُكُنات، وهي موضع عُشّ الطائر. وقال أبو عبيد: وتفسير "المكنات" على غير هذا التفسير. يقال: لا تزجروا الطير ولا تلتفتوا إليها، أقروها على مواضعها التي جعلها الله لها من أنها لا تضر ولا تنفع. وكلاهما له وجه. وقال الشافعي: كانت العرب تولع بالعيافة وزجر الطير. فكان العربي إذا خرج من بيته غادياً في بعض حاجته نظر: هل يرى طيراً يطير فيزجر سُنوحه أو بروحه؟ فإذا لم ير ذلك عمد إلى الطير الواقع على الشجر فحركه ليطير، ثم ينظر أيَّ جهة يأخذ فيزجره، فقال لهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: أقروا الطير على أمكنتها، لا تطيروها ولا تزجروها. وقيل: قوله: "أقرُّوا الطير على مكناتها" فيه كالدلالة على كراهة صيد الطير بالليل.

2836 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ بن زيدٍ، عن عُبيد الله بن أبي يزيدَ، عن سباعِ بن ثابتٍ عن أم كرز، قالت: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "عن الغلامِ شاتانِ مِثْلانِ، وعن الجاريةِ شاةٌ" (¬1). قال أبو داود: هذا هو الحديثُ، وحديث سفيانَ وَهَمٌ. 2837 - حدَّثنا حفصُ بن عُمر النَّمَري، حدَّثنا هَمامٌ، حدَّثنا قتادةُ، عن الحسنِ عن سمرةَ، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "كل غُلامٍ رَهينةٌ بعقيقتِه: تُذبَحُ عنه يومَ السابعِ، ويُحلَقُ رأسُه ويُدمَّى" فكان قتادةُ إذا سُئِل عن الدمِ كيفت يُصنع به؟ قال: إذا ذبحتَ العقيقةَ أخذتَ منها صُوفةَ واستقبلتَ بها أوداجَها، ثم تُوضَع على يافوخِ الصبىّ حتى يسيلَ على رأسه مثل الخيط، ثم يُغسَل رأسُه بعدُ ويُحلَقُ (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره كسابقيه. وهو في "مسند أحمد" (27143) وانظر تمام تخريجه فيه. وانظر سابقيه. (¬2) إسناده صحيح، وقد صرح الحسن -وهو البصري- بسماعه لهذا الحديث من سمرة، فقد روى البخاري في "صحيحه" بإثر الحديث (5472) وغيره، عن قريش ابن أنس، عن حبيب بن الشهيد قال: أمرني ابن سيرين أن أسأل الحسن: ممن سمع حديث العقيقة؟ فسألته فقال: من سمرة بن جندب. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهمام: هو ابن يحيى العَوذي. قلنا، قوله: "ويُدمى" لم يرد إلا في رواية همام بن يحيى كما بينه المصنف بإثر هذا الحديث، وبإثر الحديث، الآتى بعده. ولكنه لا يُسلَّم له أنه وهمٌ من همام، لأن قتادة شيخ همام في هذا الحديث لما سئل عن التدمية، وصفَها، قال ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود": وهذا يدل على أن هماماً لم يَهِم في هذه اللفظة، فإنه رواها عن قتادة، وهذا مذهبه، فهو -والله أعلم- بريء من عهدتها. =

قال أبو داود: وهذا وهَم من همام: "ويُدَمَّى". ¬

_ = وقال ابن القيم أيضاً في "زاد المعاد" 2/ 327: فإن كان لفظ التدمية هنا وهماً، فهو من قتادة، أو من الحسن. وقال الخطابي في "معالم السنن": اختلف في تدميته بدم العقيقة، فكان قتادة يقول به. ويفسره ... وقال الحسن: يُطلى بدم العقيقة رأسُهُ. قلنا: فهذا يدل على أن التدمية مذهب الحسن وقتادة كما ذكره الخطابي وابن عبد البر في "التمهيد" 4/ 318، والبغوي في "شرح السنة" 11/ 269، وابن القيم في "تهذيب السنن "، و"زاد المعاد" 2/ 327. وعليه فلا يكون همامٌ واهماً، ولعل هذا ما دعا الحافظ ابن كثير لأن يقول عند تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ ...} الآية [آل عمران: 35] ويروى: "ويدمَّي"، وهو أثبت وأحفظ. ونقل ابن حزم استحباب التدمية عن ابن عمر وعطاء أيضاً. قال الخطابي: وكره أكثر أهل العلم لطخ رأسه بدم العقيقة. وقالوا: إنه كان من عمل الجاهلية. كرهه الزهري ومالك وأحمد وإسحاق. قلنا: زاد ابن القيم في "زاد المعاد": الشافعي. قال الخطابي: واستحب غير واحد من العلماء أن لا يسمى الصبي قبل سابعه. وكان الحسن ومالك يستحبان ذلك. وأخرجه الترمذي (1600) من طريق إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، به. وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (20083)، وانظر تمام الكلام عليه هناك. وانظر ما بعده. وقوله: كل غلام رهينة بعقيقته. قال في "النهاية": الرهينة: الرهن، والهاء للمبالغة كالشتيمة والشّتم، ثم استعملا بمعنى المرهون، فقيل: هو رهنٌ بكذا ورهينة بكذا، ومعنى رهينة بعقيقته أن العقيقة لازمة لا بد منها، فشبهه في لزومها له وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن. وهذا التفسير يقوي قول من قال بوجوب العقيقة. قال الخطابي: تكلم الناس في هذا، وأجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أحمد بن حنبل، قال: هذا في الشفاعة، يريد أنه إذا لم يُعق له، فمات طفلاً لم يشفع في والديه.

[قال أبو داود: خولف همام في هذا الكلام، هو وهم من همام، وإنما قالوا: "يُسَمَّى" فقال همام "يُدَمَّى". قال أبو داود: وليس يؤخذ بهذا] (¬1). 2838 - حدَّثنا ابنُ المُثنَّى، حدَّثنا ابنُ أبي عَديٍّ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ، عن الحسنِ عن سمرةَ بن جُندب، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "كلُّ غلامٍ رَهينةٌ بعقيقتِه: تُذبَح عنه يومَ سابعِه، ويُحلَقُ، ويُسمَّى" (¬2). قال أبو داود: "ويُسمى" أصحُّ، كذا قال سلَّام بن أبي مُطيع عن قتادةَ، وإياسُ بن دَغْفَلٍ وأشعثُ عن الحسنِ. 2839 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، حدَّثنا هشامُ بن حسانَ، عن حفصةَ بنتِ سيرين، عن الرَّبابِ عن سلمان بن عامر الضبىّ،. قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مع الغلام عقيقتُه، فأهَريقُوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى" (¬3). ¬

_ (¬1) ما بين معقوفين زيادة أثبتناها من هامش (هـ) وأشار هناك إلى أنها من رواية ابن الأعرابي. (¬2) إسناده صحيح كسابقه. سيد: هو ابن أبي عروبة، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عَدي، وابن المثنى: هو محمد بن المثنى. وأخرجه ابن ماجه (3165)، والترمذي (1601)، والنسائي (4220) من طريق سعيد بن أبي عَروبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20083). وانظر ما قبله. (¬3) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الرباب -وهي بنت صُلَيع- لكن روي الحديث من وجه آخر عن سلمان بن عامر كما سيأتي. =

2840 - حدَّثنا يحيي بن خَلَفٍ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا هشامٌ عن الحسنِ أنه كان يقول: إماطةُ الأذى حَلْقُ الرأسِ (¬1). ¬

_ = وهو في "مصنف عبد الرزاق" (7958)، ومن طريقه أخرجه أحمد (16232)، والترمذي (1592)، وأخرجه البيهقي 9/ 303 من طريق حفص بن غياث، كلاهما (عبد الرزاق وحفص) عن هشام بن حسان، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 236، وأحمد (16229)، وابن ماجه (3164) من طريق عبد الله بن نمير، وأحمد (16229) عن محمد بن جعفر ويزيد بن هارون و (16234) عن يحيى بن سعيد القطان، والدارمي (1967) عن سعيد بن عامر، خمستهم عن هشام، عن حفصة بنت سيرين، عن سلمان بن عامر. فأسقطوا من إسناده الرباب بنت صليع. وأخرجه عبد الرزاق (7959) عن معمر، عن أيوب، وأحمد (16226)، والترمذي (1593)، والنسائي في "الكبرى" (4526) عن عاصم بن سليمان الأحول، كلاهما (أيوب وعاصم) عن حفصة بنت سيرين، عن الرباب، عن سلمان. وقد علقه البخاري بإثر الحديث (5471) بصيغة الجزم، وقال الترمذي: حديث صحيح. وأخرجه أحمد (16230) و (16236) و (16238 - 16241)، والبخاري تعليقاً بصيغة الجزم (5471) و (5472)، والنسائي في "الكبرى" (4525) من طرق عن محمد بن سيرين، عن سلمان. وأخرجه أحمد (16238)، والبخاري (5471) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب عن محمد بن سيرين، عن سلمان موقوفاً. قال الحافظ في "الفتح" 9/ 592: الحديث مرفوع لا يضر رواية من وقفه. وسيأتي عند المصنف بعده تفسير قوله: "أميطوا عنه الأذى" عن الحسن البصري. قال الخطابي: وإذا أمر بإماطة ما خف من الأذى -وهو الشعر الذي على رأسه- فكيف يجوز أن يأمرهم بلطخه وتدميته، مع غلظ الأذى في الدم، وتنجيس الرأس به، وهذا يدلك على أن من رواه و"يسمى" أصح وأولى. (¬1) إسناده إلى الحسن -وهو البصرى- صحيح. هشام: هو ابن حسان القُردُوسي، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي. وأخرجه البيهقي 9/ 299 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.

2841 - حدَّثنا أبو معمرٍ عبدُ الله بن عَمرو، حدَّثنا عبدُ الوارث، حدَّثنا أيوبُ، عن عكرمةَ عن ابن عباسٍ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عقَّ عن الحسنِ والحسينِ كبشاً كبشاً (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد انتقَاه ابنُ الجارُود (911)، وصححه ابن حزم في "المحلى" 7/ 530، وعبدُ الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 4/ 141 وأقره ابن القطان الفاسي، وصححه كذلك ابنُ دقيق العيد في "الاقتراح" ص 458، وابن كثير في "تخريج أحاديث التنبيه" 1/ 358، وقد أُعل بالإرسال، وليس بشيء. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "العيال" (46)، وابن الجارود (911) و (912)، والدولابي في "الذرية الطاهرة" (105)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1039)، والطبراني في "المعجم الكبير" (11856)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان " 2/ 151، وابن حزم في "المحلى" 7/ 530، والبيهقي 9/ 299 و 302، وابن عبد البر في " التمهيد" 4/ 314 من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (7962) عن معمر وسفيان الثوري، عن أيوب، عن عكرمة: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عق عن حَسن وحسين كبشين. هكذا روياه مرسلاً. وأخرجه النسائي (4219) من طريق إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج بن الحجاج، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: عق رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن الحسن والحسين رضي الله عنهما بكبشين كبشين. وصحح إسناده أيضاً ابن كثير في "تخريج أحاديث التنبيه"1/ 358. ورواية ابن طهمان هذه تحتمل أن يكون عق عن كل واحدٍ بكبشين، ولذلك كرر، ويحتمل أن التكرير فيها للتأكيد، والكبشان عن الاثنين، على أن كل واحد عق عنه بكبشٍ. أفاده السندي في حاشيته على النسائي. وفي الباب عن أنس بن مالك عند البزار (1235 - كشف الأستار)، وأبى يعلى (2945)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1038)، وابن حبان (5309)، والطبراني في "الأوسط" (1878)، وابن عدي في "الكامل" في ترجمة جرير بن=

2842 - حدَّثنا القَعنَبيُّ، حدَّثنا داودُ بن قيس، عن عَمرو بن شعيبٍ، أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- (ح) وحدَّثنا محمدُ بن سليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا عبدُ الملك -يعني ابن عَمرو- عن داودَ، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه أُراه، عن جده، قال: سُئلْ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن العقيقةِ، فقال: "لا يحبُّ اللهُ العقوقَ "كأنه كرِهَ الاسمَ، وقال: "مَنْ ولد له وَلَدٌ فأحبَّ ¬

_ = حازم، وابن حزم في "المحلى" 7/ 530، والبيهقي 9/ 299، وصححه ابنُ حزم، وعبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 4/ 142، وأقره ابن القطان الفاسي. وعن علي بن أبي طالب عند الترمذي (1597)، وقال: حديث حسن غريب، وليس إسناده بمتصل. وعن جابر بن عبد الله عند أبي نعيم في "الحلية" 3/ 191، وقال: غريب من حديث أبي جعفر، عزيز من حديث بسام الصيرفي، وهو أحد من يجمع حديثه من مقلي أهل الكوفة، تفرد به عنه سنان. قال ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود": احتج بهذا من يقول: الذكر والأنثى في العقيقة سواء، لا يفضل أحدهما على الآخر، وأنها كبش كبش، كقول مالك وغيره. واحتج الأكثرون بحديث أم كرز المتقدم، واحتجوا بحديث عائشة: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة. رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. ورواه أحمد بهذا اللفظ. واحتجوا أيضاً بما رواه أبو داود [وهو الحديث الآتي بعده]، عن عمرو بن شعيب عن أبيه -أُراه عن جده- وفيه: "ومن ولد له فأحب أن ينسك عنه فلينسك عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة". قالوا: وأما قصة عقه عن الحسن والحسين فذلك يدل على الجواز، وما ذكرناه من الأحاديث صريح في الاستحباب.

أن يَنْسُك عنه فليَنْسُك: عن الغلامِ شاتان مكافِئتان، وعن الجارية شاةٌ" وسُئِلَ عن الفَرَعِ قال: "والفَرَعُ حقٌّ، وأن تتركوه حتى يكون بَكْراً شُغْزُبّاً ابنَ مخاضٍ أو ابنَ لبونٍ فتعطيَه أرملةً أو تَحملَ عليه في سبيل الله خيرٌ من أن تذبَحه فيلزِقَ لحمُه بِوبَرِه، وتُكفِئ إناءك، وتُوَلِّهَ نَاقَتَك" (¬1). 2843 - حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بن ثابت، حدَّثنا علي بن الحسينُ، حدثني أبي، حدَّثنا عبدُ الله بن بُريدةَ، قال: ¬

_ (¬1) إسناده حسن من جهة محمد بن سليمان الأنباري، مرسل من جهة القعبني - وهو عبد الله بن مسلمة، وما ورد في طريق الأنباري من الشك مطروح بما جاء من غير طريقه من غير شك بسماع شعيب هذا الخبر من جده عبد الله بن عمرو بن العاص. وأخرجه النسائي (4212) من طريق أبى نعيم الفضل بن دكين، عن داود بن قيس، به ولم يشك. وهو في "مسند أحمد" (6713). قال الخطابي: قوله: "لا يحب الله العقوق" ليس فيه توهين لأمر العقيقة، ولا إسقاط لوجوبها، وإنما استبشع الاسم، وأحب أن يسميه بأحسن منه. فليسمِّها النسيكة أو الذبيحة. قال: وقوله: "حتى يكون بكرا شُغزباً" هكذا رواه أبو داود، وهو غلط، والصواب: "حتى يكون بكرا زُخزبا" وهو الغليظ، كذا رواه أبو عُبيد وغيره. ويشبه أن يكون حرف الزاي قد أبدل بالسين لقرب مخارجهما، وأبدل الخاء غينا لقرب مخرجهما، فصار سغزبّاً، فصحفه بعض الرواة فقال: شُغزباً. وقوله: "وتكفأ إناءك" يريد بالإناء المِحْلَب الذي تحلب فيه الناقة، يقول: إذا ذبحتَ حُوارها انقطع مادة اللبن، فتترك الإناء مكفأ، لا يحلب فيه. وقوله: "توله ناقتك" أي: تفجعها بولدها، وأصله من الوَلَه، وهو ذهاب العقل، من فقدان إلف.

سمعت أبي -بُرَيْدَةَ- يقول: كنا في الجاهلية إذا وُلِد لأحدِنا غلامٌ ذَبحَ شاةً ولَطَخَ رأسَه بدمها، فلما جاء الله بالإسلامُ كنا نذبحُ شاةَ ونَحلِقُ رأسَه ونلطَخُهُ بزعفران (¬1). آخر كتاب الأضاحي ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل علي بن الحسين -وهو ابن واقد المروزي- فهو صدوق حسن الحديث. وقد صححه ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 342. وأخرجه البيهقي 9/ 302، وابن عبد البر في "التمهيد" 4/ 319 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد. وفي الباب عن عائشة عند البزار (1239 - كشف الأستار)، وأبى يعلى (4521)، وابن حبان (5308)، والبيهقي 9/ 303 وإسناده صحيح.

كتاب الصيد

كتاب الصّيد 1 - باب في اتخاذ الكلب للصيد وغيره 2844 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمرٌ، عن الزهريِّ، عن أبي سلمةَ عن أبي هريرة، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من اتخذ كلباً إلا كلْبَ ماشيةٍ أو صيدٍ أو زَرع انتقصَ من أجره كل يوم قِيراطٌ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، ومعمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني. وهو في "الجامع" لمعمر بن راشد المطبوع في آخر "مصنف عبد الرزاق" (19612) وزاد في روايته: فذكر لابن عمر قول أبي هريرة، قال: يرحم الله أبا هريرة كان صاحب زرع. وأخرجه مسلم (1575)، والترمذي (1560)، والنسائي (4289) من طريق الزهري، والبخاري (2322)، ومسلم (1575)، وابن ماجه (3204) من طريق يحيي ابن أبي سلمة، كلاهما عن أبي سلمة، به. ولفظ يحيي: "إلا كلب حرث أو ماشية". وأخرجه مسلم (1575) من طريق أبي رزين، عن أبي هريرة بلفظ: "ليس بكلب صيد ولا غنم". وأخرجه مسلم (1575)، والنسائي (4290) من طريق ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، لكنه قال: "فإنه ينقُص من أجره قيراطان". وهو في "مسند أحمد" (7621)، و"صحيح ابن حبان" (5652) قال الحافظ في "الفتح" 5/ 7: واختلفوا في اختلاف الروايتين في القيراطين والقيراط: فقيل: الحكم للزائد لكونه حفظ ما لم يحفظه الآخر، أو أنه -صلَّى الله عليه وسلم- أخبر أولاً بنقص قيراط واحد فسمعه الراوي الأول، ثم أخبر ثانيا بنقص قيراطين زيادة في التأكيد في التنفير من ذلك فسمعه الراوي الثاني، وقيل: ينزل على حالين، فنقصان القيراطين باعتبار كثرة الأضرار =

2845 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ، حدَّثنا يونسُ، عن الحسنِ ¬

_ = باتخاذها، ونقص القيراط باعتبار قلته، وقيل: يختص نفص القيراطين بمن اتخذها بالمدينة الشريفة خاصة، والقيراط بما عداها، وقيل: يلتحق بالمدينة في ذلك سائر المدن والقرى، ويختص القيراط بأهل البوادي، وهو يلتفت إلى معنى كثرة التأذي وقلته، وكذا من قال: يحتمل أن يكون في نوعين من الكلاب، ففيما لابسه آدمي قيراطان، وفيما دونه قيراط. وقال ابن عبد البر في"التمهيد" 14/ 219: وفي معنى هذا الحديث تدخل عندي إباحة اقتناء الكلاب للمنافع كلها ودفع المضارّ إذا احتاج الإنسان إلى ذلك، إلا أنه مكروه اقتناؤها في غير الوجوه المذكورة في هذه الآثار لنقصان أجر مقتنيها، والله أعلم. وقال الخطابي: كان ابن عمر لا يذكر في هذا الحديث كلب الزرع. وقيل له: إن أبا هريرة ذكر كلب الزرع. فقال: إن لأبي هريرة زرعا. فتأوله بعض من لم يوفق للصواب على غير وجهه، وذهب إلى أنه قصد بهذا القول إنكاره، والتهمة له من أجل حاجته إلى الكلب لحراسة زرعه. وليس الأمر كما قال، وإنما أراد ابن عمر تصديق أبي هريرة، وتوكيد قوله، وجعل إلى ذلك شاهدا له على علمه ومعرفته به. لأن من صدقت حاجته إلى شيء كثرت مسألته عنه، ودام طلبه له، حتى يدركه ويُحكمه. وقد رواه عبد الله بن مغفل المزنى وسفيان بن أبي وهب عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فذكرا فيه: "الزرع" كما ذكره أبو هريرة. قلنا: أما حديث عبد الله بن مغفّل فهو عند ابن ماجه (3205)، والترمذي (1560)، والنسائي (4280) و (4288) وإسناده صحيح. وأما حديث سفيان بن أبي زهير -لا ابن أبي وهب كما قال الخطابي- فهو عند البخاري (2323)، ومسلم (1576)، وابن ماجه (3206)، والنسائي (4285). وفي بيان القيراطين المذكورين قال الحافظ في "الفتح" 5/ 7: اختلف في القيراطين المذكورين هنا، هل هما كالقيراطين المذكورين في الصلاة على الجنازة واتباعها؟ فقيل: بالتسوية، وقيل: اللذان في الجنازة من باب الفضل، واللذان هنا من باب العقوبة، وباب الفضل أوسع من غيره. قلنا: القيراطان في الجنازة جاء في نص الحديث أنهما مثل الجبلين العظيمين، وهو حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري (1325)، ومسلم (945)، وفي رواية أخرى لحديث أبي هريرة عند البخاري (47)، ومسلم (945): "كل قيراط مثل أُحُد".

عن عبد الله بن مُغفَّل، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: لولا أن الكلابَ أُمةٌ من الأمم لأمرتُ بقتْلِها، فاقتُلوا منها الأسودَ البَهيمَ" (1). 2846 - حدَّثنا يحيي بنُ خَلَفِ، حدَّثنا أبو عاصمِ، عن ابن جريجٍ، أخبرني أبو الزبير عن جابر، قال: أمَر نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بقتْلِ الكلاب، حتى إنْ كانتِ المرأةُ تَقْدَمُ من البادية -يعني بالكلب- فنقتلُه، ثم نهانا عن قتلِها، وقال: "عليكم بالأسْودِ" (¬2). ¬

_ 11) إسناده صحيح. الحسن: هو البصري، وقد صرح بسماعه لهذا الحديث من عبد الله بن مغفل عند ابن حبان (5656). يونس: هو ابن عُبيد العبدي. وأخرجه ابن ماجه (3205)، والترمذي (1557)، والنسائي (4280) من طريق يونس بن عبيد، به. وقرن به الترمذي: منصور بن زاذان. وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (16788)، و"صحيح ابن حبان" (5656) و (5657). وانظر ما سلف برقم (74). قال الخطابي: معناه أنه كره إفناء. أمة من الأمم، وإعدام جيل من الخلق حتى يأتى عليه كله، فلا يبقي منه باقيه. لأنه ما من خلق لله تعالى إلا وفيه نوع من الحكمة، وضرب من المصلحة. يقول: إذاكان الأمر على هذا ولا سبيل إلى قتلهن كلهن، فاقتلوا شرارهن، وهي السود البُهم، وأبقوا ما سواها، لتنتفعوا بهن في الحراسة. ويقال: إن السود منها شرارها وعُقُرها. وقال أحمد وإسحاق: لا يحل صيد الكلب الأسود. وقَال ابن الأثير في "النهاية": البَهيم: المُصمت الذي لم يخالط لونَه لونٌ غيرُه. (¬2) إسناده صحيح. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- قد صرح بالسماع عند مسلم وغيره، فانتفت شبهة تدليسه في هذا الحديث. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد. =

2 - باب في الصيد

2 - باب في الصيد 2847 - حدَّثنا محمد بن عِيسى، حدَّثنا جَريرٌ، عن مَنصورٍ، عن إبراهيمَ، عن همامٍ عن عدي بن حاتم، قال: سألتُ النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قلت: إني أُرسل الكلابَ المعلَّمَةَ فتمسكُ عَلَىَّ، أفآكل؟ قال: "إذا أرسلتَ الكلابَ المُعلَّمةَ، وذكرتَ اسمَ اللهِ، فكُلْ مِمَّا أمْسَكْنَ عليكَ". قلت: وإن قَتَلْنَ؟ قال: "وإن قتلْنَ، ما لم يَشْرَكْها كلبٌ ليس منها" قلت: أرمي بالمِعْراضِ فأصيبُ، أفآكل؟ قال: "إذا رَميتَ بالمِعْراض وذكرتَ اسمَ اللهِ فأصابَ فَخَزَق فكُلْ، وإن أصابَ بِعَرْضِه فلا تأكُلْ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1572) من طريق ابن جريج، به. وهو في (مسند أحمد" (14575)، و"صحيح ابن حبان" (5651). قال بدر الدين العيني في "عمدة القاري" 15/ 202: أخذ مالك وأصحابه وكثير من العلماء جواز قتل الكلاب إلا ما استثني منها، ولم يرو الأمر بقتل ما عدا المستثنى منسوخاً، بل محكماً، وقام الإجماع على قتل العقور منها، واختلفوا في قتل ما لا ضرر فيه، فقال إمام الحرمين: أمر الشارع أولا بقتلها كلها ثم نسخ ذلك، ونهى عن قتلها إلا الأسود البهيم، ثم استقر الشرع على النهي عن قتل جميعها إلا الأسود، لحديث عبد الله بن مغفل المزني: "لولا أن الكلب أمة من الأمم لأمرت بقتلها" رواه أصحاب السنن الأربعة. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (ها) وحدها، وهي برواية أبي بكر ابن داسه، وقال الحافظ المزي في "الأطراف" (2813): حديث أبي داود هذا في رواية ابن العبد وابن داسه، ولم يذكره أبو القاسم. قلنا: يعنى أنه ليس في رواية اللؤلؤي. (¬1) إسناده صحيح. همام: هو ابن الحارث النخعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وجرير: هو ابن عبد الحميد، ومحمد بن عيسى: هو ابن الطباع. =

2848 - حدَّثنا هَنَّاد بن السَّرِيِّ، حدَّثنا ابنُ فُضَيلٍ، عن بَيانٍ، عن عامرٍ عن عدي بن حاتِم، قال: سألتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قلتُ: إنا نَصِيدُ بهذه الكلابِ، فقال لي: "إذا أرسلتَ كلابَك المُعلَّمةَ، وذكرتَ اسمَ الله عليها، فكُلْ مما أمْسَكْن عليكَ، وإن قَتلَ، إلا أن يأكلَ الكلبُ، فإن أكل فلا تأكُل، فإني أخافُ أن يكونَ إنما أمسكَه على نفسِه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (5477) و (7397)، ومسلم (1929)، وابن ماجه (3215)، والترمذي (1531) و (1532)، والنسائي (4265) و (4267) و (4305) من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. واقتصر ابن ماجه على ذكر المعراض. وهو في "مسند أحمد" (18249) و (18266)، و"صحيح ابن حبان" (5881). وانظر ما بعده، وما سيأتي بالأرقام (2849) و (2851) و (2853) و (2854). قال الخطابي: ظاهره يدل على أنه إذا أرسل الكلبَ ولم يسمِّ لم يؤكل، وهو قولُ أهل الرأي، إلا أنهم قالوا: إن ترك التسمية ناسياً حلَّ. وذهب من لا يرى التسمية شرطاً في الذكاة الى أن المراد بقوله: "وذكرت اسم الله" ذكر القلب، وهو أن يكون إرساله الكلب بقصد الاصطياد به، لا يكون في ذلك لاهياً أو لاعباً، لا قصد له بذلك. وقوله: "أرمي بالمعراض" فإن المعراض: نصل عريض. وفيه إزانة [لعله أراد يُبوسة، قال في "اللسان": زن عصبه إذا يبس] ولعله يقول: إن أصابه بحده حتى نفذ في الصيد، وقطع سائر جلده فكُله، وهو معنى قوله: "فخزق" وإن كان إنما وقذه بثِقله ولم يخزق فهو ميتة. وقوله: "ما لم يشركها كلب ليس منها" أي: لعل إتلاف الروح لم يكن من قِبَل كلبك المعلم، إنما كان من قِبَلَ الكلب غير المعلّم. (¬1) إسناده صحيح. عامر: هو ابن شَراحيل الشعبي، وبيان: هو ابن بشْر البجلي، وابن فضيل: هو محمد. وأخرجه البخاري (5483) و (5487)، ومسلم (1029)، وابن ماجه له (3208) من طريق بيان بن بشر، به. وزادوا جميعاً: "وإن خالطَها كلابٌ من غيرها فلا تأكل". =

2849 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن عاصم الأحولِ، عن الشعبيِّ عن عدي بن حاتم، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا رميتَ بسهمِكَ، وذكرتَ اسمَ اللهِ، فوجدتَهُ من الغَدِ ولم تجِده في ماءٍ، ولا فيه أثرُ غيرِ سهمِك، فكُل، وإذا اختَلَط بكلابك كلبٌ من غيرها فلا تأكُل، لا تدري لعلَّه قتلَه الذي ليس منها" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (18270). وانظر ما قبله. وأخرج منه قطعةَ أكلِ الكلبِ المعلم من الصيد: النسائيُّ (4275) من طريق عاصم بن سليمان الأحول، عن الشعبي، به. وستأتي هذه القطعة ضمن الحديث (2851) و (2854). (¬1) إسناده صحيح. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وعاصم الأحول: هو ابن سُليمان، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه بنحوه البخاري (5484)، ومسلم (1929)، وابن ماجه (3213)، والترمذي (1536)، والنسائي (4263) و (4264) و (4268) و (4298) و (4299) من طريق عاصم بن سليمان، والنسائي (4269) من طريق زكريا بن أبي زائدة، كلاهما عن الشعبي، به. وعند بعضهم زيادات ليست في هذا الطريق، ورواية بعضهم مختصرة، وعند البخاري قال: "بعد يوم أو يومين" بدل: "الغد". وأخرجه الترمذي (1535)، والنسائي (4300 - 4302) من طريق سعيد بن جبير، عن عدي بن حاتم. بذكر صيد السهم فقط. وهو في "مسند أحمد" (18259) دون ذكر صيد السهم. وانظر ما سلف برقم (2847). ولصيد السهم انظر ما سيأتي برقم (2853). ولوجود الصيد في الماء انظر ما بعده. ولمخالطة الكلاب للكلب المعلم انظر ما سيأتى برقم (2854). =

2850 - حدَّثنا محمدُ بن يحيى بن فارس، حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا يحيى بن زكريا بنِ أبي زائدةَ، أخبرني عاصمٌ الأحولُ، عن الشعبيِّ عن عدي بن حاتم، أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا وقعَتْ رَمِيّتُكَ في ماءٍ، فغرق فمات، فلا تأكُل" (¬1). 2851 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الله بن نُمَيرٍ، حدَّثنا مُجالدٌ، عن الشعبيِّ عن عدي بن حاتم، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "ما عَلّمْتَ من كلبٍ أو باز، ثم أرسلتَه وذكرتَ اسمَ اللهِ، فكُل مما أمسكَ عليك" قلت: وإن ¬

_ = قال الخطابي: إنما نهاه عن أكله إذا وجده في الماء، لإمكان أن يكون الماء أغرقه فهلك من الماء، لا قتل الكلب، وكذلك إذا وجد فيه أثراً لغير سهمه. والأصل: أن الرخص تُراعى فيها شرائطها التي لها وقعت الإباحة، فمهما أخلَّّ بشئ منها عاد الأمر إلى التحريم الأصلي. وهذا باب كبير من العلم. (¬1) إسناده صحيح. وقد اختلفَ رواةُ "السنن" عن أبي داود في إسناد هذا الحديث، كما نبه عليه الحافظ المزي في "تحفة الأشراف" (9862) فقال: في رواية ابن العبد وابن داسَة: عن أبي داود، عن زياد بن أيوب، عن يحيي بن زكريا بن أبي زائدة، عن عاصم الأحول. وفى رواية أبي عمرو البصري: عن أبي داود، عن أحمد ابن حنبل، عن يحيي بن زكريا، عن عاصم. وفى رواية اللؤلؤي: عن أبي داود، عن محمد بن يحيي بن فارس، عن أحمد بن حنبل، عن زكريا بن أبي زائدة، عن عاصم. قلنا: وهذا خلاف لا يضر، لأن زياد بن أيوب -هو ابن زياد البغدادي- ثقة حافظ وأحمدُ بن حنبل معلوم أنه شيخٌ لأبي داود، ويمكن أن يكون سمعه بواسطة محمد بن يحيي بن فارس -وهو الذُّهلي- عن أحمد بن حنبل، فالإسنادُ صحيحٌ. وأخرجه بنحوه مسلم (1929)، والترمذى (1536)، والنسائي (4298) من طريق عاصم الأحول، به. وعندهم زيادات ليست في هذا الطريق. وانظر ما قبله.

قتلَ؟ قال: "إذا قتلَه ولم يأكُل منه شيئاً، فإنما أمسكَه عليكَ" (¬1). قال أبو داود: الباز إذا أكلَ فلا بأسَ به، والكلبُ إذا أكل كُرِه، وإن شربَ الدمَ فلا بأس به (¬2). 2852 - حدَّثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا هشَيم، حدَّثنا داودُ بن عَمرٍو، عن بُسر بن عُبيد الله، عن أبي إدريَس الخَولانيِّ ¬

_ (¬1) حديث صحيح دون ذكر البازي، فلم يذكره في حديث عدي أحدٌ من أصحاب الشعبي الثقات عنه غير مُجالد -وهو ابنُ سعيد- وهو ضعيف، لكن يشهد لصيد الجوارح قوله تعالى: {قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ} [المائدة: 4]. وأخرجه مختصراً بذكر صيد البازي فقط: الترمذي (1534) من طريق مجالد بن سعيد، به. وقال: حديث لا نعرفه إلا من حديث مجالد عن الشعبي. وأخرجه أيضاً بذكر الكلب المعلم فقط (1537) من طريق مجالد، به. وزاد ذكر مخالطة الكلاب للكلب المعلم، وقد سلف برقم (2849)، وسيأتي برقم (2854). وانظر ما سلف برقم (2847) و (2847). وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم: لا يرون بصيد البزاة والصقور بأساً. وقال مجاهد: البزاة هو الطير الذي يُصاد به من الجوارح التي قال الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ}، فسَّرَ الكلابَ والطيرَ الذي يُصاد به. قال: وقد رخص بعض أهل العلم في صيد البازي وإن أكل منه، وقالوا: إنما تعليمه إجابته، وكرهه بعضهم، والفقهاء أكثرهم قالوا: نأكل وإن أكل منه. قال الدميري في "حياة الحيوان" 1/ 152 - 153: البازي: أفصح لغاته: بازي، مخففة الياء، والثانية باز، والثالثة: بازيّ، بتشديد الياء، حكاهما ابن سيده. قال: ولفظه مشتق من البَزَوان، وهو الوثب، ويقال للبزاة والشواهين وغيرهما مما يصيد: صقور. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها من رواية ابن الأعرابي.

عن أبي ثعلبةَ الخُشَني، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في صيدِ الكلبِ: "إذا أرسلتَ كلبك وذكرتَ اسمَ الله فكُلْ، وإن أكلَ منه، وكل ما رَدّتْ عليك يدُكَ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح دون قوله: "وإن أَكَلَ منه"، فلم يذكره في حديث أبي ثعلبة الخُشني غيرُ داود بن عمرو -وهو الأودي الشامي- وهو وإن وثقه ابن معين، وقال أحمد: مقارب الحديث، ما أرى بحديثه بأساً، وقال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو داود: صالح، وقال ابن عدي: ولا أرى برواياته بأساً، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم الرازي مرة: شيخ، وقال: ليس بالمشهور، وقال أحمد بن عبد الله العجلي: يكتب حديثه، وليس بالقوي ومثله يكون حسن الحديث - خالفه من هو أوثق منه، فلم يذكروا فيه: "وإن أكل منه" فقد رواه ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن أبي إدريس الخولاني -واسمه عائذ الله بن عبد الله-، عن أبي ثعلبة، فلم يذكره، وكذلك رواه أبو أسماء الرحبي، عن أبي ثعلبة، فلم يذكره، ويخالفه أيضاً حديث عدي بن حاتم السالف برقم (2848) وهو في "الصحيحين"، وفيه النصّ على عدم الأكل مما أكل منه الكلب، ولهذا قال الإمام أحمد فيما نقله ابن القيم في "تهذيب السنن": يختلفون في حديث أبي ثعلبة عن هشيم، وقال أبو نعيم في "الحلية" 8/ 138: الصحيح ما رواه عدي بن حاتم أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال له: "إذا أكل الكلب منها فلا تأكل منه، فإنما أمسكه على نفسه". وقال ابن حزم في "المحلي" 7/ 471: ساقط لا يصح، داود بن عمرو ضعيف، وقال البيهقي: حديث أبي ثعلبة رضي الله عنه مخرج في "الصحيحين" من حديث ربيعة بن يزيد الدمشقي، عن أبي إدريس الخولانى، عن أبي ثعلبة، وليس فيه ذكر الأكل، وحديث الشعبي، عن عدي أصح من حديث داود بن عمرو الدمشقي ومن حديث عمرو بن شعيب والله أعلم، وقال الذهبي في "الميزان" في ترجمة داود بن عمرو الأودي: انفرد بحديث: "إذا أرسلت كلبك المعلم ... " خرجه أبو داود من حديث أبي ثعلبة. وهذا حديث منكر، وقال ابن القيم في "تهذيب السنن": تقدم تعليل حديث أبي ثعلبة بداود بن عمرو، وهو ليس بالحافظ، قال فيه ابن معين مرة: مستور، قال أحمد: يختلفون في حديث أبي ثعلبة على هشيم، قال ابن القيم: وحديث الشعبي عن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عدي من أصح ما روي عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. الشعبي يقول: كان جاري وربيطي فحدثني، والعمل عليه. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى تحسين القول في هذا الحديث، ولم يعدُّوه منكراً، فقد حسَّن إسناده ابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 372، وجوَّده ابنُ كثير في "تفسيره" عند قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} (المائدة: 4) وصححه في "تخريج أحاديث التنبيه" 1/ 364، وسلكوا في الجمع بين هذه الرواية وبين روايات أبي ثعلبة الأُخرى التي توافق رواية عدي بن حاتم مسالك، منها، ما قاله الخطابي ويمكن أن يوفق بين الحديثين من الروايتين بأن يجعل حديث أبي ثعلبة أصلاً في الإباحة، وأن يكون النهي في حديث عديٍّ على معنى التنزيه دون التحريم، ويحتمل أن يكون الأصل في ذلك: حديث عدي بن حاتم. ويكون النهي على التحريم الباتّ، ويكون المراد بقوله: "وإن أكل" فيْما مضى من الزمان وتقدم منه، لا في هذه الحال. قلنا: وهذا الاحتمال الثاني، وهو النسخ قال به أيضا أبو عمر بن عبد البر في "الاستذكار" (21949) حيث قال: قد عارض حديثُ عدي هذا حديثَ أبي ثعلبة ناسخ لقول فيه: وإن أكل يا رسول الله؟ قال: "وإن أكل". وقال ابن القيم في "تهذيب السنن": الصواب في ذلك أنه لا تعارض بين الحديثين، على تقدير الصحة، ومحمل حديث عدي في المنع على ما إذا أكل منه حال صيده، لأنه إنما صاده لنفسه، ومحمل حديث أبي ثعلبة على ما إذا أكل منه بعد أن صاده وقبله، ونهى عنه، ثم أقبل عليه فأكل منه، فإنه لا يحرم. لأنه أمسكه لصاحبه، وأكله منه بعد ذلك كأكله من شاة ذكاها صاحبها، أو من لحم عنده، فالفرق بين أن يصطاد ثم يعطف عليه فيأكل منه فرق واضح. وبنحو هذا الذي قاله ابن القيم قال ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 243. وقال ابن القيم: اختُلف في إباحة ما أكل منه الكلب من الصيد: فمنعه ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وطاووس والشعبي والنخعي، وعُبيد بن عمير وسعيد بن جبير وأبو بُردة وسويد بن غَفَلة وقتادة، وهو قول إسحاق وأبي حنيفة وأصحابه، وهو أصح الروايتين عن أحمد وأشهرهما وأحد قولي الشافعي. =

2853 - حدَّثنا الحسينُ بن مُعاذِ بن خُلَيفٍ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا داودُ، عن عامرٍ عن عَدي بن حاتِم أنه قال: يا رسولَ الله، أحدُنا يرمي الصيدَ فيقتفي أثَرَه اليومين والثلاثةَ ثم يجدُه ميتاً، وفيه سهمُه، أيأكُل؟ قال: "نعم إن شاء" أو قال: "يأكُلُ إن شاء" (¬1). ¬

_ = وأباحه طائفة، يروى ذلك عن سعد بن أبي وقاص وسلْمان. ويروى عن أبي هريرة أيضاً وعن ابن عمر رواه أحمد عنهم، وبه قال مالك والشافعي في القول الآخر، وأحمد في إحدى الروايتين. وأخرجه الترمذي (1901) من طريق أبي أسماء الرحَبي عمرو بن مرثد الدمشقي، عن أبي ثعلبة الخشني. وإسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" (17750). وسيأتي ذكر الكلب المعلم عند المصنف من طريق ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولانن برقم (2855) وسيأتي كذلك ذكر القوس والكلب من طريق يونس بن سيف عن أبي إدريس الخولاني برقم (2856). وسيأتي ذكر الكلب والقوس كليهما أيضاً من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن أعرابياً يقال له أبو ثعلبة الخشني فذكره بمعناه برقم (2857). (¬1) إسناده صحيح. عامر: هو ابن شَراحيل الشعبي، وداود: هو ابن أبي هند، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 5/ 372، وفي "مسنده" كما في "تغليق التعليق" لابن حجر 4/ 505، ومن طريقه أخرجه ابن حزم في "المحلى" 7/ 464، وابن حجر في "التغليق" 4/ 505 عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، بهذا الإسناد. وقد علقه البخاري في "صحيحه" برقم (5485) عن عبد الأعلى بصيغة الجزم. وأخرجه البخاري (5484) من طريق عاصم الأحول، عن الشعبي، به. ضمن حديث مطول. وأخرجه النسائي (4300) من طريق سعيد بن جبير، عن عدي بن حاتم. إلا أنه قال: الليلة والليلتين. =

2854 - حدَّثنا محمدُ بن كَثير، أخبرنا شعبةُ، عن عبدِ الله بن أبي السّفَر، عن الشعبيَّ، قال: قال عديُّ بن حاتم: سألتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- عن المِعْرَاض، فقال: "إذا أصابَ بحَدِّه فكُلْ، وإذا أصابَ بعَرْضِه فلا تأكُلْ، فإنه وَقِيذٌ" قلت: أُرسلُ كلبي قال: "إذا سميتَ فكُلْ، وإلا فلا تأكُلْ، وإن أكل منه فلا تأكُلْ، فإنما أمسكَ لِنفْسِه"فقال: أُرسِلُ كلبي فأجدُ عليه كلباً آخَرَ، فقال: "لا تأكُلْ، لأنك إنما سميتَ على كلبِك" (¬1). 2855 - حدَّثنا هنّاد بن السَّرِيِّ، عن ابنِ المُبارَكِ، عن حَيوةَ بن شُرَيحِ قال: سمعتُ ربيعةَ بن يزيدَ الدَّمشقيَّ يقول: أخبرني أبو إدريسَ الخَولانيُّ عائذ الله قال: سمعتُ أبا ثعلبةَ الخُشَنيَّ يقول: قلتُ: يا رسولَ الله، إني أصيدُ بكلبي المُعلَّم وبكلبي الذي ليس بمُعلّمٍ، قال: "ما اصَّدْتَ بكلبك ¬

_ = وانظر ما سلف برقم (2849). تنبيه: جاء في "تحفة الأشراف" للحافظ المزي (9859) أن في رواية ابن العبد لسنن أبي داود إسناداً آخرَ، وهو: عن ابن المثنى، عن عبد الوهَّاب، عن داود، نحوه. (¬1) إسناده صحيح. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وشعبة: هو ابن الحجاج. وأخرجه البخارى (175) و (5476) و (5486)، ومسلم (1929)، والنسائي (4272) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه بتمامه ومختصراً البخاري (5475)، ومسلم (1929)، وابن ماجه (3212) و (3214)، والترمذي (1538) و (1539)، والنسائي (4264) و (4270 - 4274) و (4307) و (4308) من طرق عن عامر الشعبي، به. وهو في "مسند أحمد" (18245). وانظر ما سلف برقم (2847) و (2848) و (2849).

المُعلَّم فاذكُرِ اسمَ اللهِ وكُلْ، وما اصَّدْتَ بكلبك الذي ليس بمعلَّمٍ فأدركتَ ذَكاتَه فكُلْ" (¬1). 2856 - حدَّثنا محمد بن المُصفَّى، حدَّثنا محمدُ بن حربٍ (ح) وحدَثنا محمد بن المُصفَّى، حدَّثنا بقيةُ، عن الزُّبَيديِّ، حدَّثنا يونُس بن سيفٍ، حدَّثنا أبو إدريسَ الخَولاني حدَّثني أبو ثعلبةَ الخُشَني، قال: قال لي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أبا ثعلبةَ كُلْ مَا رَدَّت عليكَ قوسُك وكلبُك"، عن ابن حرب "المُعلَّم وَيَدُكَ، فكُلْ ذكياً وغيرَ ذكيّ" (¬2). 2857 - حدَّثنا محمدُ بن المِنهالِ الضّريرُ، حدَّثنا يزيدُ بن زُرَيعٍ، حدَّثنا حَبيب المُعلّم، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه عن جده، أن أعرابياً يقال له: أبو ثعلبةَ قال: يا رسولَ اللهِ، إن لي كلاباً مُكَلّبَةَ فأفْتِنِي في صيدِها، فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: " إن كان لك كلابٌ مُكَلَّبَةٌ فكُلْ مما أمْسَكْنَ عليكَ" قال: "ذكياً أو غير ذَكيِّ" (¬3) قال: وإن أكلَ منه؟ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن المبارك: هو عبد الله. وأخرجه البخاري (5487)، ومسلم (1930)، وابن ماجه (3207)، والنسائي (4266) من طريق حيوة بن شريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17752)، و"صحيح ابن حبان" (5879). وانظر ما بعده، وما سلف برقم (2852). وقوله: "ما اصَّدت" كذا في أصولنا بتشديد الصاد، وأصله: اصطَدتَ، فقلبت الطاءُ صاداً وأدغمت مثل اصَّبَرَ في اصطَبَر. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من جهة محمد بن حرب -وهو الخَولاني الحمصي- من أجل محمد بن المصفى، فهو صدوق حسن الحديث، وهو متابع. وبقية: هو ابن الوليد، وهو ضعيف الحديث. والزبيدي: هو محمد بن الوليد. وانظر ما قبله، وما سلف برقم (2852). (¬3) قوله: قال: "ذكياً أو غير ذكي" هو من تمام كلام الرسول - صلَّى الله عليه وسلم -،يبين ذلك رواية =

قال: "وإن أكلَ منه" قال: يا رسولَ الله، أفتِني في قوسِي، قال: "كُلْ ما رَدَّتْ عليك قوسُك" قال: "ذكيّاً أو غيرَ ذَكيٍّ" (¬1) قال: وإن تَغيّبَ عني؟ قال: "وإن تغيَّبَ عنك، ما لم يَصِلَّ، أو تجدْ فيه أثراً غيرَ سهمِك"، قال: أفْتِني في آنيةِ المَجوس إذا اضْطُرِرنا إليها، قال: "اغْسِلْهَا وكُلْ فيها" (¬2). ¬

_ = المنذري في "مختصره": "فكل مما أمسكن عليك ذكياً أو غير ذكي", ولفظ أحمد والدارقطني: "إن كانت لك كلاب مكلَّبة فكل مما أمسكت عليك" فقال: يا رسول الله، ذكى وغير ذكي؟ قال: "ذكيٌّ وغير ذكيّ" ... (¬1) انظر التعليق السابق. (¬2) صحيح لغيره، دون ذكر إباحة الأكل مما أكل منه الكلب، لمخالفتها ما جاء في "الصحيحين" من حديث عدي بن حاتم، وقد سلف برقم (2848) و (2854)، وقد أعله البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 238 بما رواه شعبة بن الحجاج، عن عبد رَبّه بن سعيد الأنصاري، عن عمرو بن شعيب، عن رجل من هذيل: أنه سأل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن الكلب يصطاد، فقال: "كل أكل أو لم يأكل"، وأعله كذلك ابنُ حزم بأن رواية عمرو عن أبيه، عن جده صحيفة، وما علله به ليس بعلة. وقد ذهب قوم إلى تحسين القول في هذا الحديث، فقال ابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 372، وفي "المحرر" (748): إسناده صحيح، وكذلك صحح إسناده ابنُ الملقن في "البدر المنير" 9/ 241، وقال ابن كثير في "تفسيره" عند تفسير قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4]: إسناده جيد، ومَن ذهب إلى تصحيح الحديثين حديثِ عدي بن حاتم وهذا الحديث جمع بينهما بما يزيل ذلك التعارض بالوجوه التي سبق ذكرها عند حديث أبي ثعلبة السالف برقم (2852). وأخرجه أحمد (6725)، والدارقطني (4797)، - والبيهقي 9/ 237 - 238 و 243 من طريق حبيب المعلم، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (4296) من طريق أبي مالك عبيد الله بن الأخنس، عن عمرو ابن شعيب، به إلا أنه قال في روايته: "وإن قتلْن"، ولم يقُل: "وإن أكل منه" ولم يذكر آنية المجوس. وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم (2861). =

3 - باب في صيد قطع منه قطعة

3 - باب في صيدٍ قُطع منه قطعةٌ 2858 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا هاشمُ بن القاسمِ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن عبد الله بن دينارٍ، عن زيدِ بن أسلمَ، عن عطاءِ بن يَسارٍ ¬

_ = وأما استعمال آنية المجوس فقد جاء في حديث أبي ثعلبة نفسه عند أحمد (17733)، والترمذي (1532) منصوصاً، وجاء عند البخاري (5496)، ومسلم (1930) من حديث أبي ثعلبة كذلك، لكنه قال: "آنية أهل الكتاب" فذكر: أهل الكتاب، ولم يذكر: المجوس، لكن أورده البخاري وترجم له بقوله: باب آنية المجوس والميتة. وسيأتي عند المصنف برقم (3839). وسيأتي في حديث جابر بن عبد الله عند المصنف (3838) قال: كنا نغزو مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فنُصيب من آنية المشركين وأسقيتهم، فنستمتع بها، فلا يعيبُ ذلك عليهم. قال الخطابي: المكلّبة: المسلطة على الصيد، المضراة بالاصطياد. وقوله: "ذكياً أو غير ذكي" يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون أراد بالذكي: ما أمسك عليك، فأدركه قبل زهوق نفسه، فذكاه، في الحلق واللبة، وغير الذكي: ما زهقت نفسه قبل أن يدركه. والآخر: أن يكون أراد بالذكي: ما جرحه الكلب بسنه أو مخالبه فسال دمُه، وغير الذكي ما لم يجرحه. وقد اختلف فيما قتله الكلب ولم يدمه: فذهب بعضهم إلى تحريمه. وذلك أنه قد يُمكن أن يكونَ إنما قتله الكلبُ بالضغط والاعتماد. فيكون في معنى الموقوذة، وإلى هذا ذهب الشافعي في أحد قوليه. وقوله: "ما لم يَصِلَّ" أي: ما لم ينتن ويتغير ريحه. يقال: صَلَّ اللحم وأَصَلَّ لغتان، قلت (القائل الخطابي): وهذا على معنى الاستحباب دون التحريم، لأن تغيير ريحه لا يُحرِّم أكله، وقد روي أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أكل إهالة سَنِخَة، وهى المتغيرةُ الريح. وقد يحتمل أن يكون معنى "صَلَّ" بأن يكون قد نهشه هامّة فصَلّ اللحم، أي: تغير لِمَا سَرَى فيه من سُمها، فأسرع إليه الفسادُ. وفيه النهي من طريق الأدب عن أكل ما تغير مِن اللحم بمرور المدة الطويلة عليه.

4 - باب في اتباع الصيد

عن أبي واقد، قال: قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَا قُطِعَ من البَهيمةِ وهي حَيِّةٌ فهي مَيتةٌ" (¬1). 4 - باب في اتِّبَاعِ الصيد 2859 - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، حدثني أبو مُوسى، عن وهبِ بن مُنبِّهٍ عن ابن عباس، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وقال مرةً سفيانُ: ولا أعلمُه إلا عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "منْ سكَنَ الباديةَ جَفا، ومَنِ اتّبَعَ الصَّيدَ غَفَلَ، ¬

_ (¬1) حديث حسن، حسنه الترمذي، وقال: العمل على هذا عند أهل العلم، وقال البخاري: هو محفوظ، وصححه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 8/ 251، وقد اختلف فيه على زيد بن أسلم كما بيناه في "مسند أحمد" (21903). وأخرجه الترمذي (1549) و (1550) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21903)، وانظر تمام تخريجه والكلام عليه فيه. قال الخطابي: هذا في لحم البهيمة وأعضائها المتصلة ببدنها، دون الصوف المستخلف والشعر، نحوه. وكذلك هذا في الكلب يرسله فينتف من الصيد نتفة قبل أن يزهق نفسه، أو تصيبه الرمية فيكسر منه عضواً وهو حي، فإن ذلك كله محرم. لأنه بان من البهيمة وهي حية، فصار ميتة. فأما إذا فصده نصفين فإنه بمنزلة الذكاة له، ويؤكلان جميعاً. وقال أبو حنيفة: إن كان النصف الذي فيه الرأس أصغر كان ميتة، وإن كان الذي يلي الرأس حلت القطعتان. وعند الشافعي: لا فرق، وكلتاهما حلال، لأنه إذا خرج الروح من القطعتين معاً في حالة واحدة فليس هناك إبانة ميتة عن حي، بل هو ذكاة للكل، لأن الكل صار ميتاً بهذا العقر، فليس شيئاً منه تابعاً لشيء، بل كله سواء في ذلك.

ومَن أتَى السُّلْطانَ افْتُتِنَ" (¬1). 2860 - حدَّثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا محمدُ بن عُبيدٍ، حدَّثنا الحسنُ بن الحَكَم النَّخَعيُّ، عن عَديِّ بن ثابتٍ، عن شيخٍ من الأنصار عن أبي هريرة، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-بمعنى مُسَدَّد- قال: "ومن لزمَ السُّلْطانَ افُتُتِن"، زاد: "وما ازداد عبدٌ من السلطان دُنُوّاً إلا ازدادَ من الله بُعْداً" (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي موسى، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي، والبغوي في "مصابيح السنة" (2792) وصححه عبد الحق الإشبيلي، وجوّد إسناده ابن مفلح في "الآداب الشرعية" 3/ 346 جازماً بأن أبا موسى هذا هو إسرائيل ابن موسى الثقة، مع أن الإمام أحمد قد نص على أنه ليس إسرائيل في "العلل" لكن تعقب ابنُ القطان عبدَ الحق في "بيان الوهم والإيهام" 4/ 362 بأن في إسناد الحديث أبا موسى، لا يعرف ألبتة. سفيان: هو الثوري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه الترمذي (2406)، والنسائي (4309) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وفي الباب عن أبي هريرة، سيأتي بعده. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد اختُلف فيه عن الحسن بن الحكم النخعي، كما بيناه في "المسند" (8836)، فقد أعله البخاري كما في "العلل الكبير" للترمذي 2/ 829 - 830، وأبو حاتم كما في "العلل" لابنه 2/ 246، والدارقطني في "العلل" 8/ 240 - 241، لكن الدارقطني ذكر الاختلاف عن الحسن بن الحكم ولم يقض فيه بشيء، وضعفه المنذري في "اختصار السنن"، ومع ذلك فقد حسنه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 244 - 245، والعراقي في "تخريج أحاديث الإحياء"، وصححه العجلوني في "كشف الخفاء" بما رواه إسماعيل بن زكريا، عن الحسن بن الحكم، عن عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة. حيث بين فيه إسماعيل بن زكريا الشيخ الأنصاري، وعليه يكون الإسناد كلهم رجال الصحيح كما قال النذري في "الترغيب=

2861 - حدَّثنا يحيي بن مَعين، حدَّثنا حمادُ بن خالدِ الخيّاطُ، عن معاويةَ ابن صالحٍ، عن عبدِ الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، عن أبيه ¬

_ = والترهيب" والهيثمي في "مجمع الزوائد". قلنا: لكن إسماعيل بن زكريا -وهو الخلقاني- مختلف فيه، وقال الحافظ: صدوق يُخطىء كثيراً، وخالفه يعلى ومحمد ابنا عُبيد الطنافسي وحاتم بن إسماعيل وعيسى بن يونس وغيرهم وهم ثقات، فقالوا: عن شيخ من الأنصار، ولم يبيّنوه، فلا شكَّ أن قولهم مقدم على قوله. ولكن باجتماع هذا الحديث مع الحديث السابق يرتقى الحديث إلى درجة الحسن، والله أعلم. وقد قال ابن عبد البر في "التمهيد": وقد صح عنه - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "من لزم البادية جفا". وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" -قسم مسند أبي هريرة- (429) عن عيسى بن يونس، وابن راهويه (430)، وأحمد في "مسنده" (9683) عن يعلى بن عبيد، وأحمد (9683) عن محمد بن عُبيد والبيهقي في "الشعب" (9404)، ثلاثتهم عن الحسن بن الحكم، به. وأخرجه أحمد (8836) والبزار (1618 - كشف الأستار)، وابن حبان في "المجروحين" 1/ 233، وابن عدي في "الكامل" 1/ 312، والقضاعي في "مسند الشهاب" (339)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 101، وفي "شعب الإيمان" (9403) من طريق إسماعيل بن زكريا الخلقاني، عن الحسن بن الحكم، عن عدي بن ثابت، عن أبي حازم، عن أبي هريرة. وأخرجه أحمد (18619)، والترمذي في "العلل الكبير" 2/ 829، وعبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند" (18619) والروياني في "مسنده" (383)، وأبو يعلى (1654)، والدارقطني في "العلل" 8/ 241 من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن الحسن بن الحكم، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب رفعه: "من بدا جفا". فجعله من مسند البراء بن عازب وأسقط الواسطة بينه وبين عدي بن ثابت، وقال الترمذي عن البخاري: وكأنه يعُدُّ حديث شريك محفوظاً. ئنبيه: هذا الحديث من رواية أبي الحسن بن العبد وأبي بكر ابن داسة، نبه على ذلك المزي في "تحفة الأشراف" (15495)، وقال: ولم يذكره أبو القاسم.

عن أبي ثعلبةَ الخُشَني، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا رَمَيتَ الصَّيدَ فأدركتَه بعد ثلاثِ ليالِ وسهمُك فيه، فكُلْهُ ما لم يُنْتِن" (¬1). آخر كتاب الصيد ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد أعله ابن حزم في "المحلى" 7/ 463 بمعاوية بن صالح، وليس ذلك بعلة، لأن معاوية بن صالح -وهو ابن حُدير الحضرمي- وثقه الأئمة، ولم يتكلم فيه غير يحيى القطان، ثم إنه متابع. وأخرجه مسلم (1931)، والنسائي (4303) من طريق معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1931) من طريق أبي الزاهرية، عن جبير بن نفير، به. وأخرجه أيضاً (1931) من طريق مكحول، عن أبي ثعلبة. قال الحافظ رشيد الدين العطار في "غرر الفوائد" ص 233: وفي سماع مكحول من أبي ثعلبة نظر، إلا أن مسلماً رحمه الله أورد حديث أبي ثعلبة هذا من طرق ثابتة الاتصال، وهو قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا رميت بسهمك فغاب عنك فأدركته فكل ما لم ينتن" انفرد به مسلم دون البخاري، والله الموفق. وهو في "مسند أحمد" (17744). وانظر كلام الخطابي على فقه الحديث عند الحديث رقم (2857). تنبيه: هذا الحديث جاء في (أ) و (ب) و (ج) عقب الحديث (2845) في باب اتخاذ الكلب للصيد وغيره، وجاء في (هـ) عقب الحديث (2857)، وقد أشار الحافظ في نسخته التي رمزنا لها بالرمز (أ) أن هذا الحديث ليس في رواية ابن داسة مع أن (هـ) عندنا برواية ابن داسة والحديث ثابت فيها غير أنه جاء متأخراً عما هو في رواية اللؤلؤي! وقد تركناه على الترتيب الذي جاء في نسخة العظيم آبادي والسهارنفوري.

كتاب الوصايا

كتاب الوصايا 1 - باب ما يُؤمَر به من الوصيةِ 2862 - حدَّثنا مُسددُ بن مُسَرهَد، حدَّثنا يحيي، عن عُبيد اللهِ، حدثني نافعٌ عن عَبد الله -يعني ابنَ عمر- عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "ما حَقُّ امريء مُسلمٍ له شيءٌ يُوصي فيه، يبيتُ لَيلَتينِ إلَّا ووصيتُه مكتوبةٌ عندَه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2738)، ومسلم (1627)، وابن ماجه (2699) و (2702)، والترمذي (996) و (2251)، والنسائي (3615) و (3616) من طرق عن نافع، به. وأخرجه مسلم (1627)، والنسائي (3618) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، إلا أنه قال: "ثلاث ليالٍ" بدل: "ليلتين". وهو في "مسند أحمد" (4469) من طريق سالم، و (4578) من طريق نافع. وأخرجه النسائي (3617) من طريق عبد الله بن عون، عن نافع، عن ابن عمر من قوله. قال الخطابي: قوله: "ما حق امرىء مسلم" معناه: ما حقه من جهة الحزم والاحتياط إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده، إذا كان له شيء يريد أن يوصي فيه، فإنه لا يدري متى توافيه منيته، فتحول بينه وبين ما يريد من ذلك. وفيه دليل على أن الوصية غير واجبة، وهو قول عامة الفقهاء، وقد ذهب بعض التابعين إلى إيجابها، وهو قول داود. وفيه أن الوصية إنما تستحب لمن له فضل مالٍ يريد أن يوصي فيه، دون ما ليس له فضل مال، وهذا في الوصية التي هو متبرع بها من نحو صدقة وبِرٍّ وصلة، دون الديون والمظالم التي يلزمه الخروج عنها، فإن من عليه دين أو قِبَله تبعة لأحد من الناس فالواجب عليه أن يُوصي فيه، وأن يتقدم إلى أوليائه فيه، لأن أداء الأمانة فرض واجب عليه.

2 - باب ما لا يجوز للموصي في ماله

2863 - حدَّثنا مُسدَّدٌ ومحمدُ بن العلاءِ، قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن أبي وائلٍ، عن مسروقٍ عن عائشة، قالتْ: ما تركَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ديناراً، ولا درهماً، ولا بعيراً، ولا شاةً، ولا أوصىَ بشيءٍ (¬1). 2 - باب ما لا يجوز للموصي في ماله 2864 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ وابنُ أبي خَلَفٍ (¬2)، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريّ، عن عامرِ بن سَعدٍ عن أبيه، قال: مرِضَ مرضاً -قال ابن أبي خَلَفٍ: بمكةَ، ثم اتفقا- أشْفَى فيه، فعادَه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ الله، إنَّ لي مالاً ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مَسروق: هو ابن الأجدع، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، ومُسدَّد: هو ابن مُسرهَد. وأخرجه مسلم (1635)، وابن ماجه (2695)، والنسائي (3621) و (3622) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (3623) من طريق حسن بن عياش، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود النخعي، عن عائشة. وقال النسائي في "الكبرى" بإثر الحديث (6419): حديث ابن عياش لا نعلم أن أحداً تابعه على قوله: عن إبراهيم، عن الأسود. وهو في "مسند أحمد" (24176)، و"صحيح ابن حبان" (6606). قال الخطابي: قولها: "ولا أوصي بشئ" تريد وصية المال خاصة. لأن الإنسان إنما يوصي في مال سبيلُه أن يكون موروثاً، وهو -صلَّى الله عليه وسلم- لم يترك شيئاً يُورَث، فيوصيَ فيه، وقد أوصى بأمور: منها: ما روي أنه كان عامة وصيته عند الموت؛ "الصلاة، وما ملكت أيمانكم". وقال ابن عباس رضي الله عنه: أوصى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عند موته: "أخرجوا اليهود من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنتُ أجيزهم". (¬2) طريق ابن أبي خلف، أثبتناه من (هـ) وهي برواية أبي بكر ابن داسة.

كثيراً، وليس يرثُني إلا ابنتي أفَأَتَصَدَّقُ بالثُلُثين؟ قال: "لا"، قال: فبالشَّطْرِ؟ قال: "لا"، قال: فبالثلث؟ قال: "الثُّلثُ، والثُّلثُ كثيرٌ، إنكَ أن تترُكَ ورثتك أغنياءَ خَيرٌ منْ أنْ تَدَعَهم عالَةَ يتكفَّفُونَ الناسَ، وإنكَ لنْ تنفقَ نفقةً إلا أُجِرْتَ بها، حتى اللقمةَ ترفعُها إلى في امرأتك"، قلتُ: يا رسولَ الله، أتَخلَّفُ عن هجرتي؟ قال: "إنّكَ لَن تُخلَّفَ بَعْدِي، فتعملَ عملاً تُرِيدُ بهِ وجْهَ اللهِ لا تزدادُ به إلا رِفعةً ودرَجةً، لعلكَ أن تُخلَّفَ، حتى ينتفع بِكَ أقوامٌ ويُضَرَّ بكَ آخروُنَ"، ثم قال: "اللهمَ أمْضِ لأصحابي هجرتَهُم، ولا تَرُدَّهُم على أعْقَابهم، لكنِ البائِسُ سَعْدُ بنُ خَولَة" يَرثي لَهُ رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - أن مَات بمكَّةَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عامر بن سعد: هو ابن أبي وقاص، وسفيان: هو ابن عُيينة. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (56) و (1295) و (3936) و (4409) و (5668) و (6373) و (6733) , ومسلم (1628)، وابن ماجه (2708)، والترمذي (2249)، والنسائي (3626) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه كذلك مطولاً ومختصراً البخاري (2742) و (2744) و (5354)، ومسلم (1628)، والنسائي (3627) و (3630) من طرق عن عامر بن سعد، به. وأخرجه أيضاً البخاري (5659)، ومسلم (1628)، والترمذي (997)، والنسائي (3629) و (3631) و (3632) و (3635) من طرق عن سعد بن أبي وقاص. وهو في "مسند أحمد" (1440)، و"صحيح ابن حبان" (4249). قال الخطابي: قوله: "وليس يرثني إلا ابنتي" يريد: أنه ليس يرثني ذو سهْم إلا ابنة، دون من يرثه بالتعصيب. لأن سعداً رجل من قريش من زهرة، وفي عصبته كثرة. وفي ذلك دليل على أن لمن مات وقد خلّف من الورثة ما يستوعب جميع ماله أن يوصي بالثلث. وفي قوله: "الثلث كثير" دليل على أنه لا يجوز مجاوزته، ولا أن يوصَى بأكثر من الثلث، سواء كان له ورثة أو لم يكن. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقد زعم قوم أنه إذا لم يكن له ورثة وضع جميع ماله حيث شاء، وإليه ذهب إسحاق بن راهويه، وروى ذلك عن ابن مسعود رضى الله تعالى عنه. وقد اختلف أهل العلم في جواز الوصية بالثلث: فذهب بعضهم إلى أن قوله: و"الثلث كثير" منعاً من الوصية به، وأن الواجب أن يقصر عنه، وأن لا يبلغ بوصيته تمام الثلث. وروي عن ابن عباس أنه قال: "الثلث جنف، والربع جنف". وعن الحسن البصري أنه قال: "يوصي بالثلث، أو الخمس، أو الربع". وقال إسحاق بن راهويه: السنة في الربع، لما قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "الثلث كثير" إلا أن يكون رجلاً يعرف في ماله شبهات، فعليه استغراق الثلث. وقال الشافعي: إذا ترك ورثته أغنياء لم يكره أن يستوعب الثلث، فإذا لم يدعهم اخترتُ له أن لا يستوعبه. وقوله: "عالة يتكففون الناس" يريد فقراء يسألون الصدقة، يقال: رجل عائل، أي: فقير، وقوم عالة، والفعل منه: عال يعيل، إذا افتقر. ومعنى "يتكففون": يسألون الصدقة بأكفهم. وقوله: "أتخلف عن هجرتي " معناه خوف الموت بمكة، وهي دار تركوها لله عز وجل، وهاجروا إلى المدينة، فلم يحبوا أن تكون مناياهم فيها. وقال المنذري: "لعلك أن تَخَلّف": "أن" ها هنا بالفتح لا غير. وقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن تخلّف بعدى فتعمل عملاً صالحاً" رواه بعضهم بالفتح، وبعضهم بالكسر، ورواه بعضهم "لن" باللامِ. قال اليحصُبي وغيره: وكلاهما صحيح المعنى على ما تقدم. يريد قوله: "إنك إن تَذر". وقوله: "حتى ينتفع بك أقوام" هذا علم من أعلام نبوته - صلَّى الله عليه وسلم -. وذلك أن سعداً أُمر على العراق، فأتي بقوم ارتدوا عن الإسلام، فاستتابهم، فأبى بعضهم، فقتلهم، وتاب بعضهم، فانتفعوا به، وعاش سعد بعد حجة الوداع نيفاً وأربعين سنة. ومعنى "أمض لأصحابي هجرتهم" أي: أتممها لهم ولا تبطلها، ولا تردهم على أعقابهم، بشرط هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم. و"البائس" الذي اشتدت حاجته. عدَّه -صلَّى الله عليه وسلم- من المساكين والفقراء لما فاته من الفضل لو مات في غير مكة.

3 - باب في كراهية الإضرار في الوصية

3 - باب في كراهيةِ الإضرار في الوصية 2865 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الواحِد بن زيادٍ، حدَّثنا عُمارةُ بن القَعقَاعِ، عن أبي زُرعةَ بن عَمرِو بن جَريرٍ عن أبي هريرة، قال: قال رجلٌ للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -: يا رسولَ الله، أيُّ الصدقةِ أفضلُ؟ قال: "أنْ تَصّدَّقَ وأنتَ صَحيحٌ حَرِيصٌ، تأمُلُ البقاء، وتَخشى الفَقرَ، ولا تُمهِل، حتى إذا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ قُلْتَ: لفُلان كذا، ولفُلان كذا، وقد كان لفُلان" (¬1). 2866 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ، حدَّثنا ابنُ أبي فدَيكِ، أخبرني ابنُ أبي ذِئبٍ، عن شُرَحْبيلَ عن أبي سعيد الخدري، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لأنْ يَتَصَدّقَ المَرْءُ في حَيَاتِهِ بدِرهَمٍ خَيرٌ لهُ مِنْ أن يَتَصَدَّقَ بمئةٍ عِندَ مَوته" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مُسدَّد: هو ابن مُسرهَد. وأخرجه البخاري (1419)، ومسلم (1032)، وابن ماجه (2706)، والنسائى (2542) و (3611) من طريق عمارة بن القعقاع، به. وهو في "مسند أحمد" (7159)، و"صحيح ابن حبان" (3312). قال الخطابي: فيه من الفقَه أن للصحيح أن يضع ماله حيث شاءَ مِن المباح، وله أن يشح به على من لا يلزمه فرضه. وفيه المنع من الإضرار في الوصية عند الموت. وفي قوله: "وقد كان لفلان" دليل على أنه في الوصية كان للورثة أن يبطلوها، لأنه حينئذٍ مالهم، ألا تراه يقول: "وقد كان لفلان" يريد به الوارث، والله أعلم. (¬2) إسناده ضعيف لضعف شُرَحْبيل، وهو ابن سَعد. ابن أبي فُديك: هو محمد ابن إسماعيل بن مسلم، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة. وأخرجه ابن عبد البر في "التمهد" 14/ 304 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حبان (3334) من طريق ابن أبي فديك، به.

4 - باب ما جاء في الدخول في الوصايا

2867 - حدَّثنا عبدةُ بن عبدِ الله، أخبرنا عبدُ الصمَدِ، حدَّثنا نصرُ بن عَلىِّ الحُدَّاني، حدَّثنا الأشعثُ بن جَابر، حدثني شَهر بن حوشَبٍ أن أبا هريرة حدثه، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: " إنّ الرَجُلَ لَيَعمَلُ أو المَرْأةَ بِطَاعَةِ الله ستِّين سنةً، ثمَ يحضرُهما الموتُ فيُضارّانِ في الوَصِيةِ فتجبُ لهما النارُ" قال: وقرأ علىَّ أبو هريرةَ من ها هنا {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} حتى بلغ: {وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (¬1) [النساء:11 - 13]. قال أبو داود: هذا [يعني الأشعث بن جابر] جدُّ نصر بن علي (¬2). 4 - باب ما جاء في الدخول في الوصايا 2868 - حدَّثنا الحَسنُ بن علي، حدَّثنا أبو عبد الرحمن المُقرئ، حدَّثنا سعيدُ بن أبي أيوبَ، عن عُبيد الله بن أبي جَعفرٍ، عن سالمِ بن أبي سالم الجَيْشانىِّ، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب، وقد انفرد به. ونصر بن علي إنما نسب هنا حُدّانياً نسبة لجده لأمة أشعث بن عبد الله بن جابر الذي جاء في هذا الحديث، فهو حداني، وأما نصر بن علي فهو ابن صهبان الجهضمي، فنسبته من جهة أبيه جهضميٌّ. وأخرجه ابن ماجه (2704)، والترمذي (2250) من طريق نصر بن علي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (7742). وفي الباب قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: " إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار" أخرجه البخاري (3332)، ومسلم (2643) من حديث عبد الله بن مسعود. والحيف في الوصية من عمل أهل النار. (¬2) مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من (هـ).

5 - باب في نسخ الوصية للوالدين والأقربين

عن أبي ذرٍّ، قال: قال لي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أبا ذَرٍّ، إني أراكَ ضعيفاً، وإني أُحِبُّ لك ما أُحبُّ لنفسي، فلا، تأمَّرَنَّ على اثنَين، ولا تَوَلَّيَنَّ مالَ يتيمٍ" (¬1). قال أبو داود: تفرَّد به أهلُ مصرَ (¬2). 5 - باب في نسخِ الوصية للوالدَين والأقربين 2869 - حدَّثنا أحمدُ بن محمد بن ثابت المروزِيُّ، حدثني علي بن حُسين ابن واقد، عن أبيه، عن يزيدَ النّحوي، عن عكرمةَ عن ابن عباس: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] فكانت الوصيةُ كذلك حتى نسختها آيةُ الميراثِ (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن المقرئ: هو عبد الله بن يزيد. وأخرجه مسلم (1826)، والنسائي (3667) من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله ابن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21563)، و"صحيح ابن حبان" (5564). وأخرج مسلم (1825) من طريق ابن حُجيرة الأكبر، عن أبي ذر قال: قلتُ: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبى، ثم قال: "يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذى عليه فيها". وهو في "مسند أحمد" (21513). (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها من إحدى النسخ. (¬3) صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل على بن حسين بن واقد، فهو صدوق حسن الحديث، لكنه متابع. عكرمة: هو مولى ابن عباس، ويزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد، وأحمد بن محمد المروزي: هو ابن ثابت. وأخرجه البيهقى 6/ 265، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 297، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 59 - 60 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد.

6 - باب في الوصية للوارث

6 - باب في الوصيةِ للوارث 2870 - حدَّثنا عبدُ الوهاب بن نَجْدةَ، حدَّثنا ابن عَيّاشٍ، عن شُرَحبيل بن مسلمٍ سمعت أبا أمامةَ، سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله قَدْ أعطى كل ذي حقٍّ حقهُ، فلا وصيةَ لِوَارثٍ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه بنحوه البخاري (2747) من طريق عطاء بن أبي رباح، والطبري 2/ 118، والحاكم 2/ 273 و 281، والبيهقي 6/ 265 و 7/ 427، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 60 من طريق محمد بن سيرين، والطبري 2/ 118 - 119، وابن الجوزي ص 59 من طريق عطية العوفي، ثلاثتهم عن ابن عباس. وأخرجه الدارمي (3263) عن أحمد بن إسماعيل، والطبري 2/ 119 عن محمد ابن حميد الرازي، كلاهما عن أبي تميلة يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري - فلم يذكرا ابن عباس. وأحمد بن إسماعيل ضعيف، وابن حميد متروك. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن عياش -وهو إسماعيل- فهو حسن الحديث فيما رواه عن أهل بلده، وهذا منها، وهو متابع. وأخرجه ابن ماجه (2713)، والترمذي (2253) من طريق إسماعيل بن عياش، به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (22294). وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (949) من طريق سليم بن عامر الكلاعي وغيره، عن أبي أمامة. وإسناده صحيح. وسيتكرر الحديث عند المصنف برقم (3565) ضمن حديث مطول. قال الخطابي: قوله: "أعطى كل ذي حق حقه" إشارة إلى آية المواريث. وكانت الوصية قبل نزول الآية واجبة للأقربين. وهو قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180] ثم نسخت بآية الميراث. (أي: خصصت). =

7 - باب مخالطة اليتيم في الطعام

7 - باب مخالطةِ اليتيم في الطعام 2871 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا جَريرٌ، عن عَطاءٍ، عن سعيدِ بن جبير عن ابن عباس قال: لما أنزل الله عز وجل {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الأنعام: 152 والإسراء: 32] و {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10]- انطلق مَن كان عنده يتيمٌ فَعزلَ طعامَه من طعامِه وشرابَه من شرابِه، فجعل يَفْضُلُ من طعامِه فيُحْبَسُ له حتى يأكلَه أو يفسُد، فاشتدَّ ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأنزلَ اللهُ عز وجل {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} [البقرة: 220] فخلَطُوا طعامَهم بطعامِه وشرابَهم بشرابِه (¬1). ¬

_ = وإنما تبطل الوصية للوارث في قول أكثر أهل العلم من أجل حقوق سائر الورثة، فإذا أجازوها جازت، كما إذا أجازوا الزيادة على الثلث للأجنبي جاز. وذهب بعضهم إلى أن الوصية للوارث لا تجوز بحالٍ، وإن أجازها سائر الورثة. لأن المنع منها إنما هو لحق الشرع، فلو جوزناها لكنا قد استعملنا الحكم المنسوخ. وذلك غير جائز، كما أن الوصية للقاتل غير جائزة، وإن أجازها الورثة. (¬1) إسناده ضعيف. عطاء -وهو ابن السائب- اختلط بأخرة، وجرير -وهو ابن عبد الحميد- ممن سَمع من عطاء بعد اختلاطه، وقد تابعه جماعة لم يُميّز سماعُ أحد منهم من عطاء، أكان قبل اختلاطه أو بعده. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" 2/ 369 - 370، والحاكم 2/ 103 و 303 و 318، والبيهقي 6/ 284، والواحدي في "أسباب النزول" ص 59، والضياء المقدسي في "المختارة" 10/ (273) من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه النسائي (3669)، وابن جرير 2/ 371 من طريق أبي كدينة يحيى بن المهلب، والنسائي (3670)، وابن جرير 2/ 370 - 371 من طريق عمران بن عيينة، وأحمد (3000)، وابن جرير 2/ 369، والحاكم 2/ 278 - 279، والضياء المقدسي في "المختارة" 10/ (272) من طريق إسرائيل بن يونس السبيعي، ثلاثتهم عن عطاء ابن السائب، به. وأخرجه ابن جرير 2/ 370 من طريق عمرو بن أبي قيس الرازي، عن عطاء بن السائب، والواحدي في "أسباب النزول" ص 59 من طريق سالم الأفطس، كلاهما (عطاء ابن السائب وسالم الأفطس) عن سعيد بن جبير مقطوعاً من قوله - فلم يذكرا ابنَ عباس. وأخرجه بنحوه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (437)، وابن جرير 2/ 371، والطبراني في "الكبير" (13020) من طريق علي بن أبي طلحة، وابن جرير 2/ 372 من طريق عطية العوفي، كلاهما عن ابن عباس. وإسناداهما ضعيفان. قال أبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 191: وهذا مما لا يجوز فيه ناسخ ولا منسوخ، لأنه خبر ووعيد، ونهي عن الظلم والتعدي، فمحالٌ نسخُهُ، فإن صح ذلك عن ابن عباس فتأويله من اللغة أن هذه الآية على نسخة تلك الآية، فهذا جواب، وأصح منه ما عليه أهلُ التأويل، قال سعيد بن جبير: لما نزلت {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: 10] اشتدت على الناس، وامتنعوا من مخالطة اليتامى حتى نزلت {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} [البقرة: 220] فالمعنى على هذا القول: أنه لما وقع بقلوبهم أنه لا ينبغي أن تخالطوا اليتامي في شيء لئلا يُحرجوا بذلك، فنسخ الله عز وجل ما وقع بقلوبهم منه، أي: أزاله أن أباح لهم مخالطة اليتامي. وقال مكي بن أبي طالب في "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" عند قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} [الإسراء: 34]: والذي يوجبه النظرُ وعليه جماعةٌ من العلماء أنه غيرُ منسوخ، لأنه قال تعالى: {إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ففي هذا جواز مخالطتهم بالتي هي أحسن، وهو قوله {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] فكلا الآيتين يجوز مخالطة اليتيم فلا يجوز أن تنسخ إحداهما الأخرى، لأنهما بمعنى واحد.

8 - باب ما لولي اليتيم أن ينال من مال اليتيم

8 - باب ما لوليِّ اليتيم أن يَنالَ من مالِ اليتيم 2872 - حدَّثنا حُميدُ بن مَسعَدةَ، أن خالدَ بن الحارثِ حدثهم، حدَّثنا حسينٌ -يعني المُعلِّم- عن عمرِو بن شعيب، عن أبيه عن جده: أن رجلاً أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: إني فقيرٌ ليس لي شيءٌ، ولي يتيمٌ, قال: فقال: "كُلْ من مالِ يتيمِكَ غيرَ مُسرِفٍ، ولا مُبادِرٍ، ولا مُتأثلٍ" (¬1). ¬

_ = وجاء في "زاد المسير" 2/ 24 بتحقيقنا: وقد توهم قوم لا علم لهم بالتفسير وفقهه أن هذه الآية منسوخة، لأنهم لما سمعوا أنها لما نزلت تحرج القوم عن مخالطة اليتامى، فنزل قوله: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ} وهذا غلط، وإنما ارتفع عنهم الحرج بشرط الإصلاح، لا على إباحة الظلم. (¬1) إسناده حسن. حسين المعلم وهو ابن ذكوان. وأخرجه ابن ماجه (2718)، والنسائي (3668) من طريق حسين المعلم، بهذا الإسناد. وهوفي "مسند أحمد" (6747). ويشهد له حديث عائشة عند البخاري (4575)، ومسلم (3019) قالت في قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 6] نزلت في مال اليتيم إذا كان فقيراً أنه يأكل منه مكان قيامه عليه بمعروف. وهذا له حكم الرفع لأنه لا يقال من قِبَل الرأي. قال الخطابي: قوله: "غير متأثل" أي: غير متخذ منه أصل مالٍ، وأثلة الشيء أصله. ووجه إباحته الأكل من مال اليتيم أن يكون ذلك على معنى ما يستحقه من العمل فيه والاستصلاح له، وأن يأخذ منه بالمعروف على قدر مثل عمله. وقد اختلف الناس في الأكل من مال اليتيم: فروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "يأكل منه الوصي إذا كان يقوم عليه" وإليه ذهب أحمد بن حنبل. =

9 - باب متى ينقطع اليتم؟

9 - باب متى ينقطعُ اليُتْمُ؟ 2873 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ، حدَّثنا يحيى بن محمد الْمَدينيُّ، حدَّثنا عبدُ الله بن خالدِ بن سعيدٍ بن أبي مريمَ، عن أبيه، عن سعيدِ بن عبد الرحمن ابن رُقَيش، أنه سمع شيوخاً من بني عمرو بن عوفٍ ومن خالِه عبدِ الله بن أبي أحمدَ، قال: قال عليُّ بن أبي طالب: حفظتُ، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يُتمَ بعدَ احتلامٍ، ولا صُمَاتَ يومٍ إلى اللَيْلِ" (¬1). ¬

_ = وقال الحسن والنخعي: يأكل ولا يقضي. وقال عبيدة السلمانى وسعيد بن جبير ومجاهد: يأكل ويؤديه إليه إذا كبر, وهو قولُ الأوزاعي. (¬1) قوله: "لا يتم بعد احتلام" حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف خالد بن سعد بن أبي مريم ويحيى بن محمد المديني -وهو ابن عبد الله بن مهران-، وقد ضعف هذا الإسناد العقيلي في "الضعفاء" 4/ 428، وعبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى"، وابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 536 - 537، والمنذري في "مختصر السنن"، لكن حسنه النووي في "رياض الصالحين". وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 4/ 428، والطبراني في "الأوسط" (290)، وفي "الصغير" (266)، والبيهقي 6/ 57، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة عبد الله ابن أبي أحمد، من طريق عبد الله بن خالد بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (6564)، وفي "الصغير" (952)، ومن طريقه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 5/ 299، والضياء المقدسي في "المختارة" (683) من طريق علقمة بن قيس النخعي، عن علي بن أبي طالب. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن علقمة إلا إبراهيم، ولا رواه عن إبراهيم إلا أبان بن تغلب، ولا رواه عن أبان إلا موسى بن عقبة، ولا عن موسى إلا محمد بن جعفر [بن أبي كثير]، تفرد به محمد بن عُبيد التبان، عن أبيه، ولا كتبناه إلا عن هذا الشيخ - قلنا: يعني به محمد بن سليمان بن هارون الصوفي المصري. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه عبد الرزاق (11450)، وسعيد بن منصور (1030)، والطبراني في "الأوسط" (7331)، وابن عدي في ترجمة أيوب بن سويد وترجمة جويبر بن سعيد، والدارقطني في "العلل" 4/ 142 - 143 من طريق جويبر بن سعيد، عن الضحاك بن مزاحم، عن النزال بن سبرة، عن علي. وجويبر بن سعيد ضعيف جدا. وجاء عند عبد الرزاق بإثر روايته: فقال الثوري: يا أبا عروة [يعني معمر بن راشد]:إنما هو عن علي موقوف، فأبى عليه معمر إلا عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ولهذا صحح العقَيلي في "الضعفاء" 4/ 428، والدارقطني في "العلل" 4/ 142 وغيرهما أنه موقوف على عليٍّ. وفي الباب عن الذيال بن عُبيد، عن جده حنظلة عند الطبراني في "الكبير" (3502)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 204 بلفظ: " لا يتم بعد احتلام، ولا يُتم على جارية إذا حاضت". قال الحافظ في "التلخيص الحبير" 3/ 101: إسناده لا بأس به. وعن جابر بن عبد الله عند الطيالسي (1767)، وعبد الرزاق (13899)، وابن حبان في "المجروحين" 1/ 318، وابن عدي في ترجمة حرام بن عثمان وترجمة أبي سعد سعيد بن المرزبان البقال، والبيهقي 7/ 319، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" 2/ 641 من طرق عن جابر بن عبد الله، ولا يخلو طريق منها من مقالٍ. قال الخطابي: ظاهر هذا القول يوجب انقطاع أحكام اليتم عنه بالاحتلام وحدوث أحكام البالغين له. فيكون للمحتلم أن يبيع ويشتري، ويتصرف في ماله، ويعقد النكاح لنفسه، وإن كانتَ امرأة فلا تزوج إلا بإذنها. ولكن المحتلم إذا لم يكن رشيدا، لم يُفَكَّ الحجر عنه. وقد يحظر الشىء بسببين، فلا يرتفع بارتفاع أحدهما مع بقاء السبب الآخر. وقد أمر الله تعالى بالحجر على السفيه فقال: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: 5]، وقال: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا} [البقرة: 282] فأثبت الولاية على السفيه، كما أثبتها على الضعيف، فكان معنى الضعيف راجعاً إلى الصغير، ومعنى السفيه راجعا إلى الكبير البالغ، لأن السفه اسم ذمٍّ، ولا يُذم الإنسان على مالم يكتسب، والقلم مرفوع عن غير البالغ، فالحرج والذم مرفوعان عنه. =

10 - باب التشديد في أكل مال اليتيم

10 - باب التشديد في أكل مال اليتيم 2874 - حدَّثنا أحمدُ بن سعيدٍ الهَمدانيُّ، حدَّثنا ابنُ وهب، عن سليمانَ ابن بلالٍ، عن ثَورِ بن زيدٍ، عن أبي الغَيث عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "اجتنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقاتِ" قيل: يا رسولَ الله، وَمَا هُنَّ؟ قال: "الشِّرْكُ بالله، والسحرُ، وقَتلُ النفسِ التي حَرَّمَ اللهُ إلا بالحقِّ، وأكْلُ الرِّبا، وأكلُ مالِ اليتيم، والتَّوَلِّي يومَ الزَّحْفِ، وقَذْتُ المُحْصنَاتِ الغافِلات المؤمنات" (¬1). ¬

_ = وقال سبحانه: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 6] فشرط في دفع المال إليهم شيئين: الاحتلام والرشد. والحكم إذا كان وجوبه معلقاً بشيئين لم يجب إلا بوُرُودهما معاً. وقوله: "لا صمات يوم إلى الليل"وكان أهل الجاهلية من نسكهم الصمات، وكان الواحد منهم يعتكف اليوم والليلة فيصمت، ولا ينطق، فنهوا عن ذلك وأمروا بالذكر والنطق بالخير. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2766)، ومسلم (89)، والنسائي (3671) من طريق سليمان بن بلال، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (5561). قال النووي في "شرح صحيح مسلم": قال العلماء رحمهم الله: ولا انحصار للكبائر في عدد مذكور، وقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن الكبائر: أسبعٌ هي، فقال: هي إلى السبعين، ويُروى إلى سَبع مئة أقرب، وأما قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الكبائر سبع"، فالمراد به: من الكبائر سبع، فإن هذه الصيغة وإن كانت للعموم، فهي مخصوصة بلا شكٌّ، وإنما وقع الاقتصار على هذه السبع، وفي الرواية الأخرى: ثلاث، وفى الأخرى: أربع، لكونها من أفحش الكبائر مع كثرة وقوعها، لا سيما فيما كانت عليه الجاهلية، ولم يذكر في بعضها ما ذكر في الأخرى، وهذا مُصرِّح بما ذكرته من أن المراد البعض. =

قال أبو داود: أبو الغَيث: سالمٌ مولى ابن مُطيع. 2875 - حدَّثنا إبراهيمُ بن يعقوبَ الجُوزجَاني، حدَّثنا معاذُ بن هانىءٍ، حدَّثنا حَربُ بن شدَّاد، حدَّثنا يحيى بن أبي كَثير، عن عبد الحميد بنِ سنان، عن عُبيد بن عُمير عن أبيه، أنه حدَّثه -وكانت له صحبة- أن رجلاً سأله فقال: يا رسولَ الله، ما الكبائرُ؟ فقال: "هُنَّ تِسْعٌ" فذكر معناه، زاد: "وعُقُوقُ الوالدَينِ المُسلمَينِ، واستِحلالُ البيتِ الحرامِ قِبلَتِكُم أحياءً وأمواتاً" (¬1). ¬

_ = والموبقات: الأفعال المهلكات التي توقع فاعلها في الهلكة، والتولي يوم الزحف، أي: الجهاد ولقاء العدو إلا متحرفاً لقتال. أو متحيزاً إلى فئة. واختلفوا في حد الكبيرة، فقيل: الكبيرة: هي الموجبة للحد، وقيل: ما يلحق الوعيدُ بصاحبه بنص كتاب أو سنة، وقيل: الكبيرة: كل ذنب قرن به وعيد أو لعن، وقيل: كل ذنب أدخل صاحبه النار. وقال القرطبي في "المفهم": كل ذنب أطلق عليه بنص كتاب أو سنة أو إجماع: أنه كبيرة أو عظيم، أو أخبر فيه بشدة العقاب، أو علق عليه الحد، أو شدد النكير عليه، فهو كبيرة. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الحميد بن سنان، وقال البخاري: في حديثه نظر. عُبيد بن عُمير: هو ابن قتادة الليثى. وأخرجه النسائي (4012)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (898) والعقيلي في "الضعفاء" 3/ 45، والطبراني في "الكبير" 17/ (101)، والحاكم 1/ 59 و 4/ 259، والبيهقي 3/ 408 و 10/ 186، وابن عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة عمير بن قتادة، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة عبد الحميد بن سنان، من طريق حرب بن شداد، عن يحيي بن أبي كثير، عن عبد الحميد بن سنان، به، ورواية النسائى مختصرة بلفظ: "هن سبع: أعظمهن إشراك بالله، وقتل النفس بغير حق وفرار يوم الزحف". وأخرجه الطبري في "تفسيره" 5/ 39، والطبراني 17/ (102) من طريق أيوب بن عتبة اليمامي، عن يحيى بن أبي كثير، عبيد بن عمير، عن أبيه، فأسقط من إسناده =

11 - باب الدليل على أن الكفن من رأس المال

11 - باب الدليل على أن الكَفَن من رأسِ المال 2876 - حدَّثنا محمدُ بن كَثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن أبي وائلٍ عن خَبّابٍ، قال: مُصعبُ بن عميرٍ قُتِلَ يوم أُحدٍ، ولم تكن له إلا نَمِرَةٌ، كنَّا إذا غَطّيْنَا بها رأسَهُ خرجَتْ رجلاهُ، وإذا غطَّينا رجليه خرج رأسُه، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "غطُّوا بها رأسَه، واجعَلُوا على رجليهِ منَ الإذِخرِ" (¬1). ¬

_ = عبد الحميد بن سنان. وأيوب بن عتبة ضعيف، لكن قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" 2/ 253: كتبه في الأصل فهي صحيحة عن يحيى بن أبي كثير قال: قال لي سليمان بن شعبة هذا الكلام وكان عالماً بأهل اليمامة، وقال: أروى الناس عن يحيى بن أبي كثير وأصح الناس كتاباً عنه. وفي الباب عن ابن عُمر عند أبي القاسم البغوي في "الجعديات" (3426)، والبيهقي 3/ 409، وابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 69 من طريق أيوب بن عتبة اليمامي، عن طيسلة بن علي (ولقب عليٍّ مياس) عن ابن عمر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. لكن خالف أيوبَ بن عتبة -وهو ضعيف في غير يحيى بن أبي كثير- زيادُ بن مخراق -وهو ثقة- فرواه عن طيسلة بن علي، عن ابن عمر موقوفاً عليه، أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (8)، والطبري في "تفسيره" 5/ 39. ورواه سلْم بن سلّام الواسطي عن أيوب بن عتبة، عن طيسلة، كرواية زياد بن مخراق. أخرجه الطبري 5/ 39. قلنا: وسواء كان موقوفاً على ابن عُمر أو مرفوعاً فإن مثله لا يُقال من قبل الرأي، والله تعالى أعلم. (¬1) إسناده صحيح. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة، والأعمش هو سليمان بن مهران، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه البخاري (1276)، ومسلم (940)، والترمذي (4189) و (4190)، والنسائي (1903) من طريق سليمان الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد" (21058)، و"صحيح ابن حبان" (7019). =

12 - باب الرجل يهب الهبة ثم يوصى له بها أو يرثها

12 - باب الرجل يَهَبُ الهبةَ ثم يُوصى له بها أو يرثُها 2877 - حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا عبدُ الله بن عطاء، عن عبدِ الله بن بُريدةَ عن أبيه -بريدة-: أن امرأةً أتَتْ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقالت: كنت تَصَدَّقْتُ على أمّي بوَليدَةٍ،؛ وإنها ماتت وتركتْ تلك الوليدةَ، قال: "قَدْ وجَبَ أجرك ورجعتْ إليك في المِيراثِ"، قالت: وإنها ماتت وعليها صومُ شَهْرٍ، أفيَجزِي -أو يَقضي- عنها أن أصومَ عنها؟ قال: "نعم"، قالت: وإنها لم تحجَّ أفيَجزي -أو يَقضي- عنها أن أحُجَّ عنها؟ قال: "نعم" (¬1). ¬

_ = وسيتكرر عند المصنف برقم (3155). قال الخطابي: فيه دلالة على أن الكفن من رأس المال، وأنه إذا استغرق الكفن جميع المال كان الميت أولى به من الورثة. وقال ابن الأثير: كل شَمْلةٍ مخططهٍ من مآزِر الأعراب فهي نَمِرة، وجمعها نِمارٌ، كانها أُخذتْ من لون النَّمِر؛ لما فيها من السواد والبياض. وقال: الإذخر، بكسر الهمزة: حَشيشةٌ طيبةُ الرائحةِ تُسقَّفُ بها البيوت فوق الخشب. ومصعب بن عمير: هو ابن هشام بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي يجتمع مع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في قصي، وكان يكنى أبا عبد الله، من السابقين إلى الإسلام إلى هجرة المدينة، قال البراء: أول من قدم علينا من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئاننا القرآن. أخرجه البخاري (4941) وذكر ابن إسحاق: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أرسله مع أهل العقبة الأولى يقرئهم ويعلمهم، وكان مصعب وهو بمكة في ثروة ونعمة، فلما هاجر صار في قلة وكان يفقه أهل المدينة، ويقرئهم القرآن، وأسلم على يديه أُسيد بن حضير، وسعد بن معاذ، وشهد بدراً مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وشهد أحداً ومعه لواء رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وقتل بأحد شهيداً. (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية، وأحمد بن يونس: هو أحمد بن عبد الله بن يونس، نسب هنا لجده، وهو معروفٌ بذلك. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه مسلم (1149)، وابن ماجه (1759) و (2394)، والترمذي (673) و (948)، والنسائي في "الكبرى" (6281 - 6283) من طريق عبد الله بن عطاء، به. واقتصر ابن ماجه في الموضع الأول على ذكر قضاء الصوم، واقتصر في الموضع الثاني هو والنسائي على ذكر الوليدة، وقد سلفت قصة الوليدة وحدها عند المصنف برقم (1656)، واقتصر الترمذي في الموضع الثانى على ذكر قضاء الحج. وهو في "مسند أحمد" (22956). وسيأتي الحديث مختصراً كذلك برقم (3309). وأخرجه مسلم (1149)، والنسائى في "الكبرى" (6280) من طريق عبد الملك ابن أبي سليمان، عن عبد الله بن عطاء، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه. وقال النسائي: هذا خطأ، والصواب عبد الله بن بريدة. قلنا: وسواء كان هذا أو ذاك فكلاهما ثقة، إلا أن الأكثرين رووه عن عبد الله بن عطاء، فقالوا: عبد الله بن بريدة. قال الخطابي: "الوليدة" الجارية المملوكة، ومعى الصدقة هنا: العطية. وإنما جرى عليها اسم الصدقة لأنها برٌّ وصلة فيها أجر، فحلَّت محل الصدقة. وفيه دليل على أن من تصدق على فقير بشئ فاشتراه منه بعد أن أقبضه إياه فإن البيع جائز، وإن كان يستحب ألا يُرجعه إلى ملكه بعد أن أخرجه بمعنى الصدقة. وقولها: "أصوم عنها؟ " يحتمل أن تكون أرادت الكفارة عنها، فيحل محل الصوم، ويحتمل أن تكون أرادت الصيام المعروف. وقد ذهب إلى جواز الصوم عن الميت بعض أهل العلم. وذهب أكثر العلماء إلى أن عمل البدن لا تَقعُ فيه النيابة، كما لا تقع في الصلوات. وقال النووي في "شرح مسلم" 8/ 20 - 21: اختلف العلماء فيمن مات وعليه صوم واجب من رمضان أو قضاء أو نذر أو غيره: هل يقضى عنه، وللشافعي في المسألة قولان مشهوران: أشهرهما: لا يُصام عنه، ولا يصح عن ميت صوم أصلاً. والثاني: يستحب لوليه أن يصوم عنه ويصح صومه عنه ويبرأ الميت ولا يحتاج إلى إطعام عنه، وهذا القول هو الصحيح المختار الذي نعتقده، وهو الذي صححه محققو أصحابنا الجامعون بين الفقه والحديث لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة ... =

13 - باب في الرجل يوقف الوقف

13 - باب في الرجل يُوقف الوَقف 2878 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ بن زُريعٍ (ح) وحدثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا بِشر بن المُفضّل (ح) وحدثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابنِ عَونٍ، عن نافعٍ عن ابن عمر، قال: أصابَ عمرُ أرضاً بخيبرَ، فأتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: أصبْتُ أرضاً لم أُصِبْ مالاَ قَطُّ أنفَسَ عندي منه، فكيف تأمرُني به؟ قال: "إن شئتَ حَبَّسْتَ أصلَها وتصدقتَ بها"، فتصدقَ بها عمرُ: أنه لا يُباعُ أصلُها، ولا يُوهَب، ولا يُورَثُ: للفقراء، والقُربى، والرِّقاب، وفي سبيل الله، وابنِ السبيل -وزاد عن بشر: والضيف، ثم اتفقوا-: لا جُناحَ على مَن يَليها أن يأكلَ منها بالمعروفِ، ويُطعم صديقاً غيرَ مُتموّل فيه - زاد عن بشر: قال: وقال محمد (¬1): غير مُتأثِّلٍ مالاً (¬2). ¬

_ = وممن قال به من السلف: الحسن البصري والزهري وقتادة وأبو ثور، وبه قال الليث وأحمد وإسحاق وأبو عبيد في صوم النذر دون رمضان وغيره. وذهب الجمهور إلى أنه لا يُصام عن ميت لا نذر ولا غيره، حكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن عباس وعائشة ورواية عن الحسن والزهري وبه قال مالك وأبو حنيفة. (¬1) هو ابن سيرين، فقد جاء عند البخاري والترمذي أن ابن عون قال: فحدثت به ابن سيرين فقال: غير متأثل مالاً. (¬2) إسناده صحيح. ابن عون: هو عبد الله، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، ومُسَدّد: هو ابن مُسَرهَدٍ. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (2737) و (2772) و (2773)، ومسلم (1632)، وابن ماجه (2396)، والترمذي (1429)، والنسائي (3597 - 3601) من طريق عبد الله بن عون، والبخاري (2777) من طريق أيوب السختياني والنسائي (3603 - 3605) من طريق عُبيد الله بن عمر، ثلاثتهم عن نافع، به وبعضهم يقول عن =

2879 - حدَّثنا سليمانُ بن داودَ المَهريُّ، حدَّثنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني الليثُ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن صَدَقَةِ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: نسخها لي عبدُ الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما كتبَ عبدُ الله عُمَرُ في ثَمْغٍ، فقصَّ مِن خبَرِه نحوَ حديثِ نافعٍ، قال: غيرَ مُتأثِّلٍ مالاً، فما عفا عنه من ثمرِه فهو للسائل والمحروم، قال: وساق القصةَ، قال: وإن شاءَ وليُّ ثَمْغٍ اشترى من ثمرِه رقيقاً لعمَلِه، وكتب مُعَيْقيبُ، وشهدَ عبدُ الله ابن الأرقَمِ: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصى به عبدُ الله عمرُ أميرُ المؤمنين إن حَدَثَ به حَدَثٌ، أن ثمغاً وصِرْمَةَ ابنِ الأكْوَعِ والعبدَ الذي فيه، والمئةَ سهْمٍ التي بخيبرَ ورقيقَه الذي فيه، والمئةَ التي أطعمَه ¬

_ = ابن عمر عن عمر، يعني يجعله من مسند عمر، وهذا اختلاف لا يضر، غاية ما فيه أن يكون عن ابن عمر مرسل صحابي، وهذا لا يضر. وأخرجه البخاري (2764) من طريق صخر بن جويرية عن نافع، به. وقال فيه: "تصدق بأصله، لا يُباعُ ولا يُوهَب ولا يُورث، ولكن يُنفَقُ ثمرُه" فجعل قوله: "لا يباع ... " إلخ صَريحاً في الرفع. وأخرجه ابن ماجه (2397) من طريق عُبيد الله، عن نافع، به، وفيه: أن عمر قال: يا رسول الله، إن المئة سهم التي بخيبر لم أصب مالاً قط هو أحب إلي منها ... فلم يذكر الأرض، وذكر بدلها: مئة سهم. وجاء فيه أيضاً أن محمد بن يحيى بن أبي عمر شيخ ابن ماجه قال بإثر الحديث: فوجدتُ هذا الحديث في موضع آخر في كتابي: عن سفيان، عن عَبد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال عمر. قلنا: يعني بذكر عَبد الله العمري أخي عُبيد الله، وعبد الله ضعيف. وهو في "مسند أحمد" (4608)، و"صحيح ابن حبان" (4901). وانظر ما بعده.

14 - باب في الصدقة عن الميت

محمد - صلَّى الله عليه وسلم - بالوادي، تليه حفصةُ ما عاشَتْ، ثم يليه ذو الرأيِ من أهلِها: أن لا يُباعَ ولا يُشتَرى، ينفقُه حيثُ رأى مِن السائلِ والمحرومِ وذي القُربَى، ولا حَرَجَ على مَن وَلِيَهُ إن أكَلَ، أو آكَلَ، أو اشترى رقيقاَ منه (¬1). 14 - باب في الصدقة عن الميت 2880 - حدَّثنا الرَبيعُ بن سُليمانَ المُؤذِّن، حدَّثنا ابنُ وهبِ، عن سليمانَ -يعني ابنَ بلالٍ-، عن العلاء بن عبد الرحمن، أُراه عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح عن يحيى بن سعيد -وهو الأنصاري- كما قال ابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 108، وتبعه الحافظُ في "التلخيص الحبير" 3/ 69 الليث: هو ابن سعد، وابن وهب: هو عبد الله، سليمان بن داود المَهري: هو ابن حماد. وأخرجه البيهقي 6/ 106 من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. قوله: "ثمغ" قال ياقوت: بالفتح ثم السكون والغين معجمة، موضع مال لعمر ابن الخطاب رضي الله عنه حَبَسَه، أي: وقفه، جاء ذكره في الحديث الصحيح، وقيده بعض المغاربة بالتحريك، والثمغ بالتسكين مصدر ثمغتُ رأسه: شدخته، وثمغت الثوب، أي: أشبعت صبغه. ومُعَيقيب، بقاف وآخره موحدة، مُضغّر، هو ابن أبي فاطمة الدَّوسي، حليف بني عبد شمس، من السابقين الأولين، هاجر الهجرتين، وشهد المشاهد، وولي بيت المال لعمر، ومات في خلافة عثمان أو علي. وعبد الله بن الأرقم: هو ابن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة القرشي، صحابي معروف، ولاه عمرُ بيت المال، ومات في خلافة عثمان. والصِّرمة: قال في "النهاية": الصرمة هنا: القطعة الخفيفة من النخل، وقيل: من الإبل.

عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا ماتَ الإنسانُ انقطَعَ عنه عملُه إلا من ثلاثةِ أشياء: مِن صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنْتَفَعُ به، أو ولدٍ صالحٍ يدعُو له" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. العلاء بن عبد الرحمن: هو ابن يعقوب مولى الحُرَقة، وابن وهب: هو عبد الله، والربيع بن سليمان المؤذن: هو المُرادي الفقيه صاحب الشافعي. وأخرجه مسلم (1631)، والترمذي (1430)، والنسائي (3651) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، به. وهو في "مسند أحمد" (8844)، و"صحيح ابن حبان" (3016). قال: الخطابي: فيه دليل على أن الصوم والصلاة وما دخل في معناهما من عمل الأبدان، لا تجري فيها النيابة. وقد يستدل به من يذهب إلى أن من حج عن ميت، فإن الحج في الحقيقة يكون للحاج دون المحجوج عنه. وإنما يلحقه الدعاء. ويكون له الأجر في المال الذي أعطى إن كان حج عنه بمالٍ. وقال النووي في "شرح مسلم": وفيه أن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت وكذلك الصدقة وهما مجمع عليهما، وكذلك قضاء الدين، وأما الحج فيجزىء عن الميت عند الشافعي وموافقيه، وهذا داخل في قضاء الدين إن كان حجاً واجباً، وإن كان تطوعاً وصَّى به فهو من باب الوصايا. وقوله: الا من ثلاث، أي: ينقطع ثواب عمله من كل شيء ولا ينقطع من هذه الثلاث. قاله المناوي. وقال ابن حجر المكي: المراد من الصالح المؤمن، وفائدة تقييده بالولد مع أن دعاء غيره ينفعه تحريض الولد على الدعاء. وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" 1/ 82 في باب بيان أن الإسناد من الدين: إن الصدقة تصل الى الميت وينتفع بها بلا خلاف بين المسلمين، وهذا هو الصواب، وأما ما حكاه الماوردي من أن الميت لا يلحقه بعد موته ثواب، فهو مذهب باطل وخطأ بين، مخالف لنصوص الكتاب والسنة وإجماع الأئمة فلا التفات إليه ولا تعريج عليه ... وذهب جماعات من العلماء إلى أنه يصل إلى الميت ثواب جميع العبادات من الصلاة والصوم والقراءة وغير ذلك.

15 - باب فيمن مات عن غير وصية يتصدق عنه

15 - باب فيمن ماتَ عن غيرِ وصيّة يُتَصدَّق عنه 2881 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمَّاد، عن هشامِ، عن أبيه عن عائشة، أن امرأةً قالت: يا رسولَ الله، إن أمي افْتُلِتَتْ نفسُها، ولولا ذلك لتصدَّقَتْ وأعطتْ، أفيُجزئ أن أتصدق عنها؟ فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "نَعم فَتصدّقي عنها" (¬1). 2882 - حدَّثنا أحمدُ بن مَنيعٍ، حدَّثنا رَوح بن عُبادةَ، حدَّثنا زكريا بن إسحاقَ، أخبرنا عَمرو بن دينارِ، عن عكرمةَ عن ابن عباس: أن رجلاً قال: يا رسولَ اللهِ إن أُمَّه تُوفّيَتْ، أفينفعها إن تصدقتُ عنها؟ قال: "نعم" قال: فإنَّ لي مَخْرفاً, وأُشهدُك أني قد تصدقتُ به عنها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هشام: هو ابنُ عروة بن الزبير، وحماد: هو ابنُ سَلَمة. وأخرجه البخاري (1388) و (2760)، ومسلم (1004) وبإثر (1630)، وابن ماجه (2717)، والنسائي (3649) من طرق عن هشام بن عروة، به. إلا أنهم جميعاً جعلوا السائل رجلا لا امرأة. وهو في "مسند أحمد" (24251)، و"صحيح ابن حبان" (3353) قولها: "افتُلِتَتْ نفسها"، أي: ماتت فجأة وأخذت نفسها فلتة، يقال: افتلته إذا استلبه، وافتلت فلان بكذا: إذا فُوجىء به قبل أن يستعِدَّ له، ويُروى بنصب النفس ورفعها، فمعنى النصب افتلتها الله نفسها، معدى إلى مفعولين، كما تقول: اختلسه الشىء واستلبه إياه، ثم بنى الفعل لما لم يُسمَّ فاعله، فتحول المفعول الأول مضمراً، وبقي الثاني منصوباً، وتكون التاء الأخيرة ضمير الأم، أي: افتلتت هي نفسها، وأما الرفع فيكون متعدياً إلى مفعول واحدٍ، أقامه مقام الفاعل، وتكون التاء للنفس، أي: أخذت نفسها فلتة. قاله ابن الأثير في"النهاية". وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 153: ولا خلاف بين العلماء أن صدقة الحي عن الميت جائزة مرجوٌّ نفعها وقبولها إذا كانت من طيب، فإن الله لا يقبل إلا الطيب. (¬2) إسناده صحيح. =

16 - باب وصية الحربي يسلم وليه، أيلزمه أن ينفذها؟

16 - باب وصيةِ الحربيِّ يُسلِمُ وليُّه، أيلزمه أن يُنفِذها؟ 2883 - حدَّثنا العباسُ بن الوليد بن مَزيَد، أخبرني أبي، حدّثنا الأوزاعيُّ، حدثني حسانُ بن عطيةَ، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه عن جده: أن العاصَ بن وائلِ أوصى أن يُعتَقَ عنه مئةُ رقبةٍ، فأعتق ابنُهُ هشامٌ خمسين رقبةً، فأراد ابنه عَمرو أن يُعتِقَ عنه الخمسين الباقية فقال: حتى أسأل رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فأتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، إن أبي أوصى بعَتق مئة رقبةٍ، وإن هشاماً أعتق عنه خمسين، وبقيتْ عليه خمسون رقبةً، أفأُعتِق عنه؟ فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لو كان مُسلماً فأعتقتُم عنه أو تصدقتُم عنه أو حَججتُم عنه بَلَغه ذلك" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (2756)، والترمذي (675)، والنسائى (3654) و (3655) من طريق عكرمة، به. وفي رواية البخاري والنسائي التصريح بأنه الرجل المبهم هنا هو سعد بن عبادة. وهو في "مسند أحمد" (3080). ولا تنافي بين هذا الحديث وبين ما سيأتي عند المصنف برقم (3307)، وهو عند البخاري (2761) و (6698)، ومسلم (1638) وغيرهما عن ابن عباس: أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: إن أمى ماتت وعليها نذر، فقال: "اقضه عنها" لاحتمال أن يكون سأل عن النذر، وعن الصدقة عنها كما قال الحافظ في "الفتح" 5/ 389. و"المَخرَف" هو الحائط من النخل، وهو من خَرَفْتُ الثمارَ أَخرُفُها، بالضم، أي: اجتنَيتُها. (¬1) إسناده حسن. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه البيهقي 6/ 279 من طريق العباس بن الوليد بن مزيد، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (16349) عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير، قال: أحسبه عن عمرو بن شعيب قال: كان على العاص بن وائل ... هكذا رواه مرسلاً.

17 - باب الرجل يموت وعليه دين، وله وفاء يستنظر غرماؤه، يرفق بالوارث

17 - باب الرجل يموت وعليه دين، وله وفاءٌ يُستَنظَرُ غُرماؤه، يُرفَقُ بالوارث 2884 - حدَّثنا محمدُ بن العلاء أن شعيبَ بن إسحاقَ حدَّثهم، عن هشامِ ابن عروة، عن وهب بن كَيْسانَ عن جابر بن عبد الله، أنه أخبره: أن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وَسْقاً لرجلٍ من يهودَ، فاستنظَرَه جابرٌ, فأبَى، فكلَّم جابرٌ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أن يَشْفَعَ له إليه، فجاء رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فكلَّم اليهوديَّ ليأخذَ ثمرَ نخلِه بالذي له عليه، فأبى، وكلَّمه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يُنظِرَهُ، فأبى، وساق الحديثَ (¬1). آخر كتاب الوصايا ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه بطوله البخاري (2396)، وابن ماجه (2434) من طريق هشام بن عروة، به. وأخرجه بنحوه مطولاً البخاري (2709)، والنسائي (3640) من طريق عُبيد الله ابن عمر، عن وهب بن كيسان، به. ولم يذكر الاستنظار. وأخرجه بنحوه كذلك البخاري (2127) و (2395) و (2405) و (2601)، والنسائي (3638) و (3639) من طرق عن جابر بن عبد الله. وليس في شيء من هذه الروايات ذكر الاستنظار، إلا في رواية النسائي الثانية ففيها: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال لليهودي، هل لك أن تأخذ العام نصفه، وتؤخر نصفه، فأبى اليهودي. وهو في "مسند أحمد" (14359) و (15005)، و"صحيح ابن حبان" (6536) و (7139). والوسق: ستون صاعاً، وتساوي بالمكاييل المعاصرة: مئة وثلاثين كيلو غراماً ونصف كيلو غرام تقريباً (5، 130). وقوله: استنظره جابر، أي: طلب منه النَّظِرةَ واستمهَلَهُ، يعني طلب المُهلة.

كتاب الفرائض

كتاب الفرائض 1 - باب في تعليم الفرائض 2885 - حدَّثنا أحمدُ بن عَمرو بن السَّرح، قال: أخبرنا ابنُ وهْبٍ، حدثني عبدُ الرحمن بن زياد، عن عبد الرحمن بن رافع التنوخِيِّ عن عبد الله بن عَمرو بن العاصِ، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "العلمُ ثَلاثةٌ، وما سِوى ذلك فهو فضلٌ: آيةٌ مُحكَمةٌ، أو سنةٌ قائمةٌ، أو فريضةٌ عادلةٌ" (¬1). 2 - باب في الكَلاَلةِ 2886 - حدَّثنا أحمدُ بن حنْبلٍ، حدَّثنا سفيانُ، قال سمعتُ ابنَ المُنكَدِر أنه سممع جابراً يقول: مرضتُ فأتاني النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يعودُني هو وأبو بكر ماشِيَيْن، وقد أُغْمِيَ عليَّ، فلم أُكلِّمه، فتوضَّأ وصبَّه عليَّ، فأفَقْتُ، فقلتُ: يا رسول الله، كيف أصنعُ في مالي ولي أخَوَاتٌ؟ قال: فنزلتْ آيةُ المواريث: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} (¬2) [النساء: 176]. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن رافع التنوخي وعبد الرحمن بن زياد -وهو ابن أنعُم-. وأخرجه ابن ماجه (54) من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، به. (¬2) إسناده صحيح. لكن الآية المذكورة في آخر الحديث وهي قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ ...} الآية [النساء: 176] مُدرجة من كلام سفيان ابن عيينة كما نبه عليه الحافظ في "الفتح" 8/ 243 - 244. وذلك أن الرواة عن سفيان ابن عيينة قد اختلفوا في ذكرها، فذكرها عنه أحمد بن حنبل وعمرو الناقد ومحمد بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = منصور المكي والفضل بن الصباح، وقتيبة بن سعيد في بعض رواياته، وغيرهم، ولم يذكرها عنه عبدُ الله بن محمد الجعفي وعلي بن المديني وقتيبة بن سعيد في روايات أخرى. ووافقهم على عدم ذكرها شعبة بن الحجاج وسفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر، وإنما قالا: نزلت آية الفرائض أو آية الميراث، لكن قال شعبة في إحدى الروايات عند مسلم: فقلت لمحمد بن المنكدر: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}؟ قال: هكذا أنزلت. فدلَّ على أنها مدرجة في الحديث من قول سفيان بن عيينة. ويؤيد أنها من إدراج ابن عيينة أن ابن جريج وعمرو بن أبي قيس قد روياه عن محمد بن المنكدر فذكرا آية الميراث الأولى في سورة النساء: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} يعني إلى آخر قوله تعالى: {مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ}. وكذلك رواه عبد بن حميد، عن يحيى بن آدم، عن سفيان ابن عيينة. لكن ذلك غير محفوظ عن سفيان بن عيينة. وقد رواه أبو الزبير، عن جابر كما في الطريق الآتي بعده عند المصنف، وذكر فيه قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176] إلا أن أبا الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي- مدلِّس وقد عنعن. ومن ثَمَّ قال الحافظ في "الفتح" 8/ 244: فالحاصل أن المحفوظ عن ابن المنكدر أنه قال: آية الميراث أو آية الفرائض، والظاهر أنها: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} كما صرح به في رواية ابن جريج ومن تابعه، وأما من قال: إنها: {يَسْتَفْتُونَكَ} فعمدتُه أن جابراً لم يكن له حينئذٍ ولد، وإنما يورث كلالة، فكان المناسب لقصته نزول الآية الأخيرة، لكن ليس ذلك بلازم، لأن الكلالة مختلف فىِ تفسيرها، فقيل: هي اسم المال الموروث، وقيل: اسم الميت، وقيل: اسم الإرث، وقيل: ما تقدم، فلما لم يعين تفسيرها بمن لا ولد له ولا والد، لم يصح الاستدلال، لما قدمته أنها نزلت في آخر الأمر، وآية المواريث نزلت قبل ذلك بمدة ... إلى أن قال: وإذا تقرر جميع ذلك ظهر أن ابن جريج، لم يهم كما جزم به الدمياطي ومن تبعه، وأن من وهمَّه هو الواهم، والله أعلم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (14298). وأخرجه مسلم (1616) عن عمرو الناقد، وابن ماجه (2728) عن هشام بن عمار، والترمذي (2228)، والنسائي في "الكبرى" (6288) و (11069) عن محمد ابن منصور المكي، و (7456) عن قتيبة بن سعيد، أربعتهم عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. كرواية المصنف. إلا أن هشاماً وهم فقال: نزلت آية الميراث، في آخر النساء {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} الآية. و {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} الآية. ذلك لأن الآية الأولى ليست في آخر سورة النساء، وإنما هي في أولها عند آية الفرائض الثانية. وأخرجه البخاري (5651) عن عبد الله بن محمد الجُعفي، و (6723) عن قتيبة ابن سعيد، و (7309) عن علي بن المديني، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، به فلم يذكروا الآية، واقتصروا على قولهم: آية الميراث أو المواريث. وأخرجه أحمد (14186)، والبخاري (194) و (5676) و (6743)، ومسلم (1616)، والنسائي في "الكبرى" (6287) و (7470) من طريق شعبة بن الحجاج، ومسلم (1616) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن محمد بن المنكدر، به. فقال شعبة: نزلت آية الفرائض، وقال الثوري: نزلت آية الميراث، ولم يذكراها، لكن جاء في إحدى روايات شعبة عند مسلم: فقلت لمحمد بن المنكدر: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}؟ قال: هكذا أنزلت. وأخرجه البخاري (4577)، ومسلم (1616)، والنسائي في "الكبرى" (6289) و (11025) من طريق ابن جريج، والترمذي (2227) من طريق عمرو بن أبي قيس، كلاهما عن محمد بن المنكدر، به. لكنهما قالا: فنزلت: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} الآية. وأخرجه الترمذي (3262) عن عبد بن حميد، عن يحيى بن آدم، عن سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، به. فذكر الآية التي ذكرها ابن جُريج وعمرو بن أبي قيس، وليس ذلك بمحفوظ في حديث سفيان بن عيينة كما أسلفنا. وانظر ما بعده. =

3 - باب من كان ليس له ولد وله أخوات

3 - باب مَنْ كان ليس له ولد وله أخوات 2887 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا كثيرُ بن هشامٍ، حدَّثنا هشامٌ -يعني الدَّستُوائيَّ- عن أبي الزبير عن جابر، قال: اشتكيْتُ وعندي سبعُ أخَواتٍ، فدخَلَ عليَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فنفخ في وجهي، فأفقْتُ، فقلت: يا رسولَ الله، ألا ¬

_ = قال النووي في "شرح مسلم" عند حديث معدان بن أبي طلحة برقم (1617): واختلفوا في اشتقاق الكلالة، فقال الأكثرون: مشتقة من التكلل، وهو التطرف، فابن العم مثلاً يقال له: كلالة، لأنه ليس على عمود النسب، بل على طرفه، وقيل: من الإحاطة، ومن الإكليل، وهو شبه عصابة تزيّن بالجوهر، فسموا كلالة لإحاطتهم بالميت من جوانبه، وقيل: مشتقة من كَلَّ الشيء إذا بعد وانقطع، ومنه قولهم: كلّت الرحم: إذا بعدت وطال انتسابها، ومنه: كلَّ في مشيه: إذا انقطع لبُعد مسافته، قال: واختلف العلماء في المراد بالكلالة في الآية على أقوال: أحدها: المراد الوراثة، إذا لم يكن للميت ولد ولا والد، وتكون الكلالة منصوبة على تقدير: يورث وراثة كلالة. قلنا: يعني قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ} [النساء: 12]. والثانى: أنه اسم للميت الذي ليس له ولد ولا والد، ذكراً كان الميت أو أنثى، كما يقال: رجل عقيم، وامرأة عقيم، وتقديره: يُورَث كما يورث في حال كونه كلالة، وممن روي عنه هذا أبو بكر الصديق وعمر وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس رضى الله عنهم أجمعين. والثالث: أنه اسم للورثة الذين ليس فيهم ولد ولا والد، احتجوا بقول جابر رضي الله عنه: إنما يرثني كلالة، ولم يكن ولد ولا والد. والرابع: اسم للمال الموروث، قال الشيعة: الكلالة من ليس له ولد، وإن كان له أب أو جد فورثوا الإخوة مع الأب، قال القاضي: وروي ذلك عن ابن عباس، قال: وهي رواية باطلة لا تصح عنه، بل الصحيح عنه ما عليه جماعة العلماء، قال: وذكر بعض العلماء الإجماع على أن الكلالة من لا ولد له ولا والد.

أُوصي لأخَواتي بالثُلثَين؟ قال: "أحْسِنْ" قلت: الشطر؟ قال: " أحْسِنْ" ثم خرج وتركني، فقال: "يا جابر، لا أُرَاكَ مَيِّتاً من وَجَعِكَ هذا، وإن الله قد أنزلَ فبَيَّن الذي لأخَواتِك، فجعل لهن الثُّلثَين" قال: فكان جابرٌ يقول: أُنزلتْ هذه الآيةُ في: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} (¬1) [النساء: 176]. 2888 - حدَّثنا مُسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا شعبةُ، عن أبي إسحاقَ عن البراء بن عازب، قال: آخرُ آيةِ نزلت في الكَلاَلة: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي، وإن كان ثقة- مُدلِّس، وقد عنعن. والصحيح في حديث جابر الحديثُ السالف قبله كما بيناه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6290) و (6291) و (7513) من طريق أبي الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (14998). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وشعبة: هو ابن الحجاج. ولم يرو شعبةُ عن أبي إسحاق السبيعي إلا ما سمعه، فكيف وقد صرح بالسماع عند البخاري وغيره! وأخرجه البخاري (4364) و (4605) و (4654) و (6744)، ومسلم (1618)، والنسائى في "الكبرى" (6292) و (6293) و (11068) و (11071) و (11148) من طرق عن أبي إسحاق، به. وأخرجه مسلم (1618)، والترمذي (3290) من طريق أبي السفر سعيد بن أحمد، عن البراء بن عازب. وهو في "مسند أحمد" (18638). =

2889 - حدَّثنا منصورُ بن أبي مُزاحِم، حدَّثنا أبو بكر، عن أبي إسحاقَ عن البراء بن عازب، قال: جاءَ رجلٌ إلى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسولَ الله، يستفتونك في الكَلالةِ، فما الكَلالةُ؟ قال: "تُجزيكَ آيَةُ الصَّيْفِ" فقلت لأبي إسحاقَ: هو من مات ولم يدَعْ ولداً ولا والداً؟ قال: كذلك ظَنُّوا أنه كذلك (¬1). ¬

_ = وقد اختُلف في أيِّ الآيات نزل آخراً، فذكر البراء هذا الذي أورده المصنف وهو عند الشيخين، وذكر ابنُ عباس أن آخر آية نزلت هي آية الربا، وهو عند البخاري (4544)، وروى النسائي في "الكبرى" (10991) و (10992) عن ابن عباس رواية أخرى بأن آخر ما نزل هو {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 281]، وروى أحمد في "مسنده" (246)، وابن ماجه (2276) وغيرهما عن عمر بن الخطاب أن آخر آية نزلت آية الربا كرواية ابن عباس الأولى، وروى أحمد (21113) والحاكم 2/ 338 وغيرهما عن ابن عباس عن أبي بن كعب أن آخر ما نزل {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ} [التوبة: 128]، وروي غير ذلك، ونقل الحافظ الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" 1/ 371 عن البيهقي في "دلائل النبوة" 7/ 139 أنه جمع بين هذه الروايات فقال: هذا الاختلاف يرجع -والله أعلم- إلى أن كل واحد منهم أخبر بما عنده من العلم، أو أراد أن ما ذُكِرَ مِن أواخرِ الآياتِ التي نزلت، والله أعلم. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لأن سماع أبي بكر -وهو ابن عياش- من أبي إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السبيعي- ليس بذاك القوي فيما ذكر أبو حاتم، وقد جاء من حديث عمر بن الخطاب بإسناد صحيح أنه هو الذي سأل النبي -صلَّى الله عليه وسلم- عن الكلالة، فقال له: "ألا تكفيك آية الصيف؟! ". وأخرجه الترمذي (3291) من طريق أبي بكر بن عياش، به. وهو في "مسند أحمد" (18589). وثبت من حديث عمر بن الخطاب عند أحمد (179)، ومسلم (567) وابن ماجه (2726)، والنسائي في "الكبرى" (11070) وغيرهم أنه قال: ما راجعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في شيء ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه، حتى طعن بأصبعه في صدري فقال: "يا عمر، ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء". =

4 - باب ماجاء في الصلب

4 - باب ماجاء في الصُّلْب 2890 - حدَّثنا عبدُ الله بن عامرِ بن زُرَارةَ، حدَّثنا عليُّ بن مُسهِرٍ، عن الأعمشِ، عن أبي قيسٍ الأودِيّ عن هُزيلِ بن شُرَحْبيل الأوْدِي، قال: جاءَ رجلٌ إلى أبي موسى الأشعريِّ وسلمانَ بنِ ربيعةَ فسألهما، عن ابنة، وابنة ابن، وأخت لأب وأم، فقالا: لابنتِه النصفُ، وللأختِ من الأب والأم النصفُ، ولم يُورِّثا ابنة الابن شيئاً، وأْتِ ابنَ مسعودٍ فإنه سَيُتَابِعُنَا، فأتاه الرجلُ فسأله وأخبَره بقولهما، فقال: لقد ضَلَلْت إذاً وما أَنا من المهتدين، ولكن أقضِي فيها بقضاءِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: لابنتِه النصفُ، ولابنة الابنِ سهمُ تكملةِ الثُّلُثين، وما بقي فللأُخت من الأب والأم (¬1). ¬

_ قال الخطابي: قوله: " تجزيك آية الصيف" فإن الله سبحانه أنزل في الكلالة آيتين، إحداهما في الشتاء، وهي الآية التي نزلت في سورة النساء، وفيها إجمال وإبهام، لا يكاد يتبين هذا المعنى من ظاهرها، ثم أنزل الآية الأخرى، وهي في آخر سورة النساء، وفيها زيادة البيان ما ليس في آية الشتاء، فأحال السائل عليها ليستبينَ المرادَ بالكلالة المذكورة فيها، والله أعلم. وقال: وقد روي أن هذا الرجل الذي سأل رسول - صلَّى الله عليه وسلم - عن هذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ويشبه أن يكون -والله أعلم- إنما لم يفتِهِ عن مسألته ووكل الأمرَ في ذلك إلى بيان الآية اعتماداً على علمه وفقهه، ليتوصل إلى معرفتها بالاجتهاد الذي هو طريق التبيُّن، ولو كان السائل غيره ممن ليس له مثل علمه وفهمه لأشبه أن لا يقصر في مسألته على الإشارة إلى ما أُجمل في الآية من الحكم دون البيان الشافي في التسمية له والنص عليه، والله أعلم. (¬1) إسناده حسن من أجل أبي قيس الأودي -وهو عبد الرحمن بن ثروان- فهو صدوق حسن الحديث. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه البخاري (6736)، وابن ماجه (2721)، والترمذي (2223)، والنسائي في "الكبرى" (6294) و (6295) و (6296) من طريق أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان الأودي، به. وهو في "مسند أحمد" (3691)، و"صحيح ابن حبان" (6034). قال الخطابي: في هذا بيان أن الأخوات مع البنات عصبة، وهو قول جماعة الصحابة والتابعين وعامة فقهاء الأمصار إلا ابن عباس رضي الله عنه، فإنه خالف عامة الصحابة في ذلك، وكان يقول في رجل مات وترك ابنة وأختاً لأبيه وأمه: إن النصف للابنة وليس للأخت شيء، وقيل له: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى بخلاف ذلك: جعل للأخت النصف وللابنة الصف، فقال: أهمُ أعلم أم الله؟ يريد قوله سبحانه: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] فإنما جعل للأخت الميراث بشرط عدم الولد. ثم قال الخطابي وجه ما ذهب إليه الصحابة من الكتاب مع بيان السنة التي رواها عبد الله بن مسعود رضى الله عنهم أجمعين، أن الولد المذكور في الآية إنما هو الذكور من الأولاد دون الإناث، وهو الذي يسبق إلى الأوهام ويقع في المعارف عندما يقرع السمع، فقيل: ولد فلان، وإن كان الإناث أيضاً أولاداً في الحقيقة كالذكور. ويدل على ذلك قوله الله سبحانه حكاية عن بعض الكفار: {لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} [مريم: 77] وقوله تعالى: {لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ} [الممتحنة: 3] (الممتحنة: 3) وقوله: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] فكان معلوماً أن المراد بالولد في هذه الآي كلها الذكور دون الإناث؛ إذا كان مشهوراً من مذاهب القوم أنهم لا يتكثرون بالبنات، ولا يرون فيهن موضع نفع وعزٍّ، بل كان مذاهبهم وأْدُهُنَّ ودفنهن أحياء والتعفية لآثارهن. وجرى التخصيص في هذا الاسم كما جرى ذلك في اسم المال إذا أطلق في الكلام، فإنما يختص عرفاً بالإبل دون سائر أنواع المال، ومشهور في كلامهم أن يقال: غدا مال فلان وراح، يريدون سارحة الإبل والمواشى دون ما سواها من أصناف المال. وإذا ثبت أن المراد بالولد المذكور في قوله سبحانه: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء: 176] الذكور من الأولاد دون الإناث لم يمنع الأخوات الميراث مع البنات. =

2891 - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا بِشْر بن المُفضَّل، حدَّثنا عبد الله بن محمد ابن عَقيل عن جابر بن عبد الله، قال: خرجْنا مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى جئنا امرأةً من الأنصارِ في الأسوافِ، فجاءتِ المرأةُ بابنتين فقالت: يا رسولَ الله، هاتان بنتا ثابتِ بن قيسٍ قُتل معك يومَ أُحد، وقد استفاء عَمُّهُمَا مالَهما وميراثَهما كلَّه، فلم يَدَع لهما مالاً إلا أخذَه، فما ترى يا رسولَ الله؟ فوالله لا تُنْكحَان أبداً إلا ولهما مالٌ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يَقْضِي اللهُ في ذلكِ" قال: ونزلتْ سورةُ النساء {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ادْعُوا لي المرأةَ وصاحِبَها" فقال لعمِّهما: " أعطِهما الثُّلثَين، وأعطِ أمّهما الثُّمنَ، وما بقي فَلَكَ" (¬1). ¬

_ = قلنا: وقوله "ولابنة الابن سهم تكملة الثلثين" يعنى: السدس، لأن تكملة الثلثين مع النصف تعني السُّدس، ويكون الباقي. الذي أخذته الأخت الشقيقة تعصيباً مع البنت هو الثلث. (¬1) إسناده محتَمل للتحسين من أجل عبد الله بن محمد بن عقيل، وقد صحح الترمذي الحديث من طريقه. إلا أن قوله هنا: بنتا ثابت بن قيس، خطأ، والصحيح: بنتا سعد بن الربيع كما أشار المصنف بإثر الحديث. وقد صححه ابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 213. مُسَدّد: هو ابن مُسَرهَدِ. وأخرجه ابن ماجه (2720)، والترمذي (2222) من طريقين عن عبد الله بن محمد بن عقيل، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل. وقد رواه شريكٌ أيضاً عن عبد الله بن محمد بن عقيل. وهو في "مسند أحمد" (14798). وقوله: "الأسواف": قال ابن الأثير في "النهاية": هو اسم لحرم المدينة الذي حرمه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ومحله اليوم الشارع المعروف. =

قال أبو داود: أخطأ فيه بشرٌ، هما ابنتا سعد بن الربيع، ثابتُ بن قيس قُتِلَ يوم اليمامة. 2892 - حدَّثنا ابنُ السَّرحِ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني داود بن قَيسٍ وغيرُه من أهل العلم، عن عبد الله بن محمد بن عَقيل عن جابر بن عبد الله، أن امرأةَ سعدِ بن الرَّبيع قالت: يا رسولَ الله، أن سعداً هَلَكَ وترك ابنتين، وساق نحوه (¬1). قال أبو داود: وهذا هو أصحُّ. 2893 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا قتادةُ، حدثني أبو حسانَ، عن الأسودِ بن يزيد: أن معاذ بن جبل ورَّثَ أختاً وابنةً، جعلَ لكلِّ واحدةٍ منهما النصفَ، وهو باليمن، ونبيُّ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يومئذِ حَيٌّ (¬2). ¬

_ = قال الخطابي: قولها: استفاء مالهما، معناه: استردّ، واسترجع حقهما من الميراث فافتات به عليهما. وأصله من الفيء، وهو الرجوع، ومنه الفيء الذي يؤخذ من أموال الكفار، إنما هو مالٌ ردّه الله إلى المسلمين كان في أيدي الكفار. (¬1) إسناده محتمل للتحسين كسابقه. ابن وهب: هو عبد الله، وابن السرح: هو أحمد بن عمرو ابن السّرح أبو الطاهر. (¬2) إسناده صحيح. أبو حسَّان: هو مسلم بن عبد الله الأعرج، مشهور بكنيته، وقتادة: هو ابن دِعامة، وأبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه البخاري (6741) من طريق سليمان بن مهران الأعمش، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، عن الأسود بن يزيد النخعي، قال: قضى فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: النصف للابنة والنصف للأخت. ثم قال سليمان [يعني الأعمش] قضى فينا، ولم يذكر على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يعني أن الأعمش رواه مرة على صيغة المرفوع على الراجح، ومرة وقفه كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 12/ 25. =

5 - باب في الجدة

5 - باب في الجَدَّةِ 2894 - حدَّثنا القَعْنبيُّ، عن مالكٍ، عن ابن شِهابٍ، عن عثمانَ بن إسحاق ابن خَرَشَةَ عن قَبيصةَ بن ذُؤيبٍ، أنه قال: جاءتِ الجدةُ إلى أبي بكر الصّدّيقِ تسأُله ميراثَها، فقال: ما لَكِ في كتابِ الله تعالى شيءٌ, وما علمتُ لك في سنةِ نبيِّ الله - صلَّى الله عليه وسلم - شيئاً، فارجعي حتى أسألَ الناسَ، فسألَ الناسَ فقال المغيرةُ بن شعبةَ: حضرتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أعطاها السُّدسَ، فقال أبو بكرٍ: هل مَعَكَ غيرُك؟ فقام محمدُ بن مَسْلَمةَ، فقال مثل ما قال المغيرةُ ابن شعبة، فأنفَذَه لها أبو بكرٍ، ثم جاءتِ الجدةُ الأخرى إلى عمرَ بن الخطابِ رضي الله عنه تسأله ميراثَهَا، فقال: مالكِ في كتابِ الله تعالى شيءٌ، وما كان القضاءُ الذي قُضِيَ به إلا لغيرِكِ، وما أنا بزائدٍ في الفرائضِ، ولكن هو ذلك السُّدسُ، فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما، وأيتكُما خَلَتْ به فهو لها (¬1). ¬

_ = قلنا: وقد أخرجه البخاري (6734) من طريق أشعث بن أبي الشعثاء، عن الأسود قال: أتانا معاذ بن جبل باليمن معلماً وأميراً، فسألناه عن رجل توفي وترك ابنته وأخته، فأعطى الابنة النصف والأخت النصف. هكذا موقوفاً. قال ابن بطال في "شرح البخاري": أجمعوا على أن الأخوات عصبة للبنات فيرثن ما فضل عن البنات، فمن لم يخلف إلا بنتاً وأختاً، فللبنت النصف، وللأخت النصف الباقي على ما في حديث معاذ، وإن خلف بنتين وأختاً، فلهما الثلثان، وللأخت ما بقي، وإن خلف بنتاً وأختاً وبنت ابن، فللبنت النصف ولبنت البنت تكملة الثلثين وللأخت ما بقي على ما في حديث أبن مسعود عند البخاري (6741). (¬1) حديث صحيح، صححه الترمذي وابن حبان والحاكم، وحسنه البغوي، وانتقاه ابن الجارود، وقال الحافظ في "التلخيص الجبير" 3/ 82: إسناده صحيح لثقة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = رجاله، إلا أن صورته مرسل، فإن قبيصة لا يصح له سماع من الصديق، ولا يمكن شهوده للقصة، وقال ابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 208 - 209: على كل حال هو حجة، لأنه إما مرسل صحابي، أو لأنه يجوز أن يكون سمعه بعد ذلك من المغيرة أو محمد بن مسلمة، وتصحيح الترمذي وابن حبان والحاكم له، وقبلهم الإمام مالك كافٍ، وقد قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن للجدة السدس إذا لم تكن أمٌّ، وهذا عاضدٌ له أيضاً. قلنا: وقد أعله قوم بالانقطاع كابن حزم وعبد الحق الإشبيلي وابن القطان الفاسي؛ لأن قبيصة بن ذؤيب ولد عام الفتح، فلم يسمع من أبي بكر، ولكن أهل العلم صححوا مراسيل أمثال سعيد بن المسيب وغيره من جلة التابعين، وعدّوها مسندة على المجاز كما قال أبو حاتم الرازي في رواية سعيد بن المسيب عن عمر، وقبيصة من كبار التابعين، وربما سمع القصة من محمد بن مسلمة أو من المغيرة بن شعبة. وهو في "موطأ مالك" 2/ 513، ومن طريق أخرجه ابن ماجه (2724)، والترمذي (2233)، والنسائي في "الكبرى" (6312). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. ولم يذكر النسائى في روايته قصة عمر بن الخطاب مع الجدة الأخرى. وهو في "مسند أحمد" (17980)، و"صحيح ابن حبان" (6031). وأخرجه الترمذي (2232)، والنسائي في "الكبرى" (6311) من طريق سفيان بن عيينة. عن الزهري، عن رجل، عن قبيصة بن ذؤيب - وعند الترمذي: حدَّثنا الزهري، قال مرة: قال قبيصة، وقال مرة: عن رجل عن قبيصة. وقال الترمذي: حديث مالك أصح من حديث ابن عيينة، وقال النسائي بإثر (6308): الزهري لم يسمعه من قبيصة، وقال الدارقطني في "العلل" 1/ 248 - 249: يشبه أن يكون الصواب ما قاله مالك وأبو أويس, وأن الزهري لم يسمعه من قبيصة، وإنما سمعه من عثمان عنه. وأخرجه ابن ماجه (2724)، والنسائي في "الكبرى" (6310) من طريق يونس ابن يزيد الأيلي، والنسائي (6305) من طريق صالح بن كيسان، و (6306) من طريق الأوزاعي، و (6307) من طريق معمر بن راشد، و (6308) من طريق إسحاق بن راشد، و (6309) من طريق شعيب بن أبي حمزة، كلهم عن الزهري، عن قبيصة. =

6 - باب في ميراث الجد

2895 - حدَّثنا محمدُ بن عبد العزيز بن أبي رِزمَةَ، أخبرني أبي، حدَّثنا عُبيد الله العَتكيُّ، عن ابن بريدة عن أبيه: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - جعلَ للجدة السدسَ، إذا لم تكن دُونها أمٌّ (¬1). 6 - باب في ميراثِ الجد 2896 - حدَّثنا محمدُ بن كثيرٍ، أخبرنا همّامٌ، عن قتادةَ، عن الحسنِ ¬

_ = وصرح صالح بن كيسان في روايته عن الزهري بإخبار قبيصة للزهري بهذا الحديث، لكن أهل العلم لم يعدُّوا ذلك شيئاً كما بيناه قبل قليل، استناداً إلى رواية مالك التي ذكر فيها بينهما واسطة. وهو في "مسند أحمد" (17978). وفي الباب عن بريدة الأسلمي سيأتي عند المصنف بعده. وعن ابن عباس عند ابن ماجه (2725)، والبيهقي 6/ 234، وفيه شريك النخعي وليث بن أبي سليم، وهما ضعيفان يعتبر بهما في الشواهد. وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر عند مالك 2/ 513 - 514، وعبد الرزاق (19084)، وسعيد بن منصور (81) و (82)، والدارقطني (4133)، والبيهقي 6/ 235 قال: أتت الجدتان إلى أبي بكر الصديق، فأراد أن يجعل السدس للتي من قِبل الأم، فقال له رجل من الأنصار: أما إنك تترك التي لو ماتت وهو حي كان إياها يرث، فجعل أبو بكر السدس بينهما. وإسناده إلى القاسم صحيح، لكن القاسم لم يدرك جده أبا بكر. وانظر تمام شواهده في "المسند" (17978). (¬1) حسن في الشَّواهد، عُبيد الله العَتكي -وهو عُبيد الله بن عَبد الله أبو المُنيب- ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد. وأخرجه النسائي (6304) من طريق علي بن الحَسن بن شَقيق، عن أبي المنيب عُبيد الله العتكي، به.

عن عمران بن حُصَينٍ: أن رجلاً أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: إن ابن ابني ماتَ، فما لي من ميراثِه؟ قال: "لك السدسُ" فلمَّا أدبَرَ دَعَاه، فقال: "لك سُدسٌ آخرُ" فلما أدبر دَعَاه فقال: "إن السدسَ الآخَرَ طُعْمَةٌ" (¬1). قال قتادةُ: فلا يدرُون مع أيِّ شيءِ ورَّثه، قال قتادةُ: أقلُّ شيءٍ وُرِّثَ الجدُّ السدسُ. ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الحسن -وهو ابنُ أبي الحسن البصري- لم يسمع عمران بن حصين فيما نص عليه أهل العلم، ومع ذلك صححه الترمذي، وانتقاه ابن الجارود (961). قتادة: هو ابن دعامة، وهمام: هو ابن يحيى العوذي. وأخرجه الترمذي (2231)، والنسائي في "الكبرى" (6303) من طريق همام بن يحيى العَوذي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث صحيح حسن. وهو في "مسند أحمد" (19848). ويشهد لإعطاء الجد السدس حديثُ معقل بن يسار الآتي بعده. والسدس الآخر الذي هو طعمة، أي: تعصيب، فصورتُه كما يقول محمد بن إسماعيل الصنعاني في "سبل السلام" 3/ 99 - 100: أن يترك الميت بنتين، وهذا السائلَ وهو الجد، فللبنتين الثلثان، وبقي ثلث، فدفع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إلى السائل السدس بالفرض، لأنه فرض الجد هنا، ولم يدفع إليه السدس الآخر لئلا يظن أن فرضه الثلث، وتركه حتى ولَّى أي: ذهب، فدعاه، فقال: "لك سُدسٌ آخر"، وهو بقية التركة، فلما ذهب دعاه فقال: إن الآخِر -بكسر الخاء- طُعمة، أي: زيادة على الفريضة، والمراد بذلك إعلامه بأنه زائد على الفرض الذي له، فله سدس فرضاً، والباقي تعصيباً. قلنا: وله صورة أخرى أيضاً، وهي أن يترك الميت أما وإخوة لأم وبنتاً وجدّاً، فتأخذ الأم السدس لوجود الإخوة، والإخوة محجوبون بالجد، والبنت تأخذ النصف، ويبقى الثلث، يُعطى منه الجدُّ السدس فرضاً ويأخذ الباقي تعصيباً. وبذلك يأخذ الجد السدس الآخر، لأنه أولى رجل ذكر، أحد ما بقي، وقد قال - صلَّى الله عليه وسلم - فيما أخرجه البخاري (6732)، ومسلم (1615) من حديث ابن عباس: "ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر". وسيأتي عند المصنف برقم (2898).

7 - باب في ميراث العصبة

2897 - حدَّثنا وهبُ بن بقيّةَ، عن خالد، عن يونسَ، عن الحسنِ أن عمر قال: أيكم يعلم ما وَرَّث رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الجدَّ؟ فقال مَعقِلُ ابن يَسارٍ: أنا، وَرَّثَهُ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - السُّدسَ، قال: مع من؟ قال: لا أدري، قال: لا دَرَيتَ، فما تُغْني إذاً؟! (¬1) 7 - باب في ميراث العَصَبة 2898 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ ومَخلَدُ بن خالدٍ -وهذا حديث مخلد، وهو أشْبَعُ- قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، حدَّثنا مَعمَرٌ، عن ابن طاووسٍ، عن أبيه عن ابن عباس، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اقْسِمِ المالَ بين أهل الفرائضِ على كتابِ الله، فما تَرَكَتِ الفَرَائِضُ فَلأِوْلَى ذَكَرٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن الحسن -وهو البصري- لم يسمع من عمر، وقد روى هذا الحديثَ غيرُ واحد عن يونس -وهو ابن عُبيد- عن الحسن، عن معقل، لكن الحسن لم يصرح بسماعه منه، وعلى أي حال فهو متابع. وأخرجه النسائي (6300) من طريق هُشَيم بن بَشير، و (6301) من طريق وهيب ابن خالد، كلاهما عن يونس بن عُبيد، عن الحسن البصري، عن معقِل بن يسار. وهو في "مسند أحمد" (10310). وأخرجه ابن ماجه (2722)، والنسائي في "الكبرى" (6299) من طريق عمرو ابن ميمون: أن عمر جمع أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في شأن الجد، فنشدهم: من سمع رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ذكر في الجد شيئاً؟ فقام معقل بن يسار المزني، فقال: سمعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أُتي بفريضة فيها جدّ، فأعطاه ثلثا أو سدُساً، فقال له عمر: وما الفريضة؟ قال: لا أدري، قال: ما منعك أن تدري؟! وإسناده حسن. وهو في "مسند أحمد" (20309). (¬2) إسناده صحيح. ابنُ طاووس: هو عَبد الله بن طاووس بن كيسان اليَماني، ومعمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق هو ابن همام الصنعاني. =

8 - باب في ميراث ذوي الأرحام

8 - باب في ميراثِ ذوي الأرحام 2899 - حدَّثنا حفصُ بن عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن بُدَيلٍ، عن عليِّ بن أبي طلحة، عن راشدِ بن سعد، عن أبي عامرٍ عن المقدام، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ تَرَكَ كَلاًّ فإليَّ -وربما قال: " إلى الله وإلى رسوله"- ومن ترك مالاً فلورثتِه، وأنا وارثُ مَنْ لا وارثَ له: أعِقلُ له، وأرِثُه، والخالُ وارثُ مَنْ لا وارِث له: يَعْقِلُ عنه، ويرثُه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (6732)، ومسلم (1615)، وابن ماجه (2740)، والترمذي (2229) و (2230)، والنسائي في "الكبرى" (6297) من طرق عن عبد الله بن طاووس، به. وهو في "مسند أحمد" (2657)، و"صحيح ابن حبان" (6028). والمراد بالفرائض هنا: الأنصباء المقدرة في كتاب الله تعالى، وهي النصف ونصفه ونصف نصفه، والثلثان ونصفهما ونصف نصفهما، والمراد بأهلها: من يستحقها بنص القرآن. قال الخطابي: معنى "أولى" هاهنا: أقرب، والوَلي: القرب، يريد أقرب العصبة إلى الميت كالأخ والعم، فإن الأخ أقرب من العم، وكالعم وابن العم، فالعم أقرب من ابن العم، وعلى هذا المعنى. ولو كان قوله: "أولى" بمعنى أحق لبقي الكلامُ مبهماً، لا يُستفادُ منه بيان الحكم. إذ كان لا يدرى من الأحق ممن ليس بأحق؟ فعُلم أن معناه: أقرب النسب، على ما فسرناه، والله أعلم. وقال النووي: أجمعوا على أن الذي يبقى بعد الفروض للعصبة يقدم الأقرب فالأقرب، فلا يرث عاصب بعيد مع عاصب قريب، والعصبة: كل ذكر يدلي بنفسه بالقرابة ليس بينه وبين الميت أنثى، فمتى انفرد أخذ جميع المال، وإن كان مع ذوي فروض غير مستغرقين أخذ ما بقي، وإن كان مع مستغرقين فلا شيء له. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد جيد، علي بن أبي طلحة صدوق حسنُ الحديث، وهو متابع، أبو عامر: هو عبد الله بن لُحيٍّ الهَوزَني، وبُدَيل: هو ابن ميسرة العُقَيلي.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقد صحح هذا الحديث ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 541، وحسنه أبو زرعة فيما نقله ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 50. وأخرجه ابن ماجه (2738)، والنسائي في "الكبرى" (6321) و (6322) من طريق علي بن أبي طلحة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17175)، و"صحيح ابن حبان" (6035). وانظر تمام تخريجه من هذا الطريق عندهما. وأخرجه أبو عوانة (5636)، وابن حبان (6036)، والطبراني في "الكبير" 20/ (627) من طريق عبد الله بن سالم الأشعري، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن عائذ الثُّمالي، عن المقدام بن معدي كرب. وقال ابن حبان: سمع هذا الخبر راشد بن سعد، عن أبي عامر الهوزني، عن المقدام، وسمعه من عبد الرحمن بن عائذٍ الأزدي، عن المقدام بن معدي كرب، فالطريقان محفوظان، ومتناهما متباينان. قلنا: وسواء كان الواسطة بين راشد والمقدام هذا أو ذاك فكلاهما ثقة، والاختلاف في مثل ذلك لا يضر. وأخرجه أحمد في "مسند" (17199)، والنسائى في "الكبرى" (6320) و (6386) من طريق معاوية بن صالح بن حدير الحضرمي، عن راشد بن سعد، عن المقدام بن معدي كرب فأسقط من إسناده بين راشد والمقدام الواسطة، وقد وقع التصريح بالسماع عند النسائي في الموضع الثاني، وقال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" -وقد أخرج الحديث (2750) -: ليس ينكر على راشد بن سعد أن يكون سمع المقدام بن معدي كرب، لأنه قد سمع ممن كان في أيامه من أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -،قد سمع من معاوية بن أبي سفيان، وأهل الحديث قد يختلفون في أسانيد الحديث، فيزيد بعضهم فيها على بعض الرجلَ ومن هو أكثر منه في العدد، فوجب أن يُحمل أمر معاوية بن صالح في ذلك على مثل ما حملوه عليه فيه. ونحوه هنا قال ابنُ التركماني في "الجوهر النقي" -بهامش "السنن الكبرى" للبيهقي- 6/ 214 - 215. قلنا: كذا قالا، ويؤيده ذكر أبي داود لطريق معاوية بن صالح، وفيها تصريح راشد بسماعه من المقدام، لكن الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 15 ذكر أن رواية علي=

2900 - حدَّثنا سليمانُ بن حَربٍ في آخرين، قالوا: حدَّثنا حمَّادٌ، عن بُديلِ، عن عليّ بن أبي طلحةَ، عن راشدِ بن سعْدٍ، عن أبي عامرٍ الهَوْزنيِّ عن المِقدام الكِنْدي، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أنا أوْلَى بكُلِّ مؤمنٍ من نفسِه، فمن ترك دَيْناً اْو ضَيعَةً فإليَّ، ومن ترك مالاً فلِورثته، ¬

_ = ابن أبي طلحة أشبه بالصواب من طريق معاوية بن صالح، وتابعه ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والايهام" 3/ 541. وانظر ما بعده. وسيأتي من طريق آخر عن المقدام عند المصنف برقم (2901). وله شاهد من حديث عمر بن الخطاب عند أحمد (189)، وابن ماجه (2737)، والترمذي (2235)، والنسائي في "الكبرى" (6317)، وحسنه الترمذي، وإسناده حسن. ولفظه: "الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له". ومن حديث عائشة عند الترمذي (2236) -وقال: غريب-، والنسائي في "الكبرى" (6318)، وقد اختُلف فيه بين الرفع والوقف، ورجح الدارقطي والبيهقي وقفه فيما حكاه عنهما ابن الملقن في "البدر المنير" 7/ 199، وصححه الحاكم 4/ 344. وقوله: "أعقِل له"، معناه: أدفع الدية عنه، والعَقل: الدية. قال الخطابي: والحديث حجة لمن ذهب إلى توريث ذوي الأرحام. وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل. وقد روي ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما. وكان مالك والأوزاعي والشافعي لا يورثون ذوي الأرحام. وهو قول زيد بن ثابت. وتأول هؤلاء حديث المقدام على أنه طعمة أُطعِمها الخال عند عدم الوارث، لا على أن يكون للخال ميراثٌ راتبٌ، ولكنه لما جعله يخلف الميت فيما يصير إليه من المال سماه وارثاً، على سبيل المجاز، كما قيل: الصبر حيلة من لا حيلة له، والجوع طعام من لا طعام له، وما أشبه ذلك من الكلام. وقال الترمذي: وإلى هذا الحديث ذهب أكثر أهل العلم في توريث ذوي الأرحام، وأما زيد بن ثابت فلم يورثهم.

وأنا مَولَى مَن لا مَولى له: أرثُ مالَه، وأَفُكُّ عَانَهُ، والخالُ مَولَى مَن لا مَولَى له: يرثُ مالَه، ويَفُكُّ عَانَه" (¬1). قال أبو داودَ: رواهُ الزُّبَيديُّ عن راشدٍ عن ابن عائذٍ، عن المقدام. ورواه معاويةُ بن صالحٍ عن راشدٍ قال سمعتُ المقدامَ. قال أبو داودَ يقولُ: الضيعةُ معناه عِيَالٌ. 2901 - حدَّثنا عبدُ السَّلام بن عَتيقِ الدمشقيُّ، حدَّثنا محمدُ بن المبارَك، حدَّثنا إسماعيلُ بن عَيّاشٍ، عن يزيدَ بن حُجْر، عن صالح بن يحيى بن المِقدامِ، عن أبيه عن جده، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ: "أنا وارِثُ مَن لا وارثَ له: أفُكُّ عانِيَهُ، وأرثُ مالَه، والخالُ وارثُ مَن لا وارثَ له: يفُكُّ عانِيَه، ويرِثُ مالَه" (¬2). 2902 - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا شعبةُ (ح) وحدَثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعُ بن الجرّاح، عن سفيان، جميعاً عن ابنِ الأصبهانيِّ، عن مجاهدِ بن وَردَانَ، عن عُروةَ ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد جيد كسابقه. قال الخطابي: قوله: "يفكُّ عانه" يريد عانيه. فحذف الياء، والعاني الأسير. ومعنى الإسار هاهنا هو ما تتعلق به ذمته، ويلزمه بسبب الجنايات التي سبيلها أن تتحملها العاقلة. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يحيى بن المقدام ويزيد بن حجر، ولكنهما متابعان كما سلف برقم (2899). وانظر ما قبله.

عن عائشةَ رضي الله عنها، أن مولى للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - ماتَ وترك شيئاً، ولم يَدَعْ ولداً ولا حَميماً، فقال النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "أعطُوا ميراثَهُ رجلاً من أهل قريتِه" (¬1). قال أبو داودَ: وحديثُ سفيانَ أتمُّ. وقال مسَدَّدٌ: قال: فقالَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "هاهُنا أحدٌ من أهلِ أرضِه"؟ قالوا: نعم، قال: "فأعْطُوه مِيرَاثه". 2903 - حدَّثنا عبدُ الله بن سعيد الكِنْديُّ، حدَّثنا المحاربيُّ، عن جبريلَ بن أحمرَ، عن عبدِ الله بن بريدةَ عن أبيه، قال: أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - رجلٌ، فقال: إن عندي ميراثَ رجلِ من الأزْد، ولستُ أجدُ أزدياً أدفعُه إليه، قال: "اذهب فالتَمِسْ أزديّاً حَوْلاً"، قال: فأتاه بعد الحَول، فقال: يا رسولَ الله، لم أجد أزدياً أدفعُه إليه، قال: "فانطلقْ، فانظر أوَّلَ خُزَاعيٍّ تلقاهُ فادفعْهُ إليه" ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ومجاهد بن وردان -وإن قال فيه ابن معين: لا أعرفه- وثقه أبو حاتم الرازي، وذكره ابن حبان في "الثقات" وروى عنه جماعة منهم شعبة فجهالته مدفوعة. وأخرجه ابن ماجه (2733)، والترمذي (2237)، والنسائي في "الكبرى" (6358 - 6360) من طريق عبد الرحمن ابن الأصبهاني، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن وهو في "مسند أحمد" (25045). قال ملا علي القاري في "المرقاة" 3/ 392: قال القاضي رحمه الله: إنما أمر أن يعطي رجلاً من قريته تصدّقاً منه، أو ترفُّعاً، أو لأنه كان لبيت المال ومصرفه مصالح المسلمين وسد حاجاتهم، فوضعه فيهم لما رأى من المصلحة، فإن الأنبياء كما لا يورَث عنهم، لا يرثون عن غيرهم.

فلما وَلَّى قال: "عَلَىَّ الرجُلَ". فلما جاءه قال: لا انظر كُبْرَ خُزاعةَ، فادْفَعْه إليهِ" (¬1). 2904 - حدَّثنا الحسينُ بن أسودَ العِجليُّ، حدَّثنا يحيى بنُ آدمَ، حدَّثنا شَريكٌ، عن جبريلَ بن أحمرَ أبي بكر، عن ابن بُرَيدةَ عن أبيه قال: ماتَ رجلٌ من خُزاعةَ، فأُتي النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - بميراثِه، فقال: "التمِسُوا له وارثاً، أو ذا رَحِم" فلم يجدُوا له وارثاً ولا ذا رَحِمٍ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: " أعطوهُ الكُبْرَ من خُزاعةَ" قال يحيى: قد سمعتُه مرةً يقول في هذا الحديث: "انظُروا أكبرَ رجلٍ من خُزاعةَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. جبريل بن أحمر لا يعرف بغير هذا الحديث، قال النسائي فيما نقله المزي في "تحفة الأشراف" 2/ 79، وابن كثير في "تخريج أحاديث التنبيه" 2/ 137: حديث منكر، وقال ابن عمار الموصلي فيما نقله المنذري في "اختصار السنن": فيه نظر، وقال ابن حزم: لا تقوم به حجة، وقال أبو زرعة: شيخ، وتساهل ابن معين فوثقه، وذكره ابن حبان في "الثقات". المحاربي: عبد الرحمن بن محمد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6362) و (6363) من طريقين، عن جبريل بن أحمر، به. وهو في "مسند أحمد" (22944). وأخرجه النسائى (6364) من طريق عبد الله بن إدريس، عن جبريل، عن ابن بريدة مرسلاً. وانظر ما بعده. قوله: "كُبر"، بضم الكاف وسكون الباء الموحدة، قال في "النهاية": يقال: فلان كبر قومه، إذا كان أقعدهم في النسب، وهو أن ينتسب إلى جده الأكبر بآباء أقل من باقي عشيرته. (¬2) إسناده ضعيف كسابقه. وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي وإن كان سيىء الحفظ متابع. وأخرجه النسائى في "الكبرى" (6361) من طريق شريك النخعي، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

9 - باب ميراث ابن الملاعنة

2905 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمّادٌ، أخبرنا عَمرو بن دينارٍ، عن عَوسَجَةَ عن ابن عباس: أن رجلاً مات ولم يَدَع وارثاً إلا غلاماً له، كانَ أعتقه فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "هل له أحد؟ " قالوا: لا إلا غلاماً له كان أعتقَه، فجعلَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ميراثَه له (¬1). 9 - باب ميراث ابن الملاعَنَةِ 2906 - حدَّثنا إبراهيمُ بن موسى الرازيُّ، حدَّثنا محمدُ بن حَرْبٍ، حدَّثني عُمر بن رُوْبهَ التَّغْلِبيُّ، عن عبدِ الواحد بن عبد الله النَّصريِّ عن واثلةَ بن الأسْقَع، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال "المرأة تُحرِزُ ثلاثَةَ مَواريثَ: عتيقَها، ولقيطَها، وولَدها الذي لاعنت عنه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. عوسجة -وهو مولى ابن عباس- قال البخاري: لم يصح حديثه، وقال غير واحد من الأئمة: ليس بمشهور، ولم يروعنه غير عمرو بن دينار، وذكر العقيلي في "الضعفاء" 3/ 414، وقال: لا يتابع على حديثه هذا، وقال الذهبي: لا يُعرف. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابن ماجه (2741)، والترمذي (2238)، والنسائي في "الكبرى" (6376) و (6377) من طرق عن عمرو بن دينار، به. وقال الترمذي: حديث حسن! وهو في "مسند أحمد" (1930). وقال الترمذي: والعمل عند أهل العلم في هذا الباب: إذا مات الرجل، ولم يترك عصبة، أن ميراثه يُجعل في بيت مال المسلمن. (¬2) إسناده ضعيف لضعف عمر بن رُوْبةَ التغلبي، قال البخاري: فيه نظر، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، ولكن لا تقوم به الحجة، وقال ابن عدي: وإنما أنكروا أحاديثه عن عبد الواحد النصري، وقال الذهبي: ليس بذاك وقد جودنا حديثه في "زاد المعاد" 5/ 400 فليستدرك تضعيفه من هنا. =

2907 - حدَّثنا محمودُ بن خالدٍ ومُوسى بن عامرٍ، قالا: حدَّثنا الوليدُ، أخبرنا ابنُ جابرٍ حدَّثنا مكحولٌ، قال: جعلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ميراثَ ابنِ الملاعَنَةِ لأمه، ولورثتها من بعدها (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2742)، والترمذي (2248)، والنسائى في "الكبرى" (6326) و (6327) و (6387) من طريق عمر بن رُؤبة، به، وقال الترمذي: حديث حسن غريب! وصححه الحاكم 4/ 340 - 341، وسكت عنه الذهبي! وهو في "مسند أحمد" (16004). ولتحصيل المرأة ميراث ولدها الذي لا عنت عنه انظر تالييه. وقال الخطابي: أما اللقيط فإنه في قول عامة الفقهاء حرٌّ، وإذا كان حراً فلا ولاء عليه لأحد، والميراث إنما يُستَحق بنسب أو ولاء، وليس بين اللقيط وملتقطِه واحد منهما. وكان إسحاق بن راهويه يقول: ولا اللقيط لملتقطه. ويحتج بحديث واثلة. وهذا الحديث غيرُ ثابت عند أهل النقل، وإذا لم يثبت الحديث لم يلزم القولُ به. وكان ما ذهب إليه عامة العلماء أولى. وقال بعضهم: لا يخلو اللقيط من أن يكون حراً فلا ولاء عليه، أو أن يكون ابن أمة قوم، فليس لملتقطه أن يسترقّه. وقال البغوي في "شرح السنة" 8/ 362: واتفق أهل العلم على أنها تأخذ ميراث عتيقها. وكذلك قال ابن القيم في "تهذيب السنن" بأن ميراث المرأة عتيقها متفق عليه. (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه مرسل. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، والوليد: هو ابن مسلم. وقد رواه موسى بن عامر مرة أخرى عن الوليد بن مسلم موصولاً، كما في الطريق التالي عند المصنف، وتابع الوليد ابن مسلم الهيثم بن حميد الغساني. وأخرجه الدارمي (2968) من طريق النعمان بن المنذر الغسَّاني، والبيهقي 6/ 259 من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، كلاهما عن مكحول، به. وأخرجه ابن أبي شيبة 11/ 335 من طريق أبي عمرو الأوزاعي، عن مكحول مقطوعاً من قوله. وانظر ما بعده، فثم الكلام على فقهه.

2908 - حدَّثنا مُوسى بن عامر، حدَّثنا الوليدُ، أخبرني عيسى أبو محمد، عن العلاءِ بن الحارث، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، مثله (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. والوليد بن مسلم متابع. عيسى أبو محمد: هو ابن موسى الدمشقي. وأخرجه الدارمي (3115) من طريق الهيثم بن حميد الغساني، والبيهقي 6/ 259، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة عيسى بن موسى الدمشقي أبي محمد، من طريق عيسى بن موسى الدمشقي، كلاهما عن العلاء بن الحارث، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (7028) من طريق محمد بن إسحاق، قال: وذكر عمرو بن شعيب، به. وقال ابن القيم في "تهذيب السنن": اختلف في ميراث المرأة ولدها الذي لاعنت عليه، فكان زيد بن ثابت يجعل ميراثها منه كميراثها من الولد الذى لم تلاعن عليه. وروي عن ابن عباس نحوه، وهو قول جماعة من التابعين، وهو قول مالك والشافعي وأبى حنيفة وأصحابهم، وعندهم لا تأثير لانقطاع نسبه من أبيه في ميراث الأم منه. وكان الحسن وابن سيرين وجابر بن زيد وعطاء والنخعي والحكم وحماد والثوري والحسن بن صالح وغيرهم يجعلون عصبة أمه عصبة له، وهذا مذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه، وهو إحدى الروايتين عن علي وابن عباس. وكان ابن مسعود وعلي في الرواية الأخرى عنه يجعلون أمه نفسها عصبة، وهي قائمة مقام أبيه وأمه، فإن عدمت فعصبتها عصبته. وهذه هي الرواية الثانية عن أحمد، نقلها عنه أبو الحارث ومهنا. ونقل الأولى الأثرم وحنبل، وهو مذهب مكحول والشعبي. وأصح هذه الأقوال: أن أمه نفسها عصبة، وعصبتها من بعدها عصبة له، هذا مقتضى الآثار والقياس. أما الآثار: فمنها حديث واثلة هنا -قلنا: يعني به الحديث السالف عند المصنف (2906) - ومنها: ما ذكره أبو داود في الباب عن مكحول. =

10 - باب هل يرث المسلم الكافر؟

10 - باب هل يرث المسلم الكافر؟ 2909 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن علي بن حُسينٍ، عن عَمرو بن عُثمانَ ¬

_ = ومنها: ما رواه أيضاً عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مثله. ومنها: ما رواه أبو داود أيضا عن عَبد الله بن عُبيد، عن رجل من أهل الشام: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ولدُ الملاعنة عصبته عصبة أمه" ذكره في "المراسيل" ص 265 وفي لفظ له عن عبد الله بن عُبيد بن عمير قال: كتبت إلى صديق لي من أهل المدينة من بني زريق أسأله عن ولد الملاعنة، لمن قضى به رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ فكتب إليّ: إني سألتُ، فأُخبرتُ: أنه قضى به لأمه، وهي بمنزلة أبيه وأمه. وهذه آثار يشد بعضها بعضاً. وقد قال الشافعي: إن المرسل إذا روي من وجهين مختلفين أو روي مسنداً، أو اعتضد بعمل بعض الصحابة، فهو حُجة، وهذا قد روي من وجوه متعددة، وعمل به من ذكرنا من الصحابة، والقياس معه، فإنها لو كانت معتقة كان عصبتها من الولاء عصبة لولدها، ولا يكون عصبتها من النسب عصبة له. ومعلوم أن تعصيب الولاء الثابت لغير المباشر بالعتق فرع عن ثبوت تعصيب النسب، فكيف يثبت الفرع مع انتفاء أصله؟ وأيضاً فإن الولاء في الأصل لموالى الأب، فإذا انقطع من جهتهم رجع إلى موالي الأم، فإذا عاد من جهة الأب، انتقل من موالي الأم إلى موالي الأب، وهكذا النسب: هو في الأصل للأب وعصباته، فإذا انقطع من جهة باللعان عاد إلى الأم وعصباتها، فإذا عاد إلى الأب باعترافه بالولد وإكذابه نفسه رجع النسب إليه، كالولاء سواء، بل النسب هو الأصل في ذلك والولاء ملحق به. قال: وإذا ثبت أن عصبة أمه عصبة له فهي أولى أن تكون عصبته، لأنهم فرعها، وهم إنما صاروا عصبة له بواسطتها، ومن جهتها استفادوا تعصيبهم، فلأن تكون هي نفسها عصبة أولى وأحرى. وانظر "المغني" لابن قدامة 9/ 116 - 118.

عن أسامةَ بن زيدِ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يرثُ المُسلِمُ الكافِرَ، ولا الكافِرُ المُسلِمَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عمرو بن عثمان: هو ابن عفان الأموي، وعلي بن الحسين: هو ابن على بن أبي طالب، وسفيان: هو ابن عيينة، ومُسَدد: هو ابن مُسَرهَد. وأخرجه البخاري (4283) و (6764)، ومسلم (1614)، وابن ماجه (2729)، والترمذي (2239) و (2240)، والنسائي في "الكبرى" (6339 - 6347) و (6349) من طرق عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21747)، و"صحيح ابن حبان" (6033). وانظر تمام تخريجه عندهما. قال الحافظ في "الفتح" 12/ 50: قال ابن المنذر: ذهب الجمهور إلى الأخذ بما دل عليه عموم حديث أسامة، إلا ما جاء عن معاذ قال: يرث المسلم من الكافر من غير عكس، واحتج بأنه سمع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "الإسلام يزيد ولا ينقُص" وهو حديث أخرجه أبو داود (2912) وصححه الحاكم 4/ 345 من طريق يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدؤلي، عنه، قال الحاكم: صحيح الإسناد، (ووافقه الذهبي) وتُعُقّب بالانقطاع بين أبي الأسود ومعاذ ولكن سماعه منه ممكن، وقد زعم الجورقاني (549) أنه باطل وهي مجازفة، وقال القرطبي في "المفهم": هو كلام محكي ولا يروى، كذا قال، وقد رواه من قدمت ذكره، فكأنه ما وقف على ذلك. وأخرج أحمد بن منيع بسند قوي عن معاذ أنه كان يورث المسلم من الكافر بغير عكس. وقال: وأخرج ابن أبي شيبة [11/ 374] من طريق عبد الله بن معقل قال: ما رأيت قضاء أحسن من قضاء قضى به معاوية: نرثُ أهلَ الكتاب، ولا يرثونا، كما يحل لنا النكاح فيهم، ولا يحل لهم النكاح فينا، ثم قال: وبه قال مسروق وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وإسحاق. قلنا: وقول الحافظ عن سند أحمد بن منيع قوي، فيه نظر فإن في إسناده انقطاعا، فقد جاء إسناده كما في "إتحاف الخيرة" (4083) عن يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن عمرو بن كردي (وهو ابن أبي حكيم) عن يحيى بن يعمر، عن معاذ ابن جبل ... وهذا سند فيه انقطاع في موضعين كما هو مبين في الحديث الآتي عند أبي داود (2912). =

2910 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمر، عن الزهري، عن علي بن حُسينٍ، عن عَمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، أين تنزلُ غداً؟ -في حجته- قال: "وهَل ترك لنا عَقِيلٌ منزلاً؟ " ثم قال: "نحنُ نازِلُون بخَيْفِ بني كِنانةَ، حيث قاسمتْ قريشٌ على الكفْرِ"، يعني: الْمُحصَّب، وذلك أن بني كِنانةَ حالفتْ قريشاً على بني هاشمٍ: أن لا يناكِحُوهم، ولا يبايِعُوهم ولا يُؤوُهُم (¬1). قال الزهريُّ: والخَيفُ: الوادي. 2911 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمّادٌ، عن حَبيبٍ المُعلم، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يتوارثُ أهلُ مِلَّتَين شتَّى" (¬2). ¬

_ = وقال الخطابي: واختلفوا في ميراث المرتد: فقال مالك بن أنس وابن أبي ليلى والشافعى: ميراث المرتد فيءٌ ولا يرثُه أهله، وكذلك قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن. وقال سفيان الثوري: ماله التليد لورثته المسلمين، وما اكتسبه وأصابه في ردته فهو فيء للمسلين، وهو قولُ أبي حنيفة. وقال الأوزاعي وإسحاق بن راهويه: ماله كله لورثته المسلمين، وقد روي ذلك عن علي كرم الله وجهه وعبد الله، وهو قول الحسن البصري والشعبي وعمر بن عبد العزيز (وهو قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن). (¬1) إسناده صحيح. وهو مكرر السالف برقم (2010). (¬2) إسناده حسن. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابن ماجه (2731)، والنسائي في"الكبرى" (6350) و (6351) من طرق عن عمرو بن شعيب، به. =

2912 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن عمرو الواسطىِّ، حدَّثنا عبدُ الله بن بُريدة، أن أخوين اختصما إلى يحيى بن يَعْمَر: يهودي ومسلمٌ، فورَّث المُسلمَ منهما، وقال: حدَّثني أبو الأسود، أن رجلاً حدَّثه، أن معاذاً قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "الإسلامُ يزيدُ ولا يَنقُصُ" فورَّثَ المسلمَ (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (6664). قال الخطابي: عموم هذا الكلام يوجب أن لا يرث اليهودي النصراني، ولا المجوسي اليهودي، وكذلك قال الزهري وابن أبي ليلى وأحمد بن حنبل. وقال أكثر أهل العلم: الكفر كله ملة واحدة، يرث بعضهم بعضاً، واحتجوا بقول الله سبحانه: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73]. وقد علق الشافعي القول في ذلك، وغالب مذهبه: أن ذلك كُلَّه سواءٌ. (¬1) إسناده ضعيف لإبهام الرجل الذي حدث أبا الأسود -وهو ظالم بن عمرو الدؤلي- وقد اختلف فيه على عمرو بن أبي حكيم كما سيأتي. عبد الوارث: هو ابن سعيد، ومُسدد: هو ابن مُسرهَد. وأخرجه البيهقي 6/ 254 - 255 من طريق مسدَّدٌ، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (568)، وابن أبي شيبة 11/ 374، وأحمد (22005)، وابن أبي عاصم في "السنة" (954)، ووكيع في "أخبار القضاة" 1/ 98 - 99، والطبراني في "الكبير" 20/ (338)، والحاكم 4/ 354، والبيهقي 6/ 254، والجورقاني في "الأباطيل" (550) من طريق شعبة بن الحجاج، عن عمرو بن أبي حكيم، عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود قال: كان معاذ. فأسقط من إسناده الرجل المبهم وهو الواسطة بين أبي الأسود ومعاذ. وسيأتي من طريق شعبة عند المصنف في الطريق التالي. وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده كما في "إتحاف الخيرة المهرة" للبوصيري (4083)، والبزار في "مسنده" (2636)، والشاشي في "مسنده" (1380)، والجورقانى (549) من طريق يزيد بن هارون، والطبراني 20/ (340) من طريق إبراهيم بن الحجاج، =

11 - باب فيمن أسلم على ميراث

2913 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيي بنُ سعيد، عن شعبةَ، عن عَمرو بن أبي حَكيم، عن عبد الله بن بُريدةَ، عن يحيى بن يَعمَر عن أبي الأسودِ الدِّيليِّ: أن معاذاً أُتي بميراثِ يهودي وارِثُهُ مُسلمٌ، بمعناه، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). 11 - باب فيمن أسلم على ميراثٍ 2914 - حدَّثنا حجاجُ بن أبي يعقوبَ، حدَّثنا موسى بن داودَ، حدَّثنا محمدُ بن مُسلمٍ، عن عَمرو بن دينارٍ، عن أبي الشَّعثاءِ عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "كلُّ قَسْمٍ قُسمَ في الجاهلية فهو على ما قسم، وكل قَسْمٍ أدركَه الإسلامُ فإنه على قَسْم الإسلامِ" (¬2). ¬

_ = والشاشي (1379) من طريق زيد بن الحباب، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، عن خالد الحذاء، عن عمرو بن أبي حكيم، عن يحيى بن يعمر، عن معاذ بن جبل. فأسقط من إسناده عبد الله بن بريدة وأبا الأسود الدؤلي والرجل المبهم وشك حماد في رواية زيد ابن الحباب فقال: عن يحيى بن يعمر أو غيره. (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن بين أبي الأسود الدِّيلي أو الدؤلي وبين معاذ فيه رجلاً كما في الطريق السالف قبله، وانظر تخريجه هناك من هذا الطريق. (¬2) إسناده حسن من أجل محمد بن مسلم -وهو الطائفي- أبو الشعثاء: هو جابر ابن زيد. وأخرجه ابن ماجه (2485) من طريق موسى بن داود، بهذا الإسناد. وهو في "شرح مشكل الآثار" (3221) و (3222). قال الخطابي: فيه أن أحكام الأموال والأنساب والأنكحة التي كانت في الجاهلية ماضية على ما وقع الحكم منهم فيها أيام الجاهلية، لا يُرَدُّ منها شيء في الإسلام، وأن ما حدث من هذه الأحكام في الإسلام، فإنه يُستأنف فيه حكمُ الإسلام.

12 - باب في الولاء

12 - باب في الولاء 2915 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، قال: قُرئ على مالكٍ وأنا حاضر، قال مالك: عَرَضَ عليَّ نافعٌ عن ابن عمر، أن عائشةَ أمَّ المؤمنين رضي الله عنها أرادت أن تشتري جاريةً تُعتِقُها، فقال أهلُها: نبيعُكِها على أنَّ ولاءَها لنا، فذكرتْ عائشة لِرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -،فقال: "لا يمنَعُكِ ذلك، فإن الولاء لمن أعتقَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" برواية يحيي الليثي 2/ 781، وبرواية محمد بن الحسن (798)، وبرواية أبي مصعب الزهري (2745)، ومن طريق مالك أخرجه البخاري (2169) و (2562) و (6752) و (6757)، والنسائي (4644). وأخرجه البخاري (2156) و (6759) من طريق همام بن يحيى، عن نافع، به. وأخرجه مسلم (1504) عن يحيي بن يحيي النيسابوري، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن عائشة. فجعله من مسند عائشة! وهو في "مسند أحمد" (4817) و (5929). وسيأتي من حديث عائشة بعده. وبرقم (3929) و (3930). قال الخطابي: في حديث ابن عمر دليل على أن بيع المملوك بشرط العتق جائز، وقوله: "لا يمنعك ذلك" معناه إبطال ما شرطوه من الولاء لغير المعتق. وفي قوله: "الولاء لمن أعطى الثمن، وولي النعمة" دليل على أن لا ولاء إلا لمعتق، وذلك أن دخول الألف واللام في الاسم مع الإضافة يُعطى السلب والإيجاب، كقولك: الدار لزيد، والمال للورثة. فيه إيجاب ملك الدار، وإيجاب المال للورثة وقطعها عن غيرها. وإذا كان كذلك ففيه دليل على أن من أسلم على يدي رجل فإنه لا يرثه، ولا يكون له ولاؤه لأنه لم يعتقه.

2916 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعُ بن الجرَّاح، عن سفيانَ الثوريِّ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ، عن الأسودِ عن عائشةَ، قالت: قالَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الولاءُ لمن أعطى الثمنَ وَوَلِيَ النّعمةَ" (¬1). 2917 - حدَّثنا عبدُ الله بن عَمرو بن أبي الحجاجِ أبو مَعمرٍ، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن حسينٍ المُعلِّمِ، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أن رِيَاب بنَ حُذيفةَ تزوَّج امرأةً، فولَدَتْ له ثلاثةَ غِلْمةٍ، فماتت أمُّهم، فورِثُوها رِباعَها وولاءَ مَوالِيها، وكان عمرو بن ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الأسود: هو ابن يزيد النخعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي ابن أخت الأسود، ومنصور: هو ابن المعتمر. وأخرجه بنحوه بأطول مما ها هنا البخاري (1493) و (2536) و (5284) و (6717) و (6751) و (6754) و (6758) و (6760)، والترمذي (1301) و (2258)، والنسائي (2614) و (3449) و (3450) و (4642) من طريق إبراهيم النخعي، به. وهو في "مسند أحمد" (24150) و (25366)، و"صحيح ابن حبان" (4271). وأخرجه بنحوه بأطول مما ها هنا كذلك البخاري (2578) و (5097) و (5279) و (5430)، ومسلم (1504)، وابن ماجه (2076)، والنسائي (3447) و (3448) و (3453) و (3454) و (4643) من طريق القاسم بن محمد، والبخاري (456) و (2564) و (2735) من طريق عمرة بنت عبدالرحمن، و (2565) و (2726) من طريق أيمن المكي، ثلاثتهم عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24187)، و"صحيح ابن حبان" (4269). وسيأتي من طريق عروة بن الزبير، عن عائشة برقم (3929) و (3930). قال القسطلاني: والحديث كما قاله ابن بطال يقتضي أن الولاء لكل معتق، ذكراً كان أو أنثى، وهو مجمع عليه، وليس بين الفقهاء خلاف أنه ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو جره إليهن من أعتق بولادة أو عتق.

13 - باب في الرجل يسلم على يدي الرجل

العاصِ عصبةَ بَنِيها، فأخرجَهم إلى الشام، فماتُوا، فقدم عَمرو بن العاصِ، ومات مَولى لها، وترك مالاً، فخاصمه إخوتُها إلى عُمر بن الخطاب، فقال عُمرُ: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما أحرزَ الولدُ، أو الوالد، فهو لعصبتِه مَنْ كان". قال: فكتبَ له كتاباً فيه شهادةُ عبد الرحمن بن عَوف، وزيدِ بن ثابتٍ، ورجلٍ آَخَرَ، فلما استُخلِفَ عبدُ الملك اختصَمُوا إلى هشامِ بن إسماعيلَ -أو إلى إسماعيلَ بن هشام- فرفَعَهم إلى عبدِ الملك، فقال: هذا من القضاء الذي ما كنتُ أُراه، قال: فقضى لنا بكتابِ عُمر بن الخطاب، فنحن فيه إلى الساعةِ (¬1). 13 - باب في الرجل يُسْلم على يدَي الرجل 2918 - حدَّثنا يزيدُ بن خالدِ بن مَوهَب الرَّمْليُّ وهشامُ بن عمار، قالا: حدَّثنا يحيى - قال أبوداود: وهو ابن حمزةَ- عن عبد العزيز بن عمر، قال: سمعت عبدَ الله بن مَوهَبٍ يحدث عمرَ بن عبد العزيز، عن قَبيصةَ بن ذُؤيبٍ -قال هشام:- عن تميمٍ الداريّ أنه قال: يا رسولَ الله -وقال يزيد: إن تميماً قال: "يا رسولَ الله- ما السُّنةُ في الرجلِ ¬

_ (¬1) إسناده حسن. حسين المعلم. هو ابن ذكوان، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري. وأخرجه ابن ماجه (2732)، والنسائي في "الكبرى" (6314) من طريق حسين المعلم، بهذا الإسناد. ورواية النسائي مختصرة بالمرفوع منه فقط. وهو في "مسند أحمد" (183) مقتصراً على قصة الولاء. وهشام بن إسماعيل المذكور مخزومىٌّ قرشيٌّ، ولاه عبد الملك بن مروان المدينة سنة اثنتين وثمانين للهجرة.

يُسلِمُ على يدَي الرجلِ من المُسلمين؟ قال: "هو أولَى الناس بمَحْيَاهُ ومماتِه" (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكن تفرد يحيى بن حمزة -وهو الحضرمي- بذكر قبيصة بن ذؤيب في إسناده، والمحفوظ أنه من رواية عبد الله بن موهب عن تميم، وعبد الله بن موهب لم يدرك تميماً الداري، صرح بذلك أبو نعيم الفضل بن دكين، والشافعي والنسائي والترمذي وأبو زرعة الدمشقي، وما ورد من تصريحه بالسماع منه عند ابن ماجه وغيره خطأ نبه عليه الحفاظ. وقد ضعف هذا الحديث الشافعي وأحمد والبخاري والترمذي وابن المنذر والبيهقي وعبد الحق الإشبيلي، ونقل الحافظ في "الفتح" 12/ 47 عن البخاري أنه ضعفه لمعارضته حديث: "إنما الولاء لمن أعتق"، وقد أعله ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 546 بجهالة حال ابن موهب. وصححه أبو زرعة الدمشقي والحاكم ويعقوب بن سفيان وابن التركماني وابن القيم باعتبار معرفة الواسطة، وهو قبيصة بن ذؤيب الذي جاء في إسناد المصنف هنا، وهو ثقة أدرك تميماً، مع أن يحيى بن حمزة قد انفرد بذكر الواسطة هنا كما ذكرنا، ورواه ثلاثة عشر رجلاً وأكثر فلم يذكروا قبيصة!! انظر تفصيل ذلك في "مسند أحمد" (16944). وأخرجه ابن ماجه (2752) من طريق وكيع بن الجراح، والترمذي (2245) من طريق أبي أسامة وعبد الله بن نمير ووكيع، والنساثي في "الكبرى" (6380) من طريق عبد الله بن داود الخُريبي، أربعتهم عن عبد العزيز بن عمر، عن عبد الله بن موهب، عن تميم الداري. وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "المسند" (16944). قال الخطابي: قد احتج به من يرى توريث الرجل ممن يسلم على يده من الكفار. وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، إلا أنهم قد زادوا في ذلك شرطاً، وهو أن يعاقده ويُواليه، فإن أسلم على يده ولم يعاقده ولم يُوالِه، فلا شيء له. وقال إسحاق بن راهويه كقول أبي حنيفة وأصحابه، إلا أنه لم يذكر الموالاة. =

14 - باب في بيع الولاء

14 - باب في بيع الولاء 2919 - حدَّثنا حفصُ بن عمرَ، حدَّثنا شعبةُ، عن عبدِ الله بن دينار عن ابن عمر، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن بيعِ الولاءِ، وعن هِبَتِه (¬1). ¬

_ = قلت [القائل الخطابي]: ودلالة الحديث مبهمة. وليس فيه أن يرثه، إنما فيه: أنه أولى الناس بمحياه ومماته، وقد يحتمل أن يكون ذلك في الميراث. ويحتمل أن يكون ذلك في رعي الذّمام والإيثار بالبر وما أشبههما من الأمور. وقد عارضه قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الولاء لمن أعتق" وقال أكثر الفقهاء: لا يرثه، وضعف أحمد بن حنبل حديث تميم هذا، وقال: عبد العزيز: راويه ليس من أهل الحفظ والإتقان. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2535)، ومسلم (1506)، وابن ماجه (2747)، والترمذي (1280) و (2259)، والنسائي (4657) و (4658) و (4659) من طريق عبد الله بن دينار، به. وهو في "مسند أحمد" (4560)، و"صحيح ابن حبان" (4948). وأخرجه ابن ماجه (2748) من طريق يحيي بن سُليم الطائفي، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر. وهذا إسناد وهم فيه يحيي بن سليم الطائفي كما بيناه بالتفصيل في "سنن ابن ماجه",وبينا هناك أنه روي من طرق عن نافع كلها ضعاف لا تصح، فهذا الحديث لا يصح إلا من طريق عبد الله بن دينار، وقد قال الإمام مسلم: الناس كلهم عيال على عبد الله بن دينار في هذا الحديث. قال الخطابي: قال ابن الأعرابي محمد بن زياد: كانت العرب تبيع ولاء مواليها. فباعوه مملوكاً، وباعوه مُعتقاً ... فليس له حتى الممات خلاص فنهاهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن ذلك. قلت [القائل الخطابي]: وهذا كالإجماع من أهل العلم، إلا أنه قد روي عن ميمونة: أنها كانت وهبت ولاء مواليها من العباس، أو من ابن عباس رضي الله عنهما. =

15 - باب في المولود يستهل ثم يموت

15 - باب في المولود يَستهِلّ ثم يموت 2920 - حدَّثنا حسينُ بن مُعاذِ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا محمد -يعني ابنَ إسحاقَ- عن يزيدَ بن عبد الله بن قُسَيط عن أبي هريرة، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "إذا استهَلَّ المولودُ وُرِّثَ" (¬1). ¬

_ = قال: وسمعتُ أبا الوليد حسان بن محمد يذكر أن الذي وهبته ميمونة من الولاء كان ولاء سائبة، وولاء السائبة قد اختلف فيه أهل العلم. قلنا: حسان بن محمد هذا ترجمه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 15/ 492، وقال عنه الإمام الأوحد الحافظ المفتي، شيخ خراسان الشافعي العابد. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن لولا عنعنة محمد بن إسحاق. وقد روي من وجه آخر عن أبي هريرة. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي. وأخرجه البيهقي 6/ 257 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد، وقال: ورواه ابن خزيمة عن الفضل بن يعقوب الجزري، عن عبد الأعلى، بهذا الإسناد، مثله. وأخرجه البيهقي 6/ 257 من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: من السنة أن لا يرث المنفوس ولا يُورث حتى يستهل صارخا. وإسناده لا بأس به. وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله والمسور بن مخرمة عند ابن ماجه (2751). قال الخطابي: قوله: "استهل" معناه رفع صوته بأن يصرخ أو يبكي، وكل من رفع صوته بشيء فقد استهل به. قلت [القائل الخطابي]: ومعنى الاستهلال ها هنا: أن يوجد مع المولود أمارة الحياة، فلو لم يتفق أن يكون منه الاستهلال، وهو رفع الصوت، وكان منه حركة أو عطاس أو تنفس أو بعض ما لا يكون ذلك إلا من حي، فإنه يورث لوجود ما فيه من دلالة الحياة. وإلى هذا ذهب سفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحسبه قول أبي حنيفة وأصحابه. وقال مالك بن أنس: لا ميراث له وإن تحرك أو عطس ما لم يستهل. وروي عن محمد بن سيرين والشعبي والزهري وقتادة أنهم قالوا: لا يورث المولود حتى يستهل.

16 - باب نسخ ميراث العقد بميراث الرحم

16 - باب نسخِ ميراثِ العقد بميراث الرحم 2921 - حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بن ثابتٍ، حدَّثني عليُّ بن حُسينٍ، عن أبيه، عن يزيدَ النّحْويَّ، عن عكرمةَ. عن ابن عباس قال: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: 33]، كان الرجل يُحَالِفُ الرجلَ، ليس بينهما نسبٌ، فيرثُ أحدُهما الآخرَ، فنَسخَ ذلك الأنفالُ، فقال تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل علي بن حسين -وهو ابن واقد المروزي- فهو صدوق حسن الحديث. يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد. وأخرجه البيهقي 6/ 262، وابن الجوزى في "نواسخ القرآن" ص 274 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم 4/ 346 عن القاسم بن القاسم السَّيَّاري، عن محمد بن موسى ابن حاتم القاشاني، عن علي بن الحسن بن شقيق، عن الحسين بن واقد، به. وعلي ابن الحسن وإن كان ثقة، لكن الراوي عنه محمد بن موسى بن حاتم قال فيه القاسم السَّيَّاري: أنا بريء من عُهدته. وكان الحافظ محمد بن علي سيئ الرأي فيه. وأخرجه الطبري "تفسيره" 5/ 52 عن محمد بن حميد الرازي، عن أبي تُميلة يحيى ابن واضح، عن حسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قولهما. ومحمد بن حميد الرازي متروك. وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في "الناسخ والمنسوخ" (415)، والطبري 2/ 52 من طريق علي بن أبي طلحة، وأبو عبيد (414)، وابن الجوزي في "النواسخ" ص 274 من طريق عطاء الخراساني، والطبري 5/ 53 من طريق عطية العوفي، ثلاثتهم عن ابن عباس. أما علي بن أبي طلحة وعطاء الخراساني فلم يسمعا ابن عباس، وعطية العوفي ضعيف الحديث، وفي الإسناد إليه ثلاثة ضعفاء من عَقِبِه. ويشهد له ما رواه أبو عبيد (413)، والطبري 10/ 58 من طريق عبد الله بن عون، عن عيسى بن الحارث، عن عبد الله بن الزبير في قوله: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى =

2922 - حدثنا هارونُ بن عبد الله، حدَثنا أبو أسامةَ، حدثني إدريسُ بن يزيدَ، حدّثنا طلحةُ بن مُصَرِّف، عن سعيد بن جُبيرِ ¬

_ = بِبَعْضٍ} (الأنفال: 75) قال: نزلت هذه الآية في العصبات، كان الرجل يُعاقد الرجل يقول: ترثنْي وأرثُك، فنزلت {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}.وإسناده صحيح. قال ابن الجوزي في "زاد المسير" 2/ 71 - 72: فيهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم أهل الحلف، كان الرجل يحالف الرجل، فأيهما مات ورثه الآخر، فنسخ ذلك بقوله: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ...} وممن قال هم الحلفاء: سعيد ابن جبير وعكرمة وقتادة. والثاني: أنهم الذين آخى بينهم رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، وهم المهاجرون والأنصار، كان المهاجرون يورثون الأنصار دون ذوى رحمهم للأخوة التي عقدها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بينهم، رواه سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وبه قال ابن زيد. والثالث: أنهم الذين كانوا يتبنَّون أبناء غيرهم في الجاهلية، هذا قول سعيد بن المسيب. فأما أرباب القول الأول، فقالوا: نسخ حكم الحلفاء الذين كانوا يتعاقدون على النصرة والميراث بآخر الأنفال، وإليه ذهب ابن عباس والحسن وعكرمة وقتادة والثوري والأوزاعي ومالك وأحمد والشافعي. وقال أبو حنيفة وأصحابه: هذا الحكم باقي غير أنه جعل ذوي الأرحام أولى من موالي المعاقدة. وذهب قوم إلى أن المراد: فآتوهم نصيبهم من النصر والنصيحة من غير ميراث، وهذا مروي عن ابن عباس ومجاهد. وذهب قوم آخرون إلى أن المعاقدة إنما كانت في الجاهلية على النصرة لا غير، والإسلام لم يغير ذلك، وإنما قرره، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إيما حلف كان في الجاهلية، فإن الإسلام لم يزده إلا شدة" [أخرجه مسلم (2530)، وسيأتي عند المصنف برقم (2925)]. وقوله: "عاقدت" هي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي "عَقَدَت" بلا ألف.

عن ابن عباس في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}، قال: كان المُهاجرون حين قدِموا المدينة تُوَرِّثُ الأنصَارَ دون ذوي رحمه، للأُخوَّة التي آخَى رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم-بينهم، فلما نزلتْ هذه الآيةُ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ} [النساء: 33] قال: نسختها {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} من النَّصْرِ والنصيحةِ والرِّفَادَةِ، ويُوصِي له، وقد ذهبَ الميراثُ (¬1). 2923 - حدَثنا أحمدُ بن حنبل وعبد العزيز بن يحيى -المعنى- قال أحمدُ: حدَثنا محمدُ بن سلمةَ، عن ابنِ إسحاقَ عن داودَ بن الحُصَين، قال: كنت أقرأُ على أم سعْدٍ بنتِ الربيع، وكانت يتيمةً في حِجْر أبي بكر، فقرأت {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} فقالت: لا تقرأ {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} إنما نزلتْ في أبي بكرٍ وابنِه عبدِ الرحمن حين أبى الإسلامَ، فحلَف أبو بكرِ ألا يُورِّثه، فلما ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه البخاري (2292)، والنسائي في "الكبرى" (6384) و (11037) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، بهذا الإسناد. وهو في "شرح مشكل الآثار" بإثر الحديث (1617). قال الحافظ في "الفتح" 8/ 249: ويحتمل أن يكون النسخ وقع مرتين: الأولى حيث كان المعاقد يرث وحده دون العصبة، فنزلت {وَلِكُلٍّ}، وهي آية الباب فصاروا جميعاً يرثون، وعلى هذا يتنزل حديث ابن عباس، ثم نسخ ذلك آية الأحزاب وخص الميراث بالعصبة، وبقي للمعاقد النصر والإرفاد ونحوهما، وعلى هذا يتنزل بقية الآثار، وقد تعرض له ابن عباس في حديثه أيضاً لكن لم يذكر الناسخ الثاني، ولا بد منه.

أسلمَ أمَرهُ نبي الله أن يؤتيَه نصيبَه - زاد عبد العزيز: فما أسلم حتى حُمِلَ على الإسلامِ بالسيفِ (¬1). [قال أبو داود: من قال: (عَقَدَتْ) جعله حلفاً، ومن قال: (عاقَدَتْ) جعله حَالفاً، قال: والصواب حديث طلحة (عاقَدتْ)] (¬2). 2924 - حدَّثنا أحمدُ بن محمد بن ثابت، حدَّثنا علي بن حُسينٍ، عن أبيه، عن يزيدَ النّحويّ، عن عكرمةَ عن ابن عبَّاس: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا ....... وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72] فكان الأعرابيُّ لا يرثُ المُهاجِرَ، ولا يرثُه المهاجرُ، فنسختْها، فقال تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (¬3) [الأنفال: 75]. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. ابن إسحاق -وهو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي- مدلس وقد عنعن. وأخرجه البيهقي 6/ 204 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. (¬2) مقالة أبي داود هذه لم ترد في أصولنا الخطية، وأثبتناها من النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي. (¬3) إسناده حسن من أجل علي بن الحسين -وهو ابن واقد المروزي- يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد. وأخرجه البيهقى 6/ 262، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 354 من طريق علي بن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبري في "تفسيره" 10/ 53 عن محمد بن حميد الرازي، عن يحيى ابن واضح، عن الحُسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قولهما. ومحمد بن حميد الرازي متروك الحديث. =

17 - باب في الحلف

17 - باب في الحِلْفِ 2925 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا محمدُ بن بشر وابن نُمير وأبو أُسامةَ، عن زكريا، عن سعْدِ بن إبراهيمَ، عن أبيه عن جُبير بن مُطعِمٍ، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا حِلْفَ في الإسلامِ، وأيُّما حِلْفٍ كانَ في الجاهلية لم يَزدهُ الإسلامُ إلَّا شدّةً" (¬1). 2926 - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا سفيانُ، عن عاصم الأحولِ، قال: سمعتُ أنس بن مالك يقول: حَالَفَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار في دارِنا، فقيل له: أليس قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا حِلْفَ في الإسلام"؟ فقال: حَالفَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصارِ في دارِنا، مرتين أو ثلاثاً (¬2). ¬

_ = وأخرجه الطبري 10/ 51 - 52 من طريق علي بن أبي طلحة،10/ 52 من طريق عطية العوفي، كلاهما عن ابن عباس. وعلي بن أبي طلحة لم يدرك ابن عباس، وفي الطريق إليه عبد الله بن صالح كاتب الليث ضعيف، وعطية العوفي ضعيف، وفي الطريق إليه ثلاثة ضعفاء من عقِبِه. (¬1) إسناده صحيح. سعد بن إبراهيم: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وزكريا: هو ابن أبي زائدة، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وابن نمير: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (2530)، والنسائي في "الكبرى" (6385) من طريق زكريا بن أبي زائدة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16761)، و"صحيح ابن حبان" (4371) و (4372). (¬2) إسناده صحيح. عاصم الأحول: هو ابن سُليمان، وسفيان: هو ابن عيينة، ومُسدد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه البخاري (2294)، ومسلم (2529) من طريق عاصم بن سليمان الأحول، به. =

18 - باب في المرأة ترث من دية زوجها

18 - باب في المرأة ترثُ من دِيَةِ زوجِها 2927 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سعيدٍ، قال: كان عمرُ بن الخطاب يقول: الدِّيَةُ للعاقِلة، ولا ترِثُ المَرأة من دِية زوجها شيئاً، حتى قال له الضحّاك بن سفيانَ: كتب إليَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن أُورِّثَ امرأةَ أشيَمَ الضِّبَابيِّ من دِيةِ زوجِها، فرجَعَ عُمَرُ (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (12089)، و"صحيح ابن حبان" (4520). قال ابن الأثير في "النهاية" 1/ 422 - 425: قوله: "حالف" أي آخي بينهم وعاهد، وأصل الحِلف: المعاقدة والمعاهدة على التعاصد والتساعد والإنفاق، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتالِ بين القبائل والغارات، فذلك الذي ورد النهيُ عنه في الإسلام بقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا حِلف في الإسلام"، وما كان منه في الجاهية على نصرِ المظلوم، وصلةِ الأرحام، كحلف المُطيَّبين وما جرى مجراه، فذلك الذي قال فيه - صلَّى الله عليه وسلم -: "وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" يريد من المعاقدة على الخير، ونصرةِ الحق، وبذلك يجتمع الحديثان، وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام. وقيل: المحالفة كانت قبل الفتح، وقوله: "لا حلف في الإسلام" قاله زمن الفتح، فكان ناسخاً (كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص السالف برقم: 6692). (¬1) حديث صحيح، ورواية سعيد -وهو ابن المسيب- عن عمر بن الخطاب محمولة على الاتصال، قال أحمد بن حنبل فيما أسنده عنه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 4/ 61: سعيد عن عمر عندنا حُجة، قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يُقبل سعيد عن عمر، فمن يُقبل؟! وقال أبو حاتم فيما حكاه عنه ابنه في "المراسيل" ص 71: سعيد بن المسيب عن عمر مرسل، يدخل في المسند على المجاز. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه ابن ماجه (2642)، والترمذي (1474) و (2243)، والنسائي في "الكبرى" (6329 - 6332) من طريقين عن الزهري، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. =

2927 م- حدثنا أحمدُ بن صالح: حدثنا عبدُ الرزاق بهذا الحديث عن مَعمرٍ، عن الزهري عن سعيدٍ، وقال فيه: وكان النبيُّ-صلى الله عليه وسلم- استعمَلَه على الأعراب (¬1). آخر كتاب الفرائض ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (15745). قال الخطابي: فيه من الفقه: أن دية القتيل كسائر ماله يرثها من يرث تركته، وإذا كان كذلك ففيه دليل على أن القتيل إذا عفا عن الدية كان عفوه جائزاً في ثلث ماله. لأنه قد ملكه، وهذا إنما يجوز في قتل الخطأ، لأن الوصية بالدية إنما تقع للعاقلة الذين يغرمون الدية، دون قتل العمد، لأن الوصية فيه إنما تقع للقاتل، ولا وصية لقاتل كالميراث. وإنما كان يذهب عمر رضي الله عنه في قوله الأول إلى ظاهر القياس، وذلك أن المقتول لا تجب ديته إلا بعد موته، وإذا مات فقد بطل ملكه، فلما بلغته السنة ترك الرأي، وصار إلى السنة، وكان مذهب عمر رضى الله عنه: أن الدية للعاقلة الذين يعقِلون عنه إلى أن بلغه الخبر، فانتهى إليه. (¬1) حديث صحيح كسابقه. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (17764). وانظر ما قبله.

أول كتاب الخراج والفيء والإمارة

أول كتاب الخراج والفيء والإمارة 1 - باب ما يلزمُ الإمام من حق الرعية 2928 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمةَ، عن مالكٍ، عن عبد الله بن دينارٍ عن عبد الله بن عمر، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقال: "ألا كلُّكم رَاعٍ وكلُّكم مسؤول عن رعِيِّتَه: فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ عليهم وهو مسؤولٌ عنهم، والرجلُ راعٍ على أهلِ بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بَعلها وولده وهي مَسؤولة عنهم، والعَبدُ راعٍ على مالِ سيِّده وهو مَسؤولٌ عنهُ؛ فكلكم راعٍ، وكلكم مَسؤول عن رعيته" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" برواية محمد بن الحسن الشيباني (992)، ورواية أبي مصعب الزهري (2121). وأخرجه البخاري (7138)، ومسلم (1829) من طريق عبد الله بن دينار، به. وأخرجه البخاري (893) و (2409) و (2558) و (2751) من طريق سالم بن عبدالله بن عمر، والبخاري (2554) و (5188) و (5200)، ومسلم (1829)، والترمذي (1800) من طريق نافع مولى عبد الله بن عمر، كلاهما عن عبد الله بن عمر. وجاء في رواية سالم زيادة: وحسبت أن قد قال: "والرجل راعٍ في مال أبيه ومسؤول عن رعيته". وهو في "مسند أحمد" (4495) و (5902)، و"صحيح ابن حبان" (4489). قال الخطابي: معنى الراعي ها هنا: الحافظ المؤتَمَن على ما يليه، يأمرهم بالنصيحة فيما يلُونه، ويحذّرهم أن يخونوا فيما وُكل إليهم منه، أو يُضيموا، وأخبر أنهم مسؤول عنه ومؤاخذون به. =

2 - باب ما جاء في طلب الإمارة

2 - باب ما جاء في طلب الإمارة 2929 - حدَّثنا محمد بن الصَّبّاح البزاز، حدَّثنا هُشيمٌ أخبرنا يونسُ ومنصورٌ، عن الحسنِ عن عبد الرحمن بن سَمُرةَ، قال: قال لي النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا عبدَ الرحمن ابن سَمُرةَ، لا تسألِ الإمارةَ، فإنك إن أُعطيتَها، عن مسألةٍ وُكِلْتَ فيها إلى نفسكَ، وإن أُعطيتَها عن غير مسألةٍ أُعنتَ عليها" (¬1). ¬

_ = وفي قوله: "المرأة راعية في بيت بعلها" دليل على سقوط القطع عن المرأة إذا سرقت من مال زوجها. وفي قوله: "والرجل راع على أهل بيته" دلالة على أن للسيد أن يقيم الحد على عبيده وإمائه. وقد جاء "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم". وقد اتفق المسلمون على عظم موقع هذا الحديث، وكثرة فوائده وصحته، قال عبد الرحمن بن مهدي وغيره: ينبغي لمن صنف كتاباً أن يبدأ فيه بهذا الحديث تنبيهاً للطالب على تصحيح النيَّة. وقال الحفاظ: لم يرو هذا الحديث عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إلا من رواية عمر بن الخطاب، ولا عن عمر إلا من رواية علقمة بن وقاص، ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم التيمى، ولا عن محمد إلا من رواية يحيى بن سعيد الانصاري، وعن يحيى انتشر فرواه جمع من الأئمة فهو غريب في أوله مشهور في آخره. (¬1) إسناده صحيح. الحسن: هو ابن أبي الحسن البصري، ومنصور: هو ابن زاذان، ويونس: هو ابن عُبيد، وهُشَيم: هو ابن بَشير. وأخرجه البخاري (6622)، ومسلم (1652)، وبإثر (1823)، والترمذي (1609)، والنسائي (5384) من طريق الحسن البصري، به. وهو في "مسند أحمد" (20618)، و"صحيح ابن حبان" (4348). ومعنى الحديث أن من طلب الإمارة، فأعطيها تركت إعانته عليها من أجل حرصه، ويستفاد منه أن طلب ما يتعلق بالحكم مكروه، فيدخل في الإمارة القضاء والحسبة ونحو ذلك، وأن من حرص على ذلك لا يُعان، أفاده في "الفتح".

3 - باب في الضرير يولى

2930 - حدَّثنا وهبُ بن بقيةَ، أخبرنا خالد، عن إسماعيلَ بن أبي خالدِ، عن أخيهِ، عن بشرِ بن قُرَّة الكلبيِّ، عن أبي بردةَ عن أبي موسى، قال: انطلقتُ مع رجلين إلى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فتشهَّد أحدُهما، ثم قال: جئنا لتستعينَ بنا على عملِك، فقال الآخرُ مثلَ قولِ صاحبهِ، فقال: "إنّ أخوَنكم عندنا مَن طَلَبَهُ" فاعتذر أبو موسى إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وقال: لم أعلَم لما جاءا له، فلم يستعِنْ بهما على شيءٍ حتى مات (¬1). 3 - باب في الضرير يُوَلَّى 2931 - حدَّثنا محمدُ بن عبد الله المُخَرّمِي، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن مهدي، حدَّثنا عمرانُ القَطَّان، عن قتادةَ عن أنس: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - اسْتَخْلَفَ ابنَ أُم مكتوم على المدينة مرتين (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف بهذا السياق لجهالة بشر بن قرة -ويقال: قرة بن بشر- ولإبهام أخي إسماعيل بن أبي خالد، ولإسماعبل أربعة إخوة، كلهم مجاهيل. ثم إنه قد اختلف فيه على إسماعيل بن أبي خالد كما بيناه في "المسند" (19508). وأخرجه النسائى في "الكبرى" (5899) من طريق عبّاد بن العوّام، عن إسماعيل ابن أبي خالد، بهذا الإسناد. وقال: عن قرة بن بشر. وأخرجه النسائي (5898) من طريق سفيان الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أخيه، عن أبي بردة، عن أبي موسى، فأسقط من إسناده بشر بن قرة، وهو في "مسند أحمد" (19508) من طريق سفيان الثوري. وسيأتي بإسناد صحيح عند المصنف برقم (3578) و (4354) عن حميد بن هلال، عن أبي بردة قال: قال أبو موسى: قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "لن نستعمل أو لا نستعمل على عملنا من أراده"، لفظ الرواية الأولى، والرواية الثانية مطولة. (¬2) صحيح لغيره دون قوله: "مرتين"، وهذا إسناد ضعيف، عمران القطان -وهو ابن داوَر- انفرد بروايته عن قتادة -وهو ابن دعامة-، عن أنس، وهو ضعيف يعتبر به،=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقد خالفه همام -وهو ابن يحيي العوذي-، وهو ثقة، فرواه عن قتادة مرسلاً، وهذا أشبه بالصواب، لكن صح عن عائشة بإسناد صحيح استخلافُ ابن أم كلثوم كما سيأتي. وأخرجه أحمد (12344)، والبخاري في "التاريخ الأوسط " 1/ 54، وابن الجارود (310)، وأبو يعلى (3110) و (3138)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 9/ 45 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وأحمد (13000) من طريق أبي العوام القطان، كلاهما عن عمران بن داور القطان، به. زاد بعضهم في روايته: ولقد رأيته يوم القادسية ومعه راية سوداء. وأخرجه ابن سعد 4/ 205 عن عمرو بن عاصم الكلابي، عن همام بن يحيى العوذي، عن قتادة مرسلاً. وقد أدرج عمران القطان حديث أنسٍ الذي ذكر فيه حضور ابن أم مكتوم القادسية بحديث قتادة المرسل، فكان أحياناً يرويهما مجموعين، وأحياناً يروي قصة الاستخلاف وحدها بإسناد الحديث الآخر في القادسية كما بيناه في الطريق السالف برقم (595)، والله تعالى أعلم. وقد صح عن عائشة رضي الله عنها عند ابن حبان (2134) و (2135) أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - استخلف ابن أم مكتوم على المدينة يُصلى بالناس. وإنما لا يصح فيه قوله: "مرتين" لأن أهل السير ذكروا أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يستخلفه في معظم غزواته، فقد قال ابن سعد في "الطبقات" 4/ 205: وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يستخلفه على المدينة يصلى بالناس في عامة غزوات رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. وقال خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 96 في تسمية عماله - صلَّى الله عليه وسلم -: استخلف على المدينة ابن أم مكتوم ثلاث عشرة مرة في غزواته، في غزوة الأبواء، وبواط، وذي العشيرة، وخروجه إلى ناحية جهينة في طلب كرز بن جابر، وحين سار إلى بدر ثم رد أبا لبابة واستخلفهُ عليها، وغزوة السويق، وغطفان، وأحد، وحمراء الأسد، ونجْران، وذات الرقاع، وحجة الوداع. وما قاله ابن عبد البر في "الإستيعاب" في ترجمة ابن أم مكتوم: وأما رواية قتادة عن أنس: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - استخلف ابن أم مكتوم فلم يبلغه ما بلغ غيره. كأنه يثبت هذه الرواية، وقد تبين لنا أنه لا يصح عن أنس كما بينا، ويكون هذا التعيين من قتادة، والله أعلم. =

4 - باب في اتخاذ الوزير

4 - باب في اتخاذ الوزير 2932 - حدَّثنا موسى بن عامرٍ المُرِّيُّ، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا زهيرُ بن محمدٍ، عن عبدِ الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشةَ قالت: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا أرادَ اللهُ بالأميرِ خَيراً جعل لهُ وزيرَ صِدْقٍ: إن نَسي ذكَّره وإن ذَكَرَ أعانَهُ، وإذا أراد اللهُ به غيْرَ ذلك جعلَ له وزيرَ سوءٍ: إن نَسي لم يذكرهُ، وإن ذَكَرَ لم يُعِنْه" (¬1). ¬

_ = وقال الخطابي: إنما ولاه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - الصلاة دون القضايا والأحكام. فإن الضرير لا يجوز له أن يقضي بين الناس، لأنه لا يدرك الأشخاص، ولا يُثبتُ الأعيان، ولا يدري لمن يحكم، وعلى من يحكم؟ وهو مقلِّد في كل ما يليه من هذه الأمور. والحكم بالتقليد غير جائز. وقد قيل: إنه - صلَّى الله عليه وسلم - ولاه الإمامة بالمدينة إكراماً له، وأخذاً بالأدب فيما عاتبه الله عليه من أمره في قوله سبحانه: {عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2)}. وروي أن الآية نزلت فيه، وأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقوم له كلما أقبل، ويقول: "مرحباً بمن عاتبنى فيه ربي". وفيه دليل على أن إمامة الضرير غير مكروهة. قلنا: تقييده في الصلاة دون غيرها ثابت في حديث عائشة الصحيح حيث قالت: يؤمُّ الناس، وقد سلف ذكره في هذا التعليق. (¬1) حديث صحيح. زهير بن محمد -وإن كانت رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، وهذا منها فإن الوليد هو ابن مسلم دمشقي- متابع كما سيأتي. وأخرجه ابن حبان (4494)، وابن عدي في "الكامل" 3/ 1076، والبيهقي في "السنن" 10/ 111 - 112، وفي "الأسماء والصفات" (304) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (956) و (972)، وأحمد (24414)، والخلال في "السنة" (78)، وأبو يعلى (4439) من طريق عبد الرحمن بن أبي بكر =

5 - باب في العرافة

5 - باب في العِرافَةِ 2933 - حدَّثنا عَمرو بن عثمانَ، حدَّثنا محمد بن حربِ، عن أبي سلمةَ سليمانَ بن سُليم، عن يحيي بن جابر، عن صالح بن يحيي بن المِقدام عن جدِّه المقدام بن مَعْدي كرِبَ، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ضرب على مَنكِبِه ثم قال له: "أفلحتَ يا قُدَيمُ، إن مُتَّ ولم تكنْ أميراً، ولا كاتباً، ولا عَريفاً" (¬1). ¬

_ = المُليكي، والنسائي (4204)، والبيهقي في "السنن" 10/ 111، وفي "الشعب" (7402) من طريق بقية بن الوليد، عن ابن المبارك، عن ابن أبي حُسين، كلاهما (المليكي وابن أبي حسين) عن القاسم بن محمد، به. والمليكي وبقية ضعيفان، لكنهما متابعان. وأخرجه البزار (1592 - كشف الأستار)، والطبراني في "الأوسط" (4240)، وأبو يعلى الخليلي في "الإرشاد" 1/ 456، والقضاعي في "مسند الشهاب" (542)، والخطيب في "تاريخه" 7/ 376 من طريق يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة. وإسناد البزار والطبراني صحيح. (¬1) إسناده ضعيف لضعف صالح بن يحيى بن المقدام، فقد ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 292 - 293 وقال: فيه نظر، وضعفه العقيلي وابن الجارود وابن الجوزي والذهبي، وقال موسى بن هارون الحمّال: لا يُعرف صالح وأبوه إلا بجدّه، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: يخطىء، وليَّنه الحافظ في "التقريب"، وقد اختلف في إسناده عن محمد بن حرب -وهو الحمصي- كما سيأتى. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1377)، والبيهقي 6/ 361 من طريق عمرو بن عثمان، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (17205) عن أحمد بن عبد الملك الحراني، عن محمد بن حرب، عن سليمان بن سُليم، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن جده. فأسقط من إسناده يحيى بن جابر! وأخرجه الطبراني في "الشاميين" (1382) من طريق محمد بن أبي السري، والبيهقي 6/ 631 من طريق حاجب بن الوليد، كلاهما عن محمد بن حرب، عن سليمان بن =

2934 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بشْرُ بن المُفضّل، حدَّثنا غالب القطَّان، عن رجلٍ، عن أبيه عن جدِّه: أنهم كانوا على مَنْهَل من المناهل، فلما بلغهمُ الإسلامُ جعل صاحبُ الماء لقومه مئةً من الإبل على أن يُسلِمُوا، فأسلموا، وقَسَمَ الإبلَ بينهم، وبدا له أن يرتَجعها منهم، فأرسلَ ابنَه إلى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال له: ائت النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقل له: أن أبي يقرئك السلامَ، وأنه جعل لقومه مئةً من الإبل على أن يُسلِمُوا، فأسلموا، وقَسَمَ الإبلَ بينهم، وبدا له أن يرتجعَها منهم، أفهو أحق بها أم هم؟ فإن قال لك: نعم أو لا، فقل له: أن أبي شيخ كبير، وهو عَريفُ الماء، وأنه يسألُك أن تجعلَ ¬

_ = سُليم، عن صالح بن يحيى، عن أبيه، عن جده. فأسقط يحيى بن جابر من الإسناد، وزاد يحيى بن المقدام، ويحيى بن المقدام هذا مجهول. وأخرجه ابن قانع 3/ 107 من طريق هشام بن عبد الملك، عن محمد بن حرب، عن أمه، عن جدته، عن المقدام! وفي الباب عن أبي هريرة عند الطيالسي (2523)، وأحمد (8627) وغيرهما ولفظه: "ويل للأمراء ويل للعُرفاء، ويل للأمناء، ليتمنين أقوام يوم القيامة أن ذوائبهم كانت معلقة بالثريا، يتذبذبون بين السماء والأرض، ولم يكونوا عملوا على شيء" وهو حديث صحيح. قال المناوي في "فيض القدير" 2/ 55: "أفلحت يا قديم" بالقاف، تصغير مقدام، وهو المقدام بن معدي كرب، تصغير ترخيم، "إن مت ولم تكن أميراً" أي: والحال أنك لست أميراً على قوم، فإن خطب الولاية شديد وعاقبتها في الآخرة وخيمة، بالنسبة لمن لم يثق بأمانة نفسه، وخاف عدم القيام بحقها، أما المقسطون فعلى منابر من نور يوم القيامة. "ولا كاتباً" على نحو جزية أو صدقة أو خراج أو إرث أو وقف، وهو منزلٌ على نحو ما قبله، "ولا عريفاً" أي: قيماً على نحو قبيلة تلي أمرهم وتُعرِّفُ الأميرَ حالَهم، فعيل بمعنى فاعل ويُسمى نقيباً وهو دون الرئيس وموضعه ما ذكر فيما قبله.

6 - باب في اتخاذ الكاتب

لي العِرافةَ بعده، فأتاه، فقال: أن أبي يُقرئك السلامَ، فقال: "وعليك وعلى أبيك السلامُ"، فقال: أن أبي جعل لقومِه مئة من الإبل على أن يُسلِمُوا، فأسلمُوا، وحَسُنَ إسلامُهم، ثم بدا له أن يَرتَجعها منهم، أفهو أحقُّ بها أم هم؟ فقال: "إن بدا له أن يُسلِّمَها لهم فليُسلِّمها، وإن بدا له أن يَرتَجعها فهو أحقُّ بها منهم، فإن أسلمُوا فلهم إسلامهم، وإن لم يُسلِموا قُوتلوا على الإسلام"، وقال: إن أبي شيخٌ كبيرٌ، وهو عريفُ الماء، وأنه يسألك أن تجعلَ لي العِرافة بعده، فقال: "إن العِرافةَ حقٌّ ولا بدَّ للنّاس من العُرَفاء، ولكنَّ العُرَفاءَ في النار" (¬1). 6 - باب في اتخاذ الكاتب 2935 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا نوحُ بن قَيس، عن يزيدَ بن كعب، عن عَمرو بن مالكٍ، عن أبي الجَوزاءِ عن ابن عباس قال: السِّجِلُّ كاتبٌ، كان للنبي - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة الرجل وأبيه وجده، وقد قال المنذري في "مختصر السنن": في إسناده مجاهيل. غالب القطان: هو ابن خطّاف. وأخرجه البيهقي 6/ 361 من طريق أبي داود السِّجِسْتاني، بهذا الإسناد. وسيأتي مختصراً برقم (5231). (¬2) إسناده ضعيف لضعف عمرو بن مالك - وهو النُّكري (وتوثيق الذهبي له في "الميزان" وهم منه رحمه الله) - وجهالة يزيد بن كعب. ونقل ابن القيم في "تهذيب السنن" عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال: هذا الحديث موضوع، ولا يُعرف لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كاتب اسمه السِّجل قط، وقوله تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ} (الأنبياء: 104) والآية مكية ولم يكن لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كاتب بمكة، والسجل: هو الكتاب المكتوب، واللام في قوله: (للكتب) بمعنى "على" والمعنى نطوي السماء كطي السجل على ما فيه من الكتب. =

7 - باب في السعاية على الصدقة

7 - باب في السِّعاية على الصدقة 2936 - حدَّثنا محمدُ بن ابراهيمَ الأسباطيُّ، حدَّثنا عبدُ الرحيم بن سليمانَ، عن محمد بن إسحاقَ، عن عاصمِ بن عُمر بن قَتادةَ، عن محمودِ بن لَبيدٍ عن رافعِ بن خَديجٍ، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "العاملُ على الصدقةِ بالحقِّ كالغازي في سبيل الله حتى يَرجِعَ إلى بيتهِ" (¬1). ¬

_ = وقال ابن كثير 3/ 200: لا يصح، وقد صرح جماعة من الحفاظ بوضعه، وإن كان في "سنن أبي داود"، منهم شيخنا الحافظ المزي، قال: وقد تصدى ابن جرير للإنكار على هذا الحديث، ورده أتم رد، وقال: لا يُعرف في الصحابة أحد اسمه السجل، وكتاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - معروفون، وليس فيهم أحد اسمه السجل. قال: وصدق رحمه الله في ذلك وهو من أقوى الأدلة على نكارة هذا الحديث، والصحيح عن ابن عباس أن السجل: هي الصحيفة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11272) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (11273) عن قتيبة بن سعيد، عن نوح، عن عمرو بن مالك النكري، عن أبي الجوزاء، به فأسقط يزيد بن كعب من إسناده. وفي الباب ما لا يُفْرَحُ به عن ابن عمر عند ابن مردويه وابن منده كما في "الإصابة" للحافظ ابن حجر 3/ 34 والخطيب البغدادي في "تاريخه" 8/ 175، وقال الحافظ الذهبي في "الميزان" في ترجمة حمدان بن سعيد: خبر كذب. (¬1) إسناده حسن، محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطلبي- صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالسماع عند أحمد (17285) فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه ابن ماجه (1809)، والترمذي (651) من طريق محمد بن إسحاق، والترمذي (651) من طريق يزيد بن عياض، كلاهما عن عاصم بن عمر بن قتادة، به. وقال الترمذي: حديث حسن. قلنا: العمدة فيه على ابن إسحاق، وأما يزيد بن عياض فهو متهمٌ. وهو في "مسند أحمد" (15826) و (17285)، وصححه ابن خزيمة (2334)، والحاكم 1/ 406، وسكت عنه الذهبي.

8 - باب في الخليفة يستخلف

2937 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفَيليُّ، حدَّثنا محمدُ بن سَلَمةَ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن يزيدَ بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن شِمَاسَةَ عن عُقبةَ بن عامرِ، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يدخُل الجنةَ صاحبُ مَكْسٍ" (¬1). 2938 - حدَّثنا محمدُ بن عبد الله القَطَّانُ، عن ابن مَغْرَاءَ عن ابنِ إسحاقَ قال: الذي يَعْشُرُ الناسَ، يعني صاحبَ المَكْسِ (¬2). 8 - باب في الخليفةِ يستخلِفُ 2939 - حدَّثنا محمدُ بن داودَ بن سفيانَ وسلمةُ، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن سالمٍ ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن. وأخرجه الدارمي (1666)، وأحمد (17294) وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 293، وابن الجارود (339)، وأبو يعلى (1756)، وابن خزيمة (2333)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 31، والطبراني في "الكبير" 17/ (878 - 880) والحاكم 1/ 404، والبيهقي 7/ 16 من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وفي الباب ما يشده عن رويفع بن ثابت عند أحمد (17001) وإسناده حسن. قال الخطابي: صاحب المكس: هو الذي يُعشر أموال المسلمين، ويأخذ من التجار والمختلفة إذا مروا عليه وعَبَروا به مكساً باسم العُشر. وليس هو بالساعي الذي يأخذ الصدقات. فقد وَليَ الصدقاتِ أفاضلُ الصحابة وكبارُهم في زمان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وبعدَه. وأصل المكس: النقص، ومنه أُخذ المِكاس في البيع والشراء، وهو أن يستوضعه شيئاً من الثمن، ويستنقصه منه قال الشاعر: وفي كل أسواق العراق إتاوةٌ ... وفي كل ما باع امرؤ مَكسُ درهمِ فأما العشر الذي يصالح عليه أهلُ العهد في تجاراتهم إذا اختلفوا إلى بلاد المسلمين فليس ذلك بمكس، ولا آخِذُه بمستحقٍّ للوعيد، إلا أن يتعدى ويظلم، فيخاف عليه الإثم والعقوبة. (¬2) إسناده حسن إلى ابن إسحاق، ورجاله كلهم صدوقون.

عن ابن عمر، قال: قال عمرُ: إني إنْ لا أستخلف فإنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يستخلفْ، وإنْ أستخلِفْ فإن أبا بكرٍ قد استخلَفَ، قال: فواللهِ ما هو إلا أن ذَكَرَ رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - وأبا بكرٍ فعلمتُ أنه لا يَعْدِلُ برسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أحداً، وأنه غيرُ مُستخلِفٍ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سالم: هوابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، والزهري: هو محمد بن مسلم بن عُبيد الله بن عبد الله بن شهاب، ومعمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام، وسلمة: هو ابن شبيب النَّيسابوري. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (9763)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1823)، والترمذي (2376). وأخرج البخاريُّ (7218)، ومسلم (1823) من طريق عروة بن الزبير بن العوام، عن ابن عمر: أن عمر قيل له: ألا تستخلِف؟ فقال: إن أترُك فقد ترك من هو خير مني: رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -،وإن أستخلِف، فقد استخلف من هو خير مني: أبو بكر. وهو في "مسند أحمد" (299) من طريق عروة، و (332) من طريق سالم، وفي "صحيح ابن حبان" (4478) من طريق عروة. قال النووي في "شرح صحيح مسلم": حاصله أن المسلمين أجمعوا على أن الخليفة إذا حضرته مقدمات الموت وقبل ذلك يجوز له الاستخلافُ، ويجوز له تركه، فإن تركه فقد اقتدى بالنبي - صلَّى الله عليه وسلم - في هذا، وإلا فقد اقتدى بأبي بكر، وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف، وعلى انعقادها بعقد أهل الحل والعقد لإنسان إذا لم يستخلف الخليفة، وأجمعوا على جواز جَعلِ الخليفة الأمرَ شورى بين جماعة كما فعل عمر بالستة، وأجمعوا على أنه يجب على المسلمين نصب خليفة، ووجوبه بالشرع لا بالعقل، وأما ما حُكي عن الأصم أنه قال: لا يجب، وعن غيره أنه قال: يجب بالعقل لا بالشرع فباطلان، أما الأصم فمحجوج بإجماع من قبله، ولا حجة له في بقاء الصحابة بلا خليفة في مدة التشاور يوم السقيفة وأيام الشورى بعد وفاة عمر رضي الله عنه، لأنهم لم يكونوا تاركين لنصب الخليفة، بل كانوا ساعين في النظر في أمر من يُعقد له، وأما القائل الآخر ففساد قوله ظاهر، لأن العقل لا يوجب شيئاً ولا يُحسِّنه ولا يُقبِّحه، وإنما يقع ذلك بحسب العادة لا بذاته، وفي هذا الحديث دليل أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لم ينص على خليفة، وهو إجماع أهل السنّة وغيرهم.

9 - باب في البيعة

9 - باب في البَيعة 2940 - حدَّثنا حفصُ بن عُمرَ، حدَّثنا شعبةُ، عن عبدِ الله بن دينارٍ عن ابن عمر، قال: كُنَّا نبايعُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - على السَّمْع والطاعَةِ ويُلقِّنّا "فيما استطعتَ" (¬1). 2941 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحِ، حدَّثنا ابنُ وهْبِ، حدثني مالكٌ، عن ابن شهابٍ، عن عروةَ أن عائشة أخبرته عن بيعة النساء، قالت: ما مَسَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يدَ امرأةٍ قطُّ إلا أن يأخذَ عليها، فإذا أخذَ عليها فأعطتْه قال: "اذْهَبي فقد بايعتُكِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (7202)، ومسلم (1867)، والترمذي (1683)، والنسائي (4187) و (4188) من طرق عن عبد الله بن دينار، به. وهو في "مسند أحمد" (4565)، و"صحيح ابن حبان" (4548). قال النووي تعليقاً على قوله: "فيما استطعت": وهذا من كمال شفقته - صلَّى الله عليه وسلم - ورأفته بأمته يلقنهم أن يقول أحدهم: فيما استطعت، لئلا يدخل في عموم بيعته ما لا يطيق. وقال الخطابي: فيه دليل على أن حكم الإكراه ساقط عنه غير لازم له، لأنه ليس مما يستطاع دفعه. (¬2) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوام، وابن شهاب: هو الزهرى، ومالك: هو ابن أنس الإمام، وابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه البخاري (2713) و (4891) و (7214)، ومسلم (1866)، والنسائي في "الكبرى" (8661) و (9194) و (9195) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (24829)، و"صحيح ابن حبان" (5581). قال النووي: فيه دليل على أن بيعة النساء الكلام من غير أخذ كف، وفيه أن بيعة الرجال بأخذ الكف مع الكلام، وفيه أن كلام الأجنبية يباح سماعه عند الحاجة، وأن =

10 - باب في أرزاق العمال

2942 - حدَّثنا عُبيدُ الله بن عمر بن مَيْسرةَ، حدَّثنا عبدُ الله بن يزيدَ، حدَّثنا سعيدُ بن أبي أيوبَ، حدثني أبو عَقِيلٍ زُهرةُ بن مَعبدٍ عن جده عبدِ الله بن هشامٍ،؛ وكان قد أدرك النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، وذهبتْ به أُمُّه زينبُ بنت حُمَيد إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله بَايِعْهُ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "هو صغِير" فمسح رأسَه (¬1). 10 - باب في أرزاق العمال 2943 - حدَّثنا زيدُ بن أخْزمَ أبو طالبٍ، حدَّثنا أبو عاصمٍ، عن عبدِ الوارث ابن سعيدٍ، عن حُسينٍ المُعلِّمِ، عن عبد الله بن بُريدةَ عن أبيه، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَنِ استعملناهُ على عَمَلٍ فرزقْناهُ رزقاً فما أخذَ بعد ذلك فهو غُلولٌ" (¬2). 2944 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسي، حدَّثنا ليث، عن بُكيرِ بن عبدِ الله بن الأشَجّ، عن بُسْر بن سعيدٍ ¬

_ = صوتها ليس بعورة، وأنه لا يلمس الأجنبية من غير ضرورة كتطبيب وفصد وحجامة وقلع ضرس وكحل عين ونحوها مما لا توجد امرأة تفعله جاز للرجل الأجنبي فعله للضرورة. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2501) و (7210) من طريق سعيد بن أبي أيوب، به. وهو في "مسند أحمد" (18046). (¬2) إسناده صحيح. حسين المعلم: هو ابن ذكوان، وأبو عاصم: هو الضحاك ابن مخلد. وأخرجه أبو يعلى في "معجم شيوخه" (244)، والطبري في "تهذيب الآثار" -قسم مسند علي بن أبي طالب- (353)، وابن خزيمة (2369)، والحاكم 1/ 406، والبيهقي 6/ 355 من طريق حسين بن ذكوان المعلم، به. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. والغلول: الخيانة في الغنيمة وفى مال الفيء.

عن ابن الساعديِّ، قال: استعملني عمرُ على الصدقةِ، فلما فرغتُ أمر لي بعُمالةٍ، فقلت: إنما عملتُ للهِ، قال: خُذْ ما أُعْطِيتَ، فإني قد عملتُ على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فَعَمَّلَنِي (¬1). 2945 - حدَّثنا موسى بن مروانَ الرَّقِّيُّ، حدَّثنا المُعافَى، حدَّثنا الأوزاعيُّ، عن الحارثِ بن يزيدَ، عن جُبيرِ بن نُفَيرٍ عن المُستورِد بن شدَّادٍ، قال: سمعتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ: "من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجةً؛ فإن لم يكن له خادمٌ فليكتسبْ خادماً، فإن لم يكن له مَسكنٌ فليكتسبْ مَسكناً". ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن الساعدي: هو عبد الله بن السعدي، واسم أبيه وَقْدان -وقيل غير ذلك- القرشي العامري، وليث: هو ابن سعد. وأخرجه مسلم (1045)، والنسائى (1604) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (371)، و"صحيح ابن حبان" (3405). وأخرجه بنحوه البخاري (7163)، ومسلم (1045)، والنسائي (2605) و 2606) و (2607) من طريق حويطب بن عبد العزى، عن عبد الله بن السعدي، به. وهو في "مسند أحمد" (100). وأخرج البخاري (7164)، والنسائى (2608) من طريق عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: سمعتُ عمر يقول: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يعطيني العطاء، فأقول: أعطه أفقر إليه مني، حتى أعطانى مرة مالاً، فقلتُ: أعطه أفقر إليه مني، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "خذه فتموَّله وتصدق به. فما جاءك من هذا المال، وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا، فلا تُتبِعه نفسَك". وهو في "مسند أحمد" (136). قال الخطابي: قوله: "عملني" معناه: أعطاني العُمالة، والعمالة بضم العين: ما يأخذه العامل من الأجرة. وفيه بيان أخذ العامل الأجرة بقدر مثل عمله فيما يتولاه من الأمر، وقد سمى الله تعالى للعاملين سهماً في الصدقة، فقال: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [التوبة: 60] فرأى العلماء أن يُعطوا على قدر غنائهم وسعيهم.

11 - باب في هدايا العمال

قال: قال أبو بكر: أُخبِرتُ أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من اتخذَ غيرَ ذلكَ فهو غالٌّ أو سارقٌ" (¬1). 11 - باب في هدايا العمّال 2946 - حدَّثنا ابنُ السَّرحِ وابنُ أبي خَلَفٍ -لفظه- قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريّ، عن عروةَ عن أبي حُمَيد الساعديِّ: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - استعمل رجلاً من الأزد يُقال له: ابنُ اللّتبِيّة - قال ابنُ السَّرْحِ: ابن الأُتبِيَّة - على الصدقةِ، فجاء فقال: هذا لكُم، وهذا أُهْدِي لي، فقام النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - على المنبر فحمِد اللهَ وأثنى عليه، وقال: "ما بَال العامِل نبعثه فيَجِيء فيقول: هذا لكم وهذا أُهدي لي، ألاَّ جلَسَ في بيت أمه وأبيه، فينظرَ أيُهْدى ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل موسى بن مروان الرقي، وهو متابع. المعافى: هو ابن عمران الموصلي. وأخرجه ابن خزيمة (2370) عن يحيى بن مخلد المِقْسَمى، والحاكم 1/ 406 من طريق محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، كلاهما عن المعافى بن عمران، بهذا الإسناد. قال الخطابي: هذا يتأول على وجهين: أحدهما: إنما أباح له اكتساب الخادم، والمسكن من عُمالته التي هي أجر مثله، وليس له أن يرتفق بشيء سواها، والوجه الآخر: أن للعامل السُّكنى والخدمة، فإن لم يكن له مسكن وخادم، استؤجر له من يخدمه، فيكفيه مهنة مثله، ويُكترى له مسكنٌ يسكنه مدة مقامه في عمله. وقال القاري في شرح "المشكاة" 4/ 153: معنى "من كان لنا عاملاً فيكتسب مسكناً" أي: يحل له أن يأخذ مما في تصرفه من مال بيت المال قدر مهر زوجة ونفقتها وكسوتها، وكذلك مالا بد له من غير إسراف وتنعم، فإن أخذ أكثر مما يحتاج إليه ضرورة، فهو حرام عليه.

إليه أم لا؟ لا يأتي أحدٌ مِنكم بشيءٍ من ذلك إلا جاء به يوم القيامة، إن كان بَعيراً فَله رُغاءٌ، أو بقرَةً فَلها خُوارٌ، أو شاةً تَيْعَرُ" ثم رفع يديه حتى رأينا عُفْرةَ إبطيه، ثم قال: "اللهُمَّ هل بَلَّغْتُ، اللَّهُمّ هل بَلَّغْتُ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوام، وسفيان: هو ابن عُيينة، وابن أبي خلف: هو محمد بن أحمد بن أبي خلف السُّلَمي، وابنُ السَّرح: هو أحمد ابن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السَّرح، أبو الطاهر، مشهور بكنيته. وأخرجه البخاري (2597) و (6636) و (7174)، ومسلم (1832) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه البخاري (1500) و (6979) و (7197)، ومسلم (1832) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه. وهو في "مسند أحمد" (23598)، و"صحيح ابن حبان" (4515). الرغاء: صوت البعير، والخوار: صوت البقرة، وقوله: تيعر على وزن تسمع وتضرب، أي: تصيح وتصوت صوتاً شديداً. قال الخطابي: في هذا بيان أن هدايا العمال سُحْتٌ، وأنه ليس سبيلُها سبيلَ سائر الهدايا المباحةِ، وإنما يُهدَى إليه للمحاباة، وليخفف عن المُهدِي، ويُسوَّغ له بعض الواجب عليه. وهو خيانة منه، وبَخس للحق الواجب عليه استيفاؤه لأهله. وفي قوله: "ألا جلس في بيت أمه أو أبيه، فينظر أيُهدى إليه أم لا" دليل على أن كل أمر يُتذرع به إلى محظور فهو محظور، ويدخل في ذلك القرض يجر المنفعة، والدار المرهونة يسكنُها المرتهن بلا كراء، والدابة المرهونة يركبها ويرتفق بها من غير عوض. وفي معناه: من باع درهماً ورغيفاً بدرهمين، لأن معلوماً أنه إنما جعل الرغيف ذريعة إلى أن يربح فضل الدرهم الزائد، وكذلك كل تلجئة وكل دخيل في العقود يجري مجرى ما ذكرناه على معنى قوله: "هلا قعد في بيت أمه حتى ينظر أيُهدى إليه أم لا؟ " فينظر في الشيء وقرينه إذا أفرد أحدهما عن الآخر، وفرق بين قرانها: هل يكون حكمه عند الانفراد كحكمه عند الاقتران أم لا؟ والله أعلم. =

12 - باب في غلول الصدقة

12 - باب في غلُول الصدقة 2947 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن مُطرّف، عن أبي الجَهْم عن أبي مَسعودٍ الأنصاري، قال: بعثني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ساعياً، ثم قال: "انْطَلِق أبَا مسعودٍ لا أُلفِينّك يومَ القيامة تجيءُ على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رُغاءٌ قد غَلَلْتَه" قال: إذاً لا أنطلقُ، قال: "إذاً لا أُكرِهُك" (¬1). 13 - باب فيما يلزم الإمامَ من أمر الرعية 2948 - حدَّثنا سليمانُ بن عبد الرحمن الدمشقيُّ، حدَثنا يحيى بن حمزةَ، حدَثني ابنُ أبي مريمَ، أن القاسمَ بن مُخَيمِرةَ أخبره، أن أبا مريمَ الأزديَّ أخبره، قال: دخلتُ على معاويةَ فقال: ما أنعمَنَا بك يا فلانٍ، وهي كلمةٌ تقولُها العربُ، فقلتُ: حديثاً سمعتُه أُخبِرك به، سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: ¬

_ = وقال ابن الأثير: "عُفْرة إبطيه" العُفْرة: بياض ليس بالناصع، ولكن كلون عَفَر الأرض، وهو وجهها. ومعنى قوله: "اللهم هل بلغت": المراد: - بلغت حكم الله إليكم امتثالاً لقوله تعالى له: {بَلِّغْ} وإشارة إلى ما يقع في القيامة من سؤال الأمم: هل بلغهم أنبِياؤهم ما أرسلوا به إليهم. (¬1) إسناده صحيح. أبو الجهم -وهو سليمان بن الجهم الحارثي- وثقه يعقوب ابن سفيان والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ونقل ابن خلفون عن ابن عمير توثيقه، وأثنى عليه خيراً، مطرِّف -وهو ابن طريف-، جرير: هو ابن عبد الحميد. وقال المنذري في "مختصر السنن": حسنٌ. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (688) و (689) من طريق مطرف بن طريف، به.

"مَن وَلاَّهُ الله شيئاً من أمرِ المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخَلَّتِهم وفَقْرِهم احتجبَ اللهُ عنه دونَ حاجته وخَلَّتِه وفقرِه" قال: فجعل رجلاً على حوائج الناسِ (¬1). 2949 - حدَّثنا سلمةُ بن شَبيبٍ، حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، أخبرنا مَعمرٌ، عن همّام بن مُنبِّه قال: هذا ما حدَّثنا أبو هريرة، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما أُوتيكُم من شيءٍ وما أَمنَعَكموهُ، إنْ أنا إلاَّ خازنٌ أضَعُ حيثُ أُمِرْتُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو مريم الأزدي: اسمه عمرو بن مرة الجهني، كما جزم به البخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 308، والترمذي بإثر (1382)، والبغوي فيما نقله الحافظ في "الإصابة" في ترجمة أبي مريم الأزدي. وأخرجه الترمذي (1382) من طريق يحيي بن حمزة، بهذا الإسناد. وانظر "مسند أحمد" (15651). وأخرجه بنحوه الترمذي (1381) من طريق أبي الحسن الجزري، عن عمرو بن مرة. وإسناده ضعيف لجهالة أبي حسن هذا، ولهذا قال الترمذي: غريب. وهو في "مسند أحمد" (18033). قال الخطابي: قوله: ما أنعمنا بك، يريد ما جاءنا بك، أو ما أعملك إلينا، وأحسبه مأخوذاً من قوله: نَعَمْ ونِعمة عين، أي: قرة عين، وإنما يقال ذلك لمن يُعتَدُّ بزيارته ويُفرح بلقائه، كأنه يقول: ما الذي أطلعك علينا وحيانا بلقائك، ومن ذلك قوله: أنعم صباحاً، هذا أو ما أشبهه مِن الكلام، والله أعلم. (¬2) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام. وأخرجه أحمد (8155). والبغوي في "شرح السنة" (2719) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3117) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ما أُعطيكم ولا أمنعكم، إنما أنا قاسم، أضع حيث أُمِرتُ".

14 - باب في قسم الفيء

2950 - حدَّثنا النُّفَيلي، حدَّثنا محمد بن سَلَمة، عن محمد بن إسحاقَ، عن محمد بن عَمرو بن عطاءٍ، عن مالكِ بن أوس بن الحَدثان قال: ذَكَر عمرُ بن الخطابِ يوماً الفيء فقال: ما أنا بأحَقَّ بهذا الفَيء منكم، وما أحدٌ منا بأحقَّ به من أحدٍ، إلا أنَّا على مَنازلِنا من كتاب الله عز وجل، وقَسْمِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: فالرجُل وقِدَمُه، والرجلُ وبلاؤُه، والرجلُ وعِيالُه، والرجل وحاجتُه (¬1). 14 - باب في قَسم الفَيء 2951 - حدَّثنا هارونُ بن زيدِ بن أبي الزرقاءِ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا هشامُ بنُ سعيد، عن زيد بن أسلمَ أن عبدَ اللهِ بن عمر دخل على معاويةَ فقال: حاجَتَك يا أبا عبد الرحمن، فقال: عطاءُ المحَرَّريِن، فإنى رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أولَ ما جاءه شيءٌ بدأ بالمحرَّرين (¬2). ¬

_ (¬1) حسن، وهذا إسناد فيه عنعنة محمد بن إسحاق -وهو مدلس- لكنه متابع. وأخرجه أحمد (292)، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (947)، والبيهقي 6/ 346 - 347، والضياء المقدسي في "المختارة" (277) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1290) من طريق هشام" بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن مالك بن أوس، به، وهذا إسناد حسن في المتابعات، هشام بن سعد يعتبر به في المتابعات والشواهد. وأخرج الشافعي في "مسنده" 2/ 127، ومن طريقه البيهقي 6/ 347 من طريق عمرو بن دينار عن الزهري، عن مالك بن أوس أن عمر بن الخطاب قال: ما أحدٌ إلا وله في هذا المال حق، أُعطيَه أو مُنِعَه، إلا ما ملكت أيمانكم. (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد قد اختلف فيه عن هشام بن سعد -وهو ضعيف يعتبر به- كما سيأتي. =

2952 - حدَّثنا إبراهيمُ بن موسى الرازيُّ، أخبرنا عيسى، حدَّثنا ابنُ أبي ذئبٍ، عن القاسمِ بن عباسٍ، عن عبد الله بن نِيَار، عن عروةَ ¬

_ = فقد رواه زيد بن أبي الزرقاء كما عند المصنف، عنه عن زيد بن أسلم، أن عبد الله بن عمر. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (1114)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4274) من طريق عبد الله بن نافع الصائغ، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن معاوية لما قدم حاجاً جاءه عبد الله بن عمر ... فزاد في الإسناد أسلم مولى ابن عمر، وعبد الله بن نافع فيه كلام، وهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه الطحاوي (4275) من طريق خالد بن مخلد القطواني، عن أسامة بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر أنه قال لمعاوية. وأسامة بن زيد ضعيف الحديث، وفى خالد القطواني كلام. وأخرجه الطحاوي (4276) من طريق أبي عتاب زيد بن أبي عتاب: أن معاوية عام حج، قال عبد الله بن عمر ... وإسناده حسن. قال الخطابي: يريد بالمحررين المعتَقِين، وذلك أنهم قوم لا ديوان لهم. وإنما يدخلون تبعاً في جملة مواليهم. وكان الديوان موضوعاً على تقديم بنى هاشم، ثم الذين يلونهم في القرابة والسابقة. وكان هؤلاء مؤخرين في الذكر، فأذكر بهم عبد الله بن عمر، وتشفع في تقديم أُعطيتهم، لما علم من ضعفهم وحاجتهم. ووجدنا الفيء مقسوماً لكافة المسلمين، على ما دلت عليه الأخبار، إلا من استثني منهم من أعراب الصدقة. وقال الخطابي: وقال أحمد وإسحاق: الفيء للغني والفقير إلا العبيد. واحتج أحمد في ذلك بأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أعطى العباس من مال البحرين، والعباس رضي الله عنه غني، والمشهور عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه سوى بين الناس، ولم يفضل بالسابقة، وأعطى الأحرار والعبيد. وعن عمر رضى الله عنه: أنه فضّل بالسابقة والقدم، وأسقط العبيد. ثم رد على بن أبي طالب رضي الله عنه الأمر إلى التسوية بعد. ومال الشافعي إلى التسوية، وشبهه بقسم المواريث.

عن عائشة: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أُتي بظَبْية فيها خَرَزٌ فقسمها لِلُحُرَّةِ والأمةِ، قالت عائشةُ: كان أبي رضي الله عنه يقسِم للحُرِّ والعبد (¬1). 2953 - حدَّثنا سعيدُ بن منصور، حدَّثنا عبدُ الله بن المبارك (ح) وحدَّثنا ابنُ المُصفَّى، قال: حدَّثنا أبو المُغيرة، جميعاً عن صفوانَ بن عَمرو، عن عبد الرحمن بن جُبَير بن نُفَير، عن أبيه عن عوف بن مالك: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا أتاه الفيءُ قَسَمَه في يومه، فأعطى الآهِلَ حظَّين، وأعْطَى العَزَبَ حظّاً - زاد ابنُ المصفَّى: فدُعِينَا وكنتُ أُدْعى قبل عمار، فدُعِيتُ فأعطاني حظّين وكان لي أهلٌ، ثم دُعي بعدي عمار بن ياسر فأُعطِي حظاً واحداً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث، وعيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. وأخرجه الطيالسي (1435)، وابن أبي شيبة 12/ 409 - 410، وإسحاق بن راهوية (758)، وأحمد (25229)، وأبو يعلى (4923)، والبيهقي 6/ 347 و 348 من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. قال ابن الأثير: الظَّبْية. هي جراب صغير عليه شعر، وقيل: هي شبه الخريطة والكيس. (¬2) إسناده صحيح. صفوان بن عمرو: هو ابن هَرِم السَّكْسَكي، وأبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجَّاج الخولاني، وابن المصفى: هو محمد بن المصفى الحمصي. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2356). وأخرجه أبو عبيد في "الأموال" (599)، وابن أبي شيبة 12/ 348، وأحمد (23986)، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (879)، والبزار (2748)، وابن الجارود (1112)، وابن حبان (4816)، والطبراني في "الكبير" 18/ (80) و (81)، وفي "مسند الشاميين"، (946) و (947)، والحاكم 2/ 140 - 141، والبيهقي 6/ 346 من طريق صفوان بن عمرو، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني 18/ (82) من طريق معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير، بنحوه.

15 - باب في أرزاق الذرية

15 - باب في أرزاق الذُّرية 2954 - حدَّثنا محمدُ بن كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن جعفرٍ، عن أبيه عن جابر بن عبد الله، قال: كانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "أنَا أولى بالمؤمنينَ من أنفسهم، مَن ترك مالاً فلأهله، ومن تَرك دَيناً أو ضَيَاعاً، فإليَّ، وعلىَّ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جعفر: هو الصادق، ابن محمد بن علي الباقر، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه مسلم (867)، وابن ماجه (45) و (2416)، والنسائي (1578) من طريق جعفربن محمد، به. وهو في "مسند أحمد" (14334)، و"صحيح ابن حبان" (10) و (3062). وسيأتى من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن جابر برقم (2956) و (3343). قال الخطابي: هذا فيمن ترك ديناً لا وفاء له في ماله، فإنه يمضى دَينهِ من الفيء، فأما من ترك وفاءً، فإن دَينه مقضي عنه، ثم بقية ماله بعد ذلك مقسومة بين ورثته. و"الضياع": اسم لكل ما هو بعرض أن يضيع، إن لم يُتَعهَّد، كالذرية الصغار والأطفال والزَّمْنى، الذين لا يقومون بكلِّ أنفسهم، وسائر من يدخل في معناهم. وكان الشافعي يقول: ينبغي للإمام أن يحصي جميع مَن في البلدان من المقاتلة، وهم مَن قد احتلم، أو استكمل خمس عشرة سنة من الرجال، ويحصي الذرية، وهم مَن دون المحتلِم ودون البالغ، والنساء صغيرتهن وكبيرتهن، ويعرف قدر نفقاتهم وما يحتاجون إليه في مؤناتهم بقدر معايش مثلهم في بلدانهم. ثم يعطي المقاتلة في كل عام عطاءهم. والعطاء الواجب من الفيء لا يكون إلا لبالغ يطيق مثلُه الجهاد، ثم تُعطَى الذريةُ والنساءُ ما يكفيهم لسَنَتِهم قي كسوتهم ونفقتهم. قال: ولم يختلف أحد لقيناه في أن ليس للمماليك في العطاء حقٌ، ولا للأعراب الذين هم أهل الصدقة. =

2955 - حدَّثنا حفصُ بن عمرَ، حدَّثنا شعبةُ، عن عَديِّ بن ثابت، عن أبي حازمٍ عن أبي هُريرةَ قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَن تَرَكَ مالاً فلورثته، ومَن تَرَكَ كَلّاً فإلَينا" (¬1). 2956 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا عبد الرزَّاق، عن معمر، عن الزهريِّ، عن أبي سلمةَ عن جابر بن عبد الله، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقول: "أنا أَولى بكلِّ مؤمنٍ من نفسِه، فأيُّما رجل مات وتَرك دَيْناً فإليَّ، ومن ترك مالاً فلورثته" (¬2). ¬

_ = قال: وإن فضل من المال فَضْل -بعدما وصفتُ- وضعه الإمام في إصلاح الحصون، والازدياد في الكُراع، وكلِّ ما يَقوى به المسلمون. فإن استغنى المسلمون وكملت كل مصلحة لهم، فرَّق ما يبقى منه بينهم كلَّه على قدر ما يستحقون في ذلك المال. قال: ويُعطى من الفيء رزقُ الحكام، وولاةُ الأحداث والصلاة بأهل الفيء، وكلُّ مَن قام بأمر الفيء من والٍ وكاتب وجندي مما لا غنى لأهل الفيء عنه -رزق مثلِه. (¬1) إسناده صحيح. أبو حازم: هو سَلمان الأشجعي، وحفص بن عمر: هو ابن الحارث بن سَخبرة الأزدي الحوضي. وأخرجه البخاري (2398) و (6763)، ومسلم (1619) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2298) و (2399) و (4781) و (5371) و (6731) و (6745) ومسلم (1619)، وابنُ ماجه (2415)، والترمذي (2219)، والنسائي (1963) من طرق عن أبى هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7861) و (9875)، و"صحيح ابن حبان" (3063) و (4854) و (5054). وقوله: كَلًّا. هو بفتح أوله، أصله: الثقل، والمراد به هنا: العيال. (¬2) إسناده صحيح. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. وقد روى هذا الحديث غيرُ معمر -وهو ابن راشد- كعُقيل بن خالد ويونس بن يزيد الأيليّان، وابن=

16 - باب متى يفرض للرجل في المقاتلة وينفل من العيال؟

16 - باب متى يُفرضُ للرجل في المقاتلة وينفَّل من العِيال؟ 2957 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يحيي، عن عُبيد الله، أخبرني نافعٌ عن ابن عمر، أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - عُرِضَهُ يوم أُحد، وهو ابنُ أربعَ عشرةَ، فلم يُجِزْه، وعُرِضَهُ يومَ الخندقِ، وهو ابنُ خمسَ عشرةَ، فأجازَه (¬1). 17 - باب في كراهية الافتراض (¬2) في آخر الزمان 2958 - حدَّثنا أحمد ابنُ أبي الحَوَاريِّ، حدَّثنا سُلَيمُ بن مُطَير، شيخٌ من أهل وادي القُرى قال: ¬

_ = أبي ذئب، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عند البخاري (5371) و (6731)، ومسلم (1619)، والنسائي (1963) وغيرهم. ومثل هذا الاختلاف لا يضر في صحة الحديث، لاحتمال أن يكون أبو سلمة سمعه من كليهما؛ إذ كان واسعَ الرواية، وعلى فرض وهم معمر أو عبد الرزاق في تسمية الصحابي، فإن الصحابة كلَّهم عدولٌ. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (15257). وأخرجه النسائى (1962) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14158)، و"صحيح ابن حبان" (3064). وسيتكرر عند المصنف برقم (3343) بأطول مما هنا. وقد سلف بإسناد آخر صحيح برقم (2954). (¬1) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر العُمري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه البخاري (2664) و (4097)، ومسلم (1868)، وابن ماجه (2543)، والترمذي (1411) و (1807)، والنسائي (3431) من طرق عن عبيد الله بن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (4661)، و"صحيح ابن حبان" (4727) و (4728). وسيتكرر عند المصنف برقم (4406) و (4407). (¬2) الافتراض: الفرض بالفاء: العطية الموسومة، يقال: ما أصبت منه فرضاً، وفرضت الرجل وأفرضته إذا أعطيته، وقد فرضتُ له في العطاء وفرضت له في الديوان، وافترض الجندُ: أخذوا عطاياهم.

حدثني أبى مُطيرٌ: أنه خرج حاجّاً حتى إذا كان بالسُّوَيداء إذا أنا برجلٍ قد جاء كأنه يطلُب دواءً أو حُضُضاً، فقال: أخبرني مَن سمعَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في حجَّةِ الوداع، وهو يعظُ الناسَ، ويأمرُهم وينهاهُم، فقال: "يا أيها الناسُ خذُوا العطاءَ ما كان عطاءً، فإذا تجاحَفَتْ قريشٌ على المُلكِ، وكان عن دِين أحدكُم، فدَعُوهُ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف سُلَيم بن مُطَير، وجهالة حال أبيه، وقال البخاري فيما نقله العقيلي في "الضعفاء" 4/ 250: لا يثبت حديثه. وقد اختُلف عنه، فمرة روي عنه، عن رجل، عمن سمع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كما في هذه الرواية، ومرة روي عنه عن رجل سمع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، يعني بإسقاط الرجل المبهم كما في الرواية التالية. وقال المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة ذي الزوائد 8/ 529 عن الرواية المزيدة: وهو الصواب. وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء"10/ 27، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 359 من طريق أحمد بن أبي الحواري، بهذا الإسناد. وأخرجه ابنُ أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2657)، والطبراني في "الكبير" (4239)، وابن عدي في "الكامل" في ترجمة مطير، والبيهقي 6/ 359، وابن الأثير في "أسد الغابه" في ترجمة ذي الزوائد الجهني، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة ذي الزوائد 8/ 528، من طريق هشام بن عمار، وابن أبي عاصم (2646) من طريق زياد بن نصر، والبخاري في "تاريخه الكبير"1/ 235 من طريق أمة الرحمن بنت محمد بن مطير العذرية، ثلاثتهم عن سليم بن مطير، عن أبيه، عن ذي الزوائد -وقال زياد وأمة الرحمن: أبو الزوائد- فأسقطوا من إسناده الرجل المبهم. وقرنت أمةُ الرحمن بعمها أباها محمداً. وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" معلقاً 3/ 265، والحسن بن سفيان في "مسنده" كما في "تهذيب الكمال" في ترجمة ذي الزوائد 8/ 529، عن هشام بن عمار، عن سلِيم، عن أبيه، عن رجل، عن ذي الزوائد. قال المزي: وهو الصواب، قلنا: فوافق رواية أحمد بن أبي الحواري. وانظر ما بعده. قال الخطابي: قوله: "تجاحفت" يريد: تنازعت الملك حتى تقاتلت عليه، وأجحف بعضها ببعض.

18 - باب في تدوين العطاء

قال أبو داود: ورواه ابنُ المبارَك، عن محمد بن يَسارٍ، عن سُلَيم بن مُطَير (¬1). 2959 - حدَّثنا هشامُ بن عَمار، حدَّثنا سُلَيم بن مُطَير، من أهل وادي القرى، عن أبيه، أنه حدَّثه، قال: سمعت رجلاً يقول: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في حَجةِ الوداع، أمرَ الناسَ ونهاهُم، ثم قال: "اللهم هل بَلَّغْتُ"؟ قالوا: اللهم نعم، ثم قال: " إذا تجاحَفَتْ قُريشٌ على المُلكِ فيما بينها وعاد العطاءُ رُشَاً فدَعُوه" فقيل: مَنْ هذا؟ قالوا: هذا ذو الزَّوائد، صاحبُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2). 18 - باب في تدوين العطاء (¬3) 2960 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا إبراهيمُ -يعني ابنَ سعْدٍ- أخبرنا ابنُ شهابِ عن عبد الله بن كعْب بن مالك الأنصاري: أن جيشاً من الأنصار كانوا بأرضِ فارسَ مع أميرِهم، وكان عمرُ يُعْقِبُ الجيوشَ في كل عام، فشُغِل عنهم عمرُ، فلما مرَّ الأجل قَفَلَ أهلُ ذلك الثغْرِ، فاشتد ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). (¬2) إسناده ضعيف كسابقه، وانظر تخريجه هناك. وقوله: "وعاد العطاء رشاً" هو أن يُصرف عن المستحقين، ويُعطَى من له الجاه والمنزلة. (¬3) الديوان: مجتمع الصحف، والكتاب يكتب فيه أهل الجيش وأهل العطية، وأول من وضعه عمر رضي الله عنه.

عليهم وتواعَدهم وَهم أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا عمر، إنك غَفَلْتَ عنا وتركتَ فينا الذي أمرَ به رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - من إعقابِ بعضِ الغَزِيَّة بعضاً (¬1). 2961 - حدَّثنا محمودُ بن خالدٍ، حدَّثنا محمدُ بن عائذٍ، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا عيسى بنُ يونسَ، حدَّثني فيما حدثه ابنٌ لعَدِيِّ بن عدي الكِنْدي أن عمر بن عبد العزيز كتب: إن مَن سأل عن مَواضعِ الفيء فهو ما حَكَم فيه عمرُ بن الخطاب، فرآه المؤمنون عَدْلاً، موافقاً لقولِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "جعلَ اللهُ الحق على لسانِ عمرَ وقلبِه" فَرَضَ الأُعطيةَ، وعَقَد لأهلِ الأديانِ ذمَّةً بما فَرَضَ عليهم من الجزية، لم يضرِب فيها بخُمسٍ، ولا مَغْنَم (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح إن كان عبد الله بن كعب سمعه من أولئك الأنصار -وهو الذي يغلب على الظن- ولا يُنكَر إدراكه لعمر بن الخطاب، بل إنه على قول من قال: له رؤية، مُدرك لا محالة، والله تعالى أعلم. وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى (1095)، والبيهقي 9/ 29 من طريق إبراهيم ابن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (9651) عن معمر، عن الزهري قال: بعث عمر جيشاً ... فذكره مرسلاً. قال الخطابي: الإعقاب: أن يبعث الإمام في أثر المقيمين في الثغر جيشاً يقيمون مكانهم وينصرف أولئك، فإنه إذا طالت عليهم الغيبة والغزية تضرروا به، وأضر ذلك بأهليهم، وقد قال عمر رضي الله عنه في بعض كلامه "لا تجمروا الجيوش فتفتنوهم" يريد: لا تطيلوا حبسهم في الثغور. (¬2) إسناده ضعيف، قال المنذري في "مختصر السنن": في رواته مجهول، وعمر بن عبد العزيز لم يدرك عمر بن الخطاب، والمرفوع منه مرسل.

19 - باب في صفايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأموال

2962 - حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا محمدُ بن اسحاقَ، عن مَكحولٍ، عن غُضَيفِ بن الحارث عن أبي ذرّ، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ اللهَ وضعَ الحقَّ على لسانِ عمرَ يقولُ به" (¬1). 19 - باب في صَفايَا رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - من الأموال 2963 - حدَّثنا الحسنُ بن علي ومحمدُ بن يحيى بن فارس -المعنى- قالا: حدَّثنا بِشْر بن عُمر الزَّهرانيُّ، حدثني مالكُ بن أنس، عن ابن شهاب عن مالكِ بن أوْسِ بن الحَدَثانِ، قال: أرسل إليَّ عمر حين تَعالَى النهارُ، فجئتُه، فوجدتُه جالساً على سرير مُفْضياً إلى رُمَالِه، فقال حين دخلتُ عليه: يا مالُ، إنه قد دَفَّ اْهلُ أبياتٍ من قَومك، وقد أمَرْتُ فيهم بشيءٍ، فاقْسِمْ فيهم، قلتُ: لو أمَرْتَ غيري بذلك، فقال: خُذْه، فجاءه يَرْفأُ، فقال: يا أميرَ المؤمنين، هل لك في عثمانَ ابن عفانَ، وعبد الرحمن بن عَوف، والزبيرِ بن العَوّام، وسعْد بن أبي وَقَّاصٍ؟ قال: نعم، فأذِنَ لهم فدخلوا، ثم جاءه يَرْفأُ، فقال: يا أميرَ المؤمنين هل لك في العباسِ وعليٍّ؟ قال: نعم، فأذِن لهم، فدخَلوا، فقال العباسُ: يا أميرَ المؤمنين، اقْضِ بيني وبين هذا -يعني علياً- ¬

_ (¬1) حديث صحيح، محمد بن إسحاق قد صرح بالتحديث عند يعقوب بن سفيان في "المعرفه" 1/ 416، وهو متابع. زهير: هو ابن معاوية الجعفي، وأحمد بن يونس: هو ابن عبد الله بن يونس. وهو معروف بنسبته لجده. وأخرجه ابن ماجه (108) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21457).

فقال بعضُهم: أجَلْ يا أميرَ المؤمنين، اقضِ بينَهما وأرِحْهُما. قال مالكُ بن أوسٍ: خُيِّلَ إليَ أنهما قَدَّمَا أولئك النفرَ لذلك، فقال عمرُ: اتَّئِدا، ثم أقبلَ على أولئك الرَّهطِ، فقال: أُنشِدُكم باللهِ الذي بإذنهِ تقومُ السَّماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا نُورَثُ، ما تركنا صدقةٌ"؟ قالوا: نعم، ثم أقبل على عليٍّ والعباسِ، فقال: أُنشِدُكُما بالله الذي بإذنِه تقومُ السماءُ والأرض، هل تعلَمانِ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا نُورَثُ، ما تركنا صدقةٌ " فقالا: نعم، قال: فإن الله عز وجل خصَّ رسولَه - صلَّى الله عليه وسلم - بخَاصّةٍ لم يَخُصَّ بها أحداً من الناس، فقال الله تعالى: َ {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)} [الحشر: 6] فكانَ اللهُ أفاءَ على رسوله بني النَّضير، فوالله ما استأثَر بها عليكم ولا أخذَها دونكم، فكانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يأخذُ منها نفقةَ سنةٍ، أو نفقتَه ونفقةَ أهلِه سنةً، ويجعلُ ما بقي أُسوةَ المالِ، ثم أقبلَ على أولئك الرَّهْط، فقال: أُنشدِكم بالله الذي بإذنِه تقومُ السماء والأرض، هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم أقبل على العباسِ، وعليٍّ فقال: أُنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم، فلما توفي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال أبو بكر: أنا وليُّ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - , فجئت أنتَ وهذا إلى أبىِ بكر تطلبُ أنتَ ميراثَك من ابن أخيكَ، ويطلبُ هذا ميراثَ امرأتِه من أبيها، فقال أبو بكر: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا نُورَثُ، ما تركنا صدقةٌ" والله يعلمُ إنه لصادقٌ بارٌّ راشدٌ تابعٌ للحقِّ، فوليَها أبو بكر، فلما توفي قلتُ: أنا وليُّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ووليُّ أبي

بكر، فوَليتُها ما شاءَ اللهُ أن ألِيَها، فجئتَ أنتَ وهذا، وأنتما جميعٌ وأمركما واحدٌ، فسألتُمانيها فقلت: إن شئتُما أن أدفعها إليكُما على أنَّ عليكما عهدَ الله أن تَلِيَاهَا بالذي كانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يلِيْها، فأخذتُماها منِّي على ذلك، ثم جئتُماني لأقضِي بينكما بغير ذلك، والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقومَ الساعةُ، فإن عَجَزْتما عنها، فرُدَّاها إليَّ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (3094)، ومسلم (1757)، والترمذي (1702)، والنسائىِ في "الكبرى" (6276) من طريق مالك بن أنس، بهذا الإسناد. ورواية الترمذي مختصرة. وأخرجه البخاري (4033) من طريق شعيب بن أبي حمزة، و (5358) و (6728) و (7305) من طريق عُقيل بن خالد الأيلي، والنسائي في "الكبرى" (6273) من طريق يونس بن يزيد، و (6274) و (6275) - من طريق عمرو بن دينار، أربعتهم عن الزهري، به. واقتصر يونس وعمرو في روايتهما على قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لانورث، ما تركنا صدقة". وأخرجه بنحوه مختصراً النسائي في "الكبرى" (4434) من طريق عكرمة بن خالد، عن مالك بن أوس بن الحدثان، به. وهو في "مسند أحمد" (172) و (1781)، و"صحيح ابن حبان" (6608). وانظر ما بعده وما سيأتي بالأرقام (2964) و (2965) و (2966) و (2967). قال الخطابي معلقاً على قول أبي داود بإثر الحديث: ما أحسن ما قال أبو داود وما أشبهه بما تأوله، والذي يدل من نفس الحديث وسياق القصة على ما قال أبو داود: قول عمر لهما: فجئت أنت وهذا وأنتما جميعاً وأمركما واحد، فهذا يبين أنهما إنما اختصما إليه في رأي حدثَ لهما في أسباب الولاية والحفظ. فرام كل واحدٍ منهما التفرد به دون صاحبه، ولا يجوز عليهما أن يكونا طالباه بأن يجعله ميراثاً ويرده ملكاً، بعد أن كانا سلّماه في أيام أبي بكر وتخليا عن الدعوى فيه. وكيف يجوز ذلك؟ وعمر رضي الله عنه يناشدهما الله هل تعلمان أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا نورث، ما تركنا صدقة فيعترفان به والقوم الحضور يشهدون على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بمثل ذلك. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وكل هذه الأمور تؤكد ما قاله أبو داود وتصحح ما تأوله من أنهما إنما طلبا القسمة، ويشبه أن يكون عمر إنما منعهما القسمة احتياطاً للصدقة ومحافظة عليها. فإن القسمة إنما تجري في الأموال المملوكة، وكانت هذه الصدقات متنازعة وقت وفاة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُدّعَى فيها الملك والوراثة إلى أن قامت البينة من قول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: أن تركته صدقة غير موروثة فلم يسمح لهما عمر بالقسمة، ولو سمح لهما بالقسمة لكان لا يؤمن أن يكون ذلك ذريعة لمن يريد أن يمتلكها بعد علي والعباس ممن ليس له بصيرتهما في العلم ولا تقيتهما في الدين، فرأى أن يتركها على الجملة التي هي عليها، ومنع أن تحول عليها السهام فيتوهم أن ذلك إنما كان لرأي حدث منه فيها أوجب إعادتها إلى الملك بعد اقتطاعها عنه إلى الصدقة، وقد يحتمل ذلك وجهاً، وهو أن الأمر المفوض إلى الاثنين الموكول إليهما وإلى أمانتهما وكفايتهما ليُمضياه بمشاركة منهما أقوى في الرأي وأدنى إلى الاحتياط من الاقتصار على أحدهما والاكتفاء به دون مقام الآخر، ولو أوصى رجل بوصية إلى عمرو وزيد، أو وكل رجل زيداً وعَمراً لم يكن لواحدٍ منهما أن يسبتدّ بأمر منهما دون صاحبه فنظر عمر لتلك الأموال واحتاط فيها بأن فوّضها إليهما معاً، فلما تنازعاها قال لهما: إما أن تلياها جميعاً، على الشرط الذي عقدته لكما في أصل التولية، وإما أن ترداها إلي، فأتولاها بنفسي وأجريها على سبُلها التي كان تجري أيام أبي بكر رضي الله عنه. قلت (القائل الخطابي): وروي أن علياً رضي الله عنه غلب عليها العباس بعد ذلك فكان يليها أيام حياته، ويدل على صحة التأويل الذي ذهب إليه أبو داود: أن منازعة علي رضي الله عنه عباساً رضي الله عنه لم تكن من قبل أنه كان يراها ملكاً وميراثاً، إن الأخبار لم تختلف عن على رضي الله عنه أنه لما أفضت إليه الخلافة وخلص له الأمر أجراها على الصدقة، ولم يغير شيئاً من سبلها. وقال: قوله: مُفضياً إلى رماله، يريد أنه كان قاعداً عليه من غير فراش، ورماله: ما يرمل وينسج به من شريط ونحوه. وقوله: دفّ أهل أبيات من قومك، معناه: أقبلوا ولهم دفيف، وهو مشي سريع في مقاربة خطو. يريد: أنهم وردوا المدينة لضرٍّ أصابهم في بلادهم. وفي قول عمر: إن الله خص رسوله - صلَّى الله عليه وسلم - بخاصة لم يخص بها أحداً من الناس، وتلا على أثره الآية، دليل على أن أربعة أخماس الفىء كانت لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - خاصة في حياته. =

قال أبو داود: إنما سألاه أن يكونَ يُصَيّرُه نصفَين بينَهما، لا أنهما جَهِلا أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا نُورَثُ ما تركنا صدقةٌ"، فإنهما كانا لا يَطلُبان إلا الصوابَ، فقال عمرُ: لا أُوقع عليه اسمَ القَسْمِ، أَدَعُه على ما هو (¬1). 2964 - حدَّثنا محمدُ بن عُبَيدِ، حدَّثنا محمدُ بن ثَورِ، عن معمر، عن الزهريِّ، عن مالكِ بن أوسٍ، بهذه القصَّة، قال: وهما -يعني عليّاً والعباس- يختصمان فيما أفاءَ الله على رسوله من أموالِ بني النّضير (¬2). ¬

_ = واختلفوا في مَن هي له بعده وأين تصرف؟ وفيمن توضع؟ قال الشافعي: فيها قولان: أحدهما: أن سبيلها سيل المصالح، فتصرف إلى الأهم فالأهم من مصالح المسلمين، ويبدأ بالمقاتلة أولاً، فيعطون قدر كفايتهم، ثم يبدأ بالأهم فالأهم من المصالح، لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يأخذه، لفضيلته، وليس لأحد من الأئمة بعده تلك الفضيلة، فليس لهم أن يتملكوها، والقول الآخر: أن ذلك للمقاتلة كله يقسم فيهم، لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما كان يأخذه لما له من الرعب والهيبة في طلب العدو، والمقاتلة: هم القائمون مقامه في إرهاب العدو وإخافتهم. وكان مالك يرى أن الفيء للمصالح، قال: وكذلك كان في زمان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -, وحُكي عنه أنه قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لا يملك فيه مالاً، أو كان لا يصح منه الملك. قلت (القائل الخطابي): وهذا القول إن صح عنه فهو خطأ، وقال بعض أهل العلم: الفيء للأئمة بعده. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). (¬2) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، ومحمد بن عُبيد: هو ابن حِساب الغُبَري. وأخرجه البخاري (5357)، ومسلم (1757)، والنسائي في "الكبرى" (6307) و (6308) من طريق معمر بن راشد، بهذا الإسناد. ورواية البخاري مختصرة بقوله: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يبيع نخل بني النضير، ويحبس لأهله قوت سنتِهم، ورواية النسائي مختصرة بقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا نورث، ما تركنا صدقة". وهو في "مسند أحمد" (333) و (425). وانظر ما قبله.

قال أبو داود: أرادَ أن لا يُوقع عليه اسمَ قَسْمٍ. 2965 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ وأحمدُ بن عَبْدةَ -المعنى- أن سفيانَ بن عُيينةَ أخبرهُم، عن عَمرو بن دِينارٍ، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحَدَثان عن عمر, قال: كانت أموالُ بني النضيرِ مِمَّا أفاء الله على رسوله مما لم يُوجِفِ المسلمون عليه بخَيلٍ ولا رِكَابٍ، كانت لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خالصاً، يُنفِقُ على أهل بيتِه -قال ابن عَبْدةَ: يُنفِق على أهلِه- قُوتَ سنةٍ، فما بقي جُعِلَ في الكُراعِ وعدَّةً في سبيل الله. قال ابن عَبْدةَ: في الكُراع والسلاح (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2904) و (4885)، ومسلم (1757) والترمذي (1816)، والنسائى (4140) من طريق عمرو بن دينار، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1757) من طريق معمر بن راشد، عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (171) (337)، و"صحيح ابن حبان" (6357). وانظر ما سلف برقم (2963). قوله: يوجف، قال ابن الأثير في "النهاية": الإيجاف، سرعة السير، وقد أوجف دابتَه، يوجفُها إيجافاً، إذا حَثَّها. و"الكراع" اسم لجميع الخيل. قال الحافظ في "الفتح" 6/ 208: واختلف العلماء في مصرف الفيء، فقال مالك: الفيء والخمس سواء يجعلان في بيت المال، ويُعطي الإمام أقارب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بحسب اجتهاده، وفرق الجمهور بين خمس الغنيمة وبين الفيء، فقال: الخمس موضوع فيما عينه الله فيه من الأصناف المسمين في آية الخمس من سورة الأنفال لا يتعدى به إلى غيرهم. وأما الفيء، فهو الذي يرجع النظر في مصرفه إلى رأي الإمام بحسب المصلحة، وانفرد الشافعي -كما قال ابن المنذر وغيره بأن الفيء يخمس وأن أربعة أخماسه للنبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وله خمس الخمس كما في الغنيمة، وأربعة أخماس الخمس لمستحق نظيرها من الغنيمة. =

2966 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، أخبرنا أيوبُ، عن الزهريِّ، قال: قال عمرُ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6]، قال الزهريُّ: قال عمرُ: هذه لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خاصةً قُرَى عربية: فَدَكُ، وكذا وكذا من {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الحشر: 7]، و {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ} [الحشر: 8]، {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [الحشر: 9] , {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الحشر: 10]، فاستوعبتْ هذه الآيةُ الناسَ، فلم يبقَ أحدٌ من المسلمين إلا له فيها حقٌ -قال أيوب: أو قال: حظٌّ- إلا بعضَ من تملِكون من أرقَّائكم (¬1). ¬

_ = وقال الجمهور: مصرف الفيء كله إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، واحتجوا بقول عمر: فكانت هذه لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - خاصة، وتأول الشافعي قول عمر المذكور بأنه يريد الأخماس الأربعة. (¬1) رجاله ثقات، إلا أنه منقطع، فإن الزهري لم يدرك عمر بن الخطاب، لكن قول عمر في آخره: لم يبق أحد من المسلمين إلا له فيها حق إلا بعض من تملكون من أرقائكم، صحيح، سمعه الزهري من مالك بن أوس بن الحدثان كما سيأتي. إسماعيل ابن إبراهيم: هو ابن عُلَية، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه النسائي (4148) من طريق إسماعيل ابن علية، به. وأخرج قول عمر في آخر الحديث الشافعى في "مسنده " 2/ 127، ومن طريقه البيهقي 6/ 347 من طريق عمرو بن دينار، عن الزهري، وعبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 283 - 284، وأبو عبيد القاسم في "الأموال" (41)، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (84)، والطبري في "تفسيره" 28/ 37 من طريق عكرمة بن خالد، كلاهما (الزهري وعكرمة) عن مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر بن الخطاب. وهذا إسناد صحيح. =

2967 - حدَّثنا هشامُ بن عمَّار، حدَّثنا حاتمُ بن إسماعيلَ (ح) وحدَثنا سليمانُ بن داودَ المَهريُّ، أخبرنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني عبدُ العزيز ابن محمدٍ (ح) وحدَّثنا نَصْر بن عليٍّ، أخبرنا صفوانُ بن عيسى -وهذا لفظ حديثه- كلُّهم عن أسامةَ بن زيدٍ، عن الزُّهري، عن مالكِ بن أوسِ بن الحَدَثان، قال: كان فيما احتجَّ به عمرُ أنه قال: كانتِ لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ثلاثُ صفايا: بنو النضير، وخيبر، وفَدَك. فأمَّا بنو النَّضير: فكانت حُبُساً لنوائبه، وأمَّا فدكُ فكانت حبساً لأبناء السَّبيل، وأما خيبر فجزّأها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ثلاثةَ أجزاءٍ: جزءَين بين المُسلمين، وجُزءاً نفقةً لأهله، فما فَضَلَ عن نفقةِ أهلِه جعلَه بين فقراء المُهاجرين (¬1). ¬

_ = وانظر ما سلف برقم (2963). قال الخطابي: قوله: "إلا بعض من تملكون من أرقائكم" يتأول على وجهين، أحدهما: ما ذهب إليه أبو عبيد، فإنه روى حديثاً عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد بن علي، عن مخلد الغفاري: أن مملوكين أو ثلاثة لبني غفار شهدوا بدراً، فكان عمر يعطي كل رجل منهم في كل سنة ثلاثة آلاف درهم، قال أبو عبيد: فأحسب أنه إنما أراد هؤلاء المماليك البدريين بمشهدهم بدراً، ألا ترى أنه خص ولم يعم؟ وقال غيره: بل أراد به جميع المماليك، وإنما استثنى من جملة المسلمين بعضاً من كل، فكان ذلك منصرفاً إلى جنس المماليك، وقد يوضع البعض في موضع الكل كقول لبيد: أو يعتلق بعضَ النفوس حِمامُها يريد النفوسَ كلها. (¬1) إسناده حسن من أجل أسامة بن زيد -وهو الليثي-. وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (87)، والبلاذري في "فتوح البلدان" ص 33 وص 43، والبزار في "مسنده" (256)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 302، =

2968 - حدَّثنا يزيدُ بن خالدِ بن عَبد الله بن مَوهَبِ الهَمدانيُّ، حدَّثنا الليثُ ابن سعْدٍ، عن عُقَيلِ بن خالدٍ، عن ابن شهاب، عن عُروةَ بن الزُبير عن عائشةَ زوجِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، أنها أخبرتْه، أن فاطمةَ بنتَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أرسلتْ إلى أبي بكر الصديق. تسألُه ميراثَها من رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مما أفاءَ اللهُ عليه بالمدينةِ، وفَدَك، وما بقي من خُمس خَيبر، فقال أبو بكر: إن رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا نُورَثُ، ما تركنا صدقَةٌ، إنما يآكُل آلُ مُحمدٍ من هذا المالِ"، وإني والله لا أُغيِّرُ شيئاً من صدقةِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن حالِها التي كانت عليها في عهْد رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فلأَعْملنَّ فيها بما عمِلَ به رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - به، وأبى أبو بكر أن يدفَع إلى فاطمةَ منها شيئاً (¬1). ¬

_ = والبيهقي 6/ 296 و 7/ 59، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 450، والضياء في "المختارة" (273 - 276) من طريق أسامة بن زيد الليثي، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو عوانة (6674) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن الزهري، به. وأخرجه البيهقي 6/ 296 من طرق أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن المنكدر، عن مالك بن أوس، به. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه بأطول مما هنا البخاري (4240) و (4241)، ومسلم (1759) من طريق عقيل بن خالد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (4035) و (4036) و (6725) و (6726)، ومسلم (1759) من طريق معمر بن راشد، عن الزهري، به. إلا أنه قال: إن فاطمة والعباس أتيا يلتمسان ميراثهما ... وهو في "مسند أحمد" (9) و (55)، و"صحيح ابن حبان" (6607). وانظر تالييه. وسيأتي من مسند عائشة برقم (2976)، وفيه: أزواج النبي - صلَّى الله عليه وسلم -،بدل: فاطمة.

2969 - حدَّثنا عَمرو بن عثمانَ الحِمصِيُّ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعيبُ بن أبي حمزةَ، عن الزهريِّ، حدثني عروةُ بن الزبير أن عائشة زوج النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أخبرته بهذا الحديث، قال: وفاطمةُ عليها السلام حينئذٍ تطلُب صدقةَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - التي بالمدينة، وفَدَكَ، وما بقي من خُمس خَيْبر، قالت عائشةُ: فقال أبو بكرِ: إن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا نُورَثُ، ما تركنا صدقة، وإنما يأكلُ آلُ محمدٍ في هذا المالِ" يعني مالَ اللهِ، ليس لهم أن يزيدُوا على المأكَلِ (¬1). 2970 - حدَّثنا حجّاج بن أبي يعقوبَ، حدَّثنا يعقوبُ -يعني ابن ابراهيمَ ابنِ سعْدٍ- حدَّثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهابٍ، أخبرني عروةُ أن عائشة أخبرته بهذا الحديث، قال فيه: فأبى أبو بكر عليها ذلك، وقال: لستُ تاركاً شيئاً كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَعملُ به إلا عَمِلْتُ به إني أخشى إن تركتُ شيئاً من أمرِه أن أَزيغَ. فأما صَدقَته بالمدينة فدفعها عمرُ إلى عليٍّ وعباسِ فغلبَه عليٌّ عليها، وأما خيبرُ وفدكُ فأمسكَهما عمرُ، وقال: هما صدقةُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كانتا لحقوقِه التي تَعْرُوهُ ونوائبِه، وأَمْرُهُما إلى مَن وليَ الأمرَ، فهما على ذلك إلى اليوم (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (3711) و (3712)، والنسائي في "المجتبى" (4141) من طريق شعيب بن أبي حمزة، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (4823). وانظر ما قبله، وما بعده. (¬2) إسناده صحيح. صالح: هو ابن كيسان. وأخرجه البخاري (3092) و (3093)، ومسلم (1759) من طريق إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد. =

2971 - حدَّثنا محمدُ بن عُبَيدٍ، حدَّثنا ابن ثَور، عن مَعمرٍ، عن الزهري، في قوله تعالى: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] قال: صَالَحَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أهلَ فَدَكَ وقُرىً قد سماها لا أحفظُها، وهو محاصِرٌ قوماً آخرين، فأرسلوا إليه بالصُّلْح، قال: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} يقول: بغير قتالٍ، قال الزهريُّ: وكانت بنو النَّضير للنبي - صلَّى الله عليه وسلم - خالصاً لم يفتحوها عَنْوَةً، افتتحوها على صُلْح، فقسمها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - بين المهاجرين، لم يُعطِ الأنصارَ منها شيئاً، إلا رجلين كانت بهما حاجه ٌ (¬1). 2972 - حدَّثنا عبدُ الله بن الجَرَّاح، حدَّثنا جَريرٌ، عن المغيرة، قال: جمع عمرُ بن عبد العزيز بني مروانَ حين اسْتُخْلِفَ فقال: إن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كانت له فَدَكُ، فكان ينفِقُ منها، ويعود منها على صغير بني هاشمٍ، ويُزوِّج منها أيِّمَهُمْ، وإن فاطمةَ سألتْه أن يجعلَها لها، ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (25). وانظر سابقيه. قال الخطابي: تعرُوه، أى: تغشاه وتنتابه، يقال: عَراني ضيفٌ، وعراني همٌ أي: نزل بي. (¬1) رجاله ثقات، لكنه مرسل. لكن قوله في آخر الحديث في تقسيم نخل بني النضير سيأتي عند المصنف (3004) بسند صحيح. معمر: هو ابن راشد، وابن ثور: هو محمد، ومحمد بن عُبيد: هو ابن حساب. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 283، وأخرجه الطبري في "تفسيره" 28/ 35 - 36، والبيهقي 6/ 296 من طريق محمد بن ثور، كلاهما (عبد الرزاق وابن ثور) عن معمر، به.

فأبى، فكانت كذلك في حياةِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، حتى مضى لِسبيلِه، فلما أن وليَ أبو بكر عَمل فيها بما عَملَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - في حياتِه، حتى مضى لِسبيلِه، فلما أن وليَ عمرُ عمل فيها بمثل ما عملا، حتى مضى لِسبيلِه ثم أُقْطِعَها مروانُ، ثم صارت لِعمر بن عبد العزيز، ثم قال -يعني عمرَ بنَ عبد العزيز-: فرأيتُ أمراً منعَه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فاطمة ليس لي بحقّ، وإني أُشهِدُكم أني قد رددْتُها على ما كانت، يعني على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). قال أبو داود: ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وغَلّتُه أربعون ألف دينار، وتوفي وغَلَّته أربع مئة دينار، ولو بقي لكان أقلَّ (¬2). 2973 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا محمدُ بن الفُضَيل، عن الوليد ابن جُمَيعٍ ¬

_ (¬1) أثر صحيح, وهذا إسناد حسن من أجل عبد الله بن الجراح، فهو صدوق حسن الحديث ولكنه متابع. المغيرة: هو ابن مِقسَم الضبي، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه البيهقي 6/ 301 من طريق عبد الله بن الجراح، والبلاذري في "فتوح البلدان " ص 45 عن عثمان بن أبي شيبة، وابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 169 - 170 من طريق محمد بن حميد الرازي، ثلاثتهم عن جرير بن عبد الحميد، به. قال الخطابي: إنما أُقطِعها مروان في أيام حياة عثمان بن عفان، وكان ذلك مما عابوه وتعلقوا به عليه، وكان تأويله في ذلك -والله أعلم- ما بلغه عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من قوله: "إذا أطعم الله نبياً طعمة فهي للذي يقوم من بعده".وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يأكل منها وينفق على عياله قوت سنة، ويصرف الباقي مصرف الفيء، فاستغنى عثمان عنها بماله فجعلها لأقربائه ووصل بها أرحامهم، وقد روى أبو داود هذا الحديث. قلنا: هو الحديت الآتى. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).

عن أبي الطُّفَيلِ، قال: جاءت فاطمةُ إلى أبي بكر تطلبُ ميراثَها من النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: فقال أبو بكر: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إنّ الله عز وجَل إذا أطعمَ نبياً طُعمةً فهِي للَذي يَقُوم من بعدِه" (¬1). 2974 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمَةَ، عن مالك، عن أبي الزّنادِ، عن الأعرَجِ عن أبي هُريرةَ، عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا تقتسِمُ وَرثتِي ديناراً، ما تركتُ بعدَ نفقةِ نسائي ومُؤْنة عاملي فهو صدقةٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل الوليد بن جميع -وهو الوليد بن عبد الله بن جميع- فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه أحمد (14)، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة"1/ 198، والبزار (54)، وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (78)، وأبو يعلى (37) و (6752)، والبيهقي 6/ 303 من طريق محمد بن فضيل، به. وزادوا جميعاً في آخره قول فاطمة لأبي بكر: أنتَ ما سمعتَ من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وبعضهم قال: أنت ورسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أعلم. وله شاهد عند البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 46، والسهمي في "تاريخ جرجان" ص 493، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7355) من طريق سليمان بن عبد الرحمن، حدَّثنا الوليد بن مسلم، حدَّثنا عبد الله بن العلاء بن زَبْر، وغيره، أنهما سمعا بلال بن سعد يحدث عن أبيه سعد بن تميم السكوني وكان من الصحابة قال: قيل: يا رسول الله، ما للخليفة من بعدك؟ قال: "مثل الذي لي، ما عدل في الحكم وقسط في القسط ورحم ذا الرحم، فمن فعل غير ذلك فليس مني ولست منه" وهذا سند صحيح. قال الخطابي: فيه حجة لمن ذهب إلى أن أربعة أخماس الفيء بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - للأئمة بعده. (¬2) إسناده صحيِح. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، ومالك: هو ابن أنس. وهو في "موطأ مالك" 2/ 993، ومن طريقه أخرجه البخاري (2776)، ومسلم (1760)، ومسلم (1760) من طريق سفيان بن عيينة، والترمذي في "الشمائل" (385) من طريق سفيان الثوري، ثلاثتهم (مالك وابن عيينة والثوري) عن أبي الزناد، به. =

قال أبو داود: "مُؤنة عامِلي" يعني أكَرَةَ الأرض (¬1). 2975 - حدَّثنا عَمرو بن مرزُوقٍ، أخبرنا شعبةُ، عن عَمرو بن مُرّةَ، عن أبي البَختَريِّ، قال: سمعتُ حديثاً من رجل فأعجبني فقلتُ: اكتْبه لي، فأتى به مكتوباً مذَبَّراً: دخل العباس وعلىٌّ على عمر، وعنده طلحةُ والزبيرُ وعبدُ الرحمن وسعْدٌ، وهما يختصمان، فقال عمر لطلحةَ والزبيرِ وعبدِ الرحمن وسعدٍ: ألم تعلموا أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "كلّ مالِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - صدقةٌ، إلَّا ما أطعمهُ أهلَهُ وكساهُم، إنَّا لا نورَثُ"؟ فقالوا: بلى، قال: فكان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ينفق من مالِه على أهلِه ويتصدَّق بفضلِه، ثم توفي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فوليها أبو بكر سنتين، فكان يصنَعُ الذي كان يصنَعُ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ثم ذكَر شيئاً من حديث مالكِ بن أوسِ بن الحَدَثان (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (7303)، و"صحيح ابن حبان" (6610). قال ابن عيينة: أزواج النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - في حكم المعتدات إذ لا يجوز أن ينكحن، فلهذا أوجبت النفقة لهن فيما تركه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، أو الخليفة بعده - صلَّى الله عليه وسلم -. والأكرة: جمع أكار، كأنه جمع آكر: الحراث. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ) وأشار هناك إلى أنها من رواية ابن الأعرابي. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الرجل الذي كتب الحديث لأبى البختري -وهو سعيد بن فيروز- شعبة: هو ابن الحجاج بن الورد العتكي. وأخرجه الطيالسي (61) و (226)، والبيهقي 6/ 299 من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي في "الشمائل" (383) من طريق يحيي بن كثير العنبري أبي غسان، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، أن العباس وعلياً جاءا إلى عمر ... الحديث هكذا رواه مرسلاً. =

2976 - حدَّثنا القَعنبىُّ، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عُروةَ عن عائشةَ أنها قالت: إن أزواج النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - حين توفي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أرَدْنَ أن يبعثن عثمانَ بن عفان إلى أبي بكر الصديق فيسألْنَه ثُمُنَهُنَّ من النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالت لهن عائشةُ: أليس قد قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لانُورَثُ، ما تركنا فهو صدقةٌ" (¬1). 2977 - حدَّثنا محمد بن يحيى بن فارسٍ، حدَّثنا إبراهيمُ بن حمزةَ، حدَّثنا حاتمُ بن إسماعيلَ، عن أُسامةَ بن زيدٍ عن ابنِ شهاب، بإسناده نحوه، قلت: ألا تتَقينَ اللهَ؟ ألم تسمعْنَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: " لا نُورَثُ، ما تركنا فهو صدقةٌ، وإنما هذا المالُ لآلِ محمدٍ لنائبتِهم ولضيفِهم، فإذا مِتُّ فهو إلى وَليِّ الأمرِ من بعْدي" (¬2)؟ ¬

_ = ويشهد له حديث مالك بن أوس بن الحدثان، عن عمر بن الخطاب، وقد سلف برقم (2963)، وهو في "الصحيحين". قوله: مذبّراً، أي: متقناً سهل القراءة. (¬1) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبِير بن العوامِ، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم ابن شهاب الزهري، والقعنبي: هوعبد الله بن مَسْلَمة. وهو في "موطأ مالك" 2/ 993، ومن طريقه أخرجه البخاري (6730)، ومسلم (1758)، والنسائى في "الكبرى" (6277). وأخرجه البخاري (4034) من طريق شعيب بن أبي حمزة، و (6727) من طريق يونس بن يزيد، كلاهما عن ابن شهاب، به. وهو في "مسند أحمد" (26260)، و"صحيح ابن حبان" (6611). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أسامة بن زيد -وهو الليثي- وهو متابع في الطريق السالفة. ولقوله: "فإذا متُّ فهو إلى ولي الأمر من بعدي" شاهد من حديث أبي بكر السالف برقم (2973).

20 - باب بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى

20 - باب بيان مواضعِ قَسمِ الخُمس وسهْم ذي القُربَى 2978 - حدَّثنا عُبيد الله بن عُمر بن مَيسرةَ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن مَهدِيّ، عن عبدِ الله بن المُباركِ، عن يونسَ بن يزيدَ، عن الزهريِّ، أخبرني سعيدُ بن المُسيِّب أخبرني جُبير بن مُطعم: أنه جاء هو وعثمانُ بن عفّانَ يكلمانِ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فيما قَسَمَ من الخُمس بين بني هاشمٍ وبني المطَّلب، فقلت: يا رسولَ اللهِ، قَسَمْتَ لإخوانِنا بني المطَّلب، ولم تُعطِنا شيئاً، وقرابَتُنَا وقرابتُهم منك واحدةٌ، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنما بَنُو هاشم وبنو المطَّلب شيءٌ واحدٌ"، قال جُبيرٌ: ولم يقسِم لبني عبد شمسٍ, ولا لبني نَوفَلٍ، من ذلك الخُمس، كما قسم لبني هاشم وبني المطَّلب. قال: وكان أبو بكر يقسم الخُمس نحو قَسْمِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، غير أنه لم يكن يُعطِي قُربَى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ما كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - يُعطيهم. قال: وكان عمرُ بن الخطاب يعطيهم منه، وعثمانُ بعده (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (3140) و (3502) و (4229)، وابن ماجه (2881)، والنسائي (4136) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وروايتهم مختصرة إلى قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد". وهو في "مسند أحمد" (16741). وانظر تالييه. قال الخطابي: قوله: "بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد"، يريد به الحلف الذي كان بين بني هاشم وبين بني عبد المطلب، وفي غير هذه الرواية: أنه قال: "إنا لم نفترق في جاهلية ولا إسلام"، وكان يحيي بن معين يرويه: "إنما بنو هاشم وبنو المطلب سيٌّ واحدٌ" بالسين غير المعجمة، أي: مثلٌ سواءٌ. يقال: هذا سيُّ هذا، أي: مثله ونظيره. =

2979 - حدَّثنا عُبيد الله بن عمرَ، حدَّثنا عثمانُ بن عمرَ، أخبرني يونسُ، عن الزهريِّ، عن سعيدِ بن المُسيِّب قال: أخبرني جُبَير بن مُطعِم: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يقسِم لبني عبد شمسٍ، ولا لبني نَوفَلٍ من الخُمس شيئاً، كما قَسَم لبني هاشمِ وبني المطَّلبِ. قال: وكان أبو بكر يقسِمُ الخُمس نحو قَسْمِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، غير أنه لم يكن يُعطي قُربَى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كما كان يُعطِيهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -،وكانَ عُمرُ يُعطيهم ومَن كان بعدَه منه (¬1). 2980 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا هشيمٌ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن الزهرِّي، عن سعيد بن المُسيِّب أخبرني جُبير بن مُطعِمٍ، قال: فلما كان يومُ خيبرَ وَضَعَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سهْم ذي القُربى في بني هاشمٍ، وبني المُطلب، وترك بني نَوْفَلٍ، وبني عبد شمسٍ، فانطلقتُ أنا وعثمانُ بن عفان حتى أتينا النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلْنا: يا رسولَ اللهِ، هؤلاء بنو هاشمٍ، لا ننكر فضلَهم للموَضِع الذي وضعَك اللهُ به منهم، فما بالُ إخوانِنا بني المطَّلب أعطيتَهم وتركتَنا، ¬

_ = وفي الحديث دليل على ثبوت سهم ذي القربى، لأن عثمان وجبيراً إنما طالباه بالقرابة. وقد عمل به الخلفاء بعدُ عمر وعثمان، وجاء في هذه الرواية أن أبا بكر لم يقسم لهم، وقد جاء في غير هذه الرواية عن عليّ أن أبا بكر قسم لهم، وقد رواه أبو داود [2858]. (¬1) إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وعثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، وعبيد الله بن عمر: هو ابن ميسرة. وهو في "مسند أحمد" (16768). وانظر ما قبله، وما بعده.

وقرابَتُنَا واحدةٌ؟ فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنا وبَنُو المطَّلب لا نفترقُ في جاهليةِ ولا إسلام وإنما نحن وهم شيء واحد وشبَّك بين أصابعه (¬1). 2981 - حدَّثنا حسينُ بن علي العِجْلىُّ، حدَّثنا وكيعٌ، عن الحسنِ بن صالحٍ، عن السُّدِّيِّ في ذي القربى، قال: هم بنو عبد المطَّلب (¬2). 2982 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ، حدَّثنا عَنْبَسةُ، حدَّثنا يونسُ، عن ابنِ شهابٍ أخبرني يزيدُ بن هُرْمُزَ: أن نَجْدَةَ الحرُوريَّ حين حجَّ في فتنةِ ابنِ الزُّبير أرسلَ إلى ابن عباسٍ يسألُه عن سَهم ذي القُربى، ويقول: لمن تراه؟ قال ابنُ عبّاس: لِقُربى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قَسَمَهُ لهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وقد كان عمرُ عَرَضَ علينا من ذلك عَرْضاً رأيناه دون حقِّنا، فرددناه عليه وأَبَينا أن نقبلَه (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح دون قوله: "لا نفترق في جاهلية ولا إسلام"، وهذا إسناد حسن. محمد بن إسحاق -وإن كان مدلساً- قد صرح بالتحديث عند الطبري في "تفسيره" 10/ 6، والبيهقي 6/ 341، فانتفت شبهة تدليسه،. وقد توبع كما في الطريقين السالفين. هُشيم: هو ابن بشير. وأخرجه النسائي (4137) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16741). وانظر ما سلف برقم (2978). (¬2) أثر صحيح عن السُّدِّي -وهو إسماعيل بن عبد الرحمن-، وكيع: هو ابن الجراح. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 12/ 472 عن وكيع بن الجراح، به. (¬3) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عنبسة -وهو ابن خالد بن يزيد الأيلي- ولكنه متابع. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو الزهري. وأخرجه النسائي (4133) من طريق عثمان بن عمر بن فارس، عن يونس بن يزيد، بهذا الإسناد. =

2983 - حدَّثنا عباسُ بن عبد العظيم، حدَّثنا يحيى بنُ أبي بُكَيرٍ، حدَّثنا أبو جعفرٍ -يعني الرازيَّ- عن مُطَرِّفٍ، عن عبدِ الرحمن بن أبي لَيلى سمعت علياً يقول: ولَّاني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خمُسَ الخُمس، فَوَضعتُه مواضعَه حياةَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وحياةَ أبي بكرِ، وحياةَ عمرَ، فأُتِي بمالٍ، فدَعَاني، فقال: خذْه، فقلتُ: لا أُريدُه، قال: خُذْه فأنتم أحقُّ به، قلت: قد استغنَينا عنه، فجعلَه في بيتِ المالِ (¬1). 2984 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا ابنُ نُميرٍ، حدَّثنا هاشمُ بنُ البَريدِ، حدَّثنا حسينُ بن مَيمونٍ، عن عَبدِ الله بن عَبد الله، عن عبدِ الرحمن بن أبي لَيلى سمعت علياً يقول: اجتمعتُ أنا والعباسُ وفاطمةُ وزيدُ بن حارثة عند النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلتُ: يا رسولَ الله، إن رأيتَ أن تولِّيَني حقَّنا من هذا الخُمس في كتابِ اللهِ، فأقْسِمَهُ حياتَكَ كي لا ينازِعَني أحدٌ بعدَك، ¬

_ = وأخرجه النسائي (4134) من طريق محمد بن إسحاق، عن الزهري، به. وأخرجه بنحوه مسلم (1812)، والنسائي (4134) من طرق عن يزيد بن هرمز، به. وهو في "مسند أحمد" (2235)، و"صحيح ابن حبان" (4824). (¬1) إسناده ضعيف. أبو جعفر الرازي -وهو عيسى بن أبي عيسى- فيه ضعف وخالفه في هذا الإسناد أبو عوانة -وهو الوضاح بن عبد الله اليشكري- وهو ثقة، فرواه عن مُطرِّف -وهو ابن طريف-، عن رجل يقال له: كثير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، وكثير هذا مجهول، ومطرف لم يسمع من ابن أبي ليلى. قاله الدارقطني في "العلل" 3/ 280. وسيأتى من طريق آخر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عند المصنف بعده، وهو ضعيف كذلك. وأخرجه الحاكم 2/ 128 و 3/ 40، والبيهقي 6/ 343 من طريق مطرف بن طريف، به. وانظر ما بعده.

فافْعل، قال: ففعل ذلك، قال: فقسمتُه حياةَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ثم وَلَّانِيه أبو بكرٍ حتى كانت آخرَ سنةٍ من سِنِىِّ عمرَ فإنه أتاه مالٌ كثيرٌ، فعَزَلَ حقَّنا، ثم أرسل إليَّ، فقلت: بنا عنه العامَ غِنىً، وبالمسلمين إليه حاجةٌ فارْدُدهُ عليهم، فردَّه عليهم، ثم لم يَدعُني إليه أحدٌ بعدَ عُمر، فلقيت العباسَ بعدما خرجتُ من عند عُمرَ، فقال: ياعَليُّ، حرمْتَنا الغداةَ شيئاً لا يُرَدُّ علينا أبداً، وكان رجلاً داهياً (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، الحُسين بن ميمون -وهو الخِنْدِفي- قال عنه ابن المديني: ليس بمعروف، قلّ مَن روى عنه، وقال أبو زرعة: شيخ، وقال أبو حاتم: ليس بقوي في الحديث، يكتب حديثه، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ربما أخطأ، وقال البخاري في "التاريخ الكبير" في ترجمته عن حديثه هذا: لم يتابع عليه، وكذا قال العُقيلي وابن عدي. عبد الله بن عبد الله: هو الرازي قاضيها، وابن نُمير: هو عبد الله. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 470، وأحمد (646)، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 2/ 645 - 647، والبزار (626)، وأبو يعلى (364)، والبيهقي 6/ 343 - 344 من طريق هاشم بن البَريد، بهذا الإسناد. قال الخطابي: فقد روي عن علي رضي الله عنه أن أبا بكر كان يقسم فيهم، وكذلك عمر إلى أن تركوا حقهم منه، فدل ذلك على ثبوت حقهم. وقد اختلف العلماء في ذلك: فقال الشافعي: حقهم ثابت، وكذلك مالك بن أنس، وقال أصحاب الرأي: لا حق لذي القربى، وقسموا الخمس في ثلاثة أصناف، وقال بعضهم: إنما أعطى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بني المطلب للنصرة في القرابة، ألا تراه يقول: "إنا لم نفترق في جاهلية ولا إسلام" فنبه على أن سبب الاستحقاق النصرة، والنصرة قد انقطعت فوجب أن تنقطع العطية. قلت (القائل الخطابي): هذا المعنى بمفرده لا يصلح على الاعتبار، ولو كان ذلك من أجل النصرة حسب، لكان بنو هاشم أولى الناس بأن لا يعطوا شيئاً فقد كانوا إلباً واحداً عليه، وإنما هو عطية باسم القرابة كالميراث، وقد قيل: إنما أعطوه عوضاً من الصدقة المحرمة عليهم، وتحريم الصدقة باق فليكن السهم باقياً.

2985 - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عَنبَسَةُ، حدَّثنا يونسُ، عن ابن شهابٍ، أخبرني عبدُ الله بن الحارث بن نَوفَلٍ الهاشميُّ أن عبدَ المُطَّلِب بنَ ربيعةَ بن الحارثِ بن عبدِ المُطَّلِب أخبره: أن أباه ربيعةَ بنَ الحارث وعباسَ بنَ عبد المطلب قالا لعبدِ المُطَّلب بن رَبيعةَ وللفضلِ بن عبّاس: ائْتيا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقولا له: يا رسول الله، قد بَلَغْنا من السِّنِّ ما تَرى، وأحبَبْنا أن نتزوجَ، وأنتَ يا رسولَ الله أبرُّ الناسِ وأوْصَلُهم، وليس عند أبوَينا ما يُصدِقَانِ عنا، فاستعمِلْنا يا رسولَ الله على الصدقاتِ، فلنؤدِّ إليك ما يؤدِّي؟ العمالُ، ولنُصِبْ ما كان فيها من مِرْفَقٍ، قال: فأتى عليُّ بنُ أبي طالب ونحن على تلك الحال، فقال لنا: إن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: لا والله لا يَستعملُ منكم أحداً على الصدقة، فقال له ربيعةُ: هذا من. أمرِك، قد نلتَ صهرَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فلم نحسُدكَ عليه، فألقى عليٌّ رداءه، ثم اضطجع عليه، فقال: أنا أبو حسن القَرْم، والله لا أَرِيمُ حتى يرجِعَ إليكما ابناكُما بجوابِ ما بعثتُما به إلى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال عبدُ المطلب: فانطلقتُ أنا والفضلُ حتى نوافقَ صلاةَ الظهرِ قد قامتْ، فصلَّينا مع الناسِ، ثم أسرعتُ أنا والفضل إلى باب حُجْرةِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وهو يومئذٍ عند زينبَ بنتِ جَحْشٍ، فقُمنا بالبابِ، حتى أتى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأخذَ بأذُني وأذُن الفضْل، ثم قال: "أخرِجا ما تُصَرِّرَان"، ثم دخل فأذنِ لي وللفضْل، فدخلْنا، فتواكَلْنا الكلامَ قليلاً، ثم كلَّمْتُه، أو كلَّمه الفضْلُ، -قد شكّ في ذلك عَبدُ الله- قال: كلّمه بالذي أمرَنا به أَبَوَانَا، فسكتَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ساعةً ورفع بصرَه قِبَلَ سقفِ البيت حتى طال علينا أنه لا يرجِعَ إلينا شيئاً، حتى رأينا زينبَ تُلمعُ من وراء الحجابِ بيدِها، تريد: أن لا تعجَلا، وإن

رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في أمرِنا، ثم خفَّض رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - رأسَه، فقال لنا: "إن هذه الصدقةَ إنما هي أوساخُ الناسِ، وأنها لا تَحِلُّ لمحمدٍ، ولا لآلِ محمدٍ، ادْعُوا لي نوفلَ بن الحارث"، فدُعي له نوفل بن الحارثِ، فقال: "يا نوفلُ أنكِح عبدَ المطَّلب"، فأنكحَني نوفلٌ، ثم قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - "ادعُوا لي مَحمِيَةَ بن جَزْءِ" وهو رجلٌ من بني زُبَيدٍ، كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - استعملهَ على الأخماسِ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لمحميةَ: " أنكِحِ الفَضْلَ" فأنكحه، ثم قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "قمْ فأصدِقْ عنهما من الخُمس كذا وكذا" لم يُسمِّه لي عبدُ الله بن الحارث (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عنبسة -وهو ابن يزيد الأيلي- ولكنه متابع. وأخرجه مسلم (1072)، والنسائى (2609) من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه مسلم (1072) من طريق مالك بن أنس، عن ابن شهاب الزهري، عن عَبد الله -ويقال في اسمه: عُبيد الله- بن عَبد الله بن نوفل بن الحارث، عن المطلب بن ربيعة - هكذا انقلب عنده اسم عبد الله بن عبد الله بن نوفل بن الحارث، والصحيح: ابن الحارث بن نوفل، وقد أتى به في رواية مسلم هذه على الصواب المزي في "تحفة الأشراف" 7/ 219. وهو في "مسند أحمد" (17518) و (17519)، و"صحيح ابن حبان" (4526). قال الخطابي: قوله: أنا أبو الحسن القرم، هو في أكثر الروايات "القوم" وكذلك رواه لنا ابن داسة بالواو. وهذا لا معنى له. وإنما هو "القرم" وأصل القرم في الكلام فَحلُ الإبل. ومنه قيل للرئيس: "قرم" يريد بذلك: أنه المقدم في الرأي والمعرفة بالأمور، فهو فيهم بمنزلة القرم في الإبل. قلنا: وقوله: "بجواب ما بعثتما به" جاء في رواية ابن داسة: "بحَور ما بعثتما به" والمعنى واحد، قال الخطابي: "بحور" أي: بجواب المسألة التي بعثتما فيها وبرجوعها، وأصل الحور: الرجوع، يقال: كلمتُه فما أحار إليّ جواباً، أي: ما ردّ إليّ جواباً. =

2986 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ، حدَّثنا عنبسةُ بن خالد، حدَّثنا يونسُ، عن ابن شهابٍ، أخبرني علي بن حُسين، أن حسينَ بن عليٍّ أخبره أن علي بن أبي طالب قال: كانت لي شارِفٌ من نصيبي من المَغنمِ يومَ بدر، وكان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أعطاني شارِفاً من الخُمس يومئذ، فلما أردتُ أن أبني بفاطمةَ بنتِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - واعَدْتُ رَجُلاً صَوَّاغاً من بني قَيْنُقَاع أن يرتحلَ معي فنأتيَ بإذْخِرٍ، أردتُ أن أبيعَه من الصوَّاغين فأستعينَ به في وليمةِ عُرسي، فبينا أنا أجمع لِشارفي متاعاً من الأقتاب والغَرائِر والحبالِ، وشَارِفَايَ مُنَاخان إلى جنب حُجرة رجلٍ من الأنصارِ، أقبلتُ حين جمعتُ ما جمعتُ، فإذا بشارفَىَّ قد اجتُبَّت أسنمتُهما، وبُقِرتْ خَواصرُهما، وأُخذ من أكبادِهما، فلم أملِك عينَىَّ ¬

_ = وقال الخطابي: "أخرجا ما تُصرِّران" يريد ما تكتمان، أو ما تضمران من الكلام. وأصله: من الصرر، وهو الشد والإحكام. وقوله: فتواكلنا الكلام، معناه أن كل واحد منا قد وكل الكلام إلى صاحبه، يريد أن يبدأ الكلامَ صاحبُه دونه. وقوله: "قم فأصدِق عنهما من الخُمس" أي: من حصته من الخُمس الذي هوسهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وكان يأخذ لطعامه ونفقة أهله منه قدر الكفاية، ويرد الباقي منه على يتامى بني هاشم وأياماهم، ويضعه حيث أراهُ اللهُ من وجوه المصلحة، وهو معنى قوله: "مالي مما أفاء الله عليَّ إلا الخمس، وهو مردود عليكم". وقد يحتمل أن يكون إنما أمره أن يسوق المهر عنهما من سهم ذي القربى، وهو من جملة الخمس والله أعلم. قلنا: وقوله: "مرفق" قال في "اللسان": المِرفَق والمَرفِقُ والمَرفَقُ: ما استُعين به، وفي التنزيل: {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا} [الكهف: 16]. وقوله: لا أريم، قال النووي في "شرح مسلم": هو بفتح الهمزة وكسر الراء، أي: لا أفارقه.

حين رأيتُ ذلك المنظرَ، فقلت: مَنْ فعل هذا؟ قالوا: فعله حمزةُ بن عبد المطلب، وهو في هذا البيتِ في شَرْبٍ من الأنصارِ، غَنَّتْه قينةٌ وأصحابَهُ، فقالتْ في غنائها: ألاَ يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاء فوثب حمزةٌ إلى السيفِ، فاجْتَبَّ أسنِمتَهما وبقر خواصِرَهما، فأخذ من أكبادهما، قال عليٌّ: فانطلقتُ حتى أدخُلَ على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وعندَه زيدُ بن حارثةَ، قال: فعرف رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الذي لقيتُ، فقالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مالكَ؟ " قال: فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ما رأيتُ كاليوم، عَدا حمزةُ على ناقتيَّ، فاجتبَّ أسنمتَهما وبَقَر خواصِرَهما، وها هو ذا في بيتٍ معه شَرْبٌ، فدعا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بردائِه، فارتداه، ثم انطلقَ يمشي واتَّبعتُه أنا وزيدُ بن حارثةَ حتى جاء البيتَ الذي فيه حمزةُ، فاستأذن، فأُذن له، فإذا هم شَرْبٌ، فطفقَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يلومُ حمزةَ فيما فعل، فإذا حمزةُ ثَمِلٌ مُحمرَّةٌ عيناه، فنظر حمزةُ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -, ثم صَعّدَ النظر، فنظر إلى ركبتيه، ثم صعَّد النظرَ، فنظر الى سُرَّتِه، ثم صعَّد النظرَ، فنظر إلى وجهه، ثم قال حمزةُ: وهل أنتم إلا عَبيدٌ لأبي؟ فعرفَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنه ثَمِلٌ، فنكَصَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - على عَقِبه القَهْقَرَى، فخرجَ وخرجْنا معه (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عنبسة بن خالد -وهو ابن يزيد الأيلي- ولكنه متابع. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، ويونُس: هو ابن يزيد الأيلي. =

2987 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الله بن وهْب، حدَثني عيَّاش ابن عُقبة الحَضْرَميُّ، عن الفضلِ بن الحَسن الضَّمْريِّ أن ابن أُم الحكم أو ضُبَاعة ابنتَي الزبيرِ حدَّثه، عن إحداهما أنها قالت: أصابَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سبباً، فذهبتُ أنا وأختي وفاطمةُ بنتُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فشكَونا إليه ما نحنُ فيه، وسألْناه أن يأمرَ لنا بشيءٍ من السبي، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "سبقَكُنَّ يتامى بدر، ولكنْ سأدلُكنَّ على ما هو خيرٌ لكنَّ من ذلك: تُكبِّران اللهَ على إثر كلِّ صلاةٍ ثلاثاً وثلاثين تكبيرةً، وثلاثاً وثلاثين تسبيحةً، وثلاثاً وثلاثين تحميدةً، ¬

_ = وأخرجه البخاري (2089) و (3091) من طريق عبد الله بن المبارك، ومسلم (1979) من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن يونس بن يزيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2375)، ومسلم (1979) من طريق ابن جريج، عن ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (1201)، و"صحيح ابن حبان" (4536). قال الخطابي: "الشارف": المسنة من النوق". وقولها: " ألا يا حمز للشُّرُفِ النِّواء" فإن الشُّرف جمع الشارف، و"النواء": السِّمان، يقال: نوت الناقة تنوي، فهي ناوية، وهن نواء. قال الشاعر: لطالما جررتكن جَرَّا ... حتى نوى الأعجف واستمرا وتمام البيت: ألا يا حمزُ للشُّرف النِّواء ... وهن مُعقَّلات بالفِناء في أبيات تستدعيه فيها نحرَهنَّ. وأن يطعم لحومهن أصحابه وأضيافه، فهزَّتْه أريحية الشراب والسماع، فكان منه ذلك الصنيع. و"الثمل": السكران. وقال ابن الأثير في "النهاية": الشَّرب، بفتح الشين وسكون الراء: الجماعة يشربون الخمر. وقال الجوهري في "الصحاح" القَتَب: رحلٌ صغير على قدر السَّنام.

ولا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، له المُلكُ وله الحمدُ وهو على كل شيء قديرٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره عن فاطمة رضي الله عنها وحدَها، دون ذكر أم الحكم أو ضباعة، ودون قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "سبقكن يتامى بدر"، وهذا إسناد ضعيف لجهالة ابن أم الحكم، فقد قال الحافظ في "التقريب": لا يُعرف، وقال في "لسان الميزان": لا يُحرَّر أمرُه، وقد وقع في النسخ المطبوعة من "سنن أبي داود": عن الفضل بن الحسن الضَّمري، أن أمَّ الحكم أو ضباعة ابنتي الزبير بن عبد المطلب حدثته، عن إحداهما أنها قالت. فسقطت كلمة "ابن"، فأوهم ذلك أن الفضل سمعه من أم الحكم أو من أختها ضباعة، وإنما الصحيح أن الفضل سمعه من ابن أم الحكم، وابن أم الحكم هو الذي حدث عن أمه أو خالته ضُباعة، وما وقع في النسخ المطبوعة إنما وقع بالاعتماد على بعض أصول أبي داود، لكن أشار الشيخ محمد عوامة في طبعته إلى أنه جاء في رواية ابن داسة: ابن أم الحكم - يعني على الصواب، والعجب أن الحديثَ سيتكرر عند المصنف على الصواب برقم (5066)، ومع ذلك لم يتنبه إليه أحدٌ في شيء من الطبعات السابقة، وكذا لم يتنبه إليه أبو الطيب في "عون المعبود"، ولا السهارنفوري في "بذل المجهود" ولا الألباني في"صحيحته" (1882) فصحح الأخير إسناده فلم يُصب. وقد جاء في "تحفة الأشراف" (18314) معزواً لأبي داود على الصواب في الموضعين. ويؤيد ذلك أنه لم يذكر أحدٌ من أصحاب التراجم روايةً للفضل بن الحسن عن أم الحكم أو ضُبَاعة، وإنما ذكروا رواية للفضل عن ابن أم الحكم، كابن الأثير في "رجال جامع الأصول"، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة الفضل، والذهبي في "الكاشف" في ترجمة ابن أم الحكم، وتبعهما ابنُ حجر في "تهذيب التهذيب" و"التقريب". ووهم صاحب "تراجم الأحبار"، إذ نفى أن يكون الحافظ ذكره في "التهذيب" و "التقريب". ويؤيده كذلك أنه جاء على الصواب في مصادر التخريج. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 299، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة الفضل بن الحَسن، من طريق عبد الله بن وهب، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3474)، والطبراني في "الكبير" 25/ (333) من طريق زيد بن =

قال عياش: وهما ابنتا عمِّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - 2988 - حدَّثنا يحيي بن خَلَفٍ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، عن سعيدٍ -يعني الجُرَيريَّ- عن أبي الوَردِ، عن ابن أعبُدَ، قال: قال لي علىٌّ: ألا أحدثُك عنِّي وعن فاطمةَ بنتِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -, وكانت مِن أحبِّ أهلِه إليه؟ قلتُ: بلى، قال: إنها جَرَّتْ بالرَّحَى حتى أثّر في يدها، واستَقَتْ بالقِربة حتى أثَّر في نحرِها، وكَنَستِ البيتَ حتى اغبرَّت ثيابُها، فأتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - خدمٌ، فقلت: لو أتيتِ أباكِ فسألتيه خادماً، فأتَتْه، فوجَدَتْ عنده حُدَّاثاَ، فرجعتْ، فأتاها من الغد، فقال: "ما كانَ حاجتُكِ؟ "فسكتتْ، فقلت: أنا أُحدَّثك يا رسولَ اللهِ، جَرَّتْ بالرحى حتى أثَّرت في يدِها، وحملتْ بالقِربة حتى أثّرت في نحرِها، فلمَّا أن جاءك الخدَمُ أَمرتُهَا أن تأتيَك فتستخْدمَك خادماً يقيها حَرَّ ما هي فيه، قال: "اتقِي الله يا فاطمة، وأدِّي فريضةَ ربِّكِ، واعْمَلي عَمَلَ أهلِكِ، وإذا أخذتِ مضجعَكِ فسبّحي ثلاثاً وثلاثين، ¬

_ = الحباب، كلاهما عن عياش بن عقبة، بهذا الإسناد. على الصواب. وتحرف في رواية المزي اسم عياش بن عقبة إلى: ابن عباس. ونبّه على أنه خطأ. وأخرجه الطحاوي 3/ 299 من طريق زيد بن الحباب، عن عياش بن عقبة، عن الفضل بن الحَسن، عن عمرو بن الحكم (وتحرف في المطبوع إلى: بن الحكيم كما نبه عليه صاحب "تراجم الأحبار") أن أمه حدثته أنها ذهبت هي وأمها حتى دخلنا على فاطمة رضي الله عنها فخرجن جميعاً ... فسمى الرجل: عمرو بن الحكم، والذي جاء عند ابن أبي عاصم والطبراني من طريق زيد بن الحباب أصح، لموافقته لرواية عبد الله بن وهب. ولقصة فاطمة وحدها شاهد من حديث علي بن أبي طالب عند البخاري (3113)، ومسلم (2727)، وسيأتي عند المصنف بعده وبرقم (5062) (5063) و (5064).

واحْمَدي ثلاثاً وثلاثين، وكبِّري أربعاً وثلاثين، فتلك مئةٌ، فهي خير لكِ من خادِمٍ "، قالت: رضيتُ عن اللهِ، وعن وسوله (¬1). 2989 - حدَّثنا أحمدُ بن محمد المروزي، حدَّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن على بن حُسين، بهذهِ القصة، قال: ولم يُخدِمها (¬2). 2990 - حدَّثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا عنبسةُ بن عبد الواحدِ القُرشيُّ -قال أبو جعفر يعني ابنَ عيسى: كنا نقولُ: إنه من الأبدال قبل أن نسمع أن الأبدال من المَوالي- قال: حدَثني الدَّخِيل بن إياسِ بن نوح بن مُجَّاعةَ، عن هلالِ بن سِراجِ بن مُجَّاعةَ، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة ابن أعبد -واسمه علي-، لكن روي حديث فاطمة بألفاظ أخرى بأسانيد صحيحة منها ما سيأتي في التخريج، ومنها ما سيأتي عند المصنف برقم (5062) أبو الورد: هو ابن ثمامة بن حزن القشيري، روى عنه سعيد الجُريري -وهو ابن إياس- وعوف الأعرابي، وشداد بن سعيد، وقال أحمد في "العلل ومعرفة الرجال": حدث عنه الجريري بأحاديث حِسان، وقال ابن سعد: كان معروفاً قليل الحديث. وأخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائده على "المسند" لأبيه (1313)، وزوائده على "فضائل الصحابة" لأبيه (1207)، والطبراني في "الدعاء" (235)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 70 و 2/ 41، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة علي بن أعبد، من طريق سعيد بن إياس الجريري، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (3707) و (3708)، والنسائي في "الكبرى" (9127)، وعبد الله ابن أحمد في زوائده على "المسند" لأبيه (996)، والبزار (548)، وابن حبان (6922) من طريق عَبيدة السلماني، عن علي بن أبي طالب. وإسناده صحيح. وسيأتي بنحوه أيضاً بالأرقام (5062) و (5063) و (5064). (¬2) رجاله ثقات، ولكنه مرسل، علي بن حسين: هو ابن علي بن أبي طالب، وأحمد بن محمد المروزي، هو ابن ثابت الخُزاعي. والحديث صحيح بغير هذا الطريق كما بيناه في الطريق السابق. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (2107) عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.

عن جده مُجَّاعة: أنه أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - يطلبُ دِيَةَ أخيه -قتلتْه بنو سَدوسٍ من بني ذهلٍ- فقال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "لو كنتُ جَاعِلاً لمُشرِكٍ دِيَةً جعلْتُها لأخيك، ولكنْ سأُعْطِيكَ مِنهُ عُقْبَى"، فكتب له النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بمئة من الإبل من أول خُمْسٍ يخرُج من مُشركي بني ذُهلٍ، فأخذ طائفةً منها، وأسلمتْ بنو ذهْلٍ، فطلبها بعدُ مُجَّاعَةُ إلى أبي بكر، وأتاه بكتابِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فكتبَ له أبو بكر باثنَي عشرَ ألفَ صاعٍ من صدقةِ اليمامة: أربعةُ آلافٍ بُرٌّ، وأربعةُ آلافٍ شعيرٌ، وأربعةُ آلافٍ تمرٌ، وكان في كتاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لِمُجَّاعة: "بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتابٌ من محمدٍ النبيَّ، لِمُجَّاعةَ بن مُرَارةَ من بني سُلْمى، إني أعطيتُه مئةً من الإبلِ من أول خُمسٍ يخرُج من مُشركي بني ذهلٍ عُقْبَةً من أخيه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة سراج بن مُجَّاعة والدخيل بن إياس. محمد بن عيسى: هو ابن الطباع البغدادي. وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 112 - 113، وابن الأثير في "أسد الغابة" 5/ 62 من طريق عنبسة بن عبد الواحد، بهذا الإسناد. وهو عند البخاري في "تاريخه الكبير" 8/ 44 معلقاً. قال الخطابي: معنى"العُقبى" العوض. ويشبه أن يكون إنما أعطاه ذلك تأليفاً له، أو لمن وراءه من قومه على الإسلام. وقوله: وكان من الأبدال. جاء في "مسند أحمد" (2275) حديث عبادة بن الصامت رفعه "الأبدال في هذه الأمة ثلاثون مثل إبراهيم خليل الرحمن كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلاً" وسنده ضعيف. وحديث علي فيه أيضاً (896) رفعه "الأبدال يكونون بالشام، وهم أربعون رجلاً، كلما مات رجل، أبدل الله مكانه رجلاً، يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء، ويُصرف عن أهل الشام بهم العذاب" ولا يصح أيضاً كما هو مبين في تعليقاتنا على "المسند". ومُجّاعة: قال المنذري: هو بضم الميم وتشديد الجيم وفتحها، وخففها بعضهم، وبعد الألف عين مهملة وتاء تأنيث.

21 - باب ماجاء في سهم الصفي

21 - باب ماجاء في سهم الصفيِّ 2991 - حدَّثنا محمدُ بن كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن مُطرِّفٍ عن عامرٍ الشعبيِّ، قال: كانَ للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - سهمٌ يُدعَى الصَّفِيَّ، إن شاء عبداً، وإن شاءَ أمةً، وإن شاءَ فرساً، يختارُه قبلَ الخُمس (¬1). 2992 - حدَّثنا محمدُ بن بشَار، حدَّثنا أبو عاصِم وأزْهَرُ، قالا: حدَّثنا ابن عَونٍ، قال: سألتُ محمداً عن سهْمِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - والصفِىِّ، قال: كان يُضرَب له بسهمٍ من المسلمين وإن لم يشهدْ، والصفيُّ يؤخذ له رأسٌ من الخُمس قبلَ كل شيءٍ (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكنه مرسل، عامر الشعبي: هو ابن شَراحيل، ومُطَرِّف: هو ابن طريف، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومحمد بن كثير: هو العَبدي. وأخرجه عبد الرزاق (9485)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 302، واليهقي 6/ 304، وابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 44 من طريق سفيان الثوري، به. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 433 عن محمد بن حجاج، وسعيد بن منصور (2673) عن هشيم بن بشير، والنسائى (4145) من طريق أبي إسحاق الفزاري، ثلاثتهم عن مطرف بن طريف، قال: سئل الشعبي عن سهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وصفيه، فقال: أما سهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فكَسَهْم رجلٍ من المسلمين، وأما سهم الصفي فغُرَّةٌ تُختار من أي شيء شاء. لفظ النسائي. وأخرج سعيد بن منصور (2674) عن سفيان الثوري، عن مطرف، عن الشعبي قال: سئل عن الصفي، قال: هو عُلوٌّ (أي رفيع نفيس كاليلق) من المال يتخيره رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -. (¬2) رجاله ثقات، ولكنه مرسل. محمد: هو ابن سيرين، وابن عون: هو عبد الله، وأزهر: هو ابن سعد السمان الباهلي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد. =

2993 - حدَّثنا محمودُ بن خالدِ السُّلَمي، حدَّثنا عُمر -يعني ابنَ عبد الواحد-، عن سعيد -يعني ابنَ بَشير- عن قتادةَ، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا غزا كان له سهْمٌ صافٍ يأخذُه من حيثُ شاءَ، وكانت صفيَّةُ من ذلك السهمِ، وكان إذا لم يَغْزُ بنفسِه ضُرِبَ له بسهمِه ولم يُخيَّر (¬1). 2994 - حدَّثنا نصرُ بن عليٍّ، حدَّثنا أبو أحمدَ، أخبرنا سفيانُ، عن هشامِ ابن عُروةَ، عن أبيهِ عن عائشة قالتْ: كانَتْ صفيةُ من الصَّفِيِّ (¬2). 2995 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا يعقوبُ بن عبدِ الرحمن الزهريُّ، عن عَمرو بن أبي عَمرو ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 434، والبيهقي 6/ 304، وابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 44 من طريق عبد الله بن عون، به. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 432 من طريق أشعث بن سوار، عن محمد بن سيرين. وأخرجه سعيد بن منصور (2679) من طريق أشعث بن سوار، عن محمد بن سيرين قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُضرَب له سهم من الغنائم شهد أو غاب. قال الخطابي: الصفي: هو ما يصطفيه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من عَرض الغنيمة من شيء قبل أن يخمس: عبد، أو جارية أو فرس أو سيف أو غيرها، وكان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مخصوصاً بذلك مع الخمس الذي له خاصة. (¬1) رجاله ثقات غير سعيد بن بشير، فهو ضعيف يعتبر به في الشواهد والمتابعات، ويشهد له مرسل محمد بن سيرين السالف. وأخرجه البيهقي 6/ 304 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وأبو أحمد: هو محمد بن عبد الله بن الزبير. وأخرجه ابن حبان (4822)، والطبراني في "الكبير" 24/ (175)، والحاكم 2/ 128 و 3/ 39، والبيهقي 6/ 304 من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

عن أنس بن مالك، قال: قدِمْنا خيبرَ فلما فتحَ اللهُ الحصنَ ذُكِرَ له جمالُ صفيةَ بنتِ حُييٍّ، وقد قُتل زوجُها، وكانت عَروساً، فاصطفاها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لنفسِه، فخرج بها حتى بلغنا سُدَّ الصهْبَاء، حَلَّت فبنى بها (¬1). 2996 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ بن زيد، عن عبد العزيز بن صُهيب عن أنس بن مالك، قال: صارتْ صفيةُ لِدِحْيَةَ الكلْبىِّ، ثم صارتْ لِرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم- (¬2) ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد جيد من أجل عمرو بن أبي عمرو -وهو مولى المطلب- فهو صدوق لا بأس به. يعقوب بن عبد الرحمن الزهري: هو القاريُّ، وإنما نُسب هنا زُهرياً بالحِلْف. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2676). وأخرجه البخاري (2235) و (2893) و (4211) من طريق يعقوب بن عبد الرحمن، به سُد الصهباء: موضع بينه وبين خيبر وهي على أربع فراسخ من خيبر. وقوله: حَلَّت: أراد أنها طهرت من الحيض حينئذٍ. وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (2997) و (2998). (¬2) إسناده صحيح. مُسَدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه البخاري (947)، ومسلم بإثر (1427)، وابن ماجه (1957)، والنسائي في "الكبرى" (8606) من طريق حماد بن زيد، به. وأخرجه البخاري (2228) و (4200)، ومسلم بإثر (1427)، وابن ماجه (1957)، والنسائي في "الكبرى" (8543) و (8606) من طريق ثابت بن أسلم البناني، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12940). وسيأتي من طريق عبد العزيز بن صهيب عن أنس بأطول مما ها هنا برقم (2998). وانظر ما قبله وما بعده وما سيأتي برقم (2998).

2997 - حدَّثنا محمدُ بن خَلَّاد الباهليُّ، حدَّثنا بهزُ بن أسَدٍ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا ثابتٌ عن أنس، قال: وقَعَ فيْ سهمِ دحيةَ جاريةٌ جميلةٌ فاشتراها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بسبعة أرؤسٍ، ثم دفعها إلى أُم سليم تصنعها وتهيئُها، قال حمادٌ: وأحسبه قال: وتعتد في بيتِها صفيةُ بنتُ حُييٍّ (¬1). 2998 - حدَّثنا داودُ بن مُعاذ، حدَّثنا عبدُ الوارث. وحدَثنا يعقوبُ بن إبراهيم -المعنى-، حدَّثنا ابنُ عُلَيَّةَ، عن عبدِ العزيز بن صُهيبٍ عن أنس، قال: جُمِعَ السبْيُ -يعني بخيبرَ- فجاء دحيةُ، فقال: يا رسولَ الله: أعْطِنِي جاريةً من السبيِ، قال: "اذهب فَخُذْ جاريةً" فأخذَ صفيةَ بنتَ حُييٍّ، فجاء رجلٌ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: يا نبىَّ اللهِ، اْعطيتَ دحيةَ -قال يعقوبُ: صَفيّةَ بنتَ حُيي، ثم اتفقا- سيدةَ قريظةَ والنضيرِ؟ ما تصلحُ إلا لكَ. قال: " ادْعُوهُ بها" فلما نظر إليها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال له: "خُذْ جارِيةً من السَّبْي غيرَهَا" وإن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أعتقَها وتزوجَها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البناني، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم بإثر (1427) من طريق حماد بن سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (12240)، و"صحيح ابن حبان" (7212). وانظر ما قبله وما بعده. وقوله: اشتراها بسبعة أرؤس: لعل المراد أنه عوضه عنها بذلك المقدار، وإطلاق الشراء على العوض على سبيل المجاز، ولعله عوضه عنها جارية أخرى، فلم تطب نفسه، فأعطاه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من جملة السبي زيادة على ذلك. (¬2) إسناده صحيح. ابن عُلية: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقْسَم، وعُلَية أُمُّه، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري مولاهم. وأخرجه البخاري (371)، ومسلم بإثر (1427)، والنسائي في "المجتبى" (3380) من طريق إسماعيل ابن علية، به. =

22 - باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة

2999 - حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا قُرَّةُ سمعتُ يزيدَ بنَ عبدِ اللهِ، قال: كنا بالمِرْبَد، فجاء رجلٌ أشعثُ الرأسِ بيده قطعةُ أدِيمٍ أحمرَ، فقلنا: كأنَّك من أهلِ الباديةِ، قال: أجلْ، قلنا: ناوِلْنا هذه القطعةَ الأديمَ التي في يدك، فناولنَاهَا، فقرأْنا ما فيها فإذا فيها: "من محمدِ رسولِ الله إلى بني زُهير بن أُقَيْش، إنكم إن شهدتُم أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسولُ الله، وأقمتُم الصلاةَ، وآتيتُم الزكاةَ، وأديتُم الخُمس من المَغْنَمِ، وسَهْمَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وسَهْمَ الصفيِّ أنتم آمنون بأمان الله ورسولِه" فقلْنا: مَنْ كتب لك هذا الكتابَ؟ قال: رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 22 - باب كيف كان إخراجُ اليهودِ من المدينة 3000 - حدَّثنا محمدُ بن يحيى بن فارسٍ، أن الحَكَم بن نافع حدثهم، أخبرنا شُعيبٌ، عن الزهريِّ، عن عبدِ الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالكِ ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (11992). وانظر ما سلف بالأرقام (2995) و (2996) و (2997). وقوله في الحديث عن صفية: إن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أعتقها وتزوجها، سلف عند المصنف برقم (2054). (¬1) إسناده صحيح، وقد جاء في بعض الروايات مُصرَّحاً باسم الصحابي بأنه النمر ابن تَولَب العُكلي كما جاء عند ابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 165، والطبراني في "الأوسط" (2940)، والخطيب في "الأسماء المبهمة" ص315.يزيد بن عبد الله: هو ابن الشِّخِّير، وقرة: هو ابن خالد السّدوسي. وأخرجه النسائي (4146) من طريق سعيد بن إياس الجُريري، عن يزيد بن عبد الله ابن الشخير، به. وهو في "مسند أحمد" (20737)، و"صحيح ابن حبان" (6557).

عن أبيه -وكان أحد الثلاثة الذين تِيبَ عليهم-: وكان كعْب بن الأشرفِ يَهجُو النبىَّ - صلَّى الله عليه وسلم - ويُحرَّضُ عليه كفارَ قريشٍ، وكان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - حين قدم المدينةَ وأهْلُهَا أخلاطٌ منهم المسلمون والمشركون يعبُدون الأوثانَ، واليهودُ، وكانوا يُؤْذونَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وأصحابَه، فأمر اللهُ نبيّه بالصبرِ والعفْوِ، ففيهم أنزلَ اللهُ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [آل عمران: 186]، فلما أبى كعبُ بن الأشرفِ أن يَنزِعَ عن أذى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أمرَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - سعدَ بن مُعاذٍ أن يبعث رهْطاً يقتُلُونه، فبعث محمدَ بن مَسلَمةَ، وذكر قصةَ قتْلِه، فلمَّا قتلُوه فزِعَتِ اليهودُ والمشركُون، فغَدَوْا على النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقالوا: طُرقَ صاحبُنا فقُتل، فذكَر لهم النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - الذي كان يقول، ودعاهم النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - إلى أن يكتب بينه وبينهم كتاباً ينتهون إلى ما فيه، فكتب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بينه وبينهم وبين المسلمين عامةً صحيفةً (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، وقوله: "عن أبيه، وكان أحد الثلاثة الذين تيب عليهم" قال الحافظ المنذري في "اختصار السنن": أبوه عبد الله بن كعب، ليست له صحبة، ولا هو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، ويكون الحديث على هذا مرسلاً، ويحتمل أن يكون أراد بأبيه جده، وهو كعب بن مالك، وقد سمع عبد الرحمن من جده كعب، فيكون الحديث على هذا مسنداً. قلنا: بل لا يمكننا الجزم بكونه مسنداً إن كان المقصودُ جدَّه، لأن معمر بن راشد وعقيل بن خالد الأيلى قد رويا الحديث عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، مرسلاً، ولهذا فقد أورد البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 308 رواية شعيب بن أبي حمزة -يعني التي عند المصنف هنا- ثم أتبعها برواية معمر المرسلة، ولم يقض فيهما بشيء، ولكن الحافظ ابن حجر في "العُجاب" 1/ 356 صحح سند رواية شعيب بن أبي حمزة! مع أن في الحديث اختلافاً في الوصل والإرسال، وتردُّداً أيضاً في تعيين المقصود بقوله: "أبيه"، كما بينه الحافظ المنذري. الحكم بن نافع: هو أبو اليمان مشهور بكنيته، ومحمد بن يحيى بن فارس: هو الذهلي الحافظ صاحب "الزهريات". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 198، والواحدي في "أسباب النزول" ص 114 - 115 من طريق محمد بن يحيى بن فارس الذهلى، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 1/ 220 عن أبيه أبي حاتم، والواحدي في "أسباب النزول" ص 30 - 31 من طريق محمد بن يحيى الذهلي، كلاهما (أبو حاتم والذهلي) عن أبي اليمان الحكم بن نافع، به. إلا أنه جاء عندهما أن الآية التي نزلت هي قوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ} [البقرة: 109] بدل آية اَل عمران، وفيها أيضاً الأمر بالعفو والصفح، ولا يبعد أن الآيتين نزلتا في هذا الشأن، ويؤيده رواية البخاري ومسلم الأتي ذكرهما آخر التخريج. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 183، وفي "دلائل النبوة" 3/ 196 - 197 من طريق عبد الكريم بن الهيثم، عن أبي اليمان الحكم بن نافع، عن شعيب، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك - قال في "السنن": أظنه عن أبيه، وكان ابن أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، ولم يذكر ذلك في "الدلائل" واكتفى بقوله: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، وكان من أحد الثلاثة الذين تيب عليهم يريد كعب بن مالك، كذا جاء في المطبوع من كليهما، فليحرر. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (9388) عن معمر بن راشد والطبراني في "الكبير"19/ (154) من طريق عقيل بن خالد، كلاهما عن ابن شهاب الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك مرسلاً. وأورده البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 308 تعليقاً عن معمر مرسلاً من طريق آخر غير طريق عبد الرزاق. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 142 - 143، ومن طريقه الطبري في "تفسيره" 4/ 201 عن معمر، عن الزهري مرسلاً. فلم يذكر عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب ابن مالك، ولا أباه. وقد صح عند البخاري (4566) عن أبي اليمان الحكم بن نافع، عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عُروة بن الزبير، عن أسامة بن زيد بن حارثة أن هاتين الآيتين أعني آيتي البقرة وآل عمران السالفتى الذكر قد نزلتا في شأن قوم بالمدينة كانوا يُؤذون النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وأصحابه ولكن جاء في هذه الرواية ذكر عبد الله بن أبي ابن سلول بدل كعب بن الأشرف، وهو عند مسلم بنحوه (1798) لكن لم يذكر الآيتين. وقصة قتل كعب بن الأشرف صحت من حديث جابر بن عبد الله، وقد سلفت عند المصنف برقم (2768).

3001 - حدَّثنا مُصَرِّفُ بن عَمرِو الأياميُّ، حدَّثنا يونُس -يعني ابنَ بُكَيرٍ-, حدَّثنا محمد بن إسحاقَ، حدثني محمدُ بن أبي محمدٍ مولى زيدِ بن ثابتٍ، عن سَعيد بن جُبيرٍ وعِكرمةَ عن ابن عباسٍ، قال: لما أصابَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قريشاً يومَ بدرٍ وقدم المدينةَ جمعَ اليهودَ في سوقِ بني قَيْنُقَاع، فقال: "يا معشرَ يهودَ، أسلِموا قَبلَ أن يُصِيبَكُم مثلُ ما أصابَ قُريشاً" قالوا: يا محمدُ، لا يَغُرَّنَّكَ من نفسِك أنك قتلتَ نَفَراً من قريشِ كانوا أغْماراً لا يعرفون القتالَ، إنك لو قاتلْتَنا لعَرَفْتَ أنا نحن الناس، وأنك لم تَلْقَ مثلَنا، فأنزلَ اللهُ في ذلك: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ} [آل عمران: 12] قرأ مُصَرِّفٌ إلى قوله {فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: 13] ببدر {وَأُخْرَى كَافِرَةٌ} [آل عمران: 13] (¬1). 3002 - حدَّثنا مصرِّف بن عَمرو، حدَّثنا يونُس، قال ابنُ إسحاقَ: حدّثني مولى لِزيدِ بن ثابتٍ، حدثتني بنتُ مُحَيِّصَة ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت. وهو في "سيرة ابن هشام" 3/ 50 - 51 لكنه قال: عن سعيد بن جبير أو عن عكرمة. واقتصر على أن هذه الآية نزلت في بني قينقاع. وأخرجه الطبري في "تفسيره" 3/ 192 عن أبي كريب محمد بن العلاء، و 3/ 192 من طريق سلمة بن الفضل، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 183، وفي "دلائل النبوة" 3/ 173 - 174 من طريق أحمد بن عبد الجبار العطاردي ثلاثتهم عن يونس بن بكير، بهذا الإسناد. وقالوا جميعاً: عن سعيد بن جبير أو عكرمة. لكن لفظ سلمة كلفظ ابن هشام في "السيرة النبوية". وأخرجه ابن إسحاق كما في "سيرة ابن هشام" 3/ 51، ومن طريقه أخرجه الطبري 3/ 192، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 174 عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلاً. الأغمار: جمع غُمر بضم الغين: الجاهل الغر الذي لم يجرب الأمور.

عن أبيها مُحَيِّصَةَ، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ ظَفِرْتُم بِهِ منْ رجال يهود فاقتُلُوه" فوثَبَ مُحَيّصَةُ على شُبَيبةَ رجلٍ من تجار يهود كان يُلابِسُهم، فقتَلَه، وكان حُويِّصَةُ إذ ذاك لم يُسِلْم، وكان أسَنَّ من مُحيِّصةَ، فلما قتله جعلَ حُويِّصةُ يضربُه، ويقول: أي عَدُوَّ اللهِ، أما والله لَرُبَّ شَحمٍ في بَطنِكَ من مَالِهِ (¬1). 3003 - حدَّثنا قُتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن سعيدِ بن أبي سعيد، عن أبيه عن أبي هريرةَ أنه قال: بينما نحْنُ في المسجد إذ خرج إلينا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "انْطَلِقُوا إلى يهودَ" فخرجْنا معه حتى جئناهُم، فقامَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فناداهُم فقال: "يا معشرَ يهودَ، أسْلِموا تَسلَمُوا" فقالوا: قد بلّغْتَ يا أبا القاسم، فقال لهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أسلِمُوا تَسْلَمُوا" فقالوا: قد بلّغْتَ يا أباْ القاسم، فقال لهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - "ذلكَ أُريِدُ"، ثم قالها الثالثةَ: "اعلَموا أنّما الأرضُ لله وَرسُوله، ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة ابنةِ مُحيّصة ومولى زيد بن ثابت وهو محمد بن أبي محمد. يونس: هو ابن بُكير. وقد روي الحديث من وجه آخر حسن كما سيأتي. وهو في "سيرة ابن هشام" 3/ 62 لكنه قال: حدثني هذا الحديث مولى لبني حارثة بدل: مولى لزيد بن ثابت. قلنا: حارثة هو جدُّ بني النجار قبيلِ زيد بن ثابت. وأخرجه الطبري في "تاريخه" 2/ 54، من طريق سلمة بن الفضل، والطبراني في "الكبير" 20/ (741)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/ 250 من طريق يونس بن بكير، كلاهما عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه محمد بن إسحاق في "سيرته" -القسم المطبوع- (502) قال: حدثني ثور، عن عكرمة، عن ابن عباس، وهذا إسناد حسن. ثور: هو ابن زيد الدِّيلي.

23 - باب ماجاء في خبر بني النضير

وإني أرِيدُ أن أُجْلِيَكُم مِن هذه الأرضِ، فمن وجدَ مِنكُم بمالِهِ شيئاً فلْيبِعهُ، وإلَّا فاعلَمُوا أنَّمَا الأرض للهِ ورسولهِ" (¬1). 23 - باب ماجاء في خَبِر بني النضيرِ 3004 - حدَّثنا محمدُ بن داودَ بنِ سفيانَ، حدَّثنا عبدُ الرزّاقِ، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن عبدِ الرحمن بن كعب بن مالكٍ عن رجل من أصحابِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -: أن كفارَ قريشٍ كتبُوا إلى ابن أُبَيٍّ ومَن كان معه يعبُد الأوثانَ من الأوسِ والخزرجِ، ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يومئذٍ بالمدينة قبلَ وقعةِ بدرٍ: إنكم آوَيتُم صاحبَنا، وإنا نُقسِم بالله لَتُقاتِلُنَّهُ أو لَتُخرِجُنَّهُ أو لنَسِيرَنَّ إليكم بأجمَعِنا حتى نقتلَ مقاتلتكم ونستبيح نساءكم، فلما بلغَ ذلك عبدَ الله بن أبيّ ومَن كان معه من عَبَدةِ الأوثانِ، اجتمعوا لقتالِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فلما بلغ ذلك النبىَّ - صلَّى الله عليه وسلم - لقيهم فقال: "لَقدْ بَلغَ وعيدُ قُريشٍ منكم المبَالغ، ما كانت تكِيدُكم بأكْثرَ مِمَّا تريدُون أن تكيدُوا بِهِ أنفُسَكم، تريدُون أن تُقاتلوا أبنَاءَكم وإخوانَكم" فلما سمعُوا ذلك من النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - تفرَّقوا، فبلغ ذلك كفارَ قريشٍ، فكتبت كفارُ قريشٍ بعد وقعةِ بدرٍ إلى اليهود: إنكم أهلُ الحَلْقَةِ والحُصُونِ، وإنكم لَتُقاتِلُنَّ صاحبَنا أو لنَفْعلَنَّ كذا وكذا، ولا يحولُ بيننا وبين خَدَمِ نسائكم شيء -وهي الخلاخيل- فلما بلغَ كتابُهم النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أجْمعَتْ بنو النَّضير ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سعيد بن أبي سعيد: هو المقبري، واسمُ أبي سعيد كيسان، والليث: هو ابن سعد المصري. وأخرجه البخاري (3167)، ومسلم (1765)، والنسائى في "الكبرى" (8634) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9826).

بالغَدْرِ: فأرسَلُوا إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: اخرُج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك، وليخرج منا ثلاثون حِبْراً، حتى نلتقي بمكان الْمَنصَف فيسمعوا منك، فإن صدَّقُوك وآمنوا بك آمنّا بك، فقصَّ خبرهم، فلما كان الغَدُ غدا عليهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالكتائبِ فحَصَرهم، فقال لهم: "إنكم واللهِ لا تأمَنُون عِندي إلا بعَهْدٍ تُعَاهِدوني عليه) فأبَوا أن يعطُوه عهداً، فقاتَلَهم يومَهم ذلك، ثم غدا الغدَ على بني قُريظةَ بالكتائبِ، وتَرك بني النَّضيرِ، ودعاهم إلى أن يعاهِدوه، فعاهَدوه: فانصرف عنهم، وغدا على بني النضيرِ بالكتائبِ، فقاتلهم حتى نزلوا على الجَلاَء، فجَلَتْ بنو النضيرِ واحتَمَلُوا ما أقَلَّتِ الإبلُ من أمتعتِهم وأبواب بيوتهم وخشبِها، فكان نخلُ بني النضير لِرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خاصةً، أعطاه الله إياها وخَصَّه بها، فقال: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: 6] يقول: بغيرِ قتالٍ، فأعطى النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - أكثرَها للمهاجرين، وقَسَمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار كانا ذوي حاجةٍ، لم يقسِم لأحدٍ من الأنصارِ غيرِهما، وبقي منها صدقةُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - التي في أيدي بني فاطمةَ رضي الله عنها (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمد بن مسلم بن عُبيد الله بن عَبد الله بن شهاب. وقد صحح إسناده الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 7/ 331. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (9733)، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في "فتح الباري" 7/ 331، والبيهقي في "السنن" 9/ 232، وفي "الدلائل" 3/ 178 - 179، وهو عند البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 313 معلقاً عن شيخه المُسنَدي، عن عبد الرزاق. =

24 - باب في حكم أرض خيبر

3005 - حدَّثنا محمدُ بن يحيى بن فارسٍ، حدَّثنا عبدُ الرزّاقِ، أخبرنا ابن جُريجِ، عن موسى بن عُقبةَ، عن نافع عن ابن عمر: أن يهودَ النَّضِير وقُرَيظَةَ حاربُوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فأجلى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بني النضيرِ، وأقرَّ قريظةَ ومَنَّ عليهم، حتى حاربتْ قريظةُ بعد ذلك، فقتلَ رجالَهم وقسم نساءَهم وأولادَهم وأموالَهم بين المسلمين إلا بعضَهم لحقوا برسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فأمَّنهم وأسلَمُوا، وأجلى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يهودَ المدينةِ كلَّهم: بني قينقاع، وهم قوم عبدِ الله بن سلاَم، ويهودَ بني حارثةَ: وكل يهوديٍّ كان بالمدينة (¬1). 24 - باب في حكم أرض خيبرَ 3006 - حدَّثنا هارونُ بن زيدِ بن أبي الزرقاءِ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا حمادُ بن سلمةَ، عن عُبيد الله بن عُمر، قال: أحسبه عن نافع ¬

_ = قال الخطابي: قوله: "أنكم أهل الحلقة والحصون" يريد بالحلقة السلاح، وقيل: أراد بها الدرع، لأنها حلق مسلسلة. وخدم النساء: خلاخيلهن، واحدتها: خَدمة، والمخدَّم: موضع الخلخال من الرِّجل. والكتائب: الجيوش المجتمعة، واحدتها: كتيبة، ومنها الكتاب المكتوب، ومعناه: الحروف المضمومة بعضها إلى بعض. قلنا: وقوله: فقص خبرهم، يعني: أخبر النبي - صلَّى الله عليه وسلم - الناس بخبرهم. (¬1) إسناده صحيح. ابنُ جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز وهو في "مصنف عبد الرزاق" (9988) و (19364)، ومن طريقه أخرجه البخاري (4028)، ومسلم (1766). وأخرجه مسلم (1766) من طريق حفص بن ميسرة، عن موسى بن عقبة، به. وهو في "مسند أحمد" (6367).

عن ابن عمر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قاتَلَ أهل خيبرَ، فغلبَ على النخلِ والأرضِ، وأَلجأهم إلى قَصرِهم، فصالَحُوه على أن لِرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الصفراءَ والبيضاءَ والحَلْقَةَ، ولهم ما حملتْ رِكابُهم، على أن لا يكتُموا، ولا يُغَيّبوا شيئاً، فإن فعلوا فلا ذمةَ لهم ولا عهد، فغَيَّبُوا مَسْكاً لحُيَيِّ بن أخْطَبَ، وقد كان قُتلْ قَبل خيبرَ، كان احتَمَله معه يوم بني النضير حين أُجليت النضيرُ، فيه حُلِيُّهُم، قال: فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لسَعْيةَ: "أين مَسْكُ حُيَيِّ بنِ أخْطَبَ؟ " قال: أذهبتْه الحروبُ والنفقاتُ، فوجدُوا المَسك، فقَتل ابنَ أبي الحقَيقِ وسَبَى نساءهم وذراريَهم، وأراد أن يُجْليَهم، فقالوا: يا محمدُ، دعْنا نعملْ في هذه الأرض ولنا الشطرُ ما بدا لك ولكم الشطرُ، وكان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يعطي كل امرأةٍ من نسائِه ثمانين وَسْقاً من تمرٍ وعشرين وَسْقاً من شعيرٍ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البلاذري في "فتوح البلدان" ص 36 - 37، وابن حبان (5199)، والبيهقي في "السنن" 6/ 114 و 9/ 137، وفي "دلائل النبوة" 4/ 229 - 231 من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأورده البخاري في "صحيحه" بإثر (2735) معلقاً بصيغة الجزم. وأخرج قصة إقرار النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يهود خيبر على أراضيهم على أن يعطوه شطر ثمرها، وإعطائه زوجاته ثمانين وسق تمر وعشرين وسق شعير: البخاري (2328) من طريق أنس بن عياض، ومسلم (1551) من طريق علي بن مُسهر، و (1551) من طريق عبد الله بن نمير، ثلاثتهم عن عُبيد الله بن عمر، به. وأخرج قصة إقرار اليهود -وحدَها- على شطر ثمر خيبر: البخاري (2285) و (2499) و (2720) و (4248) من طريق جويرية بن أسماء، والبخاري (2338) و (3152)، ومسلم (1551) من طريق موسى بن عقبة، كلاهما عن نافع، به. =

3007 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا يعقوبُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا أبي، عن ابن إسحاقَ، حدثني نافعٌ مولى عبد الله بن عُمرَ عن عبد الله بن عمر: أن عمر قال: أيُّهَا الناس، إن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان عامَلَ يهود خيبر على أنّا نُخرجُهم اذا شئنا (¬1)، فمن كان له مالٌ فَلْيَلْحَقْ به، فإني مُخرِجٌ يهودَ، فأخرجَهم (¬2). ¬

_ = وستأتي قصة إقرارهم على أن يعطوا شطر ثمرهم بالأرقام (3008) و (3408) و (3409). وستأتي من حديث مقسم عن ابن عباس برقم (3410). وانظر ما بعده. قال الخطابي: مَسْك حيي بن أخطب: ذخيرةٌ مِن صامِتٍ وحُلِيٍّ، كانت له، وتُدعى: مَسك الحمل، ذكروا أنها قُوّمت عشرةَ آلاف دينار، فكانت لا تُزَفُّ امرأة إلا استعاروا لها ذلك الحلي، وكان شارَطَهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - على أن لا يكتموه شيئاً مِن الصفراء والبيضاء، فكتموه ونقضوا العهدَ وظهر عليهم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فكان من أمره فيهم ما كان. قلنا: الصفراء والبيضاء، قال ابن الأثير في "النهاية": أي: الذهب والفضة. و"المسك،: هو الجلد. و"سعية": هو عمُّ حيى بن أخطب، واسمه سعية بن عمرو كما جاء في رواية البلاذري. (¬1) في (أ) و (هـ): على أن يُخرج إذا شاء، وفي (ب) و (ج): على أن نخرجهم إذا شئنا، والمثبت من رواية ابن الأعرابي كما أشار إليها في هامش (هـ)، ومن "مختصر المنذري"، وهو الموافق لما في "مسند أحمد". (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن إسحاق -وهو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم- فهو صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه. وقد توبع. وهو في "مسد أحمد" (90). =

3008 - حدَّثنا سليمانُ بن داودَ المَهْريُّ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني أُسامةُ ابن زيدٍ اللَّيثيُّ، عن نافعٍ عن عبد الله بن عمر، قال: لما افتُتِحتْ خيبرُ سألتْ يهودُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يُقِرَّهم على أن يعمَلُوا على النصفِ مما خرَجَ منها، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أُقِرُّكم فيها على ذلك ما شئنا" فكانوا على ذلك، وكان التمرُ يقسَم على السُّهْمان من نصفِ خيبرَ، ويأخذُ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الخُمس، وكان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أطعم كلَّ امرأةٍ من أزواجِه من الخُمس مئةَ وَسْقٍ تمراً وعشرين وسقاً شعيراً، فلما أراد عمرُ إخراجَ اليهود أرسل إلى أزواج النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال لهن: مَن أحب مِنْكنَّ أن أقسِمَ لها نَخلاً بِخَرصِها مئةَ وَسْقٍ فيكون لها أصلُها وأرضُها وماؤُها، ومن الزَّرع مزرعةً خرصَ عشرين وسْقاً فَعَلْنا، ومن أحبَّ أن نعزِلَ الذي لها في الخُمس كما هو فعلْنا (¬1). ¬

_ وأخرجه بنحوه البخاري (2730) من طريق مالك، عن نافع، به بلفظ: قام عمر خطيباً فقال: إن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان عامل يهود خيبر على أموالهم، وقال: "نقركم ما أقركم الله " ... إلى أن قال: وقد رأيتُ إجلاءهم. وأخرج قصة إجلاء عمر لهم من الحجاز البخاري (2338) و (3152)، ومسلم (1551) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، به. وفيه أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "نقركم بها على ذلك ما شئنا". وقول عمر آخر الحديث: فمن كان له مال فليلحق به، فإني مخرج يهود: أخرجه ابن حبان (5199)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 114 و 9/ 137، وفي "دلائل النبوة" 4/ 229 - 231 من طريق عُبيد الله بن عمر، عن نافع، به. ضمن حديث مطول في قصة خيبر. وانظر ما قبله وما بعده. (¬1) حديث صحيح دون ذكر إطعام المئة وسق من التمر لأزواجه - صلَّى الله عليه وسلم -، وهذا إسناد حسن من أجل أسامة بن زيد الليثي، فهو صدوق حسن الحديث، ولكنه تفرد =

3009 - حدَّثنا داودُ بن معاذ، حدَّثنا عبد الوارث (ح) وحدَّثنا يعقوبُ بن إبراهيمَ وزيادُ بن أيوبَ، أن إسماعيلَ بن إبراهيمَ، حدَّثهم، عن عبد العزيز بن صُهَيبٍ عن أنس بن مالك: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - غزا خيبرَ فأصبناها عَنْوَةً، فجُمِعَ السبْيُ (¬1). 3010 - حدَّثنا الربيعُ بن سليمانَ المُؤذِّنُ، حدَّثنا أسدُ بن موسى، حدَّثنا يحيى بنُ زكريا، حدثني سفيانُ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن بُشَير بن يسارٍ ¬

_ = بقوله: مئة وسق تمراً، والمحفوظ أنه - صلَّى الله عليه وسلم - أطعم زوجاته كل واحدة ثمانين وسقاً تمراً وعشرين وسقاً شعيراً، كما في حديث عُبيد الله بن عمر، عن نافع السالف برقم (3006). عبد الله: هو ابن وهب. وأخرجه مسلم (1551) من طريق عَبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. ولقصة إقرار النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أهل خيبر على أن يعطوه شطر ثمارها، وقصة إطعامه - صلَّى الله عليه وسلم - كل واحدة من زوجاته ثمانين وسقاً من التمر وعشرين وسقاً من الشعير، انظر ما سلف برقم (3006). وأما قصة تخيير عمر لزوجاته - صلَّى الله عليه وسلم - عندما أراد إخراج اليهود من خيبر، فأخرجها البخاري (2328) من طريق أنس بن عياض، ومسلم (1551) من طريق على بن مُسهر، و (1551) من طريق عبد الله بن نمير، ثلاثتهم عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر. (¬1) إسناده صحيح. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن مِقْسم، المعروف بابن عُلَيَّه، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري. وأخرجه ضمن حديث مطول البخاري (371)، ومسلم بإثر (1801)، وبإثر (1427)، والنسائي في "الكبرى" (5549) و (6564) و (11371) من طريق إسماعيل ابن علية، به. وهو في "مسند أحمد" (11992). قلنا: سيأتي في كلام الخطابي والبيهقي عند الحديث الآتي بعده بيان أن خيبر بعضها فُتح عنوة وبعضها فُتح سلماً.

عن سهل بن أبي حَثْمةَ، قال: قَسَمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خيبرَ نصفَين: نصفاً لنوائبِه وحاجتِه، ونصفاً بين المسلمين، قسمَها بينهم على ثمانيةَ عشرَ سهْماً (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 251، والطبراني في "الكبير" (5634)، والبيهقي 6/ 317 من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وانظر تالييه. وقد روي عن بشُير بن يَسار مرسلاً كما في الطريقين الآتيين برقم (3013) و (3014). قال الخطابي: فيه من الفقه أن الأرض إذا غنمت قسمت كما يقسم المتاع والخُرثي، لا فرق بينها وبين غيرها من الأموال. والظاهر من أمر خيبر أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فتحها عنوة. وإذا فتحها عنوة فهي مغنومة، وإذا صارت غنيمة فإنما حصته من الغنيمة خمس الخمس، وهو سهمه الذي سماه الله له في قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: 41] فكيف يكون له النصْف منها أجمع حتى يصرفه في حوائجه ونوائبه على ظاهر ما جاء في هذا الحديث. قلتُ (القائل الخطابي): إنما يشكل هذا على من لا يتتبع طرق الأخبار المروية في فتوح خيبر حتى يجمعها ويرتبها، فمن فعل ذلك تبين أمرَ صحةِ هذه القسمة من حيث لا يشكل معناه، وبيان ذلك: أن خيبر كانت لها قرى وضياع خارجة عنها منها الوَطيحة والكُتبية والشِّق والنِّطاة والسُّلالِيم وغيرها من الأسماء، فكان بعضها مغنوماً، وهو ما غلب عليها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، كان سبيلها القسم، وكان بعضها فيئاً، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فكان خاصاً لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، يضعه حيث أراه الله من حاجته ونوائبه ومصالح المسلمين، فنظروا إلى مبلغ ذلك كله فاستوت القسمة فيها على النصف والنصف، وقد بين ذلك الزهري. قلنا: سيأتي حديث الزهري برقم (3016). وبنحو تفسير الخطابي هذا فسره البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 138.

3011 - حدَّثنا حسين بن علي بن الأسود، أن يحيى بنَ آدمَ حدَّثهم، عن أبي شهابٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن بُشَير بن يَسارٍ أنه سمع نفراً من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قالوا، فذكر هذا الحديثَ، قال: فكان النصفُ سهامَ المسلمين وسهمَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وعزلَ النصفَ للمسلمين لما ينوبُه من الأُمورِ والنَّوائبِ (¬1). 3012 - حدَّثنا حسينُ بن عليٍّ، حدَثنا محمدُ بن فُضَيل، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن بُشَير بن يَسارٍ مولى الأنصارِ عن رجالٍ من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لما ظَهَر على خيبرَ قَسمَها على ستةٍ وثلاثين سهْماً، جَمَعَ كلُّ سَهْم مئةَ سَهْم، فكان لِرسولِ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - وللمسلمين النصفُ من ذلك، وعزلَ النصفَ الباقيَ لمن نزل به من الوفود والأمور ونَوائبِ النّاس (¬2). 3013 - حدَّثنا عبدُ الله بن سعيدٍ الكِنْديُّ، حدَّثنا أبو خالدِ -يعني سليمانَ ابن حَيان-، عن يحيى بنِ سعيدٍ ¬

_ (¬1) حديث صحيح، حسين بن علي بن الأسود -وإن كان ضعيفاً- متابع. وهو في "الخراج" ليحيى بن آدم (94)، ومن طريقه البيهقي 9/ 138. وانظر ما قبله. (¬2) حديث صحيح، حسين بن علي -وهو ابن الأسود العجلي، وإن كان ضعيفاً- متابع. وأخرجه يحيي بن آدم في "الخراج" (95)، وابن أبي شيبة 12/ 339 - 340، وأحمد (16417)، والبيهقي 6/ 317 و10/ 132، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 452 من طريق محمد بن فضيل، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (3010).

عن بُشَير بن يَسارٍ، قال: لما أفاء الله على نبيِّه - صلَّى الله عليه وسلم - خيبرَ قسمَها على ستةٍ وثلاثين سهْماً جَمَعَ كُلُّ سهْم مئَةَ سهْمٍ، فعَزَل نصفَها لنوائبِه وما ينزِل به: الوَطِيحَةَ والكُتَيبَةَ وما أُحِيز معهما، وعزل النصف الآخر فقسمه بين المسلمين: الشَّقَّ والنَّطاة وما أُحيزَ معهما، وكان سهمُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فيما أُحيزَ معهما (¬1). 3014 - حدَّثنا محمد بن مِسكين اليَماميُّ، حدَّثنا يحيى بن حسان، حدَّثنا سليمانُ -يعني ابنَ بلالٍ- عن يحيى بن سعيد عن بُشَير بن يَسارِ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لما أفاءَ اللهُ عليه خيبرَ، قسمها ستةً وثلاثين سَهْماً جُمَعَ، فعزل للمسلمين الشطرَ: ثمانيةَ عشرَ سهماً، يجمعُ كلُّ سهمٍ مئةً، النبي - صلَّى الله عليه وسلم - معهم، له سهمٌ كسَهْمِ ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه مرسل، لأن بُشير بن يسار تابعي، وقد سمعه من الصحابة كما سلف بالأرقام (3010) و (3011) و (3012)، فاتصل الإسناد. أبو خالد: هو سليمان بن حيّان الأحمر. وأخرجه البيهقي 6/ 317 من طريق أبي خالد سليمان بن حيان الأحمر، بهذا الإسناد. مرسلاً. وأخرجه يحيي بن آدم في "الخراج" (90)، والبلاذُري في "فتوح البلدان" ص 39، والبيهقي 10/ 132 من طريق حماد بن سلمة، وأخرجه يحيي بن آدم أيضاً (91) عن عبد السلام بن حرب، وأخرجه يحيي بن آدم كذلك (95)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في "الأموال" (142)، وابن سعد في "الطبقات" 2/ 113، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (219)، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة"1/ 188، والبلاذري في "الفتوح" ص 38 من طريق يزيد بن هارون، وابن سعد 2/ 114، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 450 من طريق حماد بن زيد، أربعتهم عن يحيي بن سعيد، عن بُشَير، مرسلاً. وانظر ما بعده، وما سلف برقم (3010).

أحدِهم، وعزلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ثمانيةَ عشر سهماً -وهو الشطرُ- لنوائبِه وما ينزلُ به من أمرِ المسلمين، فكان ذلك الوَطِيحَ والكُتيبةَ والسُّلالمَ وتوابعَها، فلما صارتِ الأموالُ بيد النبي - صلَّى الله عليه وسلم - والمسلمين لم يكن لهم عُمّال يكفُونهم عملَها، فدعا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - اليهودَ فعامَلَهم (¬1). 3015 - حدَّثنا محمد بن عيسى، حدَّثنا مُجَمِّعُ بن يعقوبَ بن مُجمِّعِ بن يزيدَ الأنصاريُّ، سمعتُ أبي يعقوبَ بن مُجمِّع يذكر، عن عمه عبد الرحمن بن يزيدَ الأنصاريّ عن عمّه مُجمِّع بن جاريةَ الأنصاري -وكان أحدَ القراء، الذين قرؤوا القرآن- قال: قُسمت خيبرُ على أهل الحديبيةِ، فقسَمَها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - على ثمانيةَ عشرَ سهماً، وكان الجيشُ ألفاً وخمس مئة، فيهم ثلاثُ مئة فارسٍ، فأعطى الفارسَ سهمَين، وأعطى الراجلَ سهماً (¬2). 3016 - حدَّثنا حسينُ بن عليٍّ العِجليُّ، حدَّثنا يحيي -يعني ابنَ آدمَ- حدَّثنا ابنُ أبي زائدةَ، عن محمد بن إسحاقَ عن الزُّهري وعبد الله بن أبي بكرٍ وبعضِ ولدِ محمد بن مَسْلَمةَ، قالوا: بقيتْ بقيةٌ من أهل خيبرَ تحصَّنوا، فسألوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يحقِنَ دماءهم ويُسَيِّرهَم، ففعل، فسمع بذلك أهلُ فَدَكَ، فنزلُوا على ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه مرسل كسابقه، وقد اتصل من أوجه أخرى كما سلف بيانه. وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 452 من طريق سليمان بن بلال، بهذا الإسناد، مرسلاً. (¬2) إسناده ضعيف، وهو مكرر الحديث السالف برقم (2736).

مثل ذلك، فكانتْ لِرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - خاصَّةً، لأنه لم يُوجَفْ عليها بخيلٍ ولا ركابٍ (¬1). 3017 - حدَثنا محمدُ بن يحيى بن فارسٍ، حدَّثنا عبدُ الله بن محمد، عن جُوَيريةَ، عن مالكٍ، عن الزهريِّ أن سعيد بن المُسيَّب أخبره: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - افتتح بعض خيبر عنوةً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لإرساله وعنعنة محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطَّلبي مولاهم- وهو إن وقع تصريحه بالسماع من عبد الله بن أبي بكر عند الطبري في "تاريخه" 2/ 140، في الإسناد إليه محمد بن حميد الرازي شيخ الطبري، وهو متروك. ثم يبقى أمر الإرسال. وهو عند يحيى بن آم في "الخراج" (89)، ومن طريقه أخرجه عمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 193، والبلاذري في "فتوح البلدان" ص 43، والبيهقي 6/ 317. وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (104)، ومن طريقه البلاذري ص 43 عن زياد البكائي، والطبري في "تاريخه" 2/ 140 من طريق سلمة بن الفضل، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر وحده. وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 4/ 226 من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدَّثنا ابن لمحمد بن مسلمة الأنصاري، عمن أدرك من أهله، وحدثنيه مكنف، قالا: حاصر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. وانظر ما سلف برقم (2971). وانظر لقصة فدك حديث عمر بن الخطاب السالف برقم (2967). ومرسل عمر بن عبد العزيز السالف برقم (2972). (¬2) صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، ولكنه مرسل، إلا أن مراسيل سعيد بن المسيب معدودة من أحسن المراسيل لجلالته، ولأنه أنبل من يروي عن الضعفاء، وجُلُّ روايته عن الصحابة، وأما مرسل الزهري فضعيف. جويرية: هو ابن أسماء. =

قال أبو داود: قُرىء على الحارثِ بن مِسكينٍ -وأنا شاهدٌ- أخبركم ابنُ وهبٍ، حدثني مالك، عن ابنِ شهاب: أن خيبر كانَ بعضُها عَنوةً، وبعضُها صلحاً، والكُتيبةَ أكثرُها عَنوةٌ، وفيها صلحٌ. قلت لمالك: وما الكُتيبةُ؟ قال: أرضُ خيبر، وهي أربعون ألفَ عَذْقٍ. 3018 - حدَّثنا ابنُ السَّرحِ، حدَّثنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني يُونس بنُ يزيدَ عن ابنِ شهابٍ، قال: بلغني أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - افتتح خيبرَ عَنْوَةً بعد القتالِ، ونزل مَنْ نزلَ من أهلها على الجَلاء بعد القتالِ (¬1). ¬

_ = وأخرج مرسل سعيد بن المسيب البيهقي 9/ 138 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد. وأخرج مرسل الزهري البيهقي 6/ 317 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 445: أجمع العلماء من أهل الفقه والأثر وجماعة أهل السير على أن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها صلحاً، وأن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قسمها، فما كان منها صلحاً أو أخذ بغير قتال كالذي جلا عنه أهله، عمل في ذلك كله بسنة الفيء، وما كان منها عنوة، عمل فيه بسنة الغنائم، إلا أن ما فتحه الله عليه منها عنوة، قسمه بين أهل الحديبية وبين من شهد الوقعة. تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في رواية ابن الأعرابي: قال أبو داود: العَذقُ النخلةُ والعِذْق العُرْجون. (¬1) رجاله ثقات، لكنه مرسل. ابن وهب: هو عبد الله، وابن السرح هو أحمد ابن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السَّرْح. وهو في سيرة ابن إسحاق رواه عنه ابن هشام في "السيرة" 3/ 371، ومن طريقه أخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (18)، والبلاذري في "فتوح البلدان" ص 36، والطبري في "تاريخه" 2/ 141 عن الزهري.

3019 - حدَّثنا ابنُ السَّرحِ، حدَّثنأ ابنُ وهب، أخبرني يُونس بن يزيدَ عن ابنِ شهاب، قال: خَمَّس رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خيبرَ، ثم قَسمَ سائرَها على مَنْ شهِدها ومَنْ غاب عنها من أهلِ الحُديبية (¬1). 3020 - حدَّثنا أحمدُ بن حنْبل، حدَّثنا عبدُ الرحمن، عن مالكٍ، عن زيد ابن أسلَم، عن أبيه عن عُمر، قال: لَولا آخرُ المسلمين ما فُتحت قريةٌ إلا قسمتُها كما قَسمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خيبرَ (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، ولكنه مرسل كسابقه. وهو في "المراسيل" لأبي داود بنحوه (276) من طريق ابن المبارك، عن يونس، به. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (9738) عن معمر بن راشد، عن الزهري. وفي الباب عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عند الطبري في "تاريخه" 2/ 140. قلنا: ويؤيد ذلك قوله تعالى: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} [الفتح: 20]، وذلك أن هذه الآية نزلت يوم الحديبية تبشر المؤمنين بفتح خيبر، فكان ذلك وعداً من الله سبحانه بالمغانم التي بخيبر لأهل الحديبية. وقد بين ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 449 أن هذا الذي حكاه معمر ويونس عن الزهري بأنه قسم على أهل الحديبية إنما هو ما كان من الغنائم مأخوذاً بالغلبة، وأن ما كان منها مما انجلى عنه أهله وأسلموه بلا قتال حكم فيه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بحكم الفيء واستخلص منه لنفسه كما فعل بفدك. (¬2) إسناده صحيح. عبد الرحمن: هو ابن مهدي. وأخرجه البخاري (2334) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (213) و (284). وروى البيهقي في "سننه" 6/ 318 من طريق ابن وهب عن مالك في هذه القصة سبب قول عمر هذا ولفظه: لما فتح عمر الشام، قام إليه بلال، فقال: لتقسمنها أو لَنُضَارِبَنَّ عليها بالسيف، فقال عمر فذكره. =

25 - باب ما جاء في خبر مكة

25 - باب ما جاء في خبر مكة 3021 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا يحيى بنُ آدمَ، حدَّثنا ابن إدريسَ، عن محمد بن إسحاقَ، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله بن عَبد الله بن عُتبةَ عن ابن عباس: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عَامَ الفتحِ جاءه العباسُ بن عَبد المُطَّلب بأبي سفيانَ بن حَرْبٍ، فأسلَم بمَرِّ الظَّهْرانِ، فقال له العباسُ: يا رسولَ الله، إن أبا سفيان رجلٌ يحب هذا الفخْر، فلو ¬

_ = قال ابن التين: تأول عمر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ ....} [الحشر: 10] فرأى أن للآخرين أسوة بالأولين، فخشي لو قسم ما يفتح أن تكمل الفتوح، فلا يبقى لمن يجيء بعد ذلك حظ في الخراج، فرأى أن توقف الأرض المفتوحة عَنوة، ويضرب عليها خراجاً يدوم نفعه للمسلمين. وقد اختلف نظر علماء المسلمين في قسمة الأرض المفتوحة على أقوال: أشهرها ثلاثة: فعن مالك تصير وقفاً بنفس الفتح، وعن أبي حنيفة والثوري يتخير الإمام بين قسمتها ووقفيتها. وعن الشافعي: يلزمه قسمتها إلا أن يرضى بوقفيتها من غنمها. "فتح الباري" 5/ 18 وانظر "الأموال" ص 32 وما بعدها لأبي عبد القاسم بن سلام. وقال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" 3/ 118 بتحقيقنا: إن الأرض لا تدخل في الغنائم، والإمام مخير فيها بحسب المصلحة، وقد قسم رسول الله وترك، وعمر لم يقسم، بل أقرها على حالها، وضرب عيها خراجاً مستمراً في رقبتها تكون للمقاتلة، فهذا معنى وقفها ليس معناه الوقف الذي يمنع من نقل الملك في الرقبة، بل يجوز بيع هذه الأرض كما هو عمل الأمة، وقد أجمعوا على أنها لا تورث، والوقف لا يورث، وقد نص الإمام أحمد على أنه يجوز أن تجعل صداقاً، والمهر لا يجوز أن يكون مهراً، ولأن الوقف إنما امتنع بيعه، ونقل الملك في رقبته، لما في ذلك من إبطال حق البطون الموقوف عليهم من منفعته، والمقاتلة حقهم في خراج الأرض، فمن اشتراها صارت عنده خراجية كما كانت عند البائع سواء، فلا يبطل حق أحد من المسلمن بهذا البيع، كما لم يبطل بالميراث والهبة والصداق.

جعلتَ له شيئاً، قال: "نعم، مَن دخل دَارَ أبي سفيان، فهو آمنٌ، ومن أغلقَ بابَهُ فهو آمنٌ" (¬1). 3022 - حدَّثنا محمد بن عَمرو الرازيُّ، حدَّثنا سلمة -يعني ابنَ الفَضل- عن محمد بن إسحاقَ، عن العباسِ بن عَبد الله بن مَعبَدٍ، عن بعضِ أهله ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، فهو صدوق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث في رواية الطبراني في "الكبير"، وأبي نعيم في "معرفة الصحابة" في ترجمة أبي سفيان، فانتفت شبهة تدليسه ثم هو متابع. وقال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 322: حديث متصل الإسناد صحيح. ابن إدريس: هو عبد الله. وأخرجه ابن أبي شيبة 14/ 496، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (486)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 319 - 321، والطبراني في "الكبير" (7264)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" في ترجمة أبي سفيان، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 118، وفي "معرفة السنن والأثار، (18251)، وفي "دلائل النبوة" 5/ 31 و 31 - 32 من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار في "مسنده" (1292)، والطبري في "تاريخه" 2/ 157، والبيهقي في "الدلائل" 5/ 32 من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدَّثنا الحُسين ابن عَبد الله بن عُبيد الله بن عباس، عن عكرمة، عن ابن عباس. والحسين بن عبد الله ضعيف. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (9739) من طريق عثمان الجزري، عن مقسم، عن ابن عباس. وعثمان الجزري -وهو ابن عمرو- ضعيف. وأخرجه الطحاوي في "شرح معانى الآثار" 3/ 314، والبيهقي في "الدلائل" 5/ 32 - 34 من طريق أيوب، عن عكرمة مرسلاً والإسناد إليه صحيح. وباجتماع هذه الطرق مع الطريق الآتي بعده يصح الحديث إن شاء الله. وللمرفوع منه شاهد من حديث أبي هريرة عند مسلم (1780)، والنسائي في "الكبرى" (11234)، وسيأتي عند المصنف برقم (3024). وانظر ما بعده.

عن ابن عباس، قال: لما نزلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مرَّ الظَّهْرانِ، قال العباسُ: قلتُ: واللهِ لئن دخلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مكةَ عَنْوَةً قبل أن يأتوه فيستأمِنوه، إنَّه لَهلاك قُريشٍ، فجلستُ على بغلةِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلتُ: لَعلِّي أجدُ ذا حاجةٍ يأتي أهلَ مكةَ، فيُخبرَهم بمكانِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ليَخرجوا إليه فيستأمِنُوه، فإني لأَسيرُ إذ سمعتُ كلامَ أبي سفيانَ، وبُدَيلَ بن وَرْقاءٍ، فقلت: يا أبا حنظلةَ، فعرف صوتي، قال: أبو الفضْل؟ قلت: نعم، قال: مالك، فداك أبي وأُمي؟!! قلت: هذا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - والناسُ، قال: فما الحيلةُ؟ قال: فركب خلفي ورجع صاحبُه، فلما أصبحَ غدوتُ به على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فأسلَم، قلت: يا رسولَ الله، إن أبا سفيان رجلٌ يحب هذا الفخرَ، فاجعلْ له شيئاً، قال: "نعم، مَنْ دخل دارَ أبي سفيانَ فهو آمِنٌ، ومَنْ أغلقَ عليه دَارَهُ فهو آمِنٌ، ومن دخل المسجدَ فهو آمِنٌ"، قال: فتفرَّق الناسُ إلى دُورهم، وإلى المسجدِ (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن ابن عباس، ولكنه متابع كما بيناه في الطريق السابق قبله. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 118، وفي "معرفة السنن والآثار" (18252) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. قال الخطابي: فيه من الفقه أن المشرك إذا خرج من دار الكفر وأسلم وبقيت زوجته في دار الكفر لم تُسلم، فإن الزوجية بينهما لا تنفسخ ما اجتمعا على الإسلام قبل انقضاء العدة، وذلك أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يكن ظهر على مكة بعدُ. وأسلم أبو سفيان بمر الظهران، وبقيت هند بمكة وهى دار كفر بعد، ثم اجتمعا في الإسلام قبل انقضاء العدة فكانا على نكاحهما. =

3023 - حدَّثنا الحسنُ بن الصبَّاح، حدَّثنا إسماعيلُ -يعني ابنَ عبدِ الكريم- حدثني إبراهيمُ بن عَقيل بن مَعقِلٍ، عن أبيه، عن وهب قال: سألتُ جابراً: هل غنِمُوا يومَ الفتحِ شيئاً؟ قال: لا (¬1). 3024 - حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا سلاَّم بن مِسكينٍ، حدَّثنا ثابتٌ البُنَانيُّ، عن عبدِ الله بن رباحٍ الأنصاريِّ عن أبي هريرة: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- لما دخلَ مكةَ سَرَّحَ الزبيرَ بن العوّامِ، وأبا عُبيدةَ بن الجراح، وخالدَ بن الوليد على الخيل، وقال: "يا أبا ¬

_ = واحتج بقوله: "من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" من زعم أن فتح مكة كان عنوة لا صلحاً، وأن للإمام إذا ظهر على قوم كفار أن يؤمن من شاء منهم، فيُمنَّ عليه، ويقتل من شاء منهم، وله أن يترك الأرض في أيدي أهلها، لا يقسمها بين الغانمين. وذلك: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ترك أرض مكة ودورها في أيدي أهلها، ولم يقسمها. وممن قال إنه فتحها عنوة: الأوزاعي وأبو يوسف، وأبو عُبيد القاسم بن سلام، إلا أن أبا عبيد زعم أنه منَّ على أهلها، فردها عليهم، ولم يقسمها، ولم يجعلها فيئاً، وكان هذا خاصاً لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في مكة، ليس لغيره من الأئمة أن يفعل ذلك في شيء من البلدان غيرها. وذلك: أنها مسجد لجماعة المسلمين، وهي مُناخ من سبق. وأجور بيوتها لا تطيب ولا تباع رباعها. وليس هذا لغيرها من البلدان. وقال الشافعي: فتحت مكة صلحاً. وقد سبق لهم أمان. فمنهم من أسلم قبل أن يُظْهَر لهم على شيء، ومنهم من لم يُسلم، وصار إلى قبول الأمان بإلقاء السلاح ودخول داره. فكيف يغنم مال مُسلم، أو مال من بُذِل له الأمان؟ ومَرّ الظهران: موضع بينه وبين البيت ستة عشر ميلاً، ويُعرف الآن باسم وادي فاطمة، أو الجُمُوم. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 2/ 143، والبيهقي 9/ 121 من طريق إسماعيل ابن عبد الكريم، بهذا الإسناد.

هريرةَ، اهتِفْ بالأنصار"، قال: اسلُكوا هذا الطريقَ، فلا يُشْرِفَنَّ لكم أحدٌ إلا أنمتُموه، فنادَى مُنادٍ: لا قريشَ بعد اليومِ، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من في دخل داراً فهو آمِنٌ، ومَنْ ألقى السلاحَ فهو آمِنٌ"، وعَمَدَ صناديدُ قُريشٍ فدخلُوا الكعبةَ، فغَصَّ بهم، وطافَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم -، وصلى خلفَ المقامِ، ثم أخذَ بجَنَبتَي البابِ، فخرجُوا: فبايعوا النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- على الإسلام (¬1). قال أبو داود: سمعت أحمدَ بن حنبلٍ وسأله رجلٌ، قال: مكةُ عَنوةً هي؟ قال: أيشٍ يضرُّك ما كانت؟ قال: فصُلْح؟ قال: لا (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثابت البُناني: هو ابنُ أسلم. وأخرجه بأطول مما هاهنا مسلم (1780)، والنسائي في "الكبرى" (11234) من طريق ثابت بن أسلم البناني، به. وهو في "مسند أحمد" (10948)، و"صحيح ابن حبان" (4760). وقوله في آخر الحديث: وطاف النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وصلى خلف المقام، سلف عند المصنف برقم (1871) و (1872). قوله: "سَرَّح" قال في "اللسان": سرَّحتُ فلاناً إلى موضع كذا: إذا أرسلتَه. وقوله: "لا يُشرفن لكم أحد إلا أنمتموه" قال النووي في "شرح مسلم": ما أشرف لهم أحد إلا أناموه، أي: ما ظهر لهم أحد إلا قتلوه. وقوله: "صناديد قريش": قال ابن الأثير: هم أشرافُهم وعظماؤهم ورؤساؤهم، الواحد صِنْديد، وكل عظيم غالب صِنديدٌ. وقوله: "بجنَبتَي الباب" قال صاحب "اللسان" الجانب: الناحية، وكذلك الجَنَبة. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها من رواية ابن الأعرابي. وقد كان ذكرها الحافظ بعد ترجمة هذا الباب مباشرة قبل الحديث (3021) ثم أشار إلى حذفها.

26 - باب ما جاء في خبر الطائف

26 - باب ما جاء في خبر الطائف 3025 - حدَّثنا الحسنُ بن الصبَّاح، حدَّثنا إسماعيلُ -يعني ابنَ عبد الكريم- حدثني إبراهيمُ بن عَقيل ابن مُنبِّه، عن أبيه، عن وهب قال: سألت جابراً عن شرطِ ثقيفٍ إذْ بايعتْ، قال: اشترطتْ على النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-: أن لا صَدقةَ عليها ولا جهادَ، وأنه سمع النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بعد ذلك يقول: "سيتصدّقون ويُجاهدون إذا أسلَموا" (¬1). 3026 - حدَّثنا أحمدُ بن عليٍّ بن سُويد بنَ مَنْجُوف، حدَّثنا أبو داودَ، عن حمادِ بن سلمةَ، عن حُميدِ، عن الحسنِ عن عثمانَ بن أبي العاصِ: أن وَفْدَ ثَقيفٍ لَمَّا قدمِوا على رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أنزلَهم المسجدَ، ليكون أرقَّ لِقلوبهم، فاشترطوا عليه أن لا يُحْشَروا ولا يُعْشَرُوا ولا يُجَبُّوا، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لكم أن لا تُحشَروا ولا تُعشَروا، ولا خيرَ في دِين ليس فيه ركوعٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1525)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 306 من طريق إسماعيل بن عبد الكريم، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (14673)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (1524) من طريق أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله. وفي إسناده ابنُ لهيعة، وعنعنة أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرُس المكي. فيغني عنه الإسناد السابق. وانظر فقه الحديث عند الحديث التالي. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن في سماع الحسن -وهو البصري من عثمان بن أبي العاص- اختلافاً كما بيناه في "مسند أحمد" (16280). حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي. =

27 - باب في حكم أرض اليمن

27 - باب في حكم أرض اليمن 3027 - حدَّثنا هنادُ بن السَّرِيِّ، عن أبي أسامةَ، عن مُجالدٍ، عن الشَّعبيِّ عن عامر بن شَهْر، قال: خرجَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقالت لي هَمْدان: هل أنتَ آتٍ هذا الرجلَ ومُرتادٌ لنا: فإن رضيتَ لنا شيئاً قبلناه، وإن كرهتَ شيئاً كرِهناه؟ قلتُ: نعم، فجئتُ، حتى قدمتُ على رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فرضيتُ أمره، وأسلم قومي، وكتب رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- هذا الكتابَ إلى عُمير ذي مُرَّان، قال: وبعث مالك بن مُرَارةَ الرُّهاوي إلى اليمن جميعاً، فأسلمَ عكٌّ ذُو خَيْوان، قال: فقيلِ لِعَكٍّ: انطلِق إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فخذ منه الأمانَ على قريتكِ ومالِك، فقدم وكتبَ له رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: ¬

_ = وأخرجه الطيالسي (939)، وابن أبي شيبة 3/ 197، وأحمد (17913)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثانى" (1520)، وابن الجارود (373)، وابن خزيمة (1328)، والطبراني في "الكبير" (8372)، والبيهقي 2/ 444 من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. ورواية بن خزيمة مختصرة بقصنة إنزالهم المسجد. قال الخطابي: قوله: "لا تحشَروا" معناه: الحشر في الجهاد والنفير له. وقوله: "وأن لا تعشروا" معناه: الصدقة، أي: لا يؤخذ عشرُ أموالهم. وقوله: "أن لا يُجَبُّوا" معناه: لا يصلُّوا، وأصل التجبية أن يكبَّ الإنسان على مُقَدَّمِه ويرفع مُؤخِّره. قلت [القائل الخطابي]: ويشبه أن يكون النبي -صلَّى الله عليه وسلم- إنما سمح لهم بالجهاد والصدقة لأنهما لم يكونا واجبين في العاجل، لأن الصدقة إنما تجب بحلول الحول، والجهاد إنما يجب لحضور العدو، فأما الصلاة فهي راهنةٌ في كل يوم وليلة في أوقاتها الموقوتة ولم يجز أن يشترطوا تركها، وقد سئل جابر بن عبد الله عن اشتراط ثقيف أن لا صدقة عليها ولا جهاد، فقال: عَلِمَ أنهم سيتصدقون ويجاهدون إذا أسلموا. وفي هذا الحديث من العلم أن الكافر يجوز له دخول المسجد لحاجة له فيه أو للمسلم إليه.

" بسم الله الرحمن الرحيم، من محمدٍ رسولِ الله لِعَكٍّ ذي خَيْوان، إن كان صادقاً في أرضِه ومالِه ورفيقِه فله الأمانُ وذمةُ اللهِ وذمةُ محمدِ رسولِ الله". وكتبَ خالدُ بن سعيدِ بن العاصِ (¬1). 3028 - حدَّثنا محمد بنِ أحمد القرشيُّ وهارون بن عبد الله، أن عبد الله بن الزبير حدثهم، قال: حدَّثنا فرَجُ بن سعيد، حدَّثني عمي ثابتُ بن سعيد -يعني ابن أبيض-، عن أبيه سعيدٍ عن جدّه أبيضَ بن حَمَّالٍ، أنه كلَّم رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- في الصدقةِ، حين وفَدَ عليه، فقال: "يا أخا سبإٍ، لا بُدَّ مِنْ صَدقةٍ" فقال: إنما زرعْنا القطنَ يا رسولَ اللهِ، وقد تبدَّدت سبأٌ، ولم يبقَ منهم إلا قليلٌ بمأرِب، فصالحَ نبيَّ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- على سبعين حُلَّةً من قيمةِ وَفاء بَزِّ المَعافِرِ، كلَّ سنةٍ، عمن بقي من سَبإٍ بمأرِب، فلم يزالُوا يؤدُّونها حتى قُبض رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وإن العُمَّال انتقضوا عليهم بعد قبضِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فيما صالحَ أبيضُ بن حَمَّالٍ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في الحُلل السبعين، فردَّ ذلك أبو بكر على ما وضعَه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، حتى ماتَ أبو بكر، فلما مات أبو بكر انتقض ذلك وصارت على الصدقة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف من أجل مُجالد -وهو ابن سعيد-. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وقد ضعف إسنادَه الحافظ في "الإصابة" في ترجمة ذي خيوان الهمداني 2/ 412. وأخرجه بأطول مما هاهنا ابن سعد في "الطبقات" 6/ 28، وأبو يعلى (6864)، وابن الأثير في "أُسدِ الغابة" 3/ 126 من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة سعيد بن أبيض بن حمال وابنه ثابت، فقد قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 93: ثابت وأبوه مجهولان، وقال الذهبي في "الميزان" في ترجمة ثابت: لا يعرف، وقال في ترجمة سعيد بن أبيض: فيه جهالة، =

28 - باب إخراج اليهود من جزيرة العرب

28 - باب إخراج اليهود من جزيرةِ العرب 3029 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينةَ، عن سليمانَ الأحولِ، عن سعيدِ بن جُبيرٍ عن ابن عباس: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أوصى بثلاثةٍ، فقال: "أخْرِجُوا المشركين مِن جزيرةِ العربِ، وأجيزُوا الوَفْدَ بنَحْوٍ مما كنتُ أُجيزُهُم". قال ابنُ عباس: وسكتَ عن الثالثةِ - أو قال: فأُنسيتُها- (¬1). 3030 - حدَّثنا الحسنُ بن عَليٍّ، حدَّثنا أبو عاصمٍ وعبدُ الرزاق، قالا: أخبرنا ابن جُريجٍ، أخبرني أبو الزُّبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبَرني عمرُ بن الخطاب أنه سمع رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "لأُخرِجَنَّ اليهودَ والنَّصارى مِن جزيرةِ العربِ، فلا أترُك فيها إلاَّ مُسلِماً" (¬2). ¬

_ = وقال ابن القيم في "حاشية سنن أبي داود": قال عبد الحق: لا يحتج بإسناد هذا الحديث فيما أعلم، لأن سعيداً لم يرو عنه فيما أرى إلا ثابت، وثابت مثله في الضعف يعني هذا الحديث من رواية ثابت بن سعيد بن أبيض بن حمال، عن أبيه، عن جده. عبد الله بن الزبير: هو ابن عيسى القرشي المكي. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (806) و (807)، ومن طريقه أخرجه الضياء المقدسي في "المختارة" (1288) من طريق فرج بن سعيد، بهذا الإسناد. قوله: "بَزّ": هو الثياب. و"مَعافر": قبيلة باليمن. قاله في "اللسان". (¬1) إسناده صحيح. سليمان الأحول: هو ابن أبي مسلم. وأخرجه البخاري (3053) و (3168) و (4431)، ومسلم (1637)، والنسائي في "الكبرى" (5823) من طريق سليمان الأحول، به. وهو في "مسند أحمد" (1935). (¬2) إسناده صحيح. أبو الزبير: هو محمد بن مسلم بن تُدرُس المكي، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد، والحسن بن علي: هو الخلال. =

3031 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا أبو أحمدَ محمدُ بن عبد الله، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي الزبير، عن جابرٍ عن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه، والأول أتمُّ (¬1). 3032 - حدَّثنا سليمانُ بن داود العَتكيُّ، حدَّثنا جَريرٌ، عن قابوسَ بن أبي ظَبْيَان، عن أبيه عن ابن عباس، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - "لا تكونُ قِبْلَتانِ في بلدٍ واحدٍ" (¬2). ¬

_ = وهو في "مصنف عبد الرزاق" (9985) و (19365). وأخرجه مسلم (1767)، والترمذي (1699) من طريق أبي الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (201). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح. وقد صرح أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- بالسماع في الطريق السابق، فانتفت شبهة تدليسهِ. سفيان: هو الثوري. وأخرجه مسلم (1767)، والترمذي (1698)، والنسائي في "الكبرى" (8633) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (215). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لضعف قابوس بن أبي ظبيان -واسم أبي ظبيان حصين بن جندب- وبه أعله ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام " 5/ 81 فقال: وقابوس عندهم ضعيف، وربما ترك بعضهم حديثه. قلنا: ثم إنه قد روى سفيان الثوري عن قابوس، عن أبيه مرسلاً عند أبي عبيد في "الأموال" (121)، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (182) قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ليس على مسلم جزية" وهو جزء من حديثنا، سيأتي عند المصنف مفرداً برقم (3053). وأخرجه الترمذي (683) و (639) من طريق قابوس بن أبي ظبيان، به. وزاد: "وليس على مسلم جزية". وهو في "مسند أحمد" (1949).

3033 - حدَّثنا محمودُ بن خالدٍ، حدَّثنا عمرُ - يعني ابنَ عبد الواحد قال: قال سعيدٌ -يعني ابنَ عبد العزيز-: جزيرةُ العرب ما بين الوادي إلى أقصى اليمن إلى تُخُومِ العِراق إلى البحر (¬1). 3034 - قال أبو داود: قُرىء على الحارِث بن مِسكين -وأنا شاهد-: أخبرك أشهبُ بن عبد العزيز قال: قال مالكٌ: عُمَرُ أجلَى أهلَ نَجْرانَ ولم يُجْلِ من تيماء، لأنها ليستْ من بلاد العربِ، فأما الوادي فإني أُرى أنما لم يُجْلَ مَن فيها من اليهود أنهم لم يَرَوها من أرض العرب (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح إلى سعيد بن عبد العزيز -وهو التّنوخي الدمشقى-، وهو إمام سَوَّاه الإمامُ أحمد بالأوزاعي. وأخرجه البيهقي 9/ 208 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وقوله: الوادي: يعني وادي القُرى. وقوله: تُخوم: الحدود والمعالم، بفتح التاء وضمها، واحدها تَخَم. قاله المنذري في "مختصر السنن". وفي تحديد جزيرة العرب أقوال متعددة حكاها المنذري في "مختصر السنن". (¬2) رجاله ثقات، لكنه مرسل، لأن مالكاً لم يدرك عمر بن الخطاب. وأخرجه البيهقي 9/ 209 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وإجلاء عمر لأهل نجران رواه ابن أبي شيبة أيضاً في "مصنفه" 14/ 550 عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وابن أبي شيبة 14/ 550 - 551، والفاكهي في "أخبار مكة" (2919) عن سالم بن أبي الجعد, ورواه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 135 عن عمر بن عبد العزيز بن مروان وهي -وإن كانت مراسيل- رجالُها ثقات، وبمجموعها يصح ذلك عن عمر بن الخطاب. لكن عمر بن عبد العزيز ذكر في روايته أن عمر بن الخطاب أجلى أيضاً أهل تيماء، خلافاً لمالك في روايته هنا، ووافقه في إجلاء أهل نجران وفَدَك.

29 - باب في إيقاف أرض السواد وأرض العنوة

3034 م - حدَّثنا ابنُ السَّرحِ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، قال: قال مالكٌ: قد أجلَى عمرُ رضي الله عنه يهودَ نَجْران وفَدَكَ. 29 - باب في إيقاف أرض السواد وأرض العَنوة 3035 - حدَّثنا أحمدُ بن عبد الله بن يونسَ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا سهيلُ بن أبي صالحٍ، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنَعَتِ العراقُ قَفِيزَها ودِرهَمَها، ومَنَعتِ الشَّامُ مُديَها ودينارَها، ومَنعت مِصرُ إرْدَبَّها ودينارَها، ثم عدتُم من حيث بدأتُم" -قالها زهيرٌ ثلاث مرات-، شهد على ذلك لحمُ أبي هريرةَ ودَمُه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجُعْفى. وأخرجه مسلم (2896) من طريق زهير بن معاوية الجعفي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7565). قال النووي في "شرح مسلم": القفيز: مكيال معروف لأهل العراق، قال الأزهري: هو ثمانية مكاكيك، والمكوك صاع ونصف، وهو خمس كيلجات. قلنا: وبالمكاييل المعاصرة يساوي: (33) لتراً أو (128) رطلاً بغدادياً. قال النووي: وأما المُدي، فبضم الميم على وزن قُفل، وهو مكيال معروف لأهل الشام، قال العلماء: يسع خمسة عشر مكوكاً. قلنا: وبالمكاييل المعاصرة يساوي: (875، 61) لتراً أو (5 , 48937) غراماً، أي (9375 ,48) كيلو غراماً بالوزن. ثم قال النووي: وأما الإرْدَبُّ، فمكيالٌ معروف لأهل مصر، قال الأزهري وآخرون: يسع أربعة وعشرين صاعاً. قلنا: وبالمكاييل المعاصرة يساوي: (66) لتراً، أو (52200) غراماً، أي: (200، 52) كيلو غراماً بالوزن. ثم قال النووي: وفي معنى "منعت العراق" وغيرها قولان مشهوران: أحدهما: لإسلامهم فتسقط عنهم الجزية، وهذا قد وجد. =

30 - باب في أخذ الجزية

3036 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن همامِ بن مُنبِّه، قال: هذا ما حدَّثنا به أبو هريرةَ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - "أيُّما قريةٍ أتيتُموها وأقمتُم فيها فَسَهمُكُم فيها، وأيُّما قريةٍ عَصَتِ اللهَ ورسولَهُ فإنَّ خُمسَها للهِ ورَسُوله، ثُمَّ هي لكم" (¬1). 30 - باب في أخذ الجزية 3037 - حدَّثنا العباسُ بن عَبد العظيمِ العنبري، حدَّثنا سهلُ بن محمدٍ، حدَّثنا يحيي بن أبي زائدةَ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن عاصمِ بن عُمَر ¬

_ = والثاني، وهو الأشهر: أن معناه أن العجم والروم يستولون على البلاد في آخر الزمان، فيمنعون حصول ذلك للمسلمين، وقد روى مسلم هذا بعد هذا بورقات عن جابر، قال: يوشك أن لا يجيء إليهم قفيز ولا درهم، قلنا: من أين ذلك؟ قال: من قبل العجم يمنعون ذاك، وذكر في منع الروم ذلك بالشام مثله ... قال: وقيل: لأنهم يرتدون في آخر الزمان فيمنعون ما لزمهم من الزكاة وغيرها. وقيل: معناه أن الكفار الذين عليهم الجزية تقوى شوكتهم في آخر الزمان فيمتنعون مماكانوا يؤدونه من الجزية والخراج وغير ذلك. قلنا: وهو قول الخطابي في "معالم السنن"، ولعله الأقوى. قال النووي: وأما قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "وعدتُم من حيث بدأتم" فهو بمعنى الحديث الآخر: "بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ". (¬1) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد. وهو في"مصنف عبد الرزاق" (10137)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1756). وهو في "مسند أحمد" (8216)، و"صحيح ابن حبان" (4826). قال الخطايي: فيه دليل على أن أراضي العنوة حكمها حكمُ سائرِ الأموال التي تُغنَم، وأن خمسها لأهلِ الخمس، وأربعة أخماسها للغانمين.

عن أنس بن مالك، وعن عثمان بن أبي سليمان: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - بعث خالدَ بن الوليدِ إلى أُكَيْدِرِ دُومَةَ، فأخَذوه، فأتوهُ به، فحقَنَ له دَمه، وصالَحه على الجِزية (¬1). 3038 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن أبي وائلٍ ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات غير محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطلبي مولاهم- فهو صدوقٌ حسنُ الحديث، ولكنه مدلس وقد عنعن، وقد روى هذا الحديثَ غيرُ يحيى بن أبي زائدة -وهو يحيي بن زكريا بن أبي زائدة- عن محمد بن إسحاق مُرسلاً، كذلك هو في "السيرة النبوية" لابن هشام 4/ 170، وكذلك رواه سلمة بن الفضل الأبرش، عن محمد بن إسحاق عند الطبري في "تاريخه" 2/ 185. وكذلك قال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل"1/ 324 - وقد أورد قصة أكيدر مطولةً من طريق عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق، فقال: آخره خبر من كلام ابن إسحاق - يعني به حديثنا هذا فقد جاء في آخر الخبر عنده. قلنا: لكن جاء الخبر في "سيرة ابن إسحاق" برواية يونس بن بكير، عنه، قال: حدثني يزيد بن رُومان وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم كما رواه البيهقي في "السنن" 9/ 187 وبذلك حسنه ابنُ الملقن في "البدر المنير" 9/ 185، وهو كما قال. عثمان بن أبي سليمان: هو ابن جبير بن مطعم. وأخرجه البيهقي 9/ 186 من طريق يحيي بن زكريا بن أبي زائدة، بهذا الإسناد. قال ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 186: "أُكيدر" بضم الهمزة تصغير أكدر، وهو الذي في لونه كدرة، وفي "دومة" ثلاث لغات: دومة ودمة ودوما، وهي من بلاد الشام، قال الحازمي في "المؤتلف والمختلف في أسماء الأماكن" (1/ 438): دومة بضم الدال - ويقال: بفتحها -: دومة الجندل في أرض الشام، وبينها وبين دمشق خمس ليالٍ، وبينها وبين المدينة خمس عشرة ليلة، وصاحبها أكيدر، وذكره ابن إسحاق، فقال: هو رجل من كندة وكان من دومة، وكان نصرانياً.

عن معاذ: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - لما وجَّهَهُ إلى اليمن أمره أن يأخذَ من كلِّ حالِمٍ -يعني مُحتلماً- ديناراً، أو عِدْلَهُ من المَعَافِرِ، ثيابٍ تكون باليمن (¬1). 3039 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن ابراهيمَ، عن مسروقٍ، عن معاذ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، مثله (¬2). 3040 - حدَّثنا العباسُ بن عبد العظيم، حدَّثنا عبد الرحمن بن هانىءٍ أبو نُعَيم النَّخَعي، أخبرنا شريكٌ، عن إبراهيمَ بن مُهاجِرٍ، عن زياد بن حُدَيرٍ، قال: ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات سلف الكلام عليه برقم (1576). أبو وائل: هو شقيق بن سلمة، والأعمش: هو سُليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وانظر ما بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد سلف الكلام عليه برقم (1576) مسروق: هو ابن الأجدع، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعى. وانظر ما قبله. قال الخطابي: في قوله: "من كل حالم" دليل على أن الجزية إنما تجب على الذكران منهم دون الإناث، لأن الحالم عبارة عن الرجل، فلا وجوب لها على النساء، ولا على المجانين والصبيان. وفيه بيان أن الدينار مقبول من جماعتهم، أغنياؤهم وأوساطهم في ذلك سواء، لأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بعثه إلى اليمن وأمره بقتالهم، ثم أمره بالكف عنهم إذا أعطوا ديناراً، وجعل بذل الدينار حاقناً لدمائهم، فكل من أعطاه فقد حقن دمه، وإلى هذا ذهب الشافعى، قال: وإنما هو على كل محتلم من الرجال الأحرار دون العبيد. وقال أصحاب الرأي وأحمد بن حنبل: يوضع على الموسر منهم ثمانية وأربعون درهماً وأربعة وعشرون واثنا عشر. وقال أحمد: على قدر ما يطيقون، قيل له: فيزداد في هذا اليوم وينقص، قال: نعم، على قدر طاقتهم وعلى قدر ما يرى الإمام، وقد علق الشافعي القول في إلزام الفقير الجزية.

قال علىٌّ: لئن بقيتُ لِنصارى بني تغلِبَ لأَقْتُلَنَّ المقاتلة ولأسْبِيَنَّ الذُّرِّيَّةَ، فإني كتبتُ الكتابَ بينهم وبين النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - على أن لا يُنصِّرُوا أبناءهم (¬1). قال أبو داود: هذا حديثٌ منكَر، بلغني عن أحمد أنه كان يُنكِر هذا الحديثَ إنكاراً شديداً. قال أبو علي (¬2): ولم يقرأْه أبو داود في العَرْضَةِ الثانية. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف جداً، عبد الرحمن بن هانىء أبو نعيم النخعي ضعيف جداً، وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي- ضعيف سيىء الحفظ، وإبراهيم بن مهاجر ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد، ولم يتابع، وقد ضعف هذا الحديث المصنف، وقوله: بلغني عن أحمد أنه كان ينكر هذه الحديث إنكاراً شديداً، فصحيح، فقد ذكره عنه العقيلي في "الضعفاء" 2/ 349 عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه، وقال العقيلى: لا يُتابع عليه، وضعفه كذلك عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 3/ 116، ووافقه ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 119. وقد انفرد الطبري بتصحيح إسناد هذا الحديث في "تهذيب الآثار" -قسم مسند علي- ص 223/ (28)!! وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" -قسم مسند علي- ص 223/ (28)، والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 349، وابن عدي في ترجمة إبراهيم بن مهاجر من "الكامل"، وأبو نعيم الأصبهانى في "الحلية" 4/ 198، والبيهقى 9/ 217، والمزي في ترجمة زياد بن حدير من "تهذيب الكمال" من طريق أبي نعيم عبد الرحمن بن هانىء، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى (323) من طريق محمد بن السائب الكلبى، عن أصبغ بن نُباتة، عن علي، ومحمد بن السائب متهم بالكذب، وشيخه متروك الحديث. (¬2) هو اللؤلؤي راوي "السنن"، وقوله: ولم يقرأه في العرضة الثانية، أي: لما عرض أبو داود كتابه "السنن" على الناس مرة ثانية لم يقرأ هذا الحديث فيها.

3041 - حدَّثنا مُصرِّف بن عَمرو الياميُّ، حدَّثنا يونس بن بكَيرٍ، حدَّثنا أسباطُ بن نضر الهَمداني، عن إسماعيلَ بن عبد الرحمن القرشىِّ عن ابن عباس، قال: صَالَحَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أهل نَجْرَان على ألفَي حُلَّةٍ: النِّصْفِ في صَفَر والنّصفِ في رجب، يؤدُّونها إلى المسلمين، وعاريَّةٍ ثلاثين درعاً، وثلاثين فرساً، وثلاثين بعيراً، وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح، يَغْزُونَ بها، والمسلمون ضامنون لها حتى يردُّوها عليهم إنْ كان باليمن كَيدٌ أوْ غَدْرَةٌ: على أن لا تُهْدَمَ لهم بِيعَةُ، ولا يُخْرَج لهم قَسٌ، ولا يُفتَنوا عن دينهم ما لم يُحدِثوا حَدَثاً أو يأكلوا الربا، قال إسماعيلُ: فقد أكلوا الربا (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي -وهو السُّدِّي- وأسباط بن نصر ويونس بن بكير، وما قاله المنذري في "مختصر السنن" من أن سماع السُّدِّي من عبد الله بن عباس فيه نظر، مدفوع بقول الحافظين أبي عبد الله محمد بن يحيى بن منده عند أي الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 1/ 334، وأبي جعفر ابن الأخرم في "تهذيب الكمال" في ترجمة السدي، حيث قالا: لا ينكر له ابنُ عباس، قد رأى سعد بن أبي وقاص. قلنا: توفي سعد سنة خمس وخمسين على المشهور، وتوفي ابن عباس سنة ثمان وستين. فما قالاه محتمل جداً، والله تعالى أعلم. مصرف ابن عمرو: هو ابن السري. وأخرجه أبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 1/ 334، والبيهقي 9/ 187 و195 و 202، والضياء المقدسي في "مختارته" 9/ (492) من طريق يونس بن بكير، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مطولاً الطبري في "تفسيره" 3/ 300 من طريق أحمد بن المفضل الحفري، عن أسباط، عن السُّدي مرسلاً. وفي باب قوله: "صالح رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أهل نجران على ألفي حُلَّه" عن عمرو بن دينار مرسلاً قال: في كتاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لأهل نجران: لهم جوار الله تعالى، وذمة محمد - صلَّى الله عليه وسلم - =

31 - باب في أحد الجزية من المجوس

قال أبو داود: إذا نقضُوا بعض ما اشتُرِط عليهم فقد أحدثوا (¬1). 31 - باب في أحد الجزية من المجوس 3042 - حدَّثنا أحمدُ بن سِنان الواسطىُّ، حدَّثنا محمد بن بِلالٍ، عن عِمرانَ القطَّانِ، عن أبي جمرةَ ¬

_ = ما نصحوا وأصلحوا، وعليهم ألفا حُلّة من حُلل الأوراق، شهد أبو سفيان بن حرب والأقرع بن حابس رضي الله عنهما. أخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (2918) بإسناد صحيح إلى عمرو بن دينار. وعن عامر بن شراحيل الشعبي مرسلاً كذلك عند الطبري في "تفسيره" 3/ 299 - 300. قال الخطابي: هذا وقع في كتابى، وفي رواية غيرها: "كيد ذات غدر"، وهذا أصوب، على أن لا تُهدم لهم بيعة ولا يخرج لهم قَسٌّ ولا يفتنون عن دينهم ما لم يحدثوا حدثاً أو يأكلوا الربا. قال: في هذا دليل على أن للإمام أن يزيد وينقص فيما يقع عليه الصلح من دينار وأكثر على قدر طاقتهم ووقوع الرضا منهم به. وفيه دليل على أن العاريّة مضمونة. وقوله: كيد ذات غدر: يريد الحرب، أخبرني أبو عمر قال: قال ابن الأعرابي: الكيد: الحرب، ومنه ما جاء في بعض الحديث أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - خرج في بعض مغازيه فلم يلق كيداً، أي: حرباً. قلنا: أبو عمر شيخ الخطابي هو الإمام العلامة اللغوي محمد بن عبد الواحد البغدادي المعروف بغلام ثعلب، سمى بذلك لأنه لازم ثعلباً توفي سنة 345 هـ. وثعلب: هو أحمد بن يحيي بن يزيد البغدادي إمام الكوفيين في النحو واللغة وصاحب الفصيح ومجالس ثعلب وغيرها. المتوفى سنة 291 هـ. انظر لترجمتيهما "سير أعلام النبلاء" 14/ 5 و15/ 508. (¬1) مقالة أبى داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.

عن ابن عباس، قال: إن أهل فارس لما مات نبيُّهم كتبَ لهم إبليسُ المجوسيةَ (¬1). 3043 - حدَّثنا مُسَدَّد بن مُسَرْهَد، حدَّثنا سفيانُ، عن عَمرو بن دينارٍ سمع بَجَالة يحدث عَمرو بن أوسٍ وأبا الشَّعْثاء قال: كنت كاتباً لِجَزْء بن معاويةَ عمِّ الأحنفِ بن قَيسٍ، إذ جاءنا كتابُ عُمر قبل موته بسنةٍ: اقْتُلُوا كلَّ ساحرٍ، وفَرِّقُوا بين كل ذي مَحْرَمٍ من المجوسِ، وانهَوهُم عن الزَّمْزَمَةِ، فقتلْنا في يومٍ ثلاثَ سَواحِرَ، وفرَّقنا بين كل رجل من المجوس وحريمه في كتاب الله، وصَنَعَ طعاماً كثيراً فدعاهم فعرض السيفَ على فخِذَيه فأكلُوا، ولم يُزَمزِمُوا، وألقَوا وِقرَ بغْلٍ -أو بغلين- من الوَرِقِ، ولم يكن عمرُ أخذَ الجزيةَ من المجوسِ حتى شهد عبدُ الرحمن بن عَوفِ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أخذها من مجوسِ هَجَرَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. عمران -وهو ابن داود القطان- ضعفه ابن معين والنسائي وأبو داود، وقال الدارقطني: كان كثير المخالفة والوهم. أبو جمرة: هو نصر بن عمران الضُّبَعي. وأخرجه البيهقى 9/ 192، وابن الجوزي في "التحقيق في أحاديث الخلاف" (1913) من طريق أبي داود السجستانى، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. بَجَالة: هو ابن عَبَدةَ التميمي، وأبو الشعثاء: هو جابر بن زيد، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه بتمامه عبد الرزاق في "المصنف" (9972) عن ابن جريج، أخبرنى عمرو بن دينار بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3156) و (3157)، والترمذي (1677) و (1678)، والنسائي في "الكبرى" (8715) من طريق عمرو بن دينار بلفظ: لم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر. وزاد البخاري قول عمر: فرقوا كلّ ذي محرم من المجوس. وهو في "مسند أحمد" (1657) وفيه تمام تخريجه. =

3044 - حدَّثنا محمدُ بن مِسكين اليماميُّ، حدَّثنا يحيى بن حَسانَ، حدَّثنا هشيمٌ، أخبرنا داودُ بن أبي هندٍ، عن قُشَير بن عَمرو، عن بَجَالةَ بن عَبَدة ¬

_ = قال الخطابي: قوله: ألقوا وَقرَ بَغل أو بغلينِ مِن الوَرِق، يريد أخِلَةً من الوَرِقِ يأكلون بها، قلت [القائل الخطابي]: ولم يحملهم عمر على هذه الأحكام فيما بينهم وبين أنفسهم إذا خلوا، وإنما منعهم من إظهار ذلك للمسلمين، وأهل الكتاب لا يكشفون عن أمورهم التى يتدينون بها ويستعملونها فيما بينهم، إلا أن يترافعوا إلينا في الأحكام. فإذا فعلوا ذلك فإن على حاكم المسلمين أن يحكم فيهم بحكم الله المُنزَل، وإن كان ذلك في الأنكحة فرق بينهم وبين ذوات المحارم كما يفعل ذلك في المسلمين. وفي امتناع عمر من أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أخذها من مجوس هجر، دليل على أن رأي الصحابة أنه لا تقبل الجزية من كل مشرك كما ذهب إليه الأوزاعي، وإنما تقبل من أهل الكتاب. وقد اختلف العلماء في المعنى الذي من أجله أخذت منهم الجزية، فذهب الشافعي في أغلب قوليه إلى أنها إنما قبلت منهم، لأنهم من أهل الكتاب، ورُوي ذلك عن على بن أبي طالب. وقال أكثر أهل العلم: إنهم ليسوا أهل كتاب، وإنما أخذت الجزية من اليهود والنصارى بالكتاب، ومن المجوس بالسنة. واتفق عامة أهل العلم على تحريم نسائهم وذبائحهم، وسمعت ابنَ أبي هريرة يحكي عن إبراهيم الحربي أنه قال: لم يزل الناسُ متفقين على تحريم نكاح المجوس حتى جاءنا خلاف من الكرخ يعني: أبا ثور قال ابن قدامة: هذا خلاف إجماع من تقدمه، قال الحافظ ابن حجر 6/ 259: وفيه نظر فقد حكى ابن عبد البر عن سعيد بن المسيب أنه لم يكن يرى بذبيحة المجوسي بأساً إذا أمره المسلم بذبحها. وروى ابن أبي شيبة في "المصنف" 12/ 247 و 4/ 178 - 179 عن سعيد بن المسيب وعن عطاء وطاووس وعمرو بن دينار: أنهم لم يكونوا يرون بأساً بالتسري بالمجوسية. وقال ابن المنذر: ليس تحريم نسائهم وذبائحهم متفقاً عليه، ولكن أكثر أهل العلم عليه. و"الزمزمة" قال ابن الأثير: هي كلام يقولونه عند أكلهم بصوت خفي -يعني المجوس-.

عن ابن عباس، قال: جاء رجلٌ من الأسْبَذِيِّينَ من أهل البحرَين، وهم مجوسُ أهلِ هَجَرَ، إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فمكث عندَه، ثم خرج، فسألتُهُ: ما قضى اللهُ ورسولُه فيكم؟ قال: شرٌّ، فقلت: مَهْ؟ قال: الإسلام أو القتل، قال: وقال عبدُ الرحمن بن عَوف: قَبِل منهم الجزيةَ، قال ابنُ عباس: فأخذ الناسُ بقول عبدِ الرحمن بن عَوف، وتركوا ما سمعتُ أنا من الأَسبَذِيِّ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة حال قشير بن عمرو. هُشَيم: هو ابن بَشير الواسطي. وأخرجه الدارقطني (2143)، والبيهقي 9/ 190، وابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 125 من طريق هشيم بن بشير، بهذا الإسناد. وقد سقط من مطبوع "التمهيد": داود بن أبي هند وقشير. وقصة عبد الرحمن بن عوف سلفت في الحديث السالف فهي صحيحة. وقوله: الأسبَذيين، قال ياقوت في "معجم البلدان": أسبَذ، بالفتح ثم السكون ثم فتح الباء الموحدة، وذال معجمة، في كتاب "الفتوح ": أسبَذ: قرية بالبحرين، وصاحبها المنذر بن ساوى، وقد اختُلِف في الأسبَذيين من بني تميم لم سمُّوا بذلك، قال هشام بن محمد بن السائب: هم ولد عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وقال: وقيل لهم: الأسبَذيون لانهم كانوا يعبدون فرساً. قلت أنا [القائل ياقوت]: الفرس بالفارسية اسمه: أسب، زادوا فيه ذالاً تعريباً، قال: وقيل: كانوا يسكنون مدينة يقال لها: أسبَذ بعُمان، فنسبوا إليها. وقال الهيثم بن عدي: إنما قيل لهم: الأسبَذيون، أي: الجُمَّاع، وهم من بني عبد الله بن دارم، منهم المنذر بن ساوى صاحب هجر الذي كاتَبَهُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ... ، وقال أبوعمرو الشيباني: أسبَذ اسم مالك كان من الفرس، ملّكه كسرى على البحرين فاستعبدهم وأذلهم، وإنما اسمه بالفارسية: اسبيدوَيه، يريد الأبيض الوجه، فعرّبه فنسب العرب أهل البحرين إلى هذا الملك على جهة الذم، فليس يختص بقوم دون قوم.

32 - باب التشديد في جباية الجزية

32 - باب التشديد في جِباية الجزية 3045 - حدَّثنا سليمانُ بن داود المَهْريُّ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يونسُ ابن يزيدَ، عن ابن شهابِ، عن عروةَ بن الزبيرِ أن هشامَ بن حكيمِ بن حزام وجدَ رجلاً وهو بحمصَ، يُشَمِّس ناساً من القِبْط في أداء الجزية، فقال: ما هذا؟! سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله عز وجل يعذِّبُ الذين يُعَذّبونَ النّاسَ في الدُّنيا" (¬1). 33 - باب تَعْشِير أهلِ الذمة إذا اختلفوا بالتجارات 3046 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو الأحوصِ، حدَّثنا عطاءُ بن السائبِ، عن حربِ بن عُبيد الله، عن جده أبي أُمِّه عن أبيه، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنما العُشُورُ على اليهودِ والنَّصارى، وليس على المسلمين عُشُورٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2613)، والنسائي في "الكبرى" (8718) من طريق ابن شهاب الزهري، ومسلم (2613) من طريق هشام بن عروة، كلاهما عن عروة بن الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (15330)، و"صحيح ابن حبان" (5612). (¬2) إسناده ضعيف لاضطرابه، فقد اختُلف فيه على عطاء بن السائب، كما سيأتي بيانه، وحرب بن عُبيد الله - وهو الثقفي - ضعيف، وقد أخرج البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 60 هذا الحديث وساق اضطراب الرواة فيه في ترجمة حرب هذا، ثم قال: لا يتابع عليه، وقد فرض النبي -صلَّى الله عليه وسلم- العشر فيما أخرجت الأرض في خمسة أوسق، وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 249: اختلف الرواة عن عطاء على وجوه، فكأن أشبهها ما رواه الثوري عن عطاء، ولا يُشتغل برواية جرير وأبي الأحوص ونصير بن أبي الأشعث، وقال عبد الحق الإشبيلى في "أحكامه الوسطى" 3/ 117: حديث في إسناده إختلاف، ولا أعلمه من طريق يُحتج به، وقد نقله عنه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ابنُ القيم في "تهذيب السنن" أيضاً، وكذلك أعله ابن القطان في "بيان الوهم" 3/ 494 بحرب بن عُبيد الله، وجهالة جده أبي أمه وأبى جده، ثم للاختلاف فيه على عطاء، ثم قال: فهو لا يقارب ما يُلتفَتُ إليه. أبو الأحوص: هو سلّام بن سُليم، ومُسدَّد: هو ابن مُسرهَد. ورواه أبو الأحوص مرة أخرى، عن عطاء، عن حرب، عن جده أبي أمه، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. كذلك أخرجه ابن أبي شيبة 3/ 197 عنه. لكن تحرف عنده "أبى أمه" إلى "أبي أمامة". ورواه سفيان الثوري، عن عطاء، عن حرب، عن خاله، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. كذلك أخرجه ابن أبي شيبة 3/ 197 عن وكيع، وأحمد (15896) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، والطحاوي في "شرح معانى الآثار" 2/ 32 من طريق محمد بن يوسف الفريابي، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/ 153 من طريق عُبيد الله بن عُبيد الرحمن الأشجعي، كلهم عن سفيان الثوري. لكن خالفهم عبد الرحمن بن مهدي، فرواه عن سفيان، عن عطاء، عن رجل من بكر بن وائل، عن خاله. كذلك أخرجه أحمد (15895)، وسيأتي عند المصنف برقم (3048). ورواه وكيع عن سفيان الثوري مرة أخرى، عن عطاء، عن حرب، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مرسلاً كما سيأتي عند المصنف في الطريق التالى. ورواه أبو نعيم مرة أخرى، عن عبد السلام بن حرب، عن عطاء، عن حرب، عن جده رجل من تغلب، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كما سيأتي عند المصنف (3049). ووافق رواية الأكثرين عن سفيان الثوري، حمادُ بن سلمة، فرواه عن عطاء بن السائب، عن حرب، عن رجل من أخواله. كذلك أخرجه الطحاوي 3/ 31. ورواه نصير بن أبي الأشعث، عن عطاء، عن حرب، عن أبيه، عن أبي جده، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. كذلك أخرجه البيهقى 9/ 211. ورواه جرير بن عبد الحميد، عن عطاء، عن حرب بن هلال الثقفي، عن أبي أمية رجل من بني تغلب، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. كذلك أخرجه أحمد (15897). =

3047 - حدَّثنا محمد بن عُبيد المُحاربيُّ، حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن عطاءِ بن السائبِ عن حرْب بن عُبيد الله، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، بمعناه، قال: "خراج" مكان "عُشور" (¬1). 3048 - حدَّثنا محمدُ بن بشّار، حدَّثنا عبدُ الرحمن، حدَّثنا سفيانُ، عن عطاء، عن رجل من بكر بن وائلٍ عن خالِه، قال: قلت: يا رسولَ الله، أعَشِّرُ قومي؟ قال: "إنما العُشُورُ على اليهود والنَّصارى" (¬2). 3049 - حدَّثنا محمد بن إبراهيم البزّاز، حدَّثنا أبو نُعيم، حدَّثنا عبدُ السلام، عن عطاءِ بن السائب، عن حَرب بن عُبيد الله بن عُمير الثقفيِّ عن جده - رجلِ من بني تَغلِبَ - قال: أتيتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فأسلمتُ وعلَّمَني الإسلامَ، وعلّمَني كيف آخذُ الصدقةَ من قومي ممن أسلمَ، ثم ¬

_ = قال الخطابي: قوله: "ليس على المسلمين عشور" يريد عُشور التجارات والبياعات، دون عشور الصدقات. قلت [القائل الخطابي]: والذي يلزم اليهود والنصارى من العشور هو ما صالحوا عليه وقت العقد، فإن لم يصالحوا عليه فلا عشور عليهم، ولا يلزمهم شيء أكثر من الجزية، فأما عشور غلات أرضيهم فلا تؤخذ منهم، وهذا كله على مذهب الشافعي. وقال أصحاب الرأي: إن أخذوا منا العشور في بلادهم - إذا اختلف المسلمون إليهم في التجارات - أخذناها منهم وإلا فلا. (¬1) إسناده ضعيف لاضطرابه وضعف حرب بن عُبيد الله كسابقه. سفيان: هو الثوري. وقد سلف تخريجه عند الطريق السالف. (¬2) إسناده ضعيف لاضطرابه كما سلف بيانه برقم (3046). عبد الرحمن: هو ابن مهدي. وانظر ما قبله.

رجعتُ إليه، فقلتُ: يا رسولَ الله، كلُّ ما علَّمتَني قد حفظتُه إلا الصدقةَ، أفأعَشِّرهُم؟ قال: "لا، إنما العُشور على النصارى واليهودِ" (¬1). 3050 - حدَّثنا محمدُ بن عِيسى، حدَّثنا أشعثُ بن شُعبةَ، حدَّثنا أرطاةُ بن المُنذِر، سمعتُ حكيم بن عُمير أبا الأَخوَصِ يحدَّث عن العِرْباض بن ساريةَ السُّلَميِّ، قال: نزلْنا مع رسول -صلَّى الله عليه وسلم- خيبرَ ومعه مَنْ معه من أصحابه، وكان صاحبُ خيبرَ رجلاً مارِداً منكَراً، فأقبلَ إلى النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: يا محمدُ، ألكم أن تذبَحوا حُمُرَنا، وتأكلُوا ثمرَنا، وتضربُوا نساءنا؟! فغضِب - يعني رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وقال: "يا ابن عَوْفٍ اركَبْ فرَسَك ثم نَادِ: ألا أن الجنة لا تحِلُّ إلا لمؤمنٍ، وأنِ اجتمِعُوا للصلاة" قال: فاجتمَعُوا ثم صلَّى بهم النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ثم قام فقال: "أيحسبُ أحدُكم مُتكئاً على أريكته قد يَظنُّ يقولُ: إنَّ الله لم يُحرِّم شيئاً إلا ما في هذا القرآنِ، ألا وإنّي - والله - قد أمَرْتُ وَوعَظْتُ ونَهيتُ عن أشياء، إنّها لِمثلُ القُرآن أو أكثر، وإنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يُحِل لكم أن تَدخُلوا بُيوتَ أهلِ الكتابِ إلاَّ بإذنٍ، ولا ضرْبَ نِسائِهم، ولا أكلَ ثِمارِهم، إذا أعطَوكُمُ الذى عليهم" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لاضطرابه كما سلف بيانه برقم (3046) أبو نعيم: هو الفضلُ ابنُ دُكَين. (¬2) قوله: "أيحسب أحدكم متكئاً ... " إلى آخره، صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل حكيم بن عمير وأشعث بن شعبة، فهما صدوقان حسنا الحديث. محمد بن عيسى: هو ابن الطباع. وقد سكت عنه عبد الحق الإشبيلي مصححاً له في "أحكامه الوسطى" 3/ 117، وقال ابن القطان في "بيان الوهم" 4/ 427: وسكت عنه -يعني عبد الحق- ولا أُبعِد صحته، ولكن لا أعرفها، فإن بعض رواته لم تثبت عدالته =

3051 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ وسعيدُ بن مَنصورٍ، قالا: حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن منصورٍ، عن هِلالٍ، عن رجلٍ من ثقيفٍ عن رجلِ من جُهينةَ، قال: قالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لعلكم تُقاتِلون قوماً، فتظهَرُون عليهم، فيتَّقُونكم بأموالِهم دونَ أنفُسهِم وأبنائِهم" قال سعيد في حديثه: "فيُصالِحُونكم على صُلْحٍ" ثم اتفقا: "فلا تُصِيبُوا منهم فوقَ ذلكَ؛ فإنَّهُ لا يَصلُحُ لكُم" (¬1). ¬

_ = وإن كان مشهوراً، وهو أشعث بن شعبة. قلنا: قد ثبتت عدالته بتوثيق أبي داود له في "سؤالات الآجري" له وذكره ابن حبان في "الثقات"، فصدق احتمالُ ابن القطان. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 204، وابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 149 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. ولقوله: "أيحسب أحدكم متكئاً ... " إلى قوله: "وإنها لمثل القرآن أو أكثر" شاهد من حديث المقدام بن معدي كرب سيأتي عند المصنف برقم (4604) وإسناده صحيح. وآخر من حديث أبي رافع سيأتي عند المصنف برقم (4605) وإسناده صحيح كذلك. ولبقيته انظر تالييه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قد اختُلف فيه، فرواه أبو عوانة - وهو الوضاح ابن عبد الله اليشكري - عند المصنف هنا، وعند سعيد بن منصور في "سننه" (2603)، والبيهقي 9/ 204، وزائدة بن قدامة عند البيهقي 9/ 204، كلاهما عن منصور - وهو ابن المعتمر -، عن هلال - وهو ابن يِساف، عن رجل من ثقيف، عن رجل من جهينة، وخالفهما سفيان الثوري عند عبد الرزاق (10105) و (19272) فرواه عن منصور، عن هلال، عن رجل من جهينة من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، دون ذكر الرجل الثقفي، وقوله أشبه بالصواب، لأنه أثبت من أبي عوانة وزائدة في منصور، وبذلك يصح إسناد الحديث، لأن إبهام الصحابي لا يضر. والله تعالى أعلم.

34 - باب في الذمي يسلم في بعض السنة، أعليه جزية؟

3052 - حدَّثنا سليمانُ بن داود المَهْرِيُّ، أخبرنا ابنُ وهْبٍ، حدَّثني أبو صخْر المَديني، أن صفوان بن سُلَيم أخبره عن عِدَّة من أبناء أصحابِ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، عن آبائِهم دِنْيَةً، عن رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "ألا مَن ظَلم مُعاهِداً أو انتَقصَهُ أو كلَّفَهُ فوقَ طاقَتِه أو أخَذ منهُ شيئاً بِغيرِ طِيبِ نَفسِ فأنا حَجِيجُهُ يوم القيامةِ" (¬1). 34 - باب في الذِّمِّي يُسلِم في بعضِ السنة، أعَليه جزيةٌ؟ 3053 - حدَّثنا عبدُ الله بن الجرَّاح، عن جَرير، عن قَابوسَ، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل أبي صخر المديني - وهو حميد بن زياد -، ولا تضر جهالة أبناء الصحابة، خلافاً لما قال ابن القطان في "بيان الوهم" 2/ 599 معترضاً على عبد الحق الإشبيلي وقد سكت عنه في "أحكامه الوسطى" 3/ 117 مصححاً له، وخلافاً لما قاله المنذري كذلك في "مختصر السنن"، وذلك أنهم جَمعٌ، قال الحافظ العراقي في "التقييد والإيضاح" في معرفة المشهور من الحديث: إسناده جيد، وهو وإن كان فيه من لم يُسمَّ فإنهم عدة من أبناء الصحابة يبلغون حد التواتر الذي لا يشترط فيه العدالة، فقد رويناه في "سنن البيهقى الكبرى" فقال في روايته: عن ثلاثين من أبناء أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-. وقد نقله عنه ابن عراق في "تنزيه الشريعة" 2/ 182. وقال السخاوي في "المقاصد الحسنة" (1044): سنده لا بأس به، ولا يضر جهالة من لم يُسمَّ من أنباء الصحابة، فإنهم عدد ينجبرُ به جهالتهم، وحسن إسناده كذلك العجلوني في "كشف الخفاء" (2529)، وذكره البغوي في الحسان من "مصابيح السنة" (3088). ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه البيهقي 9/ 205 من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وقال: عن ثلاثين من أبناء أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن آبائهم دنية. وقوله: "دنيه"، بكسر الدال وسكون النون وفتح الياء: مصدر في موضع الحال، ومعناه: لا صقو النسب [متصلو النسب]، ومعنى "حجيجُه" أي: خصمُه.

35 - باب في الإمام يقبل هدايا المشركين

عن ابن عباس، قال: قالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ليس على المُسلمِ جِزيةٌ" (¬1). 3054 - حدَّثنا محمدُ بن كَثيرٍ، قال: سُئل سفيانُ عن تفسيرِ هذا، فقال: إذا أسلمَ فلا جزيةَ عليه (¬2). 35 - باب في الإمام يقبَلُ هدايا المُشركينَ 3055 - حدَّثنا أبو توبةَ الربيعُ بن نافعٍ، حدَّثنا معاويةُ - يعني ابنَ سَلَّام - عن زَيدٍ، أنه سمع أبا سَلَّام قال: حدَّثني عبدُ الله الهَوْزَنيُّ، قال: لقيت بلالاً مُؤذِّنَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بحلبَ، فقلت: يا بِلاَلُ، حدَّثني كيف كانت نفقةُ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-؟ قال: ما كان له شيءٌ، كنتُ أنا الذي ألي ذاك منه منذ بعثَه اللهُ إلى أن تُوفِّي، وكان إذا أتاه الإنسانُ مسلماً فرآه عارياً يأمرني فأنطلقَ فأستقرضَ فأشتريَ له البُرْدةَ فأكسوَه وأُطعمَه، حتى اعترضَني رجلٌ من المشركين فقال: يا بلالُ، إن عندي سَعَةً فلا تستقرضْ من أحدٍ إلاّ مني، ففعلتُ، فلما أن كان ذاتُ يوم توضأتُ ثم قمتُ لأُؤذِّن ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف قابوس بن أبي ظبيان - واسم أبي ظبيان حصين بن جندب - وبه أعله ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 81 فقال: وقابوس عندهم ضعيف، وربما ترك بعضهم حديثه. قلنا: ثم إنه قد رواه سفيان الثوري، عن قابوس، عن أبيه مرسلاً عند أبي عبيد في "الأموال" (121)، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (182). جرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه الترمذي (638) و (639) من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1949). (¬2) محمد بن كثير - وهو العبدي - ثقة، وسفيان: هو الثوري.

بالصلاة، فإذا المشرك قد أقبل في عصابة من التجار فلما رآني قال: يا حبشيُّ؛ قلت: يا لَبَّاهُ، فتجَهَّمني، وقال لي قولاً غليظاً، وقال لي: أتدري كم بينك وبين الشهرِ؟ قال: قلت: قريبٌ، قال: إنما بينك وبينه أربعٌ، فآخُذك بالذي عليك، فأردُّك ترعَى الغنمَ كما كنتَ قبلَ ذلك، فأخذَ في نفسي ما يأخُذُ في أنفُسِ الناس. حتى إذا صلَّيتُ العَتَمة رججَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى أهله فاستأذنت عليه، فأذن لي، قلت: يا رسول الله، بأبي أنْتَ إنَّ المشرك الذي كنت أتَدَيَّنُ منه قال لي كذا وكذا، وليس عندك ما تقضي عني، ولا عندي، وهو فَاضِحي، فأْذَنْ لي أن آبَقَ إلى بعض هؤلاء الأحياء الذين قد أسلموا حتى يرزق الله رسولَه ما يقضي عني، فخرجت حتى إذا أتيت منزلي فجعلت سيفي وجرابي ونعلي ومِجَنِّي عند رأسي، حتى إذا انشقَّ عمود الصبح الأول أردت أن أنطلق فإذا إنسان يسعى يدعو: يا بلالُ، أجبْ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فانطلقت حتى أتيته، فإذا أربعُ ركائبَ مُنَاخاتٌ عليهن أحمالهن، فاستأذنت، فقال لي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أبْشِرْ، فقد جاءك الله بِقَضائِكَ" ثم قال: "ألم تَرَ الرَّكائِبَ المُنَاخاتِ الأربعَ؟ " فقلت: بلى، فقال: "إنَّ لك رِقابَهُنَّ وما عليهِنَّ، فإنَّ عليهنَّ كسوةً وطعاماً، أهداهُن إليَّ عظيمُ فَدَكَ، فاقبضْهن واقْضِ دينَك" ففعلتُ، فذكَر الحديثَ. قال: ثم انطلقتُ إلى المسجدِ، فاذا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قاعِدٌ في المسجد، فسلَّمتُ عليه، فقال: "مافعلَ ما قِبَلَكَ؟ " قلتُ: قد قضى اللهُ كلَّ شيءٍ كان على رسولِ الله، فلم يبقَ شيءٌ، قال: " أفَضَلَ

شيء؟ " قلت: نعم، قال: "انظر أن تُريحَني منه، فإني لستُ بداخلٍ على أحدٍ من أهلي حتى تُريحَني منه" فلما صلَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - العَتَمة دعاني، فقال: "ما فعلَ الذىِ قِبَلَكَ؟ " قال: قلتُ: هو معي لم يأتِنا أحدٌ، فباتَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في المسجدِ، وقصَّ الحديثَ، حتى إذا صلَّى العَتَمةَ - يعني من الغدِ - دعاني قال: "ما فعل الذي قِبَلَك؟ " قال: قلت: قد أراحَك اللهُ منه يا رسولَ الله، فكبَّر وحمِد اللهَ شَفَقاً مَن أن يدركه الموتُ وعندَه ذلك، ثم اتبعته حتى جاء أزواجَه فسلَّم على امرأةٍ امرأةٍ، حتى أتى مَبِيتَهُ، فهذا الذي سألتَني عنه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الله الهوزني: هو ابن لُحيٍّ، وأبو سلاَّم: هو ممطور الحبشي، وزيد: هو ابنُ سلاَّم أخو معاوية. وأخرجه حماد بن إسحاق في "تركة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - " ص 73 - 74، والبزار في "مسنده" (1382)، وابن حبان في "صحيحه" (6351)، والطبراني في "الكبير" (1119)، وفي "الأوسط" (466)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 149، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 80 و 9/ 215، وفي "دلائل النبوة" 1/ 348 - 351 من طريق معاوية بن سلام، بهذا الإسناد. ورواية أبي نعيم والبيهقي في الموضع الثاني من "السنن" مختصرة جداً. وانظر ما بعده. قوله: "يا لباه" يريد: لبَّيك. وقوله: "تجهّمني" قال في "اللسان": وتجهّمه وتجهّم له: كجَهِمَه: إذا استقبله بوجه كريه. وقوله: "صليت العتمة" يريد صلاة العشاء. وقوله: "آبَقَ" فعل مضارع من أَبَقَ، يأْبِق، ويأْبُق أبْقاً وإباقاً، فهو آبِقٌ، والإباق: هرب العبيد وذهابُهم من غير خوف ولا كدِّ عمل. انظر "اللسان". وقوله: "مِجَنِّي" المجِنُّ: التُّرس، لأنه يُواري حامِلَه، أي: يستره، والميم زائدة. قاله في "النهاية". =

3056 - حدَّثنا محمودُ بن خالدٍ، حدَّثنا مروانُ بن محمدٍ، حدَّثنا معاويةُ، بمعنى إسناد أبي تَوْبهّ وحديثه، قال عند قولِه: ما يقضي عني: فسكتَ عني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فاغتمزتُها (¬1). 3057 - حدَّثنا هارون بن عبد الله، حدَّثنا أبو داودَ، حدَّثنا عمرانُ، عن قتادةَ، عن يزيدَ بن عبدِ الله بن الشِّخِّير عن عِياضِ بن حِمارٍ، قال: أهديتُ للنبي - صلَّى الله عليه وسلم - ناقةً، فقال: "أسلمتَ؟ " فقلت: لا، قال: فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "إني نُهِيتُ عن زَبْدِ المُشركين" (¬2). ¬

_ = وقوله: "عمود الصبح الأول" هو ما تبلَّج من ضوئه، وهو المستظهر منه، وسطح عمود الصبح على التشبيه بذلك. قاله في "اللسان". وقوله: "ركائب" جمع رِكاب، وهي الإبل التي تُخرَج ليُجاء عليها بالطعام، قاله النضر بن شميل في كتاب "الإبل" كما في "اللسان". وقوله: "لك رقابهن وما عليهن" قال في "النهاية": أي: ذواتُهن وأحمالُهن. وقوله: "ما فعل ما قِبَلك": ما قِبَلَك، أي: ما عندك، قالوا: لي قِبَلك مالٌ، أي: فيما يليك، ولي قِبَل فلان حق، أي: عنده. والمعنى: ما حالُ ما عندك من المال. (¬1) إسناده صحيح كسابقه. معاوية: هو ابن سلام. وقوله: فاغتمرتها، أي: ما ارتضيت تلك الحالة وكرهتها وثقلت علي. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، عمران - وهو ابن داوَر القطان - ضعيف يعتبر به، وقد توبع. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي. وهو في "مسند الطيالسي" (1083)، ومن طريقه أخرجه الترمذي (1667). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (428/ م) من طريق حجاج بن حجاج الباهلي، والطبري في "تهذيب الآثار" - قسم مسند علي - (345) من طريق سعيد بن أبي عروبة، كلاهما عن قتادة، به. وإسناد البخاري حسن، وإسناد الطبري صحيح. وقد فاتنا هذان الطريقان في "مسند أحمد" (17482)، فيستدركان من هنا، وانظر تمام تخريجه في "المسند". =

36 - باب ما جاء في إقطاع الأرضين

36 - باب ما جاء في إقطاع الأرَضِينَ 3058 - حدَّثنا عَمرو بن مَرزُوقٍ، حدَّثنا شعبةُ، عن سماكٍ، عن علقمةَ بن وائلٍ عن أبيه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أقطعه أرضاً بحضرَموت (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: "الزبد": العطاء، وفي رده هديته وجهان: أحدهما: أن يغيظه برد الهدية فيمتعض منه فيحمله ذلك على الإسلام. والآخر: أن للهدية موضعاً من القلب، وقد روي: "تهادوا تحابوا" ولا يجوز عليه - صلَّى الله عليه وسلم - أن يميل بقلبه إلى مشرك، فرد الهدية قطعاً لسبب الميل. وقد ثبت أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قبل هدية النجاشي، وليس ذلك بخلاف لقوله: "نهيتُ عن زَبْد المشركين" لأنه رجل من أهل الكتاب ليس بمشرك، وقد أبيح لنا طعام أهل الكتاب ونكاحهم، وذلك خلاف حكم أهل الشرك. وقد سلك الطبري مسلكاً آخر في الجمع بين الأخبار الدالة على قبوله - صلَّى الله عليه وسلم - الهدية، وبين الأخبار الدالة على رده إياها في كتابه "تهذيب الآثار" - قسم مسند علي - ص 210 - 211 فبين أن ما قبله - صلَّى الله عليه وسلم - من ذلك إنما قبله لنفع المسلمين، وما رده من ذلك إنما كان من أجل أنها أهديت له - صلَّى الله عليه وسلم - في خاصة نفسه. (¬1) حديث صحيح. إسناده حسن من أجل سماك - وهو ابن حرب -؛ فهو صدوق حسن الحديث. وعلقمة بن وائل - وهو ابن حُجْر - قد سمع من أبيه، صرح بسماعه منه في "صحيح مسلم" (1680). وأخرجه الترمذي (1437) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (27239)، و "صحيح ابن حبان" (7205)، لكنهما لم يقولا في روايتهما: بحضرموت. وحضرموت: بلد جنوبي شبه الجزيرة العربية على خليج عدن وبحر عمان. وانظر ما بعده. الإقطاع: هو إعطاء الإمام طائفة من أرض الموات مفرزة وهو يكون تمليكاً وغير تمليك. =

3059 - حدَّثنا حفصُ بن عُمر، حدَّثنا جامُع بن مَطَرٍ، عن علقمةَ بن وائلٍ بإسناده، مثله (¬1). 3060 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بن داودَ، عن فِطرٍ، حدَّثني أبي عن عَمرو بن حُريث، قال: خَطَّ لي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - داراً بالمدينة بقَوسٍ، وقال: " أَزِيدُك، أزِيدُكَ؟ " (¬2). 3061 - حدَّثنا عبدُ الله بن مسلمةَ، عن مالكٍ، عن ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن ¬

_ = قال أبو عبيد القاسم بن سلام في "الأموال" بعد إيراده عدداً من أحاديث الإقطاع: ولهذه الأحاديث التي جاءت في الإقطاع وجوه مختلفة، إلا أن حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلم - الذي ذكرناه في عاديّ الأرض هو عندي مفسّر لما يصلح فيه الإقطاع من الأرضين، ولما لا يصلح، والعاديّ كل أرض كان لها ساكن في آباد الدهر، فانقرضوا فلم يبق منهم أنيس، فصار حكمها إلى الإمام. وكذلك كل أرض موات لم يُحيها أحدٌ، ولم يملكها مسلم ولا معاهد، وإياها أراد عمر بكتابه إلى أبي موسى: إن لم تكن أرض جزية، ولا أرضاً يُجرّ إليها ماء جزية، فأقطعها إياه، فقد بين أن الإقطاع ليس يكون إلا فيما ليس له مالك، فإذا كانت الأرض كذلك فأمرها إلى الامام. ولهذا قال عمر: لنا رقاب الأرض. (¬1) إسناده صحيح. (¬2) إسناده ضعيف، لجهالة خليفة والد فطر، وقال الذهبي في "الميزان" في ترجقه: خبره عن عمرو بن حريث منكر، وهو خط لي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - داراً بالمدينة، لأن عمرو بن حريث يصغر عن ذلك مات النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وهو ابن عشر سنين أو نحوها. عبد الله ابن داود: هو الخُريبي، ومُسدَّد: هو ابن مُسرهَد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (714) و (715) , وأبو يعلى (1464)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 203 والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة خليفة المخزومي، من طريق فطر بن خليفة، به.

عن غيرِ واحد: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقطع بلالَ بن الحارث المزني مَعادنَ القبَليةِ، وهي من ناحية الفُرُع، فتلك المعادن لا يؤخَذُ منها إلا الزكاة إلى اليومِ (¬1). ¬

_ (¬1) إقطاع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بلال بن الحارث المزني صحيح، وأما ذكر الزكاة في هذه المعادن فليس يصح، وهذا إسناد ضعيف لإبهام من حدَّث ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن - وهو المعروف بربيعة الرأي - وأغلب الظن أنه ليس من الصحابة، إذ لا يصح لربيعة رواية عن أحد من الصحابة خلا أنس بن مالك، وذكر الذهبي في "السير" أيضاً السائب ابن يزيد وهو صحابي صغير مات سنة إحدى وتسعين، وعليه يكون الحديث مرسلاً كذلك كما قال المنذري في "اختصار السنن". وقد ضعف هذا الحديث غيرُ واحد من أهل العلم: فقد ضعفه الشافعي فيما نقله عنه البيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 152 وهو في "الأم" 2/ 43، حيث قال: ليس هذا مما يثبته أهل الحديث رواية، ولو أثبتوه لم يكن فيه رواية عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إلا إقطاعه، فأما الزكاة في المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فيه. وضعفه كذلك أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب "الأموال" في آخر باب الخمس في المعادن والركاز، فقال: حديث منقطع، ومع انقطاعه ليس فيه أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أمر بذلك، وإنما قال: يُؤخذ منه الزكاة إلى اليوم، ونقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 380. وضعفه أيضاً ابن عبد البر في "التمهيد" 7/ 33 فقال: هذا حديث منقطع الإسناد، لا يحتج بمثله أهلُ الحديث، ولكنه عملٌ يُعمل به عندهم في المدينة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 248 - 249، ومن طريقه أخرجه أبو عبيد في "الأموال" (864)، والبيهقي 4/ 152 و 6/ 151، والبغوي في "شرح السنة" (1588). وقد وصل قصة أخذ الصدقة - وهي الزكاة - من معادن القبلية: نعيمُ بن حماد عند ابن الجارود في "المنتقى" (371)، وابن خزيمة (2323)، والحاكم 1/ 404، والبيهقى 4/ 152 و 6/ 148، ويوسف بن سلْمان البصري، عند ابن عبد البر في "التمهيد" 3/ 237، كلاهما (نعيم ويوسف بن سلْمان) عن عبد العزيز الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن الحارث بن بلال بن الحارث المزني، عن أبيه. زاد ابن خزيمة والحاكم والبيهقي في روايتهم أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقطع بلالاً العقيق كله. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وبهذا الإسناد نفسِه رُوي حديثُ فسخ الحج، وقال ابن القطان في "بيان الوهم" 3/ 468: الحارث بن بلال هذا لا يعرف حاله، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل، سألت أبي عن حديث بلال بن الحارث المزني، فقال: لا أقول به، وليس إسناده بالمعروف، ولم يروه إلا الدراوردي وحده. وستأتي قصة إقطاع بلال بن الحارث معادن القبلية بعده وبرقم (3063) من حديث ابن عباس. وسنده حسن في المتابعات والشواهد. وستأتي قصة الإقطاع كذلك من حديث كثير بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن جده، وبرقم (3063). وكثير بن عبد الله حسَّن الرأيَ فيه البخاريُّ والترمذيُّ، وضعفه الآخرون، وبالغ بعضهم فاتهمه بالكذب، وأعدل القول فيه أنه ضعيف يعتبر به، فروايته هذه حسنة في المتابعات والشواهد. وأخرج قصة إقطاع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بلالاً البيهقي 6/ 149 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن رجل من أهل المدينة - قال: قطع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - العقيق رجلاً واحداً فلما كان عمر كثر عليه فأعطاه بعضه وقطع سائره الناس. وهذا إسناد صحيح إن كان الرجل المديني صحابياً، فإن طاووساً جل روايته عن الصحابة. والرجل الذي أقطعه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - هو بلال بن الحارث، صرح بذلك ابن خزيمة والحاكم والبيهقي كما سلف. وأخرجها كذلك يحيي بن آدم في "الخراج" (294)، ومن طريقه البيهقي 6/ 149 من طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم - مرسلاً - قال: جاء بلال بن الحارث المزني إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فاستقطعه أرضاً، فقطعها له طويلة عريضة، ... وأخرجها كذلك أبو عبيد في "الأموال" (867) من طريق أبي مكين نوح بن ربيعة، عن أبي عكرمة مولى بلال بن الحارث قال: أقطع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بلالاً أرض كذا، من مكان كذا إلى كذا، وما كان فيها من جبل أو معدن، قال: فباع بنو بلال من عمر بن عبد العزيز فخرج فيها معدنان، فقالوا: إنما بعناك أرض حرث ولم نبعك المعدن، وجاؤوا بكتاب القطيعة التى قطعها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لأبيهم في جريدة. قال: فجعل عمر يمسحها على عينيه، وقال لقيّمه: انظر ما استخرجت منها وما أنفقت عليها، فقاضهم بالنفقة، وردّ عليهم الفضل. =

3062 - حدَّثنا العباسُ بن محمدِ بن حاتمٍ وغيرُه، قال العباس: حدَّثنا الحسينُ بن محمدٍ، أخبرنا أبو أويسٍ، حدَّثنا كثيرُ بن عبدِ الله بن عَمرو بن عَوف المزنيُّ، عن أبيه عن جده: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أقطعَ بلال بن الحارثِ المُزنىَّ مَعادنَ القبَليّةِ: جَلْسِيَّها وغَورِيَّها، - وقال غيرُه: جَلْسَها وغَوْرَها - وحيث يصلُح الزرعُ من قُدْسٍ، ولم يعطِهِ حقَّ مسلم، وكتبَ له النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "بسمِ الله الرحمنِ الرحيمِ، هذا ما أعطى محمدٌ رسولُ الله بلالَ بن الحارثِ المزنيَّ، أعطاه معادنَ القبَلِيَّةِ جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها - وقال غير ¬

_ = قال أبو عبيد (864): معادن القبلية: بلاد معروفة بالحجاز وهي في ناحية الفرع. والفُرُع: من أعمال المدينة: وهي قرية من نواحي الربذة عن يسار السقيا بينها وبين المدينة ثمانُ برد على طريق مكة. وانظر تالييه. قال أبو عمر بن عبد البر في "الاستذكار" 9/ 55 - 57: وجملة قول مالك في "موطئه" أن المعادن مخالفة الركاز، لأنة لا يُنال ما فيها إلا بالعمل، بخلاف الركاز، ولا خمس في المعادن، وإنما فيها الزكاة، وهي عنده بمنزلة الزرع، يجب فيها الزكاة، إذا حصل النصاب، ولا يُستأنف به الحَول، ولا زكاة عنده فيما يخرج من المعدن إن كان ذهباً حتى يبلغ عشرين ديناراً أو مئتي درهم فضة. وقال أشهب عن مالك: الذهب الثابت في الأرض يؤخذ بغير عمل هو ركاز وفيه الخمس، وقال الأوزاعي: في ذهب المعدن وفضته الخمس، ولا شيء فيما يخرج منه غيرهما. وقال أبو حنيفة وأصحابه: في الذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص الخارج من المعدن الخمس كالركاز، وما كان في المعدن من ذهب وفضة بعد إخراج الخمس اعتبر كل واحد فيما حصل بيده منه ما تجب فيه الزكاة، فزكّاه لتمام الحول.

العباس: جَلْسَها وغَوْرَها - وحَيثُ يَصْلُحُ الزرعُ من قُدْسٍ، ولم يعطِه حقَّ مُسلمٍ" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد، أبو أويس - واسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي - ضعيف يعتبر به، وكثير بن عبد الله المزني حسّن الرأي فيه البخاريُّ وتبعه تلميذه الترمذيُّ، وضعفه الأكثرون، وبالغ بعضهم فاتهمه بالكذب فكان غير مُسدَّد، وأعدل القول فيه أنه ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد كما حققناه في مقدمة "جامع الترمذي"، وقد تابعه ثور بن زيد الديلي كما جاء بإثر الحديث، وروي من طرق أخرى كما في الطريق السابق، وكما سيأتي في التخريج هنا، وبمجموعها يصح الحديث، والله تعالى أعلم. وأخرجه أحمد في "مسنده" (2785)، والقاضي المحاملي في "أماليه" (344)، والبيهقي 6/ 145 من طريق أبي أويس عبد الله بن عبد الله الأصبحي، بالإسنادين كليهما. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1141)، والحاكم 3/ 517 من طريقين عن حميد بن صالح، عن عمارة وبلال - وعند الحاكم: الحارث بدل عمارة - ابني يحيي ابن بلال بن الحارث، عن أبيهما، عن جدهما بلال بن الحارث. وهذا إسناد رجاله لم نتبينهم، فلم يذكروا في شيء من كتب الرجال التي بين أيدينا، فالله تعالى أعلم. وانظر ما بعده، وما قبله. قال الخطابي: قوله: "جلْسيَّها" يريد نجديها، ويقال لنجد: جَلْس، وقال الأصمعي: وكل مرتفع جلْس، و"الغور" ما انخفض من الأرض يريد أنه أقطعه وهادها ورُباها. قلت [القائل الخطابي]: إنما يقطع الناس من بلاد العنوة ما لم يحزْهُ ملك مسلم، فإذا أقطع الإمام رجلاً بياض أرض فإنه يملكها بالعمارة والإحياء، ويثبت ملكه عليها، فلا تنتزع من يده أبداً. فإذا أقطعه معدناً نظر، فإن كان المعدن شيئاً ظاهراً كالنفط والقار ونحوهما، فإنه مردود، لأن هذه منافع حاصلة، وللناس فيها مرفق، وهي لمن سبق إليها، ليس لأحد أن يمتلكها فيستأثر بها على الناس، وإن كان المعدن من معادن الذهب والفضة أو النحاس وسائر الجواهر المستكنة في الأرض المختلطة بالتربة =

قال أبو أويس: وحدَّثني ثَور بن زَيدٍ، عن عِكرمةَ، عن ابن عباسٍ مثله. 3063 - حدَّثنا محمدُ بن النضْر، سمعتُ الحُنَينيَّ قال: قرأتُه غيرَ مرةٍ - يعني كتابَ قطيعةِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال أبو داود: وحدثنا غيرُ واحد عن حُسين بن مُحمدٍ، أخبرنا أبو أويسٍ، حدثني كثيرُ بن عبد الله، عن أبيه عن جده: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أقطعَ بلالَ بن الحارثِ المزنيَّ معادنَ القَبَلِيَّه جَلْسيَّها وغَوْرَيَّها - قال ابن النضْر: وجَرْسَها وذاتَ النُّصُبِ، ثم اتفقا - وحيثُ يَصلُحُ الزَّرْع من قُدْسٍ، ولم يُعطِ بلالَ بن الحارِث حقَّ مسلمٍ، وكتبَ له النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "هذا ما أعطى رسولُ الله بلالَ بن الحارث المزنيَّ، أعطاه معادن القَبَلِيةِ جَلْسَها وغَوْرَها، وحيثُ يَصلُحُ الزرعُ من قُدْسٍ، ولم يعطِه حقَّ مسلمٍ" (¬1). ¬

_ = والحجارة التي لا تستخرج إلا بمعاناة ومؤنة، فإن العطية ماضية إلا أنه لا يملك رقبتها حتى يحظرها على غيره إذا عطلها وترك العمل فيها، إنما له أن يعمل فيها ما بدا له أن يعمل، فإذا ترك العمل خلي بينه وبين الناس، وهذا كله على معاني الشافعي. وفي قوله: "ولم يعطه حق مسلم" دليل على أنه من ملك أرضاً مرة ثم عطلها أو غاب عنها فإنها لا تملك علبه بالاقطاع أو إحياء، وهي باقية على ملكه الأول. (¬1) صحيح لغيره كسابقه. والحُنيني - وهو إسحاق بن إبراهيم، وإن كان ضعيفاً - متابع وروايته هنا عن كثير بن عبد الله، ومن هؤلاء الذين سمع منهم أبو داود هذا الحديث العباس بن محمد بن حاتم كما في الإسناد السابق، وهو ثقة حافظ. وأخرجه البزار في "مسنده" (3395) من طريق إسحاق بن إبراهيم الحُنيني، عن كثير بن عبد الله المزني، به. وانظر سابقيه.

قال أبو أويس: وحدَّثني ثَور بن زيدٍ، عن عكرمةَ، عن ابن عباسٍ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، مثله، زادَ أبن النضْرِ: وكتبَ أُبيُّ بن كعْب. 3064 - حدَّثنا قتييةُ بن سعيد الثقَفيُّ ومحمدُ بن المتوكل العَسقلانيُّ - المعنى واحد - أن محمدَ بن يحيى بن قيسٍ المأرِبي حدَّثهم، أخبرني أبي، عن ثُمامة بن شَراحِيل، عن سُمَيِّ بن قيسٍ، عن شُمَير، - قال ابن المتوكل: ابن عبد المَدَان - عن أبْيَضَ بن حَمَّالٍ: أنه وفَدَ إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فاستقطَعَه المِلحَ - قال ابنُ المتوكِّل: الذي بمأرِبَ - فقطعه له، فلما أن وَلَّى قال رجلٌ من المجلِس: أتدري ما قطعتَ له؟ إنما قطعتَ له الماء العِدَّ، قال: فانتُزِع منه، قال: وسألتُه عما يُحمَى من الأَراكِ، قال: "ما لم تنَلْهُ خِفاف - وقال ابن المتوكل: أخْفافُ - الإبِلِ" (¬1). ¬

_ (¬1) حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سُمَيّ بن قيس وشمير - وهو ابن عبد المدان -، وقد توبعا في طريق آخر، فالحديث حسن. وأخرجه الترمذي (1435) و (1436)، والنسائي في "الكبرى" (5736) من طريق محمد بن يحيى بن قيس المأربي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب، والعمل عليه عند أهل العلم من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وغيرهم، في القطائع: يرون جائزاً أن يُقطِعَ الإمامُ لمن رأى ذلك. وصححه ابن حبان (4499) والضياء المقدسي في "مختارته" (1282)، وسكت عنه عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى". وأخرجه ابن ماجه (2475) من طريق فرج بن سعيد بن علقمة بن سعيد بن أبيض ابن حمال، عن عمه ثابت بن سعيد، عن أبيه سعيد، عن أبيض بن حمال. وثابت وأبوه مجهولان، لكن جهالتهما منجبرة بورود الحديث من طريق آخر، كيف وهما من آل أبيض ابن حمال، وآل الرجل من أعرف الناس به، وهذه القصة قصته، والله تعالى أعلم. وانظر تمام تخريجه في "سنن ابن ماجه". وستأتي قصة حمى الأراك برقم (3066). =

3065 - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، قال: قال محمدُ بن الحَسَنِ المخزوميُّ: "ما لم تنَلْه أخفافُ الإبلِ": يعني: أن الإبلَ تأكل مُنتَهى رؤُوسِها، ويُحمَى ما فوقَه (¬1). 3066 - حدَّثنا محمدُ بن أحمدَ القرشيُّ، حدَّثنا عبدُ الله بن الزبيرِ، حدَّثنا فَرَجُ بن سَعيدٍ، حدثني عمي ثابتُ بن سعيدٍ، عن أبيه، عن جده عن أبيضَ بن حَمَّالٍ: أنه سألَ رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - عن حِمَى الأراكِ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا حِمَى في الأراكِ" فقال: أراكةٌ في حِظَاري، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا حِمَى في الأراكِ" قال فَرجٌ: يعني بحِظاري: الأرضَ التي فيها الزرعُ المُحَاط عليها (¬2). ¬

_ = وقال الخطابي: وهذا يبين ما قلناه من أن المعدن الظاهر الموجود خيره ونفعه لا تقطعه أحدٌ، و"الماء العِدّ": هو الماء الدائم الذي لا ينقطع. قال: وفيه من الفقه: أن الحاكم إذا تبين الخطأ في حكمه نقضه، وصار إلى ما استبان من الصواب في الحكم الثاني. وقوله: "ما لم تنله أخفاف الابل" ذكر أبو داود عن محمد بن الحسن المخزومي أنه قال: معناه: أن الإبل تأكل منتهى رؤوسها ويحمى ما فوقه. وفيه وجه آخر: وهو أنه إنما يُحمى من الأراك ما بعدُ عن حضرة العمارة، فلا تبلغه الإبل الرائحة إذا أرسلت في الرعي. وفى هذا دليل على أن الكلأ والرعي لا يمنع من السارحة وليس لأحد أن يستأثر به دون سائر الناس. (¬1) هارون بن عبد الله: هو ابن مروان البغدادي الحمَّال، ثقة، لكن شيخه محمد ابن الحسن المخزومي - وهو ابن زَبالة - وإن كان متروك الرواية، لايمنع أن يكون له معرفة بلغة العرب، وقد كان عالماً بالأنساب والمغازي. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة ثابت بن سعيد - وهو ابن أبيض بن حمّال - وجهالة أبيه كذلك، وقد روي من طريق آخر سلف عند المصنف برقم (3064) - وهو وإن كان فيه مجهولان كذلك - يحسن به الحديث إن شاء الله تعالى. عبد الله بن الزبير: هو الحُميدي القرشي المكي. =

3067 - حدَّثنا عمر بن الخطاب أبو حفصٍ، حدَّثنا الفريابيُّ، حدَّثنا أبانُ - قال عمرُ: وهو ابن عبد الله بن أبي حازم - حدثني عثمانُ بن أبي حازمٍ، عن أبيه عن جده صخر: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - غزا ثقِيفاً، فلما أن سمع ذلك صخرٌ ركب في خَيْل يُمِدُّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فوجد نبيَّ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قد انصرفَ ولم يُفتَح، فجعل صخرٌ حينئذٍ عهدَ اللهِ وذمتَه أن لا يفارق هذا القَصْر، حتى ينزلوا على حُكمِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فلم يفارقْهم حتى نزلُوا على حكمِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فكتب إليه صخر: أما بعد، فإن ثقِيفاً قد نزلتْ على حُكمِك يا رسولَ الله، وأنا مُقبِلٌ إليهم وهم في خيلٍ، فأمر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالصلاةِ جامعةً، فدعا لأَحْمَسَ عَشرَ دعواتٍ: "اللهم بارك لأحمسَ في خيلِها ورجالِها" وأتاه القومُ فتكلَّم المغيرةُ بن شعبةَ، فقال: يا رسول اللهِ، إن صخراً أخذَ عمتي ودخلَتْ فيما دخل فيه المسلمون، فدعاه فقال: "يا صخرُ، إن القومِ إذا أسلموا أحرزُوا دماءَهم وأموالَهم، فادفع إلى المغيرةِ عمتَه" فدفَعها إليه، وسأل رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - مَاءً لِبَني سُلَيم قد هَرَبُوا، عن الإسلام، وتركوا ذلك الماء، فقال: يا نبي الله أنزِلْنيهِ أنا وقومي، قال: "نعم"، فانزلَه وأسلَم -يعني السُّلَمِيين- ¬

_ = وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2472)، والطبراني في "الكبير" (808)، والضياء المقدسي في "المختارة" (1283) من طريق فرج بن سعيد، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (3064). قال الخطابي: يشبه أن تكون هذه الأراكة يوم إحياء الأرض، وحظر عليها قائمة فيها فملك الأرض بالإحياء، ولم يملك الأراكة إذ كانت مرعى للسارحة، فأما الأراك: إذا نبت في ملك رجل، فإنه محميٌّ لصاحبه غير محظور عليه تملكه والتصرف فيه، ولا فرق بينه وبين سائر الشجر الذي يتخذه الناس في أراضيهم.

فأتوا صخْراً، فسألُوه -وقال غيره: الأسلميون مكان السلميين- أن يدفع إليهم الماء، فأبى، فأتوا النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فقالوا: يا نبىَّ الله، أسلمنا وأتينا صخْراً ليدفع إلينا ماءَنا فأبى علينا، فَدعاهُ فقال: "يا صخرُ، إن القومَ إذا أسلمُوا أحرزُوا أموالَهم ودماءَهم، فادْفع إلى القوم ماءَهم قال: نعم، يا نبي الله، فرأيتُ وجهَ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يتغيَّر عند ذلك حُمرةً حياءً، من أخذِه الجاريةَ وأخذِه الماءَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عثمان بن أبي حازم وأبيه، ثم لانفراد أبان بن عبد الله البجلي بروايته، وقد قال فيه ابن حبان في "المجروحين": وكان ممن فحش خطؤه، وانفرد بالمناكير، وقال الذهبى في "الضعفاء والمتروكين": صدوق، له مناكير. قلنا: وقد ضعف هذا الحديث عبد الحق في "أحكامه الوسطى" 3/ 74، ووافقه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 260، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 114 - 115. ثم إنه قد اختُلف فيه على أبان بن عبد الله البجلي: فرواه محمد بن يوسف الفريابي عنه، عن عثمان بن أبي حازم، عن أبيه، عن صخر -وهو ابن العَيلة. أخرجه كذلك محمد بن يوسف الفريابي في "مسنده" كما في "الإصابة" لابن حجر 3/ 416، ومن طريقه الدارمي (1674)، والمصنف هنا، والبيهقي 9/ 114. ورواه وكيع بن الجراح، عنه، عن عثمان بن أبي حازم، عن صخر- بإسقاط أبي حازم والد عثمان من الإسناد. أخرجه كذلك ابن سعد في "الطبقات" 6/ 31. ورواه وكيع مرة أخرى، عنه، عن عمومته، عن جدهم صخر - فأبهم ذكر العمومة وأسقط أبا حازم. أخرجه كذلك أحمد في "المسند" (18778)، ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 12. ورواه كرواية وكيع الأولى أبو نعيم الفضل بن دكين عند ابن سعد 6/ 31، وابن أبي شيبة 12/ 466 - 467، والدارمي (1673) و (2480)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 310 - 311، ومسلم بن إبراهيم عند الطبراني في "الكبير" (7279) وعنه=

3068 - حدَّثنا سليمانُ بن داود المَهريُّ، أخبرنا ابنُ وهب، حدثني سَبْرَةُ ابن عبد العزيز بن الربيع الجُهنىُّ، عن أبيه عن جده: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - نزل في موضعِ المسجدِ تحت دَوْمَةٍ، فأقام ثلاثاً، ثم خرج إلى تَبُوكَ، وإن جهينةَ لحِقُوه بالرَّحْبَةِ، فقال ¬

_ = أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة". ومحمد بن الحسن الأسدي عند الطبراني أيضاً (7280)، وقيس بن الربيع عند أبي نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة"، أربعتهم، عن أبان، عن عثمان بن أبي حازم، عن صخر. وقرن محمد بن الحسن في روايته بعثمان كثير بن أبي حازم. وكثير هذا لم نقع له على ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر. ورواه أبو أحمد الزبيري، عن أبان، عن صخر ومعمر وغير واحد، عن أبي حازم، عن أبيه صخر. أخرجه كذلك ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 20 - 21. كذا جاء في مطبوع "معجم الصحابة" وكذا قال البغوي فيما حكاه عنه ابن حجر في "الإصابة" 3/ 416، لكن قال المزي في "تحفة الأشراف" (4851): ورواه أبو أحمد الزبيري عن أبان، عن صخر ورواه معمر وغير واحد، عن أبان، عن عثمان بن أبي حازم، عن صخر بن العيلة - فجعله إسناداً آخر منفصلاً! وانظر "معرفة الصحابة" لأبي نعيم الأصبهاني، و "تحفة الأشراف" للمزي 4/ 160، و"الإصابة" لابن حجر 3/ 416، و"أُسد الغابة" لابن الأثير 3/ 12 - 13. قال الخطابي: يشبه أن يكون أمره إياه برد الماء عليهم إنما هو على معنى استطابة النفس عنه، ولذلك كان يظهر في وجهه أثر الحياء، والأصل أن الكافر إذا هرب عن مال له، فإنه يكون فيئاً، فإذا صار فيئاً وقد ملكه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ثم جعله لصخر، فإنه لا ينتقل عنه ملكه إليهم بإسلامهم فيما بعد، ولكنه استطاب نفس صخر عنه ثم ردّه عليهم تألفاً لهم على الإسلام وترغيباً لهم في الدين، والله أعلم. وأما ردّه المرأة فقد يحتمل أن يكون على هذا المعنى أيضاً كما فعل ذلك في سبى هوازن بعد أن استطاب أنفس الغانمين عنها، وقد يحتمل أن يكون ذلك الأمر فيها بخلاف ذلك، لأن القوم إنما نزلوا على حُكم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فكان السبي والدماء والأموال موقوفة على ما يريه الله فيهم، فرأى - صلَّى الله عليه وسلم - أن ترد المرأة وأن لا تُسبَى.

لهم: "مَنْ أهْلُ ذِي المَرْوةِ؟ " فقالوا: بنو رفاعة من جُهَينةَ، فقال: "قد أقطعْتُها لبني رِفاعَةَ" فاقتسَموها: فمنهم من باعَ، ومنهم من أمسَكَ فعمل، ثم سألتُ أباهُ عبدَ العزيز عن هذا الحديث، فحدَّثني ببعضِه ولم يحدثْني به كلِّه (¬1). 3069 - حدَّثنا حسينُ بن عليٍّ، حدَّثنا يحيى -يعني ابنَ آدم- حدَّثنا أبو بكر بن عيّاش، عن هشامِ بن عروة، عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقطعَ الزبيرَ نَخْلاً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل عبد العزيز بن الرَّبيع -وهو ابن سَبرة بن معبد الجُهني- فهو صدوق حسن الحديث. وجدُّ سبرة هنا: هو سَبرة بن مَعبَد الصحابي كما يُفهم من صنيع الحافظ المنذري في "تهذيبه" حيث قال: وعن سبرة بن معبد الجهني. وأخرجه البيهقي 6/ 149 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. قوله: دومة، بضم الدال وفتحها، واحدة الدّوم، وهي ضخام الشجر، وقيل: هو شجر المُقل. والرَّحْبَة، أي: الأرض الواسعة. وذو المروة: قال ياقوت: قرية بوادي القرى، ووادي القرى وادٍ بين المدينة والشام، وهو بين تيماء وخيبر، فيه قرى كثيرة، وبها سُمِّي وادي القرى. (¬2) إسناده صحيح. وقد تابع أبا بكر بن عياش أبو أسامة حماد بن أسامة كما سيأتي. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 103، والترمذي في "علله الكبير" 1/ 574، والطبراني في "الكبير" 24/ (215) من طريق أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد. وسأل الترمذيُ البخاريَّ عن هذا الحديث فقال البخاري: الصحيح عن هشام ابن عروة، عن أبيه، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وكذلك قال الدارقطني في "العلل " 5/ ورقة 194 عن المرسل: إنه هو الصواب!! قلنا: كذا قالا مع أن أبا أسامة حماد بن أسامة قد رواه كذلك موصولاً. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فقد أخرج أحمد (26937)، والبخاري (3151).، ومسلم (2182)، والنسائي في "الكبرى" (9125) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر قالت: كنت أنقُل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، على رأسي، وهى مني على ثلثي فرسخ. وأخرج أبو عبيد في "الأموال" (678)، وعنه حميد بن زنجويه في "الأموال" (1011) عن أبي معاوية الضرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه -قال أبو عُبيد: وغير أبي معاوية يُسنده عن أسماء بنت أبي بكر- أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقطع الزبير أرضاً بخيبر فيها شجر ونخل. وأخرج البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 145 من طريق سفيان بن عيينة و 6/ 146 من طريق جعفر بن عون، كلاهما عن هشام، عن أبيه -مرسلاً- أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقطع الزبير أرضاً. وعلّق البخاري في "صحيحه" بإثر الحديث (3151) عن أبي ضمرة أنس بن عياض، عن هشام، عن أبيه مرسلاً -أن النبي- صلَّى الله عليه وسلم - أقطع الزبير أرضاً من أموال بني النضير. وأخرج أبو عبيد (677)، وعنه حميد بن زنجويه (1009) عن هشيم بن بشير، قال: حدَّثنا يونس بن عُبيد، وحميد بن زنجويه (1010) من طريق عبد الله بن عون، كلاهما عن محمد بن سيرين -واللفظ ليونس- قال: أقطع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - رجلاً من الأنصار -يقال له: سليط، وكان يذكر من فضله- أرضاً. قال: فكان يخرج إلى أرضه تلك، فيقيم بها الأيام، ثم يرجع. فيقال له: لقد نزل من بعدك من القرآن كذا وكذا، وقضى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في كذا وكذا، قال فانطلق إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إن هذه الأرض التي أقطعتنيها قد شغلتني عنك، فاقبلها مني، فلا حاجة لي في شيء يشغلني عنك، فقبلها النبي - صلَّى الله عليه وسلم - منه، فقال الزبير: يا رسول الله، أقطعنيها، قال: فأقطعها إياه. وهذا إسناد مرسل رجاله ثقات. وانظر (3072). قال أبو عبيد: أما إقطاع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - الزبير أرضاً ذات نخل وشجَر، فإنا نراها الأرض التي كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقطعها الأنصاري فأحياها وعمرها، ثم تركها بطيب نفس منه،=

3070 - حدَّثنا حفصُ بن عُمر وموسى بن إسماعيلَ -المعنى واحد- قالا: حدَّثنا عبدُ الله بن حسان العَنبريُّ حدثتْني جدتاي صفيّهُ وُدَحيْبَةُ ابنتا عُلَيْبَةَ -وكانتا ربيبتَيْ قَيلَةَ بنتِ مَخْرَمةَ، وكانت جدةَ أبيهما- أنها أخبرتْهما، قالت: قدمنا على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قالت: تقدَّم صاحبي -تعني حُرَيْثَ بن حسان، وافدَ بكرِ ابن وائلٍ- فبايعَه على الإسلامِ عليه وعلى قومه، ثم قال: يا رسول الله، اكتُب بيننا وبين بني تميم بالدَّهناء: أن لا يجاوزَها إلينا منهم أحدٌ إلا مسافرٌ أو مُجاوِرٌ (¬1)، فقال: "اكتب له يا غلام بالدّهناء" فلما رأيتُه قد أمر له بها شُخِصَ بي وهي وطني وداري، فقلت: يا رسولَ الله، إنه لم يسألْك السَّويَّةَ من الأرضِ إذ سألك، إنما هذه الدهناءُ عندك مُقَيَّدُ الجَمَلِ، ومَرْعَى الغنم، ونساءُ تميم وأبناؤها وراءَ ذلك، فقال: ¬

_ = فأقطعها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - للزبير. وهو مفسّر في حديث ابن سيرين الذي ذكرناه، فإن لم تكن تلك فلعلها مما اصطفى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - من خيبر, فقد كان له من كل غنيمة الصفى وخمس الخمس. وقد ذكرنا ما كان له خاصاً من الغنائم في أول الكتاب. فإن كانت أرض الزبير من ذلك فهي ملك يمين رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، يعطيها من شاء عامرة وغير عامرة، ولا أعرف لإقطاعه أرضاً فيها نخل وشجر وجهاً غير هذا. وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" 14/ 165: وفي هذا دليل لجواز إقطاع الإمام، فأما الأرض المملوكة لبيت المال، فلا يملكها أحد إلا بإقطاع الإمام، ثم تارة يقطع رقبتها، ويُملكلها الإنسان يرى فيه مصلحة فيجوز، ويملكها كما يملك ما يعطيه من الدراهم والدنانير وغيرها إذا رأى فيه مصلحة، وتارة يقطعه منفعتها، فيستحق الانتفاع بها مدة الإقطاع، وأما الموات، فيجوز لكل أحد إحياؤه، ولا يفتقر إلى إذن الإمام، هذا مذهب مالك والشافعى والجمهور، وقال أبو حنيفة: لا يملك الموات بالإحياء إلا بإذن الإمام. (¬1) في (أ): إلا مجتازاً أو مسافراً.

"أمسِك يا غلامُ، صدَقتِ المسكينةُ، المسلمُ أخو المسلم، يَسعُهُما الماءُ والشجرُ، ويتعاونان على الفَتَّانِ" (¬1). سُئل أبو دَاود عن الفتّان؟ فقال: الشيطان (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة صفية ودُحيبة ابنتي عُليبة. ومع ذلك حسَّن الحافظ إسناد هذا الحديث في "الفتح" 3/ 155! وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 317 - 319، وأبو عبيد في "الأموال" (730)، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (1090)، والترمذي (3023)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3492)، والطبراني في "الكبير" 25/ (1)، والبيهقى 6/ 150، والمزي في ترجمة قيلة بنت مخرمة، من طريق عبد الله بن حسان، به. ولم يسق الترمذي وابن أبي عاصم لفظه. ورواية ابن سعد والطبراني والمزي مطولة جداً. وقال الترمذي: حديث قيلة لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن حسان. قال الخطابي: قوله: "مقيّد الجمل" أي: مرعى الجمل ومسرحه. فهو لا يبرح منه. ولا يتجاوزه في طلب المرعى، فكأنه مقيد هناك. كقول الشاعر: خليلى بالموماة عوجا فلا أرى ... بها منزلاً إلا جَريبَ المقيّد وفيه من الفقه: أن المرعى لا يجوز إقطاعه، وأن الكلأ بمنزلة الماء لا يُمنع. وقوله:: "يسعهما الماء والشجر" يأمرهما بحسن المجاورة، وينهاهما عن سوء المشاركة. وقوله: "يتعاونان على الفَتَّان" يقال: معناه الشيطان الذي يفتن الناس عن دينهم، ويُضِلُّهم. ويروى "الفُتَّان"، بضم الفاء، وهو جماعة الفاتن، كما قالوا: كاهن وكُهّان. قلنا: وقوله: الدَّهناء، بفتح أوله، ويمد ويقصر، قال البكري في "معجم ما استعجم": قال ابن حبيب: هي رمال في طريق اليمامة إلى مكة، لا يُعرف طولها، وأما عرضها فثلاث ليال، وهي على أربعة أميال من هجر. قلنا: وهي الآن صحراء في المملكة العربية السعودية تسمى صحراء النفوذ الصغرى، تمتد من النفوذ شمالاً حتى الربع الخالى جنوباً، طولها (000، 130) كم 2، ورمالها حمراء لكثرة أكسيد الحديد. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها من رواية ابن الأعرابي وأبي عيسى الرملي.

3071 - حدَّثنا محمد بن بشّار، حدَّثني عبد الحميد بن عبد الواحدِ، حدَّثتني أم جَنوبٍ بنتُ نُمَيلةَ، عن أُمها سويدة بنتِ جابرٍ، عن أُمها عَقيلةَ بنتِ أسمرَ بن مُضَرِّس عن أبيها أسمرَ بنِ مُضرِّسٍ، قال: أتيتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فبايعتُه، فقال: "مَنْ سبق إلى ما لم يَسْبقْه إليه مسلمٌ فهو له" قال: فخرج الناسُ يَتَعادَوْنَ يَتخاطُّونَ (¬1). 3072 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا حمادُ بن خالدٍ، عن عَبدِ الله بن عمر، عن نافعٍ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. عبد الحميد بن عبد الواحد مجهول، وكذا من فوقه إلى أسمر بن مضرِّس، وأسمر بن مضرّس لم يرو عنه غير ابنته عقيلة، ولا يُعرف إلا بهذا الإسناد كما قال المزي في ترجمته من "تهذيب الكمال". وقال المنذري في "مختصر السنن": غريب، ونقل عن أبي القاسم البغوي قوله: ولا أعلم بهذا الإسناد حديثاً غير هذا. قلنا: ومع ذلك قال البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 61، وابن السكن في "سننه الصحاح": له صحبة، وقال ابن الأثير في "أسد الغابة"1/ 98: عقيلة، بفتح العين المهملة. وكسر القاف، ونميلة، بضم النون. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 7/ 73، والبخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 61، والطبراني في "المعجم الكبير" (814)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1051)، والبيهقي 6/ 142، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 97 - 98، والضياء المقدسي في "المختارة" (1434)، والمزي في ترجمة أسمر بن مضرِّس الطائى من "تهذيب الكمال"، وعنه الذهبى في "الميزان" في ترجمة سويدة بنت جابر، من طريق محمد بن بشار، بهذا الإسناد. قوله: يتعادَون، أي؛ يُسرعرن، والمعاداة الإسراع بالسير. ويتخاطُّون، أي: كل منهم يسبق صاحبه في الخط وإعلام ما له بعلامة.

37 - باب في إحياء الموات

عن ابن عمر: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أقطعَ الزبيرَ حُضْرَ فرسِه، فأجرى فرسَه حتى قام، ثم رمَى بسَوطِه، فقال: "أعطُوه من حيث بلغَ السَّوطُ" (¬1). 37 - باب في إحياء الموات 3073 - حدَّثنا أبو موسى محمدُ بن المُثنَّى، حدَّثنا عبدُ الوهابِ، حدَّثنا أيوبُ، عن هشامِ بن عُروةَ، عن أبيه عن سعيدِ بن زيد، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من أحيا أرضاً ميتةً فهي له، وليس لِعِرقٍ ظالمٍ حقٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن عمر -وهو العمري-. وهو في "مسند أحمد" (6458)، والطبراني في "الكبير" (13352)، وفي "الأوسط" (4273) من طريق حماد بن خالد، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (3069) لزاماً. وقوله: "حُضْر فرسه" قال علي القاري في "شرح المشكاة" 3/ 369: بضم المهملة وسكون المعجمة، أي: عَدْوها، ونصبه على حذف مضاف، أي: قدر ما تعدو عَدوةً واحدة، "حتى قام " أي: وقف فرسه ولم يقدر أن يمشي، "ثم رمى" أي: الزبير، "بسوطه" الباء زائدة، أي: حَذفَه. قوله: أقطع: يقال: أقطعه: إذا أعطاه قطيعة، وهى قطعة أرض، سُميت قطيعة، لأنها اقتطعت من جملة الأرض. (¬2) إسناده صحيح، وقد تابع عبدَ الوهاب -وهو ابن عبد المجيد الثقفي- على وصله سفيانُ الثوري، لكن الثوريُّ قال في روايته: حدثني مَن لا أتهم: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال. وهذا إبهام لذكر الصحابي، وسواء كان هو سعيد بن زيد أو غيره فلا يضر، إذ الصحابة كلهم عدول، وعلى أي حالٍ فروايتهما موصولة. وتابعه أيضاً أبو يوسف القاضي في "الخراج" ص 64، لكنه قال: عن عائشة، وهذا اختلاف في الصحابي، وهو لا يضر بصحة الحديث كذلك. قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (32461): والحديث صحيح عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وقد تلقاه العلماء بالقبول.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ووصله أيضاً يحيى بن عروة بن الزبير، عن أبيه، كما سيأتي بعده، حيث قال: خبَّرني الذي حدثني هذا الحديث، وهذا -وإن كان في إسناده عنعنة محمد بن إسحاق؛ فإنها تحتمل هنا- موصول كذلك، وإبهام الصحابي فيه لا يضر أيضاً، وسواء كان هو أبو سعيد الخدري كما قال في الرواية الآتية برقم (3075) أو لم يكن، فالصحابة كلهم عدول. ولا يمنع أن يكون عروة سمعه من عدد من الصحابة منهم سعيد بن زيد وعائشة وأبو سعيد الخدري وغيرهم، يؤيد ذلك روايته الآتية عند المصنف برقم (3076) حيث قال فيها: جاءنا بهذا الذين جاؤوا بالصلواتِ عنه - صلَّى الله عليه وسلم -. ولهذا صحح إسناد هذا الحديث ابن الملقن في "البدر المنير" 6/ 766. وحسنه الترمذي (1433). أما الدارقطني فقد قال في "العلل" 4/ 414.المرسل عن عروة أصح. وأخرجه الترمذي (1433)، والبزار في "مسنده" (1256)، والنسائي في "الكبرى" (5729)، وأبو يعلى (957)، والبيهقي 6/ 99 و 142، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 281، وابن الجوزي في "التحقيق" (1558)، والضياء في "المختارة" (1096) - (1098) من طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقد رواه بعضهم عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مرسلاً. وأخرجه أبو يوسف في "الخراج" ص 64 عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وأخرجه الدارقطني في "العلل" 4/ 415 من طريق سفيان الثوري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: حدثني من لا أتهم أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: ... وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 743، ومن طريقه الشافعي في "مسنده" 2/ 133 و 134، والبيهقى 6/ 142، والبغوي في "شرح السنة" (2189)، وأخرجه أبو عبِيد القاسم بن سلام في "الأموال" (704)، ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (2167) عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، وأبو عبيد (704) عن أبي معاوية الضرير، وابن أبي شيبة 7/ 74 عن وكيع بن الجراح، ويحيى بن آدم في "الخراج" (266) عن قيس بن الربيع، و (268) عن يزيد بن عبد العزيز، وحميد بن زنجويه في "الأموال" (1053) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = من طريق سفيان الثوري، والنسائي في "الكبرى" (5730) من طريق يحيي بن سعيد الأنصاري والليث بن سعد، ويحيى بن آدم (267)، ومن طريقه البيهقي 6/ 142 من طريق سفيان بن عيينة، ومن طريق عبد الله بن إدريس، كلهم (مالك والجمحي وأبو معاوية ووكيع والثوري ويحيى الأنصاري والليث وقيس ويزيد بن عبد العزيز وابن عيينة وابن إدريس) عن هشام بن عروة، عن أبيه مرسلاً. وقد روى هذا الحديث زمعة بن صالح، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. أخرجه من طريقه أبو داود الطيالسي (1440)، والدارقطني (4506)، والبيهقي 6/ 142. وزمعة -وإن كان ضعيفاً- متابع عند أبي يوسف في "الخراج" ص 64. وقد روي عن عائشة ذكر إحياء الموات وحده من طريق محمد بن عبد الرحمن ابن نوفل، عن عروة، عنها عند البخاري (2335) بلفظ: "من أعمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق"، وهو في "سنن النسائي الكبرى" (5759). وفي باب قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من أحيا أرضاً ميتة فهي له" عن جابر بن عبد الله عند أحمد (14271) و (14839)، والترمذي (1434)، والنسائي في "الكبرى" (5756) - (5758)، وابن حبان (5202) وإسناده صحيح. وقال الترمذي: حسن صحيح. وعن عائشة كما سبق قريباً. وعن سمرة بن جندب سيأتي عند المصنف (3077) ورجاله ثقات. وعن عروة، عن الذين جاؤوا بالصلوات عنه -صلَّى الله عليه وسلم- ,سيأتي عند المصنف برقم (3076) وإسناده صحيح. وفي باب قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "وليس لعرق ظالم حق" عن كثير بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن جده عند يحيى بن آدم في "الخراج" (279)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 268، والبزار في "مسنده" (3393) والطبراني 17/ (4) و (5)، والبيهقي 6/ 142 و 147، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 284 وإسناده حسن في الشواهد، لأن كثيراً وإن كان ضعيفاً يعتبر به. وعن عروة عن رجل من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم- سيأتي عند المصنف بعده وبرقم (3075). =

3074 - حدَّثنا هنَّاد بن السَّريِّ، حدَّثنا عَبدة، عن محمدٍ -يعني ابنَ إسحاقَ- عن يحيي بن عُروة عن أبيه، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من أحيا أرضاً فهي له" وذكرَ مثلَه. قال: فلقد خبَّرني الذي حدَّثني هذا الحديثَ أن رجلَين اختصما إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- غَرَسَ أحدهما نخْلاً في أرضِ الآخَر، فقضى لصاحبِ الأرضِ بأرضِه، وأمرَ صاحبَ النخلِ أن يُخرِجَ نخلَه منها، وقال: فلقد رأيتُها وإنها لَتُضْرَبُ أصولُها بالفُؤُوس، وإنها لنخلٌ عُمٌّ، حتى أُخرجَتْ منها (¬1). ¬

_ = وعن عائشة كما سبق قريباً. وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (3075) و (3076). قال يحيى بن آدم (284): وإحياء الأرض أن يستخرج فيها عيناً أو قليباً، أو يسوق إليها الماء، وهي أرض لم تكن في يد أحد قبله يزرعها أو يستخرجها حتى تصلح للزرع، فهذه لصاحبها أبداً، لا تخرج عن ملكه وإن عطلها بعد ذلك؛ لأن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من أحيا أرضاً فهي له" فهذا إذن من رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فيها للناس، فإن مات فهي لورثته، وله أن يبيعها إن شاء. قلنا: وتفسير العرق الظالم سيأتي عند الحديث التالي. وربما ظُنَّ معارضة هذا الحديث لحديث رافع بن خديج رفعه: "من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شيء، وله نفقته" وسيأتى عند المصنف برقم (3403)، ولات ثمة تعارضٌ كما بيناه هناك. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، وعنعنته هنا محتملة لأنه متابع كما سلف في الطريق السابق. وقد حسن إسناده الحافظ في "بلوغ المرام" (897). وأخرجه أبو يوسف في "الخراج" ص 64 - 65، ويحيى بن آدم في "الخراج" (274) و (275)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في "الأموال" (707)، وحميد بن زنجويه في=

3075 - حدَّثنا أحمدُ بن سعيدٍ الدارِميُّ، حدَّثنا وهْبٌ، عن أبيه، عن ابن إسحاقَ، بإسناده ومعناه إلا أنه قال عند قوله مكانَ: الذي حدَّثني هذا، فقال: رجلٌ من أصحاب النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، وأكثرُ ظني أنه أبو سعيدٍ الخُدريُّ: فأنا رأيتُ الرجلَ يضرِبُ في أصولِ النخل (¬1). 3076 - حدَّثنا أحمدُ بن عَبدَةَ الآمُلىُّ، حدَّثنا عبدُ الله بن عثمانَ، حدَّثنا عبدُ الله بن المُبارَكِ، أخبرنا نافعُ بن عمر، عن ابن أبي مُلَيكةَ ¬

_ = "الأموال" (1054)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 118، والدارقطني (2938)، والبيهقي 6/ 99 و 142، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 282، وفي "الاستذكار" (32458)، وابن الجوزي في "التحقيق (1560)، من طرق عن محمد ابن إسحاق، به. وقرن الدارقطني وابن الجوزي بيحيى بن عروة هشام بن عروة، وقال الطحاوي في إحدى روايتيه: عن رجل من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. وانظر ما قبله وما بعده. قال أبو عبيد: هذا الحديث مفسِّر للعرق الظالم، وإنما صار ظالماً لأنه غرس في الأرض وهو يعلم أنها ملك غيره، فصار بهذا الفعل ظالماً غاصباً، فكان حكمه أن يقلع ما غرس. قنا: وسيأتي تفسير العرق الظالم أيضاً عن هشام بن عروة ومالك عند المصنف برقم (3078). وقال الخطابي: قوله: نخلٌ عُمٌّ، أي: طوال، واحدها عميم، ورجل عميم: إذا كان تامَّ الخلق. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقه. وأخرجه البيهقي 6/ 99، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 283 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله، وما سلف برقم (3073) و (3074).

عن عروة، قال: أشهدُ أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قضى أن الأرضَ أرضُ اللهِ والعبادَ عبادُ الله، ومن أحيا مَوَاتاً فهو أحق به، جاءنا بهذا عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- الذين جاؤوا بالصلوات عنه (¬1). 3077 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا محمد بن بِشْرٍ، حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن الحسنِ عن سمرة، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ أحاط حَائِطاً على أرضٍ فهي له" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد سمعه عروة من جمع من الصحابة كما ترى، لأن الذين جاؤوا بالصلوات عنه -صلَّى الله عليه وسلم- إنما هم الصجابة. ابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عُبيد الله ابن عَبد الله بن أبي مليكة. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 142، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 283 من طريق أبي داود السجستانى، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (8228) من طريق موسى بن داود الضبي، عن نافع بن عمر الجمحي، عن ابن أبي مُليكة، عن عروة بن الزبير، عن عبد الملك بن مروان، عن مروان بن الحكم عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. قال الحافظ في "الدراية" 2/ 244: رجال إسناده ثقات. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (7267) من طريق عصام بن روّاد بن الجراح، عن أبيه، عن نافع بن عمر، عن ابن أبي مليكة، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أنها سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "من أحيا أرضاً مواتاً فهي له، وليس لعرق ظالم حقٌ". وإسناده حسن في الشواهد. وقد صح بهذا اللفظ عن عروة عن عائشة من طريق آخر سلف ذكره برقم (3073). وانظر سابقيه. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد اختلف في سماع الحسن -وهو البصري- من سمرة لغير حديث العقيقة، وقد روى عنه نسخة كبيرة غالبها في "السنن" =

3078 - حدَّثنا أحمد بن عَمرو بن السَّرْحِ، أخبرنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني مالكٌ، قال هشام: العِرقُ الظالم: أن يغرِسَ الرجلُ في أرض غيره فيستحقَّها بذلك، قال مالك: والعرقُ الظالم: كل ما أُخِذَ واحتُفِرَ وغُرِسَ بغير حقٍّ (¬1). 3079 - حدَّثنا سَهل بن بكَّارِ، حدَّثنا وُهَيبُ بن خالد، عن عَمرو بن يحيي، عن العباسِ السَّاعِدي -يعني ابنَ سهل بن سعْدٍ- عن أبي حُمَيد الساعديِّ، قال: غزوتُ مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- تبُوكَ، فلما أتى واديَ القُرَى إذا امرأةٌ في حديقةٍ لها، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- لأصحابه: "اخرُصُوا" فَخرَصَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عشرةَ أوسُقٍ، فقال للمرأة: "أحْصِي ما يَخرجُ منها" قال: فأتينا تَبوكَ، فأهدى ملكُ أيلَةَ إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بغلةً بيضاءَ، وكساه بُرْدةً، وكتب له، يعني بِبَحرِه، قال: فلمَّا أتينا واديَ القُرىَ قال للمرأة: "كم كان في حديقتِك؟ " ¬

_ = الأربعة وعند علي ابن المدينى أن كلها سماع، وكذلك حكى الترمذي عن البخاري نحو هذا. وقال يحيى بن سعيد القطان وجماعة كثيرون: هي كتاب، قال العلائي ووافقه أبو زرعة ابن العراقي: وذلك لا يقتضي الانقطاع! سعيد: هو ابن أبي عروبة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5731) من طريق سفيان بن حبيب، عن سعيد ابن أبي عروبة، به. وهو في "مسند أحمد" (20130). وفي الباب عن عدد من الصحابة سلف ذكرهم في الأحاديث (3073) - (3076). (¬1) رجاله ثقات. هشام: هو ابن عروة بن الزبير بن العوام، وابن وهب: هو عَبد الله. قال ابن عبد البر في "التمهيد" بعد أن ذكر هذا التفسير بإسناده إلى أبي داود 22/ 284: فسرهُ هشام بن عروة ومالك بن أنس بما لا أعلم فيه لغيرهما خلافاً.

قالت: عشرةُ أوسُقٍ خَرْصَ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-. فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: إنّي مُتَعَجِّلٌ إلى المدينةِ، فمن أراد منكم أن يتعجَّل معي فليتعجَّل" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عمرو بن يحيي: هو ابن عمارة المازني. وأخرجه البخاري (1481)، ومسلم (1392)، وبإثر (2281) من طريق عمرو ابن يحيى، به. وهو في "مسند أحمد" (23604)، و"صحيح ابن حبان" (4503) و (6501). قال الحافظ في "الفتح" 3/ 344: الخرص، بفتح المعجمة وحُكي كسرها، وبسكون الراء بعدها مهملة: هو حَزْر ما على النخل من الرطب تمراً، حكى الترمذي عن بعض أهل العلم أن تفسيره أن الثمار إذا أدركت من الرطب والعنب مما تجب فيه الزكاة بعث السلطان خارصاً ينظر فيقول: يخرج من هذا كذا وكذا زبيباً، وكذا وكذا تمراً، فيحصيه، وينظر مبلغ العشر فيثبته عليهم، ويُخلّي بينهم وبين الثمار، فإذا جاء وقت الجذاذ أخذ منهم العشر. انتهى. وفائدة الخرص التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها، والبيع من زهوها، وإيثار الأهل والجيران والفقراء، لأن في منعهم منها تضييقاً لا يخفى. وقال الخطابي: أنكر أصحاب الرأي الخرص، وقال بعضهم: إنما كان يفعل تخويفاً للمزارعين لئلا يخونوا، لا ليلزم به الحكم، لأنه تخمين وغرور، أو كان يجوز قيل تحريم الربا والقمار، وتعقبه الخطابي بأن تحريم الربا والميسر متقدم، والخرص عمل به في حياة النبي -صلَّى الله عليه وسلم- حتى مات، ثم أبو بكر وعمر فمن بعدهم، ولم ينقل عن أحد منهم ولا من التابعين تركه إلا عن الشعبي. قال: وأما قولهم: إنه تخمين وغرور، فليس كذلك، بل هو اجتهاد في معرفة مقدار التمر وإدراكه بالخرص الذي هو نوع من المقادير. وحكى أبو عبيد عن قوم منهم أن الخرص كان خاصاً بالنبي -صلَّى الله عليه وسلم-، لأنه كان يوفق من الصواب ما لا يوفق له غيره، وتعقبه بأنه لا يلزم من كون غيره لا يُسدد لما كان يُسدد له سواء أن تثبت بذلك الخصوصية، ولو كان المرء لا يجب عليه الاتباع إلا فيما يعلم أنه يسدد فيه كتسديد الأنبياء لسَقَطَ الاتباع، وترد هذه الحجة أيضاً بإرسال النبي -صلَّى الله عليه وسلم- الخراص في زمانه، والله أعلم. واعتل الطحاوي بأنه يجوز أن يحصل للثمرة آفة =

3080 - حدَّثنا عبدُ الواحدِ بن غِياثٍ، حدَّثنا عبدُ الواحد بن زياد، حدَّثنا الأعمشُ، عن جامعِ بن شدادِ، عن كلثومٍ عن زينب: أنها كانت تَفْلِي رأسَ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وعندَه امرأةُ عثمان ابن عفّان ونساءٌ من المهاجرات، وهنَّ يشتكِين منازلَهن أنَّها تضيق عليهن ويُخرَجْن منها، فأمر رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن تورَّثَ دورَ المهاجرين النساء، فمات عبدُ الله بن مسعود فورِثتْه امرأتُه داراً بالمدينة (¬1). ¬

_ = فتتلفها فيكون ما يؤخذ من صاحبها مأخوذاً بدلاً مما لم يُسلم له، وأجيب بأن القائلين به لا يُضمّنون أرباب الأموال ما تلف بعد الخرص، قال ابن المنذر: أجمع من يحفظ عنه العلم أن المخروص إذا أصابته جائحة قبل الجذاذ فلا ضمان. وقال الحافظ أيضاً: "أحصي" أي: احفظي عدد كيلها. قلنا: وأيلة، قال ياقوت: بالفتح، مدينة على ساحر بحر القُلزُم مما يلي الشام وقيل: هي آخر الحجاز وأول الشام. قلنا: هي الآن مدينة العَقَبة في المملكة الأردنية الهاشمية على ساحل البحر الأحمر الذي كان يُسمى قديماً بحر القُلزُم، وهي الميناء الوحيد للمملكة على البحر الأحمر، وإلى هذه المدينة ينسب بعض الرواة مثل يونس ابن يزيد وعُقيل بن خالد الأيليان صاحبا الزهري. وقوله: "كتب له ببحره"، قال الحافظ في "الفتح" 3/ 345: أي: ببلده، أو المراد بأهل بحره، لأنهم كانوا سكاناً بساحل البحر، أي: أنه أقرّه عليه بما التزموه من الجزية. قلنا: فضمير كتب يعود إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. والوسق: ستون صاعاً، والصاع يساوي بالمكاييل المعاصرة (2.75) لتراً، أو (2175) غراماً، فيكون الستون صاعاً -يعني الوسق- يساوي (165) لتراً، أو (130.5) كيلو غراماً. (¬1) إسناده حسن. زينب، قال أبو القاسم بن عساكر كما في "تحفة الأشراف" 11/ 329: أظنها امرأة ابن مسعود. وكذلك قال المنذري في "مختصر السنن": ويظن أنها امرأة عبد الله بن مسعود، قلنا: وقد روى هذا الحديث الإمامُ أحمد في "المسند" فجعله من مسندها، لكن المزي في "التحفة"رد على أبي القاسم بن عساكر بقوله:=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأما قوله: "وأظنها امرأة عبد الله بن مسعود، فهو بعيد جداً، لأنه ليس بينها وبين النبي -صلَّى الله عليه وسلم- محرمية، فكيف تفلي رأسَه؟ والأشبه أنها زينب بنت جحش زوج النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. قلنا: هذا ليس بحجة، فقد كانت أم حرام بنت ملحان يدخل عليها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهي تحت عبادة بن الصامت، وكانت تفلي رأس رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وكان ينام عندها، ولم يثبت أن بينهما محرمية، وقصتها عند البخاري (2788). وأما كلثوم فهو كلثوم بن المصطلق، وهو كلثوم بن علقمة بن ناجية بن المصطلق، وهو ابن عامر بن الحارث بن أبي ضرار بن المصطلق نفسه، كما حققه الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" وكذلك يظهر من صنيع المزي حيث ذكر في الرواة عن كلثوم بن المصطلق: مهاجر أبو الحسن، الذي ذكر مَن ترجم لكلثوم بن عامر أنه من الرواة عنه، فكأنه عدهما واحداً، والصحيح أنه تابعي روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، فيكون حسن الحديث. وبقية رجال الإسناد ثقات. وأخرجه أحمد (27050)، والبيهقي 6/ 156 من طريق عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (27049) عن أسود بن عامر، عن شريك، عن الأعمش، عن جامع بن شداد عن كلثوم، عن زينب: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ورّث النساء خِطَطَهنَّ. وشريك -وهو النخعي- ضعيف يعتبر به في المتابعات. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (733) من طريق عاصم بن علي، عن قيس ابن الربيع، عن جامع بن شداد، عن كلثوم الخزاعي، عن أم سلمة أنها كانت تفلي رأس رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فجاءت زينب امرأة عبد الله بن مسعود ... الحديث. فجعل الحديث من مسند أم سلمة، وأنها هي التي كانت تفلي رأس رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-! وعاصم فيه ضعف، وقيس بن الربيع ضعيف يعتبر به إذا توبع، ولم يتابعه أحد على ذلك، بل خالفه الأعمش، وهو ثقة. قال الخطابي: قد روي عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أنه أقطع المهاجرين الدور بالمدينة، فتأولوها على وجهين: أحدهما: أنه إنماكان أقطعهم العَرَصَة ليبتنوا فيها الدور، فعلى هذا الوجه يصح ملكهم في البناء الذي أحدثوه في العَرَصَة. =

38 - باب الدخول في أرض الخراج

38 - باب الدخول في أرضِ الخَراج 3081 - حدَّثنا هارونُ بن محمد بن بكَّار بن بلالٍ، حدَّثنا محمد بن عيسى -يعني ابن سُمَيع- حدَّثنا زيدُ بن واقدٍ، حدثني أبو عبدِ الله عن معاذ بن جبل أنه قال: مَن عَقدَ الجزيةَ في عنقه، فقد برئ مما عليه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ = والوجه الآخر: أنهم إنما أُقطِعوا الدور عارية، وإليه ذهب أبو إسحاق المروزي، وعلى هذا الوجه لا يصح الملك فيها، وذلك أن الميراث لا يجري إلا فيما كان المورث مالكاً له، وقد وضعَه أبو داود في باب إحياء الموات، فقد يحتمل أن يكون إنما أحيا تلك البقاع بالبناء فيها إذ كانت غير مملوكة لأحد قبل، والله أعلم. وقد يكون نوع من الإقطاع إرفاقاً من غير تمليك، وذلك كالمقاعد في الأسواق والمنازل في الأسفار إنما يرتفق بها ولا تمتلك. فأما توريثه الدورَ نساءَ المهاجرين خصوصاً، فيشبه أن يكون ذلك على معنى القسمة بين الورثة، وإنما خصصهن بالدور لأنهن بالمدينة غرائب لا عشيرة لهن بها، فجاز لهن الدور لما رأى من المصلحة ذلك. وفيه وجه آخر: وهو أن تكون تلك الدور في أيديهن مدى حياتهن على سبيل الإرفاق بالسكنى دون الملك، كما كانت دور النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وحُجَرُه في أيدي نسائه بعده لا على سبيل الميراث فإنه -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "نحن لا نورث، ما تركناه صدقه" ويحكى عن سفيان بن عيينة أنه قال: كان نساء النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في معنى المعتدات لأنهن لا ينكحن، وللمعتدة السكنى، فجعل لهن سكنى البيوت ما عِشن ولا يملكن رقابها. (¬1) إسناده حسن إن شاء الله، أبو عبد الله اختُلف في تعيينه، فذهب الطبراني في "المعجم الكبير"20/ (196)، وفي "مسند الشاميين" (1222) إلى أنه أبو عبد الله الأشعري، وإلى ذلك ذهب المزي في "تحفة الأشراف"، و "تهديب الكمال"، ولكن أبا القاسم ابن عساكر ذهب إلى أنه رجل آخر غير الأشعري، وأن اسمه مسلم الخزاعي مولاهم صاحب حرس معاوية، وهو أول من ولي الحرس، ومال إلى قوله ابن حجر في "تهذيب التهذيب"، قلنا: ولا يبعد أن يكون هو مسلم بن مِشكَم الخزاعي الدمشقي =

3082 - حدَّثنا حَيوةُ بن شُريح الحَضرميُّ، حدَّثنا بقيةُ، حدَّثني عُمارة بن أبي الشَعْثاء، حدَّثني سِنانُ بن قَيسٍ، حدَّثني شَبيب بن نُعَيم، حدثني يزيدُ بن خُمَير حدَّثني أبو الدَّرْداء، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَنْ أخذَ أرْضاً بِجِزْيَتِها فَقَدِ استَقالَ هَجْرتَه، ومَنْ نزع صَغَارَ كافِرٍ من عُنُقِهِ فجَعَلهُ في عنقِهِ فقد ولَّى الإسلام َظهره"، قال: فسمع مني خالدُ بن قعدَان هذا الحديثَ، فقال لي: أشبيبٌ حدَّثك؟ قلت: نعم، قال: فإذا قدمتَ فسَلْه فليكتبْ إليَّ بالحديث، قال: فكتبَه له، فلما قدمتُ سألني خالد بن مَعدَان القِرطاسَ، فأعطيته، فلما قرأه ترك ما في يَديه من الأرَضين حين سمع ذلك (¬1). ¬

_ = كاتب أبي الدرداء، فقد روى الحديث الطبراني في "المعجم الأوسط" (8247) فقال: مسلم بن مِشكَم، وقد ذكر المزي وتبعه ابن حجر أن في الرواة عنه زيد بن واقد، وذكر ابن حجر أن في شيوخه معاذ بن جبل. قلنا: وسواء كان هذا أو هذا أو ذاك، فالثلاثة ثقات، فهذا اختلاف لا يضر إن شاء الله. لكن المزي في "تهذيب الكمال" ذكر في ترجمة أبي عبد الله الأشعري أن رواية زيد بن واقد عنه مرسلة جزماً، أما في ترجمة زيد بن واقد في "التهذيب" فقد ذكر ذلك بصيغة التمريض، فقال: يقال: مرسل. قلنا: سماعُه منه محتمل، فقد روى عن مثل طبقة أبي عبد الله هذا، وقد صرح هنا بالسماع. وأخرجه الييهقى 9/ 139، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 58/ 150 - 151 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (196)، وفي "مسند الشاميين" (1222) من طريق عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، عن صدقة بن خالد، عن زيد بن واقد، به. ولفقه الحديث انظر ما بعده. (¬1) إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد- وجهالة شيخه عمارة. وأخرجه البيهقي 9/ 139 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. =

39 - باب في الأرض يحميها الإمام أو الرجل

قال أبو داودَ: هذا يزيدُ بن خُمَير اليَزَنيُّ، ليس هو صاحبَ شُعبةَ. 39 - باب في الأرض يحميها الإمامُ أو الرجلُ 3083 - حدَّثنا ابن السَّرْحِ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يونُس، عن ابن شهابٍ، عن عُبيد الله بن عَبد الله، عن ابن عباس عن الصَّعْبِ بن جَثّامة، أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا حِمَى إلا للهِ ولِرسُولهِ" (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: معنى الجزية ها هنا الخراج، ودلالة الحديث أن المسلم إذا اشترى أرضاً خراجية من كافر، فإن الخراج لا يسقط عنه، وإلى هذا ذهب أصحاب الرأي، إلا أنهم لم يروا فيما أخرجت من حب عشراً، وقالوا: لا يجتمع الخراج مع العشر. وقال عامة أهل العلم: العشر عليه واجب فيما أخرجته الأرض من حب إذا بلغ خمسة أوساق. والخراج عند الشافعي على وجهين: أحدهما جزية والآخر بمعنى الكراء والأجرة، فإذا فتحت الأرض صلحاً على أن أرضها لأهلها، فما وضع عليها من خراج فمجراها مجرى الجزية التى تؤخذ من رؤوسهم، فمن أسلم منهم سقط ما عليه من الخراج كما يسقط ما على رقبته من الجزية ولزومه العشر فيما أخرجت أرضه وإن كان الفتح إنما وقع على أن الأرض للمسلمين، ويؤدي في كل سنة عنها شيئاً، فالأرض للمسلمين وما يؤخذ منهم عنها، فهو أجرة الأرض، فسواء من أسلم منهم، أو أقام على كفره، فعليه أداء ما اشترط عليه، ومن باع منهم شيئاً من تلك الأرضين، فبيعه باطل، لأنه باع ما لا يملك. وهذا سبيل أرض السواد عنده. (¬1) إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله، وابن السَّرْح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله أبو الطاهر المصري. وأخرجه البخاري (2370)، والنسائي في "الكبرى" (5743) و (8570) من طريق الزهري، بهذا الإسناد. =

40 - باب ما جاء في الركاز

قال ابنُ شهابِ: وبلغني أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- حَمَى النَّقِيعَ. 3084 - حدَّثنا سعيدُ بن مَنصور، حدَّثنا عبدُ العزيز بن محمد، عن عبدِ الرحمن بن الحارثِ، عن ابن شهابٍ، عن عُبيد الله بن عَبد الله، عن عبد الله ابن عباس عن الصَّعب بن جثّامة: أن. النبي -صلَّى الله عليه وسلم- حَمَى النَّقيعَ، وقال: "لا حِمَى إلا الله" (¬1). 40 - باب ما جاء في الركاز 3085 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سعيدِ بن المسيِّب وأبي سلمةَ ¬

_ = هو في "مسند أحمد" (16422) و (16425)، و"صحيح ابن حبان" (136) و (4684). وانظر ما بعده. قال الخطابي: قوله: "لا حمى إلا لله ولرسوله": يريد: لا حمى إلا على معنى ما أباحه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم -، وعلى الوجه الذي حماه، وفيه إبطال ما كان أهل الجاهلية يفعلونه من ذلك، وكان الرجل العزيز منهم إذا انتجع بلداً مُخصباً، أوفَى بكلب على جبل، أو على نَشزٍ من الأرض، ثم استعوى الكلب ووقف له من يسمع منتهى صوته بالعواء، فحيث انتهى صوته حماه من كل ناحية لنفسه ومنع الناس منه. فأما ما حماه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- لمهازيل إبل الصدقة ولضعفَى الخيل، كالنقيع - (وهو موضع قريب من المدينة على عشرين فرسخاً منها) مستنقع للمياه ينبت فيه الكلام- وقد يقال: إنه مكان ليس بحدٍّ واسع يضيقُ بمثله على المسلمين المرعى فهو مباح، وللأئمة أن يفعلوا ذلك على النظر ما لم يضق منه على العامة المرعى، وهذا الكلام الذي سقتُه معنى كلام الشافعي في بعض كتبه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن الحارث -وهو ابن عبد الله بن عياش المخزومى- فهو ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد توبع كما في الطريق السالفة.

سمعا أبا هريرة يُحدَّث، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "في الرِّكازِ الخُمُسُ" (¬1). 3086 - حدَّثنا يحيى بن أيوبَ، حدَّثنا عبّاد بن العوّام، عن هشَام، عن الحسن، قال: الركازُ: الكنزُ العادِيّ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (1499) و (6912)، ومسلم (1710)، وابن ماجه (2509)، والترمذي (647) و (1432) و (1433)، والنسائي (2495) و (2496) من طريق الزهري، به. وأخرجه البخاري (2355) و (6913)، ومسلم (1710)، والنسائي (2496) من طرق عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7120) و (7254)، و"صحيح ابن حبان" (6005). وسيتكرر ضمن الحديث (4593). قال الخطابي: الركاز على وجهين: فالمال الذي يوجد مدفوناً لا يُعلم له مالك رِكاز، لأن صاحبه قد كان ركزه في الأرض، أي: أثبته فيها. والوجه الثاني من الركاز: عروق الذهب والفضة، فتستخرج بالعلاج، ركزها الله في الأرض رَكزاً، والعرب تقول: أركز المعدن، إذا نال الركاز. والحديث إنما جاء في النوع الأول منهما، وهو الكنز الجاهلي على ما فسرهُ الحسن، وإنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه، وسهولة نيله، والأصل أن ما خفت مؤونته كثر مقدار الواجب فيه، وما كثرت مؤونته قل مقدار الواجب فيه، كالعشر فيما سقى بالأنهار، ونصف العشر فيما سقي بالدواليب. واختلفوا في مصرف الركاز: فقال أبو حنيفة: يصرف مصرف الفيء، وقال الشافعي: يصرف مصرف الصدقات، واحتجوا لأبي حنيفة بأنه مال مأخوذ من أيدي المشركين، واحتجوا للشافعي بأنه مال مستفاد من الأرض كالزرع، وبأن الفيء يكون أربعة أخماسه للمقاتلة، وهذا المال يختص به الواجد له كمالِ الصدقة. (¬2) رجاله ثقات. الحسن: هو ابن أبي الحسن البصري، وهشام: هو ابن حسّان القُردوسي، ويحيى بن أيوب: هو المَقابري البغدادي. =

3587 - حدَّثنا جعفرُ بن مُسافِرٍ، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، حدَّثنا الزَّمعِى، عن عمتهِ قُرَيبةَ بنتِ عبدِ الله بن وهْب، عن أمها كَريمةَ بنتِ المقْداد عن ضُباعَةَ بنتِ الزُبير بن عبد المُطّلب بن هاشم، أنها أخبرتها قالت: ذهبَ المقدادُ لحاجتِه ببقيع الخَبخَبةِ، فإذا جُرَذٌ يُخْرِجُ من جُحْرٍ ديناراً، ثم لم يزلْ يُخرج ديناراً ديناراً، حتى أخرج سبعةَ عشرَ ديناراً، ثم أخرج خِرقة حمراءَ -يعني فيها دينارٌ أو بقي فيها دينار- فكانت ثمانيةَ عشر ديناراً، فذهب بها إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فأخبره، وقال له: خُذْ صدقتَها، فقال له النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "هَل هَوَيتَ إلى الجُحرِ؟ "قال: لا، فقال له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "بَارَكَ الله لكَ فِيها" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 3/ 225 و 12/ 256 عن عباد بن العوام، به. والعادي: الجاهلي، ويقال لكل قديم: عادي ينسبونه إلى عاد وإن لم يدركهم. تنبيه: هذا الأثر أثبتناه من (هـ) وحدها. (¬1) إسناده ضعيف لضعف الزمعي -وهو موسى بن يعقوب-، وجهالة عمته قريبة بنت عبد الله بن وهب. وأخرجه ابن ماجه (2508) من طريق موسى بن يعقوب الزمعي، بهذا الإسناد. قال الخطابي: قوله: "هل أهويت للجُحر" يدل على أنه لو أخذها من الجُحر لكان ركازاً يجب فيه الخمس. وقوله: "بارك الله لك فيها" لا يدل على أنه جعلها له في الحال، ولكنه محمول على بيان الأمر في اللقطة التي إذا عرفت سنة، فلم تعرف، كانت لآخذها. قلنا: وبقيع الخبخبة، قال ابن الأثير: هو بفتح الخاءين وسكون الباء الأولى: موضع بنواحي المدينة. ووقع في "مستدرك الحاكم" في مناقب عثمان بن مظعون 3/ 190 ما نصه: كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يرتاد لأصحابه مقبرةً يدفنون فيها، فكان قد طلب نواحي المدينة وأطرافها، ثم قال: "أُمرت بهذا الموضع" يعني البقيع، وكان يقالُ له: بقيع الخبخبة، وكان أكثر نباته الغرقد، وكان أول مَن قُبِر هناك عثمان بن مظعون.

41 - باب نبش القبور العادية يكون فيها المال

41 - باب نبش القبور العادية يكون فيها المال 3088 - حدَّثنا يحيى بن مَعين، حدَّثنا وهبُ بن جَريرٍ، حدَّثنا أبي، سمعت محمدَ بن إسحاقَ يحدث، عن إسماعيلَ بن أُميةَ، عن بُجَيرِ بن أبي بُجير سمعتُ عبدَ الله بن عَمرو يقول: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول حين خرجْنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "هذا قبْرُ أبي رِغَالٍ، وكانَ بهذا الحرم يُدفَعُ عنه، فلما خرجَ أصابتْه النِّقمةُ التي أصابتْ قومَه بهذا المكان، فدُفن فيه، وآيةُ ذلك أنه دُفن معه غُصْنٌ من ذَهبٍ، إن أنتم نَبشْتُم عنه أصبتُمُوه معه" فابتدرَه الناسُ، فاستخرجَوا الغُصْنَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة بجير بن أبي بجير، وقد تفرد بوصل هذا الحديث كما قال ابنُ كثير في "تفسيره" 3/ 440، وقال: وعلى هذا يُخشى أن يكون وهم في رفع هذا الحديث، وإنما يكونُ من كلام عبد الله بن عمرو، مما أخذه من الزاملتين، ثم قال: قال شيخنا أبر الحجاج [يعني المزي]، بعد أن عرضتُ عليه ذلك: وهذا محتمل، والله أعلم. قلنا: وقد روى هذا الحديثَ معمرُ بنُ راشد، عن إسماعيل بن أمية مرسلاً، ولعله أصح من الموصول، والله تعالى أعلم. ولم ينفرد به ابن إسحاق كما قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" في ترجمة بجير، فقد رواه روح بن القاسم عن إسماعيل بن أمية كذلك كما سيأتي. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3754)، وابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 145 - 146، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة بجير بن أبي بجير، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 9/ 445، وفي "تذكرة الحفاظ" 1/ 336، وفي "ميزان الاعتدال" في ترجمة بجير بن أبي بجير، من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. =

تمَّ الجزء الرابع من "سنن أبي داود" ويليه الجزء الخامس وأوله: كتاب الجنائز ¬

_ = وأخرجه الطحاوي (3753)، وابن حبان (6198)، والطبراني في "الأوسط" (2787) و (8533)، والبيهقي 4/ 156، وابن عبد البر 13/ 148 من طريق روح بن القاسم، عن إسماعيل بن أمية، به. وأخرجه مرسلاً عبدُ الرزاق في "تفسيره" 2/ 232، ومن طريقه الطبري في "تفسيره" 8/ 230، وأخرجه الطبري كذلك 8/ 230 من طريق محمد بن ثور الصنعانى، كلاهما (عبد الرزاق وابن ثور) عن معمر بن راشد، عن إسماعيل بن أمية. وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند أحمد (4160)، والبزار (1844)، والطبري في "تفسيره" 8/ 230 و 14/ 50، والطحاوي في "شرح المشكل" (3755) و (3756) و (3757)، وابن حبان (6197)، والحاكم 2/ 320 و 340 - 341،وإسناد الطبري في الموضع الثاني والطحاوي في الموضع الثالث قوي - واللفظ عند الطحاوي: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو في الحِجْر: "هؤلاء قوم صالح، أهلكهم الله عز وجل إلا رجلاً كان في حرم الله عز وجل منعه الله من عذاب الله" قيل: يا رسول الله، من هو؟ قال: "أبو رغال". وجاء عند بعضهم: "فلما خرج أصابه ما أصاب قومه".

سنن أبي داود تصنيف الإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث الأزديَّ السِّجِسْتَانيِّ 202هـ - 275هـ حقّقهُ وضبطَ نصَّهُ وخرَّج أحَاديثهُ وعلّق عَلَيه شعيب الأرنؤوط محَمّد كامِل قره بللي الجزء الخامس دار الرسالة العالمية

بسم الله الرحمن الرحيم

سنن أبي داود (5)

بسم الله الرحمن الرحيم حقوق الطبع محفوظة للناشر طبعة خاصة 2009 م / 1430 هـ دار الرسالة العالمية جميع الحقوق محفوظة يمنع طبع هذا الكتاب أو أي جزء منه بجميع طرق الطبع والتطوير والنقل والترجمة والتسجيل المرئي والمسموع والحاسوبي وغيرها إلا بإذن خطي من: شركة الرسالة العالمية م. م. Al-resalah Al-a'lamiah m. Publishers الإدارة العامة Head Office دمشق - الحجاز شارع مسلم البارودي بناء خولي وصلاحي 2625 2212773 - 11 (963) 2234305 - 11 (963) الجمهورية العربية السورية Syrian Arab Republic [email protected] http:www.resalahonline.com فرع ييروت BEIRUT/LEBANON TELEFAX: 815112 - 319039 - 818615 P.O. BOX: 117460

أول كتاب الجنائز

أول كتاب الجنائز 1 - بادٍ الأمراضِ المُكفِّرة للذنوب 3089 - حدَثنا عبد الله بن محمد النُّفَيليُّ، حدَثنا محمدُ بن سَلَمةَ، عن محمد بن إسحاقَ، قال: حدَّثني رجلٌ من أهل الشام يُقال له: أبو مَنظورٍ، عن عمِّه، قال: حدَّثني عمِّي عن عامرٍ الرّام أخي الخُضْر -قال النُّفيليُّ: هو الخُضْر ولكن كذا قال:- قال: إني لَبِبِلادنا إذ رُفِعَتْ لنا راياتٌ وألويةٌ، فقلت: ما هذا؟ قالوا: هذا لِواء رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأتيتُه وهو تحت شجرةٍ قد بُسِطَ له كساءٌ وهو جالس عليه، وقد اجتمع إليه أصحابُه، فجلستُ إليهم، فذكر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: الأسْقَام، فقال: "إنَّ المؤمنَ إذا أصابه السَّقَمُ ثم أعفاه الله منه كان كفارةً لما مضى من ذنوبه، وموعظةً له فيما يَستَقبِل، وإن المنافقَ إذا مرض ثم أُعفي كان كالبعير عَقَلَهُ أهلُه ثم أرسلُوه فلم يدْرِ لِمَ عَقَلُوه ولم يدْرِ لم أرسَلُوه" فقال رجلٌ ممن حولَه: يا رسولَ اللهِ، وما الأسقامُ؟ واللهِ ما مرضتُ قَطُّ، فقال: "قُمْ عَنّا فلَسْت مِنَّا" فبينا نحن عنده إذْ أقبلَ رجلٌ عليه كساءٌ وفي يده شيء قد التفَّ عليه، فقال: يا رسولَ الله، إني لما رأيتُك أقبلتُ فمررتُ بغَيضَةِ شجَرٍ، فسمعتُ فيها أصواتَ فراخِ طائرٍ، فاخذتُهن فوضعتُهُن في كِسائي، فجاءتْ أُمُّهن فاستدارتْ على رأسي، فكشفتُ لها عنهن، فوقعت عليهن معهن، فلففتُهن بكسائي، فهن أُوْلاء معي، قال: "ضَعْهُنَّ عَنكَ" فوضعتُهن، وأبَتْ أُمُّهن إلا لُزومَهُنَّ، فقال

رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- لأصحابه: "أتَعْجَبُونَ لِرُحْمِ أمِّ الأفرَاخ فِراخَها؟ " قالوا: نعم يا رسولَ الله، قال: "فوالذِي بَعثَنِي بالحق للهُ أرْحَمُ بعباده من أمِّ الأفراخ بفِراخها، ارجِع بهن حتى تضعَهن من حيثُ أخذتَهن وأمُّهُن مَعَهُن" فرجَع بهن (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي منظور وعمه، وقد روى هذا الحديث ابن الأثير في "أسد الغابة" من طريق المصنف، فقال: عن أبي منظور، عن عمه، عن عامر الرامي، وكذلك رواه المزي في ترجمة عامر الرامي في "تهذيب الكمال" من طريق عبد الله بن محمد النُّفيلي، قال الحافظ في "النكت الظراف" 4/ 236 - 237: ليس بين الروايتين اختلاف، إلا أن ظاهر الرواية أنه عن أبي منظور: عن عمه، عن عمه، مرتين، وليس ذلك المراد، وإنما المراد أن الراوي بعد أن قال: عن عمه، بالعنعنة بيّن أن عمه صرح له بالحديث، فقال: حدثني عمي، بعد أن قاله بلفظ: عن عمه. وأخرجه تاماً ومختصراً ابن أبي الدنيا في "حسن الظن بالله" (20)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 236 - 237، وابنُ السكن كما في "الإصابة" للحافظ 3/ 606، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7130)، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 58، والبغوي في شرح السنة" (1440)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 121، والمزي في ترجمة عامر الرامي من "تهذيب الكمال" 4/ 86 - 87 من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري معلقاً في "التاريخ الكبير" 6/ 446 عن إسماعيل بن أبي أويس، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، حدثني الحسن بن عمارة، عن أبي منظور، عن عمه، عن عامر الخضر الرام. قال الحافظ في "الإصابة" 3/ 606: هذا يدل على وهم أبي أويس، أو يكون ابن إسحاق سمعه من الحسن، عن أبي منظور. وفي باب أن الأمراض والبلاء فيهما تكفير للذنوب عن عدد من الصحابة، منها: عن أنس بن مالك عند الترمذي (2559)، وابن ماجه (4031) رفعه، ولفظه: "إن عظم الجزاء مع عظم النبلاء، فإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، وحسنه الترمذي. ونحو هذا اللفظ عن محمود بن لبيد عند أحمد (23623) وإسناده جيد. =

3090 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمدِ النُّفيليُّ وإبراهيمُ بن مَهديٍّ المِصِّيصِيُّ -المعنى- قالا: حدَّثنا أبو المليحِ، عن محمدِ بن خالدٍ قال إبراهيم: السُّلَمي -عن أبيه ¬

_ = وعن عائشة عند البخاري (5640)، ومسلم (2572) رفعته: "ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه، حتى الشوكة يُشاكها" وسيأتي عند المصنف نحوه برقم (3093). وعن أبي هريرة عند البخاري (5641) و (5642)، ومسلم (2573) رفعه: "ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يُشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه، وفي رواية لأبي هريرة عند البخاري (5645) رفعه: "من يرد الله به خيراً يُصب منه". وفي رواية لأبي هريرة عند ابن ماجه (2562) رفعه: "ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتى يلقى الله، وما عليه خطيئة". وإسناده حسن. وعن عبد الله بن مسعود عند البخاري (5660)، ومسلم (2571) رفعه: "ما من مسلم يصيبه أذى، مرض فما سواه، إلا حط الله له سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها". وعن سعد بن أبي وقاص عند ابن ماجه (4023)، والترمذي (2561)، والنسائي في "الكبرى" (7439) قال: قلت: يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتَلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صُلبا، اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتُلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة". وهو حديث صحيح. وعن أم العلاء سيأتي عند المصنف برقم (3092). وفي باب أن الله سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الأم بولدها عن عمر بن الخطاب عند البخاري (5999)، ومسلم (2754)، قال: قدم على النبي - صلَّى الله عليه وسلم - سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلُبُ ثديَها تسقي، إذا وجدت صبياً في السبي أخذته، فالصقته ببطنها وأرضعته، فقال لنا النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أترون هذه طارحة ولدها في النار؟! قلنا: لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال: "الله أرحم بعباده من هذه بولدها".

2 - باب إذا كان الرجل يعمل عملا صالحا فشغله عنه مرض أو سفر

عن جده- وكانت له صحبةٌ من رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "إن العَبدَ إذا سَبَقَت له من الله عزَّ وجلَّ منزلَةٌ لم يَبلُغْها بعملِه، ابتلاه اللهُ جل وعز في جَسَدِه، أو في مالِه، أو في وَلَدِه -زاد ابنُ نُفَيلِ: "ثم صَبَّرَه على ذلك" ثم اتفقا- "حتَّى يُبلغَهُ المنزلةَ التي سبقتْ له من الله جل وعز" (¬1). 2 - باب إذا كان الرجل يعمل عملاً صالحاً فشغله عنه مرض أو سفر (¬2) 3091 - حدَّثنا محمدُ بن عيسى ومُسَدَّدٌ -المعنى- قالا: حدَثنا هُشَيمٌ، عن العوَّام بن حَوْشَبٍ، عن إبراهيمَ بن عبد الرحمن السَّكْسَكىِّ، عن أبي بُردةَ ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة محمد بن خالد ومن فوقه. أبو المليح: هو الحسن بن عمر بن يحيى. وأخرجه ابن سعد 7/ 477، وأحمد (22338)، وابن أبي الدنيا في "المرض والكفارات" (39)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (1416)، وأبو يعلى (923)، والدولابي في "الكنى" 1/ 27، والطبراني في "الكبير" 22/ (801) و (802)، وفي "الأوسط" (1085)، والبيهقي 3/ 374 من طرق عن أبي المليح الرقيّ، بهذا الإسناد. ويشهد له حديث أبي هريرة عند أبي يعلى (6095)، وابن حبان (2908)، والحاكم 1/ 344، وسنده حسن، ولفظه "إن الرجل لتكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بعمل، فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها". وفي رواية لأبي هريرة عند ابن ماجه (2562) بلفظ آخر سلف ذكره في الطريق السابق. تنبيه: هذا الحديث أثبتاه من (هـ) وهي برواية أبي بكر بن داسة، وهو أيضاً في رواية أبي الحسن بن العبد كما في "الأطراف" (15562). وقد زيد في هامش (ج) وكتب عليه إشارة: صح. (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (هـ) وأشار هناك إلى أنه من رواية ابن الأعرابي.

عن أبي موسى، قال: سمعتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-غيرَ مرةٍ ولا مرتين- يقولُ: "إذا كان العبدُ يعملُ عملاً صالحاً فشغلهُ عنه مرض أو سفر، كُتِبَ له كصالحِ ماكان يعمَلُ وهو صحيحٌ مُقيمٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح. إبراهيم بن عبد الرحمن السَّكسكىُّ، وإن كان ضعيفاً، قد انتقى له البخاري هذا الحديث، فقد أخرجه في "صحيحه" (2996) من طريق يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب، بهذا الإسناد. وباقي رجاله ثقات. وهو في مسند أحمد، (19679)، و "صحيح ابن حبان" (2929). وله شاهد عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند ابن أبي شيبة 3/ 230، وأحمد (6482)، وهناد في "الزهد" (438)، والدرامي (2770)، والبخاري في "الأدب المفرد" (500)، وأبي نعيم في "الحلية" 6/ 83، والحاكم 1/ 348 والبيهقي في "شعب الإيمان" (9929)، بلفظ: "ما أحد من الناس يُصاب ببلاء في جسده إلا أمر الله عزّ وجلّ الملائكة الذين يحفظونه، فقال: اكتبوا لعبدي في كل يوم وليلة ما كان يعمل من خير، ما كان في وثاقي". وإسناده صحيح. وآخر عن أنس بن مالك عند ابن أبي شيبة 3/ 233، وأحمد (12503)، والبخاري في الأدب المفرد، (501)، وأبي يعلى (4233) و (4235)، والبغوي (1430) وسنده حسن، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا ابتلى الله العبد المسلم ببلاء في جسده، قال الله: اكتب له صالح عمله الذي كان يعمله، فإن شفاه غسله وطهره، وإن قبضه غفر له ورحمه". وثالث عن عقبة بن عامر عند أحمد (17316) والروياني في "مسنده" (177)، والطبراني في "الكبير" 17/ (782)، والبغوي في شرح السنة" (1428). وإسناده حسن أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "ليس من عمل يوم إلا وهو يُختَمُ عليه، فإذا مرض المؤمن، قالت الملائكة: يا ربنا عبدك فلان قد حبسته، فيقول الربُّ عز وجل: اختموا له على مثل عمله حتى يبرأ أو يموت". وقال ابن كثير في تفسيره" 5/ 49 عند قوله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء:13]: إسناد جيد قوي.

3 - باب عيادة النساء

3 - باب عيادة النساء (¬1) 3092 - حدَثنا سهْلُ بن بكَّار، عن أبي عَوَانةَ، عن عبدِ الملكِ بن عُميرٍ عن أمِّ العَلاءِ، قالت: عادَني رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- وأنا مريضة، فقال: "أبشري يا أمَّ العلاء، فإنَّ مَرَضَ المسلمِ يُذهِبُ اللهُ به خطاياهُ كما تُذهب النارُ خَبَثَ الذهَبِ والفِضَةِ" (¬2). 3093 - حدَثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى -وحدَّثنا محمد بن بشّار، حدَّثنا عثمانُ بن عمر- قال أبو داود: وهذا لفظ ابنِ بشّار - عن أبي عامرٍ الخَزَّازِ، عن ابن أبي مُليكةَ عن عائشةَ، قالت: قلت: يا رسول الله، إني لأعلم أشدَّ آية في القرآن، قال: "أيّةُ آيةٍ يا عائشة؟ " قالت: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء:123] قال: "أما علِمْتِ يا عائشةُ أنَّ المؤمنَ تُصيبُهُ النَّكْبَةُ أو الشَّوكةُ فيكافأُ بأَسوإ عمله، ومَن حُوسِب عُذِّبَ" قالت: أليس الله يقول: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8]؟ قال: "ذاكمُ العَرْضُ يا عائشة، مَن نُوقِشَ الحِسابَ عُذبَ" (¬3). ¬

_ (¬1) هذا التبويب أثبتناه من هامش (هـ) وأشار هناك إلى أنه من رواية ابن الأعرابي. (¬2) إسناده حسن من أجل عبد الملك بن عُمير، فهو صدوق حسن الحديث، وقد حسَّن هذا الحديثَ الحافظُ المنذري في "مختصر السنن". أبو عوانة: هو الوضاح ابن عبد الله اليَشْكُري. وأخرجه عبد بن حميد (1564)، والطبراني في "الكبير" 25/ (340)، والمزي في ترجمة أم العلاء من "تهذيب الكمال، (340) من طريق أبي عوانة الوضاح، به. إلا أن الطبراني قال في روايته: "كما تذهب النار خبث الحديد". (¬3) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل أبي عامر الخزاز -واسمه صالح بن رستم- فهو ضعيف يُعتبر به، وباقي رجاله ثقات، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقد روي بنحوه من أوجه أخرى عن عائشة كما سيأتي. ابن أبي مليكة: هو عبد الله ابن عُبيد الله، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، ومُسدَّد: هو ابن مسرهد. وأخرجه إسحاق بن راهوية في "مسنده" -قسم مسند عائشة- (1249)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في تفسير ابن كثير" 2/ 371 - 372، والطبري في "تفسيره" 5/ 295، والبيهقي في "الشعب" (9810)، وابن حجر في "تغليق التعليق" 5/ 182 من طريق أبي عامر الخزاز صالح بن رستم، به ولم يذكر ابن أبي حاتم في روايته مناقشة الحساب في الآخرة. وأخرج الشطر الأول من الحديث، وهو تكفير الذنوب بما يصيب المؤمن: أحمد (25676)، والبيهقي في "الشعب" (9811) من طريق ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "ما أصاب المسلم شيء إلا كان له كفارة". وأخرج هذا الشطر أيضاً بنحوه سعيد بن منصور (699) -قسم التفسير- من طريق عُبيد بن عمير، وأبو داود الطيالسي في "مسنده" (1584) والطبري في "تفسيره" 5/ 295 من طريق أمية بنت عبد الله، وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 2/ 372 من طريق محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ، ثلاثتهم عن عائشة وفي الأسانيد إلى عائشة مقالٌ. وأخرجه أيضاً بنحوه الطبري في "تفسيره" 5/ 294 من طريق محمد بن زيد بن المهاجر، عن عائشة عن أبي بكر الصديق. وإسناده قوي، ولا يضر كونه عن عائشة أو عن عائشة عن أبي بكر. ولأحمد (68) وابن حبان (2910) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفي عن أبي بكر الصديق أنه قال: يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء:123]، وكلّ شيء عَمِلْنَاه جُزينا به؟ فقال: "غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض، ألست تحزن، ألست تصيبك اللأواء؟ قال: قلتُ: بلى، قال: هو ما تجزون به". وأخرج البخاري (5640)، ومسلم (2572) من طريق عروة بن الزبير، ومسلم (2572) من طريق الأسود بن يزيد، و (2572) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، ثلاثتهم عن عائشة قالت: -واللفظ لعروة عند البخاري- قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما من =

4 - باب في العيادة

قال أبو داود: وهذا لفظ ابن بشار قال، حدَثنا ابن أبي مليكة (¬1). 4 - باب في العيادة 3094 - حدَثنا عبدُ العزيز بن يحيى، حدَّثنا محمدُ بن سَلَمةَ، عن محمد ابن إسحاقَ، عن الزهريِّ، عن عُروةَ عن أسامةَ بن زيد، قال: خرجَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يعودُ عبدَ الله بن أُبيّ في مرضه الذي مات فيه، فلما دخل عليه عَرَفَ فيه الموتَ، قال؟ "قد كُنتُ أنهاكَ عن حُبِّ يَهُود" قال: فقد أبغضهم أسعَد بن زُرارةَ فَمَهْ؟ فلما مات أتاه ابنُه فقال: يا رسول الله، إن عبد الله بن أُبيٍّ قد ماتَ، فأعطِني قميصَك أكفِّنْه فيه، فنزعَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قميصَه فأعطاه إياه (¬2). ¬

_ = مصيبة تصيب المسلم إلا كفّر الله بها عنه، حتى الشوكة يُشاكها" وأما الأسود وعمرة ففي روايتهما: "إلا رفعه الله بها درجة، أو حط عنه بها خطيئة". ويشهد لهذا الشطر بتمامه كما رواه المصنف حديثُ أبي هريرة عند مسلم (2574) ويشهد له بمعناه أحاديث أخرى ذكرناها عند الحديث السالف برقم (3089). وأما الشطر الثاني من الحديث وهو قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ومن حُوسِب عُذِّب" ... إلى آخر الحديث، فأخرجه البخاري (103) و (4939) و (6536) و (6537)، ومسلم (2876)، والترمذي (2595) و (3627)،والنسائي في "الكبرى" (11554) و (11555) و (11595) من طرق عن ابن أبي مليكة، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24200)، و"صحيح ابن حبان (7369) و (7370). (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). (¬2) إسناده ضعيف. محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطلبي مولاهم- مدلس وقد عنعن. وأخرجه أحمد (21758)، والبزار في مسنده (2571)، وأبو يعلى كما في "المختارة" للضياء المقدسي 4/ 118، والطبراني في "الكبير" (390)، والحاكم =

5 - باب في عيادة الذمي

5 - باب في عيادة الذمي 3095 - حدَثنا سليمانُ بن حرْبٍ، حدَّثنا حمادٌ -يعني ابن زيد- عن ثابتٍ عن أنسٍ: أن غلاماً من اليهود كان مَرِضَ، فأتاه النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يعودُه، فقَعَد عند رأسِه، فقال له: "أسْلِم" فنظر إلى أبيه وهو عند رأسِه فقال: ¬

_ = 1/ 341، والخطب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1372)، والضياء في "المختارة" (1328) - (1330) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وقصة إلباس النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قميصه لعبد الله بن أُبيّ ثابتة في حديث عبد الله بن عمر عند البخاري (1269)، ومسلم (2400). وحديث جابر بن عبد الله عند البخاري (1270)، ومسلم (2773). قال الخطابي: كان أبو سعيد بن الأعرابي يتأول ما كان من تكفين النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عبد الله ابن أبيٍّ بقميصه على وجهين. أحدهما: أن يكون أراد به تألُفَ ابنه وإكرامَه فقد كان مسلماً بريئا من النفاق. والوجه الآخر: أن عبد الله بن أبيّ كان قد كسا العباسَ بنَ عبد المطلب قميصاً، فأراد النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - أن يكافئه على ذلك لئلا يكون لمنافق عنده يد لم يجازه عليها. وحدثنا بهذه القصة ابنُ الأعرابي، حدَّثنا سعدان بن نصر، حدَّثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو ابن دينار، سمع جابر بن عبد الله يقول: كان العباسُ بن عبد المطلب بالمدينة، فطلبت الأنصارُ له ثوباً يكسونه، فلم يجدوا قميصاً يصلح عليه إلا قميص عبد الله بن أُبيّ، فكسوه إياه. وكان أيضاً حدَّثنا بالحديث الأول الذي رواه أبو داود زادنا فيه شيئاً لم يذكره أبو داود. قلت (القائل الخطابي): عبدُ الله بن أبيّ منافق ظاهر النفاق، أنزل الله تعالى في كفره ونفاقه آيات من القرآن تتلى، فاحتمل أن يكون -صلَّى الله عليه وسلم- إنما فعل ذلك قبل أن ينزلَ قوله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84]، وأحتمل أن يكون معناه ما ذهب إليه ابن الأعرابي من التأويل -والله أعلم-. وفي الحديث دليل على جواز التكفين بالقميص، وفيه دليل على جواز إخراج الميت من القبر بعد الدفن لعلة أو سبب.

6 - باب المشي في العيادة

أطِع أبا القاسِم، فاسلَم، فقامَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - وهو يقول: "الحَمْدُ لله الذي أنقذه بي من النار" (¬1). 6 - باب المشي في العيادة (¬2) 3096 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن مَهديٍّ، عن سفيانَ، عن محمدِ بن المُنكدر عن جابر، قال: كانَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يعودُني ليس براكبِ بغلٍ ولا بِرْذَونِ (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني. وأخرجه البخاري (1356) و (5657)، والنسائي في "الكبرى" (8534) من طريق سليمان بن حرب، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه النسائي في "الكبرى" (7458) من طريق عبد الله بن جبْر، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12792)، و"صحيح ابن حبان" (2960) و (4883) و (4884). وفي هذا الحديث جواز استخدام غير المسلم، وعيادته إذا مرض، وفيه حسن العهد، واستخدام الصغير، وعرض الإسلام على الصبي، ولولا صحته منه، لما عرضه عليه، وفي قوله: "أنقذه بي من النار" دلالة على أنه صح إسلامه. (¬2) هذا التبويب أثبتناه من هامش (هـ) ورمز لها بعلامة: صح. (¬3) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه البخاري (5664)، ومسلم (1616)، والترمذي (4187)، والنسائي في "الكبرى" (7459) من طريق سفيان الثوري، به. لكن لفظ الثوري عند مسلم: عادني رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وأنا مريض وأبو بكر، وهما ماشيين. وأخرجه البخاري (4577)، ومسلم (1616)، والنسائي في "الكبرى" (11025) من طريق ابن جريج، والبخاري (5651)، و (6723) و (7309)، ومسلم (1616)، وابن ماجه (1436) و (2728) والنسائي في "الكبرى" (7456) و (6288) و (11069) =

7 - باب في فضل العبادة

7 - باب في فضل العبادة 3097 - حدَّثنا محمد بن عوف الطائي، حدَّثنا الربيعُ بن رَوح بن خُلَيدٍ، حدَّثنا محمدُ بن خالدِ، حدَّثنا الفضل بن دَلْهَم الواسطيُّ (¬1)، عن ثابتٍ البُنَاني عن أنس بن مالك، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَن توضَّأ فأحسن الوضوءَ وعَادَ أخاهُ المُسلمَ مُحتسِباً بُوعِدَ من جهنَّمَ مسيرةَ سبعينَ خريفاً" قلت: يا أبا حمزةَ، وما الخَريفُ؟ قال: العامُ (¬2). ¬

_ = من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن محمد بن المنكدر، به كلفظ الثوري عند مسلم، وقد سبق ذكره، وهو في "مسند أحمد" (14298) و (15011). البرذون من الخيل: ما كان من غير نتاج العراب، قال صاحب "المصباح" نقلاً عن ابن الأنباري: يقع على الذكر والأنثى سواه. قال ابن فارس: برذن الرجل برذنة، إذا ثقل، واشتقاق البرذون منه، وهو خلاف العراب، وجعلوا النون أصلية، كأنهم لاحظوا التعريب، وقالوا في الحرذون: نونه زائدة، لأنه عربي، فقياس البرذون عند من يحمل المعربة على العربية زيادة النون. (¬1) قال أبو داود في رواية أبي الحسن بن العبد: واسطي ضعيف، فهو منكر، [يعني الحديث]، وليس صاحبُه برضاً، كان قصاباً بواسط. (¬2) إسناده ضعيف، الفضل بن دلْهم الواسطي، قال يحيى بن معين: ضعيف الحديث، وقال مرة: حديثه صالح، وقال أحمد: لا يحفظ، وذكر أشياء مما أخطأ فيها، وقال مرة: ليس به بأس، وقال أبو داود: ليس بالقوي ولا بالحافظ، وذكره ابن حبان في المجروحين، وقال: فهو غير محتج به إذا انفرد. محمد بن خالد: هو الوهبي الحمصي. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (9441) عن يعقوب بن إسحاق بن الزبير الحلبي، عن أبي جعفر النُّفيليّ، عن أبي سفيان المعمري محمد بن حميد، عن معمر بن رائد، عن ثابت، عن أنس. ويعقوب بن إسحاق شيخ الطبراني لم نقع له على ترجمة فيما بين أيدينا من المصادر.

3098 - حدَّثنا محمدُ بن كثيرٍ، أخبرنا شعبةُ، عن الحكَمِ، عن عبدِ الله بن نافعِ عن عليٍّ، قال: ما مِن رجلٍ يعودُ مريضاً مُمسِياً إلا خرجَ معهُ سبعون ألف ملكٍ يستغفِرون له حتى يُصْبِحَ، وكان له خريفٌ في الجنة، ومن أتاهُ مُصبِحاً خرج معه سبعونَ ألفَ ملكٍ يستغفرون له حتى يُمسيَ، وكان له خريفٌ في الجنة (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد اختلف في رفع هذا الحديث ووقفه، فرجح الدارقطني وقفه في العلل" 3/ 267، أما أبو داود فقد صحح رفعه كما سيأتي بإثر الحديث (3100) 0 الحكم: هو ابنُ عُتيبة. وأخرجه أحمد (976) عن محمد بن جعفر، عن شعبة، بهذا الإسناد موقوفاً. وسيأتي عند المصنف برقم (3100) من طريق منصور بن المعمر، عن الحكم بن عيينة، به موقوفاً كذلك. وأخرجه مرفوعاً أحمد (975)، والبيهقي 3/ 381 من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، والحاكم 1/ 350 من طريق محمد بن أبي عدي، كلاهما عن شعبة، عن الحكم، عن عبد الله بن نافع، عن علي، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. وأخرجه مرفوعاً كذلك أحمد (702)، والترمذي (991) من طريق ثوير بن أبي فاختة، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. وقال الترمذي: هذا حديث غريب حسن. وأخرجه مرفوعاً أيضاً أحمد (754) و (955)، وأبو يعلى (289)، وابن حبان (2958)، والضياء المقدسي في "المختارة" (698) و (699) من طريق عمرو بن حريث، عن علي بن أبي طالب عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. لكن دون ذكر الخريف. وفي إسناده راو مجهول. وأخرجه مرفوعاً كذلك الضياء المقدسي في "المختارة" (414) من طريق الحسن ابن علي بن أبي طالب، عن أبيه، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. وفي إسناده مجهول. وأخرجه مرفوعاً عبد الله بن أحمد بن حنبل في زياداته على "المسند" (1166)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (9175) من طريق رجل من الأنصار، عن علي بن أبي طالب، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وفي إسناده رجل مبهم كما هو ظاهر. =

3099 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو مُعاويةَ، قال: حدَّثنا الأعمشُ، عن الحكَمِ، عن عبدِ الرحمن بن أبي ليلى عن علي، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، بمعناه، لم يذكرِ الخريفَ (¬1). قال أبو داود: رواه منصور عن الحكم، كما رواه شعبة. 3100 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا جَريرٌ، عن مَنصورٍ، عن الحكَمِ، عن أبي جعفرٍ عبدِ الله بن نافع -قال: وكان نافع غلام الحسن بن علي- قال: ¬

_ = وسيأتي مرفوعاً من طريق أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كما في الطريق الآتية عند المصنف بعده. ولقوله: "كان له خريف في الجنة" شاهد من حديث ثوبان عند مسلم في "الصحيح" (2568) بلفظ: "عائد المريض في مخرفة الجنة حتى يرجع". وقوله: "كان له خريف في الجنة" قال الخطابي: أي: مخروف من ثمر الجنة، فعيل بمعنى مفعول، وهذا كحديثه الآخر: "عائد المريض على مخارف الجنة" والمعنى -والله أعلم- أنه بسعيه إلى عيادة المريض يستوجب الجنة ومخارفها. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد اختُلف في رفعه ووقفه كسابقه. الحكم: هو ابن عتيبة، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وأخرجه ابن ماجه (1442)، والنسائي في "الكبرى" (7452) من طريق أبي معاوية الضرير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (612). وانظر ما قبله. وقد ذكر الدارقطني في "العلل" 3/ 267 أن أبا بكر بن عياش قد رواه عن الأعمش مرفوعاً كذلك. لكنه قال: إن أبا شهاب الحناط قد رواه عن الأعمش فوقفه. تنبيه: جاء هذا الحديث في (هـ) بعد الحديث الآتي بعده، ونحن تركناه على الترتيب الذي جاء في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي.

8 - باب في العيادة مرارا

جاء أبو موسى الحسنَ يعوده (¬1). وساق معنى حديثِ شُعبةَ. قال أبو داود: وأُسند هذا عن عليٍّ من غيرِ وجهٍ صحيحٍ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2). 8 - باب في العيادة مراراً 3101 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الله بن نُميبر، عن هشامِ بن عُروةَ، عن أبيه عروة عن عائشةَ، قالت: لما أُصيبَ سعْدُ بن مُعاذٍ يوم الخندق رماه رجلٌ في الأكْحَلِ، فضربَ عليه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خيمةً في المسجد لِيعودَه من قريبٍ (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح. وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد اختلف في رفعه ووقفه كالطريقين السابقين. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ) وهي برواية أبي بكر ابن داسة، وذكر المزي في "الأطراف" (10211) أنه في رواية أبي الحسن بن العبد وغيره. (¬2) هذه العبارة من قول أبي داود أثبتناها من "مختصر المنذري"، وهي في أصولنا الخطية دون كلمة "صحيح". (¬3) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام. وأخرجه البخاري (463)، ومسلم (1769)، والنسائي (710) من طريق هشام ابن عروة، به. وهو في "مسند أحمد" (24294)، و"صحيح ابن حبان" (7027). والأكحَلُ: عِرق وسط الذراع يكثر فصدُه. وسعد بن معاذ: هو ابن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل الأنصاري الأشهلي سيد الأوس. =

9 - باب العيادة من الرمد

9 - باب العيادةِ من الرَّمَدِ 3102 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفَيليُّ، حدَّثنا حجّاجُ بن محمدٍ، عن يونسَ بن أبي إسحاقَ، عن أبيه عن زيد بن أرقمَ، قال: عادَني رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- من وَجَعٍ كان بعيني (¬1). 10 - باب الخروج من الطاعون 3103 - حدَّثنا القَعنَبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن عَبدِ الحُميد بن عَبد الرحمن بن زيدِ بن الخطاب، عن عَبدِ الله بن عَبدِ الله بن الحارث بن نَوفَلٍ عن عبد الله بن عباس: أن عمر بن الخطاب جاء إلى الشام، حتى إذا كان بِسَرْغٍ لقيه أمراء الأجناد أبو عُبيدة بن الجراح وغيره، فأخبروه أن ¬

_ = أسلم على يد مصعب بن عمير لما أرسله النبي -صلَّى الله عليه وسلم- إلى المدينة ليعلم المسلمين، فلما أسلم قال لبني عبد الأشهل: كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تسلموا، فكان من أعظم الناس بركة في الإسلام، وشهد بدراً، وشهد أحداً، ورمي بسهم يوم الخندق، فعاش بعد ذلك شهراً حتى حكم في بني قريظة، وأجيبت دعوته ذلك، ثم انتقض جرحه فمات، أخرج ذلك البخاري (4122) وذلك سنة خمس. (¬1) إسناده حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق -وهو السَّبيعي- وقد حسنه الحافظ المنذري في "مختصر السنن"، والحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء " 9/ 331. وأخرجه أحمد (19348)، والبخاري في "الأدب المفرد" (532)، والحارث بن أبي أسامة (247 - زوائده)، والطبراني في "الكبير" (5052)، وفي "الأوسط" (5951) والحاكم 1/ 342، والبيهقي في "السنن الكبرى" 3/ 381، وفي "شعب الإيمان" (9191) والخطيب في "تاريخ بغداد" 8/ 411، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 9/ 331 من طريق يونس بن أبي إسحاق، به. وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد".

الوباء قد وقع بالشام، فاختلفوا عليه، فجاء عبد الرحمن بن عوف، وكان متغيباً في بعض حاجته، فقال: إن عندي من هذا علماً، سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "إذا سمعتمُ به بأرضٍ فلا تَقْدَموا عليه، وإذا وقع بأرضٍ وأنتم بها فلا تخرُجوا فِراراً منه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 894 برواية يحيى الليثي، و (1867) برواية أبي مصعب الزهري. وأخرجه بأطول مما هاهنا البخاري (5729)، ومسلم (2219)، والنسائي في "الكبرى" (7480) من طريق ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحو رواية المصنف مالك في "موطئه" برواية يحيى الليثي 2/ 896 و (1869) برواية أبي مصعب الزهري، ومن طريقه البخاري (5730) و (6973)، ومسلم (2219)، والنسائي في "الكبرى" (7479) عن ابن شهاب الزهري، عن عبد الله ابن عامر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن عوف. وهو في "مسند أحمد" (1666) و (1679)، و"صحيح ابن حبان" (2912) و (2953). تنبيه: هذا الحديث جاء في (ب) و (ج) و (هـ) مختصراً بالمرفوع منه فقط، ليس فيه قصة عمر بن الخطاب، وأشار الحافظ في نسخته المرموز لها بالرمز (أ) -ومنه أثبتنا الحديث بتمامه- إلى أنه كذلك في رواية ابن الأعرابي وابن داسة مختصر بالمرفوع منه وحَسْب. قلنا: نسخة (هـ) التي عندنا هي برواية ابن داسة. قال الخطابي: في قوله: "فلا تقدموا عليه" إثبات الحذر والنهي عن التعرض للتلف. وفي قوله: "فلا تخرجوا فراراً منه" إثبات التوكل والتسليم لأمر الله وقضائه؟ فأحد الأمرين: تأديب وتعليم، والآخر: تفويض وتسليم. انتهى. قلنا: في هذا الحديث دليل على مشروعية الحجْر الصحي على المصابين بالأمراض المُعدية سواء ما تسبب منها عن الفيروسات أو البكتيريا. وسَرْغ: قرية بوادي تبوك، يجوز فيها الصرف وعدمُه، وقيل: هي مدينة افتتحها أبو عبيدة وهي واليرموك والجابية متصلات.

11 - باب الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة

11 - باب الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة 3104 - حدَّثنا هارونُ بن عبدِ الله، حدَّثنا مَكِّيُّ بن إبراهيمَ، حدَّثنا الجُعَيد، عن عائشةَ بنت سعدٍ أن أباها قال: اشتكيتُ بمكةَ، فجاءني النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يعودُني، ووضع يَدَه على جبهتي، ثم مسح صدري وبطني، ثم قال: "اللهم اشفِ سعداً، وأَتمم له هِجْرتَهُ" (¬1). 3105 - حدَّثنا ابنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن منصورٍ، عن أبي وائلٍ عن أبي موسى الأشعريِّ، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: في أطعِمُوا الجائعَ، وعُودوا المريضَ، وفُكُّوا العانيَ" قال سفيانُ: العاني: الأسيرُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سعد: هو ابنْ أبي وقاص، والجُعَيد -بالتصغير، ويكبَّر-: هو ابن عبد الرحمن بن أوس. وأخرجه البخاري (5659)،والنسائي في "الكبرى" (6284) و (7462) من طريق الجعيد -أو الجعد- بن أوس، به. وأخرجه مسلم (1628) من طريق حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن ثلاثة من ولد سعد، كلهم عن أبيهم. وهو في "مسند أحمد" (1440) و (1474). (¬2) إسناده صحيح. أبو وائل: هو شفيق بن سلمة الأسدي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وسفيان: هو الثوري، وابن كثير: هو محمد بن كثير العبْدي. وأخرجه البخاري (3046)،والنسائي في "الكبرى" (7450) و (8613) من طريق منصور بن المعتمر، به. وهو في "مسند أحمد (19517)، و"صحيح ابن حبان" (3324). تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ) وهي برواية ابن داسة، وذكر المزي في "الأطراف" (9001) أنه في رواية ابن العبد أيضاً.

12 - باب الدعاء للمريض عند العيادة

12 - باب الدعاء للمريض عند العيادة 3156 - حدَّثنا الربيعُ بن يحيى، حدَّثنا شعبةُ، حدَّثنا يزيدُ أبو خالدِ، عن المنهالِ بن عَمرو، عن سعيدِ بن جُبير عن ابن عباس، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "مَن عادَ مرِيضاَ لم يحضُر أجلُه، فقال عنده سبعَ مِرار: أسألُ اللهَ العظيمَ ربَّ العرشِ العظيمِ أن يشفيَك، إلا عافاه اللهُ من ذلك المرضِ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح. يزبد أبو خالد -وهو يزيد بن عبد الرحمن الدالاني- وإن كان فيه كلام متابع، والربيع بن يحيى -وهو ابن مقسم الأُشناني- وان كانت روايته عن شعبة فيها كلام متابع كذلك. وقد زاد بعضهم في الإسناد بين سعيد بن جبير وبين ابن عباس عبد الله بن الحارث الأنصاري نسيب ابن سيرين، وهو ثقة، فلعل سعيداً سمعه مرة بواسطة عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، ومرة سمعه من ابن عباس مباشرة، فمثل هذا الاختلاف لا يضر. وأخرجه الترمذي (2215)، والنسائي في "الكبرى" (10820) من طريق محمد ابن جعفر، عن شعبة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (2137) عن محمد بن جعفر، و (2182) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، كلاهما عن شعبة. وكذلك أخرجه ابن حبان (2978) عن أبي يعلى الموصلي، عن هارون بن معروف، والطبراني في "الدعاء" (1120) من طريق حرملة بن يحيى التجيبي، والحاكم 1/ 343 من طريق محمد بن عبد الله بن الحكم، ثلاثتهم عن عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد الأنصاري، والنسائي في "الكبرى" (10817) و (10819) من طريق ميسرة بن حبيب النهدي، كلاهما (عبد ربه وميسرة) عن المنهال ابن عمرو، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10815) عن وهب بن بيان، وأبو يعلى في "مسنده" (2430)، وعنه ابن عدي في "الكامل" في ترجمة المنهال بن عمرو، عن هارون بن معروف، وابن حبان (2975)، والضياء في "المختارة" 10/ (399) من =

3107 - حدَّثنا يزيدُ بن خالدٍ الرمْليُّ، حدَّثنا ابن وهْبِ، عن حُيَيِّ بن عبدِ الله، عن أبي عبد الرحمن الحُبُليِّ ¬

_ = طريق حرملة بن يحيى التجيبي، والحاكم 4/ 213 من طريق بحر بن نصر، أربعتهم عن عبد الله بن وهب، وابن عدي في "الكامل" في ترجمة رشدين بن سعد، من طريق رشدين، كلاهما (ابن وهب ورشدين) عن عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس - فزادا في الإسناد: عبد الله بن الحارث. وقد جاء في رواية النسائي وأبي يعلى وابن عدي والضياء: المنهال بن عمرو - مرة قال: - أخبرني سعيد بن جبير، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس. ومعنى ذلك: أن المنهال مرة قال: عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، - كما في إسناد المصنف ومن تابعه - ومرة قال: عن سعيد بن جببر، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس - بواسطة عبد الله بن الحارث - فالضمير في "قال" يعود على المنهال، بمعنى أنه روي عنه على الوجهين، كذلك جاءت عبارة "مرة قال" بعد المنهال بن عمرو في أصلى "سنن النسائي الكبرى" الخطيين: نسخة الرباط، ونسخة ملا مراد، وهو الصواب، خلافا لما توهمناه في المطبوع منه من أن ذلك خطأ، فيستدرك من هنا. وبذلك يكون أصحاب ابن وهب من رواه عنه بذكر عبد الله بن الحارث، ومن رواه عنه دون ذكره، كلهم مصيب، لان ابن وهب قد رواه على الوجهين. لكن خالف أصحاب عبد الله بن وهب: أحمد بن عيسى بن حسان المصري، عند البخاري في "الأدب المفرد" (536) حيث رواه عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، عن المنهال، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس -بإسقاط سعيد بن جبير من إسناده- وكذلك رواه الحجاج بن أرطأة عند ابن أبي شيبة 8/ 46 - 47 و 10/ 314، وأحمد (2138)، وعبد بن حميد (718)، والنسائي في "الكبرى" (10816)، والطبراني في "الكبير" (12722) و (12723)، والحاكم 1/ 343 و 4/ 213 عن المنهال، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس -بإسقاط سعيد بن جبير من إسناده- فالذي يغلب على الظن أن ذلك وهمٌ، لان كل الذين رووه عن المنهال قد ذكروا سعيداً، فحذفه من الإسناد خطأ، والله تعالى أعلم.

13 - باب كراهية تمني الموت

عن عبد الله بن عَمرو، قال: قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا جاء الرَّجلُ يعودُ مريضاً فليقل: اللهم اشفِ عبدَكَ، ينكا لكَ عَدُوّاً، أو يمشي لك إلى جنازةٍ" (¬1). قال أبو داود: وقال ابن السرح: "إلى صلاة" (¬2). 13 - باب كراهية تمني الموت 3108 - حدَّثنا بشْرُ بن هلالٍ، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن عبد العزيز بن صُهَيبٍ عن أنس بن مالك، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا يَدْعُوَنَّ أحدُكم بالموتِ لِضُرٍّ نزل به، ولكن ليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياةُ خيراً لي، وتوفَّني إذا كانت الوفاةُ خيراً لي" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف من أجل حيي بن عبد الله -وهو المعافري- فهو ضعيف إذا انفرد. أبو عبد الرحمن الحُبُلي: هو عبد الله بن يزيد المعافري. وأخرجه أحمد (6600) من طريق عبد الله بن لهيعة، والعقيلي في "الضعفاء" 1/ 320، وابن حبان (2974)، وابن السني (552)، والحاكم 1/ 344 و 549 من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن حي بن عبد الله، به. وأخرجه عبد بن حميد (344) من طريق ابن المبارك، عن رشدين بن سعد، عن حي بن عبد الله، به. ورشدين ضعيف. (¬2) مقالة أبي داود هذه من هامش (هـ). (¬3) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري. وأخرجه البخاري (6351)، ومسلم (2680)، وابن ماجه (4265)، والترمذي (993)، والنسائي في "المجتبى" (1821) من طريق عبد العزيز بن صهيب، به. وأخرجه البخاري (6351)، ومسلم (2680)، وابن ماجه (4265)، والترمذي (993)، والنسائي في "المجتبى" (1821) من طريق عبد العزيز بن صهيب، به. =

14 - باب في موت الفجأة

3109 - حدَّثنا محمد بن بشّار، حدَّثنا أبو داودَ الطيالسي، حدَّثنا شعبةُ، عن قتادةَ عن أنس بن مالك، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا يَتَمنَّينَّ أحدُكمُ الموتَ" فذكر مثله (¬1). 14 - باب في موت الفَجْأة 3110 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شعبةَ، عن منصورٍ، عن تميمِ بن سلمةَ أو سعْد بن عُبيدةَ ¬

_ = وأخرجه البخاري (5671) و (7233)، ومسلم (2680)، والنسائي (1820) و (1822) من طرق عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (11979)، و"صحيح ابن حبان" (968) و (969). وانظر ما بعده. قوله: "لا يدعون أحدكم بالموت ... " الخطاب فيه للصحابة، والمراد هم ومن بعدهم من المسلمين عموماً، وقوله: "لضر نزل به". حمله جماعة من السلف على الضر الدنيوي، فإن وجد الضر الأخروي بأن خشي فتنة في دينه لم يدخل في النهي، وقد فعل ذلك جماعة من الصحابة ففي الموطأ 2/ 824 عن عمر أنه قال: اللهم كبرت سنين، وضعفت قوتي، وانتثرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مُضَيِّعٍ ولا مُفَرِّط. وأخرج أحمد (16040) من طريق عبس أو عابس الغفاري أنه قال: يا طاعون خذني، ثلاثاً يقولها، فقال له عليم الكندي: لم تقول هذا؟ ألم يَقُل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم: "لا يتمنى أحدكم الموت"، فقال: إني سمعته يقول: "بادروا بالموت ستاً إمرة السفهاء، وكثرة الشُّرَط، وبيع الحكم ... " وهو حديث صحيح، وأخرج أحمد (23970) من حديث عوف بن مالك نحوه، وأنه قيل له: ألم يقل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما عمر المسلم كان خيراً له" وفيه الجواب نحوه، وأصرح منه حديث معاذ بن جبل عند أحمد (22109) وفيه: فإذا أردت فتنة في قوم، فتوفني غير مفتون. (¬1) إسناده صحيح. أبو داود الطيالسي: هو سليمان بن داود. وهو في "مسند الطيالسي" (2003)، ومن طريقه النسائي في "الكبرى" (10832).

عن عُبيد بن خالد السُّلَمي -رجلٍ من أصحابِ النبي -صلَّى الله عليه وسلم-- قال مرةً: عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، ثم قال مرةً: عن عُبيدٍ، قال: "موت الفَجْاة أخْذةُ أَسِفٍ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. والشك فيه لا يضر، لأن تميم بن سلمة وسعد بن عُبيدة كلاهما ثقة. منصور: هو ابن المعتمر، وشعبة: هو ابن الحجاج، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، ومُسَدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وقال الحافظ المنذري في "اختصار السنن": حديث عبيد هذا رجال إسناده ثقات، والوقف فيه لا يؤثر، فإن مثله لا يؤخذ بالرأي، فكيف وقد أسنده الراوي مرة. وقد صحح إسناده الحافظ ابن حجر في "تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب" 1/ 317. وأخرجه أحمد (17924) وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 182، والبيهقي 3/ 378، والمزي في ترجمة عُبيد بن خالد السلمي في "تهذيب الكمال"، من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وأخرجه موقوفاً ابن أبي شيبة 3/ 370، وأحمد (17925) عن محمد بن جعفر، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 182 من طريق معاذ بن معاذ العنبري، كلاهما عن شعبة، به. قال الخطابي: "الأسِفُ": الغضبان، ومن هذا قوله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف:55] ومعناه -والله أعلم- أنهم فعلوا ما أوجب الغضب عليهم، والانتقام منهم. وقال المناوي في "فيض القدير" 6/ 246: "أخذة أسَف" بفتح السين، أي: غضب، وبكسرها والمد، أي: أخذة غضبان، يعني هو من آثار غضب الله تعالى، فإنه لم يتركه ليتوب ويستعد للآخرة، ولم يمرضه ليكون المرض كفارة لذنوبه، كأخذة من مضى من العُصاة المردة كما قال الله تعالى: {فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [الأعراف: 95] وهذا وارد في حق الكفار والفجار، لا في المؤمنين الأتقياء. قلنا: لأن المؤمن غالباً مستعد لحلوله، فيريحه من نصب الدنيا، وقد روى ابن أبي شيبة 3/ 370، والبيهقي 3/ 379 عن عبد الله بن مسعود وعائشة قالا: موت الفجاءة رأفة بالمؤمن وأسف على الفاجر. وإسناده صحيح موقوفاً.

15 - باب ما جاء في فضل من مات في الطاعون

15 - باب ما جاء في فضل من مات في الطاعون 3111 - حدَّثنا القَعْنَبيُّ: عن مالكٍ، عن عَبدِ الله بن عَبد الله بن جابرِ بن عَتيكٍ، عن عَتيكِ بن الحارثِ بن عَتيكٍ -وهو جدُّ عبد الله بن عبد الله أبو أُمه- أنه أخبره أن جابرَ بن عَتيكٍ أخبره: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- جاء يعودُ عبدَ الله بن ثابتٍ، فوجدَه قد غُلِبَ، فصاح به رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فلم يُجبْه، فاسترجَع رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وقال: "غُلِبنا عليك يا أبا الرَّبيع" فصاح النِّسوة وبكَين، فجعل ابن عَتيكٍ يُسكتهن، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "دَعْهُنَّ، فإذا أوجَبَ فلا تبكِيَنَّ باكيةٌ"، قالوا: وما الوجوب يا رسول الله؟ قال: "الموتُ". قالتِ ابنتُه: والله إن كنت لأرجو أن تكونَ شهيداً فإنك قد كنتَ قضيتَ جَهازك، قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إن الله قد أوقع أجرَه على قدرِ نيته، وما تعدُّون الشهادةَ؟ " قالوا: القتل في سبيل الله تعالى، قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "الشَّهَادَةُ سبعٌ سوى القتلِ في سبيل الله: المَطْعونُ شهيدٌ، والغَرِقُ شهيدٌ، وصاحبُ ذاتِ الجَنْبِ شهيدٌ، والمَبطُونُ شهيدٌ، وصاحِبُ الحريق شهيدٌ، والذي يموت تحت الهَدْمِ شهيدٌ، والمرأةُ تموت بجُمْعٍ شهيدٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، عتيك بن الحارث بن عتيك ذكره ابن حبان في "الثقات" وصحح حديثه هذا، ورواية مالك لحديثه في "الموطأ" تقوية له، وقد صحح حديثه هذا الحاكم 1/ 351، وسكت عنه الذهبي، وأورده عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 2/ 360 - 361، وسكت عنه، وقد روي الحديث برمته من طريق آخر كما سيأتي. وهو في "موطأ مالك" 1/ 233 - 234، ومن طريقه أخرجه النسائي (1846). وهو في "مسند أحمد" (23753)، و"صحيح ابن حبان" (3189). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2803) من طريق وكيع، عن أبي العُميس عتبة بن عبد الله المسعودي، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن أبيه، عن جده. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 19/ 207: ولم يُقمه أبو العميس، والصواب ما قاله فيه مالك. وأخرجه النسائي (3194) من طريق جعفر بن عون، عن أبي العميس، عن عبد الله ابن عبد الله بن جبْر -وهو نفسه: ابن جابر بن عتيك، كذا يقال في اسمه أيضاً- عن أبيه. فاسقط من إسناده جده جابر بن عتيك. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (4607) من طريقين عن جرير بن عبد الحميد، عن عبد الملك بن عمير، عن ربيع الأنصاري أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عاد ابن أخي جبْر ... الحديث قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/ 333 - 334: رواته محتج بهم في الصحيح، وقال الهيثمي في "المجمع" 5/ 350: رجاله رجال الصحيح. قلنا: فهذه متابعة قوية لعتيك. وأخرج قصة إذن - صلَّى الله عليه وسلم - للنسوة بالبقاء من هذا الحديث النسائي (3195) من طريق داود يعني الطائي، عن عبد الملك بن عمير، عن جبْر. بدل: ربيع الأنصاري وقد أورد الحافظ هاتين الروايتين في "الإصابة" في ترجمة ربيع الأنصاري، وقال: فالله تعالى أعلم. ويشهد لهذه القصة من الحديث من إذنه - صلَّى الله عليه وسلم - بالبكاء على الميت: حديث أنس بن مالك عند البخاري (1303)، ومسلم (2315) ولفظه عند البخاري: "إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا" وحديث ابن عمر عند البخاري (1304)، ومسلم (924) ولفظه عند البخاري: "إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم، وإن الميت يعذب ببكاء أهله عليه". قلنا: وانما نهي عن النَّوح على الميت لا عن البكاء. ويشهد لذكر أنواع الشهداء حديث أبي هريرة عند البخاري (653)، ومسلم (1914) أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدْم، والشهيد في سبيل الله". =

16 - باب المريض يؤخذ من أظفاره وعانته

16 - باب المريض يؤخَذُ من أظفارهِ وعانتِه 3112 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا إبراهيمُ بن سعْد، أخبرنا ابن شهابٍ، أخبرني عَمرو بنُ جاريةَ الثقفي حَليفُ بني زُهرةَ -وكان من أصحاب أبي هريرة- ¬

_ = وفي باب قوله: "صاحب ذات الجنب شهيد" عن عقبة بن عامر عند أحمد (17434). وسنده حسن في الشواهد. وفي باب قوله: "والمرأة تموت بجُمع شهيد" عن عبادة بن الصامت عند الطيالسي (582)، وأحمد (22684)، والدارمي (2414)، والشاشي في "مسنده" (1302 - 1305) وإسناده صحيح. ولفظه عند أحمد: "قتل المسلم شهادة" والطاعون شهادة، والبطن، والغرق، والمرأة يقتلها ولدها جمعاء". وعن أبي هريرة عند أحمد (8092) وسنده صحيح. قال الخطابي: أصل الوجوب في اللغة: السقوط. قال تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: 36] وهو أن تميل فتسقط، وإنما يكون ذلك إذا أزهقت نفسها، ويقال للشمس إذا غابت: قد وجبت الشمس، وقوله: "والمرأة تموت بجُمع" فهو أن تموت وفي بطنها ولد. قلنا: المطعون: هو المصاب بالطاعون. والمبطون" قال ابن الأثير: هو الذي يموت بمرض بطنه كالاستسقاء ونحوه. قلنا: ولا يبعد أن يدخل في قوله: "المطعون والمبطون" كل من مات بداء عُضالٍ من الأدواء الميؤوس من شفائها. وقوله: "صاحب ذات الجنب" هي كما يرى بعض أطباء العرب قرحة تصيب الإنسان في داخل جنبه، وفي الطب الحديث: التهابٌ في الغشاء المحيط بالرئة. انظر "قاموس الأطباء" لمدْيَن بن عبد الرحمن المصري 1/ 23، و"المعجم الوسيط" 1/ 138. وقوله: "غُلبنا عليك يا أبا الربيع" قال العظيم آبادي: يعني أنا نريد حياتك، لكن تقدير الله تعالى غالب. وقولها: جَهازك: أي أسباب الجهاد.

عن أبي هريرةَ، قال: ابتاعَ بنو الحارثِ بن عامر بن نَوفَلٍ خُبَيباً، وكان خُبيبٌ هو قَتَلَ الحارثَ بن عامر يومَ بدرٍ، فلبث خُبيبٌ عندهم أسيراً، حتى أجمعوا لقتلِه، فاستعَار من ابنةِ الحارث موسى يَسْتَحِدُّ بها، فاعارتْه، فدَرَجَ بُنَيٌّ لها وهي غافلةٌ، حتى أتته فوجدتْه مُخْلِياً، وهو على فخذِه والموسى بيده، ففزِعت فزْعةً عرَفَها فيها، فقال: أتخْشَيْنَ أن أقتلَه؟ ما كنت لأفْعَلَ ذلك (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عَمرو بن جارية -ويقال: عُمر-: هو ابن أبي سفيان بن أَسيد بن جارية، نسب هنا إلى جد أبيه. وأخرجه مطولاً البخاري (3989) من طريق إبراهيم بن سعد، و (4086) من طريق معمر بن راشد، كلاهما عن ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه البخاري (3045) و (7402)، والنسائي في "الكبرى" (8788) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عُبيد الله بن عياض، عن ابنة الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف، به. وقد سلفت قطعة الاستحداد منه برقم (2660). وهو في "مسند أحمد" (7928)، و"صحيح ابن حبان" (7039) و (7040). وخُبيب: قال ابن الأثير في "جامع الأصول" -قسم التراجم- 1/ 344 - 345: بضم الخاء وفتح الباء الموحدة الأُولى وبعدها ياء ساكنة، هو خبيب بن عدي من بني عمرو بن عوف الأنصاري الأوسي، شهد بدراً، وأُسر في غزوة الرجيع سنة ثلاث، فانطُلق به إلى مكة فاشتراه بنو الحارث بن عامر بن نوفل، وكان خبيب قتل الحارث بن عامر يوم بدر كافراً، فاشتراه بنوه ليقتلوه به، فأقام عندهم أسيراً، ثم صلبوه بالتنعيم، وكان الذي تولى صلبه عقبة بن الحارث وأبو هُبيرة العبدري، فخبيب أول من صُلب في الإسلام، وأول من سنَّ صلاة ركعتين عند القتل. وقوله: "يستحد به" من الاستحداد، وهو حلق العانة بالحديد. قاله ابن الأثير في "النهاية". =

17 - باب ما يستحب من حسن الظن بالله عند الموت

قال أبو داود: روى هذه القصة شعيبُ بن أبي حمزةَ، عن الزهري، أخبرني عُبيد الله بنُ عياضٍ أن ابنةَ الحارث أخبرتْه أنهم حين اجتمعُوا -تعني لقتلِه- استعار منها موسى يستحدُّ بها، فأعارتْه. 17 - باب ما يُستحب من حُسنِ الظن بالله عند الموت 3113 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بن يونسَ، حدَّثنا الاعمشُ، عن أبي سفيانَ عن جابر بن عبد الله: سمعتُ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يقول قبل موتِه بثلاث، قال: "لا يَمُوتُ أحدُكم إلا وهو يُحْسِنُ الظنَّ بالله" (¬1). ¬

_ = وقوله: "دَرَج" أي: مشى. و"بُنَيٌّ" تصغير ابن، والمراد ابن صغير. و"مُخلِياً" قال ابن الأثير: يقال: خلوتُ به ومعه وعليه، وأخليتُ به، إذا انفردتَ به. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي سفيان -وهو طلحة بن نافع- الأعمش: هو سُليمان بن مهران، ومسدَّد: هو ابن مُسَرْهَدٍ. وأخرجه مسلم (2877)، وابن ماجه (4167) من طريق الأعمش، به. وأخرجه مسلم (2877) من طريق أبي الزبير، عن جابر. قال الإِمام النووي في "شرح مسلم": قال العلماء: هذا تحذير من القنوط، وحث على الرجاء عند الخاتمة، وفي الحديث القدسي: "أنا عند حسن ظن عبدي بي" ومعنى حسن الظن باللهِ تعالى أن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه، وفي حالة الصحة يكون خائفاً راجياً، ويكونان سواء، وقيل: يكون الخوف أرجحَ، فإذا دنت أمارات الموت، غُلِّب الرجاء أو محضُه، لأن مقصود الخوف الانكفافُ عن المعاصي والقبائح، والحرص على الإكثار من الطاعات والأعمال، وقد تعذر ذلك أو معظمه في هذه الحال، فاستُحِب إحسانُ الظن المتضمن للافتقار إلى الله تعالى، والإذعان له. وقال في "شرح المهذب" 5/ 108: ومعنى تحسنه بالله تعالى أن يظن أن الله تعالى يرحمه ويرجو ذلك، ويتدبر الآيات والأحاديث الواردة في كرم الله سبحانه وتعالى =

18 - باب تطهير ثياب الميت عند الموت

18 - باب تطهيرِ ثيابِ الميت عند الموت 3114 - حدَّثنا الحَسنُ بن علي، حدَّثنا ابنُ أبي مريمَ، أخبرنا يحيى بن أيوبَ، عن ابن الهادِ، عن محمد بن إبراهيمَ، عن أبي سَلمَةَ عن أبي سعيد الخدري: أنه لما حضرَه الموتُ دعا بثيابٍ جُدُدٍ فلبسها، ثم قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "إنَّ الميِّتَ يُبْعَثُ في ثيابه التي يموت فيها" (¬1). ¬

_ = وعفوه ورحمته، وما وعد به أهل التوحيد وما ينشره من الرحمة لهم يوم القيامة كما قال سبحانه وتعالى في الحديث الصحيح: "أنا عند ظن عبدي بي" هذا هو الصواب في معنى الحديث، وهو الذي قاله جمهور العلماء، وشذ الخطابي، فذكر معه تاويلاً آخر: أن معناه: أحسنوا أعمالكم حتى يحسن ظنكم بربكم، فمن حسن عمله حسن ظنه، ومن ساء عمله ساء ظنه، وهذا تأويل باطل نبهت عليه لئلا يغتر به. (¬1) إسناده حسن من أجل يحيى بن أيوب -وهو الغافقي المصري- ابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم بن محمد الجُمحي، وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، ومحمد بن إبراهيم: هو التيمي، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، والحسن بن علي: هو الخلال. وأخرجه ابن حبان (7316)، والحاكم 1/ 340، والبيهقي 3/ 384 من طريق ابن أبي مريم، بهذا الإسناد. قال الخطابي: أما أبو سعيد، فقد استعمل الحديثَ على ظاهره، وقد روي في تحسين الكفن أحاديث. وقد تأوله بعض العلماء على خلاف ذلك، فقال: معنى الثياب: العمل، كنى بها عنه، يريد أنه يبعث على ما مات عليه من عمل صالح أو سيىء. قال: والعرب تقول: فلانٌ طاهرُ الثياب إذا وصفوه بطهارة النفس والبراءة من العيب. ودنِس الثياب: إذا كان بخلافِ ذلك، واستدل في ذلك بقول النبي -صلَّى الله عليه وسلم- "يحشر الناسُ حفاة عراة" فدلَّ ذلك على أن معنى الحديث ليس على الثياب التي هي الكفن، وقال بعضهم: البعث غير الحشر، فقد يجوز أن يكرن البعث مع الثياب، والحشر مع العُري والحفا، والله أعلم. =

19 - باب ما يستحب أن يحضر الميت من الكلام

19 - باب ما يُستحب أن يُحضَرَ الميت من الكلام 3115 - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن أبي وائل عن أم سلمة، قالت: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: وإذا حَضرتم الميِّتَ فقولوا خيراً، فإن الملائكةَ يؤمِّنونَ على ما تقولون" فلما مات أبو سلَمةَ، قلت: يا رسولَ الله، ما أقولُ؟ قال: "قولي: اللهُمَّ اغفِرْ له، وأعقِبنا عُقبى صالحةً" قالت: فأعقبني اللهُ تعالى به محمداً -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). ¬

_ = قلنا: ولتفسيره بمعنى العمل أيضاً ذهب ابنُ حبان عقب الحديث. قال الحافظ في "الفتح" 11/ 391: وحمل بعضهم الحديث على الشهداء، لأنهم الذين أمروا أن يزمَّلوا في ثيابهم، ويدفنوا فيها، فيحتمل أن يكون أبو سعيد سمعه في الشهيد، فحمله على العموم. وممن حمله على عمومه معاذ بن جبل، فأخرج ابن أبي الدنيا بسند حسن عن عمرو بن الأسود: دفنا أم معاذ بن جبل، فأمر بها، فكفنت في ثياب جدد، وقال: أحسنو أكفان موتاكم، فإنهم يحشرون فيها. قال الحافظ: وحمله بعض أهل العلم على العمل، وإطلاق الثياب على العمل وقع في مثل قوله تعالى: {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف:26] وقوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر:4] على أحد الأقوال، وهو قول قتادة، قال: ومعناه: وعملك فأخلصه، ويؤكد ذلك حديث جابر رفعه: "يبعث كل عبدٍ على ما مات عليه" أخرجه مسلم، وحديث فضالة بن عُبيد: "من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة" أخرجه أحمد، قلنا: وممن خص حديث أبي سعيد - بالشهيد القرطبي في "التذكرة" 1/ 210. (¬1) إسناده صحيح. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وسفيان: هو الثورى، ومحمد بن كثير: هو العبدي. وأخرجه مسلم (919)، وابن ماجه (1447)، والترمذي (999)، والنسائي (1825) من طريق سليمان بن مهران الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد" (26497)، و"صحيح ابن حبان" (3505) وأدرجه تحت باب ذكر الأمر لمن حضر الميت بسؤال الله جل وعلا المغفرة لمن حضرته المنية.

20 - باب في التلقين

20 - باب في التلقين 3116 - حدَّثنا مالكُ بن عبد الواحد المِسْمَعيُّ، حدَّثنا الضحَّاك بن مَخلَدٍ، حدَّثنا عبدُ الحميد بن جعفرٍ، حدَّثني صالحُ بن أبي عَرِيبٍ، عن كثيرِ بن مُرَّةَ الحضرمي عن معاذِ بن جبل، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من كان آخرُ كلامهِ لا إله إلا اللهُ دخل الجنة" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل صالح بن أبي عَريب. لكن روي الحديث بنحوه من وجهين آخرين كما سيأتي. وأخرجه أحمد (22534)، والبزار في "مسنده" (2625) و (2626)، والهيثم بن كليب في "مسنده" (1372) و (1373)، والطبراني في "الكبير" 20/ (221)، وفي "الدعاء (1471)، والحاكم 1/ 351 و 500 - 501، والبيهقي في "شعب الإيمان" (94) و (9237)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 15/ 335، والرافعي في "أخبار قزوين" 2/ 36، والمزي في ترجمة صالح بن أبي عريب في "تهذيب الكمال" من طريق عبد الحميد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه ابن ماجه (3796)، والنسائي في "الكبرى" (10909 - 10911) من طريق هصَّان بن الكاهل -ويقال: ابن الكاهن- عن عبد الرحمن بن سمرة، عن معاذ بن جبل، عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما من نفس تموت وهي تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسولُ الله، يرجع ذلك إلى قلب موقن إلا غفر الله لها". وإسناده حسن. وهو في "مسند أحمد" (21998). وأخرجه النسائي (10907) من طريق قتادة، عن أنس بن مالك، عن معاذ بن جبل. كلفظ عبد الرحمن بن سمرة السابق. وهو في "مسند أحمد" (22003). وأخرج البخاري (129)، والنسائي (10908) من طريق سليمان التميمي، والبخاري (128)، ومسلم (32) من طريق قتادة، والنسائي (10905) و (10906) من طريق أبي حمزة عبد الرحمن بن عبد الله المازني جار شعبة ومسلم (32) من طريق ثابت البناني، أربعهم عن أنس بن مالك أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال لمعاذ بن جبل: "من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة" لفظ سليمان التيمي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ولفظ قتادة: "ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار". ولفظ أبي حمزة: "من مات يشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة". ولفظ ثابت: "لا يشهد أحد أن لا إله إلا الله وأني رسولُ الله فيدخل النار، أو تطعمه" وأخرجه الحميدي (369) وأحمد (22060) والطبراني 20/ (63) وابن حبان (200) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله أن معاذاً لما حضرته الوفاة، قال: اكشفوا عني سجْفَ القبة، سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "من شهد أن لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه دخل الجنة". وفي الباب عن عثمان بن عفان عند مسلم (26)، وأحمد (464) "وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة" وصححه ابن حبان (201) وعن أبي ذر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - "ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة" أخرجه البخاري (5828) ومسلم (94) قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: "وإن زنى وإن سرق" قالها ثلاثاً، ثم قال في الرابعة: "على رغم أنف أبي ذر" فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر. وعن عتبان بن مالك، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله" أخرجه البخاري (425)، ومسلم (33). وعن أبي هريرة مرفوعاً: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاكٍّ بهما إلا دخل الجنة". وعن عبادة بن الصامت مرفرعا: "من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، حرم الله عليه النار" أخرجه مسلم (29). قال الحافظ ابن رجب في "تحقيق كلمة الإخلاص" المدرجة في مجموع رسائله 3/ 45 - 46: وأحاديث هذا الباب نوعان، أحدهما ما فيه أن من أتى بالشهادتين دخل الجنة أو لم يحجب عنها، وهذا ظاهر، فإن النار لا يخلد فيها أحد من أهل التوحيد الخالص، وقد يدخل الجنة ولا يحجب عنها إذا طُهِّر من ذنوبه بالنار، وحديث أبي ذر معناه: أن الزنى والسرقة لا يمنعان من دخول الجنة مع التوحيد، وهذا حق لا مرية فيه، ليس فيه أن لا يعذب يوما ًعليهما مع التوحيد. =

21 - باب تغميض الميت

3117 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بشرٌ، حدَّثنا عُمارة بن غَزِيَّةَ، حدَّثنا يحيى بن عُمارة سمعت أبا سعيد الخدريَّ يقول: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لقِّنوا موتاكُم قَوْلَ: لا إله إلاَّ اللهُ" (¬1). 21 - باب تغميض الميت 3118 - حدَّثنا عبدُ الملك بن حَبيبٍ أبو مروانَ، حدَّثنا الفَزَاريُّ -يعني أبا إسحاق- عن خالدٍ الحذّاء، عن أبي قِلابةَ، عن قَبيصةَ بن ذؤيب ¬

_ = والثاني ما فيه أنه يحرم على النار، وهذا قد حمله بعضهم على الخلود فيها، أو على نار يخلد فيها أهلها، وهي ما عدا الدرك الأعلى، فإن الدرك الأعلى يدخله كثير من عصاة الموحدين بذنوبهم، ثم يخرجون بشفاعة الشافعين وبرحمة أرحم الراحمين وفي "الصحيحين": إن الله تعالى يقول: "وعزتي وجلالي لأخرجن من النار من قال: لا إله إلا الله". (¬1) إسناده صحيح. بشر: هو ابن المُفضَّل، ومسدّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه مسلم (916)، وابن ماجه (1445)، والترمذي (998)، والنسائي (1826) من طريق عمارة بن غزية، به. وهو في "مسند أحمد" (30993)، و "صحيح ابن حبان" (3003). والمراد بقول: "لا إله إلا الله" في هذا الحديث وغيره كلمتا الشهادة، قال ابن المنير: "قول لا إله إلا الله" لقب جرى على النطق بالشهادتين شرعاً. قال النووي في "شرح مسلم": معناه: من حضره الموت، والمراد: ذكِّروه "لا إله إلا الله " لتكون آخر كلامه، كما في الحديث: "من كان آخر كلامه: لا إله إلا الله، دخل الجنة، والأمر بهذا التلقين أمر ندب، وأجمع العلماء على هذا التلقين، وكرهوا الإكثار عليه والموالاة لئلا يضجر بضيق حاله وشدة كربه، فيكره ذلك بقلبه، ويتكلم بما لا يليق، قالوا: وإذا قاله مرة لا يُكرر عليه إلا أن يتكلم بكلام آخر فيعاد التعريض به، ليكون آخر كلامه. ويتضمن الحديث الحضور عند المحتضر لتذكيره وتأنيسه وإغماض عينيه والقيام بحقوقه، وهذا مجمع عليه.

عن أُم سلمة، قالت: دخلَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- على أبي سلمةَ وقد شقَّ بصرُه فأغمضَه، فصَيَّحَ ناسٌ من أهله، فقال: "لا تَدْعُوا على أنفسِكم إلا بخيرٍ، فإنَّ الملائكةَ يُؤمِّنون على ما تقولون" ثم قال: "اللهم اغفرْ لأبي سَلمةَ، وارفع درجته في المهديين، واخْلُفْه في عَقِبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا ربَّ العالمين، اللهم افْسَحْ له في قبرِه، ونَوِّرْ له فيه" (¬1). قال أبو داود: وتغميضُ الميِّت بعد خُروج الروح، سمعت محمدَ بن محمد بن النعمانِ المُقرئ، قال: سمعت أبا ميسرةَ -رجلاً عابداً- يقول: غَمَّضْتُ جعفراً المعلِّم، وكان رجلاً عابداً، في حالة ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الملك بن حبيب -وهو المصيصي البزاز- فهو صدوق حسن الحديث، وهو متابع. أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرمي، وخالد الحذاء: هو ابن مِهران، وأبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث. وأخرجه مسلم (920)، وابن ماجه (1454) من طريق معاوية بن عمرو، والنسائي في "الكبرى" (8227) من طريق سليمان بن صالح أبي صالح المروزي سلمويه، كلاهما عن أبي إسحاق الفزاري، ومسلم (920) من طريق عُبيد الله بن الحَسن، كلاهما (الفزاري وعُبيد الله بن الحسن) عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة بقصة الإغماض، وفيها زيادة: "إن الروح إذا قُبض تبعه البصر"، وهذه الزيادة عند مسلم. وهو في "مسند أحمد" (26543)، و"صحيح ابن حبان (7041). وقوله: شق بصره، قال النووي: هو بفتح الشين ورفع "بصره" وهو فاعل "شق"، أي: بقي بصره مفتوحاً، هكذا ضبطناه وهو المشهور، وضبطه بعضهم: بصرَه بالنصب وهو صحيح أيضاً. واخلفه: من خلف يخلف: إذا قام غيره بعده في رعاية أمره وحفظ مصالحه، أي: كن خلفاً أو خليفة في من يعقبه ويتأخر عنه من ولد وغيره.

22 - باب في الاسترجاع

الموت، فرأيته في منامي ليلة مات يقول: أعظم ما كان عليَّ تغميضُك لي قبل أن أموتَ (¬1). 22 - باب في الاسترجاع 3119 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا ثابتٌ، عن ابن عُمر بن أبي سَلَمةَ، عن أبيه عن أُم سلمةَ، قالت: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- "إذا أصابَتْ أحَدَكُم مُصيبةٌ فَليَقُلْ: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم عندك احتسَبْتُ مُصيبتي، فأْجُرني فيها، وأبدِلني بها خيراً منها" (¬2). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه مع الحكاية، أثبتناها من هامش (هـ). (¬2) حديث صحيح. وهذا إسناد ضعيف لجهالة ابن عمر بن أبي سلمة، وقد روي الحديث من طريق آخر صحيح كما سيأتي. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، وحماد: هو ابن سلمة، وقد اختُلف في هذا الإسناد على حماد بن سلمة: فأخرجه أحمد (26697)، والنسائي في "الكبرى" (10843) من طريق يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (16343) عن روح بن عُبادة، و (26669) عن عفان بن مسلم، والنسائي (10844) من طريق محمد بن كثير، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن ابن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أم سلمة، عن أبي سلمة. فجعلوه من مسند أبي سلمة، وأن أم سلمة سمعته منه. قال الحافظ فيما نقله ابن علان في "الفتوحات الربانية" 4/ 122: يمكن الجمع بأن تكون أم سلمة سمعته من أبي سلمة عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، ثم لما مات أبو سلمة وأمرها النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أن تقوله لما سألته، تذكرت ما كان أبو سلمة حدثها به، فكانت تحدث به على الوجهين. وأخرجه الترمذي (3820) من طريق عمرو بن عاصم، والنسائي (10842) من طريق آدم بن أبي إياس، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عُمر بن أبي سلمة، عن أم سلمة، عن أبي سلمة. فاسقط من إسناده ابن عمر بن أبي سلمة، وجعله من مسند أبي سلمة أيضاً. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. =

23 - باب في الميت يسجى

23 - باب في الميت يُسَجَّى 3120 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلِ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهري، عن أبي سلمةَ عن عائشة: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- سُجِّي في ثوب حِبَرَةٍ (¬1). 24 - باب القراءة عند الميت 3121 - حدَّثنا محمدُ بن العلاءِ ومحمد بن مكيٍّ المروزيُّ -المعنى- قالا: حدَّثنا ابنُ المبارَك، عن سليمانَ التيمىِّ، عن أبي عثمانَ -وليس بالنَّهْديِّ- عن أبيهِ عن مَعْقِلِ بن يَسارٍ، قال: قال رسول -صلَّى الله عليه وسلم-: "اقرؤوا {يس} على موتاكُم" وهذا لفظ ابن العلاء (¬2). ¬

_ =وقد تابع آدم وعمرو بن عاصم على روايته كذلك عبد الملك بن قدامة الجمحي عند ابن ماجه (1598)، فرواه عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة، عن أم سلمة، عن أبي سلمة. وأخرجه من حديث أم سلمة أحمد (26635)، ومسلم (918) من طريق ابن سفينة مولى أم سلمة، عن أم سلمة. (¬1) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني. وأخرجه البخاري (1241) و (1242)، ومسلم (942)، والنسائي (1841) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (24581) و (25199)، و"صحيح ابن حبان" (6620) و (6625) وسيأتي برقم (3149) من طريق القاسم بن محمد و (3152) من طريق عروة بن الزبير كلاهما عن عائشة: أن هذا البرد الحبرة إنما سُجِّي فيه -صلَّى الله عليه وسلم- ولم يُكفِّن. قال ابن الأثير في "النهاية": بُرد حِبرة، بوزن عِنَبة: على الوصف والأضافة، وهو برد يمانٍ، والجمع حِبَر وحِبَرات. وقال الحافظ في "الفتح" 3/ 115: وهي نوع من برود اليمن مخططة غالية الثمن (¬2) إسناده ضعيف لجهالة أبي عثمان وأبيه. سليمان التيمي: هو ابن طَرْخان، وابن المبارك: هو عبد الله. وقد أعله ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 49 =

25 - باب الجلوس عند المصيبة

25 - باب الجلوسُ عند المصيبة 3122 - حدَّثنا محمدُ بن كثيبر، حدَّثنا سليمانُ بن كثير، عن يحيى بن سعيدِ، عن عَمْرةَ عن عائشة، قالت: لما قُتل زيدُ بن حارثةَ وجعفرٌ وعبدُ الله بن رَوَاحةَ، جلس رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في المسجد يُعرَف في وجهه الحزنُ، وذكر القصةَ (¬1). ¬

_ = بالاضطراب وبجهالة أبي عثمان وجهالة أبيه كذلك، وقال الدارقطني كما في "تلخيص الحبير" 2/ 104: هذا حديث ضعيف الإسناد، مجهول المتن، ولا يصح في الباب حديث. وأخرجه ابن ماجه (1448)، والنسائي في "الكبرى" (10846) من طريق عبد الله ابن المبارك، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (10847) من طريق معتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه، عن رجل، عن أبيه، عن معقل بن يسار. وهو في "مسند أحمد" (20301)، و"صحيح ابن حبان" (3002). وفي الباب عن صفوان بن عمر والسَّكْسَكِىّ، قال: حدثني المشيخة أنهم حضروا غُضيف بن الحارث الثُّمالي حين اشتد سَوقُه، فقال: هل منكم أحدٌ يقرأ {يس}؟ قال: فقرأها صالح بن شُريح السَّكُوني، فلما بلغ أربعين منها قُبض، قال: وكان المشيخة يقولون: إذا قرئت عند الميت خُفّف عنه بها. قال صفوان: وقرأها عيسى بن المَعْمَر، عند ابن معبد. أخرجه أحمد (16969)، وابن سعد في "طبقاته" 7/ 443 وهو أثر إسناده حسن وغضيف صحابي، وجهالة المشيخة لا تضر، لأنهم جمع. ومعنى "على موتاكم" أي: الذين حضرهم الموت. (¬1) إسناده صحيح. عمرة: هي بنت عبد الرحمن. وأخرجه ضمن حديث مطول البخاري (1305)، ومسلم (936)، والنسائي (1847) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، به. =

26 - باد في تعزية النساء وكراهة بلوغهن إلى القبور

26 - بادٍ في تعزية النساء وكراهةِ بُلوغهن إلى القبور 3123 - حدَّثنا يزيدُ بن خالدِ بن عَبدِ الله بن مَوهَبٍ الهَمْداني، حدَّثنا المُفضَّل، عن ربيعةَ بن سَيفٍ المَعافِريِّ، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلِيِّ عن عَبد الله بن عَمرو بن العاص، قال: قَبَرْنا مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-يعني ميتاً-، فلما فرغْنا انصرفَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وانصرفنا معه، فلما حاذى بابَه وقف فإذا نحن بامرأة مُقبِلةِ، قال: أظنه عرفها، فلما ذهبتُ إذا هي فاطمة فقال لها رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ما أخرجَك يا فاطمةُ من بيتِك؟ " قالت: أتيتُ يا رسول الله أهْلَ هذا البيت فرحَّمْتُ إليهم ميتَهم، أو عزيتُهم به، فقال لها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- "فلعلَّك بَلغتِ معهم الكُدَى" قالت: معاذ الله! وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر، قال: "لو بلغتِ معهم الكُدَى" فذكر تشديداَ في ذلك. فسألت ربيعةَ عن الكُدى، فقال؟ القبور فيما أحسب (¬1). ¬

_ = وهو في مسند أحمد" (243131)، و"صحيح ابن حبان" (3147) (3155). وقوله: وذكر القصة، وتمام القصة كما في رواية البخاري (1299): وأنا انظر من سائر الباب: شقَّ الباب، فأتاه رجل فقال: إن نساء جعفر - وذكر بكاءهن، فأمره أن ينهاهن، فذهب، ثم أتاه الثانية لم يطعنه فقال: "انههن" فأتاه الثالثة. قال: والله غلبننا يا رسول الله، فزَعَمَتْ أنه قال: "فاحث في أفواهن التراب" فقلت: أرغم الله أنفك لم تفعل ما أمرك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ولم تترك رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- من العناء. (¬1) إسناده ضعيف. ربيعة بن سيف المعافري -وهو ابن ماتع- قال البخاري وابن يونس: عنده مناكير، وقال البخاري أيضاً في "الأوسط": روى أحاديث لا يتابع عليها. وضعفه الأزدي عندما روى له هذا الحديث فيما ذكره الذهبي في "الميزان"، وضعفه النسائي في "السنن" 4/ 27، وفي قول آخر له؟ لا بأس به، وقال الدارقطني: =

27 - باب الصبر على المصيبة

27 - باب الصبر على المصيبةِ 3124/ 1 - حدَّثنا محمدُ بن المثنَّى، حدَّثنا عثمانُ بن عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن ثابتٍ عن أنس، قال: أتى نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- على امرأةٍ تبكي على صبيٍّ لها، فقال لها: "اتقي الله واصبري" فقالت: وما تبالي أنت بمصيبتي؟ فقيل لها: هذا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فأتتْه، فلم تجدْ على بابه بَوّابِين، فقالت: يا رسول الله، لم أعرفْك، فقال: "إنما الصبرُ عندَ الصّدْمةِ - أو عندَ أوَّل صدمة" (¬1). ¬

_ = صالح، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان يخطىء كثيراً. المفضَّل: هو ابن فضالة، وأبو عبد الرحمن الحبُلي: هو عبد الله بن يزيد المعافري. وأخرجه النسائي (1880) من طريق سعيد بن أبي أيوب، عن ربيعة بن سيف، به. وهو في "مسند أحمد" (6574)، و"صحيح ابن حبان" (3177). قال الخطابي: الكُدَى، جمع الكُدْية، وهي القطعة الصُّلْبة من الأرض، والقبور إنما تُحفَرُ في المواضع الصُّلْبة لئلا تنهارَ، والعربُ تقول: ما هو إلا ضبُّ كُدية، إذا وصفوا الرجل بالدهاء والإرب، ويقال: أكدى الرجلُ: إذا حفر فافضى إلى الصلابة؟ ويضرب به المثل فيمن أخفق، فلم ينجح في طَلِبتِه. (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني؟ وشعبة: هو ابن الحجاج، وعثمان بن عمر: هو ابن فارس العبْدي. وأخرجه البخاري (1252) و (1283)، ومسلم (926)، والنسائي في "الكبرى" (10840) من طريق شعبة بن الحجاج، به. ورواية البخاري الأولى مختصرة إلى قوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "واصبري" وإحدى روايات مسلم مختصرة بقوله - صلَّى الله عليه وسلم -:"الصبر عند الصدمة الأولى". وهو في "مسند أحمد" (12458)، و"صحيح ابن حبان" (2895). وأخرجه الترمذي (1009)، والنسائي في "الكبرى" (2008) من طريق شعبة؟ به. مختصراً بلفظ: "الصبر عند الصدمة الأولى". =

3124/ 2 - حدَّثنا محمد بن المُصفّى، حدَّثنا بقيّةُ، عن إسماعيلَ بن عياشٍ، عن عاصم بن رجاء بن حيوةَ، عن أبي عمران، عن أبي سلّام الحبشي، عن ابن غنم عن أبي موسى، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "الصبر رضاً" (¬1). ¬

_ = وقولها: وما تبالي أنت بمصيبتي، ولفظ البخاري: إليك عني لم تصب بمصيبتي، ولمسلم: ما تبالي بمصيبتي، وقوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنما الصبر عند الصدمة الأولى" المعنى: إذا وقع الثبات في أول شيء يهجم على القلب من مقضيات الجزع، فذلك هو الصبر الكامل الذي يترتب عليه الأجر. وأصل الصدم: ضرب الشيء الصلب بمثله، فاستعير للمصبة الواردة على القلب. قال الخطابي: المعنى أن الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ما كان عند مفاجأة المصيبة بخلاف ما بعد ذلك، فإنه على الأيام يسلو، وحكى الخطابي عن غيره أن المرء لا يؤجر على المصيبة، لأنها ليست من صنعه، وإنما يؤجر على حسن تثبته وجميل صبره. وقال ابن بطال: أراد أن لا يجتمع عيها مصيبة الهلاك وفقد الأجر. قال الحافظ: في هذا الحديث من الفوائد، منها ما كان عليه الصلاة والسلام من التواضع والرفق بالجاهل ومسامحة المصاب، وقبول اعتذاره، وملازمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومنها أن القاضي لا ينبغي أن يتخذ من يحجبه عن حوائج الناس. ومنها أن الجزع من المنهيات لأمره لها بالتقوى مقروناً بالصبر. ولأبي يعلى (6067) من حديث أبي هريرة أنها قالت: يا عبد الله إني أنا الحرى الثكلى، ولو كنت مصاباً عذرتني. (¬1) إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد- وتدليسه، وضعف عاصم بن رجاء. أبو عمران: هو الأنصاري الشامي، وأبو سلّام الحبشي: اسمه مَمْطور، وابن غَنْم: هو عبد الرحمن. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الرضا عن الله وقضائه" (3) من طريق محمد بن المصفى، بهذا الإسناد. تنيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) وأشار هناك إلى أنه من رواية ابن العبد.

28 - باب في البكاء على الميت

28 - باب في البكاء على الميت 3125 - حدَّثنا أبو الوليدِ الطيالسيُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن عاصمٍ الأحولِ، سمعتُ أبا عثمانَ عن أسامة بن زيد: أن بِنْتاً لرسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أرسلتْ إليه وأنا معه وسعْدٌ، وأحسب أُبَيّاً: أنَّ ابني أو ابنتي قد حُضِرَ فاشهد، فأرسلَ يقرأُ السلامَ، وقال: "قُلْ: لله ما أخذ، وما أعطى، وكل شيء عنده إلى أجَلٍ " فأرسلتْ تُقْسِم عليه، فأتاها، فوُضعَ الصبيُّ في حَجْر رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ونفسُه تَقَعْقَعُ، ففاضت عينا رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال له سعْد: ما هذا؟ فقال: "إنها رحمةٌ، وضَعَها الله في قلوبِ من يشاء، وإنما يرحَمُ الله من عباده الرُّحَماءَ" (¬1). 3126 - حدَّثنا شيبانُ بن فَرُّوخٍ، حدَّثنا سليمانُ بن المغيرةِ، عن ثابت البُنَانيِّ عن أنس بن مالك، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- "وُلِدَ لي اللّيْلةَ غُلامٌ فسميتُه باسم أبي إبراهيم" فذكر الحديث، قال أنس: لقد رأيته ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عثمان: هو عبد الرحمن بن ملّ النَّهْدي، وعاصم الأحول: هو ابن سُليمان، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه البخاري (1284)، ومسلم (923)، وابن ماجه (1588)، والنسائي (1868) من طريق عاصم بن سليمان الأحول، بهذا الإسناد. وهو في مسند أحمد" (21776)، و "صحيح ابن حبان" (461) و (3158). قال ابن الأثير في "النهاية": "ونفسُه تَقَعْقَعُ " أي: تضطرب وتتحرك، أراد كلما صار إلى حالٍ لم يَلْبَث أن ينتقل إلى أخرى من الموت. قلنا: وفي هذا بيان أن مجرد البكاء ليس بحرام، وإنما المحرم النوح والندب وشق الجيوب ولطم الخدود، وانظر (3111).

29 - باب في النوح

يَكيدُ بنفسِه بين يدي رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فدمَعتْ عينا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "تَدمَعُ العينُ، ويَحزنُ القلبُ، ولا نقولُ إلا ما يَرضَى رَبُّنَا، إنا بكَ يا إبراهيم لمحزونونَ" (¬1). 29 - باب في النَّوْحِ 3127 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن أيوبَ، عن حفصةَ عن أُم عطيةَ، قالت: إن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهانا عن النِّيَاحة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثابت البناني: هو ابن أسلم. وأخرجه مسلم (2315) عن هدّاب بن خالد وشيبان بن فروخ، بهذا الإسناد. وقد علقه البخاري بإثر الحديث (1303) بصيغة الجزم عن سليمان بن المغيرة. وأخرجه بنحوه البخاري (1303) من طريق قريش بن حيَّان، عن ثابت، عن أنس. دون ذكر إخبار النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بولادة إبراهيم. وهو في "مسند أحمد" (13014)، و"صحيح ابن حبان" (2902). قال ابن الأثير في "النهاية": "يكيد بنفسه" أي: يجود بها، يريد النَّزع، والكَيْد السَّوق. قال ابن بطال وغيره: هذا الحديث يفسر البكاء المباح والحزن الجائز، وهو ما كان بدمع العين ورقة القلب من غير سخط لأمر الله. (¬2) إسناده صحيح. حفصَة: هي بنت سيرين، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني وعبد الوارث: هو ابنُ سعيد العنْبري، ومُسدَّد: هو ابنُ مُسَرْهَد. وأخرجه ضمن قصة البخاري (4892) و (7215) من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مسلم (936) من طريق هشام بن حسان، ومسلم (937)، والنسائي في "الكبرى" (11523) من طريق عاصم الأحول، كلاهما عن حفصة، به. وهو في "مسند أحمد" (20791)، و"صحيح ابن حبان" (3145). وأخرجه بنحوه البخاري (1306)، ومسلم (936) والنسائي في "المجتبى" (4180) من طريق محمد بن سيرين، عن أم عطية.

3128 - حدَّثنا إبراهيمُ بن موسى، أخبرنا محمدُ بن ربيعةَ، عن محمدِ بن الحَسن بن عطيةَ، عن أبيه، عن جده عن أبي سعيد الخدريِّ، قال: لعنَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- النائحةَ والمستمِعةَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف محمد بن الحسن بن عطية -وهو ابن سعد العَوْفي- وأبيه وجدِّه، وقد قال البخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 66 في ترجمة محمد بن الحسن ابن عطية: لم يصح حديثه. وقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنُه في "العلل" 1/ 369: هذا حديث منكر، ومحمد بن الحسن بن عطية وأبوه وجده ضعفاء الحديث، وكذلك ضعفه المنذري في "مختصر السنن" بهؤلاء الثلاثة، وابنُ الملقن في "البدر المنير" 5/ 362 ضعف طرق هذا الحديث. وأخرجه أحمد (11622)، والبخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 66، والبيهقي 4/ 63، وابن عبد البر في "التمهد" 17/ 281، والبغوي في "شرح السنة" (1536)، والمزي في ترجمة الحَسن بن عطية في "تهذيب الكمال" من طريق محمد بن الحَسن ابن عطية العوفي، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث ابن عباس عند البزار (793 - كشف الأستار)، والطبراني في "الكبير" (11309) وفي إسناده جابر الجُعفي ضعيف، والصباح الفراء أبو عبد الله. ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: روى عنه الكوفيون. وآخر من حديث ابن عمر في "المعجم الكبير" للطبراني، كما في "البدر المنير" لابن الملقن 5/ 362، و"مجمع الزوائد" للهيثمي 3/ 14 وفي إسناده بقية بن الوليد والحسن بن عطية العوفي. وهما ضعيفان، وقد تابعهما عفير بن معدان عند أبي أمية الطرسوسي في "مسند عبد الله بن عمر" (20) فرواه عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عمر. ولكن عُفيراً ضعيف أيضاً. وعن أبي هريرة عند ابن عدي في "الكامل" 5/ 1687 في ترجمة عُمر بن يزيد المدائني، وقال ابن عدي عن أحاديثه، وهذا منها: غير محفوظة، وقال عن عُمر بن يزيد هذا: منكر الحديث، وضعفه كذلك عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 3/ 142، ووافقه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام " 3/ 80.

3129 - حدَّثنا هنَّادُ بن السَّريِّ، عن عبدةَ وأبي معاويةَ -المعنى- عن هشامِ ابن عُروةَ، عن أبيه عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن الميتَ لَيعذّبُ ببُكاء أهلهِ عليه" فذُكِر ذلك لعائشةَ، فقالت: وَهَلَ -تعني ابنَ عمر- إنما مَرَّ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - على قبر فقال: "إن صاحبَ هذا ليُعَذَّبُ وأهلُه يبكون عليه" ثم قرأت: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء:15]. قال عن أبي معاوية: على قبرِ يهوديٍّ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوام، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وعَبْدة: هو ابن سُليمان. وأخرجه النسائي (1855) من طريق عبْدة بن سُليمان وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3978)، ومسلم (932) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، ومسلم (931) من طريق حماد بن زيد، و (932) من طريق وكيع بن الجراح، ثلاثتهم عن هشام بن عروة عن أبيه قال: ذكر عند عائشة رضي الله عنها أن ابن عمر رفع إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ... الحديث. وأخرجه البخاري (1286)، ومسلم (928) و (929) و (930)، والترمذي (1026)، والنسائي (1858) من طرق عن عبد الله بن عمر. وقد وقع عند البخاري ومسلم في الموضعين الأول والثاني أن عبد الله بن عباس سمع عمر بن الخطاب يقول: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه" وأنه ذكر لعائشة قول عمر، وأنها ردَّت في ذلك على عمر بن الخطاب فقالت: والله ما حدّث رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: إن الله ليعذب المزمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إن الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه". وجاء عند النسائي أن عائشة اعترضت في ذلك على عمر وابنه عبد الله كليهما. ولم يذكر مسلم قصة اعتراض عائشة في الموضع الثالث. وهو في "مسند أحمد" (288) و (4865) و (4959) و (5262) و (6182) و (24302)، و"صحيح ابن حبان" (3136). وأخرجه دون قصة اعتراض عائشة البخاري (1292)، ومسلم (927)، والنسائي (1853) من طريق سعيد بن المسيّب، ومسلم (927) من طريق أبي صالح السمان، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والنسائي (1848) من طريق نافع، و (1850) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، أربعتهم عن عبد الله بن عمر، عن عمر بن الخطاب. فجعلوه من مسند عمر بن الخطاب. وأخرجه مسلم (932)، والترمذي (1025)، والنسائي (1856) من طريق عمرة بنت عبد الرحمن، أنها سمعت عائشة وذكر لها أن ابن عمر يقول ... الحديث. قال الخطابي: قد يحتملُ أن يكونَ الأمرُ في هذا على ما ذهبت إليه عائشة، لأنها قد روت أن ذلك إنما كان في شأن يهودي، والخبر المفسَّر أولى من المجمل، ثم احتجت له بالآية، وقد يحتمل أن يكون ما رواه ابن عمر صحيحاً من غير أن يكون فيه خلاف الآية، وذلك أنهم كانوا يوصون أهليهم بالبكاء والنوح عليهم، وكان ذلك مشهوراً من مذاهبهم، وهو موجود في أشعارهم كقول القائل، وهو طرفة: إذا مت فانعيني بما أنا أهلُه ... وشُقي عليَّ الجيبَ يا ابنة معبد وكقول لبيد: فقوما فقولا بالذي تعلمانه ... ولاتخمِشا وجهاً ولاتحلِقا الشعر وقولا هو المرءُ الذي لا صديقه ... أضاعَ ولا خان الأمين ولا غدر إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يَبْكِ حولاً كاملاً فقد اعتذر ومثل هذا كثير في أشعارهم، وإذا كان كذلك فالميت إنما تلزمه العقوبة في ذلك بما تقدم من أمره إياهم بذلك وقت حياته، وقد قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- "من سنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها". وقولها: وهَلَ ابنُ عمر، معناه: ذهب وهلُه إلى ذلك، يقال: وهل الرجل ووهم بمعنى واحد. كل ذلك بفتح الهاء، فإذا قلت: وهِل، بكسر الهاء كان معناه فزع. وفيه وجه آخر ذهب إليه بعض أهل العلم، قال: وتأويله أنه مخصوص في بعض الأموات الذين وجب عليهم بذنوب اقترفوها وجرى من قضاء الله سبحانه فيهم أن يكون عذابهم وقت البكاء عليهم، ويكون كقولهم: مطرنا بنوء كذا، أي: عند نوء كذا، كذلك قوله: "إن الميت يعذب ببكاء أهله"، أي: عند بكائهم عليه لاستحقاقه ذلك بذنبه، ويكون ذلك حالاً لا سبباً، لأنا لو جعلناه سبباً لكان مخالفاً للقرآن، وهو قوله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء:15]، والله أعلم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلنا: لكن ابن القيم في "تهذيب السنن" صوّب ما قاله ابن عمر، وأنه حفظه ولم يُتهم فيه، وأنه قد رواه عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أبوه عمر بن الخطاب، وأنه وافق عمر عليه من حضره من جماعة الصحابة فقد قال 4/ 290 - 293: هذا أحد الأحاديث التي ردَّتها عائشة واستدركتها، ووهمت فيه ابن عمر، والصواب مع ابن عمر، فإنه حفظه ولم يُتهم فيه، وقد رواه عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أبوه عمر بن الخطاب وهو في "الصحيحين": البخاري (1292) ومسلم (927) وقد وافقه من حضره من جماعة الصحابة، كما أخرجاه في "الصحيحين": البخاري (1290) ومسلم (927) عن ابن عمر قال: لما طعن عمر أُغْمي، فصيح عليه، فلما أفاق، قال: أما علمتم أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إن الميت ليعذب ببكاء الحي". وأخرجاه أيضاً [البخاري (1291)، ومسلم (927)] عنه، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "الميت يُعذب بما نيح عليه". وأخرجا في "الصحيحين" أيضاً [البخاري (1290)، ومسلم (927)] عن أبي موسى، قال: لما أصيب عمر، جعل صهيب يقول: وا أخاه، فقال له عمر: يا صهيب أما علمت أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: إن الميت ليعذب ببكاء الحي". وفي رواية أخرجها ابن سعد في الطبقات الكبرى، 3/ 362 قال عمر: أما علمت أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من يبك عليه يُعذبْ". وفي: الصحيح" [مسلم (927)] عن أنس أن عمر لما طُعِنَ عولت عليه حفصة، فقال: يا حفصة أما سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "المعول عليه يُعذب". وفي "الصحيحين" [البخاري (1291)، ومسلم (933)] عن المغيرة بن شعبة سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه". فهؤلاء عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وابنته حفصة وصهيب والمغيرة بن شعبة كلهم يروي ذلك عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -،ومحال أن يكون هؤلاء كلهم وهموا في الحديث. والمعارضة التي ظنتها أم المؤمنين رضي الله عنها بين روايتهم وبين قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} غير لازمة أصلاً، ولو كانت لازمة، لزم في روايتها أيضاً أن الكافر يزيده الله ببكاء أهله عذاباً، فإن الله لا يعذب أحداً بذنب غيره الذي لا تسبب له فيه. ثم ذكر رحمه الله الطرق التي سلكها العلماء في معنى الحديث. =

3130 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا جَريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ ¬

_ = أحدها: أن ذلك خاص بمن أوصى أن يناح عليه، فيكون النوح بسبب فعله، ويكون هذا جارياً على المتعارف من عادة الجاهلية كما قال قائلهم: إذا مت فانعيني بما أنا أهلُه ... وشقي على الجيبَ يا ابنة معبد وهو كثير في أشعارهم ... الثاني: أن ذلك خاص بمن كان النوح من عادته وعادة قومه وأهله وهو يعلم أنهم ينوحون عليه إذا مات، فإذا لم ينههم كان ذلك رضا منه بفعلهم، وذلك سبب عذابه، وهذا مسلك الإِمام البخاري في "صحيحه" قبل الحديث (1284)، فإنه ترجم عليه وقال: إذا كان النوح من سننه. الثالث: أن المراد بالحديث ما يتألم به الميت ويتعذب به من بكاء الحي عليه، وليس المراد أن الله تعالى يعاقبه ببكاء الحي عليه، فإن التعذيب هو من جنس الألم الذي يناله بمن يجاوره مما يتأذى به ونحوه، قال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "السفر قطعة من العذاب " وليس هذا عذاباً على ذنب، وإنما هو تعذيب وتألم، فإذا وبخ الميت على ما يناح به عليه لحقه ذلك ألم وتعذيب، ويدل على ذلك ما روى البخاري في صحيحه (4267) عن النعمان بن بشير قال: أغمي على عبد الله بن رواحة، فجعلت أخته عمرة تبكي: واجبلاه واكذا واكذا تعدد عليه، فقال حين أفاق ما قلت شيئاً إلا قيل لي: أأنت كذلك؟ وهذا أصح ما قيل في هذا الحديث. ولا ريب أن الميت يسمع بكاء الحَيِّ ويسمع قرع نعالهم، وتعرض عليه أعمال أقاربه الأحياء، فماذا رأى ما يسوؤهم تالم له، وهذا ونحوه مما يتعذب به الميت ويتألم، ولا تعارض بين ذلك وبين قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} بوجه ما. قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 31/ 155: وهذا اختيار أبي جعفر الطبري من المتقدمين، ورجحه ابن المرابط وعياض ومن تبعه، ونصره ابن تيمية وجماعة من المتأخرين. قلنا: والمراد من البكاء بعضه لا جميعه وهو النوح، فقد جاءت الرخصة في البكاء عند المصيبة في غير نوح، فقد بكى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- على ابنه إبراهيم، وقال لابن عوف: "إنها رحمة، وإن العين لتدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا" رواه البخاري (1303) وقد بكى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- على عدد من الموتى كما ثبت في الأحاديث الصحيحة انظر تخريجها في التعلبق على "مستدركات عائشة" ص 186.

عن يزيدَ بن أوسِ، دخلتُ على أبي موسى وهو ثقيل، فذهبتِ امرأتُه لتبكيَ، أو تَهُمَّ به، فقال لها أبو موسى: أما سمعتِ ما قالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-؟ قالت: بلى، قال: فسكتت، فلما مات أبو موسى قال يزيد: لقيت المرأة فقلت لها: ما قولُ أبي موسى لك: أما سمعتِ قول رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ثم سكتِّ؟ قالت: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ليس منَّا من سَلَقَ، ومن حَلَقَ، ومن خَرَقَ" (¬1). 3131 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حميدُ بن الأسودِ، حدَّثنا حجاجٌ عاملُ عُمرَ ابن عبد العزيز على الرَّبَذَةِ، قال: حدَّثني أَسيد بن أبي أَسيد ¬

_ (¬1) حديث صحيح. يزيد بن أوس - وإن كان مجهولاً قد توبع. إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي ومنصور: هو ابن المعتمر، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه النسائي (1865) من طريق شعبة عن منصور بن المعتمر بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (1866) من طريق إسرائيل بن يونس السبيعي عن منصور، عن إبراهيم، عن يزيد بن أوس، عن أم عبد الله امرأة أبي موسى، عن أبي موسى. وأخرجه بنحوه مسلم (104) وابن ماجه (1487) و (1586)، والنسائي (1863) و (1867) من طرق عن أبي موسى الأشعري. وعلقه البخاري في "صحيحه" (1296) بصيغة الجزم. قال المناوي في "فيض القدير" 5/ 386: "ليس منا" أي: ليس من أهل سنتنا، أي: ليس على ديننا، يريد أنه خرج من فرع من فروع الدين، وإن كان أصله معه."من سَلَقَ" بقاف، أي: رفع صوته في المصيبة بالبكاء، ولا "من حلق" أي: شعره حقيقة أو قطعه، ولا "من خرق" ثوباً جزعاً على الميت، قال أبو حاتم؟ سلقت المرأة وصلقت، أي: صاحت، وأصله رفع الصوت، قال ابن العربي: كان مما تفعله الجاهلية وقوف النساء متقابلات وضربهن خدودهن وخمشهن وجوههن، ورمي التراب على رؤوسهن، وصياحهن، وحلق شعورهن، وكل ذلك للحزن على الميت، فلما جاء الله بالحق على يد محمد قال: "ليس منا ... " إلخ. ولذلك سمي نوحاً، لأجل التقابل الذي فيه على المعصية، وكل متناوحين متقابلين، لكنهما خُصا وعرفا بذلك.

30 - باب صنعة الطعام لأهل الميت

عن امرأةٍ من المبايعات، قالتْ: كان فيما أخذَ علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في المعروفِ الذي أخذ علينا أن لا نعصيَه فيه: أن لا نَخْمِشَ وجهاً، ولا ندعوَ ويْلاً، ولا نَشُقَّ جَيباً، ولا نَنشُرَ شعراً (¬1). 30 - باب صنعة الطعام لأهل الميت 3132 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، حدَّثنا جعفرُ بن خالد، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "اصنعوا لألِ جَعْفَرٍ طعاماً، فإنه قد أتاهم أمرٌ يَشغَلُهم" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. الحجاج -وهو ابن صفوان المدني- وأسيد بن أبي أسيد وحميد بن الأسود، هؤلاء الثلاثة صدوقون. وأخرجه ابن سعد 8/ 7، وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 8/ 128، والطبراني في "الكبير" 25/ (451)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 64 من طريق الحجاج بن صفوان، به. (¬2) إسناده حسن من أجل خالد -وهو ابن سارة المخزومي-، فقد روى عنه ابنه جعفر وعطاء بن أبي رباح، وهما ثقتان، وذكره ابن حبان في طالثقات"، وحسن له الترمذي حديثه هذا، وصححه الحاكم 1/ 372، والضياء المقدسي في "المختارة" 9/ (141)، وابن الملقن في "البدر المنير" 5/ 355، ونقل أن ابن السكن ذكره في "سننه الصحاح" وقال الذهبي في "الميزان" في ترجمته: يكفيه أنه روى عنه أيضاً عطاء. سفيان: هو ابن عيينة. ومُسدَّد: هو ابنُ مُسرهَد. وأخرجه ابن ماجه (1610)، والترمذي (1019) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1751). وفي الباب عن أسماء بنت عميس عند ابن ماجه (1610)، وهو حسن لغيره. قال المنذري في "مختصر السنن": قال الشافعي: وأُحبُّ لقرابة الميت أن يعملوا لأهل الميت في يومهم وليلتهم طعاماً يُشبعهم. وقال غيره بعد ذكر الحديث: ولأن ذلك من البر والتقرب إلى الأهل والجيران، فكان مستحَباً. =

31 - باب الشهيد يغسل

31 - باب الشهيد يغسل 3133 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدِ، حدَّثنا مَعْنُ بن عيسى (ح) وحدَّثنا عُبيد الله بن عُمر الجُشَميُّ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن مهدي، عن إبراهيم بن طَهمَان، عن أبي الزبير عن جابر، قال: رُمي رجل بسهمٍ في صَدرِه، أو في حلْقِه، فمات، فأُدرج في ثيابه كما هو، قال: ونحن مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). 3134 - حدَّثنا زيادُ بن أيوبَ وعيسى بن يونُس الطَّرَسوسي، قالا: حدَّثنا عليُّ بن عاصمٍ، عن عطاءِ بن السائبِ، عن سعيدِ بن جُبَيرٍ عن ابن عباس، قال: أمر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بقتلى أُحُدِ أن يُنزعَ عنهم الحديدُ والجلودُ، وأن يُدْفَنُوا بدمائِهم وثيابِهم (¬2). وهذا لفظ زياد. ¬

_ = وقال المناوي في "فيض القدير" 1/ 534: قال ابن الأثير: أراد اطبخوا واخبزوا لهم، فيندب لجيران الميت وأقاربه الأباعد صنع ذلك ويحلفون عليهم في الأكل، ولا يندب فعل ذلك لأهله الأقربين، لأنه شرع في السُّرور لا في الشُّرور، فهو بدعة قبيحة كما قاله النووي وغيره. ونقل المناوي عن القرطبي أنه قال: الاجتماع إلى أهل الميت وصنعهم الطعام والمبيت عندهم، كل ذلك من فعل الجاهلية، قال: ونحو منه الطعام الذي يصطنِعُه أهلُ الميت في اليوم السابع، ويجتمع له الناس، يريدون به القربة للميت، والترحم عليه، وهذا لم يكن فيمن تقدم، ولا ينبغي للمسلمين أن يقتدوا بأهل الكفر، وينهى كل إنسان أهله عن الحضور لمثل هذا، وشبهه من لطم الخدود وشق الجيوب واستماع النوح. (¬1) رجاله ثقات، لكن أبا الزبير -وهو محمد بن مُسلم بن تدرُس المكي- لم يصرح بسماعه من جابر. وهو في مشيخة ابن طهمان" (36)، ومن طريقه أخرجه أحمد (14952)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 14. وانظر ما سيأتي برقم (3138). (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. علي بن عاصم سىء الحفظ. =

3135 - حدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا ابن وهْب. وحدَّثنا سليمانُ بن داود المَهْرِيُّ، أخبرنا ابن وهْب -وهذا لفظه- أخبرني أسامةُ بن زيد الليثيُّ، أن ابن شهابِ أخبره أن أنس بن مالك حدَّثه: أن شهداءَ أُحدٍ لم يُغسَّلُوا، ودفنوا بدمائِهم، ولم يُصَلَّ عليهم (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1515) من طريق علي بن عاصم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2217). ويشهد له حديث أنس الآتي بعده. وحديث جابر الآتي برقم (3138). (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير أسامة بن زيد اليثي فهو صدوق، وقد أخطأ في رواية هذا الحديث، كما قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 411. وحديث أسامة بن زيد، عن ابن شهاب، عن أنس غير محفوظ، غلط فيه أسامة بن زيد، وقال عبد الله بن كعب: عن جابر بن عبد الله في شهداء أحد، وهو حديث حسن. قلنا: حديث جابر هذا رواه البخاري (1343) وغيره من طريق الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب - وهو الحديث الآتي عند المصنف برقم (3138). وهو في "مسند أحمد" (12300)، و"شرح مشكل الآثار" (4050) و (4912). وانظر تالييه. قال ابن القيم في "تهذيب السنن": وهؤلاء رأوا أن الغسل لم يأت فيه شيء يُعارض حديث جابر في قتلى أحد، وأما الصلاة عليهم، فقد أخرجا في "الصحيحين" [البخاري (1344)، ومسلم (2296)] عن عقبة بن عامر: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- خرج يوماً، فصلى على أهل أحد صلاته على الميت. [وسياتي عند المصنف برقم (3223)]. وحديث أنس: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- صلَّى على حمزة. وحديث أبي مالك الغفاري قال: كان قتلى أحد يؤتى منهم بتسعة وعاشرهم حمزة، فيُصلِّي عليهم رسولُ -صلَّى الله عليه وسلم-، ثم يحملون، ثم يؤتى بتسعة فيصلي عليهم وحمزة =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = مكانه، حتى صلَّى عليهم رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- هذا مرسل صحيح. ذكره البيهقي، وقال: هو أصح ما في الباب. وروى أبو بكر بن عياش، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس؛ أنه صلَّى عليهم. رواه البيهقي، وقال: لا يحفظ إلا من حديثهما، وكانا غير حافظين، يعني أبا بكر ويزيد بن أبي زياد. وقد روى ابن إسحاق، عن رجل من أصحابه، عن مقسم، عن ابن عباس: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- صلَّى على حمزة، فكبر سبع تكبيرات، ولم يؤت بقتيل إلا صلَّى عليه معه، حتى صلَّى عليه اثنتين وسبعين صلاة. ولكن هذا الحديث له ثلاث علل: إحداها: أن ابن إسحاق عنعنه، ولم يذكر فيه سماعاً، والثانية: أنه رواه عمن لم يسمّه، الثالثة: أن هذا قد روي من حديث الحسن بن عُمارة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، والحسن لا يحتج به. وقد سئل الحكم: أصلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- على قتلى أُحد؟ قال: لا. سأله شعبة. وقد روى أبو داود عن أبي سلام، عن رجل من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وفيه: فصلى عليه ودفنه، فقالوا: يا رسول الله، أشهيد هو؟ قال: "نعم، وأنا له شهيد" وقد تقدم. قالوا: وهذه آثار يقوي بعضها بعضا، ولم يختلف فيها، وقد اختُلف في شهداء أحد. فكيف يؤخذ بما اختُلف فيه، وتترك هذه الآثار؟ والصواب في المسألة: أنه مخير بين الصلاة عليهم وتركها، لمجيء الآثار بكل واحد من الأمرين، وهذا إحدى الروايات عن الإمام أحمد، وهي الأليق بأصوله ومذهبه. والذي يظهر من أمر شهداء أحد: أنه لم يصل عليهم عند الدفن، وقد قتل معه بأُحد سبعون نفساً، فلا يجوز أن تخفى الصلاة عليهم. وحديث جابر بن عبد الله في ترك الصلاة عليهم صحح صريح، وأبوه عبد الله أحد القتلى يومئذٍ، فله من الخبرة ما ليس لغيره. وقد ذهب الحسن البصري وسعيد بن المسيب إلى أنهم يغسَّلون ويُصلى عليهم. وهذا تردُّة السنة المعروفة في ترك تغسيلهم. فأصح الأقوال: أنهم لا يُغسَّلون، ويخيَّر في الصلاة عليهم. وبهذا تتفق جميع الأحاديث، وبالله التوفيق. =

3136 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا زيدٌ -يعني ابن الحُباب- وحدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا أبو صفوانَ -يعني المَروانيَّ- عن أسامةَ، عن الزهريِّ عن أنس -المعنى-: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- مَرَّ على حمزة وقد مُثِّلَ به، فقال: "لولا أن تَجِدَ صفيةُ في نفسِها لتركْتُهُ حتى تأكلَهُ العافيةُ حتى يُحشَرَ من بطونها"، وقَلَّتِ الثياب وكثُرَتِ القتْلى، فكان الرجلُ والرجلان والثلاثةُ يُكفَّنون في الثوب الواحد، زاد قتيبةُ: ثم يُدفَنون في قبرِ واحدٍ، وكان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يسأل عنهم: "أيهم أكثرُ قرآناً؟ " فيقدِّمه إلى القبلةِ (¬1). 3137 - حدَّثنا عباسٌ العَنْبَريُّ، حدَّثنا عثمانُ بن عمرَ، حدَّثنا أسامةُ، عن الزهريِّ ¬

_ = وانظر لزاماً تعليقنا على الحديث الآتي برقم (3223). قلنا: وفي الباب حديث شداد بن الهاد عند النسائي (2091) أن رجلاً من الأعراب جاء إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فآمن به واتبعه، ثم قال: أهاجر معك ... فلبثوا قليلاً ثم نهضوا في قتال العدو فأتى به النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قد أصابه سهم ... ثم كفنه النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في جبته، ثم قدمه، فصلى عليه ... وإسناده صحيح وعن عبد الله بن الزبير عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" بسند حسن 1/ 503 أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أمر يوم أحد بحمزة فسجى ببردة ثم صلَّى عليه فكبر تسع تكبيرات، ثم أتي بالقتلى يصفون ويُصلي عليهم وعليه معهم. (¬1) صحيح لغيره كسابقه. أسامة: هو ابن زيد الليثي، وأبو صفوان: هو عبد الله ابن سعيد الأُموي. وأخرجه الترمذي (1037) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه من حديث أنس إلا من هذا الوجه. ثم قال نحو كلام البخاري الذي نقله هو عنه في "العلل الكبير" 1/ 411. وهو في "مسند أحمد" (12300)، و"شرح مشكل الآثار" (4050) و (4912).

عن أنس: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- مَرَّ بحمزةَ وقد مُثِّلَ به، ولم يصلِّ على أحدٍ من الشهداء غيرِه (¬1). 3138 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد ويزيدُ بن خالد بن مَوْهَبٍ، أن الليث، حدَّثهم، عن ابن شهابٍ، عن عبد الرحمن بن كعْب بن مالكِ أن جابر بن عبد الله أخبره: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان يجمعُ بين الرجلين من قَتْلَى أُحدٍ، ويقول: "أيهما أكثر أخذاً للقرآن؟ " فإذا أشير له إلى أحدهما قدَمه في اللحدِ، وقال: "أنا شهيدٌ على هؤلاء يوم القيامة"، وأمر بدفنهم بدمائِهم ولم يُغَسّلهم (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره كسابقيه دون قوله: "لم يصلِّ على أحل من الشهداء غيره" فقد قال الدارقطني في "سننه" بإثر الحديث (4205): لم يقل هذا اللفظ غير عثمان بن عمر: ولم يصل على أحد من الشهداء غيره. وليست محفوظة. وقد سبق في الحديث (3135) تعليل البخاري أيضاً لرواية أسامة بن زيد الليثي. قلنا: عثمان بن عمر: هو ابن فارس العبْدي. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 14 - 15، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4913)، وفي "شرح معاني الآثار" 1/ 502 - 503، والدارقطني (4205) و (4206)، والحاكم 1/ 365 و 3/ 196، والبيهقي 4/ 10، وابن الجوزي في "التحقيق" (872) من طريق عثمان بن عمر بن فارس، وابن سعد في "الطبقات" 3/ 14 - 15، والحاكم 1/ 365 من طريق روح بن عبادة، كلاهما عن أسامة بن زيد الليثي، به. وقد حمل الحاكم لفظ رواية روح عن لفظ رواية عثمان بن عمر، وإنما اللفظ لفظ عثمان ابن عمر. ويؤيد ذلك أن ابَن سعدٍ أخرج الحديث في "الطبقات "الكبرى" 3/ 14 - 15، عن عثمان بن عمر وروح بن عبادة وزيد بن الحباب، عن أسامة بن زيد، به، فلم يذكر هذه اللفظة في روايته. (¬2) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو الزهري، والليث: هو ابن سعد. =

32 - باب في ستر الميت عند غسله

3139 - حدَّثنا سليمانُ بن داود المَهْرِيُّ، حدَّثنا ابن وُهْبِ عن الليث، بهذا الحديث بمعناه، قال: يجمع بين الرجلين من قتلى أُحد في ثوبٍ واحدٍ (¬1). 32 - باب في ستر الميت عند غسله 3140 - حدَّثنا علي بن سهْل الرَّمْليُّ، حدَّثنا حجاجٌ، عن ابن جُرَيجِ، قال: أُخبِرْتُ عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضَمْرة عن علي، أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا تُبْرِز فخذِكَ، ولا تَنْظُرَنَّ إلى فخذِ حيٍ ولا ميتٍ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1343)، وابن ماجه (1514)، والترمذي (1057)، والنسائي (1955) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان (3197). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح كسابقه. ابن وهب: هو عبد الله. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه. قال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 2/ 271: ابن جريج لم يسمع هذا الحديث بهذا الإسناد من حبيب، إنما هو من حديث عمرو بن خالد الواسطي، ولا يثبت لحبيب رواية عن عاصم، فأرى أن ابن جريج أخذه من الحسن بن ذكوان، عن عمرو بن خالد، عن حبيب، والحسن بن ذكوان وعمرو بن خالد ضعيفا الحديث. قلنا: في رواية أبي داود هذه البيان صراحة بعدم سماع ابن جريج هذا الحديث من حبيب. وحجاج -وهو ابن محمد- من أعرف الناس بحديث ابن جريج كما قال الحافظ في "تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب"2/ 119. وقد صرح أيضاً بعدم صحة سماع حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة، أبو داود كما في "سؤالات الآجرى" (134) - وحكاه هنا بإثر الحديث عن سفيان الثوري -، والدارقطني فيما حكاه عنه العلائي في "جامع التحصيل" ص 190. وستكرر هذا الحديث برقم (4015)، وقال بإثره أبو داود: هذا الحديث فيه نكارة. وكأن قول أبي داود الوارد هنا يفسر هذه النكارة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه إسحاق بن راهوية في "مسنده" كما في "المختارة" للضياء المقدسي بإثر (515)، وأخرجه ابن ماجه (1460) عن بشر بن آدم، كلاهما (ابن راهويه وبشر) عن روح بن عبادة، عن ابن جريج، به. وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" لأبيه (1249) وأبو يعلى (331)، والضياء (516) من طريق عُبيد الله بن عُمر القَواريري، عن يزيد بن عبد الله أبي خالد البَيْسري، عن ابن جريج، أخبرني حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، به. فوقع في روايته التصريح بسماع ابن جريج من حبيب. ويزيد بن عبد الله البيسَري لا يُعتد بمخالفته لمثل حجاج بن محمد المصيصي الذي يعدُّ من أعرف الناس بحديث ابن جريج، فلا يقبل التصريح الذي في روايته. وقد وقع التصريح كذلك بسماع ابن جُريج من حبيب عند إسماعيل بن محمد الصفار في "جزء له" برواية أبي عمر عبد الواحد بن محمد الفارسي ضمن "مجموع مصنفات الأصم والصفار"، ومن طريق ابن حجر في "تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب" 2/ 118، والهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده" كما في "التلخيص الحبير" 1/ 279، ومن طريقه الضياء المقدسي في "المختارة" (515)، وابن حجر في "تخريج أحاديث المختصر" 2/ 118، كلاهما (إسماعيل الصفار والهيثم بن كليب) عن محمد ابن سعد العوفي، عن روح بن عبادة، عن ابن جريج، حدثني حبيب، به. ومحمد بن سعد العوفي قال فيه الخطيب: كان ليناً في الحديث، وقال الدارقطني: لا بأس به، قلنا: فمثله لا يعتدُّ بمخالفته لمثل حجاج بن محمد المصيصي، كيف وقد روى هذا الحديثَ إسحاقُ بن راهويه وبشر بن آدم -وهما ثقتان- كما تقدم عن روح بن عبادة دون تصريح ابن جريج بالسماع من حبيب، وإنما روياه بالعنعنة!! وسيتكرر عند المصنف برقم (4015)، وقال بإثره هناك: فيه نكارة. وفي الباب عن ابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص وجرهد الأسلمي ومحمد ابن عبد الله بن جحش ذكرناها في "المسند" (1249) وابن حبان (1710) وإن كانت لا تخلو أسانيدها من مقال يشدُّ بعضها بعضاً. ومذهب أحمد والشافعي وأبي حنيفة ومالك وأكثر أهل العلم أن الفخذ عورة. انظر "شرح السنة" للبغوي 9/ 20، و"المغني" لابن قدامة 1/ 283 - 284، و"مواهب الجليل" 1/ 598، و"عمدة القاري" 4/ 85 - 81.

قال أبو داود: وكان سفيان ينكر أن يكون حبيب بن أبي ثابت روى عن عاصم شيئاً (¬1). 3141 - حدَّثنا النُّفَيليُّ، حدَّثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاقَ، حدَّثني يحيى بن عبَّادٍ، عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير، قال: سمعت عائشة تقول: لما أرادُوا غسلَ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قالوا: والله ما ندري أنُجَرِّدُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- من ثيابه كما نُجرِّد موتانا أم نغسله وعليه ثيابُه؟ فلمَّا اختلفُوا ألقى الله عزّ وجلّ عليهم النومَ حتى ما منهم رجل إلا وذَقْنُهُ في صدرهِ، ثم كلَّمَهم مُكلِّم من ناحيةِ البيت لا يدرُونَ مَن هو: أن اغسِلوا النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وعليه ثيابُه، فقامُوا إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فغَسلوه وعليه قميصُه يصبُّون الماءَ فوق القميصِ، ويدلكونه بالقميص دون أيديهم، وكانت عائشةُ تقول: لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ما غسلَه إلا نساؤه (¬2). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) وأشار إلى أنها من رواية ابن العبد. (¬2) إسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطلبي مولاهم- وقد صرح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه. النُّفَيليُّ: هو عبد الله بن محمد بن نُفَيل الحرَّاني. وأخرجه ابن ماجه (1464) من طريق ابن إسحاق، بهذا الإسناد مختصراً بقول عائشة في آخر الحديث. وهو في مسند أحمد، (26306)، و "صحيح ابن حبان" (6627) مطولاً. وقول عائشة: لو استقبلت من أمري ما استدبرت، أي: لو علمت أولاً ما علمت آخراً، وظهر لي أولاً ما ظهر لي آخراً. ما غسله إلا نساؤه، وكان عائشة تفكرت في الأمر بعد أن مضى، وذكرت قول النبي -صلَّى الله عليه وسلم- لها: (ما ضرَّكِ لو متِ قبلي، فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك" رواه أحمد (25908) وابن ماجه (1465) وفيه متمسك لمذهب الجمهور في جواز غسل أحد الزوجين للآخر، ولكن لا يدل على عدم جواز غسل الجنس لجنسه مع وجود الزوجة، ولا على أنها أولى من الرجال. أفاده صاحب "نيل الأوطار".

33 - باب كيف غسل الميت

33 - باب كيف غسل الميت 3142 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ بن زيدٍ -المعنى- عن أيوبَ، عن محمد بن سيرين عن أُم عطية، قالت: دخل علينا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- حين توفيت ابنتُه، فقال: "اغسِلْنها ثلاثاً، أو خمساً، أو أكثر من ذلك -إن رأيتُنَّ ذلك- بماء وسِدْرٍ، واجعلْن في الآخِرة كافوراً، أو شيئاً من كافُورٍ، فإذا فرغتُن فآذِنَّنِي" فلما فرغْنا آذَّاه، فاعطانا حَقْوَهُ، فقال: " أشْعِرْنَها إياه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرهَدِ، والقَعنبي: هو عبد الله بن مسلمة القعنبيُّ. وهو في"موطأ مالك" 1/ 222. وأخرجه البخاري (1253) و (1254) و (1257) و (1258) و (1261)، ومسلم (939)، وابن ماجه (1458)، والترمذي (1011)، والنسائي (1881) و (1886) و (1887) و (1890) و (1893) و (1894) من طرق عن محمد بن سيرين، به. وأخرجه النسائي (1889) من طريق سلمة بن علقمة، عن محمد بن سيرين، عن بعض إخوته، عن أم عطية. وأخرجه البخاري (1363)، ومسلم (939)، وابن ماجه (1459)، والترمذي (1011)، والنسائي (1885) و (1888) من طريق حفصة بنت سيرين، عن أم عطية. وهو في "مسند أحمد" (20795)، و"صحيح ابن حبان" (3032). وسيتكرر عند المصنف من طريق حماد بن زيد برقم (3146). وانظر ما بعده وما سيأتي برقم (3144) و (3145) و (3147). قال المنذري في "مختصر السنن": ابنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- هذه هي زينب زوج أبي العاص بن الربيع، وهي أكبر بناته -صلَّى الله عليه وسلم-. هذا هو أكثر المروي. وذكر بعض أهل السير: أنها أم كلثوم. وقد ذكره أبو داود فيما بعد، وفي إسناده مقال، والصحيح الأول، لأن أم كلثوم توفيت ورسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ببدر.

قال أبو داود: قال مالكٍ: يعني إزارَه، ولم يقل مُسَدَّدٌ: دخل علينا. 3143 - حدَّثنا أحمدُ بن عَبْدَةَ وأبو كاملٍ -المعنى- أن يزيدَ بن زُريع، حدَّثهم، حدَّثنا أيوبُ، عن محمدِ بن سيرينَ، عن حفصةَ أختِه عن أم عطيةَ، قالت: مَشَطْنَاهَا ثلاثةَ قرونٍ (¬1). ¬

_ =والسِّدر كما في "حديقة الأزهار" ص 274: جمع سِدْرة، وهي من جنس الشجر العظام الشائك العود. والسِّدْر نوعان؟ بستاني وبري، فالبستاني هو شجر العناب، والبريّ أنواع أيضاً: فمنه ما يعظم شجره، ومنه ما لا يعظم، ومنه ما ثمره كثير اللحم، وفيه ما هو قليله، واسم ثمره النَّبق، عطر الرائحة، يفوحُ فمُ آكله. والكافور كما في "حديقة الأَزهار" ص 156 أيضاً: هو لثَى شجرة الفوفل، واللَّثَى هو الحليب، وشجرة الفوفل تنبتُ بأرض الهند وبجزيرة سرنديب [قلنا: اسمها الآن جزيرة سيلان، وتقع جنوب شرقي الهند]، وهي شجرة عظيمة كأشجار الزيتون، مجوفة تأخذ في التّدويح [يعني التشعُّب والتفرق] فإذا نُقر في أسفلها خرج ذلك اللَّثَى كما يخرج من الأشجار ذوات اللَّثَى، فيجفَّف ويعقد ويصنع منه الكافور، وأجوده وأحسنه ما كان أبيض، وهو من الطيوب الرفيعة القدر. والحقو: هو الإزار، قال صاحب "النهاية": الأصل في الحقو معقد الإزار، وجمعه أحقٍ وأحْقاء، ثم سمي به الإزار للمجاورة. وقوله: "أشعرنها إياه" قال الخطابي: يريد: اجعلنه شعاراً لها، وهو الثوب الذي يلي جسدها. (¬1) إسناده صحيح. حفصة: هي بنت سيرين، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وأبو كامل: هو فُضيل بن حسين الجحدري، وأحمد بن عبدة: هوالضبِّيُّ. وأخرجه مسلم (939)، والنسائي (1891) من طريق أيوب، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1254) و (1260)، ومسلم (939)، وابن ماجه (1459)، والنسائي (1883) و (1892) من طريق أيوب السختياني، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية. وقد صرح أبوب بسماعه من حفصة عند البخاري وغيره، فافاد أنه سمع الحديث بواسطة ابن سيرين، وسمعه بعد ذلك من حفصة مباشرة، والله أعلم. وهو في مسند أحمد" (20790)، و"صحيح ابن حبان" (3032). وانظر ما بعده.

3144 - حدَّثنا محمدُ بن المثنَّى، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا هشامٌ، عن حفصةَ بنتِ سيرينَ عن أم عطيةَ، قالت: وضَفَرْنا رأسها ثلاثةَ قُرونٍ، ثم ألقَيناها خلفَها مُقَدَّمَ رأسها وقَرْنَيها (¬1). 5ِ314 - حدَّثنا أبو كاملِ، حدَّثنا إسماعيلُ، حدَّثنا خالد، عن حفصةَ بنتِ سيرين عن أم عطية، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال لهن في غسل ابنته: "ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِها ومَوَاضِعِ الوُضُوء منها" (¬2). 3146 - حدَّثنا محمدُ بن عُبيدٍ، حدَّثنا حماد، عن أيوبَ، عن محمدِ عن أم عطية، بمعنى حديث مالك، وزاد في حديث حفصةَ عن أُم عطية بنحو هذا، وزادت فيه: "أو سبْعاً أو أكثرَ من ذلك، إن رَأيتُنَّهُ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هشام: هو ابن حسان القُردوسي، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي. وأخرجه البخاري (1262) و (1263)، ومسلم (939)، والترمذي (1011)، والنسائي (1885) من طريق هشام بن حسان، به. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. خالد: هو ابن مِهران الحذَّاء، وإسماعبل: هو ابن عُلَيَّة. وأخرجه البخاري (167) و (1255) و (1256)، ومسلم (939)، والترمذي (1011)، والنسائي (1884) من طريق خالد الحذاء، والبخاري (1254)، وابن ماجه (1459) من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن حفصة بنت سيرين، به. وقرن الترمذي بحفصة أخاها محمد بن سيرين. وهو في "مسند أحمد" (27302)، و"صحيح ابن حبان" (3032). (¬3) إسناده صحيح، وقد سلف برقم (3142).

34 - باب في الكفن

3147 - حدَّثنا هُدْبة بن خالدِ، حدَّثنا همّامٌ، حدَّثنا قتادةُ عن محمدِ بن سيرين: أنه كان يأخذُ الغُسل عن أُم عطيةَ: يغسل بالسِّدْر مرتين، والثالثةَ بالماء والكافُور (¬1). 34 - باب في الكفن 3148 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابن جُرَيج، عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يحدَّث عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أنه خطب يوماً فذكر رجلاً من أصحابِه قُبض فكُفِّن في كفَنٍ غيرِ طائلٍ وقُبِر ليلاً، فزَجر النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- أن يُقبر الرجلُ بالليل حتى يُصلَّى عليه، إلا أن يُضطَر إنسانٌ إلى ذلك، وقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا كَفَّنَ أحدُكم أخاه فَليُحْسِنْ كَفَنَهم" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو بن دعامة السَّدوسي، وهمام: هو ابن يحيى العَوذي. وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 375 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (20800) عن عفان، عن همام، عن قتادة، قال: أخذ ابن سيرين غُسله عن أم عطية، قالت: غسلْنا ابنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فأمرنا أن نغسلها بالسِّدْر ثلاثاً، فإن أنجت وإلا فخمساً، فإن أنجت وإلا فأكثر من ذلك، قالت: فرأينا أن أكثر من ذلك سبعٌ. وأنجت: أنقت. وأخرجه كلفظ أحمد الطبراني في "الكبير"25/ (84)، وابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 373 من طريق محمد بن سليمان العَوَقي، عن همام، عن قتادة، عن أنس بن مالك أنه كان أخذ ذلك عن أم عطية، فذكره. (¬2) إسناده صحيح، وقد صرح أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس- بسماعه عند المصنف وغيره، وكذلك ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- صرح بسماعه عند مسلم وغيره، فانتفت شبهة تدليسهما. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (6549). =

3149 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا الوليدُ بن مسلمٍ، حدَّثنا الأوزاعيُّ، حدَّثنا الزهريُّ، عن القاسمِ بن محمد عن عائشة، قالت: أُدرِجَ رسول اللهُ -صلَّى الله عليه وسلم- في ثوب حِبَرَةٍ، ثم أُخِّرَ عنه (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (943)، والنسائي (1895) و (2014) من طريق ابن جريج، به لكن لم يذكر النسائي في الموضع الذي فيه الوصية بإحسان الكفن. وأخرج ابن ماجه (1521) من طريق إبراهيم بن يزيد المكي، عن أبي الزبير، عن جابر رفعه: "لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا" وإبراهيم بن يزيد المكي متروك الحديث. وهو في "مسند أحمد" (14145)، و"صحيح ابن حبان" (3034) و (3103). قال النووي في شرح مسلم": هذا الحديث دليل أنه لا بأس بالدفن بالليل في وقت الضرورة، وقد اختلف العلماء في الدفن في الليل، فكرهه الحسن البصري إلا لضرورة، وهذا الحديث مما يُستدل له به، وقال جماهير العلماء من السلف والخلف: لا يكره، واستدلوا بان أبا بكر الصديق رضي الله عنه وجماعة من السلف دفنوا ليلًا من غير إنكار وبحديث المرأة السوداء والرجل الذي كان يقم المسجد، فتوفي بالليل، فدفنوه ليلًا، وسألهم النبي -صلَّى الله عليه وسلم- عنه فقالوا: توفي ليلاً فدفناه في الليل، فقال: "ألا آذنتموني" قالوا: كانت ظلمة. ولم ينكر عليهم. وأجابوا عن هذا الحديث أن النهي كان لترك الصلاة، ولم ينه عن مجرد الدفن بالليل، وإنما نهى لترك الصلاة أو لقلة المصلين، أو عن إساءة الكفن، أو عن المجموع كما سبق. قلنا: واستدلوا كذلك بما سيأتي عند المصنف برقم (3164). (¬1) إسناده صحيح. وقد صرح الوليد بن مسلم بالتحديث في جميع طبقات الإسناد وعند ابن حبان والبيهقي، فانتفت شبهة تدليسه تدليس التسوية. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (708) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25280"، و"صحيح ابن حبان" (6626). وانظر ما سلف برقم (3120)، وما سيأتي برقم (3152). وزاد أحمد وابن حبان: قال القاسم: إن بقايا ذلك الثوب لعندنا بَعْدُ.

3150 - حدَّثنا الحسنُ بن الصباح البزّاز، حدَّثنا إسماعيلُ -يعني ابنَ عبد الكريم- حدَّثني إبراهيمُ بن عَقيل بن مَعْقِل، عن أبيه، عن وهْبٍ عن جابر، قال: سمعت النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "إذا تُوفِّي أحدُكم فوَجدَ شيئاً فليكفَّن في ثوب حِبَرَةٍ" (¬1). 3151 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن هشامٍ، أخبرني أبي قال: أخبرتْني عائشةُ، قالت: كُفِّنَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم في ثلاثةِ أثواب يمانيةٍ بيضٍ، ليس فيها قميصٌ ولا عِمامةٌ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحح. وهب: هو ابن مُنبِّه. وقال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 2/ 126: وإسناد مسلم أصح من هذا: "فليحسن كفنه" يريد الحديث السالف برقم (3148). وأخرجه البيهقي 3/ 403 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (14651) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر. وابن لهيعة سىء الحفظ. وانظر ما سلف برقم (3148). (¬2) إسناده صحيح. هشام: هو ابن عُروة بن الزبير بن العوّام. وأخرجه البخاري (1264) و (1271 - 1273) و (1387)، ومسلم (941)، والنسائي (1898) من طريق هشام بن عروة، به. وهو في "مسند أحمد" (24122)، و "صحيح ابن حبان" (3037). وأخرجه النسائي (1897) من طريق الزهري، عن عروة بن الزبير، به. بلفظ: "كفن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في ثلاثة أثواب سحولية بيض. وهو في "مسند أحمد" (25949). وأخرجه مسلم (941) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة. بنحو لفظ الزهري. =

3152 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا حفصٌ، عن هشامِ بن عُروة، عن أبيه عن عائشة، مثله، زاد: من كُرسُفٍ، قال: فذُكر لعائشةَ قولُهم: في ثوبَين وبُرد حِبَرةٍ، فقالت: قد أُتي بالبُردِ، ولكنهم ردُّوه ولم يكفِّنوه فيه (¬1). 3153 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ وعثمانُ بن أبي شيبة، قالا: حدَّثنا ابنُ إدريسَ، عن يزيدَ -يعني ابنَ أبي زيادٍ- عن مِقْسَمٍ عن ابن عباس، قال: كُفّن رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في ثلاثةِ أثوابِ نَجْرانِيَّةٍ: الحلةُ ثوبان، وقميصُه الذي مات فيه (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (24625). وانظر ما بعده. قال ابن القيم في "تهذيب السنن": وقد حمل الشافعي قولها: "ليس فيها قميص ولا عمامة" على أن ذلك ليس في الكفن بموجود، وأن عدد الأكفان ثلاثة أثواب. وحمله مالك على أنه ليس بمعدود من الكفن، بل يحتمل أن يكون الثلاثة الأثواب زيادة على القميص والعمامة. وقال ابن القصار: لا يستحب القميص ولا العمامة عندَ مالك في الكفن، ونحوه عن أبي القاسم، قال: وهذا خلاف ما حكى متقدمو أصحابنا - يعني عن مالك. (¬1) إسناده صحيح: حفص: هو ابن غياث. وأخرجه مسلم (941)، وابن ماجه (1469)، والترمذي (1017) من طريق حفص بن غياث، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد - وهو الكوفي مولى الهاشميين. مِقسَم: هو ابن بُجرة، ويقال: ابن نجدة. وأخرجه ابن ماجه (1471) من طريق عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1942). =

35 - باب كراهية المغالاة في الكفن

قال أبو داود: قال عثمان: في ثلاثة أثواب: حلةٍ حمرا" وقميصِه الذي مات فيه. 35 - باب كراهية المُغَالاة في الكفن (¬1) 3154 - حدَّثنا محمدُ بن عُبيد المُحاربيُّ، حدَّثنا عمرو بن هاشم أبو مالك الجَنْبي، عن إسماعيلَ بن أبي خالدٍ، عن عامر عن علي بن أبي طالب، قال: لا تُغَالِ لي في كَفَنِ، فإني سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "لا تُغَالُوا في الكفن فإنه يُسلبُه سلْباَ سريعاَ" (¬2). ¬

_ = ويعارضه حديث عائشة الذي قبله، وفيه: أنه ليس في كفنه -صلَّى الله عليه وسلم- قميص. وأخرج أحمد (2284) من طريق الحجاج بن أرطأة، عن أبي جعفر محمد بن علي والحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كفِّن في ثوبين أبيضين، وفي برد أحمر. وإسناده حسن. ويجمع بين هذه الرواية وحديث عائشة أن البرد إنما سُجِّي فيه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- لما أن توفي، لكن لم يكفن فيه، كما جاء في رواية لعائشة سلفت برقم (3149). وانظر (3120). (¬1) هذا التبويب أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنه من رواية ابن الأعرابي. (¬2) حسن لغيره، عمرو بن هاشم حديثه حسن في الشواهد، وقد حسَّن، هذا الحديث ابنُ القطان في "بيان الوهم والأيهام" 5/ 50، وكذلك المنذري والنووي كما في "البدر المنير" لابن الملقن 5/ 217، وسكت عنه عبد الحق في "أحكامه الوسطى" 2/ 127 مصححاً له. وأما رواية عامر -وهو ابن شراحيل الشعبي- عن علي بن أبي طالب، فقد قال أبو حاتم الرازي وأبو أحمد الحاكم: رآه، وجزم الخطيب البغدادي بسماعه منه، وقال الحافظ العلائي في "جامع التحصيل": روى عن علي رضي الله عنه، وذلك في "صحيح البخاري" وهو لا يكتفي بمجرد إمكان اللقاء، ونفى سماعه منه آخرون كابن معين والدارقطني. وأخرجه البيهقي 3/ 403، وابن عبد البر في "التمهيد" 22/ 144 من طريق أبي داود السجستاني بهذا الإسناد. =

3155 - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن أبي وائل عن خَبَّابٍ، قال: مصعبُ بن عُمير قُتِل يوم أُحد، ولم يكن له إلا نَمِرَةٌ، كنا إذا غَطَّينا بها رأسَه خرجت رجلاهُ، وإذا غَطَّينا رجليه خرجَ رأسُه، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- "غَطُّوا بها رأسَه، واجعلُوا على رجليه من الإذخِر" (¬1). 3156 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثني ابن وهْب، حدَّثني هشامُ بن سعْد، عن حاتم بن أبي نصْر، عن عُبادة بن نُسَيٍّ، عن أبيه عن عبادة بن الصامت، عن رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، قال:، "خيرُ الكفنِ الحُلةُ، وخيرُ الأضحيةِ الكبشُ الأقْرَنُ" (¬2). ¬

_ = وفي الباب عن حذيفة بن اليمان عند عبد الرزاق (6210)، والبيهقي 3/ 403 عن صلة بن زفر، قال: أرسلني حذيفة بن اليمان ورجلاً آخر نشتري له كفناً، فاشتريت له حلة حمراء جيدة بثلاث مئة درهم، فلما أتيناه، قال: أروني ما اشتريتم، فاريناه، فقال: رُدَّها ولا تغالوا في الكفن، اشتروا لي ثوبين أبيضين، فإنهما لن يتركا علىَّ إلا قليلاً، حتى ألبس خيراً منهما أو شراً منهما. لفظ عبد الرزاق. وإسناده صحيح موقوفاً، ولكن مثله لا يقال بالرأي والاجتهاد؟ فله حكم المرفوع، والله تعالى أعلم. (¬1) إسناده صحيح. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، وسفيان: هو الثوري، ومحمد بن كثير: هو العبْدي. وهو مكرر الحديث السالف برقم (2876). (¬2) إسناده ضعيف لجهالةِ نُسَيٍّ والد عُبادة وجهالة حاتم بن أبي نصر، وضعف هشام بن سعْد. وأخرجه ابن ماجه (1473) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. دون ذكر الأضحية. وفي الباب عن أبي أمامة الباهلي عند ابن ماجه (3130)، والترمذي (1595). وإسناده ضعيف أيضاً. الحُلَّةُ: هي الإزار والرداء.

36 - باب في كفن المرأة

36 - باب في كفن المرأة 3157 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يعقوبُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا أبي، عن ابن إسحاقَ، حدَّثني نوحُ بن حكيم الثَّقَفيُّ -وكان قارئاً للقرآن- عن رجل من بني عُروةَ بن مَسعودٍ، يقال له: داود -قد وَلَدَته أمُّ حبيبة بنتِ أبي سفيان، زوج النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-- عن ليلى بنتِ قانِفٍ الثقفيّة، قالت: كنت فيمن غَسَّلَ أُمَّ كلثومٍ بنتَ رسولِ الله عند وفاتها، فكان أولَ ما أعطانا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- الحِقى، ثم الدرع، ثم الخمار، ثم المِلْحَفة، ثم أُدْرِجَتْ بعدُ في الثوب الآخر، قالت: ورسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- جالسٌ عند الباب معه كفنُها يناولُناه ثوباً ثوباً (¬1). 37 - باب المسك للميت 3158 - حدَّثنا مسلُم بن إبراهيمَ، حدَّثنا المُستمرُّ بن الريّانِ، عن أبي نَضْرةَ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة نوح بن حكيم، وللاختلاف في تعيين داود هذا الذي هو من بني عروة بن مسعود كلما أوضحناه في "مسند أحمد" (27135). ثم إن في متنه غرابةٌ في ذكر أم كلثوم، والصحيح أن القصة لِزينب زوج أبي العاص بن الربيع كما بينه المنذرى في "مختصر السنن" عند الحديث السالف برقم (3142). وأخرجه أحمد (27135)، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 19، والطبراني في "الكبير" 25/ (46)، وفي "الأوسط، (2529)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 6 - 7، وفي "الصغرى" (1041) من طريق يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وقصة زينب السالفة برقم (3142) إسنادها صحيح. والحقى: قال المنذري في "مختصر المنذري" 4/ 304: بكسر الحاء مقصور، ولعلها أن تكون لغة في الحقو. قلنا: وهو الإزار.

38 - باب التعجيل بالجنازة

عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أطْيَبُ طيبِكم المسكُ" (¬1). 38 - باب التعجيل بالجنازة 3159 - حدَّثنا عبدُ الرحيم بن مُطرِّف الرُّؤاسيُّ أبو سفيانَ وأحمدُ بنُ جنابِ، قالا: حدَّثنا عيسى -قال أبو داود: وهو ابن يونسَ-، عن سعيد بن عثمانَ البَلَويِّ، عن عَزْرةَ -وقال عبد الرحيم: عَرْوةَ- بن سعيد الأنصاريٍّ، عن أبيه عن الحُصين بن وَحْوَح أن طلحةَ بن البراء مرضَ، فأتاه النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يعودهُ، فقال: "إني لا أُرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت، فآذِنُوني به وعَجِّلُوا؟ فإنه لا ينبغي لجيفةِ مُسلمٍ أن تُحبس بين ظَهرَاني أهلِه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو نضرة: هوْ المنذر بن مالك بن قِطْعة العَبْدي. وأخرجه مسلم (2252)، والترمذي (1012) و (1013)، والنسائي (1905) و (1906) و (5119) و (5264) من طريق أبي نضرة العبْدي، به. وهو في "مسند أحمد" (11269)، و"صحيح ابن حبان" (1378) و (5591). (¬2) إسناده ضعيف لجهالة عزرة -أو عروة- بن سعيد الأنصاري وجهالة أبيه، وقال أبو القاسم البغوي فيما نقله عنه المنذرى في "مختصر السنن": ولا أعلم روى هذا الحديثَ غير سعيد بن عثمان البَلَوِيِّ، وهو غريب. قلنا: وقال الحافظ في "الإصابة" 2/ 92 في ترجمة حصين بن وحْوح بعد أن نقل عن ابن الكلبي في "الجمهرة" أن حصيناً هذا استُشهد في القادسية: على ما ذكر ابن الكلبي يكون هذا الحديث مرسلاً، لأن سعيداً والد عروة لم يدرك زمن القادسية، فإما أن يكون حصين ابن وحوح آخر ممن أدركهم سعيد، وإما أن يكون لم يقتل بالقادسية كما قال ابن الكلبي. قلنا: ومع ذلك فقد حسَّن إسنادَ هذا الحديث الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 37!! وهذا الحديث اختصره أبو داود، وهو مُطوَّل، كما ذكر الحافظ في "الإصابة" 3/ 525. =

39 - باب في الغسل من غسل الميت

39 - باب في الغُسل من غسل الميت 3160 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا محمدُ بن بِشير، حدَّثنا زكريا، حدَّثنا مُصعبُ بن شيبةَ، عن طَلْقِ بن حبيبٍ العَنَزيِّ، عن عبد الله بن الزبير عن عائشة، أنها حدَّثته: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان يغتسل من أربعٍ: من الجنابةِ، ويومِ الجمعة، ومن الحجامةِ، وغسلِ الميت (¬1). 3161 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، حدَّثني ابنُ أبي ذئب، عن القاسم بن عبَّاس، عن عَمرو بن عُمير ¬

_ = وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3554)، وفي "الأوسط" (8168)، والبيهقي 3/ 386 من طريق عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، بهذا الإسناد. ورواية الطبراني مطولة وقال الطبراني في "الأوسط": لا يُروى هذا الحديثُ عن حصين بن وحوح إلا بهذا الإسناد. تفرد به عيسى بن يونس. قلنا: وقد عزا هذا الحديثَ الحافظُ في "الإصابة" 3/ 525 إلى أبي القاسم البغوي وابن أبي خيثمة وابن أبي عاصم. والطبراني وابن شاهين وابن السكن. وذكره مطولاً. وقد أخرج ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2139) عن عبد الرحمن بن مطرِّف، بهذا الإسناد أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أتى قبر طلحة بن البراء في قطار بالعصبة، فصفّ وصففنا خلفه، فقال: "اللهم الق طلحة يضحك إليك وتضحك إليه". وهذا جزء من حديث طلحة بن البراء الطويل. وقد ثبت عن -صلَّى الله عليه وسلم- أنه أمر بتعجيل الجنازة من حديث أبي هريرة عند البخاري (1315)، ومسلم (944) ولفظ البخاري: "أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها، وإن يك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم". (¬1) إسناده ضعيف لضعف مصعب بن شيبة. وهو مكرر الحديث السالف برقم (348).

عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "مَنْ غَسَّلَ الميتَ فليغتسِل، ومن حَمَلَهُ فليتوضأ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عَمرو بن عُمير، وقد روي الحديث من وجوه أخرى عن أبي هريرة منها الطريق الآتي عند المصنف بعده، لكن اختُلف في رفع هذا الحديث ووقفه، فممن صحح وقفه البخاريُّ وأبو حاتم والرافعي والبيهقي، وممن صحح رفعه الترمذيُّ وابنُ حبان وابن حزم والبغوي والذهبي وابن الملقن وابن دقيق العيد وابن حجر. وقال أحمد وعلي ابن المديني: لا يصح في هذا الباب شيء، وبنحوه قال محمد بن يحيى الذهلي وابن المنذر، وضعفه ابن القطان الفاسي والنووي، وقال عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 3/ 177: اختلف في إسناد هذا الحديث، وقال الشافعي: إن صح قلت به. انظر "شرح السنة" للبغوي (339)، و "بيان الوهم والإيهام" لابن القطان 3/ 283 - 285، و"البدر المنير" لابن الملقن 2/ 524 - 536، و"التلخيص الحبير" لابن حجر 1/ 136 - 137. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" 2/ 23، والبيهقي 1/ 303 من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. وانظر تفصيل طرقه وشواهده والكلام عنها في "مسند أحمد" (7689)، و"البدر المنير" لابن الملقن 2/ 524 - 543. قال البغوي في "شرح السنة" 2/ 169: واختلف أهل العلم في الغسل من غسل الميت، فذهب بعضهم إلى وجوبه، وذهب أكثرهم إلى أنه غير واجب، قال ابن عمر وابن عباس: ليس على غاسل الميت غسل. وروي عن عبد الله بن أبي بكر، عن أسماء بنت عميس امرأة أبي بكر أنها غسلت أبا بكر حين توفي، فسألَت من حضرها من المهاجرين، فقالت: إني صائمة، وهذا يوم شديد البرد، فهل عليّ غسل؟ فقالوا: لا (وهو في "الموطا"1/ 223، وسنده منقطع). وقال مالك والشافعي: يستحب له الغسل ولا يجب. قلنا: ويؤيد قول من حمل الأمر في الحديث على الاستحباب ما رواه الخطيب في ترجمة محمد بن عبد الله المخرمي من "تاريخه" 5/ 424 من طريق عبد الله بن =

3162 - حدَّثنا حامدُ بن يحيى، عن سفيانَ، عن سُهيلِ بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن إسحاقَ مولى زائدةَ عن أبي هريرة، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، بمعناه (¬1). قال أبو داود: هذا منسوخٌ، سمعتُ أحمد بن حنبل سُئِلَ عن الغُسل من غَسلِ الميت، فقال: يجزئُه الوضوءُ. قال أبو داود: أدخلَ أبو صالحٍ بينه وبين أبي هُريرةَ في هذا الحديث إسحاقَ مولى زائدةَ. ¬

_ = الإِمام أحمد، قال: قال لي أبي: كتبت حديث عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا نغسل الميت، فمنا من يغتسل، ومنا من لا يغتسل؟ قال: قلت: لا، قال في ذلك الجانب شابٌّ يقال له: محمد بن عبد الله يحدث به عن أبي هشام المخزومي عن وهيب، فاكتب عنه، وإسناده صحيح كما قال الحافظ في "التلخيص" 1/ 138. والحديث أخرجه أيضاً الدارقطني (1820)، والبيهقي 1/ 306. وأخرج الحاكم 1/ 386، والبيهقي 3/ 398 من حديث ابن عباس: "ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه، فإن ميتكم ليس بنجس، فحسبكم أن تغسلوا أيديكم" وسنده جيد. وهو عند الحاكم مرفوعاً وصححه، وعند البيهقي موقوفاً، ورواية الوقف أصح. (¬1) رجاله ثقات، وقد اختلف في رفعه ووقفه كما سلف بيانه في الطريق السالف قبله. وأخرجه ابن ماجه (1463)، والترمذي (1014) من طريق عبد العزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. دون ذكر إسحاق مولى زائدة. وهو في "مسند أحمد" (7689) من طريق ابن جريج، و"صحيح ابن حبان" (1161) من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. وليس هذا الاختلاف بضارٍّ لأن إسحاق مولى زائدة ثقة. فسواء صح وجوده في الإسناد أو لم يصح، لا يضر ذلك، وإنما الشأن في الاختلاف في الوقف والرفع كما أسلفنا.

40 - باب في تقبيل الميت

وحديث مُصعَب ضعيف، فيه خصالٌ ليس العملُ عليه. 40 - باب في تقبيل الميت 3163 - حدَّثنا محمدُ بن كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن عاصم بن عُبيد الله، عن القاسم عن عائشة، قالت: رأيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقبِّل عثمانَ بن مَظعُونِ، وهو ميتٌ، حتى رأيتُ الدموعَ تَسِيلُ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عاصم بن عُبيد الله -وهو ابن عاصم بن عمر بن الخطاب- وقد اضطرب فيه كما بينا ذلك في تعليقنا على "مسند أحمد" (24165). سفيان: هو الثوري. وأخرجه ابن ماجه (1456)، والترمذي (1010) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح! وأخرجه البزار (3821) من طريق يونس بن محمد، حدَّثنا العمري، عن عاصم ابن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه قال: رأيت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قبّل عثمان بن مظعون. وهذا إسناد ضعيف لضعف عاصم بن عُبيد الله. وأخطأ الشيخ الألباني رحمه الله في "الجنائز" ص 21 فجعله شاهداً لحديث عائشة وحسَّنه، مع أن فيه العلة التي في حديث عائشة. وأخرج الطبراني في "الكبير" (10826) من طريق زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش عن ابن عباس أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - دخل على عثمان بن مظعون يوم مات فأحنى عليه، كأنه يوصيه، ثم رفع رأسه فرأوا في عينيه أثر البكاء، ثم أحنى عليه الثانية، ثم رفع رأسه فرأوه يبكي، ثم أحنى عليه الثالثة ثم رفع رأسه وله شهيق، فعرفوا أنه قد مات، فبكى القوم، فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "مه، إنما هذا من الشيطان، فاستغفروا الله" ثم قال: "اذهب عنك أبا السائب، فقد خرجت ولم تتلبس منها بشيء". ورجاله ثقات عن آخرهم. وفي الباب عن عائشة عند البخاري (1241) و (1242) و (4455): أن أبا بكر قبَّل النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بعد موته. هذا لفظ الموضع الأخير.

41 - باب في الدفن بالليل

41 - باب في الدفن بالليل 3164 - حدَّثنا محمدُ بن حاتم بن بَزيعٍ، حدَّثنا أبو نُعيمٍ، عن محمد بن مُسلم، عن عَمرو بن دينارٍ أخبرني جابر بن عبد الله -أوسمعت جابر بن عبد الله- قال: رأى ناسٌ ناراً في المقبرة، فأتوها، فإذا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في القبر، وإذا هو يقول: "ناوِلوني صاحبَكم" فإذا هو الرجلُ الذي كان يرفع صوتَه بالذكر (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن محمد بن مسلم -وهو الطائفي- صدوق حسن الحديث قال اببن الملقن في "تحفة المحتاج" (881): إسناده على شرط الصحيح لا جَرم، وقال النووي في "خلاصة الأحكام" (3465): إسناده على شرط الشيخين. قلنا: إنما روى البخاري للطائفي تعليقاً لا احتجاجاً. وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 513، والطبراني في "الكبير" (1743) والحاكم 1/ 368 و 2/ 345، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 351، والبيهقي في "السنن الكبرِى" 4/ 31 و 53، وفي "شعب الإيمان" (584) و (585) من طريق محمد بن مسلم الطائفي، به. وقال أبو نعيم: هذا الحديث من مفاريد محمد بن مسلم الطائفي. وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري (1247)، ومسلم (954) قال: مات إنسان كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يعوده، فمات بالليل، فدفنوه ليلاً، فلما أصبح أخبروه، فقال: "ما منعكم أن تُعْلِموُني". قالوا: كان الليل، فكرهنا، وكانت ظلمة، أن نَشُقَّ عليك، فأتى قبره فصلى عليه. وهذا لفظ البخاري. قال ابن المنذر في "الأوسط" 5/ 465: اختلف أهل العلم في الدفن بالليل، فممن دفن بالليل أبو بكر وفاطمة وعائشة، وروينا أن عثمان بن عفان دفن ليلًا، وممن رخص في الدفن بالليل عقبة بن عامر وسعيد بن المسيب وشُريح وعطاء بن أبي رباح وسفيان الثوري والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق. ثم قال: وكان الحسن البصري يكره الدفن بالليل. =

42 - باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض وكراهة ذلك

42 - باب في الميت يحمل من أرض إلى أرض وكراهة ذلك 3165 - حدَّثنا محمدُ بن كثيبر، أخبرنا سفيانُ، عن الأسودِ بن قيسِ، عن نُبَيحٍ عن جابر بن عبد الله، قال: كنا حملْنا القتلى يوم أُحد لِندفنَهم، فجاء مُنادي النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: إن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يأمُرُكم أن تدفِنوا القتلى في مضاجِعهم، فردَدْناهم (¬1). 43 - باب في الصفوف على الجنازة 3166 - حدَّثنا محمدُ بن عبيدٍ، حدَّثنا حمادٌ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن مَرثدٍ اليَزَنيِّ ¬

_ = ثم قال ابن المنذر: الدفن بالليل مباح، لأن سكينة توفيت على عهد النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فدفنت بالليل، ولم ينكر ذلك عليهم لما علم به، لأنهم أعلموه بذلك، فأتى قبرها فصلى عليه، وقد دفن مَن ذكرنا من أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ليلًا، ولو كان ذلك مكروهاً ما فعلوه، والذين تولوا ذلك أصحابُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أو مَن تولاه منهم. (¬1) إسناده صحيح. نُبيح: هو ابن عَبد الله العنزي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه ابن ماجه (1516)، والترمذي (1814)، والنسائي (2004) و (2005) من طريق الأسود بن قيس، به. وقال الترمذي: حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (14169)، و"صحيح ابن حبان" (3183). قال ابن المنذر في "الأوسط" 5/ 464: واختلفوا في نقل الميت من بلد إلى بلد، فممن كره ذلك عائشة أم المؤمنين، ... وكره ذلك الأوزاعي. وسئل الزهري عن هذه المسألة، فقال: قد حمل سعد بن أبي وقاص وسعيد بن المسيب من العقيق إلى المدينة. فدفناهما بها، وقال ابن عيينة: مات ابن عمر ها هنا، يعني بمكة، فأوصى أن لا يُدفن بها، وأن يُدفن بسَرِف، فغلبهم الحرُّ، وكان رجلاً بادياً. ثم قال ابن المنذر: يستحب أن يدفن الميت في البلد الذي توفي فيه، على هذا كان الأمر علي عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وعليه عوامُّ أهل العلم، وكذلك تفعل العامة في عامة البلدان، ويكره حمل الميت من بلد إلى بلد يُخاف عليه التغيّر فيما بينهما.

44 - باب اتباع النساء الجنائز

عن مالك بن هُبيرةَ، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- "ما مِنْ مُسلمِ يموتُ فيصلِّيَ عليه ثلاثةُ صفوفِ من المسلمين إلاَّ أوْجَبَ". قال: فكان مالاً إذا استقلَّ أهلَ الجنازة جزّأهم ثلاثةَ صفُوفِ، للحديث (¬1). 44 - باب اتباع النساء الجنائزَ 3167 - حدَّثنا سليمانُ بن حربٍ، حدَّثنا حمادٌ، عن أيُّوبَ، عن حفصةَ عن أُم عطية، قالت: نُهينا أن نتبع الجنائزَ، ولم يُعْزَمْ علينا (¬2) ¬

_ (¬1) إسناده حسن، فقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث عند الروياني في "مسنده" (1537)، وحسنه النووي وابن حجر. وأخرجه ابن ماجه (1490)، والترمذي (1049)، وحسنه، والحاكم 1/ 361 وصححه من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16724). وفي الباب عن أبي هريرة عند الذهبي في "تذكرة الحفاظ" 2/ 615 في ترجمة محمد بن غالب تمتام بلفظ: "ما صف صفوف ثلاثة على ميت فيشفعون له إلا شُفِّعوا فيه" وسنده حسن. وقد صح في شفاعة مَن يصلي على الميت له حديث عائشة عند مسلم (947)، ولفظه: "ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مئة، كلهم يشفعون له إلا شُفِّعوا فيه". وآخر من حديث ابن عباس عند مسلم (948) أيضاً ولفظه: "ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً، لا يشركون بالله شيئاً إلا شفَّعهم الله فيه". وسيأتي عند المصنف برقم (3170). (¬2) إسناده صحيح. حفصة: هي بنت سِيرين، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وحماد: هو ابن زيد. =

45 - باب فضل الصلاة على الجنازة وتشييعها

45 - باب فضل الصلاة على الجنازة وتشييعها 3168 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن سُميٍّ، عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة يرويه، قال: "مَن تَبِعَ جنازة فصلى عليها فله قِيراطٌ، ومن تبِعها حتى يُفرَغَ منها فله قِيراطان، أصغَرُهما مثلُ أُحُدٍ -أو أحدُهما مثلُ أُحدِ-" (¬1). ¬

_ =وأخرجه البخاري (313) و (1278) ومسلم (938)، وابن ماجه (1577) من طريق حفصة بنت سيرين، به. وأخرجه مسلم (938) من طريق محمد بن سيرين، عن أم عطية. وهو في "مسند أحمد" (27303). وقد سلف برقم (1139). وقول أم عطية: ولم يُعزم علينا - أي: ولم يؤكد علينا في المنع كما أكد علينا في غيره من المنهيات فكأنها قالت: كره لنا اتباع الجنائز من غير تحريم، قال القرطبي: ظاهر سياق أم عطية أن النهي نهي تنزيه، وبه قال جمهور أهل العلم، ومال مالك إلى الجواز، وهو قولُ أهل المدنية، ويدل على الجواز ما رواه ابن أبي شيبة 3/ 285 من طريق محمد بن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان في جنازة، فرأى عمر امرأة فصاح بها، فقال له رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- "دعها يا عمر فإن العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد قريب" ورواه ابن ماجه (1587) عن ابن أبي شيبة بهذا الإسناد وانظر تمام الكلام عليه فيه. (¬1) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان، وسُميّ: هو مولى أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث، وسفيانُ: هو ابن عُيينة. وأخرجه مسلم (945) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، به. وأخرجه البخاري (47) و (1325)، ومسلم (945)، وابن ماجه (1539)، والترمذي (1061)، والنسائي (1994 - 1997) و (5032) من طرق عن أبي هريرة. وأخرجه البخاري (1323) و (1324)، ومسلم (945) من طريق نافع مولى ابن عمر، قال: حُدِّثَ ابنُ عمر أن أبا هريرة يقول: من تبع جنازة فله قيراط، فقال: أكثر أبو هريرة علينا، فصدَّقت يعني عائشة أبا هريرة، وقالت: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقوله. =

3169 - حدَّثنا هارونُ بن عَبد الله وعبدُ الرحمن بن حُسينٍ الهرويُّ، قالا: حدَّثنا المُقريُّ، حدَّثنا حَيْوةُ، حدَّثني أبو صخْرٍ وهو -حُميد بن زيادٍ-، أن يزيدَ ابنَ عبد الله بنِ قُسيطٍ حدَّثه، أن داود بن عامرِ بن سعْد بن أبي وقاصٍ حدَّثه عن أبيه: أنه كان عند ابنِ عُمر إذ طلع خَبَّابٌ صاحبُ المقصورة، فقال: يا عبدَ الله بنَ عمر، ألا تسمعُ ما يقولُ: أبو هُريرةَ؟ يقول: إنه سمع رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "مَن خرجَ مع جنازةِ من بيتِها وصلّى عليها" فذكر معنى حديثِ سفيانَ، فأرسل ابنُ عمر إلى عائشةَ، فقالت: صدَق أبو هُريرةَ (¬1). 3170 - حدَّثنا الوليدُ بن شُجاع السَّكونيُّ، حدَّثنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني أبو صخرٍ، عن شريكِ بن عبد الله بن أبيْ نَمِبر، عن كُريب ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (7188) و (7353)، و"صحيح ابن حبان (3080). وانظر ما بعده. وقوله: مثل أحد. قال في "عون المعبود": هذا تمثيل واستعارة، ويجوز أن يكون حقيقة بأن يجعل الله عمله ذلك يوم القيامة في صورة عين يوزن كما توزن الأجسام، ويكون قدر هذا كقدر أحد، وقيل: المراد بالقيراط ها هنا جزء من أجزاء معلومة عند الله تعالى، وقد قربها النبي -صلَّى الله عليه وسلم- للفهم بتمثيله القيراط بأحد. وقال الطيبي: قوله: مثل أحد. تفسير للمقصود من الكلام، لا للفظ القيراط، والمراد منه أنه يرجع بنصيب من الأجر. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي صخر حمد بن زياد، فهو صدوق حسن الحديث. حيوة: هو ابن شريح المِصري، والمقرئ: هو عبد الله بن يزيد. وأخرجه مسلم (945) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (3079). وانظر ما قبله.

46 - باد النار يتبع بها الميت

عن ابن عباس، سمعتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "ما مِن مسلمٍ يموتُ فيقُومُ على جنازتِه أربعون رجُلاً لا يُشركون بالله شيئاً إلا شُفِّعُوا فيه" (¬1). 46 - بادٍ النار يُتْبَعُ بها الميت 3171 - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا عبدُ الصمد وحدَّثنا ابنُ المثنَّى، حدَّثنا أبر داود، قالا: حدَّثنا حربٌ - يعني ابنَ شدّادٍ، حدَّثنا يحيى، حدَّثني بَابُ بن عُمَير، حدثني رجلٌ من أهل المدينة، عن أبيه عن أبي هريرة، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "لا تُتْبَعُ الجنازةُ بصَوتٍ ولا نارٍ" زاد هارونُ: "ولا يُمشَى بين يديها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل أبي صخر حميد بن زياد، فهو صدوق حسن الحديث، وشريك بن عبد الله بن أبي نمر فيه كلام يُنزله عن مرتبة الثقة. ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (948) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1489) من طريق بكر بن سليم، عن حميد بن زياد، عن كريب، به فاسقط من إسناده شريك بن عبد الله بن أبي نمر. وبكر بن سُليم ضعيف. وهو في "مسند أحمد" (2509)، و"صحيح ابن حبان" (3082). (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الرجل من أهل المدينة وأبيه. وباب ابن عمير جهّله الدارقطني في "الضعفاء" (135)، وقال عن حديثه هذا في "سؤالات البرقاني": يُترك هذا الحديث، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول، أي: حيث يتابع، وإلا فليّن الحديث. يحيى: هو ابنُ أبي كثير، وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، وابن المثنى: هو محمد، وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث. وأخرجه أحمد (10831) و (10880)، والبيهقي 3/ 394 - 395، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1504) من طريق حرب بن شداد، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (9515) من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى، عن رجل، عن أبي هريرة. فاسقط من سنده رجلاً. =

47 - باب القيام للجنازة

47 - باب القيام للجنازة 3172 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سالمٍ، عن أبيه ¬

_ = وأخرج أبو داود الطيالسي (2336)، وأحمد (7914) و (10137) و (10493)، والبيهقي 4/ 21 من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن عبد الرحمن بن مهران، عن أبي هريرة أنه قال حين حضره الموت: لا تتبعوني بمجمر -وعند الطيالسي: بنار- فجعله موقوفاً من قول أبي هريرة. وهذا سند حسن. وأخرج مالك في "الموطأ" 1/ 226 عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة أنه نهى أن يتبع بعد موته بنار. موقوفاً كذلك، وأسقط من إسناده عبد الرحمن بن مهران، وسماع المقبري من أبي هريرة معروف، فلا يبعد أن يكون سمعه مرة بواسطة عبد الرحمن، ثم سمعه من أبي هريرة مباشرة. فيكون إسناده صحيحاً. قال ابن عبد البر في "الاستذكار" 8/ 225 - 226: قد روي عن حديث أبي هريرة مرفوعاً عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار"، ولا أعلم بين العلماء خلافاً في كراهة ذلك، وروينا عن أبي سعيد الخدري وعمران بن حصين وأبي هريرة أنهم وصَّوا بان لا يُتبعوا بنار ولا نائحة ولا يجعل على قطيفة حمراء. وأظن اتباع الجنائز بالنار كان من أفعالهم بالجاهلية نُسخ بالإسلام، والله أعلم، وهو من فعل النصارى، ولا ينبغي أن يتشبه بأفعالهم ... ثم قال: وفيما ذكرنا من إجماع العلماء فيه شفاء إن شاء الله. قلنا: وكذلك روي عن عبد الله بن مغفل عن ابن سعد في "الطبقات" 7/ 13 بإسناد صحيح: أنه أوصى بذلك عند موته. وعن أبي موسى الأشعري عند أحمد (19547)، وابن ماجه (1487) بإسناد حسن: أنه أوصى بذلك أيضاً. وروى ابن أبي شيبة 3/ 284، وابن المنذر في "الأوسط" 5/ 389، والبيهقي 4/ 74 من طريق الحسن البصري، عن قيس بن عُبَادٍ قال: كلان أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يكرهون رفع الصوت عند ثلاث: عند القتال، وعند الجنائز، وعند الذكر. وإسناده صحيح. وهو عند عبد الرزاق (6281)، ومن طريق ابن المنذر 5/ 389 عن معمر، عن الحسن قال: أدركت أصحاب رسول الله ... دون ذكر قيس.

عن عامر بن ربيعة، يبلغُ به النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا رأيتُم جنازَةٌ فقوموا لها حتى تُخَلِّفَكم، أو تُوضَعَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وسفيان: هو ابن عيينة، ومُسَدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه البخاري (1307)، ومسلم (958)، وابن ماجه (1542)، والترمذي (1563)، والنسائي (1916) من طريق ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1308)، ومسلم (958)، والنسائي (1915) من طريق نافع مرلى ابن عمر، عن ابن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (15687)، و "صحيح ابن حبان" (3051). قال ابن المنذر: قد اختلف أهل العلم في القيام للجنائز إذا مرت، فقالت طائفة: يقوم لها، فعل ذلك أبو مسعود البدري، وأبو سعيد الخدري، وقيس بن سعد، وسهل ابن حنيف، وسالم بن عبد الله. ورأت طائفة أخرى أن لا يقوم المرء للجنازة تمرُّ به، مُرَّ على سعيد بن المسيب بجنازة فلم يقم لها، وكان عروة بن الزبير يعيبُ من يفعل ذلك، وقال مالك: ليس على الرجل أن يقوم للجنازة إذا رآها ولا يقعد حتى تجاوزه مسلماً كان أو كافراً، وقال الشافعي: لا يقوم للجنازة من لا يشهدها، والقيام لها منسوخ، وقال أحمد: إن قام لم يقعد، وإن قعد فلا بأس، وكذلك قال إسحاق. وقال أحمد: قوله: "فليقم" إنما ذا على القاعد يقوم. وقال أحمد: من قام للجنازة فذاك، ومن لم يقم ذهب إلى حديث عليٍّ [وهو ما أخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 232، والشافعي في "الأم" 1/ 279، ومسلم (962) وسيأتي عند المصنف برقم (3175): أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قام للجنازة ثم قعد، وفي لفظ لمسلم: رأينا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قام فقمنا، وقعد فقعدنا، [يعني في الجنازة] قال أبو عبد الله [يعني أحمد]: أما أنا فلا أقوم، قام رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقمنا، وقعد فقعدنا، ثم قال ابن المنذر: مذهب أحمد وإسحاق حسنٌ في الوجهين جميعاً. قلنا: وممن ذهب أيضاً أن هذا الخبر منسوخ بحديث عليٍّ الآتي عند المصنف برقم (3175) والطحاويُّ في "شرح معاني الآثار" 1/ 488، والحازميُّ في "الاعتبار" ص 129، ومن قبلهم الحُميدي شيخ البخاري كما في "التمهيد" 23/ 262.

3173 - حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا سهيلُ بن أبي صالحٍ، عن ابنِ أبي سعيد الخدريِّ عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا تبعتُم الجنازةَ، فلا تَجلسوا حتى تُوضَعَ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح. وهذا إسناد اختلف فيه على سهيل بن أبي صالح، فرواه عنه زهير -وهو ابن معاوية الجعفي- كما عند المصنف هنا، ورواه عنه شعبة بن الحجاج وجرير بن عبد الحميد ووُهَيب بن خالد وغيرهم، فقالوا: عن سهيل، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري، وكذلك رواه زهير بن معاوية مرة أخرى عن سهل، ورواه الثوري وأبو معاوية، فقالا: عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، ورواه عَبيدةُ ابنُ حميد، فقال: عن سهيل، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري. وقد عدَّ الدارقطنيُّ في "العلل" 4/ ورقة 8 رواية عَبيدة بن حميد وهماً، وقال عن رواية شعبة وجرير ووهيب بأنها أصحُّ، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 263 عن رواية الثوري بأنها أشبه وأولى. قلنا: على أن هذا الحديث قد روي من وجه آخر صحيح عن أبي سعيد الخدري. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 487 من طريق شعبة بن الحجاج، ومسلم (959)، وأبو يعلى (1159)، والبيهقي 4/ 26 من طريق جرير بن عبد الحميد، والطيالسي (2184)، والحاكم 1/ 356 من طريق وهيب بن خالد، وأحمد (11328) من طريق زهير بن معاوية الجعفي، و (11443) من طريق شريك النخعي، والبغوي في "شرح السنة" (1486) من طريق جعفر بن أبي كثير، والببهقي 26/ 4 من طريق إبراهيم بن طهمان سبعتهم عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري. وأخرجه البيهقي 4/ 26 من طريق سفيان الثوري، وابن حبان (3155) و (3106)، والحاكم 1/ 356 من طريق أبي معاوية، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة ..

قال أبو داود: روى هذا الحديثَ سفيانُ الثوريُّ عن سُهيلِ بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال فيه: "حتى تُوضَعَ بالأرض". ورواه أبو معاويةَ عن سُهيلٍ، قال: "حتى تَوضَع في اللَّحْد". وسفيانُ أحفظُ من أبي معاويةَ. 3174 - حدَّثنا مُؤمَّل بن الفَضْل الحرَّانيُّ المخزوميُّ، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا أبو عَمرٍو، عن يحيى بن أبي كثيرِ، عن عُبيد الله بن مِقْسَمٍ حدَّثني جابر، قال: كنا مع النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- إذْ مرَّت بنا جنازةٌ، فقام لها، فلما ذهبنا لنحمِل إذا هي جنازة يهوديٍّ، فقلنا: يا رسول الله، إنما هي جنازة يهودي، فقال: "إنَّ الموتَ فزَع، فإذا رأيتُم جنازة فقُوموا" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن حبان (3104) من طريق عَبيدة بن حميد، عن سهيل بن أبي صالح، عن النعمان بن أبي عياش، عن أبي سجد الخدري. وأخرجه البخاري (1310)، ومسلم (959)، والترمذي (1564)، والنسائي (1917) و (1998) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع". وأخرج البخاري (1309) من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبيه، قال: كنا في جنازة، فأخذ أبو هريرة بيد مروان، فجلسا قبل أن توضع، فجاء أبو سعيد فأخذ بيد مروان، فقال: قم، فوالله عَلِمَ هذا أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- نهانا عن ذلك، فقال أبو هريرة: صَدَقَ. (¬1) إسناده صحيح. الوليد -وهو ابن مُسلم الدمشقي- صرح بالسماع في جميع طبقات الإسناد عند ابن حبان (3050)، وقد تابعه هشام بن أبي عبد الله الدَّسْتُوائي. أبو عمرو: هو الأوزاعي. وأخرجه البخاري (1311)، ومسلم (960)، والنسائي (1922) من طريق هشام ابن أبي عَبد الله الدَّسْتُوائي.، عن يحيى بن أبي كثير، به. وليس عند البخاري قوله: "إن الموت فزع". =

3175 - حدَّثنا القَعْنَبىُّ، عن مالكٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن واقِدِ بن عَمرو ابن سعْد بن مُعاذ الأنصاريِّ، عن نافعِ بن جُبير بن مُطعِم، عن مَسعودِ بن الحكم عن علي بن أبي طالب: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قام في الجنائز ثم قعدَ بعدُ (¬1). 3176 - حدَّثنا هشامُ بن بَهْرَامَ المَدائنيُّ، أخبرنا حاتمُ بن إسماعيلَ، حدَّثنا أبو الأسباطِ الحارثيُّ، عن عَبد الله بن سُليمان بن جُنَادةَ بن أبي أُميَّةَ، عن أبيه، عن جده ¬

_ = وأخرجه مسلم (960) من طريق أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرُس، أنه سمع جابراً يقول: قام النبي -صلَّى الله عليه وسلم- لجنازة مرَّت به، حتى توارت. وفي رواية أخرى عند مسلم: قام النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وأصحابه لجنازة يهودي، حتى توارت. وهو في "مسند أحمد" (14147) و (14427)، و "صحيح ابن حبان" (3050). (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "موطأ مالك" 1/ 232. وأخرجه مسلم (962)، والترمذي (1065)، والنسائي (1999) من طريق يحيى ابن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (962) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والنسائي (2000) من طريق خالد بن الحارث كلاهما عن شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن مسعود بن الحكم، به. وأخرجه ابن ماجه (1544) من طريق وكيع، عن شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن مسعود بن الحكم، عن علي بن أبي طالب، ولفظه عنده: قام رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- لجنازة فقمنا، حتى جلس فجلسنا. فأوهم في روايته أن ذلك كان في جنازة واحدة بعينها، وهو خطأ، وإنما ذلك في زمنين مختلفين كما أوضحناه في تعليقنا على ابن ماجه. وهو في "مسند أحمد" (623)، و"صحيح ابن حبان" (3056). ولفقه الحديث انظر التعليق على الحديث السالف برقم (3172).

48 - باب الركوب في الجنازة

عن عُبادة بن الصامتِ، قال: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقومُ في الجنازة حتى توضَع في اللحْد، فَمَرَّ حِبْرٌ من اليهود فقال: هكذا نفعلُ، فجلسَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-، وقال: "اجْلِسُوا، خالِفُوهم" (¬1). 48 - باب الركوب في الجنازة 3177 - حدَّثنا يحيى بن موسى البلْخِيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن يحيى بن أبي كثيرِ، عن أبي سلمةَ بن عبد الرحمن بن عوف عن ثوبانَ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أُتِيَ بدابةٍ وهو مع الجنازة فأَبى أن يركبها، فلما انصرف أُتي بدابة فركِبَ، فقيل له، فقال: "إنَّ الملائكةَ كانت تمشي فَلم أكنْ لأركبَ وهم يَمشون، فلمَّا ذهبُوا ركبتُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. أبو الأسباط الحارثي -وهو بشر بن رافع- وعبد الله بن سليمانِ ضعيفان، وسليمان بن جنادة منكر الحديث. وأخرجه ابن ماجه (1545)، والترمذي (1041) من طريق عبد الله بن سليمان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث غريب، أي: ضعيف. (¬2) إسناده صحيح. وقد حسَّن إسناده البزار فيما نقله عنه المنذري في "مختصر السنن"، وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي، وسكت عنه عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 2/ 136، ولم يتعقبه ابن القطان، وصححه ابن دقيق العيد في "الاقتراح" ص 4348 - 449 على شرط الشيخين. وأخرجه البزار في "مسنده" كما في "مختصر سنن أبي داود" للمنذري 4/ 314، والحاكم 1/ 355، وعنه البيهقي 4/ 23 من طريق معمر بن راشد، بهذا الإسناد. وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يُروى بهذا اللفظ إلا عن ثوبان بهذا الإسناد، وهو حسن الإسناد، ولا نعلم كلاماً جاء به أحدٌ غيره بإسناد متصل. وقد رواه عامر بن يساف عن يحيى بن أبي كثير مرسلاً، لم يقل عن أبي سلمة ولا ثوبان. ومعمر أثبتُ من عامر بن يساف. =

3178 - حدَّثنا عُبيد الله بن مُعاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبةُ، عن سماك سمع جابرَ بن سَمُرةَ، قال: صلَّى النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - على ابنِ الدَّحْداحِ ونحن شهودٌ، ثم أُتِي بفرسٍ فعُقِلَ حتى ركبَه، فجعل يتوقَّصُ به ونحن نَسعَى حولَه (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1480)، والترمذي (1033) من طريق أبي بكر بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن ثوبان، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف الحديث. وخالف أبا بكر بن أبي مريم ثورُ بن يزيد الحمصي عند ابن أبي شيبة 3/ 281، ومن طريقه ابنُ المنذر في "الأوسط" 5/ 386 فرواه عند راشد بن سعْد، عن ثوبان موقوفاً عليه وإسناده صحيح. وقد رجح البخاري والبيهقي الموقوف من طريق راشد كما في "السنن الكبرى" 4/ 23. وأما ما رواه جابر بن سمرة في الحديث الآتي بعده، من ركوبه -صلَّى الله عليه وسلم- فرساً في جنازة ابن الدَّحْداح، فهو عند انصرافه من الجنازة كما جاء ذلك واضحاً في نص رواية مسلم (965)، ولهذا قال ملا علي القاري في "المرقاة" 2/ 362: قال ابن الملك: يدل على جواز الركوب عند الانصراف من الجنازة. قال القاري: وفيه أنه يُجوِّزُ ركوبَه عليه الصلاة والسلام لعذر، لكن سيأتي دليل قولي على الجواز مطلقاً [يعني حديث المغيرة الآتي عند المصنف برقم (3180) ولفظه: "الراكب يسير خلف الجنازة"] وقال العلماء: لا يكره الركوب في الرجوع من الجنازة اتفاقاً لانقضاء العبادة. وقال عند حديث المغيرة بأنه إما محمول على العُذر أو مقيد بحال الرجوع. وقال عند حديثنا هذا 2/ 364: يحمل على أنهم كانوا قدام الجنازة أو طرفها لئلا ينافي ما سبق من قوله عيه الصلاة والسلام: "يسير الراكب خلف الجنازة" أي: حالة المراجعة. (¬1) إسناده حسن من أجل سماك -وهو ابن حرب- فهو صدوق حسن الحديث. شعبة: هو ابن الحجاج، ومعاذ: هو ابن معاذ العَنْبري. وأخرجه مسلم (965)، والترمذي (1034) و (1035)، والنسائي (2526) من طرق عن سماك بن حرب، به.

49 - باب المشي أمام الجنازة

49 - باب المشي أمام الجنازة 3179 - حدَّثنا القَعْنَبيُّ: حدَّثنا سفيانُ بن عُيينةَ، عن الزهريِّ، عن سالمِ عن أبيه، قال: رأيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمرَ يَمشون أمامَ الجنازة (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (20834)، و"صحيح ابن حبان" (7157). قال النووي في "شرح مسلم": فيه جواز مشي الجماعة مع كبيرِهم الراكب، وأنه لا كراهة فيه في حقه ولا في حقهم إذا لم يكن فيه مفسدة، وإنما كره ذلك إذا حصل فيه انتهاك للتابعين أو خيف إعجاب ونحوه في حقّ التابع أو نحو ذلك من المفاسد. والتوقُّص: قال الخطابي: هو أن ترفع الفرس يديها وتثب به وثْباً متقارباً. وأصلُ الوقصِ الكسرُ. (¬1) إسناده صحيح. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، والقَعْنَبي: هو عبد الله بن مَسْلَمة بن قَعْنَب. وقد اختُلف في وصل هذا الحديث وإرساله، فصحح الموصولَ ابنُ المنذر في "الأوسط" 5/ 384، وابنُ حبان (3545 - 3047)، وابنُ حزم في "المحلى" 5/ 164 - 165، والبيهقيُّ 4/ 23، وابنُ عبد البر في "المهيد" 12/ 85 و 91، والنوويُّ في "خلاصة الأحكام" (3571) و (3575)، وابن الجوزي في "التحقيق" (878)، وابن القطان في "بيان الوهم والايهام" 5/ 419، وابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود" 4/ 315 - 316، وابن الملقن في "البدر المنير" 5/ 225. وإنما صححوا الموصول لأن سفيان بن عيينة ثقة حافظ، وقد ضبط هذه الرواية إذ قال له علي ابن المديني: يا أبا محمد، خالفك الناس في هذا الحديث، فقال: استيقن الزهري، حدثني مراراً لستُ أحصيه، سمعت من فيه يعيده ويبديه، عن سالم عن أبيه، على أنه متابع كما سيأتي. وقد صحح المرسلَ ابنُ المبارك والبخاريُّ فيما حكاه عنه الترمذي بإثر (1030) ووافقهما عليه، وكذلك أحمدُ بن حنبل كما في رواية الطبراني في "الكبير" (13133)، والنسائي في "الكبرى" (2082)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 484، والدارقطني في "علله" كما في "البدر المنير" لابن الملقن 5/ 227، والخطيب في "الفصل للوصل للمدرج في النقل" 1/ 331. =

3180 - حدَّثنا وهْبُ بن بقيّةَ، عن خالد، عن يونسَ، عن زيادِ بن جُبيرٍ، عن أبيه عن المغيرةِ بن شُعبةَ -قال: وأحسب أن أهل زياد أخبروني أنه رفعه إلى النبي-صلَّى الله عليه وسلم- قال: "الراكبُ يَسيرُ خلفَ الجنازة، والماشي يمشي خلفَها وأمامَها، وعن يمييها وعن يسارِها، قريباً منها، والسَّقطُ يُصَلَّى عليه، ويُدْعَى لِوالدَيه بالمغفرةِ والرحمةِ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1482)، والترمذي (1028)، والنسائي في "الكبرى" (2082) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1029)، والنسائي في "الكبرى" (2083) من طريق همام بن يحيى، عن سفيان بن عيينة، عن منصور بن المعتمر وبكر بن وائل وزياد بن سعد، عن الزهري، به. وذهب الترمذي والنسائي إلى أن هذه الرواية الموصولة إنما هي رواية سفيان بن عيينة وحده دون الثلاثة الآخرين. ورد ذلك ابن حزم في "المحلى" 5/ 165، وابن القيم في "تهذيب السنن"، وغلَّطا من زعم ذلك، وصححا أنه عن الأربعة موصولٌ. وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "مسند أحمد" (4539)، وفي "التمهيد" لابن عبد البر 12/ 87 - 93. وأخرجه ابن ماجه (1483)، والترمذي (1031) من طريق محمد بن بكر، عن يونس ابن يزيد، عن الزهري، عن أنس بن مالك. وقد خطَّأ البخاريُّ فيما حكاه عنه الترمذي هذه الرواية" وكذلك خطأها ابن عبد البر في "التمهيد" 12/ 92، وحجة البخاري أن محمد بن بكر قد أخطأ فيه، لكن لم ينفرد به محمد بن بكر، بل تابعه أبو زرعة وهب الله بن راشد عند الطحاوي في "شرح المعاني" 1/ 481، وابن عبد البر في "التمهيد" 12/ 92. وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/ 225، وعبد الرزاق في "مصنفه" (6259)، ومن طريقه الترمذي (1030) عن معمر، كلاهما (مالك ومعمر) عن الزهري أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر ... مرسلاً. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 12/ 85: الصحيح فيه عن مالك الإرسال. (¬1) إسناده صحيح. جبير: هو ابنُ حيَّة، ويونس: هو ابن عُبيد، وخالد: هو ابنُ عبد الله الواسطي الطحان. =

50 - باب الإسراع بالجنازة

50 - باب الإسراع بالجنازة 3181 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة يبلغ به النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "أسرِعُوا بالجنازة، فإن تَكُ صالحةً فخيرٌ تُقدِّمونها إليه، وإن تَكُ سوى ذلك فشرٌّ تَضَعونَهُ عن رقابِكم" (¬1). ¬

_ =وأخرجه ابن ماجه (1507)، والترمذي (1052)، والنسائي (1942) و (1943) و (1948) من طريق زياد بن جبير، به. واقتصر ابن ماجه على ذكر الصلاة على السقط. وهو في "مسند أحمد" (18162)، و"صحيح ابن حبان" (3049). ولموضوع الركوب في أثناء تشييع الجنازة انظر الحديث السالف برقم (3177). وقال الخطابي: اختلف الناس في الصلاة على السقط، فروي عن ابن عمر أنه قال: يُصلَّى عليه وإن لم يستهل، وبه قال ابن سيرين وابن المسيب. وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: كلما نفخ فيه الروح وتمت له أربعة أشهر وعشر صُلِّي عليه. وقال إسحاق: وإنما الميراث بالاستهلال، فأما الصلاة فإنه يُصلَّى عليه لأنه نسمة تامة قد كتب عليه الشقاء والسعادة، فلايّ شيء يتركُ الصلاةُ عليه؟! وروي عن ابن عباس أنه قال: إذا استهل وُرِّث وصُلِّي عليه. وعن جابر: إذا استهل صُلِّي عليه، وإن لم يستهل لم يُصلِّ عليه، وبه قال أصحاب الرأي وهو قول مالك والأوزاعي والشافعي. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، ومُسَدَّدٌ: هو ابنُ مُسَرْهَد. وأخرجه البخاري (1315)، ومسلم (944)، وابن ماجه (1477)، والترمذي (1036)، والنسائي (1915) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه مسلم (944)، والنسائي (1911) من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عن أبي أمامة بن سهْل بن حُنيف، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7267)، و"صحح ابن حبان" (3042).

3182 - حدَّثنا مُسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا شعبةُ، عن عُيينةَ بن عبد الرحمن ابن جَوشَن عن أبيه: أنه كان في جنازة عثمانَ بن أبي العاصِ، وكنا نمشي مشياً خفيفاً، فلحِقَنا أبو بكرةَ فرفَعَ سوطه، فقال: لقد رأيتُنا مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نَرْمُلُ رَمَلاً (¬1). 3183 - حدَّثنا حُميد بن مَسْعَدةَ، حدَّثنا خالدُ بن الحارث وحدَّثنا إبراهيمُ ابن موسى الرازي، أخبرنا عيسى بنُ يونس عن عُيينة، بهذا الحديث، قالا: في جنازة عبد الرحمن بن سمُرةَ، وقال: فحمل عليهم بغلته، وأهوَى بالسَّوطِ (¬2). 3184 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن يحيى المُجَبِّر -قال أبو داود: وهو يحيى بن عبد الله التِّيمي- عن أبي ماجدةَ عن ابن مسعود، قال: سألْنا نبيَّنا -صلَّى الله عليه وسلم-، عن المشي مع الجنازة، فقال: "ما دُونَ الخَبَبِ، إن يكن خيراً تُعجَّلُ إليه، وإن يكن غيرَ ذلك ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عيينة بن عبد الرحمن: هو الغَطَفاني. وشعبة وحده الذي قال في روايته: في جنازة عثمان بن أبي العاص، وخالفه جماعة الرواة عن عيينة فقالوا: في جنازة عبد الرحمن بن سمرة كما في الطريق الآتي بعده. وانظر تخريجه عنده. قال المنذري في "مختصر السنن": والرّمَل: بفتح الراء وفتح الميم في الاسم والفعل والماضي: وثبٌ في المشي، ليس بالشديد مع هز المنكِبين. وقيل: الرمل أن يهز منكبيه ولا يُسرع. قال: وأهوى بالسَّوط: أمالَه. (¬2) إسناده صحيح كسابقه. وأخرجه النسائي (1912) و (1913) من طريقين عن عيينة بن عبد الرحمن، به. وهو في "مسند أحمد" (20375)، و"صحيح ابن حيان" (3043) و (3044).

51 - باب الإمام يصلي على من قتل نفسه

فَبُعداً لأهل النار، والجنازةُ متبوعةٌ ولا تَتْبَع، ليس معها من تَقَدَّمَها" (¬1). قال أبو داود: وهو ضعيف، هو يحيى بن عبد الله، وهو يحيى الجابر (¬2). قال أبو داود: وهذا كوفي، وأبو ماجدة بصري. 51 - باب الإمام يُصلّي على مَن قتَل نفسَه 3185 - حدَّثنا ابنُ نُفَيل، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا سماكٌ حدَّثني جابر بن سمُرةَ، قال: مرضَ رجلٌ، فَصِيحَ عليه، فجاء جارُه إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: إنه قد مات، قال: له وما يُدْرِيك؟ " قال: أنا رأيته، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنَّهُ لم يَمُتُ"، قال: فرجع، فصِيح عليه، فجاء إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: إنه قد مات، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنه ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي ماجدة، ولضعف الراوي عنه وهو يحيى بن عبد الله التيمي. وأخرجه ابن ماجه (1484)، والترمذي (1032) من طريق يحيى بن عبد الله التيمي، به. ورواية ابن ماجه مختصرة بذكر المشي خلف الجنازة. وهو في "مسند أحمد" (3585). وله شواهد لا يُفرح بها، ذكرها الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 290 - 293. و"الخبب" قال المنذري في "مختصر السنن": هو ضربٌ من العدْو، وقال الأصمعي: إذا صار السير إلى العدْو، فهو الخبب، وهو أن يراوح بين يديه. وقال غيره: إذا راوح بين يديه ورجليه، يعني الفرس. قلنا: قوله: "ليس معها من تقدمها" قال المناوي في "فيض القدير" 3/ 360: أي لا يعد مشيعاً لها، قال الطبري: هذا تقرير بعد تقرير، ينبغي من تقدم الجنازة ليس ممن يشيعها، فلا يثبت له الأجر. (¬2) وقال في رواية ابن الأعرابي: هذا الإسناد ضعيف. أشار إليه في هامش (أ).

لم يَمُتْ" فرجع، فصِيح عليه، فقالت امرأتُه: انطلق إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فأخبره، فقال الرجل: اللهم الْعنْه، قال: ثم انطلق الرجلُ، فرآه قد نحر نفسه بمِشْقَصٍ معه، فانطلق إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فأخبره أنه قد مات، قال: "وما يدريك؟ " قال: رأيته ينحر نفسه بمَشَاقِصَ معه، قال: "أنتَ رأيتَه؟ " قال: نعم، قال: "إذاً لا أُصلِّي عليه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. سماك: هو ابن حرب، وزهير: هو ابن معاوية الجُعفي، وابن نُفَيل: هو عبد الله بن محمد نُفَيل الحرّاني. وأخرجه مختصراً مسلم (978)، وابن ماجه (1526)، والترمذي (1091)، والنسائي (1964) من طرق عن سماك بن حرب، به. وقال الترمذي: حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (20816)، و"صحيح ابن حبان" (3093). قال الخطابي: وقد اختلفَ الناسُ في هذا، فكان عمر بن عبد العزيز لا يرى الصلاة على من قتل نفسَه، وكذلك قال الأوزاعي، وقال أكثر الفقهاء: يُصلَّى عليه. قلنا: وأخرج الإِمام أحمد (14982)، ومسلم (116) وغيرهما من حديث جابر ابن عبد الله: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- لما هاجر إلى المدينة هاجر إليه الطُّفيل بن عمرو وهاجر معه رجل من قومه، فاجتووا المدينة فمرض فجزع، فأخذ مشاقص له فقطع بها براجمه، فشخبت يداه حتى مات، فرآه الطُّفيل بن عمرو في منامه، فرآه في هيئة حسنةٍ، ورآه مغطياً يده، فقال له: ما صنع بك ربك؟ قال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: فمالي أراك مغطياً يدك؟ قال: قيل لي: لن نُصلح منك ما أفسدت، قال فقصّها الطُّفيل على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-. فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "اللهم وليديه فاغفر" قال النووي: في "شرح مسلم" 2/ 131 - 132: في هذا الحديث حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة أن من قتل نفسه أو ارتكب معصية غيْرها ومات من غير توبة فليس بكافر، بل هو في حكم المشيئة، وهذا الحديث شرح للأحاديث الموهم ظاهرها تخليد قاتل النفس وغيره من أصحاب الكبائر في النار، ونيه إثبات عقوبة بعض أصحاب المعاصي، فإن هذا عوقب في يديه، ففيه رد على المرجئة القائلين بأن المعاصي لا تضر، والله أعلم. والمِشقص: هو نصْل السَّهْم إذا كان طويلاً، وليس بالعريض. قاله أبو عبيد.

52 - باب الصلاة على من قتلته الحدود

52 - باب الصلاة على من قتلتْه الحدودُ 3186 - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن أبي بشْرٍ، حدَّثني نفرٌ من أهل البصرةِ عن أبي بَززَةَ الأسلميِّ: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- لم يُصَلِّ على ماعزِ بن مالكِ، ولم ينْه عن الصلاةِ عليه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ولا يضر إبهام هؤلاء النفر البصريين، لأنهم جمع. أبو بشر: هو جعفر بن إياس، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو كامل: هو الفُضيل بن الحُسين الجَحْدري. وأخرجه ابن الجوزي في "التحقيق" (904) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وقد جاءت قصة ماعز عند البخاري (6820) عن محمود بن غيلان، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله وفيها زيادة: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- صلَّى على ماعز الأسلمي. قال الخطابي في "مختصر السنن" 4/ 321: خالف محمودَ بن غيلان في هذه الزيادة -يعني لم يذكروها- ثمانية من أصحاب عبد الرزاق. وفيهم هؤلاء الحفاظ: إسحاق بن راهويه ومحمد بن يحيى الذهلي وحميد بن زنجويه، ونقل عن البيهقي قوله [وهو في "معرفة السنن والآثار" 12/ 302]: ورواه البخاري عن محمود بن غيلان، عن عبد الرزاق، إلا أنه قال: "فصَلى عليه" وهو خطأ لاجماع أصحاب عبد الرزاق على خلافه، ثم إجماع أصحاب الزهرى على خلافه. وقد خرَّج الحافظ في "الفتح" 12/ 130 هذا الحديث يعني حديث جابر من طرق ثم قال: فهؤلاء أكثر من عشرة أنفُس خالفوا محموداً، منهم من سكت عن الزيادة، ومنهم من صرح بنفيها. قلنا: جاء التصريح بنفيها في رواية المصنف الآتية برقم (4430) من طريقين عن عبد الرزاق. وهو في "مسند أحمد" (14462) عن عبد الرزاق. ويخالفُ حديث أبي برزة وحديث جابر حديثُ عمران بن حصين عند مسلم (1696) وسيأتي عند المصنف (4440) في قصة الجهنية التي زنت أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى عليها. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ونقل الحافظ في "الفتح" 12/ 131 في حل هذا التعارض عن ابن العربي قوله: لم يثبت أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- صلَّى على ماعز، قال: وأجاب من منع عن صلاته على الغامدية لكونها عرفت الحكم وماعزٌ إنما جاء مُستفهماً، قال: وهو جواب واهٍ، وقيل: لأنه قتله غضباً لله وصلاته رحمة فتنافيا، قال: وهذا فاسد لأن الغضب انتهى. قال: ومحل الرحمة باقٍ، والجواب المُرضي أن الإِمام حيث ترك الصلاة على المحدود كان ردعاً لغيره. قلتُ [القائل ابن حجر]: وتمامه أن يُقال: وحيث صلَّى عليه يكون هناك قرينة لا يحتاج معها إلى الردع، فيختلف حينئذٍ باختلاف الأشخاص. وذهب الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 1/ 379 إلى أن عدم صلاته - صلَّى الله عليه وسلم - على ماعز إنما كان لأن ماعزاً لما هرب من الرجم يحتمل أن يكون ذلك الهرب كان منه لرجوع كان عما أقر به أو فراراً من إقامة العقوبة التي قد لزمته عليه، وكان مذموماً في كل واحدة من هاتين الحالتين، فترك النبي -صلَّى الله عليه وسلم- الصلاة عليه لذلك، لأن من سنته أن لا يصلي على المذمومين من أمته كما لم يصلّ على قاتل نفسه، وإن كان مسلماً، وكما لم يصلّ على الغالِّ من الغزاة معه بخيبر. قال الحافظ في "الفتح" 12/ 131: وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة، فقال مالك: يأمر الإمام بالرجم ولا يتولاه بنفسه، ولا يرفع عنه حتى يموت، ويُخلى بينه وبين أهله يغسلونه ويصلون عليه، ولا يصلي عليه الإمام ردعاً لأهل المعاصي إذا علموا أنه ممن لا يُصلَّى عليه، ولئلا يجترئ الناس على مثل فعله، وعن بعض المالكية: يجوز للإمام أن يصلي عليه، وبه قال الجمهور، والمعروف عن مالك أنه يكره للإمام وأهل الفضل الصلاة على المرجوم، وهو قول أحمد، وعن الشافعي: لا يُكره، وهو قول الجمهور، وعن الزهري: لا يُصلَّى على المرجوم ولا على قاتل نفسه، وعن قتادة: لا يُصلَّى على المولود من الزنى، وأطلق عياض فقال: لم يختلف العلماء في الصلاة على أهل الفسق والمعاصي والمقتولين في الحدود، وإن كره بعضهم ذلك لأهل الفضل إلا ما ذهب إليه أبو حنيفة في المحاربين وما ذهب إليه الحسن في الميتة من نفاس الزنى وما ذهب إليه الزهري وقتادة.

53 - باب الصلاة على الطفل

53 - باب الصلاة على الطفل 3187 - حدَّثنا محمدُ بن يحيى بن فارسِ، حدَّثنا يعقوبُ بن إبراهيمَ بن سعْدٍ، حدَّثنا أبي، عن ابن إسحاقَ، حدَّثني عَبدُ الله بن أبي بكر، عن عَمرةَ بنتِ عبد الرحمن عن عائشةَ، قالت: مات إبراهيمُ بنُ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وهو ابنُ ثمانيةَ عشرَ شهراً، فلم يصلِّ عليه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن محمد بن إسحاق، صرح بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه. وقد صححه ابن حزم في "المحلى" 158/ 5، ونقل العجلوني تصحيحه عن ابن خزيمة، وحسن إسناده الحافظ في "الإصابة" وقال الخطابي: هو أحسن اتصالاً من حديث عطاء -يعني حديثه الآتي عند المصنف برقم (3188) - لكن الأمام أحمد قال في رواية حنبَل عنه كلما في "الإصابة" 1/ 173: حديث منكر، ونقل الحافظ في "الإصابة" أيضاً عن ابن عبد البر أنه قال: حديث عائشة لا يصح. وهو في "السيرة النبوية" لابن إسحاق -رواية أحمد بن عبد الجبار العُطاردي، عن يونس بن بكير، القسم المطبوع- (408)، ومن طريقه أخرجه أحمد في "مسنده" (26305). وأخرجه ابنُ إسحاق في "سيرته" (407) عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، به مرسلاً ورجاله ثقات. وقد روي ما يخالف هذا بأنه - صلَّى الله عليه وسلم - قد صلَّى على ابنه إبراهيم من حديث البراء بن عازب عند ابن سعد في "طبقاته" 1/ 140، وأحمد (18497)، والبيهقي 4/ 9. وفي إسناده جابر بن يزيد الجعفي، وهو ضعيف، وقد اختلف فيه فمرة يرويه عن الشعبي، عن البراء، ومرة عن الشعبي مرسلاً. وقد ضعفه المنذري في "مختصر السنن". راداً على البيهقي حيث قواه بالمراسيل الآتي ذكرها 4/ 9. ومن حديث أبي سعيد الخدري عند البزار (816 - كشف الأستار) وإسناده ضعيف. ومن حديث جعفر بن محمد، عن أبيه عند ابن سعد 1/ 141 وهو مرسلٌ. ومن حديث قتادة بن دعامة عند ابن سعد 1/ 140 وهو مرسل كذلك. =

3188/ 1 - حدَّثنا هنَّاد بن السَّرِيٌ، حدَّثنا محمدُ بن عُبيدٍ، عن وائلِ بن داودَ، قال: سمعت البَهيَّ قال: لما ماتَ إبراهيمُ بنُ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- صلَّى عليه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في المقاعد (¬1). 3188/ 2 - قال أبو داود: قرأتُ على سعيدِ بن يعقوبَ الطالقانيُّ: حدَّثكم ابنُ المبارك، عن يعقوبَ بن القَعقاعِ ¬

_ = ومن حديث عطاء بن أبي رباح سيأتي عند المصنف برقم (4/ 3188)، وهو مرسل أيضاً. ومن حديث عبد الله البهي، سيأتي عند المصنف بعده، وهو مرسل. قال الخطابي: كان بعض أهل العلم يتأول ذلك على أنه إنما ترك الصلاة عليه لأنه قد استغنى بنبوة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن قُربة الصلاة، كما استغنى الشهداء بقربة الشهادة عن الصلاة عليهم. وقد روى عطاء مرسلاً: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- صلَّى على ابنه إبراهيم، ورواه أبو داود في حديث الباب ... قلت [القائل الخطابي]: وهذا أولى الأمرين، وان كان حديث عائشة أحسن اتصالاً. وقد روي أن الشمس قد خُسفت يوم وفاة إبراهيم، فصلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- صلاة الخسوف، فاشتغل بها عن الصلاة عليه، والله أعلم. قلنا: ونقل الزيلعي في "نصب الراية" 2/ 281 عللاً أخرى منها: أنه قيل: إنه لا يصلي نبي على نبي، وقد جاء أنه لو عاش لكان نبياً، قال: وقيل: المعنى أنه لم يصل عليه بنفسه وصلى عليه غيره، والله أعلم بالصواب. (¬1) رجاله ثقات، لكنه مرسلٌ. البهي: هو عبد الله مولى مصعب بن الزبير، ومحمد ابن عُبيد: هو الطنافسي. وأخرجه البيهقي 4/ 9 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وهو في "مراسيل أبي داود" (431) عن هناد بن السَّري وعثمان بن أبي شيبة، به. وانظر ما بعده. والمقاعد: موضع بقرب المسجد النبوي، كان يتخذ للقعود للحوائج والوضوء.

54 - باب الصلاة على الجنازة في المسجد

عن عطاء: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- صلَّى على ابنهِ إبراهيمَ وهو ابن سبعين ليلةً (¬1). 54 - باب الصلاة على الجنازة في المسجد 3189 - حدَّثنا سعيدُ بن مَنصورٍ، حدَّثنا فليحُ بن سليمان، عن صالحِ بن عَجْلان ومحمد بن عبد الله بن عبَّادٍ، عن عبَّاد بن عَبد الله بن الزبير عن عائشة، قالت: واللهِ ما صَلَّى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- على سُهَيل ابن البَيضاء إلا في المسجدِ (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكنه مرسل. عطاء: هو ابن أبي رباح، وابن المبارك: هو عبد الله. وهو في "المرسيل" لأبي داود (432)، ومن طريق أخرجه البيهقي 4/ 9. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف فُليح بن سُليمان، وجهالة صالح بن عجلان ومحمد بن عبد الله بن عبّاد، وقد تُوبعوا. وأخرجه ابن ماجه (1518) من طريق فليح بن سليمان، عن صالح بن عجلان وحده، به. وأخرجه مسلم (973)، والترمذي (1054)، والنسائي (1967) و (1968) من طريق عبد الواحد بن حمزة، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، به. وليس عند أحد منهم ذكر القَسَم. وسيأتي بعده عند المصنف من وجه آخر عن عائشة. قال النووي في "شرح مسلم": قال العلماء: بنو بيضاء ثلاثة إخوة سَهْل وسُهيل وصفوان، وأمهم البيضاء اسمها دَعْد، والبيضاء وصف، وأبوهم وهب بن ربيعة القرشي الفِهْري، وكان سُهيل قديم الإسلام، هاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدراً وغيرها، توفي سنة تسع من الهجرة رضي الله عنه. قال في "المجموع" 5/ 213: الصلاة على الميت في المسجد صحيحة جائزة لا كراهة فيها، بل هي مستحبة ... هذا مذهبنا، وحكاه ابن المنذر عن أبي بكر الصديق وعمر، وهو مذهب عائشة وسائر أزواج النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وغيرهن من الصحابة رضي الله عنهم وأحمد وإسحاق وابن المنذر وغيرهم من الفقهاء وبعض أصحاب مالك، وقال مالك وأبو حنيفة وابن أبي ذئب: تكره الصلاة عليه في المسجد.

3190 - حدَّثنا هارونُ بن عَبد الله، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، عن الضحّاك -يعني ابنَ عثمانَ- عن أبي النضْرِ، عن أبي سلمةَ عن عائشة، قالت: والله لقد صلَّى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- على ابنَى بيضاء في المسجد: سُهَيْلِ، وأخيه (¬1). 3191 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابنِ أبي ذئبٍ، حدثني صالحٌ مولى التَّوْأمةِ ¬

_ (¬1) حديث صحيح دون ذكر أخي سُهَيل، وهذا إسناد اختلف فيه عن أبي النضر، فقد رواه الضحاك بن عثمان -وهو دون الثقة-، عن أبي النضر كما رواه المصنف، وخالفه مالك والماجشون -وهما حافظان- فيما قاله الدارقطني في "التتبع" ص 511، وفي "العلل" 5/ ورقة 74، فروياه عن أبي النضر، عن عائشة مرسلاً دون ذكر أبي سلمة، ثم قال الدارقطني في "العلل": وأرسله ابن القطان فقال: عن مالك، عن أبي النضر: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ولم يذكر عائشة، كذلك قال عنه حفص بن عمرو الربالي. وقال بندار عن يحيى [بن سعيد القطان] مثل قول القعنبيّ، ثم قال: والصحيح المرسل [يعني رواية مالك والماجشون]. وقد اختُلف أيضاً عن الضحاك في متنه فمرة يذكر فيه سُهيلاً وأخاه ابني بيضاء كما عند المصنف هنا وكما عند مسلم، ومرة يذكر سُهيلاً وحده، وهي رواية مالك والماجشون، وهي رواية عباد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة، وهو الصحيح. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية مولى عمر بن عُبيد الله التيمي. وأخرجه مسلم (973) (101) من طريق الضحاك بن عثمان، بهذا الإسناد. وأخرجه مالك في "موطئه" 1/ 229 عن أبي النضر، عن عائشة دون ذكر أبي سلمة، واقتصر فيه على ذكر سُهيل بن بيضاء. وأخرجه الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 74 من طريق محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد القطان، عن مالك بن أنس، عن سالم أبي النضر، عن عائشة. وأخرجه في "العلل" 5/ ورقة 74 من طريق حفص بن عمرو، عن يحيى القطان، عن مالك بن أنس، عن سالم أبي النضر: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- مرسلاً. وقد سلف قبله من وجه آخر.

55 - باب الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها

عن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَنْ صَلى على جنازة في المسجد فلا شيء له" (¬1). 55 - باب الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها 3192 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا موسى بنُ عُلَيٍّ بن رَباح، سمعت أبي يحدَّث ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. صالح مولى التوأمة قد اختلط، وهو ضعيف فيما انفرد به، لا سيما أنه خالف في رواية هذه حديثَ عائشة الصحيح السابق، وقد ضعف هذا الحديثَ الامامُ أحمد فيما حكاه النووي في "شرح مسلم" -شرح الحديث (973) - وضعفه كذلك ابن المنذر في "الأوسط" 5/ 416، وابن حبان في "المجروحين"، وابن حزم في "المحلى" 5/ 163، والخطابي، والبيهقي في "السنن "الكبرى" 4/ 52، وابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 222، وابن الجوزي في "العلل" المتناهية" (696)، وابن القطان في "بيان الرهم والإيهام" 4/ 157. وأخرجه ابنُ ماجه (1517) من طريق وكيع، عن ابن أبي ذئب، به. وهو في "مسند أحمد" (9730). وانظر فقه الحديث عند حديث عائشة السالف برقم (3189). وقد حاول ابن عبد البر في التمهيد، أن يوفق بين هذا الحديث وبين حديث عائشة وأن ينفي التضاد بينهما فقال: هذا هو الصحيح في هذا الحديث، قالوا: ومعنى: لا شيء له يريد: لا شيء عليه، قالوا: وهذا صحيح معروف في لسان العرب، قال الله عز وجل: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} بمعنى: فعليها ومثله كثير. قالوا: وصالح مولى التوأمة - مِن أهل العلم بالحديث مَن لا يقبل شيئا من حديثه لضعفه، ومنهم مَن يقبل مِن حديثه ما رواه ابن أبي ذئب عنه خاصة، لأنه سمع منه قبل الاختلاط، ولا خلاف أنه اختلط، فكان لا يضبط ولا يعرف ما يأتي به، ومثل هذا ليس بحجة فيما انفرد به، وليس يعرف هذا الحديث من غير روايته البتة، فإن صح، فمعناه ما ذكرنا وبالله توفيقنا. قلت: وقوله: إن صالحا مولى التوأمة سمع منه ابن أبي ذئب قبل الاختلاط. فيه نظر، فقد حكى الترمذي عن الإِمام البخاري، عن أحمد: أن سماعه منه بعد الاختلاط.

56 - باب إذا حضر جنائز رجال ونساء، من يقدم؟

أنه سمع عُقبةَ بن عامرٍ، قال: ثلاثُ ساعاتِ كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ينهانا أن نصليَ فيهن، أو نقبُرَ فيهن موتانا: حين تطلعُ الشمسُ بازغَةَ حتى ترتفعَ، وحين يقومُ قائمُ الظهيرةِ حتى تَميلَ، وحين تَضَيَّفُ الشمسُ للغُروب حتى تغربَ. أو كما قال (¬1). 56 - باب إذا حضر جنائزُ رجالٍ ونساءٍ، مَنْ يُقدَّم؟ 3193 - حدَّثنا يزيدُ بن خَالدِ بن مَوهَبِ الرَّمْليُّ، حدَّثنا ابنُ وهْبٍ، عن ابنِ جُريجٍ، عن يحيى بن صَبيحٍ، قال: حدَّثني عمارٌ مولى الحارث بن نَوفَلِ: أنه شهد جنازةَ أُمِّ كلثوم وابنِها، فجُعل الغلامُ مما يلي الامامَ، فانكرتُ ذلك، وفي القوم ابنُ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (831)، وابن ماجه (1519)، والترمذي (1051)، والنسائي (560) و (565) و (2013) من طريق مرسى بن عُلَيِّ بن رباح، به. وهو في "مسند أحمد" (17377)، و"صحيح ابن حبان" (1546) و (1551). قال الخطابي: قوله: "تَضَيَّفُ" معناه: تميل وتجنح للغروب، يقال: ضاف الشيءُ يَضيف بمعنى: مال، ومنه اشتق اسم الضّيف، ويقال: ضِفتُ الرجلَ: إذا ملتَ نحوه وكنت له ضيفاً، وأضفته إذا أملته إلى رحلك فقربته. واختلف الناسُ في جواز الصلاة على الجنازة والدفن في هذه الساعات الثلاث، فذهب أكثر أهل العلم إلى كراهية الصلاة على الجنائز في الأوقات التي تكره الصلاة فيها، وروي ذلك عن ابن عمر، وهو قول عطاء والنخعي والأوزاعي، وكذلك قال سفيان الثوري وأصحاب الرأي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وكان الشافعي يرى الصلاة على الجنائز أي ساعة شاء من ليل أو نهار، وكذلك الدفن أي وقت كان من ليل أو نهار. قلت [القائل الخطابي]: قول الجماعة أولى لموافقته الحديث.

57 - باب أين يقوم الأمام من الميت إذا صلى عليه

عباس، وأبو سعيد الخدريُّ، وأبو قتادةَ، وأبو هريرةَ، فقالوا: هذه السُّنَّةُ (¬1). 57 - باب أين يقوم الأمامُ من الميت إذا صلَّى عليه 3194 - حدَّثنا داودُ بن مُعاذٍ، حدَّثنا عبدُ الوارثِ عن نافعِ أبي غالبِ، قال: كنت في سِكَّة المِرْبَد، فمرت جنازة معها ناسٌ كثير، قالوا: جنازة عبد الله بن عُمير، فتبعتُها، فإذا أنا برجل عليه كساءٌ رقيق على بُرَيْذِينَةِ، على رأسِه خِرقةٌ تقيه من الشمسِ، فقلت: من هذا الدِّهْقَانُ؟ فقالوا: أنس بن مالك، فلما وُضِعتِ الجنازة قام أنسٌ، فصلى عليها وأنا خلفَه لا يحُول بيني وبينه شيءٌ، فقام عند رأسِه فكبَّر أربع تكبيراتٍ لم يُطِلْ ولم يُسرعْ، ثم ذهب يقعُد، فقالوا: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن جريج -وهو عبد الله بن عبد العزيز- وإن لم يُصرِّح بالسماع متابع، وقد صحح إسناده النووي في "خلاصة الأحكام" (3459)، وابن الملقن في "البدر المنير" 5/ 384. وأخرجه النسائي (1977) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن عمار بن أبي عمار، به وإسناده صحيح. وأخرجه النسائي (1978) من طريق ابن جريج، قال: سمعت نافعاً يزعم أن ابن عمر صلَّى على تسع جنائز فجعل الرجال يلون الإِمام والنساء يلين القبلة، فصَفَّهُن صفاً واحداً، ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي امرأة عمر بن الخطاب وابن لها يقال له زيد، وضعا جميعاً، والأمام يومئذٍ سعيد بن العاص، وفي الناس ابن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة فوضع الغلام مما يلي الأمام، فقال رجل: فأنكرت ذلك فنظرت إلى ابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد وأبي قتادة فقلت: ما هذا؟! قالوا: هي السنة. وإسناده صحيح. وقد حسن إسناده النووى في "الخلاصة" (3462)، وابن الملقن في "البدر المنير" 5/ 385، وصححه ابن حجر في "التلخيص الحبير" 2/ 146.

يا أبا حمزةَ، المرأةَ الأنصاريةَ! فقرَّبوها وعليها نعشٌ أخضرُ، فقام عند عَجِيزتها، فصَلَّى عليها نحو صلاتِه على الرجل، ثم جلس، فقال العلاء بن زياد: يا أبا حمزةَ، هكذا كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يُصلِّي على الجنازة كصلاتك: يكبّر عليها أربعاً، ويقوم عند رأسِ الرجل وعَجيزة المرأةِ؟ قال: نعم، قال: يا أبا حمزةَ، غزوتَ مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، غزوت معه حُنَيْناً، فخرج المشركون فحملوا علينا حتى رأينا خيلَنا وراءَ ظهورِنا، وفي القوم رجلٌ يحمل علينا فيدقُّنا ويحَطِمُنا، فهزمهم اللهُ، وجعل يُجاء بهم فيبايعونه على الإسلام، فقال رجل من أصحابِ النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: إن علىَّ نذراً إن جاء الله عز وجل بالرجل الذي كان منذ اليومِ يحَطِمُنا لأضربنَّ عنقَه، فسكتَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وجيء بالرجل، فلما رأى رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: يا رسول الله، تبتُ إلى الله، فأمسك رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عنه لا يُبَايعه ليفيَ الآخَر بنذْرِه، قال: فجعل الرجل يَتَصَدَّى لرسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ليأمرَه بقتلِه، وجعل يَهابُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن يقتلَه، فلما رأى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أنه لا يصنع شيئاً بايعه، فقال الرجلُ: يا رسولَ الله، نَذْرِي، فقال: "إني لم أُمْسِكْ عَنهُ منذُ اليومِ إلاَّ لتُوفِيَ بنذرك"، قال: يا رسولَ الله، ألا أوْمَضْتَ إليّ؟ فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنَّهُ ليَس لِنبيٍّ أن يُومِضَ " قال أبو غالبِ: فسألتُ عن صنيعِ أنسٍ في قيامه على جنازة المرأة عند عَجيزتِها، فحدَّثوني أنه إنما كان لأنه لم تكن النُّعوشُ، فكان يقوم الإمامُ حِيالَ عَجيزتها يستُرها من القومِ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد. وقد صححه ابن الملقن في "البدر المنيير" 5/ 257. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1494)، والترمذي (1055) من طريق همام بن يحيى العوذي، عن أبي غالب، به واقتصر على قصة مقام أنس من الرجل والمرأة في الجنازة. وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (12180). قال الخطابي: "الإيماض": الرمز بالعين، والإيماء بها، ومنه: وميض البرق، وهو لمعانه. وأما قوله: "ليس لنبي أن يُومِض" فإن معناه: أنه لا يجوز له فيما بينه وبين ربه عزّ وجلّ أن يُضمِر شيئاً، ويظهر خلافه؛ لأن الله تعالى إنما بعثه بإظهار الدين، وإعلان الحق، فلا يجوز له ستره وكتمانه؛ لأن ذلك خداع، ولا يحل له أن يؤمن رجلاً في الظاهر ويخفره في الباطن. وفي الحديث دليل على الإِمام بالخيار بين قتل الرجال البالغين من الأسارى، وبين حقن دمائهم، ما لم يسلموا، فإذا أسلموا فلا سبيل له عليهم. وقد اختلف الناس في موقف الإِمام من الجنازة: فقال أحمد: يقوم من المرأة بحذاء وسطها، ومن الرجل بحذاء صدره. وقال أصحاب الرأي: يقوم من الرجل والمرأة بحذاء الصدر. وأما التكبير: فقد روي عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- خمس وأربع. فكان آخر ما كان يكبر أربعاً. وكان علي بن أبي طالب يكبر على أهل بدر ست تكبيرات، وعلى سائر الصحابة خمساً، وعلى سائر الناس أربعاً، وكان ابن عباس يرى التكبير على الجنازة ثلاثاً. قلنا: قوله: بُرَيْذِينَه، تصغير بِرْذَونَة، والذكر بِرذَون، والبراذين من الخيل ما كان من غير نتاج العراب. والدهقان، قال ابن الأثير: بكسر الدال وضمها: رئيس القرية ومقدَّم التُّنَّاء وأصحاب الزراعة، وهو معرَّب، ونونه أصلية، لقولهم: تدهْقَنَ الرجلُ، وله دَهْقنة بموضع كذا. وقيل: النون زائدة وهو من الدَّهْق: الامتِلاء. وقال في اللسان: الدِّهقان: القوي على التصرف مع حِدَّة. وعَجِيزة المرأة: عَجُزُها. =

58 - باب التكبير على الجنازة

قال أبو داود: قولُ النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "أُمِرتُ أن أقاتلَ الناسَ حتى يقولوا: لا إله إلا الله" نَسَخَ منْ هذا الحديث الوفاءَ بالنذر في قتله لقوله: إني قد تبت (¬1). 3195 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ بن زُرَيعِ، حدَّثنا حسينٌ المعلمُ، حدَّثنا عبدُ الله بن بُريدة عن سمرة بن جندب، قال: صليتُ وراء النبي -صلَّى الله عليه وسلم- على امرأةٍ ماتت في نِفاسها، فقام عليها للصلاة وَسْطَهَا (¬2). 58 - باب التكبير على الجنازة 3196 - حدَّثنا محمدُ بن العلاء، قال: حدَّثنا ابنُ إدريسَ، قال: سمعتُ أبا إسحاقَ ¬

_ = وقد وقع عند الترمذي في روايته لهذا الحديث أن المرأة من قريش، خلافاً لما هو عند المصنف هنا أنها أنصارية، ونقل ابن الملقن في "البدر المنير" 5/ 258 عن النووي في "شرح المهذب" [5/ 179]: أنه يجمع بينهما بان المرأة لعلها كانت من إحدى الطائفتين، ولها حِلف من الأخرى، أو زوجها من الأخرى. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي. (¬2) إسناده صحيح. حسين المعلم: هو ابن ذكوان، ومُسدَّد: هو ابنُ مُسَرْهَد. وأخرجه البخاري (332)، ومسلم (964)، وابن ماجه (1493)، والترمذي (1056)، والنسائي (393) و (1976) و (1979) من طرق عن حسين بن ذكوان المعلم، به. وهو في "مسند أحمد" (20162)، و"صحيح ابن حبان" (3067).

عن الشعبي: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- مَرَّ بقبرٍ رَطب فصَفُّوا عليه، وكبَّر عليه أربعاً، فقلت للشعبىِّ: مَنْ حَدَّثك؟ قال: الثقةُ مَن شهِدَهُ: عبدُ الله بن عباس (¬1). 3197 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا شعبةُ وحدَّثنا محمد بن المُثنَّى، حدَّثنا محمدُ بن جعفر، عن شعبةَ، عن عَمرو بن مُرةَ عن ابنِ أبي ليلى، قال: كان زيدٌ -يعني ابنَ أرقمَ- يكبّر على جنائزنا أربعاً، وأنه كبر على جنازة خمساً، فسألتُه، فقال: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يُكبِّرها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وأبو إسحاق: هو سليمان ابن أبي سليمان الشيباني، وابنُ إدريس: هو عبد الله. وأخرجه البخاري (1319) من طريق شعبة بن الحجاج، ومسلم (954) من طريق عبد الله بن إدريس، كلاهما عن أبي إسحاق الشيباني، به. وأخرجه لكن دون ذكر التكبير وعدده البخاري (857) و (1247) و (1321) و (1322) و (1326) و (1336) و (1340)، ومسلم (954) من طرق عن أبي إسحاق الشيباني، به. وأخرجه بذكر التكبير أربعا الترمذي (1079) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس. وفي إسناده الحجاج بن أرطأة لم يصرّح بسماعه من عطاء، ويغني عنه رواية الشيخين. (¬2) إسناده صحيح. ابن أبي ليلى: هو عبد الرحمن، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه مسلم (957)، وابن ماجه (1505)، والترمذي (1044)، والنسائي (1982) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19272)، و"صحيح ابن حبان" (3069). قال أبو بكر بن المنذر في "الأوسط" 5/ 434: ثبتت الأخبار عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من وجوه شتى أنه كبر على الجنائز أربعاً، وقد تُكُلِّم في حديث زيد بن أرقم: فقالت =

59 - باب ما يقرأ على الجنازة

قال أبو داودَ: وأنا لحديثِ ابن المثنَّى أتقَنُ. 59 - باب ما يقرأ على الجنازة 3198 - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سفيانُ، عن سعْد بن إبراهيم، عن طلحةَ بن عبد الله بن عوف، قال: صليتُ مع ابن عباسِ على جنازة، فقرأ بفاتحة الكتابِ، فقال: إنها من السُّنَّةِ (¬1). ¬

_ = طائفة من أصحاب الحديث به، وممن كان لا يمتنع منه ولا ينهى عنه، ويرى الاقتداء بالإمام إذا كبر خمساً أحمد بن حنبل، وكان يرى أن يكبر أربعاً، ودفعت طائفة من أصحابنا حديث زيد بن أرقم وقالت: لم يكن زيد يكبر أربعاً إلا لعلمه أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان كبر خمساً، ثم صار آخر الأمرين إلى أن كبر أربعاً، ولولا ذلك ما كان زيد يكبر أربعاً، فدل فعله على ذلك أن آخر الأمرين من رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ما كان زيد يختاره، والدليل على ذلك حديث عمر ... ثم أسند عن عمر بإسناد صحيح أنه قال: كل ذلك قد كان خمس وأربع، فجُمع الناسُ على أربع. ثم قال ابنُ المنذر: والأخبار التي رويت عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أنه كبر أربعاً أسانيد جياد صحاح، لا علة لشيء منها. قال النووي في "شرح مسلم": قال القاضي: اختلفت الآثار في ذلك، فجاء من رواية سليمان بن أبي حثمة [في "الاستذكار" 8/ 239] أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان يكبر أربعاً، وخمساً، وستاً وسبعاً وثمانياً، حتى مات النجاشي، فكبر عليه أربعاً، وثبت على ذلك حتى توفي -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: واختلف الصحابة في ذلك من ثلاث تكبيرات إلى تسع، وروي عن عليّ رضي الله عنه أنه كان يكبر على أهل بدر ستاً، وعلى سائر الصحابة خمسا، وعلى غيرهم أربعاً. قال ابن عبد البر: وانعقد الإجماع بعد ذلك على أربع، وأجمع الفقهاء وأهل الفتوى بالأمصار على أربع، على ما جاء في الأحاديث الصحاح، وما سوى ذلك عندهم شذوذ لا يُلتفت إليه. قال: ولا نعلم أحداً من فقهاء الأمصار يخمّس إلا ابن أبي ليلى. وانظر "الاعتبار في الناسخ والمنسوخ" للحازمي 93 - 96، و"نصب الراية" 2/ 267 - 270، و"البدر المنير) لابن الملقن 5/ 262 - 267، و"فتح الباري" -3/ 202. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومحمد بن كثير: هو العَبْدي. =

60 - باب الدعاء للميت

60 - باب الدعاء للميت 3199 - حدَّثنا عبدُ العزيز بن يحيى الحَرَّانيُّ، حدَّثني محمد -يعني ابنَ سلمةَ- عن محمد بن إسحاقَ، عن محمدِ بن إبراهيمَ، عن أبي سلمةَ بن عبد الرحمن عن أبىِ هريرةَ، سمعتُ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "إذا صلَّيتُم على الميِّتِ فأخلِصُوا له الدعاء" (¬1). 3200 - حدَّثنا أبو مَعْمَرِ عبدُ الله بن عَمرو، حدَّثنا عبدُ الوارث، حدَّثنا أبو الجُلاس عُقبةُ بن سَيَّارٍ حدَّثني عليُّ بن شَمَّاخِ، قال: شهدتُ مروانَ سأل أبا هريرةَ: كيف سمعتَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يصلي على الجنازهَ؟ قال: أمع الذي قلتُ؟ قال: نعم، قال: كلامٌ كان بينهما قبل ذلك، قال أبو هريرةَ: "اللهم أنتَ ربُّها، وأنت خلقتَها، وأنت ¬

_ = وأخرجه البخاري (1335)، والترمذي (1048)، والنسائي (1987) و (1988) من طريق سعد بن إبراهيم، به. وأخرجه ابن ماجه (1495)، والترمذي (1047) من طريق إبراهيم بن عثمان، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب. قال الترمذي: إبراهيم بن عثمان: هو أبو شيبة الواسطي، منكر الحديث، والصحيح عن ابن عباس قوله: من السنة القراءة على الجنازة بفاتحة الكتاب ... ثم ساق الحديث من طريق سعد بن إبراهيم. (¬1) إسناده حسن. محمد بن إسحاق صرح بالتحديث عند ابن حبان (3077) فانتفت شبهة تدليسه. محمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي. وأخرجه ابن ماجه (1497) من طريق محمد بن سلمة الحراني، بهذا الإسناد. وهو في "صحح ابن حبان" (3076) و (3077).

هديتَها للإسلام، وأنت قبضتَ رُوحَها، وأنت أعلمُ بسرِّها وعلانيتِها، جئنا شُفَعَاءَ فاغفرْ له" (¬1). قال أبو داود: أخطأ شعبةُ في اسمِ علي بن شمَّاخ، قال: عثمان بن شمّاس. قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ بن إبراهيمَ المَوصلي يحدّث أحمدَ ابن حنبلٍ، قال: ما أعلم أني جلستُ من حمادِ بن زيدٍ مجلساً إلا نَهى فيه عن عبدِ الوارث وجعفرِ بن سليمان (¬2). 3201 - حدَّثنا مُوسى بن مروانَ الرَّقِّيُّ، حدَّثنا شعيبٌ -يعني ابنَ إسحاقَ- عن الأوزاعيِّ، عن يحيى بن أبي كثيبر، عن أبي سلمةَ عن أبي هريرةَ، قال: صلَّى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- على جنازةٍ، فقال: "اللهم اغفِرْ لِحَيِّنا وميِّتنا، وصغيرِنا وكبيرِنا، وذَكرِنا وأُنثَانا، وشاهِدِنا ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عليِّ بن شَمَّاخ، ولاختلافٍ في إسناده ورواية بعضهم له موقوفاً على أبي هريرة كما هو مبين في "المسند" (7477). ومع ذلك فقد حسَّنه الحافظ ابن حجر في "أماليه" على "الاذكار" للنووي، نقله عنه ابن علان في "الفتوحات الربانية" 4/ 176، وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند"! عبد الوارث: هو ابن سعيد العَنْبري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10850) من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي أيضاً (10849) من طريق شعبة بن الحجاج، عن الجُلاس، قال: سمعتُ عثمان بن شماس: قال مروان: يا أبا هريرة ... وقد أخطأ شعبة هنا في موضعين: فسمى شيخه جلاساً، وإنما هو أبو الجلاس، وسمى شيخَ أبي الجُلاَس عثمانَ بن شمَّاس، وإنما هو علي بن شماخ كما صوبه أهل العلم كأبي داود وأبي زرعة والطبراني والدارقطني والمزي. وانظر "مسند أحمد" (7477) و (8545). (¬2) مقالتا أبي داود هاتان، أثبتناهما من (هـ).

وغائِبِنا، اللهم مَن أحيَيته مِنَّا فأحيِه على الإيمانِ، ومَن توفيتهُ منا فتوفَّهُ على الاسلامِ، اللهم لا تَحرِمْنا أجره، ولا تُضِلَّنا بعدَه" (¬1). 3202 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بن إبراهيمَ الدمشقيُّ، حدَّثنا الوليدُ: وحدَّثنا إبراهيمُ بن موسى الرازيُّ، أخبرنا الوليدُ -وحديث عبد الرحمن أتم- حدَّثنا مروانُ بن جَناحٍ، عن يونسَ بن مَيسرةَ بن حَلْبَسٍ عن واثلةَ بن الأسقَعِ، قال: صلّى بنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- على رجلٍ من المسلمين، فسمعتُه يقول: "اللهم إن فلانَ بن فلانِ في ذمتك فَقِهِ فتنةَ القبرِ". قال عبدُ الرحمن: "في ذمتِك وحَبْلِ جِوارك فقِهِ من فتنةِ القبرِ وعذابِ النار، وأنت أهلُ الوفاءِ والحمدِ، اللهم فاغفرْ له وارحمْهُ إنك أنت الغفورُ الرحيمُ". قال عبد الرحمن: عن مَروان بن جَناحٍ (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل موسى بن مروان الرَّقِّي، وهو متابع. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عَمرو بن أبي عَمرو. وأخرجه الترمذي (1045) من طريق هِقْل بن زياد، والنسائي في "الكبرى" (10852) من طريق أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، كلاهما عن الأوزاعي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن ماجه (1498) من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (8809)، و"صحيح ابن حبان" (3070). (¬2) إسناده صحيح. الوليد -وهو ابن مسلم الدمشقي- صرح بالتحديث في جميع طبقات الإسناد عند ابن ماجه، فانتفت شبهة تدليسه تدليس التسوية. وأخرجه ابن ماجه (1499) عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16018)، و"صحيح ابن حبان" (3074).

61 - باب الصلاة على القبر

61 - باب الصلاة على القبر 3203 - حدَّثنا سليمانُ بن حَرْبٍ ومُسَدَّدٌ، قالا: حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ، عن أبي رافعٍ عن أبي هريرةَ: أن امرأةَ سوداءَ أو رجلاً كان يَقُمُّ المسجدَ، ففقَده النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فسأل عنه، فقيل: مات، فقال: "ألا آذنتُموني به؟ " قال: "دُلُّوني على قبرِه" فدلُّوه، فصلَّى عليه (¬1). 62 - باب الصلاة على المسلم يليه أهلُ الشرك في بلد آخر 3204 - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمةَ القَعْنَبيُّ: قال: قرأتُ على مالكِ بن أنسٍ، عن ابن شهابِ، عن سعيدِ بن المسيِّب ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو رافع: هو نُفَيع الصائغ، وثابت: هو ابن أسلم البُناني، وحماد: هو ابن زيد. وأخرجه البخاري (458)، ومسلم (956)، وابن ماجه (1527) من طريق حماد ابن زيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8634)، و"صحيح ابن حبان" (3086). قال المنذري في "مختصر السنن": اختلف الناس في الصلاة على القبر: فقال علي بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري وابن عمر وعائشة وابن مسعود يجوز ذلك. وبه قال الشافعي والأوزاعي وأحمد وإسحاق. وقال النخعي ومالك وأبو حنيفة: لا يصلّى على القبور. واختلف القائلون بجواز الصلاة على القبور: إلى كم يجوز الصلاة عليها؟ فقيل: إلى شهر، وقيل: ما لم يَبْلَ جسده ويذهب. وقيل! يجوز أبداً، وقيل: يجوز لمن كان من أهل الصلاة عليه حين موته. وفي الحديث: ما كان عليه -صلَّى الله عليه وسلم- من تفقُّد أحوال ضعفاء المسلمين، وما جبل عليه من التواضع والرأفة والرحمة بأمته. وقال الخطابي: يَقُمُّ: معناها: يكنُس. والقمامة: الكُناسة.

عن أبي هريرةَ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نَعَى للناس النَّجاشيَّ اليومَ الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المُصلَّى فصفَّ بهم وكبَّر أربعَ تكبيراتِ (¬1). 3205 - حدَّثنا عبَّادُ بن مُوسى، حدَّثنا إسماعيلُ -يعني ابنَ جعفرٍ- عن إسرائيلَ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي بُردةَ عن أبيه، قال: أمرنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن ننطلق إلى أرض النجاشي، فذكر حديثَه، قال النجاشيُّ: أشهدُ أنه رسولُ الله، وأنه الذي بَشَّر به ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 1/ 226 - 227. وأخرجه البخاري (1245)، ومسلم (951)، وابن ماجه (1534)، والترمذي (1543)، والنسائي (1971) و (1972) و (1980) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وقرن النسائي في الموضع الثاني بسعيد بن المسيب أبا سلمة بن عبد الرحمن. وهو في "مسند أحمد" (7147)، و"صحيح ابن حبان" (3068) و (3098). قال الخطابي: النجاشي رجل مسلم قد آمن برسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وصدّقه على نبوته إلا أنه كان يكتم إيمانه، والمسلم إذا مات وجب على المسلمين أن يصلُّوا عليه، إلا أنه كان بين ظهراني أهل الكفر، ولم يكن بحضرته من يقوم بحقه في الصلاة عليه، فلزم رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن يفعل ذلك إذ هو نبيُّه ووليُّه وأحق الناس به، فهذا -والله أعلم- هو السبب الذي دعاه إلى الصلاة عليه بظهر الغيب، فعلى هذا إذا مات المسلم ببلد آخر غائباً عنه، فإن علم أنه لم يصل عليه لعائق أو مانع عذر كانت السُّنَّة أن يُصلَّى عليه، ولا يترك ذلك لبعد المسافة، فإذا صلَّوا عليه استقبلوا القبلة، ولم يتوجهوا إلى بلد الميت إن كان إلى غير جهة القبلة. وقد ذهب قوم إلى كراهية الصلاة على الميت الغائب، وزعموا أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان مخصوصاً بهذا الفعل، إذ كان في حكم المشاهد للنجاشي، لما روي في بعض الأخبار أنه قد سوّيت له أعلام الأرض حتى كان يبصر مكانه، وهذا تأويل فاسد، لأن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا فعل شيئاً من أفعال الشريعة كان علينا متابعته والاتساء به، والتخصيص لا يُعلم إلا بدليل، ومما يبين ذلك: أنه -صلَّى الله عليه وسلم- خرج بالناس إلى المصلى فصف بهم فصلَّوا معه، فعلمت أن هذا التأويل فاسد، والله أعلم.

عيسى ابنُ مريمَ، ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيتُه حتى أحمِل نعلَيه (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكنه مُعَلٌّ، فقد روى هذا الحديثَ حُدَيج بن معاوية، عن أبي إسحاق -وهو عُمرو بن عَبد الله السَّبيعي- عن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن مسعود - فجعله من مسند ابن مسعود. أخرجهْ كذلك أحمد في "مسنده! (4450)، وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" عند ذكر قصة الهجرة إلى الحبشة بعد أن ساق رواية حُديج ابن معاوية: وقال عُبيد الله بن موسى: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق عن أبي بردة، عن أبيه قال: أمرنا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن ننطلق مع جعفر إلى الحبشة، وساق كحديث حُديج، ويظهر لي أن إسرائيل وهم فيه، ودخل عليه حديث في حديث، وإلا أين كان أبو موسى الأشعري ذلك الوقت. وقال الحافظ في "الإصابة" 4/ 212 في ترجمة أبي موسى الأشعري: وقيل: بل رجع إلى بلاد قومه، ولم يهاجر إلى الحبشة -يعني بعد إسلامه- وهذا قول الأكثر، فإن موسى بن عقبة وابن إسحاق والواقدي لم يذكروه في مهاجرة الحبشة. أبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وعبّاد بن موسى: هو الخُتَّلي، نزيل بغداد. وأخرجه مطولاً ابن أبو شيبة 14/ 346 - 348، وعبد بن حميد (550)، والحاكم 2/ 309 - 310، وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (196)، وفي "الحلية" 1/ 114 - 115، والبيهقي 4/ 50 من طريقين عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي في "تلخيص المستدرك". وأخرج البخاري (3136)، ومسلم (2502) من طريق بريد بن عبد الله بن أبي بردة، والبزار في "مسنده" (1326) من طريق عُبيد الله بن موسى، عن إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق السبيعي، كلاهما (بريد وأبو إسحاق) عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه قال: بلغنا مخرج النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه ... فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، ووافقنا جعفر بن أبو طالب وأصحابه عنده فقال جعفر: إن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- بعثنا ها هنا، وأمرنا بالإقامة، فأقيموا معنا، فأقمنا معه حتى قدمنا جميعاً ... ثم ذكر قصة الرجوع إلى المدينة بعد افتتاح خيبر. هذا لفظ البخاري. وفي هذه الرواية الصحيحة تعليل لرواية المصنف من وجوه: =

63 - باب الرجل يجمع موتاه في مقبرة، والقبر يعلم

63 - باب الرجل يَجمع موتاه في مقبرة، والقبرُ يُعَلَّم 3206 - حدَّثنا عبدُ الوهّاب بن نَجْدةَ، حدَّثنا سعيدُ بن سالم وحدَّثنا يحيى ابنُ الفضل السِّجستانيُّ، حدَّثنا حاتمٌ -يعني ابنَ إسماعيلَ- بمعناه، عن كثيرِ بن زيدٍ المدنيِّ عن المطَّلبِ، قال: لما ماتَ عثمانُ بن مَظعُونٍ أُخرِجَ بجنازتِه فدُفِنَ فأمر النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- رجلاً أن يأتيَه بحجرِ، فلم يستطِعْ حملَها، فقام إليها رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وحَسَرَ عن ذراعَيه، قال كثيرٌ: قال المُطَّلب: قال الذي يُخبِرني ذلك عن رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: كأني أنظُر إلى بياضِ ذراعَي رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- حين حَسَرَ عنهما، ثم حملَها فوضعَها عند رأسِه، وقال: "أتَعَلَّمُ بها قبرَ أخي، وأدفِنُ إليه من مات مِن أهلِي" (¬1). ¬

_ = منها: أن قوله فيها: بلغنا مخرج النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ونحن باليمن، فيه دليل على نكارة قوله في رواية المصنف: أمرنا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن ننطلق إلى أرض النجاشي. وفيها صحة ما ذهب إليه الذهبي في "تاريخ الإسلام" وقد أشرنا إليه قريباً: أن إسرائيل وهم فيه وأنه دخل عليه حديث في حديث، ذلك أنه رواه مرة على الصواب كما في رواية البزار هذه، وأنهم وافقوا جعفراً وأصحابه عند النجاشي، لا أنهم أدركوا قصة جعفر مع النجاشي إبان وصول جعفر ومن معه إلى أرض الحبشة وأول لقاء لهم مع النجاشي. (¬1) إسناده حسن من أجل كثير بن زيد، فهو صدوق حسن الحديث، والمطلب -وهو ابن عبد الله بن حنطب- بيَّن في روايته أنه أخبره بذلك من رأى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يفعل ذلك، فاتصل الإسناد، ولا يضر إبهام الصحابي، لأنهم عدول كلهم، وقد حسَّن إسناده ابن الملقن في"البدر المنير" 5/ 325، ووافقه ابن حجر في "التلخيصر الحبير"، 2/ 133. وأخرجه البيهقي 3/ 412 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرج ابنُ ماجه (1561) من طريق محمد بن أيوب أبي هريرة الواسطي، عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن كثير بن زيد، عن زينب بنت نبيط، عن أنس بن =

64 - باب في الحفار يجد العظم، هل يتنكب ذلك المكان؟

64 - باب في الحفّار يجدُ العظمَ، هل يتنكَّبُ ذلك المكان؟ 3207 - حدَّثنا القَعْنَبيُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز بن محمدٍ، عن سعْدٍ -يعني ابنَ سعيدٍ- عن عَمْرةَ بنتِ عبد الرحمن عن عائشة، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "كَسْرُ عَظمِ الميِّتِ ككَسرِهِ حيّاً" (¬1). ¬

_ = مالك. قال أبو زرعة فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 348: هذا خطأ، يخالف الدراوردي فيه، يرويه حاتم وغيره، عن كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله ابن حنطب، وهو الصحيح. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سعد بن سعيد -وهو الأنصاري أخو يحيى بن سعيد- وهو متابع. وقد صحح هذا الحديث النووي في "خلاصة الأحكام" (3694) و (3695)، وابن دقيق العيد في "الاقتراح"، وصححه كذلك ابن الملقن في "البدر المنير" 6/ 769، وحسنه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام " 4/ 212. وأخرجه ابن ماجه (1616) من طريق عبد العزيز بن محمد الدَّراوَرْديّ، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حبان (3167)، والدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 100، والبيهقي 4/ 58 من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1273) من طريق محمد بن عمارة الأنصاري، وعبد الرزاق (6258) من طريق سعيد ابن عبد الرحمن الجَحْشِيّ، ثلاثتهم عن عمرة، عن عائشة. أما يحيى بن سعيد فلا يُسأل عن مثله، وأما محمد بن عمارة وسعيد بن عبد الرحمن فقويّان. وهو في "مسند أحمد" (24358)، و"صحيح ابن حبان" (3167). قال ابن عبد البر في "التمهيد" 13/ 144: هذا كلام عام يراد به الخصوص لإجماعهم على أن كسر عظم الميت لا دية ولا قَوَد، فعلمنا أن المعنى ككسره حياً في الإثم لا في القود ولا الدية، لإجماع العبماء على ما ذكرتُ لك. وقد ترجم المصنف للحديث بقوله: باب في الحفار يجد العظم هل يتنكب ذلك المكان، وترجم له ابن حبان بقوله: ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من تحفظ أذى الموتى، ولا سيما في أجسادهم.

65 - باب في اللحد

65 - باب في اللَّحْد 3208 - حدَّثنا إسحاقُ بن إسماعيلَ، حدَّثنا حكَّام بن سَلْم، عن عليِّ بن عبد الأعلى، عن أبيه، عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: اللَّحْدُ لنا والشَّقُّ لِغَيرنا" (¬1). 66 - باب، كم يدخُل القبرَ؟ 3209 - حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدَّثنا زهيز، حدَّثنا إسماعيلُ بن أبي خالدٍ عن عامرِ، قال: غَسَّلَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلم عليٌّ والفضلُ وأسامةُ بن زيد، وهم أدخلوه قبرَه، قال: وحدَّثني مَرْحَبٌ، أو ابن أبي مَرْحَب، أنهم ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الأعلى -وهو ابن عامر الثعلبي الكوفي-. وأخرجه ابن ماجه (1554)، والترمذي (1066)، والنسائي (2009) من طريق حكَّام بن سَلْم، بهذا الإسناد. ويشهد له حديث جرير بن عبد الله البجلي عند ابن ماجه (1555) وهو حديث حسن بطرقه كما بيناه هناك. قال أبو بكر بن المنذر: وقد اختُلف في اللحد والشق، فاستحب أكثرُ أهلِ العلم اللحدَ، لأن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- لُحِدَ له [كما أخرجه مسلم (966) أن سعد بن أبي وقاص قال في مرضه الذي هلك فيه: الحَدوا لي لحداً؟ وانصبوا عليَّ اللَّبِنَ نصْباً، كما صُنع برسول الله]. وروينا عن عمر بن الخطاب أنه أوصاهم: إذا وضعتموني في لحدى فأفضوا بخدي إلى الأرض. وممن استحب اللحد إبراهيم النخعي وإسحاق بن راهويه وأصحاب الرأي، وكان الشافعي يقول: إذا كانوا بأرض شديدة لُحد لهم، وإن كانوا ببلاد رقيقة شق لهم شقا. قال ابن المنذر: الذي قال الشافعي حسن.

أدخلُوا معهم عبدَ الرحمن بن عوف، فلما فَرَغَ عليٌّ قال: إنما يَلِي الرجلَ أهلُه (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات. مرحب -أو أبو مرحب- قال عنه الحافظ في "التقريب": مختلف في صحبته، ونقل في "تهذيب التهذيب" عن ابن عبد البر أنه قال فيه: ثقة في الكوفيين، ولا يوجد أن ابن عوف كان مع الذين دخلوا قبر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- إلا من هذا الوجه. قلنا: إذا ثبتت صحبة مرحب هذا يكون الإسناد موصولاً صحيحاً. عامر: هو ابن شراحيل الشعبي، وزهير: هو ابن معاوية، وأحمد بن يونس: هو ابن عبد الله بن يونس، معروف بالنسبة إلى جده. وأخرجه ابنُ سعد في "الطبقات" 2/ 277 و300، وابن أبي شيبة 3/ 324 و 14/ 557، والبيهقي 4/ 53 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به. وجاء عندهم: عن مرحب أو ابن أبي مرحب، وجاء عند ابنُ أبي شيبة في روايته الأولى أن قوله: "إنما يلي الميت أهله" من قول الشعبي. وأخرج ابنُ سعد 2/ 300 عن وكيع بن الجراح والفضل بن دكين، عن شريك النخعي، عن جابر الجعفي، عن عامر الشعبي قال: دخل قبر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أربعةٌ، قال الفضل في حديثه: أخبرني من رآهم. وشريك سض الحفظ وجابر الجعفي ضعيف. وانظر ما بعده. وفي الباب عن عكرمة مولى ابن عباس مرسلاً عند ابن سعد في "الطبقات" 2/ 300 ورجاله ثقات أيضاً. وباجتماع هذين الطريقين يصح الحديث، والله أعلم. لكن أخرج الحاكم 1/ 362، وعنه البيهقي 4/ 53 من طريق سعيد بن المسيب قال: قال علي بن أبي طالب: غسلتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فذهبت أنظر ما يكون من الميت فلم أر شيئاً، وكان طيباً -صلَّى الله عليه وسلم- حياً وميتاً، ولي دفنَه وإجنانَه دون الناس أربعة: علي والعباس والفضل وصالح مولى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ولُحِدَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- لَحْداً ونصب عليه اللبن نصباً. وصحح إسناده الحاكمُ وابنُ الملقن في "البدر المنير" 5/ 205. وهو عند ابنُ أبي شيبة 3/ 324 عن سعيد بن المسيب مرسلاً، ومراسيل سعيد عند أكثر أهل العلم حجة. ففي هذه الرواية زيادة العباس وصالح مولى رسول الله، بدل أسامة بن زيد. قال ابن الملقن: يجمع بين هذه الروايات بأن كل واحدٍ روى ما رأى، أو من نقص أراد به أول الأمر، ومن زاد أراد به آخره، والله أعلم.

67 - باب في الميت يدخل من قبل رجليه القبر

3210 - حدَّثنا محمدُ بن الصبَّاح بن سفيانُ، أخبرنا سفيانُ عن ابنِ أبي خالدٍ، عن الشعبيِّ عن أبي مَرْحَبٍ: أن عبدَ الرحمن بن عَوف نزل في قبر النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: كأني أنظُر إليَهم أربعةً (¬1). 67 - باب في الميت يُدخَلُ من قِبَل رجلَيه القبرَ 3211 - حدَّثنا عُبيد الله بن مُعاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبةُ عن أبي إسحاقَ، قال: أوصى الحارثُ أن يُصلِّيَ عليه عبدُ الله ابن يزيدَ، فصلَّى عليه، ثم أدخلَه القبرَ من قِبَل رجلَي القبرِ، وقال: هذا من السُّنَّةِ (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات. وأبو مرحب -ويقال: مرحب- إن ثبتت صحبته يكون الحديث متصلاً، وإلا فهو مرسل، وقوله في هذا الحديث: كأني أنظر إليهم أربعة، قد يقوي كونه صحابياً، والله أعلم. سفيان: هو الثوري. وأخرجه ابن سعد 2/ 300، والبيهقي 4/ 53 من طريق سفيان الثوري، به. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. عبد الله بن يزيد: هو ابن زيد بن حُصَين الخَطْمي الأنصاري، صحابي صغير، ولي الكوفة لعبد الله بن الزبير. وقد شهد أبو إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي- جنازة الحارث -وهو الأعور- كما روى ابنُ سعد 6/ 168 - 169، وابنُ أبي شيبة 3/ 326، والبيهقي 4/ 54، ولهذا صحح إسناده البيهقي 4/ 54، وقال: وقد قال: هذا من السنة فصار كالمسند، وصححه كذلك ابن حزم في "المحلى" 5/ 178. وأخرجه ابن سعد في الطبقات "الكبرى" 6/ 168 - 169 و 169، والبيهقي 4/ 54 من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، به. قال أبو بكر بن المنذر في "الأوسط" 5/ 452: اختلف أهل العلم في صفة الميت عند إدخاله القبر، فقالت طائفة: يُسَلُّ سلًّا من قبل رِجْل القب، روينا هذا القول عن ابن عمر وأنس بن مالك وعبد الله بن يزيد الأنصاري، والشعبي والنخعي ... =

68 - باب الجلوس عند القبر

68 - باب الجلوس عند القبر 3212 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا جَريرٌ، عن الأعمشِ، عن المنهالِ ابن عَمرو، عن زاذانَ عن البراء بن عازبِ، قال: خرجنا مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في جنازةِ رجلٍ من الأنصارِ، فانتهَينا إلى القبرِ ولم يُلحَدْ بعدُ، فجلسَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- مُستقبِلَ القبلةِ، وجلسْنا معه (¬1). ¬

_ = قال: وبه قال الشافعي، وقال: هذا من الأمور العامة التي يُستغْنَى فيها عن الحديث، ويكون الحديث فيها كالتكليف بعموم معرفة الناس لها، ورسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- والمهاجرون والأنصار بين أظهرنا ينقل إلينا العامة عن العامة في ذلك أن الميت يُسَلُّ سلًّا. وقالت طائفة: يؤخذ الميت من القبلة معترضا رُوي هذا القول عن علي وابن الحنفية ... قال: وبه قال إسحاق، وقالت طائفة: لا بأس أن يدخل الميت من نحو رأس القبر أو رجليه أو وسطه. هذا قول مالك. وقال أحمد بن حنبل: من حيث يكون أسهل عليهم ... قال ابن المنذر: وليس فيهما ثابت، والذي أحب أن يفعل ما يفعله أهل الحجاز قديماً وحديثاً، يسلُّون الميت سلَّا من قِبَلَ رجل القبر، وإن فعل فاعل غير ذلك فلا شيء عليه. (¬1) إسناده صحح. زاذان: هو أبو عمر الكِنْدي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه ابن ماجه (1548) من طريق يونس بن خباب، وابن ماجه (1549) والنسائي (2001) من طريق عَمرو بن قيس، كلاهما عن المنهال بن عَمرو، به. ولفظ حديث يونس: خرجنا مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في جنازة، فقعد حيال القبلة. ولفظ عَمرو بن قيس كلفظ المصنف، لكن ليس فيه ذكر استقبال القبلة. وسيأتي عند المصنف من طرق عن الأعمش برقم (4753) و (4754) ليس فيه ذكر استقبال القبلة أيضاً. وهو في الموضع الأول مطول. وهو في "مسند أحمد" (18534).

69 - باب الدعاء للميت إذا وضع في قبره

69 - باب الدعاء للميت إذا وضع في قبره 3213 - حدَّثنا محمد بن كثير (ح) وحدَّثنا مسلمُ بن إبراهيم، حدَّثنا همّامٌ، عن قتادةَ، عن أبي الصِّدِّيق الناجي عن ابن عمر: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كان إذا وضَع الميتَ في القبرِ قال: "باسمِ الله، وعلى سنةِ رسولِ اللهِ" هذا لفظ مسلم (¬1). 70 - باب الرجل يموتُ له القرابةُ المُشرِكُ 3214 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، حدَّثني أبو إسحاقَ، عن ناجيةَ بن كعْبٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الصِّدِّيق: هو بكر بن عَمرو -وقيل: ابن قيس-، وقتادة: هو ابن دِعامة السَّدوسي، وهمام: هو ابن يحيى العَوذي، ومحمد بن كثير: هو العَبْدي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10860) من طريق همام بن يحيى، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (10861) من طريق شعبة بن الحجاج، عن قتادة، عن أبي الصديق، عن ابن عمر موقوفاً عليه. وأخرجه ابن ماجه (1550)، والترمذي (1067) من طريق الحجاج بن أرطاة، وابن ماجه (1550) من طريق ليث بن أبي سُليم، كلاهما عن نافع، عن ابن عمر، والحجاج والليث يعتبر بهما. قلنا: ولا يضر أن شعبة وقفه عند النسائي، لأن همام بن يحيى ثقة حافظ، ثم إن شعبة قد رواه مرة أخرى فرفعه عند ابن حبان (3109)، وكذلك رفعه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي عند ابن أبي شيبة 3/ 329، ووقفه عند البيهقي 4/ 55. وهو في "مسند أحمد" (4812)، و"صحيح ابن حبان" (3110) من طريق همام ابن يحيى. وفي الباب عن جابر البَياضي عند الحاكم 1/ 366 وإسناده صحيح.

عن علي عليه السلام، قال: قلتُ للنبي -صلَّى الله عليه وسلم-: إن عَمَّك الشيخَ الضالَّ قد مات، قال: "اذهبْ فَوارِ أباكَ، ثُمَّ لا تُحدِثَنَّ شيئاً حتَّى تأتِيَني" فذهبتُ فوارَيتُه وجئتُه، فأمرَني فاغتسلتُ، ودعا لي (¬1). ¬

_ (¬1) حسن. ناجية بن كعب وثقه العجلي، وقال ابنُ معين: صالح، وكذلك قال ابنُ شاهين في "الثقات"، وترجم ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 8/ 486 لناجية ابن كعب العنزي أخي سلمى بنت كعب أبي خفاف، وسأل عنه أباه فقال: شيخ، ثم ترجم لناجية بن المغيرة، وسأل أباه: أيهما أوثق ناجية بن كعب أو ناجية بن المغيرة، فقال: جميعاً ثقتان. فإن كان ناجية بن كعب العنزي غير ناجية بن كعب الأسدي، كان مقصودُ أبي حاتم من الثاني الذي وثقه الأسديَّ، وهذا الذي يغلب على الظن كما صنع البخاري ومسلم في التفريق بيهما إلا أنهما سميا أبا العنزي خُفافاً لا كَعْباً. وقال ابن حبان في "المجروحين": كان شيخاً صالحاً إلا أن في حديثه تخليطاً لا يشبه حديث أقرانه الثقات عن عليّ، فلا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد، وفيما وافق الثقات فإن احتج به محتجٌّ أرجو أنه لم يجرح في فعله ذلك. قلنا: هو كذلك لم ينفرد به، وقد تابعه عليه غيره كما سيأتي. وقد صحح هذا الحديثَ ابنُ الجارود (550)، والضياءُ المقدسي في "المختارة" (745)، وقال الذهبيُّ في "تاريخ الإسلام" -قسم السيرة النبوية- ص 235: حديث حسنٌ متصل، وقال الرافعي في "أماليه": حديث ثابت مشهور كما نقل ابن الملقن في "تحفة المحتاج" (868). وأخرجه النسائي (190) من طريق شعبة بن الحجاج، عن أبي إسحاق، به. وهو في "مسند أحمد" (759). وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (5490) من طريق فرات بن أبي عبد الرحمن القزاز، عن ناجية بن كعب، به وإسناده حسن. وقد أشار الدارقطني في "العلل" 4/ 146 إلى هذه المتابعة. وأخرجه أحمد (807)، وأبو يعلى (424)، وابن عدي 2/ 738، والبيهقي 1/ 304 و305 من طريق الحسن بن يزيد الأصم، عن السُّدِّي إسماعيل بن عبد الرحمن، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عن علي بن أبي طالب. والحسن بن يزيد -وإن كان حديثه عن السُّدِّي ليس بالقوي كما قال ابنُ عدي في "الكامل"- يصلح حديثه للمتابعة.

71 - باب في تعميق القبر

71 - باب في تعميقِ القبر 3215 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمةَ القَعْنَبيُّ: أن سليمانَ بن المُغيرةِ حدَّثهم، عن حُميدٍ -يعني ابنَ هلالٍ- عن هشامِ بن عامرِ، قال: جاءت الأنصار إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يومَ أُحدٍ فقالوا: أصابنا قَرْحٌ وجَهْدٌ، فكيف تأمرُنا؟ قال: "احفِروا وأوْسِعُوا، واجعلُوا الرَّجُلَين والثلاثةَ في القبرِ"، قيل: فأيُّهم "يقَدَّمُ؟ قال: "أكثرُهم قرآناَ" قال: أُصيبَ أبي يومئذٍ -عامرٌ- بين اثنين، أو قال: واحد (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجالُه ثقات لكن حميد بن هلال اختُلف في سماعه من هشام بن عامر، فقال أبو حاتم كلما في "المراسيل" ص 46: حميد بن هلال لم يلق هشام بن عامر، يدخل بينه وبين هشام أبو قتادة العدوي، يقول بعضهم: عن أبي الدهماء، والحفاظ لا يدخلون بينه أحداً عن هشام، قيل له: فأي ذلك أصح؟ قال: ما رواه حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد، عن هشام. وقال العلائي: أخرج له مسلم عن أبي قتادة وأبي الدهماء وغيرهما، عن هشام بن عامر. قلنا: قد وقع تصريح حميد بن هلال من هشام بن عامر عند عبد الرزاق (6501) وعنه أحمد بن حنبل في "مسنده" (16261) من طريق معمر، عن أيوب، عن حميد بن هلال، قال: أخبرنا هشام بن عامر. وقرن عبد الرزاق في "مصنفه " بمعمر سفيان بن عيية. ولقاء حميد لهشام محتمل، وعلى تقدير الوهم في التصريح بالسماع فإن الواسطة بين حميد وهشام ثقة، وقد عُرفت من الطرق الأخرى، فيكون الإسناد صحيحاً. وأخرجه النسائي (2015) من طريق سليمان بن المغيرة، و (2018) من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب السختياني، كلاهما (سليمان وأيوب) عن حميد بن هلال، به. وأخرجه ابن ماجه (1560)، والترمذي (1810)، والنسائي (2017) من طريق عبد الوارث بن سعيد، عن أيوب السختياني، عن حميد بن هلال، عن أبي الدهماء، عن هشام بن عامر. فزاد في الإسناد أبا الدهماء -واسمه قِرْفة بن بُهَيس- وهو ثقة.=

72 - باب في تسوية القبر

3216 - حدَّثنا أبو صالح الأنطاكيُّ، أخبرنا أبو إسحاقَ -يعني الفَزَاريَّ- عن الثوريِّ، عن أيوبَ عن حميدِ بن هلالِ، بإسناده ومعناه، زاد فيه: "وأعمِقُوا" (¬1). 3217 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا جَريرٌ، حدَّثنا حميدٌ -يعني ابنَ هلال- عن سعْدِ بن هشام بن عامرِ، بهذا الحديث. قال فيه: و"أعمِقُوا" (¬2) 72 - باب في تَسوية القبر 3218 - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سفيانُ، حدَّثنا حبيبُ بن أبي ثابتٍ، عن أبي وائلٍ، عن أبي هَيَّاجٍ الأسديِّ، قال: ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (16251) و (16262). وانظر ما بعده. وسيأتي برقم (3217) من طريق جرير بن حازم، عن حميد بن هلال، عن سعد ابن هشام بن عامر. عن أبيه. وهذا إسناد صحيح، لأن سعداً ثقة كذلك. (¬1) حديث صحح كسابقه. أيوب: هو ابن أبي تميمة السَّخْتياني، والثوري: هو سفيان بن سعيد، وأبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث، وأبو صالح الأنطاكي: هو محبوب بن موسى الفراء. وأخرجه النسائي (2010) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله، وما بعده. (¬2) إسناده صحيح. جرير: هو ابن حازم. وأخرجه النسائي (2011) من طريق جرير بن حازم، و (2516) من طريق حماد ابن زيد، عن أيوب السختياني، كلاهما (جرير وأيوب) عن حميد بن هلال، به. وهو في "مسند أحمد" (16263) و (16264). وانظر سابقيه.

بعثني عليٌّ، قال: أبعثُكَ على ما بعثني عليه رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: أن لا تدَع قبراً مُشرِفاً إلا سَوَّيتَه، ولا تمثالاَ إلا طَمَسْتَه (¬1). 3219 - حدَّثنا أحمدُ بن عَمرو بن السَّرْحِ، حدَّثنا ابنُ وهْبٍ، حدَّثني عَمرو ابن الحارث ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو هياج الأسدي: هو حَيَّان بن حُصين، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة، وسفيان: هو الثوري، ومحمد بن كثير: هو العَبْدي. وأخرجه مسلم (969)، والترمذي (1070)، والنسائي (2531) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (683) و (741). وروى البخاري بإثر (1390) عن سفيان التمار: أنه رأى قبر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مُسَنَّماً. قال ابن القيم في "تهذيب السنن": وهذه الآثار لا تضاد بينها، والأمر بتسوية القبور إنما هو تسويتها بالأرض، وأن لا ترفع مشرفة عالية، وهذا لا يناقض تسنيمها شيئاً يسيراً عن الأرض. وقال ابن قدامة في "المغني" 3/ 437: وتسنيم القبر أفضل من تسطيحه. وبه قال مالك وأبو حنيفة والثوري. وقال الشافعي: تسطيحه أفضل، قال: وبلغنا أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- سطح قبر ابنه إبراهيم. وعن القاسم قال: رأيتُ قبر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وأبي بكر وعمر مُسطَّحة [قلنا: يعني الحديث الآتي برقم (3220)] ولنا ما روى سفيان التمار أنه قال: رأيتُ قبر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مسنَّماً. رواه البخاري بإسناده، وعن الحسن مثله. ولأن التسطيح يشبه أبنية أهل الدنيا، وهو أشبه بشعار أهل البدع، فكان مكروهاً. وحديثنا أثبتُ من حديثهم وأصح، فكان العمل به أولى. وقال الحافظ في "الفتح" 3/ 257: المستحب تسنيم القبور، وهو قول أبي حنيفة ومالك وأحمد والمزني وكثير من الشافعية، وادعى القاضي حسين اتفاق الأصحاب عليه، وتعقب بأن جماعة من قدماء الشافعية استحبوا التسطيح كما نص عليه الشافعي، وبه جزم الماوردي وآخرون. قلنا: قوله: "مشرفاً" أي: مرتفعاً غاية الارتفاع، وقيل: أي: عالية أكثر من شبر، قاله القاري.

أن أبا علىّ الهَمْدانىَّ حدَّثه، قال: كنا مع فَضالة بن عُبيد بِرُودِسَ من أرضِ الروم، فتوفي صاحبٌ لنا، فأمر فَضالةُ بقبرِه فَسُوِّي، ثم قال: سمعتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يأمر بتسويتِها (¬1). قال أبو داود: رُودِس جزيرةٌ في البحر. 3220 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيك، أخبرني عَمرو بن عثمانَ بن هانىء عن القاسمِ، قال: دخلتُ على عائشةَ، فقلتُ: يا أُمَّهْ، اكشفِي لي عن قبرِ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وصاحبَيه، فكشفتْ لي عن ثلاثةِ قُبورٍ، لا مُشْرِفةِ ولا لاطِئةٍ، مَبْطوحةٍ بِبَطحاءِ العَرْصة الحمراء (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحح. أبو علي الهمْداني: هو ثمامة بن شفيّ، وابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (968)، والنسائي (2030) من طريق عبد الله بن وهْبٍ، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23934). وجزيرة رُودِس، قال القاضي عياض في "مشارق الأنوار" 1/ 305: بضم الراء وكسر الدال وآخره سين مهملة، كذا ضبطناه عن الصدفي والأسدي وغيرهما، إلا الخُشَني والتميمي فإنه عندهما بفتح الراء. قلنا: وهي الآن إحدى جزر الأرخبيل اليوناني. تقع بقرب الساحل الغربي الجنوبي من تركيا الآسيوية. (¬2) إسناده حسن. عمرو بن عثمان بن هانىء روى عنه ثلاثة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام": كأنه صدوق. وقد صحح حديثه هذا الحاكم وسكت عنه الذهبي، وصححه كذلك النووي في "المجموع" 5/ 296 وابن الملقن في "البدر المنير"5/ 319. وأخرجه أبو يعلى (4571)، والحاكم 1/ 369 - 370، والبيهقي 4/ 3 من طريق عمرو بن عثمان بن هانىء، به.

73 - باب الاستغفار عند القبر للميت

قال أبو علي اللؤلؤي: يقال: رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- مُقدَّم، وأبو بكر عند رأسِه، وعُمرُ عند رجلَيه، رأسُه عند رِجلَي رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-. 73 - باب الاستغفار عند القبر للميت 3221 - حدَّثنا إبراهيمُ بن موسى الرازيُّ، حدَّثنا هشامٌ -يعني: ابن يوسف-، عن عبدِ الله بن بَحِير، عن هانىء مولى عثمانَ عن عثمان بن عفان، قال: كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- إذا فرغ من دفن الميت وقفَ عليه فقال: "اسْتَغفِرُوا لأخيكُم وسَلُوا له بالتثبيت؛ فإنه الآن يُسألُ" (¬1). ¬

_ = قال البيهقي: ومتى ما صحت رؤية القاسم بن محمد قبورهم مبطوحة ببطحاه العرصة، فذلك يدل على التسطيح، وصحت رؤية سفيان التمار قبر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مُسنَّماً، فكأنه غيِّر عما كان عليه في القديم، فقد سقط جداره في زمن الوليد بن عبد الملك، وقِيل: في زمن عمر بن عبد العزيز ثم أُصلح، وحديث القاسم بن محمد في هذا الباب أصح وأولى أن يكون محفوظاً، إلا أن بعض أهل العلم من أصحابنا استحب التسنيم في هذا الزمان، لكونه جائزاً بالإجماع، وأن التسطيح صار شعار أهل البدع، فلا يكون سبباً لإطالة الألسنة فيه ورميه بما هو منزه عنه من مذاهب أهل البدع، وبالله التوفيق. قال القاري في "مرقاة المفاتيح" 2/ 379: "لا مشرفة": مرتفعة غاية الارتفاع، وقيل: أي: عالية أكثر من شبر، "ولا لاطئة" بالهمزة والياء، أي: مستوية على وجه الأرض، يقال: لطأ بالأرض، أي: لصق بها، "مبطوحة": صفة لقبور، قال ابن الملك: أي: مسوَّاة مبسوطة على الأرض ... وفي "النهاية" [1/ 134]: البطح: التسوية، وبطح المسجد أي: ألقى فيه البطحاء، وهو الحصى الصغار ... "ببطحاء العرصة" أي: برمل العرصة، وهي موضع، وقال الطيبي: العرصة جمعها عرصات، وهي كل موضع واسع لا بناء فيه، والبطحاء: مسيل واسع فيه دقاق الحصى، والمراد بها هنا الحصى لإضافتها إلى العرصة، وقوله: "الحمراء" صفة لبطحاء أو العرصة. (¬1) إسناده حسن من أجل هانىء مولى عثمان بن عفان. وعبد الله بن بُحير: هو =

74 - باب كراهية الذبح عند القبر

قال أبو داود: بَحِير: ابنُ رَيْسان. 74 - باب كراهيةِ الذبح عند القبر 3222 - حدَّثنا يحيى بن مُوسى البَلْخيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن ثابتٍ عن أنس، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا عَقْرَ في الإسلام" (¬1). قال عبدُ الرزاق: كانوا يعقِرون عند القبر بقرةً أو شاةً. ¬

_ = ابن رَيسَان الصنعاني، وهشام بن يوسف: هو الصنعاني. ونقل ابن الملقن في "البدر المنير"5/ 331 عن المنذري أنه حسَّن هذا الحديث. وأخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في "السنة" (1425)، وفي زياداته على "فضائل الصحابة" لأبيه (773)، والبزار (445)، وابن المنذر في "الأوسط" 5/ 458، والحاكم 1/ 370، والبيهقي 4/ 56، والضياء المقدسي في "المختارة" (388)، والمزي في ترجمة هانىء مولى عثمان من "تهذيب الكمال" 30/ 147 - 148 من طريق هام بن يوسف، بهذا الإسناد. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "مصف عبد الرزاق" (6690)، ومن طريقه أخرجه أحمد (13032)، وعبد بن حميد (1253)، وابن حبان (3146)، والبيهقي 4/ 57 و 9/ 314. قال الخطابي: كان أهل الجاهلية يعقرون الإبل على قبر الرجل الجواد، يقولون: نجازيه على فعله، لأنه كان يعقِرها في حياته فيطعمها الأضياف، فنحن نعقرها عند قبره لتأكلها السباع والطير فيكون مطعماً بعد مماته كما كان مطعماً في حياته. قال الشاعر: عقرت على قبر النجاشي ناقتي ... بأبيض عضْب أَخلَصَتْهُ صَيَاقِلُه على قبر مَن لو أنني مُتُّ قبله ... لهانت عليه عند قبري رواحلُه ومنهم من كان يذهب في ذلك إلى أنه إذا عُقِرت راحلتُه عند قبره حشر في القيامة راكبًا، ومن لم يعقر عنه حشر راجلاً، وكان هذا على مذهب من يرى البعث منهم بعد الموت.

75 - باب الميت يصلى على قبره بعد حين

75 - باب الميت يُصَلَّى على قبره بعد حين 3223 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ بن سعد، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن أبي الخيرِ عن عقبة بن عامر: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- خرج يوماً فصلى على أهل أُحُد صلاتَهُ على الميت، ثم انصرف (¬1). 3224 - حدَّثنا الحَسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا يحيى بنُ آدمَ، حدَّثنا ابنُ المبارَكِ، عن حَيوَةَ بن شُريحٍ عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، بهذا الحديث، قال: إن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- هو صلَّى على قتلى أُحُدٍ بعد ثمانِ سنين، كالمودِّع للأحياء والأمواتِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزني. وأخرجه البخاري (1344)، ومسلم (2296)، والنسائي (1954) من طريق الليث بن سعد، ومسلم (2296) من طريق يحيى بن أيوب، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، به. وهو في "مسند أحمد" (17344)، و "صحيح ابن حبان"، (3198). وانظر ما بعده. قال البغوي في "شرح السنة" 5/ 366 - 367: واختلفوا في الصلاة على الشهيد: فذهب أكثرهم إلى أنه لا يُصلِّى عليه، وهو قول أهل المدينة، وبه قال مالك والشافعي وأحمد. وذهب قوم إلى أنه يُصلى عليه، لأنه روي أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- صلَّى على حمزة، وهو قول الثوري وأصحاب الرأي، وبه قال إسحاق. وتأول الأولون ما روي من صلاته على حمزة فجعلها بمعنى الدعاء كما روي عن عقبة بن عامر قال: صلَّى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- على قتلى أحد بعد ثماني سنين كالمودع للأحياء والأموات [يعني الرواية التالية عند المصنف]. قلنا: ولأحمد قول آخر ذكره ابن القيم ورجحه، وهو التخيير بين الصلاة عليه وتركه، ذكرناه عند تعليقنا على الحديث السالف برقم (3135). (¬2) إسناده صحيح. ابن المبارك: هو عبد الله، والحسن بن علي: هو الخلال. =

76 - باب في البناء على القبر

76 - باب في البناءِ على القبر 3225 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلِ، حدَّثنا عبدُ الرزّاق، أخبرنا ابنُ جُريجٍ، أخبرني أبو الزُّبير أنه سمع جابراً يقول: سمعتُ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- نهى أنْ يُقْعدَ على القبرِ، وأن يُقَصَّصَ ويُبْنَى عليه (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (4042) من طريق عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وهو في مسند أحمد، (17402). وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح، وقد صرح بالسماع كل من ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- وأبي الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- فانتفت شبهة تدليسهما. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (6488)، ومن طريقه أخرجه مسلم (970). وأخرجه مسلم (970)، والنسائي (2528) من طريق حجاج بن محمد المِصِّيصي، والترمذي (1074) من طريق محمد بن ربيعة الكلابي، كلاهما عن ابن جريج، به. زاد محمد بن ربيعة في روايته: وأن يُكتب عليها. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وكذلك رواه بهذه الزيادة الحاكم 1/ 370 من طريق حفص بن غياث وأبي معاوية، كلاهما عن ابن جريج، وصححه، لكنه قال: الكتابة لفظة صحيحة غريبة، وليس العمل عليها، فإن أئمة المسلمين من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم، وهو عمل أخذ به الخلف عن السلف. فتعقبه الذهبي في "تلخيصه" بقوله: ما قلتَ طائلاً، ولا نعلم صحابياً فعل ذلك، وإنما هو شيء أحدثه بعض التابعين فمن بعدهم، ولم يبلغهم النهي. قلنا: وأخرج الحديث بهذه الزيادة أيضاً الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 515 و 516 من طريق حفص بن غياث وأبي معاوية كذلك، عن ابن جريج، وابن حبان (3164) من طريق أبي معاوية. وأخرجه مسلم (970)، والنسائي (2029) من طريق أيوب السختياني، عن أبي الزبير، عن جابر قال: نُهي عن تقصيص القبور. هذا لفظ مسلم، ولفظ النسائي: نهى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن تجصيص القبور. قلنا: والتقصيص والتجصيص بمعنى.=

3226 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وعثمانُ بن أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا حفصُ بنُ غِياث، عن ابن جُرَيجٍ، عن سليمانَ بن مُوسى، وعن أبي الزبير، عن جابر، بهذا الحديث (¬1). ¬

_ =وهو في "مسند أحمد" (14148)، و"صحيح ابن حبان" (3162 - 3165). وانظر ما بعده. قال النووي في "المجموع" 5/ 298: قال الشافعي والأصحاب: يكره أن يُجصّص القبر وأن يكتب عليه اسم صاحبه أو غير ذلك، وأن يبنى عليه، وهذا لا خلاف فيه عندنا، وبه قال مالك وأحمد وداود وجماهير العلماء، وقال أبو حنيفة: لا يكره. قلنا: لكن نقل الطحاوي في "حاشيته" على "مراقي الفلاح" عن صاحب "البحر" قوله: الحديث المتقدم يمنع الكتابة، فليكن هو المعوّل عليه، وقال إبراهيم الحلبي في "غنية المتملي في شرح منية المصلي" ص 599: وكره أبو يوسف الكتابة أيضاً. والتقصيص: قال في "اللسان": والقَصُّ: الجَصُّ، لغة حجازية، وقيل: الحجارة من الجَصِّ، وقد قصَّصَ داره جصَّصها. ومدينة مُقصَّصة: مطلية بالقصِّ، وكذلك قبر مقصَّص ... والتقصيص: هو التجصيص. (¬1) هذا الحديث له إسنادان: فالأول: عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، وهذا إسناد صحيح صرح فيه كل من ابن جريج وأبي الزبير بالسماع في الإسناد السابق عند المصنف، والثاني: عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن جابر، وهو منقطع؟ لأن سليمان بن موسى -وهو الأشدق- لم يسمع من جابر، وابن جريج لم يصرح بسماعه من سليمان، ولكن الزيادة التي زادها في حديثه متابع عليها كما بيناه في الحديث السابق. وأخرجه بالإسناد الأول: مسلم (970)، والنسائي (2027) من طريق حفص بن غياث، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (3163) مختصراً بالنهي عن البناء على القبر. وأخرجه بالإسناد الثاني: ابن ماجه (1563)، والنسائي (2027) من طريق حفص بن غياث، به. واقتصر ابن ماجه على النهي عن الكتابة. وهو في "مسند أحمد" (14149) عن محمد بن بكر، عن ابن جريج. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (7699) من طريق قيس بن الربيع، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن عطاء، عن جابر. وقيل بن الربيع ضعيف يعتبر به، وقد خالف في إسناده حفصَ بن غياث ومحمدَ بن بكر وهما ثقتان.

77 - باب كراهية القعود على القبر

قال عثمانُ: أو يزادَ عليه، وزادَ سليمانُ بن موسى: أو أن يُكْتَبَ عليه، ولم يذكر مُسدَّدٌ في حديثِه: "أو يُزاد عليه". قال أبو داود: خفي عليَّ من حديث مُسدَّد حرف "وأن". 3227 حدَّثنا القَعْنَبِيُّ، عن مالكٍ، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيّب عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "قاتَل اللهُ اليَهُودَ اتخذُوا قُبور أنبيائِهم مَساجدَ" (¬1). 77 - باب كراهيةِ القُعود على القبْر 3228 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا خالدٌ، حدَّثنا سهيلٌ، عن أبيهِ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" -برواية محمد بن الحَسَن- (321). وأخرجه البخاري (437)، ومسلم (530)، والنسائي (2047) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (7826)، و"صحيح ابن حبان" (2326). وأخرجه مسلم (530) من طريق يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة. قال المناوي في "فيض القدير" 4/ 466: "قاتل الله اليهود" أي: أبعدهم عن رحمته. "اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" أي: اتخذوها جهة قبلتهم مع اعتقادهم الباطل، وأن اتخاذها مساجد لازم لاتخاذ المساجد عليها كعكسه. وهذا بين به سبب لعنهم لما فيه من المغالاة في التعظيم. وخصّ هنا اليهود لابتدائهم هذا الاتخاذ، فهم أظلم، وضم إليهم في رواية البخاري: النصارى [من حديث عائشة وابن عباس عند البخاري (435) و (436)] وهم وإن لم يكن لهم إلا نبي واحد، ولا قبر له، لأن المراد النبي وكبار أتباعه كالحواريين، أو يقال: الضمير يعود لليهود فقط لتلك الرواية أو على الكل، ويراد بأنبيائهم مَن أُمِروا بالإيمان بهم، وإن كانوا من الأنبياء السابقين كنوح وبراهيم.

عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لأنْ يَجلسَ أحدُكم على جَمْرةٍ، فتحرقَ ثيابَه حتى تَخْلُصَ إلى جلْدِه، خيرٌ لهُ مِن أن يجلِسَ على قَبْرٍ" (¬1). 3229 - حدَّثنا إبراهيمُ بن مرسى الرازيُّ، أخبرنا عيسى، حدَّثنا عبدُ الرحمن -يعني ابنَ يزيدَ بن جابرٍ- عن بُسْر بن عُبيد الله، قال: سمعتُ واثلةَ بن الأسْقَعِ يقول: سمعتُ أبا مَرْثَدٍ الغَنَويَّ يقول: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تجلِسُوا على القُبُورِ ولا تُصلُّوا إليها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان، ومُسَدَّدٌ: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه مسلم (971)، وابن ماجه (1566)، والنسائي (2044) من طريق سهيل بن أبي صالح، به. وهو في "مسند أحمد" (8108)، و"صحيح ابن حبان" (3166). قال المناوي في "فيض القدير" 5/ 258: قال الطيبي: جعل الجلوس على القبر وسريان ضرره إلى قلبه وهو لا يشعر بمنزلة سراية النار من الثوب إلى الجلد ثم إلى داخله. قال المناوي: وهذا مفسّر بالجلوس للبول والغائط كما في رواية أبي هريرة، فالجلوس والاستناد والوطء على القبر لغير ذلك مكروه لا حرام، بل لا يكره لحاجة. قلنا: حديث أبي هريرة الذي أشار إليه المناوي هو ما أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 517 عنه قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط، فكأنما جلس على جمرة نار". (¬2) إسناده صحيح. عيسى: هو ابن يونُس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وأبو مَرْثَد الغَنَوي: هو كنَّاز بن الحُصَين بن يَرْبوع. وأخرجه مسلم (972)، والترمذي (1073)، والنسائي (760) من طريق الوليد ابن مسلم الدمشقي، عن عبد الرحمن بن يزبد بن جابر، بهذا الإسناد. وقد صرح الوليد بسماعه في جميع طبقات الإسناد عند أحمد (17215)، وابن خزيمة (793). =

78 - باب المشي في الحذاء بين القبور

78 - باب المشي في الحِذاء بين القبور 3230 - حدَّثنا سهْل بن بكَّارٍ، حدَّثنا الأسودُ بن شيبانَ، عن خالدِ بن سُمَير السَّدوسىِّ، عن بَشِير بن نَهِيك عن بَشير مولى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- وكان اسمُه في الجاهلية زَحْمَ بن مَعبَدٍ، فهاجر إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "ما اسمُك؟ " قال: زَحْمٌ، ¬

_ = وأخرجه مسلم (972)، والترمذي (1071) و (1072) من طريق عبد الله بن المبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن بسر بن عُبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي مرثد الغنوي. فزاد في الإسناد: أبا إدريس الخولاني. وقال الترمذي بعد ذكره طريق الوليد بن مسلم التي ليس فيها أبو إدريس الخولاني: وهذا الصحيح. ونقل عن البخاري قوله: حديث ابن المبارك خطأ، أخطأ فيه ابن المبارك .. قلنا: وكذلك قال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 1/ 80، وقال الدارقطني في "العلل" 7/ 43: المحفوظ ما قاله الوليد -يعني ابن مسلم- ومن تابعه عن ابن جابر لم يذكر أبا إدريس فيه. وهو في "مسند أحمد" (17215)، و"صحيح ابن حبان" (2320) و (2324). قال النووي في "شرح مسلم": فيه تصريح بالنهي عن الصلاة إلى قبر، قال الشافعي رحمه الله: وأكره أن يعظَّم مخلوق حتى يجعل قبره مسجداً مخافة الفتنة عليه وعلى مَن بعده من الناس. قلنا: وقال الشافعي في "الأم" 1/ 278: وان صلَّى إلى القبر أجزأه وقد أساء. وقال المناوي في "فيض القدير" 6/ 390: وفي البخاري عن عمر ما يدل على أن النهي عن ذلك لا يقتضي فساد الصلاة. قلنا: ذكره البخاري تعليقاً في كتاب الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد؟ قال: ورأى عمر أنس بن مالك يصلي عند قبر، فقال: القبر القبر، ولم يأمره بالإعادة. ووصله عبد الرزاق (1581) عن معمر، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: رآني عمر بن الخطاب وأنا أصلي عند قبر فجعل يقول: القبر، قال: فحسبته يقول: القمر، قال: فجعلتُ أرفع رأسي إلى السماء فأنظر، فقال: إنما أقول: القبر، لا تصل إليه.

قال: "بل أنت بَشيرٌ" -قال: بينما أنا أُماشي رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- مَرَّ بقبور المشركين، فقال: "لقد سبقَ هؤلاء خيراً كثيراً" ثلاثاً، ثم مرَّ بقبوُر المسلمين، فقال: "لقد أدرك هؤلاء خيراً كثيراً" وحانتْ من رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نظرةٌ فإذا رجل يمشي في القبور عليه نعلان، فقال: "يا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ، وَيْحَكَ! ألْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ" فنظرَ الرجلُ، فلما عرفَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- خَلَعهما فرمى بهما (¬1). 3231 - حدَّثنا محمد بن سليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا عبد الوهاب -يعني ابن عطاءِ- عن سعيدٍ، عن قتادةَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه ابن ماجه (1568) والنسائي (2048) من طريق الأسود بن شيبان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20784)، و"صحيح ابن حبان" (3170). قال ابن الأثير في "النهاية": "يا صاحب السِّبتَيْن اخلع نعليك" السِّبْتُ، بالكسر: جلود البقر المدبوغة بالقَرَظ يتخذ منها النعال، سميت بذلك لأن شعرها قد سُبِتَ عنها: أي: حُلِق وأُزيل، وقيل: لأنها انسبتت بالدباغ، أي: لانت، يريد: يا صاحب النعلين. وفي تسميتهم للنعل المتخذة من السبت سبتاً اتساع، مثل قولهم: فلان يلبس الصوف والقطن والإبرَيْسَم، أي: الثياب المتخذة منها. وإنما أمره بالخلع احتراماً للمقابر، لانه كان يمشي بينها. وقيل: لأنها كان بها قذر، أو لاختياله في مشيه. قلنا: والقَرَظ شجر عظام لها سوق غلاظ أمثال شجر الجوز، وهي من الفصيلة القرنية، وهي نوع من أنواع السنط العربي، يستخرج منه صمغ مشهور. واحدته قَرَظة. وقال الخطابي: وخبر أنس يدل على جواز لبس النعل لزائر القبور، وللماشي بحضرتها وبين ظهرانيها [يعني الحديث الآتي عند المصنف بعده]. فأما خبر السبتيتين فيشبه أن يكون إنما كره ذلك لما فيها من الخيلاء، وذلك أن نعال السِّبت من لباس أهل الترفُّه والتنعُّم ... فأحب -صلَّى الله عليه وسلم- أن يكون دخوله المقابر على زي التواضع ولباس أهل الخشوع.

79 - باب الميت يحول من موضعه للأمر يحدث

عن أنس، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إن العبدَ إذا وُضعَ في قبرِه وتولَّى عنهُ أصحابُهُ إنه لَيسمع قَرْعَ نِعالهم" (¬1). 79 - باب الميت يُحَوَّلُ من موضعه للأمر يحدُثُ 3232 - حدَّثنا سليمانُ بن حَرْب، حدَّثنا حمادُ بن زيدٍ، عن سعيدِ بن يزيدَ أبي مَسلمةَ، عن أبي نضرةَ عن جابر، قال: دُفن مع أبي رجلٌ فكان في نفسي من ذلك حاجةٌ، فأخرجتُه بعد ستةِ أشهُرٍ، فما أنكرتُ منه شيئاً إلا شُعَيراتٍ كنَّ في لحيتِه مما يلي الأرضَ (¬2). 80 - باب في الثناء على الميت 3233 - حدَّثنا حفصُ بن عُمر، حدَّثنا شعبةُ، عن إبراهيمَ بن عامرٍ، عن عامرِ بن سعْدٍ ¬

_ (¬1) حديث صحح وهذا إسناد قوي من أجل عبد الوهاب بن عطاء، فهو صدوق لا بأس به، لكنة متابع. قتادة: هو ابن دِعامة السدوسي، وسعيد: هو ابن أبي عروبة. وأخرجه البخاري (1338)، ومسلم (2870)، والنسائي (2187) و (2189) من طريق سعيد بن أبي عروبة، ومسلم (2870)، والنسائي (2188) من طريق شيبان ابن عبد الرحمن النحوي، كلاهما عن قتادة، به. وهو في "مسند أحمد" (12271)، و "صحيح ابن حبان" (3120). وسيتكرر برقم (4752). (¬2) إسناده صحيح. أبو نَضْرة: هو المنذر بن مالك بن قِطعة العبْدي. وأخرجه بنحوه البخاريُّ (1351)، والنسائي (2021) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله. ورواية البخاري مطولهَ بقصة استشهاد عبد الله بن حرام والد جابر، وقال في روايته: فاستخرجته بعد ستة أشهر فإذا هو كيوم وضعْتُه غيرَ هُنيَّة، في أذنه.

81 - باب في زيارة القبور

عن أبي هريرةَ، قال: مَرُّوا على رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بجنازة، فأثَنوا عليها خيراً، فقال: "وجَبَتْ" ثم مَرُّوا بأخرى فأثنوا. عليها شرّاً، فقال: "وجَبَتْ" ثم قال: "إنَّ بعضَكم على بعض شَهيدٌ" (¬1). 81 - باب في زيارة القبور 3234 - حدَّثنا محمدُ بن سليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا محمدُ بن عُبيدٍ، عن يزيدَ بن كَيسانَ، عن أبي حازمٍ ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عامر بن سعد -وهو البجلي- فقد روى عنه جمع وروى له مسلم في "صحيحه"، وصحح الترمذي حديثه، ووثقه ابن حبان، وهو متابع. وأخرجه النسائي (1933) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1492) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة وإسناده حسن. وهو في "مسند أحمد" (7552) و (10013)، و"صحيح ابن حبان" (3024). قال أبو عمر بن عبد البر في "الاستذكار" (38930): كان أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- رضي الله عنهم لا يثنون على أحد إلا بالصدق، ولا يمدحون إلا بالحق، لا لشيء من أعراض الدنيا شهوة أو عصية أو تقية، ومن كان ثناؤه هكذا يصح فيه هذا الحديث وما كان مثله، والله أعلم. وقال الداوودي فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 3/ 230 - 231: المعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل والصدق، لا الفسقة، لأنهم قد يثنون على من يكون مثلهم، ولا من بينه وبين الميت عداوة، لأن شهادة العدو لا تقبل. وقال الحافظ في "الفتح" 3/ 229: والمراد بالوجوب الثبوت، إذ هو في صحة الوقوع كالشيء الواجب، والأصل أنه لا يجب على الله شيء، بل الثواب فضلُه، والعقاب عدلُه لا يُسال عما يفعل. وفي الباب عن أنس عند البخاري (1367)، ومسلم (949)، وأحمد (14837) وعن عمر بن الخطاب عند البخاري (1368).

عن أبي هريرةَ، قال: أتَى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قبرَ أُمَّه، فبكى وأبكى مَن حولَه، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "استأذَنتُ رَبي عزّ وجلّ على أن أستغفرَ لها، فلم يُؤْذَن لي، واستأذَنْتُه أن أزُورَ قبرَها، فأذِنَ لي، فزُورُوا القبورَ، فانها تُذَكِّرُ بالموتِ" (¬1). 3235 - حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدَّثنا مُعَرِّفُ بن واصلٍ، عن مُحاربِ بن دِثارٍ، عن ابن بُريدةَ عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "نهيتُكُم عن زيارة القبورِ، فزُورُوها، فإنَّ في زِيارتها تَذكِرةً" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قري من أجل يزيد بن كيسان، فهو صدوق لا بأس به. وأخرجه ابن ماجه (1569) و (1572)، والنسائي (2034) من طريق محمد بن عُبيد الطنافسي، بهذا الإسناد. ولفظ ابن ماجه الأول مختصر بلفظ: "زوروا القبور، فإنها تذكركم الآخرة". وهو في "مسند أحمد" (9688)، و"صحيح ابن حبان" (1572). (¬2) إسناده صحيح. ابن بُريدة: هو عبدُ الله. وأخرجه مسلم (977)، وبإثر (1975)،والنسائي (2532) و (4429) و (5652) و (5653) من طريق مُحارب بن دثار، ومسلم (977) من طريق عطاء الخُراساني، والنسائي (2033) من طريق المغيرة بن سبيع، و (4430) و (5651) من طريق الزبير ابن عدي، أربعتهم عن ابن بريدة، به. وقد جاء اسمه مقيداً في بعض روايات محارب وفي رواية عطاء والمغيرة بعبد الله. وأخرجه مسلم (977)، والترمذي (1076) من طريق علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، به. فسماه سليمان، وهو أخو عبد الله. وهو في "مسند أحمد" (22958) (23016)، و"صحيح ابن حبان" (3168) و (5390) و (5400) وسيتكرر برقم (3698).

82 - باب في زيارة النساء القبور

82 - باب في زيارة النساء القبور 3236 - حدَّثنا محمدُ بن كثيرِ، أخبرنا شعبةُ، عن محمدِ بنِ جُحَادةَ، سمعتُ أبا صالحِ يُحدَّث عن ابن عباس، قال: لعنَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- زائراتِ القُبور، والمتخذينَ عليها المساجدَ والسُّرُجَ (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره دون ذكر السُّرُج، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي صالح - وهو باذام مولى أم هانىء. وأخرجه ابن ماجه (1575)، والترمذي (320)، والنسائي (2543) من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. ولم يذكر ابن ماجه في روايته اتخاذ المساجد والسرج على القبور. وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (2530) و (2603)، و"صحيح ابن حبان" (3179) و (3180). ويشهد للعن زائرات القبور حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (1576)، والترمذي (1077) وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن حبان (3178). وحديث حسان بن ثابت عند ابن ماجه (1574). وللعن المتخذين المساجد على القبور حديث ابن عباس وعائشة عند البخاري (435) و (436) ومسلم (531) أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". وحديث أبي هريرة السالف عند المصنف برقم (3227). وقد ثبت عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ما يعارض هذا الحديث في الإذن بزيارة النساء للقبور، فقد أخرج البخاري (1252)، ومسلم (926) من حديث أنس بن مالك أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مر بامرأة عند قبر وهي تبكي، فقال: "اتقي الله واصبري" وأخرج مسلم عن عائشة (974) أنها تبعته إلى البقيع ثم سألته: كيف أقول: قال: "قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ... ". =

83 - باب ما يقول إذا أتى المقابر أو مر بها

83 - باب ما يقول إذا أتى المقابر أو مرَّ بها 3237 - حدَّثنا القَغنَبيُ، عن مالكِ، عن العلاءِ بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- خرج إلى المَقبرةِ، فقال: "السلامُ عليكم دَارَ قوم مُؤمنينَ، وإنَّا إن شاء اللهُ بكُم لاحِقُون" (¬1). ¬

_ = قال النووي في "المجموع" 5/ 310 - 311: الذي قطع به الجمهور أنها مكروهة لهن كراهة تنزيه، وذكر الروياني في "البحر" وجهين: أحدهما: يكره كما قاله الجمهور، والثاني: لا يكره، وهو الأصح عندي إذا أمن الافتتان، قال صاحب "المستظهري": وعندي إن كانت زيارتهن لتجديد الحزن والتعديد والبكاء والنوح على ما جرت به عادتهن حرم، قال: وعليه يحمل الحديث: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوارات القبور، وإن كانت زيارتهن للاعتبار من غير تعديد ولا نياحة كره. وقد استدل النووي بحديث أنس وحديث عائشة السابقين في جواز الزيارة فقال: وموضع الدلالة أن -صلَّى الله عليه وسلم- لم ينههما عن الزيارة. قلنا: ونحوه قال القرطبي في "التذكرة" ص 18. (¬1) إسناده صحيح. عبد الرحمن: هو ابن يعقوب مولى الحُرَقة، والقعنبي: هو عبد الله بن مَسلمة بن قَعْنَب. وهو في "موطأ مالك" 1/ 28 - 29. وأخرجه مسلم (249)، وابن ماجه (4306)، والنسائي (150) من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن، به. وهو في "مسند أحمد، (7993)، و"صحيح ابن حبان" (1046) و (3171). قال الخطابي: قوله: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون"، قيل: إن ذلك ليس على معنى الاستثناء الذي يدخل الكلام لشكٍّ وارتياب، ولكنه عادة المتكلم يحسِّن بذلك كلامه ويزيّنه كما يقول الرجل لصاحبه: إنك إن أحسنت إلىّ شكرتك إن شاء الله، وإن ائتمنتني لم أخنك إن شاء الله. في نحو ذلك من الكلام، وهو لا يريد به الشك في كلامه، وقد قيل: إنه دخل المقبرة ومعه قوم مؤمنون متحققون بالإيمان والآخرون يظن بهم النفاق، فكان استثناؤه منصرفاً إليهم دون المؤمنين، فمعناه اللحوق بهم في الإيمان، وقيل: إن الاستثناء إنما وقع في استصحاب الإيمان إلى الموت، لا في نفس الموت.=

3237/ 1 - حدَّثنا أحمد بن محمد بن حنبل، حدَّثنا معاوية بن هشام، حدَّثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يُعلِّمُهم إذا خرجوا إلى المقابر. وذكر نحو حديث العلاء بن عبد الرحمن. زاد: "إنهم فَرَطُنا، ونحن لكم تَبَعٌ، نسالُ اللهَ لنا ولكم العافية" (¬1). 3237/ 2 - حدَّثنا محمد بن الصباح البرّاز، حدَّثنا شريك، عن عاصم بن عبد الله، عن عبد الله بن عامر عن عائشة قالت: فقدتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فاتّبعتُه، فأتى البقيعَ، فقال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، أنتم لنا فَرَطٌ، وإنا بكم لاحقون، اللهم لا تحرِمْنا أجورهم، ولا تفْتِنَّا بعدهم" (¬2). ¬

_ = وذكر ابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 243 وهو أن الاستثناء مردود على معنى قوله: دار قوم مومنين، أي: وإنا بكم لاحقون مؤمنين إن شاء الله، يريد في حال إيمان، لأن الفتنة لا يأمنها مؤمن، ألا ترى إلى قول إبراهيم عليه السلام: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم:35] وقول يوسف -صلَّى الله عليه وسلم- {تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف:101]. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري. وأخرجه مسلم (975)، وابن ماجه (1547)، والنسائي في "الكبرى" (2178) و (10864) من طريق علقمة بن مرثد، به. وهو في "مسند أحمد" (22985)، و"صحيح ابن حبان" (3173). قِوله: "فَرَطُنا": الفَرَط، بالتحريك: يقع على الواحد والجميع، يقال: رجلٌ فَرَطٌ، وقومٌ فرَطٌ، وهو في الأصل: المتقدّم إلى الماء، يتقدم الواردة، فيهىء لهم الأرسان والدِّلاء، ويملأُ، الحياض، ويستقي لهم. تنبيه: هذا الحديث والحديثان بعده أثبتناها من (أ). وقد أشار المزي في "الأطراف" (1930) و (16226) و (17396) إلى أنها في رواية أبي الحسن بن العبد. (¬2) حديث صحيح دون قوله: "اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم" وهذا إسناد ضعيف لضعف عاصم بن عُبيد الله وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي-. =

84 - باب في المحرم يموت، كيف يصنع به؟

3237/ 3 - حدَّثنا القعنبيُّ وقتيبةُ قالا: حدَّثنا عبدُ العزيز بن محمد، عن شَريك -يعني ابن أبي نَمِر- عن عطاء عن عائشة، في هذه القصة، زاد: "اللهم اغفر لأهل بقيعِ الغرقد" (¬1). 84 - باب في المُحْرمِ يموت، كيف يُصنع به؟ 3238 - حدَّثنا محمدُ بن كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، حدَّثني عَمرو بن دينارٍ، عن سعيدِ بن جُبيرٍ ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1546)، والنسائي في "الكبرى" (8863) من طريق شريك النخعي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24425). وأخرجه مسلم (974)، والنسائي في "الكبرى" (2175) من طريق محمد بن قيس بن مخرمة، عن عائشة. بلفظ: قالت: قلتُ: كيف أقول لهم (يعني لأهل البقيع) يا رسول الله؟ قال: "قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم اللهُ المستقدِمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون". وهو في "مسند أحمد" (25855)، و"صحيح ابن حبان" (7110). وسيأتي بعده من طريق عطاء بن يسار، عن عائشة دون قوله: "اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم". وهذا الحرف إنما ورد في حديث أبي هريرة السالف عند المصنف برقم (3201) في دعائه -صلَّى الله عليه وسلم- على الجنازة، فهو صحيح في الصلاة على الجنازة، لا في زيارة القبور. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمد -وهو الدراورديُّ-، لكنه قد توبع. قتيبة: هو ابن سعيد، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وعطاء: هو ابن يسار. وأخرجه مسلم (974)، والنسائي في "الكبرى" (2177) و (10865) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن شريك بن أبي نمر، به. وهو في "مسند أحمد" (25471)، و"صحيح ابن حبان" (3172) و (4523). وانظر ما قبله.

عن ابن عباس، قال: أُتي النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- برجلِ وَقَصَتهُ راحلتُه، فماتَ وهو مُحرمٌ، فقال: "كفِّنُوه في ثَوْبَيه، واغسِلوهُ بماءِ وسِدْرٍ، ولا تُخَمِّرُوا رأسَهُ، فإن اللهَ يبعثُه يوم القيامة يُلبِّي" (¬1). قال أبو داود: سمعت أحمدَ بن حنبلٍ يقول: في هذا الحديث خمسُ سُنن: "كفِّنُوه في ثوبَيه" أي: يكفَّن الميتُ في ثوبَين، "واغْسلُوه بماءٍ وسِدْرٍ" أي: إن في الغَسَلات كلها سِدْراً، "ولا تُخمِّروا رأسَه"، "ولا تقرِّبُوه طيباً"، وكان الكفنُ من جميع المال. 3239 - حدَّثنا سليمانُ بن حَزبِ ومحمدُ بن عُبيدٍ -المعنى- قالا: حدَّثنا حمادُ، عن عَمرٍو وأيوبَ، عن سعيد بن جُبير عن ابن عباس، نحوه، قال: "وكفِّنُوه في ثوبَين". ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري. وأخرجه مسلم (1206)، وابن ماجه (3084)، والترمذي (972)، والنسائي (1904) و (2714) و (2858) من طرق عن عمرو بن دينار، به. وأخرجه البخاري (1267) و (1851)، ومسلم (1206)، وابن ماجه (3084/ م)، والنسائي (2853) و (2854) و (2857) من طرق عن سعيد بن جبير، به. وهو في "مسند أحمد" (1850)، و"صحيح ابن حبان" (3957). وانظر ما سياتي بالأرقام (3239) - (3241). قوله: "وقصته" قال رشيد الدين العطار في "غرر الفوائد" ص 213: وروي: فأوقصته، وهما صحيحان، قاله القاضي أبو الفضل اليحصبي، قلنا: قال القاضي في "مشارق الأنوار" ص 293: ومعناه: أوقعته فكسرت عنقه، والوقص بسكون القاف: الكسر، والإقاص والوقص: كسر العنق، وقصه وأوقصه معاً، ومنه الأوقص: القصير العنق، والاسم منه الوقص، كأنه وقِص فدخل عنقه في جسمه.

قال سليمانُ: قال أيوبُ: "ثوبَيه"، وقال عَمرٌو: "ثوبَين"، وقال ابنُ عُبيدٍ: قال أيوبُ: "في ثوبَين"، وقال عَمرو: "ثوبَيه"، زاد سليمانُ وحدَه: "ولا تُحنِّطُوه" (¬1). 3240 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمادٌ، عن أيوبَ، عن سعيدِ بن جُبيرٍ عن ابن عباس، بمعنى سليمان، قال: "في ثوبَين" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وعمرو: هو ابن دينار، وحماد: هو ابن زيد، ومحمد بن عُبيد: هو ابن حِساب. وأخرجه البخاري (1268)، ومسلم (1206) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1265) و (1266) و (1850)، والنسائي (2855) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب وحده، به. وأخرجه البخاري (1849) من طريق حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار وحده، به. وأخرجه مسلم (1206) من طريق إسماعيل بن إبراهيم -وهو ابن عُلَية- عن أيوب السخياني قال: نبئت عن سعيد بن جبير، به. قال الحافظ رشيد الدين العطار في "غرر الفوائد" ص211: هذا يدخل في باب المقطوع على مذهب الحاكم وغيره [قلنا: يعني المنقطع] إلا أن مسلماً رحمه الله لم يورده هكذا إلا بعد أن أورده من حديث حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار وأيوب كلاهما عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنه متصلاً، ثم أورد بعده حديث ابن علية الذي ذكرناه لينبه -والله أعلم- على الاختلاف فيه على أيوب. وإذا اختلف حماد بن زيد وغيره في حديث أيوب بن أبي تميمة فالقول قول حماد بن زيد، وقد روى ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين أنه قال: ليس أحد في أيوب أثبت من حماد بن زيد. قلت: ولهذا قدم مسلم في هذا الحديث طريق حماد بن زيد على طريق ابن عُلية، والله عزّ وجلّ أعلم. وانظر ما قبله، وتالييه. (¬2) إسناده صحيح كسابقيه. أيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وحماد: هو ابن زيد، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وانظر سابقيه، وما بعده.

3241 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا جَريرٌ، عن مَنصورٍ، عن الحكم، عن سعيد بن جُبيرٍ عن ابن عباس، قال: وَقصَتْ برجُلٍ مُحرِم ناقتُهُ، فقتلتْه، فاُتِي به رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "اغسِلُوه وكَفَّنُوهُ، ولا تُغَطُّوا رأسَهُ، ولا تُقرَّبُوه طِيباَ، فإنَّه يُبعَثُ يُهِلُّ" (¬1). آخر كتاب الجنائز ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الحكم: هو ابن عُتيبة، ومنصور: هو ابن المعتمر، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه البخاري (1839)، والنسائي (2856) من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (3238).

أول كتاب الأيمان والنذور

أول كتاب الأيمان والنّذور 1 - باب التغليظ في اليمين الفاجرة 3242 - حدَّثنا محمد بن الصَّبَّاح البزَّاز، حدَّثنا يزيد بنُ هارونَ، أخبرنا هشام بنَ حسَّان، عن محمد بنِ سيرين عن عمران بن حُصَين قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من حَلَفَ على يمين مَصبورَةٍ كاذباً، فليتبَؤَأ بوجهه مَقعدَهُ من النَّار" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 5، والبزار في "مسنده" (3611) والروياني في "مسنده" (139)، والطبراني في "الكبير" 18/ (445) و (446)، والحاكم 4/ 294، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 277، والخطيب في "تلخيص المتشابه في الرسم" 1/ 172، من طريقين عن محمد بن سيرين، بهذا الإسناد. زاد الروياني والطبراني في الموضع الأول: "ليقتطع بها مال امرئ مسلم". وهو في "مسند أحمد" (19912). وأخرجه الطبراني 18/ (319) و (320) و (341) من طرق عن الحسن البصري، عن عِمران بن حُصين، به نحوه. زاد في الموضع الأول: "ليقتطع بها مال أخِيه"، وفي الموضع الثالث: "مال امرئ مسلم". وأخرجه الطبري في "تفسيره" 3/ 322، من طريق زائدة بن قدامة، عن هشام، عن ابن سيرين، عن عمران موقوفاً. وفي الباب عن ابن مسعود عند أحمد (3576) و (7445)، ومسلم (138) (222) بلفظ: "من حلف على يمين يقتطع بها مال مسلم لقي الله وهو عليه غضبان". وقوله: "مصبورة" قال ابن الأثير في "النهاية": أي أُلزِمَ بها وحُبسَ عليها، وكانت لازمةً لصاحبها من جهة الحكم، وقيل لها: مصبورة - وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور - لأنه إنما صبر من أجلها، أي: حبس، فوصفت بالصبر، وأضيفت إليه مجازاً.

2 - باب فيمن حلف يمينا ليقتطع بها مالا لأحد

2 - باب فيمن حلف يميناً ليقتطع بها مالاً لأحد 3243 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى وهنَّاد بنُ السري - المعنى - قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَلَفَ على يمينِ هو فيها فاجرٌ ليقتطعَ بها مالَ امرئِ مسلمٍ، لقيَ الله وهو عليه غَضْبَان" فقال الأَشعثُ: فىَّ واللهِ كان ذلك، كان بيني وبين رجلِ من اليهود أرض، فجحدني فقدمتُه إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقال لي النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- "ألكَ بيِّنَةٌ؟ " قلت: لا، قال لليهوديِّ: "احْلِفْ" قلت: يا رسول الله، إذاً يحلفَ ويذهبَ بمالي، فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} إلى آحر الآية [آل عمران:77] (¬1). 3244 - حدَّثنا محمودُ بن خالدٍ، حدَّثنا الفريابيُّ، حدَّثنا الحارثُ بنُ سليمانَ، حدَّثني كُرْدُوسٌ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مِهران. وشقيق: هو ابن سلمة أبو وائل. وأخرجه البخاري (2356)، ومسلم (138)، وابن ماجه (2323)، والترمذي (1315) و (3259)، والنسائي في "الكبرى" (5948) و (10945) و (10996) و (10997)، من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة بهذا الاسناد. وهو في "مسند أحمد" (3576) و (4212)، و"صحيح ابن حبان" (5084). قال ابن بطال في شرح البخاري ونقله عنه العيني في "عمدة القاري": وبهذه الآية والحديث: احتج الجمهور في أن اليمين الغموس لا كفارة فيها، لأنه عليه الصلاة والسلام ذكر في هذه اليمين المقصود بها الحنث والعصيان، والعقوبة والاثم، ولم يذكر فيها كفارة، ولو كانت لذكرت كلما ذكرت في اليمين المعقودة، فقال: فليكفر عن يمينه ولياتِ الذي هو خير. قال ابن المنذر: لا نعلم سنة تدل على قول من أوجب فيها الكفارة؟ بل هي دالة على قول مَنْ لم يوجبها.

عن الأشعثِ بن قيسٍ، أن رجلاً من كِنْدَةَ ورجلاً من حَضْرَموت اختصما إلى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - في أرضٍ من اليمن، فقال الحَضْرميُّ: يا رسولَ الله، إن أرضي اغتصبنيها أبو هذا وهي في يده، قال: "هل لكَ بينةٌ؟ " قال: لا، ولكن أُحَلِّفهُ واللهُ يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه، فتهيَّأ الكِنْديُّ لليمين، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يقتطع أحدٌ مالاً بيمينٍ إلا لقي اللهَ وهو أجْذَمُ" فقال الكِنْديُّ: هي أرضُه (¬1). 3245 - حدَّثنا هنَّاد بن السَّرِيِّ، حدَّثنا أبو الأحْوصِ، عن سماكٍ، عن علقمةَ بن وائلِ بن حُجْرٍ الحضرميِّ عن أبيه، قال: جاء رجلٌ من حضرموت ورجل من كِنْدةَ إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال الحضرميُّ: يا رسولَ الله، إن هذا غلبني على أرضٍ كانت لأبي، فقال الكِنْديُّ: هي أرضي في يدي أزرعُها ليس له فيها حق، قال: فقال النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - للحضرميِّ: "ألك بينةٌ؟ " قال: لا، قال: "فلك يمينُه" قال: يا رسول الله، إنه فاجرٌ ليس يُبالي ما حلف عليه، ¬

_ (¬1) حديث صحيح، دونَ قوله: "إلا لقي الله وهو أجذمُ"، فقد تفرد بها كُرْدوُس - وهو التغلبي أو الثعلبي - وهو لين عند عدم المتابعة، وهو صحيح بلفظ: "لقي الله وهو عليه غضبان" أخرجه أحمد (21842) ومسلم (138) (220). الفريابي: هو محمد بن يوسف. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5959)، من طريق الحارث بن سليمان بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21843)، و"صحيح ابن حبان"، (5088). وسيأتي برقم (3622). وقوله: "لقي الله وهو أجذم" الأجذم، أي: مقطوع اليد، أو البركة، أو الحجة وقال الطيبي: أجذم الحجة لا لسان له يتكلم، ولا حجة في يده. يعني ليكون له عذر في أخذ مال مسلم ظلماً، وفي حلفه كاذباً.

3 - باب في تعظيم اليمين على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

ليس يتورَّع من شيءٍ، فقال: "ليس لك منه إلا ذاكَ" فانطلق ليحلفَ له، فلمَّا أدبر قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أما لئِن حلفَ على مالٍ ليأكلَه ظالماً ليَلْقَيَنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ وهو عنه مُعْرِضٌ" (¬1). 3 - باب في تعظيمِ اليمين على مِنبَرِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - 3246 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا ابن نُميرٍ، حدَّثنا هاشمُ بن هاشمٍ، أخبرني عبدُ الله بن نِسْطاسٍ من آل كثيرِ بن الصَّلْتِ أنه سمع جابرَ بن عبد الله، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَحلفُ أحدٌ عند منبري هذا على يمين آثمةٍ ولو على سواكٍ أخضرَ إلا تَبَوَّأ مَقعَدَهُ من النَّار - أو وجبت له النارُ - " (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل سماك - وهو ابن حرب - أبو الأحوص: هو سَلاّم بن سُلَيْم. وأخرجه مسلم (139)، والترمذي (1389)، والنسائي في "الكبرى" (5946)، من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18863)، و "صحيح ابن حبان" (5074). وسيأتي برقم (3623). قال الخطابي: في هذا الحديث دليل على أن ما يجري بين المتخاصمين من كلام وتشاجر وتنازع وإن خرج بهم الأمر في ذلك إلى أن ينسب كل واحد منهم صاحبه فيما يدعيه قبله إلى خيانة وفجور واستحلال ونحو ذلك من الأمور، فإنه لا حكومة بينهما في ذلك. وفيه دليل على أن الصالح المظنون به الصدق، والصالح الموهوم به الكذب في ذلك الحكم سواء، وأن لا يحكم لهما ولا عليهما إلا بالبينة العادلة أو اليمين. (¬2) إسناده قوي. عبد الله بن نسطاس وإن لم يرو عنه غير هاشم بن هاشم - قد وثقه النسائي، وابن عبد البر في "الاستذكار" 22/ 83، واحتج به مالك. وباقي رجاله ثقات. ابن نمير: هو عبد الله. =

4 - باب الحلف بالأنداد

4 - باب الحَلْف بالأنْدَاد 3247 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن حُميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَن حلَفَ فقال في حَلفِه: واللاَّتِ، فليقل: لا إله إلا الله، ومن قال لصاحبه: تعالَ أُقامِرْك، فلْيتصدق بشيء" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2325)، والنسائي في "الكبرى" (5973) من طريق هاشم ابن هاشم بهذا الإسناد. وهو في "الموطأ" 2/ 727 عن هاشم بن هاشم بهذا الإسناد، وهو من طريق مالك عند أحمد (14706)، وابن حبان (4368). وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد (8087)، وابن ماجه (2326). (¬1) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، والحسن بن علي: هو الخَلاَّل. وأخرجه البخاري (4860)، ومسلم (1647)، وابن ماجه (2096)، والترمذي (1626)، والنسائي (3775)، من طريق محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8087)، و"صحيح ابن حبان" (5705). قال المهلب: أمر - صلَّى الله عليه وسلم - للحالف باللات والعُزى بقول: "لا إله إلا الله، خشية أن يستديم حاله على ما قال، فيخشى عليه من حبوط عمله فيما نطق به من كلمة الكفر بعد الإيمان. وروى ابن حبان (4364) ما يشبه أن يكون سبباً لهذا الحديث من طريق مصعب ابن سعد، عن أبيه قال: كنا حديث عهد بجاهلية، فحلفت باللاتِ والعُزى فقال لي أصحابي: بئس ما قلتَ، فذكرتُ ذلك للنبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "قل: لا إله إلا الله وحده ثلاثاً ثم اتفُل عن يسارك ثلاثاً؟ وتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم ولا تعد" وهو في "المسند" (1590)، وسنن ابن ماجه (2097) وإسناده صحيح. =

3248 - حدَّثنا عُبيد الله بن مُعاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا عوفٌ، عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تحلِفُوا - بآبائكم، ولا بأمهاتِكم، ولا بالأندادِ، ولا تحلِفُوا إلا بالله عز وجل، ولا تحلِفُوا بالله إلا وأنتم صادقُون" (¬1). ¬

_ = وقال الخطابي: اليمين إنما تكون بالمعبود المعظم، فإذا حلف باللات ونحوها، فقد ضاهى الكفار، فأمر أن يتدارك بكلمة التوحيد. وقال أبو بكر بن العربي: من حلف بها جاداً، فهو كافر، ومن قالها جاهلاً أو ذاهلاً يقول: لا إله إلا الله، يكفر الله عنه، ويرد قلبه عن السهو إلى الذكر، ولسانه إلى الحق، وينفي عنه ما جرى به من اللغو. وقوله: "ومن قال لصاحبه: تعال أقامرك، فليتصدق بشيء". قال الخطابي: أي بالمال الذي كان يريد أن يقامر به، وقيل: بصدقة ما لتكفر عنه القول الذي جرى على لسانه، قال النووي: وهذا هو الصواب، وعليه يدل رواية أبي داود هذه ورواية مسلم. (¬1) إسناده صحيح. عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4692) من طريق عبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (4357). والحكمة في النهي عن الحلف بالآباء أنه يقتضي تعظيم المحلوف به، وحقيقة العظمة مختصة بالله جلَّتْ عظمته، فلا يضاهى به غيره، وهكذا حكم غير الآباء من سائر الأشياء. قال النووي: يكره الحلف بغير أسماء الله تعالى وصفاته، سواء في ذلك النبي - صلَّى الله عليه وسلم - والكعبة والملائكة والأمانة والحياة والروح وغيرها، ومن أشدها كراهة الحلف بالأمانة، والكراهة هنا تحريمية. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و (هـ) وهامش (ب). وقد أشار المزي في "الأطراف" (14483) إلى أنه في رواية أبي الحسن ابن العبد وأبي بكر ابن داسه فقط. قلنا: (هـ) عندنا برواية ابن داسه.

5 - باب في كراهية الحلف بالآباء

5 - باب في كراهية الحلف بالآباء 3249 - حدَّثنا أحمدُ بن يونس، حدَّثنا زهيرٌ، عن عُبيد الله بن عُمر، عن نافع، عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أدركَه وهو في رَكْبٍ وهو يحلِفُ بأبيه، فقال: "إن الله عزّ وجلّ ينهاكُم أن تَحلِفُوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلفْ بالله أو ليَسْكُتْ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحح. وقد رواه غير زهير -وهو ابن معاوية الجعفي- عن عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أدرك عمر وهو في ركب. فجعله من مسند عبد الله بن عمر. وكذلك رواه غير واحد عن نافع فجعلوه من مسند عبد الله بن عمر، وكذا روي عن سالم بن عبد الله عن أبيهَ مرة فقال: سمع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عمر بن الخطاب وهو يحلف ... ، وروي عنه مرة أخرى عن أبيه، عن عمر بن الخطاب كرواية المصنف. وقد أسنده البخاري ومسلم على الوجهين. قال الحافظ في "الفتح" 11/ 533: يشبه أن يكون ابن عمر سمع المتن من النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، والقصة التي وقعت لعمر منه، فحدث به على الوجهين. قلنا: ويحتمل أنه سمع القصة مع المتن من عمر. ثم كان يرويه أحياناً مرسلاً. ومرسل الصحابي حجةٌ عند أهل العلم، ويحتمل أن يكون ابن عمر حضر القصة، فكان يقول فيه أحياناً: عن عمر، تجوُّزاً، وهذا أسلوب في الرواية معروف. وأخرجه الترمذي (1614) من طريق عبدة بن سليمان، والنسائي في "الكبرى" (7616) من طريق يحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أدرك عمر في ركب ... الحديث. وأخرجه البخاري (2679) و (6108) و (6646)، ومسلم (1646) من طرق عن نافع، عن عبد الله بن عمر رفعه ورواية يعضهم مختصرة. وأخرجه البخاري (6647)، ومسلم (1646)، وابن ماجه (2094)، والنسائي في "الكبرى" (4690) و (4691) من طرق عن الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب فجعلوه من مسند عمر بن الخطاب. دون قوله: "فمن كان حالفاً ... ".

3250 - حدَّثنا أحمدُ بن حنْبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن سالمٍ، عن أبيه عن عمر، قال: سمعني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، نحو معناه إلى: "بآبائكم" زاد: قال عمرُ: فوالله ما حلفتُ بها ذاكراً ولا آثراً (¬1). 3251 - حدَّثنا محمد بن العلاء، حدَّثنا ابنُ إدريسَ، قال: سمعتُ الحسنَ ابن عُبيد الله، عن سعْد بن عُبيدة، قال: ¬

_ = وأخرجه مسلم (1646)، والترمذي (1613)، والنسائي (4689) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال سمع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عمر وهو يقول ... فجعله من مسند عبد الله بن عمر. وهو في "مسند أحمد" (112) و (4523). (¬1) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، سالم: هو ابن عبد الله بن عمر. وأخرجه مسلم (1646) (1) و (2)، وابن ماجه (2094)، والنسائي (3767) و (3768) من طريق عن سالم عن ابن عمر عن عمر به. وأخرجه النسائي (3766) من طريق سالم عن ابن عمر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. فلم يذكر عمر بن الخطاب، وهذا لا يضر؛ لأنه يكون عندئذٍ مرسل صحابي، وإرسال الصحابي لا يضر. قال السندي: فوالله من كلام عمر: ما حلفتُ بها، أي: بالآباء أو بهذه اللفظة وهي: وأبي، ذاكراً من نفسي، ولا آثراً، أي: راوياً من غيري بان أقول: قال فلان: وأبي، ومعنى ما حلفت بها: ما أجريتُ على لساني الحلف بها، فيصح التقسيم إلى القسمين، وإلا فالراوي عن الغير لا يُسمى حالفاً. تنبيه: هذا الحديث مع الحديثين التاليين أثبتناها من (أ) و (هـ) وهامش (ب) وأشار الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ) إلى أن هذه الأحاديث في رواية أبي الحسن ابن العبد وأبي بكر ابن داسه فقط.

6 - باب كراهية الحلف بالأمانة

سمع ابنُ عُمر رجلاً يحلفُ: لا والكعبة، فقال له ابنُ عمر: إني سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "مَن حلَفَ بغيرِ الله فقد أشركَ" (¬1). 3252 - حدَّثنا سليمانُ بن داودَ العَتَكيُّ، حدَّثنا إسماعيلُ بن جعفرٍ المدنيُّ، عن أبي سُهيلٍ نافعِ بن مالك بن أبي عامر، عن أبيه أنه سمع طلحةَ بن عُبيد الله، يعني في حديث قصةِ الأعرابي، قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "أفلحَ وأبيه إن صَدَقَ، دخل الجنَّةَ وأبيهِ إن صَدَقَ" (¬2). 6 - باب كراهية الحلف بالأمانة 3253 - حدَّثنا أحمدُ بن عبد الله بن يونسَ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا الوليد بن ثعلبةَ الطائيُّ، عن ابن بُريدةَ ¬

_ (¬1) حديث صحيح. ابن إدريس: هو عبد الله. وأخرجه الترمذي (1615) من طريق الحسن بن عبيد الله، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن، وتفسير هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن قوله: كفر أو أشرك على التغليظ، والحجةُ في ذلك حديث ابن عمر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - سمع عمر يقول: وأبي وأبي فقال: "ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم" وحديث أبي هريرة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "من قال في حلفه: واللات والعزى، فليقل: لا إله إلا الله" وهذا مثل ما روي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "الرياء شرك". وهو في "مسند أحمد" (6072)، و"صحيح ابن حبان" (4358). وله طريق آخر بإسناد صحيح عند أحمد (5346) قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من حلف بغير الله ... " فقال فيه قولاً شديداً. قال الخطابي: قوله: آثِراً: يريد مُخبراً به، من قولك: أثَرتُ الحديث آثُره: إذا رويتَه. يقول: ما حلفتُ ذاكراً عن نفسي، ولا مُخبِراً به عن غيري. (¬2) إسناده صحيح. وقد سلف تخريجه برقم (392).

7 - باب لغو اليمين

عن أبيه، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- "مَنْ حلفَ بالأمانةِ فليس منا" (¬1). 7 - باب لَغْوِ اليمينِ 3254 - حدَّثنا حميدُ بن مَسعَدةَ الشاميُّ، حدَّثنا حسَّان -يعني ابنَ إبراهيمَ- حدَّثنا إبراهيمُ -يعني ابن ميمون الصائغَ- عن عطاء: اللَّغْو في اليمين، قال: قالت عائشةُ: إن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "هو كلامُ الرجلِ في بيتِه، كلاَّ واللهِ، وبَلَى والله" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجُعْفِيّ، وابن بريدة: هو عبد الله. وأخرجه أحمد (22980)، والبزار في "كشف الأستار" (1500)، وأبو يعلى في "مسنده الكبير" كما في "إتحاف الخيرة" (6600)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1342)، وابن حبان (4363)، والحاكم 4/ 298، والبيهقي في "السنن" 10/ 30، وفي "شعب الإيمان" (11116)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 14/ 35 من طرق عن الوليد بن ثعلبة الطائي بهذا الإسناد. قال الخطابي: هذا يشبه أن تكون الكراهة فيه من أجل أنه أمر أن يحلفَ بالله وبصفاته، وليست الأمانة من صفاته، وإنما هي أمر من أمره، وفرض من فروضه، فنُهوا عنه لما في ذلك من التسوية بينها وبين أسماء الله عزّ وجلّ وصفاته. (¬2) صحيح موقوفاً. حسان بن إبراهيم -وهو الكرماني- ينحط عن رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات لكن الأصح وقفه كما أشار إليه المصنف بإثره. وأخرجه ابن جرير 4/ 405، والبيهقي 10/ 49 من طريق حسان الكرماني بهذا الإسناد. وصححه ابن حبان (4333). وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 477 عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة موقوفاً. وأخرجه البخاري (4613) و (6663) من طريقين عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة موقوفاً. =

8 - باب المعاريض في اليمين

قال أبو داود: كان إبراهيمُ الصائغُ رجلاً صالحاً، قتله أبو مسلمٍ بِفَرَنْدُس، قال: وكان إذا رفَع المطرقةَ فسمع النِّداء سَيَّبها. قال أبو داود: روَى هذا الحديثَ داودُ بن أبي الفُرات، عن إبراهيمَ الصائغ، عن عطاء، عن عائشة موقوفاً، ورواه الزهري وعبد الملك ابن أبي سليمان ومالك بن مِغْوَلٍ، كلُّهم عن عطاءٍ، عن عائشة موقوفاً أيضاً. 8 - باب المعاريض في اليمين 3255 - حدَّثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هُشَيمٌ، عن عبَّاد بن أبي صالح وحدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا هُشيمٌ، أخبرني عبد الله بن أبي صالح، -ثم اتفقا- عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يمينُكَ على ما يُصدِّقُك عليها صاحبُك" (¬1). ¬

_ = وصحح وقفه الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 37. قلنا: اللغو: هو اليمن التي تمر على لسانه في عُرض حديثه من غير قصد إليها لا كفارة فيها في قول أكثر أهل العلم: عمر وعائشة وعطاء والقاسم وعكرمة والشعبي والشافعي ومحمد بن الحسن. ومن اللغو في اليمن: اليمن التي يحلف بها الحالفُ وهو يرى أنه كما يحلفُ عليه، ثم يتبيَّنُ غير ذلك، وأكثر أهل العلم أن هذه اليمن لا كفارة فيها، وهو قول زرارة بن أوفى ومجاهد والحسن والنخعي وقتادة ومكحول وسليمان بن يسار وربيعة ومالك والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة وأصحابه. انظر: "مختصر اختلاف العلماء" 3/ 236 - 237، و"تفسير القرطبي" 3/ 99. (¬1) إسناده حسن. هشيم وهو ابن بشير بن القاسم صرح بالتحديث عند مسلم وغيره فزالت شبهة تدليسه، وعباد بن أبي صالح، ويقال: عبد الله بن أبي صالح السمان =

قال أبو داود: هما واحدٌ: عبد الله بن أبي صالح، وعبَّاد بن أبي صالح. 3256 - حدَّثنا عَمرو بن محمدٍ الناقدُ، حدَّثنا أبو أحمد الزبيريُّ، حدَّثنا إسرائيلُ، عن إبراهيمَ بن عبد الأعلى، عن جدته عن أبيها سُوَيدِ بن حَنظلةَ، قال: خرجنا نريدُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ومعنا وائلُ بن حُجْر فأخذه عدوٌّ له، فتحرَّجَ القوم أن يحلِفُوا، وحلفتُ إنه أخي، فخَلَّى سبيلَه، فأتينا رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فأخبرتُه أن القوم تَحرجوا أن يحلِفُوا وحلفتُ إنه أخي، فقال: "صَدَقْتَ، المسلمُ أخو المسلم" (¬1). ¬

_ = وثقة ابن معين، وقال الساجي وتبعه الأزدي: ثقة إلا أنه روى عن أبيه ما لم يتابع عليه. وقال الذهبي: مختلف في توثيقه، وحديثه حسن. وأخرجه مسلم (1653) (20)، وابن ماجه (2121)، والترمذي (1404) من طريق هشيم بن بشير، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقال الذهبي في "تلخيص المستدرك" 4/ 303: صحيح إن شاء الله. قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا كان المستحلف ظالماً، فالنية نية الحالف، وإن كان المستحلف مظلوماً، فالنية فيه الذي استحلف. وقال القاري: قوله: على ما يصدقك به صاحبك، أي: خصمك ومدعيك ومحاورك، والمعنى: أنه واقع عليه لا يؤثر فيه التورية، فإن العبرة في اليمين بقصد المستحلف إن كان مستحقاً لها، وإلا فالعبرة بقصد الحالف، فله التورية. وانظر "شرح مسلم" للنووي 11/ 117. وهو في "مسند أحمد" (7119). (¬1) إسناده ضعيف. قال المنذري في "تهذيب سنن أبي داود" 4/ 359: اِلحديث أخرجه ابن ماجه. وسويد بن حنظلة لم ينسب، ولم يعرف له غير هذا الحديث، وقال ابن حجر في =

9 - باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام

9 - باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام 3257 - حدَّثنا أبو توبةَ الربيعُ بن نافعٍ، حدَّثنا معاويةُ بن سلاَّمٍ، عن يحيى ابن أبي كثيرٍ، أخبرني أبو قِلابةَ أن ثابتَ بن الضَحّاك أخبره -أنه بايعَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- تحتَ الشجرةِ- أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "مَن حلف بملةِ غيرِ الإسلام كاذباً فهو كما قال، ومن قتل نفسَه بشيءِ عُذِّب به يوم القيامة، وليس على رجلٍ نذرٌ فيما لا يملِكُه" (¬1). ¬

_ = "الإصابة" 3/ 225: قال الأزدي: ما روى عنه إلا ابنته. قلنا: وابنته هذه مجهولة لا تعرف. وباقي رجاله رجال الصحيح. وفي الباب ما يقويه عند البخاري (3358) من حديث أبي هريرة، وفيه: أن إبراهيم عليه السلام لما سأله الجبار عن زوجته سارة، قال: هي أختي. وأورد البخاري هذه القطعة في كتاب الطلاق: باب إذا قال لامرأته وهو مكره: هذه أختي، فلا شيء عليه، قال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: قال إبراهيم لسارة: هذه أختي، وذلك في ذات الله عز وجل. قال السندي في "حاشية المسند": قوله: "صدقت المسلم أخو المسلم" يدل على أن التورية في الحلف مؤثرة إذا لم يكن للمستحلف حق الاستحلاف، وما جاء أن اليمين على نية المستحلف، فذاك فيما إذا كان له حق الاستحلاف. وانظر لزاماً كلام الإمام الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 5/ 127 - 131. وأخرجه ابن ماجه (2119) من طريق إسرائيل -وهو ابن يونس-، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16726). (¬1) إسناده صحيح. أبو قِلابة: هو عبدُ الله بن زيد بن عمرو. وأخرجه البخاري (1363)، ومسلم (110)، وابن ماجه (2098)، والترمذي (1624) و (2826)، والنسائي (3770) و (3771) و (3813) من طرق عن أبي قلابة، به. =

3258 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا زيدُ بن الحُبَاب، حدَّثنا حسينٌ -يعني ابنَ واقدٍ- قال: حدَّثني عبدُ الله بن بُريدةَ ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (16385)، و"صحيح ابن حبان" (4366) و (4367). قال الإِمام الترمذي: وقد اختلف أهل العلم في هذا إذا حلف الرجل بملة سوى الإسلام قال: هو يهودي أو نصراني، إن فعل كذا وكذا ففعل ذلك الشيء، فقال بعضهم: قد أتى عظيماً ولا كفارة عليه، وهو قول أهل المدينة، وبه يقول مالك بن أنى، وإلى هذا القول ذهب أبو عبيد. وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم- والتابعين وغيرهم: عليه في ذلك الكفارة وهو قول سفيان وأحمد وإسحاق (والحنفية) وانظر "شرح السنة" 10/ 9 بتحقيقنا. وقال القسطلاني في "إرشاد الساري" 2/ 456 تعليقاً على قوله: "كاذباً": في تعظيم تلك الملة التي حلف بها "فهوكما قال" أي: فيحكم عليه بالذي نسبه لنفسه، وظاهره الحكم عليه بالكفر إذا قال هذا القول، ويحتمل أن يعلق ذلك بالحنث، لما روى بريدة مرفوعاً: "من قال: أنا بريء من الإسلام، فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً فلن يرجع إلى الإسلام سالماً" والتحقيق التفصيل، فإن اعتقد تعظيم ما ذكر كفر، وان قصد حقيقة التعليق، يخنظر، فإن كان أراد أن يكون متصفاً بذلك كفر، لأن إرادة الكفر كفر، وان أراد البعد عن ذلك لم يكفر، لكن يحرم عليه ذلك. ويحتمل أن يكون المراد به: التهديد والمبالغة في الوعيد لا الحكم بأنه صار يهودياً، وكأنه قال فهو مستحق لمثل عذاب ما قال، ومثله قوله عليه الصلاة والسلام: "من ترك الصلاة فقد كفر" أي: استوجب عقوبة من كفر. وقال ابن المنذر: قوله: "فهو كما قال" ليس على إطلاقه في نسبته إلى الكفر، بل المراد أنه كاذب ككذب المعظم لتلك الجهة. تنبيه: هذا الحديث والحديث الذي يليه أثبتناهما من (أ) و (هـ) وهامش (ب)، وأشار الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ) إلى أن هذا الباب كله في رواية ابن العبد فقط. قلنا: وهو في رواية ابن داسه أيضاً، إذ هو في (هـ) عندنا وهي بروايته.

10 - باب من حلف أن لا يتأدم

عن أبيه، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من حلفَ فقال: إني بَرِيءٌ من الإسلام: فإن كان كاذباً، فهو كما قال، وإن كان صادقاً فلن يرجعَ إلى الإسلام سالماً" (¬1). 10 - باب من حلف أن لا يتأدَّم 3259 - حدَّثنا محمد بن عيسى، حدَّثنا يحيى بن العلاء، عن محمد بن يحيى عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال: رأيتُ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وضع تمرةً على كسرة، فقال: "هذه إدامُ هذه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي. حسين بن واقد روى له أصحاب السنن والبخاري تعليقاً ومسلم متابعة، وهو صدوق لا بأس به، وباقي رجال الإسناد ثقات. وأخرجه ابن ماجه (2100)، والنسائي (3772) من طرق عن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23006). (¬2) إسناده هالك، وقال ابن حبان في "الثقات" 3/ 446: لست بالمعتمد على إسناد خبر يوسف. يحيى بن العلاء -وهو البجلي- كذبه أحمد، وقال عمرو بن علي والنسائي والدارقطني: متروك الحديث، وضعفه أبو زرعة وأبو حاتم وأبو داود. ومحمد بن يحيى كذا جاء عند أبي داود في الأصول عدا (هـ) والصواب: محمد بن أبي يحيى الأسلمي نبه عليه المزي وابن حجر وجاء في (هـ): يعني ابنَ حبَّان، وهو خطأ. وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (7494) من طريق يحيى بن العلاء، عن محمد ابن أبي يحيى الأسلمي، عن يوسف بن عبد الله بن سلام، عن أبيه. فسماه على الصواب إلا أنه جعله من مسند عبد الله بن سلام. وانظر ما بعده.

11 - باب الاستثناء في اليمين

3260 - حدَّثنا هارونُ بن عَبد الله، حدَّثنا عُمر بن حفْصٍ، حدَّثنا أبي، عن محمد بن أبي يحيى، عن يزيدَ الأعورِ، عن يوسفَ بن عبدِ الله بن سلاَمٍ، مثله (¬1). 11 - باب الاستثناء في اليمين 3261 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا سفيانُ، عن أيوبَ، عن نافعِ عن ابن عمر، يبلغُ به النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "مَنْ حَلَفَ على يمين، فقال: إن شاء الله فَقَدِ استَثْنَى" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة يزيد الأعور - وهو ابن أبي أمية، ومع ذلك فقد حَسَّن إسناده الحافظ في "الفتح" 11/ 571! حفص: هو ابن غياث. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 371 - 372، والترمذي في "الشمائل" (184)، والطحاوي في المشكل، (4453)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 234، والطبراني 22/ (732)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 3/ 290، وتمام في "فوائده" (1629)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" في ترجمة يوسف بن عبد الله ابن سلام، وفي "أخبار أصبهان" 2/ 168 - 169، والبيهقي 10/ 63، والبغوي في "شرح السنة" (2886)، والمزي في "تهذيب الكمال" 32/ 89 في ترجمة يزيد الأعور، من طريق عمر بن حفص بن غياث، بهذا الإسناد. وأخرجه إسحاق الحربي في "غريب الحديث" 3/ 1141 - 1142 عن ضرار بن صُرد، عن حفص بن غياث، به. وابن صرد ضعيف جداً. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه ابن ماجه (2106)، والنسائي في "الكبرى" (4752) من طريق سفيان ابن عيينة، بهذا الإسناد. ولفظ ابن ماجه: "من حلف واستثنى فلن يحنث". وأخرجه الترمذي (1611) من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، به بلفظ: "من حلف على يمين فقال: إن شاء الله فقد استثنى فلا حنث عليه". وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4751) من طريق كثير بن فرقد، عن نافع، به. بنحو لفظ المصنف. =

3262 - حدَّثنا محمدُ بن عيسى ومُسدَّد -وهذا حديثه- قالا: حدَّثنا عبدُ الوارث، عن أيوبَ، عن نافعٍ عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَنْ حلفَ فاستثنى فإن شاء رجعَ، وإن شاءَ ترك غيرَ حَنِثٍ" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (4581)، و"صحيح ابن حبان" (4339). وانظر ما بعده. قال السندي: قوله: "على يمين"، أي: على محلوف عليه، أو بيمينٍ فقد استثنى، أي: ومن استثنى، فلا يحنث فَعَلَ أو تَرَكَ. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّد: هو ابن مسرهد بن مسربَل البصري، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري مولاهم. وأخرجه ابن ماجه (2105)، والترمذي (1611)، والنسائي في "الكبرى" (4716) من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. ولفظ الترمذي: "من حلف على يمين فقال: إن شاء الله، فقد استثنى، فلا حنث عليه". وأخرجه بنحوه النسائي في "الكبرى" (4753) من طريق وهيب، عن أيوب، به. قال الترمذي: حديث ابن عمر حديث حسن، وقد رواه عُبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر موقوفاً، وهكذا روي عن سالم، عن ابن عمر موقوفاً. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وغيرهم أن الاستثناء إذا كان موصولاً باليمين، فلا حِنث عليه، وهو قول سفيان الثوري والأوزاعي، ومالك ابن أنس وعبد الله بن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق (وأبو حنيفة). وقول الترمذي: ولا نعلم أحداً رفعه غير أيوب، فيه نظر، فقد تابعه على رفعه كثير بن فرقد عند النسائي 7/ 25، وأيوب بن موسى عند ابن حبان (4340) وكلاهما ولحديث ابن عمر شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (2104)، والترمذي (1612) وصححه ابن حبان (4341). وهو في "مسند أحمد" (4510)، و "صحيح ابن حبان"، (4342). =

12 - باب ما جاء في يمين النبي -صلى الله عليه وسلم- ما كانت

12 - باب ما جاء في يمين النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ما كانت 3263 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمدِ النُّفَيليُّ، حدَّثنا ابنُ المبارَك، عن موسى ابن عقبة، عن سالم عن ابن عمر، قال: أكثرُ ما كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يحلف بهذه اليمين: "لا، ومُقَلِّبِ القلوب" (¬1). ¬

_ = تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و (ب) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد وليس في رواية اللؤلؤي. وذكره المزي في "الأطراف" (7517) وذكر أنه في رواية ابن داسه أيضاً. قلنا: نسخة (هـ) عندنا برواية ابن داسه، والحديث فيها كما قال المزي. (¬1) إسناده صحيح. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر. وأخرجه البخاري (6617)، وابن باجه (2092)، والترمذي (1621)، والنسائي في، "الكبرى" (4685) و (4686) و (7666) من طرق عن سالم، به. ولفظه عند ابن ماجه والنسائي في الموضع الثاني: "لا ومصرِّف القلوب". وهو في "مسند أحمد" (4788)، و"صحيح ابن حبان" (4332). وقوله: "لا ومقلب القلوب" قال العيني: لا فيه حذف نحو: لا أفعل أو لا أترك والواو فيه للقسم، ومقلب القلوب: هو المقسَمُ به، والمراد بتقليب القلوب تقليب أعراضها وأحوالها لا تقليب ذات القلب. تنبيه: هذا الحديث والحديثان التاليان أثبتناها من (أ) و (ب) و (هـ)، وزاد في (ب) وهامش (هـ) الحديث الرابع حديث الحسن بن علي، وقد أشار الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ) إلى أن الأحاديث الثلاثة الأولى في هذا الباب من رواية ابن العبد. قلنا: وهي في رواية ابن داسه أيضاً فقد جاءت عندنا في (هـ) وهي بروايته. وقد ذكرها المزي في "الأطراف" (7024) و (4086) و (14802) وأشار إلى أنها في رواية ابن داسه أيضاً. وأما الحديث الرابع في الباب فقد ذكره المزي في "الأطراف" (11177) وقال: هكذا وجدت هذا الحديث في باب لغو اليمين في نسخة ابن كَرَوَّس بخطه من رواية أبي سعيد ابن الأعرابي، وفي أوله: حدَّثنا أبو داود، حدَّثنا الحسن بن علي، وأخشى =

3264 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا عكرمةُ بنُ عمَّار، عن عاصمِ بن شُمَيخٍ -هو الغيلاني- عن أبي سعيد الخُدْريِّ، قال: كان رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا اجتهد في اليمين قال: "والذي نفسُ أبي القاسم بيده" (¬1). 3265 - حدَّثنا محمدُ بن عبد العزيز بن أبي رِزْمَةَ، أخبرني زيدُ بن حُبابٍ، أخبرني محمدُ بن هلالٍ، حدَّثني أبي أنه سمع أبا هريرةَ يقول: كانت يمينُ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إذا حلف يقول: "لا، وأستغفرُ اللهَ" (¬2). ¬

_ = أن يكون من زيادات ابن الأعرابي، فإني لم أجده في باقي الروايات. قلنا: ابن كَرَوَّس هذا مترجم في "سير أعلام النبلاء" للذهبي 20/ 392. (¬1) إسناده ضعيف. عاصم بن شميخٍ لم يرو عنه غير اثنين، ولم يوثقه غير ابن حبان والبجلي، وقال أبو حاتم: مجهول، وقال البزار في "مسنده": يشير بالمعروف. وكيع: هو ابن الجراح بن مليح. وأخرجه ابن أبي شية في "مصنفه" (12602) -طبعة الرشد-، وأحمد في "مسنده" (11285)، وابنه عبد الله في "السنة" (1512)، والبيهقي 10/ 26، والمزي في "تهذيب الكمال" 13/ 495 من طريق وكيع بن الجرَّاح، بهذا الإسناد. لكن صح عنه -صلَّى الله عليه وسلم- أنه حلف بهذا اليمين في حديث سعد بن أبي وقاص عند أحمد (1604) وغيره. وإسناد جيد. وحديث أبي هريرة عند أبي يعلى (6584) وإسناده صحيح. (¬2) إسناده ضعيف. هلال والد محمد -وهو هلال بن أبي هلال المدني- لا يعرف تفرد ابنه محمد بالرواية عنه. وأخرجه ابن ماجه (2093)، والنسائي (4776) من طريق محمد بن هلال، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7869). وانظر (4775). =

13 - باب في القسم هل يكون يمينا

3266 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا إبراهيمُ بن حمزةَ، حدَّثنا عبد الرحمن ابن عيَّاش السَّمَعيُّ الأنصاريُّ، عن دَلْهمِ بن الأسود بن عبدِ الله بن حاجبِ بن عامر بن المُنتفِقِ العُقَيلىِّ، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر. قال دَلْهم: وحدَّثنيه أيضاً أبي الأسودُ بن عبد الله، عن عاصم بن لَقِيط أن لقيط بن عامر خرج وافداً إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قال لقيطٌ: فقدِمنا على رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فذكر حديثاً فيه: فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لَعَمْرُ إلهِكَ" (¬1). 13 - باب في القسم هل يكون يميناً 3267 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله عن ابن عباس: أن أبا بكر أقسمَ على النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال له النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تُقسِمْ" (¬2). ¬

_ = قال الطيبي: والوجه أن يقال: إن الواو في قوله: وأستغفر الله، للعطف، وهو يقتضي معطوفاً عليه ومحذوفاً، والقرينة لفظة "إلا"، لأنها لا تخلو إما أن تكون توطئة للقسم كما في قوله تعالى جل شأنه: {لَا أُقْسِمُ} رداً للكلام السابق أو إنشاء قسم، وعلى كلا التقديرين المعنى: لا أقسم باللهِ وأستغفر الله. (¬1) إسناده ضعيف مسلسل بالمجاهيل. عبد الرحمن بن عياش، ودلهم بن الأسود، وأبوه الأسود بن عبد الله بن حاجب مجهولون ولم يؤثر توثيقهم إلا عن ابن حبان. وأخرجه مطولاً عبد الله بن أحمد في الزيادات على "المسند" (16206) -وقد توسعنا في الكلام عليه فيه - والبخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 249، وابن أبي عاصم في "السنة" 1/ (524) و (636)، وعبد الله بن أحمد في "السنة" 2/ 485، والطبراني 19/ (477)، وأبو الشيخ في "الأمثال في الحديث النبوي" (345)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 560 من طريق عبد الرحمن بن عياش، عن دلهم، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وعُبيد الله: هو ابن عَبد الله بن عتبة ابن مسعود. =

3268 - حدَّثنا محمدُ بن يحيى بن فارسٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، -قال محمد ابن يحيى: كتبته من كتابه- أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله، عن ابن عباس، قال: كان أبو هريرةَ يحدِّث: أن رجلاً أتى رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: إني أرى الليلةَ، فذكر رؤيا، فعَبَرها أبو بكر، فقال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "أصَبتَ بعضاً وأخطأتَ بعضاً" فقال: أقسمتُ عليك يا رسولَ الله بأبي أنت لَتُحَدِّثَنِّي ما الذي أخطات، فقال له النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا تُقسِمْ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (7046)، ومسلم (2269)، وابن ماجه (3918)، والنسائي في "السنن الكبرى" (7593) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1894)، و"صحيح ابن حبان"، (111). وأخرجه مسلم (2269) من طريق محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس أو أبي هريرة -على الشك. وأخرجه مسلم (2269)، والنسائي في "الكبرى، (7594) عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله، قال عبد الرزاق: كان معمر أحياناً يقول: عن ابن عباس، وأحياناً يقول: عن أبي هريرة. وانظر تالييه. وقوله: "لا تقسم،، ولفظ مسلم: فوالله يا رسولَ الله لتحدثني به. قال ابن المنذر: اختلف فيمن قال: أقسمتُ بالله أو أقسمت مجردة، فقال قوم: هي يمين وإن لم يقصد، وممن روي ذلك عنه ابن عمر وابن عباس، وبه قال النخعي والثوري والكوفيون، وقال الأكثرون: لا تكون يميناً إلا أن ينوي، قال مالك: أقسمت بالله يمين، وأقسمت مجردةً لا تكون يميناً إلا إن نوى. وقال الشافعي: لا تكون يميناً أصلاً ولو نوى، وأقسمتُ بالله إن نوى تكون يميناً، وقال إسحاق: لا تكون يمينا أصلاً وعن أحمد كالأول، وعنه: كالثاني، وعنه إن قال: قسماً بالله، فيمين جزماً، لأن التقدير: أقسمت بالله قسما. وكذا لو قال: أليّةٌ بالله. (¬1) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، وعُبيد الله: هو ابن عبد الله بن عُتبة ابن مسعود. =

14 - باب فيمن حلف على طعام لا يأكله

3269 - حدَّثنا محمدُ بن يحيى بن فارس، حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سليمانُ بن كثير، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله عن ابن عباس، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، بهذا الحديث، لم يذكر القسم، زاد فيه: ولم يخبره (¬1). 14 - باب فيمن حلف على طعام لا يأكلُه 3270 - حدَّثنا مُؤمَّل بن هشامٍ، حدَّثنا إسماعيلُ، عن الجُريريَّ، عن أبي عثمانَ -أو عن أبي السَّليلِ عنه- عن عبدِ الرحمن بن أبي بكرٍ، قال: نزل بنا أضيافٌ لنا، قال: وكان أبو بكر يتحدثُ عندَ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بالليل، فقال: لا أرجعنَّ إليك حتى تفرُغَ من ضيافةِ هؤلاء ومن قِرَاهم، فأتاهُم بقِراهُم، فقالوا: لا نَطْعَمه حتى يأتي أبو بكرٍ، فجاء، فقال: ما فعل أضيافُكم؟ أفرغْتُم من قِراهم؟ قالوا: لا، قلت: قد أتيتُهم بقِراهم، فأبَوا، وقالوا: والله لا نَطعَمُه حتى يجيءَ، فقالوا: صَدَقَ، قد أتانا به فأبَينا حتى تجيء، قال: فما منعكم؟ قالوا: مكانُك، قال: فوالله لا أَطعَمُه الليلةَ، قال: فقالوا: ونحنُ والله لا نَطعَمُه حتى تَطْعمَه، قال: ما رأيتُ في الشرِّ كالليلةِ قط، قال: قرِّبوا طعامَكم، قال: فقُرِّب طعامُهم، قال: ¬

_ = وأخرجه الترمذي (2446) من طريق معمر، بهذا الإسناد. وسيأتي برقم (4632) بأطول مما ها هنا، وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2269) من طريق محمد بن كثير، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (3267). وسيتكرر برقم (4633).

15 - باب اليمين في قطيعة الرحم

باسم الله، فطعِم وطعِموا، فأُخبِرْتُ أنه أصبح فغدا على النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فأخبره بالذي صَنَع وصنَعُوا، قال: "بل أنتَ أبَرُّهُم وأصدقُهم" (¬1). 3271 - حدَّثنا ابنُ المثنَّى، حدَّثنا سالمُ بن نُوحٍ وعبدُ الأعلى، عن الجُريريِّ، عن أبي عثمانَ عن عبد الرحمن بن أبي بكر، بهذا الحديث نحوه، زاد عن سالم في حديثِه، قال: ولم تبلُغني كفارةٌ (¬2). 15 - باب اليمين في قطيعة الرحم 3272 - حدَّثنا محمدُ بن المِنهال، حدَّثنا يزيدُ بن زُرَيعٍ، حدَّثنا حبيبٌ المعلمُ، عن عَمرو بن شُعيب ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وسماعُ إسماعيل -وهو ابن عُلَيه- من الجُريري -وهو سعيد بن إياس- قبل الاختلاط. أبو عثمان: هو عبد الرحمن بن ملّ النَّهدي، وأبو السَّليل: هو ضُريب بن نُقَير. وأخرجه بنحوه البخاري (602)، ومسلم (2057) (176) من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي بكر، به. وهو في "مسند أحمد" (1702). وانظر ما بعده. وانظر ما في هذا الحديث من الفوائد في "فتح الباري" 6/ 600 - 601 عند شرح الحديث (3581). (¬2) إسناده صحيح، وعبد الأعلى -وهو ابن عبد الأعلى السامي- سمع من الجريري -وهو سعيد بن إياس- قبل الاختلاط. وأخرجه البخاري (6140) من طريق عبد الأعلى، ومسلم (2057) (177) من طريق سالم بن نوح، كلاهما عن الجُريري، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (4350). وقوله: ولم تبلغني كفارة. قال النووي: يعني أنه لم يكفر قبل الحنث، فأما وجوب الكفارة فلا خلاف فيه.

عن سعيد بن المسيب: أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث، فسأل أحدُهما صاحبَه القسمةَ، فقال: إن عُدتَ تسألُني القسمةَ، فكلُّ مالٍ لي في رِتاجِ الكعبة، فقال له عمر: إن الكعبةَ غنيةٌ عن مالك، كَفِّرْ، عن يمينك وكلِّمْ أخاك، سمعتُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقولُ: "لا يَمينَ عليك، ولا نذرَ في معصية الربِّ، ولا في قطيعةِ الرحم، وفيما لا تَملِكُ" (¬1). 3273 - حدَّثنا أحمد بن عبْدةَ الضبِّي، أخبرنا المغيرةُ بن عبد الرحمن، حدَّثني أبو عبدُ الرحمن، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه عن جدِّه، أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا نَذرَ إلا فيما يُبتَغَى به وَجْهُ الله عز وجل، ولا يمينَ في قطيعةِ رَحِمٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. قال أبو طالب: قلت لأحمد بن حنبل: سعيد عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يقبل سعيد، عن عمر، فمن يقبل؟! وقال الليث عن يحيى بن سعيد: كان ابن المسيب يسمّى راوية عمر، كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته. وأخرجه ابن حبان (4355)، والإسماعيلي في "المعجم في أسامي الشيوخ" 3/ (364)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 300، والبيهقي 10/ 33 و 65 - 66 من طريق يزيد بن زريع، بهذا الإسناد. وقوله: في رتاج الكعبة، أي: للكعبة، فكنى عنها بالباب، لأن منه يُدخل إليها، وجمع الرِّتاج رُتُج. وأخرج أبو عبيد في "الغريب" 4/ 324 عن إسماعيل ابن علية، عن منصور بن عبد الرحمن الحَجَبي، عن أمه صفية، عن عائشة فيمن جعل مالَه في رتاج الكعبة أنه يكفِّره ما يكفِّر اليمين. (¬2) حديث حسن. عبد الرحمن: هو عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش المخزومي. وقد سلف برقم (2191) و (2192).

3274 - حدَّثنا المُنذر بن الوليد الجارودي، حدَّثنا عبدُ الله بن بكرٍ، حدَّثنا عُبيد الله بن الأخنس، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه عن جدِّه، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا نَذْرَ ولا يمينَ فيما لا يملكُ ابنُ آدم، ولا في معصيةِ الله، ولا في قطيعةِ رَحِيمٍ ومن حلفَ على يمينٍ فرأى غيرَها خيراً منها، فَلْيَدَعْها ولياتِ الذي هو خيرٌ، فإنَّ تركَها كفارتُها" (¬1). قال أبو داودَ: الأحاديثُ كلُّها عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- "وليكفِّرْ عن يمينه" إلاما لا يُعبَأُ به (¬2). قال أبو داود: قلت لأحمد: روى يحيى بنُ سعيد عن يحيى بن عُبيد الله؟ فقال: تركه بعد ذلك، وكان أهلاً لذلك، قال أحمد: أحاديثه مناكير، وأبوه لا يعرف (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. عبد الله بن بكر: هو ابن حبيب. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4715) من طريق عُبيد الله بن الأخنس، به. دون قوله: "ومن حلف على يمين ... ". وهو في "مسند أحمد" (6990). وأخرجه ابن ماجه (2111) من طريق عُبيد الله بن عمر، عن عمرو بن شعيب، مختصراً بقوله: "ومن حلف على يمين فرأى غيرها ... ". وانظر ما قبله. (¬2) وجاء في رواية ابن العبد: الأحاديث عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- كلها: "فليكفر عن يمينه". وهي الصحاح. أشار إليها الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ). والمثبت من (هـ) ومن "مختصر المنذري". (¬3) مقالة أبي داود هذه زيادة أثبتناها من (هـ).

16 - باب فيمن يحلف كاذبا متعمدا

16 - باب فيمن يحلف كاذباً متعمداً 3275 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، أخبرنا عطاءُ بن السائبِ، عن أبي يحيى عن ابن عباس: أن رجلين اختصما إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فسأل النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- الطالبَ البينةَ، فلم تكن له بينةٌ، فاستحلفَ المطلوبَ فحلف باللهِ الذي لا إله إلا هو، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "بلى قَدْ فَعَلْتَ، ولكن غُفر لك بإخلاصِ قولِ لا إله إلا الله" (¬1). قال أبو داود: يُراد من هذا الحديث أنه لم يأمرْه بالكفَّارة. 17 - باب الرجل يكفِّر قبلَ أن يَحنَثَ 3276 - حدَّثنا سليمانُ بن حَرْبٍ، حدَّثنا حمادٌ، حدَّثنا غَيلان بن جَرير، عن أبي بُردةَ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. عطاء بن السائب اختلط بأخرة، ولا يحتمل مثل هذا المتن وقد عد الإِمام الذهبي هذا الحديث في "ميزان الاعتدال" 3/ 72 من مناكيره. حماد: هو ابن سلمة، أبو يحيى: هو زياد مولى الأنصار. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5963) و (5964) من طريق عطاء بن السائب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2280). وفي الباب عن عبد الله بن الزبير عند أحمد (16101)، والنسائي في "الكبرى" (5962): أن رجلاً حلف باللهِ الذي لا إله إلا هو كاذبا فغفر له. وسنده ضعيف، اضطرب فيه عطاء بن السائب. قال شعبة أحد رواته: من قبل التوحيد، قال السندي: أي: من أجل اشتمال حلفه على لا إله إلا هو، ففيه ترغيب في قول لا إله إلا الله. وعن عبد الله بن عمر عند أحمد (5361) وفي سنده انقطاع.

عن أبيه، أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إني والله إن شاء الله لا أحْلِف على يمينِ فأرى غيرَها خَيْراً منها إلا كفَّرتُ عن يميني وأتيتُ الذي هو خير -أو قال: إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني-" (¬1). 3277 - حدَّثنا محمدُ بن الصّبَّاح البزاز، حدَّثنا هُشَيمٌ، حدَّثنا يونسُ ومنصورٌ -يعني ابن زاذان-، عن الحسنِ عن عبد الرحمن بن سَمُرة، قال: قال لي النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "يا عَبْدَ الرحمن ابن سمُرة، إذا حلفتَ على يمينٍ فرأيتَ غيرَها خيراً منها فأتِ الذي هو خَير وكفِّر يمينَك" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد بن درهم، وأبو بردة: هو عامر بن عبد الله ابن قيس الأشعري. وأخرجه البخاري (6623) و (6718) و (6719)، ومسلم (1649)، وابن ماجه (2107)، والنسائي في "الكبرى" (4703) من طريق أبي بردة، به. وأخرجه البخاري (3133)، ومسلم (1649)، والنسائي في "الكبرى" (4752) من طريق زَهْدَم بن مُضرِّبٍ عن أبي موسى، به. وهو في "مسند أحمد" (19558). قال العيني في "عمدة القاري" 23/ 225: اختلف العلماء في جواز الكفارة قبل الحنث فقال ربيعة ومالك والثوري والليث والأوزاعي: تجزىْ قبل الحنث، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور، وروي مثله عن ابن عباس وعائشة وابن عمر، وقال الشافعي: يجوز تقديم الرقبة والكسوة والطعام قبل الحنث ولا يجوز تقديم الصوم، وقال أبو حنيفة وأصحابه لا تجزئ الكفارة قبل الحنث وهو مذهب أشهب من المالكية وداود الظاهري. (¬2) إسناده صحيح. هشيم: هو ابن بشير بن القاسم بن دينار، ويونس: هو ابن عبيد بن دينار، والحسن: هو ابن أبي الحسن يسار البصري. وأخرجه البخاري (7147)، ومسلم (1652)، والترمذي (1609) من طريق يونس، ومسلم (1652) من طريق منصور، كلاهما عن الحسن، به. =

18 - باب كم الصاع في الكفارة

قال أبو داود: سمعت أحمدَ يُرخِّصُ فيها: الكفَّارةِ قبل الحِنْث. 3278 - حدَّثنا يحيى بن خَلَفٍ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمُرة، نحوه، قال: فكفِّرْ عن يمينِك، ثم ائْتِ الذي هو خيرٌ" (¬1). قال أبو داود: أحاديثُ أبي موسى الأشعري وعديِّ بن حاتمٍ وأبي هريرةَ في هذا الحديث، رُوِيَ عن كل واحدٍ منهم في بعض الرواية: الحِنْث قبل الكفارة، وفي بعض الرواية: الكفارةُ قبل الحِنث. 18 - باب كم الصاعُ في الكفارة 3279 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، قال: قرأتُ على أنسِ بن عياضٍ، قال: حدَّثني عبد الرحمن بن حَرملةَ، عن أمِّ حبيبٍ بنت ذُؤيبِ بن قَيس المُزَنيةِ -وكانت تحتَ رجلِ منهم من أسلمَ، ثم كانت تحت ابنِ أخٍ لصفيةَ زوجِ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ¬

_ = وأخرجه البخاري (6722) من طريق عبد الله بن عون، عن الحسن، به. وأخرجه البخاري (6622) و (7146)، ومسلم (1652)، والنسائي في "الكبرى" (4706) و (4707) من طرق عن الحسن البصري، به. وهو في "مسند أحمد" (20616)، و "صحيح ابن حبان" (4348). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1652)، والنسائي في "الكبرى" (4708) من طريق قتادة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20627). وانظر ما قبله.

قال ابن حرملةَ: فوهبتْ لنا أمُّ حبيبٍ صاعاً، حدَّثتنا عن ابن أخي صفيةَ، عن صفيةَ: أنه صاعُ النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قال أنسٌ: فجرَّبتُه، فوجدتُه مُدَّين ونِصْفاً بمُدِّ هشام (¬1). 3280 - حدَّثنا (¬2) محمدُ بن محمدِ بن خلاَّد أبو عمر، قال: كان عندنا مَكُّوك يقال له: مَكُّوك خالدٍ، وكان كَيْلَجتَين بكيلجة هارون، قال محمدٌ: صاعُ خالدٍ صاعُ هشامٍ، يعني ابنَ عبد الملك (¬3). 3281 - حدَّثنا محمدُ بن محمد بن خلاّد، حدَّثنا مُسدَّدٌ عن أميةَ بن خالدٍ، قال، لما وَلِيَ خالدٌ القَسْرِيُّ أضعفَ الصاعَ، فصار الصاعُ ستةَ عشرَ رِطلاَ (¬4). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف الجهالة. أم حبيب بنت ذؤيب بن قيس المزينة، وابن أخي صفية لا يعرف. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات "الكبرى" 8/ 491، والمزي في ترجمة أم حبيبة بنت ذؤيب في "تهذيب الكمال" من طريق أنس بن عياض، بهذا الإسناد. وهشامٌ الذي ورد ذكره في الأثر هو ابن عبد الملك بن مروان. (¬2) هذا الأثر والذي بعده أثبتناه من (أ) و (هـ)، وأشار الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد أيضاً. ولم يشر إلى غيرها مع أنه في (هـ) عندنا، وهي برواية ابن داسه. (¬3) محمد بن محمد بن خلاّد الباهلي أبو عمر البصري: ابن أخي أبي بكر بن خلاد، ذكره ابن حبان في "الثقات" 9/ 115 وقال: كان راوياً لمعن بن عيسى يُغْرِب، وقال مسلمة بن القاسم: بصري ثقة. (¬4) خالد القسري: هو خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد، أمير الحجاز ثم الكوفة. وقوله: "أضعف الصاع": قال في "عون المعبود": هذا ليس فيه حجة؟ والصحيح أن الصالح خمسة أرطال وثلث رطل فقط، والدليل عليه نقل أهل المدينة خلفا عن سلف، =

19 - باب الرقبة المؤمنة

19 - باب الرقبة المؤمنة 3282 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن الحجَّاج الصَّوَّاف، حدَّثني يحيى ابنُ أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسارٍ عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: قلتُ: يا رسولَ الله، جاريةٌ لي صَكَكتُها صكَّةً، فعَظَّم ذلكَ علىَّ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقلت: أفلا أُعتِقُها؟ قال: "ائتِني بها" قال: فجئتُ بها، فقال: "أينَ اللهُ؟ " قالت: في السماء، قال: "مَن أنا؟ " قالت: أنتَ رسولُ اللهِ، قال: "أعتِقْها فإنها مؤمنةٌ" (¬1). 3283 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن محمد بن عَمرو، عن أبي سلمةَ عن الشَّريد: أن أُمه أوصتْه أن يُعتقَ عنها رقبةً مؤمنةً، فأتى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: يا رسولَ الله، إن أمي أوصتْ أن أُعتِق عنها رقبةً مؤمنةً، وعندي جاريةٌ سوداءُ نُوبيَّةٌ، أفأعتقها، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ادْعُ بها"، فدعوتها، فجاءت، فقال لها النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "من ربُّكِ؟ " قالت: الله، قال: "فمن أنا" قالت: رسولُ الله، قال: "أعتقها فإنها مؤمنة" (¬2). ¬

_ = قال الإِمام العيني في "عمدة القاري": لما اجتمع أبو يوسف مع مالك في المدينة فوقعت بينهما المناظرة في قدر الصاع فزعم أبو يوسف أنه ثمانية أرطال، وقام مالك ودخل بيته وأخرج صاعاً. وقال: هذا صاع النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قال أبو يوسف: فوجدته خمسة أرطال وثلث، فرجع أبو يوسف إلى قول مالك وخالف صاحبيه، رواه البيهقي بسند جيد. (¬1) إسناده صحيح. مسدَّد: هو مسدَّد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، والحجاج الصوّاف: هو حجاج بن أبي عثمان الصواف. وقد سلف برقم (930). وانظر تخريجه هناك. (¬2) إسناده حسن. الشريد: هو ابن سُويد الثقفي، وحماد: هو ابن سلمة بن دينار، ومحمد بن عمرو: هو ابن علقمة الليثي. =

قال أبو داود: خالدُ بن عبد الله أرسلَه، لم يذكر الشَّريدَ. 3284 - حدَّثنا إبراهيمُ بن يعقوبَ الجُوزَجانيُّ، حدَّثنا يزيدُ بن هارونَ، قال: أخبرني المسعوديُّ، عن عون بن عبد الله، عن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة: أن رجلاً أتى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بجاريةٍ سوداءَ، فقال: يا رسولَ الله، إنَّ عليَّ رقبةً مؤمنةً، فقال لها: "أينَ اللهُ؟ " فأشارت إلى السماء بإصبعها، فقال لها: "فمن أنا؟ " فأشارت إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وإلى السماء، يعني أنت رسولُ الله، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أعتِقْها فإنها مؤمنة" (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6447) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17945)، و"صحيح ابن حبان" (189). وانظر تخريج الحديث السالف برقم (930). تنببه: اختصر اللؤلؤي روايته لهذا الحديث إلى قوله: سوداء نُوبيَة، ثم قال: فذكر نحوه. وجاء الحديث بتمامه في رواية ابن داسه وابن العبد. (¬1) حديث صحيح، المسعودي: -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة- وإن كان اختَلَطَ ويزيد بن هارون ممن روى عنه بعد الاختلاط، روى عنه هذا الحديث أيضاً عبد الله بن رجاء، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط. وقد حسَّن الحافظ الذهبي إسناد هذا الحديث في "العلو للعلي الغفار". وأخرجه أحمد وابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 284 - 285، والبيهقي 7/ 388، وابن عبد البر في "التمهيد" 9/ 115 من طرق عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد إلا أنهم قالوا في إسناده: عن عُبِيد الله بن عبد الله بن عتبة -وهو أخوه-، بدل: عبد الله ابن عتبة. وأخرجه ابن خزيمة 1/ 285 - 286 من طريق أسد بن موسى، و1/ 286 من طريق أبي داود الطيالسي، والطبراني في "الأوسط" (2598) من طريق عبد الله بن رجاء، ثلاثتهم عن المسعودي، عن أخيه عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة. =

20 - باب الاستثناء في اليمين بعد السكوت

20 - باب الاستثناء في اليمين بعد السُّكوت 3285 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا شريكٌ، عن سماكٍ عن عكرمةَ، أن رسول الله عنه قال: "والله لأغزُوَنَّ قُريشاً، والله لأغزُوَنَّ قُريشاً، والله لأغزونَّ قريشاً" ثم قال: "إن شاء الله" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مالك في "الموطأ" عن ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود: أن رجلاً من الأنصار جاء إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- بجارية له سوداء، فقال: يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة، فإن كنت تراها مؤمنة أعتقها، فقال لها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أتشهدين أن لا إله إلا الله" قالت: نعم، قال: "أتشهدين أن محمداً رسول الله" قالت: نعم، قال: "أتؤمنين بالبعث بعد الموت" قالت: نعم، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم: "أعتقها". وهذا مرسل صحيح الإسناد، وتابع مالكاً على إرساله يونس بن يزيد عند البيهقي 10/ 57. ووصله معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة سوداء وقال: يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقها، فقال لها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أتشهدين أن لا إله إلا الله" قالت: نعم، قال: "أتشهدين أني رسول الله" قالت: نعم، قال: "أتؤمنين بالبعث بعد الموت" قالت: نعم، قال: "أعتقها". أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (16814)، ومن طريقه أحمد في "المسند" (15743)، وابن خزيمة في "التوحيد"1/ 286 - 287. وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" 1/ 283 - 284 من طريق زياد بن الربيع، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة ... إلا أنه قال فيه: فرفعت رأسها، فقالت: في السماء ... وهذا إسناد حسن لولا أن محمد بن عمرو بن علقمة قد اختُلف عنه فيه، فقد رواه مرة عن أبي سلمة، عن الشريد كما في الحديث السالف قبله. (¬1) إسناده ضعيف. شريك -وهو ابن عبد الله- سيئ الحفظ، وسماك -وهو ابن حرب- في روايته عن عكرمة اضطراب. ثم هو مرسل؛ وقد روي موصولاً كما أشار إليه المصنف بإثر الحديث. لكن قال أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 1/ 440: المرسل أشبه. =

قال أبو داود: وقد أسنَد هذا الحديثَ غيرُ واحد عن شريكٍ عن سماكِ، عن عكرمةَ، عن ابن عباس. 3286 - حدَّثنا محمدُ بن العلاء حدَّثنا ابن بِشْرِ، عن مِسعرٍ، عن سماكٍ عن عكرمة يرفعه، قال: "والله لأغزوَنَّ قريشاً" ثم قال: "إن شاء الله " ثم قال: "والله لأغزون قريشاً إن شاء الله" لا ثم قال: "والله لأغزون قريشاً" ثم سكت، ثم قال: "إن شاء الله" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/ 743، والبيهقي في "الكبرى" 10/ 47 من طريقين عن شريك، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى (2674)، والطحاوي في "مشكلل الآثار" (1930) و (1931)، والطبراني (11742)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 743، والبيهقي 10/ 47 من طرق عن شريك، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس موصولاً. وأخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (1004) من طريق سفيان بن مسعود، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس موصولاً. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/ 1937 من طريق عبد الواحد بن صفوان عن عكرمة، عن ابن عباس موصولاً. وعبد الواحد بن صفوان قال عنه ابن عدي: عامة ما يرويه مما لا يتابع عليه. وقد أورد عبد الحق الإشبيلي هذه الطريق في "الأحكام الوسطى" وقال: عبد الواحد بن صفوان ليس بشيء، والصحيح مرسل. ووافقه ابن القطان 2/ 329. (¬1) إسناده ضعيف. ابن بشر: هو محمد بن بشر العبدي، ومسعر: هو ابن كدام ابن ظهير الهلالي. وأخرجه عبد الرزاق (11306) و (16123)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (1929)، والبيهقي 10/ 48 من طرق عن مسعر، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى (2675)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (1928)، وابن حبان (4343)، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 344 و 7/ 241، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 7/ 404 من طرق عن مسعر، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس موصولاً. وانظر ما قبه.

21 - باب النهي عن النذر

قال أبو داود: زاد فيه الوليدُ بن مُسلمٍ، عن شريكٍ: قال: ثم لم يغزُهم. 21 - باب النهي عن النذر 3287 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا جَريرُ بن عبد الحميد، وحدَّثنا مُسدَّدُ بن مُسَرهَدٍ، حدَّثنا أبو عوانةَ، عن منصور بن المعتمر، عن عبد الله بن مرة -قال عثمان: الهَمْداني- عن عبد الله بن عمر قال: أخذ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يَنْهَى عن النَّذْر ويقول: "لا يَرُدُّ شيئاً، وإنما يُسْتَخرجُ به من البخيل" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وعبد الله بن مرة: هو الهمداني الخارفي. وأخرجه البخاري (6608) و (6693)، ومسلم (1639)، وابن ماجه (2122)، والنسائي في "الكبرى" (4724) و (4725) و (4726) من طرق عن منصور بهذا الإسناد. بعضهم يقول: "من البخيل"، وبعضهم يقول: "من الشحيح"، وبعضهم يقول: "اللئيم"، ورواية ابن ماجه دون قوله: "لا يرد شيئاً". وهو في "مسند أحمد" (5275)، و"صحيح ابن حبان" (4375) و (4377). وأخرجه البخاري (6692) من طريق سعد بن الحارث، ومسلم (1639) (3) من طريق عبد الله بن دينار، كلاهما عن ابن عمر. قال القرطبي في "المفهم": النذر من العقود المأمور بالوفاء بها، المثني على فاعلها، وأعلى أنواعه ما كان غير معلق على شيءِ، كمن يعافى من مرض، فقال: لله علي أن أصوم كذا أو أتصدق بكذا شكراً لله تعالى، ويليه المعلق على فعل طاعة كإن شفى الله مريضي صمتُ كذا أو صليت كذا، وما عدا هذا من أنواعه كنذر اللجاج كمن يستثقل عبده، فينذر أن يعتقه ليتخلص من صحبته، فلا يقصد القربة بذلك، أو يحمل على نفسه، فينذر صلاة كثيرة أو صوماً مما يشق عليه فعله ويتضرر بفعله فإن ذلك يكره وقد يبلغ بعضه التحريم. وقال في "المفهم": يحمل ما ورد في الأحاديث من =

قال مُسدَّد: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنّ النذرَ لا يَردُّ شيئاً". 3288 - حدَّثنا أبو داودَ، قال: قرئ على الحارثِ بن مسكينٍ -وأنا شاهدٌ-: أخبرَكم ابنُ وهْبٍ، قال: أخبرني مالكٌ، عن أبي الزنادِ، عن عبد الرحمن بن هُرْمز عن أبي هريرة أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا يأتي ابنَ آدم النذر القدرَ بشيءٍ لم أكُن قدَّرتُه له (¬1)، ولكن يُلقِيه النذرُ القدرَ قدَّرتُهُ، يُستخرج به من البخيل، يؤتَى عليه ما لم يكُن يؤتَى من قبلُ" (¬2). ¬

_ = النهي عن نذر المجازاة، فقال: هذا محله أن تقول مثلاً: إن شفى الله مريضي، فعلي صدقة كذا، ووجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكور على حصول الفرض المذكور ظهر أنه لم يتمحض له نية التقرب إلى الله تعالى لما صدر منه، بل سلك فيها مسلك المعاوضة، ويوضحه أنه لو لم يشف مريضه لم يتصدق بما علقه على شفائه، وهذه حالة البخيل، فإنه لا يخرج من ماله شيئاً إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالباً، وهذا المعنى هو المشار إليه في الحديث لقوله: "وإنما يستخرج به من البخيل" ما لم يكن البخيل يخرجه. (¬1) في رواية ابن العبد: بشيء لم يكن قُدِّر له. كما أشار إليه الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ). والمثبت من (هـ) وهي برواية ابن داسه، وهو الموافق لروايتي البخاري، وفيه التصريح بنسبة هذا الحديث إلى الله عز وجل. قال الحافظ في "الفتح" 11/ 579: هذا من الأحاديث القدسية، لكن سقط منه التصريح بنسبته إلى الله عز وجل. (¬2) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، وعبد الرحمن بن هرمز: هو الأعرج. وأخرجه البخاري (6694)، ومسلم (1640) (7)، وابن ماجه (2123)، والنسائي في "الكبرى" (4727) من طريقين عن عبد الرحمن بن هرمز، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6659) من طريق همام بن منبه، ومسلم (1640) (5) و (6)، والترمذي (1619)، والنسائي (4728) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي، كلاهما، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7208) و (7298)، و"صحيح ابن حبان" (4376). =

22 - باب ما جاء في النذر في المعصية

22 - باب ما جاء في النذْر في المعصية 3289 - حدَّثنا عبد الله بن مَسْلَمة القَعْنبيُّ، عن مالكِ، عن طلحةَ بن عبدِ الملك الأَيليِّ، عن القاسمِ عن عائشة قالت: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من نذَرَ أن يطيعَ اللهَ فليُطِعْه، ومن نذَرَ أن يعصيَ اللهَ فلا يَعصِه" (¬1). 3290 - حدَّثنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ أبو مَعْمَرٍ، حدَّثنا عبدُ الله بن المبارك، عن يونسَ، عن الزهريِّ، عن أبي سلمةَ عن عائشة، أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا نذرَ في معصية، وكفَّارَتُهُ كَفارةُ يمين" (¬2). ¬

_ = تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد، قلنا: وهو أيضاً في رواية ابن داسه، لأن (هـ) عندنا بروايته. (¬1) إسناده صحيح. القاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق. وهو في "الموطأ" 2/ 476. وأخرجه البخاري (6696) و (6700)، وابن ماجه (2126)، والترمذي (1605) و (1606)،والنسائي في "الكبرى" (4729) و (4730) و (4731) من طريقين عن طلحة بن عبد الملك الأيلي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24075)، و "صحيح ابن حبان" (4387). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، لانقطاعه. الزهري -وهو محمد بن مسلم- لم يسمعه من أبي سلمة - وهو ابن عبد الرحمن فيما قاله أبو داود والترمذي، ونقله عن الإِمام البخاري في "جامعه" و"العلل" 2/ 651، والواسطة بينهما سليمان بن أرقم فقد رواه محمد بن أبي عتيق وموسى بن عقبة كلاهما عن الزهري، عن سليمان ابن أرقم عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة، وسيمان بن أرقم متروك الحديث. قال الدارقطني في "العلل" الورقة 73: هذا الحديث روي عن الزهري عن أبي سلمة، =

3291 - حدَّثنا ابنُ السَّرح، حدَّثنا ابنُ وهبِ، عن يونسَ، عن ابنِ شهابٍ، بمعناه وإسناده (¬1). ¬

_ = عن عائشة مرفوعاً، وروي عن الزهري قال: حدَّث أبو سلمة، وروي عن الزهري، عن سليمان بن أرقم، عن يحيى بن كثير، عن أبي سلمة عن عائشة، وهذا هو الصحيح. وقال الحافظ في "الفتح" 11/ 587 بعد أورد الحديث: أخرجه عن أصحاب السنن ورواته ثقات، لكنه معلول، فإن الزهري رواه عن أبي سلمة، ثم بين أنه حمله عن سليمان ابن أرقم، عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، فدلسه بإسقاط اثنين، وحسَّن الظن بسليمان بن أرقم، وهو عند غيره ضعيف باتفاقهم. لكن تابع الزهري على روايته يحيى بن أبي كثير عند الطيالسي (1484) فقد رواه عن أبي سلمة، عن عائشة. وإسناده صحيح. وأخرجه الترمذي (1603)، والنسائي في "المجتبى" (3835 - 3838) من طرق عن يونس بن يزيد الأيلي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26098). وانظر ما بعده. وله شاهد من حديث ابن عباس بسند قوي عند ابن الجارود (935) ومن طريقه البيهقي 10/ 72 رفعه: "النذر نذران، فما كان لله، فكلفارته الوفاء، وما كان للشيطان فلا وفاء فيه، وعليه كفارة يمين". وفي الباب حديث عقبة بن عامر مرفوعاً عند مسلم (1645) وسيرد عند أبي داود (3224) ولفظه "كفارة النذر كفارة يمين". وفي "المغني" لابن قدامة 13/ 624: نذر المعصية لا يحل الوفاء به إجماعاً ... ويجب على الناذر كفارة يمين، روي نحو هذا عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعمران بن حُصين وسمرة بن جندب، وبه قال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه. وروي عن أحمد ما يدل على أنه لا كفارة عليه، فإنه قال فيمن نذر: ليهدمن دار غيره لبنة لبنة: لا كفارة عليه، وهذا في معناه وروي هذا عن مسروق والشعبي وهو مذهب مالك والشافعي ... وانظر لزاماً "تهذيب السنن" لابن القيم 4/ 373 - 376. (¬1) حديث صحيح كسابقه. ابن السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله، وابن وهب: هو عبد الله. =

3292 - حدَّثنا أحمدُ بن محمد المروزيُّ، حدَّثنا أيوبُ بن سليمانَ، عن أبي بكر بن أبي أويسٍ، عن سليمانَ بن بلال، عن ابن أبي عَتيقٍ وموسى بن عُقبةَ، عن ابن شهابٍ، عن سليمانَ بن أرقمَ، أن يحيى بن أبي كثير أخبره، عن أبي سلمةَ عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا نَذْرَ في معصيةٍ، وكفارتُهُ كفارةُ يمين" (¬1). قال أبو داود: سمعت أحمدَ بن حنبل يقول: أفسدُوا علينا هذا الحديثَ، قيل له: وصحَّ إفسادُه عندك؟ هل رواه غير ابن أبي أويس؟ قال: أيوبُ كان أمثلَ منه، يعني أيوب بن سليمان بن بلال، وقد رواه أيوب. قال أبو داود: وسمعت أحمد بن شَبُّويه يقول: قال ابنُ المبارك -يعني في هذا الحديث-: حَدَّثَ أبو سلمةَ، فدلَّ ذلك على أن الزهريَّ لم يسمعْه من أبي سلمةَ، وقال أحمد بن محمد: وتصديقُ ذلك ما حدَّثنا أيوبُ -يعني ابنَ سليمانَ-، وقصَّ هذا الحديث. ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2125)، والنسائي في "المجتبى" (3834) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. تنبيه: هذا الطريق أثبتناه من (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد. وذكر المزي في "الأطراف" (17770): أنه في رواية ابن داسه أيضاً. قلنا: هو عندنا في (هـ) وهي بروايته. (¬1) إسناده ضعيف جداً، سليمان بن أرقم متروك الحديث. لكن روي الحديث من طريق آخر صحيح كما أشرنا إليه في الطريق الذي قبله. وأخرجه الترمذي (1654)، والنسائي (3839) من طريقين عن أيوب بن سليمان، بهذا الإسناد. وقد بسطنا القول في تخريجه في "مسند أحمد" (26098) فارجع إليه.

قال أحمد بن محمد المروزي: وإنما الحديث حديث علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن الزبير، عن أبيه، عن عمران بن حصين، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. أراد أن سليمان بن أرقم وهم فيه، وحمله عنه الزهري. وأرسله عن أبي سلمة، عن عائشة. قال أبو داود: سمعت من يقول: سقط من كتاب ابن أبي أويس ابنُ شهاب. ورواه بقية، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن محمد بن الزبير، بإسناد علي بن المبارك مثله. 3293 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى بن سعيد، أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري، أخبرني عُبيد الله بن زَحْرٍ، أن أبا سعيد أخبرَه، أن عبد الله بن مالك أخبرَه أن عقبةَ بن عامر أخبره: أنه سأل النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- عن أختٍ له نذرت أن تحج حافيةً غير مُخْتَمِرةٍ، فقال: "مُرُوها فلتَخْتمِرْ ولتَركَبْ، ولتَصُمْ ثلاثةَ أيام" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح دون قوله: "ولتصم ثلاثة أيام" وهذا إسناد ضعيف، عُبيد الله ابن زحر مختلف فيه والأكثر على تضعيفه. أبو سعيد: هو الرُّعيني جُعْثُل بن هاعان، وعبد الله بن مالك: هو اليَحْصبي. وأخرجه ابن ماجه (2134)، والترمذي (1625)، والنسائي (3815) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول أحمد وإسحاق. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 129، والطبراني 17/ (886) دون قوله: "ولتصم ثلاثة أيام" وسنده حسن. وهو في "مسند أحمد" (17306) وانظر تمام الكلام عليه فيه. =

3294 - حدَّثنا مَخلَدُ بن خالد، حدَّثنا عبدُ الرزاق، حدَّثنا ابن جُرَيج، قال: كتب إليَّ يحيى بنُ سعيد، قال: أخبرني عُبيد الله بن زَحْرٍ مولًى لبني ضمرة، وكان أيَّما رجلٍ، أن أبا سعيدٍ الرُّعينيَّ أخبره، بإسناد يحيى ومعناه (¬1). 3295 - حدَّثنا حجَّاج بن أبي يعقوبَ، حدَّثنا أبو النضْر، حدَّثنا شريكٌ، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن كُريبٍ عن ابن عباس، قال: جاء رجلٌ إلى النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ الله، إن أختي نذَرَتْ -يعني أن تحجَّ ماشيةً- فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن الله لا يصنَع بشقاء أُختِك شيئاً، فلتَحُجَّ راكبةً، وتُكفِّر عن يمينها" (¬2). ¬

_ = والصحيح عن عقبة بن عامر في كفارة النذر ما أخرجه مسلم (1645)، وسيأتي عند المصنف برقم (3323) و (3324)، ولفظه: "كفارة النذر كفارة اليمين". فقد أطلق في هذا الحديث ولم يقيده بالصوم. وقد جاء تقييده بالهدي بدل الصوم في حديث ابن عباس: أن أخت عقبة بن عامر نذرت ... وسيأتي عند المصنف برقم (3296). وإسناده صحيح. وانظر ما بعده وما سيأتي برقم (3299). (¬1) صحيح كسابقه دون ذكر الصوم فيه. ابن جُرَيْج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لسوء حفظ شريك -وهو ابن عبد الله القاضي- وقال البيهقي 10/ 80: تفرد به شريك القاضي. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي، وكُريب: هو ابن أبي مسلم مولى ابن عباس. وأخرجه أحمد (2828) و (2885)، وأبو يعلى في "مسنده" (2443)، وابن خزيمة (3046) و (3047)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 130، وابن حبان (4384)، والحاكم 4/ 302، والبيهقي 10/ 80 من طرق عن شريك، بهذا الإسناد. =

3296 حدَّثنا محمدُ بن المُثنَّى، حدَّثنا أبو الوليد، حدَّثنا همَّام، عن قتادةَ، عن عِكرمةَ عن ابن عبَّاس: أن أختَ عقبةَ بن عامرِ نذرت أن تمشيَ إلى البيتِ، فأمرها النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- أن تركَب وتُهدِي هَدْياً (¬1). ¬

_ = والرجل السائل في هذا الحديث هو عقبة بن عامر الجهني كما في الحديث الذي بعده. تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في (أ) و (هـ) حديثُ مطر، عن عكرمة، عن ابن عباس الآتي برقم (3303) ونحن تركناه على ترتيب المطبوع. (¬1) إسناده صحيح. كما قال ابن التركماني في "الجوهر النقي " 10/ 80، والحافظ في" التلخيص الحبير" 4/ 178. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي، وقتادة: هو ابن دِعامةَ السَّدوسيُّ. وأخرجه أحمد في "مسنده" (2134) و (2139) و (2278) و (2834)، والدارمي (2335)، وابن الجارود (636)، وأبو يعلى في "مسنده" (2737)، وابن خزيمة (3045)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 131، وفي "شرح مشكل الآثار" (2151)، والطبراني في "المعجم الكبير" (11828)، والبيهقي 10/ 79 من طرق عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد. وجاء ذكر الهدي عند أحمد وابن الجارود وأبي يعلى وابن خزيمة والطبراني والبيهقي مقيداً بالبدنة. وقد تابع هماماً على ذكر الهدي فيه مطرٌ الورّاق عن عكرمة فيما سيأتي برقم (3303). وسيأتي بعده عن هشام الدستوائي عن قتادة. دون ذكر الهدي. وبرقم (3298) عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عكرمة مرسلاً دون ذكر الهدي أيضاً. وسياتي من طريق أبي الخير، عن عقبة نفسه برقم (3299) وليس فيه ذكر الهدي كذلك. قال ابن التركماني: وسكوت من سكت ليس بحجة على من ذكر.

3297 - حدَّثنا مُسلم بن إبراهيمَ، حدَّثنا هشامٌ، عن قتادةَ، عن عكرمة عن ابن عبَّاس: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- ما بلغَه أن أخت عقبةَ بن عامر نذرتْ أن تحُجَّ ماشيةً، قال: "إن الله لَغَنِيٌّ عن نذْرِها، مُرْها فلتَركَبْ" (¬1). قال أبو داود: رواه سعيدُ بن أبي عَروبةَ نحوه، وخالدٌ، عن عكرمةَ، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- نحوه. 3298 - حدَّثنا محمدُ بن المُثنَّى، حدَّثنا ابن أبي عَديٍّ، عن سعيدِ، عن قتادةَ عن عكرمةَ: أن أختَ عقبةَ بن عامرٍ، بمعنى هشامٍ، ولم يذكُر الهدي، وقال فيه: "مُرْ أختَك فلتَركَبْ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وخالد: هو ابن مهران الحذاء. وأخرجه الطبراني (11829)، والبيهقي 10/ 79 من طريق مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني (11949) من طريق بشر بن المفضل، عن خالد الحذاء، عن عكرمة، عن ابن عباس. دون ذكر الهدي. وانظر الحديثين السالفين قبله. وانظر تالييه. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه مرسل، وقد أُسند من طريق هشام الدستوائي وهمام وغيرهما كما في الطريقين السالفين قبله، فالحكم للمسند. ابن عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي السلمي، وسعيد: هو ابن أبي عروبة. وأخرجه البيهقي 10/ 79 من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و (هـ)، وهو في رواية ابن داسه وابن العبد. وقد جاء بعد هذا الحديث في (أ) حديث سفيان الثوري عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس الآتي برقم (3304)، وقد جاء هذا الحديث نفسه في (هـ) بعد حديث هشام عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس السالف برقم (3297).

قال أبو داود: رواه خالدٌ عن عكرمةَ، بمعنى هشام. 3299 - حدَّثنا مَخلدُ بن خَالدٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابن جُريجِ، أخبرني سعيدُ بن أبي أيوبَ، أن يزيدَ بن أبي حبيب أخبره، أن أبا الخير حدثه عن عقبة بن عامر الجُهنيِّ أنه قال: نذرتْ أُختي أن تمشيَ إلى بيت الله، فأمرتْني أن أستفتيَ لها رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فاستفْتَيتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: "لتَمْشِ ولْتَركَبْ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وأبو الخير: هو مَرْثد بن عبد الله اليَزَني. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (15873). وأخرجه البخاري (1866)، ومسلم (1644)، والنسائي في "الكبرى" (4737) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2150) عن عُبيد بن رِجَال، عن أحمد بن صالح، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، به بلفظ: عن عقبة بن عامر: أن أخته نذرت أن تحج ماشية ناشرة شعرها، فسأل عقبة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "لتركب، ولتصم ثلاثة أياماً. وذكر نشرالشعر والأمر بالصوم في هذا الحديث غير محفوظ من هذا الطريق، ويغلب على ظننا أن الوهم فيه من قِبَل عُبيد بن رجَال -كذا ضبطه الفيروزآبادي، وهو عبيد بن محمد بن موسى المصري المقرئ- لا من قبل أحمد بن صالح المصري الحافظ، فلم يُؤثَر توثيق عُبيد هذا عن أحدٍ. وقد رواه جماعة عن ابن جريج فلم يذكروا فيه نشر الشعر ولا الأمر بالصوم. وكذلك أخرجه مسلم (1644) من طريق يحيى بن أيوب. ومن طريق عبد الله بن عياش كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب. فلم يذكرا نشر الشعر ولا الأمر بالصوم. وهو في "مسند أحمد" (17386). وانظر ما سلف برقم (3295)، وما سيأتي برقم (3304). وقد سلف ذكر نشر الشعر والأمر بالصوم في الحديث السالف برقم (3293) وهو ضعيف أيضاً.

3300 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا وُهَيبٌ، حدَّثنا أيوبُ، عن عكرمةَ عن ابن عباس، قال: بينما النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يخطُب إذا هو برجلٍ قائمٍ في الشَّمس، فسأل عنه؟ قالوا: هذا أبو إسرائيلَ، نذر أن يقومَ ولا يقعدَ، ولا يَستظلَّ، ولا يتكلمَ، ويصومَ. قال: "مُرُوهُ فَلْيتكلمْ وليستظلَّ وليقعدْ، وليتمَّ صومه" (¬1). 3301 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن حميدٍ الطويل، عن ثابت البُنانىِّ عن أنس بن مالك: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يُهادَى بين ابنَيه، فسأل عنه، فقالوا: نذر أن يمشيَ، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن الله لَغنيٌّ عن تَعذيبِ هذا نَفْسَهُ وأمره أن يركب (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد بن عجلان الباهلي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختيانيّ. وأخرجه البخاري (6754)، وابن ماجه (2136 م) من طرق عن وهيب، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (4385). وأخرجه ابن ماجه (2136) عن عطاء، عن ابن عباس. وفيه دليل على أن كل شيء يتأذى به الإنسان مما لم يرد بمشروعيته كتاب ولا سنة كالمشي حافياً والجلوس في الشمس ليس من طاعة الله تعالى، فلا ينعقد النذر به، فإنه -صلَّى الله عليه وسلم- أمر أبا إسرائيل في هذا الحديث بإتمام الصوم دون غيره، وهو محمول على أنه علم أنه لا يشق عليه. هذا معنى كلام الخطابي. (¬2) إسناده صحيح. حُميد الطويل: هو ابن أبي حُميد. ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وثابت البناني: هو ابن أسلم، ومُسَدَّدٌ: هو ابن مُسَرهَد. وأخرجه البخاري (1865) و (6751)، ومسلم (1642)، والترمذي (1617)، والنسائي في "المجتبى" (3852) و (3853) من طرق عن حُميد الطويل، بهذا الإسناد. =

قال أبو داودَ: رواه عَمرو بن أبي عَمرٍو، عن الأعرج، عن أبي هريرةَ، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- نحوه (¬1). 3302 - حدَّثنا يحيى بنُ مَعين، حدَّثنا حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ، أخبرنا سليمانُ الأحولُ، أن طاووساً أخبره عن ابن عباس: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مَرَّ وهو يطوفُ بالكعبة بإنسانٍ يقودُه إنسانٌ بخُزَامةٍ في أنفِهِ، فقطَعَهُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بيده، ثم أمره أن يقودَه بيدهِ (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (12038)، و"صحيح ابن حبان" (4383). وقوله: يُهادى، هو بضم أوله من المهاداة: وهو أن يمشي معتمداً على غيره. وأخرجه الترمذي (1618) من طريق محمد بن أبي عدي، والنسائي (3854) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، كلاهما عن حميد الطويل، عن أنس. دون ذكر ثابت. قال حماد بن سلمة وشعبة: ما يرويه حميد عن أنس سمعه من ثابت أو ثبته فيها ثابت، قلنا: ولهذا قال الحافظ العلائي في "جامع التحصيل": على تقدير أن تكون روايات حميد عن أنس مراسيل، قد تبين الواسطة فيها، وهو ثقة محتج به. وهو في "مسند أحمد" (12038). وأخرجه الترمذي (1616) من طريق عمران القطان، عن حميد، عن أنس، إلا أنه أخطأ فجعل الناذر امرأة، وخالف الجماعة من أصحاب حميد. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) و (هـ). (¬2) إسناده صحيح. حجاج: هو ابن محمد الأعور، وابن جريج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز، وطاووس: هو ابن كَيْسان. وأخرجه البخاري (1620) و (1621) و (6702) و (6703)، والنسائي في "الكبرى" (4733) و (4734) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3442) و (3443)، و"صحيح ابن حبان" (3831) و (3832). =

3303 - حدَّثنا أحمدُ بن حفصِ بن عَبد الله السَّلَمِيُّ، قال: حدَّثني أبي، قال: حدَّثني إبراهيمُ -يعني ابنَ طهمانَ- عن مَطَرٍ، عن عكرمةَ عن ابن عباس، أن أختَ عقبةَ بن عامرٍ نذَرَتْ أن تحجَّ ماشيةً، وأنها لا تُطيق ذلك، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن الله لَغَنيٌّ عن مَشْي أختِك، فلْتَركَبْ، ولْتُهْدِ بَدَنةَ" (¬1). ¬

_ = والخزامة: بكسر الخاء: حلقة من شعر أو وَبرِ تجعل في الحاجز الذي بين منخري البعير يشذ فيها الزِّمامُ ليسهل انقياده إذا كان صعباً، قال ابن بطال: وإنما قطعه، لأن القَوْدَ بالأزمة إنما يُفعل بالبهائم وهو مُثلَةٌ. وانظر "الفتح" 3/ 482 في وجه إدخال هذا الحديث في أبواب النذر. ننبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و (هـ) وهو في روايتي ابن العبد وابن داسه. وذكره المزي في "تحفة الأشراف". (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات. مطر -وهو ابن طهمان الورَّاق- ضعيف يُعتبر به في المتابعات والشواهد، وباقي رجاله ثقات. وقد تابعه همام ابن يحيى فيما سلف برقم (3296). وهو عند ابن طهمان في "مشيخته" برقم (29)، ومن طريقه أخرجه البيهقي 10/ 79، والخطيب في "تاريخ بغداد" 4/ 329 وقد زاد الخطيب في إسناده قتادة بين مطر وعكرمة، ونقل عن الحافظ الدارقطني قوله: لم يقل لنا في هذا الإسناد: عن قتادة، غيرُ أبي الحَسَنِ البغوي، وكان من الثقات. وهو عند غيره: عن مطر، عن عكرمة، عن ابن عباس. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2152) من طريق عبد العزيز بن مسلم القَسْملي، عن مطر الوراق، عن عكرمة، عن عقبة بن عاصم. فجعله من مسند عقبة بن عامر. وانظر ما سلف برقم (3295) و (3296). وما سيأتي بعده. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد. قلنا: وهو عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه. وموضعه في (أ) و (هـ) بعد الحديث (3295)، ولكننا أبقيناه على ترتيب المطبوع.

23 - باب من نذر أن يصلي في بيت المقدس

3304 - حدَّثنا شعيبُ بن أيوبَ،. حدَّثنا معاويةُ بن هشامٍ، عن سفيانَ، عن أبيه، عن عكرمةَ عن عقبة بن عامر الجُهنىِّ، أنه قال للنبي -صلَّى الله عليه وسلم-: إن أختي نذرتْ أن تمشيَ إلى البيتِ، فقال: "إن الله لا يصنَع بمشْيِ أختِكَ إلى البيت شيئاً" (¬1). 23 - باب من نذر أن يصليَ في بيتِ المقدس 3305 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا حبيبٌ المعلمُ، عن عطاء بن أبي رباحٍ عن جابرِ بن عبد الله: أن رجلاً قام يوم الفتح، فقال: يا رسولَ الله، إني نذرتُ لله إن فتح الله عليك مكةَ أن أصلِّيَ في بيت المقدس -قال أبو سلمة مرة:- ركعتين، قال: "صَلِّ ها هنا" ثم أعاد عليه، فقال: "صَلِّ ها هنا" ثم أعادَ عليه، فقال: شأنَك إذَنْ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح. شعيب بن أيوب ومعاوية بن هشام متابعان. سفيان: هو ابن سعيد بن مسروق الثوري. وأخرجه البيهقي 15/ 79 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وقد سلف من طريق أبي الخير، عن عقبة بن عامر، برقم (3299). وإسناده صحيح، وقال فيه: "لتمش ولتركب". وأخرجه الطحاوي في "شرح المشكل" (2152) من طريق عبد العزيز القسملي، عن مطر الوراق، عن عكرمة عن عقبة بن عامر وقال فيه: "فتركب، ولتهدِ بدنة". تنبيه: هذا الحديث أثبتاه من (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد. قلنا: وهو أيضاً عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه. ومن طريقه أخرجه البيهقي وموضع هذا الحديث في (أ) و (هـ) بعد الحديث (3298). ولكننا أبقيناه على ترتيب المطبوع. (¬2) إسناده قوي من أجل حبيب المُعلِّم فهو صدوق لا بأس به. حماد: هو ابن سلمة. =

قال أبو داودَ: رُوي نحوُه، عن عبد الرحمن بن عوف، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). 3306 - حدَّثنا مَخلَدُ بن خالدٍ، حدَّثنا أبو عاصم (ح) وحدَّثنا عباس العَنْبريُّ، حدَّثنا رَوحٌ، عن ابنِ جُريجٍ، أخبرني يوسفُ بن الحكم بن أبي سفيانَ، أنه سمع حفصَ بن عُمر بن عبد الرحمن بن عَوف وعَمْراً -وقال عبَّاس: ابن حَنَّة- أخبراه عن عمر بن عبد الرحمن بن عَوف عن رجالٍ من أصحابِ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بهذا الخبر، زاد: فقال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في "المُصنَّف" 4/ 42 - قسم العمروي- وأحمد (14919)، وعبد بن حميد (1009)، والدارمي (2339)، وابن الجارود (945)، وأبو يعلى (2116) و (2224)، وأبو عوانة (5883)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 125، والحاكم 4/ 304 - 355، وابن عبد البر في "الاستذكار" (20773) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 2/ 477، والبيهقي 10/ 82 - 83 من طريق حبيب بن الشهيد عن عطاء، به والإسناد إليه ضعيف. وقال ابن عدي: هذا الحديث بهذا الإسناد لا أعرفه إلا عن بكار هذا عن حبيب. وأخرجه عبد الرزاق (9140) و (15891) من طريق إبراهيم بن يزيد، عن عطاء ابن أبي رباح قال: جاء الشريد إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ... فذكره مرسلاً. وإبراهيم بن يزيد هو الخُوزي متروك الحديث. وفي هذا الحديث دليل على أن من جعل لله عليه أن يُصليَ في مكان، فصلى في غيره أجزأه ذلك، قال في "بدائع الصنائع": وإن كان الشرط مقيداً لمكان بأن قال: لله علي أن أصلِّي ركعتين في موضع كذا، أو أتصدق على فقراء في بلد كذا يجوز أداؤه في غير ذلك المكان عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) و (هـ). وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد. قلنا: وهو عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه.

24 - باب في قضاء النذر عن الميت

"والذي بعث محمداً بالحق لو صليتَ ها هنا لاجزأَ عنك صلاةً في بيت المقدس" (¬1). قال أبو داود: رواه الأنصاريُّ عن ابن جريجٍ، فقال: جعفر بن عمر، وقال: عَمرو بن حَيّه، وقال: أخبراه عن عبد الرحمن بن عوف، وعن رجال من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. 24 - باب (¬2) في قضاء النذر عن الميت 3307 - حدَّثنا القَعْنبي، قال: قرأتُ على مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن عُبيد الله بن عَبد الله عن عبد الله بن عباس: أن سعدَ بن عُبادةَ استفتى رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة يوسف بن الحكم، ويشهد له حديث جابر بن عبد الله السالف عند المصف قبله. مخلد بن خالد: هو ابن يزيد، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد الشيباني، وعباس العنبري: هو عباس بن عبد العظيم، ورَوْح: هو ابن عُبادة القيسي. وأخرجه عبد الرزاق (15890)، وأحمد (23169) و (23170)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 45/ 121 و 122 و 123، والمزي في ترجمة حفص بن عمر بن عبد الرحمن في "تهذيب الكمال" 7/ 31 - 32 من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. (¬2) هذا الباب برمته جاء في (أ) بعد باب من نذر أن يتصدق بماله، وجاء في (هـ) كذلك غير أنه بوب لحديثي القعنبى وعمرو بن عون بقوله: باب ما جاء في قضاء النذر عن الميت. ثم بوّب بقوله: باب ما جاء فيمن مات وعليه صيام صام عنه وليه، وذكر حديث مسدَّدٌ وأحمد بن صالح. ولم يذكر حديث أحمد بن يونس وجاء في (ب) و (ج) مثل (أ) غير أنه ليس فيهما حديث مسدَّد عن يحيى، ولا حديث أحمد بن صالح. ونحن تركناه على ترتيب المطبوع.

فقال: إن أمي ماتتْ وعليها نذْرٌ لم تَقْضِه، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "اقْضِهِ عنها" (¬1). 3308 - حدَّثنا عَمرو بن عَونٍ، أخبرنا هُشيمٌ، عن أبي بِشْرٍ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن امرأةً ركبتِ البحر، فنذرتْ إن الله نجّاها أن تصومَ شهراً، فنجّاها الله، فلم تصُمْ حتى ماتتْ، فجاءت ابنتُها أو أختُها إلى رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فأمرَها أن تصومَ عنها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة، وعُبيد الله بن عَبد الله: هو ابن عتبة بن مسعود الهُذَلي. وهو في "الموطأ" 2/ 472. وأخرجه البخاري (2761) و (6698) و (6959)، ومسلم (1638)، وابن ماجه (2132)، والترمذي (1627)، والنسائي في "الكبرى" (4740 - 4742) و (6453) و (6456) و (6457) من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (6450 - 6452) و (6455) من طرق عن الزهري، عن عُبيد الله، عن ابن عباس، عن سعد. فجعله من مسند سعد بن عبادة. ومثل هذا لا يضر، لأن كلاً من ابن عباس وسعد بن عبادة صحابي. ومرسل الصحابي حجة. وهو في "مسند أحمد" (1893)، و"صحيح ابن حبان" (4393 - 4395). (¬2) إسناده صحيح. هشيم -وهو ابن بشير وإن كان مدلساً وقد عنعن- تابعه شعبة بن الحجاج عن أبي بشر -وهو جعفر بن إياس- عند الطيالسي (2621). وحماد ابن سلمة عن أبي بشر عند البيهقي 4/ 256 على أنه رواه غير أبي بشر أيضاً. وهذا الحديث هو الحديث الآتي برقم (3310) غير أنه أُطلق هناك ذكر الصوم، وقُيِّد هنا بأنه صوم نذر، يوضح ذلك ويؤكده رواية شعبة لهذا الحديث عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عند أحمد والنسائي. وقد نص المصنف على ذلك وحكاه عن الإِمام أحمد فيما سلف برقم (2400). =

25 - باب ما جاء فيمن مات وعليه صيام صام عنه وليه

3309 - حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا عَبد الله بن عطاءٍ، عن عبدِ الله بن بُريدةَ عن أبيه بُريدةَ: أن امرأةً أتت رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقالت: كنت تصدقتُ على أُمي بوَليدة، وإنها ماتت وتركتْ تلك الوليدةَ، قال: "قد وجبَ أجرُك ورجعتْ إليك في الميراث"، قالت: وإنها ماتت وعليها صومُ شهرٍ، فذكر نحوَ حديث عَمرٍو (¬1). 25 - باب ما جاء فيمن مات وعليه صيام صام عنه وليه (¬2) 3310 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، سمعتُ الأعمشَ وحدَّثنا محمدُ بن العَلاءِ، حدَّثنا أبو مُعاويةَ، عن الأعمشِ، -المعنى- عن مُسلمٍ البَطِين، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن امرأةً جاءت إلى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فقالت: إنه كان على أُمِّها صومُ شهرٍ، أفاقضِيه عنها؟ قال: "لو كان على أمكِ دَينٌ، أكنتِ قاضيتَه؟ " قالت: نعم، قال: "فَدَينُ الله أحقُّ أن يُقضَى" (¬3). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4739) من طريق مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، به. وهو في "مسند أحمد" (1861). وانظر ما سيأتي برقم (3310). (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي. وقد سلف تخريجه برقم (2877). (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (هـ). (¬3) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومسلم البطين: هو مسلم بن عمران الكوفي، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. =

3311 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ، حدَّثنا عبد الله بنُ وهْب، أخبرني عَمرو بن الحارث، عن عُبيد الله بن أبي جَعفرٍ، عن محمدِ بن جعفرِ بن الزُّبير، عن عُروة عن عائشة، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ مات وعليه صيام صامَ عنه وليُّه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1953)، ومسلم (1148)، وابن ماجه (1758)، والترمذي (725) و (726)، والنسائي في "الكبرى" (2924 - 2928) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وقد قرن بمسلم البطين في بعض طرقه الحكم وسلمةُ بن كهيل، وقرن أيضاً بسعيد بن جبير عطاءٌ ومجاهد. واختُلف أيضاً في ذكر السائل فبعضهم رجلاً، وبعضهم يذكر امرأةً تسأل عن أختها، وبعضهم يذكر صوم شهر كما عند المصنف، وبعضهم يذكر شهرين متتابعين. وهذا يؤيد أن المقصود بهذا الصوم المذكور صوم النذر. وهو في "مسند أحمد" (1970)، و"صحيح ابن حبان" (3570). وأخرجه مسلم (1148)، والنسائي (2929) من طريق زيد بن أبي أُنيسة، عن الحكم بن عتيبة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وقال فيه: عيها صوم نذر. وعلَّقه البخاري بإثر (1953) بصيغة الجزم. وهذا كالحديث السالف برقم (3308) مُقيِّد لمطلق الصوم بأنه صوم نذر. وانظر ما سلف برقم (3308). تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد، قلنا: وهو عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه. (¬1) إسناده صحيح. أحمد بن صالح: هو المصري، وابن وهب: هو عبد الله القرشي، عمرو بن الحارث: هو ابن يعقوب الأنصاري. وقد سلف تخريجه برقم (2400). تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبدء قلنا: وهو أيضاً عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه. لكنه جاء موضعه في (أ) بعد الحديث (3307). =

26 - باب ما يؤمر بوفائه من النذر

26 - باب ما يؤمر بوفائه من النذر (¬1) 3312 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا الحارثُ بن عُبيد أبو قُدامةَ، عن عُبيد الله بن الأخنس، عن عَمرو بن شُعيبٍ، عن أبيه عن جده: أن امرأةً أتتِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسولَ الله، إني نَذَرْتُ أن أضرِبَ على رأسِك بالدُّفِّ، قال: "أوفِي بنذْرِكِ" قالت: إني نذرتُ أن أذبحَ بمكان كذا وكذا -مكانِ كان يَذبح فيه أهلُ الجاهلية- قال: "لصِنمِ؟ " قالت: لا، قال: "لِوثَنِ؟ لا قالت: لا، قال: "أوفي بنذْرِكِ" (¬2). ¬

_ = قال الحافظ في "الفتح" 4/ 193: وقد اختلف السلف في مسألة الصيام عن الميت، فأجاز أصحاب الحديث الصيام عنه، وعلق الشافعي في القديم القول به على صحة الحديث كلما نقله البيهقي في "المعرفة" وهو قول أبي ثور وجماعة من محدثي الشافعية. وقال الشافعي في الجديد ومالك وأبو حنيفة لا يُصام عن الميت. وقال الليث وأحمد وإسحاق وأبو عبيد: لا يُصام عنه إلا النذر حملاً للعموم الذي في حديث عائشة على المقيد في حديث ابن عباس، وليس بينهما تعارض حتى يجمع بينهما فحديث ابن عباس صورة مستقلة سأل عنها من وقعت له، وأما حديث عائشة فهو تقرير قاعدة عامة، وقد وقعت الإشارة في حديث ابن عباس إلى نحو هذا العموم حيث قيل في آخره: فدين الله أحق أن يقضى، وأما رمضان فيطعم عنه. وقوله: "صام عنه وليه" خبر بمعنى الأمر تقديره: فليصم عنه وليه، وليس هذا الأمر للوجوب عند الجمهور. (¬1) هذا الباب جاء في أصولنا الخطية بعد باب في النذر فيما لا يملك، غير أنه ليس في (ب) و (ج) حديث الحسن بن علي وحديث محمد بن بشار. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. الحارث بن عُبيد ضعيف يعتبر به. وقد روي ما يشهد لحديثه. =

3313 حدَّثنا داودُ بن رُشَيد، حدَّثنا شعيبُ بن إسحاقَ، عن الأوزاعيِّ، عن يحيى بن أبي كثيرِ، حدَّثني أبو قِلابةَ حدَّثني ثابتُ بن الضحَّاك، قال: نذرَ رجلٌ على عهدِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن ينحرَ إبلاً ببُوانةَ، فأتى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: إني نذرتُ أن أنحر إبلاً ببُوانةَ، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "هل كان فيها وثنٌ من أوثانِ الجاهليةُ يُعبَدُ؟ " قالوا: لا، قال: "هل كان فيها عِيدٌ من أعيادِهم؟ " ¬

_ = وأخرجه البيهقي 10/ 77 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وله شاهد من حديث بريدة الأسلمي بسند قوي عند أحمد (22989)، والترمذي (4022)، وابن حبان (6892)، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب. قال البيهقي: يشبه أن يكون -صلَّى الله عليه وسلم- إنما أذن لها في الضرب لأنه أمر مباح، وفيه إظهار الفرح بظهور رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ورجوعه سالماً لا أنه يجب بالنذر. وتعقبه الحافظ في "الفتح" 11/ 588 فقال: إن من قسم المباح ما قد يصير بالقصد مندوباً كالنوم في القائلة للتقوي على قيام الليل، وأكلة السحور للتقوي على صيام النهار، فيمكن أن يُقال: إن إظهار الفرح بعود النبىٍ -صلَّى الله عليه وسلم- سالماً معنى مقصود يحصل به الثواب. وقد اختلف في جواز الضرب بالدف على غير النكاح والختان، ورجح الرافعي في "المحرر" وتبعه في "المنهاج" الإباحة والحديث حجة في ذلك. وقال الإِمام الخطابي: ضرب الدف ليس مما يعد في باب الطاعات التي يتعلق بها النذور، وأحسن حاله أن يكون من باب المباح، غير أنه لما اتصل بإظهار الفرح لسلامة مقدم رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- حين قدم من بعض غزواته، وكانت فيه مساءة الكفار وإرغام المنافقين، صار فعله كبعض القرب، ولهذا استُحب ضرب الدف في النكاح لما فيه من إظهاره والخروج به عن معنى السفاح الذي لا يظهر، ومما يشبه هذا المعنى قول النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في هجاء الكفار: "اهجوا قريشاً، فإنه أشد عليهم من رشْق النبل". تنبيه: هذا الحديث جاء في أصولنا الخطية متاخراً إلى آخر الباب.

قالوا: لا، قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أوْفِ بنَذْرِكَ، فإنه لا وفاءَ لنذْرِ في معصيةِ الله، ولا فيما لا يملكُ ابنُ آدمَ" (¬1). 3314 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، أخبرنا يزيدُ بن هارونَ، أخبرنا عبدُ الله ابن يزيدَ بن مِقْسَم الثقفيُّ -من أهل الطائف- قال: حدَّثتني سارَة بنت مِقْسمٍ الثقفيّ أنها سمعتْ ميمونةَ بنتَ كَرْدَم، قالت: خرجتُ مع أبي في حجةِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فرأيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وسمعتُ الناسَ يقولون: رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فجعلت أُبِدُّه بصري، فدنا إليه أبي وهو على ناقةٍ له معه دِرَّةٌ كدِرَّةِ الكُتَّاب، فسمعت الأعرابَ والناسَ يقولون: الطَّبطَبيَّة الطَّبطَبيَّة .. فدنا إليه أبي، فأخذ بقدَمِه، قالت: فأقرَّ له، ووقف عليه واستمع منه، فقال: يا رسول الله، إني نذرتُ إنْ ولدٌ لي ولا ذكرٌ أن أنحرَ على رأسِ بُوانةَ -في عقبة من الثَّنايا- عدةً من الغنم، قال: لا أعلم إلا أنها قالت: خمسين، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "هل بها من الأوثان شيءٌ؟ " قال: لا، قال: "فأوفِ بما نذرتَ به لله" قالت: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. كما قال ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 518، ووافقه الحافظ في "التلخيص" 4/ 180.الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وأبو قِلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1341)، والبيهقي 10/ 83 من طريق داود بن رشيد، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. وبُوانة: هضبة من وراء ينبع، قاله في "النهاية".

فجمعها فجعل يذبحُها، فانفلتت منهُ شاةٌ، فطلبَها وهو يقول: اللهم أوفِ عني نذْري، فظفِر بها، فذبحَها (¬1). 3315 - حدَّثنا محمد بن بشَّار، حدَّثنا أبو بكر الحنفيُّ، حدَّثنا عبدُ الحميد ابن جعفرٍ، عن عَمرو بن شُعيب، عن ميمونةَ بنت كرْدَمِ بن سفيانَ عن أبيها، نحوه، مختصرٌ منه شيءٌ، قال: "هل بها وثنٌ أو عيدٌ من أعياد الجاهليَّة؟ " قال: لا، قلت: إن أمِّي (¬2) هذه عليها نذرٌ، ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة حال سارة بنت مقسم، فقد إنفرد بالرواية عنها ابن أخيها عبد الله بن يزيد بن مقسم الضبي، وقصة النذر ببوانة وردت من طريق آخر عن ميمونة بنت كردم بسند حسن، ويشهد لها أيضاً حديث الضحاك بن ثابت السالف قبله، وإسناده صحيح. وأخرجه مختصراً بقصة بُوانة ابنُ ماجه (2131/ م) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي، عن يزيد بن مقسم، عن ميمونة بنت كَرْدَم. وسنده حسن كما قال ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 519. وأخرجه ابن ماجه (2131) من طريق عبد الله بن عبد الله الطائفي، عن ميمونة. دون ذكر يزيد بن مقسم وهو منقطع. وهو في "مسند أحمد" (15456) و (27064) و (27066). وفي الباب عن ابن عباس عند ابن ماجه (2130)، وهو حسن في الشواهد. وحسّن إسناده ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 519. والدِّرة: السوط، والطَّبْطَبيَّة: قيل: هي حكايته وقع الاقدام، أي: يقولون بأرجلهم على الأرض طب طب، أي: أن الناس يسمعون لاقدامهم صوت: طب طب، أو كناية عن الدِّرة، فإنها إذا ضرب بها حكت صوت طب طب. وقولها: أُبِدُّه بصري: قال الخطابي: معناه: أُتبعه بصري وألزمه إياه لا أقطعه عنه. تنيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و (هـ)، وَأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد. قلنا: وهو عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه. (¬2) في رواية ابن العبد: إن امرأتي هذه. والمثبت هي رواية ابن داسه.

27 - باب في النذر فيما لا يملك

ومَشْيٌ، أفاقضيه عنها، وربما قال ابن بشَّار: أنقضيه عنها؟ قال: "نعم" (¬1) .. 27 - باب في النذر فيما لا يملك (¬2) 3316 - حدَّثنا سليمانُ بن حَرْب ومحمد بن عيسى، قالا: حدَّثنا حمَّادٌ؟، عن أيوبَ، عن أبي قلابة، عن أبي المُهلَّب عن عمران بن حُصَين، قال: كانت العَضْباءُ لرجل من بني عُقيلٍ، وكانت من سوابق الحاجِّ، قال: فاُسِرَ، فأُتيَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- وهو في وَثاقٍ، والنبي -صلَّى الله عليه وسلم- على حمارِ عليه قطيفةٌ، فقال: يا محمد، عَلامَ تأخذُني وتأخذُ سابِقةَ الحاج؟ -زاد ابنُ عيسى: فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- إعظاماً لذلك، ثم اتفقا- قال: "نأخُذُكَ بجَريرَةِ حُلفائكَ ثَقيفِ" قال: وكانَ ثقيفٌ قد أسَرُوا رجلَين من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: وقد قال فيما قال: وأنا مسلمٌ -أو قال: وقد أسلمتُ- فلما مضى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-قال أبو داود: فهمت هذا من محمد بن عيسى- ناداه يا محمد! يا محمد! قال: وكان ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، عمرو بن شعيب لم يسمع من ميمونة بنت كردم. أبو بكر الحنفي: هو عبد الكبير بن عبد المجيد البصري. وأخرجه أحمد (16607) عن أبي بكر الحنفي، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. وأخرجه الطبراني في الكبير 19/ (427) من طريق كامل بن طلحة الجحدري عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو: أن كردم بن سفيان الثقفي أتى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فذكر الحديث بنحوه، وابن لهيعة ضعيف. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و (هـ)، وهو في رواية ابن العبد وابن داسه. (¬2) هذا الباب جاء في أصولنا الخطية بعد باب من نذر أن يصلي في بيت المقدس.

النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- رحيماً رَفيقاً فرجع إليه، فقال: "ما شانُك؟ " قال: إني مسلمٌ، قال: "لو قلتَها وأنت تملكُ أمرَك إذن أفلحتَ كلَّ الفَلاح". قال أبو داود: ثم رجعتُ إلي حديث سَليمانَ - قال: يا محمد، إني جائع فأطعِمْني، إني ظماَنُ فاسْقِني، قال: فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "هذه حاجتُك -أو قال: هذه حاجتُه-" ففُودِي الرجلُ بعدُ بالرجلين. قال: وحبس رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- العضباءَ لرَحْلِه، قال: فأغارَ المشركون على سَرْح المدينةِ فذهبوا به وذهبوا بالعَضْباء، قال: فلما ذهبُوا بها وأسرُوا امرأةَ من المسلمين، قال: فكانوا إذا كان من الليل يُريحون إبلَهم في أفْنيتِهم، قال: فنُوِّمُوا ليلةً وقامتِ المرأةُ فجَعلت لا تضعُ يدَها على بعيرٍ إلا رَغَا، حتى أتت على العضباء" قال: فأتت على ناقةٍ ذَلُولٍ مُجَرَّسةٍ، -قال ابن عيسى: فلم تَرْغُ- قال: فركبَتْها، ثم جعلتْ لله عليها إن نجّاها الله لتنحرنَّها، قال: فلما قدمتِ المدينةَ عُرِفَتْ الناقةُ ناقةُ النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فأُخبر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بذلك، فأرسل إليها، فجيء بها، وأُخبِر بنذْرِها، فقال: "بئس ما جزيتيها -أو جَزَتهْا- إنِ اللهَ عزّ وجلّ نجاها عليها لَتنحرنَّها، لا وفاءَ لنذرٍ في معصيةِ الله، ولا فيما لا يملكُ ابنُ آدم" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن زيد الأزدي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي، وأبو المهلب: هو الجَرْمي عم أبي قلابة. وأخرجه مسلم (1641)، وابن ماجه (2124)، والنسائي في "الكبرى" (4735) من طريق أيوب السختياني، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه والنسائي مختصرة بقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا نذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرج منه قصة نداء الرجل بالرجلين الترمذي (1658) من طريق أيوب، به. وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (19863)، و"صحيح ابن حبان" (4391). وأخرج منه قصة أسْر المرأة إلى آخر الحديث النسائي في "الكبرى" (8709) من طريق الحسن، عن عمران. والحسن لم يسمع من عمران. وهو في "مسند أحمد" (19856)، و"صحيح ابن حبان" (4392). وأخرجه أحمد (19888)، والنسائي في "المجتبى" (3841) و (3845) من طريق محمد بن الزبير، عن أبيه، عن رجل، عن عمران بن حصين، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا نذر في غضب وكفارته كفارة اليمين" وإسناده ضعيف جداً، محمد بن الزبير متروك الحديث، وفيه رجل مبهم، وقد روي بإسقاط الرجل المبهم عند النسائي (3841) و (3845)، ولم يسمع الزبير من عمران. العضباء: اسم ناقة النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وهو علم منقول من قولهم: ناقة عضباء، أي: مشقوقة الأذن، ولم تكن مشقوقة الأذن، وقال بعضهم: إنها كانت مشقوقة الأذن، والأول أكثر. وقوله: نأخذك بجريرة حلفائك، معناه: الذنب والجناية، قال الخطابي: اختلفوا في تأويله، فقال بعضهم: هذا يدل على أنهم عاهدوا بني عقيل على أن لا يعرضوا للمسلمين ولا لأحد من حلفائهم، فنقض حلفاؤهم العهد، ولم ينكره بنو عقيل، فأخذوا بجريرتهم. وقال آخرون: هذا رجل كافر لا عهد له، وقد يجوز أخذه وأسره وقتله، فإن جاز أن يؤخذ بجريرة نفسه وهي كفره، جاز أن يؤخذ بجريرة غيره ممن كان على مثل حاله من حليف وغيره، ويحكى معنى هذا عن الشافعي. وفيه وجه ثالث وهو أن يكون في الكلام إضمار يريد أنك إنما أُخِذْتَ ليدفع بك جريرة حلفائك فيفدى بك الأسيرين اللذين أسرتهم ثفيف، ألا تراه يقول: ففودي الرجل بعد بالرجلين. وقوله: "لو قلتها وأنت تملك أمرك". قال الخطابي: يريد أنك لو تكلمت بكلمة الإسلام طائعاً راغباً فيه قبل الإسار، أفلحت في الدنيا بالخلاص من الرق، وأفلحت في الآخرة بالنجاة من النار. =

28 - باب فيمن نذر أن يتصدق بماله

قال أبو داود: والمرأة هذه امرأةُ أبي ذرٍّ. 28 - باب فيمن نذر أن يتصدق بماله (¬1) 3317 - حدَّثنا سليمانُ بن داود وابنُ السَّرْح، قالا: حدَّثنا ابن وهْبٍ، أخبرني يونسُ، قال ابن شهابٍ: فأخبرني عبدُ الرحمن بن عبد الله بن كعْب بن مالك، أن عبدَ الله بن كعب -وكان قائد كعْبٍ من بنَيه حين عَمِيَ- قال: سمعتُ كعب بن مالك، قال: قلت: يا رسول الله، إن من تَوْبتي أن أنخلعَ من مالي صدقةً إلى الله وإلى رسوله، قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أمسِكْ عليك بعضَ مالِكَ، فهو خيرٌ لك"، قال: فقلتُ: فإني أُمسك سهمي الذي بخيبر (¬2). ¬

_ = والسرح: المال السائم، والرغاء: صوت الإبل. مجرسة: مدربة في الركوب والسير. وفي هذا الحديث جواز سفر المرأة وحدها بلا زوج ولا محرم ولا غيرها إذا كان سفر ضرورة كالهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، وكالهرب ممن يريد منها فاحشة ونحو ذلك، والنهي عن سفرها وحدها محمول على غير الضرورة. (¬1) هذا الباب جاء في أصولنا الخطية بعد باب ما يؤمر بوفائه من النذر غير أنه سقط من (ب) و (ج) الأحاديث (3318) و (3319) و (3320). (¬2) إسناده صحيح. ابن السَّرْح: هو أحمد بن عمرو، وابن وهب: عن عبد الله القرشي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو الزهري. وأخرجه البخاري (2757) (4418)، ومسلم (2769)، والنسائي في "الكبرى" (4747) و (4748) من طريق ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. ورواية البخاري الثانية وكذا مسلم مطولة. وأخرجه الترمذي (3359) من طريق عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه. وقال: وقد روي عن الزهري هذا الحديث بخلاف هذا الإسناد فقد قيل: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن =

3318 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني يونُس، عن ابن شهابٍ، أخبرني عبدُ الله بن كعْب بن مالك عن أبيه: أنه قال لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- حين تِيبَ عليه: إني أنخلعُ من مالي، فذكر نحوه، إلى "خيرٌ لك" (¬1). ¬

_ = أبيه، عن كعب وقد قيل غير هذا، وروى يونس بن يزيد هذا الحديث، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن أباه حدثه عن كعب بن مالك. وهو في "مسند أحمد" (15789) مطولاً. وانظر ما سيأتي (3318) و (3319) و (3320) و (3321). تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في (أ) و (ب) و (ج) حديث محمد بن يحيى الآتي برقم (3321) ونحن أبقيناه على ترتيب المطبوع. (¬1) إسناده صحيح. وقد روى البخاريُّ هذا الحديثَ في موضعين (4676) و (6690) عن أحمد بن صالح، فذكر بين ابن شهاب وبين عبد الله بن كعب بن مالك: عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك. وقد رواه كالمصنِّف الطبرانيُّ في "الكبير"، 19/ (96) عن إسماعيل بن الحسن الخفاف، عن أحمد بن صالح. فالظاهر أن أحمد بن صالح قد رواه على الوجهين. ويؤيده أن الحديث قد رواه عن ابن وهب غير أحمد بن صالح، كرواية المصنِّف بإسقاط عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك من إسناده. فقد أخرجه كذلك النسائي في "الكبرى" (4746) عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب. ولهذا قال النسائي بإثره: يشبه أن يكون الزهري سمع هذا الحديث من عبد الله بن كعب بن مالك، وسمعه من عبد الرحمن بن عبد الله، عنه في الحديث الطويل. قلنا: وقد رواه ابن وهب في "موطئه" فيما نقله عنه ابن عبد البر في "التمهيد" دون ذكر عبد الرحمن في إسناده، فبان بذلك صحة ما عند المصنف هنا، والله أعلم. ابن وهب: هو عبد الله القرشي، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو الزهري. وانظر ما قبله. تنبيه: هذا الحديث والحديثان التاليان أثبتناها من (أ) و (هـ). وذكر المزي في "الأطراف" (11135) أن حديث أحمد بن صالح وعبيد الله بن عمر في رواية أبي الحسن ابن العبد. قلنا: والأحاديث الثلاثة عندنا أيضاً في (هـ) وهي برواية أبي بكر ابن داسه.

3319 - حدَّثني عُبيد الله بن عُمر، حدَّثنا سفيان بن عُيينة، عن الزهريِّ، عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أنه قال للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- أو أبو لبابةَ أو مَنْ شاءَ الله-: إن من توبتي أن أهجُر دارَ قومي التي أصَبْتُ فيها الذنْبَ، وأن أنخلعَ من مالي كلِّه صدقةً، قال: "يُجزئ عنك الثلث" (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، لكن القصة فيه بهذه السياقة لأبي لبابة -وهو ابن عبد المنذر- جزماً، لا لكعب، ومع هذا فلا تصح قصة أبي لبابة، بهذا الإسناد، والخطأ فيه من سفيان بن عيينة، وذلك أن المحفوظ عن الزهري أنه إنما روى بهذا الإسناد قصة توبة كعب بن مالك التي ليس فيها ذكر هجران الدار والتقدير بالثلث، كذلك رواه الجماعة عن الزهري، كما في الطريقين السالفين قبله. ومنشأ الوهم أن الزهري روى القصتين: قصة كعب بن مالك، وقصة أبي لُبابة، ولكل من هذه القصتين إسناد يختلف عن إسناد الأخرى، فاختلط الأمر على بعض من لم يضبط هذه الرواية من أصحاب الزهري كابن عيينة وابن إسحاق، فقلبوا الإسناد، فجعلوا قصة أبي لبابة بإسناد قصة كعب. وإليه يشير كلام المصف بإثر الحديث التالي، وأشار إليه أيضاً البيهقي وابن القيم في "حاشية السنن". فاما قصة أبي لبابة التي فيها ذكر هجران الدار والتقدير بالثلث، فإنما أخذها الزهري عن الحسين بن السائب بن أبي لبابة كما أخرجه أحمد (15750)، والبخاري في "تاريخه الكبير" تعليقاً 2/ 385، وأبو عوانة (5887)، وابن حبان (3371)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 385، والطبراني في "الكبير" (4509)، والحاكم 3/ 632، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 181. وأخذها الزهري أيضاً عن سعيد بن المسيب كما أخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 275. وربما قال الزهري فيها: عن بعض بني السائب بن أبي لبابة كما أخرجه ابن وهب في "موطئه" فيما نقله عنه ابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 82، والبخاري في "تاريخه" تعليقاً 2/ 385، والطبراني في "الكبير" (4510)، والبيهقي 10/ 67.وربما أرسله =

3320 - حدَّثنا محمدُ بن المتوكِّل العسقلاني، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن الزهري ¬

_ = الزهري فلم يذكر أحداً كلما أخرجه مالك 2/ 481، وعبد الرزاق في "تفسيره " 2/ 286، وفي "المصنف" (9745) و (16397)، والطبراني في "تفسيره " 9/ 221 و 11/ 15. وهذه الأسانيد التي تلقى من خلالها الزهري قصة أبي لبابة لا يخلو واحدٌ منها من مقال، ولهذا قال ابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 90: حديث منقطع لا يتصل بوجه من الوجوه. وقال ابن حزم في "المحلى" 8/ 13: كلها مراسيل. قلنا: ولكنها بانضمامها يحدث منها قوة، فيحسن الحديث، والله أعلم. وقد تابع ابن عيينة على ذكر هذه القصة بهذا اللفظ لكعب بن مالك وبهذا الإسناد محمد بن إسحاق كما سيأتي برقم (3321) إلا أنه جعل الحديث عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، عن أبيه، عن جده. وابن إسحاق متكلَّم في روايته عن الزهري كما بسطه الحافظ ابن رجب في شرح "العلل" 2/ 483 - 485. وكذلك ابن عيينة في روايته عن الزهري شيء كما بينه الحافظ ابن رجب. قلنا: وهذا عند الانفراد، فكيف وقد خالفهما الحفاظ من أصحاب الزهري، فرووا بهذا الإسناد قصة توبة كعب بن مالك التي ليس فيها ذكر هجران الدار ولا التقدير بالثلث. مثل يونس بن يزيد الأيلي، وعقيل بن خالد الأيلي، ومعمر بن راشد. على أنه اختُلف على محمد بن إسحاق في إسناده ومتنه كما سيأتي بيانه هناك. وقال البيهقي 10/ 68: هو بهذا اللفظ في قصة أبي لبابة، فاما ما قال لكعب فغير مقدّر بالثلث. وقال ابن القيم في "حاشية السنن" 9/ 109: لعل بعض الرواة وهم في نقله هذا إلى حديث كعب بن مالك في قصة توبته. وقد أشار المصنف بإثر الحديث التالي إلى ذلك بقوله: والقصة لأبي لبابة، ثم ساق بعض الأسانيد التي تؤيد ذلك معلقة. وأخرجه من طريق المصنف هنا البيهقي 10/ 68. وأخرجه سيد بن منصور في "سننه" قسم التفسير (988) عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك: أن أبا لبابة بن عبد المنذر، أو كعب بن مالك ... الحديث. هكذا رواه هنا مرسلاً. وفي هذا دليل آخر على عدم ضبط ابن عيينة لهذا الحديث عن الزهري، والله أعلم.

أخبرنا ابنُ كعْب بن مالك، قال: كان أبو لُبابةَ، فذكر معناه، والقصةُ لأبي لُبابةَ (¬1). قال أبو داود: رواه يونسُ عن ابن شهابٍ عن بعض بني السائب ابن أبي لُبابةَ، ورواه الزُّبيديُّ عن ابن شهاب، فقال: عن حسين بن السائب بن أبي لُبابةَ، مثله. 3321 - حدَّثنا محمدُ بن يحيى، حدَّثنا الحسن بن الربيع، حدَّثنا عبد الله بنُ إدريس قال: قال ابنُ إسحاقَ: حدَّثني الزهريُّ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعْب بن مالك، عن أبيه عن جده، في قصته، قال: قلت: يا رسولَ الله، إن من توبتي إلى الله أن أخرجَ من مالي كلِّه إلى الله وإلى رسولِه صدقةً، قال: "لا" قلت: فنصفُه، قال: "لا" قلت: فثلثُه، قال: "نعم" قلت: فإني أُمسِك سَهْمي من خيبر (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف للاختلاف في إسناده ومتنه. والصحيح أن قصة أبي لبابة إنما أخذها الزهري من غير طريق ابن كعب بن مالك كما بيناه عند الحديث السالف قبله. وقد اختلف فيه على عبد الرزاق في إسناد الحديث ومتنه: فقد رواه عنه محمد بن المتوكل كما عند المصنف هنا. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (16395) غير أنه قال فيه: عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن أبيه، أنه لما تاب الله عليه، قال: يا نبي الله إن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقاً، وأن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله ورسوله، فقال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك"، قال: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر. وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره " 2/ 286، وفي "المصنف" (16397) عن ابن جريج ومعمر، عن الزهري: أن أبا لبابة لما تاب الله عليه، قال: ... مرسلاً. وانظر ما سلف برقم (3317) و (3319). (¬2) ضعيف بهذه السياقة، على الاختلاف في إسناده عن محمد بن إسحاق، فقد =

29 - باب النذر لا يسمى

29 - باب النذر لا يُسمَّى 3322 - حدَّثنا جعفرُ بنُ مُسافرٍ التِّنِّيسيُّ، عن ابن أبي فُديكٍ، حدَّثني طلحةُ بن يحيى الأنصاريُّ، عن عَبد الله بن سعيد بن أبي هندٍ، عن بُكير بن عبد الله ابن الأشَجِّ، عن كُريب ¬

_ = رواه ابن إدريس -وهو عبد الله- عن محمد بن إسحاق كما عند المصنف هنا بهذا اللفظ. وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 4/ 175 - 180 عن ابن إسحاق، عن الزهري محمد بن مسلم، به لكن بلفظ روايته الجماعة عن الزهري. يعني دون ذكر هجران الدار، ولا التقدير بالثلث. وكذلك أخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (91) من طريق أبي جعفر النُّفيليُّ، عن محمد بن إسحاق. لكن تحرف فيه الزهري محمد بن مسلم، إلى: الزهري عن محمد بن مسلم. وقال البخاري في "تاريخه "الكبير" 2/ 385 وروى ابن إسحاق، عن حجاج بن السائب أخي حسين بن السائب بن أبي لبابة. قلنا: يعني قصة أبي لبابة التي فيها هجران الدار والتقدير بالثلث. فلعل ابن إسحاق دخل عليه حديث الزهري في حديث حجاج هذا فقلب الإسناد، فجعل إسناد الزهري لحديث أبي لبابة، ولم يضبط حديث أبي لبابة أيضاً فرواه بهذه السياقة التي عند المصنف. ولهذا قال ابن القيم في "حاشية السنن" 9/ 109: المحفوظ في هذا الحديث ما أخرجه أصحاب الصحيح من قوله: "أمسك عليك بعض مالك" وأما ذكر الثلث فيه، فإنما أتى به ابن إسحاق، ولكن هو في حديث أبي لبابة بن عبد المنذر لما تاب الله عليه قال: يا رسول الله، إن من توبتي أن أهجر دار قومي وأساكنك وأنخلع من مالي صدقة لله عزّ وجلّ ولرسوله. فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يجزئ عنك الثلث"، ولعل بعض الرواة وهم في نقله هذا إلى حديث كعب بن مالك في قصة توبته ... وانظر ما سلف برقم (3317) و (3319). تنبيه: هذا الحديث مكانه في (أ) و (ب) و (ج) بعد الحديث (3317).

عن ابن عبَّاس، أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من نذر نذْراً لم يُسمِّه فكفارتُه كفارةُ يمين، ومن نذر نذراً في معصيةٍ فكفارتُه كفارةُ يمينٍ، ومن نذر نذْراً لا يُطيقُه فكفارتُه كفارةُ يمينٍ، ومن نذر نذراً أطاقه فليف به" (¬1). قال أبو داود: روى هذا الحديثَ وكيعٌ وغيرُه عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، أوقفوه على ابن عباس. 3323 - حدَّثنا هارونُ بن عبَّادِ الأزديُّ، حدَّثنا أبو بكر -يعني ابنَ عياشٍ- عن محمد مولى المغيرة، حدَّثني كعبُ بن علقمةَ، عن أبي الخير عن عقبة بن عامر، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-:كفارةُ النذر كفارةُ اليمين" (¬2). ¬

_ (¬1) طلحة بن يحيى بن النعمان الأنصاري روى له البخاري في الحج حديثاً واحداً بمتابعة سليمان بن بلال، ومسلم (2094) بمتابعة عبد الله بن وهب وسليمان بن بلال، ووثقه يحيى بن معين وعثمان بن أبي شيبة وأبو داود، وقال أحمد: مقارب الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال يعقوب بن شيبة: ضعيف جداً. والأصح وقفه كما قال الحافظ في "الفتح" 11/ 587. ابن أبي فُدَيك: هو محمد بن إسماعيل، وكريب: هو ابن أبي مسلم الهاشمي. وأخرجه ابن ماجه (2128) من طريق خارجة بن مصعب عن بُكَير، بهذا الإسناد، وخارجة متروك. وقوله في الحديث: "ومن نذر نذراً أطاقه فليف به" أثبتناه من (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن الأعرابي. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، محمد مولى المغيرة بن شعبة واسمه محمد بن يزيد بن أبي زياد الثقفي، واإن كان مجهولاً - قد توبع كما في الطريق الذي بعده. =

قال أبو داود: ورواه عَمرو بن الحارث عن كعْب بن علقمةَ، عن ابنِ شِماسة، عن عُقبةَ (¬1). 3324 - حدَّثنا محمد بن عَوفٍ، أن سعيدَ بن الحكَم حدثهم، أخبرنا يحيى ابنُ أيوب، حدثني كعْب بن علقمةَ، أنه سمع ابن شِمَاسةَ، عن أبي الخير، سمعت عقبةَ بن عامر، يقول: سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول مثله (¬2). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (1608) من طريق أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد، وزاد فيه: "إذا لم يسمَّ" وهي زيادة ضعيفة انفرد بها محمد بن يزيد مولى المغيرة. وأخرجه أحمد (17301)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2156) و (2157)، والطبراني 17/ (479) من طرق عن أبي بكر بن عياش بهذا الإسناد، ولم يذكروا في حديثهم جميعاً: إذا لم يُسمَّ. وفي الباب عن عائشة سلف برقم (3290). وعن عمران عند النسائي (3840 - 3845)، وأحمد (19888). وانظر ما بعده. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من. (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها في رواية ابن العبد. قلنا: وهي عندنا في (هـ) وهي برواية ابن داسه. (¬2) إسناده صحيح. ابن شماسة: هو عبد الرحمن، وأبو الخير: هو مَرْثَد بن عبد الله. وأخرجه مسلم (1645)، والنسائي في "الكبرى" (4755) من طريق كعب بن علقمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17319). قال الإِمام النووي في "شرح مسلم" 11/ 104: اختلف العلماء في المراد به، فحمله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج، وهو أن يقول الإنسان يريد الامتناع من كلام زيد مثلاً: إن كلمت زيداً مثلاً، فلله علي حجة أو غيرها فيكللمه، فهو بالخيار بين كفارة يمين وبين ما التزمه. هذا هو الصححيح في مذهبنا، وحمله مالك وكثيرون أو الأكثرون على النذر المطلق، كقوله: عَلَيَّ نذر؟ وحمله أحمد وبعض أصحابنا على =

3325 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يحيى، عن عُبيد الله، حدَّثني نافعٌ، عن ابن عمر عن عمر أنه قال: يا رسول الله، إني نذرتُ في الجاهليةِ أن أَعتكِفَ في المسجد الحرام ليلةَ، فقال له النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "أوْفِ بنَذْرِكَ" (¬1). آخر كتاب الأيمان والنذور ¬

_ = نذر المعصية كمن نذر أن يشرب الخمر، وحمله جماعة من فقهاء أصحاب الحديث على جميع أنواع النذر، وقالوا: هو مخير في جميع النذورات بين الوفاء بما التزم وبين كفارة يمين. والله أعلم. وقال العلامة الشوكاني: والظاهر أن اختصاص الحديث بالنذر الذي لم يسمَّ، لأن حمل المطلق على المقيد واجب، وأما النذور المسماة إن كانت طاعة، فإن كانت غير مقدورة ففيها كفارة يمين، وإن كانت مقدورة، وجب الوفاء بها سواء كانت متعلقة بالبدن أو بالمال، وإن كان معصية لم يجز الوفاء بها ولا ينعقد، ولا يلزم فيها الكفارة وإن كانت مباحة مقدورة، فالظاهر الانعقاد ولزوم الكفارة، لوقوع الأمر بها في أحاديث الباب في قصة الناذرة بالمشي، وإن كانت غير مقدورة، ففيها الكفارة، لعموم: "ومن نذر نذراً لم يطقه" هذا خلاصة ما يستفاد من الأحاديث الصحيحة. (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه البخاري (2032) و (2042) و (2043)، ومسلم (1656) (27)، وابن ماجه (1772) و (2129)، والترمذي (1620)، والنسائي في "الكبرى" (4744) و (4745) من طريقين عن نافع، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4743) من طريق نافع، عن ابن عمر، عن عمر فجعله من مسند عمر. وهذا لا يضر بصحة الحديث. وهو في "مسند أحمد" (255) و (4577)، و"صحيح ابن حبان" (4379) و (4380) و (4381). وانظر ما سلف برقم (2474).

أول كتاب البيوع

أول كتاب البيوع 1 - باب في التجارة يُخالطها الحلِف واللَّغو 3326 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن أبي وائل عن قيس بن أبي غَرَزةَ، قال: كنا في عهد رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نُسمَّى السماسِرةَ، فمرَّ بنا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فسمانا باسم هو أحسنُ منه، فقال: "يا مَعشَرَ التجّار، إن البيعَ يحضُره اللغوُ والحلِفُ، فشُوبوه بالصَّدَقة" (¬1). 3327 - حدَّثنا الحسنُ بن علي والحُسين بن عيسى البَسطاميُّ وحامدُ بن يحيى وعَبدُ الله بن محمد الزهريُّ، قالوا: حدَّثنا سفيانُ، عن جامعِ بن أبي راشدٍ وعبدِ الملك بن أَعْيَنَ وعاصمٍ، عن أبي وائلٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، ومُسَدَّد: هو ابن مُسرْهَد. وأخرجه ابن ماجه (2145)، والترمذي (1250) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (16134). وانظر ما بعده. قال الخطابي في "معالم السنن" 3/ 53: السمسار أعجمي، وكان كثير ممن يعالج البيع والشراء فيهم عجماً، فتلقنوا هذا الاسم عنهم، فغيره رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- إلى التجارة التي ير من الأسماء العربية، وذلك معنى قوله: فسمانا باسم هو أحسن منه. وقال صاحب النهاية: السمسار: القيم بالأمر الحافظ له". وهو اسم للذي يدخل بين البائع والمشتري متوسطاً لامضاء البيع، والسمسرة: البيع والشراء.

2 - باب في استخراج المعادن

عن قيس بن أبي غَرَزةَ، بمعناه، قال: "يحضُره الحلف والكذبُ" وقال عبدُ الله الزهريُّ: "اللغوُ والكذبُ" (¬1). 2 - باب في استخراج المعادن 3328 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمةَ القَعنبيُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ محمد-، عن عَمرٍو -يعني ابنَ أبي عَمرٍو-، عن عِكرمةَ عن ابن عباس: أن رجلاً لزم غَرِيماً له بعشرة دنانير، قال: والله ما أفارقُك حتى تقضيَني، أو تأتيَني بحَمِيلٍ، قال: فتَحَمَّلَ بها النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فأتاه بقَدْر ما وعَدَه، فقال له النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "مِن أين أصَبْتَ هذا الذهبَ؟ " قال: من مَعْدِنٍ، قال: "لا حاجةَ لنا فيها، ليس فيها خيرٌ" فقضاها عنه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح من طريق جامع بن أبي راشد. عاصم: هو ابن أبي النَّجُود، المعروف بابن بهدَلة، وهو حسن الحديث، وعبد الملك بن أعين ضعيف، لكن جامعاً متابعهما ثقة. عبد الله بن محمد الزهري: هو ابن عبد الرحمن بن المسور بن مَخْرَمة، سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه النسائي (3798) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1249) من طريق عاصم بن أبي النجود وحده، به. وأخرجه النسائي (3797) من طريق عبد الملك بن أعين وحده، به. وأخرجه النسائي (3800) و (4463) من طريق منصور بن المعتمر، و (3799) من طريق مغيرة بن مقسم، كلاهما عن أبي وائل، به. وانظر ما قبله. قلنا: وطريق الحسن بن علي -وهو الخلال- زيادة أثبتناها من (هـ) وهي برواية ابن داسه. (¬2) إسناده جيد من أجل عمرو بن أبي عمرو -وهو مولى المطّلب- فهو صدوق لا بأس به. =

3 - باب اجتناب الشبهات

3 - باب اجتناب الشبُهات 3329 - حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدَّثنا أبو شِهابٍ، حدَّثنا ابنُ عَونٍ، عن الشعبيِّ قال: ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2406) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا إلاسناد. قال الخطابي: في هذا الحديث إثبات الحمالة والضمان، وفيه إثبات ملازمة الغريم، ومنعه من التصرف حتى يُخرِجَ الحقَّ الذي عليه. وأما ردّه الذهب الذي استخرجه من المعدن، وقوله: "لا حاجة لنا فيه ليس فيه خير" فيشبه أن يكون ذلك لسبب علمه فيه خاصة، لا من جهة أن الذهب المستخرج من المعدن لا يباح تموله وتملكه، فإن عامة الذهب والورِق مستخرجة من المعادن، وقد أقطع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- بلال بن الحارث المعادن القَبَليَّه، وكانوا يؤدون عنها الحق، وهو عمل المسلمين وعليه أمر الناس إلى اليوم. ويُحتمل أن يكون ذلك من أجل أن أصحاب المعادن يبيعون ترابها ممن يعالجه فيحصل ما فيه من ذهب أو فضة، وهو غرر، لا يدرى هل يوجد فيه شيء منهما أم لا؟ وقد كره بيع تراب المعادن جماعة من العلماء منهم عطاء والشعبي وسفيان الثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وفيه وجه آخر: وهو أن معنى قوله: "لا حاجة لنا فيها، وليس لنا فيها خير" أي: ليس لها رواج ولا لحاجتنا فيها نجاح، وذلك أن الذي كان تحمله عنه دنانير مضروبة، والذي جاء به تِبْر غير مضروب، وليس بحضرته من يضربه دنانير، وإنما كان تحمل إليهم الدنانير من بلاد الروم، وأول من وضع السكة في الإسلام وضرب الدنانير عبدُ الملك ابن مروان. وقد يحتمل ذلك أيضاً وجهاً آخر، وهو أن يكون إنما كرهه لما يقع فيه من الشبهة، ويدخله من الغرر عند استخراجهم إياه من المعدن، وذلك أنهم إنما استخرجوه بالعشر أو الخمس أو الثلث مما يصيبونه، وهو غرر لا يُدرى هل يصيب العامل فيه شيئاً أم لا؟ فكان ذلك بمنزلة العقد على رد الآبق والبعير الشارد، لأنه لا يُدرى أيظفر به أم لا؟ وفيه أيضاً نوع من الخطر والتغرير بالأنفس، لأن المعدن ربما انهار على من يعمل فيه، فكره من أجل ذلك معالجته واستخراج ما فيه.

سمعتُ النعمانَ بن بَشيرٍ -ولا أسمع أحداً بعده- يقول: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقولُ: "إن الحلال بَيِّنٌ، وإن الحرامَ بَيِّنٌ، وبينهما أمورٌ مشتَبِهات -أحياناً يقول: مشتبهة- وسأضرِبُ لكم في ذلك مثلاً: إن الله حَمَى حِمًى، وإن حِمى الله ما حَرَّمَ، وإنه مَن يَرْع حَول الحِمى يُوشك أن يُخَالطَه، وإنَّه مَن يُخَالِطُ الريبةَ يُوشِكُ أن يَجسُرَ" (¬1). 3330 - حدَّثنا إبراهيمُ بن موسى الرازيُّ، أخبرنا عيسى، حدَّثنا زكريا، عن عامرِ الشعبيِّ، قال: سمعتُ النعمان بن بَشير، يقول: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول، بهذا الحديث، قال: "وبينهما مُشَبَّهاتٌ لا يعلمها كثيرٌ من الناس، فمن اتَّقَى الشبهاتِ استبرأ عِرضَهُ ودينَهُ، ومن وقع في الشبهاتِ وقعَ في الحرامِ، (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرطبان، وأبو شهاب: هو عبد ربه بن نافع الحنّاط. وأخرجه البخاري (2051)، ومسلم (1599)، والترمذي (1245)، والنسائي (4453) و (5710) من طرق عن عامر الشعبي، به. وهو في "مسند أحمد" (18347)، و"صحيح ابن حبان" (721) و (5569). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. زكريا: هو ابن أبي زائدة، وعيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي. وأخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599)، وابن ماجه (3984)، والترمذي (1246) من طريق زكريا بن أبي زائدة، به. وانظر ما قبله. قال الخطابي: هذا الحديث أصل في الورع وفيما يلزم الإنسان اجتنابُه من الشبهة والريب. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ومعنى قوله: "وبينهما أمور مشتبهات" أي: إنها تشتبه على بعض الناس دون بعض، وليس أنها في ذوات أنفسها مشتبهة لا بيان لها في جملة أصول الشريعة، فإن الله تعالى لم يترك شيئا يجب له فيه حكم إلا وقد جعل فيه بياناً، ونصب عليه دليلاً، ولكن البيان ضربان: بيان جلي، يعرفه عامة الناس كافة، وبيان خفي لا يعرفه إلا الخاص من العلماء الذين عُنوا بعلم الأصول فاستدركوا معاني النصوص، وعرفوا طريق القياس والاستنباط ورد الشيء إلى المثل والنظير. ودليلُ صحة ما قلناه، وأن هذه الأمور ليست في أنفسها مشتبهة: قوله: "لا يعرفها كثير من الناس" وقد عقل ببيان فحواه أن بعض الناس يعرفونها، وإن كانوا قليلي العدد، فإذا صار معلوماً عند بعضهم فليس بمشتبه في نفسه، ولكن الواجب على من اشتبه عليه أن يتوقف ويستبرىء الشكَّ، ولا يُقدم إلا على بصيرة، فإنه إن أقدم على الشيء قبل التثبت والتبيُّن لم يأمن من أن يقع في المحرم عليه، وذلك معنى الحمى، وضربه المثل به. وقوله: "الحلالُ بينٌ والحرام بين" أصل كبير في كثير من الأمور والأحكام إذا وقعت فيها الشبهة، أو عرض فيها الشك، ومهما كان ذلك، فإن الواجبَ أن ينظرَ، فإذا كان للشيء أصل في التحريم والتحليل، فإنه يتمسك به ولا يفارقه باعتراض الشك حتى يزيلَه عنه يقينُ العلم فالمثال في الحلال الزوجة تكون للرجل والجارية تكون عنده يتسرى بها ويطؤها، فيشك هل طلق تلك، أو أعتق هذه، فهما عنده على أصل التحليل حتى يتحقق وقوع طلاق أو عتق، وكذلك الماء يكون عنده وأصله الطهارة، فيشك: هل وقعت فيه نجاسة أم لا؟ فهو على أصل الطهارة حتى يتيقن أن قد حلته نجاسة وكالرجل يتطهر للصلاة ثم لك في الحدث، فإنه يصلي ما لم يعلم الحدث يقيناً وعلى هذا المثال. وأما الشيء إذا كان أصلُه الحظر وإنما يستباح على شرائط وعلى هيئات معلومة كالفروج لا تحل إلا بعدَ نكاح أو ملك يمين، وكالشاة لا يحِلُّ لحمها إلا بذكاة، فإنه مهما شك في وجود تلك الشرائط وحصولها يقيناً على الصفة التي جعلت علماً للتحليل كان باقياً على أصل الحظر والتحريم، وعلى هذا المثال فلو اختلطت امرأته بنساء أجنبيات أو اختلطت مذكاة بميتات ولم يميزها بعينها، وحب عليه أن يجتنبها كلها ولا يقربها، وهذان القسمان حكمهما الوجوب واللزوم. =

3331 - حدَّثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا هُشَيمٌ، أخبرنا عبَّاد بن راشدٍ، سمعت سعيد بن أبي خَيرةَ، حدَّثنا الحسنُ منذ أربعين سنة، عن أبي هريرة، قال: قال النبي -صلَّى الله عليه وسلم-. قال أبو داود: وحدَّثنا وهبُ بن بقيةَ، أخبرنا خالدٌ، عن داودَ بنِ أبي هندٍ -وهذا لفظه- عن سعيد بن أبي خَيْرةَ، عن الحسن عن أبي هريرة، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لَيأتيننَّ على النَّاس زمانٌ لا يبقَى أحدٌ إلا أكل الرِّبا، فإن لم يأكله أصابه من بُخارِه" قال ابن عيسى: "أصابه من غُبارِه" (¬1). ¬

_ = وهاهنا قسم ثالث: وهو أن يوجد الشيء ولا يُعرف له أصل متقدم في التحريم ولا في التحليل، وقد استوى وجه الإمكان فيه حلاً وحرمة، فإن الورع فيما هذا سبيله الترك والاجتناب، وهو غير واجب عليه وجوب النوع الأول، وهكذا كما روي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه مرّ بتمرة ملقاة في الطريق، فقال: "لولا أني أخاف أن تكون صدقة لأكلتها، وقدم له الضب فلم يأكله، وقال: "إن أمة مسخت فلا أدري لعلها منها" أو كما قال، ثم إن خالد بن الوليد أكله بحضرته فلم ينكره، ويدخل في هذا الباب معاملة من كان في ماله شبهةٌ أو خالطه الربا، فإن الاختيار تركها إلى غيرها، وليس بمحرم عليك ذلك ما لم يتيقن أن عينه حرام أو مخرجه من الحرام، وقد رهن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- درعه من يهودي على أصوعُ من شعير أخذها لقوت أهله، ومعلوم أنهم يربون في تجاراتهم، ويستحِلُّون أثمان الخمور، ووصفهم الله تعالى بأنهم: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} [المائدة:42] فعلى هذه الوجوه الثلاثة يجري الأمر فيما ذكرته لك. وقوله: "فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه" أصل في باب الجرح والتعديل، وفيه دلالة على أن من لم يتوق الشبهات في كسبه ومعاشه، فقد عرض دينه وعرضه للطعن، وأهدفهما للقول. وقوله: "من وقع في الشبهات وقع في الحرام" يريد أنه إذا اعتادها واستمر عليها أدته إلى الوقوع في الحرام بأن يتجاسر عليه فيواقعه. يقول: فليتق الشبهة ليسلم من الوقوع في المحرم. (¬1) إسناده ضعيف. سعيد بن أبي خَيرَةَ لم يوثقه غير ابن حبان ولا يُعرف هذا الحديث إلا به، والحسن -وهو البصري- لم يسمع من أبي هريرة. =

3332 - حدَّثنا محمدُ بن العلاء، أخبرنا ابنُ إدريسَ، أخبرنا عاصمُ بن كُلَيب، عن أبيه عن رجل من الأنصار، قال: ْ خرجْنا مع رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في جَنَازةٍ، فرأيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو على القبر يُوصي الحافرَ: "أوْسِعْ من قِبَلِ رجلَيه، أوسِعْ من قِبَل رأسِه"، فلما رجع استقبلَه داعي امرأةٍ، فجاء، وجيء بالطَّعام فوضَع يدَه، ثم وضع القومُ فأكلُوا، ففطِنَ آباؤنا ورسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يلوكُ لقمةَ في فمه، ثم قال: "أجِدُ لحمَ شاةٍ أُخِذَت بغير إذن أهلها" فأرسلتِ المرأةُ: يا رسولَ الله، إني أرسلتُ إلى النقيع تُشتَرى لي شاةٌ، فلم أجِدْ، فارسلتُ إلى جارٍ لي قد اشترى شاةً: أن أرسِلْ بها إليّ بثمنِها فلم يوجَدْ، فأرسلتُ إلى امرأتِه، فأرسلتْ إليّ بها، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أطْعِمِيهِ الأُسارَى" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2278)، والنسائي (4455) من طريق داود بن أبي هند، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (10410). وأخرج البخاري في "صحيحه" (2583) من حديث أبي هريرة، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لياتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ من المال، أمِن الحلال أم من حرام. (¬1) إسناده قوي من أجل عاصم بن كليب - وهو ابن شهاب- فهو وأبوه صدوقان لا بأس بهما. ابن إدريس: هو عَبد الله. وأخرجه محمد بن الحسن الشيباني في "الآثار" كما في "نصب الراية" 4/ 168، وأحمد (22509) و (23465)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3005) و (3006) وفي "شرح معاني الأثار" 4/ 208، والدارقطنى (4763) و (4764) و (4765)، والبيهقي في "السنن" 5/ 335، وفي "الدلائل" 6/ 310 من طرق عن عاصم بن كليب، به. والنقيع: قال في "النهاية": موضع قريب من المدينة، كان يَستنقعُ فيه الماءُ، أي: يجتمعُ.

4 - باب في آكل الربا وموكله

4 - باب في آكلِ الربا وموكلِه 3333 - حدَّثنا أحمدُ بن يونَس، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا سماكٌ، حدَّثني عبدُ الرحمن بن عبد الله بن مَسعودِ عن أبيه، قال: لعنَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- آكِلَ الربا وموكلَه وشاهدَه وكاتبَه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل سماك -وهو ابن حرب-. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه أحمد (3725)، وابن ماجه (2277)، والترمذي (1247)، وابن حبان (5025) من طريق سماك بن حرب، به. وأخرجه أحمد (3881)، والنسائي في "الكبرى" (5512) و (8666) من طريق الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن الحارث بن عبد الله الأعور، عن عبد الله بن مسعود. والحارث الأعور ضعيف. وأخرجه أحمد (4283) و (4403)، ومسلم (1597) من طريقين عن ابن مسعود. وليس فيه: "وشاهده وكاتبه". وله شاهد بتمامه من حديث جابر بن عبد الله عند مسلم (1598). ويشهد لذكر آكل الربا وموكله حديث أبي جحيفة عند البخاري (2086) قال: نهى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- عن ثمن الكلب، وثمن الدم، ونهى عن الواشمة والموشومة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصوّر. قال المناوي في "فيض القدير" 5/ 268: قال الحرالي: عبر بالأكل عن المتناولِ، لأنه أكبر المقاصد وأضرها، ويجري من الإنسان مجرى الدم، و"موكله" معطيه ومطعمه، و"كاتبه وشاهده" واستحقاقهما اللعن من حيث رضاهما به وإعانتهما عليه، وهم في حال أنهم يعلمون أنه ربا، لأن منهم المباشر للمعصية والمتسبب فيها وكلاهما آثم، أحدهما بالمباشرة والآخر بالسببية، قال الذهبي: وليس إثم من استدان محتاجاً لربا كإثم المرابي الغني، بل دونه، واشتركا في الوعيد.

5 - باب في وضع الربا

5 - باب في وَضْعِ الربا 3334 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو الأحوصِ، حدَّثنا شَبيبُ بن غَرقَدةَ، عن سليمانَ بن عَمرٍو عن أبيه، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في حجةِ الوداعِ يقول: "ألا إنَّ كلَّ رباً من ربا الجاهليةِ مَوضوعٌ، لكم رؤوسُ أموالِكم لا تَظلِمونَ ولا تُظلَمونَ، ألا وإن كلَّ دمٍ من دمِ الجاهلية مَوضوعٌ، وأولُ دمٍ أضعُ منها دَمُ الحارثِ بن عبد المطّلب" كان مُستَرْضَعاً في بني ليث، فقَتلتْه هُذَيلٌ، قال: "اللهم هلْ بلَّغت"، قالوا: نعم، ثلاث مرات، قال: "اللهم اشهد" ثلاث مرات (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في الشواهد. سليمان بن عمرو بن الأحوص، روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وهو ابن صحابي، وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة أبيه عمرو بن الأحوص: وحديثه في الخطبة عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- صحيح. وأخرجه ابن ماجه (3055)، والترمذي (2298) و (3341)، والنسائي في "الكبرى" (4085) و (11149) من طريق شبيب بن غرقدة، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. ويشهد له حديث جابر بن عبد الله الطويل في حجة الوداع السالف عند المصنف برقم (1905)، وهو عند مسلم (1218). قال الخطابي: في هذا مِن الفقه أن ما أدركه الإسلامُ من أحكام الجاهلية فإنه يلقاه بالردِّ والنكير، وأن الكافر إذا أربى في كفره ولم يقبضِ المالَ حتى أسلم، فإنه يأخذ رأس المال، ويضع الربا، فاما ما كان قد مضى من أحكامهم فإن الإسلام يلقاها بالعفو، فلا يعترض عليهم في ذلك ولا يتتبع أفعَالهم في شيء منه، فلو قَتَل في حال كفره وهو في دار الحرب ثم أسلم، فإنه لا يُتتبع بما كان فيه في حال كفره، ولو أسلم زوجان من الكفار وتحاكما إلينا في مهر مِن خمر أو خنزير أو ما أشبههما من المحرم =

6 - باب كراهية اليمين في البيع

6 - باب كراهية اليمين في البيع 3335 - حدَّثنا أحمدُ بن عَمرِو بن السَّرْح، حدَّثنا ابنُ وفبِ وحدَّثنا أحمدُ ابن صالح، حدَّثنا عَنبسةُ، عن يونسَ، عن ابن شهابٍ، قال: قال ابنُ المسيَّب: إن أبا هريرةَ قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "الحَلِفُ مَنْفَقةٌ للسِّلعةِ مَمْحَقةٌ للبركة -قال ابن السَّرح: للكَسْبِ-" وقال: عن سعيد ابن المسيب، عن أبي هريرةَ، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). ¬

_ = فإنه يُنظر: فإن كانت لم تقبضه منه كلَّه، فإنا نُوجب لها عليه مهر المثل. ولو قبضت نصفه وبقي النصفُ، فإنا نوجب عليه الباقي من نصف المهر، ونجعل الفائت من النصف الآخر كأن لم يكن، وعلى هذا إن كان نكاحاً يريدون أن يستأنفوا عقده فإنا لا نجيزُ من ذلك إلا ما أباحه حكمُ الإسلام، فإن كان أمراً ماضياً فإنا لا نفسخه ولا نَعرِض له، وعلى هذا القياس جميعُ هذا الباب. وقوله: "دم الحارث بن عبد المطلب" فإن أبا داود هكذا رواه، وإنما هو في سائر الروايات: "دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب". وحدثني عبد الله بن محمد المكي قال: حدَّثنا علي بن عبد العزيز، عن أبي عبيدة قال: وأخبرني ابن الكلبي: أن ربيعة بن الحارث لم يُقتل وقد عاش بعد النبي -صلَّى الله عليه وسلم- إلى زمن عمر، وإنما قُتل له ابن صغير في الجاهلية، فأهدر النبي -صلَّى الله عليه وسلم- دمه فيما أهدر، ونسب الدم إليه لأنه هو وليُّ الدم. (¬1) إسناده صحيح من جهة ابن وهب -وهو عبد الله-، فأما عنبسة -وهو ابن خالد بن يزيد الأيلي- فضعيف. وأخرجه البخاري (2087)، ومسلم (1606)، والنسائي (4461) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (7207)، و"صحيح ابن حبان" (4906) من طريق عبد الرحمن بن يعقوب الحُرقي مولاهم، عن أبي هريرة مقيداً باليمين الكاذبة. تنبيه: من قوله: قال: "اللهم هل بلّغت ... " إلى آخر الحديث أثتناه من (هـ) وحدها.

7 - باب في الرجحان في الوزن، والوزن بالأجر

7 - باب في الرجحان في الوزن، والوزن بالأجر 3336 - حدَّثنا عُبيد الله بن مُعاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا سفيانُ، عن سماكِ بن حَرْبٍ حدَّثني سويدُ بن قيسِ، قال: جَلَبتُ أنا ومَخْرَفَةُ العبْديُّ بَزّاً من هَجَر، فأتينا به مكَّة، فجاءَنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يمشي، فساومَنا بسراويلَ، فبعناه، وثمَّ رجلٌ يزِنُ بالأجْر، فقال له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "زِنء وأَرْجِحْ" (¬1). ¬

_ = وقوله: "الحلف" بفتح الحاء وكسر اللام: اليمين الكاذبة على البيع، وفي رواية مسلم: "اليمين" ولأحمد "اليمين الكاذبة". "منفقة": مفعلة من: نفقَ البيعُ: راج ضد كسد. "للسلعة" بكسر السين: البضاعة، أي: رواج لها. ممحقة: مفعلة من المحق، أي: مذهبة للبركة، أي: مَظنَّة للمحق وهو النقص والمحو والإبطال. قال الراغب: فحق المسلم أن يتحاشى من الاستعانة باليمين في الحق، وأن يتحقق قدر المقسم به، ويعلم أن الأعراض الدنيوية أخسُّ من أن يُفزع فيها إلى الحلف بالله، فإنه إذا قال: والله إنه لكذا تقديره: إن ذلك حق كما أن وجود الله حق، وهذا الكلام يتحاشى منه من في قلبه حبة خردل من تعظيم الله {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} [البقرة:41] (¬1) إسناده حسن من أجل سماك بن حرب. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه ابن ماجه (2220) و (3579)، والترمذي (1353)، والنسائي (4592) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث سويد حديث حسن صحيح. وأهل العلم يستحبون الرُّجحان في الوزن. ورواية ابن ماجه الثانية مختصرة بلفظ: أتانا النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فسَاومنا سراويل. وهو في "مسند أحمد" (19098). وانظر ما بعده. قال الخطابي: قوله: "زن وأرجِح" فيه دليل على جواز هبة المشاع، وذلك أن مقدار الرجحان هبة منه للبائع، وهو غير متميز من جملة الثمن. وفيه دليل على جواز أخذ الأجرة على الوزن والكيل، وفي معناهما أجرة القسام والحاسب، وكان سعيد بن المسيب ينهى عن أجرة القسام وكرهها أحمد بن حنبل. =

2337 - حدَّثنا حفصُ بن عُمر ومسلمُ بن إبراهيمَ -المعنى قريب-، قالا: حدَّثنا شُعبةُ، عن سماكِ بن حرب عن أبي صفوانَ بن عَميرةَ، قال: أتيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بمكة قبل أن يُهاجِر، بهذا الحديث، ولم يذكر: يزنُ بأجرٍ (¬1). قال أبو داودَ: رواه قيسٌ كما قال سفيانُ، والقولُ قولُ سفيانَ. 3338 - حدَّثنا ابنُ أبي رِزْمَةَ، سمعتُ أبي يقول: قال رجلٌ لشعبةَ: خالفَك سفيانُ، قال: دمَغْتَني. وبلَغني عن يحيى بن معين، قال: كل مَن خالف سفيانَ، فالقول قولُ سفيان (¬2). 3339 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا وكيع، قال: قال شعبةُ: كان سفيانُ أحفظَ مني (¬3). ¬

_ = قال الشيخ: وفي مخاطبة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وأمره إياه به كالدليل على أن وزن الثمن على المشتري، فإذا كان الوزن عليه، لأن الإبقاء يلزمه، فقد دل على أن أجرة الوازن عليه، فإذا كان على المشتري فقياسه في السلعة المبيعة أن تكون على البائع. (¬1) حديثٌ حسَنٌ، وهذا إسناد خالف فيه شعبةُ -وهو ابن الحجاج- سفيانَ الثوريَّ في الإسناد السابق، حيث رواه شعبةُ عن سماك بن حرب، عن أبي صفوان بن عميرة، وقول سفيان مقدم على قول شعبة فيما قاله شعبة نفسه كلما في الروايتين الآتيتين. وأخرجه ابن ماجه (2221)، والنسائي (4593) من طريق شعبة، به. وهو في "مسند أحمد" (19099). وانظر ما قبله. (¬2) رجاله ثقات. ابن أبي رِزْمة: هو محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزمة. (¬3) رجاله ثقات. وكيع: هو ابن الجرّاح الرؤاسي.

8 - باب في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "المكيال مكيال أهل المدينة"

8 - باب في قول النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: "المكيال مكيال أهل المدينة" 3340 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا ابن دُكَين، حدَّثنا سفيانُ، عن حنظلةَ، عن طاووسٍ عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الوزْنُ وزْنُ أهلِ مكةَ، والمكيالُ مكيالُ أهلِ المدينة" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. طاووس: هبر ابن كيسان اليماني، وحنظلة: هو ابن أبي سفيان، وسفيان: هو الثوري. وابن دُكَين: هو أبو نعيم الفضل بن دُكَين. وقد صحح هذا الحديث الدارقطني والنووي وابن دقيق العيد والعلائي فيما نقله عنهم المناوي في "فيض القدير" 6/ 374. وأخرجه النسائي (2520) و (4594) من طريق أبي نعيم الفضل بن دُكين، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (3283). قال الخطابي: إنما جاء الحديث في نوع ما يتعلق به أحكام الشريعة في حقوق الله سبحانه دون ما يتعامل به الناس في بياعاتهم وأمور معاشهم، فقوله: "الوزن وزن أهل مكة" يريد وزن الذهب والفضة خصوصاً دون سائر الأوزان، ومعناه أن الوزن الذي يتعلق به حق الزكاة في النقود وزن أهل مكة، وهي دراهم الإسلام المعدَّلة منها العشرة بسبعة مثاقيل، فإذا ملك رجل منها مئتي درهم وجبت فيها الزكاة، وذلك أن الدراهم مختلفة الأوزان في بعض البلدان والأماكن ... والدرهم الوزان الذي هو من دراهم الإسلام الجائزة بينهم في عامة البلدان: ستة دوانيق. وهو نقد أهل مكة ووزنهم الجائز بينهم ... قال: وأما الدنانير فمشهور من أمرها أنها كانت تحمل إليهم من بلاد الروم، وكانت العرب تسميها الهِرَقْلية ... فلما أراد عبدُ الملك بن مروان ضرب الدنانير والدراهم سأل عن أوزان الجاهلية، فأجمعوا له على أن المثقال اثنان وعشرون قيراطاً إلا حبة بالشامي، وأن العشرة دراهم وزن سبعة مثاقيل، فضربها على ذلك. قال: فأما أوزان الأرطال والأمناء، فهو بمعزل عن هذا، وللناس فيها عادات مختلفة في البلدان قد أقِرَّوا عليها، مع تباينها واختلافها، كالشامي والحجازي والعراقي ... وكل =

قال أبو داودَ: وكذا رواهُ الفِريابيُّ وأبو أحمدَ عن سفيان، وافقَهما في المتن، وقال أبو أحمد -وأخطأ- عن ابن عباس، مكانَ ابن عمر ورواه الوليد بن مسلم، عن حنظلةَ، قال: وزنُ المدينةِ ومكيالُ مكةَ. ¬

_ = من أهل هذه البلدان محمول على عرف بلده وعادة قومة، لا يُنقَل عنها، ولا يُحمل على سواها، وليست كالدراهم والدنانير التي حُمل الناس فيها على عيارٍ واحدٍ وحكمٍ سواء ... ثم قال: وأما قوله: "والمكيال مكيال أهل المدينة" فإنما هو الصاع الذي يتعلق به وجوب الكفارات، ويجب إخراج صدقة الفطر به، ويكون تقدير النفقات وما في معناها بعياره، والله أعلم. وللناس صيعان مختلفة: فصاع أهل الحجاز خمسة أرطال وثلث بالعراقي. وصاع أهل البيت -فيما يذكلره زعماء الشيعة- تسعة أرطال وثلث، وينسبونه إلى جعفر بن محمد، وصاع أهل العراق ثمانية أرطال، وهو صاع الحجاج الذي سعّر به على أهل الأسواق. ولما ولي خالد بن عبد الله القسري العراق ضاعف الصاع فبلغ به ستة عر رطلاً. فإذا جاء باب المعاملات حملنا الصاع العراقي على الصاع المتعارف المشهور عند أهل بلاده، والحجازي على الصاع المعروف ببلاد الحجاز، وكذلك كل أهل بلد على عرف أهله. وإذا جاءت الشريعة وأحكامها فهو صاع المدينة، فهو معنى الحديث ووجهه عندي، والله أعلم. قلنا: مقدار ما سبَق ذكره من المكاييل والأوزان بالمقاييس المعاصرة كما سيأتى: أما الدرهم فيساوي (2.975) غم. وأما الدينار فيساوي (4.25) غم. والقيراط يساوي (0.2475) غم إذا اعتبرنا المثقال مقسماً إلى اثنين وعشرين قيراطا. والحبة تساوي (0.059) غم من الذهب. والعشرة دراهم تساوي (2.975 × 10) = (29.75) غم. والرطل البغدادي يساوي (408) غم، وعليه يكون الصالح البغدادي (2176) غم وتحسب سائر الصيعان على أساس الرطل البغدادي.

9 - باب التشديد في الدين

واختُلِف في المتن في حديث مالك بن دينارٍ، عن عطاءٍ، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في هذا. 9 - باب التشديد في الدَّين 3341 - حدَّثنا سعيدُ بن منصورٍ، حدَّثنا أبو الأحوص، عن سعيدِ بن مَسروقٍ، عن الشعبيِّ، عن سَمعانَ عن سمرةَ، قال: خَطَبَنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "ها هُنا أحدٌ من بني فلانِ؟ " فلم يُجبْه أحدٌ، ثم قال: "ها هنا أحدٌ من بني فُلان؟ " فلم يُجبْه أحدٌ، ثم قال:، ها هنا أحدٌ من بني فُلان؟ " فقام رجل، فقال: أنا يا رسولَ الله، فقال -صلَّى الله عليه وسلم-: "ما مَنَعكَ أنْ تُجيبَني في المرتينِ الأولَيَينِ؟ إني لم أُنوِّة بكم إلا خيراً، إنَّ صاحبكم مَأسورٌ بدَيْنهِ" فلقد رأيتُه أُدِّي عنه حتى ما أحدٌ يطلبُه بشيءٍ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل سمعان -وهو ابن مُشَنَّج- فقد وثقه ابن ماكولا والعجلي، وذكره ابن خلفون وابن حبان في "الثقات"، ورواه غير واحد عن الشعبي -وهو عامر بن شَراحيل- عن سمرة بن جندب، دون ذكر سمعان بن مُشَنَّج، وسماع الشعبي عن سمرة محتمل، فقد ولد الشعبي في حدود سنة عشرين، وتوفي سمرة سنة ثمان وخمسين، بل قد وقع تصريحه بسماعه من سمرة عند الطيالسي (891) عن شعبة، عن فراس بن يحيى، عنه، وعليه يكون إسناده صحيحاً إن شاء الله، ويكون الشعبي سمعه على الوجهين، والله تعالى أعلم. وأخرجه عبد الرزاق (15263)، وأحمد (20231) و (20233)، وابنه عبد الله في زياداته على "المسند" (20234)، والنسائي (4685)، والروياني في "مسنده" (845) والطبراني في "الكبير" (6755)، والحاكم 2/ 26، والمزي في "تهذيب الكمال" 12/ 136 - 137 في ترجمة سمعان، من طريق سعيد بن مسروق الثوري، بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: سَمعان: ابنُ مُشَنَّجٍ. 3342 - حدَّثنا سليمانُ بن داودَ المَهْرِيُّ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، حدَّثني سعيدُ ابن أبي أيوبَ، أنه سمع أبا عبد الله القُرشيَّ يقول: سمعت أبا بُردةَ بنَ أبي موسى الأشعريَّ يقول: عن أبيه، عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أنه قال: "إنَّ من أعظمِ الذنوبِ عندَ الله أن يَلقاهُ بها عَبدٌ بعدَ الكبائرِ التي نَهى الله عنها: أن يموتَ رجلٌ وعليه دَينٌ لا يَدَعُ له قَضاءً" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الطبراني في "الكبير" (6755) من طريق سعيد الوراق، و (6756) من طريق وكيع، كلاهما عن سفيان الثوري، عن أبيه، عن الشعبي، عن سمرة. دون ذكر سمعان. وأخرجه الطيالسي (891) و (892) وأحمد (20232)، والطبراني (6750 - 6753)، والحاكم 2/ 25 من طريق فراس بن يحيى، وأحمد (20124)، والطبراني (6754)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 76، وفي "شعب الإيمان" (5545) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، والطبراني في "الأوسط" (3070) من طريق العلاء بن عبد الكريم، ثلاثتهم عن الشعبي، عن سمرة بن جندب. دون ذكر سمعان في إسناده. وفي باب حبس الميت بدينه عن أبي هريرة عند ابن ماجه (2413)، والترمذي (1101) و (1102) وهو حديث صحيح، ولفظه: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يُقضى عنه". وعن سعد بن الأطول عند ابن ماجه (2433)، وهو حديث صحيح. وانظر تمام شواهده في "مسند أحمد" (20076). (¬1) إسناده ضعيف لجهالة حال أبي عبد الله القُرشي. وأخرجه أحمد (19495)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5541) و (5542)، والمزي في ترجمة أبي عبد الله القرشي من "تهذيب الكمال" من طريق سعيد بن أبي أيوب، بهذا الإسناد.

3343 - حدَّثنا محمدُ بن المتوكِّل العَسقَلانيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهري، عن أبي سلمةَ عن جابر، قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لا يُصَلِّي على رجلٍ مات وعليه دَين، فَأُتي بميتٍ، فقال: "أعليه دين؟ " قالوا: نعم ديناران، قال: "صَلُّوا على صاحبكم" فقال أبو قتادةَ الأنصاريُّ: هما عليَّ يا رسول الله، فصَلَّى عليه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فلما فتحَ اللهُ على رسوله قال: "أنا أوْلَى بكُلِّ مُؤمِنٍ من نفسِهِ، فمَن تَركَ ديناً فعَلَيَّ قَضاؤُهُ، ومَن ترك مالاً فلِورثتِه" (¬1). 3344 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ وقتيبةُ بن سعيدِ، عن شريكٍ، عن سماكٍ، عن عكرمةَ، رفعه. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وهو في "مصنف عبد الرزاق" (15257)، ومن طريقه أخرجه النسائي (1962). وهو في "صحيح ابن حبان" (3064). وأخرجه البخاري (5371)، ومسلم (1619)، وابن ماجه (2415)، والترمذي (1093)، والنسائي (1963) من طرق عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. ومثل هذا الاختلاف لا يضر، لأنه اختلاف في تعيين صحابي، وهم كلهم عدول. وهو في "مسند أحمد" (7899) و (9848)، و"صحيح ابن حبان"، (3063). والشطر الثاني منه سلف عند المصنف برقم (2954) و (2956). قال الخطابي: فيه من الففه جواز الضمان عن الميت -ترك وفاء بقدر الدين أو لم يترك- وهذا قول الشافعي وإليه ذهب ابن أبي ليلى. وقال أبو حنيفة: إذا ضمن عن الميت شيئا لم يترك له وفاء لم يلزم الضامن، لأن الميت منه بريء، وإن ترك وفاء لزمه ذلك، وإن ترك وفاء ببعضه لزمه بقدر ذلك. وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 516: وأراد المصنف (يعني الإِمام البخاري) بإدخاله في أبواب النفقات الإشارة إلى أن من مات، وله أولاد، ولم يترك لهم -شيئاً، فإن نفقتهم تجب في بيت مال المسلمين.

10 - باب في المطل

قال عثمانُ: وحدَّثنا وكيعٌ، عن شريكٍ، عن سماك، عن عكرمةَ عن ابن عبَّاسٍ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، مثله، قال: اشترى من عِيرٍ بَيعاً، وليس عنده ثمنُه، فأُربِحَ فيه، فباعَه، فتصدَّق بالربح على أرامل بني عبد المطّلب، وقال: "لا أشتري بعدَها شيئاً إلا وعندي ثمنُه" (¬1). 10 - باب في المَطْل 3345 - حدَّثنا عبد الله بن مَسلَمةَ القَعْنَبيُّ: عن مالكٍ، عن أبي الزِّناد، عن الأعرجِ عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَطْلُ الغنى ظُلمٌ، وإذا أُتبِعَ أحدُكم على مَليءٍ فليَتْبَعْ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيىء الحفظ، وسماك -وهو ابن حرب- في روايته عن عكرمة اضطراب. وقد ضعفه ابن حزم في "المحلى" 9/ 64، وابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 301 - 302، وصححه الحاكم 2/ 24! فلم يصب. وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 18، وأحمد (2093)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 2/ 3 والطبر اني في "الكبير" (11743) وفي "الأوسط" (5089)، والحاكم 2/ 24، والبيهقي 5/ 356 من طريق شريك النخعي، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح، الأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرمُز، وأبو الزناد: هو عبد الله ابن ذكوان. وهو في "موطأ مالك" 2/ 674، ومن طريقه أخرجه البخاري (2287)، ومسلم (1564)، والترمذي (1356)، والنسائي (4691). وأخرجه ابن ماجه (2403)، والنسائي (4688) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، به. بلفظ: "الظلمُ مطلُ الغني، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع". وأخرجه البخاري (2400)، ومسلم (1564) من طريق همام بن منبه، عن أبي هريرة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (7336) و (7541)، و"صحيح ابن حبان" (5053). قال الخطابي: قوله: "مطل الغني ظلم" دلالته أنه إذا لم يكن غنياً يجد ما يقضيه لم يكن ظالماً، وإذا لم يكن ظالماً بم يجز حبسُه، لأن الحبس عقوبة، ولا عقوبة على غير ظالم. وقوله: "أُتبع" يريد: إذا أُحيل، وأصحاب الحديث يقولون: "إذا اتُّبعَ" بتشديد التاء، وهو غلط، وصوابه: "أُتْبعَ" ساكنة التاء على وزن أفعل، ومعناه: إذا أُحيل أحدكم على مليء فليحتل، يقال: تبعت الرجل بحقى أتبعتُه تباعة: إذا طالبتَه، وأنا تبيعُه، ومنه قوله تعالى: {ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا} [الإسراء:69]. وفيه من الفقه إثبات الحوالة، وفيه دليل على أن الحق يتحول بها إلى المحال عليه، ويسقط عن المُحيل، ولا يكون عليه للمحتال سبيل عند موت المحال عليه أو إفلاسه، وذلك لأنه قد اشترط عليه الملاءمة، والحوالة قد تصح حكماً على المليء، فكان فائدة الشرط ما قلناه، والله أعلم. وقد يستدل بهذا الحديث من يذهب إلى أن له الرجوع على المحيل إذا مات أو أفلس المُحال عليه، ويتأوله على غير وجهه الأول بأن يقول: إنما أمر بأن يتبعه إذا كان مليئاً، والمفلس غير مليء فليكن غير متبع به. قال الشيخ: والدلالة على الوجه الأول هي الصحيحة، لأنه إنما اشترط له الملاءة وقت الحوالة لا فيما بعدها لأن (إذا) كلمة شرط موفت فالحكم يتعلق بتلك الحال لا بما بعدها، والله أعلم. وقوله: "فليتبع" معناه: فليحتل، وهذا ليس على الوجوب، وإنما هو على الإذن له والإباحة فيه إن اختار ذلك وشاءه، وزعم داود أن المحال عليه إن كان مليئاً كان واجبا على الطالب أن يحوّل ما له عليه ويكره على ذلك إن أباه. وقد اختلف العلماء في عود الحق إلى ذمة الغريم إذا مات المحال عليه أو أفلس، فقال أصحاب الرأي: إذا مات ولم يترك وفاء أو أفلس حياً، فإن المحتال يرجع به على الغريم. وقال مالك والشافعي وأحمد وأبو عبيد وأبو ثور: لا يرجع. واحتجوا كلهم بهذا الحديث. وفيه قول ثالث، ذكره ابن المنذر عن بعضهم فلا أحفظه: أنه لا يرجع ما دام حياً، فإن الرجل يُوسر ويُعسر ما دام حياً، فإذا مات ولم يترك وفاء رجع به عليه.

11 - باب في حسن القضاء

11 - باب في حسن القضاء 3346 - حدَّثنا القَعْنَبيُّ: عن مالكِ، عن زيدِ بن أسلمَ، عن عطاءِ بن يَسارِ عن أبي رافعٍ، قال: اسْتسْلَفَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بَكْراً، فجاءتْه إبلٌ من الصدقةِ، فأمرني أن أقضيَ الرجلَ بكْرَهُ، فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملاً خِياراً رَباعِيَاً، فقال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "أعْطِه إياه، فإن خِيارَ الناسِ أحسنُهم قضاء" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 680. وأخرجه مسلم (1600)، وابن ماجه (2285)، والترمذي (1366) والنسائي (4617) من طريق زيد بن أسلم، به. وهو في "مسند أحمد" (27181). وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري (2390): أن رجلاً تقاضى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم -، فأغلظ له، فهمَّ به أصحابه، فقال: دعوه، فإن لصاحب الحق مقالاً، واشتروا له بعيراً فأعطوه إياه، وقالوا: لا نجد إلا أفضل من سنه، قال: "اشتروه فأعطوه إياه، فإن خيركم أحسنكم قضاة". قال الحافظ: وفيه جواز وفاء ما هو أفضل من المثل المقترض إذا لم تقع شرطية ذلك في العقد، فيحرم حينئذ اتفاقاً وبه قال الجمهور، وعن المالكية تفصيل في الزيادة، إن كانت بالعدد منعت، وإن كانت بالوصف جازت. وفيه أن الاقتراض في البر والطاعة وكذا الأمور المباحة لا يُعاب، وأن للإمام أن يقترض على بيت المال لحاجة بعض المحتاجين ليوفي ذلك من مال الصدقات. قال الخطابي: (البَكْر) في الإبل بمنزلة الغلام من الذكور. و (القلوص): بمنزلة الجارية من الإناث. و (الرباعي) من الإبل: هو الذي أتت عليه ست سنين ودخل في السنة السابعة فإذا طلعت رباعيته قيل للذكر: رباع والأنثى رباعية خفيفة الياء. =

3347 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا يحيى، عن مِسعَرٍ، عن محاربٍ، قال: سمعت جابرَ بن عبد الله قال: كان لي على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - دَين، فقضاني وزادَني (¬1). ¬

_ = وفيه من الفقه: جواز تقديم الصدقة قبل مَحِلِّها، وذلك أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لا يحلُّ له الصدقةُ، فلا يجوز أن يقضي من أهل الصدقة شيئاً كان لنفسه، فدل أنه إنما استسلف لأهل الصدقة من أرباب الأموال، وهو استدلال الشافعي. وقد اختلف العلماء في جواز تقديم الصدقة على محل وقتها، فأجازه الأوزاعي وأصحاب الرأي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وقال الشافعي: يجوز أن يعجل صدقة سنة واحدة، وقال مالك: لا يجوز أن يخرجها قبل حلول الحول، وكرهه سفيان الثوري. وقال الإِمام الثوري: يجوز للمقرض أخذ الزيادة سواء زاد في الصفة أو في العدد، ومذهب مالك أن الزيادة في العدد منهي عنها، وحجة أصحابنا عموم قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "فإن خير الناس أحسنهم قضاءً". وفي الحديث دليل على أن رد الأجود في القرض أو الدين من السنة ومكارم الأخلاق وليس هو من قرض جر منفعة، لأن المنهي عنه ما كان مشروطاً في عقد القرض. (¬1) إسناده صحيح. مِسعَر: هو ابن كدام، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وهو في "مسند أحمد" (14432). وأخرجه البخاري (443) و (2394) و (2603)، والنسائي (4591) من طريق مسعر ابن كدام، ومسلم (715) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن محارب بن دثار، به. وهو في "مسند أحمد" (14235)، و"صحيح ابن حبان"، (2496). وأخرجه بنحوه البخاري (2604)، ومسلم بإثر (1599)، والنسائي (4590) من طريق شعبة، عن محارب بن دثار، عن جابر قال: وَزَنَ لي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ثمن البعير فأرجح لي. لفظ مسلم. وأخرجه بنحو رواية شعبة البخاري (2597) من طريق وهب بن كيسان، ومسلم بإثر (1599) من طريق سالم بن أبي الجعد، وبإثر (1599) من طريق أبي نضرة، وبإثر (1599) كذلك من طريق أبي الزبير، أربعتهم عن جابر. =

12 - باب في الصرف

12 - باب في الصَّرْف 3348 - حدَّثنا عبد الله بن مسلمة القَعْنَبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن مالكِ بن أوسٍ عن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الذهبُ بالورِقِ رِباً إلا هاءَ وهاءَ، والبُرُّ بالبُرِّ رِباً إلا هاء وهاء، والتمرُ بالتمرِ رِباً إلا هاء وهاء، والشعيرُ بالشعيرِ رباً إلا هاء وهاء" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (14192) و (14195)، و"صحيح ابن حبان" (2715). قال البغوي في "شرح السنة" 8/ 192 عند حديث أبي رافع مولى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حين قال له رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لما أخبره أنه لم يجد إلا أحسن من الجمل الذي استسلفه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من الأعرابي: "أعطِه إياه"، قال البغوي: فيه دليل على أن من استقرض شيئاً فردَّه أحسن أو أكثر من غير شرط، كان محسنا، ويحل ذلك للمُقرض، قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لبلال في قضاء ثمن جمل جابر: "اقضه وزده" واشترى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- سراويل، وثمَّ رجل يزن بالأجر، فقال للوزان: "زن وأرجح". قال: فأما إذا شرط في القرض أن يردَّ أكثر أو أفضل، أو في بلد آخر فهو حرام ... (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 636 - 637، ومن طريقه أخرجه البخاري (2174) وقد جاء في روايات "صحيح البخاري" لطريق مالك عدا روايةِ لأبي ذر الهروي: "الذهب بالذهب"، وفيه رد على ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 282 فيما ادعاه من عدم الاختلاف عن مالك في هذا الحديث، لأن الراوي عن مالك عند البخاري عبد الله ابن يوسف التِّنِّيسي، وهو من رواة "الموطأ"، وتابعه عبد الله بن وهب -وهو من رواة "الموطأ" كذلك- عند أبي عوانة (5383)، وسويد بن سعيد عند أبي يعلى (234). وأخرجه البخاري (2134)، ومسلم (1586)، وابن ماجه (2253) و (2259)، والنسائي (4558) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به. وكذلك جاء في روايات "صحيح البخاري" غير رواية أبي ذر الهروي وأبي الوقت: "الذهب بالذهب"، وهي الرواية التي شرح عليها العيني في "عمدة القاري"، والقسطلاني في "إرشاد الساري". =

3349 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا بشْرُ بن عمر، حدَّثنا همامٌ، عن قتادةَ، عن أبي الخليل، عن مُسلمٍ المكيِّ، عنَ أبي الأشعثِ الصنعانيِّ عن عبادة بن الصامت، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "الذهب بالذهبِ تِبْرُها وعَينُها، والفضةُ بالفضةِ تِبْرها وعَينُها، والبُرُّ بالبُرُّ مُدْيٌ بمُدْيٍ، والشعيرُ بالشعيرِ مُدْي بمُديِ، والتمرُ بالتمرِ مُدْي بمُديٍ، والملحُ بالملحِ مُدْي بمُدْيٍ، فمن زادَ أو ازداد -فقد أربى، ولا بأس ببيع الذهبِ بالفضةِ والفضة أكثرُهما يداً بيدِ، وأمَّا نسيئةَ فلا، ولا بأس ببيع البُرِّ بالشعيرِ والشعيرُ أكثرُهما يداً بيد، وأما النسيئةُ فلا" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (2170) -دون قوله: "الذهب بالورق"-، ومسلم (1586)، وابن ماجه (2260)، والترمذي (1287) من طريق الليث بن سعد، عن الزهري، به وهو في "مسند أحمد" (162) و (314)، و"صحيح ابن حبان" (5013). وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "سنن ابن ماجه" بتحقيقنا. قال الخطابي: "هاء وهاء" معناه التقابض، وأصحاب الحديث يقولون: (ها وها) مقصورين، والصواب مدهما ونصب الألف منهما. وقوله: (هاء) إنما هو قول الرجل لصاحبه إذا ناوله الشيء: (هاك) أي: خذ، فأسقطوا الكاف منه وعوضوه المدّ بدلاً من الكاف، يقال للواحد: هاء، والاثنين: هاؤما، بزيادة الميم، وللجماعة: هاؤم، قال الله تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة:19]، وهذا قول الليث بن المظفر. (¬1) إسناده صحيح. أبو الأشعث الصنعاني: هو شراحيل بن آدَة، ومسلم المكي: هو ابن يسار، وأبو الخليل: هو صالح بن أبي مريم، وقتادة: هو ابن دعامة، وهمام: هو ابن يحيى العوذي، والحسن بن علي: هو الخلال. وأخرجه النسائي (4564) من طريق أبي الخليل صالح بن أبي مريم، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 4 من طريق أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، كلاهما (أبو الخليل ومحمد بن سيرين) عن مسلم بن يسار المكي، به. =

قال أبو داود: روى هذا الحديث سعيدُ بن أبي عَروبةَ وهشامٌ الدَّستُوائيُّ، عن قتادةَ، عن مسلمِ بن يَسارٍ، بإسناده. 3350 - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن خالدِ، عن أبي قِلابةَ، عن أبي الأشعثِ الصَّنْعانىٍّ ¬

_ = وأخرجه النسائي (4563) من طريق قتادة، عن مسلم بن يسار، به. فأسقط من إسناده أبا الخليل!! وقال يحيى القطان ويحيى بن معين: لم يسمع قتادة من مسلم بن يسار. وأخرجه أحمد (22729)، وابن ماجه (2254)، والنسائي (4560) و (4561) و (4562) من طريق سلمة بن علقمة التميمي، عن محمد بن سيرين، عن مسلم بن يسار وعبد الله بن عُبيد، عن عبادة بن الصامت. ومسلم بن يسار لم يسمع هذا الحديث من عبادة، بينه وبينه أبو الأشعث كما مضى، وكما في إسناد المصنف. وأخرجه أحمد (22724)، والنسائي (4566) من طريق حكيم بن جابر، عن عبادة بن الصامت. وانظر ما بعده. قال الخطابي: قوله: "تبرها وعينُها" التبْر: قطع الذهب والفضة قبل أن تُضرب وتطبع دراهم ودنانير، واحدتها: تبرة، ومن هذا قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 139]، والله أعلم. والعين: المضروب من الدراهم والدنانير، والمدي: مكيال يعرف ببلاد الشام وبلاد مصر يتعاملون به، وأحسبه خمسة عشر مكوكاً، والمكوك صاع ونصف. وحرَّم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يباع مثقال ذهب عين بمثقال ذهب وشيء من تبر غير مضروب، وكذلك حرَّم التفاوت بين المضروب من الفضة وغير المضروب، وذلك معنى قوله: "تبرها وعينها" أي: كلاهما سواء، وهذا من باب معقول الفحوى، ثم زاده بياناً بما نسق عليه من قوله: "ولا بأس ببيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يداً بيد" وكان ذلك من باب دليل الخطاب ومفهومه وكلا الوجهين بيان، وأهل اللغة يتفاهمون بها، ثم هو قول عامة المسلمين إلا ما روي عن أسامة بن زيد وابن عباس في جواز بيع الدرهم بالدرهمين، وقد روي عن ابن عباس أنه رجع عنه.

13 - باب في حلية السيف تباع بالدراهم

عن عُبادة بن الصامتِ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بهذا الخبر يزيدُ ويَنقُصُ، وزاد: قال: "فإذا اختلفتْ هذه الأصنافُ فبيعوا كيف شئتُم، إذا كان يداً بيد" (¬1). 13 - باب في حِلية السيف تُباع بالدراهم 3351 - حدَّثنا محمد بن عيسى وأبو بكر بن أبي شيبةَ وأحمدُ بن مَنيعٍ قالوا: حدَّثنا ابن المبارك (ح) وحدَّثنا ابنُ العلاء، أخبرنا ابنُ المبارك، عن سعيدِ بن يزيدَ، حدَّثني خالدُ ابن أبي عِمرانَ، عن حَنَشٍ عن فَضَالة بن عُبيدِ، قال: أُتيَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- عامَ خيبر بقلادة فيها ذهب وخرز -قال أبو بكر وابنُ مَنيع: فيها خرزٌ مُعَلَّقة بذهب، ثم اتففوا- ابتاعها رجلٌ بتسعةِ دنانيرَ أو بسبعةِ دنانيرَ، فقال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا، حتى تُمَيِّزَ بينه وبينه" فقال: إنما أردتُ الحجارةَ، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا، حتى تُمَيِّزَ بينَهما" قال: فردَّه حتى ميَّز بينهما، وقال ابن عيسى: أردتُ التجارة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه. أبو الأشعث الصنعاني: هو شراحيل بن آدَة، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي، وخالد: هو ابن مهران الحذاء، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه مسلم (1587)، والترمذي (1284) من طريق أبي قلابة، به. وهو في "مسند أحمد" (22683) و (22727)، و"صحيح ابن حبان" (5015). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. حنش: هو ابن عبد الله -ويقال: ابن علي بن عمرو- السبئي الصنعاني، وسعيد بن يزيد: هو الحِمْيَري القِتباني، وابن المبارك: هو عبد الله، وابن العلاء: هو محمد بن العلاء أبو كريب مشهور بكنيته. =

قال أبو داود: وكان في كتابه؟ الحجارة. 3352 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن أبي شجاعٍ سعيدِ بن يزيدَ، عن خالد بن أبي عِمرانَ، عن حَنَشِ الصَّنعانيِّ ¬

_ = وأخرجه مسلم (1591)، والترمذي (1300) من طريق عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وأخرج مسلم (1591) من طريق عامر بن يحيى المعافري، عن حنش الصنعاني، قال: كنا مع فضالة بن عُبيد في غزوة، فطارت لي ولأصحابي قلادة فيها ذهب وورِق وجوهر، فأردت أن أشتريها، فسألت فضالة بن عبيد فقال: انزع ذهبها، فأجعله في كفة، واجعل ذهبك في كفة، ثم لا تأخذن إلا مثلاً بمثل، فإني سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذن إلا مثلاً بمثل". وأخرج نحو لفظ ابن المبارك مسلم (1591) من طريق عُلَيّ بن موسى اللخمي، عن فضالة بن عُبيد، إلا أنه قال في روايته: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "الذهب بالذهب وزناً بوزن". وهو في "شرح مشكل الآثار" (6096). وانظر تالييه. قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وغيرهم: لم يروا أن يباع السيف محلَّى أو مِنطقة مفضضة، أو مثل هذا، بدراهم حتى يُميَّز ويُفصَل، وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق. وقد رخص بعض أهل العلم في ذلك من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وغيرهم. وقال الخطابي: وقال أبو حنيفة: إن كان الثمن أكثر مما فيه من الذهب جاز، وإن كان مثله أو أقل منه لم يجُز. وذهب مالك إلى نحو من هذا في القلة والكثرة إلا أنه حدّد الكثرة بالثلثين، والقلة بالثلث. وقال حماد بن أبي سليمان: لا بأس بأن تشتريه بالذهب، كان الثمن أقل أو أكثر.

14 - باب اقتضاء الذهب من الورق

عن فَضَالةَ بن عُبيدٍ، قال: اشتريتُ يومَ خيبرَ قلادةً باثني عشر ديناراً، فيها ذهبٌ وخَرَزٌ، ففَضَّلتُها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر ديناراً، فذكرت ذلك للنبي -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "لا تُبَاع حتى تُفَصَّل" (¬1). 3353 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن ابن أبي جعفرِ، عن الجُلاح أبي كثيرِ، حدَّثني حنشٌ الصَّنعانيُّ عن فَضَالةَ بن عُبيد، قال: كنا مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يوم خيبرَ نُبَايع اليهودَ الأوقيةَ من الذهب بالدينار -قال غيرُ قُتيبةَ: بالدينارين والثلاثة، ثم اتفقا- فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تَبِيعُوا الذهبَ بالذهب إلا وَزناً بوَزن" (¬2). 14 - باب اقتضاء الذهب من الوَرِق 3354 - حدَّثنا مُوسى بن إسماعيلَ ومحمدُ بن مَحبوبٍ -المعنى واحد- قالا: حدَّثنا حمادٌ، عن سِمَاكِ بن حَرْبٍ، عن سعيد بن جُبَيرٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه الليث؟ هو ابن سعد. وأخرجه مسلم (1591)، والترمذي (1299)، والنسائي (4573) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (4574) من طريق هشيم بن بشير، عن الليث، عن خالد بن أبي عمران، به فأسقط من إسناده سعيد بن يزيد! وهو في "مسند أحمد" (23962). وانظر ما قبله، وما بعده. (¬2) إسناده قوي من أجل الجُلاح أبي كثير، فهو صدوق لا بأس به. ابن أبي جعفر: هو عُبيد الله، والليث: هو ابن سعد. وأخرجه مسلم (1591) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه.

عن ابن عُمر، قال: كنتُ أبيعُ الإبلَ بالبقيع، فأبيعُ بالدنانير وآخذُ الدراهمَ، وأبيعُ بالدراهمِ وآخذُ الدنانيرَ، آخذُ هذه من هذه، وأُعطي هذه من هذه، فأتيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو في بيت حفصةَ، فقلت: يا رسول الله، رُوَيْدَك أسألْك، إني أبيعُ الإبلَ بالبقيع، فأبيعُ بالدنانير وآخذُ الدراهمَ، وأبيعُ بالدراهمِ وآخذُ الدنانيرَ، آخذُ هذه من هذه، وأُعطي هذه من هذه، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا بَأسَ أن تأخُذَها بسعْرِ يومِها، ما لم تَفْترِقا وبينكُما شيءٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لتفرد سماك بن حرب برفعه، وقد روى البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (11322) بسنده إلى شعبة بن الحجاج وقد سئل عن هذا الحديث فقال: عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، ولم يرفعه، وحدثنا قتادة عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، ولم يرفعه، وحدثنا داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، ولم يرفعه. وحدثنا يحيى بن أبي إسحاق، عن سالم، عن ابن عمر، ولم يرفعه، ورفعه لنا سماك بن حرب، وأنا أفْرَقُه. وقال الدارقطني في "العلل" 4/ ورقة 75: لم يرفعه غير سماك، وسماك سيىء الحفظ. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابن ماجه (2262) و (2262 م)، والترمذي (1286)، والنسائي (4582) و (4583) و (4589) من طريق سماك بن حرب، به. وهو في "مسند أحمد" (4883) و (6239)، و"صحيح ابن حبان" (4920)، وصححه ابن الجارود (655)، والحاكم 2/ 44 كذلك! وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 292: حديث ابن عمر ثابت صحيح!! وأخرجه بنحوه موقوفاً ابن أبي شيبة 6/ 332، وأبو يعلى (5654) من طريق ابن أبي زائدة، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر. وإسناده صحيح. قال الخطابي: اقتضاء الذهب من الفضة، والفضة من الذهب عن أثمان السلعة هو في الحقيقة بيع ما لم يقبض، فدل جوازه على أن النهي عن بيع ما لم يقبض إنما ورد في الأشياء التي يبتغى في بيعها وبالتصرف فيها الربح كما روى: أنه نهى عن ربح =

15 - باب في الحيوان بالحيوان نسيئة

3355 - حدَّثنا حُسين بن الأسودِ العجلي، حدَّثنا عُبيد الله، أخبرنا إسرائيلُ، عن سِمَاكٍ، بإسناده ومعناه، والأول أتم، لم يذكر: "بِسعْرِ يومِها" (¬1). 15 - باب في الحيوان بالحيوان نسيئةً 3356 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن قتادةَ، عن الحسنِ عن سمرةَ: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- نَهَى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئةً (¬2). ¬

_ = ما لم يضمن، واقتضاء الذهب من الفضة خارج عن هذا المعنى، لأنه إنما يراد به التقابض، والتقابض من حيث لا يَشُقُّ ولا يتعذر دون التصارت والترابح، ويبين لك صحة هذا المعنى قوله: "لا بأس أن تأخذها بسعر يومها" أي: لا تطلب فيها الربح ما لم تضمن، واشترط أن لا يتفرقا وبينهما شيء، لأن اقتضاء الدراهم من الدنانير صرف، وعقد الصرف. لا يصح إلا بالتقابض. وقد اختلف الناس في اقتضاء الدراهم من الدنانير، فذهب أكثر أهل العلم إلى جوازه، ومنع من ذلك أبو سلمة بن عبد الرحمن وابن شبرمة، وكان ابن أبي ليلى يكره ذلك إلا بسعر يومه، ولم يعتبر غيره السعر، ولم يتأولوا كان ذلك بأغلى أو بأرخص من سعر اليوم، والصواب ما ذهبت إليه، وهو منصوص في الحديث، ومعناه ما بينته لك فلا تذهب عنه، فإنه لا يجوز غير ذلك، والله أعلم. (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وعُبيد الله: هو ابن موسى العَبْسي. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن الحسن -وهو البصري- لم يصرح بسماعه من سمرة. قتادة: هو ابن دعامة، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابن ماجه (2270)، والترمذي (1281)، والنسائي (4620) من طريق قتادة، به. وهو في "مسند أحمد" (20143). وله شاهد من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد (14331)، وابن ماجه (2271) وآخر من حديث ابن عُمر عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 60 وهو حسن في الشواهد. =

16 - باب في الرخصة فيه

16 - باب في الرخصة فيه 3357 - حدَّثنا حفصُ بن عُمر، حدَّثنا حمادُ بن سلمةَ، عن محمد بن إسحاقَ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن مُسلم بن جُبيرٍ، عن أبي سفيانَ، عن عَمرو بن حَرِيش عن عبد الله بن عمرو: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -صلَّى الله عليه وسلم- أمره أن يجهِّز جيشاً، فنَفِدَتِ الإبلُ، فأمره أن يأخذَ في قِلاصِ الصدقةِ، فكان ياخُذُ البَعيرَ بالبَعيرين إلى إبلِ الصدقة (¬1). ¬

_ = وثالث من حديث ابن عباس عند ابن حبان (5028). وإسناده صحيح. قال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- صلَّى الله عليه وسلم - وغيرهم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة، وبه يقول أحمد. ورخَّص بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وغيرهم في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة، وهو قول الشافعي وإسحاق. وقد ذكر البغوي في "شرح السنة" 8/ 74 أن ممن رخص في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة علي وابن عمر، وأنه إليه ذهب سعيد بن المسيب وابن سيرين والزهري، وأنه قول الشافعي وإسحاق، سواء كان الجنس واحداً أو مختلفاً، مأكول اللحم أو غير مأكول اللحم، وسواء باع واحداً بواحد أو باثنين فأكثر. ونقل عن مالك أنه قال: إن كان الجنس مختلفاً يجوز، وإن كان متفقاً فلا. وذكر أن حجة القائلين بالجواز حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -وهو الآتي عند المصنف بعد هذا الحديث-. (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد فيه ضعف واضطراب كما بيناه في "مسند أحمد" (6593). عَمرو بن حريش مجهول، لكنه متابع. حفص بن عمر: هو أبو عمر الحوضي. وأخرجه الدارقطني (3054) و (3055)، والحاكم 2/ 56 - 57، والبيهقي 5/ 287 - 288 من طريق أبي عمر حفص بن عمر الحوضي، بهذا الإسناد. =

17 - باب في ذلك إذا كان يدا بيد

17 - باب في ذلك إذا كان يداً بيد 3358 - حدَّثنا يزيدُ بن خالدٍ الهَمْدانيُّ وقتيبةُ بن سعيدِ الثقفيُّ، أن الليثَ حدَّثهم، عن أبي الزُّبير عن جابر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- اشترى عَبْداً بعبدَين (¬1). 18 - باب في الثمَر بالتمْر 3359 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمةَ، عن مالكِ، عن عَبد الله بن يزيدَ، أن زيداً أبا عيَّاشٍ أخبرَه ¬

_ = وأخرجه أحمد (6593)، والدارقطني (3053) من طريق جرير بن حازم، وأحمد (7025) من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن أبي سفيان، عن مسلم بن جبير، عن عمرو بن الحريش، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. فأسقطا من الإسناد يزيد بن أبي حبيب، وقدّما أبا سفيان على مسلم بن جبير. وانظر تمام تخريجه وبيان الاختلاف فيه في "المسند". وله طريق أخرى يقوى بها أخرجها الدارقطني (3052)، ومن طريقه البيهقي 5/ 287 - 288 من طريق ابن وهب، عن ابن جريج، أن عمرو بن شعيب أخبره، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو. وإسناده حسن، وقد قواه الحافظ في "الفتح" 4/ 419. وانظر فقه الحديث عند الحديث السابق. قوله: قِلاص: هو جَمعُ قلوص، وهي الفتية من الإبل. (¬1) إسناده صحيح. وعنعنة أي الزبير هنا محمولة على الاتصال لأنها من رواية الليث -وهو ابن سعد- عنه، ولم يرو عنه الليث بن سعد إلا ما ثبت لديه أنه سمعه من جابر كما بينه ابن حزم في "المحلى" 7/ 396. وأخرجه مسلم (1602)، والترمذي (1283) و (1686)، والنسائي (4184) و (4621) من طريق الليث بن سعد، به. وهو في "مسند أحمد" (14772)، و"صحيح ابن حبان" (4550). وانظر فقه الحديث في "تهذيب السنن" 9/ 149 - 150.

أنه سأل سعْدَ بن أبي وَقَّاص، عن البَيضاء بالسُّلْت، فقال له سعْدٌ: أيهما أفضلُ؟ قال: البيضاء، قال: فنهاه عن ذلك". وقال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يسأل عن شراءِ التمْر بالرطَب، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أينقصُ الرطبُ إذا يبسَ؟ " قالوا: نعم، فنهاه عن ذلك (¬1). قال أبو داود: رواه إسماعيلُ بن أُميةَ نحو حديث مالك. 3360 - حدَّثنا الربيعُ بن نافع أبو توبةَ، حدَّثنا معاويةُ -يعني ابن سلاَّم- عن يحيى بن أبي كثيرِ، أخبرنا عَبد الله، أن أبا عيّاشِ أخبره أنه سمع سعد بن أبي وَقَّاص يقول: نهى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم-، عن بيعِ الرطبِ بالتمرِ نسيئةً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي، زيد أبو عياش وثقه الدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحح له هو وشيخه ابن خزيمة، والحاكم. والحديث في "الموطأ" 2/ 624. عبد الله ابن يزيد: هو مولى الأسود بن سفيان. ومن طريق مالك أخرجه ابن ماجه (2264)، والترمذي (1228) و (1229)، والنسائي (4545). وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (1515)، و "صحيح ابن حبان" (4997). وانظر ما بعده. البيضاء: الحسّنطة، والسلت: ضربٌ من الشعير أبيض لا قشر له. أفأده في "النهاية". (¬2) إسناده قوي كسابقه دون قوله: نسيئة، فقد قال الدارقطني في "سننه" بعد الحديث (2994): وخالفه (يعني يحيى بن أبي كثير) مالك وإسماعيل بن أمية والضحاك ابن عثمان وأسامة بن زيد، رووه عن عبد الله بن يزيد، ولم يقولوا فيه: نسيئة، واجتماع هؤلاء الأربعة على خلاف ما رواه يحيى يدل على ضبطهم للحديث، وفيهم إمام حافظ، وهو مالك بن أنس. وأخرجه النسائي (4546) من طريق إسماعيل بن أمية، عن عبد الله بن يزيد، به. ولم يقل فيه: نسيئة. كرواية مالك في الحديث السابق.

19 - باب في المزابنة

قال أبو داود: رواه عِمرانُ بن أبي أنَسٍ، عن مولًى لبني مخزوم، عن سعْدٍ، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- نحوه. 19 - باب في المزابنة (¬1) 3361 - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ، حدَّثنا ابن أبي زائدةَ، عن عُبيد الله، عن نافعٍ عن ابن عمر: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثَّمَر بالتمر كيلاً، وعن بيعِ العنبِ بالزبيبِ كيلاً، وعن بيعِ الزرعِ بالحسّنطةِ كيلاً (¬2). ¬

_ (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (هـ). (¬2) إسناده صحيح. عُبيد الله: هوْ ابن عمر العمري، وابن أبي زائدة: هو يحيى ابن زكريا بن أبي زائدة. وأخرجه بنحوه البخاري (2171) و (2172) و (2185) و (2205)، ومسلم (1542)، وابن ماجه (2265)، والنسائي (4533) و (4534) و (4549) من طرق عن نافع، به. وجاء عندهم جميعاً أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع المزابنة، والمزابنة أن يبيع ... وهو في "مسند أحمد" (4490)، و"صحيح ابن حبان" (4998). وأخرجه بنحوه كذلك أحمد (4541)، ومسلم (1534)، والنسائي (4532) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه. قال البغوي في "شرح السنة" 8/ 83: وأصل المزابنة من "الزبْن" وهو الدفع، وذلك أن أحد المتبايعين إذا وقف على غبن فيما اشتراه أراد فسخ العقد، وأراد الغابن إمضاءه فتزابنا، أي: تدافعا، فكل واحد منهما يدفع صاحبه عن حقه، وخصّ بيع الثمر على رؤوس النخل بجنسه بهذا الاسم، لأن المساواة بينهما شرط، وما على الشجر لا يُحصر بكيل ولا وزن، وإنما يكون تقديره بالخرص، وهو حدسٌ وظن، لا يؤمن فيه من التفاوت، فأما إذا باع الثمرة على الشجر بجنس آخر من الثمار على الأرض، أو على الشجر، يجوز، لأن المماثلة يينهما غير شرط والتقابض شرط في المجلس، فقبض ما على الأرض بالنقل، وقبض ما على الشجر بالتخلية. وقال: العمل على هذا عند عامة أهل العلم أن المزابنة باطلة.

20 - باب في بيع العرايا

20 - باب في بيع العَرايا 3362 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يونسُ، عن ابن شهابٍ، أخبرني خارجةُ بن زيدِ بن ثابتٍ عن أبيه: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- رَخَّصَ في بيعِ العَرايا بالتمْر والرطَب (¬1). 3363 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا ابنُ عُيينةَ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن بُشَير بن يسارٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مُسلم بن عُبيد الله الزهري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عَبد الله. وأخرجه النسائي (4537) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2173) و (2184)، ومسلم (1539)، وابن ماجه (2268) و (2269)، والترمذي (1346) و (1347) و (1350)، والنسائي (4532) و (4536) و (4538 - 4540) من طريق عبد الله بن عمر بن الخطاب، عن زيد بن ثابت. ووقع عند البخاري في الموضع الثاني ومسلم في بعض طرقه والنسائي (4540) زيادة: ولم يرحض في غير ذلك. وهو في "مسند أحمد" (4490)، و"صحيح ابن حبان" (5004). قال الخطابي: ذكروا في معنى اشتقاقها قولين (يعني العرايا): أحدهما: أنها مأخوذة من قول القائل: أعريتُ الرجل النخلة، أي: أطعمته ثمرها، يعروها متى شاء، أي: يأتيها فيكل رطبها، يقال: عروت الرجل: إذا أتيته تطلب معروفه، كما يقال: طلب إلي فأطلبته. وسألني فأسالته. والقول الآخر: إنما سميت عرية لأن الرجل يُعريها من جملة نخله، أي: يستثنيها لا يبيعها مع النخل، فربما أكلها وربما وهبها لغيره أو فعل بها ما شاء. ثم قال الخطابي: وإنما جاء تحريم المزابنة فيما كان من التمر موضوعاً على وجه الأرض، وجاءت الرخصة في بيع العرايا فيما كان منها على رؤوس الشجر في مقدار معلوم منه بكمية لا يُزاد عليها، وذلك من أجل ضرورة أو مصلحة فيس أحدهما مناقضاً للآخر أو مبطلاً له. وانظر "فتح الباري" 4/ 390 - 393.

21 - باب في مقدار العرية

عن سهْل بن أبي حَثْمَةَ: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثمَرِ بالتمْر، ورخَّصَ في العَرِيَّة أن تباعَ بخَرْصِها، يأكلُها أهلُها رُطَباً (¬1). 21 - باب في مقدار العَريَّة 3364 - حدَّثنا عبد الله بن مَسْلَمةَ، حدَّثنا مالك، عن داودَ بن الحُصَين، عن مولى ابنِ أبي أحمدَ -قال أبو داود: وقال لنا القَعْنبيُّ فيما قرأ على مالك: عن أبي سفيانَ، واسفه قُزْمان مولى ابن أبي أحمدَ- عن أبي هريرة: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- رَخَّصَ في بيعِ العرايا فيما دون خَمسةِ أَوْسُقٍ -أو في خَمسةِ أَوْسُقٍ- شك داودُ بن الحُصَين (¬2). قال أبو داود: حديثُ جابر إلى أربعةِ أوسقٍ. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن عُيينة: هو سفيان، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري. وأخرجه البخاري (2191)، ومسلم (1540)، والنسائي (4542) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، به. وأخرجه البخاري (2384)، ومسلم (1540)، والترمذي (1351)، والنسائي (4543) من طريق الوليد بن كثير، عن بُشير بن يسار، عن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة. وأخرجه مسلم (1540) من طريق الليث بن سعد، ومن طريق عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، كلاهما عن يحيى بن سعيد، عن بُشير بن يسار، عن أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-صلَّى الله عليه وسلم- وقال الثقفي: بعض أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وهو في "مسند أحمد" (16092)، و"صحيح ابن حبان" (5002). (¬2) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك " 2/ 620، ومن طريقه أخرجه البخاري (2190)، ومسلم (1541)، والترمذي (1348) و (1349)، والنسائي (4541). وهو في "مسند أحمد" (7236)، و"صحيح ابن حبان" (5006).

22 - باب تفسير العرايا

22 - باب تفسير العَرايا 3365 - حدَّثنا أحمدُ بن سعيد الهَمْدَانيُّ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، قال: أخبرني عَمرو بن الحارث عن عبدِ ربِّه بن سعيدٍ الأنصاريِّ، أنه قال: العَرِيَّةُ: الرجلُ يُعْرِي الرَّجلَ النَّخلَةَ، أو الرجلُ يستثني من ماله النخلةَ أو الاثنتَين يأكلُها، فيبيعُها بتمرِ (¬1). 3366 - حدَّثنا هنّادُ بن السَّريِّ، عن عبدةَ عن ابن إسحاقَ، قال: العرايا أن يهَبَ الرجلُ للرجلِ النخَلات فيشُقُّ عليه أن يقُوم عليها، فيبيعُها بمثلِ خَرْصِها (¬2). 23 - باب في بيعِ الثمارِ قبل أن يَبْدُوَ صلاحُها 3367 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمةَ القَعْنبيُّ، عن مالكٍ، عن نافعِ عن عبدِ الله بن عُمر: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نَهَى عن بيع الثمارِ حتى يَبدُوَ صلاحُها، نَهَى البائعَ والمشتريَ (¬3). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات. ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه البيهقي 5/ 310 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وقد ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" 4/ 391 صوراً أخرى للعرية. (¬2) رجاله ثقات. ابن إسحاق: هو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم صاحب "السيرة النبوية"، وعَبْدة: هو ابن سليمان. وانظر ما قبله. (¬3) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 618. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه البخاري (2194)، ومسلم (1534)، وابن ماجه (2214)، والنسائي (4519) من طرق عن نافع، به. وأخرجه البخاري (2183) و (2199) ومسلم بإثر (1538)، والنسائي (4520) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، والبخاري (1486)، ومسلم (1534) من طريق عبد الله بن دينار، كلاهما عن ابن عمر. وأخرجه البخاري (2247) و (2249) من طريق أبي البختري، عن ابن عمر قال: نُهي عن بيع النخل حتى يصلح، وعن بيع الوَرِقِ نَساءً بناجزِ، أي: عن بيع الوَرق وهو الفضة بالذهب نَساء: تاخيراً. هو في "مسند أحمد" (4525) و (6058)، و"صحيح ابن حبان" (4981) و (4989). وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (3467). قال الخطابي: الثمرة إذا بدا صلاحها أمنت العاهة غالباً وما دامت وهي رخوة رَخْصة -أي: رطبة- قبل أن يشتد حبها أو يبدو صلاحها فإنها بعرض الآفات، وكان نهيه البائع عن ذلك لأحد وجهين: أحدهما: احتياطاً له بأن يدعها حتى يتبين صلاحها، فيزداد قيمتها ويكثر نفعه منها. وهو إذا تعجّل ثمنها لم يكن فيها طائل لقلّته، فكان ذلك نوعاً من إضاعة المال. والوجه الآخر: أن يكون ذلك مناصحة لأخيه المسلم، واحتياطاً لمال المشتري لئلا ينالها الآفة، فيبور ماله، أو يطالبه برد الثمن من أجل الحاجة، فيكون بينهما في ذلك الشر والخلاف، وقد لا يطيب للبائع مال أخيه منه في الورع إن كان لا قيمة له في الحال، إذ لا يقع له قيمة فيصير كأنه نوع من أكل المال بالباطل. وأما نهيه المشتري: فمن أجل المخاطرة والتغرير بماله، لأنها ربما تلفت بأن تنالها العاهة فيذهب ماله، فنهى عن هذا البيع تحصيناً للأموال، وكراهة للتغرير. ولم يختلف العلماء أنه إذا باعها أو شرط عليه القطع جاز بيعها، وإن لم يبد صلاحها، وإنما انصرف النهي إلى البيع قبل بدوّ الصلاح من التبقية، إلا أن الفقهاء اختلفوا فيما إذا باعها بعد بدوِّ الصلاح. =

3368 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفَيليُّ،،، حدَّثنا ابن عُلَيةَ، عن أيوبَ، عن نافعٍ عن ابن عمر: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعِ النخْل حتى يَزْهُوَ، وعن السُّنبُلِ حتى يَبْيضَّ ويأمَنَ العاهَةَ، نهى البائعَ والمشتريَ (¬1). 3369 - حدَّثنا حفصُ بن عُمر النَّمَريُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن يزيدَ بن خُمَيرِ، عن مولًى لقُريشٍ عن أبي هريرة قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم عن بيعِ الغنائم حتى تُقْسَم، وعن بيعِ النخلِ حتى تُحْرَزَ من كلَّ عارِضٍ، وأن يُصليَ الرجل بغير حِزامٍ (¬2). ¬

_ = فقال أبو حنيفة: البيع جائز على الإطلاق. وعليه القطع. فيكون في معنى من شرط القطع. وقال الشافعي: البيع جائز، وعلى البائع تركها على الشجر حتى تبلغ إناها، وجعل العرف فيها كالشرط، واستدل بما روي عن النبي-صلى الله عليه وسلم- من طريق حميد عن أنس: أنه نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها. وقال: أرأيت إن منع له الثمرة، فبم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ " قال: فدل ذلك على أن حكم الثمرة التبقية، ولو كان حكمها القطع، لم يكن يقع معه منع الثمرة. (¬1) إسناده صحيح، أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وابن عُلية: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، المعروف بابن عُلية. وأخرجه مسلم (1535)، والترمذي (1270)، والنسائي (4520) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4493)، و"صحيح ابن حبان" (4994). وانظر ما قبله. قال في "القاموس": زها البُسر: تلوَّن، كأزهى. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة. =

3370 - حدَّثنا أبو بكر محمدُ بن خلاَّد الباهليُّ، حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن سليمِ بن حيّانَ، أخبرنا سعيدُ بن مِيناء، قال: سمعت جابرَ بن عبد اللهقول: نهى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أن تُباعَ الثمرةُ حتى تُشْقِحَ، قيل: وما تُشْقِحُ؟ قال: "تَحْمارُّ وتَصْفارُّ، ويُؤكَل منها" (¬1). ¬

_ = وأخرجه أحمد (9017) و (9909) و (10105)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 20 من طرق عن شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. وأخرجه قطعة النهي عن بيع المغانم حتى تُقسم: ابنُ أبي شيبة 12/ 437 من طريق شعبة، به. وأخرج قطعة الاحتزام: البيهقي 2/ 240 من طريق شعبة، به. وأخرج مسلم (1538) من طريق عبد الرحمن بن أبي نُعم، ومسلم أيضاً بإثر (1539) وابن ماجه (2215)، والنسائي (4521) من طريق سعيد بن المسيب وأبي سلمة ابن عبد الرحمن، ثلاثتهم عن أبي هريرة رفعه: "لا تبتاعوا الثمر حتى يَبْدُوَ صلاحُه". وسيأتي عند المصنف برقم (3376) من طريق الأعرج، عن أبي هريرة: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الغرر. وهو في "صحيح مسلم" (1513). وبيع الغرر يدخل فيه بيع الغنائم حتى تُقسم وبيع النخل حتى يُحرَزَ، لأن كلاهما من بيوع الغرر التي فيها جهالة. ويشهد لقطعة النهي عن الصلاة بغير حزام حديث سلمة بن الأكوع السالف عند المصنف برقم (632) قال: قلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إني رجلٌ أصيدُ، أفأصلي في القميص الواحد؟، قال: "نعم" وازرُزه ولو بشوكة". وإسناده حسن. وقوله: بغير حزام، أي: من غير أن يشد ثوبه عليه، لأنهم كانوا قلّما يتسَرْولُون، وإذا لم يُشَدّ الوسط، ربما بدت العورة. انظر"النهاية". (¬1) إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو القطّان. وأخرجه البخاري (2196) من طريق يحيى بن سعد، ومسلم بإثر (1543) من طريق بهز بن أسد، كلاهما عن سليم بن حيان، به. لكن جاء في رواية بهز: قلت لسعيد: ما تُشقح؟ قال: تَحْمارُّ وتَصْفارُّ، ويؤكل منهما. فجعل هذا التفسير من كلام سعيد بن ميناء. وهذا محتمل في رواية يحيى بن سعيد أيضاً. =

3371 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا أبو الوليد، عن حماد بن سلمةَ، عن حميدٍ عن أنس: أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن بيعِ العنَبِ حتى يَسْوَدَّ، وعن بيعِ الحبِّ حتى يَشتدَّ (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم بإثر (1543) من طريق أبو الوليد المكي وعطاء بن أبي رباح، عن جابر بلفظ: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-صلَّى الله عليه وسلم- أن يُشترى النخل حتى يُشْقِه، والإشقاه أن يحمّر أو يصفّر أو يؤكل منه شيء، وهذا يحتمل أن يكون من تفسيره -صلَّى الله عليه وسلم-، ويحتمل أن يكون من جابر، وربما كان من عطاء أو من دونه. وهو في "مسند أحمد" (14438)، و"صحيح ابن حبان" (4992). وأخرجه مسلم (1536) من طريق أبي الزبير، ومسلم (1536) والنسائي (3921) من طريق عمرو بن دينار كلاهما عن جابر قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-صلَّى الله عليه وسلم- عن بيع الثمر حتى يطيب. وقال عمرو بن دينار: حتى يبدوَ صلاحُه. وسيأتي برقم (3373) بلفظ: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه. وانظر تمام تخريجه هناك. قال الخطابي: التشقيح: تغتر لونها إلى الصفرة والحُمرة، والشقحة: لون غير خالص في الحمرة والصفرة، وإنما هي تغير لونه في كُمودة، ومنه قيل: قبيح شقيح، أي: تغير اللون إلى السماجة والقُبح. وإنما قال: تَحْمارُّ وتَصْفارُّ، لأنه لم يُرد به اللون الخالص، وإنما يُستعمل ذلك في اللون المتميل، يقال: ما زال يحْمارّ وجهه ويَصْفارّ، إذا كان يضرب مرة إلى الصفرة ومرة إلى الحمرة، فإذا أرادوا أنه قد تمكن واستقر قالوا: تحمَّر وتصفَّر. وفي قوله: "حتى تشقح" دليل على أن الاعتبار في بدوّ الصلاح إنما هو بحدوث الحمرة في الثمرة دون إتيان الوقت الذي يكون فيه صلاح الثمار غالباً. (¬1) إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وأبو الوليد: هو هشام ابن عبد الملك الطيالسي، والحسن بن علي: هو الخلال. وأخرجه ابن ماجه (2217)، والتر مذي (1272) من طرق عن حماد بن سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (13314)، و"صحيح ابن حبان" (4993).

3372 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا عنبسةُ بن خالدٍ، حدَّثني يونسُ، قال: سألتُ أبا الزنادِ عن بيعِ الثمر قبل أَن يَبْدُوَ صلاحُه وما ذُكر في ذلك، فقال: كان عروةُ بن الزبير يُحدِّث عن سهْل بن أبي حَثْمَةَ، عن زيدِ بن ثابتٍ، قال: كان الناسُ يتبايعون الثمارَ قبل أن يبدُوَ صلاحُها، فإذا جَدَّ الناسُ وحضَر تقاضيهم، قال المُبتاعُ: قد أصاب الثمرَ الدُّمَانُ، وأصابَه قُشام، وأصابَه مُرَاض، عاهات يحتجُّون بها، فلما كثُرت خصومتُهم عند النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كالمَشورة يُشير بها: "فإمَّا لا، فلا تَتبايَعوا الثمَرةَ حتى يَبدُوَ صلاحُها" لكثرةِ خُصومتِهم واختلافِهم (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن، عنبسة بن خالد -وهو الأيلي- متابع. وقال أحمد بن صالح المصري فيما نقله الخطيب في "تاريخه" 4/ 198: حدثت أحمد بن حنبل بحديث زيد ابن ثابت في بيع الثمار، فأعجبه واستزادني مثله. وأخرجه الدارقطني (2833)، والخطيب في تاريخه، 4/ 198 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو عوانة (5041)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 28، والدارقطني (2833) و (2946)، والبيهقي 5/ 301 من طريق أبي زرعة وهب الله بن راشد الحَجْري، عن يونس بن يزيد، به. وأبو زرعة وهب الله بن راشد حديثه حسن في المتابعات. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4788) من طريق محمد بن حميد الرازي، عن هارون بن المغيرة، والبخاري تعليقاً بإثر (2193) من طريق علي بن بحر، عن حكّام -هو ابن سَلْم- كلاهما عن عنبسة بن خالد، عن زكريا بن خالد، عن أبي الزناد، به. فذكرا زكريا بن خالد بدل: يونس بن يزيد! وأخرجه الذهلي في "الزهريات" كما في "تغليق التعليق" 3/ 261 عن أبي صالح -وهو عبد الله بن صالح كاتب الليث-، عن الليث بن سعْد، عن أبي الزناد، به. وأبو صالح حسن الحديث في المتابعات، وقد علقه البخاري في "صحيحه" (2193) بصيغة الجزم. =

3373 - حدَّثنا إسحاقُ بن إسماعيلَ الطالْقانيُّ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابن جُرَيجِ، عن عطاءٍ عن جابر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن بيعِ الثمرِ حتى يبدوَ صلاحُه، ولا يباعُ إلا بالدينارِ أو الدرهمِ، إلا العَرايا (¬1). ¬

_ = قوله: الدَّمان: قال في "النهاية": هو بالفتح وتخفيف الميم: فساد الثمر وعفنُه قبل إدراكه، حتى يسودَّ، من الدِّمْن وهو السِّرْقين -وهو ما تُدمَلُ به الأرض- ... قال: ويقال: الدِّمال باللام أيضاً بمعناه، هكذا قيدهُ الجوهري وغيره بالفتح، والذي جاء في "غريب الخطابي" بالضم، وكأنه أشبه، لأن ما كان من الأدواء والعاهات فهو بالضم كالسُّعال والنُّحاز والزُّكام، وقد جاء في الحديث: القُشام والمُراض، وهما من آفات الثمرة، ولا خلاف في ضمهما، وقيل: هما لغتان. والقشام: شيء يصيبه حتى لا يرطب، وقال الأصمعي: هو أن ينتقص ثمر النخل قبل أن تصير بلحاً. وقوله: جدَّ الناسُ، أي: قطعوا الثمار. (¬1) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جُريج، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (2189) و (2381)، ومسلم بإثر (1543)، وابن ماجه (2216)،والنسائي (3879) و (4523) و (4524) و (4550) من طريق ابن جريج، به. وقرن البخاري في الموضع الأول ومسلم في إحدى رواياته، والنسائي في الموضعين الأول والثالث بعطاء أبا الزبير، وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي. وأخرجه البخاري (1487)، ومسلم بإثر (1543) من طريقين عن عطاء بن أبي رباح، به. ولفظ رواية مسلم كرواية سعيد بن ميناء السالفة عند المصنف برقم (3370). وأخرج مسلم بإثر (1543) من طريق أبي الزبير وسعيد بن ميناء والنسائي (4634) من طريق أبي الزبير، كلاهما، عن جابر ... ورَخَّص في العرايا. قلنا: يعني رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-. وهو في "مسند أحمد" (14358) و (14876)، و "صحيح ابن حبان" (4992). وانظر ما سلف برقم (3370).

24 - باب في بيع السنين

24 - باب في بيع السِّنين 3374 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل ويحيى بنُ معَينٍ، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن حميدٍ الأعرج، عن سليمانَ بن عتيقٍ عن جابر بن عبد الله: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن بيع السِّنين، ووَضَعَ الجوائح (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حُميد الأعرج:. هو ابن قيس المكي، وسفيان: هو ابن عُيينة. وأخرج الشطر الأول منه وهو النهي عن بيع السنين: مسلم بإثر (1543)، وابن ماجه (2218)، والنسائي (4531) و (4627) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم بإثر (1543) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن جابر. وهو في "مسند أحمد" (14325)، و"صحيح ابن حبان" (4995). وانظر ما بعده. وأخرج الشطر الثاني منه، وهو وضع الجوائح: مسلم بإثر (1555)، والنسائي (4529) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14320)، و"صحيح ابن حبان" (5031). وسيأتي ذكر وضع الجوائح بلفظ آخر عند المصنف برقم (3470). قال الخطابي: بيع السنين: هو أن يبيع الرجل ما تثمره النخلة أو النخلات بأعيانها سنين ثلاثاً أو أربعاً أو أكثر منها، وهذا غرر، لأنه يبيع شيئاً غير موجود ولا مخلوق حال العقد، ولا يُدرى هل يكون ذلك أم لا، وهل يتم النخل أم لا؟ وهذا في بيوع الأعيان فأما في بيوع الصفات فهو جائز مثل أن يسُلف في الشيء إلى ثلاث سنين أو أربع أو أكثر ما دامت المدة معلومة إذا كان الشيء المُسلَف فيه غالباً وجوده عند وقت محل السلف. وأما قوله: وضع الجوائح، هكذا رواه أبو داود، ورواه الشافعي عن سفيان بإسناده فقال: وأمر بوضع الجوائح، والجوائح: هي الآفات التي تصيب الثمار فتهلكها، يقال: جاحهم الدّهر يجوحهم واجتاحهم الزمان إذا أصابهم بمكروه عظيم. =

قال أبو داود: لم يصحَّ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في الثلث شيء، وهو رأي أهل المدينة (¬1). 3375 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حماد، عن أيوبَ، عن أبي الزبير وسعيدِ بن مِيناء عن جابر بن عبد الله: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - نَهى عن المُعاومة، وقال أحدُهُما: بيعِ السنين (¬2). ¬

_ = قال الشيخ [هو الخطابي]: وأمره بوضع الجوائح عند أكثر الفقهاء أمر ندب واستحباب من طريق المعروف والإحسان، لا على سبيل الوجوب والإلزام. وقال أحمد بن حنبل وأبو عبيد في جماعة من أهل الحديث: وضع الجائحة لازم للبيع إذا باع الثمرة فأصابته الآفة فهلكت. وقال مالك: يوضع في الثلث فصاعداً، ولا يوضع فيما هو أقل من الثلث. قال أصحابه: ومعنى هذا الكلام أن الجائحة إذا كانت دون الثلث كان من مال المشتري، وما كان أكثر من الثلث فهو من مال البائع. واستدل من تأول الحديث على معنى الندب والاستحباب دون الإيجاب بأنه أمر حدث بعد استقرار ملك المشتري عليها، فلو أراد أن يبيعها أو يهبها لصح ذلك منه فيها، وقد نهى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن ربح ما لم يُضمن، فإذا صح بيعها ثبت أنها من ضمانه، وقد نهى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن بيع الثمرة قبل بدوِّ صلاحها، فلو كانت الجائحة بعد بدوِّ لصلاح من مال البائع لم يكن لهذا النهي فائدة. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها من رواية أبي عيسى الرملي. ولبيان معناها انظر كلام الخطابي المذكور في التعليق السابق. (¬2) إسناده صحيح. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي- وإن لم يصرح بالسماع متابع كما في الطريق السابق، وكما سيأتي. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وحماد: هو ابن زيد، ومسدَّد: هو ابنُ مُسرهَد. وأخرجه مسلم بإثر (1543) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد، بلفظ: نهى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن المحاقلة والمزابنة والمعاومة والمخابرة. وسيأتي ذكر هذه البيوع بهذا الإسناد عند المصنف (3404). =

25 - باب في بيع الغرر

25 - باب في بيع الغَرر 3376 - حدَّثنا أبو بكر وعثمانُ ابنا أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا ابنُ إدريس، عن عُبيد الله، عن أبي الزناد، عن الأعرجِ عن أبي هريرة: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- نَهى عن بيعِ الغَرر، زادَ عثمانُ: والحصَاةِ (¬1). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (1360) من طريق عبد الوهاب الثففي، والنسائي (4634) من طريق إسماعيل ابن علية، كلاهما عن أيوب، عن أبي الزبير وحده، به. وزادا البيوع الآنفة الذكر. وأخرجه النسائي (4626) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزبير وحده كذلك، به بلفظ: نهى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن بيع السنين. وهو في "مسند أحمد" (14358) و (14921)، و"صحيح ابن حبان" (5000). وانظر ما قبله. وسيتكرر ضمن البيوع المذكورة آنفاً برقم (3404). بيع السنين: جمع سنة، وهو أن يبيع الإنسان ما تحمله هذه الشجرة سنة أو أكثر، وهو بيع المعاومة أيضاً، والمعاومة مأخوذة من العام الذي هو السنة. (¬1) إسناده صحيح. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرمز، وأبو الزناد: هو عبد الله ابن ذكوان، وعُبيد الله: هو ابن عمر العُمري، وابن إدريس: هو عَبد الله. وأخرجه مسلم (1513)، وابن ماجه (2194)، والترمذي (1274)، والنسائي (4518) من طريق عُبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7411)، و"صحيح ابن حبان" (4951). قال الخطابي: أصل الغرر هو ما طوي عنك علمه، وخفي عليك باطنُه وسرُّه، وهو مأخوذ من قولك: طويت الثوب على غرِّه، أي: على كسر الأول. وكل بيع كان المقصود منه مجهولاً غير معلوم، ومعجوزاً عنه غير مقدور عليه فهو غرر، وذلك مثل أن يبيعه سمكاً في الماء أو طيراً في الهواء، أو لؤلؤة في البحر، أو عبداً آبقا، أو جملاً شارداً أو ثوباً في جراب لم يره ولم ينشره، أو طعاماً في بيت لم يفتحه، أو ولد بهيمة =

3377 - حدَّثنا قتيبةُ بن سَعيدٍ وأحمدُ بن عَمرو بن السَّرْحِ، -وهذا لفظُه- قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن عطاص بن يزيدَ اللَّيثيِّ عن أبي سعيد الخدري: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن بَيعتَين وعن لبستَين: أما البَيعتان فالمُلامسةُ والمُنابذةُ، وأمَّا اللِّبستان فاشتمال الصَّمَّاء، وأن يَحْتبي الرجلُ في ثوبٍ واحدٍ كاشفاً عن فَرجِه، أو ليس على فرجِه منه شيءٌ (¬1). ¬

_ = لم يُولد، أو ثمر شجر لم تثمر في نحوها من الأمور التي لا تُعلَم، ولا يُدرَى هل تكون أم لا؟ فإن اليع فيها مفسوخ. وإنما نهى -صلَّى الله عليه وسلم- عن هذه البيوع تحصيناً للأموال أن تضيع وقطعاً للخصومة والنزاع أن يقعا بين الناس فيها. وأبواب الغرر كثيرة، وجماعها ما دخل في المقصود منه بالجهل. وأما بيع الحصاة فإنه يفسر على وجهين: أحدهما: أن يرمي بحصاة ويجعل رميها إفادة للعقد فإذا سقطت وجب البيع، ثم لا يكون للمشتري فيه الخيار. والوجه الآخر: أن يعترض الرجل القطيع من الغنم فيرمي فيها بحصاة، فأية شاة منها أصابتها الحصاة فقد استحقها بالبيع، وهذا من جملة الغرر المنهي عنه. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (6284)، وابن ماجه (2170) و (3559)، والنسائي (4512) و (5341) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وفرق ابن ماجه والنسائي اللبستين عن البيعتين. وأخرجه مختصراً بذكر اللبستين البخاري (367) و (5822)، والنسائي (5340) من طريق عُبيد الله بن عبد الله، والبخاري (1991) من طريق يحيى بن عمارة المازني، كلاهما عن أبي سعيد الخدري. وهو في "مسند أحمد" (11022) و (11023). وانظر تالييه. =

3378 - حدَّثنا الحسنُ بن عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن عطاءِ بن يزيدَ الليثيٌ عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بهذا الحديث، زاد: واشتمالُ الصَّمَّاء: أن يشتملَ في ثوبٍ واحدٍ يضعُ طرفَي الثوبِ على عاتقِه الأيسرِ ويُبرِزُ شقَّه الأيمنَ، والمنابذةُ: أن يقولَ: إذا نَبذْتُ إليك هذا الثوبَ فقد وَجَبَ البيعُ، والمُلامسةُ: أن يَمسَّه بيدِه ولا ينشرَه ولا يُقلِّبه، وإذا مسَّه وجبَ البيعُ (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: الملامسة: أن تلمس الثوب الذي تريد شراءه، أي: يمسه بيده ولا ينشره ولا يتأمله، ويقول: إذا لمسته بيدي فقد وجب البيع، ثم لا يكون له فيه خيار إن وجد فيه عيباً، وفي نهيه عن بيع الملامسة مستدل لمن أبطل بيع الأعمى وشراءه، لأنه إنما يَستدِلُّ ويتأملُ باللمس فيما سبيلة أن يستدرك بالعيان وحسن البصيرة. والمنابذة: أن يقول: إذا نبذت إليك الثوب فقد وجب البيع، وقد جاء بهذا التفسير في الحديث. وقال أبو عبد الله: المنابَذة أن ينبذ الحجر، ويقول: إذا وقع الحجر فهو لك وهذا نظير بيع الحصاة. وأما اشتمال الصماء: فهو أن يشتمل في ثوب واحد يضع طرفي الثوب على عاتقه الأيسر ويسدل شقه الأيمن، هكذا جاء تفسيره في الحديث. وأما الاحتباء في الثوب الواحد ليس على فرجه منه شيء، فهو أن يقعد على أليتيه، وقد نصب ساقيه وهو غير متزر، ثم يحتبي بثوب بجمع بين طرفيه ويشدهما على ركبتيه، وإذا فعل ذلك بقيت فرجة بينه وبين الهواء تنكثف منها عورته. (¬1) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام، والحسن ابن علي: هو الخلال. وأخرجه البخاري (2147)، والنسائي (4515) من طريق معمر بن راشد، بهذا الإسناد. واقتصرا على ذكر اللبستين مع البيعتين لكن دون بيان اللبستين. وهو في "مسند أحمد" (11024)، و"صحيح ابن حبان" (4976) و (5437). وانظر ما قبله وما بعده.

3379 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحِ، حدَّثنا عنبسةُ، حدَّثنا يونسُ، عن ابنِ شهابِ، قال: أخبرني عامرُ بن سعْدِ بن أبي وقاصِ أن أبا سعيد الخدري قال: نَهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعنى حديث سفيانُ وعبدِ الرزاق جميعاً (¬1). 3380 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمةَ، عن مالكِ، عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنْ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن بيع جَبَلِ الحَبَلةِ (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناده ضعيف لضعف عَنْبسة -وهو ابن خالد الأيلي- ولكنه متابع. يونس: هو ابن يزيد الأيلي: وأخرجه البخاري (2144)، والنسائي (4510) من طريق عقيل بن خالد الأيلي، والبخاري (5820)، ومسلم (1512)، والنسائي (4511) من طريق يونس بن يزيد، ومسلم (1512)، والنسائي (4514) من طريق صالح بن كيسان، ثلاثتهم عن الزهري، به. ولم يذكر أحدٌ منهم اللبستين سوى البخاري في رواية يونس بن يزيد. وهو في "مسند أحمد" (11899) و (11952). وانظر سابقيه. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 653 وفيه زيادة: وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها. وأخرجه البخاري (2143) و (2256)، ومسلم (1514)، والترمذي (1273)، والنسائي (4624) و (4625) من طرق عن نافع، به. وعند البخاري والنسائي في الموضع الثاني -وهما من طريق مالك- الزيادة المشار إليها. وأخرجه ابن ماجه (2197)، والنسائي (4623) من طريق أيوب السَّختياني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر. =

26 - باب في بيع المضطر

3381 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يحيى، عن عُبيدِ اللهِ، عن نافع عن ابن عمر، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، نحوه، قال: وحَبَلُ الحبَلةِ: أن تُنتَجِ الناقةُ بطنَها ثم تحملَ التي نُتِجَت (¬1). ¬

_ 26 - باب في بيع المضطر 3382 - حدَّثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا هُشَيمٌ، أخبرنا صالحُ بن عامر -كذا قال محمد- حدَّثنا شيخٌ من بني تَميمٍ، قال: خطبنا علي بن أبي طالب -أو قال: قال عليٌّ، قال ابنُ عيسى: هكذا حدَّثنا هشيمٌ- قال: سيأتي على الناس زمانٌ عَضُوضٌ، يَعَض

27 - باب في الشركة

المُوسر على ما في يدَيه، ولم يُؤمَر بذلك، قال الله تعالى: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 238]، ويُبايَع المُضطرون، وقد نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن بيع المُضطر، وبيع الغَررِ، وبيع الثمرة قبل أن تُدرِكَ (¬1). 27 - باب في الشركة 3383 - حدَّثنا محمد بن سليمان المِصِّيصيُّ لُوَين، حدَّثنا محمد بن الزِّبرِقانِ، عن أبي حيَّانَ التَّيْميِّ، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف صالح بن عامر -والصواب صالح أبو عامر، وهو صالح بن رستم المزني- وجهالة الشيخ التميمي. وقد ضعفه ابن حزم في "المحلى" 9/ 22، والخطابي والمنذري في كتابيهما على "السنن" لأبي داود. وأخرجه أحمد في "مسنده" (937)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (356)، والبيهقي 6/ 17 من طريق هثيم بن بشير، بهذا الإسناد. وقد جاء اسمُ صالح على الصواب عندهم. وأخرجه أبو بكر بن مردويه في تفسيره " كلما في "تفسير ابن كثير" 1/ 426 - 427 من طريق عبيد الله بن الوليد الوصافي، عن عبد الله بن عُبيد، عن علي بن أبي طالب. فسمى الرجل عبدَ الله بن عُبيد -هو ابن عمير-، وهذا الرجل وإن كان ثقة، لكن عُبيد الله ابن الوليد انفرد بتسمته، وهو ضعيف الحديث. قال الخطابي: بيع المضطر يكون من وجهين: أحدهما: أن يضطر إلى العقد من طريق الإكراه عليه، فهذا فاسد لا ينعقد. والوجه الآخر: أن يضطر إلى البيع لدين يركبه أو مؤنة ترهقه، فيبيع ما في يده بالوكس من أجل الضرورة، فهذا سبيله في حق الدين والمروءة أن لا يبايع على هذا الوجه، وأن لا يفتات عليه بماله، ولكن يُعان ويمُرض ويُستمهل له إلى الميسرة حتى يكون له بلاغ، فإن عقد البيع مع الضرورة على هذا الوجه جاز في الحكم ولم يفسخ. وفي إسناد الحديث رجل مجهول لا ندري من هو؟ إلا أن عامة أهل العلم قد كراهوا البيع على هذا الوجه. قلنا: وزمان عضوض، هو الزمان الذي فيه عسف وظلم، كأنه يَعضُّهم عضَّاً.

28 - باب في المضارب يخالف

عن أبي هريرة، رفعه، قال: "إن الله يقول: أنا ثالثُ الشريكَين، ما لم يَخُنْ أحدُهما صاحبَه، فإذا خانَه خرجْتُ من بينهما" (¬1). 28 - باب في المُضارِب يخالِفُ 3384 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن شَبيبِ بن غَرْقَدةَ، حدَّثني الحيُّ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة والد أبي حيان التيمي، واسم أبي حيان يحيى بن سعيد ابن حيان، وبذلك أعله ابنُ القطان "بيان الوهم والإيهام" 4/ 490، وأعله الدارقطني في "العلل" 11/ 7 بعلة أخرى، وهي أنه لم يُسنده عن أبي هريرة إلا محمد بن الزبرقان أبو همام الأهوازي، وأنه خالفه جرير بن عبد الحميد وغيره، فرووه عن أبي حيان، عن أبيه مرسلاً، قال: وهو الصواب. وقد صحح إسناده الحاكم 2/ 52، وجوّد إسنادَه ابنُ الملقن في "البدر المنير" 6/ 721 فلم يُصيبا، وحجة ابن الملقن أن سعيد بن حيان ارتفعت جهالته برواية الحارث بن سويد وشريح القاضي عنه أيضاً، والصحيح أنه هو الذي يروي عنهما، كما ذكره البخاري في "تاريخه الكبير"، وكما في "تهذيب الكمال" للمزي في ترجمة سعيد بن حيان. وأخرجه الدارقطني (2933)، والحاكم 2/ 52، والبيهقي 6/ 78، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 4/ 316، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة سعيد بن حيان 10/ 400 - 401 من طريق محمد بن سليمان المِصِّيصي الملقب بلُوين، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني (2934) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن أبي حيان، عن أبيه قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يد الله على الشريكين ... " هكذا رواه مرسلاً، وهو الذي صوبه الدارقطني في "العلل". قال المناوي في "فيض القدير" 2/ 308: "ثالث الشركين" أي: بالمعونة وحصول البركة والنماء، ما لم يخن أحدهما صاحبه بترك أداء الأمانة، وعدم التحرز من الخيانة، فإذا خانه بذلك خرجت البركة من بينهما، يعني نزعت البركة من مالهما، قال الطيبي: فشركة الله لهما استعارة كأنه جعل البركة بمنزلة المال المخلوط، فسمى ذاته ثالثاً لهما، وقوله: خرجت ترشيح للاستعارة، وفيه ندبُ الشركة، وأن فيها البركة بشرط الأمانة، وذلك لأن كلاً منهما يسعى في نفع صاحبه، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.

عن عُروةَ -يعني البارقيَّ- قال: أعطاه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ديناراً يشتري به أُضحيةً أو شاةً، فاشترى شاتَين، فباع إحداهما بدينار، فأتاه بشاةٍ ودينارٍ، فدعا له بالبركةِ في بيعِه، فكان لو اشترى تُرَابا لربح فيه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وتضعيف الخطابي والبيهقي وغيرهما هذا الحديث بإبهام الحيِّ الذين حدّثوا شبيب ابن غرقدة، غير صحيح، فقد أخرجه البخاري، وقال الحافظ في "الفتح" 6/ 635: ليس في ذلك ما يمنع تخريجه ولا ما يحطُّه عن شرط البخاري، لأن الحي يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب، ويضاف إلى ذلك ورود الحديث من الطريق التي هي الشاهد لصحة الحديث. قلنا: هي الطريق الآتية بعده. ونقل الحافظ أن الشافعي توقف فيه، فتارة قال: لا يصح، وهذه رواية المزني عنه، وتارة قال: إن صح الحديث قلت به وهذه رواية البويطي. وأخرجه البخاري (3642) عن علي ابن المديني، عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2402) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن ابن عيينة، عن شبيب، عن عروة -فأسفط من إسناده الحيِّ الذين حدثوا شبيبا. لكن قال سفيان بن عيينة- فيما نقله الحميدي (843)، وحكاه البخاري بإثر روايته -: كان الحسن بن عمارة جاءنا بهذا الحديث عنه قال: سمعه شبيب من عروة، فأتيتُه فقال شبيب: إني لم أسمعه من عروة قال: سمعت الحي يخبرونه عنه. قال الحافظ: وهذا هو المعتمد. وهو في "مسند أحمد" (19356). وانظر ما بعده. قال الترمذي: وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث وقالوا به، وهو قول أحمد وإسحاق ولم يأخذ بعض أهل العلم بهذا الحديث. منهم الشافعي. وقال الخطابي: هذا الحديث مما يحتج به أصحاب الرأي. لأنهم يجيزون بيع مال زيد من عمرو بغير إذن منه وتوكيل، ويتوقف البيع على إجازة المالك، فإذا أجازه صح، إلا أنهم لم يجيزوا الشراء بغير إذنه. وأجاز مالك بن أنس الشراء والبيع معاً. وكان الشافعي لا يجيز شيئاً من ذلك، لأنه غرر لا يُدرى: هل يجيزه أم لا؟ وكلذلك لا يجيز النكاح الموقوف على رضا المنكوحة أو اجازة الولي. =

3385 - حدَّثنا الحسنُ بن الصبَّاح، حدَّثنا أبو المُنذرِ، حدَّثنا سعيدٌ أخو حماد بن زَيد، حدَّثنا الزبير بن الخِرِّيت، عن أبي لَبيد، حدَّثني عروة البارقي، بهذا الخبر، ولفظُه مختلف (¬1). 3386 - حدَّثنا محمدُ بن كثير العبْديُّ، أخبرنا سفيانُ، حدَّثني أبو حُصَينٍ، عن شيخٍ من أهل المدينة عن حكيم بن حِزَام: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بعث معه بدينار يشتري له أُضحيةً، فأشتراها بدينارٍ، وباعها بدينارَين، فرجع فاشترى له أُضحيةً بدينار، وجاء بدينار إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فتصدق به النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ودعا له أن يبارَك له في تجارته (¬2). ¬

_ = وقوله: باب في المضارب يخالف. قال صاحب "عون المعبود" 9/ 172: والحديث لا يدل صريحا على ما ترجم به المؤلف رحمه الله، لأن القصة المذكورة فيه ليست من باب المضاربة كلما لا يخفى، وأدرجه صاحب "المنتقى" تحت باب: من وكل في شراء شيءٍ فاشترى بالثمن أكثر منه، وتصرف في الزيادة. (¬1) حديث صحح، وهذا إسناد حسن من أجل سعيد بن زيد أخي حماد بن زيد، وأبي لبيد -وهو لمازة بن زبّار- فهما صدوقان لكنهما متابعان كما في الطريق السالفة. أبو النذر: هو إسماعيل بن عمر الواسطي. وهذه هي الطريق التي أشار إليها الحافظ في "الفتح" 6/ 635، وقد حسّن الحديث من هذا الطريق المنذري في "اختصار السنن" 5/ 51. وأخرجه ابن ماجه (2402/ م)، والترمذي (1303) و (1304) من طريقين عن الزبير بن الخِرِّيت، به. وهو في "مسند أحمد" (19362). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لإبهام الشيخ الراوي عن حكيم بن حزام. أبو حَصين: هو عثمان بن عاصم، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. =

29 - باب في الرجل يتجر في مال الرجل بغير إذنه

29 - باب في الرجل يَتّجرُ في مال الرجل بغير إذنه 3387 - حدَّثنا محمدُ بن العَلاء، حدَّثنا أبو أُسامةَ، حدَّثنا عُمر بن حمزةَ، أخبرنا سالمُ بن عبد الله عن أبيه، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "من استطاع منكم أن يكون مثل صاحب فَرَقِ الأرزِّ فليكن مثلَه" قالوا: ومن صاحب فَرَقِ الأرزِّ يا رسول الله؟ فذكر حديث الغار حين سَقَط عليهم الجبلُ، فقال كلُّ واحد منهم: اذكروا أحسنَ عملِكم، قال: وقال الثالث: اللهم إنك تعلم أني استاجرت أجيراً بفَرَقِ أرز، فلما أمسيتُ عرضتُ عليه حقَّه فأبى أن يأخُذَه، وذهبَ، فثمَّرتُه له حتى جمعتُ له بقراً ورِعاءها، فلقيني، فقال: أعْطِني حقي، فقلت: اذهب إلى تلك البقر ورِعائها فخُذها، فذهب فأستَاقَها (¬1). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (1302) من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي حَصِين، عن حبيب بن أبي ثابت، عن حكيم بن حزام. وقال الترمذي: حديث حكيم بن حزام لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وحبيب بن أبي ثابت لم يسمع عندي من حكيم بن حزام. وقد صحت هذه القصة عن عروة بن أبي الجعد البارقي كما في الحديث السالف. (¬1) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن في المتابعات. عمر بن حمزة -وهو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب- ضعيف يعتبر به، وقد توبع. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه بنحوه مطولاً البخاري (2272)، ومسلم (2743) من طريق الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر، به. وساق مسلم من الحديث المطول قصة الرجل الذي كان له أبوان شيخان كبيران. وأخرجه بنحوه مطولاً كذلك البخاري (2215) و (2333) و (3465) و (5974)، ومسلم (2743) من طريق نافع مولى ابن عمر، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (5973) و (5974)، و"صحيح ابن حبان" (897). =

30 - باب في الشركة على غير رأس مال

30 - باب في الشركة على غير رأس مال 3388 - حدَّثنا عُبيد الله بن معاذ، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي عُبيدَة عن عبد الله قال: اشتركتُ أنا وعمارٌ وسعْدٌ فيما نُصيبُ يوم بدرِ، قال فجاء سعدٌ بأسيرَين ولم أَجِىء أنا وعمار بشيءٍ (¬1). ¬

_ = قال في "النهاية": الفَرَق، بالتحريك (قلنا: وبالتسكين، والفتح أفصح): مكيال يسع سة عشر رِطْلاً، وهي اثنا عشر مُدّاً، أو ثلاثة آصع عند أهل الحجاز. وقيل: الفَرَق خمسة أقساط، والقِسط، نصف صاع. قلنا: الرِّطْل يساوي بالموازين المعاصرة (408) غم تقريباً، وعليه يكون الفرق -على مقتضى كلام ابن الأثير في "النهاية"- يساوي (6528) غم تقريباً، أي: (6.528) كيلو غرام، والله أعلم. (¬1) إسناده ضيف، لأن أبا عُبيدة -وهو ابن عبد الله بن مسعود- لم يسمع من أبيه. أبو إسحاق: هو عَمرو بن عَبد الله السَّبِيعي، وسفيان: هو الثوري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه ابن ماجه (2288)، والنسائي (3937) و (4697) من طريقين عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. قال الخطابي: شركلة الأبدان صحيحة في مذهب سفيان الثوري وأصحاب الرأي، وهذا الحديث حجة لهم، وقد احتج به أحمد بن حنبل وأثبت شركة الأبدان، وهو أن يكون خياطين وقصَّارين فيعملان أو يعمل كل واحد منهما منفردًا، أو يكون أحدهما خياطاً والآخر خرازاً أو حداداً سواء اتفقت الصناعات أو اختلفت، فكل ما أصاب أحدُهما من أجرة عن عمله كان صاحبه شريكه فيها، أو يشتركان على أن ما يكتسبه كل واحد منهما إن لم يكن العمل معلوماً، إلا أن بعضهم قال: لا يدخل فيها الاصطياد والاحتشاش. وحكي عن أحمد أنه قال: يدخل فيها الصيد والحشيش ونحوهما وقاسوها على المضاربة، إذا كان العمل فيها أحد رأسي المال جاز أن يكون في الشقين مثل ذلك، وأبطلها الشافعي وأبو ثور. =

31 - باب في المزارعة

31 - باب في المزارعة 3389 - حدَّثنا محمدُ بن كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن عَمرو بن دينارٍ، قال: سمعتُ ابن عُمر يقول: ما كنَّا نرى بالمُزَارعة بأساً، حتى سمعتُ رافعَ بن خَديج يقول: إن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عنها، فذكرتُه لطاووسِ فقال: قال ابنُ عباسِ: إن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- لم يَنْهَ عنها، ولكن قال: "لأن يمنحَ أحدُكم أرضَه خيرٌ من أن يأخذ خَراجاً مَعلوماً" (¬1). ¬

_ = فأما شركة المفاوضة، فهي عند الشافعي رضي الله عنه فاسدة، ووافقه في ذلك أحمد وإسحاق وأبو ثور وجوزها الثوري وأصحاب الرأي، وهو قول الأوزاعي وابن أبي ليلى، وقال أبو حنيفة وسفيان وأبو يوسف: لا يكون شركة مفاوضة حتى يكون رأس أموالهما سواء. قلنا: عمار: هو ابن ياسر، وسعد: هو ابن أبي وقاص. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومحمد بن كثير: هو العَبْدي. وأخرج حديث ابن عمر عن رافع بن خديج: مسلم (1547)، وابن ماجه (2450)، والنسائي (3917) و (3919) من طرق عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر. وقد عبروا عن المزارعة بالمخابرة، وهما شيء واحد. وهو في "مسند أحمد" (2087). وأخرج حديث ابن عباس البخاري (2330)، ومسلم (1550)، وابن ماجه (2456)، والنسائي (3873) من طريق عمرو بن دينار، ومسلم (1550)، وابن ماجه (2457) من طريق عبد الله بن طاووس، كلاهما عن طاووس، به. وأخرجه مسلم (1550) من طريق أبي زيد عبد الملك بن ميسرة، عن طاووس، عن ابن عباس بلفظ: "من كانت له أرض فإنه إن منحها أخاه خير له". وهو في "مسند أحمد" (2087) و (2541)، و"صحح ابن حبان" (9195). وانظر ما سيأتي بالأرقام (3390) و (3392 - 3402). =

3390 - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ، حدَّثنا ابن عُلَيةَ. وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بِشرٌ -المعنى- عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبو عُبيدة بن محمد بن عمار، عن الوليد بن أبي الوليد، عن عُروة بن الزبير، قال: قال زيدُ بن ثابتِ: يغفرُ الله لرافعِ بن خَديجِ، أنا والله أعلمُ بالحديث منه، إنما أتاهُ رجلان -قال مسدَّدٌ: من الأنصار، ثم اتَّفقا- قد اقتتلا، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنْ كان هذا شأنكم فلا تُكرُوا المزارعَ " زاد مُسددٌ: فسمع قولَه: "لا تُكروا المَزارعَ" (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: خبر رافع بن خديج من هذا الطريق خبر مجمل يفسّره الأخبار التي رويت عن رافع بن خديج وعن غيره من طرق أُخَر، وقد عقل ابن عباس معنى الخبر، وأن ليس المراد به تحريم المزارعة بشطر ما تخرجه الأرض، وإنما أريد بذلك أن يتمانحوا أرضهم، وأن يرفق بعضهم بعضاً، وقد ذكر رافع بن خديج -في رواية أخرى عنه- النوع الذي حرم منها، والعلة التي من أجلها نهى عنها، وذكره أبو داود في هذا الباب. وانظر فقه الحديث فيما يليه. (¬1) إسناده حسن من أجل عبد الرحمن بن إسحاق -وهو المدني- فهو صدوق حسن الحديث. وأبو عبيدة بن محمد بن عمار وثقه ابن معين وعبد الله بن أحمد بن حنبل، والوليد بن أبو الوليد وثقه أبو زرعة وابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان وأثنى عليه أبو داود خيراً. بشر: هو ابن المفضل، وابن عليه: هو إسماعيل بن إبراهيم ابن مقسم. وأخرجه ابن ماجه (2461)، والنسائي (3927) من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21588) وانظر ما سيأتي برقم (3407). قال الخطابي: وضعف أحمد بن حنبل حديث رافع وقال: هو كثير الألوان -يريد هذا الحديث، واختلاف الروايات عنه- نمرة يقول: سمعت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، ومرة يقول: حدثني عمومتي. قلنا: لكن جاء في "مسنده" بإثر الحديث (17290) أن ابنه =

3391 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا يزيدُ بن هارونَ، أخبرنا إبراهيمُ ابن سعْدٍ، عن محمدِ بن عكرمةَ بن عبدِ الرحمن بن الحارث بن هشام، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لَبيبةَ، عن سعيد بن المسيب عن سعْدٍ، قال: كنا نُكري الأرضَ بما على السَّوَاقي من الزرع، وما سَعِدَ بالماء منها، فنهانا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن ذلك، وأمرنا أَن نُكريها بذهبٍ أو فضةٍ (¬1). ¬

_ = عبد الله سأله عن أحاديث رافع بن خديج، مرة يقول: نهانا النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ومرة يقول: عن عميه، فقال: كلها صحاح، وأحبها إليّ حديث أيوب. قال الخطابي: وجوز أحمد بن حنبل المزارعة، واحتج بأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أعطى اليهود أرض خيبر مزارعة، ونخلها مساقاة، وأجازها ابن أبي ليلى ويعقوب ومحمد، وهو قول ابن المسيب وابن سيرين والزهري وعمر بن عبد العزيز. وأبطلها أبو حنيفة ومالك والشافعي. قال الشيخ [يعني الخطابي]: إنما صار هؤلاء إلى ظاهر الحديث من رواية رافع ابن خديج، ولم يقفوا على علته كما وقف عليه أحمد. وقد أنعم بيان هذا الباب محمد ابن إسحاق بن خزيمة وجوزه وصنف في المزارعة مسألة ذكر فيها علل الأحاديث التي وردت فيها، فالمزارعة على النصف والثلث والربع، وعلى ما تراضيا به الشريكان جائزة إذا كانت الحصصُ معلومة والشروطُ الفاسدة معدومةً، وهي عمل المسلمين من بلدان الإسلام وأقطار الأرض شرقها وغربها، أعلم أني رأيت أو سمعت أهل بلد أو صقع من نواحي الأرض التي يسكنها المسلمون يبطلون العمل بها. ثم ذكر أبو داود على إثر هذه الأحاديث باباً في تشديد النهي عن المزارعة، وذكر فيه طرقاً لحديث رافع بن خديج بألفاظ مختلفة كرهنا ذكرها لئلا يطول الكتاب، وسبيلها كلها أن يردَّ المُجمَل فيها إلى المفسَّر من الأحاديث التي مر ذكرها، وقد بينا عللها. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة وجهالة محمد بن عكرمة بن عبد الرحمن. وأخرجه النسائي (3894) من طريق إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1542)، و"صحيح ابن حبان" (5201). =

3392 - حدَّثنا إبراهيمُ بن موسى الرازيُّ، أخبرنا عيسى، حدَّثنا الأوزاعيُّ. وحدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا ليثٌ، كلاهما عن ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن -واللفظ للأوزاعي-، حدَّثني حنظلةُ بن قَيسٍ الأنصاري، قال: ¬

_ = وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (3393) و (3400). قال الخطابي: فقد أعلمك رافع في هذا الحديث أن المنهي عنه هو المجهول منه دون المعلوم، وأنه كان من عاداتهم أن يشترطوا فيها شروطاً فاسدة وأن يستثنوا من الزرع ما على السواقي والجداول فيكون خاصاً لرب المال. والمزارعة شركة، وحصة الشريك لا تجوز أن تكون مجهولة، وقد يسلم ما على السواقي ويهلك سائر الزرع فيبقى المزارع لا شيء له، وهذا غرر وخطر. وإذا اشترط رب المال على المضارب دراهم لنفسه زيادة على حصة الربح المعلومة فسدت المضاربة، وهذا وذاك سواء، وأصل المضاربة في السنة والمزارعة والمساقاة، فكيف يجوز أن يصح الفرع ويبطل الأصل. والماذيانات: الأنهار، وهي من كلام العجم صارت دخيلاً في كلامهم. قال الشيخ: وقد ذكر زيد بن ثابت العلة والسبب الذي خرج عليه الكلام في ذلك وبين الصفة التي وقع عليها النهي، ورواه أبو داود في هذا الباب. قلنا: حديث زيد بن ثابت هو الحديث السالف برقم (3390). وقال ابن القيم في "تهذيب السنن" من تأمل حديث رافع وجمع طرقه، واعتبر بعضها ببعض، وحمل مجملها على مفسرها ومطلقها على مقيدها، علم أن الذي نهى عنه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من ذلك أمر بين الفساد، وهو المزارعة الظالمة الجائرة، فإنه قال: كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه، فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه، وفي لفظ له: كان الناس يؤجرون على عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- على الماذيانات، وأقبال الجداول وأشياء من الزرع، وقوله: ولم يكن للناس كراء إلا هذا، فلذلك زجر عنه، وأما بشيءٍ معلوم مضمون فلا بأس، وهذا من أبين ما في حديث رافع وأصحه، وما فيها من مجمل أو مطلق أو مختصر، فيحمل على هذا المفسر المبين المتفق عليه لفظا وحكماً. قال الليثُ بن سعد: الذي نهى عنه رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أمر إذا نظر إليه ذو البصيرة بالحلال والحرام علم أنه لا يجوز. وقال ابن المنذر: قد جاءت الأخبار عن رافع بعلل تدل على أن النهي كان لتلك "العلل".

سالت رافعَ بن خَديجِ عن كِراء الأرض بالذهبِ والوَرِق، فقال: لا بأس بها، إنما كان الناس يُؤاجِرون على عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- بما على الماذِيَانَاتِ وأَقبالِ الجَداول وأَشياءَ من الزرع، فيهلِك هذا ويَسلَم هذا، ويَسلَم هذا ويهلِك هذا، ولم يكن للناس كِرَاء إلا هذا، فلذلك زَجَرَ عنه، فأما شيء مضمون معلوم فلا بأس به (¬1). وحديث إبراهيمَ أتمُّ، وقال قتيبةُ: عن حنظلة، عن رافع. قال أبو داود: رواية يحيى بن سعيد، عن حنظلة نحوه. 3393 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، عن مالكٍ، عن ربيعةَ بن أبي عبد الرحمن، عن حنظلةَ بن قيس ¬

_ (¬1) إسناداه صحيحان. ليث: هو ابن سعْد، وعيسى: هو ابن يونُس بن أبي إسحاق السَّبيعي. وذكْر الكراء بالذهب والورق من فتوى رافع بن خديج. وأخرجه بنحوه البخاريُّ (2327)، ومسلمٌ (1547)، وابنُ ماجه (2458)، والنسائي (3902) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، ومسلمٌ (1547)، والنسائي (3899) من طريق الأوزاعي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، كلاهما (يحيى بن سعيد وربيعة) عن حنظلة بن قيس، به، وأخرجه النسائي (3901) من طريق سفيان الثوري، عن رببعة،؛ به ولم يرفعه. وأخرجه مرفوعاً البخاري (2347)، والنسائي (3898) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد إلا أنه قال: عن رافع بن خَديج، قال: حدثني عَمَّي، وهذا لا يضر، لانه تكون بذلك روايةُ رافع مُرسلَ صحابيٍّ، ومراسيلُ الصحابةِ يحتج بها. وهو في "مسند أحمد" (15809)، و"صحيح ابنُ حبان" (5196) و (5197). وانظر ما بعده. وسيأتي نحوه من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن رافع بن خديج، عن عَمَّيه برقم (3394).

32 - باب التشديد في ذلك

أنه سال رافعَ بن خَديجِ عن كراء الأرض، فقال: نَهَى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن كراء الأرض، فقلتُ: أبالذهب والوَرِقِ؟ فقال: أما بالذهب والوَرِقِ فلا بأس به (¬1). 32 - باب التشديد في ذلك 3394 - حدَّثنا عبدُ الملك بن شُعيبِ بن الليثِ، حدَّثني أبي، عن جدي الليث، حدَّثني عُقَيلٌ، عن ابنِ شهاب، أخبرني سالم بن عبد الله أن ابن عمر كان يُكري أبى أرضَه حتى بلغه أن رافعَ بن خَديجٍ الأنصاريَّ كان ينهى عن كراء الأرض، فلقيه عبد الله، فقال: يا ابن خَديج، ماذا تُحدِّث عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- في كراء الأرض؟ قال رافع لعبد الله بن عمر: سمعتُ عمَّيَّ -وكلانا قد شهدا بدراً- يُحدِّثانِ أهلَ الدارِ أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن كراء الأرض. قال عبدُ الله: والله لقد كنت أعلمُ في عهدِ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن الأرضَ تُكرى، ثم خشيَ عبدُ الله أن يكون رسولُ الله أحدث في ذلك شيئاً لم يكن علِمَه، فترك كراء الأرض (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه. وهو في "موطا مالك " 2/ 711، ومن طريقه أخرجه مسلم (1547)، والنسائي (3905). وهو في "مسند أحمد" (17258). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. عُقَيل: هو ابن خالد بن عَقيل الأيلي، والليث: هو ابن سعْد. وأخرجه البخاري (4012) و (4013)، ومسلم (1547)، والنسائي (3953) و (3904) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وانظر سابقيه وما سلف برقم (3389). وانظر ما بعده.

قال أبو داود: رواه أيوب وعُبيد الله وكثيرُ بن فَرْقَدِ ومالكٌ، عن نافع، عن رافع، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. ورواه الأوزاعيُّ، عن حفص بن عِنانٍ الحنفي، عن نافع، عن رافع، قال: سمعت رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-. وكذلك رواه زيدُ بن أبي أُنيسةَ عن الحكم، عن نافع، عن ابن عمر أنه أتى رافعاً، فقال: سمعتَ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-؟ فقال: نعم. وكذلك رواه عكرمةُ بن عمار، عن أبي النجاشىّ، عن رافع بن خَديج قال: سمعتُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. ورواه الأوزاعيُّ، عن أبي النجاشي، عن رافع بن خديج، عن عمه ظُهَير بن رافعِ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. قال أبو داود: أبو النجاشي: عطاء بن صهيب. 3395 - حدَّثنا عُبيد الله بن عُمر بن مَيسرةَ، حدَّثنا خالدُ بن الحارثِ، حدَّثنا سعيدٌ، عن يَعْلَى بن حكيم، عن سليمانَ بن يسارٍ أن رافع بن خديج قال: كنا نُخَابر على عهدِ رسولِ الله -، فذكر أن بعضَ عمومتِه أتاه فقال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن أمرِ كان لنا نافعاً، وطَوَاعِيَةُ اللهِ ورسوله أنفعُ لنا وأنفعُ، قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَن كانت له أرضٌ فليَزرَعْها، أو فليُزْرِعْها أخاه، ولا يُكارِها بثلثِ ولا بربعٍ، ولا بطعامِ مُسَمًّى" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عَروبة. وأخرجه مسلم (1548)، وابن ماجه (2465)، والنسائي (3897) من طريق يعلى بن حكيم، به. وهو في "مسند أحمد" (15823). وانظر ما بعده، وما سلف برقم (3389).

3396 - حدَّثنا محمدُ بن عُبيدٍ، حدَّثنا حمادُ بن زيدٍ، عن أيوبَ، قال: كتب إليَّ يعلى بن حكيمٍ: أني سمعتُ سليمان بن يسار، بمعنى إسناد عُبيد الله، وحديثِه (¬1). 3397 - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا عُمر بن ذَرٍّ، عن مُجاهِدٍ، عن ابن رافع بن خديج عن أبيه، قال: جاءنا أبو رافعِ من عند رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: نهانا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن أمر كان يَرْفُقُ بنا، وطاعةُ الله وطاعةُ رسوله أرفقُ بنا، نهانا أن يزرع أحدُنا إلا أرضاً يملِك رَقَبَتَها، أو منيحةً يُمْنَحُها رَجُلٌ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ومحمد بن عُبيد، هو ابن حساب الغُبَري. وأخرجه مسلم (1548)، والنسائي (3895) و (3896) من طريق أيوب السختياني، به. وقال النسائي بإثر الطريق الأول: أيوب لم يسمعه من يعلى. لكن نقل الطبراني في "الكبير" (4285) عنه قوله: وسمعتُه منه بعدُ. وانظر ما قبله. (¬2) حديث صحيح. ابن رافع بن خديج غير مسمى، ذكره الذهبي في "الميزان"، وقال: لا يُعرف، وقد رقم له المزي في "التهذيب" برمز أبي داود، وتابعه الحافظ في "تهذيبه" غير أنه رقم له في "التقريب" برقم مسلم والنسائي، وبالتأمل نجد أنه إنما أورده مسلم ضمن سياق قصة حيث قال (1550): إن مجاهداً قال لطاووس: انطلق بنا إلى ابن رافع بن خديج، فاسمع منه الحديث عن أبيه، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: فانتهره، قال: إني والله لو أعلم أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عنه ما فعلته، ولكن حدثني من هو أعلم به منهم (يعني ابن عباس) وعليه يكون الصواب أن يرقم له بأبي داود والنسائي لأنه جاء عندهما في إسناد الحديث، وهو -وإن كان غير مُسمّى- تابعه أسيد ابن ظُهير ابن عمٍّ -وقيل: ابن أخي- رانع بن خديج كما في الطريق الآتي بعده. =

3398 - حدَّثنا محمدُ بن كثيرِ، أخبرنا سفيانُ، عن منصور، عن مُجاهد، أن أُسَيد بن ظُهَير قال: جاءنا رافعُ بن خَديجِ، فقال: إن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ينهاكم عن أمر كان لكم نافعاً، وطاعةُ اللهِ وطاعةُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنفعُ لكم، إن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ينهاكُم عن الحَقْلِ، وقال: "مَنِ اسْتَغنى عن أرضه فليَمنحْها أخاه أو لِيَدَعْ" (¬1). ¬

_ = مجاهد: هو ابن جبْر المكي. والمقصود بأبي رافع هنا عم رافع كما بيناه في تعليقنا على "المسند" (15822). وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 347، وأحمد (15822) عن وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد. لكن جاء في "مسند أحمد": عن ابن رافع بن خديج، عن أبيه، قال: جاءنا من عند رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - .. فلم يذكر في إسناده أبا رافع. وأخرجه النسائي (3867)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 106، والطبراني في "الكبير" (4358) من طريق عبد الكريم الجزري، والطبراني (4357) من طريق خصيف، كلاهما عن مجاهد قال: أخذت بيد طاووس حتى أدخلته على ابن رافع بن خديج، فحدثه عن أبيه، عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنه نهى عن كراء الأرض، فأبى طاووس، فقال: سمعت ابن عباس لا يرى بذلك باساً. وأخرجه مسلم (1550)، والنسائي (3873) من طريق عمرو بن دينار، أن مجاهداً قال لطاووس: انطلق بنا إلى ابن رافع بن خديج ... سلف ذكره قريباً. وأخرجه بمعناه الترمذي (1440)، والنسائي (3868) من طريق أبي حصين، والنسائي (3869) من طريق إبراهيم بن مهاجر، و (3870) من طريق الحكم، و (3871) و (3872) من طريق عبد الملك بن ميسرة الزّرّاد، أربعتهم عن مجاهد -وقرن به عبد الملك في الموضع الثاني عطاةً وطاووساً- عن رافع بن خديج. وهذا منقطع كما قال النسائي بإثر (3867) لأن مجاهداً لم يسمع من رافع. وانظر ما بعده، وما سلف برقم (3389) و (3392). (¬1) إسناده صحيح. مجاهد: هو ابن جبْر المكي، ومنصُور: هو ابن المعتمر، وسفيان: هو الثوري. =

قال أبو داود: وهكذا رواه شعبةُ ومفضَّل بن مُهلهِل، عن منصورٍ. قال شعبة: أُسيد ابنُ أخي رافع بن خَديج. 3399 - حدَّثنا محمدُ بن بشَّارِ، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا أبو جعفرِ الخَطْمِيُّ، قال: بَعَثَنِي عمي أنا وغلاماً له إلى سعيد بن المسيب، قال: فقلنا له: شيء بلغنا عنك في المزارعة، قال: كان ابن عمر لا يَرى بها بأساً، حتى بلغه عن رافعِ بن خَديجٍ حديثٌ، فأتاه فأخبره رافعٌ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أتى بني حارثةَ، فرأى زرْعاً في أرض ظُهيرٍ، فقال: "ما أحسنَ زرعَ ظُهَيْرٍ! " قالوا: ليس لظُهير، قال: "أليس أرضَ ظُهير؟ " قالوا: بلى، ولكنه زرْعُ فلان، قال: "فخُذوا زرعَكم، ورُدُّوا عليه النَّفَقَة": قال رافعٌ: فأخذنا زرْعَنا وردَدْنا إليه النفقةَ. قال سعيدٌ: أفْقِر أخاك، أو أكرِهِ بالدراهم (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2460)، والنسائي (3864) و (3865) من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (3866) من طريق سعيد بن عبد الرحمن، عن مجاهد قال: حدثني أُسيد بن رافع بن خديج، قال: قال رافع بن خديج. فجعل أُسيداً ابناً لرافع وإنما هو ابنٌ لظهر بن رافع. وهو في "مسند أحمد" (15808) و (15815)، و"صحيح ابن حبان" (5198). وأخرجه النسائي (3862) من طريق جعفر بن عبد الله بن الحكم الأنصاري، عن رافع بن أُسيد بن ظهير، عن أبيه أُسيد بن ظهير أنه قال ... نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن كراء الأرض فجعله من مسند أُسيد بن ظهير! وانظر ما قبله. وما سلف برقم (3389) و (3392). (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه النسائي (3889) عن محمد بن المثنى، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. =

3400 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو الأحوصِ، حدَّثنا طارقُ بن عبد الرحمن، عن سعيد بن المُسيَّب عن رافع بن خَديج، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن المُحاقَلَةِ والمُزابَنةِ، وقال: "إنما يزرعُ ثلاثة: رجل له أرضٌ فهو يزرعُها، ورجل مُنِحَ أرضاً فهو يزرعُ ما مُنح، ورجل استكرى أرضاً بذهبِ أو فضةٍ" (¬1). ¬

_ = وانظر ما سلف برقم (3389) و (3394). وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (3403). قوله: أفقر أخاك: أي: أعطه أرضك عارية ليزرعها، وأصل الإفقار: إعارة البعير ونحوه للركوب. (¬1) إسناده قوي من أجل طارق بن عبد الرحمن - وهو الأحمسي البجلي، لكن قوله: "إنما يزرع ثلاثة ... " إلى آخر الحديث، فهو من قول سعيد بن المسيب، بين ذلك إسرائيلُ بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي وسفيان الثوري، كلاهما عن طارق بن عبد الرحمن. أبو الأحوص: هو سلاّم بن سُليم. وأخرجه ابن ماجه (2267) و (2449)، والنسائي (3890) و (4535) من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد. واقتصر ابن ماجه في الموضع الأول والنسائي في الموضع الثاني على حكاية النهي. وأخرج الشطر الأول منه مرفوعاً وهو حكايته النهي: النسائي (3886) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، و (3887) من طريق القاسم بن محمد، كلاهما عن رافع ابن خديج. وأخرج الشطر الأول منه أيضاً النسائي (3891) من طريق إسرائيل بن يونس، عن طارق بن عبد الرحمن، و (3893) من طريق ابن شهاب الزهري، كلاهما عن سعيد بن المسيب، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مرسلاً. وأخرج الشطر الثاني منه موقوفاً من قول سعيد بن المسيب: النسائي (3891) من طريق إسرائيل بن يونس، و (3892) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن طارق بن عبد الرحمن، عن سعيد بن المسيب. قوله.

3401 - قرأتُ على سعيدِ بن يعقوبَ الطالْقاني: حدَّثكم ابنُ المُبارَك، عن سعيدِ أبي شُجاعٍ، حدَّثني عثمانُ بن سَهْل بن رافع بن خَديجِ، قال: إني ليتيم في حِجر رافع بنْ خَديج وحججتُ معه، فجاءه أخي عمران بن سَهْل، فقال: أكرينا أرضنَا فلانةً بمئتي درهمٍ، فقال: دَعْهُ، فإن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- نَهى عن كِراء الأرض (¬1). 3402 - حدَّثنا هارونُ بن عَبد الله، حدَّثنا الفَضْل بن دُكَينِ، حدَّثنا بُكيرٌ -يعني ابنَ عامرِ- عن ابن أبي نُعْمٍ حدَّثني رافعُ بن خَديج: أنه زرع أرضاً فمر به النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وهو يسقيها، فسأله: لمن الزرعُ؟ ولمن الأرض؟ " فقال: زرعي ببَذْرِي وعملي، ليَ الشَّطْرُ ولبني فلانٍ الشَّطرُ، فقال: "أربَيتُما، فرُدَّ الأرضَ على أهلِها وخُذ نفقتَك" (¬2). ¬

_ (¬1) ضعيف لشذوذه، فقد خالف فيه عثمان بن سهل -والصواب في اسمه عيسى ابن سهل كما في رواية النسائي، وما صوبه المزي والذهبي وتبعهما ابنُ حجر- من هو أوثق منه، وهو حنظلة بن قيس عند البخاري ومسلم، وسلف عند المصنف برقم (3392) و (3393)، إذ سأل رافعَ بنَ خديج عن كراء الأرض بالذهب والرَرقِ، فقال: لا بأس بها. سعيد أبو شجاع: هو ابن يزيد الإسكندراني. وأخرجه النسائي (3926) من طريق حبان بن موسى، عن عبد الله بن المبارك، عن سعيد بن يزيد، عن عيسى بن سهل بن رافع بن خديج، به. فسماه على الصواب. (¬2) إسناده ضعيف. بكير بن عامر -وهو البجلي الكوفي- ضعيف. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار 4/ 106، والطبراني في "الكبير" (4443)، والحاكم 2/ 41، والبيهقي 6/ 133 و 136 من طريق بكير بن عامر، به. وصححه الحاكم، لكن تعقبه الذهبي في "تلخيصه" بقوله: بكير ضعيف. وانظر ما بعده.

33 - باب إذا زرع الرجل في الأرض بغير إذن صاحبها

33 - باب إذا زرع الرجلُ في الأرض بغير إذن صاحبها 3403 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، حدَّثنا شريكٌ، عن أبي إسحاقَ، عن عطاءٍ عن رافع بن خديج قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَن زَرَعَ في أرضِ قومٍ بغيرِ إذنِهم، فليس لهُ مِن الزَّرعِ شي، ولهُ نفقتُه" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح شَريك -وهو ابن عبد الله النخعي، وإن كان سىء الحفظ- يعتبر به في المتابعات، وقد توبع، وقد حسنه البخاري فيما حكاه عنه الترمذي بإثر (1418) وقال الترمذي: حديث حسن غريب. عطاء: هو ابن أبي رباح، وأبو إسحاق: هو عَمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه ابن ماجه (2466)، والترمذي (1418) من طريق شريك النخعي، بهذا الإسناد. وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (296)، ومن طريقه البيهقي 6/ 136 عن قيس ابن الربيع، عن أبي إسحاق السبيعي، به. وقيل بن الربيع حسن الحديث في المتابعات. وأخرجه الترمذي بإثر (1418) من طريق معقل بن مالك البصري، عن عقبة بن الأصم، عن عطاء، به. وقد سلف نحوه من طريق سعيد بن المسيب عن رافع بن خديج برقم (3399) وإسناده صحيح. ومن طريق عبد الرحمن بن أبي نُعم، عن رافع بن خديج في الحديث السالف. ولا يُعارض هذا الحديثُ قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ليس لعرق ظالم حقٌ" السالف عند المصنف برقم (3073)، فقد جمع بينهما أبو عبيد جمعاً حسناً فقال: وإنما اختلف حكم الزرع والنخل، فقضى بقلع النخل، ولم يقض بقلع الزرع، لأنه قد يُوصَل في الزرع إلى أن ترجع الأرضُ إلى ربّها من غير فساد ولا ضرر يتلف به الزرع، وذلك أنه إنما يكون في الأرض سنتَه تلك، وليس له أصلٌ باقٍ في الأرض فإذا انقضت السنة رجعت الأرض إلى ربّها، وصار للآخر نفقتُه، فكان هذا أدنى إلى الرشاد من قطع الزرع بقلاً، والله لا يحب الفسادَ، وليس النخل كذلك، لأن أصله مُخَلَّدٌ في الأرض لا يوصل إلى ردّ الأرض إلى ربّها بوجه من الوجوه، وإن تطاول مكث النخل فيها إلا بنزعها، فلما لم يكن هناك وقت يُنتظر لم يكن لتاخير نزعها وجه، فلذلك كان الحكم فيها تعجيلَ قلعها عند الحكم. فهذا الفرق بين الزرع والنخل، والله أعلم بما أراد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بذلك.

34 - باب في المخابرة

34 - باب في المُخابَرة 3404 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا إسماعيلُ. وحدَّثنا مُسدَّدٌ، أن حماداً وعبدَ الوارث حدثاهم، كلُّهم عن أيوبَ، عن أبي الزبير -قال عن حمادٍ: وسعيدِ ابن ميناء، ثم اتَّفقوا- عن جابر بن عبد الله، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يكوَنِ عن المحاقَلةِ، والمُزابَنةِ، والمُخابرةِ، والمُعاومَةِ -قال عن حماد: وقال أحدُهما: والمُعاومةِ، وقال الآخر: بيعِ اْلسنين، ثم اتفقوا- وعن الثُّنْيَا، ورخَّص في العَرايا (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي- وإن لم يصرح بسماعه من جابر تابعه سعيد بن ميناء كما هو واضح هنا. وعطاء بن أبي رباح وغيره كما سيأتي. حماد: هو ابن زيد، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه مسلم بإثر (1543)، وابن ماجه (2266) من طريق حماد بن زيد وحده، بهذا الإسناد. ولم يذكر ابن ماجه سوى المحاقلة والمزابنة. وأخرجه الترمذي (1360)، والنسائي (4634) من طريق أيوب السختياني، عن أبي الزبير وحده، به. ولم يذكر الترمذي الثُّنْيا. وأخرجه مسلم بإثر (1543)، والنسائي (3879) و (4524) من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، به. وقرن بأبي الزبير عطاء بن أبي رباح. ولم يذكر النسائي في روايته المعاومة والثنيا. وأخرجه مسلم بإثر (1543) من طريق سليمان بن حيان، عن سعيد بن ميناء وحده، به دون ذكر المعاومة والثنيا والعرايا. وأخرجه مسلم (1536) من طريق أبي الوليد المكي، والنسائي (3883) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، و (3920) من طريق عمرو بن دينار، ثلاثتهم عن =

3405 - حدَّثنا أبو حفصٍ عُمر بن يزيدَ السَّيَّاري، حدَّثنا عبَّاد بن العَوَّامِ، عن سفيانَ بن حُسينٍ، عن يونَس بن عُبيدِ، عن عطاءٍ عن جابر بن عبد الله، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن المُزَابنةِ، والمُحاقلَة، وعن الثُّنْيَا إلا أن تُعلَم (¬1). ¬

_ = جابر بن عبد الله. ولم يذكروا في رواياتهم المعاومة، وبعضهم لا يذكر الثنيا. وبعضهم لا يذكر العرايا، ولفظ أبي سلمة: نهى عن المخاضرة والمزابنة. وأخرج النسائي (3882) من طريق يزيد بن نعيم، عن جابر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن الحقل، وهي المزابنة. وهو في "مسند أحمد" (14358): و"صحيح ابن حبان" (4992). وقد سلف ذكر النهي عن بيع المعاومة -وهو بيع السنين- بهذا الإسناد برقم (3375). وانظر تالييه. قال الخطابي: "المحاقلة" بيع الزرع بالحب، و"المخابرة" هي المزارعة، والخبير: الأكّار، و"المزابنة" بيع الرطب بالتمر، وأما "المعاومة" فهي بيع السنين، ومعاه أن يبيعه سنة أو سنتين أو أكثر ثمرة نخلة بعينها أو نخلات، وهو بيع فاسد، لأنه بيع ما لم يوجد ولم يخلق ولا يدري هل يثمر أو لا يثمر؟ وبيع "الثنيا" المنهي عنه أن يبيعه ثمر حائطه ويستثني منه جزءاً غير معلوم، فيبطل، لأن المبيع حينئذٍ يكون مجهولاً، فإذا كان ما يستثنيه شيئاً معلوماً. كالثلث والربع ونحوه ان جائزاً، وكذلك إذا باعه صُبْرة طعام جزافاً، واستثنى منها قفيزاً أو قفيزين كان جائزاً، لأنه استثنى معلوماً من معلوم. وقال ابن القيم في "حاشيته على السنن": المخابرة التي نهاهم عنها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - هي التي كانوا يفعلونها من المخابرة الظالمة الجائرة، وهي التي جاءت مفسّرة في أحاديثهم، ومطلق النهي ينصرف إليها دون ما فعله هو وخلفاؤه وأصحابه من بعده، كما بيناه. (¬1) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح. =

3406 - حدَّثنا يحيى بنُ معين، حدَّثنا ابن رجَاءٍ -يعني المَكيَّ- قال: ابنُ خُثَيمٍ حدَّثني، عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "من لم يَذَرِ المُخابرةَ، فليؤذن بحرب من الله ورسوله" (¬1). 3407 - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ، حدَّثنا عُمر بن أيوبَ، عن جعفرِ بن بُرْقانَ، عن ثابتِ بن الحجّاج ¬

_ = وأخرجه الترمذي (1336)، والنسائي (3880) و (4633) من طريق عباد بن العوام، بهذا الإسناد. وزادا ذكر المخابرة. وأخرجه البخاري (2381)، ومسلم بإثر (1543)، والنسائي (3879) و (4523) و (4524) و (4550) من طريق ابن جريج، ومسلم بإثر (1543) من طريق زيد بن أبي أنيسة، كلاهما عن عطاء بن أبي رباح، به. وزادا في روايتهما: المخابرة ولم يذكرا الثنيا. وهو في "مسند أحمد" (14876). وانظر ما قبله. (¬1) رجاله ثقات، إلا أن أبا الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي- لم يصرح بسماعه من جابر. ابن خُثَيم: هو عبد الله بن عثمان بن خثيم، وابن رجاء المكي: اسمُه عبد الله. وأخرجه الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 526، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 107، وابن حبان (5200)، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 326، والبيهقي 6/ 128 من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم، به. قال الترمذي: سألت محمداً عن هذا الحديث، قلت له: روى هذا عن ابن خثيم غير يحيى بن سُليم؟ قال: نعم، رواه مسلم بن خالد وداود بن عبد الرحمن العطار، قلت له: ما معنى هذا الحديث؟ قال: إنما نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن تلك الشروط الفاسدة التي كانوا يشترطون، فقال: من لم ينته عن الذي نهيت عنه فليأذن بحرب من الله ورسوله.

35 - باب في المساقاة

عن زيد بن ثابت، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن المُخابرةِ، قلت: وما المخابرةُ؟ قال: أن تأخذ الأرضَ بنصفٍ أو ثلثٍ أو ربعٍ (¬1). 35 - باب في المُسَاقاة 3408 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا يحيى، عن عبيدِ الله، عن نافع عن ابن عمر: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- عامَلَ أهلَ خيبرَ بشَطْرِ ما يخرُج من ثَمَرٍ أو زَرْعٍ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 346، وأحمد (21631)، وعبد بن حميد (253)، والطبراني (4938)، والبيهقي 6/ 133 من طريق جعفر بن برقان، به. (¬2) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر العُمري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه البخاري (2329)، ومسلم (1551)، وابن ماجه (2467)، والترمذي (1439) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4663). وانظر ما بعده، وما سلف برقم (3006) و (3008). قال الخطابي: في هذا إثبات المزارعة .. ، وإنما صار ابن عمر إلى حديث رافع ابن خديج تورُّعاً واحتياطاً، وهو راوي خبر أهل خيبر، وقد رأى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقرهم عليها أيام حياته، ثم أبا بكر ثم عمر إلى أن أجلاهم عنها. وفيه إثبات المساقاة، وهي التي يُسميها أهل العراق المعاملة، وهي: أن يدفع صاحب النخل نخله إلى الرجل ليعمل بما فيه صلاحها أو صلاح ثمرها، ويكون له الشطر من ثمرها وللعامل الشطر، فيكون من أحد الشقين: رقاب الشجر، ومن الشق الآخر: العمل، كالمزارعة يكون فيها من قِبل رب المال الدراهمُ والدنانير، ومن العامل التصرف فيها، وهذه كلها في القياس سواء. والعمل بالمساقاة ثابت في قول أكثر الفقهاء. ولا أعلم أحداً منهم أبطلها إلا أبا حنيفة، وخالفه صاحباه، فقالا بقول جماعة أهل العلم.

3409 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيدٍ، عن الليثِ، عن محمد بن عبد الرحمن -يعني ابن عَنْج- عن نافع عن ابن عمر: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- دَفَعَ إلى يهودِ خيبرَ نخلَ خيبرَ وأرضَها على أن يَعْتَمِلوهَا من أموالِهم، وأنَّ لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - شَطرَ ثمرتها (¬1). 3410 - حدَّثنا أيوبُ بن محمد الرَّقِّيُّ، حدَّثنا عُمر بن أيوبَ، حدَّثنا جعفرُ ابن بُرقانَ، عن ميمون بن مِهران، عن مِقْسَمٍ عن ابن عباس، قال: افتتح رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خَيبَرَ، واشترطَ أن له الأرضَ وكلَّ صفراءَ وبيضاء، قال أهلُ خيبر: نحن أعلمُ بالأرضِ منكم فأَفعطِناها على أن لكم نصفَ الثمرة ولنا نصفٌ، فزعم أنه أعطاهم على ذلك، فلما كان حين يُصْرَمُ النخلُ بعثَ إليهم عبدَ الله بن رواحةَ فحَزَرَ عليهم النخلَ، وهو الذي يسميه أهلُ المدينةِ الخِرْصَ، فقال: في ذِهْ كذا وكذا، قالوا: أكثرتَ علينا يا ابنَ رواحةَ، فقال: فأنا ألي حَزْرَ النَّخْلِ وأعطيكم نصفَ الذي قلتُ، قالوا: هذا الحق وبه تقوم السماءُ والأرضُ، قد رضينا أن نأخذَهُ بالذي قلت (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عبد الرحمن بن عَنَج، فهو صدوق حسن الحديث، وهو متابع. الليث: هو ابن سعْد. وأخرجه مسلم (1551)، والنسائي (3929) و (3930) من طريق الليث بن سعْد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله، وما سلف برقم (3006) و (3008). (¬2) إسناده صحيح. مِقسَم: هو ابن بُجْرة - ويقال: نَجْدة. وأخرجه ابن ماجه (1820) من طريق عمر بن أيوب، بهذا الإسناد. =

3411 - حدَّثنا علي بن سَهْلٍ الرَّمْلي، حدَّثنا زَيدُ بن أبي الزَّرقاء عن جعفرِ بن بُرْقانَ، بإسناده ومعناه، قال: فحَزَر، وقال عند قوله: "وكل صفراء وبيضاء": يعني الذهبَ والفضة (¬1). 3412 - حدَّثنا محمد بن سليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا كثير -يعني ابنَ هشامٍ- عن جعفرِ بن بُرقانَ، حدَّثنا ميمونٌ عن مِقسمٍ: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- حين افتتح خيبرَ، فذكر نحو حديث زيدٍ، قال: فحَزَرَ النخلَ، وقال: فأنا ألي جِذَاذَ النخلِ، وأعطيكم نصفَ الذي قلتُ (¬2). ¬

_ = وأخرجه مختصراً ابن ماجه (2468) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أعطى خيبر أهلها على النصف، نخلها وأرضها. وإسناده ضعيف لسوء حفظ ابن أبي ليلى. وهو في "مسند أحمد" (2255) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. ويشهد له بتمامه حديث ابن عمر عند البيهقي 6/ 114، وإسناده صحيح. وانظر تالييه. قوله: يُصَرم النخْل، أي: يُقطَع، من الصَّرْم، وهو القطْع. والخَرْص: من خَرَصَ يخرُصُ خَرْصاً، يقال: خَرَصَ النخلة والكرمة إذا حَزَرَ ما عليها من الرطب تمراً، ومن العنب زبيباً، فهو من الخَرْص الظَّن، لأن الحَزْر إنما هو تقدير بظن، والاسم الخِرص بالكسر. (¬1) إسناده صحيح كسالفه. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه مرسل، وقد وصله عن جعفر ابن بُرقان عمرُ بن أيوب العبْدي وزيد بن أبي الزرقاء التغلبي كما في الطريقين السابقين، وهما ثقتان، فصح وصله. قوله: جذاذ، أي: قطْع الثمر.

36 - باب في الخرص

36 - باب في الخَرص 3413 - حدَّثنا يحيى بن مَعين، حدَّثنا حجاجٌ، عن ابن جُريج قال: أُخبِرتُ عن ابن شهابِ، عن عُروةَ عن عائشةَ قالت: كانَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يبعثُ عبدَ الله بن رَوَاحةَ فيَخْرُصُ النَّخلَ حين يَطيبُ قبل أن يؤكَلَ منه، ثم يُخَيِّر يهودَ: يأخذونَه بذلك الخرصِ أو يدفعونه إليهم بذلك الخرصِ، لكي تُحصى الزكاةُ قبل أن تُؤكَل الثمارُ وتُفرَّق (¬1). 3414 - حدَّثنا ابن أبي خَلَفٍ، حدَّثنا محمدُ بن سابقٍ، عن إبراهيمَ بن طَهمانَ، عن أبي الزبير عن جابر أنه قال: أفاءَ اللهُ على رسوله خيبرَ، فأقرَّهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كما كانوا، وجعلها بينه وبينهم، فبعث عبدَ الله بن رواحةَ فخَرَصها عليهم (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- لم يسمعه من الزهري كما صرح هو بذلك في هذا الإسناد. وقد سلف برقم (1606). (¬2) حديث صحح، وهذا إسناد قوي من أجل محمد بن سابق، فهو صدوق لا بأس به، ولكنه متابع وقد صرح أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي- بسماعه من جابر في الإسناد الآتي بعده، ابن أبي خلف: هو محمد بن أحمد بن أبي خلف. وهو في "مشيخه ابن طهمان" (37) مطولاً يتضمن نحو الحديث الآتي بعده. وأخرجه أحمد (14953)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 247 و 4/ 113 والدارقطي (2050)، والبيهقي 4/ 123، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 461 و 9/ 143 من طريق محمد بن سابق، والطحاوي 2/ 38 - 39 و 3/ 247 و 4/ 113 من طريق أبي عون محمد بن عون الزيادي، كلاهما عن إبراهيم بن طهمان، به. ومحمد ابن عون ثقة. وعندهم زيادة بنحو الحديث الآتي بعده.

37 - باب في كسب المعلم

3415 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق ومحمد بن بكرٍ، قالا؟ أخبرنا ابنُ جُريجٍ، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: خرَصَها ابنُ رواحةَ أربعين ألفَ وَسْقٍ، وزعم أن اليهودَ لما خيَّرهم ابنُ رواحةَ أخذُوا الثمرَ وعليهم عشرون ألف وَسْقٍ (¬1). 37 - باب في كَسْبِ المُعلِّم 3416 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ وحميدُ بن عبد الرحمن الرُّؤَاسيُّ، عن مغيرةَ بن زيادٍ، عن عبادةَ بن نُسَيٍّ، عن الأسودِ بن ثعلبةَ عن عبادةَ بن الصامتِ، قال: عَلَّمتُ ناساً من أهل الصُّفَّةِ الكتابَ والقرآنَ، فأهْدَى إليَّ رجلٌ منهم قَوْساً، فقلت: ليست بمالٍ وأرمي عنها في سبيلِ الله عز وجل، لأتِيَنَّ رسولَ الله فلأسألَنَّهُ، فأتيتُه، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، رجلٌ أهدى إلي قوساً ممن كنت أُعلِّمُه الكتابَ والقرآنَ، وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله؟ قال: "إن كنتَ تُحبُّ أن تُطَوَّقَ طَوقاً من نارٍ فاقبَلْها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد صرح بالسماع كلٌ من أبي الزبير -وهو محمد بن مسلم ابن تدرس المكي- وابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي- فانتفت شبهة تدليسهما. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (7205)، وعنه أحمد (14161). وأخرجه ابن أبي شيبة 3/ 194 - 195 عن محمد بن بكر، وأبو عُبيد في "الأموال" (193) عن حجاج بن محمد المِصِّيصي، كلاهما عن ابن جريج، به. وانظر ما قبله. والوسق من المكاييل القديمة، يُساوي (653) كغ. (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف، الأسود بن ثعلبة مجهول، ومغيرة بن =

3417 - حدَّثنا عَمرو بن عثمانَ وكثيرُ بن عُبيدِ، قالا: حدَّثنا بقيةُ، حدَّثني بشْر ابن عَبد الله بن يَسارِ -قال عمرو: حدَّثني عُبادةُ بن نُسَيٍّ، عن جُنادةَ بن أبي أُميَةَ ¬

_ = مقسم فيه كلام، وقد خالفه بشْر بن عَبد الله السّلمي، وهو حسن الحديث، فرواه عن عبادة بن نُسيٍّ، عن جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت. وأخرجه ابن ماجه (2157) من طريق وكيع وحده، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22689). وانظر ما بعده. وفي الباب عن أبي الدرداء عند البيهقي 6/ 126. وقال ابن التركماني: إسناده جيد. وعن أبي بن كعب عند ابن ماجه (2158)، وإسناده ضعيف. قال الخطابي: اختلف الناس في معنى هذا الحديث وتأويله، فذهب قوم من العلماء إلى ظاهره، فرأوا أن أخذ الأجرة والعوض على تعليم القرآن غير مباح، وإليه ذهب الزهري وأبو حنيفة وإسحاق بن راهويه. وقالت طائفة: لا بأس به ما لم يشترط، وهو قول الحسن البصري وابن سيرين والشعبي. وأباح ذلك آخرون، وهو مذهب عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور، واحتجوا بحديث سهْل بن سعد: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال للرجل الذي خطب المرأة فلم يجد لها مهراً: "زوجتكها على ما معك من القرآن" [سلف عند المصنف برقم (2111)]، وتأولوا حديث عبادة على أنه أمران تبرع به، ونوى الاحتساب فيه، ولم يكن قصده وقت التعليم إلى طلب عوض ونفع، فحذره النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إبطالَ أجره وتوعده عليه، وكان سبيلُ عبادة في هذا سبيلَ من رد ضالة الرجل أو استخرج له متاعاً قد غرق في بحر تبرعاً وحسبة، فليس له أن يأخذ عليه عوضا ولو أنه طلب لذلك أجرة قبل أن يفعله حسبة كان ذلك جائزاً. وأهل الصفة: قوم فقراء، كانوا يعيشون بصدقة الناس، فأخذُ الرجلِ المالَ منهم مكروه، ودفعه إليهم مستحب. وقال بعض العلماء: أخذ الأجرة على تعليم القرآن له حالات: فإن كان في المسلمين غيره ممن يقوم به حلَّ له أخذ الأجرة عليه، لأن فرض ذلك لا يتعين عليه. وإذا كان في حال أو موضع لا يقوم به غيره لم يحل له أخذ الأجرة. وعلى هذا تأول اختلاف الأخبار فيه.

38 - باب في كسب الأطباء

عن عبادة بن الصامتِ، نحو هذا الخبر، والأول أتم- فقلتُ: ما ترى فيها يا رسولَ اللهِ؟ فقال: "جَمرَةٌ بين كتفَيك تَقَلّدْتَها -أو تعلقْتَها-" (¬1). 38 - باب في كسْب الأطباء 3418 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عوانةَ، عن أبي بِشْرِ، عن أبي المُتوكِّل عن أبي سعيد الخدري: أن رَهْطاً من أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - انطلقُوا في سَفْرةِ سافروها، فنزلوا بحيٍّ من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبَوا أن يُضيِّفوهم، قال: فَلُدِغ سيِّدُ ذلك الحي، فَشَفَوْا له بكل شيء، لا ينفعُه شيءٌ، فقال بعضُهم: لو أتيتُم هؤلاء الرهطَ الذين نزلوا بكم لعل أن يكونَ عند بعضِهم شيءٌ ينفَعُ صاحبَكم، فقال بعضُهم: إن سيدَنا لُدِغَ فَشَفَينَا له بكل شيء لا ينفعُه شيٌ، فهل من شيءٍ ينفع صاحبَنا عند أحدٍ منكم؟ يعني رُقْيَةً، فقال رجلٌ من القوم: إني لأرقي، ولكن استضفناكم، فأبَيتُمْ أن تُضيِّفونا، ما أنا براقٍ حتى تجعلوا لي جُعْلاً، فجعلوا له قطيعاً مِن الشاء فأتاه فقرأ عليه بأمِّ الكتاب، ويَتْفُلُ حتى بَرَأ كأنما أُنْشِطَ من عِقالٍ، فأوفاهم جُعْلَهُمُ الذي صالحهم عليه، ¬

_ (¬1) حديث حسن. بشر بن عبد الله بن يسار صدوق حسن الحديث، وبقية -وهو ابن الوليد- تابعه أبو المغيرة عبد القدوس الخولاني، وهو ثقة. وأخرجه أحمد (22766)، والبخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 444، والطبراني في "مسند الشاميين" (2237)، والحاكم 3/ 356 من طريق أبي المغيرة عبد القدوس ابن الحجاج الخولاني، والبيهقي 6/ 125 من طريق بقية بن الوليد، كلاهما عن بشْر ابن عبد الله السُّلمي، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

فقالوا: اقتسِمُوا، فقال الذي رَقَى: لا تفعلوا حتى نأتيَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فنستأمِرَه، فغَدَوْا على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -،فذكروا له، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مِن أين علمتم أنها رُقْيَةٌ؟ أحسنتم، واضْرِبُوا لي معكم بسهم" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحح. أبو المتوكّل: هو علي بن داود -ويقال: ابن دؤاد- الناجي، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه بنحوه البخاري (2276) و (5736) و (5749)، ومسلم (2201)، وابن ماجه (2156/ م)، والترمذي (2193)، والنسائي في "الكبرى" (7491) و (15800) و (10801) من طرق عن أبي بشر جعفر بن إياس، به. وهو في "مسند أحمد" (15985) و (11399). وأخرجه ابن ماجه (2156)، والترمذي (2192)، والنسائي في "الكبرى" (10799) و (10802) من طريق الأعمش، عن أبي بشر جعفر بن إياس، عن أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة، عن أبي سعيد الخدري. فذكر أبا نضرة بدل أبي المتوكل، وهذا لا يُعلُّ الحديثَ لأن كليهما ثقة، لكن الترمذي وابن ماجه صوبا رواية الجماعة عن أبي بشر جعفر بن إياس، وأما الدارقطني فنقل عنه الحافظ في "الفتح" 4/ 455 أنه رجح رواية الأعمش، ثم قال الحافظ: والذي يترجح في نقدي أن الطريقين محفوظان لاشتمال طريق الأعمش على زيادات في المتن ليست في رواية شعبة ومن تابعه، فكأنه كان عند أبي بشر عن شيخين، فحدث به تارة عن هذا، وتارة عن هذا، ولم يُصب ابن العربي في دعواه أن هذا الحديث مضطرب، فقد رواه عن أبي سعيد أيضاً معبد بن سيرين وسليمان بن قَتَّة. قلنا: رواية معبد ستأتي عند المصنف بعده، وأما رواية سليمان بن قتة فهي في "المسند" (11472). وهو في "مسند أحمد"" (11070)، و"صحيح ابن حبان" (6112) من طريق الأعمش. وسيتكرر عند المصنف من طريق أبي المتوكل برقم (3900). وانظر ما بعده. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الخطابي: وفي هذا بيان جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن. ولو كان ذلك حراماً لأمرهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - برد القطيع، فلما صوّب فعلهم، وقال لهم: "أحسنتم" ورضي الأجرة التي أخذوها لنفسه، فقال: "اضربوا لي معكم بسهم" ثبت أنه طِلْق مباح، وأن المذهب الذي ذهب إليه مَن جمع بين أخبار الأباحة والكراهة في جواز أخذ الأجرة على ما لا يتعين الفرض فيه على معلمه، ونفى جوازه على ما يتعين فيه التعليم مذهب سديد، وهو قول أبي سعيد الأصطخرى (قلنا: وقال المانعون من أخذ الأجرة: إن التَّطبُّب بالقرآن وأخذ الأجرة عليه حلال، وأما قراءة القرآن وأخذ الأجرة على تعليمه فغير جائز، لأنه عبادة وأخذ الأجرة على العبادة لا يجوز، وحجتهم حديث عبادة بن الصامت السالف برقم (3416) وحديث عبد الرحمن بن شبل "اقرؤوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به" وهو حديث صحيح أخرجه أحمد في "المسند" (15529) وانظر تمام تخريجه فيه، وحديث عثمان بن أبي العاص قلت: يا رسول الله اجعلني إمام قومي، فقال: أنت إمامهم، واقتدِ بأضعفهم، واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً" أخرجه أحمد (16270) وإسناده صحيح. وقال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على "مختصر سنن أبي داود" للمنذري 5/ 71: ليس في الحديث دلالة على أخذ الأجرة، لا على قراءة القرآن، ولا على تعليمه، فإن أهل الحي ما طلبوا أبا سعيد ليقرأ لهم قرآناً، ولا ليعلمهم، وإنما طلبوه ليعالج مريضَهم، فطلبوه طبيباً لا قارئاً ولا معلماً؟ وهو لم يجهر بما قرأ، ولا يعلمهم ما قرأ، ولم يكن يعلم أن في ذلك شفاء المريض. ولكنه أيقنَ أن الله عاقَب أهلَ الحي على منعهم أبا سعيد ورفقته حقهم من الضيافة. فسلط على رئيسهم ما لسعه مِن الهوام، ليلجئهم إلى أبي سعيد ورفقته، ويضطرهم إلى أن يرضخوا لحكمه فيما يطلب من الجعل، لأنه ورفقته بأشد الحاجة إلى الطعام. كل هذا فهمه أبو سعيد وصحبه، وعلى ذلك لم يقع من أبي سعيد ولا غيره من صحبه أنهم فعلوا ذلك مرة أخرى. ولو أنهم فهموا ذلك على أنه قاعدة مضطردة لفعلوه، وتتابعوا على فعله، ولاشتهر ذلك. والله أعلم. ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.

3419 - حدَّثنا الحسن بن علي، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا هشامُ بنُ حسَّان، عن محمد بنِ سيرين، عن أخيه معبدِ بنِ سيرين، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -،بهذا الحديث (¬1). 3420 - حدَّثنا عُبيد الله بن معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبةُ، عن عبد الله بن أبي السفَرِ، عن الشعبي، عن خارجة بن الصَّلْت ¬

_ = قال الخطابي وفي الحديث دليل على جواز بيع المصاحف، وأخذ الأجرة على كتْبها، وفيه إباحة الرقية بذكر الله، وفيه إباحة أجر الطبيب والمعالج، وذلك أن القراءة والرقية والنفْث فعل من الأفعال المباحة، وقد أباح له أخذ الأجرة عليها، فكذلك ما يفعله الطبيب من قول ووصف علاج: فعلٌ لا فرق بينهما. وقد تكلم الناس في جواز بيع المصاحف. فكرهت طائفة بيعها، وروي عن ابن عمر أنه كان يقول: ودِدْت أن الأيدي تقطع في بيع المصاحف. وكره بيعها شريح وابن سيرين. ورخصت طائفة في شرائها، روي ذلك عن ابن عباس وسعيد بن جبير. وقال أحمد بن حنبل: الأمر في شرائها أهون، قال: وما أعلم في البيع رخصة. ورخص أكثر الفقهاء في بيعها وشرائها، وهو قول الحسن والشعبي وعكرمة والحكم وسفيان الثوري وأصحاب الرأي والنخعي.، وكرهته طائفة وإليه ذهب مالك والشافعي. وقوله: فشفوا له بكل شيء، معناه: عالجوه بكل شيء مما يُستشفى به، والعرب تضع الشفاء موضع العلاج، قال الشاعر: جعلتُ لعرّاف اليمامة حُكمه ... وعرّاف نجد إن هما شفياني وقوله: أنشط من عقال، أي: حُل من وَثاق، يقال: نشطتُ الشيء: إذا شددته وأنشطتُه: إذا فككتَه، والأنشوطة: الحبل الذي يُشدُّ به الشيء. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (5007)، ومسلم (2201) من طريق هشام بن حسان، بهذا الاسناد. وهو في "مسند أحمد" (11787)، و"صحيح ابن حبان" (6113). وانظر ما قبله.

39 - باب في كسب الحجام

عن عمه: أنه مرَّ بقوم فأتوْهُ، فقالوا: إنك جئت من عند هذا الرجل بخير فارْقِ لنا هذا الرجل، فأتوه برجل معتوهٍ في القيود، فرقاه بأمِّ القرآن ثلاثة أيام غُدْوَةَ وعشيةً كلما ختمها جمع بُزَاقَه، ثم تَفَلَ، فكأنما أُنْشِطَ مِن عِقال، فأعطَوه شيئاً، فأتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فذكره له، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "كُلْ، فَلَعَمْري لَمَنْ أكَلَ برقْيَةِ باطل، لقد أكلتَ برقْيَةِ حق" (¬1). 39 - باب في كسْب الحجام 3421 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا أبان، عن يحيى، عن إبراهيمَ ابنِ عبد الله -يعني ابن قارظٍ-، عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "كَسْبُ الحَجَّامِ خبيث، وثمنُ الكلب خبيث، ومهر البَغِىِّ خبيثٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل خارجة بن الصَّلْت، فقد روى عنه الشعبي وعبد الأعلى ابن الحكم وقيس بن أبي حازم، وذكره ابن حبان وابن خلفون في "الثقات"، وقال ابن معين: إذا روى الحسن والشعبي عن رجل فسمياه فهو ثقة يحتج به، وقال الذهبي: محله الصدق. فهو كما قال الذهبي. وهو في "مسند أحمد" (21835)، و"صحيح ابن حبان" (6110) و (6111). وسيأتي برقم (3896) و (3897) وانظر تمام تخريجه هناك. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2691) عن محمد بن أبي عمر العدني، عن سفيان بن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم عن خارجة بن الصلت قال: مر رجل بأهل ماء ... فذكر نحو الحديث. وجعله من مسند خارجة بن الصلت والصحيح رواية الشعبي، لأن خارجة أدرك النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ولم يره، وإنما الصحبة لعمه. (¬2) إسناده صححِح. يحيى: هو ابن أبي كثير، وأبان: هو ابن يزيد العطار.=

3422 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ القعنبيُّ، عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن مُحَيِّصَةَ عن أبيه: أنه استأذن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- في إجَارة الحجامِ، فنهاه عنها، فلم يَزَلْ يسألُه ويستأذِنُه حتى أمره: أن اعْلِفهُ ناضِحَكَ ورقيقَك (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1568)، والترمذي (1322)، والنسائي في "الكبرى" (4668) و (4669) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. إلا أن النسائي في الموضع الثاني قلب اسم إبراهيم بن عبد الله إلى: عبد الله بن إبراهيم، والصحيح الأول. وأخرجه مسلم (1568)، والنسائي في "الكبرى" (4663) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن محمد بن يوسف ابن أخت نمر، والنسائي (4665) من طريق يزيد ابن عبد الله بن خُصيفة، كلاهما عن السائب بن يزيد. وأخرجه النسائي (4664) من طريق حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن يوسف ابن أخت نمر، عن السائب بن يزيد قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. فجعله من مسند السائب، والسائب صحابي صغير، ولا يؤثر ذلك بصحة الحديث، لأنه قصارى أمره أن يكون مرسلَ صحابي، ومراسيل الصحابة حجة. وهو في "مسند أحمد" (15812)، و"صحيح ابن حبان" (5152). وانظر ما بعده لبيان فقه الحديث. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه اختُلف نيه على الزهري في وصله وإرساله كما هو مبين في "المسند" (23690) و (23692) و (23693) و (23695) وأصح طرقه ما رواه محمد بن إسحاق وسفيان بن عيينة، عن الزهري، عن حرام بن سعد -أو ساعدة- بن محيصة، عن أبيه، عن جده. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 11/ 79: ولا يتصل هذا الحديث عن ابن شهاب إلا من رواية ابن إسحاق هذه، ورواية ابن عيينة مثلها. وهو في "موطأ مالك" برواية أبي مصعب الزهري (2053)، ومن طريقه أخرجه التر مذي (1323). وهو في "الموطأ" بِرواية يحيى الليثي 2/ 974 عن ابن شهاب، عن ابن محيصة، أنه استأذن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ... فذكره. ولم يتابع يحيى الليثيَّ على هذا من رواة "الموطأ" =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = سوى ابن القاسم فيما قاله ابن عبد البر في "التمهيد" 11/ 77، قال: وذلك من الغلط الذي لا إشكال فيه على أحد من أهل العلم، وليس لسعْد بن محيصة صحبة، فكيف لابنه حرام، ولا يختلفون أن الذي روى عنه الزهري هذا الحديث وحديث ناقة البراء هو حرام بن سند بن مُحيِّصة. وهو في "مسند أحمد" (23690)، و "صحيح ابن حبان" (5154). وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "المسند". قال الخطابي: حديث محيصة يدل على أن أجرة الحجام ليست بحرام، وأن خبثها من قبل دناءة مَخرجها، وقال ابن عباس: احتجم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأعطى الحجام أجره. ولو علمه محرما لم يعطه. قال الخطابي: وقوله: "اعلفه ناضحك ورقيقك" يدل على صحة ما قلناه، وذلك أنه لا يجوز له أن يطعم رقيقه إلا من مال قد ثبت له ملكه، وإذا ثبت له ملكه فقد ثبت أنه مباح، وإنما وجهه التنزيه على الكسب الدنيء والترغيب في تطهير الطعم والإرشاد فيها إلى ما هو أطيب وأحسن، وبعض الكسب أعلى وأفضل، وبعضه أدنى وأوكح. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن كسب الحجام إن كان حراً فهو محرم، واحتج بهذا الحديث بقوله: إنه خبيث، وإن كان عبداً فإنه يعلفه ناضحه وينفقه على دوابه. قال الخطابي: وهذا القائل يذهب في التفريق بينهما مذهبا ليس له معنى صحيح، وكل شيء حل من المال للعبيد حل للاحرار، والعبد لا ملك له ويده يد سيده وكسبه كسبه، وإنما وجه الحديث ما ذكرته لك، وإن الخبيث معناه الدنيء، كقوله تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267] أي: الدون. فأما قوله: "ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث" فإنهما على التحريم، وذلك أن الكلب نجس الذات محرم الثمن، وفعل الزنى محرم، وبدل العوض عليه وأخذه على التحريم مثله، لأنه ذريعة إلى التوصل إليه، والحجامة مباحة، وفيها نفع وصلاح الأبدان. وقد يجمع الكلام بين القرائن في اللفظ الواحد، ويفرق بينهما في المعاني، وذلك على حسب الأغراض والمقاصد فيها، وقد يكون الكلام في الفصل الواحد بعضه على الوجوب وبعضه على الندب وبعضه على الحقيقة وبعضه على المجاز، وإنما يُعلم ذلك بدلائل الأصول وباعتبار معانيها. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والبغي: الزانية، وفعلها البغاء، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} [النور:33]. فقال ابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 398 وما بعدها تعليقاً على حديث "نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن": في هذا الحديث ما اتفق عليه وما اختلف فيه، فاما مهر البغي -والبغي: الزانية ومهرها ما تأخذ على زناها- فمجتمع على تحريمه وأما حُلوان الكاهن فمجتمع أيضاً على تحريمه. قال مالك: وهو ما يعطى الكاهن على كهانته، والحلوان في كلام العرب: الرشوة والعطية. وأما ثمن الكلب فمختلف فيه. وقال الحافظ في "الفتح" 4/ 426 تعليقاً على النهي عن ثمن الكلب: ظاهر النهي تحريم بيعه، وهو عام في كل كلب معلماً كان أو غيره مما يجوز اقتناؤه أو لا يجوز، ومن لازم ذلك أن لا قيمة على متلفه، وبذلك قال الجمهور، وقال مالك: لا يجوز بيعه، وتجب القيمة على متلفه، وعنه كالجمهور، وعنه: كقول أبي حنيفة: يجوز وتجب القيمة، وقال عطاء والنخعي: يجوز بيع كلب الصيد دون غيره، ونقل عن القرطبي: أن مشهور مذهب مالك جواز اتخاذ الكلب، وكراهية بيعه، ولا يفسخ إن وقع. ونقل العيني في "البداية" 8/ 378 عن صاحب "الإيضاح": أن بيع كل ذي ناب من السباع، وذي مخلب من الطير جائز معلماً كان أو غير معلم في رواية الأصل، أما الكلب المعلم، فلا شك في جواز بيعه، لأنه آلة الحراسة والاصطياد (وكشف الجريمة) فيكون محلاً للبيع، لكونه منتفعاً به حقيقة وشرعاً فيكون مالاً، وأما غير المعلم، فلأنه يمكن أن ينتفع به بغير الاصطياد، فإن كل كلب يحفظ بيت صاحبه ويمنع الأجانب عن الدخول فيه، ويخبر عن الجاني بنباحه، فساوى المعلم في الانتفاع به. وقال أبو يوسف: لا يجوز بيع الكلب العقور، لأنه غير منتفع به. قلنا: والضابط عندهم: أن كل ما فيه منفعة يحل شرعاً، فإن بيعه يجوز لأن الأعيان خلقت لمنفعة الإنسان بدليل قوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة:29]. =

3423 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يزيد بنُ زُرَيع، حدَّثنا خالد، عن عِكرمة عن ابن عباس، قال: احتجم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وأعطى الحجامَ أجرَه، ولو علِمَه خبيثاً لم يُعطِه (¬1). 3424 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن حُمَيدٍ الطويلِ ¬

_ = وقال صاحب "التمهيد" 8/ 403: وأجاز الشافعي بيع كل ما فيه منفعة في حياته نحو الفهد والجوارح المعلمة حاشا الكلب. وقال ابن القاسم: يجوز بيع الفهود والنمور والذئاب إذا كانت تذكى لجلودها، لأن مالكاً يجيز الصلاة عليها إذا ذُكيت. وفي "الاستذكار" 20/ 124: وبيع الفهد والصقر جائز، وكذلك بيع الهر، وكل ما فيه منفعة، وهو قول مالك والشافعي والكوفيين في بيع كل ما ينتفع به أنه جائز ملكه وشراؤه وبيعه. وقال أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوزي": وأما ثمن الكلب، فكل ما جاز اقتناؤه وانتفع به، صار مالاً، وجاز بذل العوض عنه، واختلف أصحابنا -يعني المالكية- في بيعه: هل هو محرم أو مكروه؟، وصرح بالمنع مالك في مواضع، والصحيح في الدليل جواز البيع، وبه قال أبو حنيفة (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن مِهران الحذَّاء، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه البخاري (2103) و (2279) من طريق خالد الحذاء، به. وهو في "مسند أحمد" (3284). وأخرجه البخاري (2278)، ومسلم بإثر (1577)، وبإثر (2208)، وابن ماجه (2162)، والنسائي في "الكبرى" (1580) من طريق طاووس اليماني، عن ابن عباس. دون قوله: ولو كان خبيثاً لم يعطه. وهو في "مسند أحمد" (2249) و (2337)، و"صحيح ابن حبان" (5150). وأخرجه مسلم بإثر (1577) من طريق الشعبي، عن ابن عباس قال: حجم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عبدٌ لبني بياضة، فأعطاه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أجره، وكلّم سيّده فخفف عنه من ضريبته، ولو كان سحتاً لم يعطه النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وهو في "مسند أحمد" (2155) و (3457).

40 - باب في كسب الإماء

عن أنس بن مالك أنه قال: حَجَمَ أبو طيبة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فأمر له بصاعٍ من تمر، وأمر أهله أن يُخَفَّفُوا عنه مِن خَرَاجه (¬1). 40 - باب في كسب الإماء 3425 - حدَّثنا عُبيد الله بنُ معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبة، عن محمد بن جُحَادة، قال: سمعت أبا حازم سمع أبا هريرة قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن كسبِ الإماء (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حميد الطويل: هو ابن أبي حميد، والقعنبي: هو عبد الله ابن مسلمة بن قعنب. وهو في "موطأ مالك" 2/ 974. وأخرجه البخاري (2102) و (2210) و (2277) و (2281)، ومسلم (1577)، والترمذي (1324) من طرق عن حميد الطويل، به. وهو في "مسند أحمد" (11966). وأخرجه البخاري (2280)، ومسلم بإثر (2208) من طريق عمرو بن عامر، عن أنس، قال: احتجم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وكان لا يظلم أحداً أجره. وهو في "مسند أحمد" (12206). وأخرجه ابن ماجه (2164) من طريق محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - احتجم وأعطى الحجام أجره. وهو في "صحيح ابن حبان"، (5151). (¬2) إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ العَنْبري، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي. وأخرجه البخاري (2283) و (5348) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7851)، و"صحيح ابن حبان" (5158) و (5159) زاد ابن حبان في روايته الثانية: مخافة أن يبغين، وهذه زيادة مُدرجة من قول شعبة كما هو مصرح به في حديث رافع بن خديج في "مسند أحمد" (17268). =

3426 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبد الله، حدَّثنا هاشم بن القاسم، حدَّثنا عِكرِمَةُ، حدَّثني طارق بن عبد الرحمن القرشي، قال: جاء رافع بن رفاعة إلى مجلس الأنصار، فقال: لقد نهانا نبي الله -صلَّى الله عليه وسلم- اليوم، فذكرَ أشياء، ونَهَى عن كسب الأمة إلا ما عَمِلَتْ بيدها، وقال هكذا بأصابِعِه نحو الخَبز والغَزْل والنَّفش (¬1). 3427 - حدَّثنا أحمدُ بن صالح، حدَّثنا ابن أبي فُدَيكِ، عن عُبيد الله -يعني ابن هُرَير- عن أبيه ¬

_ = قال الخطابي: كان لأهل مكة ولأهل المدينة إماء عليهن ضرائب تخدُمن الناسَ، تَخبِزْن، وتسقين الماء، وتصنعن غير ذلك من الصناعات، ويُؤدين الضريبةَ إلى ساداتهن، والإماء إذا دخلن تلك المداخل وتبذّلن ذلك التبذُّل، وهُنَّ مخارجات وعليهن ضرائب لم يؤمن أن يكون منهن أو من بعضهن الفجور وأن يكسبن بالسفاح، فأمر -صلَّى الله عليه وسلم- بالتنزه عن كسبهن ومتى لم يكن لعملهن وجه معلوم يكتسبن به، فهو أبلغ في النهي وأشد في الكراهة. وقد جاءت الرخصة في كسب الأمة إذا كانت في يدها عمل. ورواه أبو داود في هذا الباب - قلنا: يعني الحديث الآتي بعده. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة طارق بن عبد الرحمن القرشي، ورافع بن رفاعة هذا قال عنه ابن عبد البر في "الاستيعاب" (740): لا تصح صحبته، وقال المزي في "تهذيب الكمال، في ترجمة رافع بن رفاعة: رافع هذا غير معروف، والمحفوظ في هذا حديث هريرة بن عبد الرحمن بن رافع بن خديج، عن جده رافع بن خديج. قلنا: يعني الحديث الأتي بعده عند المصنف. عكرمة: هو ابن عمار اليمامي. وأخرجه أحمد (18998)، والحاكم 2/ 42، والبيهقي 6/ 126، وابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 191 من طريق هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد. ووقع اسم رافع بن رفاعة عند الحاكم: رفاعة بن رافع. وصححه الحاكم لكن تعقبه الذهبي: طارق فيه لين، ولم يذكر أنه سمع من رفاعة.

41 - باب في حلوان الكاهن

عن جده رافع -هو ابن خديجٍ- قال: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن كَسْبِ الأمةِ حتى يُعْلَمَ مِن أين هو (¬1). 41 - باب في حُلْوان الكاهن 3428 - حدَّثنا قتيبة بن سعيد، عن سفيان، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي مسعود، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه نهى عن ثمن الكلب، ومهر البَغِيِّ، وحُلوان الكاهن (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عُبيد الله بن هُرير -وهو ابنُ عبد الرحمن بن رافع بن خديج- وأبوه هريرة، وإن وثقه ابن معين وذكره ابن حبان في "الثقات"، لم يذكر أحدٌ ممن ترجمه أنه سمع من جده، ولكنهم قالوا: روى عن أبيه عن جده، وعليه يكون الإسناد منقطعاً أيضاً. ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فُديك المدني. وأخرجه الحاكم 2/ 42، والبيهقي 6/ 127، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة عُبيد الله بن هُرير 19/ 171 من طريق محمد بن إسماعيل ابن أبي فديك، بهذا الاسناد. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وقتيبة: هو ابن سعيد البغلاني. وأخرجه البخاري (2237)، ومسلم (1567)، وابن ماجه (2159)، والترمذي (1164) و (1321) و (2201)، والنسائي (4292) و (4666) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (17070)، و"صحيح ابن حبان" (5157). تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ) وهي برواية ابن داسه، وعليه شرح الخطابي. وسيتكرر برقم (3481) مبوباً عليه بقوله: باب في أثمان الكلاب. قال الخطابي: "حلوان الكاهن" هو ما يأخذه المتكهن عن كهانته، وهو محرم وفعله محرم باطل. قال الخطابي: وحلوان العَرَّافِ حرام كذلك، والفرق بين الكاهن والعراف أن الكاهن إنما يتعاطى الخبر عن الكوائن في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار، والعراف: هو الذي يتعاطى معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما من الأمور.

42 - باب في عسب الفحل

42 - باب في عَسْبِ الفحل 3429 - حدَّثنا مُسَدَّدُ بن مُسَرْهَدِ، حدَّثنا إسماعيلُ، عن علي بن الحكم، عن نافع عن ابن عمر، قال: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن عَسْبِ الفحل (¬1). 43 - باب في الصائغ 3430 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، أخبرنا محمد بن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي ماجدة، قال: قطعتُ مِن أذن غلام، أو قَطَعَ مِن أذني، فقدم علينا أبو بكر حاجاً، فاجتمعنا إليه، فرفعَنا إلى عمر بن الخطاب، ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. إسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم، المعروف بابن عُلَيّة. وأخرجه البخاري (2284)، والترمذي (1319)، والنسائي (4671) من طريقين عن علي بن الحكم، به. وهو في "مسند أحمد" (4630)، و"صحيح ابن حبان" (5156). قال الخطابي: "عسب الفحل" الذكر الذي يؤخذ على ضِرابه وهو لا يحل، وفيه غرر لأن الفحل قد يضرب وقد لا يضرب، وقد تلقح الأنثى وقد لا تلقح، فهو أمر مظنون، والغرر فيه موجود. وقد اختلف في ذلك أهل العلم، فروي عن جماعة من الصحابة تحريمه، وهو قول أكثر الفقهاء. وقال مالك: لا بأس به إذا استأجروه ينزونهُ مدة معلومة، وإنما يبطل إذا شرطوا أن ينزوه حتى تعلق الرَّمكة، وشبهه بعض أصحابه بأجرة الرضاع وإبار النخل، وزعم أنه من المصلحة، ولو منعنا منه لانقطع النسل. قال الخطابي: وهذا كله فاسد لمنع السُّنَّة منه، وإنما هو من باب المعروف، فعلى الناس أن لا يتمانعوا منه. فأما أخذ الأجرة عليه فمحرم وفيه قبح وترك مروءة. وقد رخص فيه أيضاً الحسن وابن سيرين، وقال عطاء: لا بأس به إذا لم يجد من يطرقه.

فقال عمر: إن هذا قد بلغ القِصاصَ، ادعوا لي حجاماً ليقتصَ منه، فلما دُعِيَ الحجامُ قال: سمعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إني وهبتُ لخالتي غُلاماً، وأنا أرجو أن يبارَكَ لها فيه، فقلت لها: لا تُسْلِميه حجاماً ولا صائِغاً ولا قَصَّاباً" (¬1). قال أبو داود: روى عبد الأعلى، عن ابن إسحاق، قال: ابنِ ماجدة. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي ماجدة -كذا جاء اسمه في روايتي ابن العبد وابن داسه كما في (هـ) و"تهذيب الكمال" 34/ 244، وجاء في رواية اللؤلؤي: ابن ماجدة، وقيل: علي بن ماجدة-، ونقل الذهبي في "الميزان" أن البخاري ذكره في "الضعفاء" وقد اختُلِفَ في إسناده عن محمد بن إسحاق، فمرة يروى عنه عن العلاء، عن أبي ماجد هذا، ومرة يُروى عنه عن العلاء، عن رجل من بني سهم، عن أبي ماجدة، ومرة يروى عنه عن رجل عن أبي ماجدة، بيّن ذلك الدارقطني في "العلل" 2/ 249 - 250 وقال البخاري في "تاريخه الكبير" 6/ 298: لم يصح إسناده. وأخرجه البخاري تعليقاً في "تاريخه الكبير" 6/ 298، والبيهقي 6/ 127 و 128 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (102) عن محمد بن يزيد، و (103) من طريق إبراهيم بن سعد، والبخاري في "تاريخه" تعليقاً 6/ 298 من طريق محمد بن سلمة الحراني، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن رجل من بني سهم، عن ابن ماجدة. فزادوا في الإسناد رجلاً مبهماً. وسمى البخاري في روايته ابن ماجدة علياً. وأخرج ابن أبي شيبة 9/ 284، والبخاري في "تاريخه" 6/ 298 من طريق حفص ابن غياث، عن حجاج بن أرطاًة، عن القاسم بن أبي بزة -واسم أبي بزة نافع- عن علي بن ماجدة قال: قاتلت غلاماً فجدعت أنفه، فأتي بي إلى أبي بكر فلم يجد فيَّ قصاصاً فجعل على عاقلتي الدية. وانظر تالييه.

44 - باب في العبد يباع وله مال

3431 - حدَّثنا يوسف بن موسى، حدَّثنا سَلَمَةُ بنُ الفضل، حدَّثنا ابنُ إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن الحُرقي، عن ابنِ ماجدة السهمي، عن عمر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، نحوه (¬1). 3432 - حدَّثنا الفضل بن يُعقوب، حدَّثنا عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، حدَّثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن ابن ماجدة السهمي، عن عمر بنِ الخطاب، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، مثله (¬2). 44 - باب في العبد يُباع وله مال 3433 - حدَّثنا أحمد بنُ حنبل، حدَّثنا سفيان، عن الزهري، عن سالم عن أبيه، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "مَنْ بَاعَ عَبْداً وله مال، فمالُه للبائع إلا أن يشترطَ المبتاعُ، ومن باع نخلاً مُؤَبَّراً فالثمرةُ للبائع إلا أن يَشتَرِطَ المبتاعُ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. وأخرجه الطبري في "تاريخه 2/ 329 من طريق سلمة بن الفضل، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف كسابقيه. عبد الأعلى: هو ابنُ عبد الأعلى السامي. (¬3) إسناده صحيح. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (2379)، ومسلم (1543)، وابن ماجه (2211)، والترمذي (1288)، والنسائي في "المجتبى" (4636) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (4552)، و"صحيح ابن حبان" (4922). وأخرجه النسائي في "الكبرى، (4971) من طريق سفيان بن حسين، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - .. فجعله من مسند عمر. قال أبو بكر البزار بعد أن أخرجه (112): أخطأ فيه سفيان بن حسين، والحفاظ يروونه عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وهو الصواب.=

3434 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالك، عن نافع، عن ابنِ عمر عن عمر، بقصة العبد (¬1). 3434/ 1 - وعن نافع عن ابن عمر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بقصة النخل (¬2). ¬

_ = وانظر ما بعده. قال مالك والشافعي وأحمد: الثمرة تبع للنخلة ما لم يؤبر (أي: يلقح)، فإذا أبر لم يدخل في البيع إلا بشرط قولاً بظاهر الحديث، وقال أصحاب الرأي: الثمر للبائع أُبِّر أو لم يُؤبر إلا إذا اشترطها المبتاع كالزرع. (¬1) إسناده صحيح. قال ابن القيم في "تهذيب السنن": اختلف سالم ونافع على ابن عمر في هذا الحديث، فسالم رواه عن أبيه، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مرفوعاً في القصتين: قصة العبد وقصة النخل كما سلف برقم (3433)، ورواه نافع عنه ففرق بين القصتين، كما في هذه الرواية فجعل قصة النخل عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وقصة العبد عن ابن عمر، عن عمر. فكان مسلم والنسائي وجماعة من الحفاظ يحكمون لنافع ويقولون: ميَّز وفرَّق بينهما، ان كان سالم أحفظ منه، وكان البخاري والإمام أحمد وجماعة من الحفاظ يحكمون لسالم، ويقولون: هما جميعاً صحيحان عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وقصة العبد في "مرطا مالك" 2/ 611. وأخرج قصة العبد النسائي في "الكبرى" (4966) من طريق الليث بن سعد و (4967) من طريق عبيد الله بن عمر، و (4968) من طريق أيوب السختياني، ثلاثتهم عن نافع، به. وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. وانظر ما قبله. وهو في "موطأ مالك" 2/ 617. وأخرجه البخاري (2204) و (2716)، ومسلم (1543)، وابن ماجه (2210) من طريق مالك، والبخاري (2206) و (2379)، ومسلم (1543) وابن ماجه (2210/ م)، والنسائي (4635) من طريق الليث بن سعد، ومسلم (1543) من طريق عُبيد الله بن عمر، ثلاثتهم عن نافع، به.=

قال أبو داود: واختلف الزهري ونافع في أربعة أحاديث هذا أحدُها (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (4502) و (5306)، و"صحيح ابن حبان" (4924). وأخرج القصتين جميعاً مرفوعتين عن ابن عمر كرواية سالم في الحديث السابق: ابنُ ماجه (2212)، والنسائي في "الكبرى" (4963) من طريق شعبة، عن عبد ربه بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر. وأخرجهما كذلك النسائي (4970) من طريق محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر رفعه. فجعله من مسند عمر مرفوعاً. وقال النسائي كما في "التحفة" (10558): هذا خطأ، والصواب حديث ليث بن سعد وعُبيد الله وأيوب. وأخرج قصة العبد وحدها كذلك مرفوعة كرواية سالم النسائي (4964) من طريق سليمان بن موسى الأشدق، عن نافع، به. وكذلك رواه يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع عند البيهقي 5/ 325. وستأتي قصة العبد مرفوعة عند المصنف (3962) من طريق بكير بن الأشج عن نافع، عن ابن عمر. وانظر ما قبله. (¬1) قول أبي داود: واختلف الزهري ونافع في أربعة أحاديث، هذا أحدها. أثبتناه من (أ) وهامش (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها في رواية ابن العبد، وأشار في هامش (هـ) إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي وابن الأعرابي. قلنا: والثاني هو: "فيما سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر، وما سُقي بالنضج نصف العشر" أخرجه البخاري (1483)، وقد سلف عند المصنف برقم (1596)، والثالث: "ستخرج نار من حضرموت، أو من بحر حضرموت قبل يوم القيامة، تحشر الناسَ" قالوا: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فما تأمرنا، قال: "عليكم بالشام". أخرجه الترمذي (2364)، والرابع: "إنما الناس كالإبل المئة، لا تكاد تجد فيها راحلة". أخرجه البخاري (6498)، ومسلم (2547). وانظر لزاماً كلام الحافظ ابن رجب في "شرح العلل" 2/ 472 - 473.

45 - باب في التلقي

3435 - حدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيان، حدَّثني سلمةُ بن كُهيل حدَّثني مَنْ سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من باع عبدا وله مال، فمالُه للبائع، إلا أن يشترط المبتاعُ" (¬1). 45 - باب في التلقي 3436 - حدَّثنا عبد الله بن مسلمة القعنبيُّ، عن مالك، عن نافع عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يَبعْ بَغضُكُم على بَيعِ بعض، ولا تَلَقَّوا السِّلَعَ حتى يُهبَطَ بها الأسواقَ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحح، وهذا إسناد ضعيف لابهام الراوي عن جابر، ولكنه متابع. سفيان: هو الثوري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهد. وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 112 و 14/ 226، وأحمد (14214)، وأبو يعلى (2139)، والبيهقي 5/ 326 من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (14325)، والنسائي في "الكبرى" (4964)، وابن حبان (4924) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن جابر. وأخرجه أبو حنيفة (338)، وعنه أبو يوسف في "الآثار" (829)، والبيهقي 5/ 326 عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً بلفظ: "من باع نخلاً مؤبراً أو عبداً له مال، فالثمرة والمال للبائع، إلا أن يثشرط المشتري". (¬2) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" برواية أبي مصعب الزهري (2701). وهو كذلك في "الموطأ" برواية يحيى بن يحيى الليثي 2/ 683 دون ذكر تلقي السلع. وفي "الموطأ" برواية محمد بن الحسن الشيباني (772) و (784) مفرَّقاً بين المساومة وتلقي السلع. وأخرجه البخاري (2165) عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، به. تاماً. وأخرج الشطر الأول منه وهو المساومة البخاري (2139) عن إسماعيل بن أبي أويس، ومسلم بإثر (1514) عن يحيى بن يحيى النيسابوري، وابن ماجه (2171) عن سويد بن سعيد، ثلاثتهم عن مالك، به.=

3437 - حدَّثنا الربيعُ بنُ نافع أبو تَوبةَ، حدَّثنا عُبيد الله -يعني ابن عمرو الرقي- عن أيوبَ، عن ابنِ سيرين عن أبي هريرة: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن تَلَقِّي الجَلَبِ، فإن تَلَقَّاهُ مُتلَقٍّ فاشتراه، فصاحبُ السلعةِ بالخيار، إذا وردت السوقَ (¬1). ¬

_ = وأخرج الشطر الأول أيضاً البخاري (5142)، ومسلم (1412)، وبإثر (1514)، والترمذي (1338)، والنسائي (3243) من طرق عن نافع، به. وأخرج الشطر الثاني منه، وهو تلقي السلع، مسلم (1517) وابن ماجه (2179)، والنسائي (4498) و (4499) من طريق عُبيد الله بن عمر، ومسلم (1517) من طريق مالك بن أنس، كلاهما عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4531)، و"صحيح ابن حبان" (4959) و (4965). قال الخطابي: قوله: "لا يبع بعضكم على بيع بعض" هو أن يكون المتبايعان قد تواجبا الصفقة، وهما في المجلس لم يتفرقا وخيارهما باق، فيجيء الرجل فيعرض عليه مثل سلعته أو أجود منها بمثل الثمن أو أرخص منه، فيندم المشتري فيفسخ البيع، فيلحق البائع منه الضرر، فأما ما دام التبايعان يتساومان ويتراودان البيع ولم يتواجباه بعدُ، فإنه لا يضيق ذلك، وقد باع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - الحِلْس والقدح فيمن يزيد. (¬1) إسناده صحيح. ابن سيرين: هو محمد، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السخياني. وأخرجه الترمذي (1264) من طريق عُبيد الله بن عمرو الرقي، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1519)، وابن ماجه (2178)، والنسائي (4501) من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، به. وأخرجه البخاري (2727)، ومسلم (1515)، والنسائي (4491) من طريق أبي حازم سلمان الأشجعي، والبخاري (2162) من طريق سعيد المقبري، كلاهما عن أبي هريرة وهو في "مسند أحمد" (7825) و (10324)، و"صحيح ابن حبان" (4961). وسيأتي ضمن الحديث (3443). قال الخطابي: كره التلقي جماعة من العلماء، منهم مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق ولا أعلم أحداً منهم أفسد البيع غير أن الشافعي أثبت الخيار قولاً =

46 - باب في النهي، عن النجش

قال أبو علي اللؤلؤي: سمعت أبا داود يقول: قال سفيانُ: لا يبع بعضُكم على بَيع بعض: أن يقول: عندي خيراً منه بعشرة. 46 - باب في النهي، عن النَّجْشِ 3438 - حدَّثنا أحمدُ بن عمرو بنِ السرح، حدَّثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بنِ المُسَيِّب عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تَنَاجَشُوا" (¬1). ¬

_ = بظاهر الحديث؟ وقال الحنفية: يكره التلقي في حالتين: أن يضر بأهل البلد، وأن يلتبس السعر على الواردين. وقال صاحب "المغني" 6/ 312: فإن تُلُقوا واشتري منهم، فهم بالخيار إذا دخلوا السوق، وعرفوا أنهم قد غبنوا إن أحبوا أن يفسخوا البيع فسخوا. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (2140)، ومسلم (1413)، وابن ماجه (2174)، والترمذي (1352)، والنسائي (3239) و (4502). و (4506) و (4507) من طرق عن الزهرى، وأخرجه البخاري (2150) و (6066)، ومسلم (1515)، والنسائي (4496) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والبخاري (2727)، ومسلم (1515)، والنسائي (4491) من طريق أبي حازم سلمان الأشجعي، ومسلم (2563) من طريق أبي صالح السمان، و (2564) من طريق أبي سعيد مولى عامر بن كريز، والنسائي (4506) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، خمستهم عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7248). قال الخطابي: "النجش" أن يرى الرجلُ السلعة تباعُ، فيزيد في ثمنها وهو لا يُريد شراءها، وإنما يُريد بذلك ترغيبَ السُّوَّام فيها ليزيدوا في الثمن، وفيه تغرير للراغب فيها، وترك لنصيحته التي هي مأمور بها. ولم يختلفوا أن البيع لا يفسدُ عقدُه بالنَّجشِ، ولكن ذهبَ بعضُ أهل العلم إلى أن الناجِش إذا فعل ذلك بإذن البائع، فللمشتري فيه الخيار.

47 - باب النهي أن يبيع حاضر لباد

47 - باب النهي أن يبيعَ حاضرٌ لِبادٍ 3439 - حدَّثنا محمد بن عُبَيدٍ، حدَّثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه عن ابن عباس، قال: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضرٌ لبادٍ، فقلت: ما يبيعُ حاضرٌ لبادٍ؟ قال: لا يكونُ له سِمسارا" (¬1). 3440 - حدَّثنا زهيرُ بن حَربٍ، أن محمد بن الزِّبْرقَانِ أبا همام حدَّثهم -قال زهير: وكان ثقة- عن يونس، عن الحسن ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابنُ طاووس: هو عبدُ الله بن طاووس بن كيسان اليماني. ومعمر: هو ابن راشد، ومحمد بن عبيد: هو ابن حِساب. وأخرجه البخاري (2158)، ومسلم (1521)، وابن ماجه (2177)، والنسائي (4500) من طريق معمر بن راشد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3482). والسمسار: هو في الأصل القيم بالأمر والحافظ له، ثم استعمل في متولي البيع والشراء لغيْرِهِ. قال النووي في "شرح مسلم" 10/ 141 هذه الأحاديث (أي التي أوردها مسلم في تحريم بيع الحاضر للبادي وهي حديث ابن عباس وحديث جابر، وحديث أنس) تتضمن تحريم بيع الحاضر للبادي وبه قال الشافعي والأكثرون، قال أصحابنا: والمراد به أن يقدم غريب من البادية أو من بلد آخر بمتاع تعم الحاجة إليه ليبيعه بسعر يومه، فيقول البلدي: اتركه عندي لأبيعه على التدريج بأعلى. قال أصحابنا: وإنما يحرم بهذه الشروط وبشرط أن يكون عالماً بالنهي، فلو لم يعلم النهي أو كان المتاع مما لا يحتاج في البلد ولا يؤثر فيه لقلة ذلك المجلوب لم يحرم ولو خالف، وباع الحاضر للبادي، صح البيع مع التحريم هذا مذهبنا، وبه قال جماعة من المالكية وغيرهم، وقال بعض المالكية: يفسخ البيع ما لم يفت، وقال عطاء ومجاهد وأبو حنيفة: يجوز بيع الحاضر للبادي مطلقاً لحديث الدين النصيحة وحديث النهي عن بيع الحاضر للبادي منسوخ. وذهب بعضهم إلى أن النهي عنه بمعنى الإرشاد دون الايجاب.

عن أنس بن مالك، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يَبِيعُ حاضرٌ لبادِ، وإن كان أخاه أو أباه" (¬1). قال أبو داود: سمعتُ حفصَ بن عمر يقول: حدَّثنا أبو هلالِ، حدَّثنا محمد، عن أنس بن مالك، قال: كان يقال: لا يبيعُ حاضرٌ لباد، وهي كلمةٌ جامعةٌ لا يَبيعُ له شيئاً، ولا يَبتاعُ له شيئاً 3441 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّاد، عن محمد بن اسحاقَ، عن سالمٍ المكيِّ، أن أعرابياً، حدَّثه، أنه قدم بِجَلُوبةٍ له على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فنزل على طلحة بنِ عُبيد الله، فقال: إن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نهى أن يبيعَ حاضرٌ لبادِ، ولكنِ اذْهَبْ إلى السوقِ، فانظر من يُبايعُك، فشاوِرْني حتى أمُرَك أو أنهاك (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات والحسن -وهو البصري- وإن لم يصرح بسماعه من أنس، متابع. يونس: هو ابن عُبيد. وأخرجه النسائي (4492) من طريق محمد بن الزِّبرقان، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2161)، ومسلم (1523)، والنسائي (4493) و (4494) من طريق محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك، بلفظ: نُهينا أن يبيع حاضر لباد. وقوله في الحديث: "لا يبيعُ" نفيٌ بمعنى النهي. (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد أخطأ فيه حماد -وهو ابن سلمة- حيث نسب سالماً شيخَ ابن إسحاق مكياً، وإنما هو سالم بن أبي أمية أبو النضر المدني الثقة، جاء على الصواب في رواية إبراهيم بن سعد ويزيد بن زريع عن ابن إسحاق، وفي روايتهما صرح ابن إسحاق بسماعه من سالم أبي النضر، وبينا فيها أيضاً أن هذا الأعرابي قدم على النبي - صلَّى الله عليه وسلم - هو وأبوه، وأنه كتب لهما كتاباً: أن لا يُتعدَّى عليهم في صدقاتهم، فيكون الإسناد من طريقهما حسن. وأخرجه البزار في "مسنده" (957)، وأبو يعلى (643) من طريقين عن حماد بن سلمة، به. =

48 - باب من اشترى مصراة فكرهها

3442 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفَيليُّ، حدَّثنا زُهير، حدَّثنا أبو الزبير عن جابر، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادِ، وَذَرُوا النَّاسَ يَرْزُقِ اللهُ بَعْضَهُمْ مِن بَعضٍ" (¬1). 48 - باب من اشترى مُصَرَّاةً فكرهها 3443 - حدَّثنا القعنبيُّ عبدُ الله بن مسلمة، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج ¬

_ = وأخرجه البزار (956) من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سالم المكي، عن أبيه قال: قدمت المدينة بجلوبة ... الحديث. قال البزار: لا نعلم أحداً قال: عن سالم، عن أبيه عن طلحة غير مؤمل عن حماد، وغير مؤمل يرويه عن رجل. قلنا: مؤمل بن إسماعيل سيئ الحفظ. وأخرجه أحمد (1404) من طريق إبراهيم بن سعد، وأبو يعلى (644)، والشاشي في "مسنده" (21) من طريق يزيد بن زريع، كلاهما عن محمد بن إسحاق، حدَّثنا سالم بن أبي أمية أبو النضر، قال: جلس إليَّ شيخ من بني تميم في مسجد البصرة ... فذكر الحديث بطوله. وفيه بيان واضح أن هذا الشيخ التميمي وأباه صحابيان، وهذا إسناد حسن. وقوله: بجَلُوبة، يعني: ما يُجلَبُ من الإبل، قال صاحب "النهاية": والذي قرأناه في "سنن أبي داود": بجَلُوبة، وهي الناقة التي تُجلَبُ. (¬1) إسناده صحيح. وقد صرح أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- بسماعه من جابر عند أحمد والنسائي، فانتفت شبهة تدليسه. زهير: هو ابن معاوية الجعفي. وأخرجه مسلم (1522)، وابن ماجه (2176)، والترمذي (1266)، والنسائي (4495) من طريقين عن أبي الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (14291)، و "صحيح ابن حبان" (4960) و (4963) و (4964).

عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ لِلبَيعِ، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ على بَيع بَعض، ولا تَصُرُّوا الإبِلَ والغنمَ، فمن ابتاعها بعد ذلك، فهو بخيرِ النَّظَرَينِ بعد أن يَحْلُبَها: فإن رضيها أمسكها، وإن سَخِطَها رَدَّها وصاعاً مِن تمر" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرمز، وأبو الزناد: هو عبد الله ابن ذكوان. وأخرجه البخاري (2148) و (2150)، ومسلم (1515)، والنسائي (4487) و (4496) من طريق أبي الزناد عبد الله بن ذكوان، به. ولم يذكر النسائي في المرضع الثاني المصراة. وهو في "مسند أحمد" (7305)، و"صحيح ابن حبان" (4970). وأخرج قصة المصراة وحدها مسلم (1524)، والنسائي (4488) من طريق موسى بن يسار، ومسلم (1524) من طريق أبي صالح السمان، و (1524) من طريق همام بن منبه، والترمذي (1295) من طريق محمد بن زياد، أربعتهم عن أبي هريرة. وجاء في رواية أبي صالح السمان زيادة: فهو بالخيار ثلاثة أيام. وهذه الزيادة في رواية محمد بن سيرين أيضاً، وستأتي بعده. وانظر ما سيأتي برقم (3445). وقد سلف ذكر بيع الركبان عند المصنف برقم (3437). قال الخطابي: اختلف أهل العلم واللغة في تفسير المصراة، ومن أين اشتقت، فقال الشافعي: التصرية: أن تربط أخلاف الناقة والشاة، وتترك من الحلب اليومين والثلاثة حتى يجتمع لها لبن، فيراه مشتريها كثيراً، ويزيد في ثمنها لما يرى من كثرة لبنها، فإذا حلبها بعد تلك الحلبة حلبة أو اثنتين عرف أن ذلك ليس بلبنها، وهذا غرور للمشتري. وقال أبو عبيد: المصراة الناقة أو البقرة أو الشاة التي قد صرِّي اللبن في ضرعها يعني حُقن فيه، وجُمع أياماً، فلم يُحلَب، وأصل التصرية حبس الماء وجمعه، يقال منه: صريت الماءَ، ويقال: إنما سميت المصَّراةَ، لأنها مياه اجتمعت. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ثم قال الخطابي: وقد اختلف الناس في حكم المصراة: فذهب جماعة من الفقهاء إلى أنه يردها ويرد معها صاعاً من تمر، قولاً بظاهر الحديث، وهو قول مالك والشافعي والليث بن سعد وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي عبيد وأبي ثور. وقال ابن أبي ليلى وأبو يوسف: يرد قيمة اللبن. وقال أبو حنيفة: إذا حلب الشاة فليس له أن يردها، ولكن يرجع على البائع بأرشها ويمسكها. واحتج من ذهب إلى هذا القول بأنه خبر مخالف للاصول، لأن فيه تقويم المتلف بغير النقود، وفيه إبطال رد المثل فيما له مثل، وفيه تقويم القليل والكثير من اللبن بقيمة واحدة، وبمقدار واحد. واحتجوا بقوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "الخراج بالضمان". قال الشيخ [يعني الخطابي]: والأصل أن الحديث إذا ثبت عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وجب القول به، وصار أصلاً في نفسه، وعلينا قبولُ الشريعة المبهمة، كما علينا قبول الشريعة المفسرة، والأصول إنما صارت أصولاً لمجيء الشريعة بها. وخبر المصراة قد جاء به الشرع من طرق جياد أشهرها هذا الطريق، فالقول به واجب، وليس تركه لسائر الأصول بأولى من تركها له. على أن تقويم المتلف بغير النقد موجود في بعض الأصول. منها: الدية في النفس: مئة من الإبل، ومنها: الغرة في الجنين. وقد جاء أيضاً تقويم القليل والكثير بالقيمة الواحدة، كأرش الموضحة، فإنها ربما أخذت أكثر من مساحة الرأس، فيكون فيها خمسٌ من الإبل، وربما كانت قدر الأنملة فيجب الخمس من الإبل سواء، وكذلك الدية في الأصابع سواء، على اختلاف مقادير جمالها ومنفعتها. وجاءت السنة بالتسوية بين دية اللسان والعينين واليدين والرجلين. ثم قال: وأما خبر "الخراج بالضمان" فمخرجه مخرج العموم، وخبر المصراة إنما جاء خاصاً في حكم بعينه، والخاص يقضي على العام. =

3444 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن أيوبَ وهشام وحبيبٍ، عن محمد بنِ سيرين عن أبي هريرة، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من اشترى شَاةً مُصَرَّاةَ، فهو بالخِيار ثلاثة أيام، إن شاء ردَّها وصاعاً من طعامٍ لا سمراءَ" (¬1). 3445 - حدَّثنا عبد الله بن مَخلَدٍ التميمي، حدَّثنا المكيُّ -يعني ابن إبراهيم- حدَّثنا ابنُ جريج، حدثني زياد بن سعْد الخُراساني، أن ثابتاً مولى عبد الرحمن بن زيدِ أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من اشترى غَنَماً مُصَرَّاةً احْتَلَبَها: فإن رضيها أمسكها، وإن سخطها ففي حَلْبتِهاْ صاعٌ من تمر" (¬2). ¬

_ = قال: وقد اختلف الناس في مدة الخيار المشروط في البيع: فقال أبو حنيفة: لا يجوز أكثر من ثلاث، وهو قول الشافعي. وقال ابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد: قليله وكثيره جائز. وقال مالك: هو على قدر الحاجة إليه. فخيار الثوب يوم ويومان، وفي الحيوان أسبوع ونحوه. وفي الدور: شهر وشهران. وفي الضيعة. سنة ونحوها. قلنا: قال ابن الأثير في "النهاية" تعليقاً على قوله: "لا تصروا" إذا كان من الصَّرَّ فهو بفتح التاء وضم الصاد، وان كان من الصَّرْي فيكون بضم التاء وفتح الصاد. وإنما نهى عنه لأنه خداع وغش. (¬1) إسناده صحيح. حبيب: هو المُعلم، هشام: هو ابن حسان القردوسي. وأخرجه مسلم (1524)، وابن ماجه (2239)، والترمذي (1296)، والنسائي (4489) من طرق عن محمد بن سيرين، به. وهو في "مسند أحمد" (7380). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد: هو ابن عياض الأحنف الأعرج. =

49 - باب النهي عن الحكرة

3446 - حدَّثنا أبو كامل، حدَّثنا عبدُ الواحد، حدَّثنا صدقةُ بنُ سعيد، عن جُميع بن عُمَير التَّيمي، قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من ابتاع مُحَفَّلَةً، فهو بالخيار ثلاثة أيام، فإن رَدَّها رَدَّ معها مثْل -أوْ مِثْلَيْ- لبَنِها قَمْحاً" (¬1). 49 - باب النهي عن الحُكْرَةِ 3447 - حدَّثنا وهبُ بن بقية، أخبرنا خالد، عن عمرو بن يحيى، عن محمد بنِ عمرو بنِ عطاء، عن سعيد بن المسيِّب عن مَعمَر بن أبي معمر أحَدِ بني عدي بن كعب، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَحْتكِرُ إلا خَاطِىءٌ". فقلت لسعيد بن المسيِّب:. فإنك تحتكِرُ؟! قال: ومعَمرٌ كان يحتكرُ (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (2151) عن محمد بن عمرو السوَّاق البلخي، عن مكي بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه. (¬1) إسناده ضعيف لضعف جُميع بن عمير التَّيمي. وقد قال الخطابي في "معالم السنن": يشير إسناده بذاك، ووافقه الحافظ المنذرى، عبد الواحد: هو ابن زياد. وأخرجه ابن ماجه (2240) من طريق عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد. قوله: مُحفَّلة: الشاة أو البقرة أو الناقة، لا يحلُبُها صاحبُها أياما حتى يجتمع لبنُها في ضرعها، فإذا احتلبَها المُشتري حسِبَها غزيرة، فزاد في ثمنها، ثم يظهر له بعد ذلك نقصُ لبنِها عن أيام تحفيلِها، سُميتْ محفَّلة، لأن اللبنَ حُفِّل في ضرْعها، أي: جمع. قاله في "النهاية". (¬2) إسناده صحيح. عمرو بن يحيى: هو ابن عمارة المازني، وخالد؟ هو ابن عبد الله الواسطي الطحان.=

قال أبو داود: كان سعيد بن المسيِّب يحتكر النَّوَى والخَبَطَ والبزر (¬1). قال أبو داود: سمعت أحمد بن يونس قال: سألت سفيان عن كَبْس القَتّ (¬2)، فقال: كانوا يكرهون الحُكرة، وسألت أبا بكر بنَ عياش، فقال: اكبسه. 3448 - حدَّثنا محمد بن يحيى بن فياض، حدَّثنا أبي. وحدَّثنا ابن المثنى، حدَّثنا يحيى بن الفياض، حدَّثنا همام، عن قتادة، قال: ليَ في التمر حُكرةٌ (¬3). قال ابن المثنى: قال (¬4): عن الحسن، فقلنا له: لا تقل عن الحسن. ¬

_ = وأخرجه مسلم (1605)، وابن ماجه (2154)، والترمذي (1313) من طرق عن سعيد بن المسيب، به. وهو في "مسند أحمد" (15758)، و"صحيح ابن حبان" (4936). والخاطئ: الآثم المذنب، يقال: خَطِئ يَخطَاُ، فهو خاطئ: إذا أذنب، وأخطأ يُخطئ فهو مخطئ: إذا فعل ضد الصواب قال في "شرح السنة" 8/ 179: وكره مالك والثوري الاحتكار في جميع الأشياء، قال مالك: يمتنع من احتكار الكتان والصوف والزيت وكل شيء أضر بالسوق. وذهب قوم إلى أن الاحتكار في الطعام خاصة، لأنه قوت الناس، وأما في غيره، فلا بأس به، وهو قول ابن المبارك وأحمد. وانظر "المغني" 6/ 315 - 317 لابن قدامة. (¬1) المثبت من (ب) و (ج): والبزر، وكذا هو في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي. وجاء في (أ): والبُرّ وصحح عليها، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن داسه: والزيت: كذا أشار مع أن نسخة (هـ) التي عندنا بروايته وليس فيها مقالة أبي في داود هذه أصلاً، وإنما ذكرت في الهامش دون ذكر الزيت، وأشار هناك إلى أنها من رواية ابن الأعرابي. (¬2) القت: الفِصفصة، وهي الرطبة من علف الدواب. (¬3) أثر مقطوع إسناده ضعيف، يحيى بن الفياض لين الحديث. (¬4) الضمير في "قال" يعود إلى: يحيى بن فياض، والضمير في: "فقلنا" يعود إلى محمد بن المثنى.

50 - باب كسر الدراهم

قال أبو داود: هذا الحديث عندنا باطل. قال أبو داود: قلتُ لأحمد: ما الحُكْرة؟ قال: ما فيه عيش الناسِ والبهائم. قال الأوزاعي: المحتكر مَنْ يعترض السوق. 50 - باب كسر الدراهم 3449 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد بن حنبل، حدَّثنا معتمِرٌ، سمعتُ محمد بنَ فضاء يُحدث، عن أبيه، عن علقمة بن عبد الله عن أبيه، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن تُكْسَرَ سِكَّةُ المسلمين الجائزة بينهم إلا مِن بأس (¬1). قال أبو داود: وكانت الدراهم إذ ذاك إذا كُسِرت لم تَجُز (¬2). 51 - باب في التسعير 3450 - حدَّثنا محمدُ بنُ عثمان الدمشقيُّ، أن سليمانَ بنَ بلال حدَّثهم، حدَّثني العلاءُ بن عبد الرحمن، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف محمد بن فضاء، وجهالة أبيه فضاء بن خالد الجهضمي. معتمر: هو ابن سليمان. وأخرجه ابن ماجه (2263) من طريق معتمر بن سليمان، به. وهو في "مسند أحمد" (15457). قال الخطابي: أصل السكة: الحديدة التي يطبع عليها الدراهم، والنهي إنما وقع عن كسر الدراهم المضروبة على السكة. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن العبد وليست عند اللؤلؤي.

عن أبي هريرة: أن رجلاً جاء فقال: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، سَعِّرْ، فقال: "بل أدعو" ثم جاءه رجلٌ، فقال: يا رسولَ الله، سَعِّرْ، فقال: "بل الله يخفِضُ ويرفع، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مَظْلِمَةٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الرحمن: هو ابن يعقوب مولى الحُرَقة، ومحمد بن عثمان الدمشقي: هو التَّنُوخي أبو الجُماهِر. وأخرجه أحمد (8448)، وأبو يعلى (6521)، والطبراني في الأوسط، (427)، والبيهقي 6/ 29 من طريق العلاء بن عبد الرحمن، به. قال ابن عبد البر في "الاستذكار" (29320): وقال الليث بن سعد، وهو قول ربيعة ويحيى بن سعيد: لا بأس بالتسعير على البائعين للطعام إذا خيف منهم أن يُفسدوا أسواق المسلمين، ويُغلوا أصعارهم، وحقٌ على الوالي أن ينظر للمسلمن فيما يُصلحهم، ويعُمُّهم نفعه. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 28/ 76 - 77: من هنا يتبين أن السعر منه ما هو ظلم لا يجوز، ومنه ما هو عدل جائز، فإذا تضمن ظلمَ الناس وإكراهَهم بغير حق على البيع بثمن لا يرضونه، أو منعَهم مما أباحه الله لهم فهو حرام، وإذا تضمن العدل بين الناس مثل إكراههم على ما يجب عليهم من المعاوضة بثمن المثل، ومنعهم مما يحرم عليهم من أخذ زيادة على عوض المثل فهو جائز، بل واجب. فأما الأول: فمثل ما روى أنس ... [فذكر حديث أنس الآتي عند المصنف بعد هذا الحديث] فإذا كان الناس يبيعون سلعهم على الوجه المعروف من غير ظلم منهم وقد ارتفع السعر إما لقلة الشيء، وإما لكثرة الخلق فهذا إلى الله، فإلزام الخلق أن يبيعوا بقيمة بعينها إكراه بغير حقٍّ. وأما الثاني: فمثل أن يمتنع أرباب السلع من بيعها مع ضرورة الناس إليها إلا بزيادة على القيمة المعروفة، فهنا يجب عليهم بيعها بقيمة المثل، ولا معنى للتسعير إلا إلزامهم بقيمة المثل، فيجب أن يلتزموا بما ألزمهم الله به. وأبلغ من هذا أن يكون الناس قد التزموا أن لا يبيع الطعام أو غيره إلا أناس معروفون، لا تباع تلك السلع إلا لهم، ثم يبيعونها هم، فلو باع غيرهم ذلك منع، إما =

3451 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا عفانُ، حدَّثنا حمادُ بن سلمةَ، أخبرنا ثابتٌ، عن أنس بن مالك وقتادة وحميد عن أنس: قال الناس: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - غَلا السعْرُ فَسَعِّرْ لنا، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: إن الله هُوَ المُسَعِّرُ، القابِضُ الباسِطُ الرازق، وإني لأرجو أن ألقى اللهَ عزّ وجلّ وليس أحد منكم يُطالبُني بمظلِمَةِ في دمٍ ولا مالٍ" (¬1). ¬

_ = ظلماً لوظيفة تؤخذ من البائع أو غير ظلم، لما في ذلك من الفساد. فهاهنا يجب التسعير عليهم بحيث لا ييعون إلا بقيمة المثل، ولا يشترون أموال الناس إلا بقيمة المثل بلا تردد في ذلك عند أحد من العلماء، لأنه إذا كان قد مُنع غيرُهم أن يبيع ذلك النوع أو يشتريه: فلو سوّغ لهم أن يبيعوا بما اختاروا أو اشتروا بما اختاروا كان ذلك ظلماً للخلق من وجهين: ظلماً للبائعين الذين يريدون بيع تلك الأموال، وظلماً للمشترين منهم، والواجب إذا لم يمكن دفع جميع الظلم أن يدفع الممكن منه، فالتسعير في مثل هذا واجب بلا نزاع، وحقيقته: إلزامهم أن لا يبيعوا أو لا يشتروا إلا بثمن المثل. وقال ابن العربي: الحق جواز التسعير، وضبط الأمر على قانون ليس فيه مَظلَمَةٌ لأحدٍ من الطائفتين، وما قاله المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حق، وما فعله حُكمٌ، لكن على قومٍ صحت نياتهم وديانتهم، أما قوم قصدوا أكل مال الناس، والتضييق عليهم، فباب الله أوسع، وحكمه أمضى. (¬1) إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وقتادة: هو ابن دعامة السَّدوسي، وثابت: هو ابن أسلم الطويل، وعفان: هو ابن مسلم. وأخرجه ابن ماجه (2200)، والترمذي (1361) من طريق حماد بن سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (12591). والقابض: هو الذي يُمسك الرزق وغيره من الأشياء عن العباد بلطفه وحكمته ويقبض الأرواح عند الممات. والباسط: هو الذي يبسط الرزق لعباده ويوسعه عليهم بجوده ورحمته، ويبسط الأرواح في الأجساد عند الحياة. قاله ابن الأثير في "النهاية".

52 - باب في النهي عن الغش

52 - باب في النهي عن الغِشّ 3452 - حدَّثنا أحمد بن محمد بن حنبلِ، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينةَ، عن العلاء، عن أبيه عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - مرَّ برجل يبيعُ طعاماً، فسأله "كيف تبيعُ؟ " فأخبره، فأُوحيَ إليه: أَدخِل يدَك فيه، فأدخَلَ يدَه فيه، فإذا هو مبلُولٌ، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ليس منَّا مَن غَشَّ" (¬1). 3453 - حدَّثنا الحسنُ بنُ الصبَّاح، عن علي، عن يحيى، قال: كان سفيانُ يكره هذا التفسيرَ ليس منا: ليس مثلَنا (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. العلاء: هو ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقي مولاهم. وأخرجه مسلم (102)، وابن ماجه (2224)، والترمذي (1362) من طريق العلاه بن عبد الرحمن، به. وهو في "مسند أحمد" (7292)، و"صحيح ابن حبان" (4905). وأخرج مسلم (101) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه: "من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا". وهو في "مسند أحمد" (9396). قال الخطابي: قوله: "ليس منا من غش" معناه: ليس على سيرتنا ومذهبا، يريد أن من غش أخاه، وترك مناصحته، فإنه قد ترك اتباعي والتمسك بسنتي. وقد ذهب بعضهم إلى أنه أراد بذلك نفيه عن دين الإسلام، وليس هذا التأويل بصحيح، وإنما وجهه ما ذكرت لك، وهذا كما يقول الرجل لصاحبه: أنا منك وإليك، يريد بذلك المتابعة والموافقة، ويشهد بذلك قوله تعالى: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم:36] (¬2) رجاله ثقات. سفيان: هو ابن عيينة، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وعلي: هو ابن المديني. قال النووي عند شرح الحديث (98): وكان سفيان بن عيينة رحمه الله يكره قول من يفسره بليس على هدينا، ويقول: بئس هذا القول، يعني بل يمسك عن تأويله ليكون أوقع في النفوس، وأبلغ في الزَّجْر، والله أعلم.

53 - باب خيار المتبايعين

53 - باب خِيار المتبايعين 3454 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ، عن مالك، عن نافعِ عن عبد الله بِن عمر، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "المتبايعانِ كُلُّ واحدٍ منهما بالخِيارِ على صاحبه ما لم يتَفرَّقا، إلا بيعَ الخِيار" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 671. وأخرجه البخاري (2107)، ومسلم (1531)، وابن ماجه (2181)، والترمذي (1289)، والنسائي (4465 - 4468) و (4471 - 4474) من طرق عن نافع، به. وأخرجه بنحوه البخاري (2113)، ومسلم (1531)، والنسائي (4475) و (4476) و (4478 - 4480) من طريق عبد الله بن دينار، والنسائي (4477) من طريق عمرو بن دينار، كلاهما عن عبد الله بن عمر. وهو في "مسند أحمد" (393)، و"صحيح ابن حبان" (4915) و (4916). وانظر ما بعده. قال الخطابي: اختلف الناس في التفرق الذي يصح بوجوده البيع: فقالت طائفة: هو التفرق بالأبدان، وإليه ذهب عبد الله بن عمر بن الخطاب وأبو برزة الأسلمي، رضي الله عنهم، وبه قال شريح وسعيد بن المسيب والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح والزهري وهو قول الأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور. وقال النخعي وأصحاب الرأي: إذا تعاقدا صح البيع، وإليه ذهب مالك. قال الشيخ [يعني الخطابي]: وظاهر الحديث يشهد لمن ذهب إلى أن التفرق هو تفرق البدن، وعلى هذا فسّره ابن عمر وهو راوي الخبر، وكان إذا بايع رجلاً فأراد أن يستحق الصفقة مش خطوات حتى يفارقه، وكذلك تأوله أبو برزة في شأن الفرس الذي باعه الرجل من صاحبه، وهما في المنزل، وقد ذكر القصة في هذا الباب أبو داود [برقم (3457)]. =

3455 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن أيوبَ، عن نافعٍ عن ابنِ عمر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه، قال: "أو يقول أحدهما لصاحبه: اخْتَرْ" (¬1). 3456 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا الليثُ، عن ابنِ عجلانَ، عن عَمرو ابنِ شعيب، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "المُتَبايعانِ بالخِيار ما لَمْ يَفترِقَا، إلا أن تكون صَفقةَ خِيارٍ، ولا يحل له أن يفارِقَ صاحبَه خَشْيةَ أن يستقِيلَه" (¬2). ¬

_ = قال الشيخ [يعني الخطابي]: وعلى هذا وجدنا أمر الناس في عرف اللغة وظاهر الكلام إذا قيل: تفرق الناس كان المفهوم منه التمييز بالأبدان، وإنما يعقل ما عداه من التفرق في الرأي والكلام بقيد وصلة. وحكى أبو عمر الزاهد: أن أبا موسى النحوي سأل أبا العباس أحمد بن يحيى: هل بين يتفرقان ويفترقان فرق؟ قال: نعم. أخبرنا ابن الأعرابي عن المفضل (هو ابن سلمة) قال: يفترقان بالكلام ويتفرقان بالأبدان. قلنا: قال الحافظ في "الفتح" 4/ 327: الحق حمل كلام المفضل على الاستعمال في الحقيقة، وإنما استُعمل أحدُهما في موضع الآخر اتساعاً. (¬1) إسناده صحيح كسابقه. أيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختِياني، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه البخاري (2109)، ومسلم (1531)، والنسائي (4469) و (4470) من طريق أيوب، به. وهو في "مسند أحمد" (4484). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده حَسَنٌ. ابن عجلان: هو محمد، والليث: هو ابن سعد. وأخرجه الترمذي (1291)، والنسائي (4483) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.=

3457 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمادٌ، عن جَميل بن مُرَّةَ عن أبي الوضيء، قال: غزونا غَزْوَةً لنا، فنزلْنا منزلاً، فباع صاحبٌ لنا فرساً بغلامٍ، ثم أقاما بقيةَ يومِهما وليلتِهما، فلما أصبحا مِن الغد حضر الرحيلُ، قام إلى فرسه يُسرِجُه فندِمَ، فأتى الرجلَ وأخذه بالبيع، فأبى الرجلُ أن يدفعَه إليه، فقال: بيني وبينك أبو برزةَ صاحبُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فأتيا أبا برزة في ناحية العَسْكَر، فقالا له هذه القصة، فقال: أترضَيان أن أقضيَ بينكما بقضاءِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "البيِّعَانِ بالخِيار ما لم يتفرّقا". قال هشام بن حسان: حدَّث جَميلٌ أنه قال: ما أراكُما افترقْتُما (¬1). 3458 - حدَّثنا محمد بن حاتِمٍ الجرْجَرَائيُّ، قال: مروانُ الفزاريُّ أخبرنا، عن يحيى بنِ أيوبَ، قال: كان أبو زُرْعَةَ إذا بايع رجلاً خيَّرَهُ، قال: ثم يقول: خَيِّرْني، ويقول: ¬

_ = قال الخطابي: هذا قد يحتج به من يرى أن التفرق إنما هو بالكلام، قال: وذلك أنه لو كان له الخيار في فسخ البيع لما احتاج إلى أن يستقيله. قال الشيخ [أي الخطابي]: هذا الكلام وإن خرج بلفظ الاستقالة فمعناه الفسخ، وذلك أنه قد علقه بمفارقته، والاستقالةُ قبل المفارقة وبعدها سواء، لا تأثير لعدم التفرق بالأبدان فيها، والمعنى أنه لا يحل أن يفارقه خشية أن يختار فسخ البيع فيكون ذلك بمنزلة الاستقالة، والدليلُ على ذلك ما تقدم من الأخبار. (¬1) إسناده صحيح. أبو الوضيء: هو عبّاد بن نُسيَب، وحماد: هو ابن زيد، ومسدَّد: هو ابن مُسَرْهَدٍ. وأخرجه ابن ماجه (2182) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. واقتصر على المرفوع من الحديث. وهو في "مسند أحمد" (19813).

سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يفترِقَنَّ اثنان إلا عَنْ تراضٍ" (¬1). 3459 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن قتادةَ، عن أبي الخَليلِ، عن عبدِ الله بن الحارثِ عن حكيم بن حزامِ، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "البَيِّعان بالخِيار ما لم يفْتَرِقا، فإن صَدَقا وبيَّنا، بورِكَ لهما في بيعهما، وإن كَتَما وكذَبا مُحقَتِ البركةُ من بَيعهما" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد قوي من أجل يحيى بن أيوب -وهو حفيد أبي زرعة بن عمرو بن جرير- فهو صدوق لا بأس به. وأخرجه الترمذي (1292) من طريق يحيى بن أيوب، به. وأخرجه بنحوه موقوفاً عبد الرزاق (14267)، وابن أبي شيبة 7/ 83 من طريق سفيان الثوري، عن أبي غياث -وهو طلْق بن معاوية-[وتحرف في المطبوع من الكتابين إلى: أبي عتّاب] لم عن أبي زرعة، به. وهو في "مسند أحمد" (10922). وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند ابن ماجه (2185). وإسناده حسن. وعن سمرة بن جندب عند أحمد (20252). وعن أنس بن مالك عند البيهقي 5/ 271 وإسناده ضعيف. ويشهد له قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29] قال القاري: والمراد بالحديث -والله أعلم- أنهما لا يتفارقان إلا عن تراض بينهما فيما يتعلق بعطاء الثمن وقبض المبيع، وإلا فقد يحصل الضرر والضرار وهو منهي في الشرع، أو المراد منه أن يشاور مريد الفراق صاحبه: ألك رغبة في المبيع فإن أراد الإقالة أقاله، وهذا نهي تنزيه للأجماع على حل المفارقة من غير إذن الآخر ولا علمه. (¬2) إسناده صحيح. أبو الخليل: هو صالح بن أبي مريم، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وشعبة: هو ابن الحجاج، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. =

54 - باب في فضل الإقالة

قال أبو داود: وكذلك رواه سعيدُ بن أبي عَروبةَ وحمادٌ، وأما همامٌ فقال: "حتى يتفرَّقا أو يختارا" ثلاث مِرار. 54 - باب في فضل الإقالة 3460 حدَّثنا يحيى بُن مَعينِ، حدَّثنا حفْصٌ، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: من أقال مسلماً أقاله اللهُ عَثْرتَهُ" (¬1). 55 - باب فيمن باع بَيعتَين في بَيعةٍ 3461 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، عن يحيى بن زكريا، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة ¬

_ = وأخرجه البخاري (2079)، ومسلم (1532)، والترمذي (1290)، والنسائي (4457) و (4464) من طريق قتادة بن دعامة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1532) من طريق أبي التياح يزيد بن حميد، عن عبد الله بن الحارث، به. وهو في "مسند أحمد" (15314)، و"صحيح ابن حبان"، (4904). (¬1) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان، والأعمش: هو سُليمان بن مهران، وحفص: هو ابن غياث. وأخرجه ابن ماجه (2199) من طريق الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد" (7431)، و"صحيح ابن حبان" (5029) و (5030). قال ابن الأثير في "النهاية": "أقال نادماً" أي: وافقه على نقض البيع وأجابه إليه، يقال: أقاله يُقيله إقالة، وتقايلا، إذا فسخا البيع وعاد المبيع إلى مالكه، والثمن إلى المشتري إذا كان قد ندم أحدهما أو كلاهما، وتكون الإقالة في البيعة والعهد. وقال العز بن عبد السلام في "الشجرة": إقالة النادم من الإحسان المأمور به في القرآن، لما له من الغرض فيما ندم عليه سيما في بيع العقار وتمليك الجوار.

عن أبي هريرة، قال: قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: من باع بَيْعَتْين في بَيْعةٍ فله أوكَسُهُما أو الربا" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث ضعيف شاذ بهذا اللفظ، والمحفوظ عنه -صلَّى الله عليه وسلم- أنه نهى عن بيعتين في بيعة. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة، 6/ 120، ومن طريقه أخرجه ابن حبان (4974)، والحاكم 2/ 45، والبيهقي 3/ 343. ويحيى بن زكريا -وهو ابن أبي زائدة- وإن كان ثقة - قد خالفه جمع من الحفاظ الأثبات، وهم عبدة بن سليمان عند الترمذي (1275)، وابن حبان (4973)، ويحيى ابن سعيد القطان عند أحمد (9584)، والنسائي (4632)، وابن الجارود (600)، والبيهقي 5/ 343، ويزيد بن هارون عند أحمد (10535)، والبغوي (2111)، وعبد الوهاب بن عطاء عند أبي يعلى (6124)، والبيهقي 5/ 343، رووه عن محمد ابن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً، بلفظ. نهى عن بيعتين في بيعة. قال البيهقي: وكذلك رواه إسماعيل بن جعفر وعبد العزيز بن محمد الدراوردي ومعاذ ابن معاذ، عن محمد بن عمرو. قلنا: وكذلك رواه من الصحابة عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد (6628)، والبيهقي 5/ 343 و 348، بلفظ: نهى عن بيعتين في بيعة، وإسناده حسن. وكذا رواه عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه موقوفاً عليه عند أحمد (3725)، وعبد الرزاق (14636)، والبزار في مسنده، (2016)، وابن خزيمة (176)، وابن حبان (1053)، والطبراني في "الكبير" (9609) وإسناده حسن، وهو وإن كان موقوفاً له حكم الرفع، لأن مثله لا يقال بالرأي. ورواه كذلك يونس بن عبيد، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً عند أحمد (5395)، والبزار (127 - كشف الأستار)، وابن الجارود (599)، والبيهقي 6/ 70، والخطيب البغدادي 12/ 48 ورجاله ثقات، لكن أعله بعض أهل العلم بالانقطاع بين يونس بن عبيد وبين نافع! مع أن يونس قد عاصر نافعا بل قاربه في الطبقة، ولا يُعرف بتدليس. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فهؤلاء جميعاً رووه كرواية جماعة الحفاظ عن محمد بن عمرو بن سلمة، وليس في شيء من رواياتهم ذكر الأوكس من البيعتين أو الربا مرفوعاً، وإنما صحت بهذا اللفظ عن شُريح القاضي. فقد رواه عبد الرزاق (14629) عن معمر والثوري، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن شُريح قال: بن باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا. وقد قال الخطابي في "معالم السنن": لا أعلم أحداً من الفقهاء قال بظاهر هذا الحديث أو صحح البيع بأوكس الثمنين إلا شيء يُحكى عن الأوزاعي، وهو مذهب فاسد، وذلك لما تتضمنه هذا العقد من الغرر والجهالة، وإنما المشهور من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن بيعتين في بيعة. وقال الحافظ المنذري في "مختصر السنن" 5/ 98: في إسناده محمد بن عمرو ابن علقمة، وقد تكلم فيه غير واحد، والمشهور عن محمد بن عمرو من رواية الدراوردي ومحمد بن عبد الله الأنصاري أنه -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن بيعتين في بيعة. وقال صاحب "عون المعبود" تعليقاً على قول الحافظ المنذري: قلت: وكذا رواه إسماعيل بن جعفر ومعاذ بن معاذ وعبد الوهاب بن عطاء عن محمد بن عمرو المذكور، ذكره البيهقي في "السنن" وعبدة بن سليمان في الترمذي ويحيى بن سعيد في "المجتبى"، وبهذا يُعرف أن رواية يحيى بن زكريا فيها شذوذ كما لا يخفى. وقال المباركفوري بعدما ذكر هذه الرواية بهذا اللفظ: روي هذا الحديث عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم، ليس في واحد منها هذا اللفظ، فالظاهر أن هذه الرواية" بهذا اللفظ ليست صالحة للاحتجاج. تنبيه: وقد فاتنا أن ننبه إلى شذوذ هذه المتن في تعليقنا على "صحيح ابن حبان" (4974) فليستدرك من هنا. وقد حكى شيخ الإسلام ابن تيمية في "فتاواه" 29/ 499 - 500 الإجماع على جواز بيع الاجل وهو التقسيط، فقد سئل عن رجل محتاج إلى تاجر عنده قماش، فقال: أعطنى هذه القطعة، فقال التاجر: مشتراها بثلاثين، وما أبيعها إلا بخمسين إلى أجل، فهل يجوز ذلك؟ أم لا؟ فأجاب: المشتري على ثلاثة أنواع: أحدها: أن يكون مقصوده السلعة ينتفع بها للأكل والشرب واللبس والركوب، وغير ذلك. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = والثاني: أن يكون مقصوده التجارة فيها، فهذان نوعان جائزان بالكتاب والسنة والإجماع، كما قال تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة:275]، وقال تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29]، لكن لا بد من مراعاة الشروط الشرعية، فإذا كان المشتري مضطراً لم يجز أن يباع إلا بقيمة المثل، مثل أن يضطر الإنسان إلى مشترى طعام لا يجده إلا عند شخص، فعليه أن يبيعه إياه بالقيمة، قيمة المثل، وإن لم يبعه إلا بأكثر فللمشتري أن يأخذه بغير اختياره بقيمة المثل، وإذا أعطاه إياه لم يجب عليه إلا قيمة المثل، وإذا باعه إياه بالقيمة إلى ذلك الأجل، فإن الأجل يأخذ قسطاً من الثمن. النوع الثالث: أن يكون المشتري إنما يريد به دراهم مثلاً ليوفي به ديناً، واشترى بها شيئاً، فيتفقان على أن يعطيه مثلاً المئة بمئة وعشرين إلى أجل، فهذا كله منهي عنه. فإن اتفقا على أن يعيد السلعة إليه، فهو بيعتين في بيعة، وإن أدخلا ثالثاً يشتري منه السلعة، ثم تعاد إليه، فكذلك، وإن باعه وأقرضه فكذلك، وقد نهى عنه النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وإن كان المشتري يأخذ السلعة فيبيعها في موضع آخر: يشتريها بمئة، ويبعها بسبعين لأجل الحاجة إلى دراهم، فهذه تسمى: "مسألة التورق" وفيها نزاع بين العلماء والأقوى أيضاً أنه منهي عنها، وأنها أصل الربا، كما قال ذلك عمر بن عبد العزيز وغيره، والله أعلم. وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" 20/ 178 (29709) ولا يجوز عند مالك والشافعي وأبي حنيفة إن افترقا على ذلك بالالتزام حتى يفترقا على وجه واحد. قال: وهو قول الثوري. قلنا: وهذا يعني أنهم أجازوا بيع الأجل أعني بيع التقسيط. قال الخطابي: وتفسير ما نهي عنه من بيعتين في بيعة على وجهين: إحداهما: أن يقول: بعتك هذا الثوب نقداً بعشرة ونسيئة بخمسة عشر، فهذا لا يجوز، لانه لا يُدري أيهما الثمن الذي يختاره منهُما، فيقع به العقد، وإذا جهل الثمن بطل البيع. =

56 - باب في النهي عن العينة

56 - باب في النهي عن العِينة 3462 - حدَّثنا سليمانُ بن داودَ المَهْريُّ، أخبرنا ابنُ وهبِ، أخبرني حَيوةُ ابن شُريحِ. وحدَّثنا جعفرُ بن مُسافِرِ التِّنِّيسيُّ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يحيى البُرُلُّسِيُّ، أخبرنا حَيوة بنُ شُريح، عن إسحاق أبي عبد الرحمن -قال سليمان بن داود أبو الربيع-: عن أبي عبدِ الرحمنِ الخُراسانيِّ، أن عطاءً الخراسانيَّ حدَّثه، أن نافعاً حدَّثه عن ابن عمر، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "إذا تبايعتُم بالعِينَةِ، وأخذتم أذنابَ البقرِ، ورضيتُم بالزَّرْع، وتركتُم الجهادَ، سَلَّط اللهُ عليكم ذُلاًّ لا ينزِعُه حتى تَرجِعُوا إلى دينكم" (¬1). ¬

_ = والوجه الآخر: أن يقول: بعتك هذا العبد بعشرين ديناراً على أن تبيعني جاريتك بعشرة دنانير، فهذا أيضاً فاسد، لأنه جعل ثمن العبد عشرين ديناراً، وشرط عليه أن يبيعه جاريته بعشرة دنانير، وذلك لا يلزمه، وإذا لم يلزمه سقط بعض الثمن، وإذا سقط بعض الثمن صار الباقي مجهولاً. وهذه النقول المتضافرة تفيد مشروعية بيع الأجل أو التقسيط بالإجماع، ولا نعلم أحداً قال بتحريمه قبل الشيخ ناصر الدين الألباني في "صحيحته" (2326) وبعض من يقلده، وقد ردَّ عليه ردّاً مفصلاً محكماً الأستاذ الفاضل أبو الزبير دحان أبو سلمان في رسالة قيمة تنبئ عن رسوخ قدمه في الحديث والفقه زادت صفحاتها على المئة سماها: "الوهم والتخليط عند الشيخ الألباني في البيع بالتقسيط"، فانظرها لزاماً واقرأها بإمعان، فإنه سيتبين لك أن الشيخ رحمه الله ينفرد في بعض فتاويه ويخرق بها إجماع العلماء، وهذا شأن من يتكلم في غير فنه. (¬1) إسحاق أبو عبد الرحمن -وهو إسحاق بن أَسيد الأنصاري- قال عنه الذهبي في "الميزان": جائز الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يخطئ، وقال أبو حاتم: شيخ ليس بالمشهور، لا يُشتغل به، وقال أبو أحمد الحاكم: مجهول. وقد روى من طريق آخر عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر كما سيأتي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه الدولابي في "الكنى" 2/ 65، والطبراني في "مسند الشاميين" (2417)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1998، وأبو نعيم في "الحلية"، 5/ 208 - 209، والبيهقي 5/ 316 من طريق حيوة بن شُريح، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (4825)، وأبو أمية الطرسوسي في "مسند ابن عمر" (22)، والطبراني في "الكبير" (13583)، والبيهقي في "الشعب" (4224) من طريق أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، وأبو يعلى (5659)، والطبراني (13585)، والبيهقي في الشعب" (10871)، وأبو نعيم في "الحلية"، 1/ 313 - 314 و 3/ 318 - 319 من طريق ليث بن أبي سُليم، عن عبد الملك بن أبي سليمان، كلاهما (الأعمش وعبد الملك) عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عمر. ولم يذكر أبو نعيم في روايته عبد الملك بن أبي سليمان. وقال بإثر الحديث: هذا حديث غريب من حديث عطاء، عن ابن عمر. قلنا: أبو بكر بن عياش كبر فساء حفظه، وإنما انتقى البخاري من حديثه، وقد ضعفه محمد بن عبد الله بن نمير في الأعمش وغيره وضعفه عثمان بن سعيد الدارمي مطلقاً، ولم يخرج له البخاري من روايته عن الأعمش شيئاً. وليث بن أبي سليم سيئ الحفظ، ثم إن علي ابن المديني قال عن عطاء بن أبي رباح: رأى عبد الله بن عمر، ولم يسمع منه. ولهذا قال ابن القيم في تهذيب السنن،: إنما يُخاف أن لا يكون الأعمش سمعه من عطاء، أو أن عطاء لم يسمعه من ابن عمر. قلنا: وعلى أي حال فطريق عطاء هذه تصلح للاعتبار، فيكون الحديث حسناً إن شاء الله. وأخرجه أحمد (5007) من طريق أبي جناب الكلبي، عن شهر بن حوشب، عن ابن عمر. وأبو جناب الكلبي وشهر ضعيفان. قال ابن الأثير: العينة: هو أن يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى، ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذي باعها به، فإن اشترى بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم وقبضها ثم باعها من طالب العينة بثمن أكثر مما اشتراها إلى أجل مسبى ثم باعها المشتري من البائع الأول بالنقد بأقل من الثمن فهذه أيضاً عينة، وهي أهون من الأولى.=

57 - باب في السلف

قال أبو داود: الإخبارُ لجعفرٍ، وهذا لفظُه. 57 - باب في السلف 3463 - حدَّثنا عبد الله بن محمد النُّفَيْليُّ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن عَبد الله بن كَثير، عن أبي المِنهال عن ابن عباس، قال: قَدِمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - المدينةَ وهم يُسْلِفُون في الثمَر (¬1) السنةَ والسنتَين والثلاث (¬2)، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من ¬

_ = قال: وسميت عينةً لحصول النقد لصاحب العينة، لأن العين هو المال الحاضر من النقد، والمشتري إنما يشتريها ليبيعها بعين حاضرة تصل إليه معجلة. وقال المناوي في "فيض القدير" 1/ 313: هذا دليل قوي لمن حرَّم العينة، ولذلك اختاره بعض الشافعية، وقال: أوصانا الشافعي باتباع الحديث إذا صح بخلاف مذهبه. وانظر كلام ابن قيم الجوزية في "تهذيب السنن" 5/ 100 - 109 فإنه شافٍ وافٍ. وقوله: وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع. قال صاحب "عون المعبود": حمل هذا على الاشتغال بالزرع في زمن يتعين فيه الجهاد. (¬1) المثبت من (أ) ونسخة على هامش (ب)، ومن نسخة الخطابي التي شرح عليها، [وقد تحرّف في مطبوعة الطبَّاخ ومطبوعة أحمد شاكر والفقي كلمة الثمر إلى التمر مع أن شرح الخطابي يدل على أن الذي عنده هو الثمر، لأن التمر اسم لليابس فقط بإجماع أهل اللغة]. وهذا الموافق لروايات البخاري كما في "شرح القسطلاني" 4/ 116 و 117 و 121. (¬2) المثبت من (ب) و (ج)، وعليه يدل شرح الخطابي. وجاء في (أ): السنتين والثلاث، وفي (هـ) السنتين والثلاثة. يعني دون ذكر السنة. وقد جاء ذكر السنة. في "صحيح مسلم" و"مسند الشافعي" 2/ 161 وغيرهما.

أسلفَ في تَمرٍ (¬1) فليُسْلفِ في كَيْلٍ معلوم، ووَزْنٍ معلومٌ إلى أجلٍ معلوم" (¬2). 3464 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبة. وحدَّثنا محمد بن كثير، أخبرنا شعبة، أخبرني محمد أو عبدُ الله بن (¬3) مُجَالدِ، قال: ¬

_ (¬1) في نسخة على هامش (ب): "في ثَمَر". بالمثلثة، وهذا موافق ما جاء في رواية البخاري (2253) عن أبي نعيم الفضل بن دكين عن ابن عيينة ورواية أحمد (3370) عن عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان الثوري، عن ابن أبي نجيح بلفظ "أسلفوا في الثمار ... " قال القسطلاني في "شرح البخاري " 4/ 116 عند شرح الحديث (2239) عند قوله: "من سلف في تمر" بالمثناة وسكون الميم، وفي رواية ابن عيينة: من "أسلف في شيء"، وهو أشمل، وقال البرماوي والعيني كالكرماني، وفي بعضها (أي نسخ البخاري أو رواياته): "ثمر" بالمثلثة، والظاهر أنهم تبعوا في ذلك قول النووي في "شرح مسلم"، وفي بعضها بالمثلثة، وهو أعم، لكن الكلام في رواية البخاري هل فيها بالمثلثة، والله أعلم. (¬2) إسناده صحيح. أبو المنهال: هو عبد الرحمن بن مطعم البُناني المكي، وابن أبي نجيح: هو عبد الله بن أبي نجيح، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (2239) و (2240)، ومسلم (1604)، وابن ماجه (2280)، والترمذي (1358)، والنسائي (4616) من طريق عبد الله بن أبي نجيح، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1868)، و"صحيح ابن حبان" (4925). والسلف: هو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض في مجلس العقد. والسلف لغة أهل العراق، والسلم لغة أهل الحجاز. (¬3) كذا وقع في أصولنا الخطية، وفي النسخ المطبوعة، وكذلك جاء في "تحفة الأشراف" للحافظ المزي (5171)، ومن ذلك يتبيّن أن رواية أبي داود كذلك، دون شكَّ، وهذا ما عناه أبو داود بقوله بإثر الحديث التالي: الصواب ابن أبي مجالد، وشعبة أخطأ فيه. قلنا: يعني أخطأ في إسقاط كلمة "أبي" من اسمه في رواية عمر بن حفص ومحمد بن كثير. على أن البخاري قد أخرج هذا الحديث في "صحيحه" (2243) عن حفص بن عمر الحوضي شيخ أبي داود في هذا الحديث، فقال فيه: عن محمد أو عبد الله بن أبي =

اختلف عبدُ الله بنُ شداد وأبو بُردة في السَّلَفِ، فبعثوني إلى ابن أبي أوفى، فسألتُه، فقال: إنْ كنا نُسْلِفُ على عهدِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأبي بكرٍ وعمر، في الحنطة والشعير والتمر والزبيب -زاد ابن كثير: إلى قوم ما هو عندهم، ثماتفقا- وسألت ابن أبْزَى فقال مثلَ ذلك (¬1). ¬

_ = مجالد. وقد أخرجه البيهقي في "سننه الكبرى" 6/ 20 من طريق أبي بكر ابن داسه، عن أبي داود، به. لكنه قال: ابن أبي مجالد، ثم أشار إلى أن البخاري أخرجه عن حفص بن عمر. ولو كان هناك خطأ في تسمية هذا الرجل عند أبي داود لذكره ونبه عليه، فالله تعالى أعلم. (¬1) إسناده صحيح. وقد اختلف فيه قولُ شعبة في تسمية ابن أبي مجالد كما يظهر في هذا الطريق والطريقين التاليين، والصحيح في اسمه محمد، كما نصَّ عليه البخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 231 حيث نقل المُعلِّمي في تحقيقه عن نسخة القسطنطينية أن البخاري قال فيه بعد أن ذكر الخلاف في اسمه: والصحيح محمد، وهي الرواية التي اعتمدها الحافظ مغلطاي في "كمال تهذيب الكمال" 8/ 164 حيث نقل نص البخاري هذا، ونقل عن مسلم بن الحجاج قوله في "الطبقات": محمد بن أبي المجالد، وقال شعبة: عبد الله بن أبي المجالد، أخطأ فيه. قلنا: وقال يحيى بن معين في رواية الدوري (4023): شعبة يقول: عبد الله بن أبي المجالد، وغير شعبة، هشيم يقول عن أشعث والشيباني: عن محمد بن أبي المجالد. ففي قول ابن معين هذا إشارة إلى ترجيح محمد بن أبي المجالد، والله أعلم. وذكر مُغلْطاي أيضاً وتبعَه الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" 2/ 418 بأن أبا إسحاق الشيباني سليمان بن أبي سليمان قد روى هذا الحديث عن ابن أبي مجالد أيضاً وسماه محمداً دون اختلاف عنه في تسميته. قلنا: روايته في "صحيح البخاري" بالأرقام (2244) و (2254، 2255). وكذلك سماه إسماعيل بن عبد الرحمن السُّدِّي عند الطبري في "تفسيره " 2/ 146 وابن أبي حاتم في "تفسيره" عند تفسير قوله تعالى: {الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]، وكذلك الجرّاح بن مَليح الرؤاسي عند الطبراني في "الكبير" (13478)، وفي "الأوسط" (4297)، وأبي نعيم في "الحلية" 9/ 223 - 224. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ولهذا اقتصر عليه أبو نصر الكلاباذي في "رجال صحيح البخاري" (1124)، وكذا أبو الوليد الباجي في "التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح" (141)، وكذلك ابن الأثير الجزري في "جامع الأصول" في قسم التراجم 2/ 890. وقد فرق ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" بين محمد بن أبي المجالد وعبد الله بن أبي المجالد، وأن الذي روى عنه شعبة والشَّيباني، وروى عنه ابن أبي أوفى وابن أبزى وعبد الله بن شداد إنما هو محمد بن أبي المجالد، وأنه هو الذي سُمِّي ليحيى بن معين وأبي زرعة فوثّقاه. قلنا: وهو الذي سُمِّي للدارقطني فوثقه كذلك. لكن تفريق ابن أبي حانم غير صحيح لأنهما واحدٌ كما بيّنه الخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 200 - 203، وإنما من سماه عبد الله فقد أخطأ، والله تعالى أعلم. وفي هذا كله ردٌّ على ما قاله أبو داود فيما نقله عنه الآجري في "سؤالاته" (369): شعبة يحدِّث عن محمد بن أبي المجالد، والصواب عبد الله بن أبي المجالد، شعبة يخطئ فيه. وأخرجه البخاري (2243) عن حفص بن عمر الحوضي، بهذا الإسناد. على الشك في اسم ابن أبي المجالد. وأخرجه أيضاً (2242) من طريق وكيع بن الجراح، عن شعبة، عن محمد بن أبي المجالد، به فسماه محمداً دون شك. وأخرجه كذلك (2242) عن أبي الوليد -وهو الطيالسي-، عن شعبة، عن ابن أبي المجالد، به فلم يعينه، وهذا لا يعارض رواية من سماه محمداً. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4615) من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن ابن أبي المجالد، وقال مرة: عبد الله، وقال مرة: محمد. كذا جاء عند النسائي، مع أن الذي في "مسند الطيالسي" (815) عن شعبة، عن محمد بن أبي المجالد. دون شك، ومن طريق الطيالسي أخرجه أبو نعيم في "الحلية" 7/ 162 والبيهقي في السنن الصغير" (2002) فقالا: محمد بن أبي المجالد أيضاً. وممن رواه عن شعبة أيضاً فسماه محمداً: عبد الرحمن بن مهدي عند أبي نعيم في "الحلية" 7/ 163. وانظر ما بعده.

3465 - حدَّثنا محمد بن بشار، حدَّثنا يحيى وابنُ مهديّ، قالا: حدَّثنا شعبةُ، عن عبد الله بن أبي مُجالِد، وقال عبد الرحمن بن مهدي: عن ابن أبي المجالد، بهذا الحديث، قال: عندَ قوم ما هو عندهم (¬1). قال أبو داود: الصوابُ ابنُ أبي المجالد، وشعبة أخطأ فيه (¬2). 3466 - حدَّثنا محمد بنُ المصفَّى، حدَّثنا أبو المغيرة، حدَّثنا عبدُ الملك ابن أبي غَنِيَّةَ، حدَّثني أبو إسحاق عن عبدِ الله بن أبي أوفى الأسلمي، قال: غزونا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - الشامَ، فكان يأتينا أنباطٌ من أنباط الشام فنُسْلِفُهم في البُرّ والزَّيت سِعْراً معلوماً، وأجلاً معلوماً، فقيل له: مِمن له ذلك؟ قال: ما كنا نسألُهم (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن مَهدي: هو عبد الرحمن وأخرجه ابن ماجه (2282) عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (4614) عن عبيد الله بن سعيد، عن يحيى القطان وحده، به. وانظر ما قبله. (¬2) انظر بيان مقصود أبي داود عند التعليق (3) على الحديث (3464) في الصفحة (335). (¬3) إسناده قوي من أجل محمد بن المصفّى. أبو إسحاق: هو سُليمان بن أبي سليمان الشيباني، وأبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخَولاني. وأخرجه البخاري (2254) و (2255) من طريق عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق سليمان الشيباني، عن محمد بن أبي مجالد، قال: أرسلني أبو بردة وعبد الله بن شداد إلى عبد الرحمن بن أبزى وعبد الله بن أبي أوفى فسألتهما عن السلف، فقالا: كنا نصيب المغانم مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فكان يأتينا أنباط من أنباط الشام، فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب إلى أجل مسمى، قال: قلت: أكان لهم زرع، أو لم يكن لهم زرع؟ قالا: ما كنا نسألهم عن ذلك؟ وانظر ما قبله. =

58 - باب في السلم في ثمرة بعينها

58 - باب في السَّلَم في ثمرة بعينها 3467 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن رجل نَجْرانيّ عن ابن عمر: أن رجلاً أسلف رجلاً في نخل، فلم تُخرج تلك السنةَ شيئاً، فاختصما إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: بِمَ تستحلُّ ماله؟ ارْدُدْ عليه ماله" ثم قال: "لا تسلفوا في النخل حتى يَبْدُوَ صلاحه" (¬1). 59 - باب من أسلفَ في شيء ثم حوّله إلى غيره (¬2) 3468 - حدَّثنا محمدُ بن عيسى، حدَّثنا أبو بدر، عن زياد بنِ خَيثَمةَ، عن سعد -يعني الطائيَّ- عن عطيةَ بنِ سعد عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من أسلفَ في شيءِ فلا يصرِفْه إلى غيره" (¬3). ¬

_ = الأنباط: جمع نبيط، وهم قوم معروفون كانوا ينزلون بالبطائح من العراقين قاله الجوهري. وأصلهم قوم من العرب دخلوا في العجم، واختلطت أنسابهم، وفسدت ألسنتهم، ويقال لهم: النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، سموا بذلك لمعرفتهم بإنباط الماء، أي: استخراجه لكثرة معالجتهم الفلاحة. (¬1) إسناده ضعيف لإبهام الرجل النجراني. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وسفيان: هو الثوري، ومحمد بن كثير: هو العبْدي. وأخرجه ابن ماجه (2284) من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، به. وقد صح عن ابن عمر النهي عن بيع الثمار قبل بدوِّ صلاحها فيما سلف عند المصنف برقم (3367) و (3368). (¬2) هذا العنوان أثبتناه من (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه كذلك في رواية ابن العبد. (¬3) إسناده ضعيف لضعف عطية بن سعْد -وهو العوفي- وقد ضعف هذا الحديث أبو حاتم والبيهقي وعبد الحق الإشبيلي وابن القطان كلما بينه ابنُ الملقن في "البدر المنير" 6/ 563 - 564. أبو بدر: هو شجاع بن الوليد. =

60 - باب في وضع الجائحة

60 - باب في وضع الجائحة 3469 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا الليثُ، عن بُكَيْرٍ، عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري، أنه قال: أصيب رجلٌ في عهدِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في ثمارِ ابتاعَها، فَكَثُرَ دَيْنُهُ، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم: "تصدَّقُوا عليه " فتصدَّق الناسُ عليه، فلم يبلغْ ذلك وَفَاءَ دينه، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "خُذُوا ما وجدتُم، وليس لكم إلا ذلك" (¬1). 3470 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهْرِيُّ وأحمدُ بن سعيد الهَمْدَاني، قالا: أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني ابنُ جريج. وحدَّثنا محمدُ بن مَعْمَرٍ، حدَّثنا أبو عاصم، عن ابنِ جُريج -المعنى- أن أبا الزُّبير المكي أخبره ¬

_ = وأخرجه ابنُ ماجه (2283)، والترمذي في "العلل الكبير" 1/ 524، والدارقطني (2977)، والبيهقي 6/ 30 من طريق أبي بدر شجاع بن الوليد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: لا أعرف هذا الحديث مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وهو حديث حسن. وحسنه كذلك السيوطي في "الجامع الصغير"، وقال البيهقي: الاعتماد على حديث النهي عن بيع الطعام قبل أن يُستوفَى، فإن عطية العوفي لا يحتج به. وفي الباب عن عبد الله بن عمر من قوله وفتواه عند ابن أبي شيبة 6/ 15، والبيهقي 6/ 30 - 31. قال الحافظ في "الدراية" 2/ 160 عن إسناد ابن أبي شيبة: جيد. وقوله: فلا يصرفه، أي: بالبيع والهبة قبل أن يقبضه. (¬1) إسناده صحيح. عياض بن عبد الله: هو ابن سعْد بن أبي سّرْح، وبكير: هو ابن عبد الله بن الأشج، والليث: هو ابن سعد. وأخرجه مسلم (1556)، وابن ماجه (2356)، والترمذي (661)، والنسائي (4530) و (4678) من طريق بكير بن عبد الله بن الأشج، به. وهو في "مسند أحمد" (11317)، و"صحيح ابن حبان" (5033). ولفقه الحديث انظر ما سلف برقم (3374).

61 - باب تفسير الجائحة

عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إن بعتَ مِن أخيك تمراً، فأصابتها جائحةٌ، فلا يَحِلُّ لك أن تأخذَ منه شيئاً، بِمَ تأخذُ مالَ أخيكَ بغيرِ حقٍّ؟ " (¬1). 61 - باب تفسير الجائحة 3471 - حدَّثنا سليمانُ بن داود المَهْرِيّ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني عثمانُ ابن الحكم، عن ابنِ جُريج عن عطاء، قال: الجوائحُ كُلُّ ظاهرٍ مُفسدٍ مِن مطر أو بردٍ أو جَرَادٍ (¬2) أو رحٍ أو حَريقٍ (¬3). 3472 - حدَّثنا سليمانُ بن داودَ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني عثمانُ بنُ الحكم ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد صرح بالسماع كلٌّ من ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- عند مسلم وغيره. وأخرجه مسلم (1554)، وابن ماجه (2219)، والنسائي (4527) و (4528) من طريق ابن جريج، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (5034) و (5035). وقد سلف ذكر وضع الجوائح عند المصنف برقم (3374) بلفظ: إن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أمر بوضع الجوائح. (¬2) في رواية ابن العبد: أو حرٍّ، بدل: أو جَراد، أشار إليه في (أ). (¬3) مقطوع رجاله ثقات. ورواية ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- عن عطاء -وهو ابن أبي رباح- محمولة على الاتصال، وإن لم يصرح بالسماع، صرح هو بذلك فيما حكاه عنه يحيى بن سعيد القطان كما في "تاريخ ابن أبي خيثمة" (858). ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه البيهقي 5/ 306 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.

62 - باب في منع الماء

عن يحيى بنِ سعيد، أنه قال: لا جائحة فيما أُصيبَ دون ثلث رأسِ المال، قال يحيى: وذلك في سُنَّةِ المسلمين (¬1). 62 - باب في منع الماء 3473 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يُمْنَعُ فضلُ الماءِ ليُمنعَ به الكلأُ " (¬2). 3474 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صالح ¬

_ (¬1) مقطوع رجاله ثقات. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري. (¬2) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان، والأعمش: هو سُليمان بن مِهران، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه البخاري (2353)، ومسلم (1566)، وابن ماجه (2478)، والترمذي (1318)، والنسائي في "الكبرى" (5742) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والبخاري (2354) ومسلم (1566) من طريق سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ثلاثتهم عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7324)، و"صحيح ابن حبان" (4954). وانظر ما بعده. قال الخطابي: الماء إذا جمعه صاحبه في صهريج أو بركة أو خزنه في جُبّ أو قراه في حوض ونحوه، فإن له أن يمنعه وهو شيء قد حازه على سبيل الاختصاص لا يشركه فيه غيره، وهو مخالف لماء البئر، لأنه لا يستخلف استخلاف ماء الآبار ولا يكون له فضل في الغالب كفضل مياه الآبار، والحديث إنما جاء في منع الفضل دون الأصل، ومعناه ما فضل عن حاجته، وعن حاجة عياله وماشيته وزرعه، والله أعلم.

عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ثَلاثَة لا يكلِّمهمُ الله يومَ القيامة: رجلٌ مَنَعَ ابنَ السَّبيل فَضلَ ماءٍ عندَهُ، ورَجُل حَلَفَ على سِلعة بعد العصر -يعني كاذباً-، ورجل بايَع إماماً فإن أعطاه وَفَّى له وإن لم يُعطِهِ لم يفِ" (¬1). 3475 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، بإسناده ومعناه، قال: "ولا يزكِّيهم ولهم عذابٌ أليم"، وقال في السلعة: "بالله لقد أُعْطِيَ بها كذا وكذا، فصدَّقَة الآخَرُ فأخَذَها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2358)، ومسلم (108)، وابنُ ماجه (2207) و (2870)، والترمذي (1685) من طرق عن الأعمش، به. ولفظ الترمذي مختصر بذكر البيعة. وأخرجه بنحوه البخاري (2369) و (7446)، ومسلم (108) من طريق عمرو ابن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، إلا أنه قال: "ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم" وزاد البخاري: "فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضلَ ما لم تعمل يداك". وهو في "مسند أحمد" (7442)، و"صحيح ابن حبان" (4908). وانظر ما بعده. وقوله: بعد العصر. قال القسطلاني: ليس بقيد، بل خرج مخرج الغالب، لأن الغالب، أن مثله كان يقع في آخر النهار حيث يريدون الفراغ من معاملتهم. (¬2) إسناده صحيح كسابقه. وأخرجه البخاري (2672)، ومسلم (108)، والنسائي (4462) من طريق جرير ابن عبد الحميد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

3476 - حدَّثنا عُبَيدُ الله بنُ معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا كَهْمَسٌ، عن سيار بنِ منظور -رجل من بني فزارة- عن أبيه، عن امرأةِ يقال لها بُهَيْسَةُ عن أبيها، قالتْ: استأذن أبي النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فدخل بينه وبين قميصِه، فجعل يقبّل ويلتزِمُ، ثم قالَ: يا نبيَّ الله، ما الشيءُ الذي لا يَحِلُّ منعه؟ قال: "الماءُ"، قال: يا نبيَّ الله، ما الشيءُ الذي لا يَحِلُّ منعُه؟ قال: "المِلحُ" قال: يا نبيَّ الله، ما الشيءُ الذي لا يَحِلُّ منعُه؟ قال: "أن تفعلَ الخيرَ خيرٌ لك" (¬1). 3477 - حدَّثنا علي بنُ الجَعْدِ اللؤلؤيُّ، أخبرنا حَرِيزُ بنُ عثمانَ، عن حِبَّانَ ابن زَيدٍ الشَّرْعَبيِّ، عن رجل مِن قَرْنٍ (ح) وحدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بن يونس، حدَّثنا حَريزُ بن عثمان، حدَّثنا أبو خِداشٍ -وهذا لفظ عليٍّ- عن رجل من المهاجرين من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: غزوتُ مع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ثلاثاً أسمعه يقولُ: المسلمون شُركاءُ في ثَلاثٍ: في الكلأِ، والماءِ، والنارِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف مسلسل بالمجاهيل، على اضطراب في إسناده فبعضهم يذكر فيه والد سيار بن منظور، وبعضهم لا يذكره كلما بينا ذلك في "المسند" (15945). وهو مكرر الحديث السالف برقم (1669). (¬2) إسناده صحيح. أبو خِدَاش كنية حِبّان بن زيد الشَّرْعبي. وأخرجه أبو عُبيد القاسم بن سلاّم في "الأموال" (729)، وابن أبي شيبة 7/ 304، وأحمد (23082)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 857، والبيهقي 6/ 150 من طريق حَريز بن عثمان، به. وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (315)، والبيهقي 6/ 150 من طريق سفيان الثوري، عن ثور بن يزيد الشامي، يرفعه إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. قال البيهقي: أرسله الثوري عن ثور، وإنما أخذه ثور عن حريز. =

63 - باب في بيع فضل الماء

63 - باب في بيع فضل الماء 3478 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيلي، حدَّثنا داودُ بن عبد الرحمن العطار، عن عمرِو بنِ دينار، عن أبي المنهال عن إياسِ بنِ عبدِ: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن بيعِ فضلِ الماء (¬1). ¬

_ = وفي الباب عن أبي هريرة عند أبي عبيد (731)، وابن ماجه (2473) وإسناده صحيح. قال الخطابي: معناه: الكلأ ينت في موات الأرض يرعاه الناس ليس لأحد أن يختصَّ به دون أحد، ويحجزه عن غيره، وكان أهل الجاهلية إذا غزا الرجلُ منهم حَمى بقعة من الأرض لماشيته ترعاها يذود الناسَ عنها، فأبطل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ذلك وجعل الناسَ فيها شِرعاً يتعاورونه بينهم، فأما الكلأ إذا نبت في أرض مملوكة لمالك بعينه، فهو مال له ليس لأحد أن يشركه فيه إلا بإذنه. وأما قوله: "والنار" فقد فسره بعض العلماء وذهب إلى أنه أراد به الحجارة التي تُوري النار، يقول: لا يُمنع أحدٌ أن يأخذ منها حجراً يقتدح به النار، فأما التي يوقدها الإنسان فله أن يمنع غيره من أخذها. وقال بعضهم: ليس له أن يمنع من يريد أن يأخذ منها جذوة من الحطب الذي قد احترق فصار جمراً، وليس له أن يمنع من أراد أن يستصبح منها مصباحاً، أو أن يُدني منها ضِغْثاً يشتعِل به، لأن ذلك لا يَنقُص من عينها شيئاً. والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح. أبو المنهال: هو عبد الرحمن بن مُطعِم البُناني. وأخرجه الترمذي (1317)، والنسائي (4662) من طريق داود بن عبد الرحمن، والنسائي (4663) من طريق ابن جريج، كلاهما عن عمرو بن دينار، به. زاد النسائي في رواية داود: وباع قيِّمُ الوَهَط فضل ماءِ الوهط، فكرهه عبدُ الله بنُ عمرو. والوَهَط: مال كان لعمرو بن العاص بالطائف على ثلاثة أميال من وَجٍّ، وهو كرْمٌ موصوف كان يُعرش على ألف ألف خشبة، شراء كل خشبة بدرهم، قال ياقوت: حج سليمان بن عبد الملك فمر بالوهط فقال: أحب أن انظر إليه، فلما رآه، قال: هذا أكرم مال وأحسنه، ما رأيت لأحد مثله لولا أن هذه الحرة في وسطه، فقيل له: ليست بحرة، ولكنها مسطاح الزبيب، وكان زبيبه جمع في وسطه، فلما رآه من البعد ظنه حرة سوداء. =

64 - باب في ثمن السنور

64 - باب في ثمن السِّنَّوْر 3479 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، أخبرنا. وحدَّثنا الربيع بنُ نافع أبو توبة وعلىُّ بنُ بحر، قالا: حدَّثنا عيسى، عن الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب والسِّنَّوْر (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2476)، والنسائي (4661) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، به أن إياس بن عبدٍ المزني رأى أناساً يبيعون الماء، فقال: لا تبيعوا الماء، فإني سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى أن يُباع. هذا لفظ ابن ماجه. وهو في "مسند أحمد" (15444) و (17236)، و"صحيح ابن حبان" (4952). (¬1) حديث صحيح. وهذا إسناد قوي من أجل أبي سفيان -واسمه طلحة بن نافع- فهو صدوق لا بأس به، ولكنه متابع. عيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، والأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه الترمذي (1325) من طريق عيسى بن يونس، به. وضعف هو وابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 402 - 403 طريق أبي سفيان هذه للاختلاف فيها على الأعمش، وهذا غير مُسلَّم لهما، لأن الحديث لم ينفرد أبو سفيان به، بل تابعه أبو الزبير محمد ابن مسلم المكي، على أنه صححه من طريق أبي سفيان: ابنُ الجارود (580)، والحاكمُ 2/ 34، والبيهقي 6/ 11. وانظر ما بعده وما سيأتي برقم (3807). قال الخطابي: النهي عن بيع السَّنَّور متأوَّل على أنه إنما كره من أجل أحد معنيين: إما لأنه كالوحشي الذي لا يملك قياده، ولا يصح التسليمُ فيه، وذلك لأنه ينتابُ الناسَ في دورهم ويطوفُ عليهم فيها، ثم يكاد ينقطع عنهم، وليس كالدوابّ التي تربط على الأَواري [الأَواري: جمع الآري، وهو عُروة تثبّت في حائط أو وتِد، تُشَدُّ فيها الدابة]، ولا كالطير الذي يحبس في الأقفاص، وقد يتوحش بعد الأنوسة، ويتأبَّد حتى لا يُقربَ ولا يُقدرَ عليه، فإن صار المشتري له إلى أن يحبسه في بيته أو يشدَّه في خيط أو سلسلة لم ينتفع به. =

3480 حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق، حدَّثنا عمر بنُ زيد الصنعانيُّ، أنه سمع أبا الزبير عن جابر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الهرِّ (¬1). ¬

_ = والمعنى الآخر: أن يكون انما نهى عن بيعه لئلا يتمانع الناس فيه، وليتعاوروا ما يكون منه في دورهم فيرتفقوا به ما أقام عندهم، ولا يتنازعوه إذا انتقل عنهم إلى غيرهم تنازع الملاك في النفيس من الأعلاق، وقيل: انما نهى عن بيع الوحشي منه دون الإنسي. وممن أجاز بيع السِّنَّور ابن عباس، وإليه ذهب الحسن البصري وابن سيرين والحكم وحماد، وبه قال مالك بن أنس وسفيان الثوري وأصحاب الرأي، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق وكره بيعه أبو هريرة وجابر وطاووس ومجاهد. (¬1) حديث صحيح. وهذا إسناد ضعيف لضعف عمر بن زيد الصنعاني ولكنه متابع. أبو الزبير: هو محمد بن مُسلم بن تدرُس المكي، وقد صرح بالسماع عند مسلم وغيره فانتفت شبهة تدليسه. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (8749)، ومن طريقه أخرجه ابنُ ماجه (3250)، والترمذي (1326). ولفظه: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن أكل الهر وثمنها. وقال الترمذي حديث غريب. وهو في "مسند أحمد" (14166). وأخرجه مسلم (1569) من طريق معقل بن عُبيد الله، والنسائي (4295) و (4668) من طريق حماد بن سلمة وابن ماجه (2161) من طريق ابن لهيعة، كلاهما عن أبي الزبير، به. زاد النسائي في روايته: "إلا كلب صيد" وقال: هذا منكر. ولفظ معقل عن أبي الزبير قال: سألت جابراً عن ثمن الكلب والسِّنَّور؟ فقال: زجر النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن ذلك. وهو في "صحيح ابن حبان" (4940). وانظر ما قبله. وسيتكرر برقم (3807)، وزاد هناك في روايته من غير طريق أحمد بن حنبل: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن ثمن الهر.

65 - باب في أثمان الكلاب

65 - باب في أثمان الكلاب 3481 - حدَّثنا قُتيبة بنُ سعيدٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن أبي بكر ابنِ عبد الرحمن عن أبي مسعود، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: أنه نهى عن ثمنِ الكلبِ، وَمَهْرِ البَغيِّ، وحُلوانِ الكاهِنِ (¬1). 3482 - حدَّثنا الربيعُ بن نافعِ أبو توبةَ، حدَّثنا عُبيد الله -يعني ابنَ عَمرو- عن عبد الكريم، عن قَيس بن حَبْتَرٍ عن عبد الله بنِ عباس، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب، وإن جاء يطلب ثمنَ الكلبِ، فاملأ كفَّه تُراباً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو مكرر الحديث السالف برقم (3428) وحلوان الكاهن: ما يعطاه على الكهانة، والكاهن: هو الذي يتعاطى الاخبار عن الكائنات في المستقبل، ويدعي معرفة الأسرار. (¬2) إسناده صحيح. عبد الكريم: هو ابن مالك الجزري. وأخرجه أحمد (2512)، وأبو يعلى (2600) من طريق عُبيد الله بن عمرو، بهذا الإسناد. ولفظه: "ثمن الكلب خبيث، فإذا جاءك يطلب ثمن الكلب، فاملأ كفيه تراباً" فجعله من قول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 245 و 14/ 202، وأحمد (2094) من طريق إسرائيل ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، عن عبد الكريم الجزري، به دون قوله: "وإن جاء يطلب ثمن الكلب". وأخرجه الطيالسي (2755) عن أبي الأحوص سلاَّم بن سُليم، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 52 من طريق زهير بن معاوية، والطبراني في "الكبير" (12601)، والدارقطني (2814) من طريق معقل بن عُبيد الله، ثلاثتهم عن عبد الكريم الجزري، به بلفظ: "ثمن الكلب حرام" ولم يذكر أبو الأحوص ولا زهير في روايتهما قوله: "وإن جاء يطلب ثمن الكلب" ... ووقع اسم معقل عند الطبراني مقلوباً إلى عبيد الله ابن معقل. =

3483 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا شعبة أخبرني عونُ ابن أبي جُحَيفةَ أن أباه قال: إن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن ثمنِ الكلِب (¬1). 3484 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهب، حدَّثني معروفُ بن سُوَيدٍ الجُذاميُّ أن عُلَّي بنَ رباح اللخميَّ حدَّثه أنه سَمِعَ أبا هريرة يقولُ: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَحِل ثمنُ الكلب، ولا حُلوانُ الكاهِنِ، ولا مَهْرُ البغى" (¬2). ¬

_ = وأخرجه النسائي (4667) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في أشياء حرَّمها: وثمن الكلب. (¬1) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه البخاري (2086) عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18756)، و"صحيح ابن حبان" (4939). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل معروف بن سويد الجذامي، لكن للحديث طرق أخرى كما سيأتي. ابنُ وهب: هو عَبد الله. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (4293) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرج ابن ماجه (2160)، والنسائي في "الكبرى" (4680) و (4681) و (6226) و (6227) من طريق أبي حازم سلْمان الأشجعي، عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب وعسب الفحل، وعند النسائي قال: التيس، بدل: الفحل، وجاء في رواية النسائي الثانيَة وحدها ذكر مهر البغي، ولم يرد ذكر حلوان الكاهن في شيء. وأخرجه الترمذي (1327) من طريق أبي المهزَّم، عن أبي هريرة قال: نهى عن ثمن الكلب إلا كلب الصيد. وقال: هذا حديث لا يصح من هذا الوجه. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (4673) من طريق عبد الرحمن بن أبي نعم، عن أبي هريرة قال: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن كسب الحجام وعن ثمن الكلب، وعن عسب الفحل. وإسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" (7976) و (10490)، و"صحيح ابن حبان" (4941). وفي الباب عن أبي مسعود سلف عند المصنف برقم (3428).

66 - باب في ثمن الخمر والميتة

66 - باب في ثمن الخمر والميتة 3485 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحِ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهْبٍ، حدَّثنا معاويةُ ابن صالحِ، عن عبد الوهَّاب بن بُخْتٍ، عن أبي الزناد، عن الأَعرج عن أبي هريرة، أن رسولَ - الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إن الله حَرَّمَ الخمرَ وثمنَها، وحَرمَ الميتة وثمنَها، وحَزَمَ الخِنزيرَ وثمنَه" (¬1). 3486 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا الليثُ، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله، أنه سَمعَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول عامَ الفتح وهو بمكَة: إنَّ الله عزّ وجلّ حرّم بَيْعَ الخمرِ والميتةِ والخنزيرِ والأصنامِ " فقيل: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، أرأيتَ شُحومَ الميتة، فإنه يُطْلى بها السُفُن ويُدْهَنُ بها الجُلودُ، ويَستصبِحُ بها الناسُ؟ فقال: "لا، هو ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرمز، وأبو الزناد: هو عبد الله ابن ذكوان. وأخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (116)، وفي "مسند الشاميين" (2074)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 2401، والدارقطني (2816)، والبيهقي 6/ 12 من طريق عبد الله بنِ وهب، بهذا الإسناد. قال الخطابي: فيه دليل على أن من أراق خمر النصراني أو قتل خنزيراً له، فإنه لا غرامة عليه لانه لا ثمن لها في حكم الدين. وفيه دليل على فساد بيع السرقين، وبيع كل شيء نجس العين، وفيه دليل على أن بيع شعر الخنزير لا يجوز. واختلفوا في جواز الانتفاع به فكرهت طائفة ذلك وممن منع منه ابن سيرين والحكم وحماد والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال أحمد وإسحاق: الليف أحب إلينا، وقد رخص فيه الحسن والأوزاعي ومالك وأصحاب الرأي.

حرام" ثم قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عند ذلك: "قَاتَلَ الله اليهود! إن الله لما حَرَّمَ عليهم شحُومَها، أجْمَلُوُه ثم باعُوه، فأكلوا ثَمَنَه (¬1). 3487 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدَّثنا أبو عاصم، عن عبدِ الحميد بن جعفر، عن يزيدَ بنِ أبي حبيب، قال: كتب إليَّ عطاء، عن جابر، نحوه، لم يقل: "هو حَرامٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعْد. وأخرجه البخاري (2236)، ومسلم (1581)، وابن ماجه (2167)، والترمذي (1343)، والنسائي (4256) و (4669) من طريق يزيد بن أبي حبيب، به. وهو في مسند أحمد (14472)، و"صحيح ابن حبان" (4937). وانظر ما بعده. قال الخطابي: قوله: "جملوها" معناه: أذابوها حتى تصير ودكاً، فيزول عنها اسم الشحم، يقال: جملتُ الشحم، وأجملتُه إذا أذبتَه، قال لبيد: فاشتوى ليلةَ رِيح واجتمل وفي هذا بيان بطلان كل حيلة يُحتال بها توصل إلى محرم، وأنه لا يتغير حكمه بتغير هيئته وتبديل اسمه. وفيه دليل على جواز الاستصباح بالزيت النجس، فإن بيعه لا يجوز. وفي تحريمه ثمن الأصنام دليل على تحريم بيع جميع الصور المتخذة من الطين والخشب والحديد والذهب والفضة، وما أشبه ذلك من اللُّعب ونحوها. وفي الحديث دليل على وجوب العبْرة واستعمال القياس، وتعدية معنى الاسم إلى المثل أو النظير، خلاف قول من ذهب من أهل الظاهر إلى إبطالها. ألا تراه كيف ذم من عدل عن هذه الطريقة، حتى لعن من كان عدوله عنها تذرُّعاً إلى الوصول به إلى محظور؟ (¬2) إسناده صحيح كسابقه. أبو عاصم: هو الضحاك بن مَخْلد. وأخرجه البخاري تعليقاً (2236)، ومسلم (1581) من طريق عبد الحميد بن جعفر، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

3488 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، أن بِشر بن المُفَضلِ وخالدَ بنَ عبد الله الطّحان حدثاهم -المعنى- عن خالد الحذاء، عن بركة -قال مسدَّدٌ في حديثه: عن خالد بن عبد الله: عن بركة أبي الوليد، ثم اتفقا- عن ابنِ عباس، قال: رأيت رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- جالساً عند الركن، قال: فرفع بصره إلى السماء فَضَحِكَ، فقال: "لَعَنَ الله اليهودَ! -ثلاثاً- إن الله حرم عليهم الشحومَ فباعُوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرَّم على قومٍ أكلَ شيءٍ حَرّم عليهم ثمنَه" ولم يقل في حديث خالد بن عبد الله الطّحّان: رأيت، وقال: "قاتلَ الله" (¬1). 3489 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا ابنُ إدريسَ ووكيعٌ، عن طُعمة ابنِ عَمرو الجعفريِّ، عن عُمَرَ بنِ بيانٍ التَّغْلِبِيِّ، عن عروةَ بن المغيرةِ بن شعبةَ عن المغيرة بن شعبة، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ بَاعَ الخَمرَ فَلْيُشَقِّصِ الخَنازيرَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. بركة: هو ابنُ العريان المُجاشعي، وخالد الحذاء: هو ابن مِهران، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه أحمد (2221) و (2678) و (2961)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 147، وابن حبان (4938)، والطبراني في "الكبير" (12887)، والبيهقي 6/ 13 - 14 من طرق عن خالد بن مهران الحذاء، به. وأخرجه الطبراني (12378) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وأخرجه أحمد (170)، والبخاري (2223) و (3460)، ومسلم (1582)، وابن ماجه (3383)، والنسائي (4257) من طريق عمرو بن دينار، عن ابن عباس، عن عمر. دون قوله: إن الله إذا حرَّم على قوم أكل شيء حرّم عليهم ثمنه". (¬2) إسناده ضعيف لجهاله حال عمر بن بيان التغلبي، فقد روى عنه اثنان، ولم يذكره في "الثقات" غير ابن حبان، وقول أبي حاتم فيه: معروف، يعي معروف العين، وقال أحمد في "العلل"، 1/ 208: لا أعرفه. =

3490 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا شعبةُ، عن سليمانَ، عن أبي الضُحى، عن مسروق عن عائشة، قالت: لما نرلَت الأياتُ الأواخِرُ مِن سورة البقرة، خرج رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقرأهُنَ علينا، وقال: "حُرِّمَتِ التجارةُ في الخمرِ" (¬1). 3491 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، بإسنادِه ومعناه، قال: الأياتُ الأواخِرُ في الربا (¬2). ¬

_ = وأخرجه الطيالسي (700)، وابن أبي شيبة 6/ 445، وأحمد (18214)، والحميدي (760)، والد ارمي (2102)، والطبر اني في "الكبير" 20/ (884)، وفي "الأوسط" (8527)، والبيهقي 6/ 12 من طريق طعمة بن عمرو، بهذا الإسناد. وقال الطبراني: لا يُروى هذا الحديث عن المغيرة إلا بهذا الإسناد، تفرد به طعمة بن عمرو. (¬1) إسناده صحيح. مسروق: هو ابن الأجدع، وأبو الضحى: هو مسلم بن صُبيح، وسليمان: هو ابن مهران الأعمش، مشهور بلقبه. وأخرجه البخاري (459)، ومسلم (1580)، والنسائي (4665) من طريق أبي الضحى مسلم بن صبيح، به. وهو في "مسند أحمد" (24193)، و"صحيح ابن حبان" (4943). وانظر ما بعده. قال الحافظ في "الفتح" 1/ 554: قال القاضي عياض: كان تحريم الخمر قبل نزول آية الربا بمدة طويلة، فيحتمل أنه أخبر بتحريمها مرة بعد أخرى تأكيداً. ثم قال الحافظ: ويحتمل أن يكون تحريم التجارة فيها تأخر عن وقت تحريم عينها، والله أعلم. (¬2) إسناده صحيح كسابقه. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وأخرجه مسلم (1580)، وابن ماجه (3382) من طريق أبي معاوية الضرير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24193)، و"صحيح ابن حبان" (4943). وانظر ما قبله.

67 - باب في بيع الطعام قبل أن يستوفى

67 - باب في بيع الطعام قبل أن يُستَوفَى 3492 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن مالك، عن نافع عن ابنِ عمر، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من ابتاع طعاماً، فلا يَبِعْهُ حتى يستوفيَه (¬1). 3493 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلمةَ، عن مالك، عن نافع عن ابنِ عمر أنه قال: كنا في زَمَنِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نبتاع الطعامَ، فيبعث علينا مَن يأمُرنا بانتقاله مِن المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكانٍ سواهُ قبلَ أن نبيعَه، يعني جِزَافاً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 640. وأخرجه البخاري (2126)، ومسلم (1526)، وبإثر (1527)، وابن ماجه (2226)، والنسائي (4595) من طرق عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (396)، و "صحيح ابن حبان" (4986). وأخرجه البخاري (2133)، ومسلم (1526)، والنسائي (4596) من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. وانظر ما بعده وما سيأتي برقم (3494) و (3495) و (3498) و (3499) قال الخطابي: أجمع أهل العلم على أن الطعام لا يجوز بيعه قبل القبض. واختلفوا فيما عداه من الأشياء، فقال أبو حنيفة وأبو يوسف: ما عدا الطعام بمنزلة الطعام، إلا الدور والأرضون، فإن بيعها قبل قبضها جائز. وقال الشافعي ومحمد بن الحسن: الطعام وغير الطعام من السلع والدور والعقار في هذا سواء، لا يجوز بيع شيء منها حتى تقبض، وهو قول ابن عباس. وقال مالك بن أنس: ما عدا المأكول والمشروب جائز أن يباع قبل أن يقبض، وقال الأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق: يجوز بيع كل منها ما خلا المكيل والموزون، وروي ذلك عن ابن المسيب والحسن البصري والحكم وحماد. (¬2) إسناده صحيح. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وهو في "موطأ مالك" 2/ 641. وأخرجه البخاري (2123) و (2166)، ومسلم (1527)، والنسائي (4605) و (4657) من طرق عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (395) و (4639). وانظر تالييه، وما سيأتي برقم (3498) و (3499). قال الخطابي: القبوض تختلف في الأشياء حسب اختلافها في أنفسها وحسب اختلاف عادات الناس فيها، فمنها ما يكون بأن يوضع المبيع في يد صاحبه، ومنها ما يكون بالتخلية بينه وبين المشتري، ومنها ما يكون بالنقل من موضعه، ومنها ما يكون بأن يكتال وذلك فيما بيع من المكيل كيلاً، فأما ما يباع منه جزافاً صبرة مضمومة على الأرض فالقبض فيه أن ينقل ويُحوَّل من مكانه، فإن ابتاع طعاماً كيلاً ثم أراد أن يبيعه بالكيل الأول لم يجز حتى يكيله على المشتري ثانياً، وذلك لما روي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، صاع البائع وصاع المشتري. وممن قال: إنه لا يجوز بيعه بالكيل الأول حتى يكال ثانياً أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق، وهو مذهب الحسن البصري ومحمد بن سيرين والشعبي، وقال مالك: إذا باعه نسيئة فهو المكروه، فأما إذا نقداً فلا بأس أن يبيعه بالكيل الأول. وروي عن عطاء أنه أجاز بيعه نسيئة كان أو نقداً. وقال ابن القيم: قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن من اشترى طعاماً، فليس له بيعه حتى يقبضه، وحكي ذلك عن غير واحد من أهل العلم إجماعاً. فأما غير الطعام، فاختلف فيه الفقهاء على أقوال عديدة: أحدها: أنه يجوز بيعه قبل قبضه مكيلاً كان أو موزوناً، وهذا مشهور مذهب مالك، واختاره أبو ثور وابن المنذر. والثاني: أنه يجوز بيع الدور والأرض قبل قبضها، وما سوى العقار، فلا يجوز بيعه قبل القبض وهذا مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف. والثالث: ما كان مكيلاً أو موزوناً، فلا يصح بيعه قبل القبض سواء أكان مطعوماً أم لم يكن، وهذا يروى عن عثمان رضي الله عنه، وهو مذهب ابن المسيب والحسن والحكم وحماد والأوزاعي وإسحاق وهو المشهور من مذهب أحمد بن حنبل. والرابع: أنه لا يجوز بيع شيء من المبيعات قبل قبضه بحال، وهذا مذهب ابن عباس، ومحمد بن الحسن وهو إحدى الروايات عن أحمد.

3494 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا يحيى، عن عُبيد الله، أخبرني نافع عن ابن عمر، قال: كانوا يتبايَعُون الطعامَ جِزَافاً بأعلى السوقِ، فنهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يبيعُوه حتى ينقُلُوه (¬1). 3495 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحْ، حدَّثنا ابنُ وهب، حدَّثنا عَمرو، عن المُنذر بن عُبَيد المديني، أن القاسمَ بن محمد حدَّثه أن عبدَ الله بن عمر حدَّثه: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهى أن يبيع أحدٌ طعاماً اشتراه بكيلٍ حتى يستوفيَه (¬2). 3496 - حدَّثنا أبو بكرٍ وعثمانُ ابنا أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن ابن طاووسِ، عن أبيه عن ابن عباس، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من ابتاعَ طَعاماً فلا يَبِعْه حتى يكتاله" زاد أبو بكر قال: قلتُ لابن عباس: لم؟ قال: ألا ترى أنهم يتبايعون بالذهبِ والطعامِ مُرْجًى (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر العمري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه البخاري (2167)، ومسلم بإثر (1527)، وابن ماجه (2229)، والنسائي (4606) من طريق عُبيد الله بن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (4639). وانظر سابقيه. (¬2) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن من أجل المنذر بن عُبيد المديني، لكن روي الحديث من وجوه أخرى صحيحة كما في الأحاديث الثلاثة السالفة قبله، وكما سيأتي برقم (3498) و (3499). ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو: هو ابن الحارث. وأخرجه النسائي (4604) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. (¬3) إسناده صحيح. ابن طاووس: هو عبد الله، وسفيان: هو الثوري، ووكيع: هو ابن الجراح.=

3497 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ وسُليمان بنُ حَربٍ، قالا: حدَّثنا حمادٌ، وحدَّثنا مسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عوانة، وهذا لفظ مُسَدَّدٍ، عن عمرو بن دينار، عن طاووس عن ابن عباس، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا اشترى أحدُكُم طعاماً فلا يَبِعْه حتى يَقبِضَه" قال سليمانُ بن حرب: "حتى يستوفيَه" زاد مسدَّدٌ قال: وقال ابنُ عباس: وأحسب أن كلَّ شيء مثلَ الطعام (¬1). 3498 - حدَّثنا الحسنُ بن علي، حدَّثنا عبدُ الرزاق، حدَّثنا مَعْمَرٌ، عن الزهري، عن سالم ¬

_ = وأخرجه البخاري (2132)، ومسلم (1525)، والنسائي (4597) و (4599) و (4600) من طريق عبد الله بن طاووس، به. وهو في "مسند أحمد" (2275). وانظر ما بعده. وانظر ما سلف بالأرقام (3492 - 3495). قال الخطابي: قوله: والطعام مُرْجىً، أي: مؤجَّل، وكل شيء أخّرتَه فقد أرجيتَه، يقال: أرجَيتُ الشيء ورجّيتُه أي: أخرته، وقد يتكلم به مهموزاً وغير مهموز. وليس هذا من باب الطعام الحاضر، ولكنه من باب السلف وذلك مثل أن يشتري منه طعاماً بدينار إلى أجل فيبيعه قبل أن يقبضه منه بدينارين، وهو غير جائز. (¬1) إسناده صحيح كسابقه. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وحماد: هو ابن زيد. وأخرجه البخاري (2135)، ومسلم (1525)، وابن ماجه (2227)، والترمذي (1337)، والنسائي (4598) من طريق عمرو بن دينار، به. وهو في "مسند أحمد" (1847)، و"صحيح ابن حبان" (4980). وانظر ما قبله.

عن ابن عمر، قال: رأيت الناس يُضْرَبونَ على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا اشتروا الطعام جزَافاً أن يبيعوه حتى يُبلغَه إلى رَحلِه (¬1). 3499 - حدَّثنا محمدُ بنُ عَوفٍ الطائيُّ، حدَّثنا أحمدُ بنُ خالد الوهبيُّ، حدَّثنا محمدُ بن إسحاقَ، عن أبي الزّنادِ، عن عبيد بن حنين عن ابن عمر، قال: ابتعت زيتاً في السوق، فلما استوجبته لقِيني رجلٌ، فأعطاني به ربحاً حسناً، فأردتُ أن أضرِبَ على يدِه، فأخذ رجلٌ من خَلْفي بذراعي، فالتفتُّ فإذا زيدُ بن ثابت، فقال: لا تَبِعْهُ حيث ابتعتَه حتى تَحُوزَهُ إلى رَحْلِكَ، فإن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى أن تُباع السلعُ حيث تُبتاعُ حتى يَحُوزَهَا التجارُ إلى رَحالهم (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، والزهري: هو محمد بن مسلم بن عُبيد الله بن عَبد الله بن شهاب، ومعمر: هو ابن راشد البصري، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، والحسن بن علي: هو الخلاّل. وأخرجه البخاري (2131) و (2137) و (6852)، ومسلم بإثر (1527)، والنسائي (4608) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (4517). وانظر ما سلف برقم (3492) و (3493). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالسماع عند أحمد في "المسند" وغيره، فانتفت شبهة تدليسه، وقد توبع. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان. وأخرجه أحمد (21668)، وابن حبان (4984)، والطبراني في "الكبير" (4782)، والدارقطني (2831)، والحاكم 2/ 40، والبيهقي 5/ 314 من طريق ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني (4781)، والدارقطني (2829) من طريق جرير بن حازم، والدارقطني (2830) من طريق إسحاق بن حازم، كلاهما عن أبي الزناد، به. بإسناد طريق جرير بن حازم صحيح.

68 - باب في الرجل يقول عند البيع: "لا خلابة"

68 - باب في الرجل يقول عند البيع: "لا خِلاَبَةَ" 3500 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسْلَمةَ، عن مالك، عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر: أن رجلاً ذكر لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنه يُخْدَعُ في البيع، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: " وإذا بايعتَ فقل: لا خِلابَة" فكان الرجلُ إذا بايع يقولُ: لا خِلابَةَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 685. وأخرجه البخاري (2117)، ومسلم (1533)، والنسائي (4484) من طريق عبد الله بن دينار، به. وهو في "مسند أحمد" (5036) و (5970)، و"صحيح ابن حبان" (5051). قال الخطابي: الخلابة مصدر خلبتُ الرجل: إذا خدعتهَ، وأخلُبه خلباً وخلابة، قال الشاعر: شر الرجال الخالب المخلوب قال التوربشتي: لقنه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - هذا القول ليتلفظ به عند البيع ليطلع به صاحبه على أن ليس من ذوي البصائر في معرفة السلع ومقادير القيمة فيهن ليرى له كما يرى لنفسه، وكان الناس في ذلك أحقاء لا يغبنون أخاهم المسلم، وكانوا ينظرون له كما ينظرون لأنفسهم. وقال الخطابي: ويستدل بهذا الحديث على أن الكبير لا يحجر عليه، إذ لو كان إلى الحجر عليه سبيل، لحجر عليه ولأمر أن لا يبايع ولم يقتصر على قوله: "لا خلابة". قال الخطابي: والحجر على الكبير إذا كان سفيهاً مفسداً لماله واجب كهو على الصغير، وهذا الحديث إنما جاء في قصة حبان بن منقذ ولم يذكر صفة سفه ولا إتلافاً لماله، وإنما جاء أنه كان يُخدع في البيع، وليس كل غبن في شيء يجب أن يحجر عليه، وللحجر حدٌّ فإذا لم يبلغ ذلك الحدَّ لم يستحق الحجر. وقد اختلف الناس في تأويل هذا الحديث: فذهب بعضهم إلى أنه خاصٌّ في أمر حَبَّان بن منقذ، وأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - جعل هذا القول شرطاً له في بيوعه ليكون له الرد به إذا =

3501 - حدَّثنا محمد بنُ عبد الله الأَرُزِّيُّ وإبراهيمُ بنُ خالد أبو ثور الكَلْبي -المعنى- قالا: حدَّثنا عبدُ الوهَّاب -قال محمد: عبد الوهَّاب بنُ عطاء- أخبرنا سعيد، عن قتادة عن أنس بنِ مالك: أن رجلاً على عَهْدِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يبتاعُ وفي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، فأتى أهلُه نبيَّ الله، فقالوا: يا نبي الله، احْجُرْ على فلانٍ فإنه يبتاعُ وفي عُقْدَتِهِ ضعفٌ، فدعاهُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فنهاه عن البيع، فقال: يا نبي الله، إني لا أصْبِرُ عن البيع، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن كنتَ غَيرَ تاركٍ البيع فقل: هاء وهاء ولا خِلابَةَ" (¬1). قال أبو ثور: عن سعيد. ¬

_ = تبين الغبن في صفقته، فكان سبيله سبيل من باع أو اشترى على شرط الخيار، وقال غيره: الخبر على عمومه في حبان وغيره. وقال مالك بن أنس في بيع المغابنة: إذا لم يكن المشتري ذا بصيرة كان له فيه الخيار. وقال أحمد في بيع المسترسل: يكره غابنه، وعلى صاحب السلعة أن يستقصي له، وقد حكي عنه أنه قال: إذا بايعه وقال: لا خلابة، فله الرد، وقال أبو ثور: البيع -إذا غُبن فيه أحدُ المتابعين غبناً لا يتغابن الناس فيما بينهم بمثله- فاسد، كان المتبايعان خابري الأمر أو محجوراً عليهما. وقال أكثر الفقهاء: إذا تصادر المتبايعان عن رضاً -وكانا عاقلين غير محجورين- فغبن أحدهما فلا يرجع فيه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الوهاب بن عطاء، فهو صدوق لا باس، وقد توبع. وأخرجه ابن ماجه (2354)، والترمذي (1294)، والنسائي (4485) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، عن سعيد بن أبي عروبة، به. وهو في "مسند أحمد" (13276)، و"صحيح ابن حبان" (5049) و (5050). وفي تفسير قوله: "هاء وهاء" انظر كلام الخطابي عند الحديث السالف برقم (3348).

69 - باب في العربان

69 - باب في العُرْبانِ 3502 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلمةَ، قال: قرأتُ على مالك بن أنس أنه بلغَه، عن عَمرو بن شُعيب، عن أبيه عن جده، أنه قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن بيع العُربان (¬1). ¬

_ (¬1) هو في "الموطأ" برواية يحيى بن يحيى 2/ 609، ورواية أبي مصعب الزهري (2470) عن مالك، عن الثقة عنده، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. قال الحافظ ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 176: وقال القعنبيُّ والتِّنِّيسيُّ وجماعة عن مالك أنه بلغه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وسواء قال: عن الثقة عنده أو بلغه، لأنه كان لا يأخذ ولا يحدّث إلا عن ثقة عنده، وقد تكلم الناسُ في الثقة عنده في هذا الموضع، وأشبه ما قيل فيه: إنه أخذه عن ابن لهيعة، أو عن ابن وهب عن ابن لهيعة ... وما رواه عنه ابن المبارك وابن وهب، فهو عند بعضهم صحيح، ومنهم من يضعِّف حديثه كله. قلنا: وقد رواه كذلك قتيبة بن سعيد، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وقتيبة ممن يصحح العلماء حديث ابن لهيعة من طريقه. وقال الحافظ ابن عدي في "الكامل" 4/ 1471: والحديث عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب مشهور. وأخرجه ابن ماجه (2192) عن هشام بن عمار، والبيهقي 5/ 342 من طريق عبد الله بن وهب، كلاهما عن مالك أنه بلغه عن عمرو بن شعيب. وهو في "مسند أحمد" (6723) عن إسحاق بن عيسى بن الطباع، عن مالك، عن الثقة، عن عمرو بن شعيب، وأخرجه ابن ماجه (2193) من طريق حبيب بن أبي حبيب، عن عبد الله بن عامر الأسلمي، عن عمرو بن شعيب، به وحبيب متروك الحديث، وشيخه ضعيف. وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 4/ 177 من طريق حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، عن مالك، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، به. وأخرجه ابن عدي 4/ 1471، ومن طريق البيهقي 5/ 343 عن محمد بن حفص، عن قتيبة بن سعيد، عن ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. =

70 - باب في الرجل يبيع ما ليس عنده

قال مالك: وذلك -فيما نُرى، والله اعلمُ- أن يشتريَ الرجلُ العبدَ أو يتكارَى الدابةَ ثم يقول: أُعطيك ديناراً على أني إن تركتُ السِّلعةَ أو الكِراء فما أعطيتُك لك. 70 - باب في الرجل يبيع ما ليس عنده 3503 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا أبو عوانةَ، عن أبي بِشرٍ، عن يوسف بنَ ماهَك عن حكيم بن حزام، قال: يا رسول َاللهِ، يأتيني الرجلُ فيريد مني البيعَ ليس عندي، أفأبتاعُه له مِن السوق؟ فقال: "لا تَبِعْ ما لَيسَ عندَك َ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الدارقطني والبيهقي في كتابيهما "الرواة عن مالك" كما في "التلخيص الحبير" 3/ 17 من طريق الهيثم بن اليمان أبي بشرالرازي، عن مالك، عن عمرو بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. والهيثم بن اليمان قال عنه أبو حاتم الرازي: صالح صدوق. وهو من شيوخه. وكلمة صدوق عند أبي حاتم بالنسبة إلى شيوخه يعني أنه ثقة كما هو معروف عند حذَّاق هذا الفن. قال الخطابي: هكذا تفسير بيع العربان [قلنا: يعني كما فسرهُ مالك بإثر الحديث] وفيه لغتان: عُربان وأُربان، ويقال أيضاً: عربون وأُربون. وقد اختلف الناس في جواز هذا البيع، فأبطله مالك والشافعي للخبر، ولما فيه من الشرط الفاسد والغرر، ويدخل ذلك في اكل المال بالباطل، وأبطله أصحاب الراي. وقد روي عن ابن عمر أنه أجاز هذا البيع، ويروى ذلك أيضاً عن عمر. ومال أحمد بن حنبل إلى القول بإجازته، وقال: أي شيء أقدر أن أقول وهذا عمر رضي الله عنه، يعني أنه أجازه، وضعف الحديث فيه لأنه منقطع، وكأن رواية مالك فيه عن بلاغ. وفي "المغني" 6/ 331: قال أحمد: لا بأس به، وفعله عمر رضي الله عنه، وعن ابن عمر أجازه، وقال ابن سيرين: لا بأس به. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، فإن يوسف بن ماهك لم يسمع من حكيم بن حزام فيما نقله الحافظ العلائي، عن الإمام أحمد، وقال: بينهما =

3504 - حدَّثنا زهيرُ بن حَرْبٍ، حدَّثنا إسماعيلُ، عن أيوبَ، حدَّثني عَمرو بنُ شُعيب، حدَّثني أبي، عن أبيه ¬

_ = عبد الله بن عصمة الجُشَمي، وإلى ذلك أشار البخاري في ترجمة عبد الله بن عصمة في "تاريخه"، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"، وابن حبان في "الثقات". وهو الذي صححه الحافظان العلائي وابن عبد الهادي لكن لفظ الرواية المتصلة: "إذا اشتريت بيعاً، فلا تبعْه حتى تقبضَه"، فالحديث بهذا اللفظ متصل، وللفظ المصنف هنا شاهد سيأتي ذكره. أبو بشر: هو جعفر بن إياس أبي وحشية. وأخرجه ابن ماجه (2187)، والترمذي (1276)، والنسائي (4613) من طريق أبي بشر جعفر بن إياس، والترمذي (1277) و (1279) من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن يوسف بن ماهك، به. وهو في "مسند أحمد" (15311). وأخرجه أحمد كما في "أطراف المسند" للحافظ ابن حجر 2/ 283 من طريق سفيان الثوري، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" (3428) من طريق شيبان بن عبد الرحمن النحوي، كلاهما عن يحيى بن أبي كثير، عن يعلى بن حكيم، عن يوسف ابن ماهك، عن عبد الله بن عصمة، عن حكيم بن حزام بلفظ: "إذا اشتريت بيعاً، فلا تبعه حتى تقبضَه". وإسناده حسن. فإن عبد الله بن عصمة روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات". وقد حسن هذا الإسناد الحافظ البيهقي في "السنن الكبرى" 5/ 313. ويشهد للفظ رواية المصنف هنا حديثُ عبد الله بن عمرو الآتي بعده وإسناده حسن، وبه يصح الحديث. وقد سلفت شواهد الرواية المتصلة عند المصنف بالأرقام (3492 - 3499). قال الخطابي: قوله: "لا تبع ما ليس عندك" يريد بيع العين دون بيع الصفة، ألا ترى أنه أجاز السلم إلى الآجال، وهو بيع ما ليس عند البائع في الحال، وإنما نهى عن بيع ما ليس عند البائع من قبل الغرر، وذلك مثل أن يبيعه عبده الأبق أو جملَه الشارد ويدخل في ذلك كل شيء ليس بمضمون عليه مثل أن يشتري سلعة فيبيعها قبل أن يقبضها، ويدخل في ذلك بيع الرجل مال غيره موقوفاً على إجازة المالك، لأنه يبيع ما ليس عنده ولا في ملكه، وهو غرر، لأنه لا يدري هل يجيزه صاحبه أم لا؟ والله أعلم.

حتى ذكر عبد الله بن عمرو، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إلا يَحِلُّ سَلفٌ وبَيْعٌ، ولا شرطانِ في بَيعٍ، ولا رِبحُ ما لم يُضمَن، ولا بيعُ ما ليسَ عندك" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. أيوب: هو ابن أبي تيمة السختياني، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم المعروف بابن عُلَيَّه. والمقصود بقوله في الإسناد: عن أبيه: هو عبد الله ابن عمرو بن العاص، لأن شعيبًا إنما يروي عن جده عبد الله بن عمرو إذ مات أبوه محمد وهو صغير، فكفله جده، وعنه روى الحديث، وما جاء في هذا الإسناد من قوله: حتى ذكر عبد الله بن عمرو يؤيد ذلك، لأنه بيان لقوله: عن أبيه، لا أن شعيباً يرويه عن أبيه محمد ومحمد يرويه عن عبد الله بن عمرو، ومما يؤكد ذلك أن أحداً ممن خرج الحديث لم يزد في الإسناد على قوله عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. والله أعلم. وأخرجه ابن ماجه (2188)، والترمذي (1278)، والنسائي في "المجتبى" (4611) و (4629 - 4631) من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (6628). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5010)، وابن حبان (4321) من طريق ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. ونقل المزي في "التحفة" (8885) أن النسائي قال فيه: هذا الحديث حديث منكر، وهو عندي خطأ، والله أعلم. قلنا: قد روى هذا الحديث الحاكم 4/ 17: من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن يزيد بن زُريع، حدَّثنا عطاء الخراساني، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص. قال الخطابي: أما الحديث الأول وقوله: "لا يحل سلف وبيع" فهو من نوع ما تقدم بيانه فيما مضى من نهيه عن بيعتين في بيعة، وذلك مثل أن يقول: أبيعك هذا العبد بخمسين ديناراً على أن تسلفني ألف درهم في متاع أبيعه منك إلى أجل، أو يقول: أبيعك بكذا على أن تقرضني ألف درهم، ويكون معنى السلف: القرض، وذلك فاسد لأنه إنما يقرضه على أن يُحابيه في الثمن، فيدخل الثمن في حدِّ الجهالة، ولأن كل قرض جر نفعاً فهو ربا. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأما "ربح ما لم يُضمن" فهو أن يبيعه سلعة قد اشتراها، ولم يكن قبضها فهي من ضمان البائع الأول ليس من ضمانه، فهذا لا يجوز بيعه حتى يقبضه، فيكون من ضمانه. وأما قوله: "لا تبع ما ليس عندك" فقد فسّرناه قبل. وأما قوله: "ولا شرطان في بيع" فإنه بمنزلة بيعتين. وهو أن يقول: بعتك هذا الثوب حالاً بدينار، ونسيئة بدينارين، فهذا بيع تضمن شرطين يختلف المقصود منه باختلافهما، وهو الثمن، ويدخله الغرر والجهالة. ولا فرق في مثل هذا بين شرط واحد، وبين شرطين، أو شروط ذات عدد في مذاهب أكثر العلماء. وفرق أحمد بن حنبل بين شرط واحد، وبين شرطين اثنين، فقال: إذا اشترى منه ثوباً واشترط قصارته صح البيع، فإن شرط عليه مع القصارة الخياطة فسد البيع. قال الشيخ [هو الخطابي]: ولا فرق بين أن يشترط عليه شيئاً واحداً أو شيئين لأن العلة في ذلك كله واحدة، ذلك لأنه إذا قال: بعتك هذا الثوب بعشرة دراهم على أن تقصر لي العشرة التي هي الثمن تنقسم على الثوب وعلى أجر القصارة، فلا يُدرى حينئذٍ كم حصة الثوب من حصة الإجارَة؟ وإذا صار الثمن مجهولاً بطل البيع، وكذلك هذا في الشرطين والأكثر. وكل عقد جَمَعَ تجارة وإجارة فسبيله في الفساد هذا السبيل. وفي معناه أن يبتاع منه قفيز حنطة بعشرة دراهم على أن يطحنها أو أن يشتري منه حمل حطب على أن ينقله إلى منزله، وما أشبه ذلك مما يجمع بيعاً وإجارة. والمشروط على ضروب: فمنها ما ينقض البيوع ويُفسدها، ومنها ما لا يلائمها ولا يفسدها، وقد روي: "المسلمون عند شروطهم" وثبت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -:كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل". فعُلِم أن بعض الشروط يصح بعضها ويبطل، وقال: "من باع عبداً وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع، فهذه الشروط قد أثبتها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في عقد البيوع، ولم يَرَ العقد يفسُد بها، فعلمت أن ليس كل شرط مبطلاً للبيع. =

71 - باب في شرط في بيع

71 - باب في شرطٍ في بيع 3505 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى -يعني ابنَ سعيد- عن زكريا، حدَّثنا عامر ¬

_ = وجماع هذا الباب أن يُنظر، فكل شرط كان من مصلحة العقد أو من مقتضاه، فهو جائز، مثل أن يبيعه على أن يرهنه داره، أو يقيم له كفيلاً بالثمن، فهذا من مصلحة العقد والشرط فيه جائز. وأما مقتضاه: فهو مثل أن يبيعه عبداً على أن يُحسن إليه وأن لا يكلّفه من العمل ما لا يطيقه، وما أشبه ذلك من الأمور القي يجب عليه أن يفعلها. وكذلك لو قال له: بعتك هذه الدار على أن تَسكُنها أو تُسكِنها من شئت وتكريها، وتتصرف فيها بيعاً وهبة، وما أشبه ذلك مما يفعله في ملكه. فهذا شرط لا يقدح في العقد، لأن وجوده ذكراً له، وعدمه سكوتاً عنه في الحكم سواء. وأما ما يفسد البيع من الشروط فهو كل شرط يُدخل الثمن في حدِّ الجهالة، أو يوقع في العقد أو في تسليم المبيع غرراً، أو يمنع المشتري من اقتضاء حق الملك في المبيع. فأما ما يُدخل الثمن في حدّ الجهالة فهو أن يشتري منه سلعة ويشترط عليه نقلها إلى بيته، أو ثوباً ويشترط عليه خياطته، في نحو ذلك من الأمور. وأما ما يجلب الغرر: فمثل أن يبيعه داراً بألف درهم، ويشترط فيه رضا الجيران، أو رضا زيد أو عمرو، أو يبيعه دابة على أن يسلمها إليه بالرَّي أو بأصبهان، فهذا غرر، لا يُدرى: هل يَسلمُ الحيوان إلى وقت التسليم؟ وهل يرض الجيران أم لا؟ أو المكان الذي يشترط تسليمه فيه أو لا؟ وأما منع المشتري من مقتضى العقد، فهو أن يبيعه جارية على أن لا يبيعها أو لا يستخدمها أو لا يطاها ونحو ذلك من الأمور. فهذه شروط تُفسِد البيع، لأن العقد يقتضي التمليك، إطلاق التصرف في الرقبة والمنفعة. وهذه الشروط تقتضي الحجر، الذي هو مناقض لموجب الملك، فصار كأنه لم يبعه منه أو لم يملكه إياه. وانظر "المغني" 6/ 321 - 327 لابن قدامة المقدسي.

72 - باب في عهدة الرقيق

عن جابر بن عبد الله، قال: ْ بِعْتُهُ -يعني بعيرَهُ- من النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، واشترطْتُ حُملانَه إلى أهلي، قال في آخره: "تُراني إنما ماكَسْتُكَ لأذْهَبَ بجملِكَ؟! خُذْ جملَكَ وثمنَه، فهما لَكَ" (¬1). 72 - باب في عُهدَة الرقيق 3556 - حدَّثنا مُسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا أبانُ، عن قتادةَ، عن الحسنِ عن عُقبة بنِ عامرٍ، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "عُهدةُ الرقِيقِ ثلاثةُ أيام" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عامر: هو اين شراحيل الشعبي، وزكريا: هو ابن أبي زائدة، ومسدَّد: هو ابن مُسرهد. وأخرجه البخاري (2718)، ومسلم بإثر (1599)، والترمذي (1297)، والنسائي (4637) من طريق زكريا بن أبي زائدة، به. ورواية الترمذي مختصرة بلفظ: أن جابراً باع من النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بعيراً واشترط ظهره إلى أهله. وأخرجه بأطول مما ها هنا البخاري (2967)، ومسلم بإثر (1599) من طريق مغيرة بن مقسم الضبي، عن الشعبي، به. ولفظ الاشتراط فيه فبعتُه إياه على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة. وأخرجه بنحره مسلم بإثر (1599) من طريق أبي الزبير محمد بن مسلم بن تدرس، عن جابر، ولفظ الاشتراط فيه كلفظ مغيرة. وهو في "مسند أحمد" (14195). (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن الحسن -وهو البصري- لم يسمع من عقبة بن عامر فيما قاله علي ابن المديني، وأحمد فيما نقله عنه الخطابي، وأبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 1/ 355، وغيرهم. وقد اختلف فيه أيضاً عن الحسن، فمرة يروى عنه عن عقبة كما هو عند المصنف هنا، ومرة يروى عنه عن سمرة بن جندب، واختلف في لفظه كذلك. وأخرجه أحمد (17292)، وابن ماجه (2245) من طريق يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عقبة بن عامر أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا عهدة بعد أربع". =

73 - باب فيمن اشترى عبدا فاستعمله، ثم وجد به عيبا

3507 - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثني عبدُ الصمدِ، حدَّثنا هَمَّامٌ، عن قتادةَ، بإسناده ومعناه، زاد: إن وَجَدَ داءً في الثلاثِ ليالٍ رَدَّ بغير بينة، وإن وجد داء بعدَ الثلاث، كُلِّفَ البينةَ أنه اشتراه وبه هذا الداءُ (¬1). قال أبو داود: هذا التفسيرُ مِن كلامِ قتَادةَ. 73 - باب فيمن اشترى عبداً فاستعمله، ثم وجد به عيباً 3508 - حدَّثنا أحمدُ ابنُ يونس، حدَّثنا ابنُ أبي ذئب، عن مَخْلد بن خُفافِ، عن عُروة عن عائشة قالت: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الخَرَاجُ بالضَّمَانِ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2244) من طريق عبدة بن سليمان، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب. كلفظ المصنف. لكن الحسن لم يصرح بسماعه له من سمرة. وانظر تمام تخريجه والكلام عليه عند أحمد (17292)، وابن ماجه (2244). وانظر ما بعده. قال الخطابي: معنى "عهدة الرقيق" أن يشتري العبد أو الجارية، ولا يشترط البائع البراءة من العيب، فما أصاب المشتري من عيب بالمبيع في الأيام الثلاثة لم يُردَّ إلا ببينة وهكذا فسره قتادة فيما ذكره أبو داود عنه [يعني في الطريق الآتي بعده]. ثم نقل الخطابي بعد ذلك تضعيف الإمام أحمد بن حنبل للحديث، وقوله: لا يثبت في العُهدة حديث. (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. همام: هو ابن يحيى العوذي، وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث، وهارون بن عبد الله: هو الجمال. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده حسن. مخلد بن خُفاف وثفه ابن وضاح فيما نقله ابن القطان والذهبي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وحسّن حديثه هذا الترمذي والبغوي، وصححه ابن القطان =

3509 - حدَّثنا محمودُ بن خالد، حدَّثنا الفِريابىُّ، عن سفيانَ، عن محمد ابن عبد الرحمن عن مَخلَدِ بنِ خُفافٍ الغِفاري، قال: كان بيني وبَينَ أُناسٍ شركةٌ في عبدٍ فاقتَوَيْتُهُ وبعضُنا غائب، فاغَلَّ علَيَّ غَلةً، فخاصمني في نصيبه إلى بعضِ القضاة، فأمرني أن أرد الغَلَّةَ، فأتيتُ عروةُ بنَ الزبير فحدَّثتُه، فأتاه عروةُ، فحدَّثه عن عائشة، عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الخَرَاجُ بالضمَانِ" (¬1). ¬

_ = في "الوهم والايهام" 5/ 211 - 212، وقد تابعه عمر بن علي المقدَّمي عند الترمذي (1332)، ومسلم بن خالد الزنجي في الحديث الآتي برقم (3510)، وخالد بن مهران عند الخطيب في "تاريخه" 8/ 297، فالحديث صحيح بهذه المتابعات، لا سيما أن أهل العلم تلقَّوه بالقبول، وعملوا به كما قال الترمذي. وأخرجه ابن ماجه (2242)، والترمذي (1331)، والنسائي (4490) من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24224)، و"صحيح ابن حبان" (4928). وانظر تالييه. قال الخطابي: معنى "الخراج": الدخْل والمنفعة، ومن هذا قوله تعالى: {أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ} [المؤمنون:72]،ويقال للعبد -إذا كان لسيده عليه ضريبة- مُخارج. ومعنى قوله: "الخراج بالضمان" المبيع إذا كان مما له دخل وغلة، فإن مالك الرقبة -الذي هو ضامن الأصل- يملك الخراج بضمان الأصل، فإذا ابتاع الرجل أرضاً فأشغلها أو ماشية فنتجها أو دابة فركبها أو عبداً فاستخدمه، ثم وجد به عيباً فله أن يردّ الرقبة ولا شيء عليه فيما انتفع به، لأنها لو تلفت ما بين مدة العقد والفسخ لكانت من ضمان المشتري، فوجب أن يكون الخراج من حقه. (¬1) إسناده حسن كسابقه. محمد بن عبد الرحمن: هو ابن أبي ذئب، وسفيان: هو الثوري، والفريابي: هو محمد بن يوسف. وانظر ما قبله. قال الخطابي: اقتويتُه، معناه: استخدمتُه.

74 - باب إذا اختلف البيعان والبيع قائم

3510 - حدَّثنا إبراهيمُ بن مروانَ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا مُسْلِمُ بن خالد الزنجيُّ، حدَّثنا هشامُ بنُ عُروةَ، عن أبيِه عن عائشة: أن رجلاً ابتاع غلاماً، فأقام عنده ما شاء اللهُ أن يُقيم، ثم وجد به عيباً، فخاصمه إلى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فردّة عليه، فقال الرجلُ: يا رسولَ الله قد استغلَّ غلامي، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الخَرَاجُ بالضمَانِ" (¬1). قال أبو داود: هذا إسناد ليس بذاك. 74 - باب إذا اختلف البيِّعان والبَيْعُ قائم 3511 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس، حدَّثنا عُمَرُ بن حفص بن غِياث، حدَّثنا أبي، عن أبي عُميسِ، أخبرني عبدُ الرحمن بنُ قيس بن محمد بن الأشعث، عن أبيه عن جده، قال: اشترى الأشعثُ بن قيسٍ رقيقاً مِن رقيق الخُمْسِ مِن عبد الله بعشرين ألفاً، فأرسلَ عبدُ الله إليه في ثمنِهم، فقال: إنما أخذتُهم بعشرة آلاف، فقال عبدُ الله: فاخترْ رجلاً يكونُ بيني وبينَك، ¬

_ (¬1) حديث حسن. مسلم بن خالد الزنجي متابع في الطريقين السابقين. وأخرجه ابن ماجه (2243) من طريق مسلم بن خالد الزنجي، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1332) من طريق عمر بن علي المقدَّمي، عن هشام بن عروة، به. وقال: حديث حسن صحيح غريب من حديث هشام بن عروة، واستغرب محمد ابن إسماعيل هذا الحديث من حديث عمر بن علي، وقد روى مسلم بن خالد الزنجي هذا الحديث عن هشام بن عروة. ورواه جرير -يعني ابن عبد الحميد- عن هشام أيضاً، وحديث جرير، يقال: تدليس دلّس فيه جرير، لم يسمعه من هشام بن عروة. وهو في "مسند أحمد" (24514)، و"صحيح ابن حبان" (4927)، وانظر سابقيه.

قال الأشعثُ: أنت بيني وبينَ نفسِك، قال عبدُ الله: فإني سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "إذا اختلف البيِّعَان ولَيْسَ بينَهما بينة، فهو ما يقولُ ربُّ السِّلعة، أو يتتاركان" (¬1). ¬

_ (¬1) حسن بطرقه. وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الرحمن بن قيس بن محمد. وأخرجه النسائي (4648) من طريق عمر بن حفص بن غياث، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (4444)، والترمذي (1316) من طريق محمد بن عجلان، عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وأحمد (4442)، والنسائي (4649) من طريق أبي عُبيدة بن عبد الله بن مسعود، كلاهما عن عبد الله بن مسعود. وعون لم يسمع من عم أبيه عبد الله بن مسعود، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه. وسيأتي عند المصنف بعده من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جده. قال الخطابي: قوله: "أو يتتاركان" معناه: أو يتفاسخان العقد. واختلف أهل العلم في هذه المسألة: فقال مالك والشافعي: يقال للبائع: احلف بالله ما بعت سلعتك إلا بما قلت، فإن حلف البائع، قيل للمشتري: إما أن تأخذ السلعة بما قال البائع، وإما أن تحلف ما اشتريتها إلا بما قلت، فإن حلف برئ منها ورُدَّت السلعةُ على البائع. وسواء عند الشافعي كانت السلعة قائمة أو تالفة، فإنهما يتحالفان ويترادان. وكذلك قال محمد بن الحسن، ومعنى "يترادان" أي: قيمة السلعة عند الاستملاك. وقال النخعي والثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وأبو يوسف: القول قول المشتري مع يمينه بعد الاستملاك، وقول مالك قريب من قولهم بعد الاستملاك في أشهر الروايتين عنه. واحتج لهم بأنه قد روي في بعض الأخبار: إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة، فالقول ما يقول البائع. ويترادان، قالوا: فدل اشتراطه قيام السلعة على أن الحكم عند استهلاكها بخلاف ذلك. قال الشيخ [يعنى الخطابي]: وهذه اللفظة لا تصح من طريق النقل، إنما جاء بها ابن أبي ليلى، وقيل: إنها من قول بعض الرواة، وقد يحتمل أن يكون إنما ذكر قيام =

3512 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا هُشيمٌ، أخبرنا ابنُ أبي ليلى، عن القاسم بنِ عبد الرحمن ¬

_ = السلعة بمعنى التغليب لا من أجل التفريق، لأن كثر ما يعرض فيه النزاع ويجب معه التحالف هو حال قيام السلعة، وهذا كقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنّ} [النساء:23]، فذكره الحجور ليس بشرط يتغير به الحكم، ولكنه غالب الحال. وكقوله: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} [البقرة:229] ولم يجر ذكر الخوف من مذهب أكثر الفقهاء للفرق، ولكن لأنه الغالب ولم يفرقوا في البيوع الفاسدة بين القائم والتالف منها فيما يجب من رد السلعة إن كانت قائمة والقيمة إن كانت تالفة، وهذا البيع مصيره إلى الفساد، لأنا نرفعه من أصله إذا تحالفا ونجعله كأنه لم يقع ولسنا نثبته ثم نفسخه، ولو كنا فعلنا ذلك لكان في ذلك تكذيب أحد الحالفَين ولا معنى لتكذيبه مع إمكان تصديقه، ويخرج ذلك على وجه يعذر فيه مثل أن يحمل أمره على الوهم وغلبة الظن في نحو ذلك. واحتجوا فيه أيضاً بقوله: "اليمين على المدّعَى عليه وهذا لا يخالف حديث التحالف، لأن كل واحد منهما مدّع من وجه ومدّعى عليه من وجه آخر، وليس اقتضاء أحد الحكمين منه بأولى من الآخر، وقد يُجمع بين الخبرين أيضاً بأن يجعل اليمين على المدعى عليه إذ كانت يمين نفي، وهذه يمين فيها إثبات. قال الشيخ: [يعني الخطابي] وأبو حنيفة لا يرى اليمين في الأثبات، وقد قال به ها هنا مع قيام السلعة، وقد خالف أبو ثور جماعة الفقهاء في هذه المسألة، فقال: القول قول المشتري مع قيام السلعة، ويقال: إن هذا خلاف الإجماع مع مخالفته الحديث، والله أعلم. وقد اعتذر له بعضهم أن في إسناد هذا الحديث مقالاً، فمن أجل ذلك عدل عنه. قال الشيخ: هذا حديث قد اصطلح الفقهاء على قبوله وذلك يدل على أن له أصلاً، كما اصطلحوا على قبول قوله: "لا وصية لوارث" وفي إسناده ما فيه. قال الشيخ: وسواء عند الشافعي كان اختلافهما في الثمن أو في الأجل أو في خيار الشرط أو في الرهن أو في الضمين، فإنهما يتحالفان قولاً بعموم الخبر وظاهره، إذ ليس فيه ذكر حال من الاختلاف دون حال. وعند أصحاب الرأي: لا يتحالفان إلا عند الاختلاف في الثمن.

75 - باب في الشفعة

عن أبيه، أن ابنَ مسعودِ باع من الأشعث بنِ قيس رقيقاً، فذكر معناه، والكلام يزيدُ ويَنقُصُ (¬1). 75 - باب في الشفعة 3513 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا إسماعيل بنُ إبراهيم، عن ابن جُرَيج، عن أبي الزبير عن جابر، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الشُفعةُ في كل شِرْكٍ رَبْعَةٍ أو حائِطِ، لا يَصْلُحُ أن يبيعَ حتى يُؤْذِنَ شريكَه، فإن باع فهو أحقُّ به حتى يُؤْذِنَه" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن بطرقه، وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ ابن أبي ليلى -واسمه محمد بن عبد الرحمن-. القاسم بن عبد الرحمن: هو ابن عبد الله بن مسعود، وهشيم: هو ابن بشير. وأخرجه ابن ماجه (2186) من طريق هشيم بن بشير، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني (2860) من طريق عمر بن قيس الماصر، و (2861) من طريق الحسن بن عمارة، كلاهما عن القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جده. قال الحافظ في "التلخيص الحبير" 3/ 31 عن الطريق الأول: ورجاله ثقات إلا أن عبد الرحمن اختلف في سماعه من أبيه. وأخرجه أحمد (4443) عن هشيم بن بشير، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن القاسم، عن ابن مسعود. دون ذكر عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود. ولم يدرك القاسم جده. وأخرجه أحمد (4446) و (4447) من طريق معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، و (4445) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المسعودي، كلاهما عن القاسم، عن ابن مسعود. والقاسم لم يُدرك جده كما قلنا. وانظر ما قبله. وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" (4442 - 4447). (¬2) إسناده صحيح. وقد صرح أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي =

3514 - حدَّثنا أحمد بن حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله، قال: إنما جَعَلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الشفعةَ في كل ما لم يُقْسَم، فإذا وقَعَتِ الحُدُودُ، وصُرِّفَت الطرقُ، فلا شُفعةَ (¬1). ¬

_ =- بسماعه وكذلك ابنُ جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- عند مسلم وغيره فانتفت شبهة تدليسهما. وأخرجه مسلم (1608)، والنسائي (4646) و (4701) من طريق ابن جريج، ومسلم (1608) من طريق زهير بن معاوية وابن ماجه (2492) من طريق سفيان بن عيينة، ثلاثتهم عن أبي الزبير، به. وأخرجه النسائي (4705) من طريق حسين بن واقد، عن أبي الزبير، عن جابر قال: قضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالشفعة والجوار. وأخرجه الترمذي (1359) من طريق سليمان اليشكري، عن جابر بن عبد الله أن نبي الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من كان له شريك في حائط، فلا يبيع نصيبه من ذلك حتى يعرضه على شريكه". وفي إسناده انقطاع. وهو في "مسند أحمد" (14292) و (14403)، و"صحيح ابن حيان" (5178) و (5179). قال الخطابي: الربع والربعة: المنزل الذي يربع به الإنسان ويتوطنه، يقال: هذا ربع، وهذه ربعة بالهاء كما قالوا: دار، ودارة، وفي الحديث إثبات الشفعة في الشركة، وهو اتفاق من أهل العلم، وليس فيه عن المقسوم من جهة اللفظ، ولكن دلالته من طريق المفهوم أن لا شفعة في المقسوم كقوله: "الولاء لمن أعتق" دلالته أنه لا ولاء إلا للمعتق، وفيه دليل على أن الشفعة لا تجب إلا في الأرض والعقار دون غيرهما من العروض والأمتعة والحيوان ونحوهما. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "مصف عبد الرزاق" (14391) ومن طريقه أخرجه البخاري (2213)، وابن ماجه (2499)، والترمذي (1422). =

3515 - حدَّثنا محمد بنُ يحيى بنِ فارس، حدَّثنا الحسنُ بن الربيع، حدَّثنا ابنُ إدريسَ، عن ابنِ جُريج، عن ابنِ شهاب، عن أبي سلمة، أو عن سعيد بن المسيِّب، أو عنهما جميعاً عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا قُسِمَتِ الأرضُ وحُدَّتْ، فلا شُفعَة فيها (¬1). ¬

_ = وأخرجه مرسلاً النسائي (4754) من طريق صفوان بن عيسى، عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: ... وهو في "مسند أحمد" (14157) و"صحيح ابن حبان" (5184) و (5187). وانظر ما بعده. قال الخطابي: هذا الحديث أبين في الدلالة على نفي الشفعة لغير الشريك من مثبته من الحديث الأول. وقال: في هذا بيان أن الشفعة تبطل بنفس القسمة والتمييز بين الحصص بوقوع الحدود، ويشبه أن يكون المعنى الموجب للشفعة دفع الضرر بسوء المشاركة والدخول في ملك الشريك، وهذا المعنى يرتفع بالقسمة، وأملاك الناس لا يجوز الاعتراض عيها بغير حجة. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه ابن ماجه (2497) و (2497 م) من طرق عن أبي عاصم، وابن حبان (5185) من طريق عبد الملك بن الماجشون، كلاهما عن مالك بن أنس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. قال أبو عاصم: سعيد بن المسيب مرسل، وأبو سلمة عن أبي هريرة متصل. قلنا: هو في "موطأ مالك" برواية يحيى الليثي 2/ 713 عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب وأبي سلمة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فجعله عن كليهما مرسلاً. وأخرجه الطحاوي في "شرح المعاني" 4/ 122 من طريق ابن جريج، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب مرسلاً. وانظر ما قبله.

3516 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابراهيمَ بن مَيسَرةَ، سمع عَمرو بن الشَّريدِ سمع أبا رافع، سَمِعَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "الجارُ أحقُّ بِسَقَبِهِ" (¬1). 3517 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن قتادةَ، عن الحسن عن سمرةَ، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "جارُ الدَّارِ أحقُّ بدارِ الجار أو الأرضِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (2258)، وابن ماجه (2495) و (2498)، والنسائي (4702) من طريق إبراهيم بن ميسرة، به. وهو في "مسند أحمد" (23871) و (27180)، و"صحيح ابن حبان" (5181) و (5183). وأخرجه ابن ماجه (2496)، والنسائي (4703) من طريق عمرو بن شعيب، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه الشريد بن سويد. قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي بإثر الحديث (1420): كلا الحديثين عندي صحيح. قلنا: يعني رواية عمرو بن الشريد عن أبي رافع، وعن أبيه. وقوله: بسقبه، قال الخطابي: السقب: القربُ، يقال ذلك بالسين والصاد جميعاً وقد يحتج بهذا من يرى الشفعة بالجوار وإن كان مقاسماً إلا أن هذا اللفظ مبهم يحتاج إلى بيان، وليس في الحديث ذكر للشفعة، فيحتمل أن يكون أراد الشفعة ويحتمل أن يراد به أحق بالبر والمعونة وما في معناهما، وقد يحتمل أن يجمع بين الخبرين، فيقال: إن الجار أحق بسقبه إذا كان شريكاً، فيكون معنى الخبرين على الوفاق دون الاختلاف. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الحسن -وهو البصري- لم يصرح بسماعه من سمرة. وأخرجه الترمذي (1420)، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" (4588)، من طريق سعيد بن أبي عروبة، والنسائي في "الكبرى" من طريق شعبة بن الحجاج، كلاهما عن قتادة، به. =

3518 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا هُشَيْمٌ، أخبرنا عبدُ الملك، عن عطاء عن جابر بنِ عبد الله، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الجارُ أحَقُّ بِشُفعة جَارِه: يُنْتَظَر بها وإن كان غائباً، إذا كان طريقُهما واحداً" (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" (4610) من طريق شعبة بن الحجاج، عن يونس بن عُبيد، عن الحسن، عن سمرة. وأخرجه النسائي كما في "التحفة" (4610) من طريق يزيد بن زريع، عن يونس، عن الحسن قال: قضى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بالجوار هكذا رواه مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (20088). وهو في "صحيح ابن حبان" (5182) من طريق عيسى بن يونس، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ونقل ابن حجر في "إتحاف المهرة" 2/ 207 و 208 عن البزار وابن القطان في "الوهم والإيهام" 5/ 443 - 444 أنهما صححا رواية عيسى بن يونس هذه، وقال ابن القطان: روايته للوجهين دليل على أنه كان عند سعيد كذلك، ولا يُعلَّل أحدهما بالآخر. لكنه نقل عن الدارقطني أنه وهَّم عيسى بن يونس في روايته عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس. وجزم الحافظ بما ذهب إليه الدارقطني فقال: وهو معلول، وإنما المحفوظ عن قتادة عن الحسن، عن سمرة. قلنا: وكذلك أعلَّ البخاري الرواية عن أنس فيما نقله عنه الترمذي في "علله الكبير" 1/ 568، قال: الصحيح حديث الحسن عن سمرة، وحديث قتادة عن أنس غير محفوظ، ولم يُعرف أن أحداً رواه عن ابن أبي عروبة عن قتادة، عن أنس غير عيسى بن يونس. وعلى كل فيشهد له حديث أبي رافع السالف، فهو صحيح به. (¬1) إسناده صحيح، رجاله ثقات، إلا أن بعضهم أعله بعبد الملك -وهو ابن أبي سليمان- وعده من أخطائه، منهم شعبة والشافعي وأحمد وابن معين والبخاري والخطابي، وقالوا: إن حديثه هذا ينافي حديث جابر المشهور: "الشفعة في كل ما لم يُقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة". =

76 - باب في الرجل يفلس فيجد الرجل ماله بعينه عنده

76 - باب في الرجل يُفْلِسُ فيجدُ الرجلُ مالَه بعينِه عندَه 3519 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمةَ، عن مالك (ح) وحدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهير -المعنى- عن يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عُمَرَ بنِ عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ¬

_ = وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الحديث صحيح -وهو الصواب- وأنه لا منافاة بين الحديثين، منهم الترمذي وابن عبد الهادي والزيلعي، قال ابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 58: اعلم أن حديث عبد الملك حديث صحيح، ولا منافاة بينه وبين رواية جابر المشهورة، فإن في حديث عبد الملك: "إذا كان طريقهما واحداً"، وحديث جابر المشهور لم ينفِ فيه استحقاق الشفعة إلا بشرط تصرُّف الطرق، قاله الحنابلة. فنقول: إذا اشترك الجاران في المنافع كالبئر أو السطح أو الطريق، فالجار أحق بسقب جاره كحديث عبد الملك، وإذا لم يشتركا في شيء من المنافع فلا شبهة لحديث جابر المشهور، وهو أحد الأوجه الثلاثة في مذهب أحمد وغيره. وطَعْنُ شعبةَ في عبد الملك بسبب هذا الحديث لا يقدح في عبد الملك؟ فإن عبد الملك ثقة مأمون، وشعبة لم يكن من الحُذَّاقِ في الفقه ليجمع بين الأحاديث إذا ظهر تعارضها، وإنما كان إماماً في الحفظ، وطعْن مَن طَعَن فيه إنما هو اتباعاً لشعبة، وقد احتج مسلم في "صحيحه" بعبد الملك، وخرج له أحاديث، واستشهد به البخاري، وكان سفيان يقول: حدثني الميزان عبد الملك بن أبي سليمان، وقد وثقه أحمد وابن معين والنسائي وغيرهم. هشيم: هو ابن بشير الواسطي، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وأخرجه ابن ماجه (2494)، والترمذي (1421)، والنسائي في "الكبرى" (7264) و (11714) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (14253). وقد سلف حديث جابر: "الشُفعة في كل ما لم يُقسم ... " برقم (3514).

عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: أيُّما رجلٍ أفلَسَ فأدرك الرَّجُلُ متاعَه بعينه، فهو أحقُّ بهِ مِن غيره" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي، والنُّفيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل. وهو في"موطأ مالك" 2/ 678. وأخرجه البخاري (2402)، ومسلم (1559)، وابن ماجه (2358)، والترمذي (1308)، والنسائي (4676) و (4677) من طريق أبي بكر بن محمد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7124)، و"صحيح ابن حبان" (5036) و (5037). وأخرجه مسلم (1559) من طريق بشير بن نهيك، و (1559) من طريق عراك بن مالك، كلاهما عن أبي هريرة. وانظر ما سيأتي بالأرقام (3520 - 3523). تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في رواية ابن العبد: حدَّثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "أيما رجل أفلس فأدرك متاعه بعينه فهو أحق به من غيره" وأشار إليه الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ). قال الخطابي: وهذه سنة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قد قال بها كثير من أهل العلم، وقد قضى بها عثمان رضي الله عنه، وروي ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ولا يُعلم لهما مخالف في الصحابة، وهو قول عروة بن الزبير، وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق. وقال إبراهيم النخعي وأبو حنيفة وابن شُبرمة: هو أسوة الغرماء. ونقل ابن قدامة في "المغني " 6/ 538 أن ممن قال أيضاً بأن الغريم أحق بعين ماله إذا أصابها: أبا هريرة والعنبري وأبا ثور وابن المنذر، وممن قال كذلك بأنه أسوة الغرماء الحسن البصري. والمفلس شرعاً: من تزيد ديونه على موجوده، سمي مفلساً، لأنه صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير إشارة إلى أنه صار لا يملك إلا أدنى الأموال وهي الفلوس، أو سمي بذلك، لأنه يمنع التصرف إلا نن الشيء التافه كالفلوس، لأنهم ما كانوا =

3520 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمَةَ، عن مالك، عن ابنِ شهاب عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بنِ هشام، أن رسولَ الله قال: "أيُّما رجلِ باعَ متاعاً فأفلسَ الذي ابتاعَه ولم يَقْبِض الذي باعه من ثمنه شيئاً، فوجد متاعَه بعينه، فهو أحقُّ به، وإن مات المشتري فصاحبُ المتاعِ أسوةُ الغُرماء" (¬1). ¬

_ = يتعاملون بها إلا في الأشياء الحقيرة وقوله: "فهو أحق بها من غيره" أي: كائنا من كان وارثاً أو غريماً وبهذا قال جمهور العلماء، وخالف الحنفية فتأولوه لكونه خبر واحد خالف الأصول، لأن السلعة صارت بالبيع ملكاً للمشتري ومن ضمانه، واستحقاق البائع أخذها منه نقض لملكه، وحملوا الحديث على صورة وهي ما إذا كان المتاع وديعة أو عارية أو لقطة، وتعقب بأنه لو كان كذلك لم يقيد بالفلس ولا جعل أحق بها لما يقتضيه صيغة أفعل من الاشتراك وأيضاً فما ذكروه ينتقض بالشفعة، وأيضاً قد ورد التنصيص في حديث الباب على أنه في صورة المبيع وذلك فيما رواه سفيان الثوري في "جامعه" وأخرجه من طريقه ابن خزيمة وابن حبان (5037) عن يحيى بن سعيد بهذا الإسناد بلفظ: "إذا ابتاع الرجل سلعة، ثم أفلس وهي عنده بعينها، فهو أحق بها من الغرماء" ولابن حبان (5038) من طريق هشام بن يحيى المخزومي عن أبي هريرة بلفظ "إذا أفلس الرجل فوجد البائع سلعته بعينها، فهو أحق بها دون الغرماء" ولمسلم (1559) (3988) "إذا وجد عنده المتاع ولم يفرقه فإنه لصاحبه الذي باعه". "فتح الباري" 5/ 62 - 65. (¬1) رجاله ثقات، لكلنه اختلف في وصله وإرساله عن الزهري، فرواه إسماعيل ابن عياش، عن موسى بن عقبة ومحمد بن الوليد الزُّبيدي، عن الزهري، عن أبي بكر ابن عبد الرحمن، عن أبي هريرة موصولاً. وخالفهما مالك ويونس بن يزيد الأيلي وصالح بن كيسان ومعمر بن راشد، فرووه عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن مرسلاً، ولا يُعرف أحد رواه عن موسى بن عقبة ومحمد بن الوليد إلا إسماعيل بن عياش، وهو دون الثقة، على أن موسى بن عقبة مدني وإسماعيل حمصي، ورواية إسماعيل عن غير أهل بلده فيها تخليط. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الحافظ محمد بن يحيى الذهلي فيما نقله ابن الجارود بإثر الحديث (633): رواه مالك وصالح بن كيسان ويونس، عن الزهري، عن أبي بكر مطلقٌ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وهم أولى بالحديث -يعني طريق الزهري- وقال الدارقطني بإثر الحديث (2903): إسماعيل بن عياش مضطرب الحديث، ولا يثبت هذا عن الزهري مسنداً، انما هو مرسل، وقال البيهقي 6/ 47: لا يصح موصولاً عن الزهري، وذكره ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والايهام" (1674) فيما سكت عنه عبد الحق مصححاً له وليس بصحيح. وسيأتي بإثر (3522) ترجيح المصنف لرواية مالك يعني الرواية المرسلة. وهو في "موطأ مالك" 2/ 678. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 8/ 406: هكذا وفي جميع "الموطآت" التي رأينا، وكذلك رواه جميع الرواة عن مالك فيما علمنا مرسلاً، إلا عبد الرزاق، فقد رواه عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي بكر، عن أبي هريرة فأسنده، وقد اختلف في ذلك عن عبد الرزاق، فرواه محمد بن علي وإسحاق ابن إبراهيم بن جوتي الصنعانيان، عن عبد الرزاق مسنداً، ورواه محمد بن يوسف الحُذاقي وإسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق مرسلاً كما في "الموطأ" قال: وذكر الدارقطني أنه قد تابع عبدَ الرزاق على إسناده عن مالك أحمدُ بن موسى وأحمد ابن أبي طيبة. وإنما هو في "الموطأ" مرسل. قال: ورواه صالح بن كيسان ويونس بن يزيد ومعمر بن راشد، عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن مرسلاً. قلنا: وكذلك رواه الشافعي عن مالك مرسلاً كما في "السنن الكبرى" للبيهقي 6/ 46. وأما ما جاء في رواية مالك هذه ورواية يونس بن يزيد الآتية بعده من قوله: "وإن مات المشتري، فصاحب المتاع أسوة الغُرماء" فقد جزم أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوذي" 6/ 19 بأن ما زيد من الأسوة في الموت من قول الراوي. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (15158) عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن مرسلاً. وقد جزم الحافظ في "الفتح" 5/ 63 أن عبد الرزاق وصله في "المصنف"!! ويؤيد ما جاء في المطبوع قول ابن عبد البر السالف ذكره بأن إسحاق الدبري رواه عن عبد الرزاق مرسلاً. =

3521 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود، حدَّثنا عبدُ الله -يعني ابنَ وهب- أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهاب، قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فذكر معنى حديث مالك، زاد: "وإن كان قد قضى من ثمنها شيئاً، فهو أُسوةُ الغرماء". قال أبو بكر: وقضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنه من تُوفيَ وعنده سلعة رجلٍ بعينها، لم يقضِ من ثمنها شيئاً، فصاحب السِّلعة أسوةُ الغُرَماء فيها (¬1). 3522 - حدَّثنا محمدُ بنُ عوف الطائي، حدَّثنا عبدُ الله بنُ عبد الجبار الخبائريُّ حدَّثنا إسماعيلُ بنُ عيَّاش -عن الزبيدي، عن الزهري، عن أبي بكر ابن عبد الرحمن ¬

_ = وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4606) من طريق عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري، عن عبد الرزاق، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي بكر، عن أبي هريرة فوصله، ونقل عن ابن خزيمة قوله في عبد الرحمن بن بشر: وكان هذا من علماء نيسابور وثقاتهم. قلنا: وعلى أي حال فرواة "الموطأ" رووه بالإرسال، ولا شك أن روايتهم أثبت، على أنه اختُلف على عبد الرزاق في وصله وإرساله! وانظر ما قبله، وما بعده. قال الخطابي: ذهب مالك إلى جملة ما في هذا الحديث، وقال: إن كان قبض شيئاً من ثمن السلعة فهو أسرة الغرماء، وقال الشافعي: لا فرق بين أن يكون قبض شيئاً أو لم يقبضه في أنه إذا وجد عين ماله كان أحق به. وقال مالك: إذا مات المبتاع فوجد البائع عين سلعته لم يكن أحق بها، وعند الشافعي: إذا مات المبتاع مُفلساً والسلعة قائمة فلصاحبها الرجوع فيها. (¬1) رجاله ثقات كسابقه. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وسليمان بن داود: هو المَهري المصري. وقد سلف الكلام على إسناده عند الحديث السالف قبله. وانظر ما سلف برقم (3519).

عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نحوه، قال: "فإن كان قضاه من ثمنها شيئاً فما بقي هو أسوةُ الغرماء، وأيُّما امرئٍ هلك وعنده متاعُ امرئٍ بعينه، اقتضى منه شيئاً أو لم يفتض، فهو أسوةُ الغرماء" (¬1). قال أبو داود: حديث مالك أصلح. 3523 - حدَّثنا محمدُ بنيُ بشار، حدَّثنا أبو داود، حدَّثنا ابنُ أبي ذئب، عن أبي المُعْتَمِرِ، عن عمر بن خَلدَةَ قال: أتينا أبا هريرة في صاحبِ لنا قد أفلسَ، فقال: لأقضينَّ فيكم بقضاء رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ أفْلَسَ أو ماتَ، فوجد رَجُلٌ متَاعَهُ بعينه فهو أحق به" (¬2). ¬

_ (¬1) قد اختلف في وصل هذا الحديث إرساله عن الزهري كما بيناه عند الحديث السالف برقم (3520). الزبيدي: هو محمد بن الوليد الحمصي. وأخرجه ابن الجارود في "منتقى" (631) و (633)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4607)، والدارقطني (2953) و (4549)، والبيهقي 6/ 47 - 48، من طريق إسماعيل بن عياش، عن موسى بن عقبة، وأخرجه ابن الجارود (632)، والطحاوي (4608)، والدارقطني (2904) و (4550)، والبيهقي 6/ 47 من طريق إسماعيل بن عياش، عن محمد بن الوليد الزُّبيدي الحمصي، كلاهما عن الزهري، به. وانظر ما قبله، وما سلف بوقم (3519) و (3520). (¬2) صحيح دون قوله: "أو مات"، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي المعتمر - وهو ابن عمرو بن نافع. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن، وأبو داود: هو سليمان ابن داود الطيالسي. وقد ضعف هذا الحديث الطحاوي في "شرح المشكل" (4609)، وابن العربي في "عارضة الأحوذي" 6/ 19. وأخرجه ابن ماجه (2360) من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. قال أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوذي" 6/ 19: اختلف العلماء في ذلك على أقوال، أمهاتها ثلاثة: أحدها: أحق في الفلس والموت، قاله الشافعي، الثاني: أنه أسوة الغرماء، قاله أبو حنيفة، الثالث: الفرق بين الفلس والموت، قاله مالك. =

77 - باب فيمن أحيا حسيرا

77 - باب فيمن أحيا حَسيراً 3524 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد وحدَّثنا موسى، حدَّثنا أبان، عن عُبيدِ الله بنِ حُميد بن عبد الرحمن الحِمَيريِّ، عن الشعبي -قال عن أبان: إن عامراً الشعبي حدَّثه- أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ وجد دَابةً قد عَجَزَ عنها أهْلُها أن يَعْلِفُوهَا فسيَّبوها فأخذها، فأحياها، فهي له". قال أبو داود في حديث أبان: قال عُبيد الله: فقلت: عَمَّنْ؟ قال: عن غير واحدٍ من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). قال أبو داود: وهذا حديثُ حمادٍ، وهو أبينُ وأتمُّ. 3525 - حدَّثنا محمدُ بن عُبيدِ، عن حماد -يعني ابنَ زيدٍ- عن خالدٍ الحذاء عن عُبيد الله بن حُميد بن عبد الرحمن ¬

_ = وقد سلف من حديث أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبي هريرة دون ذكر الموت برقم (3519). (¬1) إسناده حسن من طريق أبان -وهو ابن يزيد العطار- من أجل عُبيد الله بن حُميد بن عبد الرحمن الحِمْيري، فقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في"الثقات"، وإبهام جماعة الصحابة الذين حدثوا الشعبي -وهو عامر بن شراحيل- لا تضرُّ، لأنهم جميعاً عدول. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه الدارقطني (3050)، والبيهقي 6/ 198 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 6/ 198 من طريق منصور بن زاذان، عن عُبيد الله بن حميد، عن الشعبي قال: من فاتت عليه دابته فتركها فهي لمن أحياها، قلت: عمن هذا يا أبا عمرو، فقال: إن شئت عددت لك كذا وكذا من أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. وأخرج البيهقي 6/ 198 بإسناد صحيح إلى الأوزاعي قوله في رجل سيب دابته، فأخذها رجل فأصلحها، فقال: هذا قد قضي فيه: إن كان سيّبها في كلأ وماء وأمن فصاحبها أحق بها، وإن كان سيبها في مفازة ومخافة فالذي أخذها أحق بها. وانظر ما بعده.

78 - باب في الرهن

عن الشعبي، يرفع الحديث إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَنْ تَرَكَ دابةً بِمهَلِكِ، فأحْيَاها رجُلٌ، فهي لمن أحياها، (¬1). 78 - باب في الرهن 3526 - حدَّثنا هنادٌ، عن ابنِ المبارك، عن زكريا، عن الشعبي عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لَبَن الدَّرِّ يُحْلَبُ بِنَفَقَتِه، إذا كانَ مَرْهوناً، والظهْرُ يُرْكَبُ بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يَرْكبُ ويَحْلُبُ النفقَة" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن كسابقه، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه مرسل، لكنه اتصل من طرق أخرى عن عُبيد الله بن حميد كما في الحديث السابق. خالد الحذاء: هو ابن مِهْران، ومحمد بن عُبيد: هو ابن حِسَاب. وأخرجه البيهقي 6/ 198 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 75 من طريق هشام الدَّستُوائي، عن عُبيد الله بن حميد، به. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح كما قال أبو داود بإثره. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وزكريا: هو ابن أبي زائدة، وابن المبارك. هو عبد الله، وهناد: هو ابن السَّرِيّ. وأخرجه البخاري (2511)، وابن ماجه (2440)، والترمذي (1298) من طريق زكريا بن أبي زائدة، به. وهو في "مسند أحمد" (7125)، و"صحيح ابن حبان" (5935). قال الخطابي: قوله: "وعلى الذيْ يحَلُب ويركَب النفقة" كلام مبهم، ليس في نفس اللفظ منه بيانُ مَن يركب ويحلب: من الراهن أو المرتهن أو العدل الموضوع على يده الرَّهن. وقد اختلف أهل العلم في تأويله، فقال أحمد بن حنبل: للمرتهن أن ينتفع من الرهن بالحلب والركوب بقدر النفقه، وكذلك قال إسحاق بن راهويه. وقال أحمد بن حنبل: ليس له أن ينتفع بشيء غيرهما. =

قال أبو داود: وهو عندنا صحيح. 3527 - حدَّثنا زهير بنُ حرب وعثمانُ بنُ أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا جريرٌ، عن عُمارة بن القعقاع، عن أبي زُرعة بنِ عمرو بن جرير ¬

_ = وقال أبو ثور: إذا كان الراهن ينفق عليه لم ينتفع به المرتهن، وإن كان الراهن لا ينفق عليه وتركه في يد المرتهن فأنفق عليه فله ركوبه واستخدام العبد، قال: وذلك لقوله: "وعلى الذي يحلُب ويركب النففة. وقال الشافعي: منفعة الرهن للراهن، ونفقته عليه، والمرتهن لا ينتفع بشيء من الرهن، خلا الاحتفاظ به للوثيقة. وعلى هذا تأوّل قوله: "الرهن مركوب ومحلوب" يرى أنه منصرف إلى الراهن الذي هو مالك الرقبة. وقد روى نحو هذا عن الشعبي وابن سيرين. وفي قوله: "الرهن مركوب ومحلوب" دليل على أنه من أعار الرهن، أو أكراهُ من صاحبه لم يفسخ الرهن. قال الشيخ رحمه الله [يعني الخطابي]: وهذا أولى وأصح، لأن الفروع متابعة لأصولها، والاصل ملك الراهن. ألا ترى أنه لو رهنه وهو يسوى مئة، ثم زاد حتى صار يسوى مئتين، ثم رجعت قيمته إلى عشرة أن ذلك كله في ملك الراهن؟ ولم يختلفوا أن للمرتهن مطالبة الراهن بحقه مع قيام الرهن في يده، ولأنه لا يجوز للمرتهن أن يجحد المال في هذه الحال، ولو كان الرهن عبداً فمات كان على الراهن كفنه، فدل ذلك على ثبوت ملكه عليه، وإن ان ممنوعاً من إتلافه لما يتعلق به من حق المرتهن. ولو جاز للمرتهن أن يركب ويحلُب بقدر النفقة لكان ذلك معاوضة مجهول بمجهول، وذلك غير جائز. فدل على صحة تأوُّل من تأوله على الراهن. وقد روى الشافعي في هذا ما يؤكد قوله: حديثَ الأصم. قال: أخبرنا الربيع، قال: حدَّثنا الشافعي، قال: حدَّثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه، وعليه غرمه" قال: ووصله ابن المسيب عن أبي هريرة من حديث ابن أبي أُنيسة. ففي هذا ما دل على صحة قول من ذهب إلى أن دَرَّه وركوبه للراهن دون المرتهن. قلنا: وكذلك هو عند الحنفية كما حكاه المرغيناني في "الهداية".

أن عمر بن الخطاب قال: قال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن مِنْ عِبادِ الله لأناساً ما هُمْ بأنبياء، ولا شُهَداء، يَغبِطُهُم الأنبياءُ والشهداء يَوْمَ القيامة لِمكانهم من الله" قالوا: يا رسولَ الله تُخبرنا مَنْ هم، قال: "هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بروُحِ الله على غيرِ أرحامٍ بينهم، ولا أموالٍ يتعاطَونْها، فواللهِ إن وجوهَهُمْ لنورٌ، وإنهم لعَلى نُور: لا يخافونَ إذا خافَ الناسُ، ولا يحزنُون إذا حَزِنَ الناسُ" وقرأ هذه الآية {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس:62] (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد فيه انقطاع، فإن أبا زرعة بن عمرو بن جرير لم يُدرك عمر بن الخطاب، ولهذا قال البيهقي في "شعب الإيمان" (8584): أبو زرعة عن عمر مرسلاً، وكذلك قال المزي في "تهذيب الكمال"، وابن كثير في "تفسيره " 4/ 214. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "تخريج أحاديث الكشاف" للحافظ الزيلعي 2/ 130، والطبري في "تفسيره" (17714)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (8585)، وأبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" كما في "تخريج أحاديث الكشاف"، وابن قدامة المقدسي في "المتحابين في الله" (48) من طريق جرير ابن عبد الحميد، والطيالسي في "مسنده" كما في "تخريج أحاديث الكشاف"، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 5، والواحدي في "الوسيط" 2/ 552 - 553، وابنُ مردَويه في "تفسيره" كما في "تخريج أحاديث الكشاف" من طريق قيس بن الربيع، كلاهما (جرير وقيس) عن عمارة بن القعقاع، بهذا الإسناد. وأخرجه هنّاد في "الزهد" (475) عن إسحاق بن سليمان الرازي، عن أبي سنان سعيد بن سنان، عن عمرو بن مرة، عن طلق بن حبيب، عن عمر بن الخطاب. وهذا منقطع أيضاً، فإن طلقا لم يدرك عمر بن الخطاب. وأخرجه أبو يعلى (6110)، وابن حبان (573) من طريق محمد بن فُضَيل، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة. وهذا إسناد صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11172) من طريق محمد بن فضيل، عن أبيه وعمارة بن القعقاع، كلاهما عن أبي زرعة، به. =

79 - باب في الرجل يأكل من مال ولده

79 - باب في الرجل يأكل من مال ولده 3528 - حدَّثنا محمدُ بن كثير، أخبرنا سفيانُ، عن منصورِ، عن إبراهيمَ، عن عُمارة بن عُمير، عن عمته أنها سألت عائشة: في حَجْرِي يتيم، أفآكُلُ مِن ماله؟ فقالت: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن مِن أطيبِ ما أكلَ الرجُلُ من كَسْبه، وَوَلدُهُ من كَسْبِهِ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الطبري في "تفسيره" (17713) من طريق محمد بن فضيل، عن أبيه، عن عمارة، به. وله شاهد من حديث معاذ بن جبل عند الطيالسي (571)، وأحمد (22002) و (22080)، والطحاوي (3892) و (3894) و (3895)، والشاشي في "مسنده" (1382)، والطبراني في "الكبير" 20/ (145) - (149) و (151)، والحاكم 4/ 170، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 206. وهو حديث صحيح. وآخر من حديث عبد الله بن عمر عند الحاكم 4/ 170 - 171. وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي: قلنا: إسناده حسن. ونالت من حديث أبي الدرداء أورده المنذرى في "الترغيب والترهيب" 4/ 21، وقال: رواه الطبراني بإسناد حسن. ورابع من حديث أبي أمامة أورده المنذري 4/ 20، وقال: رواه الطبراني وإسناده جيد، وكذلك قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 277. تنبيه: هذا الحديث أثبتاه من (هـ)، وهي برواية أبي بكر ابن داسه. وأشار إليه المزي في "الأطراف" (10661). قال الخطابي: قوله: "تحابوا بروح الله" أي: بالقرآن، لأن القلوب تحيا به كما تكون حياة النفوس والأبدان بالأرواح. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عمة عمارة بن عمير، فإنه لا يُؤثر توثيقها عن أحد، لكلنها قد توبعت.=

3529 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عمرَ بن ميسرةَ وعثمانُ بن أبي شيبةَ -المعنى- قالا: حدَّثنا محمدُ بنُ جعفر، عن شعبةَ، عن الحكمِ، عن عُمارةَ بن عُمَيرٍ، عن أمه ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2290)، والترمذي (1408)، والنسائي (4449) و (4450) من طريق عمارة بن عمير، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2137)، والنسائي (4451) و (4452) من طريق الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود، عن عائشة. وهذا إسناد صحيح. وهو في "مسند أحمد" (24148)، و"صحيح ابن حيان" (4260) و (4261) من طريق الأسود. وأخرجه الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 60، وابن حزم في "المحلى" 8/ 102 من طريق يحيى بن سعيد القطان، والدارقطني من طريق عمرو بن علي الفلاس، عن عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن سفيان الثوري، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة، عن عائشة، وهذا إسناد صحيح أيضاً. وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "سنن ابن ماجه" (2137). قال الخطابي: فيه من الفقه أن نفقة الوالدين واجبة على الولد إذا كان واجداً لها، واختلفوا في صفة من تجب لهم النفقة من الآباء والأمهات، فقال الشافعي: إنما يجب ذلك للأب الفقير الزمن، فإن كان له مالٌ أو كان صحيح البدن غير زَمِنٍ فلا نفقة له عليه. وقال سائر الفقهاء: نفقة الوالدين واجبة على الولد، ولا أعلم أحداً منهم اشترط الزمانة كما اشترطها الشافعي. قلنا: وما أشار إليه المصنف بإثر الحديث بأن حماد بن أبي سليمان قد روى هذا الحديث وزاد فيه: "إذا احتجتم" وأنها زيادة منكرة، بينا في "سنن ابن ماجه" (2137) أنها ليست من حماد بن أبي سليمان، ولكنها ممن دونه، والله تعالى أعلم. وهذه الزيادة أثبتناها من هامش (ج) مصححا" عليها، ومن النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي.

عن عائشة، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أنه قال: "وَلَدُ الرّجُلِ مِن كسْبِهِ، مِن أطيبِ كسْبِه، فكلوا مِن أموالهم" (¬1). قال أبو داود: حمادُ بن أبي سليمان زاد فيه: "إذا احتَجتُمْ، وهو منكر. 3530 - حدَّثنا محمدُ بنُ المِنهال، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيع، حدَّثنا حبيبٌ المعلمُ، عن عَمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده: أن رجلاً أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ اللهِ، إن لي مالاً وولداً، وإن والدي يجتاجُ مالي، قال: "أنت ومالُكَ لِوالدك، إنَّ أولادَكم مِن اْطيبِ كَسْبِكُم، فَكُلُوا مِن كَسْبِ أولادِكم" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح كسابقه، وقد أخطأ الحكم -وهو ابن عُتيبة- في تعيين الراوي عن عائشة، فقال: عن عمارة بن عمير، عن أمه، وإنما هي عمته لا أمه، كما صححه الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 60، وسواء كانت عمته أو أمه، فكلتاهما لا تعرفان فيما قاله ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام " 4/ 546. وهو في "مسند أحمد" (24951). وانظر ما قبله. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. وأخرجه ابن ماجه (2292) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، به. وهو في "مسند أحمد" (6678) من طريق عُبيد الله بن الأخنس، عن عمرو بن شعيب. ويشهد له حديث جابر بن عبد الله عند ابن ماجه (2291) وهو حديث صحيح، وانظر تمام تخريجه فيه. وحديث عائشة عند ابن حبان (410)، وهو حديث صحيح كذلك. وانظر تمام شواهده عنده. =

80 - باب الرجل يجد عين ماله عند رجل

80 - باب الرجل يجد عينَ ماله عندَ رجل 3531 - حدَّثنا عَمرو بنُ عَونِ، أخبرنا هُشيم، عن موسى بنِ السائب، عن قتادةَ، عن الحسن عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَن وجَدَ عَينَ مالِه عندَ رَجُلٍ، فهو أحَقُّ به ويتّبع البيِّعُ مَن باعه" (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: قوله: "يجتاح مالي" معناه: يستأصله ويأتي عليه، والعرب تقول: جاحهم الزمان، واجتاحهم، إذا أتى على أموالهم، ومنه الجائحة، وهي الأفة التي تصيب المال فتهلكله. ويشبه أن يكون ما ذكره السائل من اجتياح والده مالَه، إنما هو بسبب النفقة عليه، وأن مقدار ما يحتاج إليه للنفقة عليه شيء كثير، لا يسعه عفوُ مالِه والفَضلُ منه، إلا بأن يجتاح أصلَه، ويأتي عليه، فلم يعذره النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ولم يرخص له في ترك النفقة عليه، وقال له: "أنت ومالُك لأبيك" على معنى: أنه إذا احتاج إلى مالك أخذ منك قدر الحاجة، كما يأخذ من مال نفسه، وإذا لم يكن لك مال وكان لك كسْب لزمك أن تكتسب وتنفق عليه، فأما أن يكون أراد به إباحةَ ماله وخلاه واعتراضه حتى يجتاحه ويأتي عليه، لا على هذا الوجه، فلا أعلم أحداً ذهب إليه من الفقهاء، والله أعلم. (¬1) حديث حسن، الحسن -وهو البصري- لم يصرح بسماعه من سمرة، لكن للحديث طريق آخر يشدُّه كما سيأتي. وهشيم -وهو ابن بشير- صرح بالسماع عند ابن الجارود (1026)، والدارقطني (2896) وغيرهما. وأخرجه النسائي (4681) من طريق عمرو بن عون، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20148). وأخرجه ابن ماجه (2331) من طريق حجاج بن أرطاة، عن سعيد بن عُبيد بن زيد بن عقبة، عن أبيه، عن سمرة قال: قال رسول الله: "إذا ضاع للرجل متاعٌ -أو سُرق له متاع- فوجده في يد رجل يبيعه، فهو أحق به، ويرجع المشتري على البائع بالثمن" وحجاج مدلس وقد عنعن. لكن الحديث بمجموع الطريقين حسن إن شاء الله تعالى. =

81 - باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده

81 - باب في الرجل يأخُذُ حقه مِن تحت يده (¬1) 3532 - حدَّثنا أحمدُ ابنُ يونُس، حدَّثنا زُهَير، حدَّثنا هشام بنُ عُروة، عن عُروة عن عائشة: أن هنداً أُم معاوية جاءت رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقالت: إن أبا سفيانَ رجُل شَحِيحٌ، وإنه لا يُعطيني ما يكفيني وبَنِيَّ، فهل عليَّ من جُناح أن آخذ مِن ماله شيئاً؟ قال: "خُذِي ما يكْفِيكِ وبَنِيكِ بالمعروفِ" (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (20146). قال الخطابي: هذا في الغُصُوب ونحوها إذا وجد ماله المغصوب والمسروق عند رجل كان له أن يخاصمه فيه ويأخذ عين ماله منه ويرجع المأخوذ منه على من باعه إياه. (¬1) قوله "من تحت يده" أي: من تحت يد الآخَر، ويفسِّره الحديث. (¬2) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجُعفي، وأحمد بن يونس: هو ابن عبد الله بن يونس، معروف بالنسبة إلى جدهِ. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام. وأخرجه البخاري (2211) و (5364) و (5375) و (7180)، ومسلم (1714). وابن ماجه (2293)، والنسائي في "المجتيى" (5420) من طرق عن هشام بن عروة، وهو في "مسند أحمد" (24117)، و"صحيح ابن حبان" (4256). وانظر ما بعده. قال الخطابي: فيه من الفقه وجوب نفقة النساء على أزواجهن، ووجوب نفقة الأولاد على الآباء. وفيه أن النفقة إنما هي على قدر الكفاية، وفيه جواز أن يحكم الحاكم بعلمه، وذلك أنه لم يكلفها البينة فيما ادعته من ذلك إذ كان قد علم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ما بينهما من الزوجية، وأنه كان كالمستفيض عندهم بخل أبي سفيان، وما كان نسب إليه من الشح. =

3533 - حدَّثنا خُشَيشُ بنُ أصْرَمَ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريٌ، عن عُروة عن عائشة، قالت: جاءت هندٌ إلى النبيَّ - فقالت: يا رسولَ الله، إن أبا سفيانَ رجل مُمسِكٌ، فهل عليَّ من حَرَجٍ أن أُنفق على عيالِه مِن ماله بغيرِ إذنه؟ فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا حَرَجَ عليكِ أن تُنفقي عليهم بالمعروف" (¬1). 3534 - حدَّثنا أبو كاملٍ، أن يزيدَ بن زُريع، حدَّثَهم، حدَّثنا حُميدٌ -يعني الطويلَ- عن يوسفَ بنِ ماهَك المكيِّ، قال: كنتُ أكتب لفلان نفقةَ أيتام كان وليَّهُمْ، فغالَطُوه بألفِ درهم، ¬

_ = وفيه جواز الحكم على الغائب، وفيه جواز ذكر الرجل ببعض ما فيه من العيوب إذا دعت الحاجة إليه، وفيه جواز أن يقضي الرجل حقه من مال عنده لرجل له عليه حق يمنعه منه، وسواء كان ذلك من جنس حقه أو من غير جنس حقه، وذلك لأن معلوماً أن منزل الرجل الشحيح لا يجمع كل ما يحتاج إليه من النفقة والكسوة وسائر المرافق التي تلزمه لهم، ثم أطلق إذنها في أخذ كفايتها وكفاية أولادها من ماله، ويدل على صحة ذلك قولها في غير هذه الرواية: إن أبا سفيان رجل شحيح وإنه لا يُدخل على بيتي ما يكفيني وولدي. وانظر لزاما في فقه هذا الحديث "شرح السنة" للإمام البغوي 8/ 204 - 206. (¬1) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوام، ومعمر: هو ابن راشد. وهو في مصنف عبد الرزاق، (16612). وأخرجه البخاري (2460) و (3825) و (6641) و (7161)، والنسائي في "الكبرى" (9146) من طريق الزهري، به. وانظر ما قبله.

فأدَّاها إليهم، فأدركْتُ لهم من مالِهم مِثلَها (¬1)، قال: قلت: أقْبِضُ الألفَ الذي ذهبُوا به منك؟ قال: لا، حدثني أبي أنه سَمعَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "أدِّ الأمانَةَ إلى مَنِ ائتَمَنَكَ، ولا تَخُنْ مَنْ خَانَك" (¬2). ¬

_ (¬1) المثبت من (أ) و (هـ)، وهو الموافق لمعنى رواية أحمد (15424). (¬2) مرفوعه حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام ابن الصحابي الذي روى عنه يوسف بن ماهك. حميد الطويل: هو ابن أبي حميد، وأبو كامل: هو فضيل بن حُسين الحَجْدَري. وأخرجه البيهقي 10/ 270 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (15424) عن محمد بن أبي عدي، عن حميد الطويل، عن رجل من أهل مكة يقال له: يوسف قال ... ويشهد للمرفوع منه حديث أبي هريرة الآتي بعده، وسنده حسن. وحديث أنس بن مالك عند الطبراني في "الكبير" (760)، وفي "الصغير" (475)، والدارقطني (2937) وابن عدي في "الكامل" 1/ 354، والحاكم 2/ 46، وأبي نعيم في "الحلية" 6/ 132، والضياء المقدسي في "المختارة" (2738). وإسناده ضعيف. وآخر من حديث أبي أمامة عند الطبراني في "الكبير" (7580)، وفي إسناده ضعفاء ومجاهيل. قال الخطابي: وهذا الحديث يُعدُّ في الظاهر مخالفاً لحديث هند، وليس بينهما في الحقيقة خلاف، وذلك لأن الخائن هو الذي يأخذ ما ليس له أخْذه ظلماً وعدواناً، فأما من كان مأذوناً له في أخذ حقه من مال خصمه واستدراك ظلامته منه فليس بخائن، وإنما معناه: لا تخن من خانك بأن تقابله بخيانة مثل خيانته، وهذا لم يخنه لأنه يقبض حقاً لنفسه، والأول يغتصب حقا لغيره، وكان مالك بن أنس يقول: إذا أودع رجل رجلاً ألف درهم فجحدها المودع ثم أودعه الجاحد ألفا لم يجُز له أن يجحده. قال ابن القاسم صاحبه: أظنه ذهب إلى هذا الحديث، وقال أصحاب الرأي: يسعُه أن يأخذ الألف قصاصاً عن حقه، ولوان بدله حنطةً أو شعيراً لم يسعْه ذلك، لأن هذا بيع، وأما إذا كان مثله فهو قصاص. وقال الشافعي: يسعُه أن يأخذه عن حقه في الوجهين جميعاً واحتج بخبر هند.

82 - باب في قبول الهدايا

3535 - حدَّثنا محمدُ بنُ العَلاء وأحمدُ بن إبراهيمَ، قالا: حدَّثنا طَلْقُ بن َغَنَّامٍ، عن شَريكٍ -قال ابنُ العلاء: وقيسٍ- عن أبي حَصين، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أدِّ الأمانةَ إلى مَنِ ائْتمَنكَ، ولا تَخُن مَنْ خَانَك"َ (¬1). 82 - باب في قَبول الهدايا 3536 - حدَّثنا عليُّ بنُ بحر وعبدُ الرحيم بن مُطَرِّف الرؤاسيُّ، قالا: حدَّثنا عيسى بنُ يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي - عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه عن عائشة: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ ويُثِيبُ عليها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- وقيس -وهو ابن الربيع- وإن كانا ضعيفين، يشدُّ أحدُهما الآخر، فيحسن الحديث. أبو صالح: هو ذكوان السمّان، وأبو حَصين: هو عثمان بن عاصم. وأخرجه الترمذي (1310) عن أبي كريب محمد بن العلاء، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب. قال القاضي في "شرح المشكاة": أي: لا تخن الخائن بمعاملته، ولا تقابل خيانته بالخيانة، فتكون مثله، ولا يدخل فيه أن يأخذ الرجل مثل حقه من مال الجاحد، فإنه استيفاء وليس بعدوان، والخيانة عدوان. قال الطيبي: الأولى أن ينزل الحديث على معنى قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [فصلت:34] يعني إذا خانك صاحبك، فلا تقابله بجزاء خيانته وإن كان ذلك حسناً، بل قابله بالأحسن الذي هو عدم المكافأة، والإحسان إليه، أي: أحسِن إلى من أساء إليك. وانظر "شرح مشكل الآثار" 5/ 91 - 98 للطحاوي بتحقيقنا. (¬2) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام. وأخرجه البخاري (2585)، والترمذي (2568) من طرق عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد. =

83 - باب الرجوع في الهبة

3537 - حدَّثنا محمدُ بن عَمرو الرازيُّ، حدَّثنا سلمةُ بنُ الفضْل حدَّثني محمدُ بنُ إسحاق، عن سعيد بنِ أبي سعيد المقبِرُيِّ، عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم: "وَايْمُ اللهِ، لا أقبلُ بَعْدَ يَوْمِي هذا مِن أحدِ هدِيّةً، إلاَّ أن يكون مُهاجِراً قُرَشِيّاً، أو أنْصَارِيّاً، أو دَوْسِياً، أو ثَقَفيّاً" (¬1). 83 - باب الرجوع في الهبة 3538 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا أبانُ وهمَّام وشعبةُ، قالوا: حدَّثنا قتادة، عن سعيدِ بنِ المسيب ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (24591). قال الخطابي: قبول النبي - صلَّى الله عليه وسلم - الهدية نوع من الكرامة، وباب من حسن الخلق ويتألف به القلوب، وكان أكل الهدية شعاراً له، وأمارة من أماراته، ووصف في الكتب المتقدمة بأنه يقل الهدية، ولا يأكل الصدقة، لأنها أوساخ الناس، وكان إذا قبل الهدية أثاب عليها لئلا يكون لأحد عليه يد، ولا يلزمه لأحد مِنَّة. (¬1) حديث صحيح، وهذا سند حسن لولا عنعنة محمد بن إسحاق، وهو متابع. وأخرجه الترمذي (4290) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد، وقال: حسن غريب صحيح من هذا الوجه. وأخرجه أحمد (7363)، والنسائي (3759) من طريق محمد بن عجلان، والترمذي (4289) من طريق أيوب بن أبي مسكين أبي العلاء، وابن أبي شيبة 12/ 201 من طريق مسعر بن كدام، ثلاثتهم عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. دون ذكر أبي سعيد المقبري وسعيد المقبري سمع أبا هريرة. وإسناده عند ابن أبي شيبة وأحمد صحيح. وأخرجه ابن حبان (6383) من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. وإسناده حسن. قال التوربشتي رحمه الله: كره -صلَّى الله عليه وسلم- قبول الهدية ممن كان الباعثُ له عليها طلبَ الاستكثار، إنما خص المذكورين فيه بهذه الفضيلة لما عرف فيهم من سخاوة النفس وعلو الهمة وقطع النظر عن الأعواض.

عن ابن عباس، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "العائدُ في هبتِهِ كالعائِدِ في قَيئه" (¬1). قال همام: قال قتادة: ولا نعلم القيء إلا حراماً. 3539 - حدَّثنا مسدّدٌ، حدَّثنا يزيد -يعني ابنَ زُريع- حدَّثنا حسينٌ المعلمُ، عن عَمرو بن شُعيب، عن طاووسِ عن ابن عُمَرَ وابنِ عباس، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحل لِرَجُلٍ أن يُعطِيَ عَطِيَّةً أو يَهَبَ هِبَةً فيَرْجِعَ فيها، إلا الوالِدَ فيما يُعْطِي وَلَدَه، ومَثَلُ الذي يُعطي العطيةَ، ثم يَرْجِعُ فيها كمَثَلِ الكلبِ يأكلُ، فإذا شبعَ قاء َثم عاد في قيئهِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وشعبة: هو ابن الحجاج، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي، وأبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه البخاري (2621)، ومسلم (1622)، وابن ماجه (2385)، والنسائي (3696) و (3697) من طريق قتادة، به. وأخرجه البخاري (2622) و (6975)، والترمذي (1344)، والنسائي (3698)، من طريق عكرمة، عن ابن عباس. ولفظه: "ليس لنا مثل السوء، الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه".: وهو في "مسند أحمد" (1872) و (2529)، و"صحيح ابن حبان" (5121). وانظر ما بعده. قال الخطابي: هذا الحديث لفظه في التحريم عام، ومعناه خاصٌ، وتفسيره في حديث ابن عمر الذي عقبه أبو داود بذكره. (¬2) إسناده صحيح. حسين المُعلِّم: هو ابن ذكوان، ومُسدَّد: هو ابن مسرهد. وأخرجه ابن ماجه (2377)، والترمذي (1345) و (2266)، والنسائي (3690) و (3703) من طريق حسين المعلم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2119) و (4810)، و"صحيح ابن حبان" (5123). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه البخاري (2589)، ومسلم (1622)، والنسائي (3701) من طريق عبد الله ابن طاووس، والنسائي (3702) و (3710) من طريق أبي الزبير، كلاهما عن طاووس، عن ابن عباس وحده، رفعه ولفظه: "العائد في هبته كالكلب يقيء، ثم يعود في قيئه". وهو في "مسند أحمد" (2250) و (3013). وانظر ما قبله. قال الخطابي: وإنما استثنى الوالد لأنه ليس غيره من الأجانب والأباعد، وقد جعل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - للأب حقاً في مال ولده، قال: "أنت ومالك لأبيك" وهو إذا سرق ماله مع الغنى عنه لم يُقطع، ولو وطئ جاريته لم يُحدَّ، وجعلت يده في ولاية مال الولد كيده، ألا ترى أنه يلي عليه البيع والشراء ويقبض له، وإذا كان كذلك صار في الهبة منه والاسترجاع عنه في معنى من وهب ولم يقبض، إذ كانت يده كيده وهو مأمون عليه غير متهم فيما يسترده منه، فأمره محمول في ذلك على أنه نوع من السياسة وباب من الاستصلاح، وليس كذلك الأجنبي، ومن ليس باب من ذوي الأرحام، فقد يُظن به التهمة والعداوة، وأن يكون إنما دعا إلى ارتجاعها عتب أو موجدة، في نحوها من الأمور. وقد اختلف الناس في هذا: فقال الشافعي بظاهر الحديث، وجعل للأب الرجوع فيما وهب لابنه، ولم يجعل له الرجوع فيما وهب للأجنبي. وقال مالك: له الرجوع فيما وهب، إلا أن يكون الشيء قد تغير عن حاله، فإن تغير لم يكن له أن يرتجعه. وقال أبو حنيفة: ليس للأب الرجوج فيما وهب لولده، ولكل ذي رحم من ذوي أرحامه، وله الرجوع فيما وهب للأجانب. وتأولوا خبر ابن عمر على أن له الرجوع عند الحاجة إليه. والمعنى في ذلك عند الشافعي: أنه جعل ذلك بحق الأبوة والشركة التي له في ماله. وقال الرازي في "مختصر اختلاف العلماء" 4/ 152: قال أصحابنا: إذا وهب لذي رحم محرم، لم يرجع، وكذلك المرأة لزوجها وإن وهب لأجنبي رجع إن شاء ما لم يثب منها أو يزيد في نفسه. وانظر "مختصر الطحاوي" ص 138 - 139.

84 - باب الهدية لقضاء الحاجة

3540 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهريُّ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني أسامةُ ابنُ زيد، أن عمرو بن شعيب، حدَّثه، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَثَلُ الذي يَسْترِدُّ ما وهَب كمثل الكلبِ يَقيءُ فيأكلُ قيئَهُ، فإذا اسْتَرَدَّ الواهِبُ فليوَقَّفْ فَلْيُعَرَّفْ بما استرَدَّ، ثم ليُدْفَعْ إليه ما وَهَبَ" (¬1). 84 - باب الهدية لقضاء الحاجة 3541 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بن السَّرْحِ، حدَّثنا ابنُ وهب، عن عُمر بنِ مالك، عن عُبيد الله بنِ أبي جعفر، في خالد بن أبي عِمرانَ، عن القاسم عن أبي أُمامةَ، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ شَفَعَ لأخيه شَفَاعةً، فأهدى له هديةً عليها فَقَبِلَهَا، فقد أتى باباً عظيماً من أبواب الرِّبا" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. ابن وهب: هو عبد الله، وأسامة بن زيد: هو الليثي. وأخرجه أحمد (6629)، والبيهقي 6/ 181 من طريق أسامة بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2378)، والنسائي (3689) من طريق عامر الأحول، عن عمرو بن شعيب، به بلفظ: "لا يرجع أحد في هبته إلا والد من ولده، والعائد في هبته كالعائد في قيئه". واقتصر ابن ماجه على شطره الأول. وهو في "مسند أحمد" (6705) من طريق عامر الأحول. (¬2) منكر. القاسم -وهو ابن عبد الرحمن الدمشقي- ان كان ثقة يُغرب كثيراً كما قال الحافظ، وهذا الحديث من أفراده، ؤقد جاء في حديث ابن عمر ما يخالفه، ففيه: "من آتى إليكم معروفا فكافئوه" أخرجه أحمد (5365) وسيأتي عند المصنف برقم (5109)، وإسناده صحيح. وقد أورد ابنُ القطان الفاسي هذا الحديث في "الوهم والإيهام" 4/ 519 في باب الأحاديث التي سكت عنها عبد الحق الإشبيلي مصححاً لها وليست بصحيحة. وأخطأ الشيخ ناصر الألباني، فحسنه في "صحيحته" (3465). وأخرجه أحمد (22251) من طريق ابن لهيعة، عن عُبيد الله بن أبي جعفر، بهذا الإسناد.=

85 - باب في الرجل يفضل بعض ولده على بعض في النحل

85 - باب في الرجل يُفَضِّلُ بعض ولده على بعضٍ في النُّحْلِ 3542 - حدَّثنا أحمد بنُ حنبل، حدَّثنا هُشَيْمٌ أخبرنا سيَّار. وأخبرنا مغيرةُ. وأخبرنا داود، عن الشعبي. وأخبرنا. مجالد وإسماعيلُ بنُ سالم، عن الشعبي عن النعمان بن بَشير، قال: أنْحَلَني أبي نُحْلاً -قال إسماعيلُ بنُ سالمِ من بَيْنِ القومِ: نَحلَه غُلاماً له- قال: فقالت له أمي عَمْرةُ بنتُ رواحةَ: ائتِ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فأشهِدْهُ، فأتى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: إني نَحَلْتُ ابني النعمانَ نُحْلاً، وإن عَمرَةَ سألتْني أن أُشْهِدَكَ على ذلك، قال: فقال: "ألكَ وَلَدٌ سِوَاهُ؟ " قال: قلتُ: نعم، قال: "فَكُلَّهُمْ أعطَيْتَ مِثلَ ما أعطَيْتَ النعمانَ؟ " قال: لا، قال: فقال بعضُ هؤلاء المحدَّثين: "هذا جَوْرٌ" وقال بعضهم: "هذا تَلْجِئةٌ، فأشهِدْ على هذا غَيرِي". قال مغيرةُ في حديثه: "أليسَ يَسُرُّكَ أن يكونوا لَكَ في البِرِّ واللُّطفِ سواءَ؟ " قال: نَعَمْ، قال: "فأشهدْ على هذا غيري" وذكر مجالد في حديثه: "إنَّ لهُم عليكَ منَ الحق أن تَعدِلَ بَينَهُم، كما أن لَكَ عليَهِم من الحقِّ أن يَبَرُّوكَ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الطبراني في الكبير (7928)، ومن طريقه الشجري في "أماليه" 2/ 236 من طريق أسد بن موسى، عن ابن لهيعة، عن عُبيد الله بن زحْر، عن خالد بن أبي عمران، به فذكر عُبيد الله بن زَحْر بدل عُبيد الله بن أبي جعفر! وأخرجه الطبراني (7853) من طريق يحيى بن أيوب، عن عُبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة. (¬1) إسناده صحيح. الشعبي: هو. عامر بن شراحيل، وداود: هو ابن أبي هند، ومغيرة: هو ابن مِقسَم الضبي، اسماعيل بن سالم: هو الأسدي الكوفي، ومجالد: هو ابن سعيد، وسيار: هو أبو الحكم العنزي، وهشيم: هو ابن بشير الواسطي. وبيان =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = هذا الإسناد أن سياراً وداود بن أبي هند ومغيرة بن مقسم ومجالداً وإسماعيل بن سالم، هؤلاء الخمسة رووا الحديث عن الشعبي، وروى عنهم الحديث جميعاً هشيم بن بشير. وأخرجه البخاري (2587) و (2650)، ومسلم (1623)، وابن ماجه (2375)، والنسائي (3679 - 3682) من طرق عن الشعبي، عن النعمان. وأخرجه البخاري (2586)، ومسلم (1623)، وابن ماجه (2376)، والترمذي (1367) والنسائي (3672 - 3674) من طريق الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن ومحمد بن النعمان بن بشير، والنسائي (3685) و (3686) من طريق فطر بن خليفة، عن مسلم بن صبيح، كلهم عن النعمان بن بشير. وهو في "مسند أحمد" (18363) و (18382)، و"صحيح ابن حبان" (5097) و (5098) و (5102). وانظر تالييه. قال الخطابي: واختلف أهل العلم في جواز تفضيل بعض الأبناء على بعض في النحل والبر، فقال مالك والشافعي: التفضيل مكروه، فإن فعل ذلك نفذ، وكذلك قال أصحاب الرأي. وعن طاووس أنه قال: إن فعل ذلك لم ينفذ، وكذلك قال إسحاق بن راهويه، وهو قول داود. وقال أحمد بن حنبل: لا يجوز التفضيل، ويُحكى ذلك أيضاً عن سفيان الثوري. واستدل بعض من منع ذلك بقوله: "هذا جور" وبقوله: "هذا تلجئة" والجور مردود، والتلجئة غير جائزة، ويدل على ذلك حديثه الآخر. قلنا: وقول الأمام أحمد: لا يجوز التفضيل، ليس هو على إطلاقه، فقد قال ابن قدامة في "المغني" 8/ 258: فإن خص بعض أولاده لمعنى يقضي تخصيصه، مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل، أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها، فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف. لا بأس به إذا كان لحاجة، وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة، =

قال أبو داود في حديث الزهري: قال بعضُهم؟ "أكلَّ بَنِيك؟ " وقال بعضهم: "ولَدِكَ؟ " وقال ابنُ أبي خالد، عن الشعبي فيه: "ألَكَ بَنُونَ سِواه؟ " وقال أبو الضحى، عن النعمان بن بشير: "ألَكَ ولَدٌ غَيرُهُ؟ ". 3543 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جَرير، عن هشامِ بنِ عُروة، عن أبيه حدَّثني النعمان بن بشير، قال: أعطاه أبوهُ غلاماً، فقال له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما هذا الغُلامُ؟ قال: غلامي أعطانيه أبي، قَالَ: فَكُلَّ إخوَتِك أعطَى كما أعْطَاكَ؟ " قال: لا، قال: "فارْدُدْهُ" (¬1). ¬

_ = والعطية في معناه. ثم قال الخطابي: فأما قوله: "هذا جور" فمعناه: هذا ميل عن بعضهم إلى بعض، وعدول عن الفعل الذي هو أفضل وأحسن، ولا خلاف أنه لو آثر بجميع ما له أجنبياً وحرمه أولاده أن فعله ماضٍ، فكيف يُردُّ فعلُه في إيثار بعض أولاده على بعض؟ وقد فضل أبو بكر عائشة رضي الله عنهما بجذاذ عشرين وسقا ونحلها إياه دون أولاده وهم عدد، فدل ذلك على جوازه وصحة وقوعه. وقد قال بعض أهل العلم: إنما كره ذلك لأنه يقع في نفس المفضول بالبر شيء فيمنعه ذلك من حسن الطاعة والبر، وربما كان سببا لعقوق الولد وقطيعة الرحم بينه وبين إخوته. وذهب قوم إلى أنه لا يجوز أن يسوي بين أولاده الذكران والإناث في البر والصلة أيام حياته، ولكن يفضل ويقسم على سهام الميراث وروي ذلك عن شريح. وإليه ذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، واحتج من رأى التسوية بين الذكر والأنثى بقوله: "أليس يسرُّك أن يكونوا في البر واللطف سواء" قال: نعم، أي: فسوِّ كذلك في العطية بينهم، وقالوا: لم يستثن ذكراً من أنثى. (¬1) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه مسلم (1623)، والنسائي (3676) من طريق هشام بن عروة، به وهو في "مسند أحمد" (18354). وانظر ما قبله.

3544 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب، حدَّثنا حماد، عن حاجبِ بنِ المفضّل ابن المُهَلَّبِ، عن أبيه، قال: سمعت النعمانَ بنَ بشيرِ يقول: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اعدِلُوا بينَ أبنائِكم، اعدِلُوا بينَ أبنائِكم" (¬1). 3545 - حدَّثنا محمدُ بنُ رافع، حدَّثنا يحيى بنُ آدمَ، حدَّثنا زهيرٌ، عن أبي الزبير عن جابر، قال: قالت امرأةُ بشيرِ: انْحَلِ ابني غلامك، وأشهدْ لي رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فأتى رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: إن ابنةَ فلانِ سألتْني أن أنْحَلَ ابنَها غلاماً، وقالت لي: أشهدْ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: له إخوةٌ؟ " فقال: نعم، قال: فكُلَّهم أعطَيتَ ما أعطيتَه؟ " قال: لا، قال: "فَلَيْسَ يَصْلُحُ هذا، وإني لا أشهَدُ إلا على حَقٍّ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل المفضل بن المهلب -وهو ابن أبي صُفرة- حماد: هو ابن زيد. وأخرجه النسائي (3687) من طريق سليمان بن حرب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18422). وانظر سابقيه. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن أبا الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- لم يصرح بسماعه من جابر. وقد روي هذا الحديث عن النعمان بن بشير نفسه كما سلف عند المصنف برقم (3542) و (3543) وهو في "الصحيحين"، زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه مسلم (1624) من طريق زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14492)، و"صحيح ابن حبان" (5101).

86 - باب عطية المرأة بغير إذن زوجها

3545/ 1 - حدَّثنا أحمد ابن يونس، حدَّثنا زهير، حدَّثنا عبد اللهِ بنُ عطاءٍ، عن عبد الله بن بُريدة عن أبيه بريدة: أن امرأة أتت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقالت: كنت تصدّقْتُ على أمي بوليدة وإنها ماتت وتركت تلك الوليدة، قال: وذكر الحديث (¬1). 86 - باب عطية المرأةِ بغَير إذنِ زَوجِها 3546 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن داود بنِ أبي هند وحبيبٍ المعلّمِ، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يجوز لامرأةٍ أمْرٌ في مالها إذا مَلَكَ زوجُها عصمتَها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو مكرر الحديث السالف بالأرقام (1656) و (2877) و (3309). (¬2) إسناده حسن. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه النسائي (3756) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2388) من طريق المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، به. وهو في "مسند أحمد" (6681)، وانظر ما بعده. قلنا: يغلب على ظننا أن زيادة: "في مالها" مدرجة من بعض الرواة، ظن أن قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا يجوز للمرأة عطية إلا بإذن زوجها" أن هذه العطية من مالها، كما التبس على بعض الرواة الأمر في حديث: "إن الله خلق آدم على صورته" فظن أن الضمير يعود على الله، فأبدل المكني بالاسم المظهر، فقال: إن الله خلق آدم على صورة الرحمن. وقد ذكر البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 60 - 61 من طريق أبي العباس الأصم، أنبأنا الربيع قال: قال الشافعي (يعني في هذا الحديث): سمعناه وليس بثابت فيلزمنا أن نقول به والقرآن يدل على خلافة، ثم السنة، ثم الأثر، ثم المعقول، وقال في =

87 - باب في العمرى

3547 - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا خالدٌ -يعني ابنَ الحارث- حدَّثنا حسينٌ، عن عَمرو بن شُعيب، أن أباه أخبره عن عبد الله بن عمرو، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا يَجُوُز لامْرأةٍ عَطيَّةٌ إلا بإذنِ زوجها" (¬1). 87 - باب في العُمْرى 3548 - حدَّثنا أبو الوليدِ الطيالسيُّ، حدَّثنا همامٌ، عن قتادةَ، عن النضْر ابن أنسٍ، عن بَشِير بن نَهِيكٍ ¬

_ = "مختصر البويطي والربيع": قد يمكن أن يكون هذا في موضع الاختيار، كما قيل: ليس لها أن تصوم يوماً وزوجها حاضر إلا بإذنه، فإن فعلت فصومها جائز، وإن خرجت بغير إذنه فباعت فجائز، وقد اعتقت ميمونة رضي الله عنها قبل أن يعلم النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فلم يَعب ذلك عليها، فدل هذا مع غيره على أن قول النبي - صلَّى الله عليه وسلم -إن كان قاله- أدب واختيار لها. قال البيهقي: الطريق في هذا الحديث إلى عمرو بن شعيب صحيح، ومن أثبت أحاديث عمرو بن شعيب لزمه إثبات هذا، إلا أن الأحاديث التي مضت في الباب قبله أصح إسناداً، وفيها وفي الآيات التي احتج بها الشافعي رحمه الله دلالة على نفوذ تصرفها في مالها دون الزوج، فيكون حديث عمرو بن شعيب محمولاً على الأدب والاختيار كما أشار إليه في كتاب البويطي، وبالله التوفيق. وانظر لزاما "الأم" للشافعي 3/ 216، و"شرح معاني الآثار" 4/ 351 - 354. (¬1) إسناده حسن كسابقه. حسين: هو المُعلِّم، وأبو كامل: هو فضيل بن حسين الجَحْدري. وأخرجه النسائي (2540) و (3757) من طريق حسين المعلم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6681). وانظر ما قبله. وقوله: "لامرأة عطية" قال السندي أي: من مال الزوج، وإلا فالعطية من مالها لا يحتاج إلى إذن عند الجمهور.

عن أبي هُريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "العُمرى جائزةٌ" (¬1). 3549 - حدَّثنا أبو الوليد، حدَّثنا هَمَّامٌ، عن قتادةَ، عن الحسن عن سمرة، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، مثله (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه البخاري (2626)، ومسلم (1626)، والنسائي (3754) من طريق قتادة، به. وجاء عند مسلم في إحدى روايتيه: "العمرى ميراث لأهلها" أو قال: "جائزة". وهو في "مسند أحمد" (8567). وأخرج ابن ماجه (2379)، والنسائي (3753) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رفعه: "لا عمرى، فمن أُعمر شيئاً فهو له". هذا لفظ ابن ماجه. قوله: "عُمرى" قال الخطابي: هي أن يقول الرجل لصاحبه: أعمرتك هذه الدار، ومعناه: جعلتها لك مدة عمرك، فهذا إذا اتصل به القبض كان تمليكاً لرقبة الدار، وإذا ملكها في حال حياته وجاز له التصرت فيها ملكلها بعده وارثُه الذي يرث سائر أملاكه، وهذا قول الشافعي وقول أصحاب الرأي. وقال في "المغني" 8/ 283: قال جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس وشُريح ومجاهد وطاووس والثوري والشافعي وأصحاب الرأي: إن العُمرى تَنفُلُ الملك إلى المُعْمَر، وروي ذلك عن علي. وقال مالك والليث: العمرى تمليك المنافع، ولا تُملك بها رقبة المُعمرَ بحال، ويكون للمُعمَر السكنى، فإذا مات عادت إلى المُعمَر. وإن قال: له ولعقبه، كان سكناها لهم، فإذا انقرضوا عادت إلى المُعمِر. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الحسن -وهو البصري- لم يصرح بسماعه من سمرة -وهو ابن جندب-. قتادة: هو ابن دعامة، وهمام: هو ابن يحيى. وأخرجه الترمذي (1399) من طريق قتادة بن دعامة، به. وهو في "مسند أحمد" (20084).

3550 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، عن يحيى، عن أبي سلمةَ عن جابر، أن نبيَّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان يقول: "العُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ له" (¬1). 3551 - حدَّثنا مؤمَّل بنُ الفضل الحَرَّانيُّ، حدَّثنا محمد بن شُعيبِ، أخبرني الأوزاعي، عن الزهري، عن عُروة عن جابر، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من أُعْمِرَ عُمْرَى فهىَ لهُ ولِعَقِبهِ يَرِثُها من يرثُهُ من عقِبهِ" (¬2). 3552 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي الحَواريّ، حدَّثنا الوليدُ، عن الأوزاعيِّ، عن الزهري، عن أبي سلمةَ وعروة عن جابر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، ويحيى: هو ابن أبي كثير، وأبان: هو ابن يزيد العطَّار. وأخرجه البخاري (2625)، ومسلم (1625)، والنسائي (3750) و (3751) من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به. وهو في "مسند أحمد" (14243) و (14270)، و "صحيح ابن حبان"، (5130). وانظر ما سيأتي بالأرقام (3551 - 3558). (¬2) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام، والأوزاعي: هو عبد الرحمن ابن عمرو، ومحمد بن شعيب: هو ابن شابور الدمشقي. وأخرجه النسائي (3740) من طريق الأوزاعي، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم (3553). (¬3) حديث صحيح. الوليد -وهو ابن مسلم الدمشقي- وإن لم يصرح بالسماع في جميع طبقات الإسناد، متابع كما في الحديث الآتي بعده، وكما في الحديث السالف. =

88 - باب من قال فيه: ولعقبه

قال أبو داود: وهكذا رواهُ الليثُ بنُ سعْد عن الزهري عن أبي سلمة، عن جابرٍ. 88 - باب من قال فيه: ولِعَقِبه 3553 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسِ ومحمدُ بنُ المثنّى، قالا: حدَّثنا بِشْرُ بنُ عمر، حدَّثنا مالكٌ -يعني ابنَ أنسِ- عن ابنِ شهاب، عن أبي سَلَمَة عن جابر بن عبد الله، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أيّما رجلٍ أُعْمِرَ عُمرى له ولعقبهِ، فإنها للذي يُعطاها لا تَرجع إلى الذي أعطاها، لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريثُ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي (3742) من طريق أبي عمرو الأوزاعي، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (3741) من طريق الأوزاعي، عن الزهري، عن أبي سلمة وحده، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (5135). وانظر سابقيه، وما سيأتي بعده. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 756، ومن طريقه أخرجه مسلم (1625)، والترمذي (1400)، والنسائي (3745). وأخرجه مسلم (1625)، والنسائي (3747) من طريق ابن أبي ذئب، ومسلم (1625) من طريق ابن جريج، والنسائي (3746) من طريق شعيب بن أبي حمزة، ومسلم (1625)، وابن ماجه (2380)، والنسائي (3744) من طريق الليث بن سعد، والنسائي (3749) من طريق يزيد بن أبي حبيب، خمستهم عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (14131) و (14871) و (15290)، و"صحيح ابن حبان" (5137) و (5138) و (5139). وانظر تالييه، وما قبله، وما سلف برقم (3550).

ْ3554 - حدَّثنا حجاجُ بنُ أبي يعقوب، حدَّثنا يعقوبُ بن إبراهيم بن سعد، حدَّثنا أبي، عن صالح، عن ابنِ شهاب بإسناده ومعناه (¬1). قال أبو داود: وكذلك رواه يزيدُ بن أبي حبيب -قال أبو داود: لم يسمع من الزهري، إنما كتَب إليه- (¬2)، وكذلك رواه عُقَيلٌ، عن ابن شهاب على هذا اللفظ على قول أهل المدينة، واختلف عن الأوزاعي، عن ابن شهاب، ورواه فُليح بن سُليمان مثل رواية مالكٍ. 3555 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله، قال: إنما العُمْرَى التي أجازَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يقول: هِيَ لَكَ وَلعَقبِكَ، فأمَّا إذا قال: هي لك ما عِشْتَ، فإنها تَرْجِعُ إلى صاحبها (¬3). 3556 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابن جُريج، عن عطاء ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. صالح: هو ابن كيسان. وأخرجه النسائي (3748) من طريق صالح بن كيسان، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله، وما بعده. (¬2) ما بين معترضين من رواية ابن الأعرابي وأبي عيسى الرملي. أشار إليه في هامش (هـ). (¬3) إسناده صحيح. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (16887)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1625) وهو في "مسند أحمد" (14131)، و"صحيح ابن حبان" (5139). وانظر ما سلف برقم (3550) و (3553) و (3554).

عن جابر، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: " لا تُرْقِبُوا، ولا تُعْمِرُوا، فمن أُرْقِبَ شيئاً أو أُعمِره، فهو لِورثَته" (¬1). 3557 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شيبةَ، حدَّثنا معاويةُ بنُ هشام، حدَّثنا سفيانُ، عن حبيبٍ -يعني ابنَ أبي ثابتِ- عن حُمَيدٍ الأعرجِ، عن طارقي المكيِّ عن جابر بن عبد الله، قال: قَضَى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في امرأةٍ من الأنصارِ أعطاها ابنُها حديقةً مِن نخل، فماتت، فقال ابنها: إنما أَعطَيْتَها حَيَاتَها، وله إخوة، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "هي لها حياتَها وموتَها" قال: كنتُ تصدقتُ بها عليها، قال: "ذلك أبعدُ لك" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ورواية ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- وإن لم يصرح بسماعه من عطاء -وهو ابن أبي رباح- محمولة على الاتصال، كما صرح هو نفسه بذلك فيما رواه ابنُ أبي خيثمة في "تاريخه" (858). سفيان: هو ابن عيينة، وإسحاق بن إسماعيل: هو الطالقاني. وأخرجه النسائي (3731) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2626)، ومسلم (1625)، والنسائي (3729) و (3755) من طريق قتادة بن دعامة، والنسائي (3727) من طريق مالك بن دينار، كلاهما عن عطاء بن أبي رباح، به. بلفظ: "العمرى جائزة"، وفي رواية لمسلم: "العُمرى ميراث لأهلها" وأخرجه النسائي (3728) من طريق عبد الكريم بن مالك الجزري، و (3730) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، كلاهما عن عطاء بن أبي رباح مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (14174)، و"صحيح ابن حبان" (5129). وانظر ما سلف برقم (3550). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد اضطرب فيه معاوية بن هشام على سفيان -وهو الثوري-، والمحفوظ عن سفيان الثوري، روايته هذا الحديث عن حميد الأعرج -وهو ابن قيس- عن محمد بن إبراهيم، عن جابر - يعني منقطعا، لأن محمد بن إبراهيم -وهو التيمي- لم يسمع من جابر بن عبد الله. =

89 - باب في الرقبى

89 - باب في الرُّقْبَى 3558 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا هُشيمٌ، أخبرنا داود، عن أبي الزبير عن جابر، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "العُمرَى جائِزَةٌ لأهلِها، والرُّقبَى جائزةٌ لأهلِها" (¬1). ¬

_ = أخرجه أحمد (14197) عن يحيى القطان وروح بن عبادة عن سفيان الثوري قال ابن عدي عن معاوية بن هشام: قد أغرب عن الثوري بأشياء، وأرجو أنه لا بأس به. وأما حبيب بن أبي ثابت، فالمحفوظ عنه أنه رواه عن حميد الكندي، عن جابر كما أخرجه ابن أبي شيبة 10/ 167، والطحاوي 4/ 93 عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن أبيه، عن حبيب بن أبي ثابت، عن حميد الكندي، عن جابر. قلنا: وإسناده إلى حبيب صحيح، وأما حميد الكندي فقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/ 232، وسكت عنه. وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 183، والبيهقي 6/ 174 عن معاوية بن هشام، بهذا الإسناد. وأخرج عبد الرزاق (16886)، ومن طريقه مسلم (1625)، والبيهقي 6/ 173 عن ابن جريح، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: أَعْمَرت امرأة بالمدينة حائطا لها ابناً لها، ثم توفي وتوفيت بعده، وله إخوة بنو المُعمِرة، فقال: ولد المُعمِرة: رجع الحائط إلينا، وقال بنو المُعمَرة: بل كان لأبينا حياتَه وموتَه، فاختصموا إلى طارق مولى عثمان، فدعا جابراً فشهد على النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بالعمرى لصاحبها، فقضى بذلك، ثم كتب إلى عبد الملك: صدق جابر. وأمضى ذلك طارق، فإن ذلك الحائط لبني المُعمَر حتى اليوم. وأخرج الشافعي 2/ 169، وابن أبي شيبة 7/ 137، وأحمد (15077)، ومسلم (1625)، وأبو يعلى (1835)، والطحاوي 1/ 91، والبيهقي 6/ 173 - 174 من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سليمان بن يسار: أن طارقاً كان أميراً بالمدينة، فقضى بالعمرى للوارث عن قول جابر بن عبد الله عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وانظر ما سلف بالأرقام (3550 - 3556). (¬1) إسناده صحيح. وقد صرح أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- بسماعه من جابر عند النسائي (3735) و (3736). داود: هو ابن أبي هند، وهشيم، هو ابن بشير الواسطي. =

3559 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمد النُّفيليُّ، قال: قرأت على مَعقِلٍ، عن عَمرو بنِ دينارٍ، عن طاووسٍ، عن حُجْر ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2383)، والترمذي (1401)، والنسائي (3738) (3739) من طريق داود بن أبي هند، به. وقال الترمذي: حديث حسن. واقتصر النسائي في الموضع الأول على ذكر الرقبى. وهو في "مسند أحمد" (14254)، و"صحيح ابن حبان" (5136). لكن لفظ رواية ابن حبان: "لا تعمروا أموالكم، فمن أُعمِر شيئاً حياتَه، فهو له ولورثته إذا مات". وأخرجه مسلم (1625)، والنسائي (3736) و (3737) من طرق عن أبي الزبير، عن جابر، ولفظه: "أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها، فإنه من أعمر عُمرى فهي للذي أُعمِرها، حياً وميتاً ولعقبه". وأخرجه النسائي (3735) من طريق ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابراً يقول: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من أعمر شيئاً فهو له حياته ومماته". وهو في "مسند أحمد" (14126)، و"صحيح ابن حبان" (5140) و (5141). قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وغيرهم: أن الرقبى جائزة مثل العُمرى، وهو قول أحمد وإسحاق. وفرق بعض أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم بين العُمرى والرُّقبى، فأجازوا العُمرى، ولم يجيزوا الرُّقبى. وتفسير الرقبى: أن يقول: هذا الشيء لك ما عشتَ، فإن متَّ قبلي فهي راجعة إليَّ. وقال أحمد وإسحاق: الرقبى مثل العُمرى، وهي لمن أُعطيها، ولا ترجع إلى الأول. قلنا: وقال الخطابي: والرقبى: أن يرقب كل واحد منهما موت صاحبه، فتكون الدار التي جعلها رقبى لآخر من بقي منهما. وقال أبر حنيفة: العمرى موروثة، والرقبى عاريّة، وعند الشافعي: الرقبى موروثة كالعُمرى، وهو حكم ظاهر الحديث. وانظر ما سيأتي عند المصنف برقم (3560).

عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَن أَعْمَرَ شيئاً، فهو لِمُعْمَرِهِ محياه ومماتَهُ، ولا تُرقِبوا، فمن أرقَبَ شيئاً فهو سبيلُه" (¬1). 3560 - حدَّثنا عبدُ الله بن الجرّاحِ، عن عُبيدِ الله بن موسى، عن عثمانَ بن الأسود عن مجاهد، قال: العمرى أن يقولَ الرجل للرجل: هو لك ما عشتَ، فإذا قال ذلك فهو له ولورثته، والرقبى: أن يقول: الإنسان: هو للآخِرِ مني ومنك (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحبح. وهذا إسناد حسن من أجل معقل -وهو ابن عُبيد الله الجزري- وهو متابع. حُجْر: هو ابن قيس الهمْداني الحَجُوري المَدَرى. وأخرجه النسائي (3723) من طريق معقل بن عُبيد الله، بهذا الإسناد. لكن لم يذكر في إسناده طاووساً! وأخرجه أحمد (21651)، والطبراني في "الكبير" (4948)، والبيهقي 6/ 175 من طريق عبد الله بن الحارث، عن شبل بن عباد المكي، عن عمرو بن دينار، به. وأخرجه ابن ماجه (2381)، والنسائي (3719) و (3721) و (3722) من طريق عمرو بن دينار، به. بلفظ: أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- جعل العُمرى للوارث. وأخرجه بهذا اللفظ النسائي (3715) و (3718) و (3720) من طريقين عن طاووس، عن زيد - دون ذكر حجر المدري، والصحيح ذكره: فقد أخرجه النسائي (3716) و (3717) من طريقين عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن حُجر المدري، عن زيد بن ثابت. وهو في "مسند أحمد" (21586)، و"صحيح ابن حبان" (5132 - 5134) باللفظ المذكور آنفاً. (¬2) رجاله ثقات. مجاهد: هو ابن جبْر المكي. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 176 من طريق أبي داود، به.

90 - باب في تضمين العارية

90 - باب في تضْمين العاريَّة 3561 - حدَّثنا مُسَدَّدُ بن مُسَرْهَدٍ، حدَّثنا يحيى، عن ابنِ أبي عَروبةَ، عن قتادةَ، عن الحسنِ عن سمرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "على اليَدِ ما أخذت حتى تُؤَدِّيَ". ثم إن الحسن نسِيَ، فقال: هُوَ أمِينُكَ، لا ضَمَانَ عَلَيهِ (¬1). 3562 - حدَّثنا الحسنُ بن محمدٍ وسلمةُ بن شَبيبٍ، قالا: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، حدَّثنا شَريكٌ، عن عبدِ العزيز بنِ رُفَيع، عن أُميَّةَ بن صفوان بن أمية عن أبيه أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - استعار منه أدْراعاً يَومَ حُنَينٍ، فقال: أغَصْبٌ يا محمد؟ فَقَالَ: "لا، بل عاريَّةٌ مضمونَةٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الحسن -وهو البصري- لم يصرح بسماعه من سمرة. قتادة: هو ابن دعامة السَّدوسي، وابن أبي عَروبة: هو سعيد، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه ابنُ ماجه (2400)، والترمذي (1312)، والنسائي في "الكبرى" (5751) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (20086). ويشهد له حديث صفوان بن أمية وحديث أبي أمامة الآتيان بعده. قال الخطابي: في هذا الحديث دليل على أن العارية مضمونة، وذلك أن "على" كلمة إلزام، وإذا حصلت اليد آخذة صار الأداء لازماً لها، والأداء قد يتضمن العين إذا كانت موجودة والقيمة إذا صارت مُستهلكة، ولعله أملكُ بالقيمة منه بالعين. وانظر كلام الخطابي في خلاف أهل العلم في تضمين العارية عند الحديث (3565). (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- وجهالة حال أمية بن صفوان، فإنه لم يوثقه أحد ولم يرو عنه غيْر اثنين، ولاضطرابه كما سيأتي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5747) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15302). وأخرجه النسائي كذلك (5748) من طريق إسرائيل، عن عبد العزيز بن رفيع، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الرحمن بن صفوان بن أمية مرسلاً. وسيأتي عند المصنف بعده من طريق جرير بن عبد الحميد، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أناس من آل عبد الله بن صفوان، مرسلاً. وبرقم (3564) من طريق أبي الأحوص، عن عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء، عن ناس من آل صفوان، مرسلاً كذلك. وأخرجه النسائي (5746) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عطاء بن أبي رباح مرسلاً أيضاً. وانظر تمام الاختلاف فيه وتخريجه في "مسند أحمد" (15302). وانظر ما سيأتي برقم (3566). ويشهد له حديث جابر بن عبد الله عند الحاكم 3/ 48 - 49، والبيهقي 6/ 89، وفيه: ثم بعث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى صفوان بن أمية، فسأله أدراعاً مئة درع، وما يُصلحها من عدتها، فقال: أغصباً يا محمد؟ قال: "بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك" ثم خرج رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - سائراً. وإسناده حسن وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. قال الخطابي: وهذا يؤكد ضمان العارية، وفي قوله: "عارية مضمونة" بيان ضمان قيمتها إذا تلفت، لأن الأعيان لا تضمن، ومن تأوله على أنها تؤدّى ما دامت باقية فقد ذهب عن فائدة الحديث. وقال قوم: إذا اشترط ضمانها صارت مضمونة، فإن لم يشترط لم يضمن، وهذا القول غير مطابق لمذاهب الأصول، والشيء إذا كان حكمه في الأصل على الأمانة فإن الشرط لا يغيره عن حكم أصله، ألا ترى أن الوديعة لما كانت أمانة كان شرط الضمان فيها غير مخرج لها عن حكم أصلها، وإنما كان ذكر الضمان في حديث صفوان لأنه كان حديث العهد بالإسلام جاهلاً بأحكام الدين فأعلمه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن من حكم الإسلام أن العواري مضمونة ليقع له الوثيقة بأنها مردودة عليه غير ممنوعة منه في حالٍ.

قال أبو داود: وهذه رواية يزيدَ ببغدادَ، وفي روايته بواسطٍ على غير هذا (¬1). 3563 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن عبدِ العزيز بنُ رفيع عن أُناس من آلِ عبدِ الله بنِ صفوان: أن رسولَ ال -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "يا صَفوانُ، هل عندَكِ من سلاحٍ؟ " قال: عَارِيَّةً أم غصباً؟ قال: "لا، بَلْ عاريَّةٌ" فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين دِرعاً، وغزا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- حُنيناً، فلما هُزِمَ المشركون جُمِعَتْ درُوعُ صفوانَ، ففَقَدَ منها أدراعاً، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لصفوان: "إنَّا قَدْ فقَدْنا مِنْ أدراعِكَ أدراعاً، فهل نَغْرَمُ لكَ؟ " قال: لا يا رسولَ الله، لأن في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ (¬2). ¬

_ (¬1) ذكر أبو نعيم في "الحلية" 9/ 163 خبراً مفادُه أن يزيد بن هارون كان يرى أن العاريّة ليست بمضمونة، وأنه حينما التقى بالإمام أحمد بن حنبل ودار الحديث فيما بينهما عن العارية أنه صار إلى قول أحمد بن حنبل بأنها مؤداة. وهاك النص في ذلك، قال أبو نعيم: حدَّثنا سليمان بن أحمد، حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني محمد بن عبد الملك بن زنجويه، قال: رأيت يزيد بن هارون يصلي، فجاء إليه أبو عبد الله أحمد بن حنبل، فلما سلم يزيد من الصلاة، التفت إلى أحمد بن حنبل فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في العارية؟ قال: مؤداة، فقال له يزيد: أخبرنا حجاج عن الحكم قال: ليست بمضمونة، فقال له أحمد بن حنبل: قد استعار النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من صفوان بن أمية أدرُعاً، فقال: عاريَّة مؤداة؟ فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "العارية مؤداة" فسكت يزيد وصار إلى قول أحمد بن حنبل. (¬2) حديث حسن كسابقه. وهذا إسناد مرسلٌ. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبّي. وهو في "مصنف ابنُ أبي شيبة" 6/ 143 - 144، ومن طريقه أخرجه الدارقطني (2957) والبيهقي 6/ 89 و 7/ 18، وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4459) من طريق أسد بن موسى، كلاهما عن جرير بن عبد الحميد، به. وقد أُقحم عند الدارقطني اسم عطاء بعد عبد العزيز. وانظر ما قبله.

قال أبو داود: وكان أعاره قبل أن يُسلم، ثم أسلم (¬1). 3564 حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو الأحوص، حدَّثنا عبد العزيز بنُ رَفيعٍ، عن عطاء، عن ناسٍ مِنْ آلِ صفوان، قال: استعار النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فذكر معناه (¬2). 3565 حدَّثنا عبدُ الوهَّاب بن نجْدةَ الحَوْطيُّ، حدَّثنا ابنُ عيّاشٍ، عن شُرحبيلَ بن مسلم سمعتُ أبا أُمامة، قال: سمعتُ رسولَ الله يقول: "إنَّ الله عز وجل قد أعطى كلَّ ذي حق حقهُ، فلا وصيةَ لِوارثٍ. لا تُنفِقِ المرأةُ شيئاً مِن بيتها إلاَّ بإذن زوجها" قيل: يا رسولَ الله ولا الطعامَ؟ قال: "ذَلكَ أفضَلُ أموالنا" ثم قال: "العاريَّةُ مؤدَّاةٌ"، والمِنْحَةُ مردُودةٌ، والدَّينُ مَقْضِي، والزَّعِيم غارمٌ" (¬3). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ) وهي برواية ابن داسه. (¬2) حديث حسن، هذا إسناد كسابقه. عطاء: هو ابن أبي رباح، وأبو الأحوص: هو سلاَّم بن سُلَيم، ومُسَدَّد: هو ابنُ مُسَرْهَد. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4457)، والبيهقي 6/ 89 من طريق مُسدَّدٌ، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي (4458) من طريق مسدّد، عن أبي الأحوص، عن عبد العزيز، عن عطاء بن أبي رباح، عن صفوان، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5746) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عطاء بن أبي رباح، مرسلاً. وانظر ما قبله، وما سلف برقم (3562) و (3563). (¬3) صحح لغيره، هذا إسناد حسن من أجل ابن عياش -وهو إسماعيل- فهو حسن الحديث فيما يرويه عن. أهل بلده، وهذا منها، وقد توبع على بعض الحديث. وأخرجه الترمذي (2253) من طريق إسماعيل بن عياش، به. وقال: حديث حسن. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقد سلف الشطر الأول من الحديث في الوصية للوارث عند المصنف برقم (2870) وذكرنا هناك متابعة لإسماعيل بن عياش إسنادها صحيح. وأخرج الشطر الثاني منه، وهو إنفاق المرأة من مال زوجها بإذنه: ابن ماجه (2295)، والترمذي (676) من طريق إسماعيل بن عياش، به. وأخرج الشطر الثالث منه، وهو قوله: " العارية مؤداة، والمنحة مردودة ... " ابن ماجه (2398)، والترمذي (1311) من طريق إسماعيل بن عياش، به. وأخرجه أيضاً النسائي في "الكبرى" (5749) من طريق أبي عامر لقمان بن عامر الحمصي، و (5750) من طريق حاتم بن حريث، كلاهما عن أبي أمامة وإسناداهما حسنان. وزاد النسائي في رواية أبي عامر: قال رجل: يا رسول الله، أرأيت عهدَ الله عز وجل؟ قال: "عهد الله عزّ وجلّ أحقُّ ما أُدِّي". وهو في "مسند أحمد" بتمامه (22294). وفي "صحيح ابن حبان" (5094) مقتصراً على ذكر العارية والمنحة. ويشهد للشطر الثاني: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص السالف عند المصنف برقم (3547). وإسناده حسن. ويشهد لقوله: "الزعيم غارم، والدين مقضي" حديث سعيد بن أبي سعيد عمن سمع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عند أحمد (22507). هو حديث حسن لغيره. قال الخطابي: قوله: "مؤداة" قضية إلزام في أدائها عيناً حال القيام، وقيمة عند التلف. وقوله: "المنحة مردودة" فإن المنحة: هي ما يمنحه الرجل صاحبه من أرض يزرعها مدة ثم يردُّها أو شاة يشربُ درَّها ثم يردُّها على صاجها أو شجرة يأكل ثمرها. وجملتها أنها تمليك المنفعة دون الرقبة، وهي من معنى العواري، وحكمها الضمان كالعارية. قال: "والزعيم": الكفيل، والزعامة: الكفالة، ومنه قيل لرئيس القوم: الزعيم، لأنه هو المتكفل بأمورهم. =

3566 - حدَّثنا إبراهيمُ بن المُستَمِرِّ العُصْفُريّ، حدَّثنا حَبّان بن هلال، حدَّثنا همامٌ، عن قتادةَ، عن عطاء بن أبي رباح، عن صفوان بن يعلى عن أبيه، قال: قال لي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا أتتك رُسُلي، فأعطِهِم ثلاثين درعاً، وثلاثين بعيراً" قال: قلت: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، أعارِيَّةٌ مضمونةٌ أو عاريَّةُ مؤدَّاة؟ قال: "بل مُؤدَّاة" (¬1). قال أبو داود: حَبَّان خالُ هلال الرأي (¬2). ¬

_ = وقد اختلف الناس في تضمين العارية، فروي عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما سقوط الضمان فيها، وقال شريح والحسن وإبراهيم: لا ضمان لها، وإليه ذهب سفيان الثوري وأصحاب الرأي وإسحاق بن راهويه. وروي عن ابن عباس وأبي هريرة أنهما قالا: هي مضمونة، وبه قال عطاء والشافعي وأحمد بن حنبل، وقال مالك بن أنس: ما ظهر هلاكه كالحيوان ونحوه غير مضمون، وما خفي هلاكه من ثوب ونحوه فهو مضمون. قلنا: قد خالف ابنُ قدامة في "المغني" 7/ 341 الخطابيَّ في نسبة القول بعدم ضمان العارية لإسحاق بن راهويه، فقد ذكر ابنُ قدامة إسحاق فيمن يقول بضمانها، والقول قول ابن قدامة، فقد ذكر إسحاق بن منصور الكوسج في "مسائله" (2561) أن إسحاق يقول كقول أحمد بن حنبل. وأضاف ابنُ قدامة قيداً مهماً لم يذكره الخطابيّ للفريق الثاني القائل بعدم الضمان، وهو أن لا يكون تلفُ العاريّة بتَعدٍّ من المُستعير، وهو قيد مهم للغاية. (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة، وهمام: هو ابن يحيى العَوذي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5744) و (5745) من طريق حبان بن هلال، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17950)، و"صحيح ابن حبان" (4720). وانظر ما سلف برقم (3562). (¬2) مقالة أبى داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها من روايتي أبي عيسى الرملي وابن الأعرابي.

91 - باب فيمن أفسد شيئا يضمن مثله

91 - باب فيمن أفسد شيئاً يضمن مثلَه 3567 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى. وحدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، حدَّثنا خالد، عن حميد عن أنس بن مالك: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان عندَ بعضِ نسائِه، فأرسلتْ إحدى أمَّهات المؤمنين مع خادمها قَصْعَةً فيها طعام، قال: فضَرَبَتْ بيدِها، فكسرتِ القَصْعةَ، قال ابنُ المثنى: فأخذ النبي -صلَّى الله عليه وسلم- الكِسرتَين، فضمَّ إحداهما إلى الأخرى، فجعل يَجْمَعُ فيها الطعامَ ويقول: "غَارَتْ أمُّكُم" زاد ابنُ المثنى، "كُلُوا" فأكلوا حتى جاءت قصعتُها التي في بيتها -ثم رجعْنا إلى لفظ حديث مسدَّدٌ، قال: "كُلُوا" وحَبَسَ الرسولَ والقصعةَ حتى فرغوا، فدفع القصعةَ الصحيحةَ إلى الرسولِ وحَبسَ المكسورة في بيتِه (¬1). 3568 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، حدَّثني فُلَيْتٌ العامِريُّ، عن جَسْرَةَ بنتِ دَجاجة، قالت: قالت عائشة: ما رأيتُ صانعاً طعاماً مِثْلَ صَفِيَّة، صَنَعَتْ لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - طعاماً، فبعثَتْ به، فأخذني أفكَلٌ، فكسرتُ الإناءَ، فقلتُ: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وخالد: هو ابن الحارث الهُجَيمي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، ومسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه البخاري (2481)، و (5225)، وابن ماجه (2334)، والترمذي (1409)، والنسائي (3955) من طرق عن حميد الطويل، به. ورواية الترمذي مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (12027). قال المنذري في "مختصر السنن": والتي كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في بيتها عائشة، والتي أرسلت للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- الصحفة هي زينب بنت جحش، وقيل: غيرها، والله أعلم.

92 - باب المواشي تفسد زرع قوم

يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ما كفَّارَةُ ما صَنَعْتُ؟ قال: "إناءٌ مثلُ إناءٍ، وطعامٌ مِثلُ طَعامٍ" (¬1). 92 - باب المواشي تُفْسِدُ زَرْع قومٍ 3569 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد بن ثابت المروزيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن حَرام بنِ مُحَيِّصة عن أبيه أن ناقةً للبراء بن عازبٍ دخلت حائِطَ رجل فأفسدته، فقضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - على أهلِ الأموالِ حفظَها بالنهار، وعلى أهل المَواشي حفظَها بالليل (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. جسرة بنت دجاجة روى عنها جمع، ووثقها العجلي، وذكرها ابن حبان في "الثقات"، وفُليت -ويقال: أفلت- ابن خليفة العامري صدوق حسن الحديث. سفيان: هو الثوري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه النسائي (3957) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25155). قال الخطابي: "الأفكَل": الرِّعدة من برد أو خوف، والمراد ها أنها لما رأت حسن الطعام غارت وأخذتها مثل الرعدة. (¬2) رجاله ثقات، لكن عبد الرزاق تفرد بوصل هذا الحديث، والصحيحُ فيه أنه عن حرام بن مُحيِّصة: أن ناقة للبراء الحديث يعني مرسلاً. قال ابن عبد البر في "التمهيد" 11/ 81: ولم يتابع عبد الرزاق على ذلك، وأنكروا عليه قوله فيه: "عن أبيه"، وأسند ابنُ عبد البر هذا القول عن أبي داود، ثم قال: هكذا قال أبو داود: لم يتابَع عبدُ الرزاق، وقال محمد بن يحيى الذهلي: لم يتابَع معمر على ذلك، وذكر الدارقطني بإثر الحديث (3313)، والبيهقي 8/ 342 أن وهيب بن خالد وأبا مسعود الزجاج قد خالفا عبد الرزاق، فروياه عن معمر، فلم يقولا: عن أبيه. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 11/ 82: هذا الحديث وإن كان مرسلاً، فهو حديث مشهور، أرسله الأئمة، وحدّث به الثقات، واستعمله فقهاء الحجاز، وتلقّوه بالقبول، وجرى في المدينة به العملُ. =

3570 - حدَّثنا محمودُ بن خَالدٍ، حدَّثنا الفِريابيُّ، عن الأوزاعيِّ، عن الزهريِّ، عن حَرام بن مُحَيَّصة الأنصاريِّ ¬

_ = وهو في "مصنف عبد الرزاق" (18437) ومن طريق أخرجه أحمد (23697)، وابن حبان (6008). وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 747 - 748 - ومن طريقه الشافعي في "المسند" 2/ 107، وفي "السنن المأثورة" (526)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 203، وفي "شرح مشكل الآثار" (6159)، والدارقطني (3319)، والبيهقي 8/ 279 و 341، والبغري (2169) وقرن الدارقطني بمالك يونس بن يزيد الأيلي- عن الزهري، عن حرام مرسلاً. وأخرجه الشافعي في "السنن المأثورة" (525)، وابن أبي شيبة 9/ 435 - 436، وأحمد (23694)، وابن الجارود (796)، والطحاوي في "شرح المشكل" (6160)، والبيهقي 8/ 342، وابن عبد البر في "التمهيد" 89/ 11 من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وحرام بن سعد، مرسلاً. ومراسيل سعيد قوية عند أهل العلم. وانظر ما بعده. قال البغوي في "شرح السنة" 8/ 236 - 237: ذهب إلى هذا بعض أهل العلم أن ما أفسدت الماشية بالنهار من مال الغير، فلا ضمان على ربها، وما أفسدت بالليل، يضمنه ربها لأن في عرف الناس، أن أصحاب الحوائط والبساتين يحفظونها بالنهار، وأصحاب المواشي يسرحونها بالنهار، ويردونها بالليل إلى المراح، فمن خالف هذه العادة، كان خارجاً عن رسوم الحفظ إلى حد التضييع، هذا إذا لم يكن مالك الدابة معها، فإن كان معها، فعليه ضمان ما أتلفته سواء كان راكبها أو سائقها أو قائدها، أو كانت واقفة، وسواء أتلفت بيدها أو رجلها، أو فمها، وإلى هذا ذهب مالك والشافعي. وذهب أصحاب الرأي إلى أن المالك إن لم يكن معها، فلا ضمان عليه ليلاً كان أو نهاراً، واحتجوا بقول النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "جرح العجماء جبار" وهذا حديث عام خصه حديث البراء. وإن كان المالك معها قالوا: إن كان يسوقها، فعليه ضمان ما أتلفت بكل حال، وإن كان قائدها أو راكبها، فعليه ضمان ما أتلفت بفمها أو يدها، ولا يجب عليه ضمان ما أتلفت برجلها.

عن البراءِ بنِ عازبِ قال: كانت له ناقةٌ ضاريَةٌ، فدخلت حائطاً، فأفسدت فيه، فكُلِّمَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فيها، فقضى أن حفظَ الحوائطِ بالنهار على أهلِها، وأن حفظ الماشيةِ بالليل على أهلِها، وأن على أهل الماشية ما أصابت ماشيَتُهُم بالليل (¬1). آخر كتاب البيوع ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، والصحيح أنه مرسل كما سلف قبله. وحرام بن محيّصة لم يسمع من البراء بن عازب. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5753) من طريق الأوزاعي، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2332 م)، والنسائي (5752) من طريق معاوية بن هشام القصار، عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن عيسى -وقرن به النسائي إسماعيل بن أمية- عن الزهري، به. ومعاوية بن هشام -وإن كان حسن الحديث-، لكنه يغرب عن الثوري بأشياء كما قال ابن عدي. وأخرجه النسائي (5755) من طريق محمد بن ميسرة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن البراء. وقال: محمد بن ميسرة: هو محمد بن أبي حفصة، وهو ضعيف. وانظر ما قبله.

أول كتاب الأقضية

أول كتاب الأقضية 1 - باب في طلب القضاء 3571 - حدَّثنا نصْر بن عليٍّ، أخبرنا فُضَيل بن سليمان، حدَّثنا عمرو بن أبي عَمرو، عن سعيد المقبُريِّ عن أبي هريرة: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "مَن وَلِيَ القضاءَ فقد ذُبِحَ بغير سِكِّين" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث قوي، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل فضيل بن سليمان، فهو ضعيف يعتبر به، وقد توبع. سعيد المقبري: هو ابن أبي سعيد كيسان. وسيأتي بعده من طريق آخر بسند حسن. وأخرجه الترمذي (1374) من طريق فضيل بن سليمان، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن غريب. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5892) من طريق داود بن خالد العطار، عن سعيد المقبري، به. وداود العطار في عداد المجهولين. وهو في "مسند أحمد" (7145). وانظر ما بعده. قال الخطابي: معناه التحذيرُ من طلب القضاء، والحِرص عليه، يقول: من تَصَدَّى للقضاء، فقد تَعَرَّض للذبح، فليحذَرْهُ وليتوقَةْ. وقوله: "بغير سكين" يحتمل وجهين: أحدُهما: أن الذبحَ إنما يكون في ظاهر العُرف بالسكين، فعدل به عليه السلامُ عن غير ظاهر العُرف، وصرفه عن سَنَن العادة إلى غيرها، ليعلم أن الذي أراده بهذا القول إنما هو ما يُخاف عليه من هلاك دينه دونَ هلاك بدنه. والوجه الآخر: أن الذبح -هو الوجءُ الذي يقع به إزهاقُ الروح، وإراحةُ الذبيحة، وخلاصها من طول الألم وشدته- إنما يكون بالسكين، لأنه يُجهز عليه، وإذا ذبح بغير السكين كان ذبحه خنقا وتعذيباً، فضرب الثل في ذلك ليكون أبلغ في الحذر والوقوع فيه.

2 - باب القاضي يخطئ

3572 - حدَّثنا نصرُ بنُ على، أخبرنا بِشرُ بنُ عُمرَ، عن عبدِ الله بن جعفر المَخْرَمي، عن عثمانَ بن محمد الأخنسيِّ، عن المقبُري والأعرج عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَن جُعِلَ قاضياً بين النَّاس فقد ذُبِحَ بغيرِ سِكين" (¬1). 2 - باب القاضي يُخطئ 3573 - حدَّثنا محمدُ بنُ حسّان السَّمتيُّ، حدَّثنا خلفُ بن خليفة، عن أبي هاشم، عن ابن بُريدةَ عن أبيه، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "القُضاةُ ثلاثة: واحِدٌ في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجلٌ عَرفَ الحقَّ فقَضَى به، ورَجُلٌ عرف الحقَّ فجار في الحكم، فهو في النار، ورَجُلٌ قضى للنَّاس على جهلٍ، فهو في النار" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل عثمان بن محمد الأخنسي، فهو صدوق لا بأس به. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز، والمقبري: هو سعيد بن أبي سعيد، وعبد الله بن جعفر: هو المَخْرَمي. وأخرجه ابن ماجه (2308)، والنسائي في "الكبرى" (5895) من طريق عبد الله ابن جعفر المَخْرمي، والنسائي (5893) من طريق ابن أبي ذئب، و (5894) من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند، ثلاثتهم عن عثمان بن محمد الأخنسي، عن سعيد المقبري وحده، عن أبي هريرة. وقد تحرف اسم عثمان في رواية ابن أبي هند عند النسائي إلى: محمد بن عثمان، فقال النسائي: الصواب عثمان بن محمد. وجاء بإثر رواية عبد الله بن جعفر عند النسائي: قال أبو سلمة -أحد رواة الحديث عنده وهو منصور بن سلمة الخزاعي-: وقد ذكره مرة أو مرتين عن الأعرج والمقبري. وهو في "مسند أحمد" (7145) و (8777). وانظر ما قبله. (¬2) حديث صحيح بطرقه وشواهده، خلف بن خليفة -وإن كان قد اختلط- قد توبع. ابن بريدة: هو عبد الله، وأبو هاشم: هو الرُّمَّاني. =

قال أبو داود: وهذا أصحُّ شيء فيه، يعني حديث ابن بُريدة: "القضاة ثلاثة" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2315)، والنسائي في الكبرى، (5891) من طريق خلف ابن خليفة، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1322 م) من طريق سعْد بن عبيدة، عن ابن بريدة، به. وسنده حسن في المتابعات. وأخرجه محمد بن خلف وكيع في "أخبار القضاة" 1/ 15 من طريق داود بن عبد الحميد الكوفي، عن يونس بن خباب، ووكيع 1/ 15، والحاكم في المستدرك، 1/ 90 من طريق عبد الله بن بكير الغنوي، عن حكيم بن جبير، والحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 98، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 27/ 137 من طريق أبي حمزة السكري، وابن عساكر 27/ 136، وابن طولون في "الأحاديث المئة في الصنائع" (92) من طريق خاقان بن عبد الله بن الأهتَم، عن يونس بن عبيد، أربعتهم عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه. وأسانيدها كلها ضعيفة، لكن بمجموعها يتقوى الحديث. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1156) من طريق قيس بن الربيع، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه. وقيس -وإن كان ضعيفاً- تابعه أبو حنيفة الإِمام كما في "أطراف الغرائب والأفراد" ثم بمتابعة الباقين عن عبد الله بن بريدة يرتقي الحديث إلى رتبة الصحيح. وفي الباب عن عبد الله بن عُمر عند أبي يعلى 1/ 265، والطبراني (3319)، وابن حبان (5056)، ومحمد بن خلف في "أخبار القضاة" 1/ 16 - 17 و 17 - 18. وإسناده ضعيف. وعن علي بن أبي طالب موقوفاً عند ابن أبي شيبة 7/ 230، ومحمد بن خلف 1/ 18، وأبي القاسم البغوي في "الجعديات" (1024)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" 2/ 71. وسنده صحيح. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هاش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي وابن الأعرابى.

3574 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ مَيسرةَ، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمدٍ- أخبرني يزيدُ بنُ عبد الله بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن بُسْرِ بنِ سعيد، عن أبي قيسٍ -مولى عمرو بن العاص- عن عمرو بن العاص، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا حَكم الحاكِمُ، فاجتهَدَ فأصابَ، فله أجران، وإذا حَكَم فاجتَهَدَ، فأخطأ، فله أجرٌ" فحدَّثْتُ به أبا بكر ابنَ حزم، فقال: هكذا حدَّثني أبو سلمة عن أبي هريرة (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمد -وهو الدراوردي- فهو صدوق لا بأس به، وهو متابع. عُبيد الله بن ميسرة: هو ابن عمر بن ميسرة، نسب هنا إلى جده. وأخرجه البخاري (7352)، ومسلم (1716)، وابن ماجه (2314)،والنسائي في "الكبرى" (5887) و (5888) من طريق يزيد بن عبد الله بن الهاد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17774) و (17820)، و"صحيح ابن حبان" (5061). وأخرج حديث أبي هريرة وحده الترمذي (1375)، والنسائي في "المجتبى" (5381) من طريق يحيى بن سعيد، عن أبي بكر بن حزم، به. وهو في "صحح ابن حبان" (5060)، و"شرح مشكل الآثار" (53). وعلقه البخاري بإثر الحديث (7352) عن عبد العزيز بن المطلب، عن أبي بكر ابن حزم، عن أبي سلمة مرسلاً. وقوله: فحدثتُ به أبا بكر بن حزم. القائل فحدثت هو يزيد بن عبد الله بن الهاد. قال الإِمام الخطابي: قوله إذا حكم الحاكم فاجتهد فأخطأ فله أجر، إنما يؤجر المخطئ على اجتهاده في طلب الحق، لأن اجتهاده عبادة ولا يُؤجر على الخطأ، بل يوضع عنه الإثم فقط، وهذا فيمن كان من المجتهدين جامعاً لآلة الاجتهاد، عارفاً بالأصول ووجوه القياس، فأما من لم يكن محلاً للاجتهاد، فهو متكلف ولا يعذر بالخطأ في الحكم، بل يخاف عليه أعظم الوزر. وفيه من العلم أنه ليس كل مجتهد مصيباً، ولو كان كل مجتهد مصيباً، لم يكن لهذا التفسير معنى، وإنما يعطي هذا أن =

3575 - حدَّثنا عباسٌ العنبريُّ، حدَّثنا عُمَرُ بن يونس، حدَّثنا ملازمُ بنُ عَمرو، حدَّثني موسى بنُ نَجدةَ، عن جدِّه يزيدَ بن عبد الرحمن -وهو أبو كثير- قال: حدَّثني أبو هريرة، عن النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من طَلَبَ قضاءَ المسلمين حتَّى ينالَه، ثم غَلَبَ عدلُه جَورَهُ فله الجنةُ، ومن غلب جَورهُ عَدلَهُ فله النارُ" (¬1). 3576 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ حمزةَ بن أبي يحيى الرمليُّ، حدَّثنا زيدُ بن أبي الزرقاء، حدَّثنا ابنُ أبي الزناد، عن أبيه، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبةَ. عن ابنِ عباسٍ قال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} إلى قوله: {الْفَاسِقُونَ} [المائدة: 44 - 47] هؤلاء الآياتُ الثلاثُ نزلت في اليهود خاصةً في قُريظة والنَّضير (¬2). ¬

_ = كل مجتهد معذور لا غير، وهذا إنما هو في الفروع المحتملة للوجوه -المختلفة دون الأصول التي هي أركان الشريعة وأمهات الأحكام التي لا تحتمل الوجوه ولا مدخل فيها للتأويل، فإن من أخطأ فيها كان غير معذور في الخطأ، وكان حكمه في ذلك مردوداً. وانظر لزاماً "شرح السنة"10/ 115 - 122. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة موسى بن نجدة. عباس العَنْبري: هو ابن عبد العظيم. وأخرجه البيهقي 10/ 88 من طريق المصنف بهذا الإسناد. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل ابن أبي الزناد -وهو عبد الرحمن- لكنه متابع. وأخرجه سعيد بن منصور -قسم التفسير من "سننه"- (750)، وأحمد (2212)، والطبراني (10732) من طريق ابن أبي الزناد، بهذا الإسناد. ورواية أحمد مطولة. وفيها أن الآيات التي نزلت فيهم هي الآيات (41 - 47) من سورة المائدة. =

3 - باب طلب القضاء والتسرع إليه

3 - باب طلب القضاء والتسرع إليه 3577 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء ومحمدُ بن المثنَّى، قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن رجاء الأنصاري عن عبد الرحمن بن بشر الأنصاري الأزرق، قال: دخل رجلان من أبواب كندة، وأبو مسعود الأنصاري جالسٌ في حَلْقة، فقالا: ألا رجل ينفِّذ بيننا، فقال رجل من الحلقة: أنا، فأخذ أبو مسعود كفّاً من حصًى فرماه به، وقال: مَهْ، إنه كان يُكْرَهُ التسرعُ إلى الحكم (¬1). ¬

_ = وأخرجه الطبري 6/ 254 - 255 من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عُبيد الله بن عبد الله مرسلاً. وأخرجه بنحوه ابن إسحاق -كما في "سيرة ابن هشام"- 2/ 215، ومن طريقه أخرجه أحمد (3434)، والنسائي (4733)، والطبري 6/ 243، والطبراني في "الكبير" (11573)، وفي "الأوسط" (1102) عن داود بن الحُصين، عن عكرمة، عن ابن عباس. وسيأتي عند المصنف برقم (3591). وبمجموع هذين الطريقين يصح الحديث إن شاء الله. وانظر ما سيأتي أيضاً عند المصنف برقم (4494). (¬1) إسناده ضعيف لجهالة رجاء الأنصاري. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وأخرجه أبو خيثمة زهير بن حرب في "العلم" (11)، والبيهقي 10/ 101 من طريق أبي معاوية الضرير، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 10/ 100 من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به. قال المناوي في "فيض القدير" في قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم على النار": 1/ 158 - 159: "أجرؤكم على الفتيا" أي: أقدمكم على إجابة السائل عن حكم شرعي من غير تثبت وتدبُّر، والافتاء بيان حكم المسألة. "أجرؤكم على النار" أي: أقدمكم على دخولها، لأن المفتي مبين عن الله حكمه، فإذا أفتى على جهل أو =

3578 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا إسرائيلُ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، عن بلالٍ عن أنس بن مالك، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: من طلبَ القضاءَ واستعانَ عليه وُكِلَ إليه، ومن لم يطلبه، ولم يستعِنْ عليه، أنزل الله مَلَكاً يُسَدِّدُهُ" (¬1). ¬

_ = بغير ما علمه أو تهاون في تحريره أو استنباطه فقد تسبب في إدخال نفسه النار لجرأته على المجازفة في أحكام الجبار {قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} [يونس:59] قال الزمخشري: كفى بهذه الآية زاجرة زجراً بليغاً عن التجوز فيما يُسال من الأحكام، وباعثةٌ على وجوب الاحتياط فيها، وأن لا يقول أحدٌ في شيء جائز أو غير جائز إلا بعد إتقان وإيقان، ومن لم يوقن فليتق الله وليصمت، وإلا فهو مفترٍ على الله تعالى. (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى -وهو ابن عامر الثعلبي- وقد روى الحديث أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، عن عبد الأعلى، فزاد في الإسناد خيثمة بن أبي خيثمة بين بلال وأنس. قال الترمذي: وهو أصح من حديث إسرائيل، عن عبد الأعلى. قلنا: وخيثمة ضعيف أيضاً. بلال: هو ابن أبي موسى مرداس الفزَاري، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي. وأخرجه ابن ماجه (2309)، والترمذي (1372) من طريق إسرائيل، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1373) من طريق أبي عوانة، عن عبد الأعلى الثعلبي، عن بلال بن مِرداس، عن خيثمة -وهو البصري-، عن أنس. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وهو أصح من حديث إسرائيل عن عبد الأعلى. وفي الباب عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا عبد الرحمن ابن سمرة، لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتَها عن مسألة وُكلْتَ إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أُعِنْتَ عليها" أخرجه البخاري (6622)، ومسلم (1652). وعن عائشة مرفوعاً: "من ولي منكم عملاً، فأراد الله به خيراً، جعل له وزيراً صالحاً، إن نَسِيَ ذكَّره، وإن ذكر أعانه" سلف عند المصنف برقم (2932) وهو حديث صحيح.

وقال وكيعٌ: عن إسرائيلَ، عن عبد الأعلى، عن بلال بن أبي موسى، عن أنس عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-. وقال أبو عوانة: عن عبد الأعلى عن بلال بن مرداسِ الفَزاريِّ، عن خَيثمةَ البصري، عن أنس (¬1). 3579 حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلِ، حدَّثنا يحيى بنُ سعيد، حدَّثنا قُرَّة بنُ خالد، حدَّثنا حُميد بن هلال، حدَّثني أبو بردة قال: قال أبو موسى: قال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لن نَستعمِلَ -أو لا نَستَعمِلُ- على عملنا مَن أرادَه" (¬2). ¬

_ (¬1) مقالة أي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2261)، ومسلم بإثر الحديث (1823)، والنسائي (4) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19666)، و "صحيح ابن حبان" (1071). وأخرجه البخاري (7149)، ومسلم بإثر (1823) من طريق أبي أسامة، عن بُريد ابن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي بردة، به. وهو في "صحيح ابن حبان"، (4481). وسيتكرر بأطول مما هنا برقم (4354). وانظر ما سلف برقم (2930). قال المناوي في ""فيض القدير" 2/ 550: "لن نستعمل على عملنا من أراده"، "عملنا " أي: الإمارة والحكم بين الناس، "من أراده": وذلك لأن إرادته إياه، والحرص عليه مع العلم بكثرة آفاته، وصعوبة التخلص منها آية أنَّه يطلُبه لِنفسه ولأغراضه ومن كان هكذا أوشكَ أن تَغلِبَ عليه نفسه فيهلك إذ الولايةُ تُفيد قوة بعد ضعف وقدرة بعد عجز، وقال: من أُريد بأمر أُعين عليه، ومن أراد أمراً وُكِل إليه ليرى عجزه. وقال في "الفتح" 13/ 441: وظاهر الحديث منع تولية من يحرص على الولاية إما على سبيل التحريم أو الكراهة، وإلى التحريم جنح القرطبي، ولكن يستثنى من ذلك من تَعَيَّين عليه.

4 - باب في كراهية الرشوة

4 - باب في كراهية الرشوة 3580 - حدَّثنا أحمدُ بن يونسَ، حدَّثنا ابنُ أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سَلَمة عن عبدِ الله بن عمرو، قال: لَعَنَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الراشِيَ والمُرْتَشِيَ (¬1). 5 - باب - في هدايا العُمّال 3581 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن إسماعيلَ بن أبي خالد، حدَّثني قيسٌ حدَّثني عديٌ بن عَميرةَ الكندي، أن رسولَ ال -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "يا أيُّها الناسُ مَنْ عُمِّلَ منكم لنا على عمل فكَتَمَنا منه مِخْيطاً فما فوقه، فهو ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل الحارث بن عبد الرحمن -وهو القرشي العامري- فهو صدوق لا بأس به. ابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث، وأحمد بن يونس: هو ابن عبد الله بن يونس، معروف بالنسبة إلى جده. وأخرجه ابن ماجه (2313)، والترمذي (1386) من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. لكن جاء في رواية ابن ماجه: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لعنة الله على الراشي والمرتشي". وهو في "مسند أحمد" (6532)، و"صحيح ابن حبان" (5077). قال الخطابي: "الراشي": المعطي، و"المرتشي": الآخذ، انما يلحقهما العقوبة معاً إذا استويا في القصد والإرادة، فرشا المعطي لينال به باطلاً، ويتوصل به إلى ظلم، فأما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق أو يدفع عن نفسه ظلماً، فإنه غير داخل في هذا الوعيد، وروي عن الحسن والشعبي وجابر بن زيد وعطاء أنهم قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم، وكذلك الآخذ إنما يستحق الوعيد إذا كان ما يأخذه إما على حق يلزمه أداؤه فلا يفعل ذلك حتى يُرشى، أو عمل باطل يجب عليه تركه فلا يتركه حتى يُصانع ويُرشى.

6 - باب كيف القضاء

غُلٌ يأتي به يومَ القيامة" فقام رجلٌ من الأنصار، أسودُ كأني أنظر إليه، فقال: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، اقبَلْ عني عملَكَ، قال: "وما ذاك؟ " قال: سمعتُك تقولُ كذا وكذا، قال:، "وأنا أقولُ ذلك، مَن استعملناه على عَمَلٍ فلياتِ بقليلِه وكثيره، فما أوتي منه أخذ، وما نُهي عنه انتهى" (¬1). 6 - باب كيف القضاء 3582 - حدَّثنا عمرُو بنُ عونٍ، أخبرنا شريكٌ، عن سماك، عن حَنَشٍ عن عليٍّ قال: بعثني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى اليمن قاضياً، فقلت: يا رسولَ الله، تُرسِلُني وأنا حديث السِّنِّ ولا عِلْمَ لي بالقضاء؟ فقال: "إنَّ الله عزّ وجلّ سيَهدى قلبَكَ ويُثبِّت لِسانكَ، فإذا جَلَسَ بينَ يديكَ الخصمان، فلا تقضِيَنَ حْتى تَسْمَعَ مِن الآخَر كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يَتَبيَّن لك القضاء" قال: فما زلتُ قاضياً، أو ما شككتُ في قضاء بعد (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. قيس: هو ابن أبي حازم، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه مسلم (1833) من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به. وهو في "مسند أحمد" (17717)، و"صحيح ابن حبان" (5078). (¬2) صحيح بطرقه، دون قوله: "فإذا جلس بين يديك خصمان فلا تقضين حتى نسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء". وهذا إسناد حسن في المتابعات، من أجل حنش -وهو ابن المُعتمر- فهو ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد توبع. وذكر الحافظُ في "بلوغ المرام" قصة الأمر بسماع الخصمين، ونقل عن ابن المديني أنه قواها. وحسن الحديث هو في "فتح الباري " 13/ 171. وأخرجه الترمذي (1380) من طريق زائدة بن قدامة، والنسائي في "الكبرى" (8366) من طريق شريك النخعي، كلاهما عن سماك، به. واقتصر الترمذي على ذكر الأمر بسماع كلام الخصمين. ثم قال: هذا حديث حسن.=

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (690). وأخرجه ابن ماجه (2310)، والنسائي في "الكبرى" (8363 - 8365) من طريق أبي البختري سعيد بن فيروز، عن علي بن أبي طالب. وأبو البختري لم يسمع من علي ابن أبي طالب يؤيد ذلك ما رواه الطيالسي (98)، وأحمد (1145)، وأبو يعلى (316) لهذا الحديث من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، قال: أخبرني من سمع علياً يقول: ولم يذكر في روايته قصة سماع الحكم من الخصمين كليهما. وهو في "مسند أحمد" (636). وأخرجه النسائي (8367) من طريق إسرائيل بن يونس السَّبيعي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن حارثة بن مضرب، عن علي بن أبي طالب. دون ذكر الأمر بسماع كلام الخصمين كليهما. وهو في "مسند أحمد" (666). وأخرجه النسائي (8368) من طريق شيبان بن عبد الرحمن النحوي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن عمرو بن حُبشي، عن علي. دون ذكر الأمر بسماع كلام الخصمين كليهما. وأخرجه محمد بن خلف وكيع في "أخبار القضاة" 1/ 87 من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان الثوري، عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة السُّوائي، عن علي ... الحديث بتمامه. وهذا إسناد حسن في المتابعات. وأخرجه ابن حبان (5065) من طريق أسباط بن نصر، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن علي .. الحديث بتمامه أيضاً. وهذا إسناد حسن في المتابعات أيضاً. قال الخطابي: فيه دليل على أن الحاكم لا يقضي على غائب، وذلك لأنه إذا منعه أن يقضي لأحد الخصمين وهما حاضران حتى يسمع كلام الآخر، فقد دلَّ على أنه في الغائب الذي لم يحضره، ولم يسمع قوله أولى بالمنع، وذلك لامكان أن يكون معه حجة تُبْطِلُ دعوى الحاضر. وممن ذهب إلى أنَّ الحاكم لا يقضي على غائبٍ: شريح وعمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة وابن أبي ليلى. وقال مالك والشافعي: يجوز القضاءُ على الغائب إذا تبين للحاكمِ أن فراره واستخفاءَه إنما هو فراراً من الحق ومعاندة للخصم. =

7 - باب قضاء القاضي إذا أخطأ

7 - باب قضاء القاضي إذا أخطأ 3583 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن هشامٍ بن عُروة، عن عُروة، عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة، قالت: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنَّما أنا بَشَرٌ، وإنَكم تَختَصِمُوَن إليَّ، ولعل بعضَكُم أن يكونَ ألْحَنَ بحجَّته من بعض، فأقضي له على نحوٍ مما أسمع منه، فمن قضيتُ له من حقِّ أخيه بشيء، فلا يأخُذْ منه شيئاً، فإنَّما أقطَعُ له قطعةً من النار (¬1). ¬

_ = واحتج لهذه الطائفة بعضهم بخبر هند، وقوله عليه السلام لها: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف، وقال: إذا كان الخصم حاضراً زمانه لا يحكم على أحدهما قبل أن يسمع من صاحبه لجواز أن يكون مع خصمه حجة يدفع بها بينته، فإذا كان الخصم غائباً لم يجُز أن يُترك استماع قول خصمه الحاضر. إلا أنه يكتب في القضية: أن الغائب على حقه إذا حضر وأقام بينته أو جاء بحجته، وهو إذا فعل ذلك فقد استعمل معنى الخبر في استماع قول الخصم الآخر، كاستماعه قول الأول. ولو ترك الحكم على الغائب، لكان ذلك ذريعةً إلى إبطال الحقوق. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2680) و (6967) و (7169)، ومسلم (1713)، وابن ماجه (2317)، والترمذي (1388)، والنسائي (5401) و (5422) من طريق هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25670)، و"صحيح ابن حبان" (5070). وأخرجه البخاري (2458) و (7181) و (7185)، ومسلم (1713) من طريق الزهري، عن عروة، به. وهو في "مسند أحمد" (26626). وانظر تالييه. قال الخطابي: "ألحن بحجته" أي: أفطن لها، واللحن -مفتوحة الحاء- الفطنة، يقال: لحنت الشيء، ألحن له لحناً، ولحن الرجل في كلامه لحناً بسكون الحاء. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وفيه من الفقه وجوب الحكم بالظاهر، وأن حكم الحاكم لا يُحِل حراماً ولا يُحرِّمُ حلالاً، وأنه متى أخطأ في حكمه فمضى، كان ذلك في الظاهر، فاما في الباطن وفي حكم الآخرة فإنه غير ماض. وفيه أنه لا يجوز للمقضي له بالشيء أخذُه إذا عَلِمَ أنه لا يَحِلُّ له فيما بينة وبين الله، ألا تراه يقول: "فلا يأخذ منه شيئاً، فإنما أقطع له قطعة من النار" وقد يدخل في هذا الأموال والدماءُ والفروج، كان ذلك كله حق أخيه، وقد حَرُمَ عليه أخذه. وقد أدرج الإِمام البخاري في "صحيحه" هذا الحديث تحت باب من قضي له بحق أخيه فلا يأخذه، فإن قضاء الحاكم لا يحل حراماً ولا يحرم حلالاً. قال العيني في "عمدة القاري" 24/ 256 تعليقاً على قول البخاري "فإن قضاء الحاكم ... ": هذا الكلام من كلام الشافعي، فإنه لما ذكر هذا الحديث قال: فيه دلالة أن الأمة إنما كلفوا القضاء على الظاهر، وفيه أن قضاء القاضي لا يُحرم حلالاً، ولا يُحل حراماً، وتحريرُ هذا الكلام أن مذهب الشافعي وأحمد وأبي ثور وداود وسائر الظاهرية أن كل قضاءٍ قضى به الحاكم من تمليك مالٍ أو إزالة ملك أو إثبات نكاح أو من حله بطلاق أو ما أشبه ذلك أن ذلك كله على حكم الباطن، فإن كان ذلك في الباطن كهو في الظاهر وجب ذلك على ما حكم به، ان كان ذلك في الباطن على خلاف ما شهد به الشاهدان على خلاف ما حكم به بشهادتهم على الحكم لم يكن قضاء القاضي موجباً شيئاً من تمليك ولا تحريم ولا تحليل، وهو قول الثوري والأوزاعي ومالك وأبي يوسف أيضاً، وقال ابن حزم: لا يحل ما كان حراماً ما كان حراما قبل قضائه ولا يحرم ما كان حلالاً قبل قضائه أنه إنما القاضي منفذ على الممتنع فقط لا مزية له سوى هذا. وقال الشعبي وأبو حنيفة ومحمد: ما كان من تمليك مال فهو على حكم الباطن، وما كان من ذلك من قضاء بطلاق أو نكاح بشهود ظاهرهم العدالة وباطنهم الجراحة، فحكم الحاكم بشهادتهم على ظاهرهم الذي تعبد الله أن يحكم بشهادة مثلهم معه فذلك يجزيهم في الباطن لكفايتهم في الظاهر. وقال الإِمام النووي في "شرح مسلم" 12/ 6: وفي هذا الحديث دلالة لمذهب مالك والشافعي وأحمد وجماهير علماء الإسلام وفقهاء الأمصار من الصحابة والتابعين =

3584 - حدَّثنا الرَّبيعُ بن نافع أبو توبةَ، حدَّثنا ابنُ المبارك، عن أسامةَ بن زيدٍ، عن عبدِ الله بن رافع مولى أمِّ سَلَمَة عن أمِّ سلمة، قالت: أتى رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- رجلان يختصِمَان في مواريث لهما، لم يكُنْ لهما بينةٌ إلا دعواهما، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فذكر مثله، فبكى الرجلانِ وقال كلُّ واحدٍ منهما: حَقِّي لَكَ، فقال لهما النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "أما إذ فعلتُما ما فعلتُما، فاقتسما، وتوخَّيا الحقَّ، ثم استَهِمَا ثم تحالاّ" (¬1). ¬

_ = فمن بعدهم أن حكم الحاكم لا يحيل الباطن ولا يحل حراما، فإذا شهد شاهدا زور لإنسان بمال فحكم به الحاكم، لم يحل للمحكوم له ذلك المال، ولو شهدا عليه بقتل لم يحل للولي قتله مع علمه بكذبهما، وإن شهدا بالزور أنه طلق امرأته، لم يحل لمن علم بكذبهما أن يتزوجها بعد حكم القاضي بالطلاق، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: يحل حكم الحاكم الفروج دون الأموال، فقال: يحل نكاح المذكورة وهذا مخالف لهذا الحديث الصحيح ولإجماع من قبله، ومخالف لقاعدة وافق هو وغيره عليها وهو أن الأبضاع أولى بالاحتياط من الأموال. (¬1) إسناده حسن أسامة بن زيد -وهو الليثي- صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه ابن أبي شيبة 7/ 233 - 234، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (1823)، وأبو يعلى (7027)، وابن الجارود (1000)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (755 - 760)، وفي "شرح معاني الآثار" 4/ 155، والطبراني في "الكبير" 23/ (663)، والدارقطني (4580) و (4581)، والحاكم 4/ 95، والبيهقي 6/ 66، والبغوي في "شرح السنة" (2508) من طرق عن أسامة بن زيد الليثي، به. وقوله: استهما، معناه: اقترعا، والاستهام: الاقتراع. قال الخطابي: وفيه دليل على أن الصلح لا يصح إلا في الشيء المعلوم، ولذلك أمرهما بالتوخي في مقدار الحق، ثم لم يقنع فيه بالتوخي حتى ضم إليه القرعة، وذلك أن التوخي انما هو أكثر الرأي وغالب الظن، والقرعة نوع من البينة فهي أقوى من التوخي، ثم أمرهما بعد ذلك بالتحليل ليكون تصادرهما عن تعين براءة، وافتراقهما عن طيب نفس ورضا. قاله الخطابي.

3585 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، أخبرنا عيسى، حدَّثنا أسامةُ، عن عبدِ الله بن رافع سمعت أمَّ سلمة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بهذا الحديث، قال: يختصمان في مواريث وأشياء قد درست فقال: "إني إنما أقضي بَينكُم برأي فيما لم يُنزَل عليٍّ فيه" (¬1). 3586 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهْريُّ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، عن يونسَ بن يزيدَ، عن ابنِ شهابٍ أن عمر بنَ الخطاب، قال وهو على المنبر: يا أيُّها الناسُ إن الرأيَ إنما كان مِنْ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مُصيباً، لأن الله كان يُريه، وإنما هو مِنَّا الظَّنُّ والتَّكلُّفُ (¬2). 3587 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عَبدةَ الضبيُّ، حدَّثنا معاذُ بنُ معاذ، قال: أخبرني أبو عثمانَ الشاميُّ، ولا إخَالُني رأيتُ شامياً أفضلَ منه، يعني حَريزَ بنَ عثمان (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده حسن كسابقه. عيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. وأخرجه أبو يعلى (6897)، والبيهقي 10/ 260 من طريق أسامة بن زيد، به. وانظر ما قبله. (¬2) رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعاً، ابن شهاب الزهري لم يُدرك عمر بن الخطاب. وأخرجه البيهقي 10/ 117 من طريق ابنِ وهب، بهذا الإسناد. وهذا المعنى الذي ذكره عمر بن الخطاب أخذه من قول الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء:105] (¬3) هذا ليس بحديث وإنما هو تنوية بفضل حريز بن عثمان. وحريز بن عثمان هو الحمصي من صغار التابعين، قال ابن حجر في "هدي الساري" ص 396: وثقه أحمد وابن معين والأئمة، لكن قال الفلاس وغيره: إنه كان ينتقص علياً، وقال أبو حاتم: لا أعلم بالشام أثبت منه، ولم يصح عندي ما يقال عنه من =

8 - باب كيف يجلس الخصمان بين يدي القاضي؟

8 - باب كيف يجلس الخصمانِ بينَ يدَي القاضي؟ 3588 - حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنيع، حدَّثنا عبدُ الله بنُ المبارك، حدَّثنا مُصعبُ ابن ثابت عن عبدِ الله بن الزُّبير، قال: قضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن الخَصمَين يقعُدان بين يدَي الحَكَمِ (¬1). ¬

_ = النصب قلت (القائل ابن حجر): جاء عنه ذلك من غير وجه، وجاء عنه خلاف ذلك، وقال البخاري: قال أبو اليمان: كان حريز يتناول من رجل ثم ترك. قال ابن حجر: فهذا أعدل الأقوال، فلعله تاب. وهذه الرواية أثبتناها من (أ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن العبد، ولا ندري ما وجه إيراد المصنف لهذه الرواية مع أنه لم يرد ذكر حريز من قريب. (¬1) إسناده ضعيف لضعف مصعب بن ثابت - وهو ابن عبد الله بن الزبير بن العوام ولانقطاعه، مصعب بن ثابت لم يُدرك جده عبد الله بن الزبير. بينهما ثابت ما سيأتي. وأخرجه أحمد (16104)، والطبراني في "الكبير" - قطعة من الجزء 13 - (246)، والبيهقي 10/ 135 من طريق عبد الله بن المبارك، به. وأخرجه الحاكم 4/ 94 من طريق عبدان، عن مصعب بن ثابت، عن أبيه ثابت، أن أباه عبد الله بن الزبير ... وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه وسكت عنه الذهبي! وله شاهد لا يفرح به من حديث أم سلمة عند أبي يعلى (5867) و (6924)، والطبراني في "الكبير" 23/ (622)، والدارقطني (4466) و (4467)، والبيهقي 10/ 135، ولفظه عند البيهقي: "من ابتُلي بالقضاء بين الناس، فليعدل بينهم في لحظه وإشارته ومقعده" وفي إسناده عباد بن كثير الثقفي، وهو متروك الحديث. وله طريق آخر عند إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1846)، ومحمد بن خلف وكيع في "أخبار القضاة" 1/ 31، والطبراني 23/ (923) وفي إسناده بقية بن الوليد. وطريق ثالث عند وكيع 1/ 31 وفي إسناده من لا يُعرف. =

9 - باب القاضي يقضي وهو غضبان

9 - باب القاضي يقضي وهو غضبانُ 3589 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن عبد الملك بن عمير، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن أبي بكَرةَ عن أبيه، أنه كَتَبَ إلى ابنه قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَقضِي الحَكَمُ بينَ اثنين وهو غَضْبانُ (¬1). 10 - باب الحكم بين أهل الذمة 3590 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد المروزيُّ، حدَّثني عليُّ بنُ حُسينٍ، عن أبيه، عن يزيدَ النحويٍّ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباس، قال: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة:42] فنُسِخَتْ، قال: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 48] (¬2). ¬

_ = وقد ذكر البيهقي 10/ 135 أن الاعتماد في هذا الباب على ما أخرجه هو 10/ 135، ومن قبله وكيع 1/ 70، والدارقطني (4472) في قصة كتاب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى وفيه: آسِ بين الناس في وجهك ومجلسك وعدلك، حتى لا يطمع شريف في حيفك، ولا يخاف ضعيف من جورك. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومحمد بن كثير: هو العبْدي. وأخرجه البخاري (7158)، ومسلم (1717)، وابن ماجه (2316)، والترمذي (1383)، والنسائي (5406) و (5421) من طرق عن عبد الملك بن عمير، به. وهو في "مسند أحمد" (20379)، و"صحيح ابن حبان" (5063). قال الخطابي: الغضب يُغير العقل ويحيل الطباعَ عن الاعتدالِ، فلذلك أمر الحاكم بالتوقف في الحكم ما دامَ به الغضبُ. فقياسُ ما كان في معناه من جوعٍ مفرط، وفزعٍ مدهش، ومرض موجع قياسُ الغضب في المنعِ من الحكم. (¬2) صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل علي بن الحُسين -وهو ابن واقد المروزي- فهو صدوق حسن الحديث. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6336) و (7181) من طريق مجاهد، عن ابن عباس. وسنده صحيح. قال الإِمام ابن الجوزي في "زاد المسير" 2/ 361 بتحقيقنا: اختلف علماء التفسير في هذه الآية على قولين: أحدهما أنها منسوخة، وذلك أن أهل الكتاب كانوا إذا ترافعوا إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان مخيراً إن شاء حكم بينهم، وإن شاء أعرض عنهم، ثم نسخ ذلك بقوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة:49] فلزمه الحكم، وزال التخيير، وهذا مروي عن ابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة والسدي. قلت: ذكره أبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (129) أنه الصحيح من قول الشافعي، فإنه قال في كتاب الجزية: ولا خيار له إذا تحاكموا إليه لقوله عز وجل: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] وهذا من أصح الاحتجاجات، لأنه إذا كان معنى {وَهُمْ صَاغِرُونَ} أن تجري عليهم أحكام المسلمين، وجب أن لا يردوا إلى أحكامهم، فإذا وجب هذا فالآية منسوخة، وهو أيضاً قول الكوفيين أبي حنيفة وزفر وأبي يوسف ومحمد لا اختلاف بينهم إذا تحاكم أهل الكتاب إلى الإِمام أنه ليس له أن يعرض عنهم، غير أن أبا حنيفة قال: إذا جاءت المرأة والزوج، فعليه أن يحكم بينهما بالعدل، فإن جاءت المرأة وحدها ولم يرض الزوج لم يحكم ... وقال الباقون: بل يحكم. والثاني: أنها محكمة وأن الإمام ونوابه في الحكم مخيَّرون إذا ترافعوا إليهم إن شاؤوا حكموا بينهم، وإن شاؤوا أعرضوا عنهم، وهذا مروي عن الحسن والشعبي والنخعي والزهري، وبه قال أحمد بن حنبل وهو الصحيح، لأنه لا تنافي بين الآيتين، لأن إحداهما خيَّرت بين الحكم وتركه، والثانية بيَّنت كيفية الحكم إذا كان. قلت: وقد أفتى بهذا القول عطاء بن أبي رباح ومالك بن أنس، ذكر ذلك أبو جعفر النحاس عنهما في "الناسخ والمنسوخ" (129)، والقرطبي في أحكام القرآن " 6/ 184، وإليه ذهب قتادة كما في الطبري 10/ 330، وسعيد بن جبير كما ذكر ذلك ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 314، واختاره أبو جعفر الطبري لعدم التعارض بين الآيتين، ولأنه لم يصح به خبر عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ولم يجمع عليه علماء المسلمين. =

11 - باب اجتهاد الرأي في القضاء

3591 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ سَلَمةَ، عن محمد بن إسحاقَ، عن داود بن الحُصين، عن عِكرمَة عن ابنِ عباسٍ قال: لما نزَلَت هذه الآية {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}، {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} الآية [المائدة: 42]،قال: كان بنو النضير إذا قَتَلُوا من بني قُريظةَ أدَّوا نِصْفَ الدية، وإذا قَتَلَ بنو قُريظةَ مِن بني النَّضير أدَّوا إليهم الدَّيةَ كاملةً، فسوَّى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- بينَهم (¬1). 11 - باب اجتهاد الرأي في القضاء 3592 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، عن شُعبةَ، عن أبي عونٍ، عن الحارث بن عَمرو بن أخي المغيرة بن شُعبة ¬

_ = وليس بين الآيتين من التعارض ما يسوغ النسخ على الإطلاق، فإن الأولى -وهي المدعى عليها النسخ- تخير النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بين الحكم في خصومتهم والإعراض عنهم، والثانية -وهي المدعى أنها ناسخة- تأمره أن يحكم بينهم بما أنزل الله، وتنهاه أن يتبع أهواءهم، ثم تحذره منهم أن يفتنوه عن بعض الذي أنزل إليه، فقد ذكر الحكم مطلقاً في الآية الأولى، وقيد في الثانية، فوجب أن يكون بما أنزل الله، وأن لا يكون فيه اتباع لهواهم، وأن تكون معه يقظة لهم حتى لا يفتنوه عن بعض ما أنزل الله إليه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق، وقد صرح بالسماع عند ابن هشام في "السيرة" 2/ 215، وعند النسائي (4733)، وقد توبع. وهو في "السيرة النبوية" لابن هشام 2/ 215. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6959) من طريق إبراهيم بن سعد الزهري، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3434). وأخرجه بأطول مما هنا أحمد (2212) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عُبيد الله بن عَبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس. وهذا إسناد حسن وقد سلف مختصراً عند المصنف برقم (3576) وانظر تمام تخريجه هناك. وانظر ما سيأتي عند المصنف أيضاً برقم (4494).

عن أناسٍ من أهل حمصَ من أصحابِ معاذ بن جبل: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- لما أراد أن يَبعَثَ معاذاً إلى اليمن، قال: "كيف تَقضِي إذا عَرَضَ لكَ قَضاء؟ " قال: أقضي بكتابِ الله، قال: "فإن لم تَجِدْ في كتاب الله؟ " قال: فبسُنةِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "فإن لم تجد في سُنة رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ولا في كتابِ الله؟ قال: أجْتَهِدُ رأيِ ولا آلُو، فضربَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صَدْرَهُ وقال: الحمدُ لله الذي وَفَّق رسولَ رسولِ الله لما يَرضَى رسولُ الله" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لإبهام أصحاب معاذ وجهالة الحارث بن عمرو، لكن مال إلى القول بصحته غير واحد من المحققين من أهل العلم منهم الفخر البزدوي في "أصوله" والجويني في "البرهان"، وأبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوذي"، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"، وابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 13/ 364، وابن كثير في مقدمة "تفسيره"، وابن القيم في "إعلام الموقعين"، والشوكاني في "جزء له مفرد" خصصه لدراسة هذا الحديث، أشار إليه هو في "فتح القدير"، ونقل الحافظ في "التلخيص" 4/ 182 عن أبي العباس ابن القاص الفقيه الشافعي تصحيحه كذلك. وأجابوا عن دعوى جهالة الحارث بن عمرو بأنه ليس بمجهول العين لأن شعبة بن الحجاج يقول عنه: إنه ابن أخي المغيرة بن شعبة، ولا بمجهول الوصف، لأنه من كبار التابعين ولم ينقل أهل الشأن جرحاً مفسراً في حقه، والشيوخ الذين روى عنهم هم أصحاب معاذ، ولا أحد من أصحاب معاذ مجهولاً، ويجوز أن يكون في الخبر إسقاط الأسماء عن جماعة، ولا يدخله ذلك في حيز الجهالة، وإنما يدخل في المجهولات إذا كان واحداً، وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والصدق بالمحل الذي لا يخفى، وقد خرج البخاري (360) الذي شرط الصحة حديث عروة البارقي: سمعت الحي يحدثون عن عروة، ولم يكن ذلك الحديث في المجهولات. وقال مالك في "القسامة" 2/ 877: أخبرني رجل من كبراء قومه، وفي "صحيح مسلم" (945) (52) عن ابن شهاب حدثني رجال عن أبي هريرة عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- بمثل حديث معمر: "من شهد الجنازة حتى يُصلى عليها فله قيراط". =

12 - باب في الصلح

3593 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شُعبةَ، حدَّثني أبو عَونٍ، عن الحارث بن عَمرو عن ناسٍ من أصحاب معاذ، عن معاذ بن جبل، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- لما بعثه إلى اليمن، فذكر معناه (¬1). 12 - باب في الصلح 3594 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهْريُّ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني سليمانُ ابنُ بلال (ح) ¬

_ = وقال الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" 1/ 189 - 190: إن أهل العلم قد تقبلوه واحتجوا به، فوقفنا بذلك على صحته عندهم كما وقفنا على صحة قول رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- "لا وصية لوارث" وقوله في البحر: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" وقوله: "الدية على العاقلة" وإن كانت هذه الأحاديث لا تثبت من جهة الإسناد، لكن لما تلقتها الكافة عن الكافة غَنُوا بصحتها عندهم عن طلب الإسناد لها. وقال شمس الحق في "عون المعبود" 9/ 369: وللحديث شواهد موقوفة عن عمر بن الخطاب وابن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس، أخرجها البيهقي في "سننه" عقب تخريج هذا الحديث تقوية له. أبوعون: هو محمد بن عُبيد الله الثقفي. وأخرجه الترمذي (1376) و (1377) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. إلا أنه قال في الموضع الثاني: عن أناس من أهل حمص، عن معاذ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، نحوه. وهو في "مسند أحمد" (22007). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده كسابقه. قال الخطابي: قوله: "أجتهد رأيي" يريد الاجتهاد في رد القضية من طريق القياس إلى معنى الكتاب والسنة، ولم يُرد الرأي الذي يَسْنَحُ له من قِبَل نفسه أو يخطر بباله من غير أصل من كتاب أو سنة، وفي هذا إثبات القياس، وايجاب الحكم به. وفيه دليل على أن للحاكم أن يقلِّد غيره فيما يُريد أن يحكم به، وإن كان المقلِّد أعلمَ منه وأفقه، حتى يجتهد فيما يسمعه منه. فإن وافق رأيَه واجتهاده أمضاه، وإلا توقَّف عنه، لأن التقليدَ خارج من هذه الأقسام المذكورة في الحديث. وقوله: "لا آلو" معناه: لا أقصر في الاجتهاد، ولا أترك بلوغ الوسع فيه.

وحدَّثنا أحمدُ ينُ عبد الواحد الدمشقيُّ، حدَّثنا مروانُ -يعني ابنَ محمدٍ- قال: حدَّثنا سليمانُ بنُ بلال أو عبدُ العزيز بن محمد -شك أبو داود- حدَّثنا كثيرُ بن زيدٍ، عن الوليدِ بن رباح عن أبي هريرة، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الصُّلحُ جائزٌ بين المسلمينَ -زاد أحمد- إلا صُلحاً أحَلَّ حراماً أو حَرَّمَ حَلالاً". وزاد سليمان بن داود: وقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "المسلمون على شُرُوطهم" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل كثير بن زيد -وهو الأسلمي- والوليد بن رباح فهما صدوقان حسنا الحديث. وأخرجه أحمد (8784)، وابن الجارود (637) و (638)، وابن حبان (5091)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 2088، والدارقطني (2890)، والحاكم 2/ 49 و 4/ 101، والبيهقي 6/ 63 و 64 - 65 و 65 من طرق عن كثير بن زيد، به. وبعضهم يزيد فيه الزيادات التي أشار إليها المصنف. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 90 من طريق كثير بن زيد، به مختصراً بقوله: "المسلمون عند شروطهم". وأخرجه الدارقطفي (2891)، والحاكم 2/ 50 من طريق عبد الله بن الحسين المِصِّيصي، عن عفان، عن حماد بن زيد، عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وهو معروف بعبد الله بن الحسين المصيصي، وهو ثقة، فتعقبه الذهبي بقوله: قال ابن حبان: يسرق الحديث. وفي الباب عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده عند ابن ماجه (2353)، والترمذي (1402)، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. قلنا: ذلك لأنه حسن الرأي في كثير بن عبد الله المزني تبعاً لشيخه الإِمام البخاري، والجمهور على تضعيفه. وأعدل الأقوال فيه أنه يصلح للاعتبار في المتابعات والشواهد. وعن عمر بن الخطاب موقوفاً عليه في كتابه إلى أبي موسى الأشعري عند وكيع محمد بن خلف في "أخبار القضاة" 1/ 70 - 73، والدارقطني (4472)، والبيهقي 6/ 65 ورجاله ثقات. =

3595 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يونُس، عن ابنِ شهاب، أخبرني عبدُ الله بنُ كعبِ بن مالك أن كعبَ بنَ مالكٍ أخبره: أنه تَقَاضى ابنَ أبي حَدْرَدٍ دَيْناً كان عليه في عَهْدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في المسجد، فارتفعت أصْواتُهما حتى سَمِعُهما رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو في بيتِه، فخرج إليهما رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى كَشَفَ سِجْفَ حُجرته، ونادى كعبَ بنَ مالك، فقال: "يا كعبُ" فقال: لَبَّيكَ يا رسولَ الله، فأشار إليه بيدِه أن ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دينْكَ، قال كعبٌ: قد فعلتُ يا رسولَ الله، قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "قُم فاقضِهِ" (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: الصلح يجري مجرى المعاوضات، ولذلك لا يجوز إلا فيما أوجب المال. ولا يجوز في دعوى القذف، ولا على دعوى الزوجية، ولا على مجهول، ولا أن يُصالحه على دين له على مال نسيه، لأنه من باب الكالىء بالكالىء. ولا يجوز الصلح في قول مالك على الإقرار، ولا يجوز في قول الشافعي على الإنكار، وجوزه أصحاب الرأي على الإقرار والإنكار معاً. ونوع آخر من الصلح: وهو أن يصالحه في مال على بعضه نقداً، وهذا من باب الحط والإبراء وإن كان يُدعى صلحاً. وقوله: "المسلمون على شروطهما" فهذا في الشروط الجائزة في حق الدين دون الشروط الفاسدة، وهذا من باب ما أمر الله تعالى من الوفاء بالعقود. (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو الزهري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه البخاري (457)، ومسلم (1558)، وابن ماجه (2429)، والنسائي (5408) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، به. وأخرجه النسائي (5414) -وهو عند مسلم (1558) معلقاً- من طريق عبد الرحمن ابن هرمز الأعرج، عن عبد الله بن كعب، عن أبيه. وهو في مسند أحمد" (27173) و (27177)، و"صحيح ابن حبان" (5048). =

13 - باب في الشهادات

13 - باب في الشهادات 3596 - حدَّثنا ابنُ السرْح، حدَّثنا ابنُ وهب، وحدَّثنا أحمد بن سعيدٍ الهمْداني، أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني مالكُ بن أنسَ، عن عبدِ الله بن أبي بكر، أن أباه أخبره، أن عبدَ الله بنَ عمرو بن عثمان بن عفَّان أخبره، أن عبدَ الرحمن ابن أبي "عَمْرةَ الأنصاريَّ أخبره أن زيدَ بنَ خالدٍ الجُهنيَّ أخبره، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "ألا أُخبِرُكُم بخير الشُهداء؟ الذي يأتي بشهادَتِهِ - أو يُخْبِر بشهادتِهِ قبلَ أن يُسألَهَا" شكَّ عبدُ الله بن أبي بكر أيَّتَهما قال (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: فيه من الفقه أن للقاضي أن يُصلح بين الخصمين، وأن الصلح إذا كان على وجه الحطِّ والوضعِ من الحق يَجبُ نقداً، وفيه جوازُ ملازمة الغريم واقضاء الحقِّ منه في المسجد. قلنا: والسِّجف، بفتح السين وكسرها: السِّتر، وقيل: هما الستران المقرونان بينهما فرجة، وكل باب ستر بسترين مقرونين فكل شق منه سَجف، والجمع أسجاف وسُجُوف، وربما قالوا: السِّجاف والسَّجْف، وأسجَفْتُ السِّتْر: إذا أرسلتَه وأسبلتَه. (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، وأحمد بن السرح: هو أحمد بن عمرو ابن عبد الله بن عمرو بن السرح أبو الطاهر، نسب هنا لأحد أجداده، وهو مشهور بكنيته. وهو في "الموطأ" برواية محمد بن الحسن الشيباني (849). وأخرجه مسلم (1719) عن يحيى بن يحيى النيسابوري، والترمذي (1449) من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبيُّ، كلاهما عن مالك، به. إلا أنهما قالا: عن ابن أبي عمرة لم يسمياه. وهو في "الموطأ" برواية يحيى بن يحيى الليثي 2/ 720، ورواية أبي مصعب الزهري (2931)، وأخرجه كذلك الترمذي (2448) من طريق معن بن عيسى، والنسائي في "الكبرى" (5985) من طريق عبد الرحمن بن القاسم، أربعتهم (يحيى الليثي وأبو مصعب ومعن وابن القاسم) عن مالك، به. إلا أنهم قالوا: عن أبي عمرة، بدل: عبد الرحمن بن أبي عمرة. =

قال أبو داود: قال مالكٌ: الذي يُخبِر بشهادَتِه ولا يعلَمُ بها الذي هي له، قال الهَمْدَانيُّ: ويرفَعُها إلى السُّلطان، قال ابنُ السرح: أو يأتي بها الإمامَ. والأخبارُ في حديث الهَمْدانىّ، قال ابنُ السرح: ابنُ أبي عَمرةَ، لم يقل: عبدَ الرحمن. والتفسير لمالك. ¬

_ = قال الترمذي: اختلفوا على مالك في رواية هذا الحديث، فروى بعضهم عن ابن أبي عمرة، وروى بعضهم عن أبي عمرة. وهو عبد الرحمن بن أبي عمرة، وهذا أصح عندنا. قلنا: وكذلك صوب ابن عبد البر في "الاستذكار" 22/ 25 أنه عبد الرحمن بن أبي عمرة. وأخرجه ابن ماجه (2364)، والترمذي (2450) من طريق أُبيِّ بن عباس بن سهل ابن سعد، عن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان -وجاء في ابن ماجه: محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان- عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن زيد بن خالد. وأبيُّ بن عباس ضعيف الحديث، وقد زاد في الإسناد رجلاً، واضطرب أيضاً في تسمية شيخ أبي بكر بن عمرو بن حزم. وهو في "مسند أحمد" (17045)، و "صحيح ابن حبان" (5079). وهذا الحديث يعارضه حديث عمران بن حصين الآتي عند المصنف برقم (4657)، وهو عند البخاري (2651)، ومسلم (2535) وفيه: "إن بعدكم قوماً يخونون ولا يؤتمنون، ويَشهَدون ولا يُستَشهَدون". قال الحافظ في "الفتح" 5/ 259 - 260: اختلف العلماء في ترجيحهما، فأجابوا بأجوبة: أحدها: أن المرادَ بحديثِ زيد مَن عنده شهادة لإنسانٍ بحق لا يَعلَمُ بها صاحبُها، فيأتي إليه فيُخبره بها، أو يموت صاحبُها العالمُ بها، ويخلِّف ورثة، فيأتي الشاهدُ إليهم، أو إلى من يتحدث عنهم فيُعلمهم بذلك، وهذا أحسن الأجوبة. وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" 22/ 27: حديث عمران ليس بمعارض لحديث مالك في هذا الباب، وتد فسر إبراهيم النخعي حديث عمران، فقال فيه كلاماً، معناهُ: أن الشهادة ها هنا اليمين، أي: يحلف أحدُهما قبل أن يُستحلَف، ويحلفِ حيث لا تُراد منه يمين، واليمين قد تسمى شهادة، قال الله تعالى ذكره: {أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} [النور:6] أي: أربع أيمان.

14 - باب فيمن يعين على خصومة من غير أن يعلم أمرها

14 - باب فيمن يعين على خصومة من غير أن يعلم أمرها 3597 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا عُمارةُ بنُ غَزِيَّة، عن يحيى بن راشِدٍ، قال: جلسنا لعبدِ الله بن عُمر، فخرج إلينا فجلسَ، فقال: سمعتُ رسولَ الل -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "مَن حَالت شفَاعَتُهُ دون حَدٍّ من حُدودِ الله، فقد ضادَّ الله، ومن خاصمَ في باطلٍ وهو يعلمُهُ، لم يَزَلْ في سَخَطِ الله حتى يَنزعَ، ومن قال في مؤمن ما ليسَ فيه، أسكنهُ اللهُ ردْغَةَ الخَبَال حتى يَخرُجَ مِمَّا قال" (¬1). 3598 - حدَّثنا علي بنُ الحُسين بن إبراهيمَ، حدَّثنا عُمَرُ بنُ يونس، حدَّثنا عاصمُ بن محمد بن زيد العمري، حدَّثني المثنى بنُ يزيد، عن مطر الوراق، عن نافعٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية، وأحمد بن يونس: هو ابن عبد الله ابن يونس، نسب هنا لجده. وأخرجه أحمد (5385)، والحاكم 2/ 27، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 82 و 8/ 332، وفي "شعب الإيمان" (6309) و (7267) من طريق زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. وأخرج القسم الأول منه، وهو: "من حالت شفاعتُه ... " الحاكم 4/ 383، والطبراني في "الكبير" (13084) من طريق عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن ابن عمر. ورجاله ثقات. وانظر ما بعده. قال الخطابي: الردغة: الوحلُ الشديدُ، ويقال: ارتدغ الرجلُ: إذا ارتطم في الوحل. وجاء في تفسير "ردغة الخبال": أنها عُصارةُ أهل النار.

15 - باب في شهادة الزور

عن ابن عمر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه، قال: "ومَنْ أعان على خُصومةٍ بظلمٍ، فقد بَاء بغَضَبٍ مِن الله عزَّ وجلّ (¬1). 15 - باب في شهادة الزور 3599 - حدَّثني يحيى بن موسى البَلْخي، حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد، حدَّثني سفيان - يعني العُصْفُريَّ، عن أبيه، عن حبيب بن النُّعمان الأسدي عن خُريمِ بنِ فاتكٍ، قال: صلَّى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلاةَ الصُّبح، فلما انصرف قام قائماً، فقال: "عُدِلَتْ شهادةُ الزُّورِ بالإشراك بالله" ثلاثَ مرارِ، ثم قرأ: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: 30 - 31] (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة المثنى بن يزيد وقد سلف الحديث قبله بسند صحيح. مطر الرزاق: هو ابن طهمان. وأخرجه ابن ماجه (2320) من طريق حسين المعلم، عن مطر الرزاق، به. وإسناده حسن في المتابعات من أجل مطر الوراق. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف، أبو سفيان العصفري -واسمه زياد- وحبيب بن النعمان مجهولان. وأخرجه ابن ماجه (2372) من طريق محمد بن عبيد، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2453) من طريق مروان بن معاوية الفزاري، عن سفيان العصفري، عن فاتك بن فضالة، عن أيمن بن خُريم مرفوعاً. وقال: هذا حديث غريب، إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد، واختلفوا في رواية هذا الحديث عن سفيان بن زياد، ولا نعرف لأيمن بن خريم سماعاً من النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. قلنا: وفاتِكُ بنُ فضالة مجهول. وفي الباب ما يغني عنه عن أبي بكرة عند البخاري (2654)، ومسلم (87)، ولفظه: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، أو قول الزور ... ". وعن أنس بن مالك عند البخاري (5977)، ومسلم (88).

16 - باب من ترد شهادته

16 - باب من تُردُّ شهادتُه 3600 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمرَ، حدَّثنا محمدُ بنُ راشد، حدَّثنا سليمانُ بنُ موسى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدِّه: أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ردَّ شهادةَ الخائِنِ والخائِنَة، وذي الغِمْرِ على أخيه، وردَّ شهادةَ القانِعِ لأهل البيت، وأجازها لغيرهم (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. محمد بن راشد: هو المكحولي، وحفص بن عمر: هو أبو عمر الحوضي. وأخرجه ابن ماجه (2366) من طريق حجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب، به بنحو اللفظ الآتي بعده. إلا أنه قال: "لا محدود في الاسلام" بدل: "ولا زان ولا زانية". ولم يذكر في روايته شهادة القانع. وهو في "مسند أحمد" (6698) و (6899) و (6940) و (7102). وانظر ما بعده. قال الخطابي: قال أبو عبيد: لا نراه خصَّ به الخيانة في أماناتِ الناسِ دونَ ما فرضَ اللهُ على عباده وائتمنهم عليه، فإنه قد سمَّى ذلك كُلَّه أمانةً، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال:27] فمن ضيَّع شيئاً مما أمرَ اللهُ، أو رَكبَ شيئاً مما نهاه الله عنه، فليس بعدلٍ، لأنه قد لزمه اسم الخيانة. وأما "ذو الغمر" فهو الذي بينه وبين المشهود عليه عداوةٌ ظاهرة، فرد شهادته للتهمة وقال أبو حنيفة: شهادته على العدو مقبولة إذا كان عدلاً. والقانع: السائلُ والمُستطعِم، وأصلُ القنوع السؤالُ، ويقال: إن القانعَ المنقطع إلى القومِ لخدمتهم، ويكون في حوائجهم كالأجيرِ والوكيلِ ونحوه. ومعنى رد هذه الشهادة: التهمة في جرِّ النفع إلى نفسه، لأن التابع لأهلِ البيت ينتفع بما يصير إليهم مِنْ نفع، وكل من جر إلى نفسه بشهادته نفعاً، فهي مردودة، كمن شهد لرجل على شراء دار وهو شفيعُها، وكمن حُكم له على رجلٍ بدين وهو مفلس، فشهد للمفلس على رجل بدين ونحوه. =

17 - باب شهادة البدوي على أهل الأمصار

قال أبو داود: الغِمْر: الحِقْد والعَداوة. والقانع: الأجيرُ التابع مثل الأجير الخاصِّ (¬1). 3601 - حدَّثنا محمدُ بنُ خلف بن طارق الداريُّ، حدَّثنا زيدُ بنُ يحيى بن عُبيدٍ الخُزَاعيُّ، حدَّثنا سعيدُ بنُ عبدِ العزيز عن سليمان بن موسى، بإسناده، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تجوزُ شهادةُ خائنٍ ولا خَائِنةٍ، ولا زانٍ ولا زانيةٍ، ولا ذي غِمْرٍ على أخيه" (¬2). 17 - باب شهادة البدوي على أهل الأمصار 3602 - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدٍ الَهَمْداني، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني يحيى ابنُ أيوب ونافعُ بن يزيد، عن ابن الهاد، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عطاء بن يسار ¬

_ = ومَنْ ردَّ شهادةَ القانع لأهلِ البيت بسبب جرِّ المنفعة فقياسُ قوله: أن يرد شهادة الزوج لزوجته، لأن ما بينَهما مِن التهمة في جرِّ النفعِ أكثر، وإلى هذا ذهبَ أبو حنيفة. والحديث أيضاً حجةٌ على مَن أجاز شهادةَ الأبِ لابنه، لأنه يجر به النفع لما جُبل عليه مِن حبه والميل إليه، ولأنه يملِكُ عليه ماله، وقد قال عليه السلام لرجل: "أنت ومالُك لأبيك" وذهب شريح إلى جواز شهادة الأب للابن، وهو قول المزني وأبي ثور، وأحسبه قول داود. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتاها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي. واقتصر اللؤلؤي على تفسير كلمة: "الغِمر"، فقال: الغِمر: الحِنَة والشحناء. (¬2) إسناده حسن كسابقه. محمد بن خلف بن طارق الدَّاري نسبة إلى داريَّا، ويقال في النسبة إليها أيضاً: الداراني، وهي أكبر قرى الغوطة الجنوبية، وثانية قرى الغوطة اليوم على الإطلاق، تبعُد عن دمشق نحو ثمانية كيلو مترات جنوباً إلى غرب. وقد جاءت نسبة هذا الرجل في (أ) و (ب) و (جـ): الرَّازيُّ، وهو خطأ، وجاءت نسبته في (هـ): داريّاً على الصواب.

18 - باب الشهادة في الرضاع

عن أبي هريرة أنه سَمعَ رسولَ ال -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "لا تجوزُ شهادةُ بدوي على صاحب قرية" (¬1). 18 - باب الشهادة في الرضاع 3603 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن أيوبَ، عن ابن أبي مُليكة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن الهاد، وابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه ابن ماجه (2367) عن حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، عن نافع بن يزيد وحده، بهذا الإسناد. قال الذهبي في "تلخيص المستدرك" 4/ 99: هو حديث منكر على نظافة إسناده. وقال الخطابي: يشبه أن يكون إنما كره شهادة أهل البدو لما فيهم من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشريعة، ولأنهم في الغالب لا يضبطون الشهادة على وجهها، ولا يقيمونها على حقها، لقصور علمهم عما يُحيلها ويُغيِّرها على جهتها. وقال مالك: لا تجوز شهادة البدوي على القروي لأن في الحضارة من يغنيه عن البدوي، إلا أن يكون في بادية أو قرية، والذي يُشهد بدوياً ويدعُ جيرته من أهل الحضر عندي مريب. وقال عامة العلماء: شهادة البدوي إذا كان عدلاً يقيم الشهادة على وجهها جائزة. وقال علي القاري في "مرقاة المفاتح" 4/ 164: قال الطيبي: قيل: إن كانت العلة جهالتهم بأحكام الشريعة لزم أن لا يكون لتخصيص قوله: "على صاحب قرية" فائدة، فالوجه أن يكون ما قاله الشيخ التوربشتي، وهو قوله: لحصول التهمة ببعد ما بين الرجلين، ويؤيده تعدية الشهادة بـ"على" وفيه أنه لو شهد له تُقَبل، وقيل: لا يجوز، لأنه يعسر طلبه عند الحاجة إلى إقامة الشهادة. وقال شمس الحق في "عون المعبود" 10/ 8 - 9: وذهب إلى العمل بالحديث جماعة من أصحاب أحمد، وبه قال مالك وأبو عبيد، وذهب الأكثر إلى القبول. قال ابن رسلان: وحملوا الحديث على من لم تُعرف عدالته من أهل البدو، والغالب أنهم لا تعرف عدالتهم.

حدَّثني عقبة بنُ الحارث، وحدَّثنيه صاحبٌ لي عنه، وأنا لحديث صاحبي أحفظُ، قال: تزوجتُ أمِّ يحيى بنتَ أبي إهاب، فدخلتْ علينا امرأةٌ سوداء، فزَعَمَتْ أنها أرضعتْنَا جميعاً، فأتيتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فذكرتُ ذلك له، فأعرضَ عنِّي، فقلت: يا رسولَ الله إنها لكاذِبة، قال: "وما يدريك وقد قالت ما قالت؟ دَعْهَا عنك" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي مُليكة: هو عبد الله، والرجل المبهم هنا في هذا الإسناد: هو عُبيد بن أبي مريم المكلي، الآتي في الطريق التالي، وهو مجهول، فالاعتماد في هذا الحديث على رواية ابن أي مليكة عن عقبة بن الحارث. وأخرجه البخاري (88) و (2052) و (2640) و (2659) و (2660) من طرق عن عبد الله بن أبي مليكة، به. زاد البخاري في بعض طرقه: ففارقها عقبة ونكحت زوجاً غيره. وهو في "مسند أحمد" (16148)، و"صحيح ابن حبان" (4216 - 4218). وانظر ما بعده. قال الخطايي: قوله: "وما يدريك" تعليق منه القول في أمرها، وقوله: "دعها عنك". إشارة منه بالكفِّ عنها من طريق الورع، لا من طريق الحكم، وليس في هذا دلالة على وجوب قبول قولِ المرأةِ الواحدة في هذا، وفيما لا يَطَّلعُ عليه الرجال من أمر النساء، لأن من شرط الشاهد -من كان من رجل أو امرأة- أن يكون عدلاً، وسُبُلُ الشهادات أن تقام عند الأئمة والحكام، وإنما هذه امرأةٌ جاءته، فأخبرته بأمرٍ هو مِن فعلها، وهو بَيْنَ مُكذِّب لها ومُصدِّق، ولم يكن هذا القول منها شهادةً عند النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فتكونَ سبباً للحكم والاحتجاج به في إجازة شهادة المرأة الواحدة في هذه، وفيما أشبهه من الباب ساقط. واختلف في عدد من تقبل شهادته من النساء في الرضاع. فقال ابن عباس: شهادة المرأة الواحدة تقبل فيما لا يَطَّلِعُ عليه الرجالُ، وأجاز شهادة القابلة وحدها في الاستهلال، وقد روي عن الشعبي والنخعي. وقال عطاء وقتادة: لا يجوز في ذلك أقلُّ مِن أربع نسوة، وإليه ذهب الشافعي. =

3604 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي شعيب الحرَّاني، حدَّثنا الحارث بن عُمير البصري، وحدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا إسماعيلُ ابن عُلية، كلاهما عن أيوبَ، عن ابن أبي مُليكة، عن عُبيد بن أبي مريم عن عُقبة بن الحارث، وقد سمعته من عقبة، ولكنِّي لحديث عُبيد أحفظ، فذكر معناه (¬1). قال أبو داود: نظر حمادُ بنُ زيد إلى الحارث بن عُمير، فقال: هذا من ثقات أصحاب أيوب (¬2). ¬

_ = وقال مالك: لا تجوز شهادةُ امرأتين، وهو قولُ ابن أبي ليلى وابن شبرمة. زاد ابن قدامة في مذاهب العلماء من "المغني" 11/ 340: وقال أصحاب الرأي: لا يقبل فيه إلا رجلان أو رجل وامرأتان. ونقل عن أحمد ثلاث روايات: الأولى أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة في الرضاع إذا كانت مرضية، قال: وبهذا قال طاووس والزهري والأوزاعي وابن أبي ذئب وسعيد بن عبد العزيز. ورواية أخرى عن أحمد: لا يقبل إلا شهادة امرأتين، وهو قول الحكم، لأن الرجال أكمل من النساء، ولا يقبل إلا شهادة رجلين، فالنساء أولى. وعن أحمد رواية ثالثة: أن شهادة المرأة الواحدة مقبولة، وتُستحلف مع شهادتها، وهو قول ابن عباس وإسحاق. (¬1) إسناده صحيح من طريق ابن أبي مليكة عن عقبة بن الحارث. أحمد بن أبي شعيب الحراني: هو أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب نسب هنا لجده. وأخرجه البخاري (5104)، والتر مذي (1185)، والنسائي (3330) من طريق إسماعيل بن إبراهيم -وهو ابن عُلية- بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16148)، و"صحيح ابن حبان" (4216). وانظر ما قبله. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).

19 - باب شهادة أهل الذمة في الوصية في السفر

19 - باب شهادة أهل الذمة في الوصية في السفر 3605 - حدَّثنا زيادُ بنُ أيوبَ، حدَّثنا هُشَيْمٌ، أخبرنا زكريا عن الشعبيِّ، أن رجلاً من المسلمين حضرته الوفاةُ بدَقُوقا هذه ولم يجد أحداً من المسلمين يُشهِده على وصيته، فأشهدَ رجلين من أهل الكتاب، فقَدِمَا الكوفةَ، فأتيا الأشعريَّ، فأخبراه، وقدما بترِكَته ووصيَّته، فقال الأشعريُّ: هذا أمرٌ لم يكن بعد الذي كان في عهد رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأحلَفَهُما بعد العصر بالله: ما خانا ولا كذبا ولا بدَّلا ولا كَتَما ولا غيَّرا، وإنها لوصِيةُ الرجلِ وتَركتُه فأمضى شهادتَهما (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح إلى الشعبي عن أبي موسى الأشعري فيما قاله الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 3/ 215، وقال الحافظ في "الفتح" 5/ 412: وصح عن أبي موسى الأشعري أنه عمل بذلك بعد النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فروى أبو داود بسند رجاله ثقات عن الشعبي ... فذكره. الشعبي: هو عامر. بن شراحيل، وزكريا: هو ابن أبي زائدة، وهشيم: هو ابن بشير. وأخرجه سعيد بن منصور في قسم التفسير من "سننه" (857)، والطبري في "تفسيره " 7/ 105، وابن حزم في "المحلى" 9/ 407، والبيهقي 10/ 165 من طريق هشيم بن بشير، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (15539) عن سفيان بن عيينة، وأبو عبيد القاسم بن سلام في "الناسخ والمنسوخ" (290) عن يحيى بن سعيد القطان، وابن أبي شيبة 7/ 91 عن وكيع بن الجرّاح، والبيهقي 10/ 165 من طريق عبد الله بن نمير، أربعتهم عن زكريا ابن أبي زائدة، به. وأخرجه الطبري 7/ 105 من طريق مغيرة بن مسلم الأزرق، عن الشعبي، به. قال الحافظ ابن كثير: إسناده صحيح إلى الشعبي عن أبي موسى الأشعري. وأخرجه الحاكم 2/ 314 من طريق غيلان بن جامع المحاربي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن أبي موسى الأشعري. وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وسكت عنه الذهبي. =

3606 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليّ، حدَّثنا يحيى بنُ آدمَ، حدَّثنا ابنُ أبي زائدةَ، عن محمد بنِ أبي القاسم، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير، عن أبيه عن ابنِ عباس، قال: خَرجَ رجلٌ من بني سهم مع تميمٍ الدَّاريِّ وعَديِّ بن بَدَّاء، فمات السَّهميُّ بأرضٍ ليس بها مسلم، فلما قدِما بتَركته، فقدوا جام فضَّة مُخَوَّصاً بالذهب، فأحلَفهما رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ثم وُجِدَ الجامُ بمكة، فقالوا: اشتريناه من تميمٍ وعَدِيّ، فقام رجلان مِن أولياء السَّهميِّ، فحلفا: لشهادتُنا أحقُّ من شهادتِهما وإن الجامَ ¬

_ = وخالف غيلانَ سفيانُ الثوريُّ عند أبي عبيد (291) فرواه عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي: أن أبا موسى أجازَ شهادةَ أهلِ الذِّمَّةِ على الوصية. وهذه الرواية تُوافق روايتي زكريا منبرة السالفين. وهذا القضاء من أبي موسى الأشعري على مقتضى الآية السادسة بعد المئة من سورة المائدة، فحكمه في ذلك صحيح. وقد ذكر ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 321 أن لأهلِ العلم في هذه المسألة قولين: أحدهما: أنها محكمةٌ، والعملُ على هذا عندهم باق، وهو قولُ ابن عباس وابن المسيب وابن جبير وابن سيرين وقتادة والشعبي والثوري وأحمد بن حنبل [زاد مكي ابن أبي طالب في "الإيضاح" في هذا الفربق: عائشة وأبا موسى]. والثاني: أنها منسوخة بقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:2]، وهو قول زيد بن أسلم، وإليه يميل أبو حنيفة ومالك والشافعي، قالوا: وأهلُ الكفر ليسوا بعدول. والأول أصح، لأن هذا موضع ضرورة، فجاز كما يجوز في بعض الأماكن شهادةُ نساء لا رَجُلَ معهن بالحيض والنفاسِ والاستهلالِ. قلنا: سبقه إلى القول بإحكام الآية أبو عُبيد القاسم بن سلّام في "الناسخ والمنسوخ" بإثر (300) وإثر (307)، والخطابي كما في شرحه على الحديث الآتي. ودقوقا: بلدة بين بغداد وإربل، تُقصر وتُمد.

20 - باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يقضي به

لِصاحبهم، قال: فنزلت فيهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المائدة:106] 20 - باب إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يقضي به 3607 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارسٍ، أن الحكم بن نافع أبا اليمانِ حدَّثهم، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهريِّ، عن عُمارةَ بن خُزيمة أن عمه حدَّثه، وهو مِنْ أصحاب النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - ابتاعَ فرساً من أعرابي، فاستتبعه النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- ليقضِيَه ثَمَنَ فرسه، فأسرعَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - المَشيَ وأبطأ الأعرابيُّ، فطَفِقَ رجالٌ يعترِضُون الأعرابىَّ فيساومونه ¬

_ (1) إسناده قوي من أجل عبد الملك بن سعيد بن جبير، فهو صدوق لا بأس به. وأخرجه البخاري (2780)، والترمذي (3312) من طريق يحيى بن آدم، بهذا الاسناد. وهو في "شرح مشكل الآثار" (4546). قال الخطابي: فيه حجة لمن رأى رد اليمين على المدعي، والآية محكمة لم تنسخ في قول عائشة والحسن البصري وعمرو بن شرحبيل، وقالوا: المائدة آخر ما نزل من القرآن، لم يُنسخ منها شيء، وتأول من ذهب إلى خلاف هذا القول الآية على الوصية دون الشهادة، لأن نزول الآية إنما كان في الوصية، وتميم الداري وصاحبه عدي بن بدّاء إنما كانا وصيين لا شاهدين. والشهود لا يحلفون، وقد حلفهما رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -،وإنما عبر بالشهادة عن الأمانة التي تحملاها. وهو معنى قوله تعالى: {وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} [المائدة:106] أي: أمانة الله، وقالوا: معنى قوله: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة:106] أي: من غير قبيلتكم، وذلك أن الغالب في الوصية أن الموصي يُشهد أقرباءه وعشيرته، دون الأجانب والأباعد، ومنهم من زعم أن الآية منسوخة، والقول الأول أصح، والله أعلم.

21 - باب القضاء باليمين والشاهد

بالفرسِ، ولا يشعرون أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- ابتاعَه، فنادى الأعرابيُّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فقال إن كنت مبتاعاً هذا الفرسَ وإلا بِعتُه، فقام النبي - صلَّى الله عليه وسلم - حين سمع نداءَ الأعرابيِّ فقال: "أو ليسَ قد ابْتَعْتُه منك؟ فقال الأعرابيُّ: لا، والله ما بِعتُكَهُ، فقال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "بلى قد ابتعتُه منك"َ، فطفِقَ الأعرابيُّ يقول: هَلمَّ شهيداً، فقال خزيمةُ بن ثابت: أنا أشهدُ أنك قد بايَعْتَه، فأقبل النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- على خزيمة فقال: "بم تشهد؟ " فقال: بتَصديقِكَ يا رسولَ الله، فجعل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - شهادةَ خُزيمة بشهادةِ رجُليَن (¬1). 21 - باب القضاء باليمين والشَّاهد 3608 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ والحسنُ بن عليٍّ، أن زيدَ بن حُباب حدَّثهم، قال: حدَّثنا سيف المكيُّ -قال عثمان: سيفُ بنُ سليمان المكي- عن قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار عن ابنِ عباس: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قَضَى بيَمينٍ وشَاهِدٍ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحح. الزهري: هو محمد بن مسلم، وشعيب: هو ابن أبي حمزة. وأخرجه النسائي (4647) من طريق يحيى بن حمزة، عن ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (21883). قال الخطابي: هذا حديث يضعه كثير من الناس في غير موضعه، وقد تذرع به قوم من أهل البدع إلى استحلال الشهادة لمن عرف عنده بالصدق على كل شيء ادعاه، وإنما وجه الحديث ومعناه أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما حكم على الأعرابي بعلمه، إذ كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صادقا باراً في قوله، وجرت شهادة خزيمة في ذلك مجرى التوكيد لقوله، والاستظهار بها على خصمه فصارت في التقدير شهادته له، وتصديقه إياه على قوله كشهادة رجلين في سائر القضايا. (¬2) إسناده صحيح. الحسن بن علي: هو الخلاّل. وأخرجه مسلم (1712)، وابن ماجه (2370)، والنسائي في "الكبرى" (5967) من طريق سيف بن سليمان، بهذا الإسناد. وقال النسائي: هذا إسناد جيد. =

36090 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى وسلمةُ بنُ شَبيبٍ، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا محمدُ بن مُسلم ¬

_ = وأخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (19960) من طريق الإِمام الشافعي، عن عبد الله. وهو في "مسند أحمد" (2224) و (2968) زاد في الموضع الثاني: قال عمرو: إنما ذاك في الأموال. وانظر ما بعده. قال الخطابي: يريد أنه قضى للمدعي بيمية مع شاهد واحد، كأنه أقام اليمين مقام شاهد آخر، فصار كالشاهدين، وهذا خاص في الأموال دون غيرها، لأن الراوي وقفه عليها، والخاص لا يُتعدى به محله، ولا يقاُس عليه غيره، واقتضاءُ العموم منه غير جائز، لأنه حكايةُ فعل، والفعلُ لا عمومَ له فوجب صرفه إلى أمر خاص، فلما قال الراوي: هو في الأموال، كان مقصوراً عليه. وقد رأى الحكم باليمينِ مع الشاهدِ الواحد أجلةُ الصحابِة، وكثرُ التابعين وفقهاءُ الأمصار، وأباه أصحابُ الرأى وابنُ أبي ليلى، وقد حُكيَ ذلك أيضاً عن النخعي والشعبي. واحتج بعضهم في ذلك بقوله عليه السلام: "البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه" وهذا ليس بمخالف لحديث "اليمين مع الشاهد" وإما هو في اليمين إذا كان مجردًا وهذه يمين مقرونة ببينة، فكل واحدة منهما غير الأخرى، فإذا تباين محلاهما جاز أن يختلف حكماهما. وقال النووي في "شرح مسلم" 12/ 4: واختلف العلماء في ذلك، فقال أبو حنيفة رحمه الله والكوفيون والشعبي والحكم والأوزاعي والليث والأندلسيون من أصحاب مالك: لا يحكم بشاهد ويمين في شيء من الأحكام، وقال جمهور علماء الإسلام من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من علماء الأنصار يقضى بشاهد ويمين المدعي في الأموال وما يقصد به الأموال، وبه قال أبو بكر الصديق وعلي وعمر بن عبد العزيز ومالك والشافعي وأحمد وفقهاء المدينة وسائر علماء الحجاز ومعظم علماء الأمصار رضي الله عنهم.

عن عَمرو بن دينارٍ، بإسناده ومعناه، قال سلمة في حديثه: قال عمرو: في الحقوق (¬1). 3610 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي بكر أبو مُصعَب الزُّهريُّ، حدَّثنا الدَّراورديُّ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة: أن النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم- قَضَى باليمين مَعَ الشاهد (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن مسلم -وهو الطائفي- وقد توبع في السالف قبله. وأخرجه البيهقي 10/ 168 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (11185)، والبيهقي 10/ 168 من طريق أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي، عن محمد بن مسلم الطائفي، به. وأخرجه الدارقطني (4494) من طريق عبد الله بن محمد بن ربيعة -وهو متروك- عن محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس. وقال الدارقطني: خالفه عبد الرزاق فلم يذكر طاووساً، وكذلك قال سيف عن قيس بن سعد، عن عمرو ابن دينار عن ابن عباس. وانظر ما قبله. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل الدَّراوَرْدي -وهو عبد العزيز بن محمد- فهو صدوق لا بأس به، وقد تابعه سليمان بن بلال في الطريق الآتي بعده. ورواه أيضاً المغيرة بن عبد الرحمن الحِزامي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وأخرجه ابن ماجه (2368)، والترمذي (1392) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5969) من طريق المغيرة بن عبد الرحمن الحِزامي، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة. وإسناده حسن. وهو في "صحيح ابن حبان" (5073). وانظر ما بعده.

قال أبو داود: وزادني الرَّبيعُ بنُ سليمان المؤذِّنُ في هذا الحديث، قال: أخبرنا الشَّافعيُّ عن عبد العزيز، قال: فذكرتُ ذلك لسُهيلٍ، فقال: أخبرني ربيعةُ -وهو عندي ثقة- أني حدثْتُه إياه، ولا أحفظُه، قال عبدُ العزيز: وقد كان أصابَت سهيلاً علَّة أذهبتْ بعضَ عقْلِه، ونَسِيَ بعضَ حديثِه، فكان سهيلٌ بعد يُحدِّثُهُ، عن ربيعة، عنه، عن أبيه. 3611 - حدَّثنا محمدُ بنُ داودَ الإسكندرانيُّ، حدَّثنا زيادٌ -يعني ابن يونس-، حدَّثني سليمانُ بن بلال عن ربيعةَ، بإسناد أبي مُصعب ومعناه، قال سليمان: فلقيتُ سهيلاً، فسألتُه عن هذا الحديث، فقال: ما أعرِفُه، فقلت له: إن ربيعةَ أخبرني به عَنكَ، قال: فإن كان ربيعةُ أخبرك عنِّي فحَدِّثْ به عن ربيعةَ عنّي (¬1). 3612 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدةَ، حدَّثنا عمارُ بنُ شُعَيث بن عُبيد الله بن الزُّبَيبِ العنْبريُّ، حدَّثني أبي سمعتُ جدّيَ الزُّبَيبَ يقول: بعث نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- جيشاً إلى بني العنْبرِ، فأخذُوهم برُكبَةَ من ناحية الطائف، فاستاقُوهم إلى نبيِّ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فركبتُ، فسبَقتُهُم إلى النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقلت: السلامُ عليك يانبيَّ الله ورحمة الله وبركاته، أتانا جُندكَ فأخَذُونا، وقد كنا أسلمنا وخَضْرَمْنا آذانَ النَّعم، فلما قدم بَلْعَنْبَر، قال لي نبيُّ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "هل لكم بيِّنة على أنكم أسلمتُم ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. محمد بن داود: هو ابن أبي ناجية. وأخرجه ابن الجارود (1007)، وابن حبان (5073)، والبيهقى 10/ 168 من طريق سليمان بن بلال، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

قبلَ أن تُؤخَذُوا في هذه الأيام؟ " قلت: نعم، قال: "مَنْ بيِّنتك؟ " قلت: سَمُرَةُ رجلٌ من بني العنبر ورجل آخر سماه له، فشهد الرجل، وأبى سمرة أن يَشهَدَ، فقال نبي الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "قد أبى أن يشهدَ لكَ، فتحلفُ مع شاهدِكَ الأخَر؟ قلت: نعم، فاستَحْلَفني، فحَلَفْتُ بالله: لقد أسلمنا يَومَ كذا وكذا، وخَضْرَمنا آذان النَّعم، فقال نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "اذهبوا، فقاسِمُوهم أنصافَ الأموال، ولا تمسُّوا ذراريَهم، لولا أن الله لا يُحبُّ ضلالة العَمَل ما رزيناكم عقالاً". قال الزُّبَيب: فَدَعَتْني أمِّي، فقالت: هذا الرَّجل أخذ زُرْبِيَّتي، فانصرفتُ إلى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، يعني فأخبرتُه، فقال لي: "احْبِسْه"، فأخذتُ بتلبيبه، وقمتُ معه مكانَنا، ثم نظر إلينا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -صلَّى الله عليه وسلم- قائِمَين، فقال: "ما تريدُ بأسيرك؟ " فأرسلته من يدي، فقام نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال للرجل: "رُدَّ على هذا زِرْبيَّه أُمِّه التي أخذتَ منها"، قال: يانبيَّ الله، إنها خَرَجَت مِن يدي، قال: فاختَلَعَ نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- سيفَ الرجل، فأعطانيه، وقال للرجل: "اذهب، فزدْه آصُعاً مِن طعام". قال: فزادَني آصُعاً من شعير (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عمار بن شُعَيث، وأبوه يقبل عند المتابعة، ولم يتابع، من أجل ذلك قال الخطابي: إسناده ليس بذاك. ومع ذلك فقد حسَّن ابنُ عبد البر هذا الحديث في "الاستيعاب" في ترجمة الزبيب بن ثعلبة. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1209) وابن قانع 1/ 242، والخطابي في "غريب الحديث، 1/ 484، والبيهقي 10/ 171 من طريق أحمد بن عبدة الضبي، بهذا الإسناد. ولفظ ابن قانع: قضى رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- باليمين مع الشاهد. وأخرجه ابن قانع 1/ 242 أو الطبراني في "الكبير" (5299) من طرق عن شعيث ابن عُبيد الله، عن أبيه، عن جده - فزاد في الإسناد عُبيد الله بن زبيب، وهذا قد ذكره =

22 - باب في الرجلين يدعيان شيئا وليست لهما بينة

22 - باب في الرجلين يدَّعيان شيئاً وليست لهما بيِّنة 3613 - حدَّثنا محمد بن المنهال الضرير، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيع، حدَّثنا ابنُ أبي عَروبة، عن قتادة، عن سعيد بن أبي بُردة، عن أبيه عن جده أبي موسى الأشعريِّ: أن رجلين ادَّعيا بعيراً، أو دابّةً، إلى النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، ليست لواحدٍ منهما بيّنةٌ، فجعلَه النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - بينهما (¬1). ¬

_ = ابن حبان في "ثقات التابعين". قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" في ترجمته: يُحتمل أن يكون شعيث سمعه من أبيه عُبيد الله عن جده، ثم سمعه من جده، والله أعلم. ولفظ ابن قانع سبق ذكره قريباً. قال الخطابي: قوله: خضرمنا آذان النعم: أي: قطعنا أطرافَ آذانها، وكان ذلك في الأموالِ علامةً بين من أسلم وبين من لم يُسلم. والمخضرمون: قومٌ أدركوا الجاهلية وبقوا إلى أن أسلموا، ويقال: إن أصل الخضرمة خلط الشيء بالشيء. و"ضلالة العمل": بطلانُه وذهابُ نفعه، ويقال: ضَلَّ اللبن في الماء: إذا بطل وتلِف. وقوله: "ما رزيناكم عقالاً" اللغة الفصيحة: ما رزأناكم، بالهمز يريد ما أصبنا من أموالكم عقالاً، ويقال: ما رزأته زِبالاً، أي: ما أصبتُ منه ما تحمله نملة، والزِّربية: الطنفسة. وفي الحديث استعمالُ اليمين مع الشاهد في غيرِ الأموال إلا أن إسنادَه ليس بذاك، وقد يحتمل أيضاً أن يكون اليمين قد قصد بها ها هنا الأموال، لأن الإسلام يعصِمُ المالَ كما يحقن الدمَ. وقد ذهب قوم من العلماء إلى ايجاب اليمين مع البينة العادلة، كان شريح والشعبي والنخعي يرون أن يُسْتَحْلَفَ الرجلُ مع بينته، واستحلف شريحٌ رجلاً فكأنه تأبى اليمين، فقال: بئس ما تثني على شهودي، وهو قولُ سوّار بن عبد الله القاضي، وقال إسحاق: إذا استراب الحاكم أوجبَ ذلك. (¬1) حديث معلٌّ عند أهل الحديث مع الاختلاف في إسناده على قتادة، ولا يصح وصله، كلما هو مبيّن في تعليقنا على "المسند" (19603). =

3614 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا يحيى بنُ آدم، حدَّثنا عبدُ الرحيم ابن سليمان، عن سعيدٍ، بإسناده ومعناه (¬1). 3615 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشّار، حدَّثنا حجّاجُ بنُ منهالٍ، حدَّثنا هَمَّامٌ عن قتادَةَ، بمعناه وإسناده: أن رجلين ادَّعيا بعيراً على عَهْدِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فبَعَثَ كلُّ واحدٍ منهما شاهِدَينِ، فقسَمَه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بينهما نِصفَين (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2330)، والنسائي (5424) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19603). وانظر تالييه. قال الخطابي: اختلف العلماء في الشيء يكون في يدي الرجل فيتداعاه اثنان، ويُقيم كل واحدٍ منهما بينةً، فقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: يُقرع بينهما فمن خرجت له القرعة صار له. وكان ان الشافعي يقول به قديما، ثم قال في الجديد: فيه قولان: أحدهما: يقضى به بينهما نصفين وبه قال أصحاب الرأي وسفيان الثوري. والقول الآخر: يقرع بينهما وأيهما خرج سهمه حلف: لقد شهد شهوده بحق ثم يقضى له به. وقال مالك: لا أحكمُ به لواحد منهما إذا كان في يد غيرهما، وحُكي عنه أنه قال: هو لأعْدَلِهما شُهوداً وأشهرهما بالصلاح. وقال الأوزاعي: يؤخذ بأكثر البَيِّنتين عدداً، وحُكيَ عن الشعبي أنه قال: هو بينهما على حصص الشهود. (¬1) حديث معلٌّ كما بيناه في "مسند أحمد" (19603). وانظر ما قبله. (¬2) حديث معلٌّ كما بيناه في "مسند أحمد" (19603). وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 184، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4754)، وابن الغطريف في "جزئه" (14) من طريق عفان، وأبو يعلى (7280)، والطحاوي =

3616 - حدَّثنا محمدُ بنُ منهال، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيع، حدَّثنا ابنُ أبي عَروبة، عن قتادةَ، عن خلاسٍ، عن أبي رافعِ عن أبي هريرة: أن رَجُلَين اختصَما في متاعٍ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ليس لواحدٍ منهما بينةٌ، فقال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "اسْتَهِما على اليَمين ما كان، أحبَّا ذلك أو كَرِهَا" (¬1). 3617 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ وسَلَمَةُ بنُ شَبيبٍ، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق -قال أحمدُ: قال:- حدَّثنا مَعْمَرٌ، عن همَّام بن مُنبِّهَ عن أبي هريرة، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "إذا كَرِهَ الاثنان اليمينَ، أو استحباها فليستهما عليها". قال. سلمة: قال: أخبرنا معمرٌ، وقال: إذا أُكْرِهَ الاثنانِ على اليمين (¬2). ¬

_ = (4755)، والحاكم 4/ 95، والبيهقي 10/ 257، 259، وفي "السنن الصغرى" (4341) من طريق هدبة بن خالد، كلاهما عن همام، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "العلل"، (271) و (369) عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن همام، عن قتادة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه مرسلاً لم يذكر أبا موسى في الإسناد. وانظر سابقيه. (¬1) إسناده صحيح. أبو رافع: هو نُفيع الصائغ، وخِلاس: هو ابن عمرو الهَجَري، ابن أبي عروبة: هو سعيد. وأخرجه ابن ماجه (2346) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، والنسائي في "الكبرى" (5957) من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (10347). وانظر تالييه. قال الخطابي: معنى الاستهام هنا الاقتراع، يريد أنهما يقترعان فأيهما خرجت له القرعة حَلَفَ وأخذ ما ادعاه، وروي ما يشبه هذا عن علي رضي الله عنه. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" (8209). =

23 - باب اليمين على المدعى عليه

3618 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا خالدُ بنُ الحارث عن سعيد بن أبي عَرُوبة بإسناد ابن منهالِ، مثله، قال: في دابَّة، وليس لهما بينةٌ، فأمرَهُما رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن يَستَهِما على اليمين (¬1). 23 - باب اليمين على المدَّعى عليه 3619 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ القَعنبيُّ، حدَّثنا نافعُ بن عُمرَ، عن ابن أبي مُلَيكة، قال: كتب إليَّ ابن عباس: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قَضَى باليمينِ على المُدَّعَى عَليه (¬2). ¬

_ = وهو في "مصنف عبد الرزاق" (15212)، ومن طريق البخاري (2674)، والنسائي في "الكبرى" (5958) لكن بلفظ: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عرض على قوم اليمين فأسرعوا، فأمر أن يُسهم بينهم في اليمين، أيهم يحلف. قال الخطابي وغيره: الإكراه هنا لا يُراد به حقيقته، لأن الإنسان لا يكره على اليمين، وإنما المعنى: إذا توجهت اليمين على اثنين، وأرادا الحلف. سواء كانا كارهين لذلك بقلبيهما وهو معنى الإكراه، أو مختارين لذلك بقلبيهما وهو معنى الاستحباب، وتنازعا: أيهما يبدأ، فلا يقدم أحدهما على الآخر بالتشهي بل بالقرعة وهو المراد بقوله: فليستهما، أي؟ فليقترعا. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 6/ 318، وعنه ابن ماجه (2329). وأخرجه النسائي (5956) عن عمرو بن علي الفلاس، عن خالد بن الحارث، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه. (¬2) إسناده صحيح. ابن أبي مُليكة: هو عَبد الله بن عُبيد الله. وأخرجه البخاري (2514) و (2668)، ومسلم (1711)، والترمذي (1391)، والنسائي (5425) من طرق عن نافع بن عمر، به. وزاد النسائي في روايته قصة هذه المكاتبة. =

24 - باب كيف اليمين؟

24 - باب كيف اليمين؟ 3620 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو الأحوص، حدَّثنا عطاءُ بنُ السَّائب، عن أبي يحيى عن ابنِ عباس، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال - يعني لرجل حلَّفه -: "احلفْ بالله الذي لا إله إلا هو ما لَهُ عندك شيء"، يعني للمدَّعي (¬1). ¬

_ = وأخرجه بنحوه البخاري (4552)، ومسلم (1711)، وابن ماجه (2321) من طريق ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، به. وذكره البخاري ضمن القصة المشار إليها. وهو في "مسند أحمد" (3188)، و"صحيح ابن حبان" (5083). وروى البيهقي في "سننه، 10/ 252 بإسناد حسن من حديث ابن عباس رفعه: "لو يُعطى الناسُ بدعواهم ... ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر". قال ابن المنذر في "الإجماع، ص 75: أجمع أهل العلم على أن البينة على المدَّعي واليمين على المدَّعَى عليه. (¬1) إسناده ضعيف. عطاء بن السائب اختلط بأخرة، وقد تفرد بهذا الحديث، وعدَّ الحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال" هذا الحديث من مناكيره، وقد اضطرب في متن الحديث كما أوضحناه في "مسند أحمد" (2280). واختلف عليه في إسناده كذلك، فقد رواه حماد بن سلمة وعبد الوارث والثوري وجرير وشريك -فيما قاله البيهقي 10/ 37 - ، عن عطاء، عن أبي يحيى، عن ابن عباس، ورواه شعبة عن عطاء ابن السائب، عن أبي البختري، عن عَبيدة السلماني، عن ابن الزبير. أبو الأحوص: هو سلاّم بن سليم، وأبو يحيى: هو زياد المكي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5964) عن هناد بن السري، عن أبي الأحوص، به، وهو في "مسند أحمد" (2695). وانظر ما سلف برقم (3275). وقد صح في صيغة اليمين هذه عن ابن عباس في قصة الملاعنة عند البيهقي 7/ 395 أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال لهلال بن أمية وقد قذف امرأته: "احلف بالله الذي لا إله إلا هو إني لصادق".

25 - باب إذا كان المدعى عليه ذميا، أيحلف؟

قال أبو داود: أبو يحيى اسمه زياد، كوفي ثقة (¬1). 25 - باب إذا كان المدَّعَى عليه ذِمياً، أيحلف؟ 3621 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن شقيق عن الأشعثِ، قال: كانَ بيني وبينَ رَجُلٍ من اليهود أرضٌ، فجَحَدَني، فقدَّمته إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال لي النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم -: "ألَكَ بيِّنةٌ؟ " قلت: لا، قال لليهوديِّ: "احلفْ"، قلت: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، إذاً يحلفَ ويَذهَبَ بمالي، فأنزل الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ} إلى آخر الآية [آل عمران:77] (¬2) 26 - باب الرجل يحلف على علمه فيما غاب عنه 3622 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالد، حدَّثنا الفريابيُّ، حدَّثنا الحارثُ بن سليمان، حدَّثني كُردُوس عن الأشعث بن قيسٍ: أن رجلاً من كندةَ، ورجلاً من حَضْرَموتَ اختصما إلى النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- في أرضٍ من اليمن، فقال الحضرمي: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، إن أرضي اغتَصَبنيها أبو هذا، وهي في يَدهِ، قال: "هل لك بيِّنةٌ؟ " قال: لا، ولكن أَحْلِفْه، واللهُ يعلمُ أنها أرضي، اغتصبنيها أبوه، فتهيأ الكنديُّ لليمين، وساق الحديث (¬3). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية أي عيسى الرملي. (¬2) إسناده صحح. وهو مكرر الحديث السالف برقم (3243). (¬3) إسناده ضعيف. وهو مكرر الحديث السالف برقم (3244).

27 - باب كيف يحلف الذمي؟

3623 - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّريِّ، حدَّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن علقمة بن وائل بن حُجرٍ الحضرميِّ عن أبيه، قال: جاء رجلٌ من حضرموت، ورجلٌ من كندة، إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال الحضرميّ يا رسولَ الله، إن هذا غلبني على أرضِ كانت لأبي، فقال الكندي: هيَ أرضي في يدي أزْرَعُها، ليس له فيها حَقٌ، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - للحضرميِّ: "ألكَ بيّنةٌ؟ " قال: لا، قال: "فلكَ يمينُه"، فقال: يا رسول الله، إنه فاجِرٌ، لَيسَ يُبَالي ما حَلَف، ليس يَتورَّع من شيء، فقال: "لَيسَ لكَ منه إلا ذلك" (¬1). 27 - باب كيف يَحْلِفُ الذِّمي؟ 3624 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن الزهريِّ، حدَّثنا رجلٌ من مُزينة، ونحن عندَ سعيد بن المُسيِّب عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: يعني لليهود: "أَنْشُدُكم بالله الذي أنزل التَّوراة على موسى، ما تجدون في التوراة على مَن زنى؟ لأ وساق الحديث في قصة الرَّجم (¬2). 3625 - حدَّثنا عبدُ العزيز بن يحيى أبو الأصْبغ، حدَّثني محمدٌ، -يعني ابن سلمة، عن محمد بن إسحاق ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو مكرر الحديث السالف برقم (3245). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، شيخ الزهري -وإن كان مبهماً- قد أثنى عليه الزهري فذكر أنه ممن يتبع العلم ويعيه كما سيأتي بعده، وذكر ابن المبارك عند الطبري في "تفسيره" 2/ 233 عن الزهري أن سعيد بن المسيب كان يوقره، وقد شهد أبوه الحديبية، فإبهام مثله لا يضر. وسيأتي مطولاً برقم (4450)، ويأتي تخريجه هناك. وانظر ما سلف برقم (488)، وما بعده.

28 - باب الرجل يحلف على حقه

عن الزهريِّ، بهذا الحديث وبإسناده، حدَّثني رجلٌ من مُزَينةَ ممن كان يتَّبع العِلْمَ ويَعيهِ، يُحدِّثُ سعيد بن المسيِّب، وساق الحديث بمعناه (¬1). 3626 - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا سعيد، عن قتادة عن عِكرمة: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال له -يعني لابن صُورِيَا- "أذَكِّرُكُم بالله الذي نجَّاكم من آل فرعون، وأَقْطَعَكم البحر، وظَلَّلَ عليكم الغَمامَ، وأنزَلَ عليكُمُ المنَّ والسَّلوى، وأنزل التوراة على موسى، أتَجدُون في كتابكم الرَّجمَ؟ " قال: ذكَّرْتَني بعظيمٍ، ولا يَسَعُني أن أَكذِبَكَ، وساق الحديث (¬2). 28 - باب الرجل يحلف على حقه 3627 - حدَّثنا عبدُ الوهَّاب بن نجدةَ وموسى بنُ مروان الرَّقي، قالا: حدَّثنا بقيةُ بنُ الوليد، عن بَحير بن سَعْدٍ، عن خالد بن مَعْدانَ، عن سيفٍ عن عوف بن مالك، أنه حدَّثهم: أن النبيّ -صلَّى الله عليه وسلم- قضى بين رجلين، فقال المَقضيُّ عليه لما أدْبرَ: حَسْبيَ الله ونعْمَ الوكيل، فقال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن الله عزّ وجلّ يلومُ على العَجْزِ ولكنْ عَليكَ بالكَيسِ، فإذا غَلَبَكَ أمرٌ فقل: حَسْبِيَ الله ونِعْمَ الوكيل" (¬3). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقه. وسيأتي تخريجه برقم (4450). (¬2) رجاله ثقات، لكنه مرسلٌ. قال الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 130: جعله شيخنا علاء الدين مسنداً من رواية ابن عباس مقلداً لغيره في ذلك، وهو وهم، ولم يخرجه أبو داود إلا مرسلاً هكذا ذكره في كتاب الأقضية. (¬3) إسناده ضعيف بقية بن الوليد على ضعفه مدلس وقد عنعن، سيف -وهو الشامي- قال الذهبي: لا يعرف. =

29 - باب في الحبس في الدين وغيره

29 - باب في الحَبْس في الدين وغيره 3628 حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ المبارك، عن وَبْر بن أبي دُلَيلة، عن محمد بن ميمون، عن عمرو بن الشَّريد عن أبيه، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لَيُّ الواجِدِ يحل عِرضَه وعقوبَتَه". قال ابن المبارك: يُحلُّ عرضَه: يُغلَّظُ له، وعقوبتُه: يُحبَسُ له (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10387) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23983). وفي الباب عن الزهري مرسلاً عند البيهقي 10/ 181 ورجاله ثقات. قال المنذري: العجز ترك ما يجب فعله بالتسويف، وهو عام في أمور الدنيا والدين. والكيس في الأمور يجري مجرى الرفق والفطنة، والكيس: العقل. (¬1) إسناده حسن. محمد بن ميمون -وهو ابن مسيكة- روى عنه وبْر الطائفي وأثنى عليه خيراً، وقال أبو حاتم: روى عنه الطائفيون، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحح له هذا الحديث، وحسن هذا الإسناد الحافظ في "الفتح" 5/ 62. وأخرجه ابن ماجه (2427)، والنسائي (4689) و (4690) من طريق وبْر بن أبي دليلة. وهو في "مسند أحمد" (17946)، و "صحيح ابن حبان"، (5089). وعلقه البخاري قبل الحديث (2401). قال الخطابي: في الحديث دليل على أن المعسر لا حبس عليه، لأنه إنما أباح حبسه إذا كان واجداً، والمُعدِمُ غير واجد فلا حبس عليه. وقد اختلف الناس في هذا، فكان شريح يرى حبس المليء والمعدم، إلى هذا ذهب أصحابُ الرأي. وقال مالك: لا حبس على معسر، إنما حظه الإنظار، ومذهب الشافعي: أن من كان ظاهرُ حالِه العسر، فلا يُحبس، ومن كان ظاهرُ حاله اليسار حُبِس إذا امتنع من أداء الحق، ومن أصحابه من يدعي فيه زيادة شرط، وقد بينه.

3629 - حدَّثنا معاذُ بن أسدٍ، حدَّثنا النضرُ بنُ شُميل، أخبرنا هِرماسُ بنُ حبيب رجلٌ مِن أهل البادية - عن أبيه عن جده قال: أتيتُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بغَريم لي، فقال لي: "الزَمْه"، ثم قال: "يا أخا بني تميم، ما تُريدُ أن تَفعلَ بأسيرِك؟ " (¬1). 3630 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، أخبرنا عبدُ الرزاق، عن مَعمير، عن بَهْزِ بن حَكيم، عن أبيه عن جده: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- حَبَسَ رَجُلاً في تُهْمَةٍ (¬2). 3631 - حدَّثنا محمدُ بنُ قُدامة، ومُؤمَّلُ بنُ هشام -قال ابنُ قُدامة:- حدَّثني إسماعيلُ، عن بَهزِ بن حَكيم، عن أبيه عن جده، -قال ابنُ قدامة: إن أخاه أو عَمَّه، وقال مُؤمَّل: إنه - قام إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - وهو يَخطُبُ، فقال: جيراني بما أُخِذُوا، فأعْرَضَ عنه -مرَّتين- ثم ذكر شيئاً، فقال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "خَلُّوا له عن جيرانه" - لم يذكر مُؤمَّلٌ: وهو يخطُبُ (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة الهرماس بن حبيب وأبيه. وأخرجه ابن ماجه (2428) من طريق النضر بن شميل، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده حسن. بهز بن حكيم وأبوه صدوقان. وأخرجه الترمذي (1476)، والنسائي (4875) و (4876) من طريق بهز بن حكيم، به. وقال الترمذي: حديث بهز عن أبيه عن جده حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (20019). وانظر ما بعده. (¬3) إسناده حسن كسابقه. إسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مِقْسَم، المعروف بابن عُليَّه. وانظر ما قبله. =

30 - باب في الوكالة

30 - باب في الوكالة 3632 - حدَّثنا عُبيدُ الله بن سعْد بن إبراهيم، حدَّثنا عَمِّي، حدَّثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن أبي نُعيم وَهْبِ بن كيسانَ عن جابر بن عبد الله، أنه سَمِعَه يُحدّث، قال: أردتُ الخروجَ إلى خَيْبرَ، فأتيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فسلَّمتُ عليه، وقلت له: إني أردتُ الخروجَ إلى خيبرَ، فقال: إذا أتيتَ وكيلي، فخذ منه خمسةَ عَشَرَ وَسْقاً، فإن ابتَغَى منكَ آيةً، فضَعْ يَدَكَ على تَرْقُوَتِه" (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: فيه دليل على أن الحبس على ضربين: حبس عقوبة وحبس استظهار، فالعقوبة لا تكون إلا في واجب، وأما ما كان في تهمة، فإنما يُستظهرُ بذلك ليستكشف به عما وراءه. وقد روي: أنه حبس رجلاً في تهمة ساعة من نهار، ثم خلى سبيله. (¬1) إسناده ضعيف. ابن إسحاق -وهو محمد بن إسحاق بن يسار المطلبي مولاهم - مدلس ولم يصرح بالسماع، وهو كذلك في سائر أصولنا الخطية وكذا في سائر مصادر تخريج الحديث، لكن جاء عند الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 94 - وقد عزاه لأبي داود-: عن ابن إسحاق، حدثني وهب بن كيسان. وهو غريب، ولم يتابعه على ذلك أحد ممن عزاه لأبي داود. ومع ذلك فقد حسَّن إسنادَه الحافظُ في "التلخيمى الحبير" 3/ 51، وسكت عنه عبد الحق الاشبيلي مصححاً له. وعلق البخاريُّ طرفاً منه قبل الحديث (3131) بلفظ: وما أعطى جابرَ بن عبد الله من تمر خيبر. وعمُّ عُبيد الله: هو يعقوب. وأخرجه أبو بكر بن أبي عاصم في "البيوع" كما في تغليق التعليق" 3/ 477، والحسين بن إسماعيل المحاملي في "المحامليات" كما في "هدي الساري" ص 48، والدارقطني (4304) والبيهقي 6/ 80، وابن حجر في "تغليق التعليق" 3/ 476 - 477 من طريق عُبيد الله بن سعد، بهذا الإسناد. وقد صح في مشروعية الوكالة غير ما حديث، منها حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري (1438)، ومسلم (1023) عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الخازن المسلم الأمين، الذي يُنْفِذ ما أُمر به كاملاً مُوفَّراً طيباً به نفسه، فيدفعُه إلى الذي أمر له به، أحدُ المتصدقين". وقد سلف عند المصنف برقم (1684). =

31 - أبواب من القضاء

31 - أبواب من القضاء 3633 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا المثنَّى بنُ سعيد، حدَّثنا قتادةُ، عن بُشير بن كعب العدويِّ عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -،قال: "إذا تَدَارأتُم في طَريقٍ فاجعَلُوه سَبْعةَ أَذرُع" (¬1). ¬

_ = وبعد أن ذكر الحافظ ابن كثير في "تخريج أحاديث التنبيه" 2/ 62 هذا الحديث مع حديث ابن إسحاق قال: ففي ذلك دلالة على مشروعية التوكيل في الجملة مع الإجماع على ذلك. الترقوة: العظم الذي بين ثُغرة النحر والعاتق، وهما ترقوتان من الجانبين، وقيل: مقدم الحلق في أعلى الصدر حيث يرقى فيه النفس. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه ابن ماجه (2338)، والترمذي (1406) من طريقين عن المثنى بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وأخرجه الترمذي (1405) عن أبي كريب، عن وكيع، عن المثنى بن سعيد، عن قتادة، عن بشير بن نَهيك، عن أبي هريرة. وقال الترمذي: وروى بعضهم هذا الحديث عن قتادة، عن بشير بن نَهيك، عن أبي هريرة. وهو غير محفوظ. وهو في "مسند أحمد" (9537). وأخرجه البخاري (2473) من طريق الزبير بن خرِّيت، عن عكرمة، ومسلم (1613) من طريق عبد الله بن الحارث، كلاهما عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7126) و (10417)، و"صحيح ابن حبان" (5067). قال الخطابي: هذا في الطرق الشارعة والسبل النافذة التي كثر فيها المارة، أمر بتوسعتها لئلا تضيق عن الحمولة دون الأزقة الروابع التي لا تنفذ، ودون الطرق التي يدخل منها القومُ إلى بيوتهم إذا اقتسم الشركاء بينهم ربعاً وأحرزوا حصصهم، وتركوا بينهم طريقاً منه إليها. ويشبه أن يكونَ هذا على معنى الإرفاق والاستصلاح دون الحصر والتحديد.

3634 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وابنُ أبي خَلفٍ، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا استَأذَنَ أحَدُكُم أخاه أن يَغرِزَ خَشَبةَ في جداره فلا يَمْنَعْهُ". فنكَّسوا، فقال: ما لي أرَاكم قد أعرضتُم؟ لأُلقِينَّها بين أكتافِكُم (¬1). قال أبو داود: وهذا حديثُ ابن أبي خلَفٍ، وهو أتمُّ. 3635 حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ بن سعْد، عن يحيى، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن لؤلؤة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرمُز، وسفيان: هو ابن عيينة، وابن أبي خلف: هو محمد بن أحمد بن أبي خلف السلمي مولاهم، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه البخاري (2463)، ومسلم (1609)، وابن ماجه (2335)، والترمذي (1403) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (7278)، و"صحيح ابن حبان" (515)، قال الخطابي في "معالم السنن": عامة العلماء يذهبون في تأويله إلى أنه ليس بإيجاب يُحمل عليه الناسُ من جهةِ الحكم، وإنما هو من باب المعروف وحسن الجرار، إلا أحمد بن حنبل فإنه رآه على الوجوب، وقال: على الحكام أن يقضوا به على الجار ويُمضوه عليه إن امتنع منه. قلنا: وذكر الحافظ في "الفتح" أن إسحاق بن راهويه يقول بقول أحمد وكذا ابنُ حبيب من المالكية والشافعي في القديم، وذكر أن الشافعي في الجديد عنه قولان: أشهرهما اشتراط إذن المالك. وقول أبي هريرة: لألقينها بين أكتافكم، قال الخطابي في "أعلام الحديث" 2/ 1228: كأنه يقول: إن لم تقبلوه، فتتلقوه بأيديكم راضين، حملتُه على رقابكم كارهين.

عن أبي صِرْمة -قال غير قتيبة في هذا الحديث: عن أبي صِرْمَةَ صاحبِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ثم رجَعْتُ إلى حديث قتيبة بن سعيد- عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "من ضَارَّ أضَرَّ الله به، ومن شَاقَّ شَاقَّ الله عليه" (¬1). 3636 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داودَ العَتَكيُّ، حدَّثنا حمادٌ، حدَّثنا واصل مولى أبي عُيينة، قال: سمعتُ أبا جعفر محمدَ بنَ عليٍّ يُحدث عن سَمُرَة بن جندب: أنه قال: كانت له عَضُدٌ من نَخْلِ في حائطِ رَجُلٍ من الأنصار، قال: ومع الرجل أهله، قال: فكان سَمُرَةُ يَدخُلُ إلى نخله فيتأذَّى به، ويشُقُّ عليه، فطلَبَ إليه أن يَبيعَه، فأبى، فطلب إليه أن يُناقلَه، فأبى، فأتى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فطلبَ إليه النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- أن يبيعَه، فأبى، فطلب إليه أن يُناقِلَه، فأبى، قال: "فهَبْهُ له ولك كذا وكذا" أمراً رغَّبَه فيه، فأبى، فقال: "أنت مُضارٌّ" فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - للأنصاري: "اذهب فاقْلَعْ نخلهُ" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة لؤلؤة، فقد ذكرها الحافظ الذهبي في "الميزان" 4/ 610 في المجهولات. يحيى: هو ابن سعيد الأنصاري. وأخرجه ابن ماجه (2342)، والترمذي (2054) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (15755). وفي الباب عن عبادة بن الصامت عند ابن ماجه (2340) أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قضى أن لا ضرر ولا ضرار. وإسناده ضعيف. وقد ذكرنا هناك كلامَ الأئمة في تقوية هذا الخبر، وذكرنا هناك أيضاً تمام شواهد الحديث بنوع من التفصيل، فراجعه. وانظر "جامع العلوم والحكم" للحافظ ابن رجب 2/ 207 - 225 بتحقيقنا. (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه. أبو جعفر محمد بن علي -وهو ابن الحسين بن علي ابن أبي طالب الباقر- لم يدرك السماع من سمرة بن جندب، فقد ذكر أحمد بن البرقي =

3637 - حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ، حدَّثنا الليثُ، عن الزهريِّ، عن عُروة أن عبد الله بن الزبير حدَّثه، أن رجلاً خاصم الزبيرَ في شِراج الحَرَّة التي يَسْقُونَ بها، فقال الأنصاري: سَرِّح الماءَ يمرُّ، فأبى عليه الزبيرُ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - للزبير: "اسْقِ يا زبيرُ، ثم أرسل الماء إلى جارك"، فغَضِبَ الأنصاريُّ، فقال: يا رسول الله، أن كان ابنَ عمتِك؟ فتلوَّن وَجْهُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ثم قال: "اسْقِ، ثمَّ احْبِسِ الماءَ حتّى يَرجعَ إلى الجَدْر" فقال الزبير: فوالله إني لأحسبُ هذه الآية نزلَتْ في ذلك: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ} [النساء:65] (¬1). ¬

_ = أن مولد أبي جعفر كان سنة ست وخمسين. وكانت وفاةُ سمرة على أعلى تقدير سنة ستين، فيكون عمر أبي جعفر عند وفاة سمرة خمس سنين. ومما يؤيد ذلك أن أباه علي زين العابدين كان عمره يوم كربلاء سنة إحدى وستين ثلاثة وعشرين عاماً، وبذلك يكون عُمر زين العابدين يوم ولد له أبو جعفر ثمانية عشر عاما. وهو معقول. وقال المنذري في "مختصر السنن": في سماع الباقر من سمرة بن جندب نظر، وقد نقل في مولده ووفاة سمرة ما يتعذّر معه سماعه منه، وقيل فيه: ما يمكن معه السماع منه، والله عز وجل أعلم. وأخرجه البيهقي 6/ 157 من طريق أبي الربيع سليمان بن داود العتكي، بهذا الإسناد. وفي الباب عن رجل من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، سلف عند المصنف برقم (3074) و (3075) وإسناده حسن. قال الخطابي: رواه أبو داود: عضداً، انما هو: عضيد من نخيل، يريد نخلاً لم تَبسُق ولم تَطُل، قال الأصمعي: إذا صار للنخلة جذع يتناول منه المتناولُ فتلك النخلةُ العَضيدُ، وجمعُه عَضِيداتٌ. وفيه من العلم أنه أمر بإزالة الضرر عنه، وليس في هذا الخبر أنه قلع نخله، ويشبه أن يكون أنه إنما قال ذلك ليردعه به عن الإضرار. (¬1) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام، والزهري: هو محمد بن مسلم ابن شهاب، والليث: هو ابن سعْد، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه البخاري (2359)، ومسلم (2357)، وابن ماجه (15) و (2480)، والترمذي (1414) و (3276)، والنسائي (5416) من طريق الليث بن سعد، بهذا الاسناد. وهو في "مسند أحمد" (16116)، و"صحيح ابن حبان" (24). وأخرجه البخاري (2708) من طريق شعيب بن أبي حمزة، و (2361) و (4585) من طريق معمر بن راشد، و (2362) من طريق ابن جريج، ثلاثتهم عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن أبيه الزبير. وقد كان عمر عروة عند مقتل أبيه ثلاث عشرة سنة، وجزم البخاري بسماعه منه في "تاريخه" 7/ 31، وذكر مسلم في "التمييز" أن عروة حفظ عن أبيه فمن دونهما من الصحابة. وهو في "مسند أحمد" (1419). وأخرجه النسائي (5407) من طريق عبد الله بن وهب، عن يونس بن يزيد والليث بن سعد، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير بن العوام. قال أبو حاتم في "العلل" 1/ 395: أخطأ ابن وهب في هذا الحديث. الليث لا يقول: عن الزبير. وقال الحافظ في "الفتح" 5/ 35: وكأن ابنَ وهب حمل رواية الليث على رواية يونس، إلا فرواية الليث ليس فيها ذكر الزبير، والله أعلم. قال الخطابي: شراج الحرة: مجاري الماء الذي يسيل منها، واحده شرج. قال: وفيه من الفقه أن أصلَ المياه -الأودية والسيول التي لا تُملَكُ منابعُها ولم تستنبط بحفر وعمل- الإباحةُ، وأن الناس شَرعٌ، سواء في الارتفاق بها، وأن من سَبَق إلى شيء منها، فأحرزه، كان أحقَّ بهِ من غيره. وفيه دليلٌ على أن أهلَ الشِّرب الأعلى مُقدَّمون على من هو أسفل لسبقه إليه، وأنه ليس للأعلى أن يحبسهُ عن الأسفل إذا أخذ حاجتَه منه. فأما إذا كان أصلُ منبع الماء ملكاً لقوم، وهم فيه شركاء، أو كانت أيديهم عليه معاً، فإن الأعلى والأسفل فيه سواء، فإن اصطلحوا على أن يكون نُوَباً بينهم، فهو على ما تراضوا به. وإن تشاحُّوا اقترعوا، فمن خرجت له القرعة، كان مبدوءاً به. =

3638 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا أبو أُسامة، عن الوليد -يعني ابن كثير- عن أبي مالكِ بن ثعلبةَ، عن أبيه ثعلبةَ بن أبي مالك أنه سَمعَ كُبراءهم يذكرون: أن رجلاً من قريشِ كان له سَهْمٌ في بني قريظة، فخاصَمَ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في مهزُورٍ السَّيلِ الذي يقتسمون ماءَه، فقَضَى بينهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن الماءَ إلى الكعبين لا يَحبِسُ الأعلى على الأسفل (¬1). ¬

_ = وقد اختلف الناسُ في تأويل هذا الحديث: فذهب بعضهم إلى أن القول الأول إنما كان من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - على وجه المشورة للزبير، وعلى سبيل المسألة في أن يطيب نفساً لجاره الأنصاري، دون أن يكون ذلك منه حكماً عليه، فلما خالفه الأنصاري، حكم عليه بالواجب من حكم الدين. وذهب بعضُهم إلى أنه قد كفر حين ظن برسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - المحاباة للزبير. إذ كان ابنَ عمته. وأن ذلك القول منه كان ارتداداً عن الدين، وإذا ارتد عن الإسلام زال ملكه عن ماله، وكان فيئا، فصرفه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى الزبير إذ كان له أن يضع الفيء حيث أراه الله تعالى. وفيه مستند لمن رأى جواز نسخ الشيء قبل العمل به. وقال المنذري في "مختصر السنن": الحرة: كل أرض ذات حجارة سود، وذلك لشدة حرّها ووهج الشمس فيها. والجدْر: بفتح الجيم وسكون الدال المهملة، أي: الجدار. وقوله: أن كان ابنَ عمتك. هو بفتح همزة أن المخففة، وهي للتعليل، كأنه قال: حكمت له بالتقديم لأجل أنه ابن عمتك، وكانت أم الزبير صفية بنت عبد المطلب. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال أبي مالك -وقيل: مالك، وهو الأشهر في اسمه- بن ثعلبة. وثعلبة مختلف في صحبته. وأخرجه ابن ماجه (2481) من طريق زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك، عن محمد بن عقبة بن أبي مالك، عن عمه ثعلبة بن أبي مالك. وزكريا بن منظور ضعيف. =

3639 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدة، حدَّثنا المُغيرةُ بن عبد الرحمن، حدَّثني أبي عبد الرحمن بن الحارثِ، عن عَمْرِو بن شُعيب، عن أبيه عن جدِّه: أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قضى في السَّيْل المهزورِ (¬1) أن يُمسكَ حتَّى يبلغ الكَعْبَين، ثم يُرسَلَ الأعلى على الأسْفَل (¬2). 3640 حدَّثنا محمودُ بن خالد، أن محمدَ بن عثمان حدثهم، حدَّثنا عبدُ العزيز بن محمد، عن أبي طُوالةَ وعمرو بن يحيى، عن أبيه ¬

_ = وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2200)، ومن طريق ابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 292 في ترجمة ثعلبة، عن يعقوب بن حميد بن كاسب، عن إسحاق بن إبراهيم، عن صفوان بن سُليم، عن ثعلبة بن أبي مالك، ويعقوب بن حميد ضعيف يعتبر به، وإسحاق بن إبراهيم -وهو ابن سعيد الصوّاف- لين الحديث. ويشهد له حديث عبد الله بن الزبير السالف قبله، والحديث الآتي بعده. ويشهد له كذلك حديث عائشة عند الحاكم 2/ 62 وصححه، وسكت عنه الذهبي، وهو كذلك. ومهزور: وادي بني قريظة. (¬1) كذا في (أ) و (ب) و (هـ)، وفي (ج): سيل المَهزُور وفي نسخة أشار إليها محمد زكريا الكاندهلوي: سَيل مَهزُور، وهو كذلك في رواية ابن ماجه عن أحمد بن عَبْدة، شيخ أبي داود في هذا الحديث أيضاً، ونقل في "المرقاة" 3/ 371 عن التوربشتي قوله: هذا اللفظ وجدناه مصروفاً عن وجهه، ففي بعض النسخ: في السيل المهزور، وهو الأكثر وفي بعضها في: سيل المهزور، بالاضافة، وكلاهما خطأ، وصوابه بغير ألف ولام فيهما بصيغة الأضافة إلى عَلَم. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في الشواهد من أجل عبد الرحمن بن الحارث -وهو ابن عبد الله بن عياش المخزومي- فهو حسن الحديث في المتابعات والشواهد. وأخرجه ابن ماجه (2482) عن أحمد بن عبدة، بهذا الإسناد. ويشهد له الحديثان السالفان قبله. وحديث عائشة عند الحاكم 2/ 62 وصححه وسكت عنه الذهبي، وهو كذلك.

عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: اختَصَمَ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - رجلانِ في حَريم نخلة، في حديثِ أحدهما -فأمرَ بها فذُرعت فوُجِدَتْ سبعةَ أذْرُع- وفي حديث الآخر: فوُجِدَتْ خمسةَ أذْرعُ -فقضى بذلك، قال عبد العزيز: فأمر بجَريدةٍ من جريدها فذُرِعَتْ (¬1). آخر كتاب الأقضية ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل عبد العزيز بن محمد -وهو الدراوردي- فهو صدوق لا بأس به. عمرو بن يحيى: هو ابن عمارة المازني، وأبو طوالة: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري، ومحمد بن عثمان: هو التَّنُوخي أبو الجُماهر. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (1898)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 6/ 155 من طريق عبد العزيز بن محمد الدَّراوردي، عن عمرو بن يحيى المازني -وقُرن به عند البيهقي في أحد طريقيه أبوطوالة- به. الحريم: هو كل موضع تلزم حمايته، وحريم البئر وغيرها: ما حولها من حقوقها ومرافقها، وحريم الدار: ما أضيف إليها، وكان من حقوقها. وقوله: فقضى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بذلك. قال في "عون المعبود" 10/ 50: أي بأن يكون حريم شجر النخلة على قدر قامتها، فإن كانت النخلة سبعة أذرع يكون حريمها، أي: ما حواليها سبعة أذرع، وإن كانت أكثر من سبعة أذرع يكون حريمها مثلها، وإن كانت أقل من سبعة أذرع يكون حريمها مثلها في القلة، فلا يجوز لأحد أن يستولي على شيءٍ من حريمها وإن قل، ولكن له عمارة أو غيرها بعد حريمها، وكذلك الحكم لكل شجر من الأشجار، فيكون حريمه بقدر قامته.

أول كتاب العلم

أول كتاب العلم 1 - باب الحثِّ على طلب العلم 3641 - حدَّثنا مُسدَّدُ بن مُسَرْهَدٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود، قال: سمعتُ عاصمَ بن رجاء بن حيرة يُحَدِّثُ، عن داودَ بن جميلِ، عن كثيرِ بن قيس، قال: كنت جالساً مع أبي الدرداء في مسجدِ دمشقَ، فجاءه رجلٌ، فقال: يا أبا الدَّرداء، إني جئتك من مدينةِ الرسولِ -صلَّى الله عليه وسلم- لحديثٍ بلغني أنَّك تُحدَّثه، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ما جئتُ لحاجةٍ. قال: فإني سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "مَنْ سلَكَ طريقاً يَطلُبُ فيه علماً سَلَكَ الله عزّ وجلّ به طريقاً من طُرُقِ الجنة، وإنَّ الملائكةَ لتَضَعُ أجنحتَها رضاً لطالبِ العلم، وإنَّ العالم ليستغفِرُ لهُ مَن في السَّماواتِ ومَن في الأرضِ والحيتانُ في جوف الماء، وإن فضلَ العالمِ على العابِدِ كفضل القَمَرِ ليلةَ البدرِ على سائر الكواكِبِ، وإنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياء، وإن الأنبياءَ لم يُورِّثُوا ديناراً ولا دِرْهماً، ورَّثُوا العِلْمَ، فمن أخَذَه أخَذَ بحظٍّ وافِرٍ" (¬1). ¬

_ (¬1) حسن بشواهده كما بيناه في "مسند أحمد" (21715)، وهذا إسناد ضعيف لضعف كثير بن قيس. وأخرجه ابن ماجه (223) من طريق عبد الله بن داود الخريبي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21716)، و "صحيح ابن حبان" (88). وأخرجه الترمذي (2877) من طريق محمد بن يزيد الواسطي، عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن قيس بن كثير [قلنا: كذا سماه]، به. وقال الترمذي: ليس إسناده عندي بمتصل، هكذا حدَّثنا محمد بن خداش هذا الحديث، انما يُروى هذا الحديث =

3642 - حدَّثنا محمدُ بنُ الوزير الدِّمشقيُّ، حدَّثنا الوليدُ، قال: لقت شبيبَ ابنَ شيبةَ، فحدَّثني به، عن عثمان بن أبي سَوْدَةَ ¬

_ = عن عاصم بن رجاء بن حيوة، عن داود بن جميل، عن كثير بن قيس، عن أبي الدرداء، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وهذا أصح من حديث محمود بن خداش، ورأى محمدُ بن إسماعيل هذا أصحَّ. وهو في "مسند أحمد" (21715). وأخرجه مختصراً ابن ماجه (239) من طريق عثمان بن عطاء بن أبي مسلم الخراساني، عن أبيه، عن أبي الدرداء. وإسناده منقطع. عطاء بن أبي مسلم لم يسمع من أبو الدرداء، وعثمان ابنُه ضعيف. وانظر تتمة شواهده في "مسند أحمد" (21715). وانظر ما بعده. قال الخطابي: قوله: "إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم" ويتأول على وجوه، أحدها: أن يكون وضعُها الأجنحة بمعنى التواضع والخشوع تعظيماً لحقه وتوقيراً لعلمه، كقوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الإسراء:24] وقيل: وضعُ الجَناح معناه الكف عن الطيران للنزول عنده، كقوله: "ما من قوم يذكرون الله إلا حفّت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة"، وقيل: معناه بسط الجناح وفرشها لطالب العلم لتحمله عليها فتبلغه حيث يؤُم ويقصِد من البقاع في طلبه، ومعناه: المعونة وتيسير السعي له في طلب العلم، والله أعلم. وقيل في قوله: "وتستغفر له الحيتان في جوف الماء": إن الله قد قيّض للحيتان وغيرها من أنواع الحيوان بالعلم على. ألسنة العلماء أنواعاً مِن المنافع والمصالح والإرفاق. فهم الذين بيَّنوا الحكم فيها فيما يحل ويحرم فيها، وأرشدوا إلى المصلحة في بابها، وأوصَوا بالإحسانِ إليها، ونفي الضرر عنها، فألهمها اللهُ الإستغفارَ للعلماء، مجازاة لهم على حسن صنيعهم بها وشفقتهم عليها. وقال القاضي: شبه العالم بالبدر، والعابد بالكواكب، لأن مال العبادة ونورها لا يتعدى من العابد، ونور العالم يتعدى إلى غيره فيستضيء بنوره المتلقى عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، كالقمر تلقى نوره من نور الشمس من خالقها عز وجل.

2 - باب رواية حديث أهل الكتاب

عن أبي الدَّرداء بمعناه- يعني عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 3643 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زائدةُ، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: ما من رجل يسلُك طريقاً يطلُبُ فيه علماً، إلا سهَّلَ الله عزّ وجلّ له به طريقاً إلى الجنة، ومن أبطاً به عَملُهُ لم يُسرعْ به نَسبُه" (¬2). 2 - باب رواية حديث أهل الكتاب 3644 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد بن ثابت المروزيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، أخبرني ابن أبي نَمْلَةَ الأنصاري عن أبيه: أنه بينما هو جالِس عندَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وعِنْدَه رَجُلٌ من اليهود مُرَّ بجنازةِ، فقال: يا محمَّدُ، هل تتكلم هذه الجنازةُ؟ فقال ¬

_ (¬1) حسن، فإن كان شيخُ الوليد -وهو ابن مسلم- فيه شبيب بن شيبة، فالحديث حسن بشواهده كما بيناه في الطريق السالف قبله، وإن كان شعيبَ بن رُزيق كما في رواية عمرو بن عثمان الحمصي عن الوليد بن مسلم - وقد أشار إليها المزي في "تهذيب الكمال" قائلاً: وهو أشبه بالصواب فالإسناد حسن، وعلى آية حالٍ فإن للحديث شواهد ذكرناها في "مسند أحمد" (21715) يُحسن بها إن شاء الله تعالى. (¬2) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وزائدة: هو ابن قُدامة. وأخرجه بأطول مما ها هنا مسلم (2699)، وابن ماجه (225)، والترمذي (2837) و (3174) من طريق الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد" (7427)، و"صحيح ابن حبان" (84). قال النووي في "شرح مسلم": "من بطأ به عملُه لم يُسرع به نسبه" معناه: من كان عمله ناقصاً، لم يُلحقه بمرتبةِ أصحاب الأعمال، فينبغي أن لا يتكل على شرف النسب وفضيلةِ الآباء ويُقَصِّرَ في العمل.

النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "الله أعلمُ" فقال اليهوديُّ: إنها تتكلَّمُ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما حَدَّثكم أهلُ الكتابِ فلا تُصَدِّقوهُم ولا تُكَذِّبوهُم، وقولوا: آمنَّا بالله ورُسُلِهِ، فإن كانَ باطلاً لم تُصدِّقوه، وإن كان حقاً لم تُكذِّبوه" (¬1). 3645 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا ابنُ أبي الزِّناد، عن أبيه، عن خارجةَ بن زَيدِ بن ثابتٍ، قال: ¬

_ (¬1) إسناده حسن. ابن أبي نملة -واسمه نملة- روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات" فهو حسن الحديث. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (10160) و (19214) و (20059). وأخرجه أحمد (17225)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 380، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2121)، والدولابي في "الكنى" 1/ 58، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5197) و (5198)، وابن حبان (6257) والطبراني في "الكبير" 22/ (874 - 879)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 10، وفي "شعب الإيمان" (5206)، والبغوي في "شرح السنة" (124)، وفي "التفسير" 5/ 196، وابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 315، والمزي في "تهذيب الكمال" 34/ 354 كلاهما في ترجمة أبي نملة، في طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وقوله: "ما حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم" هذا خاص بما هو مسكوت عنه في شريعتنا، لا هو مما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، ولا هو مما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه، فالمسكوت عنه لا نؤمن به ولا نكذبه وتجوز حكايته، فقد روى البخاري (3461) من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: " بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار". لكن ينبغي التنبه إلى أن إباحة التحدث عنهم فيما ليس عندنا دليل على صدقه ولا كذبه شيء، وذكر ذلك في تفسير القرآن وجعله قولاً أو رواية في معنى الآيات، أو في تعيين ما لم يعين فيها أو في تفصيل ما أجمل فيها شيء آخر، لأن في إثبات مثل ذلك بجوار كلام الله ما يوهم أن هذا الذي لا نعرف صدقه ولا كذبه مبين لمعنى قول الله سبحانه، ومفصل لما أجمل فيه، وحاشا لله ولكتابه من ذلك.

3 - باب في كتاب العلم

قال زيدُ بنُ ثابت: أمرني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فتعلمتُ له كتابَ يهودَ، وقال: "إني والله ما آمَنُ يهودَ على كتابي" فتعلمتُه، فلم يَمُرَّ بي إلا نصفُ شَهرٍ حتَّى حَذِقْتُه، فكُنتُ أكتبُ له إذا كَتَب، وأقرأُ له إذا كُتِبَ إليه (¬1). 3 - باب في كتاب العلمِ 3646 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وأبو بكر بن أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا يحيى، عن عُبيد الله ابن الأخْنَس، عن الوليدِ بن عَبد الله بن أبي مُغيثٍ، عن يوسف بن ماهَك عن عبدِ الله بن عمرو، قال: كنتُ أكتبُ كلَّ شيءٍ أسمعُه من رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أُريدُ حفْظَه، فنهتْني قريشٌ، وقالوا: أتكْتبُ كلَّ شيءٍ تَسمَعُه من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ورسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بَشَرٌ يتكلَّمُ في الغضَبِ ¬

_ (¬1) صحيح. وهذا إسناد حسن من أجل ابن أبي الزناد -واسمه عبد الرحمن-. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان. وأخرجه الترمذي (2912) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن صحيح. وعلقه البخاري (7195) بصيغة الجزم. وهو في "مسند أحمد" (21618). وأخرجه أحمد (21587)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2038)، وابن حبان (7136) من طريق الأعمش، عن ثابت بن عُبيد، عن زيد بن ثابت قال: قال لي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "تُحسن السُّريانية؟ إنها تأتيني كتب" قال: قلت: لا، قال: "فتعلَّمْها" فتعلمتها في سبعة يوماً. وهذا إسناد صحيح. وثابت بن عبيد نص البخاري على سماعه من مولاه زيد بن ثابت في "تاريخه "الكبير"، وأخرج في "الأدب المفرد" (286) ما يفيد أكثر من سماعه من زيد بن ثابت، خلافا لما ظنه الذهبي في "تاريخ الإسلام" من أن روايته عن مولاه منقطعة. وانظر تمام تخريجه من هذا الطريق الثاني في "المسند" و"صحيح ابن حبان".

والرِّضا، فأمسَكتُ عن الكتاب، فذكرتُ ذلك لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأومأ بإصبَعِه إلى فيه، فقال: "اكتُبْ، فوالذي نفسي بيدِه، ما يَخرُجُ منه إلا حقٌّ " (¬1). 3647 - حدَّثنا نصرُ بن عليٍّ، أخبرني أبو أحمدَ، حدَّثنا كثيرُ بنُ زيدٍ، عن المطَّلب بن عبد الله بن حَنْطَب، قال: دخل زيد بن ثابت على معاوية، فسأله عن حديثٍ، فأمر إنساناً يكتبُه، فقال له زيد: إن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أمرنا أن لا نكتُب شيئاً من حديثه، فمَحَاه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحح يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 49 - 50، وأحمد (6510)، والدارمي (484)، والحاكم 1/ 105 - 106، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" ص 89 - 90، والخطيب في "تقييد العلم" ص80، والمزي في "تهذيب الكمال" 31/ 38 - 39 من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (6930)، والحاكم 1/ 105، وابن عبد البر ص 89 من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وأخرجه الحاكم 1/ 105 من طريق عمرو بن شعيب، عن مجاهد، عن عبد الله ابن عمرو. (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه، المطلب بن عبد الله بن حنطب لم يسمع من زيد ابن ثابت. أبو أحمد: هو محمد بن عبد الله الزبيري. وأخرجه أحمد (21579)، والخطيب البغدادي في "تقييد العلم" ص 35، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" 1/ 63 من طريق كثير بن زيد، به. وأخرج الدارمي (474) من طريق عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين، عن زيد بن ثابت قصة امتناع زيد عن الكتابة لمروان بن الحكم، وهو أمير على المدينة، وليس فيها الحديث المرفوع. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ويشهد للنهي عن الكتابة حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم (3004) قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه". قال الخطابي: يشبه أن يكون النهي متقدماً وآخر الأمرين الأباحة. وقال النووي في "شرح مسلم": قال القاضي [يعني عياضاً]: كان بين السلف من الصحابة والتابعين اختلاف كثير في كتابة العلم فكرهها كثيرون منهم وأجازها أكثرهم، ثم أجمع المسلمون على جوازها وزال ذلك الخلاف، واختلفوا في المراد بهذا الحديث الوارد في النهي، فقيل: هو في حقٌ من يُوثق بحفظه ويخاف اتكاله على الكتابة إذا كتب، وتحمل الأحاديث الواردة بالإباحة على من لا يوثق بحفظه، كحديث: "اكتبوا لأبي شاه" وحديث صحيفة علي رضي الله عنه، وحديث كتاب عمرو بن حزم الذي فيه الفرائض والسنن والديات، وحديث كتاب الصدقة ونُصُب الزكاة الذي بعث به أبو بكر رضي الله عنه أنساً رضي الله عنه حين وجهه إلى البحرين، وحديث أبي هريرة أن ابن عمرو بن العاص كان يكتب ولا أكتب، وغير ذلك من الأحاديث. وقيل: إن حديث النهي منسوخ بهذه الأحاديث، وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن، فلما أُمن ذلك أَذِن في الكتابة. وقيل: إنما نهى عن كتابة الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة، لئلا يختلط فيشتبه على القارئ، والله أعلم. وقال الإِمام ابن القيم في "تهذيب السنن" 5/ 245: قد صحَّ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - النهي عن الكتابة والإذن فيها، والإذن متأخر، فيكون ناسخاً لحديث النهي، فإن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال في غزاة الفتح: "اكتبوا لأبي شاه" يعني خطبته التي سأل أبو شاه كتابتها، وأذن لعبد الله ابن عمرو في الكتابة، وحديثه متأخر عن النهي، لأنه لم يزل يكتب، ومات وعنده كتابته وهي الصحيفة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يُسميها الصادقة ولو كان النص عن الكتابة متاخراً، لمحاها عبد الله، لأمر النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ما كُتِبَ عنه غير القرآن، فلما لم يمحُها وأثبتها دل على أن الإذن في الكتابة متأخر عن النهي عنها، وهذا واضح والحمد لله. وكتب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لعمرو بن حزم كتاباً عظيماً، فيه الديات وفرائض الزكاة وغيرها، وكتبه في الصدقات معروفة مثل كتاب عمر بن الخطاب وكتاب أبي بكر الصديق الذي دفعه إلى أنس رضي الله عنهم. =

3648 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا أبو شهاب، عن الحذَّاء، عن أبي المُتوكل الناجِىِّ عن أبي سعيد الخدري، قال: ما كنا نكتُبُ غيرَ التشهدِ والقُرآن (¬1). 3649 - حدَّثنا مُؤمَّلٌ، قال: حدَّثنا الوليدُ وحدَّثنا العباسُ بنُ الوليد بن مَزْيَد، قال: أخبرني أبي، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، قال: حدَّثنا أبو سلمة -يعني ابن عبد الرحمن- قال: ¬

_ = وقيل لعلي: هل خصكم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بشيء، فقال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا ما في هذه الصحيفة، وكان فيها العُقول وفِكاك الأسير، وأن لا يُقتل مسلم بكافر. وإنما نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن كتابة غير القرآن في أول الإسلام لئلا يختلط القرآن بغيره، فلما عُلِمَ القرآنُ وتميَّزَ، وأُفرِد بالضبط والحفظ، وأُمِنت عليه مفسدة الاختلاط، أُذِن في الكتابة. وقد قال بعضهم: إنما كان النهي عن كتابة مخصوصة، وهي أن يجمع بين كتابة الحديث والقرآن في صحيفة واحدة خشية الالتباس، وكان بعض السلف يكره الكتابة مطلقاً. وكان بعضهم يرخص فيها حتى يحفظ، فإذا حفظ محاها. وقد وقع الاتفاق على جواز الكتابة وإبقائها، ولولا الكتابة ما كان بأيدينا اليوم من السنة إلا أقلَّ القليل. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 1/ 204: وقد استقر الأمر، والإجماع انعقد على جواز كتابة العلم، بل على استحبابه، بل لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبليغ العلم. (¬1) إسناده صحيح. أبو المتوكل الناجي: هو علي بن داود، والحذاء: هو خالد ابن مهران، وأبو شهاب: هو عبد ربه بن نافع الكناني الحنَّاط. وأخرجه الخطيب في "تقييد العلم" ص93، وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام" (590) من طريقين عن خالد الحذاء، به. وانظر معنى هذا الحديث عند الحديث السالف قبله. تنبيه: هذا الأثر أثبتناه من "تحفة الأشراف" (4258)، وأشار الحافظ المزي هناك إلى أنه في رواية أبي الحسن ابن العبد، ولم يذكره أبو القاسم.

4 - باب التشديد في الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

حدَّثني أبو هريرة قال: لما فُتِحَت مكَّةُ قام النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فذكرَ الخطبةَ خطبةَ النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: فقامَ رَجُلٌ مِن أهلِ اليمنِ يقال له: أبو شاهٍ، فقال: يا رسولَ الله، اكتُبُوا لي، فقال: "اكتبوا لأبي شَاهٍ" (¬1). 3650 حدَّثنا علي بنُ سَهْلٍ الرملىُّ، قال: حدَّثنا الوليدُ، قال: قلت لأبي عمرو: ما يَكتبوه؟ قال: الخطبةَ التي سَمِعَها يومئذٍ منه (¬2). 4 - باب التَّشديد في الكذب على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - 3651 - حدَّثنا عمرُو بنُ عونٍ، قال: أخبرنا، وحدَّثنا مُسدَّدٌ، قال: حدَّثنا خالدٌ -المعنى- عن بيانِ بن بِشْر -قال مُسدَّدٌ: أبو بشر- عن وَبَرَةَ بنِ عبد الرحمن، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الوليد: هو ابن مسلم الدمشقي، ومؤمل: هو ابن الفضل الحرَّاني، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5824) عن العباس بن الوليد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (112) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين حدَّثنا شيبان، عن يحيى بن أبي كثير بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (2017)، وما سيأتي برقم (4505). وفي الباب عن أنس عند البخاري (108). وعن أبي هريرة عنده أيضاً (110)، وهو حديث متواتر. تنبيه: هذا الحديثِ مع كلام أبي عمرو الاوزاعي الآتي بعده أثبتاهما من "تحفة الأشراف"، ومن هامش (هـ)، وأشار في "تحفة الأشراف" (15383) إلى أنهما في رواية أبي الحسن ابن العبد وغيره، ولم يذكرهما أبو القاسم. (¬2) رجاله ثقات. وأبو عمرو: هو الأوزاعي، والوليد: هو ابن مسلم. وهو في رواية أبي الحسن ابن العبد، ولم يذكره أبو القاسم اللؤلؤي قاله المزي في الأطراف.

5 - باب الكلام في كتاب الله بغير علم

قال: قلت للزُّبير: ما يمنعُك أن تُحدِّثَ عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كما يُحدِّثُ عنه أصحابُه؟ قال: أما واللهِ لقدْ كان لي مِنْهُ وَجْهٌ ومَنزِلَةٌ، ولكني سمعتُه يقول: مَن كذَبَ عليَّ مُتعمِّداً فليتَبَؤَأ مَقعَدَه من النار" (¬1). 5 - باب الكلام في كتاب الله بغير علم 3652 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد بن يحيى أبو محمد، حدَّثنا يعقوبُ بنُ إسحاق المقرئ -وهو الحَضْرميُّ- حدَّثنا سهيلُ بن مِهرانَ أخو حزم القُطَعِىِّ حدَّثنا أبو عِمرانَ عن جُندبٍ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ قال في كتاب الله عزَّ وجلَّ برأيه، فأصابَ فقد أخطأ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان. وأخرجه البخاري (107)، وابن ماجه (36)، والنسائي في "الكبرى، (5881) من طريق جامع بن شداد، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، به. قال المناوي في "فيض القدير" 6/ 214 وهذا وعيد شديد يفيد أن ذلك من أكبر الكبائر سيما في الدين وعليه الإجماع، ولا التفات إلى ما شذَّ به الكرامية من حِلِّ وضع الحديث في الترغيب والترهيب، واقتدى بهم بعض جهلة المتصوفة فأباحوه في ذلك ترغيبا في الخير بزعمهم الباطل، وهذه غباوة ظاهرة وجهالة متناهية. قال ابن جماعة وغيره: وهؤلاء أعظم الأصناف ضرراً وأكثر خطراً، إذ لسان حالهم يقول: الشريعة محتاجة لكذا فنكملها. (¬2) إسناده ضعيف لضعف سهيل بن مهران -وهو سهيل بن أبي حزم- أبو عمران الجوني: هو عبد الملك بن حبيب. وأخرجه الترمذي (3183)، والنسائي في "الكبرى، (8032) من طريق سهيل بن أبي حزم مهران، به. وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد تكلم بعض أهل الحديث في سهيل بن أبي حزم. وهو في "شرح السنة" للبغوي (120). وانظر ما بعده.

6 - باب تكرير الحديث

6 - باب تكرير الحديث 3652/ 1 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عوانة، عن عبد الأعلى، عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ قال في القرآن من غير علم، فليتبوأ مقعده من النار" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الأعلى -وهو ابن عامر الثعلبي- أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليَشْكُري. وأخرجه أحمد (2069)، والترمذي (3181) و (3182)، والنسائي في "الكبرى"، (8530) و (8031)، بلفظ: "من قال في القرآن بغير علم -وفي رواية: برأيه- فليتبوأ مقعده من النار" وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وصححه كذلك ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والايهام" 5/ 253. قلنا: كذا قال الترمذي وابن القطان مع أن في إسناده عبد الأعلى بن عامر الثعلبي، وهو ضعيف كما سبق، فقد ضعفه يحيى القطان وابن مهدي وأحمد وأبو زرعة وأبو حاتم. ثم إن ابن القطان نفسه قد ضعَّف حديثاً لابن عباس. سلف عند المصنف برقم (3208) بعبد الأعلى الثعلبي، فلا ندري ما وجه تصحيحه هذا الحديث هنا؟!! وانظر ما قبله. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من "تحفة الأشراف" (5543)، وأشار الحافظ المزي هناك إلى أنه في رواية أبي الحسن ابن العبد، ولم يذكره أبو القاسم. قال الطبري: ما كان من تأويل آي القرآن الذي لا يُدرك علمُه إلا بنص بيان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أو بنصبه الدلالةَ عليه، فغيرُ جائز لأحد القْيلُ فيه برأيه، بل القائل في ذلك برأيه وإن أصابَ الحقَّ فيه، فمخطئ فيما كان من فعله بقيله فيه برأيه، لأن إصابته ليست إصابة موقن أنه محق، وإنما هو إصابة خارصٍ وظانٍّ، والقائل في دين الله بالظن قائل على الله ما لا يعلم، وقد حرَّم الله جل ثناؤه ذلك في كتابه على عباده، فقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33]

7 - باب في سرد الحديث

3653 - حدَّثنا عمرُو بنُ مرزوق، أخبرنا شعبةُ، عن أبي عَقِيلٍ هاشم بن بلال، عن سابقِ بن ناجية، عن أبي سلاَّم عن رجلٍ خَدَم النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، كان إذا حدَّث حديثاً أعاده ثلاثَ مرَّات (¬1). 7 - باب في سرد الحديث 3654 - حدَّثنا محمدُ بنُ منصور الطُّوسيُّ، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينةَ، عن الزهريِّ، عن عُروة، قال: جلس أبو هريرة إلى جَنبِ حُجرةِ عائشة وهي تُصلي، فجعلَ يقول: اسمعي يا ربةَ الحُجرة، مرتين، قال: فلما قضت صلاتَها قالت: ألا تعجبُ إلى هذا وحديثه، إن كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ليُحدِّث الحديثَ لو شاء العادُّ أن يُخْصِيَه أحصاه (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سابق بن ناجية، فلم يرو عنه غير أبي عَقيل هاشم بن بلال، ولم يوثقه غيرُ ابن حبان. وأخرجه البخاري في "تاريخه" 4/ 201 عن عمرو بن مرزوق، بهذا الإسناد. ويشهد له حديث أنس بن مالك عند البخاري (94) و (95)، والترمذي (2921) أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا سلَّم سلَّم ثلاثاً، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً. وعلل ذلك في رواية البخاري الثانية بقوله: حتى تُفهم عنه. قال الحافظ في "الفتح" 1/ 189: قال ابن المُنيِّر: نبه البخاري بهذه الترجمة على الرد على من كرِه إعادة الحديث وأنكر على الطالب الاستعادة، وعده من البلادة، قال: والحق أن هذا يختلِفُ باختلاف القرائح، فلا عيب على المستفيد الذي لا يحفظ من مرة إذا استعاد، ولا عُذر للمفيد إذا لم يُعد، بل الإعادة عليه آكدُ من الابتداء، لأن الشروع ملزم. وقال ابنُ التين: فيه أن الثلاث غاية ما يقع به الاعتذار والبيان. (¬2) إسناده صحيح. =

3655 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهريُّ، أخبرنا ابنُ وهَبٍ، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهابٍ، أن عُروةَ بن الزبير حدَّثه أن عائشة زوجَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قالت: ألا يُعجِبُك أبو هريرة؟ جاء فجلس إلى جانب حُجْرتي يُحدث عَنْ رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يُسمِعُني ذلك، وكُنتُ أُسَبِّح، فقام قبل أن أقضيَ سُبْحتي، ولو أدركْتُه لردَدْتُ عليه، إن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- لم يكنْ يسرُدُ الحديثَ سردَكُم (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (3567) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مسلم بإثر (3003) من طريق سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، به. وهو في "مسند أحمد" (24865)، و "صحيح ابن حبان" (100) و (7153). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (2493) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وعلقه البخاري بصينة الجزم (3568) عن الليث بن سعد، عن يونس، به. وأخرجه الترمذي (3968)، والنسائي في "الكبرى" (10174) من طريق أسامة ابن زيد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: ما كان رسول الله يسرد سردكم هذا، ولكنه كان يتكلم بكلام يبينُه فصْلٍ، يحفظه من جلس إليه. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وانظر ما قبله. وقولها: ألا يعجبك، ضبطه الحافظ بضم أوله، وإسكان ثانيه من الإعجاب، وبفتح ثانيه والتشديد من التعجيب. وقول عائشة: أسبح: أرادت أنها كانت تتنفل. وقولها: لو أدركته لرددت عليه، أي: لأنكرت عليه، وبينت له أن الترتيل في التحديث أولى من السرد، فإنه -صلَّى الله عليه وسلم- لم يكن يتابع الحديث استعجالاً بعضه إثر بعض، لئلا يلتبس على المستمع.

8 - باب التوقي في الفتيا

8 - باب التَّوقِّي في الفتيا 3656 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرَّازيُّ، حدَّثنا عيسى، عن الأوزاعيِّ، عن عبدِ الله بن سعْدٍ، عن الصُّنابحي عن معاوية: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن الغَلُوطات (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن سعْد -وهو ابن فروة البجلي مولاهم- وقال الساجي: ضعفه أهل الشام. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، وعيسى: هو ابن يونس السبيعي. وأخرجه سعيد بن منصور (1179)، وأحمد (23688)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 305، والآجري في "أخلاق العلماء" ص 116 - 117، والطبراني في "الكبير" 19/ (892)، والخطابي في "غريب الحديث " 1/ 354، وتمام في "فوائده" (114 - 116)، والبيهقي في "المدخل" (305)، والخطيب في "الفقيه والمتفقه " 2/ 11، وابن عبد البر في "الاستذكار" 27/ 365 - 366، وفي "جامع بيان العلم وفضله" 2/ 139، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 29/ 46، والمزي في ترجمة عبد الله بن سعد من "تهذيب الكمال " 15/ 21 من طريق عيسى بن يونس، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" (23687) و (23688). قال الخطابي في "غريب الحديث" 1/ 254: في حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه نهى عن الغلوطات: ويُروى الأغلوطات، قال الأوزاعي: هي صعابُ المسائل، ثم فسر الغُلوطات بأنها جمع غَلوطة، وهي المسألة التي يعيا بها المسؤولُ، فيغلط فيها، كره -صلَّى الله عليه وسلم- أن يعترض بها العلماء، فيُغالَطوا ليُستَزَلُّوا ويُستَنقَطَ رأيُهم فيها. يقال: مسألة غلوط إذا كان يُغلَطُ فيها، كما يقال: شاة حَلُوب وفرس رَكوب، إذا كانت تُركبَ وتُحلَب، فإذا جعلتها اسماً زدت فيها الهاء، فقلت: غَلوطة، كما يقال: حَلُوبة ورَكُوبة، وتُجمع على الغَلُوطات. والأغلُوطة أُفعولَة من الغلط، كالأحدوثة والأُحموقة ونحوهما. قلنا: وهذا منهيٌّ عنه إذا كان لتبكيت المسؤول أو تذليله، أما إذا كان لتدريب الطلاب وتمرينهم فلا ضير في ذلك، فقد أدرج البخاري حديث ابن عمر: "إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، حدثوني ما هي" تحت باب: طرح الإِمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم، والنهي الوارد في حديث أبي داود هذا محمول على ما لا نفع فيه أو خرج على سبيل التعنت.

9 - باب كراهية منع العلم

3657 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا أبو عبد الرحمن المُقرئ، حدَّثنا سعيد -يعني ابن أبي أيوبَ- عن بكر بن عمرٍو، عن مسلمِ بن يسارٍ أبي عثمان، عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من أُفتِيَ". وحدَّثنا سليمانُ بنُ داود، أخبرنا ابنُ وهب، حدَّثني يحيى بن أيوبَ، عن بكرِ بن عَمرو، عن عَمرو بن أبي نُعيمةَ، عن أبي عثمانَ الطُّنْبُذِيّ رضيعِ عبدِ الملك بن مروان قال: سمعت أبا هريرة يقولُ: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَن أُفتيَ بغيرِ عِلمٍ كان إثمُهُ على مَن أفتاهُ -زاد سليمانُ المَهريُّ في حديثه:- ومَن أشارَ على أخيه بأمرٍ يَعلمُ أنَّ الرُشْدَ في غَيرِهِ فَقَد خَانَه" وهذا لفظ سليمان (¬1). 9 - باب كراهية منع العلم 3658 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا عليُّ بنُ الحَكَمِ، عن عطاء ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه اختُلف فيه كما ترى فمرة ذُكر فيه عمرو بن أبي نُعيمة، ومرة لم يذكر، وعمرو بن أبي نعيمة -وقيل: نعمة- مجهول، لكنه متابع. فقد أخرجه ابن ماجه (53) من طريق أبي هانىء حميد بن هانىء الخولاني، عن أبي عثمان مسلم بن يسار، عن أبي هريرة. وهذا إسناد حسن من أجل مسلم بن يسار فهو صدوق حسن الحديث. وهو في "مسند أحمد" (8266) وانظر تمام تخريجه والكلام على إسناده عنده. قال علي القاري في ضبط "أفتي": على صيغة المجهول، وقيل: من المعلوم: يعني كل جاهل سأل عالماً عن مسأله، فأفتاه العالم بجواب باطل، فعمل السائل بها ولم يعلم بطلانها، فإثمه على المفتي إن قصر في اجتهاده.

10 - باب فضل نشر العلم

عئ أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَن سُئِلَ عَنْ عِلْمِ، فكَتَمَهُ ألْجَمَهُ الله بلِجامٍ من نارٍ يومَ القيامة" (¬1). 10 - باب فضل نشر العلم 3659 - حدَّثنا زهيرُ بنُ حَرْبٍ وعثمانُ بنُ أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا جَريرٌ، عن الأعمش، عن عَبدِ الله بن عبد الله، عن سعيد بنِ جُبير عن ابنِ عباس، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "تَسمَعُونَ، ويُسمَعُ منكم، ويُسمَعُ ممن يَسمَعُ مِنكُم" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وعلي بن الحكم: هو البُناني البصري، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابن ماجه (261)، والترمذي (2840) من طريق علي بن الحكم، به. وأخرجه ابن ماجه (266) من طريق إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي، عن عبد الله ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. وإسماعيل الكرابيسي حسن الحديث. وهو في "مسند أحمد" (7571)، و "صحيح ابن حبان"، (95). قال الخطابي: المعنى أن المُلجِمَ نفسَه عن قولِ الحق والأخبارِ عن العلم والأظهار له يُعاقب في الآخرةِ بلجامٍ من نار. قال: وهذا في العلم الذي يلزمه تعليمُه إياه، ويتعيَّنُ عليه فرضُه، كمن رأى كافراً يُريد الإسلامَ، يقول: علموني، ما الإسلامُ؟ وما الدينُ؟ وكمن يرى رجلاً حديث العهد بالإسلام لا يُحسن الصلاة -وقد حضر وقتها- يقول: علموني كيف أصلي، وكمن جاء مستغيثاً في حلال أو حرام يقول: أفتوني وأرشِدُوني، فإنه يلزمُ في مثلِ هذه الأمرر ألا يمنعوا الجوابَ عما سُئِلُوا عنه مِن العلم، فمن فعل ذلك، كان آثماً مستحقاً للوعيدِ والعقوبةِ، وليس كذلك الأمر في نوافلِ العلم التي لا ضرورةَ بالناسِ إلى معرفتها. وسئل الفضيل بن عياض عن قوله: "طلبُ العلم فريضةٌ على كل مسلم"؟ فقال: كُلُّ عملٍ كان عليك فرضاً، فطلبُ علمه عليك فرض، وما لم يكن العمل بهِ عليك فرضاً، فليس طلبُ علمه عليك فرض. (¬2) إسناده صحيح. عَبد الله بن عَبد الله: هو أبو جعفر الرازي قاضي الري. =

3660 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شُعبةَ، حدَّثني عُمَرُ بنُ سليمانَ من ولد عمرَ بنِ الخطّابِ، عن عبدِ الرحمن بن أبان، عن أبيه عن زيد بن ثابت، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "نَضَّرَ الله امرَأً سَمِعَ منَّا حديثاً فحفِظَه حتىِ يُبَلَّغَهُ، فَرُبَّ حامِلِ فقهٍ إلى مَن هو أفقَهُ منه، ورُبَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيهٍ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه أحمد بن حنبل في "مسنده" (2945)، والحارث بن أبي أسامة (52 - زوائده) وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/ 8 و 8 - 9 و 9، وابن حبان (62)، والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (92)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 95، وفي "معرفة علوم الحديث" ص 27، والبيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 250، وفي "دلائل النبوة" 6/ 539، وفي "شعب الإيمان" (1740)، والخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث" (70)، وابن عبد البر في "جامع ببان العلم وفضله" 1/ 43، والقاضي عياض في "الإلماع" ص10، وابن خير الاشبيلي في "فهرسته" ص 10، وأبو طاهر السِّلَفي في "مشيخة ابن الحطاب" (5)، والضياء المقدسي في "المختارة" 10/ (195 - 198)، والذهبي في "معجم شيوخه" 1/ 170 - 171 من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم والضياء، وحسنه الذهبي في "معجم شيوخه"، وكذلك العلائي في "جامع التحصيل" ص 51 في كلامه على الأدلة على رد المرسل، ونقل عن إسحاق بن راهويه أنه قال ما يقتضي تصحيحه لهذا الخبر. وقوله: "تسمعون ويسمع منكم": هو خبر يعني الأمر، أي: لتسمعوا مني الحديث، وتبلِّغوه عني، وليسمعه من بعدي منكم، وهكذا أداءً للأمانة وإبلاغاً للرسالة. وقد أدرجه ابن حبان في "صحيحه" تحت باب: ذكر الإخبار عن سماع المسلمين السنن خَلَفٍ عن سلفٍ. وأورده الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث" تحت عنوان: بشارة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أصحابه بكون طلبة الحديث بعده واتصال الإسناد بينهم وبينه. وذكره ابن أبي حاتم تحت باب وصف النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أن سننه ستنقل وتقبل. (¬1) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، ومسدَّد: هو ابن مُسرهَد. =

3661 - حدَّثنا سعيدُ بنُ منصورٍ، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ أبي حازمٍ، عن أبيه عن سهلٍ -يعني ابن سعْد- عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "واللهِ لأن يُهدَى بهُداكَ رجلٌ واحدٌ خَير لَكَ مِن حُمْرِ النَّعَمِ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (2847) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد، وقال: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (21590)، و"صحيح ابن حبان" (67) و (680). وأخرجه ابن ماجه (230) من طريق عبّاد بن شيبان الأنصاري، عن زيد بن ثابت. قال الخطابيُّ: قوله: "نضر الله" معناه: الدعاء له بالنضارة وهي: النعمة والبهجة، يقال: بتخفيف الضاد وتثقيلها، وأجودُها التخفيف. وفي قوله: "رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه" دليل على كراهة اختصار الحديث لمن ليس بالمتناهي في الفقه، لأنه إذا فعل ذلك، فقد قَطَعَ طريقَ الاستنباط والاستدلال لمعاني الكلام من طريق التفهم، وفي ضمنه وجوبُ التفقه والحث على استنباط معاني الحديث واستخراج المكنون من سِرِّه. وهذا دعاء من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لمستمع العلم وحافظه ومبلغه. (¬1) إسناده صحيح. أبو حازم: هو سلمة بن دينار. وهو في "سنن سعيد بن منصور" (2472) و (2473). وأخرجه البخاري (2942)، ومسلم (2406)، والنسائي في "الكبرى" (8093) و (8348) و (8533) من طريق أبي حازم سلمة بن دينار، به. وهو في "مسند أحمد" (22821)، و"صحيح ابن حبان" (6932). وقوله: خير لك من حمر النعم. النعم بفتحتين واحد الأنعام، وهي الأموال الراعية، وأكثر ما يقع على الإبل، ومعنى حمر النعم، أي: أقواها وأجلدها، والإبل الحمر هي أنفس أموال العرب كانوا يتفاخرون بها. وفي قوله: فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً. يؤخذ منه أن تالُّفَ الكافر حتى يسلم أولى من المبادرة إلى قتله. قال في "بذل المجهود": لو دللت أحداً على الإسلام أو العلم، فحصل له الإسلام أو العلم بهدايتك له، فما حصل لك به من الأجر والثواب خير لك من حُمْرِ النعم.

11 - باب الحديث عن بني إسرائيل

11 - باب الحديث عن بني إسرائيل 3662 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا علي بنُ مُسهرٍ، عن محمد بنِ عمرٍو، عن أبي سَلَمة عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "حَدِّثُوا عن بني إسرائيلَ ولا حَرَج" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 9/ 62. وأخرجه الشافعي في "مسنده" 1/ 17، والحميدي (1165)، وأحمد (10130)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (135)، وابن حبان (6254) من طرق عن محمد ابن عمرو، به. وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند البخاري (3461)، وأحمد (6486)، والترمذي (2860) و (2861). وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد (11424)، والنسائي في "الكبرى" (5817)، وأبي يعلى (1209). قال الخطابي: ليس معناه إباحةَ الكذبِ في أخبار بني إسرائيل، ورفع الحرج عمن نقل عنهم الكذب، ولكن معناه الرخصة في الحديث عنهم على معنى البلاغ وإن لم يتحقق صحة ذلك بنقل الإسناد، وذلك لأنه أمر قد تعذَّر في أخبارهم لبعد المسافة وطول المدة، ووقوع الفترة بين زماني النبوة. وفيه دليل على أن الحديث لا يجوز عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إلا بنقل الإسناد والتثبت فيه. وقد روى الدراوردي هذا الحديث عن محمد بن عمرو بزيادة لفظة دل بها على صحة هذا المعنى، ليست في رواية علي بن مُسهر التي رواها أبو داود عن أبي هريرة. ومعلوم أن الكذب على بني إسرائيل لا يجوز بحال، فإنما أراد بقوله: "وحدثوا عني ولا تكذبوا علي" أي: تحرَّزوا من الكذب عليٍّ، بأن لا تحدثوا عني إلا بما يصح عندكم من جهة الإسناد الذي به يقع التحرز عن الكذب عليٍّ. وقد سلف أن قلنا في التعليق على الحديث (3644): إن هذا خاص بما هو مسكوت عنه في شريعتنا لا هو مما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، ولا هو مما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه فانظره.

12 - باب في طلب العلم لغير الله عز وجل

3663 - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، حدَّثنا معاذٌ، حدَّثني أبي، عن قتادةَ، عن أبي حسان عن عبد الله بن عمرو، قال: كان نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يُحدِّثنا عن بني إسرائيلَ حتى يُصبحَ، ما يقومُ إلا إلى عُظمِ صلاة (¬1). 12 - باب في طلب العلم لغير الله عز وجل 3664 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شَيبةَ، حدَّثنا سُرَيجُ بن النُّعمان، حدَّثنا فُلَيحٌ، عن أبي طُوالةَ عبد الله بن عبدِ الرحمن بن مَعمرٍ الأنصاريِّ، عن سعيد ابن يَسارٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو حسان: هو مسلم بن عَبد الله الأعرج، ومعاذ: هو ابن هشام بن أبي عبد الله الدَّسْتُوائي. وأخرجه أحمد (19922)، وابن خزيمة (1342)، وابن حبان (6255) من طريقين عن قتادة، به. وأخرجه أحمد (19921)، والبزار في "مسنده" (3596)، وابن خزيمة (1342)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار، (137)، والطبراني في "الكبير" 18/ (510)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 2221، والحاكم 2/ 379 من طريق أبي هلال الراسبي، عن قتادة، عن أبي حسان، عن عمران بن حصين. فجعله من مسند عمران بن حصين. وأبو هلال الراسبي لين الحديث. قوله: عُظْم صلاة، قال ابن الأثير: عُظْمُ الشيء: أكبُره، كأنه أراد لا يقوم إلا إلى الفريضة. وجاء في "بذل المجهود" 15/ 348 - 349 ما نصه: كتب مولانا محمد يحيى المرحوم من تقرير شيخه رضي الله عنه قوله: يحدثنا عن بني إسرائيل: إن كان جلوسه قبل التهجد، فالمراد بعُظْم الصلاة: التهجد، وإن كان بعده فهي صلاة الفجر، ولم يثبت أنه -صلَّى الله عليه وسلم- ذكرهم ليلة كاملة حتى يحمل الجلوس على كونه من أول الليل، والمقصود بإيراد الرواية غلوه فيه، وإطالة حديثهم إذا تضمنت مواعظ ومسائل.

13 - باب في القصص

عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَن تعلَّم علماً مما يُبتَغَى به وجهُ الله عزَّ وجلَّ لا يتعلَّمُه إلا ليُصيبَ به عَرَضاً من الدُّنيا لم يَجِدْ عَرْفَ الجنةِ يومَ القيامة" يعني ريحَها (¬1). 13 - باب في القَصَص 3665 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا أبو مُسهِرٍ، حدَّثني عبّادُ بن عبَّاد الخَوَّاصُ، عن يحيى بن أبي عَمرو السَّيباني، عن عمرو بن عبد الله الشَّيباني عن عَوف بن مالك الأشجعي، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "لا يَقُصُّ إلا أميرٌ أو مأمورٌ أو مختالٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح لغيره، فليح -وهو ابن سليمان- وإن تُكلِّم فيه، يعتبر به في المتابعات والشواهد، وباقي رجاله ثقات. وقد سكت عبد الحق الإشبيلي عن هذا الحديث مصححاً له. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 8/ 731، وعنه ابن ماجه (252). وهو في "مسند أحمد" (8457)، و "صحيح ابن حبان" (78). ويشهد له حديث عبد الله بن عُمر عند الترمذي (2846)، وابن ماجه (258)، والنسائي في "الكبرى" (5879)، ولفظه: "من تعلم علماً لِغير الله، أو أراد به غيرَ الله، فليتبوأ مقعده من النار، وحسنه الترمذي، وصححه ابن القطان في "الوهم والايهام" 5/ 217 مع أن راويه عن ابن عمر خالدُ بن دُرَيك، ولم يدركه. وحديث جابر عند ابن حبان (77): "لا تعلَّموا العِلْمَ لِتباهوا به العلماءَ، ولا تُماروا به السُّفهاء، ولا تَخَّيرُوا به المجالسَ، فَمَن فَعَلَ ذلك، فالنار النار". (¬2) حديث صحيِح. وهذا إسناد خالف فيه إبراهيمُ بن أبي عبلة، وهو ثقة من رجال الشيخين عبادَ بن عباد الخَوّاص، وهو أقل رُتبة من إبراهيم، فأسقط من إسناده عمرو بن عَبد الله السَّيباني، وبذلك يترجح في هذا الإسناد أنه منقطع، لأن يحيى بن أبي عمرو السيباني لم يسمع من الصحابة. لكن روي الحديث من وجوه أخرى حسنة يرتقي بها إلى درجة الصحيح، والله تعالى أعلم. أبو مُسْهِر: هو عبد الأعلى بن مُسْهِر. =

3666 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا جعفرُ بنُ سليمانَ، عن المُعلَّى بن زياد، عن العلاء بن بَشير المُزنيِّ، عن أبي الصِّدِّيق الناجيّ عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: جلستُ في عصابة من ضعفاءِ المُهاجرين، وإن بَعضَهم ليستَتِرُ ببعضٍ من العُرْيِ، وقارئٌ يقرأ علينا، إذ جاء رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقام علينا، فلما قام رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سكَت القارئُ، فسلم، ثم قال: "ما كُنتُم تصنعون؟ " قلنا: يا رسولَ الله، ¬

_ = وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 305، والطبراني في "الكبير" 18/ (121). وفي "الشاميين" (61) و (855) من طريق إبراهيم بن أبي عبلة، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن عوف بن مالك. وأخرجه عبد الله بن وهب في "جامعه" (565)، وأحمد (23974)، والبخاري في "تاريخه"الكبير"، تعليقاً 3/ 266، والطبراني "الكبير" 18/ (114)، من طريق أزهر بن سعيد، عن ذي الكلاع، عن عوف بن مالك. وهذا إسناد حسن. وأخرجه أحمد (24005)، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 8، والبزار في "مسنده" (2762)، والطبراني في "الكبير" 18/ (100) من طريق صالح بن أبي عَريب، عن كثير بن مرة، عن عوف بن مالك. وهذا إسناد حسن أيضاً. وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 8/ 329، والطبراني في "الكبير" 18/ (112)، وفي "الشاميين" (1194) من طريق يزيد بن خمير، عن عوف بن مالك. وإسناده جيد. وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" (23972). القص: التحدث بالقصص، ويستعمل في الوعظ. قال الطيبي: قوله: "لا يقص" ليس بنهي، بل هو نفي، وإخبارٌ أن هذا الفعل ليس بصادر إلا مِن هؤلاء: للأمير وهو الإِمام، والمأمور: وهو المأذون له في ذلك من الإمام، والمختال: المفتخر المتكبر الطالب للرياسة، وفي رواية: أو مرائي، قال المناوي: سماه مرائيا، لأنه طالب للرياسة متكلف ما لم يكلفه الشارع حيث لم يؤمر بذلك، لأن الإمام نصب للمصالح، فمن رآه لائقاً نصبه للقص، أو غير لائق، فلا.

كان قارئ لنا يقرأ علينا، فكنا نستمعُ إلى كتاب الله عز وجل، قال: فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الحمدُ لله الذي جَعَلَ من أمَتي من أمِرتُ أن أصْبِر نفسي معهم"، قال: فجلَس رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وَسْطَنَا ليَعدِلَ بنفسِه فينا، ثم قال بيده هكذا، فتحلَّقوا، وبرزَت وجوهُهُم له، قال: فما رأيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عَرَفَ منهم أحداً غيري، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: أبشِرُوا يا مَعشَرَ صَعَاليكِ المهاجرين بالنورِ التامِّ يومَ القيامة، تدخُلُونَ الجنةَ قبلَ أغنياءِ الناسِ بنصفِ يومٍ، وذاك خمسُ مِئة سنة" (¬1). 3667 حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، حدَّثني عبدُ السلام -يعني ابن مُطَهَّر أبو ظفر- حدَّثنا موسى بنُ خَلَفِ العَمَّي، عن قتادةَ عن أنس بن مالكٍ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لأن أقعُدَ مع قومِ يذكرون الله من صلاةِ الغَدَاةِ حتَّى تطلعَ الشمسُ أحَبُّ إليَّ من أن ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة العلاء بن بشير. أبو الصدِّيق الناجي: هو بكر بن عَمرو. وأخرجه أحمد (11915)، وأبو يعلى (1151) و (1317)، والطبراني في "الأوسط" (8866)، والبيهقى في "شعب الإيمان" (10492)، وفي "دلائل النبوة" 1/ 351 - 352، والبغوي في "تفسيره " 2/ 100 من طريق المعلى بن زياد، بهذا الإسناد. وأخرج ابن ماجه (4123)، والترمذي (2508) من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بمقدار خمس مئة سنة" وقال الترمذي: حديث حسن غريب. ولهذه القطعة الأخيرة شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد (7946) و (10654) وابن ماجه (4122)، والترمذي (2510) و (2512)، والنسائي في "الكبرى" (11285) وإسناد أحمد في الموضع الثاني صحيح، والإسناد عند الباقين حسن. ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد (6578)، ومسلم (2979)، والنسائي في "الكبرى" (5845) لكن بلفظ: "بأربعين خريفا".

أُعتقَ أربعةً من وَلَد إسماعيل، ولأن أقعُد مع قومِ يذكرون الله من صلاةِ العصرِ إلى أن تغرُب الشمسُ أحبُّ إليَّ من أن أُعتِق أربعةً" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل موسى بن خلف العمي، فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه الطبراني في "الدعاء" (1878) والبيهقي في "شعب الإيمان" (561) من طريقين عن موسى بن خلف، به. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 79، وفي "شعب الإيمان" (562) من طريق موسى، بن خلف، عن قتادة، عن أنس، ويزيد الرقاشي عن أنس رفعه: "لأن اجلس مع قوم يذكرون الله من صلاة الغداة إلى أن تطلع الشمس أحب إلى مما طلعت عليه الشمس، ولأن أجلس مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى صلاة المغرب أحب إلى من أن أعتق ثمانية من ولد إسماعيل، دية كل رجل منهم اثنا عشر ألفاً" قلنا: هذا لفظ حديث يزيد الرقاشي. ذلك أن البيهقي أخرجه من طريقه وحده في "السنن الكبرى" 8/ 38، وفي "شعب الإيمان" (560) بهذا اللفظ. ويزيد الرقاشي ضعيف الحديث. وأخرجه مختصراً بذكر الجلوس من العصر إلى غروب الشمس ابنُ السني في "عمل اليوم والليلة" (670) من طريق المعلى بن زياد، عن يزيد الرقاشي، عن أنس. وهو عند البيهقي في "شعب الإيمان" (563) بإسقاط يزيد الرقاشي من إسناده، والصحيح إثباته كما في رواية ابن السني. وأخرجه ابن عدى في "الكامل" 7/ 2674، والبيهقي في "الشعب" (559) من طريق يحيى بن عيسى الرملى، عن الأعمش، عن أنس بن مالك. إلا أنه قال: "أحب إلىَّ من الدنيا وما فيها" في الوقتين كليهما. ويحيى بن عيسى ضعيف، والأعمش لم يسمع من أنس فيما نص عليه ابنُ المديني والبخاري وابن معين وغيرهم. وأخرج الترمذي (593) من طريق أبي ظلال هلال بن أبي هلال، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من صلَّى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلَّى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة"، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "تامة تامة تامة". قال الترمذي: حديث حسن غريب.

3668 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا حفصُ بنُ غياثٍ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، عن عَبيدَة عن عبدِ الله، قال: قال لي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: اقرأ عليَّ سورةَ النساء" قال: قلت: أقرأُ عليكَ وعليكَ أُنزلَ؟ قال: "إني أحبُّ أن أسمعه من غيري" قال: فقرأتُ عليه، حتى إذا انتهيتُ إلى قوله: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ} [النساء:41] فرفَعْتُ رأسي فإذا عيناه تَهْمُلان (¬1). آخر كتاب العلم ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الله: هو ابن مسعود، وعَبيدة: هو ابن عَمرو السَّلْماني، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه البخاري (4582) و (5055)، ومسلم (800)، والترمذي (3273) و (3274)، والنسائي في "الكبرى" (8521) و (8024) و (8025) و (11039) من طريق سليمان الأعمش، بهذا الإسناد. وجاء عند البخاري ومسلم في بعض طرقه والنسائي (8025) قال الأعمش: وبعضُ الحديث عن عمرو بن مرة قلنا: يعني عن إبراهيم النخعي عن عبد الله بن مسعود، كما جاء موضحاً في رواية مسلم، وكما بينه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/ 98 - 99. ورواية النخعي عن ابن مسعود محمولة على الاتصال، كما بينه الحافظ ابن رجب في "شرح "العلل"" 1/ 294 - 295. وأخرجه ابن ماجه (4194)، والترمذي (3272)، والنسائي في "الكبرى" (8022) من طريق أبي الأحوص، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن ابن مسعود وهذه الرواية وهم فيها أبو الأحوص فيما قاله الترمذي وأبو حاتم في "العلل" 2/ 71، وكذا الدارقطني في "علله" 5/ 181. وأخرجه النسائي (8023) من طريق عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود. وهو في "مسند أحمد" (3550) و (3606)، و "صحيح ابن حبان" (735).

أول كتاب الأشربة

أول كتاب الأشربة 1 - باب في تحريم الخمر 3669 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلِ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا أبو حيَّان، حدَّثني الشَّعبيُّ، عن ابن عُمَرَ عن عمر، قال: نرلَ تحريمُ الخمرِ يَومَ نرلَ وهي مِن خمسةِ أشياء: مِنَ العِنَبِ، والتمْرِ، والعَسَلِ، والحِنْطَةِ والشَّعير، والخمرُ ما خَامَرَ العَقْلَ، وثلاثٌ وَدِدْتُ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يُفارِقْنا حتى يعهدَ إلينا فيهِنَّ عهداً ننتهي إليه: الجدُّ، والكلالة، وأبوابٌ من أبواب الربا (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو حيان: هو يحيى بن سعيد بن حيان. وأخرجه البخاري (5588)، ومسلم (3032) من طريق أبي حيان، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً بذكر الخمر البخاري (4619)، والترمذي (1982)، والنسائي (5578) و (5579) من طريق أبي حيان، والبخاري (5589) من طريق عبد الله بن أبي السفر، كلاهما عن الشعبي، به. وقرن النسائي في الموضع الثاني بأبي حيان زكريا بن أبي زائدة. وأخرجه النسائي مختصراً بقصة الخمر كذلك (5580) من طريق أبي حصين، عن الشعبي، عن ابن عمر بجعله من مسند ابن عمر. وأخرجه مختصراً دون ذكر الخمر ابنُ ماجه (2727) من طريق مرة بن شراحيل، عن عمر بن الخطاب -ولم يسمعه- إلا أنه قال: والخلافة، بدل: الجد. وأخرج البخاري (4616) من طريق عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن نافع، عن ابن عمر قال: نزل تحريم الخمر، وإن في المدينة يومئذٍ لخمسة أشربة، ما فيها شراب العنب. فجعله مِن مسند ابن عمر كذلك. قال الحافظ في "الفتح" 10/ 36: حمل على ما كان يُصنع بها لا على ما يُجلب إليها. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرج البخاري (5579) من طريق مالك بن مغول، عن نافع، عن ابن عمر قال: لقد حرمت الخمرُ وما بالمدينة منها شيء. قال الحافظ في "الفتح" 10/ 36: يحتمل أن يكون ابن عمر نفى ذلك بمقتضى ما علم، أو أراد المبالغة من أجل قِلَّتها يومئذ بالمدينة فأطلق النفي" ... ويحتمل أن يكون مراد ابن عمر: وما بالمدينة منها شيءٌ، أي: يُعصَر. والذي استشكله سيدنا عمر بن الخطاب في شأن الكلالة هو معناها والمقصودُ منها: هل هو ما عدا الولد والوالد، أم ما عدا الولد وحسب، وهل المسمى كلالة الموروثُ أم الوارثُ. انظر بيان ذلك في "جامع البيان" للطبري 4/ 283 - 289، و "شرح مشكل الآثار" 13/ 223 - 236. وقوله: والجد، أي: هل يحجب الأخ أو يحجبُ به أو يقاسمه، فاختلفوا فيه اختلافاً كثيراً، وقوله: وأبواب من أبواب الربا، أي: ربا الفضل، لأن ربا النسيئة متفق على حرمته بين الصحابة. قال الحافظ في "الفتح" 10/ 46: هذا الحديث أورده أصحاب المسانيد والأبواب في الأحاديث المرفوعة لأن له عندهم حكم الرفع، لأنه خبر صحابي شهد التنزيل فأخبر سبب نزولها، وقد خطب به عمر على المنبر بحضرة كبار الصحابة وغيرهم فلم ينقل عن أحد منهم إنكاره، وأراد عمر بنزول تحريم الخمر المذكورة في أول كتاب الأشربة وهي آية المائدة {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} إلى آخرها فأراد عمر التنبيه على أن المراد بالخمر في هذه الآية ليس خاصاً بالمتخذ من العنب، بل يتناول المتخذ من غيرها، ويوافقه حديث أنس عند البخاري (5580) فإنه يدل على أن الصحابة فهموا من تحريم الخمر تحريمَ كل مسكر سواء كان من العنب أم من غيرها، وقد جاء هذا الذي قاله عمر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صريحاً، فأخرج أصحاب السنن الأربعة وصححه ابن حبان (5398) من وجهين عن الشعبي أن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إن الخمر من العصير والزبيب والتمر والحنطة والشعير والذرة، وإني أنهاكم عن كل مسكر" لفظ أبي داود وابن حبان، وزاد فيه أن النعمان خطب الناس بالكوفة، ولأبي داود (3676) من وجه آخر عن الشعبي عن النعمان بلفظ: "إن من العنب خمراً، وإن من التمر خمراً، وإن من العسل خمراً، لأن من البُرِّ خمراً، لأن من الشعير خمراً " ومن هذا الوجه =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = أخرجها أصحاب السنن، والتي قبلها فيها الزبيب دون العسل، ولأحمد (12099) من حديث أنس بسند صحيح عنه قال: "الخمر من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والذرة". وقوله: الخمر ما خامر العقل، أي: غطاه أو خالطه فلم يتركه على حاله وهو من مجاز التشبيه، والعقل: هو آلة التمييز، فلذلك حُرِّم ما غطاه أو غيره، لأن بذلك يزول الإدراك الذي طلبه الله من عباده ليقوموا بحقوقه. قال الكرماني: هذا تحريف بحسب اللغة، وأما بحسب العرف فهو ما يخامر العقل من عصير العنب خاصة كذا قال، وفيه نظر، لأن عمر ليس في مقام تعريف اللغة، بل هو في مقام تعريف الحكم الشرعي، فكأنه قال: الخمر الذي وقع تحريمه في لسان الشرع: هو ما خامر العقل. على أن عند أهل اللغة اختلافاً في ذلك ... ولو سلم أن الخمر في اللغة يختص بالتخذ بالعنب، فالاعتبار بالحقيقة الشرعية. وقال القرطبي المحدث: الأحاديث الواردة عن أنس وغيره -على صحتها وكثرتها- تبطل مذهب الكوفيين القائلين بأن الخمر لا يكون إلا من العنب، وما كان من غيره لا يسمى خمراً، ولا يتناوله اسم الخمر، وهو قول مخالف للغة العرب وللسنَّة الصحيحة وللصحابة، لأنهم لما نزل تحريم الخمر، فهموا من الأمر باجتناب الخمر تحريم كل مسكر، ولم يفرقوا بين ما يتخذ من العنب وبين ما يتخذ من غيره، بل سوَّوا بينهما، وحرموا كل ما يسكر نوعه ولم يتوقفوا ولا استفصلوا، ولم يُشْكِل عليهم شيء من ذلك، بل بادروا إلى إتلاف ما كان من غير عصير العنب، وهم أهل اللسان وبلغتهم نزل القرآن، فلو كان عندهم فيه تردد، لتوقفوا عن الإراقة حتى يستكشفوا ويستفصلوا ويتحققوا التحريم لما كان تقرر عندهم من النهي عن إضاعة المال، فلما لم يفعلوا ذلك، وبادروا إلى الإتلاف، علمنا أنهم فهموا التحريم، فصار القائل بالتفريق سالكاً غير سبيلهم، ثم انضاف إلى ذلك خطبة عمر بما يوافق ذلك، وهو ممن جعل الله الحق على لسانه وقلبه، وسمعه الصحابة وغيرهم، فلم ينقل عن أحد منهم إنكار ذلك، وإذا ثبت أن كل ذلك يسمى خمراً لزم تحريم قليله وكثيره، وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة في ذلك.

3670 - حدَّثنا عبَّادُ بنُ موسى الخُتَّليُّ، أخبرنا إسماعيلُ -يعني ابن جعفرٍ- عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو عن عمر بن الخطاب قال: لما نزل تحريمُ الخمر، قال عمر: اللَّهُمَّ بيِّن لنا في الخمرِ بياناً شفاء، فنزلت الآية التي في البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ} الآية [البقرة:219]، قال: فدُعِيَ عُمَرُ، فقُرِئَتْ عليه، قال: اللَّهُمَّ بيِّن لنا في الخمرِ بياناً شفاءً، فنزلت الآية التي في النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء:43] فكان منادي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا أقيمت الصلاةُ نادى: ألا لا يقربنَّ الصلاةَ سكرانُ، فدُعِيَ عُمرُ فقُرئَت عليه، فقال: اللَّهُمَّ بيِّن لنا في الخمرِ بياناً شفاء، فنزلت هذه الآية: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة:91]، قال عمر: انتهينا (¬1). ¬

_ = وقال في "المغني" 12/ 497: يجب الحد على من شرب قليلاً من المسكر أو كثيراً، ولا نعلم بينهم خلافاً في ذلك في عصير العنب غير المطبوخ واختلفوا في سائرها، فذهب إمامنا إلى التسوية بين عصير العنب وبين كل مسكر، وهو قول الحسن وعمر بن عبد العزيز وقتادة والأوزاعي ومالك والشافعي. وقالت طائفة: لا يحد إلا أن يسكر، منهم أبو وائل والنخعي وكثير من أهل الكوفة وأصحاب الرأي، وقال أبو ثور: من شربه معتقداً تحريمه حُدَّ، ومن شربه متأولاً فلا حد عليه، لأنه مختلف فيه، فأشبه النكاح بلا ولي. (¬1) إسناده صحيح. عمرو: هو ابن شرحبيل الهمداني، وقد أثبت البخاري وأبو حاتم سماعه من عمر، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق. وأخرجه الترمذي (3301) من طريق محمد بن يوسف، والنسائي (5540) من طريق عُبيد الله بن موسى، كلاهما عن إسرائيل بن يونس، بهذا الإسناد. =

3671 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيان، حدَّثنا عطاءُ بنُ السَّائب، عن أبي عبد الرحمن السُّلميِّ عن علي: أن رجلاً من الأنصار دعاهُ وعبدَ الرحمن بن عوف، فسقاهما قبل أن تُحرَّمَ الخمرُ، فأمَّهُم عليٌّ في المغرب فقرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} فخلط فيها، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء:43] (¬1). 3672 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدٍ المروزيُّ، حدَّثنا عليُّ بنُ حُسين، عن أبيه، عن يزيدَ النحويِّ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباسِ قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُواالصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} و {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [البقرة:219] نسخْتهما التي في المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ} الآية (¬2) [المائدة: 90]. ¬

_ = وأخرجه الترمذي (3302) من طريق وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن شرحبيل أن عمر بن الخطاب قال: اللهم بين ... ثم قال: وهذا أصح من حديث محمد بن يوسف. وهو في "مسند أحمد" (378). (¬1) إسناده صحيح. ورواية سفيان -وهو الثوري- عن عطاء بن السائب قبل اختلاطه. يحيى: هو ابن سعيد القطان، ومسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه الترمذي (3275)، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 7/ 402 من طريقين عن عطاء بن السائب، به، وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح. (¬2) صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل علي بن حسين -وهو ابن واقد المروزي- يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد، وأحمد بن محمد المروزي: هو ابنُ ثابت بن عثمان الخُزاعي. وأخرجه البيهقي 8/ 285، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 279 من طريق علي بن حسين بن واقد، بهذا الإسناد.=

3673 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن ثابت عن أنس، قال: كنتُ ساقيَ القوم حيث حُرِّمَتِ الخمرُ في منزل أبي طلحة، وما شرابُنا يومئذ إلا الفضيخُ، فدخل علينا رجلٌ، فقال: إن الخَمْر قد حُرِّمَت، ونادى منادي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلنا: هذا منادي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ = وأخرجه الطبري في "تفسيره" 2/ 361 - 362 من طريق يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن قالا ... فذكره. والراوي عن يحيى بن واضح هو محمد بن حميد الرازي متروك الحديث. وأخرجه أبو عُبيد القاسم بن سلام في "الناسخ والمنسوخ" (450)، ومن طريقه أبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن " 2/ 201 من طريق ابن جريج وعثمان بن عطاء الخراساني، عن عطاء بن أبي مسلم الخراساني، عن ابن عباس، وقد قيل: إن في هذا الاسناد إنقطاعاً، لأن ابن جريج إنما أخذه عن عثمان بن عطاء، عن أبيه، وعثمان ضعيف، ثم إن عطاءً الخراساني لم يلق ابنَ عباس. وأخرج أبو عبيد (451)، وابن الجوزي ص 279 - 280 من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: 43] قال: كانوا لا يشربونها عند الصلاة، فإذا صلَّوا العشاء شربوها حتى يذهب عنهم السكر، فإذا صلوا الغداة شربوها، فأنزل الله عز وجل: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ} [المائدة: 90]، فحرم الله الخمر. وفي إسناده انقطاع لأن علي بن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، وعبد الله ابن صالح كاتب الليث حسن الحديث في المتابعات. والحديث بمجموع هذه الطرق يرتقي إلى رتبة الصحيح. وفي حديث عمر السالف برقم (3670) إشارة إلى معنى حديث ابن عباس هذا. (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني. وأخرجه البخاري (2464) و (4620)، ومسلم (1980) من طريق حماد بن زيد، به. وزادا: قال: فقال لي أبو طلحة: أخرج فأهرقها، فخرجت فهرقتها، فجرت في =

2 - باب العنب يعصر للخمر

2 - باب العنب يُعصَر للخمر 3674 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعُ بنُ الجرَّاح، عن عبد العزيز ابن عمر، عن أبي طُعمة (¬1) مولاهم وعبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أنهما سمعا ابن عمر يقول: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لَعَن الله الخمرَ وشاربَها وساقيَها، وبائعَها ومبتاعَها، وعاصِرها ومعتصِرها، وحامِلَها والمحمولَةَ إليه" (¬2). ¬

_ = سكك المدينة، فقال بعض القوم: قد قُتِل قوم وهي في بطونهم، فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93]. وهو في "مسند أحمد" (13376)، و"صحيح ابن حبان" (4945). وأخرجه بنحوه البخاري (4617) و (5582) و (5583) و (5600) و (5622) و (7253)، ومسلم (1980)، وبإثر (1981)، والنسائي (5541) و (5542) من طرق عن أنس بن مالك. وهو في "مسند أحمد" (12869)، و"صحيح ابن حبان" (5352) و (5361 - 5364). الفضيخ: شراب يتخذ من البسر المفضوخ، أي: المكسور. (¬1) المثبت من (أ) و (هـ)، وهو الصواب، وجاء في (ب) و (ج): أبي علقمة، قال المزي في "الأطراف": (7296): هكذا قال أبو علي اللؤلؤي وحده، عن أبي داود: أبو علقمة، وقال أبو الحسن بن العبد وغير واحد عن أبي داود: أبو طُعمة، وهو الصواب، وكذلك رواه أحمد بن حنبل (4787) وغيره عن وكيع. قلنا: لعل الحافظ ذكرها في نسخته على الصواب، و (هـ) عندنا برواية ابن داسه، فتكون رواية ابن داسه كابن العبد. (¬2) حديث صحيح بطرقه وشواهده كما هو مبين في التعليق على: "مسند أحمد" (4787)، وهذا إسناد حسن. وأخرجه ابن ماجه (3380) من طريق وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد. ويشهد له حديث ابن عباس عند أحمد (2897) وغيره، وسنده حسن. وحديث أنس بن مالك عند الترمذي (1295) وابن ماجه (3381) ورواته ثقات.

3 - باب في الخمر تخلل

3 - باب في الخمر تُخَلَّل 3675 - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حرب، حدَّثنا وكيع، عن سفيان، عن السُّدِّي، عن أبي هُبيرة عن أنس بن مالك: أن أبا طلحةَ سأل النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أيتامٍ وَرِثُوا خمراً، قال: " أهْرِقْها" قال: أفلا أجعلُها خَلاًّ؟ قال: "لا" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل السُّدِّي -وهو إسماعيل بن عبد الرحمن- سفيان: هو الثوري. وأخرجه مسلم (1983)، والترمذي (1340) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (12189). وأخرجه أحمد (13732) من طريق إسرائيل عن الليث بن أبي سُليم، عن يحيى ابن عباد، به. والليث حسن الحديث في المتابعات. وأخرجه الترمذي (1339) من طريق معتمر بن سليمان، عن الليث بن أبي سليم، عن يحيى بن عباد عن أنس، عن أبي طلحة، أنه قال: يا نبي الله، إني اشتريت خمراً لأيتام في حجري. قال: "أهرق الخمر واكسر الدِّنان". وقد إنفرد ليثٌ هنا بذكر كسر الدنان، وجعله من مسند أبي طلحة. جاء في "المغني" 12/ 517: والخمرة إذا أُفسدتْ، فصيرت خلاً لم تَزُلْ عن تحريمها، وإن قلب الله عينها، فصارت خلاً، فهي حلال. روي هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وبه قال الزهري ونحوه قول مالك، وقال الشافعي: إن ألقي فيها شيء يفسدها كالملح، فتخللت فهي على تحريمها، وإن نقلت من شمس إلى ظل، أو من ظل إلى شمس فتخللت، ففي إباحتها قولان، وقال أبو حنيفة تطهير في الحالين، لأن علة تحريمها زالت بتحليلها، فطهرت كما لو تحللت بنفسها، يحققه أن التطهير لا فرق فيه بين ما حصل بفعل الله تعالى وفعل الأدمي، كتطهير الثوب والبدن والأرض، ونحو هذا قول عطاء وعمرو بن دينار والحارث العكلي، وذكره أبو الخطاب وجهاً في مذهب أحمد، فقال: وإن خُلِّلَتْ لم تطهر، وقيل: تطهر. =

4 - باب الخمر، مما هي؟

قال أبو داود: أبو هُبيرة: هو يحيى بن عبَّاد الأنصاري (¬1). 4 - باب الخمر، مما هي؟ 3676 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليّ، حدَّثنا يحيى بن آدمَ، حدَّثنا إسرائيلُ، عن إبراهيمَ بن مُهاجر، عن الشعبي عن النُّعمان بن بشير، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنَّ مِنَ العنبِ خَمراً، وإن مِن التمر خمراً، وإن مِنَ العَسَل خمراً، وإن من البُرِّ خَمْراً، وإن مِنَ الشَعير خَمْراً (¬2). ¬

_ = وقال في "مرقاة المفاتيح" 4/ 113: وأما الجواب عن قوله عليه الصلاة والسلام: "لا" عد من يجوِّز تخليل الخمر، أن القوم كانت نفوسهم ألِفتْ بالخمر، وكل مألوفٍ تميل إليه النفس، فخشي النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من دواخل الشيطان، فنهاهم عن اقترانها نهيَ تنزيهٍ، كيلا يتخذوا التخليل وسيلةً إليها، وأما بعد طول عهد التحريم فلا يُخشى هذهِ الدواخِلُ، ويؤيده خبر: " نِعْمَ الإدامُ الخلُّ". (¬1) مقالة أبي داود في رواية ابن العبد، أشار إليها الحافظ في نسخته المرموز لها بـ (أ). (¬2) صحح من قول عمر بن الخطاب كما سلف برقم (3669)، وهذا إسناد اختلف فيه على الشعبي -وهو عامر بن شَراحيل- فقد رواه عدد كرواية إبراهيم بن مهاجر -وفيه ضعف-، وكلهم ضعاف، فقالوا: عن النعمان بن بشير مرفوعاً كما في الطريق الآتي بعده، وخالفهم أبو حيان يحيى بن سعيد التيمي الثقة وغيره كما سلف عد المصنف برقم (3669). فرووه عن الشعبي من قول عمر موقوفاً عليه، وقال المزي في التحفة 9/ 24: وهو المحفوظ. وأخرجه الترمذي (1985) و (1981) من طريق إسرائيل، والنسائي في "الكبرى" (6756) من طريق عمرو بن أبي قيس، كلاهما عن إبراهيم بن مهاجر، به. وأخرجه ابن ماجه (3379) من طريق السري بن إسماعيل، عن الشعبي، به. والسري متروك الحديث. وهو في "مسند أحمد" (18350)، و "صحيح ابن حبان" (5398). وانظر تمام تخريجه عندهما. وانظر. ما بعده.

5 - باب النهي عن المسكر

3677 - حدَّثنا مالكُ بنُ عبدِ الواحِدِ أبو غسَّانَ، حدَّثنا مُعتمِرٌ، قال: قرأتُ على الفضيل -يعني ابنَ مَيسَرةَ-، عن أبي حريز، أن عامراً حدَّثه أن النعمان بن بشير قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: إن الخَمرَ من العَصير، والزبيب، والتمر، والحِنطَةِ، والشَّعير، والذُّرةِ، وإني أنهاكمْ عن كُلِّ مُسكرٍ" (¬1). 3678 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثني يحيى، عن أبي كثير -وهو يزيد بن عبد الرحمن- عن أبى هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الخمرُ مِنْ هاتَيْنِ الشَّجرتَين: النخْلةِ، والعِنَبَة" (¬2). 5 - باب النهي عن المُسكر 3679 حدَّثنا سليمانُ بنُ داود ومحمدُ بنُ عيسى في آخرين، قالوا: حَدَّثنا حمادٌ -يعني ابنَ زيد- عن أيوبَ، عن نافعٍ ¬

_ (¬1) صحيح من قول عمر بن الخطاب كسابقه، وهذا إسناد اختلف فيه عن الشعبي، وأبو حريز -وهو عبد الله بن حسين الأزدي- وإن تابعه غيره من الضعاف، خالفهم من هم أوثق منهم كما في الطريق السالف برقم (3669). عامر: هو الشعبي. وهو في "صحيح ابن حبان" (5398). وانظر تمام تخريجه فيه. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن أبي كثير، وأبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه مسلم (1985)، وابن ماجه (3378)، والترمذي (1983)، والنسائي (5572) و (5573) من طرق عن أبي كثير، به. وهو في "مسند أحمد" (7753)، و"صحيح ابن حبان" (5344). قال الخطابي: معناه أن معظم ما يتخذ من الخمرِ إنما هو من النخلة والعنب، وإن كانت الخمر قد تُتخذ أيضاً من غيرهما، انما هو من باب التأكيد لتحريم ما يُتخذ من هاتين الشجرتين لضراوته وشدة سَورته.

عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمرٌ، وكُلُّ مُسكِرِ حَرامٌ، ومن ماتَ وهو يشربُ الخمرَ يُدْمِنُها لم يَشربْها في الآخرة (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. نافع: هو مولى ابن عمر، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّخْتياني. وأخرجه البخاري (5575)، ومسلم (2003)، وابن ماجه (3373)، والترمذي (1969)، والنسائي (5582 - 5586) و (5671) و (5673) و (5674) من طرق عن ابن عمر. واقتصر البخاري وابن ماجه والنسائي في المواضع الثلاثة الأخيرة على حرمان مدمن الخمر من خمر الآخرة، واقتصر مسلم والنسائي في بعض المواضع عندهما على ذكر تحريم كل مسكر. وأخرجه ابن ماجه (3390)، والتر مذي (1972)، والنسائي (5587) و (5588) و (5701) من طريق أبي سلمة، والنسائي (5605) من طريق طاووس، كلاهما عن ابن عمر. واقتصرا على ذكر تحريم كل مسكر. وأخرجه النسائي (5700) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه رفعه: "حرم الله الخمر، وكل مسكر حرام". وهو في "مسند أحمد" (4645)، و "صحيح ابن حبان"، (5354) و (5366) و (5368). قال الخطابي: قوله: "كل مسكر خمر" يُتأول على وجهن، أحدهما: أن الخمر اسم لكل ما وجد فيه السكر من الأشربة كلها، ومن ذهب إلى هذا زعم أن للشريعة أن تُحدث الأسماء بعد أن لم تكن. كما لها أن تضع الأحكام بعد أن لم تكن. والوجه الآخر: أن يكون معناه: أنه كالخمر في الحرمة ووجوب الحد على شاربه، وإن لم يكن عين الخمر، وإنما أُلحِق بالخمر حكماً إذ كان في معناها. وهذا كما جعل النباش في حكم السارق والمتلوط في حكم الزاني، وإن كان كل واحد منهما يختص في اللغة باسم غير الزنى وغير السرقة. وقوله: "لم يشربها في الآخرة" معناه: لم يدخل الجنة، لأن شراب أهل الجنة خمر إلا أنه لا غوَل فيها ولا نزف. =

3680 - حدَّثنا محمدُ بنُ رافع النيسابوريُّ، حدَّثنا إبراهيمُ بن عُمر الصنعانيُّ، سمعتُ النعمانَ يقول: عن طاووس، عن ابنِ عباسِ عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: " كل مُخَمَّرٍ خمرٌ، وكلُّ مُسكرٍ حرامٌ، ومن شَرِب مُسكِراً بُخِسَت صلاتُه أربعينَ صباحاً، فإن تابَ تابَ الله عليه، فإن عادَ الرابعةَ كان حقاً على الله أن يَسْقِيه مِن طينة الخَبالِ" قيل: وما طينةُ الخبالِ يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ قال: "صَدِيدُ أهلِ النار، ومن سَقاهُ صغيراً لا يَعرِف حلالَه من حرامِهِ كان حقاً على الله أن يَسْقِيَه من طينة الخَبال" (¬1). ¬

_ قال ابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 7: محمله عندنا أنه لا يدخل الجنة إلا أن يُغفر له إذا مات غير تائب عنها كسائر الكبائر، وكذلك قوله: "لم يشربها في الآخرة" معناه عندنا: إلا أن يُغفر له فيدخل الجنة ويشربها، وهو عندنا في مشيئة الله إن شاء غفر له، وان شاء عذبه بذنبه، فإن عذبه بذنبه ثم دخل الجنة برحمته لم يُحرمها إن شاء الله، ومن غفر له فهو أحرى أن لا يُحْرَمَها، والله أعلم ... قال: وهذا الذي عليه عقد أهل السنة أن الله يغفر لمن يشاء ما خلا الشرك، ولا ينفذ الوعيد على أحد من أهل القبلة، وبالله التوفيق. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة إبراهيم بن عمر الصنعاني -وليس هو بابن كيسان الثقة كما ظنه ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 411 فصحح السند- والنعمان: هو ابن أبي شيبة كما في هامش (هـ)، ومن "تحفة الأشراف" (5758)، وفي رواية ابن العبد قيّده بابن المنذر، وهو خطأ. وأخرجه البيهقي 8/ 288 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10927) من طريق وهيب بن خالد، عن عبد الله ابن طاووس عن أبيه، عن ابن عباس رفعه: "كل مسكر حرام" وسنده صحيح. وستأتي هذه القطعة من الحديث ضمن حديث قيس بن حبْتَر عن ابن عباس برقم (3696) وإسناده صحيح. ولقوله: "من شرب مسكراً بُخِسَتْ صلاته ... إلى قوله: صديد أهل النار" شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد (6644)، وابن ماجه (3377)، والنسائي (5664) و (5670)، وابن حبان (5357) وإسناده صحيح. =

3681 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا إسماعيلُ -يعني ابنَ جعفرٍ- عن داودَ بن بكرِ بن أبي الفُرات، عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما أسكَرَ كثيرُه فقليلُه حَرَامٌ" (¬1). ¬

_ = وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب عند أحمد (4917)، والترمذي (1970) -وقال الترمذي: حديث حسن- وأخرجه كذلك الطبراني (13448)، والبيهقي في "الشعب" (5580) بسند صحيح عندهما. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل داود بن بكر بن أبي الفرات. وأخرجه ابن ماجه (3393) عن عبد الرحمن بن إبراهيم دُحيم، عن أنس بن عياض، والترمذي (1973) من طريق إسماعيل بن جعفر، كلاهما (أنس بن عياض وإسماعيل) عن داود بن بكر، به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وأخرجه ابن حبان (5382) من طريق رزق الله بن موسى، عن أنس بن عياض، عن موسى بن عقبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر. فذكر موسى بن عقبة بدل داود بن بكر. وخالفه دحيمٌ الحافظُ عند ابنُ ماجه كما مضى، وكذلك عمرو بنُ عثمان ابن سعيد الحمصي -وهو ثقة- عند المزي في "تهذيب الكمال" 8/ 377 في ترجمة داود بن بكر. ورزق الله بن موسى عنده أوهام. وهو في "مسند أحمد" (14703). ويشهد له حديثُ عبد الله بن عمر بن الخطاب عندَ أحمد (5648)، والبزار (2917 - كشف الأستار)، وغيرهما، إسناد البزار قوي، وقد روي موقوفاً ومرفوعاً وكلاهما صحيح. وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد (6674)، وابن ماجه (3394)، والنسائي (5607). وإسناده حسن. وحديث عائشة الآتي عند المصنف برقم (3687) ولفظه: "ما أسكر الفَرْق منه إذا شربته، فملءُ الكفِّ منه حرام". وحديث سعد بن أبي وقاص عند النسائي (5608)، وابن حبان (5370) وغيرهما. وإسناده قوي عند النسائي. وانظر تمام شواهده في "مسند أحمد" (5648).

3682/ 1 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب، عن أبي سَلَمة عن عائشة قالت: سُئل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن البِتْع، فقال: "كُلُّ شرابِ أسكَر فهو حَرامٌ" (¬1). 3682/ 2 - قال أبو داود: قرأتُ على يزيد بن عبد ربه الجرجسيِّ: حدَّثكم محمدُ بنُ حرب، عن الزُّبيديِّ عن الزهريِّ بهذا الحديث، بإسناده، زاد: والبِتعُ: نبيذ العسل، كان أهلُ اليمن يشربونه (¬2). قال أبو داود: سمعتُ أحمد بن حَنبلِ يقول: لا إله إلا الله، ما كان فيهم مثلُه، ما كان فيهم أثبتُ منه، يعني أهلَ حِمْص، يعني يزيد بن عبد ربّه (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزُّهري، ومالك: هو ابن أنس. وهو في "موطأ مالك" 2/ 845. وأخرجه البخاري (242)، ومسلم (2001)، وابن ماجه (3386)، والترمذي (1971)، والنسائي (5591 - 5594) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه الترمذي (1974) من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24082)، و"صحيح ابن حبان" (5345) و (5371) و (5383). وسيأتي تفسير البتع في الطريق الآتي بعده. قال الخطابي: في هذا إبطال كل تأول يتأوله أصحاب تحليل الأنبذة في أنواعها كلها، وإفساد قول من زعم أن القليل من المسكر مباح، وذلك أنه سئل عن نوع واحد من الأنبذة فأجاب عنه بتحريم الجنس، فدخل فيه القليل والكثير منها، ولو كان هناك تفصيل في شيء من أنواعه ومقاديره لذكره ولم يُبهمه، والله أعلم. (¬2) إسناده صحيح كسابقه. الزُّبيدي: هو محمد بن الوليد، ومحمد بن حرب: هو الخَولاني الحمصي. (¬3) نَقل أبي داود هذا عن أحمد أثبتناه من (أ) وهامش (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد، وفي هامش (هـ) إلى أنه في رواية الرملي، والمثبت لفظ ابن العبد.

3683 - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السريّ، حدَّثنا عَبدَةُ، عن محمد -يعني ابن إسحاق-، عن يزيدَ بن أبي حبيب، عن مَرْثَد بن عبد الله اليَزَني عن دَيْلَم الحِمْيري، قال: سألت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسولَ الله، إنا بأرضٍ باردةٍ نُعالجُ فيها عملاً شديداً، وانا نتَّخذُ شراباً من هذا القمح نتقوَّى به على أعمالنا وعلى بَرْدِ بلادنا، قال: "هل يُسكِر؟ " قلت: نعم، قال: "فاجتنبوه" قال: قلت: فإن الناس غير تاركيه، قال: "فإن لم يتركوه فقاتِلُوهم" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، ولا تضر عنعنة محمد بن إسحاق، لأنه متابع. وأخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى، 5/ 534، وابن أبي شيبة 7/ 459 - 460، وأحمد في "مسنده" (18035)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2683)، والطبراني في "الكبير" (4205)، والبيهقي 8/ 292، وابن الأثير في "أسد الغابة" في ترجمة ديلم بن فيروز 2/ 164، والمزي في ترجمة ديلم الحميري من "تهذيب الكمال، 8/ 504 و 505 من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد 5/ 533 - 534، وأحمد في "مسنده" (18034) و (18036)، وفي "الأشربة" (209) و (210)، والبخاري في "تاريخه"الكبير" 7/ 136، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2684) والطبراني (4204) من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، به. ولفظ البخاري: عن ابن الديلمي أنه سأل النبي -صلَّى الله عليه وسلم-: أنا منك بعيد، وأضرب شراباً من قمح، فقال: "أيسكر؟ " قلت: نعم، قال: "لا تشربوا مسكراً" فأعاد ثلاثاً. قال: "كل مسكر حرام". وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد". تنبيه: جاء عند جميع مخرجي الحديث: "فاقتلوهم" أو "فاقتلوه" خلاف رواية المصنف التي بلفظ المقاتلة، وفرق بين القتل والمقاتلة!! قال الحافظ في "الفتح" 12/ 80: قال ابن المنذر: كان العمل فيمن شرب الخمر أن يضرب وينكل به، ثم نسخ بالأمر بجلده، فإن تكرر ذلك أربعاً قتل، ثم نُسخ ذلك بالأخبار الثابتة وبإجماع أهل العلم إلا من شذّ ممن لا يُعتد خلافه خلافاً. =

3684 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقية، عن خالدٍ، عن عاصم بن كُليب، عن أبي بُردةَ عن أبي موسى، قال: سألتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم عن شراب من العسل، فقال: "ذاك البِتعُ" قلت: ويَنْتَبذون من الشعير والذُّرة، قال: "ذلك المِزْرُ " ثم قال: "أخْبِرْ قومَكَ أن كُلَّ مُسكرِ حَرامٌ" (¬1). ¬

_ = قلنا: قد حكى نسخ القتل أيضاً الترمذي بإثر الحديث (1510) عن شيخه البخاري وأيده بقوله: والعمل على هذا عند عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافا في ذلك في القديم والحديث، ومما يقوي هذا ما روى عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من أوجه كثيرة أنه قال: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه". (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عاصم بن كليب، فهو صدوق لا بأس به، وهو متابع. وتسمية نوعي النبيذ: البتْع والمِزْر، إنما هو من قول أبي موسى الأشعري لا من قول النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وقد سأل -صلَّى الله عليه وسلم- أَبا موسى عن تفسيرهما. وأخرجه البخاري (4343) و (6124)، ومسلم بإثر (2001)، وابن ماجه (3391)،والنسائي (5595) من طريق سعيد بن أبي بردة، والنسائي (5596) من طريق أبي إسحاق السبيعي، و (5597) و (5602) من طريق طلحة بن مصرِّف، و (5604) من طريق أبي إسحاق الشيباني، أربعتهم عن أبو بردة بن أبي موسى، والنسائي (5603) من طريق أبي بكر بن أبي موسى، كلاهما عن أبيهما أبي موسى. وجاء في رواية الشيباني عن أبي بردة وكذا في رواية أبي بكر بن أبي موسى أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - سأل أبا موسى الأشعري عن معنى البتع والمزر، وجاء في بعض روايات مسلم ما نصه: "كل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام". وأخرجه البخاري (4344) و (4345) و (7172) من طريق سعيد بن أبي بردة، عن أبيه قال: بعث النبي - صلَّى الله عليه وسلم - جده أبا موسى ومعاذاً إلى اليمن ... وهذا وإن كان صورته صورة المرسل جاء في الروايات الأخرى المشار إليها قبلُ ما يدل على أنه موصول. وهو في "مسند أحمد" (19598) و (19673)، و"صحيح ابن حبان" (5373) و (5376) و (5377).

3685 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حَمَّادٌ، عن محمد بن إسحاقَ، عن يزيدَ بن أبي حَبيبٍ، عن الوليدِ بن عَبَدَةَ عن عبدِ الله بن عمرو: أن نبيَّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نَهَى عن الخَمْرِ والمَيسِرِ والكوبة والغُبَيراء، وقال. "كُل مُسْكِرٍ حَرَامٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه عن يزيد بن أبي حبيب في تسمية الوليد بن عَبَدَة، فقد سماه محمد بن إسحاق كذلك في روايته عن يزيد، وسماه عبد الحميد بن جعفر وابن لهيعة في روايتهما عن يزيد: عمرو بن الوليد، وسواء كان هذا أو ذاك فلم يرو عنه غير يزيد بن أبي حبيب، ومع ذلك ذكره ابن حبان في الثقات، وذكره يعقوب ابن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 518 في ثقات التابعين من أهل مصر، وذكره ابن يونس مرتين بالاسمين، وعندما ذكره باسم عمرو بن الوليد بن عَبَدة قال: وكان من أهل الفضل والفقه. وقال أبو حاتم: مجهول. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 518، والبزار (2454)، والطحاوي في "شرح معاني الأثار" 4/ 217، والبيهقي 10/ 221 من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (6591)، ويعقوب 2/ 519، والطبراني في "الكبير" - قطعة من الجزء 13 (20)، والبيهقي 10/ 221 - 222، وابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 248 و 5/ 167 من طريق عبد الحميد بن جعفر، وأحمد (6478) عن يحيى بن إسحاق، عن عبد الله بن لهيعة، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد، عن عبد الله ابن عمرو بن العاص. وأخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 273 عن أبيه عبد الله بن عبد الحكم، عن عبد الله بن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد بن عَبَدة، عن قيس بن سعد بن عُبادة. قال ابن عبد الحكم: ربما أدخل فيما بين عمرو بن الوليد وبين قيس أنه بلغه. وأخرجه أحمد (6738) من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مختصراً بقوله: "كل مسكر حرام".=

قال أبو داود: قال القاسمُ بنُ سلاَّم أبو عُبيد: الغُبيراء: السُّكُرْكَةُ تُعمل مِن الذُّرة، شرابٌ يعمله الحبشة (¬1). ¬

_ = وله في "المسند" طريقان آخران (6547) و (6608) ضعيفان ليس فيهما ذكر الغبيراء، ولا قوله: "كل مسكر حرام". وشهد للنهي عن الكوبة حديث ابن عباس الآتي عند المصنف برقم (3696) بسند صحيح. وللنهي عن الغبيراء حديث ابنُ عباس أيضاً عند ابن عبد البر في "التمهد" 5/ 166 ورجاله ثقات. وللنهي عن كل مسكر انظر أحاديث الباب السالفة قبل هذا الحديث والحديثين الآتيين بعده. قال الخطابي: "الميسر": القمار، و"الكوبة": يُفسَّر بالطبل، ويقال: هو النرد، ويدخل في معناه كل وتر ومزهر في نحو ذلك من الملاهي والغناء. قال أبو عُبيد: "الغيراء" هو السُّكُرْكة يعمل من الذُّرة شراب يصنعه الحبشة. قلنا: كذا فسر الخطابي "الكوبة" بالطبل، وقال: ويقال: النرد، وإنما فسّرها بالطبل علي بن بذيمة كما في حديث قيس بن حبتر الآتي عند المصنف برقم (3696) وهذا أصله فارسي لأن أباه بذيمة من سبي المدائن، وفي "غريب الحديث" لأبي عبيد 4/ 278: وأما الكوبة فإن محمد بن كثير العبدي أخبرني أن الكوبة النرد في كلام أهل اليمن، وقال غيره: الطبل، وفي "المعرَّب" للجواليقي ص 295: والكوبة الطبل الصغير المخصَّر، وهو أعجمي، وقال محمد بن كثير: الكوبة: النرد بلغة أهل اليمن. قلنا: ويؤيد تفسيرها بالنرد ما رواه البخاري في "الأدب المفرد" (788) و (1267) من طريق حريز بن عثمان، عن سلْمان بن سمير الألهاني، عن فضالة بن عبيد ... بلغه أن أقواماً يلعبون بالكوبة، فقام غضبان ينهى عنها أشد النهي، ثم قال: ألا إن اللاعب بها ليأكل قمرها كآكل لحم الخنزير ومتوضئ بالدم. يعني بالكوبة النرد. (¬1) نقل أبي داود هذا عن أبي عُبيد أثبتناه من (هـ).

3686 - حدَّثنا سعيدُ بنُ مَنصورٍ، حَدَّثنا أبو شهاب عبدُ ربِّه بن نافع، عن الحسن بن عَمرو الفُقَيْميِّ، عن الحكم بن عُتيبةً، عن شَهْر بن حَوْشب عن أمِّ سلمة، قالت: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن كُلِّ مُسْكِرٍ ومُفَتِّر (¬1). 3687 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وموسى بنُ إسماعيل، قالا: حدَّثنا مهديٌّ -يعني ابنَ ميمون- حدَّثنا أبو عثمان - قال موسى: وهو عمرو بنُ سالمٍ الأنصاري عن القاسم عن عائشة، قالت: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "كل مُسْكِرٍ حَرام، وما أسْكَرَ منه الفَرَقُ، فمِلءُ الكَفِّ منه حَرَامٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره دون قولها: ومفتِّر، فقد عدّه الحافظ صالح بن محمد البغدادي من تفردات شهر بن حوشب (وهو ضعيف)، لأنه لم يُذكر في شيء من الحديث. وعده الحافظ الذهبي في "الميزان" من مناكيره. لكن حسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في "الفتح" 10/ 44! ونقل المناوي في "فيض القدير" 6/ 338 عن الحافظ العراقي أنه صحح إسناده! وأنه احتج به في مجلس حضره أكابرُ علماء العصر لبحث تحريمِ الحشيش فأعجب من حَضَر. وأخرجه ابن أبي شية 8/ 103، وأحمد في "مسنده" (26634)، وفي "الأشربة" (4)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 216، والطبراني في "الكبير" 23/ (781)، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان، 3/ 122، والبيهقي 8/ 296 من طريق الحسن بن عمرو الفُقيمي، بهذا الإسناد. والمفتر: قال الخطابي: كل شراب يورث الفتور والخدر في الأطراف، وهو مقدمة السكر، نهى عن شربه لئلا يكون ذريعة إلى السكر. ونقل صاحب "عون المعبود" 10/ 92 عن الحافظ العراقي وشيخ الإسلام ابن تيمية الإجماع على تحريم الحشيشة -أعني المخدرات- وأن من استحلّها كفر. وانظر "الفتاوى" 23/ 356 - 359. (¬2) إسناده صحيح. القاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق. =

6 - باب في الداذي

6 - باب في الدَّاذيِّ 3688 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا زيدُ بنُ الحُباب، حدَّثنا معاويةُ بنُ صالحِ، عن حاتِم بن حُرَيْثٍ، عن مالكِ. بن أبي مريم، قال: دَخلَ علينا عبدُ الرحمن ابنُ غَنْم، فتذاكرنا الطِّلاء، فقال: حدَّثني أبو مالكٍ الأشعري، أنه سَمعَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لَيَشربَنَّ ناسٌ من أُمَّتي الخَمْرَ يُسمُّونها بغيرِ اسمِها" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (1974) من طريق مهدي بن ميمون، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (24423). قال الخطابي: الفَرَق: مكيلة تسع ستة عشر رطلاً، وفي هذا أبين البيان أن الحرمة شاملة لجميع أجزاء الشراب المسكر. وفيه حجة على من زعم أن الإسكار لا يُضاف إلى الشراب، لأن ذلك من فعل الله سبحانه. قلت [القائل الخطابي]: والأمر وإن كان صحيحاً في إضافة الفعل إلى الله عز وجل فإنه قد يصح أن يُضاف إلى الشراب على معنى أن الله تعالى قد أجرى العادة بذلك كما أن إضافة الإشباع إلى الطعام والإرواء إلى الشراب صحيح إذ كان قد أجرى الله العادة به. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة مالك بن أبي مريم، فلم يرو عنه غير حاتم بن حريث، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقال ابن حزم: لا يُدرى من هو، وقال الذهبي: لا يُعرف. وأخرجه ابن ماجه (4020) من طريق معن بن عيسى، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. وزاد: "يُعزَف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة والخنازير". وهو في "مسند أحمد" (22900)، و"صحيح ابن حبان" (6758). =

7 - باب في الأوعية

3689 - حدَّثنا شيخٌ من أهل واسِطَ، قال: حدَّثنا أبو منصورٍ الحارثُ بنُ منصورٍ، قال: سمعتُ سفيانَ الثوريَّ سئل عن الدَّاذيِّ، فقال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "تَسْتَحِلُّ أُمَّتي الخَمْرَ يُسمونها بغيرِ اسمِها" (¬1). قال أبو داود: وقال سفيان الثوري: الدَّاذيُّ شَراب الفاسقين (¬2). 7 - باب في الأوعية 3690 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الواحد بن زيادٍ، حدَّثنا منصورُ بن حَيَّانَ، عن سعيدِ بن جُبَير ¬

_ = ويشهد له حديث رجل من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عند أحمد (18073)، والنسائي (5658) (5658) بسند صحيح. وقد سماه ابن ماجه (3385) عبادة بن الصامت. لكن في الإسناد إليه ضعف. وحديث عائشة عند الدارمي (2100)، والطبرآني في "الأوائل" (49) وغيرهما وإسناده صحيح. وحديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" (11228) وإسناده ضعيف. وحديث أي أمامة عند ابن ماجه (3384) وإسناده ضعيف. وانظر في شرب الطلاء "فتح الباري" 10/ 62 - 63. (¬1) في علل أحمد (2003) حدَّثنا يحيى بن يمان، قال: سمعت سفيان ينهى عن الداذى وينهى الصيادلة أن يبيعوه. قال في "اللسان": الداذي نبت، وقيل: هو شيء له عنقود مستطيل، وحبه على شكل حب الشعير يوضع منه مقدار رطل في الفَرَق فتعبَقُ رائحته ويجود إسكاره. تنبيه: هذا الأثر عن سفيان الثوري أثبتناه من (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد، قلنا: وهو في رواية ابن داسه أيضاً، لأن (هـ) عندنا بروايته. وأشار في (هـ) إلى أنه أيضاً في رواية ابن الأعرابي، غير أنه قال فيه: "ليشربن ناس من أمتي ... " بدل: "تستحل أمتي ... ". (¬2) أثر سفيان هذا أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية أبي عيسى الرملي.

عن ابن عمر وابن عباس، قالا: نَشهَدُ أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن الدُّبَّاء، والحَنْتَم، والمُزَفَّتِ والنَّقِير (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1997)، والنسائي (5643) من طريق منصور بن حيان، به. وأخرجه مسلم بإثر (1995)، والنسائي (5548) و (5549) من طريق حبيب بن أبي عمرة، ومسلم بإثر (1995)، والنسائي (5557) من طريق حبيب بن أبي ثابت ومسلم بإثر (1995) من طريق يحيى بن عبيد أبي عمر البهراني، ثلاثتهم عن ابن عباس وحده. وأخرجه مسلم (1997)، وابن ماجه (3402)، والنسائي (5631) من طريق نافع، ومسلم (1997)، والترمذي (1975)، والنسائي (5614) و (5615) و (5624) و (5625) من طريق طاووس اليماني، ومسلم (1997)، والنسائي (5634) من طريق محارب بن دثار، ومسلم (1997) من طريق عقبة بن حريث، ومسلم (1997)، والنسائي (5617) من طريق جبلة بن سُحيم، ومسلم (1997)، والترمذي (1976)، والنسائي (5645) من طريق زاذان أبي عمر، ومسلم (1997)، والنسائي (5632) من طريق سعيد بن المسيب، ومسلم (1998) من طريق أبي الزبير كلهم عن ابن عمر وحده. واقتصر بعضهم على بعض هذه الأنواع وذكر بعضهم: الجرّ بدل: الحنتم، وهما بمعنى كما جاء في بعض طرق الحديث، وجاء أيضاً في الحديث الآتي بعده عن ابن عباس أنه فسر الجر بكل شيء صنع من مَدَر - وهو الطين المتماسك. وهو في "مسند أحمد" (2499) و (4465). وسياتي عن ابن عباس وحده برقم (3692) و (3696). وانظر ما بعده. قال الخطابي: "الدُّبَّاء": القرعُ، قال أبو عُبيد: قد جاء تفسيرُها في الحديث عن أبي بكرة أنه قال: أما الدُّبَّاء فإنا معاشِرَ ثقيف كنا بالطائف نأخذ الدباء فنخرط فيها عناقيد العنب، ثم ندفِنها حتى تهدر ثم تموت. وأما "النقير" فإن أهل اليمامة كانوا بَنْقُرُون أصلَ النخلة، ثم يَنْبُذون الرطب والبُسر ويدعونه حتى يهدر، ثم يموت، وأما "الحنتمُ " فجرار كانت تُحمل إلينا فيها الخمر، وأما "المزفت" فهذه الاوعية التي فيها الزفت. =

8 - باب وفد عبد القيس

3691 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ ومسلمُ بنُ إبراهيمَ -المعنى- قالا: حدَّثنا جريرٌ، عن يعلى -يعني ابنَ حكيم- عن سعيد بن جُبير، قال: سمعتُ عَبدَ الله بن عمر يقول: حرّم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نبيذَ الجرِّ، فخرجتُ فَزِعَاً من قوله: حَرَّم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نبيذ الجرِّ، فدخلتُ على ابنِ عباس، فقلت: أما تَسْمَعُ ما يقولُ ابنُ عمر؟ قال: وما ذاكَ؟ قلتُ: قال: حَرَّمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نبيذ الجَرِّ، قال: صدَقَ، حَرَّمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نبيذَ الجرِّ، قلت: وما الجرُّ؟ قال: كُل شيء يُصنَعُ من مَدَرٍ (¬1). 8 - باب وفد عبد القيس (¬2) 3692 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، ومحمدُ بنُ عُبيدٍ، قالا: حدَّثنا حمادٌ (ح) وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبَّادُ بنُ عبَّاد، عن أبي جَمْرَة، قال: ¬

_ = قلت [القائل الخطابي]: وإنما نهى عن هذه الأوعية، لأن لها ضراوةً يَشتدُّ فيها النبيذُ ولا يشعر بذلك صاحبها فيكون على غرر من شربها. وقد اختلف الناس في هذا: فقال قائلون: كان هذا في صُلب الإسلام، ثم نسغ بحديث بريدة الأسلمي أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "كنت نهيتكم عن الأوعية، فاشربوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً" وهذا أصح الأقاويل. وقال بعضهم: الحظر باق. وكرهوا أن ينتبذوا في هذه الأوعية، وإليه ذهب مالك بن أنس وأحمد بن حنبل وإسحاق، وقد روي ذلك عن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم. (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن حازم. وأخرجه مسلم (1997) من طريق جرير بن حازم، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (5619) من طريق هشام الدستوائي، عن أيوب السختياني، عن سعيد بن جبير، به. وهو في "مسند أحمد" (5090) و (5819). (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن الأعرابي.

سمعتُ ابنَ عباس يقول -وقال مُسدَّدٌ: عن ابنِ عباس، وهذا حديث سليمان- قَدِمَ وفدُ عبد القيسِ على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسولَ الله، إئا هذا الحيِّ من رَبيعةَ، قد حالَ بَينَنا وبينَك كفارُ مُضَرَ، وليس نَخلُصُ إليك إلا في شَهْرٍ حرام، فمُرنا بشيءٍ نأخُذُ به، ونَدعو إليه مَنْ وراءَنا، قال: "آمرُكُم بأربعٍ، وأنهاكم عن أربع: الإيمانِ بالله: شهادةِ أن لا إله إلا الله" وعقد بيدِه واحدةً، وقال مُسدَّدٌ: "الإيمانِ بالله ثم فسَّرها لهم: "شهادةِ أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقامِ الصَّلاة، وإيتاءِ الزَّكاة، وأن تؤدُّوا الخُمُسَ مما غَنِمتُم، وأنهاكم عن الدُّبَّاء، والحَنْتَم، والمُزَفَّت، والمقَيَّر"، وقال ابنُ عُبيد: "النقير"، مكان: "المُقيَّر" وقال مُسدَّدٌ: "والنَّقير والمُقيَّر"، لم يذكر المُزفّت (¬1). قال أبو داود: أبو جَمْرةَ: نصرُ بنُ عِمران الضُّبَعي. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد. وأخرجه البخاري (53)، ومسلم (17) وبإثر (1995)، والترمذي (1689) و (1690) و (2797) و (2798)، والنسائي في "الكبرى" (320) و (5182) و (5818) من طرق عن أبي جمرة الضبعي، به. وروايات الترمذي مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (2020)، و "صحح ابن حبان" (157) و (7295). وسيأتي دون ذكر الأوعية المنهي عن الشرب فيها برقم (4677). وسيأتي ذكر الأوعية المنهي عنها عند المصنف برقم (3696). وانظر ما سلف برقم (3690) فقد ورد فيه ذكر الأوعية، والنهي فيه عام فلم يذكر وفد عبد القيس.

3693 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، عن نوح بن قَيسٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ عون، عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال لوفدِ عبدِ القيس: "أنهاكم عن النَّقير، والمُقيَّر، والحَنْتَم، والدُّبَّاء، والمَزادةِ المجبُوبةِ، ولكن اشرَبْ في سِقائِكَ وأوْكِهِ" (¬1). 3694 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا قتادةُ، عن عِكرِمَة وسعيد بن المسيب عن ابنِ عباسِ في قصة وقد عبد القيس، قالوا: فِيم نَشرَبُ يا نبيَّ الله؟ فقال نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "عليكم بأسقيةِ الأدَم التي تُلاثُ على أفواهِها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1993)، والنسائي (5646) من طريقين عن محمد بن سيرين، به. وأخرجه مسلم (1993) من طريق أبي صالح السمان، ومسلم (1993)، وابن ماجه (3401)، والنسائي (5589) و (5630) و (5635) من طريق أبي سلمة، والنسائي (5637) من طريق محمد بن زياد، ثلاثتهم عن أبي هريرة. ولم يذكر مسلم في روايته الدباء، ولم يذكر النسائي في رواية أبي سلمة الثانية النقير. وهو في "مسند أحمد" (7288) و (7752)، و"صحيح ابن حبان" (5401) و (5404) المزادة المجبربة: هي التي ليست لها عزلاء من أسفلها تتنفس منها، فالشراب قد يتغير فيها ولا يشعر به صاحبها. (¬2) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العطار. وقد صحح إسناده ابن منده في "الإيمان" (156). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6803) من طريق أبي هشام المغيرة بن سلمة المخزومي، عن أبان بن يزيد العطار، بهذا الإسناد. =

3695 حدَّثنا وهبُ بنُ بقيَّة، عن خالدٍ، عن عوفٍ، عن أبي القَمُوص زيد بن علي، قال: حدَّثني رَجلٌ كان من الوفدِ الذين وفَدُوا إلى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- من عبد القيس يحسَبُ عوف أن اسمه قيسُ بنُ النُّعمان، فقال: " لا تَشرَبُوا في نقيرٍ، ولا مُزَفَّتٍ، ولا دُبَّاءٍ، ولا حَنْتَمِ، واشربُوا في الجلْدِ المُوكى عليه، فإن اشتدَّ، فاكسروه بالماء، فإن أعياكم فاهريقوه" (¬1). 3696 حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّار، حدَّثنا أبو أحمدَ، حدَّثنا سفيانُ، عن عليٍّ ابن بذيمَة، حدَّثني قيسُ بنُ حَبْتَرٍ النهشليُّ عن ابنِ عباس، قال: إن وفدَ عبدِ القيس قالوا: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فيم نشربُ؟ قال: "لا تشربُوا في الدُّبَّاء، ولا في المُزفَّت، ولا في النَّقِير، ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (3406). وأخرجه مسلم (18) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: حدَّثنا من لقي الوفد الذي قدموا على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -من عبد القيس- قال سعيد: وذكر قتادة أبا نضرة عن أبي سعيد الخدري في حديثه هذا-. وهو في "مسند أحمد" (11175)، و"صحيح ابن حبان" (4541). قوله: "تُلاث على أفواهها" قال في "النهاية" أي: تُشَدُّ وتُربط. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل أبي القموص زيد بن علي. عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي، وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان. وأخرجه أحمد (17829)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ، 1/ 297 - 298. وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2934)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار، 4/ 221، وابن قانع 2/ 346، والبيهقي 8/ 302 من طريق عوف الأعرابي، به. ويشهد له حديث ابن عباس الآتي بعده والسالف برقم (3692). وحديث أبي هريرة السالف برقم (3693).

وانتبِذوا في الأسقيَة قالوا: يا رسولَ الله، فإن اشتدَّ في الأسقية؟ قال: فصُبُّوا عليه الماءَ"، قالوا: يا رسُولَ الله، فقالَ لهم في الثالثة أو الرابعة: "أهريقوه"، ثم قال: "إن اللهَ حرَّم عليَّ، أو حَرَّمَ الخمْرَ والميسِر، والكُوبة" قال: "وكُلُّ مُسكِرٍ حَرَام"، قال سفيان: فسألتُ علي بن بذِيمَةَ عن الكُوبةِ، قال: الطَّبْلُ (¬1). 3697 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الواحد، حدَّثنا اسماعيلُ بنُ سُمَيعٍ، حدَّثنا مالكُ بنُ عُمَيْرٍ عن عليّ، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الدُّبَّاء، والحَنْتَم، والنَّقير، والجِعَة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثورى، وأبو أحمد: هو محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي. وأخرجه أحمد في "مسنده" (2476)، وفي "الأشربة" (192 - 194) وأبو يعلى (2729)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 223، وابن حبان (5365)، والبيهقي 10/ 221 من طريق أبي أحمد الزُّبيري، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (12598) و (12599)، والبيهقي 8/ 303 من طريق إسرائيل، عن علي بن بذيمة، به. وأخرج قوله: "كل مسكر حرام" الطبراني (12600) من طريق موسى بن أعين، عن علي بن بذيمة، عن سعيد بن جبير، عن قيس بن حبتر، به. وأخرج قوله: "إن الله حرّم الخمر والميسر والكوبة، وكل مسكر حرام" أحمد في "مسنده" (2625) و (3274)، وفي "الأشربة، (14)، والطحاوي 4/ 216، والبيهقي 10/ 221 من طريق عبد الكريم بن مالك الجزري، عن قيس بن حبتر، به. وانظر ما سلف بالرقمين (3690) و (3692). وللكلام على الكوبة انظر حديث عبد الله بن عمرو السالف برقم (3685). (¬2) إسناده قوي، مالك بن عمير تابعي مخضرم أدرك الجاهلية حتى عدَّه يعقوب ابن سفيان في الصحابة، وقد سمع علي بن أبي طالب فيما أشار إليه الدارقطني في =

3698 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا مُعَرِّف بنُ واصلٍ، عن مُحاربِ بن دثارٍ، عن ابن بُرَيدة عن أبيه، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: " نهيتكُم عن ثلاثٍ، وأنا آمُرُكُم بهِنَّ: نهيتُكم عن زيارةِ القبورِ فزورُوها، فإنَّ في زيارتها تَذكِرَةً، ونهيتُكم عن الأشْرِبَةِ أن تَشربُوا إلا في ظروفِ الأدَمِ، فاشرَبُوا في كُلِّ وعاءٍ، غير أن لا تَشرَبُوا مسْكِراً، ونهيتُكم عن لحومِ الأضَاحِي أن تأكلُوها بعدَ ثلاثٍ، فكُلوا واستمتِعُوا بها في أسفارِكُم" (¬1). ¬

_ = "العلل" 3/ 246 حيث صحح رواية من قال: عن مالك بن عمير قال: كنت جالساً عند علي فجاءه صعصعة بن صوحان - يعني بهذا الحديث، وفي ذلك رد على ما زعمه أبو زرعة الرازي فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل" ص 221 أن روايته عن علي مرسلة. عبد الواحد: هو ابن زياد. وأخرجه النسائي (5170) من طريق مروان بن معاوية و (5171) و (5612) من طريق عبد الواحد كلاهما عن إسماعيل بن سميع، به. وأخرجه النسائي كذلك (5169) من طريق إسرائيل، عن إسماعيل بن سميع، عن مالك بن عمير، عن صعصعة بن صوحان، قال: قلت لعلي: انهنا عما نهاك عنه رسول الله ... فذكر الحديث قال النسائي: حديث مروان وعبد الواحد أولى بالصواب من حديث إسرائيل. قلنا: وبنحو كلام النسائي هذا قال الدارقطني في "علله" 3/ 246. وهو في "مسند أحمد" (963) و (1162) و (1163). وأخرجه النسائي (5168) و (5611) من طريق عمار بن رُزَيق، عن أبي إسحاق، عن صعصعة بن صوحان، عن علي. قال الدارقطني في "علله" 3/ 246: هذا غريب من حديث أبي إسحاق. وأخرجه الترمذي (3016)، والنسائي (5165) من طريق أبي الأحوص، والنسائي (5167) من طريق زهير بن معاوية، كلاهما عن أبي إسحاق، عن هُبيرة بن يَريم، عن علي بذكر النهي عن الجِعة. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقد جاء في رواية النسائي من طريق زهير: وعن الجِعة: شراب يصنع من الشعير والحنطة. (¬1) إسناده صحيح. ابن بريدة: هو عبد الله. =

3699 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، حدَّثني منصورٌ، عن سالم بن أبي الجعْدِ عن جابرِ بن عبد الله، قال: لما نَهَى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الأوْعِيَة، قال: قالت الأنصارُ: إنَّه لا بُدَّ لنا، قال: "فلا إذَنْ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (977)، وبإثر (1975) و (1999)، والنسائي (2032) و (4429) و (5652) و (5653) من طريق محارب بن دثار، به. وقد سمي ابن بريدة في بعض الروايات عبد الله. وأخرجه مسلم (977) من طريق عطاء الخراساني، والنسائي (2033) من طريق المغيرة بن سبيع، و (5654) من طريق حماد بن أبي سليمان، و (5655) من طريق عيسى بن عبيد الكندي، أربعتهم بن عبد الله بن بريدة، عن أبيه. واقتصر بعضهم على ذكر الرخصة في الانتباذ في الأوعية واجتناب المسكر. وأخرجه مسلم (977) وبإثر (1975) و (1999)، والترمذي (1587) و (1977) من طريق علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه. فذكر سيمان بدل أخيه عبد الله، وجاء في بعض الروايات: ابن بريدة غير مقيد. والحديث عند الترمذي مقطَّع. وأخرجه ابن ماجه (3405) من طريق القاسم بن مخيمرة، والنسائي (4430) و (5651) من طريق الزبير بن عدي، كلاهما عن ابن بريدة، عن أبيه. هكذا قالا: ابن بريدة غير مقيد. والذي جاء في "تهذيب الكمال" للمزي أن القاسم روى عن سليمان بن بريدة، والزبير روى عن عبد الله، واقتصر ابن ماجه على ذكر الإذن في الانتباذ. وهو في "مسند أحمد" (22958) و (23016)، و"صحيح ابن حبان" (3168) و (5390). وقد سلف الاذن في زيارة القبور بهذا الإسناد عند المصنف برقم (3235). (¬1) إسناده صحيح. منصور: هو ابن المعتمر: وسفيان: هو الثوري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه البخاري (5592)، والترمذي (1978)، والنسائي (5656) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14244). وقوله: "فلا إذن" أي: فلا أنهاكم عنها إذن.

3700 - حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرِ بن زياد الوَرْكاني، حدَّثنا شَرِيكٌ، عن زيادِ ابن فيَّاض، عن أبي عِياض عن عبدِ الله بن عمرو، قال: ذَكَرَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- الأوعيةَ: الدُّبَّاء، والحَنْتَم، والمُزفَّت، والنَّقِيرَ، فقال أعرابيٌّ: إنه لا ظُروفَ لنا، فقال: "اشربُوا ما حَلَّ" (¬1). 3701 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا يحيى بنُ آدمَ حدَّثنا شريكٌ، بإسناده، قال: " اجتنِبُوا ما أسْكرَ" (¬2). 3702 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا أبو الزُّبير عن جابر قال: كان يُنْبَذُ لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ في سِقاءٍ، فإذا لم يَجِدُوا سِقاءً نُبِذَ له في تَوْرٍ من حِجَارَة (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لسوء حفظ شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- وقد توبع. أبو عياض: هو عمرو بن الأسود. وأخرجه البخاري (5593)، ومسلم (2000)، والنسائي (5650) من طريق سليمان الاحول، عن مجاهد، عن أبي عياض، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عهما قال: لما نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن الأسقية قيل للنبي: ليس كلُّ الناس يجد سقاء، فرخص لهم في الجرِّ غير المزفَّت. وهو في "مسند أحمد" (6497). وانظر ما بعده. (¬2) حديث صحيح كسابقه. (¬3) إسناده صحيح. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- قد صرح بسماعه من جابر عند أحمد (4914)، ومسلم (1999) وغيرهما، فانتفت شبهة تدليسه. زهير: هو ابن معاوية الجُعفي. وأخرجه مسلم (1999)، وابن ماجه (3400)، والنسائي (5647) و (5648) من طرق عن أبي الزبير، به. =

9 - باب في الخليطين

9 - باب في الخليطين 3703 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن عطاء بن أبي رباح عن جابرِ بن عبد الله، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: أنه نهى أن يُنْتَبذَ الزَّبِيبُ والتمرُ جميعاً، ونَهَى أنْ يُنْتَبذَ البُسْرُ والرُّطَبُ جميعاً (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (4914) و (14267)، و"صحيح ابن حبان" (5413). قوله: تَور: هو إناء صغير من صُفْر أو حجارة يُشرَبُ منه، وقد يُتوضأ منه. (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعْد. وأخرجه البخاري (5601) في الأشربة: باب من رأى أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكراً، وأن لا يجعل إدامين في إدام، ومسلم (1986)، وابن ماجه بإثر (3395)، والترمذي (1984)، والنسائى (5556) من طرق عن عطاء بن أبي رباح، به. وأخرجه مسلم (1986)، وابن ماجه (3395)، والنسائي (5562) من طريق الليث بن سعد، عن أبي الزبير المكي، والنسافى (5560) من طريق عمرو بن دينار، كلاهما (أبو الزبير وعمرو بن دينار) عن جابر. وهو في "مسند أحمد" (14134) و (15177)، و"صحيح ابن حبان" (5379). وأخرج النسائي (5546) من طريق الأعمش، عن محارب بن دثار، عن جابر رفعه: "الزبيب والتمر هو الخمر". وأخرج كذلك (5544) من طريق شعبة، و (5545) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن محارب بن دثار، عن جابر موقوفاً عليه: البسر والتمر خمر. قال الخطابي: قد ذهب غير واحد من أهل العلم إلى تحريم الخليطين وإن لم يكن الشراب المتخذ منها مسكراً قولاً بظاهر الحديث، ولم يجعلوه معلولاً بالإسكار، وإليه ذهب عطاء وطاووس، وبه قال مالك وأحمد بن حنبل وإسحاق وعامة أهل الحديث، وهو غالب مذهب الشافعي، وقالوا: إذا شرب الخليطين قبل حدوث الشدة فهو آثم من جهة واحدة، وإذا شرب بعد حدوث الشدة كان آثماً من جهتين، أحدهما: شرب الخليطين، والآخر: شرب المسكر، ورخص فيه سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه، وقال الليث بن سعْد: إنما جاءت الكراهة أن يُنبذا جميعاً، لأن أحدهما يشدُّ صاحبَه. =

3704 - حدَّثنا أبو سلمةَ موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثني يحيى، عن عبدِ الله بن أبي قتادة عن أبيه: أن نبيَّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1) نهي عن خَلِيط الزَّبيبِ والتمرِ، وعن خليط البُسْر والتَّمْرِ، وعن خَلِيط الزَّهْوِ والرُّطَب، وقال: "انتَبِذُوا كُلَّ واحدةٍ على حِدَة". قال: وحدثني أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرحمن، عن أبي قَتادةَ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بهذا الحديث (¬2). 3705 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ وحفصُ بنُ عُمرَ النَّمَري، قالا: حَدَّثنا شُعبةُ، عن الحَكَم، عن ابن أبي ليلى ¬

_ = وانظر "فح الباري" 10/ 67. وقال أبو بكر بن العربي: ثبت تحريم الخمر لما يحدث عنها من السكر، وجواز النبيذ الحلو الذي لا يحدث عنه سكر، وثبت النهي عن الانتباذ في الأوعية ثم نسخ، وعن الخليطين، فاختلف العلماء، فقال أحمد وإسحاق وأكثر الشافعية بالتحريم ولو لم يسكر، وقال الكوفيون بالحل. (¬1) جاءت رواية هذا الحديث في (ب) و (ج): عن أبي قتادة: أنه نهى ... بما يوهم الوقف، والمثبت من (هـ) وهو صريح في الرفع، وكذلك في (أ)، غير أنه قال: عن أبي قتادة، عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وهذا صريح في الرفع أيضاً. (¬2) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن أبي كثير، وأبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه البخاري (5602)، ومسلم (1988)، وابن ماجه (3397)، والنسائي (5551) و (5561) و (5566) و (5567) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله ابن أبي قتادة، عن أبيه. وأخرجه مسلم (1988)، والنسائي (5552) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي قتادة. وهو في "مسند أحمد" (22521) و (22618).

عن رجلٍ - قال حفص: مِن أصحاب النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - عن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: نَهَى عن البَلَحِ والتَّمرِ، والزَّبيبِ والتَّمرِ (¬1). 3706 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ثابتِ بن عُمارةَ، حَدَّثتني رَيْطَة، عن كَبْشَةَ بنتِ أبي مريم، قالت: سألتُ أمَّ سلمة: ما كان النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يَنهَى عنه؟ قالت: كان ينهانا أن نَعجُمَ النَّوى طَبْخاً، أو نَخْلِطَ الزبيبَ والتَّمْرَ (¬2). 3707 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داودَ، عن مِسْعَر (¬3)، عن موسى ابنِ عبد الله بن يزيد، عن امرأةٍ من بني أسد ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي ليلى: هو عبد الرحمن، والحكم: هو ابن عُتيبة. وأخرجه النسائي (5547) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18820). (¬2) قولها: "نخلط الزبيب والتمر" صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة كبشة بنت أبي مريم ورَيطة -وهي بنت حريث-، فلم يؤثر توثيقهما عن أحد، وجهلهما الحافظ في "التقريب". وأخرجه أحمد (26505)، وأبو يعلى (6984)، والطبراني في "الكبير" 23/ 879 و (880)، والبيهقي 8/ 307، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة ريطة من طريق ريطة بنت حريث، به. ويشهد لقولها: "نخلط الزبيب والتمر" الأحاديث السالفة في هذا الباب. قال الخطابي: قولها: "نعجم النوى طبخاً، يريد أن نبلغ به النضج إذا طبخنا التمر فعصدناه. يقال: عجمتُ النوى أعجُمه عجما إذا لُكته في فيك، وكذلك إذا أنت طبخته أو أنضجته، ويشبه أن يكون إنما كره ذلك من أجل أنه يفسد طعم التمر أو لأنه علف الدواجن، فتذهب قوته إذا هو نضج. (¬3) في (أ) وحدها: حدَّثنا مِسعر.

10 - باب في نبيذ البسر

عن عائشة: أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان يُنبَذُ له زَبيبٌ، فيُلْقَى فيه تَمرٌ، أو تَمْرٌ فيُلْقَى فيه الزَّبيبُ (¬1). 3758 - حدَّثنا زيادُ بنُ يحيى الحسَّانيّ، حدَّثنا أبو بَحْرٍ، حدَّثنا عَتَّابُ بنُ عبدِ العزيز الحِمانيُّ، حَدَّثتني صفيةُ بنتُ عطيَّةَ، قالت: دخلتُ مع نسوةٍ مِن عبدِ القيس على عائشَةَ، فسألْناها، عن التمرِ والزبيب، فقالت: كنتُ آخُذُ قبضةً مِنْ تمر وقَبْضَةً من زَبِيبِ، فاُلقيه في إناء، فأمْرُسُه، ثم أسقِيه النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- (¬2). 10 - باب في نبيذ البُسْر 3759 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدَّثنا معاذُ بنُ هشام، حدثني أبي، عن قَتادة ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لإبهام المرأة الأسدية، وقد اختُلف فيه على مسعر -وهو ابن كدام- كما أوضحناه في "مسند أحمد" (24198). وأخرجه البيهقي 8/ 307 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (7828) من طريق حميد بن سليمان، عن مجاهد، عن عائشة. وإسناده ضعيف لجهالة حميد بن سليمان. وسيأتي الحديث عن عائشة بلفظ آخر ليس فيه خلط شيئين عند المصنف برقم (3711). وانظر ما بعده. وانظر تمام الكلام عليه وتخريجه وبيان ألفاظه في "مسند أحمد" (24198). (¬2) إسناده ضعيف لجهالة صفية بنت عطية، وضعف أبي بحر -وهو عبد الرحمن ابن عثمان البكراوي-. وأخرجه البيهقي 8/ 308 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. والصحيح عن عائشة ما سيأتي برقم (3711). قال الخطابي: قولها: "أمرسه" تريد أنها تدلكه باصابعها في الماء، والمرس والمرث بمحنى واحد.

11 - باب في صفة النبيذ

عن جابر بن زيد وعِكْرِمَة أنهما كانا يكرهان البُسْرَ وحدَه، ويأخذَانِ ذلك عن ابنِ عباس، وقال ابنُ عباس: أخشى أن يكونَ المُزَّاءَ الذي نُهِيَتْ عنه عَبْدُ القيسِ، فقلتُ لقتادة: ما المُزَّاءَ؟ قال: النبيذُ في الحنْتَمِ والمُزَفَّت (¬1). 11 - باب في صفة النبيذ 3710 - حدَّثنا عيسى بن محمدٍ أبو عُمَيرٍ، حدَّثنا ضَمْرةُ، عن السَّيبانىِّ، عن عبدِ الله بن الدَّيلمي عن أبيه، قال: أتينا النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقلنا: يا رسولَ الله، قد عَلِمْتَ مَنْ نَحنُ ومِن أينَ نحنُ، فإلى من نَحْنُ؟ قال: "إلى الله وإلى رسوله" فقلنا: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، إن لنا أعناباً. ما نصنعُ بها، قال: "زبِّبوها"، قلنا: ما نصنعُ بالزبيب؟ قال: "انبِذُوه على غَدائكم واشرَبُوه على عَشائكم، وانبِذوه على عَشائِكم واشربُوه على غدائِكم، وانبذوه في الشِّنَانِ، ولا تَنبِذوه في القُلَلِ، فإنَّه إذا تأخَّر عن عصره صَارَ خلاًّ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دِعامة السَّدوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي. وأخرجه أحمد في "مسنده" (2830) و (3095)، وفي "الأشربة" (217) والطبراني في "المعجم "الكبير"، (11837) من طريق همام بن يحيى، عن قتادة، عن عكرمة وحده، عن ابن عباس. (¬2) إسناده صحيح. الديلمي: هو. فيروز، والسَّيباني: هو يحيى بن أبي عمرو، وضمرة: هو ابن ربيعة الفلسطيني. وأخرجه النسائي (5735) و (5736) من طريقين عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، به. =

3711 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، حدَّثني عبدُ الوهاب بن عبدِ المجيد الثقفيِّ، عن يونسَ بن عُبيدٍ، عن الحَسَنِ، عن أُمِّه عن عائشة، قالتْ: كان يُنبَذُ لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في سِقاءٍ يُوكَأُ أعلاه، وله عَزْلاء، يُنبَذُ غُدوةً فيشربُه عِشاءً، ويُنبَذُ عِشاءً فيشربُه غُدوةً (¬1). 3712 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا المُعتَمِرُ، سمعتُ شبيبَ بنَ عبد الملك يُحدِّث، عن مقاتل بن حَيَّان، حدَّثتني عمَّتي عَمْرَةُ تكنَى أمِّ جناب عن عائشةَ: أنها كانت تَنبذُ للنبى -صلَّى الله عليه وسلم- غُدوةً، فإذا كان مِن العَشيِّ فتعشَّى شَرِبَ على عَشائه، وإن فَضَلَ شيءٌ صببتُه أو فزغتُه، ثم تنبذُ له بالليل، فإذا أصبح تَغَدَّى فشرب على غَدائِه، قالت: يُغسَلُ السِّقاءُ غُدوةً وعَشيَّةً، فقال لها أبي: مرتين في يومٍ؟ قالت: نعم (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (18042). قال الخطابي: "الشِّنان": الأسقية من الأدم وغيرها واحدها شَنٌّ، وأكثر ما يقال ذلك في الجلد الرقيق أو البالي من الجلود، و"القُلل": الجرار الكبار واحدتها قُلَّة، ومنه الحديث: "إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثاً". (¬1) إسناده صحيح. واسم أم الحسن -وهو البصري- خَيرة. وأخرجه مسلم (2005)، والترمذي (1979) عن محمد بن المثنى، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مسلم (2005)، والنسائي (5638) من طريق ثمامة بن حزن، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24198) و (24930)، و "صحيح ابن حبان" (5385). وانظر ما سلف برقم (3707) و (3708). وانظر ما بعده. يوكأ: يُربط، والعزلاء: فم المزادة، وقد يكون ذلك للسقاء من أسفله، ويجمع على العزالي. (¬2) حديث صحيح، دون قولها: "وإن فضل شيء صببتُه -أو فرَّغته-" وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال عمرة عمة مقاتل بن حيان النبطي لكن روي الحديث من=

12 - باب شراب العسل

3713 - حدَّثنا مَخلَدُ بنُ خالدٍ، حَدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن أبي عُمَر -قال أبو داود: أبو عُمَرَ يحيى بن عُبَيد البَهْرانيُّ- عن ابنِ عباسِ، قال: كانَ يُنْبَذُ للنبى -صلَّى الله عليه وسلم- الزبيبُ، قال: فيشربُه اليومَ والغَدَ، وبعدَ الغدِ إلى مساءِ الثالثة، ثم يأمرُ به فيُسقَى الخدَمَ أو يُهْرَاقُ (¬1). قال أبو داود: معنى يُسقى الخدمَ: يُبادَرُ به الفساد. 12 - باب شراب العسل 3714 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد بن حنبل، حدَّثنا حجاجُ بنُ محمد قال: قال ابنُ جُريج، عن عطاء، أنه سَمعَ عُبَيدَ بنَ عُمير، قال: سمعت عائشة زوجَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- تُخبر: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يَمْكُثُ عندَ زينبَ بنت جَحْشِ، فيَشرَبُ عندها عَسَلاَ، فتواصيت أنا وحفصةُ أيتُّنا ما دَخَلَ عليها النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- فلتقُلْ: إني أجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغافِير، فدَخَلَ ¬

_ = طريق آخر صحيح كما في الحديث السالف قبله. ثم إن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يشرب النبيذ ثلاثة أيام ثم يسقيه بعد ذلك الخدم أو يهراق كما في حديث ابن عباس الآتي بعده. وأخرجه أحمد (24930)، والبخاري في "تاريخه"الكبير"4/ 232، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلم - " ص 210، والبيهقي 8/ 300، والخطيب في "تاريخه" 12/ 470 من طريق شبيب بن عبد الملك التيمي، بهذا الإسناد. (¬1) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد ابن خازم الضرير. وأخرجه مسلم (2004)، وابن ماجه (3399)، والنسائي (5738) و (5739) من طرق عن يحيى بن عُبيد البَهْراني، به. وهو في "مسند أحمد" (1963)، و"صحيح ابن حبان" (5384) و (5386). وقوله: يسقى الخدم يبادر به الفساد، أي: يسقى الخدم قبل أن يفسد ويسكر.

على إحداهُن، فقالت له ذلك، فقال: "بل شَرِبْتُ عسلاً عندَ زينبَ بنتِ جحش ولن أعود له"، فنزلت: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي} إلى {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} [التحريم:1 - 4] لعائشة وحفصة، {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} لقوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "بلْ شَرِبْتُ عَسَلا َ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وابنُ جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- إذا لم يصرح بسماعه من عطاء -وهو ابنُ أبي رباح- فروايته عنه محمولة على الاتصال كما صرح هو نفسُه بذلك فيما أسنده عنه ابن أبي خيثمة في "تاريخه" (858)، فكيف وقد صرح بسماعه منه عند مسلم (1474) وغيره. وأخرجه البخاري (5267) و (6691)، ومسلم (1474)، والنسائي (3421) و (3795) و (3958) من طريق حجاج بن محمد المصيصي، والبخاري (4912) من طريق هشام بن يوسف، كلاهما عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25852)، و"صحيح ابن حبان" (4183). وانظر ما بعده. قوله: "مغافير" قال الخطابي: واحدها: مغفور، ويقال له أيضاً: مغثور، والفاء والثاء يتعاقبان كما قالوا: فوم وثوم، وجَدَث وجَدَف، وهو شيء يتولد من العُرفط، حلو كالناطف وريحه منكر، والعرفط شجر له شوك، وقوله: جرست نحله العرفط، أي: أكلت، ويقال للنحل: جوارس. وفي هذا الحديث دليل على أن يمين النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما وقعت في تحريم العسل لا في تحريم أم ولده مارية القبطية كما زعمه بعض الناس. قلنا: جزمه بأن اليمين وقعت في تحريم العسل لا في تحريم أم ولده مارية: فيه نظر، فقد أخرج النسائي (3959) بسند صحيح كما قال ابن كثير في "تفسيره" وابن حجر في "الفتح" 9/ 68 من حديث أنس أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كانت له أمة يطؤها، فلم تزل به حفصة وعائشة حتى حرمها، فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم:1] إلى آخر الآية. =

3715 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا أبو أسامة، عن هشامٍ، عن أبيه عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُحبُّ الحَلواءَ والعَسَلَ، فذكر بعضَ هذا الخبر، وكان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يشتدُّ عليه أن تُوجَدَ منه الرِّيحُ. قال أبو داود: وفي الحديث: قالت سودةُ: بل أكلْتَ مَغافيرَ، قال: "بل شربت من عَسَلِ، سَقَتني حَفصةُ" فقلت: جَرَسَتْ نَحلُهُ العُرفُط (¬1). ¬

_ = وله شاهد مرسل أخرجه الطبري 28/ 155 بسند صحيح كما قال الحافظ عن زيد ابن أسلم التابعي الشهير قال: أصاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أمَّ إبراهيم ولده في بيت بعض نسائه، فقالت: أي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في بيتي وعلى فراشي؟ فجعلها عليه حراماً، فقالت: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كيف تحرم عليك الحلال؟ فحلف لها بالله: لا يُصيبها، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} قال زيد بن أسلم: فقول الرجل لامرأته: أنت علي حرام لغو وإنما تلزمه كفارة يمين إن حلف. وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 289 - 290: وقد اختلف في الذي حرم على نفسه، وعوقب على تحريمه، كما اختلف في سبب حلفه على أن لا يدخل على نسائه على أقوال، فالذي في "الصحيحين" أنه العسل ... وقول آخر: أنه في تحريم جاريته مارية، ووقع في رواية يزيد بن رومان عن عائشة عند ابن مردويه ما يجمع القولين، وذكر غيره ثم قال: والراجح من الأقوال كلها قصة مارية لاختصاص عائشة وحفصة بها بخلاف العسل، فإنه اجتمع فيه جماعة منهن، قال: ويحتمل أن تكون الأسباب جميعها اجتمعت فأشير إلى أهمها، ويؤيد شمول الحلف للجميع، ولو كان مثلاً في قصة مارية فقط، لاختص بحفصة وعائشة. (¬1) إسناده صحيح. هشام: هو ابن عروة بن الزبير بن العوام، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة، والحسن بن علي: هو الخلال. وأخرجه البخاري (5216) و (5268) و (5431) و (5599) و (5614) و (5682) و (6972)، ومسلم (1474)، وابن ماجه (3323)، والترمذي (1936)، والنسائي في "الكبرى" (6670) و (6671) و (7519) من طريق هشام بن عروة، به. وروايات =

13 - باب كراهية النبيذ إذا غلى

قال أبو داود: المَغافير مُقْلَة، وهي صَمْغَة، وجَرَسَتْ: رَعَتْ، والعُرْفُط: شجرة: نبتٌ من نبت النَّحْل (¬1). 13 - باب كراهية النبيذ إذا غَلَى 3716 - حدَّثنا هشامُ بن عمَّار، حدَّثنا صَدَقَةُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا زيدُ بنُ واقد، عن خالدِ بن عبد الله بن حُسين عن أبي هريرة، قال: علمتُ أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يَصُومُ، فتَحيَّنْتُ فِطرَهُ بنبيذٍ صنعتُهُ في دُبَّاءٍ، ثم أتيتُه به، فإذا هو يَنِشُّ، فقال: "اضرب بهذا الحائط، فإن هذا شرابُ مَن لا يُؤمنُ بالله واليومِ الآخر" (¬2). ¬

_ = البخاري خلا الثانية والأخيرة وكذا رواية ابن ماجه والترمذي وروايات النسائي مختصرة بلفظ: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يحب الحلواء والعسل. وهو في "مسند أحمد" (24316)، و"صحيح ابن حبان" (5254). قال ابن الأثير في "النهاية": العرفط بالضم: شجر الطلح، وله صمغ كريه الرائحة، فإذا أكلته النحل حصل في عسلها من ريحه. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (ب) و (هـ)، ومن النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي، لكنه قال تعليقاً على قول أبي داود: مُقلة: كذا في الأصل بالتاء في آخر اللفظ، والظاهر بحذف التاء، لأن المقلة على وزن غرفة معناه: شحمة العين التي تجمع سوادها وبياضها .. قال شراح "الموجز": مقل: هو صمغ شجرة أكثر ما يكون في بلاد العرب خصوصاً بعُمان، والله أعلم. (¬2) حديث حسن، هشام بن عمار متابع، وخالد بن عبد الله بن حسين -وهو الدمشقي- روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، فهو حسن الحديث. وأخرجه ابن ماجه (3409) من طريق صدقة بن عبد الله السمين، والنسائي (5610) من طريق صدقة بن خالد، و (5704) من طريق عثمان بن حصن، ثلاثتهم عن زيد بن واقد، به.

14 - باب الشرب قائما

14 - باب الشُّرب قائماً 3717 - حدَّثنا مسلم بن إبراهيم، حدَّثنا هشامٌ، عن قتادة عن أنسٍ: أنَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهى أن يَشرَبَ الرجلُ قائماً (¬1). 3718 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن مِسعَرِ بن كِدَامِ، عن عبد الملك ابن مَيسَرَة عن النَّزَّال بن سَبْرة: أن علياً دَعَا بماءِ فشرِبَه وهو قائِم، ثم قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّسْتُوائى. وأخرجه مسلم (2024) من طريق همام بن يحيى، ومسلم (2024)، وابن ماجه (3424)، والترمذي (1987) من طريق سعيد بن أبي عَروبة، كلاهما عن قتادة، به. زاد مسلم في رواية سعيد: قال قتادة: فقلنا: فالأكل؟ فقال: ذاك أشر أو أخبث. وهو في "مسند أحمد" (12185)، و "صحيح ابن حبان"، (5321) و (5323). قال الخطابي: هذا نهي تأديب وتنزيه، لأنه أحسن وأرفق بالشارب. وذلك لأن الطعام والشراب إذا تناولهما الإنسان على حال سكون وطمأنينة كانا أنجع في البدن وأمرأ في العروق، وإذا تناولهما على حال وِفازٍ وحركة اضطربا في المعدة، وتخضخضا، فكان منه الفساد وسوء الهضم. وقد روي: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - شرب قائماً. وقد رواه أبو داود في هذا الباب: فكان ذلك متاولاً على الضرورة الداعية إليه، وإنما فعله -صلَّى الله عليه وسلم- بمكة: شرب من زمزم قائماً. قلنا: ثبت عنه -صلَّى الله عليه وسلم- أنه شرب وهو قائم في غير مكة، فقد روى ابن ماجه (3423)، والترمذي (2001) عن كُبيشة: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - دخل عليها وفي البيت قربة معلقة فشرب قائماً. وانظر حديث علي الآتي عند المصنف بعده.

15 - باب الشرب من في السقاء

إنَّ رجالاَ يكْرَهُ أحدُهُم أن يفعل هذا، وقد رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يفعلُ مثلَ ما رأيتموني فعَلْتُ (¬1). 15 - باب الشُّربِ من في السِّقاء 3719 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا قتادةُ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباسِ، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الشُّرب مِن فِي السِّقاء، وعن رُكوبِ الجَلاّلَة، والمُجثَّمة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، ومُسَدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه البخاري (5615) و (5616)، والنسائي (130) من طريقين عن عبد الملك ابن ميسرة، به. وهو في "مسند أحمد" (583)، و"صحيح ابن حبان" (1057). وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز الشرب قائماً، وكرهه قوم، والأمر في حديث أبي هريرة بالاستقاء لا خلاف بين أهل العلم في أنه ليس على أحد أن يستقيء والأظهر أنه موقوف على أبي هريرة، قال المازري: والذي يظهر لي أن أحاديث شربه قائماً تدل على الجواز، وأحاديث النهي تحمل على الاستحباب، والحث على ما هو أولى وأكمل، وانظر "الفتح" 10/ 83 - 85. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه البخاري (5629)، وابن ماجه (3421)، والترمذي (1929)، والنسائي (4448) من طريقين عن عكرمة، به. واقتصر البخاري وابن ماجه على ذكر النهي عن الشرب من فم السقاء. وهو في "مسند أحمد" (1989)، و"صحيح ابن حبان" (5316) (5399). قال الخطابي: "المجثمة" هي المصبورة، وذلك أنها قد جُثِّمت على الموت أي: حُبست عليه، بأن تُوثق وتُرمى حتى تموت، وأصل الجثوم في الطير، يقال: جثم الطائر وبرك البعير، وربضت الشاة، وبين الجاثم والمجثَّم فرق، وذلك أن الجاثم من الصيد يجوز لك أن ترميه حتى تصطاده، والمجثَّم هو ما ملكته فجثَّمته وجعلتَه غرضاً ترميه حتى تقتله، وذلك محرَّم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قلنا: فالنهي متجه إلى أمرين: الأول: تجثيم الدابة، والثاني: أكلُها، وقد جاء التصريح بالنهي عن أكلها من حديث أبي الدرداء عند الترمذي (1541) ولفظه: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن أكل المجثمة وهي التي تصبر بالنبل. ومن حديث ابن عباس عند الحاكم 2/ 34، وعنه البيهقي 9/ 334 قال: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن لبن الجلالة، وعن أكل المجثمة، وعن الشرب مِن في السِّقاء. وأما الشرب مِن في السقاء: فإنما يكره ذلك من أجل ما يُخاف من أذى عساه يكون فيه لا يراه الشارب حتى يدخل جوفه، فاستحب أن يشرب في إناء ظاهر يبصره. وقال المناوي في "فيض القدير" 6/ 316: نهى عن الشرب من في السقاء، أي: فم القِربة، لأن انصباب الماء دفعة واحدة في المعدة ضارٌّ جداً، وقد يكون ما لا يراه الشارب فيدخل جوفه فيؤذيه، ولأنه قد يُنتِنُه بتردد أنفاسه فيُعاف، ولأن الشرب كذلك يملأ الجوف من الهواء فيضيق عن أخذ حظه من الماء ويزاحمه أو يؤذيه. ثم قال: ثم إن ما تقرر لا ينافيه ما في "الشمائل" أن المصطفى -صلَّى الله عليه وسلم- قام إلى قربة معلقة فشرب من فمها فقطعت ميمونة أو أم سليم موضع فمه فاتخذته عندها تبركاً، لأن المصطفى -صلَّى الله عليه وسلم- ليس كغيره تبركاً وطهارة وعطرية وأمناً من الغوائل والحوادث. ونحو ذلك ما قاله ابن العربي في "عارضة الأحوذي" 8/ 82 حيث قال: النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أعطر من المسك فلا يدخل في النهي. والحديث الذي أورداه بشرب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من في القربة أخرجه ابن ماجه (3423) والترمذي (2001) وإسناده صحيح. قلنا: وأما النهي عن ركوب الجلالة، فقد قال المناوي في "فيض القدير" 6/ 313: وأخذ بظاهره جمع من السلف، فمنعوا ركوبها، قال عمر لرجل له إبل جلالة: لا تحج عليها ولا تعتمر، وقال ابنه: لا أصاحب أحداً ركبها وحمل ذلك في "المطامح" على التغليظ، قال: وليس في ركوبها معنى يوجب التحريم. قال المناوي: ومن زعم أن ذلك لنجاسة عرقها فيجسه فقد وهم إذ الرواية مقيدة في الصحيح بالأبل وعرقها طاهر. قلنا: الجلالة: قال ابن الأثير في "النهاية": الجلالة من الحيوان: التي تأكل العَذِرة. والجَلَّة: البعر، فوضع موضع العَذِرة، يقال: جلَّت الدابة الجَلَّة، فهي جالّة وجلالة: إذا التقطتْها.

16 - باب في اختناث الأسقية

قال أبو داود: الجَلاّلةُ التي تأكل العَذِرَة (¬1). 16 - باب في اختناث الأسقية 3720 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، سَمعَ عُبيد الله بن عبد الله عن أبي سعيدٍ الخدري: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن اختِناثِ الأسقِيَة (¬2). 3721 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، أخبرنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا عُبيد الله بن عمر، عن عيسى بن عبد الله -رجلٍ من الأنصار- ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). (¬2) إسناده صحيح. عُبيد الله بن عبد الله: هو ابن عُتبة بن مسعود، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (5625) و (5626)، ومسلم (2023)، وابن ماجه (3418)، والترمذي (1999) من طرق عن الزهري، به. وجاء في رواية البخاري الأولى زيادة: يعني أن تكسر أفواهها فيُشرب منها، ونحوه جاء عند الباقين خلا الترمذي. وهو في "مسند أحمد" (11026)، و"صحيح ابن حبان" (5317). وانظر ما سيأتي برقم (3722). قال الخطابي: معنى "الاختناث" فيها أن يثني رؤوسها ويعطفها ثم يشرب منها، ومن هذا سمي المخنَّث وذلك لتكسره وتثنِّيه. وقد قيل: إن المعنى في النهي عن ذلك أن الشرب إذا دام فيها تخنَّثَتْ وتغيرت رائحتها. قال: ويحتمل أن يكون النهي إنما جاء عن ذلك إذا شرب من السقاء الكبير دون الإداوة ونحوها. ويحتمل أن يكون إنما أباحه للضرورة والحاجة إليه في الوقت، وإنما المنهي عنه أن يتخذه الإنسان دربة وعادة.

17 - باب الشرب من ثلمة القدح والنفخ في الشراب

عن أبيه: أن نبيَّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- دعا بإدَاوَةٍ يَومَ أُحد، فقال: "اخْنِثْ فَمَ الإداوَةِ" ثم شَرِبَ مِن فيها (¬1). 17 - باب الشُّرب من ثُلْمة القَدَح والنفخ في الشراب 3722 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وَهْب، أخبرني قُرَّة بن عبد الرحمن، عن ابنِ شهاب، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة عن أبي سعيدِ الخدري قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الشُّربِ من ثُلْمَة القَدَح، وأن يُنْفَخَ في الشَراب (¬2). ¬

_ (¬1) ضعيف، على وهمٍ في إسناده وقع من عبد الأعلى -وهو ابن عبد الأعلى السامي- فقد سمى شيخه عُبيد الله بن عمر، وإنما الصحيح عبدُ الله مكبَّراً، وهما أخوان، فعُبيد الله ثقة، وأخوه عبد الله ضعيف، قال أبو داود فيما نقله عنه الآجري: هذا لا يُعرف عن عُبيد الله، والصحيح: عن عَبد الله بن عمر، ونحوه قال البيهقي في "شعب الإيمان" (6024). وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب" في ترجمة عيسى بن عَبد الله بن أنيس: قد رواه القطان، عن عُبيد الله بن عمر، عن عيسى. لكنه لم يقل: عن أبيه أرسله. أخرجه مسدّد في "مسنده" عن يحيى. وأخرجه الترمذي (2000) من طريق عبد الرزاق، عن عَبد الله بن عمر، به. فرواه على الصواب. وقال: هذا حديث ليس إسناده بصحيح. وعَبد الله بن عمر العمري يضعف من قبل حفظه. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في الشواهد. قرة بن عبد الرحمن حديثه حسن في الشواهد، وقد روى له مسلم مقروناً. وأخرجه أحمد (11760)، وابن حبان (5315)، وتمام الرازي في "فوائده" (1011)، والبيهقى في "شعب الإيمان" (6019) من طريق عبدِ الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرج قسم النهي عن النفخ في الشراب مالك 2/ 925، وأحمد (11203)، والترمذي (1996) وغيرهم من طريق أبي المثنى الجهني، عن أبي سعيد الخدري. وإسناده صحيح. =

18 - باب الشرب في آنية الذهب والفضة

18 - باب الشرب في آنية الذهب والفضَّة 3723 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا شعبةُ، عن الحَكَم، عن ابن أبي ليلى، قال: كان حُذَيفةُ بالمدائِنِ، فاسْتَسْقَى، فأتاه دِهْقَانٌ بإناءِ، فضَّةٍ، فرماه به، فقال: إني لم أرْمِهِ به إلا أني قد نَهَيْتُهُ فلم يَنْتَه، وإن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن الحريرِ والدِّيباج، وعن الشربِ في آنية الذهبِ والفضَّة، وقال:، هِيَ لهُمْ في الدُنيا، ولكُم في الآخرة" (¬1). ¬

_ = ويشهد للنهي عن الشرب من ثُلمة القدح حديث أبي هريرة عند الطبراني في "الأوسط" (6833)، وأبي نعيم في "الحلية" 9/ 38 قال: نُهي عن الشرب من كَسْر القدح. وإسناده صحيح. وهو عند عبد الرزاق (19592) من فتوى أبي هريرة. وانظر تمام شواهده في "مسند أحمد" (11760). قال الخطابي: إنما نهي عن الشراب من ثلمة القدح، لأنه إذا شرب منها تصبب الماء، وسأل قطره على وجهه وثوبه، لأن الثلمة لا تتماسك عليها شفة الشارب كما تتماسك على الموضع الصحيح من الكوز والقدح، وقد قيل: إنه مقعد الشيطان، فيحتمل أن يكون المعنى في ذلك أن موضع الثلمة لا يناله التنظيف التام إذا غسل الإناء فيكون شربه على غير نظافة وذلك من فعل الشيطان وتسويله، وكذلك إذا خرج الماء فسال من الثلمة فأصاب وجهه وثوبه فإنما هو من إعنات الشيطان وإيذائه إياه، والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي ليلى: هو عبد الرحمن، والحكم: هو ابن عتيبة، وحفص بن عمر: هو الحوضي أبو عمر. وأخرجه البخاري (5426)، ومسلغ (2067)، وابن ماجه (3414) و (3590)، والترمذي (1986)، والنسائي (5301) من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، به. وأخرجه مسلم (2067)، والنسائي (5301) من طريق عبد الله بن عُكيم، عن حذيفة بن اليمان. وهو في "مسند أحمد" (23269)، و"صحيح ابن حبان" (5339) و (5343). =

19 - باب في الكرع

19 - باب في الكَرْع 3724 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا يونسُ بنُ محمد، حدَّثني فُليح، عن سعيدِ بن الحارث عن جابر بن عبد الله، قال: دخل النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- ورَجلٌ من أصحابه على رجلٍ من الأنصار وهو يحَوِّلُ الماءَ في حائِطِه، فقال رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: " إن كان عِنْدَكَ ماءٌ باتَ هذه الليلة في شَنٍّ وإلا كَرَعْنا" قال: بل عندي ماءٌ بات في شَنٍّ (¬1). 20 - باب الساقي متى يشرب 3725 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا شعبةُ، عن أبي المختار ¬

_ = والمدائن: جمع مدينة، وهو بلد عظيم على دجلة بينها وبين بغداد سبعة فراسخ كانت مسكنَ ملوكِ الفرس، وبها إيوانُ كسرى المشهور، وكان فتحُها على يد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في خلافة عمر سنة ست عشرة. والدِّهقان: هو كبير القرية، والديباج: نوع من الحرير، وقال في "المجمع": الإستبرق: ما غَلُظَ من الحرير، والديباج: ما رقَّ، والحرير أعم. وأخرجه أحمد (23437) ومسلم (2067) (5) من طريقين عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن حذيفة، وزاد فيه بعد قوله: أن نشرب في آنية الذهب والفضة: وأن نأكل فيها. (¬1) إسناده حسن. فليح -وهو ابن سليمان- احتج البخاريُّ بحديثه هذا وفيه كلام ينزله عن رتبة الصحيح، فهو حسن الحديث لا سيما في ما انتقى له البخاري. وأخرجه البخاري (5613)، وابن ماجه (3432) من طريق فليح بن سليمان، به. وهو في "مسند أحمد" (14519)، و"صحيح ابن حبان" (5314). قوله: "شَنّ": هو السِّقاء الخَلَق، وهو أشد تبريداً للماء من الجُدُد. و"كرعنا": من كَرَع الماء يكرَعُ كَرْعاً: إذا تناوله بفيه، من غير أن يشرب بكفّه ولا بإناء، كما تشرب البهائم، لأنها تدخل فيه أكارِعَها. قاله في "النهاية".

عن عبدِ الله بن أبي أوفى، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "سَاقِي القَوْمِ آخِرُهم شُرْباً" (¬1). 3726 - حدَّثنا القَعنبيُّ عبد الله بن مسلمةَ، عن (¬2) مالك، عن ابنِ شهاب عن أنس بن مالك: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أُتِيَ بلبن قد شِيبَ بماءٍ، وعن يمينِه أعرابيٌّ، وعن يساره أبو بكر، فشَرِبَ، ثم أعْطَى الأعْرابىَّ وقال: " الأيمنَ فالأيمنَ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو المختار -واسمه سفيان بن أبي حبيبة، وقيل: سفيان ابن المختار- وثقه ابنُ معين، وقال أبو حاتم الرازي: صدوق، نقله عنهما ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 4/ 220، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال المنذري في "مختصر السنن": رجال إسناده ثقات. وقد فات الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" نقل ابن أبي حاتم، وفات كذلك الحافظ. ابن حجر. وفاتنا نحن أيضاً فضعفنا الحديث في "مسند أحمد" (19121) فيستدرك من هنا. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 231، وأحمد بن حنبل (19121)، وعبد بن حميد (528) وبحشل في "تاريخ واسط" ص 44، وأبو يعلى في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" (5022)، والبيهقي في "السنن" 7/ 286، وفي "الشعب" (6036)، وفي "الآداب" (554)، والمزى في "تهذيب الكمال" في ترجمة أبي المختار، من طرق عن شعبة، به. (¬2) في (أ) وحدها: حدَّثنا مالك. (¬3) إسناده صحح. وهو في "الموطأ" 2/ 926، ومن طريقه أخرجه البخاري (5619)، ومسلم (2029)، وابن ماجه (3425)، والترمذي (2002). وأخرجه البخاري (2352) و (5612)، ومسلم (2029)، والنسائي في "الكبرى" (6832) و (6833) من طرق عن الزهري، به. وأخرجه البخاري (2571)، ومسلم (2029) من طريق أبي طُوالة عبد الله بن عبد الرحمن، عن أنس بن مالك. =

21 - باب في النفخ في الشراب والتنفس فيه

3727 - حدَّثنا مُسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا هشامٌ، عن أبي عصام عن أنس بن مالك: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان إذا شَرِبَ تَنَفَّس ثلاثاً، وقال: "هو أهْنأ وأمرأُ وأبرأُ (¬1). 21 - باب في النفخ في الشراب والتنفس فيه 3728 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا ابنُ عُيينة، عن عبد الكريم، عن عِكرمة ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (12077)، و "صحيح ابن حبان"، (5333). وفي الحديث من الفوائد أن من سبق إلى مجلس علم أو مجلس رئيس لا يُنَحَّى منه لمجيء من هو أولى منه بالجلوس في الموضع المذكور، بل يجلس الآتي حيث انتهى به المجلس، لكن إن آثره السابق جاز. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي عصام -وهو البصري-، وهو غير خالد بن عُبيد العتكي الضعيف الراوي عن أنس أيضاً. وهو متابع. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي. وأخرجه مسلم (2028)، والترمذي (1992)، والنسائي في "الكبرى" (6861) من طريق عبد الوارث بن سعيد، ومسلم (2028)، والنسائي (6860) من طريق هشام الدستوائي، كلاهما عن أبي عصام، به. وأخرجه البخاري (5631)، ومسلم (2028)، وابن ماجه (3416)، والنسائي (6857) و (6858) من طريق ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12133) و (12186)، و "صحيح ابن حبان"، (5329) و (5330). وأدرجه ابن حبان تحت قوله: ذكر الأمر لمن أوتي بشراب، فشربه وهو في جماعة، وأراد مناولتهم أن يبدأ بالذي عن يمينه. وقوله في الحديث: " هو أهنا وأمرأ وأبرأ" جاء في رواية ثمامة بن عبد الله، عن أنس عند ابن أبي شيبة في مصنفه " 8/ 219.

عن ابنِ عبَّاس، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يُتنَفَّسَ في الإناء أو يُنفَخَ فيه (¬1). 3729 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَر، حدَّثنا شُعبةُ، عن يزيدَ بن خُميرِ عن عبدِ الله بن بُسْرٍ -من بني سُلَيم- قال: جاءَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى أبي، فنزلَ عليه، فقَدَّمَ إليه طعاماً، فذكر حَيْساً أتاه به، ثم أتاه بشرابِ فشرب فناول مَنْ على يَمينه، فأكل تمراً، فجعل يُلْقي النوى على ظهر أصبعَيه السَّبَّابة والوُسْطى، فلما قامَ، قامَ أبي، فأخذ بلِجام دابَّته فقال: ادْعُ الله لي، فقال: "اللَّهُمَّ بارِكْ لهم فيما رزقتَهم، واغْفِرْ لهم، وارْحَمْهُم" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الكريم: هو ابن مالك الجزري، ابن عيينة: هو سفيان. وأخرجه ابن ماجه (3429)، والترمذي (1997) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. واقتصر ابن ماجه على ذكر النفخ في الإناء. وأخرجه ابن ماجه (3288) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن عبد الكريم الجزري، به بلفظ: لم يكن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ينفخ في طعام ولا شراب ولا يتنفس في الإناء. وشريك سيئ الحفظ. وأخرجه ابن ماجه (3428) من طريق خالد الحذاء، عن عكرمة، به بلفظ: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن التنفس في الإناء. وهو في "مسند أحمد" (1907)، و"صحيح ابن حبان" (5316). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2042)، والترمذي (3893)، والنسائي في "الكبرى" (15051) و (10552) من طرق عن شعبة، به. وأخرجه النسائي (10050) من طريق يحيى بن حماد، عن شعبة، عن يزيد بن خمير، عن عبد الله بن بسر، عن أبيه. فزاد في الإسناد بسراً وجعله من مسنده. وأخرجه بنحوه النسائي (6730) من طريق صفوان بن عمرو، و (6873) من طريق محمد بن زياد، كلاهما عن عبد الله بن بُسر. =

22 - باب ما يقول إذا شرب اللبن

22 - باب ما يقول إذا شَرِبَ اللبن 3730 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمادٌ - يعني ابنَ زيد وحدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد -يعني ابنَ سلمة- عن علي بن زيد، عن عُمَرَ بن حرملة عن ابنِ عباس، قال: كنتُ في بيتِ ميمونة، فدَخَل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ومعه خالدُ بنُ الوليد، فجاؤوا بضَبَّينِ مَشوِيَّيْن على ثُمامَتَيْن، فتبزَّقَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال خالد: إخالك تقْذَرُهُ يا رسولَ الله، قال: "أجل"، ثم أُتِيَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بلَبَنٍ، فشرِبَ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا أكل أحدُكم طعاماً، فليقل: اللَّهُمَ بَارِكْ لنا فيه، وأطعِمْنا خيراً منه، وإذا سُقي لبناً، فليقل: اللَّهُمَّ بارِكْ لنا فيه، وزِدْنا منه، فإنه ليسَ شيء يُجزئ من الطعامِ والشرابِ إلا اللبنُ" (¬1). هذا لفظ مُسدَّدٌ. ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (17673) و (17675) و (17678)، و"صحيح ابن حبان" (5297). وانظر ما سيأتي برقم (3773). (¬1) حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابن جُدعان- وجهالة عمر بن حرملة. وأخرجه الترمذي (3758)، والنسائي في "الكبرى" (10045) من طريق إسماعيل ابن عُلية، عن علي بن زيد، به. وأخرجه بنحوه مقتصراً على ذكر الدعاء عند شرب اللبن ابن ماجه (3322) عن هشام بن عمار، عن إسماعيل بن عياش، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن عُبيد الله ابن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس. وهذا سند حسن في الشواهد. وسيأتي بإسناد صحيح عن عبد الله بن عباس، عن خالد بن الوليد دون ذكر اللبن ودعاء شربه عند المصنف برقم (3794). وهو في "مسند أحمد" (1978).

23 - باب إيكاء الآنية

23 - باب إيكاء الآنية 3731 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا يحيى، عن ابن جُرَيج، أخبرني عطاءٌ عن جابر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "أغلق بَابَك، واذْكُرِ اسمَ الله، فإنَّ الشيطانَ لا يَفْتَحُ باباً مغلقاً، وأطفى مِصْباحَكَ واذكُرِ اسمَ الله، وخَمِّر إناءَك ولو بعُودٍ تَعرُضُهُ عليه، واذكُرِ اسمَ الله، وأوْكِ سِقاءَكَ، واذكُرِ اسمَ الله" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه البخاري (3280) و (3304)، ومسلم (2012)،والنسائي في "الكبرى" (10513) و (10514) من طريق ابن جريج، به. ولم يذكر البخاري في روايته الثانية إطفاء المصباح ولا تخمير الإناء ولا إيكاء السقاء. وهو في "مسند أحمد" (14434)، و"صحيح ابن حبان" (1272). وأخرجه مقتصراً على ذكر الأمر بإغلاق الباب البخاريُّ (3304)، ومسلم (2012)، والنسائي في "الكبرى" (10514) من طريق ابن جريج، قال: وأخبرني عمرو بن دينار، أنه سمع جابر بن عبد الله فذكره دون قوله: "واذكر اسم الله". وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (3733) و (3734). قال الخطابي: قوله: "خمِّر إناءك" يريد: غطِّهِ، ومنه سمي الخمار الذي يُقنَّع به الرأسُ. وسميت الخمرُ لمخامرتها العقل، والخمر: ما واراك من الشجر والأشب (الأشب: الغُصون المُلتفَّة) وقوله: "تعرضه" كان الأصمعي يرويه: تعرُضه، بضم الراء، وقال غيره: بكسرها. قلنا: وقوله: "وأَوكِ سقاءك" قال في "النهاية": أي: شُدُّوا رؤوسها بالوِكاء، لئلا يدخلها حيوان، أو يسقُط فيها شيء، يقال: أَوكَيتُ السِّقاءَ أُوْكِيْه إيكاءً، فهو موكَى. نقل الحافظ في "الفتح" 11/ 87 عن ابن دقيق العيد: هذه الأوامر لم يحملها الأكثر على الوجوب ... وهذه الأوامر تتنوع بحسب مقاصدها، فمنها ما يحمل على =

3732 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن أبي الزُّبير عن جابر بن عبد الله، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بهذا الخبر، وليس بتمامه، قال: "فإنَّ الشيطانَ لا يَفْتَحُ غَلَقاً، ولا يحُلُّ وِكَاءً، ولا يكْشِفُ إناءً، وإن الفُوَيْسقَةَ تُضْرِمُ على الناسِ بيتَهمْ - أو بيوتَهم" (¬1). 3733 - حدَّثنا مُسدَّد وفُضَيلُ بنُ عبد الوهاب السُّكَّريُّ، قالا: حدَّثنا حماد، عن كثير بن شِنْظيرٍ، عن عطاء عن جابر بن عبد الله، رفعَه، قال: "واكفِتُوا صِبْيانكُم عند العشاء -وقال مُسدَّدٌ: عند المساء- فإنَّ للجِنِّ انتشاراً وخَطْفَةَ" (¬2). ¬

_ = الندب وهو التسمية على كل حال، ومنها ما يحمل على الندب والإرشاد معاً كإغلاق الأبواب من أجل التعليل بأن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً، لأن الاحتراز من مخالطة الشيطان مندوب إليه، وإن كان تحته مصالح دنيوية كالحراسة، وكذا إيكاء السقاء وتخمير الإناء. والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح، فقد روى هذا الحديث عن أبي الزبير -وهو محمد بن مسلم ابن تدرُس المكي- الليثُ بن سعد عند مسلم وابن ماجه، والليثُ قد روى عنه ما ثبت لديه أنه سمعه من جابر. وأخرجه مسلم (2012)، وابن ماجه (3410)، والترمذي (1915) من طرق عن أبي الزبير، عن جابر. وهو في "مسند أحمد" (14228)، و"صحيح ابن حبان" (1273). وانظر ما قبله. قال ابن الأثير في "النهاية": الفارةُ فُويسقة، تصغير فاسقة، لخروجها من جُحرها على الناس وإفسادها. (¬2) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن، كثير بن شنظير، وإن كان صدوقاً حسن الحديث متابع. حماد: هو ابن زيد. =

3734 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صالحٍ عن جابر، قال: كُنَّا مَعَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فاستسقى، فقال رجلٌ من القوم: ألا نسقِيكَ نبيذاً؟ قال: "بلى" قال: فخَرَجَ الرجُلُ يَشتدُّ فجَاءَ بقَدَح فيه نبيذٌ، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ألا خَمَّرتَهُ ولو أن تَعرُضَ عليه عُوداً (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (3316)، والترمذي (3068) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. ولم يذكر الترمذي في روايته إمساك الصبيان عند العشاء. وأخرجه البخاري (3280) و (3304)، ومسلم (2012) من طريق ابن جُريج، عن عطاء بن أبي رباح، والبُخاري (3304)، ومسلم (2012) من طريق ابن جريج، عن عمرو بن دينار، كلاهما عن جابر. وهو في "مسند أحمد" (14898) و (15167)، و"صحيح ابن حبان" (1276). وانظر سابقيه. (¬1) إسناده صحيح. لكن وقع في رواية أبي معاوية هذه وهم، فقال فيه: ألا نسقيك نبيذاً؟ ورواية الجمهور عن الأعمش فيها ذكر اللبن بدل النبيذ، ويعضد رواية الجمهور حديث أبي الزبير عن جابر عند أحمد (14137) و (23608)، والنسائي في "الكبرى" (6599). وأخرجه مسلم (2011) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (5605)، ومسلم (2011) من طريق جرير بن عبد الحميد، والبخاري (5606) من طريق حفص بن غياث، كلاهما عن الأعمش، عن أبي صالح وأبي سفيان، عن جابر بلفظ: جاء أبو حميد بقدح من لبن من النقيع ... وهو في "مسند أحمد" (14367) عن أبي معاوية، و (14974) من طريق معمر، كلاهما عن الأعمش. وانظر الأحاديث الثلاثة قبله.

قال أبو داود: قال الأصمعي: تَعْرُضه عليه (¬1). 3735 - حدَّثنا سعيدُ بنُ منصور وعبدُ الله بن محمد النُّفَيليُّ، وقتيبةُ بنُ سعيدٍ، قالوا: حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمد- عن هشام، عن أبيه عن عائشة: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يُستَعذَبُ له الماءُ مِن بموتِ السُّقيا. قال قتيبة: هي عينٌ بينها وبينَ المدينةِ يومان (¬2). آخر كتاب الأشربة ¬

_ (¬1) نقل أبي داود هذا أثبتناه من (هـ)، وقال الخطابي: وقوله: تعرضه، كان الأصمعي يرويه بضم الراء، وقال غيره بكسرها. (¬2) إسناده جيد كما قال الحافظ في "الفتح" 10/ 740، عبد العزيز بن محمد -وهو الدراوردي- فيه كلام يحطه عن رُتبة الصحيح. وأخرجه ابنُ سعدٍ في "الطبقات" 1/ 494 و 506، وابن راهويه (841) و (905) و (1734)، وأحمد (24693) و (24770)، وعمر بن شبة في "تاريخ المدينة" 1/ 158، وأبو يعلى (4613)، وابن حبان (5332)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلم -" ص 227، والحاكم 4/ 138، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 125، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6032)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 3/ 130، والبغوي في "شرح السنة" (3049)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 247 - 248 من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا الإسناد.

أول كتاب الأطعمة

أول كتاب الأطعمة 1 - باب ما جاء في إجابة الدعوة (¬1) 3736 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكِ، عن نافع عن عبدِ الله بن عُمر، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا دُعِيَ أحدُكُم إلى الوَليمَة فَلْيَأتِها" (¬2). ¬

_ (¬1) لفظ عنوان هذا الباب في رواية ابن العبد: باب استحباب إجابة الدعوة. (¬2) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وهو في "الموطأ" 2/ 546، ومن طريقه أخرجه البخاري (5173)، ومسلم (1429)،والنسائي في "الكبرى" (6573). وأخرجه البخاري (5179)، ومسلم (1429) من طريق موسى بن عقبة، ومسلم (1429)، والترمذي (1123) من طريق إسماعيل بن أمية، ومسلم (1429) من طريق عمر بن محمد، ثلاثتهم عن نافع، عن ابن عمر. لفظ موسى بن عقبة: "أجيبوا هذه الدعوة إذا دُعيتم"، ولفظ إسماعيل بن أمية: "ائتوا الدعوة إذا دعيتُم"، ولفظ عمر بن محمد: "إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا". وهو في "مسند أحمد" (4712)، و"صحيح ابن حبان" (5294). وانظر ما سيأتي بالأرقام (3737 - 3739) و (3741). قال الإِمام الشافعي في "الأم " 6/ 181: إتيان دعوة الوليمة حق، والوليمة التي تعرف وليمة العرس، وكل دعوة كانت على إملاك أو نفاس، أو ختان أو حادث سرور، دُعِيَ إليها رجلٌ فاسمُ الوليمة يقع عليها، ولا أرخص لأحد في تركها، ولو تركها لم يبن لي أنه عاصٍ في تركها كما يبين في وليمة العُرس. ونحو هذا ما قاله ابن عبد البر في "التمهيد"1/ 272، وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" (19663): أن ابن عمر دُعي يوماً إلى طعام، فقال رجل من القوم: أما أنا فأعفني من هذا، فقال له ابن عمر: لا عافية لك من هذا فقم. وصحح إسناده الحافظ =

3737 - حدَّثنا مَخْلَدُ بنُ خَالدِ، حَدثنا أبو أُسَامَةَ، عن عُبَيدِ الله، عن نافعٍ عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه، زاد "فإنْ كانَ مُفْطِراً فليَطْعَمْ، وإن كان صائماً فلْيَدْعُ" (¬1). 3738 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن أيوبَ، عن نافع عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا دَعَا أحدُكُم أخاه فَلْيُجِبْ، عُرساً كان أو نَحْوَهُ" (¬2). ¬

_ = في "الفتح" 9/ 247 وهو كما قال، وهذا يدل على أن ابن عمر فهم من الخبر عموم الدعوة كما قال المناوي في "فيض القدير" 6/ 126 وانظر الحديث الآتي (3738). (¬1) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وعُبيد الله: هو ابن عمر العمري. وأخرجه مسلم (1429) من طريق خالد بن الحارث، ومسلم (1429)، وابن ماجه (1914) من طريق عبد الله بن نمير، كلاهما عن عُبيد الله، به. ولفظ حديث خالد كلفظ حديث مالك السابق، لكنه زاد: فإذا عُبيد الله ينزله على العُرس، وأما ابن نمير فلفظه: "إذا دُعي أحدكم إلى وليمة عُرس فليُجب". وهو في "مسند أحمد" (4730). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. الحسن بن علي: هو الخَلاّل الحُلْواني. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (19666)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1429). وأخرجه مسلم (1429) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، به بلفظ: " ائتوا الدعوة إذا دُعيتُم". وهو في "مسند أحمد" (5367)، و"صحيح ابن حبان" (5289). وانظر ما سلف (3736). وانظر ما بعده.

3739 - حدَّثنا ابنُ المصفَّى، حدَّثنا بقيةُ، حدَّثنا الزبيديُّ، عن نافعٍ، بإسنادِ أيوبَ ومعناه (¬1). 3740 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن أبي الزبيرُ عن جابر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ دُعِيَ فَلْيُجِبْ، فإنْ شاء طَعِمَ، وإنْ شاءَ تَرَكَ" (¬2). 3741 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا دُرُسْتُ بن زياد، عن أبانَ بن طارق، عن نافع، قال: قال عبدُ الله بن عُمَرَ: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ دُعِيَ فلم يُجِبْ فقد عَصَى اللهَ ورَسُولَه، ومَن دخلَ على غير دَعوَةِ دخلَ سارِقاً وخرجَ مُغيراً" (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي- لكنه قد توبع. وأخرجه مسلم (1429) (101) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله، وما سلف برقم (3736). (¬2) إسناده صحيح. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- قد صرح بسماعه من جابر عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3030). وأخرجه مسلم (1430)، والنسائي في "الكبرى" (6575) من طريق سفيان الثوري، ومسلم (1430)، وابن ماجه (1751) من طريق ابن جريج، كلاهما عن أبي الزبير، عن جابر. زاد ابن ماجه في روايته: "من دعي إلى طعام وهو صائم فليجب ... ". وهو في "مسند أحمد" (15219). وانظر ما سلف برقم (3736). (¬3) إسناده ضعيف لضعف دُرُسْت بن زياد، وجهالة أبان بن طارق، وقد توبع دُرُست، فتبقى جهالة أبان بن طارق، وقال ابن عدي في "الكامل" في ترجمته: ليس له أنكر من هذا الحديث. قلنا: لكن قوله في الحديث: "من دعي فلم يُجب فقد عصى الله ورسوله" صحيح من قول أبي هريرة الآتي بعده. =

قال أبو داود: أبانَ بنُ طارقٍ مجهول (¬1). 3742 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابِ، عن الأعرج عن أبي هريرة، أنه كان يقول: شَرُّ الطَّعام طعامُ الوليمة، يُدْعَى لها الأغنياءُ ويُتْرَكُ المَساكِينُ، ومَنْ لم ياتِ الدَّعوةَ، فقَدْ عَصَى الله ورسوله (¬2). ¬

_ = وأخرجه البزار (1245 - كشف الأستار)، والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 161، وابن حبان في "المجروحين" 1/ 294، وابن عدي في "الكامل" في ترجمة أبان بن طارق 1/ 381 وفي ترجمة درُست 3/ 968، والقضاعي في "مسند الشهاب" (527) و (528) و (529)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 68 و 265، وفي "شعب الإيمان" (9647) و (9648)، وفي "الآداب" (568)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (871)، والمزي في لأتهذيب الكمال" في ترجمة دُرست بن زياد 8/ 485 من طريق دُرُست بن زياد، وابن عدي 1/ 380، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (870) من طريق خالد بن الحارث، كلاهما عن أبان بن طارق، به. وفي الباب عن عائشة عند البزار (1244 - كشف الأستار)، والطبراني في "الأوسط" (8270) وابن عدي في "الكامل" في ترجمة يحيى بن خالد أبي زكريا 7/ 2703 ولفظه: "من دخل على قوم لطعام لم يُدع له، دخل فاسقاً وأكل حراماً، قال ابن عدي: حديث منكر، لا يرويه عن روح غير يحيى بن خالد، وهو من مجهولي شيوخ بقية، ولا أعلم رواه عن يحيى هذا غير بقية. وعن سمرة بن جندب عند البزار (1246 - كشف الأستار) أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان ينهى إذا دعي الرجلُ إلى طعام أن يدعو معه أحدنا أو أحداً، إلا أن يأمره أهل الطعام. وإسناده مسلسل بالضعفاء والمجاهيل. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي. (¬2) إسناده صحيح موقوفاً. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز، وابن شهاب: هو الزهري، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. =

2 - باب استحباب الوليمة عند النكاح

2 - باب استحباب الوليمة عند النكاح 3743 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، وقتَيبةُ بنُ سعيد، قالا: حدَّثنا حمادٌ عن ثابت، قال: ذُكِرَ تزويج زينَب بنتِ جَحْشِ عند أنسِ بنِ مالك، فقال: ما رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أوْلَمَ على أحدٍ مِن نسائه ما أوْلَمَ عليها، أولَم بِشَاةٍ (¬1). ¬

_ = وهو في "موطأ مالك" 2/ 546، ومن طريقه أخرجه البخاري (5177)، ومسلم (1432)، وأخرجه مسلم (1432)، وابن ماجه (1913) من طريق سفيان بن عيينة، ومسلم (1432) من طريق معمر، ثلاثتهم (مالك وابن عيينة ومعمر) عن ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه مسلم (1432) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، به. وأخرجه أيضاً (1432) من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. وأخرجه (1432) من طريق ثابت الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فرفعه! وهو في "مسند أحمد" (7279)، و"صحيح ابن حبان" (5304) و (5305) وقال ابن حبان: قال لنا ابن قتيبة: عن أبي هريرة أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وأنا قصّرتُ به، لأن أصحاب الزهري كلهم كذا قالوا موقوفاً، والمسند هو آخر الحديث: ومن لم يُجب الدعوة. (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، وثابت: ابن أسلم البُناني. وأخرجه البخاري (5168)، ومسلم (1428)، وابن ماجه (1908)، والنسائي في "الكبرى" (6567) من طريق حماد بن زيد، به. وأخرجه ضمن قصة زواجه -صلَّى الله عليه وسلم- بزينب مسلم (1428) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، به ... قال: ولقد رأيتنا أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أطعمنا الخبزَ واللحمَ حين امتد النهار. وأخرجه مسلم (1428) من طريق عبد العزيز بن صهيب، والنسائي في "الكبرى" (6568) من طريق عيسى بن طهمان، كلاهما عن أنس أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أطعمهم خبزاً ولحماً. =

3744 - حدَّثنا حامدُ بنُ يحيى، حدَّثنا سفيانُ، حدَّثنا وائلُ بن داود، عن ابنه بكر بن وائلٍ، عن الزُّهري عن أنس بنِ مالك: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - أولَمَ على صفيةَ بسَويقٍ وتَمْرٍ (¬1). ¬

_ = وأخرج مسلم (1428) من طريق أبي مجلز، و (1428) من طريق ابن شهاب الزهري، و (1428) من طريق الجعد أبي عثمان، ثلاثتهم عن أنس بقصة زواجه -صلَّى الله عليه وسلم- بزينب، لكن الزهري وأبا مجلز أطلقا الطعام ولم يسمياه، وأما الجعد فذكر أن أم سليم صنعت حَيْسا في تور وأرسلته للنبي - فأولم عليه. وهو في "مسند أحمد" (11943) و (12759) و (13378). (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه على سفيان - وهو ابن عُيينة- فمرة رواه كما عند المصنف هنا، ومرة رواه عن الزهري مباشرة وهو معروف بالرواية عنه، فأسقط من إسناده وائل بن داود وابنَه بكراً، ولهذا قال الترمذي: كان سفيان بن عيينة يدلس في هذا الحديث، فربما لم يذكر فيه: عن وائل عن ابنه، وربما ذكره. قلنا: قد بيّن ابن عيينة سبب ذلك، فقد روى عنه الحميدي (1184) قوله: وقد سمعت الزهري يحدث به، فلم أحفظه، وكان بكر بن وائل يجالس الزهري معنا. وقد روي الحديثُ مِن طرق أخرى عن أنس كما سيأتي. وأخرجه ابن ماجه (1909)، والترمذي (1120) و (1121)، والنسائي في "الكبرى" (6566) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث غريب. وهو في "صحيح ابن حبان" (4061) و (4064). وأخرجه الحميدي (1184)، وأحمد (12078)، وأبو يعلى (3559)، وابن الجارود (727) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أنس. وأخرجه ضمن قصة غزوة خيبر البخاري (371) و (2235) و (4213) و (5169)، ومسلم بإثر (1427) وبإثر (1428)، والنسائي في "الكبرى" (6565) من طرق عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (11992).

3 - باب كم تستحب الوليمة؟

3 - باب كم تُستحب الوليمة؟ 3745 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثتى، حدَّثنا عفانُ بنُ مسلم، حدَّثنا هَمَّامٌ، حدَّثنا قتادةُ، عن الحسنِ، عن عبدِ الله بن عُثمانَ الثقفيِّ عن رَجُلٍ أعورَ مِن ثقيف -كان يُقال له معروفاً، أي: يُثنَى عليه خيراً، إن لم يكن اسمُه زهيرَ بنَ عثمان، فلا أدري ما اسمُه- أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الوليمَةُ أوَّلَ يومٍ حَقٌّ، والثَّاني مَعْرُوفٌ، واليومُ الثالث سُمعةٌ ورِياء" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن عثمان الثقفي، وزهير بن عثمان مختلف في صحبته تفرد بالرواية عنه عبد الله بن عثمان. وقال البخاري فيما نقله عنه البيهقي 7/ 261: لا يصح إسناده. همام: هو ابن يحيى العَوْذي، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. والحسن: هو ابن أبي الحسن البصري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6561) من طريق عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (19660) من طريق معمر، عن قتادة، وابن أبي شيبة 14/ 130 من طريق عوف الأعرابي، والنسائي (6562) من طريق يونس بن عُبيد، عن الحسن البصري، مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (25324) و (20325). وفي الباب عن ابن مسعود عند الطبراني (8967) موقوفاً، وعند الترمذي (1122)، والبيهقي 7/ 260 مرفوعاً، وفيهما عطاء بن السائب كان قد اختلط، والراوي عنه زياد بن عبد الله ممن سمع منه بعد إلاختلاط كما قال الحافظ في "التلخيص " 3/ 195. وعن أبي هريرة عند ابن ماجه (1915). وفي إسناده عبد الملك بن حسين النخعي متروك الحديث. وعن أنس عند البيهقي 7/ 260 - 261. وفي إسناده بكر بن خُنيس، وهو ضعيف. =

4 - باب الإطعام عند القدوم من السفر

قال قتادة: وحدثني رَجُلٌ: أنَّ سعيدَ بنَ المسيِّب دُعيَ أوَّلَ يومٍ فأجابَ، ودُعيَ اليومَ الثاني فأجابَ، ودُعيَ اليومَ الثالث، فلم يجب، وقال: أهلُ سُمْعةٍ ورِيَاء. ْ3746 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا هِشامٌ، عن قتادةَ عن سعيد بن المُسيِّب، بهذه القصة، قال: ودُعيَ اليوم الثالث فلم يُجب وحَصَبَ الرسول (¬1). 4 - باب الإطعام عند القدوم من السفر 3747 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، عن شُعبةَ، عن مُحاربِ ابن دثارٍ عن جابرٍ، قال: لما قَدِمَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - المدينةَ نحر جزوراً أو بقرةً (¬2). 5 - باب في الضِّيافة 3748 - حدَّثنا القَعنبيُّ، عن مالكٍ، عن سعيد المَقبُري ¬

_ = وعن وحشي عند الطبراني في "الكبير" 22/ (362) وعن ابن عباس عنده أيضاً (11331)، وقال الحافظ في "التلخيص" 3/ 196: إسنادهما ضعيف. والأثر الذي رواه قتادة عن رجلٍ عن سعيد بن المسيب أخرجه أحمد في "العلل" (5468)، والدارمي (2065)، والبيهقي 7/ 260. (¬1) رجاله ثقات، إلا أن قتادة لم يسمع هذا الخبرَ من سعيد بن المسيب، وإنما أخبره عنه رجل كما في الطريق السالف قبله. وأخرجه عبد الرزاق (19661) عن معمر، عن قتادة قال: دُعي ابن المسيب. قوله: حَصَب الرسولَ، أي: رماه بالحَصْباء، وهي صغار الحصى. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (3089) من طريق وكيع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14213).

عن أبي شُرَيحٍ الكعبىِّ، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ كان يُؤمِن بالله واليوم الآخرِ فَلْيُكرِم ضَيفَه، جائزَتُهُ يومٌ وليلة (¬1)، والضيافةُ ثلاثةُ أيام، وما بعد ذلك فهو صدقةٌ، ولا يَحِلُّ له أن يَثْوِيَ عنده حتى يُحْرِجَهْ" (¬2). ¬

_ (¬1) كذا جاء في (هـ): جائزته يوم وليلة، وعليها شرح الخطابي، وما نقله أشهب عن مالك بإثر الخبر يدل عليه، وكذا قال يحيى الليثي ومحمد بن الحسن وأبو مصعب الزهري في رواياتهم "للموطأ" وفي سائر أصولنا الخطية: جائزته يومه وليلته. (¬2) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مَسْلَمة بن قعنب، وسعيد المقبري: هو ابن كَيسان. وهو في "موطأ مالك" 2/ 929. وأخرجه البخاري (6019) و (6135)، ومسلم بإثر (1726)، وابن ماجه (3675)، والترمذي (2082) و (2083)، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 9/ 224 من طرق عن سعيد المقبري، به. وأخرجه مسلم (48)، وابن ماجه (3672) من طريق نافع بن جبير، عن أبي شريح الخزاعي. دون ذكر مدة الضيافة. وهو في "مسند أحمد" (16370) و (16371) و (16374)، و"صحيح ابن حبان" (5287). قال الخطابي: قوله: "جائزته يوم وليلة" سئل مالك بن أنس عنه، فقال: يُكرمه ويُتحفه ويَخُصُّهُ ويحفظه يوماً وليلة، وثلاثة أيام ضيافة. قلت [القائل الخطابي]: يريد أنه يتكلَّفُ له في اليوم الأول بما اتَّسع له من بر وإلطاف ويُقدم له في اليوم الثاني والثالث ما كان بحضرته، ولا يزيدُ على عادته، وما كان بعد الثلاث فهو صدقة ومعروف إن شاء فعل، وإن شاء ترك. وقوله: "ولا يحل له أن يثوي عنده حتى يحرجه" يريد أنه لا يحل للضيف أن يُقيم عنده بعد الثلاث من غير استدعاء منه حتى يضيق صدره فيبطل أجره. وأصل الحرج: الضيق.

قال أبو داود: قُرئ على الحارثِ بن مسكين -وأنا شاهدٌ-: أخبرَكُم أشهبُ، قال: وسُئِلَ مالكٌ عن قولِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "جائزتُه يوم وليلةٌ "، فقال: يُكرِمُه ويُتْحِفُه ويخُصُّهُ ويحفظه يوماَ وليلةً، وثلاثة أيام ضيافةً. 3749 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، ومحمدُ بنُ مَحبوبٍ، قا لا: حدَّثنا حمادٌ، عن عاصمٍ، عن أبي صالح عن أبي هُريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الضيافةُ ثلاثةُ أيامٍ، فما سوى ذلك فهو صدقةٌ" (¬1). 3750 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وخلفُ بنُ هشامٍ المُقرئ، قالا: حدَّثنا أبو عَوانَةَ، عن منصورٍ، عن عامر ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النَّجود- ولكنه متابع. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه أحمد (8645) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 477، وأحمد (7873) و (9564)، والبخاري في "الأدب المفرد" (742)، والبيهقي 7/ 197 من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، والطيالسي (5260)، وابن راهويه (305)، والبخاري في "تاريخه"الكبير" تعليقاً 3/ 367، والبزار (1930 - كشف الأستار) وأبو يعلى (6134) من طريق زياد بن أبي المغيرة، وأحمد (10628) من طريق محمد بن سيرين، وابن حبان (5284)، وأبو يعلى (6590) من طريق سعيد المقبري، وأبو يعلى (6218) من طريق أبي حازم، خمستهم عن أبي هريرة. وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات" (1647) من طريق داود بن فراهيج، عن أبي هريرة من قوله موقوفاً عليه.

عن أبي كريمة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ليلةُ الضَّيفِ حَقٌّ على كُلِّ مُسلمٍ، فمن أصبحَ بفِنائِهِ، فهو عليه دَيْنٌ، إن شاءَ اقْتَضَى، وإن شاءَ تَرَكَ" (¬1). 3751 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شُعبةَ، حَدَّثني أبو الجُوديِّ، عن سعيدِ بن أبي المُهاجر عن المقدامِ أبي كَريمةَ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أيُّما رَجُلٍ أضاف قوماً فأصْبَحَ الضَّيفُ مَحروماً فإنَّ نَصْرَهُ حَقٌّ على كلِّ مُسْلِمٍ حتى يأخُذَ بقِرى لَيلتِه من زَرْعِهِ ومَالِهِ" (¬2). 3752 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن يزيدَ بن أبي حَبيبٍ، عن أبي الخير ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو كريمة: هو المقدام بن معدي كرب، وعامر: هو ابن شراحيل الشعبي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه ابن ماجه (3677) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به. وهو في "مسند أحمد" (17172). قال الخطابي: وجه ذلك أنه رآها حقاً من طريق المعروف والعادة المحمودة، ولم يزل قرى الضيف وحسن القيام عليه من شيم الكرام وعادات الصالحين، ومنع القرى مذموم على الألسن وصاحبه ملوم، وقد قال -صلَّى الله عليه وسلم-: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه". (¬2) إسناده ضعيف لجهالة سعيد بن أبي المهاجر -وقيل: ابن المهاجر-. وأخرجه الطيالسي (1149)، وأحمد (17178)، والدارمي (2037)، والحاكم 4/ 132، والبيهقي 9/ 197 و 10/ 270، والمزي في "تهذيب الكمال" 11/ 82 - 83 من طرق عن شعبة، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (665) من طريق أبي يحيى الكلاعي، عن المقدام. وفي إسناده أبو فروة يزيد بن سنان ضعيف الحديث.

عن عُقبة بن عامر، أنه قال: قلنا: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، إنك تَبْعَثُنا فننزِلُ بقوم، فلا يَقرُونَنَا، فما ترى؟ فقالَ لنَا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنْ نَزَلتُمْ بقوْمٍ فأمَرُوا لكم بما يَنْبَغي للضَّيْفِ فأقبَلُوا، فإن لم يَفْعَلُوا فخُذُوا منهم حَقَّ الضَّيْفِ الذي ينبغِي لَهمْ" (¬1). قال أبو داود: وهذه حجة للرجلِ يأخذ الشيء يعني إذا كان له حقٌّ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الخير: هو مرثد بن عبد الله اليزني، والليث: هو ابن سعد. وأخرجه البخاري (2461) و (6137)، ومسلم (1727)، وابن ماجه (3676) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه الترمذي (1679) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به. وهو في "مسند أحمد" (17345)، و"صحيح ابن حبان" (5288). قال الحافظ في "الفتح" 5/ 108: وظاهر هذا الحديث أن قرى الضيف واجب، وأن المنزول عليه لو امتنع من الضيافة أخذت منه قهراً، وقال به الليث بن سعد مطلقاً، وخصه أحمد بأهل البوادي دون القرى، وقال الجمهور: الضيافة سنة مؤكدة، وأجابوا عن حديث الباب بأجوبة، أحدها: حمله على المضطرين، ثم اختلفوا: هل يلزم المضطر العوض أم لا ... وأشار الترمذي إلى أنه محمول على من طلب الشراء محتاجاً فامتنع صاحب الطعام، فله أن يأخذ منه كرهاً، قال: وروي نحو ذلك في بعض الحديث مفسراً. ثانيها: أن ذلك كان في أول الإسلام، وكانت المواساة واجبة، فلما فتحت الفتوح، نسخ ذلك. ثالثها: أنه مخصوص بالعمال المبعوثين لقبض الصدقات من جهة الإمام. رابعها: أنه خاص بأهل الذمة، وأقوى الأجوبة الأول. وانظر: "نيل الأوطار" 9/ 38، فقد ذهب إلى وجوبها مطلقاً وهو مذهب الليث ابن سعد. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.

6 - باب نسخ الضيق في الأكل من مال غيره

6 - باب نَسْخ الضِّيق في الأكل من مال غيره (¬1) 3753 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد المَزوَزيُّ، حدَّثني عليُّ بنُ الحُسين بن واقد، عن أبيه، عن يزيدَ النحوي، عن عِكْرمَة عن ابنِ عباس، قال: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29] فكان الرجل يتحرَّجُ أن يأكُلَ عندَ أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية، فنسخَ ذلك الاَيةُ التي في النور، قال: {ليس عليكم جُناح أن تأكُلُوا من بُيوتكم} (¬2) إلى قوله: {أشْتَاتاً} كان الرجلُ الغنيُّ يَدْعُو الرَّجلَ مِن أهله إلى الطعام، فقال: إني لأتجَنَّحُ أن آكُلَ منه -والتَّجَنُّح: الحرج- ويقول: المسكينُ أحقُّ به مني، فاُحِلَّ في ذلك أنْ يأكُلُوا مما ذُكِرَ اسمُ الله عليه، وأُحِلَّ طعامُ أهلِ الكتاب (¬3). ¬

_ (¬1) هكذا جاءت ترجمة هذا الباب في (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها رواية ابن العبد. قلنا: ونسخة (هـ) عندنا برواية ابن داسه، فالمثبت إذاً هو رواية ابن العبد وابن داسه. قال العظيم آبادي في "شرحه": هذه النسخة أولى النسخ المذكورة كلها، قال: وهذه أعم النسخ، لأن الحُرمة في هذه النسخة مطلقة غير مقيدة بالضيافة بخلاف النسخ الأخرى، وهذه النسخة التي ينطبق عليها حديث الباب انطباقاً تامّاً. (¬2) قال في "عون المعبود": ليست التلاوة هكذا، فهذا النقل الذي في الكتاب إنما هو نقل بالمعنى لا باللفظ. قلنا: والتلاوة: ... {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ}. (¬3) إسناده حسن من أجل علي بن الحسين بن واقد، فقد روى عنه جمع من الحفاظ. وقال النسائي: ليس به بأس، ووصفه الحافظ الذهبي في "السير" بالإمام المحدث الصدوق، وبأنه كان عالماً صاحب حديث كأبيه، ويغلب على ظننا أن تضعيف أبي حاتم والعقيلي له للإرجاء، كالذي نقله البخاري عن إسحاق بن راهويه، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وليس ذلك بجرح، لأن الإرجاء مذهب لعدة من جلة العلماء لا ينبغي التحامل على قائله كما قال الحافظ الذهبي في ترجمة مِسعَر بن كدام من "الميزان"، والله تعالى أعلم. يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد أبو الحسن القرشي مولاهم، وأحمد بن محمد المروزي: هو أحمد بن محمد بن ثابت بن عثمان الخزاعي، ابن شبُّويه. وأخرجه البيهقي 7/ 274 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبري في "تفسيره" 5/ 31 عن محمد بن حميد الرازي، عن يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قولهما. ومحمد بن حميد الرازي ضعيف الحديث. وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (443)، والطبري 18/ 168، وأبو جعفر النحاس في معاني القرآن، 4/ 558، وفي "الناسخ والمنسوخ" ص 236 - 237، وأبو بكر الجصاص في "أحكام القرآن" 3/ 334 من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. وقد خالف ابنَ عباس في دعوى النسخ عبدُ الله بن مسعود كما رواه عنه ابن أبي حاتم، والطبراني في "الكبير" (10061)، فقال في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29] قال: إنها محكمة ما نُسخت. وصحح إسناده الحافظ السيوطي في "الدر المنثور" 2/ 494، وهو كما قال. وقال مكي بن أبي طالب في "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" ص 225: روي من طريق ابن عباس، وهو غير صحيح عنه. قلت [القائل مكي]: وهذا لا يجوز أن يُنسخ، لأن أكل الأموال بالباطل لا يُنسخ إلا إلى جواز ذلك، وجوازه لا يحسُن ولا يحل، فأما من أكلت ماله بطيب نفسه من قريب أو صديق فهو جائز، وليس ذلك من أكل الأموال بالباطل في شيء. والآية في النساء وهي في النهي عن أكل مال غيرك من غير طيب نفسه، فهو من أكل المال بالباطل. والآية في النور هي في جواز أكل مال غيرك عن طيب نفسه، وذلك جائز. فالآيتان في حكمين مختلفين، لا تنسخ إحداهما الأخرى، فلا مدخل لذكرهما في هذا الباب.=

7 - باب في طعام المتباريين

7 - باب في طعام المتبارِيَين 3754 - حدَّثنا هارونُ بنُ زيد بن أبي الزرقاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا جريرُ بنُ حازم، عن الزُّبير بن خِرِّيتٍ، سمعتُ عِكرمة يقول: كان ابنُ عباسِ يقول: إن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- نَهَى عن طَعامِ المُتبارِيَيْنِ أن يُؤكَلَ (¬1). ¬

_ = وقال ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 413: وقد زعم بعضهم أنها (أي آية النور) منسوخة بقوله: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} وليس هذا بقول فقيه. تنبيه: جاء في هامش (هـ) عند هذا الباب ما نصه: حدَّثنا محمد بن المثنى، حدَّثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدَّثنا سفيان الثوري، عن منصور، عن عامر، عن أبي عياض قال: قال عمر بن الخطاب: إذا مر أحدكم بالحائط فليأكل ولا يتخذه خُبْنَةً. ولم نتبين من أي الروايات هو، فلم يرد في غير هامش (هـ) ولم ينبه عليه المزي في "الأطراف". (¬1) إسناده صحيح. وقد صححه ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والأيهام" 5/ 428 رادّاً على عبد الحق الإشبيلي إذ قال عقبه في "الأحكام الوسطى" 4/ 66: أكثر من رواه لم يذكر ابن عباس. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 274 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن عدي في الكامل" 2/ 509 و 551، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6067) من طريق بقية بن الوليد، حدثني ابن المبارك، وأبو الفتح الأزدي في "من وافق اسمه اسم أبيه" ص 28 - 29 من طريق عباد بن عباد المهلبي، كلاهما (ابن المبارك وعباد) عن جرير بن حازم، به. وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات" (3257) عن علي بن الجعد، عن جرير بن حازم، عن الزبير بن خريت، عن عكرمة مرسلاً. وأخرجه موصولاً الطبراني في "الكبير" (11942)، والحاكم 4/ 128 - 129 من طريق هارون بن موسى النحوي، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 222 من طريق عبد الله ابن عبد الله، كلاهما عن الزبير بن خريت (وتحرف في مطبوع الحاكم إلى: ابن الحارث)، عن عكرمة، عن ابن عباس، وصحح إسناده الحاكم وسكت عنه الذهبي. =

8 - باب إجابة الدعوة إذا حضرها مكروه

قال أبو داود: أكثرُ من رواه عن جريرٍ لا يذكرُ فيه ابنَ عباس، وهارون النحوي ذكر فيه ابن عباس أيضاً، وحماد بنُ زيد لم يذكر ابنَ عباس. 8 - باب إجابة الدعوة إذا حضَرها مكروه 3755 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن سعيد بن جَمْهَان عن سفينة أبي عبد الرحمن: أن رجلاً أضافَ عليَّ بن أبي طالب، فصَنَعَ له طَعاماً، فقالت فاطمة: لو دعونا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فأكَلَ مَعَنا، فدَعَوْه، فجاءَ، فوضَعَ يَدَه على عِضَادتَي الباب، فرأى القِرَام قد ضُرِبَ به في ناحية البيت، فرَجَعَ، فقالتْ فاطمةُ لعليٍّ: الحقْهُ فانْظر ما رَجَعَه، فتبعتُه، فقلت: يا رسولَ الله، ما ردَّك؟ قال: "إنه ليس لي -أو لنبيٍّ- أن يدخلَ بيتاً مُزوَّقاً" (¬1). ¬

_ = وأخرجه موصولاً أيضاً الخطيب في "تاريخ بغداد" 3/ 240 من طريق عاصم بن هلال إمام مسجد أيوب السختياني، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس. وعاصم وإن كان فيه لين، يعتبر به في المتابعات والشواهد. وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن لال في "زهر الفردوس" (97/ 4 - هامش مسند الفردوس)، وابن السماك في "جزئه" ورقة 64/ 1، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6068)، وإسناده صحيح، ولفظه: "المتباريان لا يُجابان، ولا يؤكل طعامهما". قال الخطابي: المتباريان: المتعارضان بفعلهما، يقال: تبارى الرجلانِ إذا فعل كُلُّ واحد منهما مثل فعلِ صاحبه ليرى أيهما يغلب صاحبه، وإنما كره ذلك لما فيه من الرياء والمباهاة، ولأنه داخل في جملة ما نهى عنه من أكل المال بالباطل. (¬1) إسناده حسن من أجل سعيد بن جُمهان، فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه ابن ماجه (3360) من طريق عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (21922)، و"صحيح ابن حبان" (6354). =

9 - باب إذا اجتمع. الداعيان، أيهما أحق؟

9 - باب إذا اجتمع. الداعيان، أيُّهما أحق؟ 3756 - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، عن (¬1) عبد السَّلام بن حَرْبٍ، عن أبي خالد الدَّالاني، عن أبي العلاء الأودِيِّ، عن حُمَيد بن عبدِ الرحمن الحِمْيري عن رَجُلِ من أصحابِ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: " إذا اجْتمَعَ الدَّاعيان، فأَجِبْ أقربَهما باباً، فإنَّ أقربَهما باباً أقربُهما جِواراً، وإن سَبقَ أحدُهما فَأجِبِ الذي سَبَقَ" (¬2). 10 - باب إذا حضرت الصلاةُ والعَشَاء 3757 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ ومُسدَّدٌ -المعنى، قال أحمد ُ:- حدَّثني يحيى، عن عُبيدِ الله، قال؟ حدَّثني نافِعٌ عن ابنِ عمر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا وُضِعَ عَشَاءُ أحدكم وأُقيمَتِ الصَّلاةُ، فلا يَقومُ حَتى يَفرُغَ ". زاد مُسدَّد: وكان عبدُ الله إذا ¬

_ = القِرام: الستر، وفي رواية أخرى أنه كان ستراً موشًّى، كره الزينة والتصنع. ونقل صاحب "بذل المجهود" عن المولى محمد يحيى رحمه الله قوله: ولعل القِرام كان فيه تصاوير أو لأنه عُلِّقَ في غير محله من نحو جدارٍ مما نهى عنه -صلَّى الله عليه وسلم-. قال الخطابي: وفيه دليل على أن من دُعي إلى مدعاة يحضرها الملاهي والمنكر، فإن الواجبَ عليه أن لا يُجيب. (¬1) في (أ) وحدها: حدَّثنا عبد السلام بن حرب. (¬2) إسناده حسن من أجل أبي خالد الدالاني -وهو يزيد بن عبد الرحمن. أبو العلاء الأودي: هو داود بن عبد الله. وأخرجه إسحاق بن راهويه (1368)، وأحمد (23466)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار، (2798)، والبيهقي 7/ 275، وابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 413 - 414 من طريق عبد السلام بن حرب، بهذا الإسناد.

وُضِعَ عَشاؤُه -أو حَضَر عشاؤُه- لم يَقُمْ حتَّى يَفْرُغَ، وإن سَمِعَ الإقامَةَ، وإن سمع قراءةَ الإِمام (¬1). 3758 - حدَّثنا محمدُ بنُ حاتم بن بَزِيعٍ، حدَّثنا مُعلَّى -يعني ابنَ منصور- عن محمد بن ميمونِ، عن جعفرِ بن محمد، عن أبيه عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: " لا تُؤخَّرُ الصلاةُ لطعامٍ ولا لغَيرِهِ" (¬2). 3759 - حدَّثنا عليُّ بنُ مُسلم الطُوسيُّ، حدَّثنا أبو بكير الحنفيُّ، حدَّثنا الضحاكُ بنُ عثمان عن عبدِ الله بن عُبيد بن عُميرِ، قال: كنتُ مع أبي في زمان ابنِ الزبير إلى جنب عبدِ الله بن عمر، فقال عَبَّادُ بنُ عبدِ الله بن الزبير: إنَّا ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر العمري، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه البخاري (673)، ومسلم (559)، والترمذي (354) من طريق عبيد الله ابن عمر، والبخاري (5464)، ومسلم (559)، وابن ماجه (934) من طريق أيوب السخياني، والبخاري تعيقاً (674)، ومسلم (559) من طريق موسى بن عقبة، ومسلم (559) من طريق ابن جريج، أربعتهم عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4709)، و"صحيح ابن حبان" (2067). قال الترمذي: وعليه العمل عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - منهم أبو بكر وعمر. وابن عمر، وبه يقول أحمد وإسحاق، يقولان: يبدأ بالعشاء، وان فاتته الصلاة في الجماعة. (¬2) إسناده ضعيف، محمد بن ميمون -وهو الزعفراني الكوفي- اختُلف فيه وثقه بعضهم وضعفه آخرون، وقد إنفرد بهذا الحديث، ولا يحتمل تفرد مثله، كيف وقد خالف حديث ابن عمر السالف وهو في "الصحيحين". وأخرجه البيهقي 3/ 74، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة محمد بن ميمون الزعفراني 26/ 542 من طريق محمد بن ميمون، بهذا الإسناد.

11 - باب غسل اليد عند الطعام

سَمِعْنا أنه يُبدأ بالعَشاءِ قبلَ الصَّلاة، فقال عبدُ الله بن عمر: وَيْحَكَ! ما كانَ عشاؤُهُم؟ أتراه كان مثلَ عشاء أبيك؟ (¬1). 11 - باب غسل اليد عند الطعام 3760 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ، حدَّثنا أيوبُ، عن عبدِ الله بن أبي مُليكة عن عبدِ الله بن عباس: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خرج مِن الخَلاء، فقُدِّم إليه طعامٌ، فقالوا: ألا نأتيكَ بوَضوءٍ، فقال: إنما أُمِرْتُ بالوُضُوء، إذا قُمْتُ إلى الصّلاة" (¬2). ¬

_ (¬1) أثر إسناده قوي من أجل الضحاك بن عثمان -وهو الحزامي- فهو صدوق لا بأس به. أبو بكر الحنفي: هو عبدُ الكبير بن عبد المجيد البصري. وأخرجه البيهقي 3/ 74 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وإسماعيل: هو ابن عُلَيَّهَ. وأخرجه الترمذي (1953)، والنسائي في "المجتبى" (132) من طريق إسماعيل ابن عُلية، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (374)، والنسائي في "الكبرى" (6703) من طريق سعيد بن الحويرث عن ابن عباس. وهو في "مسند أحمد" (1932) و (2549) و (3381)، و"صحيح ابن حبان" (5208). قوله: " أُمرت بالوضوء" قال المناوي في "فيض القدير" 3/ 200: المراد بذلك الوضوء الشرعي، وفيه رد على من زعم كراهة غسل اليد قبل الطعام وبعده، وما تمسك به من أنه من فعل الأعاجم لا يصلح حجة، ولا يدل على اعتباره دليلٌ. وقال الإِمام النووي في "شرح مسلم": اختلف العلماء في استحباب غسل اليد قبل الطعام وبعده، والأظهر استجابه أولاً إلا أن يتيقن من نظافة اليد من النجاسة =

3761 - حدَّثنا موسى بنُ اسماعيلَ، حدَّثنا قيسٌ، عن أبي هاشم، عن زَاذَان عن سلمانَ، قال: قرأت في التوراة، أنَّ بركةَ الطعامِ الوضوءُ قبلَه، فذكرتُ ذلك للنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "بَرَكَةُ الطعامِ الوضوءُ قَبلَه، والوضوءُ بَعدَه" (¬1). وكان سفيانُ يكرهُ الوضوءَ قبل الطعام (¬2). قال أبو داود: وهو ضعيف (¬3). ¬

_ = والوسخ، واستحبابه بعد الفراغ إلا أن لا يبقى على اليد أثر الطعام بأن كان يابساً ولم يمسه بها، وقال مالك رحمه الله تعالى: لا يستحب غسل اليد للطعام إلا أن يكون على اليد أولاً قذر ويبقى عليها بعد الفراغ رائحة، والله أعلم. وقال ابن قدامة في "المغني" 10/ 211: يستحب غسل اليدين قبل الطعام وبعده وإن كان على وضوء، قال المرُّوذي: رأيت أبا عبد الله يغسل يديه قبل الطعام وبعده لأن كان على وضوء. (¬1) إسناده ضعيف كما قال المصنف، من أجل قيس بن الربيع. وأخرجه الترمذي (1952) من طريقين عن قيس بن الربيع، بهذا الإسناد. وقال: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث قيس بن الربيع، وقيس بن الربيع يضعَّف في الحديث. وهو في "مسند أحمد" (23732). قال المناوي في "فيض القدير" 3/ 200: "بركة الطعام" أي: نموه وزيادة نفعه في البدن، "الوضوء قبله" أي: تنظيف اليد بغسلها، و "الوضوء بعده" كذلك قال الطيبي: معنى بركته قبلَه نموه وزيادة نفعه، وبعده دفع ضرر الغمر الذي علق بيده وعيافته. (¬2) حكايته رأي سفيان هذه أثبتناها من (هـ)، وهي برواية ابن داسه، وأشار إليها الحافظ في هامش نسخته. (¬3) ولفظ رواية ابن داسه كما في (هـ): ليس هذا بالقوي.

12 - باب طعام الفجاءة

12 - باب طعام الفُجاءة 3762 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي مريم، حدَّثنا عمي - يعني سعيدَ بن الحَكَم، حدَّثنا الليثُ بنُ سعدٍ، أخبرني خالدُ بنُ يزيدَ، عن أبي الزُّبير عن جابر بن عبد الله، أنه قال: أقبلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - من شِعْبٍ من الجَبَل وقد قضى حاجَتَه، وبين أيدينا تمرٌ على تُرسٍ -أو حَجَفَةٍ- فَدَعَوْناه، فأكلَ معنا، وما مسَّ ماءً (¬1). 13 - باب في كراهية ذم الطعام 3763 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن أبي حازمٍ عن أبي هريرة، قال: ما عابَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - طعاماً قَطُّ، إن اشتهاه أكَلَه، وإن كَرِهَهُ تَرَكهُ (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن أبا الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- لم يصرح بسماعه من جابر، والليث بن سعد لم يروه عن أبي الزبير مباشرة فتُحمَل عنعنة أبي الزبير على السماع. سعيد بن الحكم: هو ابن أبي مريم. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (8674) و (9067)، والبيهقي في "السنن" 7/ 68 من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حبان في صحيحه" (1160)، والبيهقي في "السنن" 7/ 68 من طريق عمرو بن الحارث، وأحمد (15272) من طريق ابن لهيعة، والبيهقي في "الشعب" (5888) من طريق زهير بن معاوية، ثلاثتهم عن أبي الزبير، عن جابر. ويشهد له حديث عبد الله بن عباس السالف برقم (3760). (¬2) إسناده صحيح. أبو حازم: هو سلْمان الأشجعي، والاعمش: هو سليمان ابن مهران، وسفيان: هو الثورى، ومحمد بن كثير: هو العَبْدي. وأخرجه البخاري (5409)، ومسلم (2064)، وابن ماجه (3259)، والترمذي (2150) من طرق عن الأعمش، به. =

14 - باب في الاجتماع على الطعام

14 - باب في الاجتماع على الطعام 3764 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، حدَّثنا الوليدُ بن مسلم، حَدَّثني وحشيُّ بنُ حربٍ، عن أبيه عن جدِّه، أن أصحابَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قالوا: يا رسولَ الله، إنا نأكُلُ ولا نَشْبَعُ، قال: "فلعَلَّكم تَفْتَرِقُون؟ " قالوا: نَعَمْ، قال: "فاجْتَمِعُوا على طَعامِكُم، واذكُرُوا اسمَ الله عليه، يُبارَك لكم فيه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2064)، وابن ماجه بإثر (3259) من طريق الأعمش، عن أبي يحيى مولى آل جعدة، عن أبي هريرة. فذكر أبا يحيى مولى آل جَعْدة بدل: أبي حازم سلْمان الأشجعي، والأعمش واسع الرواية ليس ببعيد أن يسمعه من كليهما. وهو في "مسند أحمد" (9507) و (10141)، و"صحيح ابن حبان" (6436) و (6437). (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، وحشي بن حرب الحفيد ليِّن الحديث، وأبوه مجهول، ومع ذلك فقد حسنه الحافظ العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" 2/ 5! وأخرجه ابن ماجه (3286) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16078)، و"صحيح ابن حبان" (5224). ويشهد له حديث جابر عند أبي يعلى (2045)، والطبراني في "الأوسط" (7317)، والبيهقي في "الشعب" (9174) و (9175) ولفظه: "إن أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي" ورجاله ثقات. وحديث عمر عند ابن ماجه (3287) بلفظ: "كلوا جميعاً ولا تتفرقوا، فإن البركة مع الجماعة". وإسناده ضعيف. وحديث أنس بنِ مالك قال: إن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يجمع له غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضَفَفٍ، أي: اجتماع الناس. وإسناده صحيح. وانظر تمام شواهده في "مسند أحمد" (16078).

15 - باب التسمية على الطعام

قال أبو داود: إذا كنت في وليمةٍ فوُضِعَ العَشاءُ، فلا تأكُلْ حتَّى يأذَنَ لَكَ صاحبُ الدار (¬1). 15 - باب التسمية على الطعام 3765 - حدَّثنا يحيى بنُ خَلَفٍ، حدَّثنا أبو عاصم، عن ابن جُرَيج، أخبرني أبو الزبير عن جابر بن عبد الله، سَمِعَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إذا دَخَلَ الرَّجُلُ بيتَه، فذكَرَ الله عزّ وجلّ عند دخوله وعندَ طَعامِهِ قال الشيطان: لا مَبيتَ لكم ولا عشاءً، وإذا دَخَلَ، فلم يذكرِ الله عندَ دخوله، قال الشيطان: أدركتُمُ المبيتَ، فإذا لم يذكرِ الله عندَ طعامِه قال: أدْرَكْتُمُ المَبيتَ والعَشاءَ" (¬2). 3766 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن خَيثَمَة، عن أبي حُذيفة عن حُذَيفة، قال: كُنا إذا حَضَرنا معَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - طعاماً لم يضَعْ أحدُنا يده حتى يبدأ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وإنا حَضَرْنا مَعَه طعاماً، ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). (¬2) إسناده صحيح، وقد صرح أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- بسماعه من جابر عند مسلم، فانتفت شبهة تدليسه، وابن جريج صرح بالسماع عند المصنف وغيره. وأخرجه مسلم (2018)، وابن ماجه (3887)، والنسائي في "الكبرى" (6724) و (9935) من طريق ابن جريج، به. وهو في "مسند أحمد" (14729)، و"صحيح ابن حبان" (819). وقوله: أدركتم المبيت والعشاء. معناه: قال الشيطان ذلك لإخوانه وأعوانه ورففته.

فجاء أعرابيّ كأنما يُدفَعُ، فذهبَ ليضع يدَه في الطّعام، فأخذَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بيده، قال: ثم جاءت جارِية كأنما تُدفَعُ، فذَهَبَت لِتضع يدَها في الطعام، فأخذَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بيدِها، وقال: "إن الشَّيطان لَيَستَحِلُّ الطعامَ الذي لم يُذكَرِ اسمُ الله عليه، وأنه جاء بهذا الأعرابىِّ يستحِلُّ به، فأخذتُ بيده، وجاء بهذه الجاريةِ يستحِلُّ بها فأخذتُ بيدها، فوالذي نفسي بيدِه إن يَدَهُ لفي يَدِي مَعَ أيديهِما" (¬1). 3767 - حدَّثنا مُؤمَّل بنُ هشام، حدَّثنا إسماعيلُ، عن هشام -يعني ابن أبي عبد الله الدَّستُوائيَّ- عن بُدَيْل، عن عبدِ الله بن عُبيدٍ، عن امرأة منهم يقال لها: أمُّ كلثومٍ عن عائشة، أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا أكل أحدُكُم فليذكُرِ اسمَ الله، فإن نَسِيَ أن يَذكُرَ اسمَ الله في أوَّلِه فليقُلْ: باسم الله أوَّلَهُ وآخِرَهُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو حُذيفة: هو سلمة بن صهيب الأرحبي، وخيثمة: هو ابن عبد الرحمن بن أبي سَبْرة الجعفي. وأخرجه مسلم (2017)، والنسائي في "الكبرى" (6721) و (15531) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23249). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أم كلثوم - وهي الليثية على ما رجَّحناه في "مسند أحمد" (25106). بُديل: هو ابن ميسرة، وإسماعيل: هو ابن عُلَيَّهَ. وأخرجه الترمذي (1965) من طريق وكيع بن الجراح، والنسائي في "الكبرى" (10040) من طريق معتمر بن سليمان، كلاهما عن هشام الدستوائي، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن ماجه (3264) من طريق يزيد بن هارون، عن هشام الدستوائي، عن بديل بن ميسرة، عن عَبد الله بن عُبيد بن عُمير، عن عائشة. فلم يذكر في إسناده أم كلثوم. والصواب ذكرها. =

16 - باب الأكل متكئا

3768 - حدَّثنا مُؤمَّلُ بنُ الفَضل الحرَّانيُّ، حدَّثنا عيسى -يعني ابنَ يونسَ- حدَّثنا جابرُ بن صُبْحٍ، حدَّثنا المثنى بنُ عبدِ الرحمن الخُزاعيُّ عن عمِّه أميةَ بن مَخشيٍّ - وكان مِن أصحابِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - جالساً ورجلٌ يأكُلُ، فلم يُسَمِّ حتَّى لم يَبْقَ من طعامِهِ إلا لُقمةٌ، فلما رفعَها إلى فيه قال: باسم الله أولَه وآخرَه، فضحك النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- ثم قال: ما زالَ الشيطانُ يأكلُ معَه، فلما ذَكرَ اسمَ الله استقاءَ ما في بَطنِهِ" (¬1). قال أبو داود: جابر بن صُبْحٍ جَدُّ سليمانَ بنِ حربٍ من قِبَلِ أمه (¬2). 16 - باب الأكل متكئاً 3769 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن علي بن الأقمر ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (25106) و (25733)، و"صحيح ابن حبان" (5214). وفي الباب عن ابن مسعود عند ابن حبان (5213) وإسناده صحيح. وعن أمية بن مخشي سيأتي عند المصنف بعده. (¬1) إسناده حسن في الشواهد، المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي تفرد بالرواية عنه جابر بن صُبْح، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، لكن يشهد لحديثه حديث عائشة السالف قبله، وحديث ابن مسعود المشار إليه هناك. وقد صحح الحديث الحاكمُ 4/ 108 - 109 وسكت عنه الذهبي! وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6725) و (10041) من طريق جابر بن صُبْح، به. وهو في "مسند أحمد" (18963). وانظر الأحاديث الثلاثة السالفة قبله. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وذكر هناك أن أبا سعيد -يعني ابن الأعرابي- نقلها عن غيره عن أبي داود.

سمعتُ أبا جُحيفة، قال: قال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا آكلُ مُتَّكئاً" (¬1). 3770 حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن ثابت البُناني، عن شُعيبِ بن عبدِ الله بنِ عمرو عن أبيه، قال: ما رُئِيَ رَسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- يأكُلُ مُتكِئاً قَطُّ، ولا يَطأ عَقِبَهُ رَجُلان (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومحمد بن كثير: هو العَبْدي. وأخرجه البخاري (5398) و (5399)، وابن ما جه (3262)، والترمذي (1935) من طرق عن علي بن الأقمر، عن أبي جحيفة. وهو في "مسند أحمد" (18754)، و "صحيح ابن حبان" (5240). قال الخطابي: يحسب أكثر العامة أن المتكئ هو المائل المعتمد على أحد شقيه، لا يعرفون غيره، وكان بعضهم يتأول هذا الكلام على مذهب الطب، ودفع الضرر عن البدن، إذ كان معلوماً أن الأكل مائلاً على أحد شقيه لا يكاد يسلمُ من ضغط يناله في مجاري طعامه فلا يُسيغه ولا يسهل نزوله إلى معدته. وليس معنى الحديث ما ذهبوا إليه، وإنما المتكئ ها هنا هو المعتمد على الوطاء الذي تحته، وكل من استوى قاعداً على وطاء فهو متكئ. والإتكاء مأخوذ من الوكاء ووزنه الافتعال منه، فالمتكئ هو: الذي أوكى مقعدته وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته، والمعنى: أني إذا أكلتُ لم أقعد متمكنا على الأوطية والوسائد فعل من يريد أن يستكثر من الأطعمة ويتوسع في الألوان، ولكني آكل عُلْقةً، وآخذ من الطعام بُلْغة، فيكون قعودي مستوفزاً له، وروي أنه كان -صلَّى الله عليه وسلم- يأكل مُقعِيا، ويقول: "أنا عبد آكل كما يأكل العبيد". ويؤيد تفسير الخطابي هذا ما أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 314 بسند صحيح إلى إبراهيم النخعي قال: كانوا يكرهون أن يأكلوا تكأة مخافة أن تعظم بطونهم. (¬2) إسناده حسن. شعيب بن عبد الله بن عمرو: هو شعيب بن محمد بن عبد الله ابن عمرو بن العاص، والد عمرو بن شعيب، وقوله: عن أبيه: يريد أباه الأعلى عبد الله ابن عمرو بن العاص، وسماه أباه لأنه هو الذي ربّاه، وشعيب هذا صدوق حسن الحديث، وباقي رجال الإسناد ثقات. ثابت البُناني: هو ابن أسلم، وحماد: هو ابن سلمة. =

17 - باب في الأكل من أعلى الصحفة

3771 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، أخبرنا وكيعٌ، عن مُصعب بن سُلَيم سمعت أنس بن مالك يقول: بعثني النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فرجعتُ إليه فوجدتُه يأكُلُ تمراً وهو مُقْعٍ (¬1). 17 - باب في الأكل من أعلى الصَّحفة 3772 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا شعبةُ، عن عطاء بن السَّائب، عن سعيدِ بنِ جُبير عن ابنِ عباسٍ، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: " إذا أكلَ أحَدُكم طعاماً فلا يَأكُلْ مِن أعلى الصَّحْفة، ولكن ليأكُل مِن أسْفَلِها؛ فإنَّ البَركَةَ تَنْزِلُ مِن أعلاهَا" (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (244) من طريق سويد بن عمرو، عن حماد بن سلمة، بهذا الاسناد. وهو في "مسند أحمد" (6549). قال المناوي في "فيض القدير" 5/ 181: " لا يطأ عقبه رجلان" أي: لا يمشي خلفه رجلان ولا أكثر، كما يفعلُ الملوكُ يتبعهم الناسُ كالخدم. وقال القاري في "مرقاة المفاتيح" 4/ 379: أي: لا يمشي قُدَّام القوم، بل يمشي في وسط الجمع، أو في آخرهم تواضعاً. (¬1) إسناده قوي من أجل مصعب بن سليم، فهو صدوق لا بأس به. وأخرجه مسلم (2044)، والنسائي في "الكبرى" (6711) من طرق عن مصعب ابن سُليم، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12860) قوله: وهو مُقعٍ، قال ابن الأثير في "النهاية": أراد أنه كان يجلس عند الأكل على وركيه مستوفزاً غير متمكن. (¬2) إسناده صحيح. شعبة -وهو ابن الحجاج- سمع عطاء بن السائب قبل اختلاطه. =

3773 - حدَّثنا عمرُو بنُ عثمانَ الحمصيُّ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الرحمن بن عِرْق حدَّثنا عبدُ الله بنُ بُسْرٍ، قال: كان للنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قَصْعَةٌ يقال لها: الغَرَّاء يَحمِلُها أربعةُ رجالٍ، فلما أضْحَوا وسَجَدُوا الضُّحَى، أُتي بتلك القصعة -يعني وقد ثُرِدَ فيها- فالتَفُّوا عليها، فلما كَثُرُوا جَثَى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال أعرابي: ما هذه الجِلْسَة؟ قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن اللهَ جَعلَني عَبداً كريماً، ولم يجعلني جبًاراً عَنيداً" ثم قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "كُلُوا مِنْ حَوالَيْها، ودَعُوا ذِرْوتَها يُبارَكْ فيها" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (3277)، والترمذي (1908)، والنسائي في "الكبرى" (6729) من طرق عن عطاء بن السائب، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (2439)، و"صحيح ابن حبان" (5245). (¬1) ضعيف بهذه السياقة، على نكارة في قوله: كان للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- قصعة يقال لها: الغرّاء، يحملها أربعة رجال. محمد بن عبد الرحمن بن عِرْق -وهو اليَحصبي الحمصي- قال فيه دُحيم: لا أعلمه إلا ثقة، وقال فيه ابن حبان: لا يُعتد بحديثه ما كان من حديث إسماعيل بن عياش وبقية ويحيى بن سعيد العطار وذويهم، بل يُعتبر بحديثه من رواية الثقات عنه، وذكره ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والايهام" 4/ 617 في حديث رواه عن عبد الله بن بسر في باب الأحاديث التي سكت عنها عبد الحق الإشبيلي، وليست بصحيحة، وقال عنه: ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر له حالاً، فهي عنده مجهولة. قلنا: وخالفه جماعة فرووه عن عبد الله بن بُسر بسياقة أخرى ليست فيه تلك الجملة المنكرة. وأخرجه مختصراً ابن ماجه (3263) و (3275) عن عمرو بن عثمان، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (17678)، والنسائي في "الكبرى" (6730) من طريق صفوان ابن عمرو، عن عبد الله بن بسر قال: بعثني أبي إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أدعوه إلى طعام، فجاء معي، فلما دنوتُ من المنزل أسرعتُ، فأعلمت أبويَّ فخرجا فتلقيا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ورحَّبا به، ووضعنا له قطيفة كانت عندنا زئبرية (أي ذات وبر) فقعد عليها، ثم قال =

18 - باب ما جاء في الجلوس على مائدة عليها بعض ما يكره

18 - باب ما جاء في الجلوس على مائدة عليها بعض ما يكره 3774 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا كثيرُ بنُ هشام، عن جعفر بن بُرقَان، عن الزهري، عن سالمٍ عن أبيه، قال: نَهَى رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن مَطعَمَين: عن الجلوسِ على مائدةٍ يُشرَبُ عليها الخَمرُ، وأن يأكلَ الرجلُ وهو مُنبطِحٌ على بَطنِهِ (¬1). ¬

_ = أبي لأمي: هات طعامك، فجاءت بقصعة فيها دقيق قد عصدته بماء وملح، فوضعته بين يدي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "خذوا باسم الله من حواليها، وذروا ذروتها، فإن البركة فيها" فأكل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأكلنا معه، وفَضَل منها فضلة، ثم قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اللهم اغفر لهم وارحمهم، وبارك عليهم، ووسِّع عليهم في أرزاقهم". هذا لفظ أحمد، ولفظ النسائي مختصر. وقد سلف عند المصنف مختصراً بنحو لفظ صفوان برقم (3729). (¬1) إسناده ضعيف كما أفاده المصنِّف. جعفر بن بُرقان -وهو الجزري- ضعَّف الأئمة روايته عن الزهري، وقالوا: يضطرب فيها، وقد ضعف أبو حاتم هذا الحديث فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 2/ 27، وقال الدارقطني: ربما حدث الثقة عن ابن برقان، عن الزهري، ويحدث الآخر بذلك الحديث عن ابن برقان، عن رجل، عن الزهري، أو يقول: بلغني عن الزهري. وهذا ما حَصَل له في هذا الإسناد، فقد رواه في الطريق الآتي بعده زيدُ بن أبي الزرقاء عنه، فقال: إنه بلغه عن الزهري. وللنهي عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر شواهد يصح بها. وأخرجه ابن ماجه (3370) عن محمد بن بشار، عن كثير بن هشام، بهذا الإسناد. بذكر النهي عن الأكل منبطحاً فقط. ويشهد للنهي عن الجلوس على مائدة يُشرب عليها الخمر حديث عمر بن الخطاب عند أحمد (125)، وأبي يعلى (251)، والبيهقي 7/ 266. وحديث جابر بن عبد الله عند الترمذي (3009)، والنسائي في "الكبرى" (6708). ورجاله ثقات عند النسائي. وانظر ما بعده.

19 - باب الأكل باليمين

قال أبو داود: هذا الحديث لم يسمعْه جعفرٌ من الزهري، وهو مُنكَرٌ. 3775 - حدَّثنا هارونُ بنُ زيد بن أبي الزرقاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا جعفرٌ، أنه بلغه عن الزهري، بهذا الحديث (¬1). 19 - باب الأكل باليمين 3776 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، أخبرني أبو بكر بن عُبيد الله بن عَبد الله بن عُمر عن جده ابن عمر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا أكَلَ أحَدُكُم فليأكُل بيمينِه، وإذا شَرِبَ فلْيَشرَبْ بيمينِه، فإنَّ الشيطانَ يأكُلُ بشمالِه ويشربُ بشماله" (¬2). 3777 - حدَّثنا محمدُ بنُ سُليمانَ لُوَيْنٌ، عن سليمانَ بن بلالٍ، عن أبي وَجْزَة ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه. جعفر: هو ابن بُرقان الجزري. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه مسلم (2020)، والترمذي (1903)، والنسائى في "الكبرى" (6713) و (6715) و (6717) و (6863) من طرق عن الزهري، به. وأخرجه مسلم (2020)، والنسائى في "الكبرى" (6714) و (6862) و (6864) و (6865) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه. وأخرجه النسائى (6718) من طريق شريك النخعي، عن عُبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر. قال النسائي: هذا خطأ، والصواب الذي قبله، يعني رواية عبيد الله، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبيد الله، عن جده ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4537)، و"صحيح ابن حبان" (5226) و (5331).

20 - باب في أكل اللحم

عن عُمَرَ بن أبي سلمة، قال: قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "ادْنُ بُنَيَّ فسَمِّ الله، وكُلْ بيمينِكَ، وكُل مِمَّا يَليكَ" (¬1). 20 - باب في أكل اللحْم 3778 - حدَّثنا سعيدُ بنُ منصور، حدَّثنا أبو مَعْشرِ، عن هشام بن عُروة، عن أبيه عن عائشة قالت: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تَقطَعُوا اللحْم بالسِّكِّين، فإنّه مِن صَنيعِ الأعاجمِ، وانهَسُوه فإنه أهناُ وأمرأُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو وَجْزَة: هو يزيد بن عُيد السَّعْدي. وأخرجه الطيالسي (1358)، وابن حبان في "صحيحه" (5211) من طريقين عن هشام بن عروة، عن أبي وجزة، عن عمر بن أبي سلمة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6723) و (10035) و (10036) من طرق عن هشام بن عروة، عن أبي وَجْزَة، عن رجل من مزينة، عن عمر بن أبي سلمة. فزاد في الإسناد: رجلاً من مزينة. لكن وقع تصريح أبي وجزة بسماعه من عمر بن أبي سلمة عند أحمد (16339) و (16340)، فاتصل الإسناد، فلا يبعد أن يكون أبو وجزة قد سمعه على الوجهين، والله تعالى أعلم. قال أبو عمر ابن عبد البر في التمهيد" 23/ 17: وقد سمع أبو وجزة السعدي هذا الحديث من عمر بن أبي سلمة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6722) و (10032 - 10034)، والترمذي (1963) من طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة. وأخرجه مسلم (2022)، وابن ماجه (3267) من طريق وهب بن كيسان، عن عمر بن أبي سلمة. وهو في "مسند أحمد" (16330) و (16332) و (16334)، و"صحيح ابن حبان" (5211) و (5215). (¬2) إسناده ضعيف كما قال المصنف، أبو معشر -وهو نجيح بن عبد الرحمن السَّندي- ضعيف الحديث، وعدَّ النسائي بإثر الحديث (2243) هذا الحديث من مناكيره. =

قال أبو داود: وليس هو بالقوي (¬1). 3779 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا ابنُ عُلَيَّة، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن معاوية، عن عثمانَ بن أبي سليمان عن صفوان بن أمية، قال: كنتُ آكلُ مع النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- منه فآخذُ اللحمَ مِن العَظمِ، فقال: أدْنِ العَظْمَ مِنْ فيك، فإنه أهناُ وأَمرأُ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن حبان في "المجروحين" 3/ 60، وابن عدي في "الكامل" 7/ 2518، والبيهقي 7/ 280 من طريق أبي معشر السندي، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن عدي 7/ 2706 من طريق يحيى بن هاشم السمسار، عن هشام بن عروة، به قال ابن عدي: وهذا حديث يُعرف بأبي معشر، وإن كان ضعيفاً عن هشام، عن عروة سرقه منه يحيى بن هاشم هذا. ويخالف ما جاء في هذا الحديث من النهي عن قطع اللحم بالسكين حديث عمرو ابن أمية عند البخاري (208)، ومسلم (355) ولفظه: عن عمرو بن أمية: أنه رأى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يحتزّ كتف شاة، فدعي إلى الصلاة، فألقى السكين، فصلى، ولم يتوضأ. وأما نهسُ اللحم فقد ورد من فعله -صلَّى الله عليه وسلم- في حديث طويل رواه أبو هريرة، أخرجه البخاري (3340)، ومسلم (194)، وفيه: كنا مع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في دعوةٍ، فرفعت إليه ذراع -وكانت تعجبه- فنهس منها نهسة. وورد أيضاً في الحديث الآتي بعده. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف عبد الرحمن بن معاوية - وهو الزُّرَقي. ولانقطاعه: عثمان بن أبي سليمان لم يسمع مِن صفوان بن أمية. ابن عُليّة: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقسم. وله طريقان آخران ضعيفان كذلك، لكن بمجموعها يحسن الحديث إن شاء الله، كما قال الحافظ في الفتح، 9/ 547. وأخرجه أحمد (15309)، والطبراني في "الكبير"، (7333)، والحاكم 4/ 112 - 113، والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 280، وفي "الشعب" (5901)، وفي "الآداب" (506) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق، بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: هذا مُرسَل، عثمانُ لم يَسمَعْ من صفوان (¬1). 3780 - حدَّثنا هارون بن عبد الله، حدَّثنا أبو داود، حدَّثنا زُهير، عن أبي إسحاق، عن سعْد بن عِياض عن عبد الله بن مسعود، قال: كان أحبَّ العُراقِ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عُرَاقُ الشاة (¬2). 3781 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشّارِ، حدَّثنا أبو داود، بهذا الإسناد، قال: ¬

_ = وأخرجه الحميدي (564)، وابن سعد في "طبقاته" 5/ 25، وأحمد (15300)، والدارمي (2070)، والترمذي (1940)، والطبراني في "الكبير" (7332)، والبيهقي في "الآداب" (507) من طريق عبد الكريم بن أبي المُخارق، عن عبد الله بن الحارث، عن صفوان بن أمية. وابن أبي المخارق ضعيف الحديث. وأخرجه الطبراني (7331) من طريق يوسف بن حماد المعني، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن محمد بن الفضل بن العباس، عن صفوان بن أمية. وعثمان بن عبد الرحمن ومحمد بن الفضل ضعيفان. ويشهد له حديث عائشة السالف قبله. ويشهد له أيضاً فعلُه -صلَّى الله عليه وسلم- كما أشرنا إليه في الحديث السالف قبله. (¬1) مقالة أبو داود هذه أثبتناها من هامش (أ) و (هـ)، وأشار في (هـ) إلى أنها في رواية ابن الأعرابي. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة سعد بن عياض. وزهير -وهو ابن معاوية- سماعه من أبي إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي- بعد اختلاطه. أبو داود: هو سليمان ابن داود الطيالسي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6620) عن هارون بن عبد الله، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3733). وانظر ما بعده. العُراق بضم العين: جمع العَرْقِ: العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم، يقال: عَرَقتُ العظمَ واعترقتُه وتعرّقتُه: إذا أخذتَ عنه اللحم بأسنانك.

كان النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - يُعْجِبه الذِّراع، قال: وسُمَّ في الذِّرَاع، وكان يرى أن اليهود هم سَمُّوه (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سعْد بن عياض. وزهير بن معاوية -وإن روى عن أبي إسحاق السبيعي بعد اختلاطه- قد توبع على هذه الرواية. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي. وهو في "مسند الطيالسي" (388)، ومن طريقه أخرجه أحمد (3733) الترمذي في "الشمائل" (169)، والبيهقي في شعب الإيمان (5897)، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة سعْد بن عياض 10/ 294. وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 61، والشاشي في "مسنده" (785)، والطبراني في الأوسط" (2461) من طريق عمرو بن مرزوق، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ص 202 من طريق مالك بن إسماعيل، كلاهما عن زهير، به. وأخرجه أحمد (3778)، والشاشي (783) و (784) من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن جده، بالحديث الثاني. ولقوله: كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يعجبه الذراع، شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (3340)، ومسلم (194) بلفظ: كنا مع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في دعوة فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه. ولذكر السم الذي وضعته يهود في الشاة التي قدموها للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- في خيبر شواهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (3169)، وانظر ما سيأتي عند المصنف برقم (4509) و (4512). ْومن حديث عبد الله بن عباس عند أحمد (2784). ومن حديث أنس بن مالك عند البخاري (2617)، ومسلم (2190)، وسيأتي عند المصنف برقم (4508). وعن جابر سيأتي عند المصنف برقم (4510). وعن أم مبشر سيأتي كذلك برقم (4513) و (4514). وعن أبي سعيد الخدري عند الحاكم 4/ 109. وعن عائشة عند البخاري (4428) معلقا بصيغة الجزم. وانظر ما قبله.

21 - باب في كل الدباء

21 - باب في كل الدُّبَّاء 3782 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكِ، عن إسحاقَ بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سَمعَ أنسَ بن مالكِ يقول: إن خيَّاطاً دعا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لطعامٍ صنعَه، قال أنس: فذهبتُ معَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى ذلك الطعام، فقرَّبَ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خُبزاً من شَعيرٍ ومَرَقاً فيه دُبَّاءٌ وقَديدٌ، قال أنس: فرأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يتَّبَّعُ الدُّبَّاء مِن حَوالَي الصَّحْفَة، فلم أزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاء بعدَ يومئذ (¬1). 22 - باب في أكل الثَّريد 3783 - حدَّثنا محمدُ بنُ حسَّان السَّمتيُّ، حدَّثنا المباركُ بنُ سعيد، عن عُمَرَ بن سعيد، عن رجلٍ من أهلِ البَصرة، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباسٍ، قال: كان أحبَّ الطعامِ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الثريدُ من الخبز، والثريدُ من الحَيْسِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مَسلمة بن قعنب. وهو في "موطأ مالك" 2/ 546، ومن طريقه أخرجه البخاري (2092)، ومسلم (2541)، والترمذي (1955)، والنسائي في "الكبرى" (6628). وأخرجه البخاري (5420) و (5433) و (5435)، ومسلم (2041) وابن ماجه (3302) و (3303)، والنسائي في "الكبرى" (6629) و (6630) و (6728) من طرق عن أنس بن مالك. وهو في "مسند أحمد" (12052) و (12513)، و"صحيح ابن حبان" (4539) و (6380). والدباء: القرع، واليقطين، والقديد: اللحم المجفف بالشمس. (¬2) إسناده ضعيف ما قال المصنف لابهام الرجل البصري، المبارك بن سعيد وعُمر بن سعيد هما ابنا سعيد بن مسروق الثوري، وأخوهما سفيان الثوري. =

23 - باب كراهية التقذر للطعام

قال أبو داود: وهو ضعيف. 23 - باب كراهية التَّقذُّر للطعام 3784 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهيز، حدَّثنا سِماكُ بنُ حربٍ، حدَّثني قَبِيصَةُ بن هُلْبٍ ¬

_ = وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5908)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 241 من طريق أبي داود السجستاني، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات "الكبرى" 1/ 393 عن سعيد بن سليمان سعدويه، عن المبارك بن سعيد، به. وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلم -" ص 193 و 211 من طريق الحسن بن عرفة، والحاكم 4/ 116 من طريق محمد بن شجاع الحضرمي، كلاهما عن المبارك ابن سعيد، عن عمر بن سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس. فأسقطا من إسناده الرجل البصري، والصواب الأول. وقد صححه الحاكم وسكت عنه الذهبي! وأخرجه البيهقي في "الشعب" (5922) من طريق الحسن بن عرفة، عن المبارك ابن سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس. فأسقط من إسناده الرجل البصري وعمر بن سعيد. والصواب رواية سعيد بن سليمان. سعدويه ورواية محمد بن حسان السمتي. وفي باب تفضيله -صلَّى الله عليه وسلم- الثريدَ على غيره من الطعام، حديث أبي موسى الأشعري عند البخاري (3411)، ومسلم (2431)، ولفظه: "وإن فضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام". وعن أنس بن مالك عند أحمد (13300)، والترمذي في "الشمائل" (185) وغيرهما، قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يعجبه الثُّفْلُ، وقد جاء في بعض روايات الحديث منها عند ابن سعد في "الطبقات" 1/ 393 زيادة: يعني الثريد، وكذلك فسَّره ابن خزيمة فيما أسنده عنه الحاكم 4/ 116، وفسره غيره بما بقي من الطعام. الثريد فعيل بمعنى مفعول، يقال: ثردت الخبز ثرداً من باب قتل، وهو أن تفته ثم تبله بمرق اللحم، والحيس: هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن أو الدقيق أو فتيت بدل أقط.

24 - باب النهي عن أكل الجلالة وألبانها

عن أبيه، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وسأله رجلٌ، فقال: إنَّ مِنَ الطعام طَعاماً أتحَرَّجُ منه - فقال: "لا يَتَحَلَّجَنَّ في صَدْرِكَ شيءٌ ضَارَعْتَ فيه النَّصرانيَّه (¬1). 24 - باب النهي عن أكل الجلاَّلة وألبانِها 3785 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا عَبدةُ، عن محمد بن إسحاقَ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ عن ابن عمر، قال: نَهَى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن أكل الجَلاَّلة وألبانِها (¬2). ¬

_ (¬1) حسن من حديث عدي بن حاتم، وهذا إسناد ضعيف، قبيصة بن هُلْب مجهول كما قال ابن المديني والنسائي. زهير: هو ابن مُعاوية. وأخرجه ابن ماجه (2830)، والترمذي (1653) و (1654) من طريق سماك بن حرب، به. وهو في "مسند أحمد" (21965). وأخرجه أحمد (18262)، وابن حبان (332) من طريق شعبة، عن سماك بن حرب، عن مري بن قطري، عن عدي بن حاتم. فجعله من مسند عدي. وهذا سند حسن. ومري بن قطري وثقه ابن معين في رواية عثمان بن سعيد الدارمي. قال الخطابي: قوله: "لا يَتَحَلَّجَنَّ" معناه: لا يقعن في نفسك ريبة منه، وأصله من الحَلْج، وهو الحركة والاضطراب، ومنه حَلْج القطن. ومعى المضارعة: المقاربة في الشبه، ويقال للشيئين بينهما مقاربة: هذا ضرع هذا، أي: مثله. وقال صاحب "عون المعبود" تعليقاً على قوله: ضارعت فيه النصرانية: جواب شرط محذوف، أي: إن شككت شابهت فيه الرهبانية، والجملة الشرطية مستأنفة لبيان سبب النهي، والمعنى: لا يدخل في قلبك ضيق وحرج لأنك على الحنيفية السهلة، فإذا شككت، وشدَّدت على نفسك بمثل هذا شابهت فيه الرهبانية. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطلبي مولاهم- مدلس وقد عنعن، ثم إنه خالفه سفيان الثوري، فرواه عن ابن أبي =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = نجيح -واسمه عبد الله- عن مجاهد -وهو ابن جَبْر- مرسلاً دون ذكر ابن عمر في إسناده، وكذلك رواه غير ابن أبي نجيح، عن مجاهد مرسلاً كما سيأتي. وأخرجه ابن ماجه (3189)، والترمذي في "الجامع الكبير" (1928)، وفي "العلل الكبير" 2/ 773، والطبراني في "الكبير" (13506)، والحاكم 2/ 34، وابن حزم في "المحلى" 1/ 183، والبيهقي 9/ 332، وابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 182، وابن الجوزي في "التحقيق" (1974) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وسأل الترمذيُّ البخاريَّ عنه في "العلل" فأعله بالإرسال. وأخرجه عبد الرزاق (8718)، وابن أبي شيبة 8/ 336 من طريق سفيان الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مرسلاً. وأخرجه عبد الرزاق (8714) عن ابن عيينة، عن إبراهيم بن أبي حرة، عن مجاهد، مرسلاً وسيأتي برقم (3787) بذكر النهي عن شرب ألبان الجلالة دون ذكر لحمها. وأخرج الطبراني في "الكبير" (13464) من طريق أبي الزبير، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: نُهي عن الجلاّلة. ورجاله ثقات. ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الآتي عند المصنف برقم (3811) وإسناده حسن. وحديث عبد الله بن عباس عند أحمد (1989) و (2161)، والطبراني في "الكبير" (11692) و (11819) و (11977)، والحاكم 1/ 444 - 445. وسيأتي بعده بذكر اللبن فقط. وحديث جابر بن عبد الله عند ابن أبي شيبة في "مسنده " كما في "إتحاف الخيرة" (4959)، وفي "مصنفه " 8/ 334، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 182. ورجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة أبي الزبير. وحديث أبي هريرة عند الحاكم 2/ 35، والبيهقي 9/ 333. وإسناده صحيح. قال الخطابي: "الجلالة": هي الإبل التي تأكل الجَلَّة، وهي العَذِرة، كره أكل لحومها وألبانها تنزهاً وتنظفاً. وذلك أنها إذا اغتذت بها، وُجد نَتْنَ رائحتها في لحومها، وهذا إذا كان غالب علفها منها. فأما إذا رعت الكلأ، واعتلفت الحب، وكانت تنال من ذلك شيئاً من الجَلَّة، فليست بجلالة، وإنما هي كالدجاج ونحوها من الحيوان الذي ربما نال الشيء منها، وغالب غذائه وعلفه من غيرها، فلا يُكره أكله. =

3786 - حدَّثنا ابنُ المثنى، حدَّثني أبو عامرٍ، حدَّثنا هشامٌ، عن قتادةَ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباسٍ: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- نَهَى عن لَبَنِ الجَلاَّلة (¬1). ¬

_ = واختلف الناس في أكل لحوم الجلالة وإلبانها، فكره ذلك أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وأحمد بن حنبل، وقالوا: لا تؤكل حتى تحبس أياماً وتُعلف علفاً غيرها، فإذا طاب لحمها فلا بأس بأكله. وقد روي في حديث أن البقر تعلف أربعين يوماً، ثم يؤكل لحمها، وكان ابن عمر رضي الله عنه يحبس الدجاجة ثلاثاً، ثم يذبحها. وقال إسحاق بن راهويه: لا بأس أن يؤكل لحمها بعد أن يُغسَل غسلاً جيداً، وكان الحسن البصري لا يرى بأساً بأكل لحوم الجلالة، وكذلك قال مالك بن أنس. (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي، وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العَقَدي، وابن المثنَّى: هو محمد. وأخرجه أحمد (1989) و (2671) و (2949)، والدارمي (2001)، والترمذي (1929)، والنسائي (4448)، وابن الجارود (887)، والطبراني في "الكبير" (11821)، وابن حزم في "المحلى" 1/ 183، والبيهقي 9/ 333، وابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 182 - 183، وابن الجوزي في "التحقيق" (1973) من طريق هشام الدستوائي، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (3143)، وابن حبان (5399) من طريق أبي عبد الصمد عبد العزيز ابن عبد الصمد البصري، والحاكم 2/ 34، والبيهقي 9/ 334 من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفّاف، والترمذي (1930) - ولم يسق لفظه وإنما أحال على رواية هشام الدستوائي السالفة - من طريق ابن أبي عدي، ثلاثتهم عن سعيد بن أبي عَروبة، عن قتادة، به. وأخرجه أحمد (2161) و (3142) عن محمد بن جعفر، وابن حزم في "المحلى" 7/ 411، وابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 183 من طريق يزيد بن زريع، كلاهما عن سعيد بن أبي عَروبة. عن قتادة، به. قال ابن جعفر في روايته: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الجلالة -فأطلق-، وقال ابن زريع: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن لبن الجلالة ولحومها. والإطلاق يشمل الأكل منها والشرب من ألبانها وركوبها. =

3787 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي سريجٍ الرازي، أخبرني عبدُ الله بنُ جَهْمٍ، حدَّثنا عمرو بنُ أبي قيسٍ، عن أيوبَ السَّختيانيِّ، عن نافعٍ ¬

_ = وأخرجه الطبراني (11819)، والحاكم 1/ 444 - 445 من طريق حماد بن سلمة، والطبراني (11820) من طريق مجاعة بن الزبير، كلاهما عن قتادة، به: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن الجلالة -فأطلقا أيضاً- وهذا لا يتعارض مع ما سلف عند المصنف برقم (3719) بذكر النهي عن ركوب الجلالة، لأن هناك نص على بعض أفراد المنهي عنه الذي يشمل الأكل منها والشرب من ألبانها وركوبها. وأخرجه الطبراني (11692) من طريق بسام بن عبد الله الصيرفي، و (11977) من طريق خالد الحذاء، كلاهما عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن الجلالة. -فأطلقا كذلك- وإسنادهما صحيح. وأخرجه الحاكم 2/ 35، والبيهقي 9/ 333 من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن الجلالة - فأطلق وجعله من مسند أبي هريرة. وإسناده صحيح. وهذا لا يتعارض مع ما سلف عند المصنف برقم (3719) من رواية حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس بذكر النهي عن ركوب الجلالة، لأنه هناك نص على بعض أفراد المنهي عنه الذي يشمل الأكل منها والشرب من ألبانها وركوبها. ولا يؤثر الاختلاف في تعيين الصحابي، فكلهم ثقات عدول. وأخرجه البزار (2860 - كشف الأستار)، والطبراني (11080)، والبيهقي 9/ 332 من طريق ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عباس، وليث -وإن كان سئ الحفظ- يعتبر حديثه في المتابعات. ولفظه عند البزار: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة عن لحوم الجلالة وألبانها وظهورها، وأطلق عند الطبراني والبيهقي. وأخرجه الطبراني (10964) من طريق ليث بن أبي سليم ومجاهد بن جبر، والبيهقي 9/ 333 من طريق عبد الله بن لهيعة، عن أبي الزبير، ثلاثتهم (ليث ومجاهد وأبو الزبير) عن طاووس، عن ابن عباس. بلفظ: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يوم الفتح عن لحوم الجلالة وألبانها -زاد الطبراني: وظهورها- وإسناداهما حسنان في المتابعات.

25 - باب في أكل لحوم الخيل

عن ابن عمر، قال: نهى رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن الجَلَّالةِ في الإبلِ: أن يُركَبَ عليها، أو يُشْرَبَ من ألبانِها (¬1). 25 - باب في أكلِ لحومِ الخيل 3788 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب، حدَّثنا حمادٌ، عن عمرِو بنِ دينارٍ، عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله، قال: نهانا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَومَ خَيْبَر عن لحومِ الحُمُرِ، وأذِنَ لنا في لُحُومِ الخيل (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (2558) لكنه زاد هنا في متن الحديث النهي عن شرب ألبان الجلالة، وهو صحيح كذلك كما بيناه في الحديث السالف قبله، وكما سلف برقم (3719). (¬2) إسناده صحيح. محمد بن علي: هو ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، المعروف بالباقر، وحماد: هو ابن زيد. وأخرجه البخاري (4219)، ومسلم (1941) والنسائي (4327) من طريق حماد ابن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1896) والنسائي (4328) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر. دون ذكر محمد بن علي الباقر. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهكذا روى غيرُ واحد عن عمرو بن دينار، عن جابر. وروى حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن محمد بن علي، عن جابر. ورواية ابن عيينة أصحُّ، وسمعتُ محمداً [يعني البخاري] يقول: سفيان بن عيينة أحفظ من حماد بن زيد. قلنا: الظاهر أن الصحيح هو قول حماد بن زيد، وذلك أن الحميدي روى في "مسنده" (1255) عن سفيان بن عيينة قوله: كل شيء سمعتُه من عمرو بن دينار قال لنا فيه: سمعت جابراً، إلا هذين الحديثين، يعني لحوم الخيل والمخابرة، فلا أدري بينه وبين جابر فيه أحد أم لا؟ قلنا: وعليه يكون عمرو بن دينار أحياناً يرويه عن جابر يذكر فيه الواسطة، على ما رواه حماد بن زيد عنه، وأحياناً لا يذكر الواسطة على ما رواه عنه سفيان بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عيينة. وبذلك يكون سفيان وحماد بن زيد قد أدَّياه على ما سمعاه، وإنما الشأن في عمرو بن دينار نفسه، لا كما توهم الترمذي، والله تعالى أعلم. ويؤيد ذلك رواية ابن جريج، عن عمرو بن دينار الآتية عند المصنف برقم (3808). ثم في قول سفيان بن عيينة السابق دليل على وهم تصريح عمرو بالسماع من جابر عند عبد الرزاق (8734). وأخرجه النسائي (4329) من طريق الحسين بن واقد، عن عمرو بن دينار، عن جابر. كرواية ابن عيينة. وأخرج الترمذي (1547) من طريق أبي سلمة، عن جابر قال: حرَّم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يعني يوم خيبر الحُمر الإنسية، ولحوم البغال. وأخرج ابن ماجه (3197)، والنسائي (4329) و (4330) و (4333) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن جابر قال: كنا نأكل لحوم الخيل -وفي رواية النسائي الثانية: على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -- قلت: فالبغال: قالا: لا. وهو في "مسند أحمد" (14890)، و"صحيح ابن حبان" (5268). وانظر ما بعده. قال الخطابي: في حديث جابر بيان إباحة لحوم الخيل، وإسناده جيد. وأما حديث خالد بن الوليد، ففي إسناده نظر. [قلنا: يعني الحديث الآتي برقم (3790)] وصالح بن يحيى بن المقدام، عن أبيه، عن جده لا يُعرف سماع بعضهم من بعض. وقد اختلف الناس في لحوم الخيل: فروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يكره لحوم الخيل. وكرهها أبو حنيفة وأصحابه ومالك بن أنس. وقال الحكم: لحوم الخيل في القرآن حرام. ثم تلا: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [النحل: 8]. ورخصت طائفة فيها. روي ذلك عن شريح والحسن البصري وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، وهو قول حماد بن أبي سليمان، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق. =

3789 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمَّادٌ، عن أبي الزُّبير عن جابر بن عبد الله، قال: ذَبَحْنا يومَ خيبر الخيلَ والبِغالَ والحميرَ فنهانا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن البِغالِ والحميرِ، ولم يَنْهنا عن الخيل (¬1). 3790 - حدَّثنا سعيدُ بنُ شَبيبٍ وحيوَةُ بنُ شُرَيحِ الحِمصيُّ، -قال حيوةُ:- حدَّثنا بقيةُ، عن ثور بن يزيد، عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرِب، عن أبيه، عن جدِّه ¬

_ = فأما احتجاج من احتج بقوله عز وجل: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} في تحريم لحوم الخيل، فإن الآية لا تدل على أن منفعة الخيل مقصورة على الركوب دون الأكل، وإنما ذكر الركوب والزينة، لأنها معظم ما يُبتغى من الخيل. كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة:3] فنصّ على اللحم، لأنه معظم ما يؤكل منه، وقد دخل في معناه دمه وسائر أجزائه. وقد سكت عن حمل الأثقال على الخيل، وقال في الأنعام: {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} [النحل: 5] وقال: {وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ} [المؤمنون: 22] وقال تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} [النحل: 7]. ثم لم يدل ذلك على أن حمل الأثقال على الخيل غير مباح. كذلك الأكل، والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح. فقد صرح أبو الزبير بسماعه من جابر عند مسلم وغيره. فانتفت شبهة تدليسه. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم (1941)، وابن ماجه (3191)، والنسائي (4343) من طريق ابن جريج، والنسائي (4329) من طريق الحسين بن واقد المروزي، كلاهما عن أبي الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (14450)، و "صحيح ابن حبان" (5269) و (5270) و (5272). انظر ما قبله.

عن خالد بن الوليد: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن أكلِ لحومِ الخَيلِ والبِغالِ والحميرِ، زاد حيوةُ: وكلِّ ذي نَابٍ مِن السِّبَاع (¬1). قال أبو داود: وهو قولُ مالكٍ (¬2). قال أبو داود: لا بأسَ بلحومِ الخيلِ، وليسَ العملُ عليه. قال أبو داود: وهذا منسوخٌ، قد أكَلَ لحومَ الخيلِ جماعةٌ من أصحابِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: منهم ابنُ الزبير، وفضالةُ بنُ عُبيد، وأنسُ بن مالك، وأسماءُ بنتُ أبي بكر، وسُويدُ بنُ غَفلَة، وعلقمةُ، وكانت قريشٌ في عهد رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - تَذْبَحُها (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي-، ولضعف صالح بن يحيى بن المقدام، وجهالة أبيه، على نكارة في متنه في ذكر النهي عن لحوم الخيل. وقال الخطابي: في إسناده نظر، وصالح بن يحيى بن المقدام، عن أبيه، عن جده لا يعرف سماع بعضهم من بعض. وأخرجه ابن ماجه (3198)، والنسائي (4331) و (4332) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد. وسيأتي عند المصنف برقم (3806) من طريق أبي سلمة سليمان بن سُليم، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن جده، به. دون ذكر يحيى بن المقدام. وهو في "مسند أحمد" (16817) من طريق بقية، و (16816) من طريق أبي سلمة سليمان بن سُليم الحمصي. ورواه أبو سلمة الحمصي مرة عند أحمد (16818) كما رواه بقية. وانظر ما سيأتي برقم (3804). (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي. (¬3) مقالتا أبي داود هاتان هذه والتي قبلها، أثبتناهما من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنهما من بعض النسخ. كما نبه عليه الحافظ أبو علي الغساني بخطّه في نسخته.

26 - باب في أكل الأرنب

26 - باب في أكل الأرنب 3791 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن هشامِ بن زيدٍ عن أنسِ بنِ مالك، قال: كُنتُ غلاماً حَزَوَّراً فصِدْتُ أرنباً، فشَوَيتُها، فبَعَثَ معي أبو طلحة بعَجُزِها إلى النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فأتيتُه بها (¬1). 3792 - حدَّثنا يحيى بن خَلَفِ، حدَّثنا رَوحُ بنُ عُبادةَ، حدَّثنا محمدُ بنُ خالد، قال: سمعتُ أبي خالدَ بنَ الحُوَيرث: أن عَبدَ الله بن عمرو كان بالصِّفَاحِ -قال محمد: مكانٍ بمكة-: وأنَّ رجلاً جاء بأرنب قد صَادَها، فقال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هشام بن زيد: هو ابن أنس بن مالك، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه بنحوه البخاري (2572)، ومسلم (1953)، وابن ماجه (3243)، والترمذي (1892)، والنسائي (4312) من طريق شعبة، عن هشام بن زيد. وزاد البخاري وغيره: فقبِله - يعني الوَرِك. وهو في "مسند أحمد" (12182). قال الحافظ في "الفتح" 9/ 662: وفي الحديث جواز أكل الأرنب، وهو قول العلماء كافة، إلا ما جاء في كراهتها عن عبد الله بن عُمر من الصحابة، وعن عكرمة من التابعين، وعن محمد بن أبي ليلى من الفقهاء. واحتج بحديث خزيمة بن جزء، قلت: يا رسول الله، ما تقول في الأرنب؟ قال: "لا آكلُه ولا أحرمه"، قلت: فإني آكل مما لم تحرِّم، ولم يا رسول الله؟ قال: نبئت أنها تدمي. وسنده ضعيف، ولو صح لم يكن فيه دلالة على الكراهة. قال الحافظ: وله شاهد عن عبد الله بن عمرو ... [وهو الحديث الآتي بعده] قال: وله شاهد عن عمر عند إسحاق بن راهويه في "مسنده"، وحكى الرافعي عن أبي حنيفة أنه حرّمها، وغلَّطه النووي في النقل عن أبي حنيفة.

27 - باب في أكل الضب

يا عبدَ الله بن عمرو، ما تقولُ؟ قال: قد جِيءَ بها إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأنا جالِسٌ فلم يأكلها ولم يَنْهَ عن أكلها، وزَعَم أنها تَحِيضُ (¬1). 27 - باب في أكل الضبِّ 3793 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا شُعبةُ، عن أبي بِشرٍ، عن سعيدِ بنِ جُبَير عن ابنِ عباس: أن خالتَه أهْدَتْ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سَمْناَ وأضُبّاً وأقِطَاً، فأكَلَ من السمنِ ومِنَ الأقِطِ، وتَرَكَ الأضُبَّ تَقَذُّراً، وأُكِلَ على مائِدَتِه، ولو كان حَراماَ ما أُكِلَ على مائِدةِ رَسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2). 3794 - حدَّثنا القَعنَبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب، عن أبي أُمامةَ بن سهلِ بنِ حُنَيْفِ، عن عبدِ الله بن عباس ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة محمد بن خالد بن الحويرث وأبيه. وأخرجه البيهقي 9/ 321 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وفي الباب عن خزيمة بن جَزْء عند ابن ماجه (3245). وقد ضعف إسناده الحافظ في "الفتح" 9/ 662. (¬2) إسناده صحيح. أبو بشر: هو جعفر بن إياس أبي وحشية. وأخرجه البخاري (2575)، ومسلم (1947)،والنسائي (4318) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2299)، و"صحيح ابن حبان" (5221) و (5223) وانظر ما بعده، وما سلف برقم (3730). قال الخطابي: وقد اختلف الناس في أكل الضب، فرخص فيه جماعة من أهل العلم، روي ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وإليه ذهب مالك بن أنس والأوزاعي والشافعي [قلنا: وكذلك أحمد كما في "مسائل" ابنه عبد الله (1193)، والليث وابن المنذر فيما نقله ابن قدامة في "المغني" 13/ 341] وكرهه قوم. روي ذلك عن علي رضي الله عنه، وبه قال أبو حنيفة، وأصحابه [قلنا: نقل ابن قدامة في "المغني 13/ 341 أن أبا حنيفة والثوري قالا: هو حرام].

عن خالدِ بن الوليدِ أنه دَخَلَ مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بَيتَ مَيمُونَةَ، فأتِيَ بضَبٍّ مَحنوذٍ فأهوى إليه رسولُ الله بيده، فقال بعضُ النسوة اللاتي في بيت ميمونةَ: أخبروا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بما يُريدُ أن يَأكُلَ منه، فقالَ: هو ضَبٌّ، فرَفَعَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يدَه، قال: فقلت: أحرامٌ هو؟ قال: " لا، ولكنَّه لم يكُنْ بأرضِ قومي، فأجِدُني أعافُه" قال خالد: فاجترَرْتُه، فأكلتُه ورسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَنْظُرُ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وهو في "موطأ مالك"، برواية يحيى الليثي 2/ 968، وبرواية محمد بن الحسن (645). وأخرجه البخاري (5537) عن عبد الله بن مسلمة القعنبيُّ، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (5391)، ومسلم (1946) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، والبخاري (5400) من طريق معمر بن راشد، ومسلم (1946)، والنسائي (4317) من طريق صالح بن كيسان، وابن ماجه (3241)، والنسائي (4316) من طريق محمد ابن الوليد الزبيدى، أربعتهم عن الزهري، به. ورواه أبو مصعب الزهري في "موطئه" (2037)، ويحيى بن يحيى التميمي النيسابوري عند مسلم (1945) عن مالك، عن الزهري، عن أبي أمامة، عن ابن عباس، قال: دخلت أنا وخالد. وأخرجه الشافعي في "مسنده " 2/ 174 عن مالك، عن الزهري، عن أبي أمامة، قال الشافعي: أشك أقاله عن ابن عباس وخالد بن الوليد، أو عن ابن عباس وخالد بن المغيرة. وأخرجه مسلم بإثر (1946) من طريق معمر، عن الزهري، عن أبي أمامة، عن ابن عباس قال: أتي النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ونحن في بيت ميمونة بضبَّين ... الحديث. قال الحافظ في "الفتح، 9/ 663 - 664: والجمع بين هذه الروايات أن ابن عباس كان حاضراً للقصة في بيت ميمونة كما صرح به في إحدى الروايات، وكأنه استثبت خالد بن الوليد في شيء منه لكونه الذي باشر السؤال عن حكم الضب، وباشر أكله أيضاً، فكان ابن عباس ربما رواه عنه. =

3795 - حدَّثنا عمرُو بنُ عَونٍ، أخبرنا خالِدٌ، عن حُصَينٍ، عن زَيدِ بن وهب عن ثابت بن وديعة، قال: كنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في جيش، فأصبنا ضباباً، قال: فشويْتُ منها ضَبّاً، فأتيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فوضعتُه بينَ يديه، قال: فأخَذَ عوداً، فعدَّ به أصابِعَه، ثم قال: " إنَّ أُمةً من بني إسرائيلَ مُسخَتْ دَوابَّ في الأرضِ، وإني لا أدري أيُّ الدوبِ هي" قال: فلم يَأكُلْ ولم ينْه (¬1). ¬

_ = قلنا: رواية أبي مصعب ويحيى النيسابوري عن مالك، ورواية معمر عند مسلم التي سلفت الإشارة إليها، فهي التي فيها أن ابن عباس وخالدً دخلا بيت ميمونة. وهو في "مسند أحمد" (3067) و (16812)، و"صحيح ابن حبان" (5263) و (5267). وانظر ما قبله، وما سلف برقم (3730). المحنوذ: المشوي، ويقال: هو ما شوي على الرضف، وهي الحجارة المحماة، ومنه قوله تعالى: {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} [هود: 69] وقوله: أعافه معناه: أقذره وأتكرَّهه. (¬1) إسناده صحيح. حصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، وقد اختُلف في تعيين صحابي الحديث، فقال حصين بن عبد الرحمن وعدي بن ثابت: عن زيد بن وهب، عن ثابت بن وداعة -أو وديعة أو يزيد، على الاختلاف في اسم أبيه-، وكذلك قال الحكم بن عتيبة ويزيد بن أبي زياد، لكنهما زادا بين زيد بن وهب وبين ثابت البراء ابن عازب. وخالفهم الأعمش، فقال: عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن حسنة، ومثل هذا الاختلاف لا يضر، لأن كلا من ثابت وعبد الرحمن والبراء صحابة، والصحابة كلهم عدول، قال البخاري فيما نقله الترمذي في "العلل الكبير" 2/ 754: وكأن حديث هؤلاء عن زيد بن وهب، عن ثابت بن وديعة أصح، ويحتمل عنهما جميعاً. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي. وأخرجه ابن ماجه (3238)، والنسائي (4320) من طريق حصين بن عبد الرحمن، به. =

3796 - حدَّثنا محمدُ بنُ عَوفٍ الطائيُّ، أن الحَكَمَ بن نافعٍ حدثهم، حدَّثنا ابنُ عياش، عن ضَمْضم بن زُزعة، عن شُرَيحِ بن عُبيد، عن أبي راشد الحُبْرانيِّ عن عبد الرحمن بن شِبْلٍ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن أكلِ لَحْمِ الضَّبِّ (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (17931). وأخرجه مختصراً النسائي (4321) من طريق عدي بن ثابت، عن زيد بن وهب، به. وهو في "مسند أحمد" (17928). وأخرجه النسائي (4322) من طريق شعبة، عن الحكم بن عتيبة، والطيالسي (1222) عن شعبة، عن يزيد بن أبي زياد، كلاهما عن زيد بن وهب، عن البراء بن عازب، عن ثابت بن وداعة. وهو في "المسند" (17932). وأخرجه أحمد (17757)، والترمذي في "العلل الكبير" 2/ 753، والبزار (1217 - كشف الأستار)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3275) و (3276)، وفي "شرح معاني الآثار" 4/ 197 من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن ابن حسنة. وزاد فيه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أمرهم بإكفاء القدور، فأكفؤوها. (¬1) حديث منكر، قال الخطابي: ليس إسناده بذاك، وقال البيهقي 9/ 326: هذا ينفرد به إسماعيل بن عياش، وليس بحجة، وقال الجورقاني في "الأباطيل" (608): هذا حديث منكر، وإسناده ليس بمتصل، وإسماعيل بن عياش ضعيف الحديث، وقال ابن الجوزي في "العلل" (1097): هذا حديث لا يصح، وإسماعيل بن عياش ضعيف، وقال المنذري في "اختصار السنن": في إسناده إسماعيل بن عياش وضمضم ابن زرعة، وفيهما مقال، وقال الذهبي في "الميزان" و"سير أعلام النبلاء" في ترجمة إسماعيل بن عياش: هذا حديث منكر، زاد في "السير": وأراه مرسلاً. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 291 و 2/ 318 و 447، والبيهقي 9/ 326، والجورقاني في "الأباطيل" (608) من طريق إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد. =

28 - باب في أكل لحم الحبارى

28 - باب في أكل لَحْمِ الحُبَارَى 3797 - حدَّثنا الفضلُ بنُ سهل، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ عبد الرحمن بن مهدي، حدَّثني بُرَيْهُ بن عمر بن سفينة، عن أبيه عن جدِّه، قال: أكلتُ مع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لحم حُبَارَى (¬1). 29 - باب في أكل حشرات الأرض 3798 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا غالبُ بن حَجْرة، حدَّثني مِلْقامُ ابن تَلِب ¬

_ = وأخرجه تمام في "فوائده" (950) من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش، عن أبيه، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي راشد الحُبراني، عن عبد الله ابن شبل أحد النقباء: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يوم خيبر حرَّم الضب وحمر الإنس وكل ذي ناب من السباع. ومحمد بن إسماعيل بن عياش ضعفه أبو داود وعمرو بن عثمان، ثم إنه قد خالف في إسناد الحديث ومتنه. (¬1) إسناده ضعيف لضعف بُريه بن عمر بن سفينة -واسمه إبراهيم، وبُريه لقبه- وقد ضعّف حديثه هذا البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 149 والعقيلي في "الضعفاء" 1/ 167 - 168، وابن حبان في "المجروحين" 1/ 111، وغيرهم. وأخرجه الترمذي (1933) عن الفضل بن سهل، بهذا الإسناد. قال الدميري في "حياة الحيوان" 1/ 320 - 321: الحُبارَى، بضم الحاء المُهملة، وفتح الباء المُوحَّدة: طائر معروفٌ ... ، طويلُ العُنُقِ، رمادي اللون، في مِنقاره بعضُ طُول، ولحمه بين لحم الدجاج ولحم البط في الغلظ، وهو أخف من لحم البط لأنه بري. قال ابن قدامة في "المغني" 13/ 327: ويباح من الطيور ما لم نذكره في المحرمات، من ذلك الدجاج .. والحُبارى ... ويباح الزاغ وغراب الزرع ... وتباح العصافير كلها ... ، ويُباح الحمام كله على اختلاف أنواعه ... إلى أن قال: لا أعلم فيه خلافا.

30 - باب ما لم يذكر تحريمه

عن أبيه، قال: صَحِبْتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فلم أسمع لحشَرَةِ الأرضِ تحريماً (¬1). 3799 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالد الكلبيُّ أبو ثورٍ، حدَّثنا سعيدُ بنُ منصورٍ، حدَّثنا عبدُ العزيز بن محمدٍ، عن عيسى بن نُميلةَ عن أبيه، قال: كنت عند ابن عمر فسُئل عن أكلِ القُنفُذِ، فتلا: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} الآية [الأنعام: 145]، قال: قال شيخٌ عنده: سمعتُ أبا هريرة يقول: ذُكِر عندَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "خَبيثةٌ مِن الخَبائثِ" فقال ابنُ عمر: إن كان قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - هذا، فهو كما قال ما لم نَدْرِ (¬2). 30 - باب ما لم يُذكَرْ تحريمه 3800 - حدَّثنا محمدُ بنُ داود بن صَبيحٍ، حدَّثنا الفضلُ بن دُكَيْنِ، حدَّثنا محمدٌ -يعني ابنَ شَريك المكيَّ- عن عَمرو بن دينارٍ، عن أبي الشعثاء ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة مِلْقام بن التَّلِب. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1299)، والبيهقي 9/ 326 من طريق موسى بن إسماعيل بهذا الإسناد. قال الخطابي والبيهقي وغيرهُما: هذا لا يدل على الإباحة لجواز أن يكون قد سمعه غيرُه. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة عيسى بن نُميلة وأبيه، ولإبهام الراوي عن أبي هريرة. وقد ضعف هذا الإسناد الخطابي والبيهقي وغيرهما. وأخرجه أحمد (8954)، والبيهقي 9/ 326، وابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 181، وابن الجوزي في "التحقيق" (1968)، والمزي في تهذيب الكمال" في ترجمة عيسى 23/ 52 - 53 من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا الإسناد. وقوله في الحديث: "ما لم ندْرِ" أثبتناه من (ب) وحدها. ومعناه: ما لم ندْرِ صحته وثبوته.

عن ابنِ عباسِ، قال: كان أهلُ الجاهليّه يأكلُون أشياءَ ويتركُونَ أشياءَ تقذُّراً، فبَعَث الله عزّ وجلّ نبيَّه - صلَّى الله عليه وسلم -، وأنزل كتابَه، وأحَلَّ حلالَه وحَرَّم حرامَه، فما أحَلَّ فهو حَلالٌ، وما حَرَّمَ فهو حَرامٌ، وما سَكَتَ عنه فهو عَفْوٌ، وتلا: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} إلى آخر الآية [الأنعام: 145] (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. كما قال الحافظ ابن كثير في "تخريج أحاديث التنبيه" 1/ 368. وأخرجه الحاكم 4/ 115، وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 3/ 347 من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، وسكت عنه الذهبي. وأخرجه الحاكم 2/ 317، وعنه البيهقي 9/ 330 من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، به. وصححه أيضاً الحاكم وسكت عنه الذهبي. قال ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 335: اختلف العلماء في حكم هذه الآية على قولين: أحدهما: أن المعنى: لا أجد محرماً مما كنتم تستحلون في الجاهلية إلا هذا، قاله طاووس ومجاهد. والثاني: أنها حصرت المحرم، فليس في الحيوانات محرم إلا ما ذكر فيها، ثم اختلف أرباب هذا القول: فذهب بعضهم إلى أنها محكمة، وأن العمل على ما ذكر فيها، فكان ابن عباس لا يرى بلحوم الحمر الأهلية بأساً، ويقرأ هذه الآية، ويقول: ليس بشيء حراماً إلا ما حرمه الله في كتابه، وهذا مذهب عائشة والشعبي، وذهب آخرون إلى أنها نسخت بما ذكر في المائدة من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع، وقد ردَّ قوم هذا القول بأن قالوا: كل هذا داخل في الميتة، وقد ذكرت الميتة ها هنا فلا وجه للنسخ، وزعم قوم أنها نسخت بآية المائدة، وبالسنة في تحريم الحمر الأهلية، وكل ذب ناب من السباع ومخلب من الطير، وهذا ليس بصحيح، أما آية المائدة فقد ذكرنا أنها داخلة في هذه الآية. وأما ما ورد في السنة فلا يجوز أن يكون ناسخاً، لأن مرتبة القرآن لا يقاومها أخبار الآحاد، ولو قيل: إن السنة خصت ذلك الإطلاق أو ابتدأت حكما كان أصلح، وإنما الصواب عندنا أن يقال: هذه الآية نزلت بمكة، ولم تكن الفرائض قد تكاملت، =

31 - باب في أكل الضبع

31 - باب في أكل الضَّبُع 3801 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الله الخُزاعِيُّ، حدَّثنا جريرُ بنُ حازمٍ، عن عبدِ الله بن عُبيد، عن عبد الرحمن بن أبي عمَّارٍ عن جابر بن عبد الله، قال: سألتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، عن الضَّبُعِ، فقال: "هُوَ صَيدٌ، ويُجعلُ فيه كَبشٌ إذا صَادَهُ (¬1) المُحرِمُ" (¬2). ¬

_ = ولا المحرمات اليوم قد تتامَّت، ولهذا قال: {فِي مَا أُوحِيَ} على لفظ الماضي، وقد كان حينئذٍ من قال: لا إله إلا الله، ثم مات دخل الجنة، فلما جاءت الفرائض والحدود وقعت المطالبة بها، فكذلك هذه الآية إنما أخبرت بما كان في الشرع من التحريم يومئذٍ، فلا ناسخ إذن ولا منسوخ، ثم كيف يُدَّعى نسخها وهي خبر، والخبر لا يدخله النسخ. (¬1) جاء في (هـ) -وهي برواية ابن داسه-: اصَّاده، وفي رواية ابن العبد: أصابه. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه ابن ماجه (3085) من طريق جرير بن حازم، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (3964). وأخرجه ابن ماجه (3236)، والترمذي (867) و (1894)، والنسائي (2836) و (4323) من طريق ابن جُريج، عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير، عن عبد الرحمن بن أبي عمار، قال: سألت جابر بن عبد الله، أصيد هو؟ قال: نعم، قلت: آكلها؟ قال: نعم. قلت: أشيء سمعته من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: نعم. وهو في "مسند أحمد" (14165). قال الإِمام البغوي في "شرح السنة" 7/ 271: اختلف أهل العلم في إباحة لحم الضبع، فروي عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يأكل الضبع وروي عن ابن عباس إباحة لحم الضبع، وهو قول عطاء، وإليه ذهب الشافعي وأحمد إسحاق وأبو ثور، وكرهه (أي حرمه) جماعة يُروى ذلك عن سعيد بن المسيب، وبه قال ابن المبارك ومالك والثوري وأصحاب الرأي، واحتجوا بأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وهذا عند الآخرين عام خصه حديث جابر، وانظر "شرح مشكل الآثار" للإمام الطحاوي 9/ 92 - 109. وقال صاحب "بذل المجهود" 16/ 129: كتب مولانا محمد يحيى المرحوم: (تعليقاً على رواية أبي داود: هو صيد): لا حجة فيه على حِلِّ أكله لمن =

32 - باب النهي عن أكل السباع

32 - باب النهي عن أكل السباع 3802 حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكِ، عن ابنِ شهاب، عن أبي إدريس الخولانيِّ عن أبي ثعلبةَ الخُشَني: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ أكْلِ كلِّ ذي نَابٍ من السَّباعِ (¬1). 3803 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانَة، عن أبي بِشرِ، عن ميمونَ بن مِهران عن ابنِ عباس، قال: نَهَى رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- عن أكلِ كُل ذي نَاب مِنَ السَّباعِ، وعن كُلِّ ذي مِخْلَبٍ من الطيرِ (¬2). ¬

_ = أحل أكله، لأنه بيان لكونه صيداً حتى يجب الجزاء بقتلِه للمحرم ولذلك ذكر الكبش. انتهى. قلت: (القائل صاحب بذل المجهود) ولكن الرواية التي في الترمذي كأنه صريح في حل أكله، ويمكن أن يقال: إن حديث حرمة كل ذي ناب من السباع مصرح بتحريم جميعها، وأما الضبع فليس فيه نصّ بإباحته، بل الذي قاله جابر هو من اجتهاده، كأنه فهم من قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن الضبع صيد" بأنه يحل أكله، ولما فهم من قوله حلَّه، نسب الحل إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كأنه قال: فهو اجتهاد من جابر رضي الله عنه، ثم نقول: إن الضبع سبع ذو ناب فيدخل تحت الحديث المشهور، وما روي ليس بمشهور، فالعمل بالمشهور، على أن ما روينا محرِّم، وما رواه محلِّل، والمحرِّم يقضي على المُبيح احتياطاً. (¬1) إسناده صحيح. أبو إدريس الخولاني: عائذ الله بن عبد الله، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وهو في "موطأ مالك" برواية يحيى الليثي 2/ 496 بلفظ: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أكل كل ذي ناب من السباع حرام". ورواه محمد بن الحسن الشيباني وأبو مصعب الزهري في "موطأيهما كما رواه القعنبيُّ حكايته نهي. وأخرجه البخاري (5530) و (5780) و (5781)، ومسلم (1932)، وابن ماجه (3232)، والترمذي (1545) و (1546)، والنسائي (4325) و (4342) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (17738)، و"صحح ابن حبان" (5279). (¬2) إسناده صحيح. وقد روى هذا الحديث -ما رواه أبو بشر- وهو جعفر بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = إياس -الحكمُ بن عتيبة وجعفرُ بن بُرقان وعمرو بنُ دينار- يعني عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس. وخالفهم علي بن الحكم كما سيأتي عند المصنف برقم (3805)، فرواه عن ميمون ابن مهران، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - فزاد في الإسناد سعيد بن جبير، وقد صحح الخطيب البغدادي فيما نقله عنه الحافظ في "النكت الظراف" 5/ 253 عدم ذكر سعيد بن جبير في الإسناد، وقال البزار فيما نقله عنه الحافظ أيضاً: تفرد علي بن الحكم بإدخال سعيد بين ميمون وابن عباس، ولهذا حكم الحافظ على رواية علي بن الحكم بالشذوذ. لكن ابن القطان الفاسي في "بيان الوهم والايهام" 2/ 450 قال: لم يسمعه ميمون من ابن عباس. بل بينهما فيه سعيد بن جبير، ورواه البخاري في "تاريخه" 6/ 262 عن إبراهيم، عن سعيد بن أبي عروبة، عن علي الأرقط، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما -قال سعيد: وأظن بين ميمون وابن عباس سعيد بن جبير-: نهى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن ذي مخلب. وأما ابن حزم في المحلى، 7/ 405 فقال: وأسلم الوجوه لعلي بن الحكم إن لم يوصف بأنه أخطأ في هذا الخبر، أن يقال: إن ميمون بن مهران سمعه من ابن عباس، وسمعه أيضاً من سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وفي هذا الحديث اختلاف آخر، وهو أن الثلاثة علي بن الحكم وأبو بشر والحكم بن عتيبة قد رووه مرفوعاً، وخالفهم غيلان بن جامع المحاربي وحجاج بن أرطأة فروياه عن ميمون بن مهران عن ابن عباس لم يرفعه. كذلك قال شعبة كما في "المسند" (2619)، وقال: وأنا أكره أن أحدث برفعه. وغيلان ثقة وحجاج ضعيف. وقد حكى ابن عبد البر في "التمهيد" 15/ 177 أن مالكاً أنكر الحديث عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه نهى عن أكل ذي المخلب من الطير، وأنه قال: لم أر أحداً من أهل العلم يكره أكل سباع الطير. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه مسلم (1934) من طريق أبي بشر جعفر بن إياس، و (1934) من طريق الحكم بن عتيبة كلاهما عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس. وهو في "مسند أحمد" (2192) من طريق أبي بشر، و (2619) من طريق الحكم ابن عتيبة. =

3804 حدَّثنا محمدُ بنُ المُصَفَّى الحمصي، حدَّثنا محمدُ بنُ حَرْبٍ، عن الزُّبيدي، عن مروانَ بن رُؤبَةَ التَّغلبي، عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن المِقدامِ بن مَعْدِي كَرِبَ، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: " ألا لا يَحِلُّ ذو ناب من السِّبَاع، ولا الحمارُ الأهليُّ، ولا اللُّقَطَة من مالِ مُعاهَدٍ إلا أن يستغنيَ عنها، وأيُّما رَجُلٍ ضَافَ قوماً، فلم يَقْرُوهُ، فإنَّ له أن يُعقِبَهُمْ بمثْلِ قِرَاهُ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مختصراً بالنهي عن السبع ذي الناب الطبراني في "الكبير" (12996) من طريق شعبة، عن عمرو بن دينار، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس. وسيأتي من طريق علي بن الحكم برقم (3805). (¬1) حديث صحيح، مروان بن رُؤبة التغلبي، وان كان مجهولاً متابع. وأخرجه محمد بن نصر المروزي في "السنة" (404)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 209، والطبراني في "الكبير" 20/ (667)، والدارقطني (4768)، والبيهقي 9/ 332، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه " 1/ 89 من طريق مروان ابن رؤبة. واقتصر الطحاوي على ذكر النهي عن ذي الناب من السباع وعن الحمار الأهلي، واقتصر الطبراني على ذكر القِرى. وأخرجه أحمد (17174)، وابن زنجويه في "الأموال" (620)، ومحمد بن نصر المروزي في "السنة" (244)، والطبراني في "الكبير" 20/ (668) و (670)، وفي "الشاميين" (1061)، والبيهقي في دلائل النبوة، 6/ 549، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 1/ 89، وابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 149 - 150 من طريق حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، به. وإسناده صحيح. وبعضهم يختصر الحديث. وسيأتي ضمن الحديث الآتي برقم (4604). قوله: "يُعقِبهم بمثل قِراه، قال ابن الأثير في "النهاية": أي: يأخذ منهم عِوضا عما حَرَمُوه من القِرى. وهذا في المضطر الذي لا يجد طعاماً ويخاف على نفسه التلَف. يقال: عقَّبهم مشدداً ومخففاً وأعقبهم، إذا أخذ منهم عُقبَى وعُقبةً، وهو أن يأخذ منهم بدلاً عما فاته.

3805 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّار، عن ابن أبي عَدي، عن ابن أبي عَروبة، عن عليٍّ بن الحكم، عن مَيمُون بن مِهْران، عن سعيدِ بن جُبير عن ابنِ عباس، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يومَ خيبرَ عَنْ أكْلِ كُلِّ ذي نابٍ مِنَ السِّباعِ، وعن كُلِّ ذي مِخْلَبٍ من الطَّيرِ (¬1). 3806 - حدَّثنا عمرو بن عثمانَ، حدَّثنا محمدُ بنُ حربٍ، حدَّثني أبو سلمةَ سليمانُ بنُ سُلَيمٍ، عن صالحِ بنِ يحيى بن المِقدام، عن جَدِّه المقدام بن مَعْدِي كَرِبَ عن خالد بن الوليد، قال: غزوتُ مَعَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خيبرَ، فأتَتِ اليهودُ، فشكَوْا أن النَّاسَ قد أسْرَعُوا إلى حَظائِرِهمْ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ألا لا تَحِلُّ أموالُ المعاهَدين إلا بحَقِّها، وحرامٌ عليكم حُمُرُ الأهلية، وخيلُها، وبِغَالُها، وكل ذي نابٍ مِنَ السِّباع، وكُلُّ ذي مِخلَبٍ من الطَّير" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وقد سلف الكلام عليه برقم (3803). ابن أبي عروبة: هو سعيد، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم. وأخرجه ابن ماجه (3234)، و (4348) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا إلاسناد. وهو في "مسند أحمد" (3141). وانظر ما سلف برقم (3803). (¬2) إسناده ضعيف لضعف صالح بن يحيى بن المقدام، على نكارة في متنه في ذكر النهي عن لحوم الخيل، وقد سلف بعضه عند المصنف برقم (3790) من طريق بقية بن الوليد، عن صالح بن يحيى بن المقدام، عن أبيه، عن جده، بزيادة يحيى بن المقدام في إسناده وهو مجهول، وقد نقل المنذري في "اختصار السنن" تضعيف أهل العلم لهذا الحديث كالإمام أحمد والإمام البخاري والنسائي والبرديجي والخطابي والدارقطني والواقدي والبيهقي. =

33 - باب في أكل لحوم الحمر الأهلية

3807 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، ومحمدُ بنُ عبد الملك الغزال، قالا: حدَّثنا عبدُ الرَّزَّاق، عن عُمَر بن زيد الصَّنعاني، أنه سَمعَ أبا الزبير عن جابر بن عبد الله: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن ثمَنِ الهِرِّ. قال ابن عبد الملك: عن أكْلِ الهِرِّ وأكْلِ ثمَنِها (¬1). 33 - باب في أكل لحوم الحمر الأهليَّة 3808 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ الحسن المصِّيصيُّ، حدَّثنا حجَّاج، عن ابن جُرَيجٍ، أخبرني عمرو بن دينار، أخبرني رجلٌ عن جابر بن عبد الله، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن أن نأكلَ لحومَ الحُمُرِ، وأمَرَنا أن نأكُلَ لُحُومَ الخَيل. قال عمرو: فأخبرتُ هذا الخبر أبا الشعثاء، فقال: قَدْ كانَ الحَكَمُ الغِفَاريُّ فينا يقول هذا، وأبَى ذلك البَحْرُ، يريدُ ابنَ عباس (¬2). ¬

_ = وقد صح عن المقدام من حديثه ذكر أموال المعاهدين والحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع كما سلف برقم (3804). وصح ذكر ذي المخلب من الطير في حديث ابن عباس السالف برقم (3803) و (3805) وغيره. وانظر ما سلف برقم (3790). (¬1) صحيح بلفظ أحمد بن حنبل بذكر ثمن الهر دون أكله، وهذا إسناد ضعيف لضعف عُمر بن زيد الصنعاني، لكنه متابع، وقد سلفت رواية أحمد برقم (3485). وهو في "مصنف عبد الرزاق" (8749)، ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (3250)، والترمذي (1326). بلفظ رواية محمد بن عبد الملك. وقال الترمذي: حديث غريب. وانظر ما سلف برقم (3480). (¬2) إسناده صحيح. والرجل المبهم في هذا الخبر هو محمد بن علي الباقر كما سلف بيانه في الحديث رقم (3788). أبو الشعثاء: هو جابر بن زيد. =

3809 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ أبي زيادٍ، حدَّثنا عُبيدُ الله، عن إسرائيلَ، عن منصورِ، عن عُبيدٍ أبي الحسن، عن عبدِ الرحمن عن غالب بن أبْجَر، قال: أصابتنا سَنَةٌ، فلم يَكُنْ في مالي شيءٌ أُطعِمُ أهلي إلا شيء من حُمُرِ، وقد كانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حَرَّمَ لحومَ الحُمُرِ الأهليةِ، فأتيتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسولِ الله، أصابتنا السَّنةُ، ولم يكُنْ في مالي ما أُطْعِمُ أهلي إلا سِمَانُ حُمُرِ، وإنَّك حرَّمتَ لحومَ الحُمُرِ الأهليَّة، فقال: " أطعِمْ أهلَكَ مِنْ سمين حُمُرِكَ، فإنما حرمتُها مِن أجل جَوَالِّ (¬1) القرية " يعني الجَلاَّلة (¬2). ¬

_ = وخبر أبي الشعثاء أخرجه البخاري (5529) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، به. وزاد في خبره: أبى ذلك البحر، وقرأ:، {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} [الأنعام: 145]. وهو في "مسند أحمد" (17861). وانظر ما سلف برقم (3788). قال الخطابي: لحوم الحمر الأهلية محرمة في قول عامة العلماء، وإنما رُويت الرخصة فيها عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولعل الحديث في تحريمها لم يبلغه، فأما حديث ابن أبجر فقد اختلف في إسناده ... وقد ثبت التحريم من طريق جابر متصلاً. (¬1) المثبت من (هـ)، وهو الصواب، قال ابن الأثير: الجَوالّ، بتشديد اللام، جمع جالّة كسامّة، وسوامّ: قلنا: وهي الجلالة التي تأكل العَذِرة، وفي سائر أصولنا الخطية: جوَّالي، وهو خطأ. (¬2) إسناده ضعيف لاضطرابه، فقد رواه منصور وهو ابن المعتمر - واختُلف عنه: فرواه عنه إسرائيل كما في هذه الرواية، ورواه شريكٌ النخعي، عنه، عن عُبيد -وهو ابنُ الحَسن- عن غالب، دون ذكر عبد الرحمن بن معقل. ورواه شعبة بن الحجاج، واختلف عنه كذلك: فرواه روح بن عبادة وأبو نعيم الفضل بن دكين ومحمد بن جعفر، عنه، عن عُبيد بن الحسن، عن عبد الله بن معقل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = -وقال أبو نعيم: عبد الرحمن-، عن عبد الرحمن بن بِشْر، عن ناس من مزينة من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، أن أبجر أو ابن أبجر سأل النبي - صلَّى الله عليه وسلم -وقال أبو نعيم: عن أبجر أو ابن أبجر- ورواه وكيع، عن شعبة، عن عبيد، عن ابن معقل، عن ناس من مزينة، عن غالب بن أبجر، ورواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن عبيد، عن عبد الله بن معقل -وفي رواية: عبد الرحمن بن معقل- عن عبد الله بن بُسْر، عن ناس من مزينة أن أبجر أو ابن أبجر. ورواه مِسعَر بن كدام، واختلف عنه أيضاً: فرواه أبو نعيم الفضْل بن دكين، عنه، عن عبيد بن الحسن، عن ابن معقل، عن رجلين من مزينة أحدهما عن الآخر عبد الله بن عمرو بن عويم والآخر غالب بن أبجر، قال مسعر: أُرى غالباً الذي أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كما في رواية المصنف الآتية بعد هذه الرواية. ورواه وكيع بن الجراح، عن مسعر، عن عبيد، عن ابن معقل المزني، عن أناس من مزينة، عن غالب. ورواه سفيان بن عيينة، عن مسعر، عن عُبيد، عن عبد الله بن معقل، عن رجلين من مزينة أتيا النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. ورواه أبو العُميس عن عبيد الله بن الحسن، عن عبد الله بن معقل، عن غالب بن أبجر. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وعُبيد الله: هو ابن موسى العبْسي، وعبيد أبو الحسن: هو ابن الحسن. وأخرجه البيهقي 9/ 332، وابن الأثير في "أُسد الغابة" 4/ 335 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 48 عن عبيد الله بن موسى، به. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 265، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1132)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 203، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 319 من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن منصور، عن عبيد أبي الحسن، عن غالب بن ذِيخ، كذا قال شريك النخعي، قال أبو عمر ابن عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة غالب بن أبجر: ويقال: غالب بن ذِيخ، ولعله جدُّه. وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (1305)، ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الآحاد" (1134)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 203، والطبراني في "الكبير" =

قال أبو داود: عبدُ الرحمن: هذا هو ابن معقل. قال أبو داود: روى شعبةُ هذا الحديث، عن عُبيد أبي الحسن، عن عبد الرحمن بن مُعْقلٍ، عن عبد الرحمن بن بِشْرٍ، عن ناسٍ من مُزَينَةَ، أن سيد مُزَيْنَةَ أبجَرَ، أو ابنَ أبْجَرَ، سأل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 3810 - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمان، حدَّثنا أبو نُعيم، عن مِسْعَرٍ، عن عُبَيدٍ، عن ابن معقل ¬

_ = 18/ (667)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة، (1081)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 48، عن شعبة، عن عبيد بن الحسن، عن عبد الله بن معقل -وعند الطحاوي: عبد الرحمن بن معقل- عن عبد الله بن بُسْر، عن ناس من مزينة الظاهرة: أن أبجر أو ابن أبجر ... الحديث. وأخرجه الطحاوي 4/ 203 من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، و 4/ 203 من طريق روح بن عبادة، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1082)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 48 من طريق محمد بن جعفر، ثلاثتهم عن شعبة، عن عبيد بن الحسن، عن عبد الله بن معقل -وقال أبو نعيم: عبد الرحمن بن معقل- عن عبد الرحمن بن بِشر، عن ناس من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من مزينة: أن أبجر أو ابن أبجر سأل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وقال أبو نعيم: عن أبجر أو ابن أبجر ... وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 265 - 266، وعنه ابن أبي عاصم في "الآحاد (1131)، عن شعبة، عن عُبيد بن الحسن، عن ابن معقل، عن أناس من مزينة الظاهرة قال: قال غالب بن أبجر ... وأخرجه الطبراني 18/ (664) من طريق أبي العُميس، عن عبيد بن الحسن عن عبد الله بن معقل، عن غالب بن أبجر. كرواية إسرائيل عن منصور -أعني رواية المصنف- غير أنه قال: عن عبد الله بن معقل بدل: عبد الرحمن. وسيأتي بعده من طريق مِسْعَر، عن عُبيد بن الحسن واختُلف فيه على مسعر أيضاً كما سيأتي. (¬1) مقالتا أبي داود هاتان أثبتاهما من (هـ).

عن رجُلَيْن من مُزينة، أحدُهما عن الآخر عبدُ الله بنُ عمرو بن عُوَيم، والآخر غالبُ بنُ الأبجَرِ، قال مسعرٌ: أُرى غالباً الذي أتى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، بهذا الحديث (¬1). 3811 - حدَّثنا سهلُ بنُ بَكَّارٍ، حدَّثنا وُهَيبٌ، عن ابن طاووس، عن عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه عن جدِّه، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يومَ خيبَر عن لُحومِ الحُمُرِ الأهليَّه، وعن الجَلاَّلة: عن رَكوبِها، وأكلِ لَحمِها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لاضطرابه كما سلف بيانه في الطريق الذي قبله. مِسعَر: هو ابن كدام، وأبو نعيم: هو الفضل بن دكين. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 203، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 318، والطبراني 18/ (666) من طريق أبي نعيم الفضل بن دُكين، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني 18/ (665) من طريق وكيع بن الجراح، عن مِسعر، عن عُبيد ابن الحَسَن، عن ابن معقل المزني، عن أناس من مزينة، عن غالب بن أبجر. وأخرجه عبد الرزاق (8728)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1133)، والطبراني 18/ (668) من طريق سفيان بن عيينة، عن مِسعَر، عن عبيد بن الحسن، عن عبد الله بن معقل -وجاء عند الطبراني: عن رجل، بدل: عبد الله بن معقل-، عن رجلين من مزينة أتيا النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقالا: إن السَّنَة أصابتنا ... وانظر ما قبله. تنبيه: هذا الطريق أثبتناه من (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد، قلنا: وهو في رواية ابن داسه أيضاً، لأن (هـ) عندنا بروايته. (¬2) إسناده حسن. ابن طاووس: هو عبد الله، ووُهَيب: هو ابن خالد. وأخرجه النسائي (4447) من طريق سهل بن بكار -وتحرف في المطبوع إلى: سُهيل-، عن وُهيب، عن ابن طاووس، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن أبيه محمد ابن عبد الله بن عمرو بن العاص -قال مرة: عن أبيه، وقال مرة: عن جده-، وهذا الشك من سهيل بن بكار، فقد روى الحديث جماعة عن وُهَيب فلم يَشُكُّوا: =

34 - باب في أكل الجراد

34 - باب في أكل الجراد 3812 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر النَّمَريُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن أبي يَعفُورٍ سمعتُ ابن أبي أوفى وسالتُه عن الجَراد، فقال: غَزَوتُ مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في ستَّ -أو سَبْعَ- غَزَواتٍ، فكُنَّا نأكُلُه مَعَهُ (¬1). 3813 - حدَّثنا محمدُ بنُ الفرج البغداديُّ، حدَّثنا ابنُ الزِّبرِقَان، حدَّثنا سليمان التيميُّ، عن أبي عثمان النهديِّ عن سَلْمان، قال: سُئِلَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- عن الجَرَاد، فقال: أكثرُ جُنُودِ الله، لا آكُلُه، ولا أُحرِّمُهُ" (¬2). ¬

_ = فقد أخرجه أحمد (7039) من طريق مؤمَّل بن إسماعيل، والطبراني في "الأوسط" (2809) من طريق إبراهيم بن الحجاج السامي، والحاكم 2/ 103، والبيهقي 9/ 333 من طريق أحمد بن إسحاق الحضرمي، ثلاثتهم عن وهيب، بهذا الإسناد. (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي أوفى: هو عبد الله، وأبو يعفور: هو وقدان العبدي الكوفي. وأخرجه البخاري (5495)، ومسلم (1952)، والترمذي (1925) و (1926) و (1927)، والنسائي (4356) و (4357) من طرق عن أبي يعفور العبْدي، عن ابن أبي أوفى. وهو في "مسند أحمد" (19112)، و"صحيح ابن حبان" (5257). وقوله: فكنا نأكله معه. قال الحافظ: يحتمل أن يريد بالمعية مجرد الغزو دون ما تبعه من أكل الجراد ويحتمل أن يريد مع أكله، قلنا: ويرجح الأول الحديث الذي يأتي بعد هذا عند المؤلف. (¬2) ابن الزبرقان -واسمه محمد بن الزبرقان الأهوازي أبو همام- وإن احتج به الشيخان - فيه كلام يحطه عن رتبة الثقة، لا سيما إذا خالف، وقد تابعه في الطريق الآتي عند المصنف بعده أبو العوام -وهو فائد بن كيسان- وهو دون الثقة، وقد خالفهما محمد بن عبد الله الأنصاري ومعتمر بن سليمان ويزيد بن هارون، فرووه عن سليمان =

قال أبو داود: رواه المُعتَمِرُ، عن أبيه، عن أبي عُثمان، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: لم يذكر سَلْمانَ. 3814 - حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ وعلي بنُ عبد الله، قالا: حدَّثنا زكرياء بن يحيى بن عُمارة، عن أبي العوّام الجزَّار، عن أبي عثمانَ النَّهديِّ عن سلمانَ، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سُئِلَ، فقال مثله. فقال: "أكثرُ جُنْد الله " قال عليٌّ: اسمه فائدٌ، يعني أبا العوَّام (¬1). ¬

_ = التيمي، عن أبي عثمان النهدي -واسمه عبد الرحمن بن ملّ- مرسلاً، وهم من الثقة بمكان، ولهذا رجح ابن معين في رواية الدُّوري عنه 4/ 268 المُرسلَ، وكذلك رجحه أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 2/ 8، وإليه مال البيهقي 9/ 257. وأخرجه البزار (2509)، والطبراني في "الكبير" (6129)، والبيهقي 9/ 257، والخطيب البغدادي في "تاريخه" 14/ 72، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 21/ 374 من طريق محمد بن الزِّبرِقان، بهذا الإسناد. وخالف محمد بنَ الزِّبرقان محمدُ بنُ عبد الله الأنصاري عند البيهقي 9/ 257، ومعتمر بن سليمان عند عبد الرزاق (8757)، ويزيد بن هارون عند ابن أبي شية 8/ 329 فرووه عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي مرسلاً، وهذا مرسل صحيح. رجاله ثقات. وأبو عثمان النهدي من كبار التابعين وهو مخضرم. وكذلك رواه شعبة بن الحجاج، عمن سمع أبا عثمان النهدي، عن أبي عثمان مرسلاً. أخرجه عنه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (653). وانظر ما بعده. (¬1) أبو العوَّام الجزار -واسمه فائد بن كيسان- وإن كان حسنَ الحديث، وتابعه محمد بن الزِّبرقان وهو مثلُه في الدرجة، خالفهما من هم أوثق منهما كما سلف بيانه في الحديث السابق، فرووه عن أبي عثمان النهدي مرسلاً، وهو الصحيح. وأخرجه ابن ماجه (3219)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 285، والطبراني في "الكبير" (6149)، والبيهقي 9/ 257، والمزي في ترجمة أبي العوام في "تهذيب الكمال"، من طريق أبي العوام، به. وانظر ما قبله.

35 - باب في أكل الطافي من السمك

قال أبو داود: رواه حمادُ بنُ سلمةَ، عن أبي العوَّام، عن أبي عثمان، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، لم يذكر سلمان. 35 - باب في أكل الطافي من السمك 3815 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدة، أخبرنا يحيى بنُ سليم الطائفيُّ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ أُمية، عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما ألقى البحرُ، أو جَزَرَ عنه فكُلُوه، وما ماتَ فيه وطَفَا، فلا تأكُلُوه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- مدلس وقد ععن، ثم إن يحيى بن سُلَيم الطائفي في حفظه شيء، وقد خالفه الثقات، فرووه عن أبي الزبير، عن جابر موقوفاً، كما أشار إليه المصنف بإثر الحديث، وهو الصحيح، نص عليه المصنف والدارقطني وغيرهما. وأخرجه ابن ماجه (3247)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4028)، والطبراني في "الأوسط" (2859)، والدارقطني (4715)، والبيهقي 9/ 255 - 256، وابن عبد البر في "التمهيد"16/ 225، وابن الجوزي في "التحقيق" (1945) من طريق يحيى بن سُليم الطائفي، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني (4716) من طريق إسماعيل بن عياش، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي الزبير، عن جابر موقوفاً من قوله. وقال الدارقطني: وهو الصحيح. وأخرجه الترمذي في "العلل"، 2/ 636، والطبراني في "الأوسط" (5656)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10/ 148 من طريق حُسين بن يزيد الطحان، عن حفص ابن غياث، عن ابن أبي ذئب، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً، قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي: ليس هذا بمحفوظ، ويُروى عن جابر خلاف هذا، ولا أعرف لابن أبي ذئب، عن أبي الزبير شيئاً. قلنا: وقد ضعفه المصنّف أيضاً بإثر الحديث. وحسين ابن يزيد الطحان لين الحديث، كما قال الحافظ. =

قال أبو داود: روى هذا الحديث سفيانُ الثوري، وأيوبُ، وحمادٌ، عن أبي الزُّبير، أوقفوه على جابر. وقد أُسْنِدَ هذا الحديثُ أيضاً من وجه ضعيف، عن ابن أبي ذئب، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-. ¬

_ = وأخرجه الدارقطني (4714)، والبيهقي 9/ 255 من طريق أبي أحمد الزُّبيري، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً كذلك. قال الدارقطني: لم يُسنده عن الثوري غير أبي أحمد، وخالفه وكيع والعَدَنيان، وعبد الرزاق ومُؤمَّل وأبو عاصم، وغيرهم، رووه عن الثوري موقوفاً، وهو الصواب، وكذلك رواه أيوب السَّخْتياني وعُبيد الله بن عمر وابن جُريج وزهير وحماد بن سلمة، وغيرهم، عن أبي الزبير، موقوفاً. قلنا: ووهَّم أبا أحمد كذلك الطبراني والبيهقي. وأخرجه موقوفاً ابنُ أبي شيبة 5/ 379 من طريق أيوب السَّختياني، والدارقطني (4717) و (4718)، والبيهقي 9/ 255 من طريق عُبيد الله بن عمر، كلاهما عن أبي الزبير، عن جابر. وأخرجه مرفوعاً الطحاوي في "شرح المشكل" (4026) و (4027)، والدارقطني (4713) من طريق عبد العزيز بن عُبيد الله، عن وهب بن كيسان -زاد الطحاوي: ونعيم بن عبد الله- عن جابر. قال الدارقطني: تفرد به عبد العزيز، عن وهب، وعبد العزيز ضعيف لا يحتج به، وكذلك قال أبو زرعة الرازي فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 46 و 49، وضعفه كذلك عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" 4/ 124، ووافقه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 577. قال الخطابي: قد ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه أباح الطافي من السمك، ثبت ذلك عن أبي بكر الصدِّيق وأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنهما. وإليه ذهب عطاء بن أبي رباح ومكحول وإبراهيم النخعي، وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور، وروي عن جابر وابن عباس رضي الله عنهما أنهما كرها الطافي من السمك، وإليه ذهب جابر بن زيد وطاووس، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. قلنا: وذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه إلى جوازه كذلك نقله عنهما إسحاق بن منصور الكوسج في "مسائله" (3026).

36 - باب في المضطر إلى الميتة

3815/ 1 - حدَّثنا ابن نُفَيلِ، حدَّثنا إسماعيل، عن خالد، عن معاوية بن قرَّة أبي إياس أن أبا أيوب أُتِي بسمكةٍ طافية فأكلها (¬1). قال أبو داود: وروى عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة، قال أشهد على ابن عباس، قال: أشهد على أبي بكر الصديق قال: كلوا الطافيَ من السمك. 3815/ 2 - حدَّثنا أحمد بن يونس، حدَّثنا زهير، حدَّثنا عبد الملك بن أبي بشير، عن عكرمة، قال: أشهد على ابن عباس، قال: أشهد على أبي بكر الصديق قال: كلوا الطافيَ من السمك (¬2). 36 - باب في المضطر إلى الميتة 3816 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن سماك بن حربٍ عن جابر بن سَمُرَةَ، أن رجلاً نزل الحرَّةَ ومعه أهلُه وولَدُه، فقال رجل: إن ناقةً لي ضَلَّتْ، فإن وجدْتَها، فأمْسِكْها، فوجدها، فلم ¬

_ (¬1) رجاله ثقات. ابن نُفيل: هو عبد الله بن محمد بن علي النُّفيلي، وإسماعيل: هو ابن عُلية، وخالد: هو ابن مهران الحذاء. وأخرجه ابن أبي شيبة 5/ 380 عن ابنُ علية، به. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ)، وأشار هناك -والمزي من قبله في "الأطراف" (3489) - إلى أنه في رواية ابن العبد. (¬2) إسناده صحيح، وهو موقوف. وأخرجه عبد الرزاق (8654)، وابن أبي شبة 5/ 380، والدارقطني (4721 - 4724). تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ)، وأشار هناك -ومن قبله المزي في "الأطراف" (6602) - إلى أنه في رواية ابن العبد.

يَجِدْ صاحِبَها، فمرِضَتْ، فقالت امرأتُه: انحَرْها، فأبى، فنَفَقَتْ، فقالت امرأته: اسْلَخْها حتى نُقَدِّدَ شحمَها ولحمَها ونأكلَه، فقال: حتى أسألَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأتاه، فسأله، فقال: "هَلْ عندَكَ غِنًى يُغنيكَ؟ " قال: لا، قال: "فَكُلُوها"، قال: فجاءَ صاحبُها، فأخبره الخبَر، فقال: هَلَّا كنْتَ نحرْتَها، قال: استَحيَيتُ مِنْكَ (¬1). 3817 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبد الله، حدَّثنا الفضلُ بنُ دكينٍ، حدَّثنا عُقبةُ بن وهْبٍ بن عُقبةُ العامريُّ، سمعتُ أبي يُحدث ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل سماك بن حرب. وقد صحح حديثه هذا الإِمام أحمد فيما نقله عنه الخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي" (1336) لكنه قال [يعني الإِمام أحمد]: ولا أعرف معناه، وقال البيهقي بعد أن سرد عدة أحاديث في باب ما يحل من الميتة بالضرورة: في ثبوت هذه الأحاديث نظر، وحديث جابر بن سمرة أصحها، وقال الحافظ ابن كثير في "تخريج أحاديث التنبيه" 1/ 370: إسناده على شرط مسلم، وقال الشوكاني: ليس في إسناده مطعَن. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه الطيالسي (776)، وأحمد (20815)، وعبد الله بن أحمد في زياداته على "المسند" (20903)، وأبو يعلى (7448)، والطبراني (1924) و (1946) و (1971) و (1977) و (2043)، والحاكم 4/ 125، والبيهقي 9/ 356، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1336) من طرق عن سماك بن حرب، به. وجاء عند بعضهم: مات بغل، بدل: الناقة. وجاء في بعض روايات الحديث: "فقدِّدوا شحمه ولحمه وكلُوه"، وفي بعضها: فاستذابوا ودكها واستعانوا بلحمها بقية سنتهم. وإنما يجوز أكل الميتة بقدر ما يسدُّ الرمق، ويأمن معه الموت، كما أجمع عليه أهل العلم فيما نقله ابن قدامة في "المغني" 13/ 330. وقال البغوي في "شرح السنة" 11/ 346: فأما من كان محتاجاً إلى الطعام، ولم يبلغ حالة الاضطرار بأن كان لا يخاف على نفسه التلف، فاتفقوا على أنه لا يحل له تناولُ الميتة.

37 - باب في الجمع بين لونين من الطعام

عن الفُجَيع العامريِّ، أنه أتى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: ما يَحِلُّ لنا من الميتة؟ قال: "ما طعامكم؟ " قلنا: نَغْتَبِقُ ونَصطَبِحُ -قال أبو نعيم: فسَّرَهُ لي عُقْبةُ، قَدَحٌ غُدوةً، وقَدَحٌ عَشيةً- قال: "ذاك وأبي الجوع"، فاحلَّ لهم الميتةَ على هذه الحال (¬1). قال أبر داود: الغَبوقُ من آخر النهار، والصَّبُوحُ مِن أول النهار. 37 - باب في الجمع بين لونين من الطعام 3818 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبد العزيز بن أبي رِزمَة، أخبرَنا الفضلُ بنُ موسى، عن حسينِ بن واقدٍ، عن أيوبَ، عن نافعٍ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، عقبة بن وهب بن عقبة العامري مقبول حيث يتابع، ولكنه انفرد بهذا الحديث، وقال البيهقي 9/ 357: في ثبوته نظر. قلنا: ومع ذلك قال الحافظ في "الإصابة" في ترجمته 5/ 354: إسناده لا بأس به! وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 46، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1503)، وابن قانع في "معجم الصحابة، 2/ 338، والطبراني في "الكبير" 18/ (829)، والبيهقي 9/ 357، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة فجيع العامري 23/ 144 من طريق عقبة بن وهب، به. ويخالفه حديث أبي واقد الليثي عند أحمد (21898) وغيره بلفظ: قلت: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، إنا بأرض تصيبُنا بها مخمصة، فما يحل لنا من الميتة؟ قال: "إذا لم تصطبحوا ولم تغتبقوا، ولم تحتفئوا بقلاً؟ فشأنكم بها" وهو حديث حسن في المتابعات والشواهد كما حققناه في "مسند أحمد". قال الخطابي: "الغَبُوق": العشاء، و "الصبوح" الغداء، والقدح من اللبن بالغداة، والقدح بالعشي: يمسك الرَّمَق، ويقيم النفس، ان كان لا يغذو البدن، ولا يُشبع الشبع التام. وانظر ما قبله.

38 - باب في أكل الجبن

عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: " ودِدْتُ أنَّ عندي خُبزةً بيضاءَ من بُرَّة سَمْراءَ مُلَبَّقةً بسَمْن ولَبن، فقام رَجُلٌ مِن القوم، فاتَّخذه، فجاءَ به، فقال: "في أيِّ شيءٍ كان هذا"، قال: في عُكَّة ضَبٍّ، قال: "ارْفَعْهُ" (¬1). قال أبو داود: هذا حديثٌ منكر. قال أبو داود: وأيوبُ ليس هو السَّخْتياني (¬2). 38 - باب في أكل الجُبْن 3819 - حدَّثنا يحيى بن موسى البَلْخيُّ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ عُيينةَ، عن عمرو بن منصورٍ، عن الشعبيِّ عن ابن عمر، قال: أُتِيَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بجُبنةٍ في تَبُوكَ، فَدَعا بسِكِّين، فسَمَّى وقَطَعَ (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف جداً. أيوب الذي نفى المصنف أن يكون السَّختياني هو ابن خوط كما استظهره الحافظ العراقي فيما نقله عنه تلميذه الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب"، وقال ابن حبان في "الثقات" 6/ 209 - 210 في ترجمة حسن بن واقد: قد كتب عن أيوب السختياني وأيوب بن خوط جميعاً، فكل حديث منكر عنده عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، إنما هو أيوب بن خُوط، وليس بأيوب السختياني. وأخرجه ابن ماجه (3341) من طريق الفضل بن موسى، بهذا الإسناد. وقد جاء في الجمع بين لونين من الطعام عدة أحاديث انظرها فيما سيأتي بالأرقام (3835) - (3837). (¬2) مقالتا أبي داود هاتان أثبتناهما من (هـ)، وأشار هناك إلى أن المقالة الثانية من رواية ابن الأعرابي. (¬3) إسناده ضعيف موصولاً، إبراهيم بن عُينة - قال أبو حاتم: شيخ يأتي بمناكير، وقال النسائي: ليس بالقوي. وقد خالفه عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي الثقة وقيس بن الربيع فأرسلاه عن الشعبي. =

39 - باب في الخل

39 - باب في الخَلِّ 3820 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شَيبةَ، حدَّثنا معاويةُ بنُ هشام، حَدّثنا سفيانُ -يعني الثوريَّ- عن مُحَارب بن دِثار عن جابرٍ، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "نِعْمَ الأُدُمُ الخَلُّ" (¬1). 3821 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسي ومسلمُ بنُ إبراهيمَ -المعنى- قالا: حَدَّثنا المثنى بنُ سعيدٍ، عن طلحةَ بن نافعٍ عن جابرٍ عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن حبان (5241)، والطبراني في "الأوسط" (7084)، وفي "الصغير" (1026)، والبيهقي 10/ 6، والمزيإ "تهذيب الكمال" في ترجمة عمرو بن منصور الهمْداني، من طريق إبراهيم بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 288 عن عيسى بن يونس السَّبيعي، وعبد الرزاق (8795) عن قيس بن الربيع، كلاهما عن عمرو بن منصور الهمْداني، عن الشعبي -وقرن به قيسٌ الضحاك بن مزاحم:- قال: أتي النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك بجبنة، فقيل: إن هذا طعام يصنعه المجوس، فقال: "اذكروا اسم الله عليه وكلوه" وهذا مُرسَلٌ صحيح. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل معاوية بن هشام -وهو القصار- وهو متابع في الطريق الآتي بعده. وأخرجه ابن ماجه (3317) من طريق قيس بن الربيع، والترمذي (1945) من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، كلاهما عن محارب بن دثار، به. وأخرجه الترمذي (1944) من طريق مبارك بن سعيد أخي سفيان الثوري، عن أخيه سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر. وقال الترمذي عن رواية معاوية بن هشام: هذا أصح من حديث مبارك بن سعيد. وهو في "مسند أحمد" (14225) و (14988). وانظر ما بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل طلحة بن نافع -وهو أبو سفيان، مشهور بكنيته- فهو صدوق لا بأس به، وهو متابع في الطريق السالف قبله. =

40 - باب في أكل الثوم

40 - باب في أكل الثوم 3822 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يُونُس، عن ابنِ شِهابٍ، حدَّثني عطاءُ بنُ أبي رباحٍ. أن جابرَ بنَ عبد الله قال: إنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أَكَلَ ثوماً أو بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنا -أو ليعتزِلْ مسجِدَنا- وليقعُدْ في بيته"، وإنه أُتيَ ببَدرٍ فيه خَضِراتٌ مِنَ البُقُولِ، فوَجَدَ لها ريحاً، فسأل، فأُخْبِرَ بما فيها من البُقُول، فقال: "قَرِّبُوها" إلى بعض أصحابه كان معه، فلما رآه كَرِهَ أكلَها قال: "كُلْ، فإنِّي أُناجي مَنْ لا تُنَاجِي" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2052)، والنسائي (3796) من طرق عن أبي سفيان طلحة بن نافع، به. ولفظ مسلم: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - سأل أهله الأدُمَ، فقالوا: ما عندنا إلا خلٌّ، فدعا به، فجعل يأكل به ويقول: "نعم الأدُم الخلُّ، نعم الأدُم الخلُّ" قال ابن القيم: هذا ثناء على الخل بحسب الوقت لا لتفضيله على غيره، إذ لو حصل نحو لحمٍ أو عسل أو لبن، كان أحق بالمدح. ولأحمد (14807) من حديث جابر: (نعم الإدام النحل ما أقفر بيت فيه خل". وهو في "مسند أحمد" (14225). وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزُّهري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه البخاري (855)، ومسلم (564) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه البخاري (854)، ومسلم (564)، والترمذي (1909)، والنسائي (707) من طريق ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، به. وأخرجه مسلم (564) من طريق هشام الدستوائي، عن أبي الزبير، عن جابر قال: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن أكل البصل والكراث، فغلبتنا الحاجة، فأكلنا منها، فقال: " من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تأذى مما يتأذى منه الإنس. =

قال أحمدُ بنُ صالحِ: ببَدْرٍ، فسره ابنُ وهب: طَبَقٍ. 3823 - حدَّثنا أحمدُ بن صالحِ، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني عَمرٌو، أن بكْرَ ابن سَوادةَ حدَّثه، أن أبا النجيب مولى عبد الله بن سعْد حدَّثه أن أبا سعيد الخُدْريَّ حدَّثه: أنه ذُكِرَ عندَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الثُّومُ والبَصَلُ، وقيل: يا رسولَ الله -، وأشدُّ ذلكَ كلِّه الثُّومُ، أفتُحَرِّمه؟ فقال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "كلُوهُ، ومن أكله منكم، فلا يَقْرَبْ هذا المسجدَ حتَّى يذهبَ ريحُهُ مِنْه" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (15014) و (15069) و (15274)، و"صحيح ابن حبان" (1644) و (2086). قال الخطابي: قوله: ببدر، يريد الطبق، وسمي الطبق بدراً لاستدارته، ومنه سمي القمر حين كماله بدراً، وذلك لاستدارته وحسن اتساقه. وقوله: "فليعتزل مسجدنا" إنما أمره باعتزال المسجد عقوبةً له، وليس هذا من باب الأعذار التي تُبيح للمرء التخلف عن الجماعة كالمطر والريح العاصف ونحوهما من الأمور، وقد رأيت بعض الناس صنف في الأعذار المانعة عن حضور الجماعة باباً ووضع فيه أكل الثوم والبصل، وليس هذا من ذاك في شيء، والله أعلم. وقد ألحق بعض أهل العلم بذلك من كان بفيه بخر، أو به جرح له رائحة، وزاد بعضهم، فألحق أصحاب الصنائع كالسَّمَّاك والعاهات كالمجذوم، ومن يؤذي الناس بلسانه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي النجيب مولى عبد الله بن سعْد، لكن روي الحديث من طريقين آخرين. وأخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء" 2/ 143، وابن خزيمة (1669)، وابن حبان (2085)، والبيهقي 3/ 77 من طريق أبي النجيب، به. وأخرجه بنحوه مسلم (565) من طريق أبي نضرة العَبْدي، عن أبي سعيد الخدري. وأخرجه مسلم (566) من طريق عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - مر على زرّاعة بصل هو وأصحابه. فنزل ناس منهم، فأكلوا منه، ولم =

3824 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الشَّيبانيِّ، عن عَدي ابن ثابتٍ، عن زِرِّ بن حُبَيش عن حُذيفة، أظنُّه قال: عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من تَفَلَ تُجاهَ القِبلةِ جاء يومَ القيامةِ تَفْلُهُ بين عَينَيه، ومَن أَكَل مِن هذه البَقلَةِ الخبيثةِ فلا يقربَنَّ مسجِدَنا " ثلاثاً (¬1). 3825 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلِ، حدَّثنا يحيى، عن عُبيدِ الله، عن نافعٍ عن ابن عُمَرَ، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: " مَنْ أَكَلَ من هذه الشَّجَرَةِ فلا يَقْرَبَنَّ المساجد" (¬2). ¬

_ = يأكل آخرون، فرُحنا إليه، فدعا الذين لم يأكلوا البصلَ، وأخر الآخرين حتى ذهب ريحُها. وهو في "مسند أحمد" (11584) من طريق أبي نضْرة، عن أبي سعيد. (¬1) إسناده صحيح. الشيباني: هو أبو إسحاق سُليمان بن أبي سُليمان، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه البزار في "مسنده" (2905)، وابن خزيمة (925) و (1314) و (1663)، وابن حبان (1639)، والبيهقي 3/ 76 من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. ولم يذكر البقلة الخبيثة سوى البزار وابن خزيمة في الموضع الأخير والبيهقي. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 365 عن علي بن مُسهر، عن أبي إسحاق الشيباني، به موقوفاً من قول حذيفة دون ذكر البقلة الخبيثة. وأخرجه البزار (2904) من طريق جرير بن عبد الحميد، به مرفوعاً بلفظ: "إذا بصق أحدكم في المسجد، فلا يبصق عن يمينه ولكن عن يساره أو تحت قدمه". (¬2) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه البخاري (853)، ومسلم (561)، وابن ماجه (1016) من طريق عُبيد الله ابن عمر، به. وعندهم أن ذلك كان في غزوة خيبر. وهو في "مسند أحمد" (4619)، و"صحيح ابن حبان" (2088).

3826 - حدَّثنا شيبانُ بن فَرُّوخَ، حدَّثنا أبو هلالٍ، حدَّثنا حُمَيْد بن هلال، عن أبي بُردة عن المُغيرة بن شُعبةُ، قال: أكلتُ ثوماً، فأتيتُ مُصَلَّى النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- وقد سُبِقتُ بركعةٍ، فلما دخلتُ المسجدَ وَجَدَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ريحَ الثُّوم، فلما قَضَى رَسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- صلاتَه قال: "مَن أَكلَ مِنْ هذه الشجرةِ فلا يَقربَنَا حتى يَذْهَبَ رِيحُها - أو ريحُه" فلما قضيتُ الصلاةَ جئتُ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، والله لتُعطينِّي يَدَكَ، قال: فأدخلتُ يَدَهُ في كُمِّ قميصي إلى صَدْرِي فإذا أنا مَعصُوبُ الصَّدرِ، قال: "إنَّ لَكَ عُذراً" (¬1). 3827 - حدَّثنا عباسُ بنُ عبد العظيم، حدَّثنا أبو عامر عبدُ الملك بن عَمرو، حدَّثنا خَالدُ بن ميسرةَ -يعني العطارَ- عن معاويةَ بن قُرَّة ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف أبي هلال -وهو محمد بن سُلَيم الراسبي- وقد اختلف في وصله وإرساله، ورجح الدارقطني في "العلل" 7/ 145 إرساله. أبو بُردة: هو ابن أبي موسى الأشعري. وأخرجه أحمد (18176)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 238، والطبراني في "الكبير" 20/ (1003)، والبيهقى 3/ 77 من طرق عن أبي هلال الراسبي، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/ 510 و 8/ 303، وأحمد (18205)، وابن خزيمة (1672)، وابن حبان (2095)، والبيهقي 3/ 77 من طريق سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، به. وسليمان بن المغيرة ثقة. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 302 عن إسماعيل ابن عُلَيَّه، والطبراني في "الكبير" 20/ (1004) من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب السختياني، عن حميد بن هلال، عن أبي بردة أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وجد من المغيرة ريح ثوم ... فذكره مرسلاً. وذكر الدارقطني في "العلل" 7/ 140 أن يونس بن عبيد رواه عن حميد بن هلال مرسلاً أيضاً، ثم قال: وكان المرسل هو الأقوى. قوله: فإذا أنا معصوب الصدر، كان من عادتهم إذا جاع أحدهم أن يشُدَّ جوفَه بعصابة، وربما جعل تحتها حجراً. قاله في "النهاية".

عن أبيه: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن هاتَيْنِ الشَّجرتَين، وقال: "مَن أكَلَهُما فلا يَقرَبَنَّ مَسجِدَنا" وقال: "إن كنتم لا بُدَّ آكِليهِما فأمِيتُوهُمَا طَبخاً" قال: يعني البَصَلَ والثُّوم (¬1). 3828 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا الجرَّاحُ أبو وكيع، عن أبي إسحاقَ، عن شَريكٍ -هو ابن حنبل- عن علي قال: نُهِي عَنْ أكْلِ الثُّوم إلا مَطبُوخاً (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل خالد بن ميسرة العطار. وقد حسّن البخاري هذا الحديث فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" 2/ 765 - 766. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6647) من طريق خالد بن ميسرة، به وهو في "مسند أحمد" (16247). وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند الطبراني في "الأوسط" (3668)، ومن طريقه الضياء في "المختارة" (1740) ورجاله ثقات غير شيخ الطبراني، وهو سليمان ابن داود بن يحى الطيب البصري، فلم نقف له على ترجمة. وقد روى عنه أيضاً ابن قانع وكناه أبا أيوب، وقال: مولى بني هاشم. وجاء عن عمر بن الخطاب موقوفاً من قوله عند مسلم (567). وانظر ما بعده. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. شريك بن حنبل. روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن سعد: كان معروفاً قليل الحديث، وقد اختُلف عنه، فمرة روي عنه عن علي بلفظ المصنّف بعبارة تحتمل الرفع، وروي عنه عن علي أنه كره الثوم إلا مطبوخاً موقوفاً كذا رواه جماعة كما سيأتي. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي. فأخرجه الترمذي (1911)، والبيهقي 3/ 78 من طريق مُسدَّد، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (1912) من طريق وكيع بن الجراح، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن شريك بن حنبل، عن علي قال: إنه كره أكل الثوم إلا مطبوخاً. هكذا رواه موقوفاً.=

41 - باب في التمر

3829 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازي، أخبرنا وحدَّثنا حيوةُ بنُ شُرَيح، حدَّثنا بقيةُ، عن بَجرٍ، عن خالدٍ عن أبي زيادٍ خيارِ بن سَلَمةَ، أنه سألَ عائشةَ عن البَصَل، فقالت: إن آخِرَ طعامٍ أكَلَهُ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - طَعامٌ فيه بَصَلٌ (¬1). 41 - باب في التمر 3830 - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا عُمَرُ بنُ حفصٍ، حدَّثنا أبي، عن محمد بن أبي يحيى، عن يزيدَ الأعور عن يوسف بن عبد الله بن سَلام، قال: رأيتُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أخذ كِسْرَةً من خُبْز شعيرٍ فوضع عليها تمرةً، وقال: "هذه إدامُ هذه" (¬2). ¬

_ = وكذلك رواه موقوفاً عبد الرحمن بن مهدي فيما حكاه عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه في "العلل" (4162)، وكذا يحيى الحماني فيما حكاه الدارقطني في "العلل" 3/ 242، كلاهما عن وكيع. وكذلك رواه سفيان الثوري عن أبي إسحاق موقوفاً فيما حكاه أحمد بن حنبل في "العلل" (4162). ويشهد له الحديث السالف قبله. (¬1) إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي- ثم إنه يدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بالسماع، وقد اختُلف عليه أيضاً كما بيناه في "مسند أحمد" (24585). بَحير: هو ابن سعْد، وخالد: هو ابن مَعْدان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6646) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24585). (¬2) إسناده هالك من أجل محمد بن أبي يحيى -وهو الأسلمي- فهو متروك الحديث، ويزيد الأعور - وهو ابن أبي أمية مجهول. وقد سلف هذا الحديث برقم (3259) و (3260).

42 - باب تفتيش التمر المسوس عند الأكل

3831 - حدَّثنا الوليدُ بنُ عُتبةَ، حدَّثنا مروانُ بنُ محمد، حدَّثنا سُليمانُ بنُ بلال، حدَّثني هشامُ بنُ عُروةَ، عن أبيه عن عائشة قالت: قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "بَيْتٌ لا تَمْرَ فيه جِياعٌ أهلُهُ" (¬1). 42 - باب تفتيش التمر المُسوِّس عند الأكل 3832 - حدَّثنا محمدُ بنُ عمرو بن جَبَلَة، حدَّثنا سَلْمُ بن قتيبة أبو قتيبةُ، عن هَمَّام، عن إسحاقَ بن عبد الله بنْ أبي طلحةَ عن أنس بن مالكٍ، قال: أُتِي النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بتمرٍ عَتيقٍ، فجعل يُفتِّشه يُخرِجُ السُّوسَ منه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، مروان بن محمد -هو الطاطري- وقد تابعه يحيى بنُ حسان التَّنِّيسيُّ الثقة أيضاً، فقول البخاري فيما نفله عنه الترمذي بإثر الحديث (1918): لا أعلم أحداً رواه غير يحيى بن حسان. غير مُسلَّم، لما ذكرنا من متابعة مروان بن محمد الطاطري عند المصنف وغيره. وأخرجه ابن ماجه (3327) من طريق مروان بن محمد الطاطري، ومسلم (2046)، والترمذي (1918) من طريق يحيى بن حسان التِّنِّيسيُّ، كلاهما عن سليمان ابن بلال، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2046)، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 12/ 417 من طريق أبي الرجال، عن أمه عمرة، عن عائشة. وقال البغوي في "شرح السنة" (2885): هذا حديث صحيح. وهو في "مسند أحمد" (25458) من طريق عمرة عن عائشة، و"صحيح ابن حبان" (5206) من طريق عروة عن عائشة. قال القاضي أبو بكر بن العربي في "عارضته" 8/ 8 لأن التمر كان قوتهم، فإذا خلا منه البيت جاع أهله، وأهل كل بلد يقولون في قوتهم الذي اعتادوه مثله. وقال الطيبي: لعله حث على القناعة في بلاد كثر فيها التمر، أي: من قَنِعَ به لا يجوع ". (¬2) إسناده صحيح. وقد تابع سَلْمَ بنَ قتيبة على وصل هذا الحديث محمدُ بن فضيل عند ابن عبد البر في التمهيد" 15/ 188. ورواه محمد بن كثير - وهو العَبْدي =

43 - باب الإقران في التمر عند الأكل

3833 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا همَّام عن إسحاقَ بن عبد الله بن أبي طَلْحةَ: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يُؤتَى بالتَّمْرِ فيه الدُّودُ، فذكر معناه (¬1). 43 - باب الإقران في التمر عند الأكل 3834 - حدَّثنا واصِلُ بن عبدِ الأعلى، حدَّثنا ابنُ فُضَيل، عن أبي إسحاقَ، عن جَبَلَة بن سُحَيم عن ابن عمر، قال: نَهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الاقران، إلا أن تستأذِنَ أصحابَكَ (¬2). ¬

_ = في الطريق الآتي بعده عند المصنف عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة مرسلاً. وهذا لا يضعف الموصول، لأن اللذين وصلاه ثقتان. وأخرجه ابن ماجه (3333) من طريق أبي قتيبة سَلْم بن قتيبة، بهذا الإسناد. (¬1) مرسل صحيح. رجاله ثقات، وقد صح موصولاً كما هو مبين في الطريق السالف قبله. وأخرجه البيهقي في "السنن" 7/ 281، و"شعب الإيمان" (5887) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عَمرو بن عبد الله السَّبِيعي، وابن فُضَيل: هو محمد. وأخرجه البخاري (2455)، ومسلم (2045) من طريق شعبة بن الحجاج، والبخاري (2489)، ومسلم (2045)، والترمذي (1917)، والنسائي في "الكبرى" (6694) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن جَبَلة بن سُحَيم، به. وهو في "مسند أحمد" (5037) و (5246)، و"صحيح ابن حبان" (5231). يقرن، بضم الراء وكسرها: يجمع بين الشيئين. قال الخطابي: إنما جاء النهي عن القران لمعنى مفهوم، وعلة معلومة، وهي ما كان عليه القوم من شدة العيش، وضيق الطعام وإعوازه، وكانوا يتجوّزون في المأكل =

44 - باب في الجمع بين اللونين في الأكل

44 - باب في الجمع بين اللونَين في الأكل 3835 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر النَّمريُّ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعد، عن أبيه عن عبدِ الله بن جعفر، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يأكُلُ القِثِّاء بالرُّطَب (¬1). 3836 - حدَّثنا سعيدُ بنُ نُصير، حدَّثنا أبو أُسامة، حدَّثنا هِشامُ بنُ عُروةَ، عن أبيه ¬

_ = ويُواسُون من القليل، فإذا اجتمعوا على الأكل تجافى بعضُهم عن الطعام لبعض، وآثر صاحبه على نفسه، غير أن الطعام ربما يكون مشفوها (قليلاً)، وفي القوم من بلغ به الجوعُ الشدة، فهو يُشفق من فنائه قبل أن يأخذ حاجته منه، فربما قرن بين التمرتين، وأعظم اللقمةَ ليَسُدَّ به الجوع، ويشفي به القَرَم، فأرشد النبيُّ إلى الأدب فيه، وأمر بالاستئذان، ليستطيب به نفس أصحابه. فلا يجدوا في أنفسهم من ذلك إذا رأوه قد استأثر به عليهم. أما اليوم فقد كثر الخير واتسعت الحالُ، وصار الناسُ إذا اجتمعوا تلاطفُوا على الأكل، وتحاضُّوا على الطعام، فهم لا يحتاجون إلى الاستئذان في مثل ذلك. إلا أن يحدث حالٌ من الضيق والإعواز تدعو الضرورة فيها إلى مثل ذلك. فيعود الأمر أبيه إذا عادت العلة. والله أعلم. وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 571 - 572 ثم نسخ (يعني النهي عن الإقران) لمَّا حصلت التوسعة، روى البزار (284 - كشف الأستار) والطبراني في "الأوسط" (7068) من حديث بريدة رفعه "كنت نهيتكم عن القِران وإن وسع عليكم فاقرنوا". وقال ابن القيم في "تهذيب السنن": وهذه الكلمة، وهي "الاستئذان" قد قيل: إنها مدرجة من كلام ابن عمر، قال شعبة: لا أرى هذه الكلمة إلا من كلام ابن عمر، يعني "الاستئذان" ذكره البخاري في "الصحيح" [(5446)]. (¬1) إسناده صحيح. إبراهيم بن سعْد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري. وأخرجه البخاري (5440)، ومسلم (2043)، وابن ماجه (3325)، والترمذي (1950) من طرق عن إبراهيم بن سعد الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (1741).

عن عائشة قالت: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يأكُلُ الطِّبِّيخَ بالرُّطَبِ، فيقول: "نكسِرُ حَرَّ هذا ببرد هذا، وبَرْدَ هذا بحَرِّ هذا" (¬1). 3837 - حدَّثنا محمدُ بنُ الوزير، حدَّثنا الوليدُ بنُ مَزْيَد، سمعتُ ابنَ جابر، حَدَّثني سُلَيمُ بنُ عَامرٍ عن ابني بُسْرٍ السُّلميَّين، قالا: دَخَلَ علينا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقَدَّمْنا زُبْداً وتمراً، وكان يُحِبُّ الزُّبْدَ والتَّمَر (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده جيد. من أجل سعيد بن نُصير -وهو البغدادي ثم الرقي- فهو صدوق لا بأس به. عروة: هو ابن الزبير بن العوام، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه الترمذي (1949)، والنسائي في "الكبرى" (6688) من طريق سفيان الثورى، والنسائي (6687) من طريق إبراهيم بن حميد الرؤاسي، كلاهما عن هشام ابن عروة، به دون قوله: "نكسر حرَّ هذا ... ". وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6693) من طريق يزيد بن رومان، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة دون قوله: "نكسر حر هذا ... ". قال النسائي فيما نقله عنه المزي في "تحفة الأشراف" 12/ 101: ليس هو بمحفوظ من حديث الزهري. وهو في "صحيح ابن حبان" (5246) و (5247). دون قوله: "نكسر حر هذا ... ". وقوله: الطِّبِّيخ أثبتناه من (أ) و (ج) و (هـ)، وفي (ب): البطيخ، والطِّبِّيخ لغة في البِطِّيخ. قال الخطابي: فيه إثبات الطب والعلاج ومقابلة الشيء الضار بالشيء المضادّ له في طبعه على مذهب الطب والعلاج، وفيه إباحة التوسع من الأطعمة والنيل من الملاذّ المباحة. (¬2) إسناده صحح. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الدمشقي. وأخرجه ابن ماجه (3334) من طريق صدقة بن خالد، عن عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر، به. =

45 - باب الأكل في آنية أهل الكتاب والمجوس والطبخ فيها

45 - باب الأكل في آنية أهل الكتاب والمجوس والطبخ فيها 3838 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الأعلى وإسماعيلُ، عن بُردِ بن سنان، عن عطاء عن جابر، قال: كنَّا نَغزُو مع رَسُولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فنَصيبُ مِن آنيةِ المُشركينَ وأسقيتِهم فنَستمتِعُ بها، فلا يَعيبُ ذلكَ عَلَيهم (¬1). ¬

_ = قال ابن القيم في "زاد المعاد" 4/ 318: الزبد حارٌّ رطب، فيه منافع كثيرة، منها الإنضاج والتحليل، ويبرئ الأورام التي تكون إلى جانب الأذنين والحالبين، وأورام الفم، وسائر الأورام التي تعرض في أبدان النساء والصبيان إذا استعمل وحده، وإذا لُعق منه نفع من نفث الدم الذي يكون من الرئة، وأنضج الأورام العارضة فيها. وهو مليِّن للطبيعة والعصب والأورام الصلبة العارضة من المرة السوداء والبلغم، نافع من اليُبس العارض في البدن ... وهو نافع مِن السعال العارض من البرد واليبس، ويذهب القُوباء والخشونة التي في البدن، ويَذهَبُ بوخامته الحلُو كالعسل والتمر، وفي جمعه -صلَّى الله عليه وسلم- بين التمر وبينه من الحكمة إصلاح كل منهما بالآخر. (¬1) إسناده قوي من أجل بُرْد بن سنان، فهو صدوق لا باس به. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السَّامي، وإسماعيل: هو ابن عُلَيَّه. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 279 و 12/ 251، وأحمد (15053)، والطبراني في "مسند الشاميين" (374) و (375)، والبيهقي 1/ 32 و10/ 11 من طرق عن برد بن سنان، به. وأخرجه بنحوه أحمد (14501)، والحارث بن أبي أسامة (68 - زوائده)، والطحاوي في "شرح معاني الأثار" 1/ 473 من طريق سليمان بن موسى، عن عطاء، عن جابر قال: كنا نصيب مع النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- في مغانمنا من المشركين الأسقية والأوعية، فنقسمها، وكلها مَيتةٌ. قال الخطابي: ظاهر هذا يبيح استعمال آنية المشركين على الاطلاق، من غير غسل لها وتنظيف. وهذه الإباحة مقيدة بالشرط الذي هو مذكور في الحديث الذي يليه في هذا الباب.

3839 - حدَّثنا نصرُ بنُ عاصم، حدَّثنا محمدُ بنُ شُعيب، أخبرنا عبدُ الله ابنُ العَلاءِ بن زَبْرٍ، عن أبي عُبيد الله مُسلمِ بن مِشكَمٍ عن أبي ثعلبةَ الخُشَنيِّ: أنه سألَ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: إنا نُجَاوِرُ أهْلَ الكتابِ وهم يَطبُخُونَ في قُدورهم الخنزير ويَشرَبونَ في آنيتِهم الخمرَ، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن وجَدتُم غَيرها فكلوا فيها واشرَبُوا، وإن لم تَجِدُوا غيرَهَا فارْحَضُوها بالماء، وكلُوا واشرَبُوا" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل نصر بن عاصم -وهو الأنطاكي- لكنه متابع. محمد بن شعيب: هو ابن شابور الدمشقي. وأخرجه البيهقي 1/ 33 من طريق نصر بن عاصم، والطبراني في "مسند الشاميين" (783) من طريق هشام بن خالد (وتحرف في المطبوع إلى محمد بن خالد)، كلاهما عن محمد بن شعيب، والطبراني في "الكبير" 22/ (584) من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما (محمد بن شعيب والوليد) عن عبد الله بن العلاء، به. وأخرجه بنحوه البخاري (5478)، ومسلم (1930) وابن ماجه (327)، والترمذي (1532) و (1646) من طريق أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة الخشني. وزاد الترمذي في الموضع الأول آنية المجوس. وأخرجه الترمذي (1901) من طريق أبى قلابة، عن أبي أسماء الرحبي، عن أبي ثعلبة. وأخرجه الترمذي (1645) و (1900) من طريق أبي قلابة، عن أبي ثعلبة دون ذكر أبي أسماء الرحبي، وقال الترمذي: أبو قلابة لم يسمع من أبي ثعلبة، إنما رواه عن أبي أسماء، عن أبي ثعلبة. قلنا: ثم إنه ذكر في هذه الرواية قدور المجوس لا أهل الكتاب، وهذا وهم، والله تعالى أعلم. وأخرجه الترمذي (1532) من طريق حجاج بن أرطاة، عن مكحول، عن أبي ثعلبة. وحجاج ضعيف، ومكحول لم يسمع من أبي ثعلبة فيما قاله غير واحد من أهل العلم. =

46 - باب في أكل دواب البحر

46 - باب في أكل دوابِّ البحر 3840 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا أبو الزُّبير عن جابر، قال: بعثنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأمَّرَ علينا أبا عُبيدة ابنَ الجراح نتلقَّى عيراً لقُريشٍ، وزوَّدنا جرابَاً مِن تمرٍ لم نجد له غيرَه، فكان أبو عبيدةَ يُعطينا تمرةً تمرةً، كنا نَمَصُّها كما يَمَصُّ الصبيُّ، ثم نَشْرَبُ عليها من الماء، فتكفينا يَومَنا إلى الليل، وكنَّا نَضْرِبُ بعصيِّنا الخَبَطَ ثم نَبُلُّه بالماء، فنأكلُه، وانطلقنا على ساحل البحرِ، فرُفِعَ لنا كهَيْئةِ الكَثيبِ الضَّخم، فأتيناه، فإذا هو دابَّة تُدعى العنبرَ، فقال أبو عُبيدة: مَيتةٌ ولا تَحِلُّ لنا، ثم قال: لا، بل نحنُ رُسُلُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وفي سبيل الله، وقد اضطُرِرْتُم، فكُلوا، فأقمنا عليه شهراً ونحن ثلاثُ مئةٍ حتى سَمِنَّا، فلما قَدِمْنا إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ذَكرنا ذلك له، ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2831) من طريق أبي فروة يزيد بن سنان، عن عروة بن رويم اللخمي، عن أبي ثعلبة الخشني. وأبو فروة ضعيف. وفي سماع عروة من أبي ثعلبة نظر. وهو في "مسند أحمد" (17731) و (17750) و (17752)، و"صحيح ابن حبان، (5879). قال الخطابي: والأصل في هذا أنه إذا كان معلوماً من حال المشركين أنهم يطبخون في قدورهم لحم الخنزير، ويشربون في آنيتهم الخمور، فإنه لا يجوز استعمالها إلا بعد الغسل والتنظيف، فأما مياههم وثيابهم، فإنها على الطهارة، كمياه المسلمين وثيابهم، إلا أن يكونوا من قوم لا يتحاشون النجاسات، أو كان من عادتهم استعمال الأبوال في طهورهم، فإن استعمال ثيابهم غير جائز، إلا أن يعلم أنه لم يصبها شيء من النجاسات، والله أعلم. والرَّحْض: الغسل.

فقال: "هو رِزقٌ أخرجه الله لكم، فهل مَعكُم مِن لحمه شيءٌ فتطعمونا؟ " فأرسلنا إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأكَلَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحح. وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- قد صرح بالسماع عند أحمد (14337) فانتفت شبهة تدليسه، على أنه متابع. وأخرجه البخاري (4362) مختصراً، ومسلم (1935)، والنسائي (4353) و (4354) من طريق أبي الزبير المكي، به. وهو في "مسند أحمد" (14256)، و "صحيح ابن حبان" (5259 - 5261). وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (2483) و (2983) و (4365)، ومسلم (1935)، وابن ماجه (4159)، والترمذي (2643)، والنسائي (4351) من طريق وهب بن كيسان، والبخاري (4361) و (4362) و (5493) و (5494)، ومسلم (1935)، والنسائى (4352) من طريق عمرو بن دينار، ومسلم (1935) من طريق عُبيد الله بن مقسم، ثلاثتهم عن جابر بن عبد الله. وهو في "مسند أحمد" (14286) و (14315) و (14337)، و"صحيح ابن حبان" وأخرج مسلم (3014) من طريق عبادة بن الوليد، عن جابر: شكا الناس إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - الجوع، فقال: "عسى اللهُ أن يطعمكم" فأتينا سيف البحر، فزخر زخرة، فألقى دابَّه ... فذكر نحوه. قلنا: الظاهر أنهما حادثتان، وانظر "فتح الباري" 8/ 81. قال الخطابي: الخَبَط: ورق الشجر يضرب بالعصا فيسقط. وفيه دليل على أن دواب البحر كلها مباحة إلا الضفدع لما جاء من النهي عن قتلها، وفيه أن ميتتها حلال، ألا تراه يقول: "هل معكم من لحمه شيء؟ " فأرسلنا إليه فأكل، وهذا حال رفاهية، لا حال ضرورة. وقد روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أن كل دابة في البحر فقد ذبحها الله لكم أو ذكاها لكم. وعن محمد بن علي أنه قال: كل ما في البحر ذكي، وكان الأوزاعي يقول: كل شيء كان عيشه في الماء فهو حلال، قيل: فالتمساح؟ قال: نعم. وغالب مذهب الشافعي إباحة دواب البحر كلها إلا الضفدع لما جاء من النهي عن قتلها. =

47 - باب في الفأرة تقع في السمن

47 - باب في الفأرة تقع في السَّمْن 3841 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، حدَّثنا الزهريُّ، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابنِ عباسٍ عن ميمونةَ، أن فأرةً وقَعَتْ في سَمْنٍ فاُخبِرَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "ألْقُوا ما حَوْلَها وكُلُوا" (¬1). ¬

_ = وكان أبو ثور يقول: جميع ما يأوي إلى الماء فهو حلال، فما كان منه يُذكى لم يحل إلا بذكاة، وما كان منه لا يذكى مثل السمك أخذه حياً وميتاً. وكره أبو حنيفة دواب البحر إلا السمك. وقال سفيان الثوري: أرجو أن لا يكون بالسرطان بأس. وقال ابن وهب: سألت الليث بن سعْد عن أكل خنزير الماء وكلب الماء ودواب الماء كلها، فقال: أما إنسان الماء فلا يؤكل على شيء من الحالات، والخنزير إذا سماه الناس خنزيراً فلا يؤكل، وقد حرم الله الخنزير، وأما الكلاب فليس بها بأس في البر والبحر. قلت: لم يختلفوا أن المارماهي مباح أكله، وهو شبيه بالحيات، ويُسمى أيضاً حية، فدل ذلك على بطلان اعتبار معنى الأسماء والأشباه في حيوان البحر، وإنما هي كلها سُموك، وإن اختلف أشكالها وصورها، وقد قال سبحانه: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} [المائدة:96] فدخل كل ما يُصاد من البحر من حيوانه لا يُخَصُّ شيء منه إلا بدليل، وسئل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن ماء البحر، فقال: "طهور ماؤه، حلال متته"، فلم يستثن شيئاً منها دون شيء، فقضية العموم توجب فيها الإباحة إلا ما استثناه الدليل، والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيية. وأخرجه البخاري (235)، والنسائي (4259) من طريق مالك بن أنس، والبخاري (5538)، والترمذي (1902)، والنسائي (4258) من طريق سفيان بن عيية، كلاهما عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (26796)، و"صحيح ابن حبان" (1392). ولفظ ابن حبان كلفظ رواية معمر الآتية بعده. وقد بين الإمام ابن قيم الجوزية في "تهذيب السنن" شذوذ رواية ابن حبان. وانظر تالييه، وفقه الحديث في الذي يليه.

3842 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ والحسنُ بن علي -وهذا لفظُ الحسن- قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن سعيد بن المسيِّب عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا وَقَعَتِ الفأرةُ في السَّمْنِ: فإنْ كانَ جامداً فألْقُوها وما حَولَها، وإن كانَ مائِعاً فلا تَقرَبُوه" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح دون قوله: "وإن كان مائعاً فلا تقربوه"، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن معمراً قد أخطأ في إسناد هذا الحديث ومتنه، فقد رواه الناس عن الزهري بالإسناد السالف قبله وبمتنه، وأصحاب الزهري كالمجمعين على ذلك، وخالفهم معمر، فجعله عن الزهرى، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، وزاد فيه الزيادة المشار إليها منفردًا بذلك. وقد خطَّأ معمراً في ذلك البخاريُّ فيما نقله عنه الترمذي بإثر الحديث (1902)، وأبو حاتم في "العلل" لابنه 2/ 12، والترمذي بإثر الحديث (1902). وانظر تفصيل ذلك في "تهذيب السنن" لابن قيم الجوزية 5/ 336 - 337، و "مسند أحمد" بتحقيقنا (7177). وقد رواه معمر أحياناً كما رواه أصحاب الزهري عنه على الصواب كما قال عبد الرزاق بإثر الحديث، وسيأتي بعده. وهو عند عبد الرزاق (278)، ومن طريقه أخرجه أحمد (7601)، وابن حبان (1393)، والدارقطني في "العلل" 7/ 287، والبيهقي 9/ 353، وابن حزم في "المحلى" 1/ 140، والبغوي (2812). وأخرجه ابن أبي شية 8/ 280 عن عبد الأعلى السامي، وأحمد (7177) عن محمد بن جعفر، والدارقطني في "العلل" 7/ 287 من طريق يزيد بن زريع، والبيهقي 9/ 353 من طريق عبد الواحد بن زياد، أربعتهم عن معمر، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله وما بعده. قال الخطابي قوله: "لا تقربوه" أي: لا تقربوه أكلاً وطعماً، ولا يحرم الانتفاع به من غير هذا الوجه استصباحاً وبيعاً، ممن يستصبح به ويدهن به السفن ونحوها. وأخرج البخاري (5539) عن عبدان، عن عبد الله بن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري: عن الدابة تموت في الزيت والسمن وهو جامد أو غير جامد، =

48 - باب في الذباب يقع في الطعام

قال الحسن: قال عبد الرزاق: ورُبَّما حَدَّث به معمرٌ عن الزهري عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابنِ عباس، عن ميمونةَ عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-. 3843 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا عبدُ الرحمن ابن بُوذُويه، عن مَعْمَرٍ، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابنِ عباس عن ميمونة، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- بمثل حديث الزهريِّ عن ابن المسيِّب (¬1). 48 - باب في الذُّباب يقع في الطعام 3844 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا بِشْرُ بنُ المُفَضِّل، عن ابن عجلانَ، عن سعيد المَقبريِّ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا وَقَعَ الذُّبابُ في إناءِ أحدِكُم، فإنَّ في أحَدِ جناحَيه داءً وفي الآخر شِفَاءً، وإنَّه يتَّقي بجنَاحِه الذي فيه الدَّاءُ، فَلْيَغمِسهُ كُلَّه" (¬2). ¬

_ = الفأرة وغيرها، قال: بلغنا أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أمر بفأرة ماتت في سمن، فأمر بما قرب منها فطرح، ثم أكل. قال الحافظ: وهذا يقدح في صحة من زاد في هذا الحديث عن الزهري التفرقة بين الجامد والذائب، لأنه لو كان عنده مرفوعاً ما سوّى في فتواه بين الجامد وغير الجامد، وليس الزهري ممن يقال في حقه: لعله نسي الطريق المفضلة المرفوعة، لأنه كان أحفظ الناس في عصره، فخفاء ذلك عنه في غاية البُعد. (¬1) صحيح دون ذكر المائع كما بيناه في الحديث السالف قبله، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن بُوذويه، فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه النسائي (4265) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7602). وانظر سابقيه. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان -وهو محمد- لكنه متابع. سعيد المقبُري: هو ابن أبي سعيد. =

49 - باب في اللقمة تسقط

49 - باب في اللقمة تسقُطُ 3845 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ عن أنس بن مالكٍ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا أكَلَ طعاماً لَعِقَ أصابِعَه الثلاث، وقال: "إذا سَقَطَت لُقْمَةُ أحَدِكُم، فليُمِطْ عنها الأذَى ولْيأكُلْها ولا يَدَعْها للشَّيطان" وأمَرَنا أن نَسْلُتَ الصَّحْفة، وقال: "إنَّ أحَدَكُم لا يَدْرِي في أيِّ طَعامِه يُبارَكُ له" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (3320)، وابن ماجه (3505) من طريق عُتبة بن مسلم، عن عُبيد بن حُنين، عن أبي هريرة. وقال فيه عند البخاري: "فليغمسه ثم لينزِعه"، وعند ابن ماجه: "ثم ليطرحه". وهو في مسند أحمد، (7141) و (9168)، و"صحيح ابن حبان" (1246) و (5250). وهو عند ابن حبان من طريق بشر بن المفضل، وقال فيه: "فليغمسه كله ثم لينزعه". قال الخطابي: فيه من الفقه أن أجسام الحيوان طاهرة إلا ما دلت عليه السنة من الكلب ونحوه، وما ألحق به في معناه. وفيه دليل على أن ما لا نفى له سائلة إذا مات في الماء القليل لم ينجسه، وذلك أن غمْس الذباب في الإناء قد يأتي عليه، فلو كان نَجَّسَهُ إذا مات فيه لم يأمره بذلك، لما فيه من تنجيس الطعام وتضييع المال، وهذا قول عامة العلماء، إلا أن الشافعي قد علَّق القول فيه فقال في أحد قولين: إن ذلك ينجسه. (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم (2034)، وبإثر (2035)، والترمذي (1906)، والنسائي في "الكبرى" (6732) من طرق عن حماد بن سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (11964) و (12815)، و"صحيح ابن حبان"، (5249). قال الخطابي: سلت الصحفة: تتبُّع ما يبقى فيها من الطعام، ومسحها بالإصبع ونحوه، ويقال: وقد بين النبي - صلَّى الله عليه وسلم - والعلة في لعق الأصابع وسلت الصحيفة، وهو قوله: "فإنه لا يدري في أي طعامه يبارك له"، يقول: لعل البركة فيما لعق بالأصابع والصحفة من لطخ ذلك الطعام.

50 - باب في الخادم يأكل مع المولى

50 - باب في الخادم يأكل مع المولى 3846 - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا داودُ بن قيس، عن موسى بنِ يَسَار عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا صَنَعَ لأحدكم خادِمُهُ طعاماً، ثُمَّ جاءَه به وقد وَلِيَ حَرَّهُ ودُخَانه، فليُقعِدْه معه فليأكلْ، فإن كان الطعامُ مَشفُوهاً، فليضَغ في يدِه منه أُكْلةَ أو أُكلَتَين" (¬1). 51 - باب في المنديل بعد الطعام 3847 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابن جُرَيجٍ، عن عطاء عن ابنِ عباس، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا أكَلَ أحدُكم فلا يَمسَحْ يَدَه بالمِنديلِ حتَّى يَلْعَقَها أو يُلْعِقَها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. موسى بن يسار: هو المطلبي مولاهم عمّ محمد بن إسحاق، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وأخرجه مسلم (1663) عن عبد الله بن مَسلمة القعنبيُّ، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2557) من طريق محمد بن زياد، وابن ماجه (3289)، والترمذي (1959) من طريق أبي خالد البجلي الأحمسي، وابن ماجه (3290) من طريق عبد الرحمن الأعرج، ثلاثتهم عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7338) و (7514). قال الخطابي: المشفوه: القليل، وقيل له: مشفوه، لكثرة الشفاه التي تجتمع على أكله، والأكلة مضمومة الألف: اللقمة، والأكلة بفتحها: المرة الواحدة من الأكل. (¬2) إسناده صحيح. وابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي- قد صرح بالسماع عند مسلم وغيره، وهو وإن لم يصرح بالسماع تحمل عنعنته عن عطاء -وهو ابن أبي رباح- على السماع كما صرح هو نفسه بذلك فيما حكاه يحيى القطان عنه. ذكره ابن أبي خيثمة في "تاريخه" (858). يحيى: هو ابن سعيد القطان. =

3848 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن هشامِ بن عُروة، عن عبد الرحمن بن سعدِ، عن ابن كعب بن مالك عن أبيه: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يأكُلُ بثلاثِ أصابعَ، ولا يَمسَحُ يَدَه حتَّى يَلْعَقَها (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2031)، والنسائي في "الكبرى" (6745) من طريق ابن جريج، به. وأخرجه البخاري (5456)، ومسلم (2031)، وابن ماجه (3269)، والنسائي في "الكبرى" (6744) من طريق عمرو بن دينار، عن عطاء، به. وهو في "مسند أحمد" (1924). وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 579: وفيه استحباب مسح اليد بعد الطعام. قال عياض: محله فيما لم يحتج فيه إلى الغسل مما ليس فيه غَمْر ولُزوجة مما لا يُذهبه إلا الغسل لما جاء في الحديث من الترغيب في غسله والحذر من تركه. وقال المناوي في "فيض القدير" 1/ 297: وأراد بالمنديل هنا المعدُّ لإزالة الزُّهومة، لا المسح بعد الغسل، وظاهر الخبر أنهم كان لهم مناديل معدة لمسح الأيدي، ولا ينافيه ما في خبر أنهم لم يكن لهم مناديل، لأن ذلك كان في أول الأمر قبل ظهور الإسلام وانتشاره، فلما ظهر وحث على النظافة اتخذوا لهم مناديل لما قبل الغسل ولما بعده، ففيه ندب اتخاذ ذلك ورد على من كره لعق الأصابع استقذاراً. نعم لا يفعله أثناء الأكل لأنه يُعيد أصابعه في الطعام وعليها أثر ريقه فيستقذر. (¬1) إسناده صحيح. عبد الرحمن بن سعْد: هو المدني مولى ابن سفيان، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والنُّفَيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيل الحرّاني. وأخرجه مسلم (2032) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (2032) عن محمد بن عبد الله بن نمير، و (2032) عن أبي كريب، كلاهما عن عبد الرحمن بن سعْدٍ، قال الأول: أن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أو عبد الله بن كعب، وقال الثاني: أن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وعبد الله ابن كعب حدثاه أو أحدهما، عن كعب بن مالك. =

52 - باب ما يقول الرجل إذا طعم

52 - باب ما يقول الرجل إذا طَعِمَ 3849 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ثورٍ، عن خالد بن مَعْدانَ عن أبي أمامة، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا رُفِعَت المائدةُ قال: "الحمدُ لله كثيراً طيِّباً مُبارَكاً فيه غيرَ مَكفِيٍّ، ولا مُوَدَّعٍ، ولا مُستغنًى عنه رَبّنا" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2032)، والنسائي في "الكبرى" (6719) من طريق سعد بن إبراهيم، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه. وهو في "مسند أحمد" (15764) و (15767)، و "صحيح ابن حبان"، (5251). (¬1) إسناده صحيح. ثور: هو ابن يزيد الحمصي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه البخاري (5458) و (5459)، وابن ماجه (3284)، والترمذي (3759)، والنسائي في "الكبرى" (6897) و (10043) من طريق ثور بن يزيد، والنسائي في "الكبرى" (6868) و (6869) و (10042) من طريق عامر بن جَشيب، كلاهما عن خالد بن معدان، به. وهو في "مسند أحمد" (22168) و (22256)، و "صحيح ابن حبان" (5217) و (5218) قال الخطابي: قوله: "غير مكفيٍّ ولا مُودَّع ولا مستغنى عنه ربُّنا" معناه: إن الله سبحانه هو المُطعم والكافي، وهو غير مُطعم ولا مكفي، كما قال سبحانه: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ} [الأنعام: 14] وقوله: "ولا مُودَّع" أي: غير متروك الطلب إليه والرغبة فيما عنده، ومنه قوله سبحانه: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: 3] أي: ما تركك ولا أهانك، ومعنى المتروك: المُستغنى عنه. قوله: "ربنا" قال في "هدي الساري " 8/ 246: بالنصب على المدح أو الاختصاص أو النداء، ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف، أي: هو، والجر على البدل من اسم الله في قوله: الحمد لله. قال الكرماني: وباعتبار مرجع الضمير ورفع غير ونصبه تكثر التوجيهات.

3850 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن أبي هاشمٍ الواسطيِّ، عن إسماعيل بن رِياحٍ، عن أبيه أو غيره عن أبي سعيدٍ الخدري، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان إذا فَرَغَ مِنْ طَعامِهِ قال: "الحمدُ لله الذي أطعَمَنَا وسَقَانَا وجَعَلنا مُسْلِمين" (¬1). 3851 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني سعيدُ بن أبي أيوب، عن أبي عَقيل القرشيِّ، عن أبي عبد الرحمن الحُبُليِّ عن أبي أيوب الأنصاريِّ، قال: كانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا أكلَ أو شَرِبَ قال: "الحمدُ لله الذي أطعَمَ وسَقَى وسَوَّغهُ وجَعَلَ له مَخْرَجَاً" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. إسماعيل بن رياح، قال الذهبي في "الميزان": شبه تابعي، ما أدري من ذا، خرج له أبو داود، وروى عنه أبو هاشم الرماني وحده، وحديثه مضطرب. ورياح بن عَبيدة -وهو السُّلَمي الكوفي- فيه جهالة. وانظر الاختلاف في إسناده في "مسند أحمد". (11276). سفيان: هو الثوري، ووكيع: هو ابن الجراح. وهو في "مسند أحمد" (11276) عن وكيع، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10048) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان الثوري، عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير (وهو غير أبي هاشم الرماني) عن إسماعيل بن رياح، عن رياح بن عَبيدة، عن أبي سعيد. وأخرجه النسائي (10047) من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، عن أبي هاشم، عن رباح -وقال مرة أخرى: رياح- عن أبي سعيد الخدري. ولم يذكر إسماعيل. وأخرجه ابن ماجه (3283)، والترمذي (3760) من طريق أبي خالد الأحمر، عن حجاج بن أرطأة، عن رياح بن عبيدة، عن مولى لأبي سعيد، عن أبي سعيد. وهذا إسناد ضعيف لضعف حجاج بن أرطأة وإبهام مولى أبي سعيد. (¬2) إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن الحُبُليّ: هو عبد الله بن يزيد المَعافِري، وأبو عَقيل القرشي: هو زُهرة بن مَعْبَد، وابن وهب: هو عبد الله. =

53 - باب في غسل اليد من الطعام

53 - باب في غسل اليد من الطعام 3852 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهَيرٌ، حدَّثنا سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من نامَ وفي يَدِهِ غَمَرٌ، ولم يَغْسِلْهُ، فأصابَه شيءٌ، فلا يَلُومنَّ إلا نفسَه" (¬1). 54 - باب في الدعاء لرب الطعام إذا أكل عنده 3853 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّار، حدَّثنا أبو أحمدَ، حدَّثنا سفيانُ، عن يزيدَ أبي خالد الدَّالانيِّ، عن رجلٍ عن جابر بن عبد الله، قال: صَنعَ أبو الهيثم بنُ التَّيِّهان للنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- طعاماً، فدعا النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وأصحابَه، فلما فَرَغُوا قال: "أثِيبُوا أخاكُم" ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6867) و (10044) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (5220). وقوله: وسوغه: جعله سائغاً، سهل المدخل في الحلق. (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه ابن ماجه (3297) من طريق سهيل بن أبي صالح، والترمذي (1968) من طريق الأعمش، كلاهما عن أبي صالح، به. وأخرجه الترمذي (1967) من طريق سعيد المقبري، والنسائي في "الكبرى" (6878) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، و (6879) من طريق سعيد بن المسيب، ثلاثتهم عن أبي هريرة. وطريق المقبري فيها يعقوب بن الوليد المدني كذاب، وأما الطريقان الآخران فخطَّأهما النسائي مع أن رجالهما ثقات، للاختلاف فيهما على معمر بن راشد. وهو في "مسند أحمد" (7569) و (8531)، و "صحيح ابن حبان" (5521). قال ابن الأثير في "النهاية": الغَمَر بالتحريك: الدَّسَم والزُّهومة من اللحم، كالوَضَر من السَّمْن.

قالوا: يا رسولَ الله، وما إثابَتُه؟ قال: "إنَّ الرجلُ إذا دُخِل بَيتُه فأُكِلَ طَعامُهُ، وشُرِبَ شَرابُه فَدَعَوْا له، فذلك إثابتُه" (¬1). 3854 - حدَّثنا مخلدُ بن خالدٌ، حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن ثابتٍ عن أنس: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- جاءَ إلى سعدِ بن عُبَادَةَ، فجاءَ بخُبْزٍ وزَيْتٍ، فاكَلَ، ثم قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "أفْطَرَ عندَكُمُ الصَّائمونَ، وأَكَلَ طَعامَكُم الأبْرَارُ، وصَلَّتْ عَلَيكُم المَلائِكة" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لإبهام الرجل الراوي عن جابر بن عبد الله كما قال الحافظ في "تخريج أحاديث الاذكار" نقله عنه ابن علان في "الفتوحات الربانية" 5/ 248، وقد روي هذا الحديث من وجه آخر عن يزيد أبي خالد الدالاني، عن زيد الجزري -وهو ابن أبي أُنيسة- عن شرحبيل المدني -وهو ابن سَعْد- عن جابر بن عبد الله. وشرحبيل هذا ضعيف. والإسناد إليه ضعيف، ورواه غير يزيد الدالاني، فخالفوه في متنه. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4605) من طريق محمد بن الحسن بن الزبير الأسدي، وأبو موسى في "ذيل معرفة الصحابة" كما في "الإصابة" للحافظ ابن حجر 5/ 666 من طريق عيسى بن موسى غنجار، كلاهما عن أبي حمزة السُّكَّري، عن يزيد أبي خالد الدالاني، عن زيد الجزري -وهو ابن أبي أُنيسة- عن شرحبيل المدني -وهو ابن سعْد- عن جابر. ومحمد بن الحسن ضعيف، وعيسى بن مرص غنجار يُدلس ويحدث عن المتروكين، وشرحبيل ضعيف. وسيأتي عند المصنف برقم (4813) بلفظ: "من أعطي عطاء فوجد فليجز به، فإن لم يجد فليُئنِ به، فمن أثنى به فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره" من طريق عمارة ابن غزية، عن رجل -وهو شرحبيل بن سعْد نفسه- عن جابر. وكذلك رواه بهذا اللفظ أبو عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد الحراني، عن زيد بن أبي أنيسة، عن شرحبيل بن سعْد، عن جابر عند ابن حبان (3415)، والقضاعي (485). وانظر تمام تخريجه عند المصنف برقم (4813). (¬2) إسناده صحيح كما قال الإِمام النووي في "الاذكار"، والحافظ العراقي في =

آخر كتاب الأطعمة تمَّ الجزء الخامس من "سنن أبي داود" ويليه الجزء السادس وأوله كتاب الطب ¬

_ = "تخريج أحاديث الإحياء"، والحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 3/ 199. ثابت: هو ابن أسلم البناني، ومعمر: هو ابن راشد. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (7957) و (19425)، ومن طريقه أخرجه أحمد (12406)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المختارة" للضياء بإثر (1784)، والطبراني في "الدعاء" (924)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 4/ 240 و 7/ 287، وفي "الآداب" (329)، وفي "شعب الإيمان" (6048) و (6049) و (6050)، والبغوي في "شرح السنة" (3320) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 20/ 252، والضياء المقدسي في "المختارة" (1784). ووقع عند عبد الرزاق في الموضع الثاني: زبيباً، بدل زيتاً، وكذلك رواية أحمد وابن راهويه والطبراني والبيهقي في "السنن الكبرى" والبغوي وابن عساكر والضياء. ووقع عند عبد الرزاق أيضاً في الموضع الثاني: عن أنس أو غيره، وكذلك روايةُ أحمد وابن راهويه والبيهقي في "السنن الكبرى" والموضع الثالث من "الشعب" والبغوي والضياء. وأخرجه البزار (2007 - كشف الأستار)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1577) والبيهقي في "السنن الكبرى" 7/ 287، وفي "الآداب" (571) من طريق ابن أبي الشوارب، عن جعفر بن سليمان الضبعي، عن ثابت، عن أنس. ولم يشك. وأخرجه ابن حبان في "المجروحين" 2/ 143، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/ 280 وابن عساكر 20/ 252 - 253 من طريق عبد الحكم بن عبد الله -ويقال: ابن زياد- القسملي البصري، عن أنس بن مالك. وعبد الحكم هذا قال ابن حبان: كان يروي عن أنس ما ليس من حديثه، وقال أبو نعيم الأصبهاني: روى عن أنس نسخة منكرة لا شيء. وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم واليلة" (482) من طريق قتادة، عن أنس. والإسناد إليه ضعيف. وستأتي قصة سعد بن عُبادة مطولة عند المصنف برقم (5185) دون ذكر هذا الدعاء.

سنن أبي داود تصنيف الإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث الأزديَّ السِّجِستانيِّ 202هـ - 275هـ حققه وضبط نصه وخرَّج أحاديثه وعلّق عليه شعيب الأرنؤوط ................ محمد كامل قره بلليْ الجزء السادس دار الرسالة العالمية

بسم الله الرحمن الرحيم

سنن أبي داود (6)

بسم الله الرحمن الرحيم حقوق الطبع محفوظة للناشر طبعة خاصة 2009 م / 1430 هـ دار الرسالة العالمية جميع الحقوق محفوظة يمنع طبع هذا الكتاب أو أي جزء منه بجميع طرق الطبع والتطوير والنقل والترجمة والتسجيل المرئي والمسموع والحاسوبي وغيرها إلا بإذن خطي من: شركة الرسالة العالمية م. م. Al-resalah Al-a'lamiah m. Publishers الإدارة العامة Head Office دمشق - الحجاز شارع مسلم البارودي بناء خولي وصلاحي 2625 2212773 - 11 (963) 2234305 - 11 (963) الجمهورية العربية السورية Syrian Arab Republic [email protected] http:www.resalahonline.com فرع ييروت BEIRUT/LEBANON TELEFAX: 815112 - 319039 - 818615 P.O. BOX: 117460

أول كتاب الطب

أول كتاب الطب 1 - باب الرجل يتداوى 3855 - حدَّثنا حفصُ بنُ عَمَرَ النَّمريُّ، حدَّثنا شُعبةُ، عن زياد بنِ عِلاقة عن أسامةَ بنِ شَريكٍ، قال: أتيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأصحابُه كأنما على رؤوسِهُم الطيرُ، فَسَلَّمتُ ثُمَّ قَعَدْتُ، فجاء الأعرابُ مِن هاهنا وهاهنا، فقالوا: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، أنتداوى؟ فقال: "تَدَاوَوْا، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ لم يَضَعْ دَاءً إلا وضع له دَوَاءً غيرَ داءٍ واحدٍ الهرَمُ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه ابن ماجه (3436)، والترمذي (2159)، والنسائي في "الكبرى" (7511) و (7512) من طريق زياد بن علاقة، به. وهو في "مسند أحمد" (18454)، و"صحيح ابن حبان" (6061). قال ابن القيم في "زاد المعاد" 4/ 15 بعد أن ذكر حديث أسامة بن شريك هذا، وحديث جابر بن عبد الله وحديث أبي هريرة وحديث ابن مسعود: وفي الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي وأنه لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل، كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزاً ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولا بدَّ مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً، ولا توكله عجزاً. وفيها رد على من أنكر التداوي، وقال: إن كان الشفاء قد قُدِّر، فالتداوي لا يفيد، وإن لم يكن قد قدر فكذلك. وأيضاً فإن المرض حصل بقدر الله، وقدر الله لا يدفع =

2 - باب في الحمية

2 - باب في الحِميَةِ 3856 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبد الله، حدَّثنا أبو داود وأبو عامر - وهذا لفظُ أبي عامر- عن فُلَيْح بنِ سليمان، عن أيوبَ بنِ عبدِ الرحمن بن صعصعةَ الأنصاري، عن يعقوب بن أبي يعقوب عن أُمِّ المنذر بنت قيسٍ الأنصارية، قالت: دخل علىَّ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم --صلَّى الله عليه وسلم-، ومعه عليٌّ، وعلي نَاقِهٌ، ولنا دَوالي مُعلَّقَةٌ، فقامَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يأكُلُ منها، وقام عليٌّ ليأكلَ، فَطَفِقَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: لِعليٍّ: "مَهْ، إنَّك نَاقِهٌ". حتى كَفَّ عليٌّ، قالت: وصنعتُ شعيراً وسِلْقاً، فجئتُ به، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا عليُّ، أصِبْ مِن هذا فهو أنْفَعُ لك" (¬1). ¬

_ = ولا يُرد، وهذا السؤال هو الذي أورده الأعراب على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وأما أفاضل الصحابة، فأعلم باللهِ وحكمته وصفاته من أن يوردوا مثل هذا، وقد أجابهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بما شفى وكفى، فقال: هذه الأدوية والرقى والتقى، هي من قدر الله، فما خرج شيء عن قدره، بل يرد قدره بقدره، وهذا الرد من قدره، فلا سبيل إلى الخروج عن قدره بوجه ما، وهذا كرد قدر الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها، وكرد قدر العدو بالجهاد، وكلٌّ من قدر الله الدافع والمدفوع والدفع. (¬1) إسناده حسن. فليح بن سليمان مختلف فيه. فقد احتج به الشيخان، وقال عنه الدارقطني مرة: ثقة، وقال مرة: لا بأس به، وقال ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار": من متقني أهل المدينة، وقال الساجي: إنه يَهِم وان كان من أهل الصدق- قلنا: وأي ثقة لم يقع له وهم- وقال ابن عدي بعد أن سبر أحاديثه: ولفليح أحاديث صالحة يرويها عن نافع عن ابن عمر نسخة ... ويروي عن سائر الشيوخ من أهل المدينة، مثل أبي النضر وغيره أحاديث مستقيمة وغرائب، وقد اعتمده البخاري في "صحيحه" وروى عنه زيد بن أبي أُنيسة، وهو عندي لا بأس به. وقال الحافظ الذهبي في "تذكرة الحفاظ": وكان صادقاً عالماً صاحب حديث ... قال: وحديثه في رتبة الحَسَن. وقال في "الميزان": أحد العلماء الكبار، احتجا به في "الصحيحين". =

قال هارون: قال أبو داود الطيالسي: العدوية. ¬

_ = وقد صحح أحاديثه الإِمام عبد الحق الإشبيلي على اطّراد كما قال ابن القطان الفاسي في "الوهم والإيهام" 4/ 38. وصحح له الترمذي تارة وحسَّن له أخرى. وصحح له الحافظ العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" إسناد حديث: "من تعلّم علماً مما يبتغى به وجه الله"، وهو الحديث السالف عند المصنف برقم (3664)، وحسّن له البزار إسناد حديث عنده برقم (343). لكن ضعَّفه يحيى بن معين وأبو زرعة والنسائي وأبو داود، وتبعهم ابن القطان الفاسي. وقد تتبَّعنا أحاديثه في "مسند أحمد"، فإذا هي تزيد على مئة حديث، وقد توبع عليها كلها خلا ستة أحاديث، أخرج البخاري في "صحيحه" أربعة أحاديث منها، والحديثان الباقيان، صحح أحدهما الحافظ العراقي في "تخريج أحاديث الاحياء"، وسكت عنه عبد الحق الإشبيلي مصححاً له، وهو حديث: "من تعلَّم علماً مما يبتغَى به وجه الله ... "، والحديث الآخر في "المسند" (11628)، وصححه ابن حبان (3006)، والحاكم 1/ 357، وسكت عنه الذهبي، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 26: رواه أحمد، ورجاله ثقات. وكنا قد ضعفنا إسناد هذا الحديث في "المسند"، و"سنن ابن ماجه"، و"سنن الترمذي" فيُستدرك من هنا. أبو عامر: هو عبد الملك بن عَمرو العَقَدي، وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي. وأخرجه ابن ماجه (3442)، والترمذي (2156) من طريق أبي عامر وأبي داود، وابن ماجه (4423) من طريق يونس بن محمد، ثلاثتهم عن فليح بن سليمان، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2155) من طريق يونس بن محمد، عن. فليح، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن يعقوب بن أبي يعقوب، به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث فليح. وهو في "مسند أحمد" (27051). ناقةٌ، أي: قريب العهد بالمرض. والدَّوالي: جمع دالية، وهي العِذق من البُسر يعلق فإذا أرطَبَ أُكِلَ.

3 - باب في الأمر بالحجامة

3 - باب في الأمر بالحِجامة 3857 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن محمدِ بنِ عمرِو، عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هريرة أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إن كان في شيء مما تَدَاويتُم به خيرٌ، فالحِجامَة" (¬1). 3858 - حدَّثنا محمدُ بنُ الوزير الدمشقيُّ، حدَّثنا يحى بنُ حسان، حدَّثنا عبدُ الرحمن بن أبي المَوَالي، حدَّثنا فائدٌ مولى عُبيدِ الله بن علي بنِ أبي رافعٍ، عن مولاه عُبيدِ الله بنِ علي بنِ أبي رافع عن جَدَّتِهِ سَلْمى خَادِمِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قالت: ما كان أحَدٌ يَشْتكي إلى رَسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وجَعاً في رَأسِهِ إلا قال: "احْتَجِمْ" ولا وجَعَاً في رِجليه إلا قال: "اخْضِبْهُمَا" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابن ماجه (3476) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8513)، و"صحيح ابن حبان" (6078). وفي الباب عن أنس بن مالك عند البخاري (5696)، ومسلم (1577)، والترمذي (1324) بلفظ: "إن أمثلَ -وفي رواية: خير- ما تداويتم به الحجامة والقُسط البحري". وعن جابر بن عبد الله، عند البخاري (5683)، ومسلم (2205) بلفظ: "إن كان في شيء من أدويتكم خير، ففي شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة نار". وعن ابن عباس عند البخاري (5685) بلفظ: "الشفاء في ثلاثة: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار". (¬2) إسناده جيد من أجل عُبيد الله بن علي بن أبي رافع، فهو صدوق لا بأس به. وأخرجه ابن ماجه (3502)، والترمذي (2180) من طريق زيد بن الحُباب، والترمذي (2179) من طريق حماد بن خالد الخياط، كلاهما عن فائد مولى عُبيد الله بن =

4 - باب في موضع الحجامة

4 - باب في موضع الحجامة 3859 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ ابراهيمَ الدِّمشقيُّ دُحيم وكثيرُ بن عُبيدٍ، قالا: حدَّثنا الوليدُ، عن ابنِ ثوبانَ، عن أبيهِ ¬

_ = علي بن أبي رافع، به. وقد وقع في رواية حماد بن خياط: علي بن عبيد الله، والصواب كما قال الترمذي: عبيد الله بن علي. وقد اقتصرا على ذكر الحناء، لكن قال الأول في روايته: كان لا يصيبُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قَرحة ولا شوكة إلا وضع عليه الحناء. وقال الثاني: قرحة أو نكبة. وهو في "مسند أحمد" (27617) و (27618). وفي باب الحجامة من ألم الرأس ما أخرجه البخاري (5700) و (5701) عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو محرم في رأسه من شقيقة كانت به. ونحوه عند مسلم (1202). قال ابن القيم في "زاد المعاد" 4/ 89: ومن منافع الحناء: أنه مُحلِّل نافع من حرق النار، وفيه قوة موافقة للعصب إذا ضمِّد به، وينفع إذا مضغ من قروح الفم والسُّلاق (وهو بثر تخرج على أصل اللسان، وتقشر في أصول الأسنان) العارض فيه، ويبرئ القُلاع (وهي بثرات تكون في جلدة الفم أو اللسان) الحادث في أفواه الصبيان، والضماد به ينفع من الأورام الحارة الملهبة ... وقال أيضاً في "الزاد" 4/ 55: والحجامة على الكاهل تنفع من وجع المنكب والحلق، والحجامة على الأخدعين تنفع من أمراض الرأس وأجزائه كالوجه والأسنان والأذنين والعينين والأنف، والحلق إذا كان صدور ذلك عن كثرة الدم أو فساده، أو عنهما ... والحجامة تحت الذقن تنفع من وجع الأسنان والوجه والحلقوم، إذا استُعملت في وقتها، وتنقي الرأس والفكين، والحجامة على ظهر القدم تنوب عن فصد الصافن، وهو عرق عظيم عند الكعب، وتنفع من قروح الفخذين والساقين، وانقطاع الطمث، والحكة العارضة في الأنثيين. والحجامة في أسفل الصدر نافعة من دماميل الفخذ، وجَرَبه وبثوره، ومن النِّقرس والبواسير، والفيل (وهو داء يحدث من غلظ كثيف في القدم والساق، تتخلله عجر صجرة ناتئة).

عن أبي كَبْشَةَ الأنماريِّ -قال كثيرٌ: إنَّه حدَّثه-: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يَحْتَجِمُ على هامَتِه وبينَ كَتِفَيْهِ، وهو يقول: "مَنْ أهْراق مِنْ هذهِ الدِّماء، فلا يَضُرُّه أن لا يتداوى بشيءٍ لشيءٍ" (¬1). 3860 - حدَّثنا مُسلِمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا جريرٌ -يعني ابنَ حازم- حدَّثنا قتادةُ عن أنسٍ: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ ثلاثاً في الأخدَعَيْنِ والكاهِلِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، ابن ثَوبان -وهو عبد الرحمن بن ثابت- مُختلَف فيه، وثقه بعضهم وضعفه آخرون ثم إن الحديث مرسل، لأن ثابت بن ثوبان لم يذكر له سماع من أحد من الصحابة، فهو من الطبقة السادسة على ما قال الحافظ، وقد اضطرب عبد الرحمن ابن ثابت بن ثوبان في هذا الحديث كما سيأتي. الوليد: هو ابن مسلم الدمشقي. وأخرجه ابن ماجه (3484)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1283)، والطبراني في "الشاميين" (179)، والبيهقي 9/ 340، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 7/ 20 - 21، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أبي كبشة الأنماري 34/ 214 من طريق الوليد بن مسلم، وابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" 1/ 506 (مسند ابن عباس)، والطبر اني في "الكبير" 22/ (858)، وفي "الأوسط" (936)، وفي، "الشاميين" (179)، وابن عساكر 7/ 20 - 21 من طريق أبي معيد حفص بن غيلان، كلاهما عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، به. ورواه عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي عند ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 1/ 446، وغسان بن الربيع الموصلي عند ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 175، والطبراني في "مسند الشاميين" (211)، وزيد بن الحباب عند ابن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" 1/ 508 - 509 (مسند ابن عباس)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 34/ 324، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن أبي هزان، عن عبد الرحمن ابن خالد بن الوليد. (¬2) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السَّدوسي. =

5 - باب، متى تستحب الحجامة؟

قال معمر: احتَجَمْتُ فذهبَ عَقْلي، حتى كُنْتُ أُلقَّنُ فاتحةَ الكِتَابِ في صلاتي، وكان احْتَجَمَ على هَامتِهِ (¬1). 5 - باب، متى تستحب الحجامة؟ 3861 - حدَّثنا أبو تَوْبةَ الربيعُ بنُ نافعٍ، حدَّثنا سعيدُ بنُ عبدِ الرحمن الجُمحيُّ، عن سهيلٍ، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنِ احْتَجَمَ لِسبْعَ عشرةَ وتسْعَ عشرة وإحدى وعشرين، كان شفاءً مِنْ كلِّ داء" (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (3483) من طريق جرير بن حازم، والترمذي (2176) من طريق همام بن يحيى وجرير بن حازم، كلاهما عن قتادة، به. زاد الترمذي في روايته: وكان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة واحدى وعشرين. وهو في "مسند أحمد" (12191)، و"صحيح ابن حبان"، (6077). ويشهد لزيادة الترمذي حديث أبي هريرة الآتي بعده. الأخدعان: عرقان في جانب العنق، والكاهل: ما بين الكتفين وهو مقدم الظهر. (¬1) مقالة معمر هذه أثبتناها من هامش (أ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن داسه وابن العبد. قلنا: لكنها لم ترد عندنا في (هـ) مع أنها برواية ابن داسه! (¬2) إسناده ضعيف. سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، قال الساجي: يروي عن هشام وسهيل أحاديث لا يتابع عليها. قلنا: وقد انفرد بهذا الحديث، ولهذا ضعفه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 10/ 150، والإمام العيني في "عمدة القاري"، وضَعَّفا عامة أحاديث التوقيت، وسبقهما إلى ذلك العقيلي في "الضعفاء" 1/ 150 فقال: وليس في هذا الباب في اختيار يوم للحجامة شيء يثبت. وأخرجه الطبراني في "لأوسط" (6622)، والحاكم 4/ 210، والبيهقي 9/ 340 من طريق أبي توبة، بهذا الإسناد. لكن الطبراني والحاكم اقتصرا في روايتهما على ذكر اليوم السابع عشر وقال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن سهيل بن أبي صالح إلا سعيد بن عبد الرحمن، تفرد به أبو توبة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرج الطبراني في "الأوسط" (676) من طريق محمد بن محصن العكاشي، عن ابن لهيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة بلفظ: "احتجموا لسبع عشرة من الشهر وتسع عشرة وإحدى وعشرين" ومحمد بن محصن كذاب. وأخرجه بنحوه الطبراني في "الصغير" (236) من طريق عمر بن صهبان، عن صفوان بن سليم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، رفعه. وعمر بن صهبان متروك. وأخرجه بنحوه أيضاً ابن عدي في "الكامل" في ترجمة نصر بن طريف، 7/ 2498 من طريق نصر هذا، وهو متروك الحديث. وفي الباب عن ابن عباس عند الطيالسي (2666)، وابن أبي شيبة 8/ 82، وأحمد (3316)، وعبد بن حميد (574)، والترمذي (2178)، والطبري في "تهذيب الآثار" 1/ 488 و 516 (مسند ابن عباس)، والطبراني في "الكبير" (11076)، والحاكم 4/ 209 و 210، والسهمي في "تاريخ جرجان" ترجمة (590)، والبيهقي 9/ 430 وقال الحافظ في "الفتح" 10/ 150: معلول، قنا: لأنه روي من طريقين أحدهما عن عباد بن منصور، عن عكرمة، وهذا إنما دلسه عباد، لأنه سمعه من إبراهيم بن أبي يحيى الأسلمي المتروك، عن داود بن الحصين عن عكرمة كما قاله غير واحد من أهل العلم، والطريق الثاني فيه ليث بن أبي سُليم سيئ الحفظ. وعن معقل بن يسار عند ابن سعد في "الطبقات" 1/ 448، وحرب في "مسائله" كما في "المنتقى" للمجد ابن تيمية مع "نيل الأوطار" للشوكاني 9/ 98، والطبري في "تهذيب الآثار" 1/ 516 (مسند ابن عباس)، والطبراني في "الكبير" 20/ (499)، والبيهقي 9/ 340، وابن عدي في، "الكامل" في ترجمة زيد بن الحواري العمي 3/ 1057 وفي ترجمة سلام بن سليم الطويل 3/ 1147 - 1148 من طريق سلام الطويل، عن زيد العمي، عن معاوية بن قرة، عن معقل. وقال الطبري: خبر واه لا تثبت بمثله في الدين حجة، وقال ابن الجوزي: موضوع، وسلام وشيخه متروكان، وقال مجد الدين ابن تيمية: ليس إسناده بذاك. وقد صح من فعله -صلَّى الله عليه وسلم- أنه كان يحتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كما في الحديث السالف قبله. وعن أنس بن مالك عند الطبراني في، "تهذيب الآثار" 1/ 520 (مسند ابن عباس) من طريق هشام، عن قتادة، عن أنس، قال: كان أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يحتجمون لوتر من الشهر. وإسناده صحيح.

3862 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، أخبرني أبو بَكْرَةَ بكارُ بن عبدِ العزيز، أخبرتني عمَّتي كَبْشَةُ بنتُ أبي بكرةَ -وقال غيرُ موسى: كَيِّسةَ بنتُ أبي بَكْرَةَ- أن أباها كان ينهى أهلَه، عن الحِجَامَةِ يومَ الثُّلاثاء، ويزعُمُ عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يومَ الثلاثاء يومُ الدَّمِ وفيه ساعةٌ لا يَرْقَأُ (¬1). 3863 - حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيمَ، حدَّثنا هشامٌ، عن أبي الزُّبير عن جابرٍ، أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - احتَجمَ على وَرِكِهِ مِنْ وَثْء كانَ بِهِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف بكار بن عبد العزيز، وجهالة عمته، ولهذا قال العقيلي في "الضعفاء" في ترجمة بكار 1/ 150: لا يتابع عليه، وقال البيهقي 9/ 340: إسناده ليس بالقوي. وكبْشة جاء اسمها في رواية موسى بن إسماعيل، والصواب كيّسة كما في "التهذيب" وفروعه. قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" في ترجمة كيِّسة: وقع في رواية ابن داسه عن أبي داود كبشة -بموحدة ساكنة ومعجمة- ونبه أبو داود على أن غير موسى بن إسماعيل يقول: كيِّسة، أي: على الصواب. وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 1/ 150، والبيهقي 9/ 340 من طريق موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" 1/ 534 (مسند ابن عباس) من طريق أبي عاصم، عن بَكار، عن أبيه، عن أبي بكرة. فقال: عن أبيه. بدل عمته. وجعل قوله: فيه ساعة لا يرقأ فيها الدم من قول أبي بكرة. وفي الباب عن ابن عباس موقوفاً عند أبي يعلى (2612) وإسناده تالف. ورقأ الدم والعِرْق والدمعة، يرقأ رَقْأ ورُقُوءاً: انقطع بعد جَرَيانه. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن أبا الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- لم يُصرِّح بسماعه من جابر .. وقد انفرد ملم بن إبراهيم بقوله: على وركه، وخالفه سائر أصحاب هشام -وهو الدستوائي- فقالوا: احتجم من وثء كان بوركه أو ظهره. وأخرجه النسائي (2848) من طريق يزيد بن إبراهيم، عن أبي الزبير، به. دون ذكر الورك، وقال في روايته: وهو محرم. =

6 - باب في قطع العرق

6 - باب في قطع العرق 3864 - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر، قال: بَعَثَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- إلى أُبيٍّ طبيباً (¬1)، فَقَطَعَ مِنْه عِرْقاً (¬2). 7 - باب في الكَيِّ 3865 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ، عن مُطرِّفٍ ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (3582) من طريق ابن خثيم، عن أبي الزبير، عن جابر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم من رهْصة أخذته. وهو في "مسند أحمد" (14280) بزيادة: وهو محرم، وكذلك زاد كل من خرج حديث جابر هذا. ويشهد له حديث عبد الله بن عباس عند البخاري (5700)، ومسلم (1202). وحديث عبد الله بن بحينة عند البخاري (1836)، ومسلم (1203). الوثء: وجع يصيب العضو من غير كسر، وثئتِ اليدُ والرِّجلُ، أي: أصابها وجع دون الكسر فهي موثوءة، وقد يترك همزه، فيقال: وثي. (¬1) وقع في (أ): بعث النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إلى أبي طيبة فقطع منه عرقاً، وهو خطأ، والمثبت من سائر أصولنا الخطية وهو الموافق لرواية مسلم وغيره. (¬2) إسناده قوي من أجل أبي سفيان -وهو طلحة بن نافع- فهو صدوق لا بأس به. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وأخرجه مسلم (2207) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد، وزاد: ثم كواه عليه. وأخرجه مسلم (2207) من طريق جرير بن عبد الحميد و (2207) من طريق سفيان الثوري، و (2207) من طريق شعبة، ثلاثتهم عن سليمان الأعمش، به. بذكر الكي دون ذكر قطع العرق. وهو في "مسند أحمد" (14252) و (14379).

عن عِمران بن حُصين، قال: نهى النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- عن الكَيِّ، فاكْتَوَيْنا، فما أفْلَحْنَ ولا أنْجَحْنَ (¬1). قال أبو داود: وكان يَسْمَعُ تسليمَ الملائِكَةِ، فلما اكتوى، انقطَعَ عنه، فلما تَرَكَ، رَجَعَ إليه (¬2). 3866 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن أبي الزبير عن جابر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كَوى سعد بن مُعاذٍ مِنْ رَمِيَّتِه (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مُطرَّف: هو ابن عبد الله بن الشِّخِّير، وثابت: هو ابن أسلم البُناني، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابن ماجه (3490)، والترمذي (2173)، والنسائي في "الكبرى" (7558) من طريق الحسن البصري، عن عمران. والحسن البصري لم يسمع من عمران. وهو في "مسند أحمد" (19864) و (19989)، و "صحيح ابن حبان" (6081). قال الحافظ في "الفتح" 10/ 155: والنهي فيه محمول على الكراهة، أو على خلاف الأولى لما يقتضيه مجموع الأحاديث، وقيل: إنه خاص بعمران، لأنه كان به الباسور، وكان موضعه خطراً، فنهاه عن كيِّه، فلما اشتد عليه كواه، فلم يُنْجِحْ. قلنا: وذكر الخطابي وجهين آخرين لمعنى النهي، مُلخَّصهما: أولاً: أن يكون من أجل أنهم كانوا يعظمون أمره ويقولون: آخر الدواء الكي، ويرون أنه يحسم الداء ويبرئه وإذا لم يفعل ذلك عطب صاحبه وهلك، فنهاهم عن ذلك إذا كان على هذا الوجه، وأباح لهم استعماله إذا كان على معنى التوكل على الله، فيكون الكي والدواء سبباً لا علة. والثاني: أن يكون معنى نهيه عن الكي هو أن يفعله احترازاً عن الداء قبل وقوع الضرورة، ونز ول البلية، وذلك مكروه. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في روايتي ابن الأعرابي وأبي عيسى الرملي. (¬3) إسناده صحيح. وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- قد =

8 - باب في السعوط

8 - باب في السَّعُوط 3867 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أحمدُ بنُ إسحاقَ، حدَّثنا وُهَيب، عن عبدِ الله بنِ طاووس، عن أبيه عن ابنِ عباسٍ؟ أن رَسُولَ الله - اسْتَعَطَ (¬1). 9 - باب في النُّشْرَةِ 3868 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرَّزاق، حدَّثنا عَقيلُ بنُ معقل، سمعتُ وهبَ بنَ مُنبِّه يُحدث ¬

_ = روى هذا الحديث عنه الليث بن سعد عند أحمد والترمذي والنسائي، ولم يرو عنه الليث إلا ما سمعه من جابر. حماد: وابن سلمة. وأخرجه مسلم (2208) من طريق زهير بن معاوية، وابن ماجه (3494) من طريق سفيان الثوري، والترمذي (1673)، والنسائي في "الكبرى" (8626) من طريق الليث بن سعد، ثلاثتهم عن أبي الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (14343) و (14773)، و "صحيح ابن حبان" (4784) و (6083). وإنما كوى سعداً حين خاف عليه الهلاك من النزف. (¬1) إسناده صحيح. طاووس: هو ابن كيسان اليماني، ووهيب: هو ابن خالد، وأحمد بن إسحاق: هو ابن زيد الحضرمي البصري. وأخرجه البخاري (5691)، ومسلم بإثر (1577)، وبإثر (2208)، والنسائي في "الكبرى" (7536) من طريق وُهيب بن خالد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2337)، و "صحيح ابن حبان" (5150). قال الحافظ في "الفتح" 10/ 147: قوله: استعط، أي: استعمل السعوط، وهو أن يستلقي على ظهره، ويجعل بين كتفيه ما يرفعهما لينحدر رأسُه، ويقطر في أنفه ماء أو دهن فيه دواء مفرد أو مركب ليتمكن بذلك من الوصول إلى دماغه، لاستخراج ما فيه من الداء بالعُطاس.

10 - باب في شرب الترياق

عن جابرِ بنِ عبد الله، قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- عن النُشْرَةِ، فقالَ: "هُوَ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ" (¬1). 10 - باب في شرب الترياق 3869 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عُمر بنِ مَيْسَرَةَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيدَ، حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي أيوبَ، حدَّثنا شُرَحْبِيلُ بنُ يزيدَ المَعَافِريُّ، عن عبد الرحمن بن رافعٍ التَّنُوخيِّ، قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (19762)، ومن طريقه أخرجه أحمد (14135)، وابن حبان في "الثقات" 8/ 315 في ترجمة شعثم بن أصيل، والبيهقي 9/ 351. قال الخطابي: النُّشرة: ضرب من الرقية والعلاج، يعالج به من كان يُظنُّ به مس الجن، وسميت نشرة، لأنه يُنشر بها عنة، أي: يحل عنه ما خامره من الداء. وقد أورد البخاري في "صحيحه" قبل الحديث (5765) بصيغة الجزم: عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيب: رجل به طبٌّ -أو يؤخذ عن امرأته- أيُحَلُّ عنه أو يُنشَّر؟ قال: لا بأس به، إنما يريدون به الإصلاح، فأما ما ينفع فلم يُنْه عنه. قال الحافظ في "الفتح" 10/ 233: قال ابن الجوزي: النشرة: حل السحر عن المسحور، ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر. وقد سئل أحمد عمن يطلق السحر عن المسحور، فقال: لا بأس به، وهذا هو المعتمد، ويجاب عن الحديث بأن قوله: "النشرة من عمل الشيطان" إشارة إلى أصلها، ويختلف الحكم بالقصد، فمن قصد بها خيراً كان خيراً، وإلا فهو شر ... ويوافق قول سعيد بن المسيب ما تقدم في باب الرقية في حديث جابر عند مسلم مرفوعاً: "من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل" ويؤيد مشروعية النشرة ما تقدم في حديث: "العين حق" في قصة اغتسال العائن. قال الحافظ: وممن صرح بجواز النشرة المزني صاحب الشافعي وأبو جعفر الطبري وغيرهما وقال في "عون المعبود" 10/ 249 تعليقاً على قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "هو من عمل الشيطان": أي: من النوع الذي كان أهل الجاهلية يعالجون به ويعتقدون فيه، وأما ما كان من الآيات القرآنية، والأسماء والصفات الربانية، والدعوات المأثورة النبوية، فلا بأس به.

سمعتُ عبدَ الله بنَ عمرو يقولُ: سَمِعْتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ: "ما أُبالي ما أَتيْتُ إن أنا شَرِبْتُ تِرْياقاً، أو تعلقتُ تَميِمةً، أو قُلتُ الشِّعرَ مِن قِبَلِ نفسي" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن رافع التنُوخي. وشرحبيل بن يزيد المعافري كذا جاء مسمى في رواية أبي داود، قال الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" 12/ 432: والمعروف شرحبيل بن شريك، وقد رواه أبو بكر بن أبي شيبة وغير واحد عن المقرئ كذلك. قلنا: وسبب هذا الوهم أن هناك رجلاً آخر يروي عن عبد الرحمن ابن رافع، ويروي عنه سعيد بن أبي أيوب كذلك اسمُه شراحيل بن يزيد، وهو معافري أيضاً، ولهذا قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" 2/ 159: ومن الجائز أن يكون الحديث عندهما جميعاً. ونقل المناوي في "فيض القدير" 5/ 408 عن الحافظ الذهبي قوله في "المهذب": هذا حديث منكر. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 78، وأحمد (7081)، والطبراني في "الكبير" -قسم من الجزء 13 - (131)، والبيهقي 9/ 355، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة شرحبيل بن يزيد المعافري 12/ 432 من طريق عبد الله بن يزيد -وهو المقرئ-، بهذا الإسناد إلا أن أحمد والطبراني والمزي قد ذكروا اسم شرحبيل على الصواب، فقالوا: ابن شريك. وأخرجه أحمد (6565)، ومن طريقه عبد الغني المقدسي في "أحاديث الشعر" (41) عن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة بن شريح، عن شرحبيل بن شريك، به. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (7959)، وعنه أبو نعيم في "الحلية" 9/ 308 عن موسى بن عيسى بن المنذر الحمصي، عن محمد بن المبارك الصوري، عن معاوية بن يحيى الطرابلسي، عن سعيد بن أبي أيوب، عن شرحبيل بن شريك، عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وقد أخطأ موسى بن عيسى بن المنذر في إسناده فذكر أبا عبد الرحمن الحبلي بدل عبد الرحمن بن رافع، وموسى بن عيسى هذا قال عنه النسائي: لا أحدث عنه شيئاً، ليس هو شيئاً. =

11 - باب في الأدوية المكروهة

قال أبو داود: هذا كانَ للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- خاصةً، وقد رَخَّصَ فيه قومٌ، يعني التِّرياقَ. 11 - باب في الأدوية المكروهة 3870 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا محمدُ بنُ بشرٍ، حدَّثنا يونسُ بنُ أبي إسحاقَ، عن مجاهدٍ عن أبي هُريرة قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ عنِ الدَّواءِ الخَبيثِ (¬1). ¬

_ = قال ابن الأثير في "النهاية": الترياق: ما يستعمل لدفع السّم من الأدوية والمعاجين، وهو معرّب، ويقال بالدال أيضاً. وقال الخطابي: شرب الترياق مكروه من أجل ما يقع فيه من لحوم الأفاعي، وهي محرمة، وهو أنواع، فإذا لم يكن فيه لحوم الأفاعي فلا بأس بتناوله، والله أعلم. وقال المناوي في "فيض القدير" 5/ 458: فإن اضطر إليه ولم يقم غيره مقامه جاز، قال بعض المحدثين: النفع به محسوس والبرء به موجود، وذلك مما يبعد صحة الحديث، والكلام في الترياق المعمول بلحم الحيات لا غيره، ... ، فإن هذا استعماله جائز مطلقاً. وقال الخطابي: والتميمة يقال: إنها خرزة كانوا يتعلقونها يرون أنها تدفع عنهم الآفات، واعتقاد هذا الرأي جهل وضلال، إذ لا مانع ولا دافع غير الله سبحانه، ولا يدخل في هذا التعوّذ بالقرآن والتبرك والاستشفاء به، لأنه كلام الله، والاستعاذة به ترجع إلى الاستعاذة بالله سبحانه، ويقال: بل التميمة قلادة تُعلّق به العُوَذ، ... ، وقد قيل: إن المكروه من العُوَذ هو ما كان بغير لسان العرب، فلا يُفهم معناه، ولعله قد يونس فيه سحر أو نحوه من المحظور، والله أعلم. (¬1) إسناده حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق، فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه ابن ماجه (3459)، والترمذي (2168) من طريق يونس بن أبي إسحاق، به. ووقع تفسير الدواء الخبيث عند الترمذي: أنه السُّم. وهو في "مسند أحمد" (9756). =

3871 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن ابنِ أبي ذئبٍ، عن سعيدِ بنِ خالدٍ، عن سعيدِ بنِ المُسيَّب عن عبدِ الرحمن بنِ عثمانَ: أن طَبيباً سألَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عَنْ ضِفْدعٍ يجعَلُها في دَوَاءٍ، فنهاه النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- عن قَتْلِها (¬1). 3872 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صالح ¬

_ = قال الخطابي: الدواء الخبيث قد يكون خبثه من وجهين، أحدهما: خبث النجاسة وهو أن يدخله المحرم، كالخمر ونحوها من لحوم الحيوان غير مأكولة اللحم، وقد يصف الأطباء بعض الأبوال وعذرة بعض الحيوان لبعض العلل، وهي كلها خبيثة نجسة وتناولها محرّم إلا ما خصته السنة من أبوال الإبل، فقد رخص فيها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لنفر من عُرينة وعُكْل. وسبيل السنن أن يقر كل شيء منها في موضعه، وأن لا يُضرب بعضها ببعض، وقد يكون خبث الدواء أيضاً من جهة الطعم والمذاق، ولا ينكر أن يكون كره ذلك لما فيه من المشقة على الطباع، ولتكرَّه النفس إياه، والغالب أن طعوم الأدوية كريهة، ولكن بعضها أيسر احتمالاً وأقل كراهة. (¬1) إسناده صحيح. سعيد بن خالد: هو القارظي، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه النسائي (4355) من طريق ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15757). قال الخطابي: في هذا دليل على أن الضفدع محرم الأكل وأنه غير داخل فيما أُبيح من دوابّ الماء، فكل منهي عن قتله من الحيوان، فإنما هو لأحد أمرين: إما لحرمته في نفسه كالآدمي، وإما لتحريم لحمه كالصُّرَد والهدهد ونحوهما. وإذا كان الضفدع ليس بمحترم كالآدمي كان النهي فيه منصرفاً إلى الوجه الآخر، وقد نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن ذبح الحيوان إلا لمأكلة.

عن أبي هريرة، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَن حَسا سُمّاً، فَسُمُّهُ في يده يَتَحَسَّاه في نارِ جهنم خالداً مُخَلَّداً فيها أبداً" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمّان، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وأخرجه البخاري (5778)، ومسلم (109)، وابن ماجه (3460)، والترمذي (2165 - 2167)، والنسائي (1965) من طريق سليمان الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد" (7448)، و"صحيح ابن حبان" (5986). وقوله: "في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً" تمسّك به من قال بتخليد أصحاب المعاصي في النار، قال الحافظ في "الفتح" 3/ 227: وأجاب أهل السنة عن ذلك بأجوبة: منها توهيم هذه الزيادة، قال الترمذي بعد أن أخرجه: رواه محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، فلم يذكر "خالداً مخلداً"، وكذا رواه أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة ... قال الترمذي: وهو أصح، لأن الروايات إنما تجيء بأن أهل التوحيد يُعذّبون ثم يخرجون منها ولا يُخلَّدون. قال الحافظ: وأجاب غيره يحمل ذلك على من استحله، فإنه يصير باستحلاله كافراً، والكافر مخلد بلا ريب. وقيل: ورد مورد الزجر والتغليظ، وحقيقه غير مُرادة. وقيل: المعنى: أن هذا جزاؤه، لكن قد تكرم الله على الموحدين فأخرجهم من النار بتوحيدهم. وقيل: التقدير: مخلداً فيها إلى أن يشاء الله. وقيل: المراد بالخلود طول المدة، لا حقيقة الدوام، كأنه يقول: يخلد مدة معينة وهذا أبعدها. وقال الحافظ في موضع آخر من "الفتح" 10/ 248: وأولى ما حُمل عليه هذا الحديث ونحوه من أحاديث الوعيد: أن المعنى المذكور جزاء فاعل ذلك، إلا أن يتجاوز الله عنه. =

3873 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا شُعبةُ، عن سِماكٍ، عن عَلْقَمَةَ بنِ وائلٍ عن أبيه، ذكر طارقَ بنَ سويد، أو سويدَ بنَ طارق سأل النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، عن الخمر فنهاهُ، ثم سأله فَنَهَاه، فقال له: يا نبيَّ الله، إنها دَوَاءٌ، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "ولكِنَّها دَاءٌ" (¬1). ¬

_ = قلنا: وما يشهد لعدم تخليد قاتل نفسه من الموحدين بالنار ما أخرجه أحمد (14982)، ومسلم (116) من حديث جابر أن الطُّفيل بن عمرو الدوسي أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، هل لك في حصن حصين ومنعة؟ قال: حصن كان لدوس في الجاهلية فأبى ذلك النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، للذي ذخر الله للأنصار، فلما هاجر النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إلى المدينة، هاجر إليه الطُّفيل بن عمرو، وهاجر معه رجل من قومه، فاجتووا المدينة، فمرض فجزع، فأخذ مشاقص له، فقطع بها براجمه، فشَخَبَت يداه حتى مات، فرآه الطُّفيل بن عمرو في منامه، فرآه وهيئته حسنة، ورآه مغطياً يديه، فقال له: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيّه صلَّى الله عليه وسلم، فقال: مالي أراك مغطياً يديك؟ قال: قيل لي: لن نُصلح منك ما أفسدتَ، فقصها الطُّفيل على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اللهم وليديه فاغفِر". قال الإِمام النووي في، "شرح مسلم": في هذا الحديث حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة أن من قتل نفسه أو ارتكب معصية غيرها ومات من غير توبة، فليس بكافر، ولا يقطع له بالنار، بل هو في حكم المشيئة ... وهذا الحديث شرح للأحاديث التي قبله المُوهم ظاهرها تخليد قاتل النفس وغيره من أصحاب الكبائر في النار، والله تعالى أعلم. (¬1) إسناده حسن من أجل سماك -وهو ابن حرب- فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه مسلم (1984)، والترمذي (2169) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18788)، و"صحيح ابن حبان" (1390). وخالف شعبةَ في هذا الحديث حمادُ بنُ سلمة، فرواه عن سماك، عن علقمة بن وائل، عن طارق بن سويد الحضرمي، فجعله من مسند طارق بن سويد لا وائل بن حُجْر. أخرجه من طريقه ابن ماجه (3500). وهو في "مسند أحمد" (18787). وقد صحح ابنُ عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة طارق بن سويد إسناد حماد بن سلمة. =

3874 - حدَّثنا محمدُ بنُ عَبَادةَ الواسطيُّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا إسماعيلُ بنُ عَيَّاشٍ، عن ثعلبةَ بنِ مُسلم، عن أبي عِمْرَانَ الأنصاريِّ، عن أُمِّ الدرداء عن أبي الدرداء قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنَّ الله عزّ وجلّ أنْزَلَ الدَّاءَ والدَّواء، وجَعَلَ لِكُل داءٍ دَوَاءً، فَتَداووا، ولا تَدَاووا بحرَام" (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: تسمية الخمر داء إنما هو في حق الدين وحرمة الشريعة، لما يلحق شاربها من الإثم، وان لم يكن داء في البدن ولا سقماً في الجسم. قال: وقد تستعمل لفظة الداء في الآفات والعيوب، ومساوئ الأخلاق. قال: وفي الحديث بيان أنه لا يجوز التداوي بالخمر، وهو قول أكثر الفقهاء، وقد أباح التداوي بها عند الضرورة بعضهم، واحتج في ذلك بإباحة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - للعُرنيين التداوي بأبوال الإبل، وهي محرمة، إلا أنها لما كانت مما يُستشفى بها في بعض العلل رخص لهم في تناولها. قلت [القائل الخطابي]: وقد فرق رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بين الأمرين اللذين جمعهما هذا القائل، فنص على أحدهما بالحظر، وهو الخمر، وعلى الآخر بالإباحة، وهو بول الإبل، والجمع بين ما فرّقه النص غير جائز. وأيضاً: فإن الناس كانوا يشربون الخمر قبل تحريمها ويشغفون بها، ويبتغون لذتها، فلما حرمت صعب عليهم تركها والنزوع عنها، فغلظ الأمر فيها بإيجاب العقوبة على متناوليها، ليرتدعوا عنها، وليكفوا. عن شربها، وحَسَم الباب في تحريمها على الوجوه كلها شرباً وتداوياً لئلا يستبيحوها بعلة التساقم والتمارض، وهذا المعنى مأمون في أبوال الإبل لانحسام الدواعي، ولما في الطباع من المؤنة في تناولها، ولما في النفوس من استقذارها والتكره لها، فقياس أحدهما على الآخر لا يصح ولا يستقيم، والله تعالى أعلم. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد اختُلف فيه على إسماعيل بن عياش، فقد رواه عنه يزيد بن هارون كما في رواية المصنف، وخالفه علي بن عياش وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، فروياه عن إسماعيل بن عياش عن ثعلبة، عن أبي عمران الأنصاري، عن أبي الدرداء، وفي رواية أخرى لعلي بن عياش قال: عن أم الدرداء بدل أبي الدرداء، فأسقطا =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = من الإسناد راوياً، فإن كان الساقط أم الدرداء، فالإسناد منقطع، وإن كان أبا الدرداء فهو مرسل، لأن أم الدرداء تابعية، والله تعالى أعلم. وأخرجه الدولابي في "الكنى" 2/ 38 من طريق علي بن عياش، وابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 282 من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن ثعلبة بن مسلم الخثعمي، عن أبي عمران الأنصاري، عن أبي الدرداء. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 24/ (649) من طريق علي بن عياش، عن إسماعيل ابن عياش، عن ثعلبة بن مسلم، عن أبى عمران سليمان بن عبد الله، عن أم الدرداء. ويشهد له دون قوله: "ولا تداووا بحرام" حديث أسامة بن شريك السالف عند المصنف برقم (3855). وإسناده صحيح. وحديث عبد الله بن مسعود عند أحمد (3578) و (3922)، وابن حبان (6062) وغيرهما. وإسناده صحيح. وحديث أبي هريرة عند البخاري (5678)، وابن ماجه (3439)، والنسائي في "الكبرى" (7513). وحديث أنس عند أحمد (12596) وغيره. وإسناده صحيح. وحديث جابر بن عبد الله عند أحمد (14597)، ومسلم (2204)، والنسائي في "الكبرى" (7514). وحديث رجل من الأنصار عند أحمد (23156). وإسناده صحيح. ويشهد لقوله: "ولا تداووا بحرام" حديث أبي هريرة السالف عند المصنف برقم (3870)، ولفظه: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الدواء الخبيث. وحديث أم سلمة عند أحمد في "الأشربة" (159)، وابن أبي الدنيا في "ذم المسكر" (12)، وأبي يعلى (6966) وابن حبان (1391)، والطبراني في "الكبير" 23/ (749). وإسناده حسن في الشواهد. وحديث عبد الله بن مسعود موقوفاً عند عبد الرزاق (17097) و (17102)، وابن أبي شيبة 8/ 23 و130، وأحمد في "الأشربة" (130) و (133)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 1/ 108، وأبي القاسم البغوي في "الجعديات" (190)، والطبراني في "الكبير" (9714) - (9717) وعلقه البخاري في "صحيحه" قبل الحديث (5614) بصيغة الجزم، وإسناده صحيح.

12 - باب في تمر العجوة

12 - باب في تمرِ العجوةِ 3875 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ عن سَعْدٍ، قال: مرضتُ مرضاً فأتاني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَعُودُني، فَوَضَعَ يَدَه بين ثَدْيَىَّ حتى وجدتُ بَرْدَهَا على فؤادي، فقالَ: "إنَّكَ رَجُل مَفْؤودٌ، ائتِ الحَارِثَ بنَ كَلَدَةَ أخا ثَقِيفٍ، فإنَّه رجل يَتَطَبَّبُ، فليأخُذ سَبع تَمَرَاتٍ من عَجْوَةِ المدينةِ، فليَجَأهُنَّ بِنَوَاهُنَّ، ثم لِيَلُدَّكَ بِهِنَّ" (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات لكنه مرسل، لأن مجاهداً -وهو ابن جبْر المكي- روايته عن سعْد -وهو ابن أبي وقاص- مرسلة فيما قاله أبو حاتم وأبو زرعة. وما جاء عند الطبراني من تقييد سعْد بابن أبي رافع تفرد به يونس بن الحجاج الثقفي، عن سفيان بن عيينة، ويونس هذا مجهول لم يرو عنه إلا واحد، ولم يوثقه غير ابن حبان. ولا يُعرف في الصحابة مَن اسمه سعْد بن أبي رافع من غير هذا الطريق. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 3/ 146 عن محمد بن عُمر الواقدي، والحسن بن سفيان كما في "الإصابة" 3/ 58 عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقيد الواقدي في روايته سعْداً بابن أبي وقاص. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (5479) من طريق يونس بن الحجاج الثقفي، عن سفيان بن عيينة، به. فقال: عن سعْد بن أبي رافع. قال ابن الأثير في "أسد الغابة" في ترجمة الحارث بن كَلَدة 1/ 413: وروى ابن إسحاق، عن إسماعيل بن محمد بن سعْد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: مرض سعد ... ثم ساق نحو هذه القصة. قال الخطابي: "المفؤود" الذي أصيب في فؤاده، كما قالوا لمن أصيب رأسه: مرؤوس، ولمن أصيب بطنه: مبطون. قال: قوله: "فليجأهن بنواهن" يريد ليَرُضَّهن، والوجيئة: حساء يتخذ من التمر والدقيق فيتحساه المريض. وأما قوله: "فليلدَّك بهن" فإنه من اللدود، وهو ما يُسقاه الإنسان في أحد جانبي الفم، وأخذ من اللديدَين، وهما جانبا الوادي.

13 - باب في العلاق

3876 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا أبو أسامةَ، حدَّثنا هاشمُ بنُ هاشمٍ، عن عامرِ بنِ سعْد بنِ أبي وقاص عن أبيه، عنِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "مَن تَصَبَّح سَبْعَ تَمَرَاتِ عَجْوةٍ، لم يَضُرَّهُ ذلك اليومَ سُمٌّ ولا سِحْرٌ" (¬1). 13 - باب في العِلاق 3877 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وحامدُ بنُ يحيى، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن عُبيدِ الله بنِ عبدِ الله عن أُمِّ قيسٍ بنتِ مِحْصَن، قالت: دخلتُ على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بابنٍ لي قد أعْلَقْتُ عليه مِن العُذْرَةِ، فقال: "عَلامَ تَدْغَرْن أولادَكُنَّ بهذا ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه البخاري (5445)، ومسلم (2047)، والنسائي في "الكبرى" (6680) من طرق عن هاشم بن هاشم، به. وهو في "مسند أحمد" (1572). وأخرجه مسلم (2047) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، عن عامر ابن سعد، عن أبيه بلفظ: "من أكل سبع تمرات مما بين لابَتَيْها حين يصبح، لم يضره سُمٌ حتى يمسي". وأخرجه أحمد (1571) عن عبد الله بن نمير، عن هاشم بن هاشم، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، عن أبيها. قال المناوي في "فيض القدير" 6/ 105: ليس ذلك عاماً في العجوة، بل خاصاً بعجوة المدينة، بدليل رواية مسلم ... فذكر رواية ابن معمر، ثم نقل عن القرطبي (شارح مسلم) قوله: فمطلق هاتين الروابتين مقيد بالأخرى، فحيث أطلق العجوة هنا أراد عجوة المدينة. وقال ابن الأثير في "النهاية": العجوة: نوع من تمر المدينة أكبر من الصيحاني، يضرب إلى السواد، من غرس النبي - صلَّى الله عليه وسلم -.

14 - باب في الأمر بالكحل

العِلاق؟ عليْكُنَّ بهذا العودِ الهِنْدِيِّ، فإن فيهِ سبعةَ أشفيةٍ منها: ذاتُ الجَنْبِ: يُسعَطُ من العُذْرةِ، ويُلَدُّ مِنْ ذاتِ الجَنْب" (¬1). قال أبو داود: يعني بالعُودِ: القُسْطَ. 14 - باب في الأمرِ بالكُحل 3878 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا عبدُ الله بن عثمان بنِ خُثَيم، عن سعيدِ بنِ جُبير عن ابنِ عبَّاسٍ، قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "البَسُوا مِن ثيابكُمُ البياضَ، فإنَّها مِنْ خير ثيابِكُم، وكَفِّنُوا فيها مَوْتَاكُم، وإنَّ خَيْرَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (5692)، ومسلم (2214)، وابن ماجه (3462) و (3468)، والنسائي في "الكبرى" (7539) و (7543) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (26997)، و"صحيح ابن حبان" (6070). قال الخطابي: هكذا يقول المحدّثون: أعلقت عليه، وإنما هو: أعلقت عنه، قال الأصمعي: الإعلاق: أن تُرفع العُذرة باليد. وقوله: "علام تدغرن". قال العيني في "عمدة القاري": الدغر: هو غمز الحلق بالأصبع، وذلك أن الصبي تأخذه العذرة -وهو وجع يهيج في الحلق من الدم- فتدخل المرأة أصبعها، فتدفع بها ذلك الموضع وتبهسه، وأصل الدغر: الدفع. قال علي القاري: والمعنى: على أي شيء تعالجن أولادكن وتغمزن حلوقهن بهذا العِلاق، أي: بهذا العصر والغمز. وكره الرسول -صلَّى الله عليه وسلم- العِلاق، لأنه لا يغني شيئاً، وأمر بالعود الهندي، لأنه يؤخذ ماؤه ويُسعَطُ به، فيصل إلى العذرة فيقبضها. قلنا: وذات الجَنْب -أو الجناب- في الطب الحديث: هو التهاب غلاف الرئة، فيحدث منه سعال وحمى ونخس في الجنب، يزداد عند التنفس. وقد سلف ذكر الاستعاط وهيئته برقم (3867).

15 - باب في الاتقاء من العين

أكحالِكُم الإثمدُ: يَجْلُو البَصَرَ، ويُنْبِتُ الشَّعَرَ" (¬1). 15 - باب في الاتقاء من العين (¬2) 3879 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، حدَّثنا معمرٌ، عن همام بنِ مُنبه، قال: هذا ما حدَّثنا أبو هُريرة، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "والعَيْنُ حَقٌ" (¬3). 3885 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، عن الأسودِ ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل عبد الله بن عثمان بن خثيم، فهو صدوق لا بأس به. زهير: هو ابن معاوية الجُعفي. وأخرجه ابن ماجه (1472) و (3497) و (3566)، والترمذي (1015)، والنسائي (5113) من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم، به. وقطّعه ابن ماجه، ولم يذكر الترمذي الاكتحال، وعليه اقتصر النسائي فلم يذكر اللباس الأبيض. وهو في "مسند أحمد" (2047) و (2219)، و"صحيح ابن حبان" (5423). وسيتكرر برقم (4061). (¬2) كذا جاء هذا الباب مسمى في روايتي ابن العبد وابن داسه، وفي رواية اللؤلؤي قال: باب ما جاء في العين. (¬3) إسناده صحيح. معمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (19778)، ومن طريقه أخرجه البخاري (5740)، ومسلم (2187). زاد عبد الرزاق ومن طريقه البخاري: ونهى عن الوشم. وأخرجه ابن ماجه (3507) من طريق مضارب بن حزن، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7883) و (8245)، و "صحيح ابن حبان" (5503). وقد نقل الإِمام النووي في "شرح صحيح مسلم" عن الإِمام أبي عبد الله المازَري قوله: أخذ جماهير العلماء بظاهر هذا الحديث، وقالوا: العين حق. وأنكره طوائف من المبتدعة ... قال: ومذهب أهل السنة أن العين إنما تُفسِد وتُهلِك عند نظر العائن بفعل الله تعالى، أجرى الله سبحانه وتعالى العادة أن يخلق الضرر عند مقابلة هذا الشخص لشخص آخر.

عن عائشة، قالت: كانَ يُؤمَر العائِنُ، فيتوضّأُ، ثم يَغْتَسِلُ منه المَعِينُ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الأسود: هو ابن يزيد النخعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي ابنُ أخت الأسود، والأعمش: هو سُليمان بن مِهران، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 59، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2893)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 351، وفي "شعب الإيمان" (11224)، من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرج أحمد (24345)، والبخاري (5738)، ومسلم (2195)، وابن ماجه (3512)، والنسائي في "الكبرى" (7494) من طريق عبد الله بن شداد، عن عائشة قالت: أمرني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أو أمر أن يُسترقى من العين. لفظ البخاري. والعائن: هو الذي أصاب غيره بالعين، يراد به الحاسد، والمعين: المصاب بعين غيره، أي: المحسود. ويشهد لذكر الاغتسال للعين حديث عبد الله بن عباس عند مسلم (2188)، والترمذي (2191) ولفظه عند مسلم: "العين حق، ولو كان شيء سابَقَ القَدَرَ سبقتْه العينُ، وإذا استُغسِنتُم فاغسِلوا". وحديث سهل بن حنيف عند مالك في "موطئه " 2/ 938 و 939، وابن ماجه (3559)، والنسائي في "الكبرى" (7571) و (7572) حيث قال -صلَّى الله عليه وسلم- لعائنه: "اغتسل له" وجاء فيه صفة وضوء العائن، وهو أن يغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه، وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح، ثم يصب ذلك الماء على المَعين، يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه، ثم يكفئ القدح وراءه. وجاء عند ابن أبي شيبة 8/ 58 - 59، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2896)، والطبراني في "الكبير" (5578)، وابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 242 في تفصيل صفة الغسل وهو أن يُدخل العائن يده في القدح، فيمضمض ويمجه في القدح، ويغسل وجهه في القدح، ثم يصب بيده اليسرى على كفه اليمنى، ثم بيده اليمنى على كفه اليسرى، ويدخل يده اليسرى فيصب على مرفق يده اليمنى، فيغسل يده اليسرى، ثم يده اليمنى فيغسل الركبتين، ويأخذ داخل إزاره فيصب على رأسه صبة واحدة، ولا يدع القدح حتى يفرغ.

16 - باب في الغيل

16 - باب في الغَيْل 3881 - حدَّثنا الربيع بنُ نافع أبو توبةَ، حدَّثنا محمدُ بن مُهاجرٍ، عن أبيه عن أسماء بنتِ يزيدَ بنِ السَّكَنِ، قالت: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا تَقْتُلُوا أولادَكم سِرّاً، فإن الغَيْلَ يُدْرِكُ الفارِسَ فيُدَعْثِرُهُ، عن فرسِه" (¬1). 3882 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن محمد بنِ عبدِ الرحمن بنِ نَوفلٍ، أخبرني عُروةُ بنُ الزبير، عن عائشةَ زوجِ النَبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- عن جُدَامَةَ الأسديَّةِ، أنها سَمِعت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لقد هَمَمْتُ أن أنهى عن الغِيْلَةِ حتى ذكرتُ أن الرومَ وفارِسَ يفعلونَ ذلك فلا يَضُرُّ أولادَهم". قال مالك: الغِيلة: أن يمسَّ الرجُلُ امرأته وهي تُرْضِعُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. المهاجر -وهو ابن أبي مسلم الأنصاري، وإن روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"- قد انفرد به، ومثله لا يحتمل تفرّده، ثم إنه مخالف للحديث الصحيح الآتي بعده. وأخرجه ابن ماجه (1012) من طريق عمرو بن مهاجر أخي محمد، عن أبيه، به. وهو في "مسند أحمد" (27562)، و"صحيح ابن حبان" (5984) من طريق محمد بن مهاجر. قال الخطابي: أصل الغيل: أن يجامع الرجلُ المرأة وهي موضع. قال: وقوله: "ويدعثره عن فرسه" معناه: يَصرعه ويُسقطه. يقول -صلَّى الله عليه وسلم-: إن المرضع إذا جومعت، فحملت فسد لبنها، ونهك الولد إذا اغتذى بذلك اللبن، فيبقى ضاوياً، فإذا صار رجلاً فركب الخيل، فركضها، أدركه ضعف الغيل، فزال وسقط عن متونها، فكان ذلك كالقتل له إلا أنه سر لا يرى ولا يشعر به. (¬2) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. =

17 - باب تعليق التمائم

17 - باب تعليق التمائم 3883 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن عمرو بنِ مُرة، عن يحيى بنِ الجزَّارِ، عن ابنِ أخي زينب امرأةِ عبد الله، عن زينبَ امرأةِ عبدِ الله عن عبد الله قال: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يقولُ: "إنَّ الرُّقَى والتَمائِمَ والتِّوَلَةَ شِرْكٌ" قالت: قلتُ: لِمَ تقولُ هذا؟ واللهِ لقد كانت عَيني تَقْذِفُ وكنتُ أختلِفُ إلى فُلانٍ اليهوديِّ يَرْقِيني، فإذا رقَانِي سَكَنَتْ، فقال عبدُ الله: إنما ذاكَ عملُ الشَّيطانِ كان يَنْخَسُها بيدِه، فإذا رقَاها كَفَّ عنها، إنما كانَ يَكْفيكِ أن تقولي كما كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ: "أذْهِبِ البأس ربَّ النَّاسِ، اشْفِ أنت الشَّافي، لا شِفَاءَ إلا شِفاؤُك، شفاءً لا يُغَادِرُ سَقَماً" (¬1). ¬

_ = وهو في "موطأ مالك " 2/ 607 - 608. وأخرجه مسلم (1442)، وابن ماجه (2011)، والترمذي (2208) و (2209)، والنسائي (3326) من طرق عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أبي الأسود يتيم عروة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (27034) و (27447)، و"صحيح ابن حبان" (4196). (¬1) المرفوع منه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة ابن أخي زينب، وقد توبع في بعض حديثه هذا، ولبعضه الآخر ما يشهد له. وأخرجه ابن ماجه (3530) من طريق عبد الله بن بشر، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وخالف أبا معاوية وعبدَ الله بنَ بشر محمدُ بنُ سلمة الكوفي عند الحاكم 4/ 417 - وتحرف اسمه في المطبوع إلى ابن مسلمة- فروى الشطر الأول منه -وهو قوله: "إن الرقى والتمائم والتولة شرك"- عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن يحيى بن الجزار، عن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن زينب. وصحح الحاكم إسناده، ومحمد بن سلمة هذا ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 7/ 276، وقال: سألت أبي عنه، فقال: هو شيخ لا أعرفه، وحدثه ليس بمنكر. =

3884 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داود، عن مالكِ بنِ مِغْوَلٍ، عن حُصَينٍ، عن الشعبيِّ عن عِمرانَ بنِ حُصين، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: إلا رُقْيَةَ إلا مِنْ عَيْنٍ أو حُمَةِ" (¬1). ¬

_ = وأخرج الشطر الأول أيضاً الحاكم 4/ 217 من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن ميسرة بن حبيب، عن المنهال بن عمرو، عن في بن السكن الأسدي، قال: دخل عبد الله بن مسعود على امرأة ... فذكره. وصحح إسناده. وهو كما قال. وأما الشطر الثاني فيشهد لقوله: "أذهب البأس ... " منه، حديث عائشة عند البخاري (5743)، ومسلم (2191) وغيرهما. وحديث أنس بن مالك عند البخاري (5742) وغيره، وسيأتي عند المصنف برقم (3890). قال الخطابي: التِّولة يقال: إنه ضرب من السحر، قال الأصمعي: وهو الذي يحبب المرأة إلى زوجها. أما الرقى فالمنهي عنه هو ما كان منها بغير لسان العرب، فلا يُدرى ما هو؟ ولعله قد يدخله سحر أو كفر، فأما إذا كان مفهوم المعنى، وكان فيه ذكر الله تعالى فإنه مستحب متبرك به، والله أعلم. وقال الخطابي أيضاً: التميمة: يقال: إنها خرزة كانوا يتعلقونها، يرون أنها تدفع عنهم الآفات، واعتقاد هذا الرأي جهل وضلال، إذ لا مانع ولا دافع غير الله سبحانه، ويقال: بل التميمة قلادة تعلق فيها العُوَذ ... وقد قيل: إن المكروه من العُوَذ هو ما كان بغير لسان العرب، فلا يفهم معناه، ولعله قد يكون فيه سحر أو نحوه من المحظور، والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وحُصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، وعبد الله بن داود: هو الخُريبي الهمْداني، ومسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه الترمذي (2184) من طريق سفيان بن عيينة، عن حُصين بن عبد الرحمن، به. =

18 - باب ما جاء في الرقى

18 - باب ما جاء في الرقى 3885 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح وابنُ السرحِ -قال أحمدُ: حدَّثنا ابن وهب، وقال ابن السرح: أخبرنا ابنُ وهب- حدَّثنا داودُ بنُ عبدِ الرحمن، عن عمرو ابنِ يحيى، عن يوسفَ بنِ محمد -وقال ابن صالح: محمدُ بنُ يوسف بن ثابت ابنِ قيس بنِ شماس- عن أبيهِ ¬

_ = وقد تابع مالكَ بنَ مغول. وسفيان بن عيينة على رفع هذا الحديث عبدُ الله بن إدريس وشعبةُ وإسماعيلُ بن زكريا وطلقُ بن غنام ومحمدُ بن فضيل في رواية وغيرهم، عن حصين. وقد بينا مواضع رواياتهم في "مسند أحمد" (19908). وخالفهم محمد بن فضيل في رواية أخرى عند البخاري (5705) فرواه عن حصين بن عبد الرحمن، به موقوفاً على عمران. ورواية الجمهور أَولى. وخالف الجمهور أيضاً هشيم، فرواه عن حصين، عن الشعبي، عن بريدة موقوفاً. أخرجه من طريقه مسلم (220)، وهو عند ابن حبان (6430). وخالف هشيماً شعبةُ وأبو جعفر الرازي، فروياه عن حصين، عن الشعبي، عن بريدة مرفوعاً. أخرجه من طريق شعبة تعليقاً الترمذي بإثر (2184)، وأبو حاتم في "العلل" 2/ 348، ومن طريق أبي جعفر الرازي ابنُ ماجه (3513). ورجّح المزي في "التحفة" 2/ 77 أن الحديث حديث عمران، وأما ابن حجر فقال في "الفتح" 10/ 156: والتحقيق أنه عند حصين عن عمران وعن بريدة جميعاً. وانظر ما سيأتي برقم (3889). قال الخطابي: الحُمَة: سُم ذوات السُّموم، وقد تسمى إبرة العقرب والزنبور حمة، وذلك لأنها مجرى السم. وليس في هذا نفي جواز الرقية في غيرها من الأمراض والأوجاع، لأنه قد ثبت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه رقى بعض أصحابه من وجع كان به. وقال للشفاء: "علمي حفصة رقية النملة". وإنما معناه: أنه لا رقية أولى وأنفع من رقية العين والسم، وهكذا كما قيل: لا فتى إلا عليّ، ولا سيف إلا ذو الفقار.

عن جَدِّه، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنه دخلَ على ثابتِ بنِ قيس -قال أحمدُ: وهو مريض- فقالَ: "اكْشِفِ البَاْسَ ربَّ النَّاسِ، عن ثابت بنِ قيس بنِ شمَّاس" ثم أخذ تراباً من بُطحانَ فجعله في قَدَحٍ، ثم نَفَثَ عليه بماءِ، ثم صبَّه عليهِ (¬1). قال أبو داود: والصواب ما قال ابنُ السرح: يوسفُ بنُ محمد. 3886 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني معاويةُ، عن عبدِ الرحمن بنِ جُبير، عن أبيه عن عَوْفِ بنِ مالك، قال: كنَّا نَرْقِي في الجاهلية، فقُلنا: يا رسولَ الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: "اعرِضُوا عليَّ رُقَاكُمْ، لا بأس بالرُّقى ما لم تكُن شِرْكاً" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس. عمرو ابن يحيى: هو ابن عمارة المازني، وابن وهب: هو عبد الله، وابن السَّرْح: هو أحمد ابن عمرو بن عبد الله المصري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (15789) و (15812) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (10790) و (10813) من طريق ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن يحيى، قال: أخبرني يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أتى ثابتَ بن قيس ... نحوه مرسلاً. (¬2) إسناده صحيح. معاوية: هو ابن صالح بن حُدير الحضرمي، وابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (2200) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (6094) أدرجه تحت باب: ذكر إباحة استرقاء المرء للعلل التي تحدث بما يبيحه الكتاب والسنة.

3887 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ مَهْديٍّ المِصِّيصيُّ، حدَّثنا عليُّ بنُ مُسْهِرٍ، عن عبدِ العزيز بنِ عُمَرَ بنِ عبدِ العزيز، عن صالح بنِ كَيْسان، عن أبي بكرِ بنِ سُليمانَ بن أبي حَثْمَةَ عن الشِّفَاء بنتِ عبدِ الله، قالت: دخلَ عليَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وأنا عندَ حفصةَ، فقال لي: "ألا تُعَلِّمين هذه رُقْيَةَ النملة، كما علَّمتِيها الكتابةَ" (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكنه قد اختُلف في وصله وإرساله، والصحيح إرساله كما قال الدارقطني في "العلل" 5/ ورقة 194 - 195. وانظر تفصيل الكلام عليه في "مسند أحمد" (26449) و (27595). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7501) من طريق محمد بن بشر، عن عبد العزيز ابن عمر، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (7500) من طريق محمد بن المنكدر، عن أبي بكر بن سُليمان بن أبي حثمة، عن حفصة أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - دخل عليها وعندها امرأة يقال لها: الشفاء، ترقي من النملة، فقال لها النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "علميها حفصة". وفي الباب من حديث أنس بن مالك عند مسلم (2196) وغيره. أنه -صلَّى الله عليه وسلم- رخّص في الرُّقية من النملة. قال الخطابي: النملة: قررح تخرج في الجنبين، ريقال: إنها تخرج أيضاً في غير الجنب، تُرقى فتذهب بإذن الله عزّ وجلّ. وفي الحديث جواز تعليم الكتابة للنساء. قاله ابن تيمية الجد في "المنتقى". وللعلامة محمد شمس الحق العظيم آبادي رسالة قيمة في هذه المسألة واسمها "عقود الجمان في جواز الكتابة للنسوان" فلتراجع. وقال المنذري في "تهذيب السنن" 5/ 364: والشِّفاهُ هذه قرشية عدوية أسلمت قبل الهجرة، وباعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يأتيها ويقيل عندها في بيتها، وكان عمر رضي الله عنه يقدمها في الرأي، ويرضاها ويفضلها، رربما ولاها شيئاً من أمر السوق، وقال أحمد بن صالح: اسمها ليلى وغلب عليها الشفاء. وانظر "الإصابة" 7/ 737 - 739.

3888 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الواحدِ بنُ زيادٍ، حدَّثنا عثمانُ بنُ حكيمٍ، حدَّثتني جَدَّتي الربابُ، قالت: سمعتُ سهلَ بنَ حُنَيفِ يقول: مَرَرْنَا بسيلٍ فدخلتُ، فاغتسلتُ فيه، فخرجتُ محمُوماً، فَنُمِيَ ذلك إلى رسُول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "مُرُوا أبا ثابتٍ يتعوَّذُ" قالت: فقلتُ: يا سيِّديِ والرُّقَى صَالِحَة؟ فقال: "لا رُقيةَ إلا في نَفْسٍ أو حُمَةٍ أو لَدْغَةٍ" (¬1). قال أبو داود: الحُمة مِن الحيّات وما يلسَعُ (¬2). 3889 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود العَتكيُّ، حدَّثنا شَريك (ح) وحدَّثنا العباسُ العنبريُّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا شَريك، عن العباسِ بن ذَرِيح، عن الشعبىِّ - قال العباسُ: ¬

_ (¬1) المرفوع منه صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. الرباب جدة عثمان بن حكيم -وإن انفرد بالرواية عنها حفيدها عثمان- تابعية كبيرة سمعت من سهْل بن حُنَيف المتوفى في خلافة علي بن أبي طالب يعني قبل الأربعين. وقد وردت قصة اغتسال سهْل بن حنيف اصابته بالعين من طريق آخر صحيح يعضد هذه الرواية عند مالك في "موطئه" 2/ 938 و 939 وابن ماجه (3509)، والنسائي في "الكبرى" (7571) و (7572)، وهي في "مسند أحمد" (15980). وأخرجه من طريق المصنِّف هنا النسائي في "الكبرى" (10015) و (10806) من طريق عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15978). ويشهد للمرفوع منه حديث عائشة عند البخاري (5741) بلفظ: رخص النبي - صلَّى الله عليه وسلم - الرقية من كل ذي حُمة و (5738) بلفظ: أمرني النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أو أمر أن يُسترقى من العين. وحديث أنس عند مسلم (2196) بلفظ: رخص في الحمة والنملة والعين. وانظر تمام شواهده في "المسند" (15978). النفس: العين. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (ب).

عن أنس، قال: قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا رُقْيةَ إلا منِ عَيْنٍ أو حُمَةٍ أو دَمٍ لا يَرْقأ". لم يذكر العباس العَيْنَ، وهذا لفظ سليمان بن داود (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح دون قوله: "أو دم لا يرقأ"، وهذا إسناد وهم فيه شريك -وهو ابن عبد الله النخعي، وهو سيئ الحفظ- فجعله من مسند أنس بن مالك، واختلف عنه أيضاً في وصله وإرساله، فقد وصله عنه يزيد بن هارون كما في رواية المصنف هذه وكذلك محمد بن سعيد بن الأصبهاني، وخالفهما سليمان بن داود -وهو العتكي الزهراني- في رواية المصنف هنا، وعلي بن الجعد وعمرو بن عون، فرووه عنه، عن العباس، عن الشعبي مرسلاً، قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 2/ 248: لا معنى لذكر أنس فيه، لأن الحفاظ يُرسلونه من حديث شريك، إلا أن يكون هذا من شريك. وقد سلف الحديث (3884) دون قوله: "أو دمٍ لا يرقأ" من طريق حُصين بن عبد الرحمن السُّلمي، عن الشعبي، عن عِمران بن حُصين. قال المزي في "تحفة الأشراف" 2/ 77: وهو المحفوظ. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (733)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 413 من طريق محمد بن سعيد بن الأصبهاني، عن شريك النخعي، بهذا الإسناد. وسقط اسم شريك من مطبوع الطبراني. وأخرجه أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 2/ 248 من طريق عمرو بن عون، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (2488) عن علي بن الجعد، كلاهما عن شريك النخعي، عن العباس بن ذريح، عن الشعبي، مرسلاً. وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 158 من طريق مجالد بن سعيد، عن الشعبي، عن جابر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا رقية إلا من عين أو حُمة أو دم لا يرقأ" ومجالد بن سعيد ضعيف الحديث، وقد وهم في هذا الحديث أيضاً، إذ جعله من مسند جابر، ورواه مجالد مرة أخرى عن الشعبي عن بعض أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - دون قوله: "أو دم لا يرقأ" أخرجه ابن أبي شيبة 8/ 35. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 36 - 37 من طريق زكريا بن أبي زائدة، عن عامر الشعبي، عن ابن مسعود قوله موقوفاً. دون قوله: "أو دم لا يرقأ". =

19 - باب، كيف الرقى؟

19 - باب، كيف الرُّقَى؟ 3890 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الوارِثِ، عن عبدِ العزيزِ بنِ صُهَيْبِ قال: قال أنس بن مالك -يعني لِثابت-: ألا أرْقِيكَ بِرُقيةِ رسولِ الله؟ قال: بلى، قال: فقال: "اللهمَّ ربَّ الناس، مُذْهِبَ الباسِ، اشفِ أنتَ الشَّافي، لا شَافِيَ إلا أنتَ، اشْفِهِ شِفاءَ لا يُغادِرُ سَقَماً" (¬1). 3891 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسْلَمة القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن يزيد ابنِ خُصيفَةَ، أن عمرو بنَ عبدِ الله بنِ كعبٍ السُّلميِّ أخبره، أنَّ نافعَ بنَ جُبير أخبره عن عثمانَ بنِ أبي العاص: أنه أتى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال عثمانُ: وبي وجَعٌ قد كاد يهلِكُني، قال: فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "امْسَحْه بِيَميِيكَ سبعَ مراتٍ، وقُلْ: أعوذُ بعزةِ الله وقُدرتِه، مِن شرِّ ما أجِدُ" قال: ففعلتُ ذلك، فأذهبَ اللهُ عزَّ وجل ما كان بي، فلم أزل آمر به أهلي وغيرَهم (¬2). ¬

_ = وقد صح عن أنس بن مالك عند مسلم (2196) بلفظ: رخص رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في الرقية من العين والحمة والنملة. يقال: رَقأ الدمْعُ والدمُ والعرق يَرْقأ رُقُوءاً بالضم، إذا سكن وانقطع. (¬1) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد العَنْبري. وأخرجه البخاري (5742)، والترمذي (995)، والنسائي في "الكبرى" (10794) من طريق عبد الوارث بن سعيد، به. وهو في "مسند أحمد" (12532). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10814) من طريق حميد الطويل وحماد بن أبي سليمان، عن أنس، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا دخل على مريض قال: "أذهب البأس ... " الحديث. وهو في "مسند أحمد" (13823). (¬2) إسناده صحيح. عبدُ الله القعنبيّ: هو ابن مسلمة بن قَعْنَب. =

3892 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدِ بنِ مَوْهَبٍ الرمليُّ، حدَّثنا الليثُ، عن زيادةَ ابنِ محمد، عن محمد بنِ كعب القُرظِىِّ، عن فضالةَ بنِ عُبيد عن أبي الدَّرداء، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "من اشْتكَى مِنْكُم شيئاً أو اشتكَاهُ أخٌ لهُ فَلْيقُلْ: ربُّنا اللهُ الذي في السَّماء، تَقَدَّسَ اسمُكَ، أمرُكَ في السَّماء والأرضِ، كما رحمتُك في السَّماء، فاجعلْ رحمتَك في الأرضِ، اغْفِرْ لنَا حُوبَنَا وخَطَايانا، أنتَ ربُّ الطَّيبين، أنزِلْ رحمةً من رحمتِك، وشفاء مِن شِفَائِكَ على هذا الوَجْعِ، فيبرأُ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2202)، وابن ماجه (3522)، والترمذي (2212)، والنسائي في "الكبرى" (7504) و (7677) و (10771) و (10772) و (10773) من طريق نافع ابن جبير، به. وفي رواية مسلم وابن ماجه والرواية الأخيرة عند النسائي زيادة: "باسم الله قبل الدعاء لكه عند ابن ماجه مرة وعند مسلم والنسائي قال: ثلاثاً، والدعاء سبع مرات. وزادوا أيضاً آخر الحديث: "من شر ما أجد وأحاذر". وهو في "مسند أحمد" (16268)، و "صحيح ابن حبان" (2964). (¬1) إسناده ضعيف من أجل زيادة بن محمد، فقد قال فيه البخاري وأبو حاتم والنسائي: منكر الحديث، وقال ابن حبان: منكر الحديث جداً. الليث: هو ابن سعْد. وأخرجه بنحوه النسائي في "الكبرى" (10810) من طريق سعيد بن الحكم ابن أبي مريم، عن الليث بن سعْد، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً بنحوه (10809) من طريق عبد الله بن وهب، عن الليث، قال: وذكر آخر قبله، عن زيادة بن محمد، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي الدرداء. فأسقط من إسناده فضالة بن عبيد. وهو في "مسند أحمد" (23957) من طريق أبي بكر ابن أبي مريم، عن الأشياخ، عن فضالة بن عبيد قال: علمني النبي - صلَّى الله عليه وسلم - رقيةً، ... فذكر نحو الحديث وزاد فيه: "وقيل ذلك ثلاثاً، ثم تعوَّذ بالمعوِّذتين ثلاث مرات" وأبو بكر ابن أبي مريم ضعيف. =

3893 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن عمرو بنِ شُعيبٍ، عن أبيهِ عن جَدِّه: أنَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يُعلِّمُهُمْ مِن الفَزَعِ كلِمَاتٍ: "أعوذُ بكلِماتِ اللهِ التامةِ، من غضبه وشرِّ عِباده، ومن هَمَزَاتِ الشَّياطين وأن يحضُرُونِ" وكان عبدُ اللهِ بنُ عَمرو يُعلِّمُهُن مَنْ عَقَلَ مِن بنيهِ، ومَنْ لم يَعْقِلْ كَتَبُه فعَلّقَه عليه (¬1). ¬

_ = وفي الباب عن رجل عند النسائي في "الكبرى" (10807) و (10808) لكنه اختُلف في إسناده كما بيَّنه النسائي، وانظر مزيد بيان لذلك أيضاً في "المسند" (23957). قال الخطابي: "الحُوب": الإثم، ومنه قول الله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [النساء: 2] والحوبة أيضاً مفتوحة الحاء مع إدخال الهاء. (¬1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطبي مولاهم- مدلس وقد عنعن. حماد: هو ابن سلمة. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 109: هذا حديث مشهور مسنداً وغير مسند. وأخرجه الترمذي (3839)، والنسائي في "الكبرى" (10533) و (10534) من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. زاد النسائي في روايتيه قبل الدعاء: "باسم الله، أعوذ بكلمات الله ... ". وهو في "مسند أحمد" (6696). وفي الباب عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حبان مرسلاً عند ابن أبي شيبة 8/ 60 و10/ 362، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (755)، وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 109، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 185. وهذا مرسل رجاله ثقات. وهو عند مالك في "الموطا" 2/ 950 عن يحيى بن سعيد الأنصاري أنه قال: بلغني ... الحديث. وعن محمد بن المنكدر مرسلاً أيضاً عند ابن السني (747) وفي إسناده أبو هشام الرفاعي مختلف فيه، لكه يصلح للاعتبار. وانظر ما سيأتي برقم (3898) و (3899) بلفظ: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" فهو صحيح. =

3894 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي سُريجٍ الرازيُّ، أخبرنا مكِّيُّ بن إبراهيم حدَّثنا يزيدُ بنُ أبي عُبيدٍ، قال: رأيتُ أثر ضَرْبَةٍ في ساقِ سَلَمةَ، فقلت: ما هذه، قال: أصابتْني يَوْمَ خيبرَ، فقال الناسُ: أُصيبَ سلمةُ، فأُتي بِي النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فَنَفَثَ فيَّ ثلاث نَفَثَات، فما اشتكَيْتُها حتى السَّاعَة (¬1). 3895 - حدَّثنا زهيرُ بنُ حربٍ وعثمانُ بنُ أبي شيبة، قالا: حدَّثنا سفيانُ ابن عُيينةَ، عن عبدِ ربِّه ابنِ سعيدٍ، عن عَمْرَةَ عن عائشةَ، قالت: كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يقولُ للإنسان إذا اشتكىِ، يقول بِرِيقِه، ثم قال به في التُّراب: "تُربَةُ أرْضِنَا بِرِيقَةِ بَعْضِنا يُشْفى سَقِيمُنا بإذنِ ربِّنا" (¬2). ¬

_ = وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري (3371) وغيره ولفظه: "أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامَّة ومن كل عين لامَّة". وللاستعاذة من الشياطين يشهد له قوله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون: 97 - 98]. قوله: "كلمات الله التَّامة": قال الحافظ أبو موسى المديني في "غريبي القرآن والحديث" 1/ 241: إنما وصف كلامه تبارك وتعالى بالتمام، لأنه لا يجوز أن يكون في شيء من كلامه نقص أو عيب كما يكون في لام الآدميين ... وفي وصفه بالتمام قطعاً للأوهام، وإعلاماً أن حكم كلامه خلاف كلام الآدميين وقيل: معنى التمام ها هنا: أنها تنفع المتعوّذ بها وتشفيه وتحفظه من الآفات وتكفيه. وقوله: "وأن يحضرونِ" قال ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 110: قال أهل المعاني: معناه: وأن تصيبوني بسوء، وكذلك قال أهل التفسير في قوله عز وجل: {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ}. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاريُّ (4206) عن مكي بن إبراهيم، به. وهو في "مسند أحمد" (16514)، و"صحيح ابن حبان" (6510). (¬2) إسناده صحيح. عمرة: هي بنت عبد الرحمن بن سعْد بن زرارة. =

3896 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن زكريا، حدَّثني عامرٌ، عن خارجةَ بنِ الصَّلْتِ التميميِّ عن عمه: أنه أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فأسلم، ثم أقبلَ راجعاً مِنْ عنده، فمرَّ على قومِ عندَهم رَجُلٌ مجنونٌ مُوثَقٌ بالحديدِ، فقال أهلُه: إنَّا حُدِّثْنا أن صاحبَكم هذا قد جاء بخيرٍ، فهلْ عندكم شيءٌ نُداويه؟ فرقَيتُه بفاتحةِ الكتابِ، فبرأ، فأعطَوني مئة شاةٍ، فأتيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فاخبرتُه، فقال: "هلْ إلا هذا؟ " - وقال مُسَدَّدٌ: في موضعٍ آخر: "هل قلت غير هذا؟ " قلت: لا، قال: "خُذها، فَلَعَمْرِي لَمَن أكلَ برقيَةِ باطلِ لقد أكلتَ برُقْيَةِ حَقٍّ" (¬1). 3897 - حدَّثنا عُبيدُ اللهِ بنُ معاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبةُ، عن عبدِ اللهِ بنِ أبي السَّفَر، عن الشعبيِّ، عن خَارِجَةَ بنِ الصَّلْتِ ¬

_ = وأخرجه البخاري (5745) و (5746)، ومسلم (2194)، وابن ماجه (3521)، والنسائي في "الكبرى" (7508) و (10795) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال النسائي: لا نعلم أحداً روى هذا الحديث إلا ابن عيينة. وزادوا جميعاً في هذا الحديث خلا البخاري في الموضع الثاني: "باسم الله، تربة أرضنا ... ، وعند مسلم زيادة قبل الحديث: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى الإنسان والشيء منه، أو كانت به قَرحة أو جرح، قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بإصبعه هكذا، ووضع سفيان سبابته بالأرض ثم رفعها ... فذكر الحديث. وهو في "مسند أحمد" (24617)، و "صحيح ابن حبان" (2973). قوله: يقول بريقه، أي: يُشير بالريق، ففيه استعمال القول بمعنى الفعل. (¬1) إسناده حسن من أجل خارجة بن الصلت، فقد روى عنه ثلاثة وذكره ابن حبان وابن خلفون في "الثقات"، وقال ابن معين: إذا روى الحسن والشعبي عن رجل فسمياه فهو ثقة يحتج به، وقال الذهبي: محله الصدق، فهو كما قال الذهبي. وقد سلف عند المصنف برقم (3420). وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (3901).

عن عمِّه، أنه مرَّ، قال: فرقَاه بِفَاتحةِ الكتَابِ ثلاثة أيامٍ غُدْوةً وعشيةً، كما خَتَمَها جَمَعَ بُزَاقُه ثم تفل، فكأنما أُنْشِطَ مِن عِقَالٍ، فأعطوهُ شيئاً، فأتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، ثم ذكر معنى حديث مُسَدَّدٍ (¬1). 3898 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا سهيلُ بنُ أبي صالح، عن أبيهِ، قال: سمعتُ رجلاً من أسلمَ، قال: كنْتُ جالساً عندَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فجاء رجلٌ مِن أصحابِه، فقال: يا رسولَ اللهِ، لُدِغتُ الليلةَ، فلم أنَمْ حتى أصبحتُ، قال: "ماذا؟ " قال: عقربٌ، قال: "أما إنَّك لو قلت حين أمسَيْتَ: أعُوذُ بِكلِماتِ الله التَّاماتِ من شرِّ ما خَلَقَ، لم يَضُرَّك إنْ شاءَ اللهُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن كسابقه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7492) و (10804) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وقد سلف من هذا الطريق بتمامة عند المصنف برقم (3420). وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم (3901). تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (ب) و (ج). فقد جاء فيهما هذا الحديث من هذا الطريق مكرراً، إذ إنه سلف بأطول مما ها هنا برقم (3420) وقد ورد في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي، إلا أنه قرن برواية عبيد الله بن معاذ رواية محمد بن بشار الآتية برقم (3901). والصواب حذفها كما في (ب) و (ج). ولأن اللفظ المذكور فيها هو لفظ رواية عبيد الله السالفة بتمامها عند المصنف برقم (3420). وقد فرقهما المزي في "التحفة" (11011). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه اختُلف في وصله وإرساله عن سهيل بن أبي صالح، فقد رواه جماعة عنه، عن أبيه، عن رجل من أسلم، ورواه جماعة آخرون عنه، عن أبيه، عن أبي هريرة يحكي قصة الرجل الأسلمي. وما جاء عن تصريح =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = أبي صالح بسماعه من الرجل الأسلمي تفرد به أحمد بن يونس، عن زهير عند المصنف هنا، وخالفه أبو نعيم الفضل بن دكين، عن زهير عند النسائي في "الكبرى" (10355)، فقال: عن رجل من أسلم دون التصريح بالسماع. وذلك رواه معمر بن راشد وسفيان ابن عيينة وسفيان الثوري -في رواية عنه- ووهيب بن خالد وشعبة بن الحجاج وأبو عوانة اليشكري، عن سهيل بن أبي صالح، فقالوا جميعاً: عن رجل من أسلم. دون التصريح بالسماع. ورواه مالك وحماد بن زيد وهشام بن حسان وعُيد الله بن عُمر وسفيان الثوري -في رواية أخرى- وروح بن القاسم وجرير بن حازم وسعيد بن عبد الرحمن الجُمحي وغبرهم، فقالوا: عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة يحكي قصة هذا الرجل الأسلمي. ومما يقوي أن رواية أبي صالح، عن الرجل الأسلمي مرسلة أن الحديث رواه عبد العزيز بن رفيع، عن أبي صالح قال: لدغ رجل من الأنصار، فلما أصبح ... الحديث مرسلاً، وبذلك تكون روايته عن أبي صالح عن أبي هريرة هي الصحيحة كما رواه مالك وأصحابه، وهذا ما قواه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار 1/ 27، وصنيع البخاري في "خلق أفعال العباد" يدل على ذلك، إذ لم يُورده إلا من طريق أبي صالح، عن أبيه، وساق ذلك من طرق عن سهيل. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (19834) عن معمر بن راشد، والنسائي في "الكبرى" (10354) من طريق وهيب بن خالد، و (10355) من طريق زهير بن معاوية، و (10356) من طريق سفيان بن عيينة، وأحمد في "مسنده" (15709)، والنسائي (10357) من طريق شعبة بن الحجاج، وأحمد في "مسنده" (23083) والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 11/ 146 من طريق سفيان الثوري، كلهم عن سهيل ابن أبي صالح، عن أبيه، عن رجل من أسلم. ورواية أبي عوانة اليشكري أخرجها الطحاوي في "شرح مثكل الآثار" (27). وأخرجه مالك في "موطئه" 2/ 951 ومن طريقه النسائي في "الكبرى" (10350)، وابن حبان (1021)، وأخرجه النسائي (10349) من طريق حماد بن زيد، والترمذي =

3899 - حدَّثنا حيوة بنُ شُريحٍ، حدَّثنا بقيةُ، حدَّثني الزُّبيديُّ، عن الزهريَّ، عن طارِق -يعني ابنَ مُخَاشِنِ- عن أبي هريرة، قال: أُتيَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- بلديغٍ لدغَتْهُ عقربٌ، قال: فقال: "لو قال: أعوذُ بِكلماتِ اللهِ التَّامةِ مِنْ شرِّ ما خَلَقَ لم يُلْدَغْ -أو لم يَضُرَّه-" (¬1). ¬

_ = (3923)، والنسائي (10351) من طريق هشام بن حسان، و (10352) من طريق عُبيد الله بن عمر، وابن ماجه (3518)، والنسائي (10353) من طريق سفيان الثوري، كلهم (مالك وحماد وهشام وعُبيد الله والثوري) عن سهيل، عن أبيه عن أبي هريرة - وعند مالك تنصيص على أن أبا هريرة هو الذي حكى قصة الأسلمي. ورواية روح بن القاسم عند الطحاوي (18)، وأما رواية جرير بن حازم فهي عند الطحاوي (21)، وابن حبان (1022)، وأما سعيد بن عبد الرحمن الجمحي فروايته عند البخاري في "خلق أفعال العباد" (448) و (449). وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 417 - 418 عن جرير بن عبد الحميد، والنسائي في "الكبرى" (10358) من طريق إسرائيل بن يونس السَّبيعي، كلاهما عن عبد العزيز بن رُفَيع، عن أبي صالح قال: لُدع رجل من الأنصار ... الحديث هكذا رواه مرسلاً. وقد جاء اسمُ عبد العزيز بن رفيع في مطبوع ابن أبي شيبة: رُفَيعاً، والصواب عبد العزيز ابن رفيع كما عند النسائي. وقد جاء عن أبي هريرة بإسناد آخر عند مسلم (2709) والنسائي في "الكبرى" (10346 - 10348) من طريق القعقاع بن حكيم، ويعقوب بن عبد الله بن الأشج، كلاهما عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة. وهذا أيضاً يؤكد صحة ما قلناه سابقاً بأن الصحيح رواية أبي صالح عن أبي هريرة. والله تعالى أعلم. (¬1) حديث صحح كسابقه، وهذا إسناد ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي- وللاختلاف فيه عن الزهري كما سيأتي بيانه الزُّبَيدي: هو محمد بن الوليد. فأخرجه النسائي في "الكبرى" (10359) من طريق ابن أخي الزهري، و (10360) من طريق بقية بن الوليد، عن الزبيدي، كلاهما عن الزهري، به. غير أن ابن أخي الزهري قال: عن طارق بن مخاشن، وقال الزبيدي: طارق أبي مخاشن. =

3900 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن أبي بِشرٍ، عن أبي المُتوكِّل عن أبي سعيدٍ الخدريِّ: أن رهطاً مِن أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - انطلقُوا في سَفْرَةٍ سافَرُوهَا، فنزلوا بحيٍّ مِنْ أحياءِ العَرَبِ، فقال بعضُهم: إن سيَّدنا لُدِغَ فهلْ عِنْدَ أحدٍ منكم شيءٌ ينفعُ صاحبَنا؟ فقال رجلٌ مِن القوم: نَعَمْ، واللهِ إني لأَرْقِي، ولكن استضفنَاكُم فأبيتُم أن تُضيِّفونا، ما أنا بِرَاقٍ حتى تَجْعَلُوا لي جُعْلاً، فجعلُوا له قطيعاً مِن الشاءِ، فأتاهُ، فقرأ عليهِ أمَّ الكِتَابِ، ويَتْفُلُ، حتى برأ كأنما أُنْشِطَ من عقالٍ، قال: فأوفاهُم جُعْلَهُمْ الذي صالحوهُم عليه، فقالوا: اقتسِمُوا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا، حتى نأتيَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فنستأمِرَه، فَغَدَوْا على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فذكرُوا له، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مِنْ أين عَلِمْتُم أنَّها رُقْيَةٌ؟ أحسنتُم، اقتسِمُوا، واضْرِبُوا لي معكُم بِسهْمٍ" (¬1). 3901 - حدَّثنا ابنُ بشَّار، حدَّثنا محمدُ بنُ جعفر، حدَّثنا شعبةُ، عن عبدِ الله ابن أبي السَّفر، عن الشَّعبي، عن خارجة بنِ الصَّلت التميمي عن عمه، قال: أقبلنا مِن عندِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأتَيْنا على حيٍّ مِن العربِ، فقالوا: إنا أُنبِئْنا أنَّكم قد جِئْتُم مِن عندِ هذا الرجلِ بخيرٍ، فهل عِنْدكُم من دواءٍ أو رُقيةٍ، فإنَّ عندنا مَعتْوهاً في القيودِ؟ قال: فقلنا: ¬

_ = وخالفهما يونس بن يزيد الأيلي، فرواه عن الزهري قال: بلغنا أن أبا هريرة نحوه أخرجه النسائي (10361). وطريق يونس هذه أصح من الطريقين السالفين عن ابن أخي الزهري والزبيدي. لكن صح الحديث عن أبي هريرة من غير طريق الزهري كما في الحديث الذي (¬1) إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (3418).

نعم، قال: فجاؤوا بمعتوهٍ في القُيود، قال: فقرأتُ عليه فاتحة الكتابِ ثلاثة أيَّام غُدْوَةً وعَشِيَّةَ، أجمعُ بُزاقي ثم أتْفُلُ، فكأنما أُنشِطَ من عِقَالٍ فأعطَوْني جُعْلاَ، فقلتُ: لا، حتى أسألَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "كُلْ، فَلَعَمْري مَنْ أكل برُقية باطلٍ لقد أكلتَ برقيةِ حقٍّ" (¬1). 3902 - حدَّثنا القَعنبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن عُروة عن عائشةَ زوجِ النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا اشْتكَى يقرأُ على نفسِه بالمعوِّذاتِ وينفُثُ، فلما اشتَدَّ وجعه كنتُ أقرأُ عليه وأمْسَحُ عليه بيده رجاءَ بركَتِها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وقد سلف برقم (3420) و (3897). ننبيه: هذا الحديث جاء في أصولنا الخطية مقرونة فيه رواية ابن بشار، برواية عبيد الله بن معاذ السالفة برقم (3420) و (3897) والصواب حذف رواية عُبيد الله من هنا كما جاء عند المزي في "الأطراف" (11011)، ويؤيده أن اللفظ المذكور هنا هو لفظ ابن بشار وحده كما في "سنن النسائي الكبرى" (7492). وهذا الحديث اختلف محلُّه في أصولنا الخطية، فقد جاء في (أ) بعد الحديث السالف برقم (3896)، وفي (ج) جاء بعد الحديث التالي وهو حديث (3902)، وجاء في (هـ) بعد الحديث (3895). ومكانه هنا في (ب) وحدها. (¬2) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام، وابن شهاب: هو الزهري، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قَعْنَب. وهو في "موطأ مالك" 2/ 942. وأخرجه البخاري (4439)، ومسلم (2192)، وابن ماجه (3528) و (3529)، والنسائي في "الكبرى" (7049) و (7488) و (7502) و (7506) و (7507) و (10781) من طريق ابن شهاب الزهري، به. واقتصر ابن ماجه في الموضع الأول والنسائي في الموضع الرابع على ذكر النفث في الرقية. وهو في "مسند أحمد" (24728)، و"صحيح ابن حبان" (2963) و (6590). =

20 - باب في السمنة

20 - باب في السُّمْنَةِ 3903 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس، حدَّثنا نوحُ بنُ يزيدَ بن سَيّار، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعْدٍ، عن محمد بنِ إسحاقَ، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه عن عائشة، قالت: أرادت أُمِّي أن تُسمِّنني لِدُخُولي على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فلم أقبلْ عليها بشيءٍ مِمَّا تُريد، حتى أطعمتني القِثَّاء بالرطبِ، فَسَمِنْتُ عليه كأحْسَنِ السِّمَنِ (¬1). 21 - باب في الكاهن 3904 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن حمادِ بنِ سلمةَ، عن حكيمٍ الأثْرم، عن أبي تَميمَةَ عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أتى كاهِناً -قال موسى في حديثه:- فَصَدَّقَهُ بما يَقُولُ، -ثم اتفقا- أو أتى امرأةً -قال مسدَّدٌ: امرأته حائضاً أو أتى امرأةً- قال مُسَدَّدٌ: امرأتَه في دُبُرِهَا- فقد برِئ مِمَّا أنْزَلَ اللهُ على محمدِ" (¬2). ¬

_ وأخرجه مسلم (2192) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوِّذات، فلما مرض مرضه الذي مات فيه ... (¬1) أثر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار- وهو وإن لم يُصرِّح بسماعه متابع. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6691) من طريق إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (3324) من طريق يونس بن بكير، عن هشام بن عروة، به. ويونس بن بكير صدوق حسن الحديث. (¬2) حديث صحيح دون قوله: "حائضاً" وهذا إسناد رجاله ثقات لكن قال البخاري في "تاريخه" في ترجمة حكيم الأثرم: لا يتابع في حديثه -يعي هذا الحديث- ولا نعرف =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = لأبي تميمة [قلنا: هو طريف بن مجالد الهُجيمي] سماعاً من أبي هريرة. ولم يُشر المزي في "تهذيب الكمال" ولا في "تحفة الأشراف" إلى وجود إرسال في رواية أبي تميمة عن أبي هريرة على عادته، وقد توبع. وله ما يشهد له دون ذكر الحائض. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه ابن ماجه (639)، والترمذي (135)، والنسائي في "الكبرى" (8967) و (8968) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه بذكر الكاهن وحسب الحارث بن أبي أسامة في مسنده"، ومن طريقه الحاكم 1/ 8 من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن خلاس ومحمد بن سيرين، عن أبي هريرة. وإسناده صحيح، وقال الحافظ العراقي في "أماليه": حديث صحيح، ورواه عن الحاكم البيهقي في "سننه" [8/ 135]، فقال الذهبي في "مختصره": إسناده قوي. نقله عنهما المناوي في "فيض القدير" 6/ 23. وقد سلف ذكر الإتيان في الدبر برقم (2162) من طريق الحارث بن مخلد، عن أبي هريرة عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ملعون من أتى امرأة في دبرها". ويشهد للنهي عن الإتيان في الدبر حديث ابن عباس عند الترمذي (1200)، والنسائي في "الكبرى" (8952)، وصححه ابن حبان (4202) بلفظ: "لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلاً أو امرأة في الدبر". وحديث خزيمة بن ثابت عند أحمد (21858)، والنسائي في "الكبرى" (8933) بلفظ: إن الله لا يستحي من الحق، لا تأتوا النساء في أدبارهن". وهو صحيح لغيره، ورجاله ثقات. وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد (6706)، والنسائي في "الكبرى" (8947) بلفظ: "هي اللوطية الصغرى"، يعني الرجل يأتي امرأته في دبرها. وإسناده حسن. ويشهد للنهي عن إتيان الكاهن حديث جابر بن عبد الله عند البزار (3045 - كشف الأستار) بلفظ: "فقد كفر بما أنزل على محمد" وإسناده صحيح. وحديث عمران بن الحصين عنده كذلك (3044)، وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح. =

22 - باب النظر في النجوم

22 - باب النظر في النجوم 3905 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شَيبةَ ومُسَدَّدٌ -المعنى- قالا: حدَّثنا يحيى، عن عُبيدِ الله بنِ الأخنَسِ، عن الوليدِ بنِ عبدِ اللهِ، عن يوسفَ بنِ ماهَكَ ¬

_ = وحديث عبد الله بن مسعود موقوفاً عليه عند الطيالسي (382)، والبزار (1873)، و (1931)، وأبو يعلى (5408) وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (2017 - 2039)، والطبراني في "الكبير" (10005)، وفي "الأوسط" (1453) بلفظ: من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد -صلَّى الله عليه وسلم- ومثل هذا في حكم المرفوع، لأنه لا يقال من قِبَل الرأي كما قال الحافظ في "الفتح" 10/ 217. وإسناده صحيح. وجاء عند بعضهم زيادة الساحر أيضاً. وأخرج مسلم (2230) من حديث صفية بنت أبي عبيد، عن بعض أزواج النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من أتى عرافاً فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". وهو في "مسند أحمد" (16638)، وهذا الحديث فيه ذكر السؤال وحسب الذي قد يقترن بالتصديق، وقد لا يقترن به. وحديثنا فيه ذكر التصديق، ومن هنا اختلف حُكم كلٍّ منهما. قال الحافظ في "الفتح" 10/ 217: والوعيد جاء تارة بعدم قبول الصلاة، وتارة بالتكفير، فيحمل على حالين من الآتي، أشار إليه القرطبي. وقال الخطابي في "الغنية عن الكلام وأهله" ص 24: والعلة الموجبة للحكم بالكفر ليست إلا اعتقاد أنه مشارك الله تعالى في علم الغيب، مع أنه يقع في الغالب غير مصحوب بهذا الاعتقاد، ولكن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه. قال الخطابي: الكاهن: هو الذي يدعي مطالعة علم الغيب، ويخبر الناس عن الكوائن، وكان في العرب كهنة يدعون أنهم يعرفون كثيراً من الأمور، فمنهم من كان يزعم أن له رَئياً من الجن وتابعة تلقي إليهم الأخبار، ومنهم من كان يدعي أنه يستدرك الأمور بفهم أعطيه، وكان منهم من يُسمى عرافاً وهو الذي يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها كالشيء يسرق، فيعرف المظنون به السرقة، وتتهم المرأة بالزنى، فيعرف من صاحبها ونحو ذلك من الأمور، ومنهم من كان يُسمي المنجم كاهناً، فالحديث يشتمل على النهي عن إتيان هؤلاء كلهم والرجوع إلى قولهم، وتصديقهم على ما يدعونه من هذه الأمور.

عن ابنِ عباسِ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من اقتبَسَ علْماً مِنَ النُّجُومِ اقْتبَسَ شُعبَة مِن السِّحرِ، زادَ ما زادَ" (¬1). 3906 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن صالح بنِ كَيسانَ، عن عُبَيْدِ الله بنِ عبدِ الله عن زيد بن خالد الجُهَنِي، أنه قال: صلَّى لنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلاةَ الصُّبْحِ بالحُديبيَةِ في إثْر سَمَاءٍ كانت مِن الليلِ، فلما انصرفَ أقبلَ على الناسِ، فقالَ: "هَلْ تَدْرونَ ماذا قال ربُّكم؟ " قالوا: الله ورسولُه أعلمُ، قال: قال: "أصبحَ مِنْ عبادِي مُؤْمنٌ بي وكافِرٌ: فأما من قال: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ ورَحْمَتِه، فذلك مؤمِنٌ بي كافِرٌ بالكوكَبِ، وأما مَنْ قال: مُطِرْنَا بِنَوء كذا وكذا، فذلك كافر بي مؤمن بالكوكبِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه ابن ماجه (3726) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2000). قلنا: المنهي عنه من علم النجوم هو علم التأثير، الذي يقول أصحابه: إن جميع أجزاء العالم السُّفلي صادر عن تأثير الكواكب والرُّوحانيات، فهذا محرّم لا شك فيه، لأنه ضرب من الأوهام، وما سوى ذلك من علم الفلك فتعلُّمُه مباح لا حرج فيه، بل هو فرض كفاية لا بد أن يقوم به نفر من المسلمين ليرفع الإثم عن عامتهم، قال الله تعالى: {وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل:16]، وقال: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام:97]. (¬2) إسناده صحيح. عُبيد الله بن عَبد الله: هو ابن عتبة بن مسعود، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعب. وهو في "موطأ مالك" 1/ 192، ومن طريقه أخرجه البخاري (846)، ومسلم (71)، والنسائي في "الكبرى" (1846) و (10695)، وأخرجه البخاري (4147) من =

23 - باب في الخط وزجر الطير

23 - باب في الخَط وزجْر الطَّير 3907 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا عوف، حدَّثنا حيَّان -قال غيرُ مُسَدَّدٍ: حَيان بنُ العلاء- حدَّثنا قَطَنُ بنُ قَبيصَةَ عن أبيه، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ: "العيِافَةُ والطِّيرَةُ والطَّرقُ مِن الجِبتِ" الطرق: الزَّجْرُ، والعيافة: الخطُّ (¬1). ¬

_ = طريق سليمان بن بلال، والبخاري مختصراً (7503)، والنسائي (1847) و (15694) من طريق سفيان بن عيينة، ثلاثتهم عن صالح بن كيسان، به. وهو في "مسند أحمد" (17061)، و"صحيح ابن حبان" (188) و (6132). وخالف صالحَ بن كيسان ابنُ شهاب الزهري عند مسلم (72)، والنسائي في "الكبرى" (1848) و (10693) فرواه عن عُبيد الله بن عَبد الله، عن أبي هريرة. فجعله من مسند أبي هريرة، ومثل هذا الاختلاف لا يضر، لأنه حيثما دار كان على صحابي، وكلهم عدول. وله أصل من حديث أبي هريرة، فقد أخرجه مسلم (72) من طريق أبي يونس مولى أبي هريرة، عنه. قال الخطابي: قوله: في إثر سماء، أي: في إثر مطر، والعرب تسمي المطر سماء، لأنه نزل منها. قال الشاعر: إذا سقط السماءُ بأرضِ قوم ... رعيناه، وإن كانوا غضابا والنَّوء: واحد الأنواء، وهي الكواكب الثمانية والعشرون التي هي منازل القمر، كانوا يزعمون أن القمر إذا في نزل بعض تلك الكواكب مُطرِوا. فأبطل -صلَّى الله عليه وسلم- قولهم، وجعل سقوط المطر من فعل الله سبحانه دونَ فعل غيره. (¬1) إسناده ضعيف. حيان قيل: هو حيان بن العلاء، وقيل: حيان أبو العلاء، وقيل: حيان بن عُمير، وقيل: حيان بن مخارق أبو العلاء، لم يذكروا في الرواة عنه غير عوف -وهو ابن أبي جميلة الأعرابي- ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان. وقد نفى أحمد وابن معين أن يكون حيان بن عمير أبي العلاء البصري الثقة. يحيى: هو ابن سعيد القطان. =

3908 - حدَّثنا ابنُ بشار، حدَّثنا محمدُ بن جعفرٍ: قال عوف: العيافةُ: زَجْرُ الطيرِ، والطرقُ: الخَطُّ يُخَطُّ في الأرضِ، والجبت: من الشيطان (¬1). 3909 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن الحجاجِ الصَّوَّافِ، حدَّثني يحيى ابنُ أبي كثير، عن هلالِ بنِ أبي ميمونةَ، عن عطاء بنِ يَسَارٍ عن مُعاويَةَ بنِ الحكمِ السُّلَميِّ، قال: قلتُ: يا رسول الله، ومنّا رجال يَخُطُّونَ، قال: "كان نبيٌّ من الأنبياء يَخُطُّ، فمن وافق خَطَّه فذَاكَ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11043) من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15915)، و"صحيح ابن حبان" (6131). العيافة بكسر العين: زجر الطير للتفاؤل، والطرق بفتح الطاء وسكون الراء: هو الضرب بالحصى التي تفعله النساء، قال لبيد: لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى ... ولا زاجرات الطير ما الله صانع وأصل الطرق: الضرب، ومنه سميت مطرقة الصائغ والحداد، لأنه يطرق بها، أي: يضرب بها. والجبت بكسر الجيم وسكون الباء: هو المذكور في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} [النساء:51] أي: من التكهن والسحر. قاله السندي. وقال في "لسان العرب": الجبت كل ما عبد من دون الله، وقيل: هي كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر ونحو ذلك. (¬1) رجاله ثقات. عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي، وابن بشار: هو محمد. (¬2) إسناده صحيح. الحجاج الصوّاف: هو ابن أبي عثمان، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. =

24 - باب في الطيرة

24 - باب في الطِّيَرةِ 3915 - حدَّثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن سلمةَ بنِ كُهَيل، عن عيسى بن عاصم، عن زِرِّ بن حُبيش عن عبد الله بن مسعود، عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الطِّيَرَةُ شِرْك، الطِّيرة شركٌ، الطيرة شِرْكٌ -ثلاثاً- وما منا إلا، ولكن اللهُ يُذْهبه بالتوكل" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ضمن حديث مطول مسلم (537)، وبإثر (2227)، والنسائي (1218) من طريق يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23762)، و "صحيح ابن حبان" (2247). وقد سلف ضمن حديث مطول عند المصنف برقم (930). قال الخطابي: صورة الخط ما قاله ابن الأعرابي، ذكره أبو عمر، عن أبي العباس أحمد بن يحيى، عنه، قال: يقعد المُحازي [المُحازي والحزاء: الذي يحزر الأشياء ويقدرها بظنه]، ويأمر غلاماً له بين يديه، فيخط خطوطاً على رملٍ، أو تراب، ويكون ذلك منه في خفة وعجلة كي لا يدركها العَدُّ والإحصاء، ثم يأمره فيمحوها خطين خطين، وهو يقول: ابني عِيان أسرِعا البيان، فإن كان آخر ما يبقى منها خطين فهو آية النجاح، وإن بقي خط واحد فهو الخيبة والحرمان. وأما قوله: "فمن وافق خطه فذاك" فقد يحتمل أن يكون معناه الزجر عنه، إذ كان مَن بعده لا يوافق خطه ولا ينال حظه من الصواب، لأن ذلك إنما كان آية لذلك النبيِّ، فليس لمن بعده أن يتعاطاه طمعاً في نيله، والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري. وأخرجه ابن ماجه (3538)، والترمذي (1706) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3687)، و"صحيح ابن حبان" (6122). قال الخطابي: قوله: وما منا إلا، معناه: إلا من يعتريه التطير ويسبق إلى قلبه الكراهة فيه، فحذف اختصاراً للكلام واعتماداً على فهم السامع. =

3911 - حدَّثنا محمدُ بنُ المُتوكِّل العسقلانيُّ والحسنُ بنُ علي، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، أخبرنا معمَر، عن الزهريِّ، عن أبي سَلَمَةَ عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا عَدْوى، ولا صَفَرَ، ولا هَامةَ" فقال أعرابيٌّ: ما بالُ الإبل تكون في الرّمْل كأنَّها الظِّباء فَيُخَالِطُها البَعِيرُ الأجْرَبُ فيُجْرِبُها؟ قال: "فمن أعْدى الأوَّلَ؟ " (¬1). ¬

_ = قلنا: ونقل الترمذي بإثر الحديث عن البخاري قوله: كان سليمان بن حرب يقول في هذا الحديث: وما منا إلا، ولكن اللهُ يُذهبه بالتوكل. قال سليمان: هذا عندي قول عبد الله بن مسعود. (¬1) إسناده صحيح. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، ومعمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام، والحسن بن علي: هو الخلاّل الحُلْواني. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (19507). وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (5717) و (5770) و (5771) و (5773)، ومسلم (2220) و (2221) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. والرجل الذي حدث الزهري بالشطر الثاني من القصة هو أبو سلمة نفسه كما جاء موضحاً عند البخاري (5771)، وكما في بعض روايات مسلم. وهو في "مسند أحمد" (7620)، و"صحيح ابن حبان" (6115) و (6116). وأخرج الشطر الأول منه البخاري (5707) تعليقاً، و (5757) و (5775)، ومسلم (2220) وبإثر (2221) من طرق عن أبي هريرة. زاد البخاري في الموضع الأول: "وفرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد، واقتصر في الموضع الثالث على ذكر العدوى وسؤال الأعرابي. وأخرج البخاري (5754)، ومسلم (2223) من طريق عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، ومسلم بإثر (2224) من طريق محمد بن سيرين، كلاهما عن أبي هريرة -قال عُبيد الله: "لا طيرة، وخيرها الفأل"، وقال ابن سيرين: إلا عدوى ولا طيرة وأحب الفأل الصالح" زاد عبيد الله: قالوا: وما الفأل؟ قال: "الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم". وهو في "مسند أحمد" (7618)، و"صحيح ابن حبان" (5826). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرج الترمذي (1022) من طريق أبي الربيع، عن أبي هريرة رفعه: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لن يدعهن الناس: .. وذكر منها: "العدوى". قال: "أجربَ بعيرٌ، فأجرب مئةَ بعيرٍ، من أجرب البعير الأول؟ ". وهو في "مسند أحمد" (7908)، و"صحيح ابن حبان" (3142) وإسناده عند ابن حبان صحيح، وعند الباقين حسن. وأخرج الشطر الثاني منه، وهو قوله: "لا يُورِدَنَّ مُمرِضٌ على مُصِحٍّ" ابن ماجه (3541) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (9263). وانظر ما بعده. قال القاضي أبو بكر الباقلاني ونقله عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 10/ 160: إثبات العدوى في الجذام ونحوه مخصوص من عموم نفي العدوى، فيكون معنى قوله: "لا عدوى" أي: إلا من الجذام والبرص والجرب مثلاً، فكأنه قال: لا يعدي شيء شيئاً إلا ما تقدم تبييني له أن فيه العدوى. ونقل علي القاري في "شرح المشكاة" 4/ 519 عن التوربشتي قوله: العدوى هنا مجاوزة العلة من صاحبها إلى غيره، يقال: أعدى فلان فلاناً من خلقه أو من علة به وذلك على ما يذهب إليه المتطببة في علل سبعٍ: الجذام والجرب والجدري والحصبة والبخر والرمد والأمراض الوبائية. وقد اختلف العلماء في التأويل، فمنهم من يقول: المراد منه نفي ذلك وإبطاله على ما يدل عليه ظاهر الحديث والقرائن المنسوقة على العدوى وهم الأكثرون. ومنهم من يرى أنه لم يرد إبطالها، فقد قال -صلَّى الله عليه وسلم-: "وفر من المجذوم فرارك من الأسد" وقال: "لا يُوردن ذو عاهة على مصح" وإنما أراد بذلك نفي ما كان يعتقده أصحاب الطبيعة، فإنهم كانوا يرون "العلل" المعدية مؤثرة لا محالة، فأعلمهم بقوله هذا: أن ليس الأمر على ما يتوهمون، بل هو متعلق بالمشيئة إن شاء كان وإن لم يشأ لم يكن، ويشير إلى هذا المعنى قوله: "فمن أعدى الأول" أي: إن كنتم ترون أن السبب في ذلك العدوى لا غير، فمن أعدى الأول، وبين بقوله: "وفر من المجذوم" وبقوله: "لا يوردن ذو عاهة على مصح" أن مداناة ذلك بسبب العلة فليتقه اتقاءه من الجدار =

قال معمرٌ: قال الزهريُّ: فحذَثني رجلٌ، عن أبي هريرة أنه سَمِع رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ: " لا يُورِدَنَّ مُمرِضٌ على مُصِحٍّ" قال: فراجَعَه الرجلُ، فقال: أليس قد حدَّثتنا أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا عَدْوى ولا صَفَر ولا هامة؟ " قال: لم أُحدِّثْكموه، قال الزهري: قال أبو سلمة: قد حَدَّثَ به، وما سمعتُ أبا هريرة نَسِيَ حديثاً قطُّ غيرَه. 3912 - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمد-، عن العلاء، عن أبيه عن أبي هريرِة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا عَدْوى، ولا هَامةَ، ولا نَوْءَ ولا صَفرَ" (¬1). ¬

_ = المائل والسفينة المعيوبة ... واختار هذا التأويل وقال: هو أولى لما فيه من التوفيق بين الأحاديث الواردة فيه، ثم لأن القول الأول يفضي إلى تعطيل الأصول الطبية، ولم يرد الشرع بتعطيلها، بل ورد بإثباتها والعبرة بها على الوجه الذي ذكرناه. وقال البيهقي في "معرفة السنن والآثار"10/ 189 - 190: ثابت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا عدوى" وإنما أراد به على الوجه الذي كانوا يعتقدون في الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله عز وجل، وقد يجعل الله تعالى بمشيئته مخالطة الصحيح من به شيء من هذه العيوب سبباً لحدوث ذلك به، ولهذا قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يورد ممرض على مصح" وقال في الطاعون: "من سمع به في أرض فلا يقدمن عليه" وغير ذلك مما في معناه، وذلك ذلك بتقدير الله عز وجل. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمد -وهو الدَّراوَرْدي- وقد توبع. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مَسْلَمة بن قَعْنَب والعلاء: هو ابن عبد الرحمن الحُرقي. وأخرجه مسلم (2220) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (6133). وانظر ما قبله. =

3913 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الرَّحيم بنِ البَرْقيِّ، أن سعيدَ بن الحكم حدَّثهم، أخبرنا يحيى بنُ أيوبَ، حدَّثني ابنُ عجلانَ، حدَّثني القعقاعُ بنُ حَكيمٍ وعُبَيدُ الله بنُ مِقْسَم وزيدُ بنُ أسلمَ، عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا غُوْلَ" (¬1). 3914 - قُرئ على الحارِثِ بنِ مِسكينٍ -وأنا شاهدٌ- أخبركم أشهبُ، قال: ¬

_ = قال الخطابي: وأما الهامة، فإن العرب كانت تقول: إن عظام الموتى تصير هامة فتطير، فأبطل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ذلك من قولهم، وتطير العامة اليوم من صوت الهامة ميراث ذلك الرأي. وهو من باب الطيرة المنهي عنها. وقوله: ولا نوء، أي: لا تقولوا: مطرنا بنوء كذا ولا تعتقدوه. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناده حسن من أجل يحيى بن أيوب -وهو الغافقي المصري- ابن عجلان: هو محمد، وسعيد بن الحكم: هو ابنُ أبي مريم. وأخرجه الطبري في مسند علي من "تهذيب الآثار" ص 8 والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 308 من طريق ابن أبي مريم، بهذ الإسناد. وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند أحمد (14117)، ومسلم (2222)، ابن حبان (6128). قال الخطابي: قوله: "لا غول" ليس معناه نفي الغول عيناً، وإبطالها كوناً، وإنما فيه إبطال ما يتحدثون به عنها من تغوُّلها، واختلات تلوّنها في الصور المختلفة وإضلالها الناس عن الطريق، وسائر ما يحكون عنها مما لا يعلم له حقيقة، يقول: لا تصدقوا بذلك ولا تخافوها، فإنها لا تقدر على شيء من ذلك إلا بإذن الله عز وجل، ويقال: إن الغيلان سحرة الجن تسحر الناس وتفتنهم بالإضلال عن الطريق، والله أعلم. وقال الدميري في "حياة الحيوان" 2/ 134: والذي ذهب إليه المحققون أن الغول شيء يخوف به ولا وجود له كما قال الشاعر: الغول والخل والعنقاء ثالثة ... أسماه أشاء لم توجد ولم تكن

سُئِلَ مالكٌ عن قوله: "لا صَفَر"؟ قال: إن أهل الجاهليَّة كانوا يُحِلُّونَ صَفَرَ، يُحِلُّونه عاماً ويُحرِّمُونَه عاماً، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا صَفَرَ" (¬1). 3915 - حدَّثنا محمدُ بنُ المُصفَّى، حدَّثنا بقيَّةُ، قال: قلت لمحمدٍ -يعني ابنَ راشِدِ- قوله: "هَامَ"؟ قال: كانتِ الجاهليَّةُ تقولُ: ليس أحدٌ يموتُ فيدفن إلا خرج من قبره هامة، قلت: فقوله: "صَفَرَ"، قال: سمعتُ أن أهلَ الجاهلية يَسْتَشْئِمُونَ بِصَفَر، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا صفر". قال محمد: وقد سمِعْنا مَنْ يقول: هو وجع يأخُذُ في البَطْنِ، فكانُوا يقولُونَ: هو يُعْدِي، فقال: "لا صَفَرَ". 3916 - حدَّثنا مسلِمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا هِشَامٌ، عن قتادة عن أنسِ، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا عَدْوى ولا طِيرَةَ، ويُعجِبُني الفألُ الصَّالِحُ، والفألُ الصَّالِحُ: الكَلِمَةُ الحَسَنَةُ" (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات. أشهب: هو ابن عبد العزيز القيسي، من أشهر تلامذة الإمام مالك. وقال المنذري: وقد قيل: كانوا يزيدون في كل أربع سنين شهراً يسمونه صفر الثاني، فتكون السنة الرابعة ثلاثة عشر شهراً لتستقيم لهم الأزمان على موافقة أسمائها مع المشهور وأسمائها، ولذلك قال -صلَّى الله عليه وسلم-: "السنة اثنا عشر شهراً" (¬2) إسناده صحيح قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّسْتوائي. وأخرجه البخاري (5756) و (5776)، ومسلم (2224)، وابن ماجه (3537) والترمذي (1707) من طرق عن قتادة، به. وهو في "مسند أحمد" (12179) و (13920). قال الأصمعي: سألت ابن عونٍ عن الفألِ؟ قال: هو أن تكون مريضاً فتسمع: يا سالم أو تكون طالباً فتسمع: يا واجد.

3917 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا وُهَيْبٌ، عن سُهَيْل، عن رجُل عن أبي هريرة أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سَمِعَ كلمةً فأعجبتْه فقال: "أخذْنا فَأْلَكَ مِن فِيك" (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة، وقد ورد في بعض الروايات تعيين هذا الرجل المبهم بأنه أبو صالح السمان والد سهيل، ولكن ذلك لا يصح، والله تعالى أعلم، وسيأتي بيانه. سهيل: هو ابن أبي صالح السمان، ووُهَيب: هو ابن خالد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (9040) عن عفان بن مسلم، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (291) عن أبي يعلى الموصلي، عن العباس بن الوليد النَّرسي، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلم - " ص 251 من طريق عبد الأعلى بن حماد، ثلاثتهم (عفان والعباس وعبد الأعلى) عن وهيب بن خالد، به. وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلم -" ص 251 عن ابن رُسْتَهْ، عن العباس بن الوليد، وص 251 من طريق مؤمّل ابن إسماعيل، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1169) من طريق سهل بن بكار، ثلاثتهم (العباس ومزمل وسهل) عن وُهَيب، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة. ومؤمَّل ضعيف سيئ الحفظ، وابن رُسْتَه قد خالف في هذه الرواية أبا يعلى الموصلي، ولا شك أن أبا يعلى أجلُّ وأوثقُ من ابن رُسته، وأما طريق سهل ففي الإسناد إليه محمد بن راشد - وهو محمد بن محمد بن حيان بن راشد الأنصاري التمار، يُنسب لجده أحياناً- وهذا روى عنه جمع، وقال فيه الدارقطني: لا بأس به، وقال فيه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 59 إثر حديث رواه: طريق محمد بن محمد بن حيان بن راشد عن أبي الوليد الطيالسي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة عن عائشة: هذا إسناد تداوله الأئمة والثقات وهو باطل من حديث مالك" ... قال: ولقد جهدت جهدي أن أقف على الواهم فيه من هو فلم أقف عليه. اللهم إلا أن أكبر الظن على ابن حيان البصري، على أنه صدوق مقبول. قلنا: وأغلب الظن أن الوهم في هذا الخبر منه، والله أعلم، لأن من دونه ومن فوقه أوثق منه. فما قاله الشيخ ناصر الألباني - رحمه الله - في "صحيحته" (726) بعد تخريجه الحديث: هذا إسناد صحيح لولا الرجل المبهم الذي لم يسم، لكنه جاء مسمى بذكر =

3918 - حدَّثنا يحيى بنُ خَلَفٍ، حدَّثنا أبو عاصمٍ، حدَّثنا ابنُ جُرَيْجٍ، عن عطاء، قال: يقول ناسٌ: الصفر وجَعٌ يأخذ في البطن، قلت: ما الهامة؟ قال: يقولُ ناسٌ: الهامةُ التي تَصْرُخُ هامةُ الناسِ، وليست بهامَة الإنسانِ، إنما هي دابّةٌ (¬1). 3919 - حدَّثنا أحمد بن حنبل وأبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ -المعنى-، قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن حبيب بن أبي ثابتٍ، عن عروة بنِ عامر -قال أحمد: القرشي- قال: ¬

_ = أبي صالح السمان واسمه ذكوان، فصح الحديث بحمد الله - غير مُسلَّم له، لأن مقتضى المنهج العلمي هو تعليل الرواية التي قيل فيها: عن أبيه، بدل: عن رجل، كما بيناه، والله تعالى أعلم. لكن يشهد له حديث كثير بن عبد الله المزني، عن أبيه، عن جده عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1117)، والطبراني في "الكبير" 17/ (23)، وفي "الأوسط" (3929) و (9132)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (290)، وأبو الشيخ ص 255، وابن عدي في "الكامل" في ترجمة كثير بن عبد الله المزني. وهذا يصلح للشواهد، فكثير بن عبد الله حسَّن الرأيَ فيه البخاريُّ والترمذي، وضعفه الجمهور، فمثله يصلح للاعتبار كما بيناه في مقدمتنا على "سنن الترمذي". ويشهد له أيضاً حديث ابن عمر عند البزار في "مسنده" كما في "المداوي لعلل المناوي " 1/ 237 وعنه أبو الشيخ في "أخلاق النبي - صلَّى الله عليه وسلم -" ص 250 وإسناده ضعيف. وحديث سمرة عند الخلعي في "فوائده" كما في "المداوي لعلل المناوي" 1/ 237 وإسناده ضعيف أيضاً. وبمجموع هذه الأحاديث مع أحاديث التفاؤل الصحيحة الأخرى يحسن الحديث، والله تعالى أعلم. (¬1) رجاله ثقات. عطاء: هو ابن أبي رباح، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد.

ذُكرت الطِّيَرَةُ عند النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "أحسنها الفأل، ولا تَرُدُّ مُسْلِماً، فإذا رأى أحَدُكُم ما يَكْرَه فَلْيَقُلْ: اللهُمَّ لا يأتي بالحَسَنَات إلا أنْتَ، ولا يدَفْعَ السَّيئَاتِ إلا أنت، ولا حَوُلَ ولا قُوةَ إلا بِكَ" (¬1). 3920 - حدَّثنا مسلم بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا هِشامٌ، عن قتادةَ، عن عبدِ الله بنِ بُريدةَ عن أبيه: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان لا يتطيَّرُ مِن شيءٍ، وكان إذا بَعَثَ عاملاً سأل عن اسمِه: فإذا أعجَبَه اسمُه فَرِحَ به ورُئيَ بِشْرُ ذلك في ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن عروة بن عامر مختلف في صحبته، وقد مال إلى القول بصحبته الحافظ في "تهذيب التهذيب"، لكنه قال: الظاهر أن رواية حبيب عنه منقطعة: قلنا: وقد صحح إسنادَه النووي في "رياض الصالحين"، فلم يُصِبْ، وذهب الأكثرون منهم أبو حاتم وأبو أحمد العسكري والبيهقي في "الدعاء"، وأبو موسى المديني والمزي في "تهذيب الكمال"، وتقي الدين الفاسي في "العقد الثمين" 6/ 75 وغيرهم إلى القول بعدم صحة صحبته، وأنه مرسل، وإليه يشير صنيع ابن حبان في "الثقات" حيث ذكره في طبقة التابعين، وكذلك صنيع الذهبي حيث قال في "الكاشف": وثق. لكن للحديث شاهد يُحسن به إن شاء الله تعالى. وانظر "الإصابة" 4/ 490. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 39، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 262، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 139 من طريق سفيان الثوري، وابن أبي شيبة 10/ 335، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1171)، والخطيب في "تالي تلخيص المتشابه 1/ 165 من طريق الأعمش، كلاهما (سفيان الثوري والأعمش) عن حبيب بن أبي ثابت، به. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (19512) عن معمر، عن الأعمش أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "أصدق الفأل ... " هكذا رواه مرسلاً بإسقاط رجلين. ويشهد له حديث عبد الرحمن بن سابط الجُمحي مرسلاً أيضاً عند أبي داود في "المراسيل" (539) وإسناده وإن كان فيه ضعْف يَشُدُّ من حديثنا فيرتقي إلى درجة الحسن إن شاء الله.

وجهه، وإن كَرِهَ اسمَه رُئي كراهِيةُ ذلك في وجهِه، وإذا دَخَل قريةً سأل عن اسمها: فإن أعجبه اسمُها فَرِحَ بها ورُئي بِشْرُ ذلك في وجهه، وإن كرِهَ اسمَها رُئيَ كراهِيةُ ذلك في وجهه (¬1). 3921 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثني يحيى، أن الحضرميَّ ابنَ لاحِقٍ حَدَّثه، عن سعيد بنِ المُسيَّب عن سعدِ بنِ مالك، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقولُ: "لا هَامَةَ، ولا عَدْوى، ولا طِيرَةَ، وإن تكن الطِّيَرَةُ في شيءٍ ففي الفَرَسِ والمرأةِ والدارِ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجال ثقات، لكن قال البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 12: لا يعرف سماعُ قتادة من عبد الله بن بُريدة، ونقله عنه الترمذي أيضاً بإثر الحديث (1003) فقال: وقد قال بعض أهل العلم: لا نعرف لقتادة سماعاً من عبد الله بن بريدة. وقد حسن الحافظ ابن حجر إسناده في "الفتح" 10/ 215. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستُوائي. وقد صحح الحافظان المنذري والعراقي والإمام النووي إسناد حديث قتادة، عن عبد الله بن بريدة لحديث: "لا تقولوا للمنافق سيدنا". وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8771) من طريق هشام الدستوائي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22946). وله ما يشهد له ذكرناه في "مسند أحمد" فراجعه. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد جيد من أجل الحضرمي بن لاحق، فهو صدوق لا بأس به. وأخرجه أحمد بن حنبل (1502) و (1554)، والدورقي في "مسند سعد بن أبي وقاص" (95)، وابن أبي عاصم في "السنة" (266) و (267) والبزار في "مسنده" (1582)، وأبو يعلى (766) و (898)، والطبري في مسند علي من "تهذيب الآثار" ص10و10 - 11 و 11 و21 و21 - 22، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1745) و (1746) و (2886)، وفي"شرح معاني الآثار" 4/ 314، والشاشي في "مسنده" (153) =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وابن حبان (6127)، والبيهقي 8/ 140، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 1/ 228 وابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 194 من طريق يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. والحديث عند بعضهم مختصر. وفي باب قوله: "لا هامة، ولا عدوى، ولا طيرة عدة أحاديث منها حديث أبي هريرة السالف عند المصنف برقم (3911)، وحديث أنس سلف أيضاً برقم (3916). وحديث ابن عمر عند البخاري (5753) و (5772) ومسلم (2225). وفي باب قوله: "وإن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار" حديث ابن عمر عند البخاري (5094)، ومسلم (2225). وحديث سهل بن سعْد عند البخاري (2859) و (5095)، ومسلم (2226). وحديث جابر بن عبد الله عند مسلم (2227) إلا أنه ذكر الخادم بدل المرأة. ورواية هؤلاء الثلاثة بلفظ: "إن كان الشؤم في شيء ... " كصيغة لفظ المصف. وجاء في روايات أخرى لحديث ابن عمر بصيغة الجزم: "الشؤم في ثلاثة ... " كما في الحديث التالي والصحيح رواية الأكثرين. ويكون المعنى حينذٍ ما قاله الإمام الطبري في مسند علي من "تهذيب الآثار" ص 34: أنه لم يُثبت بذلك صحة الطيرة، بل إنما أخبر -صلَّى الله عليه وسلم- أن ذلك إن كان في شيء، ففي هذه الثلاث، وذلك إلى النفي أقرب منه إلى الإيجاب، لأن قول القائل: إن كان في هذه الدار أحد فزيد، غير إثبات منه أن فيها زيداً، بل ذلك من النفي أن يكون فيها زيد، أقرب منه إلى الإثبات أن فيها زيداً. وقال الطحاوي في شرح مشكل الآثار": فكان ما في هذا على أن الشؤم إن كان، كان في هذه الثلاثة الأشياء، لا يتحقق كونه فيها، وقد وافق ما في هذا الحديث ما روي عن جابر وسهل بن سعد عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في هذا المعنى. قال: وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها إنكارها لذلك، وإخبارها أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إنما قال ذلك إخباراً منه عن أهل الجاهلية أنهم كانوا يقولونه، غير أنها ذكرته عنه عليه السلام بالطيرة لا بالشؤم، والمعنى فيهما واحد. قلنا: حديث عائشة هذا أخرجه أحمد (26034) وإسناده صحيح. وانظر كلام الإِمام العيني عند الحديث التالي.

3922/ 1 - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا مَالِكٌ، عن ابنِ شهابٍ، عن حمزةَ وسالم ابني عَبدِ الله بنِ عُمَرَ عن عبدِ الله بنِ عُمَرَ، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ قال: "الشُوْمُ في الدَّارِ والمَرْأةِ والفَرَسِ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وقد روي بلفظ: "إن كان الشؤم في شيء ... " بصيغة الشرط، رواه كذلك محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر، عن جده، وكما رواه عتبة بن مسلم، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، وهي أصح لموافقتها لرواية سهل بن سعْد عند البخاري (2859) و (5095)، ومسلم (2226)، وروايه جابر بن عبد الله عند مسلم (2227)، ورواية سعد بن أبي وقاص في الحديث السالف قبله وقد بينتْ عائشةُ رضي الله عنها أن هذا الحديث إنما ورد في معرض الإنكار على أهل الجاهلية لا الإقرار، كما بيناه عند الحديث السابق. ولعل ما جاء بصيغة الجزم إنما هو من تصرف بعض الرواة إذ رواه بالمعنى، والله تعالى أعلم. وهو في "موطأ مالك " 2/ 972. وأخرجه بصيغة المصنف هنا بالجزم: البخاري (2858) و (5093) و (5753) و (5772)، ومسلم (2225)، وابن ماجه (1995)، والترمذي (3034) و (3535)، والنسائي (3569) من طريق ابن شهاب الزهري، عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر -وبعضهم رواه عن الزهري بذكر سالم فقط دون حمزة، وصححه الترمذي كذلك- عن ابن عمر. وأخرجه البخاري (5094)، ومسلم (2225) من طريق محمد بن زيد بن عبد الله ابن عمر، ومسلم (2225) من طريق عتبة بن مسلم، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، كلاهما (محمد بن زيد وحمزة) عن ابن عمر بلفظ: "إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس". وانظر معنى هذا الحديث عند الحديث السالف قبله. وقال الإِمام العيني في "عمدة القاري" 14/ 150 عند الرواية: "إنما الشؤم في ثلاثة ... ": هذا الحديث متروك الظاهر، لأجل قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا طيرة"، وهي نكرة في =

3922/ 2 - قُرِئ على الحارث بن مسكين -وأنا شاهدٌ-: أخْبَرَك ابنُ القاسم، قال سُئِلَ مالكٍ عن الشؤم في الفرس والدار، قال: كم مِنْ دَارٍ سَكَنَها ناسٌ فهلَكُوا، ثم سَكَنها آخرون فهَلَكُوا، فهذا تفسيرُه فيما نُرى، والله أعلم (¬1). قال أبو داود: قال عمرُ رضِيَ الله عنه: حَصِيرٌ في البيتِ خَيْرٌ من امرأةٍ لا تَلِدُ (¬2). 3923 - حدَّثنا مخلدُ بنُ خالدٍ وعبَّاس العنبريُّ -المعنى-، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا معمر، عن يحيى بن عبدِ الله بن بحيرٍ، قال: ¬

_ = سياق النفي فتعم الأشياء التي يتطير بها، ولو خلينا الكلام على ظاهره لكانت هذه الأحاديث ينفي بعضها بعضاً، وهذا مُحال أن يُظن بالنبي -صلَّى الله عليه وسلم- مثل هذا الاختلاف من النفي والإثبات في شيء واحد ووقت واحد، والمعنى الصحيح في هذا الباب نفي الطيرة بأسرها بقوله: "لا طيرة" فيكون قوله عليه الصلاة والسلام: "إنما الشؤم في ثلاثة" بطريق الحكاية عن أهل الجاهلية، لأنهم كانوا يعتقدون الشؤم في هذه الثلاثة، لا أن معناه أن الشؤم حاصل في هذه الثلاثة في اعتقاد المسلمين، وكانت عائشة تنفي الطيرة ولا تعتقد منها شيئاً، حتى قالت لنسوة كن يكرهن الابتناء بأزواجهن في شوال: ما تزوجني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلا في شوال ولا بني بي إلا في شوال، فمن كان أحظى مني عنده، وكان يستحب أن يدخل على نسائه في شوال ... ثم ذكر حديث عائشة في اعتراضها على أبي هريرة إذ روى عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "الطيرة في المرأة والدار والفرس". (¬1) رجاله ثقات، ابن القاسم: هو عبد الرحمن. والصحيح في معنى هذا الحديث ما سلف ذكره عند الحديثين السالفين. (¬2) ما نقله أبو داود هنا عن عمر بن الخطاب أثبتناه من هامش (هـ). وهذا الأثر أخرجه ابن أبي الدنيا في "العمر والشيب" (79)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد 12/ 377 وإسناده عند الخطيب صحيح.

أخبرني مَنْ سَمعَ فَرْوةَ بن مُسَيْكٍ، قال: قلتُ: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ، أرض عندنا يقال لها: أرضُ أبينَ هي أرضُ رِيفنِا وميرتنا وإنها وبئَةٌ -أو قال: وباؤها شديدٌ -، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -:، دَعْها عنك، فإن مِنَ القَرَفِ التَّلَفَ" (¬1). 3924 - حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى الأزدُني، حدَّثنا بِشرُ بنُ عُمَرَ، عن عِكرمةَ ابنِ عمار، عن إسحاقَ بنِ عبدِ الله بنِ أبي طلحةَ عن أنس بنِ مالكٍ، قال: قال رجلٌ: يا رسولَ اللهِ، إنَّا كُنَّا في دارٍ، كثيرٌ فيها عَدَدُنا، وكثيرُ فيها أموالُنا، فتحوَّلنا إلى دارٍ أخرى، فقلَّ فيها عَدَدُنَا، وقَلَّت فيها أموالُنا، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ: "ذَرُوها ذَمِيمَةً" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، لإبهام الرجل الذي سمع فروة بن مُسيك، وجهالة يحيى بن عبد الله بن بَحير. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (20163)، ومن طريقه أحمد (15742)، والبخاري في التاريخ "الكبير"، 8/ 286، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 2/ 365، والبيهقي في السنن الكبرى، 9/ 347، وفي "شعب الإيمان" (1365)، والمزي في ترجمة فروة بن مسيك من "تهذيب الكمال" 23/ 177. وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 337، وأبو الشيخ في "الأمثال" (305) من طريق عبد الله بن معاذ الصنعاني، عن معمر، عن يحيى بن عبد الله عن فروة. لم يذكر فيه الراوي المبهم. قال الخطابي: ذكر القتبي (هو ابن قتيبة) هذا الحديث في كتابه وفسّرهُ، قال: القرف: مداناة الوباء ومداناة المرض. (¬2) إسناده ضعيف، عكرمة بن عمار قد انفرد بهذا الإسناد، ولا يحتمل تفرُّد مثله، ولهذا قال البخاري في "الأدب المفرد": في إسناده نظر. وقد رواه مالك، عن يحيى بن سعيد الأنصاري مرسلاً. ورواه الزهري، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن شداد مرسلاً أيضاً. =

3925 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا يونسُ بنُ محمدٍ، حدَّثنا مُفَضَّلُ ابنُ فَضَالةَ، عن حبيبِ بنِ الشهيدِ، عن محمدِ بنِ المنكدرِ عن جابِرٍ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أخذ بيدِ مَجْذوُمٍ فوضَعَها مَعَه في ¬

_ = وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (918)، والطبري في مسند علي من "تهذيب الآثار" ص 25، والبيهقي 8/ 140 من طريق عكرمة بن عمار، به. وفي الباب عن عمر بن الخطاب عند البيهقي في "شعب الإيمان" (1362) من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عن السائب بن يزيد وعُبيد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري، عن عمر، قال البيهقي: هذا الحديث بهذا الإسناد غلط. قلنا: وذلك لأنه روي بهذا الإسناد حديثان، وهذا الثاني منهما جاء موصولاً بالأول، وإنما الإسناد للأول، كما رواه جماعة عن يونس فلم يذكروا حديثنا هذا. قلنا: قد رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (19526)، ومن طريقه اليهقي 8/ 140 عن معمر، عن الزهري، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، مرسلاً ورجاله ثقات. وخالف معمراً صالحُ بن أبي الأخضر عند البزار (3051 - كشف الأستار)، والطبري في "تهذيب الآثار" في مسند علي ص 26، فرواه عن الزهري، عن سالم، عن أبيه. قال البزار: أخطأ فيه عندي صالح، إنما يرويه الزهري، عن عبد الله بن عبد الله ابن الحارث، عن عبد الله بن شداد مرصلاً. قلنا: صالح بن أبي الأخضر ضعيف الحديث. وعن عبد الله بن مسعود عند البيهقي في "شعب الإيمان" (1363) وإسناده ضعيف. وعن سهل بن حارثة عند البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 100، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2160) والطبراني في "الكبير" (5639) وهو مرسل كما قال البخاري، وقال ابن حبان في ترجمته في "الثقات": يروي المراسيل. وفي الباب أيضاً عن يحيى بن سعيد الأنصاري عند مالك في "موطئه" 2/ 972 مرسلاً. ورجاله ثقات.

القَصْعَةِ، وقال: "كُلْ، ثَقةً بالله وتوكُّلاً عَلَيْهِ" (¬1) آخر كتاب الطب ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف مُفضَّل بن فضالة، وقال ابن عدي في ترجمته في "الكامل" لم أر في حديثه أنكر من هذا الحديث الذي أمليتُه، وقال الدارقطني في "الغرائب والأفراد" كما في "أطرافه" لابن طاهر المقدسي (1678): تفرد به مفضل بن فضالة، أخو مبارك، عن حبيب بن الشهيد. قلنا: وخالفه شعبة بن الحجاج، فرواه عن حبيب بن الشهيد، عن عبد الله بن بريدة، أن عمر أخذ بيد مجذوم. قال الترمذي: حديث شعبة أشبه عندي وأصح، وقال العقيلي في "الضعفاء" 4/ 242 - 243 بعد أن أسنده لكن جعله عن سلْمان بدل عمر: أنه كان يعمل بيديه ثم يشتري طعاماً، ثم يبعث إلى المجذمين فيأكلون معه. قال: هذا أصل الحديث، وهذه الرواية أولى. وأخرجه ابن ماجه (3542)، والترمذي (1920) من طريق مفضل بن فضالة، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (6120). وأخرج ابن سعد في الطبقات 4/ 89، وابن أبي الدنيا في "إصلاح المال" (321)، والعُقيلي في "الضعفاء الكبير" 4/ 242، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 200، وابن عساكر في "تاريخ دمشق " 21/ 440 من طريق شعبة بن الحجاج، والطبري في "تهذيب الآثار" في "مسند علي" ص 29 من طريق سفيان بن حبيب، كلاهما (شعبة وسفيان بن حبيب) عن حبيب بن الشهيد، عن عبد الله بن بريدة يقول: كان سلمان يعمل بيديه، ثم يشتري طعاماً، ثم يبعث إلى المجذمين فيأكلون معه. وهذا إسناد رجاله ثقات. وقد ثبت في الصحيح ما يخالفه: منها ما رواه البخاري في "صحيحه" تعليقاً بصيغة الجزم (5707) عند أبي هريرة يقول: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفِرَّ من المجذُوم ما تفر من الأسد" قال الحافظ في "الفتح" 10/ 167: لم يصله البخاري في موضع آخر .. ، وقد وصله أبو نعيم من طريق أبي داود الطيالسي وأبي قتيبة سَلْم بن قتيبة. وأخرج أحمد (19468)، ومسلم (2231)، وغيرهما من طريق عمرو بن الشريد، عن أبيه قال: كان في وقد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنا قد بايعناك فارجع". لفظ مسلم.

أول كتاب العتاق

أول كتاب العتاق 1 - باب في المكاتب يُؤَدِّي بعض كتابته فيعجِز أو يموت 3926 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا أبو بدرِ، حدَّثني أبو عُتتةَ -وهو إسماعيلُ بنُ عياش- حدَّثني سليمانُ بنُ سليم، عن عمرو بنِ شعيبٍ، عن أبيه عن جَدِّه، عن النبيِّ قال: "المكاتَبُ عَبدٌ ما بَقِيَ عليهِ مِنْ مكَاتبتِه دِرهَمٌ" (¬1). 3927 - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، حدَّثنا عبدُ الصَّمدِ، حدَّثنا همامٌ، حدَّثنا عباس الجُرَيرِيُّ، عن عمرِو بنِ شُعيب، عن أبيه عن جَدِّه، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "أيُّما عبدٍ كاتَبَ على مئة أوقِيَّة فأداها إلا عشرةَ أواقٍ فهو عبدٌ، وأيُّما عبدٍ كاتب على مئة دينارٍ فأدّاها إلا عشرةَ دنانيرَ فهو عَبْدٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. إسماعيل بن عياش روايته عن أهل بلده مستقيمة وهذا منها، لأن شيخه هنا حمصي. على أنه متابع بمعنى حديثه في الحديث التالي. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1386) من طريق يحيى بن حمزة، والبيهقي 10/ 324 من طريق إسماعيل بن عياش، كلاهما عن أبي سلمة سليمان بن سُليم، به. وانظر ما بعده. (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد اختُلف فيه في تعيين الراوي عن عمرو بن شعيب، فذكر المصنِّف بإثر الحديث أنه ليس عباساً الجُريريَّ الثقة -وهو ابن فرُّوخ- وأن مَن قال ذلك فهو واهم، لأن هذا شيخ آخر، وأشار عبد الله بن أحمد بن حنبل إلى أنه كان في نسخة أبيه: عباس الجُريري، فأصلحه الإِمام أحمد على وفق ما قال عبد الصمد: عباس الجَزَري. وجاء عند النسائي من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن همام، فقال: عن العلاء الجُريري. =

قال أبو داود: ليس هو عباس الجُريري، قالوا: هُوَ وَهْمٌ، ولكنه هو شيخٌ آخر (¬1). 3928 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن نَبْهَانَ مكاتَبِ أمِّ سَلَمَةَ، قال: سمعتُ أمَّ سَلَمَةَ تقولُ: قال لنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ: "إذا كان لإحداكُنَّ مُكاتَبٌ فكان عنْده ما يُؤَدِّي فلتحتَجِبْ منه" (¬2). ¬

_ = وهذا لا يضر فقد تابعه أبو سلمة سُليمان بن سُلَيم في الحديث السابق وحجاج بن أرطاة ويحيى بن أبي أُنيسة كما سيأتي. همام: هو ابن يحيى العَوْذي، وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث العنبري مولاهم. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5009) من طريق عمرو بن عاصم، عن همام، بهذا الإسناد. وأخرجه كذلك (5008) من طريق أبي الوليد الطيالسي، عن همام، عن العلاء الجُريري، عن عمرو بن شعيب، به وقال النسائي بإثره: العلاء الجُريري كذا قال. وأخرجه ابن ماجه (2519)، والنسائي في "الكبرى" (5007) من طريق الحجاج ابن أرطأة، والترمذي (1306) من طريق يحيى بن أبي أُنيسة، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. وهو في "مسند أحمد" (6666) و (6726). (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي والنسخة التي شرح عليها السهارنفوري، وأشار هذا الأخير إلى أنها موجودة أيضاً في النسخة التي شرح عليها المنذري والنسخة التي شرح عليها ابنُ رسلان، قلنا: وهي عندنا في (أ) لكن بلفظ: قال أبو داود قالوا: ليس هو عباس الجريري، قالوا: وهْمٌ. ونبه على أنها في رواية ابن العبد. (¬2) إسناده ضعيف. نَبْهان مُكاتَب أم سلمة مقبول حيث يتابع، ولم يتابع على هذا الحديث وتفرد به، قال الإِمام أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين، يعني هذا الحديث =

2 - باب بيع المكاتب إذا فسخت المكاتبة

2 - باب بَيع المكاتب إذا فُسخت المكاتبة 3929 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مَسلَمةَ القعنبيُّ وقتيبةُ بنُ سعيدٍ، قالا: حدَّثنا الليثُ، عن ابنِ شهابِ، عن عُروة أنَّ عائشةَ أخبرته: أن بَرِيرَة جاءت عائشةَ تستعينُها في كتابتِها، ولم تكن قَضَت مِن كتَابتِها شيئاً، فقالت لها عائِشَةُ: ارجِعِي إلى أهلِكِ، فإن أحبُّوا أن أقْضِي عَنْكِ كتابتَك ويكُونَ ولاؤُكِ لي فَعَلْتُ، فذكرت ذلك بَرِيرةُ لأهلِها، فأبَوْا، وقالوا: إن شاءَتْ أن تحتسِبَ عليكِ فلتَفْعَلْ، ويكونَ لنا ولاؤك، فذكرتْ ذلك لِرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال لها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ابتاعِي فأعْتِقي؟ فإنما الولاءُ لِمَن أعْتَقَ" ثم قام رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ فقال: "ما بالُ أناسِ يَشترِطُونَ شُرُوطاَ ليست في كِتَابِ اللهِ؟ مَنِ اشترطَ شَزطاً ليس في كِتَابِ اللهِ فليس له، وإن شَرَطَهُ مِئةَ مرةِ، شَرْطُ اللهِ أحقُّ وأوثَقُ" (¬1). ¬

_ = وحديث أفعمياوان أنتُما، قلنا: ومما يدل على ضعفه عمل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بخلافه، فقد روى البيهقي في "سننه" 10/ 324 بإسناد صحيح عن سليمان بن يسار قال: استأذنت على عائشة، فقالت: مَن هذا؟ فقلتُ: سليمان، قالت: كم بقي عليك من مكاتبتك، قال: قلت: عشر أواقٍ، قالت: ادخُل، فإنك عبد ما بقي عليك درهم. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه ابن ماجه (2520)، والترمذي (1307)، والنسائي في "الكبرى" (5011 - 5016) و (9183) و (9184) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (26473)، و"صحيح ابن حبان" (4322). وانظر تمام الكلام على إسناده وتخريجه في "مسند أحمد". (¬1) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوام، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، والليث؟ هو ابن سعْد. =

3930 - حدَثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا وُهَيْبٌ، عن هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيه عن عائشة، قالت: جاءت بَريرَةُ لِتَسْتَعِينَ في كِتابتهِا، فقالت: إني كاتبتُ أهْلي على تِسْعِ أواقٍ، في كُلِّ عامٍ أُوقية، فأعينيني، فقالت: انْ أحبَّ أهلُكِ أن أعُدَّها عَدَّةً واحِدَةَ وأُعْتِقَكِ ويكونَ ولاؤُكِ لي فَعَلْتُ، فذهَبَتْ إلى أهلِهَا، وساق الحديثَ نحو الزهري، زادَ في كلامِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - في آخره:، "ما بالُ رِجَالٍ يقول أحدهم: أعْتِقْ يا فلانُ والولاءُ لي، إنَّما الولاءُ لِمَنْ أعْتَقَ" (¬1). 3931 - حدَّثنا عبدُ العزيزِ بنُ يحيى أبو الأصبغ الحرَّاني، حدَّثني محمد -يعني ابنَ سلمةَ- عن محمد بنِ إسحاق، عن محمدِ بنِ جعفر بنِ الزبير، عن عُروة بن الزبير ¬

_ = وأخرجه البخاري (2560) تعليقاً و (2561) و (2717)، ومسلم (1504)، والترمذي (2257)، والنسائي (4655) و (4656) من طريق ابنُ شهاب، به. وهو في "مسند أحمد" (24053). وانظر ما سلف برقم (2916). وما سيأتي بعده. (¬1) إسناده صحيح. وُهَيب: هو ابن خالد. وأخرجه البخاري (2060) و (2563)، ومسلم (1504)، وابن ماجه (2521)، والنسائي (3451) من طرق عن هشام بن عروة، به. وقد صرح هشام بسماعه من أبيه عند مسلم. وأخرجه بنحوه مختصراً مسلم (1554) من طريق هشام بن عروة، عن عبد الرحمن ابن القاسم، عن أبيه، عن عائشة. وهو في "صحيح ابن حبان" (4272) و (4325). وانظر ما قبله، وما سلف برقم (2916).

عن عائشة، قالت: وقَعَتْ جُويريةُ بنتُ الحارث بنِ المُصْطَلِقِ في سَهْمِ ثابت بن قيس بن شمَّاس، أو ابنِ عمٍّ له، فكاتَبت على نفسِها، وكانتِ امرأةً مُلاحةً تاخُذها العينُ، قالت عائِشةُ: فجاءت تسألُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في كتابتها، فلما قامَتْ على البابِ فرأيتُها كَرِهْتُ مكانَها، وعرفتُ أن رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- سيرى منها مِثْلَ الذي رأيتُ، فقالت: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، أنا جُويريةُ بنتُ الحارِثِ، وأنا كان من أمرِي (¬1) ما لا يخفى عليكَ، وإني وقعتُ في سهم ثابتِ بنِ قيسِ بنِ شمّاس، وإني كاتبتُ على نفسي، فجئتُك أسالُك في كتابتي، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "فهل لك إلى ما هو خيرٌ منه؟، قالت: وما هو يا رسولَ الله؟ قال: "أُؤدِّي عَنْكِ كتابتك وأتزوَّجُكِ" قالت: قد فعلتُ، قالت: فتسامع -تعني الناسَ- أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ قد تزوَّج جُويريَةَ، فأرسلُوا ما في أيدِيهم من السَّبْي، فاعتقُوهُمْ، وقالوا: أصهار رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فما رأينا امرأةً كانت أعْظَمَ بركةً على قومها منها، أُعتق في سَبَبِها مئةُ أهلِ بَيْتٍ من بني المُصْطَلِقِ (¬2). ¬

_ (¬1) جاء في (أ): وإنّا كان من أمرنا. (¬2) إسناده حسن من أجل ابن إسحاق - وهو محمد بن إسحاق بن يسار، صاحب "السيرة" وقد صرَّح بالسماع عند أحمد (26365) وغيره فانتفت شبهة تدليسه. وهو في "السيرة" لابن إسحاق برواية يونس بن بكير (384)، ومن طريقه أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (725)، وأحمد (26365)، وابن الجارود (705)، وأبو يعلى (4963) والطبري في "تاريخه" 2/ 610، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4748)، وفي "شرح معاني الآثار" 3/ 21، وابن حبان (4054) و (4055)، والطبراني في "الكبير" 24/ (159)، والحاكم 4/ 26، والبيهقي 9/ 74 - 75، وابن الأثير في "أسد الغابة" 7/ 56 - 57. =

3 - باب في العتق على الشرط

قال أبو داود: هذا حجةٌ في أن الولي هو يُزوِّجُ نفسَه. 3 - باب في العَتق على الشرط 3932 - حدَّثنا مُسَدَّدُ بن مُسَرهَدٍ، حدَّثنا عبدُ الوارث، عن سعيد بنِ جُمْهان عن سفينة، قال: كنت مملوكاً لأمِّ سلمة، فقالت: أعتِقُكَ وأشترِطُ عليكَ أن تَخْدِمَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ما عِشْتَ، فقلتُ: إن لم تشترطي عليَّ ما فارقت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ما عِشْتُ، فاعتقتني واشترَطَتْ عليَّ (¬1). 4 - باب من أعتقَ نصيباً في مَملوكٍ له 3933 - حدَّثنا أبو الوليدِ الطَّيالسيُّ، حدَّثنا همام. وحدَّثنا محمدُ بنُ كثير -المعنى- أخبرنا همَّام، عن قتادةَ، عن أبي المليحِ، -قال أبو الوليد:- عن أبيهِ، أنَّ رجلاً أعتق شِقْصاً له من غلامٍ، فذُكِر ذلك للنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "ليس لله شَريكٌ" زاد ابنُ كثير في حديثه: فأجازَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- عِتْقَهُ (¬2). ¬

_ = وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد". قال الخطابي: قوله: "مُلاحة": يقال: جارية مليحة وملاحة: وفُعالة: يجئ في النعوت بمعنى التوكيد، فإذا شدد كان أبلغ في التوكيد، كقوله سبحانه: {وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا} [نوح: 2]. (¬1) إسناده حسن من أجل سعيد بن جُمهان، فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه ابن ماجه (2526)، والنسائي في "الكبرى" (4976) و (4977) من طريقين عن سعيد بن جُمهان، به. وهو في "مسند أحمد" (21927). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن اختلف في وصله وإرساله على قتادة كما بيناه في "مسند أحمد" (20709). أبو المليح: هو ابن أسامة بن عُمير، وهمام: هو ابن يحيى العوذي، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. =

5 - باب من أعتق نصيبا له من مملوك بينه وبين آخر

5 - باب من أعتقَ نصيباً له من مملوك بينه وبين آخر (¬1) 3934 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرني همَّامٌ، عن قتادَةَ، عن النَّضرِ بنِ أنسٍ، عن بَشِيرِ بنِ نَهيك عن أبي هريرة: أن رجلاً أعْتَقَ شِقْصاً لهُ من غُلامٍ، فأجازَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- عِتْقَه، وغرَّمَهُ بقِيةَ ثمنِهِ (¬2). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4951) من طريق أبي الوليد الطيالسي، ومن طريق حَبان بن هلال، كلاهما عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد. موصولاً. وأخرجه النسائي (4952) من طريق سعيد بن أبي عروبة، و (4953) من طريق هشام الدستوائي، كلاهما عن قتادة، عن أبي المليح، مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (20709) من طريق سعيد بن أبي عروبة موصولاً، و (20710) عن بهز بن أسد، عن همام مرسلاً، (20716) عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن همام موصولاً، و (20718) عن أبي سعيد، عن هشام مرسلاً. قال الخطابي: فيه دليل على أن المملوك يعتق كله إذا عتق الشقص منه، ولا يتوقف على عتق الشريك الآخر وأداء القيمة ولا على الاستسعاء، ألا تراه يقول: فأجاز النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عتقه، وقال: "ليس لله شريك" فنفى أن يقارّ الملك العتق، وأن يجتمعا في شخص واحد، وهذا إذا كان المعتق موسراً، فإذا كان معسراً فإن الحكم بخلاف ذلك على ما ورد بيانه في السنة، وسيأتي برقم (3937). (¬1) هذا العنوان أثبتناه من (أ)، وأشار إلى أنه في رواية ابن العبد، وهو عندنا في (هـ) أيضاً وهي برواية ابن داسه. (¬2) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العَوْذي. وهو في "مسند أحمد" (8565). وانظر ما سيأتي بالأرقام (3935 - 3939). وما سيأتي برقم (3940). قال الخطابي: وهذا يبين لك أن العتق قد كمل له باعتاق الشريك الأول نصيبه منه، فلولا أنه قد استهلكه لم يكن لقوله: "وغرمه بقية ثمنه" معنى، لأن الغرم يقع في الشيء المستهلك.

3935 - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرِ. وحدَّثنا أحمدُ بنُ علي بنِ سُويدِ مَنجُوفٍ، حدَّثنا روح بن عبادة، قالا: حدَّثنا شعبةُ عن قتادة، بإسنادِه، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من أعتق مملوكاً كان بَيْنَهُ وبين آخرَ فعليهِ خلاصُه" هذا لفظُ ابنِ سُويدٍ (¬1). 3936 - حدَّثنا ابنُ المثنَّى، حدَّثنا معاذُ بنُ هِشام، حدَّثني أبي، وحدَّثنا أحمدُ بنُ علي بنِ سُويدٍ، حدَّثنا روح، حدَّثنا هشامُ بنُ أبي عبدِ الله عن قتادةَ، بإسناده، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من أعتقَ نصيباً له في مملُوكٍ عَتَقَ مِن مالِه إن كان له مالٌ" ولم يذكُرِ ابنُ المُثنى النضرَ ابن أنسٍ، وهذا لفظُ ابنِ سُويدٍ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1502)، وبإثر (1667)، والنسائي في "الكبرى" (4947) من طريق محمد بن جعفر، وبإثر (1667) من طريق معاذ بن معاذ العنبري، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد. ولفظ محمد بن جعفر: عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال في المملوك بين الرجلين يعتق أحدهما، قال: يضمن. ولفظ معاذ العنبري: "من أعتق شقيصاً من مملوك فهو حرٌّ في ماله. وهو في "مسند أحمد" (10051). وانظر ما قبله. والشَّقيصُ: النصيب قليلاً كان أو كثيراً، ويقال له: الشِّقص أيضاً بحذف الياء. (¬2) إسناده صحيح. روح: هو ابن عُبادة، وهثام: هو الدَّستُوائي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4948) من طريق أبي عامر العَقَدي، و (4949) من طريق معاذ بن هشام، كلاهما عن هشام بن أبي عبد الله الدَّستُوائي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (10873). وانظر سابقيه.

6 - باب من ذكر السعاية في هذا الحديث

6 - باب من ذكر السِّعاية في هذا الحديث 3937 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا قتادةُ، عن النضر بنِ أنسٍ، عن بَشيرِ بنِ نَهيك عن أبي هريرة، قال: قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "من أعتَقَ شَقِيصاً في مملوكِهِ، فعليه أن يُعْتِقَه كُلَّه إن كان لهُ مال، وإلا اسْتُسْعِي العَبْدُ غيرَ مَشقُوقٍ عليهِ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4946) من طريق أبي هشام المغيرة بن سلمة المخزومي، عن أبان بن يزيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2504) و (2526)، ومسلم (1503) من طريق جرير بن حازم، عن قتادة، به. وانظر ما سلف برقم (3934)، وما بعده. قال الخطابي: هذا الكلام [يعني ذكر الاستسعاء] لا يثبته أكثر أهل النقل مسنداً عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ويزعمون أنه من كلام قتادة. وقد تأوله بعض الناس، فقال: معنى السعاية أن يُستسعى العبد لسيده، أي: يستخدم، ولذلك قال: "غير مشقوق عليه" أي: لا يحمّل فوق ما يلزمه من الخدمة بقدر ما فيه من الرق، لا يطالب بأكثر منه. وقال النسائي: بلغني أن هماماً رواه فجعل هذا الكلام (أي الاستسعاء) من قول قتادة، وقال الإسماعيلي: قوله: "ثم استسعى العبد" ليس في الخبر مسنداً، وإنما هو من قول قتادة مدرج في الخبر. وقال ابن المنذر: هذا الكلام الأخير من فتيا قتادة ليس في المتن. قال الحافظ: ورواه عبد الله بن يزيد المقرئ عن همام، فذكر فيه السعاية وفصلها من الحديث المرفوع. أخرجه الإسماعيلي وابن المنذر والدارقطني والحاكم في "علوم الحديث" والخطيب في "الفصل والوصل" كلهم من طريقه ولفظه مثل رواية محمد بن كثير سواء، وزاد: =

3938 - حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا يزيدُ بن زُريعٍ. وحدَّثنا علي بنُ عبدِ الله، حدَّثنا محمدُ بنُ بشرٍ -وهذا لفظُه- عن سعيدِ ابنِ أبي عَرُوبَةَ، عن قتادَة، عن النضرِ بنِ أنس، عن بشير بنِ نَهيكٍ عن أبي هريرة، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من أعتَقَ شِقْصاً -أو شَقيصاً- له، في مملوكٍ، فخلاصُهُ عليه في مالِه إن كانَ له مال، فإن لم يكن له مال قُوِّمَ العبدُ قيمةَ عَدْلٍ، ثم استُسْعِيَ لِصاحبه في قيمته غيرَ مشقوقٍ عليه" (¬1). قال أبو داود: في حديثهما جميعاً "فاستُسعي غيرَ مشقوقٍ عليه" وهذا لفظ علي (¬2). ¬

_ = فكان قتادة يقول: إن لم يكن له مال استسعى العبد، قال الدارقطني: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: ما أحسن ما رواه همام ضبطه وفصل بين قول النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وبين قول قتادة. هكذا جزم هؤلاء بأنه مدرج، وأبى ذلك آخرون، منهم صاحبا "الصحيح" فصححا كون الجميع مرفوعاً، وهو الذي رجحه ابن دقيق العيد وجماعة، وانظر تمام كلام الحافظ في "الفتح" 5/ 158. وانظر "نصب الراية" 3/ 282 - 284، و"تهذيب السنن" 5/ 396 - 402 لابن القيم. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2492) و (2527)، ومسلم (1503) وبإثر (1667)، وابن ماجه (2527)، والترمذي (1397)، والنسائي في "الكبرى" (4943) و (4944) و (4945) من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (7468)، و"صحيح ابن حبان" (4318) و (4319). والشِقص والشقيص: النصيب في العين المشتركة من كل شيء. وانظر ما قبله وما بعده. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.

7 - باب من روى إن لم يكن له مال لم يستسع

3939 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدَّثنا يحيى وابنُ أبي عدي، عن سعيدٍ، بإسناده ومعناه (¬1). قال أبو داود: رواه روحُ بنُ عُبادةَ عن سعيدِ بنِ أبي عروبة، لم يذكر السِّعاية. ورواه جريرُ بنُ حازم وموسى بنُ خلَفٍ جميعاً عن قتادةَ، بإسناد يزيدَ بنِ زُريع ومعناه، وذكرا فيه: السِّعايَةَ. 7 - باب من روى إن لم يكن له مال لم يُسْتَسعَ 3940 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن نافعٍ عن عبدِ الله بنِ عمر، أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: مَنْ أعْتَقَ شركاً له في مملوكٍ أُقيم عليه قيمةُ العَدْلِ، فأعطى شركاءهُ حِصَصَهُم، وأُعْتِقَ عليه العَبْدُ، وإلا فَقَد أُعتِقَ منه ما أَعتَقَ" (¬2). 3941 - حدَّثنا مُؤمَّلٌ، حدَّثنا إسماعيلُ، عن أيوبَ، عن نافعٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن أبي عَروبة، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم. وأخرجه الترمذي (1398) عن محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد القطان وحده، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مَسْلَمة بن قَعْنَب. وهو في "موطأ مالك" 2/ 772، ومن طريقه أخرجه البخاري (2522)، ومسلم (1501)، وبإثر (1667)، وابن ماجه (2528)، والنسائي في "الكبرى" (4937). وأخرجه بنحوه البخاري (2525) و (2553)، ومسلم (1501)، وبإثر (1667)، والنسائي (4931) و (4932) و (4941) و (4942) من طرق عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (397) و (5920)، و"صحيح ابن حبان" (4316). وانظر ما سيأتي بالأرقام (3941 - 3947).

عن ابنِ عمر، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، بمعناه، قال: وكان نافعٌ ربما قال: "فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ" وربما لم يَقلْهُ (¬1). 3942 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داودَ العتكيُّ، حدَّثنا حمادٌ، عن أيوبَ، عن نافعِ عن ابنِ عمرَ، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، بهذا الحديثِ، قال أيوبُ: فلا أدرِي هو في الحديثِ عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- أو شيءٌ قاله نافعٌ "وإلا عتَقَ منه ماعَتَقَ " (¬2). 3943 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، أخبرنا عيسى -يعني ابنَ يونس- حدَّثنا عُبيدُ اللهِ، عن نافعٍ عن ابنِ عمر، قال: قالَ رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "مَنْ أعْتَقَ شِركاً من مملوكٍ، فعليه عِتْقُهُ كُلِّهِ إن كان لهُ ما يَبلُغُ ثمنَه، وإن لم يكن له مالٌ عَتَقَ نَصِيبُهُ (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، واسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مِقسَم المعروف بابن عُلَيَّه، ومؤمّل: هو ابن هشام اليشكري. وأخرجه البخاري (2491)، ومسلم (1501)، والترمذي (1395)، والنسائي في "الكبرى" (4933 - 4936) من طرق عن أيوب السختياني، به. وهو في "مسند أحمد" (4635). وانظر ما قبله، وما بعده. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد. وأخرجه البخاري (2524)، ومسلم (1501)، وبإثر (1667) من طريق حماد ابن زيد، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه. (¬3) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عُمر العُمري، وعبسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي. =

3944 - حدَّثنا مخلدُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرني يحيى بنُ سعيدٍ، عن نافعٍ، عن ابنِ عُمر، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، بمعنى حديث إبراهيم بنِ موسى (¬1). 3945 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد بنِ أسماءَ، حدَّثنا جويريةُ، عن نافع عن ابنِ عمر، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعنى مالكٍ، ولم يذكر: "وإلا فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ". انتهى حديثُه إلى "وأُعتِق عليه العبْدُ" على معناه (¬2). 3946 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا معمر، عن الزُّهري، عن سالمٍ عن ابن عمر، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من أعتَقَ شِرْكاَ له في عَبْدٍ عَتَق ما بقي في ماله إذا كان له مال يَبْلُغُ ثَمَنَ العبدِ" (¬3). ¬

_ = وأخرجه البخاري (2523)، ومسلم (1501)، وبإثر (1667)، والنسائي في "الكبرى" (4925 - 4931) من طرق عن عُبيد الله بن عمر، به. وهو في "مسند أحمد" (5150) و (6279). وانظر ما سلف برقم (3940). (¬1) إسناده صحيح. يحى بن سعيد: هو الأنصاري. وأخرجه مسلم (1501)، وبإثر (1667)، والنسائي في "الكبرى" (4938 - 4940) من طرق عن يحى بن سعيد، به. وهو في "مسند أحمد" (4451). وانظر ما سلف برقم (3940). (¬2) إسناده صحيح. جويرية: هو ابن أسماء. وأخرجه البخاري (2503) عن مسدّد بن مُسَرْهَد، عن جويرية بن أسماء، به. وانظر ما سلف برقم (3940). (¬3) إسناده صحح. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومعمر: هو ابنُ راشد، والحسن بن علي: هو الحُلْواني الخَلاَّل. =

3947 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن عمرو بنِ دينارٍ، عن سالمٍ عن أبيه يَبْلُغُ به النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا كان العبْدُ بينَ اثنينِ، فأعتق أحدُهُما نصيبَهُ، فإن كانَ موسِراً يُقَوَّمُ عليه قيمةً لا وَكْسَ ولا شَطَطَ ثمَّ يُعْتَقُ" (¬1). 3948 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، حدَّثنا شعبةُ، عن خالدٍ، عن أبي بِشرٍ العنبريِّ، عن ابنِ الثَّلِبِ عن أبيه: أن رجلاً أعْتَقَ نصيباً له من مملوكٍ فلم يضمِّنه النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-. قال أحمدُ: إنما هو بالتاء -يعني التَّلِبَ- وكان شعبةُ ألثغَ، لم يُبين التاءَ مِن الثاءِ (¬2). ¬

_ = وهو في"مصنف عبد الرزاق" (16712)، ومن طريقه أخرجه مسلم بإثر (1667)، والترمذي (1396)، والنسائي في "الكبرى" (4923) و (4924). وهو في "مسند أحمد" (4901). وانظر ما بعده، وما سلف برقم (3940). (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (2521)، ومسلم بإثر (1667)، والنسائي في "الكبرى" (4921) و (4922) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4589). وانظر ما قبله، وما سلف برقم (3940). قوله: "لا وَكْس ولا شَطَط" قال ابن الأثير في "النهاية": الوكس: النقص، والشَّطَط: الجَور. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة حال ابن التَّلِب -واسمه مِلقام، ويقال: هِلْقام- خالد: هو ابن مهران الحذاء. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4950) من طريق محمد بن جعفر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24009/ 68).

8 - باب فيمن ملك ذا رحم مخرم

8 - باب فيمن ملك ذا رَحِمٍ مَخْرَمٍ 3949 - حدَّثنا مسلمُ بنُ ابراهيمَ وموسى بنُ إسماعيلَ، قالا: حدَّثنا حمادُ ابنُ سلمةَ، عن قتادَةَ، عن الحسنِ عن سمرةَ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وقال موسى في موضع آخر: عن سمرة بن جندب فيما يحسب حمادٌ -قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من مَلَك ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فهو حُرٌّ" (¬1). قال أبو داود: روى محمدُ بنُ بكْرٍ البُرسَانيُّ عن حمادِ بنِ سَلَمةَ، عن قتادة. وعاصِم، عن الحسنِ، عن سمرة، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، مثلَ ذلك الحديث. قال أبو داود: لم يُحدِّث هذا الحديثَ إلا حمادُ بنُ سلمةَ، وقد شَكَّ فيه (¬2). 3950 - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، عن سعيدٍ، عن قتادةَ ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الحسن -وهو البصري- لم يصرح بسماعه من سمرة -وهو ابن جندب. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه ابن ماجه (2524)، والتر مذي (1416)، والنسائي في "الكبرى" (4878 - 4882) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وقرن عد ابن ماجه والنسائي (4882) بقتادة عاصماً الأحول. وقد رواه غير حماد بن سلمة، عن قتادة فلم يرفعه إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وإنما جعله من كلام عمر بن الخطاب وبعضهم يجعله من كلام الحسن البصري. وهو في "مسند أحمد" (20167) و (20227). ويشهد له حديث ابن عمر عند ابن ماجه (2525)، والنسائي في "الكبرى" (4877) وإسناده قوي كما بيناه في "سنن ابن ماجه". وانظر ما سيأتي بالأرقام (3950) و (3951) و (3952). (¬2) مقالتا أبي داود هاتان أثبتناهما من (هـ).

أن عمر بنَ الخطاب رضي اللهُ عنه قال: من مَلَكَ ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فهو حرٌّ (¬1). 3951 - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، عن سعيدٍ، عن قتادةَ عن الحَسَنِ، قال: من مَلَكَ ذا رَحِمٍ مَحْرَمٍ فهو حرٌّ (¬2). 3952 - حدَّثنا أبو بكْرِ بنِ أبي شَيبةَ، حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ، عن جابر بن زيد والحسن، مثلَه (¬3). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات لكنه مرسل، فإن قتادة -وهو ابن دعامة- لم يدرك عمر بن الخطاب. لكن صح عن عمر من طريق آخر كما سيأتي. سعيد: هو ابن أبي عَروبة، وعبد الوهاب: هو ابن عطاء الخفّاف. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4883) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، و (4886) من طريق ابن أبي عدي، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به. وأخرجه كذلك (4887) و (4888) و (4889) من طريق الحكم بن عتيبة، قال: قال عمر ... والحكم لم يدرك عمر بن الخطاب، بينه وبين عمر في هذه الرواية رجلان: فقد أخرجه النسائي (4890) و (4891) من طريق الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم ابن يزيد النخعي، عن خاله الأسود بن يزيد النخعي، قال: قال عمر ... والأسود تابعي كبير مخضرم أدرك النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مسلماً ولم يره. وهذا إسناد صحيح متصل. وانظر ما قبله. (¬2) رجاله ثقات كسابقه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4885) من طريق سعيد بن أبي عروبة، به. وانظر سابقيه، وما سيأتي بعده. (¬3) رجاله ثقات. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4883) من طريق سعيد بن أبي عروبة، و (4884) من طريق هشام بن أبي عبد الله الدَّستُوائي، كلاهما عن قتادة، به. وانظر ما سلف برقم (3949) و (3950) و (3951).

9 - باب في عتق أمهات الأولاد

قال أبو داود: سعيد أحفظ من حَمَّاد (¬1). 9 - باب في عَتْق أمهات الأولاد 3953 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ سَلَمَةَ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن خطَّابِ بنِ صالحٍ مولى الأنصارِ، عن أمَّه عن سلامةَ بنتِ مَعْقِلٍ -امرأةٍ من خَارِجَة قيسِ عَيْلانَ- قالت: قَدِمَ بي عمي في الجاهلية، فباعني من الحُبابِ بنِ عمرو أخي أبي اليَسَرِ بنِ عمرو، فَوَلَدْتُ له عبدَ الرحمن بنَ الحُباب، ثُمَّ هَلَكَ، فقالت امرأتُه: الآنَ واللهِ تُباعِينَ في دَيْنِهِ، فأتيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلتُ: يا رسولَ الله، إني امرأةٌ من خَارِجَة قيسِ عيلانَ، قَدِمَ بي عمي المدينةَ في الجاهلية، فَبَاعَني مِن الحُبابِ بنِ عمرو أخي أبي اليَسَرِ بنِ عَمرو، فولدتُ له عبد الرحمن، فقالت: امرأتُه: الآن والله تُباعِين في دَيْنه، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ وَلِيُّ الحُبابِ؟ " قيل: أخوه أبو اليَسَرِ بنُ عمرو، فبعث إليه، فقال: "أعْتِقُوها، فإذا سَمِعْتُم برقِيقٍ قَدِمَ عليَّ، فأتوني أُعَوِّضْكُم منها"، قالت: فأعتَقُوني، وقدِمَ على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - رَقِيقٌ فعوَّضَهُمْ مني غلاماً (¬2). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتاها من (هـ). (¬2) إسناده ضعيف، محمد بن إسحاق مُدلِّس وقد عنعن، وأم خطاب بن صالح في عداد المجاهيل. وأخرجه أحمد (27029)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3423)، والطبراني في "الكبير" (3596) و 24/ (780)، وفي "الأوسط" (1063)، والبيهقي 10/ 345، وابن الأثير في "أسد الغابة" 7/ 146 من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

10 - باب في بيع المدبر

3954 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن قيسٍ، عن عطاء عن جابرِ بنِ عبدِ الله، قال: بِعْنا أمهاتِ الأولادِ على عَهْدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأبي بكرِ، فلما كانَ عُمَرُ نهانا، فانْتهَينَا (¬1). 10 - باب في بيع المدبر 3955 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا هُشَيم، عن عبدِ الملك بنِ أبي سُليمانَ، عن عطاءٍ. وإسماعيلَ بنِ أبي خالدٍ، عن سَلَمَةَ بنِ كُهيلٍ، عن عطاء عن جابرِ بنِ عبد الله: أن رجلاً أعتق غُلاماَ له عن دُبُرٍ منهُ، ولم يكن له مالٌ غيرُه، فأمرَ به النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- فَبِيعَ بسبع مئةِ درهمٍ أو بتسع مئةٍ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وقيس: هو ابن سعْد المكي، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابن ماجه (2517)، والنسائي في "الكبرى" (5021) و (5022)، من طريق ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: كنا نبيع سَراريَّنا وأمهات أولادنا، والنبي -صلَّى الله عليه وسلم- حيٌّ، لا نرى بذلك بأساً. وإسناده صحيح. وهو في "مسند أحمد" (14446)، و"صحيح ابن حبان" (4323) و (4324). قال البيهقي في سننه "الكبرى" 10/ 348: ليس في شيء من هذه الأحاديث أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - علم بذلك فأقرهم عليه، وقد روينا ما يدل على النهي، والله أعلم. وقال ابن قدامة في المغني" 14/ 585: إن أم الولد تعتق بموت سيدها من رأس المال ولا يجوز بيعها، ولا التصرف فيها بما ينقل الملك من الهبة والوقف ولا ما يراد للبيع وهو الرهن، ولا تورث، لأنها تعتق بموت السيد ويزول الملك عنها، روي هذا عن عمر وعثمان وعائشة وعامة الفقهاء، وروي عن علي وابن عباس وابن الزبير إباحة بيعهن ... وفي "مصنف عبد الرزاق" (13224) بإسناد صحيح عن عبيدة السلماني قال: سمعت علياً يقول: اجتمع رأي ورأي عمر في أمهات الأولاد أن لا يُبعن، قال: ثم رأيت بعد أن يُبعن، قال عبيدة: فقلت له: فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة، أو قال: في الفتنة، قال: فضحك علي. (¬2) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وهُشيم: هو ابن بَشير الواسطي. =

3956 - حدَّثنا جَعفرُ بن مسافرِ التَّنِّيسيُّ، حدَّثنا بِشرُ بن بكرٍ، أخبرنا الأوزاعيُّ، حدَّثني عطاءُ بنُ أبي رباحٍ حدَّثني جابِرُ بنُ عبدِ الله، بهذا، زاد: وقال -يعني النبي - صلَّى الله عليه وسلم --: "أنت أحقُّ بثَمنِه واللهُ أغنى عنه" (¬1). 3957 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا أيوبُ، عن أبي الزُّبيرِ ¬

_ = وإسماعيل بن أبي خالد معطوف على عبد الملك بن أبي سُليمان. وأخرجه البخاري (2230) و (7186)، وابن ماجه (2512)، والنسائي في "الكبرى" (4983 - 4985) و (6205) من طريق سلمة بن كُهيل، به. ورواية بعضهم مختصرة. وأخرجه بنحوه البخاري (2141) و (2403)، ومسلم بإثر (1668)، والنسائي في "الكبرى" (4980) و (4981) و (4986) و (5938) من طريق عطاء بن أبي رباح، به. وأخرجه بنحوه أيضاً البخاري (2231) و (2534) و (6716) و (6947)، ومسلم بإثر (1668)، وابن ماجه (2513)، والترمذي (1262)، والنسائي في "الكبرى" (4979) من طريق عمرو بن دينار، والبخاري (2415) والنسائي في "الكبرى" (4989) من طريق محمد بن المنكدر، كلاهما عن جابر بن عبد الله. وهو في "مسند أحمد" (14133) و (14216)، و"صحيح ابن حبان" (4234) و (4317). والمدبَّر: هو العبدُ الذي يُعتَق بعدما يُدبِّره سيده ويموتُ. وانظر تالييه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل جعفر بن مسافر، وهو متابع. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4982) من طريق عمر بن عبد الواحد السُّلمي، عن الأوزاعي، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (4234) و (4933). وانظر ما قبله.

11 - باب فيمن أعتق عبيدا له لم يبلغهم الثلث

عن جابرِ: أن رجلاً مِن الأنصارِ -"يُقال له: أبو مذْكُور- أعْتَقَ غلاماً له -يقال له: يعقوبُ- عن دُبُرٍ لم يَكُنْ له مالٌ غيره، فدعا به رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "مَنْ يَشْتَرِيهِ؟ فاشتراه نُعيم بنُ عبدِ الله بن النَّخَّام بثمان مئة درهم، فدفعها إليه، ثم قال: "إذا كان أحدُكُم فقيراً، فليبدأ بنفْسِه، فإن كانَ فيها فضلٌ فعلى عِيالِه، فإن كان فيها فَضْلٌ، فعلى ذِي قرابتِه -أو قال: على ذي رحِمِه- فإن كان فَضَلٌ فهاهنا وهاهنا" (¬1). 11 - باب فيمن أعتق عَبيداً له لم يبلُغْهم الثلُثُ 3958 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حَرْبٍ، حدَّثنا حماد، عن أيوبَ، عن أبي قِلابَة، عن أبي المُهَلَّبِ عن عِمرانَ بنِ حُصَينِ: أن رجلاً أعْتَقَ ستةَ أعْبُدٍ عند موته، لم يكن له مالٌ غيرُهم، فبلغَ ذلك النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال له قولاً شَدِيْداَ ثم دعاهُمْ فجزّأهُمْ ثلاثةَ أجزاءٍ، فأقرع بينهم، فأعْتَقَ اثنَينِ، وأرَقَّ أربعةً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وقد صرّح أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدْرُس المكي- بالسماع عند الشافعي في "مسنده" 2/ 68 وعبد الرزاق (16681) وغيرهما، فانتفت شبهة تدليسه. على أنه روى هذا الحديث عنه الليث بن سعد عند مسلم ولم يرو عنه الليث إلا ما ثبت سماعهُ له من جابر. وأخرجه مسلم (997) وبإثر (1668)، والنسائي في "الكبرى" (4988) من طريق الليث بن سعْد، ومسلم (997)، والنسائي (4987) من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن أبي الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (14133)، و"صحيح ابن حبان" (3339) و (4934). (¬2) إسناده صحيح. أبو المُهلَّب: هو الجَرمي، مختلف في اسمه، وهو عم أبي قلابة -وهو عبد الله بن زيد الجرمي- وأيوب: هو ابن أبي تميمة السَّختياني، وحماد: = هو ابن زيد. =

3959 - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا عبدُ العزيزِ -يعني ابنَ المُختارِ- حدَّثنا عن أبي قِلابةَ، بإسناده ومعناه، لم يَقُلْ: فقال له قولاً شديداً (¬1). 3960 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيَّه، حدَّثنا خالدُ بنُ عبدِ الله، عن خالدٍ، عن أبي قلابة عن أبي زيدِ: أن رجلاً مِن الأنصارِ، بمعناه، وقال -يعني النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم --: "لو شَهِدتُهُ قَبْلَ أن يُدْفَنَ لم يُدْفَن في مَقَابِرِ المُسلِمِينَ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1668)، والترمذي (1415)، والنسائي في "الكبرى" (4955) من طريق أيوب السختياني، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19826)، و"صحيح ابن حبان" (4542). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4956 - 4958) من طريق الحسن البصري، عن عمران بن حصين. والحسن لم يسمع من عمران. وهو في "مسند أحمد" (19845). وانظر ما سيأتي بالأرقام (3959) و (3960) و (3961). (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن مهران الحذاء. وأخرجه ابن ماجه (2345) من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله، وما بعده. (¬2) صحيح من حديث أبي قلابة عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين. دون قوله: "لو شهدته قبل أن يُدفن لم يدفن في مقابر المسلمين" وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، لأن أبا قلابة -وهو عبد الله بن زيد الجرمي- لم يسمع من أبي زيد -وهو عمرو بن أخطب- كما قال أبو حاتم. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4954) من طريق عمرو بن عون، عن خالد بن عبد الله الطحان، به. وهو في "مسند أحمد" (22891). =

12 - باب فيمن أعتق عبدا وله مال

3961 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن يحيى بنِ عَتيق وأيوبَ، عن محمدِ بنِ سِيرينَ عن عِمرانَ بنِ حُصَين: أن رجلاً أعْتَقَ سِتَّةَ أعْبُدٍ عند موتِه ولم يَكُنْ لهُ مالٌ غيرُهم، فبلغَ ذلكَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فأقْرَعَ بينَهم، فأعْتَقَ اثْنَيْنِ، وأرقَّ أربَعَةً (¬1). 12 - باب فيمن أعتق عَبْداً وله مالٌ 3962 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني ابنُ لَهِيعَةَ والليثُ ابنُ سعد، عن عُبيد اللهِ بن أبي جَعفرٍ، عن بُكير ابن الأشَجِّ، عن نافعٍ ¬

_ = والمحفوظ في هذا الحديث ما رواه عبد الأعلى وعبد العزيز بن المختار كما في الطريق السالف قبله: عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران ابن حصين. موافقاً لرواية أيوب السختياني عن أبي قلابة. في الحديث السالف برقم (3958). وانظر ما قبله. تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في (هـ): قال أبو داود: خالد الحذّاء: هو المُنازل، وخالد بن عبد الله الواسطي يقال له: الطحّان، وأبو عَروبة اسمه مِهْران، وهو أبو سعيد ابن أبي عَروبة، والأعمش سليمان بن مِهران، وخالد الحذّاء كان على عمل السلطان في الجِسْر، وابن عُلية تولى على الصدقة، وحبسه هارون. قال أبو داود: قال عبد الوارث لابن عُلية: ذهبت من عندنا وأنت عالم، وجئتا وأنت أمير، فقال: العِيال والدَّين، فقال: أينساك الذي لا ينسى الذَّرَّة في جُحرها. كان ابن عُلية يتشبّه بشمائل ابن عون، ولكنه بُلِي. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1668) من طريق هشام بن حسان، والنسائي في "الكبرى" (4958) من طريق أيوب السختياني، كلاهما عن محمد بن سيرين، به. وهو في "مسند أحمد" (19932)، و "صحيح ابن حبان" (5075).

13 - باب في عتق ولد الزنى

عن عبدِ الله بنِ عُمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: من أعْتَقَ عَبْداً ولَهُ مالٌ فمالُ العبدِ له، إلا أن يشترطَ السَّيِّدُ" (¬1). 13 - باب في عتق ولد الزنى 3963 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا جرير، عن سهيلِ بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: ولدُ الزَّنى شرُّ الثلاثَةِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وقد اختُلف في إسناده بين نافع وسالم بن عبد الله بن عمر كما سلف بيانه برقم (3434). وأخرجه ابن ماجه (2529)، والنسائي في "الكبرى" (4962) من طريق عبيد الله ابن أبي جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (4961) من طريق أشهب، عن الليث بن سعْد، عن عُبيد الله ابن أبي جعفر، عن نافع، عن ابن عمر فأسقط من إسناده بُكير ابن الأشج. وانظر ما سلف برقم (3433) و (3434). (¬2) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4909) من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. وقال سفيان الثوري وقد روى هذا الحديث عن سهيل عند البيهقي 10/ 59: يعني إذا عمل بعمل والديه. لكن روي عن أم المؤمنين عائشة أنها أنكرت على أبي هريرة تحديثه بهذا، وأخبرت أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما قصد إنساناً بعينه، فقد أخرج الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (910)، والحاكم 2/ 215، والبيهقي 10/ 58 من طريق سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، قال: بلغ عائشة أن أبا هريرة يقول: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ولد الزنى شر الثلاثة" فقالت: يرحم الله أبا هريرة، أساء سمعاً فأساء إجابة - هكذا في الحديث، وأما أهل اللغة فيقولون: إنه أساء سمعاً فأساء جابة، =

14 - باب في ثواب العتق

وقال أبو هريرة: لأن أُمتِّع بِسَوطٍ في سَبِيلِ الله أحبُّ إليَّ من أن أعتق ولد زِنْيةٍ. 14 - باب في ثواب العتق 3964 - حدَّثنا عيسى بنُ محمدِ الرمليُّ، حدَّثنا ضمرةُ، عن إبراهيمَ بن أبي عَبْلَةَ عن الغَريفِ ابنِ الدَّيْلمي، قال: أتْيَنا واثلةَ بنَ الأسقعِ، فقلنا له: حدِّثنا حديثاً ليس فيه زيادةٌ ولا نُقصانٌ، فغضب، وقال: إن أحدَكُم ليقرأ ومُصْحَفُه معلَّقٌ في بيتِه، فيزيدُ وينقُص، قلنا: إنما أردنا حديثاً سمعتَه مِن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: أتينا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ في صاحِبٍ لنا أوْجَبَ -يعني النارَ- بالقتلِ، فقال: "أعتِقُوا عنه يُعْتقِ اللهُ بِكُلِّ عُضْوٍ منه عُضْواً منه من النَّار" (¬1). ¬

_ = بلا ألف -ثم رجعنا إلى حديث الزهري، عن عائشة- لم يكن الحديث على هذا، إنما كان رجل يؤذي رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أما إنه مع ما به ولد زنى"، وقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "هو شر الثلاثة". وسلمة بن الفضل أثبت الناس في ابن إسحاق، ومما يؤيد رواية ابن إسحاق هذه أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا قيل لها: هو شر الثلاثة (يعني ولد الزنى) عَابت ذلك، وقالت: ما عليه من وزر أبويه، قال الله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أخرجه عنها عبد الرزاق (13860) و (13861)، والحاكم 4/ 100، والبيهقي 10/ 58 وإسناده صحيح. وانظر تمام الكلام عليه في "مسند أحمد" (8098). (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الغريف ابن الديلمي، وهو متابع. ضمرة: هو ابن ربيعة الفلسطيني. =

15 - باب، أي الرقاب أفضل؟

15 - باب، أي الرقاب أفضل؟ 3965 - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنى، حدَّثنا معاذُ بنُ هشامٍ، حدَّثني أبي، عن قتادة، عن سالمِ بنِ أبي الجَعْدِ، عن مَعْدانَ بنِ أبي طلحةَ اليَعمَرِيِّ عن أبي نَجِيحٍ السُّلَمي، قال: حاصرْنا معَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بقصرِ الطائفِ، قال معاذٌ: سمعتُ أبي يقول: بِقَصْرِ الطائفِ، بحصن الصائف، كلَّ ذلك، فسمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَنْ بَلَغَ بِسَهْمٍ في سبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فله درجةٌ" وساق الحديثَ، وسمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "أيُّما رجُلٍ مُسْلمٍ أعتقَ رجُلاً مسلماً فإنَ اللهَ عزَّ وجل جَاعِلٌ وقاءَ كُلِّ عَظْمٍ من عِظَامِهِ عظماً مِن عِظَامِ مُحَرَّرِهِ مِن النَّارِ، وأيُّما امرأةٍ أعْتَقَتْ امرأةً مسلمةً، فإن الله عزَّ وجل جاعلٌ وقاءَ كلِّ عظمٍ من عظامِها عظماً من عظام مُحَرَّرِها مِنَ النار يوم القيامة" (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4872)، وابن حبان (4307) من طريق عبد الله ابن سالم الأشعري، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (737) من طريق مالك بن أنس، كلاهما عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: كنت جالساً بأريحاء، فمر بي واثلة بن الأسقع متوكئاً على عبد الله بن الديلمي، فأجلسه، ثم جاء إليَّ فقال: عجبٌ ما حدثني الشيخ يعني واثلة، قلت: ما حدثك؟ قال ... فذكر الحديث. وعبد الله بن الديلمي -وهو ابن فيروز- ثفة، فالإسناد صحيح. وهو في "مسند أحمد" (16012) من حديث الغريف الديلمي، عن واثلة. وانظر تمام تخريجه والكلام عليه هناك. (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السَّدوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّسْتُوائي. وأخرج الحديث الأول منه، وهو في فضل الرمي في سبيل الله: النسائي في "المجتبى" (3143) من طريق هشام الدستُوائي، بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: أبو نجيح السُّلَمي: هو عَمرو بن عَبَسةَ. 3966 - حدَّثنا عبدُ الوهاب بنُ نَجْدةَ، حدَّثنا بقيةُ، حدَّثنا صفوانُ بنُ عميرو، حدَّثني سَلِيمُ بنُ عامِرٍ، عن شُرَحْبيلَ بنِ السِّمْطِ أنَّه قال لِعمرو بنِ عبَسةَ: حدِّثنا حديثاً سمعتَه مِنْ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَنْ أعتقَ رقبةً مؤمنةً كانت فِداءَهُ مِن النَّارِ" (¬1). ¬

_ = وأخرج الحديث الثاني النسائي في "الكبرى" (4859) من طريق هشام الدستوائي، وأخرج الحديث الثاني في "الكبرى" (4868) لكن دون ذكر إعتاق المرأة من طريق أبي عبد الرحمن الصُّنابحي؟ عن عمرو بن عبسة. والحديثان في "مسند أحمد" (17022). وأخرج الترمذي (1733)، والنسائي في "المجتبى" (3143) من طريق هشام الدستوائي، به. مرفوعاً: "من رمى بسهم في سيل الله، فهو له عَدل مُحرَّر" وهذا جزء من الحديث الثاني لم يذكره المصنف هنا. وأخرج هذه القطعة أيضاً ابن ماجه (2812) من طريق القاسم بن عبد الرحمن، والنسائي في "المجتبى" (3142) و (3145) من طريق شرحبيل بن السِّمط، كلاهما عن عمرو بن عبسة. وانظر تالييه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي- لكنه متابع في الحديث السابق قبله؟ وفيما سيأتي. وأخرجه النسائي في "المجتبى" (3142) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (957) من طريق أبي المغيرة عبد القدوس ابن الحجاج الخولاني، عن صفوان بن عمرو، بهذا الإسناد. وأبو المغيرة ثقة. =

16 - باب في فضل العتق في الصحة

3967 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن عمرو بنِ مُرةَ، عن سالمِ ابنِ أبي الجَعْدِ، عن شُرحبِيلَ بن السِّمط أنه قال لِكعْبِ بنِ مُرَّةَ -أو مُرَّة بنِ كعبٍ- حدِّثنا حديثاً سَمِعْتَهُ مِن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ، فذكر معنى معاذٍ، قوله: "أيُّمَا امرئٍ أعتق مُسلماً، وأيما امرأةٍ أعتقتِ امرأةً" زاد "وأيُّما رَجُلٍ أعتَق امرأتَينِ مسلمَتَينِ إلا كانتا فِكَاكَه مِنَ النَّارِ، يُجْزَى مكانَ كُلِّ عظمَيْن منهما عظمٌ مِن عظامه" (¬1). قال أبو داود: سالم لم يسمع من شرحبيل، مات شرحبيل بصِفِّين. 16 - باب في فضل العتق في الصحة 3968 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن أبي إسحاقَ، عن أبي حَبيبةَ الطائيِّ ¬

_ = وأخرجه النسائي في "المجتبى" (3145) من طريق خالد بن زيد أبي عبد الرحمن الشامي، عن شرحبيل بن السمط، به. وهو في "مسند أحمد" (17020). وانظر ما قبله. (¬1) صحيح دون قوله: "وأيما رجل أعتق امرأتين مسلمتين ... " وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، لأن سالم بن أبي الجعد لم يسمع من شرحبيل بن السِّمط كما قال المصنِّف بإثر الحديث. وأخرجه ابن ماجه (2522)، والنسائي في "الكبرى" (4863) من طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18059). وانظر سابقيه.

عن أبي الدَّرْدَاءِ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: مَثَلُ الذي يُعْتِقُ عِنْدَ الموتِ، كمثَلِ الذي يُهْدِي إذا شَبِعَ" (¬1). آخر كتاب العتق ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي حبيبة الطائي، فقد قال ابن معين في رواية عباس الدوري: لا أدري من هو. ومع ذلك صحح حديثه الترمذي، وابن حبان والحاكم، وحسنه الحافظ في الفتح، 5/ 374! أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه الترمذي (2256)، والنسائي (3614) من طريقين عن أبي إسحاق السبيعي، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (21718)، و"صحيح ابن حبان" (3336). ويشهد له حديث أبي هريرة قال: قال رجل لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: "أن تصَّدق وأنت صحيح حريص، تأمل البقاء وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا ولفلان كذا، وقد كان لفلان" وهو في "صحيح البخاري" (1419)، و"صحيح مسلم" (1032)، وسلف عند المصنف برقم (2865). وهذا لفظه.

أول كتاب الحروف

أول كتاب الحروف (¬1) 3969 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ محمدٍ النُّفيليُّ، حدَّثنا حاتِمُ بن إسماعيل، وحدَّثنا نصرُ بنُ عاصمٍ، حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن جعفر بنِ محمد، عن أبيه عن جابرٍ: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قرأ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] (¬2). 3970 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن هشامِ بنِ عُروة، عن عُروة عن عائشةَ: أن رجلاً قامَ مِن الليلِ، فقرأ، فرفعَ صوتَه بالقُرآنِ، فلما أصبح، قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: يَرْحَمُ اللهُ فلاناً كَأَيِّنْ (¬3) مِن آيةٍ أذكرنِيها الليلةَ كنتُ قد أسقطتُها" (¬4). ¬

_ (¬1) جاء عنوان هذا الكتاب في رواية أبي عيسى الرملى: كتاب القراءات وما يُروى عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فيها. أشار إليه في هامش (هـ). (¬2) إسناده صحيح. وقد سلف برقم (1905) ضمن حديث الحج الطويل وبرقم (1909) وهذه القراءة بكسر الخاء هي قراءة الأكثر، وقرأ ابن عامر ونافع بفتح الخاء. انظر "حجة القراءات" ص 113. وانظر "قراءات النبي - صلَّى الله عليه وسلم -" للدوري ص 71 و 72. (¬3) المثبت من (هـ)، وهو الموافق لقراءة الجماعة في قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} [آل عمران:146]، وفي بقية الأصول: كائن، وهي قراءة ابن كثير للآية، ومعنى كأيِّن وكائن معنى كم الخبرية. (¬4) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام، وحماد: هو ابن سلمة. وهو مكرر الحديث السالف برقم (1331). =

3971 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا عبدُ الواحِدِ بن زياد، حدَّثنا خُصَيفٌ، حدَّثنا مِقسَمٌ مولى ابنِ عباسِ، قال: قال ابنُ عبَّاسِ: نزلت هذه الآية: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران:161] في قطيفةٍ حمراءَ فُقِدَتْ يومَ بدرٍ، فقال بعضُ الناسِ: لعلَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أخذها، فأنزلَ اللهُ عزَ وجلَّ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} إلى آخر الآية (¬1). ¬

_ = قوله: "أسقطتها" قال أبو الطيب العظيم آبادي: بصيغة المجهول أو المعروف من باب الأفعال، وعند البخاري: "كنتُ أنسيتُها من سورة كذا وكذا. ورواية البخاري مفسِّرة لقوله: "أسقطتها"، فكأنه قال: أسقطتها نسياناً لا عمداً، قاله الحافظ. قال العلماء: ويجوز النسيان على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فيما ليس طريقه البلاغ والتعليم، قاله عياض والنووي وابن حجر رحمهم الله. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف خُصيف -وهو ابن عبد الرحمن- لكن روي الحديث بنحوه من طريقين آخرين يصح بهما إن شاء الله. وأخرجه الترمذي (3255) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال: حسن غريب. وهو في "شرح مشكل الآثار" (5601) و (5602). وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير" (11174)، وفي "الأوسط" (5313)، وفي "الصغير" (803)، ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" ص 84، والخطيب البغدادي في "تاريخه" 1/ 372 عن محمد بن أحمد بن يزيد النرسي، عن أبي عمر حفص ابن عمر الدُّوري، عن أبي محمد اليزيدي، عن أبي عمرو بن العلاء، عن مجاهد، عن ابن عباس. وهذا سند رجاله ثقات. وأخرج الطبراني في "الكبير" (11942) عن عبدان بن أحمد، عن محمد بن عبد الرحيم أبي يحيى صاعقة (وتحرف في المطبوع إلى: حدَّثنا صاعقة)، عن عبد الوهاب الخفاف، عن هارون بن موسى، عن الزبير بن الخريت، عن عكرمة، عن ابن عباس: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران:161] يقول: أن يتهمه أصحابه. ورجاله ثقات أيضاً. =

قال أبو داود: يَغُلَّ مفتوحة الياء. 3972 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا معتَمِرٌ، قال: سمعتُ أبي، قال: سمعتُ أنسَ بنَ مالكٍ يقولُ: قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: " اللهُمَّ إني أعوذُ بكَ من البَخَلِ والهَرَم" (¬1). قال أبو داود: مفتوحة الباء والخاء. 3973 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا يحيى بنُ سُلَيم، عن إسماعيلَ بنِ كثيرٍ، عن عاصم بنِ لقيط بنِ صَبِرة عن أبيه لقيط بنِ صَبِرَةَ قال: كنتُ وافدَ بني المُنتفِقِ -أو في وفْدِ بني المُنتفِقِ- إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فذكرَ الحديثَ، فقال -يعني النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم--: "لا تَحْسِبَنَّ" ولم يقل: {لَا تَحْسَبَنَّ} (¬2). ¬

_ = وقوله: (أن يَغُلَّ): هو بفتح الياء وضم الغين، أي: ما كان لنبي أن يخون أصحابه فيما أفاء الله عليهم، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وعاصم، وقرأ الباقون: يُغَلَّ، بضم الياء وفتح الغين، أي ة ما كان لنبي أن يَغُلَّه أصحابُه، أي: يخونوه، ثم أسقط (الأصحاب) فبقي الفعل غير مسمى فاعله، وتأويله: ما كان لنبي أن يخان. (¬1) إسناده صحيح. معتمر: هو ابن سُليمان بن طَرْخان التيمي، ومحمد بن عيسى: هو ابن الطبّاع البغدادي. وقد سلف عند المصنف برقم (1540). وقال ابن زنجلة في: "حجة القراءات" عند قوله تعالى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ} [النساء:37]: قرأ حمزة والكسائي: بالبَخَل، بفتح الباء والخاء، وقرأ الباقون: بالبُخل، وهما لغتان، مثل الحُزْن والحَزَن، والرُّشْد والرَّشَد. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن سُليم -وهو الطائفي-، لكنه متابع.=

مكسورة السين (¬1). 3974 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا سفيانُ، حدَّثنا عمرو بنُ دينارٍ، عن عطاء ¬

_ = وأخرجه الشافعي في "مسنده" 1/ 32 - 33، وابن حبان (1054) و (4510)، والطبراني في "الكبير" 19/ (480)، والحاكم 4/ 110، والبيهقي في "السنن" 7/ 303، وفي "المعرفة" (657)، والبغوي في "شرح السنة" (213) من طريق يحيى بن سُليم، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (80)، وأحمد (16384)، والطبراني 19/ (479)، والحاكم 2/ 232 - 233، والخطيب في "موضح الأوهام" 2/ 382 - 383 من طريق ابن جريج، والبخاري في "الأدب المفرد" (166) من طريق داود بن عبد الرحمن العطار، وأحمد (16382)، والبخاري في "التاريخ "الكبير" 1/ 370، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 8 - 9، والحاكم 2/ 233، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 111، والبيهقي في "الشعب" (9602) من طريق سفيان الثوري، والطبراني في "المعجم الكبير"، 19/ (483)، وفي "الأوسط" (7446) من طريق قرة بن خالد، أربعتهم عن إسماعيل بن كثير أبي هاشم، به. وقد سلف ضمن حديث مطول برقم (142). وقوله: لا تحسِبن ولم يقل: لا تَحْسَبَنَّ. قال النووي: مراد الراوي أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نطق بها مكسورة السين، ولم ينطق بها في هذه القضية بفتحها، فلا يظن ظان أني رَوَيتُها بالمعنى على اللغة الأقرب، أو شككت فيها أو غلطت، بل أنا متيقن بنطقه بالكسر. وقال ابن الجوزي في "زاد المسير" عند قوله تعالى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ} [الأنفال: 59]. قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو والكسائي وأبو بكر عن عاصم (ولا تحسبن) بالتاء وكسر السين إلا أن عاصماً فتح السين، وقرأ ابن عامر وحمزة وحفص عن عاصم: بالياء وفتح السين. (¬1) قوله: مكسورة السين، زيادة أثبتناها من (أ) وأشار إلى أنها في رواية ابن العبد.

عن ابن عباس، قال: لَحِقَ المسلمُون رجلاً في غُنَيمةٍ له، فقال: السلامُ عليكم، فقتلوه، وأخذوا تلك الغنَيمةَ، فنزلت: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء:94] تلك الغُنَيمة (¬1). 3975 - حدَّثنا سعيدُ بنُ منصورٍ، حدَّثنا ابنُ أبي الزِّناد (ح) وحدَّثنا محمدُ بنُ سُليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا حَجَّاجُ بنُ محمدٍ، عن ابنِ أبي الزِّنادِ -وهو أشبعُ- عن أبيه، عن خارجةَ بن زيد بن ثابت عن أبيه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقرأ: (غيرَ أولي الضَّرَر) (¬2) ولم يقل سعيد: كان يقرأُ (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (4591)، ومسلم (3025)، والنسائي في "الكبرى" (8536) و (11051) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه الترمذي (3279) من طريق سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس. وهو في "مسند أحمد" (2023)، و"صحيح ابن حبان" (4752). قال ابن زنجلة في "حجة القراءات" ص 209: قرأ نافع وابن عامر وحمزة: {لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ} بغير ألف، أي: المقادة والاستسلام، وعن الربيع قال: الصلح. وقرأ الباقون: {السَّلَامَ} أي: التحية وحجتهم في ذلك أن المقتول قال لهم: السلام عليكم، فقتلوه وأخذوا سَلبَه، فأعلمَ اللهُ أن حق مَن ألقى السلام أن يُتبَيَّن أمرُه. (¬2) المثبت في ضبط (غيرَ) بالنصب، من (أ) و (ب) وأشار في هامش (هـ) إلى أنه كذلك بالنصب في رواية ابن الأعرابي وأبي عيسى الرملي واللؤلؤي من طريق أبي ذر. وضبط في (هـ): (غيرُ) بالرفع. والصحيح الذي أثبتناه بالنصب كما جاء منصوصاً عليه في "قراءات النبي - صلَّى الله عليه وسلم -" لأبي حفص الدوري من طريق ابن أبي الزناد. وكما ضبطت في أكثر روايات "السنن". (¬3) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد من أجل ابن أبي الزناد -واسمه عبد الرحمن- فهو ضعيف يعتبر به، وقد توبع. =

3976 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، قال: حدَّثنا. وحدثنا محمدُ بنُ العلاءِ قال: أخبرنا عبدُ الله بنُ المبارك، حدَّثنا يونس بن يزيد، عن أبي علي بنِ يزيدَ، عن الزهري عن أنسِ بنِ مالكٍ، - قال: قرأها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: {وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45] (¬1). ¬

_ = وقد سلف بأطول مما هاهنا برقم (2507). قال ابن زنجلة في "حجة القراءات" ص 259 - 210: قرأ نافع وابن عامر والكسائي: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} بنصب الراء، وقرأ الباقون بالرفع، قال الزجاج: فأما الرفع فمن جهتين: إحداهما: أن يكون "غير" صفة للقاعدين ان كان أصلها أن تكون صفة للنكرة، المعنى: لا يستوي القاعدون الذين هم غير أولي الضرر، أي: لا يستوي القاعدون الأصحاء والمجاهدون وإن كانوا كلهم مؤمنين. قال: ويجوز أن يكون "غير" رفعاً على جهة الاستثناء. المعنى: لا يستوي القاعدون والمجاهدون إلا أولو الضرر، فإنهم يساوون المجاهدين، لأن الذي أقعدهم عن الجهاد الضرر. ومن نصب جعله اسشناء من القاعدين، وهو استثناء منقطع عن الأول، المعنى: لا يستوي القاعدون إلا أولي الضرر، فإنهم يساوون، وحجتهم أن الأخبار تظاهرت بأن هذه الآية لما نزلت شكا ابن أم مكتوم إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عجزه عن الجهاد في سيل الله، فاستثنى اللهُ أهلَ الضرر من القاعدين وأنزل: (غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ). (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي علي بن يزيد - وهو ابن أبي النّجاد الأيلي، أخو يونس. فقد جهّله أبو حاتم كما في "العلل" لابنه 2/ 79، وقال البخاري فيما نقله عنه الترمذي بإثر (3157): تفرد ابن المبارك بهذا الحديث عن يونس بن يزيد. وأخرجه الترمذي (3156) عن أبي غريب محمد بن العلاء، و (3157) عن سويد ابن نصر، كلاهما عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (13249) وزاد في روايته: نصب النفس ورفع العين. وانظر ما بعده. =

3977 - حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، أخبرني أبي، حدَّثنا عبدُ الله بنُ المباركِ، حدَّثنا يونسُ بنُ يزيدَ، عن أبي علي بنِ يزيدَ، عن الزهريِّ عن أنس بنِ مالك: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قرأ: (وكتبنا عليهم فيها أن النفسَ بالنفس والعينُ بالعين) (¬1). 3978 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا فُضَيلُ بنُ مرزوقٍ، عن عطيَّةَ ابنِ سَعْد العَوفيِّ، قال: قرأت على عبدِ الله بنِ عُمَرَ {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ} [الروم: 54] فقال: {مِنْ ضُعْفٍ} قرأتُها على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كما قرأتَها عليَّ، فأخَذَ علىَّ كما أخذتُ عليك (¬2). ¬

_ = قال ابن مجاهد في "السبعة" ص 244: واختلفوا في الرفع والنصب من قوله: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلى قوله: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ}: فقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} ينصبون ذلك، ويرفعون: {وَالْجُرُوحُ}. وقرأ عاصم ونافع وحمزة بنصب ذلك كله. وقرأ الكسائي: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} نصباً، ورفع ما بعد ذلك كله. (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. (¬2) إسناده ضعيف لضعف عطية بن سعْد العوفي. زهير: هو ابن معاوية، والنُّفَيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيل. وأخرجه الترمذي (3164) و (3165) من طريق فضيل بن مرزوق، به، وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث فضيل بن مرزوق. وهو في "مسند أحمد" (5227). وانظر ما بعده. ويريد ابن عمر أنه قرأ على النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كلمة "ضعف" بفتح الضاد، فأقرأه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - "ضعف" بضمها. قال البغوي في "تفسيره" 3/ 487: الضم لغة قريش، والفتح لغة تميم. =

3979 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى القُطَعِيُّ، حدَّثنا عُبيدٌ -يعني ابنَ عَقيل- عن هارونَ، عن عبدِ الله بنِ جابر، عن عطية عن أبي سعيد، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: (من ضُعْفٍ) (¬1). 3980 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن أسلم المِنْقَرِيِّ، عن عبدِ الله، عن أبيه عبدِ الرحمن بنِ أبزى، قال: قال أُبيُّ بن كعب: (بفضْل الله وبِرحمتِه فَبِذلِكَ فلتَفْرحوا) [يونس: 58] (¬2). ¬

_ = وقال ابن زنجلة في "حجة القراءات" ص 562: قرأ عاصم وحمزة: "من ضَعْفٍ" بفتح الضاد، وقرأ الباقون بالرفع، وهما لغتان مثل: القَرْح والقُرْح. وقال ابن الجزري في "النشر"2/ 331: واختلف عن حفص، فروى عنه عُبيد وعمرو أنه اختار فيها الضم خلافاً لعاصم للحديث الذي رواه عن الفضيل بن مرزوق، عن عطية العوفي، عن ابن عمر مرفوعاً. وروينا عنه من طرق أنه قال: ما خالفت عاصماً في شيء من القرآن إلا في هذا الحرف. (¬1) إسناده ضعيف لضعف عطية -وهو ابن سعْد العَوفي- محمد بن يحيى القُطَعي: هو ابن أبي حَزْم. وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 2/ 238 من طريق عبد الله بن جابر، به. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده حسن من أجل عبد الله بن عبد الرحمن بن أبْزَى، فهو صدوق حسن الحديث. سفيان: هو الثوري. وأخرجه أحمد (21137)، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (534) و (535)، والطبري 11/ 126، والشاشي (1438)، والحاكم 3/ 304، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 251، وفي "معرفة الصحابة" (751) و (752)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (2594)، والضياء المقدسي في "المختارة" (1228) من طريق أسلم المنقري، بهذا الإسناد. وقد تصحفت الآية عند بعضهم في المطبوع إلى: "فليفرحوا" بالياء، وإنما هي في قراءة أبيّ بالتاء، كما قال أبو داود بإثر الحديث. وانظر ما بعده. =

3981 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الله، حدَّثنا المغيرةُ بنُ سَلَمَةَ، حدَّثنا ابنُ المبارَك، عن الأجْلَح، حدَّثني عبدُ الله بنُ عبدِ الرحمن بن أبزى، عن أبيه عن أُبيٍّ أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قرأ: (بفضلِ الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا، هو خيرٌ مما تجمعون) (¬1). قال أبو داود: بالتاء (¬2). ¬

_ = وقوله: {فلتفرحوا}، بالتاء المثناة من فوق على أمر المخاطبين، وهي قراءة يعقوب الحضرمي أحد القراء العشرة في رواية رُوَيس اللؤلؤي، وقرأ الباقون: {فليَفرَحُواْ}، بالياء المثناة من تحت على أمر الغائبين، وقرأ أبي بن كعب أيضاً في تتمة الآية: {هُوَ خَيْرٌ مِمَّا تَجْمَعُونَ} [يونس:58] بالتاء الفوقية على الخطاب، وبها قرأ ابن عامر الدمشقي وأبو جعفر المدني ورُوَيس اللؤلؤي وقرأ الباقون: {يَجْمَعُونَ} بالياء التحتية على الغيبة، ورجح ابن جرير الطبري قراءة الياء التحتانية في الحرفين جميعاً. انظر "جامع البيان" 11/ 126، و"حجة القراءات" ص 424، و"النشر في القراءات العشر" 2/ 285. (¬1) حديث حسن. الأجلح -وهو ابن عبد الله بن حُجَيَّه الكِنْدي- ضعيف يعتبر به، وقد توبع في الحديث السابق. وأخرجه الطيالسي (545)، وأبو عُبيد في "فضائل القرآن" ص 358، وأحمد (21136)، والبخاري في "خلق أفعال العباد" (536) و (537) و (538)، والطبري في "تفسيره" 11/ 126، والشاشي في "مسنده" (1437)، والحاكم 2/ 240 - 241، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 251، وفي "معرفة الصحابة" (750)، والضياء المقدسي (1227)، والمزي في ترجمة عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى من "تهذيب الكمال"، وابن الجزري في "النشر في القراءات العشر" 2/ 285 من طريق الأجلح بن عبد الله الكندي، به. وقد تصحفت الآية عند بعضهم في المطبوع إلى: {فليَفرَحُواْ} بالياء، وإنما هي في قراءة أبي بن كعب بالتاء كما قال المصنف بإثر الحديث. وقد جاء إسناد الطيالسي في المطبوع: عن الأجلح، عن زر، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبيه. عن أبي بن كعب، وهو خطأ. وانظر ما قبله. (¬2) قول أبي داود هذا أثبتناه من (أ). وأشار إلى أنه في رواية ابن العبد.

3982 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا ثابت، عن شَهْرِ ابنِ حَوْشَب عن اْسماءَ بنتِ يزيدَ، أنها سَمِعَتِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقرأ: (إنه عَمِلَ غَيْرَ صالحٍ) (¬1). 3983 - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ المختار- حدَّثنا ثابت، عن شهرِ بنِ حوشب، قال: سألتُ أمَّ سلمةَ: كيفَ كانَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقرأُ هذه الآية: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} [هود: 46] فقالت: قرأها: (إنه عَمِلَ غيرَ صالح) (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لضعف شهر بن حوشب. ثابت: هو ابن أسلم البُناني. وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 311، والطيالسي (1631)، وأحمد (27569) و (27606) و (27595)، وأبو عمر حفص الدُّوري في "قراءات النبي" (60) و (61) و (98) من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. وله شاهد من حديث عائشة عند البخاري في "التاريخ الكبير"1/ 286 - 287، والفراء في "معاني القرآن" 2/ 17 - 18، وأبي عمر حفص الدُّوري في "قراءات النبي" (62)، والحاكم 2/ 241 من طريق محمد بن جُحادة، عن أبيه، عن عائشة. وجُحادة لم يرو عنه غير ابنه. وآخر من حديث ابن عباس عند أبي الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" 2/ 22، وأبي نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 302 وإسناده حسن في الشواهد. ويؤيده أيضاً ما أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 310، وسعيد بن منصور في قسم التفسير (1092)، والطبري في "تفسيره" 12/ 51 و 53 عن ابن عباس أنه قرأ: {إنه عَمِلَ غيرَ صالح} وإسناده صحيح. وقد قرأ بهذه القراءة الكسائي ويعقوب كما في "النشر" 2/ 289. (¬2) حديث حسن بشواهده كما سلف بيانه عند الحديث السابق. وأم سلمة هي=

قال أبو داود: رواه هارونُ النحويُّ وموسى بنُ خلف، عن ثابتٍ، كما قال عبدُ العزيز. 3984 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا عيسى، عن حمزةَ الزياتِ، عن أبي إسحاقَ، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ، عن ابنِ عباس عن أُبي بنِ كعب، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا دعا بَدَأ بنفسه، وقال: "رحمةُ الله علينا وعلى موسى، لو صَبَرَ لرأى مِن صاحِبِه العَجَبَ، ولكنه قال: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} [الكهف: 76]. طوَّلها حمزة (¬1). ¬

_ = كنية أسماء بنت يزيد فيما قاله عبد بن حميد وأبو زرعة والخطيب البغدادي وغيرهم، وهو الذي استظهره ابن كثير في "تفسيره"، وقال الحافظ في "النكت الظراف" 13/ 11: جزم جماعة من الأئمة بأن أم سلمة التي روى عنها شهر هي أسماء بنت يزيد الأنصارية، لكن وقع في بعض حديثه وصفها بأم المؤمنين، فإن ثبت، تعينت أنها زوجُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. ثابت: هو ابنُ أسلم البناني. وأخرجه الترمذي (3159) و (3160) من طريقين عن ثابت البناني، به. وهو في "مسند أحمد" (26518). وانظر ما قبله، فقد ذكرنا ثَمَّ شواهدَه. (¬1) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وحمزة الزيات: هو ابن حبيب، وعيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي. وأخرجه مسلم (2380)، والنسائي في "الكبرى" (11244) من طريق رقبة بن مصقلة، ومسلم (2380) (5813) من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، و (11248) من طريق حمزة الزيات، ثلاثتهم عن أبي إسحاق السبيعي، بهذا الإسناد. ورواية رقبة وإسرائيل مطولة. ولم يسق مسلم رواية إسرائيل. ولم يذكر إسرائيل في روايته قوله: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا}. وأخرجه ضمن حديث مطول البخاري (3401) و (4725)، ومسلم (2380)، والترمذي (3416)، والنسائي في "الكبرى" (11245) من طريق عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، به. =

3985 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الرحمن أبو عبد الله العنبريُّ، حدَّثنا أميةُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا أبو الجارِيهِ العبديُّ، عن شُعبةَ، عن أبي إسحاقَ، عن سعيدِ بنِ جُبير، عن ابنِ عباسٍ عن أُبيِّ بنِ كعب، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: أنه قرأها: {قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي} [الكهف: 76] وثقَّلها (¬1). 3986 - حدَّثنا محمدُ بنُ مسعودٍ، حدَّثنا عبدُ الصَّمدِ بنُ عبدِ الوارثِ، حدَّثنا محمدُ بنُ دينارٍ، حدَّثنا سعدُ بنُ أوسٍ، عن مِصْدَعٍ أبي يحيى، قال: ¬

_ = وأخرج قطعة ابتدائه -صلَّى الله عليه وسلم- الدعاء لنفسه الترمذي (3682) من طريق أبي قطن عمرو ابن الهيثم، عن حمزة الزيات، به. وهو في "مسند أحمد" (21114) و (21118) و (21123) و (21126)، والروايات الثلاث الأولى زوائد عبد الله بن أحمد. وانظر ما بعده. وقوله: طولها حمزة، أي: ثقل لدني، وقرأها بتشديد النون. قرأ ابن كثير وأبو عمرو، وابن عامر وحمزة والكسائي وعاصم: (من لَدُنِّي) مثقل، وقرأ نافع وأبو جعفر (مِن لَدُنِي) بضم الدال مع تخفيف النون. انظر"زاد المسير" لابن الجوزي 5/ 174، و"البدور الزاهرة" للقاضي عبد الفتاح ص 195. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي الجارية العبْدي، وهو متابع. وأخرجه الترمذي (3161) من طريق أمية بن خالد، بهذا الإسناد. وأخرجه حفص بن عمر الدوري في "قراءات النبي - صلَّى الله عليه وسلم -" (76)، والطبري 15/ 288، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4895) و (4896) من طريق حمزة الزيات، عن أبي إسحاق. وهو في زوائد عبد الله بن أحمد على "المسند" لأبيه (21124). وانظر ما قبله.

سمعتُ ابنَ عباسِ يقولُ: أقرأني أبيُّ بنُ كعبٍ كما أقرأه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} [الكهف:86] مخففة (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح من حديث عبد الله بن عباس، وهذا إسناد ضعيف لضعف سعد بن أوس -وهو العدوي- وضعف محمد بن دينار. وهما متابعان. وأخرجه الترمذي (3162) من طريق محمد بن دينار، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. والصحيح ما روي عن ابن عباس قراءته. قال: ويُروى أن ابن عباس وعمرو بن العاص اختلفا في قراءة هذه الآية وارتفعا إلى كعب الأحبار في ذلك، فلو كانت عنده رواية عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لاستغنى بروايته ولم يَحتجْ إلى كعب. قلنا: أما قول الترمذي لو كانت عنده رواية عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فقد ثبت عنه رواية من غير هذا الطريق، فقد أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (282)، والطبراني في "الكبير" (12480)، وفي "الصغير" (1115)، والحاكم في "المستدرك" 2/ 237 - 238 و 244 من طريق عبد الغفار بن داود الحراني، عن حماد بن سلمة، عن عبد الله ابن عثمان بن خُثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقرأ {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}. وإسناده عند الطحاوي والحاكم في الموضع الثاني جيد. لكن قال الطحاوي: كأن هذا الحديث مما لم يرفعه أحد من حديث حماد بن سلمة غير عبد الغفار بن داود، وهو مما يخطئه فيه أهل الحديث، ويقولون: إنه موقوف على ابن عباس، وقد خالفه فيه أصحاب حماد فلم يرفعوه، فممن خالفه فيه منهم خالد بن عبد الرحمن الخراساني، وحجاج بن منهال الأنماطي. قلنا: ثم أخرجه من طريقيهما بإسناده إليهما موقوفاً على ابن عباس. وهذا وإن روي موقوفاً على ابن عباس، لم يكن ابن عباس ليبتدعه من عند نفسه، وإنما هو مما نقله عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أو عمن نقله عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أمثال أبيٍّ وغيره من كبار قراء الصحابة. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 411 من طريق خليل بن أحمد الفراهيدي، وعبد الرزاق 2/ 412 والطحاوي في "شرح المشكل" 1/ 258 و 260 من طريق عمرو ابن ميمون بن مهران، والطبري في "تفسيره" 16/ 11 من طريق إسماعيل بن أمية ثلاثتهم عن عثمان بن حاضر (وقيل: ابن أبي حاضر)، قال: قال لي ابن عباس: لو =

3987 - حدَّثنا يحيى بنُ الفضلِ، حدَّثنا وُهَيبٌ -يعني ابنَ عمرو النَّمَرِي- أخبرنا هارونُ، أخبرني أبانُ بنُ تَغلِبَ، عن عطيةَ العوفيِّ عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إن الرَّجُلَ مِنْ أهْلِ عِلَّيينَ لَيُشرِفُ على أهلِ الجنةِ فتُضِيءُ الجنَّةُ لِوَجهه كأنها كَوكَبٌ دُرِّيٌّ -قال: وهكذا جاء الحديثُ "دُرِّيّ"مرفوعة الدالِ لا تُهمَزُ- وإنَّ أَبا بكرٍ وعمر لَمِنْهُم وأنْعَمَا" (¬1). ¬

_ = رأيتَ إليَّ وإلى معاوية وقرأت: {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ}، فقال: حامية، ودخل كعب فسأله، فقال: أنتم أعلم بالعربية مني، ولكنها تغرب في عين سوداء، أو قال: في حمأة ... هذا لفظ خليل بن أحمد، وقال الآخران: تغيب في ثأط، والثأط: الطين. وقد تحرف اسم عمرو بن ميمون إلى عمرو بن مبذول، واسم إسماعيل بن أمية إلى إسماعيل بن عُلَية، وإسناد طريق الخليل صحيح. وأخرجه الطبري 16/ 11، والطحاوي في "شرح المشكل" 1/ 257 من طريق عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: قرأت {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} وقرأ عمرو بن العاص {في عين حامية} فأرسلنا إلى كعب، فقال: إنها تغرب في حمأة طينة سوداء. وإسناده صحيح عند الطحاوي. وأخرجه أيضاً 16/ 11 من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه كان يقرأ هذا الحرف: {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} ويقول: حمأة سوداء تغرب فيها الشمس. وإسناده رجاله ثقات. قال ابن زنجلة في "حجة القراءات" ص 428 - 429: قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر: {فِي عَيْنٍ حامِيَةٍ} بالألف، أي: حارة ... وقرأ الباقون: {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} مهموزاً، فالحمأة: الطين المنتن المتغير اللون والطعم. قوله: مخففة، أي: بحذف الألف بعد الحاء، أي: لا حامية، كما في قراءة. وستأتي رواية بالقراءة الثانية -أي بالألف- برقم (4002). (¬1) حديث صحيح دون قوله: "وإن أبا بكر وعمر لمنهم وأنعما" فصحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عطية العوفي -وهو ابن سعْد- هارون: هو ابن موسى العتكي مولاهم النحوي، ويحيى بن الفضل: هو ابن يحيى العَنَزي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (96)، والترمذي (3987) من طريق عطية العوفي، به. لكنهما لم يقولا في روايتيهما: "كوكب دُرِّي"، انما قال ابن ماجه: "الكوكب الطالع في الأفق" وقال الترمذي: "النجم الطالع في أفق السماء". وهو في "مسند أحمد" (11213). وأخرجه أحمد أيضاً (11206) من طريق مجالد بن سعيد، عن أبي الوداك، عن أبي سعيد. ومجالد ضعيف، وسياقه فيه اختلاف. وأخرجه البخاري (3256)، ومسلم (2831) من طريق عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، مرفوعاً: "إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تَراءون الكوكبَ الدُّريَّ الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم"، قالوا: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم؟ قال: "بلى، والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله، وصدّقوا المرسلين". وأخرجه البخاري (6556) من طريق النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري، مرفوعاً بلفظ: "إن أهل الجنة ليتراءون الغرف في الجنة كما تتراءون الكوكب الغارب في الأفق الشرقي والغربي". وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد في "فضائل الصحابة" (706)، والطبراني في "الأوسط" (6006) وفيه: "وإن أبا بكر وعمر لمنهم وأنعما" وإسناده حسن. وعن جابر بن سمرة عند الطبراني في "الكبير" (2065) وفيه أيضاً: "وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما" قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": وفيه: الربيع بن سهل الواسطي لم أعرفه. وفي قوله تعالى: {كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ} [النور:35] اختلف القراء في قراءة كلمة (دريّ) فقرأها نافع وابن كثير وابن عامر وحفص وأبو جعفر ويعقوب وخلف: {دُرِّيٌّ} بضم الدال وتشديد الياء من غير مَدّ ولا همز، نسبة إلى الدُّرّ لصفائها، وقرأ أبو عمرو والكسائي (دِرِّيءٌ) بكسر الدال والراء وياء بعدها همزة ممدودة صفة كوكب على المبالغة، وهو بناء كثير في الأسماء نحو سِكّين، وفي الأوصاف نحو سِكّير. وقرأ أبو بكر وحمزة (دُرِّيءٌ) بضم الدال، ثم ياء ساكنة ثم همزة ممدودة من الدرء بمعنى الدفع، أي: يدفع بعضها بعضاً، أو يدفع ضوؤها خفاءها. انظر "حجة القراءات"، لابن زنجلة ص 499، و"إتحات فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر" لأحمد بن عبد الغني البناء ص 324. وقوله: "وأنعما" أي: زادا وفَضَلا.

3988 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ وهارونُ بنُ عبد الله، قالا: حدَّثنا أبو أُسامةَ، حدَّثني الحسنُ بنُ الحكم النَّخعيُّ، حدَّثنا أبو سَبْرة النخعيُّ عن فَروةَ بن مُسَيكٍ الغُطَيفيِّ، قال: أتيتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فذكر الحديثَ، فقال رجلٌ مِن القومِ: يا رسولَ الله، أخبِرنا عن سبأ، ما هُوَ؟ أرْضٌ أم امرأةٌ؟ فقال: أليس بأرضِ ولا امرأةِ، ولكنه رجلٌ ولَدَ عشرةً من العرب، فتيامن سِتةٌ، وتشاءم أربعةٌ" (¬1). قال عثمانُ: الغَطَفانيُّ، مكانَ الغُطَيفي، وقال: حدَّثنا الحسنُ بن الحكم النخعي. 3989 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدةَ وإسماعيلُ بنُ إبراهيم أبو مَعمرِ الهذَلي، عن سفيانَ، عن عمرٍو، عن عِكرمة حدَّثنا أبو هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -قال إسماعيلُ: عن أبي هريرة روايةً- فذكر حديثَ الوحي، قال: فذلك قوله: حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ} [سبأ: 23] (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل أبي سبْرة النخعي، فقد روى عنه ثلاثة وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد جوّد إسناده الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 6/ 492. وأخرجه الترمذي (3501) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (24009/ 87 و 89 و 90). وفي الباب عن عبد الله بن عباس عند أحمد في "مسنده" (2898)، وفي "فضائل الصحابة" (1616)، والطبراني (12992)، وابن عدي في "الكامل" 4/ 1470، والحاكم 2/ 423. وإسناده حسن. (¬2) إسناده صحيح. عمرو: هو ابن دينار، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (4701)، وابن ماجه (194)، والترمذي (3502) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. =

3990 - حدَّثنا محمدُ بنُ رافع النَّيسابوريُّ، حدَّثنا إسحاقُ بن سليمان الرازيُّ، سمعتُ أبا جعفرٍ يذكُرُ، عن الربيع بنِ أنس عن أُمِّ سلمة زوج النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قالت: قراءَةُ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -: (بلى قَدْ جاءتْكِ آياتي فكَذّبتِ بها واسْتَكْبَرتِ وكنتِ من الكافرين) [الزمر: 59] (¬1). ¬

_ = وهو في "صحيح ابن حبان" (36). وقولى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ} كذا ضبطت في (أ) و (ب) و (هـ)، وضبطت في (ج): فَرَغَ، بالفاء والراء المهملة والغين المعجمة بالتحريك، لكن جاء عند البخاري بإثر الحديث أن سفيان بن عيينة روى عن عمرو، عن عكرمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قرأ: (فُرِّغ) بالفاء المضمومة والراء المهملة المشددة والغين المعجمة، وقال سفيان: وهي قراءتُنا. وذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" 6/ 452 أنها قر اءة الحسن وقتادة وابن يعمر، قال: وهو بمعنى الأول، لأنها فرغت من الفزع. وقال الحافظ في "الفتح" 8/ 539: وهذه القراءة رويت أيضاً عن الحسن وقتادة ومجاهد، والقراءة المشهورة بالزاي والعين المهملة. وقرأها ابن عامر [قلنا: ويعقوب الحضرمي] (فَزَّعَ) مبنيا للفاعل، ومعناه بالزاي والمهملة: أدهشَ الفزع عنهم، ومعنى التي بالراء والغين المعجمة: ذهب عن قلوبهم ما حلّ فيها. وقال السهارنفوري في "بذل المجهود" 16/ 319: وهذه القراءة بالراء والمعجمة خارجة عن القراءات المتواترة. (¬1) إسناده ضعيف لضعف أبي جعفر -وهو عيسى بن أبي عيسى ماهان الرازي- وقول المصنف بإثر الحديث: هذا مرسل، هو كما قال، وعنى بقوله: مرسل أنه منقطع، إطلاق المرسل على المنقطع شائع عند الأئمة المتقدمين. لكن جاء تعيين الواسطة بين الربيع وبين أم سلمة، وهو أبو العالية رُفيع بن مِهران، عند الحاكم في "مستدركه" وغيره، فإن صح ذكر الواسطة يبقي ضعفُ أبي جعفر الرازي. وأخرجه أبو عمر حفص بن عمر الدُّوري في "قراءات النبي" (99) عن محمد بن عنبسة، والخطيب في تاريخ بغداد" 6/ 324 من طريق الحسن بن مُكرم، كلاهما عن إسحاق بن سليمان الرازي، بهذا الإسناد. ويغلب على الظن أن محمد بن عنبسة محرّف عن محمد بن عيسى -وهو ابن رزين التيمي الرازي- والتحريف قديم، لأن المزي ذكر في ترجمة الدوري من شيوخه محمد بن عنبسة، فالله تعالى أعلم. =

قال أبو داود: هذا مرسلٌ، الربيعُ لم يُدْرِكْ أُمَّ سلمة. 3991 - حدَّثنا مسلم بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا هارونُ بنُ موسى النَّحويُّ، عن بُدَيل بن ميسرة، عن عبدِ الله بنِ شقيقٍ عن عائشة، قالت: سَمِعْتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يقرؤها: (فرُوحٌ ورَيحانٌ) [الواقعة: 89] (¬1). ¬

_ = وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/ 237 و 252 من طريق إسحاق بن أحمد بن مهران، والطبراني في "المعجم الكبير" 23/ (943)، والخطيب في "تاريخه" 6/ 324 من طريق نعيم بن حماد، كلاهما عن إسحاق بن سليمان الرازي، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أم سلمة. وإسحاق بن أحمد بن مهران وثقة الحافظ الذهبي في "تاريخ الإسلام". وهذه القراءة ضبطت بكسر تاء الخطاب في المواضع الأربعة، على أن الخطاب للنفس. قال الإِمام الطبري في "تفسيره" 11/ 20: والقراءة التي لا أستجيز خلافها ما جاءت به قراءُ الأمصار مجمعة عليه، نقلاً عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو الفتحُ في جميع ذلك. قلنا: يعني فتح ضمائر الخطاب. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه الترمذي (3167)، والنسائي في "الكبرى" (11502) من طريق هارون ابن موسى النحوي الأعور، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (24352). قال ابن الجوزي في "زاد المسير" 8/ 156 - 157: الجمهور يفتحون الراء، وفي معناها الفرح أو الراحة، أو المغفرة، أو الجنة، أو رَوح من الغم الذي كان فيه، أو روح في القبر، أي: طيب نسيم، وقرأ أبو بكر الصديق وأبو رَزين والحسن وعكرمة وابن يعمر، وقتادة ورُويس عن يعقوب، وابن أبي سريج عن الكسائي: (فرُوح)، برفع الراء، وفي معنى هذه القراءة قولان: أحدهما: أن معناها فرحمة، والثاني: فحياة وبقاء، قال الزجاج: معناه فحياة دائمة لا موت معها. =

3992 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل وأحمدُ بنُ عَبْدَةَ، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن عمرو، عن عطاءٍ -قال ابنُ حنبل: يعني عن عطاء، قال أحمد: لم أفهمه جيداً-، عن صفوان -قال ابن عَبْدةَ: ابنِ يَعْلى- عن أبيه، قال: سمعتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- على المِنْبَر يقرأ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ} [الزخرف: 77] (¬1). قال أبو داود: يعني بلا تَرخِيمٍ (¬2). 3993 - حدَّثنا نَصْرُ بنُ عليٍّ، أخبرنا أبو أحمدَ، أخبرنا إسرائيلُ، عن أبي إسحاقَ، عن عبدِ الرحمن بنِ يزيد عن عبد الله، قال: أقرأني رَسُولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلم: (إني أنا الرزَّاق ذو القوة المتين) [الذاريات: 58] (¬3). ¬

_ = تنبيه: جاء في بعض النسخ أشار إليها أبو الطيب زيادة: قال أبو عيسى -أي الرملي - بلغي عن أبي داود أنه قال: هذا حديث منكر. قلنا: لا ندري ما وجه نكارته عنده -إن صح هذا عنه- وقد رواه عن بديل حماد بن زيد أيضاً عند الحاكم 2/ 250. (¬1) إسناده صحيح. يعلى: هو ابن أمية التميمي، وعطاء: هو ابن أبي رباح، وعمرو: هو ابن دينار، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (3230) و (3266) و (4819)، ومسلم (871)، والترمذي (514)، والنسائي في "الكبرى" (11415) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17961). وهو عندهم جميعاً (يا مالك) بإثبات الكاف وهي قراءة الجمهور، قال ابن الجوزي وقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن مسعود وابن يعمر "يا مالِ" بغير كاف مع كسر اللام، قال الزجاج: وهذا يسميه النحويون الترخيم، ولكني أكرهها لمخالفة المصحف. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). وهي تبين أن بعضهم قد قرأها بالترخيم، كما أشار إليه ابن الجوزي والزجاج. وهي قراءة شاذّة. (¬3) إسناده صحيح. عبد الله: هو ابن مسعود، وعبد الرحمن بن يزيد: هو ابن =

3994 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا شُعبةُ، عن أبي إسحاقَ، عن الأسودِ عن عبدِ الله أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يقرأُ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 15] يعني مُثَقَّلاً (¬1). قال أبو داود: مضمومةُ الميم مفتوحةُ الدَّالِ مكسورةُ الكافِ. 3995 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ الملك بنُ عبدِ الرحمن الذِّمَاريُّ، حدَّثنا سفيانُ، حدَّثني محمدُ بنُ المنكدِرِ ¬

_ = في النخعي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وإسرائيل: هو ابن يونس ابن أبي إسحاق السّبيعي، وأبو أحمد: هو محمد بن عبد الله الزُّبيري. وأخرجه الترمذي (3169)، والنسائي في "الكبرى" (7660) و (11463) من طريق إسرائيل بن يونس السبيعي، بهذا الإسناد. وهو في "مسندأحمد" (3741)، و"صحيح ابن حبان" (6329). قلنا: وهذه القراءة شاذة مع صحة إسنادها لمخالفتها القراءة المتواترة {إنَّ اللهَ {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:58]. (¬1) إسناده صحيح. عبد الله: هو ابن مسعود، والأسود: هو ابن يزيد النخعي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وشعبة: هو ابن الحجاج. وأخرجه البخاري (3341)، ومسلم (823)، والترمذي (3166)، والنسائي في "الكبرى" (11491) من طريق أبي إسحاق السبيعي، به. وهو في "مسند أحمد" (3755)، و"صحيح ابن حبان" (6327) ولفظ أحمد: عن ابن مسعود قال: أقرأني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن (مُدَّكِر) أو (مُذَّكِر)؟ قال: أقرأني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم (مُدَّكِر) أي: بالدال المهملة. وقوله: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} بالدال المهملة المشددة، وهي قراءة عامة القراء، وأصل مدكر مفتعل من ذكر اجتمعت فاء الفعل وهي ذال وتاء، وهي بعد الذال، فصيرتا دالاً مشددة، وكذلك تفعل العرب يما كان أوله ذالاً يتبعها تاء الافتعال، يجعلونهما جميعاً دالاً مشددة، فيقولون: ادَّكرتُ ادّكاراً وإنما هو اذتكرت اذتكاراً. قاله الطبري في جامع البيان 27/ 95 - 96.

عن جابرٍ، قال: رأيتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يقرأ: (يَحْسِبُ أنَّ مالَهُ أخْلَدَه) [الهمزة: 3] (¬1). 3996 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن خالدٍ، عن أبي قلابة عمن أقرأه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: (فيومئذٍ لا يُعَذَّبُ عذابَه أحدٌ، ولا يُوثَقُ وثاقَه أحدٌ) [الفجر: 25 - 26] (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل عبد الملك بن عبد الرحمن الذِّماري. سفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11634) من طريق عبد الملك بن هشام الذِّماري. بهذا الإسناد. هكذا قال: عبد الملك بن هشام، وإنما هشام جده، والنسبة إلى الجد سائغة. وهو في "صحيح ابن حبان"، (6332). وهذه القراءة بكسر السين، قرأ بها أبو عمرو ونافع وابن كثير والكسائي وخلف ويعقوب، وقرأ الباقون بفتح السين. انظر "النشر" لابن الجزري 2/ 236، و"إتحاف فضلاء البشر" لأحمد بن عبد الغني البناء ص 443. (¬2) رجاله ثقات، لكلنه اختُلف في إسناده على أبي قلابة -وهو عبد الله بن زيد الجرمي- كما سيأتي. خالد: هو ابن مهران الحذاء. وأخرجه أحمد (20691)، وأبو عمر حفص الدوري في "قراءات النبي" (126) و (127)، والطبري في "تفسيره" 30/ 189، والحاكم 2/ 255 من طرق عن خالد الحذاء، به. وأخرجه الحسن بن سفيان كما في "الإصابة" للحافظ ابن حجر 2/ 142، ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" في ترجمة حويرث، من طريق روح بن عبد المؤمن، عن عُبيد بن عَقيل، عن سليمان أبي محمد القافلاني، عن خالد الحذاء، والحاكم 3/ 627، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" من طريق سويد بن سعيد، عن عُبيد بن عقيل، عن سليمان القافلاني، عن عاصم الجَحْدري، كلاهما عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث، فسمى الصحابي مالك بن الحويرث. وسويد وسليمان القافلاني ضعيفان. =

3997 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا حمادٌ، عن خالدٍ الحذَّاءِ، عن أبي قِلابة، قال: أنباني من أقرأه النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- أو من أقرأه من أقرأه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - (فيومئذٍ لا يُعَذَّبُ) [الفجر:25] (¬1). قال أبو داود: قرأ عاصمٌ وسليمانُ الأعمشُ وطلحةُ بنُ مُصرِّفٍ وأبو جعفرٍ يزيدُ بنُ القَعقاع، وشَيْبَةُ بنُ نِصَاحٍ ونافعُ بنُ عبد الرحمن وعبدُ اللهِ ابنُ كثيرٍ الدَّارِيُّ، وأَبو عمرو بنُ العلاءِ وحمزةُ بن حبيب الزَّيَّات وعبدُ الرحمن الأعرجُ، وقتادةُ والحسنُ البصريُّ ومجاهدٌ، وحُمَيدٌ الأعرجُ وعبدُ الله بنُ عباس {لَا يُعَذِّبُ}، {وَلَا يُوثِقُ} وعبد الرحمن بن أبي بكر أيضاً قرأ: {لَا يُعَذِّبُ} وقرؤوا كلهم {وَلَا يُوثِقُ} إلا الحديثَ المرفوعَ، فإنه (يُعذَّب) بالفتح (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن منده كما في "أسد الغابة" 6/ 427، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" من طريق عبيد الله بن موسى العبْسي، عن سليمان الخوزي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث. وسليمان الخوزي مجهول. وانظر ما بعده. وهذه القراءةُ على البناء للمفعول في كلمتي (يُعذَّب) و (يُوثَق) قرأ بها الكسائي ويعقوب، وقرأ الباقون على البناء للفاعل. انظر "النشر" 2/ 400، و "إتحاف فضلاء البشر" للبناء ص439. (¬1) رجاله ثقات كسابقه. وأخرجه الرامَهُزمُزي في "المحدث الفاصل" ص 482 من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن العبد.

3998 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ ومحمدُ بنُ العلاءِ، أن محمدَ بنَ أبي عبيدة حدَّثهم، حدَّثنا أبي، عن الأعمَشِ، عن سعدٍ الطائي، عن عَطيةَ العَوْفي عن أبي سعيد الخدري، قال: حدَّثَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حديثاً ذكر فيه "جبريل وميكائيل" فقال: (جَبْرَائل ومِيكائل) (¬1). 3999 - حدَّثنا زيدُ بنُ أخزمَ، حدَّثنا بِشرٌ -يعني ابنَ عمر- حدَّثنا محمدُ ابنُ خازِمٍ، قال: ذُكر كيفَ قراءةُ جبريل وميكائل عندَ الأعمش، فحدَّثنا الأعمشُ، عن سعْدٍ الطائيِّ، عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري، قال: ذكَر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صاحب الصُّورِ فقال: "عن يمينه جَبْرَائِل، وعن يسارهِ ميكَائِل" (¬2). 4000 - حدَّثنا أحمدُ بنَ حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا معمر، عن الزهريِّ -قال معمر: وربما ذكرَ ابنَ المسيَّب- قال: ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عطية العوفي -وهو ابن سعْد-. أبو عُبيدة: هو عبد الملك ابن مَعْن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهُذلي، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران. وأخرجه أبو عمر الدوري في "قراءات النبي - صلَّى الله عليه وسلم -" (18)، وابن أبي داود في "المصاحف، ص 95، وأبو الشيخ في "العظمة" (379)، والحاكم 2/ 264 من طرق عن الأعمش، به. وجاء عند الدوري بعد الرواية زيادة توضح القراءة، فقال: مهموزان. لكن تحرف عنده إلى: جبرائيل وميكائيل، والصواب حذف الياء. (¬2) إسناده ضعيف لضعف عطية العوفي. محمد بن خازم: هو أبو معاوية الضرير معروف بكنيته. وأخرجه أحمد (11069)، وابن أبي داود في "المصاحف" ص 95، والحاكم 2/ 264 من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- وأبو بكرٍ وعُمر وعثمانَ يقرؤون: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} وأوَّل من قرأها (مَلِكِ يومِ الدِّينِ) مَروانُ (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل، ومراسيل ابن المسيب تُعَدُّ من أقوى المراسيل. وأخرجه أبو عمر حفص الدُّوري (4) و (5) و (6)، وابن أبي داود في "المصاحف" ص 104 من طريق أبي مُطرِّف طلحة بن عُبيد الله، وابن أبي داود ص 103 من طريق معمر بن راشد، كلاهما عن الزهري: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر وعثمان قرؤوا: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}. قلنا: يعني بالألف وجعلاه من مرسل الزهري. وأخرجه أبو عمر (2)، والترمذي (3155)، وابن أبي داود ص 103 من طريق أيوب بن سويد، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن أنس. وأيوب بن سويد كان سيئ الحفظ، ولهذا قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث الزهري عن أنس بن مالك إلا من حديث هذا الشيخ أيوب بن سويد الرملي، وقال أبو داود بإثر مرسل ابن المسيب: هذا أصح من حديث الزهري، عن أنس، والزهري عن سالم، عن أبيه. وقال ابن عدي في "الكامل" 5/ 1926: ليس ذاك بمحفوظ. وأخرجه أبو عمر الدوري (1)، وابن أبي داود ص 104، وتمام في "فوائده" (1377) من طريق أبي بكر بن عياش، عن سليمان التيمي، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب والبراء بن عازب قال ابن أبي داود: هذا عندنا وهم وإنما هو سليمان بن أرقم. وأخرجه سعيد بن منصور في قسم التفسير من "سننه" (169)، وأخرجه ابن أبي داود ص 103 من طريق أبي الربيع، كلاهما (سعيد بن منصور وأبو الربيع) عن هشيم بن بشير، قال: أخبرنا مُخبر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه. وفي إسناده من لم يُسمَّ. وأخرجه ابن أبي داود ص 103 عن محمد بن عوف، عن سعيد بن منصور، عن هشيم، قال: أخبرني مخبر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه إلا أنه قال: {مَلِكِ يوم الدين}. وتحرف في "المطبوع" إلى: "مالك"، والصواب {مَلِك} كذلك جاءت رواية محمد بن عوف. قال ابن أبي داود: هذا عندنا وهم، والصواب رواية أبي الربيع وغيره عن هشيم. وكل من رواه عن الزهري متصلاً وغير متصل ف {مالِك} إلا رجل واحد فإنه قال: {مَلِك} قلنا: الوهم فيه من محمد بن عوف، لأن سعيد بن منصور قد رواه في "سننه" كما سلف قريباً فقال في روايته: {مالك} بالألف. =

قال أبو داود: هذا أصحُّ مِن حديث الزهريِّ عن أنسٍ، والزهريِّ عن سالمٍ عن أبيه. ¬

_ = وأخرجه أبو عمر (3)، والعقيلي في "الضعفاء" 3/ 15، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1925 - 1926 من طريق عبد العزيز بن الحصين، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. قال العقيلي: لا يتابع عليه عبد العزيز، والرواية فيه من غير هذا الوجه مضطربة فيها لين، وقال ابن عدي: هذا بهذا الإسناد منكر. وأخرجه ابن أبي داود ص 103 من طريق بحر بن كنيز السّقّاء، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وبحر هذا ضعيف جداً. وأخرجه أبو يعلى (4159)، وابن أبي داود ص 104 من طريق أبي إسحاق الحُميسي، عن مالك بن دينار، عن أنس بن مالك. وأبو إسحاق الحُميسي -واسمه خازم بن الحُسين- ضعيف. وقد جاءت هذه القراءة عن عمر بن الخطاب من طريقين آخرين، أولهما: عن هشيم، عن الحجاج بن أرطأة، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عمر، أخرجه من هذا الطريق سعيد بن منصور في قسم التفسير من "سننه" (170). وهذا إسناد حسن في المتابعات. وثانيهما: عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، قال: كان عمر يقرأ ... أخرجه من هذا الطريق سعيد بن منصور أيضاً (172) وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، لأن النخعي يصغر عن إدراك عمر، لكنه يصلح للمتابعات. ويشهد لقراءة {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} بالألف حديثُ أبي هريرة عند مسلم (395) وسلف عند المصنف برقم (821) في الحديث الطويل، وفيه: "قال الله تعالى: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ... وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال الله تعالى: مَجَّدني عَبْدي ... ". قال ابن كثير في "تفسيره" 1/ 40: مروان عنده علم بصحة ما قرأه، لم يطلع عليه ابن شهاب. والله أعلم. قلنا: يشهد لقراءته بغير الألف حديث أم سلمة الآتي بعده. وقد قرأها {مالِكِ} بالألف عاصم والكسائي ويعقوب وخلف، وقرأها الباقون بغير ألف. انظر "إتحاف فضلاء البشر" للبناء ص 122.

4001 - حدَّثنا سعيدُ بنُ يحيى الأمويُّ، حدَّثني أبي، حدَّثنا ابنُ جُريج، عن عبدِ الله بن أبي مُلَيكةَ عن أُمِّ سلمة ذكرت -أو كلمةً غيرَها- قراءةَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} يُقَطِّع قراءته آيةً آيةً (¬1). قال أبو داود: سمعت أحمدُ يقولُ: القراءة القديمة {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (¬2). 4002 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ وعُبيدُ اللهِ بنِ عُمر بنِ مَيْسَرَةَ، -المعنى- قالا: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، عن سفيان بنِ حُسينٍ، عن الحكم بنِ عتيبة، عن إبراهيمَ التيميِّ، عن أبيه عن أبي ذَرٍّ، قال: كنتُ رَدِيفَ رسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو على حِمارٍ، والشمسُ عندَ غروبها، فقال: "هل تَدرِي أين تَغْرُبُ هذه؟ قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: "فإنَّها تغْرُبُ في عَيْنٍ حاميةٍ" (¬3). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات إلا أنه اختلف فيه على عبد الله بن أبي مُليكة كما أوضحناه في "مسند أحمد" (26451) و (26583). فمرة يروى عن ابن أبي مليكة، عن بعض أزواج النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ومرة يروى عنه عن أم سلمة، ومرة يُروى عنه عن يعلى بن مملك، عن أم سلمة كما سلف برقم (1466). ويعلى بن مملك مجهول. ومع ذلك فقد صحح هذا الحديثَ ابنُ خزيمة والدارقطني والحاكم. لكن قال الترمذي: هذا حديث غريب، وقال الذهبي في "السير" 15/ 362 - 363: غريب منكر، وإسناده نظيف. وأخرجه الترمذي (3154) من طريق يحيى بن سعيد الأموي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26583). وانظر ما قبله. (¬2) ما نقله أبو داود عن أحمد -وهو ابنُ حنبل- زيادة أئبتناها من (هـ). (¬3) إسناده صحيح. إبراهيم التيمي: هو ابن يزيد بن شريك. =

4003 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا حجّاجٌ، عن ابنِ جُرَيجٍ، أخبرني عُمَرُ بنُ عطاءٍ، أن مولىَ لابنِ الأسقعِ -رجُلَ صدقٍ- أخبره ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (7669)، وأحمد (21459)، وأبو عمر الدُّوري في "قراءات النبي" (78)، والبزار في "مسنده" (4010)، وأبو يعلى في "مسنده" كما في "تخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي 2/ 310، والطبري في "تفسيره" (14222)، والحاكم 2/ 244، وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تخريج أحاديث الكشاف" 2/ 310، وأبو زكريا ابن منده في "معرفة أسامي أرداف النبي" ص 41 من طريق سفيان بن حسين، بهذا الإسناد اختصره أبو داود ولفظه عند أحمد وغيره بتمامه عن أبي ذر قال: كنت مع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - على حمارٍ وعليه بَزْذعَة أو قطيفة، قال: وذلك عند غروب الشمس، فقال لي: "يا أبا ذر، هل تدري أين تغيب هذه؟ " قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنها تغرُبُ في عينٍ حامية، تنطلق حتى تخِرّ لربها ساجدةً تحت العرش، فإذا حان خروجها أذن الله لها فتخرج فتطلع، فإذا أراد أن يُطلعها من حيث تغرب حبسها، فتقول: يا رب إنّ مسيري بعيد، فيقول لها: اطلعي من حيث غبت، فذلك حين لا ينفع نفساً إيمانها". وقد تحرفت كلمة "حامية" عند بعضهم إلى "حمئة"، والصحيح في حديث سفيان بن حسين: "حامية" كذلك قراءة أبي ذر وعبد الله بن عمرو بن العاص وأبيه ومعاوية بن أبي سفيان كما سلف بيانه عند تخريج الحديث (3986). وأصل الحديث في "صحيح البخاري" (3199)، ومسلم (159) من طريق إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر. وليس فيه عندهما "أنها تغرب في عين حامية". وقد قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وحفص ويعقوب بالهمز من غير ألف (حمئة)، صفة مشبهة يقال: حمئت البئر، تحمأ حمأً فهي حبة، إذا صار فيها الطين. وقرأ الباقون (حامية) بألف بعد الحاء وإبدال الهمز ياء مفتوحة اسم فاعل من حمى يحمي، أي: حارة، ولا تنافي بينهما؟ لجواز أن تكون العين جامعة للوصفين: الحرارة وكونها من طين. انظر "النشر" 2/ 314، و"إتحاف فضلاء البشر" ص 294. وقال الطبري: هما قراءتان مستفيضتان في قرأة الأمصار، ولكل واحدة منهما وجه صحيح، ومعنى مفهوم. والمراد من قوله تعالى: {وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} نهاية مدرك البصر إليها حال الغروب.

عن ابنِ الأسْقَعِ، أنه سمعه يقول: إن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - جاءهم في صُفَّةِ المهاجرين فسأله إنسانٌ: أيُّ آية في القرآن أعظمُ؟ قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة:255] (¬1). 4004 - حدَّثنا أبو معمرٍ عبدُ اللهِ بنُ عمرو بنِ أبي الحجَّاج المِنْقَرِيُّ، حدَّثنا عبدُ الوارِثِ، حدَّثنا شيبانُ، عن الأعمشِ، عن شقيق عن ابنِ مسعودٍ، أنه قرأ {هَيْتَ لَكَ} [يوسف:23] فقال شقيقٌ: ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لابهام مولى ابن الأسفع بالفاء على ما ضبطه ابن ماكولا، ونقله عنه ابن الأثير وأقره، غير أنهما قالا: عن الأسفع البكري تبعاً لرواية الطبراني حيث رواه من طريق مسلم بن خالد الزنجي عن ابن جريج فسماه كذلك، ومسلم ضعيف وقد انفرد بتسميته كذلك، والصحيح: ابن الأسفع. لكن جزم أبو القاسم ابن عساكر في "الأطراف" - وسكت عنه المزي 9/ 81 - 82 - بأنه ابن الأسقع بالقاف وأنه واثلة الصحابي المعروف، وحجته أنه من المهاجرين وأنه من أهل الصُّفَّة، فالله تعالى أعلم. وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" تعليقاً 8/ 430 من طريق سعيد بن سالم، عن ابن جريج، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (999)، ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" في ترجمة الأسفع البكري، وابن الأثير في "أسد الغابة" 1/ 89 في ترجمة الأسفع أيضاً، من طريق مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن جريج، عن عمر بن عطاء، أن مولى ابن الأسفع رجل صدق أخبره، عن الأسفع البكري. كذا سماه مسلم بن خالد في رواية الأسفع، ومسلم ضعيف الحديث. وتحرف "الأسفع" عند الطبراني وأبي نعيم إلى "الأسقع " بالقاف، وجاء في إسناد أبي نعيم وابن الأثير: أخبرني عمر بن عطاء مولى ابن الأسقع، وهو تحريف. وفي الباب عن أبيّ بن كعب عند مسلم (810). وسلف عند المصنف (1460) وإسناده صحيح.

إنا نقرؤها: (هِئْتُ لَكَ) فقال ابنُ مسعود: أَقرَؤُهَا كما عُلِّمْتُ أحبُّ إليَّ (¬1). 4005 - حدَّثنا هنَّاد، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن شَقيقٍ، قال: قيلَ لِعبد الله: إن أُناساً يَقْرَؤون هذه الأيةَ (وقالت هِئتُ لَكَ)، فقال: إني أقرأُ كما عُلِّمتُ أحبُّ إليَّ {وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ} [يوسف:23] (¬2). 4006 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحِ (ح) وحدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهْرِيُّ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرنا هشامُ بنُ سعْد، عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن عطاء بن يَسارٍ عن أبي سعيد الخُدري، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: قال الله عزَّ وجلَّ لبني إسرائيل: (ادخُلُوا البابَ سُجَّداً وقولوا حِطَّةٌ تُغفَرْ لكُم خطاياكُم) [البقرة:58] (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. شقيق: هو ابن سلمة أبو وائل، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي، وعبد الوارث: هو ابن سعيد العنبري. وأخرجه البخاري (4692) من طريق شعبة، عن الأعمش، به. وانظر ما بعده. وقد قرأ بقراءة ابن مسعود هذه (هَيْتَ) أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف، وقرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر في رواية ابن ذكوان (هِيْتَ) بكسر الهاء وفتح التاء من غير همز، وقرأ ابن عامر في رواية هشام بن عمار من طريق الحلواني كذلك لكن بالهمز (هِئْتَ). ومن طريق غير الحلواني (هِئْتُ) بكسر الهاء مع الهمز وضم التاء، وقرأ ابن كثير (هَيْتُ) بفتح الهاء وضم التاء من غير همز. انظر"النشر" 2/ 293 - 295، و"إتحاف فضلاء البشر" ص 263. (¬2) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، وهناد: هو ابن السَّرِي. وانظر ما قبله. (¬3) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في الشواهد. هشام بن سعْد ضعيف يُعتبر به. =

4007 - حدَّثنا جعفرُ بنُ مُسافِرٍ، حدَّثنا ابن أبي فُديكٍ، عن هشام بن سعد، بإسناده، مثلَه (¬1). 4008 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، حدَّثنا هشامُ بن عُروة، عن عُروة أن عائشة، قالتْ: نزلَ الوحيُ على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقرأ عليها {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا} [النور:1] (¬2). قال أبو داود: يعني مخفَّفةً، حتى أتى على هذه الآيات. آخر كتاب الحروف ¬

_ = وانظر ما بعده. ويشهد له حديث أبي هريرة عند البخاري (4641)، ومسلم (3015)، وهو في "مسند أحمد" (8230)، و"صحيح ابن حبان" (6251). وقد اختلف القراء في قراءة كلمة {نَغْفِرْ} التي في هذه الآية من سورة البقرة، والتي في سورة الأعراف (الآية: 161) أيضاً، فقرأ ابن عامر بالتأنيث فيهما (يعني بالتاء: تُغفَر). وقرأ نافع وأبو جعفر بالتذكير في هذه الآية (يعني بالياء: يُغفر)، والتأنيث في الأعراف، ووافقهما يعقوب في الأعراف. واتفق هؤلاء الأربعة على ضم حرف المضارعة وفتح الفاء على المبني للمفعول وقرأ الباقون بالنون وفتحها وكسر الفاء في الموضعين على البناء للفاعل. انظر "النشر" 2/ 215. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف سابقه. ابن أبي فُديك: هو محمد بن إسماعيل. وأخرجه البزار (1812 - كشف الأستار) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة. وقد قرأ بقراءة عائشة هذه بتخفيف الراء دون تشديد في كلمة "فرضاها" نافع وابن عامرِ وعاصم والكسائي وحمزة وأبو جعفر ويعقوب وخلف، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو (وفرَّضْنَاها) بتشديد الراء للمبالغة.

أول كتاب الحمام

أول كتاب الحمّام 4009 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن عبدِ اللهِ بنِ شدّادٍ، عن أبي عُذرَةَ عن عائشة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عَنْ دُخُولِ الحمامَاتِ، ثم رَخَّصِ للرجالِ أن يدخلوها في المَيَازِرِ (¬1). 4010 - حدَّثنا محمدُ بنُ قُدامةَ بن أعْيَنَ، حدَّثنا جرير. وحدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، حدَّثنا شُعبةُ -جميعاً- عن منصورٍ، عن سالمِ ابنِ أبي الجَعْدِ -قال ابنُ المثنَّى: عن أبي المليحِ- قال: دخل نسوةٌ مِنْ أهلِ الشَّامِ على عائشة، فقالت: مِمن أنتنَّ؟ فُقلن: من أهْلِ الشَّامِ، قالت: لعلَّكُنَ مِن الكُورَةِ التي تدخلُ نساؤُها الحمَّاماتِ؟ قلن: نعم، قالت: أما إني سَمِعْتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "ما مِن امرأةٍ تخلعُ ثيابَها في غيرِ بيتهَا إلا هتكَتْ ما بينها وبينَ الله عزَّ وجلَّ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي عُذرة. وأخرجه ابن ماجه (3749)، والترمذي (3010) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: إسناده ليس بذاك القائم. وهو في "مسند أحمد" (25006). (¬2) إسناده صحيح. منصور: هو ابن المعتمر، وشعبة: هو ابن الحجاج، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه ابن ماجه (3750)، والترمذي (3011) من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. =

باب النهي عن التعري

هذا حديثُ جريرٍ، وهو أتمُّ، ولم يذكر جريرٌ أبا المليحِ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ. 4011 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ زيادِ ابنِ أنْعُمٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ رافع عن عبدِ الله بن عمرو، أن رسُولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إنَّها ستُفتَحُ لكم أرضُ العجم، وسَتَجِدُونَ فيها بيوتاً يُقال لها: الحمَّاماتُ، فلا يدخُلَنَّها الرجالُ إلا بالأُزُرِ، وامنعُوها النِّساء إلا مريضةً أو نُفَسَاءَ" (¬1). باب النهي عن التَّعرِّي (¬2) 4012 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ نُفَيلٍ، حدَّثنا زُهيرٌ عن عبد الملك بن أبي سليمانَ العَرْزَميِّ، عن عطاء عن يَعْلى: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ رأى رجُلاَ يغتسِلُ بالبَراز بلا إزَارٍ، فصعِدَ المنبر، فحمدِ الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله عزَّ وجلَّ حَييٌّ سِتِّيرٌ، يحب الحياءَ والسَّترَ، فإذا اغتسلَ أحدُكم فليَسْتَتِرْ" (¬3). ¬

_ = قال المناوي في "فيض القدير" 3/ 136: "وضعت ثيابها في غير بيت زوجها" كناية عن تكشُّفها للأجانب وعدم تسترها منهم، "فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله عزّ وجلّ" لأنه تعالى أنزل لباساً ليوارين به سَوءاتهن، وهو لباس التقوى، وإذا لم يتقين الله وكشفن سوءاتهن هتكن الستر بينهن وبين الله تعالى، وكما هتكت نفسها ولم تصُن وجهها وخانت زوجها يهتك الله سترها، والجزاء من جنس العمل، والهتك: خرق الستر عما وراءه، والهتيكة الفضيحة. (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن زياد بن أنعم -وهو الإفريقي- وضعف شيخه عبد الرحمن بن رافع. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه ابن ماجه (3748) من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، به. (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (هـ). (¬3) حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع، عطاء -وهو ابن أبي =

4013 - حدَّثنا محمد بن أحمدَ بن أبي خَلَفٍ، حدَّثنا الأسودُ بنُ عامِرٍ، حدَّثنا أبو بكر بنُ عيّاشٍ، عن عبدِ الملكِ بن أبي سُليمانَ، عن عطاءٍ، عن صَفوانَ ابنِ يعلى، عن أبيه، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، بهذا الحديثِ (¬1). قال أبو داود: الأوُّل أتَمُّ. 4014 - حدَّثنا عبدُ الله بنِ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن أبي النَّضر، عن زُرْعَةَ ابن عبد الرحمن بن جَرْهَدٍ عن أبيه -قال: كانَ جَرْهَدٌ من أصحاب الصفة-، أنه قال: جَلَسَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عندنا وفخذي مُنكشِفةٌ، فقال: "أما علمتَ أن الفخذَ عورةٌ؟ " (¬2). ¬

_ = رباح- لم يسمع من يعلى -وهو ابن أمية- بينهما فيه صفوان بن يعلى، كما جاء في الطريق الآتي بعده. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه النسائي (406) من طريق عبد الله بن محمد النُّفيليُّ، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17968). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده حسن. أبو بكر بن عياش صدوق حسن الحديث وثقه غير واحد، لكن حديثه لا يرتقي إلى مرتبة الصحة. وأخرجه النسائي (407) من طريق الأسود بن عامر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (17970). وانظر ما قبله. (¬2) حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه كما أوضحناه في "مسند أحمد، (15926). وقد ضعفه البخاري لذلك في "تاريخه". وعبد الرحمن بن جرهد مجهول الحال. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية. وأخرجه الترمذي (3003) من طريق سفيان بن عيينة، عن أبي النضر، عن زرعة ابن مسلم بن جرهد، عن جده جرهد. وقال: هذا حديث حسن، ما أرى إسناده بمتصل. وأخرجه أيضاً (3005) من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عبد الله بن جرهد، عن أبيه وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه كذلك (3004) من طريق أبي الزناد، عن ابن جَرهد، عن أبيه. وقال: هذا حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (15926). وفي الباب عن علي بن أبي طالب سيأتي بعده. وعن عبد الله بن عباس عند الترمذي (3006) وإسناده ضعيف. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد (6756) وغيره قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "وإذا أنكح أحدكم عبده أو أجيره، فلا ينظرن إلى شيء من عورته، فإن أسفل من سرته إلى ركبته من عورته" وإسناده حسن. وسلف عند المصنف برقم (496). وعن محمد بن جحش عند أحمد (22494) وغيره. وإسناده حسن في الشواهد. وقد روي عن أنس بن مالك أنه -صلَّى الله عليه وسلم- حسر عن فخذه حتى إن أنساً لينظر إلى فخذ نبي الله -صلَّى الله عليه وسلم-، أخرجه البخاري (371)، ومسلم بإثر (1427)، وبإثر (1801)، وقال البخاري في باب ما يذكر في الفخذ: ويُروى عن ابن عباس وجَرهَد ومحمد بن جحش عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "الفخذ عورة"، وقال أنس: حسر النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن فخذه، وحديث أنس أسند، وحديث جَرهد أحوط، حتى يُخرج من اختلافهم. وقال الحافظ في "الفتح" 1/ 479: وقد اعترض الإسماعيلي استدلال المصنف -يعني البخاري- بهذا -يعني بحديث أنس- على أن الفخذ ليست بعورة، لأنه ليس فيه التصريح بعدم الحائل، قال: ولا يظن ظانٌّ؟ أن الأصل عدم الحائل، لأنا نقول: العضو الذي يقع عليه الاعتماد يُخبر عنه بأنه معروف الموضع، بخلاف الثوب. انتهى. والظاهر أن المصنف تمسك بالأصل. ونقل الحافظ 1/ 480 عن القرطبي المحدث قوله: حديث أنس وما معه إنما ورد في قضايا معينة في أوقات مخصوصة يتطرق إليها احتمال الخصوصية أو البقاء على أصل الإباحة ما لا يتطرق إلى حديث جَرهد ومن معه، لأنه يتضمن إعطاء حكم كلي واظهار شرع عام فكان العمل به أولى، ولعل هذا هو مراد المصنف بقوله: وحديث جرهد أحوط. وقال النووي في "شرح مسلم" عند حديث أنس بإثر (1427): ويحمل أصحابنا هذا الحديث على أن انحسار الإزار وغيره كان بجر اختياره -صلَّى الله عليه وسلم- فانحسر للزحمة واجراء المركوب، ووقع نظر أنس إليه فجأة لا تعمداً. =

4015 - حدَّثنا عليُّ بنُ سهْلٍ الرمليُّ، حدَّثنا حجَّاجٌ، عن ابنِ جُريج، قال: أُخبرت عن حَبيبِ بنِ أبي ثابتٍ، عن عاصم بنِ ضَمْرةَ عن عليٍّ، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تَكْشِفْ فَخِذَكَ، ولا تنظر إلى فَخِذِ حيٍّ ولا مَيِّتٍ" (¬1). قال أبو داود: هذا الحديث فيه نكارة. 4016 - حدَّثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ الأمويُّ، عن عثمانَ بنِ حكيمٍ، عن أبي أُمامة بنِ سهلٍ عن المِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ، قال: حملتُ حجراً ثقيلاً، فبينَا أنا أمشي فسقط عنِّي ثوبي، فقال لي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "خُذْ عليك ثوبَكَ، ولا تمْشُوا عُرَاةً" (¬2). ¬

_ = وقال ابن قدامة في "المغني" 2/ 284: والصالح في المذهب أن العورة من الرجل ما بين الُسُّرة والركبة، نص عليه أحمد في رواية جماعة، وهو قول مالك والشافعي وأصحاب الرأي، وأكثر الفقهاء، وعن أحمد رواية أخرى أنها الفرجان، قال مهنا: سألت أحمد: ما العورة؟ قال: الفرج والدبُر، وهذا قول ابن أبي ذئب وداود. قلنا: وقد نقل النووي فيما حكاه عنه الحافظ في "الفتح" 1/ 481 هذا المذهب أيضاً عن ابن جرير والاصْطخري، لكن تعقَّبه الحافظُ بأن ابن جرير ذكر المسألة في "تهذيبه" ورد على من زعم أن الفخذ ليست بعورة. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، وهو مكرر الحديث السالف برقم (3140). ويشهد له ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. عثمان بن حكيم: هو ابن عباد بن حنيف الأنصاري، إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن معمر الهُذَلي القَطيعي. وأخرجه مسلم (341) من طريق يحيى بن سعيد الأموي، بهذا الإسناد.

4017 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، حدَّثنا أبي، وحدَّثنا ابنُ بشارٍ، حدَّثنا يحيى -نحوه- عن بَهْز بن حَكِيم، عن أبيه عن جدِّهِ، قال: قلتُ: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، عوراتُنا ما نأتي منها وما نذرُ؟ قال: "احفظ عورتكَ إلا من زوجتِكَ أو ما ملكت يَمِينُكَ" قال: قلتُ: يا رسولَ الله، إذا كان القومُ بعضُهم في بعضٍ، قال: "إن استطعتَ أن لا يرينَّها أحدٌ فلا يرينَّها" قال: قلتُ: يا رسول الله إذا كان أحدُنَا خالياً، قال: "اللهُ أحق أن يُسْتَحيا مِنَ الناسِ" (¬1). 4018 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ إبراهيم، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، عن الضحّاكِ ابن عُثمانَ، عن زيدِ بنِ أسلم، عن عبدِ الرحمن بنِ أبي سعيدٍ الخُدري عن أبيه، عن النبيٌ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "لا ينظرُ الرَّجُلُ إلى عِرْيَةِ (¬2) الرَّجُلِ، ولا المرأةُ إلى عُرْيةِ المرأةِ، ولا يُفْضِي الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ في ثوبٍ واحِدٍ، ولا تُفْضِي المرأة إلى المرأةِ في ثَوبٍ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده حسن، وقد سلف بنحوه برقم (2143) وانظر تخريجه هناك. (¬2) في رواية ابن العبد: عورة. (¬3) إسناده قري من أجل الضحاك بن عثمان -وهو الحِزامي- فهو صدوق لا بأس به. ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل بن مُسلم. وأخرجه مسلم (338)، وابن ماجه (661)، والترمذي (3001)، والنسائي في "الكبرى" (9185) من طريق الضحاك بن عثمان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (11601)، و"صحيح ابن حبان" (5574). وقوله: عرية. قال النووي: ضبطناها على ثلاثة أوجه "عِرْية" بكسر العين وإسكان الراء، و"عُرْية" بضم العين وإسكان الراء، و"عُرَيَّه" بضم العين وفتح الراء وتشديد الياء، وكلها صحيحة، قال أهل اللغة: عرية الرجل بضم العين وكسرها متجرده، والثالثة على التصغير.=

4019 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا ابنُ عُليَّه. وحدَّثنا مُؤمّلُ بنُ هِشامٍ، حدَّثنا إسماعيلُ، عن الجريريِّ، عن أبي نَضْرَةَ، عن رجلٍ من الطُّفاوَةِ عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يُفْضيِنَّ رجلٌ إلى رجُلٍ ولا امرأةٌ إلى امرأةٍ إلا إلى ولدٍ أو والِدٍ" قال: وذكر الثالثةَ فنسيتُها (¬1). آخر كتاب الحَمّام ¬

_ = وفي "النهاية": لا ينظر الرجل إلى عرية المرأة، هكذا جاء في بعض روايات مسلم، يريد ما يَعْرَى منها وينكشف، والمشهور في الرواية "لا ينظر إلى عورة المرأة". (¬1) حديث صحيح دون قوله: "إلا إلى ولدٍ أو والدٍ"، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الطُّفاوي نشة إلى الطُّفاوة: حي من قيس عيلان، وهم منسوبون إلى أمهم طُفاوة بنت جرم بن زبان نسب إليها غير واحد، والطفاوة: موضع بالبصرة، نزلوه فنسب إليهم. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة، والجُريري: هو سعيد بن إياس، وابن علية: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقسم. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (124)، وأحمد (9775) و (10977)، وابن حبان (5583)، والبيهقي 7/ 98 و 194 من طريقين عن سعيد بن إياس الجريري، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2752) عن هدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، عن الجُريري، عن أبي نضْرة، عن الطفاوي. فجعله من حديث الطُّفاوي نفسه. وبذلك عدَّه في الصحابة. وانفرد بذلك هدبة، عن حماد، ورواه سائر أصحاب حماد، وسائر أصحاب الجريري، فقالوا جميعاً: عن الطفاوي، عن أبي هريرة، وهو الصواب. وأخرجه ابن أبي شيبة 4/ 396 من طريق مروان بن معاوية، عن الجريري، به غير أنه جاء فيه: "ولا الوالد ولده، ولا الولد والده". وأخرجه أحمد (8318)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3258)، والطبراني في "الصغير" (653)، و"الأوسط" (5855) من طريق هشام بن حسان القردوسي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تباشر المرأةُ المرأةَ، ولا الرجلُ الرجلَ". وإسناده صحيح.

أول كتاب اللباس

أول كتاب اللّباس 1 - باب ما جاء في اللباس (¬1) 4520 - حدَّثنا عمرو بنُ عَونٍ، أخبرنا ابن المبارَكِ، عن الجُريري، عن أبي نَضرَةَ عن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ إذا استجدّ ثوباً سمَّاه باسمه: إما قميصاً أو عِمامةً، ثم يقول: "اللهم لكَ الحمدُ، أنتَ كسَوْتَنِيهِ، أسالُكَ مِن خَيرِه، وخَيرِ ما صُنِع له، وأعُوذُ بِك مِنْ شرِّهِ، وشرِّ ما صُنِعَ له" قال أبو نضرة: وكان أصحابُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إذا لبس أحدُهم ثوباً جديداً قيل له: تُبْلي ويُخْلِفُ الله عزّ وجلّ (¬2). ¬

_ (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (هـ). (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد ضيف. الجُريري -وهو سعيد بن إياس- كان قد اختلط، وسماع ابن المبارك -وهو عبد الله- منه بعد اختلاطه، وقد تابعه جماعة، لكنهم جميعاً رووا عنه بعد اختلاطه خلا خالد بن عبد الله الواسطي وحماد بن أسامة، فلم يُنص على أنهما سمعا منه قبل أو بعد الاختلاط. ورواه عنه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وهو ممن سمع منه قبل اختلاطه فخالفهم في إسناده، كما أشار المصنف بإثر الحديث (4022)، فقد رواه الثقفي عن الجريري، عن أبي نضرة مرسلاً، وكذلك رواه حماد بن سلمة -وهو ممن سمع من الجريري قبل اختلاطه- لكن جعله عن الجريري، عن أبي العلاء ابن الشِّخِّير مرسلاً أيضاً. وقد رجح النسائي في "الكبرى" (10069) رواية حماد بن سلمة المرسلة على رواية ابن المبارك وغيره. وأخرجه الترمذي (1865) من طريق عبد الله بن المبارك، وبإثر (1865) من طريق القاسم بن مالك المزني، كلاهما عن سعيد الجريري، به. وقال: هذا حديث حسن.=

4021 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا عيسى بنُ يونُس، عن الجُرَيري، بإسناده، نحوَه (¬1). 4022 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا محمدُ بنُ دينارٍ، عن الجُريريِّ، بإسناده ومعناه (¬2). قال أبو داود: رواه عبدُ الوهَّابُ الثقفيُّ عن الجُريريِّ، لم يذكُر فيه أبا سعيدٍ. وحماد بنُ سلمة، قال: عن الجُريري، عن أبي العلاء، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-. قال: أبو داود، حمادُ بنُ سلمةَ والثقفي سماعُهما واحدٌ (¬3). 4023 - حدَّثنا نُصَيرُ بنُ الفَرَجِ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيدَ، حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي أيوبَ، عن أبي مرحومٍ، عن سهلِ بنِ مُعاذِ بنِ أنسٍ عن أبيه، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أكل طعاماً ثم قال: الحمدُ لله الذي أطعمني هذا الطَّعامَ ورَزَقَنِيهِ مِنْ غيرِ حَوْلٍ مني ولا قُوةٍ، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذنبه، ومن لَبِسَ ثوباً فقال: الحمدُ لله الذي كسَاني هذا ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (11248)، و"صحيح ابن حبان" (5420) و (5421). وانظر تالييه. وقد حسنه الحافظ في "نتائج الأفكار" 1/ 122 لشاهده الذي سيأتي برقم (4023). (¬1) حديث حسن كسابقه. وعيسى بن يونس -وهو السبيعي- ممن سمع من يري بعد اختلاطه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10068) من طريق عيسى بن يونس السبيعي، الإسناد. وقال: تابعه عبد الله بن المبارك. ثم أسنده من طريق حماد بن سلمة، عن الجريري، عن أبي العلاء ابن الشخير مرسلاً، وقال: هذا أولى بالصواب. وانظر ما قبله. (¬2) حديث حسن كسابقيه. ومحمد بن دينار ليس بذاك. (¬3) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).

2 - باب فيما يدعى لمن لبس ثوبا جديدا

الثوبَ ورَزَقَنِيهِ من غير حولٍ منِّي ولا قُوة، غُفِرَ له ما تقدَّمَ مِن ذنبِه وما تأخَّر" (¬1). 2 - باب فيما يُدْعى لمن لبس ثوباً جديداً 4024 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ الجرَّاح الأذنيُّ، حدَّثنا أبو النَّضرِ، حدَّثنا إسحاقُ ابنُ سعيدٍ، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، سهل بن معاذ هو الجهني ضعفه ابن معين، واضطرب قول ابن حبان فيه. وقال الذهبي في "الكاشف": فيه لين، وأبو مرحوم واسمه عبد الرحيم بن ميمون المدني، ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال الحافظ المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 6/ 22: سهل بن معاذ مصري ضعيف، والراوي عنه أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون مصري أيضاً لا يُحتج به. ونُصَيْر شيخ أبي داود قد تفرد بقوله في آخر الحديث: "وما تأخر" وهي زيادة منكرة، فقد أخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (389) عن بشر بن موسى الأسدي أحد الثقات عن عبد الله بن يزيد المقرئ فلم يقلها. وقد رواه البخاري في "تاريخه" (1557) عن إسحاق بن راهويه، وابن السني (271) في "عمل اليوم والليلة" عن أبي الربيع الزهراني وأبي خيثمة وأحمد الدورقي، والحاكم في "المستدرك" 1/ 507 و 4/ 192 عن عبد الصمد بن الفضل والسري بن خزيمة ستتهم عن عبد الله بن يزيد المقرئ بهذا الإسناد، ولم ترد هذه الزيادة "وما تأخر" عندهم، وقد صححه الحاكم، فتعقبه الذهبي، فقال: أبو مرحوم ضعيف، وهو عبد الرحيم بن ميمون. وأخرج شطره الأول ابنُ ماجه (3285)، والترمذيُّ (3761) من طريق عبد الله ابن يزيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب! وهو في "مسند أحمد" (15632) كذلك بالشطر الأول. وقد حسن إسناد أبي داود الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 120، وفي "الخصال المكفرة" ص74!

3 - باب ما جاء في القميص

عن أُمِّ خالدٍ بنتِ خالدِ بنِ سعيدِ بنِ العاص: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أُتي بِكُسْوةٍ فيها خَمِيصَةٌ صغيرة فقال: لامَن "تُرَوْنَ أحقَّ بهذه؟ " فسكت القوم، فقال: "ائتُوني بأمِّ خالدٍ" فأُتي بها، فألبسها إيَّاهَا، ثم قال: "أبلي وأخْلِقي" مرَّتينِ، وجعل ينظرُ إلى عَلَمِهِ في الخميصةِ أحمرَ أو أصفرَ ويقولُ: "سَنَاه سَنَاه يا أُمَّ خالدٍ" وسناه في كلام الحبشة: الحَسَنُ (¬1). 3 - باب ما جاء في القميص 4025 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، حدَّثنا الفضلُ بنُ موسى، عن عبدِ المؤمنِ ابنِ خالدٍ الحَنَفيِّ، عن عبدِ الله بنِ بُريدةَ عن أُمِّ سلمةَ، قالت: كان أحَبَّ الثياب إلى رسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلمِ القَمِيصُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم، وإسحاق بن سعيد: هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص. وأخرجه البخاري (3071) و (5845) و (5993) من طريق إسحاق بن سعيد، به. وهو في "مسند أحمد" (27057). قال ابن الأثير في "النهاية": "أخلقي" يُروى بالقاف والفاء، فبالقاف: من إخلاق الثوب: تقطيعه، وقد خَلُق الثوبُ وأَخْلَقَ، وأما الفاء فبمعنى العِوض والبدل، وهو الأشبه. والخميصة، قال الخطابي: قال الأصمعي: هي ثياب تكون من خزٍّ أو صوف معلمة. (¬2) حديث حسن، وقد اختلف في إسناده على عبد المؤمن بن خالد، فقد رواه عنه الفضل بن موسى السيناني وزيد بن الحباب كما في رواية المصنف هنا، وخالفهما أبو تُميلة - واسمه يحيى بن واضح، فرواه عنه، عن عبد الله بن بريدة، عن أمه، عن أم سلمة. بزيادة أم عبد الله بن بريدة في الإسناد. وقد صحح البخاري فيما نقله عنه الترمذي رواية أبي تميلة، وأما ابن القطان الفاسي فإنه قال في "بيان الوهم والإيهام " 2/ 451: =

4026 - حدَّثنا زيادُ بنُ أيوبَ، حدَّثنا أبو تُمَيلَةَ، قال: حدَّثني عبدُ المؤمنِ ابنُ خالدٍ، عن عبدِ الله بنِ بُريدَةَ، عن أمه عن أمِّ سلمة، قالت: لم يكن ثوبٌ أحبَّ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مِن قميصٍ (¬1). ¬

_ = الحديث إما منقطع، وإما متصل بمن لا تعرف حالُه. قلنا: أم عبد الله وإن لم يعرف حالها تعد في طبقة الصحابة أو كبار التابعين إذ ولد ابنها عبد الله ست خمس عشرة فربما يكون عبد الله سمعه على الوجهين كليهما: من أمه عن أم سلمة. ثم سمعه من أم سلمة مباشرة، وأم سلمة قد عاشت إلى حدود الستين فالأمر محتمل، والله أعلم. ويؤيده أنه قد وقع تصريح عبد الله بن بريدة بسماعه من أم سلمة عند البيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 239، وفي "شعب الإيمان" (6240). ولهذا فقد حسن هذا الحديث الترمذي ومن بعده البغوي في "مصابيح السنة" (3340). وأخرجه الترمذي (1862)، والنسائي في "الكبرى" (9589) من طريق الفضل ابن موسى، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن غريب. وأخرجه الترمذي (1860) عن محمد بن حميد الرازي، عن أبي تُميلة والفضل ابن موسى وزيد بن الحباب عن عبد المؤمن بن خالد، عن عبد الله بن بُريدة، عن أم سلمة. وهذا إسناد وهم فيه محمد بن حميد الرازي -وهو ضعيف بل متروك- إذ جمع رواية أبي تُميلة -وهو يحيى بن واضح- إلى رواية الفضل بن موسى وزيد بن الحباب، مع أن أبا تميلة رواه بزيادة أم عبد الله بن بريدة، كما نصّ عليه البخاري، وكما سيأتي في الإسناد الذي بعده عند المصنف. وقد فاتنا تحسينُ هذا الحديث في "مسند أحمد" (26695)، و "جامع الترمذي"، فيُستدرك من هنا. وهو في "مسند أحمد" (26695). وانظر ما بعده. (¬1) حديث حسن كسابقه. أم عبد الله بن بُريدة -وإن لم يؤثر توثيقها عن أحد ولم يرو عنها غير ابنها- تعد في طبقة الصحابة أو كبار التابعين، إذ وُلد ابنها عبد الله =

4 - باب ما جاء في لبس الأقبية

4027 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ ابن راهويه الحَنْظليُّ، حدَّثنا معاذُ بنُ هشام، عن أبيهِ، عن بُدَيل بنِ مَيْسَرَةَ، عن شَهْر بنِ حَوْشبٍ عن أسماءَ بنتِ يزيدَ، قالت: كانت يَدُ كُمِّ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ إلى الرُّصْغِ (¬1). 4 - باب ما جاء في لبس الأقبية 4028 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدٍ ويزيدُ بنُ خالد بنِ مَوهَبٍ -المعنى- أن الليثَ حدَّثهم، عن عبدِ الله بنِ عُبيدِ اللهِ ابن أبي مُلَيْكَةَ عن المِسْورِ بن مَخرَمة، أنه قال: قسم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقْبِيَةً ولم يُغطِ مخرمةَ شيئاً، فقال مخرمةُ: يا بُنيَّ، انطلِق بنا إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ فانطلقتُ معه، قال: اذخُلْ فادعُهُ لي، قال: فدعوتُه، فخرجَ إليه، ¬

_ = سنة خمس عشرة. ويحتمل أن يكون سمعه من أمه عن أم سلمة، وأن يكون سمعه من أم سلمة مباشرة. وأخرجه ابن ماجه (3575)، والترمذي (1861) من طريق أبي تميلة يحيى بن واضح، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن غريب. وحَسَّنه البغوي في "مصابيح السنة" (3340). وهو في "مسند أحمد" (26695). وانظر ما قبله. تنبيه: هذا الطريق أثبتناه من (أ) و (هـ)، وهو في رواية ابن العبد وابن داسه. فقد أشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد و (هـ) عندنا برواية ابن داسه. لكن وقع في رواية (أ): عن أبيه، بدل: عن أمه، وهو خطأ. (¬1) إسناده ضعيف لضعف شهر بن حوشب. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّسْتُوائي. وأخرجه الترمذي (1864)، والنسائي في "الكبرى" (9587) من طريق معاذ بن هشام، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب! والرُّصْغ لغة في الرُّسْغِ.

5 - باب في لبس الشهرة

وعليه قَباءٌ منها، فقال: "خَبَأتُ هذا لكَ" قال: فنظرَ إليه - زاد ابنُ مَوْهب: مخرمةُ -ثم اتفقا- قال: "رَضِيَ مخرمةُ؟ ". قال قتيبةُ: عن ابنِ أبي مُليكة، لم يُسمِّه (¬1). 5 - باب في لبس الشُّهْرَة 4029 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا أبو عَوَانةَ. وحدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا شريكٌ، عن عثمانَ بنِ أبي زُرعةَ، عن المُهاجرِ الشَّامي عن ابنِ عُمَرَ -قال في حديث شَريكٍ: يرفعُه- قال: "من لبِسَ ثوبَ شُهْرَةٍ ألْبَسَهُ اللهُ يومَ القيامةِ ثوباً مثلَه -زاد عن أبي عَوانةَ- ثم تَلَهّبُ فيه النَّارُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد. وأخرجه البخاري (2599)، ومسلم (1058)، والترمذي (3028)، والنسائي (5324) من طريق عبد الله بن عُبيد الله ابن أبي مليكة، به. وهو في "مسند أحمد" (18927)، و"صحيح ابن حبان" (4817). قال الحافظ في "هدي الساري" ص 169: القَباء، بفتح أوله ممدود هو جنس من الثياب، ضيق من لباس العجم معروف، والجمع أقبية. (¬2) إسناده حسن من طريق أبي عوانة -وهو الوضاح بن عبد الله اليشكري- حسن في المتابعات من طريق شريك - وهو ابن عبد الله النخعي المهاجر الشامي: هو ابن عمرو النَّبَّال. وأخرجه ابن ماجه (3606)، والنسائي في "الكبرى" (9487) من طريق شريك ابن عبد الله، وابن ماجه (3657) من طريق أبي عوانة اليشكري، بهذا الإسناد. إلا أنه جاء عندهما: "ألبسه الله يوم القيامة ثوب مَذَلَّة". وهو في "مسند أحمد" (5664). قال المناوي في "فيض القدير" 6/ 218 - 219: "من لبس ثوب شهرة": أي: ثوب تكبر وتفاخر، والشهرة هي التفاخر في اللباس المرتفع أو المنخفض للغاية، =

4030 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوانة، قال: "ثوبَ مذلَّةٍ" (¬1). 4031 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو النضرِ، حدَّثنا عبدُ الرحمن ابنُ ثابتٍ، حدَّثنا حسانُ بنُ عطيَّهَ، عن أبي مُنيب الجُرَشيٍّ عن ابنِ عُمَرَ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -:، مَن تَشَبَّه بقومٍ فهو منهم" (¬2). ¬

_ = ولهذا قال ابن القيم: هو من الثياب الغالي والمنخفض، ... ، وقال القاضي: المراد بثوب الشهرة ما لا يحل لبسه، وإلا لما رتب الوعيد عليه، أو ما يُقصد بلبسه التفاخر والتكبر على الفقراء والإدلال والتيه عليهم وكسر قلوبهم، أو ما يتخذه المساخر (كالمهرِّج) ليجعل به نفسه ضُحْكَة بين الناس، أو ما يُرائي به من الأعمال، فكنى بالثوب عن العمل وهو شائع، والأظهر الأول لملاءمته لقوله: "ألبسه الله ثوب مذلة". (¬1) إسناده حسن كسابقه. (¬2) إسناده ضعيف على نكارة في بعض ألفاظه، علته عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وقد بسطنا القول فيه في "المسند" (5114). أبو النضر: هو هاشم بن القاسم. والحديث عند غير المصنف مطول، وقد اقتصر أبو داود على الفقرة الأخيرة منه ونصه: "بعثت بالسيف حتى يعبد الله لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رُمحي، وجعل الذلةُ والصَّغارُ على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم". وأخرجه بتمامه ابن أبي شيبة 5/ 313، وأحمد (5114)، وعبد بن حميد (848)، وابن الأعرابي في "معجم شوخه" (1137)، والطبراني في "مسند الشاميين"، (216)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (1199)، والذهبي في "سير أعلام النبلاء" 15/ 509، وابن حجر في "تغليق التعليق" 3/ 445 من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" عن أبي أمية الطرسوسي، حدَّثنا محمد بن وهب بن عطية، حدَّثنا الوليد بن مسلم، حدَّثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن عبد الله بن عمر ... وهذا إسناد فيه ثلاث علل قد أبنا عنها في تعليقنا على "المسند"، وقد فاتني أن أنبه على ضعفه في شرح مشكل الآثار"، فليستدرك من هنا ومن "المسند". =

6 - باب في لبس الشعر والصوف

6 - باب في لبس الشعر والصُّوف 4032 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدِ بنِ يزيدَ بنِ عبدِ الله بنِ مَوْهَبِ الرَّمليُّ وحسينُ ابنُ عليٍّ، قالا: حدَّثنا ابنُ أبي زائدةَ، عن أبيهِ، عن مُصعبِ بنِ شيبةَ، عن صفيَّهَ بنتِ شيبةَ عن عائشة قالت: خرجَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وعليه مِرْط مُرَحَّلٌ مِن شَعَرٍ أسوَدَ (¬1). ¬

_ = وفي الباب عن حذيفة بن اليمان عند البزار في "مسنده" (2966)، والطبراني في "الأوسط" (8323) من طريق محمد بن مرزوق، حدَّثنا عبد العزيز بن الخطاب، حدَّثنا علي بن غراب عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين عن أبي عبيدة بن حذيفة عن أبيه أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من تشبه بقوم فهو منهم" قال البزار بإثره: وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن حذيفة مسنداً إلا من هذا الوجه، وقد رواه غير علي بن غراب، عن هشام، عن محمد، عن أبي عُبيدة، عن أبيه موقوفاً. قلنا: رواه موقوفاً على حذيفة الإِمام أحمد في "الورع " ص 178. وكيف يبعث -صلَّى الله عليه وسلم- بالسيف، والله يقول في وصفه في محكم كتابه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:107]. وفي صحيح مسلم (2599) من حديث أبي هريرة، قيل: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ادع على المشركين، قال: "إني لم أبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة". وروى ابن سعد في الطبقات" 1/ 192، والبيهقى في شعب الإيمان" (339) عن طريق وكيع بن الجراح، أخبرنا الأعمش، عن أبي صالح قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أيها الناس، إنما أنا رحمة مهداة" وهذا سند صحيح لكنه مرسل، ويعضده حديث مسلم قبله. (¬1) إسناده صحيح. مصعب بن شيبة -وإن ان لين الحديث- انتقى له مسلم هذا الحديث. وصححه الترمذي والحاكم، وسكت عنه الذهبي. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا. وأخرجه مسلم (2081)، والترمذي (3022) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. =

4032/ 1 - وقال حسينٌ: حدَّثنا يحيى بنُ زكريا، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ العلاء الزُبيديُّ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ عياشٍ، عن عَقِيلِ بنِ مُدْرِكٍ، عن لقمانَ بنِ عامرٍ عن عُتبةَ بنِ عبْدٍ السُّلَمي، قال: اسْتَكسَيْتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فكساني خَيْشَتَيْنِ، فلقدْ رأيتُني وأنا أَكْسَى أصْحَابِي (¬1). 4033 - حدَّثنا عَمرُو بنُ عَونٍ، حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن قتادةَ، عن أبي بُرْدَةَ، قال: قال لي أبي: يا بنيَّ، لو رأيتَنا ونحنُ مع نبينا - صلى الله عليه وسلم -، وقد أصابَتْنَا السَّماءُ، حَسِبْتَ أن ريحَنَا رِيحُ الضأنِ (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد"، (25295). قال الخطابي: المِرط: كساء يؤتزر به، قال أبو عبيد: المرط قد يكون من صوف ومن خزّ، والمُرَحَّل: هو الذي فيه خطوط، ويقال: إنما سمي مُرحَّلاَ، لأن عليه تصاوير رحْلٍ، وما يُشبهه. (¬1) إسناده حسن. عقيل بن مُدرك، قال عنه الحافظ الذهبي في "تاريخ الإسلام": شامي صدوق، وهو كما قال، وإسماعيل بن عياش روايته عن أهل بلده صالحة، وهذا منها. وأخرجه أحمد (17656)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 350، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1362)، والطبراني في "الكبير" 17/ (307)، وفي "الشاميين" (1610)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 15، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6181/ م)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 38/ 277، والمزي في ترجمة عقيل بن مُدرك من "تهذيب الكمال" 20/ 239 من طريق إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد. قال في "اللسان": الخيش: ثياب رقاق النسج، غلاظ الخيوط، تُتَّخذ من مُشَاقَة الكتان ومن أردئه. (¬2) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وأبو عوانة: هو الوضاح ابن عبد الله اليشكري. =

7 - باب لبس المرتفع من الثياب

قال أبو داود: يعني من لباس الصُّوف (¬1). 7 - باب لبس المرتفع من الثياب 4034 - حدَّثنا عمرُو بنُ عون، أخبرنا عُمارَةُ بنُ زاذانَ، عن ثابتٍ عن أنسِ بن مالكٍ: أنَّ مِلكَ ذِي يَزَن أهدى إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حُلَّةً أخذها بثلاثَةٍ وثلاثينَ بعيراً، أو ثلاثٍ وثلاثينَ ناقةً، فقبِلها (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (3562)، والترمذي (2647) من طريق قتادة بن دعامة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. وهو في مسند أحمد" (19602)، و "صحيح ابن حبان" (1235). قال الترمذي: ومعنى الحديث أنه كان ثيابَهم الصوفُ، فإذا أصابهم المطر يجيء في ثيابهم ريح الضأن. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) وأشار إلى أنها في رواية ابن العبد. (¬2) إسناده ضعيف. عمارة بن زاذان، يروي عن ثابت عن أنس أحاديث مناكير، فيما قاله الإِمام أحمد. وقد تفرد بهذا الحديث. والمحفوظ عن أنس أن الذي بعث بحلة هدية إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - هو أكيدر دومة، وأما حلة ذي يزن، فالصحيح فيها أنه اشتراها حكيم بن حزام ثم أراد أن يهديها للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- ولم يكن أسلم بعد، فلم يقبلها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى اشتراها منه بالمال. وأخرجه أحمد (13315)، والحسين المروزي في زياداته على "البر والصلة" لابن المبارك (271)، والدارمي (2494)، وأبو يعلى (3418)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4344) و (4345)، والطبراني في "الأوسط" (8858)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 105، والحاكم 4/ 187 من طرق عن عمارة بن زاذان، به. زاد الحاكم: فلبسها النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مرة، وصححه، وسكت عنه الذهبي! وأخرج أحمد (15323)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (592)، والطبراني (3125)، والحاكم 3/ 484 - 485 من طريق الليث بن سعد، عن عبيد الله ابن المغيرة، عن عراك بن مالك، أن حكيم بن حزام قال: ... وفيه: فوجد حلة لذي =

8 - باب لباس الغليظ

4035 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن عليِّ بنِ زيدٍ عن إسحاقَ بنِ عبدِ الله بنِ الحارِثِ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - اشترى حُلّةً ببِضعةٍ وعشرين قَلُوصاً، فأهداها إلى ذِي يَزَن (¬1). 8 - باب لباس الغليظ 4036 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ. وحاثنا موسى، حدَّثنا سليمان -يعني ابنَ المغيرة، المعنى- عن حميدِ بنِ هِلال، عن أبي بُردةَ، قال: دخلتُ على عائشةَ، فأخرجت إلينا إزاراً غليظاً مما يُصْنَعُ باليمنِ، وكساءً مِن التي يُسمُّونها المُلبَّدة، فأقْسَمَتْ باللهِ إنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قُبِضَ في هذين الثوبين (¬2). ¬

_ = يَزَن تباع، فاشتراها -يعي حكيماً- بخمسين ديناراً ليهديها لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقدم بها عليه المدينة، فأراده على قبضها هدية، فأبى، قال عُبيد الله: حسبتُ أنه قال: "إنا لا نقبل شيئاً من المشركين، ولكن إذا شئت أخذناها بالثمن" فأعطيته حين أبى علىَّ الهدية. وإسناده صحيح. وأما هدية أكيدر دومة، فأخرجها مسلم (2469) وغيره من طريق عمر بن عامر، عن قتادة، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (13148)، و"صحيح ابن حبان" (7038). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابن جُدعان- ثم هو مرسل، لأن إسحاق بن عبد الله بن الحارث -وهو ابن نوفل- تابعي. وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي " ص 112 من طريق قتادة، عن علي بن زيد، به. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. أبو بردة: هو ابن أبي موسى الأشعري، وحماد: هو ابن سلمة. =

4037 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالدِ أبو ثَور الكلبيُّ، حدَّثنا عمر بنُ يونسَ بنِ القاسم اليماميُّ، حدَّثنا عِكرمَةُ بنُ عمارٍ، حدَّثنا أبو زُمَيْلٍ حدَّثني عبدُ الله بنُ عباس، قال: لما خرجَتِ الحروريةُ أتيتُ علياً، فقلتُ: آتي هؤلاءِ القومَ، فَلَبِسْتُ أحسَنَ ما يكونَ مِن حُلَلِ اليَمَنِ -قال أبو زُميل: وكان ابنُ عباسٍ رجلاً جميلاً جهِيراً-، قال ابن عباس: فأتيتُهم، فقالوا: مرحباً بك يا أبا عباسٍ، ما هذه الحُلَّةُ؟ قال: ما تعيبُون عليَّ؟ لقد رأيتُ على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أحسَنَ ما يكونُ مِن الحُلَلِ (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (3108)، ومسلم (2080)، وابن ماجه (3551)، والترمذي (1830) من طريق حميد بن هلال، به. وهو في "مسند أحمد" (24037)، و"صحيح ابن حبان" (6623). قوله: مُلبَّدة": قال ابن الأثير: أي: مرقَّعاً، وقال ثعلب: يقال للرقعة التي يرقع بها القميص لبدة، وقال غيره: هي التي ضُرِبَ بعضها في بعض حتى تتراكب وتجتمع. (¬1) إسناده قوي من أجل عكرمة بن عمار. وأخرجه الحاكم 2/ 150، والبيهقي 8/ 179 من طريق عمر بن يونس بن القاسم، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم 4/ 182 من طريق محمد بن عيسى المدائني، عن عمر بن يونس، عن عكرمة بن عمار، عن أبي زميل، عن عبد الله بن الدؤل، عن ابن عباس. ومحمد ابن عيسى المدائني ضعفه الدارقطني وغيره. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (12878) من طريق نعيم بن حماد، عن عبد الله ابن المبارك و (12884) من طريق النضر بن محمد الجرشي، كلاهما عن عكرمة بن عمار، به ولفظه: رأيتُ على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أحسن ما يكون من الثياب اليمنية. الحرورية بفتح الحاء نسبوا إلى حروراء: وهو موضع قريب من الكوفة كان أول ما اجتمعوا فيه، وخروجهم: هو انتقاضهم على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. والجهير: ذو الرواء والمنظر.

9 - باب ما جاء في الخز

قال أبو داودَ: اسمُ أبي زُميلٍ: سماكُ بنُ الوليدِ الحَنفيُّ. 9 - باب ما جاء في الخَزِّ 4038 - حدَّثنا عثمانُ بنُ محمد الأنْماطيُّ البصريُّ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ عبدِ اللهِ الرازيُّ (ح) وحدَّثنا أحمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ الرازيُّ، حدَّثنا أبي، أخبرني أبي عبدُ اللهِ ابنُ سعدِ عن أبيه سعد، قال: رأيتُ رجلاً ببُخارى على بغلةٍ بيضاءَ، عليه عِمَامَةُ خَزٍّ سوداءُ، فقال: كَسَانِيها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ هذا لفظ عثمان، والإخبارُ في حديثه (¬1). 4039 - حدَّثنا عبدُ الوهَّابِ بنُ نجدةَ، حدَّثنا بِشرُ بنُ بكْرٍ، عن عبدِ الرحمن ابن يزيدَ بنِ جابرٍ، حدَّثنا عطيةُ بنُ قيسٍ، سمعتُ عبدَ الرحمن بنَ غَنمٍ الأشعريَّ حدَّثني أبو عامِرٍ، أو أبو مالِكِ، واللهِ يمينٌ أُخرى ما كذبني، أنه سَمعَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "ليكونَنَ من أُمَّتي أقوامٌ يستحلُّونَ الخزَّ والحَرِيرَ -وذكرَ كلاماَ، قال:- يَمسَخُ منهم آخرين قِرَدَةً وخنازيرَ إلى يومِ القِيَامَةِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. سعد بن عثمان الرازي جد عبد الرحمن بن عبد الله مجهول، تفرد بالرواية عنه ولده عبد الله. وقال الذهبي في "الميزان" عنه وعن صحابي الحديث: لا يُدرى مَن هما. وأخرجه الترمذي (3609)، والنسائي في "الكبرى" (9560) من طريق عبد الله بن سعد الرازي، به. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه الإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "تهذيب السنن" لابن قيم الجوزية 5/ 271، ومن طريقه البيهقي 3/ 272 عن الحسن بن سفيان، عن عبد الرحمن بن إبراهيم =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = دُحيم، عن يشعر بن بكر، بهذا الإسناد. ولفظه بتمامه: "ليكرنن في أمتي أقوام يستحلُّون الخَزَّ والحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقرام إلى جنب عَلَم تروح عليهم سارحة لهم، فيأتيهم طالب حاجة، فيقولون: ارجع إلينا غداً، فيُبيِّتُهم، فيضع عليهم العلم، ويمسخ منهم آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة". وقوله: "الخَرّ" كذا جاء في (أ) و (ب) و (ج)، وكذا هو في رواية ابن الأعرابي كما في هامش (هـ) وضُبطت في (هـ): "الحِرَ"، وجاء في هامشها ما نصه: "الحِرَ" وقع في رواية ابن الأعرابي بالحاه المنقوطة والزاي، قال أبو عمر أحمد بن سعيد بن حزم: رواه لنا حميد بن ثوابة: "الحِرَ، بالحاء مكسورة وبالراء، وقال لي حميد: وقفت إسحاق أبا عيسى الرمليَّ على وجوه الكلمة كيف سمعتَها من أبي داود، فقال: "الحِرَ والحرير"، وقال: هذا لفظ أبي داود كأني أسمعُه ... حدَّثنا أبو عمر النمري، حدَّثنا أبو زيد العطار، حدَّثنا أحمد بن سعيد بن حزم، حدَّثنا أبو الحسن الباهلي بمصر، قال: حدَّثنا محمد بن الوزير السلمي الدمشقي، قال: حدَّثنا يحيى بن حسان، عن يحيى بن حمزة، عن أبي وهب، عن مكحول، عن أبي ثعلبة، عن أبي عبيدة بن الجراح، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إن أول دينكم نبوة ورحمة، ثم ملك ورحمة، ثم ملك أغْفر، ثم ملك وجبروت، يستحل فيها الحِرَ والحرير" قال لنا الباهلي: هكذا هو "الحر" بكسر الحاء، وقال: هو الوجه، وهكذا في أصل أحمد بن دُحيم، عن أبي عيسى [يعني الرملي] أيضاً: "الحِرَ والحرير" .. قلنا: لكن نقل العيني في "عمدته" 21/ 176 عن ابن دقيق العيد: أن في كتاب أبي داود والبيهقي ما يقتضي أنه "الخز" بالزاي والخاء المعجمة، وقال ابن الأثير في "النهاية" في مادة حرر: والمشهور في رواية هذا الحديث على اختلاف طرقه: "يستحلُّون الخَزّ، بالخاء المعجمة والزاي، وهو ضرب من ثياب الابريسم معروف، وكذا جاء في كتابي البخاري وأبي داود. قال الحافظ في "الفتح" 10/ 55: كذا قال، وقد عُرف أن المشهور في رواية البخاري بالمهملتين. قلنا: أخرجه البخاري (5590) معلقاً بصيغة الجزم عن هشام بن عمار (وفيه ضعف) عن صدقة بن خالد، به. ولفظه كلفظ رواية الحسن بن سفيان إلا أنه جاء عنده "الحِرَ" بدل: "الخز". قال الحافظ في "الفتح" 10/ 55: ضبطه ابن ناصر بالحاء المهملة =

10 - باب ما جاء في لبس الحرير

قال أبو داود: عشرونَ نَفْساً من أصحابِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقلّ أو أكثر لَبِسُوا الخز (¬1). 10 - باب ما جاء في لبس الحرير 4040 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسلَمةَ، عن مالكٍ، عن نافعِ عن عبدِ الله بنِ عُمر: أن عمر بنَ الخطاب رأى حُلَّةً سِيراء عند باب المسجد تُباع، فقال: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، لو اشتريتَ هذه فلبستَها يوم ¬

_ = المكسورة والراء الخفيفة، وهو الفرج. وكذا هو في معظم الروايات من (صحيح البخاري"، ولم يذكر عياض ومَن تبعه غيرَه، وأغرب ابن التين، فقال: إنه عند البخاري بالمعجمتين، وقال ابن العربي: هو بالمحجمتين تصحيف، وإنما روياه بالمهملتين، وهو الفرج، والمعنى يستحلوُّن الزنى. وأخرجه دون قوله: "الخز" أو "الحِرَ" ابن حبان (6754)، والطبراني في "الكبير" (3417)، وفي "مسند الشاميين" (588)، وتمام بن محمد في "مسند المقلين" (8)، والبيهقي 10/ 221، والمزي في "تهذيب الكمال"في ترجمة عطية بن قيس، من طريق هشام بن عمار، بإسناد البخاري. و"الخز" المقصود بالنهي عنه هو الثوب الذي جميعه حرير، فقد أخرج الإِمام أحمد في "مسنده" (2856) و (2857) عن ابن عباس قال: إنما نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الثوب المُصمت حريراً. والمصمت هو الذي جميعه حرير، لا يخالطه فيه قطن ولا غيره. وسيأتي عند المصنف من حديث معاوية بن أبي سفيان مرفوعاً: "لا تركبوا الخز ولا النمار". وأما "الخز" الذي لبسه غيرُ واحد من الصحابة، فهو الثوب الذي اتخذ من وبر ذكر الأرنب. قال في "المصباح" ومثله في "المُغرب": الخز اسم دابة، ثم سمي الثوب المتخذ من وبره خزاً. والخُزَز كصُرَد ذكر الأرانب. قال في "القاموس": ومنه اشتق الخَزُّ. وهذا النوع من "الخز" هو الذي عناه ابن العربي بقوله: "الخز" بالمعجمتين والتشديد مختلف فيه، والأقوى حله، وليس فيه وعيد ولا عقوبة بإجماع. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).

الجُمعةِ وللوَفْد إذا قَدِمَوا عليك، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: " إنما يَلْبَسُ هذه من لا خلاقَ له في الآخرة" ثم جاء رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - منها حُلل، فأعطى عُمَرَ بنَ الخطاب منها حُلَّةً، فقال عمر: يا رسولَ الله، كسوتَنِيها وقد قُلتَ في حُلّةِ عُطارد ما قلت؟! فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إني لم أكْسُكَها لتَلْبَسَها" فكساها عمر أخاً له مُشركاً بمكةَ (¬1). 4041 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يونسُ وعمرو ابنُ الحارِث، عن ابنِ شهابٍ، عن سالمٍ بنِ عبدِ الله عن أبيه، بهذه القصة، قال: حُلّةَ إسْتَبْرقٍ، وقال فيه: ثم أرْسَلَ إليه بِجُبّةِ ديباجٍ، وقال فيه: "تبيعُها وتُصيبُ بها حاجتَك" (¬2). 4042 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، حدَّثنا عاصمٌ الأحولُ عن أبي عثمان النَّهديِّ، قال: كتب عُمر إلى عُتبةَ بن فَرْقَدٍ أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن الحَرير إلا ما كان هكذا وهكذا: إصبَعَين، وثلاثة، وأربعة (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو مكرر الحديث السالف برقم (1076). (¬2) إسناده صحيح. وهو مكرر الحديث السالف برقم (1077). (¬3) إسناده صحيح. أبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملّ، وعاصم الاحول: هو ابن سليمان، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه البخاري (5828) و (5829)، ومسلم (2069)، وابن ماجه (3593)، والنسائي في "الكبرى" (9548 - 9551) من طرق عن أبي عثمان النهدي، به. وعندهم جميعاً خلا ابن ماجه تحديد مقدار ما يجوز من الحرير في الثوب بإصبعين فقط. وعند ابن ماجه من طريق حفص بن غياث عن عاصم الاحول كالمصنف بمقدار أربع أصابع. وأخرجه مسلم (2069)، والترمذي (1818)، والنسائي في "الكبرى" (9552) من طريق سويد بن غَفَلة، عن عمر بن الخطاب. =

4043 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، حدَّثنا شُعبةُ، عن أبي عَوْنٍ، سمعتُ أبا صالحٍ عن عليٍّ رضيَ اللهُ عنه، قال: أُهدِيتْ إلى رَسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حُلَّةٌ سِيَراءُ، فأرسلَ بها إليَّ، فلبستُها فأتيتُه، فرأيتُ الغَضَبَ في وجْهِهِ وقال: "إني لم أُرْسِلْ بها إليكِ لِتلبَسَها" وأمرَني فأطَرْتُها بين نسائي (¬1). قال أبو داود: أبو عَون: محمد بن عُبيد الله الثقفي، وأبو عثمان النَّهْدي: عبد الرحمن بن مِلّ (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (92)، و"صحيح ابن حبان" (5454). قال في "عون المعبود" 11/ 61: وفيه دليل على أنه يحل من الحرير مقدار أربع أصابع كالطراز والسجاف من غير فرق بين المركب على الثوب، والمنسوج والمعمول بالإبرة، والترقيع كالتطريز، ويحرم الزائد على الأربع من الحرير، وهذا مذهب الجمهور، وقد أغرب بعض المالكية، فقالوا: يجوز العلم، إن زاد على الأربع. (¬1) إسناده صحيح. أبو صالح: هو عبد الرحمن بن قيس الحنفي. وأخرجه مسلم (2071)، والنسائي في "الكبرى" (9493) من طريق أبي عون الثقفي، به. وأخرجه البخاري (2614)، ومسلم (2071)، والنسائي في "الكبرى" (9494) من طريق زيد بن وهب، عن علي. وأخرجه ابن ماجه (3596) من طريق يزيد بن أبي زياد، عن أبي فاختة، عن هبيرة بن يريم، عن علي: أنه أُهدي لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- حلة مكفوفة بحرير إما سداها، وإما لُحْمَتها فأرسل بها إلي. فأتيته، فقلت: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ما أصنع بها؟ ألبَسُها؟ قال: "لا ولكن اجعلها خُمُراً بين الفواطم". ويزيد رديء الحفظ. وهو في "مسند أحمد" (698) و (755) و (1154). قال الخطابي: قوله: (حلة سيراء) هي المضلعة بالحرير، وقوله: "فأطرتها بين نسائي" يريد قسمتها بينهن بأن شققتها وجعلت لكل واحدة منهن شقة، يقال: طار لفلان في القسمة سهم كذا، أي: طار له ووقع في حصته. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن العبد.

11 - باب من كرهه

11 - باب من كرِهَه 4044 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن نافعٍ، عن إبراهيمَ بنِ عبدِ الله بنِ حُنَين، عن أبيه عن علي بنِ أبي طالبِ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نَهَى عن لُبسِ القَسِّيِّ، وعن لُبس المُعصْفَرِ وعن تَختُّمِ الذَّهبِ، وعن القراءَةِ في الرُّكوع (¬1). 4045 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد المروزيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزّاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن إبراهيمَ بنِ عبدِ الله بن حُنَينٍ، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. نافع: هو مولى ابن عمر، ومالك: هو ابن أنس الإِمام، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وهو في "موطأ مالك " 1/ 80. وأخرجه مسلم (2078)، والترمذي (263)،والنسائي في "الكبرى" (635) و (636) و (709) و (710) و (9412 - 9418) و (9571) و (9575) من طريق إبراهيم ابن عبد الله بن حنين، به. وهو في "مسند أحمد" (601) و (611)، و "صحيح ابن حبان"، (1895). وأخرجه النسائي (9429) من طريق عَبيدة السَّلْماني، و (9491) من طريق على ابن الحسن بن علي بن أبي طالب، كلاهما عن علي بن أبي طالب، وعلي بن الحسين لم يدرك جده علياً. وانظر تالييه. قال الخطابي: "القَسيّ": ثيابٌ يُؤتى بها من مصر فيها حرير، ويقال: إنها منسوبة إلى بلاد يقال لها: القَسّ -مفتوحة القاف مشددة السين-، ويقال: إنها القَزِّية [يعني من القز] أبدلوا الزاي سيناً، وإنما حرمت هذه الأشياء على الرجال دون النساء. وأما قراءة القرآن في الركوع فإنما نهى عنه من أجل أن الركوع محل التسبيح والذكر بالتعظيم، وإنما محل القراءة القيام، فكره أن يجمع بينهما في محل واحد، ليكون كل واحد منهما في موضعه الخاص به، والله أعلم. وقد كُره للنساء أن يتختمن بالفضة، لأن ذلك من زي الرجال، فإذا لم يجدن ذهباً فليصَفِّرنَه بزعفران ونحوه.

عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بهذا، قال: عَنِ القراءة في الرُّكوعِ والسُّجودِ (¬1). 4046 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن محمدِ بنِ عمرو عن إبراهيمَ بنِ عبد الله، بهذا، زاد: ولا أقولُ نهاكُمْ (¬2). 4047 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن علي بنِ زيدٍ عن أنس بن مالكٍ: أن مَلِكَ الرومِ أهدى إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مُسْتَقَةً مِن سُنْدُسٍ، فلبِسَها، فكأني انظر إلى يديه تَذَبْذَبانِ، ثم بَعَثَ بها إلى جعفر، فلبِسها، ثم جاءه، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "إني لم أُعْطِكها لِتَلْبَسَها" قال: فما أصنعُ بها؟ قال: "أرسِلْ بها إلى أخيكَ النجاشيِّ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه. معمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني. وهو في"مصنف عبد الرزاق" (2832) و (19476)، ومن طريقه أخرجه مسلم (2078)، والترمذي (1822)، والنسائي في "الكبرى" (9574). واقتصر النسائي على ذكر النهي عن لبس المعصفر. وأخرجه مسلم (2078)، والنسائي (9415) من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (924). وانظر ما قبله. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- لكنه متابع في الطريقين السابقين. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9417) من طريق خالد بن الحارث، عن محمد ابن عمرو، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه. (¬3) إسناده ضعيف، ومتنه منكر، تفرد بهذه السياقة علي بن زيد -وهو ابنُ جُدعان- وهو ضعيف الحديث. =

4048 - حدَّثنا مخلدُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا رَوْحٌ، حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي عَروبةَ، عن قتادةَ، عن الحسن ¬

_ = وأخرجه الطيالسي (2057)، وأحمد (13400) و (13626)، وأبو يعلى (3980) من طريق حماد بن سلمة، به. وأخرجه أحمد (13148)، وأبو عوانة في المناقب كما في "إتحاف الخيرة" 2/ 216، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 247، وابن حبان (7038)، والبيهقي 3/ 273 - 274، والحازمي في "الاعتبار" ص 230، من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس: أن أكيدر دُومة أهدى إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - جبة سندس -أو ديباج- قبل أن ينهى عن الحرير، فلبسها، فتعجب الناس منها، فقال: "والذي نفس محمد بيده، لمناديل سعْد بن معاذ في الجنة أحسن منها". وعلق البخاري أوله (2616) عن سعيد بصيغة الجزم. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9541) من طريق عمر بن عامر السلمي، عن قتادة بنحوه. وخالف سعيدَ بنَ أبي عروبة وعمرَ بن عامر شيبانُ بنُ عبد الرحمن النحوي، فرواه عن قتادة، عن أنس، فلم يذكر مَن أهدى للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- الجبة، ولم يذكر أنه -صلَّى الله عليه وسلم- لبسها أيضاً، وقال في روايته: وكان ينهى عن الحرير. أخرج رواية شيبان البخاري (2615) و (3248)، ومسلم (2469). ويؤيد رواية ابن أبي عروبة وعمر بن عامر ما رواه واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن أنس عند الترمذي (1820)، والنسائي في "الكبرى" (9544)، وفيه: أنه - صلَّى الله عليه وسلم - لبس الجبة التي أهداه إياها أكيدر دُومة. وهذا يقتضي أن ذلك كان قبل النهي. وإسناده حسن. وقال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" 7/ 226: إنما لبسها -صلَّى الله عليه وسلم- حين كان ذلك مباحاً. قال الخطابي: قال الأصمعي: المساتق: فراء طويل الأكمام، واحدتُها مُسْتَقة، قال: وأصلها بالفارسية مُشْته، فعُرِّبت. قال الشيخ: ويشبه أن تكون هذه المستقة مكففة بالسندس، لأن نفس الفروة لا تكون سندساً. وقوله: تَذَبْذَبان، معناه: تَحَرَّكان وتضطربان، يريد الكمين.

عن عمران بن حُصَينِ، أن نبيَّ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: " لا أرْكَبُ الأُرْجُوانَ، ولا ألبَسُ المُعصفَرَ، ولا ألبَسُ القَمِيصَ المكفَّف بالحرِيرِ -قال: وأومأ الحسنُ إلى جَيْبِ قميصِه، قال: وقال:- ألا وطِيبُ الرجالِ ريحٌ لا لوْنَ له، ألا وطِيبُ النِّساء لونٌ لا ريحَ له". قال سعيد: أُراه قال: إنما حَمَلُوا قوله في طِيبِ النساءِ على أنها إذا خَرَجَتْ، فأما إذا كانت عند زوجِها، فَلْتطَّيَّبْ بما شاءَتْ (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره دون قوله: "ولا ألبس القميص المكفف بالحربر"، فقد صح ما يخالفه. وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن الحسن -وهو البصري- لم يسمع من عمران. روح: هو ابن عُبادة. وأخرجه الترمذي (2996) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. دون ذكر المعصفر والمكفوف بالحرير. وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وهو في "مسند أحمد" (19975). ويشهد لقوله: "لا أركب الأرجوان" حديث علي بن أبي طالب الآتي برقم (4050) وإسناده صحيح. ولقوله: "لا ألبس المُعصفر" شاهد من حديث علي بن أبي طالب سلف عند المصنف برقم (4044) وإسناده صحيح أيضاً. وقوله: "ألا إن طيب الرجال ريح لا لون له، ألا وطيب النساء لون لا ريح له" له شاهد من حديث أبي هريرة سلف عند المصنف ضمن حديث مطول برقم (2174). وإسناده ضعيف. وآخر من حديث أنس بن مالك عند الطحاري في "شرح معاني الآثار" 2/ 128 وفي إسناده صاعد بن عبيد البجلي لم يؤثر فيه جرح ولا تعديل. وروي عن أنس من وجه آخر عند البزار (2989 - كشف الأستار)، والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 109، والبيهقي في "الشعب" (7810)، والضياء المقدسي في "المختارة" (2311) لكن اختلف في وصله وإرساله، فقد رواه عبد الرزاق في "مصنفه" (7938)، والعقيلي 1/ 49 مرسلاً، وإسناد المرسل أصح، وهو الذي رجحه العقيلي 2/ 109. وبمجموع هذه الشواهد يحسن الحديث إن شاء الله.

4049 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدِ بنِ عبدِ الله بنِ مَوْهَبٍ الرَّمْليُّ الهمدانيُّ، أخبرنا المفضَّلُ بنُ فَضَالةَ، عن عيّاش بنِ عباسٍ عن أبي الحصين الهيثَمِ بنَ شَفِيّ - قال: خرجتُ أنا وصاحبٌ لي يُكنى أبا عامرٍ رجلٌ من المَعَافِرِ لنُصَلِّي بإيلياءَ، وكان قاصَّهم رجلٌ من الأزْدِ يقال له أبو رَيحانةَ مِن الصحابة، قال أبو الحصينِ: فسبقني صَاحبي إلى المسجدِ، ثم رَدِفْتُه فجلستُ إلى جنبه، فسألني: هل أدركتَ قَصَصَ أبي ريحانة؟ قلتُ: لا، قال: سمعتُه يقولُ: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن عشْرٍ: عن الوشْمِ، والوشمِ، والنَّتْفِ، وعن مُكامَعَة الرجلِ الرجلَ بغير شِعارٍ، ومُكامَعةِ المرأةِ المرأةَ بغيرِ شعارٍ، وأن يجعل الرجلُ في أسفلِ ثيابِه حَرِيراً مثلَ الأعاجِمِ، أو يجعلَ على مَنْكِبَيه حريراً مثلَ الأعاجم، وعن النُّهْبَى، وركوبِ النُّمورِ، ولُبوسِ الخاتِم إلا لذي سُلطان (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره دون ذكر النهي عن لبس الخاتم إلا لذي سلطان، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عامر المعافري -وهو عبد الله بن جابر- فلم يرو عنه غير رجلين، ولم يوثقه غير يعقوب بن سفيان، ذكره في ثقات التابعين من أهل مصر، ويعقوب بن سفيان نفسه رخو في توثيق الرجال، فقد ذكر الذهبي في "السير" 13/ 181 عنه أنه قال: كتبت عن ألف شيخ وكسر، كلهم ثقات، ثم تعقبه الذهبي بقوله: ليس في مشيخته إلا نحو من ثلاث مئة شيخ، فأين الباقي؟ ثم في المذكورين جماعة قد ضعِّفوا. المفضّل ابن فضالة: هو القِتباني المصري الثقة، لا البصري الضعيف. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9313) من طريق المفضل بن فضالة، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (9341) لكن مختصراً بالنهي عن الوشر والوشم والنتف، من طريق حيوة بن شريح، عن عياش، به. وأخرجه مختصراً بالنهي عن ركوب النمور ابنُ ماجه (3655) من طريق يحيى بن أيوب، عن عياش، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (17209) مطولاً. ويشهد لذكر النهي عن الوشر حديث عبد الله بن مسعود عند أحمد (3945) بلفظ: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن النامصة والواشرة والواصلة والواشمة، إلا من داء ... وإسناده قوي. ولذكر النهي عن الوشم يشهد حديث عبد الله بن عمر الآتي برقم (4168) وإسناده صحيح وهو في "الصحيحين". وحديث ابن مسعود الآتي أيضاً برقم (4169)، وهو في "الصحيحين" كذلك. وحديث ابن عباس الآتي برقم (4170). وحديث أبي جحيفة عند البخاري (2086). وحديث أبي هريرة عند البخاري (5933) و (5946). وانظر تمام شواهده في "مسند أحمد" (3945). ويشهد للنهي عن النتف (وهو النمص) حديث ابن مسعود الآتي عند المصنف برقم (4169)، وهو في "الصحيحين" كذلك. ويشهد للنهي عن المكامعة بغير شعار حديث أبي سعيد الخدري السالف برقم (4018) وإسناده قوي، وهو في صحيح مسلم". ويشهد للنهي عن النُّهبى حديث عبد الرحمن بن سمرة السالف برقم (2703) وإسناده حسن وحديث أبي هريرة عند البخاري (2475)، ومسلم (57). وحديث عبد الله بن يزيد عند البخاري (2474). ويشهد للنهي عن ركوب النمور حديث معاوية بن أبي سفيان السالف برقم (1794)، والأتي برقم (4129) بلفظ غير اللفظ الأول. وإسناده صحيح. ونهيه -صلَّى الله عليه وسلم- أن يجعل في أسفل ثيابه حريراً مثل الأعاجم، أو يجعل على منكبيه حريراً مثل الأعاجم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "اقتضاء الصراط المستقيم" ص 112: النهي عن هذين لكونهما كانا شعاراً للأعاجم، لا لكونهما حريراً، فإنه لو كان النهي عنهما لكونهما حريراً لعم الثوب كله، ولم يخص هذين الموضعين، ولهذا قال فيه: مثل الأعاجم، والأصل في الصفة أن تكون لتقييد الموصوف لا لتوضيحه. =

قال أبو داود: الذي تفرَّدَ بهِ مِن هذا الحديث خَبر الخاتِم (¬1). 4050 - حدَّثنا يحيى بنُ حبيبٍ، حدَّثنا روح، حدَّثنا هِشامٌ، عن محمدٍ، عن عَبِيدَةَ عن عليٍّ أنه قال: نُهِيَ عن مَياثِرِ الأرجُوان (¬2). ¬

_ = قال الخطابي: "الوشر" معالجة الأسنان بما يحدّدها تفعله المرأة المُسنّة تتشبه بالشوابّ الحديثات السنن، والوشم: أن تُغرز اليد بالابرة، ثم يُحشى كحلاً أو غيره من خضرة أو سواد. وأما "المكامعة": فهي المضاجعة، وروى أبو العباس أحمد بن يحيى، عن ابن الأعرابي قال: المكامعة: مضاجعة العراة المحرمين، والمكاعمة: تقبيل أفواه المحظورين. ونهيه عن ركوب النمور: قد يكون لما فيه من الزينة والخيلاء، وقد يكون لأنه غير مدبوغ، لأنه إنما يُراد لشعره، والشعر لا يقبل الدباغ. وقال ابن الأثير في "النهاية": النُّهبي بمعنى النَّهب، وهو الغارة والسَّلْب، وهو اختلاس شيء له قيمة عالية. وأما النهي عن لبس الخاتم إلا لذي سلطان، فقد جاء في بعض نسخ السنن أن أبا داود قال: الذي تفرد به من هذا الحديث ذكر الخاتم. وقال الحافظ ابن حجر فيما نقله عنه المناوي في "فيض القدير" 6/ 335: هذا الحديث لم يصح، وفي إسناده رجل مبهم، أي: فلا يعارض الأخبار الصحيحة الصريحة في حل لبسه لكل أحد. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ). وكتب بجانبه: لؤلؤي. (¬2) إسناده صحيح. عَبيدة: هو ابن عمرو السَّلْماني، ومحمد: هو ابن سيرين، وهشام: هو ابن حسان، ورَوْح: هو ابن عُبادة، ويحيى بن حبيب: هو ابن عَرَبيّ. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9430) من طريق هشام بن حسان، بهذا الإسناد وزاد في روايته: لبس القسي، وخاتم الذهب، وسيأتي ذكرهما في الحديث التالي، وسلف ذكرهما في الحديث رقم (4044). وأخرج النسائي في "الكبرى" (9409) و (9410) من طريق مالك بن عمير، عن علي بن أبي طالب قال: نهانا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الميثرة الحمراء. =

4051 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ ومسلم بنُ إبراهيم، قالا: حدَّثنا شعبةُ، عن أبي إسحاقَ، عن هُبَيْرَةَ عن علي رضيَ اللهُ عنه، قال: نهاني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ، عن خَاتمِ الذَّهْبِ، وعَن لُبْسِ القَسِّيِّ، والمِيثرَةِ الحمرَاء. قال مسلمٌ: المَياثر (¬1). 4052 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعْد، حدَّثنا ابنُ شهابٍ الزهريِّ، عن عُروةَ بنِ الزُّبيرِ عن عائشة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلَّى في خَمِيصَةٍ لها أعلامٌ، فنظر إى أعلامِها، فلما سلَّم، قال: "اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جَهْمٍ فإنَّها ألْهَتْنِي آنفاً في صلاتي، وأْتُوني بأنْبِجانِيَّتِهِ" (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (1162). وانظر ما بعده. وسيأتي برقم (4225) من طريق آخر بلفظ: نهاني رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن المثيرة. قال ابن الأثير في "النهاية": المياثر: من مراكب العجم تعمل من حرير أو ديباج، والأُرْجُوان: صِبغ أحمر ويتخذ كالفراش الصغير ويُحشى بقطن أو صوف، ثم يجعلها الراكب تحته على الرحال فوق الجمال، ويدخل فيه مياثر السروج، لأن النهي يشمل كل مِيثَرة حمراء، سواء كانت على رحل أو سراج. وقال الخطابي: إنما سميت مياثر لوثارتها ولينها. وجاء في رواية ابن العبد: وسائد الأرجوان، بدل: مياثر الأرجوان. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل هُبيرة -وهو ابن يَرِيْم-، لكنه متابع. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي. وأخرجه ابن ماجه (3654)، والترمذي (3016)، والنسائي في "الكبرى" (9404) و (9405) و (9406) من طريق أبي إسحاق السبيعي، به. وهو في "مسند أحمد" (722)، و "صحيح ابن حبان" (5438). وانظر ما قبله، وما سلف برقم (4044). وانظر ما سيأتي برقم (4225). (¬2) إسناده صحيح. =

12 - باب الرخصة في العلم وخيط الحرير

قال أبو داود: أبو جهم بنُ حذيفة من بني عَدي بن كعْب. 4053 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة في آخرِين: قالوا: حدَّثنا سُفيانُ، عن الزهريِّ، عن عُروةَ عن عائشة، نحوه، والأول أشبع (¬1). 12 - بابُ الرخصةِ في العَلَم وخيطِ الحرير 4054 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يونس، حدَّثنا المغيرةُ بن زياد حدَّثنا عبدُ الله أبو عمر مولى أسماء بنتِ أبي بكر، قال: رأيتُ ابنَ عمر في السُّوق اشترى ثوباً شامياً، فرأى فيه خيطاً أحْمَرَ، فردَّه، فأتيتُ أسماء، فذكرتُ ذلك لها، فقالت: يا جاريةُ، ناوليني جُبَّة ¬

_ = وأخرجه البخاري (373) و (5817) من طريق إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد. وقد سلف من طريقين برقم (914) و (915). وانظر ما بعده. و"الأنبجانية"، قال ابن الأثير في "النهاية": المحفوظ بكسر الباء، ويُروى بفتحها، منسوب إلى منبج، المدينة المعروفة، وهي مكسورة الباء، ففتحت في النسب، وأُبدلت الميم همزة، وقيل: إنها منسوبة إلى موضع اسمه أنبجان، وهو أشبه، لأن الأول فيه تعسُّف، وهو كساء يتخذ من الصوف، وله خمل ولا عَلَم له، وهي أدْون الثياب الغليظة، وإنما بعث الخميصة إلى أبي جهم، لأنه أهدى إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - خميصة ذات أعلام فلما شغلته في الصلاة، قال: "ردُّوها عليه، وأتوني بأبنجانيته" وإنما طلبها منه لئلا يوثر ردّ الهدية في قلبه. (¬1) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير، وسفيان: هو ابن عيينة. وقد سلف برقم (914). وانظر ما قبله. تنبيه: هذه الطريق أثبتناها من (أ) و (هـ)، وهي في رواية ابن العبد وابن داسه.

رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ، فأخرجت جُبَّةَ طَيالِسَةٍ مكفوفةَ الجيبِ والكُمّين والفَرْجَيْنِ بالدِّيباجِ (¬1). 4055 - حدَّثنا ابنُ نُفَيل، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا خُصَيف، عن عِكرمة عن ابنِ عباس، قال: إنما نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الثوبِ المُصْمَتِ من الحرِيرِ، فأما العَلَم من الحرير وسدَى الثوبِ فلا بأسَ به (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل المغيرة بن زياد. عبد الله أبو عمر: هو ابن كيسان. وأخرجه ابن ماجه (3594) من طريق المغيرة بن زياد، به. وأخرجه بمعناه مسلم (2069)، والنسائي في "الكبرى" (9546) من طريق عبد الملك بن أبي سُليمان، عن أبي عمر عبد الله بن كيسان، به. وهؤ في "مسند أحمد" (26942) و (26982). قوله: طيالسة: جمع طَيْلَس وطيلَسان وطيلُسان، والهاء في طيالسة للعجمة، لأنه فارسي، وهو ضرب من الأكسية أسود. والفرج في الثوب: الشق الذي يكون أمام الثوب وخلفَه في أسفله. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف خُصَيف -وهو ابن عبد الرحمن الجزري- لكن روي الحديث من وجه آخر صحيح كما سيأتي. زهير: هو ابن معاوية، وابن نُفَيل: هو عبد الله بن محمد بن علي نفيل النُّفَيلي. وأخرجه أحمد (2951)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 255، والطبراني في "الكبير" (12232)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 2/ 424 و 3/ 270، وفي "شعب الإيمان" (6101) من طريق خُصَيف بن عبد الرحمن، به. وأخرجه أحمد (2856)، والحاكم 4/ 192 من طريق ابن جريج، أخبرني عكرمة ابن خالد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إنما نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الثوب المُصمت حريراً - قال البيهقي في "الشعب" بإثر الحديث (6103) وإسناده صحيح. وذلك يؤيد جملة رواية خصيف. قلنا: وهو كما قال. و"المُصمَت" هو الثوب الذي جميعه حرير لا يخالطه قطن ولا غيره. و"العلَمَ" العلامة من طراز وغيره. و"سَدَى الثوب" خلاف اللُّحمة، وهو ما يُمد طُولاً في النسيج.

13 - باب في لبس الحرير لعذر

13 - باب في لبس الحرير لعُذْرٍ 4056 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا عيسى -يعني ابنَ يونسَ- عن سعيدِ بنِ أبي عَروبةَ، عن قتادةَ عن أنس، قال: رَخَّص رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لعبدِ الرحمن بن عَوفٍ والزبير بن العَوَّام في قُمُصِ الحرير في السَّفَرِ من حِكَّةٍ كانت بهما (¬1). 14 - باب في الحرير للنساء 4057 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدِ، حدَّثنا الليثُ، عن يزيدَ بنِ أبي حَبيبٍ، عن أبي أفلحَ الهمدانيِّ، عن عبدِ الله بن زُرَير أنه سمعَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ يقول: إن نبي الله -صلَّى الله عليه وسلم- أخذَ حريراً فجعلَه في يمينه، وأخذ ذهباً فجعله في شِمَالِه، ثم قال: "إنَّ هذينِ حَرَامٌ على ذُكُورِ أُمَّتي" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. النُّفيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل الحراني. وأخرجه البخاري (2919)، ومسلم (2076)، وابن ماجه (3592)، والترمذي (1819)، والنسائي في "الكبرى" (9557 - 9559) من طريق قتادة، به. وهو في "مسند أحمد" (12230)، وابن حبان (5432). وقد جاء في بعض طرق الحديث في "الصحيحين" وغيرهما عن همام عن قتادة أن ذلك بسبب القمل لا الحكة، لكن الأكثرين عن قتادة قالوا: بسبب حكة كانت بهما كما هو هنا عند المصنف. قال الحافظ في "الفتح" 6/ 101: رجح ابن التين الرواية التي فيها الحكة، وقال: لعل أحد الرواة تأولها فأخطأ، وجمع الداوودي باحتمال أن يكون إحدى العلتين بأحد الرجلين. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد خالف فيه قتيبة بن سعيد غيره من الثقات من أصحاب الليث -وهو ابن سعد- كابن المبارك وحجاج بن محمد وعيسى بن حماد وشعيب بن الليث، فأسفط من إسناده عبد العزيز بن أبي الصعبة بين يزيد بن أبي =

4058 - حدَّثنا عمرو بنُ عُثمان وكثيرُ بنُ عبيد الحِمْصيَّانِ، قالا: حدَّثنا بقيَّةُ، عن الزُّبَيدي، عن الزُّهري عن أنس بن مالك أنه حدَّثه، أنه رأى على أُمِّ كُلثُومٍ بنتِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بُرْداً سِيَراءَ، قال: والسِّيراءُ المُضَلَّع بالقزِّ (¬1). ¬

_ = حبيب وبين أبي أفلح الهمْداني، وعبد العزيز هذا لا بأس به، وشيخه أبو أفلح كذلك، فالإسناد حسن. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9382) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (9383) عن عيسى بن حماد، و (9384) من طريق عبد الله بن المبارك، وأحمد (935) عن حجاج بن محمد، والطحاوي في"شرح معاني الآثار" 4/ 250 من طريق شعيب بن الليث، أربعتهم عن الليث بن سعْد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الصعبة عبد العزيز بن أبي الصعبة، عن رجل من همدان يقال له: أبو أفلح، عن ابن زُرير، عن علي بن أبي طالب. وأخرجه أحمد (750)، وابن ماجه (3595)، والنسائي (9385) من طريق محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، بإسناد الجماعة عن الليث. وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" (750). وفي الباب عن غير واحد من الصحابة. انظر "البدر المنير" لابن الملقن 1/ 640 - 650. قال الخطابي: قوله: "إن هذين" إشارة إلى جنسهما لا إلى عينهما فقط. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد- لكنه متابع. الزُّبيدي: هو محمد بن الوليد. وأخرجه البخاري (5842)، والنسائي في "الكبرى" (9505) من طريق شعيب ابن أبي حمزة، وابن ماجه (3598)، والنسائي في "الكبرى" (9503) من طريق معمر ابن راشد، والنسائي (9504) من طريق بقية بن الوليد، عن الزبيدي، و (9506) من طريق ابن جُريج، و (9507) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، خمستهم عن الزهري، به. إلا أن معمراً قال في روايته: زينب بنت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بدل: أم كلثوم.

15 - باب في لبس الحبرة

4059 - حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا أبو أحمدَ -يعني الزُّبيريَّ- حدَّثنا مسعرٌ، عن عبدِ الملك بن ميسَرةَ، عن عمرو بنِ دينارٍ عن جابر، قال: كنا ننزِعُهُ عن الغِلْمَان، ونترُكُه على الجوارِي. قال مسعر: فسألتُ عمرو بنَ دينارِ عنه، فلم يعرِفه (¬1). 15 - باب في لُبس الحِبَرة 4060 - حدَّثنا هُدْبةُ بنُ خالدٍ الأزديُّ، حدَّثنا همام، عن قتادةَ، قال: قلتُ لأنسِ: أيُّ اللباسِ كان أحبَّ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، أو أعجبَ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ قال: الحِبَرَةُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مِسْعَر: هو ابن كِدام، وأبو أحمد الزبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي. وقال المنذري في "مختصره" 6/ 36 في تفسير قوله: فلم يعرفه: يعني أن مسعراً سمع الحديث من عبد الملك بن ميسرة الزَّرّاد الكوفي عن عمرو بن دينار. فسأله عن الحديث؟ فلم يعرفه. فلعله نسيه، والله عز وجلَّ أعلم. وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 254 من طريق أبي أحمد الزبيري، بهذا الإسناد. ولفظه: أن جابر بن عبد الله نزع الحرير عن الغلام وتركه على الجارية. (¬2) إسناده صحيح. همام: هو ابن يحيى العَوْذي. وأخرجه البخاري (5812) و (5813)، ومسلم (2079)، والترمذي (1890)، والنسائي في "الكبرى" (9568) من طريق قتادة، به. وهو في "مسند أحمد" (12377)، و"صحيح ابن حبان" (6396). وقوله: "برد حِبَرة" قال في "النهاية": الحبير من البرود: ما كان مَوْشِيّاً مخططاً، يقال: بردُ حَبيرٍ وبُرْدُ حِبرة بوزن عنبة: على الوصف والإضافة. والجمع حِبَر وحِبَرات. وقال أبو العباس القرطبي: سميت حبرةً، لأنها تحبّر، أي: تُزَيَّن، والتَّحبير: التزيين والتحسين.

16 - باب في البياض

16 - باب في البَياض 4061 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ عثمانَ بنِ خُثَيْم، عن سعيدِ بنِ جُبير عن ابنِ عباسِ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "البسوا من ثيابِكُم البياضَ، فإنَّها من خيرِ ثيابكم، وكفِّنوا فيها موْتَاكُم، وإنّ خَيْرَ أكْحَالِكُم الإثمدُ: يجلو البَصَرَ، ويُنْبِتُ الشَّعَرَ" (¬1). 17 - باب في غَسْلِ الثوب وفي الخُلْقانِ 4062 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا مِسكينٌ، عن الأوزاعي. وحدثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، عن وكيعٍ، عن الأوزاعيِّ -نحوه- عن حسانَ بنِ عطية، عن محمدِ ابنِ المنكدِرِ عن جابرِ بنِ عبدِ الله، قال: أتانا - رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فرأى رجُلاً شعِثاً قد تفرَّقَ شَعرُهُ، فقال: "أما كان هذا يَجدُ ما يُسَكِّنُ به شَعْرَهَ؟ " ورأى رجُلاً آخر عليه ثيابٌ وسِخَة فقال: "أَما كان هذا يجدُ ما يَغسِلُ به ثوبَهُ؟ " (¬2). 4063 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا أبو إسحاقَ، عن أبي الأحوصِ ¬

_ (¬1) إسناده قوى من أجل عبد الله بن عثمان بن خثيم. زهير: هو ابن معاوية. وهو مكرر الحديث السالف برقم (3878). (¬2) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، ومسكين: هو ابن بُكير الحراني، والنفيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل الحراني. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9261) من طريق الأوزاعي، بهذا الإسناد. لكنه اقتصر على قصة الرجل الشَّعِث. وهو في "مسند أحمد" (14850)، و"صحيح ابن حبان" (5483).

18 - باب في المصبوغ بالصفرة

عن أبيهِ، قال: أتيتُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في ثوب دُونٍ، فقال: "ألكَ مالٌ؟ " قال: نعم، قال: "مِنْ أيِّ المالِ؟ " قال: قد آتاني اللهُ مِن الإبل والغَنَمِ والخيلِ والرَّقيقِ، قال: "فإذا آتاكَ اللهُ مالاً فليُرَ أثرُ نِعْمَةِ اللهِ عليكَ وكرامتِهِ" (¬1). 18 - باب في المصبوغ بالصُّفْرة 4064 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسلمة القَعنبيُّ، حدَّثنا عبدُ العزيزِ -يعني ابنَ محمد- عن زيدٍ -يعني ابنَ أسلم- أن ابنَ عمر كان يَصْبُغُ لِحيتَه بالصُّفرة، حتى تمتلئ ثيابُه مِن الصُّفرة، فقيلَ له: لم تَصْبُغُ بالصُّفرة؟ فقال: إني رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يصبُغُ بها، ولم يكن شيٌ أحبَّ إليه منها، وقد كان يصبُغُ بها ثيابَه كلَّها حتى عمامتَه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الأحوص: هو عوف بن مالك بن نضلة الجُشمي، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وزهير: هو ابن معاوية، والنُّفَيلي: هو عبد الله ابن محمد بن علي. وأخرجه الترمذي (2124)، والنسائي في "الكبرى" (9484 - 9486) من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (15887) و (17229)، و"صحيح ابن حبان" (5416) و (5417). (¬2) إسناده قوي من أجل عبد العزيز بن محمد -وهو الدَّراوردي-. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9305) عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، عن الدراوردي عن زيد بن أسلم، قال: رأيتُ ابن عمر يصفِّر ... الحديث. وهو في "مسند أحمد" (5717).

19 - باب في الخضرة

19 - باب في الخُضْرةِ 4065 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا عُبيدُ اللهِ -يعني ابنَ إياد- حدَّثنا إياد عن أبي رِمْثَةَ، قال: انطلقتُ مع أبي نحو النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- فرأيتُ عليه بُردَينِ أخضَرَينِ (¬1). 20 - باب في الحُمرة 4066 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يونسَ، حدَّثنا هشامُ بنُ الغازِ، عن عمرو بنِ شُعيبٍ، عن أبيه عن جدِّه، قال: هبطْنَا مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - من ثنيّةٍ، فالتفتَ إليَّ وعليَّ ريطةٌ مضرَّجةٌ بالعُصْفُرِ، فقال: "ما هذه الرَّيطةُ عليك؟ " فعرفتُ ما كرِهَ، فأتيتُ أهلي وهم يسجرون تنُّوراً لهم، فقذفتُها فيه، ثم أتيتُه من الغد، فقال: "يا عبدَ الله، ما فعلتِ الرَّيطةُ؟ " فأخبرتُه، فقال: "أفلا كسوتَها بعضَ أهلِكَ، فإنه لا بأسَ به للنساء" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عُبيد الله بن إياد: هو ابن لَقِيط السَّدوسي. وأخرجه الترمذي (3021)، والنسائي في "الكبرى" (1794) من طريق عُبيد الله ابن إياد، والنسائي في "الكبرى" (9578) من طريق عبد الملك بن عمير، كلاهما عن إياد بن لقيط، به. وهو في "مسند أحمد" (7109)، و"صحيح ابن حبان" (5995). وسيتكرر برقم (4206). (¬2) إسناده حسن. وأخرجه ابن ماجه (3603) من طريق هشام بن الغاز، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 369 - 370 من طريق محمد بن عمرو بن علقمة، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. وهو في "مسند أحمد" (6852). =

4067 - حدَّثنا عمرو بنُ عثمانَ الحِمصيُّ، حدَّثنا الوليدُ، قال: قال هشامٌ -يعني ابنَ الغاز-: المُضرَّجةُ: التي ليست بالمُشَبَّعةِ ولا المُورَّدِةَ (¬1). 4068 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُثمانَ الدِّمشقيُّ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ عيَّاشٍ، عن شُرَحْبِيلَ بنِ مُسلمٍ، عن شُفْعَةَ ¬

_ = وأخرجه الحاكم 4/ 190، وابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 122 - 123 من طريق سعيد بن أبي هلال عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وسعيد بن أبي هلال عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أنه قال: دخلت يوماً على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وعلي ثوبان معصفران، فقال لي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: ما هذان الثوبان؟ قال: صبغتهما لي أم عبد الله، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أقسمت عليك لما رجعت إلى أم عبد الله فأمرتها أن توقد لهما التنور، ثم تطرحهما فيه" فرجعت إليها، ففعلت. فجعل في هذه الرواية الإحراق بأمر النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وتوافق رواية سعيد بن أبي هلال هذه رواية طاووس عن عبد الله بن عمرو بن العاص الآتي ذكرها قريباً. وأخرج مسلم (2077)، والنسائي في "الكبرى" (9569) من طريق جُبير بن نُفير، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - رأى عليه ثوبين معصفرين، فقال: "إن هذه من ثياب الكفار، فلا تلبسها". فلم يذكر في هذه الرواية الاحراق ولا الترخيص بها للنساء. وأخرج مسلم أيضاً (2077)، والنسائي (9570) من طريق طاووس عن عبد الله ابن عمرو قال: رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عليَّ ثوبين معصفرين، فقال: "أأمك أمرتك بهذا؟ " قلت: أغسلهما؟ قال: "بل أحرقهما". هذا لفظ مسلم. فجعل الأمر بالإحراق أيضاً بأمر النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وانظر ما سيأتي برقم (4068). قال الخطابي: المُضرَّج: الذي ليس صبغه بالمُشبَع العام، وإنما هو لطخ علق به، ويقال: تضرَّج الثوب: إذا تلطخ بدم ونحوه. والرَّيطة قال الفيومي في "المصباح المنير": بالفتح: كل مُلاءة ليست لِفقين، أي: قطعتين، وقد يسمى كل ثوب رقيق رَيطةً. (¬1) رجاله ثقات. الوليد: هو ابن مسلم الدمشقي.

عن عبدِ الله بنِ عمرو بنِ العاص، قال: رآني رسولُ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - قال أبو عليّ اللؤلؤي: أُرَاهُ - وعليَّ ثوبٌ مصبوغٌ بعصفُرٍ مُورَّدٌ، فقال: "ما هذا؟ " فانطلقتُ فأحرقتُه، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما صنعتَ بثوبِكَ؟، فقلت: أحرقتُه، قال: "أفلا كسوتَه بعضَ أهلِكَ" (¬1). قال أبو داود: رواه ثورٌ عن خالدٍ، فقال: مُورَّد، وطاووس قال: مُعصفرٌ. 4069 - حدَّثنا محمدُ بنُ حُزابَةَ، حدَّثنا إسحاقُ بنُ منصورِ، حدَّثنا إسرائيلُ، عن أبي يحيى، عن مُجاهِدِ عن عبدِ الله بنِ عمرو، قال: مرَّ على النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- رجُلٌ عليهِ ثوبانِ أحمرانِ، فسلّم، فلم يَرُدَّ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- عليه (¬2). 4070 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا أبو أُسامةَ، عن الوليدِ -يعني ابنَ كثير-، عن محمّدِ بن عمرو بنِ عطاءِ، عن رجُلٍ مِن بني حارثةَ عن رافع بن خَديِجٍ، قال: خرجنا مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ، فرأى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - على رواحِلِنا وعلى إبِلِنا أكسيِةً فيها خُيُوطُ عِهْنٍ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة شُفعة -وهو السَّمَعي الحمصي-. وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 267، والطبراني في "مسند الشاميين" (551)، وابن عبد البر في التمهيد" 16/ 122 من طريق إسماعيل بن عياش، به. وانظر ما سلف برقم (4066). (¬2) إسناده ضعيف لضعف أبي يحيى -وهو القَتَّات- مجاهد: هو ابن جبر المكي، وإسرائيل. هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، وإسحاق بن منصور: هو السَّلُولي مولاهم الكوفي. وأخرجه الترمذي (3015) من طريق إسحاق بن منصور، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

حُمْرٌ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ألا أرى هذه الحُمْرَةَ قد علتكم؟ "فقمنا سراعاً لقولِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حتى نفرَ بعضُ إبلنا، فأخذنا الأكسِيةَ، فنزعناها عنها (¬1). 4071 - حدَّثنا محمد بنُ عوفٍ الطائيُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ، حدَّثني أبي -قال ابنُ عوفٍ: وقرأتُ في أصل إسماعيلَ، قال:- حدَّثني ضَمْضَمٌ -يعني ابنَ زرعة- عن شُرَيح بنِ عُبَيدٍ، عن حبيبِ بنِ عُبيد، عن حُريث بنِ الأبَحِّ السَّلِيحِيِّ أن امرأةً من بني أسد قالت: كنتُ يوماً عندَ زينبَ امرأة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ونحن نصبُغ ثياباً لها بمَغْرَةٍ، فبينا نحن كذلك إذ طلع علينا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فلما رأى المغرةَ رجَعَ، فلما رأتْ ذلك زينبُ، علمت أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قد كَرِهَ ما فعلَت: فأخذت فَغَسَلت ثِيابَها ووارَتْ كلَّ حُمرةٍ، ثم إنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - رجع، فاطَّلَعَ، فلما لم يَرَ شيئاً دخل (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لإبهام الرجل الحارثي. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 492، وأحمد (15807)، والطبراني في "الكبير" (4449) من طريق محمد بن عمرو بن عطاء، به. وأخرجه مختصراً أحمد (17274) من طريق عثمان بن محمد الأخنسي، عن رافع بن خديج. ولم يدركه. العِهْن: الصوف الملوّن، الواحدة عِهنة. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة حُريث بن الأبَحّ السَّلِيحي. إسماعيل: هو ابن عياش، وابن عوف: هو محمد بن عوف الحمصي. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (3096) و (3460)، والطبراني في "الكبير" 24/ (149) و 25/ (456) من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش، بهذا الاسناد. والمغرة: الطين الأحمر.

21 - باب في الرخصة في ذلك

21 - باب في الرخصة في ذلك 4072 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر النَّمَرِيُّ، حدَّثنا شُعبَةُ، عن أبي إسحاق عن البراء، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - له شعر يبلُغُ شحمةَ أُذنيه، ورأيتُه في حُلَّةٍ حمراء، لم أو شيئاً قَطُّ أحْسَنَ منه (¬1). 4073 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن هِلال بنِ عامِرٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عَمرو بن عبد الله السَّبيعي. وأخرجه البخاري (3551)، ومسلم (2337)، وابن ماجه (3599)، والترمذي (1821) و (3020) و (3963)،والنسائي في "الكبرى" (9274 - 9277) من طرق عن أبي إسحاق السَّبيعي، به. وهو في "مسند أحمد" (18473)، و"صحيح ابن حبان" (6284). وسيأتي برقم (4183). قال الخطابي: قد نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - الرجال عن لبس المعصفر، وكره لهم الحُمرة في اللباس، فكان ذلك منصرفاً إلى ما صُبغ من الثياب بعد النسج، فأما ما صُبغ نسجه فغير داخل في النهي. والحلل: إنما هي برود اليمن، حمر وصفر وخضر، وما بين ذلك من الألوان، وهي لا تصبغ بعد النسج، ولكن يُصبغ الغزل، ثم يتخذ منه الحلل. وقال الحافظ في "الفتح" 10/ 305: وقد جاء جواز لبس الثوب الأحمر مطلقاً عن علي وطلحة وعبد الله بن جعفر والبراء وغير واحد من الصحابة، وعن سعيد بن المسيب والنخعي والثعبي وأبي قلابة وأبي وائل وطائفة من التابعين، وانظر تمام كلامه فيه. وقال صاحب "عون المعبود" 11/ 84: واحتج بحديثي الباب (يعني هذا الحديث والذي بعده) من قال بجواز لبس الأحمر وهم الشافعية والمالكية وغيرهم، وذهبت الحنفية إلى كراهة ذلك، وانتهى هو إلى القول: بكراهة لبس الثوب المشبع بالحمرة للرجال دون ما كان صبغه خفيفاً.

22 - باب في السواد

عن أبيه، قال رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بِمنىَ يخطبُ على بغلةٍ، وعليه بُرْدٌ أحمرُ، وعليٌّ أمامَه يُعَبِّرُ عنه (¬1). 22 - باب في السَّوادِ 4074 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا همَّامٌ، عن قَتادةَ، عن مُطرِّفٍ عن عائشةَ، قالت: صنعتُ لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بُرْدَةً سوداءَ فلبسَها، فلما عَرِقَ فيها وَجَدَ ريحَ الصُّوفِ فَقَذَفَها، قال: وأحسبه قال: وكان تُعْجِبُه الريحُ الطيبةُ (¬2). 23 - باب في الهُدْبِ 4075 - حدَّثنا عُبيد اللهِ بنُ محمد القرشيُّ، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمةَ، أخبرنا يونسُ بنُ عُبيدٍ، عن عَبيدةَ أبي خِدَاشِ، عن أبي تميمةَ الهُجَيمي ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. إلا أن الصحيح أن صحابي الحديث هو رافع بن عمرو المزني كما بيناه في الطريق السالف برقم (1956) أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. وأخرجه أحمد (15920)، والبيهقي 3/ 247 من طريق أبي معاوية الضرير، به. وأخرجه أحمد (15921) من طريق شيخ من بني فزارة، عن هلال بن عامر، به. وانظر ما سلف برقم (1956). وقوله: يُعبِّر عنه، أي: يبلغ عنه الكلام إلى الناس لاجتماعهم وازدحامهم، وذلك لأن القول لم يكن ليبلغ أهل الموسم، ويُسمعَ سائرَهم الصوتُ الواحد لما فيهم من الكثرة. قاله أبو الطيب. (¬2) إسناده صحيح. مُطرِّف: هو ابن عبد الله بن الشِّخِّير، وقتادة: هو ابن دِعامة السَّدوسيّ، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9488) و (9582) من طريق همام بن يحيى، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25503)، و"صحيح ابن حبان" (6395).

24 - باب في العمائم

عن جابرٍ قال: أتيتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وهو مُحْتَبٍ بِشَمْلَةٍ، وقد وقع هُدْبُها على قَدَميهِ (¬1). 24 - باب في العمائم 4076 - حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ ومسلُم بنُ إبراهيم وموسى بن إسماعيلَ، قالوا: حدَّثنا حمادٌ، عن أبي الزبير عن جابرٍ: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - دخَلَ عامَ الفتح مكَّةَ وعليه عمامَةٌ سوداءُ (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن. وهذا إسناد ضعيف لجهالة عَبيدة أبي خِداش، لكن تابعه قرة ابن موسى الهُجيمي، وهو وإن كان مجهولاً أيضاً، تقوى الحديث به. جابر: هو ابن سُلَيم الهُجيمي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9611) من طريق يونس بن عُبيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1182)، والنسائي في "الكبرى" (9612) من طريق قرة بن موسى الهُجَيمي، عن سُلَيم بن جابر -كذا سماه-. وهو في "مسند أحمد" (20635)، و "صحيح ابن حبان" (521). وهُدْب الثوب: قال ابن الأثير في "النهاية": هُذب الثوب وهُدْبته وهُدَّابه: طرف الثوب مما يلي طُرَّته. والطرة: هي كُفَّةُ الثوب، وهي جانبه الذي لا هُدب له. وقال الحافظ: هي أطراف من سدى بغير لُحمة ربما قصد بها التجمل، وقد تفتل صيانة لها من الفساد، وقال الداوودي: هي ما يبقى من الخيوط من أطراف الأردية. (¬2) إسناده صحيح. أبو الزبير: وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي، وحماد: هو ابن سلمة، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه مسلم (1358)، وابن ماجه (2822) و (3585)، والترمذي (1832)، والنسائي في "الكبرى" (3838) و (9671 - 9673) من طريق أبي الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (14904)، و"صحيح ابن حبان" (3722). وفي الباب عن عمرو بن حريث عند مسلم (1359)، وسيأتي بعده. وجاء عند الحميدي (566) أن ذلك كان يومَ فتح مكة.

4077 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن مساوِرٍ الورَّاقِ، عن جعفر بنِ عمرو بنِ حُرَيثٍ عن أبيه، قال: رأيتُ النبىَّ -صلَّى الله عليه وسلم- على المِنْبَرِ وعليهِ عِمامةٌ سوداءُ قد أرخى طَرفَها بين كتفيه (¬1). 4078 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ الثقفيُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ ربيعةَ، حدَّثنا أبو الحسن العسقلانيُّ، عن أبي جعفرِ بنِ محمد بنِ عليٍّ بن رُكانَةَ، عن أبيه -أن رُكانَةَ صارَعَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فصرعَهُ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-- قال رُكانة: وسمعتُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "فرقُ ما بيننا وبينَ المشركينَ العَمائِمُ على القَلانِسِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، والحسن بن علي: هو الحُلْواني الخَلَّال. وأخرجه مسلم (1359)، وابن ماجه (1104) و (2821) و (3584) و (3587)، والنسائي في "الكبرى" (9674) من طريق مساور الوراق، به. وهو في "مسند أحمد" (18734). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9675) من طريق مساور الوراق، به. بلفظ: رأيت على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عمامة حَرَقانية. والحرقانية: قال الزمخشري في "الفائق": هي التي على لون ما أحرقته النار، كأنها منسوبة -بزيادة الألف والنون- إلى الحَرَق، يقال: الحَرْق بالنار والحَرَق معاً. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة أبي الحسن العَسْقَلاني فمن فوقه. غير رُكانة الصحابي وهو ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف المطلبي، أسلم في فتح مكة، قال الزبير: مات بالمدينة في خلانة معاوية، وقال أبو نعيم: مات في خلافة عثمان. وأخرجه الترمذي (1887) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال: حديث غريب، وليس إسناده بالقائم. =

25 - باب في لبسة الصماء

4079 - حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ مولى بني هاشِمٍ، حدَّثنا عثمانُ بن عثمان الغطفانيُّ، حدَّثنا سليمانُ بن خرَّبُوذَ، حدَّثني شيخ مِن أهلِ المدينةِ، قال: سمعتُ عبدَ الرحمن بنَ عوفٍ يقولُ: عمَّمني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فَسَدَلها بين يديَّ ومِن خَلْفِي (¬1). 25 - باب في لِبْسَةِ الصَّمَّاء 4080 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جرِيرٌ، عن الأعمشِ، عن أبي صالحٍ ¬

_ = وأخرجه المصنف في "المراسيل" (358) عن موسى بن إسماعيل التبوذكي، حدَّثنا حماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان بالبطحاء فأتى عليه يزيد بن رُكانةَ أو رُكانةُ، ومعه أعنُزٌ له، فقال له: يا محمدُ هل لك أن تصارعني؟ قال: "ما تسبقني؟! قال: شاةٌ من غنمي، فصارعه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - فصرَعَهُ، يعني فأخذَ شاةً، فقام رُكانةُ، فقال: هل لكَ في العودَةِ؟ قال: "ما تسبقني؟ " قال: أُخرى، فصارعه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - فصَرَعهُ، فقال له مثلها، فقال: "ما تسبقني؟ قال: أُخرى، فصارعَه النبيُّ فصرَعَه، ذكرَ ذلك مراراً، فقال: يا محمد، والله ما وضعَ جنبي أحدٌ إلى الأرض، وما أنت الذي صَرَعَني -يعني: فأسلم- ودعا له رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. رجاله ثقات رجال الصحيح. ورواه البيهقي 10/ 18 من طريق أبي داود، به. وقال: هو مرسل جيد. وقال الحافظ في التلخيص 4/ 162: إسناده صحيح إلى سعيد بن جبير إلاَّ أنّ سعيداً لم يدرك رُكانة. (¬1) إسناده ضعيف لابهام الشيخ المدني، وجهالة سليمان بن خَرَّبوذ. وأخرجه أبو يعلى (850)، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1820، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6253)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 4/ 191 - 192، والمزي في ترجمة سليمان بن خرّبوذ من "تهذيب الكمال" 11/ 400 من طريق عثمان بن عثمان الغطفاني، بهذا الإسناد. وقد وقع اسم سليمان بن خربوذ عندهم خلا البيهقي: الزبير بن خرّبود. قال المزي: هو وهم، والصواب سيمان بن خرَّبود كما قال أبو داود.

عن أبي هريرة، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن لِبْستينِ أن يحتبي الرجلُ مُفْضِياً بِفَرْجِهِ إلى السَّماء، ويلبسَ ثوبَه وأحدُ جانبيه خارِجٌ، ويُلقِي ثوبَه على عاتِقِه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه بنحوه الترمذي (1856) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. وأخرجه بنحوه كذلك البخاري (368) و (5821) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والبخاري (584) و (5819)، وابن ماجه (3560) من طريق حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، والبخاري (2145) من طريق محمد بن سيرين، والنسائي في "الكبرى" (9667) و (9670) من طريق محمد بن عمير، أربعتهم عن أبي هريرة. وقال النسائي عن طريق محمد بن عمير: هذا منكر محمد بن عمير مجهول، نقله عنه في "تحفة الأشراف" 10/ 365. وهو في "مسند أحمد" (8949). والصمَّاء من تلك اللبستين هي اللبسة الثانية وهي اشتمال الرجل بالثوب الواحد على أحد شقيه، ويلقي ثوبه على عاتقه. كذا حمله أبو داود على هذا المعنى، ونقل أبو عبيد في "غريبه" 2/ 118 أن هذا هو تفسير الفقهاء، وأنهم أعلم بالتأويل في هذا. لكنه نقل عن الأصمعي أن اشتمال الصماء عند العرب أن يشتمل الرجل بثوبه فيجلل به جسده كله، ولا يرفع منه جانباً فيخرج منه يده. قلنا: وكذلك فسره ابن الأثير في "النهاية". قال أبو عبيد: كأنه يذهب إلى أنه لا يدري لعله يصيبه شيء يريد الاحتراس منه وأن يقيه بشيء فلا يقدر على ذلك لإدخاله إياهما في ثيابه. قلنا: لكن بحمل ألفاظ حديث أبي هريرة المطلق منها على المقيد يتضح صحة كلام الفقهاء ومنهم أبو داود، فقد جاء في رواية الأعرج وحفص بن عاصم الإطلاق بذكر النهي عن اشتمال الصماء، وقُيِّد في هذه الرواية التي عند المصنف، وكذلك في رواية عطاء بن ميناء عن أبي هريرة عند عبد الرزاق (7880) وغيره بما يفيد أن اشتمال الصماء هو أن يلقي داخلة إزاره وخارجته على أحد عاتقيه، ويُبرز شقه.

26 - باب في حل الأزرار

4081 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن أبي الزُّبير عن جابرِ، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الصَّمَّاء والاحتِبَاءِ في ثوبٍ واحِدٍ (¬1). 26 - باب في حَلِّ الأزرار 4082 - حدَّثنا النُّفيليُّ وأحمدُ بنُ يونس، قالا: حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا عُروةُ ابنُ عبدِ الله -قال ابنُ نفيلٍ: ابن قُشيرٍ أبو مَهَل الجعفيُّ- حدَّثنا معاويةُ بنُ قُرَّة حدَّثني أبي، قال: أتيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في رهْطِ مِنْ مُزَينةَ، فبايعناه، وإن قميصَه لمطلَقُ الأزْرَارِ، قال: فبايعتُه ثم أدخلتُ يدي في جَيْبِ قميصِه فمسِسْتُ الخاتِمَ، قال عُروة: فما رأيتُ معاويةَ ولا ابنَهُ إلا مُطلِقَيْ أزرارهِما قطُّ في شتاءِ ولا حَرٍّ، ولا يَزُرَّان أزرارَهما أبداً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد روى هذا الحديثَ عن أبي الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- الليثُ بنُ سعد عند الترمذي والنسائي والليث لم يرو عن أبي الزبير إلا ما ثبت له فيه سماعه من جابر. على أنه صرح بالسماع أيضاً عند أحمد (14178) وغيره. وأخرجه مسلم (2099)، والترمذي (2972)، والنسائي في "الكبرى" (9668) و (9713) و (9714) من طرق عن أبى الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (14118) و (14178)، و"صحيح ابن حبان" (1273) و (5225) و (5553). (¬2) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجُعفي، والنُّفَيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل الحرَّاني، وأحمد بن يونس: هو ابن عبد الله بن يونس، يُنسب لجده كثيراً. وأخرجه ابن ماجه (3578) من طريق زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15581)، و"صحيح ابن حبان" (5452).

27 - باب في التقنع

27 - باب في التَّقَنُّع 4083 - حدَّثنا محمدُ بنُ داود بنِ سُفيانَ، حدَّثنا عبدُ الرَّزاقِ، أخبرنا معمر، قال: قال الزهريُّ: قال عُروةُ: قالت عائشةُ: بينا نحنُ جلوسٌ في بيتنا في نَحْرِ الظهيرةِ، قال قائِلٌ لأبي بكر: هذا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مقبلاً مُتقنِّعاً في ساعةٍ لم يَكُنْ يأتينا فيها، فجاء رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ، فاستاذَنَ، فَاُذِنَ له، فدخل (¬1). 28 - باب ما جاء في إسبال الإزار 4084 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن أبي غِفارِ، حدَّثنا أبو تميمةَ الهُجَيْميُّ عن أبي جُرَيٍّ جابرِ بنِ سُليمِ، قال: رأيتُ رجلاً يصدُرُ الناسُ عن رأيه، لا يقولُ شيئاً إلا صدَرُوا عنه، قلتُ: مَنْ هذا؟ قالوا: رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: قلت: عليكَ السلامُ يا رسولَ الله - مرتَين - قال: "لا تَقُلْ عليكَ السلامُ، فإن عليكَ السلامُ تحيةُ الميتِ، قل: السلامُ عليكَ" قال: قلت: أنتَ رسولُ الله؟ قال: "أنا رسولُ الله الذي إذا أصابكَ ضُرٌّ فدعوته كشفهُ عنكَ، وإن أصابكَ عامُ سنةٍ فدعوتهُ أَنبَتَهَا لك، وإذا كُنْتَ بأرضٍ قَفْرٍ أو فلاةٍ، فضلَّتْ راحِلتُك فدعوتهُ ردَّها عليك". قال: قلتُ: اعهدْ إليَّ، قال: "لا تسُبَّنّ أحداً " قال: فما سببتُ بعدَه حُرّاً ولا عبْداً، ولا بَعيراً ولا شاةً. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مطولاً البخاري (3905) في مناقب الأنصار: باب هجرة النبي وأصحابه إلى المدينة و (5807) في اللباس: باب التقنع من طريق ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (25626)، و"صحيح ابن حبان" (6277).

قال: "ولا تحقِرنَّ شيئاً من المعروفِ، وأن تُكلِّم أخَاك وأنتَ مُنْبَسطٌ إليه وجهُكَ، إنَّ ذلك من المعروفِ، وارفَعْ إزاركَ إلى نصفِ السَّاق، فإن أبيت فإلى الكعبينِ، وإيَّاك وإسبالَ الإزار، فإنها مِن المَخِيْلَةِ، وإن الله لا يحبُّ المَخِيْلَة، وإن امرؤٌ شتمَكَ وعيَّركَ بما يعلمُ فيك، فلا تُعيِّرْه بما تعلمُ فيه، فإنما وبَالُ ذلك عليهِ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل أبي غفار -واسمه المثنى بن سعيد أو سعْد الطائي- فهو صدوق لا بأس به، لكنه متابع. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وأبو تميمة: هو طريف بن مجالد. وهو في "مسند أحمد" (20636) دون قصة السلام، من طريق خالد الحذاء، عن أبي تميمة، به. وأخرج قصة السلام منه الترمذي (2920)، والنسائي في "الكبرى" (10077) من طريق عيسى بن يونس السَّبيعي، عن أبي غفار المثنى، به. وأخرجها كذلك الترمذي (2919)، والنسائي (10078) و (10079) من طريق خالد الحذاء، والنسائي (10076) من طريق أبي السَّليل ضُرَيب بن نُقَير، كلاهما عن أبي تميمة، وأخرجها النسائي (9614) من طريق سهم بن المعتمر، عن الهجيمي. وقال: سهم بن المعتمر ليس بمعروف. وأخرج منه قوله: "لا تسبَّن أحداً ... " إلى آخر الحديث: النسائي في "الكبرى" (9615) من طريق خالد الحذاء، عن طريف بن مجالد أبي تميمة، به. وأخرجه أيضاً (9611) من طريق عَبيدة أبي خداش الهُجيمي، و (9612) من طريق قرة بن موسى الهُجيمي، و (9613) من طريق مشيخة من هجيم، و (9614) من طريق سهم بن المعتمر، و (9616) من طريق عقيل بن طلحة، خمستهم عن أبي جري الهجيمي. وستتكرر قصة السلام وحدها برقم (5209). وهو في "مسند أحمد" (20632) و (20633). =

4085 - حدَّثنا النفيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا موسى بنُ عُقبةَ، عن سالمِ بنِ عبد الله عن أبيه، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ: "من جرَّ ثوبهُ خيلاء، لم ينظُرِ اللهُ إليه يومَ القيامةِ" فقال أبو بكر: إنَّ أحدَ جانبَيْ إزارِي يَسْتَرخي، إلا أن أتعَاهَدَ ذلك منه، قال: "لستَ مِمَّنْ يفعلُهُ خُيلاء" (¬1). ¬

_ = وقوله: "عليك السلام تحية الموتى". قال الخطابي: يوهم أن السنة في تحية الميت أن يقال له: عليك السلام كما يفعله كثير من العامة، وقد ثبت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه دخل المقبرة فقال: "السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين" فقدم الدعاء على اسم المدعو له، كهو في تحية الأحياء، وإنما قال ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الأموات إذ كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء وهو مذكور في أشعارهم كقول الشاعر: عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحما وكقول الشماخ: عليك سلام من أديم وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزق فالسنة لا تختلف في تحية الأحياء والأموات. (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجُعفي، والنّفيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل الحرَّاني. وأخرجه البخاري (3665) و (5784) و (6062)، والنسائي في "الكبرى" (9638) من طريق موسى بن عقبة، به. وأخرجه دون قصة أبي بكر البخاريُّ (5783) و (5791)، ومسلم (2085)، وابن ماجه (3569) و (3570) و (3576)، والترمذي (1731)، والنسائي في "الكبرى" (9635) و (9636) و (9637) و (9641 - 9649) و (9651) و (9652) من طرق عن عبد الله بن عمر. زاد الترمذي في روايته والنسائي في الموضعين الأخيرين: قالت أم سلمة: فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ قال: "يرخين شبراً" فقالت: إذاً تنكشف أقدامهن، قال: "فيُرخينه ذراعاً لا يزدْن عليه". وهو في "مسند أحمد" (4489) و (5173)، و"صحيح ابن حبان" (5681). =

4086 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا يحيى، عن أبي جعفرٍ، عن عطاء بنِ يسارٍ عن أبي هريرة، قال: بينما رجُلٌ يُصلِّي مُسبِلاً إزارَه، فقال له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -:"اذهب فتوضَّأ" فذهب فتوضَّأ، ثم جاء، فقال: "اذْهب فتوضَّأ" فقال له رجُلٌ: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ، ما لكَ أمرتهُ أن يتوضَّأ ثم سكتَّ عنه، قال: "إنه كان يُصلِّي وهو مسبِلٌ إزارهَ، وإنَّ الله لا يقبلُ صلاةَ رجُل مُسْبِلٍ (¬1). 4087 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمر، حدَّثنا شُعبةُ، عن عليِّ بنِ مُدْرِكٍ، عن أبي زُرعةَ بنِ عَمرو بنِ جَريرٍ، عن خَرشَةَ بنِ الحُرِّ عن أبي ذرٍّ، عن النبيّ - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهُمُ اللهُ، ولا ينظر إليهم يومَ القيامةِ، ولا يزكِّيهم، ولهم عذاب أليم" لا قلتُ: من هُمْ يا رسُولَ اللهِ، فقد خابُوا وخَسِرُوا؟ فأعادَهَا ثلاثاً، قلت: منْ هُمْ خَابُوا وخَسِرُوا؟ فقال: "المُسبِلُ، والمنَّانُ، والمُنَفِّقُ سلعتَهُ بالحلِفِ الكاذِبِ -أو الفاجِرِ-" (¬2). ¬

_ = وانظر ما سيأتي برقم (4094). قال صاحب "بذل المجهود" 16/ 412: قال العلماء: المستحب في الإزار والثوب إلى نصف الساقين، والجائز بلا كراهة ما تحته إلى الكعبين، فما نزل عن الكعبين، فهو ممنوع فإن كان للخيلاء، فهو ممنوع منع تحريم، وإلا فمنع تنزيه. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي جعفر. وهو مكرر الحديث السالف برقم (638). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (106)، وابن ماجه (2208)، والترمذي (1254)، والنسائي في "الكبرى" (2355) و (6007) و (9621) و (10946) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. =

4088 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، عن الأعمشِ، عن سُليمانَ بن مُسْهِرٍ، عن خرشَةَ بنِ الحُرِّ عن أبي ذر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بهذا، والأوَّل أتمُّ، قال: المنَّانُ الذي لا يُعطي شيئاً إلا مَنَّهُ (¬1). 4089 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا أبو عامر -يعني عبدَ الملك بنَ عَمرو- حدَّثنا هشامُ بنُ سعدٍ، عن قيس بن بِشْرِ التَّغلبيِّ، قال: أخبرني أبي -وكان جليساً لأبي الدرداء- قال: ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2208) من طريق المَسعودي، عن علي بن مدرك، عن خَرَشة بن الحر، به. وفيه انقطاع. وهو في "مسند أحمد" (21318)، و"صحيح ابن حبان" (4907). وانظر ما بعده. وقوله: المسبل. قال الخطابي: أنما نهى عن الإسبال، لما فيه من النخوة والكبر، والمنان يتأول على وجهين، أحدهما: من المنة، وهي أن وقعت في الصدقة أبطلت الأجر، وإن كانت في المعروف، كدرت الصنيعة وأفسدتها. والوجه الآخر: أن يُراد بالمن النقص، يريد النقص من الحق والخيانة في الوزن والكيل ونحوهما، ومن هذا قول الله سبحانه: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ} [القلم:3]، أي: غير منقوص، ومن ذلك سمي الموت منوناً، لأنه ينقص الأعداد ويقطع الأعمار. (¬1) إسناده صحح. الأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وسفيان: هو الثوري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه مسلم (106)، والنسائي في "الكبرى" (2356) و (6008) و (9622) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (21405). وانظر ما قبله. وقوله: "إلا مَنَّهُ" أي: إلا قَرَّعه بمِنَّةٍ، قال في "اللسان": مَنَّ خَيرَهُ يَمُنُّهُ مَنَّاً، فعدَّوه. قلنا: يمني عدَّوه بنفسه من غير حرف جر.

كان بدمشقَ رجل من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقال له: ابن الحنظلية، وكان رجُلاً متوحِّداً قلَّما يُجَالِسُ الناسَ، إنما هو صلاةٌ، فإذا فَرَغَ فإنما هو تسبيحٌ وتكبيرٌ حتى يأتيَ أهلَه، قال: فمرَّ بنا ونحنُ عندَ أبي الدَّرداء، فقال له أبو الدرداءِ: كلمةً تنفعُنا ولا تضُرُّك، قال: بعثَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سرِيةً، فقَدِمت، فجاء رجلٌ منهم، فجلس في المجلسِ الذي يَجْلِسُ فيه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال لرجُلٍ إلى جنْبه: لو رأيتَنا حينَ التقَينا نحنُ والعدوُّ فحملَ فلانٌ فَطَعَنَ فقال: خُذْها مني وأنا الغلامُ الغِفاريُّ، كيف ترى في قوله؟ قال: ما أُراه إلا قد بَطَلَ أجرُه، فَسَمعَ بذلك آخرُ، فقال: ما أُرى بذلك بأساً، فتنازعا، حتى سُمِعَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "سُبحانَ الله! لا بأسَ أن يُؤجرَ ويُحمدَ" فرأيتُ أبا الدرداء سُرَّ بذلك، وجَعَلَ يرفعُ رأسَه إليه، ويقولُ: أنتَ سَمِعْتَ ذلك مِنْ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ فيقولُ: نعم، فما زالَ يُعيدُ عليه حتى إني لأقوُلُ: ليَبْرُكنَّ على رُكبتيه. قال: فمرَّ بِنا يوماً آخرَ، فقال له أبو الدرداء: كلِمةً تنفعُنَا ولا تَضُرُّك، قال: قال لنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "المُنْفِقُ على الخَيلِ كالبَاسِطِ يَدَه بالصَّدقَةِ لا يقْبِضُها". ثم مرَّ بِنَا يوماً آخَرَ، فقال له أبو الدرداء: كلمةً تنفعُنا ولا تَضُرُّك، قال: قالَ لنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "نِعْمَ الرَّجُلُ خُرَيمٌ الأسدِيُّ لولا طُولُ جُمَّته، وإسبَالُ إزاره" فبلغ ذلك خُريماً، فعجِلَ فأخذَ شفرةً، فقطَع بها جُمَّتَه إلى أُذنيه، ورفع إزاره إلى أنصافِ سَاقَيْهِ.

ثم مرَّ بنا يوماً آخرَ، فقال له أبو الدرداء،: كلمةً تنفعُنَا ولا تضُرُّك، فقال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: إنكم قادِمُونَ على إخوانِكم، فأصْلِحُوا رِحَالكُم، وأصْلِحُوا لباسَكُم، حتى تكونوا كأنكم شامةٌ في الناسِ، فإن الله لا يُحب الفُحْشَ ولا التّّفَحُّشَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده محتمل للتحسين. بشر والد قيس -واسمه بِشْر بن قيس التغلبي- تابعي كبير، كان جليساً لأبي الدرداء، وذكره ابن حبان في "الثقات". وابنه قيس قال فيه هشام بن سعد: كان رجل صدق، وقال أبو حاتم: ما أرى بحديثه بأساً. وأما هشام بن سعْد فحسن الحديث في المتابعات والشواهد، وقد جاء للمرفوع من حديثه شواهد تعضده. ولهذا قال الحافظ ابن حجر في "الأمالي المطلقة" ص 36: هذا حديث حسن. وابن الحنظلية: هو سهل بن الربيع بن عمرو، ويقال: سهل بن عمرو، أنصاري حارثي، سكن الشام، والحنظلية: هي أم جده، وهي من بني حنظلة بن تميم. قاله المنذري في "تهذيب السنن". وأخرجه أحمد (17622)، والطبراني في "الكبير" (5616) و (5617)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6204)، وفي "الآداب" (594)، والمزي في ترجمة بشر بن قيس التغلبي من "تهذيب الكمال" 4/ 143 - 144، وابن حجر في "الأمالي المطلقة" ص 35 - 36، من طريق هشام بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرج القطعة الأولى منه ابن أبي شيبة 12/ 506، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (244)، والطبراني (5618)، وابن عساكر في" تاريخ دمشق" 10/ 250 - 251 من طريق هشام بن سعد، به. وأخرج القطعة الثانية منه الحاكم 2/ 91 - 92 من طريق هشام بن سعد، به. وأخرج القطعة الثالثة منه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 225، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1045)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 268، والبيهقي في "الآداب" (702) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 352 من طريق هشام بن سعد، به. =

قال أبو داود: وكذلك قال أبو نُعيم عن هِشَامٍ، قال: حتى تكونوا كالشَّامة في الناسِ. ¬

_ = وأخرج القطعة الرابعة منه ابن المبارك في "مسنده" (33)، وفي "الزهد" (853)، وابن أبي شيبة 5/ 345، والبيهقي في الشُّعب" (6205)، والحاكم 4/ 183، وابن عساكر 10/ 250 من طريق هشام بن سعد، به. ويشهد للقطعة الأولى منه حديث أبي ذر عند مسلم (2642) قال: قيل: يا رسول الله، أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناسُ عليه؟ قال: "تلك عاجل بشرى المؤمن". ويشهد للقطعة الثانية، وهي قصة الخيل حديث أبي كبشة عند أبي عوانة (7294)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 274، وابن حبان (4674)، والطبراني في "الكبير" 22/ (849) وفي "مسند الشاميين" (2064)، والحاكم 2/ 91. وإسناده صحح. وحديث أبي هريرة عند أبي عوانة (7276)، وابن حبان (4675). وإسناده صحيح. ويشهد للقطعة الثالثة منه حديث خريم نفسه عند عبد الرزاق (19986)، وابن سعد في "الطبقات" 6/ 38، وأحمد (18899)، وغيرهم، وهو حسن بطرقه كما بيناه في "مسند أحمد". وروي عن أخيه سمرة بن فاتك الأسدي أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال ذلك له. أخرجه ابن المبارك في "الجهاد" (109)، وأحمد (17788)، والبخاري في "التاريخ "الكبير" 4/ 177، وابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 305، وغيرهم. وإسناده حسن إن شاء الله. ويشهد لقوله: "إن الله لا يُحب الفُحش ولا التفحُّش" حديث عائشة عند مسلم (2165). ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد (6487)، وابن حبان (5176) وغيرهما. وإسناده صحيح. ومن حديث أبي هريرة عند أحمد (9569) وإسناده صحيح. واللمة: بكسر اللام وتشديد الميم وفتحها: الشعر يجاوز شحمة الأذنين، وقيل: هي أكثر من الوفرة، والوفرة: الشعر إلى شحمة الأذن ثم الجمة، ثم اللمة.

29 - باب ما جاء في الكبر

29 - باب ما جاءَ في الكبر 4090 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد (ح) وحدَّثنا هنَّاد -يعني ابنَ السَّرِي- عن أبي الأحوصِ -المعنى- عن عطاء ابنِ السَّائبِ، قال موسى: عن سلمانَ الأغَرِّ، وقال هنَّاد: عن الأغرِّ أبي مسلم عن أبي هريرة -قال هناد:- قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: قال اللهُ تبارك وتعالى: الكبرياءُ ردائي، والعظمةُ إزارِي، فمن نازَعَني واحِداً منهما قذفتُه في النَّارِ" (¬1). 4091 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا أبو بكْرٍ -يعني ابنَ عيّاشٍ- عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ، عن علقمة عن عبدِ الله، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يدخلُ الجنّةَ من كان ¬

_ (¬1) حديث صحح. حماد -وهو ابن سلمة- سمع من عطاء بن السائب قبل اختلاطه، وكذا رواه سفيان الثوري عن عطاء عند أحمد (7382) وهو ممن سمع منه قبل اختلاطه وقد توبع. أبو الأحوص: هو سلام بن سُليم. وهو في "الزهد" لهناد (825)، وعنه أخرجه ابن ماجة (4174). وأخرجه مسلم (2620) من طريق أبي إسحاق، عن أبي مسلم الأغر، عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رفعاه: "العز إزاره، والكبرياء رداؤه، فمن ينازِعُني عذَّّبتُه". وهو في "مسند أحمد" (7382)، و"صحح ابن حبان" (328) و (5671). وقوله: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري. قال الخطابي: معنى هذا الكلام أن الكبرياء والعظمة صفتان لله واختص بهما، لا يشركه أحد فيهما ولا ينبغي لمخلوق أن يتعاطاهما، لأن صفة المخلوق التواضع والتذلل، وضرب الرداء والازار مثلاً في ذلك يقول -والله أعلم- كما لا يشرك الإنسان في ردائه وإزاره أحد، فكذلك لا يشركني في الكبرياء والعظمة مخلوق.

في قلبه مِثْقَالُ حبَّةٍ من خَرْدَلةٍ من كبْرٍ، ولا يدخلُ النارَ من كان في قلبِهِ مثقالُ خردلة من إيمانٍ" (¬1). قال أبو داود: رواه القَسمَليُّ عن الأعمش مثله. 4092 - حدَّثنا أبو موسى محمدُ بنُ المثنى، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، حدَّثنا هِشَامٌ، عن محمدٍ عن أبي هريرة: أن رجُلاً أتى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، وكانَ رجلاً جميلاً، فقال: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، إني رجل حُبِّبَ إليّ الجمالُ، وأُعْطِيْتُ منه ما ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي بكر بن عياش، وهو متابع. علقمة: هو ابن قيس النخعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران. وأخرجه مسلم (91)، وابن ماجه (59) و (4173)، والترمذي (2116) من طريق الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (91)، والترمذي (2117) من طريق فضيل بن عمرو الفُقيمي، عن إبراهيم النخعي، به. بلفظ: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقالُ ذرةٍ من كبر" قال رجل: إنَّ الرجلَ يحب أن يكون ثوبُه حسناً ونعله حسنة، قال: "إن الله جميلٌ يُحب الجمال، الكبرُ بطرُ الحقِّ وغمطُ الناس". وهو في "مسند أحمد" (3913)، و"صحيح ابن حبان" (224) و (5466) و (5680). قال النووي في "شرح مسلم": الظاهر في معنى الحديث ما اختاره القاضي عياض وغيره من المحققين: أنه لا يدخل الجنة دون مجازاة إن جازاه، وقيل: هذا جزاؤه لو جازاه، وقد يتكرم بأنه لا يُجازيه، بل لا بد أن يدخل كل المُوحِّدين الجنة إما أولاً، وإما ثانياً بعد تعذيب بعض أصحاب الكبائر الذين ماتوا مُصرِّين عليها. وقيل: لا يدخلها مع المتقين أول وهلة. قال: وأما قوله: "لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان"، فالمراد به دخول الكفار، وهو دخول الخلود.

30 - باب في قدر موضع الإزار

ترى، حتى ما أُحِبُّ أن يفُوقني أحد، إما قال: بِشِرَاكِ نعلي، وإما قال: بِشسِع نعلي، أفمِنَ الكِبْرِ ذلك؟ قال: "لا، ولكنَّ الكِبْرَ مَنْ بَطِرَ الحقَّ وغَمَطَ النَّاسَ" (¬1). 30 - باب في قَدْر موضع الإزار 4093 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَر، حدَّثنا شُعبةُ، عن العلاء بنِ عبدِ الرحمن، عن أبيه، قال: سألت أبا سعيد الخدريَّ عن الإزارِ، قال: على الخَبير سقطت، قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ: "إزْرَةُ المُسْلمِ إلى نصفِ السَّاق ولا حرج -أو لا جُنَاحَ- فيما بينَهُ وبينَ الكعبينِ، وما كان أسفلَ منَ الكعبين فهو في النار، مَن جرَّ إزارَهُ بطراً لم يَنْظُرِ اللهُ إليه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. محمد: هو ابن سيرين، وهشام: هو ابن حَسّان القُردوسي، وعبد الوهَّاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (556)، وابن حبان في "صحيحه" (5467)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 181 - 182، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6193) من طريق هشام بن حسان، به. قال الخطابي: قوله: "ولكن الكبر من بطر الحق" معناه: لكن الكبر كبرُ من بطِر الحق فأضمر كقوله تعالى: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} [البقرة: 177] أي: لكن البرَّ برُّ من آمن بالله. وقوله: غمط: معناه: أزرى بالناس واستخفَّهم، يقال: غَمِطَ وغَمِصَ بمعنى واحد، وفيه لغة أخرى: غَمَطَ وغَمَصَ، مفتوحة الميم. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه ابن ماجه (3573)، والنسائي في "الكبرى" (9639 - 9634) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، به. وهو في "مسند أحمد" (11010)، و"صحح ابن حبان" (5446) و (5447). =

4094 - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، حدَّثنا حُسين الجُعفيُّ، عن عبد العزيز بنِ أبي روَّادٍ، عن سالمِ بنِ عبد الله عن أبيه، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "الإسبْالُ في الإزارِ والقَمِيصِ والعِمامَةِ، من جَرَّ منها شيئاً خُيَلاءَ لم يَنْظُرِ اللهُ إليه يوم القيامة (¬1). ¬

_ = وأخرج ابن ماجه (3570) من طريق عطية بن سعْد العَوْفي، عن أبي سعيد الخدري، رفعه: "من جر إزاره من الخيلاء لم ينظر اللهُ إليه يومَ القيامة". وهو في "مسند أحمد" (11352). وقوله: "إزرة المؤمن". قال السندي: هو بكسر الهمزة، أي: كيفية لبسة الإزار أن يكون الإزار إلى نصف الساق. وقوله: فهو في النار. قال الخطابي: يتأول على وجهين، أحدهما: أن ما دون الكعبين من قدم صاحبه في النار عقوبة له على ما فعله. والوجه الآخر: أن يكون معناه: أن صنيعه ذلك وفعله الذي فعله في النار على معنى أنه معدود ومحسوب من أفعال أهل النار. والله أعلم. (¬1) إسناده جيد، لكن قوله: "الإسبال في الإزار والقميص والعمامة" شاذٌّ، انفرد به عبد العزيز بن أبي روّاد من بين سائر أصحاب سالم، ولهذا قال أبو بكر بن أبي شيبة بإثر الحديث عند ابن ماجه: ما أغْربَه، وأعله الحافظ ابن حجر في "الفتح" 10/ 262 بعبد العزيز، فقال: عبد العزيز فيه مقال. حسين الجُعفي: هو ابن علي. وأخرجه ابن ماجه (3576)، والنسائي في "الكبرى" (9637) من طريق عبد العزيز ابن أبي روّاد، به. وأخرجه دون قوله: "الإسبال في الإزار والقميص والعمامة": البخاري (3665)، ومسلم (2085)، والنسائي (9638) من طرق عن سالم، به. وسلف عند المصنف برقم (4085) من طريق موسى بن عقبة، عن سالم. وخرَّجناه هناك من طرق عن عبد الله بن عمر، لم يذكر أحد منهم ما ذكره عبد العزيز ابن أبي روّاد. قال الحافظ في "الفتح" 10/ 262: وفي تصوير جر العمامة نظر، إلا أن يكون المراد ما جرت به عادة العرب من إرخاء للعَذَبات، فمهما زاد على العادة في ذلك كان من الإسبال.

4095 - حدَّثنا هنَّادٌ، حدَّثنا ابنُ المبارك، عن أبي الصَّبَّاح، عن يزيدَ بنِ أبي سُمَيَّة، قال: سَمِعْتُ ابنَ عُمَرَ يقولُ: ما قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ في الإزارِ، فهو في القَميص (¬1). 4096 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن محمدِ بنِ أبي يحيى، قال: حدَّثني عِكرمةُ أنه رأى ابنَ عباسٍ يأتَزِرُ فيضعُ حاشيةَ إزارِه من مُقدَّمه على ظهْرِ قَدَمِه، ويرفَعُ مِن مُؤخَّرِه، قلت: لِمَ تأتزرُ هذه الإزْرَةَ؟ قال: رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يأتزرُهَا (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الصَّبَّاح: هو سعدان بن سالم الأيلي، وابن المبارك: هو عبد الله. وهو في "الزهد" لهناد (848). وأخرجه أحمد (5891) و (6220)، وابن حبان في "الثقات" 6/ 431، والطبراني في "الأوسط" (423)، والبيهقي في السنن الكبرى" 2/ 244، وفي "الشعب" (6132)، وابن عبد البر في "التمهيد" 20/ 225 من طريق أبي الصبَّاح سعدان بن سالم، به. وأخرجه المزي في ترجمة سعدان بن سالم من "تهذيب الكمال" 10/ 323 من طريق جُبارة بن مُغلِّس، عن ابن المبارك، به بلفظ: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "ما قال في جَرّ الإزار فهو في القميص، وجرّ القميص أشد من جرّ الإزار" انفرد به كذلك مرفوعاً جُبارة بن المغلِّس. (¬2) إسناده صحيح. محمد بن أبي يحيى: هو الأسلمي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9601) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض، عن محمد بن أبي يحيى، به.

31 - باب في لباس النساء

31 - باب في لِباسِ النساء 4097 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ مُعاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبةُ، عن قتادةَ، عن عِكْرِمة عن ابنِ عباسٍ، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: لَعَنَ المُتشبَّهاتِ من النِّساء بالرِّجالِ، والمُتشبِّهينَ من الرِّجالِ بالنِّساء (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. معاذ: هو ابن معاذ العنبري. وأخرجه البخاري (5885)، وابن ماجه (1904)، والترمذي (2991) من طريق قتادة، به. وهو في "مسند أحمد" (1982) و (2263) و (3151). وسيأتي عند المصنف برقم (4930) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، بلفظ: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لعن المخنثين من الرجال، والمترجَّلات من النساء. قال المناوي في "فيض القدير" 5/ 267: لعن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أصنافاً كثيرة يزيد على عشرين، وفي جواز لعن أهل المعاص من أهل القبلة خُلْفٌ محصوله: أن اللعن إما أن يتعلق بمعين أو بالجنس، فلعن الجنس يجوز، والمعين موقوف على السماع من الشارع ولا قياس. وقال ابن أبي جمرة الأندلسي في "بهجة النفوس" 4/ 139: ظاهر اللفظ مطلق التشبه، لكن الذي قد تقرر مما فهم من قواعد الشريعة خلف عن سلف فهو في زي اللباس وبعض الصفات والحركات، وما أشبه ذلك، وأما التشبه بهم في أمور الخير وطلب العلوم فمرغب فيه. قال: والحكمة في هذا اللعن ظاهرة لاخفاء بها، وهي إخراج الشبه عن الصفة التي وضعتها عليه حكمة الحكيم. تنبيه: وقع نصُّ الحديث في (هـ) وهي برواية ابن داسه: "لُعن المُتَشبهاتُ ... ولُعن المُتشبِّهون ... " من قول النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بالنص، وليس حكايةً عنه أنه لَعَنَ، والمُثبتُ وهو حكايةُ اللعْن من (أ) و (ب) و (ج)، وهو الموافق لما جاء في رواية البخاري وابن ماجه والترمذي.

4098 - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حربٍ، حدَّثنا أبو عامِرٍ، عن سُليمانَ بنِ بِلالٍ، عن سُهَيلِ، عن أبيهِ عن أبي هريرة، قال: لَعَنَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الرَّجُلَ يلبس لِبسةَ المرأةِ، والمرأة تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرجُلِ (¬1). 4099 - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ لُوَيْنٌ -وبعضُه قراءةً عليه- عن سفيانَ، عن ابنِ جُرَيجٍ، عن ابنِ أبي مُلَيكَةَ، قال: قيلَ لِعائشةَ: إن امرأةً تَلْبَسُ النعلَ، فقالت: لَعَنَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الرَّجُلةَ مِنَ النساء (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سهيل: هو ابن أبي صالح السمّان، وأبو عامر: هو عبد الملك ابن عمرو العَقَدي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9209) من طريق. خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8309)، و"صحيح ابن حبان" (5751) و (5752). وأخرج ابن ماجه (1903) عن يعقوب بن حميد بن كاسب، عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن سهيل، به، بلفظ: إن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لعن المرأة تتشبه بالرجل، والرجل يتشبه بالمرأة، ويعقوب ضعيف الحديث. (¬2) رجاله ثقات، لكن ابن جُريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي- مدلِّس وقد عنعنه، وقال الإِمام أحمد في "العلل" (5265): رواه حجاج الأعور، عن ابن جريج بسناد آخر، وليس هو عن ابن أبي مليكة. سفيان: هو ابن عيينة. وابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عُبيد الله. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (272)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7804) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. الرجلة بضم الجيم، يقال: امرأة رجلة: إذا تشبهت بالرجال في زيهم وهيئاتهم.

32 - باب في قوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن} [الأحزاب:59]

32 - باب في قوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب:59] 4100 - حدَّثنا أبو كامِل، حدَّثنا أبو عَوانَةَ، عن إبراهيمَ بنِ مُهاجر، عن صفية بنتِ شَيبةَ عن عائشةَ: أنها ذكرتْ نساءَ الأنصار، فأثنتْ عليهِنَّ، وقالت لهُنَّ معروفاً، وقالت: لما نزلت سورةُ النُّور عَمَدْنَ إلى حُجُورٍ -أو حُجُوز، شكَّ أبو كامل- فشققنَهنَّ فاتَّخذْنَهُ خُمُراً (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات، إبراهيم بن مهاجر ضعيف يعتبر به وقد توبع أبو عوانة: هو الوضّاح بن عبد الله اليشكري، وأبو كامل: هو فضيل بن حسين الجَحْدري. وأخرجه البخاري (4759)،والنسائي في "الكبرى" (11299) من طريق الحسن ابن مسلم بن يَنَّاق، عن صفيّة بنت شيبة، عن عائشة. وليس فيه تخصيص نساء الأنصار. لكن سيأتي ذكرهن في الحديث الآتي بعده، وسنده قوي. وهو في "مسند أحمد" (25551). وسيأتي في الحديث (4102) من طريق عروة عن عائشة أن النساء المهاجرات الأول فعلن ذلك. قال الحافظ في "الفتح" 8/ 490: ويمكن الجمع بين الروايتين بأن نساء الأنصار بادرن إلى ذلك. وانظر تالييه. وقوله: عمدن إلى حجور بالراء المهملة، قال الخطابي: الحجور لا معنى لها ها هنا، وإنما هو بالزاي المعجمة. حدثني عبد الله بن أحمد المكي، قال: حدَّثنا علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد: حُجَز أو حجوز مناطقهن، فشققنهن والحُجز: جمع الحجزة وأصل الحجزة موضع ملاث الإزار، ثم قيل للإزار: حُجْزة، وأما الحجوز، فهو جمع الحُجُز، يقال: احتنجز الرجل بالازار: إذا شده على وسطه. =

33 - باب في قوله: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} [النور: 31]

4101 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبَيد، حدَّثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابن خُثَيم، عن صفته بنتِ شيبة عن أمِّ سلمة، قالت: لما نزلت {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59]، خرجَ نِسَاءُ الأنصارِ كأن على رؤوسِهِنَّ الغِرْبانَ مِنَ الأكْسِيَة (¬1). 33 - باب في قوله: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] 4102 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا. وحدَّثنا سليمانُ بنُ داودَ المهريُّ وابنُ السرْح وأحمدُ بنُ سعيد الهمدانيُّ، قالوا: أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني قرَّةُ ابنُ عبد الرحمن المعَافِرِيُّ، عن ابنِ شهاب، عن عُروة بنِ الزُّبيرِ ¬

_ = وقوله: فاتخذنه خُمُراً قال ابن الجوزي في "زاد المسير" 6/ 32 بتحققنا في تفسير قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ} [النور: 31]: وهي جمع خِمار، وهو ما تغطي به المرأة رأسها، والمعنى: وليلقين مقانعهن على جيوبهن ليسترن بذلك شعورهن وقرطهن وأعناقهن. وقال اِلطبري في "جامع البيان" 18/ 120: وليلقين خُمُرَهُن وهي جمع خمار {عَلَى جُيُوبِهِنَّ} ليسترن بذلك شعورهن وأعناقهن وقرطهن. وقال ابن كثير: والخمر جمع خِمار، وهو ما يُختمر به، أي: يغطى به الرأس، وهي التي يسميها الناس المقانع. قال سعيد بن جبير: {وَلْيَضْرِبْنَ}:وليشددن {بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} يعني على النحر والصدر، فلا يُرى منه شيء. (¬1) إسناده قوي. ابن خثيم -وهو عبد الله بن عثمان- لا بأس به. ابن ثور: هو محمد بن ثور الصنعاني، ومحمد بن عُبيد: هو ابن حِساب الغُبَري. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 6/ 48 - 49 من طريق الزنجي مسلم بن خالد، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، به مطولاً. وانظر ما قبله.

34 - باب فيما تبدي المرأة من زينتها

عن عائشة، أنها قالت: يَرْحَمُ اللهُ نِساءَ المُهاجرَاتِ الأوَلَ، لما أنزل اللهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور: 31] شققن أكنَفَ -قال ابنُ صالح: أكثَفَ- مُرُوطِهِنَّ، فاخْتَمَرْنَ بها (¬1). 4103 - حدَّثنا ابنُ السَّرْح، قال: رأيتُ في كتابِ خَالي، عن عُقيلٍ، عن ابنِ شِهابٍ، بإسنادِه ومعناهُ (¬2). 34 - باب فيما تُبدي المرأةُ من زِينَتِها 4104 - حدَّثنا يعقوبُ بنُ كعْبٍ الأنطاكيُّ ومؤمَّل بنُ الفَضْلِ الحرَّانيُّ، قالا: حدَّثنا الوليدُ، عن سعيدِ بنِ بَشيرٍ، عن قتادَةَ، عن خالد، -قال يعقوبُ: ابن دُرَيْك- عن عائشة: أن أسماءَ بنتَ أبي بكْرِ دَخَلَت على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وعليها ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فأعْرَضَ عنها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وقال: "يا أسماءُ ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات. قرة بن عبد الرحمن المَعَافري ضعيف يعتبر به، وقد توبع. ابن وهب: هو عبد الله، وابن السَّرْج: هو أحمد ابن عَمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح المصري. وأخرجه البخاري (4758) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن ابن شهاب الزهري، به. وانظر ما بعده. وانظر ما سلف برقم (4100). وقوله: أكنَفَ، قال الخطابي: تريد الأستر والأصفق منها، ومن هذا قيل للوعاء الذي يُحرَزُ فيه الشيءُ: كِنْف، والبناء الساتر لما وراءه: كنيف، والمروط: واحدها مِرط، وهو كساء يؤتَزر به. (¬2) حديث صحيح كسابقه. عُقيل: هو ابن خالد الأيلي، وابن السَّرْح: هو أحمد ابن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السَّرْح، وخاله: هو عبد الرحمن بن عبد الحميد بن سالم المَهري. وانظر ما قبله.

إن المرأةَ إذا بَلَغَتِ المَحِيضَ لم يضلُحْ أن يُرى مِنَها إلا هذا وهذا" وأشار إلى وجهه وكفَّيْهِ (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. سعيد بن بشير وإن كان ضعيفاً لكن يصلح للمتابعة، وخالد بن لم يُدْرك عائشة. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 1209، والبيهقي 2/ 226، 7/ 86 من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود في "مراسيله" (437) حدَّثنا محمد بن بشّار، حدَّثنا أبو داود الطيالسي، حدَّثنا هشام الدستوائي، عن قتادة: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إن الجارية إذا حاضت لا يصلح أن يُرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل". وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أنه مرسل. وله شاهد عند البيهقي 7/ 86 من طريق ابن لهيعة، عن عياض بن عبد الله، أنه سمع إبراهيم بن عبيد بن رُفاعة الأنصاري يُخبرُ عن أبيه، أظنه عن أسماء بنت عميس. وابن لهيعة حسن الحديث في المتابعات والشواهد. وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/ 137 ونسبه للطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وقال: فيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح. وقد قوّى البيهقي 2/ 226 هذا المرسل مرسل خالد بن دُريك، فقال بعد أن رواه: مع هذا المرسل قول من مضى من الصحابة رضي الله عنهم في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة فصار القول بذلك قوياً، وعنى بالصحابة ابن عباس وعائشة وعليّ، وقال بعد أن أسند ذلك عنهم: وروينا معناه عن عطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير وهو قول الأوزاعي. ومما يقوي هذا المرسل ويعضُده جريان العمل عليه، كما في حديث جابر بن عبد الله عند مسلم (885)، وقصة الخثعمية من حديث ابن عباس عند البخاري (1855)، ومسلم (1334)، وحديث سهل بن سعد عند البخاري (5030)، ومسلم (3487)، وحديث عائشة عند البخاري (578)، ومسلم (645)، وحديث فاطمة بنت قيس عند مسلم (2942)، وحديث سُبيعة بنت الحارث عند البخاري (3991)، ومسلم (1484). وظاهر هذه الأحاديث يدل على جواز كشف المرأة عن وجهها وكفَّيها.

35 - باب في العبد ينظر إلى شعر مولاته

قال أبو داود: هو مرسلٌ، خالدُ بن دُرَيكِ لم يُدرك عائشةَ، وسعيد ابن بشير ليس بالقوي (¬1). 35 - باب في العبد ينظُر إلى شَعرِ مولاته 4105 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد ويزيد بن خالد بن عبد الله بن مَوْهَب، قالا: حدَّثنا الليثُ، عن أبي الزبيرِ عن جابرِ: أن أمَّ سلمة استأذنَت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في الحِجَامة، فأمر أبا طَيْبةَ أن يَحْجُمَها، قال: حَسِبْتُ أنه قال: كان أخاها مِن الرَّضاعَةِ، أو غلاماً لم يحتَلِمْ (¬2). 4106 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا أبو جُميع سَالِمُ بنُ دينارِ، عن ثابتٍ عن أنسِ: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أتى فاطمة بعبدٍ قد وهبه لها، قال: وعلى فاطمةَ ثوبٌ إذا قنَّعت به رأسها لم يَبْلُغ رِجْلَيها، وإذا غَطَّت به رجْلَيهَا لم يَبْلُغْ رأسَها، فلما رأى النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - ما تَلْقى قال: "إنَّهُ ليس عليكِ بأسٌ، إنما هو أبوكِ وغُلامُكِ" (¬3). ¬

_ (¬1) عبارة: وسعيد بن بشير ليس بالقوي، زيادة من رواية ابن العبد، كما أشار إليه في (أ). (¬2) إسناده صحيح. الليث -وهو ابن سعْد- لم يرو عن أبي الزبير -وهو محمد ابن مسلم بن تدرُس المكي- إلا ما ثبت له في سماعه من جابر. وأخرجه مسلم (2206)، وابن ماجه (3480) من طريق الليث بن سعْد، به. وهو في "مسند أحمد" (14775). و "صحح ابن حبان" (5602). (¬3) إسناده حسن من أجل أبي جُميع سالم بن دينار. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، ومحمد بن عيسى: هو ابن الطباع. =

36 - باب في قوله عز وجل: {غير أولي الإربة} [النور:31]

36 - باب في قوله عز وجل: {غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ} [النور:31] 4107 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبَيدٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن مَعْمرٍ، عن الزهريِّ وهشامِ بنِ عُروة، عن عُروة عن عائشة، قالت: كان يَدْخُلُ على أزواجِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - مُخَنَّثٌ، فكانوا يَعدُّونه من غَيرِ أولي الإرْبَةِ، فدخلَ علينا النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يوماً وهو عنْدَ بعضِ نِسائه، وهو يَنْعَتُ امرأةً، فقال: إنَّها إذا أَقبلَتْ أَقبلَتْ بأربعٍ، وإذا أَدبَرَتْ أدبَرَتْ بثمانٍ، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: ألا أرى هذا يَعلَمُ ما ها هنا، لا يَذخُلَنَّ عليكُنَّ هذا" فَحَجَبُوه (¬1). ¬

_ = وأخرجه البيهقي 7/ 95، والضياء المقدسي في "المختارة" (1712) من طريق أبي جميع سالم بن دينار، به. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 1152 من طريق سلام بن أبي الصهباء، عن ثابت، به. (¬1) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوّام، ومحمد بن عُبيد: هو ابن حِساب الغُبَري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9202) من طريق رباح بن زيد، عن معمر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25185)، و "صحيح ابن حبان" (4488). وانظر ما سيأتي بالأرقام (4108) و (4109) و (4110). وأخرجه البخاري (4324) و (5235) و (5887)، ومسلم (2185)، وابن ماجه (1902) و (2614)، والنسائي في "الكبرى" (9251) و (9205) من طرق عن هشام ابن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أم سلمة، عن أمها أم سلمة. فجعلوه من مسند أم سلمة. وليس ببعيد أن يكون عروة سمعه من عائشة، ومن زينب بنت أم سلمة عن أمها. =

4108 - حدَّثنا محمدُ بنُ داودَ بنِ سُفيانَ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَر، عن الزهريِّ، عن عُروةَ، عن عائشةَ، بمعناه (¬1). 4109 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني يونُس، عن ابنِ شهابٍ، عن عُروةَ عن عائِشةَ، بهذا الحديثِ، زاد: وأخرجه، فكان بالبيداء يَدْخُلُ كُلَّ جُمعةٍ يستطعِمُ (¬2). 4110 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا عُمَرُ، عن الأوزاعيِّ، في هذه القصة، فقيل: يا رسُول الله، إنه إذن يموُتُ مِنَ الجوعِ، فأذِنَ له أن يدخُلَ في كُل جُمُعَةٍ مرَّتينِ فيسألَ ثم يرْجِعَ (¬3). ¬

_ = وأخرجه مالك في "موطئه" 2/ 767، ومن طريقه النسائي في "الكبرى" (9206) عن هشام، عن أبيه، مرسلاً. وهذا لا يضر بصحة الحديث، لأن الثقات وصلوه عن هشام، ولهذا أخرجه البخاري في "صحيحه". (¬1) إسناده صحيح. وهو في "تفسير عبد الرزاق " في تفسير الآية (31) من سورة النور، ومن طريقه أخرجه مسلم (2181)، والنسائي في "الكبرى" (9203). وهو في "مسند أحمد" (25185). وانظر ما قبله. وانظر أيضاً تالييه. (¬2) إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله. وهو في "صحيح ابن حبان"، (4488). وانظر سابقيه. وانظر ما بعده. (¬3) إسناده صحيح. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عَمرو، وهذا الحديث يرويه هو عن الزهري، وعمر: هو ابن عبد الواحد السُّلَمي. وانظر الأحاديث الثلاثة السالفة قبله.

37 - باب في قوله: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} [النور:31]

37 - باب في قوله: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور:31] 4111 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد المروزيُّ، حدَّثنا عليُّ بنُ الحسينِ بنِ واقد، عن أبيه، عن يزيدَ النحويِّ، عن عِكرمة عن ابنِ عباس {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} الآية، فَنُسِخَ وأستثْنِيَ مِن ذلك {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} [النور:60]، الآية (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. علي بن الحسين بن واقد، وصفه الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" بقوله: الإِمام المحدّث الصدوق، وهو كما قال. ويغلب على الظن أن تضعيف من ضعفه للإرجاء، وليس ذا بجرح، لأن الإرجاء مذهب لعدة من جلة العلماء، لا ينبغي التحامل على قائله كما قال الحافظ الذهبي في ترجمة مسعر بن كدام من "الميزان". يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد، وأحمد بن محمد المروزي: هو ابن ثابت الخُزاعي. وأخرجه البيهقي 7/ 93، وابنُ الجوزي في "نواسخ القرآن " ص 409 من طريق علي بن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد. والصحيح أنه ليس بين الآيتين تعارض حتى يُدَّعى النسخُ، والذين عدُّوا آية القواعد ناسخة أبعدوا النُّجعة، وقُصارى ما يمكن قوله في هاتين الآيتين أن الآية الأُولى فيمن يُخاف الافتتانُ بها، والآية الثانية في العجائز على ما قاله ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 409. ويمكن أن يقال: إن الآية الثانية خَصَّصت الآية الأولى لا غير، على ما قاله مكي ابن أبي طالب في "الإيضاح " ص 366، لأن التخصيص زوال بعض حُكم الأول وبقاء ما بقي على حُكمه. ويؤيد ذلك أن عدداً من الأئمة ممن يُعتد بقوله في هذا الشأن لم يذكر في هاتين الآيتين ناسخاً ولا منسوخاً، كالإمام أبي عُبيد القاسم بن سلاّم والإمام الطبري وغيرهما. والله تعالى أعلم.

4112 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ، حدَّثنا ابنُ المباركِ، عن يونَس، عن الزهريِّ، حدَّثني نبهانُ مولى أُمِّ سلمة عن أُمِّ سلمة، قالت: كنتُ عندَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وعنده "مَيْمونَةُ، فأقبلَ ابنُ أُمَّ مكتومٍ، وذلك بعد أن أُمِرنا بالحِجَابِ، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "احتَجِبَا مِنْه" فَقُلنا: يا رسولَ الله، أليس أعمى، لا يُبْصِرُنَا ولا يَعْرِفُنَا؟ فقال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "أفَعَمياوانِ أنتمُا؟ ألستما تُبْصِرَانِهِ"؟ (¬1). قال أبو داود: هذا لأزواج النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - خاصَّة، وقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- لفاطمة بنت قيس: "اعتدِّي عِنْدَ ابنِ أمِّ مكتُومٍ، فإنَّه رجلٌ أعمى تضعِينَ ثِيابَك عندَهُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. نبهان مولى أم سلمة في عداد المجهولين. وقال أحمد: نبهان روى حديثين عجيبين، يعني هذا الحديث، وحديث: "إذا كان لإحداكن مكاتب ... " ونقل صاحب "المبدع" 7/ 11 تضعيفه عن أحمد، وقال ابن عبد البر: نبهان مجهول لا يُعرف إلا برواية الزهري عنه هذا الحديث، وقال ابن حزم: مجهول. يونس: هو ابن يزيد الأيلي. وابن المبارك: هو عبد الله. وأخرجه الترمذي (2983)، والنسائي في "الكبرى" (9197) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، والنسائي (9198) من طريق عُقيل بن خالد الأيلي، كلاهما عن ابن شهاب، به. وهو في "مسند أحمد" (26537)، و"صحيح ابن حبان" (5575). وانظر لزاماً "المغني" 9/ 506 - 507 لابن قدامة المقدسي. (¬2) مقالة أبي داود هذه بتمامها أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن الأعرابي، واقتصر ابن العبد منها على قوله: وهذا لأزواج النبي -صلَّى الله عليه وسلم- خاصة. كما أشار إليه في (أ). وقال في "عون المعبود" 11/ 114 - 115: أي حديث أم سلمة مختص بأزواج النبي -صلَّى الله عليه وسلم-، وحديث فاطمة بنت قيس لجميع النساء هكذا جمع أبو داود بين الأحاديث. =

4113 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ ميمونٍ، حدَّثنا الوليدُ، عن الأوزاعيِّ، عن عمرو بنِ شُعيبٍ، عن أبيهِ عن جَدِّهِ، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "إذا زوَّج أحدُكُمْ عبدَه أمتَه فلا ينظُرْ إلى عورَتِها" (¬1). 4114 - حدَّثنا زهيرُ بنُ حَرْبٍ، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثني داودُ بن سوّار المُزَنيُّ، عن عَمرو بنِ شعيبٍ، عن أبيهِ عن جدِّه، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "إذا زوَّج أحدُكم خَادِمَه عَبْدَهُ أو أجِيَره، فلا ينظُرْ إلى ما دُونَ السُّرة وفوقَ الرُّكْبَةِ" (¬2). قال أبو داود: وصوابُه سوّارُ بنُ داود المُزني الصَّيرفي، وهم فيه وكيعٌ. ¬

_ = قال الحافظ في "التلخيص": وهذا جمع حسن، وبه جمع المنذري في حواشيه واستحسنه شيخنا. قلنا: هذا الجمع إنما يلجا إليه إذا كان الحديثان صحيحين، وأما إذا كان أحدهما ضعيفاً والآخر صحيحا، فلا داعي إلى هذا الجمع، وإنما يؤخذ بالصحيح، ويرد الضعيف. وحديث فاطمة بنت قيس أخرجه مسلم (1480). (¬1) إسناده حسن. الأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو، والوليد: هو ابن مسلم. وأخرجه البيهقي 2/ 226 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده، وما سلف برقم (496). وقد جاء ذكر العورة في الطريق الآتي بعده مقيداً بما دون السُّرَّة وفوق الركبة، قال البيهقي: هذه الرواية إذا قرنت برواية الأوزاعي دَلَّنا على أن المراد بالحديث نهي السيد عن النظر إلى عورتها إذا زوَّجَها، وأن عورة الأمة ما بين السُّرَّة والركبة. (¬2) إسناده حسن، وهو مكرر الحديث السالف برقم (496). وانظر ما قبله.

38 - باب في الاختمار

38 - باب في الاختِمار 4115 - حدَّثنا زهيرُ بنُ حَرب، حدَّثنا عبدُ الرحمن. وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، عن حبيبِ بنِ أبي ثابتٍ، عن وهْبٍ مولى أبي أحمد عن أُمِّ سلمةَ: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- دخلَ عليها وهي تختَمِرُ، فقال: "ليَّةً لا ليَّتَيْنِ" (¬1). قال أبو داود: معنى قولِه: "ليَّةً لا ليَّتَيْنِ" يقولُ: لا تَعْتمَّ مِثْلَ الرَّجُلِ، لا تُكرِّره طاقاً أو طاقَين. 39 - باب في لبس القَبَاطيِّ لِلنِّساءِ 4116 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بنِ السَّرح وأحمدُ بنُ سعيد الهمدانيُّ، قالا: أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني عبدُ الله بنُ لهيعةَ، عن موسى بنِ جُبَيْرٍ، أن عُبيدَ اللهِ ابنَ عباسٍ حدَّثه، عن خالد بن يزيدَ بنِ معاويةَ ¬

_ (¬1) رجاله ثقات غير وهب مولى أبي أحمد، فقد اختُلف في تعيينه، فذكر الدارقطني والحاكم أنه أبو سفيان مولى ابن أبي أحمد الثقة المخرج له في "الصحيحين" وهذا وثقه ابن سعْد وابن حبان والدارقطني، واحتمل المزي أن يكون هو هذا، وأما ابن عبد البر فقال: أبو سفيان لم يصح له اسم غير كنيته. قلنا: ولهذا جهّل المنذري وابن القطان والذهبي وابن حجر وهباً مولى أبي أحمد، فإن كان وهب هو أبو سفيان كما قرره الدارقطني والحاكم فالإسناد صحيح، وإلا فهو رجل لا يُعرف مجهول كما قرره المنذري ومن تبعه، فيكون الإسناد ضعيفاً، والله تعالى أعلم. وأخرجه الطيالسي (1612)، وعبد الرزاق (5050)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" مسند أم سلمة 4/ (89) و (156)، وأحمد (26522) و (26538) و (26617)، وأبو يعلى (6971)، والطبراني في "الكبير" 23/ (705)، والحاكم 4/ 194 - 195، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6144)، والمزي في ترجمة وهب مولى أبي أحمد من "تهذيب الكمال" 31/ 162 - 163 من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي.

40 - باب في قدر الذيل

عن دِحْيَةَ بن خَليفة الكلبي أنه قال: أُتِيَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بِقباطيّ، فأعطاني منها قُبْطّيةً، فقال: "اصْدَعْها صِدْعَينِ، فاقْطَعْ أحدَهما قميصاً، وأعْطِ الآخرَ امرأتَك تَخْتَمِرْ بهِ"، فلما أدبر، قال: "وأْمرِ امرأتَكَ أن تجعلَ تحتَه ثوباً لايَصِفُها" (¬1). قال أبو داود: رواه يحيى بنُ أيوب، فقال: عباسُ بنُ عُبيدِ الله ابن عباس. 40 - باب في قَدْر الذَّيل 4117 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن أبي بكرِ بنِ نافعٍ، عن أبيه، عن صفيَّة بنتِ أبي عُبَيدٍ أنها أخبرته أن أُمَّ سلمة زوجَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قالت لِرسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم حينَ ذكر الإزارَ: ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن خالد بن يزيد بن معاوية لم يلق دحية الكلبي فيما قاله الحافظ الذهبي في "تلخيص المستدرك" 4/ 187، و"سير أعلام النبلاء" 4/ 382. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4199)، والحاكم 4/ 187، والبيهقي 2/ 234 من طريقين عن موسى بن جبير، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بقوله: فيه انقطاع. وفي باب قوله: "وأمر امرأتك أن تجعل تحته ثوباً لا يصفُها، عن أسامة بن زيد عند ابن سعد في "طبقاته" 4/ 64 - 65، وابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" (5496)، وأحمد (21786)، وغيرهم. وإسناده محتمل لتحسين. والقبطية مضمومة القاف: الشقة أو الثوب من القباطي وهي ثياب تعمل بمصر. وقوله: اصدعها. يريد شقها نصفين، فكل شق منها صِدع بكسر الصاد، والصَّدع مفتوحة الصاد مصدر صدعت الشيء إذا شققته، واصدعه صدعاً.

فالمرأةُ يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "تُرْخِي شِبْراً" قالت أُمُّ سلمة: إذاً ينكَشِفَ عنها، قال: "فَذِرَاعاً، لا تَزِيدُ عليه" (¬1). 4118 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا عيسى، عن عُبيدِ الله، عن نافعٍ، عن سُليمانَ بنِ يَسارٍ، عن أُمِّ سلمة، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، بهذا الحديث (¬2). قال أبو داود: رواه ابنُ إسحاقَ وأيوب بن موسى، عن نافع، عن صفية. 4119 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن سفيانَ، أخبرني زيدٌ العمِّيُّ، عن أبي الصِّدِّيقِ ¬

_ (¬1) حديث صحح، وهذا إسناد حسن من أجل أبي بكر بن نافع مولى عبد الله ابن عمر، وهو متابع. وقد اختلف في إسناد هذا الحديث اختلافاً كثيراً كما بيناه في "مسند أحمد" (26511) لكن ذكر ابن عبد البر في التمهيد 24/ 148 أن الصواب رواية مالك ومن تبعه. وهو في "موطأ مالك" 2/ 915. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9657) من طريق أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص، و (9658) من طريق محمد بن إسحاق، كلاهما عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (26511) و (26532)، و "صحيح ابن حبان" (5451). وانظر ما بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد اختلف فيه عن عُبيد الله بن عمر كما سيأتي بيانه. عيسى: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي. فأخرجه النسائي في "الكبرى" (9659) من طريق معتمر بن سليمان، و (9660) من طريق عبد الرحيم بن سليمان الرازي، كلاهما عن عُبيد الله، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي أيضاً (9661) من طريق خالد بن الحارث، عن عُبيد الله، عن نافع، عن سليمان بن يسار: أن أم سلمة ذكرت ذيول النساء ... هكذا رواه مرسلاً وكذلك أخرجه مرسلاً أحمد (5173) عن يحى بن سعيد القطان، عن عُبيد الله بن عمر. وانظر ما قبله.

41 - باب في أهب الميتة

عن ابن عمر، قال: رخص رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ لأمهاتِ المؤمنينَ في الذَّيل شِبراً، ثم استزَدْنَه، فزادَهُن شِبراً، فكنَّ يُرسِلْن إلينا، فنذْرَعُ لهن ذِرَاعاً (¬1). 41 - باب في أُهُبِ الميتةِ 4120 - حدَّثنا مُسدَّدٌ ووهبُ بنُ بيانٍ وعثمانُ بنُ أبي شيبةَ وابنُ أبي خَلَفٍ، قالوا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن عُبيدِ الله بنِ عبدِ الله، عن ابنِ عباس -قال مُسَدَّدٌ ووهب:- عن ميمونة، قالت: أُهدِي لمولاةٍ لنا شاةٌ من الصدقةِ، فماتَتْ، فمرَّ بها النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال: "ألا دبغتُم إهابَها، واستنفعتُم به". قالوا: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، إنها ميتة، قال: "إنما حُرِّمَ أكْلُها" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لضعف زيد العَمِّي -وهو ابن الحواريّ-، سفيان: هو الثوري. وأخرجه ابن ماجه (3581) من طريق سفيان الثوري، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9650) من طريق مطرف بن طريف، عن زيد العمي، عن أبي الصدّيق، عن ابن عمر عن عمر. فجعله من مسند عمر. وهو في مسند أحمد" (4683) و (4773) و (5637). وفي الباب عن أم سلمة في الحديث السالف قبله. (¬2) إسناده صحيح. وهذا الاختلاف الذي في إسناده بأن جعله بعضهم عن ابن عباس مرفوعاً وبعضهم عن ابن عباس عن ميمونة مرفوعاً - لا يضر، فإنه مرسل صحابي، وهو حجة. وقال الحافظ في "الفتح" 9/ 658: والراجح عند الحفاظ في حديث الزهري ليس فيه ميمونة. وأخرجه مسلم (363)، وابن ماجه (3610)، والنسائي في "الكبرى" (4546) من طريق سفيان بن عيينه، بهذا الإسناد. فجعله من مسند ميمونة. =

4121 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ، حدَّثنا مَعْمَرٌ عن الزهريِّ، بهذا الحديث، لم يذكرْ ميمونة، فقال: ألا انتفعتُمْ بإهإبها"، ثم ذكر معناه، لم يذكر الدِّباغَ (¬1). 4122 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، قال: قال مَعْمَرٌ: وكاْن الزهري يُنكِرُ الدباغَ، ويقول: يُستمتَعُ به على كلِّ حالٍ. ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (26795)، و"صحيح ابن حبان" (1285) و (1289). وأخرجه مسلم (363) من طريق سفيان بن عيينة، به. فجعله من مسند ابن عباس. وأخرجه مسلم (364)، والنسائي في "الكبرى" (4549) من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس، عن ميمرنة فجعله من مسندها. دون ذكر الدباغ. وأخرجه مسلم (363) و (365)، والترمذي (1824)، والنسائي في "الكبرى" (4550) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس رفعه. فجعله من "مسنده". ولم يذكر مسلم في روايته الثانية الدباغ، وأخرجه النسائي (4551) من طريق عامر الشعبي، عن ابن عباس. فجعله من مسند ابن عباس أيضاً دون ذكر الدباغ. وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (4123) و (4126). (¬1) إسناده صحيح. يزيد: هو ابن زُريع. وأخرجه البخاري (2221) و (5531)، ومسلم (363) من طريق صالح بن كيسان، والبخاري (1492)، ومسلم (363) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، والنسائي في "الكبرى" (4547) من طريق مالك بن أنس، و (4548) من طريق حفص ابن الوليد، كلهم عن ابن شهاب الزهري، به. ولم يذكر أحدٌ منهم خلا حفص بن الوليد الدباغ. وهو في "مسند أحمد" (3016)، و"صحح ابن حبان" (1284). وانظر ما قبله، وما سيأتي برقم (4123).

قال أبو داود: لم يذكرِ الأوزاعيُّ ويونس وعقيلٌ في حديثِ الزهري الدِّباغَ، وذكره الزُّبيديُ وسعيدُ بنُ عبدِ العزيز وحفصُ بن الوليد، ذكروا الدِّباغَ. 4123 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن زيدِ بنِ أسلَم، عن عبدِ الرحمن بنِ وَعْلَةَ عن ابنِ عباس، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يقولُ: "إذا دُبِغَ الإهابُ فقد طَهُرَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري. وأخرجه مسلم (366)، وابن ماجه (3609)، والترمذي (1845) والنسائي في "الكبرى" (4553) و (4554) من طريق عبد الرحمن بن وعلة، به. وهو في "مسند أحمد" (1895)، و"صحيح ابن حيان" (1287) و (1288). وانظر ما سلف برقم (4120) و (4121). قال الخطابي: الإهاب: الجلد، ويجمع على أهب، وزعم قوم أن جلد ما لا يؤكل لا يسمى إهاباً، وذهبوا إلى أن الدباغ لا يعمل من الميتة، إلا في الجنس المأكول اللحم، وهو قول الأوزاعي وابن المبارك وإسحاق بن راهويه وأبي ثور. وذهب أبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي إلى أن جلد الميتة مما يؤكل لحمه ومما لا يؤكل يطهر بالدباغ إلا أن أبا حنيفة وأصحابه استثنوا منها جلد الخنزير واستثنى الشافعي مع الخنزير جلد الكلب، وكان مالك يكره الصلاة في جلود السباع وإن دبغت، ويرى الانتفاع بها، ويمتنع من بيعها، وعند الشافعي بيعها والانتفاع بها على جميع الوجره جائز لأنها طاهرة. وقال ابن المنذر في "الأوسط" 4/ 280: وأجمع أهل العلم على تحريم الخنزير، والخنزير محرم بالكتاب والسنة واتفاق الأمة، واختلفوا في استعمال شعره فرخصت طائفة أن يخرز به، رخص فيه الحسن البصري ومالك والأوزاعي والنعمان، وقد روينا عن الشعبي أنه سئل عن جرب من جلود الخنازير يحمل فيها مديد من أذربيجان، فقال: لا بأس به. وقال القرطبي في "تفسيره" 2/ 223: لا خلاف أن جملة الخنزير محرمة إلا الشعر، فإنه يجوز الخِرازة به. =

4124 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن يزيدَ بنِ عبدِ الله بنِ قُسَيْط، عن محمدِ بنِ عبدِ الرحمن بنِ ثوبانَ، عن أُمه عن عائشة زوجِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أمر أن يُستَمْتَعَ بجلود الميتة إذا دُبِغَت (¬1). 4125 - حدَّثنا حفص بن عمر وموسى بن إسماعيلَ، قالا: حدَّثنا همّامٌ، عن قتادةَ، عن الحسنِ، عن جَوْنِ بنِ قتادةَ عن سَلَمَةَ بن المحبَّق: أن رسُولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - في غزوةِ تبوكَ أتى على بيتٍ فإذا قِربْةٌ مُعلَّقةٌ، فسألَ الماءَ، فقالوا: يا رسولَ الله، إنها ميتةٌ، فقال: "دِباغُها طَهُورُها" (¬2). ¬

_ = ونقل ابن عبد البر في "الاستذكار" 15/ 347 عن سحنون: أنه لا بأس بجلد الخنزير إذا دبغ، وكذلك قال داود بن علي ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وحجتهم عموم قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أيما إهاب دبغ فقد طهر". (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة والدة محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، لكنها قد توبعت. وهو في "موطأ مالك" 2/ 498، ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (3612)، والنسائي في "الكبرى" (4564). وهو في "مسند أحمد" (24447)، و"صحيح ابن حبان" (1286). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4559) من طريق إسرائيل بن يونس السبيعي، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن الأسود النخعي، عن عائشة قالت، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ذكاة الميتة دباغها". وهذا إسناد صحيح. (¬2) مرفوعه صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة جَوْن بن قتادة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4555) من طريق هشام بن أبي عبد الله الدستوائي. عن قتادة، به. وهو في "مسند أحمد" (15908)، و"صحيح ابن حبان" (4522). =

42 - باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة

4126 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبِ، أخبرني عمرو بنُ الحارث، عن كثيرِ بنِ فرقدٍ، عن عبدِ الله بن مالك بن حُذافة حدَّثه، عن أمِّه العالِيَةِ بنتِ سُبيعٍ، أنها قالت: كان لي غنمٌ بأُحُدٍ، فوقعَ فيها الموتُ، فدخلتُ على ميمونةَ زوجِ النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- فذكرتُ ذلك لها، فقالت لي ميمونةُ: لو أخذْتِ جلودَها فانتفعتِ بها، قالت: فقلتُ: أو يَحِل ذلك؟ قالت: نعم، مرَّ على رسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - رجالٌ مِنْ قُريشٍ يَجُرُّون شاةً لهم مِثْلَ الحمارِ، فقال لهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لو أخذتُم إهابَها" قالوا: إنها مَيْتَةٌ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يُطهِّرُها الماءُ والقَرَظُ" (¬1). 42 - باب من روى أن لا يُنتفَعَ بإهابِ الميتةِ 4127 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمر، حدَّثنا شعبةُ، عن الحكمِ، عن عبدِ الرحمن ابنِ أبي ليلى ¬

_ = ويشهد لمرفوعه حديث ميمونة وابن عباس وعائشة السالفة أحاديثهم عند المصنف بالأرقام (4120) و (4121) و (4123) و (4124). (¬1) مرفوعه صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله بن مالك وأمه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4560) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26833)، و"صحيح ابن حبان" (1291). وقد سلف ذكر الانتفاع بالاهاب بعد دباغه عن ميمونة بإسناد صحيح برقم (4120). قال الخطابي: القرظ: شجر تُدبغ به الأُهب وهو لما فيه من القبض والعُفوصة، يُنشِّف البلَّة، ويذهب الرخاوة، ويخصف الجلد، ويصلحه ويُطيبه، فكل شيء عَمِل عَمَل القرظ كان حكمه في التطهير حكم القرظ.

عن عبدِ الله بنِ عُكيم، قال: قُرِئ علينا كتابُ رسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلمِ - بأرضِ جُهينةَ وأنا غلامٌ شابٌّ: "أن لا تَسْتمْتِعُوا من الميتةِ بإهابٍ ولا عَصَبٍ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. عبد الله بن عُكيم، قال عنه البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 39، وذلك أبو حاتم الرازي فيما نقله عنه ابنه في الجرح والتعديل" 5/ 121: أدرك زمان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ولا يُعرف له سماع صحيح، ثم هو مضطرب كما بيناه في "مسند أحمد" (18780) الحكم: هو ابن عتيبه. وأخرجه ابن ماجه (3613)، والترمذي (1826)، والنسائي في "الكبرى" (4561) و (4562) من طرق عن الحكم بن عتيبة، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن ويروى عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ لهم هذا الحديث، وليس العمل على هذا عند أكثر أهل العلم. وهو في "مسند أحمد" (18780)، و"صحيح ابن حبان" (1277). وانظر ما بعده. قال الخطابي: مذهب عامة العلماء على جواز الدباغ والحكم بطهارة الإهاب إذا دبغ، ووهَّنوا هذا الحديث، لأن عبد الله بن عكيم لم يلق النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وإنما هو حكايته عن كتاب أتاهم، فقد يحتمل لو ثبت الحديث أن يكون النهي إنما جاء عن الانتفاع به قبل الدباغ، ولا يجوز أن تترك به الأخبار الصحيحة التي قد جاءت في الدباغ وأن يحمل على النسخ، والله أعلم. وقال ابن حبان بإثر حديث عبد الله بن عكيم (1279) ومعنى هذا الخبر: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب، يريد به قبل الدباغ، والدليل على صحته قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "أيما إهاب دبغ فقد طهر". وقال الحافظ في "التلخيص" 1/ 48: وقد تكلم الحازمي في "الناسخ والمنسوخ" على هذا الحديث فشفى، ومحصل ما أجاب به الشافعية وغيرهم عنه التعليل بالإرسال، وهو أن عبد الله بن عُكيم لم يسمعه من النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. والانقطاع بأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمعه من عبد الله بن عكيم. والاضطراب في سنده، فإنه تارة قال: عن كتاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وتارة عن مشيخة من جهينة، وتارة: عمن قرأ الكتاب. =

43 - باب في جلود النمور والسباع

قال أبو داود: إليه يذهب أحمد. قال أبو داود: وسمعت أحمد ابنْ شبُّوية، قال: قال النضرُ بنُ شُميلٍ: يُسمى إهاباً ما لم يُدْبَغْ، فإذا دبغ يُقال له: شنٌّ وقربةُ (¬1). 4128 - حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيل مولى بني هاشِمٍ، حدَّثنا الثقفيُّ، عن خالدٍ، عن الحكم بنِ عُتَيْبَةَ، أنه انطلقَ هو وناسٌ مَعَهُ إلى عبدِ الله بن عُكَيمٍ -رجلٍ مِن جُهينةَ- قال الحكم: فدخَلُوا وقَعدْتُ على البابِ، فخرجوا إلي، فأخبروني أن عبدَ الله بنَ عُكَيْم أخبرهم: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كتَبَ إلى جُهينة قَبْلَ موتِهِ بشهرٍ: "أن لا تَتتَفِعُوا من الميتةِ بإهابٍ ولا عَصَبٍ" (¬2). 43 - باب في جلود النُّمور والسِّباع 4129 - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّريِّ، عن وكيعٍ، عن أبي المُعتمِرِ، عن ابنِ سيرين ¬

_ = والاضطراب في المتن، فرواه الأكثر من غير تقييد، ومنهم من رواه بتقييد شهر أو شهرين، أو أربعين يوماً، أو ثلاثة أيام. والترجيح بالمعارضة بأن الأحاديث الدالة على الدباغة أصح. والقول بموجبه بأن الإهاب اسم للجلد قبل الدباغ لا بعده، حمله على ذلك ابن عبد البر والبيهقي، وهو منقول عن النضر بن شميل والجوهري قد جزم به. وقال الحازمي: وطريق الإنصاف فيه أن يقال: إن حديث ابن عُكيم ظاهر الدلالة في النسخ لو صح، ولكنه كثير الاضطراب، ثم لا يقاوم حديث ميمونة في الصحة. (¬1) مقالتا أبي داود هاتان أثبتناهما من هامش (هـ) وأشار هناك أنهما في رواية ابن الأعرابي. واقتصر في (أ) و (ب) و (ج) على مقالة أبي داود الثانية، بنحوها عند ابن الأعرابي. (¬2) إسناده ضعيف كسابقه. وهو في "مسند أحمد" (18782). وانظر ما قبله.

عن معاوية، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تركبُوا الخَزَّ، ولا النِّمارَ" قال: وكان معاويةُ لا يُتَّهم في الحديثِ عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). قال أبو داود: أبو المعتمِرُ شَيخ من الحِيرة، كان بصرياً، يقال له: يزيدُ بن طَهْمانَ، قال: وكان بُخراسانَ أيضاً. 4135 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، حدَّثنا أبو داود، حدَّثنا عِمرانُ، عن قتادةَ، عن زُرَارَة عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: لا تَصْحَبُ الملائِكةُ رِفْقةً فيها جِلْدُ نَمِرٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن سيرين: هو محمد، وأبو المعتمر: هو يزيد بن طهمان، ووكيع: هو ابن الجراح. وأخرجه ابن ماجه (3656) من طريق وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16840). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9730) من طريق قتادة بن دعامة، عن أبي شيخ الهُنائي، أنه سمع معاوية وعنده جمع من أصحاب محمد في الكعبة قال: أتعلمون أن نبي الله -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن ركوبٍ على جلد النمور؟ قالوا: نعم. وإسناده حسن. ورواه يحيى بن أبي كثير، عن أبي شيخ الهنائي، واختلف عليه كما بينه النسائي في "الكبرى" (9732 - 9737). وسَلِم طريقُ قتادة. وهو في "مسند أحمد" (16833). وانظر ما سيأتي برقم (4131) و (4239). قال ابن الأثير في "النهاية": إنما نهى عن استعمال جلود النمور لما فيها من الزينة والخيلاء. (¬2) إسناده ضعيف وفيه اضطراب. عمران -وهو ابنُ دَاوَر القطّان- ضعَّفه الأكثرون، وقد تفرذ بهذا الحديث عن أبي هريرة بهذا الإسناد، وخالفه هشام الدستوائي الثقة فرواه عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة بلفظ: "لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس". وكذلك رواه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة بهذا اللفظ. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = فدل على وهم عمران القطان فيه، على أنه رواه مرة موقوفاً على أبي هريرة وبلفظ هشام كما أشار إليه الدارقطني في "العلل" 10/ 328. ورواه سعيدُ بن بَشير -وهو لين الحديث- فاضطرب في إسناده ومتنه، فرواه مرة عن قتادة عن زرارة، عن سعد بن هشام، عن عائشة فجمع الحديثين بذكر الجرس وجلد النمر، قال الدارقطني في "العلل" 10/ 329: ورواه سعيد بن بشير عن قتادة، عن زرارة، عن سعد بن هشام، عن عائشة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، واختُلف عن سعيد بن بشير في متنه، فقيل عنه: "لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر" ولا يصح القولان. قلنا: يعني لا الإسناد ولا المتن. ورواه سعيد بن بشير مرة أخرى فقال: عن أبي الزبير، عن جابر كذا ذكره ابن أبي حاتم في "العلل" 1/ 486، ونقل عن أبيه أنه قال فيه: هذا حديث منكر. وذكر ابنُ حبان هذا الحديث من منكرات سعيد بن بشير في "المجروحين" 1/ 319. وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط" 2/ 299 من طريق محمد بن عثمان التنوخي، عن سعيد بن بشير، عن قتادة، عن زرارة، عن سعد بن هشام، عن عائشة أن نبي الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا تقرب الملائكة رفقة فيها جرس ولا جلد نمر". وأخرجه ابن حبان في "المجروحين" 1/ 319 من طريق الوليد بن مسلم، عن سعيد بن بشير، عن أبي الزبير، عن جابر. وأخرج إسحاق بن راهويه في "مسنده" في مسند أبي هريرة (280)، وأحمد بن حنبل في "مسنده" (8998)، والنسائي في "الكبرى" (8759) من طريق معاذ بن هشام الدستوائي، عن أبيه، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس". وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 229 عن وكيع، عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن زرارة عن أبي هريرة قال: الملائكة لا تصحب رفقه فيها جرس. فجعله موقوفاً عليه من قوله. وهذا لا يُعل المرفوع، لأن الحديث ثبت مرفوعاً من طريق آخر عن أبي هريرة: وهو ما أخرجه أحمد في "مسنده" (7566)، ومسلم (2113)، والترمذي (1798)، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 9/ 395 وغيرهم من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. وقد سلف عند المصنف برقم (2555).

4131 - حدَّثنا عَمرُو بنُ عُثمانَ، حدَّثنا بقيةُ، عن بَحِيْرٍ، عن خالد، قال: وفد المقدام بن مَعدِي كَرِبَ وعمرو بنُ الأسودِ، ورَجُلٌ من بني أسدِ من أهل قِنَّسرِينَ إلى معاويَة بن أبي سفيانَ، فقال معاويةُ لِلمقدام: أعَلِمْتَ أن الحسنَ بنَ علي تُوفِّي؟ فرجَّعَ المِقدَامُ، فقال له رجل: أترَاها مُصِيبَةً؟ قال له: ولم لا أراها مُصيبةً وقد وضعه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في حَجرِه، فقال: "هذا مِنِّي وحُسينٌ مِنْ علي"؟! فقال الأسَديُّ: جمرةٌ أطفأها اللهُ عزَّ وجلَّ، قال: فقال المقدامُ: أما أنا، فلا أبرحُ اليومَ حتى أُغيِّظَكَ وأُسمِعَكَ ما تَكرَه، ثم قال: يا معاويةُ، إن أنا صدقَتُ فصدِّقني، وإن أنا كذبتُ فكذِّبْني، قال: أفْعَلُ: قال: فأنشُدُكَ بالله، هلْ سمعتَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ينهى عن لبسِ الذَّهَبِ؟ قال: نَعَمْ. قال: فأنشُدكَ باللهِ، هل تَعْلَمُ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن لبسِ الحريرِ؟ قال: نَعَمْ. قال: فأنشُدُكَ بالله، هل تَعْلَمُ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن لبسِ جلود السَّباع والرُّكوب عليها؟ قال: نَعَمْ. قال: فواللهِ لقد رأيتُ هذا كُلَّه في بيتِك يا معاويةُ، فقال معاويةُ: قد علِمتُ أني لن أنجوَ مِنْكَ يا مقدامُ، قال خالدٌ: فأمر له معاويةُ بما لم يأمُرْ لِصاحبَيه، وفَرَضَ لابنِه في المئتينِ، ففرَّقها المقدامُ على أصحابه قال: ولم يُعطِ الأسديُّ أحداً شيئاً مما أخذَ، فبلغ ذلك معاويةَ، فقال:

أما المقدامُ فرجلٌ كريمٌ بَسَطَ يدَه، وأما الأسديُّ فرجلٌ حسنُ الأمساكِ لشيئه (¬1). 4132 - حدَّثنا مُسَدَّدُ بنُ مُسَرْهَدٍ، أن يحيى بنَ سعيد وإسماعيلَ بنَ إبراهيم، حدَّثاهم -المعنى- عن سعيدِ بنِ أبي عَروبة، عن قتادةَ، عن أبي المليحِ بنِ أسامة عن أبيه: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن جُلُودِ السِّبَاعِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي- وخالد -وهو ابن مَعدان- قد سمع المقدام بن معدى كرب كما قال البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 176. عمرو بن عثمان: هو ابن سعيد الحمصي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4566) و (4567) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد. وقد صح النهي عن هذه الأمور التي ذكرها المقدام عن عدة من الصحابة". منها حديث البراء بن عازب عند البخاري (1239)، ومسلم (2066) بلفظ: ونهانا النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن آنية الفضة وخاتم الذهب والحرير والديباج والقَسي والاستبرق. وحديث علي بن أبي طالب السالف عند المصنف برقم (4057) بلفظ: إن نبي الله -صلَّى الله عليه وسلم- أخذ حريراً فجعله في يمينه، وأخذ ذهبا فجعله في شماله، ثم قال: "ان هذين حرام على ذكور أمتي" وهو صحيح لغيره له ما يشهد له بلفظه عن عدة من الصحابة ذكرهم ابن الملقن في "البدر المنير" 1/ 640 - 650. وأما جلود السباع فقد صح النهي عنها في حديث معاوية السالف برقم (4129)، وحديث أسامة بن عمير الآتي بعده. (¬2) إسناده صحيح. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن مِقْسَم، المعروف بابن عُلَيّهَ. ويحيى بن سعيد: هو القطان. وأخرجه الترمذي (1870) و (1871)، والنسائي في "الكبرى" (4565) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20706). =

44 - باب في النعال

44 - باب في النِّعال 4133 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح البزَّاز، حدَّثنا ابنُ أبي الزناد، عن موسى ابنِ عُقبةَ، عن أبي الزُّبير عن جابرٍ، قال: كُنَّا مَعَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في سَفَرٍ، فقال: "أكثِرُوا مِن النِّعالِ، فإن الرَّجُلَ لا يزالُ راكباً ما انتَعَلَ" (¬1). 4134 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا همَّام، عن قتادةَ ¬

_ = وقال المناوي في "فيض القدير" 6/ 328: والنهي للسرف والخيلاء، أو لأن افتراشها دأب الجبابرة وسجية المترفين، أو لنجاسة ما عليها من الشعر، والشعر ينجس بالموت ولا يطهر بالدباغ عند الشافعية. وخبْث الملبس يُكسب القلب هيئة خبيثة، كما أن خبث المطعم يُكسبه ذلك، فإن الملابسة الظاهرة تسري إلى الباطن، ومن ثم حُرّم على الذكر لبس الحرير والذهب لما يُكسب القلبَ من الهيئة التي تكون لمن ذلك لبسه من نساء وأهل الفخر والخيلاء، وفيه أنه يحرم الجلوس على جلد كسبع ونمر وفهد، أي: به شعر، وإن جُعل على الأرض على الأوجَه، لكونه من شأن المتكبرين كما تقرر. (¬1) إسناده صحيح. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- وإن لم يصرح بسماعه من جابر في شيء من طرق الحديث، متابع، وقد صحح له مسلم هذا الحديث، وكذا ابن حبان. وأخرجه مسلم (2096)، والنسائي في "الكبرى" (9715) من طريق معقل بن عُبيد الله، به. وهو في "مسند أحمد" (14626)، و"صحيح ابن حبان" (5457). وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 44، وابن عدي في "الكامل" 6/ 2419 من طريق النضر بن شميل، عن مُجَّاعة بن الزبير، عن الحسن البصري، عن جابر. ومجَّاعة تصلح روايته للمتابعة. وقد اختُلف عنه في تعيين الصحابي فمرة ذكر جابراً، ومرة ذكر عمران بن حصين. وكلاهما لم يصرح الحسن البصري بسماعه منهم، لكن مع ذلك تصلح روايته هذه للاعتبار.

عن أنسٍ: أن نَعْلَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان لها قِبَالانِ (¬1). 4135 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الرحيم أبو يحيى، أخبرنا أبو أحمدَ الزبيريُّ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ طَهْمانَ، عن أبي الزُّبير عن جابرٍ، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن ينتعِلَ الرَّجُلُ قائماً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دِعامة السدوسي، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي. وأخرجه البخاري (5857)، وابن ماجه (3615)، والتر مذي (1874) و (1875)، والنسائي في "الكبرى" (9716) من طريق همام بن يحيى، به. وهو في "مسند أحمد" (12229). وأخرجه البخاري (3107) و (5858) من طريق عيسى بن طهمان، عن أنس نحوه. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 1/ 478 من طريق عفان عن همام عن قتادة، عن أنس قال: كانت نعل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لها قبالان من سبت ليس عليها شعر. قال ابن الأثير: القبالان: تثنية قِبال: زمام النعل، وهو السير الذي يكون بين الأصبعين. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن أبا الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- لم يصرح بسماعه من جابر. أبو أحمد الزبيري: هو محمد ابن عبد الله الأسدي. وأخرجه البيهقى في "شعب الإيمان" (6273) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وفي الباب عن عبد الله بن عُمر عند ابن ماجه (3619) وإسناده صحيح. وعن أبي هريرة عند ابن ماجه (3618)، والترمذي (1877)، وإسناد ابن ماجه رجاله ثقات، لكنه اختلف في رفعه ووقفه. وعن أنس عند الترمذي (1878) وإسناده ضعيف. قال الخطابي: يشبه أن يكون إنما نهى عن لبس النعل قائماً لأن لبسها قاعداً أسهل عليه وأمكن له، وربما كان ذلك سبباً لانقلابه إذا لبسها قائماً فأمر بالقعود له والاستعانة باليد ليأمن غائلته، والله أعلم.

4136 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلمةَ، عن مالكٍ، عن أبي الزَّنادِ، عن الأعرجِ عن أبي هريرة أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: لا يَمْشي أحَدُكُم في النَّعلِ الواحدة، لينْعَلْهُما جميعاً، أو لِيُحْفِهِما جميعاً" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هُرمز، وأبو الزناد هو عبد الله ابن ذكوان. وهو في "موطأ مالك"، 2/ 916، ومن طريقه أخرجه البخاري (5855)، ومسلم (2097)، والترمذي (1876). وأخرجه مسلم (2097) من طريق محمد بن زياد، وابن ماجه (3617) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، كلاهما عن أبي هريرة. ولفظ مسلم: "إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا خلع فليبدأ بالشمال، وليُنْعلْهما جميعاً أو ليخلعهما جميعاً". وزاد ابن ماجه: "ولا خف واحد". وهو في "مسند أحمد" (7349)، و"صحيح ابن حبان" (5459). وانظر ما سيأتي برقم (4139). قال الخطابي: وهذا قد يجمع أموراً، منها: أنه قد يشق عليه المشي على هذه الحال، لأن وضع أحد القدمين منه على الحفاء إنما يكون مع التوقي والتهيب لأذى يصيبه أو حجر يصدمه، ويكون وضعه القدم على خلاف ذلك من الاعتماد به والوضع له من غير محاشاة أو تقيَّة. فيختلف من أجل ذلك مشيه، ويحتاج معه إلى أن ينتقل عن سجية المشي وعادته المعتادة فيه، فلا يأمن عند ذلك العثار والعَنَت. وقد يتصور فاعله عند الناس بصورة من إحدى رجليه أقصر من الأخرى ولا خفاء بقبح منظر هذا الفعل، وكل أمر يشتهر عند الناس، ويرفعون إليه أبصارهم، فهو مكروه مركوب عنه. قلت (القائل الخطابي): وقد يدخل في هذا المعنى كل لباس يُنتفع به الخفين، وإدخال اليد في الكمين، والتردي بالرداء على المنكبين. فلو أرسله على إحدى المنكبين وعرّى منه الجانب الآخر كان مكروهاً على معنى الحديث، ولو أخرج إحدى يديه من كمه وترك الأخرى داخل الكم الآخر كان كذلك في الكراهة، والله أعلم.

4137 - حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا أبو الزُّبيرِ عن جابرٍ، قال: قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "إذا انْقَطَعَ شِسْعُ أحَدِكُم، فلا يَمْشِ في نَعْلٍ واحدةٍ حتى يُصْلِحَ شِسْعَهُ، ولا يَمْشِ في خُفٍّ واحِدٍ، ولا يأكُلْ بِشِمَالِه" (¬1). 4138 - حدَّثنا قُتيبة بنُ سعيدٍ، حدَّثنا صفوانُ بنُ عيسى، حدَّثنا عبدُ الله بن هارون، عن زياد بنِ سعْد، عن أبي نَهِيكِ عن ابنِ عباس، قال: من السُّنَّةِ إذا جلسَ الرَّجُلُ أن يخْلَعَ نعليهِ فيضعَهُما بجنبه (¬2). 4139 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن مالك، عن أبي الزِّناد، عن الأعرجِ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وقد صرح أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي- بسماعه من جابر عند أحمد. (14178)، ومسلم (2099) فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه مسلم (2099)، والنسائي في "الكبرى" (9713) و (9714) من طرق عن أبي الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (14118) و (14178)، و"صحيح ابن حبان" (5225). والشسع: أحد سيور النعل. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة عبد الله بن هارون. أبو نَهيك: هو عثمان بن نَهيك الأزدي. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1190)، وابن أبي الدنيا في "الإشراف" (123) والطبراني في "المعجم الكبير" (12917)، وفي "المعجم الأوسط" (7228)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6283)، والمزي في ترجمة عبد الله بن هارون من "تهذيب الكمال" 16/ 235 من طريق صفوان بن عيسى، بهذا الإسناد.

عن أبي هريرة أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا انْتَعَلَ أحدُكُم فليَبْدَأ باليمينِ، وإذا نزَعَ فليبدأ بالشِّمالِ، ولتكُنْ اليُمنى أوَّلَهما تُنْعَلُ، وآخرَهما تُنْزَعُ" (¬1). 4140 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ ومُسْلِمُ بنُ إبراهيمَ، قالا: حدَّثنا شعبةُ، عن الأشعثِ بن سُلَيم، عن أبيهِ، عن مسروقِ عن عائشة، قالت: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُحِبُّ التَّيمُّنَ ما استطاع في شأنِه كلِّه: في طُهورِه، وتَرَجُّلِه، ونَعْلِه. قال مسلمٌ: وسِوَاكِهِ، ولم يذكر: شأنِهِ كُلِّه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز، وأبو الزناد: هو عبد الله ابن ذكوان. وهو في "موطأ مالك" 2/ 916، ومن طريقه أخرجه البخاري (5856)، والترمذي (1881). وأخرجه مسلم (2097)، وابن ماجه (3616) من طريق محمد بن زياد، عن أبي هريرة رفعه: "إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى وإذا خلع فليبدأ بالشمال، وليُنعلْهما جميعاً أو ليخعلهما جميعاً". وهو في "مسند أحمد" (7179)، و "صحيح ابن حبان" (5455). قال الخطابي: إذا كان معلوماً أن لبس الحذاء صيانة للرجل ووقاية لها، فقد أعلم أن التبدئة به لليمنى زيادة في كرامتها، وكذلك التبقية لها بعد خلع اليسرى، وقد كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يبدأ في لبوسه وطهوره بميامنه ويقدمها على مياسره. (¬2) إسناده صحيح. سليم: هو ابن أسود المحاربي أبو الشعثاء، ومسروق: هو ابن الأجدع. وأخرجه البخاري (168)، ومسلم (268)، والترمذي (614)، والنسائي في "الكبرى" (115) و (9269) من طريق أشعث بن سليم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24627)، و"صحيح ابن حبان" (1091). وانظر ما سلف برقم (33) و (34).

45 - باب في الفرش

قال أبو داود: رواه، عن شُعبةَ معاذٌ لم يذكر: سِواكه. 4141 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صَالحٍ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا لَبِسْتُم إذا توضاتُم، فابدؤوا بأيامِنِكُم" (¬1). 45 - باب في الفُرُش 4142 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد بن مَؤهَبٍ الهمدانيُّ الرمليُّ، حدَّثنا ابنُ وهب، عن أبي هانئٍ، عن أبي عَبْدِ الرحمن الحُبُليِّ عن جابر بن عبد الله، قال: ذَكَرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الفُرُشَ، فقال: "فِراشٌ للرجلِ، وفِرَاشٌ للمرأةِ، وفِراشٌ للضَّيف، والرابع للشيطان" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وزهير: هو ابن معاوية الجُعفي، والنُّفَيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفَيل الحرَّاني. وأخرجه ابن ماجه (452) من طريق أبي جعفر عبد الله بن محمد النُّفيلي، بهذا الإسناد. وأخرج الترمذي (1863)، والنسائي في "الكبرى" (9590) من طريق شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا لبس قميصاً بدأ بميامنه. وهو في "مسند أحمد" (8652)، و"صحيح ابن حبان" (1090) و (5422). (¬2) إسناده صحيح. أبو عبد الرحمن الحُبُلى: هو عبد الله بن يزيد المَعَافري، وأبو هانئ: هو حميد بن هانئ، وابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (2084)، والنسائي في "الكبرى" (5547) من طريق أبي هانئ حميد بن هانئ، به. وهو في "مسند أحمد" (14124)، و"صحيح ابن حبان" (673). =

4143 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا وكيعٌ. وحدَّثنا عبدُ الله بنُ الجرَّاحِ، عن وكيع، عن إسرائيلَ، عن سِماكٍ عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ، قال: دخلتُ على النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- في بيتِه فرأيتُه متَّكئاً على وسادةٍ، زاد ابن الجراح: على يسارِه (¬1). قال أبو داود: رواه إسحاقُ بنُ مَنصورٍ عن إسرائيلَ في هذا الحديثِ أيضاً: على يساره. 4144 - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّري، عن وكيعٍ، عن إسحاقَ بنِ سعيد بنِ عَمرو القرشيِّ، عن أبيه عن ابن عمر أنه رأى رِفْقةَ من أهْلِ اليَمَنِ رِحالهمُ الأدَمُ، فقال: من أحَبَّ أن ينظُرَ إلى أشْبَهِ رُفْقَةٍ -كانوا- بأصْحاب النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - فلينظُرْ إلى هؤلاء (¬2). ¬

_ = قوله: "والرابع للشيطان". قال العلماء: معناه أي: ما زاد على الحاجة، فاتخاذه إنما هو للمباهاة والاختيال، وما كان بهذه الصفة، فهو مذموم يضاف إلى الشيطان، لأنه يرتضيه ويوسوس به ويحسِّنه ويُساعد عليه. (¬1) إسناده حسن من أجل سماك -وهو ابن حرب-. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، ووكيع: هو ابن الجراح بن مَليح الرؤاسي. وأخرجه الترمذي (2976) عن يوسف بن عيسى، عن وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد. دون قوله: على يساره. وقال: هذا حديث صحيح. وأخرجه الترمذي (2975) من طريق إسحاق بن منصور الكوفي، عن إسرائيل، والنسائي في "الكبرى" (7145) من طريق زهير بن معاوية، كلاهما (إسرائيل وزهير) عن سماك بن حرب، به بزيادة: على يساره، وقال الترمذي بإثره: هذا حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (20803)، و "صحيح ابن حبان" (589). (¬2) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح. =

4145 - حدَّثنا ابنُ السَّرْح، حدَّثنا سفيانُ، عن ابنِ المُنْكَدِرِ عن جابرٍ، قال: قال لي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أتَّخذتُمْ أنماطاً؟ " قلت: وأنى لنَا الأنماطُ؟ قال: "أما إنها ستكونُ لكمْ أنماط" (¬1). 4146 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ وأحمدُ بنُ منيعٍ، قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن هشامِ بنِ عُروة، عن أبيه عن عائشَةَ، قالت: كانت وسَادَةُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -قال ابنُ منيعٍ:- التي ينام عليها بالليل -ثم اتفقا- مِن أدَمٍ حَشْوُها لِيفٌ (¬2). ¬

_ = وهو في "الزهد" لهناد (820)، ومن طريقه أخرجه البيهقي 3/ 277. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 2/ 188، وأحمد بن حنبل (6016)، والبيهقي 4/ 332 من طريق أبو النضر هاشم بن القاسم، وابن أبو شيبة 4/ 106 عن وكيع بن الجراح، كلاهما عن إسحاق بن سعيد، به. (¬1) إسناده صحيح. ابن المنكدر: هو محمد، وسفيان: هو ابن عيينة، وابن السَّرْح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو. وأخرجه البخاري (3631)، ومسلم (2083)، والتر مذي (2979) من طريق سفيان الثوري، والبخاري (5161)، ومسلم (2083)، والنسائي في "الكبرى" (5548) من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن محمد بن المنكدر، عن جابر. وهو في "مسند أحمد" (14132)، و (صحح ابن حبان، (6683). قال النووي: والأنماط بفتح الهمزة: جمع نمط بفتح النون واليم: وهو ظهارة الفراش، وقيل: ظهر الفراش، ويطلق أيضاً على بساط لطيف له خمل يجعل على الهودج، وقد يجعل ستراً، ومنه حديث عائشة الذي ذكره مسلم (2107) في باب الصور، قالت: فأخذت نمطاً فسترته على الباب، والمراد في حديث جابر هو النوع الأول، وفيه جواز الأنماط إذا لم تكن من حرير، وفيه معجزة ظاهرة باخباره بها، وكانت كما أخبر - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2) إسناده صحيح. عروة: هو ابن الزبير بن العوام، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير. =

4147 - حدَّثنا أبو توبةَ، حدَّثنا سُليمانُ -يعني ابنَ حيَّان- عن هشامٍ، عن أبيه عن عائشةَ، قالت: كانت ضِجْعَةُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - من أدَمٍ حَشْوُهَا ليف (¬1). 4148 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيع، حدَّثنا خالدٌ الحذاءُ عن أبي قِلابةَ، عن ابنة أمِّ سلمةَ عن أمِّ سلمةَ، قالت: كان فراشُهَا حِيالَ مَسْجِدِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (6456)، ومسلم (2082)، وابن ماجه (4151)، والترمذي (1859) من طرق عن هشام بن عروة، به. وقد جاء عند بعضهم ذكر الفراش بدل الوسادة، وبعضهم يقول: ضِجاع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، والضِّجاع بكسر الضاد المعجمة بعدها جيم: ما يُرقد عليه. قاله الحافظ في "الفتح" 11/ 292. وهو في "مسند أحمد" (24209)، و"صحيح ابن حبان" (6361). (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل سليمان بن حيّان -وهو أبو خالد الأحمر، مشهور بكنيته- فهو صدوق لا بأس به، ولكنه متابع. أبو توبة: هو الربيع بن نافع. وأخرجه ابن ماجه (4151) من طريق أبي خالد سليمان بن حيان، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. قال ابن الأثير في "النهاية": الضجعة بالكسر من الاضطجاع وهو النوم كالجِلْسه من الجلوس وبفتحها: المرة الواحدة، والمراد: ما كان يضطجع عليه، فيكون في الكلام مضاف محذوف والتقدير: كانت ذات ضجعته أو ذات اضطجاعه فراش أدم حشوها ليف. (¬2) إسناده صحيح. أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرْمي، وخالد الحذاء: هو ابن مِهْران، ومُسدَّد: هو ابن مُسرهَد، وابنة أم سلمة: هي زينب. وأخرجه ابن ماجه (957) من طريق يزيد بن زُريع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26733) وزاد: فكان يُصلي وأنا حيالُه.

46 - باب في اتخاذ الستور

46 - باب في اتخاذ السُّتورِ 4149 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا ابنُ نُميرٍ، حدَّثنا فُضَيل بن غَزْوَانَ، عن نافعٍ عن عبدِ الله بنِ عُمر: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ أتى فاطِمةَ، فوجَدَ على بابها سِتراً، فلم يَدْخُلْ، قال: وقلَّما كان يدخُلُ إلا بَدَأ بها، فجاءَ عليٌّ، فرآها مُهتمَّةً، فقال: ما لَكِ؟ قالت: جاء النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- إليَّ فلم يَدْخُلْ، فأتاه عليٌّ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إن فاطمةَ اشتَدَّ عليها أنك جئتَها فلم تدخُلْ عليها، قال: "وما أنا والدُّنيا؟ وما أنا والرَّقْمَ" فذهَبَ إلى فاطمةَ، فأخبرها بقولِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالت: قُل لِرَسُول الله -صلَّى الله عليه وسلم-: ما تأمرُني به؟ قال: "قل لها: فلتُرْسِلْ به إلى بني فُلانٍ" (¬1). 4150 - حدَّثنا واصِلُ بنُ عبد الأعلى، حدَّثنا ابنُ فُضَيلٍ عن أبيه، بهذا الحديث، قال: وكان ستراً مَوْشيّاً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه بنحوه البخاري (2613) من طريق محمد بن فضيل بن غزوان، عن أبيه، به. وهو في "مسند أحمد" (4727)، - و"صحيح ابن حبان" (6353). وانظر ما بعده. قال الخطابي: أصلُ الرقْمِ الكتابةُ، قال الشاعر: سأرقم في الماء القَراح إليكم ... على بُعدِكم إن كانَ للماء راقم (¬2) إسناده صحيح كسابقه. وقوله: موشياً. يقال: وشيت الثوب ونحره بتخفيف الشين وبتشديدها: إذا زخرفته ونقشته، فهو موشي بزنة: مرضي، وموشَّى بزنة: مزكَّى.

47 - باب الصليب في الثوب

47 - باب الصَّليب في الثوب 4151 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا عِمرانُ بنُ حِطَّانَ عن عائشةَ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان لا يَترُكُ في بيته شيئاً فيه تَصْلِيبٌ إلا قَضَبَهُ (¬1). 48 - باب في الصُّور 4152 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا شُعبةُ، عن علي بنِ مُدْرِكٍ، عن أبي زُزعَةَ بن عمرو بنِ جَرير، عن عبدِ الله بنِ نُجيّ، عن أبيه عن عليٍّ، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا تَدخُلُ الملائِكَةُ بيتاً فيه صُورَةٌ ولا كَلْبٌ ولا جُنُبٌ" (¬2). 4153 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، حدَّثنا خالدٌ، عن سهيلِ بنِ أبي صالحٍ، عن سعيد بنِ يسار الأنصاريِّ، عن زيدِ بنِ خالد الجهني عن أبي طلحةَ الأنصاري، قال: سمعتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "لا تَدْخُلُ الملائكةُ بيتاً فيه كَلْبٌ ولا تِمثالٌ" وقال: انطلِق بنا إلى أُمِّ المؤمنينَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (5952)، والنسائي في "الكبرى" (9706) من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، به. وهو في "مسند أحمد" (24261). وقوله: قضبه، قال الخطابي: معناه: قطعه، والقضب: القطع، والتصليب: ما كان على صورة الصليب. (¬2) صحيح لغيره دون ذكر الجُنب، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الله بن نُجَيّ، وجهالة أبيه. وهو مكرر الحديث السالف برقم (227).

عائشةَ نسألها عن ذلك، فانطلقنا، فقُلنا: يا أُمَّ المؤمنين، إن أبا طلحة، حدَّثنا عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بكذا وكذا، فهلْ سَمِعْتِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يذكُرُ ذلك؟ قالت: لا، ولكن سأحدِّثُكُم بما رأيتُه فعل، خرجَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -في بعضِ مَغازِيه وكنت أتحيَّنُ قُفولَه، فأخذتُ نَمَطاً كان لنا فسترْتُه على العَرَضِ، فلما جاءَ استقبلتُه، فقلتُ: السلامُ عليكَ يا رسولَ الله ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، الحمْدُ لله الذي أعزَّكَ وأكْرَمَكَ، فنظر إلى البيتِ فرأى النَّمَطَ، فلم يَرُدَّ علي شيئاً، ورأيتُ الكراهيةَ في وجهه، فأتى النَّمَطَ حتى هَتكَه، ثم قال: "إن الله عزَّ وجلَّ لم يأمُرْنَا فيما رَزَقَنا أن نَكْسُوَ الحِجَارَةَ واللَّبِنَ" قالت: فقطعتُه، وجعلتُه وسادتَين، وحشوتُهما ليفاً، فلم يُنكِرْ ذلك عليَّ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحّان. وأخرجه البخاري (3225) و (3322) و (4002) و (5949)، ومسلم (2106)، وابن ماجه (3649)، والترمذي (3012)، والنسائي في "الكبرى" (4775) و (9683 - 9686) من طريق عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن عباس، عن أبي طلحة. واقتصروا على حديث أبي طلحة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9682) من طريق عُبيد الله بن عبد الله، قال: حدثني أبو طلحة. واقتصر على حديثه. وذكر الحافظ في "الفتح" 10/ 381 أن الدارقطني رجح رواية عبيد الله عن ابن عباس عن أبي طلحة. لكن الحافظ استدل برواية مالك عن سالم أبي النضر الآتي ذكرها عند الحديث (4155) على احتمال أن يكون عُبيد الله سمعه من ابن عباس عن أبي طلحة، ثم لقي أبا طلحة لما دخل يعوده فسمعه منه. وهو في "مسند أحمد" (16345) و (16346/ 2) و"صحيح ابن حبان" (5468) و (5855). وانظر تالييه. =

4154 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جريرٌ، عن سُهيل، بإسنادهِ مثلَه، قال: فقلتُ: يا أُمَّه، إن هذا، حدَّثني أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال (¬1). وقال فيه: سعيدُ بنُ يسار مولى بني النجار. 4155 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن بُكَيْرِ، عن بُسر بنِ سعيدٍ، عن زيدِ بنِ خالد عن أبي طلحة، أنه قال: إن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إن الملائِكَةَ لا تَدخُلُ بيتاً فيه صُورةٌ". قال بُسر: ثم اشْتكَى زيدٌ، فعُدْنَاهُ، فإذا على بابِهِ سِترٌ فيه صُورةٌ، فقلت لعُبيد الله الخولاني رَبيبِ مَيمُونةَ زوجِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -: ألم يخبرْنا زيدٌ عن الصور يومَ الأولِ؟ فقال عُبيد الله: ألم ثسمَعْه حينَ قال: "إلا رَقماً في ثَوبٍ" (¬2)؟!. ¬

_ = قال الخطابي: العَرض: هو الخشبة المعترضة يُسقف بها البيت، ثم يوضع عليها أطراف الخشب الصغار، يقال: عرضت البيت تعريضاً. وقال صاحب "النهاية": المحدثون يروون بالضاد المعجمة، وهو بالصاد المهملة. والنمط: قال ابن الأثير: هو ضرب من البُسُط له خَمْل رقيق، وقال في موضع آخر: ما يُفترش من مفارش الصوف الملونة. (¬1) إسناده صحيح كسابقه. جرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه مسلم (2106) و (2107)، والنسائي في "الكبرى" (9679) و (10316) من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. واقتصر النسائي في الموضع الأول على حديث أبي طلحة. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحح. بُكير: هو ابن عبد الله بن الأشجّ، والليث: هو ابن سعْد. =

4156 - حدَّثنا الحسنُ بنُ الصَّبَّاح، أن إسماعيلَ بنَ عبدِ الكريمِ حَدَّثهم، حدَّثني إبراهيمُ -يعني ابنَ عَقيل- عن أبيه، عن وهبِ بن مُنبِّه ¬

_ = وأخرجه البخاري (3226) و (5958)، ومسلم (2106)، والنسائي في "الكبرى" (9678) من طريق بكير بن عبد الله بن الأشج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16345)، و "صحيح ابن حبان" (5850). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9676) من طريق مخرمة بن سليمان، و (9677) من طريق عَبيدة بن سفيان، كلاهما عن زيد بن خالد الجهني أنه سمع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول ذلك. فجعله من مسند زيد بن خالد الجهني، وهو صحابي أيضاً. لكن في الإسنادين إليه عبد الرحمن بن أبي عمرو، وهو مجهول. وأخرجه النسائي أيضاً (9680) من طريق محمد بن إسحاق، و (9681) من طريق مالك، كلاهما عن سالم أبي النضر، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه دخل على أبي طلحة يعوده ... فذكر قصة، وفيها أنه أخبره أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حين نهى عن الصور قال: "إلا ما كان رقما في ثوب". وقد سلف عند الحديث (4153) تخريجه من طريق عُبيد الله عن ابن عباس عن أبي طلحة وذكر الحافظ في "الفتح" 10/ 381 أن الدارقطني رجح رواية من أثبت ابن عباس، لكن الحافظ احتمل بأن عبيد الله سمعه من ابن عباس، عن أبي طلحة، ثم لقي أبا طلحة لما دخل يعوده فسمعه منه واستدل برواية أبي النضر هذه التي فيها زيادة قصة عيادة أبي طلحة. قال أبو بكر في "عارضة الأحوذي" 7/ 253: أما الوعيد على المصورين فهو كسائر الوعيد في أهل المعاصي، معلق بالمشيئة كما بيناه، وموقوف على التوبة كما شرحناه، وأما كيفية الحكم فيها فإنها محرمة إذا كانت أجساداً بالإجماع فإن كانت رقماً ففيها أربعة أقوال: الأول: أنها جائرة لقوله في الحديث: إلا ما كان رقماً في ثوب. الثاني: أنه ممنوع لحديث عائشة: دخل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وأنا مستترة بقرام فيه صورة فتلون وجهه، ثم تناول الستر فهتكه ثم قال: "إن أشدَّ الناس عذاباً المصورون" الثالث: أنه إذا كانت صورة متصلة الهيئة قائمة الشكل منع، فإن هتك وقطع وتفرقت أجزاؤه جاز للحديث المتقدم، قالت فيه: وجعلت منه وسادتين كان يرتفق بهما. الرابع: أنه إذا كان ممتهناً جاز وإن كان معلقاً لم يجز، والثالث أصح. والله أعلم.

عن جابرٍ: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أمَرَ عُمَرَ بنَ الخطاب زمنَ الفتحِ وهو بالبَطْحاء أتى يَأتيَ الكَعبةَ فيَمحُو كُلَّ صُورَةٍ فيها، فلم يَدْخُلْها النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- حتى مُحِيَتْ كُلُّ صُورةٍ فيها (¬1). 4157 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يونُس، عن ابنِ شهابٍ، عن ابن السَّبَّاق، عن ابنِ عباسِ، قال: حدَّثتني ميمونةُ زوجُ النبيّ - صلَّى الله عليه وسلم -، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ جبريلَ عليه السَّلامُ كانَ وَعَدَني أن يَلْقَانِي الليلةَ، فلم يَلْقَني" ثم وَقَعَ في نفسِه جَرْوُ كلْبٍ تحتَ بِسَاطٍ لَنَا، فأمَرَ به فأُخْرِجَ، ثم أخذَ بيده ماءً، فنَضَح به مكانَه، فلما لقيه جِبريلُ عليه السلامُ قال: إنا لا نَدْخلُ بيتاً فيه كَلْبٌ ولا صورةٌ، فأصبحَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- فأمرَ بقَتلِ الكِلابِ، حتى إنه ليأمُرُ بقتلِ كلب الحائط الصغير، ويَترُك كَلْبَ الحائطِ الكَبير (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه ابن حبان (5857)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 4/ 79، والبيهقي 7/ 268 من طريق إسماعيل بن عبد الكريم، بهذا الإسناد. وقد سقط من إسناد أبي نعيم في المطبوع سقط يُستدرك من هنا. وأخرجه أحمد (14596) و (15109)، وأبو عوانة في اللباس كما في "إتحاف المهرة" 3/ 446، والبيهقي 5/ 158 من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول ... وقوله: وهو بالبطحاء، أي: بطحاء مكة، وهو الأبطح، ويضاف إلى مكة أو مني، وهو واحد، وهو المحصب، وهو خيفُ بني كنانة، وكل مسيل واسع فيه دقاق الحصى، فهو أبطح، وقيل الأبطح والبطحاء: الرمل المنبسط على وجه الأرض، وقيل الأبطح: أثر المسيل ضيقاً كان أو واسعاً. (¬2) إسناده صحيح. ابن السَّبَّاق: هو عُبيد، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وابن وهب: هو عَبد الله. =

4158 - حدَّثنا أبو صالحٍ محبوبُ بنُ موسى، حدَّثنا أبو إسحاق الفزَاريُّ، عن يونَس بن أبي إسحاق، عن مجاهدٍ حَدّثنا أبو هُريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: أتاني جبريلُ عليه السلام، فقال لي: أتيتُكَ البارحَةَ فلم يمنعْني أن أكونَ دخلتُ إلا أنَّه كانَ على الباب تماثيلُ، وكان في البيت قِرَامُ سِتْرٍ فيه تماثيلُ، وكان في البيت كلْبٌ، فَمُرْ برأسِ التِّمثَالِ الذي على بابِ البيت يقْطَعُ فيصيرُ كهيئةِ الشجرة، ومُرْ بالسِّترِ، فليُقْطَع، فيُجعَلُ منه وسادَتَان مَنبوذتانِ تُوطآن، ومُرْ بالكلب فليُخرَج" ففعل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وإذا الكلبُ لحَسَنٍ أو حُسين كان تحتَ نَضَدٍ لهم، فأمر به فأخْرِجَ (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2105)، والنسائي في "الكبرى" (4776) من طريقين عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (26800)، و "صحيح ابن حبان" (5649) و (5856). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4769) من طريق محمد بن الوليد الزُّبيدي، عن ابن شهاب، عن ابن السَّبَّاق، قال: أخبرتني ميمونة. فلم يذكر في إسناده ابن عباس. قوله: الحائط: هو الحديقة من النخل، سمي كذلك للتحويط عليه، وقوله: "يترك كلب الحائط الكبير" يعني للحاجة إلى حماتيه بخلاف الصغير الذي يحميه ساكنه. والجرو: ولد الكلب والسباع. قلنا: والأمر بقتل الكلاب منسوخ بحديث جابر في صحيح مسلم (1572)، أمرنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب حتى إن المرأة تَقْدَمُ من البادية بكلبها، فنقتُلُه، ثم نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن قتلها. (¬1) صحيح دون قصة التمثال، وهذا إسناد حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق السبيعي. وأخرجه الترمذي (3014) من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، به. وقال: هذا حديث حسن صحيح.=

قال أبو داود: والنَّضَدُ، شيء توضع عليه الثياب شبه السرير (¬1). آخر كتاب اللباس ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9708) من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن مجاهد، به. مختصراً بذكر الستر الذي فيه تماثيل. وهو في "مسند أحمد" (8045). ويشهد له دون قصة التمثال حديث ميمونة السالف قبله. وحديث عائشة عند البخاري (2479)، ومسلم (2107). وحديث ابن عمر عند البخاري (5960). وحديث أسامة عند أحمد (21772) وغيره. وإسناده قوي. القِرام: هو الستر الرقيق، وقيل: الصفيق من صوف ذي ألوان. قاله ابن الأثير. وقال الخطابي: النضد: متاع البيت ينضد بعضه على بعض، أي: يرفع بعضه فوق الآخر. والمنبوذتان: وسادتان لطيفتان وسميتا منبوذتين لخفتهما، يُنبذان ويُطرحان للقعود عليهما، وفيه دليل على أن الصورة إذا غيرت بأن يقطع رأسُها أو تُحَلّ أوصالُها حتى تغير هيئتها عما كانت لم يكن بها بعد ذلك بأس. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.

أول كتاب الترجل

أول كتاب الترجّل 4159 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن هشامِ بنِ حسان، عن الحسنِ عن عبدِ الله بنِ مُغفَّلٍ، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِعن التَّرَجُّلٍ إلا غِبّاً (¬1). 4160 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا يزيدُ، أخبرنا الجُرَيري، عن عبيدِ اللهِ ابنِ بُريدة أن رجلاً من أصحابِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - رَحَلَ إلى فَضالة بنِ عُبيدٍ وهو بمصر، فقدِمَ عليه، فقال: أما إني لم آتِكَ زائراً، ولكني سمعتُ أنا وأنتَ حديثاً مِن رسولِ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- رَجَوتُ أن يكون عندَك منه عِلْمٌ، قال: ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد اختلف في رفعه ووقفه وفي وصله وإرساله. فقد أخرجه الترمذي (1852) و (1853)، والنسائي في "الكبرى" (9264) من طريق هشام بن حسان، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح! وخالف هشاماً قتادة، فرواه عند النسائي (9265) عن الحسن عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مرسلاً. وخالفهما يونس بن عُبيد عند النسائي أيضاً (9266) فرواه عن الحسن ومحمد ابن سيرين قالا: الترجل غبٌّ. فجعله من قولهما موقوفاً عليهما. وهو في "مسند أحمد" (16793). لكن يشهد للمرفوع المتصل حديث رجل من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في الحديث التالي عند المصنف. وحديث رجل أيضاً من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - سلف عند المصنف برقم (28) وإسناده صحيح. قوله: غِبّاً: قال الحربي في "غريب الحديث" 2/ 611: قال الأصمعي: الغِبّ إذا شربت الإبلُ يوماً وغبَّت يوماً، ومنه شربت غبّاً، وفلان يزورُني غباً، أي: يأتيني يوماً ويَدَع يوماً. وانظر فقه الحديث عند الحديث الآتي عند المصنف برقم (4161).

ما هو؟ قال: كذا وكذا، قال: فما لي أراكَ شعِثاَ وأنتَ أميرُ الأرضِ؟ قال: إن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان ينهانا عن كثيرٍ من الإرفَاهِ، قال: فما لي لا أرى عليك حِذَاءً؟ قال: كان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يأمرُنا أن نحتفيَ أحياناً (¬1). 4161 - حدَّثنا ابنُ نُفَيل، حدَّثنا محمدُ بنُ سَلَمةَ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، عن عبدِ اللهِ بنِ أبي أُمامة، عن عبدِ اللهِ بنِ كعْبِ بنِ مالكٍ عن أبي أمامة، قال: ذكر أصحابُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يوماً عنده الدُّنيا، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ: "ألا تَسْمَعُونَ، ألا تَسْمَعُونَ، إنَّ البَذَاذَةَ مِنَ الإيمانِ، إن البذَاذَة مِنَ الإيمان " يعني: التَّقحُّل (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الجُرَيري: هو سعيد بن إياس، وكان قد اختلط، ويزيد -وهو ابن هارون- وإن كان اختُلِفَ في سماعِه من الجريري أكان قبل اختلاطه أم بعده، تابعه إسماعيل ابنُ عُلَيّة، وهو ممن سمع من الجُريري قبل اختلاطه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9268) من طريق إسماعيل ابن عُلَيّة، عن سعيد الجُريري، به. وسمى الصحابيَّ عُبيداً. لكن قال المزي في "التحفة" 7/ 226: وهو وهم، والصواب: فضالة بن عُبيد. يعني كما في رواية المصنف. وأخرجه النسائي (9267) من طريق كهْمَس، عن عبد الله بن شقيق، عن رجل من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عاملاً بمصر. قال الخطابي: الإرفاه: الاستكثار من الزينة وأن لا يزال يهيئ نفسه، وأصله من الرفه، وهو أن ترد إلابل الماء كل يوم، فإذا وردت يوماً ولم ترد يوماً فذلك الغِبُّ ... قال: كره رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - الإفراط في التنعُّم والتدلُّك والتدهن والترجيل في نحو ذلك من أمر الناس، فأمر بالقصد في ذلك، وليس معناه ترك الطهارة والتنظيف، فإن الطهارة والنظافة من الدين. والله أعلم. وانظر كلام ابن عبد البر الآتي ذكره عند الحديث التالي. (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد اختلف فيه عن محمد بن إسحاق كما بيناه في "مسند أحمد" (24009/ 58)، لكن روي الحديث من غير طريق ابن إسحاق بإسناد حسن. ابن نُفيل: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل النُّفيليّ. =

1 - باب ما جاء في استحباب الطيب

قال أبو داود: هو أبو أُمامةَ بنُ ثعلبةَ الأنصاريُّ. 1 - باب ما جاء في استحباب الطِّيب 4162 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، حدَّثنا أبو أحمد، عن شيبانَ بنِ عبدِ الرحمن، عن عَبْدِ الله بن المختار، عن موسى بنِ أنس عن أنسِ بن مالك، قال: كانت للنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- سُكَّةٌ يتطيَّب منها (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (4118) من طريق أسامة بن زيد، عن عبد الله بن أبي أمامة عن أبيه. وفي إسناده أيوب بن سويد، وهو وإن كان ضعيفاً، تابعه صالح بن كيسان، عند أحمد في "مسنده" (24009/ 58) وغيره، فرواه عن عبد الله بن أبي أمامة أن أباه أخبره .. بالحديث، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الله بن أبي أمامة، وقد صرح فيه بسماعه من أبيه، فلا تقدحُ فيه روايةُ ابن إسحاق. وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد". قال ابن عبد البر في "الاستذكار" 3/ 202 عند حديث عائشة الذي فيه أنها كانت ترجل شعر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو معتكف وهي حائض، وهو في"صحيح البخاري" (296)، ومسلم (297)، قال: وفيه ترجيل الشعر، وفي ترجيله لشعره عليه السلام وسواكه وأخذه من شاربه ونحو ذلك ما يدل على أنه ليس من السنة ولا الشريعة ما خالف النظافة وحسن الهيئة في اللباس والزينة التي من شكل الرجال للرجال، ومن شكل النساء للنساء، ويدل على أن قوله عليه السلام: "البذاذة من الإيمان" أراد به اطّراح الشهوة في الملبس، والإسراف فيه، الداعي إلى التبختر والبطر، ليصح معاني الآثار، ولا تتضادّ، وفي معنى هذا الحديث حديث عبد الله بن مغَفَّل: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن الترجل إلا غِبّاً، يريد به الحاجة، لئلا يكون ثائر الرأس شعثه كأنه شيطان، كما جاء عنه عليه السلام. وانظر "شرح مشكل الآثار" الحديث (1531) و (3036) للإمام الطحاوي بتحقيقنا. (¬1) إسناده صحيح. أبو أحمد: هو محمد بن عبد الله الزُّبيري الأسدي. وقد جوّد الإِمام ابن المنذر إسناد هذا الحديث فيما نقله عنه الإِمام العيني في "عمدة القاري". =

2 - باب في إصلاح الشعر

2 - باب في إصلاح الشَّعَر 4163 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داودَ المَهْرِيُّ، أخبرنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني ابنُ أبي الزناد، عن سهيلِ بنِ أبي صالحٍ، عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "من كان لهُ شَعْرٌ، فليُكرِمْهُ (¬1). ¬

_ = وأخرجه الترمذي في "الشمائل المحمدية" (217)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 98 من طريق أبي أحمد الزبيري، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 1/ 399، وأبو يعلى في "معجم شيوخه" (141)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" 98، والضياء المقدسي في "المختارة" (2669) من طريق إسرائيل بن يُونس السَّبيعي، عن عبد الله بن المختار، به. وأخرجه أبو الشيخ ص 98 هن طريق طاهر بن أبي أحمد الزبيري، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان، عن حسين بن ذكوان المعلم، عن موسى بن أنس، به. (¬1) إسناده حسن من أجل ابن أبي الزناد -وهو عبد الرحمن- أبو صالح: هو ذكوان السَّمّان، وابن وهب: هو عبد الله. وقد حسن إسناده الحافظ في "فتح الباري" 10/ 368. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6455)، وفي "الأداب" (695) من طريق سعيد بن منصور وداود بن عمرو، عن ابن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3365) من طريق داود بن عمرو، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة. ويشهد له حديث عائشة عند بحشل في "تاريخ واسط" ص 242، والطحاوي في "شرح المشكل" (3360)، والبيهقي في الشعب" (6456) وحسَّن إسناده أيضاً الحافظ في "الفتح" 10/ 368. وليس بين هذا الحديث وحديث عبد الله بن مغفَّل السالف عند المصنف برقم (4159) تعارض، كما أشار ابن عبد البر عند الحديث السالف برقم (4161) ولما قال الخطابيُّ عند الحديث (4160): كره رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - الإفراط في التنعم والتدلُّك =

3 - باب في الخضاب للنساء

3 - باب في الخضاب للنساء 4164 - حدَّثنا عُبيدُ اللهِ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن عليِّ بنِ المباركِ، قال: حدَّثتني كريمةُ بنتُ همّام: أن امرأةً أتت عائِشةَ، فسألتها عن خِضاب الحِنَّاء، فقالت: لا بأسَ بهِ، ولكنِّي أكرهُه، كان حبيبي -صلَّى الله عليه وسلم- يكرَهُ ريحَه (¬1). قال أبو داود: تعني خضابَ شعرِ الرأس (¬2). 4165 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثتني غِنطَةُ بنتُ عمرٍو المجاشعيةُ، حدَّثتني عمَّتي أتمُّ الحسنِ، عن جدَّتها ¬

_ = والتدهُّن والترجيل في نحو ذلك من أمر الناس، فأمر بالقصد في ذلك، وليس معناه ترك الطهارة والتنظيف، فإن الطهارة والنظافة من الدين. ونحوه ما قاله ابن قيم الجوزية في "تهذيب السنن" 6/ 85. (¬1) إسناده ضعيف. كريمة بنت همام روى عنها جمع ولم يؤثر توثيقها عن أحد، وقد انفردت بهذا الحديث. وقد اختلفت رواياتُ "السنن" في هذا الإسناد، فقد جاء في (هـ) وهي برواية ابن داسه: عن علي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثتني كريمة ... وجاء في (أ) و (ب) و (ج) دون ذكر يحيى بن أبي كثير، وهذه الأصول الثلاثة وإن كانت برواية اللؤلؤي، فقد أشير في هامش (هـ) إلى أنه كذلك في رواية ابن الأعرابي والرملي دون ذكر يحيى بن أبي كثير، فكان هذا هو الصواب فلذلك أثبتناه، ويؤيده أن أحمد والنسائي قد أخرجاه من طريقين آخرين عن علي بن المبارك، فلم يذكرا فيه يحيى بن أبي كثير. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9312) من طريق علي بن المبارك، به. وهو في "مسند أحمد" (24861) و (25760). (¬2) مقالة أبي داود هذه من (هـ).

4 - باب في صلة الشعر

عن عائشة: أن هنداً بنتَ عُتْبَةَ قالت: يا نبيَّ اللهِ بايِعْني، قال: "لا أُبايعُكِ حتى تُغيِّرِي كفَّيْكِ فكأنَّهما كفَّا سَبُعٍ" (¬1). 4166 - حدَّثنا محمدُ بنُ محمدُ الصُّوريُّ، حدَّثنا خالدُ بنُ عبدِ الرحمن، حدَّثنا مُطيعُ بنُ ميمون، عن صفيةَ بنتِ عصْمةَ عن عائشةَ قالت: أوْمتِ امرأةٌ مِنْ وراءِ سِتْرٍ بيدِهَا كتابٌ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقبضَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يَدَه، فقال: "ما أدرِي أيَدُ رجُلٍ أم يَدُ امرأةِ" قالت: بل امرأة، قال: "لو كُنْتِ امرأةً لغيَّرتِ أظفاركِ" يعني بالحناءِ (¬2). 4 - باب في صِلَةِ الشعر 4167 - حدَّثنا عبد الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن حُميد ابنِ عبدِ الرحمن أنه سَمعَ معاويةَ بنَ أبي سفيانَ عام حجَّ وهو على المِنبرِ، وتناول قُصَّةً مِنْ شَعرٍ كانت في يَدِ حَرَسِنيّ يقولُ: يا أهْلَ المدينةِ، اْين عُلمَاؤُكم؟ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة غِبطة وعمتها وجدتها. وأخرجه أبو يعلى (4754)، والبيهقي 7/ 86، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 70/ 183، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة غبطة بنت عمرو 35/ 245 من طريق غبطة بنت عمرو، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده ضعيف لضعف مطيع بن ميمون العنبري، وجهالة صفية بنت عصمة. خالد بن عبد الرحمن: هو الخُراساني. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9311) من طريق مطيع بن ميمون، به. وهو في "مسند أحمد" (26258).

سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ينهى عن مِثل هذه، ويقول: "إنما هَلَكَتْ بَنو إسرائيلَ حين اتَّخَذَ هذه نِساؤُهُمْ" (¬1). 4168 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ ومُسَدَّدٌ قالا: حدَّثنا يحيى، عن عُبيدِ الله، حدَّثني نافعٌ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك"، 2/ 947. وأخرجه البخاري (3468) و (5932)، ومسلم (2127)، والترمذي (2987)، والنسائي في "الكبرى" (9314) من طرق عن الزهري، به. وأخرجه بنحوه البخاري (3488) و (5938)، ومسلم (2127) والنسائي في "الكبرى" (9315) و (9316) من طريق سعيد بن المسيب، عن معاوية بن أبي سفيان. وهو في "مسند أحمد" (16865)، و"صحيح ابن حبان" (5511) و (5512). والحرسيّ، قال ابن الأثير: بفتح الراء: واحِد الحُرّاس، وهم خدم السلطان المُرتَّبون لحفظه وحراسته، والحرسيّ واحد الحرس، كأنه منسوب إليه حيث صار اسم جنسٍ، ويجوز أن يكون منسوباً إلى الجمع شاذّاً. والقصة: الخصلة من الشعر، قال في "عون المعبود" 11 - / 149: والحديث حجة للجمهور في منع وصل الشعر بشيء آخر سواء كان شعراً أم لا، ويزيده حديث جابر عند مسلم (2126) زجر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن تصل المرأة بشعرها شيئاً. وذهب الليث ابن سعد وكثير من الفقهاء أن الممتنع وصل الشعر بالشعر، وأما وصل الشعر بغيره من خرقة أو غيرها فلا يدخل في النهي، ويأتي عند المصنف برقم (4171) عن سعيد بن جبير أنه قال: لا "بأس بالقرامل. والمراد بها خيوط من حرير أو صوف يعمل ضفائر تصل به المرأة شعرها، وإليه ذهب أحمد. وقال محمد بن الحسن في "موطأ مالك" ص 322 بروايته بإثر رواية حديث معاوية هذا: وبهذا نأخذ، يكره للمرأة أن تصل شعراً إلى شعرها، أو تتخذ قُصة شعر، ولا بأس بالوصل في الرأس إذا كان صوفاً، فأما الشعر من شعور الناس فلا ينبغي، وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا.

عن عبدِ الله، قال: لعَنَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الواصِلَةَ والمُستوصِلةَ، والوَاشِمةَ والمُستَوشِمَةَ (¬1). 4169 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى وعثمانُ بنُ أبي شيبة -المعنى-، قالا: حدَّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ، عن عَلْقَمَةَ عن عبدِ الله، قال: لعَنَ اللهُ الواشماتِ والمستوشماتِ -قال محمد: والواصلاتِ، وقال عثمان: والمُتنمِّصاتِ، ثم اتفقا-: والمتفلِّجاتِ للحُسْن المُغيِّراتِ خلقَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فبلغَ ذلك امرأةَ مِن بني أسدٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عُمر العُمري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه البخاري (5937) و (5940) و (5947)، ومسلم (2124)، وابن ماجه (1987)، والترمذي (1857) و (2989) و (2990)، والنسائي في "الكبرى" (9322) من طريق عُبيد الله بن عمر، والبخاري (5942)، ومسلم (2124) من طريق صخر بن جويرية، كلاهما عن نافع، به. وجاء عند بعضهم: "لعن الله" بدل: لعن رسول الله وهو في "مسند أحمد" (4724)، و"صحيح ابن حبان" (5513). قال الخطابي: الواشمات: من الوشم في اليد، وكانت المرأة تغرز معصم يدها بإبرة أو مِسَلَّة حتى تدميه ثم تحشوه بالكحل فيخضرّ، يُفعل ذلك بدارات ونقوش، يقال منه: وشَمَتْ فهي واشمة. والمُستوشمة: هي التي تسأله، وتطلب أن يُفعل بها ذلك. والواصلات: هن اللواتي يصلن شعورهن بشعور غيرهن من النساء يُردْن بذلك طول الشعر، يُوهِمْن أن ذلك من أصل شعورهن، فقد تكون المرأة زعراء قليلة الشعر، أو يكون شعرها أصهب، فتصل شعرها بشعر أسود فيكون ذلك زوراً وكذباً، فنهى عنه. وقال الحافظ في "الفتح" 10/ 375: وذهب الليث ونقله أبو عبيدة عن كثير من الفقهاء أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر، وأما إذا وصلت شعرها بغير الشعر من خرقة وغيرها فلا يدخل في النهي.

يقالُ لها: أمُّ يعقوبَ، -زاد عثمانُ: كانت تقرأ القُرآن، ثم اتفقا-: فأتته فقالت: بلغني عنك أنَّك لعنتَ الواشِمَاتِ والمُستَوشِمَاتِ، -قال محمد: والواصِلاتِ، وقال عثمان: والمُتنمِّصَاتِ، ثم اتفقا-: والمُتفلِّجات - قال عثمان: لِلحُسْنِ المغيراتِ خَلْقَ اللهِ تعالى، فقال: وما لي لا ألعَنُ مَن لَعَنَ رَسُولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- وهو في كتابِ اللهِ؟ قالت: لقد قرأتُ ما بينَ لوحي المُصحفِ فما وجدتُه، فقال: والله لئن كُنْتِ قرأتيه لقد وجدتِيه، ثم قرأ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7]، قالت: إني أرى بعض هذا على امرأتِك، قال: فادْخُلي فانظُري، فَدَخَلتْ، ثم خَرَجَتْ، فقال: ما رأيتِ؟ -وقال عثمانُ: فقالت: ما رأيتُ- فقال: لو كان ذلك ما كانت معنا (¬1). 4170 - حدَّثنا ابنُ السَّرحِ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، عن أُسامةَ، عن أبانَ بنِ صالحٍ، عن مجاهدِ بنِ جبرٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. علقمة: هو ابن قيس النخعي، وابراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومنصور: هو ابن المعتمر، وجرير: هو ابن عبد الحميد، ومحمد بن عيسى: هو ابن الطباع. وأخرجه البخاري (4886)، ومسلم (2125)، وابن ماجه (1989)، والترمذي (2988)،والنسائي في "الكبرى" (9326) و (9327) و (11515) من طريق منصور ابن المعتمر، والنسائي (9328) من طريق الأعمش، كلاهما عن إبراهيم النخعي، به. وهو في "مسند أحمد" (3945)، و"صحيح ابن حبان" (5504) و (5505). قال الخطابي: والمتنمصات: من النَّمص، وهو نتف الشعر من الوجه، ومنه قيل للمنقاش: المنماص، والنامصة: هي التي تنتف الشعر بالمنماص، والمتنمصة: هي التي يُفعل ذلك بها، والمتفلجات: هن اللواتي يُعالجن أسنانهن حتى يكون لها تَحَدُّد وأشَر، يقال: ثغر أفلج. ولتفسير باقي الحديث انظر ما قبله.

عن ابنِ عباسٍ، قال: لُعِنَتِ الواصِلةُ والمستوصِلَةُ، والنَّامِصَةُ والمُتنمِّصَةُ، والواشِمةُ والمستَوْشِمَةُ، من غيرِ داء (¬1). قال أبو داود: وتفسيرُ الواصِلةِ: التي تَصِلَ الشعَرَ بشعر النساء، والمستوصِلةُ: المعمُولُ بها، والنَّامِصَةُ: التي تَنْقُشُ الحاجِبَ حتى تُرِقَّه، والمُتنمِّصة: المعمولُ بها، والواشِمة: التي تجعل الخِيلانَ في وجهها بكُحلٍ أو مِدادٍ، والمُستَوشِمة: المعمولُ بها. 4171 - حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرِ بنِ زيادٍ، قال: حدَّثنا شريك، عن سالمٍ عن سعيدِ بن جُبير، قال: لا بأسَ بالقرامِلِ (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح دون قوله: من غير داء، وهذا إسناد حسن من أجل أسامة -وهو ابن زيد الليثي- لكنه متابع. وهذا الأثر وإن يكن فيه نص بالرفع له حكمه، لأن اللعن لا يكون إلا بتوقيف، على أنه جاء في رواية أخرى عن ابن عباس النص على الرفع كما سيأتي. وأخرجه أحمد (2263) و (3059)، والطبراني في "الكبير" (11502) من طريق ابن لهيعة، عن أبي الأسود، وابن أبي شيبة، والطبراني في "الكبير" (11678) من طريق زيد الحجام أبي أسامة، كلاهما عن عكرمة، عن ابن عباس. دون ذكر النامصة والمتنمصة. وإسناد رواية أبي أسامة الحجام صحيح. وفيها المى برفع الحديث إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. ويشهد لذكر النامصة والمتنمصة حديث ابن مسعود السالف قبله. قال الحافظ في "الفتح" 10/ 376 بعد أن ذكر هذا الحديث وحسَّنه: يُستفاد منه أن من صنعت الوشم عن غير قصدٍ له، بل تداوت مثلاً، فنشأ عنه الوشم، أن لا تدخل في الزجر. والخيلان: جمع خَال، وهو شامة أو نُكتة سَوداء في البدن. (¬2) سالم: هو الأفطس، وشريك: هو ابن عبد الله النخعي، وهو سيئ الحفظ. ومع ذلك فقد صحح إسناده الحافظ في "الفتح" 10/ 375.=

5 - باب في رد الطيب

قال أبو داود: كأنَّه يذهب إلى أن المنهي عنهُ شعور النساء (1). قال أبو داود: كان أحمد يقول: القرامل ليس به بأسٌ (¬2). 5 - باب في رَدِّ الطِّيب 4172 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ وهارونُ بنُ عبدِ الله -المعنى- أن أبا عبد الرحمن المقرئ حدَّثهم، عن سعيد بنِ أبي أيوب، عن عُبيد الله بن أبي جعفر، عن الأعرج عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ عُرِض عليهِ طيبٌ، فلا يرُدَّهُ، فإنه طيِّبُ الريحِ خَفيف المَحمَلِ" (¬3). 6 - باب في المرأة تَطَّيَّبُ للخروج 4173 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ؟، حدَّثنا يحيى، أخبرنا ثابتُ بنُ عُمارةَ، حدَّثني غُنيمُ ابنُ قيسٍ ¬

_ = والقرامل: قال في "النهاية": هي ضفائر من شعر أو صوف أو إبرَيْسَم تصل به المرأة شعرها، والقَرْمَلَ، بالفتح: نبات طويل الفروع لين. تنبيه: هذا الأثر أثبتناه من (أ) و (هـ)، وهي في روايتي ابن العبد وابن داسه. (1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) وهي في رواية ابن العبد، قال صاحب "عون المعبود": أي أن المنهي عنه هو أن تصل المرأة شعرها بشعور النساء، وأما إذا وصلت بغيرها من الخرقة وخيوط الحرير وغيرهما فليس بممنوع. (¬2) مقاله أبي داود هذه أثبتناها من (أ) و (هـ)، وهي في رواية ابن العبد وابن الأعرابي وابن داسه. (¬3) إسناده صحيح. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز، وأبو عبد الرحمن المقرئ: هو عبد الله بن يزيد. وأخرجه مسلم (2253)، والنسائي في "الكبرى" (9351) من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8264)، و"صحيح ابن حبان" (5109).

عن أبي موسى، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا استعطَرَتِ المرأةُ، فمرَّت على القَوْمِ، لِيجِدُوا ريحَها، فهيَ كذا وكذا" قال قولاً شديداً (¬1). 4174 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن عاصم بنِ عبيد الله، عن عُبيدِ الله مولى أبي رُهْمٍ عن أبي هريرة، قال: لَقِيَتهُ امرأةٌ وجَدَ منها رِيحَ الطيبِ ولذيلها إعصارٌ، فقال: يا أمة الجبَّارِ، جئتِ مِنَ المسجدِ؟ قالت: نعم، قال: ولهُ تطيَّبتِ؟ قالت: نعم، قال: إني سمِعْتُ حِبِّي أبا القاسِم -صلَّى الله عليه وسلم- يقولُ: "لا تُقبلُ صَلاةٌ لامْرَأةِ تطيَّبت لهذا المسجدِ حتى ترجع فتغتَسِلَ غُسْلَها مِنَ الجنابةِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل ثابت بن عُمارة، فهو لا بأس به. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه الترمذي (2993) من طريق يحيى القطان، والنسائي في "الكبرى" (9361) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، كلاهما عن ثابت بن عمارة. قال خالد في روايته: "فهي زانية". وهو في "مسند أحمد" (19578)، و"صحيح ابن حبان" (4424). قال الطيبي فيما نقله عنه المناوي في "فيض القدير" 3/ 147: شبَّه خروجَها من بيتها متطيبة مهيجة لشهوات الرجال التي هي بمنزلة رائد الزنى بالزنى مبالغة وتهديداً وتشديداً عليها. قال المناوي 1/ 276: أي هي بسبب ذلك تعرضة للزنى، ساعية في أسبابه، داعية إلى طلابه، فسمت لذلك زانية مجازاً، ومجامع الرجال قلما تخلو ممن في قلبه شدة شبق لهن، سيما مع التعطر، فربما غلبت الشهوة، وصمم العزم، فوقع الزنى الحقيقي. ومثل مرورها بالرجال قعودها في طريقهم ليمُروا بها. (¬2) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عاصم بن عُبيد الله. لكن روي الحديث من طرق أخرى -وإن كان فيها ضعف- يحسُن الحديثُ بها إن شاء الله، ثم إنه له ما يشهد له. سفيان: هو الثوري. =

قال أبو داود: الإعصار: غُبار (¬1). 4175 - حدَّثنا النُّفيليُّ وسعيدُ بنُ منصور، قالا: حدَّثنا عبدُ الله بن محمد أبو عَلقَمَة، حدَّثني يزيدُ ابنُ خُصيفةَ، عن بُسْر بنِ سعيد عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أيُّما امرأةٍ أصابَتْ بَخُوراً فلا تشهدنَّ معنا العِشَاء" (¬2). قال ابن نفيل: "عِشاءَ الآخرةِ". ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (4002) من طريق سفيان بن عيينة، عن عاصم بن عُبيد الله، به. وهو في "مسند أحمد" (7356). وأخرجه أبو يعلى (6385)، وابن خزيمة (1682)، والبيهقي 3/ 133 من طريق الأوزاعي، عن موس بن يسار، عن أبي هريرة. ورجاله ثقات لكن رواية موسى بن يسار - وهو الدمشقي عن أبي هريرة منقطعة فيما قاله أبو حاتم الرازي في "الجرح والتعديل" 8/ 168. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9362) من طريق صفوان بن سُلَيم، عن رجل ثقة، عن أبي هريرة. مختصراً بالمرفوع. وإسناده صحيح لولا إبهام الرجل الذي وصفه صفوان بقوله: عن رجل ثقة. وأخرجه البيهقي 3/ 133 - 134 من طريق العباس الدُّوري عن خالد بن مَخْلَد، عن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي عُبيد مولى أبي رهم الغفاري، عن جده، عن أبي هريرة. وإسناده حسن في المتابعات. وله شاهد عن أبي موسى الأشعري موقوفاً عليه كلفظ المرفوع عند ابن أبي شيبة 9/ 26، وإسناده قوي. ومثله لا يقال بالرأي، فله حكم المرفوع، والله تعالى أعلم. قال السندي في "حاشيته على النسائي": قيل: أمرها بذلك تشديداً عليها، وتشنيعاً لفعلها، وتشبيها له بالزنى، وذلك لأنها هيجت بالتعطر شهوات الرجال، وفتحت باب عيونهم التي بمنزلة بريد الزنى، فحكم عليها بما يحكم على الزاني من الاغتسال من الجنابة. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). (¬2) إسناده صحيح. عبد الله بن محمد: هو ابن عبد الله بن أبي فروة المدني، ويزيد ابن خصيفة: هو ابن عبد الله بن خُصيفة، نسب هنا إلى جده، وهو معروف بذلك. =

7 - باب في الخلوق للرجال

7 - باب في الخَلُوق (¬1) للرجال 4176 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا عطاءٌ الخُراسانيُّ، عن يحيى بنِ يَعْمَرٍ عن عمارِ بنِ ياسرٍ، قال: قَدِمْتُ على أهلي ليلاً وقد تشقَّقت يدايَ، فخلَّقُوني بزعفران، فغدوتُ على النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فسلمتُ عليه، فلم يردَّ عليَّ، ولم يُرحِّب بي، وقال: "اذهَب فاغسِلْ هذا عنك"، فذهبتُ فغسلتُه، ثم جئت وقد بقيَ عليَّ منه رَدْغٌ، فسلمتُ فلم يرد علي، ولم يُرَحِّب بي، وقال: "اذهَبْ فاغسِلَ هذا عنك"، فذهبتُ فغسلتُه، ثم جئتُ فسلمتُ عليه، فرد عليَّ، ورحَّبَ بي وقال: "إن الملائكةَ لا تَحْضُرُ جنازةَ الكلافرِ بخيرٍ، ولا المُتضمخِ بالزعفران، ولا الجُنبِ". ورخص للجنب، إذا نام أو أكل أو شرب أن يتوضأ (¬2). ¬

_ = وأخرجه مسلم (444)، والنسائي في "الكبرى" (9363) من طريق أبي علقمة عبد الله بن محمد الفروي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8035). (¬1) الخَلُوق: طيب معروف مركّب من الزعفران وغيره من أنواع الطيب، ويغلب عليه الحمرة والصفرة، وإنما نهى عنه لأنه من طيب النساء، وقيد الرجلِ يخرج المرأةَ فإنه أبيح لها التزعفُر، كما أبح لها الذهب والحرير وغير ذلك من الزينة. (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه. يحيى بن يعمر لم يسمع من عمار بن ياسر فيما قاله غير واحد من أهل العلم، ومنهم المصنف عند الحديث السالف برقم (225). وكما تدل عليه الرواية الآتية بعده. عطاء الخُراساني: هو ابن أبي مسلم، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه الطيالسي (646)، وابن أبي شيبة 1/ 62 و 4/ 414، وأحمد (18886)، والبزار (1402)، وأبو يعلى (1635)، والبيهقي 1/ 203 و5/ 36، من طريق حماد ابن سلمة، بهذا الإسناد. =

4177 - حدَّثنا نَصرُ بنُ علي، حدَّثنا محمدُ بنُ بكر، أخبرنا ابنُ جُرَيجٍ، أخبرني عمرُ بنُ عطاء بنِ أبي الخُوَارِ، أنه سَبعَ يحيى بنَ يَعمَر يُخبر، عن رجل أخبرَه عن عمار بنِ ياسر -زعم عُمَرُ أن يحيى سمَّى ذلك الرجل فنسي عُمَرُ اسمَه- أن عماراً قال: تخلَّقْتُ، بهذه القصة، والأول أتمُّ بكثيرٍ، فيه ذكرُ الغَسل، قال: قلت لعمر: وهم حُرُم؟ قال: لا، القومُ مُقيمون (¬1). 4178 - حدَّثنا زهيرُ بنُ حَربِ، حدَّثنا محمدُ بن عبدِ الله بنِ حرب الأسديُّ، حدَّثنا أبو جعفرِ الرازي، عن الربيعِ بنِ أنس، عن جَدَّيهِ، قالا: سمعنا أبا موسى يقول: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَقبلُ اللهُ تعالى صلاةَ رَجُلٍ في جَسَدِه شيءٌ من خَلُوق" (¬2). ¬

_ = وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (1087) و (7936)، ومن طريقه الطبراني في "الشاميين" (2452) عن معمر، عن عطاء الخراساني، به. وقد سلف منه الترخيص للجنب بالنوم والأكل والشرب برقم (225). وستتكرر قصة التزعفر منه برقم (4601). وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (4180). ويشهد للنهي عن التزعفر حديث أنس الآتي عند المصنف برقم (4179) وهو في "الصحيحين". (¬1) إسناده ضعيف لابهام الراوي عن عمار بن ياسر. وأخرجه عبد الرزاق (6145)، وأحمد (18890)، والبيهقي 5/ 36 من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة جَدَّي الربيع بن أنس. وأبو جعفر الرازي -واسمه عيسى بن أبي عيسى ماهان- مُختلف فيه. محمد بن عبد الله بن حَرب الأسدي، اسم حرب في نسبه وهم نبَّه عليه المزي في "تهذيب الكمال" 25/ 463، والصواب في اسمه: محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم الأسدي. =

قال أبو داود: اسمهما -يعني جَدَّيهِ- زيدٌ وزياد. 4179 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، أن حمادَ بنَ زيدٍ وإسماعيلَ بنَ إبراهيمَ حدَّثاهم، عن عبدِ العزيزِ بنِ صُهَيبٍ عن أنس بن مالك، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، عن التَّزعْفُرِ للرجالِ. وقال عن إسماعيل: أن يتزَعْفرَ الرجلُ (1). 4180 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ عبدِ الله الأويسيُّ، حدَّثنا سليمانُ بنُ بلالٍ، عن ثَور بنِ زيدٍ، عن الحسنِ بنِ أبي الحَسَن عن عمارِ بنِ ياسرٍ، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ قال: "ثلاثَةٌ لا تَقْربُهُم الملائِكةُ: جيفةُ الكافرِ، والمتضمِّخُ بالخَلُوقِ، والجُنبُ إلا أن يتوضَّأ" (2). وأخرجه أحمد (19613)، وابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 182 - 183 من طريق محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي، بهذا الإسناد. (1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (5846)، ومسلم (2101)، والترمذي (3024) و (3025)، والنسائي في "الكبرى" (3672 - 3674) و (9354/ 1) و (9354/ 2) من طرق عن عبد العزيز بن صهيب، به. وجاء عند بعضهم إطلاق النهي عن التزعفر دون ذكر الرجال، لكن قيدته الروايات الأخرى بالرجال. وهو في "مسند أحمد" (11978)، و "صحيح ابن حبان"، (5464) و (5465). والنهي عن التزعفر إنما يختص بالجسد دون الثوب كما يشير إليه كلام ابن عبد البر الآتي عند الحديث (4182) فراجعه هناك. (2) إسناده ضعيف لانقطاعه، لأن الحسن بن أبي الحسن -وهو البصري- لم يسمع من عمار بن ياسر فيما قاله ابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 183، والمنذري في "مختصر سنن أبي داود" وغيرهما. =

4181 - حدَّثنا أيوبُ بنُ محمد الرَّقِّيُّ، حدَّثنا عمرُ بنُ أيوبَ، عن جعفرِ ابن بُرقانَ، عن ثابتِ بنِ الحجّاجِ، عن عبدِ الله الهَمْدَانيِّ عن الوليدِ بنِ عُقبة، قال: لما فتحَ نبيُّ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- مكةَ جعلَ أهلُ مكةَ يأتونَه بِصبيَانِهم، فيدعُو لهم بالبركةِ، ويمسحُ رؤوسَهم، قال: فجيءَ بي إليه وأنا مُخلَّق فلم يمسَّني مِنْ أجلِ الخَلُوقِ (¬1). 4182 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عُمر بنِ مَيسرةَ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، حدَّثنا سَلْمٌ العَلَويُّ عن أنسِ بنِ مالك: أن رجلاً دَخَلَ على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وعليه أثرُ صُفْرةٍ، وكان النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- قلَّما يُواجِه رجلاً في وجهه بشيءٍ يكرهُه، فلما خَرَجَ، قال: "لو أمرتُم هذا أن يَغْسِلَ ذا عنه" (¬2). ¬

_ = وأخرجه البيهقي 5/ 36 من طريق أبي أويس الأصبحي، عن سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد، عن عبد الرحمن السراج، عن الحسن البصري، عن عمار. فزاد في الإسناد عبد الرحمن السرَّاج -وهو ابن عبد الله- وأبو أويس ضعيف الحديث. وعبد العزيز الأويسي ثقة، فقوله هو الأرجح، والله أعلم. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة عبد الله الهمداني، ومتنُه منكر. قال البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 224: لا يصح حديثه، وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة الوليد بن عقبة بن أبي مُعيط (2705): أبو موسى هذا مجهول، والحديث منكر، ولا يمكن أن يكون مَن بُعث مصدِّقاً في زمن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - صبيَّاً يوم الفتح. وأخرجه أحمد (16379)، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 90 و 91، وابن أبو عاصم في "الآحاد والمثاني" (564)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5239)، والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 319، والطبراني في "الكبير" 22/ (406)، والحاكم 3/ 100، والبيهقي في "السنن الكبرى" 9/ 55، وفي "الدلائل" 6/ 397 - 398 من طريق جعفر بن برقان، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده حسن في الشواهد من أجل سَلْم العلوي -وهو ابن قيس- فهو ضعيف يعتبر به في المتابعات والشواهد، وقد روي ما يشهد لحديثه. =

8 - باب ماجاء في الشعر

8 - باب ماجاء في الشَّعْر 4183 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسلمةَ ومحمدُ بنُ سليمانَ الأنباريُّ، قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن أبي إسحاقَ عن البراء، قال: ما رأيتُ مِن ذي لِمَّةٍ أحسنَ في حُلَّةٍ حمراء من رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، زاد محمدُ بن سليمان: له شَعْرٌ يضرِبُ مَنكِبيهِ (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9993) و (9994) من طريق حماد بن زيد، به. وهو في "مسند أحمد" (12367). قوله: "أثر صفرة"، أي من زعْفران كما قال ابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 179 وغيره. وعليه فيشهد له حديث أنى السالف برقم (4179) أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن التزعفر للرجال. لكن ربما قيل: قد ثبت في "صحيح البخاري" (2048)، و"صحيح مسلم" (1427) من حديث أنس أيضاً أن عبد الرحمن بن عوف لما تزوج جاء إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وبه أثر صفرة، فلم يَعِبْ ذلك عليه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قال ابن عبد البر في "التمهيد" 2/ 179: يُروى أن الصفرة كانت من الزعفران، وإذا كان ذلك كذلك، فلا يجوز أن تكون إلا في ثيابه، والله أعلم، لأن العلماء لم يختلفوا فيما علمتُ أنه مكروه للرجل أن يخلق جَسده بخلوق الزعفران. ثم أسند عن أنس رواية أخرى: أن عبد الرحمن بن عوف جاء وبه ردْع زعفران، وهي رواية سلفت عند المصنف برقم (2109) بإسناد صحيح. وانظر لزاماً ما سلف برقم (4072). (¬1) إسناده صحيح. أبو إسحاق: هو عَمرو بن عَبد الله السَّبيعي، وسفيان: هو الثوري، ووكيع: هو ابن الجراح الرُّواسي. وأخرجه مسلم (2337)، والترمذي (1821)، والنسائي في "الكبرى" (9274) من طريق سفيان الثوري، به. وهو في "مسند أحمد" (18558). وقد سلف من طريق شعبة عن أبي إسحاق برقم (4072). وانظر ما بعده. =

قال أبو داود: كذا رواه إسرائيلُ، عن أبي إسحاقَ، قال: يَضْرِبُ مَنكِبَيهِ وقال شعبةُ عن أبي إسحاق: يَبْلُغُ شحمةَ أذُنَيه. 4184 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمر، حدَّثنا شعبةُ، عن أبي إسحاق عن البراء قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - له شَعرٌ يَبْلُغُ شحمةَ أُذنيه (¬1). 4185 - حدَّثنا مخلد بنُ خالدٍ، حدَّثنا عبدُ الرزّاق، أخبرنا معمرٌ، عن ثابتٍ عن أنسٍ، قال: كان شَعْرُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى شحمةِ أُذنَيه (¬2). 4186 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ، أخبرنا حُميد ¬

_ = قال ابن الأثير في "النهاية": اللِّمَّة من شعر الرأس: دون الجمة سميت بذلك لأنها ألمَّت بالمنكبين، فإذا زادت فهي الجُمَّة. قلنا: سيأتي تفسير الجمة عند الحديث (4187). (¬1) إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (4072). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، ومعمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن هَمَّام الصنْعاني. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (20519) و (21033)، ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" (9272) إلا أنه قال: إلى أنصاف أُذنيه. وأخرجه البخاري (5905)، ومسلم (2338)، وابن ماجه (4634)، والنسائي في "الكبرى" (9260) من طريق جرير بن حازم، ومسلم (2338)، والنسائي في "الكبرى" (9273) من طريق همام بن يحيى، كلاهما عن قتادة، عن أنس. لفظ جرير: كان شعر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - شعراً رَجِلاً، بين أنيه وعاتقه. ولفظ همام: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- كان يضرب شعره منكبيه. وهو في "مسند أحمد" (12382) و (12389)، و "صحيح ابن حبان" (6291). وانظر ما بعده.

9 - باب ما جاء في الفرق

عن أنس بن مالك، قال: كان شعرُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى أنصافِ أُذُنيهِ (¬1). 4187 - حدَّثنا ابنُ نُفيلٍ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ أبي الزِّنادِ، عن هشام بنِ عُروة، عن أبيه عن عائشةُ، قالت: كان شَعْرُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فوقَ الوفْرَةِ، ودونَ الجُمَّةِ (¬2). 9 - باب ما جاء في الفَرْقِ 4188 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعْدٍ، أخبرني ابنُ شهابٍ، عن عُبيدِ الله بنِ عبدِ الله بنِ عُتبة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مِقْسَم، المعروف بابن عُلَيَّةَ. وأخرجه مسلم (2338)، والنسائي في "الكبرى" (9271) من طرق عن إسماعيل ابن عُلَيَّةَ، به. وهو في "مسند أحمد" (12118). وانظر ما قبله. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن أبي الزناد. عروة: هو ابن الزُّبير بن العوّام، وابن نُفيل: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل. وأخرجه ابن ماجه (3635)، والترمذي (1851) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، به. وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح. وهو في "مسند أحمد" (24768) و (24871). ويشهد له حديث البراء وأنس السالفين عند المصف (4183) و (4185). قال ابن الأثير في "النهاية": الوفرة: شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذُن. والجُمَّة من الرأس: ما سقط على المَنكبين.

عن ابنِ عباس، قال: كان أهلُ الكتابِ يَسدُلُونَ أشعارَهُم، وكان المشركونَ يفرُقونَ رؤوسهم، وكان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُعجبهُ موافقة أهل الكتاب فيما لم يُؤمر به، فسدَلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ناصيتَه، ثم فَرَقَ بعدُ (¬1). 4189 - حدَّثنا يحيى بنُ خَلَفٍ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، عن محمد -يعني ابنَ اسحاقَ- حدَّثني محمدُ بنُ جعفرِ بن الزُّبير، عن عُروة عن عائشة، قالت: كُنْتُ إذا أردتُ أن أفْرُقَ رأسَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صَدَعْتُ الفَرْقَ مِن يافُوخِهِ وأُرسِلُ ناصيتَه بينَ عينَيه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (3558)، ومسلم (2336)، وابن ماجه (3632)، والنسائي في "الكبرى" (9282) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (2209)، و"صحيح ابن حبان"، (5485). قال في "اللسان": قال ابن شُميل: المُسدَّل من الشعر الكثير الطويل، يقال: سدَّل شعره على عاتقيه وعنقه، وسَدَله يَسدِلُه، والسَّدْل: الإرسال ليس بمعقوف ولا مُعقَّد، وقال القاري: المراد بسدل الشعر ها هنا: إرساله حول الرأس من غير أن يقسم قسمين نصف من جانب يمينه ونحو صدره ونصف من جانب يساره كذلك. وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 6/ 74: الفرق في الشعر سنة، وهو أولى من السَّدْل، لأنه آخر ما كان عليه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وهذا الفرق لا يكون إلا مع كثرة الشعر وطوله ... والتفريق: أن يقسم شعر ناصية يمينا وشمالاً فتظهر جبهته وجبينه من الجانبين، والفرق سنة مسنونة، وقال النووي: الصحيح جواز السدل والفرق، وقال الحافظ في "الفتح" 10/ 362: والصحيح أن الفرق مستحب لا واجب. (¬2) إسناده حسن، وقد صرح محمد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطلبي- بسماعه، فانتفت شبهة تدليسه. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى. وأخرجه ابن ماجه (3633) من طريق إبراهيم بن سعْد، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد، عن أبيه، عن عائشة. قال الدارقطني في "العلل"، 5/ ورقة 50: ويحتمل أن يكون القولان محفوظين. =

10 - باب في تطويل الجمة

10 - باب في تطويل الجُمَّةِ 4190 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ، حدَّثنا معاويةُ بنُ هشامٍ وسفيانُ بنُ عقبة السُّوائي -هو أخو قبيصة- وحُميد بن خُوَار، عن سفيان الثوري، عن عاصم ابنِ كليب، عن أبيه عن وائل بن حُجْر، قال: أتيتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- ولي شعرٌ طويلٌ، فلما رآني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ذُبابٌ ذُبابٌ". قال: فرجعتُ فجززتُه، ثم أتيته مِنَ الغَدِ، فقال: "إني لم أعنِكَ، وهذا أحسنُ" (¬1). 11 - باب في الرجل يعقِص شعره 4191 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابنِ أبي نجيح، عن مجاهدٍ، قال: ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (24594) و (26355) بإسناد المصنف. قال القاري في "مرقاة المفاتيح" 4/ 465: وقال الطيبي: والمعنى كان أحد طرفي ذلك الخط عند اليافوخِ والطرف الآخر عند جبهته محاذياً لما بين عينيه، وقولها: أرسلتُ ناصيتَه بين عينيه، أي: جعلتُ رأس فرقه محاذياً لما بَيْنَ عينيه بحيث يكون نصف شعر ناصيته مِن جانب يمين ذلك الفرق، والنصف الآخر من جانب يسار ذلك الفرق. (¬1) إسناده قوي من أجل عاصم بن كليب -وهو ابن شهاب- وأبيه، فهما لا بأس بهما. وأخرجه ابن ماجه (3636)، والنسائي في "الكبرى) (9258) و (9281) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. قال الخطابي: أخبرني أبو عمر، عن أبي العباس أحمد بن يحيى قال: الذباب: الشؤم. وقال في "النهاية": الذباب: الشؤم، أي: هذا شؤم، وقيل: الذباب: الشر الدائم، يقال: أصابك ذباب من هذا الأمر.

12 - باب في حلق الرأس

قالت: أُم هانىءٍ: قَدِمَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- إلى مكَّةَ، وله أربعُ غدائرَ. تعني عَقَائِصَ (¬1). 12 - باب في حَلْق الرأس 4192 - حدَّثنا عقبةُ بنُ مُكرَم وابنُ المثنى، قالا: حدَّثنا وهبُ بنُ جريرٍ، حدَّثنا أبي، قال: سمعتُ محمدَ ابنَ أبي يعقوبَ يُحدَّث، عن الحسن بن سعد عن عبدِ الله بنِ جعفر: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أمهل آلَ جعفرٍ ثلاثاً أن يَأتِيَهم، ثم أتاهم، فقال: "لا تَبْكُوا على أخي بَعْدَ اليومِ" ثم قال: "ادعُوا لي بني أخي" فَجيءَ بنا كأنَّا أفرُخٌ، فقال: "ادعُوا لي الحلاقَ" فأمره، فَحَلَق رؤوسَنَا (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، مجاهد -وهو ابن جبْر المكي- وإن قال فيه البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "الجامع" بإثر الحديث (1884)، وفي "العلل" 2/ 750: لا أعرف له سماعاً من أم هانئ، قال الذهبي في "تاريخ الإسلام" قسم السيرة النبوية ص 296: وقيل: سمع منها، وذلك ممكن، ولهذا جزم في "تذكرة الحفاظ" 1/ 92 بأنه سمع منها، وقد سكت عبد الحق الإشبيلى عنه مصححاً له في "الأحكام الوسطى". وصحح ابنُ خزيمة (240)، وابن حبان (1245) حديثاً بهذا الإسناد. ولما حسَّن الترمذي هذا الحديث بيَّن المباركفوري في "شرحه" 5/ 390 أنه حسنه على مذهب جمهور المحدثين، لأنهم قالوا: إن عنعنة غير المدلس محمولة على السماع إذا كان اللقاء ممكناً، وإن لم يُعرف السماع. ابن أبي نَجيح: هو عَبد الله، وسفيان: هو ابن عيينة، والنُّفيلي: هو عبد الله ابن محمد بن علي بن نُفيل الحراني. وأخرجه ابن ماجه (3631)، والترمذي (1884) من طريق عبد الله بن أبي نَجيح، به. وهو في "مسند أحمد" (26890). غدائر: جمع غديرة: وهي الشعر المضفور. عقائص: جمع عقيصة بمعنى ضفيرة وهو تفسير من بعض الرواة. (¬2) إسناده صحيح. محمد بن أبي يعقوب: هو ابن عبد الله بن أبي يعقوب البصري، وجرير: هو ابن حازم. =

13 - باب في الذؤابة

13 - باب في الذُّؤابة (¬1) 4193 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عثمانُ بنُ عثمانَ -قال أحمدُ: كان رجلاً صالحاً- أخبرنا عُمَرُ بنُ نافع، عن أبيه عن ابن عُمَرَ، قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن القَزَع. والقَزَعُ: أن يُحلَقَ رأسُ الصبيِّ، فيتركَ بعضُ شعره (¬2). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8104) و (8550) و (9249) من طريق وهب بن جرير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1750). (¬1) الذؤابة: هو الشعر المضفور من شعر الرأس. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عثمان بن عثمان -وهو الغطفاني البصري- وقد توبع في الحديثين الآتيين بعده. وأخرجه البخاري (5920)، ومسلم (2120)، وابن ماجه (3637)، والنسائي في "الكبرى" (9253) و (9254) من طريق عُبيد الله بن عمر العمري، ومسلم (2120) من طريق روح بن القاسم، و (2120) من طريق عثمان بن عثمان الغطفاني، ثلاثتهم عن عمر بن نافع، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9255 - 9257) من طريق عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر. دون ذكر عمر بن نافع، وصوّب النسائي رواية عبيد الله عن عمر بن نافع، عن أبيه. مع أن سماع عُبيد الله من نافع معروف مشهور. وأخرجه مسلم (2120) من طريق عبد الرحمن السرّاج، عن نافع، به. وأخرجه البخاري (5921)، وابن ماجه (3638) من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4473)، و "صحيح ابن حبان" (5506). وانظر تالييه. وقوله: عن القزع. قال السندي: هو بفتحتين أولهما قاف، والثانية زاي معجمة: وأصله القطع من السحاب، ويقال لحلق رأس الصبي مع ترك مواضع منه تشبيهاً له =

14 - باب في الرخصة

4194 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، حدَّثنا أيوبُ، عن نافعٍ عن ابنِ عمر: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- نهى عن القَزَع. وهو أن يُحْلَقَ رأسُ الصبيِّ، فتتُركَ له ذؤابةٌ (¬1). 4195 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرَّزاق، أخبرنا معمرٌ، عن أيوبَ، عن نافعٍ عن ابنِ عمر: أنَّ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- رأى صبيَّاً قد حُلِقَ بعضُ شعره، وتُرِكَ بعضُه، فنهاهم عن ذلك، وقال: "احلِقُوا كلَّه أو اترُكوا كُلَّهُ" (¬2). 14 - باب في الرخصة 4196 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ، حدَّثنا زيدُ بنُ الحُباب، عن ميمون بنِ عبدِ الله، عن ثابتٍ البُنانيِّ ¬

_ = بقزع السحاب. وتفسير القزع في الحديث هو من كلام نافع كما ورد مصرحاً به عند مسلم، وورد تفسيره في رواية أحمد (4973) من قول عبيد الله بن عمر، ولفظه: القزع: الترقيع في الرأس، وانظر الحديث الآتي بعده. (¬1) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة، وحماد: هو ابن سلمة. وانظر ما قبله، وما سيأتي بعده. قال صاحب "عون المعبود" 11/ 165: هكذا جاء تفسير القزع في هذا الحديث، والصحيح ما فسر به نانع كما قال النووي، وقال الحافظ في "الفتح" بعد ذكر هذا الحديث: ما أعرف الذي فسر القزع بذلك، فقد أخرج أبو داود (4196) من حديث أنس: كانت لي ذؤابة، فقالت لي أمي: لا أجزها كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يمدها ويأخذ بها. قلت: وإسناده ضعيف لجهالة أحد رواته. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (19564)، ومن طريقه أخرجه مسلم (2120)، والنسائي في "الكبرى" (9250). وهو في "مسند أحمد" (5615)، و"صحيح ابن حبان" (5508). وانظر سابقيه.

15 - باب في أخذ الشارب

عن أنسِ بنِ مالكٍ، قال: كانت لي ذُؤابةٌ، فقالت لي أُمِّي: لا أجُزُّها، كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَمدُّها ويأخذُ بها (¬1). 4197 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، حدَّثنا الحجاجُ بنُ حسَّان، قال: دخلنا على أنسِ بنِ مالكٍ، فحدَّثتني أُختي المغيرةُ قالت: وأنت يومئذٍ غلامٌ ولك قرنانِ -أو قُصَّتانِ- فمسحَ رأسَك، وبرَّكَ عليكَ، وقال: "احلِقوا هذين، أو قُصُّوهُما، فإن هذا زِيُّ اليهودِ" (¬2). 15 - باب في أخذِ الشارب 4198 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سعيدٍ عن أبي هريرة يبلغُ به النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "الفِطرَةُ خمسٌ -أو خمسٌ من الفِطْرَةِ-: الخِتَانُ، والاستِحْدادُ، ونتفُ الإبطِ، وتقليمُ الأظفارِ، وقَصُّ الشَّارِبِ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة ميمون بن عبد الله. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2226) و (2243)، والطبراني في "الكبير" (712)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6485) من طريق ميمون بن عبد الله، به. قال ابن الأثير: الذؤابة: الشعر المضفُورُ من شعر الرأس. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة المغيرة بنت حسان. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6483) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. (¬3) إسناده صحيح. سعيد: هو ابن المسيّب، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (5889)، ومسلم (257)، وابن ماجه (292)، والترمذي (2960)، والنسائي في "الكبرى" (9 - 11) من طرق عن ابن شهاب الزهرى، به. =

4199 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمة القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن أبي بكرِ بنِ نافعٍ، عن أبيه عن عبدِ الله بنِ عُمَرُ: أنَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أمَرَ بإحفاء الشَّوارِبِ، وإعفاء اللِّحى (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9244) من طريق عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وأخرجه أيضاً (9245) من طريق مالك، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة موقوفاً، وكذلك جاء في "الموطأ" 2/ 921 موقوفاً. ومالك أوثق من عبد الرحمن بن إسحاق. فالظاهر أن المحفوظ في رواية المقبري الوقف، والله أعلم. لكن الحديث جاء في "الموطأ" بزيادة أبي سعيد المقبري بين سعيد وأبي هريرة. وقال ابن عبد البر في التمهيد" 21/ 56: هذا الحديث في "الموطأ" موقوف عند جماعة الرواة إلا أن بشر بن عمر رواه عن مالك عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فرفعه وأسنده، وهو حديث محفوظ عن أبي هريرة عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مسنداً صحيحاً. وهو في "مسند أحمد" (7139). و"صحيح ابن حبان" (5479 - 5482). قال الخطابي: معنى الفطرة ها هنا: السنة، والاستحداد: حلق العانة بالحديد، والمُوسَى. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 947. وأخرجه البخاري (5892) و (5893)، ومسلم (259)، والترمذي (2968) و (2969)، والنسائي في "الكبرى" (12) من طرق عن نافع، به. وزاد البخاري: وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذ منه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (13) من طريق حنظلة بن أبي سفيان، عن نافع، عن ابن عمر رفعه "الفطرة قص الأظفار وحلق العانة وأخذُ الشارب". وأخرجه النسائي أيضاً (9246) و (9247) من طريق عبد الرحمن بن علقمة أو ابن أبي علقمة، عن ابن عمر. بلفظ المصنف. =

4200 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا صدقةُ الدقيقيُّ، حدَّثنا أبو عِمرانَ الجونيُّ عن أنس بنِ مالكٍ، قال: وقَّت لنا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - حَلْقَ العانةِ، وتقليمَ الأظفارِ، وقصَّ الشارِبِ، ونَتْفَ الإبطِ، أربعين يوماً مرَّةً (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (4654)، و"صحيح ابن حبان" (5475). وقوله: بإحفاء الشوارب. قال الزرقاني في "شرح الموطأ" 4/ 334: أي بإزالة ما طال منها على الشفتين حتى تبين الشفة بياناً ظاهراً كما فسره بذلك الإِمام مالك فيما مرّ وإليه ذهب من منع من حلق الشارب، ومن قال بندب حلقه، قال: معناه الاستئصال، لأنه أوفق للغة، لأن الاحفاء أصله الاستقصاء وهذا يرده حديث "من لم يأخذ من شاربه فليس منا" فدل التعبير بمن التي للتبعيض على أنه لا يستأصله. ويؤيده فعل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أخرج الترمذي (2964) وحسنه عن ابن عباس كان النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقص شاربه، وفي أبي داود (188) عن المغيرة ضفت النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وكان شاربي وَفَى فقصه على سواك. وفي البيهقي 1/ 150 عنه: فوضع السواك تحت الشارب فقص عليه وللطبراني (3218) والبيهقي 1/ 151 عن شرحبيل بن مسلم الخولاني: رأيت خمسة من الصحابة يقصون شواربهم: أبو أمامة الباهلي، والمقدام بن معدي كرب، وعتبة بن عبدٍ السلمي، والحجاج بن عامر الثمالي، وعبد الله بن بسر. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف صدقة الدقيقي -وهو ابن موسى- أبو عمران الجوني: اسمه عبد الملك بن حبيب. وأخرجه الترمذي (2962) من طريق صدقة بن موسى، به. وأخرجه مسلم (258)، وابن ماجه (295)، والترمذي (2963)، والنسائي في "الكبرى" (15) من طريق جعفر بن سليمان، عن أبي عمران الجَوني، به. وقد وقع عندهم جميعاً خلا الترمذي: وُقِّت لنا، لم يذكروا النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، مع أن شيخ الترمذي فيه هو قتيبة بن سعيد، وهو أيضاً شيخ مسلم والنسائي فيه، فالله تعالى أعلم. وهو في مسند أحمد (12239).

قال أبو داود: رواه جعفرُ بنُ سليمان، عن أبي عِمرانَ، عن أنس، قال: لم يذكر النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: وُقِّتَ لنا، وهذا أصحُّ (¬1). 4201 - حدَّثنا ابنُ نُفيلٍ، حدَّثنا زهيرٌ، قرأتُ على عبدِ الملك بنِ أبي سُليمانَ، وقرأه عبدُ الملك على أبي الزُّبيرِ ورواه أبو الزبير عن جابرٍ، قال: كنا نُعفي السِّبالَ إلا في حجٍّ أو عمرة (¬2). قال أبو داود: الاستحداد حلق العانة. ¬

_ (¬1) قوله: وهذا أصح، زيادة أثبتناها من (هـ) وهي برواية ابن داسه، وجاء في رواية ابن العبد -كما أشار إليه في (أ) -: صدقة ليس بالقوي. وهذا بمعنى ما عند ابن داسه، لأنه يقتضي تصحيح رواية جعفر بن سليمان التي ليست صريحة بالرفع على رواية صدقة الصريحة في الرفع. (¬2) إسناده ضعيف، وفي متنه اضطراب. أبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- مدلس وقد عنعن. ابن نُفيل: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل الحراني أبو جعفر. وأخرجه الرامهرمزي في "المحدّث الفاصل" ص 433، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1940 من طريق أبي جعفر النُّفيلي، بهذا الإسناد. وأخرجه الخطيب البغدادي في "الكفاية" ص 265 عن أحمد بن عبد الملك الحراني، عن زهير بن معاوية، به لكن بلفظ: ما كنا نُعفي السِّبال إلا في حج أو عُمرة. فعكس المعنى. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 567، والبيهقي 5/ 33 من طريق أشعث بن سَوَّار، عن أبي الزبير، عن جابر. ولفظه عند ابن أبي شيبة: كنا نؤمر أن نوفي السّبال ونأخذ من الشوارب، ولفظه عند البيهقى: كنا نؤمر أن نوفر السّبال في الحج والعمرة. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (8908) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن جَزّ السِّبال. وابن لهيعة سيئ الحفظ. السِّبَال: بكسر المهملة وتخفيف الموحدة، جمع سَبَلَة بفتحتين، وهي ما طال من شعر اللحية.

16 - باب في نتف الشيب

16 - باب في نَتف الشيب 4202 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى. وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ -المعنى - عن ابنِ عجلان، عن عمرو بنِ شُعيب، عن أبيه عن جدِّه، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تنْتِفُوا الشَّيبَ، ما من مُسلمٍ يَشيبُ شيبةً في الإسلام -قال عن سفيان- إلا كانت له نوراً يومَ القيامةِ" وقال في حديثِ يحيى "إلا كَتَبَ الله له بِها حسنةً، وحطَّ عنه بها خطيئةً (¬1). 17 - باب في الخضاب 4203 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن أبي سلمة وسليمان ابن يَسَار عن أبي هريرة يبلُغُ به النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "إن اليهودَ والنَّصارى لا يَصبُغُون فخالِفُوهُم" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. ابن عجلان: هو محمد، وسفيان: هو ابن عيينة، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه ابن ماجه (3721)، والترمذي (3031) من طريق محمد بن إسحاق، والنسائي في "الكبرى" (9285) من طريق عمارة بن غزية، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به بلفظ: نهى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن نتف الشيب. زاد ابن إسحاق عند ابن ماجه: وقال: "هو نور المؤمن"، وعند الترمذي: وقال: "إنه نور المسلم". وهو في "مسند أحمد" (6672). ويشهد له بلفظه المطول حديث أبي هريرة عند ابن حبان (2985) وإسناده حسن. وانظر تمام شواهده في "مسند أحمد" (6672). (¬2) إسناده صحيح. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وسفيان: هو ابن عيينه. =

4204 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بن السَّرح وأحمدُ بنُ سعيدٍ الهمداني، قالا: حدَّثنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني ابنُ جُريجٍ، عن أبي الزُّبير عن جابر بنِ عبدِ اللهِ، قال: أُتي بأبي قُحافَةَ يومَ فتحِ مكَّة ورأسُه ولحيتُه كالثَّغامَةِ بيَاضاً، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "غيِّروا هذا بشيء، واجتنبوا السَّواد" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (3462) و (5899)، ومسلم (2103)، وابن ماجه (3621)، والنسائي في "الكبرى" (9286 - 9290) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وبعضهم لا يذكر سليمان بن يسار في إسناده. وهو في "مسند أحمد" (7274)، و"صحيح ابن حبان" (5475). قال الحافظ في "الفتح" 6/ 499: ولا يعارضه ما ورد من النهي عن إزالة الشيب -قلنا: يعني الحديث السابق- لأن الصبغ لا يقتضي الإزالة، ثم إن المأذون فيه مقيد لما أخرجه مسلم من حديث جابر أنه -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "غيروه وجنبوه السواد" -قلنا يعني الحديث الآتي بعده- ولأبي داود وصححه ابن حبان من حديث ابن عباس مرفوعاً: "يكون قوم في آخر الزمان يخضبون كحواصل الحمام لا يجدون ريح الجنة" -قلنا:- يعني الحديث الآتي برقم (4212). (¬1) إسناده صحيح ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي- وإن لم يصرح بالسماع متابع، وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرس المكي- جاء عند الطيالسي في "مسنده" (1753) عن زهير بن معاوية، عن أبي الزبير ما يفيد تحديث جابر له بالحديث، إلا أنه نص هناك أنه لم يسمعه يقول: "وجَنِّبوه السَّواد" وقد تابع ابن جريج على ذكر هذا الحرف في حديث جابر ليثُ بن أبي سليم، وهو سيئ الحفظ، فلا يُعتد بمتابعته، فالمحفوظ إذاً في حديث جابر عدم ذكر اجتناب السواد، والله أعلم. لكن ثبت ذكره في حديث أنس بن مالك عند أحمد (12635)، وابن حبان (5472) وغيرهما وإسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2102)، والنسائي في "الكبرى" (9294) من طريق ابن جريج، به. وأخرجه ابن ماجه (3624) من طريق ليث بن أبي سُليم، عن أبي الزبير، به.=

4205 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن سعيدٍ الجُريريِّ، عن عبدِ اللهِ بنِ بُريدة، عن أبي الأسود الدِّيليِّ عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن أحسَنَ ما غُيِّر به هذا الشَيبُ الحِنَّاءُ والكَتَمُ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2102) من طريق أبي خيثمة زهير بن معاوية، والنسائي (9295) من طريق عَزْرة بن ثابت، كلاهما عن أبي الزبير، عن جابر ولم يقولا في روايتيهما: "واجتنبوا السواد". وهو في "مسند أحمد" (14402) من طريق ليث بن أبي سليم، و (14641) من طريق زهير بن معاوية. وجاء عنده من طريقه: قلت لأبي الزبير: أقال: "جنبوه السواد" قال: لا. فهذا يؤكد رواية الطيالسي التي سبقت الإشارة إليها. وانظر ما سيأتي برقم (4212) لزاماً لفقه الحديث. الثَّغامة بفتح الثاء: نبات له نَوْرٌ أبيض. (¬1) إسناده صحيح. سعيد الجُريري -وهو ابن إياس- سماع معمر منه قبل اختلاطه. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (20174). وأخرجه ابن ماجه (6322)، والترمذي (1849)، والنسائي في "الكبرى" (9297 - 9299) من طريق الأجلح بن عبد الله، عن عبد الله بن بريدة، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه النسائي (9296) من طريق غيلان بن جامع، عن أبي إسحاق، عن ابن أبي ليلى، عن أبي ذر. وهذا إسناد صحيح. وهو في "مسند أحمد" (21307)، و"صحيح ابن حبان" (5474). والكَتَم: هو جنْبة من الفصيلة المرسينية، قريبة من الآس، تنبت في المناطق الجبلية بإفريقية والبلاد الحارة المعتدلة، ثمرتها تشبه الفلفل، وبها بزرة واحدة، وتسمى فلفل القرود، وكانت تستعمل قديماً في الخضاب، وصنع المداد. قاله في "المعجم الوسيط". وقال الخطابي: ويشبه أن يكون إنما أراد به استعمال كل واحد منهما منفردًا عن غيره، فإن الحناء إذا غُلي بالكتم جاء أسود.

4206 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا عُبيدُ الله -يعني ابنَ إيادٍ- حدَّثنا إياد عن أبي رِمثةَ، قال: انطلقتُ مع أبي نحو النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فإذا هو ذو وَفْرةٍ، بها رَدْعٌ من حِنَّاءٍ، وعليه بُرْدانِ أخضَرانِ (¬1). 4207 - حدَّثنا محمدُ بنُ العَلاء، حدَّثنا ابنُ إدريسَ، قال: سمعتُ ابنَ أبجرَ، عن إياد بنِ لَقيطٍ عن أبي رِمثةَ، في هذا الخبرِ، قال: فقال له أبي: أرِني هذا الذي بِظَهْرِكَ، فإني رجل طبيبٌ، قال: "اللهُ عزّ وجلّ الطبيبُ، بل أنتَ رجُل رفيقٌ، طبيبُها الذي خلقها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (4065). وانظر ما سيأتي برقم (4208). (¬2) إسناده صحيح. ابن أبجر: هو عبد الملك بن سعيد، وابن إدريس: هو عبد الله. وأخرجه قصة الخاتم الذي في ظهره -صلَّى الله عليه وسلم- الشافعي في "مسنده" 2/ 98، والحُميدي (866)، وابن أبي شيبة 8/ 4، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (1143)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند" لأبيه (7110)، والطبراني في "الكبير" 22/ (715)، والبيهقي 8/ 27، والبغوي في "شرح السنة" (2534) من طريق عبد الملك ابن سعيد بن أبجر، به. وأخرجه ابن سعد في "طبقاته" 1/ 426، وأحمد (7109)، وعبد الله بن أحمد في زوائده على "المسند" (7116)، والدولابي في "الكنى" 1/ 29، وابن حبان (5995)، والطبراني في "الكبير" 22/ (720) من طريق عبيد الله بن إياد، وأحمد (17493)، وابن أبي عاصم في "الآحاد" (1142)، والطبراني 22/ (718) والبيهقي في "شعب الإيمان" (1181) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن إياد بن لقيط، به. وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" (7106) و (7108) و (7110) و (7118). =

4208 - حدَّثنا ابنُ بشار، حدَّثنا عبدُ الرحمن، حدَّثنا سفيانُ، عن إياد بن لَقيطٍ عن أبي رِمْثَةَ قال: أتيتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أنا وأبي فقال لرجلٍ -أو لأبيه-: "من هذا؟ " قال: ابني، قال: "لا تَجْنِي عليه"، وكان قد لطَخَ لحيته بالحِنَّاء (¬1). 4209 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ عن أنسٍ: سُئِلَ عن خِضَابِ النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فَذَكَرَ أنه لم يَخضِبْ، ولكن قد خَضَبَ أبو بكرٍ وعُمَرُ رضيَ الله عنهما (¬2). ¬

_ = قوله: "أنت رفيق" قال البغوي في "شرح السنة": معناه أنك ترفق بالمريض، فتحميه ما تخشى أن لا يحتمله بدنه، وتطعمه ما ترى أنه أرفق به، والطبيب: هو العالم بحقيقة الداء والدواء، والقادر على الصحة والشفاء وليس ذلك إلا الله الواحد القهار. ثم تسمية الله سبحانه وتعالى به، أن يذكر في حال الاستشفاء، مئل أن يقول: اللهم أنت المصح والممرض والمداوي والطبيب ونحو ذلك، فأما أن تقول: يا طبيب افعل كذا كما تقول: يا حليم يا رحيم، فإن ذلك مفارق لأدب الدعاء. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي، وابن بشار: هو محمد. وأخرجه مختصراً النسائي في "الكبرى" (9303) عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد. وانظر ما سلف برقم (4065) و (4206). وقوله: لا تجني عليه. قال في "عون المعبود"، أي: على ابنك، والجناية: الذنب والجرم مما يوجب العقاب أو القصاص، أي: لا يطالب ابنك بجنايتك، ولا يجني جانٍ إلا على نفسه {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] وهذا رد لما اعتادته العرب من مؤاخذة أحد المتوالدين بالآخر. (¬2) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البُناني، وحماد: هو ابن زيد، ومحمد ابن عُبيد؛ هو ابن حِساب الغُبَري. =

18 - باب ما جاء في خضاب الصفرة

18 - باب ما جاء في خِضاب الصُّفرةِ 4210 - حدَّثنا عبدُ الرحيم بنُ مطرِّفٍ أبو سفيانَ، حدَّثنا عَمرو بن محمدٍ -يعني العَنْقَزِي-، حدَّثنا ابنُ أبي روَّاد، عن نافعٍ عن ابنِ عُمَرَ: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- كان يَلْبَسُ النِّعالَ السِّبتِيَّة، ويُصفِّرُ لحيتَه بالورْسِ والزعفرانِ. وكان ابنُ عمر يفعلُ ذلك (¬1). 4211 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا إسحاقُ بنُ منصورٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ طلحةَ، عن حُميد بنِ وهْبٍ، عن ابنِ طاووسٍ، عن طاووسٍ ¬

_ = وأخرجه البخاري (5895)، ومسلم (2341) من طريق حماد بن زيد، به. ولفظه: قال: إنه لم يبلغ أن يخضب، لو شئت أن أعُدَّ شَمَطاته في لحيته. وأخرجه بنحوه ومعناه البخاري (3550)، ومسلم (2341)، والنسائي في "الكبرى" (9308) و (9309) من طريق قتادة، والبخاري (5894)، ومسلم (2341) من طريق محمد بن سيرين، ومسلم (2341) من طريق أبي إياس معاوية بن قُرَّة المزني، وابن ماجه (3629) من طريق حميد بن أبي حميد الطويل، أربعتهم عن أنس ابن مالك. زاد ابن سيرين: وقد خضب أبو بكر وعمر بالحناء والكتم. وهو في "مسند أحمد" (11965) و (12474)، و"صحيح ابن حبان" (6296). (¬1) صحيح دون ذكر الورس والزعْفران، وهذا إسناد قوي من أجل ابن أبي روّاد -وهو عبد العزيز- فهو لا بأس به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9307) من طريق عمرو بن محمد العَنْقَزي، بهذا الإسناد. وقد سلف برقم (1772) من طريق عُبيد بن جريج عن عبد الله بن عمر، وذكر النعال السبتية، والصبغ بالصفرة لكنه لم يذكر الورس والزعفران. ويشهد لذكر الصبغ بالورس والزعفران حديث طارق بن أشْيَم الأشجعي قال: كان خضابنا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - الورس والزعفران. أخرجه أحمد (15882)، والبزار (2975 - كشف الأستار)، والطبراني في "الكبير" (8176) والضياء المقدسي في "المختارة" 8/ (109) وإسناده صحيح.

19 - باب ما جاء في خضاب السواد

عن ابنِ عباسِ، قال: مرَّ على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - رجُلٌ قد خَضَبَ بالحِنَّاء، فقال: "ما أحسَنَ هذا! " قال: فمرَّ آخَرُ قد خَضَبَ بالحِنَّاء والكَتَمِ، فقال: "هذا أحسنُ مِن هذا" قال: فمرَّ آخرُ قد خَضَبَ بالصُّفرة، فقال: "هذا أحسنُ مِنْ هذا كلِّه" (¬1). 19 - باب ما جاء في خِضَابِ السواد 4212 - حدَّثنا أبو توبةَ، حدَّثنا عُبيدُ اللهِ، عن عبد الكريم، عن سعيد بنِ جُبير عن ابنِ عبَّاس، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ: "يكونُ قَوْمٌ يخضِبُونَ في آخِرِ الزَّمانِ بالسَّواد كحَواصِلِ الحَمَامِ، لا يَرِيحُون رائِحةَ الجنَّة" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف حميد بن وهب. وأخرجه ابن ماجه (3627) من طريق إسحاق بن منصور، بهذا الإسناد. وهو في "شرح مشكل الآثار" (3696) و (3697). (¬2) إسناده صحيح. عبد الكريم: هو ابن مالك الجزري، وقد أخطأ ابنُ الجوزي حيث جزم بأنه ابن أبي المُخارق، فذكر الحديث في "الموضوعات"، لكن ردَّ عليه الحافظان: المنذري في "اختصار السنن" وابن حجر في "القول المُسدّد" ص 48 - 49 وبيّنا أن عبد الكريم هذا هو الجزري الثقة. عُبيد الله: هو ابن عمر الرَّقِّي، وأبو توبة. هو الرّبيع بن نافع الحلبي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9293) من طريق عُبيد الله بن عمرو الرقي، بهذا الاسناد. وهو في "مسند أحمد" (2470). قال النووي في "شرح مسلم" عند الحديث (2102): ويحرم خضابه بالسواد على الأصح، وقيل: يكره كراهة تنزيه والمختار التحريم لقوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "هذا مذهبنا"!. وقال الحافظ في "الفتح" 6/ 499: وعن الحليمي أن الكراهة خاصة بالرجال دون النساء، فيجوز ذلك للمرأة لأجل زوجها. قلنا: وهو الذي نقله ابن القيم في "تهذيب السنن" 6/ 104 =

20 - باب الانتفاع بمداهن العاج

20 - باب الانتفاع بمَداهِنِ العاج 4213 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سعيد، عن محمد بن جُحادَةَ، عن حُميدٍ الشاميِّ، عن سُليمانَ المُنْبِهيِّ عن ثوبانَ مولى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ: قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا سافَرَ كان آخِرَ عهدِه بإنسانٍ من أهله فاطمةُ، وأولَ ما -أو مَن- يدخُل عليها إذا قدِمَ فاطمةُ، فَقَدِمَ مِن غَزَاةٍ له، وقد علَّقتْ مِسْحاً -أو - سِتراً- على بابِها، وحلَّتِ الحسنَ والحسينَ قُلْبَيْنِ مِنْ فِضَّةِ، فقدم فلم يدخُلْ، فظنَّتْ أنه إنما منعه أن يدخُلَ ما رأى، فهتكَتِ السِّترَ، وفكَّكَتِ القُلْبينِ عن الصَّبيَّين، وقَطَعَتْه منهما، فانطلقا إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهما يبكِيانِ، فأخذه منهما، وقال: "يا ثوبان، اذهب بهذا إلى آل فُلانٍ -قال:- أهلِ ¬

_ = عن إسحاق بن راهويه قال ابن القيم: وكأنه رأى أن النهي انما جاء في حق الرجال وقد جُوَّز للمرأة من خضاب اليدين والرجلين ما لم يجوَّز للرجل، والله أعلم. وقال ابن القيم أيضاً: وقيل: للإمام أحمد: تكره الخضاب بالسواد؟ قال: إي والله. وهذه المسألة من المسائل التي حلف عليها، وقد جمعها أبو الحسن، ولأنه يتضمن التلبيس، بخلاف الصفرة، ورخص فيه آخرون منهم أصحاب أبي حنيفة وروي ذلك عن الحسن والحسين وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن جعفر وعقبة بن عامر، وفي ثبوته عنهم نظر، ولو ثبت فلا قول لأحد مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وسنته أحق بالاتباع ولو خالفها من خالفها. قلنا: قد ثبت عن الحسين أنه كان يخضب بالوسمة كما في "صحيح البخاري" (3748)، لكن اختُلف في تعيين الوسمة أصلاً، فقد قال الخطابي عند شرح الحديث (4205): يقال: إن إليهم الوسمة، ويقال: هو نوع آخر غير الوسمة، ونقل صاحب "اللسان" في حديثه عن الكتم: أنه نبات يخلط مع الوسمة للخضاب الأسود. قلنا: وهذا يقتضي أن الوسمة بمفردها لا تسوِّد الشعر، والله تعالى أعلم. وأكثر الذين حكي عنهم الصبغ بالسواد إنما جاء بلفظ الوسمة لا السواد.

بيتٍ بالمدينة، إن هؤلاء أهلُ بيتي أكرَهُ أن يأكلوا طيِّباتِهم في حياتِهمُ الدنيا، يا ثوبان، اشتَرِ لِفاطمةَ قِلادَةً من عَصَبٍ، وسِوارين من عاجٍ" (¬1). آخر كتاب الترجل ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة حميد الشامي وسُليمان المنبِهي. وأخرجه أحمد (22363) والطبراني في "الكبير" (1453)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 686، والبيهقي في "السنن الكبرى" 1/ 26، وفي "الشعب" (5659)، والمزي في ترجمة حميد الشامي من "تهذيب الكمال" 7/ 413 - 414، وفي ترجمة سليمان المُنْبِهي 12/ 111 - 112 من طرق عن عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. والعاج: هو عظم أنياب الفِيلة، وقيل: هو عظم ظهر السلحفاة البحرية. والمداهن، جمع مُدْهُن: وهو ما يُجعل فيْه الدُّهْنُ. والمِسح: بالكسر، كساه معروف.

أول كتاب الخاتم

أول كتاب الخاتم 1 - باب ما جاء في اتخاذ الخاتِم (¬1) 4214 - حدَّثنا عبدُ الرحيم بنُ مُطرِّف الرؤاسيُّ، حدَّثنا عيسى، عن سعيدٍ، عن قتادة عن أنسِ بنِ مالك قال: أرادَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ أن يكتُبَ إلى بعضِ الأعاجمِ، فقيل له: إنهم لا يَقرؤون كتاباً إلا بخاتَمٍ، فاتَّخَذَ خَاتِماً مِنْ فضةٍ، ونَقَشَ فيه: "محمدٌ رسولُ اللهِ" (¬2). ¬

_ (¬1) هذا التبويب من (هـ). (¬2) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السَّدوسىّ، وسعيد: هو ابن أبي عَروبة، وعيسى: هو ابن يونس السَّبيعي. وأخرجه البخاري (65)، ومسلم (2092)، والنسائي في "الكبرى" (5829) و (8797) و (9455) و (11448) من طرق عن قتادة، به. وأخرجه بنحوه البخاري (5874) و (5877)، ومسلم (2092)، وابن ماجه (3640)، والنسائي في "الكبرى" (9444) و (9445) من طريق عبد العزيز بن صهيب والترمذي (1843) من طريق ثابت بن أسلم، كلاهما عن أنس بن مالك. وأخرج منه قصة اتخاذ -صلَّى الله عليه وسلم- خاتماً مسلم (640) من طريق قتادة، و (645) من طريق ثابت البناني، كلاهما عن أنس بلفظ: كأني أنظر إلى وبيص خاتمه -صلَّى الله عليه وسلم- من فضة. وأخرج منه قطعة: نقشه محمد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: البخاري (3106) و (5878)، والترمذي (1842) من طريق ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك، عن جده. وستأتي في بعض طرق الحديث الآتي برقم (4216). وهو في "مسند أحمد" (11989) و (12720)، و"صحيح ابن حبان" (1414) و (5497) و (6392). وانظر الأحاديث الثلاثة الآتية بعده.

4215 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، عن خالدٍ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ عن أنسٍ، بمعنى حديث عيسى بنِ يونس، زاد: فكان في يَدِهِ حتى قُبِضَ، وفي يدِ أبي بكرٍ حتى قُبِضَ، وفي يَدِ عمرَ حتى قُبِضَ، وفي يَدِ عُثمانَ، فبينما هو عندَ بئرٍ إذ سقطَ في البئرِ، فأمر بها فنُزِحَتْ، فلم يقْدِرْ عليه (¬1). 4216 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ وأحمدُ بنُ صالحٍ، قالا: حدَّثنا ابنُ وهْب، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهابٍ حدَّثني أنس، قال: كان خاتِم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من وَرِقٍ، فَصُّهُ حَبَشيٌّ (¬2). 4217 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا حُميدٌ الطويلُ عن أنس بنِ مالك، قال: كان خاتِمُ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - مِن فِضةٍ كُلِّه، فَصُّه منه (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي. وانظر ما قبله. وانظر تالييه. (¬2) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي. وأخرجه مسلم (2094)، وابن ماجه (3641) و (3646)، والترمذي (1836)، والنسائي في "الكبرى" (9446 - 9448) من طريق يونس بن يزيد، به. زاد بعضهم: كان يجعل فصّه مما يلي كفه، وزاد بعضهم أيضاً: ونقشه: محمد رسول الله، وعند بعضهم أيضاً زيادة: في يمينه. وهو في "مسند أحمد" (13183)، و"صحيح ابن حبان" (6394). وانظر سابقيه وما سيأتي بعده. (¬3) إسناده صحيح. حميد الطويل: هو ابن أبي حميد، وزهير: هو ابن معاوية. وأخرجه البخاري (5870)، والترمذي (1837)، والنسائي في "الكبرى" (9449 - 9452) من طريق حميد الطويل، به.=

4218 - حدَّثنا نُصيرُ بنُ الفَرجِ، حدَّثنا أبو أُسامَةَ، عن عُبيدِ الله، عن نافعٍ عن ابنِ عُمَرَ، قال: اتَّخذَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ خاتِماً مِن ذَهَبٍ، وجَعَل فصَّه مما يلي بَطْنَ كَفِّه، ونَقَشَ فيه: "محمدٌ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم-" فاتَّخذَ الناسُ خواتِمَ الذَّهَبِ، فلما رآهم قد اتَّخذُوها رَمَى به، وقال: "لا ألبَسُهُ أبداً"، ثُمَ اتَّخذَ خاتِماً مِنْ فِضةٍ نَقَشَ فيه: "محمدٌ رسولُ الله" ثم لَبِسَ الخاتِمَ بعده أبو بكرٍ، ثم لَبِسَه بَعْدَ أبي بكر عمرُ، ثم لبسه بعده عثمان حتى وقع في بئر أرِيسَ (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (661) و (5869)، والنسائي في "الكبرى" (1531) من طريق حميد الطويل، قال: سئل أنس: هل اتخذ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - خاتماً؟ فقال: نعم، أخّر ليلة صلاة العشاء إلى شطر الليل، ثم أقبل علينا بوجهه بعدما صلَّى، فقال: "صلَّى الناس ورقدوا، ولم تزالوا في صلاة منذ انتظر تموها". قال: فكأني انظر إلى وبيص خاتمه. وهو في "مسند أحمد" (11951)، و"صحيح ابن حبان" (6391). وانظر الأحاديث الثلاثة السالفة. (¬1) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر العُمري، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه البخاري (5865) و (5866) و (6651)، ومسلم (2091)، والترمذي (1838)، والنسائي في "الكبرى" (9473 - 9476) من طرق عن نافع، به. وأخرجه بنحوه البخاري (5867) و (7298)، والنسائي (9403) من طريق عبد الله ابن دينار، عن ابن عمر. وقد جاء في رواية الترمذي أنه لبسه في يمينه. وهو في "مسند أحمد" (4677) و (5249)، و"صحيح ابن حبان" (5491) و (5494) و (5499) وعند ابن حبان في الموضع الأخير أنه لبسه في يمينه. وانظر تالييه. وبئر أريس: حديقة قرب قباء.

قال أبو داود: ولم يختلِفِ الناسُ على عثمانَ حتى سقطَ الخاتِمُ مِن يدِه (¬1) 4219 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شَيبةَ، حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيينةَ، عن أيوبَ بنِ موسى، عن نافعٍ عن ابنِ عُمَرَ في هذا الخبرِ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فَنَقَشَ فيه: "محمدٌ رسولُ الله" وقال: "لا يَنْقُشْ أحدٌ على نَقشِ خاتِمي هذا"ثم ساقَ الحديثَ (¬2). 4220 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ، حدَّثنا أبو عاصمٍ، عن المُغيرةِ ابنِ زيادٍ، عن نافعٍ عن ابنِ عمر، بهذا الخبرِ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: فالتمسُوهُ فلم يجِدوه، فاتخذ عثمانُ خاتِماً ونَقَشَ فيه "محمدٌ رسولُ الله" قال: فكان يَختِم به، أو يتَخَتَّم به (¬3). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، ومن هامش (ج) وصحح عليها. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2091)، والنسائي في "الكبرى" (9477) من طريق أيوب بن موسى، به. وانظر ما قبله. (¬3) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل المغيرة بن زيادة، وهو متابع، غير أنه انفرد بذكر اتخاذ عثمان خاتماً جديداً. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9478) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه.

2 - باب ما جاء في ترك الخاتم

2 - باب ما جاء في ترك الخاتِم 4221 - حدَّثنا محمدُ بنُ سُليمانَ لُوَينٌ، عن إبراهيمَ بنِ سعْدٍ، عن ابنِ شهابٍ عن أنس: أنه رأى في يَدِ النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- خاتِماً مِن وَرِقٍ يوماً واحداً، فصنع الناسُ، فَلِبسُوا، وطَرَحَ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - فَطَرَحَ الناسُ (¬1). قال أبو داود: رواه، عن الزهري زيادُ بنُ سعدٍ وشعيبُ بن أبي حمزة وابنُ مسافِرٍ، كلُّهم قال: من وَرِقٍ. 3 - باب في خاتم الذهب 4222 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا المُعتمرُ، سمعتُ الرُّكينَ بنَ الربيع يُحدّث، عن القاسم بنِ حسانَ، عن عبدِ الرحمن بنِ حَرْمَلَةَ أن ابنَ مسعودٍ كان يقولُ: كان نبيُّ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- يَكْرَهُ عشرَ خِلالٍ: الصُّفرةَ -يعني الخَلُوقَ- وتغييَر الشيبِ، وجرَّ الإزار، والتَّختُّمَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح إلا أن أهل العلم قد غَلَّطوا فيه الزهريِّ في ذكره خاتم الوَرِق، لأن المعروف أن الذي طرحه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إنما هو خاتم الذهب كما رواه ابن عمر في الحديث السالف برقم (4218) وهو في "الصحيحين". قاله البيهقي في "السنن "الكبرى" 4/ 143، وابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 100، والقاضي عياض والنووي في شرحيهما على مسلم"، والحافظ ابن حجر في "الفتح" 10/ 319 وغيرهم. وأخرجه البخاري (5868)، ومسلم (2093)، والنسائي في "الكبرى" (9472) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (12631)، و"صحيح ابن حبان" (5490). وقد روى ابن عباس ما يوافق حديث الزهري هذا عند النسائي (9471) وابن حبان (5493) وغيرهما: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - اتخذ خاتماً، فلبسه، ثم قال: "شغلني هذا عنكم منذ اليوم، إليه نظرة وإليكم نظرة" ثم ألقاه. وهو في "مسند أحمد" (2960) وإسناده صحيح.

بالذهبِ، والتبرجَ بالزينةِ لِغير مَحَلِّها، والضربَ بالكِعَاب، والرُّقى إلا بالمعوِّذاتِ، وعَقْدَ التمائم، وعزلَ الماء لِغير أو غيرِ محلِّه، وفسادَ الصبي، غَير مُحَرِّمِهِ (¬1). قال أبو داود: انفردَ بإسنادِ هذا الحديثِ أهلُ البصرة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن حرملة -وهو الكوفي- قال ابن المديني في "العلل" (170): لا أعلم أحداً روى عن عبد الرحمن بن حرملة هذا شيئاً إلا من هذا الطريق، ولا نعرفه في أصحاب عبد الله، وقال البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 270، وفي "الضعفاء الصغير" ص70: لم يصح حديثه، وقال الذهبي في "الميزان" في ترجمة عبد الرحمن بن حرملة عن حديثه هذا: وهذا منكر. المعتمر: هو ابن سُليمان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9310) من طريق المعتمر بن سُليمان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3605)، و"صحيح ابن حبان" (5683). قال الخطابي: أما كراهية الخلوق فإنما هي للرجال خاصة دون النساء، وتغيير الشيب إنما يُكره بالسواد دون العمرة والصفرة، والتختم بالذهب محرم على الرجال، والتبرج بالزينة لغير محلها، وهو أن تتزين المرأة لغير زوجها، وأصل التبرج أن تظهر المرأة محاسنها للرجال، يقال: تبرجت المرأة، ومنه قوله تعالى: {وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]. وأما عزل الماء لغير محله، فقد سمعتُ في هذا الحديث: عزل الماء عن محله، وهو أن يعزل الرجل ماءه عن فرج المرأة، وهو محل الماء، وإنما كره ذلك لأن فيه قطع النسل، والمكروه منه ما كان من ذلك عن الحرائر بغير إذنهن، فأما المماليك فلا بأس بالعزل عنهن، ولا إذن لهن مع أربابهن. وفساد الصبي: هو أن يطأ المرأة المرضع، فإذا حملت فسد لبنُها، وكان في ذلك فساد الصبي. وقوله: غير مُحرِّمهِ، معناه أنه كره ذلك ولم يبلغ في الكراهة حد التحريم. (¬2) مقاله أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، لكن قوله: أهل البصرة غريب، لأن رواة الحديث كوفيون خلا مُسدَّدٌ ومعتمر فقط فبصريان.

4 - باب في خاتم الحديد

4 - باب في خاتِم الحديد 4223 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ ومحمدُ بنُ عبدِ العزيز بن أبي رِزْمَةَ -المعنى- أن زيد بنَ الحُباب أخبرهم، عن عبدِ الله بنِ مسلم أبي طَيْبةَ السُّلميِّ المروزيِّ، عن عبدِ الله بنِ بُريدة عن أبيه: أن رجلاً جاء إلى النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- وعليه خاتِمٌ من شَبَهٍ، فقال له: "ما لي أجِدُ مِنْكَ رِيحَ الأصنامِ؟ " فطرحه، ثم جاء وعليه خاتِمٌ من حديدٍ، فقال: "ما لي أرى عليكَ حِليةَ أهلِ النارِ؟ " فطرحَهَ، فقال: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، مِن أيِّ شيءٍ أتَّخِذُه؟ قال: اتَّخِذْهُ من وَرِقٍ، ولا تُتِمَّهُ مِثقالاً" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن مسلم السُّلمي المروزي. الحسن بن علي: هو الحُلْواني الخلاَّل. وأخرجه الترمذي (1888)، والنسائي في "الكبرى" (9442) من طريق عبد الله بن مسلم السُّلمي، به. وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وقال النسائي: هذا حديث منكر. وهو في "صحيح ابن حبان" (5488)! وفي باب النهي عن خاتم الحديد عند الطبراني في "الأوسط" (2072) عن عمرو ابن شعيب عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن خاتم الذهب، وخاتم الحديد. وإسناده حسن. قال المناوي في "فيض القدير" 6/ 328: والنهي عن الحديد للتنزيه عند الجمهور. قال: وهذا الحديث قد عُورِضَ بالحديث المارّ: "التمس ولو خاتماً من حديد" وأجيب بأنه لا يلزم من جواز الالتماس والاتخاذ جواز اللبس، فيحتمل أنه أراد تحصيله لتنتفع بقيمته المرأة على أن بعضهم حمل النهي على الحديد الصرف. وقوله: "اتخذه من ورِق ولا تتمه مثقالاً، وهذا على ضعف سنده يعارض حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ "ولكن عليكم بالفضة فالعبوا بها" أخرجه المصنف برقم (4236) وإسناده صحيح.

ولم يقُلْ محمدٌ: عبدَ الله بنَ مسلم، ولم يقل الحسنُ: السلميَّ المروزيَّ. 4224 - حدَّثنا ابنُ المثنَّى وزيادُ بنُ يحيى والحسنُ بن عليٍّ، قالوا: حدَّثنا سهلُ بنُ حمادٍ أبو عتَّابٍ، حدَّثنا أبو مَكِينٍ نوحُ بنُ ربيعةَ، حدَّثني إياسُ بنُ الحارثِ بنِ المُعَيقيبِ -وجدُّه من قِبَل أُمه أبو ذُبابٍ- عن جَدِّه، قال: كان خاتِمُ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - مِن حديدٍ مَلوِيٌّ عليه فضةٌ، قال: فربما كان في يَدِي، قال: وكان المعيقيبُ على خاتِمِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 4225 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ حدَّثنا بِشْرُ بنُ المفضَّلِ، حدَّثنا عاصِمُ بنُ كُليبٍ، عن أبي بُردة عن عليٍّ، قال: قال لي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "قُل اللهُمَّ اهْدِني وسَدِّدْنِي، واذكُرْ بالهُدَى هِدَايةَ الطريقِ، واذكر بالسَّداد تسديدَك السَّهم، قال: ونهاني أن أضَعَ الخاتِمَ في هذه أو في هذه، للسَّبابةِ والوسْطى -شك عاصم- ونهاني عن القَسِّيةِ والمِيثرَةِ. قال أبو بردة: فقلنا لِعلي: ما ¬

_ (¬1) حسن لغيره وهذا إسناده ضعيف لجهالة اياس بن الحارث بن المُعيقيب. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9460) من طريق أبي عتاب سهل بن حماد، بهذا الإسناد. وله شواهد مرسلة في "طبقات ابن سعد" 1/ 473 - 474، ورابع عند الطبراني في "الكبير" (4118). وقوله: وجده من قبل أمه أبو ذباب. جملة اعتراضية أدخلت لبيان أن له جدين، أحدهما: جده من قِبل أبيه وهو المعيقيب الذي يروي عنه هذا الحديث، وآخر جده من قبل أمه وهو أبو ذباب فذكره معترضاً ليظهر أنه آخر، وليس هو معطوفاً على إياس ابن الحارث كما يتراءى من ظاهر لفظه، فإن أبا ذباب ليس له ذكر في الصحابة ولا في الكتب التي تعنى بتراجم رجال الكتب الستة كـ"التهذيب" وفروعه.

5 - باب في التختم في اليمين أو اليسار

القسِّيَّة؟ قال: ثياب تأتينا مِن الشام أو مِن مصرَ مُضلّعةٌ فيها أمثالُ الأُتْرُجِّ، قال: والمِيثرَةُ: شيء كانت تَصْنَعُهُ النِّساءُ لِبُعُولَتِهنَّ (¬1). 5 - باب في التختُّم في اليمين أو اليسار 4226 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني سليمانُ بنُ بلالٍ، عن شريكِ ابنِ أبي نَمِرٍ، عن إبراهيمَ بنِ عبدِ الله بنِ حُنَينٍ، عن أبيه، عن علي، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال شريكٌ: وأخبرني أبو سلمة بنِ عبدِ الرحمن: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان يتختمَّ في يمينهِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل عاصم بن كليب. وأخرجه مختصراً مسلم بإثر الحديث (2095)، وابن ماجه (3648)، والترمذي (1889)، والنسائي في "الكبرى" (9466 - 9469) من طرق عن عاصم بن كُليب، به. إلا أن ابن ماجه قال في روايته: يعني الخنصر والإبهام. وهو بتمامه في "مسند أحمد" (1124)، و"صحيح ابن حبان" (998) و (5502). وعلق البخاري في "صحيحه" قول أي بردة ... في كتاب اللباس: باب لبس القسي. وقد سلف ذكر النهي عن القَسِّية والميثرة برقم (4050) و (4051). وقوله: واذكر بالهدى هداية الطريق. قال الخطابي: معناه: أن سألك الطريق والفلاة إنما يؤم سمت الطريق، ولا يكاد يفارق العبادة، ولا يعدل عنها يمنة ويسرة خوفاً من الضلال، وبذلك يصيب الهداية وينال السلامة يقول: إذا سألت الله الهدى، فأخطر بقلبك هداية الطريق، وسل الله الهدى والاستقامة كما تتحراه في هداية الطريق إذا سلكتها. وقوله: واذكر بالسداد تسديدك السهم. معناه: أن الرامي إذا رمى غرضاً سدد السهم نحو الغرض، ولم يعدل عنه يميناً ولا شمالاً، ليصيب الرمية، فلا يطيش سهمه، ولا يخفق سعيه، يقول: فأخطر المعنى بقلبك حين تسأل الله السداد ليكون ما تنويه من ذلك على شاكلة ما تستعمله في الرمى. (¬2) إسناده قوي من أجل شريك ابن أبي نمر -وهو شريك بن عبد الله بن أبي نمر-. ابن وهب: هو عبد الله. =

4227 - حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، حدَّثني أبي، حدَّثنا عبدُ العزيزِ بنُ أبي روَّادٍ، عن نانعٍ عن ابنِ عمر: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان يتختَّمُ في يسارِه، وكان فَصُّه في باطن كفِّه (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9458) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (5501). وقد جاء في بعض روايات حديث ابن عمر السالف برقم (4218) أنه -صلَّى الله عليه وسلم- كان يلبس الخاتم بيمينه. بالإسناد الصحيح. لكن تخالفهُ رواية ابن أبي روّاد، عن نافع عن ابن عمر الآتية بعده، كما يخالفه صنيع ابن عمر نفسه وسيأتي برقم (4228). قال ابن عبد البر في التمهيد" 17/ 109: وأما التختم في اليمين وفي اليسار فاختلفت في ذلك الآثار عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وعن أصحابه من بعده، وذلك محمول عند أهل العلم على الإباحة وقال النووي في "شرح مسلم" عند الحديث (2094): وأما الحكم في المسألة عند الفقهاء فأجمعوا على جواز التختم في اليمين، وعلى جوازه في اليسار، ولا كراهة في واحدة منهما، وكذلك قال الخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (900): وكل ذلك مباح، فأيهما فعل لم يكن به بأس. (¬1) إسناده قوي من أجل عبد العزيز بن أبي روّاد. ويؤيده صنيع ابن عمر الآتي بإسناد صحيح بعده، وهو مَن هو في حرصه الشديد على الاقتداء برسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فلا اعتبار بما حكم به الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 10/ 326 من شذوذ هذه الرواية. لكن يُحمل الأمر فيه على ما ذهب إليه ابنُ عبد البر والنوويُّ، وقد أسلفنا ذكر كلامهما في ذلك عند الحديث السابق، والله تعالى أعلم. وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 127، والبيهقى في "شعب الإيمان" (6362)، وفي "الآداب" (666)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوى" (899)، والبغوي في "شرح السنة" (3148) من طريق نصر بن علي، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. وفي الباب عن أنس بن مالك عند مسلم (2095)، والنسائي في "الكبرى" (9454) و (9457) وروي عن أنس خلاف ذلك أنه كان يتختم في يمينة، لكن قال النسائي =

قال أبو داود: قال ابنُ إسحاقَ وأسامةُ بنُ زيد، عن نافعٍ: في يمينه. 4228 - حدَّثنا هنَّادُ بن السَّرِيِّ، عن عبدةَ، عن عُبيدِ الله عن نافع: أن ابنَ عمر كان يَلْبَسُ خاتِمَه في يَدِه اليُسرى (¬1). 4229 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا يونسُ بنُ بُكيرٍ عن محمد بنِ إسحاقَ، قال: رأيتُ على الصَّلْتِ بنِ عبدِ الله بنِ نوفلِ بن الحارثِ بنِ عبدِ المُطَّلِب خاتِماً في خِنْصِره اليُمنَى، فقلتُ: ما هذا؟ قال: رأيتُ ابنَ عباس يَلبَس خاتِمه هكذا، وجعل فَصَّه على ظهرِها، قال: ولا يُخالُ ابنُ عباس إلا وقد كان يذْكُرُ أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان يَلْبَسُ خاتِمَه كذلك (¬2). ¬

_ = عقب رواية اليسار هذه: وهذا أصح ما يُروى فيه عن أنس، والله أعلم، ونقل الحافظ ابن رجب في "أحكام الخواتم" ص 145 - 146 عن الحافظ الدارقطني أنه سُئل عن هذا الحديث، فذكر أن المحفوظ رواية التختم باليسار. (¬1) موقوف صحيح الإسناد. عُبيد الله: هو ابن عُمر العُمري، وعَبْدة: هو ابن سُليمان. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6363) من طريقين عن عُبيد الله بن عمر، به. وقال البيهقي بإثره: وهذا يؤكد رواية عبد العزيز -قلنا: يعني رواية عبد العزيز ابن أبي روّاد، السالفة قبله-. (¬2) إسناده حسن. الصلت بن عبد الله بن نوفل: روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال عنه الزبير بن بكار: كان فقيهاً عابداً. ونقل الترمذي عن البخاري قوله: حديث محمد بن إسحاق، عن الصلت بن عبد الله بن نوفل حديث حسن. وأخرجه الترمذي (1839) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن محمد بن إسحاق، به، وقال: حديث حسن.

6 - باب في الجلاجل

6 - باب في الجَلاجِل 4230 - حدَّثنا عليُّ بنُ سَهْلٍ وإبراهيمُ بن الحَسَنِ، قالا: حدَّثنا حجاجٌ، عن ابنِ جُرَيج، أخبرني عُمَرُ بنُ حفصٍ أن عامِرَ بنَ عبدِ الله -قال عليُّ بنُ سهلٍ: ابنُ الزبير- أخبرَه، أن مولاةً لهم ذهبت بابنةِ الزُّبير إلى عمرَ بنِ الخطابِ وفي رجْلَها أجْراسٌ، فقطعها عُمَرُ، ثم قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: إن مَعَ كُل جَرَسٍ شيطاناً" (¬1). 4231 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الرحيم البزَّاز، أخبرنا روح، حدَّثنا ابن جريج، عن بُنانةَ مولاةِ عبدِ الرحمن بن حيَّانَ الأنصاري عن عائشة، قالت: بينما هي عندها إذ دُخِلَ عليها بجاريةٍ وعليها جلاجل يُصوِّتْنَ، فقالت: لا تُدْخِلْنها عليٍّ إلا أن تقطعوا جلاجلَها، وقالت: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا تدخُلُ الملائكةُ بَيتاً فيه جَرَسٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لابهام المولاة، وعامر بن عبد الله بن الزبير لم يُدرك عمر. قاله المنذري. ويشهد للمرفوع منه حديث أبي هريرة عند مسلم (2114) بلفظ: "الجرس مزامير الشيطان" وقد سلف عند المصنف برقم (2556). (¬2) إسناده ضعيف لجهالة بُنانة، وابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- مدلس وقد عنعن. رَوح: هو ابن عُبادة. وأخرجه أحمد (26052) عن روح بن عُبادة، بهذا الإسناد. ويشهد للمرفوع منه حديث أبي هريرة عند مسلم (2113)، وقد سلف عند المصنف برقم (2555). وحديث أم حبيبة السالف عند المصنف برقم (2554). وانظر تمام شواهده في "المسند" (4811).

7 - باب في ربط الأسنان بالذهب

7 - باب في ربطِ الأسنان بالذهب 4232 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ ومحمدُ بنُ عبد الله الخُزاعيُّ -المعنى- قالا: حدَّثنا أبو الأشْهبِ، عن عبدِ الرحمن بن طرَفَةَ أن جده عَرْفَجَةَ بن أسعدٍ قُطِعَ أنفُه يوم الكُلاب فاتخذ أنفاً من وَرِقٍ، فأنتنَ عليه، فأمرَهُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فاتخذ أنفاً من ذهب (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. عبد الرحمن بن طرفة -وإن روى عنه اثنان ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان والعجلي- قد حَسَّن حديثه هذا الترمذي، وقال الآجُرِّي: سئل أبو داود عن عبد الرحمن بن طرفة حديث أبي الأشهب؟ قال: هذا حديث قد رواه الناس. قلنا: وقد أدرك جده كما صرح بذلك هو لأبي الأشهب كما في رواية النسائي في "الكبرى" (9401) وغيره، وكذلك قال أبو الأشهب كما في الطريق الآتي بعده، وذكر البخاري في "تاريخه" 4/ 64 أنه رأى جده. قلنا: فحملوا ذلك على الاتصال، والله أعلم. أبو الأشهب: هو جعفر بن حيان العُطاردي، وقد أخطأ الحافظ المنذري إذ ظنه جعفر بن الحارث الواسطي الضعيف، والصواب أنه رجل آخر، وقد سبقه إلى هذا الخطأ ابن الجوزي كما ذكر الحافظ في "تهذيب التهذيب". وأخرجه الترمذي (1868) و (1869)، والنسائي في "الكبرى" (9401) من طريق أبي الأشهب جعفر بن حيان، والنسائي (9400) من طريق سَلْم بن زَرير، كلاهما عن عبد الرحمن بن طرفة، به. وهو في "مسند أحمد" (19006)، و "صحيح ابن حبان" (5462). وانظر تالييه. قال الخطابي: يوم الكُلاب: يوم معروف من أيام الجاهلية ووقعة مذكورة من وقائعهم. والكُلاب: اسم ماء بين الكوفة والبصرة، انظر خبر هذا اليوم في "أيام العرب في الجاهلية" ص 46 - 50. والورِق، مكسورة الراء: الفضة، والورَق بفتح الراء: المال من الإبل والغنم. وفيه: استعمال اليسير من الذهب للرجال عند الضرورة، كربط الأسنان به، وما جرى مجراه مما لا يجري غيره فيه مجراه. وقال المنذري: الكُلاب - بضم الكاف وتخفيف اللام وباء بواحدة.

8 - باب في الذهب للنساء

4233 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ وأبو عاصم، قالا: حدَّثنا أبو الأشهبِ، عن عبدِ الرحمن بنِ طَرَفَةَ عن عرفَجَةَ بنِ أسعد، بمعناه، قال يزيد: قلتُ لأبي الأشهبِ أدرك عبدُ الرحمن بنُ طَرَفةَ جدَّه عرفجةَ؟ قال: نعم (¬1). 4234 - حدَّثنا مؤمَّلُ بنُ هشامٍ، حدَّثنا إسماعيلُ، عن أبي الأشهب، عن عبدِ الرحمن بن طرفَةَ بن (¬2) عرفجَةً بن أسعدٍ، عن أبيه أن عرفجَةَ بمعناه (¬3). 8 - باب في الذهب للنساء 4235 - حدَّثنا ابنُ نُفَيلٍ، حدَّثنا محمد بن سلمةَ، عن محمد بن إسحاقَ، حدَّثني يحيى بن عبَّادٍ، عن أبيه عبَّادِ بن عبد الله عن عائشة، قالت: قدِمَتْ على النبي - صلَّى الله عليه وسلم - حليةٌ مِنْ عندِ النَّجاشيِّ أهداها له، فيها خاتِمٌ مِن ذهبٍ، فيهِ فَصٌّ حَبَشِيٌّ، قالت: فأخذه ¬

_ (¬1) إسناده حسن كسابقه. (¬2) وقع في (أ) و (ب) و (ج): عن عبد الرحمن بن طرفة، عن عرفجة بن أسعد، عن أبيه، فجعله من مسند أسعد والد عرفجة، وهو ناشئ عن تحريف قديم نبّه عليه الخطيب، حيث وقع هكذا عن عرفجة بن أسعد عن أبيه، وأن الصواب: ابن عرفجة بن أسعد عن أبيه. قلنا: وقد جاء عندنا على الصواب في (هـ) وهي برواية ابن داسه، وأخرجه البيهقي أيضاً 2/ 426 من طريق ابن داسه كما جاء في الأصل الذي عندنا بروايته -يعني على الصواب- وقد جاء في تحفة الأشراف، (9895) على الصواب كذلك. (¬3) حديث حسن، وهذا إسناد زاد فيه إسماعيل -وهو ابن علية- طرفة بن عرفجة بن أسعد، وتابعه على زيادته الحسين بن الوليد النيسابوري عند البيهقي 2/ 425 لكن خالفهما جمع كبير من الثقات كما في الطريقين السابقين، فرووه عن أبي الأشهب دون ذكر طرفة والد عبد الرحمن، وكذلك رواه سَلْم بن زَرير عن عبد الرحمن بن طرفة، فروايهم هي المحفوظة، والله تعالى أعلم.

رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بِعُودٍ مُعرِضاً عنه، أو ببعضِ أصابعِه، ثم دعا أُمامةَ بنتَ أبي العاص -ابنةَ ابنتِهِ زينب- فقال: "تحلَّي بهذا يا بُنيةُ" (¬1). 4236 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلمةَ، حدَّثنا عبدُ العزيزِ -يعني ابنَ محمد- عن أَسِيد بنِ أبي أسِيدٍ البرَّادِ، عن نافع بنِ عيَّاش عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: مَنْ أحبَّ أن يُحلِّق حَبِيبَهُ حَلْقةً مِن نارٍ فليُحلِّقْهُ حلقةً من ذَهَبٍ، ومن أحبَّ أن يطوِّق حبيبَه طوقاً من نارٍ فليطوِّقه طوقاً من ذهب، ومن أحبَّ أن يسوِّر حبيبَه سِواراً من نارٍ، فليُسوِّرْهُ سِواراً من ذهبٍ، ولكن عليكم بالفِضَّةِ فالعبُوا بِها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن: فقد صرح محمد بن إسحاق بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه. ابن نُفيل: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نُفيل الحراني. وأخرجه ابن ماجه (3644) من طريق محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24880). (¬2) إسناده حسن. أسيد بن أم أسيد قال عنه الحافظان الذهبي وابن حجر: صدوق. وأخرجه أحمد (8416) من طريق زهير بن محمد الخراساني، وأحمد (8910)، والبيهقي 4/ 140 من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوري، كلاهما عن أسيد بن أبي أسيد، به. وخالفهما عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عند أحمد (19718)، وابن عدي 4/ 1608 فرواه عن أسيد بن أبي أسيد، عن ابن أبي موسى، عن أبيه، أو ابن أبي قتادة عن أبيه. وعبد الرحمن بن عبد الله هذا ضعيف. قوله: "حبيبه"، المراد به هنا الذَّكَر وليس الأنثى، كما هو واضح من سياق المتن، وقد نص أهل العربية في باب التأنيث على أن فعيل الذي بمعنى مفعول إذا لم =

4237 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عوانةَ، عن منصورٍ، عن رِبعيِّ بنِ حراشٍ، عن امرأته عن أُختٍ لحُذَيفة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِقال: "يا معشَرَ النِّساء، أما لَكُنَّ في الفضَّةِ ما تَحلَّينَ بهِ، أما إنَّهُ ليس مِنْكُنَّ امرأةٌ تَحلَّى ذهباً تُظهِرُه إلا عُذِّبَتْ به" (¬1). 4238 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ بنُ يزيدَ العطّارُ، حدَّثنا يحيى، أن محمودَ بنَ عَمرٍو الأنصاريَّ حدَّثه أن أسماء بنتَ يزيدَ حدَّثته، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "أيُّما امرأةٍ تقلدَت قِلادةً مِن ذهبٍ قُلِّدت في عنقها مثله من النَّار يومَ القيامةِ، ¬

_ = يُذكر موصوفه من المؤنث لحقته التاء، نحو: هذه ذبيحة، ونطيحة، أي: مذبوحة ومنطوحة، وإن ذكر موصوفه حذفت منه التاء غالباً نحو: مررت بامرأة جريح وبعين كحيل، أي: مجروحة ومكحولة، وقد تلحقه التاء أحياناً نحو: خصلة ذميمة، أي: مذمومة، وفعلة حميدة، أي: محمودة. انظر "شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك" 93/ 4 - 94. ولم يتفطن الشيخ الألباني رحمه الله في "آداب الزفاف" ص 223 إلى ذلك. فجعل فعيلاً بمعنى مفعول يشمل الرجل والمرأة، فحرَّم بسبب خطئه على النساء لبس الذهب المحلق، مع أن الإجماع على حِلِّيَتِه لهن. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة امرأة ربعي بن حراش. منصور: هو ابن المعتمر، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9375) و (9376) من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23380). وفي الباب عن أسماء بنت يزيد في الحديث الآتي بعده وإسناده ضعيف كذلك.

وأيُّما امرأةٍ جعلت في أُذُنها خُرْصاً مِن ذهب جُعِلَ في أُذنها مثلُها مِن النار يومَ القيامةِ" (¬1). 4239 - حدَّثنا حُميدُ بنُ مسعْدَة، حدَّثنا إسماعيلُ، حدَّثنا خالدٌ، عن ميمونٍ القنَّادِ، عن أبي قِلابة عن معاوية بنِ أبي سُفيان: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - نَهَى عن رُكُوب النِّمارِ، وعن لُبْسِ الذَّهَبِ إلا مُقطَّعاً (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة محمود بن عمرو الأنصاري -وهو ابن يزيد بن السكن- يحيى: هو ابن أبي كثير. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9377) من طريق يحيى بن أبي كثير، به. وهو في "مسند أحمد" (27577). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناده ضعيف. أبو قلابة لم يسمع من معاوية كما قال المصنف وأبو حاتم الرازي، وميمون القناد حديثه عن أبي قلابة مرسل فيما ذكر البخاري في "تاريخه الكبير" 7/ 340، وقال الإِمام أحمد عن ميمون هذا: ليس بمعروف، وذكره الذهبي في "الميزان" وقال: والحديث منكر. قلنا: لكن روي الحديث من طريقين آخرين صحيحين. أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي، وخالد: هو ابن مهران الحذاء، وإسماعيل: هو ابن عُليّه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9389) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، به. وأخرجه أيضاً (9388) من طريق سفيان بن حبيب، عن خالد، عن أبي قلابة، به فأسقط من إسناده ميموناً القناد. وهو في "مسند أحمد" (16844). وقد سلف النهي عن ركوب النمار عند المصنف بإسناد صحيح برقم (4129). وأخرج قطعة النهي عن الذهب إلا مقطعاً: النسائيُّ في "الكبرى" (9390) و (9391) من طريق قتادة، و (9398) من طريق بيهس بن فهدان، كلاهما عن أبي شيخ الهُنائي. وإسناده صحيح.=

قال أبو داود: أبو قِلابة لم يَلْقَ معاوية. آخر كتاب الخاتِم ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (16833) و (16901). قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" 20/ 64: وأما باب اللباس، فإن لباس الذهب والفضة يباح للنساء بالاتفاق، ويُباح للرجل ما يحتاج إليه من ذلك، ويباح يسير الفضة للزينة، وكذلك يسير الذهب التابع لغيره، كالطرز ونحوه في أصح القولين في مذهب أحمد وغيره، فإن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نهى عن الذهب إلا مقطعاً. قنا: وقد بوّب له النسائي بقوله: تحريم الذهب على الرجال، وهو واضح الدلالة في ذلك، لأن النهي عن الحرير وعن لبس الذهب إنما هو في حق الرجال، لا النساء، وهذا الذي انتهى إليه أهل العلم الذين تعتمد أقوالهم ويُرجع إليها في فقه النصوص. وعامة أهل العلم سلفاً وخلفاً على إباحة تحلي النساء بالذهب محلقاً أو غير محلق كالطوق والخاتم والسوار والخلخال والقلائد، ونقل الإجماع على ذلك أبو بكر الجصاص الرازي في "أحكام القرآن" 4/ 477، والقرطبي في "تفسيره " 16/ 71 - 72، والنووي في "المجموع" 4/ 442 و 6/ 40، وابن حجر في "فتح الباري"10/ 317. وانظر لزاماً رسالة الشيخ الفاضل مصطفى العدوي، فإنها نفيسة في بابها.

أول كتاب الفتن

أول كتاب الفتن 1 - ذكرُ الفتنِ ودلائلِها 4240 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ عن حُذيفة، قال: قامَ فينا رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- قائماً، فما تركَ شيئاً يكونُ في مقامِه ذلك إلى قيامِ السَّاعة إلا حدَّثَه، حَفِظَهُ من حَفِظَه ونَسِيَهُ مَنْ نَسِيَه، قد عَلِمَه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكونُ منه الشيءُ فأذكرُه كما يذكرُ الرجلُ وجهَ الرجِل إذا غابَ عنه، ثم إذا رآه عرفه (¬1). 4241 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا أبو داودَ الحفريُّ، عن بدرِ بنِ عُثمان، عن عامِرٍ، عن رجُلٍ عن عبد الله، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "يكون في هذه الأُمَّةِ أربعُ فِتَنٍ في آخِرِهَا الفنَاءُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة، والأعمش: هو سُليمان بن مهران، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه البخاري (6604)، ومسلم (2891) من طريق سفيان الثوري، ومسلم (2891) من طريق جرير بن عبد الحميد، كلاهما عن الأعمش، به. وأخرجه بنحوه مسلم (2891) من طريق أبي إدريس الخولاني، و (2891) من طريق عبد الله بن يزيد الخطمي، كلاهما عن حذيفة بن اليمان. وهو في "مسند أحمد" (23274)، و "صحيح ابن حبان" (6636) و (6637). وانظر ما سيأتي برقم (4243). (¬2) إسناده ضعيف لابهام الراوي عن عبد الله -وهو ابن مسعود- أبو داود الحَفَري: هو عمر بن سعْد الكوفي. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 170 من طريق بدر بن عثمان، بهذا الإسناد.

4242 - حدَّثنا يحيى بنُ عثمانَ بنِ سعيدٍ الحمصيُّ، حدَّثنا أبو المُغيرةِ، حدَّثني عبدُ الله بنُ سالمٍ، حدَّثني العلاءُ بن عُتبةَ، عن عُمير بن هانئٍ العنسيّ سمعتُ عبدَ الله بنَ عُمر، يقولُ: كنا قُعوداً عندَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فذكر الفِتن، فأكثر في ذِكْرها حتى ذَكَرَ فِتنةَ الأحْلاسِ، فقال قائِلٌ: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ، وما فِتنةُ الأحْلاسِ؟ قال: هي هَرَبٌ وحَرَبٌ، ثم فِتنةُ السَّرَّاء دَخَنُها مِنْ تَحتِ قدَمَي رَجُلٍ مِن أهل بيتي يزعُمُ أنهُ منَّي وليسَ مني، وإنما أوليائِيَ المتقونَ، ثم يصطلحُ الناسُ على رجلٍ كورِكٍ على ضِلَعٍ، ثم فتنةُ الدُّهيماءِ لا تَدَع أحداً مِن هذه الأمةِ إلا لطمتهُ لطمةً، فإذا قيل: انقضت، تمادت، يُصبِحُ الرجلُ فيها مؤمناً ويُمسي كافراً، حتى يصيرَ الناسُ إلى فُسطاطَيْن: فُسطاطُ إيمانٍ لا نِفاقَ فيه، وفُسْطاط نِفاقٍ لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكُم، فانتظروا الدَّجالَ من يومه أو غدِهِ" (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكن قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "العلل" 2/ 417: روى هذا الحديث ابن جابر، عن عمير بن هانئ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مرسلاً، والحديث عندي ليس بصحيح كأنه موضرع، وقال أبو نعيم: غريب من حديث عمير والعلاء، لم نكتبه مرفرعاً إلا من حديث عبد الله بن سالم. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني. وأخرجه أحمد (6168)، والطبراني في "مسند الشاميين" (2551)، والحاكم 4/ 466 - 467، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 158، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 400 - 401 والبغوي في "شرح السنة" (4226) من طريق أبي المغيرة الخولاني، بهذا الإسناد. وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (93) عن الوليد بن مسلم، عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، عن عمير بن هانئ، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - مرسلاً. =

4243 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ، حدَّثنا ابنُ أبي مريمَ، أخبرنا ابنُ فرُّوخَ، أخبرنا أسامةُ بنُ زيدٍ، أخبرني ابن لقبيصةَ بنِ ذُؤيب، عن أبيه قال: قال حذيِفةُ بنُ اليمانِ: والله ما أدرِي: أنَسِيَ أصحابي أم تناسَوْا؟ واللهِ ما تركَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مِن قائدِ فتنةٍ إلى أن تنقَضِيَ الدنيا يبلغُ من مَعَهُ ثلاثَ مئةٍ فصاعداً، إلا قد سماه لنا باسمِه واسمِ أبيه واسم قَبِيلتِه (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: قوله: "فتنة الأحلاس" إنما أُضيفت الفتنة إلى الأحلاس لدوامها، وطول لبثها، يقال للرجل إذا كان يلزم بيته لا يبرح منه: هو حِلْس بيته، لأن الحِلْس يفترش فيبقى على المكان ما دام لا يُرفع، وقد يحتمل أن تكون هذه الفتنة إنما شبهت بالأحلاس لسواد لونها وظلمتها. والحَرَب: ذهابُ المالِ والأهلِ، يقال: حَرب الرجل فهو حريب: إذا سُلب أهلُه ومالُه، والدَّخَن: الدخان يُريد أنها تثور كالدخان من تحت قدميه، وقوله: "كورك على ضلع" مثل، ومعناه الأمر الذي لا يثبت ولا يستقيم، وذلك أن الضلع لا يقوم بالورك ولا يحمله، وإنما يقال في باب الملائمة والموافقة إذا وصفوا: هو ككف في ساعد وكساعد في ذراع، أو نحو ذلك، يريد: إن هذا الرجل غير خليق للملك ولا مستقِلٍّ به. والدُّهيماء: تصغير الدهماء، وصغرها على مذهب المذمة لها، والله أعلم. وفتنة السراء: قال القاري: والمراد بالسراء النعماء التي تسرّ الناس من الصحة والرخاء والعافية من البلاء والوباء، وأضيفت إلى السراء لأن السبب في وقوعها ارتكاب المعاصي بسبب كثرة التنعم أو لأنها تسر العدوّ. والفسطاط: المدينة التي يجتمع فيها الناس، وكل مدينة فسطاط، ويكون الفسطاط مجتمع أهل الكورة حول جامعها، ومنه فسطاط مصر. (¬1) إسناده ضعيف لضعف ابن فزوخ -وهو عبد الله بن فزُوخ الخُراساني- وابن قبيصة بن ذؤيب إن كان إسحاق فهو صدوق، وإلا فهو مجهول لا يُعرف، وأسامة بن زيد -وهو الليثي- فيه ضعف. =

4244 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ وقتيبة بن سعيد (¬1) -دخل حديث أحدهما في الآخر- قالا: حدَّثنا أبو عوانةَ، عن قتادَة، عن نصرِ بنِ عاصمٍ عن سُبَيع بنِ خالدٍ، قال: أتيتُ الكوفة في زمنِ فُتحَتْ تُسْتَرُ أجلُبُ منها بِغالاً، فدخلتُ المسجدَ، فإذا صَدَعٌ من الرِّجالِ، وإذا رَجُلٌ جالسٌ تَعْرِفُ إذا رأيته أنه مِن رجال أهلِ الحِجاز، قال: قلتُ: من هذا؟ فتجهَّمني القومُ، وقالوا: أما تَعْرِفُ هذا؟ هذا حذيفةُ صاحبُ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال حُذيفة: إن الناسَ كانوا يسألون رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الخيرِ، وكنتُ أسألُه عن الشَّرِ، فأحْدَقَهُ القومُ بابصارِهم، فقال: إني قد أرَى الذي تُنْكِرُونَ، إني قلتُ: يا رسولَ الله، أرأيتَ هذا الخيرَ الذي أعطانا الله أيكونُ بعدَهُ شرٌّ كما كان قبلَه؟ قال: "نعم" قلتُ: فما العِصْمَةُ من ذلك؟ قال: "السيفُ " -قال قتيبة في حديثه- قلت: وهل للسيف يعني من بقيّةٍ؟ قال: "نعم"، قال: قلتُ: ماذا؟ قال: "هُدْنةٌ على دَخَنٍ" قال: قلتُ: يا رسول الله، ثم ماذا؟ قال: "إن كان لله خليفةٌ في الأرض، فضرَبَ ظهرَك وأخذَ مالك فأطعهُ، وإلا فمت وأنت ¬

_ = وذكر الحافظ في "الفتح" 11/ 496 أن القاضي عياضاً أخرج هذا الحديث في "الشفاء" بإسناد الحديث السابق برقم (4240)، قال: ولم أر هذه الزيادة في كتاب أبي داود. قلنا: هو في "الشفا" 1/ 336 في فصل: ومن ذلك ما أُطلع عليه من الغيوب. (¬1) طريق قتيبةَ بنِ سعيدٍ هذه أثبتناها من (هـ)، وهي برواية ابن داسه، وهي في هامش (أ) منسوبة لابن داسه أيضاً، ولم تَرد في بقية أُصُولنا الخطية، ولم يذكرها المزِّيُّ في "التحفة" (3332). ولم يذكر الخطابي عند شرحه لهذا الحديث الزيادة التي زادها قتيبة في الحديث إلى قوله: "هُدنة على دَخَنٍ"، لكنه نسبَها لغير هذه الرواية، مع أن الخطابيَّ يروي "السنن" برواية ابنِ داسه، فلعلها في بعض روايات ابن داسه دون بعضٍ، والله تعالى أعلم.

عاضٌّ بجِذْل شَجَرةٍ" قلتُ: ثم ماذا؟ قال: "ثم يخرُجُ الدَّجَّالُ معه نهرٌ ونارٌ، فمن وقع في نارِه وجبَ أجرُه وحُطَّ وزرُهُ، ومَنْ وقَعَ في نهرِهِ وجَبَ وزْرُه وحُطَّ أجرُه" قال: قلتُ: ثم ماذا؟ قال:، ثم هي قيامُ الساعةِ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح دون ذكر السيف، وهذا إسناد حسن من أجل سُبَيع بن خالد -ويقال: خالد بن سُبيع، ويقال: خالد بن خالد، اليشكري- فقد روى عنه جمع ووثقه العجلي وابن حبان، وقد توبع. وقصة السيف لم تذكر إلا في طريق قتادة، ول يذهبها حميد بن هلال عن نصر، ولا سائر الرواة عن حذيفة. وأخرجه أحمد (23430)، الحاكم 4/ 432 - 433 من طريق أبي عوانة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3606) و (7084)، ومسلم (1847)، وابن ماجه (3979) من طريق بُسر بن عُبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسألُه عن الشر مخافة أن يُدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كما في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: "نعم"، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم، وفيه دَخَنٌ". قلت: وما دخَنُه؟ قال: "قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتُنكر". قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم، دُعاة إلى أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله، صِفْهم لنا؟ فقال: "هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا،، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامَهم"، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلَّها، ولو أن تَعَضَّ بأصل شجرة، حتى يُدركك الموت وأنت على ذلك". وأخرجه بنحو رواية أبي إدريس الخولاني مختصراً مسلم (1847) من طريق زيد ابن سلام، عن أبي سلاّم، قال: قال حذيفة، وزاد فيه: "تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك، وأخذ مالك، فاسمع وأطع"، ولم يذكر فيه الاعتزال عند عدم وجود الامام. =

4245 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، عن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ، عن نصرِ بنِ عاصمٍ، عن خالدِ بنِ خالدٍ اليَشْكُرِيِّ، بهذا الحديثِ، قال: قلت: بعدَ السيف، قال: "بقيةٌ على أقذاءٍ، وهُدْنَة على دَخَنٍ" ثم ساقَ الحديثَ، قال: وكان قتادُة يَضَعُهُ على الرِّدة التي في زمنِ أبي بكر: "على أقذاء"، يقول: قذىً، و"هُدنة" يقول: صُلْحٌ "على دَخَنٍ" لما على ضغائن (¬1). ¬

_ = وأخرج منه قصة سؤال حذيفة النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- عن الشر وسؤال الناس له عن الخير: البزار (2794) من طريق جندب بن عبد الله البجلي، والبخاري (3607) والبزار (2939) من طريق قيس بن أبي حازم، كلاهما عن حذيفة. ولفظ البخاري: تعلم أصحابي الخير وتعلمت الشر. وأخرج قصة الدجال منه البخاري (3450)، ومسلم (2934) من طريق ربعي بن حراش، ومسلم (2934)، وابن ماجه (4071) من طريق أبي وائل شقيق، كلاهما عن حذيفة. لفظ ربعي عند البخاري: "إن مع الدجال إذا خرج ماء وناراً، فأما الذي يرى الناس أنها النار فماء بارد، وأما الذي يرى الناسُ أنه ماء بارد فنار تحرق، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يرى أنها نار، فإنه عذب بارد". ولفظ أبي وائل: "الدجال أعور العين اليسرى، جُفَالُ الشعر، معه جنة ونار، فناره جنة، وجنته نار". وقوله: جفال الشعر، أي: كثيره. وستأتي قصة الدجال من طريق ربعي بن حراش عند المصنف برقم (4315). وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" (23282). وانظر الأحاديث الثلاثة الآتية بعده. قال الخطابي: وروى أبو داود في غير هذه الرواية أنه قال: "هدنة على دخَن، وجماعة على أقذاء". الصدع من الرجال -مفتوحة الدال-: هو الشابّ المعتدل القناة، ومن الوعول الفتى. وقوله: "والجذل، أصل الشجرة إذا قطع أغصانها، ومنه قول القائل من الأنصار: "أنا جُذَيلها المُحكَّك". (¬1) حديث صحيح دون ذكر السيف، وهذا إسناد حسن كسابقه. =

4246 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، حدَّثنا سليمانُ بن المُغيرة، عن حُميدٍ عن نصرِ بنِ عاصم الليثيِّ قال: أتينا اليشْكُرِي في رهْطٍ مِن بني ليْثٍ، فقال: مَنِ القومُ؟ فقلنا: بنو ليث. فقُلنا: أتيناكَ نسالُك، عن حديثِ حُذَيفة، قال: أقبلْنا مع أبي موسى قافلين، وغَلَت الدوابُّ بالكوفة قال: فسألت أبا موسى أنا وصاحب لي، فأذِن لنا، فقدمنا الكوفةَ، فقلت لصاحبي: أنا داخل المسجدَ، فإذا قامتِ السوقُ خرجتُ إليك، قال: فدخلتُ المسجدَ، فإذا فيه حَلْقةٌ كأنما قُطِعت رؤوسهم لِستمعون إلى حديث رجلٍ، قال: فقمتُ عليهم، فجاء رجل فقام إلى جنبي، فقلتُ: من هذا؟ قال: أبصريٌّ أنت؟ قلتُ: نعم، قال: قد عرفتُ، لو كنت كوفياً لم تسألْ عن هذا، قال: فدنوت منه، فسمعتُ حذيفة يقول: كان الناسُ يسألون رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، وعرفتُ أن الخير لن يسبقني. ¬

_ = وهو في"مصنف عبد الرزاق" (20711)، ومن طريقه أخرجه أحمد (23429)، والبغوي في "شرح السنة" (4219). وانظر ما قبله، وانظر تالييه أيضاً. وقد زاد في حديث معمر زيادة بعد ذكر الدجال وهي: "ثم يُنتجَ المُهرُ فلا يُركب حتى تقوم الساعة"، وهذه الزيادة أيضاً مروية من طريق صخر بن بدر الآتي عند المصنف برقم (4247)، وهي زيادة لا تصح، لأنها مخالفة لحديث أبي هريرة الآتي عند المصنف برقم (4324) وهو حديث صحيح، ومخالف كذلك لحديث عائشة عند أحمد (24467) وهو حديث حسن. ولأن صخراً مجهول. قال الخطابي: قوله: "هدنة على دخَن" معناه: صلح على بقايا من الضغن، وذلك أن الدخان أثر من النار دالٌّ على بقية منها. وقوله: "جماعة على أقذاء" يؤكد ذلك. وقوله: "بقية على أقذاء": قال السندي: أي يبقى الناسُ بقية على فساد قلوبهم، فشبّه ذلك الفساد بالأقذاء، جمع قذى، وهو ما يقع في العين والشراب من غبار ووسخ.

قال: قلتُ: يا رسولَ الله، بعدَ هذا الخيرِ شرٌّ؟ قال: "يا حذيفة، تعلَّم كتابَ الله، واتَّبعْ ما فيه" ثلاثَ مرارٍ، قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، بعد هذا الخير شرٌّ؟ فقال: "يا حذيفةُ، تعلَّم كتابَ اللهِ، واتبع ما فيه" قلتُ: يا رسولَ الله، بعدَ هذا الخير شرٌّ؟ قال: "فِتنةٌ وشرٌّ"، قلتُ: يا رسول الله، بعد هذا الشرِّ خيرٌ؟ قال: "يا حذيفةُ، تعلَّم كتابَ اللهِ، واتَّبعْ ما فيه" ثلاث مِرارٍ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، بَعْدَ هذا الشَّرِّ خَيْرٌ؟ قال: "هُدْنة على دَخَنٍ، وجماعةٌ على أقذاء، فيها -أو فيهم-" قلتُ: يا رسولَ الله، الهدنةُ على الدَّخَنِ ما هِيَ؟ قال: "لا ترجِعُ قلوبُ أقوامٍ على الذي كانت عليه" قال: قلتُ: يا رسولَ الله، بعدَ هذا الخيرِ شرٌّ؟ قال: "يا حذيفةُ، تعلَّم كتابَ اللهِ، واتّبعْ ما فيه" ثلاث مِرارٍ، قال: قلت: يا رسولَ الله، بعد هذا الخير شرٌّ؟ قال: "فِتنةٌ عمياءُ صمَّاءُ، عليها دُعاةٌ على أبوابِ النارِ، فإن مِتَّ يا حُذيفةُ وأنتَ عاضٌّ على جِذْلٍ، خيرٌ لكَ مِن أن تتبعَ أحداً منهم" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن سابقيه. واليشكري: هو سُبيع الذي سبق ذكره في الإسنادين السابقين، وقد اختلف في اسمه. وأخرجه الطيالسي (442)، وابن أبي شيبة 15/ 9 و 17، وأحمد (23282)، والنسائي في "الكبرى" (7978)، وابن حبان (5963)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 271 - 272 من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (7343) من طريق أبي عامر صالح بن رستم، عن حميد بن هلال، عن نصر بن عاصم، عن عبد الرحمن بن قرط، عن حذيفة. وقد خالف أبو عامر صالحُ بنُ رستم في إسناده سليمانَ بنَ المغيرة الثقة، كما خالف رواية قتادة عن نصر بن عاصم في الطريقين السابقين، وأبو عامر لينه بعضهم، ثم إنه رواه مرة أخرى فأسقط من إسناده نصر بن عاصم، فلم يضبط الإسناد. =

4247 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الوارث، حدَّثنا أبو التَّيَّاح، عن صخْر ابنِ بدرٍ العِجْليِّ، عن سُبَيع بنِ خالد، بهذا الحديثِ عن حذيفةَ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: فإن لم تَجِدْ يومئذٍ خليفةً فاهْرُبْ حتى تموتَ، فإن تَمُتْ وأنتَ عاضٌّ" وقال في آخره قال: قلتُ: فما يكون بعد ذلك؟ قال: "لو أن رجلاً نَتَجَ فرسَاً لم تُنتَجْ حتى تقوم الساعة" (¬1). ¬

_ = فقد أخرجه النسائي في "الكبرى" (7979)، والحاكم 4/ 432 من طريق أبي عامر صالح بن رستم هذا، عن حميد بن هلال، عن عبد الرحمن بن قرط، عن حذيفة. وعبد الرحمن بن قرط مجهول. وقد رُوي معظم الحديث من طرق أخرى صحيحة كما بيناه عند الحديث السالف برقم (4244). وأخرج منه أمره حذيفةَ بتعلم القرآن واتباع ما فيه، ابن حبان (117)، والبيهقي في "الشعب" (1941) من طريق عبد الله بن الصامت، والبزار في "مسنده" (2799) من طريق أبي الطُّفيل، كلاهما عن حذيفة. والطريق الأول إسناده صحيح والثاني حسن. وأخرجه دون قصة أمره - صلَّى الله عليه وسلم - حذيفةَ بتعلم القرآن: البزار (2811)، والطبراني في "الأوسط" (3531) من طريق زيد بن وهب، عن حذيفة. وإسناده حسن. (¬1) حديث صحيح دون ذكر السيف الذي في الرواية السالفة (4244) ودون قوله: "لو أن رجلاً نَتج فرساً لم تنتج حتى تقوم الساعة" وهذا إسناد ضعيف لجهالة صخر بن بدر العجلي. وقد روي الحديث دون هذين الحرفين بأسانيد أخرى صحيحة سلفت الإشارة إليها عند الحديثين (4244) و (4246). وللكلام على قوله: "لو أن رجلاً نتج ... " انظر الحديث السالف برقم (4245).أبو التياح: هو يزيد بن حميد الضبعي، وعبد الوارث: هو ابن سدِد العنبري. وأخرجه الطيالسي (443)، وابن أبي شيبة 15/ 8، وأحمد (23425) و (23427) و (23428) من طريق صخر بن بدر، به. وقوله: "لو أن رجلاً نتج فرساً" أي: لو أنه سعى في تحصيل ولد فرسِه لكان قيام الساعة أقرب زمناً ووقوعاً من حمل الفرس وولادتها.

4248 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يونسَ، حدَّثنا الاعمشُ، عن زيدِ ابنِ وهبٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ عبدِ ربَّ الكعبةِ عن عبدِ الله بن عمرو، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من بايَعَ إماماً فأعطاهُ صَفقَة يدِهِ وثمرةَ قَلْبِه، فليطِعْهُ ما استطاعَ، فإن جاء آخرُ يُنازِعهُ فاضرِبوا رقبةَ الآخرِ". قلتُ، أنتَ سمعتَ هذا مِنْ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟ قال: سمِعَتْه أُذُناي، ووسماه قلبي، قلت: هذا ابنُ عمك معاويةُ يأمرُنا أن نفعَلَ ونفعَلَ، قال: أطِعْهُ في طاعَةِ الله، واعْصِهِ في معصيةِ اللهِ (¬1). 4249 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ، حدَّثنا عُبيد الله بنُ موسى عن شيبانَ، عن الاعمشِ، عن أبي صالح ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مِهران، وعيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السَّبيعي، ومُسدَّد: هو ابن مُسرهَد. وأخرجه مسلم (1844)، وابن ماجه (3956)، والنسائي في "الكبرى" (7766) و (8676) من طريق سليمان الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6501)، و"صحيح ابن حبان" (5961). ويشهد للمرفوع منه حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم (1853) قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما". قال النووي في "شرح مسلم": المقصود بهذا الكلام أن هذا القائل لما سمع كلام عبد الله بن عمرو بن العاص وذكر الحديث في تحريم منازعة الخليفة الأول، وأن الثاني يقتل، فاعتقد هذا القائل هذا الوصف في معاوية لمنازعته علياً رضي الله عنه، وكانت قد سبقت بيعةُ علي، فرأى هذا أن نفقة معاوية على أجناده وأتباعه في حرب علي ومنازعته ومقاتلته إياه من أكل المال بالباطل، ومن قتل النفس؛ لأنه قتال بغير حق فلا يستحق أحد مالاً في مقاتلته. ثم قال: قوله: "أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله" هذا فيه دليل لوجوب طاعة المتولِّين للإمامة بالقهر من غير إجماع ولا عهد.

عن أبي هريرة، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-صلَّى الله عليه وسلم- قال: "ويْل لِلعَربِ مِن شرٍّ قد اقتربَ، أفلحَ من كفَّ يَدَهُ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمّان، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النحوي. وأخرجه أحمد (9691) من طريق محمَّد بن عُبيد، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2299) والبيهقي في "شعب الإيمان" (5330) من طريق شيبان بن عبد الرحمن النحوي، وابن بشران في "أماليه" (353) من طريق عمر بن عبيد، ونعيم بن حماد في "الفتن" (344) عن حفص بن غياث، وأبو نعيم في "الحية" 8/ 265 من طريق سفيان الثوري، كلهم عن الأعمش، به. زاد الطحاوي والبيهقي في روايتيهما: "تقربوا يا بني فروخ إلى الذكر، فإن العرب قد أعرضت والله، والله إن منكم رجالاً لو كان العلم بالثريا لنالوه" وزاد عمر بن عبيد: اللهم لا تدركني إمارة الصبيان. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 55 عن أبي معاوية، عن الأعمش، به موقوفاً. وأخرجه الحاكم 4/ 439 - 440، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (53) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رفعه: "ويل للعرب من شر قد اقترب، موتوا إن استطعتم" وإسناده حسن. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (6705)، ونعيم بن حماد في "الفتن" (467) من طريق عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي، عن ثور بن زيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة، رفعه "ويل للعرب من شر قد اقترب، من فتنة عمياء صماء بكماء، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ويل للساعي فيها من الله". وإسناده صحيح. وأخرجه أحمد (9073)، وجعفر الفريابي في "صفة المنافق" (100) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 70/ 35 من طريق أبي يونس سليم بن جبير، عن أبي هريرة رفعه: "ويل للعرب من شر قد اقترب، فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمنا ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا، المتمسك منهم يومئذ على دينه كالقابض على خبط الشوك أو جمر الغضى"، وفي إسناده عبد الله بن لهيعة، =

4250 - قال أبو داود: حُدِّثت، عن ابنِ وهب، قال: حدَّثنا جريرُ بنُ حازم، عن عُبيد الله بنِ عمر، عن نافعٍ ¬

_ = لكن الراوي عنه عند الفريابي قتيبة، وهو ممن حسَّن أهل العلم روايته عن ابن لهيعة. ويشهد لقوله آخر الحديث: "المتمسك منهم يومئذ على دينه ... " حديث أنس عند الترمذي (2412)، وحديث أبي ثعلبة الخشني الآتي عند المصنف برقم (4341). وأخرجه أحمد (10926) و (10984)، والبزار (3331 - كشف الأستار)، وأبو يعلى (6645) من طريق عاصم بن بهدلة، عن زياد بن قيس، عن أبي هريرة رفعه: "ويل للعرب من شر قد اقترب، ينقص العلم، ويكثر الهرج" قلت: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وما الهرج؟ قال: "القتل". وزياد بن قيس مجهول، لكن تابعه على الشطر الأول من الحديث من سبق ذكرهم، وأما الشطر الثاني: فتابعه عليه غير واحد كما سيأتي عند الحديث (4255). وأخرجه الحاكم 4/ 180 من طريق عاصم بن محمَّد بن زيد، عن أبيه، عن أبي هريرة رفعه: "ويل للعرب من شر قد اقترب" ورجاله ثقات، لكن أعله الذهبي بالانقطاع. وأخرجه عبد الرزاق (20777)، ومن طريق نعيم بن حماد (1981)، والحاكم 4/ 483 عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن رجل -قال معمر: أراه سعيداً. قلنا: يعني المقبري- عن أبي هريرة موقوفاً عليه من قوله. وقد روي مرفوعاً من هذا الطريق لكن قال الدارقطني في "العلل" 10/ 371، الموقوف أشبه بالصواب. قلنا: يعني من طريق المقبري ولفظه: ويل للعرب من ثر قد اقترب على رأس ستين، تفسير الأمانة غنيمة، والصدقة غرامة، والشهادة بالمعرفة، والحكم بالهوى. وأخرجه موقوفاً كذلك ابن أبي شيبة 15/ 49 - 50 من طريق سماك، عن أبي الربيع المدني، عن أبي هريرة. ولفظه: ويل للعرب من شر قد اقترب، إمارة الصبيان، إن أطاعوهم أدخلوهم النار، وإن عصوهم ضربوا أعناقهم. وأخرجه موقوفاً كذلك ابن أبي شيبة 15/ 186 - 187 من طريق ابن عَون، عن عمير بن إسحاق، عن أبي هريرة، بنحو لفظ أبي الغيْث عن أبي هريرة المرفوع.

عن ابنِ عمر، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يُوشِكُ المسلِمُونَ أن يُحاصَروا إلى المدينَةِ حتى يكون أبعدَ مسالحهم سَلاَحٌ" (¬1). 4251 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، عن عنبسةَ، عن يونسَ، عن الزهريِّ، قال: وسَلاَحٌ؟: قريبٌ من خيبر. 4252 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ ومحمد بنُ عيسى، قالا: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن أيوبَ، عن أبي قلابة، عنَ أبي أسماء ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد فيه راوٍ لم يُسَمَّ، وقد توبع. ابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه ابن حبان (6771)، والطبراني في "الأوسط" (6432)، وفي "الصغير" (873)، والحاكم 4/ 511، وتمام في "فوائده" (1733) من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (6743)، وفي "الصغير" (644) من طريق هشام بن عمار، عن سعيد بن يحيى اللحْمي، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. وهشام بن عمار متكلم فيه وقد خولف في إسناد هذا الحديث: فقد أخرجه الحاكم 4/ 511 من طريق ابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سالم، عن أبي هريرة موقوفاً: يوشك أن يكون أقصى مسالح المسلمين سلاح، وسلاح قريب من خيبر. وإسناده صحيح. وسيتكرر برقم (4299). قوله: "مسالح"، قال في "النهاية": المَسْلَحة: القوم الذين يحفظون الثغور من العدو، وسُمُّوا مَسْلحة لأنهم يكونون ذوي سلاح، أو لأنهم يسكنون المسْلَحة، وهي كالثغر والمرقب يكون فيه أقوام يرقبون العدو لئلا يَطرقهم على غفلة، فإذا رأوه أعلموا أصحابهم ليتأهبوا له، وجمع المسلح مسالح. تنبيه: هذا الحديث والأثر الذي بعده جاءا في (أ) و (ج) آخر الباب بعد الحديث (4255)، ولم يرد في (ب) و (هـ)، ونحن تركناه هنا إبقاءً على ترتيب المطبوع. وعلى أي حالي فسيتكرران برقم (4299) و (4300).

عن ثوبانَ قال: قال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "إن الله زوى ليَ الأرض -أو قال: إنَّ ربِّي زوى ليَ الأرضَ- فرأيتُ مَشَارِقَها ومَغَارِبَها، وإن مُلْكَ أُمتي سيبلُغُ ما زُوِيَ لي منها، وأُعطِيتُ الكنزَين الأحمر والأبيض، وإني سألتُ ربي لأمتي أن لا يُهْلِكَها بسَنَةٍ بعافَّة، ولا يُسلِّطَ عليهم عدواً مِن سوى أنفسِهم فيستبيحَ بيضتَهم، وإن ربي قالَ: يا محمدُ، إني إذا قضيتُ قضاءً فإنه لا يُرَدُ، ولا أُهلِكُهم بسنةٍ بعامةٍ، ولا أسلِّطُ عليهم عَدُواً مِن سوى أنفسِهم فيستبيحَ بَيْضَتَهم، ولو اجتمَعَ عليهم مَنْ بين أقطارها -أو قال: بأقطارِها- حتى يكونَ بعضُهم يُهْلِكُ بعضاً، وحتى يكون بعضهم يسبي بعضاً، وإنما أخافُ على أُمَّتي الأئمةَ المُضِلَّينَ، فإذا وُضِعَ السيفُ في أُمتي لم يُرفعْ عنها إلى يومِ القيامةِ، ولا تقومُ السَّاعةُ حتى تَلْحَقَ قبائلُ مِن أُمتي بالمشركينَ، وحتى تَعبُدَ قبائلُ مِن أُمَّتي الأوثانَ، وإنه سيكونُ في أُمَّتي كذَّابون ثلاثونَ، كلُّهُمْ يزعُم أنه نبيّ، وأنا خَاتَمُ النبيين لا نَبيَّ بعدي، ولا تزالُ طائفةٌ مِنْ أمَّتي على الحق -قال ابنُ عيسى- ظاهرينَ -ثم اتفقا- لا يَضُرُّهم مَنْ خالفهُمْ حتى يأتيَ أمرُ اللهِ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو أسماء: هو عمرو بن مرثد الرَّحَبي، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرمي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. وأخرجه مسلم (2889)، والترمذي (2317) و (2379) من طريق أيوب السختياني، ومسلم (2889)، وابن ماجه (10) و (3952) من طريق قتادة بن دعامة، كلاهما عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، به. ولم يخرج أحدٌ منهم الحديث بتمامه كما هو عند المصنف. وهو في "مسند أحمد" (22394) بتمامه، و"صحيح ابن حبان" (6714) و (7238). =

4253 - حدَّثنا محمدُ بنُ عوفِ الطائيُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ -إسماعيلَ، حدَّثني أبي- قال ابنُ عوف: وقرأتُ في أصل إسماعيلَ، قال: - حدَّثني ضمضم، عن شُريحٍ عن أبي مالك -يعني الأشعريَّ- قالَ: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن الله أجَارَكُم مِنْ ثلاثِ خلالٍ: أن لا يَدْعُوَ عليكم نبيُّكم فتهلِكُوا جميعاً، وأن لا يَظهَرَ أهلُ الباطِلِ على أهْلِ الحق، وأن لا تجتمِعُوا على ضَلالَةٍ" (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: قوله: "زوى لي الأرض" معناه: قبضها وجمعها، ويقال: انزوى الشيء إذا انقبض وتجمع. وقوله: "ما زوي لي منها" يتوهم بعض الناس أن حرف "مِن" ها هنا معناه التبعيض، فيقول: كيف اشترط في الكلام الاستيعاب، ورد آخره إلى التبعيض. وليس ذلك على ما يقدِّرونه، وإنما معناه التفصيل للجملة المتقدمة. والتفصيل لا يناقض الجملة، ولا يبطل شيئاً منها، لكنه يأتي عليها شيئاً شيئاً، ويستوفيها جزءاً جزءاً، والمعنى أن الأرض زُويت جملتها له مرة واحدة، فرآها، ثم يُفتح له جزء جزء منها، حتى يأتي عليها كلها، فيكون هذا معنى التبعيض فيها. والكنزان: هما الذهب والفضه. وقوله: "لا يهلكها بسنة بعامة" فإن السنة القحط والجدْب، وإنما جرت الدعوة بأن لا تعمهم السنة كافة، فيهلكوا عن آخرهم، فأما أن يُجدِب قوم ويُخصِب آخرون فإنه خارج عما جرت به الدعوة، وقد رأينا الجدب في كثير من البلدان، وكان عام الرمادة في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ووقع الغلاء بالبصرة أيام زياد، ووقع ببغداد في عصرنا الغلاء، فهلك خلق كثير من الجوع، إلا أن ذلك لم يكن على سبيل العموم والاستيعاب لكافة الأمة، فلم يكن في شي منها خُلْف للخبر. قلنا: وقوله: "يستبيح بيضتهم" قال في النهاية! أي: مجتمعهم وموضع سلطانهم ومُستقر دعوتهم. (¬1) إسناده ضعيف، محمَّد بن إسماعيل -وهو ابن عياش- قال المصنف فيما سأله عنه الآجري: لم يكن بذاك، قد رأيته، ودخلت حمص غير مرة وهو حي، =

4254 - حدَّثنا محمدُ بنُ سُليمانَ الأنباريُ، حدَّثنا عبدُ الرحمن، عن سفيانَ، عن منصورٍ، عن ربعيِّ بنِ حِرَاشٍ، عن البراءِ بن ناجيةَ عن عبدِ الله بنِ مسعود، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم، قال: "تَدُورُ رحَى الإِسلامِ لخمسٍ وثلاثين، أو سِتٍّ وثلاثينَ، أو سبْعٍ وثلاثين، فإن يهلِكُوا فسبيلُ ¬

_ = وسألت عمرو بن عثمان عنه فدفعه. وقال الحافظ في "تهذيب التهذيب": وقد أخرج أبو داود عن محمَّد بن عوف، عنه، عن أبيه عدة أحاديث، لكن يروونها بأن محمَّد بن عوف رآها في أصل إسماعيل. قلنا: ثم إنه اختُلف فيه عن إسماعيل بن عياش، فرواه يحيى بن يحيى النيسابوري الثقة الحافظ وغيره عنه، عن يحيى بن عُبيد الله بن عَبد الله ابن مَوْهَب، عن أبيه، عن أبي هريرة، ويحيى بن عُبيد الله متروك. وقال أبو حاتم الرازي عن رواية شريح -وهو ابن عُبيد الحضرمي-: حديثه عن أبي مالك الأشعري مرسل. ولهذا قال الحافظ في "التلخيص" 3/ 141: في إسناده انقطاع. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (92) عن محمَّد بن عوف، بهذا الإسناد. إلا أنه قال في روايته: "لا يجوعوا" بدل: "أن لا يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا". وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3440)، وفي "مسند الشاميين" (1663) عن هاشم ابن مرثد الطبراني، عن محمَّد بن إسماعيل بن عياش، به، وعنده زيادة في متن الحديث. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (421) عن يحيى بن يحيى النيسابوري، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (59 - زوائد الهيثمي) عن إسماعيل بن أبي إسماعيل المؤدب، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (367) من طريق علي بن معبد، ثلاثتهم عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن عُبيد الله بن عَبد الله بن مُوهَب، عن أبيه عن أبي هريرة. وأخرجه مختصراً ابنُ أبي عاصم في "السُّنَّة" (82) من طريق سعيد بن زُربي، عن الحسن البصري، عن أبي مالك كعب بن عاصم الأشعري، سمع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله قد أجار أمتي من أن تجتمع على ضلالة" وسعيد بن زُربي منكر الحديث، والحسن لم يصرح بسماعه. قلنا: لكن لهذا القطعة شواهد كثيرة تصح بها، ذكرناها في "جامع الترمذي" (2305) بتحقيقنا، وانظر شواهدها أيضاً في "مسند أحمد" (21293).

من هلَكَ، وإن يَقُم لهم دينُهم يَقُم لهم سبعينَ عاماً" قال: قلتُ: أَمِمَّا تقِيَ أو مِمَّا مضَى؟ قال: "مِمَّا مضى" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة البراء بن ناجية، وقال البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 118: لم يذكر سماعا من ابن مسعود. ولكنه متابع. منصور: هو ابن المعتمر، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وعبد الرحمن: هو ابن مَهدي. وأخرجه الطيالسي (383)، ونعيم بن حماد في "الفتن" (1963) و (1965)، وأحمد في "مسنده" (3730) و (3731) و (3758)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 3/ 355، وإبراهيم بن الحسين بن ديزيل في "سيرة علي" كما في "البداية والنهاية" لابن كثير 7/ 286، وأبو يعلى (5281)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1609) و (1611) و (1613)، وابن الأعرابي في "معجمه"، (835) و (836) و (1469)، والخطابي في "غريب الحديث" 1/ 549، والحاكم 3/ 101 و 114، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 393، والبغوي (4225)، من طريق منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (3707)، وأبو يعلى (5009) و (5298)، والبزار (1996) و (1997)، والطحاوي (1610)، وابن الأعرابي في معجمه (1470)، وابن حبان (6664)، والطبراني في "الكبير"، (10356)، والخطابي في "غريب الحديث" 1/ 549 من طريق القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه، عن جده. وإسناده صحيح، وقد ثبَّت غير واحد من أهل العلم سماع عبد الرحمن من أبيه. وأخرجه البزار (1942)، وبإثر الحديث (1997)، وابن ديزيل كما في "البداية والنهاية" 7/ 286، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1612)، والطبراني (10311) من طريق شريك النخعي، عن مجالد بن سعيد، عن عامر الشعبي، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود. وأخرجه موقوفاً الطبراني في "الكبير"، (9159) من طريق أبي الأحوص، عن عبد الله ابن مسعود. وإسناده صحيح. وقال الطبراني بإثره: هكذا رواه الأحوص موقوفاً، ورفعه مسروق وعبد الرحمن بن عبد الله والبراء بن ناجية. =

قال أبو داود: من قال خِراش، فقد أخطأ (¬1). 4255 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عَنبَسَةُ، حدَّثني يونسُ، عن ابنِ شهابٍ، حدَّثني حُميدُ بن عبدِ الرحمن أن أبا هريرة قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يتقَارَبُ الزَّمانُ ويَنْقُصُ العِلْمُ، وتَظْهَرُ الفِتَنُ، ويُلقى الشُّحُّ، ويكثرُ الهَرْجُ" قيلَ: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ، أيْمَ هو (¬2)؟ قال: "القَتلُ القَتلُ" (¬3). ¬

_ قال الخطابي: قوله: "تدور رحى الإسلام" دوران الرحى كناية عن الحرب والقتال، شبهها بالرحى الدوارة التي تطحن الحب لما يكون فيه من تلف الأرواح وهلاك الأنفس. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية الرملي. (¬2) بفتح الهمزة وتخفيف الياء والميم بغير ألف بعد الميم، في (ج)، وهي رواية ابن الأعرابي كما أشار إليها في هامش (هـ) وعليها شرح الخطابي، فقال: وقوله: أيْم هو، يريد: ما هو، وأصله: أيُّما هو، فخفف الياء، وحذف الألف، كما قيل: أيش ترى؟ في: أي شيء ترى. قلنا: ورواية البخاري: أيّما هو، قال الحافظ في "الفتح" 13/ 14: بفتح الهمزة وتشديد الياء الأخيرة بعدها ميم خفيفة، وأصله: أيّ شيء هو، ووقعت للأكثر بغير ألف بعد الميم، وضبطه بعضهم بتخفيف الياء، كما قالوا: أيش، في موضع أيّ شيء، وفي رواية الأسماعيلي: وما هو؟، وفي رواية أبي بكر ابن أبي شيبة، قالوا: يا رسول الل، وما الهرج. وهذه رواية أكثر أصحاب الزهري. وفي رواية ابن العبد: أيش هو؟ أشار إليها الحافظ في نسخته للسنن وهي التي ذكرها في "الفتح" ونسبها لأبي داود. وفي (أ) و (ب) و (هـ): أيه هو، ولم نجد أحداً نبه على هذه الرواية أو ضبطها، وهي بمعنى ما سلف. (¬3) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف من أجل عنبسة -وهو ابن خالد بن يزيد الأموي- وقد توبع. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزهري. وأخرجه البخاري (6037)، ومسلم بإثر الحديث (2672) من طريقين عن ابن شهاب الزهري، به. =

2 - باب النهي عن السعي في الفتنة

2 - باب النهي عن السعي في الفتنة 4256 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، عن (¬1) عثمانَ الشَّحَّام، حدَّثني مُسلِمُ بنُ أبي بكرة عن أبيه، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنَّها ستكُونُ فِتنة يكونُ المضطجعُ فيها خيراً مِن الجالِسِ، والجَالِسُ خيْراً مِن القائِمِ، والقائِمُ خيراً مِن الماشِي، والماشي خيراً من السَّاعي" قال: يا رسولَ الله ما تأمرني؟ قال: "مَن كانت له إبلٌ فليَلحَق بإبلِه، ومن كانت له غنمٌ فليلحق بغنَمِه، ومن كانت له أرضٌ فليَلحَق بأرضه" قال: فمن لم يكُن له شيءٌ مِنْ ذلك؟ قال: "فليعمِدْ إلى سَيفِه فليضرِبْ بحدِّه على حرَّةٍ، ثم لينجُ ما استطاعَ النَّجَاءَ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (85) و (1036) و (1412) و (7061) و (7121)، ومسلم بإثر الحديث (2672)، وبإثر (2888)، وابن ماجه (4047) و (4052) من طرق عن أبي هريرة. ولم يذكروا "ويُلقي الشُّح" سوى البخاري (7061)، ومسلم في بعض طرقه، وهي طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. وزاد بعضهم: "وتكثر الزلازل"، وبعضهم يزيد أيضاً: "حتى يكثر فيكم المال فيفيض" وروايتا مسلم وابن ماجه الأوليتان مختصرتان. وهو في "مسند أحمد" (7186)، و"صحيح ابن حبان" (6711) و (6717). قال الخطابي: ومعنى يتقارب الزمان: قصر زمان الأعمار وقلة البركة فيها، وقيل: هو دنو زمان الساعة، وقيل؟ هو قصر مدة الأيام والليالي على ما روي أن الزمان يتقارب حتى تكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم واليوم كالساعة، والساعة كاحتراق الشمعة. والهرج أصله القتال، يقال: رأيتهم يتهارجون، أي: يتقاتلون. (¬1) في (أ): حدَّثنا عثمان. (¬2) إسناده قوي من أجل مسلم بن أبي بكرة وعثمان الشحام فهما صدوقان لا بأس بهما. وأخرجه مسلم (2887) من طريق عثمان الشَّحَّام، به. =

4257 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدٍ الرمليُّ، حدَّثنا المفضَّلُ، عن عيَّاش بن عبَّاسٍ، عن بُكيْرِ، عن بُسْرِ بنِ سعيدٍ، عن حُسين بنِ عبدِ الرحمن الأشجعيِّ أنه سمَع سعدَ بنَ أبي وقَّاصِ، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- في هذا الحديثِ، قال: فقلتُ: يا رسولَ الله، أرأيتَ إن دخلَ عليَّ بيتي، وبَسَطَ يدَه ليقتلني؟ قال: فقالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - "كُنْ كابن (¬1) آدمَ" وتلا يزيد: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ} الآية [المائدة:28] (¬2) ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (20412)، و"صحيح ابن حبان" (5965). وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري (3601)، ومسلم (2886). وعن سعد بن أبي وقاص وأبي موسى الأشعري، سيأتيان بعده وبرقم (4259). وحديث محمَّد بن مسلمة عند أحمد (17979) وغيره، وانظر تمام شواهده هناك. ولقوله: "من كانت له غنم فليلحق بغنمه" شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري (19)، وسيأتي عند المصنف برقم (4267) ولفظه: "يوشك أن يكون خير مال المسلم غنماً يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن". وقوله: "على حرَّة"، الحرة: أرض ذات حجارة سود، والمدينة تقع بين حرَّتين حرة واقم وحرة الوبرة. "والنَّجاء" بفتح النون والمد، أي: الاسراع. (¬1) المثبت من (ب)، وفي بقية أصولنا الخطية: كابني آدم. وفي رواية: كن كخير ابني آدم، وهي في الحديث الآتي برقم (4259). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه عن بكير -وهو ابن عبد الله بن الأشج- كما بينه الدارقطني في "العلل"، 4/ 384 - 385 ثم قال بعد ذلك: وحديث مفضَّل بن فضالة أشبه بالصواب، والله أعلم. قلنا: وحسين بن عبد الرحمن -ويقال: عبد الرحمن بن حسين- الأشجعي مجهول، لكن للحديث طريق أخرى صحيحة. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"، 64/ 7 - 8، والضياء في "المختارة" (942)، والمزي في ترجمة حسين بن عبد الرحمن من "تهذيب الكمال" 6/ 389 - 390 من طريق مُفضل بن فضالة، بهذا الإسناد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (8678) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن الليث بن سعد، عن عياش بن عباس القتباني، عن بكير بن عبد الله ابن الأشج، عن بسر، عن عبد الرحمن بن حسين الأشجعي، عن سعد بن أبي وقاص. وخالف عبد الله بن صالح قتيبةُ بن سعيد، عند أبي خيثمة زهير بن حرب في "مسنده" كما في: "النكت الظراف" 3/ 280، وأحمد (1609)، والترمذي (2340)، وأبي يعلى (750)، والهيثم بن كليب الشاشي في "مسنده" (126)، والسهمي في "تاريخ جرجان" ترجمة (1160) والضياء في "المختارة" (938) عن الليث بن سعد، عن عياش بن عباس، عن بكير ابن الأشج، عن بُسر بن سعيد، عن سعد بن أبي وقاص. دون ذكر الأشجعي. وقد صوّب الدارقطني ذكره كما ذكرناه آنفا. وأخرجه أحمد (1446) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن بكير ابن الأشج، أنه سمع عبد الرحمن بن حسين يحدث أنه سمع سعد بن أبي وقاص. فأسقط من إسناده بسر بن سعيد، وابن لهيعة سيء الحفظ. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 7، والدورقي في "مسند سعد" (115)، والبزار (1223) و (1224)، وأبو يعلى (789) من طرق عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان النهدي، عن سعد بن أبي وقاص، دون قوله: يا رسولَ الله، أرأيت إن دخل عليَّ بيتي وبسط يده ليقتلني ... إلى آخر الحديث. وإسناده صحيح. ويشهد لهذا الحديث حديث أبي بكرة السالف قبله، وحديث أبي موسى الأشعري الآتي برقم (4259)، وحديث أبي هريرة الذي سلفت الإشارة إليه عند الحديث السابق. ويشهد للقطعة الأخيرة منه في قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "كن كابنى آدم" حديث أبي موسى الآتي برقم (4259). وحديث أبي ذر الآتي عند المصنف برقم (4261) وهو حديث صحيح. وحديث أبي بكرة عند مسلم (2887). وقوله: "كن كابن آدم" قال في "عون المعبود": المطلق ينصرف إلى "الكامل"، وفيه إشارة لطيفة إلى أن هابيل المقتول ظلماً هو ابن آدم لا قابيل القاتل الظالم كما قال تعالى في حق ولد نوح عليه السلام: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ} وفي بعض: كابني آدم، وفي بعض النسخ: كخير ابني آدم، أي: فلتستسلم حتى تكون قتيلاً كهابيل، ولا تكن قاتلاً. وانظر الحديث الآتي برقم (4771).

4258 - حدَّثنا عَمرو بنُ عُثمانَ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شهابُ بنُ خِرَاش، عن القاسمِ بنِ غَزوانَ، عن إسحاقَ بنِ راشدٍ الجَزَريِّ، عن سالم، حدَّثني عمرو بنُ وابِصة الأسَديُّ، عن أبيه وابصةَ عن ابنِ مسعودٍ، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ: فذكر بعض حديثِ أبي بَكرة، قال: "قتلاها كلُّهم في النارِ" قال فيه: قلتُ: متى ذلك يا ابنَ مسعود؟ قال: تِلكَ أيامُ الهَرْجِ حيثُ لا يأمنُ الرَّجُلُ جليسَه، قلتُ: فما تأمُرُني إن أدركني ذلك الزمانُ؟ قال: تكفُّ لِسَانَكَ ويدكَ، وتكونُ حِلْسا مِن أحلاسِ بيتِك، فلما قُتِلَ عثمانُ طار قلبي مَطارَهُ، فركبتُ حتى أتيتُ دمشقَ، فلقيتُ خُريم بنَ فاتِكٍ الأسَديَّ فحدَّثته، فحلفَ بالله الذي لا إله إلا هو لسمعهُ من رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كما حدَّثنيه ابنُ مسعودٍ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة القاسم بن غزوان وعمرو بن وابصة. وسالم المذكور في هذا الإسناد اختلف فيه أهو ابن أبي الجعد أو ابن أبي المهاجر أو ابن عجلان الأفطس، وهؤلاء الثلاثة كلهم ثقات، لكن روى الحديث معمر بن راشد الثقة، عن إسحاق بن راشد فلم يذكر سالماً هذا، وذكر الحافظ ابن عساكر في "تاريخه" 62/ 335 أن سليمان بن صهيب الرقي رواه أيضاً عن إسحاق بن راشد فلم يذكر سالماً، وأسنده ابن عساكر من طريقه، وعلى كل حال تبقى جهالة عمرو بن وابصة هذا. وأخرجه المزي في ترجمة القاسم بن غزوان من "تهذيب الكمال" 23/ 407 من طريق شهاب بن خراش، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (20727)، ومن طريقه أخرجه البزار (1444)، والطبراني في "الكبير" (9774)، والخطابي في "العُزلة" (11)، والحاكم 3/ 320 و 4/ 426 - 427، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 62/ 336 - 337، وابن أبي شيبة 15/ 120، ونعيم بن حماد في "الفتن" (157) و (342)، وأحمد (4287)، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 1/ 132 و 2/ 442 من طردتى عن ابن المبارك، كلاهما =

4259 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الوارثِ بنُ سعيدٍ، عن محمدِ بنِ جُحادة، عن عبدِ الرحمن بن ثروانَ، عن هُزَيلِ بن شُرَحْبيلَ عن أبي موسى الأشعريِّ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن بينَ يدي الساعةِ فِتَناً كقِطَعِ الليلِ المُظلِمِ، يُصبِحُ الرجلُ فيها مؤمناً، ويُمسي كافراً، ويُمسي مؤمناً ويُصبحُ كافرا، القاعدُ فيها خير من القائِمِ، والماشي فيها خير مِن السَّاعي، فكسِّروا قِسِيَّكم، وقطَّعوا أوتاركم، واضرِبوا سيوفكُم بالحجَارةِ، فإن دُخِلَ -يعني على أحدٍ منكم- فليكن كخيرِ ابني آدم (¬1). ¬

_ = (عبد الرزاق وابن المبارك) عن معمر بن راشد، وابن عساكر 62/ 335 من طريق سليمان بن صهيب الرقي، كلاهما (معمر وسليمان) عن إسحاق بن راشد، عن عمرو ابن وابصة، عن أبيه، عن ابن مسعود، به فلم يذكرا في الإسناد سالماً. وأخرجه أحمد (4276) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن رجل، عن عمرو بن وابصة، عن أبيه، عن ابن مسعود. فلم يسمِّ الرجل، وجزم الدارقطني في "العلل" 5/ 281 بأنه إسحاق بن راشد، وتبعه الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة". وأخرجه ابن المبارك في "مسنده" -برواية حبان بن موسى- (262) عن معمر بن راشد، عن سالم، عن إسحاق بن راشد، عن عمرو بن وابصة، عن أبيه، عن ابن مسعود. كذا وقع في المطبوع، ولا ندري أثمَّ تقديم وتأخير لم يتنبه له المحقق، فيكون سالم بين إسحاق وعمرو بن وابصة، أم هو كذلك في رواية حبان بن موسى، فإن يكن كذلك فقد خالفه جماعة أصحاب ابن المبارك فلم يذكروا سالماً هذا في الإسناد كما سلف ولم يذكره الدارقطني أيضاً في "العلل"، 5/ 280 - 281 حين ساق الاختلاف في إسناد هذا الحديث، والله تعالى أعلم. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الرحمن بن ثروان، وقد روي الحديث من طريق آخر سيأتي عند المصنف برقم (4262)، وله شواهد نذكرها في هذا التعليق. =

4260 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا أبو عَوَانةَ، عن رقبَةَ بن مصقلةَ، عن عونِ بنِ أبي جُحَيفةَ عن عبدِ الرحمن -يعني ابن سَمُرَةَ (¬1) - قال: كنتُ آخذاً بيد ابنِ عمر في طريقٍ من طُرُقِ المدينة إذ أتى على رأسٍ منصوبٍ، فقال: ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (3961) من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19730)، و "صحيح ابن حبان" (5962). وأخرجه مختصراً ابنُ أبي شيبة 11/ 19 من طريق الحسن البصري، عن أبي موسى رفعه: "تكون في آخر الزمان فتن كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً". والحسن لم يسمع أبا موسى. وسيأتي من طريق آخر برقم (4262). ويشهد لأوله حديث أبي هريرة عند مسلم (118)، والترمذي (2341) بلفظ: "بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مؤمناً ويمسي كافراً، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا، وهو في "مسند أحمد" (8030). ويشهد لتفضيل القاعد في هذه الفتن على القاتم، والماشي على الساعي حديث أبي بكرة وحديث سعد بن أبي وقاص السالفان برقم (4256) و (4257). وحديث أبي هريرة عند البخاري (3601)، ومسلم (2886). ويشهد لكسر السلاح عند الفتن والنزام البيوت حديث أبي بكرة وسعد السالفين أيضاً. وحديث أبي ذر الآتي برقم (4261). وحديث محمَّد بن مسلمة عند أحمد (17979) وغيره، وانظر تمام شواهده عنده. وانظر في اختلاف العلماء في قتال الفتنة "شرح مسلم" للإمام النووي 18/ 8 عند الحديث (2886). وقوله: "كقطع الليل المظلم" قطع الليل: طائفةٌ منه، وقِطعةٌ، وجمعُ القِطْعة قِطَع، أراد: فتنة مظلمة سوداء تعظيماً لشأنها. (¬1) قوله: يعني ابن سَمُرة، أثبتناه من (هـ)، وأشار إلى أنه في رواية الرملي.

شَقِي قاتل هذا، فلما مضى قال: وما أُرى هذا إلا قد شَقِيَ، سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ: "مَن مَشَى إلى رجلٍ مِن أُمَّتي لِيقتُله فليقُلْ هكذا -يعني فليمُدَّ عُنُقَه (¬1) -، فالقاتِلُ في النَّارِ والمقتولُ في الجنة" (¬2). قال أبو داود: رواه الثوريُّ، عن عونٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ سُميرٍ أو سميرة، ورواه ليثُ بن أبي سُليم، عن عونٍ، عن عبد الرحمن بن سُميرةَ. قال أبو داود: قال لي الحسنُ بن عليٍّ: حدَّثنا أبو الوليد -يعني بهذا الحديثِ- عن أبي عوانةَ، فقال: هو في كتابي ابن سبرةَ، وقالوا: سَمُرة، وقالوا: سميرة، هذا كلام أبي الوليد. اختلفوا فيه. 4261 - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدِ، عن أبي عِمرَانَ الجَوني، عن المُشَعثِ بنِ طريفٍ، عن عبدِ الله بن الصَّامت عن أبي ذرٍّ، قال: قال لي رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يا أبا ذرِّ" قلتُ: لبيكَ يا رسولَ الله وسَعْديك، فذكرَ الحديثَ، قال فيه: "كيفَ أنتَ إذا أصابَ ¬

_ (¬1) قوله: يعني فليمد عنقه. زيادة أثبتناها من (ب) وهامش (ج) مصححاً عليها. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة عبد الرحمن الراوى عن ابن عمر، وقد اختلف في اسم أبيه، فقيل: سمرة، وقيل: سمير، وقيل: سميرة إلى غير ذلك كما بينه المصنف بإثر الحديث. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكرى، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 121، وأحمد (5708) و (5754)، وأبو يعلى (5732)، والطبراني في "الأوسط" (1994)، وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 250، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 64/ 7، والمزي في ترجمة عبد الرحمن من "تهذيب الكمال" 17/ 161 من طرق عن عون بن أبي جُحيفة، به.

الناسَ مَوتٌ يكونُ البيتُ فيه بالوصِيفِ؟ " يعني القبرَ، قلت: اللهُ ورسولُه أعلمُ -أو قال: ما خَارَ اللهُ لي ورسولُه- قال: "عليكَ بالصَّبرِ -أو قال: تَصبِرُ-". ثم قال لي: "يا أبا ذرِّ" قلت: لبيكَ وسعديكَ. قال: "كيفَ أنت إذا رأيتَ أحجارَ الزيتِ قد غَرِقَتْ بالدَّمِ؟ قلتُ: ما خارَ اللهُ لي ورسولُه، قال: "عليك بمَنْ أنتَ منه" قلتُ: يا رسولَ الله أفلا آخُذُ سيفي، فأضعَه على عاتقي؟ قال: "شاركتَ القومَ إذَنْ" قلتُ: فما تأمرُني؟ قال: تلزمُ بيتَكَ" قلت: فإن دُخِلَ عليَّ بيتي؟ قال: "فإن خَشِيتَ أن يبهَرَك شُعَاعُ السَّيفِ، فألقِ ثوبَكَ على وجهِكَ، يبوءُ بإثمكَ وإثمهِ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد تفرد فيه حماد بن زيد بزيادة المُشَعَّث بن طريف بين أبي عمران الجوني وبين عبد الله بن الصامت كما أشار إليه المصنف بإثر الحديث، وخالفه أصحاب أبي عمران فلم يذكروا المشعَّث هذا، والمشعث مجهول. أبو عمران الجَوني: هو عبد الملك بن حبيب الأزدي. وأخرجه ابن ماجه (3958) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (20729)، ومن طريقه الحاكم 2/ 156 - 157 و 4/ 423 - 424، والبغوي (4220) عن معمر بن راشد، وأحمد (21325)، والبزار في "مسنده" (3959) وابن حبان (6685) من طريق مرحوم بن عبد العزيز العطار، ونعيم بن حماد في "الفتن" (435) وابن أبي شيبة 15/ 12، وأحمد (21445)، والخلال في "السنة" (104) من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد، والبزار (3958) من طريق صالح بن رستم، وابن حبان (5960)، وابن المبارك في "مسنده" (245)، والحاكم 4/ 423 - 424 من طريق حماد بن سلمة، والبيهقي 8/ 191 من طريق شعبة بن الحجاج، كلهم عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر الغفاري. فلم يذكروا في الإسناد: المُشعَّث بن طريف. وإسناده صحيح. =

قال أبو داود: لم يذكرِ المُشعَّث في هذا الحديثِ غيرُ حمادِ بن زيدٍ. 4262 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس، حدَّثنا عفانُ بنُ مُسلم، حدَّثنا عبدُ الواحدِ بنُ زياد حدَّثنا عاصمٌ الأحولُ، عن أبي كَبشةَ قال: سمعت أبا موسى يقولُ: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن بين أيدِيكُم فِتَنأ كقِطَعِ الليلِ المُظلِمِ، يُصبِحُ الرَّجُلُ فيها مؤمناً ويُمسي كافراً، ويُمسي مؤمناً ويصبح كافراً، القاعِدُ فيها خير مِن القائِم، والقائمُ فيها خيرٌ مِن الماشِي، والماشِي فيها خير مِن السَّاعي قالوا: فما تأمُرُنا؟ قال: "كونوا أحلاسَ بيوتِكُم" (¬1). ¬

_ = وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" (21325). وسيأتي بعضه مكرراً برقم (4409) قال الخطابي: البيت هاهنا: القبر، والوصيف: الخادم: يريد أن الناس يشتغلون عن دفن موتاهم حتى لا يوجد فيهم من يحفر قبر الميت أو يدفنه إلا أن يُعطى وصيفاً أو قيمته. وقد يكون معناه أن مواضع القبور تضيق عنهم، فيبتاعون لموتاهم القبور، كل قبر بوصيف. وقوله: يبهرك شعاع السيف: معناه: يغلبك ضوؤه وبريقه، والباهر: المضيء الشديد الإضاءة. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي كبشة -وهو السدوسي-. فقد قال الذهبي في "الميزان": لا يُعرف. وقد اختُلف في رفع هذا الحديث ووقفه، رفعه عبد الواحد بن زياد ووقفه أبو معاوية وعلي بن مُسهر وجرير بن عبد الحميد، وذكر الدارقطني أن القاسم بن معن رواه مرفوعاً كذلك كرواية عبد الواحد بن زياد، ذكر ذلك في "العلل" 7/ 247 ثم قال: فإن كان عبد الواحد بن زياد حفظ مرفوعاً، فالحديث له، لأنه ثقة. قلنا: وقد سلف من طريق الهزيل بن شرحبيل عن أبي موسى مرفوعاً برقم (4259) وإسناده حسن. وأخرجه أحمد (19662)، والبزار (3190)، والآجري في "الشريعة" ص 50، والحاكم 4/ 440، والبيهقي في "شعب الإيمان" (752)، وابن البناء في "الرسالة =

4263 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ الحَسَنِ المِصِّيصِيُّ، حدَّثنا حجَّاج -يعني ابنَ محمَّد- أخبرنا الليثُ بنُ سعْدٍ، حدَّثني معاويةُ بنُ صالحٍ، أن عبدَ الرحمن بنَ جُبير حدَّثه، عن أبيه عن المقدادِ بن الأسود، قال: أيمُ الله، لقد سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إن السعيدَ لَمَن جُنِّبَ الفِتَنَ، إنَّ السعيدَ لَمَن جُنِّبَ الفِتَنَ، إن السعيدَ لَمَن جُنِّبَ الفِتَنَ، ولَمَن ابتُلِيَ فَصَبَرَ فواهاً" (¬1). ¬

_ = المغنية" ص 43. من طريق عبد الواحد بن زياد، بهذا الإسناد، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، وسكت عنه الذهبي. وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (449)، وابن أبي شيبة 15/ 11، وهناد بن السَّري في "الزهد" (1237) عن أي معاوية محمَّد بن خازم الضرير، وابن أبي شيبة 15/ 11 عن علي بن مُسهر، ونعيم بن حماد (12) عن جرير بن عبد الحميد، ثلاثتهم عن عاصم الأحول، به. موقوفاً من كلام أبي موسى الأشعري. وقد سلف من طريق آخر برقم (4259)، وله شواهد ذكرناها هناك. الأحلاس: جمع حِلس، وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب، شبهها به للزومها ودوامها. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البزار (2112)، والطبراني في "المعجم الكبير" 20/ (598)، وفي "مسند الشاميين" (2021)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 175، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 60/ 179 من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد. قال الخطابي: "واهاً"، كلمة معناها التلهُّف، وقد يوضع أيضاً موضع الإعجاب بالشيء، فإذا قلت: ويهاً، كان معناها: الإغراء. وفي "بذل المجهود": قوله: فواهاً: تحسر لمن قتل وهو مظلوم، أو استطابة لحاله باعتبار مآله. قلنا: وواها: اسم فعل مضارع بمعنى أتعجب، وأسماء الأفعال هي التي تدل على معنى الفعل ولا تقبل علاماته.

3 - باب في كف اللسان

3 - باب في كَفِّ اللسانِ 4264 - حدَّثنا عبدُ الملك بنُ شُعيب بنِ الليثِ، حدَّثني ابنُ وهبِ، حدَّثني الليثُ، عن يحيى بنِ سعيدِ، قال: قال خالدُ بن أبي عِمرانَ، عن عبدِ الرحمن ابن البَيلماني، عن عبد الرحمن بن هُرْمزَ. عن أبي هريرة، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ستكونُ فِتنةٌ صمَّاءُ بكمْاءُ عَمياءُ، مَنْ أشرَفَ لها استشرفَتْ له، وإشرافُ اللسانِ فيها كوقوع السيفِ" (¬1). ¬

_ (¬1) وإسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن البيلماني، وقد اختُلف في إسناد هذا الحديث ومتنه، فتارة يُروى بهذا الإسناد، وتارة يُروى عن الليث -وهو ابن سعد- عن يحيى بن سعيد - وهو الأنصاري، عن خالد بن أبي عمران، عن عبد الرحمن بن البيلماني، عن عبد الرحمن -وقيل: عبد الله- بن فرُّوخ، عن أبي هريرة، وعبد الرحمن ابن فروخ هذا شامي ذكره البخاري في "تاريخه الكبير"، 5/ 337، وذكره أيضاً ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 31/ 400 لكنه سماه عبد الله بن فرُّوخ، ونقل توثيقه عن العجلي، وذكر جماعة روَوا عنه. قلنا: وهذا الاختلاف في تسمية عبد الرحمن إنما هو من ابن البيلماني الضعيف، فمرة قال: ابن هرمز، وهذا الأعرج الثقة المشهور، ومرة قال: ابن فرُّوخ، وهذا رجل شامي آخر كما ذكرنا. وقد روي هذا الحديث أيضاً على نحو آخر في إسناده مع اختلاف في متنه كذلك، فقد أخرج ابن قانع في "معجم الصحابة" 1/ 17 عن عبد الله بن أبي داود السجستاني، عن عبد الملك بن شعيب بن الليث، عن ابن وهب، عن الليث، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن خالد بن أبي عمران، عن الحكم بن مسعود النجراني، عن أنيس بن أبي مرثد الأنصاري أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ستكون فتنة بكماء صماء عمياء، المضطجع فيها خير من القاعد، والقاعد خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خيرٌ من الساعي". فجعله من حديث الحكم بن مسعود، عن أُنيس بن أبي مرثد الأنصاري. والحكم هذا مجهول. والمتن مختلف كما ترى، ولكنه أشبه بالصواب لوروده من طريق أخرى صحيحة بهذا اللفظ عن أبي هريرة كما سيأتي بيانه. وقد ذكر الحافظ في =

4265 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، حدَّثنا ليثٌ، عن طاووس، عن رجُلٍ يقال له: زياد عن عبدِ الله بنِ عمرو، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنها ستكون فتنةٌ تستنظِفُ العرَبَ، قَتْلاها في النَّارِ، اللسانُ فيها أشدُّ مِنْ وقْعِ السَّيفِ" (¬1). ¬

_ = "الإصابة" 1/ 138 في ترجمة أُنيس بن أبي مرثد أن البغوي في "معجمه" وبقي بن مخلد في "مسنده" وأبا علي بن السكن قد رووه على هذا الوجه - يعني الذي عند ابن قانع. وأخرجه كرواية المُصنِّف الطبراني في "الأوسط" (8717)، وأبو إسماعيل الأنصاري في "أحاديث ذم الكلام" (111) من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن خالد بن أبي عمران، عن عبد الرحمن ابن فرُّوخ -وقال أبو إسماعيل الأنصاري: عبد الله بن فَرُّوخ- عن أبي هريرة. وأخرجه ابن ماجه (3968) من طريق محمَّد بن الحارث الحارثي، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن البيلماني، عن أبيه عن ابن عمر رفعه بلفظ: "إياكم والفتن، فإن اللسان فيها مثل وقع السيف" والحارثي ضعيف، ومحمد بن عبد الرحمن بن البيلماني متروك وأبوه ضعيف. وأخرجه بلفظ ابن قانع ومن معه: نعيم بن حماد في "الفتن"، (467)، وابن حبان في "صحيحه" (6705) من طريق عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي، عن ثور بن زيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة وإسناده قوي. وقوله: "من أشرف لها استشرفت له" أخرجه البخاري (3601)، ومسلم (2886) من حديث سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. ولذكر الفتنة العمياء الصماء انظر حديث حذيفة السالف عند المصنف برقم (4246). ولذكر تفضيل القاعد على القائم والقائم على الماشي في هذه الفتن انظر الأحاديث السالفة بالأرقام (4256) و (4257) و (4259) (¬1) إسناده ضعيف لضعف ليث -وهو ابن أبي سُليم- وجهالة زياد -وهو ابن سيمين كوش، وقيل في اسم أبيه غير ذلك كما بيناه في "مسند أحمد" (6980). =

4 - باب ما يرخص فيه من البداوة في الفتنة

قال أبو داود: رواه الثوريُّ عن ليثِ، عن طاووسٍ، عن الأعجَمِ. 4266 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى بنِ الطَّبَّاع، حدَّثنا عبدُ الله بنُ عبدِ القُدُّوسِ، قال زِيادٌ: سِيمين كوش (¬1). قال: إنما هو زياد الأعجمي (¬2). 4 - باب ما يُرَخَّصُ فيه من البِدَاوة في الفِتنةِ 4267 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ عبدِ الله ابن عبدِ الرحمن بن أبي صَعصَعَةَ، عن أبيهِ عن أبي سعيدِ الخدريِّ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يُوشِكُ أن يكون خيرُ مالِ المُسلِم غنماً يتْبَعُ بِها شَعَفَ الجِبَالِ ومواقعَ القطرِ، يفِرُّ بِدينه مِنَ الفِتن" (¬3). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (3967)، والترمذي (2319) من طريق حماد بن سلمة، عن ليث، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث غريب. وهو في "مسند أحمد" (6980) وانظر تمام الكلام عليه هناك. قوله: "تستنظف العرب" قال ابن الأثير في "النهاية" أي: تستوعبهم هلاكاً، يقال: استظفتُ الشيء إذا أخذتَه كلَّه. (¬1) سيمين كوش: كلمة فارسية، معناها: أبيض الأذن، وسيمين: الفضة وكوش: أبيض. (¬2) قوله: إنما هو زياد الأعجمي، زيادة من رواية ابن العبد، كما أشار إليه في (أ). (¬3) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 970. وأخرجه البخاري (19)، وابن ماجه (3980)، والنسائي في "المجتبى" (5036) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، به. وانقلب اسم عبد الرحمن عند ابن ماجه إلى: عبد الله بن عبد الرحمن، وهو خطأ.

5 - باب في النهي عن القتال في الفتنة

5 - باب في النهي عن القتال في الفتنة 4268 - حدَّثنا أبو كامِلٍ، حدَّثنا حمَّادُ بنُ زيدٍ، عن أيوبَ ويُونسَ عن الحسن عن الأحنفِ بنِ قيسٍ، قال: خرختُ وأنا أُريدُ هذا الرجلَ لأنصرَه، فلقيني أبو بكرَةَ، فقال: ارجِع، فإني سَمِعْتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم يقولُ: "إذا تواجَه المُسلمان بسيفيهِما، فالقَاتِلُ والمقتولُ في النَّارِ قال: يا رسولَ اللهِ، هذا القاتِلُ، فما بالُ المقتولِ؟ قال: "إنه أرادَ قتلَ صاحِبِه" (¬1). 4269 - حدَّثنا محمدُ بنُ المتوكِّلِ العسقلانى، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا معمر، عن أيوبَ، عن الحسنِ، بإسناده ومعناه، مختصراً (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (11032)، و"صحيح ابن حبان" (5955) و (5958). قال الخطابي: "شعف الجبال": أعاليها، وفيه الحث على العُزلة أيام الفتن نسألُ الله تعالى أن يسلمنا منها. (¬1) إسناده صحيح. الحسن: هو ابن أبي الحسن البصري، ويونس: هو ابن عبيد، وأيوب: هو ابن أبي تميمة، وأبو كامل: هو فُضَيل بن حسين الجَحدري. وأخرجه البخاري (31)، ومسلم (2888)،والنسائي في "الكبرى" (3575) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. زاد مسلم في إحدى روايتيه والنسائي: المعلى بن زياد مع أيوب ويونس. وأخرجه مسلم (2888) وابن ماجه (3965)، والنسائي في "الكبرى" (3568) من طريق ربعي بن حِراش، عن أبي بكرة. وهو في "مسند أحمد" (20424) و (20439)، و"صحيح ابن حبان" (5945) و (5981) وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2888)،والنسائي في "الكبرى" (3574) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

6 - باب في تعظيم قتل المؤمن

قال أبو داود: لمحمد أخٌ ضعيف، يعني ابن المتوكِّل، يقال له: حُسين (¬1) 6 - باب في تعظيم قتلِ المؤمن 4270 - حدَّثنا مُؤمَّل بنُ الفضْلِ الحرَّانيُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ شُعيبٍ، عن خالدِ بنِ دِهقانَ، قال: كنا في غزوة القُسطنطينيه بِذُلُقيَةَ، فأقبلَ رجلٌ مَن أهلِ فلسطين من أشرافهم وخيارِهم، يعرفوُن ذلك له، يقال له: هانئُ بنُ كُلثوم بنِ شَريكٍ الكِنانيُّ، فسلَّم على عبد الله بن أبي زكريا، وكان يَعْرِفُ له حقَّه، قال لنا خالدٌ: فحدَّثنا عبدُ الله بن أبي زكريا، قال: سمعتُ أمَّ الدرداءِ تقولُ: سمعتُ أبا الدرداء يقول: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقولُ: "كلُّ ذنبٍ عسى اللهُ أن يغفِرَهُ، إلا مَن ماتَ مُشرِكاً، أو من قَتَلَ مؤمناً مُتعَمداً". فقال هانئ بنُ كلثوم: سَمِعتُ محمودَ بنَ الربيعِ يُحدث عن عُبادَةَ بنِ الصَّامت، أنه سمعه يُحدث عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَنْ قَتَلَ مؤمناً، فاغتَبَطَ بقتله، لم يَقبلِ اللهُ منه صَرْفاً ولا عَدْلاً". قال لنا خالد: ثم حدَّثنا ابنُ أبي زكريا، عن أمِّ الدرداء عن أبي الدرداء، أن رسولَ اللهِ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يزالُ المؤمِنُ مُعنِقاً صالحاً ما لم يُصِت دماً حَرَاماً، فإذا أصابَ دماً حَرَاماً بَلَّح". وحدَّث هانئُ بنُ كلثوم، عن محمودِ بن الربيعِ، عن عُبادَةَ بنِ الصامتِ، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، مثله سواءً (¬2). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه في رواية ابن العبد، أشار إليها في هامش (أ). (¬2) إسناداه صحيحان. محمَّد بن شعيب: هو ابن شابور. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرج الحديث الأول: أبو عبيد القاسم بن سلام في "الناسخ والمنسوخ" (495)، وابن أبي عاصم في "الديات" ص 6 - 7، والبزار (2729)، وابن حبان (5980)، والطبراني في "الأوسط" (9228)، وفي "الشاميين"، (1308)، وأبو بكر الأسماعيلي في "معجم شيوخه" ترجمة (233)، والحاكم 4/ 351، وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" عند تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً} [النساء: 92]، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 153، والبيهقي 8/ 21، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 16/ 18 - 19 من طريق خالد بن دهقان، بهذا الإسناد. وأخرج الحديث الثاني: أبو عُبيد القاسم (496)، وابن أبي عاصم في "الديات" ص 7، والطبراني في "الشاميين" (1311)، وأبو عمرو الدانى في "السنن الواردة في الفتن" (96) والبيهقي 8/ 21، وابن عساكر 16/ 18 - 19، والضياء المقدسي في "المختارة" (415) و (416) و (417) من طريق خالد بن دهقان، به. وقد جاء عند بعضهم تسمية محمود بن الربيع: محمود بن ربيعة، خطأ. وأخرج الحديث الثالث: ابن أبي عاصم في "الديات" ص 6، والطبراني في "الأوسط" (9229)، وفي "الصغير" (1108)، وفي "الشاميين" (1309)، والخطابي في "غريب الحديث" 1/ 203، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 153، والبيهقي 8/ 21 من طريق خالد بن دهقان، عن عبد الله بن أبي زكريا، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء. وأخرجه أيضاً البخاري في "تاريخه الكبير" 8/ 230، وابن أبي عاصم في "الديات" ص 6، والطبراني في "الشاميين" (1310)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 119، والبيهقي 8/ 21، والضياء في "المختارة" (418) و (419) من طريق خالد بن دهقان، عن هانئ بن كلثوم، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت. ووقع الخطأ أيضاً في تسمية محمود بن الربيع عند بعضهم إلى: محمود بن ربيعة. وأخرج البزار الحديث الأول (2730) من طريق خالد بن دهقان، عن هانئ بن كلثوم، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت. فذكره بإسناد عُبادة، ولم نجده لغير. =

4271 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ عَمرو الدمشقي، عن محمَّد بنِ مبارَكٍ، حدَّثنا صدقةُ بنُ خالدٍ -أو غيرُه- قال: قال خالدُ بنُ دِهقانَ: سألتُ يحيى بنَ يحيى الغَسَّانى عن قوله: "اغتَبَطَ بقتْلِه" قال: الذينَ يُقاتِلون في الفتنةِ، فيَقتُلُ أحدُهم، فيرَى أنه على هدىً لا يستغفِرُ اللهَ، يعني مِن ذلك. 4272 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا عبدُ الرحمن بنُ إسحاقَ، عن أبي الزِّناد، عن مجالد بنِ عوف، أن خارجةَ بنَ زيدٍ قال: ¬

_ = قوله: "فاغتَبَطَ" بالغين المعجمة من الغبطة قال ابن الأثير في "النهاية": هكذا جاء الحديث في "سنن أبي داود" بالغين المعجمة ... (ونقل تفسير يحيى بن يحيى الغسّاني الآتي عند المصنف بعده) قال: وهذا التفسير يدل على أنه من الغبطة بالغين المعجمة، وهي الفرح والسرور، وحسنُ الحال؛ لأن القاتل يفرح بقتل خصمه، فإذا كان المقتول مؤمناً، وفرح بقتله، دخل في هذا الوعيد. وأما الخطابي فقد شرح هذا الحديث في معالم "السنن" فقال: "اعتبط قتله" [بالعين المهملة] أي: قتله ظلماً لا عن قصاص، يقال: عَبطتُ الناقةَ واعتَبَطْتُها: إذا نحرتَها من غير داء أو آفة تكون بها، ومات فلان عَبطة إذا كان شابّاً، واحتُضِر قبل أوانِ الشيبِ والهَرَم. قلنا: وكذلك ضبطها أبو علي الغسَّاني بخطّه بالعين المهملة كما ضبطها الخطابي، وهي عندنا كذلك في (ب). وفي بقية الأصول: "فاغتبط" كما ضبطه ابن الأثير، وتفسير يحيى بن يحيى الغساني الآتي يؤيد أنه بالغين المعجمة. قال الخطابي: وقوله: "مُعنقاً"، يريد: خفيف الظهر، يُعنِق في مشيه سير المُخِفّ، والعَنَق: ضرب من السير وسيع، يقال: أعنق الرجلُ في سَيْره فهو مُعنِق، ورجل مُعنق، وهو من نعوت المبالغة. و"بلَّح،: معناه: أعيا وانقطع، يقال: بلَّح عليَّ الغريم، إذا قام عليك فلم يُعطك حقك، وبَلَّحت الرَّكيّة: إذا انقطع ماؤها. وقوله: بذُلُقْيَة: بضم الذال واللام، وسكون القاف، وفتح الياء: اسم مدينة بالروم. نقلَه أبو الطيب العظيم آبادي.

سمعتُ زيدَ بنَ ثابت في هذا المكان يقولُ: أُنْزِلَتْ هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء: 93] بعد التي في الفرقان {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} [الفرقان: 68] بِستةِ أشهُرٍ (¬1). ¬

_ (¬1) أثر حسن، وهذا إسناد وهم فيه حماد -وهو ابن سلمة- إذ رواه عن عبد الرحمن بن إسحاق -وهو المدني- عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف -وقيل في اسمه: عوف بن مجالد-، عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه. وخالفه خالد بن عبد الله الواسطي الطحان، وهو أوثق من حماد، فرواه عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي الزناد عن مجالد بن عوف، عن زيد بن ثابت. فلم يذكر خارجة، وهذا هو الصحيح، لأن مجالد بن عوف حدث به أبا الزناد في مجلس خارجة بن زيد، وذكر مجالد أنه سمعه من زيد بن ثابت، فظن حماد أن خارجة حدث مجالداً به. وقد قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 8/ 360: مجالد بن عوف الحضرمي سمع زيد بن ثابت. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3457)، والبيهقي 8/ 16، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة مجالد بن عوف 27/ 226 من طريقين عن مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في"تاريخه الكبير" 8/ 10 من طريق أحمد بن يوسف السلمي، عن مسلم بن إبراهيم، عن حماد بن سلمة، عن محمَّد بن إسحاق، عن أبي الزناد، به، فقال: محمَّد بن إسحاق بدل: عبد الرحمن بن إسحاق وهو وهم أيضاً. ووهم في متنه أيضاً فذكر أن المدة بين الآيتين سنة، لا ستة أشهر. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (6073) عن محمَّد بن عثمان بن أبي سويد، عن مسلم بن إبراهيم، عن حماد بن زيد، عن عبد الرحمن بن إسحاق، به، ومحمد ابن عثمان بن أبي سويد ضعفه ابن عدي والدارقطني، وقد أخطأ فيه فقال: عن حماد ابن زيد، إنما هو حماد بن سلمة. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4906) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، عن زيد بن ثابت. وهذا إسناد حسن. =

4273 - حدَّثنا يوسفُ بنُ موسى، حدَّثنا جَرِيرٌ، عن منصورٍ، عن سعيدِ بنِ جُبيرِ -أو حدَّثني الحَكَمُ، عن سعيدِ بنِ جُبيرٍ- قال: سألتُ ابنَ عباس قال: لما نزلتِ التي في الفُرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} ¬

_ = ووافق خالداً الواسطيَّ وبين إسناد أبي الزناد فيه عبدُ الرحمن بن أبي الزناد -وهو صدوق حسن الحديث- فقال: حدثني أبي أن عوف بن مجالد الحضرمي أخبره -قال: وكان امرأ صدق، قال: وأخبرني ونحن عند خارجة بن زيد بن ثابت- قال [القائل هو عوف،: قلت: لزيد بن ثابت ... وذكر الحديث. أخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (489)، والطبراني في "الكبير" (4905) وإسناده حسن. وكذلك بينه سفيان بن عيينة عند عبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 168، وسعيد بن منصور في "سننه" قسم التفسير (667)، والطبري في "تفسيره" 5/ 220 و 220 - 221، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 292، عن أبي الزناد، سمعت رجلاً يحدث خارجة بن زيد، قال: سمعتُ أباك في هذا المكان بمنى يقول ... فذكره. قلنا: وهذا الرجل هو مجالد بن عوف. ورواه محمَّد بن عمرو بن علقمة الليثى واختلف عنه، فرواه مرة عن أبي الزناد -ولم يسمع منه كما نص عليه النسائي- عن خارجة بن زيد، عن أبيه أخرجه النسائي (3455)، ورواه مرة عن موسى بن عقبة، عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد، عن أبيه، أخرجه النسائي (3456)، والطبري في "تفسيره" 5/ 220، والطبراني في "الكبير" (4868)، وهذا الوجه الثاني لرواية محمَّد بن عمرو بن علقمة لا يعارض رواية خالد الواسطي ولا رواية ابن أبي الزناد، لاحتمال أن يكون خارجة قد وافق مجالد بن عوف -أو عوف بن مجالد- لما حدَّث به، فيكون لأبي الزناد فيه شيخان وهما مجالد وخارجة. ويؤيد هذا الوجه الثاني رواية سعيد بن أبي هلال عن جهم بن أبي جهم، عن أبي الزناد، عن خارجه عن أبيه. عند أبي عبيد في "الناسخ" (488)، وأبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 136 - 137. وفي الباب عن ابن عباس سيأتي بعده. وانظر فقه هذه المسألة عند الحديث الآتي بعده.

[الفرقان:68]، قال مشركو أهلِ مكةَ: قد قتلنا النفسَ التي حرَّم الله ودَعَونا مع الله إلهاً آخَرَ، وأتينَا الفَواحِشَ، فأنزل الله عز وجل: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: 70]، فهذه لأولئك، قال: وأما التي في النساء {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} الآية [النساء: 93]، قال: الرجل إذا عرف شرائعَ الإسلام، ثم قتل مؤمناً متعمِّداً فجزاؤهُ جهنمُ، فلا تَوبة له، فذكرتُ هذا لمجاهدٍ، فقال: إلا من نَدِمَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الحكم: هو ابن عُتيبة، ومنصور: هو ابن المعتمر، وجرير: هو ابن عبد الحميد، ويوسف بن موسى: هو ابن راشد القطان. وأخرجه البخاري (3855)، ومسلم (3023)، والنسائي في "الكبرى" (3451) و (11049) و (11307) من طريق منصور بن المعتمر، به. وأخرجه البخاري (4762)، ومسلم (3023)، والنسائي (3450) و (11306) من طريق القاسم بن أبي بزة، عن سعيد بن جُبير، قال: قلت لابن عباس رضي الله عنهما: ألمن قل مؤمناً متعمداً من توبة؟ قال: لا، قال: فتلوتُ عليه هذه الآية التي في الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ} إلى آخر الآية [الفرقان: 68]، قال: هذه آية مكية، نسختها آية مدنية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا}. وأخرج الترمذي (3278)، والنسائي (3454) من طريق عمرو بن دينار، وابن ماجه (2621)، والنسائي (3548) من طريق سالم بن أبي الجعد، كلاهما عن ابن عباس: أن قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} لم يُنسخ. وهو في "مسند أحمد" (1941) من طريق سالم عن عبد الله بن عباس. وانظر تالييه. قال مكي بن أبي طالب في "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" ص233 - 249: النسخ في آية الفرقان لا يحسُن لأنه خبر، والأخبار لا تنسخ بإجماع؛ لأن الخبر لو نسخ لكان قد أتي به على غير ما هو به من الصدق، ويتعالى الله عن ذلك علوَّا كبيرا، فالآيتان محكمتان، وآية النساء في القتل محمولة على أحد ثلاثة معانٍ قد قالها العلماء، ملخصها: =

4274 - حدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا حجاجٌ، عن ابنِ جُريجٍ، حدَّثني يَعلى، عن سعيدِ بنِ جُبير عن ابنِ عبَّاسٍ في هذه القصة في الذين لا يَدعونَ مع الله إلهاً آخَرَ: قال: أهل الشرك، قال: ونزل: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الزمر:53] (¬1). ¬

_ = 1 - أن هذا جزاؤه إن جازاه، قال مكي: وهذا هو مذهب أهل السنة في الوعد والوعيد، فهي محكمة. 2 - أن يكون معى الآية: ومن يقتل مؤمناً متعمداً مستحلاً لقتله، ولا يستحل ما حرم اللهُ إلا كافر، والكافر مُخلَّد في النار بإجماع إذا مات على كفره. 3 - أنه قيل: إنها نزلت في رجل بعينه من الأنصار قُتِل له وليٌّ فقبل الدية، ثم وثب فقتل القاتل بعد أخذه للدية وارتد، وقد قيل: إنها نزلت في رجل أسلم، ثم ارتد وقتل رجلاً مسلماً مستحلاً لقتله، وهو معى القول الذي قبله. ثم قال مكي: والذي يوجبه النظر وعليه أكثر أهل العلم أن الثلاث الآيات محكمات لانسخ في شيء منها. ثم قال: وإذا كانت كذلك فتوبة القاتل متعمداً جائزة، واستدل مكي لذلك بأدلة من القرآن فانظره. وقال الحافظ في "الفتح" 8/ 496: وقد حمل جمهور السلف، وجميع أهل السنة ما ورد من ذلك على التغليظ وصححوا توبة القاتل كغيره، وقالوا: معنى قوله: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} أي: إن شاء أن يجازيه تمسكا بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48]، ومن الحجة في ذلك حديث الإسرائيلي الذي قتل تسعة وتسعين نفساً، ثم أتى تمام المئة، فقال له: لا توبة، فقتله فأكمل به مئة، ثم جاء آخر، فقال: ومن يحول بينك وبين التوبة الحديث، وهو مشهور، وسيأتي في الرقاق واضحاً [بل سلف برقم (3470)]، وإذا ثبت ذلك لِمن قُبِلَ من غير هذه الأمة، فمثله لهم أولى، لما خفف اللهُ عنهم من الأثقال التي كانت على من قبلهم. وانظر لزاماً "نواسخ القرآن" ص 288 - 295 لابن الجوزي. (¬1) إسناده صحيح. يعلى: هو ابن مسلم المكي، وابن جريج: هو عبد الملك =

7 - باب ما يرجى في القتل

4275 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرحمن، حدَّثنا سفيانُ، عن المغيرةِ بنِ النُعمانِ، عن سعيدِ بنِ جُبير عن ابن عباس، قال: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء:93] قال: ما نسخها شيءٌ (¬1). 4276 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا أبو شهابٍ، عن سُليمانَ التَّيميِّ عن أبي مِجْلَزٍ في قوله: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} قال: هي جزاؤُه، فإن شاء اللهُ أن يتجاوزَ عن جزائه فَعلَ (¬2). 7 - باب ما يُرْجى في القتل 4277 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو الأحوصِ سَلاَّم بنُ سُلَيمٍ، حدَّثنا منصورٌ، عن هلال بن يِسافٍ ¬

_ = ابن عبد العزيز بن جريج المكي، وحجاج: هو ابن محمَّد المِصِّيصي، وأحمد بن إبراهيم: هو الدَّورقي. وأخرجه البخاري (4810)، ومسلم (122)، والنسائي في "الكبرى" (3453)، و (11385) من طريق يعلي بن مسلم، به. وانظر ما قبله، وما بعده. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي. وأخرجه البخاري (4590) و (4763)، ومسلم (3023)، والنسائي في "الكبرى" (3449) و (11050) من طريق المغيرة بن النعمان، به. وانظر سابقيه. (¬2) رجاله ثقات. أبو مجلز: هو لاحق بن حميد السَّدوسي، وسُليمان التيمي: هو ابن طَرْخان، وأبو شهاب: هو عبد ربه بن نافع الحناط. وأخرجه الطبري 5/ 217، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 16، وفي "شعب الإيمان" (15607) من طريق سليمان التيمي، به.

عن سعيدِ بنِ زيدٍ، قال: كنَّا عندَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - فذكر فتنةً، فعظَّم أمْرَها، فقلنا -أو قالوا-: يا رسولَ الله، لئن أدركنا هذا لنَهلِكنَّ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "كلاَّ! إنَّ بِحَسْبِكم القتَلَ" قال سعيدٌ: فرأيتُ إخواني قُتِلُوا (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن هلال بن يِساف لم يسمعه من سعيد بن زيد، بينهما فيه رجلان، جاء ذكرهما في رواية سفيان الثوري الآتي ذكرها، أحدهما مبهم، وقال البخاري في "تاريخه الكبير" 5/ 124 عن هذا الحديث: لم يصح. منصور: هو ابن المعتمر. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 16، وأبو يعلى (948)، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 407 من طريق أبي الأحوص سلّام بن سليم، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (1647)، وابن أبي عاصم في "السنة"، (1492)، والبزار (1262)، والطبراني في "الكبير" (349) من طريق حماد بن أسامة، عن مِسعَر، عن عبد الملك ابن ميسرة، والبزار (1261) من طريق حصين بن عبد الرحمن، كلاهما (عبد الملك وحصين) عن هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم، عن سعيد بن زيد. وقال النسائي في "الكبرى" قبل الحديث (8149): هلال بن يساف لم يسمعه من عبد الله بن ظالم. قلنا: اعتمد النسائي في ذلك على رواية سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر وذلك أنه أخرجها هو (8149)، وابن أبي عاصم في السنة" (1491)، والطبراني (347) من طريق سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن هلال بن يساف، عن فلان بن حيان، عن عبد الله بن ظالم، عن سعيد بن زيد. وفلان بن حيان لا يُعرف من هو، وعبد الله بن ظالم قال البخاري في "تاريخه" 5/ 124: ليس له حديث إلا هذا. قلنا: ثم إنه حصل فيه ما حصل من الاختلاف، ولهذا قال البخاري عنه: لم يصح. وكنا قد ذهلنا عن تعليل البخاري والنسائي لهذا الخبر في "مسند أحمد" فحسناه، فيستدرك من هنا. وكذلك حسنه الألباني في "صحيحه" (1346). لكن قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "بحسبكم القتل" ثابت من حديث أبي مالك طارق بن أشيم الأشجعي عند ابن أبي شيبة 15/ 92، وأحمد (15876)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1493)، وفي "الآحاد والمثاني" (1307)، والبزار (3263 - كشف الأستار)، والطبراني في "الكبير" (8195) و (8196) وإسناده صحح.

4278 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شَيبةَ، حدَّثنا كثيرُ بنُ هشامٍ، حدَّثنا المَسعودِيُّ، عن سعيدِ بنِ أبي بُردَةَ، عن أبيه عن أبي موسى، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: أُمَّتي هذِهِ أُمَّةٌ مرحُوْمَةٌ، ليسَ عليها عذابٌ في الآخِرَةِ، عذابُها في الدُّنيا الفِتَنُ والزَّلازِلُ والقَتلُ" (¬1). آخر كتاب الفتن ¬

_ = قال السندي: قوله: بحسب أصحابي القتل. الباء زائدة، أي: يكفيهم القتل، أي: إذا وقع من أحد ذنب، ثم قتل فهو يكفي جزاءً لذنبه، أو المراد: يكفي في فنائهم القتل، ولا يحتاج فناؤهم إلى سبب آخر، فالمطلوب الإخبار بكثرة القتل فيهم. (¬1) إسناده ضعيف. المسعودي -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة- اختلط، ثم إن فيه اضطراباً بيناه في تعليقنا على "مسند أحمد" (19678). وقد أعلَّ هذا الحديث شيخ الصنعة الإِمام أبو عبد الله البخاري، فقال في "تاريخه الكبير" 1/ 39 بعد أن أورد طرق هذا الحديث، وبين ما فيها من اضطراب: والخبر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في الشفاعة، وأن قوما يعذبون ثم يخرجون أكثر وأبين وأشهر. وهذا يدلُّك على أنه رحمه الله أضاف إلى التعليل باضطراب الإسناد نقد المتن لما فيه من المخالفة للأحاديث الصحيحة التي تكاد تكون متواترة بأن ناساً من أمة محمد -صلَّى الله عليه وسلم- يدخلون النار، ثم يخرجون منها بشفاعة النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وقال في "تاريخه الأوسط" 1/ 249 عن طرق هذا الحديث: في أسانيدها نظر. وأخرجه أحمد (19678)، وعبد بن حميد (536)، والحاكم 4/ 444 من طريق يزيد بن هارون، وأحمد (19678) عن هاشم بن القاسم، والبزار في "مسنده" (3099)، والروياني في "مسنده" (505)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (969)، والبيهقي في "الآداب" (897)، وفي "شعب الايمان" (9342) من طريق معاذ بن معاذ العنبري، ثلاثتهم عن المسعودي، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه في "مسند أحمد" (19658) و (19678).

أول كتب المهدي

أول كتب المهدي 4279 - حدَّثنا عمرو بن عثمان (¬1)، حدَّثنا مروان بن معاوية، عن إسماعيل -يعني ابن أبي خالدٍ- عن أبيه عن جابر بن سمرة، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: لا يزال هذا الذين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفةً، كلهم تجتمِع عليه الأمَّة" فسمعت كلاماً من النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لم أفهمه، قلت لأبي: ما يقول؟ قال: كلُّهم من قُريش" (¬2). ¬

_ (¬1) وقع في رواية ابن العبد خطأ في تعيين شيخ المصنف هنا، حيث جاء فيها أنه عثمان بن أبي شيبة، ولعلّه سبْق نظر إلى الإسناد الذي قبله. والذي في أصولنا الخطية: عمرو بن عثمان، وهو الذي جاء في "الأطراف" (2134). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي خالد -والد إسماعيل- ولكنه متابع. كما في الطريقين التاليين وكما سيأتي في التخريج. وأخرجه البخاري (7222)، ومسلم (1821) من طريق عبد الملك بن عمير، ومسلم (1821) من طريق حصين بن عبد الرحمن، ومسلم (1821)، والترمذي (2372) من طريق سماك بن حرب، والترمذي (2373) من طريق أبي بكر بن أبي موسى، أربعتهم عن جابر بن سمرة. وهو في "مسند أحمد" (20814) و"صحيح ابن حبان" (6662) و (6663). وانظر تالييه. وهذا الحديث يعارض في ظاهره حديث سفينة مولى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم: "خلافة النبوة ثلاثون سنة" الذي سيأتي عند المصنف برقم (4646) و (4647). وذهب القاضي عياض فيما حكاه عنه النووي في "شرح مسلم" إلى أنه لا تعارض؛ لأن المراد في حديث: "الخلافة ثلاثون سنة" خلافة النبوة، وأن هذا لم يُشترط في الاثني عشر. =

4280 - حدَّثنا موسى بن إسماعيل، حدَّثنا وُهَيب، حدَّثنا داود، عن عامر عن جابر بن سمرة، قال: سمعت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشَر خليفةَ قال: فكبَّر الناسُ وضجُّوا، ثم قال كلمةً خفيَّة، قلت لأبي: يا أبت، ما قال؟ قال: "كلهم من قريش" (¬1). 4281 - حدَّثنا ابن نفيل، حدَّثنا زهير، حدَّثنا زيادُ بن خيثمةَ، حدَّثنا الأسودُ بن سعيدٍ الهمدانيُّ عن جابر بن سمرة، بهذا الحديث، زاد: فلما رجع إلى منزله أتته قريش، فقالوا: ثم يكون ماذا؟ قال: "ثم يكون الهرج" (¬2). ¬

_ = وبنحو قول القاضي هذا ما قاله ابن قيم الجوزية في "تهذيب السنن" 6/ 156 - 157. واستُشكل أيضاً أنه ولي أكثر من اثني عشر خليفة، وأجيب بأن السبيل في ذلك أن يُحمل على المقسطين منهم، فإنهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة. نص عليه القاضي عياض فيما نقله عنه النووي والتُّورِبِشتي فيما نقله مُلا علي القاري في "المرقاة"، وأجيب أيضاً بأنه لا يلزم من هذا تواليهم وتتابع أيامهم كما يذهب إليه الرافضة. نص عليه ابن كثير في "تفسيره"، عند تفسير قوله تعالى: {وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} [المائدة:12]، وبين أن أربعة منهم قد جاؤوا على الولاء، وهم الخلفاء الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ومنهم عمر بن عبد العزيز بلا شك عند الأئمة وبعض بني العباس. وذكر نحو ذلك في كتابه "النهاية" في الفتن والملاحم" 1/ 23 - 24. (¬1) إسناده صحيح. عامر: هو ابن شَراحيل الشَّعْبي، وداود: هو ابن أبي هند. وأخرجه مسلم (1821) من طريق داود بن أبي هند، و (1821) من طريق عبد الله بن عون، كلاهما عن الشعبي، به. وهو في "مسند أحمد" (20879)، و"صحيح ابن حبان" (6663). وانظر ما قبله، وما بعده. (¬2) حديث صحيح دون قوله: "ثم يكون الهرج"، الأسود بن سعيد روى عنه ثلاثة وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد تابعه غير واحد، لكن أحداً منهم لم يذكر فيه =

4282 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، أن عُمرَ بن عُبيدٍ حدَّثهم. وحدَثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا أبو بكرٍ -يعني ابن عياشٍ-. وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سُفيان. وحدَّثنا أحمد بن إبراهيمَ، حدَّثنا عُبيدُ الله بن موسى، أخبرنا زائدة. وحدَّثنا أحمد بن إبراهيمَ، حدَّثني عُبيد الله، عن فطر -المعنى واحد- كلُّهم عن عاصم، عن زِرٍّ عن عبدِ الله، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لو لم يبقَ من الدُّنيا إلا يومٌ -قال زائدة في حديثه- لطوَّل الله ذلك اليومَ -ثم اتفقوا- حتى يبعثَ اللهُ فيه رجُلاً مني أو من أهلِ بيتي، يواطئُ اسمُه اسمي، واسمُ أبيه اسمَ أبي -زاد في حديث فطر- يَملأ الأرضَ قِسطاً وعَدلاً، كما مُلِئَت ظلماً وجَوْراً". وقال في حديث سفيان: "لا تذهب -أو لا تنقضي- الدُنيا حتى يملك العربَ رجلٌ من أهل بيتي، يواطئُ اسمُه اسمي" (¬1). ¬

_ = الزيادة المشار إليها بذكر الهرج. زهير: هو ابن معاوية، وابن نفيل: هو عبد الله بن محمَّد بن علي بن نُفيل. وأخرجه أحمد (20860)، والبخاري في "تاريخه الكبير" 1/ 446، والبزار (3329 - كشف الأستار)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (2756)، وابن حبان (6661)، والطبراني في "الكبير" (2059)، وفي "الأوسط" (6382)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 520، وأبو محمَّد البغوي في "شرح السنة" (4236)، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة الأسود بن سعيد 3/ 223 من طرق عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النَّجود- فهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. فطر: هو ابن خليفة، وزائدة: هو ابن قدامة، وسفيان: هو الثوري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه الترمذي (2380) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" 2/ 861: إسناده حسن. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (3571). وفي الباب عن أبي هريرة عند الترمذي (2381)، وابن حبان (5953)، وإسناده حسن. وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد (11313)، وأبي يعلى (987)، وابن حبان (6823)، والحاكم 4/ 557، وأبي نعيم في "الحلية" 3/ 101 بلفظ: "لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا، ثم يخرج رجل من عِترتي أو مِن أهل بيتي، مَن يملؤها قسطا وعدلاً، ما ملئت ظلماً وعدواناً" هذا لفظ أحمد. وإسناده صحيح، وقال أبو نعيم: مشهور من حديث أبي الصدِّيق عن أبي سعيد. قلنا: وسيأتي بعضه عند المصنف برقم (4285). وعن علي بن أبي طالب، سيأتي عند المصنف بعده. وإسناده صحيح. وعن ابن عباس عند ابن أبي شيبة 15/ 196 وأبي عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (559) قال: لا تمضي الأيام واليالي، حتى يلي منا أهل البيت فتى لم تلبسه الفتن، ولم يلبسها ... وإسناده صحيح. ومثله لا يقال من قبل الرأي. وقد ذهب إلى تصحيح خروج المهدي الذي يؤمن به أهل السنة الجماعة من يُعتد بقوله ويُرجع إليه من محققي أهل العلم: فقد قال الحافظ أبو جعفر العقيلي في "الضعفاء" 2/ 76 في ترجمة زياد بن بيان: وفي المهدي أحاديث صالحة الأسانيد أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "يخرج مني رجل -ويقال: من أهل بيتي- يُواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي. فأما من ولد فاطمة ففي إسناده نظر كما قال البخاري. قلنا: يعني بذلك حديث زياد بن بيان الذي سيأتي عند المصنف برقم (4284). ونقل الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة محمَّد بن خالد الجندي 25/ 149 عن الإِمام البيهقي قوله: والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي أصح إسناداً. وقال الإِمام أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوذي" 9/ 77 بعد أن ذكر عدة أحاديث في المهدي وصفته وأنه من ولد فاطمة: والذي يصح من هذا كله أنه يملِكُها رجل من أهل بيته يُواطئ اسمُه اسمَه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأورد الإِمام القرطبي في "التذكرة" ص 701 حديث أنس بن مالك الذي أخرجه ابن ماجه (4039) وفيه: "ولا المهدي إلا عيسى ابن مريم" ثم ضعفه، وقال: والأحاديث عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في التنصيص على خروج المهدي من عترته من ولد فاطمة ثابتة أصح من هذا الحديث فالحكم لها دونه. قلنا: أصاب إلا في قوله: من ولد فاطمة، فهو ضعيف كما سيأتي برقم (4284). ونقل القرطبي في "التذكرة" ص 701 عن أبي الحسن محمَّد بن الحُسين بن إبراهيم السجستاني الآبُري قوله: قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى يعني المهدي، وأنه من أهل بيته وأنه سيملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلاً، يخرج مع عيسى عليه السلام، فيساعده على قتل الدجال بباب لُدٍّ بأرض فلسطين، وأنه يؤم هذه الأمة وعيسى صلوات الله عليه يصلي خلفه. وأبو الحسن الآبري هذا وصفه الحافظ الذهبي في "السير" 16/ 299 بقوله: الإِمام الحافظ محدث سِجستان بعد ابن حبان. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "منهاج السنة النبوية" 8/ 254: الأحاديث التي يُحتَج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة، رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم من حديث ابن مسعود وغيره. وكذلك قال تلميذه الإِمام ابن القيم في "المنار المنيف" بعد أن ساق عدة أحاديث في المهدي وحسَّن بعضاً منها وجوَّد أخرى ص 148: وهذه الأحاديث أربعة أقسام: صحاح وحِسان وغرائب وموضوعة. وكذلك قال العلامة المحدث أبو الطيب محمَّد شمس الحق العظيم آبادي في "عون المعبود" 11/ 243 بعد أن ذكر أن أحاديث المهدي مخرجة عند جماعة من الأئمة عن جماعة من الصحابة: وإسناد أحاديث هؤلاه بين صحيح وحسن وضعيف، وقد بالغ الإِمام المؤرخ عبد الرحمن بن خلدون المغربي في "تاريخه" في تضعيف أحاديث المهدي كلها فلم يُصب، بل أخطأ. قلنا: إنما أعله ابن خلدون بعاصم بن أبي النجود، وأعدل الأقوال فيه ما قاله الحافظ الذهبي في "ميزان الاعتدال" 2/ 357: أنه ثبت في القراءة، وهو في الحديث دون الثبت، صدوق يهم، وهو حسن الحديث. قال العظيم آبادي في "عون المعبود" =

قال أبو داود: لفظ عمر وأبي بكر بمعنى سفيان. ولم يقل أبو بكر: "العرب". ¬

_ = 11/ 251: والحاصل أن عاصم بن بهدلة -وهو عاصم بن أبي النجود نفسه- ثقة على رأي أحمد وأبي زرعة، وحسن الحديث صالح الاحتجاج على رأي غيرهما، ولم يكن فيه إلا سوء الحفظ، فردُّ الحديث بعاصم ليس من دأب المنصفين، على أن الحديث قد جاء من غير طريق عاصم أيضاً، فارتفعت عن عاصم مظنة الوهم، والله أعلم. قلنا: ولكن المهديَّ المذكور في هذه الأحاديث ليس هو مهدي الرافضة المزعوم، قال شيخ الإِسلام ابن تيمية في "منهاج السنة" 8/ 259 بعد أن ذكر عدداً ممن ادعى أنه المهدي كمحمد بن تومرت، وأن منهم من قُتِل ومنهم من ادعى ذلك فيه أصحابُه، قال: وهؤلاء كثيرون، لا يُحصي عددهم إلا الله، وربما حصل بأحدهم نفع لقوم، وإن حصل به ضرر لآخرين، كما حصل بمهدي المغرب: انتفع به طوائف وتضرر به طوائف، وكان فيه ما يُحمد وإن كان فيه ما يُذَمُّ، وبكل حالٍ فهو وأمثاله خير من مهدي الرافضة، الذي ليس له عين ولا أثر، ولا يُعرف له حِس ولا خبر، لم ينتفع به أحد لا في الدنيا ولا في الدين، بل حصل باعتقاد وجوده من الشر والفساد، ما لا يحصيه إلا رب العباد. وقال ابن القيم في "المنار المنيف" ص 152 - 153 عن معتقد الرافضة في مهديهم: دخل سرداب سامراء طفلاً صغيراً، من أكثر من خمس مئة سنة (ونقول نحن: من أكثر من ألف سنة) فلم تره بعد ذلك عين، ولم يُحسَّ فيه بخبر ولا أثر، وهم ينتظرونه كلَّ يوم، يقفون بالخيل على باب السرداب، ويصيحون به أن يخرج إليهم: اخرج يا مولانا، اخرج يا مولانا، ثم يرجعون بالخيبة والحرمان فهذا دأبُهم ودأبُه ... إلى أن قال: ولقد أصبح هؤلاء عاراً على بني آدم، وضحكة يسخر منهم كل عاقل. وقال ابن كثير في "النهاية في الفتن والملاحم" 1/ 55: يخرج المهدي، ويكون ظهوره من بلاد المشرق، لا من سرداب سامراء، كما تزعمه جهلة الرافضة من أنه موجود فيه الآن، وهم ينتظرون خروجَه في آخر الزمان، فإن هذا نوع من الهذيان، وقسط كثير من الخذلان وهوس شديد من الشيطان، إذ لا دليل عليه ولا برهان، لا من كتاب ولا من سنة ولا من معقول صحيح ولا استحسان.

4283 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا الفضل بن دكين، حدَّثنا فطرٌ، عن القاسِم بن أبي بزَّة، عن أبي الطُّفيل عن علي، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لو لم يبق من الدَّهر إلا يومٌ، لبعث الله عَزَّ وَجَلَّ رجُلاَ من أهل بيتي يملؤها عدلاَ كما مُلِئَت جَوْراً" (¬1). 4284 - حدَّثنا أحمد بن إبراهيم، حدَّثنا عبد الله بن جعفرٍ الرَّقيُّ، حدَّثنا أبو المليح الحسن بن عمر، عن زياد بن بيان، عن علي بن نُفيلٍ، عن سعيدِ بن المسيِّب عن أُمِّ سلمة، قالت: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "المهديُّ من عِترتي من ولَدِ فاطمة" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الطُّفيل: هو عامر بن واثلة، وفطر: هو ابن خليفة، وهذا الأخير -وان رمي بالتشيع- لم يأت بما ينكر، وقد وافقه رواية ابن مسعود وغيره كما في الحديث السالف قبله. وقال العلامة العظيم آبادي: سنده حسن قوي. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 198، وأحمد (773)، والبزار (493) وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 259، وأبو عمرو الداني في "الفتن" (561)، والبيهقي في "الاعتقاد" ص 216، والبغوي في "شرح السنة" (4279) من طريق فطر بن خليفة، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (773)، والبيهقي في "الاعتقاد" ص 215 و 216 من طريق فطر ابن خليفة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي الطُّفيل، عن علي بن أبي طالب. وحبيب ثقة أيضاً، فلا يضر هذا الاختلاف، لأن الحديث حيثما دار، دار على ثقة. وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه" (20776)، ومن طريقه أبو عمرو الداني (422) و (552)، عن معمر، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي قال: "لتملأن الأرض ظلماً وجوراً، حتى لا يقول أحد: الله الله، يستعلق به، ثم لتملأن بعد ذلك قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، هكذا رواه موقوفاً وإسناده صحيح ومثله لا يقال من قبل الرأي، وهذا يشد المرفوع الذي عند المصنف. (¬2) إسناده ضعيف لضعف زياد بن بيان. قال البخاري في "تاريخه الكبير" 3/ 346: في إسناده نظر، ونقله العقيليُّ في "الضعفاء" 2/ 76 عن البخاري وأقره عليه. وقال =

قال عبدُ الله بن جعفر: وسمعتُ أبا المليح يُثني على علىِّ بن نُفيل، ويذكر منه صلاحاً. 4285 - حدَّثنا سهلُ بنُ تمام بنِ بَزِيع، حدَّثنا عِمرانُ القطَانُ، عن قتادةَ، عن أبي نَضرَةَ عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: المهديُّ منِّي أجْلَى الجَبهَةِ، أَقنَى الأنفِ، يملأُ الأرضَ قِسطْاً وعَدلاً، كما مُلِئَت جَوْراً وظُلماً، يملِكُ سبعَ سنين" (¬1). ¬

_ = الذهبي في "المغني في الضعفاء": لم يصح خبره. وقال المنذري في "اختصار السنن" 6/ 160 بعد أن نقل كلام العقيلي: وقال غيره: وهو كلام معروف من كلام سعيد بن المسيب، والظاهر أن زياد بن بيان وهم في رفعه. قلنا: وهذا صحيح، فقد أخرجه من قول سعيد بن المسيب نُعيم بن حماد في "الفتن" (1082)، وأبو عمرو الداني (580) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، قال: قلت لسعيد بن المسيب: المهدي حقٌّ؟ قال: حقٌّ ... قلت: ثم ممن؟ قال: من ولد فاطمة. وأخرجه نعيم أيضاً (1082) عن عبد الرزاق وابن المبارك وابن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن ابن المسيب يعني دون ذكر سعيد بن أبي عروبة. وقد سمع معمر من قتادة أيضاً. فإسناد هذا الموقوف صحيح، وهذا أولى من حديث زياد بن بيان، والله تعالى أعلم. وبهذا يتضح لك خطأ الشيخ الألباني رحمه الله إذ جوَّد إسناده في "الضعيفة" عند الحديث (80). وأخرجه من حديث أم سلمة ابن ماجه (4086) من طريق أبي المليح الحسن بن عمر الرقي، بهذا الإسناد. قال الخطابي: العترة: ولد الرجل لصلبه، وقد يكون العترة للأقرباء وبني العمومة، ومنه قول أبي بكر رضي الله عنه يوم السقيفة: نحن عترة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم. (¬1) جيد بهذا اللفظ، سهل بن تمام بن بزيع -وإن كان ضعيفاً- متابع -وعمران القطان - وهو ابن دَاوَر- حسن الحديث، وقد روي حديثه هذا من وجه آخر حسن في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = المتابعات، سيأتي ذكره. وذكر ابن الجوزي هذا الحديث في "العلل المتناهية" (1443) ثم قال 2/ 861: لا بأس به. وجوَّد إسناده ابن قيم الجوزية في "المنار المنيف" ص 144. وصححه الحاكم 4/ 557، لكن تعقبه الذهبي بقوله: عمران ضعيف. قلنا: القول قول من قوَّى هذا الحديث، لأن عمران لم ينفرد به. أبو نضرة: هو المنذر ابن مالك بن قِطعة. وأخرجه الطبراني في "غريب الحديث" 2/ 191 من طريق عفان بن مسلم، والحاكم 4/ 557 من طريق عمرو بن عاصم الكلابي، كلاهما عن عمران القطان، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (11130)، وأبو يعلى (1128)، وابن حبان (6826) من طريق مطر بن طهمان الوراق، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري. وهذا إسناد حسن في المتابعات. وأخرجه أحمد (11163)، وابن ماجه (4083)، والترمذي (2382) من طريق زيد بن الحواري العمي، عن أبي الصديق، عن أبي سعيد، رفعه: "يكون في أمتي المهدي، إن قصر فسبع، وإلا فتسع. فتنعم فيه أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط، تؤتي أكلها، ولا تدّخر منهم شيئاً، والمال يومئذ كُدُوسٌ. فيقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني، فيقول: خُذ" وقال الترمذي: حديث حسن. وقد روي من غير وجه عن أبي سعيد، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قلنا: زيد العمي ضعيف لكنه متابع. فقد أخرج الحاكم 4/ 557 - 558 من طريق سليمان بن عبيد السلمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري رفعه: "يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتُخرج الأرض نباتها، ويُعطي المال صحاحاً، وتكثر الماشية وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أو ثمانياً" وإسناده صحيح. وأخرج أحمد (11313)، وأبو يعلى (987)، وابن حبان (6823)، والحاكم 4/ 557، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 101 من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري رفعه: "لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلماً وعدوانا"، قال: "ثم يخرج رجل من عترتي أو من أهل بيتي، مَن يملؤها قسطا وعدلاً، كما ملئت ظلماً وعدوانا" لفظ أحمد. وإسناد هذه الرواية صحيح. وقال أبو نعيم: مشهور من حديث أبي الصدّيق، عن أبي سعيد الخدري. =

4286 - حدَّثنا محمَّد بن المثنى، حدَّثنا معاذ بن هشام، حدَّثني أبي، عن قتادة، عن صالح أبي الخليلِ، عن صاحبٍ له عن أمِّ سلمة زوج النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "يكون اختلافٌ عندَ موتِ خليفةٍ، فيخرجُ رَجُلٌ مِن أهلِ المدينةِ هارباً إلى مكَةَ، فيأتيه ناسٌ من أهلِ مكَّة فيُخرِجُونَه وهو كارِهٌ فيبايعُونَه بين الرُّكنِ والمقامِ، ويُبعَثُ إليه بَعْثٌ مِن الشامِ، فيُخسَفُ بهم بالبيداء بين مكةَ والمدينةِ، فإذا رأى النَّاسُ ذلك أتاه أبدالُ الشام وعصَائبُ أهلِ العراقِ، فيبايعُونه، ثم ينشأ رجُلٌ من قريشٍ أخوالُهُ كَلبٌ فيبعثُ إليهم بَعثاً، فيظهرونَ عليهم، وذلك بَعْثُ كَلْبٍ، والخيبةُ لمن لم يَشهد غنيمةَ كلبٍ، فيَقسِمُ المالَ، ويَعملُ في النَّاس بسُنّةِ نبيِّهم -صلَّى الله عليه وسلم-، ويُلقي الإِسلامُ بجِرَانهِ إلى الأرضِ، فيَلْبَثُ سبعَ سنين، ثم يُتوفَّى ويُصلِّي عليه المسلمون" (¬1). ¬

_ ويشهد للفظ زيد العمي تماما حديث أبي هريرة عند البزار (3326 - كشف الأستار)، والطبراني في "الأوسط" (5406)، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1444) وإسناده حسن، وأخطأ ابن الجوزي في تعيين أحد رواته وهو محمَّد بن مروان العقيلي البصري، فظنه محمَّد بن مروان السدي المتهم بالكذب، وإنما هو العقيلي الصدوق. قال الخطابي: الجلى: هو انحسار الشعر عن مقدم الرأس، ويقال: رجل أجلى، وهو أبلغ في النعت من الأملح، قال العجاج: مع الجلا ولائح القتير القتير: الشريب أو أول ما يلوح منه. (¬1) إسناده ضعيف لإبهام صاحب أبي الخليل، وقد جاء ذكره في رواية عمران ابن داود القطان في الرواية الآتية برقم (4288) عن قتادة، فقال: عن عبد الله بن الحارث ابن نوفل وهو ثقة مشهور، ويقال: له رؤية. وعمران القطان حسن الحديث إذا لم ينفرد أو يأت بما ينكر، وقد خالفه في هذا الإسناد هشام الدستوائي في هذه الرواية وهمام بن يحيى العوذي كما في الرواية التالية، وهما ثقتان حافظان، فلم يُبيِّنا الرجل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = المبهم الراوي عن أم سلمة، ولهذا لما ذكر الحاكمُ هذا الحديث علَّق عليه الحافظ الذهبي بقوله: أبو العَوَّام عمران ضعفه غير واحد وكان خارجياً. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، وصالح أبو الخليل: هو ابن أبي مريم. وأخرجه أحمد (26689) عن عبد الصمد بن عبد الوارث وحَرَمي بن عمارة، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" 4/ (141) عن وهب بن جرير بن حازم، ثلاثتهم عن هشام الدستوائي، به. وأخرجه أبو يعلى (6940) وعنه ابن حبان (6757) عن أبي هشام الرفاعي محمَّد ابن يزيد ابن رفاعة، عن وهب بن جرير بن حازم، عن هشام الدستوائي. عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن صاحب له -وربما قال صالح: عن مجاهد- عن أم سلمة. هذا عند أبي يعلى، وعند ابن حبان جزم بأنه مجاهد. وأبو هشام الرفاعي ضعيف جداً واتهمه بعضهم بالسرقة، وخالفه إسحاق بن راهويه كما سلف قريباً فلم يذكر مجاهداً. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 45 - 46، والطبراني في "الكبير" 23/ (930)، وفي "الأوسط" (9459)، والحاكم 4/ 431 من طريق عمران بن داوَر القطان، عن قتادة، عن صالح أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن أم سلمة. وسيأتي عند المصنف برقم (4288). ورواه معمر بن راشد، عن قتادة، واختلف عنه اختلافاً شديداً كما بيناه في "مسند أحمد" (26689). وذلك لما قاله معمر نفسُه: جلستُ إلى قتادة وأنا صغير، فلم أحفظ أسانيده. نقله ابن أبي خيثمة في "تاريخه" (1203) عن ابن معين، عن معمر. وانظر الأحاديث الثلاثة الآتية بعده. والأبدال: جمع بدل بالتحريك: هم العُبَّاد، سُمُّوا بذلك؛ لأنهم كما مات واحد أبدل الله منه آخر، والعصائب: أراد خيار أهل العراق. وقوله: ويلقي الإسلام بجرانه. الجران: مقدم العنق، وأصله في البعير إذا مدَّ عنقه على وجه الأرض، فيقال: ألقى البعير جرانه، وإنما يفعل ذلك إذا طال مقامه في مناخه، فضرب الجران مثلاً للإسلام إذا استقر قراره فلم يكن فتنة ولا هيج، وجرت أحكامه على العدل والاستقامة. أفاده الخطابي.

قال أبو داود: قال بعضُهم، عن هشامٍ: "تسعَ سنين" وقال بعضُهم "سبعَ سنين". 4287 - حدَّثنا هارونُ بن عبدِ اللهِ، حدَّثنا عبدُ الصمدِ، عن همَّام، عن قتادة، بهذا الحديث، وقال: "تسعَ سنين" (¬1). وقال غيرُ معاذٍ عن هشام: "تسعَ سنين". 4288 - حدَّثنا ابنُ المثنى، حدَّثنا عمرو بن عاصم، حدَّثنا أبو العوَّام، حدَّثنا قتادةُ عن أبي الخليلِ، عن عبدِ الله بن الحارث عن أمِّ سلمةَ، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، بهذا الحديث. وحديثُ معاذٍ أتم (¬2). 4289 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا جرير، عن عبدِ العزيز بن رُفَيع، عن عُبيد الله ابن القبطيّة عن أمّ سلمة، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، بقصةِ جيشِ الخسفِ، قلت: يا رسولَ الله، كيفَ بمن كان كارِهاً؟ قال: "يُخسَفُ بهم، ولكن يُبعَثُ يومَ القيامَةِ على نيَّته" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. همام: هو ابن يحيى العَوذي، وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث. (¬2) إسناده ضعيف. أبو العوَّام -وهو عمران بن داوَر القطّان- تفرد في هذا الإسناد بذكر عبد الله بن الحارث -وهو ابن نوفل- وهو ثقة مشهور، ولم يذكره هشام الدستُوائي ولا همام بن يحيى كما في الروايتين السابقتين، وهما من الثقة بمكان، ولا يخفى عليهما إن صح ذكره. ولا يحتمل تفرد عمران القطان بمثله. وقد سلف تخريجه من طريق عمران القطان عند الحديث السالف برقم (4286). (¬3) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه مسلم (2882) من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (4065)، والترمذي (2312) من طريق سفيان بن عيينة، عن محمد بن سوقة، عن نافع بن جبير، عن أم سلمة. =

4290/ 1 - قال أبو داود: حُدِّثْتُ عن هارونَ بنِ المُغيرةِ، حدَّثنا عمرو بنُ أبي قيس، عن شُعيبِ بن خالدٍ، عن أبي إسحاقَ، قال: قال عليٌّ، ونظر إلى ابنهِ الحسنِ، فقال: إن ابني هذا سيد، كما سماه النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، وسيخرجُ من صُلبه رجلٌ يسمَّى باسم نبيِّكم -صلَّى الله عليه وسلم- يُشبهه في الخُلُق، ولا يشبهه في الخَلْقِ، ثم ذكر قصةً: يملأُ الأرضَ عَدلاً (¬1). 4290/ 2 - وقال هارونُ، حدَّثنا عمرو بنُ أبي قيسٍ، عن مُطَرِّفِ بن طريفٍ، عن أبي الحسنِ، عن هِلال بنِ عمرو قال: ¬

_ = وأخرجه البخاري (2118) من طريق إسماعيل بن زكريا، عن محمَّد بن سوقة، عن نافع بن جبير، عن عائشة. قال الحافظ في "الفتح" 4/ 340: ويحتمل أن يكون نافع بن جبير سمعه منهما، فإن روايته عن عائشة أتم من روايته عن أم سلمة. وهو في "مسند أحمد" (26475) و (26702)، و "صحيح ابن حبان" (6756). وقولها: فكيف بمن كان كارهاً، وفي المسند: "لعل فيهم المكره" قال النووي: أي يقع الهلاك في الدنيا على جميعهم، ويصدرون يوم القيامة مصادر شتى، أي: يبعثون مختلفين على قدر نياتهم، فيجازون بحسبها، وفي الحديث أن من كثر سواد قوم جرى عليه حكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا. وقال السندي، أي الذي خرج كرهاً لا يستحق العقوبة، فأشار إلى أن عذاب الدنيا يعمُّ، بسبب الصحبة لقوله: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} [الأنفال: 25]، نعم يظهر التفاوت في الآخرة. (¬1) إسناده ضعيف لإبهام شيخ أبي داود فيه، وأبو إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السبيعي- رأى علياً رضي الله عنه، ولم تثبت له رواية عنه. وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (1113) عن غير واحد، عن إسماعيل بن عياش، عمن حدثه، عن محمَّد بن جعفر، عن علي بن أبي طالب. وفي إسناده مُبهمون كما ترى.

سمعت علياً يقول: قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "يخرج رجلٌ من وراءِ النهرِ يقال له: الحارثُ بن حَرَّاثٍ، على مُقدِّمتِهِ رجُلٌ يقال له: منصورٌ، يُوطَّئُ -أو يُمكِّنُ- لآل مُحمَّدٍ، كما مكَّنت قُريشٌ لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وَجَبَت على كلِّ مؤمنٍ نُصرَتُه -أو قال: إجابتُه-" (¬1). آخر كتاب المهدي ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لإبهام شيخ أبي داود في هذا الحديث.

أول كتاب الملاحم

أول كتاب الملاحم (¬1) 1 - باب ما يُذكَرُ في قَرْنِ المِئَة 4291 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داودَ المَهْريُّ، حدَّثنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني سعيدُ ابنُ أبي أيوبَ، عن شَرَاحِيلَ بنِ يزيدَ المَعافِريِّ، عن أبي علقمةَ عن أبي هريرةَ -فيما أعلمُ- عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس كلِّ مِئة سنةٍ من يُجَدِّدُ لها دينَها" (¬2). ¬

_ (¬1) الملاحم، بفتح الميم وكسر الحاء، قال في "النهاية": الملحمة: هي الحرب وموضع القتال، والجمع: الملاحم، مأخوذ من اشتباك الناس واختلاطهم فيها، كاشتباك لُحمة الثوب بالسَّدَى، وقيل: هو من اللحم، لكثرة لحوم القتلى فيها. (¬2) إسناده صحيح، وقد احتج بهذا الحديث أحمد بن حنبل، فقال: إن الله يُقيِّض للناس في رأس كل مئة من يُعلِّمهم السنن وينفي عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - الكذب. وقد ذكره الحافظ في "توالي التأسيس" ص 46 - 49 من طرق عن أحمد بن حنبل، ثم قال: وهذا يُشعر بأن الحديث كان مشهوراً في ذلك العصر، ففيه تقوية للسند المذكور، مع أنه قوي لثقة رجاله وصححه أيضاً ملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" 1/ 248 قلنا: أبو علقمة: هو الفارسي المصري سماه ابن عدي: مسلم بن بشار. وهو في كتاب "الرجال" لابن وهب كما في "الكامل" لابن عدي 1/ 123، ومن طريقه أخرجه الطبراني في "الأوسط" (6527)، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" 1/ 123، والحاكم 4/ 522، وأبو عمرو الداني في "الفتن" (364)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (422)، وفي "مناقب الشافعي" 1/ 53، والخطيب في "تاريخه" 2/ 61 - 62، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 51/ 338، وفي "تبيين كذب المفتري" ص 51 و 51 - 52 والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة شراحيل بن يزيد المعافري 12/ 412، وفي ترجمة محمَّد بن إدريس الشافعي، وابن حجر في "توالي التأسيس لمعالي محمَّد بن إدريس" ص 45 - 46. =

2 - باب ما يذكر من ملاحم الروم

قال أبو داود: رواه عبدُ الرحمن بنُ شُريح الإسكندرانيُّ لم يَجُزْ به شَراحِيلَ. 2 - باب ما يُذكر من ملاحم الروم 4292 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا عيسى بن يونس، حدَّثنا الأوزاعيُّ، عن حسانَ بن عطيَّة، قال: مال مكحولٌ وابن أبي زكريا إلى خالد بن مَعدانَ، وملت معهم، فحدَّثنا عن جُبير بن نُفير عن الهُدنةِ قال: ¬

_ = وقال الطبراني: تفرد به ابن وهب، وقال ابن عدي: هذا الحديث لا أعلم يرويه غير ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب. وقوله بإثر الحديث: رواه عبد الرحمن بن شُريح الإسكندراني لم يجز به شراحيلَ فسره المنذري في "مختصره" بقوله: يعني عضل الحديث. قلنا: يعني أسقط من إسناده أبا علقمة وأبا هريرة. غير أننا لم نجد هذه الطريق مسندة عند أحد. قال ابن كثير في "النهاية" في الفتن والملاحم " 1/ 39: الظاهر -والله أعلم- أن هذا الحديث يعُمُّ جملة أهل العلم من كل طائفة، وكل صنف من. أصناف العلماء من مفسرين ومحدثين وفقهاء ونحاة ولغويين إلى غير ذلك من الأصناف، والله أعلم. ونحوه ما قاله ملا علي القاري "مرقاة المفاتيح" 1/ 246. وقوله: "يجدد لها دينها" قال ملا علي القاري: أي يبين السنة من البدعة، ويُكثِّر العلم ويُعزُّ أهله، ويقمع البدعة ويكسر أهلها. ثم قال القاري: المراد بمن يجدد، ليس شخصاً واحداً، بل المراد به جماعة، يجدد كل أحدٍ في بلد في فن أو فنون من العلوم الشرعية ما تيسر من الأمور التقريرية أو التحريرية ويكون سبباً لبقائه وعدم اندراسه وانقضائه إلى أن يأتي أمر الله. ولا شك أن هذا التجديد أمر إضافي، لأن العلم كل سنة في التنزل، كما أن الجهل كل عام في الترقي، وإنما يحصل ترقي علماء زماننا بسبب تنزل العلم في أواننا، وإلا فلا مناسبة بين المتقدمين والمتأخرين علماً وعملاً وحلما وفضلاً وتحقيقا وتدقيقاً لما يقتضي البعد عن زمنه عليه الصلاة والسلام كالبعد عن محل النور يوجب كثرة الظلمة وقلة الظهور.

قال جُبير: انطلق بِنا إلى ذي مِخْبَرٍ -أو قال: ذي مِخْمَرٍ، الشك من أبي داود- رجُلٍ من أصحابِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فأتيناه، فسأله جُبيرٌ عن الهُدنة، فقال: سمعتُ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "ستُصالحون الرُّومَ صُلحاً آمِناً، فتغزون أنتم وهم عدواً من ورائكم، فتُنصَرونَ وتَغنَمُون وتَسلَمُون، ثم تَرجِعُون حتى تنزلوا بمرج ذي تُلُولٍ، فيرفعُ رجلٌ من أهلِ النصرانية الصليبَ فيقول: غلب الصليبُ، فيغضبُ رجلٌ من المسلمين فيدُقُّه، فعند ذلك تغدِرُ الرومُ وتجمعُ للملحمةِ" (¬1). 4293 - حدَّثنا مُؤمَّل بن الفضل الحرَّانيُّ، حدَّثنا الوليدُ بنُ مسلمٍ، حدَّثنا أبو عمرو عن حسانَ بن عطيةَ بهذا الحديث، وزاد فيه: "ويثورُ المسلمون إلى أسلحتِهم، فيقتتِلُون، فيُكرمُ الله تلك العِصَابة بالشهادَةِ" إلا أن الوليدَ جعل الحديث، عن جُبيرٍ، عن ذي مِخْبَرٍ عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد سلف مختصراً برقم (2767)، وسلف تخريجه هناك. وانظر ما بعده. وقوله: "مرج ذي تُلُول": قال ابن الأثير في "النهاية": المرج: الأرض الواسعة ذات نبات، تمرُج فيه الدَّوابُّ، أي: تُخلَّى تسرح مختلطة كيف شاءت. وقوله: "ذو تلول" قال ملا علي القاري في "المرقاة" 5/ 164: بضم التاء، جمع تل، بفتحها، وهو موضع مرتفع. (¬2) إسناده صحيح كسابقه وما سلف برقم (2767). أبو عمرو: هو عبد الرحمن ابن عمرو الأوزاعي، والوليد: هو ابن مسلم. وهو في "صحيح ابن حبان" (6708) و (6709) من طريق الوليد بن مسلم، به. وانظر ما قبله.

3 - باب في أمارات الملاحم

قال أبو داود: ورواه رَوْحٌ ويحيى بنُ حمزةَ وبشر بنُ بكرٍ، عن الأوزاعي، كما قال عيسى. 3 - باب في أمارات الملاحم 4294 - حدَّثنا عباسٌ العنبريُّ، حدَّثنا هاشم بن القاسم، حدَّثنا عبد الرحمن ابن ثابتِ بن ثوبانَ، عن أبيه، عن مكحولٍ، عن جُبير بن نُفيرِ، عن مالك بنِ يُخامر عن معاذ بنِ جبلِ، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "عُمرانُ بيتِ المقدس خَراب يُثرب، وخرابُ يُثرِبَ خروجُ الملحَمَةِ، وخُروجُ الملحمةِ، فتحُ قُسطَنْطِينيَة، وفتحُ القسطنطينيةِ خُروجُ الدَّجَّالِ" ثم ضربَ بيدِه على فخذِ الذي حدَّثه -أو منكِبِه- ثم قال: إنَّ هذا لحقٌ كما أنكَ ها هنا -أوكما أنَّك قاعدٌ- يعني معاذَ بنَ جبل (¬1). ¬

_ (¬1) حديث ضعيف. عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان حسن الحديث إذا لم يأت بما بنكر أو ينفرد بما لا أصل له، وقد تفرد بهذا الحديث ولا يحتمل تفرد مثله به، ولهذا عدَّه الحافظ الذهبي في ترجمته من "الميزان" في جملة مناكيره، على أنه اختلف عليه في إسناده، كما سيأتي. ومع ذلك جود إسناده ابن كثير في "النهاية" 1/ 94!! وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات" (3530)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (520) والطبراني في "الكبير" 20/ (214)، وأبو محمَّد البغوي في "شرح السنة" (4252)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 56/ 520 من طريق علي بن الجعد، والطحاوي (519) من طريق الهيثم بن جميل، وابن أبي شيبة 15/ 135، والخطيب البغدادي في ""تاريخه" 10/ 223 من طريق أبي النضر هاشم بن القاسم، ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (459) و (489) من طريق شريح بن عبيد، عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن مالك بن يخامر، عن معاذ، فأسقط من إسناده جبير بن نُفير. =

4 - باب في تواتر الملاحم

4 - باب في تَواتُر المَلاحِم 4295 - حدَّثنا عبد الله بن محمَّد النُّفيليُّ، حدَّثنا عيسى بن يونس، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن الوليد بن سُفيان الغسانيِّ، عن يزيد بن قُطَيب السَّكونىِّ، عن أبي بحرية عن معاذ بنِ جبلِ، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: الملحمَةُ الكبرى وفتحُ القُسطنطينية وخروجُ الدجال في سَبعَة أشهر" (¬1). ¬

_ = وأخرجه أحمد (22023) عن زيد بن الحباب، عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن معاذ بن جبل. فأعضل الإسناد. وخالف عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان في إسناده ومتنه عبدُ الرحمن بنُ يزيد بن جابر وهو ثقة، عند البخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 193، والحاكم 4/ 420 - 421 فقد روي من طريقين، عنه، عن مكحول، عن عبد الله بن مُحيريز، أن معاذ بن جبل كان يقول: ... فذكره موقوفاً. وابن محيريز لم يسمع من معاذ. (¬1) إسناده ضعيف لضعف أبي بكر بن أبي مريم والوليد بن سفيان، ولجهالة يزيد بن قُطيب. أبو بحرية: هو عبد الله بن قيس. وأخرجه ابن ماجه (4092)، والترمذي (2388) من طريق أبي بكر بن أبي مريم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22045). وقد روي هذا الحديث من طريق آخر ظاهره الحسن، لكنه مُعَل، فقد أخرج الطبراني في مسند الشاميين، (691) عن أبي زرعة الدمشقي، عن أبي اليمان، عن إسماعيل بن عياش، عن أرطأة بن المنذر، عن ضمرة بن حبيب، عن أبي بحرية، عن معاذ ابن جبل. وإسماعيل بن عياش تقبل روايته عن أهل بلده، وأرطأة بن المنذر من أهل بلده. وبقية رجاله كلهم ثقات إلا أنه اختلف عن ابن عياش في إسناد هذا الخبر: فقد رواه عبد القدوس بن الحجاج الخولاني عند نعيم بن حماد في "الفتن" (1477)، وعبد الجبار ابن عاصم الخراساني عند أبي عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (615) كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن عبد الله بن محيريز من قوله مقطوعاً بلفظ بين الملحمة وخراب القسطنطينية وخروج الدجال حمل امرأة. =

5 - باب في تداعي الأمم على الإسلام

4296 - حدَّثنا حيوة بن شُرَيح الحمصيُّ، حدَّثنا بقيَّة، عن بَحِيْرٍ، عن خالدٍ، عن ابن أبي بلالٍ عن عبدِ الله بن بُسرٍ، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "بين الملحمةِ وفتح المدينة ستُّ سنينَ، ويخرج المسيحُ الدَّجالُ في السابعة" (¬1). قال أبو داود: هذا أصحُّ من حديثِ عيسى. 5 - باب في تداعي الأمم على الإسلام 4297 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ إبراهيمَ الدِّمشقيُّ، حدَّثنا بشرُ بنُ بكرٍ، حدَّثنا ابنُ جابر، حدَّثني أبو عبدِ الَسَّلام ¬

_ = وقد تابع ابن عياش على روايته الأولى أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم عند نعيم ابن حماد (1476) فرواه عن ضمرة بن حبيب كذلك وهذه متابعة لا يفرح بها البتة، لأن ابن أبي مريم ضعيف سيئ الحفظ. وربما يكون ابن عياش سمعه من أبي بكر ابن أبي مريم، فاختلط عليه الأمر فظن أنه سمعه من أرطأة بن المنذر، وليس الأمر كذلك، ويؤيد ذلك ما رواه الطبراني في "الكبير" 20/ (173) من طريق عبد الله بن صالح، عن إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن أبي مريم، عن أبي بحرية عن معاذ بن جبل، لكنه لم يذكر ضمرة بن حبيب هنا. ثم إن هذا الحديث مشكل مع الذي بعده كما قال الحافظ ابن كثير في "النهاية" 1/ 97. (¬1) إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي- وجهالة ابن أبي بلال -واسمه عبد الله- خالد: هو ابن معدان الكلاعي، وبَحِير: هو ابن سعد السَّحُولي. وقال الحافظ ابن كثير في "النهاية" 1/ 97: هذا مشكل مع الذي قبله. وأخرجه ابن ماجه (4093) عن سويد بن سعيد، عن بقية، عن بحير بن سعد، عن خالد بن أبي بلال -كذا وقع في رواية ابن ماجه- عن عبد الله بن بسر. قال المزي في "تحفة الاشراف" 4/ 294: وهو وهم، والصواب الأول - يعني رواية أبي داود. وهو في "مسند أحمد" (17691) عن حيوة بن شريح.

عن ثوبانَ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يوشِكُ الأُممُ أن تَداعَى عليكم كما تَداعَى الأَكَلَةُ إلى قَصْعَتِها" فقال قائل: ومن قلَّةٍ نحن يومئذٍ؟ قال: "بل أنتم يومئذٍ كثيرٌ، ولكنَّكم غُثاءٌ كغثاء السَّيلِ، ولَينْزِعَنَّ اللهُ مِن صدورِ عدوِّكم المهابةَ منكم، وليقذفنَّ اللهُ في قلوبِكم الوَهْنَ". فقال قائلٌ: يا رسُولَ الله، وما الوهنُ؟ قال: حبُّ الدُنيا وكراهيةُ الموتِ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي عبد السلام -واسمه صالح بن رستم- لكنه متابع. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الزهد" (268)، والروياني في "مسنده" (654)، والطبراني في "الشاميين" (600)، والبيهقي في "الدلائل " 6/ 534، والبغوي (4224)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 23/ 330، والمزي في ترجمة صالح بن رستم أبي عبد السلام من "تهذيب الكمال" 13/ 46 من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، به. وأخرجه أحمد (22397)، وابن أبي الدنيا في "العقوبات" (5)، والطبراني في "الكبير" (1452)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/ 182 من طريق أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان. وإسناده حسن. ولم يسق الطبراني لفظه. وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2897) عن إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن ثوبان موقوفاً عليه من قوله. وإسناده حسن. ورواية إسماعيل هنا عن رجل من أهل بلده فهي مقبولة. وأخرجه موقوفاً كذلك الطيالسي (992)، وابن أبي شيبة 15/ 53، والبخاري في "تاريخه الكبير" 6/ 352، والبيهقي في "الشعب" (10372) من طريق عمرو بن عبيد العبشمي، عن ثوبان. وعمرو بن عبيد هذا مجهول. قوله: "الأكلة" كذا ضبطت في (هـ) بفتحتين، وضبطت في (أ): بالمد وكسر الكاف بوزن فاعلة، وكلاهما جمع آكل. قال أبو الطيب: ضبط في بعض النسخ الصحيحة بفتحتين، بوزن طلبة، وهو جمع آكل، وقال في "المجمع" نقلاً عن "المفاتيح شرح المصايح": ويُروى: "الأكلة" بفتحتين أيضاً جمع آكل. انتهى. وقال فيه قُبيل هذا: ورواية أبي داود لنا: "الآكلة" بوزن فاعلة. =

6 - باب في المعقل من الملاحم

6 - باب في المَعْقِل (¬1) من الملاحم 4298 - حدَّثنا هشامُ بن عمَّار، حدَّثنا يحيى بن حمزة، حدَّثنا ابنُ جابر، حدَّثني زيدُ بنُ أرطأةَ، قال: سمعت جبير بن نُفيرٍ يحدث عن أبي الدَّرداء أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إن فُسْطَاطَ المسلمينَ يومَ المَلحَمَةِ بالغوطةِ. إلى جانب مدينةٍ، يقال لها: دمشقُ مِن خيرِ مدائن الشام (¬2). ¬

_ = وقال القاري في "المرقاة": "الآكلة بالمد، وهي الرواية، على نعت الفئة والجماعة أو نحو ذلك، كذا روي لنا عن كتاب أبي داود. وقوله: "تداعى"، بحذف إحدى التائين، أي: تتداعى، بأن يدعو بعضهم بعضاً لمقاتلتكم وكسر شوكتكم وسلبِ ما ملكتموه من الديار والأموال. (¬1) المعقل، بفتح الميم وسكون العين وكسر القاف، والمراد منه: الملجأ الذي يتحصن المسلمون ويلتجئون إليه. (¬2) حديث صحيح. هشام بن عمار متابع. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر. وأخرجه أحمد (21725)، ويعقوب بن سفيان في "المعر فة والتاريخ" 2/ 290، والطبراني في "الأوسط" (3205)، وفي "مسند الشاميين" (589)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 231 و 232 و 233 من طرق عن يحيى بن حمزة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن عساكر 1/ 233 من طريق صدقة بن خالد، عن عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر، به. وأخرجه الطبراني في "الشاميين" (1313)، والحاكم 4/ 486، وابن عساكر 1/ 230 و 231 من طريق خالد بن دهقان، عن زيد بن أرطأة. وقد روى جبير بن نفير هذا الحديث ضمن حديث مطوّل عن أبيه، عن عوف بن مالك الأشجعي، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. أخرجه أحمد (23985) وانظر تمام تخريجه هناك. والفسطاط: قال ابن الأثير في "النهاية": هو بالضم والكسر: المدينة التي فيها مجتمع الناس، وكل مدينهٍ فُسطاط.

7 - باب ارتفاع الفتنة في الملاحم

4299 - قال أبو داود: حُدِّثت عن ابنِ وهبٍ، قال: حَدثني جريرُ بن حازم، عن عُبيد الله بنِ عُمر، عن نافع عن ابنِ عمر، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يوشِكُ المسلمونَ أن يُحاصَرُوا إلى المدينةِ حتى يكونَ أبعدَ مسالحِهم سَلاَحٌ" (¬1). 4300 - حدَّثنا أحمد بن صالحٍ، عن عنبسة، عن يونس، عن الزهري، قال: وسلاحٌ قريبٌ من خيبر. 7 - باب ارتفاع الفتنة في الملاحم 4301 - حدَّثنا عبدُ الوهَّاب بن نجدةَ، حدَّثنا اسماعيلُ (ح). وحدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا الحسنُ بنُ سوار، حدَّثنا إسماعيلُ، حدَّثنا سليمانُ بنُ سليم، عن يحيى بنِ جابر الطائى -قال هارونُ في حديثه-: عن عوف بن مالكِ، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لن يجمعَ اللهُ على هذه الأمةِ سيفينِ: سيفاً منها، وسيفاَ من عدوها" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد فيه راوٍ لم يُسَمَّ، وهو مكرر الحديث السالف برقم (4250). (¬2) إسناده حسن. إسماعيل -وهو ابن عياش- تقبل روايته عن أهل بلده خاصة، وهذا منها. وأخرجه أحمد (23889) عن الحسن بن سوَّار، بهذا الإسناد. قال المناوي في "فيض القدير" 5/ 302: "سيفاً منها" أي من هذه الأمة في قتال بعضهم لبعض أيام الفتن والملاحم، و"سيفاً من عدوها" من الكفار والذين يقاتلونهم في الجهاد. بمعنى أن السيفين لا يجتمعان فيؤديان إلى استئصالهم، ولكن إذا جعلوا بأسهم بينهم سلّط عليهم عدوهم، وكف بأسهم عن أنفسهم، وقيل: معناه محاربتهم إما معهم أو مع الكفار.

8 - باب في النهي عن تهييج الترك والحبشة

8 - باب في النهي عن تهييج التُّرك والحبشة 4302 - حدَّثنا عيسى بن محمَّد الرَّمليُّ، حدَّثنا ضمرةُ، عن السَّيباني، عن أبي سكينةَ رجلٍ من المحرَّرين عن رجُلٍ من أصحابِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أنه قال: "دعوا الحَبَشة ما وَدَعُوكم، واتركوا التُّرك ما تَركوكم" (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره. وأبو سكينة هذا لم يرو عنه غير السَّيباني -وهو يحيى بن أبي عمرو- وبلال بن سعد، كما في "تهذيب الكمال" وفروعه، وهو غير أبي السَّكينة -بفتح السين وكسر الكاف كما ضبطه ابن ماكولا في "الإكمال" 4/ 319 - الذي يروي عنه أبو بكر ابن أبي مريم وجعفر بن برقان، وهذا الثاني هو الذي ذكره البخاري في "تاريخه" 3/ 372، وابن أبي حاتم في االجرح والتعديل" 3/ 545 وابن حبان في "الثقات" 6/ 330 - وقال: يروي المراسيل - وابن عساكر في "تاريخه" 35/ 72. وعليه يكون أبو سكينة في إسناد المصنف مجهولاً، كما قال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 2/ 598، وقد ذكره بعضهم في الصحابة لكن قال علي ابن المديني فيما أسنده عنه الطبراني 22/ (839): لا يُعلم له صحبة، وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (3001)، وأقره ابن الأثير في "أسد الغابة"، 6/ 150: ذكروه في الصحابة ولا دليل على ذلك، وقال الذهبي في "تجريد أسماء الصحابة" (2028): الأظهر أن حديثه مرسل -يعني أنه لا تثبت صحبته-. ضمرة: هو ابن ربيعة. وقوله: رجل من المحرَّرين، أي: من المُعتقين. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4370) عن عيسى بن يونس الرملي، عن ضمرة ابن ربيعة، بهذا الإسناد. وروايته مطولة. ويشهد له حديث أبي أُمامة بن سهل بن حُنيف، عن عبد الله بن عمرو بن العاص سيأتي عند المصنف برقم (4309) لكنه اقتصر على ذكر ترك الحبشة. وإسناده حسن في الشواهد. =

9 - باب في قتال الترك

9 - باب في قتال الترك 4303 - حدَّثنا قتيبةُ بن سعيد، حدَّثنا يعقوبُ -يعني الإسكندرانىَّ- عن سهيلٍ -يعني ابنَ أبي صالح- عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسُولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا تقوم السَّاعة حتى يقاتِلَ المُسلِمُون التُّركَ، قوماً وجوههم كالمجانِّ المطرقةِ، يلبسُونَ الشَّعر" (¬1). ¬

_ = ويشهد للأمر بترك التُّرك حديث ذي الكلاع، عن معاوية بن أبي سفيان عند ابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 266، والطبراني في"الكبير" 19/ (882) وفي إسناده ابنُ لهيعة سيئ الحفظ. وحديث ذي الكلاع عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2753) وهو إسناد معاوية السالف نفسه، وفي إسناده ابن لهيعة أيضاً. وحديث ابن مسعود من طرق ذكرها السيوطي في "اللالئ المصنوعة" 1/ 445 - 446. قال السخاوي في "المقاصد الحسنة" (18): وبعضها يشهد لبعض، ولا يسوغ معها الحكم عليه بالوضع. وقال ابن حجر في "فتح الباري" 6/ 609: وقد كان مشهوراً في زمن الصحابة حديث: "اتركرا الترك ما تركوكم". قال العيني في "عمدته" 14/ 200: الترك والصين والصقالبة ويأجوج ومأجوج من ولد يافث بن نوح باتفاق النسابين، وكان ليافث سبعة أولاد، منهم ابنٌ يُسمى كومر، فالترك كلهم من بني كومر، ويقال: الترك: هو ابن يافث لصلبه، وهم أجناس كثيرة، ذكرناهم في تاريخنا الكبير. قلنا: وقد بسط القول أيضاً في الترك وأجناسهم في مقدمة كتابه "السيف المهند في سيرة الملك المؤيد" ص 19 - 28 فراجعه. (¬1) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان، ويعقوب الأسكندراني: هو ابن عبد الرحمن المدني، نزيل الاسكندرية. =

4304 - حدَّثنا قتيبةُ وابن السَّرح وغيرهما، قالوا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سعيد بن المسيَّب عن أبي هريرة روايةَ -قال ابنُ السرح-: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا تقومُ السَّاعةُ حتى تقاتلِوا قوماً نعالُهُمُ الشَّعَرُ، ولا تقومُ السَّاعة حتى تقاتلوا قوماً صِغَارَ الأعيُنِ، ذُلْفَ الآنُفِ، كأن وجُوهَهُم المجانُّ المُطرقَةُ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2912)، والنسائي في "الكبرى" (4371) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2928) و (3587)، ومسلم (2912)، وابن ماجه (4097) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والبخاري (3591)، ومسلم (2912) من طريق قيس بن أبي حازم، والبخاري (3590) من طريق همام بن منبه، ثلاثتهم عن أبي هريرة. لكن همام بن منبه قال في روايته: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزا ً وكرمان من الأعاجم، حمر الوجوه، فطس الأنوف، صغار الأعين، وجوههم المَجانُّ المُطرَقة، نعالُهم الشعر". وزاد الأعرج في روايته: "حمر الوجوه، ذُلف الأنوف". وهو في "مسند أحمده (7263)، و"صحيح ابن حبان" (6745). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2929)، ومسلم (2912)، والترمذي (2362) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (7263)، و"صحيح ابن حبان" (6746). وانظر ما قبله. قال الخطابي: قوله: "ذُلْف" يقال: أنف أذلف، إذا كان فيه غلظ وانبطاح، وأنوف ذُلف، والمجانّ: جمع مِجَنّ، وهو التُّرس، والمُطرَقَةُ: التي عوليت بطراقٍ: وهو الجلد الذي يغشاه. وشبه وجوههم في عرضها، ونتوء وجناتها بالترسة قد أُلبست الأطرقة. وقال البيضاوي: شبه وجرههم بالترسة لبسطها وتدويرها، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها.

4305 - حدَّثنا جعفرُ بنُ مسافر التَّنِّيسيُّ، حدَّثنا خلادُ بن يحيى، حدَّثنا بشيرُ بن المُهاجرِ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ بُريدة عن أبيه، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في حديثٍ: "يُقاتلكم قومٌ صِغَارُ الأعينِ -يعني التركَ، قال:- تسوقونهم ثلاث مِرَارٍ، حتى تُلحقوهم بجزيرةِ العربِ، فأما في السِّياقةِ الأولى فينجُو من هرب منهم، وأما في الثَّانية فينجو بعضٌ ويهلِكُ بعضٌ، وأما في الثالثةِ، فيُصْطَلَمُونَ" أو كما قال (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. بشير بن المهاجر ضعيف عند التفرد، وقد تفرد بهذا الخبر. وقد اختلف عنه في متن هذا الحديث كما سيأتي. فقد أخرجه الحاكم 4/ 474 من طريق معاذ بن نجدة الهروي، عن خلاد بن يحيى، عن بشير بن مهاجر به. وقال في روايته: "يُلحِقون أهل الإِسلام بمنابت الشيح". فجعل المسوق هم أمة الإسلام، لا الترك. وقد سقط من مطبوع الحاكم من إسناده خلاد بن يحيى، واستدركناه من "إتحاف المهرة" 2/ 583. فقد أخرجه أحمد بن حنبل في "مسنده" (22951) عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن بشير بن المهاجر، به. إلا أنه قال في هذه الرواية: "إن أمتي يسوقها قوم عراض الوجوه ... حتى يلحقوهم بجزيرة العرب. فجعل المسوق هم أمة الإِسلام لا الترك. وأخرجه بنحوه البزار (3367 - كشف الأستار)، والشجري في "آماليه" 2/ 263 من طريق محمَّد بن فضيل، عن بشير بن مهاجر، به، وجعل المسوق أيضاً أمة الإِسلام، وقال: "إلى منابت الشيح". وقد روى نحو هذا الحديث قتادة بن دعامة وحسين المعلم عند الحاكم على التوالي 4/ 502 و 533 - 535، كلاهما عن عبد الله بن بريدة، عن سُليمان بن ربيعة العنزي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص من قوله: ليوشكن بنو قنطوراء بن كركرى خنس الأنوف، صغار الأعين كأن وجوههم المجان المطرقة في كتاب لله المنزل أن يسوقوكم من خراسان وسجستان سياقاً عنيفاً ... وسليمان بن ربيعة ذكره مسلم في "الوحدان" ممن انفرد عبد الله بن بريدة بالرواية عنهم، فهو مجهول.

10 - باب في ذكر البصرة

10 - باب في ذكر البَصْرَةِ 4306 - حدَّثنا محمَّد بن يحيى بنِ فارسِ، حدَّثنا عبدُ الصَّمدِ بنِ عبد الوارثِ، حدَّثني أبي، حدَّثنا سعيد بن جُمْهان، حدَّثنا مسلِمُ بن أبي بكرة سمعتُ أبي يحدِّثُ، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "ينزِلُ ناسٌ من أُمتي بغائطِ يسمونه البصرة عند نهر يقال له: دجلة، يكون عليه جِسرٌ يكثرُ أهلها وتكون من أمصارِ المهاجرين". قال ابن يحيى: قال أبو معمر: "وتكون من أمصار المسلمين؛ فإذا كان في آخر الزَّمان جاء بنو قَنْطُوراءَ عراضُ الوجوهِ، صِغارُ الأعيُن، حتى ينزلوا على شطِّ النهرِ، فيتفرقُ أهلُها ثلاثَ فِرَقِ: فرقةٌ يأخذون أذنابَ البقر والبرِّيَّةِ وهلكُوا، وفرقةٌ يأخذون لأنفسهم وكفرُوا، وفرقةٌ يجعلون ذَرَارِيهم خلفَ ظهورِهم، ويقاتلونهم وهم الشهداء" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. سعيد بن جُمهان -وإن وثقه غير واحد من الأئمة- له ما ينكر، وقد وهم في إسناد هذا الحديث وفي متنه كذلك، فقد روى هذا الحديث محمَّد بن سيرين، فخالفه في إسناده ومتنه، فرواه عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: يوشك بنو قنطورا أن يخرجوكم من أرض العراق، قلت: ثم نعود، قال: أنت تشتهي ذاك؟ قلت: نعم، قال: نعم، وتكون لكم سلوة من عيش. فجعل محمَّد بن سيرين هذا من قول عبد الله بن عمرو بن العاص، وخالفه في متنه كما ترى. ومحمد بن سيرين إمام متفق عليه. وقد روى هذا الحديث غيرُ واحدٍ عن عبد الله بن عمرو بن العاص، فجعلوه من قوله أيضاً، بنحو لفظ محمَّد بن سيرين، لكن عند بعضهم زيادة تخالف رواية سعيد ابن جمهان سيأتي بيانها. وعبد الله بن عمرو بن العاص نقل ذلك من أهل الكتاب، كما جاء مصرَّحاً به في رواية عند ابن أبي شيبة 15/ 112 بإسناد لا بأس به في المتابعات عن ربيعة بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = جرشن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص وفيه: استعدوا يا أهل البصرة، قلنا: بماذا، قال: بالزاد والقرب، خير المال اليوم أجمال يحتمل الرجل عليهن أهله ويميرهم عليها، وفرس وقاح شديد، فوالله ليوشكن بنر قنطوراء أن يخرجركم منها حتى يجعلوكم بركية، قال: قلنا: وما بنو قنطوراء؟ قال: أما في الكتاب فهكذا نجده، وأما في النعت فنعت الترك. ووهم فيه سعيد بن جمهان أيضاً في تعيين ابن أبي بكرة، فمرة قال: مسلم بن أبي بكرة كما عند المصنف هنا، وتارة يقول: عَبد الله، وتارة يقول: عُبيد الله، وتارة يقول: عبد الرحمن. وإنما الصحيح أنه عبد الرحمن بن أبي بكرة كما في رواية محمَّد ابن سيرين السالفة الذكر. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن سعيد العنبري. وأخرجه ابن حبان (6748) من طريق عبد الوارث بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (870)، وأحمد (20451)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 847، وأبو عمرو الداني في السنن الواردة في الفتن، (473) من طريق حشرج بن نباتة، عن سعيد بن جمهان -قال الطيالسي والداني: عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، وقال أحمد: عَبد الله، وقال ابن عدي: عُبيد الله مصغراً-، عن أبي بكرة. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 91، وأحمد (20413) و (20414)، والبزار في "مسنده" (3666) و (3667) من طريق العوّام بن حوشب، عن سعيد بن جمهان، عن ابن أبي بكرة، عن أبيه لكن البزار صرح في الموضع الثاني باسمه فقال: عن عُبيد الله ابن أبي بكرة، وأما في الموضع الأول فقال: إنما قلت: عن ابن أبي بكرة؛ لأن أبا كريب قال: عن عَبد الله بن أبي بكرة، ولا أعلم لأبي بكرة ابناً يقال له: عَبد الله، فجعلته عن ابن أبي بكرة. وقد جاء عند ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 419 - 420 متابعة لسعيد بن جمهان، فقال: سألت أبي عن حديث رواه دُرست بن زياد، عن راشد أبي محمَّد الحِمّاني، عن أبي الحسن مولى أبي بكرة، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه ... فسمعت أبي يقول: هو حديث منكر. =

4307 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ الصَّبَّاح، حدَّثنا عبد العزيز بن عبدِ الصَّمد، حدَّثنا موسى الحنَّاط -لا أعلمُه إلا ذكره عن موسى بنِ أنس- عن أنس بنِ مالكٍ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال له: "يا أنسُ، إن الناس يُمصِّرون أمصاراً، وإن مصراً منها يقال له: البصرةُ أو البُصيرةُ، فإن ¬

_ = قلنا: وهذه المتابعة لا يُعتد بها، لأن الحديث رواه أبو بحر البكراوي عند أبي بكر المروزي في "الجمعة وفضلها" (72) فقال: حدَّثنا راشد مولى لبني حِمّان، عن سعيد أبي حفص (وهو ابن جمهان) عن مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه مختصراً. فعاد الحديث إلى سعيد بن جمهان، على أن راشداً ربما أخطأ كما قال ابن حبان. ودرُست والبكراوي كلاهما ضجف. وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (1911) عن إسماعيل ابن علية ونعيم بن حماد (1929)، والحاكم 4/ 475 عن عبد الرزاق عن معمر، كلاهما (ابن علية ومعمر) عن أيوب الستختياني، وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 107 عن يزيد بن هارون، عن هشام بن حسان، والحاكم 4/ 475 من طريق قتادة بن دعامة السدوسي، ثلاثتهم (أيوب وهشام وقتادة) عن محمَّد بن سيرين، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن عبد الله ابن عمرو بن العاص باللفظ المذكور سابقاً من قوله. وأخرجه نعيم بن حماد (1918) من طريق سلامة بن مليح الضبي، وابن أبي شيبة 15/ 112 من طريق ربيعة بن جوشن، ونعيم بن حماد (1896)، والحاكم 4/ 459 - 460 من طريق عقبة بن أوس السِّدوسي (وعند الحاكم: عقبة بن عمرو بن أوس)، والحاكم 4/ 502 و 533 - 534 من طريق سُليمان بن ربيعة العنزي، أربعتهم عن عبد الله بن عمرو بن العاص من قوله. أما لفظ ربيعة بن جوشن فسبق ذكره، وأما ألفاظ الثلاثة الباقين فمتقاربة، وعندهم أن الناس يفترقرن حينئذٍ ثلاث فرق تتوزع في البلدان، لا أن فرقة تهلك وفرقة تكفر وفرقة تقاتل ما في رواية سعيد بن جمهان. وأسانيدهم جميعاً حسنة إذا ما انضمت إلى بعضها، فترجح على رواية ابن جمهان ولا ريب، والله تعالى أعلم. قال الخطابي: والغائط: البطن المطمئن من الأرض، والبصرة: الحجارة الرخوة، وبها سميت البصرة، وبنو قنطوراء: هم الترك.

أنت مرَرْتَ بها، أو دخلتها، فإيَّاك وسباخَهَا وكَلّاءَها، وسُوقَها، وبابَ أُمرَائِها، وعليكَ بضواحِيها، فإنَّه يكون بها خسفٌ وقذفٌ ورجفٌ، وقومٌ يَبِيتُونَ يصبِحون قِرَدةً وخنازِير" (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، وفي رفعه نظر، ولا يُعرف من رواية موسى بن أنس إلا من هذا الوجه على شك وقع في نسبته إليه، وقد روي من وجه آخر عن عمار بن زربي، عن النضر بن حفص بن النضر بن أنس بن مالك، عن أبيه، عن جده. وعمار متروك الحديث والنضر مجهول، وقد أورده العقيلي في "الضعفاء" 4/ 294 من هذا الطريق في ترجمة النضر ثم قال: النضر بصري مجهول بالقل، حديثه غير محفوظ، ثم ساقه بإسناده. وأورده ابن عدي في "الكامل" كذلك من طريق عمار بن زربي، وقال: هذا غير محفوظ وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" 2/ 60. وقد رُوي هذا الحديث عن ثابت بن أسلم البناني وقتادة بن دعامة، غير أنهما جعلاه عن عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفاً عليه من قوله. ومعلوم أن ثابتاً وقتادة من أخص تلامذة أنس بن مالك، فلو صح عنه هذا الحديث لعلماه. وقد بينا عند الحديث السابق أن عبد الله بن عمرو بن العاص إنما أخذ مثل هذه الأخبار من أهل الكتاب وكان قد حصّل زاملتين من كتبهم يوم اليرموك. ولهذا فإن قول الحافظين العلائي وابن حجر في "أجوبتيهما عن أحاديث المصابيح" دقيق؛ حيث إنهما لم يجزما بصحة إسناد الحديث الذي عند المصنف، وإنما قال العلائي: هذا الإسناد رجاله على شرط مسلم، وقال ابن حجر: رجاله ثقات. فهذا حكم منهما على الرجال لا على الإسناد، بل هو توقف في الحكم على الإسناد. وأخرجه أبو يعلى في "معجم شيوخه" (273)، والعقيلي في "الضعفاء" 4/ 294، وابن عدي في "الكامل" 5/ 1731، وابن الجوزي في "الموضوعات" 2/ 60 من طريق عمار بن زربي، عن النضر بن حفص بن النضر بن أنس بن مالك، عن أبيه، عن جده. وقد تحرف اسم عمار بن زربي في مطبوع العقيلي إلى: عمار بن زريق. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (6085) من طريق زياد بن الأبرص، عن أنس ابن مالك قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 11: فيه جماعة لم أعرفهم. قلنا: وهو كما قال، ففي الإسناد من لم نتبينهم. =

4308 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، حدَّثني إبراهيمُ بنُ صالح بنِ درهم، قال: سمعتُ أبي يقول: انطلقنا حاجِّين فإذا رجلٌ، فقال لنا: إلى جنبكم قرية يقال لها: الأبُلَّةُ؟ قُلنا: نعم، قال: من يضمن لي منكم أن يصلِّي في مسجِدِ العشَّارِ ركعتين أو أربعاً، ويقول: هذه لأبي هريرة؟ سمعتُ ¬

_ = وأخرج ابن أبي شيبة 15/ 114 عن عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن غالب بن عجرد، قال: أتيت عبد الله بن عمرو أنا وصاحب لي وهو يحدث الناس، فقال: ممن أنتما؟ فقلنا: من أهل البصرة، قال: فعليكما إذاً بضواجها، فلما تفرَّق الناس دنونا منه، فقلنا: رأيتَ قولَك: ممن أنتما، وقولَك: عليكما بضواحيها إذاً؟ قال: إن دار مملكتها وما حولها مشوبٌ بهم. قال ثابت: فكان غالب بن عجرد إذا دخل على الراحبة سعى حتى يخرج. وأخرج عبد الرزاق في "مصنفه" (20464) عن معمر، عن قتادة: أن عبد الله بن عمرو قال: البصرة أخبث الأرض، وأسرعه خراباً، قال: ويكون في البصرة خسف، فعليك بضواحيها وإياك وسباخها. ومما يؤيد أن هذا ليس من قول النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ما رواه ابن أبي شيبة أيضاً 15/ 115 عن أبي معاوية، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي قال: جاء بي رجل إلى حذيفة، فقال: إني أريد البصرة، فقال: إن كنت لا بد لك من الخروج، فأنزل عزواتها، ولا تنزل سرتها. وهذا إسناد صحيح عن حذيفة، ولم يرفعه. وقد نزل في البصرة خيار أهل العلم، حتى لقد كانت إحدى حواضر العالم الإِسلامي زماناً، ونزلها الصحابة وكان فيها أنس بن مالك نفسه، فكيف يصح هذا الحديث من روايته، ثم ينزل البصرة، ويقيم بها وقوله: كلّاءها: قال ابن الأثير: الكلّاء بالتشديد والمد: الموضع الذي تربط فيه السفن، ومنه سوق الكلاء بالبصرة. والسِّباخ: بكسر السين جمع سبخة، بفتح فكسر، أي: أرض ذات ملح، وقال الطيبي: هي الأرض التي تعلوها الملوحة، ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر.

11 - باب النهي عن تهييج الحبشة

خليلي رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إن الله يبعثُ من مسجدِ العَشَّارِ يوم القيامةِ شُهداء، لا يقومُ مع شُهداء بدرٍ غيرهم" (¬1). قال أبو داود: هذا المسجد مما يلي النهر (¬2). 11 - باب النهي عن تهييج الحبشة 4309 - حدَّثنا القاسِمُ بن أحمد البغداديُّ، حدَّثنا أبو عامرِ، عن (¬3) زُهير ابن محمدٍ، عن موسى بنِ جُبير، عن أبي أمامة بن سهل بن حُنيفٍ عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "اتركوا الحبشةَ ما تركوكم، فإنه لا يستخرِجُ كَنزَ الكعبةِ إلاَّ ذو السُّوَيْقَتَينِ من الحبشة" (¬4). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف إبراهيم بن صالح بن درهم، قال البخاري في "تاريخه" 1/ 293: لا يتابع عليه، وقال العقيلي في "الضعفاء" 1/ 55: إبراهيم وأبوه ليسا بمشهورين بنقل الحديث، والحديث غير محفوظ، وقال ابن عدي في "الكامل" 3/ 903 في ترجمة خالد بن عمرو القرشي السعيدي: وهذا الحديث بأي إسناد كان فهو منكر. وأخرجه خليفة بن خياط في "تاريخه" ص 128 - 129، والعقيلي في "الضعفاء" 1/ 55، وابن عدي في "الكامل" 3/ 903، والبيهقي في "شعب الإيمان" (4115) من طريق إبراهيم بن صالح بن درهم، به. ومسجد العشّار: بفتح العين المهملة وتشديد الشين المعجمة مسجد مشهور، يُتبرك بالصلاة فيه. نقله أبو الطيب عن ميرك. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في طريق أبي ذر من رواية اللؤلؤي. (¬3) في (أ): حدَّثنا. (¬4) صحيح لغيره دون قوله: "اتركوا الجبشة ما تركوكم"، وهذا إسناد حسن في الشواهد من أجل موسى بن جبير، فقد روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: يخطئ ويخالف. =

12 - باب أمارات الساعة

12 - باب أمارات الساعةِ 4310 - حدَّثنا مُؤمَّل بن هشامٍ، حدَّثنا إسماعيلُ، عن أبي حيَّان التيميِّ عن أبي زُرعةَ، قال: جاء نفرٌ إلى مروانَ بالمدينةِ، فسمعوه يُحدِّثُ في الآياتِ أن أوَّلها الدَّجالُ، قال: فانصرفتُ إلى عبدِ الله بنِ عمرو، ¬

_ = وأخرجه أحمد (23155) عن عبد الرحمن بن مهدي، والأزرقي في "أخبار مكة" ص 277 من طريق سعيد بن سلمة، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2912)، والبزار في "مسنده" (2355)، والحاكم 4/ 453، والبيهقي 9/ 176 والخطيب في "تاريخه" 12/ 403 من طريق أبي عامر العَقَدي، كلاهما عن زهير بن محمَّد، بهذا الإسناد، إلا أن البزار فمن بعده صرحوا باسم الصحابي وأنه عبد الله بن عمرو بن العاص. وقد أخرجه أحمد (7053)، والفاكهي (743) من طريق محمَّد بن إسحاق، والفاكهي (744) من طريق محمَّد بن أبي عمر العدني، عن سفيان بن عيينة، كلاهما عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رفعه: "يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة، ويسلبها حليّها ويجردها من كسوتها، ولكأني انظر إليه أصيلَع أفيدَع، يضرب عليها بمسحاته ومِعوله". وإسناده عند الفاكهي صحيح. إلا أن قوله فيه: ولكأني انظر ... الصحيح وقفه على عبد الله بن عمرو بن العاص، فقد أخرجه عبد الرزاق (9180)، وابن أبي شيبة 15/ 47، والأزرقي في "أخبار مكة" ص 276 من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو بن العاص موقوفاً. وفي باب قوله: "اتركوا الحبشة ما تركوكم" عن رجل من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - سلف عند المصنف برقم (4302)، وإسناده ضعيف. وفي باب قوله: "فإنه يستخرج كنز الكعبة ذو السويقتين ... " عن أبي هريرة عند البخاري (1591)، ومسلم (2909) بلفظ: "يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة". وهو في "مسند أحمد" (8094). قال الخطابي: "ذو السويقتين": هما تصغير الساق، والساق مؤنث، فلذلك أدخل في تصغيرهما التاء، وعامة الحبشة في سوقهم دقة وحموشة.

فحدَّثته، فقال عبدُ اللهِ: لم يقُل شيئاً، سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "إن أوَّل الآيات خروجاً طلوعُ الشَّمسِ من مغرِبِها، أو الدابةُ على الناسِ ضُحَى، فأيَّتُهما كانت قبلَ صاحبَتِها فالأُخرى على أثرِها" قال عبدُ الله وكان يقرأُ الكُتُبَ -: وأظن أولَهما خروجاَ طلوعُ الشمسِ مِن مغربها (¬1). 4311 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وهنَّادٌ، -المعنى، قال مُسدَّدٌ:- حدَّثنا أبو الأحوصِ، حدَّثنا فُراتٌ القزَّازُ، عن عامرِ بنِ واثِلة -وقال هنَّاد: عن أبي الطُّفيل- عن حُذَيفة بن أسيد الغفاري، قال: كنا قُعوداً نتحدَّثُ في ظِلِّ غُرفةٍ لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فذكرنا السَّاعة، فارتفعت أصواتُنا، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لن تكون -أو لن تقوم- حتى يكونَ قبلَهَا عَشْرُ آياتٍ: طلوعُ الشَّمسِ من مغربها، وخروجُ الدابَّة، وخروج يأجوجَ ومأجوجَ، والدجالُ، وعيسى ابن مريم، والدخان، وثلاثةُ خُسوف: خسفٌ بالمغربِ، وخسفٌ بالمشرق، وخسفٌ بجزيرة العربِ، وآخِرُ ذلك تخرج نارٌ من اليمنِ من قعرِ عَدَنٍ، تسوقُ الناسَ إلى المحشَرِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله، وأبو حيان: يحيى بن سعيد بن حيّان، وإسماعيل: هو ابن عُلَيّة. وأخرجه مسلم (2941)، وابن ماجه (4069) من طريق أبي حيان يحيى بن سعيد التيمي، به. وهو في "مسند أحمد" (6531). (¬2) إسناده صحح. أبو الطُّفيل: هي كنية عامر بن واثلة، وفرات القزاز: هو ابن أبي عبد الرحمن، وهناد: هو ابن السري، ومسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه مسلم (2901)، وابن ماجه (4041) و (4055)، والترمذي (2324 - 2328) والنسائي في "الكبرى" (11316) و (11418) من طرق عن فرات بن أبي عبد الرحمن القزاز، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. =

13 - باب حسر الفرات عن كنز من ذهب

4312 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي شعيبِ الحرَّانيُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ الفُضَيلِ، عن عُمَارَةَ، عن أبي زُرعةَ عن. أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تقومُ الساعةُ حتى تَطْلُعَ الشَّمسُ من مغرِبها، فإذا طَلَعَت ورآها الناسُ آمنَ من عليها، فذاك حين: {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158] (¬1). 13 - باب حسر الفرات عن كنز من ذهب (¬2) 4313 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ سعيدٍ الكنديُّ، حدَّثني عقبةُ بنُ خالدِ السَّكونيُّ، حدَّثنا عُبيد الله، عن خُبيب بنِ عبدِ الرحمن، عن حفص بنِ عاصم ¬

_ = وأخرجه مسلم (2901) من طريق عبد العزيز بن رُفيع، عن أبي الطُّفيل عامر بن واثلة، عن حذيفة بن أسيد موقوفاً. وهو في "مسند أحمد" (16141)، و"صحيح ابن حبان" (6791) و (6843). وقوله: قعر عدن. قيل: أقصى أرضها، وقعر الشيء: نهاية أسفله، وعدن من مدن اليمن المشهورة على ساحل بحر المحيط الهندي من ناحية اليمن، وهي عدن أبين. (¬1) إسناده صحيح. أبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي، وعمارة: هو ابن القعقاع بن شُبْرُمة، ومحمد بن الفضيل: هو ابن غَزوان الضبي مولاهم، وأحمد بن أبي شعيب الحراني: هو أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب. نسب هنا لجده. وأخرجه البخاري (4635)، ومسلم (157)، وابن ماجه (4068)، والنسائي في "الكبرى" (11112) و (11113) من طريق عمارة بن القعقاع، به. وأخرجه بلفظه وبنحوه البخاري (4636) و (6506) و (7121)، ومسلم (157) و (158) و (2703) و (2947)، والترمذي (3326)، والنسائي في "الكبرى" (11115) من طرق عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7161)، و"صحيح ابن حبان" (629) و (6790) و (6838). (¬2) قوله: من ذهب، أثبتاه من (هـ).

14 - باب خروج الدجال

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يُوشِكُ الفُراتُ أن يَحْسِرَ، عن كنزٍ من ذهبٍ، فمن حضَرَه، فلا يأخُذ منه شيئاً" (¬1). 4314 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ سعيدٍ الكنديُّ، حدَّثني عُقبة -يعني ابنَ خالدٍ- حدَّثني عُبيدُ اللهِ، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، مثله إلا أنه قال: "يحسرُ عن جبلٍ من ذهب" (¬2). 14 - باب خروج الدجَّال 4315 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عمرو، حدَّثنا جريرٌ، عن منصور، عن ربعىِّ بنِ حراشٍ، قال: اجتمع حذيفةُ وأبو مسعودٍ، فقال حذيفةُ: لأنا بما مع الدَّجَّالِ أعلمُ منه، إن معَهُ بحراً من مَاءٍ ونَهراً من نارٍ، فالذي تُرَونَ أنه من نارٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر العُمري. وأخرجه البخاري (7119)، ومسلم (2894)، والترمذي (2748) من طريق عقبة بن خالد السَّكوني، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2894) من طريق أبي صالح السمان، وابن ماجه (4046) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن، كلاهما عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7544)، و"صحيح ابن حبان" (6691 - 6694). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. الأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز، وأبو الزناد: هو عبد الله ابن ذكوان، وعُبيد الله: هو ابن عمر. وأخرجه البخاري (7119)، ومسلم (2894)، والترمذي (2749) من طريق عقبة بن خالد، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (6695). وانظر ما قبله.

ماءٌ، والذي تُرَون أنه ماءٌ نارٌ، فمن أدرك ذلك منكم، فأراد الماء فليشرب من الذي يُرى أنه نارٌ؛ فإنَه سيجدُه ماءً. قال أبو مسعود البدريُّ: هكذا سمعتُ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول (¬1). 4316 - حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن قتادةَ سَمِعتُ أنسَ بن مالكٍ يُحدث، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما بُعِثَ نبيٌّ إلا قد أنذر أمَّته الدَّجَّال الأعوَرَ الكذابَ ألا وإنَّه أعورُ، وإنَّ ربَّكم ليسَ بأعورَ، وإنَّ بين عينَيه مكتوباً كافرٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح مرفوعاً، فقد روي من وجوه أخرى عن منصور -وهو ابن المعتمر- ومن وجوه أخرى أيضاً عن ربعي بن حراش مرفوعاً وهذا إسناد حسن من أجل الحسن ابن عمرو -وهو السَّدوسي- جرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو مسعود البدري: هو عقبة بن عمرو الأنصاري. وأخرجه أحمد (23338)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5691)، والطبراني في "الأوسط" (2524)، وابن منده في "الإيمان" (1037) من طريق شيبان ابن عبد الرحمن النحوي، وابن أبي شيبة 15/ 134 من طريق زائدة بن قدامة، والبزار في "مسنده" (2859) من طريق المفضل بن مهلهل، ثلاثتهم عن منصور بن المعتمر، عن ربعي، عن حذيفة بن اليمان مرفوعاً. لم يذكر أحد منهم أبا مسعود البدري. وأخرجه مرفوعاً كذلك البخاري (3450) و (7130)، ومسلم (2934) من طريق عبد الملك بن عمير، ومسلم (2934) من طريق أبي مالك الأشجعي، و (2935) من طريق نعيم بن أبي هند، ثلاثتهم عن ربعي بن حراش، به إلا أن أبا مالك الأشجعي لم يذكر أبا مسعود البدري. وأخرجه مرفوعاً أيضاً مسلم (2934)، وابن ماجه (4071) من طريق شقيق بن سلمة أبي وائل، عن حذيفة بن اليمان بلفظ: "الدجال أعور العين اليسرى جُفالُ الشعر (أي: كثيره)، معه جنة ونار، فناره جنة وجنته نار". وانظر ما سلف برقم (4244) و (4245). (¬2) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وشعبة: هو ابن الحجاج العتكي مولاهم، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. =

4317 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى (¬1) في هذا الحديث، عن محمَّد بنِ جعفرٍ عن شُعبةَ: (ك ف ر) (¬2). 4318 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الوارثِ، عن شعيبِ بنِ الحَبحَابِ عن أنس، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، في هذا الحديث، قال: "يقرؤُه كلُّ مُسلمٍ" (¬3). 43190 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا جريرٌ، حدَّثنا حُميدُ بن هِلال، عن أبي الدَّهماء، قال: سمِعتُ عِمرانَ بنَ حُصَين يُحدث، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من سَمِعَ بالدَّجَال فلينأ عنهُ، فوالله إن الرَّجُل ليأتيهِ وهو يحسِبُ أنه ¬

_ = وأخرجه البخاري (7131) و (7408)، ومسلم (2933) من طريق شعبة، به. وهو في "مسند أحمد" (12004)، وفي "صحيح ابن حبان" "مختصراً (6794). وانظر تالييه. (¬1) في (هـ): قال ابن المثنى في هذا الحديث. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2933)، والترمذي (2395) من طريق محمَّد بن جعفر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12770) و (13925). وانظر ما قبله وما بعده. (¬3) إسناده صحيح. عبد الوارث: هو ابن سعيد العَنْبري. وأخرجه مسلم (2933) من طريق عبد الوارث بن سيد، به. وهو في "مسند أحمد" (13206) و (13385). وانظر سابقيه.

مؤمنٌ فيتَّبِعُهُ مما يبعثُ به من الشُّبهاتِ -أو لما يَبعَثُ بهِ من الشّبُهات-" هكذا قال (¬1). 4320 - حدَّثنا حيوة بن شُرَيحٍ، حدَّثنا بقيةُ، حدَّثني بَحِيرُ بنُ سعدٍ، عن خالد بنِ مَعدانَ، عن عمرو بنِ الأسودِ، عن جُنادةَ بنِ أبي أُميةَ عن عُبادَةَ بنِ الصَّامت أنه حدَّثهم، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إنِّي قد حدَّثتُكم، عن الدَّجَّال حتى خَشِيتُ أن لا تعقِلُوا، إن مسيحَ الدَّجَّالِ رَجُلٌ قصيرٌ أفحجُ، جعدٌ أعورُ، مطموسُ العينِ، ليسَ بناتئةٍ ولا جَحْراءَ، فإن أُلبِسَ عليكم، فاعلموا أن ربّكم ليس بأعورَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو الدَّهْماء: هو قِرْفة بن بُهَيس العَدَوي، وجرير: هو ابن حازم. وقد جوّد إسناده الحافظ ابن كثير في "النهاية" 1/ 163. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 129، وأحمد (19875) و (19968)، والبزار (3590)، والدولابي في "الكنى" 1/ 170، والطبراني في "الكبير" 18/ (550 - 552)، والحاكم 4/ 531، والمزي في ترجمة قرفة بن بهيس من "تهذيب الكمال" 23/ 569 من طريق حميد بن هلال، به. (¬2) إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الحمصي-. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7716) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22864). وقد صح من وصف الدَّجَّال في هذا الحديث أنه جعدٌ أعور، مطموس العين، ليس بناتئة ولا جَحْراء. فأما جعودة شعره، فقد وردت في حديث ابن عمر عند البخاري (3440)، ومسلم (169). وأما عَوَرُه فوارد عن جم غفير من الصحابة منهم أنس، وحديثه سلف برقم (4316). ومنهم ابن عمر وحديثه عند البخاري (3440) ومسلم (169). وقد أورد أحاديثهم ابن في في "النهاية" 1/ 105 و 133 - 161. = =

قال أبو داود: عمرو بن الأسود وليَ القضاءَ. 4321 - حدَّثنا صفوانُ بن صالح الدمشقيُّ المُؤذِّنُ، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا ابن جابرٍ، حدَّثني يحيى بن جابر الطَّائيُّ، عن عبدِ الرحمن بنِ جُبير بنِ نُفَير، عن أبيه عن النوَّاس بنِ سمعان الكلابيِّ، قال: ذكر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الدجالَ، فقال: "إن يخرُج وأنا فيكم فأنا حَجِيجُهُ دُونكم، وإن يخرج ولستُ فيكم فامرؤٌ حجيجُ نَفْسِه، واللهُ خليفتي على كلِّ مسلمٍ، فمن أدركهُ مِنكم فليقرأ عليه فواتِحَ سورةِ الكهفِ، فإنها جوارُكم من فتنتِه" قُلنا: وما لبثُه في الأرض؟ قال: "أربعون يوماً: يومٌ كسنةٍ، ويوم كشهرٍ، ويومٌ كجُمعةٍ، وسائرُ أيامِه كأيامِكم" فقلنا: يا رسُولَ الله، هذا اليومُ الذي كسنةٍ، أتكفِينا فيه صلاةُ يومِ وليلةٍ؟ قال: "لا اقْدُرُوا له قَدْرَهُ، ثم ينزلُ عيسى ابنُ مريمَ عندَ المنارةِ البيضاءِ شرقيَّ دمشقَ فيُدرِكُه عندَ باب لُدٍّ فيقتُلُه" (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: الأفحج: الذي إذا مشى باعد بين رجليه. والجحراء: التي قد انخسفت، فبقي مكانها غائراً كالجحر، يقول: إن عينه سادة لمكانها مطموسة، أي: ممسوحة ليست بناتئة ولا منخسفة. (¬1) إسناده صحيح. وقد جاء تصريح الرواة بسماع بعضهم من بعض عند أحمد ومسلم، فأمنا تدليس التسوية من الوليد -وهو ابن مسلم- ومن صفوان بن صالح -وهو الدمشقي-. ابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. وأخرجه مطولاً ومختصراً مسلم (2937)، والترمذي (2390)، والنسائي في "الكبرى" (7970) و (10717) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث غريب حسن صحيح. وأخرجه ابن ماجه (4075) عن هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن عبد الرحمن بن جبير، به فأسقط من إسناده يحيى =

4322 - حدَّثنا عيسى بن محمدٍ، حدَّثنا ضمْرةُ، عن السَّيبانىِّ، عن عمرو ابن عبد الله عن أبي أُمامَة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، نحوه، وذكر الصلواتِ مثلَ معناه (¬1). 4323 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمر، حدَّثنا همَّامٌ، حدَّثنا قتادةُ، عن سالم بن أبي الجعدِ، عن معدانَ بن أبي طلحةَ عن حديثِ أبي الدَّرداءِ، يرويه عن نبىِّ الله، قال: "من حفظ عشرَ آياتٍ من أوَّلِ سُورَةِ الكهفِ، عُصِمَ من فتنةِ الدَّجَّال" (¬2). ¬

_ = ابن جابر الطائي - وقد رواه ابن منده في "الإيمان" (1027) من طريق هشام بن عمار فذكر يحيى بن جابر! وهو في "مسند أحمد" (17629). وقوله في هذا الحديث: "إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم" قال الحافظ في "الفتح" 13/ 96: هذا محمول على أن ذلك كان قبل أن يتبين له وقت خروجه وعلاماته، فكان يجوز أن يخرج في حياته -صلَّى الله عليه وسلم-، ثم بُيّن له بعد ذلك حاله ووقت خروجه فأخبر به، فبذلك تجتمع الأخبار. (¬1) إسناده حسن. عمرو بن عبد الله -وهو السَّيباني- روى عن غير واحد من الصحابة، ووثقه العجلي ويعقوب بن سفيان، وقال ابن حبان في "مشاهير علماء الأمصار": كان متقناً. وصحح حديثه هذا أبو الطيب في "عون المعبود" 11/ 303. السَّيباني: هو يحيى بن أبي عمرو -وتحرف في (أ) و (ع) إلى الشيباني-، وضمرة: هو ابن ربيعة الفلسطيني، وعيسى بن محمَّد: هو ابن النحاس الرَّمْلي. وأخرجه ابن ماجه (4077) من طريق إسماعيل بن رافع، عن أبي زرعة يحيى بن أبي عمرو السَّيباني، عن أبي أمامة. فلم يذكر عمرو بن عبد الله السَّيباني في إسناده. قال الحافظ في "النكت الظراف" 4/ 175: وإسماعيل بن رافع ضعيف الحديث، ولعل الوهم منه. وانظر تمام الكلام عليه وبسط شواهده عند ابن ماجه. (¬2) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهمام: هو ابن يحيى العوذي، وحفص بن عمر: هو أبو عمر الحوضي. =

قال أبو داود: وكذا قال هِشامٌ الدَّستوائيُّ، عن قتادةَ، إلا أنه قال: "من حفظ من خواتِيم سورةِ الكهفِ" وقال شعبةُ عن قتادةَ: "من آخِرِ الكهفِ". ¬

_ = وأخرجه مسلم (809)، والنسائي في "الكبرى" (10721) من طريق همام بن يحيى العوذي، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (809)، والترمذي (3105) من طريق معاذ بن هام الدستوائي، عن أبيه، عن قتادة، به. ولفظه كلفظ همام بن يحيى. وعليه فما قاله المصنف بإثر الحديث من أن هشاماً الدستوائي قال في روايته: "من خواتيم سورة الكهف" فغريب، لأنه مخالف لما عند مسلم والترمذي لأن روايته عندهما جاءت موافقة لرواية همام بن يحيى بذكر العشر الأولى من سورة الكهف. ورواه شعبة بن الحجاج عن قتادة فاضطرب في إسناده ومتنه: فقد أخرجه مسلم (809) عن محمَّد بن بشار ومحمد بن المثنى، عن محمَّد بن جعفر، والنسائي في "الكبرى" (10720) من طريق حجاج بن محمَّد، كلاهما عن شعبة، عن قتادة، به. إلا أنه قال: "من آخر سورة الكهف". وأخرجه الترمذي (3104) عن محمَّد بن بشار، عن محمَّد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة، به إلا أنه قال: "ثلاث آيات من أول الكهف". وأخرجه النسائي (8025) و (10719) عن عمرو بن علي، عن محمَّد بن جعفر، عن شعبة، عن قتادة، به إلا أنه قال: "من قرأ عشر آيات من سورة الكهف" فلم يقيد هذه العشر الآيات. وأخرجه أيضاً (10718) عن محمَّد بن عبد الأعلى، عن خالد بن الحارث، عن شعبة، عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن ثوبان فذكر ثوبان بدل أبي الدرداء. وقال في روايته: "العشر الأواخر من سورة الكهف". وهو في "مسند أحمد" (21712) من طريق همام بن يحيى، و (27540) من طريق سعيد بن أبي عروبة، و (27541) من طريق شيبان بن عبد الرحمن النحوي، ثلاثتهم عن قتادة. كلهم قالوا: "العشر من أول سورة الكهف".

4324 - حدَّثنا هُدْبَةُ بن خالدٍ، حدَّثنا همَّام بن يحيى، عن قتادَة، عن عبد الرحمن بن آدمَ عن أبي هريرة، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: ليس بيني وبينه نبيٌّ -يعني عيسى ابن مريم- وإنه نازلٌ، فإذا رأيتموه فاعرِفوه: رجل مربوعٌ إلى الحُمرةِ والبياضِ، بين مُمصَّرتين، كأن رأسَه يقطُرُ وإن لم يُصِبه بلَلٌ، فيُقاتِلُ الناسَ على الإِسلامِ، فيدُقُ الصَّلِيبَ، ويقتُلُ الخِنزيرَ، ويضَعُ الجزيةَ، ويُهلِكُ اللهُ في زمانه المِلل كلَّها إلا الإِسلامَ، ويُهلِكُ المسيحَ الدَّجَّالَ، فيمكثُ في الأرضِ أربعينَ سنةَ، ثم يُتوفَّى فيُصلي عليه المُسلمون" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح دون قوله: "فيصلي عليه المسلمون"، وهذا إسناد منقطع. فإن قتادة -وهو ابن دعامة السدوسي- لم يسمع من عبد الرحمن بن آدم فيما نص عليه ابن معين، نقله عنه ابن أبي حاتم في "المراسيل" (633)، ومع ذلك فقد صحح هذا الإسناد الحافظ ابن حجر في "الفتح" 6/ 493، وقال الحافظ ابن كثير في "النهاية" 1/ 188: هذا إسناد جيد قوي! وأخرجه الطيالسي (2575)، وابن أبي شيبة 15/ 158 - 159، وإسحاق بن راهويه (43)، وأحمد (9270) و (9632 - 9634)، والطبري في "تفسيره" 3/ 291 و 6/ 22، وابن حبان (6814) و (6821)، والآجري في "الشريعة" ص 380، والحاكم 2/ 595 من طرق عن قتادة، به. وأخرجه عبد الرزاق (20845)، وعنه ابن راهويه (44) عن معمر بن راشد، عن قتادة، عن رجل، عن أبي هريرة. والرجل المبهم هنا هو عبد الرحمن بن آدم. ومعمر جالس قتادة صغيراً فلم يحفظ عنه الأسانيد، كما صرح هو نفسُه بذلك. وقوله في هذا الحديث: "ليس بيني وبينه نبي -يعني عيسى-" أخرجه البخاري (3442) ومسلم (2365) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، ومسلم (2365) من طريق همام بن منبه كلاهما عن أبي هريرة. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقوله في وصف عيسى: "رجلٌ مَربوع إلى الحمرة والبياض" أخرجه البخاري (3394)، ومسلم (168)، والترمذي (3396) من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، رفعه، بلفظ: "ورأيت عيسى، فإذا هو رجل ربعةٌ أحمر، كأنما خرج من ديماس -يعني حماماً-". وقوله في وصفه: "بين ممصرتين" له شاهد من حديث النواس بن سمعان عند مسلم (2937) بلفظ: ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، "بين مهرودتين" والمهرودتان، قال النووي في "شرحه على مسلم" روي بالدال المهملة والذال المعجمة، والوجهان مشهوران، معناه: لابس ثوبين مصبوغين بورس ثم زعفران. وقوله: "كأن رأسه يقطر وإن لم يُصبْه بلل" له شاهد من حديث ابن عُمر عند البخاري (3440)، ومسلم (169) بلفظ: "وأراني الليلة عند الكعبة في المنام، فإذا ْرجل آدم، كأحسن ما يُرى من أدُم الرجال، تضرب لمته بين منكبيه، رَجِلَ الشعر، يقطر رأسه ماء". وقوله: "يقاتل الناس على الإِسلام ... ويضع الجزية" أخرجه البخاري (2222)، ومسلم (155)، وابن ماجه (4078)، والترمذي (2383) من طريق سعيد بن المسيب، ومسلم (155) من طريق عطاء بن ميناء، كلاهما عن أبي هريرة. وقوله: "يُهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام" أخرجه أحمد (9121) من طريق الوليد بن رباح، عن أبي هريرة بلفظ: "وتكون الدعوة واحدة" وإسناده حسن. وقوله: "ويهلك المَسيح الدجال" أخرجه مسلم (2897) من طريق أبي صالح عن أبو هريرة. وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو عند مسلم (2940)، ومن حديث النواس بن سمعان السالف عند المصنف برقم (4321) ومن حديث عائشة عند أحمد (24467)، وابن أبي شيبة 15/ 134، وابن حبان (6822) وسنده جيد. وقوله: "فيمكث في الأرض أربعين سنة" له شاهد من حديث عائشة عند أحمد (24467)، وابن أبي شيبة 15/ 134، وابن حبان (6822) وإسناده جيد. لكن تُشكل مدة مكثه هنا مع ما ورد في حديث عبد الله بن عَمرو عند مسلم (2940) أن الناس يمكثون سبع سنين بعد قتل الدَّجَّال، ثم يرسل الله ريحاً باردة تقبض كل =

15 - باب في خبر الجساسة

15 - باب في خبرِ الجَسَّاسَةِ 4325 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا عثمانُ بنُ عبدِ الرحمن، حدَّثنا ابنُ أبي ذئبٍ، عن الزهري، عن أبي سلمة عن فاطمةَ بنت قيسٍ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أخَّر العشاء الآخِرة ذات ليلةٍ، ثم خرج، فقال: "إنه حبسني حديثٌ كان يحدِّثُنيه تميمٌ الداريُّ عن رجلٍ كان في جزيرةٍ من جزائرِ البحرِ، فإذا أنا بامرأة تَجُرُّ شعرها قال ما أنت قالت: أنا الجسَّاسة اذهب إلى ذلك القصرِ، فأتيتُه، فإذا رجلٌ يجرُّ شعرَهُ مسلسلٌ في الأغلالِ، ينزُو فيما بين السماء والأرضِ، فقلتُ: من أنت؟ قال: أنا الدجالُ، خرج نبي الأمِّيِّين بعد؟ قلتُ: نعم، قال: أطاعُوه أم عصوهُ؟ قلت: بل أطاعوه، قال: ذاك خيرٌ لهم" (¬1). ¬

_ = مؤمن، قال الحافظ ابن كثير في "النهاية" 1/ 193: هذا مع هذا مشكل، اللهم إلا إذا حملت هذه السبع على مدة إقامته بعد نزوله، وتكون مضافة إلى مدة مكثه فيها قبل رفعه إلى السماء، وكان عمره إذ ذاك ثلاثاً وثلاثين سنة على المشهور، والله أعلم. قال الخطابي: الممصَّر من الثياب: المُلَوَّن بالصفرة وليست صفرته بالمشبعة. وقوله: "ويقتل الخنزير" فيه دليل على وجوب قتل الخنازير، وبيان أن أعيانها نجسة. وذلك أن عيسى صلوات الله عليه إنما يقتل الخنزير في حكم شريعة نبينا محمَّد -صلَّى الله عليه وسلم-، لأن نزوله إنما يكون في آخر الزمان، وشريعة الإِسلام باقية. وقوله: "يضع الجزية" معناه أنه يضعها عن النصارى وأهل الكتاب، ويحملهم على الإسلام، ولا يقبل منهم غير دين الحق، فذلك معنى وضعها، والله أعلم. (¬1) ضعيف بهذه السياقة، قال أبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصحابة" في ترجمة فاطمة بنت قيس بعد أن ساقه من طريق شعيب بن إسحاق، عن ابن أبي ذئب: رواه ابن وهب ومعن وعبد الله بن الحارث المخزومي وعثمان بن عمر في جماعة، =

4326 - حدَّثنا حجاجُ بنُ أبي يعقوب، حدَّثنا عبدُ الصمدِ، حدَّثنا أبي، سمعتُ حسيناً المعلمَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ بُريدةَ، حدَّثنا عامر بن شراحيلَ الشَّعبيُّ ¬

_ = عن ابن أبي ذئب، نحوه، ... والزهري تفرد به عن أبي سلمة بقوله: أخر ليلة صلاة العشاء، ولم يخلف أصحاب الشعبي عنه أنه خرج يوما بالهاجرة، فقعد على المنبر. قلنا: يعني حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن فاطمة بنت قيس الآتي في الطريقين التاليين. وخالف الزهريُّ في روايته هذه أيضاً الشعبيَّ في قول تميم الدَّاري: فإذا أنا بامرأة تجر شعرها، قال: ما أنتِ؟ قالت: أنا الجَسَّاسة؛ لأن الشعبي قال في روايته: فلقيتهم دابةٌ أهلَبُ كثيرةُ الشعر. وخالفه أيضاً في وصف الدَّجَّال حيث قال: يجر شعره، ينزو فيما بين السماء والأرض، وقال الشعبي في روايته: دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقاً وأشده وثاقاً، مجموعة يداه إلى عنقه. وقد سأل الترمذيُّ البخاريَّ عن حديث الجساسة، فقال: يرويه الزهري، عن أبي سلمة، عن فاطمة ابنة قيس. قال البخاري: وحديث الشعبي عن فاطمة بنت قيس في الدَّجَّال هو حديث صحيح. نقله عنه في "علله الكبير" 2/ 828. وهذا من البخاري إضراب عن رواية الزهري، عن أبي سلمة، عن فاطمة وتصحيح لرواية الشعبي عن فاطمة. ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن، وعثمان بن عبد الرحمن: هو ابن مسلم الحراني والنُّفيلي: هو عبد الله بن محمَّد بن علي بن نُفيل الحراني. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد" (3180) من طريق معن بن عيسى وعبد العزيز الدراوردي وابن أبي فديك وأبو يعلى في "معجم شيوخه" (157) من طريق عثمان بن عمر، والطبراني في "الكبير" 24/ (922) من طريق ابن أبي فديك وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" في ترجمة فاطمة بنت فيس، من طريق شعيب بن إسحاق، خمستهم عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد" (3181) والطبراني 24/ (923) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن ابن شهاب الزهري، به. وانظر تالييه.

عن فاطمة بنتِ قيسٍ، قالت: سمعتُ مناديَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ينادي: أَنِ الصَلاةُ جامعةٌ، فخرجتُ، فصلَّيتُ مع رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فلما قضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - صلاتَه جلَس على المِنْبرِ وهو يضحكُ، فقال: "لِيَلزَمْ كلُّ إنسانٍ مصلَّاه"ُ ثم قال: "هل تدرون لِمَ جمعتكم؟ " قالوا: اللهُ ورسولُه أعلمُ، قال: "إني ما جمعتُكم لرهبةٍ ولا رغبةٍ، ولكن جمعتُكم أنَّ تميماً الدَّاريَّ كان رجلاً نصرانياً، فجاء فبايع وأسلم، وحدَّثني حديثاً وافَقَ الذي حدَّثتُكم عن الدَّجَّال، حدَّثني أنه رَكبَ في سفينة بحريةٍ مع ثلاثينَ رجلاً من لَخْم وجُذَام فلعب بهم الموجُ شهراً في البحرِ، وأرفؤوا إلى جزيرةٍ حين مغربِ الشمسِ، فجلسوا في أقرُبِ السفينةِ، فدخلُوا الجزيرةَ، فلقيتهم دابةٌ أهلبُ كثيرةُ الشعَرِ، قالوا: ويلكِ ما أنتِ؟! قالت: أنا الجساسةُ، انطلِقُوا إلى هذا الرجلِ في هذا الدَّيرِ، فإنَّه إلى خبرِكم بالأشواقِ، قال: لما سمَّت لنا رجُلاً فرِقنا منها أن تكون شيطانةً، فانطلقنا سِراعاً حتى دخلنا الدَّير، فإذا فيه أعظمُ إنسانٍ رأيناه قطُّ خلقاً وأشدُه وثاقاً مجموعةٌ يداه إلى عُنقه، فذكر الحديث، وسألهم عن نخل بيسان، وعن عين زُغَرَ، وعن النبيِّ الأمي، قال: إني أنا المسيحُ، وإنه يُوشِكُ أن يُؤذَنَ لي في الخُرُوجِ. قال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "وإنه في بحرِ الشَّامِ، أو بحرِ اليمن، لا بل مِن قِبَل المشرقِ ما هو" مرتين، وأومأ بيده قبل المشرقِ، قالت: حفظتُ هذا من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وساق الحديث (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حسين المُعلِّم: هو ابن ذكوان، وعبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن سيد العنبري، وحجاج بن أبي يعقوب: اسم أبي يعقوب: يوسف بن حجاج الثقفي. =

4327 - حدَّثنا محمَّد بن صُدْرانَ، حدَّثنا المُعتمِرُ بن سليمان، حدَّثنا إسماعيلُ بن أبي خالدٍ، عن مُجالدِ بن سعيدٍ، عن عامرٍ، قال: حدَّثتني فاطمةُ بنتُ قيسٍ أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- صلَّى الظهر ثم صعِدَ المنبر، وكان لا يصعَدُ عليه إلا يوم جمعةٍ قبلَ يومئذٍ، ثم ذكر هذه القصة (¬1). قال أبو داود: وابن صُدرانَ بَصريٌّ غرقَ في البحر مع ابن مِسورٍ لم يَسْلَمْ منهم غيرُه. 4328 - حدَّثنا واصِلُ بنُ عبدِ الأعلى، أخبرنا ابنُ فُضيل، عن الوليدِ بنِ عبد الله بنِ جُميع، عن أبي سلَمَة بنِ عبدِ الرحمن ¬

_ = وقد صحح هذا الحديث البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل" 2/ 828 ومسلم (2942)، والترمذي في "جامعه" بإثر الحديث (2403)، وابن حبان (6788)، وابن عبد البر في "الاستذكار" (39402)، والبغوي في "شرح السنة" 15/ 68، وابن الأثير في "أسد الغابة" في ترجمة تميم بن أوس الداري 1/ 256، وغيرهم. وأخرجه مسلم (2942) من طريق عبد الله بن بريدة، و (2942) من طريق سيار أبي الحكم، و (2942) من طريق غيلان بن جرير، و (2942) من طريق أبي الزناد، والترمذي (2403) من طريق قتادة بن دِعامة، والنسائي في "الكبرى" (4244) من طريق داود بن أبي هند، ستتهم عن الشعبي، عن فاطمة بنت قيس. وهو في "مسند أحمد" (27101)، و"صحيح ابن حبان" (3730) و (6787) و (6788) و (6789). وانظر ما قبله وما بعده. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف مُجالد -وهو ابن سعيد- عامر: هو ابن شراحيل الشعبي. وأخرجه ابن ماجه (4074) من طريق مجالد بن سعيد، به. وهو في "مسند أحمد" (27100). وانظر سابقيه.

عن جابر: قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ذات يومٍ على المنبر: "إنه بينما أناس يسيرونَ في البحرِ فَنَفِدَ طعامُهُم، فرُفعت لهم جزيرةٌ، فخرجوا يريدون الخبر (¬1)، فلقيتهم الجساسةُ" قلت: لأبي سلمةَ: وما الجسَّاسةُ؟ قال: امرأة تجرُّ شعَرَ جلدها ورأسِها: قالت: في هذا القصر، فذكر الحديث، وسأل عن نخل بَيسانَ، وعن عين زُغَر، قال: هو المسيحُ، فقال لي ابنُ أبي سلمةَ: إن في هذا الحديث شيئاً ما حفظته قال: شهِدَ جابرٌ أنه هو ابنُ صياد، قلت: فإنه قد مات، قال: وإن ماتَ، قلتُ: فإنه أسلمَ، قال: وإن أسلمَ، قلت: فإنَّه قد دخَلَ المدينةَ، قال: وإن دخَلَ المدينةَ (¬2). ¬

_ (¬1) كذا في أصولنا الخطّية: "الخبر"، بالراء المهملة، وفي نسخة "مختصر المنذري": "الخبز" بالزاي المعجمة. وكذا هو في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي وفي النسخة التي شرح عليها السهارنفوري، قال العظيم آبادي: "الخبز" بالخاء المعجمة والزاي، وبينهما موحدة، وفي بعض النسخ: "الخبر"، بالخاء والراء، بينهما موحدة. (¬2) إسناده ضعيف. فقد اضطرب فيه الوليد بن عبد الله بن جُميع، كما قال العقيلي في "الضعفاء" 4/ 317 وساق منه قصة ابن صياد، فمرة جعله من مسند جابر، ومرة جعله من مسند أبي سعيد. وقد قال الحاكم: لو لم يخرِّج له مسلمٌ لكان أولى. قلنا: وانفرد أيضاً برواية قصة الجساسة من هذا الطريق، ولا يُحتمل تفرُّد مثله بذلك. ولهذا قال ابن عدي في "الكامل" 7/ 2538: وللوليد أحاديث، وروى عن أبي سلمة، عن جابر، ومنهم من قال عنه: عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري حديث الجساسة بطوله، ولا يرويه غير الوليد بن جميع هذا، وقال ابن كثير في "النهاية"! 1/ 116: تفرد به أبو داود وهو غريب جداً. قلنا: ذلك لأن قصة الجساسة المحفوظ أنها من رواية فاطمة بنت قيس. على أنه خالف في متنه فذكر أن الجساسة امرأة تجر شعرها، وإنما هي دابة كما في حديث فاطمة بنت قيس. ومع ذلك فقد حسَّن إسناده الحافظ في "الفتح" 13/ 329!! =

16 - باب في خبر ابن صائد

16 - باب في خبر ابن صائِد 4329 - حدَّثنا أبو عاصيمٍ خُشيشُ بنُ أصرَمَ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمَرٌ، عن الزهريِّ، عن سالم عن ابنِ عمر: أنَّ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- مر بابنِ صائدٍ في نفرِ من أصحابِه، فيهم عمرُ بنُ الخطاب، وهو يلعبُ مع الغِلمان عند أُطُمِ بني مَغَالَة، وهو غُلامٌ، فلم يشعرُ حتى ضربَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ظهرَه بيدهِ، ثم قال: "أتشهدُ أني رسولُ الله؟ " قال: فنظَر إليه ابنُ صيَّادٍ، فقال: أشهدُ أنَك رسولُ الأُمِّيِّين، ثم قال ابنُ صيَّاد للنبى -صلَّى الله عليه وسلم-: أتشهدُ أني رسولُ الله؟ فقال له النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "آمنتُ بالله وبرُسُلِه" ثم قال له النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "ما يأتيك؟ " قال: يأتيني صَادِقٌ وكاذِبٌ، فقال له النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "خُلِطَ عليك الأمرُ"، ثم قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إني قد خَبَأْتُ لك خبيئةً" وخبَّأ له {يَوْمَ ¬

_ = ابن فضيل: هو محمَّد بن فضيل بن غزوان. وأخرجه أبو يعلى (2164) و (2178) و (2200) من طريق محمَّد بن فضيل، بهذا الإسناد. وأخرج الحارث بن أبي أسامة (786 - زوائد الهيثمي) والعقيلي في "الضعفاء" 4/ 317 من طريق يزيد بن هارون، عن الوليد بن جُميع، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله قال: أتى النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- ابن صياد وهو يلعب مع الغلمان، فقال له: "أتشهد أني رسول الله؟ " فقال له ابن الصياد: إذا شهدتَ أنت أني رسول الله، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أخس، بل أنت عدوّ الله، أخس، فلن تعدو قدرك. قال: إني خبأت لك خبيئاً" قال: الدُّخُّ. وأخرج هذه القصة أحمد (11776)، والطحاوي في "شرح مشكلل الآثار، (2951)، والعقيلي 4/ 317 من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن الوليد بن عبد الله ابن جميع، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري. فجعله من مسند أبي سعيد.

تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان:10] قال ابنُ صياد: هو الدُّخُّ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اخسأ، فلن تعدُوَ قَدْرَكَ" فقال عمر: يا رسولَ الله، ائذن لي فأضربَ عنقَه، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن يكن هو فلن تسلَّط عليه " يعني الدجالَ "وإلا يكن هو فلا خيرَ في قتله" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سالم: هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، والزهري: هو محمَّد بن مسلم، ومعمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (20817). وأخرجه البخاري (1354)، ومسلم (2930)، والترمذي (2397) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (6360)، و"صحيح ابن حبان" (6785). قال الخطابي: الأُطُم: بناء من الحجارة مرفوع كالقصر، وآطام المدينة: حصونها، والدُّخُّ: الدخان، وقال الشاعر: عند رواق البيت يغش الدُّخَّا وقد اختلف الناس في ابن صياد اختلافاً شديداً، وأشكل أمره، حتى قيل فيه كل قول. وقد يُسال عن هذا، فيقال: كيف يقارّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - رجلاً يدعي النبوة كاذباً، ويتركه بالمدينة، يُساكنه في داره ويجاوره فيها، وما معنى ذلك، وما وجه امتحانه إياه بما خبأه له من أنه الدُّخان، وقوله بعد ذلك: "اخسأ فلن تعدو قدرك؟ ". والذي عندي أن هذه القصة إنما جرت معه أيام مهادنة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - اليهود وحلفاءهم وذلك أنه بعد مَقدَمِه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتاباً صالحهم فيه: على أن لا يهاجَوا، وأن يُتركُوا على أمرهم، وكان ابن صياد منهم أو دخيلاً في جملتهم، وكان يبلُغُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - خبرُه، وما يدعيه من الكهانة ويتعاطاه من الغيب، فامتحنه -صلَّى الله عليه وسلم- بذلك لِيَرُوزَ به أمرَه، ويَخبُرَ شأنَه، فلما كلَّمه علم أنه مُبطِل، وأنه من جملة السحرة أو الكهنة أو ممن يأتيه رئيٌّ من الجن، أو يتعاهده شيطان فيلقي على لسانه بعضَ ما يتكلم به، فلما سمع منه قوله: الدُّخّ، زَبَره، فقال: "اخسأ فلن تعدو قدرك". يريد أن ذلك شيء اطلع عليه الشيطان فألقاه إليه، وأجراه على لسانه، وليس ذلك من قبل الوحي السماوي، إذ لم يكن له قدرُ الأنبياء الذين أوحى الله إليهم من علم الغيب، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ولا درجةُ الأولياء الذين يُلهَمون العلم، فيصيبون بنور قلوبهم، وإنما كانت له تاراتٌ يصيب في بعضها ويخطئ في بعض، وذلك معنى قوله: يأتيني صادق وكاذب، فقال له عند ذلك: "قد خلط عليك". والجملة: أنه كان فتنة قد امتحن الله به عباده المؤمنين يهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حَىَّ عن بينة، وقد امتحن الله قوم موسى عليه السلام في زمانه بالعجل فافتتن به قوم، وهلكوا، ونجا من هداه الله وعصمه منهم. وقد اختلفت الروايات في أمره، وما كان من شأنه بعد كبره، فروي أنه قد تاب عن ذلك القول، ثم إنه مات بالمدينة وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس، وقيل لهم: اشهدوا. وروي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: شتمت ابن صيَّاد، فقال: ألم تسمع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا يدخل الدَّجَّال مكة"، وقد حججتُ معك، وقال: "لا يولد له" وقد ولِد لي. وكان ابن عمر وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما فيما روي عنهما يحلفان أن ابن صياد هو الدَّجَّال لا يشكان فيه، فقيل لجابر: وإن أسلم؟ فقال: وإن أسلم، فقيل له: دخل مكة وكان بالمدينة؟ قال: وإن دخل. وقد روي عن جابر أنه قال: فقدنا ابن صَيَّاد يوم الحرة. قلت [القائل الخطابي]: وهذا خلاف رواية من روى أنه مات بالمدينة. قلنا: ونقل الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 13/ 326 عن الإِمام البيهقي أنه قال: الدَّجَّال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان غير ابن صياد، وكان ابن صياد أحد الدجالين الكذابين الذين أخبر -صلَّى الله عليه وسلم- بخروجهم، وقد خرج أكثرهم، وكأن الذين يجزمون بأن ابن صياد هو الدَّجَّال لم يسمعوا بقصة تميم وإلا فالجمع بينهما بعيد جداً، إذ كيف يلتئم أن يكون من كان في أثناء الحياة النبوية شبه المحتلم، ويجتمع به النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ويسأله، أن يكون في آخرها شيخا كلبيراً مسجوناً في جزيرة من جزائر البحر مُوثقاً بالحديد، يستفهم عن خبر النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، هل خرج أو لا، فالأولى أن يُحمل على عدم الاطلاع، أما عمر فيحتمل أن يكون ذلك منه (يعني قسمه أمام النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أن ابن صياد هو الدَّجَّال =

4330 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا يعقوبُ -يعني ابنَ عبدِ الرحمن- عن موسى بنِ عُقبةَ، عن نافعٍ قال: كان ابنُ عمر يقول: واللهِ ما أشُكُّ أن المسيحَ الدَّجَّالَ ابنُ صيَّاد (¬1). 4331 - حدَّثنا ابنُ معاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبةُ، عن سعدِ بنِ إبراهيمَ، عن محمَّد بنِ المُنكدِرِ، قال: رأيتُ جابرَ بن عبدِ الله يحلِفُ بالله أن ابنَ صائدٍ الدَّجَّالُ، فقلت: تَحلِفُ بالله؟! فقال: إني سمعتُ عُمرَ يَحلِفُ على ذلك عند النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فلم يُنكرهُ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- (¬2). ¬

_ = كما سيأتي في الحديث (4331) قبل أن يسمع قصة تميم، ثم لما سمعها لم يَعُد إلى الحلف المذكور، وأما جابر فشهد حلفه عند النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فاستصحب ما كان اطلع عليه من عمر بحضرة النبي - صلَّى الله عليه وسلم. وقال أبو بكر ابن العربي في "عارضة الأحوذي" 9/ 106: الصحيح أن الدَّجَّال ليس بابن صياد، فإن ابن صياد كان بالمدينة صبياً، وتميم الداري قد ذكر حديث الدَّجَّال ولقاءه في الجزيرة مع الجساسة، فيحتمل أن يكون النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مكن له عمر من ذلك في أول الأمر حتى جاءه تميم فأخبره بخبره المشاهد. وقال الحافظ "الفتح" 13/ 328: وأقرب ما يجمع به بين ما تضمنه حديث تميم وكون ابن صياد هو الدَّجَّال: أن الدَّجَّال بعينه هو الذي شاهده تميم موثقاً، وأن ابن صياد شيطان تبدى في سورة الدَّجَّال في تلك المدة. (¬1) إسناده صحيح. يعقوب بن عبد الرحمن: هو الإسكندراني. وانظر كلام أهل العلم في هذه المسألة عند الحديث السالف قبله. (¬2) إسناده صحيح. ابن معاذ: هو عُبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري. وأخرجه البخاري (7355)، ومسلم (2929) من طريق عُبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد. وانظر كلام أهل العلم في هذه المسألة عند الحديث السالف برقم (4329).

4332 - حدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا عُبيدُ الله -يعني ابن موسى- حدَّثنا شيبانُ، عن الأعمش، عن سالمٍ عن جابر، قال: فَقَدنا ابنَ صيَّاد يومَ الحرَّة (¬1). 4333 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابن محمَّد- عن العلاء، عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تقومُ السَّاعةُ حتى يخرُجَ ثلاثون دجَّالون، كلُّهم يزعم أنه رسول الله" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سالم: هو ابن أبي الجعد، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وشيبان: هو ابن عبد الرحمن النَّحْوي. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 160 عن عُبيد الله بن موسى، عن شيبان النحوي والبخاري في "التاريخ الأوسط" -المسمى خطأ "التاريخ الصغير"- 1/ 131 من طريق أبي حمزة السكري، كلاهما عن الأعمش، به. ويوم الحرة: يوم من أيام العرب في الإسلام، كان في عهد يزيد بن معاوية في ذي الحجة من سنة ثلاث وستين من الهجرة، وهي كما يقول ابن حزم في "جوامع السيرة" ص 357: مِن أكبر مصائب الإسلام وخرومه؛ لأن أفاضل المسلمين وبقية الصحابة وخيار المسلمين من جلة التابعين قُتِلُوا جهراً ظلماً في الحرب وصبراً ... ولم تُصَلّ جماعة في مسجد النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ... وأكره الناس على أن يبايعوا يزيد بن معاوية ... والحرة: أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كثيرة، وكانت الوقعة بها، وتسمى حرة واقم وهي الشرقية، والحرة الغربية تسمى حرة وبرة، وقال ابن الأثير في "النهاية". "أنه حرم ما بين لابتي المدينة،: اللابة الحرة وهي الأرض ذات الحجارة السود التي قد ألبستها لكثرتها، وجمعها لابات ... والمدينة ما بين حرتين عظيمتين. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمَّد -وهو الدراوردي- لكنه متابع، العلاء: هو ابن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحُرقة. =

4334 - حدَّثنا عُبيد الله بن معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا محمدٌ -يعني ابن عمرو- عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تقوم السَّاعة حتى يخرُجَ ثلاثون كذَّاباً دجَّالاً، كلُّهم يكذبُ على الله وعلى رسوله" (¬1). 4335 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ الجرَّاح، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيمَ، قال: قال عَبيدَةُ السَّلْمانيُّ، بهذا الخبر، فذكر نحوه، فقلت له: أتُرى هذا منهم؟ يعني المختارَ، فقال عَبيدة: أما إنه من الرُّؤوس (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (7121)، ومسلم بإثر الحديث (2923) من طريق عبد الرحمن ابن هرمز الأعرج، والبخارى (3609)، ومسلم بإثر الحديث (2923)، والترمذي (2365) من طريق همام بن منبه، كلاهما عن أبو هريرة. هو في "مسند أحمد" (7228) و (8137) و (9897)، و"صحيح ابن حبان" (6651). وانظر ما بعده. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة- وهو متابع. وأخرجه ابن أبو شيبه 5/ 170، وأحمد (9818) وأبو يعلى (5945) من طريق محمَّد بن عمرو بن علقمة، به. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لإرساله. إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومغيرة: هو ابن مِقسَم، وجرير: هو ابن عبد الحميد. والمختار المذكور في الخبر: هو ابن أبي عُبيد بن مسعود الثقفي، قال الحافظ في "اللسان": ضالٌّ، مضل، كان زعم أن جبريل عليه السلام ينزل عليه، وهو شر من الحجاج أو مثله. ووالده أبو عبيد كان من خيار الصحابة، استشهد يوم الجسر في خلافة عمر بن الخطاب، وإليه نسبت الرقعة فيها جسر أبي عُبيد، وكان المختار ولد بالهجرة، وبسبب ذلك ذكره ابن عبد البر في الصحابة؛ لأنه له رؤية فيما يغلب على الظن، وكان ممن خرج =

17 - باب الأمر والنهي

17 - باب الأمر والنهي 4336 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد النُّفيليُّ، حدَّثنا يونسُ بن راشد، عن عليٍّ بن بَذِيمة، عن أبي عُبيدة عن عبدِ الله بن مسعودٍ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن أول ما دخل النَّقصُ على بني إسرائيل كان الرجل يَلقَى الرَّجلَ فيقول: يا هذا اتَّقِ اللهَ ودَعْ ما تصنعُ، فإنّه لا يحلُّ لك، ثم يلقاهُ من الغدِ، فلا يمنعُهُ ذلك أن يكون أكِيلَهُ وشَرِيبَهُ وقَعِيدَهُ، فلما فعلوا ذلك ضَرَبَ الله قلوبَ بعضهم ببعض" ثم قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} إلى قوله: {فَاسِقُونَ} [المائدة:78 - 81] ثم قال: كلا والله، لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهَوُنَ عن المنكَر، ولتأخُذُنَّ على يدَي الظَّالم، ولتأطِرُنَّه على الحق أطراً، ولتقصُرُنَّه على الحقِّ قصراً (¬1) " (¬2). ¬

_ = على الحَسَن بن علي بن أبي طالب في المدائن، ثم صار مع ابن الزبير بمكة فولاه الكوفة، فغلب عليها، ثم خلعَ ابنَ الزبير، ودعا على الطلب بدم الحسين، فالتفت عليه الشيعة، وكان يُظهر لهم الأعاجيب، ثم جهز عسكراً مع إبراهيم بن الأشتر إلى عُبيد الله بن زياد وقتله سنة خمس وستين، ثم توجه بعد ذلك مصعب بن الزبير إلى الكوفة فقاتله، فقتل المختارَ وأصحابَه، ... وكان قتل المختار سنة سبع وستين، ويقال: أنه الكذاب الذي أشار إليه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بقوله: "يخرج من ثقيف كذاب ومُبير" والحديث في "صحيح مسلم". قلنا: وقد جزم الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 3/ 539 بهذا، فقال: كان الكذاب هذا، وادعى أن الوحي يأتيه، وأنه يعلم الغيب، وكان المبير الحجاج، قبحهما اللهُ. (¬1) في (هـ): أو تَقْصُرنّه على الحق قَصْراً، وفي رواية ابن العبد: أو تَقْهَرنَّه على الحق قَهْراً. (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه. أبو عبيدة -وهو ابن عبد الله بن مسعود- لم يسمع من أبيه. =

4337 - حدَّثنا خلفُ بن هشام، حدَّثنا أبو شهاب الحنَّاطُ، عن العلاء بن المسيِّب، عن عمرو بن مُرة، عن سالمٍ، عن أبي عُبيدة عن ابن مسعود عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - بنحوه، زاد: "أو ليضربَنَّ الله بقلوبِ بعضكُم على بعض، ثم لَيَلعنَنَّكم كما لعنَهم" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (4006 م)، والترمذي (3297) و (3299) من طريقين عن علي بن بذيمة، به. وقال الترمذي: حسن غريب. وأخرجه ابن ماجه (4006)، والترمذي (3298) من طريق سفيان الثوري، عن علي بن بذيمة، عن أبي عبيدة، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (3713). وانظر ما بعده. قال الخطابي: "لتأطُرنه" معناه لتردُّنَّه عن الجور، وأصل الأطْر: العطف أو الثْنيُ، ومنه تأطُّر العصا وهو تثّيها، وقال عمر بن أبي ربيعة: خرجَتْ تأطَّرُ في الثياب كأنها ... أيْمٌ يَسيبُ على كثيبٍ أَهيَلاَ قلنا: الأَيْم: الأبيض اللطيف من الحيات، ويسيب أصله من ساب الماء يسيب سيباً، قال الزمخشري في "أساس البلاغة": ومن المجاز: الحية تسيب وتنساب. والكثيب هو الرمل، والأهيل: المُنهال الذي لا يثبُتُ. (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه كسابقه، على اختلاف في هذا الطريق. سالم: هو ابن عجلان الأفطس، وأبو شهاب الحفاظ: هو عبد ربه بن نانع، وخلف بن هشام: هو البزار البغدادي، صاحب أحد القراءات العشر الصحيحة. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "العقوبات" (12)، والطبراني في "الكبير" (10268) من طريق خلف بن هشام البزار، بهذا الإسناد. لكن وقع خطأ في إسناد ابن أبي الدنيا، حيث سمى سالماً: ابن أبي الجعد، وإنما هو ابنُ عجلان الأفطس، كما في مصادر الحديث. وأخرجه البيهقي في "شعب الايمان" (7545) من طريق عُبيد الله بن أبي زياد، عن سالم بن عجلان الأفطس، به. =

قال أبو داود: رواه المحاربيُّ عن العلاء بن المسيَّب، عن عبدِ الله بن عمرو ابن مُرة، عن سالمٍ الأفطس، عن أبي عُبيدة، عن عبدِ الله. ورواه خالد الطحان عن العلاء، عن عمرو بن مرة، عن أبي عُبيدة. 4338 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقية، عن خالدٍ. وحدَّثنا عمرو بن عون، أخبرنا هُشَيم -المعنى- عن إسماعيل، عن قيسٍ، قال: قال أبو بكر بعد أن حمد الله، وأثنى عليه: يا أيها الناسُ، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105]-قال عن خالد-، وإنا سمعنا النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "إنّ الناس إذا رأوا الظالمَ فلم يأخذوا على ¬

_ = وأخرجه أبو يعلى (5035)، والطبري في "تفسيره" 6/ 318 من طريق عبد الرحمن ابن محمَّد المحاربي، عن العلاء بن المسيب، عن عبد الله بن عمرو بن مرة، عن سالم الأفطس، به. فجعله عن عبد الله بن عمرو بن مرة، وليس عن أبيه عمرو بن مرة. وعبد الله بن عمرو بن مرة صدوق. وأخرجه أبو يعلى (5094)، ومن طريقه البغوي في "تفسيره " 2/ 55 - 56 من طريق خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، عن العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن أبي عُبيدة، عن أبيه. فلم يذكر في إسناده سالما الأفطس. وهذا هو الوجه الذي صححه الدارقطني في "العلل" 5/ 288 من سائر وجوه هذا الطريق. وكذلك رواه خالد بن عمرو القرشي، عن العلاء بن المسيب عند الخطيب في "تاريخه" 8/ 299، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1316). لكن خالداً هذا متروك في أحسن أحواله. وكذلك روى الشطر الأخير منه جعفر بن زياد الأحمر عن العلاء بن المسيب عند الطبراني في "الكبير" (10267)، وجعفر صدوق، والإسناد إليه صحيح. وعليه فما صححه الدارقطني صحيح، والله تعالى أعلم. وبأية حال يبقى إسناد الحديث ضحيفا لانقطاعه.

يدَيه أوشك أن يعُمَّهم الله بعقاب". وقال عمرو، عن هُشَيم: وإني سمعت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "ما مِن قومٍ يُعمَلُ فيهم بالمعاصي، ثم يَقدِرُونَ على أن يُغيِّروا، ثم لا يُغيَّروا إلا يوشِكُ أن يعمَّهُمُ الله منه بعقاب" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. قيس: هو ابنُ أبي حازم، وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وهشيم: هو ابنُ بَشير -وهو متابع فلا تضر عنعنته-، وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي الطحان. وأخرجه ابن ماجه (4005)، والترمذي (2307) و (3309) من طريق إسماعيل ابن أبي خالد، به. وقال الترمذي: حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (1) و (19) و (29)، و"صحيح ابن حبان" (304). ذكر الإِمام ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 315: أن للعلماء في هذه الآية قولان: أحدهما: أنها منسوخة بآية السيف. والثاني: أنها محكمة وهو الصحيح، ويدل على إحكامها أربعة أشياء وهي: 1 - أن قوله: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} تقتضي إغراء الإنسان بمصالح نفسه، ويتضمن الأخبار بأنه لا يُعاقب بضلال غيره، وليس من مقتضى ذلك أن لا ينكر على غيره، وإنما غاية الأمر أن يكون مسكوتاً عنه، فيقف على الدليل. 2 - أن الآية تدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} أمر بإصلاحها وأداء ما عليها، وقد ثبت وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فصار من جملة ما على الإنسان في نفسه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بدليل قوله عَزَّ وَجَلَّ فيها: {إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}. 3 - أن الآية حملها قوم على أهل الكتاب إذا أدوا الجزية، فحينئذ لا يلزمون بغيرها. 4 - أنه لما عابهم في تقليد آبائهم بالآية المتقدمة، أعلمهم بهذه الآية أن المكلف إنما يلزمه حكم نفسه، وأنه لا يضره ضلال غيره إذا كان مهتدياً حتى يعلموا أنهم لا يلزمهم من ضلال آبائهم شيء من الذم والعقاب، قال: وإذا تلمحت هذه المناسبة بين الآيتين لم يكن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ها هنا مدخل، وهذا أحسن الوجوه في الآية.

قال أبو داود: ورواه كما قال خالد: أبو أسامة وجماعة، وقال شعبةُ فيه: "ما مِنْ قومٍ يعملُ فيهم بالمعاصي هم أكثرُ ممن يعمَلُه". 4339 - حدَّثنا مسَّددٌ، حدَّثنا أبو الأحوص، حدَّثنا أبو إسحاق، -أظنُّه- عن ابن جرير عن جرير قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "ما من رجلٍ يكونُ في قومٍ يُعمَلُ فيهم بالمعاصي يقدرُون على أن يُغيِّروا عليه، فلا يُغيِّروا إلا أصابَهم الله بعذابٍ من قبلِ أن يموتوا" (¬1). 4340 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء وهنَّاد بنُ السَّريِّ، قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، عن أبي سعيد. وعن قيس بن مسلمٍ، عن طارق بن شهابٍ عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: سمعت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ رأى منكراً فاستطاعَ أن يُغيِّره بيده، فليغيِّره بيده -وقطع هنَّاد بقية الحديث، ومَرَّ فيه ابنُ العلاء- فإنْ لم يستطعْ فبلسانه، فإن لم يستطعْ بلسانه فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل ابنِ جرير -وهو عُبيد الله- على الصحيح كما بيناه في "مسند أحمد" (19192). وعُبيد الله هذا روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، فمثله يكون حسن الحديث. أبو إسحاق: هو عمرو بن عَبد الله السبيعي الهمْداني. وأخرجه ابن ماجه (4009) من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن جده، عن عُبيد الله بن جرير، عن أبيه. وهو في "مسند أحمد" (19192) و (19230)، و"صحيح ابن حبان" (300) و (302). وفي الباب عن أبي بكر الصديق في الحديث الذي قبله. (¬2) إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (1140).

4341 - حدَّثنا أبو الرَّبيع سليمانُ بن داود العتكيُّ، حدَّثنا ابنُ المبارك، عن عُتبة بن أبي حكيم، حدَّثني عمرو بن جارية اللخميُّ، -وقال غيرُ أبي الربيع: عن أبي المُصَبِّح- (¬1)، حدَّثني أبو أميَّة الشَّعبانيُّ، قال: سألتُ أبا ثعلبة الخُشنيَّ فقلت: يا أبا ثعلبة، كيف تقول في هذه الآية: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}؟ [المائدة: 105]، قال: أما والله لقد سألت عنها خبيراً، سألت عنها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "بل ائتَمِروا بالمعروف، وتناهَوْا عن المنكَر، حتى إذا رأيتَ شُحّاً مُطاعاً، وهوىً متبعاً، ودنيا مُؤْثَرَةً، وإعجابَ كلِّ ذي رأي برأيه، فعليكَ -يعني بنفسك- وَدع عنك العَوامَّ، فإنَّ من ورائِكم أيامَ الصبر، الصبرُ فيه (¬2) مثلُ قبضٍ على الجَمْر، للعامل فيهم مثلُ أجر خمسينَ رجلاً يعملون مثلَ عمله" وزادني غيره: قال: يا رسول الله: أجرُ خمسين منهم؟ قال: "أجرُ خمسين منكم" (¬3). ¬

_ (¬1) ما بين المعترضتين أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار إلى أنه في رواية الرملي، وجاء في (أ) نحوه، غير أنه قال: وقال غيره: عن أبي المصبّح. ولم نجد أحداً ممن روى هذا الحديث عن ابن المبارك ذكر أبا المصبّح. (¬2) كذا في عامة أصولنا الخطية: "الصبر فيه"، وكذلك في رواية ابن داسه وابن الأعرابي كما في هامش (هـ) التي عندنا برواية ابن داسه، وقد روى أبو بكر الجصاص هذا الحديث عن ابن داسه في "أحكام القرآن" 2/ 31 كما هو مثبت أيضاً، وفي نسخةٍ أشار إليها أبو الطيب في "عون المعبود": "الصبر فيهن"، وهي الجادّة، قال أبو الطيب: وأما تذكير الضمير كما في عامة النسخ فلا يستقيم إلا أن يأول أيام الصبر بوقت الصبر. قلنا: ولذلك وضع عليها في (هـ) إشارة التضبيب، والله أعلم. وقد رواه بتأنيث الضمير على الجادة ابن ماجه والترمذي وابن حبان، ورواه المنذري في "المختصر" بلفظ: "فيها". (¬3) حسن. عتبة بن أبي حكيم مختلف فيه، ورجحنا في "تحرير التقريب" أنه صدوق حسن الحديث، وعمرو بن جارية اللخمي روى عنه اثنان وذكره ابن حبان في =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = "الثقات"، وحسَّن الترمذيُّ حديثه هذا، وأبو أمية الشعباني روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات". وأخرجه ابن ماجه (4014)، والترمذي (3310) من طريق عتبة بن أبي حكيم، بهذا الإسناد. وزاد البغوي: يقول ابن المبارك: وزادني غيره: قيل: الشح المطاع: هو أن يطيعه صاحبه في منع الحقوق التي أوجبها الله عليه. وهو في "صحيح ابن حبان" (385). وأخرج ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2629) من طريق صفوان بن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، قال: جلس أبو ثعلبة رضي الله عنه يحدث القوم ويتعاونون الحديث بينهم يذكرون ما يتخوفون من الزمان على دينهم، قال: قلت: غفراً، يقول الله عز وجل: {أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} إلى آخر الآية [المائدة:105]، قال: فزَجَرني أبو ثعلبة رضي الله عنه زجرة حتى قلت: ليت أن أمي لم تلدني وشقّ علىّ ذلك الأمر شديداً، وأردتُ القيام، فأخذ بيدي، فحبسني، حتى تفرق القوم، فلم يبق إلا أنا وهو، فقال لي أبو ثعلبة: شق عليك ما صنعتُ بك؟ فقلت: إي والله. قال: كنا في حديث نتخوف فيه على ديننا، فجئتَ بهذه الآية، فلم تجئ بتأويلها بعدُ، إنا نَعرِفُ ونأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، فسيأتي زمان لا يؤمر فيه بمعروف، ولا يُنهى فيه عن منكر. وإسناده قوي. وهو يعضد رواية الشعباني. ويشهد له حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الآتي بعده. وحديث أبي هريرة عند ابن حبان (5950) و (5951). ويشهد له كذلك أثر عبد الله بن مسعود موقوفاً عليه عند أبي عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (526)، والطبري 7/ 96، والجصاص في "أحكام القرآن" 2/ 488 والبيهقي في "شعب الإيمان" (7552)، وفي "السنن الكبرى" 10/ 92 من طريق أبي العالية الرياحي، وعبد الرزاق في "تفسيره" 1/ 199، وسعيد بن منصور في "السنن - قسم التفسير" (843) والطبري 7/ 95، والطبراني (9072) من طريق الحسن البصري، كلاهما عن ابن مسعود. =

4342 - حدَّثنا القعنبيُّ، أن عبدَ العزيز بنَ أبي حازمٍ حدَّثهم، عن أبيه، عن عُمارةَ بنِ عمرو عن عبدِ الله بن عمرو بن العاص، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "كيف بكم وبزمانٍ -أو يوشك أن يأتي زمان- يُغَرْبَلُ الناسُ فيه غربلةَ، تبقى ¬

_ = ولقوله: "إن من ورائكم أيام الصبر ... " شاهد من حديث عتبة بن غزوان أخي مازن بن صعصعة، وكان من الصحابة - أخرجه محمَّد بن نصر المروزي في "السنة" (32)، والطبراني في "الكبير" 17 (289) ورجاله ثقات لكنه منقطع. ومن حديث عبد الله بن مسعود عند البزار (3370 - كشف الأستار)، والطبراني في "الكبير" (10394) وإسناده ضعيف. وقال شيخ الإِسلام في "فتاواه" 14/ 479 تعليقاً على حديث أبي ثعلبة هذا: وهذا يفسره حديث أبي سعيد في "مسلم" [(49) (78)] "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" فإذا قوي أهل الفجور حتى لا يبقى لهم إصغاء إلى البر، بل يؤذون الناهي لغلبة الشح والهوى والعجب سقط التغيير باللسان في هذه الحال وبقي بالقلب، والشح هو شدة الحرص التي توجب البخل والظلم، وهو منع الخير وكراهته، والهوى المتبع في إرادة الشرِّ ومحبته، والإعجاب بالرأي في العقل والعلم، فذكر فساد القوى الثلاث التي هي العلم والحب والبغض كما في الحديث الآخر "ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه" وبإزائها الثلاث المنجيات: "خشية الله في السر والعلانية، والقصد في الفقر والغنى، وكلمة الحق في الغضب والرضا" وهي التي سألها في الحديث الآخر: "اللهم إني أسألك خشيتك في السر والعلانية، وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، وأسألك القصد في الفقر والغنى". فخشية الله بإزاء اتباع الهوى، فإن الخشية تمنع ذلك، والقصد في الفقر والغنى بإزاء الشح المطاع، والقصد في الفقر والغنى بإزاء إعجاب المرء بنفسه. وقوله: "أجر خمسين منكم" قال في "فتح الودود": هذا في الأعمال التي يشقُّ فعلها في تلك الأيام، لا مطلقاً. انظر "عون المعبود" 11/ 496.

حثالةٌ من الناس قد مَرِجَت عهودُهم وأماناتُهم، واختلفوا فكانوا هكذا" وشَبَّك بين أصابعه، فقالوا: كيف بنا يا رسول الله، قال: "تأخذون ما تعرفون، وتذرُون ما تُنكرون، وتُقبِلون على أمرِ خاصتكم، وتذرون أمر عامَّتكم" (¬1). قال أبو داود: هكذا رُويَ عن عبدِ الله بن عمرو عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- من غير وجه. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عمارة بن عمرو: هو ابن حزم، وأبو حازم: هو سلمة بن دينار، والقعنبي: هو عبد الله بن مَسْلَمة. وأخرجه ابن ماجه (3957) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7063). وانظر ما بعده. وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن حبان (5950) أدرجه تحت قوله: ذكر ما يجب على المرء من لزومه خاصة نفسه وإصلاح عمله عند تغيير الأمر ووقوع الفتن. وإسناده صحيح على شرط مسلم. قوله: "حُثالة" قال ابن الأثير في "النهاية": هو الرديء من كل شيء، ومنه حثالة الشعير والأرُز والتمر وكل ذي قشر. وقوله: "مرجت عهودهم وأماناتهم" قال ملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" 5/ 146: المعنى: لا يكون أمرهم مستقيماً، بل يكون كل واحد في كل لحظة على طبع وعلى عهد، ينقضون العهود ويخونون الأمانات، قال التُّورِبشتي رحمه الله: أي اختلطت وفسدت، فقَلِقَتْ فيها أسباب الديانات. قال الطيبي تعليقاً على قوله: قد مرجت عهودهم: أي: اختلطت وفسدت وشبّك بين أصابعه، أي: يمرج بعضهم ببعض، وتلبس أمر دينهم، فلا يُعرف الأمين من الخائن، ولا البر من الفاجر، وتقبلون على خاصتكم: رخصة في ترك أمر المعروف إذا كثر الأشرار وضعف الأخيار.

4343 - حدَّثنا هارون بن عبد الله، حدَّثنا الفضلُ بن دُكَينٍ، حدَّثنا يونُسُ ابن أبي إسحاقَ، عن هلال بن خَبَّاب أبي العلاء، حدَّثني عكرمة حدَّثني عبدُ الله بن عمرو بن العاص، قال: بينما نحنُ حولَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذ ذَكَرَ الفتنة، فقال: "إذا رأيتُم الناسَ قد مَرِجَتْ عُهودُهم، وخَفَّت أماناتهم، فكانوا هكذا" وشَبَّك بين أصابعه، قال: فقمتُ إليه فقلت: كيف أفعلُ عند ذلك -جعلني الله فداك-؟ قال: "الزَم بيتك، واملِك عليكَ لسانكَ، وخذ بما تعرِفُ، ودَع ما تنكِرُ، وعليك بأمر خاصَّة نفسِكَ، ودع عنك أمرَ العامَّة (¬1). 4344 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبادة الواسطيُّ، حدَّثنا يزيدُ بن هارون، أخبرنا إسرائيلُ، حدَّثنا محمدُ بنُ جُحادة، عن عطية العوفىِّ عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أفضَلُ الجهادِ كلمةُ عدلٍ عندَ سلطانٍ جائرٍ -أو أمبرٍ جائرٍ-" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن من أجل يونس بن أبي إسحاق السبيعي، لكن الحديث صحيح بالأسناد السابق. عكرمة: هو أبو عبد الله البَرْبري مولى عبد الله ابن عباس. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9962) من طريق يونس بن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6987). وانظر ما قبله. (¬2) صحح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عطية العوفي -وهو ابن سعْد- إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي. وأخرجه ابن ماجه (4011)، والترمذي (2315) من طريق إسرائيل بن يونس، بهذا الإسناد. =

4345 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا أبو بكير، حدَّثنا مغيرةُ بنُ زياد المَوصِليُّ، عن عدي بن عديّ عن العُرْسِ ابن عَمِيرَةَ الكِندي، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إذا عُمِلَت الخطيئةُ في الأرض كان من شَهدها فكَرهَها -وقال مرة: فأنكرها- كان كمن غابَ عنها، ومن غابَ عنها فَرضيها كان كمن شَهدها" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (11143) ومسند الحميدي (752) ومستدرك الحاكم 4/ 505 - 506 من طريق آخر، وفيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف ولكنه يصلح للمتابعة، فيتقوَّى به حديث عطية العوفي فهو حسن إن شاء الله. وله شاهد من حديث طارق بن شهاب عند النسائي في "الكبرى" (7786). وإسناده صحيح، فإن طارق بن شهاب قد رأى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ولم يسمع منه، ومراسيل الصحابة حجة. وآخر من حديث أبي أمامة الباهلي عند ابن ماجه (4012) وأحمد (22158) بإسناده حسن في الشواهد. قال الخطابي: إنما صار ذلك أفضل الجهاد، لأن من جاهد العدو، وكان متردداً بين رجاء وخوف، لا يدري هل يَغْلِب أو يُغلَب؟ وصاحب السلطان مقهور في يده، فهو إذا قال الحق وأمره بالمعروف فقد تعرض للتلف وأهدف نفسه للهلاك، فصار ذلك أفضل أنواع الجهاد من أجل غلبة الخوف، والله أعلم. (¬1) إسناده حسن من أجل أبي بكر - وهو ابن عياش وشيخه مغيرة بن زياد الموصلي. وأخرجه ابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 309، والطبراني في "الكبير" 17/ (345)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/ 333 من طريق أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. ويشهد له حديث عبد الله بن مسعود عند البيهقي 7/ 266، والخطيب في "تالي تلخيص المتشابه" (297) وفي إسناده عبد الله بن عمير اللخمي أخو عبد الملك بن عمير -وهو كما قال الحافظ في "اللسان"- مجهول.

18 - باب قيام الساعة

4346 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا أبو شهابٍ، عن مغيرةَ بنِ زياد عن عدي بن عدي، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، نحوه، قال: "من شَهِدَها فكَرِهَها كان كمن غابَ عنها" (¬1). 4347 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ وحفص بن عُمرَ، قالا: حدَّثنا شُعبة -وهذا لفظه- عن عمرو بن مرَّة، عن أبي البَختَرِيِّ أخبرني من سَمِعَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يقول - وقال سليمان: حدَّثني رجلٌ من أصحاب النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لن يَهلِكَ الناسُ حتى يُعذِرُوا -أو يعذِرُوا- من أنفسهم" (¬2). 18 - باب قيام الساعة 4348 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرّزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، أخبرني سالمُ بن عبد الله وأبو بكر بن سليمان ¬

_ (¬1) مرسل رجاله ثقات غير مغيرة بن زياد فهو صدوق حسن الحديث. أبو شهاب هو عبد ربه بن نافع الحنَّاط. وقد جاء موصولاً في الطريق التي قبله. (¬2) إسناده صحيح. أبو البختري: هو سعيد بن فيروز ويقال: سعيد بن فيروز ابن أبي عمران الطائي مولاهم. وأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في "غريبه" 1/ 131، وأحمد (18289) و (22506)، وابن أبي الدنيا في "العقوبات" (1)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (132)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (886)، وأبو محمَّد البغوي في "شرح السنة" (4157) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. قال صاحب "النهاية": يقال: أعذر فلان من نفسه: إذا أمكن منها، يعني أنهم لا يهلكون حتى تكثر ذنوبهم وعيوبهم، فيستوجبون العقوبة، ويكون لمن يعذبهم عذر، كأنهم قاموا بعذرهم في ذلك، ويروى بفتح الياء من عذرته بمعناه، وحقيقة عذرتُ: محوت الإساءة وطمستها.

أن عبد الله بن عمر قال: صلَّى بنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ذاتَ ليلة صلاةَ العِشَاءِ في آخر حياتِه، فلما سَلَّم قامَ فقال: "أرأيتُم لَيلَتكُم هذه، فإنَّ على رأس مئةِ سنةِ منها لا يَبقى ممن هو على ظهر الأرضِ أحدٌ" قال ابن عمر: فوَهَلَ الناسُ في مقالةِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - تلك فيما يَتحدَّثون عن هذه الأحاديث عن مئة سنةٍ، وإنما قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يبقى ممن هو اليوم على ظهرِ الأرض"، يريد: أن ينخرِمَ ذلك القرن (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو بكر بن سُليمان: هو ابن أبي حثمة. وأخرجه البخاري (116)، ومسلم (2537)، والترمذي (2401)، والنسائي في "الكبرى" (5840) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (5617)، و"صحيح ابن حبان" (2989). وأخرج مسلم في "صحيحه" أن أبا الطُّفيل عامر بن واثلة آخر من مات من أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وأن وفاته كانت سنة مئة من الهجرة. وقد نقل السهيلي عن البخاري وطائفة من أهل الحديث موت الخضر عليه السلام صاحب موسى عليه السلام قبل انقضاء مئة من الهجرة، قال: ونصر شيخنا أبو بكر بن العربي هذا لقوله -صلَّى الله عليه وسلم- في حديث ابن عمر هذا: "على رأس مئة لا يبقى على الأرض ممن هو عليها أحد" يريد من كان حياً حين هذه المقالة. وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 6/ 434: والذي جزم بأن الخضر غير موجود الآن البخاري وإبراهيم الحربي، وأبو جعفر بن المُنادي، وأبو يعلي بن الفراء، وأبو طاهر العبادي، وأبو بكر بن العربي وطائفة، وعمدتهم حديث ابن عمر هذا، وحديث جابر بن عبد الله ... ومن حجج من أنكر حياته قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} [الأنبياء: 34]، وحديث ابن عباس: "ما بعث الله نبياً إلا أخذ عليه الميثاق: لئن بُعث محمَّد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه" أخرجه البخاري [كذا وقع فيه، مع أن البخاري لم يُخرج هذا الأثر عن ابن عباس، وقال محمَّد بن يوسف الصالحي في "السيرة الشامية" المعروفة بـ"سبل الهدى والرشاد" 1/ 91: رواه البخاري في "صحيحه" كما نقله =

4349 - حدَّثنا موسى بنُ سَهلٍ، حدَّثنا حجاجُ بن إبراهيِم، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، حدَّثني معاوية بن صالحٍ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ جبيرِ بن نُفيرٍ، عن أبيه عن أبي ثَعلَبةَ الخُشَنىِّ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لن يُعجِزَ اللهُ هذه الأمَّة مِن نصف يوم" (¬1). ¬

_ = الزركشي في "شرح البردة"، والحافظ ابن كثير في "تاريخه"، وأول كتابه "جامع المسانيد"، والحافظ في "الفتح" في باب حديث الخضر مع موسى، ولم أظفر به فيه، ورواه ابن عساكر بنحوه] ولم يأت في خبر صحيح أن الخضر جاء إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ولا قاتل معه، وقد قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يوم بدر: "اللهم إن تهلِك هذه العصابة لا تعبد في الأرض" فلو كان الخضر موجوداً لم يصح هذا النفي. وقال أبو حيان الأندلسي في "تفسيره" 6/ 147: الجمهور على أنه مات، ونقل عن ابن أبي الفضل المرسي أن الخضر صاحب موسى مات، لأنه لو كان حياً للزمه المجيء إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - والإيمان به، واتباعه، وقد روي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "لو كان موسى حياً لما وسعه إلا اتباعي". (¬1) رجاله ثقات لكنه لا يصح رفعه، كما قال البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 250 وفي "تاريخه الأوسط" 1/ 97، فقد اختُلف عن معاوية بن صالح في رفعه ووقفه، والوقف هو الصحيح. وذلك أنه رواه عن معاوية بن صالح: الليثُ بن سعد وعبدُ الله بن صالح كاتب الليث، فوقفاه على أبو ثعلبة. ورواه عبد الله بن وهب عن معاوية بن صالح، فرفعه في أكثر الروايات عنه، ووقفه في بعضها. فقد أخرجه الطبري في "تاريخه" 1/ 16 عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، والطبراني في "الكبير" 22/ (576) من طريق مروان بن محمَّد، وفي "الشاميين" (2029) من طريق أحمد بن صالح، ومن طريق حجاج بن إبراهيم الأزرق، والحاكم 4/ 424 من طريق بحر بن نصر بن سابق، خمستهم عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد مرفوعا. وأخرج الحاكم 4/ 462 من طريق بحر بن نصر بن سابق، عن عبد الله بن وهب، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن أبي ثعلبة قال: =

4350 - حدَّثنا عَمرو بنُ عثمان، حدَّثنا أبو المُغيرة، حدَّثني صفوانُ، عن شُرَيح بنِ عُبيد ¬

_ = إذا رأيت الأم مائدة رجل واحد وأهل بيته فعند ذلك فتح القسطنطيية. فوقفه. وهذه قطعة من الحديث الذي بين أيدينا كما تدل عليه رواية الليث بن سعد: فقد أخرجه أحمد (17734)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده - زوائد الهيثمي" (790) عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن أبي ثعلبة الخشني أنه قال وهو بالفسطاط في خلافة معاوية، وكان معاويةُ أغزى الناسَ القسطنطينية، فقال: والله لا تعجز هذه الأمة من نصف يوم، إذا رأيت الشام مائدة رجل واحد وأهل بيته، فعند ذلك فتح القسطنطينية. وأخرجه موقوفاً كذلك البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 250، وفي "تاريخه الأوسط" 1/ 97 عن عبد الله بن صالح كاتب الليث، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن أبي ثعلبة الخشني قال وهو بالقسطنطينية في خلافة معاوية، وكان معاوية أغزى الناسَ القسطنطينية: إن الله لا يعجز هذه الأمة من نصف يوم. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (572) من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، به. وقال: رفعه معاوية مرة، ولم يرفعه أخرى. وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص سيأتي بعده. وإسناده منقطع. وعن المقدام بن معدي كرب عند ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2439)، والطبراني 20/ (620) وإسناده ضعيف. قوله: "من نصف يوم" أي: من أيام الله، قال تعالى: {وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} [الحج: 47]، فنصفه خمس مئة سنة، والمراد: أنهم لا بد يدركون نصفه، والمقصود بقاؤهم هذا المقدار، وليس فيه نفي الزيادة على ذلك، وهم اليوم زادوا على ضعف ذلك. وانظر لزاماً "فتح الباري" 11/ 350 - 352.

عن سعْد بن أبي وقاص، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "إني لأرجو أن لا تَعجِزَ أمَّتي عند ربِّها أن يُؤخِّرَهم نصفَ يومِ" قيل لسعدٍ: وكم نصفُ ذلك اليوم؟ قال: خمسُ مئةِ سنة (¬1). آخر كتاب الملاحم ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه. شريح بن عبيد لم يدرك سعد بن أبي وقاص. وقد روي الحديث من طريق آخر لكنه ضعيف أيضاً. أبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني. وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (1788) و (1958)، وأحمد (1464) و (1465)، والطبراني في "مسند الشاميين" (1449)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 117، والحاكم 4/ 424 من طريق أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، عن راشد بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص. وابن أبي مريم ضعيف، وراشد روايته عن سعد مرسلة كما قال أبو زرعة. وانظر "الفتح" 11/ 350 - 352.

أول كتاب الحدود

أول كتاب الحدود 1 - باب الحكم فيمن ارتد 4351 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بن حنبلِ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيم، أخبرنا أيوبُ، عن عِكرِمَةَ أن علياً أحرقَ ناساً ارتدُّوا عن الإِسلام، فبَلغَ ذلك ابنَ عباس، فقال: لم أكن لأُحْرِقَهُم بالنَّار، إنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا تُعذِّبوا بعذاب الله" وكنت قاتِلَهم بقول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فإن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ بدَّل دينَه فاقتلوه"، فبلغَ ذلك عليّاً، فقال: وَيْحَ ابنِ عباسِ (¬1) (¬2). ¬

_ (¬1) كذا في النسخة التي شرح عليها الخطابي: ويح ابن عباس، وهي كذلك في نسخة أبي الطيب العظيم آبادي ونسخة السهارنفوري، وكذلك جاء في "جامع الأصول" لابن الأثير الجزري (1801). وجاء في (أ) و (هـ): ويح أم ابن عباس وهي كذلك في "مختصر المنذري"، وفي (ب) و (ج): ابن أم عباس. قال أبو الطيب: بزيادة لفظ "أم" بين لفظ "ابن" و"عباس"، والظاهر أنه سهوٌ من الكاتب. (¬2) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وإسماعيل بن إبراهيم: هو المعروف بابن عُلَيَّهَ. وأخرجه البخاري (3017) و (6922)، وابن ماجه (2535)، والترمذي (1525)، والنسائي في "الكبرى" (3509) و (3510) من طرق عن أيوب السختياني، والنسائي (3511) من طريق قتادة، كلاهما عن عكرمة، به. ورواية ابن ماجه والنسائي الثانية والثالثة مختصرة بلفظ: "من بدل دينه فاقتلوه". وهو في "مسند أحمد" (1871)، و"صحيح ابن حبان" (4476) و (5606). =

4352 - حدَّثنا عمرو بن عون، أخبرنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن عبدِ الله ابن مُرة، عن مسروق عن عبدِ الله، قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم-: "الا يحِلُّ دمُ رجلُ مُسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأنِّي رسُولُ الله، إلا بإحدى ثلاث: الثَّيِّبُ الزَّاني، والنَّفسُ بالنَّفسِ والتَارِكُ لدينه المفَارِقُ للِجَماعَةِ" (¬1). 4353 - حدَّثنا محمدُ بنُ سِنانٍ الباهليُّ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ طهمانَ، عن عبدِ العزيزِ بنِ رُفيعٍ، عن عُبيدِ بنِ عُميرٍ ¬

_ = قال الخطابي: ويح ابن عباس: لفظه لفظ الدعاء عليه، ومعناه المدح له والإعجاب بقوله، وهذا كقول النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في أبي بصير: "ويلُ أمِّه مِسْعَرَ حرب" وكقول عمر رضي الله عنه حين أعجبه قول الوادعي في تفضيل سُهمان الخيل على المقاريف: هَبَلت الوادعيَّ أمُّه، لقد أذكرت به، يريد ما أعلمه أو ما أصوب رأيه، وما أشبه ذلك من الكلام، وكقول الشاعر: هوت أمُّه ما يبعث الصبح غادياً ... وماذا يردُّ الليل حين يؤوب ويقال: ويح وويس: بمعنى واحد، وقيل: ويح كلمة رحمة، وروي ذلك عن الحسن. وقال الخطابي: واختلف أهل العلم فيمن قتل رجلاً بالنار فأحرقه بها، هل يفعل به مثل ذلك أم لا؟ فقال غير واحد من أهل العلم: يحرق القاتل بالنار، وكذلك قال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وروي معنى ذلك عن الشعبي وعمر بن عبد العزيز. وقال سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه: يقتل بالسيف، وروي ذلك عن عطاء. (¬1) إسناده صحيح. عبد الله: هو ابن مسعود، ومسروق: هو ابن الأجدع، والأعمش: هو سليمان بن مِهران، وأبو معاوية: هو محمود بن خازم الضرير. وأخرجه البخاري (6878)، ومسلم (1676)، وابن ماجه (2534)، والترمذي (1460)، والنسائي في "الكبرى" (3465) و (6898) من طريق سليمان الأعمش، بهذا الأسناد. وهو في "مسند أحمد" (3621)، و"صحيح ابن حبان" (4407) و (5976).

عن عائشة، قالت: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلُّ دم امرئٍ مُسلِم يشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وأن محمداً رسولُ الله، إلا بإحدى ثلاثٍ (¬1): رجُلٌ زَنى بعدَ إحصانٍ فإنه يُرجَمُ، ورجلٌ خرَجَ محارباً لله ورسوله فإنَّه يُقتل أو يُصلَبُ أو يُنفَى من الأرضِ، أو يقتل نفساً فيُقتَلُ بِها" (¬2). ¬

_ (¬1) المثبت من (ج)، وهو الموافق لرواية النسائي في "الكبرى" من طريق إبراهيم ابن طهمان وفي (أ): إلا في ثلاث، وفي (ب) و (هـ): إلا في إحدى ثلاث. (¬2) صحيح بلفظ الحديث الذي قبله، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن إبراهيم بن طهمان يغرب، وقد أغرب في متن الحديث إذ قال: ورجل خرج محارباً لله ورسوله، فإنه يقتل أو يُصلب أو ينفى من الأرض. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3497) من طريق إبراهيم بن طهمان، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1676)، والنسائي (3465) من طريق الأسود بن يزيد النخعي، والنسائي (3466) من طريق عمرو بن غالب، كلاهما عن عائشة. ولفظهما كلفظ الحديث الذي قبله. وهو في "مسند أحمد" (24304)، و"صحح ابن حبان" (4407). قال الحافظ في "الفتح" 12/ 272: وقد استدل جمهور أهل العلم بهذا الحديث على قتل المرتدة كالمرتد، وخصه الحنفية بالذَّكرِ، وتمسكوا بحديث النهي عن قتل النساء، وحمل الجمهور النهي على الكافرة الأصلية إذا لم تباشر القتال ولا القتل، لقوله في بعض طرق حديث النهي عن قتل النساء لما رأى المرأة مقتولة: "ما كانت هذه لتقاتل" ثم نهى عن قتل النساء، وقد وقع في حديث معاذ أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لما أرسله إلى اليمن قال له: "أيما رجل ارتد عن الإسلام، فادعه، فإن عاد وإلا فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها، فإن عادت وإلا فاضرب عنقها" وسنده حسن، وهو نص في موضع النزاع، فيجب المصير إليه. قلنا: وتحسين الحافظ الحديث معاذ ليس بحسن، ويأتي بيانه في الحديث الآتي. ثم قال الحافظ: ويؤيده اشتراك الرجال والنساء في الحدود كلها: الزنى والسرقة وشرب الخمر.

4354 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل ومُسَدَّدٌ، قالا: حدَّثنا يحيى بن سعيدٍ - قال مُسَدَّدٌ: حدَّثنا، وقال أحمد: عن (¬1) قُرَّةِ بنِ خالدٍ، حدَّثنا حُميدُ بنُ هلالٍ، حدَّثنا أبو بُردة، قال: قال أبو موسى: أقبلتُ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ومعي رجلان من الأشعريين أحدُهما عن يميني، والآخرُ عن يساري، فكلاهما سأل العملَ، والنبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- ساكت، فقال: "ما تقول يا أبا موسى -أو يا عبد الله بن قيس-؟ " قلتُ: والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسِهما، وما شعرتُ أنهما يطلبان العملَ، قال: وكأني أنظرُ إلى سواكه تحتَ شفتِه قَلَصَتْ، قال: "لن نستعمْلَ -أو لا نستعمِلُ- على عملنا من أرادَه، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى -أو يا عبدَ الله بن قيس- " فبعثه على اليمنِ، ثم أتبعه مُعاذَ بنَ جبلٍ، قال: فلما قدِمَ عليه معاذٌ، قال: أنزل، وألقى له وسادَةً، وإذا رجلٌ عندَه مُوثَقٌ، قال: ما هذا؟ قال: هذا كان يهودياً فأسلم، ثم راجع دينَه دينَ السَّوءِ قال: لا أجلسُ حتى يقتل، قضاءُ اللهِ ورسوله، قال: اجلِس، نعم، قال: لا أجلِسُ حتى يُقتلَ، قضاءُ الله ورسوله، ثلاثَ مرارِ، فأمر به فقُتِلَ، ثم تذاكرا قِيامَ الليلِ، فقال أحدُهما معاذُ بن جَبَلِ: أما أنا فأنامُ وأقومُ -أو أقومُ وأنامُ- وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي (¬2). ¬

_ (¬1) المثبت من (هـ) وفي (1): قال مسدَّدٌ: قال: أخبرنا قرة بن خالد، حدَّثنا حميد بن هلال. وفي (ب) و (ع): قال مسدَّدٌ: قال: حدَّثنا قرة بن خالد، قال: حدَّثنا حميد بن هلال. كذا جاء في أصولنا الخطية مع أن الذي في "مسند أحمد": حدَّثنا يحيى بن سعيد، حدَّثنا قرة بن خالد!! (¬2) إسناده صحيح. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه البخاري (6923) عن مُسدَد بن مُسرهَد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (4344) و (4345) من طريق شعبة، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، قال: بعث النبي - صلَّى الله عليه وسلم - جدهُ أبا موسى ومعاذاً إلى اليمن ... الحديث. وقد سلف مختصراً برقم (3579). وانظر تمام تخريجه هناك. وانظر ما سلف برقم (2930). وانظر الروايات الثلاث الآتية بعده. قال الخطابي: الظاهر من هذا الخبر أنه رأى قتله من غير استتابة، وذهب إلى هذا الرأي عبيد بن عمير وطاووس. [قلنا: وهذا مذهب أهل الظاهر فيما نقله الصنعاني في "سبل السلام" 1/ 184]. وقد روي ذلك أيضاً عن الحسن البصري، وروي عن عطاء أنه قال: إن كان أصله مسلما فارتد، فإنه لا يُستتاب، وإن كان مشركاً فأسلم ثم ارتد فإنه يستتاب. وقال أكثر أهل العلم: لا يُقتل حتى يستتاب إلا أنهم اختلفوا في مدة الاستتابة، فقال بعضهم يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قتل. روي ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق، وقال مالك بن أنس: أرى الثلاثة حسناً وإنه ليعجبني. وقال أبو حنيفة وأصحابه: يستتاب ثلاث مرات في ثلاثة أيام. وقال الشافعي في أحد قوليه: يستتاب فإن تاب وإلا قتل مكانه، قال: وهذا أقيس في النظر. وعن الزهري: يستتاب ثلاث مرات، فإن تاب وإلا ضربت عنقُه. قلت [القائل الخطابي]: وروى أبو داود هذه القصة من طريق الحماني، عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي موسى، فقال فيها: وكان قد استتيب قبل ذلك، فرواها من طريق المسعودي، عن القاسم قال: فلم يترك حتى ضربت عنقه، وما استتابه. وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" (32161): ولا أعلم بين الصحابة خلافاً في استتابة المرتد، فكأنهم فهموا من قول النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "من بدل دينه فاقتلوه " أي: بعد أن يستتاب، والله أعلم، إلا حديث معاذ مع أبي موسى، فإن ظاهره القتل دون استتابة، وقد قيل: إن ذلك المرتد قد كان استتيب. قلنا: وقد حكى إجماع الصحابة أيضاً ابن تيمية في "الصارم المسلول" ص 330 - 332. =

4355 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا الحِمَّانيُّ -يعني عبدَ الحميد بنَ عبدِ الرحمن- عن طلحةَ بن يحيى وبُرَيد بنِ عبدِ الله بنِ أبي بردة، عن أبي بردة عن أبي موسى، قال: قَدِم عليَّ معاذٌ وأنا باليمن، ورجلٌ كان يهودياً فأسلم فارتدَّ عن الإِسلام، فلما قدِمَ معاذٌ، قال: لا أنزلُ عن دابتي حتى يُقتل، فقُتِلَ، قال أحدهما: وكان قد استُتيب قبلَ ذلك (¬1). 4356 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا حفصٌ، حدَّثنا الشَّيبَاني، عن أبي بُردة، بهذه القصة، قال: ¬

_ = وقال الحافظ في "الفتح" 12/ 275 بعد أن ذكر رواية المسعودي عن القاسم الآتية برقم (4357) والتي فيها أن معاذ بن جبل لم ينزل عن دابته حتى ضُرب عنقُ المرتد وأنه لم يستتبه، فقال الحافظ: هذا يعارضه الرواية المُثبِتة؛ لأن معاذاً استتابه [قلنا: يعني الرواية الآتية بعده] وهي أقوى من هذه، والروايات الساكتة عنها لا تعارضها، وعلى تقدير ترجيح رواية المسعودي فلا حجة فيه لمن قال: يقتل المرتد بلا استتابة؛ لأن معاذاً يكون اكتفى بما تقدم من استتابة أبي موسى، وقد ذكرت قريباً أن معاذاً روى الأمر باستتابة المرتد والمرتدة [قلنا: رواه الطبراني في"الكبير" 20/ (93)، وفي "مسند الشاميين" (3586) وقد حَسَّنه الحافظ في "الفتح" 12/ 272 مع أن في إسناده الفزارى -وهو محمَّد بن عُبيد الله العرزمي- وهو متروك الحديث!!]. قلنا: لكن يبقى إجماع الصحابة، فقد قال شيخ الإِسلام ابن تيمية في "الصارم المسلول" ص 330: والعمدة فيه إجماع الصحابة ... ثم ساق الآثار الواردة عن الصحابة في ذلك. (¬1) إسناده حسن من أجل عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمّاني وطلحة بن يحيى -وهو ابن طلحة بن عُبيد الله التيمي-، فهما صدوقان حسناً الحديث. وقال الحافظ في "الفتح" 12/ 275: هذه الرواية أقوى من رواية المسعودي عن القاسم. قلنا: يعني الرواية الآتية برقم (4357). وأخرجه البيهقي 8/ 206 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله، وتالييه.

فأتي أبو موسى برجُلٍ قد ارتدَّ عن الإِسلام، فدعاه عشرين ليلةً أو قريباً منها، فجاء معاذٌ، فدعاه، فأبى، فضربَ عُنقَه (¬1). قال أبو داود: ورواه عبدُ الملك بنُ عُمَيرٍ، عن أبي بُردةَ، لم يذكر الاستتابةَ. ورواه ابنُ فضيل عن الشَّيباني، عن سعيدِ بن أبي بردةَ، عن أبيه، عن أبي موسى، لم يذكر فيه الاستِتابة. 4357 - حدَّثنا ابنُ معاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا المسعوديُّ، عن القاسم، بهذه القصة، قال: فلم ينزِل حتى ضُرِبَ عُنُقُه، وما استتابَه (¬2). 4358 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد المروزيُّ، حدَّثنا عليُّ بنُ الحسينِ بنِ واقِدٍ، عن أبيه، عن يزيدَ النحويِّ، عن عكرمة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الشيباني: هو أبو إسحاق سُليمان بن أبي سُليمان، وحفص: هو ابن غياث. وأخرجه البيهقي 8/ 206 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه، وما بعده. وانظر الكلام على فقه الحديث عند الرواية السالفة برقم (4354). (¬2) رجاله ثقات، لكن المسعودي -وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عُتبة- اختلط، والراوي عنه معاذ بن معاذ العنبري قد ذكر أنه لما قدم على المسعودي وهو ببغداد في القدمة الثانية وجده قد اختلط، فلعله حمل عنه هذا الخبر في حال اختلاطه؛ لأنه نص فيه على عدم الاستتابة، والروايات الأخرى جاءت إما ناصَّةَ على الاستتابة هاما ساكتة عنها، وعلى فرض ثبوتها تُقدَّم الروايةُ المثبِتةُ كما قال الحافظ في "الفتح" 12/ 275 لأن رواية الاثبات أقوى. ثم لأن إجماع الصحابة على الاستتابة فيما حكاهُ ابنُ عبد البر وابنُ تيمية كما سلف بيانه برقم (4354). وانظر الروايات الثلاث السالفة قبله.

عن ابنِ عباس، قال: كان عبدُ اللهِ بنُ سعْد بن أبي السَّرحِ يكتبُ لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأزلَّهُ الشيطانُ، فلَحِقَ بالكُفَّار، فأمرَ به رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يقتل يومَ الفتحِ، فاستجارَ له عثمانُ بن عفان، فأجاره رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). 4359 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شَيبةَ، حدَّثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّل، حدَّثنا أسباطُ بنُ نصرٍ، قال: زعم السُّدِّيُّ، عن مصعب بنِ سعدٍ عن سعد، قال: لما كان يوم فتح مكة اختبأ عبدُ اللهِ بن سعْدِ بنِ أبي سَرحٍ عندَ عثمانَ بنِ عفّان، فجاء به حتى أوقفه على النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بايع عبد الله، فرفَع رأسَه، فنظر إليه، ثلاثاً، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاثٍ، ثم أقبل على أصحابِه فقال: "أما كان فيكم رجلٌ رشيدٌ، يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعتِه فيقتلَه؟ " فقالوا: ما ندري يا رسول الله ما في نفسك؟ ألَّا أومأتَ إلينا بعينك؟ قال: "إنَّه لا ينبغي لنبيٍّ أن تكونَ له خَائِنةُ الأعينِ" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل علي بن الحُسين بن واقد، فهو صدوق حسن الحديث، وهو متابع. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3518) من طريق علي بن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 3/ 45، ومن طريقه البيهقي 8/ 196 من طريق إبراهيم بن هلال عن علي بن الحَسَن بن شقيق، عن الحسين بن واقد، به. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. وهذه متابعة لعلي بن الحسين بن واقد قوية. وأخرجه الطبري في "تفسيره" 14/ 184 - 185 عن محمَّد بن حميد الرازي، عن يحيى بن واضح، عن الحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري مرسلاً. ومحمد بن حميد متروك. ويشهد له حديث سعد بن أبي وقاص الآتي بعده. (¬2) إسناده حسن، وهو مكرر الحديث السالف برقم (2683).

4360 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا حُميد بن عبدِ الرحمن، عن أبيه، عن أبي إسحاقَ، عن الشعبيٌ عن جرير، قال: سمعتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "إذا أَبقَ العبد إلى الشِّركِ، فقد حلِّ دَمُه" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف في وقفه ورفعه على أبي إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السَّبيعي- لكن لا يضر وقف من وقفه، لأنه ثبت مرفوعاً من غير طريق أبي إسحاق السبيعي، ولأنه في حكم المرفوع. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3501) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (3502) من طريق القاسم بن يزيد، عن إسرائيل بن يونس السبيعي، عن جده، به. وخالف القاسمَ خالدُ بنُ عبد الرحمن وأحمد بن خالد الوهبي عند النسائي (3503) و (3504) فروياه عن إسرائيل، عن جده. موقوفاً. وأخرجه مرفوعاً مسلم (69) من طريق داود بن أبي هند والنسائي (3498) من طريق منصور بن المعتمر، ومسلم (70)، والنسائي (3499) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة بن مِقسَم، ثلاثتهم (داود ومنصور بن المعتمر ومغيرة)، عن الشعبي، به. ولفظ داود: "أيما عبد أبق فقد برئت منه الذمة" ولفظ منصور: "إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة حتى يرجع إلى مواليه" وكذلك لفظ مغيرة غير أنه قال: "وإن مات مات كافراً" بدل: "حتى يرجع ... ". وخالف جريرَ بنَ عبد الحميد إسرائيلُ عند النسائي (3500) فرواه عن مغيرة بن مقسم، عن الشعبي، به موقوفاً. وأخرجه مسلم (68) من طريق منصور بن عبد الرحمن، عن الشعبي، عن جرير أنه سمعه يقول: "أيما عبد أبق من مواليه، فقد كفر، حتى يرجع إليهم" قال منصور: قد واللهِ روي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ولكني أكره أن يروى عني ها هنا بالبصرة. قلنا: وهذا يعني أن رواية منصور مرفوعة. وهو في "مسند أحمد" (19155) و (19240) و (19242) و (19243). وانظر تمام الكلام عليه وتفصيل تخريجه هناك.

2 - باب الحكم فيمن سب النبي - صلى الله عليه وسلم

2 - باب الحكم فيمن سبَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم 4361 - حدَّثنا عبادُ بنُ موسى الخُتَّليُّ، حدَّنا إسماعيلُ بن جعفر المدنيُّ، عن إسرائيل، عن عثمانَ الشَّحَّام، عن عِكرِمة حدَّثنا ابنُ عباس: أن أعمى كانت له أُمُّ ولدٍ تَشتُمُ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وتقعُ فيه فينهاها، فلا تنتهي، ويزجُرُها فلا تنزجِرُ، قال: فلما كانت ذاتَ ليلةٍ جعلت تقع في النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وتَشتِمُه، فأخذ المِغوَلَ فوضعه في بطنها، واتَكأ عليها فقتَلها، فوقع بينَ رجلَيها طفلٌ، فلطخت ما هُناك بالدَّم، فلما أصبح ذُكِرَ ذلك لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فجمع الناس، فقال: "أَنشُدُ الله رجلاً فعلَ ما فعل لي عليه حقٌ إلا قام" فقام الأعمى يتخطَّى الناسَ وهو يتزلزلُ حتى قعدَ بين يدَي النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، أنا صاحبُها، كانت تشتُمُكَ وتقعُ فيك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجُرُها، فلا تنزجِرُ، ولي منها ابنانِ مثلُ اللؤلؤتَين، وكانت بي رفيقةً، فلما كان البارحةَ جعلت تشتُمُكَ وتقعُ فيك، فأخذتُ المِغْوَلَ فوضعتُه في بطنها، واتكأتُ عليها حتى قتلتُها، فقال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "ألا اشهدوا أن دمَها هَدَرٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل عثمان الشحام، فهو صدوق لا بأس به وباقي رجاله ثقات. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق الشيعي. وأخرجه بنحوه النسائي في "الكبرى" (3519) من طريق عباد بن موسى الخُتلي، بهذا الإسناد. المِغوَل: شبه سيف قصير، يشتمل به الرجل تحت ثيابه فيغطيه، وقيل: هو حديدة دقيقة لها حد ماضٍ وقَفَا، وقيل: هو سوط في جوفه سيف دقيق يشده الفاتك على وسطه ليغتال به الناس. قال الخطابي: وفيه بيان أن ساب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مهدر الدم، وذلك أن السبّ منها لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ارتداد عن الدين، ولا أعلم أحداً من المسلمين اختلف في وجوب قتله، ولكن إذا كان السابّ ذمياً فقد اختلفوا فيه: =

4362 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ وعبدُ الله بن الجرَّاح، عن جريرِ، عن مُغيرةَ، عن الشعبيِّ عن عليٍّ: أن يهوديةً كانت تشتُمُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- وتقعُ فيه، فخنقَها رجلٌ حتى ماتت، فأبطل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - دَمَها (¬1). ¬

_ = فقال مالك بن أنس: من شتم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من اليهود والنصارى قتل إلا أن يسلم، وكذلك قال أحمد بن حنبل. وقال الشافعي: يقتل الذِّمِّي إذا سبَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وتبرأ منه الذمة، واحتج في ذلك بخبر كعب بن الأشرف. وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: لا يقُتل الذمي بشتم النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ما هم عليه من الشرك أعظم. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن قال المنذري في "اختصار السنن" 6/ 200: ذكر بعضهم أن الشعبي سمع من علي بن أبي طالب، وقال غيره: إنه رآه. والشعبي: هو عامر بن شَرَاحيل، ومُغيرة: هو ابن مِقْسَم، وجرير: هو ابن عبد الحميد. وأخرجه البيهقي 7/ 60 و 9/ 200، والضياء المقدسي في المختارة" (547) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبى شيبة 14/ 213 عن جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة بن مقِسم، عن الشعبي قال: كان رجل من المسلمين أعمى، فكان يأوي إلى امرأة يهودية ... فذكر القصة مرسلة، ولم يذكر علي بن أبي طالب. وقد أخرج هذه القصة نفسَها ابنُ سعد في "الطبقات الكبرى" 4/ 210 عن قبيصة ابن عُقبة، عن يونس بن أبي إسحاق السبعي، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن مَعقِل مرسلاً قال: نزل ابن أم مكتوم على يهودية بالمدينة ... فذكرها إلا أنه قال: تؤذيه في الله ورسوله. وسمى الرجل ابنَ أم مكتوم. وهذه الرواية -وإن كانت مرسلة- رجالها ثقات، وتؤيد رواية المصنف، فباجتماع الروايتين يتقوى الحديث. على أن مراسيل الشعبي وحدها حجة عند عدد من أهل العلم كابن المديني والعجلي انظر "شرح العلل" لابن رجب 1/ 296، و"الصارم المسلول" لابن تيمية ص 65 - 66.

4363 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن يونس، عن حُميد بنِ هلال، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- وحدَّثنا هارون بنِ عبد الله ونصيرُ بن الفرَجِ، قالا: حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن يزيدَ بنِ زُريع، عن يونس بِن عُبيد، عن حُميد بنِ هِلالٍ، عن عبدِ الله بنِ مُطرِّف عن أبي برزة، قال: كنتُ عندَ أبي بكرٍ، فتغيَّظ على رجلٍ فاشتدَّ عليه، فقلت: تأذنُ لي يا خليفةَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أضرِبْ عُنُقَه؟ قال: فأَذهَبَتْ كلمتي غَضَبَه، فقام فدخل، فأرسل إليَّ فقال: ما الذي قلت آنفاً؟ قلت: ائذن لي أَضرِبْ عُنُقَه، قال: أكنتَ فاعلاً لو أمرتُك؟ قلت: نعم، قال: لا واللهِ، ما كانت لبشرٍ بعدَ محمدٍ -صلَّى الله عليه وسلم- (¬1). ¬

_ (¬1) إسناد الموصول قوي. عبدُ الله بن مُطرِّف -وهو ابن عبد الله بن الشِّخِّير- روى عنه حميد بن هلال وعطية السراج وقتادة بن دعامة وغيرهم، وذكره ابن حبان وابن خلفون في "الثقات" وقال: كان رجلاً صالحاً، وقد صحح إسناده شيخ الإِسلام ابن تيمية في "الصارم المسلول" ص99. وهو متابع كما سيأتي. يونس: هو ابن عُبيد، وحماد: هو ابن سلمة، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3526) من طريق يزيد بن زريع، بهذا الإسناد. وقال بعد أن ساقه من وجوه هذا آخرها: هذا أحسن هذه الأحاديث وأجودها. وهو في "مسند أحمد" (61). وأخرجه النسائي (3520) من طريق شعبة، عن توبة العنبري، عن أبي سوار عبد الله بن قدامة العنبري، عن أبي برزة الأسلمي قال: أغلظ رجل لأبي بكر الصديق، فقلت: أقتُله؟ فانتهرني، وقال: ليس هذا لأحد بعد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم. وهو في "مسند أحمد" (54). وقد فَسَّر الإمامُ أحمد كلام أبي بكر الصديق هذا كما ذكر المصنف بإثره. وقال ابن حزم في المحلى" 11/ 410: وأراد أيضاً معنى آخر كما رويناه مبيناً بلا إشكال ثم ساق بسنده إلى أبي السوار القاضي عن أبي برزة قال: أغلظ رجل لأبي بكر الصديق، قلت: ألا أقتله؟ فقال أبو بكر: ليس هذا إلا لمن شتم النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فبين أبو بكر الصديق رضي الله عنه أنه لا يُقتل من شتمه، لكن يقتل من شتم النبي - صلَّى الله عليه وسلم.

3 - باب ما جاء في المحاربة

قال: أبو داود: هذا لفظُ يزيد. قال أحمدُ بنُ حنبل: أي: لم يكُن لأبي بكرٍ أن يقتُلَ رجلاً إلا بإحدى الثلاثِ التي قالها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "كُفْرٌ بعد إيمانٍ، أو زنىً بعد إحصانٍ، أو قتلُ نفسٍ بغير نفسٍ" وكان للنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- أن يَقتُل (¬1). 3 - باب ما جاء في المحاربة 4364 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، حدَّثنا حماد، عن أيوبَ، عن أبي قلابة عن أنس بنِ مالكٍ: أن قوماً من عُكْلٍ -أو قال من عُرَيْنَةَ- قدموا على رسُولِ الله - صلَّى الله عليه - فاجْتَوَوا المدينة، فأمر لهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بلقاح، وأمرهم أن يشربُوا من أبوالها وألبانِها، فانطلقُوا، فلما صَحُوا قتلوا راعي رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، واستاقوا النَّعَمَ، فبلغ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- خبرُهم من أول النهارِ، فأرسل النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- في آثارهم، فما ارتفع النهارُ حتى جِيءَ بهم، فأمر بهم، فقُطِّعت أيديهِم وأرجُلُهم، وسُمِّرت (¬2) أعينُهم، وأُلقوا في الحرَّة يَستسقُون فلا يُسقَوْن، قال أبو قِلابة: فهؤلاء قومٌ سرقُوا، وقتلوا، وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسولَه (¬3). ¬

_ (¬1) ما نقله أبو داود هنا عن أحمد، أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن الأعرابي. (¬2) المثبت من (أ)، وهو الموافق لرواية البخاري عن سليمان بن حرب نفسه، وفي (ب) و (ج) و (هـ): سَمَرَ أعينهم وعليها شرح الخطابي. (¬3) إسناده صحيح. أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي، وأيوب: هو ابن أبي تيمية السختياني، وحماد: هو ابن زيد. وأخرجه البخاري (233) و (6805) من طريق حماد بن زيد، والنسائي في "الكبرى" (3476) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن أيوب السختياني، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه البخاري (4610) و (6899)، ومسلم (1671)، والنسائي (3473) من طريق سلمان أبي رجاء مولى أبي قلابة، عن أبي قلابة، به. وأخرجه مسلم (1671)، والنسائي (7526) من طريق عبد العزيز بن صهيب، ومسلم (1671) من طريق معاوية بن قرة، والنسائي (291) و (3484) من طريق يحيى بن سيد، ثلاثتهم عن أنس. لكن قال النسائي عن رواية يحيى بن سيد: لا نعلم أحداً قال: عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك في هذا الحديث غير طلحة بن مُصرَّف، والصواب عندنا -والله أعلم-: عن يحيى بن سعيد عن سيد بن المسيب. مرسل. قلنا: وقد أخرج هذه الطريق المرسلة برقم (3485). وأخرج مسلم (1671)، والترمذي (73)، والنسائي (3492) من طريق سليمان التيمي، عن أنس قال: إنما سمل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أعيُن أولئك؛ لأنهم سملُوا أعيُن الرعاء. وهو في "مسند أحمد" (12042) و (12639)، و"صحيح ابن حبان" (1386) و (4467) و (4474). وانظر ما سيأتي بالأرقام (4365 - 4368). قال الخطابي: قوله: فاجتووا: معناه: عافُوا المقام بالمدينة وأصابهم بها الجوى في بطونهم، يقال: اجتويتُ المكان: إذا كرهتَ الإقامة به لضرر يلحقك فيه. واللقاح: ذوات الدَّرِّ من الإبل، واحدتُها لِقحة. قوله: سَمَر أعينهم، يريد: أنه كحلهم بمسامير محماة، والمشهور من هذا في أكثر الروايات: سمل -باللام- أي: فقأ أعينهم، قال أبو ذؤيب: فالعين بعدهم كأن حِداقها ... سمِلت بشوك فهي عُور تدمع قال الخطابي: وفي الحديث من الفقه أن إبل الصدقة قد يجوز لأبناء السبيل شرب ألبانها، وذلك أن هذه اللقاح كانت من إبل الصدقة، روي ذلك في هذا الحديث من غير هذا الطريق. قال: وفيه إباحة التداوي بالمحرم عند الضرورة؛ لأن الأبوالَ كلها نجسة من مأكول اللحم وغير مأكوله. وقال الخطابي أيضاً: وقد اختلف الناس في تأويل هذا الصنيع من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وقد روي عن ابن سيرين أن هذا إنما كان منه قبل أن تنزل الحدود، فوعظه ونهاه عن المُثلة فلم يَعُد. =

4365 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا وُهَيبٌ، عن أيوبَ، بإسنادِه، بهذا الحديثِ، قال فيه: فأمر بمساميرَ فأحميت، فكحلَهُم، وقطَّع أيديَهم وأرجلَهم، وما حسمهم (¬1). 4366 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصباح بنِ سفيانَ، أخبرنا. وحدَّثنا عمرو بن عثمان، حدَّثنا الوليد، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة عن أنس بن مالكِ، بهذا الحديثِ، قال فيه: فبعث رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في طلبهم قافةً، فأتي بهم، قال: فأنزلَ الله عزَّ وجلَّ في ذلك {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا} الآية [المائدة: 33] (¬2). ¬

_ = قال: وروى سليمان التيمي عن أنس: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما سَمَل أولئك لأنهم سَمَلوا أعيُن الرعاة. يريد أنه إنما اقتص منهم على أمثال فعلهم. قلنا: وقد ذكر الحافظ في "الفتح" 1/ 241 أن النسخ هو الأصح على وفق ما قال ابن سيرين لما رواه أبو هريرة عند البخاري من النهي عن التعذيب بالنار بعد الإذن فيه، وأن قصة العرنيين كانت قبل إسلام أبي هريرة، وقد حضر الإذن ثم النهي. وذكر أنه مال إلى هذا القول البخاري. وحكاه إمام الحرمين في "النهاية" عن الشافعي. وانظر لزاماً تمام الكلام على فقهه عند الحديث الآتي برقم (4366). (¬1) إسناده صحيح. وُهَيب: هو ابن خالد. وأخرجه البخاري (3018) و (6804) من طريق وهيب بن خالد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. والحسم: كيُّ العرق بالنار ليقطع الدم. (¬2) إسناده صحيح. الوليد -وهو ابن مسلم الدمشقي- قد صرح بالتحديث في جميع طبقات الإسناد عند البخاري فانتفت شبهة تدليسه للتسوية. ثم هو متابع. =

4367 - حدَّثنا مُوسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، أخبرنا ثابث وقتادةُ وحميدٌ، عن أنس بن مالك، ذكر هذا الحديثَ، قال أنس: ¬

_ = وأخرجه البخاري (6802) و (6803)، والنسائي في "الكبرى" (3474) و (11078) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1671)، والنسائي (3475) من طريق محمَّد بن يوسف الفريابي، ومسلم (1671) من طريق مسكين بن بكير الحراني، كلاهما عن الأوزاعي، به. وهو في "مسند أحمد" (13045)، و"صحيح ابن حبان" (4467). وانظر سابقيه. قال الخطابي: القافة: جمع قائف، وهو الذي يتبع الأثر، ويطلب الضالَة والهارب. قلت [القائل الخطابي]: وقد اختلف الناسُ فيمن نزلت فيه هذه الآية، فروي مُدرجاً في هذا الخبر أنها نزلت في هؤلاء، وقد ذكر أبو قِلابة أن هؤلاء قوم سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله. وذهب الحسن البصري أيضاً إلى أن هذه الآية إنما نزلت في الكفار دون المسلمين، وذلك أن المسلم لا يُحارب الله ورسولَه [قلنا: ونقل الحافظ في "الفتح" 12/ 109 عن ابن بطال أن البخاري ذهب إلى ذلك، وأنه ذهب إلى ذلك أيضاً عطاء والضحَّاك والزهري] قلنا: وسيأتي بسند حسن عن ابن عباس أن هذه الآية نزلت في المشركين برقم (4372)، قال الخطابي: وقال أكثر العلماء: نزلت الآية في أهل الإِسلام، والدليل على ذلك قوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 34] والإسلام يحقِن الدم قبل القدرة وبعدها، فعُلِمَ أن المراد به المسلمون. فأما قوله: {يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} فمعناه: يحاربون المسلمين الذين هم حزبُ الله وحزبُ رسوله، فأضيف ذلك إلى اللهِ وإلى الرسولِ إذ كان هذا الفعلُ في الخلاف لأمرهما راجعاً إلى مخالفتهما، وهذا كقوله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من آذى لي ولياً فقد بادرني بالمحاربة". وانظر "المغني" 12/ 473 لابن قدامة المقدسي.

فلقد رأيتُ أحدهم يكدُمُ الأرض بفيِه عطشاً حتى ماتوا (¬1). 4368 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشَّارٍ، حدَّثنا ابنُ أبي عَديٍّ، عن هشام، عن قتادة، عن أنس بن مالك، بهذا الحديثِ، نحوه، زاد: ثم نهى عن المُثلَةِ (¬2). قال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وقتادة: هو ابن دِعامة السَّدُوسِيُّ، وثابت: هو ابن أسلم البُناني، وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مختصراً الترمذي (72) و (1951) و (2164) من طريق حماد بن سلمة، به وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3483) من طريق حماد بن سلمة، عن قتادة وثابت، به. وأخرجه البخارىٍ (5685) من طريق سلام بن مسكين، عن ثابت وحده، به. وأخرجه البخاري (4192) و (5727)، ومسلم (1671)، والنسائي (290) و (3481) و (3482) من طريق سعيد بن أبي عروبة، والبخاري (5686)، ومسلم (1671) من طريق همام بن يحيى، والبخاري (1501) من طريق شعبة بن الحجاج، ثلاثتهم عن قتادة وحده، به. وأخرجه مسلم (1671)، والنسائي (7527) من طريق هُشَيم بن بشير، وابن ماجه (2578) و (3503) من طريق عبد الوهَّاب الثقنى، والنسائي (3477) من طريق عَبد الله بن عُمر وغيره، و (3478) و (7524) من طريق إسماعيل بن جعفر المدني، و (3479) و (7525) من طريق خالد بن الحارث و (3480) من طريق ابن أبي عدي، كلهم عن حميد الطويل وحده، به. وهو في "مسند أحمد" (14061). وانظر ما سلف برقم (4364). قال الخطابي: قوله: يكدم الأرض، أي: يتناولها بفمه وبَعَضُّ عليها بأسنانه، وأصل الكدم: العَضُّ، والعرب تقول في قلة المرعى: ما بقيت عندنا إلا كُدامة ترعاها الإبل، أي: مقدار ما تتناوله بمقاديم أسنانها. (¬2) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّسْتُوائي، وابن أبي عدي: هو محمَّد بن إبراهيم. وانظر ما قبله، وما سلف برقم (4364).

ولم يذكر: من خلافٍ. ورواه شعبةُ عن قتادة، وسلّامُ بن مِسكين عن ثابتٍ، جميعاً، عن أنسٍ، لم يذكرا: من خلافٍ. ولم أجِد في حديثِ أحدٍ: قطَعَ أيديَهم وأرجلَهم من خلافٍ، إلا في حديث حمَّادِ ابن سلمة (¬1). 4369 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ وهبٍ، أخبرني عمرو، عن سعيدِ بنِ أبي هلالٍ، عن أبي الزنادِ، عن عبدِ الله بن عُبيد الله -قال أحمد: هو عُبيدِ الله بنِ عمر بنِ الخطاب- عن ابنِ عُمَر: أن ناساً أغاروا على إبلِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- فاستاقوها، وارتدُّوا عن الإِسلام، وقتلوا راعيَ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مُؤمِناً، فبعثَ في آثارِهم، فأُخِذُوا، فقطع أيدَيَهُم وأرجُلَهم، وسَمَل أعيُنَهم، قال: ونزلت فيهم آيةُ المحارَبةِ، وهم الذين أخبرَ عنهم أنسُ بن مالك الحجَّاجَ حين سأله (¬2). 4370 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بنِ السَّرح، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني الليثُ ابنُ سعْدٍ، عن محمدِ بنِ عَجْلان ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن الأعرابي وصحح عليها. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عَبد الله بن عُبيد الله بن عمر بن الخطاب، وقد اختُلف عن أبي الزناد -وهو عبد الله بن ذكوان- في وصله وإرساله، وصله عنه سعيد بن أبي هلال، وأرسله محمَّد بن عجلان كما في الطريق الآتية بعده. عمرو: هو ابن الحارث. وأخرجه مختصراً النسائي في "الكبرى" (3490) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.

عن أبي الزِّنادِ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لما قَطَعَ الذين سرقُوا لِقَاحَهُ وسَمَلَ أعينَهم بالنار عاتبهُ الله عزَّ وجلَّ في ذلك، فأنزل الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} الآية [المائدة: 33] (¬1). 4371 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا. وحدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا همَّامٌ، عن قتادَة عن محمَّد بنِ سيرين، قال: كان هذا قبل أن تنزل الحدودُ، يعني حديثَ أنسٍ (¬2). 4372 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بنِ ثابت، حدَّثنا علي بنُ حُسينٍ، عن أبيه، عن يزيدَ النحويِّ، عن عِكرمة عن ابنِ عباس قال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} إلى قوله: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 33 - 34] نزلت هذه الآية في المشركين، فمن تابَ منهم قبل أن يُقدَرَ عليه لم يمنعه ذلك أن يُقامَ فيه الحدُّ الذي أصابه (¬3). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكنه مرسل. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3491) عن أحمد بن عمر وبن السرح، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬2) أثر صحيح الإسناد. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي. وأخرجه البخاري بإثر الحديث (5686) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. (¬3) إسناده حسن من أجل علي بن حُسين -وهو ابن واقد المروزي- فهو صدوق حسن الحديث. وقد حسَّن إسناد. الحافظ في "التلخيص" 4/ 72. =

4 - باب في الحد يشفع فيه

4 - باب في الحدِّ يُشفعُ فيه 4373 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد بن عبد الله بن مَوهَبٍ الهَمْدَانيُّ، حدَّثني. وحدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ الثقفيُّ، حدَّثنا الليثُ، عن ابنِ شهابٍ، عن عُروة عن عائشة: أن قُرَيشاً أهمَّهم شأنُ المرأةِ المخزوميةِ التي سَرَقت، فقالوا: من يُكلِّمُ فيها؟ يعني رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، قالوا: ومن يجترئُ إلا أُسامةُ بن زيدِ حِبُّ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -؟! فكلَّمَهُ أُسامةُ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أُسامةُ، أتشفعُ في حدٍّ من حُدود الله؟! " ثم قام فاختطب، فقال: "إنما هلكَ الذين من قبلِكم أنَّهم كانوا إذا سرقَ فيهمُ الشَّرِيفُ تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيفُ أقاموا عليه الحدَّ، وايمُ الله، لو أن فاطمةَ بنتَ محمدٍ سرقت، لقطعتُ يَدَها" (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3495) من طريق علي بن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد. وقد سلف ذكر اختلاف أهل العلم فيمن نزلت فيه هذه الآيات برقم (4366). (¬1) إسناده صحيح. عُروة: هو ابن الزبير بن العوَّام، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم ابن شهاب الزهري، والليث: هو ابن سعد. وأخرجه البخاري (3475) و (3732) و (3733) و (4304) و (6787) و (6788)، ومسلم (1688)، وابن ماجه (2547)، والترمذي (1493)، والنسائي في "الكبرى" (7341 - 7349) من طرق عن الزهري، به. إلا أن النسائي في الموضع الثاني قال: أتي النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- بسَارق، وهو مخالف لرواية الجماعة عن الزهري. وهو في "مسند أحمد" (24138) و (25297)، و"صحيح ابن حبان" (4402). وانظر ما بعده. قال الخطابي: إنما أنكر عليه الشفاعة في الحد، لأنه إنما تشفع إليه بعد أن بلغ ذلك رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وارتفعوا إليه فيه، فأما قبل أن يبلغ الإِمام فإن الشفاعة جائزة والستر على المذنبين مندوب إليه. =

4374 - حدَّثنا عباسُ بنُ عبدِ العظيم ومحمدُ بن يحيى، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن عُروة عن عائشة قالت: كانت امرأةٌ مخزوميةٌ تستعيرُ المتاعَ وتجحَدُهُ، فأمرَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- بقطعِ يَدِها، وقصَّ نحو حديثِ الليث، قال: فقطع النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يدها (¬1). ¬

_ = وقد روي ذلك عن الزبير بن العوام وابن عباس، وهو مذهب الأوزاعي. وقال أحمد بن حنبل: تشفع في الحد ما لم يبلغ السلطان، وقال مالك بن أنس: من لم يُعرف بأذى الناس وإنما كانت تلك منه زلة، فلا بأس أن يُشفع له ما لم يبلغ الإِمام. وفيه دليل على أن القطع لا يزول عن السارق بأن يُوهب له المتاع، ولو كان ذلك مسقطاً عنه الحد لأشبه أن يطلب أسامة إلى المسروق منه أن يهبه منها، فيكون ذلك أعود عليها من الشفاعة. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (18830)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1688). وأخرجه بهذا اللفظ أيضاً النسائي في "الكبرى" (7340) من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (25297). وسيتكرر برقم (4397). وانظر ما قبله وما سيأتي برقم (4396). قال النووي في "شرح مسلم" 11/ 156 تعليقاً على قوله: كانت تستعير المتاع وتجحده: وقد ذكر مسلم هذا الحديث في سائر الطرق المصرحة بأنها سرقت، وقطعت بسبب السرقة، فيتعين حمل هذه الرواية على ذلك جمعاً بين الروايات، فإنها قضية واحدة مع أن جماعة من الأئمة قالوا: هذه الرواية شاذة، فإنها مخالفة لجماهير الرواة، والشاذة لا يعمل بها، قال العلماء: وإنما لم يذكر السرقة في هذه الرواية، لأن المقصود عند الراوي ذكر منع الشفاعة في الحدود لا للإخبار عن السرقة، قال جماهير العلماء وفقهاء الأمصار: لا قطع على من جحد العارية، وتأولوا هذا الحديث بنحو ما ذكرته، وقال أحمد وإسحاق: يجب القطع في ذلك. =

قال أبو داود: روى ابن وهبٍ هذا الحديث، عن يونسَ، عن الزُّهري، وقال فيه كما قال الليثُ: إن امرأةً سرقت في عهدِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في غزوَةِ الفتح. ورواه الليثُ عن يونسَ، عن ابنِ شهابٍ، بإسناده، قال: استعارتِ امرأة. وروى مسعودُ بن الأسودِ، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - نحو هذا الخبرِ، قال: سُرِقَت قطيفةٌ من بيتِ رسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم. ورواه أبو الزبير، عن جابرٍ: أن امرأةً سرقت فعاذت بزينبَ بنتِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وساق نحوه. 4375 - حدَّثنا جعفرُ بنُ مسافر ومحمدُ بنُ سليمان الأنباريُّ، قالا: أخبرنا ابنُ أبي فُديكٍ، عن عبدِ الملك بنِ زيد -نسبه جعفر بنُ مسافِرٍ إلى سعيد بنِ زيد بنِ عمرو بن نفيل-، عن محمَّد بنِ أبي بكر، عن عمرة عن عائشة، قالت: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أقِيلُوا ذَوِي الهيئاتِ عَثَراتِهم إلا الحُدُودَ" (¬1). ¬

_ = وجاء في "المغني" 12/ 416 لابن قدامة: واختلفت الرواية عن أحمد في جحد العارية، فعنه عليه القطع وهو قول إسحاق لما روي عن عائشة أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده ... وعنه: لا قطع عليه، وهو قول الخرقي وأبي إسحاق بن شاقلا وأبي الخطاب وسائر الفقهاء وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، لقول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا قطع على خائن". (¬1) حديث جيد بطرقه وشواهده كما أوضحناه في "مسند أحمد" (25474). وهذا إسناد اختلف فيه على ابن أبي فُديك كما بيناه هنا. وعبد الملك بن زيد -وهو ابن سعيد العدوي- مختلف فيه، لكنه لم ينفرد به. =

5 - باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان

5 - باب العفو عن الحدودِ ما لم تبلغ السُّلطانَ 4376 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المهريُّ، "أخبرنا ابنُ وهبٍ، سمعتُ ابنَ جُريج يُحدِّثُ، عن عَمرِو بنِ شعيبٍ، عن أبيه عن عبدِ الله بنِ عمرو بنِ العاص، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "تعافَوُا الحُدُودَ فيما بينكم، فما بلغني مِن حدٍّ، فقد وَجَبَ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7254) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الملك بن زيد المدني، عن محمَّد بن أبي بكر، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة، فزاد في إسناده أبا بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم. قال ابن حزم وقد أورد طرقه في "المحلى" 11/ 405: أحسنها كلها حديث عبد الرحمن بن مهدي، فهو جيد، والحجة به قائمة. وأخرجه النسائي أيضاً (7253) من طريق عطاف بن خالد عن عبد الرحمن بن محمَّد بن أبي بكر بن محمَّد، عن أبيه، عن عمرة، عن عائشة. لم يذكر أبا بكر ابن حزم. وقد بسطنا بيان شواهد هذا الحديث في "مسند أحمد" (25474). وأصحها حديث ابن عمر عند السهمي في "تاريخ جرجان" ص 164 بلفظ: "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم" وإسناده حسن. قال الخطابي: قال الشافعي في تفسير ذي الهيئة: من لم يظهر منه ريبة. وفيه دليل على أن الإِمام مُخيَّر في التعزير، إن شاء عزّر وإن شاه ترك، ولو كان التعزير واجباً كالحد، لكان ذو الهيئة وغيره في ذلك سواء. وقال الحافظ في "الفتح" 12/ 88: ويستفاد منه جواز الشفاعة فيما يقتضي التعزير، وقد نقل ابن عبد البر وغيره فيه الاتفاق. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي- مدلس وقد عنعن. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7331) و (7332) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. =

6 - باب في الستر على أهل الحدود

6 - باب في الستر على أهل الحدود 4377 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، عن زيد بن أسلم، عن يزيدَ بنِ نُعَيم عن أبيه: أن ماعزاً أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فأقرَّ عندَه أربَعَ مراتٍ، فأمَرَ برجمه، وقال لهزَّالٍ: "لو سَتَرتَهُ بثوبك كان خيراً لك" (¬1). ¬

_ = وله شاهد من حديث هزال الآتي بعده وهو حديث صحيح لغيره. وآخر من حديث صفوان بن أمية، سيأتي عند المصنف برقم (4394) وهو حديث صحيح بطرقه. وثالث من حديث علي بن أبي طالب عند أبي يعلى (328). وفيه راوٍ لا يُعرف. وروي موقوفاً عليه عند ابن أبي شيبة 9/ 465 وفي إسناده انقطاع، وحسنه الحافظ في "الفتح" 12/ 88 ولم يصب. ورابع موقوف عند ابن أبي شيبة 9/ 468 عن عكرمة عن ابن عباس وعمار والزبير أنهم أخذوا سارقاً فخلَّوا سبيله، فقلت لابن عباس: بئسما صنعتم حين خليتم سبيله، فقال: لا أم لك، أما لو كنت أنت لسرّك أن يُخلَّى سبيلُك. وإسناده صحيح. وخامس عن الزبير وحده موقوفاً عليه أيضاً عند ابن أبي شيبة 9/ 464 - 465 وإسناده حسن كما قال الحافظ في "الفتح" 12/ 87. وسادس موقوف كذلك عن أبي بكر الصديق عند ابن سعد في "الطبقات" 5/ 13، وابن أبي شيبة 9/ 467 قال: لو أخذت سارقاً لأحببت أن يستره الله. وإسناده صحيح كما قال الحافظ في "الإصابة" 2/ 629. كما يشهد له عموم قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة" وسيأتي عند المصنف برقم (4893) وهو في "الصحيحين". (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. نعيم بن هزال بن يزيد مختلف في صحته، وقد روى عنه ابنه يزيد ومحمد بن المنكدر، وذكره ابن حبان في "الثقات". وابنه يزيد صدوق حسن الحديث. سفيان: هو الثوري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7234) من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. =

7 - باب في صاحب الحد يجيء فيقر

4378 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، حدَّثنا يحيى عن ابنِ المنكدر: أن هزَّالاً أمر ماعز بن مالك أن يأتيَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فيخبرَه (¬1). 7 - باب في صاحِبِ الحَدِّ يجيء فيُقِرُّ 4379 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس، حدَّثنا الفِريابيُّ، حدَّثنا إسرائيلُ، حدَّثنا سِمَاكُ بنُ حَرْبٍ، عن عَلقَمةَ بنِ وائل ¬

_ = وأخرجه أيضاً (7235) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمَّد بن المنكدر، عن ابن هزال -وهو نُعيم- عن أبيه. وهو في "مسند أحمد" (21890 - 21895) وانظر تمام تخريجه وتفصيل طرقه هناك. وانظر ما سيأتي برقم (4418). ويشهد له مرسل سعيد بن المسيب عند مالك في "الموطأ" 2/ 821، ومن طريقه النسائي "الكبرى" (7237). ومراسيل ابن المسيب حجة عند أكثر أهل العلم. وفي باب ستر المسلم عدة أحاديث، منها: حديث عبد الله بن عمر الآتي عند المصنف برقم (4893). وحديث أبي هريرة عند مسلم (2699) وأحاديث غيرها انظرها في "مسند أحمد" (21890). وانظر ما بعده. وهزَّال: أسلمي له صحبة، سكن المدينة، وكان مالك أبو ماعز قد أوصى هزالاً بابنه ماعز، وكان في حجره يكفله. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، وقد سمعه محمَّد بن المنكدر من نعيم بن هزال. يحيى: هو ابن سعيد الأنصاري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7236) من طريق عبد الله بن المبارك، عن يحيى ابن سعيد الأنصاري، به. وأخرجه أيضاً (7235) من طريق شعبة بن الحجاج، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمَّد بن المنكدر، عن نعيم بن هزال، عن أبيه. وانظر ما قبله.

عن أبيه: أن امرأةً خرجت على عهدِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - تُرِيدُ الصَّلاةَ، فتلقَّاها رجُلٌ، فَتَجلَّلها، فقضَى حاجتَه منها، فصاحت، وانطلقَ، فمرَّ عليها رجُلٌ، فقالت: إنَّ ذاك فعل بي كذا وكذا، ومرَّت عِصَابَةٌ من المهاجرين، فقالت: إن ذلك الرجلَ فعل بي كذا وكذا، فانطلقوا فأخذوا الرجلَ الذي ظنَّت أنه وقَعَ عليها، فأتوهَا به، فقالت: نعم هو هذا، فأتوا به النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فلما أمر به قام صاحبُها الذي وقع عليها، فقال: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، أنا صاحبُها، فقال لها: "اذهبي، فقد غَفَرَ اللهُ لكِ" وقال للرجلِ قولاً حسناً -قال أبو داود: يعني الرجلَ المأخُوذَ- فقالوا للرجلِ الذي وقَعَ عليها: ارجُمْه، فقال: "لقد تابَ توبةً لو تابها أهلُ المدينة لقُبِلَ منهم" (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات لكن سماك بن حرب تفرد به، ولا يُحتمل تفرّد مثله، ثم إنه قد اضطرب في متنه. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي، والفريابي: هو محمَّد بن يوسف. وأخرجه الترمذي (1520) عن محمَّد بن يحيى النيسابوري، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح! وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7270) من طريق أسباط بن نصر، عن سماك، به. غير أنه قال في روايته: فقال عمر: أرجُم الذي اعترف بالزنى؟ فأبى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا، إنه قد تاب إلى الله". وجاء عند غيره من رواية أسباط: فقالوا: أنرجمه؟ فقال: "لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة قبل منهم". وقد أورده البيهقي من هذا الوجه الثاني الذي فيه أنه -صلَّى الله عليه وسلم- لم يرجمه ثم قال: وقد وُجد مثل اعترافه من ماعز والجهنية والغامدية، ولم يسقط حدودهم، وأحاديثهم أكثر وأشهر، والله أعلم. وكذا أورده الذهبي من هذا الوجه الثاني في "تذكرة الحفاظ" 3/ 917: وقال: وهذا حديث منكر جداً على نظافة إسناده. =

8 - باب في التلقين في الحد

قال أبو داود: رواه أسباطُ بنُ نصرِ أيضاً عن سماك. 8 - باب في التلقِينِ في الحَدِّ 4380 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن إسحاقَ بنِ عبدِ الله ابنِ أبي طلحةَ، عن أبي المنذرِ مولى أبي ذرٍّ عن أبي أُميةَ المخزومي: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أُتي بِلصٍّ قد اعترفَ اعترافاً، ولم يُوجد معه متاعٌ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما إخَالُكَ سرقتَ" قال: بلى، فأعادَ عليه مرَّتَينِ أو ثلاثاً، فأمر به فقُطِعَ وجيء به، فقال: "استغفِرِ الله وتُب إليه" فقال: أستغفرُ الله وأتوبُ إليه، فقال: "اللهُمَّ تُب عليهِ" ثلاثاً (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (27240) عن محمَّد بن عبد الله بن الزبير، عن إسرائيل. ولفظه كلفظ رواية أسباط. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي المنذر مولى أبي ذر فلم يرو عنه غير إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابنُ ماجه (2597)، والنسائي في "الكبرى" (7322) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22508). وله شاهد من حديث أبي هريرة عند الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 168، والدارقطني (3163)، والحاكم 4/ 381، والبيهقي 8/ 271، وقد اختلف في وصله وإرساله كما بينه أبو الطيب العظيم آبادي في تعليقه على "سنن الدارقطني" ونقل عن ابن القطان أنه صحح الحديث، قلنا: لكن قال الدارقطني في "العلل" 10/ 65 - 67: والمرسل أصح. ويشهد للتلقين في الحد أيضاً حديث ابن عباس عند البخاري (6824) قال: لما أتى ماعز بن مالك النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال له: "لعلك قبّلت أو غمزت أو نظرت، وسيأتي عند المصنف برقم (4427). =

9 - باب في الرجل يعترف بحد ولا يسميه

قال أبو داود: رواه عمرُو بن عاصمٍ، عن همَّامٍ، عن إسحاقَ بنِ عبدِ الله، قال: عن أبي أميةَ رجُل من الأنصار، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. 9 - باب في الرجل يعترفُ بِحدٍّ ولا يُسمِّيه 4381 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا عمرُ بنُ عبد الواحد، عن الأوزاعىِّ، حدَّثني أبو عمار: حدَّثني أبو أُمامة: أن رجلاً أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: يا رسولَ الله، إني أصبتُ حدَّاً فأقِمهُ علىَّ، قال: "توضأتَ حينَ أقبلتَ؟ " قال: ¬

_ = وحديث جابر بن سمرة الآتي عند المصنف أيضاً برقم (4422) بنحو لفظ رواية ابن عباس. وحديث بريدة الأسلمي عند مسلم (1695) في قصة ماعز، وفيه: فقال: "ويحك ارجع فاستغفر الله وتب" أعادها عليه ثلاثاً. قال الخطابي: وجه هذا الحديث عندي -والله أعلم- أنه ظن بالمعترف بالسرقة غفلة، أو يكون قد ظن أنه لا يعرف معنى السرقة، ولعله قد كان مالاً له أو اختلسه، أو نحو ذلك مما يخرج من هذا الباب عن معاني السرقة، والمعترف به قد يحسب أن حكم ذلك حكم السرقة، فوافقه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، واسثبت الحكم فيه، إذ كان من سنته أن الحدود تُدرأ بالشبهات، وروي عنه أنه قال: "ادرؤوا الحدود ما استطعتم" وأمرنا بالستر على المسلمين، فكره أن يهتكه وهو يجد السبيل إلى ستره، فلما تين وجود السرقة منه يقيناً أقام الحد عليه وأمر بقطعه. وقال الخطابي أيضاً: وقد روي تلقين السارق عن جماعة من الصحابة، وأتي عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجل فسأله أسرقت؟ قل: لا، قال: فقال: لا، فتركه ولم يقطعه. وروي مثل ذلك عن أبي الدرداء وأبي هريرة رضي الله عنهما. وكان أحمد وإسحاق لا يريان بأساً بتلقين السارق إذا أتي به، وكذلك قال أبو ثور: إذا كان السارق امرأة أو مصعوقاً.

10 - باب في الامتحان بالضرب

نعم، قال: "هل صلَّيت معنا حين صلَّينا؟ " قال: نعم، قال: "اذهب، فإنَّ الله تعالى قد عَفَا عنكَ" (¬1). 10 - باب في الامتحانِ بالضرْب 4382 - حدَّثنا عبدُ الوهَّاب بنُ نجدَةَ، حدَّثنا بقيةُ، حدَّثنا صفوانُ حدَّثنا أزهرُ بنُ عبدِ الله الحَرَازيُّ: أن قوماً مِن الكَلاعِيينَ سُرِقَ لهم مَتَاعٌ، فاتَّهمُوا ناساً من الحَاكَةِ، فأتوا النعمانَ بنَ بشيرٍ صاحبَ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فحبَسهم أياماً، ثم خلَّى سبيلَهم، فأتوا النعمانَ، فقالوا: خلَّيتَ سبيلَهم بغيرِ ضربٍ ولا امتحانٍ، فقال النعمانُ: ما شئتُم؟ إن شئتم أن أضرِبَهم، فإن خرجَ متاعُكم فذاك، وإلا أخذتُ من ظُهوركم مثلَ ما أخذتُ مِن ظُهورهم، فقالوا: هذا حُكمُك؟ فقال: هذا حُكمُ الله عزَّ وجلَّ وحكمُ رسوله -صلَّى الله عليه وسلم- (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عمار: هو شدّاد بن عبد الله القرشي الدمشقي، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو الفقيه المشهور. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7272 - 7274) من طرق عن الأوزاعي، و (7275) من طريق عكرمة بن عمار، كلاهما عن أبي أمامة. وأخرجه النسائي (7271) من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن أبي عمار شداد، عن واثلة بن الأسقع. قال النسائي: لا نعلم أن أحداً تابع الوليد على قوله: عن واثلة، والصواب: أبو عمار عن أبي أمامة. وهو في "مسند أحمد" (22363) من حديث أبي أمامة. (¬2) إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الكَلاَعي- صفوان: هو ابن عمرو بن هَرِم السَّكسَكي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7320) من طريق بقية بن الوليد، بهذا الإسناد. قال النسائي: هذا حديث منكر، لا يحتج بمثله، وإنما أخرجته ليُعرَف.

11 - باب ما يقطع فيه السارق

قال: أبو داود: إنما أرهبهم بهذا القول، أي: لا يجبُ الضربُ إلا بعد الاعتراف (¬1). 11 - باب ما يُقطَعُ فيه السارقُ 4383 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بنِ حنبلٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، -قال: سمعتُه منه- عن عمرَةَ عن عائشة: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - كان يقطَعُ في رُبع دينارٍ فَصَاعِداً (¬2). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن الأعرابي. (¬2) إسناده صحيح. عمرة: هي بنت عبد الرحمن بن سعْد بن زُرارة، والزهري: هو محمَّد بن مسلم بن شهاب، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (6789)، ومسلم (1684)، وابن ماجه (2585)، والترمذي (1511)، والنسائي في "الكبرى" (7361) و (7365) و (7366) و (7368) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه البخاري (6791)، ومسلم (1684)، والنسائي (7369) و (7370) و (7374) و (7375) و (7376) و (7379) و (7380) و (7383) من طرق عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة. وأخرجه موقوفاً على عائشة النسائي (7367) و (7371 - 7373) و (7377) من طرق عن عمرة. قال النسائي بإثر الحديث (7373): وفي رواية مالك عن يحيى بن سعيد دليل على أن الحديث مرفوع، والله أعلم. ثم أسنده عن مالك (7374) عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن عائشة قالت: ما طال علىّ ولا نسيتُ، القطع في ربع دينار فصاعداً. وهو في "مسند أحمد" (24078)، و"صحيح ابن حبان" (4459) و (4462) و (4464) وانظر ما بعده. =

4384 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ ووهبُ بنُ بَيَان، قالا: حدَّثنا. وحدَّثنا ابنُ السَّرْح، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهاب، عن عُروة وعمرةَ ¬

_ = قال الخطابي: هذا الحديثُ هو الأصل فيما يجب فيه قطع الأيدي، وبه تعتبر السرقات، وإليه تردُّ قيمتها ما كانت من دراهم أو متاع أو غيرها. وروي ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وعائشة رضي الله عنهم، وبه قال عمر بن عبد العزيز، وهو مذهب الأوزاعي والشافعي. وفيه إبطال مذهب أهل الظاهر فيما ذهبوا إليه من إيجاب القطع في الكثير والقليل، وهو مذهب الخوارج. وقال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض فقهاء التابعين، وهو قول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحاق. رأوا القطع في ربع دينار فصاعداً. وقد روي عن ابن مسعود أنه قال: لا قطع إلا في دينار أو عشرة دراهم وهو حديث مرسل رواه القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود، والقاسم لم يسمع من ابن مسعود، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم، وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة، قالوا: لا قطع في أقل من عشرة دراهم، وروي عن علي أنه قال: لا قطع في أقل من عشرة دراهم، وليس إسناده بمتصل. وأخرج ابن أبي شيبة 9/ 475 حدَّثنا وكيع، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم النخعي قال: قال عبد الله: لا تقطع اليد إلا في ترس أو حَجَفَة. قال: قلت وإبراهيم: كم قيمته؟ قال: دينار. وقال الحافظ في "الفتح" 12/ 106: وقد خالف من المالكية في ذلك من القدماء ابن عبد الحكم وممن بعدهم ابن العربي فقال: ذهب سفيان الثوري مع جلالته في الحديث إلى أن القطع لا يكون إلا في عشرة دراهم، وحجته أن اليد محترمة بالإجماع، فلا تستباح إلا بما أجمع عليه، والعشرة متفق على القطع فيها عند الجميع، فيتمسك به ما لم يقع الاتفاق على ما دون ذلك؟ وتعقب بأن الآية دلت على القطع في كل قليل وكثير، وإذا اختلفت الروايات في النصاب أخذ بأصح ما ورد في الأقل، ولم يصح أقل من ربع دينار أو ثلاثة دراهم.

عن عائشة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "تُقطَعُ يدُ السَّارقِ في رُبعِ دينار، فصاعداً". قال أحمدُ بنُ صالح: القطعُ في ربع دينار فصاعِداً (¬1). 4385 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، حدَّثنا مالك، عن نافعٍ عن ابنِ عمر: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قطعَ في مِجَنٍّ، ثمنُهُ ثلاثةُ دراهم (¬2). 4386 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابنُ جريج، أخبرني إسماعيلُ بن أميةَ، أن نافعا مولى عبدِ الله بنِ عُمَرَ حدَّثه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله، وابن السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو. وأخرجه البخاري (6790)، ومسلم (1684)، والنسائي في "الكبرى" (7364) من طريق عبد الله بن وهب، والنسائي (7363) من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن يونس بن يزيد، بهذا الإسناد. لكن جعله ابن المبارك عن عمرة وحدها. وأخرجه النسائي (7362) من طريق القاسم بن مبرور، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا تقطع اليد إلا في -يعني ثمن المجن- ثلث دينار، أو نصف دينارٍ فصاعداً". وهو في "مسند أحمد" (24079)، و "صحيح ابن حبان" (4455) و (4460). وانظر ما قبه. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 831. وأخرجه البخاري (6795 - 6798)، ومسلم (1686)، وابن ماجه (2584)، والترمذي (1512)، والنسائي في "الكبرى" (7353 - 7357) من طرق عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4503)، و"صحيح ابن حبان" (4461) و (4463). وانظر ما بعده.

أن عبدَ الله بنَ عمر، حدَّثهم: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قَطَعَ يدَ رجُلٍ سرقَ تُرساً من صُفَّةِ النساء، ثمنُهُ ثلاثُة دراهِم (¬1). 4387 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ ومحمدُ بنُ أبي السَّريِّ العسقلانيُّ -وهذا لفظه، وهو أتمُّ- قالا: حدَّثنا ابنُ نُميرٍ، عن محمدِ بنِ إسحاق، عن أيوبَ بنِ موسى، عن عطاء عن ابنِ عبَّاس، قال: قطع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَدَ رَجُلٍ في مِجَنّ، قيمتُهُ دينار، أو عشرةُ دَرَاهِم (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد صرح ابن جريج بسماعه فانتفت شبهة تدليسه. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني. وأخرجه مسلم (1686)، والنسائي في "الكبرى" (7355) و (7356) من طريق إسماعيل بن أمية، به. وهو في "مسند أحمد" (5517)، و "صحيح ابن حبان" (4461). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لاضطراب محمَّد بن إسحاق في إسناده كما بينه الحافظ في "فتح الباري" 12/ 103، وقد أشار البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 25 إلى وجوه الاختلاف في إسناده عن عطاء ثم الاختلاف فيه على محمَّد بن إسحاق ثم أورد حديث ابن عمر في تقدير ثمن المجن بثلاثة دراهم، وقال: وهذا أصح. وكذلك بين النسائي في "السنن الكبرى" 7/ 29 - 32 الاختلاف في إسناده، وكذا البيهقي في السنن "الكبرى" 8/ 256 - 257، وفي "السنن الصغرى" (3268) و (3269)، وفي "معرفة السنن والآثار" (17089 - 17092) بيَّن الاختلاف فيه، وأعلَّه أيضاً بمخالفة محمَّد بن إسحاق، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 381: وليس في شيء من هذه الأسانيد التي وردت بذكر المجن أصح من إسناد حديث ابن عمر عند أهل العلم بالنقل. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7397)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 163، والدارقطني (3425) و (3426)، والبيهقي في "معرفة السنن والآثار" (17097) من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 474، والبخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 25 من طريق محمَّد بن إسحاق قال: حدثني أيوب بن موسى، عن عطاء، عن ابن عباس: لا يُقطع السارق في دون ثمن المجن، وثمن المجن عشرة دراهم. وهذا إسناد متصل، رجاله من فوق محمَّد بن إسحاق ثقات، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع وهو من قول ابن عباس. وأخرجه البخاري في "تاريخه" 2/ 25، والنسائي (7396) من طريق إبراهيم بن سعد، عن محمَّد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، أن عطاء بن أبي رباح حدثه أن ابن عباس كان يقول: ثمنه يومئذ عشرة دراهم، فجعله ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب، عن عطاء. وأخرجه الدارقطني (3424)، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 380 من طريق عبد الله بن إدريس، عن محمَّد بن إسحاق، عن عطاء، عن ابن عباس. فلم يذكر في إسناده أيوب بن موسى ولا عمرو بن شعيب. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 474، والبخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 25، والنسائي (7402)، والطحا وي 3/ 163، والد ار قطني (3421) و (3430) و (3431)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 259 من طرق عن ابن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وقد تابعه على هذا الوجه الوليد بن كثير عند الدارقطني (3422) لكن اختلف عليه في إسناده، فقد ذكره البخاري في "تاريخه" 2/ 25، وأخرجه الدارقطني (3427) عن الوليد بن كثير قال: حدثني من سمع عطاء عن ابن عباس، وأخرج الدارقطني (3423) عنه أنه قال: حدثني من سمع عطاء يقول فجعله من قول عطاء. فلا يُعتد بهذه التابعة. وتابعه كذلك على هذا الوجه حجاج بن أرطأة عند الدارقطني (3428) و (3429) وحجاج ضعيف ومدلس وقد عنعن. وتابعه على هذا الوجه أيضاً ابنُ جريج عند عبد الرزاق (18949) وصرح بسماعه من عمرو بن شعيب، لكن البخاري والبيهقي ذكروا أنه لم يسمع منه فالتصريح بسماعه وهم من عبد الرزاق، والله أعلم. وأخرجه النسائي (7398) من طريق محمَّد بن سلمة، عن ابن إسحاق، عن أيوب بن موسى، عن عطاء، مرسلاً. =

12 - باب ما لا قطع فيه

قال أبو داود: رواه محمدُ بنُ سلمةَ وسعدانُ بنُ يحيى، عن ابنِ إسحاقَ بإسناده. 12 - باب ما لا قَطْعَ فيه 4388 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مَسلَمةَ، عن مالكِ بنِ أنس، عن يحيى بنِ سعيد عن محمدِ بنِ يحيى بنِ حَبَّان، أن عبداً سَرقَ ودِيَّاً من حائطِ رجُلٍ فغرسَه في حائط سيِّدهِ، فخرج صاحبُ الوديِّ يلتمِسُ وديَّهُ فوجده فاستعدى على العبد مروان بن الحكم وهو أمير المدينة يومئذٍ، فسجن مروانُ العبدَ، وأراد قطعَ يده، فانطلق سيدُ العبد إلى رافع بنِ خَديج، فسأله عن ذلك، فأخبره أنه سَمِعَ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا قَطعَ في ثَمرٍ ولا كَثَرٍ" فقال الرجلُ: إن مروان أخذَ غُلامِي وهو يريدُ قطعَ يدِه، وأنا أحبُّ أن تمشيَ معي إليه فتُخبِرَه بالذي سمعتَ مِن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فمشى معَه رافعُ بنُ خديجٍ حتى أتى مروان بن الحكم، فقال له رافعٌ: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا قطعَ في ثَمَرَ ولا كثَر" فأمر مروان بالعبدِ فأرسِل (¬1). ¬

_ = وخالفَ ابنَ إسحاق الحكمُ بنُ عُتيبة، عند البخاري في "تاريخه الكبير" 2/ 25، والنسائي (7392) و (7393)، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (611) و (615) والبيهقي 8/ 257 فرواه عن مجاهد وعطاء بن أبي رباح، عن أيمن الحبشي مرسلاً. قال البخاري: هذا أصح بإرساله، وكذا قال البيهقي: إن رواية أيمن عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - منقطعة. وانظر لزاماً كلام ابن التركماني على هذا الحديث في "الجوهر النقي" 8/ 256 - 257. (¬1) حديث صحيح. وهذا إسناد رجاله ثقات. لكن محمَّد بن يحيى بن حبان لم يسمع رافع بن خديج، وقد سمع هذا الخبر من عمه واسع بن حبّان كما جاء في بعض =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = روايات الحديث، وتؤيده رواية البيهقي 8/ 262 - 263 أن الغلام الذي سرق كان لعمه واسع بن حبان، فهو السيد الذي أُبهم اسمه في هذه الرواية. يحيى بن سعيد: هو ابن قيس الأنصاري. وهو في "موطأ مالك" 2/ 839. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7407) من طريق يحيى بن سعيد القطان، و (7408) من طريق حماد بن زيد، و (7409) من طريق زهير بن معاوية، و (7410) من طريق شعبة بن الحجاج، و (7411) من طريق أبي معاوية، و (7412) و (7413) من طريق سفيان الثوري، ستتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري. وأخرجه الترمذي (1515)، والنسائي (7415) من طريق الليث بن سعد، والنسائي (7414) من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمَّد بن يحيى بن حَبان، عن عمه واسع بن حَبَّان، عن رافع بن خديج. فذكر الواسطة بين محمَّد بن يحيى وبين رافع بن خديج، وهو واسع بن حَبَّان وهو إما صحابي أو تابعي ثقة. وعليه يتصل الإسناد. وتابع الليثَ والثوريَّ في هذه الرواية زهيرُ بن محمَّد عند الطيالسي (958). وهو في "مسند أحمد" (15804). وانظر ما بعده. قال الخطابي: الوديّ: صغار النخل، واحدتها: وديّة، والكَثَر: جُمَّار النخل (يعني قلب النخل). ثم قال الخطابي: ومعنى الثمر في هذا الحديث: ما كان معلقاً بالنخل قبل أن يُجَذَّ ويُحرز، وتأوله الشافعي قال: حوائط المدينة ليست بحرز، وأكثرها يُدخَل من جوانبها، ومن سرق من حائط شيئاً من ثمر معلق لم يقطع، فإذا آواه الجَرين قطع (الجرين هو البَيدر) ولم يفرق بين الفاكهة والطعام الرطب، وبين الدراهم والدنانير وسائر الأمتعة في السارق إذا سرق منها شيئاً من حرز أو غير حرز فبلغت قيمته ما يقطع فيه اليد فإنه مقطوع. وقال مالك في الثمر مثل قول الشافعي. وقال أبو حنيفة بظاهر حديث رافع بن خديج فأسقط القطع عمن سرق ثمراً أو كثرا من حرز أو من غير حرز، وقاس عليهما سائر الفواه الرطبة واللحوم والجُبُون والألبان والأشربة وسائر ما كان في معناها. =

قال أبو داود: الكَثَرُ: الجُمَّارُ. 4389 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا حمادٌ، حدَّثنا يحيى، عن محمَّد بنِ يحيى بن حَبَّان، بهذا الحديثِ، قال: فجلَده مروانُ جلداتٍ وخلَّى سبيلَه (¬1). 4390 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن ابنِ عجلانَ، عن عمرو ابنِ شُعيب، عن أبيه عن جده عبدِ اللهِ بنِ عمرو بنِ العاص، عن رسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلم-: أنه سُئِلَ عن الثَّمر المُعلَّق فقال: "من أصابَ بفيه من ذي حاجةٍ غيرَ مُتَّخذٍ خُبْنَةً فلا شيءَ عليه، ومن خرجَ بشيءٍ منهُ فعليه غرامةُ مِثلَيهِ والعقُوبَةُ، ومن سرقَ منه شيئاً بعد أن يُؤوِيَهُ الجَرين فبلغ ثمنَ المجِنِّ، فعليه ¬

_ = وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 310: لأهل العلم في تأويل حديث هذا الباب قولان: أحدهما: أن المعنى المقصود إليه بهذا الحديث جنس الثمر والكثر من غير مراعاة حرز، فمن ذهب إلى هذا المذهب لم ير القطع على سارق سرق من الثمر كله وأجناس الفواكه والطعام الذي لا يبقى ولا يؤمن فساده كثيراً كانت السرقة من ذلك كله أو قليلاً من حرز كانت أو من غير حرز، قالوا: وهذا معنى حديث هذا الباب؛ لأنه لو أراد ما لم يكن محروزاً ما كان لذكر الثمر وتخصيصه فائدة. هذا كله قول أبي حنيفة وأصحابه. والقول الآخر: أن المعنى المقصود بهذا الحديث الحرز، وفيه بيان أن الحوائط ليست بحرز للثمار حتى يؤويها الجرين وما لم تكن في الجرين فليست محروزة. (¬1) حديث صحيح. وهذا إسناد رجاله ثقات كسابقه. حماد: هو ابن زيد، ومحمد بن عُبيد: هو ابن حساب الغُبَري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7408) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

13 - باب القطع في الخلسة والخيانة

القطعُ، ومن سرق دون ذلك، فعليه غرامةُ مِثلَيه والعقوبةُ". وسُئل عن اللقطة، فقال: "ما كان منها في طريق المِيتَاء، والقرية الجامعة ... " وساق الحديث (¬1) (¬2). قال أبو داود: الجَرِين: الجَوْخانُ (¬3). 13 - باب القطْع في الخِلْسةِ والخِيانَةِ 4391 - حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، أخبرنا محمدُ بنُ بكرٍ، حدَّثنا ابنُ جُريج، قال: قال أبو الزبير: ¬

_ (¬1) من قوله: "ومن سرق دون ذلك" إلى هنا، أثبتناه من (أ)، وأشار إلى أنه في رواية ابن العبد وابن داسه. كذا قال مع أن (هـ) عندنا برواية ابن داسه، وليس فيها هذه الزيادة. وقد سلف هذا الحديث بطوله برقم (1710) مشتملاً على هذه الزيادة. (¬2) إسناده حسن. وهو مكرر الحديث السالف برقم (1710). قال الخطابي: هذا يؤيد ما ذهب إليه الشافعي في معنى الحديث الأول، ويليق أن الحال لا تختلف في الأموال من جهة أعيانها، لكن تفترق من جهة مواضعها التي تؤويها وتُحرزُها، وأما الخُبنة فهو ما يحمله الرجل في ثوبه، ويقال: أصل الخبنة ذَلاذل الثوب. والجَرين: البَيْدر، وهو حرز الثمار وما كان في مثل معناها كما كان المراح حرز الغنم، انما تُحرز الأشياء على قدر الإمكان فيها وجريان العادة في الناس مثلها، ويشبه أن يكون إنما أباح لذي الحاجة الأكل منه؛ لأن في المال حقَّ العشر، فإذا أدته الضرورة إليه أكل منه، وكان محسوباً لصاحبه مما عليه من الصدقة، وصارت يده في التقدير كيد صاحبها لأجل الضرورة، فأما إذا حمل منه في ثوب أو نحوه فإن ذلك ليس من باب الضرورة، إنما هو من باب الاستحلال فيغرم ويعاقب، إلا أنه لا قطع لعدم الحرز، ومضاعفة الغرامة نوع من الردع والتنكيل، وقد قال به غير واحد من الفقهاء. (¬3) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.

قال جابرُ بنُ عبدِ الله: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ليس على المُنتَهِبِ قطعٌ، ومن انتهبَ نُهبةً مشهورةً فليس منَّا" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، وابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي- قد صرح بالسماع في رواية ابن المبارك عند النسائي في "الكبرى" (7421)، وأبي عاصم الضحاك عند الدارمي (2310)، وعبد الرزاق في "مصنفه" (18844) ثلاثتهم عن ابن جريج. وعليه فما أُعِلّ به الحديث من عدم سماع ابن جريج هذا الخبر من أبي الزبير ليس مُسلَّماً، على أنه تابعه سفيان الثوري وهو إمام. وأبو الزبير -وهو محمَّد بن مسلم بن تدرُس المكي- تابعه عمرو بن دينار عند ابن حبان (4456) و (4457)، قال الحافظ في "الفتح" 12/ 92: فقوي الحديثُ. وأخرجه ابن ماجة (2591)، والترمذي (1514)، والنسائي في "الكبرى" (7422 - 7424) من طرق عن ابن جريج، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم. قلنا: واللفظ عندهم على نفي القطع عن الخائن والمنتهب والمختلس مجموعة، ولم يذكر أحد منهم قوله: "ومن انتهب نهبة مشهورة فليس منا". وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7426) من طريق المغيرة بن مسلم الخراساني، عن أبي الزبير به، بلفظ "ليس على مختلس ولا نتهب ولا خائن قطع". والمغيرة صدوق، لكن قال النسائي: ليس بالقوي في أبي الزبير، وعنده غير حديث منكر. وكذا استنكر أحاديثه عن أبي الزبير ابنُ معين في رواية عنه. قلنا: محل ذلك عند عدم المتابعة، وأما عند المتابعة فالحجة به قائمة. وهو في "مسند أحمد" (15070) من طريق ابن جريج بتمامه. وقوله: "من انتهب نهبة مشهورة فليس منا" أخرجه ابن ماجه (3935) من طريق ابن جريج، به. وهو في "مسند أحمد" (14351)، و"صحيح ابن حبان" (4456) وقرن ابن حبان في روايته بأبي الزبير عمرو بن دينار في متابعة قوية. ويشهد لهذه القطعة في النهي عن النهبة عدة أحاديث ذكرناها في "المسند" عند حديث أبي هريرة (8317)، وعند حديث جابر (14351). وانظر تالييه. =

4392 - وبهذا الإسنادِ قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ليس على الخائِنِ قطعٌ" (¬1). 4393 - حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، أخبرنا عيسى بنُ يونُسَ، عن ابن جُرَيجٍ، عن أبي الزبير عن جابرٍ، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، بمثله؛ زاد "ولا على المُختلِسِ قطعٌ" (¬2). ¬

_ = النهب: هو أخذ المال على وجه العلانية قهراً، والخيانة: الأخذ مما في يده على وجه الأمانة، والاختلاس: هو أخذ الشيء من ظاهر بسرعة ليلاً كان أو نهاراً، وفي "النهاية": ما يؤخذ سلباً ومكابرة. قال أبو الطيب في "عون المعبود" 12/ 39: والحديث دليل على أنه لا يقطع المنتهب والخائن والمختلس، قال ابن الهمام من الحنفية في "شرح الهداية": وهو مذهبنا وعليه باقي الأئمة الثلاثة، وهو مذهب عمر وابن مسعود وعائشة، ومن العلماء من حكى الإجماع على هذه الجملة، لكن بمذهب إسحاق بن راهويه ورواية عن أحمد في جاحد العارية: أنه يقطع. (¬1) حديث صحيح كسابقه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7419) من طريق مخلد بن يزيد الحراني، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر رفعه: "ليس على خائن ولا مختلس قطع" وقال النسائي بإثره: لم يسمعه سفيان من أبي الزبير. قلنا: حجه أنه رواه بعده برقم (7420) من طريق أبي داود الحفري، عن سفيان الثوري، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر فذكر بين سفيان وبين أبي الزبير ابن جريج. لكن مخلد بن يزيد ثقة، ومع ذلك لم ينفرد به، فقد تابعه عليه مؤمل بن إسماعيل عند ابن حبان (4458) وهو يعتبر به في المتابعات. وانظر تمام تخريجه فيما قبله. وانظر فقه الحديث فيما بعده. (¬2) حديث صحيح كسابقيه. وأخرجه الترمذي (1514) من طريق عيسى بن يونس، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن صحح. =

14 - باب من سرق من حرز

قال أبو داود: وهذان الحديثانِ لم يسمعهما ابنُ جُريجٍ من أبي الزبير، وبلغني عن أحمد بنِ حنبل أنه قال: إنما سمعهما ابنُ جريج من ياسينَ الزياتِ. قال أبو داود: وقد رواهُما المغيرةُ بنُ مُسلم، عن أبي الزبيرِ، عن جابر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. 14 - باب مَن سرق من حِرْزٍ 4394 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس، حدَّثنا عمرو بنُ حماد بن طلحةَ، حدَّثنا أسباط، عن سماكِ بنِ حَرْبٍ، عن حُميد بنِ أختِ صَفوان، عن صفوانَ ابنِ أُمية، قال: كنت نائماً في المسجِدِ علي خميصةٍ لي ثمن ثلاثين درهماً، فجاء رجلٌ فاختلسَها مني، فأُخذ الرجلُ، فأتي به النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فأمر بهِ ¬

_ = ويشهد له حديث عبد الرحمن بن عوف عند ابن ماجه (2592)، وإسناده صحيح. وانظر سالفيه. قال الخطابي: أجمع عامة أهل العلم على أن المختلس والخائن لا يقطعان، وذلك أن الله سبحانه إنما أوجب القطع على السارق، والسرقة إنما هي أخذ المال المحفوظ سراً عن صاحبه، والاختلاس غير محترز منه فيه. وقد قيل: إن القطع إنما سقط عن الخائن؛ لأن صاحب المال قد أعان على نفسه في ذلك بائتمانه إياه، وكذلك المختلس. وقد يحتمل أن يكون إنما سقط القطع عنه؛ لأن صاحبه قد يمكنه رفعه عن نفسه بمجاهدته وبالاستغاثة بالناس، فإذا قصر في ذلك ولم يفعل صار كأنه أتي من قِبَلِ نفسه. وحكي عن إياس بن معاوية أنه قال: يقطع المختلس، ويحكى عن داود أنه كان يرى القطع على من أخذ مالاً لغيره، سواء أخذه من حرز أو من غير حرز، وهذا الحديث حجة عليه. تنبيه: ما قاله أحمد فيما بلغ أبا داود يوافق ما نُقل عن غير واحد من عدم سماع ابن جريج من أبي الزبير، وقد أجبنا عنه عند الرواية السالفة برقم (4391).

ليُقطَعَ، قال: فأتيتُه، فقلتُ: أتقطعُه مِن أجلِ ثلاثينَ درهماً، أنا أبيعُه وأُنسِئُه ثمنَها؟ قال: "فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به" (¬1). قال أبو داود: ورواه زائدةُ، عن سماكٍ، عن جُعيدِ بنِ حُجَير، قال: نامَ صفوانُ. ورواه مجاهدٌ وطاوسٌ، أنه كان نائماً فجاء سارِقٌ فسرقَ خميصةً من تحتِ رأسِه. ¬

_ (¬1) صحيح بطرقه وشاهده، كما بيناه في "مسند أحمد" (15303) و (15306) و (15310). وقد صححه ابن عبد الهادي في "تنقيح التحقيق" 3/ 324، ونقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 369، فقال: حديث صفوان حديث صحيح، رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد في "مسنده" من غير وجه عنه. أسباط: هو ابنُ نصْر الهَمْداني. وأخرجه بنحوه ابنُ ماجه (2595)، والنسائي في "الكبرى" (7323) و (7324) و (7326 - 7330) من طرق عن صفوان بن أمية. وهو في "مسند أحمد" (15303). ويشهد له حديث عبد الله بن عباس عند الطبراني (7326) من طريق إبراهيم بن ميسرة، والدارقطني (3469)، والحاكم 4/ 380 من طريق زكريا بن إسحاق، كلاهما عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس: أن صفوان بن أمية أتى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- ... الحديث وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. ويشهد لقوله: "هلا كان هذا قبل أن تأتيني به" حديث عبد الله بن عمرو بن العاص السالف برقم (4376) وانظر تمام شواهده هناك. قال ابن قدامة في "المغني" 12/ 451 - 452: إن السارق إذا ملك العين المسروقة بهبةٍ أو بيع أو غيرها من أسباب الملك لم يخلُ من أن يملكها قبل رفعه إلى الحاكم والمطالبة بها عنده أو بعد ذلك، فإن ملكها قبله، لم يجب القطع لأن من شرطه المطالبة بالمسروق، وبعد ملكه له لا تصح المطالبة، وإن ملكها بعده لم يسقط القطع، وبهذا قال مالك والشافعي وإسحاق.

15 - باب في القطع في العارية إذا جحدت

ورواه أبو سلمةَ بن عبدِ الرحمن، قال: فاستلَّه من تحتِ رأسِه، فاستيقظَ، فصاحَ به فأُخذَ. ورواه الزُّهريُّ، عن صفوانَ بنِ عبد الله، قال: فنام في المسجدِ، وتوسَّد رداءَه فجاء سارِقٌ فأخَذَ رداءه، فأخِذَ السارقُ، فجاء به إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. 15 - باب في القطع في العَاريّة إذا جُحِدَتْ 4395 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ ومخلد بنُ خالدٍ -المعنى- قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا معمرٌ -قال مخلدٌ: عن معمر- عن أيوبَ، عن نافعِ عن ابنِ عمر: أن امرأةً مخزوميةً كانت تستعيرُ المَتَاعَ فتجحَدُهُ، فأمرَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بها، فقُطِعت يدُها (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، والأشبه إرساله فيما ذكر الدارقطني في "العلل" 4/ ورقة 113 حيث قال: ورواه يحيى بن عبد الله بن سالم، عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع أن امرأة كانت ... مرسلاً، وكذلك رواه الثقفي عن أيوب مرسلاً، والمرسل أشبه. قلنا: وهذا يعني أن حديث معمر المتصل الصحيح هو عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، الذي سيأتي برقم (4397)، وسلف برقم (4374). وأخرجه النَّسائي في "الكبرى" (7333) و (7334) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (7335) من طريق عمرو بن هاشم الجنبي أبي مالك، عن عُبيد الله ابن عمر، عن نافع، عن ابن عمر. وعمرو بن هاشم الجنبي ضعيف. وقد خالف أبا مالك الجنبي شعيبُ بنُ إسحاق عند النسائي (7336) فرواه عن عُبيد الله بن عمر، عن نافع أن امرأة ... مرسلاً. وإسناده جيد إلى نافع. وهو يوافق الطريق التي ساقها الدارقطني. وهو في "مسند أحمد" (6383). =

قال أبو داود: ورواه جُويريةُ، عن نافعٍ، عن ابنِ عمر، أو عن صفية بنتِ أبي عُبيد، زاد فيه: وأن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قام خطيباً، فقال: "هل من امرأةٍ تائبةٍ إلى الله عزَّ وجلَّ ورسوله"، ثلاثَ مراتٍ، وتلكَ شاهدةٌ، فلم تقُم ولم تتكلَّم. ورواه محمَّد بنُ عبد الرحمن بنِ عَنْجٍ (¬1) عن نافع، عن صفيةَ بنتِ أبي عُبيدٍ، قال فيه: فشهِدَ عليها. ¬

_ = قال الخطابي: مذهب عامة أهل العلم أن المستعير إذا جحد العارية لم يقطع، لأن الله سبحانه إنما أوجب القطع على السارق، وهذا خائن ليس بسارق. وفي قوله: "لا قطع على الخائن" دليل على سقوط القطع عنه، وذهب إسحاق ابن راهويه إلى إيجاب القطع عليه قولاً بظاهر الحديث. وقال أحمد بن حنبل: لا أعلم شيئاً يدفعه، يعي حديث المخزومية. قلت [القائل الخطابي]: وهذا الحديث مختصر، وليس مستقصىً لفظُه وسياقُه، وإنما قُطعت المخزومية لأنها سرقت، وذلك بيِّن في حديث عائشة رحمها الله الذي رواه أبو داود في باب قبل هذا. قلنا: يعني الحديث رقم (4373). وقال صاحب "المغني" 12/ 416: واختلفت الرواية عن أحمد في جاحد العارية، فعنه: عليه القطع وهو قول إسحاق، لما روي عن عائشة أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده ... وعنه: لا قطع، وهو قول الخرقي، وأبي إسحاق بن شاقلا وأبي الخطاب وسائر الفقهاء وهو الصحيح إن شاء الله تعالى، لقول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا قطع على الخائن" ولأن الواجب قطع السارق، والجاحد غير سارق، وإنما هو خائن فأشبه جاحد الوديعة، والمرأة التي كانت تستعير المتاع إنما قطعت لسرقتها لا لجحدها. (¬1) كذا جاء ضبطها في (هـ) بعين مهملة ونون مفتوحتين، وجاءت كذلك في (ب) و (ج) غير أنه سكن النون. وضبطها الحافظ في نسخته التي رمزنا لها بالرمز (أ): بغين معجمة ونون مفتوحتين وكذلك ضبطها في "التقريب"، وهو خطأ، لا اعتبار به، =

16 - باب في المجنون يسرق أو يصيب حدا

4396 - حدَّثنا محمَّد بن يحيى بنِ فارسٍ، حدَّثنا أبو صالح، عن الليثِ، حدَّثني يونسُ، عن ابنِ شهابٍ، قال: كان عُروة يحدَّثُ أن عائشةَ قالت: استعارتِ امرأةٌ، تعني حُليّاً على ألسنَةِ أناس يُعرَفُون ولا تُعرفُ هي، فباعته، فأُخذَت، فأُتي بها النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فأمر بقطع يَدِها، وهي التي شفعَ فيها أسامةُ بنُ زيد، وقال فيها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ما قال (¬1). 4397 - حدَّثنا عباسُ بنُ عبدِ العظيم ومحمد بن يحيى، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهريِّ، عن عُروة عن عائشةَ، قالت: كانت امرأةٌ مخزوميةٌ تستعيرُ المَتَاعَ وتجحَدُه، فأمر النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بقطع يدِها. وقصَ نحوَ حديثِ قتيبةَ بن سعيد، عن الليث، عن ابنِ شهاب، زاد: فقطعَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يدَها (¬2). 16 - باب في المجنون يَسرقُ أو يُصيبُ حدَّاً 4398 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا حمادُ ابنُ سلمةَ، عن حمادٍ، عن إبراهيمَ، عن الأسودِ ¬

_ = لأن ابن المهندس قد ضبطه في نسخته منا "تهذيب الكمال" بالعين المهملة، وكذلك ضبطها الفيروزآبادي في "القاموس" بالعين المهملة وبسكون النون أو فتحها. على الوجهين. (¬1) حديث صحيح. أبو صالح -وهو عبد الله بن صالح كاتب الليث- متابع. الليث: هو ابن سعد، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7340) من طريق أيوب بن موسى، عن الزهري، به وانظر ما بعده، وما سلف برقم (4374). وانظر ما قبله كذلك. (¬2) إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (4374) وانظر سابقيه.

عن عائشة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائم حتى يستيقظَ، وعن المُبتَلَى حتى يبرأ، وعن الصَّبىِّ حتى يَكْبَرَ" (¬1). 4399 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمشِ، عن أبي ظَبْيَان عن ابنِ عباس، قال: أُتي عُمَرُ بمجنونةٍ قد زنت، فاستشارَ فيها أناساً، فأمر بها عُمَرُ أن تُرجَمَ، فمُرَّ بها على على بنِ أبي طالب، فقال: ما شأنُ هذه؟ قالوا: مجنونةُ بني فلانٍ زنت، فأمر بها عُمَر أن تُرجَم، قال: فقال: ارجِعُوا بها، ثم أتاه، فقال: يا أميرَ المؤمنينَ، أما علمتَ أن القلم قد رُفِعَ عن ثلاثةٍ: عن المجنونِ حتى يبرأ، وعن النَّائِم حتى يستيقِظ، وعن الصبىِّ حتى يَعقِلَ؟ قال: بلى، قال: فما بالُ هذه تُرجمُ؟ قال: لا شيء، قال: فأَرسِلْها، قال: فأرسلها، قال: فجعل يُكبِّرُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن أبي سليمان النخعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود: هو ابن يزيد النخعي خال إبراهيم. وأخرجه ابن ماجه (2041)، والنسائي في "الكبرى" (5596) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (24694)، و "صحيح ابن حبان" (142). (¬2) حديث صحيح، وقد اختلف في رفعه ووقفه، ومهما يكن، فهو مرفوع حُكماً، كما قال الحافظ في "فتح الباري" 12/ 121. على أن له طرقاً أخرى عن علي مرفوعة وشاهداً من حديث عائشة السالف قبله مرفوعاً كذلك. قلنا: رواية جرير -وهو ابنُ عبد الحيد- عن الأعمش هنا غير صريحة بالرفع، وكذا رواية وكيع عن الأعمش الآتية بعده كما قال المزي في "تحفة الأشراف" 7/ 413. أبو ظبيان: هو حُصين بن جندب الجنبي. =

4400 - حدَّثنا يوسفُ بنُ موسى، حدَّثنا وكيعٌ عن الأعمشِ نحوَه، وقال أيضاً: حتى يعقِلَ، وقال: وعن المجنونِ حتى يُفِيقَ، قال: فجعَلَ عُمَرُ يُكبِّر (¬1). 4401 - حدَّثنا ابنُ السرحِ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني جريرُ بنُ حازمٍ، عن سليمانَ بنِ مِهرانَ، عن أبي ظَبيانَ ¬

_ = وأخرجه مرفوعاً ابن ماجه (2042) من طريق القاسم بن يزيد، والترمذي (1484)، والنسائي في "الكبرى" (7306) من طريق قتادة، عن الحسن البصري، كلاهما عن علي بن أبي طالب. أما القاسم فمجهول ولم يدرك علياً فيما قاله المنذري في "اختصار السنن" وتبعه ابن دقيق العيد فيما نقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 209، وأما الحسن البصري فلم يسمع من علي بن أبي طالب وإن كان أدركه. وسيأتي مرفوعاً أيضاً عند المصنف برقم (4401) من طريق جرير بن حازم عن الأعمش، و (4402) من طريق عطاء بن السائب، عن أبي ظبيان، عن علي، دون ذكر ابن عباس، وبرقم (4403) من طريق أبي الضحى مسلم بن صبيح عن علي. وكل من هذه الطرق فيه ما فيه كما هو مبين في موضعه، لكن بمجموعها يتقوى الحديث مرفوعاً، والله تعالى أعلم. وأخرجه موقوفاً على علي بن أبي طالب: النسائي في "الكبرى" (7305) من طريق أبي حَصين عثمان بن عاصم الأسدي، عن أبي ظبيان، عن علي بن أبي طالب، و (7307) من طريق يونس بن عُبيد، عن الحسن البصري، عن علي بن أبي طالب. وهو في "مسند أحمد" (940) و (856) و (1183) و (1328). وقد صحح المرفوع ابن خزيمة (1003)، وابن حبان (143)، والحاكم 1/ 258 و 2/ 59 وسكت عنه الذهبي، ورجح الوقفَ النسائي بإثر الحديث (7307)، والدارقطني في "العلل" 3/ 192. ويشهد له حديث عائشة السالف قبله بإسناد صحيح. وله شواهد أخرى ذكرها الإِمام الزيلعي في "نصب الراية" فراجعها هناك. (¬1) حديث صحيح كسابقه.

عن ابنِ عباس، قال: مُرَّ على عليِّ بن أبي طابٍ -بمعنى عثمانَ- قال: أوَمَا تذكُرُ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن المجنونِ المَغلُوبِ على عَقلِه (¬1)، وعن النَّائم حتى يستيقظَ، وعن الصَّبيِّ حتى يَحتَلِمَ"؟ قال: صدقتَ، قال: فخلَّى عنها (¬2). 4402 - حدَّثنا هنَّادُ بن السَّريِّ، عن أبي الأحوص. وحدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ -المعنى- عن عطاء بن السائبِ عن أبي ظَبْيانَ -قال هنَّادٌ: الجَنْبيِّ- قال: أُتي عُمَرُ بامرأةٍ قد فَجَرَت، فأمَرَ برجمِها، فَمَرَّ عليٌّ، فأخذَها فخلَّى سبيلَها، فأُخبِرَ عُمر، فقال: ادعوا لي عليّاً، فجاء عليٌّ، فقال: يا أميرَ المؤمنين، لقد علِمتَ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "رُفعَ القلمُ عن ثلاثةِ: عن الصَّبيِّ حتى يبلُغَ وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتُوه حتى يبرأ"، لان هذه معتوهةُ ¬

_ (¬1) زاد في (هـ): عن المجنون المغلوب على عقله حتى يُفيق، بزيادة: حتى يفيق، ولم ترد في سائر أصولنا الخطية، ولا في "سنن النسائي الكبرى" مع أنه رواه عن ابن السرح أيضاً. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن قال النسائي في "الكبرى" بإثر الحديث (7305): ما حدَّث جريرُ بن حازم بمصر فليس بذاك، وسبقه أحمد بن حنبل فقال في رواية الأثرم عنه فيما نقله عنه الحافظ في "تهذيب التهذيب": حدَّث بالوهم بمصر، ولم يكن يحفظ، ونقَل عن الأزدي نحواً من ذلك. وابن وهب -وهو عبد الله- مصري. وخالفه جرير بن عبد الحميد ووكيع في الروايتين السالفتين فلم يُصرِّحا برفع الحديث كما ذكر المزي. وعلى أية حال يصح رفع الحديث عن علي بمجموع طرقه وشاهده السالف برقم (4398) عن عائشة. ابن السَّرْح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله ابن السرح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7303) عن ابن السرح، بهذا الإسناد. وانظر سابقه.

بني فلانٍ، لعلَّ الذي أتاها أتاها وهي في بلائِها، قال: فقال عُمر: لا أدري، فقال عليٌّ: وأنا لا أدري (¬1). 4403 - حدَّثنا مُوسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا وُهيبٌ، عن خالدٍ، عن أبي الضُّحى عن علي، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "رُفِعَ القلم عن ثلاثةٍ: عن النَّائم حتى يستيقظَ، وعن الصَّبىِّ حتى يَحتَلِمَ، وعن المجنونِ حتى يَعقِلَ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع؛ لأن أبا ظبيان -وهو حُصين بن جندب- إنما سمعه من ابن عباس عن علي، ولم يسمعه من علي مباشرة، مع أن الدارقطني سئل -كما في "العلل" 3/ 74 - : لقي أبو ظبيان علياً وعمر؟ فقال: نعم. قلنا: إنما قال الدارقطني ذلك بعد أن رجَّح إثبات ابنِ عباس في إسناده. وقال ابن دقيق العيد فيما نقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 209: وعلى تقدير الاتصال -يعني بين أبي ظبيان وبين علي وعمر- فعطاء بن السائب اختلط بأَخرة، قال الإِمام أحمد وابن معين: من سمع منه حديثاً فليس بشيء، ومن سمع منه قديماً قُبل، فلينظر في هؤلاء المذكورين وحال سماعهم، وأيضاً فهو معلول بالوقف كما رواه النسائي - يعني برقم (7305) من حديث أبي حصين -بفتح الحاء وكسر الصاد- عن أبي ظبيان عن علي قوله. قال النسائي: وأبو حصين أثبت من عطاء بن السائب. قلنا: أما تعليل ابن دقيق العيد بأن عطاء اختلط بأخرة فقد زالَ برواية حماد بن سلمة عنه عند أحمد (1328) وغيره، وهو ممن سمع منه قبل اختلاطه، لكن تبقى العلة الأخرى وهي إعلاله بالوقف كما أشار إليه النسائي. لكن الحديث صحيح بطرقه وشاهده السالف برقم (4398). وأخرجه النسائي (7304) من طريق أبي عبد الصمد، عن عطاء بن السائب، به. وهو في "مسند أحمد" (1328). وانظر الأحاديث الثلاثة السالفة قبله. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه منقطع، فإن أبا الضحى -وهو مسلم بن صبيح- لم يدرك علياً فيما قاله الترمذي في "اختصار السنن"، وتبعه =

17 - باب في الغلام يصيب الحد

قال أبو داود: رواه ابنُ جُريجٍ، عن القاسم بن يزيد، -عن عليٍّ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، زادَ فيه: والخَرِفِ (¬1). 17 - باب في الغُلام يُصيبُ الحَدَّ 4404 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا سفيانُ، أخبرنا عبدُ الملك بنُ عُمير حدَّثني عطيةُ القُرَظي، قال: كنتُ من سبي قُريظةَ، فكانوا ينظرون: فمن أنبتَ الشَّعرَ قُتِلَ، ومن لم يُنبِت لم يُقتل، فكنتُ فيمن لم يُنبِت (¬2). ¬

_ = ابن دقيق العيد فيما نقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 209. وسبقهما أبو زرعة الرازي إذ قال: حديثه عن علي مرسلٌ. خالد: هو ابن مِهران الحذّاء، ووهيب: هو ابن خالد. وأخرجه البيهقي 3/ 83 و 6/ 57 و 7/ 359 من طرق عن خالد الحذاء، به. وانظر الأحاديث الأربعة السالفة قبله. (¬1) هذا التعليق فيه انقطاع، القاسم بن يزيد لم يدرك علياً بن أبي طالب وهذه الزيادة "والخرف" لم نقف عليها إلا عند أبي داود بعد البحث الشديد. وقول المنذري في "تهذيبه": هذا الذي ذكره أبو داود معلقاً أخرجه ابن ماجه مسنداً وأعله بالانقطاع، فيه نظر، فإن الحديث عند ابن ماجه (2043) من طريق ابن جريج أخبرني القاسم بن يزيد، عن علي بن أبي طالب بلفظ "رفع القلم عن الصغير وعن المجنون وعن النائم" وليست فيه هذه الزيادة. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومحمد بن كثير: هو العَبدي. وأخرجه ابن ماجه (2541)، والترمذي (1675)،والنسائي في "الكبرى" (8567) من طريق سفيان الثوري، به. وهو في "مسند أحمد" (18776)، و"صحيح ابن حبان" (4780). قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم: أنهم يرون الإنبات بلوغاً إن لم يُعرف احتلامه ولا سنُّه، وهو قول أحمد وإسحاق. =

4405 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوانَة عن عبدِ الملكِ بنِ عُمير، بهذا الحديثِ، قال: فكشفُوا عانَتي فوجدُوها لم تُنبِت، فجهعلوني في السَّبي (¬1). ¬

_ = وقال الخطابي: اختلف أهل العلم في حد البلوغ الذي إذا بلغه الصبي أقيم عليه الحد، فقال الشافعي: إذا احتلم الغلام أو بلغ خمس عشرة سنة فإن حكمه حكم البالغين في إقامة الحد عليه، وكذلك الجارية إذا بلغت خمس عشرة سنة أو حاضت. وأما الإنبات، فإنه لا يكون حداً للبلوغ، وإنما يفصل به بين أهل الشرك فيقتل مقاتليهم، ويترك غير مقاتليهم بالإنبات. وقال الأوزاعي وأحمد بن حنبل في بلوغ الغلام: خمس عشرة سنة مثل قول الشافعي. وقال أحمد وإسحاق: الانبات بلوغ، يقام به الحد على من أنبت وحكي مثل ذلك عن مالك في الإنبات. فأما السن فإنه قال: إذا احتلم الغلام أو بلغ من السنن ما لا يتجاوزه غلام إلا احتلم فحكمه حكم الرجال ولم يجعل الخمس عشرة سنة حداً في ذلك، وقال سفيان: سمعنا أن الحلم أدناه أربع عشرة وأقصاه ثمان عشرة سنة، فإذا جاءت الحدود أخذنا بأقصاها. وذهب أبو حنيفة إلى أن حد البلوغ في استكمال ثماني عشرة سنة إلا أن يحتلم قبل ذلك، وفي الجارية استكمال سبع عشرة سنة إلا أن تحيض قبل ذلك. قلت [القائل الخطابي]: يشبه أن يكون المعنى عند من فرّق بين أهل الإِسلام وبين أهل الكفر حين جعل الإنبات في الكافر بلوغاً ولم يعتبره في المسلمين هو أن أهل الكفر لا يوقف على بلوغهم من جهة السن ولا يمكن الرجوع إلى قولهم؛ لأنهم متهمون في ذلك لدفع القتل عن أنفسهم. فأما المسلمون وأولادهم فيمكن الوقوف على مقادير أسنانهم؛ لأن أسنانهم محفوظة وأوقات المواليد فيهم مؤرخة. (¬1) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8566) من طريق أبي عوانة الوضاح اليشكري، به. وانظر ما قبله.

18 - باب الرجل يسرق في الغزو، أيقطع؟

4406 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا يحيى، عن عُبيدِ الله، أخبرني نافعٌ عن ابن عمرَ: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - عُرِضَهُ يومَ أحد ابنَ أربعَ عشرةَ فلم يُجزه، وعُرِضَه يومَ الخندَقِ وهو ابنُ خمسَ عشرَةَ فأجازَه (¬1). 4407 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا ابنُ إدريسَ، عن عُبيدِ الله بنِ عُمر، قال: قال نافعٌ: حَدَّثتُ بهذا الحديثِ عُمرَ بنَ عبدِ العزيز، فقال: إنَّ هذا الحَدُّ بينَ الصغيرِ والكبِيرِ (¬2). 18 - باب الرجل يَسرِقُ في الغزو، أيُقطَعُ؟ 4408 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهبٍ، أخبرني حيوةُ، عن عياش بن عباس القِتبانىِّ، عن شِيَيم بنِ بَيتانَ ويزيدَ بنِ صُبحٍ الأصبحىِّ عن جُنادَة بن أبي أُمية، قال: كنا مع بُسْرِ بنِ أبي أرطاةَ في البحرِ، فأتي بسارقٍ يقال له: مِصْدَرٌ، قد سرقَ بُخْتِيَّةً، فقال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا تُقطَعُ الأيدي في السَّفر" ولولا ذلك لقطعتُه (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو مكرر الحديث السالف برقم (2957). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. ابن إدريس: هو عبد الله. وانظر ما قبله. وقد سلف برقم (2957) وخرج هناك. (¬3) إسناده صحيح، فقد قال ابن عدي في "الكامل" في ترجمة بسر بن أبي أرطاة -ويقال في اسمه: ابن أرطاة-: لا أرى بإسناده بأساً. قلنا: ونقل المناوي عن الذهبي أنه قال تعقيباً على قول ابن معين عن بسر بأنه كان رجل سوء: الحديثُ جيِّد لا يُرَدُّ بمثل هذا، وقال ابن حجر في "الإصابة" 1/ 289 عن إسناد هذا الحديث: إسناد مصري قوي. حيوة: هو ابن شُريح. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه الترمذي (1516) عن قتيبة بن سعيد، عن عبد الله بن لهيعة -ورواية قتيبة عنه قبل سوء حفظه- عن عياش بن عباس، عن شِيَيم بن بيتان وحده، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7430) من طريق بقية بن الوليد، قال: حدثني نافع بن يزيد. قال: حدثني حيوة بن شُريح، عن عياش بن عباس، عن جنادة بن أبي أمية، قال: سمعت بسر بن أبي أرطأة قال: سمعت رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ... الحديث. ثم قال: ليس هذا الحديث مما يحتج به. قلنا: في إسناده عنده بقية بن الوليد، وهو ضعيف ومدلس تدليس التسوية، وقد أسقط من إسناده الواسطة بين عياش بن عباس وجنادة ابن أبي أمية. وهو في "مسند أحمد" (17626) و (17627). البختية: قال في "القاموس" البُخت بالضم: الإبل الخراسانية كالبُختِيَّةِ، والجمع البَخَاتِيُّ، وهي الأنثى من الجمال طوال الأعناق، قال الخطابي: يشبه أن يكون هذا إنما سرق البختية في البر، ورفعوه إليه في البحر، فقال عند ذلك هذا القول. قال ابن قدامة في "المغني" 13/ 172: من أتى حداً من الغزاة أو ما يوجب قصاصاً في أرض الحرب لم يقم عليه حتى يقفل، فيقام عليه حدُّه، وبهذا قال الأوزاعي وإسحاق. وقال مالك والشافعي وأبو ثور وابن المنذر: يقام الحد في كل موضع؛ لأن أمر الله تعالى بإقامته مطلق في كل مكان وزمان، إلا أن الشافعي قال: إذا لم يكن أمير الجيش الإِمام أو أمير إقليم، فليس له إقامة الحد، ويؤخر حتى يأتي الإِمام؛ لأن إقامة الحدود إليه. وكذلك إن كان بالمسلمين حاجة إلى المحدود، أو قوة به، أو شغل عنه، أخِّر، وقال أبو حنيفة: لا حد ولا قصاص في دار الحرب، ولا إذا رجع، ولنا على وجوب أمر الله تعالى ورسوله به، وعلى تأخيره ما روى بسر بن أرطأة أنه أُتي برجل في الغزاة قد سرق بُختية ... ، ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم، وروى سعيد في "سننه" [(2500)] بإسناده عن الأحوص بن حكيم، عن أبيه، أن عمر كتب إلى الناس أن لا يجلدنّ أمير جش ولا سرية رجلاً من المسلمين حداً وهو غازٍ حتى يقطع الدرب قافلاً لئلا تحمله حمية الشيطان فيلحق بالكفار. وعن أبي الدرداء مثل ذلك [سعيد بن منصور (2499)] وعن علقمة (2501) قال: كنا في جش في أرض =

19 - باب في قطع النباش

19 - باب في قَطْع النبَّاش 4409 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن أبي عِمرانَ، عن المُشَعَّث ابنِ طَريفٍ، عن عبد الله بنِ الصَّامتِ ¬

_ = الروم ومعنا حذيفة بن اليمان وعلينا الوليد بن عقبة فشرب الخمر، فأردنا أن نحُدَّه فقال حذيفة: أتحدُّون أميركم وقد دنوتم من عدوكم، فيطمعوا فيكم. وأتي سعْد بأبي محجن يوم القادسية وقد شرب الخمر فأمر به إلى القيد فلما التقى الناس قال أبو محجن: كفى حزناً أن تُطرد الجلُ بالقنا ... وأترك مشدوداً عَلَىَّ وثاقيا فقال لابنة خصفة امرأة سعد: أطلقيني، ولك الله عليّ إن سلَّمني اللهُ أن أرجع حتى أضع رجليَّ في القيد، فإن قتلتُ استرحتم مني، قال: فحلَّتْه حين التقى الناس وكانت بسعد جراحة، فلم يخرج يومئذ إلى الناس، قال: وصَعِدُوا به فوق العذَيب ينظر إلى الناس واستعمل على الخيل خالد بن عرفطة، فوثب أبو محجن على فرس لسعد يقال لها البلقاء، ثم أخذ رمحاً، ثم خرج، فجعل لا يحمل على ناحية من العدوّ إلا هزمهم، وجعل الناس يقولون: هذا ملك، لما يرونه يصنع، وجعل سعد يقول: الضَّبْر ضَبْر البلقاء، والطعن طعن أبي محجن، وأبو محجن في القيد، فلما هُزم العَدُوّ رجع أبو محجن حتى وضع رجليه في القيد، فأخبرت ابنة خصفة سعداً بما كان من أمره، فقال سعد: لا والله لا أضرب اليوم رجلاً أبلى اللهُ المسلمين به ما أبلاهم، فخلّى سبيله، فقال أبو محجن: قد كنت أشربها إذ يقام عليَّ الحد وأُطَهَّر منها، فأما إذ بهرجتني (أي: أهدرتني بإسقاط الحدّ عني) فوالله لا أشربها أبداً، أخرجه سعيد بن منصور في سننه (2502) عن أبي معاوية الضرير، حدَّثنا عمرو بن مهاجر، عن إبراهيم ابن محمَّد بن سعد، عن أبيه ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (17077) بمعناه عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، وهذا سند رجاله ثقات. وهذا اتفاق لم يظهر خلافه. فأما إذا رجع فإنه يقام الحد عليه لعموم الآيات والأخبار، وإنما أُخِّرَ لعارض، كما يؤخَّر لمرض أو شغل، فإذا زال العارض، أقيم الحدُّ، لوجود مقتضيه، وانتفاء معارضه، ولهذا قال عمر: حتى يقطع الدرب قافلاً.

20 - باب في السارق يسرق مرارا

عن أبي ذرِّ، قال: قال لي رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا أبا ذرٍّ" قلت: لبيك يا رسُولَ اللهِ وسعديكَ، فقال: "كيف أنتَ إذا أصابَ الناسَ موتٌ، يكون البيتُ فيه بالوصيفِ" يعني القبرَ، قلت: اللهُ ورسولُه أعلمُ، أو ما خارَ الله ورسولُه، قال: "عليك بالصَّبر" أو قال: "تصبِر" (¬1). قال أبو داود: قال حمادُ بنُ أبي سليمان: يُقطعُ النبّاشُ؛ لأنه دخل على الميتِ بيتَه. 20 - باب في السارق يَسرقُ مراراً 4410 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الله بنِ عُبيد بن عَقِيل الهلاليُّ، حدَّثنا جدِّي، عن مُصْعَب بنِ ثابت بنِ عبدِ الله بنِ الزبير، عن محمَّد بنِ المنكدرِ عن جابرِ بنِ عبد الله، قال: جِيءَ بسارِقٍ إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "اقتُلوه"، فقالوا: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، إنما سَرَقَ، فقال: "اقطعُوه" قال: فَقُطِعَ، ثم جيء به الثانيةَ، فقال: "اقتلُوه" فقالوا: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، إنما ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (4261). قال الخطابي: موضع استدلال أبي داود من الحديث أنه سمى القبر بيتاً، والبيت حرز، والسارق من الحرز مقطوع إذا بلغت سرقته مبلغ ما تقطع فيه اليد. والوصيف: العبد، يريد: أن الفضاء من الأرض يضيق عن القبور ويشتغل الناس بأنفسهم عن الحفر لموتاهم، حتى تبلغ قيمة القبر قيمة العبد. وقد اختلف الناسُ في قطع النبَّاش: فذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق إلى أنه يقطع إذا أخذ من القبر ما يكون فيه القطع. وبه قال أبو يوسف، وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز والحسن والشعبي والنخعي وقتادة وحماد بن أبي سليمان. وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري: لا قطع عليه.

سَرَقَ، فقال: "اقطعُوه"، قال: فقُطِعَ، ثم جِيء به الثالثة، فقال: "اقتلُوه"، فقالوا: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، إنما سَرَقَ، فقال: "اقطعُوه"، ثم أُتي به الرابعةَ، فقال: "اقتُلوه" فقالوا: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، إنما سَرَقَ، قال: "اقطعوه"، فأتي به الخامسَةَ فقال: "اقتلُوه" قال جابرٌ: فانطلقنَا بِهِ فقتلناه ثم اجتررْناه فالقيناهُ في بِئرٍ، ورمينَا عليه الحِجَارة (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف مصعب بن ثابت، وقال النسائي: مصعب بن ثابت ليس بالقوي، ويحيى القطان لم يتركه، وهذا الحديث ليس بصحيح، ولا أعلم في هذا الباب حديثاً صحيحاً عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7429) عن محمَّد بن عبد الله بن عُبيد بن عَقيل، بهذا الإسناد. وقال الخطابي: هذا في بعض إسناده مقال، وقد عارض الحديث الصحيح الذي بإسناده وهو أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: كفر بعد إيمان وزنىً بعد إحصان، أو قتل نفس بغير نفس" والسارق ليس بواحد من الثلاثة، فالوقوف عن دمه واجب. لا أعلم أحداً من الفقهاء يبيح دم السارق وإن تكررت منه السرقة مرة بعد مرة أخرى، إلا أنه قد يخرَّج على مذاهب بعض الفقهاء أن يباح دمه، وهو أن يكون هذا من المفسدين في الأرض في أن للإمام أن يجتهد في تعزير المفسدين، ويبلغ به ما رأى من العقوبة. وإن زاد على مقدار الحد وجاوزه، وإن رأى القتل قتل. ويُعزى هذا الرأي إلى مالك بن أنس. وهذا الحديث إن كان له أصل فهو يؤيد هذا الرأي. وقد اختلف الناس في السارق إذا سرق مرة فقطعت يده اليُمنى، ثم سرق مرة فقطعت رجله اليُسرى. فقال مالك والشافعي وإسحاق بن راهويه: إن سرق الثالثة قطعت يده اليسرى، وإن سرق الرابعة قطعت رجله اليُمنى، وإن سرق بعد ذلك عُزِّر وحبس. وقد حُكي مثل ذلك عن قتادة. =

21 - باب في تعليق يد السارق في عنقه

21 - بابٌ في تعليق يد السارق في عُنُقِهِ 4411 - حدَّثنا قُتيبة بنُ سعيدٍ، حدَّثنا عُمر بنُ عليٍّ، حدَّثنا الحجاجُ، عن مَكحولٍ، عن عبدِ الرحمن بن مُحيرِيز، قال: سألنا فَضَالةَ بنَ عُبيدٍ عن تعليقِ اليدِ في العُنق للسارق، أمن السُّنَّة هو؟ قال: أُتيَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بسارقٍ فقُطِعَت يَدُه، ثم أمر بها، فعُلِّقت في عُنُقه (¬1). 22 - باب بيع المملوكِ إذا سَرَقَ (¬2) 4412 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا أبو عَوَانَةَ، عن عُمر بنِ أبي سلمة، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا سَرَقَ المملُوكُ فبِعهُ ولو بِنَشٍّ" (¬3). ¬

_ = وقال الشعبي والنخعي وحماد بن أبي سليمان والأوزاعي وأحمد بن حنبل: إذا سرق قطعت يده اليمنى، فإن سرق الثانية قطعت رجله اليسرى، فإن سرق الثالثة لم يقطع واستودع السجن. وقد روي مثل ذلك عن علي رضي الله عنه. قلنا: وهذا الأخير هو رأي الحنفية رأوه استحساناً. انظر "البناية" للعيني 7/ 50. (¬1) إسناده ضعيف لضعف الحجاج -وهو ابن أرطأة- ثم هو مدلس وقد عنعن. وبه أعلّ الحديثَ النسائيُّ في "المجتبى" (4983)، والزيلعي في "نصب الراية" 3/ 370، وقال أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوذي" 6/ 227: لم يثبت. وأخرجه ابن ماجه (2587)، والترمذي (1513)، والنسائي في "الكبرى" (7433) و (7434) من طريق حجاج بن أرطأة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23946). (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن الأعرابي. (¬3) إسناده ضعيف لضعف عمر بن أبي سلمة -وهو ابنُ عبد الرحمن بن عوف-، وبه أعله النسائي في "المجتبى" (4980) 0 أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. =

23 - باب في الرجم

قال أبو داود: النَّشُّ نصف أوقية، والأوقية أربعون درهماً، النصفُ أوقية من ذلك عشرون درهماً (¬1). 23 - باب في الرَّجْم 4413 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بنِ ثابت المروزيُّ، حدثني عليُّ بنُ الحُسين، عن أبيه، عن يزيد النحويِّ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباسٍ قال: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] وذكر الرجُلَ بعد المرأةِ ثم جمعهُما فقال: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} [النساء: 16] فنُسخَ ذلك بآيةِ الجلدِ فقال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2] (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2589)، والنسائي في "الكبرى" (7431) من طريق أبي عوانة اليشكري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8439). (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن العبد. (¬2) صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل علي بن الحسين -وهو ابن واقد المروزي- فإنه صدوق حسن الحديث وهو متابع. يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد المروزي. وأخرجه البيهقي 8/ 210 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه أبو عبيد القاسم في "الناسخ والمنسوخ" (239)، والطبري في "تفسيره" 4/ 292، وأبو جعفر النحاس في "الناسخ والمنسوخ" ص 119، والبيهقي 8/ 211، وابن الجوزى في "نواسخ القرآن" ص 263 من طريق علي بن أبي طلحة، وأبو عبيد (238) من طريق عطاء بن أبي مسلم الخراساني، والطبري 4/ 292 من طريق عطية العوفي، وأبو جعفر النحاس ص 118، والطبراني في "الكبير" (11134) =

4414 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بنِ ثابت، حدَّثنا موسى -يعني ابن مسعودٍ- عن شِبْلٍ، عن ابنِ أبي نَجيح عن مُجاهدٍ، قال: السبيلُ: الحدُّ (¬1). ¬

_ = من طريق مجاهد بن جبر، كلهم عن ابن عباس. وهذه الطرق وإن كانت لا تخلو من مقال يصح بها الأثر إن شاء الله تعالى. قال ابن كثير في "تفسيره" 2/ 204: قال ابن عباس: كان الحكم كذلك، حتى أنزل الله سورة النور فنسخها بالجلد أو الرجم. وكذا روي عن عكرمة وسعيد بن جبير والحسن وعطاء الخراساني وأبي صالح وقتادة وزيد بن أسلم والضحاك: أنها منسوخة، وهو أمر متفق عليه. وقال ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 263: لا يختلف العلماء في نسخ هذين الحكمن عن الزانيين، أعني الحبسَ والأذى، وإنما اختلفوا بماذا نُسخا؟ فقال قوم نُسخا بقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ .... وقال قوم: نُسخ هذان الحُكمان بحديث عبادة بن الصامت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، الثيب بالثيب جلد مئة ورجم بالحجارة، والبكر بالبكر جلد مئة ونفي سنة" [قلنا: هو الحديث الآتي عند المصنف برقم (4415)] قالوا: فنسخت الآيةُ بهذا الحديث، وهؤلاء يُجيزون نسخ القرآن بالسنة، وهذا قول مطرح، لأنه لو جاز نسخ القرآن بالسنة لكان ينبغي أن يُشترط التواتر في ذلك الحديث، فأما أن يُنسخَ القرآنُ بأخبار الآحاد فلا يجوز ذلك، وهذا من أخبار الآحاد. قال: وقد اختلف العلماء بماذا ثبت الرجم على قولين: أحدهما: أنه نزل به قرآن ثم نسخ لفظُه، وانعقد الإجماع على بقاء حكمه. والثاني: أنه ثبت بالسنة. (¬1) رجاله ثقات. مجاهد: هو ابن جَبْر المكي، وابن أبي نجيح: هو عبد الله، وشبل: هو ابن عبّاد المكي. وأخرجه الطبري 4/ 292، والبيهقي 8/ 210 من طرق عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد. =

قال سفيان: فآذوهما: البِكْران، فامسكوهن في البيوت: الثيبات (¬1). 4415 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سعيدِ بنِ أبي عروبة، عن قتادَة، عن الحسن، عن حِطّان بنِ عبد الله الرَّقاشي عن عُبادةَ بنِ الصَّامِتِ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "خُذُوا عنِّي، خُذُوا عنِّي، قد جعل اللهُ لهنَّ سبيلاً: الثَّيِّبُ بالثَّيِّبِ جلدُ مئةٍ ورميٌ بالحجارة، والبِكر بالبِكرِ جلدُ مئةٍ ونفيُ سنةٍ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه الطبري 4/ 293، وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" ص 263 من طريق ورقاء بن عمر اليشكري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: السبيل: الجَلْد. لكنه قال عند ابن الجوزي: فآذوهما، أي: سبّاً، ثم نسخها {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}. (¬1) مقالة سفيان هذه، أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي. (¬2) إسناده صحيح. الحسن: هو ابن أبي الحسن البصري، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه مسلم (1690)، وابن ماجه (2550)، والنسائي في "الكبرى" (7105) من طريق قتادة بن دعامة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (7104) من طريق يونس بن عُبيد، عن الحسن البصري، به. وهو في "مسند أحمد" (22666) و (22703)، و"صحيح ابن حبان" (4427) و (4443). وانظر ما بعده. قال الخطابي: قوله: "خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا" إشارة إلى قوله سبحانه: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] ثم فسَّر السبيل فقال: "الثيب بالثيب" يريد إذا زنى الثيب بالثيب، وكذلك قوله: "البكر بالبكر" يريد إذا زنى البكر بالبكر ... =

4416 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقية ومحمدُ بنُ الصَّبَّاح بنِ سفيانَ، قالا: حدَّثنا هُشَيْمٌ، عن منصورٍ ¬

_ = واختلف العلماء في تنزيل هذا الكلام ووجه ترتيبه على الآية: وهل هو ناسخ للآية: أو مبيِّن لها، فذهب بعضهم إلى النسخ، وهذا على قول من يرى نسخ الكتاب بالسنة. وقال آخرون: بل هو مبين للحكم الموعود بيانه في الآية فكأنه قال: عقوبتهن الحبس إلى أن يجعل الله لهن سبيلاً، فوقع الأمر بحبسهن إلى غاية، فلما انتهت مدة الحبس، وحان وقت مجيء السبيل، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: خذوا عني تفسير السبيل وبيانه ولم يكن ذلك ابتداء حكم منه، وإنما هو بيان أمر كان ذكر السبيل منطوياً عليه، فأبان المبهم منه، وفصل المجمل من لفظه، فكان نسخ الكتاب بالكتاب لا بالسنة، وهذا أصوب القولين. وفي قولة: "جلد مئة ورمي بالحجارة" حجة لقول من رأى الجمع بين الحد والرجم على الثيب المحصن إذا زنى. وقد روي ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله أنه قد استعمل ذلك في بعض الزناة، وقال: جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم-. وإلى هذا ذهب الحسن البصري، وبه قال إسحاق بن راهويه وهو قول داود وأهل الظاهر. وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رجم ولم يجلد. وإليه ذهب عامة الفقهاء، ورأوا أن الجلد منسوخ بالرجم، وقد رجم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ماعزاً ولم يجلده. ورجم اليهوديين ولم يجلدهما. واحتج الشافعي في ذلك بحديث أبي هريرة في الرجل الذي استفتى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - عن ابنه الذي زنى بامرأة الرجل، فقال له: على ابنك جلد مئة وتغريب عام، وعلى المرأة الرجم. واغدُ يا أنيس على المرأة، فإن اعترفت فارجمها. فغدا عليها فاعترفت فرجمها. قال: فهذا الحديث آخر الأمرين؛ لأن أبا هريرة قد رواه، وهو متأخر الإِسلام. ولم يعرض للجلد بذكر. وإنما هو الرجم فقط. وكان فعله ناسخاً لقوله الأول. قلنا: ونسب الترمذي في "سننه" بإثر الحديث (1499) القول بالجمع بين الجلد والرجم إلى أُبي بن كعب وعبد الله بن مسعُود أيضاً.

عن الحسنِ، بإسناد يحيى ومعناهُ، قال: جلدُ مئةِ والرجْمُ (¬1). 4417 - حدَّثنا محمدُ بنُ عوفٍ الطائيُّ، حدَّثنا الربيعُ بنُ روح بنِ خُلَيدٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ خالد -يعني الوهبيَّ- حدَّثنا الفضلُ بنُ دَلهَمٍ، عن الحسنِ، عن سلمةَ بنِ المُحبِّق عن عُبادة بن الصَّامت، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بهذا الحديث، فقال ناسٌ لِسعَد بنِ عُبادةَ: يا أبا ثابتٍ، قد نزلتِ الحدودُ، لو أنَّكَ وجدت مع امرأتك رجلاً كيف كنت صانعاً؟ قال: كُنتُ ضاربَهُما بالسَّيف حتى يسكُتا، أفأنا أذهبُ فأجمعُ أربعةَ شهداءَ؟ فإلى ذلك قد قضى الحاجةَ، فانطلقُوا فاجتمعُوا عند رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالوا: يا رسُولَ الله، ألم تر إلى أبي ثابتٍ قال كذا وكذا؟ فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "كفى بالسَّيفِ شاهِداً" ثم قال: "لا، لا، أخافُ أن يتتايعَ فيها السَّكرانُ والغيرانُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الحسن: هو البصري، ومنصور: هو ابن زاذان، وهشيم: هو ابن بشير الواسطي. وأخرجه مسلم (1690)، والترمذي (1499)، والنسائي في "الكبرى" (7106) من طريق هشيم بن بشير، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22666)، و"صحيح ابن حبان" (4425) و (4426). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف. الفضل بن دلهم لين الحديث. والحسن -وهو البصري- الظاهر أنه لم يسمعه من سلمة بن المحبق، فقد أخرج ابنُ ماجه الحديث (2606) من طريق وكيع، عن الفضل بن دلهم، عن الحسن، عن قبيصة بن حُريث، عن سلمة بن المحبق قال: قيل لأبي ثابت سعد بن عبادة. فزاد في الإسناد قبيصة بن حريث وجعله من مسند سلمة بن المُحبّق. وقبيصة بن حريث هذا قال البخاري: في حديثه نظر، وقال النسائي: لا يصح حديثه، وجهله ابن القطان. =

قال أبو داود: روى وكيعٌ أوَّلَ هذا الحديث عن الفضل بنِ دَلهم عن الحَسَنِ، عن قبيصةَ بنِ حُريث عن سلمةَ بنِ المُحبِّق عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وإنما هذا إسنادُ حديثِ ابنِ المحبِّق: أن رجلاً وقَع على جاريةِ امرأته. قال أبو داود: الفضلُ بنُ دلهم ليس بالحافظ، كان قصَّاباً بواسِطَ. 4418 - حدَّثنا عبدُ الله بن محمَّد النُفيليُّ، حدَّثنا هُشيمٌ أخبرنا الزهريُّ، عن عُبيدِ الله بن عبدِ الله بنِ عُتبةَ عن عبدِ الله بن عباس: أن عُمر بن الخطاب خَطَبَ، فقال: إن الله عزَّ وجلَّ بعثَ محمداً -صلَّى الله عليه وسلم- بالحقِّ، وأنزل عليه الكتابَ، فكان فيما أَنزَلَ عليه آيةَ الرجمِ، فقرأناها ووعَيناها، ورَجَمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ورجَمْنَا من بعده، وإني خشيتُ إن طالَ بالناسِ الزمان أن يقولَ قائلٌ: ما نجدُ آيةَ الرجمِ في كتابِ الله، فيَضِلُّوا بتركِ فريضة أنزلها اللهُ، فالرَّجمُ حقٌّ على من زنى من الرجالِ والنساءِ إذا كان مُحصَناً إذا قامتِ البينةُ أو كان حَملٌ أو اعترافٌ، وايمُ الله لولا أن يقول الناسُ: زاد عمر في كتاب الله عزَّ وجل لكتبتُها (¬1). ¬

_ = وأخرجه بنحوه مختصراً عبد الرزاق (17918) عن معمر، عن كثير بن زياد البصري، عن الحسن مرسلاً. قوله: "يتتايع" قال في "النهاية": التتايُع: الوقوع في الشر من غير فكرة ولا رويَّة. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (ب) وهامش (هـ)، وأشار في هامش (هـ) إلى أنه في رواية ابن الأعرابي. ثم قال بإثره: وقد رواه أبو بكر ابن داسه في كتاب "التفرد" [وهذا كتاب لأبي داود معروف]. وقد ذكر المزي في "التحفة" (5088) أنه في رواية ابن داسه أيضاً، يعني في "السنن". مع أنه ليس في أصل (هـ) عندنا وهي برواية ابن داسه، فالله تعالى أعلم. وإنما هو في روايته لكتاب "التفرد" كما ذكره في هامش (هـ). (¬1) إسناده صحيح. هشيم: هو ابن بَشير الواسطي. =

24 - باب رجم ماعز بن مالك

24 - باب رجم ماعز بن مالك (¬1) 4419 - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ الأنباريُّ، حدَّثنا وكيعٌ، عن هشامِ بنِ سعدٍ، أخبرني يزيدُ بنُ نعيمِ بنِ هزَّال عن أبيه، قال: كان ماعزُ بنُ مالكِ يتيماً في حجر أبي، فأصابَ جاريةً من الحيِّ، فقال له أبي: ائت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فأخبره بما صنعت، لعله يستغفِرُ لك، وإنما يريدُ بذلك رجاء أن يكون له مخرَجاً، قال: فأتاه فقال: يا رسولَ الله، إني زنيتُ فأقِم عليَّ كتابَ الله، فأعرضَ عنه، فعاد فقالَ: يا رسولَ الله: إني زنيتُ فأقم علىَّ كتابَ الله، فأعرضَ عنه، فعادَ فقالَ: يا رسولَ الله، إني زنيتُ فأقِم علىَّ كتابَ الله (¬2) حتى قالها ¬

_ = وأخرجه البخاري (6829) و (6830) و (7323)، ومسلم (1691)، وابن ماجه (2553)، والترمذي (1494)، والنسائي في "الكبرى" (7118) و (7119 - 7122) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وجاء في رواية سفيان بن عيينة وهي رواية ابن ماجه والنسائي في الموضع الأول ذكر نص ما كان يقرأ وهو: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة" قال النسائي: لا أعلم أحداً ذكرها في هذا الحديث غير سفيان، وينبغي أن يكون وهم، والله أعلم. وأخرجه بنحوه النسائي في "الكبرى" (7113) و (7114) و (7116) و (7117) من طريق سعد بن إبراهيم، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن عبد الرحمن بن عوف قال: خطبنا عمر ... الحديث. فجعله سعدُ بن إبراهيم من مسند عبد الرحمن بن عوف، ولا يضر مثل هذا الاختلاف؛ لأنه قد يكون ابن عباس سمعه من عبد الرحمن بن عوف، ثم أرسله ومراسيل الصحابة حجة. وهو في "مسند أحمد" (352) و (391)، و"صحيح ابن حبان" (413) و (414) و (6239). (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (هـ)، وهامش (ب). (¬2) مقالة ماعز هذه في المرة الثالثة، أثبتناها من (ب)، وفي سائر أصولنا الخطية ذُكرت مرتين وحسب.

أربعَ مرارٍ، قال -صلَّى الله عليه وسلم-: "إنكَ قد قُلتَها أربع مرَّاتِ، فبِمن؟ " قال: بفلانه، فقال: "هل ضاجعتها؟ " قال: نعم، قال: "هل باشرتها؟ " قال: نعم، قال: "هل جامعتَها؟ " قال: نعم، قال: فأمَر بهِ أن يُرجَمَ، فأخرجَ به إلى الحَرَّة، فلما رُجِمَ، فوجد مسَّ الحجارة فجزِع فخرج يشتدُّ، فلقيه عبدُ الله بن أُنَيس، وقد عَجَزَ أصحابُه، فنزَعَ له بوظيفِ بعير فرماه به، فقتَله، ثم أتى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فذكر ذلك له، فقال: "هلا تركتموه، لعله أن يتُوب فيتوبَ اللهُ عزَّ وجلَّ عليه" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. نعيم بن هزال مختلف في صحبته، وقد روى عنه ابنه يزيد ومحمد بن المنكدر وذكره ابن حبان في "الثقات"، وابنه يزيد وهشام بن سعد صدوقان حسناً الحديث. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7167) و (7234) من طريق زيد بن أسلم، عن يزيد بن نعيم، به. وهو في "مسند أحمد" (21890 - 21895). وانظر تمام تخريجه وتفصيل طرقه في "مسند أحمد". وانظر ما سلف برقم (4377). وقصة رجم ماعز بن مالك قد رواها جمع من الصحابة رضوان الله تعالى عنهم ستأتي أحاديثهم عند المصف في هذا الباب. قال الخطابي: اختلف أهل العلم في هذه الأقارير المكررة، هل كانت شرطاً في صحة الأقارير بالزنى حتى لا يجب الحكم إلا بها، أم كانت زيادة في التبيُّن والاستثبات لشُبهة عرضت في أمره: فقال قوم: هي شرط في صحة الإقرار لا يجب الحكُم عليه إلا بتكريره أربع مرات، وإليه ذهب الحكم بن عُتيبة وابن أبي ليلى وأبو حنيفة وأصحابه وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه واحتج من احتج منهم بقوله: "إنك قد قلتها أربع مرات" إلا أنهم اختلفوا فيه إذا كان كله في مجلس واحد، فقال أبو حنيفة وأصحابه: إقراره أربع مرات في مجلس واحد بمنزلة إقراره مرة واحدة. وقال ابن أبي ليلى وأحمد بن حنبل: إذا أقر أربع مرات في مجلس واحد رُجِم. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال مالك والشافعي وأبو ثور: إذا أقر مرة واحدة رجم كما إذا أقر مرة واحدة بالقتل قُتِل، وبالسرقة قُطِعَ. وروي ذلك عن الحسن البصري وحماد بن أبي سليمان. وذهب هؤلاء إلى أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما ردّه مرة بعد أخرى للشبهة التي داخلته في أمره، ولذلك سأل هل به جِنَّةٌ أو خَبَل؟ وقال لهم: "استنكهوه" أي: لعله شرب ما أذهب عقله وجعل يستفسره الزنى، فقال: "لعلك قبَّلت؟ " "لعلك لمستَ؟ " إلى أن أقر بصريح الزنى، فزالت عند ذلك الشبهة فأمر برجمه، وإنما لزم الحكم عنده بقراره في الرابعة؛ لأن الكشف إنما وقع به، ولم يتعلق بما قبله. واستدلوا في ذلك بقول الجُهنية: لعلك تريد أن تردّدني كما رددت ماعزاً؟ فعُلم أن الترديد لم يكن شرطاً في الحكم، وإنما كان من أجل الشبهة. قالوا: وأما قوله: "قد قلتها أربع مرات" فقد يحتمل أن يكون معناه: أنك قلتها أربع مرات، فتبيَّنتُ عند إقرارك في الرابعة أنك صحيح العقل، ليست بك آفةٌ تمنع من قبول قولك، فيكون معنى التكرار راجعاً إلى هذا. وفي قوله: "هلا تركتموه" دليل على أن الرجل إذا أقر بالزنى، ثم رجع عنه دُفع عنه الحدُّ سواء وقع به الحد أو لم يقع. إلى هذا ذهب عطاء بن أبي رباح والزهري وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة وأصحابه، وكذلك قال الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه. وقال مالك بن أنس وابن أبي ليلى وأبو ثور: لا يُقبل رجوعه ولا يُدفع عنه الحد، وكذلك قال أهل الظاهر. وروي ذلك عن الحسن البصري وسعيد بن جبير. وروي معنى ذلك عن جابر بن عبد الله. وتأولوا قوله: "هلا تركتموه" أي: لينظر في أمره ويستثبت المعنى الذي هرب من أجله. قالوا: ولو كان القتل عنه ساقطاً لصار مقتولاً خطأ، وكانت الدية على عواقلهم، فلما لم تلزمهم ديته دل على أن قتله كان واجبا. قلت [القائل الخطابي]: وفي قوله: "هلا تركتموه" على معنى المذهب الأول دليل على أنه لا شيء على من رمى كافراً، فأسلم قبل أن يقع السهم، وكذلك المأذون له في قتل رجل قصاصاً فلما تنحى عنه عفا وليُّ الدم عنه. وكذلك قال هؤلاء في شارب الخمر إذا قال: كذبتُ، فإنه يُكَفُّ عنه. وكذلك السارق إذا قال: كذبتُ، لم تُقطع يده. ولكن لا تسقط الغرامة عنه لأنها حق الآدمي. وقال في "النهاية": وظيف البعير: خفُّه، وهو له كالحافر للفرس.

4420 - حدَّثنا عُبيدُ اللهِ بنُ عمر بنِ ميسرةَ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زريع، عن محمَّد بن إسحاق، قال: ذكرتُ لعاصم بن عُمر بنِ قتادةَ قصةَ ماعز بنِ مالكٍ، فقال لي: حدَّثني حَسنُ بنُ محمَّد بنِ علي بن أبي طالبٍ، قال: حدَّثني ذلك مِن قولِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "فهلا تركتموه" مَن شئتُ (¬1) مِن رجالِ أسلَم مِمَّن لا أتَّهم، قال: ولم أعرِف الحديث، قال: فجئتُ جابِرَ بنَ عبدِ الله، فقلتُ: إن رجالاً من أسلم يُحدَّثون أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال لهم حين ذكروا له جَزَعَ ماعزٍ من الحجارةِ حينَ أصابته: "ألَّا تركتموه" وما أعرِفُ الحديثَ، قال: يا ابنَ أخي، أنا أعلمُ الناسِ بهذا الحديث، كنتُ فيمن رجم الرجلَ، إنا لما خرجنا به فرجمناه فوجَدَ مسَّ الحجارةِ صرخَ بنا: يا قومُ رُدُّوني إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فإنَّ قومي قتلُوني وغزُّوني مِن نفسي، وأخبروني أنَ رسولَ الله غيرُ قاتلي، فلم ننزِع عنه حتى قتلناه، فلما رجعنا إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وأخبرناه، قال: "فهلَّا تركتمُوه وجئتموني به" ليستثبت رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - منه، فأما لتركِ حدٍّ فلا، قال: فعرفتُ وجهَ الحديث (¬2). ¬

_ (¬1) المثبت من (أ)، وهو رواية أبي عيسى الرملي كما أشير إليه في هامش (هـ)، وهو الموافق لرواية النسَائي من طريق يزيد بن زريع أيضاً، وفي بقية أصولنا الخطية: من شئتم. بضمير الجماعة المخاطبين. (¬2) إسناده حسن. وقد صرح محمَّد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطلبي مولاهم- بسماعه عند المصنف وغيره فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7168) و (7169) من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15089).

4421 - حدَّثنا أبو كامل، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيع، حدَّثنا خالد -يعني الحذاء- عن عِكرمة عن ابنِ عباس: أن ماعزَ بنَ مالكٍ أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: إنه زنى، فأعرض عنه، فأعادَ عليه مِراراً، فأعرض عنه، فسألَ قومه: "أمجنونٌ هو؟ " قالوا: ليس به بأسٌ، قال:، أفعلتَ بها؟ " قال: نعم، فأمر به أن يُرجَم، فانْطُلِقَ به فرُجِمَ، ولم يُصَلِّ عليه (¬1). 4422 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عوانةَ، عن سماك عن جابرِ بنِ سمرة، قال: رأيتُ ماعِزَ بنَ مالك حين جِيءَ به إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - رجلاً قصيراً أعضَلَ ليسَ عليه رداء، فشهد على نفسه أربعَ مرات أنه قد زنى، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "فلعلَّك قبَّلتَها (¬2)؟ " قال: لا واللهِ إنَّه قد زَنَى الأَخِرُ؟ قال: فرجمه ثم خطب، فقال:،" ألا كُلَّما نفرنا في سبيلِ اللهِ خَلَفَ أحدُهم لهُ نَبِيبٌ كنبيبِ التَّيس يمنحُ إحداهنَّ الكُثبَة، أما إن الله عزَّ وجلَّ إن يُمكِّنِّي من أحدٍ منهم إلا نكَّلتُه عنهنَّ (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. خالد الحذاء: هو ابن مِهران، وأبو كامل: هو فُضَيل بن حُسين الجَحْدري. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (11945)، وفي "الأوسط" (4556) من طريق أبي كامل الجَحْدري، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7132) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن خالد الحذاء، عن عكرمة مرسلاً. وانظر ما سيأتي برقم (4425 - 4427). وقد سلف الكلام في الصلاة على المرجوم عند الحديث السالف برقم (3186). (¬2) قوله: "قبَّلتَها" من (ب) و (ج)، واقتصر في (أ) و (هـ) على قوله: "فلعلّك؟ ". (¬3) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل سماك -وهو ابن حرب- أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكُري، ومُسدَّد: هو ابن مُسرهَد. =

4423 - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، عن محمد بنِ جعفرٍ، عن شُعبةَ، عن سماكٍ، قال: سمعتُ جابرَ بنَ سَمُرة، بهذا الحديث، والأولُ أتمُّ، قال: فردَّه مرَّتين، قال سماكٌ: فحدَّثتُ به سعيدَ بن جُبير فقال: إنه ردَّه أربعَ مرات (¬1). 4424 - حدَّثنا عبدُ الغنيِّ بنُ أبي عَقيل المصريُّ، حدَّثنا خالدٌ -يعني ابن عبدِ الرحمن- قال: ¬

_ = وأخرجه مسلم (1692) من طريق أبي عوانة اليشكري، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7145) من طريق زهير بن معاوية، عن سماك ابن حرب، عن جابر بن سمرة قال: أتى ماعز بن مالك الأسلمي رجل قصير في إزار ما عليه رداء وأنا انظر إليه، قال: ورسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- على وسادة عن يساره، قال: وبيني وبينه القوم، فكلَّمه وما أدري ما يُكلِّمه وأنا انظر، ثم قال: "اذهبوا به" فانطلق به، ثم قال: "ردُّوه" فرُدَّ فكلَّمهُ، ثم قال: "اذهبوا به فارجموه". وهو في "مسند أحمد" (20803)، و"صحيح ابن حبان" (4436). ويشهد له حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم (1694) وغيره. وقوله: له نبيب. النبيب: صوت التيس عند السفاد، والكثبة: القليل من اللبن، وقوله: نكلته معناه: ردعته بالعقوبة، ومنه النكول في اليمين، وهو أن يرتدع فلا يحلف، يقال: نكل ينكُل، ونكل يَنكِلُ لغتان. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن كسابقه. شعبة: هو ابن الحجّاج. وأخرجه مسلم (1692)، والنسائي في "الكبرى" (7144) من طريق محمَّد بن جعفر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20983). وانظر ما قبله.

قال شعبةُ: فسألتُ سِماكاً، عن الكُثْبةِ، فقال: اللبنُ القَليلُ (¬1). 4425 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن سماكِ بنِ حربٍ، عن سعيدِ ابنِ جُبير عن ابنِ عباسٍ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لماعِزِ بنِ مالك: "أحقٌّ ما بلغني عنك؟ " قال: وما بلغكَ عنِّي؟ قال: "بلغني عنكَ أنَّك وقعت على جارِية بني فلان؟ " قال: نعم، فشَهِدَ أربعَ شهاداتٍ، فأمرَ به فَرُجم (¬2). 4426 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، أخبرنا أبو أحمد، أخبرنا إسرائيل، عن سماكِ بنِ حرب، عن سعيد بنِ جُبير عن ابنِ عباسٍ قال: جاء ماعزُ بن مالكٍ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فاعترفَ بالزنى مرتَين، فطرده، ثم جاء فاعترفَ بالزِّنى مرتين، فقال: "شهِدتَ على نفسِك أربع مرَّاتٍ، اذهبوا به، فارجُمُوه" (¬3). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات. خالد بن عبد الرحمن: هو الخُراساني، وعبد الغني بن أبي عَقيل: هو ابن رِفَاعة بن عبد الملك. وهو في "مَسند أحمد" (20984). وانظر سالفيه. (¬2) إسناده حسن من أجل سماك بن حرب. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكُري. وأخرجه مسلم (1693)، والترمذي (1490)، والنسائي في "الكبرى" (7133) من طريق أبي عوانة اليشكُري، والنسائي (7134) من طريق زهير بن معاوية، كلاهما عن سماك، به. إلا أنه قال في رواية زهير: فاعترف أربع مرات: مرتين مرتين. وانظر تالييه وما سلف برقم (4421). (¬3) إسناده حسن من أجل سماك بن حرب. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وأبو أحمد: هو محمَّد بن عبد الله بن الزبير الأسدي الزُّبيري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7135) من طريق إسرائيل، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

4427 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا جرير، حدَّثني يعلى، عن عِكرمة أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وحدَّثنا زهيرُ بنُ حربٍ وعُقبة بنُ مُكرَمٍ، قالا: حدَّثنا وهبُ بنُ جرير، حدَّثنا أبي، قال: سمعتُ يعلى بنَ حكيم يُحدِّث، عن عِكرِمة عن ابنِ عباس: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - قال لِماعزِ بنِ مالك: "لعلكَ قبَّلت، أو غمزت، أو نظرت" قال: لا، قال: "أفنكتَها؟ " قال: نعم، قال: فعندَ ذلك أمر برجمه، ولم يذكر مُوسى: عن ابنِ عباسٍ، وهذا لفظ حديث وهبٍ (¬1). 4428 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، عن ابنِ جُرَيجٍ، أخبرني أبو الزُّبير، أن عبدَ الرحمن بنَ الصامتِ ابنَ عم أبي هريرة أخبره أنه سَمِعَ أبا هريرة يقول: جاء الأسلميُّ نبيَّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- فشَهِدَ على نفسِه أنه أصَابَ امرأةً حراماً أربعَ مرَّاتٍ، كلُّ ذلك يُعرِضُ عنه فأقبل في الخامسة، فقال: "أنكتها؟ " قال: نعم، قال: "حتى غاب ذلك منك في ذلك منها؟ " قال: نعم: قال: "كما يغيب المرودُ في المُكْحُلَةِ والرِّشاءُ في البئر؟ " قال: نعم، قال: "فهل تدري ما الزِّنى؟ " قال: نعم، أتيتُ منها حراماً ما يأتي الرجلُ من امرأته حلالاً، قال: "فما ¬

_ (¬1) إسناده الموصُول صحيح. جرير: هو ابن حازم. وأخرجه البخاري (6824)، والنسائي في "الكبرى" (7131) من طريق وهب بن جرير، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (7130) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس أن الأسلمي أتى رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فاعترف بالزنى، فقال: "لعلك قبَّلت، أو غمزت، أو نظرت؟ ". وهو في "مسند أحمد" (2129). وانظر سابقيه.

تُرِيدُ بهذا القولِ؟، قال: أريدُ أن تُطهِّرني، فأمر به فَرُجِمَ، فسمع النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- رجُلين من أصحابه يقول أحدُهما لصاحبه: انظُر إلى هذا الذي ستر اللهُ عليه فلم تَدَعْه نفسُه حتى رُجِمَ رَجمَ الكلبِ، فسكتَ عنهما، ثم سارَ ساعةً حتى مرَّ بجيفةِ حِمَارٍ شائِلٍ برجله، فقال: "أينَ فلانٌ وفلانٌ؟ " فقالا: نحنُ ذانِ يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم، قال: "انزِلا فكُلا من جِيفةِ هذا الحمارِ" فقالا: يا نبي الله، من يأكُلُ من هذا؟ قال: "فما نلتما مِن عِرض أخيكما آنفاً أشدُّ من أكلٍ منه، والذي نفسي بيدِه إنه الآن لفي أنهارِ الجنة، يَنقمِسُ (¬1) فيها، (¬2). ¬

_ (¬1) المثبت من (أ)، وعليها شرح الخطابي، وأشار في (أ) إلى أنها كذلك في رواية ابن داسه وابن العبد. وفي رواية اللؤلؤي: ينغمس، كذلك جاء في (ب) و (ج) وصححه في (أ). (¬2) إسناده ضعيف. عبد الرحمن بن الصامت -ويقال: عبد الرحمن بن الهضاض، وقيل: ابن هضهاض، وقيل: ابن الهضاب- لم يوثقه غير ابن حبان. وقال البخاري: لا يُعرف إلا بهذا الحديث، وقال النسائي في "الكبرى": عبد الرحمن بن هضاض ليس بمشهور. ومع ذلك فقد صححه ابن الجارود (814)، وابن حبان (4399)! أبو الزبير: هو محمَّد بن مسلم بن تدرُس، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (13340)، ومن طريقه النسائي في "الكبرى" (7165). وأخرجه أيضاً (7128) من طريق حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن عبدالرحمن ابن هضاض، عن أبي هريرة. وأخرجه النسائي (7162) من طريق الحسين بن واقد، عن أبي الزبير، عن عبد الرحمن بن الهضاب ابن أخي أبي هريرة، عن أبي هريرة. وهو في "صحيح ابن حبان" (4399) و (4400). وانظر ما بعده. وأخرج البخاري (5271)، ومسلم بإثر (1691)، والنسائي في "الكبرى" (7139) و (7140) من طريق ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن =

4429 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليّ، حدَّثنا أبو عاصمٍ، حدَّثنا ابنُ جُريج، قال: أخبرني أبو الزبيرِ، عن ابنِ عمِّ أبي هريرةَ عن أبي هريرة، بنحوه، زاد: واختلفوا علىَّ، فقال بعضُهم: رُبِطَ إلى شجرةٍ، وقال بعضُهم: وُقِفَ (¬1). 4430 - حدَّثنا محمدُ بنُ المتوكِّل العسقلانيُّ والحسنُ بنُ علي، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أبي سَلَمة ¬

_ = المسيب أن أبا هريرة قال: أتى رجل من أسلم رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وهو في المسجد فناداه، فقال: يا رسول الله، إن الآخر قد زنى، يعني نفسه، فأعرض عنه، فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قِبله، فقال: يا رسولَ الله، إن الآخر قد زنى، فأعرض عنه، فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قِبله، فقال له ذلك فأعرض عنه، فتنحى له الرابعة، فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه فقال: "هل بك جنون؟ " قال: لا، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "اذهبوا به فارجموه". وكان قد أحصن. هذا لفظ البخاري. وأخرج ابنُ ماجه (2554)، والترمذي (1491) من طريق محمَّد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة بنحو رواية الزهري وزاد: فلما أصابته الحجارة أدبر يشتدُّ، فلقيه رجل بيده لحي جمل، فضربه فصرعه، فذكر للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- فراره حين مسَّتْه الحجارة، قال: "فهلا تركتموه". وهو في "صحيح ابن حبان" (4439). قوله: "ينقمسُ" قال الخطابي: معناه: ينغمس ويغوص فيها، والقاموس معظم الماء، ومنه: قاموس البحر. (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد، والحسن بن علي: هو الخلّال. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7126) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. تنبيه: هذا الطريق أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن الأعرابي، وذكره المزي في "التحفة" (13599)، وذكر أنه في رواية ابن داسه.

عن جابرِ بنِ عبد الله: أن رجلاً من أسلم جاءَ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فاعترف بالزِّنى، فأعرضَ عنه، ثم اعترف فأعرض عنه، حتى شَهِد على نفسه أربعَ شهاداتٍ، فقال له النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "أبِكَ جنونٌ؟ " قال: لا، قال: "أحصنتَ؟ " قال: نعم، قال: فأمرَ به النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- فَرُجِمَ في المُصلَّى، فلما أذلقتهُ الحِجَارةُ فرَّ، فأُدرك فرُجِمَ حتى مات، فقال له النبي - صلَّى الله عليه وسلم - خيراً، ولم يُصلِّ عليهِ (¬1). 4431 - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا يزيدُ -يعني ابن زريع. وحدَّثنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ، عن يحيى بن زكريا -وهذا لفظه- عن داود، عن أبي نضرة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (13337)، ومن طريقه أخرجه البخاري (6820)، ومسلم بإثر (1691)، والترمذي (1492)، والنسائي في "الكبرى" (2094) و (7138). لكن انفرد محمود بن غيلان عن عبد الرزاق عند البخاري بقوله: وصلى عليه. قال البيهقي 8/ 218: وهو خطأ، وانظر تمام الكلام على هذا الاختلاف فيما سلف برقم (3186). وأخرجه البخاري (5270) و (6814)، ومسلم بإثر (1691)، والنسائي (7136) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، ومسلم بإثر (1691)، والنسائي (7137) من طريق ابن جريج، كلاهما عن الزهري، به. وسكتا في روايتيهما عن الصلاة عليه. وهو في "مسند أحمد" (14462)، و"صحيح ابن حبان"، (3094) و (4440). وانظر الكلام على فقه الحديث فيما سلف برقم (3186). وقوله: أذلقته الحجارة. قال الخطابي: معناه أصابته بحدها فعقرته، وذلقُ كل شيء حَدُّه، يقال: أذلقت السنان إذا أرهفته، والذلاقة في اللسان: خفته وسرعة مروره على الكلام. وفي قوله: أبك جنون؟ دليل على أنه قد ارتاب في أمره، ولذلك كان ترديده إياه وترك الاقتصار به على إقراره الأول. وفيه دليل على أن المحصن يرجم ولا يجلد.

عن أبي سعيدٍ قال: لما أمر النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- برجمِ ماعزِ بنِ مالك خرجنا به إلى البقيعِ، فوالله ما أوثقناه ولا حفرنا له، ولكنه قام لنا، -قال أبو كاملٍ: قال:- فرميناهُ بالعِظامِ والمَدَرِ والخزَفِ، فاشتدَّ، واشتددنا خلفَه، حتى أتى عُرْضَ الحرَّةِ، فانتصب لنا، فرميناه بجلاميدِ الحرةِ حتى سكت، قال: فما استغفرَ لهُ ولا سبَّهُ (¬1). 4432 - حدَّثنا مؤمَّلُ بنُ هشامٍ، حدَّثنا إسماعيلُ، عن الجُريري عن أبي نضرة، قال: جاء رجلٌ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، نحوه، وليس بتمامه، قال: ذهبُوا يسبُّونه، فنهاهم، قال: ذهبُوا يستغفرونَ له، فنهاهم، قال: "هو رجلٌ أصاب ذنباً، حسِيبُهُ الله" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطْعَة العَبْدي، وداود: هو ابن أبي هند، وأبو كامل: هو فُضيل بن حسين الجَحْدري. وأخرجه مسلم (1694)، والنسائي في "الكبرى" (7161) من طريق داود بن أبي داود، به. وهو في "مسند أحمد" (11589)، و "صحيح ابن حبان" (4438). قوله: المدر: قال صاحب "النهاية": هو الطين المتماسِك. والخزف: قال في "اللسان": هو ما عُمل من الطين وشوي بالنار فصار فخَّاراً. وعُرض الحرة: قال النووي في "شرح مسلم": هو بضم العين، أي: جانبها. قال: وجلاميد الحرة، أي: الحجارة الكبار، واحدها جلمد بفتح الجيم والميم، وجُلمود بضم الجيم. وقال الخطابي: سكت، يريد: مات، قال الشاعر عدي بن زيد: ولقد شفى نفسي وأبرأ داءَها ... أخذُ الرجالِ بحَلْقِه حَتَّى سكت (¬2) رجاله ثقات لكنه مرسل. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطْعة العَبْدي، والجُريري: هو سعيد بن إياس، وسماع إسماعيل -وهو ابن عُلية، منه وإن كان قبل تغيُّره- تبقى في الحديث علةُ الإرسال.

4433 - حدَّثنا محمدُ بنُ أبي بكر بنِ أبي شيبةَ (¬1)، حدَّثنا يحيى بنُ يعلى ابنِ الحارِث، حدَّثنا أبي، عن غيلانَ، عن علقمةَ بنِ مرثدٍ، عن ابن بريدة عن أبيه: أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - استنكَهَ ماعزاً (¬2). 4434 - حدَّثنا أحمدُ بنُ إسحاقَ الأهوازيُّ، حدَّثنا أبو أحمدَ، حدَّثنا بَشيرُ ابنُ المُهاجِر، حدَّثني عبدُ الله بنُ بُريدة عن أبيه، قال: كنا أصحابَ رسولِ الله نتحدَّثُ أن الغامِديَّة وماعِزَ ابنَ مالك لو رجعَا بعدَ اعترافِهما -أو قال: لو لم يرجِعَا بعدَ اعترافهما- لم يطلُبْهُمَا، وإنما رجَمَهُما عندَ الرابعة (¬3). ¬

_ (¬1) كذا في (ب) و (ج): محمَّد بن أبي بكر بن أبي شيبة، وكذلك هو في رواية ابن الأعرابي كما أشار إليه في هامش (هـ) وصوَّبه، وهو الصحيح الذي ذكره المزي في "التحفة" (1934)، و"تهذيب الكمال". ووقع في (أ) و (هـ): حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة. (¬2) حديث صحيح، محمَّد بن أبي بكر بن أبي شيبة متابع. ابن بريدة. هو سليمان، وغيلان: هو ابن جامع المُحاربي. وأخرجه مطولاً مسلم (1695)، والنسائي في "الكبرى" (7125) من طريق يحيى بن يعلى بن الحارث، بهذا الإسناد. لكنه قال فيه: فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر. وقال النسائي: هذا صالح الإسناد. وسقط من بعض نسخ مسلم من إسناده: يعلى بن الحارث. قال القاضي عياض: والصواب ما وقع في نسخة الدمشقي: عن يحيى بن يعلى، عن أبيه، عن غيلان. فزاد في الإسناد: عن أبيه. وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (4442). قال الخطابي: فيه دلالة على أنه قد ارتاب بأمره، وفيه حجة لمن لم ير طلاق السكران طلاقاً وهو قول مالك بن أنس والمزني. (¬3) إسناده ضعيف لضعف بشير بن المهاجر. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7164) و (7231) من طريق بشير بن المهاجر، به. =

4435 - حدَّثنا عبدُة بنُ عبدِ الله ومحمدُ بنَ داود بن صَبِيح -قال عبدةُ:- أخبرنا حَرَمي بنُ حفص، حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الله بن عُلاثَةَ، حدَّثنا عبدُ العزيز ابنُ عُمَرَ بنِ عبد العزيز، أن خالدَ بنَ اللَّجلاجِ حدَّثه أن اللَّجلاجَ أباه أخبره: أنه كان قاعداً يعتمِلُ في السوق، فمرَّتِ امرأةٌ تحملُ صبيَّاً، فثارَ الناسُ معها، وثُرتُ فيمن ثار، فانتهيتُ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وهو يقولُ: "من أبو هذا معكِ؟ " فسَكَتت، فقالَ شابٌّ حَذوَها: أنا أبوهُ يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأقبلَ عليها، فقال: "من أبو هذا معَكِ؟ " فقال الفتى: أنا أبوه يا رسولَ الله، فنظر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى بعضِ مَنْ حولَه يسألهم عنه، فقالوا: ما عَلِمنا إلا خيراً، فقال له النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "أحصنتَ؟ " قال: نعَم، فأمَرَ به فَرُجِمَ، قال: فخرجنا به، فحفرنا له حتى أمكننا، ثم رميناه بالحجارةِ حتى هدأ، فجاء رجل يسألُ عن المرجوم، فانطلقنا به إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فقلنا: هذا جاءَ يسألُ عن الخبيثِ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لهو أطيبُ عندَ اللهِ من ريحِ المِسكِ" فإذا هو أبوه، فأعنَّاهُ على غسلِه وتكفينه ودفنِه، وما أدري قال: والصلاةِ عليه، أم لا. وهذا حديث عبدة، وهو أتم (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (22942). قلنا: وفي قوله -صلَّى الله عليه وسلم- "هلا تركموه" من حديث جابر بن عبد الله السالف برقم (4420) وحديث نعيم بن هزال السالف أيضاً (4419) وغيرهما، دليل على أن الحَدَّ يُدرأ عن المعترف إذا رجَع، كما بوَّب له الترمذي في "جامعه" للحديث (1491). وانظر كلام الحافظ في "الفتح" 12/ 127. (¬1) حديث حسن إن شاء الله، وهذا إسناد فيه محمَّد بن عبد الله بن عُلاثة مختلف فيه، وأعدل الأقوال فيه أنه لا يحتج بما انفرد به وإنما يكتب حديثه للمتابعة والشواهد، وقد توبع في بعض هذا الحديث، ويشهد له قصة ماعز عند مسلم (1655) وهو عند =

4436 - حدَّثنا هشام بن عمار، حدَّثنا صدقةُ بنُ خالدِ (ح) وحدَّثنا نصرُ بنُ عاصم الأنطاكي، حدَّثنا الوليد -جميعاً- قالا: حدَّثنا محمَّد، قال هشام: محمَّد -بن عبد الله الشُّعيثي- عن مسلمةَ بنِ عبدِ الله الجهني، عن خالد بنِ اللجلاج، عن أبيه، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، ببعض هذا الحديث (¬1). 4437 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا طَلْقُ بنُ غنَّامٍ، حدَّثنا عبدُ السَّلام بنُ حفصٍ، حدَّثنا أبو حازم عن سهلِ بنِ سعد، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: أن رجلاً أتاه، فأقرَّ عندَه أنه زنى بامرأةٍ سمَّاها له، فبعثَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- إلى المرأةِ، فسألها عن ذلك، فأنكرت أن تكون زنَت، فجلدَه الحدَّ وتَرَكها (¬2). ¬

_ = أبي داود (4433) مختصراً، وحديث المرأة الجهنية وسيأتي خبرها برقم (4440) و (4442). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7146) و (7165) من طريق حرمي بن حفص، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15934). وانظر ما بعده. (¬1) إسناده حسن. مسلمة بن عبد الله الجهني روى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكره أبو زرعة الدمشقي في الطبقة الثالثة وذكر أنه كان صاحب تابوت الزكاة، وذكره ابن سُميع في الطبقة الخامسة، وقال: كان على بيت المال زمن هشام. قلتا: فمثله يكون حسن الحديث في أقل أحواله، ومحمد بن عبد الله الشعيثي -وهو ابن المهاجر- صدوق حسن الحديث. فهذه متابعة جيدة للإسناد السابق. وأخرجه النسائي في: "الكبرى" (7147) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. ببعض الحديث السالف قبله. (¬2) إسناده صحيح. أبو حازم: هو سلمة بن دينار المدني القاصّ. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (5924)، والبيهقي 8/ 228 من طريق عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. =

4438 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا. وحدَّثنا ابنُ السرح -المعنى- أخبرنا عبدُ الله بنُ وهب، عن ابن جُرَيج، عن أبي الزبير ¬

_ = وأخرجه أحمد (22875) عن حسين بن محمَّد، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4942) والطبراني في "الكبير" (5767)، والدارقطني (3155)، والبيهقي 8/ 251 من طريق هشام بن عمار، والدارقطفي (3155) من طريق يونس بن محمَّد، و (3155) من طريق أبي علي أحمد بن الحكم، أربعتهم عن مسلم بن خالد الزنجي، عن عباد بن إسحاق، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد. لكن قال حسين في روايته: فحده وتركها، وقال الآخرون: فرجمه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وتركها. والصحيح رواية حسين لموافقتها لرواية عبد السلام بن حفص على أن مسلم بن خالد الزنجي ضعيف. وأخرجه الطحاوي (4941)، والحاكم 4/ 370 من طريق أسد بن موسى، عن مسلم بن خالد، عن أبي حازم، عن سهل. فأسقط من إسناده عباداً، والصحيح ذكره كما رواه من سبق ذكرهم عن مسلم. وأخرجه الدارقطني (3156) من طريق فليح بن سليمان، عن أبي حازم، عن سهل: أن وليدة في عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حملت من الزنى، فسئلت: من أحبلك؟ قالت: أحبلني المقعد، فسئل عن ذلك، فاعترف، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: إنه لضعيف عن الجلد، فأمر بمئة عثكول، فضربه بها ضربة واحدة. ثم قال الدارقطني: كذا قال، والصواب عن أبي حازم، عن أبي أمامة بن سهل. قلنا: يعني أن فليحاً وهم في ذكر قصة المُقعد بهذا الإسناد، وإنما هذه القصة من رواية أبي حازم عن أبي أمامة بن سهل، ثم ساقها من طريق أبي الزناد ويحيى بن سعيد الأنصاري، عن أبي أمامة. وسيتكرر برقم (4466). تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من هامش (هـ)، وقال صاحب "عون المعبود": هذا الحديث في بعض النسخ في هذا المحل، وفي أكثر النسخ في باب إذا أقر الرجل بالزنى، ولم تقر المرأة، وسيأتي، وهو الصحيح، والله أعلم. قلنا: قد يكون أبو داود كرره في الموضعين عمداً تفقهاً وثبت ذلك في بعض الروايات عنه، فلا مجال لتصحيح وجودِه في مكان دون آخر.

عن جابر: أن رجلاً زنى بامرأة، فأمرَ بهِ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- فجُلِدَ الحدَّ، ثم أُخبِرَ أنه مُحصَنٌ، فأمَرَ به فَرُجِم (¬1). قال أبو داود: روى هذا الحديثَ محمدُ بنُ بكرٍ البُرسانيُّ، عن ابنِ جريج، موقوفاً على جابرِ. ورواه أبو عاصم، عن ابنِ جُريجِ بنحو ابنِ وهْبٍ، لم يذكر النبي - صلَّى الله عليه وسلم، قال: إن رجلاً زَنَى، فَلَمْ يعلمْ بإحصانِه فجُلِدَ، ثم علِمَ بإحصانه فَرُجِمَ (¬2). 4439 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الرحيم أبو يحيى البزَّاز، أخبرنا أبو عاصِمٍ، عن ابن جُرَيجٍ، عن أبي الزُّبير عن جابر: أن رجلاً زنى بامرأةٍ فلم يُعلَم بإحصَانِه فجُلِد، ثم عُلِمَ بإحصانه فَرُجِمَ (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف مرفوعاً، فقد انفردَ عبدُ الله بن وهب برفعه، وخالفه أبو عاصم الضحاك بن مخلد كما في الطريق الآتي بعده عند المصنف، ومحمد بن بكر البُرساني كما أشار المصنف، فروياه عن ابن جريج موقوفاً. قلنا: وقد ثبت تصريح ابن جريج وأبي الزبير بسماعهما في الطريق الموقوف عند النسائي في "الكبرى"، فلهذا صوَّب الموقوفَ، وخطَّأ المرفوعَ. وأخرجه النَّسائي في "الكبرى" (7173) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال بإثره: لا أعلم أن أحداً رفع هذا الحديث غير ابن وهب. وانظر ما بعده. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ). وأشار هناك أنه صحيح لأحمد وحده وقصد بقوله: أحمد: أحمد بن سعيد بن حزم، والله تعالى أعلم، وهو أحد رواه "السنن" عن ابن الأعرابي، وعن أبي عيسى الرملي. (¬3) إسناده صحيح مرقوفاً، وقد جاء عند النسائي تصريح ابن جريج -وهو =

25 - باب المرأة التي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- برجمها من جهينة

25 - باب المرأة التي أمر النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- برجمْها من جُهينةَ 4440 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، أن هشاماً الدَّستُوائيَّ وأبانَ بنَ يزيد، حدَّثاهم -المعنى- عن يحيى، عن أبي قِلابة، عن أبي المُهلَّب عن عِمرانَ بنِ حُصَين: أن امرأةً، قال في حديثِ أبانَ: مِن جُهينة أتَتِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقالت: إنها زَنَت وهي حُبْلى، فدعا النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- ولياً لها: فقال له رسُولُ الله: "أحسن إليها، فإذا وضَعَتْ فَجِئْ بها"، فلما أن وضَعَتْ جاء بها، فأمر بها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - فشُكَّت عليها ثيابُها، ثم أمر بِها فرُجِمَت، ثُمَّ أمرهم فصلَّوْا عليها، فقال عُمَرُ: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - تُصلي عليها وقد زنت؟ قال: "والذي نفسي بيدِه، لقد تابت توبةً لو قُسِّمت بين سبعِينَ من أهلِ المدينةِ لوسعتهم، وهل وجدَت أفضلَ من أن جادَت بنفسها؟ ". لم يَقُل عن أبانَ: فشُكَّت عليها ثيابَها (¬1). ¬

_ = عبد الملك بن عبد العزيز- وأبي الزبير -وهو محمَّد بن مسلم بن تدرُس- بالسماع، فانتفت شبهة تدليسهما. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7174) عن محمَّد بن بشار، عن أبي عاصم، بهذا الإسناد. وقال: هذا الصواب، والذي قبله خطأ. (¬1) إسناده صحيح. أبو المهلب: هو الجَرمي، عم أبي قلابة، مختلف في اسمه، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرمي، ويحيى: هو ابن أبي كثير، وهام الدَّستُوائي: هو ابن أبي عبد الله. وأخرجه مسلم (1696)، وابن ماجه (2555)، والترمذي (1500)،والنسائي في "الكبرى" (2095) و (7150) و (7151) و (7156) و (7157) من طريق يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد. وقد وقع خطأ في رواية الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عند ابن ماجه والنسائي في الموضعين الثاني والخامس حيث سمى أبا المهلب: أبا المهاجر. وقد نبه عليه النسائي بإثر (7151). =

4441 - حدَّثنا محمدُ بنُ الوزيرِ الدمشقي، حدَّثنا الوليدُ عن الأوزاعى، قال: فشُكَّت عليها ثيابُها، يعني: فشُدَّت (¬1). 4442 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، أخبرنا عيسى بنُ يونس، عن بشير بن المُهاجِرِ، حدَّثنا عبدُ الله بن بُريدة عن أبيه، أن امرأةً -يعني مِن غامدٍ- أتتِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقالت: إني قد فجرتُ، فقال: "ارجِعي"، فرجعت، فلما كانَ الغَدُ، أتته، فقالت: لعلكَ أن تُرَدِّدَني كما رَدَّدْتَ ماعِزَ بنَ مالكٍ، فوالله إني لحُبلى، فقال لها: "ارجِعي"، فرجعت، فلما كان الغد، أتته، فقال لها: "ارجِعي حتَّى تَلِدي"، فرجعت، فلما ولدت، أتته بالصبى، فقالت: هذا قد ولدته، فقال لها: "ارجعي فأرضِعيه حتى تفطِميهِ"، فجاءت به وقد فَطَمَتْهُ، وفي يده شيءٌ يأكلُه، فأمر بالصبىِّ، فدُفِعَ إلى رجُلٍ من المسلمينَ، وأَمَرَ بها فَحُفِر لها، وأَمَرَ بها فرُجِمَت، وكان خالدٌ فيمن يرجُمُها، فرجمها بحجر، فوقعت قَطرةٌ من دمِها على وجنَتهِ، فسبَّها، فقال له النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "مهلاً يا خالدُ، فوالذي نفسي بيده، لقد تابت توبةً لو تابها صاحِبُ مَكسٍ لغُفِرَ له" وأمرَ بها فصُلِّي عليها، ودُفِنَت (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (19861)، و"صحيح ابن حبان" (4403) و (4441). قال الخطابي: شُكَّت عليها ثيابها، أي: شُدَّت عليها لئلا تتجرد فتبدو عورتها. (¬1) رجاله ثقات. الوليد: هو ابن مسلم الدمشقي، والأوزاعي: هو عبد الرحمن ابن عمرو الإِمام المشهور. (¬2) حديث صحيح، وقصة سب خالد بن الوليد للغامدية وقصة انتظار الفطام للرجم تفرد بهما بَشير -وهو ابن المُهاجر الغنوي- في حديث بريدة، وهو مختلف فيه، فقوَّى أمره قومٌ وضعَّفه آخرون، ونقل الأثرم عن الإِمام أحمد أنه قال: منكر الحديث، وقد اعتبرت أحاديثه فإذا هو يجيء بالعجب. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه مسلم (1695)، والنسائي في "الكبرى" (7159) و (7231) من طريق بشير بن المهاجر، به. وهو في "مسند أحمد" (22949). وأخرجه مسلم (1695)، والنسائي في "الكبرى" (7148) من طريق علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه. وليس فيه قصة الفطام ولا قصة سب خالد بن الوليد للمرأة الغامدية. وبيان عظم توبتها. ورجال هذه الطريق كلهم ثقات. وقد جاء ذكر الرجم بعد الفطام في غير حديث بريدة الأسلمي، فقد رواه محمود ابن لبيد الأنصاري فيما نقله ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 128، قال: قال ابن وهب: وأخبرني ابن لهيعة، عن محمَّد بن عبد الرحمن، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عنه، عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. ورواية ابن وهب عن ابن لهيعة صالحة. وكذلك رواه أنس بن مالك عند البزار (1541 - كشف الأستار)، ورجاله ثقات لكنه منقطع فإنه من رواية الأعمش عن أنس، ولم يسمع منه. ورواه جابر بن عبد الله عند النسائي في "الكبرى" (7149) وغيره. ورجاله ثقات لكن فيه عنعنة أبي الزبير محمَّد بن مسلم بن تدرُس. ورواه مالك في "موطئه" 2/ 821 - 822 عن يعقوب بن زيد بن طلحة، عن أبيه، عن عبد الله بن أبي مليكة. هكذا رواه يحيى بن يحيى الليثي، عن مالك من حديث عبد الله بن أبي مليكة، والصواب -كما ذكر ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 127 - : أنه لزيد بن طلحة مرسلاً، كذا رواه القعنبيُّ وابن القاسم وابن بكير وابن وهب، عن مالك. قلنا: فهو مرسل لا بأس برجاله. وقد جاء ذكر الفطام أيضاً في حديث عمران بن حصين في قصة رجم الجُهنيّة، رواه الدارقطني (3238) عن عبد الله بن الهيثم بن خالد الطيبي، عن أحمد بن منصور الرمادي، عن عبد الرزاق بإسناده. لكن ذكر الفطام فيه شادٌّ، لم يروه عن عبد الرزاق غير أحمد بن منصور الرمادي، وقد رواه غير واحد عن عبد الرزاق لم يذكروا فيه انتظار الفطام. وكذلك لم يأت ذكره في سائر روايات الحديث، ولعل الوهم من الرمادي أو من عبد الله بن الهيثم، والله تعالى أعلم. =

4443 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شبة، حدَّثنا وكيعٌ بنُ الجراح، عن زكريا أبي عِمرانَ، قال: سمعتُ شيخاً يُحدِّث، عن ابن أبي بكرةَ عن أبيه: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- رَجَمَ امرأةً، فَحُفِر لها إلى الثَّندُوَةِ (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: أما حديث عمران بن حصين ففيه أنه لم يستأنِ بها إلى أن ترضع ولدها، ولكنه أمر برجمها حين وضعت. وكذلك روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه فعل بشُراحة، رجمها لما وضعت حملها، وإلى هذا ذهب مالك والشافعي، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: تُترك حتى تضع ما في بطنها، ثم تترك حولين حتى تفطمه ويشبه أن يكونا قد ذهبا إلى هذا الحديث، إلا أن الحديث الأول أجود. وبشير بن المهاجر ليس بذاك، وقال أحمد بن حنبل: هو منكر الحديث، وقال في أحاديث ماعز كلها: إن ترديده إنما كان في مجلس واحد، إلا ذلك الشيخ بشير بن المهاجر، وذلك عندي منكر الحديث. قلنا: قد علمتَ أن ذكر الرجم بعد الفطام قد ورد في عدة أحاديث إذا ضُمَّ بعضُها إلى بعض حصل منها قوة، فليس عُمدة أحمد وإسحاق حديث يشعر بن المهاجر وحده كما ذكر الخطابي، ولكن مجموعُ تلك الروايات. ونقل المنذري عن بعضهم: يحتمل أن تكونا امرأتين وُجِدَ لولد إحداهما كفيل وقَبِلَها، والأخرى لم يُوجَد لولدها كفيل ولم يُقْبَل، فوجب إمهالها حتى يستغني عنها، لئلا يهلك بهلاكها، ويكون الحديث محمولاً على حالتين، ويرتفع الخلاف. ثم قال الخطابي: قد ذكر في هذا الحديث أنه حفر لها، وقد اختلفوا في ذلك: فقال بعضهم: لا يُحفر للرجل ويحفر للمرأة، وهو قول أبي يوسف وأبي ثور. وقال قتادة: يُحفر للرجل والمرأة جميعاً. وقال أحمد: أكثر الأحاديث أن لا يُحفر له، وقد قيل: يحفر له. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام الشيخ الراوي عن ابن أبي بكرة. زكريا أبو عمران: هو زكريا بن سُليم. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7172) من طريق عثمان بن عمر، عن زكريا أبي عمران، بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: إني لم أفهمه عن عثمان، يعني قوله: ابن أبي بكرة، أفهمنيه رجُلٌ عن عثمان. قال أبو داود: قال الغسَّاني: جهينةُ، وغَامِدُ، وبارقُ: واحدٌ (¬1). 4444 - قال أبو داود: حُدِّثتُ، عن عبدِ الصمد بنِ عبدِ الوارثِ، حدَّثنا زكريا بن سليم، بإسناده نحوه زاد: ثم رماها بحصاةٍ مثلِ الحِمَّصة، ثم قال: "ارمُوا واتَّقوا الوجه"، فلما طَفِئَت، أخرجها فصلَّى عليها، وقال في التوبة نحو حديث برُيدةَ (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (20378). وانظر ما بعده. وللحديث شاهد من حديث بريدة الأسلمي عند مسلم (1695)، وهو الحديث السالف قبله. ولفظه عند مسلم: فحفر لها إلى صدرها. وآخر موقوفاً على علي بن أبي طالب في قصته شراحة التي رجمها عند أحمد (978) و (1210) ولفظه: فحفر لها إلى السُّرَّة. وفي إسناده مجالد بن سعيد وحديثه حسن في الشواهد. (¬1) الغساني: هو كما في "التقريب" أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني الشامي، وقد يُنسب إلى جده قيل: اسمه بكير، وقيل: عبد السلام، ضعيف، وكان قد سُرِقَ بيته فاختلط. وبارق قال في "القاموس": لقب سعد بن عدي أبي قبيلة من اليمن، قال شمس الحق العظيم آبادي: ومقصود أبي داود أن المرأة التي قصتها مذكورة في هذه الأحاديث قد نسبت إلى جهينة، وقد نسبت إلى غامد فهما ليستا امرأتين وكذا بارق ليست قبائل متباينة؛ لأن غامد لقب رجل هو أبو قبيلة من اليمن وهم بطن من جهينة. قلنا: ومقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وهامش (أ). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه بين أبي داود وبين عبد الصمد، ولإبهام الراوي عن ابن أبي بكرة. =

4445 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسلَمةَ القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن عُبيد اللهِ بنِ عبدِ الله بنِ عُتبة بنِ مسعودٍ عن أبي هريرة وزيدِ بنِ خالدٍ الجُهنىِّ، أنهما أخبراه: أن رَجُلين اختصما إلى رسُولِ الله - صلَّى الله عليه وسلمِ - فقال أحدُهُما: يا رسولَ الله، اقضِ بيننا بكِتَابِ الله، وقال الآخرُ -وكان أفقههما-: أجل يا رسولَ الله، فاقضِ بيننا بكتابِ الله، وائذَن لي أن أتكلَّم، قال: "تكلَّم" قال: إنَّ ابني كان عَسِيفاً على هذا -والعسيفُ الأجير- فزنى بامرأتِه، فأخبرُوني أن على ابني الرجمَ، فافتديتُ منه بمئةِ شاةٍ وبجاريةٍ لي، ثم إني سألتُ أهلَ العلمِ، فأخبرُوني أنما على ابني جَلْدُ مئةٍ وتغريبُ عامٍ، وإنما الرجمُ على امرأتِه، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أما والذي نفسي بيدهِ، لأقضِينَّ بينكُما بِكتابِ اللهِ عز وجل، أما غَنَمُكَ وجَارِيتُك فردٌّ إليكَ" وجَلَدَ ابنَه مئةً وغرَّبَه عاماً، وأمر أُنيساً الأسلميَّ أن يأتيَ امرأةَ الآخَرِ، فإن اعترفَتْ رجَمَهَا، فاعترفت، فَرَجَمها (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7171) عن محمَّد بن المثنى، عن عبد الصمد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20436). وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. ابنُ شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزهري الإِمام، ومالك: هو ابن أنس الإِمام. وهو في "الموطأ" 2/ 822. وأخرجه البخاري (2314) و (6633)، ومسلم (1697) و (1698)، وابن ماجه (2549)، والترمذي (1496 - 1498)، والنسائي في "الكبرى" (5931) و (5932) و (7152 - 7155) و (11292) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وزاد سفيان بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = عيينة في روايته عند ابن ماجه والترمذي في الموضع الأول والنسائي في الموضعين (5931) و (7152): شبل بن خالد -أو خليد- مع أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني، وهو وهم من سفيان فيما قاله الترمذي والنسائي. لأن شبلاً لم يدرك النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وهو في "مسند أحمد" (17038)، و "صحيح ابن حبان" (4437). قال الخطابي: قوله: "والله لأقضين بينكما بكتاب الله" يُتأول على وجوه: أحدها: أن يكون معنى الكتاب الفرض والإيجاب، يقول: لأقضين بينكما بما فرضه الله وأوجبه، إذ ليس في كتاب الله ذكر الرجم منصوصاً متلُوَّاً كذكر الجلد والقطع والقتل في الحدود والقصاص. وقد جاء في الكتاب بمعنى الفرض، كقوله عز وجل: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ}: وكقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة:178]، أي: فرض، وقال عز وجل: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} [المائدة:45]، أي: فرضنا وأوجبنا. ووجه آخر: وهو أن ذكر الرجم وإن لم يكن منصوصاً عليه باسمه الخاص، فإنه مذكور في الكتاب على سبيل الإجمال والإبهام، ولفظ التلاوة منطوٍ عليه، وهو قوله: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء:16]، والأذى يتسع في معناه للرجم ولغيره من العقوبة. وقد قيل: إن هذه الآية لما نسخت سقط الاستدلال بها وبمعناها. وفيه وجه آخر: وهو أن الأصل في ذلك قوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء:15] فضمن الكتاب أن يكون لهن سبيلاً فيما بعد، ثم جاء بيانه في السنة، وهو قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مئة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مئة والرجم". ووجه رابع: وهو ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: قرأناها فيما أنزل الله: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. وهو ما رفعت تلاوته وبقي حكمه، والله أعلم. وفي الحديث من الفقه: أن الرجم إنما يجب على المحصَن دون من لم يُحصن. وفيه دليل على أن للحاكم أن يبدأ باستماع كلام أي الخصمين شاء. وفيه أن البيع الفاسد والصلح الفاسد وما جرى مجراهما من العقود منتقض وأن ما أُخذ عليها مردود إلى صاحبه. =

26 - باب في رجم اليهوديين

26 - باب في رجم اليهوديَّين 4446 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، قال: قرأت على مالكِ بنِ أنس، عن نافع عن ابنِ عمر، أنه قال: إن اليهود جاؤوا إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فذكروا له أن رجلاً منهم وامرأةً زَنَيا، فقال لهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ما تَجِدونَ في التَّوراةِ في شأنِ الزِّنى؟ " فقالوا: نَفضَحُهم ويُجلَدُون، فقال عبد الله ابن سَلاَم: كذبتُم إن فيها الرجمَ، فأَتَوا بالتوراةِ فنشَرُوها، فجعل أحدُهم يدَه على آيةِ الرجْم، ثم جعلَ يقرأ ما قبلَها وما بعدَها، فقال له عبدُ الله بن سَلاَم: ارفعْ يدَكَ، فرفَعها، فإذا فيها آيةُ الرجمِ، فقالوا: ¬

_ = وفيه أنه لم ينكر عليه قوله: فسألتُ أهلَ العلم، ولم يعِبِ الفتوى عليهم في زمانه وهو مقيم بين ظهرانيهم. وفيه إثبات النفي على الزاني والتغريب له سنة، وهو قول عامة العلماء من السلف، وأكثر الخلف، وإنما لم ير التغريب منهم أبو حنيفة ومحمد بن الحسن. وفيه أنه لم يجمع على المحصن الرجم والجلد. وفيه أنه لما جاء رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مُستفتياً عن ابنه مخبراً عنه أنه زنى بامرأته لم يجعله قاذفاً لها. وفيه أنه لم يوقع الفرقة بالزنى بينها وبين زوجها. وفيه أنه لم يشترط عليها في الاعتراف بالزنى التكرار، وإنما علَّق الحكمَ بوجود الاعتراف حسب. وفيه دليل على جواز الوكالة في إقامة الحدود، وقد اختلف العلماء فيها. وفيه دليل على أنه لا يجب على الإِمام حضور المرجوم بنفسه. وفيه إثبات الإجارة والحديث فيها قليل. وقد أبطلها قوم لأنها -زعموا- ليست بعين مرئية ولا صفة معلومة. وفي الحديث دليل على قبرل خبر الواحد. وقوله في الحديث: والعسيف: الأجير. قال الحافظ: وهذا التفسير مدرج، وكأنه من قول الزهري، لما عرف من عادته أنه كان يدخل كثيراً من التفسير في أثناء الحديث.

صَدَق يا محمَّد، فيها آيةُ الرجمِ، فأمر بهما رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فرُجِما، قال عبدُ اللهِ بنُ عُمر: فرأيتُ الرجلَ يحْنِي (¬1) على المرأة يَقيها الحِجَارة (¬2). ¬

_ (¬1) كذا جاء في (ب): يحني، بالحاء المهملة وكسر النون وهو الموافق لـ"موطأ مالك" برواية: أبى مصعب الزهري (1755) ورواية الليثي 2/ 819، وكذلك جاء في رواية البخاري (3635) من طريق أبي ذر، عن الحموي والمستملي كما أشار إليه القسطلاني 6/ 74، وذكر الخطابي أنه المحفوظ في رواية السنن. وفي (أ) و (هـ) رُسِمَتْ: يجنى، وكذلك هي عند الخطابي في رواية ابن داسه، وفي (ج): يَجنأ، وهو الموافق لرواية البخاري (3635) من غير طريق أبي ذر عن الحمُّويِّ والمستملي، كما في "إرشاد الساري" 6/ 74. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "الموطأ" 2/ 819. وأخرجه البخاري (1329) و (3635)، ومسلم (1699)، وابن ماجه (2556)، والترمذي (1501)، والنسائي في "الكبرى" (7175 - 7178) و (7294) و (11002) من طرق عن نافع، به. وروايات بعضهم مخصرة. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7179) من طريق يحيى بن وثاب، عن ابن عمر: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - رجم يهودياً ويهودية. وهو في "مسند أحمد" (4498)، و"صحيح ابن حبان" (4431) و (4432) و (4434) و (4435). وانظر ما سيأتي برقم (4449). قال الخطابي: فيه من الفقه ثبوت أنكحة أهل الكتاب، وإن ثبتت أنكحتهم ثبت طلاقهم وظهارهم وإيلاؤهم. وفيه دليل على أن نكاح أهل الكتاب يوجب التحصين، إذ لا رجم إلا على المحصن. ولو أن مسلماً تزوج يهودية أو نصرانية ودخل بها ثم زنى كان عليه الرجم، وهو قول الزهري، وإليه ذهب الشافعي. وقال أبو حنيفة وأصحابه: الكتابيه لا تُحصن المسلم، وتأول بعضهم معنى الحديث على أنه إنما رجمهما بحكم التوراة، ولم يحملهما على أحكام الإسلام وشرائطه. =

4447 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الواحد بن زيادِ، عن الأعمشِ، عن عبد الله ابن مُرةَ عن البراء بن عازب، قال: مَرُّوا على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بيهودي قد حُمِّمَ وجهُهُ، وهو يُطافُ به، فناشَدَهُم ما حدُّ الزاني في كتابهم؟ قال: فأحالُوه على رجلٍ منهم، فنَشَدَهُ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- ما حَدُّ الزاني في كتابكم؟ فقال: الرجْمُ، ولكن ظَهَر الزنى في أشرافنا، فكرهنا أن يُتْركَ الشريفُ، ويقامَ على مَنْ دونَه، فوضَعْنا هذا عنا، فأمر به رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فرُجِمَ، ثم قال: "اللَّهُم إنِّي أوَّلُ من أحيا ما أماتُوا مِنْ كِتابِكَ" (¬1). ¬

_ = قلت [القائل الخطابي]: وهذا تأويل غير صحيح؛ لأن الله سبحانه يقول: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة:49]، وإنما جاءه القوم مستفتين طمعاً في أن يرخص لهم في ترك الرجم، ليعطلوا به حكم التوراة، فأشار عليهم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بما كتموه من حكم التوراة، ثم حكم عليهم بحكم الإِسلام على شرائطه الواجبة فيه. وليس يخلو الأمر فيما صنعه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من ذلك أن يكون موافقاً لحكم الإسلام أو مخالفاً له، فإن كان مخالفاً فلا يجوز أن يحكم بالمنسوخ ويترك الناسخ. وإن كان موافقا له فهو شريعته، والحكم الموافق لشريعته لا يجوز أن يكون مضافاً إلى غيره ولا أن يكون فيه تابعاً لمن سواه. وفيه دليل على أن المرجوم لا يُشَدُّ ولا يُربط، ولو كان مربوطاً لم يمكنه أن يحنى عليها ويقيها الحجارة. (¬1) إسناده صحيح. الأعمش: هو سليمان بن مِهران. وأخرجه مسلم (1700) من طريق وكيع بن الجراح، عن الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد" (18525) و (18663). وانظر ما بعده. قوله: حُمِّم وجهه، قال في "النهاية": أي: مسوَّد الوجه من الحُممة: الفحمة، وجمعها حُمَم. =

4448 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن عبدِ الله بن مُرَّة عن البراء بنِ عازب، قال: مُرَّ على رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بيهودي مُحمَّمٍ مجلُودٍ، فدعاهم، فقال: "هكذا تجدون حدَّ الزاني؟ " فقالوا: نعم، فدعا رجلاً من علمائهم فقال: "نَشَدتُكَ بالله الذي أنزل التوراةَ على موسى، أهكذا تجِدُون حدَّ الزاني في كِتابِكُم؟ " فقال: اللهُمَّ لا، ولولا أنَّك نَشَدتني بهذا لم أُخبِرْكَ، نجدُ حدَّ الزاني في كتابنا الرجمَ، ولكنَّه كَثُرَ في أشرافِنا، فكُنَّا إذا أخذنا الرجلَ الشريفَ تركناه، وإذا أخذنا الرجلَ الضعيفَ أقمنا عليه الحَدَّ، فقلنا: تعالوا فلنجتمِعْ على شيء نقيمُه على الشريف والوَضيعِ، فاجتمعنا على التَّحميم والجلْدِ، وتركنا الرجمَ، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اللهمَّ إني أوَّلُ من أحيا أمرَكَ إذ أماتوه" فأمَرَ به فَرُجِمَ، فأنزلَ اللهُ عز وجل: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ} إلى قوله: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} إلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} في اليهود، إلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} في اليهود، إلى قوله: {لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [المائدة:42 - 47]، قال: هي في الكفارِ كلها، يعني هذه الآية (¬1). ¬

_ = تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من هامشي (ب) و (هـ)، وأشار في هامش (هـ) إلى أنه في رواية ابن الأعرابي. وقد ذكر المزي هذا الحديث أيضاً في "التحفة" (1771) ونسبه إلى روايتي ابن الأعرابي وابن داسه. (¬1) إسناده صحيح سابقه. =

4449 - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدِ الهَمْدانيُّ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، حدَّثني هشامُ ابنُ سعْد، أن زيدَ بنَ أسلم حدَّثه عن ابنِ عُمَرَ قال: أتى نَفَرٌ من اليهود، فدعوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى القُفِّ، فأتاهم في بيت المِدْرَاسِ، فقالوا: يا أبا القاسم، إن رجلاً منَّا زنى بامرأة، فاحكم بينهم، فوضَعُوا لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وسادةً فجلس عليها، ثم قال: "ائتُوني بالتَّوراةِ" فأتي بها، فنزع الوسادة مِن تحته وضع التوراةَ عليها، ثم قال: "آمنتُ بِكِ وبِمَنْ أنزَلَكِ" ثم قال: "ائتُوني بأعلمِكم" فأتي بفتًى شابٍّ، ثم ذكر قصةَ الرجمِ نحو حديث مالك، عن نافع (¬1). 4450 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، حدَّثنا رجلٌ من مُزَينة. وحدَّثنا أحمد بن صالح، حدَّثنا عنبسةُ، حدَّثنا يونسُ، قال: قال محمدُ بنُ مُسلمِ: سمعتُ رجلاً من مُزينةَ -ممن يَتَّبعُ العلم ويَعِيه، ثم اتفقا:- ونحن عند سعيد بن المسيّب، فحدّثنا ¬

_ = وأخرجه مسلم (1700)، وابن ماجه (2327) و (2558)، والنسائي في "الكبرى" (7180) و (11079) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. ورواية ابن ماجه الأولى مختصرة بتحليف النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لأحد علماء اليهود. وهو في "مسند أحمد" (18525). وانظر ما قبله. (¬1) ضعيف بهذه السياقة، فقد تفرد بها هشام بن سعد، ولا يعتد بما انفرد به، كيف وقد خالفه ابن شهاب الزهري في الصحيحين وغيرهما، فرواه بسياقة أخرى عن نافع عن ابن عمر، وقد سلفت روايته برقم (4446). وأخرجه ابن عبد البر في "المهيد" 14/ 397 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. والقُفّ: اسم واد بالمدينة، والمدراس: قال في "النهاية": هو البيت الذي يدرسون فيه، ومفعال غريب في المكان. وانظر ما سلف برقم (4446).

عن أبي هريرة -وهذا حديث معمر وهو أتمُّ- قال: زنى رجُلٌ من اليهود وامرأة، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى هذا النبيِّ، فإنه نبيٌّ بُعِثَ بالتخفيف، فإن أفتانا بِفُتيا دُونَ الرجمِ قبلناها واحتججنا بها عندَ الله، قلنا: فُتيا نبيٍّ مِن أنبيائِك، قال: فأتوا النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم - وهو جالسٌ في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم، ما ترى في رجلٍ وامرأةٍ منهم زنيا؟ فلم يُكلِّمهم كلمةً حتى أتى بيت مِدْرَاسِهم، فقام على البابِ، فقال: "أنْشُدُكم باللهِ الذي أنْزَلَ التوراةَ على موسى ما تجدونَ في التوراةِ على من زنَى إذا أحصن؟ " قالوا: يُحمَّمُ ويُجبَّهُ ويُجلَدُ، والتجبيهُ: أن يُحملَ الزانيانِ على حِمارٍ، وتُقابلَ أقفيتُهما، ويُطاف بهما، قال: وسكَتَ شابٌّ منهم، فلما رآه النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- سكت ألظَّ به النِّشدَة، فقال: اللهم إذ نشدْتَنَا فإنا نجِدُ في التَّوراةِ الرجمَ، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "فما أوَّلُ ما ارتخصتم أمرَ الله؟ " قال: زَنَى ذو قرابةٍ من ملك مِن مُلوكنا، فأُخِّر عنه الرجمُ، ثم زَنَى رجلٌ في أسرةٍ مِن النَّاسِ، فأراد رجمه، فحالَ قومُه دونه، وقالوا: لا يُرجَمُ صاحبُنا حتى تجيءَ بصاحبِك فترجمَه، فاصطلحوا على هذه العقوبةِ بينَهم، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "فإني أحكُمُ بما في التوراة" فأمَرَ بهما فَرُجِما (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين، والرجل المُزَنِي -وإن كان مبهماً- وصفه محمَّد بن مسلم الزهري بأنه ممن يتبع العلم ويَعِيه، وجاء في رواية ابن المبارك عن معمر عن الزهري -وستأتي في التخريج- أن سعيد بن المسيب كان يُوقِّره، وأن أباه كان صحابياً ممن شهد صلح الحديبية. فمثله يُحتمل حديثه إن شاء الله تعالى. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وهو في "مصنف عبد الرزاق" (13330)، وفي "تفسيره" 1/ 189 - 190، ومن طريقه أخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 249، والبيهقي 2/ 444 - 445. ورواية هذا الأخير مختصرة. وأخرجه الطبري 6/ 233، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/ 269 - 270 من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، عن الزهري، قال: كنت جالساً عند سعيد بن المسيب وعند سعيد رجل يُوقره، فإذا هو رجل من مزينة كان أبوه شهد الحديبية وكان من أصحاب أبي هريرة قال ... ثم ذكر الحديث. وأخرجه الطبري 6/ 233، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 398 من طريق عُقيل ابن خالد عن ابن شهاب الزهري، به. وسيأتي بعده من طريق محمَّد بن إسحاق عن الزهري. وقد سلف مختصراً برقم (488) و (3624). ويشهد له حديث ابن عمر السالف برقم (4446)، وحديث البراء السالف أيضاً برقم (4447)، وحديث جابر الآتي برقم (4452). والتجبيه ورد ذكره في حديث البراء، وفي حديث ابن عمر عند البخاري (6819) قال الخطابي: التحميم: تسويد الوجه بالحميم، والتجبيه مفسَّر في الحديث، ويشبه أن يكون أصله الهمز، وهو يجبأ من التجبئة: وهو الردع والزجر، يقال: جبأته فجبأ، أي: ارتدع، فقلبت الهمزة هاء، والتجبية أيضاً: أن تنكسَ رأسَه، فيحتمل أن يكون المحمول على الحمار إذا فُعل ذلك به نكس رأسُه فسُمي ذلك الفعل تجبية. وقد يحتمل أيضاً أن يكون ذلك من الجَبْه، وهو الاستقبال بالمكروه، وأصل الجَبه إصابة الجبهة، يقال: جبهتُ الرجل إذا أصبتَ جبهته، كما تقول رأستُه أصبتُ رأسه. وقوله: ألَظّ به النشدة، معناه: القسم، وألح عليه في ذلك. ومنه قوله: "ألِظوا بياذا الجلال والإكرام" أي: سلُوا الله بهذه الكلمة وواظبوا على المسألة بها. والأسرة: عشيرة الرجل وأهل بيته. وفي قوله: "فإني أحكم بما في التوراة" حجة لمن قال بقول أبي حنيفة. إلا أن الحديث عن رجل لا يُعرف، وقد يحتمل أن يكون معناه أحكم بما في التوراة احتجاجاً به عليهم، وإنما حكم بما كان في دينه وشريعة فذكره التوراة لا يكون علة للحكم.

قال الزُّهري: فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} [المائدة: 44]، كان النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- منهم. 4451 - حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ يحيى أبو الأصبغ الحرَّانىُّ حدَّثني محمَّد -يعني ابنَ سَلَمة- عن محمَّد بنِ إسحاقَ، عن الزُّهريِّ، قال: سمعتُ رجلاً من مزينة يُحدث سعيدَ بنَ المسيِّب عن أبي هُريرة، قال: زنَى رجل وامرأةٌ مِن اليهود وقد أَحصَنا حين قَدِمَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - المدينةَ، وقد كان الرجمُ مكتوباً عليهم في التوراةِ، فتركوه وأخذوا بالتجبِيْهِ، يُضرب مئةً بحبلٍ مَطليٍّ بقارٍ، ويُحمل على حمار وجهُهُ مِمَّا يلي دُبُرَ الحمارِ، فاجتمع أحبارٌ مِن أحبارهم، فبعثوا قوماً آخرِينَ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالوا: سلوهُ عن حَدِّ الزاني، وساقَ الحديث فقال فيه: قال: ولم يكونوا مِنْ أهلِ دينهِ، فيحكمَ بينهم، فخُيِّر في ذلك، قال: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} ٌ [المائدة:42] (¬1). 4452 - حدَّثنا يحيى بنُ موسى البَلخيُّ، حدَّثنا أبو أسامةَ، قال: مجالدٌ أخبرنا، عن عامرٍ الشَّعبىِّ ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد محتمل لتحسين كسابقه. وقد صرح محمَّد بن إسحاق بسماعه في "سيرة ابن هشام" 2/ 213. وأخرجه الطبري في "تفسيره" 6/ 232، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 215 و246 - 247 و247، وفي "الدلائل" 6/ 271، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 400، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" 2/ 728 - 729 من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وقد سلف مختصراً برقم (3625)، وانظر ما قبله.

عن جابر بنِ عبدِ الله، قال: جاءتِ اليهودُ برجل وامرأةِ منهم زَنَيا، فقال: "ائْتُوني بأعلمِ رَجُلَينِ منكم"، فأتوهُ بابني صُورِيا، قال: فنَشَدَهما كيف تجدانِ أمرَ هذين في التوراةِ؟ قالا: نَجِدُ في التوراة إذا شهد أربعةٌ أنهم رأوا ذكَرَهُ في فرجها مِثلَ المِيلِ في المُكْحُلَةِ رُجِمَا، قال: "فما يمنعُكُما أن ترجمُوهما؟ " قالا: ذهبَ سلطانُنا، فكَرهنا القَتْلَ، فدعا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالشُهودِ، فجاؤوا أربعةٌ فَشَهِدُوا أنهم رأوا ذكرهُ في فَرجِها مثلَ المِيلِ في المُكْحُلَةِ، فأمر رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - برجْمِهما (¬1). ¬

_ (¬1) ضعيف بهذه السياقة، فقد تفرد بها مجالد -وهو ابن سعيد- وتفرد أيضاً بوصله، وخالفه غيره كما في الطريقين الآتيين فارسلوه، وهو أشبه، ثم إن الصحيح في قصة اليهوديين اللذين رجمهما رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- ما رواه ابن عمر فيما سلف برقم (4446) وما رواه البراء السالف حديثه برقم (4447) و (4448). وقد قال الدارقطني بإثر الحديث (4350): تفرد به مجالد عن الشعبي، وليس بالقوي. وكذلك قال ابن عبد اللهادي في القيح 3/ 551. وأخرجه ابن المبارك في "مسنده" (154)، والحميدي (1294)، وابن ماجه (2328)، والبزار (1558 - كشف الأستار)، وأبو يعلى (2136)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4539)، و (4545)، والدارقطني (4350)، والبيهقي 8/ 231، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 401، وفي "الاستذكار" (35167)، وابن الجوزي في "التحقيق (2055) من طريق مجالد بن سعيد، به. ورواية ابن ماجه مختصرة بتحليف النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لليهود. وأخرج ابن ماجه (2374)، والبيهقي 10/ 165، وابن الجوزي في "التحقيق" (2054) من طريق أبي خالد الأحمر، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أجاز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض. لكن قال البيهقي: هكذا رواه أبو خالد الأحمر عن مجالد، وهو مما أخطأ فيه، وإنما رواه غيره عن مجالد عن الشعبي عن شريح من قوله وحكمه، غير مرفوع. =

4453 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، عن هُشيمٍ، عن مُغيرةَ عن إبراهيمَ والشعبىِّ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، نحوه، لم يذكُر: فدعا بالشهودِ فَشَهِدُوا (¬1). 4454 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيَّة، عن هشيمٍ، عن ابنِ شُبرمةَ، عن الشعبي، بنحو منه (¬2). 4455 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ الحَسن المِصَّيصيُّ، حدَّثنا حجاجُ بن محمَّد، قال ابنُ جُريج: إنه سمع أبا الزبير سمع جابرَ بنَ عبدِ الله يقولُ: رَجَمَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- رجلاً من أسلم ورجلاً مِن اليهودِ وامرأةً (¬3). ¬

_ = وقد صحَّ عن جابر مختصراً: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - رجم رجلاً من اليهود وامرأة زنيا. وسيأتي عند المُصنف برقم (4455). وانظر تالييه. (¬1) إسناده ضعيف لإرساله وعنعنة هشيم، ثم إن الصحيح في قصة اليهوديين اللذين رجمهما رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ما رواه ابن عمر والبراء، وقد سلفت روايتاهما عند المصنف بالأرقام (4446) و (4447) و (4448). إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومغيرة: هو ابن مِقسَم الضبّي، وهُشيم: هو ابن بشير الواسطي. وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 93 - 94 عن هشيم بن بشير، عن مغيرة، عن الشعبي وحده أن اليهود قالوا للنبي -صلَّى الله عليه وسلم-: ما حدُّ ذلك؟ - يعنُون الرجم -، قال: "إذا شهدوا أربعة أنهم رأوه يدخل كما يدخل الميل في المكحلة، فقد وجب الرجم". وانظر ما بعده، وما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لإرساله وعنعنة هشيم -وهو ابن بشير الواسطي-. ابن شُبرمة: هو عبد الله. وانظر سابقيه. (¬3) إسناده صحيح. وقد صرح كل من ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- وأبي الزبير -وهو محمَّد بن مسلم بن تدرُس- بالسماع فانتفت شبهة تدليسهما. =

27 - باب في الرجل يزني بحريمه

27 - باب في الرجل يزني بحَريمِه 4456 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا خالد بنُ عبد الله، حدَّثنا مُطرِّفٌ، عن أبي الجَهْمِ عن البراء بن عازب، قال: بينما أنا أطوف على إبل لي ضلَّت إذ أقبل ركبٌ، أو فَوارسُ، معهم لِواءٌ، فجعل الأعرابُ يُطِيفُون بي لمنزلتي من النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، إذ أتوا قُبّةً، فاستخرجُوا منها رجلاً فضربُوا عنقَه، فسألتُ عنه، فذكروا أنه أعرَسَ بامرأة أبيهِ (¬1). 4457 - حدَّثنا عمرو بن قُسَيْطٍ الرَّقِّيُّ، حدَّثنا عُبيد الله بن عَمرو، عن زيد ابن أبي أنيسةَ، عن عَديِّ بن ثابتٍ، عن يزيدَ بن البراءِ ¬

_ = وأخرجه مسلم (1701) من طريقين عن ابن جريج، به. وهو في "مسند أحمد" (14447). وانظر ما سلف برقم (4452). تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار إلى أنه من رواية ابن الأعرابي. وذكره المزي في "التحفة" (2813) و (2814)، ونَسبَه إلى روايتي ابن الأعرابي وابن داسه. (¬1) إسناده ضعيف لاضطرابه كما بيناه في "مسند أحمد" (18557). أبو الجهم: هو سليمان بن الجهم، ومطرِّف: هو ابن طريف الحارثي، وخالد بن عبد الله: هو الواسطي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5466) من طريق جرير بن عبد الحميد، و (7182) من طريق أبي زبيد، كلاهما، عن مطرِّف، به. وهو في "مسند أحمد" (18608) و (18620). وانظر ما بعده. قال الخطابي: قوله: أعرس: كناية عن النكاح والبناء على الأهل، وحقيقته الإلمام بالعرس، وفيه بيان أن نكاح ذوات المحارم بمنزلة الزنى، وأن اسم العقد فيه لا يسقط الحد.

28 - باب في الرجل يزني بجارية امرأته

عن أبيه، قال: لقيتُ عَمِّي ومعه رايةٌ، فقلت: أين تريدُ؟ قال: بعثني رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى رجل نكَحَ امرأةَ أبيهِ، فأمرني أن أضْرِبَ عنقَه، وآخُذَ مالَه (¬1). 28 - باب في الرجل يزني بجاريةِ امرأتِه 4458 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا قتادةُ، عن خالدِ ابنِ عُرفُطَةَ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لاضطرابه كسابقه. عُبيد الله بن عمرو: هو الرَّقِّيُّ. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5465) من طريق عُبيد الله بن عَمرو الرَّقِّي، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (7185) من طريق أشعث بن سوّار، عن عدي بن ثابت، به. وأخرجه ابن ماجه (2607)، والترمذي (1413) من طريق أشعث بن سوار والنسائي (7184) من طريق السدي، كلاهما، عن عدي بن ثابت، عن البراء، قال: مر بي خالي وقد عقد له النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لواءً ... فأسقطا يزيد بن البراء من إسناده، وجعلا المبعوث خالَ البراء لا عمَّه. وأخرجه النسائي (7183) من طريق الرُّكين بن الربيع، عن عدي بن ثابت، عن البراء، قال: مر بنا ناسٌ ينطلقون، فقنا لهم: أين تريدون؟ قالوا: بعثنا النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إلى رجل يأتي امرأة أبيه، أن نقتله. فأسقط من إسناده يزيد بن البراء، ولم يذكر خال البراء ولا عمه. وهو في "مسند أحمد" (18557) و (18626). وانظر ما قبله. قال الخطابي: وقد اختلف العلماء فيمن نكح ذات محرم، فقال الحسن البصري: عليه الحد، وهو قول مالك بن أنس والشافعي. وقال أحمد بن حنبل: يقتل ويؤخذ مالُه، وكذلك قال إسحاق على ظاهر الحديث. وقال سفيان: يُدرأ عنه الحد إذا كان التزويج بشهود. وقال أبو حنيفة: يعَزَّر ولا يُحدُّ. وقال صاحباه: أما نحن فنرى عليه الحد إذا فعل ذلك متعمداً.

عن حبيبِ بنِ سالمٍ: أن رجلاً يقال له: عبدُ الرحمن بن حُنَين وقع على جاريةِ امرأتِه، فرُفِعَ إلى النعمان بنِ بَشير وهو أميرٌ على الكوفة، فقال: لأقضيَنَّ فيك بقَضِيَّةِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: إنْ كانت أحلَّتها لَكَ جلدتُكَ مئةً، وإن لم تكن أحلَّتْها لك رجمتُك بالحِجارةِ، فوجدُوه قد أحلَّتْها له، فجَلَدَهُ مئةً. قال قتادةُ: كتبتُ إلى حبيبِ بنِ سالمٍ، فكتب إليَّ بهذا (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لاضطرابه، كما قال الترمذي بإثر الحديث (1518)، والنسائي فيما نقله عنه المنذري في "اختصار السنن" 6/ 271، وابن عدي في "الكامل" في ترجمة حبيب بن سالم 2/ 813. وقال البخاري فيما نقل عنه الترمذي في "العلل الكبير" 2/ 615: أنا أتقي هذا الحديث. وقال الخطابي: هذا الحديث غير متصل، وليس العمل عليه. قلنا: لكن قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل" 2/ 616: سمعت إسحاق بن منصور يذكر عن أحمد وإسحاق أنهما قالا بحديث حبيب بن سالم عن النعمان. وقال النسائي في "الكبرى" بإثر الحديث (7195): ليس في هذا الباب شيء صحيح يحتج به. أبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5529) و (7190) من طريق أبان بن يزيد العطار، بهذا الإسناد. وقال في آخره: قال قتادة: فكتبت إلى حبيب بن سالم، فكتب إليَّ بهذا. وأخرجه ابن ماجه (2551)، والترمذي (1517)، والنسائي (5530) و (7189) من طريق سعيد بن أبي عروبة، والترمذي (1517) من طريق أيوب بن مسكين، كلاهما عن قتادة، عن حبيب بن سالم - قال الترمذي في روايته: رُفع إلى النعمان بن بشير، وفي رواية الباقين: عن النعمان بن بشير. فأسقطا من الإسناد خالد بن عُرفَطة، وإنما سمعه قتادة من خالد بن عرفطة، ثم كتب إلى حبيب بن سالم، فكتب إليه بهذا كما أخبر هو عن نفسه. فرواية قتادة عن حبيب كتابة لا سماعاً. ولهذا قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي بإثر الحديث: لم يسمع قتادة من حبيب بن سالم هذا الحديث. ثم إنه عند الترمذي مرسل كما ترى. =

4459 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، عن شُعبةَ، عن أبي بشرٍ، عن خالد بن عُرفُطَةَ، عن حبيب بنِ سالم عن النعمانِ بن بشيرٍ، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - في الرجُل يأتي جاريةَ امرأتِه، قال: "إنْ كانت أحلَّتها له جُلِد مئةً، وإن لم تكُن أحلَّتها له رجمتُهُ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي (5528) و (7191) من طريق همام، عن قتادة، عن حبيب بن سالم، عن حبيب بن يساف: أنها رُفِعتْ إلى النعمان بن بشير ... يعني هذه المسألة. وهو في "مسند أحمد" (18397). وانظر ما بعده. وفي الباب عن سلمة بن المُحبِّق، سيأتي عند المصنف برقم (4460) وهو ضعيف كذلك. قال الخطابي: وقد روي عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما إيجاب الرجم على من وطئ جارية امرأته، وبه قال عطاء بن أبي رباح وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق. وقال الزهري والأوزاعي: يُجلَد ولا يُرجم. وقال أبو حنيفة وأصحابه فيمن أقر أنه زنى بجارية امرأته: يُحَدُّ وإن قال: ظننتُ أنها تحلُّ لي لم يُحَدّ. وعن الثوري أنه قال: إذا كان يُعرف بالجهالة يعزَّر ولا يُحَدُّ. وقال بعض أهل العلم في تخريج هذا الحديث: إن المرأة إذا أحلَّتها له فقد أوقع ذلك شبهة في الوطء فدرئ عنه الرجم، وإذا درأنا عنه حدّ الرجم وجب عليه التعزير، لما أتاه من المحظور الذي لا يكاد يجهله أحد نشأ في الإِسلام، أو عرف شيئاً من أحكام الدين، فزيد في عدد التعزير حتى بلغ به حد الزنى للبكر، ردعاً له وتنكيلاً. وكأنه نحا في هذا التأويل نحو مذهب مالك، فإنه يرى للإمام أن يبلغ بالتعزير مبلغ الحد، وإن رأى أن يزيد عليه فَعَل. قلنا: كذا نقل عن أحمد وإسحاق أنهما ذهبا إلى رجمه هكذا على الإطلاق، وإنما نقل البخاري كما مضى عن إسحاق بن منصور أنهما قالا بمقتضى هذا الحديث. (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. أبو بشر: هو جعفر بن إياس أبي وحشية. =

4460 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا معمرٌ، عن قتادةَ، عن الحسنِ، عن قَبِيصَةَ بنِ حُريثٍ عن سلمة بن المُحبِّقِ أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قَضى في رَجُلٍ وقَعَ على جاريةِ امرأته: إن كانَ استكرهَها فهي حُرَّةٌ، وعليه لسيدتِها مثلُها، وإن كانت طاوعته فهيَ له، وعليه لِسيدتِها مثلُها (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5526) و (7187) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1518)، والنسائي (5527) و (7188) من طريق هشيم بن بشير، أخبرنا أبو بشر، عن حبيب بن سالم قال: جاءت امرأة إلى النعمان بن بشير. فأسقط من إسناده خالد بن عرفطة، ولهذا قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي بإثر الحديث: وأبو بشر لم يسمع من حبيب بن سالم هذا أيضاً، إنما رواه عن خالد بن عُرفطة. قلنا: ثم إنه مرسل كما ترى من هذا الطريق. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة قبيصة بن حريث، وقال البخاري: في حديثه نظر، وقال النسائي: لا يصح حديثه، وقال العقيلي: في هذا الحديث اضطراب (قلنا: يعني في متنه)، وقال الخطابي: حديث منكر، وقبيصة بن حريث غير معروف، والحجة لا تقوم بمثله. وقد روي هذا الحديث من طريقين آخرين ضعيفين عن قتادة فجاء فيهما ذكر جون بن قتادة، بدل قبيصة كما بيناه في "المسند" (20063). وجون مجهول. وهو في "مصنف عبد الرّزاق" (13417)، ومن طريقه أخرجه النسائي في "الكبرى" (5531) و (7195). وهو في "مسند أحمد" (20060) و (20069). وانظر ما بعده. وفي الباب عن ابن مسعود موقوفاً عليه عند عبد الرزاق (13419)، والطحاوي 3/ 145. وإسناده حسن. قال الخطابي: وقد روي عن الأشعث صاحب الحسن أنه قال: بلغني أن هذا كان قبل الحدود. قلت [القائل الخطابي]: لا أعلم أحداً من الفقهاء يقول به، وفيه أمور تخالف الأصول: منها: إيجاب المثل في الحيوان، ومنها: استجلاب الملك بالزنى. =

قال أبو داود: روى يونسُ بنُ عُبيد وعمرو بنِ دينار ومنصور بن زاذانَ وسلامٌ، عن الحسن هذا الحديثَ بمعناه، لم يذكر يونسُ ومنصورٌ: قَبيصَةَ. 4461 - حدَّثنا عليٌّ بنُ الحُسين الدِّرهميُّ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، عن سعيدٍ، عن قتادةَ، عن الحسنِ عن سَلَمَةَ بنِ المُحَبِّق، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، نحوه، إلا أنه قال: "وإن كانت طاوعَتْه، فهي ومثلُها (¬1) مِن مالِه لِسيدتها (¬2). ¬

_ = ومنها: إسقاط الحد عن البدن، وايجاب العقوبة في المال. وهذه كلها أمور منكرة، لا تُخرَّج على مذهب أحد منه الفقهاء، وخليق أن يكون الحديث منسوخاً إن كان له أصل في الرواية" والله أعلم. ونقل الترمذي في "علله الكبير" 2/ 617 عن البخاري قوله: ولا يقول بهذا الحديث أحدٌ من أصحابنا. (¬1) في (أ) وحدها: فهي له ومثلها من ماله لسيدتها، وهو خطأ في إثباتها في رواية سعيد -وهو ابن أبي عروبة-، والصواب ما أثبتناه من بقية أصولنا الخطية، بحذف "له"، وهو الموافق لرواية النسائي (7194) من طريق سعيد بن أبي عروبة أيضاً. (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه؛ لأن الحسن -وهو البصري- لم يسمع من سلمة ابن المُحبِّق فيما قاله أبو حاتم والبزار، وبينهما فيه قبيصة بن حُريث كما في إسناد الطريق الذي قبله، وقد ذكرنا هناك تضعيف أهل العلم لهذا الحديث. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وعبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى السامي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5532) و (7194) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي أيضاً (7193) من طريق يونس بن عُبيد، عن الحسن، عن سلمة بن المُحبِّق. وأخرجه ابن ماجه (2552)، والنسائي (7192) من طريق هشام بن حسان، عن الحسن، عن سلمة بن المحبّق: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - رفع إليه رجل وطئ جارية امرأته، فلم يَحُدَّه. وانظر ما قبله.

29 - باب فيمن عمل عمل قوم لوط

29 - باب فيمن عمل عمل قوم لوط 4462 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد بنِ علي النُّفيليُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ محمَّد، عن عَمرِو بنِ أبي عَمرو، عن عِكرِمة عن ابنِ عباس، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَن وجَدتمُوهُ يعملُ عملَ قومِ لوطٍ، فاقتُلُوا الفَاعِلَ والمفعولَ بهِ" (¬1). ¬

_ (¬1) ضعيف، عمرو بن أبي عمرو -وهو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب- وإن كان صدوقاً، قد استُنكِر عليه هذا الحديث، فقد قال البخاري فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" 2/ 622 وسأله عن هذا الحديث: عمرو بن أبي عمرو صدوق، ولكن روى عن عكرمة مناكير، ولم يذكر في شيء من ذلك أنه سمع عن عكرمة. ونقل الحافظ في "التلخيص" 4/ 54 عن النسائي أنه استنكر هذا الحديث، وروى أحمد بن أبي مريم عن ابن معين قال: عمرو بن أبي عمرو ثقة يُنكر عيه حديث عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "اقتلوا الفاعل والمفعول به". وقال المصنف بإثر حديث عاصم بن أبي النجود، عن أبي رَزين مسعود بن مالك عن ابن عباس أنه قال: ليس على الذي يأتي البهيمة حدٌّ: حديث عاصم يُضعِّف حديث عمرو بن أبي عمرو. وسيأتي حديث عاصم برقم (4465). ونقل صاحب "المغني" 12/ 352 أن الإِمام أحمد لا يثبت حديث عمرو بن أبي عمرو. وأخرجه ابن ماجه (2561)، والترمذي (1523) من طريق عبد العزيز بن محمَّد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: وإنما يُعرف هذا الحديث عن ابن عباس، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من هذا الوجه. وروى محمَّد بن إسحاق هذا الحديث عن عمرو بن أبي عمرو، فقال: "ملعون من عَمِل عَمَل قوم لوط" ولم يذكر فيه القتل، وذكر فيه: ملعون من أتى بهيمة. وقد روي هذا الحديث عن عاصم بن عُمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "اقلوا الفاعل والمفعول به". هذا حديث في إسناده مقال، ولا نعلم أحداً رواه عن سهيل بن أبي صالح غير عاصم بن عمر العمري، وعاصم بن عمر يُضعف في الحديث من قبل حفظه. وهو في "مسند أحمد" (2732). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ وقد روي هذا الحديث -كما قال المصنف بإثر الحديث- من طريق عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس، لكنه اختُلف في. رفعه ووقفه، على أن عباداً ضعيف لسوء حفظه وتدليسه، وقال أبو حاتم: ونرى أنه أخذ هذه الأحاديث عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس، يعني كان يدلسها بإسقاط رجلين. وإبراهيم بن أبي يحيى متروك، وداود بن الحصين ثقة إلا في روايته عن عكرمة. وانظر "مسند أحمد" (2733). وروي أيضاً من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأشهلي، عن داود بن الحصين عن عكرمة، عن ابن عباس. وإبراهيم هذا ضعيف الحديث، وداود ثقة إلا في عكرمة كما أسلفنا. وانظر "مسند أحمد" (2727). وانظر ما بعده. قال الخطابي: رتب الفقهاء القتل المأمور به (يعني في اللوطة) على معاني ما جاء فيه في أحكام الشريعة، فقالوا: يقتل بالحجارة رجماً إن كان محصناً، ويُجلد مئة إن كان بكراً، ولا يُقتل. وإلى هذا ذهب سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والنخعي والحسن وقتادة، وهو أظهر قولي الشافعي. وحكي ذلك أيضاً عن أبي يوسف ومحمد. وقال الأوزاعي: حكمه حكم الزاني. وقال مالك بن أنس وإسحاق بن راهويه: يرجم إن أحصن أو لم يحصن. روي ذلك عن الشعبي. وقال أبو حنيفة: يُعزر ولا يحد، وذلك أن هذا الفعل ليس عندهم بزنى. وقال بعض أهل الظاهر: لا شيء على مَن فعل هذا الصنيع. قلت [القائل الخطابي]: وهذا أبعد الأقاويل من الصواب، وأدعاها إلى إغراء الفجار به، وتهوين ذلك بأعينهم وهو قول مَرغُوب عنه. قلنا: هذا نقل عن بعض أهل الظاهر هذا الرأي، والذي قاله ابن حزم في "المحلى" 11/ 382: أن أبا سليمان وجميع الظاهرية يذهبون في ذلك مذهب أبي حنيفة يعني في تعزير من فَعَل هذا الفعل. وانظر "المغني" لابن قدامة 12/ 348 - 349.

30 - باب فيمن أتى بهيمة

قال أبو داود: رواه سليمانُ بنُ بِلال، عن عَمرو بنِ أبي عَمرو، مثلَه. ورواه عبَّادُ بنُ منصور، عن عكرمة، عن ابنِ عباس رفَعه. ورواه ابنُ جُريج، عن إبراهيمَ، عن داود بنِ الحُصَينِ، عن عِكرِمَة، عن ابنِ عباس رفعه. 4463 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إبراهيم بنِ راهويه، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا ابنُ جُريج، أخبرني ابنُ خُثَيْمٍ، قال: سمعتُ سعيدَ بن جُبيرٍ ومجاهداً يحدثان عن ابنِ عباس: في البِكْرِ يُوجَدُ على اللوطِيَّةِ قال: يُرجَمُ (¬1). 30 - باب فيمن أتى بهيمةً 4464 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد النُّفيليُّ، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ محمدٍ، حدَّثني عَمرُو بنُ أبي عَمرو، عن عِكرمة عن ابنِ عباس، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَن أتى بهيمةً، فاقتلوهُ واقتلوها مَعَهم" قال: قُلتُ له: ما شأنُ البهيمةِ؟ قال: ما أُراه قال ذلك إلا أنه كَرِهَ أن يُؤكَلَ لحمُها، وقد عُمِلَ بها ذلك العملُ (¬2). ¬

_ (¬1) أثر موقوف إسناده قوي من أجل ابن خثيم -وهو عبد الله بن عثمان- فهو صدوق لا بأس به. وابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- قد صرح بسماعه. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (13491). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7298) من طريق محمَّد بن ربيعة، عن ابن جريج، عن ابن خثيم، عن سعيد بن جبير وعكرمة، عن ابن عباس. فذكر عكرمة بدل مجاهد. (¬2) ضعيف كالحديث السالف برقم (4462). وقال العجلي في "تاريخ الثقات" في ترجمة عمرو بن أبي عمرو: ثقة، يُنكر عليه حديث البهيمة، وضعّف المصنف هذا الحديث بالأثر الآتي بعده عن ابن عباس أنه قال: ليس على الذي يأتي البهيمة حدٌّ. وقال الخطابي معلقاً على تضعيف المصنف: يريد أن ابن عباس لو كان عنده في هذا الباب حديث عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لم يخالفه. قلنا: وكذلك قال الترمذي بإثر الحديث (1522) =

قال أبو داود: ليس هذا بالقوي (¬1). ¬

_ = بأن أثر ابن عباس أصح من الحديث المروي عنه، وأما النسائي فقد أعل هذا الحديث في "الكبرى" بإثر الحديث (7301) بالرواية الأخرى عن ابن عباس بهذا الإسناد أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله من وقع على بهيمة" يعني بذكر اللعن، دون ذكر القتل أو عدمه. ونقل صاحب "المغني" 12/ 352 عن الإِمام أحمد أنه لا يثبت هذا الحديثُ. وأخرجه الترمذي (1521)، والنسائي في "الكبرى" (7300) من طريق عبد العزيز ابن محمَّد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2564) من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس. وإبراهيم هذا ضعيف الحديث. وداود ابن الحصين ثقة إلا في روايته عن عكرمة. وهو في "مسند أحمد" (2420) و (2727). وقد روي هذا الحديث أيضاً من طريق عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس، واختُلف في رفعه ووقفه. وقد تكلمنا على رواية عباد عن عكرمة عند الحديث السالف برقم (4462). وانظر "مسند أحمد" (2733). قال الخطابي: وقد اختلف أهل العلم فيمن أتى هذا الفعل. فقال إسحاق بن راهويه: يقتل إذا تعمد ذلك وهو يعلم ما جاء فيه عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم، فإن درأ عنه إمام القتل، فلا ينبغي أن يدرأ عنه جلد عدّة تشبيهاً بالزنى. وروي عن الحسن أنه قال: يرجم إن كان محصناً، ويجلد إن كان بكراً. وقال الزهري: يجلد مئة أحصن أو لم يُحصن. وقال أكثر الفقهاء: يُعزَّر، وكذلك قال عطاء والنخعي وبه قال مالك وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل، وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه، وهو أحد قولي الشافعي. وقوله الآخر: إن حكمه حكم الزاني. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي.

31 - باب إذا أقر الرجل بالزنى ولم تقر المرأه

4465 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، أن شريكاً وأبا الأحوصِ وأبا بكر بنَ عياشٍ حدَّثوهم، عن عاصِمٍ، عن أبي رزينٍ عن ابنِ عباس، قال: ليس على الذي يأتي البهيمة حدٌّ (¬1). قال أبو داود: وكذا قال عطاءٌ، وقال الحكم: أرى أن يُجلَدَ ولا يُبْلَغَ به الحدّ، وقال الحسنُ: هو بمنزلةِ الزَّاني. قال أبو داود: حديث عاصمٍ يُضعِّفُ حديثَ عَمرو بن أبي عَمرو (¬2). 31 - باب إذا أقرَّ الرجلُ بالزِّنى ولم تُقِرَّ المرأه ُ 4466 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا طَلْقُ بنُ غنَّام، حدَّثنا عبدُ السَّلامِ ابنُ حفصٍ، حدَّثنا أبو حازِمٍ ¬

_ (¬1) أثر موقوف إسناده حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النَّجُود، ويقال له: ابن بهدلة أيضاً- أبو رَزين: هو مسعود بن مالك الأسدي مولاهم الكوفي. وأخرجه الترمذي (1522) من طريق الإِمام سفيان الثوري، والنسائي في "الكبرى" (7301) من طريق الإِمام أبي حنيفة النعمان، كلاهما عن عاصم بن أبي النجود، به. وقال الترمذي بإثره: هذا أصح من الحديث الأول - يعني حديث ابن عباس المرفوع الذي سلف عند المصنف قبله .. لكن النسائي قال عن أثر ابن عباس هذا وعن حديثه السالف عند المصنف قبله: هذا غير معروف، والأول هو المحفوظ قلنا: يعني رواية ابن عباس التي ساقها في "الكبرى" برقم (7299) أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "لعن الله من وقع على بهيمة". فصحح النسائي ذكرَ اللعنِ، دون ذكر القتل أو عدمه. (¬2) مقالة أبي داود هذه جاءت في (ب) و (ج) بعد أثر ابن عباس السالف برقم (4463)، وجاءت في (أ) و (هـ) هنا، وكذلك جاءت في رواية ابن العبد، كما أشار إليه في (أ)، ومكانها هنا أليق وأحسن.

عن سهل بنِ سعدٍ، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-: أن رجُلاً أتاه، فأقرَّ عندَه أنه زَنَى بامرأةِ سماها له، فبعثَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى المرأةِ فسألَها عن ذلك، فأنكرتْ أن تكونَ زنَت، فجلدَه الحدَّ وتركها (¬1). 4467 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسِ، حدَّثنا موسى بنُ هارون البُردِي، حدَّثنا هِشَامُ بنُ يوسفَ، عن القاسم بنِ فيَّاض الأبناويّ، عن خلَّاد بنِ عبدِ الرحمن، عن ابن المُسيّب عن ابن عباسٍ: أن رجلاً من بَكر بنِ ليثٍ أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فأقرَّ أنه زنى بامرأةٍ، أربَعَ مراتٍ، فجلدَه مئةً، وكان بِكراً، ثم سأله البينةَ على المرأة، فقالت: كذبَ والله يا رسولَ الله، فجَلَدَه حدَّ الفِريةِ ثمانينَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (4437). وانظر فقه الحديث عند الحديث التالي. (¬2) إسناده ضعيف. القاسم بن فياض الأبناوي ضعفه ابنُ معين والنسائي ووصف حديثه هذا بأنه منكر، وقال ابن حبان في "المجروحين" 2/ 213: كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج بخبره. والأبناوي نسبة إلى الأبناء، وهم كل من وُلد باليمن من أبناء الفرس وليس بعربي كما قال السمعاني في "الإنساب" نقلاً عن ابن حبان وغيره. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7308) من طريق موسى بن هارون البُردِيّ، بهذا الإسناد. قال ابن عبد البر في التمهيد، 9/ 91: اختلفوا فيمن أقر بالزنى بامرأة بعينها وجحدت هي، فقال مالك: يقام عليه حد الزنى، ولو طلبت حد القذف لأُقيم عليه أيضاً. قال: وكذلك لو قالت: زنى بي فلان وأنكر، حُدَّت للقذف ثم للزنى، وبهذا قال الطبري. وقال أبو حنيفة: لا حدّ عليه للزنى، وعليه حد القذف، وعليها مثل ذلك إن قالت له ذلك.

32 - باب في الرجل يصيب من المرأة دون الجماع فيتوب قبل أن يأخذه الإمام

32 - باب في الرجل يُصيبُ من المرأةِ دونَ الجِماع فيتوبُ قبل أن يأخذَه الإمامُ 4468 - حدَّثنا مسددُ بن مُسَرْهَدٍ، حدَّثنا أبو الأحوصِ، حدَّثنا سِمَاكٌ، عن إبراهيمَ، عن علقمةَ والأسودِ، قالا: قال عبدُ الله: جاءَ رجُلٌ إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقالَ: إني عالجْتُ امرأةً من أقصى المدينَةِ، فأصبتُ منها ما دون أن أمسَّها، فأنا هذا، فأقِمْ عليَّ ما شِئْتَ، فقال عُمَرُ: قد سَتَر اللهُ عليكَ لو سترتَ على نفسِكَ، فلم يَرُدَّ عليهِ النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - شيئاً، فانطلقَ الرجلُ، فأتبعَهُ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- رجُلاً، فدعاه، فتلا عليه: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} إلى آخر الآية [هود: 114]، فقال رجُلٌ مِنَ القَوم: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ألهُ خاصَّةً أم للناسِ عامّةً؟ فقال: "بل للناسِ كافةً" (¬1). ¬

_ = وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي: يُحَدُّ من أقر منهما للزنى فقط؛ لأنا قد أحطنا علماً أنه لا يجب عليه الحدان جميعاً؛ لأنه إن كان زانيا فلا حد على قاذفه، فإذا أقيم عليه حد الزنى لم يقم عليه حد القذف. وقال الأوزاعي: يحد للقذف، ولا يحد للزنى. وقال ابن أبي ليلى: إذا أقر هو وجحدت هي جلد، وإن كان محصنا، ولم يرجم. وانظر "مختصر اختلاف العلماء" للجصاص المسألة رقم (1415). (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل سِماك -وهو ابن حرب- وقد توبع. الأسود: هو ابن يزيد النخعي، وعلقمة: هو ابن قيس النخعي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وأبو الأحوص: هو سَلَّام بن سُليم. وأخرجه مسلم (2763)، والترمذي (3372)، والنسائي في "الكبرى" (7283) من طريق أبي الأحوص، والنسائي (7282) من طريق أبي عوانة اليشكري، ومسلم (2763) من طريق شعبة بن الحجاج، والنسائي (7281) من طريق أسباط بن نصر، أربعتهم عن سماك بن حرب، به. ولم يذكر شعبة وأسباط علقمة في إسنادهما. =

33 - باب في الأمة تزني ولم تحصن

33 - باب في الأمةِ تزني ولم تُحْصَنْ 4469 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب، عن عُبَيْدِ الله ابنِ عَبدِ الله بنِ عُتبةَ عن أبي هُريرة وزيدِ بنِ خالدِ الجُهَني: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - سُئل عن الأمَةِ إذا زَنَتْ، ولم تُحصَنْ، قال: "إن زَنَتْ فاجْلِدُوهَا، ثم إن زنَتْ فاجْلِدُوها، ثم إن زَنَت فاجلِدُوها، ثم إن زَنَت فبِيعُوها ولو بِضَفِيرِ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (3373) و (3374) من طريق سفيان الثوري، عن سماك -وقرن به في الموضع الأول الأعمش- عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود. لكن صحح الترمذي رواية الجماعة عن سماك -يعني بذكر علقمة والأسود، دون ذكر عبد الرحمن بن يزيد. وأخرجه بنحوه مسلم (2763)، وابن ماجه (1398) و (4254)، والترمذي (3375)، والنسائي (7285) من طريق أبي عثمان النَّهْدي، عن عبد الله بن مسعود. وقد صحَّح النسائيُّ رواية أبي عثمان النهدي وضَعَّف روايةَ سِماكٍ؛ لأن الأعمش خالفه فرواه عن إبراهيم النخعي مرسلاً. وقد أخرج رواية الأعمش في "السنن الكبرى" (7284) من طريق أبي معاوية محمَّد بن خازم الضرير، عنه. لكن سفيان الثوري رواه كما أسلفنا عن الأعمش موصولاً وخالف رواية أبي معاوية! (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك " 2/ 826. وأخرجه البخاري (2153) و (2232) و (2555) و (6837)، ومسلم (1704)، وابن ماجه (2565)، والنسائي في "الكبرى" (7217 - 7220) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. زاد سفيان بن عيينة في رواية ابن ماجه والنسائي في الموضع الأخير: شبل بن خالد -أو خليد- مع أبي هريرة وزيد بن خالد. وقد ذكر الإِمام الترمذي والامام النسائي وغيرهما أن هذا وهم من ابن عيينة؛ لأن شبلاً لم يدرك النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وإنما أدخل سفيان حديثاً في حديث، وشبل إنما روى مثل هذا الحديث عن عبد الله بن مالك الأوسي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وعن زيد بن خالد الجُهني عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كما أخرجه النسائي (7221 - 7223). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه الترمذي (1507)، والنسائي (7202 - 7205) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة وحده. وهو في "مسند أحمد" (17043) و (17057)، و"صحيح ابن حبان" (4444). وانظر تالييه. قال الخطابي: فيه من الفقه: وجوب إقامة الحد على المماليك إلا أن حدودهم على النصف من حدود الأحرار لقوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]. ولا يُرجَم المماليك وإن كانوا ذوي أزواج؛ لأن الرجم لا يتنصف، فعلم أنهم لم يدخلوا في الخطاب ولم يُعنَوا بهذا الحكم. وأما قوله: "إذا زنت ولم تحصن" فقد اختلف الناس في هذه اللفظة، فقال بعضهم: إنها غير محفوظة وقد روي هذا الحديث من طريق غير هذا ليس فيه ذكر الإحصان. وقال بعضهم: إنما هو مسألة عن أمة زنت ولا زوج لها، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "تجلد" أي: كما تُجلَد ذوات الأزواج، وإنما هو اتفاق حال في المسؤول عنه وليس بشرط يتعلق به في الحكم، فيختلف من أجل وجوده وعدمه. وقد اختلف الناس في المملوكة إذا زنت ولا زوج لها، فروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لا حد عليها حتى تحصن. وكذلك قال طاووس. وقرأ ابن عباس: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25]. وقرأها: {أُحْصِنَّ} بضم الألف. وقال أكثر الفقهاء: تجلد وإن لم تتزوج، ومدى الإحصان فيهن: الإِسلام. وقرأها عاصم والأعمش وحمزة والكسائي: (أَحْصَنَّ)، مفتوحة الألف بمعني: أسلمن. قلنا: كذا نسب الخطابي قراءة الفتح إلى عاصم مطلقاً، وإنما قرأها أبو بكر عن عاصم بالفتح، وأما حفص عن عاصم فقرأها بالضم. انظر "النشر" 2/ 249. ثم قال الخطابي: وفيه دليل على أن الزنى عيب في الرقيق يُرد به، ولذلك حط من القيمة، وهضم من الثمن. وفيه دليل على جواز بيع غير المحجور عليه مالَه بما لا يتغابن به الناس.

قال ابنُ شهاب: لا أدري في الثالثة أو الرابعة. والضفير: الحبلُ. 4470 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن عُبيد الله، حدَّثني سعيدُ بنُ أبي سعيد المقبرِيُّ عن أبي هُريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا زَنَت أمَةُ أحدِكم فليَجِلدْها، ولا يُعيِّرها، ثلاث مِرَارٍ، فإنْ عَادَتْ في الرّابِعةِ، فَلْيَجْلدْها، ولْيبِعها بضَفيرِ، أو بحبْلٍ مِنْ شَعَرِ" (¬1). 4471 - حدَّثنا ابنُ نُفيلِ، حدَّثنا محمدُ بنُ سلمةَ، عن محمَّد بنِ إسحاقَ، عن سعيد بنِ أبي سعيدٍ المقبريِّ، عن أبيه عن أبي هُريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بهذا الحديث، قال في كُل مرةٍ: "فليضربْها كتابَ الله، ولا يُثرِّبْ عليها"، وقال في الرابعة: "فإن عَادَتْ فَليضرِبْها كتابَ الله، ثم ليبِعها، ولو بحبلٍ مِن شَعَرٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر العُمري، ويحيى: هو ابنُ سَعيد القطان. وسيأتي في الطريق الذي بعده عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. وكل من سعيد المقبري وأبيه قد سمع من أبي هريرة، فلا يبعد أن يكون سعيد سمع الحديث من أبيه أولاً، ثم سمعه من أبي هريرة مباشرة. وأخرجه مسلم (1703)، والنسائي في "الكبرى" (7208 - 7214) من طرق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، به. وهو في "مسند أحمد" (7395) و (8886). وانظر ما بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن إسحاق، وقد صرح بسماعه عند الدارقطني (3334) فانتفت شبهة تدليسه، وقد توبع. ابن نُفَيل: هو عبد الله ابن محمَّد بن علي النُّفيليُّ. =

34 - باب في إقامة الحد على المريض

34 - باب في إقامة الحدِّ على المريض 4472 - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدٍ الهَمْدانيُّ، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهاب، أخبرني أبو أمامَةَ بنُ سهلِ بن حُنَيْفِ أنه أخبره بعضُ أصحاب رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مِن الأنصارِ: أنَّه اشتكى رجُلٌ منهم حتى أُضنِيَ، فعَادَ جِلدَةً على عَظمٍ، فدخلت عليه جارِيةٌ لِبعضِهم، فَهشَّ لها، فَوَقَعَ عليها، فلما دَخَلَ عليهِ رجالُ قومه يَعُودونه أخبرَهم بذلك، وقال: استفتُوا لي رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فإني قد وقَعْتُ على جَارِيَةٍ دخلتْ عليَّ، فذَكَرُوا ذلك لِرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وقالوا: ما رأينا بأحدٍ مِن الناسِ مِن الضُرِّ مثلَ الذي هو به، لو حملناه إليك لتفسَّخَتْ عظامُهُ، ما هو إلا جِلدٌ على عَظْم، فأمرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يأخذوا له مِئةَ شِمراخٍ، فيضرِبُوه بها ضربةً واحِدَةً (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1703) من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2152) و (2234) و (6839)، ومسلم (1703)، والنسائي في "الكبرى" (7207) من طريق الليث بن سعد، عن سعيد المقبري، به. وهو في "مسند أحمد" (9470) و (10405). وانظر ما قبله. قال الخطابي: معنى التثريب: التعبير والتبكيت، يقول: لا يقصر على أن يبكتها بفعلها أو يسبّها، ويعطل الحد الواجب عليها. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد اختُلف فيه عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، فروي عنه موصولاً في رواية يونس -وهو ابن يزيد الأيلي- عن ابن شهاب -وهو محمَّد بن مسلم الزهري- كما عند المصنف هنا، ورواه أبو حازم سلمة بن دينار ويحيى بن سعيد الأنصاري وأبو الزناد عن أبي أمامة مرسلاً وهذا لا يضر لأن أبا أمامة صحابي صغير، ومراسيل الصحابة حجة، وله طرق أخرى موصولة لكن بذكر صحابة آخرين غير هذا الأنصاري وقد بسطنا بيانها في "مسند أحمد" (21935). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه ابن الجارود في المنتقى (817)، والبيهقي 10/ 64 من طريق يونس ابن يزيد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7267) من طريق إسحاق بن راشد، عن الزهري، به إلا أنه سمى الصحابي سهل بن حنيف. وإسحاق -وإن كان ثقة- في حديثه عن الزهري بعض الوهم وقد اختُلف عليه، فقد روي عنه هذا الحديث مرة أخرى -كما أخرجه النسائي (7266) - عن الزهري عن أبي أمامة مرسلاً. وأخرجه النسائي أيضاً (7259) من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد. وقد ذكر الدارقطني هذا الحديث من هذا الطريق في "سننه" (3156) ثم قال: الصواب عن أبي حازم عن أبي أمامة بن سهل، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم. وأخرجه كذلك (7260) من طريق زيد بن أبي أُنيسة، عن أبي حازم، عن أبي أمامة مرسلاً. وأخرجه أيضاً (7261) و (7263) من طريق أبي الزناد عبد الله بن ذكوان، و (7262 - 7265) طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، كلاهما عن أبي أمامة مرسلاً. وهو في "مسند أحمد" (21935) من طريق يعقوب بن عبد الله بن الأشج، عن أبي أمامة، عن سعيد بن سعْد بن عبادة. وانظر تمام الكلام عليه وتفصيل طرقه هناك. قال الخطابي: قوله: أُضني معناه: أصابه الضَّنى، وهو شدة المرض وسوء الحال حتى ينحل بدنه ويَهزُل، ويقال: إن الضَّنى انتكاس العلة. قلنا: وقوله: هشَّ لها، من الهَشّ والهشيش، وهو كل شيء فيه رخاوة ولين وخِفّة. والشمراخ: كل غصن من أغصان عذق النخل، وهو الذي عليه البُسْر. ثم قال الخطابي: وفيه من الفقه أن المريض إذا كان ميؤوساً منه ومن معاودة الصحة والقوة إياه وقد وجب عليه الحد، فإنه يُتناول بالضرب الخفيف الذي لا يَهُدُّه. وممن قال من العلماء بظاهر هذا الحديث الشافعي، وقال: إذا ضربه ضربةً واحدة بما يجمع له من المشاريخ فعلم أن قد وصلت كلها إليه ووقعت به أجزأه ذلك. وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابُه: لا نعرف الحد إلا حداً واحداً، الصحيح والزَّمِنُ فيه سواء. =

4473 - حدَّثنا محمدُ بنُ كَثِيرٍ، أخبرنا إسرائيلُ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، عن أبي جَميلة عن علي، قال: فَجَرتْ جاريةٌ لآلِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "يا عليُّ، انطلِق فأقِم عليها الحدَّ" فانطلقتُ فإذا بها دمٌ يسيلُ لم ينقطِعْ، فأتيتُه، فقال: "يا عليٍّ أفرَغتَ؟ " قلت: أتيتُها ودمُها يَسيلُ، فقال: "دَعها، حتى ينقطعَ دمُها، ثم أقِمْ عليها الحدَّ، وأقيموا الحُدودَ على ما ملَكتْ أيمانُكم" (¬1). ¬

_ = قالوا: ولو جاز هذا لجاز مثله في الحامل أن تُضرب بشماريخ النخل ونحوه، فلما أجمعوا أنه لا يجري ذلك في الحامل كان الزَّمِنُ مثل ذلك. قلنا: ومذهب الحنابلة في ذلك كمذهب الشافعي كما ذكر ابن قدامة في "المغني" 12/ 330. وهذا الخِلافُ في المريض الذي لا يُرجى بُرؤه، والحديث الآتي بعده في المريض الذي يرجى بُرؤه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الأعلى -وهو ابن عامر الثعلبي- ثم إنه اختُلف عنه في متن الحديث كما أشار إليه المصنف وقوله في هذا الحديث: "أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم" من قول علي بن أبي طالب، وليس من قول النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كما سيأتي. أبو جميلة: هو يسرة بن يعقوب الطُّهَوي، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7228) من طريق سفيان الثوري، و (7229) من طريق أبي الأحوص سلام بن سُليم، كلاهما عن عبد الأعلى الثعلبي، به. وأخرجه النسائي (7227) من طريق شعبة، عن عبد الأعلى، عن أبي جميلة، عن علي، قال: زنت جارية لي، فذكرت ذلك للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: لا تضربها حتى تضع قلنا: وهذا يعني أنها كانت حاملاً لا نفساء، لكن الصحيح أنها كانت نفساء كما أشار إليه المصنف. =

35 - باب في حد القذف

قال أبو داود: وكذلك رواه أبو الأحوصِ، عن عبدِ الأعلى، ورواه شعبةُ عن عبدِ الأعلى فقال فيه: قال: "لا تَضرِبْها حتَّى تَضَعَ" والأولُ أصحُّ. 35 - باب في حدّ القذف 4474 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ الثقفيُّ ومالكُ بنُ عبدِ الواحد المِسمَعِيُّ -وهذا حديثه- أن ابنَ أبي عدي حدَّثهم، عن محمَّد بنِ إسحاق، عن عبدِ اللهِ بنِ أبي بكرٍ، عن عَمرةَ ¬

_ = فقد أخرجه مسلم (1705)، والترمذي (1506) من طريق أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عن علي بن أبي طالب: أنه خطب الناس فقال: يا أيها الناس أقيموا على أرقائِكم الحد، من أُحصِن منهم ومن لم يُحصن، فإن أمة لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - زنت، فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديثة عهد بنفاس، فخشيت إن أنا جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك لنبي -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: "أحسنت"، وفي رواية أخرى عند مسلم زيادة: "اتركها حتى تَمَاثل". وهو في "مسند أحمد" (736) و (1341). قال ابن قدامة في "المغني" 12/ 329 - 330: المريض الذي يرجى برؤه يقام عليه الحدُّ ولا يؤخر كما قال أبو بكر في المساء [قلنا: أبو بكر: هو الخلال] وهذا قول إسحاق وأبي ثور، لأن عمر رضي الله عنه أقام الحد على قدامة بن مظعون في مرضه، ولم يؤخره، وانتشر ذلك في الصحابة فلم ينكروه، فكان إجماعا، ولأن الحد واجب فلا يؤخر ما أوجبه الله بغير حجة. قال القاضي [يعني أبا يعلى الفراء]: وظاهر قول الخرقي تأخيره، لقوله فيمن يجب عليه الحد: وهو صحيح عاقل، وهذا قول أبي حنيفة ومالك والشافعي لحديث علي رضي الله عنه في التي هي حديثة عهد بنفاس وما ذكرناه من المعنى، وأما حديث عمر في جلد قدامة فإنه يحتمل أنه كان مرضا خفيفاً، لا يمنع من إقامة الحد على الكمال، ولهذا لم يقل عنه أنه خفف عنه في السوط، وإنما اختار له سوطاً وسطا كالذي يُضرب به الصحيح، ثم إن فعل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يقدم على فعل عمر، مع أنه اختيار علي وفعلُه، وكذلك الحكم في تأخيره لأجل الحر والبرد المُفرط.

عن عائِشَة، قالت: لما نزلَ عُذري قامَ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- على المِنبرِ فذَكَر ذلكَ، وتلا -تعني القرآنَ- فلما نزلَ مِن المِنْبرِ أمَرَ بالرَّجُلينِ والمرأةِ فضُرِبُوا حَدَّهم (¬1). 4475 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ سَلَمَة، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، بهذا الحديثِ، لم يذكُر عائِشةَ، قال: فأمَرَ برجلين وامرأةٍ ممن تكلمَ بالفاحِشَة: حسانَ بنِ ثابتٍ ومِسْطَح بنِ أُثاثَةَ. قال النُّفيلي: ويقولُونَ: المرأة: حمْنَةُ بنتُ جَحْشٍ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل محمَّد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطلبي مولاهم- وقد صرح بالتحديث عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2963)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 250، وفي "دلائل النبوة" 4/ 74، فانتفت شبهة تدليسه. عمرة: هي بنت عبد الرحمن، وعبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمَّد بن عمرو بن حزم، وابن أبي عدي: هو محمَّد بن إبراهيم. وقد تابع ابنَ أبي عدي على وصله عبد الأعلى بن عبد الأعلى عند الطحاوي، ويونس بن بكير عند البيهقي، وخالفهم محمَّد بن سلمة الحراني كما في الطريق الآتي بعده، فأرسله، ولا يضر ذلك؛ لأن الذين وصلوه جماعة ثقات. وأخرجه ابن ماجه (2567)، والترمذي (3455)، والنسائي في "الكبرى" (7311) من طريق ابن أبي عدي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (24066). وانظر ما بعده. (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد اختلف في وصله وإرساله عن محمَّد بن إسحاق، أرسله عنه محمد بن سلمة -وهو الحراني- ووصله جماعة ثقات كما في الطريق السالف قبله. فلا يضره إرسال من أرسله. النُّفَيلي: هو عبد الله بن محمَّد بن علي بن نُفَيل الحراني.

36 - باب الحد في الخمر

36 - بابُ الحدِّ في الخَمْر 4476 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي ومحمدُ بنُ المُثنَّى -وهذا حديثُه- قالا: حدَّثنا أبو عاصم، عن ابنِ جُريج، عن محمَّد بنِ على ابن رُكانَةَ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباسِ: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يَقِتْ في الخَمْرِ حدّاً. وقال ابنُ عباسٍ: شَرِبَ رجلٌ فَسَكِرَ فلُقِيَ يَميلُ في الفَجِّ، فانطُلِقَ به إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فلما حاذَى دارَ العباسِ انفلتَ، فدَخَلَ على العباس فالتزمه فذَكَر ذلك للنبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فَضَحِكَ، وقال: "أفعَلَها؟ " ولم يأمُرْ فيه بشيءٍ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة محمَّد بن علي ابن ركانة، ثم إن في متنه مخالفة للأحاديث الصحيحة التي فيها أن حد شارب الخمر كان على زمن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أربعين، وكذلك كان في عهد أبي بكر، فلما كانت خلافة عمر جلد ثمانين. ابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد، والحسن بن علي: هو الحُلْواني الخلّال. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5271) و (5272) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2963). ويخالف هذا الحديث حديث أنس بن مالك الآتي عند المصنف برقم (4479) ولفظه عند مسلم (1706): أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أتي برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدتين نحو أربعين. وفي رواية أخرى عند مسلم (1706): أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يضرب بالنعال والجريد أربعين. ويخالفه أيضاً حديث حضين بن المنذر، عن علي بن أبي طالب الآتي عند المصنف (4480). وهو في "صحيح مسلم" (1707). وانظر كلام الخطابي في حد شارب الخمر عند الحديث الآتي برقم (4480). قال الخطابي: الفج: الطريق، وقوله: لم يَقِت، أي: لم يوقت، يقال: وقت يقت، ومنه قول الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء:103].

قال أبو داود: هذا الحديث مما تفرَّد به أهلُ المدينةِ حديث الحسن بنِ علي هذا (¬1). 4477 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا أبو ضَمرةَ، عن يزيدَ ابنِ الهادِ، عن محمدِ بنِ إبراهيمَ، عن أبي سَلَمَة عن أبي هُريرة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أُتيَ برجل قد شَرِبَ، فقال: "اضرِبُوهُ" فقال أبو هُريرة: فَمِنا الضَّارِبُ بيده، والضَّارب بنعله، والضاربُ بثوبه، فلما انصرفَ قال بعضُ القوم: أخزَاكَ اللهُ! فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تَقُولُوا هكذا، لا تُعينوا عليه الشَّيْطَانَ" (¬2). 4478 - حدَّثنا محمدُ بنُ داودَ بن أبي ناجيةَ الإسكندرانىُّ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يحيى بنُ أيوبَ وحيوةُ بن شريحٍ وابنُ لهيعةَ عن ابن الهاد، بإسناده ومعناه، قال فيه بَعْدَ الضربِ: ثم قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لأصحابِه: "بكَّتُوه"، فأقبلُوا عليه يقولون: أما اتقيتَ اللهَ، ما خَشِيتَ اللهَ، وما استحييت مِن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ثم أرسَلُوه، ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) و (هـ). وهي في رواية ابن العبد وابن داسه. (¬2) إسناده صحيح. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، ومحمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي، ويزيد ابن الهاد: هو ابن عبد الله بن أسامة بن الهاد، معروف بالنسبة إلى جد أبيه، وأبو ضمرة: هو أنس بن عياض. وأخرجه البخاري (6777) و (6781)، والنسائي في "الكبرى" (5268) من طريق أنس بن عياض، بهذا الإسناد. زاد النسائي في روايته: "ولكن قولوا: رحمك اللهُ". وهو في "مسند أحمد" (7985)، و "صحيح ابن حبان" (5730). وانظر ما بعده. وانظر الكلام في حد شارب الخمر عند الحديث الآتي برقم (4480).

وقال في آخِرِه: "ولكن قولوا: اللَّهم اغفِر له، اللهم ارْحَمه" وبعضهم يزيدُ الكلمةَ ونحوَها (¬1). 4479 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا هِشامٌ، وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن هِشام -المعنى- عن قتادَةَ عن أنسِ بنِ مالكِ: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - جَلدَ في الخَمْرِ بالجَريدِ والنِّعالِ، وجَلَدَ أبو بكر أربعينَ، فلما ولي عُمَرُ دعا الناسَ، فقال لهم: إنَّ الناسَ قد دنوا مِن الرِّيفِ -وقال مُسَدَّدٌ: من القُرى والريفِ- فما ترونَ في حد الخمر؟ فقال له عبدُ الرحمن بنُ عَوفٍ: نرى أن تَجْعَلَه كأخفِّ الحُدودِ، فَجَلَدَ فيه ثَمَانِينَ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح كسابقه. ابن وهب: هو عبد الله، وابن لهيعة: هو عبد الله. (¬2) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دِعامة السدوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه البخاري (6773) و (6776)، ومسلم (1706)، وابن ماجه (2570) والنسائي في "الكبرى" (5258) من طريق هشام الدستوائي، به. ورواية البخاري وابن ماجه والنسائي مختصرة بقوله: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وزاد البخاري ذكر أبي بكر فقط، وفي رواية لهشام عند مسلم: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين. فذكر عدد الجلدات، وتابعه عليه شعبة كما سيأتي. وأخرجه البخاري (6773)، ومسلم (1706)، والترمذي (1509) والنسائي (5255 - 5257) من طريق شعبة بن الحجاج، وابن ماجه (2570) من طريق سعيد بن أبي عروبة، كلاهما عن قتادة، به، ورواية البخاري مختصرة كما ذكرنا، ولم يذكر النسائي في الموضع الأول قصة عمر بن الخطاب. وجاء في رواية شعبة عندهم خلا البخاري: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحواً من أربعين. فذكر عدد الجلدات بأنها كانت نحواً من أربعين. =

قال أبو داود: رواه ابنُ أبي عَروبة، عن قتادةَ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم: أنه جَلَدَ بالجريدِ والنعالِ أربعين. ورواه شعبةُ، عن قتادة عن أنسٍ، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: ضرب بجريدَتَين نحو الأربعينَ. 4480 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ بنُ مُسَرهَدٍ وموسى بنُ إسماعيل -المعنى- قالا: حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ المختار، حدَّثنا عبدُ الله الدَّاناجُ، حدَّثني حُضَينُ بنُ المُنذر الرَّقاشِيُّ أبو ساسان، قال: شهدتُ عثمانَ بنَ عفان وأُتي بالوليدِ بن عُقبةَ فَشَهِدَ عليه حُمرانُ ورجل آخرُ، فشهد أحدُهما أنه رآه يَشْربُها -يعني الخمرَ-، وشَهِدَ الآخر أنه رآه يتقيَّؤُها، فقال عثمانُ: إنه لم يتقيأها حتى شَرِبَها، فقال لِعليٍّ: أقِم عليه الحدَّ، فقال علي للحسنِ: أقم عليه الحَدَّ، فقال الحسنُ: ولِّ حارَّها من تولَّى قارَّها، فقال عليٌّ لعبدِ الله بنِ جعفر: أقِمْ عليه الحدَّ، قال: فأخذ السَّوطَ فجلدَه وعليٌّ يعُدُّ، فلما بلغ أربعين، قال: حسبُكَ، جَلدَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أربعين، -أحسبه قال:- وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكلٌّ سنّةٌ، وهذا أحبُّ إلىَّ (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (12139) و (12805)، و"صحيح ابن حبان" (4448) و (4449) و (4450) وانظر كلام الخطابي في حد شارب الخمر عند الحديث التالي. (¬1) إسناده صحيح. عبد الله الداناج: هو ابن فيروز، والداناج بالفارسية معناه: العالِم. وأخرجه مسلم (1707)، وابن ماجه (2571)، والنسائي في "الكبرى" (5251) من طريق عبد العزيز بن المختار، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (624). وانظر ما بعده. =

قال أبو داود: وقال الأصمعيُّ: ولِّ حارَّها مَنْ تولَّى قارَّها: ولِّ شديدَها من تولَّى هيِّنها. ¬

_ = قال الخطابي: وَلِّ حارَّها من تولَّى قارَّها، مثلٌ، أي: وَلِّ العقوبة والضربَ من تُوليه العملَ والنفع. والقارّ: البارد. وقال الأصمعي: معناه: ولِّ شديدها مَن تولِّي هيِّنها، وكلاهما قريب. وفي قول علي رضي الله عنه عند الأربعين: حسبُك، دليل على أن أصل الحد في الخمر إنما هو أربعون، وما وراءها تعزير. وللإمام أن يزيد في العقوبة إذا أداه اجتهاده إلى ذلك، ولو كانت الثمانون حداً ما كان لأحد فيه الخيار، وإلى هذا ذهب الشافعي. وقال مالك وأبو حنيفة وأصحابه: الحد في الخمر ثمانون، ولا خيار للإمام فيه. وقوله: وكلٌّ سنةٌ، يريد: أن الأربعين سنة قد عمل بها النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في زمانه، والثمانون سنة رآها عمر رضي الله عنه، ووافقه من الصحابة علىٌّ، فصارت سنة. وقد قال -صلَّى الله عليه وسلم-: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" [قلنا: هذا الحديث أخرجه أحمد (23245)، وابن ماجه (97)، والترمذي (3991)، وابن حبان (6902) وهو حديث حسن]. وقال النووي في "شرح مسلم": واختلف العلماء في قدر حد الخمر، فقال الشافعي وأبو ثور وداود وأهل الظاهر وآخرون: حده أربعون. قال الشافعي رضي الله عنه: وللإمام أن يبلغ به ثمانين وتكون الزيادةُ على الأربعين تعزيراتٍ على تسببه في إزالة عقله، وفي تعرضه للقذف والقتل وأنواع الايذاء وترك الصلاة وغير ذلك. قال: ونقل القاضي عن الجمهور من السلف والفقهاء منهم مالك وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق رحمهم الله تعالى أنهم قالوا: حده ثمانون، واحتجوا بأنه الذي استقر عليه إجماع الصحابة، وأن فعل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لم يكن للتحديد، ولهذا قال في الرواية الأولى: نحو أربعين، وحجة الشافعي وموافقيه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما جلد أربعين كما صرح به في الرواية الثانية، وأما زيادة عمر فهي تعزيرات، والتعزير إلى رأي الإِمام إن شاء فعله وإن شاء تركه بحسب المصلحة في فعله وتركه فرآه عمر ففعله، ولم يره النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ولا أبو بكر ولا علي فتركوه.

37 - باب إذا تتايع في شرب الخمر

قال أبو داود: وهذا كان سيدَ قومِه: حضينُ بن المُنذر أبو ساسان (¬1). 4481 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابنِ أبي عَروبةَ، عن الدَّاناجِ، عن حُضَين بنِ المُنذر عن علي، قال: جلَدَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في الخمرِ وأبو بكر أربعينَ، وكمَّلَها عُمَرُ ثمانينَ، وكلٌّ سُنّةٌ (¬2). 37 - باب إذا تتايَعَ في شرب الخمر (¬3) 4482 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، عن عاصِمٍ، عن أبي صالحٍ ذكوان عن معاويةَ بن أبي سُفيان، قالَ: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا شَرِبُوا الخمر فاجلِدُوهُم، ثم إن شَرِبُوا فاجلدُوهُم، ثم إن شَرِبُوا فاجلِدُوهُم، ثُمَّ إنْ شَرِبُوا فاجلِدُوهُم، ثم إن شَرِبُوا فاقتُلُوهُم" (¬4). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). (¬2) إسناده صحيح. الداناج: هو عبد الله بن فيروز، وابن أبي عَروبة: هو سعيد، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه مسلم (1707)، وابن ماجه (2571)، والنسائي في "الكبرى" (5250) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (624). وانظر ما قبله. (¬3) هذا التبويب أثبتناه من (ب) و (هـ)، وهو في "مخصر المنذري" إلا أنه قال في (ب): إذا تتابع، يعني: توالى، والتتايُع: المتابعة والتوارد على الوقوع في الشر من غير فكرٍ ولا رويَّه، قال صاحب "عون المعبود": وكلاهما صحيح. (¬4) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النَّجُود، ويقال له أيضاً: ابن بَهْدلة- وقد توبع. إلا أن المحفوظ في حديث معاوية أن القتل في الرابعة، لا في الخامسة. أبان: هو ابن يزيد العطار. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2573)، والترمذي (1510)، والنسائي في "الكبرى" (5278) من طرق عن عاصم بن بهدلة، به. وجعلوا القتل في الرابعة، ولم يجعلوه في الخامسة كالمصنف. وهو في "مسند أحمد" (16859)، و "صحيح ابن حبان" (4446). وأخرجه النسائي (5279) و (5280) من طريق عبد الرحمن بن عبدٍ الجدَلي، عن معاوية وإسناده صحيح. وجعل القتل في الرابعة أيضاً. وهو في "مسند أحمد" (16847). وفي الباب عن غير واحد من الصحابة أشرنا إليها في "المسند" عند حديث عبد الله بن عمرو بن العاص (6552) وعندهم جميعاً أن القتل في الرابعة. وقد أشار إلى بعضها المُصنِّف بإثر الحديث (4484). وقد روي هذا الحديث من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة كما سيأتي عند المصنف (4484)، وقال البخاري فيما نقله عنه الترمذي بإثر (1510) حديث أبي صالح عن معاوية عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في هذا أصح من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وقال الترمذي: وإنما كان هذا في أول الأمر، ثم نُسخ بعدُ، هكذا روى محمَّد ابن إسحاق، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه"، قال: ثم أُتي النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بعد ذلك برجل قد شرب الخمر في الرابعة فضربه ولم يقتله [قلنا: أخرجه النسائي في "الكبرى" (5302) و (5303) سنده لين وفيه عنعنة ابن إسحاق]. ثم قال الترمذي: وكذلك روى الزهري عن قبيصة بن ذؤيب، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - نحو هذا، فرفع القتل وكانت رُخصة. [قلنا: أخرجه المصنف برقم (4484)]. ثم قال: والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم، لا نعلم بينهم اختلافاً في ذلك في القديم والحديث، ومما يقوي هذا ما روي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - من أوجه كثيرة أنه قال: "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني والتارك لدينه". قلنا: وقد حكى الاتفاق قبله على ترك قتل من تكرر منه شرب الخمر أكثر من ثلاث مرار: الإمام الشافعي في "الأم" 6/ 144 حيث قال: والقتل منسوخ بهذا الحديث =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = [يعني حديث قبيصة بن ذؤيب الآتي عند المصنف بعده] وغيره، وهذا مما لا اختلاف فيه بين أحد من أهل العلم علمتُه. ونقل الحافظ في "الفتح" 12/ 80 عن ابن المنذر قوله: كان العمل فيمن شرب الخمر أن يضرب وينكّل به، ثم نسخ بالأمر بجلده، فإن تكرر ذلك أربعاً قتل، ثم نسخ ذلك بالأخبار الثابتة وبإجماع أهل العلم إلا من شَذَّ ممن لا يُعَدُّ خِلافُه خِلافاً. وكذلك قال النووي في "شرح مسلم" 5/ 298 بأن الإجماع دَلَّ على نسخ هذا الحديث في قتل شارب الخمر، وكذلك قال ابن الصلاح في "علوم الحديث" في النوع الرابع والثلاثين: معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه. قلنا: لكن ذهب آخرون إلى عدم نسخ الحديث منهم ابن حبان في "صحيحه" بإثر الحديث (4447) حيث حمل هذا الحديث على ما إذا استحلّ شربه ولم يقبل تحريم النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. قلنا: لكن لو كان الأمر كذلك لم ينتظر بشارب الخمر المشحل أن يشرب ثلاث مرات؛ لأنه إن كان مستحلاً يكفر من أول مرة. وذهب الخطابي إلى أن الأمر قد يرد بالوعيد، ولا يراد به وقوع الفعل، فإنما يقصد به الردع والتحذير، كقوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "من قتل عبّده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه" وهو لو قتل عبده لم يُقتل به في قول عامة العلماء، وكذلك لو جدعه لم يُجدَع له بالاتفاق. ثم قال الخطابي: وقد يحتمل أن يكون القتل في الخامسة واجباً، ثم نسخ لحصول الإجماع من الأمة على أنه لا يُقتل، وقد روي عن قبيصة بن ذؤيب ما يدل على ذلك. وقد ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" 12/ 78 دليلاً آخر على النسخ يؤيد قول القائلين به وهو حديث عمر بن الخطاب عند البخاري (6780) وغيره، وفيه: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - جلد رجلاً يقال له عبد الله في الشراب فأتي به يوماً فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا تلعنوه، فوالله ما علمتُ إنه يحب الله ورسوله" قال الحافظ: فيه ما يدل على نسخ الأمر الوارد بقتل شارب الخمر إذا تكرر منه، فقد ذكر ابن عبد البر أنه أتي به أكثر من خمسين مرة. وقال ابن القيم في "تهذيب السنن" 6/ 238: الذي يقتضيه الدليل أن الأمر بقتله ليس حتماً، ولكنه تعزير بحسب المصلحة، فإذا أكثر الناس من الخمر، ولم ينزجروا بالحد، فرأى الإِمام أن يقتل فيه قتل.

4483 - حدَّثنا مُوسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن حُميدِ بنِ يزيدَ، عن نافعٍ عن ابنِ عُمَرَ أن رسُولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلم- قال، بهذا المعنى، قال: وأحسِبُه قال في الخامِسَةِ: "إن شَرِبَها فاقتلُوه" (¬1). قال أبو داود: وكذا في حديثِ أبي غُطَيفٍ: "في الخامِسَةِ". 4484 - حدَّثنا نصرُ بنُ عاصِمِ الأنطاكيُّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون الواسطيُّ، حدَّثنا ابنُ أبي ذئبٍ، عن الحارثِ بنِ عبدِ الرحمن، عن أبي سَلَمَة عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا سَكِرَ فاجلِدُوهُ، ثم إن سَكِرَ فاجلِدُوه، ثم إن سَكِرَ فاجلِدُوهُ، فإن عادَ الرابِعَةَ فاقتُلُوه" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح لكن بذكر القتل في الرابعة، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حميد بن يزيد، لكن روي من وجه آخر صحيح كما سيأتي. حماد: هو ابن سلمة. وهو في "مسند أحمد" (6197) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5281) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة بن مقْسَم، عن عبد الرحمن بن أبي نُعم (وتحرف في الأصل الخطي والتحفة قديما إلى: عبد الرحمن بن إبراهيم) عن ابن عمر ونفر من أصحاب محمد -صلَّى الله عليه وسلم-، قالوا: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ... فذكره وذكر القتل في الرابعة. وإسناده صحيح. وانظر فقه هذا الحديث وأنه منسوخ عند الحديث السالف قبله. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل نصر بن عاصم الأنطاكي فهو حسن الحديث، والحارث بن عبد الرحمن -وهو القرشي العامري خال ابن ذئب- قوي الحديث، وهما متابعان. ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث. وأخرجه ابن ماجه (2572)، والنسائي في "الكبرى" (5152) من طريق شابة بن سوّار، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: وكذا حديثُ عُمر بن أبي سلمةَ، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "إذا شَرِبَ الخمرَ فاجلِدُوه، فإن عاد الرابعةَ فاقتلُوُه". وكذا حديثُ سهيلٍ، عن أبي صالح، عن أبي هُريرةَ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن شَرِبُوا الرَّابِعَة فاقتلُوهُم". وكذا حديثُ ابنِ أبي نُعم، عن ابن عمر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وكذا حديثُ عبدِ الله بنِ عمرو، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (7911)، و"صحيح ابن حبان" (4447). وأخرجه النسائي (5277) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة. وإسناده صحح. مع أن البخاري صحح طريق أبي صالح عن معاوية بن أبي سفيان كما سلف برقم (4482) لكن مثل هذا الاختلاف لا يضر؛ لأنه اختلاف في تعيين الصحابي، ولا يؤثر كونه معاوية أو أبا هريرة لأن الصحابة كلهم عدول ثقات. وهو في "مسند أحمد" (7762). وطريق عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة التي أشار إليها المصنف أخرجها أحمد (10729)، وإسنادها حسن. وانظر فقه الحديث وأنه منسوخ عند الحديث السالف برقم (4482). وحديث ابن أبي نُعْم عن ابن عمر سلف تخريجه عند الحديث السالف قبله. وحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أحمد (6553) و (6791)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 159، والطبراني في "مسند الشاميين" (235)، والحاكم 4/ 372، بإسناده ضعيف. وحديث الشريد أخرجه النسائي في "الكبرى" (5282)، وفي إسناده رجل لم نقع له على ترجمة. وأما رواية الجدلي -وهو عبد الرحمن بن عبدٍ- عن معاوية فسلفت عند الحديث (4482).

والشَّريدِ، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-. وفي حديثِ الجدلي، عن معاوية: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "فإن عاد في الثالثةِ أو الرابعةِ، فاقتلُوه". 4485 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدَة الضَّبِّيُّ، حدَّثنا سفيانُ، قال: الزهريُّ أخبرنا عن قَبِيصَةَ بن ذؤيب، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ شَرِبَ الخمر فاجلِدُوه، فإن عادَ فاجلِدُوه، فإن عاد فاجلِدوهُ، فإن عادَ في الثالثَةِ أو الرابِعَة فاقتُلُوه" فأتِيَ برجُلٍ قد شَرِبَ فجلَدَه، ثم أُتي به فَجَلَدَه، ثم أُتي به فجَلَدَهُ، ثم أُتي به فجَلَدَه، ورُفِعَ القتلُ، وكانت رخصةً (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وقال الحافظ في "فتح الباري" 12/ 80: وقبيصة بن ذؤيب من أولاد الصحابة، وولد في عهد النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ولم يسمع منه، ورجال هذا الحديث ثقات مع إرساله، والظاهر أن الذي بلَّغ قبيصة ذلك صحابي، فيكون الحديث على شرط الصحيح؛ لأن إبهام الصحابي لا يضر. ويؤيد كلام الحافظ هذا أن المنذري قال في "اختصار السنن": ذكروا أن قبيصة سمع من الصحابة، وإذا ثبت أن مولده في أول سنة من الهجرة أمكن أن يكون سمع من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. ويؤيد هذا الحديث ويقويه الاجماعُ على ترك القتل كما حكاه غير واحد من أهل العلم ممن سلفَ ذكرناهم عند الحديث (4482). وأخرجه ابن طهمان في "مشيخته" ص 67، والشافعي في "مسنده" 2/ 89، وفي "الأم" 6/ 144، وعبد الرزاق في "مصنفه" (17084)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 161، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (532)، وأبو القاسم بن بشران في "أماليه" (150)، وابن حزم في المحلى، 11/ 368، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 314، وفي "معرفة السنن والآثار" (17381) والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" 1/ 125، وفي "الأسماء المبهمة" ص 306 و 307، والبغوي في "شرح السنة" (2605) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. = =

قال سفيانُ: حدَّث الزهريُّ بهذا الحديثِ وعندَه منصورُ بنُ المُعْتَمِرِ ومِخْولُ بنُ راشدٍ، فقال لهما: كونا وافِدي أهِل العراق بهذا الحديثِ. 4486 - حدَّثنا إسماعيلُ بنُ مُوسى الفَزارِيُّ، حدَّثنا شريكٌ، عن أبي حَصِين، عن عُمَيرِ بنِ سعيد عن عليٍّ، قال: لا أدي -أو ما كُنْتُ لأدِيَ- مَنْ أقَمتُ عليه حداً إلا شارِبَ الخَمْرِ، فإن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يَسُنَّ فيه شيئاً، إنما هو شيٌ قلناه نحنُ (¬1). ¬

_ = قال أبو الطيب العظيم آبادي في "عون المعبود" 12/ 124: والمقصود بقول الزهري: أن منصور بن المعتمر ومِخْوَل بن راشد لما كانا من أهل العراق، قال الزهري لهما بعد ما حدثهما هذا الحديث: اذهبا بهذا الحديث إلى أهل العراق، وأخبراهم به، ليعلموا أن القتل بشرب الخمر في الرابعة منسوخ، وأن الناسخ له هو هذا الحديث، والله تعالى أعلم. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- فهو سيء الحفظ، وهو متابع. أبو حَصِين: هو عثمان بن عاصم الأسدي. وأخرجه البخاري (6778)، ومسلم (1707)، وابن ماجه (2569) والنسائي في "الكبرى" (5252) و (5253) من طرق عن عمير بن سعيد، به. وهو في "مسند أحمد" (1024). قال البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 322: إنما أراد -والله أعلم- أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - لم يَسُنَّه زيادة على الأربعين، أو لم يسنه بالسياط وقد سنه بالنعال وأطراف الثياب مقدار أربعين، والله أعلم. أدي: مضارع وداه يديه: إذا أعطى ديته، وقوله: من أقمت عليه حداً مفعول به. قال الحافظ: والجمع بين حديث علي المصرح بأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - جلد أربعين وأنه سنة وبين حديثه المذكرر هنا أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لم يسنه بأن يحمل النفي على أنه لم يحد الثمانين، أي: لم يسن شيئاً زائداً على الأربعين، ويؤيده قوله، وإنما هو شيء صنعناه نحن =

4487 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهْرِيُّ المِصريُّ ابن أخي رشدِينَ بن سعْد، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني أسامةُ بنُ زيدٍ، أن ابنَ شهابٍ حدَّثه عن عبدِ الرحمن بنِ أزهرَ، قال: كأني أنظرُ إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الآن وهو في الرِّحالِ يلتمِسُ رحلَ خالد بنِ الوليد، فبينما هُوَ كذلكَ إذ أُتي برجلٍ قد شَرِبَ الخمرَ، فقال للناسِ: "اضرِبُوه" فمنهم من ضَرَبَهُ بالنِّعالِ، ومنهم مَنْ ضربه بالعَصَا، ومنهم مَنْ ضربَه بالمِيتَخَةِ -قال ابنُ وهبٍ: الجَريدةُ الرَّطْبةُ-، ثم أخَذَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - تراباً مِن الأرضِ، فَرَمَى بهِ في وجهِهِ (¬1). ¬

_ = يشير إلى ما أشار به على عمر، وعلى هذا فقوله: "لو مات لوديته" أي: في الأربعين الزائدة، وبذلك جزم البيهقي وابن حزم، ويحتمل أن يكونَ قوله: "لم يسنه" أي الثمانين، لقوله في الرواية الأخرى: وإنما هو شيء صنعناه، فكأنه خاف من الذي صنعوه باجتهادهم أن لا يكون مطابقاً، واختص هو بذلك لكونه الذي كان أشار بذلك، واستدل له، ثم ظهر له أن الوقوف عندما كان الأمر عليه أولاً أولى، فرجع إلى ترجيحه، وأخبر بأنه لو أقام الحد ثمانين، فمات المضروب وداه للعلة المذكورة. واستدل بصنيع عمر في جلد شارب الخمر ثمانين على أن حد الخمر ثمانون، وهو قول الأئمة الثلاثة وأحد القولين للشافعي، واختاره ابن المنذر، والقول الآخر للشافعي وهو الصحيح أنه أربعون. قلت: قد جاء عن أحمد كالمذهبين، قال القاضي عياض: أجمعوا على وجوب الحد في الخمر، واختلفوا في تقديره فمذهب الجمهور إلى الثمانين، وقال الشافعي في المشهور عنه وأحمد في روايته وأبو ثور وداود: أربعين، وتبعه على الإجماع ابن دقيق العيد والنووي ومن تبعهما. (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه كما قال المنذري في "مختصر السنن" 6/ 291، الزهري لم يسمع هذا الحديث من عبد الرحمن بن أزهر، بينهما عبد الله ابن عبد الرحمن بن أزهر، وهو مجهول الحال، وما جاء من تصريح الزهري بسماعه من عبد الرحمن بن أزهر عند أحمد (16810)، فوهم من أسامة بن زيد الليثي. ومع ذلك فقد توبع عبد الله بن عبد الرحمن بن أزهر كما سيأتي. =

4488 - حدَّثنا ابنُ السَّرْحِ، قال: وجدْتُ في كتابِ خاليِ عبدِ الرحمن بنِ عبدِ الحميدِ، عن عُقيلٍ، أن ابنَ شهابٍ أخبره، أنَّ عبدَ الله بن عبدِ الرحمن بنِ الأزهرِ أخبره عن أبيه، قال: أُتِيَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- بشاربِ، وهو بحُنينٍ، فَحثَى في وجهِه الترابَ، ثم أمر أصحابه فَضَرَبُوه بنعالهم وما كان في أيديهم، حتَّى قال لهم: "ارفعوا" فَرَفَعُوا. فتُوفِّيَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ثم جَلَدَ أبو بَكرٍ في الخمرِ أربعينَ، ثم جَلَدَ عُمَرُ أربعينَ، صَدْراً مِن إمارتِه، ثمِ جَلَدَ ثمانينَ في آخِرِ خلافتهِ، ثم جَلَدَ عثمانُ الحَدَّين كليهما ثمانين وأربعينَ، ثم أثبتَ معاويةُ الحدَّ ثمانينَ (¬1). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5262) من طريق أسامة بن زيد، و (5263) من طريق صالح بن كيسان، كلاهما عن الزهري، به. ورواية صالح مختصرة بقصة حتى التراب في وجه السكران. وجاء في رواية أسامة بن زيد زيادة أن أبا بكر ضرب أربعين. وستأتي ضمن روايته الآتية برقم (4489). وهو في "مسند أحمد" (16809) و (16810). وأخرجه النسائي أيضاً (5265) و (5267) من طريق محمَّد بن عمرو بن علقمة ابن وقاص الليثي، عن أبي سلمة، و (5266) و (5267) من طريق محمَّد بن عمرو بن علقمة، عن محمَّد بن إبراهيم التيمي، كلاهما عن عبد الرحمن بن أزهر. وإسناده حسن من أجل محمَّد بن عمرو بن علقمة. وانظر تالييه. والميتخة: هي الدِّرَّة أو العصا أو الجريدة كما قال ابن الأثير، وقال: قد اختُلفَ في ضبطها، فقيل: هي بكسر الميم وتشديد التاء وبفتح الميم مع التشديد، وبكسر الميم وسكون التاء قبل الياء، وبكسر الميم وتقديم الياء الساكنه على التاء. (¬1) حديث حسن كسابقه، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله بن عبد الرحمن ابن أزهر وهو متابع كما سلف في الطريق السالف قبله. عُقَيل: هو ابن خالد الأيلي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5264) من طريق عُقيل بن خالد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

4489 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عثمانُ بنُ عُمر، حدَّثنا أسامةُ بنُ زَيدٍ، عن الزهريِّ عن عبدِ الرحمن بنِ أزهرَ، قال: رأيتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - غَداةَ الفتحِ، وأنا غلامٌ شابٌّ يتخلَّلُ الناسَ، يسألُ عن منزلِ خالدِ بن الوليدِ، فأُتِيَ بشارِبٍ، فأمَرهم فضربُوه بما في أيديهم: فَمِنهم مَن ضربه بالسَّوْطِ، ومِنهم مَن ضربه بعصاً، ومِنهم مَن ضربَه بنعلِه، وحثَى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الترابَ، فلما كان أبو بكرٍ أُتي بِشَاربٍ، فسألهم عن ضربِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - الذي ضَرَبَهُ، فَحرزُوْهُ أربعينَ، فضرب أبو بكر أربعينَ، فلما كان عُمَرُ، كتَبَ إليه خالدُ بنُ الوليد: إنَّ الناسَ قد انهمَكُوا في الشُّربِ، وتَحَاقَرُوا الحدَّ والعقوبةَ، قال: هُمْ عندَك فَسلْهم، وعنده المهاجرونَ الأوَّلون، فسألهم، فأجمعُوا على أن يُضْرَبَ ثمانينَ، قال: وقال عليٌّ: إن الرجلَ إذا شَرِب افْتَرَى، فأرَى أن تَجعَلَهُ كَحدِّ الفِرْيَةِ (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن كسابقيه. وهذا إسناد منقطع كالرواية السالفة برقم (4487). وقوله في هذا الخبر: غداة الفتح، وهم من أسامة بن زيد؛ لأن هذه القصة كانت في حنين كما في الرواية السالفة قبله، وكما في رواية أبي سلمة عن ابن أزهر عند النسائي (5267). وقوله: يتخللُ الناسَ، أي: يسيرُ في خَلَلِهم، أي: في وسطهم. وقوله: فحرزوه، أي: حفظوه أربعين، يقال: أحرزت الشيء أحرزه إحرازاً: إذا حفظتَه وضممتَه إليك وصُنْتَه عن الأخذ، وحدّ الفرية هو حد القذف وهو ثمانون سوطاً، وتحاقروا الحد، أي: رأوه حقيراً. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من هامشي (ب) و (هـ)، وهو في رواية ابن داسه وابن الأعرابي وغيرهما.

38 - باب في إقامة الحد في المسجد

قال أبو داود: أدخل عُقَيْلُ بنُ خالدٍ بينَ الزهري، وبينَ ابنِ الأزهر في هذا الحديث عبد الله بن عبد الرحمن بن الأزهر، عن أبيه. 38 - باب في إقامة الحد في المسجد 4490 - حدَّثنا هِشَامُ بنُ عمَّار، حدَّثنا صدقةُ -يعني ابنَ خالد- حدَّثنا الشُّعَيْثيُّ، عن زُفَرَ بنِ وَثيمَةَ عن حَكيم بن حِزامٍ، أنه قال: نهى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يُسْتَقَادَ في المسجدِ، وأن تُنْشَدَ فيه الأشعارُ، وأن تُقَامَ فيه الحدودُ (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه؛ لأن زُفر بن وَثيمة لم يلق حكيم ابن حزام وقد روي عنه موقوفاً كذلك. الشُّعيثي: هو محمَّد بن عبد الله بن المُهاجر. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (3130)، وفي "مسند الشاميين" (1436)، والدارقطني (3101) و (3102)، والبيهقي 8/ 328 و 10/ 103، والحاكم 4/ 378 من طرق عن محمَّد بن عبد الله بن المهاجر الشعيثي، به. وأخرجه أحمد (15580) عن حجاج بن محمَّد، عن الشعيثي، عن زفر بن وثيمة، عن حكيم بن حزام موقوفاً عليه من قوله. وأخرجه مرفوعاً ابن أبي شيبة 10/ 42، وأحمد (15579)، والطبراني في "الكبير" (3131)، والدارقطني (3103)، وابن حزم في "المحلى" 11/ 123 من طريق محمَّد بن عبد الله الشعيثي، عن العباس بن عبد الرحمن المدني، عن حكيم. والعباس المدني مجهول. وفي باب النهي عن إنشاد الأشعار عن عبد الله بن عمرو بن العاص، سلف عند المصنف برقم (1079) وسنده حسن، وقد بين البيهقي في "سننه الكبرى" 2/ 448 المراد من النهي عن تناشد الأشعار في هذا الحديث فقال: ونحن لا نرى بإنشاد مثل ما كان يقول حسان في الذبّ عن الإسلام وأهله بأساً، لا في المسجد ولا في غيره، والحديث الأول -يعني حديث عبد الله بن عمرو- ورد في تناشد أشعار الجاهلية وغيرها مما لا يليق بالمسجد، وبالله التوفيق. =

39 - باب في التعزير

39 - باب في التعزير 4491 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن يزيدَ بنِ أبي حَبيبٍ، عن بُكيرِ بنِ عبدِ الله بنِ الأشَجِّ، عن سليمانَ بنِ يسارٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ جابرِ بنِ عبدِ الله عن أبي بُردة أن رسُولَ الله يقولُ: "لا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرِ جَلَدَاتٍ إلا في حَدِّ مِن حُدودِ الله عَزَّ وَجَلَّ" (¬1). ¬

_ = وفي باب النهي عن إقامة الحدود في المسجد عن ابن عباس عند ابن ماجه (2599)، والترمذي (1459)، والدارقطني (3279)، والحاكم 4/ 369، والبيهقي 8/ 69 من طرق عن عمرو بن دينار، عن طاووس عن ابن عباس. وهو حسن بطرقه وشواهده كما بيناه في "سنن ابن ماجه" وروي عن طاووس مرسلاً عند عبد الرزاق (1710) وسنده حسن. وعن مكحول مرسلاً عند ابن أبي شيبة 10/ 43 - 44 ورجاله ثقات. وعن عمر موقوفاً عليه أنه أتي برجل في شيء، فقال: أخرجاه من المسجد فاضرباه. أخرجه عبد الرزاق (1706) و (18238) وسنده صحيح. وفي باب النهي عن القود في المسجد عن عكرمة مرسلاً عند عبد الرزاق (18236) ورجاله ثقات. وعن عطاء بن أبي رباح أنه قال له إنسان: أكان يُنهى عن الجلد في المسجد، قال: نعم. أخرجه عبد الرزاق (1703) وسنده ثقات. (¬1) إسناده صحيح. أبو بُردة: هو ابنُ نِيَار البَلَوي، وهو خال البراء بن عازب، والليث: هو ابن سعْد. وسيأتي في الطريق التالي بزيادة جابر بن عبد الله بين عبد الرحمن وأبي بردة، قال الحافظ المنذري في اختصار "السنن": هذا الاختلاف لم يؤثر عند البخاري ومسلم؛ لأنه يجوز أن يكون سمعه من أبيه عن أبي بردة، فحدث به مرة عن هذا، ومرة عن هذا. وأخرجه البخاري (6848)، وابن ماجه (2601)، والترمذي (1530)، والنسائي في: "الكبرى" (7290) من طريق الليث بن سعد، والنسائي (7289) من طريق سعيد ابن أبي أيوب، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، بهذا الاسناد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه النسائي (7291) من طريق زيد بن أبي أُنيسة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله، عن سليمان بن يسار، عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله، عن أبيه، عن أبي بردة بن نيار. فزاد في إسناده جابر بن عبد الله كما في الرواية الآتية. وأخرجه البخاري (6849) من طريق مسلم بن أبي مريم، عن عبد الرحمن بن جابر عمن سمع النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. قال المنذري في "اختصار السنن": هذا لم يؤثر عند البخاري؛ لأن قوله: عمن سمع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - يريد به أبا بردة. وهو في "مسند أحمد" (15832)، و"صحيح ابن حبان" (4452). وانظر ما بعده. قال الخطابي: اختلفت أقاويل العلماه في مقدار التعزير، ويشبه أن يكون السبب في اختلاف مقاديره عندهم ما رأوه من اختلاف مقادير الجنايات والإجرام، فزادوا في الأدب ونقصوا منه على حسب ذلك. وكان أحمد بن حنبل يقول: للرجل أن يضرب عبده على ترك الصلاة وعلى المعصية، فلا يضرب فوق عشر جلدات، وكذلك قال إسحاق بن راهويه. وكان الشعبي يقول: التعزير ما بين سوط إلى ثلاثين. وقال الشافعي: لا يبلغ بعقوبته أربعين، وكذلك قال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن. وقال أبو يوسف: التعزير على قدر عظم الذنب وصغره، على قدر ما يرى الحاكم من احتمال المضروب فيما بينه وبين أقل من ثمانين. وعن ابن أبي ليلى: إلى خمسة وسبعين سوطاً. وقال مالك بن أنس: التعزير على قدر الجرم، فإن كان جرمه أعظم من القذف ضُرب مئة أو أكثر. وقال أبو ثور: التعزير على قدر الجناية، وتسرُّع الفاعل في الشر، وعلى ما يكون أنكى وأبلغ في الأدب، وإن جاوز التعزير الحد إذا كان الجرم عظيماً مثل أن يقتل الرجل عبده أو يقطع منه شيئاً، أو يعاقبه عقوبة يُسرف فيها، فتكون العقوبة فيه على قدر ذلك، وما يراه الإِمام إذا كان مأموناً عدلاً. =

4492 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني عَمرو، أن بُكير ابن الأشجِّ حدثه، عن سُليمانَ بنِ يسارٍ، حدَّثني عبدُ الرحمن بنُ جابرٍ، أن أباه حدَّثه أنه سَمِعَ أبا بُردة الأنصاريَّ يقولُ: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول، فذكَرَ معناه (¬1). قال أبو داود: أبو بُردة اسمُه هانئ (¬2). ¬

_ = وقال بعضهم: لا يبلغ بالأدب عشرين؛ لأنها أقل الحدود، وذلك أن العبد يضرب في شرب الخمر عشرين. وقد تأول بعض أصحاب الشافعي قوله في جواز الزيادة على الجلدات العشر إلى ما دون الأربعين: أنها لا تزاد بالأسواط، ولكن بالأيدي والنعال والثياب ونحوها على ما يراه الإِمام كما روي فيه حديث عبد الرحمن بن الأزهر. قلت [القائل الخطابي]: التعزير على مذاهب أكثر الفقهاء إنما هو أدب يقصر عن مقدار أقل الحدود إذا كانت الجناية الموجبة للتعزير قاصرة عن مبلغ الجناية الموجبة للحد، كما أن أرش الجناية الواقعة في العضو أبداً قاصر عن كمال ذلك العضو. وذلك أن العضو إذا كان في كله شيء معلوم، فوقعت الجناية على بعضه كان معقولاً أنه لا يستحق فيه كل ما في العضو. (¬1) إسناده صحيح. عمرو: هو ابن الحارث المصري، وابن وهب: هو عبد الله. وقد جاء في الطريق الذي قبله دون ذكر جابر في إسناده، وذكرنا هناك قول الحافظ المنذري في ذلك، وأن هذا لا يؤثر في صحة الحديث لاحتمال أن يكون عبد الرحمن ابن جابر بن عبد الله سمعه على الوجهين. وأخرجه البخاري (6850)، ومسلم (1708) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16487). وانظر ما قبله. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ).

40 - باب ضرب الوجه في الحد

40 - باب ضربِ الوجهِ في الحدِّ (¬1) 4493 - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا أبو عَوَانَةَ، عن عُمَرَ -يعني ابن أبي سلمةَ- عن أبيه عن أبي هريرة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "إذا ضَربَ أحَدُكم، فليتَّقِ الوَجْهَ" (¬2). آخر كتاب الحدود ¬

_ (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (ب) و (هـ). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عمر بن أبي سلمة -وهو ابن عبد الرحمن بن عوف-. وهو متابع. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو كامل: هو فضيل بن حسين الجَحْدري. وأخرجه البخاري (2559) من طريق همام بن منبه، و (2559) من طريق أبي سعيد المقبري، ومسلم (2612) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، و (2612) من طريق أبي صالح السمان، (2612) من طريق أبي أيوب يحيى بن مالك المراغي، والنسائي في "الكبرى" (7310) من طريق عجلان المدني مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة. ستتهم عن أبي هريرة. وجُلُّهم يرويه بلفظ: "إذا قاتل أحدكم أخاه ... " بدل: "إذا ضرب ... " زاد مسلم في بعض روايات أبي أيوب المراغي: "فإن الله خلق آدم على صورته". وهو في "مسند أحمد" (7323)، و"صحيح ابن حبان" (5604) و (5605).

أول كتاب الديات

أول كتاب الديات 1 - باب النفسِ بالنفسِ 4494 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ، حدَّثنا عُبيدُ الله -يعني ابنَ موسى- عن علىِّ بنِ صالح، عن سِمَاكِ بنِ حربٍ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباس، قال: كان قريظةُ والنضيرُ، وكان النضيرُ أشرفَ مِن قُريظَةَ، فكان إذا قَتلَ رَجُلٌ مِن قريظة رجلاً مِن النَّضيرِ، قُتِلَ به، وإذا قَتَل رجلٌ مِن النضيرِ رجلاً من قُريظةَ فُودِي بِمئة وسقٍ مِنْ تمرٍ، فلما بُعِثَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- قَتَلَ رَجُلٌ من النضير رجلاً من قُريظةَ، فقالوا: ادفعوه إلينَا نقتلْه، فقالوا: بَيْنَنا وبينكم النبي، فأتَوْهُ، فنزلت: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42] والقِسْطُ: النفسُ بالنفسِ، ثم نزلت {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [المائدة:50] (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، سماك بن حرب في روايته عن عكرمة اضطراب، وقد وهم في متن الحديث إذ جعل للنضير القصاص ولقريظة الدية، والمحفوظ أنه كان للنضير الدية كاملة ولقريظة نصف الدية، كما رواه عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس عند أحمد (2212)، وكما رواه داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس في الرواية السالفة برقم (3591). ليس فيهما ذكر القتل قصاصاً والإسنادان حسنان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6908) من طريق عُبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3434)، و"صحيح ابن حبان" (5057). وانظر ما سلف برقم (3576) و (3591). والوسق: ستون صاعاً، وهو من المكاييل، ويساوي بالحسابات المعاصرة (130.500) كغم.

2 - باب لا يؤخذ أحد بجريرة أحد

قال أبو داود: قريظةُ والنضيرُ جميعاً مِنْ ولَدِ هارون النبي عليه السَّلامُ (¬1). 2 - باب لا يُؤخذُ أحدٌ بجَرِيرةِ أحَدٍ (¬2) 4495 - حدَّثنا أحمدُ ابنُ يونُسَ، حدَّثنا عُبيدُ الله -يعني ابنَ إياد- حدَّثنا إيادٌ عن أبي رِمْثةَ، قال: انطلقتُ مع أبي نحو النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ثم إنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال لأبي: "ابنُكَ هذا؟ " قال: إي ورَبِّ الكعبةِ، قال: "حقاً؟ " قال: أشهدُ بِهِ، قال: فتبسَّم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ضاحِكاً مِنْ ثَبْت شبهي في أبي، ومن حَلِف أبي علىَّ، ثم قال: "أما إنَّه لا يَجني عليكَ ولا تَجنِي عليهِ" وقرأ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164، والإسراء: 15] (¬3). 3 - بابُ الأمامِ يأمرُ بالعفو في الدمِ 4496 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا محمَّد بن إسحاقَ، عن الحارثِ بنِ فُضَيلٍ، عن سفيانَ بنِ أبي العوجاء ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه. أثبتناها من (ج) و (هـ). (¬2) هذا نص عنوانِ الباب كما جاء في (أ) و (هـ)، وهو كذلك في روايتي ابن داسه وابن العبد، وفي (ب) و (ج) وهامش (أ): باب لا يُؤخَذُ أحدٌ بجَريرة أخيه أو أبيه، وما أثبتناه أعم وأشمل. (¬3) إسناده صحيح. إياد: هو ابن لَقِيْط السدوسي. وأخرجه مختصراً النسائي في: "الكبرى" (7007) من طريق عبد الملك بن أبجر، عن إياد بن لقيط، به. وهو في "مسند أحمد" (7106) و (7109)، و"صحح ابن حبان" (5995). وانظر ما سلف برقم (4208).

عن أبي شُرَيح الخُزاعيِّ، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من أُصيب بِقَتلٍ أو خَبْلِ، فإنّهُ يختارُ إحدى ثلاثٍ: إمَّا أن يقتصَّ، وإما أن يعفوَ، وإمَّا أن يأخُذَ الديةَ، فإن أراد الرابعة فخذوا على يَدَيهِ، ومن اعتدى بَعْدَ ذلِكَ فله عذاب أليم" (¬1). 4497 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ بكرِ بن عبدِ الله المُزني، عن عطاء بنِ أبي ميمونة عن أنس بنِ مالك، قال: ما رأيتُ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - رُفِعَ إليه شيءٌ فيهِ قِصَاصٌ إلا أمَرَ فيه بالعفوِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف سُفيان بن أبي العَوْجاء. وأخرجه ابن ماجه (2623) من طريق محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16375). وسيأتي عند المصنَّف بإسناد صحيح عن أبي شريح الخزاعي برقم (4504) بلفظ: "من قُتل له بعد مقالتي هذه قتيل، فأهله بين خيرتين: أن يأخذوا العقل، أو يَقتُلوا". وانظر فقه الحديث هناك. والخبل، بفتح وسكون، ويُحرَّك: فساد الأعضاء. وقوله: "فمن أراد الرابعة" أي بأن قتل بعد أخذ الدية، فقد قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة:178] يقول تعالى: فمن قتل بعد أخذ الدية أو قبولها فله عذاب من الله أليم موجع شديد. وكذا روي عن ابن عباس ومجاهد وعطاء وعكرمة والحسن وقتادة والربيع بن أنس والسُّدِّي ومقاتل بن حيان: أنه الذي يقتُل بعد أخذ الدية. كما قال محمَّد بن إسحاق عن الحارث بن فضيل عن سفيان بن أبي العوجاء ... ثم ذكر الحديث. (¬2) إسناده قوى من أجل عبد الله بن بكر بن عبد الله المزني، فهو صدوق لا بأس به. =

4498 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صَالحٍ عن أبي هُريرة، قال: قُتِلَ رجلٌ على عهدِ النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فَرُفع ذلك إلى النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فدفعه إلى وليِّ المقتولِ، فقال القاتِلُ: يا رسولَ الله، والله ما أردتُ قتلَه، قال: فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - للوليِّ: "أَمَا إنه إنْ كان صادقاً ثُمَّ قتلتَهُ دخلتَ النَّارَ" قال: فخلَّى سبيلَه، قال: وكان مكتوفاً بِنِسْعةٍ، فخرج يجزُّ نِسْعَتَه، فَسُمِّي ذا النِّسْعَةِ (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2692)، والنسائي في "الكبرى" (6959) و (6960) من طريق عبد الله بن بكر، به. وهو في "مسند أحمد" (13220). قال الشوكاني: والترغيب في العفو ثابت بالأحاديث "الصحيحة" ونصوص القرآن الكريم، ولا خلاف في مشروعية العفو في الجملة، وإنما وقع الخلاف فيما هو الأولى للمظلوم: هل العفو عن ظالمه أو ترك العفو. (¬1) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمّان، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير. وأخرجه ابنُ ماجة (2690)، والترمذي (1465)، والنسائي في "الكبرى" (6898) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. النِّسعة: قال في "النهاية": بالكسر، سَير مَضفور، يُجعل زماماً للبعير وغيره. وقوله: "أما إنه إن كان صادقاً ثم قتلته دخلت النار" قال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" بإثر الحديث (944): معنى ذلك: أنه في الظاهر عندنا من أهل النار لثبوت الحجة عليه بقتله مَن قتل، وإن قتلتَه وهو فيما قال: إنه صادق، كنتَ أنت أيضاً من أهل النار، والله أعلم. قلنا: وقال البغوي في "شرح السنة" بعد إيراد هذا الحديث 10/ 162: فيه دليل على أن مَن جرى عليه قتلٌ، هو غير قاصد فيه، لا قصاص عليه، ولو قتله ولي الدم، كان آثماً وعليه القَوَد.

4499 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عمر بنِ مَيسَرَةَ الجُشَميُّ، حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن عَوفٍ، حدَّثنا حمزةُ أبو عُمَرَ العائِذيُّ، حدَّثني علقمةُ بن وائل حدَّثني وائلُ بنُ حُجرٍ، قال: كنتُ عندَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إذ جِيء برجُلٍ قاتلٍ في عُنقه النِّسعةُ، قال: فَدَعَا وليَّ المقتولِ، فقال: "أتعفو؟ " قال: لا، قال: "أفتأخُذُ الدية؟ " قال: لا، قال: "أفتقتُلُ؟ " قال: نعم، قال: "اذهب به" فلما ولَّى قال: "أتعفو؟ " قال: لا، قال: "أفتأخذ الدية؟ " قال: لا، قال: "أفتقتلُ؟ "، قال: نعم، قال: "اذهب به"، فلما كانَ في الرابعة قال: "أما إنَّك إن عفوتَ عنه فإنَّه يبُوءُ بإثمه واثمِ صَاحِبِه"، قال: فَعَفا عنه، قال: فأنا رأيتُه يجرُّ النِّسعةَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حمزة أبو عُمر العائذي: هو ابن عَمرو البصري، وعوف: هو ابن أبي جَميلة الأعرابي، ويحيى بن سعيد: هو القطان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5934) و (6900) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (6899) من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق، عن عوف الأعرابي، عن علقمة بن وائل، عن أبيه. فلم يذكر في إسناده حمزة بن عَمرو العائذي! وانظر تالييه. قال الخطابي: فيه من الفقه: أن الولي مخيَّر بين القصاص أو أخذ الدية. وفيه دليل على أن دية العمد تجب حالّة في مال الجاني. وفيه دليل على أن للإمام أن يتشفع إلى وليّ الدم في العفو بعد وجوب القصاص. وفيه إباحة الاستيثاق بالشد والرباط ممن يجب عليه القصاص إذا خشي انفلاته وذهابه. وفيه جواز قبول إقرار من جيئ به في حبل أو رباط. وفيه دليل على أن القاتل إذا عفا عنه لم يلزمه التعزير. وحكي عن مالك بن أنس أنه قال: يضرب بمد العفو مئة ويُحبس سنة. =

4500 - حدَّثنا عُبيدُ اللهِ بنُ عُمر بنِ مَيْسرَةَ، حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، حدَّثني جامعُ بن مَطَرٍ، حدَّثني علقمةُ بنُ وائِلٍ، بإسناده ومعناه (¬1). ¬

_ = وقوله: "فإنه يبوء بإثمه وإثم صاحبه"، معناه: إنه يتحمل إثمه في قتل صاحبه، فأضاف الإثم إلى صاحبه إذ صار بكونه محلاً للقتل سبباً لإثمه، وهذا كقوله سبحانه: {إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ} [الشعراء:27]، فأضاف الرسول إليهم، انما هو في الحقيقة رسول الله عَزَّ وَجَلَّ أرسله إليهم. وأما الاثم المذكور ثانياً فهو إثمه فيما قارفه من الذنوب التي بينه وبين الله عز وجل، سوى الإثم الذي قارفه من القتل، فهو يبوء به إذا أعفي عن القتل، ولو قتل لكان القتل كفارة، والله أعلم. قلنا: وقد روي بلفظ: "يبوء بإثمك وإثم صاحبك" عند مسلم (1680) وغيره وعليه يكون المعنى على ما قاله النووي في "شرح مسلم": قيل: معناه يتحمل إثم المقتول بإتلافه مُهجته، وإثم الولي لكونه فجعه في أخيه، ويكون قد أوحي إليه -صلَّى الله عليه وسلم- بذلك في هذا الرجل خاصة. ويحتمل أن معناه: يكون عفوك عنه سبباً لسقوط إثمك وإثم أخيك المقتول، والمراد إثمهما السابق بمعاصٍ لهما متقدمة، لا تعلق لها بهذا القاتل، فيكون معنى "يبوء": يسقط، وأطلق هذا اللفظ عليه مجازاً. (¬1) إسناده صحيح. وقال يحيى بن سعيد القطان فيما نقله عنه النسائي في "الكبرى" (5935): وهذا أحسن من الذي قبله. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5935) و (6901) من طريق يحيى بن سعيد القطان، و (6902) من طريق حفص بن عمر الحوضي، كلاهما عن جامع بن مطر، به. وقد ذكر حفص لفظه بتمامه، وفيه أنه -صلَّى الله عليه وسلم- أمره بالعفو ثلاث مرات، ثم قال له: "اذهب، إن قتلته، كنت مثله". وقوله في هذه الرواية: "إن قتلته كنت مثله" سيأتي في رواية سماك عن علقمة الآتية بعده. وانظر تأويلها هناك. وأخرجه مسلم (1680)، والنسائي في "الكبرى" (6905) من طريق إسماعيل ابن سالم، عن علقمة، عن أبيه قال: أتي رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - برجل قتل رجلاً، فأقاد وليّ المقتول منه، فانطلق به وفي عنقه نسعة يجرها فلما أدبر، قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "القاتل والمقتول في النار" فأتى رجلٌ الرجلَ فقال له مقالة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فخلّى عنه. =

4501 - حدَّثنا محمدُ بنُ عَوفٍ الطَّائي، حدَّثنا عبدُ القدُّوسِ بنُ الحجَّاج، حدَّثنا يزيدُ بنُ عطاءٍ الواسِطى، عن سِماك، عن علقمةَ بنِ وائلٍ عن أبيه، قال: جاء رجُلٌ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم - بِحبشيٍّ، فقال: إنَّ هذا قتلَ ابن أخي، قال: "كيفَ قتلتَه؟ "، قال: ضربتُ رأسَه بالفأسِ ولم أُرِدْ قتلَه، قال: "هَلْ لكَ مال تُؤدي دِيَته؟ "، قال: لا، قال: "أفرأيت إن أرسلتُك تسألُ الناسَ تجمَعُ دِيَتَه؟ "، قال: لا، قال: "فمواليك يُعطُونَكَ دِيته؟ " قال: لا، قال لِلرَّجُلِ: "خذه". فخرج به لِيقتله، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أما إنَّه إن قَتَلَه كانَ مثلَه"، فَبَلَغَ به الرجلُ حيثُ يَسمعُ قولَه، فقال: "هو ذا فمُر فيهِ ما شئتَ"، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أرسِلْه -وقال مرة: دَعْهُ- يَبُؤْ بإثمِ صاحِبِه وإثمه، فيكُونَ مِنْ أصحاب النار" قال: فأرسَلَهُ (¬1). ¬

_ = قال النووي في "شرح مسلم": ليس المراد به في هذين، فكيف تصح إرادتهما مع أنه إنما أخذه ليقتله بأمر النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، بل المراد غيرهما، وهو إذا التقى المسلمان بسيفيهما في المقاتلة المحرمة كالقتال عصبية ونحو ذلك فالقاتل والمقتول في النار والمراد به التعريض كما ذكرناه، وسبب قوله ما قدمناه لكون الولي يُفهم منه دخوله في معناه ولهذا ترك قتله فحصل المقصود، والله أعلم. قلنا: انظر تمام كلام النووي الذي أحال عليه عند الرواية التالية. (¬1) إسناده حسن. سماك بن حرب حسن الحديث، ويزيد بن عطاء الواسطي حسن في المتابعات، وقد توبع. وأخرجه بنحوه مسلم (1680)، والنسائي في "الكبرى" (6903) و (6904) من طريق أبي يونس حاتم بن أبي صغيرة، عن سماك بن حرب، به. قال الخطابي: قوله: "أما إنه إن قتله كان مثله" يحتمل وجهين: أحدهما: أنه لم ير لصاحب الدم أن يقتله، لأنه ادعى أن قتله كان خطأ، أو كان شبه عمد، فأورث ذلك شبهة في وجوب القتل. قلنا: وقد أورد البغوي في "شرح السنة" 10/ 162 هذا الوجه أيضاً، وكذلك ابن القيم في "زاد المعاد" 5/ 8 وقوَّياه =

4502 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حَربٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن يحيى بنِ سعيدِ ¬

_ = بحديث أبي هريرة السالف عند المصنف برقم (4498) لأن فيه ما يدل على أن القاتل لم يرد القتل، وحلف على ذلك بقوله: والله ما أردتُ قتله. قال الخطابي: والوجه الآخر: أن يكون معناه أنه إذا قتله كان مثله في حكم البواء، فصارا متساويين، لا فضل للمقتص إذا استوفى حقه على المقتص منه. وكذلك أورد هذا الوجه الثاني احتمالاً البغوي والنووي وابن القيم. وقال النووي في "شرح مسلم": وقيل: فهو مثله في أنه قاتل، وإن اختلفا في التحريم والإباحة لكنهما استويا في طاعتهما الغضب ومتابعة الهوى، لا سيما وقد طلب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - منه العفو، وإنما قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ما قال بهذا اللفظ الذي هو صادق فيه لإيهام لمقصود صحيح، وهو أن الولي ربما خاف فعفا والعفو مصلحة للولي والمقتول في ديتهما لقوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يبوء بإثمك وإثم صاحبك" وفيه مصلحة للجاني وهو إنقاذه من القتل، فلما كان العفوُ مصلحة توصّل إليه بالتعريض. وجاء عند مسلم والنسَائي في رواية إسماعيل بن سالم السالف تخريجها عند الرواية السابقة أن إسماعيل ذكر الحديث لحبيب بن أبي ثابت، فقال: حدثني ابن أشوع (وهو القاضي سعيد بن عمرو بن أشوع) أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما سأله أن يعفو عنه فأبى. قلنا: وهذا يعني أنه خالف أمر النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فبذلك استحق أن يكون مثله وأن يكون في النار. وهذا وجه آخر. وانظر تفسير قوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "يَبُؤْ بإثم صاحبه وإثمه" عند الرواية السالفة برقم (4499). وقوله: فمواليك: جمع مولى والمراد به ها هنا السيد. قال ابن الأثير "في النهاية": المولى: اسم يقع على جماعة كثيرة فهو الرب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهر والعبد والمعتَق والمنعَم عليه، وأكثرها قد جاءت في الحديث، فيضاف كل واحدٍ إلى ما يقتضيه الحديث الوارد فيه، وكل من ولي أمراً أو قام به، فهو مولاه ووليه، وقد تختلف مصادر هذه الأسماء، فالوَلاية بالفتح، في النسب والنصرة والمعتق، والوِلاية بالكسر في الإمارة، والوَلاء: المعتَقُ، والمُوالاةُ من والَى القوم.

عن أبي أُمامةَ بنِ سهلٍ، قال: كُنَّا معَ عثمانَ وهو محصورٌ في الدارِ، وكان في الدارِ مدخَلٌ مَن دَخَلَه سَمِعَ كلامَ مَنْ على البَلاطِ، فدخَلَه عثمانُ، فخَرَجَ إلينا وهو متغيِّرٌ لونُه، فقال: إنَّهم لَيتَواعدُونَنِي بالقتلِ آنِفاً، قال: قُلنا: يكفِيكَهُمُ اللهُ يا أميرَ المؤمنين، قال: ولِمَ يَقتُلُونني؟ سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقول: "لا يَحِلُّ دَمُ امرئٍ مسلمٍ إلا بإحدَى ثلاثٍ: رجل كَفَرَ بعدَ إسلامٍ، أو زنَى بعدَ إحصانٍ، أو قتَلَ نفساً بغيرِ نفس" فواللهِ ما زنَيتُ في جاهليةٍ ولا في إسلامٍ قَطُّ، ولا أحببتُ أن لي بديني بدلاً منذ هَدَاني الله، ولا قتلتُ نفساً، فبِمَ يَقتلونَني؟ (¬1). قال أبو داود: عثمانُ وأبو بكر رضِيَ الله عنهما تركا الخمرَ في الجاهليةِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو ابن قيس الأنصاري. وأخرجه ابن ماجه (2533)، والترمذي (2297)، والنسائي في "الكبرى" (3468) من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وقرن النسائي بأبي أمامة عبد الله بن عامر بن ربيعة. وهو في "مسند أحمد" (437). وأخرجه النسائي (3506) من طريق عبد الله بن عمر، و (3507) من طريق بسر ابن سعيد، كلاهما عن عثمان بالمرفوع منه دون قصة الدار. والبَلاط: موضع بالمدينة بين مسجد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - وبين سوق المدينة كان مبلطاً بالحجارة. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (ب)، وهو في رواية أبي بكر ابن داسه وغيره فيما قاله الحافظ المزي في "التحفة" (9782). قلنا: كذا قال: إنه عند ابن داسه، مع أن نسخة (هـ) عندنا بروايته ولم يرد الحديثُ فيها، فالظاهر أنه في بعض روايات ابن داسه. (¬2) أخرج أبو نعيم في "الحلية" 7/ 160 بسند حسن عن عائشة قالت: حرم أبو بكر الخمرة على نفسه، فلم يشربها في جاهلية ولا إسلام. =

4503 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاق، فحدَّثني محمدُ بنُ جعفرِ بنِ الزبير، قال: سمعتُ زيادَ بنَ ضُميرَةَ الضمري. وحدَّثنا وهبُ بنُ بيان وأحمدُ بنُ سعيد الهَمْدَاني، قالا: حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني عبدُ الرحمن بنُ أبي الزِّناد، عن عبدِ الرحمن بن الحارث، عن محمَّد ابنِ جعفر، أنه سَمِعَ زيادَ بنَ سعْد بن ضُميرَة السُّلَميَّ -وهذا حديثُ وهب وهو أتمُّ- يُحدِّث عروةَ بنَ الزبير عن أبيه -قال موسى: وجدِّه- وكانا شهدا مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - حُنيناً، ثم رجعنا إلى حديث وهب: أنَّ مُحلِّمَ بن جثَّامة الليثيَّ قتل رجلاً من أشجعَ في الإِسلامِ، وذلك أولُ غِيَرٍ قَضى به رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم، فتكلّم عُيينةُ في قتلِ الأشجعىِّ؛ لأنه من غَطَفَانَ، وتكلّم الأقرعُ ابنُ حابس دونَ مُحلِّمٍ؛ لأنه من خِندِفَ، فارتفعتِ الأصواتُ وكَثُرَتِ الخصومةُ واللَّغَطُ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا عُيينةُ، ألا تقبلُ الغِيرَ؟ " فقال عيينةُ: لا، واللهِ حتَّى أدخلَ على نِسائه مِن الحَرَبِ والحُزْنِ ما أدخل على نسائي، قال: ثم ارتفعتِ الأصواتُ، وكثُرَتِ الخصومةُ واللَّغَطُ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يا عُيينةُ، ألا تقبل الغِيَرَ؟ " فقال عُيينة مثل ذلك أيضاً، إلى أن قامَ رجلٌ من بني ليثٍ، يقال له: مُكَيْتِلٌ، عليه شِكَّةٌ، وفي يَدِه دَرَقةٌ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إني لم أجِدْ لِما فَعَل هذا في غُزَّةِ الإِسلامِ مَثَلاً إلا غَنَماً وَرَدَت، فَرُمي أولُها فنَفَر آخرُها، ¬

_ = وأخرج ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 334 في ترجمة أبي بكر من حديث عائشة، وفيه: والله ما قال أبو بكر شعراً في جاهلية ولا إسلام، لقد ترك هو وعثمان شرب الخمر في الجاهلية.

اسنُنِ اليومَ وغيِّر غداً، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "خمسون في فَورِنا هذا، وخمسون إذا رجَعنا إلى المدينةِ" وذلك في بعضِ أسفاره، ومُحلَّمٌ رجلٌ طويل آدَمُ وهو في طَرَفِ الناسِ، فلم يزالُوا حتى تخلَّص، فجلسَ بين يدي رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وعيناه تدمَعَانِ، فقال: يا رسولَ الله، إني قد فعلتُ الذي بلغكَ، وإني أتوب إلى الله عز وجلّ، فاستغفِر الله لي يا رسولَ الله، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أقتَلْتَه بسلاحِكَ في غُزَّة الإِسلامِ، اللهمَّ لا تَغْفِر لِمُحلِّمٍ" بصوتٍ عالٍ، زاد أبو سلمة: فقام، وإنه ليتلقَّى دموعَه بطرفِ ردائِه. قال ابنُ إسحاق: فَزَعَمَ قومُه أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - استغفر له بعد ذلك (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة زياد بن سعد بن ضميرة -وقد اختُلف في اسمه-. وأخرجه ابنُ ماجه (2625) من طريق محمَّد بن إسحاق، به. إلا أنه قال في روايته: عن أبيه وجده. وهو في "مسند أحمد" (21081) و (23879). عُيينة المذكور في هذا الحديث: هو ابنُ حِصْن الفزاري، والأشجعي: سمي في رواية ابنُ ماجه: عامر بن الأضبط. وإنما أخذت عيينةَ الحميّةُ لأن كلًّا من أشجع وفزارة يعود إلى قبيلة غطفان. وخِنْدِف، بكسر الخاء وسكون النون وكسر الدال - هي امرأة إلياس بن مضر بن نزار، فنسب ولد إلياس إليها. والغيَرُ، بكسر الغين وفتح الياء - جمع الغِيْرَة، وهي الدية، وجمع الغِيَر أغيار. والحَرَب: بالتحريكِ: نهب مال الإنسان، وتركه لا شيء له. والشِّكة، بالكسر وتشديد الكاف: السلاح. والدَّرَقة: ترس من جلود، ليس فيها خشب ولا عَقَب (أي: عَصَب)، والجمع دَرَقٌ وأدراق. =

4 - باب ولي العمد يرضى بالدية

قال أبو داود: قال النضْرُ بنُ شُمَيلٍ: الغِيَرُ: الديةُ (¬1). 4 - باب وليّ العمدِ يَرْضَى بالدية 4504 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ بنُ مُسَرْهَدٍ، حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، حدَّثنا ابنُ أبي ذئبٍ، حدَّثني سعيدُ بنُ أبي سعيدٍ سمعتُ أبا شريحٍ الكعِبيَّ يقول: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ألا إنكم معشرَ خُزاعَةَ قتلتُم هذا القتيلَ من هُذَيلٍ، وإنِّي عاقِلُهُ، فمن قُتِل لهُ بعدَ مقالتي هذه قتيلٌ، فأهلُهُ بينَ خِيَرَتَينِ: بين أن يأخُذوا العَقْلَ، أو يَقتُلُوا" (¬2). ¬

_ = وقال الخطابي: اسنُنِ اليومَ وغيِّر غداً: مَثَلٌ، يقول: إن لم تقتص منه اليوم لم تثبُت سُنَّتك غداً، ولم ينفذ حُكمك بعدك، وإن لم تفعل ذلك وجد القائل سبيلاً إلى أن يقول مثل هذا القول -أعني قوله: اسنن اليوم وغيِّر غداً- فتتغير لذلك سُنّتك وتتبدل أحكامها. وفيه دليل على أن ولي الدم غير بين القصاص وأخذ الدية، وأن للإمام أن يطلب إلى ولي الدم العفو عن القود على أخذ الدية. (¬1) نقل أبي داود هذا أثبتناه من هامش (هـ) وأشار إلى أنه في رواية الرملي. (¬2) إسناده صحيح. سعيد بن أبي سعيد: هو المَقبُري، وابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن المُغيرة، ويحيى بن سعيد: هو القطان. وأخرجه الترمذي (1464) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16377) و (27160). قال الخطابي: وفيه بيان أن الخيار إلى وليّ الدم في القصاص وأخذ الدية، وأن القاتل إذا قال: لا أعطيكم المال فاستقيدوا مني واختار أولياء الدم المال كان لهم مطالبته به. ولو قتله جماعة كان لولي الدم أن يقتل منهم من شاء، ويطالب بالدية من شاء، هالى هذا ذهب الشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه. =

4505 - حدَّثنا عباسُ بنُ الوليدِ بنِ مَزْيَد،، أخبرني أبي، حدَّثنا الأوزاعيُّ، حدَّثني يحيى (ح) وحدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثني أبو داود، حدَّثنا حربُ بنُ شدّادٍ، حدَّثنا يحيى بنُ أبي كثيرٍ، حدَّثني أبو سَلَمةَ بنُ عبدِ الرحمنِ حدَّثنا أبو هريرةَ، قال: لما فُتِحَت مكَّةُ قامَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "مَنْ قُتِلَ لهُ قَتيل فهو بخيرِ النظَرينِ: إمَّا أن يُودَى وإما أن يُقادَ"، فقامَ ¬

_ = وقد روي هذا المعنى عن ابن عباس رضي الله عنه. وهو قول سعيد بن المسيب والشعبي وابن سيرين وعطاء وقتادة. وقال الحسن والنخعي: ليس لأولياء الدم إلا الدم إلا أن يشاء القاتل أن يعطي الدية. وقال أبو حنيفة وأصحابه: ليس له إلا القود، فإن عفا فلا يثبت له المال إلا برضا القاتل وكذلك قال مالك بن أنس. (قلنا: وحكى البغوي في "شرح السنة"10/ 161: أنه أصح تولي الشافعي). وفي قوله: "فأهله بين خيرتين" دليل على أن الدية مستحقة لأهله كلهم، ويدخل في ذلك الرجال والنساء والزوجات؛ لأنهم جميعاً أهله. وفيه دليل على أن بعضهم إذا كان غائباً أو طفلاً لم يكن للباقين القصاص حتى يبلغ الطفل ويقدم الغائب، لأن من كان له خيار في أمر لم يجز أن يُفْتَات عليه قبل أن يختار، لأن في ذلك إبطال خياره، وإلى هذا ذهب أبو يوسف ومحمد بن الحسن، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال مالك وأبو حنيفة: للكبار أن يستوفوا حقوقهم في القود، ولا ينتظر بلوغ الصغار. وفيه دليل على أن القاتل إذا مات فتعذَّر القود، فإن للأولياء أن يأخذوا الدية من ورثته، وذلك لأنهم خُيّروا بين أن يُعَلِّقوا حقوقهم في الرقبة أو الذمة، فمهما فات أحدُ الأمرين كان لهم استيفاء الحق من الآخر. وقال أبو حنيفة: إذا مات فلا شيء لهم، لأن حقهم إنما كان في الرقبة، وقد فاتت، فلا سبيل لهم على ورثته فيما صار من ملكه إليهم.

رجلٌ مِن أهلِ اليمنِ، يقال له: أبو شَاهٍ، فقال: يا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، اكتُبْ لي -قال العباسُ: اكتُبوا لي- فقالَ رسُولُ اللهِ: "اكتُبوا لأبي شَاهٍ" وهذا لفظُ حديثِ أحمد (¬1). قال أبو داود: اكتبوا لي: يعني خُطبةَ النبي - صلَّى الله عليه وسلم. 4506 - حدَّثنا مسلمٌ، حدَّثنا محمدُ بنُ راشِدٍ، حدَّثنا سليمانُ بنُ موسى، عن عمرِو بنِ شعيبٍ، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي، وأحمد بن إبراهيم: هو الدَّورقي، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه البخاري (112)، ومسلم (1355)، وابن ماجه (2624)، والترمذي (1463)،والنسائي في "الكبرى" (5824) و (6961) و (6962) من طريق يحيى بن أبي كثير، به. وهو في "مسند أحمد" (7242)، و"صحيح ابن حبان" (3715). وقد أخرج البخاري في "صحيحه" تحت باب كتابة العلم حديث أبي جحيفة (111) وحديث أبي هريرة هذا (112) وحديث أبي هريرة (113) ونصه: ما من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أحدٌ أكثر حديثاً عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو، فإنه كان يكتب ولا أكتب قال الحافظ 1/ 208: ويستفاد منه، ومن حديث علي المتقدم ومن قصة أبي شاه أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أذن في كتابة الحديث عنه، وهو يعارض حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله قال: "لا تكتبوا عني شيئاً غير القُرآن" رواه مسلم (3004) والجمع بينهما أن النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره، والإذن في غير ذلك. أو أن النهي خاص بكتابة غير القرآن مع القرآن في شيء واحد، والإذن في تفريقهما. أو النهي متقدم والإذن ناسخ له عند الأمن من الالتباس وهو أقربها مع أنه لا ينافيها. وقيل: النهي خاص بمن خشي منه الاتكال على الكتابة دون الحفظ.

5 - باب من قتل بعد أخذ الدية

عن جده، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "لا يُقتَلُ مؤمِنٌ بِكافرٍ، ومَنْ قَتَلَ مؤمِناً متعمِّداً دُفِعَ إلى أولياءِ المقتولِ: فإن شاؤوا قَتَلُوه، وإن شاؤوا أخَذُوا الدِّية" (¬1). 5 - باب مَن قَتل بعد أخذِ الديةِ (¬2) 4507 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا مَطَرٌ الورَّاقُ، قال: وأحسبه، عن الحسنِ ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. سليمان بن موسى: هو الدمشقي، ومحمد بن راشد: هو المكحولي، ومسلم: هو ابن إبراهيم الفَراهيدي. وأخرج شطره الأول ابن ماجه (2659) من طريق عبد الرحمن بن عياش، والترمذي (1471) من طريق أسامة بن زيد، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. وقد سلف عند المصنف ضمن الحديث (2751). وهو في "مسند أحمد" (7012). وأخرج شطره الثاني ابن ماجه (2626)، والترمذي (1444) من طريق محمَّد بن راشد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7033). ولشطره الأول شاهد من حديث علي بن أبي طالب عند البخاري (111)، ومسلم (1370) وسيأتي عند المصنف ضمن الحديث (4530). ولشطره الثاني شاهد من حديث أبي هريرة وأبي شريح الخزاعي السالفين قبله عند المصنف. وإسنادهما صحيح. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار إلى أنه في رواية ابن الأعرابي. وقد ذكره المزي في "التحفة" (8708) ونسبهُ لرواية ابن داسه وابن الأعرابي. (¬2) جاء عنوان هذا الباب في (أ) و (ج): باب هل يقتُل بعد أخذ الدية. والمثبت من (ب) و (هـ).

عن جابر بنِ عبد الله، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا أعْفِيَ من قَتَلَ بَعْدَ أخذِ الدِّيةِ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه. الحسن -وهو البصري- لم يسمع من جابر، ومطر الورّاق -وهو ابنُ طهمان، فيه ضعف- حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه الطيالسي (1763)، وأحمد في "مسنده" (14911)، والبيهقي 8/ 54 من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. لكن الطيالسي لم يذكر في روايته: وأحسبه عن الحسن، وإنما قال: عن رجل، مبهماً. وأخرجه البيهقي 8/ 54 من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن مطر الوراق، عن الحسن مرسلاً. وقد جاء في التزيل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة:178]. وعن قتادة مرسلاً عند عبد الرزاق (18200) قال: كان يُروى عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا أُعافي أحداً قتل بعد أخذ الدية". ورجاله ثقات. وعن إسماعيل بن أمية عن الثبت عند عبد الرزاق (18203) أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أوجب بقسم أو غيره أن لا يُعفى عن الرجل عفا عن الدم، ثم أخذ الدية ثم غدا فقتل. وهو عند الطبري في "تفسيره" 2/ 113 غير أنه قال: عن إسماعيل بن أمية، عن الليث -ولم ينسبه، وقال: ثقة- أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - .... فذكره. وقال الطبري: كان الجميع من أهل العلم مُجمعين على أن من قتل قاتل وليه بعد عفوه عنه وأخذه منه دية قتله أنه بقتله إياه له ظالم في قتله. وقوله: "لا أُعفِيَ" قال في "النهاية": هذا دعاء عليه، أي: لا كثُر مالُه، ولا استغنى. قال السندي: وهذا يدل على أن أعفي ماض مبني للمفعول، وهو كذلك في نسخ صحيحة، وفي بعض النسخ والأصول الصحيحة بضم الهمزة وكسر الفاء، أي: بصيغة المتكلم، من الإعفاء، لغة في العفو، أي: لا أدع ولا أتركه، بل أقتص منه، ويؤيده ما أخرجه أبو داود الطيالسيُّ بلفظ: "لا أعافي أحداً قَتَل بعد أخذ الدية".

6 - باب فيمن سقى رجلا سما أو أطعمه فمات، أيقاد منه؟

6 - باب فيمن سَقَى رجلاً سمَّاً أو أطعمه فمات، أيُقاد منه؟ 4508 - حدَّثنا يحيى بنُ حبيبِ بنِ عربيٍّ، حدَّثنا خالدُ بنُ الحارِثِ، حدَّثنا شُعبةُ، عن هشام بنِ زيد عن أنس بنِ مالكٍ: أن امرأةً يهوديةً أتت رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بشاةٍ مَسمُومةٍ، فأكَلَ منها، فجيء بها إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فسألها، عن ذلك، فقالت: أردتُ لأقْتُلَكَ، فقال: "ما كان اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ليُسَلِّطَكِ على ذلك -أو قال: عليٍّ- "قال: فقالوا: ألا نقتُلُها؟ قال: "لا"، قال: فما زِلْتُ أعْرِفُها في لَهَواتِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هشام بن زيد: هو ابن أنس بن مالك. وأخرجه البخاري (2617)، ومسلم (2190) من طريق خالد بن الحارث، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (13285). قال النووي في "شرح مسلم": وأما اللهوات، فبفتح اللام والهاء، جمع لهات بفتح اللام، وهي اللحمة الحمراء المعلقة في أصل الحنك، قاله الأصمعي، وقيل: اللحمات اللواتي في سقف أقصى الفم. وقوله: ما زلت أعرفها، أي: العلامة، كأنه بقي للسم علامة وأثر من سواد أو غيره. وقولهم: ألا نقتلها، هي بالنون في أكثر النسخ، وفي بعضها بتاء الخطاب. وقوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "ما كان الله ليسلطك على ذاك، أو قال: عليّ": فيه بيان عصمته -صلَّى الله عليه وسلم- من الناس كلهم كما قال الله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]، وهي معجزة لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في سلامته من السم المهلك لغيره، وفي إعلام الله تعالى له بأنها مسمومة وكلام عضو ميت له، فقد جاء في غير مسلم أنه -صلَّى الله عليه وسلم- قال: إن الذراع تخبرني أنها مسمومة. وهذه المرأة اليهودية الفاعلة للسم اسمها زينب بنت الحارث أخت مرحب اليهودي. =

4509 - حدَّثنا داودُ بن رُشَيدٍ، حدَّثنا عبادُ بنُ العوَّام (ح) وحاثنا هارونُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا سعيدُ بنُ سُليمانَ، حدَّثنا عبادٌ، عن سفيانَ بنِ حُسين، عن الزهريِّ، عن سعيد وأبي سلمةَ -قال هارونُ:- عن أبي هُريرة: أن امرأةً مِن اليهودِ أهدَتْ إلى النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- شاةً مَسمُومَةً، قال: فما عَرَضَ لها النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ = ثم قال: واختلفت الآثار والعلماء هل قتلها النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أم لا، فوقع في "صحيح مسلم" [وهي رواية المصنف هنا] أنهم قالوا: ألا نقتُلها؟ قال: لا، ومثله عن أبي هريرة وجابر، وعن جابر من رواية أبي سلمة أنه قتلها، وفي رواية ابن عباس أنه -صلَّى الله عليه وسلم- دفعها إلى أولياء بشر بن البراء بن معرور، وكان أكل منها فمات بها فقتلوها، وقال ابن سحنون: أجمع أهلُ الحديث أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قتلها. قال القاضي: وجه الجمع بين هذه الروايات والأقاويل أنه لم يقتلها أولاً حين اطلع على سمها، وقيل له: اقتلها، فقال: لا، فلما مات بشر بن البراء من ذلك، سلَّمها لأوليائه فقتلوها قصاصاً، فيصح قولهم: لم يقتُلها، أي: في الحال، ويصح قولهم: قتلها، أي: بعد ذلك، والله أعلم. قلنا: نقل الحافظ في "الفتح" 7/ 497 هذا التوجيه في الجمع بين الروايات عن البيهقي [وهو في "الدلائل" 4/ 262] والسُّهيلي، ثم قال: ويحتمل أن يكون تركها لكونها أسلمت، وإنما أخّر قتلها حتّى مات بشر؛ لأن بموته تحقق وجوب القصاص بشرطه. (¬1) إسناده ضعيف. سفيان بن حسين ضعيف في الزهري ثقة في غيره، وقد اختُلف في وصله وإرساله، وقد انفرد سفيان بن حسين في هذه الرواية بأن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ترك المرأة اليهودية ولم يعرض لها، وخالفه حماد بن سلمة وعباد بن العوّام، فروياه عن محمَّد بن عمرو الليثي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فذكر أنه قتل تلك المرأة اليهودية التي وضعت السم، وكذلك رواه خالد بن عبد الله الواسطي عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة مرسلاً. كذا في هذا الحديث، وإن كان ثبت في غير حديث أبي هريرة أنه تركها كحديث أنس السالف قبله، وهو في "الصحيحين". سعيد: هو ابن المسيب، وسعيد بن سليمان: هو الضبي الواسطي. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه ابن حزم في "المحلى" 11/ 26، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 46 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" 2/ 201، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/ 260، والخطيب في "تاريخ بغداد" 7/ 372 من طريق سعيد بن سليمان الواسطي، بهذا الإسناد لكن لم يذكر الخطيبُ في إسناده أبا سلمة بن عبد الرحمن، ولم يذكر أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - تركها ولم يعرض لها. وأخرج الحاكم 3/ 219 - 220، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 46 من طريق حماد بن سلمة، وابن حزم في "المحلى" 11/ 27، والبيهقي 8/ 46 من طريق عباد بن العوام، والطبراني في "الكبير" (1202) من طريق سعيد بن محمَّد الوراق، ثلاثتهم عن محمَّد بن عمرو بن علقمة الليثي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة - ولفظ رواية حماد بن سلمة والوراق بنحو الرواية الآتية بعده عند المصنف، ولفظ عباد مختصر. لكن جاء في رواياتهم: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قتل تلك المرأة اليهودية. وإسناده حسن من طريق حماد وعباد. وسيأتي هذا الحديث برقم (4511) و (4512) من رواية خالد الطحان عن محمَّد ابن عمرو، عن أبي سلمة مرسلاً وفيه أنه -صلَّى الله عليه وسلم- قتلها أيضاً. قال الخطابي: قوله: "مصليّة": هي المشوية بالصّلاء. وقد اختلف الناس فيما يجب على مَن جعل في طعام رجل سمّاً، فأكله فمات: فقال مالك بن أنس: عليه القود، وأوجب الشافعي في أحد قوليه إذا جعل في طعامه سماً وأطعمه إياه، أو في شرابه فسقاه ولم يُعلمه أن فيه سماً، قال الشافعي: وإن خلطه بطعام فوضعه ولم يقل له فأكله أو شربه فمات فلا قود عليه. قلت [القائل الخطابي]: والأصل أن المباشرة والسبب إذا اجتمعا كان حكم المباشرة مقدماً على السبب كحافر البئر والدافع فيها، فأما إذا استكرهه على شرب السم فعليه القود في مذهب الشافعي ومالك. وعن أبي حنيفة: إن سقاه السم فمات لم يقتل به، وإن أوجره إيجاراً كان على عاقلته الدية. =

قال: أبو داود: هذه أختُ مَرحْبِ اليهوديةُ التي سَمَّتِ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-. 4510 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهْريُّ، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهابٍ، قال: كان جابرُ بنُ عبدِ الله يُحدِّثُ أن يهُوديةً مِن أهلِ خيبَرَ سمَّت شاةً مصليَّةً، ثم أَهدتْها لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فأخذَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - الذِّرَاعَ، فأكَلَ منها، وأكل رهطٌ مِنْ أصحابِه مَعَهُ، ثم قال لهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ارفَعُوا أيدِيَكم"، وأرسل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إلى اليهوديةِ فدعاها، فقال لها: "أسممتِ هذه الشَّاةَ؟ " قالتِ اليهوديةُ: من أخبَرَكَ؟ قال: "أخبرتني هذه في يدي" للذراع، قالت: نعم، قال: "فما أردت إلى ذلك؟ "، قالت: قلتُ: إن كان نبياً فلن يَضُرَّهُ، وإن لم يكن نبياً استَرَحْنا منه، فعفا عنها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ولم يعاقِبْها، وتوفِّي بعضُ أصحابِه الذين أكلوا من الشَّاة، واحتجم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - على كاهِلِهِ مِنْ أجلِ الذي ¬

_ = قلت [القائل الخطابي]: أما حديث اليهودية، فقد اختلفت الرواية فيه، وأما حديث أبي سلمة فليس بمتصل، وحديث جابر أيضاً ليس بذاك المتصل؛ لأن الزهري لم يسمع من جابر شيئاً. قلنا: يعني الخطابيُّ الحديثَ الآتي عند المصنف بعد هذا الحديث. ثم إنه ليس في هذا الحديث أكثر من أن اليهودية أهدتها لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بأن بعثت بها إليه، فصارت ملكاً له، وصارت أصحابُه أضيافاً له، ولم تكن هي قدمتها إليهم وإليه، وما هذا سبيلُه فالقود ساقط لما ذكرنا من علة المباشرة وتقديمها على السبب. وفي الحديث دليل على إباحة أكل طعام أهل الكتاب، وجواز مبايعتهم ومعاملتهم مع إمكان أن يكون في أموالهم الربا ونحوه من الشبهة. وفيه حجة لمن ذهب إلى أن الهدية توجب العوض، وذلك أنه يك لا يقبل الهدية من يهودية إلا من حيث يرى فيها التعويض، فيكون ذلك عنده بمنزلة المعاوضة بعقد البيع، والله أعلم.

أكلَ من الشاة، حَجَمَهُ أبو هِندٍ بالقَرنِ والشَّفْرةِ، وهو مولى لبني بياضَةَ من الأنصارِ (¬1). 4511 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، حدَّثنا خالد، عن محمَّد بنِ عَمرو عن أبي سلمة: أن رسُولَ اللهِ - أهدت له يَهُودَيةٌ بخيبر شاةً مصليَّةً، نحو حديثِ جابرٍ، قال: فمات بشرُ بنُ البَراء بن مَعْرُورٍ الأنصاريُّ، فأرسلَ إلى اليهوديِة: "ما حَمَلَكِ على الذي صنعتِ؟ " فذكر نحو حديث جابرِ، فأمر بها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقُتِلَت، ولم يذكُرْ أمرَ الحِجامة (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه؛ لأن ابن شهاب -وهو محمَّد ابن مسلم الزهري- لم يسمع من جابر بن عبد الله كما قال الخطابي والمنذري، ومن قبلهما سفيان بن عيينة، يونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله. وأخرجه الدارمي (68) من طريق شعيب بن أبي حمزة، والبيهقي في "السنن" 8/ 46 من طريق يونس بن يزيد، كلاهما عن ابن شهاب الزهري، عن جابر. وأخرجه البيهقي في "الدلائل " 4/ 263 - 264 من طريق موسى بن عقبة، عن ابن شهاب الزهري مرسلاً. لكن روى فيه الزهري قصة الحجامة وحدها عن جابر بن عبد الله. ويشهد له دون ذكر الحجامة حديث أنس بن مالك السالف عند المصنف برقم (4508). ويشهد له مع ذكر الحجامة فيه حديث ابن عباس عند ابن سعد في "طبقاته" 1/ 445 و 2/ 201، وأحمد في "مسنده" (2784)، وإسناده صحيح. ويشهد لقول اليهودية: قلتُ: إن كان نياً ... حديث أبى هريرة عند البخاري (3169). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد اختُلف في وصله وإرساله، أرسله عن محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي-: خالدٌ -وهو ابن عبد الله الطحان- كما عند المصنف هنا، إلا في رواية أبي سعيد ابن الأعرابي "للسنن" فإنه وصله بذكر أبي هريرة، وأرسله كذلك جعفر بن عون لكن وصله عنه حماد بن سلمة وعبّاد بن العوّام، فقالا: عن =

4512/ 1 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، عن خالدٍ، عن محمدِ بنِ عَمرٍو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يقبلُ الهديةَ ولا يأكُلُ الصَّدقَةَ (¬1). ¬

_ = محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وهما ثقتان، ومحمد بن عمرو بن علقمة الليثي حسن الحديث، فالإسناد من طريق عباد وحماد حسن. وأخرجه الدارمي (67) عن جعفر بن عون وابن سعد في "الطبقات" 2/ 200 عن سعيد بن محمَّد الوراق الثقفي، كلاهما عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة مرسلاً. وأخرجه الحاكم 3/ 219 - 220، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 46 من طريق حماد بن سلمة وابن حزم في "المحلى" 11/ 27، والبيهقي 8/ 46 من طريق عباد بن العوّام، والطبراني في "الكبير" (1202) من طريق سعيد بن محمَّد الوراق، ثلاثتهم عن محمَّد بن عمرو بن علقمة الليثي، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. فوصلوه. ولفظ عباد مختصر بذكر قتل النبي -صلَّى الله عليه وسلم- للمرأة اليهودية التي وضعت السم. وأخرجه القاضي عياض في "الشفا" 1/ 316 من طريق أبي سعيد ابن الأعرابي، عن أبي داود السجستاني، عن وهب بن بقية، عن خالد الطحان، عن محمَّد بن عمرو ابن علقمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة فوصله. قال المزي في "تحفة الأشراف" 11/ 6: هكذا وقع هذا الحديث في رواية أبي سعيد ابن الأعرابي عن أبي داود. وعند باقي الرواة: عن أبي سلمة أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ليس فيه أبو هريرة. وقد جوّده ابن الأعرابي عن أبي داود. ويشهد له حديث جابر السالف قبله، وانظر تمام شواهده عنده. وانظر ما سلف برقم (4509). وانظر تالييه. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- وقد توبع. والظاهر من كلام الحافظ المزي في "التحفة" (15025) أن أبا سعيد ابن الأعرابي هو وحده من بين سائر الرواة عن أبي داود، قوإنفرد بوصل الحديث عن أبي سلمة عن أبي هريرة. وأن الباقين رووه مرسلاً دون ذكر أبي هريرة. =

4512/ 2 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ في موضِع آخَرَ، عن خالدٍ، عن محمَّد بنِ عَمرو عن أبي سَلَمَةَ، ولم يذكر أبا هريرة، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يأكُلُ الهدية، ولا يأكُلُ الصَّدَقَةَ، زاد: فأهدت له يهودية بخيبرَ شاةً مصليَّةً سمّتها، فأكل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - منها وأكلَ القومُ، فقال: "ارفعُوا أيديكم؛ فإنها أخبرتني أنها مسمومةٌ" فمات بشر بنُ البراءِ بن معرور الأنصاري، فأرسلَ إلى اليهودية: "ما حملك على الذي صَنَعْتِ؟ " قالت: إن كنت نبياً لم يضُرَّكَ الذي صنعتُ، لان كنتَ ملِكاً أرحتُ الناسَ منك، فأمر بها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقُتِلَت، ثم قال: في وجَعِهِ ¬

_ = وقد روي من طريق محمَّد بن عمرو مرة مرسلاً كما في الطريق الآتي بعده، ولكن الوصل صحيح، وقد صح من غير طريق محمَّد بن عمرو بن علقمة كذلك. وأخرجه أحمد (8714)، وابن حبان (6381) من طريق محمَّد بن عمرو بن علقمة، به. وأخرج البخاري (2576)، ومسلم (1077) من طريق محمَّد بن زياد، عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - إذا أتى بطعام سأل عنه: "أهدية أم صدقة؟ " فإن قيل: صدقة، قال لأصحابه: "كلوا" ولم يأكل، وإن قيل: هدية، ضرب بيده -صلَّى الله عليه وسلم- فأكل معهم. هذا لفظ البخاري. وقد جاء عند البيهقي 7/ 39 بلفظ رواية المُصنًف من طريق محمَّد بن زياد. ويشهد له بلفظ المصنف حديث عبد الله بن بسر عند أحمد (17688) وانظر تمام شواهده هناك. وانظر ما بعده. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (ب) وهامش (هـ)، وأشار في هامش (هـ) إلى أنه وقع لأحمد -قلنا: وهو ابن سعيد بن حزم- عن أبي سعيد ابن الأعرابي. قلنا: ونسبه أيضاً المزيُّ في "التحفة" (15025) إلى ابن الأعرابي.

الذي ماتَ فيه: ما زِلتُ أجِدُ مِنَ الأكلَةِ التي أكلتُ بخيبرَ، فهذا أوانُ قَطَعَتْ أبهَرِي" (¬1). 4513 - حدَّثنا مخلدُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، حدَّثنا معمر، عن الزهريِّ، عن ابنِ كعبِ بنِ مالكٍ عن أبيهِ: أن أم مُبشِّر قالت للنبى -صلَّى الله عليه وسلم- في مرضه الذي ماتَ فيه: ما تتَّهم بكَ يا رسولَ الله؟ فإني لا أتَّهِمُ بابني شيئاً إلا الشاة المسمومةَ التي أكلَ معكَ بخيبَر، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "وأنا لا أتَّهِمُ بنفسي إلا ذلك، فهذا أوانُ قطعِ أبهرِي" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل، وقد وصله ثقتان، كما سلف بيانه عند المصنف برقم (4511) فصحَّ الوصل، وللحديث شواهد أيضاً يصح بها. وللقطعة الأولى منه طريق أخرى في "الصحيحين" ما ذكرنا في الرواية السابقة. ولها شواهد. ويشهد لقوله في هذه الرواية "ما زلت أجد من الأكلة ... " حديث عائشة عند البخاري معلقاً بصيغة الجزم (4428) وهو عند الحاكم 58/ 3، والبيهقي 10/ 11 وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. وحديث أم مبشر الآتي عند المصنف بعده. وانظر سابقيه. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه أيضاً من (ب) وهامش (هـ). وأشار في هامش (هـ) إلى أنه وقع لأحمد -وهو ابن سعيد بن حزم- عن أبي سعيد ابن الأعرابي. وكذلك قال المزي في "التحفة" (15025). وذكر أنه جوّده ابنُ الأعرابي فوصَلَه بذكر أبي هريرة. (¬2) إسناده صحيح. وابن كعب بن مالك: هو عبد الرحمن، كما أشار إليه المصف بإثر الحديث. وسيأتي في الرواية التالية رواية الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك وقد سمع الزهريُّ من الرجين كليهما، فلا يبعد أن يكون =

قال أبو داود: ورُبَّما، حدَّث عبدُ الرزاق بهذا الحديثِ مُرسلاً، عن معمرٍ، عن الزُّهريِّ، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-. وربما حدَّثَ به عن الزهريِّ، عن عبدِ الرحمن بنِ كعب بنِ مالكٍ. وذكر عبدُ الرزاق: أن معمراً كانَ يُحدِّثهم بالحديثِ مرةً مرسلاً، فيكتبونه، ويحدَّثهم مرةً به فَيُسنِدُه، فيكتبونه، وكل صحيح عندنا. قال عبد الرزاق: فلما قَدِمَ ابنُ المبارك على معمرٍ أسندَ له معمرٌ أحاديثَ كان يوقفها. 4514 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالدٍ، حدَّثنا رَباحٌ، عن معمرٍ، عن الزهري، عن عبدِ الرحمن بنِ عبدِ اللهِ بنِ كعبِ بنِ مالكٍ عن أُمِّه أمِّ مُبشِّر: دخلتُ على النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فذكَرَ معنى حَدِيثِ مخلد بنِ خالدٍ. قال أبو سعيد ابن الأعرابي: كذا قال: عن أمه، والصواب: عن أبيه، عن أم مُبشر (¬1). ¬

_ = سمع هذا الحديث من عبد الرحمن بن كعب ومن ابن أخيه عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب، إذ كان هذا الحديث معروفا في آل كعب بن مالك، وأم مبشر هي امرأة كعب. وأخرجه ابن حزم في "المحلى، 11/ 25 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده. تنبيه: هذا الحديث بطريقيه هذا والذي يليه أثبتناه من (ب) وهامش (هـ)، وهو في روايتي ابن الأعرابي وابن داسه. وقد ذكره المزي في "التحفة" (11139). (¬1) إسناده صحيح. وهذا الذي صوَّبه أبو سعيد ابن الأعرابي راوية "السنن" عن أبي داود يوافق ما جاء في "مستدرك الحاكم " 3/ 219 من رواية القطيعي عن عبد الله ابن أحمد بن حنبل، عن أبيه، وكذا أورده الحافظ في "إتحاف المهرة" 18/ 311 في مسند أم مبشِّر، وعزاه للحاكم، وأشار محقق ذلك الجزء من "الإتحاف " إلى أنه كذلك جاء في مخطوطتي "المستدرك" مخطوطة رواق المغاربة ومخطوطة عاطف أفندي.=

7 - باب من قتل عبده أو مثل به، أيقاد منه؟

7 - باب مَن قَتَلَ عبده أو مَثَّل به، أيُقاد منه؟ 4515 - حدَّثنا عليٍّ بنُ الجَعْدِ، حدَّثنا شعبةُ، وحدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن قتادةَ، عن الحسنِ عن سَمُرَةَ، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "من قتلَ عبدَهُ قتلنَاهُ، ومَنْ جَدَعَ عبدَهُ جَدَعناه" (¬1). ¬

_ = وعليه فما جاء في "مسند أحمد" (23933) من قوله: عن عبد الرحمن بن عبد الله ابن كعب بن مالك، عن أمه، أن أم مبشر دخلت على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ... الحديث - وهم. ويكون عندئذ للزهري فيه إسنادان: أحدهما إسناد الحديث السابق وهو عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه كعب يعني من مسند كعب بن مالك الصحابي المعروف. وثانيهما: عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه عبد الله، عن أم مبشر يعني من مسندها، وهي امرأة أبيه كعب. والإسنادان صحيحان. تنبيه: هذا الحديث أثببناه من (ب) وهامش (هـ)، وهو في روايتي ابن داسه وابن الأعرابي. وقد ذكره المزي في "التحفة" (11139). (¬1) إسناده ضعيف، فإن الحسن -وهو البصري- لم يسمعه من سمرة -وهو ابن جندب- ما جاء مُصرِّحاً به في "مسند أحمد" (20104). حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه الترمذي (1473)، والنسائي في "الكبرى" (6914) من طريق أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، والنسائي (6929) من طريق شعبة، كلاهما عن قتادة، به. وهو في "مسند أحمد" (20104). وانظر تالييه. قال الترمذي: وقد ذهب بعض أهل العلم من التابعين منهم إبراهيم النخعي إلى هذا. وقال بعض أهل العلم منهم الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح: ليس بين الحر والعبد قصاص في النفس ولا فيما دون النفس. وهو قول أحمد وإسحاق. وقال بعضهم: إذا قتل عبده لا يقتل به، وإذا قتل عبد غيره قتل به، وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة. =

4516 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، حدَّثنا مُعاذُ بنُ هشام، حدَّثني أبي، عن قتادةَ، بإسنادِه مثلَه قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ خَصى عبدَهُ خصيناهُ"، ثم ذكر مثلَ حديث شعبةَ وحمادٍ (¬1). قال أبو داود: ورواه أبو داودَ الطيالسيُّ، عن هشامٍ، مثلَ حديث مُعاذٍ. 4517 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا سعيدُ بنُ عامر، عن ابنِ أبي عَروبةَ عن قتادةَ، بإسنادِ شعبةَ مثلَه. زاد: ثم إن الحسنَ نسيَ هذا الحديثَ؛ فكان يقولُ: لا يُقتَلُ حُرٌّ بعبدٍ (¬2). ¬

_ = قلنا: وسألَ الترمذيُّ البخاريَ كما في "العلل الكبير"، 2/ 588 عن هذا الحديث فقال البخاري: كان علي ابن المديني يقول بهذا الحديث. وأنا أذهب إليه. ونقل ابن عبد البر في "الاستذكار، (38122) و (38123): أن مالكاً والليث والشافعي وأبا ثور وأحمد وإسحاق قالوا: لا يقتل حر بعبد. (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6912) من طريق أبي داود الطيالسي، و (6930) من طريق معاذ بن هشام، كلاهما عن هشام الدستوائي، بهذا الإسناد. لكن لفظ معاذ عند النسائي: "من أخصَى عبده أخصيناه، ومن جدع عبده جدعناه". ولم يذكر القتل. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف كسابقيه. وأخرجه ابن ماجه (2663)، والنسائي في "الكبرى" (6913) من طريق سعيد ابن أبي عروبة، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه. قال الخطابي: قد يحتمل أن يكون الحسن لم ينسَ الحديث، ولكنه كان يتأوله على غير معنى الإيجاب، ويراه نوعًا من الزجر.

4518 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا هِشامٌ، عن قتادةَ عن الحسنِ، قال: لا يُقادُ الحرُّ بالعبدِ (¬1). 4519 - حدَّثنا محمدُ بنُ الحسنِ بنِ تَسنيم بن حَواريّ بنِ زيادِ بنِ عَمرو العتكيُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ بكرٍ، أخبرنا سوَّار أبو حمزةَ، حدَّثنا عمرُو بنُ شعيب، عن أبيه عن جده، قال: جاءَ رجل مُستصرِخٌ إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: جاريةٌ له يا رسولَ الله، فقال: "ويحَكَ مالك؟ " قال: شرّاً أبصرَ لسيِّدِه جاريةً له، فغارَ، فَجَبَّ مذاكِيرَه، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "علىَّ بالرَّجُلِ" فطُلِبَ فلم يُقدَرْ عليه، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "اذهب فأنتَ حُرٌّ" فقال: يا رسول الله، على من نُصْرتي؟ قال: "على كُلِّ مُؤمِن" أو قال: "كلِّ مسلم" (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات. وأخرجه البيهقي 8/ 35 من طريق أبي داود، به. (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف سوار أبي حمزة -وهو ابن داود الصيرفي- وقد توبع. وأخرجه ابن ماجه (2680) من طريق سوار بن داود أبي حمزة الصيرفي، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (17932)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (5301) عن معمر وابن جريج، كلاهما عن عمرو بن شعيب، به. وابن جريج مدلس وقد عنعن، على أن البخاري والبيهقي قد نفيا سماعه من عمرو أصلاً، ولكن الإسناد من طريق معمر بن راشد حسن إن صح؛ فقد أخرجه أحمد (6710) عن عبد الرزاق، عن معمر، أن ابن جريج أخبره، عن عمرو بن شعيب ... وأخرجه بنحوه أحمد (7096) من طريق حجاج بن أرطأة، وعبد الرزاق (17932) عن محمَّد بن عبيد الله العرزمي، وابن سعد في "الطبقات" 7/ 505 عن محمَّد بن عمر =

8 - باب القتل بالقسامة

قال أبو داود: الذي عَتَقَ كان اسمه روحَ بنَ دينار. قال أبو داود: الذي جبَّه زنباعٌ (¬1). 8 - باب القتل بالقَسَامةِ 4520 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عُمر بنِ ميسَرَةَ ومحمد بنُ عُبيد -المعنى- قالا: حدَّثنا حمادُ بنُ زيدِ، عن يحيى بنِ سعيد، عن بَشيرِ بنِ يسار عن سهلِ بنِ أبي حثْمةَ ورافع بنِ خديج: أن مُحَيِّصَة بنَ مسعودٍ وعبدَ الله بنَ سهل، انطلقا قِبَلَ خيبرَ، فتفرقا في النخل، فقُتِلَ عبدُ الله ابنُ سهل، فاتَّهموا اليهودَ، فجاء أخوه عبدُ الرحمن بن سهلٍ وابنا عمه حُويِّصَةُ ومُحيِّصَةُ، فأتوا النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فتكلم عبدُ الرحمن في أمرِ أخيه ¬

_ = الواقدي، عن أسامة بن زيد الليثي، وابن سعد 7/ 506، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 137 من طريق ابن لهيعة، وابن منده فيما ذكره الحافظ في "الإصابة" في ترجمة زنباع، والبيهقي 8/ 36، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 81 من طريق المثنى بن الصباح، خمستهم عن عمرو بن شعيب، به وحجاج وابن لهيعة والمثنى ضعفاء، والعرزمي والواقدي متروكان. وقد رويت هذه القصة من حديث زنباع عند ابن ماجه (2679) وفي إسناده إسحاق بن أبي فروة متروك الحديث. ورويتْ أيضاً من حديث سندر عند ابن سعد 7/ 507 وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2635)، والبزار (1394 - كثف الأستار)، وابن قانع في "معجم الصحابة، 1/ 322، والطبراني في"الكبير" (6726)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 19/ 82. وفي إسناده ابن لهيعة سعيء الحفظ. وهذه المتابعات والطرق لهذا الحديث إذا ما انضم بعضها لبعض قوي الحديث بلا شك ولا ريب، والله أعلم. (¬1) مقالتا أبي داود هاتان أثبتناهما من هامش (هـ).

وهو أصغرُهم، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الكُبْرَ الكُبْرَ" أو قال: "ليبدأ الاكبرُ" فتكلَّما في أمرِ صاحبِهما، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "يُقسِم خمسونَ منكُم على رجُلٍ منهم، فيُدفَعُ بِرُمَّته"، قالوا: أمرٌ لم نشهده، كيف نحلِفُ؟ قال: "فتبرِّئُكُم يهودُ بأيمانِ خمسينَ منهم" قالوا: يا رسولَ الله، قومٌ كفَّارٌ، قال: فوداهُ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مِن قِبَله. قال سهلٌ: دخلتُ مِربَداً لهم يوماَ، فركضَتني ناقةٌ مِن تلك الإبِل ركضة بِرجلها، قال حماد هذا أو نحوه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيى بن سعيد: هو ابن قيس الأنصاري. وأخرجه البخاري (6142)، ومسلم (1669)، والنسائي في "الكبرى" (5945/ 2) و (6889) من طريق حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3173)، ومسلم (1669)، والترمذي (1482) و (1483)، والنسائي في "الكبرى" (6888) و (6891 - 6893) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به. وبعضهم لا يذكر فيه رافع بن خديج. وأخرجه مسلم (1669) من طريق سيمان بن بلال، و (1669) من طريق هشيم ابن بشير، والنسائي (6894) من طريق مالك بن أنس، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن بشير بن يسار أن عبد الله بن سهل ... الحديث مرسلاً إلا أن سليمان روى بعض الحديث عمن أدرك من أصحاب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ولم يُسمهم. وهو في "مسند أحمد" (16091)، و "صحيح ابن حبان" (6009). وسيأتي هذا الحديث برقم (4523) من طريق سعيد بن عبيد الطائي عن بُشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة. لكنه ذكر مطالبة النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لقوم عبد الله بن سهل بالبيِّنة بدل اليمين. وانظر ما سيأتي برقم (4524). قال الخطابي: قوله: "الكُبْر الكُبْر" إشارة إلى الأدب في تقديم ذوي السنن والكبر. وفيه من الفقه جواز الوكالة في المطالبة بالحدود. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وفيه جواز وكالة الحاضر، وذلك أن ولي الدم إنما هو عبد الرحمن بن سهل أخو القتيل، وحويّصة ومُحيصة أبناء عمه. وفيه من الفقه أن الدعوى في القسامة مخالفة لسائر الدعاوى، وأن اليمين يبدأ فيها بالمُدير قبل المُدّعَى عليه. وفيه دلالة على وجوب رد اليمين على المدعي عند نكول المُدعى عليه. وقد اختلف الناس فيمن يبدأ فيه بالقسامة، فقال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل: يبدأ بالمدعين قولاً بظاهر الحديث. وقال أبو حنيفة وأصحابه: يبدأ بالمدعى عليه على قضية سائر الدعارى. قلت [القائل الخطابي]: وهذا حكم خاص ّجاءت به السنة، لا يقاس على سائر الأحكام، وللشريعة أن تخص كما لها أن تعم، ولها أن تخالف بين سائر الأحكام المتشابهة في الصفة، كما لها أن توفق بينها، ولها نظائر كثيرة في الأصول. وقال أبو حنيفة وأصحابُه: إن المدعى عليهم يحلفون ويغرمون الدية، وليس في شيء من الأصول اليمين مع الغرامة، وإنما جاءت اليمين في البراءة أو الاستحقاق على مذهب من قال باليمين مع الشاهد، وقد بُدئ في اللعان بالمدعي وهو الزوج وإنما هو أيمان. ألا ترى أن المتلاعنين يقولان: نشهد بالله، فلو كان معنى اللعان معنى الشهادة لجاز فيه حذف الاسم واقتصر على مجرد قولهما: نشهد، وقد قال -صلَّى الله عليه وسلم- في حديث الملاعنة: "لولا الأيمان لكان لي ولها شأن" فثبت أن اللعان أيمان ثم كان مبدوءاً فيه بالمدعي كما ترى. قلت: وفي إلزامه اليهود بقوله: "فيدفع برُمَّته" دليل على أن الدية تجب على سكان المحلة دون أرباب الخطة؛ لأن خيبر كانت للمهاجرين والأنصار. وفيه دليل على أن المدعى عليهم إذا حلفوا برئوا من الدم، وهو قوله: "فتبرِّئكم يهود بإيمان خمسين منهم". وفيه أن الحكم بين المسلم والذمي كالحكم بين المسلمين في الاحتساب بيمينه وإبرائه بها عن الحق المدعى قبله. وفيه أن يمين المشرك مسموعة على المسلم كيمين المسلم عليه، وقال مالك: لا تسمع أيمانهم على المسلمين كشهاداتهم. =

قال أبو داود: رواه بشرُ بنُ المفضَّل ومالكٌ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، قال فيه: " أتحلِفُون خمسين يميناً وتستحِقُّون دَمَ صاحِبِكم -أو قاتلِكم-؟ " ولم يذكر بِشرٌ دماً. وقال عِدَّةٌ، عن يحيى كما قال حمادٌ. ورواه ابن عُيينة، عن يحيى، فبدأ بقوله: "تُبرِّئكم يهودُ بخمسينَ يميناً يحلِفُونَ" ولم يذكُرِ الاستحقاقَ. وهذا وَهمٌ مِن ابنِ عُيينةَ. 4521 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بنِ السَّرح، أخبرنا ابنُ وهْبٍ، أخبرني مالكٌ، عن أبي ليلى بنِ عبد الله بنِ عبد الرحمن بنِ سهْلٍ ¬

_ = وظاهر لفظ هذا الحديث حجة لمن رأى وجوب القتل بالقسامة، وهو قوله: "وتستحقون دم صاحبكم". وقوله: "فيدفع برمته". وإليه ذهب مالك وأحمد بن حنبل وأبو ثور. وروي ذلك عن ابن الزبير وعمر بن عبد العزيز. وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والشافعي وإسحاق بن راهويه: لا يقاد بالقسامة إنما تجب الدية. وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه والحسن البصري وإبراهيم النخعي. وقد روي أيضاً عن النخعي أنه قال: القسامة جور، شاهدان يشهدان؟! وكان الحَكَمُ لا يرى القسامة شيئاً. قلت: وتأويل هؤلاء قوله: "وتستحقون دم صاحبكم" أي: دية صاحبكم؛ لأنهم يأخذونها بسبب الدم، فصلح أن يسمى ذلك دماً. وقد روي من غير هذا الطريق: "إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب"، فدل ذلك صحة هذه التأويل. قلت: ويشبه أن يكون إنما وداه رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من قِبَلِه للعهد الذي كان جعله لليهود فلم يحب أن يبطله ولم يحب أن يهدر دم القتيل، فوداه من قبله وتحملها للإصلاح بينهم.

عن سهْل بنِ أبي حَثْمَة، أنه أخبره هو ورِجَالٌ من كُبَراء قومِه: أن عبدَ الله بنَ سهلٍ ومُحيِّصةَ خرجا إلى خيبَرَ من جُهْدٍ أصابهم، فأتى مُحيِّصةُ فأخبَرَ أن عبدَ الله بنَ سهل قد قُتِلَ وطُرِحَ في فقير أو عَينٍ، فأتى يهودَ، فقال: أنتُم واللهِ قتلتُمُوه، قالوا: واللهِ ما قتلناهُ، فأقبل حتَّى قَدِم على قومه، فذكر لهم ذلك، ثم أقبلَ هو وأخوه حُويِّصةُ -وهو أكبرُ منه- وعبد الرحمن بن سهل، فذهب مُحيِّصةُ ليتكلَّم، وهو الذي كان بخيبرَ، فقال له رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "كبِّر كبِّر" يريد السنَّ" فتكلم حُويِّصةُ، ثم تكلَّم مُحيِّصةُ، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إما أن يَدُوا صاحِبَكم، وإمَّا أن يُؤذَنُوا بحَربِ" فكتب إليهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بذلك، فكتُبوا: إنا واللهِ ما قتلنَاه، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - لحُويِّصةَ ومُحيِّصةَ وعبدِ الرحمن: "أتحلِفُون وتستَحِقُّون دمَ صاحِبكم؟ " قالوا: لا، قال: "فتحلِفُ لكم يهودُ" قالوا: ليسوا مسلمين، فوداه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مِن عندِه، فبعثَ إليهم مئةَ ناقةٍ، حتَّى أُدخِلَت عليهم الدارَ، قال سهل: لقد ركضتني منها ناقةٌ حمراءُ (¬1). ¬

_ (¬1) وإسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله. وهو في "موطأ مالك"، برواية أبي مصعب الزهري (2352). وأخرجه البخاري (7192) من طريق عبد الله بن يوسف ومن طريق إسماعيل بن أبي أويس، والنسائي في "الكبرى" (6887) من طريق عبد الرحمن بن القاسم المصري، ثلاثتهم عن مالك، به. وأخرجه النسائي (5945/ 1) عن أحمد بن عمرو بن السرح، عن عبد الله بن وهب، عن مالك، عن أبي ليلى، أن سهل بن أبي حثمة أخبره: أن عبد الله بن سهل ومحيصة ... فجعله عن سهل وحده، ولم يقرن معه الرجال الذين هم من كُبراء قومه. =

4522 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالد وكثيرُ بنُ عُبيدٍ، قالا: حدَّثنا. وحدَّثنا محمدُ بنُ الصبَّاح بن سفيان، أخبرنا الوليدُ، عن أبي عمرو عن عمرو بنِ شُعيبٍ، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: أنه قَتَلَ بالقَسَامة رجلاً مِن بني نصرِ بنِ مالكٍ ببَحْرَةِ الرُّغاءِ، على شطِّ لِيَّةِ البَحْرَةِ، فقال: القاتلُ والمقتولُ منهم، هذا لفظُ محمود: ببحرة أقامه محمود وحدَه على شط لِيَّة (¬1). ¬

_ = وهو في"موطأ مالك" برواية يحيى الليثي 2/ 877، وبرواية محمَّد بن الحسن (681) عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن، عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره رجال من كبراء قومه. فجعلاه من مسند رجال من كبراء قوم سهل، وأن سهلاً سمعه منهم. وأخرجه مسلم (1669)، وابن ماجه (2677) من طريق بشر بن عمر، عن مالك، عن أبي ليلى، عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره عن رجال من براء قومه. وهذا يوافق رواية يحيى الليثي ومحمد بن الحسن الشيباني. تنبيه: ذكر ابن عبد البر في "التمهيد" 24/ 151 أن ابن وهب رواه عن مالك، فقال في روايته: عن سهل أنه أخبره رجال من كبراء قومه، وهذا يخالف ما جاء عند المصنف والنسائي من أن الحديث من مسند سهل بن أبي حثمة ورجال من براء قومه. وانظر ما قبله وما سيأتي برقم (4523). قال الخطابي: قوله: "إما أن تدُوا" فيه دليل على أن الواجب بالقسامة الدية، وقد كنى بالدم عنها إذ كانا يتعاقبان في الحكم فجاز أن يُعبّر عن أحدهما بالآخر. وقد أنكر بعض الناس قوله: "وإما أن يُؤذنُوا بحرب" وقال: إن الأمة على خلاف هذا القول، فدل أن خبر القسامة غير معمول به. قلت: ووجه الكلام بيّن، وتأويله صحيح، وذلك أنهم إذا امتنعوا من القسامة ولزمتهم الدية فأبوا أن يؤدوها إلى أولياء الدم أوذنوا بحرب كما يؤذنون بها إذا امتنعوا من أداء الجزية. قلنا: والفقير: البئر الواسعة الفم، القريبة القعر. (¬1) إسناده معضل كما قال الحافظ المنذري في "اختصار السنن". وأخرجه البيهقي 8/ 127 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. =

9 - باب في ترك القود بالقسامة

9 - باب في ترك القَوَد بالقَسَامة 4523 - حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدِ بنِ الصَّبَّاح الزعفرانيُّ، حدَّثنا أبو نُعَيم، حدَّثنا سعيدُ بنُ عُبيدٍ الطائيُّ، عن بُشَير بن يَسَارٍ زعمَ أن رجلاً من الأنصار يقال له: سَهْل بن أبي حَثْمَةَ، أخبره: أن نفراً من قومه انطلقوا إلى خيبر، فتفرَّقوا فيها، فوجدُوا أحدَهم قتيلاَ، فقالوا للذينَ وجَدُوه عندهم: قتلتُم صاحبَنَا، فقالوا: ما قتلنا ولا عَلِمَنا قاتلاً، فانطلقنا إلى نبيِّ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: فقال لهم: "تأتوني بالبينةِ على من قتلَ هذا؟ " قالوا: ما لنا بينةٌ، قال: "فيحلفونَ لكم؟ " قالوا: لا نَرْضَى بأيمانِ اليهود، فكره نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أن يُبطِلَ دَمَه، فوَدَاه مئةً من إبلِ الصَّدقةِ (¬1). ¬

_ = بَحرة الرُّغاء: بضم الراء، موضع بالطائف، بني بها النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مسجداً. ولِيّة، قال العيني في "عمدة القاري" 18/ 156: قال البكري: بكسر أوله، وتشديد الياء آخر الحروف، وهي أرض من الطائف على أميال يسيرة، وهي على ليلة من قرن. (¬1) إسناده صحيح. أبو نعيم: هو الفضل بن دُكين. وأخرجه البخاري (6898)، والنسائي في "الكبرى" (6895) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، ومسلم (1669) من طريق عبد الله بن نمير، كلاهما عن سعيد بن عبيد، به. ولم يسق مسلم متنه. وانظر ما سلف برقم (4520) و (4521). وقال النسائي بإثر روايته: لا نعلم أحداً تابع سعيد بن عبيد الطائي على لفظ هذا الحديث عن بُشَير بن يسار، وسعيد بن عبيد ثقة، وحديثه أولى بالصواب عندنا، والله أعلم. ونقل البيهقى في "السنن الكبرى" 8/ 120 عن مسلم بن الحجاج أنه قال في جملة ما قال في هذه الرواية: وغير مشكل على من عقل التمييز من الحفاظ أن يحيى بن سعيد أحفظ من سعيد بن عبيد وأرفع منه شأناً في طريق العلم وأسبابه، فهو أولى بالحفظ منه. =

4524 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي بنِ راشدٍ، أخبرنا هُشيمٌ، عن أبي حيانَ التيميِّ، حدَّثنا عبايةُ بنُ رِفاعةَ عن رافع بنِ خَديج، قال: أصبح رَجُلٌ من الأنصارِ مقتولاً بخيبرَ، فانطلقَ أولياؤه إلى النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فذكروا ذلك له، فقال: "لكُم شاهدانِ يشهدانِ على قاتِلِ صاحبكم؟ " قالوا: يا رسُولَ الله، لم يكُن ثُمَّ أحدٌ مِنَ المُسلِمِينَ، وإنما هم يهُودُ، وقد يجترئونَ على أعظَم من هذا، قال: ¬

_ = لكن البيهقي بيّن أن لا تعارض بين هاتين الروايتين، فقال: إن صحت رواية سعيد فهي لا تخالف رواية يحيى بن سعيد عن يشعر بن يسار؛ لأنه قد يريد بالبينة الأيمان مع اللوث (قال في "النهاية": اللوث أن يشهد شاهد واحد على إقرار المقتول قبل أن يموت أن فلاناً قتلني أو يشهد شاهدان على عداوة بينهما أو تهديد منه له أو نحو ذلك، وهو من التلوّث: التلطُّخ) كما فسرهُ يحيى بن سعيد، وقد يطالبهم بالبينة كما في هذه الرواية، ثم يعرض عليهم الأيمان مع وجود اللوث كما في رواية يحيى بن سعيد، ثم يردها على المدعى عليهم عند نكول المدعين كما في الروايتين. قال ابن القيم في "تهذيب السنن": يدل على ما ذكره البيهقي حديثُ النسائي عن عمرو بن شعيب. قلنا: هو ما أخرجه في "السنن الكبرى" (6896) من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن ابن محيصة الأصغر أصبح قتيلاً على أبواب خيبر، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "أقم شاهدين على من قتله أدفعْه إليك برمته" قال: يا رسول الله، ومن أين أصيب شاهدين، وإنما أصبح قتيلاً على أبوابهم؟!، قال: "فتحلف خمسين قسامة؟ " قال: يا رسول الله، وكيف نحلف على ما لا أعلم؟! فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: فتستحلف منهم خمسين قسامة؟ " فقال: يا رسول الله، كيف نستحلفهم وهم اليهود؟! فقسم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ديته عليهم وأعانهم بنصفها. وإسناد هذه الرواية حسن، لكن قال النسائي: لا نعلم أحداً تابع عمرو بن شعيب على هذه الرواية. قلنا: ومما انفرد به عمرو بن شعيب في هذه الرواية تقسيم الدية، لأن المحفوظ أنه -صلَّى الله عليه وسلم- وداه من عنده.

"فاختاروا مِنهُم خمسينَ فاستحلِفَهم" فأبوا، فوداهُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- مِن عندِه (¬1) ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكن هشيماً -وهو ابن بشير- مدلس وقد عنعن. أبو حيان التيمي: هو يحيى بن سعيد بن حيان. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4413)، والبيهقي 8/ 134 و 10/ 148، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 210، والمزي في ترجمة الحسن بن علي بن راشد من "تهذيب الكمال" 6/ 217 - 218 من طريق الحسن بن علي بن راشد، بهذا الإسناد. ويشهد له بهذا للفظ حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده السالف ذكره عند تخريج الحديث الذي قبله، وهو عند النسائي في "الكبرى" (6896). وإسناده حسن. ويشهد له أيضاً حديث سعيد بن عبيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة الذي قبله. إذ إن البخاري لما ذكر حديث سعيد بن عبيد، قدم له بحديث الأشعث بن قيس أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "شاهداك أو يمينة" وهو حديث صحيح أخرجه البخاري مسنداً برقم (2357)، ومسلم (138). وقد صح من حديث رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة بذكر البداءة باليمين للمدَّعي كما في الروايتين السالفتين برقم (4520) و (4521). وقد جمع البيهقي بين رواية البينة أو الاشهاد، وبين رواية اليمين فيما ذكرناه عند الحديث السالف قبله، وتؤيده رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كما قال ابن القيم في "تهذيب السنن". ويظهر من صنيع البخاري أنه يذهب إلى هذا الجمع؛ حيث احتج بحديث سعيد ابن عبيد عن بُشير بن يسار بذكر البينة التي أشار إلى أنه يدخل فيها الإشهاد، كما احتج أيضاً بحديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن بشير بن يسار بذكر اليمين. فكأن ما طُوي ذكره في رواية يحيى بن سعيد الأنصاري وهو البينة أفصح عنه في رواية سعيد بن عبيد وعباية بن رافع وما طوي ذكره في رواية سعيد بن عبيد وعباية وهو اليمين، أفصح عنه في رواية يحيى بن سعيد. وبيَّن الكُلَّ روايةُ عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، والله تعالى أعلم.

4525 - حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ يحيى الحرَّانيُّ، حدَّثني محمَّد -يعني ابنَ سلمةَ- عن محمَّد بنِ إسحاق، عن محمدِ بنِ إبراهيمَ بن الحارث عن عبدِ الرحمن بن بُجيدٍ، قال: إن سهلاً، والله، أوهم الحديثَ، إن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - كتب إلى يهودَ أنه قد وُجِد بين أظهركم قتيلٌ فَدُوه، فكتبوا يحلِفُون بالله خمسين يميناً: ما قتلنا، ولا علِمنا قاتلاً، قال: فوداه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - مِن عنده مئةَ ناقة (¬1). 4526 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، أخبرنا معمَرٌ، عن الزَّهري، عن أبي سلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمن وسليمانَ بنِ يَسار عن رجَالِ مِن الأنصارِ: أنَّ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: لليهودِ وبدأ بهم: "أيحلِفُ مَنكم خمسون رجُلاً" فأبوا، فقال للأنصارِ: "استحِقُّوا"، قالوا: نحلِفَ على الغيب يا رسول الله؟! فجعلها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ديةً على يهودِ؛ لأنه وُجِدَ بين أظهُرِهم (¬2). ¬

_ (¬1) منكر بهذا السياق، وعبد الرحمن بن بُجيد مختلف في صحبته، وقال ابن عبد البر: في صحبته نظر. وقد خالف في هذه القِصَّة سهلَ بنَ أبي حَثمة ورافعَ بنَ خَديج، ولهذا قال الخطابي: أسانيد الأحاديث المتقدمة أحسن اتصالاً وأوضح متوناً. قلنا: يعني بذكر البداءة باليمين للمدَّعي قبل المُدَّعى عليه، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 208: ليس قول عبد الرحمن بن بجيد هذا مما يُرَدُّ به قول سهل بن أبي حثمة؛ لأن سهلاً أخبر عما رأى وعاين وشاهد، حتى ركضته منها ناقة واحدة، وعبد الرحمن بن بجيد لم يلق النبي - صلَّى الله عليه وسلم - ولا رآه ولا شهد هذه القصة، وحديثه مرسل. قلنا: وقد ذهب الشافعي من قبله إلى القول بإرسال هذا الحديث، وقال في "اختلاف الحديث": لا أعلم ابنَ بجيد سمع النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وهو في "سيرة ابن هشام" 3/ 370 من طريق محمَّد بن إسحاق، ومن طريق ابن إسحاق أخرجه البيهقي 8/ 120 - 121، وابن عبد البر في "التمهيد" 23/ 207 - 208. (¬2) منكر بهذا السياق، وقد أعله البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 22 ووافقه ابن =

10 - باب يقاد من القاتل أو يقتل بحجر بمثل ما قتل

10 - باب يُقَادُ مِن القاتل أو يُقتَل بحجرٍ بمثل ما قَتَل 4527 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا همَّامٌ، عن قتادةَ عن أنس: أن جاريةً وُجِدَت قد رُضَّ رأسُها بين حجرين، فقيل لها: من فَعَلَ بكِ هذا؟ أفلانٌ؟ أفلانٌ؟ حتى سُمِّيَ اليهوديُّ، فأومَتْ برأسِها، فأُخِذَ اليهوديُّ، فاعترفَ، فأمَرَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يُرَضَّ رأسُه بالحِجَارَةِ (¬1). ¬

_ = قيم الجوزية في "تهذيب السنن" بأن معمراً انفرد به عن الزهري، وخالفه ابن جريج وغيره، فرووه عن الزهري بهذا الإسناد بعينه، عن أبي سلمة وسليمان عن رجال من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية، وقضي، بها بين ناس من الأنصار في قتيل ادعوه على اليهود. وهو في"مصنف عبد الرزاق" (18252). وأخرج عبد الرزاق (18254)، ومن طريقه مسلم (1670)، والبيهقي 8/ 122 عن ابن جريج، ومسلم (1670) وابن الجارود (797) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، ومسلم (1670) من طريق صالح بن كيسان، والبيهقي من طريق عُقيل بن خالد الأيلي، أربعتهم عن الزهري، به بلفظ: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية، وبعضهم يزيد فيه: وقضى بها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بين ناس من الأنصار في قتيل ادعوه على اليهود. (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وهمام: هو ابن يحيى العَوْذي. وأخرجه البخاري (2413) و (2746) و (6876) و (6884)، وابن ماجه (2665)، والترمذي (1451)، والنسائي في "الكبرى" (6918) من طريق همام بن يحيى، والبخاري (6885) والنسائي (6916) من طريق سعيد بن أبي عروبة، والنسائي (6917) من طريق أبان بن يزيد، ثلاثتهم عن قتادة، به. ورواية ابن أبي عروبة مختصرة. وهو في "مسند أحمد" (12741)، و"صحيح ابن حبان" (5993). وسيتكرر برقم (4535). وانظر تالييه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وفيه دليل على وجوب قتل الرجل بالمرأة، وهو قول عامة أهل العلم إلا الحسن البصري وعطاء فإنهما زعما أن الرجل لا يُقتل بالمرأة. وفيه دليل على جواز اعتبار القتل، فيقتص من القائل بمثل ما فعله، وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل، وروي ذلك عن الشعبي وعمر بن عبد العزيز (قلنا: ونسبه الترمذي لإسحاق بن راهويه). وقال سفيان الثوري وأبو حنيفة وأصحابه: لا يقتص منه إلا بالسيف. وكذلك قال عطاء. قال الشيخ [يعني الخطابي]: ما يوجد في هذا الحديث بهذه اللفظة، أعني قوله: فاعترف فقتل، فيها الشفاء والبيان أن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- لم يقتل اليهودي بإيماء المدعي أو بقوله. وقد شغب بعض الناس في هذا حين وجد أكثر الروايات خالياً من هذه اللفظة، فقال: كيف يجوز أن يُقتل أحدٌ بقول المدعي وبكلامه فضلاً عن إيمائه برأسه، وأنكروا هذا الحديث وأبطلوا الحكم في اعتبار جهة المماثلة. قال الشيخ: وهذه اللفظة لو لم تكن مروية في هذه القصة لم يكن ضائراً؛ لأن من العلم الشائع المستفيض على لسان الأمة خاصهم وعامهم أنه لا يستحق مال ولا دم ألا ببينة، وقد يروى كثيرٌ من الأحاديث على الاختصار اعتماداً على أفهام السامعين والمخاطبين به. وقد احتج بعض من لا يرى اعتبار جهة المماثلة بنهي النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن المثلة، وهذه معارضة لا تصح، لأن النهي عن المثلة إنما هو في ابتداء العقوبة بها، فأما القصاص فلا يتعلق بالمثلة، ألا ترى أن من جدع أذناً أو فقأ عيناً من كفء له اقتُصَّ منه، ولم يكن ذلك مُثلة، وعارضوا أيضاً ينهي النبي -صلَّى الله عليه وسلم- أن يعذب أحد بعذاب الله، فقالوا: إذا أحرق رجلاً بالنار، فإنه لا يحرق بها قصاصاً ويقتل بالسيف. وهذا مثل الأول، وباب القصاص من هذا بمعزل. وانظر "فتح الباري" 12/ 200 في الديات: باب إذا قتل بحجر أو بعصا. وقد قال -صلَّى الله عليه وسلم- لأسامة: "اغدُ على أُبنَى صباحاً وحرِّق" وأجاز عامة الفقهاء أن يُرمى الكفار بالنيران إذا خافوهم ولم يطيقوا دفعهم عن أنفسهم إلا بها. =

4528 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا معمرٌ، عن أيوبَ، عن أبي قِلابةَ عن أنسٍ: أنَّ يهودياً قَتَلَ جارِيةً من الأنصارِ على حُليِّ لها، ثم ألقاها في قَلِيبٍ، ورَضَخَ رأسَها بالحِجَارة، فأُخِذَ، فأُتي به النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، فأمر به أن يُرجَم حتى يموتَ، فرُجم حتى مات (¬1). ¬

_ = فعلم أن طريق النهي عن استعمال النار خارج عن باب القصاص المباح وعن باب الجهاد المأمور به وأن من قتل رجلاً بالإحراق بالنار فإن للولي أن يقتل القاتل بالنار كذلك. وقد تمثلوا أيضاً في هذا بأمور، كمن قتل رجلاً بالسِّحر، وكمن سقى رجلاً خمراً، أو وإلى عليه بهما حتى مات، ومن ارتكب فاحشة من إنسان فكان فيها تلفُه. وليس يلزم شيء من هذا، والأصل فيه الحديث. ثم العقوبات على ضربين: أحدهما: مأذون فيه أن يستعمل فيمن استحقه على وجه من الوجوه. والآخر: محظور من جميع الوجوه. وقد أمرنا بجهاد الكفار ومعاقبتهم على كفرهم: ضرباً بالسلاح ورمياً بالحجارة وإضراماً عليهم بالنيران، ولم يُبَح لنا أن نقتلهم بسقي الخمر ورُكوب الفاحشة منهم. فأما السِّحْر فهو أمر يَلطُف ويَدِقُ. والتوصل إلى علمه يصعُب ومباشرته محظورة على الوجوه كلها. فإذا تعذَّرت علينا معرفة جهة الجناية وكيفيتها صِرْنا إلى استيفاء الحق منه بالسيف، إذ هو دائرة القتل، وكان سبيلُه سبيلَ من ثبت عند الحاكم أنه قتل فلاناً عمداً، ولم يبين جهة القتل وكيفيته، فإنه يقتله بالسيف، وكذلك إذا تعذرت جهة المماثلة، قُتِل بالسيف، والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح. أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجَرْمي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ومعمر: هو ابن راشد، وعبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (10171) و (18525)، ومن طريقه أخرجه مسلم (1672)، وأخرجه مسلم كذلك (1672) من طريق ابن جريج، كلاهما (عبد الرزاق وابن جريج) عن معمر، به. =

11 - باب، أيقاد المسلم بالكافر؟

قال أبو داود: رواه ابن جُريج عن أيوبَ نحوه. 4529 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا ابنُ إدريسَ، عن شعبةَ، عن هشام بنِ زيدٍ عن جده أنس: أن جاريةً كان عليها أوضاحٌ لها، فرضَخَ رأسها يهوديٌّ بِحَجرٍ، فدخَلَ عليها رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - وبها رمَقٌ، فقال لها: "مَنْ قتلكِ؟ فلانٌ قتلكِ؟ " فقالت: لا، برأسها، قال: "مَن قتلكِ؟ فُلان قتلكِ؟ " قالت: لا، برأسِها، قال: "فلانٌ قتلكِ؟ " قالت: نعم، برأسها، فأمر به رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - فقُتل بينَ حجرينِ (¬1). 11 - باب، أيقاد المسلمُ بالكافرِ؟ 4530 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل ومُسدَّد، قالا: حدَّثنا يحيى بنُ سعيدٍ، أخبرنا سعيدُ بنُ أبي عَروبةَ، عن قَتادَةَ، عن الحسنِ عن قيس بن عُبادٍ، قال: انطلقتُ أنا والأشترُ إلى عليٍّ، فقلنا: هل عَهِدَ إليك رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - شيئاً لم يعهدهُ إلى الناسِ عامةَ؟ قال: لا، إلا ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (12667). وانظر ما قبله. قال السندي في "حاشيته على المسند": أن يُرجم، أي: يُرضَخ رأسه بالحجارة ما جاء، والتعبير هنا بالرجم لكونه مثلَه، والله تعالى أعلم. (¬1) إسناده صحيح. ابن إدريس: هو عبد الله، وشعبة: هو ابن الحجاج. وأخرجه البخاري (5295) و (6877) و (6879)، ومسلم (1672)، وابن ماجه (2666)، والنسائي في "الكبرى" (6955) من طريق شعبة بن الحجاج، به. وهو في "مسند أحمد" (12748)، و"صحيح ابن حبان" (5992). وانظر سابقيه. قال الخطابي: يريد بالأوضاح حلياً لها. =

ما في كتابي هذا -قال مُسَدَّدٌ: قال: فأخرجَ كتاباً، وقال أحمد: كتاباً من قِرابِ سيفه- فإذا فيه: "المؤمِنونَ تكافأُ دِماؤُهُم، وهم يدٌ على من سِوَاهم، ويسعى بذمَّتِهم أدناهُمْ، ألا لا يُقتَلُ مُؤمِنٌ بكافرٍ، ولا ذُو عَهدٍ في عهدِهِ، من أحدَثَ حدَثاً فعلى نفسِهِ، ومَنْ أحدَثَ حدَثاً أو آوى مُحدِثاً، فعليه لعنةُ اللهِ والملائكةِ والناسِ أجمعينَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الحسن: هو ابنُ أبي الحسن البصري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6910) و (8629) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (993). وأخرجه النسائي (6911) و (6921) من طريق قتادة، عن أبي حسان الأعرج، عن علي. دون قوله: "ومن أحدث حدثاً ... ". وهو في "مسند أحمد" (959). وأخرج منه قوله: "لا يقتل مؤمن بكافر" البخاري (111)، وابن ماجه (2658)، والترمذي (1470)، والنسائي في "الكبرى" (6920) من طريق أبي جحيفة، عن علي. وانظر ما سلف برقم (2034). قال الخطابي: قوله: "المؤمنون تكافأ دماؤهم" يريد أن دماء المسلمين متساوية في القصاص والقَوَد، يقادُ الشريف منهم بالوضيع، والكبير بالصغير، والعالم بالجاهل، والرجل بالمرأة. وفيه مستدلٌ لمن رأى أن يُقتل الحر بالعبد؛ لأن قضية العموم تعطي ذلك. قوله: "وهم يد على مَن سِواهم" معناه: النصرة والمعونة من بعضهم لبعض. قوله: "يسعى بذمتهم أدناهم"، معناه: أن الواحد منهم إذا أجار كافراً وأمَّنَه على دمه حرم دمُه على المسلمين كافّة، وإن كان المجير أدناهم مثل أن يكون عبداً أو امرأة أو عسيفاً تابعاً أو نحو ذلك، ليس لهم أن يُخفِروا ذمتَه. قوله: "لا يقتل مؤمن بكافر" فيه البيان الواضح: أن المسلم لا يُقتل بأحد من الكفار، كان المقتول منهم ذمياً أو معاهَداً أو مستأمناً أو ما كان. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وذلك أنه نفي في نكرة، فاشتمل على حسن الكفار عموماً. وقد قال -صلَّى الله عليه وسلم-: "لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم" فكان الذمي والمستأمَن في ذلك سواء. وقد اختلف الناس في هذا: فقال بظاهر الحديث جماعة من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار. ثبت ذلك عن عمر وعثمان وزيد بن ثابت، وروي ذلك عن علي رضي الله عنه ورضي عنهم أجمعين. وهو قول عطاء وعكرمة والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز. وبه قال سفيان الثوري وابن شبرمة. وهو قول مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق. وقال الشعبي والنخعي: يُقتل المسلم بالذمي. وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، وتأوّلوا قوله: "لا يُقتل مؤمن بكافر" أي: بكافر حربي دون من له عهد وذمة من الكفار. وادعوا في نظم الكلام تقديماً وتأخيراً، كأنه قال: لا يُقتل مؤمن ولا ذو عهد في عهده بكافر. وقالوا: لولا أن المراد به هذا لكان الكلام خالياً عن الفائدة؛ لأن معلوماً بالاجماع أن المعاهد لا يُقتل في عهده، فلم يجز حمل الخبر الخاص على شيء قد استُفيد معرفته من جهة العلم العام المستفيض. واحتجوا أيضاً بخبر منقطع عن ابن البيلماني: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - أقاد مسلماً بكافر. قلت [القائل الخطابي]: "لا يقتل مؤمن بكافر" كلام قام مستقل بنفسه، فلا وجه لتضميه بما بعده وإبطال حكم ظاهره، وحمله على التقديم والتأخير، وإنما يُفعل ذلك عند الحاجة والضرورة في تكميل ناقص وكشف عن مبهم، ولا ضرورة با في هذا الموضع إلى شيء من ذلك. فأما تحديده ذكر المعاهد وأنه لا يقتل ما دام مقيماً على عهده، فإن للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- أن يكرر البيان، وأن يظاهر بذكر الشيء مرة بعد أخرى، إشباعاً في البيان وإفهاماً للمخاطبين بالكلام. وقد يحتمل أن يكون النبي - صلَّى الله عليه وسلم - لما أسفط القصاص عن المسلم إذا قتل كافراً احتاج إلى أن يؤكد حق دم المعاهد، فيجدد القول فيه. لأن ظاهر ذلك يوجب توهين حرمة دم الكفار، ولا يؤمن أن يكون في ذلك الإغراء بهم، فخشي إقدام المتسرع من =

12 - باب من وجد مع أهله رجلا فقتله

قال مُسَدَّدٌ: عن ابنِ أبي عَروبةَ. 4531 - حدَّثنا عُبيدُ اللهِ بن عمر، حدَّثنا هُشيمٌ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن عمرو بنِ شُعيبِ، عن أبيه عن جده، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، ذكر نحو حديثِ عليٍّ، زادَ فيه: "ويُجيرُ عليهم أقصَاهُم، ويردُّ مُشِدُّهم على مُضعِفِهم، ومُتَسرِّيهم على قاعدِهم" (¬1). 12 - باب من وجد مع أهله رجلاً فقتلَه 4532 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ وعبد الوهَّاب بن نَجْدة الحَوطيُّ -المعنى واحد- قالا: حدَّثنا عبدُ العزيز بن محمَّد، عن سهيل، عن أبيه ¬

_ = المسلمين إلى دمائهم إذا أمن القود، فأعاد القول في حظر دمائهم رفعاً للشبهة، وقطعاً لتأويل متأول، والله أعلم. وقد يحتمل ذلك وجهاً آخر: وهو أن يكون معناه: لا يقتل مؤمن بأحد من الكفار، ولا يقتل معاهد ببعض الكفار وهو الحربي. ولا ينكر أن لفظة "واحد" يعطف عليها شيئان. فيكون أحدهما راجعاً على جميعها، والآخر راجعاً إلى بعضها. وقوله: "من أحدث حدثاً فعلى نفسه" يريد: أن من جنى جناية كان مأخوذاً بها، لا يؤخذ بجُرمه غيرُه. وهذا في العمد الذي يلزمه في ماله، دون الخطأ الذي يلزم عاقلته. وقوله: "من آوى محدثاً فعليه لعنة الله" يريد: من آوى جانياً أو أجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يقتص منه، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. هشيم -وإن كان مدلساً وعنعنه- متابع. وهو مكرر الحديث السالف برقم (2751). ويشهد له حديث علي السالف قبله. وإسناده صحيح. قال الخطابي: وقوله: "يردّ مشدُّهم على مُضعفهم، ومتُسرِّيهم على قاعدهم" مفسر في كتاب الجهاد من هذا الكتاب. قلنا: يعني عند الحديث (2751).

عن أبي هريرة، أن سعد بن عُبَادةَ قال: يا رسول الله، الرجل يجد مع امرأته رجلاً، أيقتلُه؟ قال: "لا" قال سعد: بلى والذي أكرمك بالحقِّ، قال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "اسمعوا إلى ما يقول سيِّدُكم". قال عبد الوهَّاب: "إلى ما يقول سعْدٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد العزيز بن محمَّد -وهو الدراوردي- وقد توبع. وأخرجه مسلم (1498)، وابن ماجه (2605) من طريق عبد العزيز بن محمَّد الدراوردي، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1498) من طريق خالد بن مخلد القطواني، عن سليمان بن بلال، عن سهيل، به. وعنده زيادة قول النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنه لغيور، وأنا أغير منه، والله أغيرُ مني". ورواه مالك عن سهيل بلفظ آخر يغاير لفظ رواية عبد العزيز الدراوردي، في الحديث الآتي بعده. ويشهد له بلفظ المصنف حديث ابن عباس عند النسائي في "الكبرى" (8169)، وإسناده صحيح. وحديث المغيرة بن شعبة عند البخاري (6846)، ومسلمِ (1499) قال: قال سعْد بن عبادة: لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مُصفَح، فبلغ ذلك النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فقال: "أتعجبون من غيره سعْد، لأنا أغير منه، والله أغير مني". قال ابن عبد البر في "التمهيد" 21/ 256: يريد -والله أعلم- أن المغيرة لا تُبيح للغيور ما حرم عليه، وأنه يلزمه مع غيرته الانقياد لحكم الله ورسوله، وأن لا يتعدى حدوده، فالله ورسوله أغير، ولا خلاف علمتُه بين العلماء فيمن قتل رجلاً، ثم ادعى أنه إنما قتله؛ لأنه وجده مع امرأته بين فخذيها ونحو ذلك من وجوه زناه بها، ولم يُعلم ما ذكره عنه إلا بدعواه، أنه لا يقُبل منه ما ادعاه، وأنه يُقتل به، إلا أن يأتي بأربعة شهداء يشهدون أنهم رأوا وطأه لها لها وإيلاجه فيها، ويكون مع ذلك محصناً مسلماً بالغاً أو من يحل دمه بذلك، فإن جاء بشهداء يشهدون له بذلك نجا، وإلا قتل، وهذا أمر واضح، لو لم يحيء به الخبر لأوجبه النظر؛ لأن الله حرّم دماء المسلمين تحريماً مطلقاً، فمن ثبت عليه أنه قتل مسلما، فادعى أن المسلم قد كان يجب قتله لم يقبل منه رفعه =

4533 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن سُهيلِ بنِ أبي صالح، عن أبيه عن أبي هُريرة: أن سَعْدَ بنَ عُبادَةَ قال لرسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: أرأيتَ لو وجدتُ مع امرأتي رجلاً أمهِلُهُ حتَّى آتيَ بأربعةِ شُهداءَ؟! قال: "نعم" (¬1). ¬

_ = القصاص عن نفسه حتى يتبين ما ذكر، وهكذا كل من لزمه حق لآدمي لم يُقبل قولُه في المخرج منه إلا ببينة تشهد له بذلك. وقال الخطابي: يشبه أن تكون مراجعة سعْد للنبي -صلَّى الله عليه وسلم- طمعاً في الرخصة لا ردّاً لقوله -صلَّى الله عليه وسلم-، فلما أبى ذلك رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، وأنكر عليه قوله، سكت سعد وانقاد. وقد اختلف الناس في هذه المسألة: فكان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه يقول: إن لم يأت بأربعة شهداء أعطي برُمَّته أي: أقيد به (قلنا: ونقله الحافظ في "الفتح" 12/ 174 عن الجمهور). وقال الشافعي: وبهذا نأخذ ولا نعلم لعلي مخالفاً في ذلك. وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أهدر دمه ولم ير فيه قصاصاً. [قال ابن المنذر: جاءت الأخبار عن عمر في ذلك مختلفة، وعامة أسانيدها منقطعة]. قلت [القائل الخطابي]: ويُشبه أن يكون إنما رأى دمه مباحاً فيما بينه وبين الله عز وجل إذا تحقق الزنى منه فعلاً، وكان الزاني محصناً. وذكر الشافعي حديث علي رضي الله عنه، ثم قال: وبهذا نأخذ، غير أنه قال: ويسعُه فيما بينه وبين الله عَزَّ وَجَلَّ قتل الرجل وامرأته -إذا كانا ثيّبين، وعلم أنه قد نال منها ما يوجب الغسل- ولا يسقط عنه القود في الحكم. وكذلك قال أبو ثور. وقال أحمد بن حنبل: إن جاء ببينة أنه قد وجده مع امرأته في بيته، فقتله، يُهدر دمه، وكذلك قال إسحاق. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "موطأ مالك" 2/ 737 و823، ومن طريقه أخرجه مسلم (1498)، والنسائي في "الكبرى" (7293). وهو في "مسند أحمد" (10007)، و"صحيح ابن حبان" (4282) و (4409). وانظر ما قبله.

13 - باب العامل يصاب على يده خطأ

13 - باب العامل يُصَاب على يدِه خطأً (¬1) 4534 - حدَّثنا محمدُ بنُ داود بن سفيانَ، أخبرنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن الزُّهريِّ، عن عُروة عن عائشة: أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- بعثَ أبا جهمِ بن حذيفة مُصَدِّقاً فلاجَّهُ رجل في صدقته، فضربَهُ أبو جهم، فشجَّه، فأتوا النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقالوا: القوَدَ، يا رسولَ الله، فقال النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- "لكم كذا وكذا" فلم يَرْضَوْا، فقال: "لكم كذا وكذا" فلم يَرْضَوْا، فقال: "لكم كذا وكذا" فَرَضُوا، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنِّي خاطِبٌ العشيةَ على الناسِ، ومُخبِرُهم برضَاكُم" فقالوا: نعم، فخطبَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: فقال: "إن هؤلاء اللَّيثيِّين أتوني يُرِيدونَ القودَ، فعرضت عليهم كذا وكذا فرضُوا، أرضيتُم؟ " قالوا: لا، فهمَّ المهاجِرون بهم، فأمرهم رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن يكفُّوا عنهم، فكفُّوا، ثم دعاهم فزادهم، فقال: "أرضيتُم؟ " فقالوا: نعم، قال: "إني خاطبٌ على الناسِ، ومُخبِرُهُم برضاكم" قالوا: نعم، فخطب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فقال: "أرضيتُم؟ " قالوا: نعم (¬2). ¬

_ (¬1) أي: عامل الصدقة يصاب أحد على يده خطأ، فهل فيه قَوَدٌ. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "مصنف عبد الرزاق" (18032)، ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (2638)، والنسائي في "الكبرى" (6954). وهو في "مسند أحمد" (25958)، و"صحيح ابن حبان" (4487). قال الخطابي: في هذا الحديث من الفقه وجوب الإقادة من الوالي والعامل إذا تناول دماً بغير حقه، كوجوبها على مَن ليس بوالٍ. وفيه دليل على جواز إرضاء المشجوج بأكثر من دية الشجّة إذا طلب المشجوج القصاص. =

14 - باب القود بغير حديد

14 - باب القَوَد بغير حديدٍ 4535 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا همَّامٌ، عن قتادةَ عن أنس: أنَّ جاريةً وُجِدَت قد رُضَّ رأسُها بين حَجَرين، فقيل لها: من فعلَ بك هذا، أفلانٌ؟ أفلانٌ؟ حتى سُمِّيَ اليهوديُّ، فأومَتْ برأسِها، فأُخِذَ اليهوديُّ، فاعترفَ، فأمرَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- أن يُرَضَّ رأسُه بالحجارةِ (¬1). 15 - باب القود من الضربة، وقصِّ الأمير من نفسه (¬2) 4536 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، عن عمرو بنِ الحارث، عن بُكير بنِ الأشَجِّ، عن عَبيدةَ بنِ مُسافعٍ ¬

_ = وفيه دليل على أن القول في الصدقة قول رب المال، وأنه ليس للساعي ضربه وإكراهه على ما لم يظهر له من ماله. وفيه حجة لمن رأى وقوف الحاكم عن الحكم بعلمه. لأنهم لما رضوا بما أعطاهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ثم رجعوا عنه، لم يلزمهم برضاهم الأول، حتى كان ما رضُوا به ظاهراً. وروي عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما أنهما أقادوا من العُمّال. وممن رأى عليهم القود: الشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه. قلنا: قوله: "فلاجَّه" بجيم مشددة مفتوحة، من اللَّجاج، يعني خاصمه ونازعه. وجاءت في نسخة الخطابي: "فلاحاه"، يريد نازعه وخاصمه، كما فسره الخطابي. (¬1) إسناده صحيح. وهو مكرر الحديث السالف برقم (4527). تنبيه: هذا الحديث لم يرد في أصولنا الخطية، لكنه موجود في نسختي العظيم آبادي والسهارنفوري، وقال العظيم آبادي: قد وجد هذا الباب مع حديثه في نسخة واحدة. (¬2) هذا العنوان أثبتناه من (هـ). وجاء في (أ) و (ب) و (ج) له عنوان آخر، وهو باب عفو النساء، والصحيح الأليق ما أثبتناه.

عن أبي سعيدِ الخدريِّ، قال: بينما رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ قَسْماَ أقبلَ رجلٌ فأكبَّ عليه، فطعنَهُ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بعرجُونٍ كان معه، فجُرِحَ بوجهه، فقال له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "تعال، فاستقِد" فقال: بل عفوتُ يا رسولَ الله (¬1). 4537 - حدَّثنا أبو صالحٍ، أخبرنا أبو إسحاقَ الفَزَاريُّ، عن الجُريريِّ، عن أبي نضرَةَ، عن أبي فراسٍ، قال: خطَبَنَا عمرُ بنُ الخطابِ، فقال: إني لم أبعَث عُمَّالي ليضرِبُوا أبشارَكم ولا ليأخُذُوا أموالكم، فمن فُعِلَ به غيرُ ذلك فليرفَعْهُ إليَّ أُقِصُّه منه، قال عمرو بنُ العاص: لو أنَّ رجلاً أدَّب بعض رعيَّته أتُقِصُّه منه؟ قال: إي، والذي نفسِي بيدِه ألا أقِصُّه، وقد رأيتُ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلم- أقصَّ من نفسِهِ (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبيدة بن مُسافع. ابن وهب: هو عبد الله، وبكير ابن الأشج: هو ابن عبد الله، معروف بالنسبة لجده. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6949) و (6950) من طريق بكير بن الأشج، به. وهو في "مسند أحمد" (11229)، و"صحيح ابن حبان" (6434). وفي الباب عن عمر بن الخطاب سيأتي عند المصنف بعده. وعن أسيد بن حُضير، سيأتي عند المصنف برقم (5224) ولفظه: أنه بينما هو يحدّث القوم وكان فيه مُزاح، بينا يُضحكهم، فطعنه النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في خاصرته بعُودٍ، فقال: أَصبِرني، قال: "اصْطَبِر"، قال: إن عليك قميصاً، وليس علي قميص، فرفع النبي - صلَّى الله عليه وسلم - عن قميصه فاحتضنه وجعل يقبّل كَشْحه، قال: إنما أردتُ هذا يا رسول الله. وإسناده صحيح. (¬2) إسناده حسن. أبو فراس -وهو النَّهْدي- مخضرم وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. الجُريري: هو سعيد بن إياس، وأبو =

16 - باب عفو النساء

16 - باب عَفْو النساء (¬1) 4538 - حدَّثنا داودُ بنُ رُشَيد، حدَّثنا الوليدُ بن مُسلِمٍ، عن الأوزاعيِّ، سَمعَ حِصناً، أنه سَمِعَ أبا سلمةَ يُخبِر ¬

_ = نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة، وأبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمَّد بن الحارث، وأبو صالح: هو محبوب بن موسى. وأخرجه الطيالسي (54)، ومسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" (5808)، وابن أبي شيبة 12/ 327 - 328، وأحمد (286)، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 167، وأبو يعلى (196)، وابن الجارود (844)، والحاكم 4/ 439، والبيهقي 8/ 48 و 9/ 29 و 42، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أبي فراس 34/ 184 من طرق عن سعيد الجُريري، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. وأخرجه إسحاق بن راهويه كما في إتحاف الخيرة (5809) عن جرير، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر بن الخطاب ورجاله ثقات إلا أن عطاء لم يدرك عمر. وانظر الحديث السالف قبله. قوله: أبشاركم: جمع بَشَرة، وهو ظاهر الجلد. قال ابن القيم في "تهذيب السنن". وقد اختلف الناس في هذه المسألة -وهي القصاص في اللطمة والضربة ونحوها- مما لا يمكن المقتص أن يفعل بخصمه مثل ما فعله به من كل وجه: هل يسوغ القصاص في ذلك أو يعدل إلى عقوبته بجنس آخر وهو التعزير؟ على قولين: أصحهما أنه شرع فيه القصاص، وهو مذهب الخلفاء الراشدين ثبت ذلك عنهم، حكاه عنهم أحمد وأبو إسحاق الجوزجاني، ونص عليه أحمد في رواية الشالنجي وغيره، قال شيخنا رحمه الله: وهو قول جمهور السلف. والقول الثاني: أنه لا يشرع فيه القصاص، وهو المنقول عن الشافعي ومالك وأبي حنيفة وقول المتأخرين من أصحاب أحمد ... (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (هـ)، ونسخة على هامش (ج). وجاء هذا عنواناً للباب الذي قبله في (أ) و (ب) و (ج).

17 - باب من قتل في عميا بين قوم

عن عائشة، عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "على المُقْتتلينَ أن ينحَجزوا الأوَّل فالأول، لإن كانتِ امرأةً" (¬1). قال أبو داود: يعني أن عفوَ النساءِ في القتلِ جائِزٌ إذا كانت إحدى الأولياءِ وبلغني عن أبي عُبيدٍ في قوله: "ينحجِزُوا": يكفُّوا عن القَوَدِ (¬2). 17 - باب من قُتِلَ في عِمِّيَّا بين قَومٍ (¬3) 4539 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد، حدَّثنا حماد. وحدَّثنا ابنُ السَّرْح، حدَّثنا سفيانُ -وهذا حديثُه- عن عمرو ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. حِصْن: هو ابن عبد الرحمن -أو ابن مِحصَن- التَّراغِمي أبو حذيفة الدمشقي، لم يرو عنه غير الأوزاعي، وقال الدارقطني: يعتبر به. قلنا: يعني في المتابعات والشواهد، ولم يتابع في هذا الحديث. والوليد -وهو ابن مسلم الدمشقي- وإن صرح في جميع طبقات الإسناد عند النسائي، يبقى الشأن في حِصْن. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6964) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. قال الخطابي: قوله: "ينحجزوا" معناه: يكفّوا عن القتل، وتفسيره أن يقتل رجل وله ورثة رجال ونساء، فأيهم عفا وإن كانت امرأة سقط القود وصار دية. وقوله: "الأول" يريد الأقرب فالأقرب. قلت: [القائل الخطابي] يشبه أن يكون معنى المقتتلين ها هنا: أن يطلب أولياء القتيل القود، فيمتنع القتلة، فينشأ بينهم الحرب والقتال من أجل ذلك، فجعلهم مقتَتَلين بنصب التاءين - يقال: اقتتل فهو مقتتل، غير أن هذا إنما يُستعمل أكثره فيمن قتله الحب. وقد اختلف الناسُ في عفو النساء، فقال أكثر أهل العلم: عفو النساء عن الدم جائز كعفو الرجال. وقال الأوزاعي وابن شبرمة: ليس للنساء عفو، وعن الحسن وإبراهيم النخعي، ليس للزوج وللمرأة عفو في الدم. (¬2) مقالة أبي داود هذه بتمامها أثبتناها من (هـ). (¬3) هذا التبويب أثبتناه من (هـ).

عن طاووس، قال: مَنْ قُتِل، وقال ابنُ عُبيدٍ: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "من قُتِلَ في عِمِّيَّا، في رِمِّيَّا (¬1) يكون بينهم بحجارَةٍ أو بالسِّياط أو ضربٍ بعصاً فهو خطأ، وعقلُه عقلُ الخطأ، ومن قَتَلَ عمداً فهو قَوَد -قال ابنُ عُبيد: قودُ يَدٍ، ثم اتفقا- ومن حال دُونَه، فعليه لعنَةُ اللهِ وغضبُه، لا يقبَلُ منه صرْفٌ ولا عدْلٌ" (¬2). وحديث سفيانَ أتمُّ. ¬

_ (¬1) في (أ) و (ب) و (ج): في رمْىٍ، والرِّمِّيا، قال ابن الأثير: بوزن الهِجِّيرا والخِصِّيصا، من الرمي، وهو مصدر يُراد به المبالغة. وجاءت كذلك في (هـ) وفي "مختصر المنذري": في رِمِّيَّا. (¬2) حديث صحيح، وقد اختلف في وصل هذا الحديث وإرساله، فقد أرسله حماد -وهو ابن زيد- في هذه الرواية، وسفيان -وهو ابن عيينة- كما في هذه الرواية أيضاً، وابن جريج ما سيأتي، ووصله سليمان بن كثير -وهو العبدي- كما في الرواية التالية، وقد تابعه عليه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف، وحماد بن زيد في رواية عمرو بن عون عنه عند الدارقطني (3132) وسندها إليه قوي. وقال الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 12/ 416: كان سفيان [يعني ابن عيينة] يحدث به هكذا بأخرة، وقد كان يحدث به قبل ذلك ما حدث به سليمان بن كثير. وجوَّد إسناد الموصول الحافظ ابن عبد اللهادي في "التنقيح" كما نقله عنه العظيم آبادي في "تعليقه" على "سنن الدارقطني"، وقوى إسناده الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام". وأخرجه الشافعي في "مسنده" 2/ 100، ومن طريقه البيهقي 8/ 45 عن سفيان ابن عيينة، والدارقطني (3141) من طريق ابن جريج، و (3131) من طريق خالد بن يوسف، عن حماد بن زيد، ثلاثتهم (ابن عيينة وابن جريج وحماد) عن عمرو بن دينار، عن طاووس مرسلاً. وأخرجه بنحوه الدارقطني (3142) من طريق ابن جريج، أخبرني ابن طاووس، عن أبيه مرسلاً. وسيأتي في الإسناد التالي موصولاً، وانظر تخريجه هناك. =

4540 - حدَّثنا محمدُ بنُ أبي غالبٍ، حدَّثنا سعيدُ بنُ سُليمان، عن سليمان ابنِ كثير، حدَّثنا عَمرو بنُ دينارٍ، عن طاووس عن ابنِ عباس، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِ، فذكر معنى حديثِ سفيانَ (¬1). ¬

_ = قال الخطابي: قوله: "عميّا" وزنه فِعِّيلا، من العمى، كما يقال: بينهم رِمِّيَّا، أي: رمي ومعناه: أن يترامى القومُ، فيوجد بينهم قتيل لا يُدرى مَن قاتله، ويُعمَّى أمرُه فلا يتبين، ففيه الدية. واختلف العلماء فيمن تلزمه دية هذا القتيل: فقال مالك بن أنس: ديته على الذين نازعوهم. وقال أحمد بن حنبل: ديته على عواقل الآخرين، إلا أن يدعوا على رجل بعينه، فيكون قسامة وكذلك قال إسحاق. وقال ابن أبي ليلى وأبو يوسف: ديته على عاقلة الفريقين اللذين اقتتلوا معاً. وقال الأوزاعي: عقله على الفريقين جميعاً، إلا أن تقوم بينة من غير الفريقين أن فلاناً قتله، فعليه القود والقصاص. وقال الشافعي: هو قسامة إن ادّعوه على رجل بعينه، أو طائفة بعينها، وإلا فلا عقل ولا قود. وقال أبو حنيفة: هو على عاقلة القبيلة التي وجد فيهم إذا لم يدّع أولياء القتيل على غيرهم. وقوله: "لا يُقبل منه صرف ولا عدل" فسَّروا العدل: الفريضة، والصرف: التطوُّع. وقوله: ومن قتل عمداً، قال القاري: بصيغة الفاعل، وعمداً مفعول مطلق أو حال، أي: قتل عمداً، أو متعمداً. (¬1) حديث صحيح كما سلف بيانه في الطريق السالف قبله. وأخرجه ابن ماجه (2635)، والنسائي في "الكبرى" (6965) و (6966) من طريق سليمان بن كثير، بهذا الإسناد. وهو في "شرح مشكل الآثار" (4900). وقد تابع سليمان بن كثير، حمادُ بن زيد في رواية عمرو بن ميمون عنه عند الدارقطني (3132) وإسناده قوي. =

18 - باب الدية، كم هي؟

18 - باب الديةِ، كم هي؟ 4541 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ (¬1)، حدَّثنا محمدُ بنُ راشِدٍ. وحدَّثنا هارونُ ابنُ زيد بنِ أبي الزرقاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا محمدُ بنُ راشدِ، عن سليمانَ بنِ موسى، عن عمرو بنِ شُعيب، عن أبيه عن جدِّه: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قضى أن من قُتِلَ خطأً، فديته مئةٌ من الإبلِ: ثلاثون بنتَ مخاضٍ، وثلاثون بنتَ لَبُونٍ، وثلاثونَ حِقَّةً، وعشرٌ بني لَبُون ذكرٍ (¬2). ¬

_ = وتابعه أيضاً إسماعيل بن مسلم المكي، عند الطبراني في "الكبير" (10850)، والدارقطني (3136). وإسماعيل ضعيف الحديث. وتابعه كذلك الحسن بن عمارة عند عبد الرزاق (17203) والحسن بن عمارة ضعيف. وسيتكرر هذا الحديث برقم (4591). (¬1) طريق مسلم بن إبراهيم أثبتناه من (هـ)، وأشار إلى أنه في رواية ابن الأعرابي. وذكره المزي في "التحفة" (8709) ونسبه لابن داسه وابن الأعرابي أيضاً. (¬2) ضيف. سليمان بن موسى -وهو القرشي الأموي مولاهم الدمشقي الأشدق- قال البخاري: عنده مناكير، وقال أبو أحمد بن عدي: روى أحاديث ينفرد بها، لا يرويها غيره. وقال النسائي عن هذا الحديث: حديث منكر، وسليمان بن موسى ليس بالقوي في الحديث، ولا محمَّد بن راشد. وقال الخطابي: لا أعرف أحداً قال به من الفقهاء، وقال البيهقي في معرفة السنن والآثار" (16044): لم يُضَم إليه ما يؤكِّده. قلنا: وقد تابعه محمَّد بن إسحاق عند أحمد (7033) لكنه مدلس وقال فيه: وذكر عمرو بن شعيب، وقد قال الإِمام أحمد فيما نقله عنه العلائي في "جامع التحصيل": إذا قال ابن إسحاق: وذكر، فلم يسمعه. قلنا: ولا يبعد أن يكون ابن إسحاق إنما أخذه عن سليمان بن موسى من طريق رجل عنه، فإن لابن إسحاق رواية عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش المخزومي، عن سليمان بن موسى. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقد أعله النسائي أيضاً بمحمد بن راشد وكذلك أعله به الدارقطني في "السنن" (3369) والبيهقي في معرفة السنن والآثار (16045). ومحمد بن راشد هذا هو المكحولي، والصحيح أنه ثقة، وإنما تكلموا فيه لموضع القدر لا غير كما قال الساجي. فتبقى العلة فيه تفرد سليمان بن موسى به. وهذا الحديث جزء من حديث مطوَّل سيأتي بتمامه عند المصنف برقم (4564). وأخرجه ابن ماجه (2630)، والنسائي في "الكبرى" (6976) من طريق محمَّد ابن راشد، بهذا الإسناد. وعندهما زيادة في بيان الدية من غير الإبل. وستأتي منفصلة برقم (4564). وهو في "مسند أحمد" (6663). وكلنا قد حسّنا الحديث فيه، فيستدرك من هنا. قال الخطابي: هذا الحديث لا أعرف أحداً قال به من الفقهاء، وإنما قال أكثر العلماء: إن دية الخطأ أخماس، كذلك قال أبو حنيفة وأصحابه والثوري، وكذلك قال مالك وأصحابه وأحمد بن حنبل: خمس بنو مخاض، وخمس بنات مخاض، وخمس بنات لبون، وخمس حقاق، وخمس جذاع. وروي هذا القول عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وقال مالك والشافعي: خمس جذاع، وخمس حقاق، وخمس بنات لبون وخمس بنات مخاض وخمس بنو لبون. وحكلي هذا القول عن عمر بن عبد العزيز وسلِمان بن يسار والزهري وربيعة بن عبد الرحمن والليث بن سعد. ولأبي حنيفة وأصحابه فيه أثر، إلا أن راويَه عن عبد الله خشفُ بن مالك، وهو مجهول لا يعرف إلا بهذا الحديث. وعدل الشافعي عن القول به لما ذكرنا من العلة في راويه، ولأن فيه: بني مخاض، ولا مدخل لبني مخاض في شيء من أسنان الصدقات. وقد روي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في قصة القسامة أنه ودى قتيل خيبر بمئة من إبل الصدقة. وليس في أسنان إبل الصدقة ابن مخاض. وقد روي عن نفر من العلماء أنهم قالوا: دية الخطأ أرباع، وهم الشعبي والنخعي والحسن البصري، وإليه ذهب إسحاق بن راهريه إلا أنهم قالوا: خمس وعشرون جذعة، وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون بنات لبون، وخمس وعشرون بنات مخاض، وقد روي ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

4542 - حدَّثنا يحيى بنُ حَكِيم، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ عثمان، حدَّثنا حُسين المعلِّم، عن عمرو بنِ شُعيب، عن أبيهِ عن جدِّه، قال: كانت قيمةُ الدِّيةِ على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ثمان مئة دينارٍ أو ثمانية آلافِ دِرهم، وديةُ أهلِ الكِتاب يومئذٍ النصفُ مِن دِية المسلمين، قال: فكانَ ذلك كذلك حتَّى استُخْلِفَ عمرُ فقام خطيباً فقال: ألا إن الإبل قد غلت، قال: ففرضها عمرُ على أهل الذهبِ ألفَ دينار، وعلى أهلِ الوَرِقِ اثني عشر ألف درهم، وعلى أهلِ البقر مئتي بقرةٍ، وعلى أهل الشاء ألفَي شاةٍ، وعلى أهل الحُلَلِ مئتَي حُلَّةٍ، قال: وتركَ دِيَة أهلِ الذمةِ لم يرفعْها فيما رفعَ مِنَ الديةِ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن عثمان -وهو أبو بحر البكراوي-، وقد تابعه على بعض الحديث قتادة بن دعامة عند الدارقطني (3242) لكن في الإسناد إليه العباس بن الفضل ضعيف الحديث جداً، وعمر بن عامر السُّلمي البصري ضعيف أيضاً. فلا يعتد بهذه المتابعة. وقد روي هذا الحديث باختلاف في تقويم الدية على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من طريق سليمان بن موسى الدمشقي كما سيأتي عند المصنف برقم (4564)، إلا أنه جعله له مرفوعاً إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. وسليمان هذا تكلمنا عنه في الحديث الذي قبله، وأن النسائي قال عن حديثه هذا: حديث منكر. وقد تابعه محمَّد بن إسحاق عن عطاء بن أبي رباح مرسلاً كما في الحديث التالي. ولا يعتد بهذه التابعة، للاختلاف في وصل الحديث وإرساله، ثم لتدليس ابن إسحاق. وأخرجه البيهقي 8/ 77 و 101 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارقطني (3242) دون ذكر اجتهاد عمر في دية أهل الذهب والبقر والشاء والحلل، من طريق العباس بن الفضل، عن عمر بن عامر السلمي، عن قتادة، عن عمرو بن شعيب، به. وأخرجه عبد الرزاق (17270) من طريق ابن جريج، عن عمرو بن شعيب مرسلاً، فساق أوله في تقويم الدية على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بنحو رواية سليمان بن موسى الآتية =

4543 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، أخبرنا محمدُ بنُ إسحاقَ ¬

_ = عند المصنف برقم (4564) لكنه جعل الدية على أهل الورق والبقر والشاء من اجتهاد عمر كما رواه أبو بحر البكراوي هنا عند المصنف. وأخرج منه اجتهاد عمر دون ذكر دية أهل الذمة عبد الرزاق (17859) عن الثوري، عن أيوب بن موسى، عن مكحول. وعن محمَّد بن راشد، أنه سمع مكحولاً يحدث به عن عمر: أن عمر قال: ... فذكره مرسلاً. وهو عند ابن أبي شيبة 9/ 126 - 127 من طريق سفيان الثوري بذكر الورق والذهب فقط. وأخرج منه اجتهاد عمر أيضاً عبد الرزاق (17263)، وابن أبي شيبة 9/ 127 من طريق الشعبي، عن عَبِيدَةَ السلماني إلا أنه جعل الدية على أهل الورق عشرة آلاف. وفي إسناده محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو سيئ الحفظ. ولم يجاوز به عبد الرزاق الشعبي. وستأتي قطعة فرض الدية اثني عشر ألف درهم مرفوعة من حديث ابن عباس عند المصنف برقم (4546) وفي إسناده اختلاف ما سيأتي بيانه. وسيأتي ذكر دية أهل الكتاب عند المصنف برقم (4583). وانظر الكلام عليه وشواهده هناك. قال الخطابي: قوله: كانت قيمة الدية، يريد: قيمة الإبل التي هي الأصل في الدية، وإنما قوَّمها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - على أهل القرى لعزة الإبل عندهم، فبلغت القيمة في زمانه من الذهب ثمان مئة دينار، ومن الورق ثمانية آلاف درهم، فجرى الأمر كذلك إلى أن كان عمر رضي الله عنه وعزّت الإبل في زمانه فبلغ بقيمتها من الذهب ألف دينار، أو من الورق اثني عشر ألفاً. وعلى هذا بني الشافعي أصل قوله في دية العمد، فأوجب فيها الإبل، وأن لا يصار إلى النقود إلا عند إعواز الإبل، فإذا أعوزت كان فيها قيمتها بالغة ما بلغت. ولم يعتبر قيمة عمر رضي الله عنه التي قومها في زمانه؛ لأنها كانت قيمة تعديل في ذلك الوقت، والقيم تختلف، فتزيد وتنقص باختلاف الأزمنة، وعلى هذا قوله الجديد. وقال في القديم بقيمة عمر، وهي اثنا عشر ألفا أو ألف دينار. وقد روي مثل ذلك عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - في الورق.

عن عطاء بنِ أبي رباح: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قضَى في الدِّيةِ على أهلِ الإبلِ مئةً مِن الإبلِ، وعلى أهلِ البقرِ مئتي بقرة، وعلى أهلِ الشاءِ، ألفي شَاةٍ، وعلى أهلِ الحُلَلِ مئتي حُلَّةٍ، وعلى أهلِ القَمحِ شيئاً لم يحفظه محمدٌ (¬1). 4544 - قال أبو داود: قرأتُ على سعيدِ بنِ يعقوبَ الطَّالقانيِّ، حدَّثنا أبو تُميلَةَ، حدَّثنا محمدُ بن إسحاقَ، قال: ذكر عطاءٌ عن جابر بنِ عبدِ الله، قال: فرَضَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فذكر مثلَ حديثِ موسى قال: وعلى أهلِ الطَّعامِ شيئاً لا أحفظُه (¬2). 4545 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الواحدِ، حدَّثنا الحجاجُ، عن زيدِ بنِ جُبير، عن خشفِ بنِ مَالكِ الطَّائيِّ عن عبدِ الله بن مسعودٍ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "في دِيةِ الخطأ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. محمَّد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، ثم إنه اختلف عنه في وصله وإرساله، فقد أرسله عنه حماد -وهو ابن سلمة- كما في رواية المصنف هذه وعبد الرحيم بن سليمان، ووصله عنه أبو تميلة -وهو يحيى بن واضح- كما في الرواية التالية، فجعله من مسند جابر. واختلف عن محمَّد بن إسحاق أيضاً في إسناده، فرواه حماد بن سلمة وعبد الرحيم ابن سليمان وأبو تميلة، عنه، عن عطاء بن أبي رباح كما عند المصنف هنا. ورواه إبراهيم بن سعد، عنه، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عند أحمد (7033). وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 9/ 127 - 128 عن عبد الرحيم بن سليمان، والبيهقي 8/ 78 من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن محمَّد بن إسحاق، به. وانظر ما بعده. (¬2) إسناده ضعيف. محمَّد بن إسحاق مدلس وقد عنعن. وقد اختُلف عنه في إسناد هذا الحديث كما بيناه عند الحديث السالف قبله.

عشرون حِقَّةً، وعشرون جَذَعَةَ، وعِشرونَ بنتَ مَخاضٍ، وعشرون بنتَ لبُونٍ، وعشرون بني مخاضٍ ذكرٍ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف حجاج بن أرطأة. وخشف بن مالك وثقه النسائي وابن حبان، وجهَّله الدارقطني والبيهقي والبغوي وابن عبد البر وضعفه ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" 3/ 563، وقال: وقد تولى الدارقطني تضعيف هذا الحديث ببيان شافٍ. وقد اختلف في رفع الحديث ووقفه كما بيّناه في "مسند أحمد" (3635). وقد أعله الدارقطني في "سننه" (3364) أيضاً بمخالفته لرواية أبي عبيدة بن عبد الله ابن مسعود وعلقمة وإبراهيم النخعي، كلهم عن ابن مسعود. حيث ذكروا بني اللبون مكان بني المخاض. قال وأبو عبيدة أعلم بحديث أبيه وبمذهبه وفتياه من خشف بن مالك ونظرائه ... وإبراهيم النخعي هو أعلم الناس بعبد الله وبرأيه وفتياه، قد أخذ ذلك عن أخواله علقمة والأسود وعبد الرحمن بن يزيد وغيرهم، من كبراء أصحاب عبد الله. وهو القائل: إذا قلت لكم: قال عبد الله بن مسعود، فهو عن جماعة من أصحابه عنه، وإذا سمعته من رجل واحد سميتُه لكم. وأعله أيضاً بأن يحيى بن سعيد الأموي قد رواه عن حجاج بن أرطأة فذكر فيه بني اللبون مكان الحقاق، وأن إسماعيل بن عياش قد رواه عن الحجاج فذكر فيه بني اللبون مكان بني المخاض كرواية أبي عبيدة وأصحابه. وأن جماعة رووه عن حجاج فلم يفسروا الأخماس. وأخرجه الترمذي (1442) و (1443)، والنسائي في "الكبرى" (6977) من طريق حجاج بن أرطأة، بهذا الإسناد. وقال النسائي: حجاج بن أرطأة ضعيف لا يحتج به. وهو في "مسند أحمد" (3635) و (4303). وأخرجه موقوفاً عبد الرزاق (17238)، وابن أبي شيبة 9/ 134، والطبراني في "الكبير" (9730)، والدارقطني (3365) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود. وذكر بني اللبون مكان بني المخاض. وإسناده صحيح. لأن إبراهيم وإن لم يدرك عبد الله بن مسعود قد صرح هو نفسه بأنه إذا قال: عن عبد الله بن مسعود، يكون قد سمعه من جماعة عنه، كما قال الدارقطني وغيره، ولهذا عدّ بعضُ أهل العلم مرسلاته عن ابن مسعود أقوى من موصولاته. =

وهو قول عبد الله (¬1). 4546 - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمان الأنباريُّ، حدَّثنا زيدُ بنُ الحُباب، عن محمدِ بنِ مسلمٍ، عن عمرو بنِ دينار، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباس: أن رجلاً مِن بني عديِّ قُتل، فجعلَ النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- دِيتَهُ اثني عشَرَ ألفاً (¬2). ¬

_ = وأخرجه موقوفاً كذلك ابن أبي شيبة 9/ 133، والدارقطني (3363)، والبيهقي 8/ 74 و 74 - 75 من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود. وذكر بني اللبون مكان بني المخاض. وأبو إسحاق رأى علقمة لكنه لم يسمع منه إلا أن روايته تؤيد رواية إبراهيم النخعي. وأخرجه موقوفاً أيضاً الدارقطني (3361) و (3362)، وابن العربي في "عارضة الأحوذي" 6/ 157 من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه. وذكر بني اللبون مكان بني المخاض. وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، لكن روايته تؤيد رواية إبراهيم النخعي. لكن الطبري أخرجه في "تفسيره" 5/ 211 من طريق أبي عبيدة عن أبيه أيضاً بما يوافق رواية خشف بن مالك. إلا أنه موقوف على عبد الله بن مسعود. (¬1) قول أبي داود: وهو قول عبد الله. أثبتناه من (هـ). (¬2) صحيح مرسلاً، وهذا إسناد فيه محمَّد بن مسلم -وهو الطائفي- وهو صدوق حسن الحديث، إلا أنه يخطى أحياناً، وقد انفرد بوصله، وخالفه من هو أوثق منه فرواه مرسلاً كما سيأتي. وقال أبو حاتم كما في "علل الحديث" لابنه 1/ 463: المرسل أصح. وكذلك قال النسائي في "السنن الكبرى" بإثر الحديث (6979): والصواب مرسل. وأخرجه ابن ماجه (2629) و (2632)، والترمذي (1445)، والنسائي في "الكبرى" (6978) من طريق محمَّد بن مسلم الطائفي، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1446) عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة مرسلاً. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6979) عن محمَّد بن ميمون المكي الخياط، عن سفيان بن عيينه عن عكرمة -سمعناه مرة يقول: عن ابن عباس. ومحمد بن سيمون =

قال أبو داود: رواه ابنُ عيينةَ عن عمرو، عن عِكرمة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. لم يذكرِ ابنَ عباسٍ. 4547 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حرب ومُسَدَّدٌ -المعنى- قالا: حدَّثنا حمادٌ، عن خالدٍ، عن القاسم بنِ ربيعةَ، عن عُقبةَ بنِ أوسٍ عن عبدِ الله بنِ عمرو: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -قال مُسدَّدٌ:- خطَبَ يومَ الفتح بمكَّة، فكبر ثلاثاً، ثم قال: "لا إله إلا اللهُ وحدَه، صدق ¬

_ = يُضعَّف في الحديث. وقال المنذري في "اختصار السنن": ما أُبْعِد أن يكون وضع للشيخ، فإنه كان أُمِّياً. قلنا: يعني وضع له ابن عباس في إسناد الحديث. قال الخطابي: وقد اختلف الناس فيما يجب في دية العمد: فقال الشافعي: يجب فيها مئة من الإبل، ثلاثون حقة، وثلاثون جَذَعة، وأربعون خَلِفة في بطونها أولادها. وروى ذلك عن زيد بن ثابت. وقال مالك وأحمد بن حنبل: تجب الدية أرباعاً، خمس وعشرون ابنة مخاض، وخس وعشرون ابنة لبون، وخم وعشرون حِقّة، وخمس وعشرون جَذَعة. وهو قول سليمان بن يسار والزهري وربيعة بن أبي عبد الرحمن. وقد روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه جعل في شبه العمد مئة من الإبل أرباعاً. وعدد هذه الأصناف. قلت [القائل الخطابي]: ودية شبه العمد مغلَّظة كدية العمد. فيشبه أن يكون أحمد إنما ذهب إليه؛ لأنه لم يجد فيها سنة. فصار إلى أثر في نظيرها، وقاسها عليه. وعند أبي حنيفة: دية العمد من الذهب ألف دينار، ومن الدراهم عشرة آلاف، ولم يذكر فيها الإبل. وكذلك قال سفيان الثوري، وحكي ذلك عن ابن شبرمة. وقال مالك وأحمد وإسحاق في الدية إذا كانت نقداً: هي من الذهب ألف دينار، ومن الورِق اثنا عشر ألفاً. وروي ذلك عن الحسن البصري وعروة والزبير. وقال مالك: لا أعرف البقر والغنم والحُلل. وقال أبو يوسف يعقوب ومحمد بن الحسن: على أهل البقر مئتا بقرة، وعلى أهل الغم ألفا شاة، وعلى أهل الحلل مئتا حُلة. وكذلك قال أحمد وإسحاق في البقر والغنم.

وعدَه، ونصرَ عبده، وهزَمَ الأحزاب وحدَه -إلى هاهُنا حفظتُه، عن مُسَدَّدٍ، ثم اتفقا-، ألا إنَّ كلَّ مأثُرةٍ كانت في الجاهليةِ تُذكر وتُدعى مِن دمٍ أو مالٍ تحت قدميَّ، إلا ما كان من سقاية الحاج، وسِدَانة البيتِ" ثم قال: "ألا إنَّ دِية الخطأ شبهِ العَمْدِ ما كانَ بالسوطِ والعَصَا مئةٌ من الإبلِ: منها أربعون في بُطونِها أولادُها" وحديثُ مُسَدَّدٍ أتَمُّ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن مهران الحذاء، وحماد: هو ابن زيد. وأخرجه ابن ماجه (2627/ م)، والنسائي في "الكبرى" (6969) من طريق حماد ابن زيد، بهذا الإسناد. وهو في صحح ابن حبان، (6011). وأخرجه النسائي (6970) من طريق هُشيم بن بَشير، و (6972) من طريق بشر بن المُفضَّل، و (6973) من طريق يزيد بن زُريع، ثلاثتهم عن خالد الحذاء، عن القاسم ابن ربيعة، عن عقبة بن أوس (وقال بشر: ابن أوس، لم يُسَمَّه، وقال يزيد: يعقوب ابن أوس، وهو وجه قيل في اسمه، وهذا اختلاف لا يضر) عن رجل من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. فلم يُسمِّه. وأخرجه أحمد (6533)، وابن ماجه (2627) من طريق أيوب السختياني، عن القاسم بن ربيعة، عن عبد الله بن عمرو. فلم يذكر في إسناده عقبة بن أوس. قال عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 4/ 54: لا يصح للقاسم سماع من عبد الله بن عمرو. وقال ابنُ القطان في "بيان الوهم والإيهام" 5/ 410: الحديث صحيح من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص، ولا يضره الاختلاف. وسيتكرر عند المصنف برقم (4588). وانظر ما بعده. قال الخطابي: "المأثرة" كل ما يُؤثر ويُذكر من مكارم أهل الجاهلية ومَفَاخرهم. وقوله: "تحت قدمي" معناه: إبطالها وإسقاطها. وأما "سَدانة البيت": فهي خدمته والقيام بأمره. وكانت الحجابةُ في الجاهلية في بني عبد الدار، والسقاية في بني هاشم. فأقرَّهما رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. فصار بنو شيبة يحجبون البيت، وبنو العباس يسقون الحجيج. =

4548 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا وهَيبٌ، عن خالدٍ، بهذا الإسنادِ، نحو معناه (¬1). ¬

_ = وفي الحديث من الفقه: إثبات قتل شبه العمد. وقد زعم بعض أهل العلم: أن ليس القتل إلا العمد المحضُ أو الخطأ المحض. وفيه بيان أن دية شبه العمد مغلّظة على العاقلة. وقد يُستدلّ بهذا الحديث على جواز السَّلَم في الحيوان إلى مدة معلومة، وذلك لأن الإبل على العاقلة مضمونة في ثلاث سنين. وفيه دلالة على أن الحمل في الحيوان صفة تُضبط وتُحصر. وقد اختلف الناس في دية شبه العمد: فقال بظاهر الحديث عطاء والشافعي. وإليه ذهب محمَّد بن الحسن. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: هي أرباع. وقال أبو ثور: دية شبه العمد أخماس. وقال مالك بن أنس: ليس في كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ إلا الخطأ المحض والعمد. فأما شبه العمد فلا نعرفه. قلت [القائل الخطابي]: يشبه أن يكون الشافعي إنما جعل الدية في العمد أثلاثاً بهذا الحديث. وذلك أنه ليس في العمد حديث مفسّر، والدية في العمد مغلّظة، وهي في شبه العمد كذلك، فحمل إحداهما على الأخرى. وهذه الدية تلزم العاقلة عند الشافعي لما فيه من شبه الخطأ كدية الجنين. (¬1) إسناده صحيح كسابقه. وُهَيب: هو ابن خالد بن عَجلان الباهلي مولاهم البصري. وهو في "صحيح ابن حبان" (6011). وسيتكرر برقم (4589). وانظر ما قبله. تنبيه: هذا الطريق لم يرد في أصولنا الخطية. وهو في النسخة التي شرح عليها أبو الطيب العظيم آبادي، وكلام المزي في "تحفة الأشراف" (8889) مُشعِرٌ بأنه ثابت هنا في "سنن أبي داود"، إذ أشار إلى قول أبي داود أثناء الخبر: إلى هنا حفظتُه عن مسدّد، وقال المزي بإثر طريق موسى هذا: ثم أخرجه (يعني الحديث) عَقِبه من حديث عبد الوارث عن علي بن زيد ... فذكر الطريق الآتي بعده.

4549 - حدَّثنا مُسَدد، حدَّثنا عبدُ الوارثِ، عن عليِّ بنِ زيدٍ، عن القاسمِ ابنِ ربيعة عن ابنِ عُمر، عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم -، بمعناه، قال: خطبَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يوم الفتح -أو فتح مكَّة- على درجةِ البيتِ -أو الكعبةِ- (¬1). قال أبو داود: وكذا رواه ابنُ عُيينَة أيضاً، عن علي بنِ زيدٍ، عن القاسم بنِ ربيعةَ، عن ابنِ عُمر، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. رواه أيوب السَّختياني، عن القاسم بن ربيعة، عن عبد الله بنِ عَمرو مثلَ حديث خالدٍ. ورواه حمادُ بنُ سلمةَ، عن علي بنِ زيد، عن يعقوبَ السَّدوسىِّ، عن عبدِ الله بنِ عمرو، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-. وقول زيد وأبي موسى مثل حديثِ النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وحديث عمر (¬2). 4550 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: ¬

_ (¬1) صحيح من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص كما في الروايتين السالفتين قبله. وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابن جُدعان- كما قال البيهقي في "السنن" 8/ 68، وابن القطان في "بيان الوهم والأيهام" 5/ 410. وأخرجه ابن ماجه (2628)، والنسائي في "الكبرى" (6975) من طريق علي بن زيد بن جدعان، به. وهو في "مسند أحمد" (4583). (¬2) قال المنذري في "مختصر السنن": أراد أن مذهب زيد بن ثابت وأبي موسى الأشعري ما جاء في حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلم - وفي حديث عمر رضي الله عنه. وحديث عمر الذي أشار إليه أبو داود هو الذي ذكره بعد هذا.

قضى عمرُ في شبهِ العمدِ ثلاثين حِقَّةً، وثلاثين جذعةً، وأربعين خَلِفَةً، ما بين ثنيَّةٍ إلى بازِلِ عامِها (¬1). ¬

_ (¬1) حسن. وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن مجاهداً -وهو ابن جَبْر المكي- لم يسمع من عمر، لكن جاء نحوه من وجه آخر مرسل يعضده إن شاء الله. ابن أبي نَجيح: هو عبد الله، وسفيان: هو ابن عيينة، والنُّفَيلي: هو عبد الله بن محمَّد بن علي بن نُفَيل الحراني. وأخرجه عبد الرزاق (17217)، وابن أبي شيبة 9/ 136 من طريق سفيان الثوري، والبيهقي 8/ 69 من طريق سفيان بن عيينة، وعبد الرزاق (17217) عن معمر، ثلاثتهم عن ابن أبي نجيح، به. وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/ 867 ومن طريقه الشافعي في "مسنده" " 2/ 108 - 109، وعبد الرزاق (17782)، والبيهقي 8/ 38 و 72 عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عمرو بن شعيب: أن رجلاً من بني مُدلِج يُقال له: قتادة، حذف ابنه بالسيف فأصاب ساقه، فنُزي في جُرحه فمات، فقدم سراقة بن جُعشم على عمر بن الخطاب، فذكر ذلك له، فقال له عمر: اعدد على ماء قديد عشرين ومئة بعير حتى أقدم عليك، فلما قدم عمر بن الخطاب أخذ من تلك الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة ... ورجاله ثقات. وروي مرفوعاً عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند البيهقي 8/ 72 لكن في إسناده حجاج بن أرطأة وهو ضعيف. وقال ابن عبدٍ البر في "التمهيد" 23/ 437 بعد أن ساق هذا الحديث المرسل: هذا حديث مشهور عند أهل العلم بالحجاز والعراق مستفيض عندهم، يستغني بشهرته وقبوله والعمل به عن الإسناد فيه، حتى يكاد أن يكون الإسناد في مثله لشهرته تكلفاً. الخلفة: بفتح الخاء وكسر اللام: هي الناقة الحامل إلى نصف أجل الحمل، ثم هي بعد ذلك عُشرَاءُ وجمعها عِشار. وبزل البعير بزولاً من باب قعد: فطر نابه بدخوله في السنة التاسعة، فهو بازل يستوي فيه المذكر والمؤنث. والثنية: هي الناقة التي دخلت في السنة السادسة.

4551 - حدَّثنا هنّادٌ، حدَّثنا أبو الأحوصِ، عن أبي إسحاقَ، عن عاصِم ابنِ ضَمرة عن علي، أنه قال: في شِبْهِ العَمْدِ أثلاثاً (¬1): ثلاثٌ وثلاثون حِقَّةً، وثلاثٌ وثلاثون جَذَعةً، وأربعٌ وثلاثون ثَنِيَّةُ إلى بازِلِ عامِها، كلُّها خَلِفَةٌ (¬2). 4552 - حدَّثنا هنّادٌ، حدَّثنا أبو الأحْوصِ، عن أبي إسحاقَ، عن علقمةَ والأسودِ قال: عبدُ اللهِ: في شبهِ العمدِ خمسٌ وعشرون حِقَّةً، وخمسٌ وعشرونَ جَذَعَةً، وخمسٌ وعشرون بناتِ لَبُون، وخمسٌ وعشرون بناتِ مخاضٍ (¬3). ¬

_ (¬1) قوله: أثلاثاً، منصوب على التمييز أو الحال. (¬2) إسناده حسن. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وأبو الأحوص: هو سلام بن سُليم الحنفي مولاهم، وهنّاد: هو ابن السَّريّ. وأخرجه ابن أبي سنة 9/ 136، والطبري في "تفسيره" 5/ 211، والبيهقي 8/ 69 من طريق إسحاق السبيعي، به. وأخرجه عبد الرزاق (17222)، والطبري في: تفسيره، 5/ 211 من طريق إبراهيم النخعي، عن علي. وإبراهيم النخعي لم يدرك علي بن أبي طالب. وأخرجه الطبري 5/ 211 من طريق الشعبي، عن علي بن أبي طالب. وفي سماع الشعبي من علي اختلاف. والصحيح أنه لم يسمع منه إلا حديث شُراحة الهَمدانية. (¬3) صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات. لكن أبا إسحاق -وهو عمرو بن عبد الله السبيعي- لم يسمع من علقمة -وهو ابن قيس- واختلف في سماعه أيضاً من الأسود -وهو ابن يزيد- فقال قوم: سمع منه؟ وهو عنه صحيح، وربما حدَّث عن عبد الرحمن ابن يزيد عن أخيه الأسود. وقد روي من طريق عامر الشعبي عن ابن مسعود ولم يسمع منه أيضاً. =

4553 - حدَّثنا هنَّادٌ، حدَّثنا أبو الأحوصِ، عن سفيانَ، عن أبي اسحاقَ، عن عاصم بنِ ضمرةَ، قال: قال عليٌّ: في الخطأ أرباعاً: خمسٌ وعشرون حِقَّةَ، وخمس وعشرونَ جَذَعَةً، وخمس وعشرونَ بناتِ لَبُونٍ، وخمسٌ وعشرون بناتِ مَخاضٍ (¬1). 4554 - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن عبدِ ربِّه، عن أبي عياضٍ عن عثمانَ بنِ عفان وزيدِ بنِ ثابت: في المُغلَّظةِ أربعونَ جَذَعةً خَلِفَةً، وثلاثون حِقَّةً، وثلاثون بناتِ لَبُونٍ، وفي الخطأ ثلاثون حِقةً، ¬

_ = وروي من طريق إبراهيم النخعي عن ابن مسعود، وهذا إسناد صحيح، لما ذكره إبراهيم النخعي نفسه أنه إذا قال: قال ابن مسعود. فإنه يكون قد سمعه من جماعة عنه. ولهذا عدّ بعض أهل العلم مرسلاته عن ابن مسعود أقوى من مَوصُولاته. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 135، والبيهقي 8/ 69 من طريق أبي الأحوص، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (17223)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (9729) من طريق إبراهيم النخعي، وابن أبي شيبة 9/ 135 - 136 من طريق عامر الشعبي، كلاهما عن ابن مسعود. (¬1) إسناده حسن. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 134، والطبري في "تفسيره" 5/ 211، والدارقطني (3374)، والبيهقي 8/ 74 من طريق سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق (17236)، وابن أبي شيبة 9/ 134، والطبري 5/ 210 من طريق إبراهيم النخعي، والطبري 5/ 210 من طريق عامر الشعبي، كلاهما عن علي بن أبي طالب. وإبراهيم النخعي لم يدرك علياً، والشعبي لم يسمع من علي إلا قصة شُراحة الهمْدانية.

وثلاثون بناتِ لَبُونٍ، وعشرون بني لَبُونٍ ذكورٍ، وعشرون بناتِ مَخاضٍ (¬1). 4555 - حدَّثنا ابنُ المثنى، حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادَة، عن سعيد بنِ المُسَيَّب، عن زيدِ بنِ ثابتٍ في الديةِ المُغلَّظة، فذكر مثله سواءً (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح. وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد ربه -وهو ابن أبي يزيد- فقد انفرد بالرواية عنه قتادة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال علي ابن المديني: مجهول. وقد تابعه سعيد بن المسيب كما في الطريق الآتى بعده. أبو عياض: هو عمرو بن الأسود العَنْسي، ويقال: في بن ثعلبة، وكنيته أبو عبد الرحمن عنسي حمصي أدرك الجاهلية، وسمع غير واحد من الصحابة، وهو ثقة احتج به البخاري في "صحيحه" سكن داريا من قرى دمشق. وقتادة: هو ابن دعامة، وسعيد: هو ابن أبي عروبة، ومحمد بن عبد الله: هو ابن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 135 أو 137، والطبري في "تفسيره" 5/ 211 و 212، والدارقطني (3370)، والبيهقي 8/ 69 و 74 من طريق قتادة، به. لكن جاء عند الطبري في الدية المغلظة: وثلاثون بنت مخاض، بدل ثلاثون بنات لبون. ويغلب على الظن أنه خطأ من النساخ واقتصر الدارقطني على ذكر دية الخطأ. ورواية الطبري الثانية بذكر عثمان وحده. وأخرجه الدارقطني (3371) من طريق حجاج بن أرطأة عن الشعبي، عن زيد بن ثابت وحده. لكن حجاجاً وهم هنا حيث رواه كلفظ رواية أبي عياض، وإنما رواه الشعبي عن زيد بن ثابت بلفظ: المغلظة ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة وأربعون ثنية خلفة إلى بازل عامها. كذا رواه عنه إسماعيل بن أبي خالد الثقة عند البيهقي 8/ 69 وإسناده صحيح إلى الشعبي. وعليه يكون لزيد في ذلك روايتان إن صح سماع الشعبي من زيد بن ثابت. وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح، رجاله ثقات، وقد سمع سعيد بن المسيب من زيد بن ثابت، وأخذ عنه العلم. أفاده الذهبي في "سير أعلام النبلاء " 4/ 218. =

قال أبو داود: قال أبو عُبيدٍ عن غير واحدٍ: إذا دخلتِ الناقةُ في السَّنَة الرابعة، فهو حِقٌ، والأُنثى حِقَّةٌ؛ لأنه يستحق أن يُحمل عليه ويُركبَ، فإذا دخل في الخامسةِ فهو جَذَعٌ وجَذَعَةٌ، فإذا دخلَ في السادِسَةِ وألقى ثنيَّةٌ فهو ثَنِيٌّ وثَنِيَّةٌ، فإذا دخل في السابعةِ فهو رَبَاعٍ (¬1) ورباعِيةٌ، فإذا دخل في الثَّامنَةِ وألقى السِّنَّ الذي بعدَ الرَّباعية فهو سَدِيسٌ وسَدِسٌ، فإذا دخلَ في التاسعةِ وفطرَ نابُه وطلعَ فهو بَازِلٌ، فإذا دخل في العاشرة فهو مُخلِفٌ، ثم ليس له اسمٌ، ولكن يقال: بازلُ عامٍ، وبازلُ عامَين، ومُخلِفُ عامٍ، ومُخلِفُ عامَين، إلى ما زاد. وقال النضرُ بنُ شُميل: بنتُ مخاضٍ لسنةٍ، وبنتُ لبُونٍ لسنتَين، وحقَّةٌ لثلاث سنين، وجَذَعةٌ: لأربع، والثنيّ لخمسٍ، ورَبَاعٍ لستٍّ، وسديسٌ لسبع، وبازِلٌ لثمانٍ. قال أبو داود: قال أبو حاتم والأصمعيُّ: والجَذُوعةَ وقتٌ وليس بسِنٍّ. قال أبو حاتِمٍ: وقال بعضهم: فإذا ألقى رباعيَتَهُ فهو ربَاعٍ، وإذا ألقى ثنيَّته فهو ثنيٌّ. ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 135 أو 137، والطبري 5/ 211 - 212 و 212، والدارقطني (3370)، والبيهقي 8/ 69 و 74 من طريق قتادة بن دعامة، به. وقرن ابن أبي شيبة والبيهقي يزيد بن ثابت عثمانَ بنَ عفان. ورواية الطبري والبيهقي الثانية بذكر دية الخطاًدون الدية المُغلظة. (¬1) قال في "الصحاح" يقال للذي يلقي رَبَاعِيَه: رَبَاعٍ، مثال: ثَمَانٍ، فإذا نصبت أتممتَ، فقلتَ: ركبتُ بِرذوْناً رَبَاعِيَاً.

19 - باب ديات الأعضاء

وقال أبو عُبيد: إذا لَقِحَت فهي خَلِفَةٌ، فلا تزالُ خَلِفةَ إلى عشرةِ أشهرٍ، فإذا بلغت عشرةَ أشهُرٍ فهي عُشَراءُ. وقال أبو حاتم -لا أدري أسمعْتُه منه أم لا-: إذا ألقى ثنيّتَه، فهو ثنيٌ، وإذا ألقى رباعيتَه فهو ربَاعِ. 19 - باب ديات الأعضاء 4556 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا عبدَةُ -يعني ابنَ سليمان- حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي عروبة، عن غالبٍ التّمارِ، عن حُميد بنِ هلال، عن مسروقِ بنِ أوس عن أبي موسى، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "الأصابعُ سواءٌ، عشرٌ عشرٌ مِن الإبلِ" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة مسروق بن أوس، وقد اختلف في إسناده على غالب التمار فمرة يرويه كما هو عند المصنف هنا، ومرة يرويه لا يذكر في إسناده حميد بن هلال كما سيأتي عند المصنف في الطريق التالية. وصوّب الدارقطني في "العلل" 7/ 249 رواية غالب عن مسروق دون ذكر حميد في الإسناد، وأما علي ابن المديني فرجّح ذكر حميد بن هلال فيما نقله عنه البيهقي 8/ 92. وأخرجه ابن ماجه (2654)، والنسائي في "الكبرى" (7020) و (7021) من طريق سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. واقتصر ابن ماجه على قوله: "الأصابع سواء". وأخرجه النسائي (7018) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن مسروق، عن أبي موسى. وهو في "مسند أحمد" (19610) و (19707). وانظر ما بعده. وله شاهد من حديث ابن عباس عند الترمذي (1448) بإسناده قوي. وهو جزء من الحديث الآتي عند المصنف بالارقام (4558 - 4561). وآخر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد (6681)، وابن ماجه (2653)، والنسائي في "الكبرى" (7026) بإسناده حسن. وسيأتي عند المصنف برقم (4562). =

4557 - حدَّثنا أبو الوليدِ، حدَّثنا شُعبةُ، عن غالبٍ التمارِ، عن مسروق بنِ أوسٍ ¬

_ = قال الخطابي: سوّى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بين الأصابع في دياتها، فجعل في كل إصبع عشراً من الإبل، وسوّى بين الأسنان وجعل في كل سنٍّ خمساً من الإبل، وهي مختلفة الجمال والمنفعة. ولولا أن السنة جاءت بالتسوية لكان القياس أن يُفاوت بين دياتها كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أن يبلغه الحديث. فإن سعيد بن المسيب روى عنه أنه كان يجعل في الابهام خمس عشرة، وفي السبابة عشراً، وفي الوسطى عشراً، وفي البنصر تسعاً، وفي الخنصر ستاً، حتى وجد كتاباً عند آل عمرو بن حزم عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن الأصابع كلها سواء، فأخذ به. وكذلك الأمر في الأسنان كان يجعل فيما أقبل من الأسنان خمسة أبعرة، وفي الأضراس بعيراً بعيراً. قال ابن المسيب: فلما كان معاوية وقعت أضراسه، فقال: أنا أعلم بالأضراس من عمر فجعلهن سواء. قال ابن المسيب: فلو أصيب الفَمُ كلها في قضاه عمر رضي الله عنه لنقصت الدية، ولو أصيبت في قضاء معاوية لزادت الدية، ولو كنت أنا لجعلتها في الأضراس بعيرين بعيرين. واتفق عامة أهل العلم على ترك التفضيل وأن كل سِنّ خمسة أبعرة، وفي كل إصبع عشراً من الإبل خناصرها وإبهامها سواء، وأصابع اليد والرجل في ذلك سواء، كما جعل في الجسد دية كاملة: الصغير الطفل والكلبير المسن، والقري العَبْل، والضعيف النِّضو في ذلك سواء. ولو أُخذ على الناس أن يعتبروها بالجمال والمنفعة لاختلف الأمر في ذلك اختلافاً لا يُضبط ولا يُحصر، فحمل على الأسامي، وتُرك ما وراه ذلك من الزيادة والنقصان في المعاني. ولا أعلم خلافاً بين الفقهاء أن من قطع يد رجل من الكوع فإنه عليه نصف الدية، إلا أن أبا عبيد بن حرب زعم أن نصف الدية إنما تستحق في قطعها من المنكب؛ لأن اسم اليد على الشمول، والاستيفاء إنما يقع على ما بين المناكب إلى أطراف الأنامل.

عن الأشعري، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "الأصابعُ سواءٌ" قلت: عشرٌ عشرٌ؟ قال: "نعم" (¬1). قال أبو داود: رواه محمدُ بنُ جعفرٍ، عن شُعبةَ، عن غالبٍ، قال: سمعتُ مسروقَ بن أوس. ورواه إسماعيلُ، حدَّثنا غالبٌ التمارُ، بإسنادِ أبي الوليد. ورواه حنظلة بنُ أبى صفيةَ، عن غالبٍ، بإسنادِ إسماعيلَ. 4558 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى. وحدَّثنا ابنُ مُعاذٍ، حدَّثنا أبي. وحدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، أخبرنا يزيدُ بنُ زُرَيع، كلهم عن شُعبةَ، عن قتادةَ، عن عِكرمةَ عن ابنِ عباسِ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "هذِهِ وهذِهِ سواءٌ" يعني الإبهامَ والخِنصِرَ (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره كسابقه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7019) من طريق يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن غالب التمار، به. وهو في "مسند أحمد" (19557) و (19561) و (19620). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. عكرمة: هو أبو عبد الله البَربري مولى ابن عباس، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وشعبة: هو ابن الحجاج، وابن معاذ: هو عُبيد الله بن معاذ ابن معاذ العنبري، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه البخاري (6895)، وابن ماجه (2652)، والترمذي (1449)، والنسائي في "الكبرى" (7023) و (7024) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. زاد ابن ماجه ذكر البنصر. وأخرج النسائي في "الكبرى" (7025) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: الأصابع عشر عشر هكذا رواه موقوفاً. ورواه الترمذي مرفوعاً (1448) بإسناد قوي بلفظ: "دية أصابع اليدين والرجلين سواء، عشر من الإبل لكل إصبع". وانظر الأحاديث الثلاثة الآتية بعده.

4559 - حدَّثنا عباس العنبريُّ، حدَّثنا عبدُ الصمدِ بنُ عبدِ الوارِث، حدَّثني شُعبةُ، عن قتادةَ، عن عكرمة عن ابنِ عباس أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الأصابعُ سواءٌ، والأسنان سواءٌ، الثَّنتَّة والضِّرسُ سواءٌ هذه وهذه سواءٌ" (¬1). قال أبو داود: ورواه النضرُ بنُ شُميلٍ، عن شعبة، بمعنى عبدِ الصمَدِ. 4560/ 1 - حدَّثناه الدارميُّ أبو جعفر، حدَّثنا النضر (¬2). 4560/ 2 - حدَّثنا محمدُ بنُ حاتم بنِ بَزِيعٍ، حدَّثنا عليُّ بنُ الحَسَنِ، أخبرنا أبو حمزَةَ، عن يزيدَ النحويِّ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباسِ قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "الأسنانُ سواءٌ" والأصابع سواءٌ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عباس العنبري: هو ابن عبد العظيم. وأخرجه ابن ماجه (2650) عن عباس العنبري، بهذا الإسناد. دون ذكر الأصابع. وانظر تالييه، وما قبله. (¬2) إسناده صحيح. الدارمي: هو أحمد بن سعيد. وأخرجه البيهقي 8/ 90، وابن عبد البر في "التمهيد" 17/ 379 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬3) إسناده صحيح. يزيد النحوي: هو ابن أبي سعيد، وأبو حمزة: هو محمَّد ابن ميمون الشُكَّري، وعلي بن الحَسَن: هو ابن شقيق المروزي. وانظر سابقيه، وما بعده. وانظر ما سلف برقم (4558).

4561 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ عُمَرَ بنِ محمدِ بنِ أبانَ مُشكَدانة، حدَّثنا أبو تُميلَةَ، عن حُسينِ المُعلِّم، عن يزيدَ النحويِّ، عن عِكرِمَة عن ابن عباسٍ، قال: جعلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أصابعَ اليدَينِ والرِّجلينِ سواءً (¬1). 4562 - حدَّثنا هُدبة بنُ خالدٍ، حدَّثنا همَّامٌ، حدَّثنا حسينٌ المعلمُ، عن عمرو بنِ شُعيب، عن أبيه عن جدِّه أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال في خطبته وهو مُسْنِدٌ ظهرَه إلى الكعبةِ: "في الأصابع عشْرٌ عشْرٌ" (¬2). 4563 - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حَربِ أبو خيثمةَ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا حُسينٌ المعلمُ، عن عمرو بنِ شُعيب، عن أبيه عن جده، عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "في الأسنَانِ خمسٌ خمسٌ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حسين المُعلِّم: هو ابن ذكوان، وأبو تُميلة: هو يحيى بن واضح. وأخرجه الترمذي (1448) من طريق الحسين بن واقد، عن يزيد بن أبي سعيد النحوي، به. ولفظه: "دية أصابع اليدين والرجلين سواء، عثمرة من الإبل لكل أصبع". وانظر ما سلف برقم (4558). (¬2) إسناده حسن. حسين المعلم: هو ابن ذكوان، وهمام: هو ابن يحيى العوذي. وأخرجه ابن ماجه (2653)، والنسائي في "الكبرى" (7026) من طريق عمرو ابن شعيب، به. وهو في "مسند أحمد" (6681). (¬3) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7016) و (7017) من طريق عمرو بن شعيب، به. وهو في "مسند أحمد" (6711). =

4564 - قال أبو داود: وجدتُ في كتابي عن شيبانَ -ولم أسمعه منه- فحدَّثناه أبو بكر صاحِبٌ لنا، ثقةٌ، قال: حدَّثنا شيبانُ، حدَّثنا محمدٌ -يعني ابنَ راشدٍ- عن سُليمانَ -يعني ابن موسى- عن عمرو بنِ شُعيب، عن أبيه عن جده، قال: كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - يُقوِّم ديةَ الخطأِ على أهلِ القُرى أربع مئةِ دينارٍ وعِدلها مِن الوَرِق، ويُقوِّمها على أثمانِ الإبلِ، فإذا غلَت رفعَ في قيمتِها، وإذا هاجت رُخصاً نقصَ من قيمتِها، وبلغت على عهدِ رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ما بينَ أربع مئةِ دينارٍ إلى ثمانِ مئةِ دينارِ، وعِدلها مِن الوَرِق ثمانيةَ آلافِ درهم، قال: وقضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - على أهل البقرِ مئتي بقرةٍ، ومن كان ديةُ عقلِه في الشاء فألفي شاةٍ، قال: وقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إن العقلَ ميراثٌ بينَ ورثةِ القتيل على قرابتِهم، فما فضلَ، فلِلْعَصَبَةِ" قال: وقضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في الأنفِ إذا جُدِعَ الدِّيةَ كاملةً، وإن جُدِعَت ثُندُوَتُه فنصفُ العقلِ خمسون مِن الإبل، أو عَدْلُها مِنَ الذهبِ أو الوَرِقِ أو مئةُ بقرةٍ أو ألفُ شاةٍ، وفي ¬

_ = وانظر ما بعده. وفي الباب عن ابن عباس عند ابن ماجه (2651) وإسناده حسن. وصحح إسناده البوصيري في "مصباح الزجاجة". وهو في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - له، عند النسائي في "الكبرى" (7032) و (7033). وكان هذا الكتاب عند حفيده أبي بكر، ورآه الزهري والإسناد إلى أبي بكر فيه صحيح. وقال ابن معين فيما رواه عنه عباس الدوري في "تاريخ الرجال" (647): حديث عمرو بن حزم أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كتب لهم كتاباً، صالحٌ. وقال يعقوب بن سفيان: لا أعلم في جميع الكتب كتاباً أصح من كتاب عمرو بن حزم، كان أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلم - والتابعون يرجعرن إليه ويَدَعون آراءهم. وانظر فقه الحديث عند الحديث السالف برقم (4556).

اليدِ إذا قُطِعت نِصفُ العقلِ، وفي الرِّجلِ نصفُ العقلِ، وفي المأمومَةِ ثلثُ العقْل: ثلاثٌ وثلاثون مِن الإبل وثُلثٌ، أو قيمتُها مِن الذَّهب أو الوَرِقِ أو البقرِ أو الشاءِ والجائفةُ مثلُ ذلك، وفي الأصابع في كلِّ إصبَعٍ عَشْرٌ مِن الإبلِ، وفي الأسنانِ خمسٌ مِن الإبل في كل سِنٍّ، وقضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - أن عقلَ المرأة بين عَصَبَتِها من كانوا، لا يرِثُون منها شيئاً إلا ما فَضَلَ عن ورثَتِها، وإن قُتِلت، فعقلُها بينَ ورثتِها، وهم يقتُلون قاتلَهم، وقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "ليس لِلقاتل شيء" وإن لم يكن له وارِثٌ، فوارثُه أقربُ الناسِ إليه، ولا يَرِثُ القاتل شيئاً" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. سليمان بن موسى -وهو القرشي الأموي مولاهم الأشدق- قال البخاري: عنده مناكير، وقال أبو أحمد بن عدي: روى أحاديث ينفرد بها، لا يرويها غيره. وقال النسائي عن حديثه هذا: حديث منكر، وسليمان بن موسى ليس بالقوي في الحديث، ولا محمَّد بن راشد. وانظر تمام الكلام عليه عند الحديث السالف برقم (4541). وتفرد سليمان أيضاً برفع الحديث كله إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، وخالف غيره كما بيناه عند الحديث السالف برقم (4542). وقد تابعه على رفعه كله محمَّد بن إسحاق عند أحمد (7033)، لكنه مدلس، وقال فيه: وذكر عمرو بن شعيب. وقد قال الإِمام أحمد فيما نقله عنه العلائي في "جامع التحصيل": إذا قال ابن إسحاق: وذكر، فلم يسمعه. قلنا: ولا يبعد أن يكون ابنُ إسحاق أخذه عن سليمان بن موسى من طريق رجل عنه، فإن لابن إسحاق رواية عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش المخزومي، عن سليمان بن موسى. وكنا قد حسنا هذا الحديث في "المسند" فيستدرك من هنا. وقوله: حدَّثنا أبو بكر صاحب لنا ثقة، قال ابن داسه: هو أبو بكر أحمد بن محمَّد بن إبراهيم العطار الأبُلِّي. وأخرجه مختصراً النسائي في "الكبرى" (6976) من طريق محمَّد بن راشد، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث منكر، وسليمان بن موس ليس بالقوي في الحديث، ولا محمَّد بن راشد. قلنا: محمَّد بن راشد ثقة، وإنما علة الحديث تفرد سليمان بن موسى به كما بيناه. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (33) من طريق ابن إسحاق قال: وذكر عمرو بن شعيب. وقد سلف في الحديث الذي قبله ذكر دية الأسنان وحسب من طريق حسين المعلم عن عمرو بن شعيب. وإسناده حسن. وانظر ما سلف برقم (4542). ويشهد لذكر دية الأنف واليد والرجل والمأمومة والجائفة والأصابع والأسنان ما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه له رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- عند النسائي في "الكبرى" (7032) و (7033). ويشهد لذكر دية الأصابع حديث أبي موسى السالف برقم (4556)، وحديث ابن عباس السالف أيضاً برقم (4558 - 4562) وإسناد حديث ابن عباس صحيح. ويشهد لذكر دية الأسنان حديث ابن عباس عند ابن ماجه (2651) وإسناده حسن. وصحح إسناده البوصيري في "مصباح الزجاجة". قال الخطابي: لم يختلف العلماء في أن الأنف إذا استُوعب جدعاً نفيه الدية كاملة. فأما الثندوة المذكورة في هذا الحديث، فإن كان يُراد بها رَوثة الأنف -وهو طرفه- فقد قال أكثر العلماء: إن فيها ثلث الدية، وروي ذلك عن زيد بن ثابت، وكذلك قال مجاهد ومكحول، وبه قال أحمد بن حنبل وإسحاق. وقال بعضهم: في الرَّوثة النصف على ما جاء في الحديث، وحكاه ابن المنذر في "الاختلاف" ولم يسمّ قائله. ولم يختلفوا في أن في اليدين الدية، وأن في كل يد نصف الدية، وفي الرجل الواحدة كذلك. واختلفوا في اليد الشلاء، فروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: فيها ثلث ديتها، وكذلك قال مجاهد: وهو قول أحمد وإسحاق. وقال الشافعي: فيها حكومة، وكذلك قال أبو حنيفة وأصحابه. ولم يختلفوا في أن في المأمومة ثلث الدية. والمأمومة: ما كان من الجراح في الرأس، وهي ما بلغت أُمِّ الدماغ. =

قال محمدٌ: هذا كلُّه حدَّثني به سليمانُ بن موسى، عن عمرو بنِ شُعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. قال أبو داود: محمدُ بنُ راشدٍ من أهلِ دمشقَ هَرَبَ إلى البصرةِ مِن القَتْل (¬1). 4565 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس النَّيسابُوري، حدَّثنا محمدُ بنُ بكار ابن بلالٍ العامِليُّ، أخبرنا محمَّد -يعني ابنَ راشد- عن سليمانَ بنِ موسى، عن عمرو بنِ شعيب، عن أبيه ¬

_ = وكذلك الجائفة فيها ثلث الدية في قول عامّة أهل العلم. (قلنا: والجائفة: هي الطعنة التي تنفذ إلى الجوف) فإذا نفذت الجائفة حتى خرجت من الجانب الآخر فإن فيها ثلثي الدية، لأنهما حينئذ جائفتان. وأما قوله: "إن عقل المرأة بين عصبتها مَن كانوا، لا يرثرن منها شيئاً إلا ما فضل عن ورثتها" فإنه يريد: العقل الذي يجب بسبب جنايتها على عاقلتها، يقول: إن العصبة يتحملون عقلها كما يتحملونه عن الرجل، وأنها ليست كلالعبد الذي لا تحتمل العاقلة جنايته، وإنما هي في رقبته. وفيه دليل على أن الأب والجد لا يدخلان في العاقلة؛ لأنه قد يُسهَم لهما السُّدس، وإنما العاقلة للأعمام وأبناء العمومة، ومن كان في معناهم من العصبة. وأما قوله: "فإن لم يكن له وارث فوارثه أقرب الناس إليه، فإنه يريد: أن بعض الورثة إذا قتل الموروث حُرم ميراثه، وورثه من لم يقتل من سائر الورثة. فإن لم يكن له وارث إلا القاتل حُرم الميراث، وتدفع تركته إلى أقرب الناس منه بعد القاتل. وهذا كالرجل يقتله ابنه، وليس له وارث غير ابنه القاتل، وللقاتل ابن، فإن ميراث المقتول يُدفع إلى ابن القاتل، ويُحرمه القاتل. وقوله: "فإن قتلت، فعقلها بين ورثتها" يريد: أن الدية موروثة كسائر الأموال التي تملكها أيام حياتها يرثها زوجها. وقد ورّث النبي - صلَّى الله عليه وسلم - امرأة أشْيَم الضبابي من دية زوجهما. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ)، وهامش (هـ)، وهي في رواية ابن العبد وابن داسه.

عن جده، أن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "عَقْلُ شبه العمدِ مُغلَّظٌ مثلُ عقلِ العمدِ، ولا يُقتل صاحبُه". قال: وزادنا خليلٌ، عن ابنِ راشد "وذلك أن يَنْزُوَ الشيطانُ بين الناس، فتكونَ دماءٌ في عِمِّيَّا، في غيرِ ضَغِينَةٍ ولا حملِ سلاحٍ"، محمَّد بن بكَّار يقولُ (¬1). 4566 - حدَّثنا أبو كاملٍ فُضَيلُ بنُ حُسينٍ، أن خالدَ بنَ الحارِث حدَّثهم، حدَّثنا حسينٌ -يعني المعلّم- عن عمرو بنِ شُعيب، أن أباه أخبره عن عبد الله بن عمرو، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم قال: "في المَواضِح خَمْسٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح. وهذا إسناد حسن. سليمان بن موسى صدوق له أفراد، ولم ينفرد بهذا الحديث، كما سيأتي. وخليل: هو ابن زياد المُحاربي. وأخرجه أحمد (6718) و (6742)، والدارقطي (3144)، والبيهقي 8/ 70 من طريق محمَّد بن راشد، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (7033) من طريق محمَّد بن إسحاق قال: وذكر عمر بن شعيب، به. وابن إسحاق مدلِّس وقد سلف الكلام على هذه الطريق عند الحديث الذي قبله. وأخرجه ابن حبان (6011)، والدارقطي (3170) من طريق وهيب بن خالد، عن القاسم بن ربيعة، عن عقبة بن أوس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، رفعه: "ألا إن قتيل الخطأ شبه العمد قتيل السوط والعصا، دية مغلَّظة، منها أربعون في بطونها أولادها". وإسناده صحيح. وقد سلف عند المصنف رقم (4548) لكنه لم يَسُق متنه. وفي الباب عن عبد الله بن عباس عند البيهقي 8/ 45. (¬2) إسناده حسن. حسين المعلم: هو ابن ذكوان. وأخرجه ابن ماجه (2655)، والترمذي (1447) من طريقين عن عمرو بن شعيب، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. والعمل على هذا عند أهل العلم. وهو قول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق: أن في الموضحة خمساً من الإبل. =

20 - باب دية الجنين

4567 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالد السُّلمي، حدَّثنا مروانُ -يعني ابنَ محمَّد- حدَّثنا الهيثم بنُ حُميد، حدَّثني العلاء بنُ الحارث، حدَّثني عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدِّه، قال: قضَىَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في العينِ القائمةِ السَّادَّة لمكانِها بثلُثِ الدِّية (¬1). 20 - باب دية الجَنيِنِ 4568 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر النَّمَري، حدَّثنا شعبةُ، عن منصورٍ، عن إبراهيمَ، عن عُبيد بن نُضيلةَ عن المُغيرة بن شُعبة: أن امرأتين كانتا تحت رجلٍ من هُذيل، فضربت إحداهُما الأخرى بعمودٍ فقتلتها، فاختصموا إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، ¬

_ قال الخطابي: الموضحة: ما كان في الرأس والوجه، وقد جعل النبي - صلَّى الله عليه وسلم - فيها خمساً من الإبل، وعلّق الحكم بالاسم، فإذا شجَّه موضحة صغرت أم كبرت ففيها خمس من الإبل، فإن شجَّه موضحتين ففيها عشر من الإبل، وعلى هذا القياس. وأنكر مالك موضحة الأنف، وأثبتها الشافعي وغيره، فأما الموضحة في غير الوجه والرأس ففيها حكومة. (¬1) إسناده حسن. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7015) من طريق الهيثم بن حميد، بهذا الإسناد. ويوافق هذا قضاء عمر بن الخطّاب فيما أخرجه عبد الرزاق (17442)، وابن حزم في "المحلى" 10/ 421، والبيهقي 8/ 98 وإسناده صحح. قال الخطابي: يشبه أن يكون -والله أعلم- إنما أوجب فيها الثلث على معنى الحكومة، ما جعل في اليد الشلاء الحكومة. وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في العين القائمة واليد الشلاء ثلث الدية. وذهب أكثر الفقهاء إلى أن ذلك على معنى الحكومة. وقد ذهب إسحاق بن راهويه إلى أن فيها ثلث الدية بمعى العقل.

فقال أحدُ الرجلين: كيفَ نَدِي من لا صاحَ ولا أكلَ، ولا شرِبَ ولا استهل، فقال: أسَجْعٌ كسَجْع الأعرَاب"، وقضى فيه بغرَّةٍ، وجعَلَهُ على عاقلةِ المرأةِ (¬1). 4569 - حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدَّثنا جريرٌ عن منصورٍ، بإسنادِه ومعناه، زادَ: فجعلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ديةَ المقتولةِ على عصَبةِ القَاتلةِ، وغُرَّةً لما في بَطنِهَا (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومنصور: هو ابن المعتمر. وأخرجه مسلم (1682)، وابن ماجه (2633)، والترمذي (1468)، والنسائي في "الكبرى" (6996) و (6998 - 7001) من طرق عن منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. ولفظ ابن ماجه مختصر بلفظ: قضى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالدية على العاقلة. وهو في "مسند أحمد" (18138)، و"صحيح ابن حبان" (6016). وانظر ما بعده. وما سيأتي برقم (4570) و (4571). قال النووي في "شرح مسلم" 11/ 146: المراد بالغرة: عبد أو أمة: وهو اسم لكل واحد منهما، قال الجوهري: كأنه عبّر بالغرة عن الجسم كله، كما قالوا: أعتق رقبة، وأصل الغُرة: بياض في الوجه، واتفق الفقهاء أنه تجزئ فيها السوداء ولا تتعين البيضاء، وإنما المعتبر عندهم أن تكون قيمتها عشر دية الأم أو نصف عشر دية الأب، قال أهل اللغة: الغرة عند العرب أنفس الشيء، وأطلقت هنا على الإنسان؛ لأن الله تعالى خلقه في أحسن تقويم. وقوله: ولا استهل، يقال: استهل المولود: إذا بكى حين يُولد، والاستهلال: رفع الصوت. وقال البغوي في شرح السنة" 10/ 208: إذا جُني على امرأةٍ حامل، فألقت جنينا ميتاً يجب على عاقلة الضارب غرة، عبد أو أمة من أي نوع كان من الأرقاء، سواء كان الجنين ذكراً أو أنثى، وإن سقط حياً، ثم مات، ففيه الدية كاملة. (¬2) إسناده صحيح كسابقه. جرير: هو ابن عبد الحميد. =

قال أبو داود: وكذلك رواه الحَكَمُ، عن مجاهدٍ، عن المغيرةِ. 4570 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة وهارونُ بنُ عبادٍ الأزديُّ -المعنى- قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن هشامٍ، عن عُروةَ عن المِسور بنِ مَخْرَمَةَ: أن عُمَرَ استشار الناسَ في إملاَصِ المرأةِ، فقال المغيرة بنُ شعبة: شهدتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قضَى فيها بغُرَّةٍ: عبدٍ أو أمةٍ، فقال: ائتِني بمن يشهدُ معكَ، فأتاه بمحمدِ بنِ مسلمة -زاد هارون:- فشهِدَ له. يعني ضرْبَ الرجلِ بطنَ امرأتِه- (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1682)، والنسائي في "الكبرى" (6997) من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. (¬1) حديث صحيح، وقد وهم وكيع -وهو ابن الجراح- في ذكر المسور بن مخرمة في إسناده. قال ابن المديني كما في "النكت الظراف" لابن حجر (11511): لا أرى وكيعاً إلا واهماً في قوله: المسور بن مخرمة. وقال الدارقطني في "التتبع"، ص 219: هذا وهم. وأخرجه مسلم (1683)، وابن ماجه (2640) من طريق وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6907) عن عُبيد الله بن موسى، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن عمر نشد الناس ... وعروة بن الزبير -وإن لم يدرك عمر بن الخطاب- سمع هذا الخبر من المغيرة بن شعبة كما توضحه رواية وهيب بن خالد الآتية عند المصنف بعده، ووافقه على ذلك جماعة. وهو في "مسند أحمد" (18213). وانظر الطريقين السالفين قبله. وانظر ما بعده. إملاص المرأة: إسقاطها الولد، ويقال: أملصت المرأة: إذا وضعت طفلها قبل أوانه، وكل ما ينزلق من اليد، فقد مَلِصَ مَلَصاً، فأملص أيضاً لغتان. =

قال أبو داود: بلغني عن أبي عُبيد: إنما سُمِيَ إملاصاً؛ لأنَّ المرأةَ تُزلقُهُ قبل وقتِ الولادة، وكذلك كل ما زَلِقَ مِن اليد وغيرِه، فقد مَلِصَ. 4571 - حدَّثنا مُوسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا وُهَيبٌ، عن هشام بن عُروةَ، عن أبيه، عن المُغيرة، عن عُمَرَ، بمعناه (¬1). قال أبو داود: رواه حمادُ بنُ زيدٍ وحمادُ بنُ سلمة، عن هِشَامِ بنِ عُروة، عن أبيه: أن عمر قال. 4572 - حدَّثنا محمدُ بنُ مسعود المِصِّيصُّي، حدَّثنا أبو عاصمٍ، عن ابنِ جُرَيج، أخبرني عمرو بنُ دينارٍ، سَمِعَ طاووساً ¬

_ = وكان أبو عمرو بن العلاء يقول: الغرة: عبد أبيض أو أمة بيضاء، وإنما سمي غرة لبياضه، لا يقبل في الدية عبد أسود أو جارية سوداء ... قال الخطابي: ويُروى أن عمر إنما استشهد مع المغيرة بغيره استثباتاً في القضية واستبراءً للشبهة، وذلك أن الديات إنما جاء فيها الإبل والذهب والورق. وقد ذكر أيضاً في بعض الروايات البقر والغم والحلل، ولم يأت في شيء منها الرقيق، فاستنكر عمر رضي الله عنه ذلك في بدأة الرأي، فاستزاده في البيان حتى جاء المثبت، والله أعلم. (¬1) إسناده صحح. هشام: هو ابن عروة بن الزبير بن العوّام، ووُهَيب: هو ابن خالد. وأخرجه البخاري (6908) من طريق وهيب بن خالد، و (6908) من طريق زائدة ابن قدامة، و (7317) و (7318) من طريق أبي معاوية محمَّد بن خازم الضرير، ثلاثتهم عن هشام بن عروة، به. وقال البخاري بإثر (7318): تابعه ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة، عن المغيرة. قلنا: أخرجه من هذا الطريق الطبراني 20/ (883). وهو في "مسند أحمد" (18136). وانظر ما قبله، وما سلف برقم (4568) و (4569).

عن ابنِ عباسٍ، عن عمر أنه سأل، عن قضيَّةِ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلم - في ذلك، فقام حَمَلُ بنُ مالكِ بنِ النابِغة، فقال: كنتُ بينَ امرأتينِ، فضربت إحداهما الأُخرى بمِسطَحِ فقتلتها وجنينَها، فقضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في جَنينها بغُرَّةٍ، وأن تُقتَلَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح دون ذكر قتل المرأة القاتلة، فلم يرد في شيء من طرق هذا الحديث إلا في هذا الطريق، كما نص عليه الأئمة الخطابي في "معالم السنن"، والمنذري في "اختصار السنن"، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 43 وغيرهم؛ لأن المحفوظ أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - إنما قضى في جنينها بغرة، وبالدية على عاقلتها، كما جاء في حديث المغيرة بن شعبة السالف عند المصنف برقم (4568)، وحديث أبي هريرة الآتي برقم (4576)، وإسناداهما صحيحان، وكما في حديث جابر بن عبد الله الآتي برقم (4575). وكذلك رواه سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار عند عبد الرزاق (18343) وغيره، فلم يذكر هذا الحرف. ورواه ابن عيينة في الطريق الآتي بعده عند المصنف، وحماد بن زيد عند النسائي في "الكبرى" (6991) كلاهما عن عمرو بن دينار، عن طاووس، أن عمر بن الخطاب ... مرسلاً. ولم يذكر فيه قتل المرأة القاتلة أيضاً. وخالفا ابن جريج فأرسلا الحديث وقد صحح البخاريُّ وصل الحديث فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير"، 2/ 587، وكذا صححه البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 43، وابن حزم في "المحلى" 10/ 383. وكذلك رواه ابن جريج عند عبد الرزاق (18342)، ومعمر عنده أيضاً (18339) وابن عيينة عند الشافعي في "مسنده" " 2/ 103 - 104 ثلاثتهم عن ابن طاووس عن أبيه مرسلاً. ليس فيه قتل المرأة القاتلة. فثبت بذلك أن ذكر قتل المرأة القاتلة في هذا الحديث شذوذ، والله تعالى أعلم. وأخرجه من طريق المصنف ابن ماجه (2641)، والنسائي في "الكبرى" (6915) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3439)، و"صحيح ابن حبان" (6021). وانظر تالييه. =

قال أبو داود: قال النضرُ بنُ شُميلٍ: المِسطَحُ: عودٌ يُرَقِّقُون به الخُبزَ، يعني هو الصَّوْبَجُ (¬1). قال أبو داود: وقال أبو عُبيدٍ: المِسطحُ: عودٌ من أعواد الخِبَاء. 4573 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد الزهريُّ، حدَّثنا سفيانُ، عن عمرو، عن طاووس، قال: قام عُمَرُ على المِنبَرِ، فذكرَ معناه، ولم يذكر "وأن تُقْتَلَ" زاد: بغرةٍ: عبدٍ أو أمةٍ، قال: فقالَ عُمَرُ: اللهُ أكبر، لو لم نَسمع بهذا لَقَضَيْنا بغير هذا (¬2). ¬

_ = قال الخطابي: "المسطح" عود من عيدان الخباء. وفيه دليل على أن القتل إذا وقع بما يقتل مثله غالبا من خشب أو حجر أو نحوهما، ففيه القصاص كالحديد، إلا أن قوله: وأن تقتل، لم يُذكر في غير هذه الرواية. (¬1) الصَّوبَج، بفتح الصاد، ويُضَمُّ، وهو مُعرَّب عن جُوبَه، بالضم، وهو الخشبة، قال في "شرح القاموس،: والضم موافق لأعجميَّته جَرْياً على القاعدة المشهورة بين أئمة الصرْف واللغة، وهي أنه لا تجتمع صادٌ وجيم في كلمة عربية، فلا يثبت به أصلٌ في الكلام. ولذلك حكموا على نحو الجِص والإجاص والصولجان وأضرابها بأنها أعجمية. واستثنى بعضهم (صَمَج)، وهو القنديل، فقالوا: لا نظير له في الكلام العربي. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل، وقد وصله ابن جريج كما في الطريق السالف قبله، وصحح الإِمام البخاري وصل الحديث فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" 2/ 587 معللاً ذلك بأن ابن جريج حافظ، وكذلك صححه البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 43، وقال ابن حزم في "المحلى" 10/ 383 عن الموصول: إسناد في غاية الصحة. وأخرجه الشافعي في "مسنده" 2/ 103 عن سفيان بن عيينة، والنسائي في "الكبرى" (6991) من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن عمرو بن دينار، به. ولفظ النسائي مختصر. وانظر ما قبله.

4574 - حدَّثنا سليمانُ بنُ عبدِ الرحمن التّمارُ، أن عَمَرو بن طلحةَ حدَّثهم، حدَّثنا أسباطٌ، عن سماكٍ، عن عِكرِمَة عن ابن عباس، في قصة حَمَلِ بن مالك، قال: فأسقطت غلاماً وقد نبتَ شعرُه ميتاً، وماتتِ المرأةُ، فقضى على العاقلةِ الدِّيةَ، قال: فقال عمُّها: إنها قد أسقطت يا نبىَّ الله غلاماً قد نَبَتَ شعرُه، فقال أبو القاتلةِ: إنه كاذبٌ، إنه والله ما استهلَّ، ولا شَرِبَ ولا أكلَ، فمثلُه يُطَلُّ، فقال النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم-: "أسَجْعَ الجاهلية وكهانَتَها، أدِّ في الصبىِّ غُرَّةً". قال ابن عباس: كان اسم إحداهما مُليكَةَ والأخرى أم غُطَيفٍ (¬1). 4575 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا يونُس بنُ محمَّد، حدَّثنا عبدُ الواحدِ ابنُ زيادٍ، حدَّثنا مُجالِدٌ، حدَّثني الشعبيُّ ُعن جابرِ بنِ عبدِ الله: أن امرأتين من هُذيل قَتَلَت إحداهما الأُخرى، ولِكلِّ واحدةٍ منهما زوجٌ وولَد، قال: فجعلَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - دِيةَ المقتولةِ على عاقِلَةِ القاتِلَةِ، وبرَّأ زوجها وولدَها، قال: فقال عاقلةُ المقتولَةِ: ميراثُها لنا؟ فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "لا، ميرَاثُها لزوجِها وولدها" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف. سماك -وهو ابن حرب- في روايته عن عكرمة اضطراب، وأسباط -وهو ابن نصر الهَمداني- كثير الخطأ والإغراب. لكن روي الحديث بإسناد صحيح سلف عند المصنف برقم (4572)، ويشهد له حديث المغيرة السالف برقم (4568)، وحديث أبي هريرة الآتي برقم (4576). عمرو بن طلحة: هو ابن حماد بن طلحة القَنَّاد. نسب هنا لجده. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7003) من طريق عمرو بن حماد بن طلحة، بهذا الإسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (6019). (¬2) صحح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف مجالد -وهو ابن سعيد-. =

4576 - حدَّثنا وهبُ بنُ بيانٍ وابنُ السَّرحِ، قالا: حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يونُس، عن ابنِ شهابٍ، عن سعيد بنِ المُسيَّب وأبي سلمة عن أبي هريرة قال: اقتتلتِ امرأتانِ مِن هُذيلِ، فرمت إحداهُما الأخرى بحجر فقتلتهَا، فاختصَموا إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فقضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ديَةَ جنينها: غُرَّة عبدٍ أو وليدةٍ، وقَضَى بديةِ المرأةِ على عاقلتِها، وورَّثَها ولدَهَا ومن معهم، فقال حملُ ابنُ النابغةِ الهُذَليُّ: يا رسول الله، كيف أغرم ديةَ من لا شَرِبَ ولا أكلَ، ولا نَطَقَ ولا استهلَّ، فمِثلُ ذلك يُطَلُّ! فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "إنَّما هذا مِن إخوان الكُهَّان" مِن أجل سجْعه الذي سَجَعَ (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (2648) من طريق عبد الواحد. بن زياد، بهذا الإسناد. ويشهد له حديث أبي هريرة الآتي بعده. وإسناده صحيح. وجاء ذكر توريث الزوج مع الولد في إحدى رواياته عند البخاري (6740)، ومسلم (1681). ويشهد لتوريث الزوج أيضاً من دية زوجته المقتولة حديث أبي المليح الهذلي، عن أبيه عند ابن أبي عاصم في "الديات" ص 75، وفي "الآحاد والمثاني" (1067)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4527)، والطبراني (513) وإسناده صحيح. (¬1) إسناده صحح. أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزهري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن وهب: هو عبد الله، وابن السرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله المصري. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (6910)، ومسلم (1681)، والنسائي في "الكبرى" (6993) من طريق عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (5758) من طريق عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة وحده، به. وهو في "مسند أحمد" (7217) و (10916)، و"صحيح ابن حبان" (6020). وانظر ما بعده، وما سيأتي برقم (4579). =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الخطابي: قوله: وورَّثها ولدها ومن معهم، يريد: الدية. وفيه بيان أن الدية مرروثة كسائر مالها الذي كانت تملكه أيام حياتها. وفيه دليل على أن الجنين يورث وتكون ديته على سهام الميراث، وذلك أن كل نفس تضمن بالدية، فإنه يورث، كما لو خرج حياً، ثم مات. وقوله: ولا استهل: الاستهلال: رفع الصوت، يريد: أنه لم تُعلَم حياته بصوت نطقٍ أو بكاء، أو نحو ذلك. وقوله: ذلك يُطَلّ: يروى هذا الحرف على وجهين: أحدهما: "بطل" على معنى الفعل الماضي من البطلان. والآخر: "يُطَلّ" على مذهب الفعل الغائب، من قولهم: طُلّ دمه إذا: أهدر، يُطَلُّ. وقوله -صلَّى الله عليه وسلم-: "هذا من إخوان الكهان" من أجل سجعه الذي سجع، فإنه لم يَعبْه بمجرد السجع، دون ما تضمنه سجعه من الباطل. وإنما ضرب المثل بالكهان؛ لأنهم كانوا يروّجون أقاويلهم الباطلة بأسجاع تروق السامعين، فيستميلون بها القلوب، ويشصغُون الأسماع إليها. فأما إذا وضع السجع في موضع حق، فإنه ليس بمكروه. وقد تكلم رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - بالسجع في مواضع من كلامه، كقول للانصار: "أما إنكم تقِلُّون عند الطمع، وتكثرون عند الفزع". وروي عنه أنه قال: "خير المال سِكّة مأبورة، أو مُهرة مأمورة". وقال: "يا أبا عُمير، ما فعل النُّغَير". وقال في دعائه: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، وقول لا يُسمع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع". ومثل ذلك في الكلام كثير. وفي الخبر دليل على أن الدية في شبه الخطأ على العاقلة. قلت [القائل الخطابي]: الغرة إنما تجب في الجنين إذا سقط ميتاً، فإن سقط حياً ثم مات ففيه الدية كاملة. وفيه بيان أن الأجنة وإن كثرت، ففي كل واحدٍ منها غرة. واختلفوا في سن الغُرّة التي يجب قبولها ومبلغ قيمتها: =

4577 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن ابنِ شهاب، عن ابنِ المُسيَّب عن أبي هُريرة، في هذه القصة، قال: ثم إنَّ المرأة التي قضى عليها بالغُرّةِ تُوفَّيت، فقضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - بأن ميراثها لبنيها، وأن العقل على عصبَتِها (¬1). ¬

_ = فقال أبو حنيفة وأصحابه: عبد أو أمة: تعدل خمس مئة درهم. وقال مالك: ست مئة درهم. وقصد كل واحد من الفريقين نصف عشر الدية؛ لأن الدية عند العراقي: عشرة آلاف درهم، وعند المدني: اثنا عشر ألفاً. وقيل: خمسون ديناراً، وهي أيضاً نصف العشر من دية الحر. لأنهم لم يخلفوا أن الدية من الذهب ألف دينار. وقد استدل بعض الفقهاء من قوله: "قضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في جنينها بغرّة على أن دية الأجنة سواء: ذكراناً أو إناثاً" لأنه أرسل الكلام ولم يقَيّده بصفة. قال: ولو كانت يختلف الأمر في ذلك بالأنوثة والذكورة لبيّنه كما بين الدية في الذكر والأنثى من الأحرار البالغين. قلت [القائل الخطابي]: وهذه القضية صادقة في الحكم. إلا أن الاستدلال بهذا اللفظ من هذا الحديث لا يصح؛ لأنه حكاية فعل، ولا عُموم لحكاية الفعل. وإنما يصح هذا الاستدلال من رواية من روى: أن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قضى في الجنين بغرة. من غير تفصيل. والله أعلم. ومذهب الشافعي في دية الجنين قريب من مذهب من تقدّم ذكرهم إلا أنه قوّمها من الإبل فقال: خمس من الإبل، خمساها وهو بعيران، قيمة خَلِفَتين، وثلاثة أخماسها قيمة ثلاث جذاع وحقاق. وذلك: لأن دية شبه العمد عنده مغلّظة، منها أربعون خَلِفَةً وثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، فإن أعطى الغرة دون القيمة لم يقبل حتى يكون ابن سبع سنين، أو ثمان. ويقبل عند أبي حنيفة الطفل، وما دون السبع، كالرقبة المستحقة في الكفارات. (¬1) إسناده صحيح. ابن المسيّب: هو سيد، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزهري، والليث: هو ابن سعد. =

4578 - حدَّثنا عباسُ بنُ عبد العظيمِ، حدَّثنا عُبيدُ اللهِ بنُ موسى، حدَّثنا يوسفُ بن صُهَيبِ، عن عبدِ الله بنِ بُريدة عن أبيهِ: أن امرأةَ حذَفَتِ امرأةَ، فأسقطتْ، فرُفِع ذلك إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلم -، فجعَلَ في ولدِها خمسَ مئة شاةِ، ونهى يومئذٍ عن الحذفِ (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (6740) و (6909)، ومسلم (1681)، والترمذي (2244)، والنسائي في "الكبرى" (6992) من طريق الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (10953)، و"صحيح ابن حبان" (6018). وانظر ما قبله. وما سيأتي برقم (4579). (¬1) رجاله ثقات، لكنه اختُلف في وصله وإرساله، كما سيأتي بيانه، ووقع في متنه وهم في ذكر الخَمس مئة شاة، والصحيح: مئة شاة، كما قال أبو داود والنسائي. وقد نسب أبو داود في رواية ابن العبد الوهم فيه إلى عباس بن عبد العظيم، لكن رواه إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني وإبراهيم بن يونس البغدادي عن عبيد الله بن موسى كما رواه عباس، فبرئ عُبيد من عهدته. وكذلك رواه أبو نعيم الفضل بن دكين عن يوسف بن صهيب، فبرئ عُبيد الله من عهدته. فيفي أن يكون الوهم فيه من يوسف بن صهيب، والله تعالى أعلم. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6988) عن إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني وإبراهيم بن يونس البغدادي، كلاهما عن عُبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي أيضاً (6989) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن يوسف ابن صهيب، عن عبد الله بن بريدة، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - مرسلاً. وقال النسائي: هذا وهم، وينبغي أن يكون أراد مئة من الغنم. قال: وقد روي النهي عن الخذف عن عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن مغفل. ثم أسنده (6990). قلنا: وفي هذا تعليل من النسائي أيضاً لهذا الخبر بعلة أخرى، وهي دخول حديث في حديث، ويكون الوهم فيه إما من عبد الله بن بريدة أو من يوسف بن صهيب، والله أعلم. =

قال أبو داود: هكذا قال عباسٌ، وهو وهمٌ، والصوابُ: مئة شاة. 4579 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، أخبرنا عيسى، عن محمدِ بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هُريرةَ، قال: قضى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في الجَنين بغرةٍ: عبدٍ أو أمة، أو فرسٍ أو بَغْلٍ (¬1). ¬

_ = ومما يقوّي ما ذهب إليه أبو داود والنسائي من أن الصواب مئة شاة ما أخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4526)، والطبراني في "الكبير" (3485) من حديث حمل بن مالك وفيه: قضى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - في الجنين غرة عبد أو أمة، أو مئة من الشاء، ... وإسناد الطبراني صحيح. وقوله: حذَفَتها، بالحاء المهملة، أي: رمتها. (¬1) صحيح دون ذكر الفرس والبغل، فلم ترد في شيء من روايات هذا الحديث إلا في رواية عيسى -وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي- عن محمَّد بن عمرو بن علقمة الليثي كما أشار إليه الدارقطني في "العلل"، 9/ 294، فقد روى هذا الحديث جماعة عن محمَّد بن عمرو منهم حماد بن سلمة وخالد بن عبد الله الواسطي كما أشار إليه المصنف فلم يذكروا فيه الفرس والبغل، ورواه الزهري عن أبي سلمة كذلك فحصل أن ذكر الفرس والبغل وهم من عيسى بن يونس كما أشار إليه الخطابي، وجزم به الحافظ في "الفتح" 12/ 250. وأخرجه ابن ماجه (2639) من طريق محمَّد بن بشر، والترمذي (1469) من طريق ابن أبي زائدة، كلاهما عن محمَّد بن عمرو، به ولم يذكرا الفرس والبغل. وهو في "مسند أحمد" (9655) عن يحيى بن سعيد القطان، و (10467) عن يزيد بن هارون كلاهما عن محمَّد بن عمرو. وليس في روايتهما ذكر الفرس والبغل. وأخرجه البخاري (5758) و (5759) و (6904)، ومسلم (1681)، والنسائي في "الكبرى" (6994) من طريق ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة عن عبد الرحمن، به ولم يذكر الفرس والبغل. =

قال أبو داود: روى هذا الحديثَ حمادُ بنُ سلمةَ وخالدُ بنُ عبد الله، عن محمَّد بنِ عَمرو، لم يَذكُرا: أو فرسٍ أو بغْل. 4580 - حدَّثنا محمدُ بنُ سِنان العَوَقيُّ، حدَّثنا شريكٌ، عن مُغيرة، عن إبراهيمَ وجابرٍ عن الشعبي، قال: الغُرَّةُ خمسُ مئةٍ، يعني درهم (¬1). ¬

_ = وقد سلف من طريق ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة برقم (4576)، ومن طريق ابن شهاب عن ابن المسيب برقم (4577) وليس فيه ذكر الفرس والبغل. قال الخطابي: يقال: إن عيسى بن يونس قد وهم فيه، وهو يغلظ أحياناً فيما يرويه، إلا أنه قد روي عن طاووس ومجاهد وعروة بن الزبير أنهم قالوا: الغرة عبد أو أمة أو فرس. ويشبه أن يكون الأصل عندهم فيما ذهبوا إليه حديث أبي هريرة هذا، والله أعلم. وأما البغل فأمره أعجب، ويحتمل أن تكون هذه الزيادة إنما جاءت من قبل بعض الرواة على سبيل القيمة، إذا عدمت الغرة من الرقاب، والله أعلم. قلنا: أثر طاووس أخرجه النسائي في "الكبرى" (6991). وأثر مجاهد أخرجه ابن أبي شيبة 9/ 252، وأثر عروة عنده أيضاً 9/ 251. وجاء ذكر البغل في أثر عن عطاء بن أبي رباح عند ابن أبي شيبة 9/ 251. (¬1) أثر حسن، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- متابع. الشعبي: هو عامر بن شَراحيل، وجابر: هو ابن يزيد الجُعفي، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، ومغيرة: هو ابن مِقسَم. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 253، وإبراهيم الحربي في "الغريب" كما في "نصب الراية" 4/ 439 من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عن طارق بن عبد الرحمن البجلي، عن الشعبي قال: الغرة خمس مئة. وأثر ربيعة -وهو ابن أبي عبد الرحمن- الذي أشار إليه المصنف أخرجه مالك في "موطئه" 2/ 855، ومن طريقه البيهقي 8/ 109 و 116. وزاد: أو ستَّ مئة درهم.

21 - باب في دية المكاتب

قال أبو داود: قال ربيعةُ: الغرةُ خَمسون ديناراً. 21 - باب في دية المكاتَبْ 4581 - حدَّثنا مُسدَّدٌ (¬1)، عن يحيى بنِ سعيدٍ. وإسماعيلُ، عن هشامٍ. وحدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا يعلى بنُ عُبيدِ، حدَّثنا حجاجٌ الصَّوَّافُ، جميعاً عن يحيى بنِ أبي كثير، عن عِكرمة عن ابنِ عباس، قال: قَضَى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم - في المكاتَب يقُتَلُ: يُودَى ما أدَّى مِن مكاتبتهِ دِيةَ الحُرِّ، وما بقي دِيَةَ المملوكِ (¬2). ¬

_ (¬1) طريق مُسدَّدٌ وإسماعيل أثبتناهما من (هـ). وقد ذكرهما الحافظ رحمه الله في نسخته التي رمزنا لها بالرمز (أ) لكنه قدَّمهما، فجعلهما بعد حديث أبي هريرة الذي قبله، فأوهم أنهما طريقان آخران لحديث أبي هريرة، فأخطأ. (¬2) رجاله ثقات، وهذا إسناد اختُلف فيه عن عكرمة في وصله وإرساله، وفي رفعه ووقفه، وهو والحديث الذي يليه جزءان لحديث واحد، مؤداهما: أن المكاتب يُعتق منه بقدر ما أدى، وقد رواهما جميعاً الترمذي (1305)، وقال: حديث حسن. وصححه الحاكم وابن القطان في "أحكام النظر" كما نقله عنه ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 746، وابن حزم في "المحلى"، وابن التركماني في "الجوهر النقي" 10/ 326، وسكت عنه عبد الحق الإشبيلي في "أحكامه الوسطى" 4/ 21 مصححاً له. وضعفه النسائي في "الكبرى" بإثر (7226)، والبيهقي في "الكبرى" 10/ 326، وقال ابن العربي في "العارضة" 6/ 18: ليس في هذه المسألة حديث صحيح مع نباهة هؤلاء الرواة، وقال ابن عبد الهادي في "التنقيح" 3/ 137: في إسناد هذا الحديث تعليلات. وقد أشارالبخاريُّ فيما نقله عنه الترمذي في "العلل الكبير" 1/ 502 إلى علة هذا الحديث حين سأله فقال: روى بعضهم هذا الحديث عن عكرمة عن علي. وذكر البيهقي لهذا الحديث علة أخرى تقضي بنكارة في متنة كذلك، سيأتي ذكرها عند الحديث الآتي بعده. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5000) و (5001) و (6983 - 6985) و (6987) من وطرق عن يحيى بن أبي كثير، به. =

4582 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمةَ، عن أيوبَ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباس، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "إذا أصابَ المكاتَبُ حدَّاً، أو وَرِثَ ميراثاً يَرِثُ على قَدْر ما عَتَقَ منه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه عبد الرزاق (15718) عن عكرمة بن عمار، عن يحيى بن أبي كثير، به موقوفاً. وأخرجه الترمذي (1305) من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن عكرمة، به. مرفوعاً. واختُلف عن أيوب في هذا الحديث: فرواه وهيب بن خالد عند البيهقي 10/ 325 - 326 عن أيوب، عن عكرمة، عن علي بن أبي طالب. وقال البيهقي: رواية عكرمة عن علي مرسلة. ورواه حماد بن زيد عند النسائي (6987)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 110 عن أيوب، عن عكرمة مرسلاً دون ذكر ابن عباس. ورواه معمر عند عبد الرزاق (15740) عن أيوب، عن عكرمة عن علي قوله. فذكر علياً مكان ابن عباس، وجعله من قوله. ولفظه: المكاتب يَعتق منه بقدر ما أدى. وقال البيهقي: رواية عكرمة عن علي مرسلة. قال الخطابي: أجمع عامة الفقهاء على أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم في جنايته، والجناية عليه. ولم يذهب إلى هذا الحديث من العلماء فيما بلغنا إلا إبراهيم النخعي. وقد روي في ذلك شيء عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وإذا صح الحديث وجب القول به إذا لم يكن منسوخاً، أو معارضاً بما هو أولى منه، والله أعلم. (¬1) رجاله ثقات، وهو والحديث الذي قبله جزءان لحديث واحد. لكنه اختلف في وصله وإرساله كما قال الحافظ في "الفتح" 5/ 195، وقد أشار إلى ذلك أبو داود والبيهقي 10/ 326، وقال النسائي في "الكبرى" بعد إيراده برقم (7226): هذا لايصح، وهو مختلف فيه. وقال ابن العربي في "عارضة الأحوذي" 6/ 18: ليس في هذه المسألة حديث صحيح مع نباهة هؤلاء الرواة، وقال ابن عبد اللهادي في "التنقيح " 3/ 137: في إسناد هذا الحديث تعليلات. =

قال أبو داود: رواه وهَيبٌ، عن أيوبَ، عن عِكرِمة، عن عليِّ (¬1) عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-. وأرسله حمادُ بنُ زيدٍ وإسماعيلُ، عن أيوبَ، عن عِكرمة، عن النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- (¬2)، وجعله إسماعيل ابن عُليَّة قولَ عِكرمة. ¬

_ = قلنا: وفيه أيضاً علة أخرى في متنه، وهي أنه روى يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس قوله: يقام على المكاتب حد المملوك، وهذا يخالف رواية ابن عباس المرفوعة، ولهذا قال البيهقي 10/ 326 عن الرواية الموقوفة على ابن عباس: هذا يخالف الحديث المرفوع في القياس، ويخالف ما رواه حماد بن سلمة في النص. قلنا: هاذا خالف الصحابي بفتواه روايته كان في ذلك إعلالٌ لروايته، وما كان ابنُ عباس ليُخالف قضاء رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -. قلنا: ومع ذلك صححه الحاكم، وابن حزم في "المحلى"، وابن القطان في "أحكام النظر" كما نقله عنه ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 746، وصححه كذلك ابن التركماني في "الجوهر النقي" 10/ 326، وسكت عنه عبد الحق في "أحكامه الوسطى" 4/ 21، وحسنه الترمذي!! وأخرجه الترمذي (1305)، والنسائي في "الكبرى" (5002) و (6357) و (6986) و (7226) من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرج ابن أبي عاصم في "الديات" ص 99، وابن الجارود (982)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 111، والبيهقي 10/ 326 من طريق يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: يقام عليه حد المملوك. قلنا: يعني المكاتب. (¬1) سقط اسم علي -وهو ابن أبي طالب- من (أ) و (ب) و (ج)، فصار الطريق مرسلاً، وأثبتناه من (هـ)، وهو الصواب، فقد أخرج النسائي في "الكبرى" (5003)، والبيهقي 10/ 325 - 326 بعض هذا الحديث من طريق وهيب، عن أيوب، عن عكرمة، عن علي عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "يُودَى المكاتبُ بقدر ما أدَّى". (¬2) ذكر مرسل حماد وإسماعيل أثبتناهُ من (أ) و (هـ). وهو في رواية ابن العبد وابن داسه.

22 - باب في دية الذمي

22 - باب في دية الذمي 4583 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالد ابنِ موهب الرمليُّ، حدَّثنا عيسى بنُ يونس، عن محمَّد بنِ إسحاقَ، عن عمرو بن شعيب، عن أبيهِ عن جده، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -، قال: "دِيةُ المعاهَدِ نِصْفُ دية الحُرِّ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف. محمَّد بن إسحاق -وإن كان مدلساً، وقد عنعن- متابع. وأخرجه ابن ماجه (2644) من طريق عبد الرحمن بن عياش، والترمذي (1472)، والنسائي في "الكبرى" (6982) من طريق أسامة بن زيد الليثي، والنسائي (6981) من طريق سليمان بن موسى، ثلاثتهم عن عمرو بن شعيب، به. وهو في "مسند أحمد" (6692) و (6716). وقد سلف ضمن الحديث (4542) من طريق حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب. قال الخطابي: ليس في دية أهل الكتاب شيء أبين من هذا، وإليه ذهب عمر بن عبد العزيز، وعروة بن الزبير، وهو قول مالك وابن شبرمة وأحمد بن حنبل. غير أن أحمد قال: إذا كان القتل خطأ، فإن كان عمداً لم يُقَد به، ويضاعف عليه باثني عشر ألفاً. وقال أبو حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري: ديته دية المسلم، وهو قول الشعبي والنخعي ومجاهد، وروي ذلك عن عمر وابن مسعود رضي الله عنهما. وقال الشافعي وإسحاق بن راهويه: ديته الثلث من دية المسلم، وهو قول ابن المسيب والحسن وعكرمة. وروي ذلك أيضاً عن عمر رضي الله عنه خلاف الرواية الأولى، وكذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه. قلت [القائل الخطابي]: وقول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - أولى، ولا بأس بإسناده، وقد قال به أحمد. ويعضده حديث آخر، وقد رويناه فيما تقدم من طريق حسين المعلّم عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه عن جده. قال: كانت قيمة الدية على عهد رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - ثمان مئة دينار وثمانية آلاف درهم، ودية أهل الكتاب يومئذٍ النصف.

23 - باب في الرجل يقاتل الرجل فيدفعه عن نفسه

قال أبو داود: رواه أسامة بنُ زيدٍ الليثي وعبدُ الرحمن بن الحارث، عن عمرو بنِ شعيب، مثلَه. 23 - باب في الرجل يُقَاتِلُ الرجلَ فيدفَعُه عن نفسه 4584 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا يحيى، عن ابنِ جُريج، أخبرني عطاء عن صَفوانَ بنِ يَعلى عن أبيه، قال: قاتل أجيرٌ لي رجُلاً فَعَضَّ يدَه، فانتزعَهَا، فندَرَتْ (¬1) ثَنِيّتُه، فأتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -، فأهدَرَهَا، وقال: "أتريدُ أن يضَعَ يدَهُ في فيكَ تقضَمُها كالفحْلِ؟ " (¬2). ¬

_ (¬1) في (أ) فابتدرت، وفي (هـ): فانتدرت. والمثبت من (ب) و (ج)، وعليها شرح ابن الأثير في "النهاية" وفسَّر كلمة نَدَرَ، فقال: أي: سقط ووقع. وكذلك في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي. (¬2) إسناده صحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه البخاري (1848) و (2265)، ومسلم (1674)، وابن ماجه (2656)، والنسائي في "الكبرى" (6941 - 6946) من طريق عطاء بن أبي رباح، به. وقرن ابن ماجه والنسائي في الموضع الأول بيعلى أخاه سلمة. وأخرجه النسائي (6947) من طريق بُديل بن ميسرة، عن عطاء، عن صفوان بن يعلى: أن أجيراً ليعلى بن مُنية عض آخرُ ذراعه ... رواه هكذا مرسلاً. وأخرجه أيضاً (6948) من طريق محمَّد بن مسلم الزهري، عن صفوان بن يعلى: أن أباه غزا مع رسول الله ... مرسلاً أيضاً. وأخرجه النسائي (6939) و (6940) من طريق مجاهد عن يعلي بن مُنية. قال أحمد بن حنبل: لم يسمع منه. وهو في "مسند أحمد" (17949)، و"صحيح ابن حبان" (5997). قال الخطابي: فيه بيان أن دفع الرجل عن نفسه مباح، وأن ذلك إذا أتى على نفس العادي عليه كان دمه هدراً إذا لم يكن له سبيل إلى الخلاص منه إلا بقتله. =

24 - باب فيمن تطبب بغير علم فأعنت

قال: وأخبرني ابن أبي مُليكةَ، عن جده، أن أبا بكر أهدَرَهَا، وقال: بَعِدَت سِنُّه (¬1). 4585 - حدَّثنا زيادُ بنُ أيوبَ، أخبرنا هُشَيْمٌ، حدَّثنا حجَّاجٌ وعبدُ الملِكِ، عن عطاء عن يعلى بنِ أُمية، بهذا، زاد: ثم قال: -يعني النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلم -- للعاضِّ: "إن شئتَ أن تُمكِّنهُ مِن يَدِكَ فيعضَّها، ثم تنزعَها من فيه"، وأبطل ديةَ أسنانه (¬2). 24 - باب فيمن تَطَبَّبَ بغير علم فأعْنَتَ 4586 - حدَّثنا نصرُ بنُ عاصِم الأنطاكيُّ ومحمدُ بنُ الصَّبَّاح بن سفيانَ، أن الوليدَ بنَ مسلم أخبرهم، عن ابنِ جُريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَن تَطَبَّبَ ولم يُعلَم مِنهُ طِبٌّ فهُو ضامِنٌ" قال نَصْرٌ: قال الوليد: حدَّثني ابنُ جُريجِ (¬3). ¬

_ = واستدل به الشافعي في صَوْل الفحل، قال: إذا دفعه فأتى عليه لم تلزمه قيمتُه. وانظر ما بعده. (¬1) في (أ) نَفَذَت سُنَّةً. بمعنى أنه جرى بها الحكم من بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن قال المزي: الصحيح أن بين عطاء -وهو ابن أبي رباح- وبين يعلي بن أمية: صفوان بن يعلي بن أمية، قلنا: يعني كالرواية السالفة. (¬3) حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات، لكن ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- لم يسمع من عمرو بن شعيب فيما قاله البخاري والبيهقي، ثم إن الدارقطني ذكر له علة أخرى، فقال: لم يُسنده عن ابن جريج غير الوليد بن مسلم، وغيره يرويه عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب مرسلاً، عن النبي - صلَّى الله عليه وسلم -. ومع ذلك فقد جود هذا الإسنادَ الحافظ ابن كثير في "تخريج أحاديث التنبيه" 2/ 266!! =

قال أبو داود: هذا لم يروِه إلا الوليدُ، لا يُدرَى صحيح هو أم لا. 4587 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا حفصٌ، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ عمر ابنِ عبد العزيزِ حدَّثني بعضُ الوفد الذين قدِمُوا على أبي، قال: قالَ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم: "أيُّما طبيبٍ تطبَّبَ على قومٍ لا يُعرَفُ له تَطبُّبٌ قبلَ ذلك فأعنَتَ، فهو ضَامِنٌ". قال عبدُ العزيز: أما إنه ليسَ بالنَّعتِ إنما هو قطعُ العُروق، والبَطُّ، والكيُّ (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (3466)، والنسائي في "الكبرى" (7005) و (7039) من طريق الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (7006) من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن جريج، عن عمرو ابن شعيب عن جده. فلم يذكُر شعيبًا والد عمرو. ويشهد له ما بعده. وهو وإن كان مرسَلاً، يحصُل بانضمامه إلى هذا الحديث قوة إن شاء الله، مع حكاية إجماع الأئمة على مضمونه، كما ذكره الخطابي وابن عبد البر في "الاستذكار" (36858)، وابن رشد في "بداية المجتهد" وغيرهم. قال الخطابي: لا أعلم خلافاً في المعالج إذا تعدّى فتلف المريض كان ضامناً، والمتعاطي علماً أو عملاً لا يعرفه مُتَعَدِّي، فإذا تولد من فعله التلفُ ضمن الدية، وسقط عنه القودُ، لأنه لا يستبدُّ بذلك دون إذن المريض، وجناية الطبيب في قول عامة الفقهاء على عاقلته. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل. قال المنذري في "اختصار السنن": بعض الوفد مجهول، ولا يُعلم له صحبة أم لا؟ قلنا: لكنه بانضمامه إلى الحديث الذي قبله، مع ما حكاه غير واحد من الإجماع على مضمونه كما سلف بيانه، يتقوى أمره إن شاء الله. حفص: هو ابن غياث. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 321 عن حفص بن غياث، به. =

25 - باب في دية الخطأ شبه العمد

25 - باب في دية الخطأ شبه العمد 4588 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حَربٍ ومُسَدَّدٌ -المعنى- قالا: حدَّثنا حمادٌ، عن خالدٍ، عن القاسم بنِ ربيعةَ، عن عُقبة بنِ أوسِ عن عبدِ الله بن عمرو: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم -قال مسدَّدٌ:- خَطَبَ يومَ الفتح، فقال: "ألا إن كل مأثُرَةٍ كانت في الجاهِليَّة من دمٍ أو مالٍ تذكر وتُدعى تحتَ قدميَّ، إلاَّ ما كانَ مِن سِقاية الحاجِّ، وسِدانةِ البيت" ثم قال: ألا إنَّ دية الخطإ شبهِ العَمْدِ ما كان بالسَّوط والعَصَا مئةٌ من الإبلِ: منها أربعون في بُطونها أولادُها" (¬1). 4589 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا وُهَيبٌ، عن خالدٍ، بهذا الإسناد، نحو معناه (¬2). 26 - باب في جِناية العبد يكونُ للفقراء 4590 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا معاذُ بنُ هشامٍ، حدَّثني أبي، عن قتادةَ، عن أبي نضرَةَ ¬

_ = وأخرجه عبد الرزاق (18044) عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد العزيز بن عمر عن كتاب لعمر بن عبد العزيز فيه: بلغنا أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: ... فذكر الحديث بنحوه. قوله: "أعنت" قال ابن الأثير: أي: أضر المريض وأفسده. والبَطُّ: قال ابن الأثير أيضاً: شقٌ الدُّمَّل والخُراج ونحوهما. قال أبو الطيب العظيم آبادي: ومراد عبد العزيز -والله أعلم بمراده- أن لفظ الطبيب الواقع في الحديث ليس المقصود منه معناه الوصفي العام الشامل لكل من يعالج، بل المقصود منه قاطع العروق والباطُّ والكاوي، ولكن أنت تعلم أن لفظ الطبيب في اللغة عام لكل من يعالج الجسم، فلا بد للتخصيص ببعض الأنواع من دليل. (¬1) إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (4547). (¬2) إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (4548).

27 - باب فيمن قتل في عميا بين قوم

عن عمرانَ بنِ حُصين: أن غلاماً لأُناسٍ فُقراء قَطَعَ أُذنَ غُلامٍ لأُناسٍ أغنياءَ، فأتى أهلُهُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقالوا: يا رسُولَ الله، إنا أناسٌ فقراء فلم يجعل عليهِ شيئاً (¬1). 27 - باب فيمن قُتِل في عِمِّيَّا بين قوم 4591 - قال أبو داود: حُدِّثت عن سعيد بن سُليمان، عن سليمان بن كثير، حدَّثنا عمرو بن دينار، عن طاووس عن ابنِ عباس، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "مَنْ قُتِلَ في عِمِّيَّا أو رِمِّيَّا يكون بينهم بحجر أو بسوط فعقله عَقْلُ خَطأٍ، ومن قُتِلَ عَمْداً فقَوَدُ يديه، فمن حالَ بينَه وبينَه، فعليه لعنةُ الله والملائكة والناس أجمعين" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطعة العَبْدي، وقتادة: هو ابن دِعامة السدوسي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله سَنْبَر الدَّستُوائي. وهو في "مسند أحمد" (19931). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6927) من طريق معاذ بن هشام، بهذا الإسناد. قال الخطابي: معنى هذا أن الغلام الجاني كان حراً، وكانت جنايته خطأ، وكانت عاقلته فقراء، وإنما تُواسي العاقلة عن وُجْدٍ وَسَعة، ولا شيء على الفقير منهم. ويشبه أن يكون الغلام المجني عليه أيضاً حراً؛ لأنه لو كان عبداً لم يكن لاعتذار أهله بالفقر معنى. لأن العاقلة لا تحمل عبداً، كما لا تحتمل عمداً ولا اعترافاً. وذلك في قول أكثر أهل العلم. قلنا: كذا قال الخطابي. والذي ذهب إليه النسائي أن الغلامين كانا مملوكين، فقد ترجم للحديث بقوله: سقوط القَوَد بين المماليك فيما دون النفس. تنبيه: هذا الباب مع حديثه جاء في (أ) و (هـ) متأخِّراً بعد حديث (4594). (¬2) حديث صحيح، وقد سلف عند المصنف برقم (4540). وهناك وصله. وانظر ما سلف برقم (4539).

28 - باب في الدابة تنفح برجلها

28 - باب في الدابة تَنْفَحُ برِجْلِها 4592 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا محمدُ بنُ يزيد، حدَّثنا سفيانُ ابن حسين، عن الزهريِّ، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "الرَّجْلُ جُبَارٌ (¬1) " (¬2). قال أبو داود: الدابة تضرِبُ برجلها وهو راكب (¬3). 29 - باب العَجماء والمعدن والبئر جُبَارٌ 4593 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة ¬

_ (¬1) زاد في (أ): "والمعدن جبار" والمثبت من سائر أصولنا الخطية، وهو القدْر الذي اقتصر عليه النسائي في "السنن الكبرى" من طريق سفيان بن حسين. (¬2) إسناده ضعيف. سفيان بن حسين ضعيف في الزهري، وقد انفرد عنه بأشياء وهذا منها، قال الحافظ في "الفتح" 12/ 256: وقد اتفق الحفاظ على تغليط سفيان ابن حسين حيث روى عن الزهري: "الرجل جبار" بكسر الراء وسكون الجيم، وما ذاك إلا أن الزهري مكثر من الحديث والأصحاب، فتفرد سفيان عنه بهذا اللفظ فعُدَّ منكراً، وقال الشافعي: لا يصح هذا. قلنا: وممن أعل هذا الحديث الدارقطني في "السنن" (3306)، والبيهقي 8/ 343، وابن عبد البر في "التمهيد" 7/ 24. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5756) من طريق سفيان بن حسين، بهذا الإسناد. قال ابن الأثير: "الرّجل جُبار"، أي: ما أصابت الدابة برجلها فلا قود على صاحبها. وقال الخطابي: "الجُبار": الهَدْر. تنبيه: هذا الباب جاء في (أ) متقدماً بعد الحديث (4589)، وفي (ب) متأخراً إلى ما بعد الحديث (4595). (¬3) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (ب) و (هـ).

سمعا أبا هريرة يُحدِّث عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "العَجْماءُ جَرْحَها جُبَارٌ، والمَعْدِنُ جُبَار، والبِئْرُ جُبَار، وفي الرِّكازِ الخُمْسُ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (1499) و (6912)، وسلم (1710)، وابن ماجه (2673)، والترمذي (647) و (1431) و (1432)، والنسائي في "الكبرى" (2286) و (2287) و (2288) و (5803) من طريق ابن شهاب الزهري، به وقد جاء عند بعضهم عن سعيد ابن المسيب وحده. وأخرجه مسلم (1710) من طريق الأسود بن العلاء عن أبي سلمة وحده، به. وأخرجه البخاري (2355) من طريق أبي صالح السمان، والبخاري (6913)، ومسلم (1710) من طريق محمَّد بن زياد، ومسلم (1710)، والنسائي في "الكبرى" (2287) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، والنسائي (2289) و (5804) من طريق محمَّد بن سيرين، و (5805) من طريق الأعرج، خمستهم عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7120)، و "صحيح ابن حبان" (6005). وقد سلف ذكر الركاز وحده عند المصنف برقم (3085). قال الخطابي: "العجماء جرحها جبار" العجماء: البهيمة، وسميت عجماء لعُجمتها، وكل من لم يقدر على الكلام فهو أعجم. ومعنى الجبار: الهدر، وإنما يكون جرحها هدراً إذا كانت منفلتة ذاهبة على وجهها، ليس لها قائد ولا سائق. وأما البئر فهو أن يحفر بئراً في ملك نفسه فيتردى فيها إنسان، فإنه هدر، لا ضمان عليه فيه. وقد يتأول أيضاً على البئر أن تكون بالبوادي يحفرها الإنسان فيحييها بالحفر والإنباط، فيتردى فيها إنسان فيكون هدراً. والمعدن: ما يستخرجه الإنسان من معادن الذهب والفضة ونحوها، فيستأجر قوما يعملون فيها فربما انهارت على بعضهم يقول: فدماؤهم هدر، لأنهم أعانوا على أنفسهم، فزال العتب عمن استأجرهم. قلنا: الركاز عند أهل الحجاز كنوز الجاهلية المدفونة في الأرض، وعند أهل العراق المعادن، والقولان تحتملهما اللغة. قاله في "النهاية".

30 - باب في النار تعدى

قال أبو داود: العجماء: المنفلتةُ التي لا يكونُ معها أحد، وتكونُ بالنهار لا تكونُ بالليل. 30 - باب في النار تَعَدَّى (¬1) 4594 - حدَّثنا محمدُ بنُ المتوكل العسقلانيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق. وحدَّثنا جعفرُ بنُ مسافر التِّنِّيسيُّ، حدَّثنا زيدُ بن المبارك، حدَّثنا عبدُ الملك الصنعانيُّ، كلاهما عن معمر، عن همَّام بن مُنبِّه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "النارُ جُبَارٌ" (¬2). 31 - باب القصاص من السن 4595 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا المعتمِرُ، عن حُميد الطَّويل ¬

_ (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (ب). (¬2) رجاله ثقات، ومتنه شاذ. قال الإِمام أحمد فيما نقله عنه الدارقطني في "سننه" (3308): حديث أبي هريرة "النار جبار" ليس بشيء، لم يكن في الكتب، باطل، ليس هو بصحيح. وبين ابن معين فيما نقله عنه ابن عبد البر في "التمهيد" 7/ 26 أنها تصحيف من "البير"، وقد نقل ابنُ العربي وجه التصحيف فيما حكاه عنه الحافظ في "الفتح" 12/ 255 فقال: قال بعضهم: صحَّفها بعضهم؛ لأن أهل اليمن يكتبون النار بالياء لا بالألف، فظن بعضهم "البئر" بالموحدة "النار"، فرواها كذلك قلنا: ونحو ذلك ما قاله الخطابي في "معالم السنن"، ثم قال الحافظ: ويؤيد ما قال ابن معين اتفاق الحفاظ من أصحاب أبي هريرة على ذكر البئر دون النار. وأخرجه ابن ماجه (2676)،والنسائي في "الكبرى" (5757) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. قال الخطابي: إن صح الحديث على ما روي فإنه متأول على النار التي يوقدها الرجل في ملكه، لأرب له فيها، فتطير بها الريح، فتشعلها في بناء أو متاع لغيره من حيث لا يملك ردّها، فيكون هدراً غير مضمون عليه، والله أعلم.

عن أنس بن مالكٍ، قال: كَسَرَتِ الرُّبَيّعُ أختُ أنسِ بن النضر ثنيَّة امرأةٍ، فأتوا النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقَضَى بكتابِ الله القِصاصَ، فقال أنسُ ابن النضر: والذي بَعثَكَ بالحق لا تُكسَرُ ثنيَّتُها اليومَ، قال: "يا أنس كتابُ الله القِصاصُ" فَرضُوا بأرْشٍ أخذوه، فعَجِبَ نبيُّ الله -صلَّى الله عليه وسلم-، وقال: "إن من عبادِ الله من لو أقسَمَ على الله عَزَّ وَجَلَّ لأبرَّه" (¬1). قال أبو داود: سمعتُ أحمدَ بن حنبل، قيل له: كيف يُقتصُّ من السن؟ قال: تُبْرَدُ. آخر كتاب الديات تمَّ الجزء السادس من "سنن أبي داود" ويليه الجزء السابع وأوله: كتاب السنة ¬

_ (¬1) إسناده صحح. حميد الطويل: هو ابن أبي حميد، والمعتمر: هو ابن سليمان التيمي. وأخرجه البخاري (2703)، وابن ماجه (2649)،والنسائي في "الكبرى" (6932) و (6933) و (8232) و (11080) من طريق حميد الطويل، عن أنس. وأخرجه مسلم (1675)،والنسائي (6931) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت عن أنس. وجعل الذي أقسم اليمين أم الرُّبَيّع لا أنس بن النضر. وهو في "مسند أحمد" (12302)، و "صحيح ابن حبان" (6490). قال الخطابي: قوله: "كتاب الله القصاص" معناه: فرض الله الذي فرضه على لسان نبيه -صلَّى الله عليه وسلم- وأنزله من وحيه. وقال بعضهم: أراد به قول الله عز وجل: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ} إلى قوله: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} [المائدة:45]، وهذا على قول من يقول: إن شرائع الأنبياء لازمة لنا، وأن الرسول -صلَّى الله عليه وسلم- كان يحكم بما في التوراة. وقيل: هذا إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل:126] وإشارة إلى قوله: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة:45]، والله أعلم.

سنن أبي داود تصنيف الإمام الحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث الأزديَّ السِّجِستانيِّ 202هـ - 275هـ حققه وضبط نصه وخرَّج أحاديثه وعلّق عليه شعيب الأرنؤوط محمد قره بللي عبد اللطيف حرز الله الجزء السابع دار الرسالة العالمية

بسم الله الرحمن الرحيم

سنن أبي داود (7)

بسم الله الرحمن الرحيم حقوق الطبع محفوظة للناشر طبعة خاصة 2009 م / 1430 هـ دار الرسالة العالمية جميع الحقوق محفوظة يمنع طبع هذا الكتاب أو أي جزء منه بجميع طرق الطبع والتطوير والنقل والترجمة والتسجيل المرئي والمسموع والحاسوبي وغيرها إلا بإذن خطي من: شركة الرسالة العالمية م. م. Al-resalah Al-a'lamiah m. Publishers الإدارة العامة Head Office دمشق - الحجاز شارع مسلم البارودي بناء خولي وصلاحي 2625 2212773 - 11 (963) 2234305 - 11 (963) الجمهورية العربية السورية Syrian Arab Republic [email protected] http:www.resalahonline.com فرع ييروت BEIRUT/LEBANON TELEFAX: 815112 - 319039 - 818615 P.O. BOX: 117460

أول كتاب السنة

أول كتاب السنة 1 - باب شرح السُّنَّة 4596 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيَّة، عن خالدٍ، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "افترقَتِ اليهودُ على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقةً، وتفرَّقت النَّصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقةً، وتَفتَرِقُ أمَّتي على ثلاث وسبعين فرقةً" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- خالد: هو ابن عبد الله الواسطي. وأخرجه ابن ماجه (3991)، والترمذي (2831) من طريقين عن محمَّد بن عمرو، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في: "مسند أحمد" (8396) و"صحيح ابن حبان" (2647)، و (6731). قال الخطابي: فيه دلالة على أن هذه الفرق كلها غير خارجة من الدين، إذ قد جعلهم النبي - صلَّى الله عليه وسلم - كلهم من أمته. وفيه: أن المتأول لا يخرج من الملة وإن أخطأ في تأويله. وفي الباب عن أنس بن مالك عند أحمد (12208) وابن ماجه (3993). وهو حديث صحيح. وزاد في روايته: "كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة" وسيأتي الكلام عليها عند الحديث التالي. وعن معاوية بن أبي سفيان سيأتي بعده، وإسناده حسن. وزاد فيه: "ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي الجماعة". وعن عوف بن مالك عند ابن ماجه (3992). ورجاله ثقات. وقال ابن كثير في "النهاية" في الفتن والملاحم": إسناده لا بأس به. وزاد أيضاً: "فواحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار" قيل: يا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - من هم؟ قال: "الجماعة". =

4597 - حدَّثنا أحمد بنُ حنبلٍ ومحمد بن يحى بن فارس، قالا: حدَّثنا أبو المُغيرة، حدَّثنا صفوانُ. وحدَّثنا عمرو بنُ عثمان، حدَّثنا بقيَّة، حذَثني صفوانُ، نحوه، قال: حدَّثني أزهرُ بن عبد الله الحَرازيُّ، عن أبي عامر الهوزنيِّ عن معاوية بن أبي سفيان، أنه قامَ فينا، فقال: ألا إن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قامَ فينا، فقال: "ألا إنَّ مَنْ قبلَكم من أهلِ الكتابِ افترقُوا على ثِنتَين وسبعينَ ملَّةً، وإن هذه الملةَ ستفترقُ على ثلاثٍ وسَبعينَ: ثنتانٍ وسبعونَ في النَّار، وواحدةٌ في الجنة، وهي الجماعة -زاد ابن يحيى وعمرو في حديثيهما:- وإنّه سيخرج في أمتي أقوام تَجَارَى بهم تلك الأهواءُ كما يَتَجَارَى الكَلَبُ لِصاحبه -وقال عمرو: "الكَلَب بصاحبه- لا يبقى منه عِرْقٌ ولا مَفصِلٌ إلا دخلَه" (¬1). ¬

_ = وعن عد الله بن عمرو بن العاص عند الترمذي (2832). وإسناده ضعيف. وزاد فيه كذلك: "كلهم في النار إلا ملة واحدة" قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي". وعن أبي أمامة عند ابن أبي شيبة 15/ 307 - 308، والحارث بن أبي أسامة (706 - زوائده) وابن أبي عاصم في "السنة" (68)، ومحمد بن نصر المروزي في "السنة" (55)، والطبراني في "الكبير" (8035) و (8051 - 8054)، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (151) و (152)، والبيهقي 8/ 188. وإسناده حسن في الشواهد. وزاد: "كلها في النار إلا السواد الأعظم". (¬1) إسناده حسن كلما قال الحافظ في "تخريج أحاديث الكشاف". وحديث افتراق الأمة منه صحيح بشواهده. أزهر بن عبد الله الحرازي حسن الحديث كما قال الحافظ الذهبي في "الميزان". أبو عامر الهوزني: هو عبد الله بن لُحيّ الحميري، وصفوان: هو ابن عمرو السَّكسكي، وأبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه أحمد (16937)، والدارمي (2518)، ومحمد بن نصر المروزي في "السنة" (51)، والطبراني في "الكبير" / 19 (884)، والآجري في "الشريعة" ص 18، واليهقي في دلائل النبوة" 6/ 542 من طريق أبي المغيرة، بهذا الإسناد. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ 2/ 331 - 332 و 3/ 388، وابن أبي عاصم في (السنة، (1) و (2) و (65) و (69)، والمروزي في "السنة" (50)، والطبراني في "الكبير" 19/ (884) و (885)، والحاكم 1/ 128، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (150)، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 541 - 542 من طرق عن صفوان بن عمرو، به. ويشهد لذكر افتراق الأمة كافتراق أهل الكتاب حديث أبي هريرة السالف قبله، وانظر تمام شواهده عنده. وقد اختلف أهل العلم في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإحدى وسبعون في النار، وواحدة في الجنة" بين مصحح ومُضعِّف، فصححه الحاكم في "المستدرك"، وكذلك ابن تيمية في "الفتاوى" 3/ 345، فقال: حديث صحيح مشهور، وقال ابن كثير في "تفسيره" عند تفسير قوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ} [هود: 118]: حديث مروي في المسانيد والسنن من طرق يشد بعضها بعضاً. وصححه كذلك العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" 4/ 1879، فقال: أسانيدها جياد، وقال أبو إسحاق الشاطبي في "الاعتصام" 2/ 220، وقد عين هذه الفرق وعدّدها: وهذا التعديد بحسب ما أعطته المُنَّة في تكلف المطابقة للحديث الصحيح. وصححه كذلك محمد بن إسماعيل الصنعاني في رسالته "افتراق الأمة" ص 94 - 95، وصالح بن مهدي المقبلي في "العلم الشامخ" ص 269. وضعّف الامام محمد بن إبراهيم الوزير في "العواصم والقواصم" 1/ 186 زيادة "كلها في النار إلا واحدة"، فقال وإياك والاغترار بـ"كلها هالكة، إلا واحدة" فإنها زيادة فاسدة، غير صحيحة القاعدة، لا يؤمن أن تكون من دسيس الملاحدة. ونقل بعد ذلك 3/ 172 عن ابن حزم أنه حكم على هذه الزيادة بالوضع. قلنا: لم نجد ذلك في كتبه، لكن جاء في "الفصل في الملل والاهواء والنحل" 3/ 138 قوله: ذكروا حديثاً =

2 - باب النهي، عن الجدال واتباع المتشابه من القرآن

2 - باب النَّهي، عن الجدال واتَّباع المتشابه من القرآن 4598 - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ إبراهيم التُّسْتَريُّ، عن عبدِ الله بن أبي مُلَيكة، عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: قرأ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] قالت: فقال رسولُ - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا رأيتمُ الذين يتَّبِعُون ما تشابَهَ منه، فأولئك الذين سمَّى الله فاحذَرُوهُمْ" (¬1). ¬

_ = عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أن القدرية والمرْجئية مجوس هذه الأمة"، وحديثاً آخر: "تفترق هذه الأمة على بضع وسبعين فرقة، كلها في النار حاشا واحدة، فهي في الجنة" فقال: هذان حديثان لا يصحان أصلاً من طريق الإسناد. وضعف هذه الزيادة أيضاً تبعاً لهما الشركاني في "فتح القدير" 2/ 275، فقال: زيادة لا تصح، لا مرفوعة ولا موقوفة. والكَلَبُ: هو مرض مُعْدٍ يقضي على الخلايا العصبية لجزء من الدماغ، ينتقل فيروسه في اللعاب بالعض من الفصيلة الكلبية إلى الانسان وغيره، ومن ظواهره: تقلصات في عضلات التنفُّس والبلع، وخيفة الماء، وجنون، واضطرابات أخرى شديدة في الجهاز العصبي. و"تجارى بهم" أي: تسري في عروقهم ومفاصلهم. (¬1) إسناده صحيح. القعنبيُّ: هو عبد الله بن مسلمة بن قَعْنَب. وأخرجه البخاري (4547)، ومسلم (2665)، والترمذي (3236) و (3237) من طريق يزيد بن إبراهيم، بهذا الاسناد. وأخرجه ابن ماجه (47) من طريق أيوب السختياني، والترمذي (3237) من طريق أبي عامر الخزاز، كلاهما عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عائشة. لم يذكر القاسم. قال الترمذي: وابن أبي مليكة هو عَبد الله بن عُبيد الله بن أبي مليكة، وقد سمع من عائشة أيضا.=

3 - باب مجانبة أهل الأهواء وبغضهم

3 - باب مجانبة أهل الأهواء وبُغضِهِم 4599 - حدَّثنا مُسدَّد، حدَّثنا خالدُ بن عبد الله، حدَّثنا يزيدُ بنُ أبي زياد، عن مجاهد، عن رجلٍ عن أبي ذر قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "أفضَلُ الأعمال: الحُبُّ في الله والبغضُ في الله" (¬1). ¬

_ وهو في "مسند أحمد" (24210)، و"صحيح ابن حبان" (73) و (76). المحكم من القرآن: ما وضح معناه، والمتشابه نقيضه، وسمي المحكم بذلك لوضوح مفردات كلامه وإتقان ترتيبه، بخلاف المتشابه. وقيل: المحكم: ما عرف المراد منه إما بالظهور، وإما بالتأويل، والمتشابه: ما استأثر الله بعلمه، كقيام الساعة وخروج الدجال، والحروف المقطعة في أوائل السور. وقال الخطابي: المتشابه على ضربين، أحدهما ما إذا رُد إلى المحكم واعتبر به، عرف معناه، والآخر: ما لا سبيل إلى الوقوف إلى حقيقته، وهو الذي يتبعه أهل الزيغ، فيطلبون تأويله، ولا يبلغون كنهه، فيرتابرن فيه فيفتنون. "فتح الباري" 8/ 211 - 212. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد -وهو الهاشمي مولاهم- ولابهام الراوي عن أبي ذر. مجاهد: هو ابن جَبْر المكي، وخالد بن عبد الله: هو الواسطي الطحان. وأخرجه أحمد (21303) من طريق يزيد بن عطاء اليشكري، عن يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد. وأخرجه محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (394) من طريق جرير بن عبد الحميد، والخطيب في "تاريخ بغداد" 6/ 391، ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (1223) من طريق أبي عوانة، كلاهما عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن أبي ذر. فأسقطا الواسطة بين مجاهد وأبي ذر! وأخرجه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (399) من طريق زبيد اليامي، عن مجاهد قال: إن أوثق عرى الإيمان: الحب في الله والبغض في الله. فجعله من قوله. وإسناده صحيح. =

4600 - حدَّثنا ابنُ السَّرح، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني يونس، عن ابنِ شهابِ، أخبرني عبد الرحمن بن عبدِ الله بن كعب بن مالكٍ أن عبدَ الله بنَ كعب بن مالكٍ -وكان قائد كعبٍ من بنيه حين عَمِيَ- قال: سمعتُ كعبَ بنَ مالكٍ وذكر ابن السَّرح قصَّةَ تخلُّفِه عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوكَ- قال: ونهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمينَ عن كلامنا أيُّها الثَّلاثةُ، حتى إذا طال على تَسَوَّرْتُ جدارَ حائطِ أبي قَتادةَ، وهو ابنُ عَمِّي، فسلَّمتُ عليه، فوالله ما رَدَّ عليَّ السلام، ثم ساق خبرَ تنزيل توبته (¬1). ¬

_ = ويشهد له حديث أنس عند النسائي في "المجتبى" (4987) رفعه: "ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان وطعمه: أن يكون الله عز وجل ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب في الله وأن يبغض في الله، وأن توقد نار عظيمة فيقع فيها أحب إليه من أن يشرك بالله شيثاً وإسناده صحيح. وحديث البراء بن عازب عند أحمد في "مسنده" (18524) وانظر تمام شواهده هناك. (¬1) إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث السالف برقم (2773). قال الخطابي: فيه من العلم أن تحريم الهجرة بين المسلمين أكثر من ثلاث إنما هو فيما يكون بينهما من قِبَل عَتْب ومَوْجِدَة، أو لتقصير يقع في حقوق العِشْرة ونحوها، دون ما كان من ذلك في حق الدين، فإن هجرة أهل الأهواء والبدعة دائمة على مر الأوقات والأزمان ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاف على كعب وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن الخروج معه في غزوة تبوك، فأمر بهجرانهم في بيوتهم نحو خمسين يوماً على ما جاء في الحديث إلى أن أنزل الله سبحانه توبته وتوبة أصحابه، فعَرَف رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - براءتهم من النفاق. وفيه دلالة على أنه لا يُخرَج المرءُ بترك رد سلام أهل الأهواء والبدع. وفيه دليل على أن من حلف أن لا يكلم رجلاً، فسلَّم عليه أو رد عليه السلام كان حانثاً.

4 - باب ترك السلام على أهل الأهواء

4 - باب ترك السلام على أهل الأهواء 4601 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا عطاءٌ الخراسانيُّ، عن يحمى بن يَعمَر عن عمار بن ياسر، قال: قدمت على أهلي وقد تشقَّقت يَدَاي، فَخَلَّقوني بزعفران، فغدَوتُ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فسلَّمت عليه، فلم يَرُدَّ عليَّ، وقال: "اذهب فاغسِلْ هذا عنك" (¬1). 4602 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتِ البُنانيِّ، عن سُمية عن عائشة: أنه اعتلَّ بعيرٌ لصفيَّة بنت حُييٍّ، وعند زينبَ فضلُ ظَهرٍ، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لزينب: "أعطيها بعيراً" فقالت: أنا أُعْطِي تلكَ اليهوديَّةَ؟! فغَضِبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فهَجَرَها ذا الحِجَّة والمُحرَّمَ وبعضَ صَفرٍ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، يحيى بن يعمر لم يسمع من عمار بن ياسر فيما قاله غير واحد من أهل العلم. وقد سلف برقم (4176) بأطول مما ها هنا. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة سُمية -وقيل في اسمها أيضاً: شُميسة-، وقد اختُلف فيه عن ثابت البناني -وهو ابن أسلم- كما سيأتي بيانه. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابن سعد في "طبقاته " 8/ 126 - 127، واسحاق بن راهويه (1408)، وأحمد (25002) و (26250)، والطبراني في "الكبير" 24/ (188)، وفي "الأوسط" (2609) من طريق حماد بن سلمة، به. وخالف حماداً فيه جعفر بن سليمان الضبعي عند أحمد (26866)، ومن طريقه ابن الأثير في "أسد الغابة" في ترجمة صفية بنت حيي 6/ 170 - 171، فرواه عن ثابت، عن شميسة أو سمية، عن صفية بنت حيي، فجعله من مسند صفية بنت حيي، واختلاف الصحابي وان كان لا يضر، يبقى جهالة شُمَيسة هذه. =

5 - باب النهي عن الجدال في القرآن

5 - باب النَّهي عن الجدال في القرآن 4603 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا يزيدُ -يعني ابنَ هارون- أخبرنا محمدُ بن عَمرو، عن أبي سَلَمة عن أبي هريرة، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "المِراءُ في القُرآنِ كُفْرٌ" (¬1). ¬

_ = وخالفهما سليمان بن المغيرة عند النسائي في "الكبرى" (9117)، فرواه عن ثابت، عن أنس. ولا نظن سليمان إلا أنه قد سلك الجادة، لأن جُلَّ رواية ثابت إنما هي عن أنس. فظن سليمانُ أن هذا منها، فكان واهماً، والله تعالى أعلم. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمد بن عمرو -وهو ابن علقمة الليثي- ولكنه متابع. وهو في "مسند أحمد" (10539). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8039) من طريق أبي حازم سلمة بن دينار، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، المراء في القرآن كفر". وهذا إسناد صحيح. وهو في "مسند أحمد" (7989)، وصححه الحاكم 2/ 223، ووافقه الذهبي. وقال الخطابي: اختلف الناس في تأويله، فقال بعضهم: معنى المراء هنا: الشك فيه. كقوله: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ} [هود: 17]، أي: في شك، ويقال: بل المراء هو الجدال المشكك فيه. وتأوله بحضهم على المراء في قراءته، دون تأويله ومعانيه، مثل أن يقول قائل: هذا قرآن قد أنزله الله تبارك وتعالى. ويقول الآخر: لم ينزله الله هكذا فيكفر به من أنكره، وقد أنزل سبحانه كتابه على سبعة أحرف كلها شاف كاف، فنهاهم - صلى الله عليه وسلم - عن إنكار القراءة التي يسمع بعضهم بعضاً يقرؤها، وتوعدهم بالكفر عليها لينتهوا عن المراء فيه والتكذيب به، إذ كان القرآن منزلاً على سبعة أحرف، وكلها قرآن منزل يجوز قراءته ويجب علينا الإيمان به. وقال بعضهم: إنما جاء في الجدال بالقرآن في الآي التي فيها ذكر القدر والوعيد، وما كان في معناهما على مذهب أهل الكلام والجدل، وعلى معنى ما يجري من الخوض =

6 - باب في لزوم السنة

6 - باب في لزوم السُّنَّة 4604 - حدَّثنا عبدُ الوهَّاب بنُ نَجدَةَ، حدَّثنا أبو عَمرو بنُ كثير بن دينارِ، عن حَريزِ بن عثمان، عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن المقدام بن مَعْدي كَرِبَ، عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ألا إني أوتيتُ الكتابَ ومثلَه معه، ألا يوشِكُ رَجُلٌ شَبعانُ على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وَجَدتُم فيه من حلالِ فأَحِلُّوه، وما وجدتُم فيه من حَرَامٍ فحَرِّمُوه، ألا لا يَحِلُّ لَكُم لحمُ الحِمَارِ الأهليِّ، ولا كُل ذي نابٍ من السَّبُع، ولا لُقَطةُ مُعاهَدِ إلا أنْ يستغنيَ عنها صاحِبُها، ومن نزلَ بقومٍ، فعليهم أن يَقْرُوه، فإنْ لم يَقرُوه فله أن يُعقِبَهم بمثل قِرَاه" (¬1). ¬

_ = بينهم فيها، دون ما كان منها في الأحكام وأبواب التحليل والتحريم والحظر والإباحة، فإن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد تنازعوها فيما بينهم، وتحاجوا بها عند اختلافهم في الأحكام، ولم يتحرجوا عن التناظر بها وفيها، وقد قال سبحانه: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59]. فعُلم أن النهي منصرف الى غير هذا الوجه، والله أعلم. وقال البيضاوي: المراد بالمراء فيه التدارؤ، وهو أن يروم تكذيب القرآن بالقرآن ليدفع بعضه ببعض، فيطرق إليه قدحاً وطعناً، ومن حق الناظر في القرآن أن يجتهد في التوفيق بين الآيات المختلفة ما أمكنه، فإن القرآن يصدق بعضه بعضاً، فإن أشكل عليه شيء من ذلك ولم يتيسر له التوفيق، فليعتقد أنه من سوء فهمه، وليكله إلى عالمه وهو الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، كما قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}. (¬1) إسناده صحيح. أبو عمرو بن كثير بن دينار: هو عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار. وأخرجه أحمد (17174)، ومحمد بن نصر المروزي في "السنة" (244)، والطبراني في "الكبير"20/ (670)، وفي "الشاميين" (1061)، والبيهقي في "دلائل =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = النبوة" 6/ 549، والخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" 1/ 89، وابن عبد البر في "التمهيد" 1/ 149 - 150 من طريق حريز بن عثمان، به. وأخرجه محمد بن نصر المروزي في "السنة" (404)، وابن حبان (12)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/ 209، والدارقطني (4768)، والخطيب في" الفقيه والمتفقه" 1/ 89 من طريق مروان بن رؤبة، والطبراني في "الكبير" 20/ (669). وفي "الشاميين" (1881) من طريق عمر بن رؤبة، كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي، به. وقد سلف منه قوله: "ألا لا يحل لكم ... " إلى آخره برقم (3804). قال الخطابي: قوله: "أوتيت الكتاب ومثله معه" يحتمل وجهين من التأويل، أحدهما: أن يكون معناه أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أُعطي من الظاهر المتلو. ويحتمل أن يكون معناه: أنه أوتي الكتاب وحياً يُتلى، وأوتي من البيان، أي: أُذِنَ له أن يبين ما في الكتاب، ويَعُمَّ ويخُصَّ، وأن يزيد عليه فيشرع ما ليس له في الكتاب ذكر، فيكون ذلك في وجوب الحكم ولزوم العمل به كالظاهر المتلو من القرآن. وقوله: "يوشك شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن" فإنه يحذِّر بذلك مخالفة السنن التي سنَّها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له في القرآن ذكر على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض، فإنهم تعلّقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضُمِّنت بيان الكتاب، فتحيروا وضلُّوا، والأريكة: السرير، ويقال: إنه لا يسمى أريكة حتى يكون في حَجَلةٍ، وإنما أراد بهذه الصفة أصحاب الترفه والدَّعَة الذين لزموا البيوت، ولم يطلبوا العلم، ولم يغدوا له، ولم يروحوا في طلبه في مظانه واقتباسه من أهله. وأما قوله: "لا تحل لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاجها" فمعناه إلا أن يترجمها صاجها لمن أخذها استغناء عنها، وهذا كقوله سبحانه: {فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ} [التغابن: 6] معناه - والله أعلم -: تركهم الله استغناء عنهم، وهو الغني الحميد. وقوله: "فله أن يعقبهم بمثل قِراه" معناه: له أن يأخذ من مالهم قدر قراه عوضاً وعقبى مما حرموه من القرى. وهذا في المضطر الذي لا يجد طعاماً، ويخاف على نفسه التلف، وقد ثبت ذلك في كتاب الزكاة أو في غيره من هذا الكتاب. تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في (أ) و (ب) و (ج) و (د) الحديثُ الآتي برقم (4611).

4605 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمد بن حنبلٍ وعبدُ الله بن محمدِ النُّفيليُّ وابنُ كثير (¬1)، قالوا: حدَّثنا سفيانُ، عن أبي النَّضر، عن عُبيد الله بن أبي رافع عن أبيه، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا أُلْفِيَن أحدَكُم مُتَّكئاً على أريكَتِهِ يأتيه الأمرُ من أمري مِمَّا أمرْتُ به أو نَهَيتُ عنه، فيقول: لا ندري، ما وجدنا في كتاب الله اتَّبعناه" (¬2). 4606 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح البزاز، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعدِ. وحدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا عبدُ الله بنُ جعفر المَخرَمي وإبراهيمُ بن سعدٍ، عن سعدِ بن إبراهيم، عن القاسِمِ بن محمد عن عائشة قالت: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحْدَثَ في أمْرِنا هذا ما ليس فيه (¬3)، فهو رَدُّ" (¬4). ¬

_ (¬1) طريق ابن كثير هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي وبعض روايات اللؤلؤي. (¬2) إشاده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو النضر: هو سالم بن أبي أمية التيمي مولاهم، وابن كثير: هو محمد بن كثير العبْدي. وأخرجه ابن ماجه (13)، والترمذي (2854) من طريق سفيان بن عيينة بهذا الإشاد. لكن قال ابن ماجه في روايته: عن سالم أبي النضر، قال: أو زيد بن أسلم وهذا التردد لا يؤثر، لرواية الجماعة له عن سفيان بن عيينة بذكر سالم دون تردد، ثم إن كان عن زيد بن أسلم فلا يضر كذلك، لأنه ثقة. وقرن الترمذيُّ في روايته بسالمٍ محمدَ بنَ المنكدر. وهو في "مسند أحمد" (23861) و (23876)، و"صحيح ابن حبان" (13). (¬3) في رواية ابن الأعرابي: ما ليس منه. كما في هامش (هـ). (¬4) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2697)، ومسلم (1718)، وابن ماجه (14) من طريق سعد ابن إبراهيم، به. وهو في "مسند أحمد" (26033)، و"صحيح ابن حبان" (26) و (27). =

قال ابن عيسى: قال النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ صَنَعَ أمراً على غير أمرِنا فهو ردٌّ". 4607 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا الوليد بن مسلم، حدَّثنا ثورُ بن يزيد، حدَّثني خالدُ بن معدان، حدَّثني عبد الرحمن بن عمرو السُّلميِّ وحُجرُ ابنُ حُجْرٍ، قالا: أتينا العرباضَ بن سارية، وهو مِمَّن نزل فيه: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ} [التوبة: 92] فسلَّمنا، وقلنا: أتيناكَ زَائِرِينَ وعَائدينَ ومُقتبسينَ، فقال العرباضُ: صَلَّى بنا رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم - ذات يوم، ثم أقبلَ علينا، فوَعَظَنا موعظةً بليغةَ ذَرَفَتْ منها العيونُ ووَجِلَت منها القلوبُ، فقال قائل: يا رسولَ الله-صلى الله عليه وسلم - كانَ هذه موعظةُ مودعِّ، فماذا تَعهدُ إلينا؟ قال: "أوصيكُم بتقوى الله والسمعِ والطَّاعةِ وإنْ عَبْداً حبشيَّاً، فإنَّه من يَعِشْ منكم بَعْدي فسَيَرى اختلافاً كثيراً، فعليكُم بسنَّتي وسُنَّةِ الخُلفاءِ، المَهديِّينَ الرَّاشدينَ، تَمَسَّكوا بها ¬

_ = قال الخطابي: في هذا بيان أن كل شيء نهى عنه - صلى الله عليه وسلم - من عقد نكاح وبيع وغيرهما من العقود فنه منقوض مردود، لأن قوله: "فهو ردٌّ" يوجب ظاهره إفساده وإبطاله، إلا أن يقوم الدليل على أن المراد به غير الظاهر، فيترك الكلام عليه لقيام الدليل فيه، والله أعلم. وقال الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" 1/ 176: وهذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها، كما أن حديث "الأعمال بالنيات" ميزان للأعمال في باطنها، فكما أن ل عمل لا يراد به وجه الله تعالى، فليس لعامله فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود على عامله، ول من أحدث في الدين ما لم يأت به الله ورسوله، فليس من الدين في شيء. وانظر تمام الكلام عليه فيه، فنه غاية في النفاسة.

وعَضُّوا عليها بالنَّواجذِ، وإيَّاكم ومُحْدَثاتِ الأمورِ، فإن كُلَّ مُحدَثَةٍ بدْعَةٌ، وكل بدعَةٍ ضَلالةٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من جهة عبد الرحمن بن عمرو السُّلمي. وحجر مجهول، وقد توبعا كما بيناه في "مسند أحمد" (17142). وهذا الحديث قد صححه الترمذي والبزار فيما نقله عنه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله، والحاكم، وابن عبد البر والضياء المقدسي، والهروي، والذهبي، وابن رجب الحبلي في "جامع العلوم والحكم" 2/ 109 وقال ابن رجب: هو حديث جيد، من صحيح حديث الشامِين، ولم يتركه البخاريُّ ومسلمٌ من جهة إنكار منهما له. وأخرجه ابنُ ماجه (44)، والترمذي (2871) من طريق ثور بن يزيد، والترمذي (2870) من طريق بحير بن سَعْد، كلاهما عن خالد بن معدان، عن عبد الرحمن بن عمر ووحده، به. وأخرجه ابن ماجه (43) من طريق معاوية بن صالح، عن ضمرة بن حببب، عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي، به. وأخرجه ابن ماجه أيضاً (42) من طريق يحيى بن أبي المطاع، قال: سمعت العرباض بن سارية. ويحيى وإن صرح بالسماع من العرباض واعتمده البخاري وجزم به في "تاريخه" أنكر حفاظ أهل الشام سماعه منه، فيما ذكر المزي في "تهذيب الكمال"، وابن رجب في "جامع العلوم والحكم" 2/ 110، فالاسناد منقطع. قال ابن رجب: وقد روي عن العرباض من وجوه أخر. وله طريق أخرى عند ابن أبي عاصم في "السنة" (28) و (29) و (59)، والطبراني 18/ (623) من طريق إسماعيل بن عياش، عن أرطاة بن المنذر، عن المهاصر بن حبيب، عن العرباض. وإسناده حسن إن شاء الله تعالى. والحديث بهذه الطرق مجموعة لا شك أنه يرتقي إلى درجة الصحيح. وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "مسند أحمد" (17142) و (17146). قال الخطابي: قوله: "وإن عبداً حبشياً" يريد به طاعة من ولاه الإمام عليكم، وإن كان عبداً حبشياً. وقد ثبت عن - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الأئمة من قريش"، وقد يضرب المثل =

4608 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا ييحى، عن ابن جُرَيجِ، حدثني سليمانُ -يعني ابنَ عَتيقِ-، عن طَلْقِ بنِ حبيبِ، عن الأحنفِ بنِ قيس عن عبدِ الله بن مسعود، عن النبى - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ألا هَلَكَ المُتنطعون" ثلاث مرَّات (¬1). ¬

_ = في الشيء بما لا يكاد يصح منه الوجود، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من بنى لله مسجداً ولو مثل مفحص قطاة بنى الله له بيتاً في الجنة" وقدر مفحص قطاة لا يكون مسجداً لشخص آدمي. وكقوله: "لو سوقت فاطمة لقطعت يدها، وهى رضوان الله عليها وسلامه لا يُتوهم عليها السرقة. وقال: "لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده" ونظائر هذا في الكلام كثير. والنواجذ: آخر الأضراس، واحدها ناجذ، انما أراد بذلك الجد في لزوم السنة، فِعْلَ من أمسك الثيء بين أضراسه وعض عليها منعا له أن ينتزع، وذلك أشدُّ ما يكون من التمسك بالشيء، إذا كان ما يمسكه بمقاديم فمه أقرب تناولاً وأسهل انتزاعاً، وقد يكون معناه أيضاً الأمر بالصبر على ما يصيبه من المضض في ذات الله كما يفعله المتألم بالوجع يصيبه. وقوله: "كل محدثة بدعة" فإن هذا خاص في بعض الأمور دون بعض، وكل شيء أحدث على غير أصل من أصول الدين، وعلى غير عياره وقياسه. وأما ما كان منها مبْنياً على قواعد الأصول ومردود إليها، فليس ببدعة ولا ضلالة، والله أعلم. وفي قوله: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاه الراشدين" دليل على أن الواحد من الخلفاء الراشدين إذا قال قولاً، وخالفه فيه غيره من الصحابة، كان المصير إلى قول الخليفة أولى. (¬1) إسناده صحيح. ابن جُريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز، ويحى: هو ابن سعيد القطان، ومسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه مسلم (2670) من طريق ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (3655). قال الخطابي: "المتنطع" المتعمق في الشيء المتكلف للبحث عنه على مذاهب أهل الكلام، الداخلين فيما لا يعنيهم، الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم. =

7 - باب لزوم السنة

7 - باب لزوم السنة 4609 - حدَّثنا يحى بنُ أيوب، حدَّثنا إسماعيلُ -يعني ابنَ جعفرٍ- قال: أخبرني العلاءُ بنُ عبد الرحمن - عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسولَ الله-صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ دعا إلى هدىً، كان له من الأجر مثلُ أجورِ مَنْ تَبِعَه لا يَنقُصُ ذلك من أجورِهم شيئاً، ومن دَعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثلُ آثام من تَبِعَه لا ذلك مِن آثامهم شيئاً" (¬1). 4610 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن عامر ابن سعدٍ ¬

_ = وفيه دليل على أن الحكم بظاهر الكلام، وأنه لا يُترك الظاهر إلى غيره ما كان له مساغ وأمكن فيه استعمال. وقال النووي: المتنطعون: المتعمقون المغالون المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2674)، وابن ماجه (206)، والترمذي (2868) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، به. وهو في "مسند أحمد" (9160)، و"صحيح ابن حبان" (112). وأخرج ابن ماجه (204) من طريق محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فحث عليه، فقال رجل: عندي كذا وكذا، قال: فما بقي في المجلس رجل إلا تصدق بما قل أو كثر، فقال رسول الله: "من استَنَّ خيراً فاستُنَّ به، كان له أجره كاملاً، ومن أجور من استن به، ولا ينقص من أجورهم شيئاً، ومن استَنَّ سنَّة سيئةً فاستُنَّ به فعليه وزره كاملاً، ومن أوزار الذي استَنَّ به، ولا ينقص من أوزارهم شيئاً. وهو في "مسند أحمد" (10749).

عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ أعظم المسلمين في المسلمين جُرْماً مَنْ سأل عن أمرٍ لم يُحَرَّم، فحُرِّم على الناس من أجلِ مسألته" (¬1). 4611 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدِ ابنِ عبد الله بن مَوْهَب الهَمْداني، حدَّثنا الليثُ، عن عُقَيل، عن ابنِ شهاب، أن أبا إدريس الخولانيَّ عائذَ الله أخبره أن يزيدَ بنَ عَمِيرةَ -وكان من أصحاب معاذ بن جبل- أخبره، قال: كان لا يجلس مجلساً للذكر حين يجلس إلا قال: الله حَكَمٌ قِسْطٌ، هلك المُرتابون، فقال معاذ بن جبل يوماً: إن مِنْ ورائكم فِتَناً ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (7289)، ومسلم (2358) من طريق ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (1545)، و"صحيح ابن حبان" (110). قال الخطابي: هذا في مسالة من يسأل عبثاً وتكلفاً فيما لا حاجة به إليه، دون من سأل سؤال حاجة وضرورة كمسألة بني إسرائيل في شأن البقرة. وذلك أن الله سبحانه أمرهم أن يذبحوا بقرة، فلو استعرضوا البقر، فذبحوا منها بقرة لأجزأتهم. كذلك قال ابن عباس رضي الله عنه في تفسير الآية، فما زالوا يسألون ويتعنتون حتى غلظت عليهم وأمروا بذبح البقرة على النعْت الذي ذكره الله في كتابه، فعظمت عليهم المؤنة، ولحقتهم المشقة في طلبها حتى وجدوها فاشتروها بالمال الفادح فذبحوها وما كادوا يفعلون. وأما ما كان سؤاله استبانة لحكم واجب، واستفادة لعلم قد خفي عليه فإنه لا يدخل في هذا الوعيد، وقد قال الله سبحانه: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]. وقد يحتج بهذا الحديث من يذهب من أهل الظاهر إلى أن أصل الأشياء قبل ورود الشرع بها على الإباحة حتى يقوم دليل على الحظر. وإنما وجه الحديث وتأويله ما ذكرناه، والله أعلم.

يكثُرُ فيها المال ويُفتح فيها القرآنُ حتى يأخُذهُ المؤمنُ والمنافقُ والرجلُ والمرأة، والصغيرُ والكبيرُ والعبدُ والحرُّ، فيوشِكُ قائلٌ أن يقول: ما للناس لا يتَّبعوني وقد قرأتُ القرآن؟ ما هم بمتبعيَّ حتَّى أبتدعَ لهم غيرَه، فإيَّاكم وما ابتُدعَ؟ فإن ما ابتُدِعَ ضلالةٌ، وأحَذرُكُم زَيغَةَ الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافقُ كلمةَ الحق، قال: قلت لمعاذ: ما يُدريني -يرحمك الله- أن الحكيمَ قد يقول كلمةَ الضلالةِ، وأن المنافقَ قد يقول كلمةَ الحق؟ قال: بلى، اجتَنِبْ من كلام الحكيم المُشتهِرَاتِ التي يُقال ما هذه، ولا يَثْنِيَنَّكَ ذلك عنه، فإنه لعله أن يُراجِعَ، وتَلَقَّ الحقَّ إذا سمعتَه فإن على الحقِّ نوراً (¬1). ¬

_ (¬1) أثر إسناده صحيح. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، وعُقيل: هو ابن خالد بن عَقيل، والليث: هو ابن سعد. وأخرجه عبد الرزاق (20750)، وجعفر بن محمد الفريابي في "صفة المنافق" (42)، والآجري في الشريعة ص 47 و 47 - 48، والحاكم 4/ 460، واللالكائي في "أصول الاعتقاد" (116)، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 233، والبيهقي 10/ 210، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 65/ 337 و 338، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة يزيد بن عَميرة 32/ 218 - 219، والذهبي في "تاريخ الإسلام" في ترجمة يزيد ابن خالد ابن موهب الرملي الهمْداني، من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه الطبراني في "الكبير" 20/ (227)، والحاكم 4/ 466 من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن يزيد بن عمرة، به. وأخرجه اللالكائي بنحوه أيضاً (117)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (27). من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: قال معاذ. فلم يذكر يزيد بن عميرة.: وأبو قلابة لم يدرك معاذ بن جبل. =

قال أبو داود: قال معمر عن الزهريِّ في هذا الحديث: ولا يُنئيَنَّك ذلك عنه، مكان يَثْنِيَنَّكَ. وقال صالح بن كيسان، عن الزهريِّ في هذا: بالمشبَّهات، مكان المشتهرات، وقال: لا يَثْنيثَّك، ما قال عُقيل. وقال ابن إسحاق، عن الزهريِّ قال: بلى ما تشابَه عليكَ مِن قولِ الحكيم حتَى تقول: ما أراد بهذه الكلمة؟. 4612 - حدَّثنا ابنُ كثيرِ (¬1)، قال: أخبرنا سفيانُ، قال: كَتَب رجل إلى عُمَر بن عبد العزيز يسالُه عن القَدَر. وحدَّثنا الربيِعُ بن سليمانَ المؤذنُ، قال: حدَّثنا أسدُ بن موسى، قال: حدَّثنا حمادُ بنُ دُليلٍ، قال: سمعتُ سفيانَ الثوريَّ يُحدَّثنا عن النضْر. ¬

_ = وأخرجه بنحوه كذلك الدارمي (199) ومن طريقه أبو إسماعيل الهروي في ذم الكلام (738) من طريق ربيعة بن يزيد، قال: قال معاذ بن جبل. وربيعة بن يزيد لم يدرك معاذاً. يثنينك: يُرجعك ويلفتك، وينئينك: يبعدك. تنبيه: هذا الحديث جاء في أصولنا الخطية عدا (هـ) متقدماً بعد الحديث (4604)، وجاء في (هـ) هنا في هذا الموضع. (¬1) هذا الأثر وجميع الآثار التي بعده إلى آخر الباب أثبنناها من (هـ)، ولم تَرد في سائر أصولنا الخطية، وقد أشار إليها المزي في "التحفة" بالأرقام (19145 و 18517 و 18516 و 18518 و 18510 و 18509 و 18511 و 18524 و 18639 و 18450 و 19232 و 18922 و 18502 و 19004) وذكر أنها في رواية ابن الأعرابي وابن داسه. قلنا: وهو كما قال، لأن (هـ) عندنا برواية ابن داسه، وهذه الآثار كلها فيها. وجاء في هامشها ما نصه: من هنا إلى آخر الباب من رواية ابن داسه، وليس من نسخة أبي عيسى ولا ابن حزم، وهو صحيح من رواية أبي سعيد ابن الأعرابي عن أبي داود.

وحدَّثنا هَنَّادُ بنُ السَّريِّ، عن قَبيصةَ، قالا: حدَّثنا أبو رجاء، عن أبي الصَّلْت -وهذا لفظ حديث ابن كثير ومعناهم- قال: كَتَبَ رجلٌ إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدَر، فكَتَب: أما بعدُ، أوصيكَ بتقوى الله، والاقتصادِ في أمره، واتباعِ سنَةِ رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وتركِ ما أحدَثَ المُحْدِثون بعد ما جَرَت به سُنته، وكفُوا مُؤْنته، فعليكَ بلزوم السنة، فإنها لك -بإذن الله- عصمة. ثم اعلَمْ أنه لم يبتدع الناسُ بدعةً إلا قد مضى قبلها ما هو دَليلٌ عليها أو عِبرةٌ فيها، فإن السنَّةَ إنما سنَّها مَن قد علم ما في خلافه -ولم يقل ابن كثير: من قد علم- من الخطا والزَّلَل والحُمقِ والتَعَمُّقِ، فارضَ لنفسك ما رَضي به القومُ لأنفسهم، فنهم على علمٍ وقَفُوا، وببصرٍ نافذٍ كفُوا، وهم على كشفِ الأمور كانوا أقوى، وبفضل ما كانوا فيه أولى، فإن كان الهدى ما أنتم عليه لقد سَبقْتُموهم إليه، ولَئنْ قلتم: إنما حدث بعدهم ما أحدثه إلا من اتبعَ غيرَ سبيلِهم، ورَغِبَ بنفسه عنهم، فإنهم هم السَّابقون، فقد تكلَّموا فيه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم مِن مَقْصَرٍ، وما فوقهم مِن مَحْسَرٍ، وقد قَصَّرَ قوم دونهم فجَفَوْا، وطَمَحَ عنهم أقوام فغَلَوْا، وإنّهم بين ذلك لعلى هدًى مستقيم، كتبتَ تسالُ عن الإقرارِ بالقَدَرِ، فعلى الخبير -بإذن الله- وقَعْتَ، ما أعلَمُ ما أحْدَثَ الناسُ من مُحْدَثةٍ، ولا ابتدعوا من بدعةٍ هي أبينُ أثراً ولا أثبتُ أمراً من الإقرار بالقَدَر، لقد كان ذكرُه في الجاهليةِ الجهلاء، يتكلمون به في كلامهم وفي شعرهم، يُعَزُّون به أنفسَهم على ما فاتهم، ثم لم يَزِدْهُ الإسلام بعدُ إلا شِدَّةً، ولقد ذكرَهُ رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم -

في غير حديثٍ ولا حديثين، وقد سَمعَهُ منه المسلمون، فتكلَّموا به في حياته وبعد وفاته، يقيناً وتسليماً لربهم، وتضعيفاً لأنفسهم، أن يكون شيءٌ لم يُحِطْ به علمُه، ولم يحصِه كتابُه، ولم يمْضِ فيه قَدَرُه، وإنَّه لمعَ ذلك في مُحكَم كتابه: لَمِنه اقتبسُوه، ومنه تَعَلَّموه، ولئن قلتم: لِمَ أنزل الله آية كذا؟ ولِمَ قال كذا؟ لقد قرؤوا منه ما قرأتم، وعلموا مِن تأويله ما جهلتم، وقالوا بعد ذلك: كُلُّه بكتابٍ وقَدَرٍ، وكُتبتِ الشقاوةُ، وما يُقدَّرْ يكن، وما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا نَملِكُ لأنفسنا ضَرَّاً ولا نَفْعاً، ثم رغبوا بعد ذلك ورَهِبُوا (¬1). 4613 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيد، حدَّثنا سعيدُ -يعني ابن أبي أيوب- أخبرني أبو صَخرٍ، عن نافعٍ قال: كان لابن عُمرَ صديقٌ من أهل الشام يُكاتِبُه، فكتبَ إليه من عبد الله ابن عمر: إنّه بلغني أنَّك تكلمتَ في شيء من القَدَر، فإياكَ أن تكتب إليَّ، فإني سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: "سيكون في أمتي أقوام يكذِّبون بالقَدَر" (¬2). ¬

_ (¬1) ابن كثير: هو محمد بن كثير العبدي، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه أبو بكر الآجري في "الشريعة" ص 233 من طريق مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان الثوري، قال: حدثني شيخ -قال مؤمل: زعموا أنه أبو رجاء الخراساني- أن عدي بن أرطاة كتب إلى عمر بن عبد العزيز ... فذكر نحوه. وأخرجه أيضاً ص 234 من طريق أبي داود الحفري، عن أبي رجاء قال: كتب عامل لعمر بن عبد العزيز يساله عن القدر ... مَقْصَر بمعنى تقصيبر، ومَحْسَرٍ من حسر البصر حسوراً إذا كَلَّ وانقطع، والمراد أن الإفراط والتفريط يكون صاحبه على غير هُدى مستقيم. (¬2) إسناده حسن من أجل أبي صخر -وهو حميد بن زياد-. =

4614 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ الجرَّاح، قال: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن خالدٍ الحذَّاء، قال: قلت للحسن: يا أبا سعيد، أخبرني عن آدمَ، أللسَّماء خُلِقَ أم للأرض؟ قال: لا، بل للأرض، قلت: أرأيتَ لو اعتَصَم، فلم يأكلْ من الشَّجَرَة؟ قال: لم يكن له منه بُدٌّ، قلت: أخبرني عن قوله تعالى: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 162، 163]. قال: إن الشياطين لا يفتنون بضلالتهم إلا مَن أوجب الله عليه الجحيمَ (¬1). ¬

_ = وأخرجه أحمد (5639)، والحاكم 1/ 84، والبيهقي في "السنن الكبرى" 10/ 205، وفي "الدلائل" 6/ 548 من طريق عبد الله بن يزيد أبي عبد الرحمن المقرئ، بهذا الاسناد. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (1) و (هـ)، وهو في رواية ابن داسه وابن الاعرابي وابن العبد. (¬1) أثر إسناده صحيح. خالد الحذاء: هر ابن مِهران، والحسن: هر ابن أبي الحسن البصري. وأخرجه الآجري في الشريعة، ص 217 من طريق حماد بن زيد، به .. وأخرجه الطبري في تفسيره، 23/ 109. من طريق حميد الطويل والآجري ص 217 من طريق منصور بن عبد الرحمن، كلاهما، عن الحسن، بنحوه. بتفسير الآية فقط. وانظر ما سيأتي برقم (4616). وقال ابن كثير في تفسير الآية: يقول تعالى مخاطباً للمشركين {فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 161 - 163] أي: ما ينقاد لمقالكم وما أنتم عليه من الضلالة والعبادة الباطلة إلا من هو أضل منكم ممن ذُرئ للنَّار {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179] فهذا الضرب من الناس هو الذي ينقاد لدين الشرك والكفر والضلالة كما قال تعالى: {إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (8) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ} [الذاريات: 8، 9] أى إنما يضل به من هو مأفوك ومبطل. وانظر "محاسن التأويل" 14/ 126.

4615 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، حدَّثنا خالد الحذَّاء عن الحسن في قوله عز وجل: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119]، قال: خَلَقَ هؤلاء لهذه، وهؤلاء لهذه (¬1). 4616 - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا إسماعيل، أخبرنا خالد الحذَّاء قال: قلت للحسن: {مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} قال: إلا مَنْ أوجب الله تعالى عليه أنه يَصْلَى الجحيمَ (¬2). ¬

_ (¬1) أثر إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه الطبري في "تفسيره" 12/ 143، والآجري في "الشريعة" ص 216 من طريق خالد الحذاء، به. وأخرجه الطبرى 12/ 141 و 143، والآجري في "الشريعة ص 216، واللالكائي في "أصول الاعتقاد" (967) من طريق منصور بن عبد الرحمن، عن الحسن. بنحوه. في "زاد المسير" 4/ 172 أن المشار إليه يرجع إلى الشقاء والسعادة قاله ابن عباس واختاره الزجاج، قال: لأن اختلافهم مؤديهم إلى سعادة وشقاء، قال ابن جرير: اللام في قوله: "ولذلك بمعنى "على". (¬2) أثر إسناده صحيح. خالد الحذاء: هو ابن مِهران، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم، المعروف بابن عُليَّةَ، وأبو كامل: هو فُضيل بن حُسين الجَحْدري. وأخرجه الطبري 23/ 109، والآجري في "الشريعة" ص 217 من طريق إسماعيل ابن علية، به. يصلى الجحيم: يحترق بالنار. وانظر ما سلف برقم (4614). تنبيه: من هذا الأئر إلى آخر الأثر (4626) ليس في رواية اللؤلؤي، وإنما هي عند ابن داسه وابن الأعرابي، نبه عليها المزي في "تحفة الأشراف" انظر الأرقام (19145، 18517، 18516. 18518. 18510، 18509. 18511، 18524، 18639، 18450، 19232، 18922، 18502، 19004).

4617 - حدَّثنا هلال بن بشر، قال: حدَّثنا حمادٌ، قال: أخبرني حُميدٌ كان الحسنُ يقول: لأنْ يُسقَطَ مِن السَّماءِ إلى الأرْضِ أحَبُّ إليه مِنْ أن يقول: الأمرُ بيدي (¬1). 4618 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، قال: حدَّثنا حمادٌ، قال: أخبرنا حُميدٌ، قال: قَدِمَ علينا الحسنُ مكةَ، فكلَّمني فقهاءُ أهلِ مكَّة أنْ أُكَلِّمه في أن يَجْلِسَ لهم يوماً يَعِظُهم فيه، فقال: نعم، فاجتمَعُوا فخَطَبَهم، فما رأيتُ أخطبَ منه، فقال رجل: يا أبا سعيدِ، مَنْ خَلَقَ الشَّيطانَ؟ فقال: سبحان الله! هل مِن خالقِ غيرُ الله؟ خلقَ الله الشيطان، وخَلَقَ الخيرَ، وخَلَقَ الشَرَّ، قال الرجل: قاتلهم الله! كيف يكذبون على هذا الشيخ؟ (¬2). 4619 - حدَّثنا ابنُ كثيرٍ، قال: أخبرنا سفيان، عن حُميدٍ الطويل عن الحسن: {كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ} [الحجر: 12]، قال: الشِّرك (¬3). ¬

_ (¬1) أثر إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل، وحماد: هو ابن زيد. (¬2) أثر إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه عبد الله بن أحمد في "السنة (942) من طريق حماد بن سلمة، به. (¬3) أثر إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وابن كثير: هو محمد بن كثير العَبْدي. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" 2/ 345 - 346، ومن طريقه الطبري في "تفسيره 9/ 14 عن سفيان الثوري، والطبري 9/ 14 و 19/ 115 من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن حميد الطويل، به. =

4620 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، قال: أخبرنا سفيانُ، عن رجلٍ قد سَقَاه غيرُ ابن كثير، عن سفيان، عن عُبيد الصِّيد عن الحسن في قوله جلَّ وعرَّ: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} [سبأ: 54]، قال: بينهم وبين الإيمان (¬1). ¬

_ = وقد ذكر ابن عطية أن الضمير في "نسلكه" يحتمل أن يكون عائداً على الذكر المحفوظ المتقدم الذكر وهو القرآن، وجزم بذلك أبو السعود في "تفسيره"، ونقله الماوردي عن الحسن، وقال ابن المنير صاحب "الانتصاف" 2/ 311: والمراد -والله أعلم- إقامة الحجة على المكذبين بأن الله تعالى سلك القرآن في قلوبهم وأدخله في سويدائها كما سلك ذلك في قلوب المؤمنين المصدقين، فكذب به هؤلاء وصدق به هؤلاء، كل على علم وفهم ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حى عن بينة، ولئلا يكون للكفار على الله حجة بأنهم ما فهموا وجوه الإعجاز كما فهمها من آمن، فأعلمهم الله تعالى من الآن وهم في مهلة وإمكان أنهم ما كفروا إلا على علم معاندين باغين غير معذورين ... (¬1) أثر صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عُبيد الصِّيد، وهو ابن عبد الرحمن المزني البصري، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره " 3/ 133 عن سفيان الثوري، عمن حدثه، عن الحسن. وأخرجه الطبري في "تفسيره " 22/ 112 من طريق مؤمل، عن سفيان الثوري، عن عبيد الصيد (وتحرف في المطبوع إلى عبد الصمد). وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 13/ 527، والطبري في "تفسيره" 22/ 112 من طريق أبي الأشهب جعفر بن حيان العطاردي، عن الحسن البصري. ورجاله ثقات. قال ابن كثير: قال الحسن البصري والضحاك وغيرهما، يعني: الإيمان. وقال السدي: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} وهي التوبة، وهذا اختيار ابن جرير رحمه الله. =

4621 - حاثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا سُليمٌ عن ابن عونٍ، قال: كنتُ أسيرُ بالشام، فناداني رَجُلٌ مِن خلفي، فالتفتُّ فإذا رجاءُ -يعني ابنَ حَيوةَ- فقال: يا أبا عَوْنٍ، ما هذا الذي يَذكُرُونَ عن الحسن؟ قال: قلت: إنّهم يكذبُون على الحسن كثيراً (¬1). 4622 - حدً ثنا سليمانُ بنُ حربٍ، قال: حدَّثنا حمَّادٌ، قال: سمعتُ أيوبَ يقول: كَذَب على الحَسَن ضَربَان من الناس: قومٌ القدَرُ رأيُهم وهم يريدونَ أن يُنَفِّقوا بذلك رأيَهم، وقوم له في قلوبهم شَنآنٌ وبغضٌ يقولون: أليس من قوله كذا؟ أليسَ من قوله كذا؟ (¬2). 4623 - حدَّثنا ابنُ المثنَّى، أن يحيى بن كثير العنبريَّ حدَّثهم، قال: كان قُرَّةُ بن خالد يقول لنا: يا فتيان، لا تُغلَبوا على الحسن، فإنَّه كان رأيُه السنَّةَ والصوابَ (¬3). ¬

_ = وقال مجاهد: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ} من هذه الدنيا من مال وزهرة وأهل، وروي عن ابن عباس وابن عمر والربيع بن أنس، وهو قول البخاري وجماعة، والصحيح أنه لا منافاة بين القولين، فنه قد حيل بينهم وبين شهواتهم في الدنيا وبين ما طلبوه في الأخرة فنعوا منه. والأية واردة في وصف الكفار في الأخرة، إذ يتمنون أن يعودوا إلى الدنيا ليؤمنوا فيحال بينهم وبين ذلك. (¬1) أثر إسناده صحيح. ابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرْطَبان، وسُليم: هو ابن أخضر البصري، ومحمد بن عبيد: هو ابن حساب الغُبَري. وأخرجه عبد الله بن أحمد في "العلل"، (2124) عن عُبيد الله بن عمرو القواريري، عن حماد بن زيد، عن ابن عون. (¬2) أثر إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وحماد: هو ابن زيد. (¬3) أئر إسناده صحيح. ابن المثى: هو محمد.

8 - باب في التفضيل

4624 - حدَّثنا ابنُ المثنَّى وابن بشَّار، قالا: حدَّثنا مُؤمَّلُ بن إسماعيل، حدَّثنا حمادُ بنُ زيد عن ابن عونٍ، قال: لو عَلمنا أنَّ كلمةَ الحسن تَبلُغ الذي بَلَغَتْ لكتبْنا برجوعِه كتاباً، وأشهَدْنا عليه شُهوداً، ولكنا قلنا: كلمة خَرجَتْ لا تُحمَلُ (¬1). 4625 - حاثنا سليمانُ بنُ حربٍ، قال: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن أيوبَ قال: قال لي الحسن: ما أنا بعائد إلى شيءِ منه أبداً (¬2). 4626 - حدَّثنا هلال بن بشر، قال: حدَّثنا عثمانُ بنُ عثمان عن عثمان البتِّيِّ، قال: ما فسَّر الحسن آيةً قطُّ إلا على الإثبات (¬3). 8 - باب في التفضيل 4627 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أسودُ بنُ عامر، حدَّثنا عبدُ العزيز ابن أبي سَلَمة، عن عُبيد الله، عن نافعٍ عن ابن عمر، قال: كنَّا نقولُ في زمن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -: لا نَعدلُ بأبي بكرِ أحداً، ثم عُمرَ، ثم عثمان، ثم نتركُ أصحابَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لا نُفاضِلُ بينهم (¬4). ¬

_ (¬1) أثر ضعيف لضعف مؤمل بن إسماعيل. (¬2) أثر إسناده صحيح. أيوب: هو السختباني. وأخرجه جعفر الفريابي في "القدر" (354) من طريق حماد بن زيد، به. (¬3) إسناده حسن. عثمان بن عثمان -وهو الغطفاني- صدوق. عثمان البَتِّي: هو ابن مسلم. قال المزي في "الأطراف" 3/ 286 في تفسير "على الاثبات": يعني إثبات القدر. (¬4) إسناده صحيح. عُبيد الله: هو ابن عمر العمري، وعبد العزيز بن أبي سلمة: هو عبد العزيز بن عبد الله بن أبى سلمة الماجِشُون. =

4628 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عَنبَسَةُ، حدَّثنا يونسُ، عن ابنِ شهابٍ، قال: قال سالمُ بن عبد الله: إن ابن عمر قال: كنَّا نقول ورسولُ الله-صلى الله عليه وسلم- حيٌّ: "أفضَلُ أَّمَّة النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعدَه أبو بكرٍ، ثم عُمرُ، ثم عثمانُ رضي الله عنهم (¬1). 4629 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، حدَّثنا جامعُ بن أبي راشدٍ، حدَّثنا أبو يعلى، عن محمد ابن الحنفية، قال: قلت لأبي: أيُّ الناس خيرٌ بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: أبو بكر، قال: قلت: ثم مَنْ؟ قال: ثم عُمَر، قال: ثم خَشيتُ أن أقول: ثم مَنْ؟ فيقول ¬

_ = وأخرجه البخاري (3698) من طريق أسود بن عامر شاذان، بهذا الإسناد. وأخرج الترمذي (4040) من طريق الحارث بن عمير، عن عبيد الله بن عمر، به بلفظ: كنا نقول ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيٌّ: أبو بكر وعمر وعثمان. وأخرج البخاري (3655) من طريق يحى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نخير بين الناس في زمن النبي-صلى الله عليه وسلم-، فنخيِّر أبا بكر، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان. وأخرج ابن هانئ في "مسائل الامام أحمد" (1938)، ومن طريقه الخلال في "السنة" (541) من طريق أبي صالح، عن ابن عمر قال: كنا نعد ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حيٌّ وأصحابه متوافرون أبو بكر وعمر وعثمان ثم نسكت. وانظر ما بعده. (¬1) صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عنبسة -وهو ابن خالد الأيلي- وقد توبع. وأخرجه أحمد بن حنبل في "فضائل الصحابة (64)، ومن طريقه عبد الله بن أحمد في السنة، (1353)، وابن هانئ النيسابوري في "مسائل الإمام أحمد" (1943)، وأبو بكر الخلال في "السنة" (546) و (553)، وأخرجه الخلال (547) عن محمد بن خالد بن خلي، كلاهما (أحمد ومحمد بن خالد) عن بشر بن شعيب بن أبي حمزة، عن أبيه، عن الزهري، به. وانظر ما قبله.

عثمان، فقلت: ثم أنتَ يا أبت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين (¬1). 4630 - حدَّثنا محمدُ بنُ مسكينٍ، حدَّثنا محمد -يعني الفِريابيَّ- سمعتُ سفيانَ يقول: مَنْ زَعَمَ أن عليّاً كان أحقَّ بالولاية منهما فقد خطَّا أبا بكر وعُمرَ والمهاجرين والأنصار، وما أُراهُ يَرتفعُ له مع هذا عَملٌ إلى السماء (¬2). 4631 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارسٍ، حدَّثنا قبيصةُ بن عقبة، حدَّثنا عبَّاد السمَّاك، سمعتُ سفيانَ الثوريَّ يقول: الخلفاء خمسة: أبو بكر، وعمرُ، وعثمانُ، وعلي، وعمرُ بن عبد العزيز رضي الله عنهم (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو يعلى: هو المنذر بن يعلى الثوري، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، ومحمد بن غير: هو العَبْدي. وأخرجه البخاري (3671) عن محمد بن غير، بهذا الأسناد. وأخرجه بنحوه ابن ماجه (106) من طريق عبد الله بن سَلِمة، عن علي. وابن سلمة ضعيف. وهو في "مسند أحمد" (833) و (835). ونقل الحافظ في "الفتح" 7/ 34 عن القرطبي: المقطوع به بين أهل السنة بأفضلية أبي بكر وعمر، ثم اختلفوا فيمن بعدهما، فالجمهور على تقديم عثمان، وعن مالك التوقف، والمسالة اجتهادية، ومستدها: أن هؤلاء الأربعة اختارهم الله تعالى لخلافة نبيه وإقامة دينه، فنزلتهم عنده بحسب ترتيبهم في الخلافة. (¬2) إسناده إلى سفيان -وهو الثوري- صحيح ومحمد الفريابي: هو ابن يُوسُف. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 7/ 31 من طريق محمد بن سهل بن عسكر، عن محمد بن يوسف الفريابي، به. (¬3) أثر إسناده ضعيف لجهالة عباد السمَّاك. سفيان: هو الثوري. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 45/ 190 و 191 من طريق قبيصة بن عقبة، به.

9 - باب في الخلفاء

9 - باب في الخلفاء 4632 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس، حدَّثنا عبدُ الرزاق -قال محمد: كتبته من كتابه-، أخبرنا مَعمز، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله بن عبد الله، عن ابنِ عباسٍ، قال: كان أبو هريرة يحدِّث أن رجلاً أتى رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أرى الفَيلةَ ظُلَّةً يَنطِفُ منها السَّمْنُ والعَسَلُ، فأرى الناسَ يتكففُون بأيديهم، فالمستكثِرُ والْمُستقلُّ، وأرى سَبباً واصلاً من السماء إلى الأرض، فأراك يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذتَ به فعلوتَ، به ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع، ثم وُصِلَ فعلا به، قال أبو بكر: بأبي وأمِّي لتَدَعَنِّي فلأُعَبِّرنَّها، فقال: "اعْبُرْها" قال: أما الظُّلة فظُلَّةُ الإسلام، وأما ما يَنطِفُ من السمنِ والعَسل، فهو القرآنُ لِينُه وحلاوتُه، وأما المستكثِرُ والمُستقِلُّ فهو المستكثِر من القرآن والمستقلُّ منه. وأما السَّبب الواصل من السماء إلى الأرض، فهو الحقُّ الذي أنت عليه: تأخُذُ به فيعليك الله، ثم يأخذُ به بعدَك رجلٌ فيعلُو به، ثم يأخُذُ به رجل آخرُ فيعلُو به، ثم يأخُذُه رجل آخر فينقطع، ثم يوصَلُ له فيعلو به. أي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لَتُحَدِّثنّي أصبتُ أم أخطاتُ، فقال: "أصبتَ بعضاً وأخطاتَ بعضاً" قال: أقسمتُ يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - لَتُحَدِّثَتّي ما الذي أخطَاْتُ، فقال النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُقسِمْ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وقد سلف برقم (3268). وانظر تخريجه هناك. =

4633 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارس، حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، حدَّثنا سليمانُ بنُ كثيرِ، عن الزهريِّ، عن عُبيد الله بن عبد الله عن ابنِ عباسٍ، عن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -، بهذه القصة، قال: فأبى أن يخبِرَه (¬1). ¬

_ = وانظر ما بعده. قال الخطابي: قوله: "إني أرى الليلة" أخبرني أبو عمر، عن أبي العباس قال: يقول: ما بينك من لدن الصباح وبين الظهر رأيت الليلة، وبعد الظهر إلى الليل رأيت البارحة. والظلة: كل ما أظلَّك من فوقك وعلاك، وأراد بالظلة ها هنا -والله أعلم- سحابة. ينطف منها السمن والعسل، أي: يقطر، والنطف: القطر. وقوله: "يتكففون بأيديهم" يريد: أنهم يتلقونه بأكفهم، يقال: تكفف الرجل الشيء واستكفه: إذا مد كفَّه وتناوله بها، والسبب: الحبل، والواصل: معناه الموصول، فاعل بمعنى مفعول. وقد اختلف الناس في معنى قوله: "أصبت بعضاً، وأخطات بعضاً" فقال بعضهم: أراد به الإصابة في عبارة بعض الرؤيا والخطأ في بعض. وقال آخرون: بل أراد بالخطأ هاهنا: تقديمه بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومسألته، والإذن له في تعبير الرؤيا، ولم يترك رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - ليكون هو الذي يعبرُها، فهذا موضع الخطأ. وأما الاصابة فهي ما تأوله في عبارة الرؤيا وخروج الأمر في ذلك على وفاق ما قاله وعبره. وقد بلغني عن أبي جعفر الطحاوي رواية عن بعض السلف أنه قال: موضع الخطا في عبارة أبي بكر رضي الله عنه أنه مخطئ في أحد المذكورَين من السمن والعسل، فقال: وأما ما ينطف من السمن والعسل، فهو القرآن، لينه وحلاوته، وإنما أحدهما القرآن والأخر السنة، والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح. وهو مكرر ما سلف برقم (3269).

4634 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الله الأنصاري، حدَّثنا الأشعثُ، عن الحسن عن أبي بَكرَة، أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم: "مَنْ رأى منكم رؤيا؟ " فقال رجل: أنا، رأيت كان ميزاناً نَزلَ من السماء، فوُزِنْتَ أنتَ وأبو بكر، فرجَحْتَ أنتَ بأبي بكر، ووُزِنَ عُمرُ وأبو بكر، فرجَحَ أبو بكرٍ، ووُزِنَ عُمر وعثمانُ، فرجح عُمرُ، ثم رُفعَ الميزانُ، فرأينا الكراهيةَ في وجهِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- (¬1). 4635 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن علي بن زيد، عن عبد الرحمن بن أبي بَكرَة عن أبيه، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - هي قال ذات يوم: "أيُّكم رأى رؤيا؟ " فذكر معناه، ولم يَذكرِ الكراهيةَ، قال: فاسْتاء لها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني فَساءَهُ ذلك، فقال: "خِلافةُ نبوَّةٍ، ثم يُؤتي الله المُلكَ مَنْ يشاء (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه عنعنةَ الحسن -وهو ابن أبي الحسن البصري- لكن بانضمام هذا الاسناد إلى ما بعده يحسن الحديث إن شاء الله. الأشعث: هو ابن عبد الملك الحمراني، ومحمد بن عبد الله الأنصاري: هو ابن المثنى. وأخرجه الترمذي (2440)، والنسائي في "الكبرى" (8080) من طريق محمد ابن عبد الله الأنصاري، بهذا الاسناد. وقال الترمذي: حديث حسن. وانظر ما بعده. (¬2) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لضعف علي بن زيد -وهو ابنُ جدعان- لكن بانضمام هذا الاسناد إلى ما قبله يحسُن الحديثُ إن شاء الله تعالى. حماد: هو ابن سلمة. وهو في "مسند أحمد" (20445). وانظر ما قبله. قال الخطابي: قوله: فاستاء لها، أي: كرهها حتى تبينت المساءة في وجهه. ووزنه افتعل من السوء.

4636 - حدَّثنا عَمرُو بن عثمان، حدَّثنا محمدُ بنُ حربٍ، عن الزُّبيديِّ، عن ابنِ شهابِ، عن عمرو بن أبانَ بن عثمان عن جابر بن عبد الله، أنه كان يُحدث، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "أُرِيَ اللَّيلةَ رجلٌ صالحٌ أنَّ أبا بكر نِيَط برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ونِيطَ عُمرُ بأبي بكرِ، ونِيطَ عثمانُ بعُمرَ" قال جابر: فلما قُمنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلنا: أما الرجلُ الصَّالِحُ فرسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وأما تَنَوُّطُ بعضهم ببعض فهم وُلاةُ هذا الأمر الذي بَعَثَ الله به - صلى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات غير عمرو بن أبان بن عثمان، فقد ذكره الزبير بن بكَّار في أولاد أبان، وقال: أمه أم سعيد بنت عبد الرحمن بن هشام، وذكره ابن حبان في "الثقات" 7/ 216 فقال: روى عنه الزهري وأهل المدينة، وقد روى عن جابر بن عبد الله، فلا أدري أسمع منه أم لا؟. ابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، والزُّبَيدي: هو محمد بن الوليد، ومحمد بن حرب: هو الحمصي، وعمرو بن عثمان: هو ابن سعيد ابن كثير الحمصي. وأخرجه أحمد (14821)، وابن أبي عاصم في "السنة، (1134)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3347)، وابن حبان (6913)، والطبراني في "مسند الشاميين" (1802)، والحاكم 3/ 71 - 72 و 102، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 348 - 349، وفي "الاعتقاد" ص 365 وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 173 و 173 - 174، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة عمرو بن أبان، من طريق محمد بن حرب، بهذا الاسناد. وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (262) عن ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: حدثني من سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول: ... فذكره موقوفا عليه ولم يسمِّ عمرو بن أبان. وأخرجه البيهقي في "الدلائل" 6/ 348، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 172 - 173 من طريق ابن وهب، عن يونس، عن الزهري، قال: كان جابر بن عبد الله حدث أن رسول الله قال: أري ... فرفعه، لكن أسقط من إسناده عمرو بن أبان. والزهري لم يسمع من جابر.

قال أبو داود: رواه يونس وشعيبٌ، لم يذكرا عَمْراً. 4637 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، حدَّثني عفَّان بن مسلمٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمة، عن أشعثَ بن عبد الرحمن، عن أبيه عن سَمُرَة بن جُندُبٍ: أنَّ رجلاً قال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، رأيتُ كان دَلْواً دُلِّي من السماء، فجاءَ أبو بكرِ، فأخَذَ بعَرَاقيها فشَرِبَ شُرباً ضعيفاً، ثم جاءَ عُمرُ فأخَذَ بعَرَاقيها فشَرِبَ حتى تَضَلَّعَ، ثم جاء عثمانُ فأخذ بعَرَاقيها فشَرِبَ حتى تَضَلَّعَ، ثم جاء عليٌّ فأخذ بعَرَاقيها، فانْتَشطَتْ، وانتُضِحَ عليه منها شيءٌ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل أشعث بن عبد الرحمن -وهو الجَرْمي-. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 69/ 11 و 12/ 31، وأحمد (25242)، وإبراهيم الحربي في "غريب الحديث" 3/ 1008، والطبراني في "الكبير" (6965)، والمزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة أشعث 28/ 18 من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. قال الخطابي: قوله: دُلِّي من السماء، يريد: أُرسِل، يقال: أدليتُ الدلو، إذا أرسلتها في البئر، ودَلوْتها إذا نزعتها. والعَراقي: أعواد يخالف بينها، ثم تُشد في عُرى الدلو، ويعلق بها الحبل، واحدتها عُرْقُوة. وقوله: تضلَّع، يريد: الاستيفاء في الشرب حتى روي فتمدد جنبه وضلوعه. وانتشاط الدلو: اضطرابها حتى ينتضح ماؤها. وأما قوله في أبي بكر: شرب شرباً ضعيفاً، فنما هو إشارة إلى قصر مدة أيام ولايته، وذلك لأنه لم يعش أيام الخلافة أكثر من سنتين وشيء، وبقي عمر عشر سنين، وشيئاً، فذلك معنى تضلُّعِه، والله أعلم.

4638 - حدَّثنا عليٍّ بنُ سهل الرملي (¬1)، حدَّثنا الوليد، حدَّثنا سعيدُ بن عبد العزيز عن مكحولٍ، قال: لَتَمْخُرَنَّ الرُّومُ الشامَ أربعينَ صباحاً لا يَمتنعُ منها إلا دمشقُ وعمَّان (¬2). 4639 - حدَّثنا موسى بنُ عامر الْمُرِّيُّ، حدَّثنا الوليد، حدَّثنا عبدُ العزيز بن العلاء أنه سمع أبا الأعيس عبدَ الرحمن بنَ سلمان، يقول: سيأتي مَلِكٌ من ملوك العَجَم يَظهرُ على المدائن كلِّها إلا دمشقَ (¬3). ¬

_ (¬1) هذا الأثر مع الآثار (4638 - 4640) و (4642 - 4645) أثبتناها من (د)، وأشير في هامشها نقلاً عن ابن ناصر إلى أنها ليست في رواية الخطيب، وأنها ليست من كتاب السنة. وقد ذكرها المزي جميعا في "التحفة" بالأرقام (19464 و 18962 و 19459 و 19183 و 18632 و 18851 و 18784 و 18851 أيضاً) وقال فيها جميعاً: قيل: إنها في رواية اللؤلؤي وحده. إلا أثر علي بن سهل هذا فذكره ولم يُشر إلى شيء. (¬2) صحيح مقطوعاً. الوليد: هو ابن مسلم الدمشقي. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 245 من طريق أبي داود، بهذا الاسناد. قوله: لتمخرن، أراد: أنها تدخل الشام وتخوضُه وتجوسُ خِلالَه، وتتمكلن منه، فشبّهه بمَخْر السفينة البَحْر. قاله في "النهاية". (¬3) صحيح مقطوعاً. لكن قوله في هذا الإسناد: عبد العزيز بن العلاء، خطأ، والصحيح عبد الله بن العلاء -وهو ابن زَبز- وقد جاء على الصواب في "تحفة الأشراف" 13/ 272. الوليد: هو ابن مسلم الدمشقي. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 245 من طريق أبي علي اللؤلؤي، عن أبي داود، بهذا الاسناد. وجاء فيه: عبد الله بن العلاء، على الصواب. وأخرجه نعيم بن حماد في "الفتن" (1258) عن الوليد بن مسلم، به. ولفظه: يغلب ملك من ملوك الروم على الام كله إلا دمشق وعمان، ثم ينهزم، وتبنى قيسارية أرض الروم فتصير جند من أجناد أهل الشام، ثم تظهر نار عدن أبين.

4640 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلُ، حدَّثنا حماد، حدَّثنا بُردٌ؟ أبو العلاء عن مكحول، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "مَوضِعُ فُسطاطِ المسلمين في الملاحِمِ أرضٌ يقال لها الغوطة" (¬1). 4641 - حدَّثنا أبو ظَفَرٍ عبدُ السلام، حدَّثنا جعفرٌ، عن عوف، قال: سمعتُ الحجّاج يخطُبُ وهو يقول: إن مَثلَ عثمانَ عند الله كمثلِ عيسى ابن مريم، ثم قرأ هذه الأية يقرَؤها ويفسِّرها: {إِذْ قَالَ اللَّهُ ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل. حماد: هو ابن سلمة، وبرد: هو ابن سنان الدمشقي. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 238 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن عساكر أيضاً 1/ 238 من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، به. وأخرجه أحمد في "فضائل الصحابة" (1712)، وابن عساكر 1/ 237 من طريق محمد بن راشد، عن مكحول، عن جبير بن نفير، به فجعله محمد بن راشد من مرسل جبير بن نفير، وأن مكحولاً أخذه منه. وقد صح هذا الحديث موصولاً عن أبي الدرداء فيما سلف عند المصنف برقم وعن عوف بن مالك عند أحمد في "المسند" (23985)، والطبراني في "الكبير" 18/ (72)، وفي "الشاميين" (934)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 1/ 233 - 234. واسناده صحيح أيضاً. قال في "النهاية": الفسطاط، بالضم والكسر: المدينة التي فيها مجتمع الناس، وكل مدينة فُسطاط. وقال أيضاً: الغُوطة: اسم البساتين والمياه التي حول دمشق، وهو غوطتُها. وقال: الغَوطُ: عُمقُ الأرض الأبعد، ومنه قيل للمطمئن من الأرض: غائط. قلنا: قوله: المطمئن يعني المنخفض.

يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: 55] يشير إلينا بيده وإلى أهل الشَّام (¬1). 4642 - حدَّثنا إسحاقُ بن إسماعيل الطالقانيُّ، حدَّثنا جريرٌ. وحدَّثنا زُهيرُ بنُ حرب، حدَّثنا جرير، عن المُغيرة، عن الربيع بن خالد الضَّبِّيِّ، قال: سمعتُ الحجَّاج يخطُبُ، فقال في خطبته: رسولُ أحدكم في حاجته أكرمُ عليه أم خليفته في أهله؟ فقلت في نفسي: لله عليَّ ألا أُصلِّي خلفَكَ صلاةَ أبداً، وإن وَجَدْتُ قوماً يجاهدونَكَ لأجاهِدَنَّك معهم. زاد إسحاق في حديثه: قال: فقاتل في الجماجم حتّى قُتِلَ (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات. الحجاج: هو ابن يوسف الثقفي، وعوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي. وجعفر: هو ابن سليمان الضبعي، وعبد السلام: هو ابن مُطهَّر الأزدي. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 12/ 159 من طريق أبي ظَفَر عبد السلام ابن مُطفر، بهذا الإسناد. وأخرج ابن أبي شيبة 11/ 113 عن مالك بن إسماعيل، عن جعفر بن زياد، عن عطاء بن السائب، قال: كنت جالساً مع أبي البختري الطائي، والحجاج يخطب، فقال: مثل عثمان عند الله كمثل عيسى ابن مريم، قال: فرفع رأسه ثم تأوه، ثم قال: {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 55] قال: فقال أبو البختري: كفر ورب الكعبة. تنبيه: هذا الأثر أثبتناه من "تحفة الأشراف" (19183)، وأشار المزي إلى أنه في رواية ابن داسه وغيره. كذا قال مع أن (هـ) عندنا برواية ابن داسه، وهو ليس فيها، فلعله في بعض روايات ابن داسه دون بعضٍ. (¬2) ضعيف لجهالة الربيع بن خالد الضبي. المغيرة: هو ابن مِقْسَم الضبي مولاهم، وجرير: هو ابن عبد الحميد. =

4643 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا أبو بكر، عن عاصم، قال: سمعتُ الحجَّاج وهو على المنبر وهو يقول: اتَّقوا الله ما استطعتم ليس فيها مَثْنويَّة، واسمعوا وأطيعوا، ليس فيها مثنويَّة، لأمير المؤمنين عبد الملك، والله لو أمَرْتُ الناس أن يخرجوا من بابِ من المسجد، ¬

_ = وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 12/ 158 - 159 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. إلا أنه سمى الربيع بن خالد: بزيغاً، وكذلك سماه جعفر بن محمد المستغفري فيما نقله عنه ابن ماكولا في "الإكمال" 1/ 262 - 263 وقال: أرجو أن يكون ضبطه وكذلك أورده ابن حجر في "التبصير" في باب بزيغ. أما البخاري فقد ذكره في "تاريخه الكبير"، 2/ 131 غير أنه سماه بزيعاً، بالمهملة بدل المعجمة. وذكر ابن ماكولا أنه كان من الصالحين، وأنه خرج مع ابن الأشعث، فقُتل. ووقعة الجماجم: وقعة كانت بالعراق بين عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث والحجاج بن يوسف الثقفي، وكان جيثى ابن الأشعث أزيد من ثلاثين ألف فارس، ونحو مئة ألف وعشرين ألف راجل فيهم علماء وفقهاء وصالحون، وهَزَم ابن الأشعث الحجاج مرات عدة، وأمداد عساكر الثام تأتيه من الخليفة، ثم انكسر ابنُ الأشعث وقُتِلَ. وقد اختلف في سنة وقوعها، فقيل: سنة ثلاث وثمانين، وقيل: سنة اثنتين وثمانين. وجمع بينهما الذهبي بقوله: لعلها كانت في آخر سنة اثنتين وأوائل سنة ثلاث انظر "دول الإسلام" للحافظ الذهبي أحداث سنة اثنتين وثمانين ص 58، و"تاريخ الإسلام" له أيضاً، حوادث 81 - 90. والجماجم أراد بها وقعة دير الجماجم وهو بظاهر الكوفة على سبعة فراسخ منها على طرف البر السالك من البصرة. وقوله: رسول أحدكم في حاجته: هذا تعريض من الحجاج بتفضيل عثمان على علي رضي الله عنهما إذا ترك رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عُثمانَ يوم بدر يُمرِّض زوجته، وأرسل علياً يوم الحج بعد أبي بكر ينادي: "ألا لا يطوفن بالبيت عريانُ، وجهل الحجاج أنه صدر من النبي-صلى الله عليه وسلم- يوم الحديبية خلاف ذلك، فأرسل عثمان وترك عليَّاً خليفتَه في بعض الغزوات. انظر "بذل المجهود" 18/ 164.

فخرجوا من بابٍ آخر لحلَّتْ لي دماؤهم وأموالهم، والله لو أخذتُ ربيعةَ بمضَرَ، لكان ذلك لي من الله حلالاً، ويا عَذيري من عَبد هُذَيلٍ، يَزعُمُ أن قراءته من عند الله، والله ما هي إلا رَجَزٌ من رجز الأعراب، ما أنزلها الله عز وجل على نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وعَذيري من هذه الحمراء، يَزعُمُ أحدهم أنه يرمي بالحجر، فيقول: إلى أن يقع الحجرُ حَدَثَ أمر، فوالله لأَدَعَنَّهم كالأمسِ الدَّابر (¬1). قال: فذكرته للأعمش، فقال: أنا والله سمعته منه. 4644 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا ابنُ إدريس، عن الأعمش، قال: سمعتُ الحجاج يقول على المنبر: هذه الحمراء هَبْرٌ هَبْرٌ، أما والله لو قد قَرَعْتُ عَصاً بعصاً، لأذرنَّهم كالأمس الذَّاهب، يعني الموالي (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات. عاصم: هو ابن أبي النجود، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو بكر: هو ابن عياش. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الإشراف" 631)، عن أبي القاسم واصل بن عبد الأعلى، وابن عسار في: تاريخ دمشق" 12/ 159 من طريق محمد بن العلاء، كلاهما عن أبي بكر بن عياش، به. وأخرجه مخصراً بقصة قول الحجاج في قراءة الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود: ابنُ أبي الدنيا في "الاشراف" (317) عن إسماعيل بن زكريا الكوفي، والحاكم 3/ 556 من طريق أحمد بن عبد الجبار، كلاهما عن أبي بكر بن عياش، به ولم يذكر الحاكم في روايته عاصماً. وزادا في روايتيهما قوله أخزاه الله: والله لو أدركت عبد هذيل لضربت عنقه. لفظ الحاكم. قال الحافظ الذهبي في تاريخ الإسلام في ترجمة الحجاج بن يوسف بعد أن ساق قوله هذا في ثان قراءة عبد الله بن مسعود: قاتل الله الحجاج ما أجرأه على الله، كيف يقول هذا في العبد الصالح عبد الله بن مسعود. (¬2) رجاله ثقات. الأعمش: هو سليمان بن مهران، وابن إدريس: هو عبد الله. وانظر ما قبله. =

4645 - حدَّثنا قَطَنُ بن نُسير، حدَّثنا جعفرٌ -يعني ابنَ سليمان- حدَّثنا داودُ بنُ سليمان، عن شَريكِ، عن سليمانَ الأعمش، قال: جمَّعتُ مع الحجاج، فخطب، فذكر حديثَ أبي بكر بن عياش، قال فيها: فاسمعُوا وأطيعوا لخليفة الله، ولصفيِّه عبد الملك بن مروان، وساق الحديث، قال: لو أخذت ربيعةَ بمُضَرَ، ولم يذكر قصةَ الحمراء (¬1). 4646 - حدَّثنا سَوَّار بنُ عبد الله بنِ سوّار، حدَّثنا عبدُ الوارث بنُ سعيد، عن سعيد بنِ جُمْهان، عن سفينة (ح). 4647 - وحدثنا عمرو بن عون (¬2)، أخبرنا هشيم، عن العوّام بن حوشب، عن سعيد بن جُمْهان عن سفينة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: خلافةُ النُّبوَّة ثلاثونَ سنةَ، ثم يؤتي الله المُلكَ -أو ملكه- من يشاء" (¬3). ¬

_ = الحمراء: هم العجم، لأن العرب تسمي الموالي: الحمراء: لأذرنهم: لأدعنهم ولأتركنهم. والهَبْر: هو الضرب والقطع، وقد هَبَرتُ له من اللحم هَبْرة، أي: قطعت له قطعة. (¬1) قطن بن نسير: ضعيف وشريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيئ الحفظ. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 12/ 159 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. جمعت، بتشديد الميم: حضرت صلاة الجمعة. (¬2) طريق عمرو بن عون هذا أثبتناه من (أ) و (د) و (هـ). وهو في رواية ابن العبد وابن داسه كما قال المزي في التحفة، (4485). لكن تحرَّفَ اسمُ عمرو بن عون في (أ) إلى: عمرو بن عثمان، وهو سبق قلم من الحافظ رحمه الله. (¬3) إسناده حسن من أجل سعيد بن جُمهان، فهو صدوق حسن الحديث. وقد صحح الإمام أحمد حديثه هذا كما في "السنة" للخلال (636). هشيم: هو ابن بَشير. =

قال سعيد: قال لي سفينة: أمسِكْ عليكَ: أبا بكرٍ سنتين، وعُمرَ عشراً، وعثمانَ اثنتي عشرة، وعليٌّ كذا، قال سعيدٌ: قلت لسفينة: إن هؤلاء يزعُمون أن علياً لم يكن بخليفةٍ، قال: كذبَتْ أستاهُ بني الزَّرقاء، يعني بني مروان. 4648 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، عن ابن إدريس، أخبرنا حُصينٌ، عن هلال بن يِسافٍ، عن عبدِ الله بن ظالم. وسفيانُ، عن منصورٍ، عن هلالِ بنِ يِسافِ، عن عبدِ الله بن ظالم المازنيِّ -ذكر سفيانُ رجلاً فيما بينه وبين عبد الله ابن ظالم المازنيِّ- سمعتُ سعيدَ بنَ زيدِ بنِ عمرِو بنِ نُفَيلٍ قال: لَمَّا قَدِمَ فلانٌ إلى الكوفة أقام فلانٌ خطيباً، فأخذ بيدي سعيدُ بنُ زيدٍ، فقال: ألا ترى ¬

_ = وأخرجه الترمذي (2375) من طريق حَشْرج بن نباتة والنسائي في، "الكبرى" (8099) من طريق العوّام بن حوشب، كلاهما عن سعيد بن جُمهان، به. وقال الترمذي هذا حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (21919)، و"صحيح ابن حبان" (6657) و (6943). سفينة: هو مولى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أبا عبد الرحمن اختلف في اسمه، وكان أصله من فارس، فاشترته أم سلمة، ثم أعتقته، واشترطت عليه أن يخدم النبي-صلى الله عليه وسلم-، ولقبه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- سفية، لأنه كان مع رسول الله في سفر، فكلما أعيا بعض القوم ألقى عليه سيفه وترسه ورمحه حتى حَمَل من ذلك شيئاً كثيراً، فقال له النبي-صلى الله عليه وسلم-: "أنت سفية". انظر "مسند أحمد" (2192). وقوله: كذبت أستاه بني الزرقاء. أستاه جمع است وأصله سَتَةٌ حذفت الهاء من آخره وعوض منها ألف الوصل في أوله، والاست: الدبر، شبه ما يخرج من أفواههم من الكلام المرذول بالفساء. تنبيه: جاء بعد هذا الحديث في (أ) حديث الأقرع مزذن عمر الآتي برقم (4656). والحديث في (ب) و (د) و (هـ) أيضأكير أنه جاء بعد الحديث (4652).

إلى هذا الظالم، فأشهَدُ على التسعةِ إنَّهم في الجنَّة، ولو شَهِدْتُ على العاشر لم إيثَمْ (¬1) قال ابن إدريس: والعرب تقول: آثم - قلت: ومَنِ التِّسعةُ؟ قال: قال رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم- وهو على حراء: "اثبُتْ حراء، إئه ليس عليك إلا نبي أو صِدِّيق أو شهيدْ" قلت: ومَنِ التسعة؟ قال: رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم-، وأبو بكرٍ، وعُمرُ، وعثمانُ، وعلي، وطلحةُ، والزبيرُ، وسعدُ بن أبي وقاصٍ، وعبد الرحمن بن عوفٍ، قلت: ومَن العاشرُ، قال: فتلكَّأ هُنيَّةً، ثم قال: أنا (¬2). قال أبو داود: رواه الأشجعيُّ، عن سفيان، عن منصور، عن هلال ابن يساف، عن ابن حيَّان، عن عبدِ الله بن ظالم، بإسناده نحو معناه. ¬

_ (¬1) قوله: لم إيثم، قال في "اللسان": هي لغة لبعض العرب في آثَمُ، وذلك أنهم يكسرون حرف المضارعة في نحو نِعلَم وتِعْلَم، فلما كسروا الهمزة في أأثم انقلبت الهمزة الأصلية ياء. (¬2) حديث صحيح، عبد الله بن ظالم المازني متابع كما في الروايتين الأتيتين بعده، سفيان: هو الثوري، والراوي عنه هنا هو ابن إدريس -واسمه عبد الله- وحُصين: هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، ومنصور: هو ابن المعتمر. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8151) عن محمد بن العلاء، بهذين الاسنادين. وأخرجه ابن ماجه (134)، والترمذي (4090)، والنسائي في "الكبرى" (8134) و (8135) و (8148) من طريق هلال بن يساف، به. وأخرجه النسائي (8136) و (8149) من طريق سفيان الثوري، به وسمى الرجل: فُلان بن حيَّان، فلم يصرح باسمه وصرح باسم أبيه. وأخرجه الترمذي (4081)، والنسائي في "الكبرى" (8139) من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن سعيد بن زيد. وروايته مختصرة بذكر العشرة المبشرين بالجنة. وهو في "مسند أحمد" (1630) و (1638)، و"صحيح ابن حبان" (6996). وانظر تالييه.

4649 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمرَ النَّمَرِيُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن الحرِّ بن الصيّاح عن عبد الرحمن بن الأخنس، أنه كان في المسجد، فذكر رجلٌ عليّاً، فقام سعيد بن زيد فقال: أشهدُ على رسولِ الله-صلى الله عليه وسلم- أني سمعتُه وهو يقول: "عشر في الجنّة: النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - في الجنة، وأبو بكر في الجنة، وعُمَرُ في الجنة، وعثمانُ في الجنة، وعليٌّ في الجنة، وطلحةُ في الجنة، والزبيرُ ابن العوام في الجنة، وسعدُ بنُ مالكٍ في الجنة، وعبدُ الرحمن بن عوفٍ في الجنة" ولو شئت لسميتُ العاشرَ، قال: فقالوا: من هو؟ فسكَتَ، قال: فقالوا: مَنْ هو؟ فقال: هو سعيد بن زيد (¬1). 4650 - حدَّثنا أبو كامل، حدَّثنا عبدُ الواحد بن زيادِ، حدَّثنا صدقةُ بن المثنى النخَعيُّ، حدَّثني جدِّي رياحُ بن الحارث، قال: كنت قاعداً عند فلانٍ في مسجدِ الكوفةِ وعنده أهلُ الكوفة، فجاء سعيدُ بن زيد بن عمرو بن نُفَيل، فرحَّبَ به وحيَّاه، وأقعدَه عند رجله على السرير، فجاء رجلٌ من أهل الكوفة، يقال له: قيسُ بنُ علقمة، ¬

_ (¬1) حديث صحح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل عبد الرحمن بن الأخنس، فهو مقبول حيث يتابع، وقد توبع في الطريقين الذي قبله والذي بعده. وأخرجه الترمذي (4091)، والنسائي في "الكبرى" (8100) و (8147) و (8153) من طريق الحر بن الصيّاح، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن. وهذا الرجل الذي زكر علياً رضي الله عنه ونال منه جاء مصرّحاً باسمه عند أحمد (1631) والنسائي في الموضع الثالث وابن حبان (6993) وأنه المغيرة بن شعبة. لكلن يخالفه ما جاء بعده بإسناد صحيح عن سعيد بن زيد أن الذي ست علياً ونال من رجل يقال له: قيس بن علقمة كان بحضرة المغيرة لا المغيرةُ نفسُه، وهذا أصح. وهو في "المسند" (1629). وانظر ما قبله وما بعده.

فاستقبله فسبَّ وسبَّ، فقال سعيد: من يَسُبُّ هذا الرجُلُ؟ فقال: يَسُبُّ علياً، قال: ألا أرى أصحابَ رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يُسبُّون عندَك ثم لا تُنْكِرُ ولا تُغيِّرْ، أنا سمعتُ رسولَ الله-صلى الله عليه وسلم - يقول، وإني لغنيٌّ أن أقول عليه ما لم يقل فيسألني عنه غداً إذا لقيته: "أبو بكر في الجنة، وعمر فيِ الجنة" وساق معناه، ثم قال: لمشهدُ رجلٍ منهم مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يغبِّرُ فيه وجهه خيرٌ من عمل أحدكم عمرَه ولو عُمِّر عُمُرَ نوح (¬1). 4651 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيع. وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى -المعنى- قالا: حدَّثنا سعيدُ بن أبي عَروبة، عن قتادة أن أنس بن مالكِ حدَّثهم: أن نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - صَعِدَ أحُداً، فتبِعَه أبو بكرِ وعُمَرُ وعثمان، فرَجَفْ بهم، فضَرَبَه نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - برِجله، وقال: "اثْبُتْ أحد، نبيٌّ وصدِّيقٌ وشهيدان" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو كامل: هو فُضيل بن حسين الجَحْدري. وأخرجه ابن ماجه (133)، والنسائي في "الكبرى" (8137) و (8162) من طريق صدقة بن المثنى، به. مختصراً بذكر العشرة المبشرين بالجنة. وهو في "مسند أحمد" (1629) وجاء مصرحاً فيه باسم الرجل الذي كان بمسجد الكوفة وعنده أهل الكوفة وهو المغيرة بن شعبة. وهذا أصح مما سلف ذكره عند الرواية التي قبله من أن الذي ذكر علياً بسوء ونال منه هو المغيرة بن شُعبة. (¬2) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دِعامة السدوسي، ويحى: هو ابن سيد القطان، ومُسدَّد: هو ابن مُسَرْهَد. وأخرجه البخاري (3675)، والترمذي (4030)، والنسائي في "الكبرى" (8079) من طريق سيد بن أبي عروبة، به. وهو في "مسند أحمد" (12106)، و"صحيح ابن حبان" (6865)، و (6908).

4652 - حدَّثنا هنَّاد بنُ السَّريِّ، عن عبد الرحمن بن محمد المُحاربيِّ، عن عبد السلام بن حَرْبٍ، عن أبي خالد الدَّالانيِّ، عن أبي خالدٍ مولى آل جَعدَةَ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتاني جبريل عليه السلام فأخذ بيدي، فأراني بابَ الجنَّة الذي تدخُلُ منه أمتي"، فقال أبو بكر: يا رسول الله وَدِدتُ أني كنتُ معك حتى أنظرَ إليه، فقال رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم-: "أمَا إنَّك يا أبا بكْرِ أوَّلُ مَن يدخُلُ الجنةَ من أُمتي" (¬1). 4653 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ ويزيدُ بن خالد الرمليُّ، أن الليثَ حَدَّثهم، عن أبي الزُّبير ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. أبو خالد الدالاني. واسمه يزيد بن عبد الرحمن وصفه الحافظ في "التقريب" بأنه صدوق يخطئ كثيراً وكان يدلس، وشيخه أبو خالد مولى آل جعدة: لا يُعرف. وأخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائدهِ على "فضائل الصحابة" لأبيه (258)، وابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة" (96)، وأبو نعيم في "فضائل الخلفاء الراشدين" (30)، وأبو القاسم بن بشران في "أماليه" (93)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 30/ 104 - 105 و 105 و105 - 106، والمزي في ترجمة أبي خالد مولى جعدة من "تهذيب الكمال" 33/ 278 من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي، وابن الأعرابي في "معجمه" (2435)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه 30/ 106 من طريق إسحاق بن منصور، كلاهما عن عبد السلام بن حرب، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على "فضائل الصحابة" لأبيه (593)، والطبراني في "الأوسط" (2594) من طريق عبد السلام بن حرب بهذا الإسناد، وقد تحرف عندهما أبو خالد مولى آل جعدة إلى أبي يحيى مولى آل جعدة. وأخرجه الحاكم 3/ 73 عن أبي بكر بن إسحاق الفقيه، عن أبي مسلم الكجي، عن عمران بن ميسرة، عن المحاربي، عن عبد السلام، عن أبي خالد الدالاني، عن أبي خالد (تحرف في المطبوع إلى أبي حازم) عن أبي هريرة.

عن جابر، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يدخُلُ النار أحدٌ ممن بايَع تحتَ الشَّجرة" (¬1). 4654 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمة (ح). وحدَّثنا أحمدُ بنُ سنان القطان، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا حمادُ بنُ سلمة، عن عاصم، عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، قال موسى: "فلَعَل الله" وقال ابن سنان: "اطَّلع الله على أهل بدرٍ، فقال: اعملُوا ما شئتم، فقد غفرتُ لكم" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وأبو الزبير -وهو محمد بن مسلم بن تدرُس المكي- قد صرح بالسماع عند مسلم وغيره، فانتفت شبهة تدليسه، على أن الراوي عنه هنا الليث -وهو ابن سعد- وهو لم يحمل عنه إلا ما ثبت له فيه سماعه من جابر، كما أسنده ابن حزم عن الليث نفسه أنه قاله. وأخرجه الترمذي (4197)، والنسائي في "الكبرى" (11444) عن قتيبة بن سعيد وحده. بهذا الاسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه مسلم (2496) من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد اللهقول أخبرتني أم مُبَشِّر، أنها سمعت النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول عند حفصة: "لا يدخل النار -إن شاء الله- من أصحاب الشجرة أحد ممن بايعوا تحتها" قالت: بلى، يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فانتهرها، فقالت حفصة: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71]، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (قد قال الله عز وجل: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: 72]. وأخرجه ابن ماجه (4281) من طريق الأعمش، عن أبي سفيان طلحة بن نانع، عن جابر، عن أم مُبشر، عن حفصة. وقد اختُلف في هذا الإسناد عن الأعمش كما بيناه في "مسند أحمد" (26440). وهو في "مسند أحمد" (14778)، و"صحيح ابن حبان" (4802). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن من أجل عاصم -وهو ابن أبي النجُود- أبو صالح: هو ذكوان السَّمَّان. والصحيح من هاتين الروايتين رواية موسى بن إسماعيل =

4655 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، أن محمدَ بن ثورٍ حدَّثهم، عن مَعمَير، عن الزُهرىّ، عن عُروة بن الزبير عن المِسورِ بن مَخرمَةَ، قال: خَرَجَ النبُيُّ - صلى الله عليه وسلم - زَمنَ الحديبية، فذكر الحديث، قال: فأتاه -يعني عروة بن مَسعودٍ- فجَعلَ يكلمُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، فكلّما كَلمهُ أخذ بلحيته، والمغيرةُ بن شعبةَ قائم، على رأسِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ومعه السيف، وعليه المِغفَرُ، فضَربَ يَدَهُ بنعلِ السيف، وقال: أخِّرْ يَدَك عن لحيته، فرفعَ عُروةُ رأسَه، فقال: من هذا؟ قالوا: المغيرةُ ابن شعبة (¬1). 4656 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر أبو عمر الضريرُ، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمةَ، أن سعيد بن إياسٍ الجُريرىَّ أخبرهم، عن عبدِ الله بن شقيق العُقَيلىِّ عن الأقرع مؤذنِ عُمرَ بن الخطاب، قال: بعثني عُمرَ إلى الأُسقُفِّ، فدعوته، فقال له عمر: وهَل تجدني في الكتاب؟ قال: نعم، قال: ¬

_ = التي فيها الترجي، لا الجزم، وكذلك رواه عمرو بن عاصم عن حماد بن سلمة على الترجي عند الدارمي (2761) وأسد بن موسى عن حماد عند ابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 160، ويُؤيد ذلك حديث علي بن أبي طالب في "الصحيحين"، وقد سلف عند المصنف برقم (2650). وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 155، وأحمد (7940)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (332)، وابن حبان في "الثقات" 1/ 182, والحاكم 4/ 77 - 78، وأبو القاسم ابن بشران في "أماليه" (43) من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. على الجزم. وأخرجه الدارمي (2761) عن عمرو بن عاصم، وابن عبد البر في "التمهيد" 10/ 160 من طريق أسد بن موسى، كلاهما عن حماد بن سلمة، به. على الترجي. وفي الباب عن علي بن أبي طالب سلف عند المصنف برقم (2650). (¬1) إسناده صحيح. محمَّد بن عُبيد: هو ابن حِساب الغُبَري. وهو مكرر الحديث السالف برقم (2765).

كيف تجدني؟ قال: أجِدُك قَرْناً (¬1)، قال: فرفَعَ عليه الدَرَّة، فقال: قَرنُ مَهْ؟ فقال: قَرن حديدٌ، أمينُ شديدُ، قال: كيف تجدُ الذي يجيءُ بعدي؟ فقال: أجِدُه خليفةً صالحاً غير أنه يُؤثرُ قرابتَه، قال عمر: يرحمُ الله عثمان! ثلاثاً، قال كيف تجد الذي بعدَه؟ قال: أجده صدأ حديد، فوَضَعَ عمرُ يدَه على رأسه فقال: يا دَفراه يا دفراه، فقال: يا أمير المؤمنين، إنه خليفةٌ صالحٌ، ولكنه يُستخلَفُ حين يُستخلَفُ والسيفُ مسلولٌ والدَّمُ مُهْراقٌ (¬2). ¬

_ (¬1) زاد في (1) وحدها: قرناً من حديد. ومعناه: حِصناً من حديد. (¬2) إسناده ضعيف، الأقرع مؤذن عمر بن الخطاب -وإن وثقه العجلي وذكره ابن حبان- قال عنه الذهبي في "الميزان": لا يُعرف. تفرد عنه شيخ. قلنا: فهو مجهولٌ، ثم إن في متنه نكارة شديدة. وأخرجه أبو عُبيد القاسم بن سلام في "غريب الحديث" 3/ 235، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 39/ 189 من طريق يزيد بن هارون، عن سعيد بن إياس الجرُيري، به. ورواية أبي عبيد مختصرة. وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 30 - 31 و15/ 214، وعنه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (107) عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن شقيق، به. قال الخطابي: الصدأ: ما يعلو الحديد من الدرن ويركبه من الوسخ، وقوله: يا دفراه يا دفراه، فإن الدفر -بفتح الدال غير المعجمة وسكون الفاء- النتن، ومنه قيل للدنيا: أم دَفْر، فأما الذَّفَر بالذال المعجمة وفتح الفاء - فإنه يقال لكل ريح ذكية شديدة من طيب أو نَتْن. تنبيه: هذا الأثر أثبتناه من (أ) و (ب) و (د) و (هـ)، وهو في رواية ابن العبد وابن داسه. وذكره المزي في "التحفة" (10458) وقال: لم يذكره أبو القاسم وهو في الرواية. قلنا: يعني في رواية اللؤلؤى. كذا قال المؤي مع أن الأثر لم يرد في أكثر =

10 - باب في فضل أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-

قال أبو داود: الَدَّفر: النَتُن. 10 - باب في فضل أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- 4657 - حدَّثنا عمرُو بن عونٍ، أخبرنا. وحدَّثنا مُسدَّدٌ، قال: حدَّثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن زُرارة بن أوفى عن عِمران بن حُصَين، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلم -: "خَيرُ أُمَّتي القرنُ الذين بُعثتُ فيهم، ثم الذين يلونَهُم، ثم الذين يلونَهُم -والله أعلمُ أذكر الثالث أم لا- ثم يظهرُ قوم يَشهدُون ولا يُستَشهدُون، ويَنذُرون ولا يُوفُون، ويخونُونَ ولا يُؤتَمنون، ويفشُو فيهم السِّمَنُ" (¬1). ¬

_ = الأصول التي برواية اللؤلؤي، ثم هو في (ب) و (د) بخط مغاير لخط الناسخ جاء ملحقاً. وفي آخره في (ب) ما نصه: وجدنا هذه الزيادة هنا في بعض النسخ، وفي (د) ما نصه: هذه الزيادة نسخة أخرى. فالظاهر أنه ليس في رواية اللؤلؤي وإنما هو في رواية ابن العبد وابن داسه فقط، والله أعلم. ويؤيده أن الحافظ لما ذكره في نسخته أشار إلى أنه في رواية ابن العبد فقط، وإنما نسبناه لابن داسه أيضاً لأن (هـ) عندنا بروايته والأثر فيها. (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي، وأبو عوانة: هو الوضاح ابن عبد الله اليشكري. وأخرجه مسلم (2535)، والترمذي (2371) من طريق قتادة بن دعامة، به. وأخرجه البخاري (2651)، ومسلم (2535)، والنسائي في "الكبرى" (4732) من طريق زهدم بن مضّرب، عن عمران بن حصين. وأخرجه الترمذي (2369) و (2370) و (2454) و (2455) من طريق هلال بن يساف، عن عمران بن حصين. وقد اختُلف في هذا الإسناد كما بينه الترمذي فراجعه لزاماً. وهو في "مسند أحمد" (19820) و (19835) و (19953)، و "صحيح ابن حبان" (6729) و (7229).

11 - باب في النهي عن سب أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-

11 - باب في النهي عن سبِّ أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- 4658 - حدَّثنا مُسدَّدُ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن أبي صالح عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: قال رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم-: "لا تَسُبُوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أنفَقَ أحدُكُم مثلَ أحُدِ ذهباً ما بَلَغَ مُدَّ أحدِهم ولا نَصيفَه" (¬1). 4659 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زائدةُ بن قُدامة الثَّقفيُّ، حدَّثنا عمر ابن قيس الماصِرُ، عن عمرو بن أبي قُرَّة، قال: كان حذيفةُ بالمَدَائن، فكانَ يَذْكُرُ أشياءَ قالها رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم- لأناسِ من أصحابه في الغضب، فينطلق ناسٌ مِمن سَمعَ ذلك مِنْ حذيفة فيأتون سلمان، فيذكرون له قولَ حذيفة، فيقول سلمانُ: حذيفةُ أعلم بما يقول، فيرجِعُون إلى حذيفة، فيقولون له: قد ذكرنا قولَك لسلمانَ فما صدَّقَكَ ولا كَذَّبكَ، فأتى حذيفةُ سلمانَ، وهو في مَبْقَلةِ فقال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، وأبو معاوية: هو محمَّد ابن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكر ان السمان. وأخرجه البخاري (3673)، ومسلم (2541)، والترمذي (4198) و (4199)، والنسائي في "الكبرى" (8250) من طريق الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد" (11079)، و"صحيح ابن حبان" (6994). وأخرجه مسلم (2540) (221) وبإثر (2541) (222)، وابن ماجه (161) من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. فجعلاه من مسند أبي هريرة، وهو وهم، والصواب أنه عند أبي صالح عن أبي سعيد الخدري، نبه إلى ذلك الحافظ المزي في "تحفة الأشراف" 3/ 343 - 344، والحافظ ابن حجر في "الفتح" 7/ 35 - 36 بتفصيل، قال الحافظ ابن حجر: قد وجدته في نسخة قديمة جداً من ابن ماجه قرئت في سنة بضع وسبعين وثلاث مئة وهي في غاية الإتقان وفيها: عن أبي سعيد.

يا سلمان، ما يمنعكَ أن تُصَدِّقني بما سمعتُ من رسول الله-صلى الله عليه وسلم-؟ فقال سلمان: إن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - كان يَغْضَبُ، فيقول في الغضب لناس من أصحابه، ويَرضَى، فيقول في الرِّضا لناسٍ من أصحابه، أما تنتهي حتى تورِّثَ رجالاً حبَّ رجالٍ ورجالاً بُغْضَ رجال، وحتى تَوقِعَ اختلافاً وفُرقةً؟ ولقد علمتَ أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - خطب، فقال: "أيُّما رجُلِ من أمتى سببتُه سَبّةً أو لعنته لَعنةً في غضبي، فإنما أنا مِنْ ولدِ آدمَ أغضبُ كما يغضَبون، وإنما بعثني رحمةً للعالمين، فاجْعَلْها عليهم صلاةً يومَ القيامة" والله لتنتهينَ أو لأكتبنَّ إلى عُمَرَ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه أحمد (23706)، والبخاري في "التاريخ الأوسط" 1/ 72، والطبراني في "الكبير" (6156)، والمزي في ترجمة عمر بن قيس الماصر من "تهذيب الكمال" 21/ 486 من طريق زائدة بن قدامة، بهذا الإسناد. ورواية البخاري مختصرة بقول سلمان لحذيفة: لتنتهين أو لأكتبن إلى عمر. وأخرجه البزار (2533) من طريق زائدة، عن عمرو بن قيس، عن عمرو بن أبي قرة، عن سلمان. مختصراً بالمرفوع. وأخرجه أحمد (23721)، والبخاري في "الأدب المفرد" (234)، وفي "التاريخ الأوسط" 1/ 72 من طريق مسعر، عن عمر بن قيس، عن عمرو بن أبي قرة، قال: عرض أبي على سلمان أخته فأبى، وتزوج مولاة له ... ثم ذكر نحو حديثنا هذا. لكن لفظ البخاري في "تاريخه" مختصر بقول سلمان لحذيفة: لتنتهين أو لأكتبن إلى عمر. وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 338، والبزار (2532)، والطبراني في "الكبير" (6157) من طريق مسعر، عن عمر بن في، عن عمرو بن أبي قرة قال: قال سلمان ... فذكر نحوه مختصراً. وليس فيه ذكر أبيه أبي قرة. ورواية ابن أبي شيبة والبزار مختصرة بالمرفوع. وكذلك الطبراني إلا أنه زاد فيه قول سلمان لحذيفة: لتنتهين أو لأكتبن فيك إلى عمر.

12 - باب في استخلاف أبي بكر رضي الله عنه

12 - باب في استخلاف أبي بكر رضي الله عنه 4660 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد النُّفيليُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ سلمة، عن محمَّد ابن إسحاق، حدَّثني الزهري، حدَّثني عبدُ الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه عن عبدِ الله بن زَمْعَةَ، قال: لما استُعِزَّ برسول الله-صلى الله عليه وسلم- عملى وأنا عنده في نفرٍ من المسلمينَ دعاهُ بلال إلى الصَّلاة، فقال: مُرُوا مَنْ يصَلي للناس، فخَرَج عبد الله بن زَمْعة، فإذا عُمرَ في الناس، وكان أبو بَكْرٍ غائباً، فقلت: يا عُمرُ، قُمْ فصل بالناس، فتقدّم فكَبَّر، فلما سَمِعَ رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم-صوتَهُ -قال وكان عُمرُ رجلاً مجهراً- قال: "فأين أبو ْبكرٍ؟ يأبَى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون" فبعث إلى أبي بكرٍ فجاءَ بعد أن صَلى عُمرُ تلك الصلاة، فصلَّى بالناس (¬1). ¬

_ =وقوله: "أيما رجل من أمتي" إلى قوله: "يوم القيامة" أخرجه من طريق آخر أحمد (7311) والبخاري (6361) ومسلم (2601) من حديث أبي هريرة رفعه، لفظ مسلم "اللهم إني أنا بشر، فأيما رجُل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته، فاجعلها له زكاة ورحمة" وفي رواية له: "اللهم إنما محمَّد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه، فأيما مومن آذيته أو سببته أو جلدته، فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك إلى يوم القيامة". والمبقلة: مزرعة البقل، والبقل: كل نبات اخضرت به الأرض. (¬1) ضعيف. محمَّد بن إسحاق -وهو ابن يسار المطلبي مولاهم- وإن جاء تصريحه بالتحديث هنا لا يُعتد بهذا التصريح، وذلك أنه رواه عن عبد الله بن محمَّد النفيلي ابنُ أبي شعيب الحراني عند الطبراني في "الكبير" 13/ (446)، وأحمد بن عبد الرحمن بن زيد الحراني عند الطبراني في "الأوسط" (1065) فلم يذكر تصريح ابن إسحاق بالتحديث. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = ورواه كذلك سليمان بن عُمر بن خالد الرقي عند ابن أبي عاصم في "السنة" (1161) عن محمَّد بن سلمة، ولم يذكر فيه تصريح ابن إسحاق بالتحديث. ويؤيد عدم سماع ابن إسحاق لهذا الخبر: أن إبراهيم بن سعد قد رواه عند أحمد في "مسنده" (18906)، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق " 30/ 262، فقال فيه: عن ابن إسحاق، قال: وقال ابن شهاب الزهري ... وقد قال الإِمام أحمد: ان ابن إسحاق يدلس، إلا أن كتاب إبراهيم بن سعو إذا كان سماعٌ قال: حدثني، إذا لم يكن قال: قال. قلنا: وهذا ما فعله ابنُ إسحاق في إسناد أحمد. وكذلك هو في "سيرة ابن هشام" 4/ 303 كما رواه إبراهيم بن سعد على السواء. ورواه أيضاً عبد الأعلي بن عبد الأعلى عند يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ"1/ 243، وزياد بن عبد الله البكائي عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4253) كلاهما عن ابن إسحاق. ولم يذكرا فيه تصريح ابن إسحاق بالتحديث. وما جاء من تصريحه عند الحاكم 3/ 640 - 641 من طريق أحمد بن عبد الجبار العطاردي، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، فوهم كذلك؛ لأن الطحاوي قد رواه (4254) من طريق أحمد بن عبد الجبار أيضاً عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق. فزاد راوياً بين ابن إسحاق والزهري هو يعقوب بن عتبة بن المغيرة. وأحمد بن عبد الجبار فيه ضعف. فحصل بذلك أن ما جاء عند المصنف هنا، وما جاء في رواية محمَّد بن يحيى الذهلي عن عبد الله بن محمَّد النفيلي عند الضياء المقدسي في "المختارة" 9/ (314) وما جاء في يونس بن بكير عند الحاكم من تصريح ابن إسحاق بالتحديث وهمٌ بلا ريب، والله أعلم. وله طرق أخرى عن الزهرى كلها ضعاف لا يصح منها شيء كما بيناه في "مسند أحمد" (18906). ومنها الطريق الآتي بعده. وأخرجه عبد الرزاق (9754) عن معمر، قال الزهري: قال النبي-صلى الله عليه وسلم-، وهذا هو الصحيح عن الزهري أنه من بلاغاته، وبلاغات الزهري لا شيء، وهو في "مسند أحمد" عن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري بلاغاً كذلك ضمن حديث عائشة (24061).

4661 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ أبي فُدَيكٍ، حدَّثني موسى بنُ يعقوبَ، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن ابنِ شهابٍ، عن عُبيدِ الله بن عبد الله ابن عتبة، أن عبدَ الله بن زَمْعَةَ أخبره بهذا الخبر، قال: لما سَمِعَ النبي-صلى الله عليه وسلم-صوتَ عُمرَ- قال ابنُ زَمْعَةَ:- خرج النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حتى أطلعَ رأسَه مِن حُجرته، ثم قال: "لا، لا، لا، ليصلّ للناسِ ابنُ أبي قُحَافةَ" يقول ذلك مُغضَباً (¬1). ¬

_ = ويخالفه ما جاء في صحيح مسلم (418) أن النبي-صلى الله عليه وسلم-أرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، فأتاه الرسول، فقال: إن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يأمرك أن تصلي بالناس، فقال أبو بكر- وكان رجلاً رقيقاً-: يا عمر، صل بالناس. فقال عمر: أنت أحق بذلك. فصلى بهم أبو بكر. وقد روى صلاة أبي بكر بالناس: العباسُ وابن عباس وأبو موسى الأشعري، وعائشة كما سلف بيانه في "مسند أحمد" (18906). وليس في شيء منها أن عمر صلى، ثم أعاد بهم أبو بكر تلك الصلاة كما في هذه الرواية. قال الخطابي: يقال: استُعِزّ بالمريض: إذا غُلب على نفسه من شدة المرض، وأصله من العزّ، وهو الغلبة والاستيلاء على الشيء، ومن هذا قولهم: مَن عَزَّ بَزَّ، أي: غَلَب وسَلَب. وقوله: وكان رجلاً مُجهراً: أي: صاحب جَهر ورفع لصوته، يقال: جهر الرجلُ صوته، ورجل جَهير الصوت وجَهير المنظر، وأجهر: إذا عُرف بشدة جهر الصوت، فهو مُجهِر. (¬1) إسناده ضعيف لضعف موسى بن يعقوب. وعبد الرحمن بن إسحاق قال عنه البخاري: ليس ممن يعتمد على حفظه إذا خالف من ليس بدونه. ابن أبي فديك: هو محمَّد بن إسماعيل. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 1/ 454، وابن أبي عاصم في "السنة" (1160) من طريق ابن أبي فديك، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

13 - باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة

13 - باب ما يدل على ترك الكلام في الفتنة 4662 - حدَّثنا مُسدَّدُ ومسلم بن إبراهيم، قال: حدَّثنا حمادُ، عن عليٍّ بن زيد، عن الحسن، عن أبي بكرة (ح). وحدَّثنا محمدُ بنُ المُثُنَّى، حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الله الأنصاريُّ، حدَّثني الأشعثُ، عن الحسن عن أبي بكرة، قال: قال رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم- للحسن بن عليٍّ: "إنَّ ابني هذا سيِّدٌ، وإني أرجُو أن يُصلحَ الله به بين فئتين من أمتي". وقال عن حماد: "ولعلَّ الله أن يُصلحَ به بين فئتين من المسلمين عظيمتين" (¬1). 4663 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا يزيدُ، أخبرنا هشامٌ، عن محمَّد، قال: قال حُذَيفة: ما أحد من الناس تُدْرِكُه الفتنةُ إلا أنا أخافُها عليه إلا ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، والحسن: هو البصري. وأشعث: هو ابن عبد الملك الحُمراني. وأخرجه البخاري (2704) و (3629)، والترمذي (4107)، والنسائي في "الكبرى" (1730) من طريقين عن الحسن، به. وهو في "مسند أحمد" (20392)، و"صحيح ابن حبان" (6964). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 311: السيد يقال اشتقاقه من السواد، أي: هو الذي يلي السواد العظيم ويقوم بشأنهم. وفي الخبر دليل على أن واحداً من الفريقين لم يخرج بما كان منه في تلك الفتنة من قول أو فعل عن ملة الإِسلام، إذ قد جعلهم النبي-صلى الله عليه وسلم- مسلمين. وهكذا سبيل كل متأول فيما تعاطاه من رأي ومذهب دعا إليه إذا كان قد تأوله بشبهة وإن كان مخطئاً فى ذلك. ومعلوم أن إحدى الفئتين كانت مصيبة والأخرى مخطئة. وقد خرج مصداق هذا القول فيه بما كان من إصلاحه بين أهل الشام وأهل العراق، وتخليه عن الأمر خوفاً من الفتنة، وكراهية إراقة الدم، ويُسمى ذلك العام سَنَةَ الجماعة.

محمدَ بن مَسلَمةَ، فإني سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تَضرُّكَ الفتنة" (¬1). 4664 - حدَّثنا عمرُو بن مرزوقٍ، أخبرنا شُعبةُ، عن الأشعث بن سُليم، عن أبي بُردة عن ثعلبة بن ضُبيعةَ، قال: دخلنا على حُذَيفة، فقال: إني لأعرفُ رجلاً لا تَضُرُّه الفتنُ شيئاً، قال: فخرجنا، فإذا فُسطاط مضروب، فدخلنا، فإذا فيه محمدُ بن مَسلَمةَ، فسألناه عن ذلك، فقال: ما أريدُ أن يَشتملَ على شيءٌ من أَمصارِهم حتى تنجليَ عما انْجلَت (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد فيه انقطاع، فإن محمَّد بن سيرين لم يسمع من حذيفة بن اليمان، نقله أبو زرعة العراقي في "تحفة التحصيل" ص 278 عن المزي في "التهذيب" فقال: ان روايته (يعني محمَّد بن سيرين) عن حذيفة وأبي الدرداء مرسلة قال أبو زرعة: لم أر ذلك في "التهذيب" بل ذكر روايته عنهما ساكتاً عليها، وروايته عن حذيفه في "سنن" أبي داود، وابن ماجه، وعن أبي الدرداه في "سنن النسائي". الحسن بن علي: هو الخلال، ويزيد: هو ابن هارون، وهشام: هو بن حسان الأزدي، ومحمد: هو ابن سيرين. ويعضده ما بعده. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 15/ 50 عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. (¬2) حسن بما قبله، أبو بردة: هو ابن أبي موسى، وأشعث بن سليم , هو ابن أبي الشعثاء، وثعلبة بن ضبيعة مختلف في اسمه، ويقال له: ضبيعة بن حصين الثعلبي. ذكره ابن حبان في "الثقات". وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 3/ 433 - 434 من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، بهذا الإسناد. وسكت عنه الذهبي. وأخرجه أيضاً 3/ 434 من طريق سفيان، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبي بردة قال: قال حذيفة: إني لأعرف رجلاً ... فذكره. وأسقط من إسناده ثعلبة بن ضبيعة. وقال الحاكم: هذه فضيلة كبيرة بإسناد صحيح. وانظر ما بعده.

4665 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عوانة، عن أشعثَ بن سُليمٍ، عن أبي بُردة، عن ضُبيعة بن حُصينٍ الثَّعلبيِّ بمعناه (¬1). 4666 - حدَّثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيم الهذلُىُّ، حدَّثنا ابنُ عُليهَ، عن يونس، عن الحسن عن قيس بن عُباد، قال: قلت لعلي: أخبرنا عن مَسيرِكَ هذا، أعَهْدٌ عَهِدهَ إليك رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم- أم رأيٌ رأيتَه؟ فقال: ما عَهِدَ إلىَّ رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم- بشيءٍ، ولكنَّه رأىٌ رأيتُه (¬2). 4667 - حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيم، حدَّثنا القاسمُ بن الفضْل، عن أبي نضرةَ عن أبي سعيدِ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "تمرُقُ مارقةٌ عند فُرقةٍ من المسلمين يقتُلُها أولى الطَّائفتين بالحق" (¬3). ¬

_ (¬1) حسن بما قبله، وهذا سند موقوف على حذيفة، أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" 3/ 444 - 445 عن عفان بن مسلم، عن أبي عوانة، بهذا الإسناد. وفيه قصة. (¬2) إسناده صحيح، ابن علية: هو إسماعيل، ويونس: هو ابن عبيد بن دينار، والحسن: هو البصري. وأخرجه الخطيب البغدادي في "الموضح" 1/ 393 من طريق إسماعيل بن إبراهيم أبي معمر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1271) وانظر حديث قيس المطول في "المسند" (1207). قوله: أخبرنا عن مسيرك هذا، أي: إلى بلاد العراق لقتال معاوية أو مسيرك إلى البصرة لقتال الزبير رضي الله عهم. (¬3) إسناده صحيح، أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قِطعة. وأخرجه مسلم (1065) (150)، والنسائي في "الكبرى" (8457) من طريقين عن القاسم بن الفضل، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (11196) و (11275)، و"صحيح ابن حبان" (6735).

14 - باب في التخيير بين الأنبياء

14 - باب في التخيير بين الأنبياء 4668 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا وُهَيبٌ، حدَّثنا عمرٌو -يعني ابن يحيى- عن أبيه عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُخيِّروا بين الأنبياء" (¬1). 4669 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن قتادةَ، عن أبي العالية عن ابنِ عبَّاسٍ، عن النبيِّ-صلى الله عليه وسلم- قال: "ما ينبغي لعبدٍ أن يقول: إني خيرٌ من يونسَ بنِ متَّى" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وهيب: هو ابن خالد بن عجلان، وعمرو بن يحيى: هو المازني، وأبوه: هو يحيى بن عمارة بن أبي الحسن. وأخرجه البخاري (2412) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد، وفيه قصة. وأخرجه البخاري (6916)، ومسلم (2374) (163) من طريق سفيان الثوري، عن عمرو بن يحيى، به. وهو في "مسند أحمد" (11265)، و"صحيح ابن حبان" (6237). قوله: "لا تخيروا" قال السندي: من التخيير، أرشدهم إلى ما ينبغي لهم من التأدب مع الكل، إذ التخيير ربما يؤدي إلى التنقيص وسوء الأدب، وهذا لا ينافي أن يكون بعضهم أفضلَ كما يدل عليه قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [البقرة: 253]. (¬2) إسناده صحيح، أبو العالية: هو رفيع بن مهران. وأخرجه البخاري (3413) عن حفص بن عمر، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3395)، ومسلم (2377) (167) من طريق محمَّد بن جعفر، عن شعبة، به. وهو في "مسند أحمد" (2167)، و"صحيح ابن حبان" (6241).

4670 - حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ يحيى الحرَّانىُّ، قال: حدَّثني محمدُ بنُ سَلمَة، عن محمَّد بن إسحاقَ، عن إسماعيل بن أبي حكيمٍ، عن القاسم بن محمَّد عن عبدِ الله بن جعفرِ، قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما يَنبغي لنبىٍّ أن يقولَ: إني خيرٌ من يونسَ بن مَتَّى" (¬1). 4671 - حدَّثنا حجاجُ بن أبي يعقوبَ ومحمدُ بن يحيى بن فارس، قالا: حدَّثنا يعقوبُ، حدَّثنا أبي، عن ابنِ شهابٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة، قال: قال رجلٌ من اليهود: والذي اصْطَفى موسى، فرفعَ المسلمُ يدَه فلَطَمَ وجه اليهودىِّ، فذهب اليهوديُّ إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فأخبره، فقال النبيٌّ - صلى الله عليه وسلم - "لا تُخيِّروني على موسى، فإن الناسَ يُصْعَقون ¬

_ (¬1) صحيح بما قبله، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه عنعنة محمَّد بن إسحاق. محمَّد بن سلمة: هو ابن عبد الله الباهلي، والقاسم بن محمَّد: هو ابن أبي بكر الصديق. وأخرجه أحمد في "مسنده" (1757) عن أحمد بن عبد الملك، عن محمَّد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (6793) من طريق يونس بن بكير، والخطيب البغدادي في "تاريخه" 10/ 138 من طريق سعيد بن بزيع، كلاهما عن محمَّد بن إسحاق، به. ويشهد له ما قبله. وفي الباب عن ابن مسعود أخرجه البخاري (3412)، وهو في "المسند" (3703). وعن أبي هريرة أخرجه البخاري (3416)، ومسلم (2376)، وهو في "المسند" قال الخطابي: وإنما خص يونس بالذكر فيما نرى -والله أعلم- لما قصه الله تعالى علينا من شأنه، وما كان من قلة صبره على أذى قومه، فخرج مغاضباً لهم، ولم يصبر كما صبر أولو العزم من الرسل.

فأكون أؤَّل من يُفيقُ، فإذا موسى باطِشٌ في جانب العرش، فلا أدري أكان ممن صُعِقَ قبلي، أو كان ممن استثنَى الله عزَ وجل" (¬1). قال أبو داود: وحديثُ ابن يحيى أتّمُ. 4672 - حدَّثنا زيادُ بن أيوب، حدَّثنا عبدُ الله بنُ إدريسَ، عن مختار بن فُلفُل يذكرُ عن أنس، قال: قال رجل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا خيرَ البرية، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:"ذاكَ إبراهيم" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، يعقوب: هو ابن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري. وأخرجه مسلم (2373) (160) عن زهير بن حرب وأبي بكر، كلاهما عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2411) عن يحيى بن قزعة، عن إبراهيم بن سعد، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7710) و (11393) من طريق يونس بن محمَّد، عن إبراهيم بن سعد، به، وليس فيه قصة لطم اليهودي. وأخرجه ابن ماجه (4274)، والترمذي (3526) من طريق محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة، به. وفيه زيادة. وأخرجه مسلم (2373) (159)، والنسائي في "الكبرى" (11394) من طريق عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة وعندهما زيادات، وليس عند النسائي قصة لطم اليهودي. وأخرجه مسلم (2373) (161) من طريق شعيب، عن الزهري ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره. وهو في "مسند أحمد" (7586)، و"صحيح ابن حبان" (7311). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11628) عن زياد بن أيوب، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2369) (150)، والنسائي (11628) عن محمَّد بن العلاء أبي غريب، والنسائي (11628) عن الحسن بن إسماعيل، كلاهما عن عبد الله بن إدريس، به. =

4673 - حدَّثنا عمرُو بن عثمان، حدَّثنا الوليدُ، عن الأوزاعيِّ، عن أبي عمّارِ، عن عبدِ الله بن فَرُّوخَ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" أنا سيِّدُ ولدِ آدم، وأولُ مَنْ تنشقُّ عنه الأرضُ، وأوَّل شافع، وأوَّل مشفَّعٍ" (¬1). 4674 - حدَّثنا محمدُ بنُ المتوكِلِ العسقلانيُّ ومخلدُ بنُ خالدٍ الشَّعيرىُّ -المعنى- قالا: حدَّثنا عبدُ الرزّاق، أخبرنا معمرٌ، عن ابن أبي ذئبٍ، عن سعيد ابن أبي سعيدٍ ¬

_ =وأخرجه مسلم (2369) و (2369) (150)، والترمذي (3646)، والنسائي في "الكبرى" (11628) من طريق عن المختار بن فلفل، به. وهو في "مسند أحمد" (12826). قال النووي في "شرح مسلم" 15/ 121: قال العلماء: إنما قال- هذا تواضعاً واحتراماً وإبراهيم عليه السلام لخُلَّته وأُبوَّته، وإلا فنبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - أفضل كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "أنا سيدُ ولد آدم" (سيأتي بعد هذا الحديث) ولم يقصد به الافتخار ولا التطاول على من تقدمه، بل قاله بياناً لما أمر ببيانه وتبليغه، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "ولا فخر" لينفي ما قد يتطرق إلى بعض الأفهام السخيفة. (¬1) صحيح، والوليد: وهو ابن مسلم وإن كان مدلساً قد توبع. الأوزاعي: هو عبد الرحمن، وأبو عمار: هو شداد بن عبد الله. وأخرجه مسلم (2278) من طريق هقل بن زياد، عن عبد الرحمن الأوزاعي, بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (10972). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا سيد ولد آدم" وروي أيضاً في أول حديث الشفاعة الذي أخرجه البخاري (4712)، ومسلم (194) (327) من طريق أبي زرعة بن جرير، عن أبى هريرة: فذكره. وهو في "مسند أحمد" (9623). وانظر حديث أبي سعيد الخدري في "المسند" (10987)، ففيه تمام أحاديث الباب.

عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أدرِي تبَّعٌ ألَعينٌ هو أم لا، وما أدري أعُزَيزٌ نبىٌّ هو أم لا" (¬1). 4675 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهاب، أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره أن أبا هريرة، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: "أنا أولى الناس بابنِ مريم، الأنبياءُ أولادُ عَلّاتٍ، وليسَ بيني وبينه نبىٌّ" (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكن أعل بالإرسال، قال الدارقطني فيما نقله عنه الحافظ ابنُ عساكر في: "تاريخه" 11/ 4: تفرد به عبد الرزاق، ونقل عنه أيضاً الحافظ ابن حجر في "تخريج أحاديث الكشاف" 4/ 148، و"الفتح" 1/ 66 قوله: تفرد بوصله عبد الرزاق وغيره أرسله. عبد الرزاق: هو ابن همام، ومعمر: هو ابن راشد، وسعيد بن أبي سعيد: هو المقبري. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" 7/ 242، والحاكم في "المستدرك" 1/ 36 و 2/ 14، والبيهقي في "السنن" 8/ 329، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 2/ 50 وابن عساكر في "تاريخ دمشق" 11/ 4 من طرق عن عبد الرزاق بن همام، بهذا الإسناد بلفظ: "ما أدري أتبع لعيناً كان أم لا، وما أدري ذو القرنين نبياً كان أم لا، وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا". وأورده البخاري في "تاريخه الكبير"، 1/ 53 مرسلاً ومسنداً، وقال عن المرسل: هو أصح ولا يثبت هذا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " الحدود كفارة". وانظر لزاماً ما علقناه على حديث سهل بن سحد من "مسند أحمد" (22880) "لا تسبوا تبعاً فإنه قد كان قد أسلم". (¬2) صحيح، ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد بن أبى النجاد. وأخرجه مسلم (2365) (143) عن حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3442) من طريق شعيب، عن ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه مسلم (2365) (144) من طريق الأعرج، عن أبي سلمة، به. =

15 - باب في رد الأرجاء

15 - باب في ردِّ الأرجاء 4676 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا سهيلُ بن أبي صالح، عن عبدِ الله بن دينارٍ، عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "الإيمانُ بضعٌ وسبعون، أفضلُها قولُ لا إله إلا الله، وأدناها إماطةُ العَظْمِ عن الطريق، والحياءُ شعبةٌ من الإيمان" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (3443) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة، ومسلم (2365) (145) من طريق همام بن منبه، كلاهما عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7529)، و"صحيح ابن حبان"، (6194) و (6406). وقوله: "أولى" بمعنى أقرب، ولما لم يكن بينهما نبي كانا كأنهما في زمن واحد. والعلات بفتح العين المهملة وتشديد اللام، واحدة عَلة: وهم الذين أمهاتهم مختلفة وأبوهم واحد، أراد أن إيمانهم واحد، وشرائعهم مختلفة. قاله في "النهاية". (¬1) صحيح، حماد هو ابن سلمة، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه مسلم (35) (58)، وابن ماجه بإثر الحديث (57) من طريق جرير، وابن ماجه (57)، والترمذي (2801) من طريق سفيان، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، به. وعندهم بلفظ: "الأذى". وأخرجه البخاري (9)، ومسلم (35) (57) من طريق سليمان بن بلال، عن عبد الله ابن دينار، به. دون قوله: "وأدناها إماطة العظم عن الطريق". وهو في المسند" (8926) و (9361)، و"صحيح ابن حبان"، (166). البضع بكسر أوله وهو عدد مبهم مقيد بما بين الثلاث إلى التسع كما جزم به القزاز. قال الخطابي: وفي هذا الحديث بيان أن الإيمان الشرعي اسم لمعنى ذي شُعَبِ وأجزاء له أعلى وأدنى، فالاسم يتعلق ببعضها كما يتعلق بأكلها، والحقيقة تقتضي جميع شعبها وتستوفيها، ويدل على ذلك قوله: "والحياء شعبة من الإيمان" فأخبر أن الحياء إحدى تلك الشعب.

4677 - حدَّثنا أحمدُ بن محمدِ بنِ حنبل، حدَّثني يحيى بن سعيدٍ، عن شُعبة، حدَّثني أبو جَمرَة، قال: سمعت ابن عباس قال: إن وقد عبد القيس لما قَدِمُوا على رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أمرهم بالايمان بالله، قال: "أتدرونَ ما الإيمانُ بالله؟ " قالوا: الله ورسولُه أعلمُ، قال: "شهادةُ أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وإقامُ الصلاة وإيتاءُ الزكاة، وصومُ رمضانَ، وأن تعطُوا الخُمُسَ من المَغنَم" (¬1). 4678 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا وكيع، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي الزبير عن جابر، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم -: "بين العبدِ وبين الكفر تركُ الصلاة" (¬2). ¬

_ = وفي هذا الباب إثبات التفاضل في الإيمان وتباين المؤمنين في درجاته. ومعنى قوله: " والحياء شعبة من الإيمان، أن الايمان يقطع صاحبه عن المعاصي، ويحجزه عنها، فصار بذلك من الإيمان, إذ الإيمان بمجموعه ينقسم إلى ائتمار بما أمر الله به، وانتهاه عما نهى الله عنه. (¬1) صحيح، يحيى بن سعيد: هو القطان، وأبو جمرة: هو نصر بن عمران الضبعي. وأخرجه البخاري (53)، ومسلم (17)، والنسائي في "الكبرى" (320) و (5818) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2020)، و "صحيح ابن حبان" (172). وقد سلف برقم (3692) من طريق حماد بن زيد وعبّاد بن عباد، كلاهما عن أبي جمرة، عن ابن عباس. (¬2) صحيح، وهذا إسناد حسن. أبو الزبير -هو محمَّد بن مسلم بن تدرس- وإن كان مدلساً، وقد عنعنه إلاَّ أنه صرح بالسماع عند مسلم، وهو متابع. وأخرجه ابن ماجه (1078) عن علي بن محمَّد، والترمذي (2808) عن هناد، كلاهما عن وكيع، بهذا الإسناد. =

16 - باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه

16 - باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه 4679 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بن السَّرْح، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، عن بكر بن مُضَر، عن ابن الهاد، عن عبدِ الله بن دينار عن عبدِ الله بن عُمرَ، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "ما رأيتُ من ناقصات عَقلٍ ولا دين أغلبَ لذي لُبٍّ منكنَّ"، قالت: وما نقصانُ العقل والدين؟ قال: "أما نقصانُ العقلِ فشهادةُ امرأتين شهادةُ رجُلٍ، وأما نقصانُ الذين، فإن إحداكُنَّ تُفْطِرُ رمضانَ، وتقيمُ أيَّاماً لا تصلَّي" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (82) (134)، والنسائي في "الكبرى" (328) من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، به. وأخرجه مسلم (82)، والترمذي (2806) و (2807) من طريق أبي سفيان طلحة ابن نافع، عن جابر، به. وهو في "مسند أحمد"، (14979) و (15183)، و "صحيح ابن حبان" (1453). والكفرُ الوارد في هذا الحديث محمول على سبيل التغليظ والتشبيه له بالكفار، لا على الحقيقة، أو بأنه كفر عملي لا يُعدُّ المتلبِّس به خارجاً عن الملّة، كقوله عليه السلام: "سبابُ المسلم فسوق، وقتاله كفر"، وقوله: "كفرٌ بالله تبرّؤ من نسب ان دق" وقوله: "من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء به أحدهما"، وقوله:" من أتى امرأة في دبرها، فقد كفر بما أنزل على محمَّد". وانظر "شرح السنة" 2/ 179 - 180. (¬1) صحيح، ابن وهب: هو عبد الله، وابن الهاد: هو يزيد. وأخرجه مسلم بإثر (79) عند أبي الطاهر، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (79) (132)، وابن ماجه (4003) من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، به. وزادوا في أوله: "يا معشر النساء تصدَّقن وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثرَ أهل النار" فقالت امرأةٌ منهن، جزلةٌ: وما لنا يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثرَ أهل النار. قال: "تكثرن اللعن، وتكفُرنَ العَشير، وما رأيت ناقصات عقل ... " فذكروا الحديث. وهو في "مسند أحمد" (5343). =

4680 - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمان الأنبارىُّ وعثمان بن أبي شيبةَ المعنى - قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن سماكِ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباس، قال: لما توجَّه النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الكعبة قالوا: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكيف الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله تعالي: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة:143] (¬1). 4681 - حدَّثنا مُؤمَّلُ بن الفضل الحرّانيّ، حدَّثنا محمدُ بنُ شعيب -يعني ابنَ شابُور- عن يحيى بن الحارث، عن القاسم عن أبي أمامة، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَن أحبَّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكملَ الإيمان" (¬2). ¬

_ = قال السندي في "حاشيته على المسند": قولها: وما نقصان العقل والدين، أي: وما دليل ذلك؛ أي: أي دليل تبين به نقصانُ عقل النساء ودينهن؟ فاستدل على نقصان العقل بما ترتب عليه من كون شهادة المرأة كنصف شهادة الرجل، فإن هذا مترتب على نقصان عقلهن ومسبب عنه، لا أنه علة له، واستدل على نقصان دينهن بما هو سبب له، فإن مكثهن الليالي بلا صلاة وصوم سبب لنقصان دينهن، فالدليل الأول إنِّي، والثاني لِمِّي، ولكن مطلق الدليل يشملهما، ومن هنا ظهر أنه لا ينبغي أن يكون السؤال عن سبب النقصان، إذ لا يوافقه الجواب في بيان نقصان العقل. (¬1) صحيح لغيره، وهذا سند ضعيف؛ لأن في رواية سماك وهو ابن حرب عن عكرمة اضطراباً. سفيان: هو الثوري، وعكرمة: هو مولى ابن عباس. وأخرجه الترمذي (3202) عن هناد وأبي عمار، قالا: حدَّثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس. فذكره. وهو في "مسند أحمد" (2691) و (2775)، و "صحيح ابن حبان" (1717). ويشهد له حديث البراء بن عازب عند البخاري في "صحيحه"، برقم (40). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناده حسن، القاسم: هو ابن عبد الرحمن الدمشقى (صاحب أبي أمامة). وثقه البخاري وابن معين ويعقوب بن سفيان والترمذي وغيرهم، =

4682 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا يحيى بن سعيد، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أكمَلُ المؤمنين إيماناً أحسنُهُم خُلُقاَ" (¬1). ¬

_ = وضعفه المفضل بن غسان الغلابي وابن حبان. والمناكير التي تقع في حديثه إنما هي من رواية بعض الضعفاء عنه مثل جعفر بن الزبير وعلي بن يزيد وبشر بن نمير ونحوهم. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7737) من طريق صدقة بن خالد، و (7738) من طريق سريد بن عبد العزيز كلاهما عن يحيى بن الحارث، بهذا الإسناد. وزاد في آخره: "وإن من أقربكم إليّ يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا". وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7613)، وفي "الشاميين"، (1260) و (3447) من طريق النعمان بن المنذر عن مكحول الشامى ويحيى بن الحارث كلاهما عن القاسم، به. وأخرجه موقوفاً ابن أبي شيبة 13/ 358 من طريق عبد الرحمن بن يزيد، عن القاسم، عن أبى أمامة. فذكره. ويشهد له حديث معاذ بن سهل الجهني، أخرجه الترمذي (2692)، وهو في "مسند أحمد" (15617) و (15638). وإسناده حسن. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي- فمن رجال أصحاب السنن، وروى له البخاري مقروناً، ومسلم متابعةً، وهو حسن الحديث. وأخرجه الترمذي (1196) من طريق عبدة بن سليمان، عن محمَّد بن عمرو، بهذا الإسناد. وزاد: "وخياركم خياركم لنسائهم". وله طرق وشواهد مذكررة في تعليقنا على حديث "المسند" (7402) و (10106)، و"صحيح ابن حبان" (4176). قال ابن رسلان: الخلق: هو عبارة عن أوصاف الإنسان الذي يعامل بها غيره، وهي منقسمة إلى محمودة ومذمومة، فالمحمودة منها صفات الأنبياء والصالحين كالصبر عند المكاره والتحمل عند الجفاء، وحمل الأذى، والاحسان إلى الناس، والتردد إليهم، والرحمة بهم، والشفقة عليهم، واللين في القول ومجانبة المفاسد والشرور وغير ذلك، قال الحسن البصري: حقيقة حسن الخلق: بذل المعروف، وكف الأذى، وطلاقة الوجه.

4683 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد، حدَّثنا محمدُ بنُ ثور، عن مَعمرِ، قال: وأخبرني الزهريُّ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاصٍ عن أبيه قال: أعطى النبيُّ- صلى الله عليه وسلم -رجالاً، ولم يُعطِ رجلاً منهم شيئاً، فقال سعد: يا رسول الله، أعطيتَ فلاناً وفلاناً ولم تُعطِ فلاناً شيئاً، وهو مؤمن، فقال النبيُّ- صلى الله عليه وسلم -: "أو مسلم هو" حتى أعادها سعدُ ثلاثاً، والنبيُّ-صلى الله عليه وسلم - يقول: "أو مسلم هو"، ثم قال النبيُّ- صلى الله عليه وسلم -: "إني أعطي رجالاً وأدعُ مَنْ هو أحبُّ إلىّ منهم لا أعطيه شيئاً، مخافة أن يُكَبُّوا في النارِ على وجوهِهِم" (¬1). 4684 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد، حدَّثنا ابنُ ثَورٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، معمر: هو ابن راشد، الزهري: هو محمَّد بن شهاب. وأخرجه البخاري (27)، ومسلم (155) (237) من طرق عن الزهري، بهذا الاسناد. وأخرجه البخاري (1478)، ومسلم (150) (237) من طريق إسماعبل بن محمَّد، عن محمَّد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه سعد. وقوله: "أو مسلم" قال الحافظ في "الفتح" 1/ 80: هو بإسكان الواو لا بفتحها، فقيل: هي للتنويع، وقال بعضهم هي للتشريك، وأنه أمره أن يقولهما معاً لأنه أحوط، ويرد على هذا رواية ابن الأعرابي في" معجمه" (208) في هذا الحديث، فقال: " لا تقولن: مؤمن، ولكن قل: مسلم"، فوضح أنها للإضراب، وليس معناه الإنكار، بل المعنى: أن إطلاق المسلم على من لم يُختَبر حاله الخبرة الباطنة أولى من إطلاق المؤمن؛ لأن الإسلام معلوم بحكم الظاهر. وهو في "مسند أحمد" (1522) و (1579)، و"صحيح ابن حبان" (163). وانظر ما بعده. وسيأتي برقم (4685).

عن معمرٍ، وقال الزهري: {قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] قال: نُرى أن الإِسلامَ الكلمةُ، والإيمان العمل (¬1). 4685 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاق (ح). وحدَّثنا ابراهيمُ بنُ بشار، حدَّثنا سفيانُ -المعنى- قالا: حدَّثنا معمَر، عن الزهريِّ، عن عامر بن سعدٍ عن أبيه: أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قَسَمَ بين المسلمين قَسْماً، فقلت: أعطِ فلاناً، فإنه مؤمن، قال: "أوْ مسلمٌ، إني لأعطي الرَّجُلَ العطاء، وغيرُه أحبُّ إليَّ منه، مخافةَ أن يكبَّ على وجهه" (¬2). 4686 - حدَّثنا أبو الوليد الطيالسيُّ، حدَّثنا شعبةُ، قال: واقدُ ابن عبد الله أخبرني، عن أبيه أنَّه سَمِعَ ابن عمر يُحدث، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم, أنه قال: "لا تَرْجِعُوا بَعْدي كفَّاراً، يَضْرِبُ بعضُكم رِقابَ بعض" (¬3). ¬

_ (¬1) قول الزهري هذا رجاله ثقات وهو مقطوع. وانظر ما قبله، وما بعده. وقوله: إن الإِسلام الكلمة، أي: النطق بالشهادتين، والأيمان: العمل به من الاعتقاد والعمل بالجوارح. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه مختصراً النسائي في "الكبرى" (11453) من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (150) (236) عن ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة، به. وهو في "مسند أحمد" (1522)، و"صحيح ابن حبان" (163). وانظر سابقيه. (¬3) إسناده صحيح، واقد ابن عبد الله، نُسِبَ لجد أبيه، واسمه: واقد بن محمَّد ابن زيد بن عبد الله. =

4687 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جرير، عن فُضَيل بن غَزوان، عن نافعٍ ¬

_ = وأخرجه البخاري (6868) عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6166) و (7077)، ومسلم (66) (119) (120)، والنسائي في "الكبرى" (3577) من طرق عن شعبة، به. وأخرجه مطولاً البخاري (6785) من طريق عاصم بن محمَّد، عن واقد، به. وأخرجه البخاري (4403)، ومسلم (66) (120)، وابن ماجه (3943) من طريق عمر بن محمَّد، عن أبيه محمَّد (والد واقد)، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3577) و (3578) من طريق الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن ابن عمر. وأخرجه مرسلاً النسائي (3580) و (3581) من طريق الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، وزاد النسائي في موضعه الأول: "لا يُؤخذُ الرجل بجريرة أبيه، ولا بجريرة أخيه". وهو في "مسند أحمد" (5578)، و"صحيح ابن حبان" (187). قال ابن حبان بإثر هذا الحديث في تفسير قوله: "لا ترجعوا بعدي كفاراً: لم يرد به الكفر الذي يخرج عن الملة، ولكن معنى هذا الخبر: أن الشيء إذا كان له أجزاء يطلق اسم الكل على بعض تلك الأجزاء، فكما أن الإسلام له شُعب، ويطلق اسم الإِسلام على مرتكب شُعبة منها لا بالكلية، كذلك يُطلق اسم الكفر على تارك شعبة من شعب الإسلام، لا الكفر كله، وللإسلام والكفر مقدمتان لا تقبل أجزاء الإِسلام إلا ممن أتى بمقدمته، ولا يخرج من حكم الإسلام من أتى بجزء من أجزاء الكفر إلا من أتى بمقدمة الكفر، وهو الإقرار والمعرفة والانكار والجحد. وقال الخطابي: هذا يتأول على وجهين، أحدهما: أن يكون معنى الكفار: المتكفرين بالسلام، يقال تكفَّر الرجل بسلاحه: إذا لبسه، فكفر به نفسه، أي: سترها، وأصل الكفر: الستر، ويقال: سمي الكافر كافراً لستره نعمة الله عليه، أو لستره على نفسه شواهد ربوبية الله ودلائل توحيده وقال بعضهم: معناه: لا ترجعوا بعدي فرقاً مختلفين بضرب بعضكم رقاب بعض، فتكونوا بذلك مشاهين للكفار، فإن الكفار متعادون يضرب بعضهم رقاب بعض، والمسلمون متآخون يحقن بعضهم دماء بعض.

عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: " أيُّما رَجلٍ مسلمٍ أكفَرَ رَجُلاً مسلماً: فإن كان كافراً، وإلا كان هو الكافرَ" (¬1). 4688 - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ نُميرٍ، حدَّثنا الأعمشُ، عن عبدِ الله بن مُرّة، عن مَسروقٍ عن عبدِ الله بن عمرو، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" أربعٌ مَنْ كُنً فيه فهو منافقٌ خالصٌ، ومَن كانت فيه خَلَّة منهن كان فيه خلَّة من نفاقِ حتى يَدَعَها: إذا حَدَّث كذبَ، وإذا وَعَدَ أخلفَ، وإذا عاهَدَ غَدَرَ، وإذا خاصَمَ فَجَرَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، جرير: هو ابن عبد الحميد بن قُرْط. وأخرجه مسلم (60) (11) من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، وأخرجه البخاري (6104)، ومسلم (65) (11)، والترمذي (2827) من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4687) و (4745)، و"صحيح ابن حبان" (249). قال القرطبي المحدث: حيث جاء الكفر في لسان الشرع، فهو جحدُ المعلوم من دين الإِسلام بالضرورة الشرعية، وقد ورد الكفر في الشرع بمعنى جحد النعم، وترك شكر المُنعِم والقيام بحقه (كما تقدم تقريره في كتاب الإيمان (من صحيح البخاري) في: باب كفر دون كفر، وفي حديث أبي سعيد "يكفرن الإحسان، ويكفرن العشير")، وقوله: "فقد باء بها أحدهما" أي: رجع بإثمها ولازم ذلك، وأصل البوء اللزوم، ومنه "أبوء بنعمتك" أي: ألزمها نفسي وأقِرُّ بها، والهاء في قوله: "بها"راجع إلى التكفيرة الواحدة التي هي أقل ما يدل عليه لفظ كافر، ويحتمل أن يعود إلى الكلمة. والحاصل: أن المقول له إن كان كافراً كفراً شرعياً، فقد صدق القائل، وذهب بها المقول له، وإن لم يكن، رجعت للقائل معرة ذلك القول وإثمه. نقله عنه الحافظ في "الفتح" 10/ 466 - 467 وقال: وهو من أعدل الأجوبة. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (58) (106) من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. =

4689 - حدَّثنا أبو صالحٍ الأنطاكىُّ، أخبرنا أبو إسحاقَ الفزارىُّ، عن الأعمش، عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَزْني الزَّاني حين يَزني وهو مُؤمِنٌ، ولا يَسرقُ حينَ يَسْرقُ وهُوَ مؤمنٌ، ولا يَشربُ الخمرَ حينَ يشرَبُها وهو مؤمنٌ، والتوبةُ معروضةٌ بعدُ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (34)، ومسلم (58) (106) , والترمذي (2821) من طريق سفيان، والنسائي في "الكبرى" (8681) من طريق شعبة، كلاهما عن سليمان الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد" (6768)، و "صحيح ابن حبان"، (254). قال السندي، قوله: "وإذا خاصم فجر": الفجور في اللغة: الميل، وفي الشرع: الميل عن القصد، والعدول عن الحق، والمراد به ها هنا: الشتم والرمي بالأشياء القيحة والبهتان. (¬1) إسناده صحيح، أبو صالح الأنطاكي: هو محبوب بن موسى، وأبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمَّد بن الحارث. وأخرجه البخاري (6810)، ومسلم (57) (104) و (105)، والترمذي (2813)، والنسائي في "الكبرى" (7315) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7314) من طريق القعقاع بن حكيم , عن أبي صالح، به. وأخرجه البخاري (2475) و (5578) و (6772) ,ومسلم (57) (100) و (101) و (102) و (103)، وابن ماجه (3936)، والنسائي في "الكبرى" (5149) و (5150) و (7088 - 7095) من طرق عن أبي هريرة. ورواه بعضهم دون قوله: "والتوبه معروضة بعد"، وزاد بعضهم: "ولا ينتهب نهبة، يرفع الناس إليه فيها أبصارهم، حين ينتهبها وهو مؤمن". قال الخطابي: الخوارج ومن يذهب مذهبهم ممن يكفر المسلمين بالذنوب يحتجون به، ويتأولونه على غير وجهه، وتأويله عند العلماء على وجهين: =

4690 - حدَّثنا إسحاقُ بن سويد الرمْلىُّ، حدَّثنا ابنُ أبي مريم، أخبرنا نافعٌ -يعني ابن يزيدَ- حدَّثني ابنُ الهاد، أن سعيد بن أبي سعيدٍ المَقبُريَّ حَدَّثه أنه سَمِعَ أبا هريرة يقول: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا زَنَى الرَّجُلُ خَرجَ منه الإيمانُ كان عليه كالظُّلَّة، فإذا أقلَعَ رَجَعَ إليه الإيمان" (¬1). ¬

_ = أحدهما: أن معناه النهي وإن كانت صورته صورة الخبر، يريد: لا يَزنِ الزاني بحذف الياء، ولا يسرقِ السارقِ بكسر القاف على معنى النهي. يقول: إذ هو مؤمن لا يزني ولا يسرق ولا يشرب الخمر، فإن هذه الأفعال لا تليق بالمؤمنين ولا تشبه أوصافهم. والوجه الآخر: أن هذا كلام وعيد لا يراد به الإيقاع، وإنما يقصد به الردع والزجر، فقوله: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" وقوله: "لا إيمان لمن لا أمانة له" وقوله: "ليس بالمسلم من لم يأمن جاره بوائقه" وهذا كله على معنى الزجر والوعيد أو نفي الفضيلة وسلب الكمال دون الحقيقة في رفع الإيمان وإبطاله. وقد روي في تأويل هذا الحديث معنى آخر، وهو مذكور عند المصنف برقم (4690) بعد هذا الحديث فانظره. وقال الإِمام النووي: الصحيح الذي قاله المحققون: أن معناه لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان, وإنما تأولناه لحديث أبي: "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وسرق". وقوله: "والتوبة معروضة" أي: على فاعلها بعد ذلك. قال النووي: قد أجمع العلماء على قبول التوبة ما لم يغرغر كما جاء في الحديث. وهو في "مسند أحمد" (7318) و (8895)، و"صحيح ابن حبان" (186) و (4412). (¬1) إسناده صحيح، ابن أبي مريم: هو سعيد، وابن الهاد: هو يزيد. وأخرجه ابن منده في "الإيمان" (519)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 22، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5364) من طرق عن سعيد بن أبي مريم، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. وذكره الترمذي بإثر الحديث رقم (2813).

17 - باب في القدر

17 - باب في القدر 4691 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، قال: عبدُ العزيز بن أبي حازم حدَّثني بمنًى، عن أبيه عن ابن عمر، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: " القَدَريَّة مَجُوسُ هذه الأمة: إنْ مَرِضُوا فلا تَعودُوهُم، وإن ماتوا فلا تَشْهدوهُمْ" (¬1). 4692 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن عُمَرَ بن محمَّد، عن عُمَرَ مولى غُفْرة، عن رجلِ من الأنصار عن حُذيفة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لكلِّ أمَّة مجوسٌ، ومجوسُ هذه الأمة الذين يقولون: لا قَدَرَ، مَن مات منهم فلا تشهدوا جنازته، ومَنْ مرضَ منهم فلا تَعُودُوهم، وهم شِيعةُ الدَّجَّال، وحَقٌّ على الله أن يُلحِقَهم بالدَّجَّال" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، أبو حازم: هو سلمة بن دينار، قال المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 7/ 58: هذا منقطع، أبو حازم سلمة بن دينار لم يسمع من ابن عمر، وقد روي هذا الحديث من طرق، عن ابن عمر ليس فيها شيء يثبت. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 1/ 85، والبيهقي في السنن" 10/ 203 من طريق موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وانظر بسط الكلام عليه، وأحاديث الباب فيه، في "مسند" الإِمام أحمد حديث رقم (5584). فانظره لزاماً. وانظر حديث حذيفة الآتي. (¬2) إسناده ضعيف، عمر مولى غُفرة -وهو ابن عبد الله المدني- ضعيف وقد اضطرب في إسناده، والرجل من الأنصار مجهول. سفيان: هو الثوري، وعمر بن محمَّد: هو ابن زيد العمري المدني. =

4693 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، أن يزيدَ بن زُرَيع ويحيى بن سعيدٍ حَدَّثاهم، قالا: حدَّثنا عوفٌ، حدَّثنا قَسامةُ بن زُهيرٍ حدَّثنا أبو موسى الأشعرىُّ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنّ الله خَلَق آدمَ مِن قبضةٍ قبضها من جميعِ الأرضِ، فجاءَ بنوآدَمَ على قَدْرِ الأرض: جاء منهم الأحمرُ، والأبيضُ، والأسودُ، وبين ذلك، والسَّهلُ، والحَزْنُ، والخبيثُ، والطَّيِّبُ- زاد في حديث يحيى: وبين ذلك". والإخبار في حديث يزيد (¬1). 4694 - حدَّثنا مُسدَّدُ بن مُسَرهَدٍ، حدَّثنا المُعتمرُ، سمعتُ منصورَ بن المعتمر يُحدِّث، عن سعْد بن عُبيدة، عن عبدِ الله بن حبيبٍ أبي عبد الرحمن السُّلميِّ عن عليّ قال: كُنَّا في جنازةٍ فيها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ببقيع الغَرْقَدِ، فجاءَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فجلس ومعه مِخْصَرَةٌ، فجعلَ ينكتُ بالمخصَرَةِ في الأرض، ثم رَفَعَ رأسَه، فقال: "ما منكم مِنْ أحَدٍ، ما مِنْ نفسٍ منفوسَةٍ إلا قد كُتِبَ مكانُها من النار أو من الجنة، إلا قَدْ كُتبتْ شقيةً أو سعيدةً"، قال: فقال رجلٌ من القوم: يا نبيَّ الله، أفلا نَمكُثُ ¬

_ = وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (329) من طريق شعيب بن حرب، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1155) من طريق الفضل بن دكين، كلاهما عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وسقط من سند مطبوع "السنة": عمر بن محمَّد. وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه في "مسند أحمد" (23456). وانظر حديث ابن عمر السالف قبله. (¬1) إسناده صحيح، مسدد: هو ابن مسرهد، وعوف: هو ابن أبي جميلة. وأخرجه الترمذي (3188) من طرق عن عوف بن أبي جميلة، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (19582)، و "صحيح ابن حبان" (6160) و (6181).

على كتابنا، وندَع العمل، فمن كان من أهل السَّعادة ليكونَنَّ إلى السعادة، ومَنْ كان من أهل الشِّقوَة ليكونَنَّ إلى الشَّقوة؟ قال: "اعملُوا فكل مُيسَّرٌ: أما أهل السَّعادة فيُيسَّرُون للسعادة، وأما أهلُ الشِّقوةِ فييسَّرُون للشِّقوة"، ثم قال نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل:5 - 10] (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، المعتمر: هو ابن سليمان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11614) عن محمَّد بن عبد الأعلى، عن المعتمر بن سليمان، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1362)، ومسلم (2647) (6) من طريق جرير، و (2647) (6) من طريق أبي الأحوص، و (2647) (7) من طريق شبة، والترمذي (3638) من طريق زائدة بن قدامة، أربعهم عن منصور، به. وأخرجه مسلم (2647) (7)، وابن ماجه (78)، والترمذي (2270)، والنسائي في "الكبرى" (11615) من طريق الأعمش، عن سعد، به. وروايتهم أخصر مما هنا. وهو في "مسند أحمد" (621)، و"صحيح ابن حبان"، (334) و (335). قوله: أفلا نَمكُثُ على كتابنا، هذا لفظ مسلم، ولفظ البخاري: أفلا نتّكِلُ على كتابنا، قال البغوي في "شرح السنة" 1/ 133 بتحقيقنا: ذكر الخطابي على هذا الحديث كلاماً معناه: قال: قولهم: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ مطالبة منهم بأمر يوجب تعطيل العبودية، وذلك أن إخبار النبي-صلى الله عليه وسلم-عن سابق الكتاب إخبار عن غيب علم الله سبحانه وتعالى فيهم، وهو حجة عليهم، فرام القوم أن يتخذوه حجّة لأنفسهم في ترك العمل، فاعلمهم النبي-صلى الله عليه وسلم- أن ها هنا أمرين لا يُبطِلُ أحدُهما الآخر: باطن هو العلة الموجبة في حكم الربوبية، وظاهر هو السِّمة اللازمة في حق العبودية، وهو أمارةٌ مَخِيْلَةٌ غير مفيدةٍ حقيقةَ العلم، ويشبه أن يكون -والله أعلم- إنما عوملوا بهذه المعاملة، وتُعبِّدوا بهذا التعبد، ليتعلق خوفهم بالباطن المغيب عنهم، ورجاؤهم بالظاهر البادي لهم، والخوف والرجاء مَدْرَجَتا العبودية، ليستكملوا بذلك صفة الإيمان، وبين لهم =

4695 - حدَّثنا عُبيدُ الله بن مُعاذِ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا كَهْمَسٌ، عن ابن بُريدة عن يحيى بن يَعمَر، قال: كان أولَ مَنْ تَكلَّم في القَدَرِ بالبصرة معبدٌ الجُهني، فانطلقتُ أنا وحُميدُ بن عبد الرحمن الحميرىُّ حاجَّين، أو مُعتمرين، فقلنا: لو لقينا أحداً من أصحابِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألناه عما يقولُ هؤلاء في القَدَر، فوفَّقَ الله لنا عبدَ الله بن عمر داخلاً في المسجد، فاكتنفتُه أنا وصاحبي، فظننتُ أن صاحبي سَيَكِلُ الكلامَ إليَّ، فقلت: أبا عبد الرحمن، إنه قد ظَهرَ قِبَلَنا ناسٌ يقرؤونَ القرآن، ويَتَقفَّرُونَ العلمَ، يزعمون أنْ لا قَدَرَ، والأمْرُ أُنُفٌ، فقال: إذا لقيتَ أولئك فأخبرْهم أني بريءٌ منهم، وهُمْ برآء منّي، والذي يَحلفُ به عبد الله بن عُمر، لو أن لأحدِهم مثلَ أُحدِ ذهباً فأنفقه، ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقَدَرِ، ثم قال: حدَّثني عمر بن الخطاب، قال: بينا نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ طَلَع علينا رَجلٌ شديدُ بياض الثيابِ شديدُ سوادِ الشَّعَر، لا يُرى عليه أثَرُ السفَر ولا نَعرفُه، حتى ¬

_ = أن كلَّ ميسَّرٌ لما خلق له، وأن عمله في العاجل دلِيل مصيره في الآجل، وتلا قوله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ... وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى}، وهذه الأمور في حكم الظاهر، ومن وراء ذلك علم الله عَزَّ وَجَلَّ فيهم، وهو الحكيم الخبير، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون. واطلب نظيره في أمرين: من الرزق المقسوم مع الأمر بالكسب، ومن الأجل المضروب في العمر مع المعالجة بالطب، فإنك تجد المغيب فيهما علة موجبة، والظاهر البادي سبباً مخيلاً، قد اصطلح الناس خواصُّهم وعوامُّهم على أن الظاهر فيها لا يترك بالباطن، هذا معنى كلام الخطابي رحمه الله. المخصرة: عصا خفيفة يختصرها الإنسان يمسكها بيده، والنفس المنفوسة: هي المولودة. والمنفوس: الطفل الحديث الولادة، يقال: نُفِسَتِ المرأة: إذا ولدت، ونُفِسَت: إذا حاضت، ويقال: إنما سميت المرأة نفساء لسيلان الدم، والنفس: الدم.

جَلَسَ إلى النبيّ-صلى الله عليه وسلم- فاسنَد رُكبتَيه إلى رُكبتَيه ووضَع كفَّيْه على فَخِذَيه، ثم قال: يا محمَّد، أخبرني عن الإِسلام، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "الإِسلامُ أن تَشهَدَ أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وتُقيمَ الصَّلاةَ، وتُؤتيَ الزَّكاة، وتصومَ رمضانَ، وتَحُجَّ البيت إن اسْتَطعْتَ إليه سبيلاً"، قال: صدقتَ، قال: فعَجِبْنا له يسالُه ويُصدّقه، قال: فأخبرني عن الإيمان" قال: "أن تؤمِنَ بالله، وملائكته، وكُتُبه، ورُسِله، واليوم الآخر، وتؤمنَ بالقدرِ خَيرِه وشَرّه" قال: صَدَقْتَ، قال: فأخبرني عن "الإحسان" قال: "أن تَعبدَ الله كأنَّكَ تراه، فإن لم تكُنْ تَراه فإنَّه يَراكَ"، قال: فأخبرْني عن السَّاعة، قال: "ما المسؤولُ عنها بأعلمَ من السَّائل"، قال: فأخبرْني عن أمارَتها، قال: "أن تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتها، وأن تَرَى الحُفاةَ العُراةَ العَالَة رِعاءَ الشاءِ يتطاولونَ في البُنيان"، قال: ثم انطلَقَ، فلبثتُ ثلاثاً، ثم قال: "يا عُمرُ، هل تدري من السَّائل؟ " قلت: الله ورسوله أعلمُ، قال: "فإنه جبريلُ، أتاكُم يعلَّمُكم دينكم" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحح، معاذ: هو ابن معاذ بن نصر العنبري، كهمس: هو ابن الحسن، وابن بريدة: هو عبد الله. وأخرجه مسلم (8) (1) عن عبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2796) عن محمَّد بن المثنى، عن معاذ بن معاذ، به. وأخرجه مسلم (8) (1)، وابن ماجه (63)، وأبو الحسن القطان في زياداته على "سنن ابن ماجه" بإثر الحديث (63)، والترمذي (2794) و (2795)، والنسائي في "المجتبى" 8/ 97 - 101 من طرق عن كهمس، به. ولفظ ابن ماجه والنسائي دون قصة القدر في أوله. وأخرجه مسلم (8) (2) من طريق مطر الوراق، عن عبد الله بن بريدة، به. وأخرجه مسلم (8) (4) من طريق سليمان بن طرخان، عن يحيى بن يعمر، به. =

4696 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن عثمانَ بن غياثٍ، حدَّثني عبد الله ابن بريدَة، عن يحيى بن يَعمَرَ وحُمَيدِ بن عبد الرحمن لقينا عبدَ الله بن عمر، فذكرنا له القدرَ وما يقولون فيه، فذكر نحوه، زاد: قال: وسأله رجلٌ من مُزينة، أو جُهينة، فقال: يا رسول الله، فيم العَملُ؟ أفي شيءِ قد خلا أو مضى، أو في شيء يُستأنَفُ الآنَ؟ قال: "في شيءٍ قد خلا ومَضَى" فقالَ الرجلُ أو بعض القوم: ففيم العمَلُ؟ قال: "إن أهلَ الجنة يُيسَّرُون لعملِ أهلِ الجنَّة، وإن أهلَ النارِ يُيسَّرونَ لعمَلِ أهلِ النار" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (184) و (367)، و"صحيح ابن حبان" (168) و (173). وانظر لاحقيه. قال الخطابي: قوله: يتقفرون العلم. معناه: يطلبونه، ويتبعون أثره، والتقفر: تتبع أثر الشىء. وقوله: والأمر أنف يريد مستأنف لم يتقدم فيه شيء من قدر أو مشيئة، يقال: كلاٌ أُنف: إذا كان وافياً لم يرع منه شيء وروضة أنف بمعناه. والعالة: الفقراء، وأحدهم عائل، يقال: عال الرجل يعيل: إذا افتقر، وعال أهله يعولهم: إذا مار أهله، وأعال الرجل يُعيل: إذا كثر عياله. قال الحافظ ابن جب وهو بصدد شرح هذا الحديث في "جامع العلوم والحكم" ص 108: والتحقيق في الفرق بين الإيمان والإِسلام: أن الإيمان: هو تصديق القلب واقراره ومعرفته، والإِسلام: هو استسلام العبد لله وخضوعه وانقياده له، وذلك يكون بالعمل وهو الدين، كما سمى الله تعالى في كتابه الإِسلام ديناً، وفي حديث جبريل سمى النبي-صلى الله عليه وسلم- الإِسلام والإيمان والإحسان ديناً، وهذا أيضاً مما يدل على أن أحد الاسمين إذا أفرد، دخل فيه الآخر، وإنما يفرق بينهما حيث قرن أحد الإسمين بالآخر، فيكون حينئذ المراد بالإيمان: جنس تصديق القلب، وبالإِسلام جنس العمل. (¬1) إسناده صحيح، يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه مسلم (8) (3) من طريق حى بن سعيد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله وما بعده.

4697 - حدَّثنا محمود بن خالدٍ، حدَّثنا الفريابيُّ، عن سفيان، حدَّثنا علقمة ابن مرثد، عن سليمانَ بن بريدة، عن ابن يعمر، بهذا الحديث يزيدُ وينقصُ قال: فما الإِسلام؟ قال: "إقامُ الصلاة، وايتاءُ الزَكاة، وحَجُّ البيت، وصومُ شهرِ رمضانَ، والاغتسالُ من الجنابة" (¬1). قال أبو داود: علقمةُ مُرجىءٌ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الفريابي: هو محمَّد بن يوسف. وذكر أبي داود هذا الإسناد بإثر الطريقين السابقين يوهم أنه من رواية ابن عمر عن أبيه عمر، والصواب في رواية سفيان هذه أنها من حديث ابن عمر عن النبي-صلى الله عليه وسلم- دون ذكر أبيه عمر، هكذا أخرجه أحمد في "مسنده" (374) عن أبي نعيم الفضل ابن دكين، عن سفيان الثوري، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن ابن يعمر، قال قلت لابن عمر: إنا نسافر في الآفاق، فنلقى قوماً يقولون: لا قدر، فقال ابن عمر: إذا لقيتموهم فأخبروهم أن عبد الله بن عمر منهم بري، وأنهم منه براء -ثلاثاً- ثم أنشأ يقول يُحدِّثُ: بينما نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فجاء رجل فذكر من هيئته ... فذكر الحديث ولم يذكر أباه عمر. وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (1) من طريق المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن يحيى بن يعمر، عن عبد الله بن عمر، عن عمر. وأخرجه دون ذكر عمر النسائي في "الكبرى" (5852) من طريق شريك، عن الركين بن الربيع، عن يحيى بن يعمر، به. وأخرجه أيضاً (5852) من طريق شريك، عن عطاء بن السائب، عن ابن بريدة، عن ابن عمر. وقال الترمذي في "سننه" بإثر الحديث (2796): وقد رُوي هذا الحديث عن ابن عمر، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، والصحيح هو ابن عمر، عن عمر، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-. وانظر لاحقيه. (¬2) وَصفُه بالارجاء تابع فيه شيخَه الإمامَ أحمد، ولم نَرَ من وصفه بذلك غيرهما. والإرجاء كما يقول الإِمام الذهبي: مذهب لعدة من جِلّة العلماء لا ينبغي التحامل على قائله، وعلقمة هذا قد احتج به الشيخان ووثقه غير واحد من الأئمة، حتى الامامُ أحمد وصفه أنه ثقة ثبت الحديث كما في "العلل" 2/ 321.

4698 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن أبي فروةَ الهَمْدانىِّ، عن أبي زُرعةَ بن عَمرو بن جرير عن أبي ذر وأبي هريرة، قالا: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَجْلِسُ بين ظهريْ أصحابه، فيجيءُ الغريبُ، فلا يدري أيُّهُم هو حتى يسأل، فطلَبْنا إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أن نجعلَ له مجلساً يعرفُه الغريبُ إذا أتاه، قال: فبنَيْنا له دُكاناً من طينٍ، فجلسَ عليه، وكنا نَجلِسُ بجَنَبَتَيْه، وذكر نحو هذا الخبر، فاقبلَ رجُلٌ، وذَكَر هيئَتَهُ، حتى سَلَّم من طَرفِ السِّماط، فقال: السلامُ عليك يا محمَّد، قال: فردَّ عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (¬1). 4699 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيان، عن أبي سنانٍ، عن وَهْبِ ابن خالد الحمصىِّ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، جرير: هو ابن عبد الحميد، أبو فروة الهمداني: هو عروة ابن الحارث. وأخرجه البخاري في "خلق أفعال العباد" (189)، والنسائي في "المجتبى" 8/ 101 - 103، وفي "الكبرى" (5843) من طرق عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد. ورواية البخاري مقتصرة على قصة السؤال عن الإيمان" ورواية النسائي في "الكبرى" مقتصرة على قصة الدكان. وأخرجه البخاري (50)، ومسلم (9) (5) و (6)، وابن ماجه (64) و (4044) من طريق أبي حيان، ومسلم (10) (7) من طريق عمارة بن القعقاع، كلاهما عن أبي زرعة، عن أبي هريرة وحده. وروايتهم جميعاً دون قصة الدكان، ورواية ابن ماجه الثانية اقتصرت على السؤال عن أشراط الساعة. وهو في "مسند أحمد" (9501)، و"صحيح ابن حبان" (159). والدكان: هي الدكة المبنية للجلوس عليها. قوله: حتى سَلَّم من طرف السِّماط، قال ابن الأثير في "النهاية"، السِّماط: الجماعة من الناس والنخل، والمراد به في الحديث: الجماعة الذين كانوا جلوساً عن جانبيه.

عن ابن الدَّيلميِّ، قال: أتيتُ أبيَّ بن كعب فقلت له: وقع في نفسِي شيء من القَدَرِ، فحدّثْني بشيءٍ لعلَّ الله عَزَّ وَجَلَّ أن يُذهِبَه من قلبي، قال: لو أنَّ الله عذَّبَ أهل سماواتِه وأهلَ أرضه، عذبَهم وهو غيرُ ظالم لهم، ولو رَحِمَهم، كانت رحمتُه خيراً لهم من أعمالهم، ولو أنفقتَ مثل أحُدٍ ذهباً في سبيل الله ما قبلَه الله منكَ حتى تؤمنَ بالقَدَر، وتعلَمَ أن ما أصابَكَ لم يَكُنْ ليُخطئَكَ، وأنَّ ما أخْطاكَ لم يكُنْ ليُصيبكَ، ولو مُتَّ على غير هذا لدخلتَ النارَ، قال: ثم أتيتُ عبدَ الله بن مسعود، فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيتُ حذيفةَ بن اليمان، فقال مثل ذلك، قال: ثم أتيتُ زيدَ بن ثابت، فحدثني عن النبىِّ - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده قوي، أبو سنان: واسمه سعيد بن سنان البرجمي يَنْحطُّ عن رتبه الثقة. وهو موقوف في هذا السند من حديث أبي بن كعب، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، ومرفوع من حديث زيد بن ثابت. وابن الديلمي: هو عبد الله بن فيروز. وأخرجه ابن ماجه (77) من طريق إسحاق بن سليمان، عن أبي سنان، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/ (556) عن عبد الله بن أحمد، عن محمَّد بن مصطفى، عن محمَّد بن شعيب، عن سعيد بن عبد الرحمن بن يزيد بن رقيش الأسدي، عن أبي الأسود الدؤلي، عن عمران بن حصين وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب، مرفوعاً. وإسناده حسن. وأخرجه الطبراني (10564) من. طريق عمر بن عبد الله مولى غفرة، عن أبي الأسود الدؤلي، عن عمران بن حصين، فحدثه به موقوفاً. ثم قال أبو الأسود، فأتيت عبد الله بن مسعود فسألته، فقال عبد الله لأبي بن كعب: يا أبا المنذر، حدثه، فقال أبي: يا أبا عبد الرحمن حدثه، فحدث ابن مسعود بمثل حديث عمران بن حصين، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-. وعمر بن عبد الله ضعيف كثير الإرسال. ولم يذكر في كلا الروايتين قوله: وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك ... إلخ. وهو في "مسند أحمد" (21589)، و"صحيح ابن حبان" (727). وانظر حديث عبادة الآتي بعده.

4700 - حدَّثنا جعفرُ بنُ مسافر الهُذلىُّ، حدَّثنا يحيى بن حسَّان، حدَّثنا الوليدُ بن رباحٍ، عن إبراهيمَ بن أبي عَبْلَة، عن أبي حفصةَ، قال: قال عبادةُ بن الصَّامت لابنه: يا بُنيَّ إنَّك لن تَجِدَ طعمَ حقيقةِ الإيمان حتّى تَعلمَ أن ما أصابَكَ لم يكُنْ ليُخْطئَكَ، وما أخطَاكَ لم يكُنْ ليُصيبَك، سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن أوَّلَ ما خلقَ الله القلمُ، فقال له: اكتُبْ، قال: ربَّ، وماذا أكتُبُ؟ قال: اكتُبْ مقاديرَ كل شيءٍ حتى تقومَ الساعةُ"، يا بني، إني سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ ماتَ على غير هذا فليسَ منىّ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن، أبو حفصة: هو حبيش بن شريح، لم يرو عنه غير اثنين، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وجعفر بن مسافر: صدوق ربما أخطأ، وباقي رجاله ثقات. الوليد بن رباح يقال فيه: رباح بن الوليد. وأخرجه الترمذي (2294) و (3607) عن يحيى بن موسى، عن أبي داود الطيالسي، عن عبد الواحد بن سليم، قال: قدمت مكة، فلقيت عطاء بن أبي رباح فقلت له: يا أبا محمَّد ... فذكر في موضعه الأول قصة إلى أن قال، قال عطاء: لقيت الوليد بن عبادة بن الصامت صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فسألته: ما كانت وصية أبيك عند الموت ... وساقه بنحو حديثنا. وإسناده ضعيف لضعف عبد الواحد بن سليم. وقال الترمذي بإثر الحديث الأول: حديث غريب، وفي موضعه الثاني، قال: حديث حسن صحيح غريب. وأخرجه أحمد في "مسنده" (22705) من طريق الليث بن سعد، عن معاوية بن صالح بن حدير، عن أيوب بن زياد، عن عبادة بن الوليد بن عبادة، عن أبيه الوليد قال: دخلت على عبادة وهو مريض ... فذكره بنحوه. وإسناده حسن. وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه وأحاديث الباب فيه. وقوله في حديثنا: "من مات على غير هذا فليس مني" هكذا جاء مرفوعاً هنا عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، وقد جاء في رواية الترمذي، وأحمد موقوفاً على عبادة بلفظ: وإن مت ولست على ذلك، دخلت النار.

4701 - حدَّثنا مُسدّدُ, حدَّثنا سفيانُ (ح). وحدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ -المعنى- حدَّثنا سفيانُ بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، سمع طاووساً يقول: سمعتُ أبا هريرة يُخبرُ عن النبيِّ-صلى الله عليه وسلم-، قال: "احتجَّ آدم وموسى، فقال موسى: يا آدمُ أنت أبونا خيَّبْتنا، وأخرجْتَنا من الجنة، فقال آدم: أنتَ موسى اصْطَفاكَ الله بكلامِه، وخَطَّ لكَ التوراةَ بيدِه تلُومُني على أمرٍ قَدَّرَهُ على، قبلَ أن يخلُقَني باربعينَ سنةً؟ فحَجَّ آدَمُ موسى فحجَّ اَدمُ موسى" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (6614)، ومسلم (2652) (13)، وابن ماجه (80)، والنسائي في "الكبرى" (11123) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3409) و (4736) و (4738) و (7515)، ومسلم (2652) (14) (15)، والترمذي (2268)، والنسائي في "الكبرى" (10918) و (10919) و (10994) و (11065) و (11122) و (11266) و (11379) من طرق عن أبي هريرة. وبعضهم يزيد فيه على بعض. وهو في "مسند أحمد" (7387)، و"صحيح ابن حبان" (6179) و (6180). قال الإِمام الخطابي في "معالم السنن" 4/ 322: قد يحسب كثير من الناس أن معنى القدر من الله والقضاء منه معنى الاجبار والقهر للعبد على ما قضاه وقدره، ويتوهم أن فَلْجَ آدم في الحجةِ على موسى إنما كان مِن هذا الوجه، وليس الأمرُ في ذلك على ما يتوهمونه، وإنما معناه: الإخبارُ عن تقدم علم الله سبحانه بما يكونُ مِن أفعال العباد وأكسابهم، وصدورها عن تقدير منه، وخلقٍ لها خيرها وشرها. والقدر: اسم لما صار مقدوراً عن فعل القادر، كما الهدمُ والقبضُ والنشر أسماء لما صدر عن فعل الهادم والقابض والناشر، يقال: قدَرْتُ الشيءَ وقدَّرتُه خفيفةً وثقيلة بمعنى واحد. =

قال أحمدُ بنُ صالح: عن عمرو، عن طاووس، سمع أبا هريرة. 4702 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني هشامُ بن سعْدٍ، عن زيد بن أسلمَ، عن أبيه أن عُمرَ بن الخطاب قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ موسى قال؟ يا ربَّ، أرنا آدم الذي أخرجنا ونفسَه من الجنة، فأراه الله عز وجل آدمَ، فقال: أنتَ أبونا آدمُ؟ فقال له آدمُ: نعم، قال: أنتَ الذي نَفَخَ اللهُ ¬

_ = والقضاء في هذا معناه: الخلق، كقوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ} [فصلت: 12]، أي: خلفهن. وإذا كان الأمر كذلك، فقد بقي عليهم من وراء علم الله فيهم أفعالهم وأكسابهم ومباشرتهم تلك الأمور، وملابستهم إياها عن قصد وتعمدٍ وتقديم إرادة واختيار، فالحجة إنما تلزمهم بها، واللائمة تلحقهم عليه. وقال ابن أبي العز فيّ "شرحه للعقيدة الطحاوية" 1/ 136 - بتحققن - عن هذا الحديث: نتلقاه بالقبولِ والسمعِ والطاعةِ، لصحته عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا نتلقاه بالرد والتكذيب لراويه كما فعلت القدرية، ولا بالتأويلات الباردة، بل الصحيح أن آدم لم يحتج بالقضاء والقدر على الذنب، وهو كان أعلمَ بربه وذنبه، بل آحاد بنيه من المؤمنين لا يحتج بالقدر، فإنه باطل، وموسى عليه السلام، كان أعلمَ بأبيه وبذنبه من أن يلوم آدم عليه السلام على ذنب قد تاب منه وتاب الله عليه، واجتباه وهداه، وإنما وقع اللوم على المصيبة التي أخرجت أولاده من الجنة، فاحتج آدم عليه السلام بالقدر على المصيبة، لا على الخطيئة، فإن القدر يُحتَجّ به عند المصائب، لا عند المعايب. وهذا المعنى أحسن ما قيل في الحديث، فما قُدِّر من المصائب يجب الاستسلام له، فإنه من تمام الرضا بالله رباً، وأما الذنوب فليس للعبد أن يُذنب، وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب، فيتوب من المعايبِ ويصبُر على المصائب، قال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} [غافر: 55]، وقال تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120]. وانظر حديث عمر الآتي بعده.

فيكَ من روحه، وعلَّمَكَ الأسماء كُلَّها، وأمرَ الملائكةَ فسَجَدُوا لكَ؟ قال: نعم، قال: فما حَمَلكَ على أن أخرجْتَنا ونفسَك من الجنَّة؟ قال له آدمُ: ومَنْ أنتَ؟ قال: أنا موسى، قال: أنتَ نبيُّ بني إسرائيلَ الذي كلمك الله من وراءِ الحِجابِ، لم يجعل بَينكَ وبينَه رَسولاً من خلقِه؟ قال: نعم، قال: أفما وجدْتَ أن ذلك كان في كتاب الله قبلَ أن أُخْلَقَ؟ قال: نعم، قال: فيمَ تلومُني في شيءِ سَبَقَ من الله عز وجل فيه القضاء قَبلي؟ قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عند ذلك:: "فحجَّ آدمُ موسى، فحجَّ آدمُ موسى" (¬1). 4703 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلمة القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن زيد بن أبي أُنَيسَة، أن عبدَ الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره، عن مسلم ابن يَسارِ الجهنىِّ أن عمر بن الخطاب سُئِلَ عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ} [الأعراف: 172]- قال: قرأ القعنبيُ الآية - فقال ¬

_ (¬1) إسناده حسن، هشام بن سعد حسن في المتابعات والشواهد وهذا منها. ابن وهب: هو عبد الله. أسلم: هو مولى عمر. وأخرجه الدارمي في "خلق أفعال العباد" ص 87 - 88 عن الأصبغ بنِ الفرج المصري، وأبو يعلى في "مسنده" (343) عن الحارث بن مسكين المصري، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار (2146 - كشف الأستار) من طريق عبد الله بن بريدة، وأبو يعلى في "مسنده" (244) من طريق الرديني بن أبي مجلز، كلاهما عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر، بنحوه. وإسناده حسن. ويشهد له ما قبله من حديث أبي هريرة، وهو في "المسند، (7387). وانظر تمام أحاديث الباب فيه.

عمر: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عنها، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الله عزَّ وجل خلق آدمَ، ثم مَسَح ظهرَه بيمينه، فاستخرج منه ذرِّيةَ، فقال: خلقْتُ هؤلاء للجنة، وبعَمَلِ اْهلِ الجنةِ يعمَلُونَ، ثم مَسَحَ ظَهرَه، فاستَخْرَج منه ذرِّيّةً، فقال: خلقتُ هؤلاء للنار، وبعملِ أهلِ النار يعملون" فقال رجل: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ففيم العملُ؟ فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله إذا خلق العبدَ للجنةِ استعمَلَه بعمل أهلِ الجنة، حتى يموتَ على عملٍ من أعمالِ أهلِ الجنة، فيُدخِلُه به الجنةَ، وإذا خَلَقَ العبدَ للنار استعمله بعمل أهلِ النَّارِ، حتى يموتَ على عملٍ من أعمالِ أهلِ النار، فيدخِلُه به النارَ (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، مسلم بن يسار الجهني لم يسمع من عمر، ثم إنه لم يوثقه غيرُ ابن حبان والعجلي، ولم يرو عنه غير عبد الحميد بن عبد الرحمن ابن زيد بن الخطاب، فهو في عداد المجهولين. مالك: هو ابن أنس. وأخرجه الترمذي (3330) من طريق عن، والنسائي في "الكبرى" (11126) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما، عن مالك بن أنس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (311)، و "صحيح ابن حبان" (6166). قال ابن عبد البر فى "التمهيد" 6/ 3: هذا الحديث منقطع بهذا الإسناد؛ لأن مسلم بن يسار هذا لم يلق عمر بن الخطاب .... ، ولكن معنى هذا الحديث قد صح عن النبي-صلى الله عليه وسلم- من وجوه كثيرة ثابتة يطول ذكرها. ومن شواهده حديث عمران بن حصين عند أحمد (19834)، والبخاري (6596)، وعلي عند البخاري (4949)، وجابر عند مسلم (2648)، وعبد الرحمن بن قتادة السلمي عند أحمد (17660)، وصححه ابن حبان (338). قال الترمذي بإثر الحديث: هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر رجلاً. قلنا: الرجل هو نعيم بن ربيعة كما سيأتي في رواية أبي داود الآتية بعد هذا الحديث.

4704 - حدَّثنا محمدُ بنُ المصفَّى، حدَّثنا بقية، حدَّثني عُمرُ بن جعثم (¬1) القرشيُّ، حدَّثني زيد بن أبي أُنيسةَ، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مسلم بن يَسارٍ، عن نُعيم بن ربيعة، قال: كنت عندَ عمرَ بن الخطاب، بهذا الحديث، وحديث مالكِ أتَمُّ (¬2). 4705 - حدَّثنا القعنبيُّ، حدَّثنا المُعتمرُ، عن أبيه، عن رَقَبةَ بنِ مَصْقلة، عن أبي إسحاقَ، عن سعيد بن جُبيير، عن ابنِ عباسٍ عن أُبيِّ بن كعب قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "الغلامُ الذي قَتَلَه الخَضِرُ طُبِعَ كافراً، ولو عاشَ لأرهَقَ أبويه طغياناً وكفراً" (¬3). ¬

_ (¬1) تحرف اسمه في أصولنا الخطية إلى: عمر بن جعفر، والتصويب من هامش (د)، ومن مصادر ترجمته. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. بقية: هو ابن الوليد ضعيف يدلس تدليس التسوية، ونعيم بن ربيعة مجهول، فقد تفرد بالرواية عنه مسلم بن يسار، وذكره ابن حبان وحده في "الثقات"، وقال الذهبي في "الميزان": لا يُعرف. وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "مسند أحمد" عند الحديث رقم (311)، فقد فصلنا القول فيه. وانظر ما قبله. (¬3) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، والمعتمر: هو ابن سيمان ابن طرخان، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه مسلم (2661) (29) عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً مسلم (2380) (171) (172)، والنسائي في "الكبرى" (11244) عن محمَّد بن عبد الأعلى، عن المعتمر بن سليمان، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (3417) من طريق عبد الجبار بن العباس، عن أبي إسحاق، به. وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. وهو في "مسند أحمد" (21118) و (21122)، و"صحيح ابن حبان" (102) و (6221). وانظر لاحقيه.

4706 - حدَّثنا محمودُ بن خالد، حدَّثنا الفريابيُّ، عن إسرائيل، حدَّثنا أبو إسحاقَ، عن سعيد بن جُبيرٍ، عن ابنِ عباس حدَّثنا أبيُّ بن كعب، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول في قوله: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ} [الكهف: 80]: "وكان طُبِعَ يومَ طُبِعَ كافراً" (¬1). 4707 - حدَّثنا محمدُ بنُ مِهرانَ الرازيُّ، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينة، عن عمرو، عن سعيد بن جُبير، قال: قال ابن عباس: حَذَثني أبيُّ بن كعب، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أبْصَرَ الخضِرُ غلاماً يلعَبُ مع الصِّبيان، فتناولَ رأسَه فقَلَعه، فقال موسى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} الآية [الكهف: 74] (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، الفريابي: هو محمَّد بن يوسف، وإسرائيل: هو ابن يونس، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وأخرجه مطولاً النسائي في "الكبرى" من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله، وما بعده. (¬2) إسناده صحيح، عمرو: هو ابن دينار. وأخرجه مطولاً البخاري (122) و (3401) و (4725) و (4726) و (4727)، ومسلم (2380) (170)، والترمذي (3416)، والنسائي في "الكبرى" (11245) من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً البخاري (4726) من طريق يعلي بن مسلم، عن سعيد بن جبير، به. وانظر سابقيه. وقوله تعالى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} [الكهف: 74]، كذا وقع في رواية أبى داود، ووقع في بعض روايات البخاري (زاكية) وهما قراءتان سبعيتان، قال في "حجة القراءات" ص 424 قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: (زاكية) بالألف، وقرأ الباقون (زكية) بغير ألف.

4708 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر النَّمَرىُّ، حدَّثنا شعبةُ. وحدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا سفيانُ -المعنى واحد، والإخبار في حديث سفيان- عن الأعمش، حدَّثنا زيدُ بنُ وهبٍ حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسعودٍ قال: حدَّثنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الصادِقُ المصدوقُ: "إنّ خَلقَ أحدِكُمُ يُجمَعُ في بَطنِ أُمِّه أربعين يوماً، ثم يكونُ عَلَقَةَ مِثْلَ ذلك، ثم يكونُ مُضغةَ مِثلَ ذلك، ثمِ يُبعَثُ إليه مَلَكٌ، فيُؤمَرُ باربعِ كلماتٍ: فيكتُبُ رِزقَه وأجَلَه وعَمَله، ثم يكتُبُ: شقي أو سعيدٌ، ثم يَنفُخُ فيه الروحَ، فإن أحدَكُم ليَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ الجنةِ حتى ما يكونُ بينَه وبينها إلا ذِراعٌ، أو قِيدُ ذراعٍ، فيَسبِقُ عليه الكتابُ، فيعملُ بعملِ أهلِ النار، فيدخلُها، وإن أحدكم ليَعمَلُ بعملِ أهل النار حتى ما يكونَ بينه وبينها إلا ذراعٌ، أو قِيدُ ذِرَاعٍ، فيسبقُ عليه الكتابُ، فيعملُ بعمَلِ أهلِ الجنة فيدخُلُها" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه البخارى (6594) و (7454)، ومسلم (2643) (1) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3208) و (3332)، ومسلم (2643) (1)، وابن ماجه (76)، والترمذي (2271 - 2273)، والنسائي مختصراً في "الكبرى" (11182) من طرق عن الأعمش، به. وأخرجه النسائي (11182) من طريق سلمة بن كهيل، عن زيد بن وهب، به. وهو في "مسند أحمد" (3624)، و"صحيح ابن حبان" (6174). وانظر تمام التعليق عليه فيهما. قوله:"ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك" رواية مسلم: "ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك". =

4709 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ بنُ زَيدٍ، عن يزيدَ الرِّشكِ، حدَّثنا مُطرِّفُ عن عمرانَ بن حُصَين، قال: قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسولَ الله، أعُلِمَ أهلُ الجنة من أهل النار؟ قال: "نعم" لما قال: ففيمَ يعمَلُ العاملون؟ قال: "كلّ مُيَسّرٌ لما خُلِقَ له" (¬1). 4710 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيدَ المُقرِىٌّ أبو عبد الرحمن، حَدّثني سعيدُ بنُ أبي أيوبَ، حدَّثني عطاءُ بنُ دينارٍ، عن حكيم ابن شَريكٍ الهُذليِّ، عن يحيى بن ميمونِ الحضرميِّ، عن ربيعةَ الجُرَشىِّ، عن أبي هريرة عن عُمرَ بن الخطاب، عن النبيِّ- صلى الله عليه وسلم -قال: "لا تُجالسوا أهلَ القدر، ولا تُفاتِحُوهُم" (¬2). ¬

_ = وقد تولى شرح حديث ابن مسعود الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" بتحقيقنا (الحديث الرابع) 1/ 153 - 157، وجمع بينه وبين حديث حذيفة بن أسيد عند مسلم (2645)، فأرجع إليه فإنه نفيس. (¬1) إسناده صحيح، مسدد: هو ابن مسرهد، ومطرف: هو ابن عبد الله بن الشخير. وأخرجه مسلم (2649) (9) عن يحيى بن يحيى، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6596) و (7551)، ومسلم (2649) (9) من طرق عن يزيد الرشك، به. ولفظ البخاري في موضعه الثاني: عن عمران قال: قلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما يعمل العاملون، قال: "كل ميسر لما خلق له". وهو في "مسند أحمد" (19834)، و"صحيح ابن حبان" (333). وانظر عن هذا الحديث لزاماً كلام الإِمام الخطابي الذي نقل معناه الإِمام البغوي في "شرح السنة" 1/ 133. (¬2) إسناده ضعيف، لجهالة حكيم بن شريك الهذلي كما قال أبو حاتم، نقله عنه الذهبي في "الميزان" 1/ 586، وابن حجر في "التقريب". وأخرجه أحمد في "مسنده" (206) عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. =

18 - باب في ذرارى المشركين

18 - باب في ذرارىِّ المشركين 4711 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن أبي بِشرٍ، عن سعيد بن جُبير عن ابنِ عباسِ: أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عن أولادِ المشركين، فقال: "الله أعلمُ بما كانوا عامِلِين" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (330)، وأبو يعلى في "مسنده" (245) و (246)، والحاكم في "مستدركه " 1/ 85، والبيهقي في "السنن" 10/ 204، وابن حبان في "صحيحه" (79) من طرق عن عبد الله بن يزيد المقرئ، به. وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 15 فقال: وقال عبد الله بن يزيد، فذكره. وسيأتى (4720). وقوله: "ولا تفاتحوهم" قال في "النهاية": أى: لا تحاكموهم، وقيل: لا تبدؤوهم بالمجادلة والمناظرة. (¬1) إسناده صحيح، أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس. وأخرجه البخاري (1383) و (6597)، والنسائي في "الكبرى" (2089) من طريق شعبة، والنسائي (2090) من طريق هشيم، كلاهما عن أبي بشر، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2660) عن يحيى بن يحيى، عن أبي عوانة، به. قال الإِمام النووي في "شرح مسلم" 16/ 170: أجمع من يعتد به من علماء المسلمين على أن من مات من أطفال المسلمين، فهو من أهل الجنة؛ لأنه ليس مكلفاً. وأما أطفال المشركين، ففيهم ثلاثة مذاهب، قال الأكثرون: هم في النار تبعاً لآبائهم، وتوقفت طائفة فيهم، والثالث وهو الصحيح الذي ذهب إليه المحققون أنهم من أهل الجنة، ويستدل له بأشياء منها حديث إبراهيم الخليل - صلى الله عليه وسلم - حين رآه النبي-صلى الله عليه وسلم- في الجنة وحوله أولاد الناس، قالوا: يا رسول الله وأولاد المشركين؟ قال: "وأولاد المشركين". رواه البخاري في "صحيحه (7047). ومنها قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الاسراء: 15] ولا يتوجه على المولود التكليف، ويلزمه قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - حتى يبلغ وهذا متفق عليه، والله أعلم. وقد بسطنا القول في أولاد المشركين في "المسند" عند الحديث (1845) فأرجع إليه لزاماً.

4712 - حدَّثنا عبدُ الوهّاب بن نجدةَ، حدَّثنا بقيةُ. وحدَّثنا موسى بنُ مروانَ الرّقّىُّ وكثيرُ بن عُبيدٍ المَذحِجِئُّ، قالا: حدَّثنا محمدُ بنُ حَرْبٍ - المعنى- عن محمَّد بن زياد، عن عبدِ الله بن أبي قيسٍ عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ذرارىُّ المؤمنين؟ فقال: "مِنْ آبائهم " فقلت: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -صلى الله عليه وسلم --صلى الله عليه وسلم -، بلا عَمَلٍ؟ قال: "الله أعلمُ بما كانوا عامِلِين"، قلت: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -صلى الله عليه وسلم --صلى الله عليه وسلم -، فذرَارىُّ المشركين؟ قال: "من آبائهم " قلت: بلا عملِ؟ قال: "الله أعلمُ بما كانوا عاملين" (¬1). 4713 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيير، أخبرنا سفيانُ، عن طلحةَ بن يحيى، عن عائشة بنت طلحةَ عن عائشة أمِّ المؤمنين، قالت: أُتِيَ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - بصبىّ من الأنصار يُصلي عليه، قالت: قلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، طُوبَى لهذا، لم يَعملْ شرّاً ولم يَدْرِ به، فقال:" أوْ غير ذلك يا عائشة، إنَّ الله خَلَقَ الجنّة، وخَلَقَ لها أهلاَ، وخَلَقَها لهم، وهم في أصلاب آبائِهم، وخَلَق النّارَ وخَلَقَ لها أهلاَ، وخَلَقَها لهم، وهم في أصلابِ آَبائِهم" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، فقد اضطرب فيه عبد الله بن أبي قيس. وانظر تمام تخريجه، وبسط الكلام عليه في "مسند أحمد" (24545). ويشهد له ما قبله. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. طلحة بن يحيى: صدوق حسن الحديث. وسفيان: هو الثوري. وأخرجه مسلم (2662) (31)، والنسائي في "الكبرى" (2085) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.

4714 - حدَّثنا القَعْنبيُّ، عن مالكٍ، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "كل مَولودٍ يولدُ على الفِطرة، فأبواهُ يُهودانِهِ وينصّرانه، كما تَناتَجُ الإبِلُ من بهيمةٍ جمعاءَ، هل تُحِشُ من جَدْعَاءَ؟ " قالوا: يا رسول الله، أفرأيتَ مَن يموتُ وهو صغير؟ قال: "الله أعلمُ بما كانوا عامِلِين" (¬1). ¬

_ وأخرجه مسلم (2662) (31)، وابن ماجه (82) من طريق وكيع، وأخرجه مسلم (2662) (31) من طريق إسماعيل بن زكريا، كلاهما عن طلحة، به. وأخرجه مسلم (2662) (30) من طريق الفضيل بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، به. وهو في "مسند أحمد" (24132)، و"صحيح ابن حبان"، (138) و (6173). قوله: "أو غير ذلك ... " إلخ،؟ قال السندي في "حاشيته على "مسند أحمد": أي: لا يَحسُن الجزمُ في حق أحد، ولو صغيراً. وانظر تعليقنا على الحديث السالف برقم (4711). (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو: عبد الرحمن بن هرمز. وهو في "الموطأ" 1/ 241. وأخرجه البخاري (1359) و (1385) و (4775) و (6599) و (6600)، ومسلم (2658) (22 - 25)، والترمذي (2274) و (2275) من طرق عن أبي هريرة. والألفاظ بنحوه وبعضهم يزيد فيه على بعض. وهو في "مسند أحمد" (7181) و (7445)، و"صحيح ابن حبان" (128) و (133). وانظر في "المسند" حديث أبي هريرة رقم (7325). وقوله: "كل مولود يولد على الفطرة"، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح، 3/ 248: قد اختلف السلف في المراد بالفطرة في هذا الحديث على أقوال كثيرة ... وأشهر الأقوال أن المراد بالفطرة الإسلام، قال ابن عبد البر في "التمهيد" 18/ 72 - 73: وهو المعروف عند عامّة السلف، وأجمع أهلُ العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى: =

4715 - قُرئ على الحارث بن مسكين وأنا أسمع: أخبرَكَ يوسفُ بن عمرو، أخبرنا ابن وهب، قال: ¬

_ = {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] الإِسلام، واحتجوا بقول أبي هريرة في هذا الحديث: اقرؤوا إن شئتم {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} وذكروا عن عكرمة ومجاهد والحسن وإبراهيم والضحاك وقتادة في قول الله عز وجل: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} قالوا: فطرة الله دين الإِسلام وبحديث عياض بن حمار عند مسلم (2865) عن النبي-صلى الله عليه وسلم-فيما يرويه عن ربه: "وإني خلقت عبادي حسّنفاء كلُهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم" الحديث، وقد رواه غيره فزاد فيه" حسّنفاء مسلمين" وهذا صريح في أنه خلقهم على الحنيفية، وأن الشياطين اجتالتهم بعد ذلك، ورجحه بعض المتأخرين بقوله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ} لأنها إضافة مدح، وقد أمر نبيه بلزومها، فعلم أنها الإسلام. وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذا الحديث كما في "الفتاوى" 4/ 245 فأجاب: الحمد لله أما قوله: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" فالصواب أنها فطرة الله التي فطر الناس عليها، وهي فطرة الإِسلام، وهي الفطرة التي فطرهم عليها يوم قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] وهي السلامة من الاعتقادات الباطلة، والقبول للعقائد الصحيحة فإن حقيقة الإِسلام أن يستسلم لله، لا لغيره، وهو معنى لا إله إلا الله، وقد ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مثل ذلك. فقال: كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء (أى: سالمة من العيوب في جميع أعضائها) بين أن سلامة القلب من النقص كسلامة البدن، وأن العيب حادث طارئ، ثم ذكر حديث عياض عند مسلم (2865) ... وانظر تتمة كلامه فإنه غاية في النفاسة والتحقيق. وقوله: " تناتج": تلد، وعند غير أبي داود ومالك في "الموطأ"." كما تنتج البهيمةُ بهيمةَ، قال النووي في "شرح مسلم" 16/ 209: هو بضم التاء الأولى وفتح الثانية، ورفع البهيمة، ونصب بهيمة، ومعناه: كما تلد البهيمة بهيمة جمعاء - بالمد-، أي: مجتمعة الأعضاء، سليمة من نقص، لا توجد فيها جدعاء - بالمد-: وهي مقطوعة الأذن أو غيرها من الأعضاء، ومعناه: أن البهيمة تلد البهيمةَ كاملةَ الأعضاء لا نقص فيها، وإنما يحدث فيها الجَذع والنقص بعد ولادتها.

سمعتُ مالكاً، قيل له: إنَّ أهلَ الأهواءِ يحتجون علينا بهذا الحديث، قال مالكٌ: احْتَجَّ (¬1) عليهم بآخِرِه، قالوا: أرأيتَ مَن يَموتُ وهو صغيرٌ، قال::" الله أعلمُ بما كانوا عامِلِين" (¬2). 4716 - حدَّثنا الحسنُ بنُ على، حدَّثنا الحجّاج بن المنهال، قال: سمعتُ حمادَ بنَ سلمةَ يُفسِّرُ حديث: "كل مولود يولَدُ على الفِطرة" قال: هذا عندنا حيث أخَذَ الله عليهمُ العهِدَ في أصلابِ آبائهم، حيث قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] (¬3). 4717 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، حدَّثنا ابنُ أبي زائدةَ، حدَّثني أبي عن عامر، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم -: "الوائدةُ والموءودةُ في النار" قال يحيى بن زكريا: قال أبي: فحَدَّثني أبو إسحاق، أن عامِراً حدثه بذلك، عن علقمة، عن ابن مسعودٍ، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- (¬4). ¬

_ (¬1) في (أ): نحتجُّ، وفي (هـ): احْتَجُّوا. (¬2) قول مالك رجاله ثقات. (¬3) قول حماد بن سلمة، رجاله ثقات. (¬4) رجاله ثقات، ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا، وأبوه زكريا: سماعه من أبي إسحاق -وهو السبيعي- بأخره، أي بعد اختلاطه، وعامر: هو ابن شراحيل، وعلقمة: هو ابن قيس. وأخرجه البخاري في "التاريخ "الكبير" 4/ 73 عن إبراهيم بن موسى، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار في "مسنده" (1596)، والطبراني في "الكبير" (10059)، وابن حبان في "صحيحه" (7480) من طرق عن يحيى بن زكريا، به. وأخرجه الشاشي في "مسنده" (648)، والطبراني (10236) من طريق يحيى الحماني، والبزار في "مسنده" (1825) من طريق إبراهيم بن سليمان الدباس، كلاهما =

4718 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن ثابتٍ ¬

_ = عن محمَّد بن أبان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود. ومحمد بن أبان: ضعفه أبو داود، وابن معين، وقال البخاري: ليس بالقوي. وعند الشاشي في أول حديثه قصة. وأخرجه البزار (1605) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن علقمة وأبي الأحوص، عن ابن مسعود. قال البزار: هكذا رواه شريك. وأخرجه ابن أبي حاتم فيما نقله عنه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 8/ 357 - طبعة الشعب- عن أحمد بن سنان الواسطي، عن أبي أحمد الزبيري، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن علقمة وأبي الأحوص، عن ابن مسعود. وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين، إلاَّ أن إسرائيل سمع من أبي إسحاق بأخرة. ويشهد له حديث سلمة بن يزيد الجُعفي، أخرجه أحمد في "المسند" (15923)، ورجاله ثقات. وانظر تمام تخريجه وبسط الكلام عليه فيه. وفي متن هذا الحديث نكارة، فإن الموءودة -وهي البنت التي تدفن حية- تكون غير بالغة، ونصوص الشريعة متضافرة على أنه لا تكليف قبل البلوغ. والمذهب الصحيح المختار عند المحققين من أهل العلم أن أطفال المشركين الذين يموتون قبل البلوغ هم من أهل الجنة، وقد استدلوا بما أخرجه ابن أبي حاتم فيما نقله عنه ابن كثير في تفسيره 8/ 357 عن أبي عبد الله الطهراني -وهو محمَّد بن حماد، حدَّثنا حفص بن عمر العدني، حدَّثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة، قال: قال ابن عباس: أطفال المشركين في الجنة، فمن زعم أنهم في النار، فقد كذب، يقول الله عز وجل: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8 - 9] قال: هي المدفونة، وبقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] فإذا كان لا يعذب العاقل بكونه لم تبلغه الدعوة، فلان لا يعذب غير العاقل من باب الأولى. وبما أخرج أحمد (20583) من طريق حسناء بنت معاوية بن سليم عن عمها قال: قلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من في الجنة؟ قال: "النبي-صلى الله عليه وسلم- في الجنة, والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والموءودة في الجنة" وحسن الحافظ إسناده في "الفتح" 3/ 246.

عن أنس: أن رجلاً قال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أين أبي؟ قال: "أبوكَ في النار" فلما قَفَّى قال: "إنّ أبي وأباكَ في النار" (¬1). 4719 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ عن أنس بن مالكٍ، قال:"إنّ الشَّيطانَ يجري من ابن آدمَ مجرى الدَّم" (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد -وهو ابن سلمة- فمن رجال مسلم، وقد تفرد برواية هذا الحديث بهذا اللفظ، وخالفه معمر عن ثابت- فيما قاله السيوطي في رسالته "مسالك الحسّنفا في والدي المصطفى" المدرجة في الحاوي 2/ 402، 444 - فلم يذكر "إن أبي وأباك في النار"، ولكن قال له: "إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار"، ومعمر أثبت من حيث الرواية من حماد بن سلمة، فإن حماد تكلم في حفظه، ووقع في أحاديثه مناكير ذكروا أن ربيبه ابن أبي العوجاء دسَّها في كتبه، فحدث بها فوهم فيها، أو أنه تصرف فرواه في المعنى. وانظر بسط الكلام عليه. في "مسند أحمد" (12192). وأخرجه مسلم (203) (347) من طريق عفان، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (578). قوله: "قَفَّى"، أي: ذهب مُوَلِّيَاً، وكأنه من القفا، أي: أعطاه قفاه وظَهْره. قاله ابن الأثير في "النهاية". (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البناني. وأخرجه مسلم (2174) (23) عن عبد الله بن مسلمة، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. بلفظ: أن النبي-صلى الله عليه وسلم-كان مع إحدى نسائه، فمرّ به رجل فدعاه، فجاء. فقال: "يا فلان هذه زوجتي فلانه" فقال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من كنتُ أظن به، فلم أكن أظن بك فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فذكره. قوله: "يجري" قال الحافظ في "الفتح" 4/ 280: قيل: هو على ظاهره وأن الله تعالى أقدره على ذلك، وقيل: هو على سبيل الاستعارة من كثرة إغوائه، وكأنه لا يفارقه كالدم، فاشتركا في شدة الاتصال، وعدم المفارقة.

4720 - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدٍ الهَمْدانىُّ، أخبرنا ابن وَهْبٍ، أخبرني ابنُ لهيعة وعمرُو بنُ الحارث وسعيدُ بنُ أبي أيوب، عن عطاء بن دينار، عن حكيم ابن شريك الهُذلىّ، عن يحيى بن ميمون، عن ربيعةَ الجُرَشي، عن أبي هريرة ¬

_ = "ابن آدم": المراد جنس أولاد آدم، فيدخل فيه الرجال والنساء، كقوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ} [الاعراف: 26] وقوله:: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: 40] بلفظ المذكر، إلا أن العُرفَ عمَّمه فأدخل فيه النساه. ثم قال: والمحصل من هذه الروايات: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- لم ينسبهما (وقع في بعض الأحاديث أنهما رجلان) إلى أنهما يظنان به سوءاً لما تقرر عنده من صدق إيمانهما ,ولكن خشى عليهما أن يوسوس لهما الشيطان ذلك؛ لأنهما غير معصومين، فقد يُفضي بهما ذلك إلى الهلاك، فبادَرَ إلى إعلامهما حَسماً للمادة، وتعليماً لمن بعدهما إذا وقع له مثلُ ذلك. تنبيه: زاد إلامام الغزالي في "الأحياء" في نهاية هذا الحديث: "فضيقوا مجاريه بالجوع " وهي زيادة باطلة ومفسدة لمعنى الحديث ومخالفة لقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه أبو داود (1547) وصححه ابن حبان (1029) من حديث أبي هريرة: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الجوع فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانة" والضجيع: من ينام في فراشك، والمعنى بئس الجوع الذي يمنعك من وظائف العبادات، ويشوش الدماغ، ويثير الأفكار الفاسدة، والخيالات الباطلة. قال الحافظ في "الفتح" 4/ 280: وفي الحديث من الفوائد جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره، والتي م معه والحديث مع غيره، وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة، وبيان شفقته - صلى الله عليه وسلم - على أمته، وارشادهم إلى ما يدفع عنهم الإثم، وفيه التحرز عن التعرض لسوء الظن والاحتفاظ من كيد الشيطان والاعتذار. قال ابن دقيق العيد: وهذا متأكد في حق العلماء ومن يقتدى به، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلاً يوجب سوه الظن بهم، وإن كان لهم فيه مخلص، لأن ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم، ومن ثم قال بعض العلماء: ينبغي للحاكم أن يبين وجه الحكم إذا كان قاضياً نفيا للتهمة.

19 - باب في الجهمية

عن عمر بن الخطاب، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُجَالِسُوا أهلَ القَدَرِ، ولا تُفَاتِحُوهُم الحديث" (¬1). 19 - باب في الجهمية (¬2) 4721 - حدَّثنا هارونُ بنُ معروفِ، حدَّثنا سفيانُ، عن هشامِ بن عُروةَ، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم--:" لا يزالُ الناسُ يتساءلونَ حتى يقالَ: هذا خَلَقَ الله الخَلْقَ، فمنْ خلقَ الله؟ فمَنْ وَجَدَ من ذلك شيئاً فليقل: آمنتُ بالله" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، لسوء حفظ ابن لهيعة: وهو عبد الله، ولجهالة حكيم بن شريك الهذلي. وقد صلف الحديث برقم (4710). (¬2) قوله: باب في الجهمية: الجهمية هم المنسوبون إلى جهم بن صفوان السمرقندي الراسبي، وصفه الإِمام الذهبي في "السير" 6/ 26: بأنه أسُّ الضلالة ورأس الجهمية، وأنه صاحب ذكاء وجدال، وكان ينكر الصفات، وينزه الباري عنها بزعمه، ويقول بخلق القرآن، ويقول: إن الله في الأمكنة كلها. قتل سنة 128 هـ مع الحارث ابن سريج. (¬3) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وهشام: هو ابن عروة بن الزبير. وأخرجه مسلم (134) (212) عن هارون بن معروف، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (134) (212) عن محمَّد بن عباد، والنسائي في "الكبرى" (10423) عن محمَّد بن منصور، كلاهما عن سفيان، به. وأخرجه مسلم (134) (213) من طريق أبي سعيد المؤدِّب، عن هشام، به. وأخرجه البخاري (3276)، ومسلم (134) (214)، والنسائي (10424) من طريق ابن شهاب، عن عروة، به. وبعضهم يزيد فيه على بعض، وجاء في بعض الروايات: "فليستعذ بالله وَلْيَنتَه" بدل قوله: "فليقل: آمنت بالله".

4722 - حدَّثنا محمدُ بنُ عمرو، حدَّثنا سَلَمة -يعني ابن الفضل-، حدَّثني محمَّد -يعني ابنَ إسحاقَ- قال: حدَّثني عُتبةُ بن مُسلمٍ مولى بني تَيْمٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -صلى الله عليه وسلم - فذكَرَ نحوه، قال: "فإذا قالوا ذلك فقولوا: {اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} ثم ليتْفُلْ عن يساره ثلاثاً، وليستعِذْ من الشَيطان" (¬1). ¬

_ = وأخرجه بأطول مما هنا وبنحوه مسلم (135) (215) من طريق أيوب، عن محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة. وأخرجه مسلم (135) (216) من طريق جعفر بن برقان، عن يزيد الأصم، قال سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليسألنكم الناس عن كل شيء، حتى يقولوا: الله خلق كل شيء، فمن خلقه). وهو في "مسند أحمد" (8376)، و "صحيح ابن حبان" (6722). وانظر ما بعده. قوله: "خلق الله الخلق"، قال السندي في "حاشيته على المسند"، أي: وجودهم بخلق الله تعالى، فكيف وجوده؟ كأنه رأى أن الوجودَ مطلقاً يحتاج إلى علة مُوجودة، والخالق والخلق فيه سواء!! وهذا قياس فاسد، كيف ولابُد من الانتهاء إلى مُوجد لا يكونُ وجوده عن علة بالضرورة، وإلا لما وُجِد موجود أصلاً، ولا نعني باسم الله إلا ذلك الموجود الغني في وجوده عن الحاجة إلى عِلةٍ، والله تعالى أعلم. (¬1) حديث صحيح، سلمة بن الفضل وإن كان ضعيفاً يعتبر به، قد توبع. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10422) من طريق هارون بن أبي عيسى، (10422) من طريق إبراهيم بن سعد، كلاهما عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (135) (215) من طريق يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. بنحوه، ودون قوله:" فإذا قالوا ذلك فقولوا: الله أحد ... " إلخ.

4723 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح البزَّاز، حدَّثنا الوليدُ بنُ أبي ثورٍ، عن سِماكٍ، عن عبدِ الله بن عَميرَةَ، عن الأحسّنفِ بن قَيسٍ عن العباس بن عبد المطلب، قال: كنتُ في البطحاء في عصابةٍ فيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمرَّتْ بهم سحابةُ، فنَظَرَ إليها، فقال: "ما تُسَمُّون هذه؟ " قالوا: السَّحابَ، قال: "والمُزْنَ؟ " قالوا: والمُزْنَ، قال: "والعَنَانَ؟ " قالوا: والعنانَ -قال أبو داود: لم أُتقِنِ العَنَانَ جيِّداً-، قال: "هل تَدرونَ ما بعدُ ما بين السّماء والأرض؟ " قالوا: لا ندري، قال: "إن بُعدَ ما بينهما إما واحدٌ أو ثِنْتانِ أو ثلاثٌ وسبعونَ سنةً، ثم السماءُ فوقَها كذلك -حتّى عدَّ سبعَ سماواتٍ- ثم فوقَ السابعة بَحرٌ، بينَ أسفلِه وأعلاهُ مِثلُ ما بين سماءٍ إلى سماءٍ، ثم فَوقَ ذلكَ ثمانيةُ أوعالٍ، بين أظلافِهِم ورُكبِهِم مثلُ ما بين سماءٍ إلى سماءٍ، ثم على ظُهورهم العرشُ، بين أسفلِه وأعلاهُ مثلُ ما بينَ سماءٍ إلى سماءٍ، ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك (¬1). ¬

_ = وأخرجه أحمد في "مسنده" (9027) من طريق عمر بن أبي سلمة، عن أبيه أبي سلمة، عن أبي هريرة. وقوله: {اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، جعله من قول أبي هريرة موقوفاً عليه، ولم يذكر بقية الحديث. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده ضعيف. الوليد بن أبي ثور: هو الوليد بن عبد الله بن أبي ثور، نسب إلى جده ضعيف، وسماك -وهو ابن حرب وإن كان صدوقاَ- كان ربما لُقِّن، فإذا انفرد بأصل لم يكن حجة كما قال الحافظ في "التهذيب"، وقد تفرد بالرواية عن عبد الله ابن عميرة، كما قال مسلم في "الوحدان" ص140، وعبد الله بن عميرة ذكره العقيلي وابن عدي في جملة "الضعفاء" وقال الذهبي: لا يعرف. فهو مجهول. والأحسّنف بن في: لا يعرف له سماع من العباس.

4724 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي سُرَيج، أخبرنا عبدُ الرحمن بن عبد الله بن سعد ومحمدُ بنُ سعيد، قالا: أخبرنا عمرو بن أبي قيس، عن سِماكٍ، بإسناده ومعناه (¬1). 4725 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حَفْصٍ، حدَّثني أبي، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ طَهْمانَ، عن سماكٍ، بإسناده ومعنى هذا الحديث الطويل (¬2). 4726 - حدَّثنا عبدُ الأعلي بن حماد ومحمد بن المثنَّى ومحمد بن بشَّار وأحمدُ بنُ سعيدِ الرّباطي، قالوا: حدَّثنا وهبُ بنُ جرير -قال أحمد: كتبناه من نسخته، وهذا لفظه- حدَّثنا أبي، قال: سمعتُ محمَّد بن إسحاق يُحدثُ، عن يعقوب بن عُتبةَ، عن جُبَير بن محمَّد بن جُبير بن مُطعِم، عن أبيه ¬

_ = وذكر أبو بكر بن العربي: أن الحديث متلقف عن أهل الكتاب ليس له أصل في الصحة. وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (193) من طريق محمَّد بن الصباح، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1770). وانظر لاحقيه. قوله: "البطحاء": قال السندي: هي المُحَصَّبُ، وهو موضع معروف بمكة. و"العنان": قال: كسَحَاب وزناً ومعنى. "أوعال": جمع وَعِل -بفتح فكسر- تيس الجبل، قال ابن الأثير: أي: ملائكة على صورة الأوعال. (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. وأخرجه الترمذي في "سننه" (3608) عن عبد بن حميد، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله وما بعده. (¬2) إسناده ضعيف كسابقيه. وانظر لاحقيه.

عن جَدِّه، قال: أتى رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -صلى الله عليه وسلم -أعرابىٌّ، فقال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، جَهِدَتِ الأنفُسُ، وضَاعَتِ العيالُ، ونُهِكَتِ الأموالُ، وهَلَكت الأنعامُ، فاسْتَسْقِ الله عَزَّ وَجَلَّ لنا، فإنا نستشفِعُ بكَ على الله، ونستشفع بالله عليكَ، قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم--: "ويحَكَ! أتدري ما تقول؟ " وسبَّحَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم--، فما زال يُسَبِّحُ حتى عُرِفَ ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: "ويْحَكَ! إنه لا يُستشفَعُ بالله على أحدٍ مِن خلقه، شأنُ الله أعظمُ من ذلك، ويْحَكَ! أتدري ما الله، إن عَرشَه على سماواته لهكذا،- وقال بإصبعه مثلَ القُبّة عليه- وأنَّه ليَئِطُّ به أطِيطَ الرّحْلِ بالراكب " قال ابنُ بشَار في حديثه: "إن الله عَزَّ وَجَلَّ فوقَ عرشِه، وعَرشُه فوقَ سماواته" وساقَ الحديث (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، محمَّد بن إسحاق مدلس ولم يُصرًح بالتحديث، جببر بن محمَّد -وهو ابن جبير بن مطعم بن عدي- روى له أبو داود هذا الحديث الواحد، وقد تفرد به. وذكره البخاري في "التاريخ "الكبير" 2/ 224، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/ 513 ولم يذكرا فيه جرحأ ولا تعديلاً، فهو في عداد المجهولين. قال المنذري في مختصر سنن أبي داود، 7/ 97 فيما نقله عن أبي بكر البزار، قال: وهذا الحديث لا نعلمه يُروى عن النبي-صلى الله عليه وسلم- من وجه من الوجوه، إلا من هذا الوجه. ولم يقل فيه محمَّد بن إسحاق: "حدثني يعقوب بن عتبة" هذا آخر كلامه. ثم قال المنذري 7/ 98 - 101: ومحمد بن إسحاق مُدَلس، وإذا قال المدلس: عن فلان، ولم يقل: حدَّثنا، أو سمعت، أو أخبرنا، لا يحتج بحديثه. وإلى هذا أشار البزار، مع أن ابن إسحاق إذا صرح بالسماع اختلف الحفاظ في الاحتجاج بحديثه، فكيف إذا لم يصرح به. وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: وقد تفرد به يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس الثقفي الأخنسي، عن جبير بن محمَّد بن جبير بن مطعم القرشي النوفلي، وليس لهما في "صحيحي" أبي عبد الله محمَّد بن إسماعيل البخاري وأبى الحسّن مسلم=

وقال عبدُ الأعلى وابن المثنَّى وابن بشارٍ، عن يعقوبَ بن عُتبةَ وجُبير بن محمَّد بن جُبير، عن أبيه عن جده (¬1). والحديث بإسناد أحمدَ بنِ سعيدٍ هو الصحيح (¬2)، وافقه عليه جماعة منهم يحيى بن ¬

_ = ابن الحجاج النيسابوري رواية. وانفرد به محمَّد بن إسحاق بن يسار عن يعقوب، وابن إسحاق: لا يحتج بحديثه، وقد طعن فيه غير واحد من الأئمة، وكذبه جماعة منهم. وممن ضعفه من المعاصرين الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله - في "تخريج أحاديث السنة" 1/ 252. وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" ص 417 - 418 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1547)، والمزي في "تهذيب الكمال" 4/ 505 - 506 من طريق عبد الأعلي بن حماد، والدارمي في "الرد على الجهمية "ص 24، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 103 - 104 عن محمَّد بن بشار، كلاهما عن وهب بن جرير، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (576)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 417، والبغوي في "شرح السنة" (92) من طريق أبي الأزهر، والطبراني (1547)، والمزي 4/ 505 - 506 من طريق يحيى بن معين وعلي ابن المديني، ثلاثتهم عن وهب بن جرير، به. وأخرجه الآجري في "الشريعة" ص 293 من طريق حفص بن عبد الرحمن، عن محمَّد بن إسحاق، به. (¬1) أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (575) عن عبد الأعلي بن حماد النرسي ومحمد بن المثنى، بهذا الإسناد. (¬2) وكذا قال المزي في "تهذيب الكمال" 4/ 506: رواه عن عبد الأعلى بن حماد، وغيره، فوافقناه فيه بعلو، إلا أنه قال: عن يعقوب بن عتبة، وجبير بن محمَّد، عن أبيه، عن جده، والصحيح: عن يعقوب بن عتبة، عن جبير بن محمَّد، كما سقناه في هذه الرواية" والله أعلم.

معينِ وعلىُّ ابنُ المديني، ورواه جماعةٌ عن ابن إسحاق، كما قال أحمدُ أيضاً، وكان سماعُ عبدِ الأعلى وابنُ المثنَّى وابنُ بشار من نسخةٍ واحدةٍ فيما بَلَغني. 4727 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حفص بن عبد الله، حدَّثني أبي، حدَّثني إبراهيمُ ابن طهمانَ، عن موسى بن عُقبة، عن محمَّد بن المُنكَدِر عن جابر بن عبد الله، عن النبيِّ-صلى الله عليه وسلم-، قال: " أُذِنَ لي أن أُحدِّثَ عن مَلَكٍ مِنْ ملائكةِ الله من حَمَلة العرش: إن ما بين شَحمةِ أذُنِه إلى عاتِقِه مَسيرةُ سبع مئةِ عام" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده جيد، كما قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" 8/ 239، وصححه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 8/ 665، والسيوطي في" الدر المنثور" 7/ 274. وهو في "مشيخة ابن طهمان" ص 72. وأخرجه ابن أبي حاتم كما عند ابن كثير في "تفسيره" 8/ 239، والطبراني في. "الأوسط" (1709) و (4421)، وأبو الشيخ في" العظمة" (476)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 398، والخطيب في تاريخ بغداد" 10/ 194 - 195 من طرق عن أحمد بن حفص، بهذا الإسناد. وجاء في رواية ابن أبي حاتم: "مخفق الطير سبع مئة عام"، وعند الطبراني في روايته الأولى: "مسيرة أربع مئة عام"، وفي الثانية: "مسيرة سبعين عاماً"، وعند أبي الشيخ: "مسيرة خمس مئة عام أو قال: خمسين عاما"، وعند الخطيب:"مسيرة خمس مئة عام أو سبع منة عام". وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 3/ 158 من طريق محمَّد بن عجلان، عن محمَّد، عن جابر وابن عباس، رفعاه، قال: "أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السابعة السفلى على قرنه العرش، ومن شحمة أذنه إلى عاتقه بخفقان الطير مسيرة مئة عام". وقال أبو نعيم: غريب من حديث محمَّد عن ابن عباس لم نكتبه إلا من حديث جعفر عن ابن عجلان، وحديث جابر قد رواه عن محمَّد غيره.

4728 - حدَّثنا علئُ بنُ نصبر ومحمدُ بن يونس النسائئُ -المعنى- قالا: حدَّثنا عبدُ الله بنُ يزيد المقرئ، حدَّثنا حرملةُ -يعني ابنَ عمران- حدَّثني أبو يونس سُليمُ بن جبير مولى أبي هريرة، قال: سمعتُ أبا هريرةَ يقرأ هذه الآية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} إلى قوله تعالى: {سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58] رأيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - صلى الله عليه وسلم - يَضَعُ إبهامَه على أُذُنه والتي تليها على عينه، قال أبو هريرة: رأيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -صلى الله عليه وسلم - يَقرؤُها ويضع إصبعيه (¬1). قال ابن يونس: قال المقرئ: يعني: أن الله سميع بصير، يعني: أن لله سمعاً وبصراً (¬2) (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقوّى الحافظ ابن حجر إسناده في "الفتح" 13/ 373. ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" ص 179. وأخرجه ابن خزيمة في التوحيد" ص 42 - 43، وابن أبي حاتم كما في "تفسير" ابن كثير 2/ 300، وابن حبان في "صحيحه" (265)، والطبراني في "الأوسط" (9334)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 24 من طرق عن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وأخرجه موقوفاً الحاكم 2/ 236 من طريق أبي يحيى بن أبي مسرة، عن عبد الله ابن يزيد المقرئ، به. (¬2) وهذا الحديث فيه رد على من زعم أنه سميع بصير بمعنى عليم، قال البيهقي في "الأسماء والصفات" ونقله الحافظ في "الفتح" 13/ 373: والمراد بالإشارة المروية في هذا الخبر تحقيق الوصف لله عَزَّ وَجَلَّ بالسمع والبصر، فأشار إلى محلي السمع والبصر منا، لإثبات صفة السمع والبصر لله تعالى، كما يقال: قبض فلان على مال فلان، ويثار باليد على معنى أنه حاز ماله، وأفاد هذا الخبر أنه سميع بصير له سمع وبصر لا معنى أنه عليم، إذ لو كان بمعنى العلم لأشار في تحقيقه إلى القلب؛ لأنه محل العلوم منا، وليس في الخبر إثبات الجارحةِ تعالى الله عن شبه المخلوقين علواً كبيراً. وذكر نحوه الإِمام الخطابي في "معالم السنن". (¬3) مقاله المقرئ هذه أثبتناها من (هـ) وحدها، وأشار إلى أنها في رواية ابن الأعرابي.

20 - باب في الرؤية

قال أبو داود: وهذا ردٌّ على الجهمية (¬1). 20 - باب في الرؤية 4729 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ ووكيعٌ وأبو أسامة، عن إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ عن جرير بن عبد الله، قال: كُنَّا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلوساً، فنظر إلى القمر ليلةَ البدر ليلة أربعَ عشرةَ، فقال: " إنكم ستَرَونَ ربّكم عَزَّ وَجَلَّ كما تَرَؤنَ هذا لا تضامُّون في رؤيته، فإن استطعتُم أن لا تُغلَبوا على صلاةٍ قبلَ طُلوع الشَمسِ وقبلَ غُروبها فافعَلُوا" ثم قرأ هذه الأية: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: 130] (¬2). ¬

_ (¬1) كذا جاء في (هـ) بأن هذا من قول أبي داود. وجاء في (ب) و (ج) و (د) أنه من قول المقرئ، وجعله في (اً) من قول ابن يونس. (¬2) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، ووكيع: هو ابن الجراح، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأخرجه مسلم (633) (212) عن أبو بكر بن أبي شيبة، عن أبي أسامة ووكيع، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (177) عن علي بن محمَّد، والترمذي (2727) عن هناد، كلاهما عن وكيع، به. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. وأخرجه البخاري (4851) عن إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، به. وأخرجه البخاري (554)، ومسلم (633) (211) و (212)، وابن ماجه (177)، والنسائي في "الكبرى" (460) و (7714) و (11267) و (11460) من طرق عن إسماعيل ابن أبي خالد، به. وأخرجه النسائي (7713) من طريق بيان بن بشر، عن قيس بن أبي حازم، به. وهو في "مسند أحمد" (19190)، و"صحيح ابن حبان" (7442). =

4730 - حدَّثنا إسحاقُ بن إسماعيل، حدَّثنا سفيانُ، عن سهيل بن أبي حيثحِ، عن أبيه، أنّه سَمعه يُحدِّث عن أبي هريرة، قال: قال ناس: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -صلى الله عليه وسلم -، أنرى رَبَّنا عز وجل يومَ القيامة؟ قال: "هل تُضارُّونَ في رُؤيَةِ الشَمْسِ في الظَّهيرة، ليست في سَحَابةِ؟ " قالوا: لا، قال:"هل تُضَارُّون في رؤية القَمَر ليلةَ البدر ليس في سحابة؟ " قالوا: لا، قال: "والذي نفسي بيدِه لا تُضَارُّون في رُؤيته، إلا كما تُضَارُّون في رؤية أحدِهما" (¬1). ¬

_ = قوله: "لا تضامون": هو بفتح التاء وتشديد الميم، قال الخطابي: هو من الانضمام يريد أنكم لا تختلفون في رؤيته حتى تجتمعوا للنظر، وينضم بعضكم إلى بعض، فيقول واحد: هو ذاك، ويقول الآخر: ليس بذاك على ما جرت به عادة الناس عند النظر إلى الهلال أول ليلة من الشهر ووزنه تفاعلون، وأصله: تتضامون حذفت منه إحدى التاءين. وقد رواه بعضهم تضامون -بضم التاء وتخفيف الميم- فيكون معناه على هذه الرواية أنه لا يلحقكم ضيم ولا مشقة في رؤيته. وقد تخيل إلى بعض السامعين أن الكاف في قوله: "كما ترون" كاف التشبيه للمرئي، وإنما كاف التشبيه للرؤية، وهو فعل الرائي، ومعناه: ترون ربكم رؤية ينزاح معها الشك، وتنتفي معها المرية كرؤيتكم القمر ليلة البدر، لا ترتابون به، ولا تمترون فيه. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه ابن ماجه (178)، والترمذي (2731) من طريق سليمان بن مهران الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وأخرجه البخاري (806) و (6573)، ومسلم (182) (300) من طريق ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب وعطاء بن يزيد، كلاهما عن أبي هريرة. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (6573) و (7437)، ومسلم (182) (299)، والنسائي في "الكبرى" (11424) و (11573) من طريق ابن شهاب الزهري، عن عطاء بن يزيد، عن أبي هريرة.

4731 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ. وحدَّثنا عُبيدُ الله بن معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبةُ-المعنى- عن يعلى ابن عطاء، عن وكيع بن عُدس -قال موسى: ابن حُدس- عن أبي رَزينٍ -قال موسى: العُقَيليِّ-، قال: قلت: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - ,أكلّنا يرى رَبَّه -قال ابنُ معاذ:- مُخْلياً به يومَ القيامة، وما آيةُ ذلك في خَلقِه؟ قال: "يا أبا رَزين، أليسَ كُلُّكم يَرَى القَمَرَ؟ - قال ابنُ معاذ:- ليلةَ البَدْرِ مُخْلياً به -ثم اتفقا- قلت: بلى، قال: "فالله أعظم". قال ابن معاذ: قال: "فإنما هو خَفقٌ من خَلْقِ الله، فالله أجل وأعظمُ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (2734) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7717) و (8817) و (9558)، و"صحيح ابن حبان" (7429) و (7445). قوله: "تضارون": قال النووي: روي بتشديد الراء وبتخفيفها، والتاء مضمومة فيهما، ومعنى المشدد: هل تضارون غيركم في حالة الرؤية بزحمة أو مخالفة في الرؤية، أو غيرها ,لخفائه، كما تفعلون أول ليلة من الشهر. ومعنى المخفف: هل يلحقكم في رؤيته ضير، وهو الضرر ... ثم نقل عن القاضي عياض قوله: وقال فيه بعض أهل اللغة تضارون أو تضامون بفتح التاء، سواء شدد أو خفف، وكل هذا صحيح ظاهر المعنى. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة وكيع بن حُدس، ويقال: ابن عُدُس انفرد بالرواية عنه يعلي بن عطاء: وهو العامري، وقال ابن القطان: مجهول الحال، وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف، وقال البيهقي: هذا حديث تفرد به يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حُدُس، ولا نعلم لوكيع بن حدس هذا راوياً غير يعلي بن عطاء. وأخرجه ابن ماجه (180) من طريق يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16186)، و"صحيح ابن حبان" (6141).

21 - باب في الرد على الجهمية

21 - باب في الرَّدِّ على الجهمية 4732 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ ومحمد بن العلاء -المعنى- قالا: حدَّثنا أبو أسامةَ، عن عُمرَ بن حمزة، قال: قال سالم: أخبرني عبد الله بن عمر، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم -: "يَطوي الله عَزَّ وَجَلَّ السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهنَّ بيده اليُمنى، ثم يقول: أنا المَلِكُ، أينَ الجبَّارون؛ أين المُتكبِّرون؛ ثم يَطوي الأرضيْن، ثم يأخذهنَّ -قال ابن العلاء:- بيده الأخرى، ثم يقول: أنا المَلِكُ، أينَ الجَبَّارون؟ أين المُتكبِّرون؟ " (¬1). 4733 - حدَّثنا القعنبي، عن مالكِ، عن ابنِ شهابِ، عن أبي سَلمةَ بن عبد الرحمن وعن أبي عبد الله الأغر ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لضعف عمر بن حمزة، وقد أتى في هذا الحديث بجملة منكرة لم تذكر في رواية أبي داود، وإنما هي عند مسلم (2788) (24) وهي: "ثم يطوي الأرضين بشماله"، فقوله: "بشماله" تفرد به عمر بن حمزة فيما قاله البيهقي في "الأسماء والصفات" ص 324. وعمر هذا: قال أحمد بن حنبل: أحاديثه مناكير، وقال النسائي: ضعيف. وقال الحافظ في "التقريب": ضعيف. وقد روى هذا الحديث نافع وعُبيد الله بن مقسم عن ابن عمر، ولم يذكرا فيه الشمال، أما رواية نافع فأخرجها البخاري (7412)، ورواية عبيد الله بن مقسم عند مسلم (2788) (25) و (26)، وابن ماجه (198) و (4275)،والنسائي في "الكبرى" (7642) و (7648) و (7649). وعلقه البخاري (7413) عن عمر بن حمزة ولم يسق لفظه. وهو في "مسند أحمد" (5414)، و "صحيح ابن حبان" (7324) من رواية عبيد الله بن مقسم أيضاً. وانظر تمام تخريجه فى "المسند".

22 - باب في القرآن

عن أبي هريرة، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "يَنزلُ ربُّنا كلَّ ليلةِ إلى سماءِ الدُنيا حينَ يبقى ثلثُ الليل الاَخِرُ، فيقول: مَنْ يدعوني فأستجيبَ له؟ مَنْ يسألُني فاُعْطِيَه؟ مَنْ يَستغفِرُني فاغْفِرَ له؟ " (¬1). 22 - باب في القُرآن 4734 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا إسرائيل، حدَّثنا عثمانُ بنُ المُغيرة، عن سالمٍ عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَعرضُ نفسَه على الناس بالموقف، فقال: "ألا رجل يَحمِلُني إلى قَومِهِ، فإنَّ قريشاً قد مَنَعوني أن أُبلِّغ كلامَ رَبِّي عز وجل" (¬2). 4735 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود المَهْرىُّ، أخبرنا عبدُ الله بن وهبِ، أخبرني يونسُ بن يزيدَ، عن ابنِ شهابِ، أخبرني عُروةُ بنُ الزبير وسعيد بن المسيَّب وعلقمةُ بن وقَّاص وعُبيدُ الله بن عبد الله بن عُتبة، عن حديث عائشة، وكل حدَّثني طائفة من الحديث، قالت: ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلَّمَ الله تعالى ذكرُه في بأمرٍ يُتلَى (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، وقد سلف برقم (1315)، فانظره لزاماً. (¬2) إسناده صحيح. إسرائيل: هو ابن يونس، وسالم: هو ابن أبي الجعد. وأخرجه الترمذي (3152) عن محمَّد بن إسماعيل، عن محمَّد بن كثير، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (201)، والنسائي في "الكبرى" (7680) من طريق عبد الله ابن رجاء، عن إسرائيل، به. وهو في "مسند أحمد" (15192). (¬3) إسناده صحيح.

4736 - حدَّثنا إسماعيلُ بنُ عمر، أخبرنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا ابنُ أبي زائدةَ، عن مجالدٍ، عن عامر -يعني الشعبىَّ- عن عامر بن شهر، قال: كنتُ عند النجاشي، فقرأ ابنٌ له آيةً من الإنجيل، فضَحِكْتُ، فقال: أتَضْحَكُ من كلام الله عز وجل؟ (¬1). 4737 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن المنهال ابن عَمرو، عن سعيد بن جُبير ¬

_ = وأخرجه البخاري (4750) و (7500) و (7545)، ومسلم (2770) (56) من طرق عن يونس بن يزيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2661) و (4141)، ومسلم (2770) (56) و (57)، والنسائي في "الكبرى" (8882) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه مسلم (2770) (58) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه عروة، به. طَؤَله بعضهم واختصره بعضهم. وهو في "مسند أحمد" (25623)، و"صحيح ابن حبان" (4212). (¬1) حديث صحيح، مجالد: وهو ابن سعيد وان كان ضعيفاً قد توبع، وباقي رجاله ثقات ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا. وأخرجه أحمد في "مسنده" (15536) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، ومن طريق محمَّد بن مسلم بن أبي الوضاح، عن مجالد بن سعيد، كلاهما (إسماعيل ومجالد) عن عامر الشعبي، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (4585) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر الشعبي، به. وهذا إسناد صحيح. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/ 28، وأبو يعلى في "المسند" (6864)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 126 من طريق أبي أسامة، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 15/ 231، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2416) من طريق إسماعيل بن أبي خالد، كلاهما عن مجالد، به. وعامر بن شهر هو الهمداني، ويقال: البكيلي، ويقال: الناعطي، وهما بطنان من همدان، كان أحد عمال النبي-صلى الله عليه وسلم- على اليمن، وهو أول من اعترض على الأسود العنسى لما ادّعى النبوةَ.

عن ابنِ عباسِ، قال: كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعوِّذُ الحسنَ والحسينَ "أُعيذُكُما بكلماتِ الله التامّة، من كلِّ شَيطان وهامَّةِ، ومِنْ كُلِّ عَينٍ لامَّةٍ، ثم يقول: كان أبوكم يعوِّذُ بهما إسماعيلَ وإسحاق" (¬1). قال أبو داود: هذا دليل على أن القرآن ليس بمخلوق (¬2). 4738 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي سريج الرازيُّ وعلي بنُ الحسين بن إبراهيمَ وعليُّ ابنُ مسلمٍ، قالوا: حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا الأعمش، عن مسلمٍ، عن مسروقٍ عن عبدِ الله، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم -: "إذا تَكَلَّمَ الله بالوحي سَمعَ أهلُ السماء للسّماء صَلْصَلةَ كجَرِّ السِّلَسلَة على الصَّفا، فيُصعَقون، فلا يَزالونَ كذلك حتى يأتيهُم جبريلُ عليه السلام، حتى إذا جاءَهم ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعمر. وأخرجه البخاري (3371) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10779) عن محمَّد بن قدامة، عن جرير، به. وأخرجه ابن ماجه (3525)، والترمذي (2188)، والنسائي في "الكبرى" (7679) و (10778) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به. وهو في "مسند أحمد" (2112)، و "صحيح ابن حبان" (1012) و (1013). قوله: "هامَّة" قال السندي في "حاشيته على "المسند": بتشديد الميم: كل ذات سم يقتل، وجمعه هوام. و"لامّة": بتشديد الميم، أي: ذات لمم، واللمم: كل داء يلم من خبل أو جنون أو نحوهما، أي: من كل عين تصيب السوء. قال الخطابي: وكان أحمد بن حنبل يستدل بقوله: "بكلمات الله التامة" على أن القرآن غير مخلوق، وهو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يستعيذ بمخلوق، وما من كلام مخلوق إلا وفيه نقص، والموصوف فيه بالتمام هو غير المخلوق، وهو كلام الله سبحانه. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي.

جبريلُ فزِّعَ عن قلوبهم، قال: فيقولون: يا جبريلُ، ماذا قال ربُّكَ؟ فيقول: الحقَّ، فيقولون: الحقَّ، الحقَّ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، مسلم: هو ابن صبيح الهمداني أبو الضحى، ومسروق: هو ابن الأجدع بن مالك. وأخرجه ابن خزيمة في "التوحيد" ص 145 عن علي بن الحسين، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (37) من طريق محمَّد بن المسيب ابن إسحاق، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 201، والخطيب في "تاريخ بغداد" 11/ 392 - 393 من طريق الحسين بن يحيى، كلاهما عن علي بن الحسين، به. قال الخطيب في "تاريخه" 11/ 393: هكذا رواه ابن إشكاب عن أبي معاوية مرفوعاً، وتابعه على رفعه أحمد بن أبي سريج الرازي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وعلي بن مسلم الطوسي، جميعاً عن أبي معاوية، وهو غريب، ورواه أصحاب أبي معاوية عنه موقوفاً، وهو المحفوظ من حديثه. قلنا: وأخرجه موقوفاً ابن خزيمة في "التوحيد" ص 146 عن أبي موسى بن جنادة، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 201, والخطيب في "تاريخه" 11/ 393 من طريق سعدان بن نصر، كلاهما عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. ورواه موقوفاً أيضاً البخاري فى"خلق أفعال العباد" ص 92 و 93، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 146 - 47 أو 147 من طرق عن الأعمش، به. وأخرجه موقوفاً أيضاً ابن خزيمة في التوحيد ص 146 من طريق شعبة ومنصرر، عن مسلم، به. وعلقه البخاري في كتاب التوحيد قبل الحديث رقم (7481)، عن مسروق، عن ابن مسعود موقوفاً كذلك. وانظر حديث أبي هريرة عند البخاري (4701)، وأبي داود (3989)، وابن ماجه (194)، والترمذي (3502)، وهو عن ابن حبان فى "صحيحه " (36). وقوله:"صلصلة"، قال ابن الأثير فى "النهاية": الصلصلة: صوتُ الحديوإذا حُرِّك. يقال: صَلَّ الحديدُ، وصَلْصَل. والصَّلصَلة أشدُّ من الصَّليل.

23 - باب في الشفاعة

23 - باب في الشفاعة 4739 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حَربٍ، حدَّثنا بِسطامُ بنُ حُريثٍ، عن أشعَثَ الحُدَّانيِّ عن أنسِ بن مالكٍ، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، قال: "شَفاعتي لأهْلِ الكبائِرِ من أُمَّتي" (¬1). 4740 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن الحسن بن ذكوانَ، حدَّثنا أبو رجاءٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أشعث الحُدّانى: هو أشعث بن عبد الله بن جابر الحُدَّاني. وأخرجه الترمذي (2604) من طريق معمر، عن ثابت، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (13222)، و "صحيح ابن حبان" (6468). جاء في "شرح مسلم" للنووي 3/ 31: قال القاضي عياض رحمه الله: مذهب أهل السنة جواز الشفاعة عقلاً، ووجوبها سمعاً لصريح قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} [طه: 109]، وقوله: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الانبياء: 28] وقد جاءت الآثار التي بلغت بمجموعها التواتر بصحة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المسلمين، وأجمع السلف والخلف ومن بعدهم من أهل السنن عليها ... والشفاعة خمسة أقسام. أولها مختصة بنبينا - صلى الله عليه وسلم -: وهي الإراحة من هول الموقف، وتعجيل الحساب ... الثانية: في إدخال قوم الجنة بغير حساب، وهذه وردت أيضاً لنبينا - صلى الله عليه وسلم -. الثالثة: الشفاعة لقوم استوجبوا النار، فيشفع فيهم نبينا - صلى الله عليه وسلم - ومن شاء الله تعالى. الرابعة: فيمن دخل النار من المذنببن، فقد جاءت الأحاديث بإخراجهم من النار بشفاعة نبينا - صلى الله عليه وسلم - والملائكة واخوانهم من المؤمنين، ثم يخرج الله تعالى كل من قال: لا إله إلا الله كما جاء في الحديث فلا يبقى فيها إلا الكافرون. الخامسة: في زيادة الدرجات في الجنة لأهلها.

حدَّثني عمرانُ بن حُصَين، عن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قال: "يَخرُجُ قَومٌ من النّارِ بشَفاعةِ مُحمَّدِ، فيدخُلون الجنة، ويُسمَّونَ الجَهَنَّميِّين" (¬1). 4741 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي سفيانَ عن جابر، قال: سمعتُ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن أهلَ الجنّة يأكُلونَ فيها ويَشرَبُون" (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره. وهذا إسناد ضعيف لضعف الحسن بن ذكوان -وهو أبو سلمة البصري- ضعفه الجمهورُ، ولم يخرج له البخاري في "صحيحه" سوى هذا الحديث. قال الحافظ في "هدي الساري" ص 397 بعد أن نقل تضعيفه عن الأئمة: وليس له في البخاري إلا هذا الحديث الواحد وله شواهد كثيرة يصح بها. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وأبو رجاء. هو عمران بن مِلحان العطاردي. وأخرجه البخاري (6566) عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (4315)، والترمذي (2783) عن محمَّد بن ثار، عن يحيى ابن سعيد، به. وهو في "مسند أحمد" (19897)، وفيه تمام التخريج. ويشهد له حديث أنس بن مالك عند البخاري (6559)، وهو في "المسند" (12258) وانظر تتمة شواهده فيه. وقوله: ويسمون الجهنميين، قال السندي: لقبوا بذلك تذكيراً لهم بنعمة الله تعالى، فيبقى لقبهم ذاك مدة ثم يزول. والله أعلم. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي، رجاله ثقات غير أبي سفيان -وهو طلحة ابن نافع- أخرج له البخاري مقروناً وهو من رجال مسلم، صدوق وحديثه عن جابر صحيفة، وأحاديث الأعمش عنه مستقيمة. جرير: هو ابن عد الحميد، الأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه مسلم (2835) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وزاد: "ولا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون"، قالوا: فما بال الطعام؟ قال: "جشاء ورشح كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس. =

24 - باب ذكر البعث والصور

24 - باب ذكر البعث والصُّور (¬1) 4742 - حدَّثنا مُسدَّدُ بن مُسَرْهدِ، حدَّثنا مُعتمِرٌ، سمعتُ أبي، حدَّثنا أسلمُ، عن بِشْرِ بن شَغَافٍ عن عبدِ الله بن عمرو، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم , قال: "الصُّورُ قَرنٌ يُنفَخُ فيه" (¬2). 4743 - حدَّثنا عبدُ الله بن مَسلَمةَ القعنبىُّ، عن مالكٍ، عن أبي الزِّناد، عن الأعرج عن أبي هريرة، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "كل ابنِ آدَمَ تأكُلُ الأرضُ، إلا عَجْبَ الذَّنَب، منه خُلِقَ، وفيه يُرَكَّبُ" (¬3). ¬

_ = وأخرجه (2835) عن إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، به. وأخرجه أيضاً (2835) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به. وأخرجه كذلك (2835) من طريق أبي الزبير، عن جابر. وهو في "مسند أحمد" (14401) و (14769)، و"صحيح ابن حبان" (7435). (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (هـ). ولم يُبؤب لحديثي هذا الباب في (أ) و (ب) و (ج)، وإنما أُوردا في باب خلق الجنة والنار. ولم يردا في (د). (¬2) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد، والمعتمر: هو ابن سليمان بن طرخان التيمي. وأسلم: هو العجلي الربعي. وأخرجه الترمذي (2599) و (3525)، والنسائي في "الكبرى" (11250) و (11317) و (11392) من طرق عن سليمان بن طرخان التيمي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6507)، و"صحيح ابن حبان" (7312). (¬3) إسناده صحيح، القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وهو عند مالك في "الموطأ" 1/ 239، ومن طريقه أخرجه النسائي في "المجتبى" 4/ 111 - 112. =

25 - باب في خلق الجنة والنار

25 - باب في خلق الجنة والنار 4744 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سَلَمة عن أبي هريرة، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم --صلى الله عليه وسلم -قال: "لمّا خَلَقَ الله عز وجل الجنّة قال لجبريل: اذهَبْ فانْظُرْ إليها، فذَهَبَ فنَظَرَ إليها، ثم جاء، فقال: أيْ رَبِّ، وعِزَّتكَ لا يَسمَع بها أحَدٌ إلا دَخَلَها، ثم حَفَّها بالمَكارِه، ثم قال: يا جبريلُ، اذهَبْ فانظُرْ إليها، فذهبَ فنظر إليها، ثم جاء فقال: أيْ ربِّ، وعزَتِكَ لقذ خَشيتُ أن لا يدخُلَها أحدٌ" قال: "فلما خَلَقَ الله النار، قال: يا جبريلُ، اذهَبْ فانْظُرْ إليها، فذهب فَنظَرَ إليها، ثم جاء فقال: أيْ ربَّ، وعِزَّتك لا يسمعُ بها أحد فيدخُلُها، فحَفَّها بالشَهوات، ثم قال: يا جبريلُ اذْهَبْ فانظُرْ إليها، فذهبَ فنَظَر إليها، ثم جاء فقال: أى ربَّ، وعِزَّتك لقد خَشيتُ أنْ لا يبقى أحدٌ إلا دَخَلها" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2955)، والنسائي 4/ 111 - 112 من طريق المغيرة، عن أبي الزناد، به. وأخرجه البخاري (4814) و (4935)، ومسلم (2955)، وابن ماجه (4266) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة. وأخرجه مسلم (2955) من طريق همام بن منبه، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (8180) و (8283)، و"صحيح ابن حبان" (3138). قوله: "عجب الذنب"، العَجب: بفتح العين وسكون الجيم: عظم لطيف في أصل الصلب، وهو رأس العصعص، وهو مكان رأس الذنب من ذوات الأربع. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن، محمَّد بن عمرو: وهو ابن علقمة بن وقاص، صدوق حسن الحديث. حماد: هو ابن سلمة، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. =

26 - باب في الحوض

26 - باب في الحَوضِ 4745 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حَرْبٍ ومُسدَّدُ بن مُسَرْهَدٍ، قالا: حدَّثنا حمادٌ ابنُ زيدٍ، عن أيوبَ، عن نافعِ عن ابن عُمرَ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أمامَكُم حَوضاً، ما بينَ ناحيتَيهِ كما بين جَرْباء وأذرُح" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (2737) من طريق عبيدة بن سليمان، والنسائي في المجتبى، 7/ 3 - 4 من طريق الفضل بن موسى، كلاهما عن محمَّد بن عمرو، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6487)، ومسلم (2823) من طريق الأعرج، عن أبي هريرة. ولفظ البخاري: "حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره" وعند مسلم "حُفت" بدل: "حجبت". هو في "مسند أحمد" (7530) و (8398)، و"صحيح ابن حبان" (719) و (7394) (¬1) إسناده صحيح، أيوب: هو ابن أبي تميمة. وأخرجه مسلم (2299) عن أبي الربيع الزهراني وأبي كامل الجحدري، كلاهما عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6577)، ومسلم (2299)، من طريق عبيد الله، ومسلم (2299) (34) من طريق موسى بن عقبة، و (2299) من طريق عمر بن محمَّد، ثلاثتهم عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4723)، و "صحيح ابن حبان" (6453). وقد جاء في رواية عند مسلم: قال عبيد الله: فسألته، فقال: قريتين بالشام بينهما مسيرة ثلاثة ليال. ذكر الحافظ ضياء الدين المقدسي فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 11/ 472 في الجزء الذي جمعه في الحوض أن في سياق لفظها غلطاً، وذلك لاختصار وقع في سياقه من بعض رواته، ثم ساقه من حديث أبي هريرة، وأخرجه من "فوائد عبد الكريم بن الهيثم الدير عاقولي" بسند حسن إلى أبي هريرة، مرفوعاً في ذكر الحوض، فقال فيه: "عرضه مثل ما بينكم وبين جرباء وأذرح"، قال الضياء: فظهر =

4746 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمرَ النَّمَرىُّ، حدَّثنا شُعبةُ، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي حَمزة عن زيد بن أرقم، قال: كُنَّا مَعَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فنزَلْنا منزلاً، فقال: "ما أنتم جُزءٌ مِن مئة ألفِ جُزْءٍ ممن يَرِدُ عليَّ الحَوْضَ" قال: قلتُ: كَمْ كنتم يومئذ؟ قال: سبعَ مئة أو ثمانَ مئة (¬1). ¬

_ = بهذا أنه وقع في حديث ابن عمر حذف تقديره: كما بين مقامي وبين جرباء وأذرح، فسقط: "مقامي وبينا". وقال الفيروزآبادي صاحب "القاموس المحيط" في مادة: "جرب": الجرباء: قرية بجنب أذرح، وغلط من قال: بينهما ثلاثة أيام، وإنما الوهم من رواة الحديث من إسقاط زيادة ذكرها الدارقطني، وهي: "ما بين ناحيتي حوضي كما بين المدينة وجرباء وأذرح". قلنا: وأذرح هي اليوم في جنوب الأردن بَين الشوبك ومعان. وقد روى أحاديث الحوض أربعون صحابياً ذكرهم جميعاً ابن القيم في "شرحه على مختصر أبي داود للمنذري" 7/ 135، وقال: وكثير منها وأكثرها في الصحيح. (¬1) إسناده ضعيف. أبو حمزة: هو طلحة بن يزيد مولى قَرَظة، لم يرو عنه غير عمرو بن مرة، ولم يثبت توثيقه عمن يعتد به، وقول الحافظ ابن حجر في "تهذيبه وتقريبه": وثقه النسائي، يغلب على الظن أنه وهم منه ليس له سلف فيه، وقد رجعنا إلى كلام النسائي بإثر الحديث الذي نقله الحافظ وأورد فيه التوثيق عنه، فلم نجده فيه، وأما الحافظ المزي فقد أورد كلام النسائي دون توثيقه، وأما رواية البخاري عنه في "صحيحه" (3787) و (3788) فهي في فضائل الأنصار، وفيها ما يدل على أن البخاري لم يحتج به، فقد جاء في هذه الرواية متابعة عبد الرحمن بن أبي ليلى له، ففي آخر الحديث: "قال عمرو: فذكرته لابن أبي ليلى، قال: قد زعم ذاك زيذ". أي: ابن أرقم. وأخرجه الطيالسي (677)، وأحمد في "مسنده" (19291) و (19309) و (19321)، وعبد بن حميد (266)، وبقي بن مخلد في "مرويات الصحابة في الحوض والكوثر" (17)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (87)، والطبراني في =

4747 - حدَّثنا هناد بنُ السَّريِّ، حدَّثنا محمدُ بنُ فُضَيلِ، عن المختار بن سمعتُ أنسَ بن مالكٍ يقول: أغفى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إغفاءةً، فرَفَعَ رأسَه مُتبسِّماً، فإما قالَ لهم، وإما قالوا له: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، لِمَ ضَحِكْتَ؟ فقال: "إنه أنزِلَتْ عليٍّ آنفاً سورةٌ"، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} حتى ختَمَها، فلمّا قرأها قال: "هل تَدرونَ ما الكوثر؟ " قالوا: الله ورسوله أعلمُ، قال: "فإنه نَهَرٌ وَعدَنيه ربِّي عزً وجل في الجنة، وعليه خير كثير، عليه حَوضٌ تَرِدُ عليه أمَّتي يومَ القيامةِ، آنيتهُ عَدَدُ الكواكب" (¬1). 4748 - حدَّثنا عاصمُ بنُ النَّضرِ، حدَّثنا المُعتمرُ، سمعتُ أبي، حدَّثنا قتادةُ ¬

_ = "الكبير" (4997)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 76 - 77، واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (2106) و (2107)، والمزي في ترجمة طلحة بن يزيد 13/ 449 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد، وقع في رواية الطيالسي وأبي القاسم البغوي والحاكم واللالكائي والمزي: "ثمان مئة أو تسع مئة". قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ولكنهما تركاه للخلاف الذي في متنه من العدد والله أعلم. ثم ساق رواية أخرى. قلنا: وقد وقع سقط في إسناد "المستدرك" في هذه الرواية نبه عليه المُعتني به. وأخرجه ابن أبي شيبة 15/ 455، وأحمد في "مسنده" (19268)، وابن أبي عاصم في السنة" (733)، والطبراني في "الكبير" (4998) و (4999) و (5000) من طريق الأعمش، والطبراني (5001) من طريق عبد الله بن عمرو بن مرة، كلاهما عن عمرو بن مرة، به. وجاء في رواية ابن أبي شيبة وأحمد وابن أبي عاصم، والطبراني الثالثة: "بين ست مئة إلى سبع مئة"، ورواية الطبراني الأولى: "ست مئة أو سبع مئة". (¬1) إسناده صحيح، وقد سلف برقم (784). وانظر ما بعده.

عن أنس بن مالكِ، قال: لمَّا عُرِجَ بنبي الله في الجنّة -أو كما قال- عُرِضَ له نَهَرٌ حافَتَاه الياقوتُ المجيَّبُ، -أو قال: المجوَّف (¬1) - فضَرَب الملكُ الذي معه يدَه، فاستخرَجَ مِسكاَ، فقال محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - للملك الذي معه: "ما هذا؟ " قال: هذا الكوثَرُ الذي أعطاكَ الله عزَّ وجلَّ (¬2). 4749 - حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيمُ، ْ حدَّثنا عبدُ السّلام بن أبي حازم أبو طالوتَ، قال: شَهدْتُ أبا برزةَ دخلَ على عُبيد الله بن زياد فحدَّثني فلان -سماه مسلمٌ-، وكان في السِّماط: فلما رآه عُبيدُ الله، قال: إن محمَّديَّكم هذا الدَّحداحَ، ففهمها الشَّيخ، فقال: ما كنتُ أحسِبُ أني أبقى في قوم يعيِّروني بصحبة محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فقال له عُبيد الله: إن صحبةَ محمَّد- صلى الله عليه وسلم - ¬

_ (¬1) في (أ): المجوَّب، وهو كذلك في "معالم السنن" للخطابي. وفي سائر أصولنا الخطية المجوَّف، وهو الذي نص عليه ابن الأثير في "النهاية" أنه رواية "سنن أبي داود". (¬2) إسناده صحيح. المعتمر: هو ابن سليمان بن طرخان. وأخرجه البخاري (4964) و (6581)، والترمذي (3653) و (3654)، والنسائي في "الكبرى" (11469) من طرق عن قتادة، عن أنس. وأخرجه النسائي (11642) من طريق حميد الطويل، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12008) و (12675)، و"صحيح ابن حبان" (6474). وانظر ما قبله. قوله: "المجيّب"، قال ابنُ الأثير في "النهاية" الذي جاء في كتاب البخاري: اللؤلؤ المجوَّف، وهو معروف، والذي جاء في "سنن أبي داود": المجيّب أو المجوَّف بالشك، والذي جاء في "معالم السنن": المجيّب أو المجوّب، بالباء فيهما على الشك، قال: معناه الأجوف، وأصله من: جُبْتُ الشيء، إذا قطعتَه، والشى مَجيب أو مَجوب، كما قالوا: مَشيب أو مشوب. وانقلاب الواو عن الياء كثير في كلامهم. فأما مُجيّب مشدداً فهو من قولهم: جيّب يُجيّب فهو مُجيب، أي: مقوَّر، وكذلك بالواو.

لك زَينٌ غيرُ شَيْنِ، ثم قال: إنما بُعِثْتُ إليكَ لأسالك عن الحوض، سمعتَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يذكُرُ فيه شيئاً؟ قال أبو برزة: نعم، لا مرَّةَ ولا ثنتين ولا ثلاثاً ولا أربعاً ولا خمساً، فمن كذبَ به فلا سقاه الله منه ثم خَرَجَ مُغضباً (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف، في إسناده رجل مجهول كما قال المنذري. وعبيد الله بن زياد الذي في القصة: هو ابن زياد بن أبيه الذي استلحقه معاوية بأبيه فقيل: زياد بن أبي سفيان، وعبيد الله هذا أميراً على العراق لمعاوية كما كان أبوه من قبل، قُتِل سنة 67 هـ. انظر "السير" بتحقيقنا 3/ 545 - 549. وأخرجه أحمد في "مسنده" (19779) من طريق محمَّد بن مِهْزَم العَنَزي، عن أبي طالوت العنزي، قال: سمعت أبا برزة، وخرج من عند عبيد الله بن زياد وهو مغضب ... فذكره بنحوه وأقصر مما هنا. وإسناده صحيح. محمَّد بن مهزم: من رجال "التعجيل"، روى عنه جمع ووثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات". وأخرجه أحمد في "مسنده" (19763) و (19814) عن عبد الرزاق، عن معمر، عن مطر بن طهمان الوراق، عن عبد الله بن بريدة الأسلمي، قال: شَكَّ عبيد الله بن زياد في الحوض، فأرسل إلى أبي برزة الأسلمي .... فذكره. وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد لأجل مطر. وهو في "مصنف" عبد الرزاق (20852)، ومن طريقه أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (703). ورواية "المصنف " مطولة. وأخرجه ابن سعد 4/ 300 من طريق المنذر بن ثعلبة، عن عبد الله بن بريدة، به. وأخرجه ابن أبي عاصم (702) من طريق صالح المري، عن سيار بن سلامة الرياحي، عن أبيه سلامة: أن عبيد الله بن زياد قال لجلسائه ... فذكره. وإسناده ضعيف لضعف صالح بن بشير المري وجهالة سلامة الرياحي. وأخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (154)، وفي الاعتقاد، ص 213 من طريق محمَّد بن يحيى الذهلي، عن عبد الرحمن بن مهدى، عن قرة بن خالد، عن أبي جمرة، عن أبي برزة، وذكر القصة. وإسناده صحيح. وتصحف عنده أبو جمرة إلى: أبي حمزة! =

27 - باب في المسألة في القبر وعذاب القبر

27 - باب في المسألة في القبر وعذاب القبر 4750 - حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن علقمةَ بن مرثد، عن سعْد بن عُبيدةَ عن البراء بن عازبِ، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ المسلمَ إذا سُئِلَ في القبر، فشَهِدَ أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فذلك قولُ الله عز وجل: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: 27] (¬1). ¬

_ = وأخرجه أحمد في "مسنده" (19807) عن عبد الصمد، عن عبد السلام أبي طالوت، عن العباس الجُرَيري أن عبيد الله بن زياد قال لأبي برزة هل سمعت النبي-صلى الله عليه وسلم- ذكره قط -يعني الحوض-؟ قال: نعم، لا مَرّةً ولا مرتين، فمن كَذَّب به فلا سَقاه الله منه. العباس الجريري يغلب على ظننا أنه عباس بن فرُّوخ الجريري، روى له الجماعة، وهو ثقة، لكنه أصغر من أن يروي عن أبي برزة، ولم يذكر المزي أنه روى عنه، فالإسناد منقطع , كذلك لم يذكر المزي وغيره في الرواة عنه أبا طالوت، فإن كان هو فرواية عبد السلام أبي طالوت عنه من باب رواية الأقران، والله تعالى أعلم. وقد ورد نحو هذه القصة عن عبيد الله بن زياد، ولكنها مع أنس بن مالك، وهي في "المسند" لأحمد (13405). وكما ورد في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص من"مسند أحمد" (6514): أن عُبيد الله بن زياد كان يكذب بالحوض بعد ما سأل أبا برزة والبراء بن عازب وعائذ بن عمرو ورجلاً آخر، ثم صدق به بعد. وفي الجملة الحديث صحيح في المتابعات والشواهد كما أسلفنا. (¬1) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه البخاري (4699) عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1369) وبإثره، ومسلم (2871) (73)، وابن ماجه (4268)، والترمذي (3385)، والنسائي في "الكبرى" (2195) و (11200) من طرق عن شعبة، به. =

4751 - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمان الأنباريُّ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب بن عطاء الخفافُ أبو نصرٍ، عن سعيدٍ، عن قتادة عن أنس بنِ مالك، قال: إنّ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - دَخَل نخلاً لبني النَّجَّار، فسمِعَ صوتاً ففزِعَ، فقال: "مَنْ أصحاب هذه القبور؟ " قالوا: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ناس ماتوا في الجاهليّة، فقال: "تعوَّذُوا بالله من عذابِ النّار، ومِنْ فتنة الدّجال قالوا: وممَّ ذاك يا رسولَ الله؟ قال: "إن المؤمنَ إذا وُضِعَ في قبرِه أتاه مَلَكٌ، فيقول له: ما كنتَ تعبدُ؟ فإنِ اللهُ هداهُ، قال: كنتُ أعبدُ الله، فيقال له: ما كنتَ تقول في هذا الرجل؟ فيقول: هو عبدُ الله ورسوله، فما يسأل عن شيءٍ، غيرِها فيُنطَلقُ به إلى بيت كان له في النار، فيقال له: هذا بيتُك كان في النار، ولكنَّ الله عَصمَك ورَحِمَكَ، فابدَلَكَ به بيتاً في الجنة، فيقول: دعوني حتى أذْهَبَ فاُبَشَّرَ أهلي، فيقال له: اسْكُنْ. ¬

_ = وأخرجه موقوفاً مسلم (2871) (74)، والنسائي في "الكبرى" (2194) من طريق خيثمة، عن البراء. وهو في "مسند أحمد" (18482) و (18575)، و "صحيح ابن حبان" (206). وهو قطعة من الحديث المطول الآتي برقم (4753)، وسيأتي تخريجه هناك. قلنا: جمهور العلماء سلفاً وخلفاً على أن عذاب القبر حق يقع على الروح والجسد. وذهب ابن حزم وابن هبيرة إلى أن السؤال يقع على الروح فقط من غير عود إلى الجسد. وقال ابن جرير وجماعة من الكرّامية: ان السؤال في القبر يقع على البدن فقط، وإن الله يخلق فيه إدراكاً بحيث يسمع ويعلم ويلَذُّ ويألم. وذهب بعض المعتزلة كالجبائي إلى أنه يقع على الكفار دون المؤمنين. وانظر "فتح الباري" 3/ 233 - 235.

وإن الكافر إذا وُضِعَ في قبره أتاه ملك فينتهِرُه، فيقول له: ما كنت تعبدُ؟ فيقول: لا أدري، فيقال له: لا دَرَيْتَ ولا تَلَيْتَ، فيقال له: فما كنتَ تقولُ في هذا الرجل؟ فيقول: كنتُ أقولُ ما يقول الناسُ، فيضربُه بمطراقِ من حديدِ بين أُذُنَيه، فيصيحُ صيحةَ يسمَعُها الخلقُ غيرَ الثقلينِ" (¬1). 4752 - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ الأنباريُ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، بمثل هذا الإسناد، نحوه، قال: "إن العبدَ إذا وُضِعَ في قبره وتَوَلَّى عنه أصحابُه، إنه ليسمعُ قَرْعَ نعالِهم، فيأتيه مَلَكان، فيقولان له"، فذكر قريباً من حديث الأول، قال فيه: "وأما الكافرُ والمنافقُ، فيقولان له" زاد: "المنافق" وقال: "يسمَعُها من يَليه غَيرَ الثقَلينِ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل عبد الوهاب بن عطاء، فهو صدوق لا بأس به، وقد توبع في هذا الحديث. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وقتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه أحمد في "مسنده" (13447) عن عبد الوهاب بن عطاء، بهذا الإسناد. وذكره البخاري مختصراً (1338) و (1374) بزيادة في أوله: "العبد إذا وضع في قبره وتُولِّي وذهب أصحابه، حتى إنه ليسمع قرع نعالهم"، وهذه الزيادة ستأتي بعد حديثنا هذا. قال الخطابي: وقوله: "لا دَرْيْتَ ولا تَلَيتَ". هكذا يقول المحدثون وهو غلط، وقد ذكره القتيبي في "غريب الحديث" وقال: فيه قولان، بلغني عن يونس البصري أنه قال هو: لا دريت ولا أَتْلَيتَ ساكنة التاء يدعو عليه بأن لا تُتلِيَ ابله، أي: لا يكون لها أولاد تتلوها، أي: تتبعها، يقال للناقة: قد أتلت فهي مُتلية، وتلاها ولدها: إذا تبعها. قال: وقال غيره: هو لا دريت ولا ائتَلَيتَ بوزن افتعلت من قولك: ما ألوت هذا ولا استطعته، كإنه يقول: لا دريت ولا استطعت. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي. وقد سلف برقم (3231). وانظر ما قبله.

4753 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ. وحدَّثنا هَنّاد بنُ السَّريِّ، حدَّثنا أبو معاويةَ -وهذا لفظُ هناد- عن الأعمش، عن المنهال، عن زاذان عن البراء بن عازب، قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازةِ رجُلِ من الأنصار، فانتهينا إلى القبرِ ولمَّا يُلحَدْ، فجلسَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وجلسْنَا حَولَه، كأنما على رؤوسنا الطَّير، وفي يَده عُودٌ يَنْكُتُ به في الأرض، فرفعَ رأسَه، فقال: "استعيذُوا بالله من عذابِ القبر" مرَّتين أو ثلاثاً، زاد في حديثْ جريرِ ها هنا: وقال: "وانّه لَيسمَعُ خَفْقَ نِعالِهم إذا وَلَّوا مُدبرينَ، حينَ يقالُ له: يا هذا، مَن ربك وما دينُك ومَنْ نبيُك؟ - قال هنادٌ:- ويأتيه ملكانِ فيُجلسانه فيقولان له: مَن ربك؟ فيقول: ربِّي الله، فيقولان له: ما دينُك؟ فيقول: ديني الإِسلامُ، فيقولان له: ما هذا الرجلُ الذي بُعِثَ فيكم؟ فيقول: هو رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فيقولان: وما يُدريكَ؟ فيقول: قرأتُ كتابَ الله، فآمنتُ به، وصدقتُ -زاد في حديث جرير- فذلك قول الله عز وجل: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} الآية [إبراهيم: 27]، ثم اتفقا قال: - فينادي منادِ من السماء: أنْ قد صَدَقَ عبدي، فأفرشُوه من الجنة، وافتَحُوا له باباً إلى الجنّة، وألبسُوه من الجنة" قال: "فيأتيه من رَوحِها وطيبها قال: "ويُفتح له فيها مدَّ بصرِه". قال: "وإن الكافر" فذكر موته قاْل: "وتُعادُ روحُه في جَسده، ويأتيه مَلَكانِ، فيُجلسانه، فيقولان له: من ربك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فيقولان له: ما دينُك؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري،

فيقولان له: ما هذا الرجلُ الذي بُعث فيكم؟ فيقول: هاه هاه، لا أدري، فينادي منادٍ من السماء: أن كَذَبَ، فافرشوه من النار، وألبسُوه من النار، وافتحُوا له باباً إلى النار، قال: "فيأتِيه من حَرِّها وسَمُومِها" قال: "ويُضيّقُ عليه قَبرُهُ حتى تختلفَ فيه أضلاعُه -زاد في حديث جرير: قال:- ثمّ يقيَّضُ له أعمى أبكَمُ معه مِرْزَبَّة من حديدٍ، لو ضُرِبَ بها جَبَلٌ لصار تراباً"، قال: "فيضرِبُه بها ضربةً يسمعُها ما بين المشرق والمغرب إلا الثقلين، فيصيرُ تراباً، ثم تُعادُ فيه الرُّوحُ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو معاوية: ومحمد بن خازم، الأعمش: هو سليمان بن مهران، والمنهال: هو ابن عمرو، وزاذان: هو أبو عبد الله، ويقال: أبو عمر الكندي، مولاهم. وأخرجه بتمامه أحمد في "مسنده" (18534) عن أبي معاوية وحده، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه فيه. وقد سلف أول الحديث واقتصر عليه المصنف برقم (3212) عن البراء قال: خرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولم يُلحد بعد، فجلس النبي-صلى الله عليه وسلم- مُستقبل القبلة وجلسنا معه. بإسناده صحيح. وانظر تمام تخريجه هناك. قال البيهقي في "الشعب" بإثر الحديث (390): هذا حديث صحيح الإسناد. وقال ابن منده في الإيمان، بإثر الحديث (1064): هذا إسناد متصل مشهور، رواه جماعة عن البراء، وكذلك رواه عدة عن الأعمش، وعن المنهال بن عمرو، والمنهال (وهو ابن عمرو الأسدي مولاهم الكوفي) أخرج عنه البخاري ما تفرّد به، وزاذان أخرج عنه مسلم، وهو ثابت على رسم الجماعة. ورُوي هذا الحديث عن جابر، وأبى هريرة، وأبى سعيد، وأنس بن مالك، وعائشة رضي الله عنهم. وانظر ما بعده.

28 - باب في ذكر الميزان

4754 - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّرىّ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ نُمير، حدَّثنا الأعمشُ، حدَّثنا المِنهالُ، عن أبي عُمَرَ زاذان، سمعتُ البراء، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- فذكر نحوه (¬1). 28 - باب في ذكر الميزان 4755 - حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيم وحُميدُ بنُ مسعدة، أن اسماعيلَ بن إبراهيم حدَّثهم، أخبرنا يونسُ، عن الحسن عن عائشة: أنها ذكرت النار، فبَكَتْ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ما يُبكيكِ؟ " قالت: ذكرتُ النارَ، فبكَيتُ، فهل تذكرونَ أهليكم يومَ القيامة؟ فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" أمّا في ثلاثة مَوَاطن فلا يذكرُ أحدٌ أحداً: عند الميزان حتى يَعلَمَ أيخِفُّ ميزانُه أو يَثقُلُ، وعندَ الكتاب حين يقال: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} [الحاقة: 19] حتى يَعلَمَ أين يقعُ كتابُه أفي يمينه، أم في شماله، أم مِن وراء ظهرِه، وعند الصِّراطِ إذا وُضِعَ بين ظهريْ جهنَّم (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه. الحسن: وهو البصري لم يسمع من عائشة. يونس: هو ابن عبيد. وأخرجه الحاكم 4/ 578 من طريق مسدد، عن إسماعيل بن إبراهيم (الشهير بابن علية)، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث صحيح إسناده على شرط الشيخين لولا إرسال فيه بين الحسن وعائشة على أنه صحت الروايات أن الحسن كان يدخل وهو صبي منزل عائشة رضي الله عنها وأم سلمة. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1349) من طريق وهيب، عن يونس، به. =

29 - باب في الدجال

قال يعقوب، عن يونس، وهذا لفظ حديثه. 29 - باب في الدَّجَّال (¬1) 4756 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن خالدٍ الحذاء، عن عبدِ الله بن شقيقٍ، عن عبدِ الله بن سُراقة ¬

_ = وأخرجه مختصراً أحمد في "مسنده" (24696) عن عفان بن مسلم، عن القاسم ابن الفضل، قال: قال الحسن: قالت عائشة .... فذكره. وأخرجه أحمد بنحوه وبسياق مختلف (24793) عن يحيى بن إسحاق، ومن طريق يحيى هذا الآجري في "الشريعة"، ص 384 عن ابن لهيعة، عن خالد ابن أبي عمران، عن القاسم بن محمَّد عن عائشة .... فذكره. وإسناده ضعيف بهذه السياقة، ابن لهيعة: وهو عبد الله -وإن كان يحيى بن إسحاق وهو السيلحيني من قدماء أصحابه- قد تفرد به. وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/ 358 - 359، وقال: رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف، وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح. وأخرجه حسين المروزي في زياداته على "الزهد" لابن المبارك (1361) عن الفضل بن موسى، عن حزم بن مهران، سمعت الحسن يقول: التفت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى بعض أهله، فإذا هو يبكي، فقال: "ما يبكيك يا فلان؟، قال: ذكرت النار يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، هل تذكرنا يوم القيامة؟ فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: "ذهب الذكر في ثلاث مواطن: حين توضع الموازين، فلا يهم عبداً إلا نفسه، وميزانه، أيثقل أم يخف، وعند الكتاب حين توضع، فيقول: هاؤم اقرؤوا كتابيه، وعند صراط جهنم". وأخرجه ابن أبي شيبة 13/ 250 عن أبي خالد الأحمر، عن أبي الفضل، عن الشعبي، عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أتذكرون أهاليكم يوم القيامة؟ فقال: "أما عند ثلاث فلا: عند الكتاب وعند الميزان وعند الصراط" والشعبي لم يسمع من عائشة. (¬1) هو فعال بفتح أوله والتشديد من الدجل وهو التغطية، وسمي الكذاب دجالاً، لأنه يُغَطى الحق بباطله.

عن أبي عُبيدةَ بن الجراح، قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنه لم يَكُنْ نبيٌّ بعدَ نوحٍ إلا وقد أنذَرَ الدَّجَّال قومَه، وإني أُنذِرُكُموه"، فوصفَه لنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال: "لعلَّه سيُدركُه من قد رآني وسَمعَ كلامي" قالوا: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كيف قلوبنا يومئذ؟ أمِثْلُها اليومَ؟ قال: "أوْ خَيرٌ" (¬1). 4757 - حدَّثنا مَخلدُ بن خالدٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهري، عن سالمٍ عن أبيه، قال: قامَ النبيُّ-صلى الله عليه وسلم- في الناس، فاثْنَى على الله بما هو أهلُه، فذكر الدَّجَّال، فقال: "إني لأنذِرُكُموه، وما مِن نبيّ إلا قد أنذَرَه قومَه، لقد أنذَرهُ نوحٌ قومَه، ولكنِّي سأقول لكم فيه قولاً لم يَقُلْهُ نبيٌّ لقومه: تعلمون أنه أعورُ، وأنَّ الله ليس بأعور" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، عبد الله بن سراقة لم يرو عنه غير عبد الله بن شقيق، وقال البخاري: لا يعرف له سماع من أبي عبيدة. حماد: هو ابن سلمة، وخالد الحذاء: هو ابن مهران. وأخرجه الترمذي (2384) عن عبد الله بن معاوية الجمحي، عن حماد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (1693)، و "صحيح ابن حبان" (6778). وذكره ابن كثير في "النهاية" 1/ 153، ونسبه لأحمد وأبي داود والترمذي، وقال: ولكن في إسناده غرابة، ولعل هذا كان قبل أن يببن له من أمر الدَّجَّال ما بين في ثاني الحال. (¬2) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام، ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمَّد بن مسلم بن شهاب، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر. وأخرجه الترمذي (2385) عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3057) من طريق هشام، عن معمر، به. =

30 - باب في الخوارج

30 - باب في الخوارج 4758 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهيرٌ وأبو بكر بن عياش ومندَلٌ، عن مُطَرِّفٍ، عن أبي جَهمٍ، عن خالد بن وَهْبانَ عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ فارقَ الجماعةَ شِبراً، فقد خَلَع رِبْقَةَ الإِسلام من عُنُقِهِ" (¬1). ¬

_ وأخرجه مسلم (2931) (169) من طريق يونس، عن ابن شهاب الزهري، به. وأخرجه مسلم (169) (275) من طريق حنظلة، عن سالم، به. وأخرجه بنحوه البخاري (3439) و (4402) و (7123) و (7407)، ومسلم (169) (273) (274) وص 2247 و 2248، والترمذي (2391) من طرق عن نافع، عن ابن عمر. وهو في "مسند أحمد" (4743) و (6365)، و"صحيح ابن حبان" (6780) و (6785). وأخرج البخاري (7122) ومسلم (2152) و (2939) عن المغيرة بن شعبة قال: ما سأل أحد النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الدَّجَّال ما سألته، وانه قال لي: "ما يَضُرُّكَ منه؟ " قلت: لأنهم يقولون: إن معه جبل خبز ونهر ماء، قال:" بل هو أهون على الله من ذلك". قال ابن كثير في "النهاية" 1/ 147: وقد تمسك بهذا الحديث طائفة من العلماء كابن حزم والطحاوي وغيرهما في أن الدَّجَّال ممخرق مموه لا حقيقة لما يبدي للناس من الأمور التي تشاهد في زمانه، بل كلها خيالات عند هؤلاء. وانظر "صحيح ابن حبان" (6799) و (6800). (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضيف لجهالة خالد بن وهبان، ومندل: هو ابن علي ضعيف، لكنه قد توبع، زهير: هو ابن معاوية، ومطرِّف: هو ابن طريف، وأبو الجهم: هو سليمان بن الجهم بن أبي الجهم الجوزجاني. وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (448) من طريق أحمد بن يونس، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي في "السنن" 8/ 157 من طريق أحمد بن يونس، عن زهير وأبي بكر بن عياش، به. =

4759 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ محمَّد النفيلىُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا مُطرِّفُ بن طريفٍ، عن أبي الجَهْم، عن خالد بن وَهْبان عن أبي ذرٍّ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" كيف أنتم وأئمةٌ مِنْ بعدي يستأثرونَ بهذا الفيء؟ " قلت: إذن والذي بعثَكَ بالحق أضَعُ سيفي على عاتقي، ثم أضرِبُ به حتى ألقاكَ -أو ألحَقَك- قال: "أوَلا أدُلُّكَ على خيرِ من ذلك؟ تَصبِرُ حتى تلقاني" (¬1). ¬

_ = وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 8/ 190 - 191 من طريق محمَّد بن أيوب، عن أبي بكر بن عياش، به. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1553) من طريق يحيى بن آدم، عن زهير، به. وأخرجه البزار في "مسنده" (4058) من طريق جرير، وابن أبي عاصم في "السنة" (892)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 117 من طريق خالد بن عبد الله، كلاهما عن مطرف، به. وأبو الجهم: سقط من "مستدرك" الحاكم والصواب إثباته. وهو في "مسند أحمد" (21560). ويشهد له حديث ابن عمر، وهو في "المسند" (5386). وانظر تتمة شواهده فيه. وقوله: "رِبْقَة"، قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 334: الربقة: ما يُجُعَل في عنق الدابةِ كالطوق يمسكها لئلا تشرد، يقول: من خرج عن طاعة الجماعة وفارقهم في الأمر المجمع عليه، فقد ضل وهلك وكان كالدابة إذا خلعت الربقة التي هي محفوظة بها، فإنها لا يؤمن عليها عند ذلك الهلاك والضياع. (¬1) إسناده ضعيف لجهاله خالد بن وهبان. زهير: هو ابن معاوية، أبو الجهم: هو سليمان بن الجهم بن أبي الجهم الجوزجاني. وأخرجه أحمد في "مسنده" (21558) عن يحيى بن آدم ويحيى بن بكير، كلاهما عن زهير، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد 4/ 226، وأحمد في "مسنده" (21559)، وابن أبي عاصم في "السنة" (1104) و (1105)، والبزار في "مسنده" (4057)، والمزي في "تهذيب الكمال" 8/ 191 من طرق عن مطرف، به.

4760 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وسليمان بن داود-المعنى- قالا: حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن المعلى بن زياد وهشام بن حسَّانَ، عن الحَسَنُ، عن ضَبَّة بن مِحْصَنِ عن أمِّ سَلَمةَ زوج النبيَّ - صلى الله عليه وسلم، قالت: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "سيكونُ عليكم أئمةٌ تَعرفونَ منهم وتُنكرونَ، فمن أنكر - قال مسدَّد في حديثه: قال الحَسَنُ، وقال سليمان بن داود: قال هشام: بلسانِه فقد بَرئ، ومَنْ كَرِهَ بقلبِه، فقد سَلِمَ، ولكن مَنْ رضِيَ وتابَعَ"، فقيل: يا رسول الله، أفلا نَقْتُلُهم؟ -قال ابن داود: أفلا نقاتِلُهم- قال:" لا، ما صَلَّوْ" (¬1). 4761 - حدَّثنا ابنُ بشَّارٍ، حدَّثنا معاذُ بن هشامٍ، حدَّثني أبي، عن قتادةَ، حدَّثنا الحسنُ، عن ضَبة بن مِحصَنٍ العَنزىّ عن أمِّ سلمة، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم، بمعناه، قال: "فمَن كَرِه فقد برئ، ومَنْ أنكَرَ فقد سَلِمَ". قال قتادة: يعني: مَنْ أنكَرَ بقلبه، ومن كَرِهَ بقلبه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الحسن: هو البصري. وأخرجه مسلم (1854) (64) عن أبي الربيع، عن حماد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1854) (64) من طريق عبد الله بن المبارك، والترمذي (2418) من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن هشام بن حسان، به. وهو في "مسند أحمد" (2418). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. والد معاذ: هو هشام بن أبي عبد الله سنبر. والحسن: هو البصري. وأخرجه مسلم (1854) عن أبي غسان المسمعي ومحمد بن بشار، كلاهما عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1854) من طريق همام بن يحيى، عن قتادة، به. وانظر ما قبله.

31 - باب في قتل الخوارج

4762 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شعبةَ، عن زياد بن عِلاقة عن عَرْفَجة، قال: سَمِعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -يقول: "ستكونُ في أُمَّتي هَناتُ وهَنَاتٌ وهَنَاتٌ، فمَنْ أراد أن يفرّقَ أمرَ المسلمين وهُمْ جميع، فاضربوه بالسيف، كائناً مَن كان" (¬1). 31 - باب في قتل الخوارج (¬2) 4763 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد ومحمدُ بن عيسى -المعنى- قالا: حدَّثنا حمادُ بن زيد، عن أيوبَ، عن محمدٍ، عن عَبيدةَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح، مسدد: هو ابن مسرهد، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وشعبة: هو ابن الحجاج. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3471) عن عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1852) (59) من طريق محمَّد بن جعفر، عن شعبة، به. وأخرجه مسلم (1852) (59)، والنسائي في "الكبرى" (3469) و (3470) من طرق عن زياد بن علاقة، به. وزاد النسائي في روايته الأولى: "فإن يد الله على الجماعة، وإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض". وأخرجه بنحوه مسلم (1852) من طريق وقدان العبدي، عن عرفجة، به. وهو في "مسند أحمد" (18295)، و"صحيح ابن حبان" (4577). وقوله:"وهنات": جمع هنة، والمراد بها هنا الفتك والأمور الحادثة. و" جميع"، قال السندي: أي: مجتمعون على إمام واحد. قال الإِمام النووي في "شرح مسلم" 12/ 241: فيه الأمر بقتال من خرج على الإِمام، أو أراد تفريق كلمة المسلمين ونحو ذلك، ويُنهى عن ذلك، فإن لم ينته قوتِل، وإن لم يندفع شَرُّه إلا بقتله، فقُتِلَ كان هدراً. (¬2) الخوراج: جمع خارجة، أي: طائفة خرجوا عن الدين، وهم قوم مبتدعون سموا بذلك؛ لأنهم خرجوا على خيار المسلمين، وقال الشهرستاني في "الملل والنحل": =

أن عليّاً ذَكَر أهل النَّهروان فقال: فيهم رجلٌ مُودَنُ اليد أو مُخدَجُ اليد، أو مَثْدُونُ اليد - لولا أن تَبطَرُوا لنبَّاتكم ما وَعَدَ الله عز وجل ¬

_ = كل من خرج على الإِمام الحق (كالإمام علي رضي الله عنه) فهو خارجي سواء في زمن الصحابة أو بعدهم؟ وقال أبو بكر بن العربي الخوارج صنفان: أحدهما: يزعم أن عثمان وعلياً وأصحاب الجمل وصفين وكل من رضي بالتحكيم كفار. والصنف الآخر يزعم أن كل من أتى كبيرة فهو كافر مخلد في النار أبداً، ولهم مقالات خاصة مثل تكفير العبد بالكبيرة، وجواز كون الإِمام من غير قريش. . . قال في "إرشاد الساري" 10/ 87: وذهب أكثر أهل الأصول من أهل السنة إلى أن الخوارج فساق، وأن حكم الإِسلام يجري عليهم لتلفظهم بالشهادتين، ومواظبتهم على أركان الإِسلام، انما فسقوا بتكفيرهم المسلمين مستندين إلى تأويل فاسد، وجرهم ذلك إلى استباحة دماء مخالفيهم وأموالهم، والشهادة عليهم بالكفر والشرك. وقال القاضي عياض: كادت هذه المسألة أن تكون أشد إشكالاً عند المتكلمين من غيرها حتى سأل الفقيه عبد الحق الإِمام أبا المعالي عنها، فاعتذر بأن إدخال كافر في الملة، إخراج مسلم منها عطية في الدين، قال: وقد توقف قبله القاضي أبو بكر الباقلاني، وقال: لم يصرح القوم بالكفر، انما قالوا أقوالاً تؤدي إلى الكفر. وقال الغزالي في كتاب "التفرقة بين الإيمان والزندقة": الذي ينبغي الاحتراز عن التكفير ما وَجَدَ إليه سبيلاً، فإن استباحة دماء المسلمين المصلين المقرين بالتوحيد خطأ، والخطأ فى ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ فى سفك دم مسلم واحد. ونقل الحافظ ابن حجر في "الفتح" 12/ 385 - 386 عن الإِمام الغزالي في كتابه "الوسيط" في حكم الخوارج وجهان: أحدهما: أنه كحكم أهل الردة، والثاني: أنه حكم أهل البغي، ورجح الرافعي الأول. قال الحافظ: وليس الذي قاله مضطرداً فى كل خارجي، فإنهم على قسمين: أحدهما من تقدم ذكره، والثاني: من خرج في طلب الملك لا الدعاء إلى معتقده، وهم على قسمين أيضاً: قسم خرجوا غضباً للدين، من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية فهؤلاء أهل حق ومنهم الحسن بن علي وأهل المدينة في الحرة والقراء الذين خرجوا على الحجاج، وقسم خرجوا لطلب الملك فقط سواء كان فيهم شبهة أم لا وهم البغاة.

الذين يقتلونَهم على لسان محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، قال: قلت: أنتَ سَمعْتَ هذا منه؟ قال: قال: إي ورَبِّ الكعبة (¬1). 4764 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا سفيان، عن أبيه، عن ابن أبي نُعْمٍ عن أبي سعيدِ الخُدريّ، قال: بَعَثَ عليٌّ إلى النبِّي -صلى الله عليه وسلم- بذُهيْبةٍ في تُربَتها، فقسمها بين أربعة: بين الأقرع بن حابسٍ الحنظلى ثم ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، وعبيدة: هو ابن عمرو السلماني. وأخرجه مسلم (1066) عن محمَّد بن أبي بكر المقدسي، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1066)، وابن ماجه (167) من طريق إسماعيل ابن علية، عن أيوب، به. وأخرجه مسلم (1066)، والنسائي في "الكبرى" (8519) من طريق عبد الله بن عون، والنسائي (8520) من طريق عوف، كلاهما عن محمَّد بن سيرين، به. وهو في "مسند أحمد" (626)، و "صحيح ابن حبان" (6938). وانظر حديث علي الآتي (4767) و (4768). قوله: "مُخدج اليد"، قال السندي على "حاشية المسند": بخاء معجمة ثم دال مهملة ثم جيم: اسم مفعول من أخدج، أي: ناقص اليد، أي: قصيرها. وكذا "مودن اليد" بالدال المهملة لفظا ومعنى. و"مثدون": كمفعول، بثاء مثلثة ودال مهملة، أي: صغير اليد مجتمعها، والمثدون: الناقص الخلق. وقوله: "لولا أن تبطروا" كتفرحوا لفظاً ومعنى، والمراد: لولا خشيةُ أن تفرحوا فرحاً يؤدي إلى ترك الأعمال وكثرة الطغيان ... والنهروان: كورة واسعة بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي حدها الأعلى متصل ببغداد، وكان بها وقعة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع الخوارج مشهورة.

المجاشعيِّ، وبين عُيينة بن بدرٍ الفَزَارىِّ، وبينَ زيد الخيل الطائيِّ، ثم أحد بني نبهانَ، وبين علقمةَ بن عُلاثةَ العامرىِّ، ثم أحد بني كلاب، قال: فغضِبَتْ قريشٌ والأنصارُ، وقالت: يُعطي صَناديدَ أهلِ نجدٍ، ويَدَعُنا، فقال: "إنما أتألَّفهم" قال: فاقبلَ رجلٌ غائرُ العينين، مشرفُ الوجنَتين ناتئ الجبين، كثُّ اللحية محلوق، قال: اتق الله يا محمَّد، فقال: "مَنْ يطيعُ الله إذا عصيتُه، أيامنني الله على أهلِ الأرضِ ولا تأمنوني؟! " قال: فسألَ رَجلٌ قَتْله أحسبه خالدَ بن الوليد، قال: فمنعه، قال: فلما وَلَّى، قال:" إنّ مِن ضِئضِئ هذا- أو في عَقِبِ هذا- قوماً يقرؤون القرآنَ لا يُجاوزُ حَناجِرَهم، يَمرُقُون من الإِسلام مُروقَ السَّهم من الرَّميّة، يقتلون أهلَ الإِسلام، ويدَعُونَ أهلَ الأوثانِ، لئئن أنا أدركتُهم لأقتُلنَهم قَتلَ عاد" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد بن مسروق الثوري، وابن أبي نعم: هو عبد الرحمن. وعلقه البخاري (3344) وقال، قال ابن كثير (وهو محمَّد شيخ أبي داود) عن سفيان، بهذا الإسناد، ووصله عنه في تفسير سورة براءة برقم (4667) ولم يسقه بتمامه. وأخرجه البخاري (7432)، والنسائي في "الكبرى" (3550) من طريق عبد الرزاق، والبخاري (7432) عن قبيصة، كلاهما عن سفيان الثوري، به. وأخرجه مسلم (1064) (143)، والنسائي في "الكبرى" (2370) و (11157) من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم، عن سعيد بن مسروق والد سفيان، به. وأخرجه البخاري (4351)، ومسلم (1064) من طريق عمارة بن القعقاع، عن عبد الرحمن بن أبي نعم، به. وهو في "مسند أحمد" (11008)، و"صحيح ابن حبان" (25). =

4765 - حدَّثنا نصرُ بن عاصم الأنطاكيُّ، حدَّثنا الوليدُ ومبشِّرُ بنُ إسماعيل الحلبيُّ، عن أبي عمرو -قال يعني الوليد: حدَّثنا أبو عمرو- حدَّثني قتادة عن أبي سعيدِ الخدريِّ وأنس بن مالكِ، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "سيكونُ في أمَّتي اختلافٌ وفُرقة، قومٌ يُحسنون القِيلَ ويُسيئون الفعلَ، يقرؤون القرآنَ، لا يُجاوزُ تراقيَهُم، يَمرُقون من الدّينِ مُروقَ الَّسَّهْم من الرَّميَّة، لا يَرجِعونَ حتى يَرتدَّ على فُوقِه، هم شرُّ الخلْق والخليقة، طُوبى لمن قَتَلَهُمْ وقتلوه، يَدْعُون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء، مَن قاتَلَهم كانَ أولى بالله منهم " قالوا: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ما سيماهُم؟ قال: "التحليق" (¬1). ¬

_ = قوله: زيد الخيل: وسماه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زيد الخير، وهو زيد بن مهلهل، قَدِمَ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وفد طيّئ سنة تسع فأسلم. والصناديد: واحده صنديد، وهو السيد الشجاع، وكل عظيم غالب صنديد. وقوله: "من ضِئضى هذا"، قال ابن الأثير في "النهاية": الضِئضئ: الأصل. يقال: ضِئضِى صِدق، وضُؤضُو صِدق. وحكى بعضهم ضِئضيءٌ، بوزن قِنديل، يريد أنه يخرج من نَسلِه وعَقِبه. ورواه بعضهم بالضاد المهملة. وهو بمعناه. وقال الخطابي: الضئضى: الأصل يريد أنه يخرج من نسله الذي هو أصلهم، أو يخرج من أصحابه وأتباعه الذين يقتدون به، ويبنون رأيهم ومذهبهم على أصل قوله. والمروق: الخروج من الشيء والنفوذ إلى الطرف الأقصى منه. والرمية: هي الطريدة التي يرميها الرامي. (¬1) إسناده عن أنس صحيح، بإسناده عن قتادة فيه انقطاع، فإنه لم يسمع من أبي سعيد الخدري، انما سمع هذا الحديث عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد، أخرجه الحاكم في "مستدركه" 2/ 148. الوليد: هو ابن مسلم، وأبو عمرو: هو عبد الرحمن ابن عمرو الأوزاعي. وأخرجه أبو يعلى (3117) في "مسنده" عن أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن مبشر بن إسماعيل وحده، بهذا الإسناد. =

4766 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن قتادة عن أنس بن مالكِ أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، نحوه، قال: "سيماهُمُ التَّحليقُ والتَّسبيدُ، فإذا رأيتموهُم فأنيموهم" (¬1). ¬

_ = وأخرجه أحمد في "مسنده" (13338)، والبيهقي في "السنن" 8/ 171 من طريق أبي المغيرة، والبيهقي 8/ 171 من طريق الولبد بن مزيد، والحاكم في "المستدرك" 2/ 148 من طريق بشر بن بكر، ثلاثتهم عن الأوزاعي، به. وأخرجه أبو يعلى (2963) عن سويد بن سعيد، عن الوليد بن مسلم، به. ولم يذكر فيه أبا سعيد الخدري. وأخرجه كذلك الحاكم في "المستدرك" 2/ 147 - 148، والبيهقي في "الدلائل" 6/ 430 من طريق محمَّد بن كثير المصيصي، والآجري في "الشريعة" ص 25 من طريق يزيد بن يوسف، كلاهما عن الأوزاعي، به. وأخرجه مختصراً أبو يعلى (3908) من طريق مبارك بن سحيم، عن عبد العزيز ابن صهيب، عن أنس. ومبارك متروك. وانظر حديث أبي سعيد السالف قبله. وحديث أنس الآتي بعده. وقوله: "سيماهم", قال النووي في "شرح مسلم" 7/ 148: السيما: العلامة وفيها ثلاث لغات: القصر وهو الأفصح، وبه جاء القرآن، والمد، والثالثة السيمياء بزيادة ياء مع المد لا غير. والمراد بالتحليق: حلق الرؤوس، واستدل به بعض الناس على كراهة حلق الرأس ولا دلالة فيه، وإنما هو علامة لهم، والعلامة قد تكون بحرام وقد تكون بمباح كما قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: "آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة" ومعلوم أن هذا ليس بحرام وقد ثبت في "سنن أبي داود" بإسناد على شرط البخاري ومسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى صبيا قد حلق بعض رأسه، فقال: "احلقوه كله أو اتركوه كله" وهذا صريح في إباحة حلق الرأس لا يحتمل تأويلاً. قال أصحابنا: حلق الرأس جائز بكل حال لكن إن شق عليه تعهده بالدهن والتسريح استحب حلقه، وإن لم يشق استحب تركه. (¬1) إسناده صحيح.

قال أبو داود: التَسبيدُ: استئصال الشَّعر (¬1). 4767 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرِ، أخبرنا سفيانُ، حدَّثنا الأعمشُ، عن خيثمةَ، عن سويد بن غَفَلَة قال: قال عليٌّ: إذا، حدَّثتكم، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حديثاً فلأَنْ أخِرَّ من السما، أحبُ إلىَّ من أن أكذِبَ عليه، وإذا حدَّثتكم فيما بيني وبينكم فإنما الحربُ خَدْعَةٌ، سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول:" يأتي في آخِرِ الزمان قوم حُدَثاءُ الأسنانِ، سُفَهاء الأحلامِ، يقولون مِن خيرِ قولِ البريَّة، يَمرُقونَ من الإِسلامِ كما يَمرُقُ السَّهمُ مِن الرَّميه، لا يجاوز إيمانُهُم حَناجِرَهم، فاينما لقيتُموهُم فاقتلُوهم، فإنّ قتلَهُم أجز لمن قَتلَهم يومَ القيامة (¬2). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (175) عن الحسن بن علي، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (13036). وانظر ما قبله. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (1) و (ب) و (هـ)، وهي في رواية ابن الأعرابي وابن العبد، و"التسبيد"، قال ابن الأثير في "النهاية": هو الحلق واستئصال الشعَر، كما فسره أبو داود بإثر الحديث. وقيل: هو ترك التَّدَهن وغسل الرَّأس. وتفسيره بهذا أولى هنا، ليكون مغايراً للتحليق المعطوف عليه. قال الشيخ محيي الدين عبد الحميد: وعلى كل حال فهذه العبارة كناية عن كون هؤلاء القوم يبالغون في الإخشيشان والتقشف وعدم المبالاة بظواهرهم زعماً منهم أن هذا داخل في باب الزهد والتقوى. قوله: "فأنيموهم"، أى: اقتلوهم. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، والأعمش: هو سيمان بن مهران، وخيثمة: هو ابن عبد الرحمن بن أبي سبرة. =

4768 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، عن عبد المَلك بن أبي سُليمان، عن سَلَمَة بن كُهَيل أخبرني زيدُ بن وهب الجهنيُّ، أنه كان في الجيش الذين كانوا مع على، الذين ساروا إلى الخوارج، فقال على: أيُّها الناسُ: إني سَمِعت رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول:"يخرُجُ قومٌ من أمَّتي يقرؤون القرآن، ليست قراءتُكم إلى قراءتهم شيئاً، ولا صلاتُكم إلى صلاتهم شيئاً، ولا صيامُكم إلى صيامهم شيئاً، يقرؤون القرآنَ يحسَبُون أنه لهم وهو عليهم، لا تُجاوزُ صلاتُهم تراقيَهم، يَمرُقونَ من الإِسلام كما يَمرُقُ السَّهمُ من الرَّميّة، لو يعلَم الجيشُ الذين يُصيبونَهم ما قُضِيَ لهم على لسانِ نبيِّهم - صلى الله عليه وسلم - لنَكَلوا عن العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلاً له عَضُد وليست له ذراعٌ، على عَضُدِه مثلُ حَلَمةِ الثدي، عليه شعَرَات بيض"، أفتذهبون إلى معاوية وأهل الشام، وتَتْركون هؤلاء يخلُفُونكم في ¬

_ = وأخرجه البخاري (3611) و (5057) عن محمَّد بن كثير، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1066)، والنسائي في "الكبرى" (3551) من طريق عبد الرحمن ابن مهدي، ومسلم (1066) من طريق عيسى بن يونس، كلاهما عن سفيان الثوري، به. وأخرجه البخاري (6930)، ومسلم (1066) (154)، والنسائي في "الكبرى" (8510) من طرق عن الأعمش، به. وأخرجه بنحوه النسائي (8511) من طريق أبي إسحاق، و (8512) من طريق أبي قيس الأودي، كلاهما عن سويد بن غفلة، به. وهو في "مسند أحمد" (616)، و"صحيح ابن حبان" (6739). وانظر ما بعده. وقوله: "حدثاء الأسنان"، قال السندي في "حاشيته على المسند"، أي: صغار الأسنان (وهو كناية عن الشباب وأول العمر) فإن حداثة السنّ محل للفساد عادة. وقوله: "سفهاء الأحلام"، أي: ضعاف العقول.

ذَراريِّكم وأموالكم؟ والله إني لأرجُو أنْ يكونوا هؤلاء القومَ، فإنّهم قد سَفَكُوا الدَّمَ الحرامَ، وأغاروا في سَرْح النّاس، فسيروا على اسم الله، قال سلمةُ بن كُهَيل: فنزَّلَني زيدُ بنُ وهبِ منزلاً منزلاً، حتى مَرَّ بنا على قنطرةٍ، قال: فلما التَقَيْنا وعلى الخوارج يومئذٍ عبد الله ابن وهْب الرَّاسبىُّ، فقال لهم: ألقُوا الرماحَ وسُلُّوا السُّيوفَ من جُفونها، فإني أخاف أن يُناشِدُوكم كما نَاشَدُوكم يومَ حَرُوراء، قال: فوحَّشُوا برماحهم، واستلُّوا السُّيوفَ، وشَجَرَهم الناسُ برماحِهِم، قال: وقَتَلُوا بعضَهُم على بعضِهم، قال: وما أُصيبَ من الناسِ يومئذٍ إلا رجلان، فقال عليٍّ: التمِسُوا فيهم المُخْدَجَ، فلم يَجِدُوا، فقام عليٌّ بنفسه، حتى أتى ناساً قد قُتِل بعضُهُم على بعض، فقال: أخرجُوهُم، فوجدوه مما يلي الأرض، فكَبَّر، وقال: صَدَقَ الله، وبلَّغ رسولُه، فقام إليه عَبيدةُ السَّلمانىُّ، فقال: يا أميرَ المؤمنين، آللهِ الذي لا اله إلا هو لقد سَمِعتَ هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: إيْ، والله الذي لا إله إلا هو، حتى استحلَفَه ثلاثاً، وهو يَحلِف (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (1066) عن عبد بن حميد، والنسائي في "الكبرى" (8518) عن العباس بن عبد العظيم، كلاهما عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وأخرجه مختصراً وبنحوه النسائي في "الكبرى" (8517) من طريق موسى بن قيس، عن سلمة بن كهيل، به. وأخرجه مختصراً النسائي في "الكبرى" (8516) من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، به. وهو في "مسند أحمد" (706). =

4769 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن جميل بن مرة، حدَّثنا أبو الوضيء، قال: قال عليٌّ: اطلُبُوا المُخدَجَ، فذكرَ الحديث، فاستخرجوه من تحتِ القتلى في طينٍ، قال أبو الوضيء: فكأني أنظُرُ إليه حَبَشِىٌّ عليه قُرَيطِقٌ له، إحدى يَدَيه مثل ثَدي المرأة، عليها شُعَيراتٌ مثلُ شُعيراتِ التي تكون على ذَنَبِ اليَرْبُوع (¬1) َ. ¬

_ = وأخرجه بنحوه مسلم (1066)، والنسائي في "الكبرى" (8559) من طريق بسر ابن سعيد، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي. وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (6939). وأخرجه النسائي (8513) من طريق إبراهيم بن عبد الأعلى، عن طارق بن زياد، عن علي. وهو بنحوه. وهو في "مسند أحمد" (848). وأخرجه بنحوه النسائي (8515) من طريق عاصم بن كليب، عن أبيه كليب، عن علي. وهو في "مسند أحمد" (1378) و (1379). وانظر حديث علي السالف أيضاً (4763) من طريق عَبيدة السلماني عنه. وانظر ما بعده. وقوله: " فوحَّشُوا"، قال الخطابي في" معالم السنن" 4/ 335: فوحشوا برماحهم معناه: رَموْا بها على بُعدٍ، يقال للإنسان إذاكان في يده شيءٌ , فرمى به على بعد قد وحش به، ومنه قول الشاعر: إن أنتم لم تطلبوا بأخيكم ... فضعوا السلاحَ ووحُشُوا بالأبرَق وقوله:"وشجرهم الناس برماحهم"، يريد: أنهم دافعوهم بالرماح وكفوهم عن أنفسهم بها، يقال: شجرت الدابة بلجامها، إذا كلففتها به، وقد يكون أيضاً معناه: أنهم شبكوهم بالرماح، فقتلوهم من الاشتجار، وهو الاختلاط والاشتباك. (¬1) إسناده صحيح. أبو الوضيء: هو عباد بن نُسيب. وأخرجه الطيالسي (169) عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. =

4770 - حدَّثنا بِشرُ بن خالدٍ، حدَّثنا شَبابةُ بن سَوَّار، عن نُعَيم بن حكيم عن أبي مريم، قال: إن كانَ ذلك المُخْدَجُ لمعنا يومئذٍ في المسجد، نُجالِسُه باللَّيل والنَّهار، وكان فقيراً، ورأيتُه مع المساكين يشهدُ طعامَ علىّ مع الناس، وقد كلسوتُهُ بُرنُساً لي (¬1). قال أبو مريم: وكان المُخْدَجُ يُسمَّى نافعاً ذا الثُّديَّة، وكان في يده مثل ثَدْي المرأة، على رأسِه حَلَمة مثلُ حلمةِ الثَّدْي، عليه شُعيراتٌ مثلُ سِبالةِ السِّنُّور. قال أبو داود: هو عند الناس اسمه حُرْقُوص (¬2). ¬

_ = وأخرجه أحمد في "مسنده" (1179) و (1188)، وأبو يعلى (480) و (555) من طرق عن حماد بن زيد، به. وأخرجه أحمد في "مسنده" (1189) و (1197)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 531 - 533 من طريق يزيد بن أبي صالح، عن أبي الوضيء، به. ورواية الحاكم مطولة. وانظر ما قبله، وما بعده. وقوله: عليه قُريطق، قال ابن الأثير في "النهاية": هو تصغير قُرْطَق، أي: قَبَاء، وهو تعريب: كُرْتَه، وقد تُضَم طاؤه. وإبدال القاف من الهاء في الأسماء المُعَرَّبة كثير، كالبَرَق، والباشَق، والمُنشُق. واليربوع: هو حيوان صغير على هيئة الجُرذ الصغير, وله ذنب طويل ينتهي بخصلة من الشعر، وهو قصير اليدين طويل الرجلين، لونه كلون الغزال. (¬1) قول أبي مريم -وهو الثقفي، واسمه: قيس- إسناده حسن. ونعيم بن حكيم: صدوق حسن الحديث. وباقى رجاله ثقات. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتاها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي.

32 - باب في قتال اللصوص

32 - باب في قتال اللُّصوص 4771 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، حدَّثني عبد الله بن حسنٍ، حدَّثني عمي إبراهيمُ بن محمَّد بن طلحة عن عبدِ الله بن عمرو، عن النبيِّ-صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ أريد مالُهُ بغيرِ حَق، فقاتلَ، فقُتِلَ فهو شَهيدٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3537) عن عمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1479) من طريق محمَّد بن عبد الوهاب، و (1480) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن سفيان الثورى، به. وأخرجه الترمذي (1478) من طريق عبد العزيز بن المطلب، عن عبد الله بن الحسن، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3538) من طريق معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن الحسن، عن محمَّد بن إبراهيم بن طلحة، عن عبد الله بن عمرو، به. قال النسائي: هذا خطأ، والصواب الذي قبله. (يعني الصواب: عبد الله ابن الحسن، عن إبراهيم بن محمَّد بن طلحة كما هو في إسناد أبي داود). وأخرجه البخاري (2480)، والنسائي في "الكبرى" (3535) من طريق أبي الأسود محمَّد بن عبد الرحمن، والنسائي (3536) من طريق عبد الله بن الحسن كلاهما عن عكرمة، والنسائي (3533) من طريق عمرو بن دينار، و (3534) من طريق عبد الله بن صفوان (ثلاثتهم عكرمة وعمرو وعبد الله بن صفوان) عن عبد الله بن عمرو بن العاص، به. وأخرجه مسلم (141) من طريق ابن جريج، قال: أخبرني سليمان الأحول أن ثابتاً مولى عمر بن عبد الرحمن أخبره أنه لما كان بين عبد الله بن عمرو وبين عنبسة بن أبي سفيان ما كان، تيسروا للقتال، فركب خالد بن العاص إلى عبد الله بن عمرو، فوعظه خالد، فقال عبد الله بن عمرو أما علمت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال ... فذكره. وهو في "مسند أحمد" (6522) و (6816).

4772 - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا أبو داودَ الطَّيالسيُّ وسليمانُ بنُ داودَ -يعني أبا أيوبَ الهاشمي- عن إبراهيمَ بن سعدِ، عن أبيه، عن أبي عُبيدةَ ابن محمَّد بن عمار بن ياسر، عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن زيدٍ، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ. قُتِلَ دونَ ماله فهو شهيد، ومَنْ قُتِلَ دون أهلِه أو دون دَمِه أو دون دِينِه فهو شهيدٌ" (¬1). آخر كتاب السنة ¬

_ قال الإِمام الخطابي: قد ندب الله سبحانه في غير آية من كتابه إلى التعرض للشهادة، وإذا سمى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهيداً، فقد دلَّ ذلك على أن من دافع عن ماله أو عن أهله، أو عن دينه -إذا أريد على شيء منها- فأتى القتل عليه، كان مأجوراً فيه، نائلاً به منازل الشهداء. وقد كره ذلك قوم، زعموا أن الواجب عليه أن يستسلم، ولا يقاتل عن نفسه، وذهبوا في ذلك إلى أحاديث رُويت في ترك القتال في الفتن، وفي الخروج على الأئمة. وليس هذا من ذاك في شيء، إنما جاء هذا في قتال اللصوص وقطاع الطرق وأهل البغي، والساعين في الأرض بالفساد، ومن دخل في معناهم من أهل العبث والإفساد. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (3544) عن محمَّد بن رافع ومحمد بن إسماعيل، كلاهما عن سليمان بن داود وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (1481) من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، والنسائي (3543) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن إبراهيم بن سعد، به. وأخرجه مختصراً ابن ماجه (2580)، والنسائي في "الكبرى" (3539) من طريق سفيان، والنسائي (3540) من طريق محمَّد بن إسحاق، كلاهما عن الزهري، عن طلحة، به. وهو في "مسند أحمد" (1628) و (1652)، و"صحيح ابن حبان" (3194). وأخرجه الترمذي (1477) من طريق معمر، عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن عمرو بن سهل، عن سعيد بن زيد. مختصراً. فزاد في الإسناد بين =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = طلحة وسعيد بن زيد عبد الرحمن بن عمرو، قال الحافظ في "فتح الباري " 5/ 104: ويمكن الجمع بين الروايتين بأن يكون طلحة سمع هذا الحديث من سعيد بن زيد، وثبته فيه عبد الرحمن بن عمرو بن سهل، فلذلك كان ربما أدخله في السند. والله أعلم. وهو عند ابن حبان في صحيحها (3195) بالزيادة نفسها في السند. قال أبو حاتم: روى هذا الخبر أصحابُ الزهري الثقات المتقنون، فاتفقوا كلهم على روايتهم هذا الخبر عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، عن سعيد بن زيد خلا معمر وحده، فإنه أدخل بين طلحة بن عبد الله، وبين سعيد بن زيد عبد الرحمن بن سهل، وأخاف أن يكون ذلك وهماً. وقد قال معمر في هذا الخبر (يعني رواية ابن حبان هذه): بلغني عن الزهري، فيُشبه أن يكون سمعه من بعض أصحابه عن الزهري، فالقلبُ إلى رواية أولئك أميل. قلنا: وأخرجه أحمد في "المسند" (1642) من طريق محمَّد بن إسحاق، عن الزهري، عن طلحة بن عبد الله بن عوف، قال: أتتني أروى بنت أويس في نفر من قريش، فيهم عبد الرحمين بن عمرو بن سهل، فقالت ... وساقت حديثاً وفي آخره: "ومن قتل دون ماله فهو شهيد". وإسناده حسن. محمَّد بن إسحاق روى له أصحاب السنن" وعلق له البخاري، وروى له مسلم متابعة، وهو صدوق حسن الحديث، وقد صرَّح بالتحديث عند أبي يعلى (950) فانتفت شبهة تدليسه، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. * * *

أول كتاب الأدب

أول كتاب الأدب 1 - باب في الحلم وأخلاق النبي-صلى الله عليه وسلم- 4773 - حدَّثنا مخلدُ بنُ خالدٍ الشَّعيري، حدَّثنا عُمرُ بنُ يونسَ، حدَّثنا عِكرِمَة -يعني ابنَ عمار-، حدَّثني إسحاقُ -يعني ابنَ عبدِ الله بنِ أبي طلحةَ- قال: قال أنسٌ: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مِنْ أحسنِ الناسِ خُلُقاً، فأرسلَني يوماً لِحاجَةٍ، فقلتُ: واللهِ لا أذهَبُ -وفي نفسي أن أذهَبَ لما أمَرَني به نبيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -- فقال: فخرجتُ، حتى أمُرَّ على صبيانٍ، وهم يلعبونَ في السُّوق، فإذا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قابض بقفايَ من ورائي، فنظرتُ. إليه وهو يضحكُ، فقال: " يا أنيسُ، اذهب حيثُ أمرتُك" قلتُ: نعم، أنا أذهب يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -ِ، قال أنس: والله لقد خدمتُه سبعَ سِنين، أو تسعَ سنين، ما علمتُ قال لشيءٍ صنعتُ: لِمَ فعلتَ كذا وكذا, ولا لشيءٍ تركتُ: هلاً فعلتَ كذا وكذا (¬1). 4774 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مَسْلَمةَ، حدَّثنا سليمانُ -يعني ابنَ المُغيرةِ- عن ثابتٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2309) عن أبي معن الرقاشي زيد بن يزيد، عن عمر بن يونس، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2768) و (6911)، ومسلم (2309) و (52) و (53) و (55) من طرق عن أنس، به وجاءت روايتهم بنحو حديثنا، وفي بعضها اختصار وزيادة. وهو في "مسند أحمد" (11974) و (13021)، و "صحيح ابن حبان" (2893). وانظر ما بعده.

عن أنسٍ، قال: خدمتُ النبي-صلى الله عليه وسلم- عشرَ سِنين بالمدينةِ، وأنا غلام ليس كل أمري كما يشتهي صَاحِبي أن أكونَ عليه، ما قال لي فيها أفٍّ قطٌّ، وما قال لي: لِمَ فعلتَ هذا؟ ألاَّ فعلتَ هذا (¬1). 4775 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ الله، حدَّثنا أبو عامرٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ هِلال، سَمعَ أباه يُحدثُ، قال: قال أبو هريرة وهو يُحدًثنا: كان النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يجلِسُ معنا في المجلِسِ يُحدّثنا، فإذا قامَ قُمنا قياماً حتى نراه قد دخلَ بعضَ بيوتِ أزواجِه، فحدَّثنا يوماً، فقُمنا حينَ قامَ، فنظرنا إلى أعرابي قد أدرَكُه فَجَبَذَهُ بردائِه، فحمَّر رقبَتَه، قال أبو هريرة: وكان رداء النبي -صلى الله عليه وسلم- خشناً، فالتفتَ، فقال له الأعرابي: احمِل لي على بعيرىَّ هذين، فإنَك لا تحمِلُ لي مِنْ مالِكَ ولا مِن مالِ أبيكَ، فقال النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا، وأستغفِرُ الله، لا، وأستغفِرُ الله، لا، وأستغفِرُ الله، لا أحمِلُ لك حتى تُقِيدني مِنْ جَبْذَتِك التي جَبَذْتَني"، فكل ذلك يقولُ له الأعرابيُّ: واللهِ لا أقيِدُكَها، فذكر الحديثَ، قال: ثم دعا رجلاً، فقال له: "احمِل لهُ على بعيريه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه بنحوه البخاري (6038) من طريق سلام بن مسكين، ومسلم (2309) من طريق حماد بن زيد، والترمذي -وفيه زيادة- (2134) من طريق جعفر بن سليمان، ثلاثتهم، عن ثابت، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (13021) و (13534)، و"صحيح ابن حبان" (2893) و (2894). وانظر ما قبله.

2 - باب في الوقار

هذين: على بعيرٍ شَعيراً، وعلى الآخر تمراً"، ثم التفت إلينا، فقال: "انصرِفُوا على بركةِ الله عز وجل" (¬1). 2 - باب في الوَقَار 4776 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زهير، حدَّثنا قابوسُ بنُ أبي ظبيانَ، أن أباه حدثه حدَّثنا عبدُ الله بنُ عباس، أن نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الهَدْيَ الصَّالحَ، والسَّمْتَ الصَّالحَ، والاقتصادَ، جُزءُ مِنْ خمْسةٍ وعشرين جُزءاً مَن النُبوَّةِ" (¬2). ¬

_ (¬1) هلال والد محمَّد -وهو هلال بن أبي هلال المدني- روى عن أبي هريرة وأبيه أبي هلال المدني وميمونة بنت سعد خادم النبي-صلى الله عليه وسلم-، وروى عنه ابنه محمَّد بن هلال المدني وخالد بن سعيد بن أبي مريم وذكره ابن حبان في الثقات وباقي رجاله ثقات. أبو عامر: هو مالك بن عمرو. ولقصة الأعرابي شاهد صحيح من حديث أنس عند أحمد (12548)، والبخاري (3149)، ومسلم (1057) ولفظه عن أنس قال: كنت أمشي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة نظرتُ إلى صفحة عنق رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال: يا محمَّد مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فضحك، ثم أمر له بعطاء. وأخرجه أحمد في "مسنده" (7869) عن زيد بن الحباب، والنسائي في "الكبرى" (6952) من طريق عبد الله بن مسلمة، كلاهما عن محمَّد بن هلال، بهذا الإسناد. وقوله: فذكر الحديث: تمامه عند النسائي في روايته: فلما سمعنا قول الأعرابي، أقبلنا إليه سراعا، فالتفت إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "عزَمْتُ على من سمع كلأمي أن لا يبرَحَ مقامه حتى آذن له". وقوله: " فجبذه بردائه"، قال ابن الأثير في "النهاية"، الجبْذُ: لغة في الجذْبِ، وقيل: هو مقلوب. (¬2) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف، قابوس بن أبي ظبيان ليِّن، وباقي رجاله ثقات. زهير: هو ابن معاوية. والنفيلي: هو عبد الله بن محمَّد بن نفيل. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وعند البيهقي في "الآداب" (174) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (2698) عن الحسن، والبخاري في "الأدب المفرد" (468)، وبإثر (791)، والطبرآني في "الكبير" (12608)، والبيهقي في "السنن" 10/ 194، وفي "الشعب" (6555) و (8010) من طريق أحمد بن يونس، كلاهما (الحسن وأحمد بن يونس) عن زهير بن معاوية، به. وأخرجه البخاري في "الأدب" (791) من طريق عبيدة بن حميد، والطبراني (12609)، والبيهقي في الشعب، (8420) من طريق سفيان الثوري، وأبو نعيم في "الحلية" 7/ 263 من طريق مسعر، ثلاثتهم عن قابوس، به. وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (306) من طريق سالم بن أبي الجعد، عن غريب، عن ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "التؤدة والاقتصاد والتثبتُ والصمتُ جُزءٌ من ستة وعشرين جزءاً من النبوة". وأورده مالك في "الموطأ" بلاغاً 2/ 954 - 955 عن ابن عباس أنه كان يقول: القصد والتؤدة وحسن السمت، جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة، فجعله موقوفاً على ابن عباس. وله شاهد بإسناد حسن من حديث عبد الله بن سرجس، أخرجه الترمذي في "سننه" (2128) بلفظ: "السمتُ الحسنُ والتُؤَدَةُ والاقتصادُ جزءُ من أربعةٍ وعشرين جُزءاً من النبوّة". وقال الخطابي في" معالم السنن" 4/ 106: هدي الرجل: حاله ومذهبه، وكذلك سمتُه. وأصل السمت: الطريق المنقاد. والاقتصاد: سلوك القصد في الأمر والدخول فيه برفق وعلى سبيل يمكن الدوامُ عليه كما روي أنه قال: "خير الأعمال أدومها وإن قل". يريد أن هذه الخلال من شمائل الأنبياء صلوات الله عليهم، ومن الخصال المعدودة من خصالهم، وأنها جزء من أجزاء فضائلهم، فاقتدوا بهم وتابعوهم عليها. وليس معنى الحديث أن النبوة تتجزأ ولا أن من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوة مكتسبة ولا مجتلبة بالاسباب، وإنما هي كرامة ملأ الله سبحانه وخصوصية لمن أراد إكرامه بها من عباده: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124] وقد انقطعت النبوة بموت النبي -صلى الله عليه وسلم-.=

3 - باب من كظم غيظا

3 - باب من كَظَمَ غيظاً 4777 - حدَّثنا أحمدُ بن عَمرو ابنُ السرْح، حدَّثنا ابنُ وهب، عن سعيدٍ -يعني ابنَ أبي أيوبَ- عن أبي مرحومِ، عن سهل بن مُعاذ عن أبيه أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -ِ قال: "من كظمَ غيظاً، وهو قادِرٌ على أن يُنفِذَهُ، دعاهُ الله عَزَّ وَجَلَّ على رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ، حتى يُخيِّره مِنْ أىِّ الحُورِ شَاءَ (¬1) " (¬2). ¬

_ = وفيه وجه آخر وهو أن يكون معنى النبوة هاهنا: ما جاءت به النبوة ودعت إليه الأنبياء صلوات الله عليهم. يريد أن هذه الخلال جزء من خمسة وعشرين جزءاً مما جاءت به النبوات ودعا إليه الأنبياء صلوات الله عليهم. وقد أمرنا باتباعهم في قوله عز وجل: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:90]. وقد يحتمل وجهاً آخر، وهو أن من اجتمعت له هذه الخلال لقيه الناس بالتعظيم والتوقير وألبسه الله لباس التقوى الذي يلبسه أنبياءه، فكأنها جزء من النبوة. والله أعلم. (¬1) المثبت من (هـ)، ونسخة على هامش (ج)، وهو الموافق لرواية البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 161، وفي "شعب الإيمان" (8303) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد، وهو الموافق أيضاً لما في مصادر التخريج، وفي (أ) و (ب):" من الحور ما شاء"، وفي (ج): "من الحور العين ما شاء". (¬2) إسناده حسن من أجل أبي مرحوم -واسمه عبد الرحيم بن ميمون- وسهل ابن معاذ بن أنس، وباقي رجاله ثقات. وابن السّرْح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله ابن عمرو بن السرح. وأخرجه ابن ماجه (4186) عن حرملة بن يحيى، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2140) و (2661) من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سيد بن أبي أيوب، به. وهو في "مسند أحمد" (15619) و (15637). وانظر الحديث الآتي بعد هذا. =

قال أبو داود: اسمُ أبي مرحُومٍ: عبد الرحيم بن ميمون (¬1). 4778 - حدَّثنا عُقبةُ بنُ مُكرَمٍ، حدَّثنا عبدُ الرحمن -يعني ابنَ مهدىَّ- عن بِشر -يعني ابنَ منصورٍ-، عن محمدِ بنِ عجلان، عن سُويد بن وهب، عن رجل من أبناء أصحابِ النبي-صلى الله عليه وسلم- عن أبيه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نحوه، قال: " ملأَه اللهُ أمناً وإيماناً" لم يذكر قِصةَ "دعاه الله"، زاد: "ومن تَرَك لُبس ثوبِ جَمَالٍ وهو يَقدِرُ عليه -قال بشر: أحسبهُ قال- تواضعاً، كساه اللهُ حُلَّةَ الكرامةِ، ومن زوَّجَ للهِ تعالى، تَؤَجَهُ الله تاجَ المُلكِ" (¬2). ¬

_ = وقوله: "من كظم غيظه"، قال السندي؛ أي: حبس نفسه عن إجراء مقتضاه. "وهو قادر على أن ينفذه"، قال السندي، أي: وهو قادر على أن يأتي بمقتضاه. وفيه أنه إنما يحمدُ القادر على إجراء مقتضاه، وغيره يكظم جبراً، لكن إن ترك الانتقام لميل طبعه إلى المسامحة والتحمل حتى لو قدر لترك أيضاً -لا لعدم القدرة- فهو ممن يرجى له ذلك. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من هامشي (أ) و (هـ). (¬2) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الرجل من أبناء الصحابة. وهو عند البيهقي في "الشعب" (8354) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه القضاعي في" مسند الشهاب" (437) من طريق عبد الرحمن بن محمَّد ابن منصور، عن عبد الرحمن بن مهدي، به. وللقسم الأول شاهد من حديث معاذ بن أنس وهو الحديث السالف برقم (4777). وسنده حسن. وللقسم الثاني شاهد عند أحمد (15631)، والترمذي (2648) من طريق سعيد ابن أبي أيوب، عن أبي مرحوم عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه معاذ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من ترك اللباس وهو يقدر عليه تواضعا لله تبارك وتعالى, دعاه الله تبارك وتعالى يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أيِّ حلل الإيمان شاء". وسنده حسن. وانظر تمام تخريجه في "المسند".

4779 - حدَّثنا أبو بكرِ بن أبي شيبةَ (¬1)، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ التيمىّ، عن الحارث بن سُويد عن عبدِ الله قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-ِ: "ما تعدُّون الصُّرَعَةَ فيكم؟ " قالوا: الذي لا يصرعُهُ الرجالُ، قال: "لا, ولكنه الذي يملِكُ نفسه عندَ الغضبِ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه بطوله أحمد في "مسنده" (15619) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ، عن أبيه معاذ، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من كظم غيظه ... ، إلى أن قال: " ومن ترك أن يلبس صالح الثياب، وهو يقدر عليه، تواضعاً له تبارك وتعالى، دعاه الله تبارك وتعالى على رؤوس الخلائق حتى يُخيِّره في حُلَلِ الإيمان أيتهن شاء". وهو حديث حسن في الشواهد والمتابعات. وانظر تمام تخريجه فيه. (¬1) جاء في (أ): عن عثمان بن أبي شيبة، والمثبت من سائر أصولنا الخطية، ومن "تحفة الأشراف" (9193). وقد جاء في "صحيح مسلم" رواية هذا الحديث عن أبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة كليهما، إلا أن أبا بكر قد رواه عن أبي معاوية، أما عثمان فرواه عن جرير، عن الأعمش، فبان بذلك أن الصواب هنا إنما هو أبو بكر لا عثمان. (¬2) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، والأعمش: هو سليمان ابن مهران، وإبراهيم التيمي: هو ابن يزيد. وأخرجه مسلم (2608) عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2608) عن أبي غريب، عن أبي معاوية، به. وأخرجه مسلم (2608) من طريق جرير، و (2658) من طريق عيسى بن يونس، كلاهما عن الأعمش، به. وعند مسلم في أوله زيادة. وهو في "مسند أحمد" (3626)، و"صحيح ابن جان" (2950) و (5691). =

4 - باب ما يقال عند الغضب

4 - باب ما يُقال عند الغَضَبِ (¬1) 4780 - حدَّثنا يوسفُ بنُ موسى، حدَّثنا جريرُ بنُ عبدِ الحميد، عن عبدِ الملكِ بنِ عُمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جَبَل، قال: استبَّ رجلانِ عندَ النبي-صلى الله عليه وسلم-، فغضبَ أحدُهما غَضَباً شديداً، حتى خُيِّلَ إليَّ أن أنفَهُ يتمزَّعُ مِن شدَّة غضبه، فقال النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعلَمُ كلمةً، لو قالها لذهبَ عنه ما يَجِدُ من الغَضَبِ"، فقال: ما هِيَ يا رسولَ الله؟ قال:" يقولُ: اللَّهُمَ إني أعوذُ بِكَ مِن الشَّيطان الرجيم"، قال: فجعل معاذٌ يأمرُه، فأبى ومَحِكَ وجعلَ يزدادُ غضباً (¬2). ¬

_ = وقوله:"الصُّرَعة"، قال ابن الأثير في "النهاية"، بضم الصاد وفتح الرَّاء: المبالغُ في الصِّرَاع الذي لا يُغلَب، فنقلَه إلى الذي يَغلِبُ نفسَه عند الغضب ويقهرُها، فإنه إذا مَلَكها كان قد قَهَرَ أقوى أعدائه وشر خُصومه، ولذلك قال: "أعدى عَدُوّ لك نفسك التي بين جنبيك". وهذا من الألفاظ التي نُقِلَت عن وضعِها اللغويّ, لضَرب من التَّوسُّع والمجاز، وهو من فصيح الكلام؛ لأنه لما كان الغضبان بحالة شديدة من الغيظ، وقد ثارت عليه شهوةُ الغضب، فقَهَرها بحِلْمِه، وصَرَعها بثَباته، كان كالصُّرعة الذي يصرع الرجالَ ولا يَصرعونه. (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (هـ). (¬2) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعاً بين عبد الرحمن ابن أبي ليلى ومعاذ بن جبل. وقد اخلف فيه على عبد الملك بن عمير، فرواه مرة من حديث معاذ بن جبل، ومرة من حديث أبي بن كعب كما سيأتي في التخريج. وأخرجه الترمذي (3754) و (3755)، والنسائي في "الكبرى" من كتاب عمل اليوم والليلة (10149) من طريق سفيان، والنسائي كذلك (10150) من طريق زائدة، كلاهما عن عبد الملك بن عمير، بهذا الإسناد. =

4781 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةُ، عن الأعمشِ، عن عدي بنِ ثابتٍ عن سليمان بنِ صُرَدٍ، قال: استبً رجُلانِ عندَ النبي-صلى الله عليه وسلم-، فجعلَ أحدُهما تحمَرُّ عينَاهُ، وتنتفخُ أَوْداجُه، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني لأعرفُ كلمةَ، لو قالها هذا لذهَب عنه الذي يجد: أعوذُ بالله مِن الشيطانِ الرًجيم"، فقال الرجلُ: هل تُرى بي من جُنون (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (22086). وأخرجه النسائي في "الكبرى" من كتاب عمل اليوم والليلة (10151) عن يوسف ابن عيسى، عن الفضل بن موسى، عن يزيد بن زياد، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب. فجعل أُبياً مكان معاذ. وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن زياد، وهو ابن أبي الجعد، فقد روى له البخاري في "خلق أفعال العباد" والنسائي وابن ماجه، وهو صدوق حسن الحديث، وقال المنذري: والحديث من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب متصل. ويشهد له حديث سليمان بن صرد الآتي بعده. وهو متفق عليه. وقوله: " أنفه يتمزّع"، قال ابن الأثير في "النهاية"، أي: يتقَطَّعُ ويتشقّق غضباً. وقوله:" فأبى ومَحِك"، قال في "اللسان"، المَحكُ: المُشارّة والمنازعة في الكلام. والمَحْك: التمادي في اللجاجَة عند المُساومة والغضب ونحو ذلك. والمُماحَكة: المُلاجَّة. وفيه أن الغضب في غير ذات الله من نزغ الشيطان، وأن من استعاذ من الشيطان كُفَيَهُ، وسكن غضبه. (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (100153) عن هناد بن السري، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3282)، ومسلم (2610)، والنسائي في "الكبرى" (10152) من طرق عن الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد" (27205)، و "صحيح ابن حبان" (5692).

4782 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بنِ حنبل، حدَّثنا أبو معاويةَ، حدَّثنا داودُ ابنُ أبي هِنْدٍ، عن أبي حرب بنِ أبي الأسودِ عن أبي ذرٍّ: أن رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - قال لنا: "إذا غضب أحدكُم وهو قائِمٌ فليجلِسْ، فإن ذهبَ عنه الغضَبُ، وإلا فلَيْضطَجِع" (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، لكن سقط من إسناده أحد رواته، وهو أبو الأسود، قال المزي في " تهذيب الكمال" 33/ 235 في ترجمة أبي حرب: وهو معدود من أوهام أبي داود، ونقله عنه الحافظ في "النكت الظراف" وأقره عليه. وقد أخرجه على العبادة أحمد في "مسنده" (21348) عن أبي معاوية، عن داود بن أبي هند، عن أبي حرب ابن أبي الأسود، عن أبي الأسود، عن أبي ذر. وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. ومع هذا فقد أعله الدارقطني في "العلل" 6/ 277: بالأرسال. وكذلك صحيح المصنف المرسل بإثر الحديث التالي. وهو عند البغوي في "شرح السنة" (3584) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه كذلك بإسقاط أبي الأسود هناد في "الزهد" (1309) عن أبي معاوية، وأبو يعلى في "مسنده" "الكبير"، كما في "إتحاف الخيرة" (7158)، وعنه ابن حبان (5688) عن سريج بن يونس، عن أبي معاوية، به. قلنا: وقد اختلف على داود بن أبي هند في إسناده، فأخرجه ابنُ أبي شيبة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" (7157) عن عبد الرحيم بن سليمان، عن داود بن أبي هند، عن بكر بن عبد الله المزني، عن أبي ذر، ورجاله ثقات رجال الصحيح. لكن بكراً المزني لم يسمع من أبي ذر كما قال أبو حاتم. وأورد المصنف بعد هذا طريق داود بن أبي هند، عن بكر المزني، أن النبي-صلى الله عليه وسلم- بعث أبا ذر، مرسلاً وسيأتي تخريجه. وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، أخرجه أحمد في "مسنده" (11143) ضمن حديث طويل، وسنده ضعيف. قال الخطابي: القائم متهيى للحركة والبطش والقاعد دونه في هذا المعنى والمضطجع ممنوع منهما، فيشبه أن يكون النبي-صلى الله عليه وسلم-إنما أمره بالقعود لئلا تبدر منه في حال قيامه وقعوده بادرة يندم عليها فيما بعد.

4783 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقية، عن خالدِ، عن داودَ عن بكرٍ: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث أبا ذرٍّ، بهذا الحديث (¬1). قال أبو داود: وهذا أصحُّ الحديثين (¬2). 4784 - حدَّثنا بكرُ بنُ خَلَفٍ والحسنُ بنُ علي -المعنى- قالا: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ خالدِ، حدَّثنا أبو وائلِ - قال أبو داود: يعني القاصَّ من أهل صنعاء، قال: هو -أُرَى- عبدُ الله بن بَحير، قال: دخلنا على عُروةَ بن محمَّد السعدىّ فكلمه رجُل فأغضبَه، فقام فتوضا، ثم رجَعَ وقد توضأ فقال: حدّثني أبي عن جَدِّي عطيةَ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" إن الغضبَ من الشَيطانِ، وإن الشيطان خُلِقَ مِن النار، وإنما تُطفاُ النارُ بالماء، فإذا غَضِبَ أحدُكُم فليتوضأ (¬3). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات رجال الصحيح، لكنه مرسل. وأخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (346) من طريق إسحاق بن عبد الواحد الموصلي، عن خالد بن عبد الله، عن داود بن أبي هند، عن بكر بن عبد الله المزني، عن عمران بن حصين مختصراً. فجعله من حديث عمران، وإسحاق بن عبد الواحد متكلم فيه. وانظر ما قبله. (¬2) قوله: أصح الحديثين: يعني المرسل. (¬3) إسناده ضعيف. أبو وائل القاص: هو الصنعاني المرادي، وذكر بعضهم أنه عبد الله بن بحير بن ريسان، وهو كذلك في" التهذيب"، والراجح أنهما اثنان، فقد فرق بينهما ابن حبان في "المجروحين" 2/ 24 - 25، والخطب في "تلخيص المتشابه، 1/ 193، وابن ناصر الدين في "توضيح المشتبه" 1/ 350 و 353. وأبو وائل هذا قيل في اسمه: عبد الله بن بحير أيضاً، وهو غير ابن ريسان، وذكره أبو أحمد الحاكم في كتابها "الكنى" فيمن عرف بكنيته ولا يوقف على اسمه. وهو ضعيف. وإبراهيم بن خالد: هو الصنعاني المؤذن، وهو ثقة، وعروة بن محمَّد: صدوق، وأبوه محمَّد مجهول، وقد انفرد بهذا الحديث.

5 - باب في العفو والتجاوز

5 - باب في العفوِ والتجاوز 4785 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهاب، عن عُروة ابنِ الزبيرِ عن عائشة، أنها قالت: ما خُيِّر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في أمرينِ إلا اختارَ أيسرَهُما، ما لم يكُن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعدَ الناسِ منه، وما انتقَمَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لِنفْسِه، إلا أن تُنتَهَك حُرْمَةُ اللهِ فينتَقِمَ لله بها (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1267) و (1431) عن الحسن بن علي الحلواني، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (17985)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 7/ 8، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (348)، وابن قانع في" معجم الصحابة" 2/ 307، وابن حبان في "المجروحين" 2/ 25، والطبراني في "الكبير" 17/ (443)، والبيهقي في "الشعب" (8291)، والبغوي في "شرح السنة" (3583)، والمزي في "تهذيب الكمال"20/ 34 - 35 و 35 من طرق عن إبراهيم بن خالد، به. ورواية ابن أبي عاصم الأولى: "الغضب جمرة من نار". ولقوله: "الغضب من الشيطان" شاهد بنحوه من حديث سليمان بن صرد، وهو في "الصحيحين"، وقد سلف عند المصنف (4781)، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/ 441، وعنه البيهقي في "شعب الإيمان" (8283)، وزاد فى آخره: فتلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف: 200]. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (6126) عن عبد الله بن مسلمة، بهذا الإسناد. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 902 - 903 ومن طريقه أخرجه البخاري (3560)، ومسلم (2327). وأخرجه البخاري (6786) و (6853)، ومسلم (2327)،والنسائي في "الكبرى" (9118) و (9119) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. =

4786 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُرَيع، حدَّثنا معمرٌ، عن الزُهرىّ، عن عُروة عن عائشةَ، قالت: ما ضربَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-ِ خادِماً، ولا امرأةً قط (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2327) و (2328) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه عروة، عن عائشة قالت: ما ضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً قط بيده، ولا امرأة، ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيل منه شيء قط، فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك شي من محارم الله، فينتقم لله عز وجل. وهذا لفظ مسلم الثاني. وانظر ما سيأتي بعده عند المصنف. وهو في "مسند أحمد" (24034) و (24830) و (24846)، و"صحيح ابن حبان" (488). قال الحافظ في الفتح، 6/ 576: وفي الحديث الحث على ترك الأخذ بالشيء لعسر، والاقتناع باليسر، وترك الإلحاح فيما لا يضطر إليه، ويؤخذ من ذلك الندب إلى الأخذ بالرخص ما لم يظهر الخطأ والحث على العفو إلا في حقوق الله تعالى، والندب إلى الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ومحل ذلك ما لم يمض إلى ما هو أشد منه، وفيه ترك الحكم للنفس وإن كان الحاكم متمكنا من ذلك بحيث يؤمن منه الحيف على المحكوم عليه، لكن لحسم المادة. (¬1) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد، ومعمر: هو ابن راشد. وعروة: هو ابن الزبير. وأخرجه بزيادة فيه النسائي في "الكبرى" (9118) من طريق محمَّد وموسى، و (9119) من طريق بكر بن وائل، ثلاثتهم عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2328)، وابن ماجه (1984)، والنسائي (9120) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه عروة، به. وعند مسلم والنسائي زيادة. وهو في "مسند أحمد" (24034) و (25715)، و "صحيح ابن حبان" (488) و (6444)

6 - باب في حسن العشرة

4787 - حدَّثنا يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الرحمن الطُّفاوىُّ، عن هشامِ بنِ عُروةَ، عن أبيهِ عن عبدِ الله، يعني ابن الزبير - في قوله: {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف: 199] قال: أُمِرَ نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذَ العفْوَ مِن أخلاقِ النَاسِ (¬1). 6 - باب في حُسن العِشرةِ 4788 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الحميد -يعني الحِمّانيَّ- حدَّثنا الأعمشُ، عن مُسلم، عن مَسروقِ عن عائشة، قالت: كان النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إذا بلغَه عن الرَّجُل الشَّيءُ لم يقُل: ما بالُ فلانٍ يقولُ؟ ولكن يقول: ما بَالُ أقوَامٍ يقولون كذا وكذا؟ (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عبد الرحمن الطفاوي. وأخرجه البخاري (4643) من طريق وكيع، وانسائي في "الكبرى" (11131) من طريق عبدة، كلاهما عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وعلقه البخاري (4644) من طريق أبي أسامة، عن هشام بن عروة، به. قال الطبري في "تفسيره": خذ العفو من أخلاق الناس وهو الفضل وما لا يجهدهم. وقال ابن الجوزى: اقبل الميسور من أخلاق الناس، ولا تستقص عليهم، فتظهر منهم البغضاء. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل عبد الحميد بن عبد الرحمن الحمّاني. والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومسلم: هو ابن صبيح، ومسروق: هو ابن الأجدع بن مالك. وهو عند البيهقي في "الدلائل" 1/ 317 - 318 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (80)، والخرائطي في" مكارم الأخلاق" (375)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- ص 71، والبيهقي في "الآداب" (201) من طرق عن عبد الحميد الحماني، به.

4789 - حدَّثنا عُبيدُ اللهِ بنُ عمر بنِ ميسرةَ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، حدَّثنا سلم العلوىُّ عن أنسٍ: أن رجُلاً دخل على رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه أثرُ صُفْرةٍ، وكان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قلَّما يُواجِهُ رجُلاً في وجهه بشيءٍ يكرَهُه، فلما خرجَ قال: "لو أمرتُم هذا أن يَغسِلَ ذا عنهُ" (¬1). قال أبو داود: سَلْم ليسَ هو علوِياً، كان يُبصِرُ في النجومِ، وشَهِدَ عندَ عدىِّ بنِ أرطاةَ على رؤيةِ الهِلال فلم يُجِزْ شهادتَه. 4790 - حدَّثنا نصرُ بنُ عليٍّ، أخبرني أبو أحمد، حدَّثنا سفيانُ، عن الحجاجِ بنِ فُرافصةَ، عن رجُلِ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وحدَّثنا محمدُ ابنُ المتوكل العسقلانِيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا بِشرُ بنُ رافع، عن يحيى ابن أبي كثيرِ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة -رفعَاه جميعاً- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: " المؤمِنُ غِرُّ كريمٌ، والفاجِرُ خِبٌ لئِيمٌ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه البخاري (6101)، ومسلم (2356) من طرق عن الأعمش، به. ولفظ البخاري: صنع النبي -صلى الله عليه وسلم- شيئاً فرخص فيه، فتنزّه عنه قوم، فبلغ ذلك النبي-صلى الله عليه وسلم-، فخطب فحمد الله، ثم قال: "ما بالُ أقوام يتنزهون عن الشيء أصنَعُه، فوالله إنِّي لأعلَمُهُم باللهِ، وأشدهم له خشيةً" وهو في "مسند أحمد" (24180). (¬1) إسناده حسن في الشواهد من أجل سلم العلوي -وهو ابن قيس- فهو ضعيف يُعتبر في المتابعات والشواهد، وقد روي ما يشهد لحديثه. وقد سلف الحديث برقم (4182) وانظر تمام تخريجه هناك. (¬2) حديث حسن، وقد وقع على سفيان خلاف في روايته عن الحجاج بن فُرافِصة، عن الرجل المبهم، فروي عنه من طريق أنه سماه يحيى بن أبي كثير، فبهذا يكون =

4791 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن محمَّد بنِ المنكدِرِ، عن عُروةَ ¬

_ = بشر بن رافع -وهو ضعيف- وقد تابعه حجاج بن فرافصة، وبذلك يتقوى الحديث. أبو أحمد: هو محمَّد بن عبد الله بن الزبير، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (3128) من طريق أبي شهاب، و (3129) من طريق عيسى بن يونس، كلاهما عن سفيان الثوري، عن الحجاج بن فرافصة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وأخرجه الطحاوي (3127) من طريق قبيصة بن عقبة، عن سفيان، عن الحجاج، عن يحيى بن أبي كثير أو غيره -على الشك-، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وأخرجه الترمذي (2079) عن محمَّد بن رافع، عن عبد الرزاق، عن شر بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (9118) من طريق الحجاج بن فرافصة، عن رجل، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. قال الإِمام الطحاوي في شرح هذا الحديث: فتأملنا هذا الحديث لنقف على المراد به ما هو إن شاء الله، فوجدنا الغِرَّ في كلام العرب: هذا الذي لا غائلة معه ولا باطن له يُخالف ظاهره، ومن كانت هذه سبيله، أمِنَ المسلمون من لسانه ويده، وهي صفةُ المؤمنين، ووجدنا الفاجر ظاهِرُه خلاف باطنه؛ لأن باطنَه هو ما يُكرَه، وظاهرُه، فمخالف لذلك، كالمنافق الذي يُظهر شيئاً غير مكروه منه، وهو الإسلام الذي يَحمَدُه أهلُه عليه، ويُبطنُ خلافه وهو الكُفرُ الذي يَذُمه المسلمون عليه، فكان مَثَلُ ذلك الخِبُّ الذي يُظهر المعنى الذي هو محمودٌ منه، حتى يحمَدَه المسلمون على ذلك، ويُبطِنُ ضِدَّه مما يذُمُّه المسلمون عليه، وهو الفاجر الذي وَصَفَه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بما وصفه به في هذا الحديث، وخالف بينه وبين المؤمن الذي وصفه بما وصفه به في هذا الحديث والله عَزَّ وَجَلَّ نسألُه التوفيق. وقال الخطابي: معنى هذا الكلام أن المؤمن المحمود هو من كان طبعُه وشيمته الغرارة، وقلة الفطنة للشر، وترك البحث عنه، وأن ذلك ليس منه جهلاً، لكنه كرم وحسن خلق، وأن الفاجر من كانت عادته الخبَّ والدهاء والوغول في معرفة الشر، وليس ذلك منه عقلاً، لكنه خب ولؤم.

عن عائشة، قالت: استأذَنَ على النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - رَجُل، فقال "بِئسَ ابنُ العَشِيرَةِ -أو بِئسَ رجُل العشيرةِ-"، ثم قال: "ائذَنُوا له"، فلما دخلَ ألانَ له القولَ، فقالت: عائشةُ: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم، ألنت له القولَ وقد قُلتَ لهُ ما قُلتَ، قال: "إنَّ شرَّ الناسِ عندَ اللهِ منزِلةً يومَ القيامَةِ مَن ودعَهُ -أو تركه- الناسُ لاتِّقاء فحشِهِ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيية, ابن المنكدر: هو محمَّد، وعروة: هو ابن الزبير. وأخرجه البخاري (6054) و (6131)، ومسلم (2591)، والترمذي (2114) من طرق عن سفيان بن عيية، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6032) من طريق روح بن القاسم، ومسلم (2591)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (833)، والخطيب في" الأسماء المبهمة" ص 373 من طريق معمر، كلاهما عن محمَّد بن المنكدر، به. والرجل المبهم في الحديث: هو عيينة بن حصن -وكان يقال له: الأحمق المطاع- فيما ذكره ابن راهويه والخطيب عن معمر في روايتيهما، ونص على ذلك النووي في "شرح مسلم" 16/ 119 فيما نقله عن القاضي عياض. وأخرجه بنحوه ومختصراً النسائي في "الكبرى" (9996) من طريق عبد الله بن نِيار، عن عروة، به. وأخرجه كذلك النسائي (9995) من طريق مسروق، عن عائشة. وانظر لاحقيه. وهو في "مسند أحمد" (24106)، و"صحيح ابن حبان" (4538) و (5696). قال الخطابي في "أعلام الحديث" 3/ 2179 - 2180: يجمع هذا الحديث عِلماً وأدباً، وليس قولُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أمته بالأمور التي يسمُهم بها ويُضيفها إليهم من المكروه غيبة وإثماً، كما يكون ذلك من بعضهم في بعض، بل الواجب عليه أن يبين ذلك، ويفصح به، ويعرف الناسُ أمره، فإن ذلك من باب النصيحة والشفقة على الأمة، ولكنه لما جُبل عليه من الكَرم، وأعطيه من حُسن الخُلُق، أظهر له من البشَاشة ولم يَجْبَهه بالمكروه، ليقتدي به أمته في اتقاء شر مَن هذا سبيله، وفي مداراته ليَسلَمُوا من شرّه وغائلته. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = قال الحافظ في "الفتح" 10/ 454: وظاهر كلامه (أي من كلام الخطابي) أن يكون هذا من جملة الخصائص، وليس كذلك، بل كل من اطلع من حالِ شخص على شيء، وخشي أن غيرَه يغترُ بجميل ظاهره، فيقع في محذورٍ ما، فعليه أن يطلعه على ما يحذر من ذلك قاصداً نصيحته، وإنما الذي يمكن أن يختص به النبي-صلى الله عليه وسلم-أن يكشف له عن حال من يغتر بشخص من غير أن يطلعه المغتر على حاله، فيذم الشخص بحضرته، ليتجنبه المغتر ليكون نصيحة، بخلاف غير النبي-صلى الله عليه وسلم-، فإن جواز ذمه للشخص يتوقف على تحقق الأمر بالقول أو الفعل ممن يريد نصحه. وعيينة بن حصن (الرجل في الحديث)، قال النووي في "شرح مسلم" 16/ 119 فيما نقله عن القاضي عياض، قال: لم يكن أسلم حينئذ وإن كان قد أظهر الإسلام، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يبين حاله ليعرفه الناس ولا يغتر به من لم يعرف حاله، قال: وكان منه في حياة النبي-صلى الله عليه وسلم- وبعده ما دل على ضعف إيمانه وارتد مع المرتدين، وجيء به أسيراً إلى أبي بكر رضي الله عنه. وقال القرطبي المحدث - ونقله عنه الحافظ في "الفتح"10/ 454: وفي الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق أو الفحش أو نحو ذلك من الجور في الحكم، والدعاء إلى البدعة مع جواز مداراتهم اتقاء شرهم ما لم يؤد ذلك إلى المداهنة في دين الله تعالى، والفرق بين المداراة والمداهنة: أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين أو هما معاً، وهي مباحة وربما استحبت، والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا، والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما بذل له من دنياه حسن عشرته والرفق في مكالمته، ومع ذلك فلم يمدحه بقول، فلم يناقض قوله فيه فعله، فإن قوله فيه حق، وفعله معه حسن عِشرة. وقال العلماء: تباح الغيبة في كل غرض صحيح شرعاً حيث يتعين طريقاً إلى الوصول إليه بها: كالتظلم والاستعانة على تغيير المنكر والاستفتاء والمحاكمة، والتحذير من الشر، ويدخل فيه تجريح الرواة والشهود، وإعلام من له ولاية عامة يسير من هو تحت يده، وجواب الاستشارة في نكاح أو عقد من العقود، وكذا من رأى تفقهاً يتردد إلى مبتدع أو فاسق ويخاف عليه الاقتداء به وممن تجوز غيبتهم من يتجاهر بالفسق أو الظلم أو البدعة.

4792 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن محمدِ بنِ عمرو، عن أبي سَلَمَةَ عن عائشة أن رجلاً استاذنَ على النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -: "بئسَ أخُو العَشيرة"، فلمًا دخل انبسطَ إليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وكلمه، فلما خرجَ قلتُ: يا رسولَ الله، لَمّا استاذنَ قلت: "بِئس أخو العشيرَةِ" فلَمَّا دخل انبسطتَ إليه، فقال: "يا عائشة، إنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ لا يُحِبُّ الفاحِشَ المُتفحِشَ" (¬1). 4793 - حدَّثنا عباسٌ العنبريُّ، حدَّثنا أسودُ بنُ عامر، حدَّثنا شريكٌ، عن الأعمشِ، عن مجاهِدِ عن عائشةَ، في هذه القصة، قالت: فقال- تَعني النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -: "يا عائِشَةُ إنَّ مِن شِرَارِ الناسِ الذينَ يكرَمُونَ اتقاءَ ألسنَتهِم" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عمرو, وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (755) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت وآداب اللسان" (343)، والخطيب في "تاريخه" 14/ 214 من طريق أبي أسامة، عن محمَّد بن عمرو، به. وانظر ما قبله، وما بعده. قال في "النهاية": الفاحش ذو الفحش في كلامه وفعاله، والمتفحش: هو الذي يتكلف ذلك ويتعمده. وقال الخطابي: أصل الفحش: زيادة الشيء على مقداره، يقول - صلى الله عليه وسلم -: "إن استقبال المرء صاحبه بعيوبه إفحاش، والله لا يحب الفحش، ولكن الواجب أن يتأنى له ويرفق به، ويكني في القول، ويورِّي ولا يصرح. (¬2) حديث صحيح، شريك -وهو ابن عبد الله النَّخعي القاضي، وإن كان سيىء الحفظ- متابع، والأعمش -وإن يكن كما قال أبو حاتم في "العلل" 2/ 210 قليلَ =

4794 - حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ، حدَّثنا أبو قَطَنٍ، أخبرنا مُبَاركٌ، عن ثابتٍ عن أنسٍ، قال: ما رأيتُ رجُلاً التقَمَ أُذُنَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فينحي رأسَه، حتى يكونَ الرجلُ هو الذي يُنحي رأسَه، وما رأيتُ رجلاً أخذَ بيدِه فترك يدَه، حتى يكونَ الرجلُ هو الذي يدعُ يدَهُ (¬1). ¬

_ = السماع من مجاهد، وعامّة ما يروي عن مجاهد مدلَّس، وكلما ذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 1/ 241 بإسناده إلى يحيى بن سعيد قال: كتبت عن الأعمش أحاديث عن مجاهد كلها ملزقة لم يسمعها- متابع أيضاً. وانظر الحديثين السابقين بطريقيهما المختلفين عن عائشة. وأخرجه أحمد في "مسنده" (24798) عن الأسود بن عامر، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (4618) عن بشر بن الوليد، عن شريك، به. وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (834) و (1198) و (1793)، وأبو نعيم في "أخبار أصفهان" 1/ 215 من طريق الليث، عن مجاهد، به. (¬1) وإسناده ضعيف. مبارك -وهو ابن فضالة- مدلس وقد عنعن. أبو قطن: هو عمرو بن الهيثم. وهو عند البيهقي في "الدلائل" 1/ 320 - 321 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3471)، وابن حبان في "صحيحه" (6435)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" - صلى الله عليه وسلم - ص 31 من طريق عبد الله بن محمَّد بن إسحاق، وأبو الشيخ ص 31 من طريق الحسن بن الصباح، كلاهما عن أبي قطن، به. وعند أبي يعلى في روايته زيادة، ورواية ابن حبان واحد رواتي أبي الشيخ مختصرة. وأخرجه بزيادة فيه ابن ماجه (3716) من طريق أبي يحيى الطويل -واسمه عمران بن زيد الثعلبي-، والترمذي (2658) من طريق عمران بن زيد، كلاهما عن زيد العمي، عن أنس. وإسناده ضعيف لضعف أبي يحيى وزيد الحمي. قال الترمذي: حديث غريب، وقال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" 230/ 2: مدار الحديث على زيد العمي وهو ضعيف. وأخرجه بزيادة فيه أبو الشيخ ص 26 من طريق أبي جعفر الرازي، عن أبي درهم، عن يونس بن عبيد، عن مولى لآل أنس -وقد سماه ونسيته-، عن أنس. وإسناده ضعيف لجهالة المولى، ولسوء حفظ أبي جعفر الرازى.

7 - باب في الحياء

7 - باب في الحياء 4795 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن سالمِ بنِ عبدِ الله ابنِ عُمر عن ابنِ عُمَر، أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - مرَّ على رجُلٍ من الأنصارِ وهو يعِظُ أخاه في الحيَاءِ فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "دعْهُ، فإنَ الحياءَ من الإيمانِ" (¬1). 4796 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حربٍ، حدَّثنا حماد، عن إسحاقَ بنِ سُويْدٍ عن أبي قتَادَة، قال: كنا مع عمرانَ بنِ حُصين وثَمَّ بُشيرُ بنُ كعبٍ، فحدَّثَ عمرانُ بنُ حُصينٍ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم: "الحياءُ خيرُ كلُّهُ -أو قال: الحياءُ كلُّهُ خير-" فقال بُشيرُ بنُ كعب: إنَا نجِدُ في بعضِ الكتُبِ أنَّ منه سَكينةً ووقَاراً، ومنه ضعفاً، فأعادَ عِمرانُ الحديثَ، فأعاد بُشير الكلامِ، قال: فغضب عِمرانُ، حتى احمرَّتْ عيناه، وقال: ألا أراني أحدِّثُكَ عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وتُحدِّثُني عن كُتُبِكَ، قال: قلنا: يا أبا نُجيدٍ، إنه إنَّه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو في "الموطأ" 2/ 905، ومن طريق مالك أخرجه البخاري (24)، والنسائي في "المجتبى" 8/ 121، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6118)، ومسلم (36)، وابن ماجه (58)، والترمذي (2803) من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (4554) و (5183)، و"صحيح ابن حبان" (610). قوله: "يعظ أخاه" قال الحافظ في الفتح، 10/ 522: المراد بوعظه أنه يذكر له ما يترتَّب على ملازمته من المفسدة. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، وأبو قتادة: هو تميم بن نذير. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه مسلم (37) عن يحيى بن حبيب، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6117)، ومسلم (37) من طريق أبي السَّوَّار، عن عمران بن حصين. وهو في "مسند أحمد" (19817) و (19999). وقولهم في الحديث: إنّه إنّه، كذا ضُبطت في (أ) و (ج) و (هـ)) وأصل المنذري، أي: إنه لا بأس به، كما جاء في رواية مسلم، قال النووي: إنه لا بأس به، معناه ليس هو ممن يُتهم بنفاق أو زندقة أو بدعة أو غيرها مما يخالف به أهلَ الاستقامة. وفي نسخة على هامش (ج): ايه إيه، وهو كذلك في النسخة التي اعتمدها ابن الأثير في "جامع الأصول" (1955)، فقال: ايه: إذا قلتَ للرجل؟ إيه، بغير تنوين، فأنت تستزيده من الكلام والبذاء، إذا وصلت نوّنتَ فقلتَ: إيه، فإذا قلت: إيهاً بالنصب، فإنما تأمره بالسكوت. ونقل الحافظ في "الفتح" 10/ 522 - 523 عن القاضي عياض في شرحه على الحديث: أنه إنما جعل الحياء من الإيمان وإن كان غريزة؛ لأن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى قصد واكتساب وعلم، وأما كونه خيراً كله، ولا يأتي إلا بخير (كما في رواية البخاري)، فاشكل حمله على العموم؛ لأنه قد يصدُّ صاحبه عن مواجهة من يرتكب المنكرات، ويحمله على الاخلال ببعض الحقوق؟ والجواب: أن المراد بالحياء في هذه الأحاديث ما يكون شرعيا، والحياء الذي ينشأ عنه الإخلال بالحقوق ليس حياءً شرعياً، بل هو عجز ومهانة، وانما يطلق عليه حياء، لمشابهته للحياء الشرعي، وهو خُلُق يبعث على ترك القبيح. قلت (القائل ابن حجر): ويحتمل أن يكون أشير إلى من كان الحياء من خلقه، أن الخير يكون فيه أغلب، فيضمحل ما لعله يقع منه مما ذكر في جنب ما يحصل له بالحياء من الخير، أو لكونه إذا صار عادة، وتخلق به صاحبه، يكون سبباً لجلب الخير إليه، فيكون منه الخير بالذات، والسبب. وقال أبو العباس القرطبي المحدث: الحياء المكتسب هو الذي جعله الشارع من الإيمان, وهو المكلف به، دون الغريزي، غير أن من كان فيه غريزة منه، فإنها تعينه على المكتسب، وقد يتطبعُ بالمكتسب حتى يصير غريزياً. قال: وكان النبي-صلى الله عليه وسلم-قد جُمع له النوعان، فكان في الغريزي أشد حياة من العذارء في خدرها، وكان في الحياء المكتسب في الذروة العليا - صلى الله عليه وسلم. انتهى.

4797 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسَلَمةَ، حدَّثنا شعبةُ، عن منصورٍ، عن ربعي ابنِ حِراشِ عن أبي مسعُودٍ، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن ممّا أدرَكَ الناسُ مِن كلامِ النُبوَّةِ الأولى إذا لم تستَحي فافعَل ما شئتَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. منصور: هو ابن المعتمر. أبو مسعود الصحابي: هو عقبة ابن عمرو البدري. وأخرجه البخاري (3484) عن آدم، عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3483) و (6120) من طريق زهير، وابن ماجه (4183) من طريق جرير، كلاهما عن منصور، به. وهو في "مسند أحمد" (17090)، و"صحيح ابن حبان" (607)، و"شرح مشكل الآثار" للطحاوي (1533) وما بعده. قال الإِمام الطحاوي: معنى الحديث الحض على الحياء والأمر به، وإعلام الناس أنهم إذا لم يكونوا من أهله، صنعوا ما شاؤوا، لا أنهم أمروا في حال من الأحوال أن يصنعوا ما شاؤوا، وهذا كقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من كذب عليَّ متعمداً، فليتبواً مقعده من النار" ليس أنه مأمور إذا كذب أن يتبوأ لنفسه مقعداً من النار، ولكنه إذا كذب عليه يتبوأ مقعدَه من النار. وقال الخطابي في" معالم السنن " 4/ 109، معنى قوله "النبوة الأولى": أن الحياء لم يزل أمره ثابتاً واستعماله واجباً منذ زمان النبوة الأولى، وأنه ما من نبي إلا وقد ندب إلى الحياء، وحث عليه، وأنه لم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم، ولم يبدل فيما بدل منها، وذلك أنه أمر قد عُلِمَ صوابُه، وبأن فضلُه، واتفقت العقولُ على حسنه، وما كان هذا صفته لم يجز عليه النسخ والتبديل. وقوله: فاصنع ما شئت. قال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" 1/ 497 في معناه قولان: أحدهما: أنه ليس بمعنى الأمران يصنع ما شاء، ولكنه على معنى الذم، والنهي عنه، وأهل هذه المقالة لهم طريقان، أحدهما: أنه أمر بمعنى التهديد والوعيد، والمعنى: إذا لم يكن لك حياء، فأعمل ما شث، فإن الله يجازيك عليه، كقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ =

8 - باب في حسن الخلق

سئل أبو داود: أعِنْد القعنبي، عن شعبة غيرُ هذا الحديث؟ قال: لا (¬1). 8 - باب في حسن الخلق 4798 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا يعقوبُ -يعني الإسكندرانىّ- عن عمرٍو، عن المطلبِ عن عائشة، قالت: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ المُؤْمِنَ ليُدرِكُ بِحُسنِ خُلُقِهِ درجةَ الصائِم القائِم" (¬2). ¬

_ = إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: 40] وقوله {فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ} [الزمر: 15] وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من باع الخمر فليشقص الخنازير" يعني ليقطعها إما لبيعها أو لأكلها وأمثلته متعددة. والطريق الثاني: أنه أمر ومعناه الخبر، والمعنى أن من لم يستحي صنع ما شاء، فإن المانع من فعل القبائح الحياء، فمن لم يكن له حياء انهمك في كل فحشاء ومنكر، وما يمتنع من مثله من له حياء. وقال النووي في "شرح الأربعين": الأمر فيه للاباحة، أي: إذا أردت فعل شيء، فإن كان ما لا تستحي إذا فعلته من الله ولا من الناس، فافعله، وإلا فلا، وعلى هذا مدار الإسلام وتوجيه ذلك أن المأمور به الواجب والمندوب يستحيا من تركه، والمنهي عنه الحرام والمكروه يستحيا من فعله، وأما المباح فالحياء من فعله جائز وكذا من تركه، فتضمن الحديث الأحكام الخمسة. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي، وجاء في "سير أعلام النبلاء" 10/ 261: قال الحافظ أبو عمرو أحمد بن محمَّد الحِيري، سمعت أبي يقول: قلت للقعنبي: مالك لا تروى عن شعبة غير هذا الحديث؟ قال: كان شعبة يستثقلني، فلا يحدثني. يعني حديث: "إذا لم تستحي فاصنع ما شئتَ". (¬2) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، المطلب -وهو ابن عبد الله بن حنطب- لم يدرك عائشة، وعمرو: وهو ابن أبي عمرو مولى المطلب صدوق حسن الحديث، وبقية رجاله ثقات.

4799 - حدَّثنا أبو الوليدِ الطيالسيُّ وحفصُ بنُ عمرَ، قالا: حدَّثنا. وحدَّثنا محمَّد بنُ كثيرٍ، أخبرنا شعبةُ، عن القاسم بنِ أبي بزة، عن عطاء الكَيخَارَاني، عن أمِّ الدرداء عن أبي الدرداء، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ما مِنْ شيءٍ أثقلُ في الميزانِ مِن حُسنِ الخُلُقِ" (¬1). ¬

_ = وهو عند البيهقي في "الشعب" (7997) مكرر، من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (25013) عن سعيد بن منصور، والبغوي في "شرح السنة" (3501) من طريق محمَّد بن خلاد، كلاهما عن يعقوب، به. وأخرجه أحمد في "مسنده" (24355) و (4595) و (25537)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4427)، وابن حبان في "صحيحه" (480)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 60، وتمام في فوائده" (1071)، والبغوي في "شرح السنة" (3500)، والبيهقي في "الشعب" (7997) و (7998)، والخطيب في:" الموضح " 2/ 285 من طرق عن عمرو بن أبي عمرو، به. وأخرجه العقيلي في "الضعفاء"4/ 464، وابن عدي في: "الكامل" 3/ 1076 من طريق يمان بن عدي الحمصي، عن زهير بن محمَّد، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم ابن محمَّد، عن عائشة مرفوعاً، ولفظه عند ابن عدي: "إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الساهر بالليل الصائم بالنهار" وعند العقيلي: "الظمآن بالنهار"، بدل: "الصائم بالنهار". ويمان بن عدي الحمصي ضعفه أحمد والدارقطني، وقال البخاري: في حديثه نظر. وقال أبو حاتم: صدوق. وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أخرجه أحمد في "مسنده" (6648)، وانظر تتمة شواهده وتخريجه فيه. (¬1) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وعطاء الكيخاراني: هو ابن نافع. وأم الدرداء: هي زوجة أبي الدرداء واسمها: هُجَيمة بنت حيى الأوصابية. وأخرجه الترمذي (2121) من طريق مطرف، عن عطاء، بهذا الإسناد. بلفظ: "ما من شيء يوضع في الميزان أثقلُ من حُسْن الخُلُق، وإن صاحبَ حُسْن الخُلُق ليَبلُغَ به درجةَ صاحب الصوم والصلاة". =

قال أبو الوليدِ: قال: سمِعتُ عطاء الكَيخَارَاني. قال أبو داود: وهو عطاءُ بنُ يعقوبَ، وهو خالُ إبراهيم بنِ نافِعِ، يقال: كيخَارانيّ وكَوخَارانى (¬1). 4800 - حدَّثنا محمدُ بنُ عثمان الدمشقيُّ أبو الجُماهِر، حدَّثنا أبو كعْبِ أيوبُ بنُ محمَّد السعدىُّ، حدثني سليمانُ بنُ حَبيب المُحاربىُّ عن أبي أمامة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم-: " أنا زعِيم بِبيتِ في رَبَضِ الجنةِ، لمن تركَ المِراء وإن كان مُحِقَّاً، وببيتٍ في وسَطِ الجنةِ ¬

_ = وأخرجه الترمذي (2120) من طريق ابن أبي مُليكة، عن يعلي بن مَملَك، عن أم الدرداء، عن أبي الدوداء أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:" ما شيءٌ أثقل في ميزان المؤمن يومَ القيامة من خُلُق حسنٍ، فإن الله ليُبغِضُ الفاحِشَ البذيءَ". وهو في "المسند" (27553) من طريق يعلي بن مملك. وقد اختلف في إسناده على عطاء بن نافع، وهو في "المسند" (27496)، وانظر فيه تمام تعليقنا عليه وتخريجه. وهو في "صحيح ابن حبان" (481). (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وقال أبو حاتم ابن حبان في "صحيحه" 2/ 231 عطاء هذا هو عطاء بن عبد الله، وكيخاران: موضع باليمن. قلنا: كذا ذكره، وقال في "الثقات" 7/ 252: عطاء بن يعقوب الكيخاراني من أهل اليمن مولى ابن سباع، وهو ما قاله البخاري في "تاريخه" 6/ 467، وأبو حاتم فيما نقله ابنه في " الجرح والتعديل" 6/ 338، وقال غيرهم: عطاء بن نافع الكيخاراني، كذلك ذكره المزي في "تهذيب الكمال"، وقال: وليس بعطاء بن يعقوب مولى ابن سباع المدني، فرق بينهما أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ومسلم بن الحجاج وغيرهم، وجعلهما البخاري واحداً، وتابعه على ذلك أبو حاتم الرازي وغيره، وذلك معدود في أوهامه.

لمن تركَ الكذِبَ وإن كانَ مازحاً، وببيتٍ في أعلى الجنةِ لمن حسَّنَ خُلُقَه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل أبي كعب أيوب بن محمَّد -فهو صدوق- وقد اختلف في اسمه، وقيل: أيوب بن موسى، وقيل: أبو موسى كعب السعدي (كذا سماه الدولابي في "الكنى" 3/ 1074). وصوب ابن عساكر أن اسمه: أيوب بن موسى. وهو عند البيهقي في "السنن" 10/ 249 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الدولابي في "الكنى والأسماء" (1643) من طريق محمَّد بن عبد الرحمن، والطبراني في "الكبير" (7488)، وفي "الشاميين" (1594)، والمزي في "تهذيب الكمال" 3/ 498 - 499 من طريق أبي زرعة، كلاهما عن أبي الجماهر محمَّد بن عثمان، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7770)، وفي "الشاميين" (1230) من طريق القاسم، عن أبي أمامة. وأخرجه الدولابي في "الكنى" (1887) عن عبد الصمد بن عبد الوهاب، عن محمَّد بن عثمان أبي الجماهر، عن أبي موسى كعب السعدي، عن سليمان بن حبيب، عن أبي أمامة. وله شاهد من حديث أنس، عند ابن ماجه (51)، والترمذي (2111). وإسناده ضعيف. وآخر من حديث معاذ، عند الطبراني في "الكبير" 20/ (217). وفي إسناده ضعف. وثالث من حديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" (11290). وإسناده ضعيف. وقوله: " أنا زعيم ببيت"، قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 110، الزعيم: الضامن والكفيل، والزعامة: الكفالة، ومنه قول الله سبحانه: {وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: 72]. و"البيت" ها هنا: القصر، أخبرني أبو عمر، أخبرنا أبو العباس، عن ابن الأعرابي، قال: البيتُ: القصرُ، يقال: هذا بيت فلان، أي: قصره. قوله: "في ربض الجنة"، قال السندي في "حاشيته" على ابن ماجه: بفتحتين، أي: حوالي الجنة وأطرافها, لا في وسطها ,وليس المراد: خارجا عن الجنة كما قيل. "ومن ترك المراء": بكسر الميم والمد، أي: الجدال خوفاً من أن يقع صاحبه في اللجاج الموقع في الباطل.

9 - باب في كراهية الرفعة من الأمور

4801 - حدَّثنا أبو بكرٍ وعثمانُ ابنا أبي شيبةَ قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن معبدِ بنِ خالدٍ عن حارثة بنِ وهبِ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: " يدخُلُ الجنَّةَ الجَوَّاظُ، ولا الجَعْظَرِىُّ" (¬1) قال: والجَوَّاظ: الغليظُ الفظُّ. 9 - باب في كراهية الرِّفعةِ من الأُمور (¬2) 4802 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمَّادٌ، عن ثابتٍ عن أنس، قال: كانت العضباءُ لا تُسبَقُ، فجاءَ أعرابيٌّ على قَعُودِ له، فسَابقَهَا فسَبَقَها الأعرابيُّ، فكأنَّ ذلك شقَّ على أصحابِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "حقٌ على اللهِ أن لا يُرْفَعَ شي من الدُنيا إلا وضعَها" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح الرّوّاسي، وسفيان: هو الثوري. وهو بهذا اللفظ في "المصنف " 8/ 516 لأبي بكر بن أبي شيبة، ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (480)، وأبو يعلى في "مسنده" (1476). وأخرجه بنحوه ومعناه مسلم (2853) عن محمَّد بن عبد الله بن نمير، عن وكيع، به. وأخرجه كذلك بنحوه ومعناه البخاري (4918) و (6071)، وابن ماجه (4116)، والترمذي (2788)، من طرق عن سفيان، به. وأخرجه كذلك البخاري (6657)، ومسلم (2853)، والنسائي في "الكبرى" (11551) من طريق شعبة، عن معبد بن خالد، به. وهو في "مسند أحمد" (18728)، و"صحيح ابن حبان"، (5679). قال الخطابي: قال أبو زيد: الجعظري: هو الذي يتنفَّخ بما ليس عنده، وهو إلى القِصَر ما هو. (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (ب) و (ج). (¬3) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، ثابت: هو ابن أسلم. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1902)، والبغوي في "شرح السنة" (2651) من طريق سليمان بن حرب، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. =

10 - باب في كراهية التمادح

4803 - حدَّثنا النُّفيليّ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا حُميدٌ عن أنس، بهذه القصة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ حقّاً على اللهِ عزَّ وجل أن لا يرتفع شي من الدُنيا إلا وضعَه" (¬1). 10 - باب في كراهية التمادح 4804 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيع، حدَّثنا سفيانُ، عن منصور، عن إبراهيمَ ¬

_ = وعلقه البخاري بإثر الحديث (2872) عن موسى بن إسماعيل التبوذكي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (13659). وانظر ما بعده. وقوله:"العضباء"، قال ابن الأثير في "النهاية": هو علم لها منقول من قولهم: ناقة عضباء، أي: مشقوقة الأذن، ولم تكن مشقوقة الأذن. وقال الزمخشري: هو منقول من قولهم: ناقة عضباء، وهي القصيرة اليد. والقعود من الإبل، قال ابن الأثير: ما أمكن أن يُركب، وأدناه أن يكون له سنتان، ثم هو قعود إلى أن يُثني، فيدخل في السنة السادسة، ثم هو جَمَل. (¬1) إسناده صحيح. النفيلي: هو عبد الله بن محمَّد بن علي، وزهير: هو ابن معاوية، وحميد: هو ابن أبي حميد. وأخرجه البخاري (2872) و (6501) عن مالك بن إسماعيل، عن زهير، بهذا الاسناد. وأخرجه البخاري (6501)، والنسائي في "الكبرى" (4413) و (4417)، والطحاوي في "شرح شكل الآثار، (1903)، والبغوي في شرح "السنة" (2652) من طرق عن حميد، به. وهو في "مسند أحمد" (12015)، و "صحيح ابن حبان" (703). وانظر ما قبله.

عن همَّام، قال: جاء رجلٌ فأثنى على عثمانَ في وجهِهِ، فأخذ المقدادُ بنُ الأسود تراباً، فحثا في وجهِهِ، وقال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-ِ: "إذا لقِيتُمُ المَدَّاحِينَ فاحثُوا في وجُوهِهِمُ الترابَ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، وهمام: هو ابن الحارث. وأخرجه مسلم (3002) من طريق عبيد الله بن عبيد الله، عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (3002) من طريق شعبة، عن منصور، به. وأخرجه مسلم (3002) من طريق الأعمش، عن إبراهيم، به. وأخرجه مسلم (3002)، وابن ماجه (3742)، والترمذي (2555) من طريق حبيب بن أبي حبيب، عن مجاهد، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة، عن المقداد. وهو في "مسند أحمد" (23823) و (23824) و (23827). قال الإِمام الخطابي في " معالم السنن" 4/ 111: المدَّاحون هم الذين اتخذوا مدحَ الناس عادة، وجعلوه بِضاعة يستأكلون به الممدوحَ ويفتنونَه، فأما مَن مدح الرجلَ على الفِعل الحَسَنُ، والأمرِ المحمود يكون منه، ترغيبا له في أمثاله، وتحريضاً للناس على الاقتداء به في أشباهه، فليس بمدَّاح، وإن كان قد صار مادحاً بما تكلم به من جميلِ القولِ فيه. وقد استعمل المقدادُ الحديثَ على ظاهره، وحمله على وجهه في تناول عين التراب بيده، وحثيه على وجه المادح. وقد يتأول أيضاً على وجه آخر وهو أن يكون معناه الخيبة والحرمان، أي: من تعرض لكم بالمدح والثناء، فلا تعطوه، واحرمره، كنى بالتراب عن الحرمان، كقولهم: ما في يده إلا التراب، وكقوله: "إذا جاءك يطلب ثمن الكلب، فاملأ كفه تراباً". وقد أدرج الإِمام النووي في "شرح مسلم" 18/ 126 الأحاديث التي ذكرها مسلم في المدح تحت: باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، وخيف منه فتنة الممدوح، ثم قال: ذكر مسلم في هذا الباب الأحاديث الواردة في النهي عن المدح، وقد جاءت أحاديث كثيرة في "الصحيحين" بالمدح في الوجه، قال العلماء: وطريق الجمع بينهما أن النهي محمول على المجازفة في المدح والزيادة في الأوصاف، أو على من يخاف =

4805 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا أبو شهابٍ، عن الحذَّاءِ عن عبدِ الرحمن بن أبي بكرة عن أبيهِ: أن رجلاً أثنى على رجلٍ عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال له: "قطعتَ عُنُقَ صَاحبِكَ" ثلاثَ مراتٍ، ثم قال: "إذا مدَحَ أحدُكُم صاحبَهُ لا محالةَ فليقُل: إني أحسِبُه، كما يُرِيد أن يقولَ، ولا أُزكِّيه على اللهِ عز وجل" (¬1). ¬

_ = عليه فتنة من إعجاب ونحوه إذا سمع المدح، وأما من لا يخاف عليه ذلك، لكمال تقواه ورسوخ عقله ومعرفته، فلا نهي في مدحه في وجهه إذا لم يكن فيه مجازفة، بل إن كان يحصل بذلك مصلحة كنَشطِه للخير، والازدياد منه، أو الدوام عليه أو الاقتداء به كان مستحباً، والله أعلم. (¬1) إسناده صحيح. أبو شهاب: هو عبد ربه بن نافع، والحذاء: هو خالد بن مهران، ووالد عبد الرحمن: هو نفيع بن الحارث. وأخرجه البخاري (2662) و (6061) و (6162)، ومسلم (3000)، وابن ماجه (3744)، والنسائي في "الكبرى" (9997) من طرق عن شعبة، عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد. ولم يذكر النسائي في روايته أبا بكرة والد عبد الرحمن، وهي في رواية محمَّد بن جعفر -وهو الراوي نفسه في حديث النسائي- عند أحمد (20422)، ومسلم (3500)، وفات الحافظ المزي أن يذكر رواية النسائي في "التحفة" (11678)، وكذا لم يذكره في قسم المراسيل منها, ولم يتعقبه الحافظ ابن حجر في أي من الموضعين على ذلك. وهو في "مسند أحمد" (20422)، و" "صحيح ابن حبان" (5766). وقوله: "قطعت عنق صاحبك"، قال السندي، أي: أهلكته، حيث إنه يؤدي إلى الاغترار بذلك والعجب به، وفيه هلاك لدينه. وقال النووي في "شرح مسلم" 18/ 127: وقد يكون من جهة الدنيا لما يشتبه عليه من حاله بالاعجاب. وقوله: "أحسبه"، أي: أظنه. "ولا أزكيه على الله"، قال النووي: أي: لا أقطع على عاقبة أحد ولا ضميره، لأن ذلك مغيَّب عنا, ولكن أحسِب وأظن لوجود الظاهر المقتضي لذلك.

4806 - حدَّثنا مُسَدَّدُ، حدَّثنا بشرُّ -يعني ابن المُفضَّل- حدَّثنا أبو مَسْلَمةَ سعيدُ بنُ يزيد، عن أبي نضرَةَ، عن مطرّف قال: قال أبي: انطلقتُ في وفدِ بني عامرٍ إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: أنتَ سيّدُنا، فقال: "السَّيدُ الله" قلنا: وأفضلُنا فَضْلاً، وأعظَمُنا طَوْلاً، فقال: "قولوا بِقَولكم، أو بعضِ قولكم، ولا يَسْتَجْرِيَنَّكُم الشَيطانُ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قُطَعَة، ومطرف: هو ابن عبد الله بن الشّخّير. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10005) عن حمد بن مسعدة، عن بشر بن المفضل، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (10003) من طريق قتادة، و (10004) من طريق غيلان بن جرير، كلاهما عن مطرف، به. وهو في "مسند أحمد" (16307). وقوله: "السيد الله" قال السندي في "شرحه على المسند": أشار إلى أن اسم السيد يطلق على المالك، وهذه الصفة حقيقة لله تعالى، ففي إطلاقه إيهامٌ تَركه أوْلى. نعم، قد يطلق على معانٍ يصح بها إطلاقه على غيره تعالى أيضاً، لكن تركه أقرب، سيما إذا كان فيه خوف الافتخار. وقال الحَلِيمي في تفسير لفظة "السيد" من كتابه "المنهاج في شعب الأيمان" 1/ 192: ومعناه المحتاجُ إليه على الاطلاقِ، فإن سيدَ الناس هو رأسُهم الذي إليه يرجعون، وبأمره يعملون، وعن رأيه يصدرون، ومن قوله يستمدون، فإذا كانت الملائكة والإنسُ والجن خلقاً للباري جَلَّّ ثناؤه ولم يكن بهم غُنيةٌ عنه في بدء أمرهم وهو الوجود. إذ لو لم يوجدهم لم يُوجَدوا, ولا في الابقاء بعد الإيجاد، ولا في العوارض العارضة أثناء البقاء، كان حقاً له جل ثناؤه أن يكون سيداً، وكان حقاً عليهم أن يدعوه بهذا الاسم. وقوله:: "طَوْلا" بالفتح، أي: سَعَة وقدرة لنفاذ حكمك فيهم. وقوله: "ولا يستجرينكم الشيطان"، قال ابن الأثير: أي: لا يَستَغلِبَنَّكَم فيتَّخذَكم جَرياً، أي: رسولاً ووكيلاً. وذلك أنهم كانوا مَدَحوه فكَرِه لهم المبالغة في المدح، =

11 - باب في الرفق

11 - باب في الرّفْق 4807 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن يونسَ وحُميدٍ، عن الحسن عن عبدِ الله بنِ مُغَفلٍ، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "إن اللهَ رفيق يُحِبُّ الرّفْقَ، ويُعطِي عليهِ ما لا يُعطِي على العُنْفِ" (¬1). ¬

_ = فنهاهُم عنه، يُريد: تكَلَّمُوا بما يحضُرُكم من القول، ولا تتكلفُوه كأنكم وُكَلاء الشيطان ورُسُلُه، تنطقُون عن لسانه. وقال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 112، قوله: " السيد الله": يريد أن الُسُّؤدُدَ حقيقة دله عز وجل، وأن الخلق كلُّهم عبيدْ له، وإنما منعهم فيما نرى أن يدعوه سيداً مع قوله: "أنا سيد ولد آدم" وقوله لبنى قريظة: "قوموا إلى سيدكم"، يريد: سعد بن معاذ، من أجل أنهم قوم حديث عهدهم بالإسلام، وكانوا يحسبون أن السيادة بالنبوة كهي بأسباب الدنيا، وكان لهم رؤساء يعظمونهم، وينقادون لامرهم، ويسمونهم السادات، فعلمهم الثناء عليه وأرشدهم إلى الأدب في ذلك، فقال: "قولوا بقولكم"، يريد: قولوا بقول أهل دينكم وملتكم وادعوني نبياً ورسولاً كما سماني الله عز وجل في كتابه، فقال {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ}، ولا تسموني سيداً كما تسمون رؤساءكم وعظماءكم، ولا تجعلوني مثلهم، فإني لستُ كأحدهم إذ كانوا يسودونكم بأسباب الدنيا، وأنا أسودكم بالنبوة والرسالة، فسموني نبياً ورسولاً. وقوله: "بعض قولكم"، فيه حذف واختصار ومعناه دعوا بعض قولكم واتركوه، يريد بذلك: الاقتصار في المقال. قال الشاعر: فبعضَ القول عاذِلتي فإني ... سيكفيني التجارب وانتسابي قلنا: قول الخطابى: لبني قريظة. خطأ، والصواب أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك للأنصار، كما جاء في "صحيح البخاري" (4121). (¬1) حديث صحيح، رجاله ثقات. والحسن -وهو البصري- أثبتْ سماعه من عبد الله بن مغفل الإِمام أحمد وابن المديني. حماد: هو ابن سلمة، ويونس: هو ابن عبيد بن دينار، وحميد: هو الطويل. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (472) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. =

4808 - حدَّثنا عثمانُ وأبو بكر ابنا أبي شيبة ومحمدُ بنُ الصَّبَّاح البزَّازُ، قالوا: حدَّثنا شريكٌ، عن المِقدام بنِ شُريحٍ، عن أبيه، قال: سألتُ عائشةَ عن البَدَاوةِ، فقالت: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يبدُو إلى هذه التَّلاعِ، وإنه أراد البَدَاوة مرةً، فأرسلَ إليَّ ناقةً مُحَرَّمةً من إبل الصَّدقة فقال لي: "يا عائشة ارفقي فإن الرّفق لم يكن في شيء قطُّ إلا زَانَه، ولا نُزِعَ مِن شيءٍ قطُّ إلا شَانَه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 512، وأحمد في "مسنده" (16802)، وعبد بن حميد (504)، والدارمي في "سننه (2793)، وابن أبي عاصم (1091)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 51 - 52، والطبراني في "مكارم الأخلاق" (23) من طرق عن حماد بن سلمة، به. وأخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (678) من طريق موسى بن إسماعيل التبوذكي، عن حماد، عن حميد وحده، به. وأخرجه أحمد في "مسنده" (16805) عن أسود، عن حماد، عن يونس وحده، به. ويشهد له حديث عائشة عند مسلم (2593) وحديث أنس بن مالك عند البزار (1961) و (1962)، ومن حديث أبي هريرة عند ابن ماجه (3688)، والبزار (1964) بسند حسن، ومن حديث علي رضي الله عنه عند أحمد (902)، والبزار (1960). وقوله: "رفيق"، قال السندي: أي: يعامل الناس بالرفق واللطف، ويكلفهم بقدر الطاقة. وقوله: "يحب الرفق": من العبد. وقوله: "على العُنف"، بضم فسكون: ضد الرفق، أي: من يدعو الناس إلى الهدى برفق ولطف خيرٌ من الذي يدعو بعنف وشدة إذا كان المحل يقبلُ الأمرين، إلا يتعين ما يقبله المحل، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال. (¬1) المرفوع من آخر الحديث صحيح، وقصةُ البداوةِ تفرد بها شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- بهذا اللفظ، وهو سيى الحفظ. وقد سلف الحديث عند المصنف برقم (2478). فانظر تمام تخريجه والتعليق عليه هناك.

قال ابنُ الصَّبَّاح في حديثِه: مُحرَّمة: يعني لم تُركَب. 4809 - حدَّثنا أبو بكرِ بن أبي شيبة، حدَّثنا أبو معاويةَ ووكيعٌ، عن الأعمشِ، عن تميم بن سَلَمَةَ، عن عبدِ الرحمن بنِ هِلالِ عن جَرِيرِ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن يُحرَم الرّفْقَ يُحْرَم الخيرَ كُلَّهٌ" (¬1). 4810 - حدَّثنا الحسنُ بنُ محمَّد بنِ الصّبَّاح، حدَّثنا عفانُ، حدَّثنا عبدُ الواحِدِ، حدَّثنا سليمانُ الأعمشُ، عن مالك بنِ الحارثِ -قال الاعمشُ: وقد سمعتُهم يذكرونَ- عن مُصعَب بنِ سعد عن أبيهِ -قال الأعمشُ: ولا أعلمه إلا- عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، قال: "التؤدَةُ في كل شيءِ، إلا في عملِ الآخرَةِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، ووكيع: هو ابن الجراح، والأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه مسلم (2592) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2592) عن أبي غريب، عن أبي معاوية وحده، به. وأخرجه مسلم (2592)، وابن ماجه (3687) من طرق عن وكيع وحده، به. وأخرجه مسلم (2592) من طريق جرير، و (2592) من طريق حفص، كلاهما عن الأعمش، به. وأخرجه مسلم (2592) من طريق منصور، عن تميم بن سلمة، به. وأخرجه مسلم (2592) من طريق محمَّد بن أبي إسماعيل، عن عبد الرحمن بن هلال، به. وهو في "مسند أحمد" (19208) و (19252)، و"صحيح ابن حبان" (548). (¬2) رجاله ثقات. لكن قال المنذري: لم يذكر الأعمش فيه من حدثه، ولم يجزم برفعه. وذكر محمَّد بن طاهر الحافظ هذا الحديث بهذا الإسناد، وقال: في روايته انقطاع وشك. عبد الواحد: هو ابن زياد. =

12 - باب في شكر المعروف

12 - باب في شُكرِ المعروف 4811 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا الربيعُ بنُ مسلم، عن محمَّد بن زياد عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "لا يَشْكُرُ الله من لا يَشْكُرُ النَّاس" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 1/ 63 - 64، والبيهقي في "الزهد الكبير" (708)، وفي "السنن" 10/ 194 من طريق محمَّد بن غالب، عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (792) عن إبراهيم بن الحجاج، والبيهقي في "الزهد" (709)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (97) من طريق طالوت بن عباد، كلاهما عن عبد الواحد، به. وقد رواه وكيع في "زهده" (261) ومن طريقه أخرجه ابن أبي شيبة 14/ 34، وأحمد في الزهد، ص 119 عن سفيان، عن الأعمش، عن مالك بن الحارث قال، قال عمر بن الخطاب. فجعله موقوفاً من قول عمر رضي الله عنه. وقرن بوكيع عند أحمد في "الزهد" عبد الرحمن. وإسناده منقطع بين مالك وعمر. وأخرج قول عمر البيهقي في "الشعب" (10604) من طريق إسماعيل ابن مسلم -وهو ضعيف-، عن أبي معشر، عن إبراهيم، قال: قال عمر ... فذكره. (¬1) إسناده صحيح. محمَّد بن زياد: هو القرشي الجمحي مولاهم. وأخرجه الترمذي (2069) من طريق عبد الله بن المبارك، عن الربيع بن مسلم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7504)، و"صحيح ابن حبان" (3407). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 113: هذا الكلام يتأول على وجهين، أحدهما: أن من كان طبعه وعادته كفرانَ نعمة الناس وتركَ الشكر لمعروفهم، كان من عادته كفرانُ نعمة الله وتركُ الشكر له سبحانه. والوجه الآخر: أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس، ويكفر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر.

4812 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادة عن ثابتٍ عن أنسِ بن مالك: أن المهاجرين قالوا: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، ذهبتِ الأنصارُ بالأجرِ كُله، قال: "لا، ما دعوتُمُ الله لهم، وأثنيتم عليهم" (¬1). 4813 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ, حدَّثنا بِشرٌ، حدَّثنا عُمارةُ بنُ غَزِيَّة، حدَّثني رجُلٌ مِن قومي عن جابر بنِ عبد الله، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن أعطي عَطَاءً فوجَدَ، فَليَجزِ بِهِ، فان لم يجِد، فليثنِ به، فمن أثنَى بهِ فقَد شكَرَهُ، ومن كتَمَهُ، فقد كفَرَهُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البناني. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9938) من طريق يحيى بن حماد، عن حماد، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2654) من طريق ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (13075) و (13122). (¬2) حديث حسن لغيره. وهذا إسناد ضعيف فيه رجل مبهم، وقد بينه أبو داود بإثر الحديث، فقال: هو شرحبيل، وشرحبيل هذا: هو ابن سعد الأنصاري، ضعفه غير واحد من الأئمة، لكنه يُعتبر به كما قال الدارقطني. وله طريق آخر حسن في المتابعات عند ابن عدي 1/ 356 فلعل حديث الباب يتقوى به، فيكون حسناً. وسيأتي عند المصنف برقم (4814) بنحوه وسنده رجاله رجال الصحيح، عدا شيخ أبي داود وهو ثقة. وله طريق آخر عند الترمذي (2153) بزيادة في آخره، وهي: "ومن تحلى بما لم يعطه، كان كلابس ثوبي زور". وإسناده حسن في المتابعات، وكذا قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (3415). وانظر ما بعده.

13 - باب في الجلوس في الطرقات

قال أبو داود: رواه يحيى بنُ أيوب، عن عُمارة بن غَزِيَّة، عن شُرَحبِيلَ، عن جابرِ. قال أبو داود: وهو شرحبيلُ، يعني رجلاً مِن قومي، كأنهم كرهوه، فلم يُسَمُّوه. 4814 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ الجرَّاح، حدَّثنا جرِيرُ، عن الأعمشِ، عن أبي سُفيانَ عن جابر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "من أبْليَ بلاءَ فذكره، فقد شكرَهُ، وإن كتمَهُ فقد كفَرَه" (¬1). 13 - باب في الجلوس في الطرقات 4815 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مَسْلَمةَ، حدَّثنا عبدُ العزيزِ -يعني ابن محمَّد- عن زيدِ -يعني ابنَ أسلَم- عن عطاء بن يَسَارِ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو سفيان: هو طلحة بن نافع. وانظر ما قبله. قال الخطابي: الإبلاء: الانعام، ويقال: أبليت الرجل، وأبليت عنده بلاءً حسناً، قال زهير: فأبلاهما خير البلاء الذي يبلو. وفي هامش "مختصر المنذري"، قوله: " من أبليَ بلاءَ"، أي: من أُنعم عليه نعمةٌ. والبلاء: في الخير والشر؛ لأن أصله الاختبار، وأكثر ما يستعمل في الخير مقيداً. قال الله سبحانه وتعالى: {وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا} [الأنفال: 17]، وأما في الشر: فقد يطلق. قال صاحب "الأفعال": بلاه الله بالخير والشر. وقال ابن قتيبة: أبلاه الله بلاءً حسناً. وبلاه يبلوه: أصابه بشر. وقال أبو الهيثم: النبلاء يكون حسناً، ويكون سيئاً. وأصله: المحنة، واللهُ يبلي عبده بالجميل ليمتحن شكره، ويبوه بالبلوى التي يكرهها ليمتن صبره. فقيل للحسن بلاءً، وللسيىء بلاءً.

عن أبي سعيدِ الخُدري، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "إيّاكُم والجُلُوسَ بالطُرُقاتِ " قالوا: يا رسُولَ اللهِ: ما بدُّ لنا مِنْ مجالِسِنا نتحدَّثُ فيها، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" إن أبيتم فاعطُوا الطريقَ حَقَّه"، قالوا: وما حق الطَريقِ يا رسولَ الله -ِ؟ قال: "غضُّ البصَرِ، وكَفُّ الأذى، وردُّ السَّلامِ، والأمرُ بالمعرُوفِ، والنَهيُ عن المُنكر" (¬1). 4816 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا بِشرٌ -يعني ابنَ المُفَضَّلِ، حدَّثنا عبدُ الرحمن ابنُ إسحاق، عن سعيدِ المقبُبرىّ عن أبي هريرة، عن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - في هذه القصة، قال: "وإرشادُ السبيلِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد العزيز بن محمَّد: هو الدراوردي. وأخرجه مسلم (2121) 4/ 1704 عن يحيى بن يحيى، عن عبد العزيز بن محمَّد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2465) و (6229)، ومسلم (2121)، وبإثر (2161) من طرق عن زيد بن أسلم، به. وهو في "مسند أحمد" (11309)، و"صحيح ابن حبان" (595). وانظر تمام تخريجه فيه. وقولهم: ما بُدٌّ لنا من مجالسنا نتحدث فيها، قال السندي في "حاشية على المسند": لم يريدوا رَدَّ النص وإنكاره، وإنما أرادوا عرض حاجتهم، وأنها هل تصلح للتخفيف أم لا. والبد: بضم الباء وتشديد الدال بمعنى الفرقة، أي: ما لنا فراق منها، والمعنى: أن الضرورة قد تلجئنا إلى ذلك، فلا مندوحة لنا عنه. (¬2) إسناده قوي. عبد الرحمن بن إسحاق: هو ابن عبد الله بن الحارث العامري ينحط عن رتبة الصحيح. =

4817 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عيسى النَّيسابُورىُّ، أخبرنا ابنُ المباركِ، أخبرنا جرِيرُ بنُ حازِم، عن إسحاقَ بنِ سويدٍ، عن ابنِ حُجَير العَدَوىّ، قال: سمعتُ عُمَرَ بنَ الخطاب، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، في هذه القِصَّةِ، قال "وتُغِيثُوا الملهُوفَ، وتَهْدُوا الضَّالَّ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الحاكم في "المستدرك " 4/ 264 - 265 من طريق يحيى بن محمَّد، عن مسدد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (596) من طريق محمَّد بن عبد الله بن بزيع، عن بشر بن المفضّل، به. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1149) من طريق سليمان بن بلال، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة. وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (3339) من طريق يحيى بن عبيد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة. ويشهد له ما قبله وما بعده. (¬1) حديث حسن لغيره. وهذا إسناد ضعيف، ابن حجير العدوي: مجهول، تفرد بالرواية عنه إسحاق بن سويد العدوي، ولم يوثقه أحد. وأخرجه البزار (2018 - كشف الأستار) عن محمَّد بن المثنى، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (165) من طريق عبد الله بن سنان، كلاهما عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. قال البزار: لا نعلم أسنده إلا جرير، ولا عنه إلا ابن المبارك، ورواه حماد بن زياد عن إسحاق بن سويد مرسلاً. وذكره الهيثمي في "المجمع " 8/ 62 عن البزار، وقال: رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن سنان، وهو ثقة. كذا قال: ولعله التبس عليه ابن حجير هذا المستور، فظنه عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني المصري الثقة الذي خرج له مسلم (ووقع في الإسناد عند البزار: ابن حجيرة بدل: ابن حجير في الإسناد). وأخرجه الطحاوي (166) من طريق حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن إسحاق بن سويد، عن يحيى بن يعمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. وهذا إسناد منقطع. ويشهد له ما سلف قبله، وانظر ما بعده.

4818 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى ابنُ الطبَّاع وكثيرُ بنُ عُبيدِ، قالا: حدَّثنا مروانُ بن معاوية، حدَّثنا حُميدٌ عن أنس، قال: جاءتِ امرأةٌ إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسولَ الله، إن لي إليكَ حاجةً، فقال لها: "يا أمِّ فلان، اجلسي في أىِّ نواحي السِّكَكِ شِئتِ، حتى أجلسَ إليكِ"، قال: فجلَسَت، فجلَسَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إليها حتى قضت حاجَتَها (¬1). لم يذكُرِ ابنُ عيسى: "حتى قَضَتْ حاجَتَها". وقال كثير: عن حُميد، عن أنس. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حميد: هو ابن أبي حميد الطويل. وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (3672) من طريق محمَّد بن هشام، عن مروان، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي في الشمائل، (324) من طريق سويد بن عبد العزيز، عن حميد، به. مختصراً. وأخرج أحمد في "مسنده" (11941) حدَّثنا هشيم، أخبرنا حميد، عن أنس قال: إن كانت الأمةُ من أهل المدينة لتأخُذُ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتنطلقُ به في حاجتها. وإسناده صحيح. وعلقه البخاري (6072) فقال: وقال محمَّد بن عيسى، حدَّثنا هشيم، أخبرنا حميد الطويل، حدَّثنا أنس بن مالك، قال: كانت الأمة من إماء أهل المدينة، لتأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتنطلق به حيث شاءت. قال الحافظ في "الفتح" 10/ 490: وإنما عدل البخاري عن تخريجه عن أحمد ابن حنبل لتصريح حميد في رواية محمَّد بن عيسى بالتحديث ... والبخاري يخرج لحميد ما صرح فيه بالتحديث. وأخرج ابن ماجه (4177) من طريق شعبة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أنس قال: إن كانت الأمة من أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت من المدينة في حاجتها. وعلي بن زيد: ضعيف الحديث. وهو في "مسند أحمد" (12197). وانظر ما بعده.

14 - باب في سعة المجلس

4819 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا حمادُ ابنُ سَلَمَةَ، عن ثابت عن أنس: أن امرأة كان في عقلِهَا شىءٌ: بمعناه (¬1). 14 - باب في سَعَةِ المجلس (¬2) 4820 - حدَّثنا القعنبيٌّ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ أبي المَوالِ، عن عبدِ الرحمن ابنِ أبي عَمرَةَ الأنصارىِّ عن أبي سعيدٍ الخُدري، قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "خيرُ المجالِسِ أوسعُها" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2326) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وجاء في روايته فخلا معها في بعض الطرق، قال النووي في "شرح مسلم" 15/ 83، أي: وقف معها في طريق مسلوك ليقضي حاجتها، ويفتيها في الخلوة، ولم يكن ذلك من الخلوة بالأجنبية، فإن هذا كان في ممر الناس ومشاهدتهم إياه اياها، لكن لا يسمعون كلامها. وهو في "مسند أحمد" (14046)، و"صحيح ابن حبان" (4527). وانظر ما قبله. (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن الأعرابي. (¬3) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة. وهو عند البيهقي في "الآداب" (307) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد بن حميد (981)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (1223) من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، به. وأخرجه أحمد في "مسنده" (11137) و (11663)، والبخاري في "الأدب المفرد" (1136) والقضاعي في "مسند إلشهاب" (1222)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" 2/ 64، والحاكم في "المستدرك"4/ 269، والبيهقي في "الشعب" (8241) من طرق عن عبد الرحمن بن أبي الموال، به. وجاء عند بعضهم في روايتهم زيادة.

15 - باب في الجلوس ببن الظل والشمس

قال أبو داود: هو عبدُ الرحمن بنُ عَمرو بنِ أبي عَمْرَةَ الأنصارىِّ. 15 - باب في الجلوس ببن الظل والشمس 4821 - حدَّثنا أحمد بن عَمرو ابنُ السَّرح ومخلَدُ بنُ خالدٍ، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن محمَّد بنِ المنكدِرِ، قال: حدَّثني من سَمعَ أبا هريرة يقولُ: قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان أحَدُكُم في الشمس -وقال مخلد: في الفيء- فَقَلَصَ عنهُ الظِّلُّ، وصارَ بعضُهُ في الشمسِ، وبعضُه في الظِّلُّ فليَقُم" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الراوي عن أبي هريرة. سفيان: هو ابن عيينة. وهو عند البيهقي في "السنن" 3/ 236 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (1138) عن سفيان بن عيينة، به. وأخرجه بنحوه أحمد في "مسنده" (8976) من طريق عبد الوارث، عن محمَّد بن المنكدر، عن أبي هريرة. مرفوعاً. وهذا إسناد منقطع، فإن محمَّد بن المنكدر لم يسمعه من أبي هريرة، كما في رواية ابن عيينة، ثم اختلف في رفع الحديث ووقفه، فرواه عبد الوارث وابن عيينة مرفوعاً كما سلف، ورواه معمر وإسماعيل بن إبراهيم بن أبان موقوفاً كما سيأتي. وأخرجه موقوفاً عبد الرزاق (19799)، ومن طريقه البيهقي 3/ 237، والبغوي (3335) عن معمر، عن ابن المنكدر، عن أبي هريرة. دون ذكر الواسطة بين ابن المنكدر وأبي هريرة. وأخرجه عبد الرزاق (19801)، ومن طريقه البيهقي 3/ 237 عن إسماعيل بن إبراهيم بن أبان، قال: سمعت ابن المنكدر يحدث بهذا الحديث عن أبي هريرة، قال: وكنت جالساً في الظل وبعضي في الشمس، قال: فقمت حين سمعته، فقال لي ابن المنكدر، اجلس لا بأس عليك إنك هكذا جلست.

4822 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن إسماعيلَ، قال: حدَّثني قيسٌ عن أبيه أنه جَاءَ ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يخطبُ، فقامَ في الشمسِ، فأمَرَ بهِ فحُوِّل إلى الظِّلُّ (¬1). ¬

_ = وأخرجه الحاكم 4/ 271 من طريق عبد الله بن رجاء، عن همام، عن قتادة، عن كثير بن أبي كثير، عن أبي عياض عمرو بن الأسود، عن أبي هريرة رفعه: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجلس الرجل بين الشمس والظل، وقال: صحيح الإسناد. قلنا: وعبد الله بن رجاء صدوق إلا عند المخالفة، والحديث رواه غيره عن همام، فجعله من حديث رجل من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- كما هو عند أحمد في "مسنده" (15421) وإسناده حسن. وانظر تمام تخريجه فيه. وفي الباب عن أبي حازم وهو الحديث الآتي بعد هذا. وإسناده صحيح. وعن بريدة الأسلمي عند ابن أبي شيبة 8/ 680، وابن ماجه (3722). وإسناده حسن. وقوله: "فقلص عنه"، قال السندي في "حاشته على المسند"، يقال: قَلَص بفتحتين، مخفف، ويشدد للمبالغة، أي: ارتفع، والمعنى: ارتفع الظل عنه، وبقي في الشمس، فليقم، فإنه مُضر، والحق في أمثاله التسليم لمقالته، فإنه يَعلَم ما لا نعلمُ، وقد جاء: فإنه مجلس الشيطان، وقيل: لعله يفسد مزاجه لاختلال حال البدن لما يحل به من المؤثِّرَيْن المتضادَّيْنِ. (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، وقيس: هو ابن أبي حازم. وهو عند البيهقي في "السنن" 3/ 218 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في الأدب المفرد، (1174) عن مسدد، به. وأخرجه أحمد في "مسنده" (15515)، وابن حبان في "صحيحه" (2800) من طريق يحيى بن سعيد، به. وأخرجه الطيالسي (1298)، وابن أبي شيبة 8/ 94، وأحمد في "مسنده" (15516) و (15517) و (15518) و (18305)، وابن خزيمة في "صحيحه"، (1453)، والطبراني في "الكبير" (7281)، والدولابى في "الأسماء والكنى" (1650)، والحاكم 4/ 271 و 272، والبيهقي في السنن" 3/ 218 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به.

16 - باب في التحلق

16 - باب في التَّحُلُق 4823 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن الأعمشِ حدَّثني المُسيَّب بنُ رافع، عن تميم بن طَرَفَةَ عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ، قال: دخَلَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- المسجدَ وهم حِلَقٌ، فقال: "مالي أراكُم عِزينَ" (¬1). 4824 - حدَّثنا واصلُ بنُ عبدِ الأعلى، عن ابنِ فُضيل، عن الأعمشِ، بهذا، قال: كأنه يُحِبُّ الجماعَةَ (¬2). 4825 - حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرٍ الوركانيُّ وهنادٌ، أن شريكاً أخبرهم، عن سِمَاكٍ عن جابر بنِ سَمُرَةَ، قال: كنَّا إذا أتينا النبي -صلى الله عليه وسلم- جلَسَ أحدُنا حيثُ ينتهي (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه مسلم (430) بمعناه وأتم منه، والنسائي في "الكبرى" (11558) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20874) و (20958). وقوله: "عزين" قال الخطابي في "معالم السنن " 4/ 114: يريد فرقاً مختلفين لا يجمعُكم مجلسٌ واحد. وواحد العزين: عِزة، يقال: عزة وعزون، كما قالوا: ثبة وثبون، ويقال أيضاً: ثبات، وهي الجماعاتُ المتميزة بعضُها عن بعض. وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. ابن فضيل: هو محمَّد. وانظر ما قبله. (¬3) شريك: وهو ابن عبد الله النخعي، سيىء الحفظ. وحسن له الترمذي هذا الحديث برقم (2923) بمتابعة زهير بن معاوية له عن سماك، ولم نقف على هذه المتابعة فيما بين أيدينا من المصادر. وللحديث شاهدان ضعيفان، يحتمل تحسين الحديث بهما. والله تعالى أعلم. وهناد: هو ابن السري، وسماك: هو ابن حرب.

17 - باب في الجلوس وسط الحلقة

17 - باب في الجلوس وسْطَ الحلْقة (¬1) 4826 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا قتادةُ، حدَّثني أبو مِجْلَزٍ عن حُذيفة: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - لعَنَ من جَلَسَ وسْطَ الحَلْقَةِ (¬2). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (5868) عن هناد وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2923) عن علي بن حجر، عن شريك، به. وهو في "مسند أحمد" (20855)، و "صحيح ابن حبان" (6433). وفي الباب عن علي بإسنادين ضعيفين عند ابن سعد 1/ 424، والطبراني في "الكبير" 22/ (414)، والبيهقي في "الدلائل" 1/ 290 ضمن حديث مطول جدّاً قال: وإذا انتهى -يعني النبي -صلى الله عليه وسلم-- إلى القوم جلس حيث ينتهي به المجلس، ويأمر بذلك. وعن مصعب بن شيبة عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الطبراني في "الكبير"، (7197) ولفظه: "إذا انتهى أحدكم إلى المجلس، فإن وسع له فليجلس، وإلا فلينظر إلى أوسع مكان يرى فليجلس". ومصعب بن شيبة لين الحديث. ومع ذلك فقد حسن الهيثمي إسناده في "المجمع " 8/ 59. (¬1) هذا التبويب أثبتناه من هامش (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن الأعرابي. (¬2) رجاله ثقات، إلا أن أبا مجلز لم يدرك حذيفة، قاله شعبة كما في المسند" لأحمد (23376). وقال ابن معين: لم يسمع منه. أبان: هو ابن يزيد العطار، قتادة: هو ابن دعامة. أبو مجلز: هو لاحق بن حميد. وأخرجه الترمذي (2956) من طريق شعبة، عن قتادة، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (23263). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 114: هذا يتأول فيمن يأتي حلقة قوم فيتخطى رقابهم، ويقعد وسطها ولا يقعد حيث ينتهي به المجلس فَلُعِنَ للأذى. وقد يكون في ذلك أنه إذا قعد وسط الحلقة حال بين الوجوه، وحجب بعضهم من بعض، فيتضررون بمكانه وبمقعده هناك.

18 - باب في الرجل يقوم للرجل عن مجلسه

18 - باب في الرجل يقوم للرجل عن مَجلِسه 4827 - حدَّثنا مُسْلِمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا شُعبةُ، عن عبدِ ربه بنِ سعيدٍ، عن أبي عبدِ الله مولى لآلِ أبي بُردةَ، عن سعيد بنِ أبي الحسن، قال: جاءَنا أبو بكرَةَ في شهادةِ، فقامَ له رجلٌ مِنْ مجلِسه، فأبى أن يجلِسَ فيه، وقال: إن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذا، ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يمسَحَ الرجُلُ يدَه بِثَوبِ مَن لم يَكسُه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبي عبد الله مولى آل أبي بردة. وهو عند البيهقي في "السنن" 3/ 233 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (871)، وابن أبي شيبة (3690)، وأحمد في "مسنده" (20450)، والبزار في "مسنده" (3690)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (1630) و (1631)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 272، والبيهقي في "السنن" 3/ 232، والمزي في "تهذيب الكمال" 34/ 33 - 34 من طرق عن شعبة، به. ووقع اسم أبي عبد الله عند البزار: أبو عبد الله مولى لقريش، وقال بإثره: لا نعلم أحداً سمى هذا الرجل مولى قريش، وجاء لفظه عد بعضهم: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا قام لك رجل من مجلسه، فلا تجلس فيه" أو قال: "لا تقم رجلاً من مجلسه ثم تجلس فيه" وهو كذلك في "المسند" (20486). وأخرج القطعة الثانية منه أبو نعيم الأصبهاني في "أخبار أصبهان " 2/ 44، والخطيب في "تاريخ بغداد، 3/ 197 و 12/ 343 من طريق المبارك بن فضالة، عن الحسن، عن أبي بكرة. وفي إسناده الواقدى، وهو متروك. ولقصة النهي عن الجلوس في مجلس من يقوم للرجل، شاهد مرفوع من حديث ابن عمر، سيأتي بعد هذا الحديث عند المصنف برقم (4828)، وهو في "المسند" (5567). وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " لا يُقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه فيجلس فيه". أخرجه أحمد في "مسنده" من حديث أبي هريرة (8462)، ومن حديث جابر (14144)، ومن حديث ابن عمر (4659). =

4828 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، أن محمدَ بنَ جعفرٍ حدَّثهم، عن شُعبة، عن عَقِيلِ بنِ طلحةَ، سمعتُ أبا الخصيب عن ابنِ عُمَرَ، قال: جاءَ رجل إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقام له رجلٌ عن مجلسه، فذهب ليجلسَ فيه، فنهاه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- (¬1). ¬

_ = وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا قام الرجل من مجلسه ثم رجع إليه، فهو أحق به"، أخرجه أحمد في "مسنده" من حديث أبي هريرة (7568)، ومن حديث أبي سعيد الخدري (11282)، ومن حديث وهب بن حذيفة (15483). وانظر تمام تخريجها وللقطعة الثانية من الحديث شاهد من حديث الحكم بن عمير عند الطبراني في "الكبير" (3191). بإسناده ضعيف. وانظر حديث ابن عمر الآتي بعده. وقوله: "أن يمسح الرجل يده بثوب من لم يكسه" قال القاري في "مرقاة المفاتيح" 4/ 583، أي: يثوب شخص لم يُلبِسه ذلك الرجلُ الثوبَ، والمراد منه: النهي عن التصرف في مال الغير والتحكم على من لا ولاية له عليه. وقال المظهر: معناه: إذا كانت يدك ملطخة بطعام، فلا تمسح يدك بثوب أجنبي، ولكن بإزار غلامك أو ابنك وغيرهما ممن ألبسته الثوب. قال الطيبي: لعل المرادَ بالثوب الأزار والمنديل ونحوهما، فلما أطلق عليه لفظ الثوب عقبه بالكسوة مناسبةً للمعنى، أي: نهى أن يمسح يده بمنديل الأجنبي، فيمسح بمنديل نفسه، أو منديل وُهِبَه من غلامه أو ابنه. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة حال أبي الخصيب -وهو زياد بن عبد الرحمن، فلم يؤثر توثيقه إلا عن ابن حبان، وقال الذهبي في الميزان": لا يعرف، ولم يرو عنه سوى عقيل بن طلحة، وبقية رجاله ثقات. وأخرجه بنحوه وبأطول منه أحمد في "مسنده" (5567) عن محمَّد بن جعفر، بهذا الإسناد. وأخرجه كذلك الطيالسي (1950)، والبيهقي في "السنن" 3/ 233 من طريق شعبة، به. =

19 - باب من يؤمر أن يجالس

قال أبو داود: أبو الخَصِيب اسمُه: زيادُ بنُ عبد الرحمن. 19 - باب مَن يُؤمَر أن يُجالِسَ 4829 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا أبانُ، عن قتادةَ ¬

_ = وللنهي عن الجلوس في مجلس من يقوم للرجل، صح عن ابن عمر موقوفاً أنه كان يكره ذلك، أخرجه البخاري في "صحيحه" (6270). وصح عنه من فعله أنه كان لا يجلس في مجلس من يقوم له، أخرجه أحمد في "مسنده" (5625)، والبخاري في الأدب المفرد، (1153)، والترمذي بإثر (2953)، قال النووي في "شرح مسلم" 14/ 160 - 161: فهذا ورع منه، وليس قعوده فيه حراماً إذا قام برضاه، لكنه تورع عنه لوجهين: أحدهما: أنه ربما استحى منه إنسان فقام له من مجلسه من غير طيب قلبه، فسدَّ ابن عمر الباب ليسلم من هذا. والثاني: أن الإيثار بالقُرَب مكروه أو خلاف الأولى، فكان ابن عمر يمتنع من ذلك، لئلا يرتكب أحدٌ بسببه مكروهاً أو خلافَ الأولى بأن يتأخر عن موضعه من الصف الأول ويؤثره به. وشبه ذلك. قال أصحابنا: وإنما يُحمدُ الإيثارُ بحظوظ النفوس وأمور الدنيا دون القُرَب والله أعلم. وقد صح من حديث ابن عمر عن النبي-صلى الله عليه وسلم-أنه قال: "لا يُقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه " أخرجه البخاري في "صحيحه" (6269)، ومسلم (2177)، والترمذي (2952) و (2953)، وهو في المسند" (4659)، و "صحيح ابن حبان" (586) و (587)، قال الإِمام النووي في "شرح مسلم" 14/ 160 معلقا على هذا اللفظ: استثنى أصحابنا من عموم قوله: "لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه، ما إذا أَلِفَ من المسجد موضعاً يُفتي فيه أو يقرئ فيه قرآناً أو غيره من العلوم الشرعية، فهو أحق به، وإذا حضر لم يكن لغيره أن يقعد فيه، وفي معناه من سبق إلى موضع من الشوارع ومقاعد الأسواق لمعاملة. وقد صح عن ابن عمر أنه قال: ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يخلف الرجلُ الرجلَ في مجلسه، وقال: إذا رجع فهو أحق به. أخرجه أحمد في "مسنده" (4874). وانظر تمام تخريجه فيه.

عن أنس، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَثَلُ المؤمنِ الذي يقرأُ القُرآنَ مَثَلُ الأُترُجَّةِ، ريحُها طيِّبُ وطعمُها طيِّبُ، ومَثَلُ المؤمنِ الذي لا يقرأ القُرآنَ مثَلُ التمرةِ، طعمُها طيِّبُ ولا رِيحَ لها، ومَثَلُ الفاجِرِ الذي يقرأُ القُرآن كمَثَلِ الرَّيحانةِ، ريحُها طيِّبٌ وطعمُها مُرٌّ، ومَثَلُ الفاجِرِ الذي لا يقرَأُ القُرآن كمَثَلِ الحنظَلَةِ، طعْمُها مرُّ ولا ريحَ لها، ومثلُ جليسِ الصَّالحِ كمَثَلِ صَاحِب المِسْكِ إنْ لم يُصِبْكَ منه شيءٌ أصابك مِن ريحه، ومَثَلُ جليسِ السُّوءِ كمَثَلِ صاحِبِ الكِيرِ، إن لم يُصِبْكَ من سَوَادِه أصَابك من دُخَانِه" (¬1). 4830 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ معاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شُعبة. وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى-المعنى- عن شعبة، عن قتادة، عن أنس عن أبي موسى، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، بالكلام الأول، إلى قوله: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبان: هو ابن يزيد العطار، وقتادة: هو ابن دعامة. وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (1381) من طريق يوسف بن يعقوب، عن مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (6700) من طريق الصعق، عن قتادة، به. مختصراً. والمحفوظ في هذا الحديث رواية أنس، عن أبي موسى، كما سيأتي بعد هذا الحديث، قاله المزي في "تحفة الأشراف" 1/ 298. وانظر الحديث الآتي برقم (4831). الأترجة: هو بضم الهمزة وتشديد الجيم: جنس شجر من الفصيلة البرتقالية وهو ناعم الأغصان والثمر والورقة، وثمره كالليمون الكبار، وهو ذهبي اللون، ذكي الرائحة، حامض الماء، ينبت في البلاد الحارة، يعرف في الشام باسم "ترلج " و"كبّاد" وفي مصر والعراق "أترج".

"وطعمها مُرُّ" (¬1)،-وزادَ ابن معاذ- قال أنس: وكنا نتحدَّثُ أن مَثَلَ جَليسِ الصالح، وساق بقيةَ الحديث. 4831 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ الصَّبَّاح العطارُ، حدَّثنا سعيدُ بن عامر، عن شُبَيل بن عَزْرَةَ عن أنسِ بنِ مالك، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَثَلُ الجَليِسِ الصَّالح" فذكر نحوه (¬2). 4832 - حدَّثنا عمرُو بنُ عَونٍ، أخبرنا ابنُ المبارَكِ، عن حيوَةَ بنِ شُريحِ، عن سالم بنِ غَيلانَ، عن الوليد بنِ قيس، عن أبي سعيد، أو عن أبي الهيثم عن أبي سعيدِ، عن النبيِّ- صلى الله عليه وسلم -، قال: "لا تُصَاحِبْ إلا مُؤْمِناً، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إلا تَقيٌّ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد، وابن معاذ: هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ. وأخرجه البخاري (5059) عن مسدد، عن يحيى وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (797)، وابن ماجه (214)، والنسائي في "الكبرى" (6699) و (8027) من طرق عن يحيى بن سعيد وحده، به. وأخرجه البخاري (5020) و (5427) و (7560)، ومسلم (797)، والترمذي (3081) من طرق عن قتادة، به. وبعضهم يزيد فيه على بعض لكنهم جميعاً دون قوله: "ومثل الجليس ... إلخ. وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (1175) بزيادة في آخره وهي قوله: "ومثل الجليس الصالح ... ، إلخ.-قلنا: وهي التي في الحديث السالف عند المصنف- من طريق عفان، عن أبان بن يزيد، عن قتادة، عن أنس، عن أبي موسى. وهو في "مسند أحمد" (19549) و (19614)، و"صحيح ابن حبان" (121) و (770) و (771). (¬2) إسناده صحيح. وانظر الحديث السالف برقم (4829). (¬3) إسناده حسن من أجل سالم بن غيلان - فإنه لا بأس به، والوليد بن قيس: صدوق حسن الحديث. والشاك في السند هو: سالم بن غيلان كما جاء مصرحاً به عند الترمذي. وابن المبارك: هو عبد الله. وأبو الهيثم: هو سليمان بن عمرو. =

4833 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدَّثنا أبو عامرٍ وأبو داود، قالا: حدَّثنا زهيرُ بنُ محمدٍ، حدَّثني موسى بن وَرْدانَ عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الرجُلُ على دِينِ خَليلِهِ، فلينظر أحدُكُم من يُخالِلُ" (¬1). 4834 - حدَّثنا هارونُ بنُ زيدِ بنِ أبي الزَّرقَاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا جعفرُ بنُ بُرقانَ، عن يزيدَ -يعني ابنَ الأصَمِّ- عن أبي هريرة يرفَعُهُ، قال: "الأرواحُ جُنُودٌ مُجنَّدَةٌ، فما تعارَفَ منها ائتلَفَ، وما تناكلرَ منها اختلَفَ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه على الشك الترمذي (2557) عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، بهذا الإسناد. وهو في "مسندأحمد" (11337)، و"صحيح ابن حبان" (554) و (555) و (560). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 115: هذا إنما جاء في طعام الدعوة دون طعام الحاجة، وذلك أن الله سبحانه قال: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8]، ومعلوم أن أسراهم كانوا كفاراً غير مؤمنين ولا أتقياء. وانما حذر من صحبة من ليس بتقي، وزجر عن مخالطته ومؤاكلته، فإن المُطاعمة توقعُ الألفةَ والمودةَ في القلوب. يقول: لا تُؤالف مَن ليَس مِن أهل التقوى والورع، ولا تتخذه جليساً تُطاعمه وتُنادمه. (¬1) إسناده حسن. موسى بن وردان صدوق. ابن بشار: هو محمَّد. وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو، وأبو داود: هو سليمان بن داود الطيالسي. وأخرجه الترمذي (2535) عن محمَّد بن بشار، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن غريب. وهو في "المسند" (8028). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه بزيادة في أوله مسلم (2638) من طريق كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2638) (159) من طريق ذكوان السمان، عن أبي هريرة. =

20 - باب في كراهية المراء

20 - باب في كراهية المِراءِ 4835 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو أُسامَةَ، حدَّثنا بُريدُ بنُ عبدِ الله، عن جده أبي بُردةَ عن أبي موسى، قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إذا بَعَثَ أحداً مِن أصحابِه في بعضِ أمره قال: "بَشِّرُوا ولا تُنَفِّرُوا، ويَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا" (¬1). 4836 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، حدَّثني إبراهيمُ بنُ المُهاجِرِ، عن مجاهدٍ، عن قائدِ السَّائبِ ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (7935) و (10956)، و"صحيح ابن حبان" (6168). وفي الباب عن عائشة، أخرجه البخاري (3336). وفي معنى الحديث ذكر الخطابي في "أعلام الحديث" 3/ 1530 وجهين، أصحهما -إن شاء الله تعالى-: أن يكون إشارةً إلى معنى التَّشاكُلِ في الخير والشَّرِّ، والصَّلاح والفَسَاد، فإن الخيِّرَ من النّاس يَحِنُّ إلى شَكْلِه، والشَّرِّيرَ يميلُ إلى نظيره ومثلِهِ، فالأرواحُ إنما تتَعارَفُ لغَرائبِ طباعِها التي جُبِلَت عليها من الخير والشرِّ، فإذا اتفَقَت الأشكالُ تعارفت وتآلفت، وإذا اختَلَفَت تنافَرَت وتناكرت، ولذلك صار الإنسانُ يُعرَفُ بقرِينِه ويعتبرُ حالُه بأليفه وصَحِيبِه. (¬1) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وأبو بردة: هو عامر بن عبد الله ابن قيس. وأخرجه مسلم (1732) (6) عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي غريب، كلاهما عن أبي أسامة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3038) و (6124)، ومسلم (1733) وص 1586 (70) وص 1586 - 1587 (71) من طريق سعيد بن أبي بردة، عن أبيه أبي بردة، به. وأخرجه البخاري (4341) و (4342) من طريق عبد الملك، و (4344) و (4345) و (7172) من طريق سعيد بن أبي بردة، كلاهما عن أبي بردة قال: بعث رسول الله -صلى الله ليه وسلم- أبا موسى ومعاذ ... إلخ. وهذا وإن كان ظاهره الإرسال لكنه متصل كما سلف تخريجه. وهو في "مسند أحمد" (19572) و (19742) و (19699)، و"صحيح ابن حبان" (5373) و (5376).

عن السائبِ، قال: أتيتُ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -، فجعلوا يُثنُون عليٍّ ويذْكُروني، فقال رسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: "أنا أعلمُكُم" يعني به، قلت: صدقتَ بأبي وأُمي، كنتَ شرِيكي، فنعمَ الشريكُ، كنت لا تُدارِي، ولا تُمارِي (¬1). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات غير إبراهيم بن مهاجر، فهو ضعيف الحديث وقد أخطأ فى إسناده فزاد فيه: قائد السائب -وهو مجهول- بين مجاهد -وهو ابن جبر الثقة- وبين السائب، وخالفه الثقات من أصحاب مجاهد فاسقطوه. قال المنذري في "المختصر": والسائب هذا قد ذكر بعضهم أنه قتل كافراً يوم بدر، قتله الزبير بن العوام، وذكر بعضهم أنه أسلم وحسن إسلامه، وهذا هو المعول عليه، وقد ذكره غير واحد من الأئمة في كتب الصحابة. وهذا الحديث قد اختلف في إسناده اختلافاً كثيراً، وذكر أبو عمر بن عبد البر أن هذا الحديث مضطرب جداً، منهم من يجعله للسائب بن أبي السائب، ومنهم من يجعله لأبيه، ومنهم من يجعله لقيس بن السائب، ومنهم من يجعله لعبد الله يعني عبد الله بن السائب، وهذا اضطراب لا تقوم به حجة. وقد تبعه في إعلاله بالاضطراب السهيلي والحافظ ابن حجر. وأخرجه ابن ماجه (2287) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان. بهذا الاسناد. وأخرجه أحمد (15505)،والنسائي في "الكبرى" (15071) من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن مجاهد، عن السائب بن أبي السائب، به، فلم يذكر قائد السائب. وأخرجه أحمد (15503) عن روح بن عبادة، عن سيف بن أبي سليمان، عن مجاهد، قال: كان السائب بن أبي السائب ... هكذا على صورة الإرسال. ولم يذكر قائد السائب كذلك. وانظر تمام تخريجه فى" سنن ابن ماجه". وقوله: "لا تداري" قال الخطابى: يعني لا تخالف ولا تمانع، وأصل الدرء: الدفع، يصفه - صلى الله عليه وسلم - بحسن الخلق والسهولة في المعاملة، وقوله: لا تماري: يريد المراء والخصومة. وقال ابن الأثير في "النهاية" في مادة (درأ): هو مهموز، وروي في الحديث غير مهموز، ليزاوج يماري.

21 - باب الهدي في الكلام

21 - باب الهَدْي في الكلام 4837 - حدَّثنا عبدُ العزيزِ بنُ يحيى الحرَّانيُّ، حدَّثني محمدٌ -يعني ابنَ سلمةَ-، عن محمَّد بنِ إسحاقَ، عن يعقوبَ بنِ عُتبةَ، عن عُمَرَ بنِ عبدِ العزيز، عن يوسفَ بنِ عبدِ الله بنِ سَلامٍ عن أبيهِ، قال: كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جلسَ يتحدَّثُ يُكثِرُ أن يرفعَ طَرْفَهُ إلى السَّماء (¬1). 4838 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاءِ، أخبرنا ابنُ بِشر، عن مِسْعَرٍ، قال: سمعتُ شيخاً في المسجدِ يقول: سمعتُ جابرَ بنَ عبدِ الله يقولُ: كان في كلامِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- تَرْييلٌ -أو تَرْسِيلٌ- (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح لغيره. محمَّد بن إسحاق وإن كان مدلساً قد صرح بالسماع عند الباغندي في "مسند عمر بن عبد العزيز" (4). وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الباغندي في "مسند عمر بن عبد العزيز" (4)، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 361 من طريق يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد. وأخرجه الباغندي (3) من طريق عبد السلام بن عبد الحميد، والخطيب في "تاريخ بغداد" 2/ 82 - 83 من طريق محمَّد بن أسد بن أبي الحارث، كلاهما عن محمَّد بن سلمة، به. فجعلاه من حديث يوسف بن عبد الله بن سلام عن النبي-صلى الله عليه وسلم-. ويوسف بن عبد الله معدود من صغار الصحابة. وله شاهد صحيح من حديث أبي موسى، أخرجه مسلم (2531)، وأحمد في "مسنده" (19566). (¬2) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة الراوي عن جابر، وباقي رجاله ثقات. ومسعر: هو ابن كدام. وهو عند البيهقي في "السنن" 3/ 207 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. =

4839 - حدَّثنا عثمانُ وأبو بكرِ ابنا أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا وكيعٌ، عن سفيانَ، عن أسامةَ، عن الزهريِّ، عن عُروة عن عائشة، قالت: كان كلامُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-كلاماً فَصْلاً، يفْهَمُهُ كلُّ مَنْ سَمِعهُ (¬1). 4840 - حدَّثنا أبو توبةَ، قال: زعَمَ الوليدُ، عن الأوزاعي، عن قُرَّةَ، عن الزهريِّ، عن أبي سلمة ¬

_ = وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (147) عن مسعر، عن شيخ أنه سمع جابر بن عبد الله أو ابن عمر يقول ... فذكره. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 14 عن وكيع، عن مسعر، عن شيخ قال سمعت ابن عمر أو جابراً ... فذكره. وفي الباب عن عائشة، سيأتي بعد هذا عند المصنف برقم (4839). (¬1) إسناده حسن. أسامة: -وهو ابن زيد- حسن الحديث. وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو الثوري، والزهري: هو محمَّد بن مسلم بن شهاب. وأخرجه الترمذي (3968) من طريق حميد بن الأسود، عن أسامة بن زيد، بهذا الإسناد. ولفظه: ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسرد سردكم هذا ,ولكنه كان يتكلم بكلام يُبيِّنه فَصْلٍ، يحفظُه من جلس إليه. وقال: حديث حسن صحيح. وأخرجه بنحو لفظ الترمذي النسائي في "الكبرى" (10173) من طريق سفيان، عن أسامة بن زيد، عن القاسم بن محمَّد بن أبي بكر، عن عائشة. وهو بلفظهما عند أحمد في "مسنده" (25077) و (26209). وفي الباب عن عائشة بلفظ: أن عائشة زوج النبي-صلى الله عليه وسلم- قالت: ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جانب حجرتى، يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُسمعُني ذلك، وكنت أُسبِّحُ، فقام قبل أن أقضي سُبْحتي، ولو أدركتُه لرددت عليه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يسردُ الحديث سَرْدَكُم. سلف عند المصنف برقم (3655). وإسناده صحيح. وانظر تمام تخريجه هناك.

22 - باب في الخطبة

عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" كلُّ كلامِ لا يُبدَأُ فيهِ بالحمدُ لله فهو أجذَمُ" (¬1). قال أبو داود: رواه يونسُ وعُقيلٌ وشُعيبٌ وسعيدُ بن عبد العزيز، عن الزهري، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، مرسلاً. 22 - باب في الخطبة 4841 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ وموسى بنُ إسماعيلَ، قالا: حدَّثنا عبدُ الواحِدِ بنُ زيادٍ، حدَّثنا عاصم بن كُلَيب، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف قرة -وهو ابن عبد الرحمن بن حَيْويل- ولاضطراب متنه. أبو توبة: هو الربيع بن نافع، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10255) عن محمود بن خالد، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (1894) من طريق عبيد الله بن موسى، عن الأوزاعي، به. وأخرجه النسائي (10256) من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري، به. وأخرجه النسائي (10257) من طريق عُقيل، و (10258) من طريق الحسن بن عمر، كلاهما عن الزهري، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً. ورجح الدارقطني في "العلل" 8/ 30 هذه الرواية المرسلة على الرواية الموصولة، قلنا: ومراسيل الزهري لا يعتد بها عند جمهور أهل العلم. وهو في "مسند أحمد" (8712)، و"صحيح ابن حبان" (1) و (2). وانظر تمام تخريج الحديث والتعليق عليه في "المسند". قوله: "بالحمدُ" بضم الدال على الحكاية. قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 116: "أجذم"، معناه: المنقطع الأبتر الذي لا نظام له، وفسَّره أبو عبيد، فقال: الأجذم: المقطوع اليد. وقال ابنُ قتيبة: الأجذم: بمعنى المجذوم في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من تعلم القرآن ثم نسيه لقي الله وهو أجذم".

23 - باب في تنزيل الناس منازلهم

عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "كلُّ خُطبَةٍ ليس فيها تشهُّدٌ فهي كاليدِ الجَذماء" (¬1). 23 - باب في تنزيلِ الناسِ مَنَازلَهم 4842 - حدَّثنا يحيى بنُ إسماعيلَ وابنُ أبي خَلَفٍ، أن يحيى بنَ يمانٍ أخبرهم، عن سفيانَ، عن حبيب بنِ أبي ثابتٍ، عن ميمونِ بنِ أبي شَبيبٍ أن عائشة مرَّ بها سائلٌ فاعطتهُ كِسرَةً، ومرَّ بها رجلٌ عليه ثيابٌ وهيئةٌ، فأقعدتَه، فأكَلَ، فَقِيل لها في ذلك، فقالت: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنزِلُوا النَّاسَ منازِلَهُم " (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد جيد من أجل والد عاصم: وهو كليب بن شهاب، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الترمذي في "سننه" (1132) من طريق ابن فضيل، عن عاصم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8018)، و"صحيح ابن حبان" (2796) و (2797). قال المناوي في "فيض القدير": "كل خطبة ليس فيها تشهد" وفي رواية "شهادة" موضع "تشهد". "فهى كاليد الجذماء"، أي: المقطوعة، والجذم: سرعة القطع، يعني: أن كل خطبة لم يؤت فيها بالحمد والثناء على الله، فهي كاليد المقطوعة التي لا فائدة بها إلى صاحبها. قال ابن العربي: وأراد بالتشهد هنا: الشهادتين، من إطلاق الجزء على الكل كما في التحيات. (¬2) حديث حسن إن شاء الله، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن ميمون بن أبي شبيب لم يدرك عائشة عند الأكثر. وابن أبي خلف: هو محمَّد، وسفيان: هو الثوري. وعلقه مسلم في "مقدمة صحيحه" ص 6 فقال: وقد ذكر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن ننزل الناس منازلهم. وأخرجه البيهقي في "الآداب" (299) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه أبو يعلى في "المسند " (4826)، وابن خزيمة في السياسة من "صحيحه" كما في "إتحاف المهرة" 17/ 574 للحافظ ابن حجر، وأبو الشيخ في" الأمثال" (241)، وأبو نعيم في "الحلية" 4/ 379 من طرق عن يحيى بن اليمان، به. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (15999)، وفي "الآداب" (300) من طرق عن يحيى بن اليمان، عن سفيان، عن أسامة بن زيد الليثي، عن عمر بن مخراق، عن عاثثمة. وهذا مرسل أيضاً. عمر بن مخراق لم يدرك عائشة. وحسنه السخاوي في "المقاصد الحسنة" ص 93، وصححه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص 49. وفي الباب عن معاذ بن جبل وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أما حديث معاذ فرواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" (46) من طريق بكر بن سليمان أبي معاذ، عن أبي سليمان الفلسطيني، عن عبادة بن نُسي، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، ولفظه: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنزل الناس منازلهم من الخير والشر، وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة". وهذا إسناد ضعيف. وأما حديث جابر بن عبد الله، فهو في "جزء الغسولي" بسند ضعيف فيما قال الحافظ السخاوي في "الجواهر والدرر" 1/ 59 (طبع دار ابن حزم) ولفظه: "جالسوا الناس على قدر أحسابهم، وخالطوا الناس على قدر أديانهم، وأنزلوا الناس على قدر منازلهم، وداروا الناس بعقولكم". وانظر ما بعده. قال أبو أحمد العسكري في "الأمثال" على هذا الحديث: هذا مما أدَّبَ به النبي-صلى الله عليه وسلم- أمته في إيفاء الناسِ حقوقَهم، من تعظيم العلماء، وإكرام ذي الشيبة، وإجلال "الكبير"، وما أشبهه. وقال مسلم في "مقدمة صحيحه" ص 6 قبيل الحديث: إنه لا يقَصَّرُ بالرَّجل العالي القدر عن درجته، ولا يُرفَعُ مُتَّضِعُ القَدْر في العلم فوق مَنزلَتِه، ويُعْطَى كل ذى حَق فيه حَقه، ويُنزل منزلته.

قال أبو داود: وحديثُ يحيى مختصرٌ. قال أبو داود: ميمون لم يُدرك عائشة. 4843 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ ابراهيمَ الصَّوَّافُ، حدَّثنا عبدُ الله بن حُمرانَ، أخبرنا عوفُ بن أبي جَميلةَ، عن زيادِ بن مِخْراقٍ، عن أبي كِنانةَ عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن من إجلالِ الله إكرامَ ذي الشيبَةِ المسلمِ، وحاملِ القُرآنِ غيرِ الغالي فيه والجافي عنه، وإكرَامَ ذي السُّلطَانِ المُقْسِطِ" (¬1). ¬

_ = ونقل السخاوي في "الدرر" عن غير مسلم معنى الحديث، فقال: الحضُّ على مراعاة مقادير الناس ومراتبهم ومناصبهم، وتففيل بعضهم على بعض في الإكرام في المجالس، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليلِني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم"، فيقدِّم الامامُ في القرب منه الأفضل فالأفضل من البالغين والعقلاء إكراماً لهم، ويعامل كل أحد بما يلائم منصبه في الدين والعلم والشرف والمرتبة، فإن الله أعطى كل ذي حق حقه، وكذا في القيام والمخاطبة والمكاتبة، وغير ذلك من الحقوق. نعم، سوّى الشرعُ بينهم في القصاص والحدود، وأشباهها, لكن في التعازير يُعزَّرُ كل أحد بما يليق به، وبهذا الحديث تمسَّك المتكلمون في التعديل والتجريح لرواة الأخبار، ليتميَّزَ صالحهم من طالحهم، والله تعالى الموفق. (¬1) إسناده حسن. أبو كنانة القرشي روى عنه ثلاثة، وحسن الذهبي حديثه هذا في "الميزان" 4/ 565، والحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 2/ 118، ونقل المناوي في "فيض القدير" 2/ 529 عن الحافظ العراقي أنه حسن إسناده كذلك. وهو عند البيهقي في "السنن" 8/ 163, وفي "الشعب" (2685) و (10986)، وفي "الآداب" (43) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه موقوفاً على أبي موسى: البخاري في "الأدب المفرد" (357) عن بشر ابن محمَّد، عن عبد الله بن حمران، به. وأخرجه كذلك موقوفاً على أبي موسى أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص90، وابن أبي شيبة 10/ 551، و 12/ 221 عن معاذ بن معاذ، عن عوف، به. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وفي الباب عن ابن عمر مرفوعاً أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 6/ 19، والعقيلي في "الضعفاء " 3/ 20، والبيهقي في "الشعب" (10985)، وموقوفاً عند البيهقي في الشعب" (2686). وإسناده ضعيف. وعن أبي أمامة أخرجه البيهقي في "الشعب" (9017) وإسناده ضعيف. وعن جابر بن عبد الله، أخرجه ابن عدي في "الكامل" 4/ 1596، والبيهقي في "الشعب" (2687) و (10984). وإسناده ضعيف. وعن أبي هريرة عند البيهقي في "الشعب" (10988). وإسناده ضعيف. وفي الباب مرسلاً، أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" ص 89، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" ص 55، والشاشي في "مسنده" (25) والبيهقي في "الشعب" (10840) من طريق الحجاج بن أرطأة، عن سليمان بن سحيم، عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وهذا الإسناد فيه علتان: الأولى: تدليس الحجاج بن أرطأة وعنعنته، والثانية: الانقطاع بين سليمان بن سحيم وبين طلحة، نص على ذلك البيهقي في "الشعب" بإثر روايته للحديث. وفي الباب أيضاً مرسلاً، أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" - زوائد الهيثمي" (734) عن أحمد بن إسحاق، حدَّثنا حماد بن سلمة، عن قتادة أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "من تعظيم جلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن، وامام العدل". وإسناده إلى قتادة صحيح. قال صاحب "عون المعبود":"إن من إجلال الله"، أي: تبجيله وتعظيمه، و"إكرام ذي الشيبة المسلم"، أي: تعظيم الشيخ الكبير في الإِسلام بتوقيره في المجالس والرفق به والشفقة عليه ونحو ذلك، كل هذا من كمال تعظيم الله لحرمته عند الله. والغلو: التشديد ومجاوزة الحد، يعني غير المتجاوز الحد في العمل به، وتتبع ما خفي منه، واشتبه عليه من معانيه وفي حدود قراءته ومخارج حروفه. قاله العزيزي. و"الجافي عنه"، أي: وغير المتباعد عنه المعرض عن تلاوته واحكام قراءته وإتقان معانيه والعمل بما فيه. وقيل: الغلو: المبالغة في التجويد أو الاسراع في القراءة بحيث يمنعه عن تدبر المعنى. والجفاء: أن يتركه بعد ما علمه لا سيما إذا كان نسيه , فإنه عُدّ من الكبائر. =

24 - باب في الرجل يجلس بين الرجلين بغير إذنهما

24 - باب في الرجل يجلس بين الرجُلَين بغير إذنهما 4844 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ وأحمدُ بنُ عَبْدةَ -المعنى- قالا: حدَّثنا حمادٌ، حدَّثنا عامِرٌ الأحولُ، عن عمرو بنِ شُعيب -قال ابنُ عبدة:- عن أبيه عن جدِّه، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُجلَسُ بينَ رجُلَينِ إلا بإذنهما" (¬1). 4845 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داودَ المَهرِىُّ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني أسامةُ ابنُ زيدٍ الليثىُّ، عن عَمرو بنِ شُعيبٍ، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يَحِل لرجُلٍ أن يُفَرِّقَ بينَ اثنينِ إلا بإذْنِهما" (¬2). ¬

_ = قال في "النهاية" ومنه الحديث: "اقرؤوا القرآن ولا تجفوا عنه"، أي: تعاهدوه ولا تبعدوا عن تلاوته بأن تتركوا قراءته وتشتغلوا بتفسيره وتأويله، ولذا قيل: اشتغل بالعلم بحيث لا يمنعك عن العمل، واشتغل بالعمل بحيث لا يمنعك عن العلم، وحاصله: أن كلاَّ من طرفي الإفراط والتفريط مذموم، والمحمود هو الوسط العدل المطابق لحاله - صلى الله عليه وسلم - في جميع الأقوال والأفعال، كذا في "المرقاة شرح المشكاة." (¬1) إسناده حسن. وهو في "مسند أحمد" (6999). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده حسن. وأخرجه الترمذي (2955) عن سويد، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1142) من طريق الفُرات بن خالد، عن أسا مة، به. وانظر ما قبله.

25 - باب في جلوس الرجل

25 - باب في جلوس الرجل 4846 - حدَّثنا سَلَمَةُ بنُ شَبيبٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ إبراهيمَ، قال: حدَّثني إسحاقُ بنُ محمَّد الأنصاريُّ، عن رُبَيح بنِ عبدِ الرحمن، عن أبيه عن جدِّهِ أبي سعيد الخُدريِّ: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - كان إذا جَلَسَ احتبَى بيدِه (¬1). قال أبو داود: عبدُ اللهِ بنُ إبراهيمَ شيخٌ منكرُ الحديثِ. ¬

_ (¬1) إسناده واه بمرة. عبد الله بن إبراهيم -وهو الغفاري- مجمع على ضعفه ونكارة حديثه، ونسبه ابن حبان والحاكم إلى الوضع، وإسحاق بن محمَّد الأنصاري: مجهول، ورُبيح بن عبد الرحمن: ضعيف، وأخرجه الترمذي في "الشمائل" (121)، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم- ص 247 من طريق سلمة بن شبيب، بهذا الإسناد. ولفظ أبي الشيخ: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا جلس احتبى بثوبه. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 1034، والبيهقي في "السنن" 3/ 236 من طريق محمَّد بن سعيد بن معاوية النصيبي، عن سلمة بن شبيب، به. ويغني عنه جملة أحاديث منها: حديث ابن عمر، أخرجه البخاري (6272) بلفظ: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, بفِناء الكعبة، مُحْتَبِياً بيده هكذا. وحديث ابن عباس عند مسلم (763) (185) في قصة مبيته عند خالته ميمونة، وفيه: فصلى إحدى عشرة ركعة. ثم احتبى، حتى إني لأسمع نَفَسَهُ راقِداً ... إلخ. وانظر ما سيأتي بعده. وحديث أبي هريرة عند أحمد (10891) وسنده حسن. وحديث عليٍّ عند أحمد (573) و (1310). وحديث رجل من بني سليط في "المسند" (16644) وسنده حسن.

26 - باب في الجلسة المكروهة

4847 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر وموسى بنُ إسماعيل، قالا: حدَّثنا عبدُ الله ابنُ حسَّانَ العنبَرىُّ، قال: حدَّثتني جدَّتاي صَفيةُ ودُحَيبة ابنتا عُلَيبةَ -قال موسى: بنتُ حرملةَ- وكانتا ربيبتَي قَيلَةَ بنتِ مخرمَةَ، وكانت جدَّةَ أبيهما أنها أخبرتهما: أنها رأتِ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - وهو قاعِدٌ القُرفُصَاءَ، فلما رأيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - المُختَشِعَ -وقال موسى: المُتَخشِّعَ- في الجِلْسةِ، أرعِدْتُ مِنَ الفَرَقِ (¬1). 26 - باب في الجِلْسَةِ المكروهة (¬2) 4848 - حدَّثنا عليٍّ بنُ بَحْرِ، حدَّثنا عيسى بنُ يُونُس، حدَّثنا ابنُ جُريجِ، عن ابراهيمَ بنِ ميسرةَ، عن عَمرِو بنِ الشريدِ ¬

_ (¬1) إسناده حسن. وراوي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو قيلة بنت مخرمة. وهو عند البيهقي في "السنن" 3/ 235 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1178) عن موسى بن إسماعيل، عن عبد الله بن حسان، به. وأخرجه الترمذي في "الشمائل" (119) من طريق عفان بن مسلم، عن عبد الله ابن حسان، به. وأخرجه ضمن حديث مطول ابن سعد في "الطبقات" 1/ 317 - 320 عن عفان ابن مسلم، والطبراني في "الكبير" 25/ (1)، والمزي في "تهذيب الكمال" 35/ 275 - 279 من طريق عبيد الله بن محمَّد، كلاهما عن عبد الله بن حسان، به. وله شاهد من حديث أبي أمامة الحارثي عند أبي الشيخ في "أخلاق النبي-صلى الله عليه وسلم-" ص 247، والطبراني في "الكبير" 1/ (794). قال الخطابي في "معالم السنن " 4/ 117، " القرفصاء": جلسة المحتبي، وليس هو الذي يحتبي بثوبه لكنه الذي يحتبي بيديه. وانظر ما قبله من حديث أبي سعيد. (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (هـ).

27 - باب النهي عن السمر بعد العشاء

عن أبيه الشِّريدِ بنِ سُويد، قال مرَّ بي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا جالِسٌ هكذا، وقد وضعتُ يدي اليُسرى خلفَ ظهري، واتكأتُ على أليةِ يَدي، فقال: "أتقعدُ قِعدَةَ المغضُوبِ عليهم؟! " (¬1). 27 - باب النهي عن السَّمَر بعد العشاء 4849 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن عوفٍ، حدَّثني أبو المنهالِ عن أبي بززَة، قال: كانَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ينهى عن النومِ قبلَها والحديثِ بعدَها (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات إلا أن ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- مدلس، وقد عنعن. وهو عند البيهقي في "السنن " 3/ 236، وفي "الآداب" (313) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (19454) عن علي بن بحر، به. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، (5674)، والطبراني في "الكبير" (7242)، والحاكم 4/ 269، والبيهقي في "السنن" 3/ 236 من طرق عن عيسى بن يونس، به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي! وأخرجه الطبراني (7243) من طريق مندل، عن ابن جريج، به. ألية الكف: أصل الابهام، وما تحت ذلك من أسفل الراحة لما غلظ منها. والقعدة بكسر فسكون: اسم لهيئة القعود، وبفتح فسكون: اسم للمرة الواحدة من القعود. (¬2) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، عوف: هو ابن أبي جميلة، وأبو المنهال: هو سيَّار بن سلامة الرِّياحي. وأخرجه مطولاً البخاري (599) عن مسدد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (701) عن محمَّد بن بشار، عن يحيى بن سعيد، به. وأخرجه البخاري (547) مطولاً، وابن ماجه (701)، والترمذي (166)، والنسائي في "الكبرى" (1524) من طرق عن عوف بن أبي جميلة، به. =

28 - باب الرجل يجلس متربعا

28 - باب الرجل يجلس متربعاً 4850 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا أبو داود الحَفَرِىُّ، حدَّثنا سفيانُ الثورىُّ، عن سِمَاك بنِ حربِ عن جابر بنِ سمرَةَ، قال: كانَ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - ِو إذا صلَّى الفجرَ تربَّع في مجلسِه، حتى تطلُعَ الشمسُ حسنَاء (¬1). 29 - باب في التَّناجي 4851 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ وحدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا عيسى بنُ يونس، حدَّثنا الأعمشُ، عن شقيقِ -يعني ابنَ سلمة- عن عبدِ اللهِ قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَنْتَجي اثنانِ دون الثالثِ، فإن ذلك يُحْزُنُه" (¬2). ¬

_ = وهو في "المسند" (19796)، و"صحيح ابن حبان" (5548). وقد سلف مطولاً عند المصنف (398) من طريق شعبة عن أبي المنهال، عن أبي برزة. وانظر تمام تخريجه هناك. ينهى عن النوم قبلها: يعني صلاة العشاء لما فيه من خوف فوت جماعة العشاء. والحديث بعدها، أي: المحادثة بعدها ,لأنه يؤدي إلى الإكثار، فيؤدي إلى تفويت قيام الليل، بل صلاة الصبح أيضاً. (¬1) إسناده حسن، سماك -وهو ابن حرب- صدوق حسن الحديث إلا في روايته عن عكرمة. أبو داود الحفري: هو عمر بن سعد. وقد سلف برقم (1294). (¬2) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، والاعمش: هو سليمان ابن مهران. وأخرجه مسلم (2184) عن أبي بر بن أبي شيبة وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2184)، وابن ماجه (3775)، والترمذي (3037) من طرق عن أبي معاوية وحده، به. =

4852 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يونسَ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صالح عن ابنِ عُمَرَ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، مثلَه، قال أبو صالحٍ: فقلتُ لابنِ عمرَ: فأربعة؟ قال: لا يضُرُّكَ (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2184) عن إسحاق بن إبراهيم، عن عيسى بن يونس وحده، به. وأخرجه مسلم (2184)، والترمذي (3037) من طريق سفيان، وابن ماجه (3775) من طريق وكيع، كلاهما عن الأعمش، به. وأخرجه البخاري (6290)، ومسلم (2184) من طريق منصور، عن أبي وائل شقبق، به. وهو في "مسند أحمد" (3560)، و"صحيح ابن حبان" (583). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 117: إنما يحزنه ذلك لأحد معنيين: أحدهما: أنه ربما يتوهم أن نجواهما إنما هو لتبييت رأي فيه أو دسيس غائلة له. والمعنى الآخر: أن ذلك من أجل الاختصاص بالكرامة وهو محزن صاحبه. (¬1) إسناده صحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، (584) عن أبي خليفة، عن مسدد، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (4685) عن يحيى بن سيد، و (5023) من طريق شعبة، كلاهما عن الأعمش، به. وأخرجه دون سؤال أبي صالح البخاري (6288)، ومسلم (2183) من طريق نافع، وابن ماجه (3776) من طريق عبد الله بن دينار، كلاهما عن ابن عمر. وهو في "المسند" (4450) من طريق محمَّد بن يحيى بن حبان، ومن طريق عبد الله ابن دينار (4564)، ومن طريق نافع (4874)، ثلاثتهم عن ابن عمر. وانظر تمام تخريجه فيه في مواضعه. قال صاحب "عون المعبود" 13/ 137 تعليقاً على قوله: فقلت لابن عمر: فأربعة: أي: التناجي المنهي عنه هو إذا كانوا ثلاثة، فأما إذا كانوا أربعة ويتناجى اثنان دون اثنين، فأجاب ابن عمر بقوله: لا يضرك، أي: الاستئناس الثالث بالرابع. قال النووي: في هذه الأحاديث النهي عن تناجي اثنين بحضرة ثالث، وكذا ثلاثة بحضرة واحد، وهو نهى تحريم، فيحرم على الجماعة المناجاة دون واحد منهم إلا =

30 - باب إذا قام من مجلسه ثم رجع

30 - باب إذا قام من مَجْلِسه ثم رجع 4853 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن سهيلِ بنِ أبي صالح، قال: كنت عندَ أبي جالساً وعنده غُلامٌ، فقامَ، ثم رجَعَ، فحدَّث أبي عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قَامَ الرَّجُلُ من مجلسٍ ثم رجَعَ إليه فهُوَ أحَقُّ به" (¬1). 4854 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، حدَّثنا مُبشِّرٌ الحلبيُّ، عن تمامِ ابنِ نَجيح عن كعبٍ الإيادىِّ، قال: كنتُ أختلِفُ إلى أبي الدرداء، فقال أبو الدرداء: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إذا جلَس وجلسنا حوله، فقام فأراد الرُّجُوعَ، نزعَ نعليْهِ أو بعضَ ما يكونُ عليه، فيعرف ذلك أصحابُه، فيثبتُون (¬2). ¬

_ = أن يأذن. ومذهب ابن عمر رضي الله عنه ومالك وأصحابنا وجماهير العلماء أن النهي عام في كل الأزمان، وفي الحضر والسفر، وأما إذا كانوا أربعة فتناجى اثنان دون اثنين، فلا بأس بالإجماع. (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه مسلم (2179)، وابن ماجه (3717) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7568)، و"صحيح ابن حبان" (588). (¬2) إسناده ضعيف لضعف تمام بن نجيح، وجهالة كعب الايادي - وهو: ابن ذهل، ومبشِّر الحلبي: هو مبشر بن إسماعيل. وهو عند البيهقي في "السنن" 6/ 151 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وتحرف اسم كعب الإيادي إلى أي بن كعب. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (426) من طريق محمَّد بن أبي أسامة، عن مبشر، به. وتحرف في المطبوع مبشر إلى بشر.

31 - باب كراهية أن يقوم الرجل من مجلسه ولا يذكر الله عز وجل

31 - باب كراهية أن يقوم الرجل من مجلسه ولا يذكر الله عز وجل (¬1) 4855 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح البزازُ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ زكريا، عن سهيلِ بنِ أبي صالحٍ، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما مِنْ قومٍ يقومونَ مِن مجلسٍ لا يذكرونَ اللهَ فيهِ إلا قاموا عن مثلِ جيفةِ حمارٍ، وكان لهم حسرَةً" (¬2). ¬

_ (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (هـ). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. إسماعيل بن زكريا صدوق حسن الحديث. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10169) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، عن سهيل بن أبي صالح , بهذا الاسناد. وهو من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة عند أحمد في "مسنده" (9052)، و"صحيح ابن حبان" (590) ولفظ ابن حبان: "ما اجتمع قوم في مجلس، فتفرقوا من غير ذكر الله، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة". وأخرجه الترمذي (3677) من طريق صالح مولى التوأمة، عن أبي هريرة بلفظ: "ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه، ولم يصلوا على نبيهم. إلا كان عليهم ترة، فإن شاء عذَّبهم، وإن شاء غفر لهم"، وقال: حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن أبى هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في "مسند أحمد" (9764). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10163) من طريق عبد الرحمن، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة بلفظ: "ما اجتمع قوم، ثم تفرقوا قبل أن يذكروا الله، إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار". وسيرد عند المصنف بنحوه برقم (4856). وقوله: ترة. قال الخطابي: أصل الترة النقص، ومعناها هاهنا: التبعة، يقال: وترت الرجل تِرة على وزن وعدتُه عِدة، ومنه قول الله تعالى: {وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ} [محمد:35].

32 - باب في كفارة المجلس

4856 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن ابنِ عجلانَ، عن سعيدٍ المقبريِّ عن أبي هريرة، عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من قعدَ مقعداً لم يذكرِ الله فيه كانت عليهِ من الله تِرَةٌ، ومن اضطجع مَضجعاً لا يَذكُرُ اللهَ فيه كانت عليهِ من الله تِرَةٌ" (¬1). 32 - باب في كفَّارةِ المجلس 4857 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهْب، أخبرني عمرو، أن سعيدَ بنَ أبي هلال حدثه، أن سعيدَ بنَ أبي سعيد المقبرىَّ حدَّثه عن عبدِ الله بنِ عَمرو بن العاص، أنه قال: كلماتٌ لا يتكلَّمُ بهنَّ أحدٌ في مجلسه عندَ قيامه ثلاثَ مراتٍ إلا كُفِّرَ بهنَّ عنهُ، ولا يقولُهن في مجلِسِ خيرٍ ومجلسِ ذكرِ إلا خُتِمَ له بهنَّ عليه، كما يُختم بالخاتِم ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. ابن عجلان -وهو محمَّد- صدوق حسن الحديث، والليث: هو ابن سعد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10164) و (10585) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. ورواية النسائي الثانية مختصرة. وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (853). وأخرجه بنحوه ومعناه النسائي في "الكبرى" (10165) و (10584) من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي إسحاق مولى عبد الله بن الحارث، عن أبي هريرة. وزاد في الإسناد بين سعيد المقبري وبين أبي هريرة أبا إسحاق -وهو مجهول-. وكذلك جاء في "مسند أحمد" بإثر الرواية (9583). وسيأتي برقم (5059). وانظر ما قبله. تنبيه: وقع في بعض روايات النسائي وفي رواية أحمد (9583): إسحاق بدل أبي إسحاق، وهو وهم نبه عليه الحافظ المزي في "تحفة الأشراف" 10/ 426.

على الصحيفةِ: سُبحانَكَ اللهم وبحمدِك، لا إلهَ إلا أنتَ، أستغفِرُك وأتوبُ إليك (¬1). 4858 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، قال: قال عمرو، وحدَّثني بنحوِ ذلك عبدُ الرحمن بنِ أبي عمرو، عن المقبُري عن أبي هريرة، عن النبيِّ- صلى الله عليه وسلم -، مثله (¬2). 4859 - حدَّثنا محمدُ بنُ حاتِم الجَرْجَرَائيّ وعثمانُ بنُ أبي شيبةَ -المعنى- أن عبدةَ بنَ سليمانَ أخبرهم، عن الحجاج بن دينار، عن أبي هاشم، عن أبي العالية عن أبي برْزَةَ الأسلمي، قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول بأخَرَةٍ إذا أرادَ أن يقوم مِن المجلس: "سبحانَكَ اللهُمَّ وبِحمدِكَ، أشهدُ أن لا ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو موقوف. ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو: هو ابن الحارث بن يعقوب الأنصاري. وأخرجه ابن حبان في "صحيه" (593)، والمزي في "تهذيب الكمال" 17/ 317 من طريق حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد. ويشهد له ما بعده. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال عبد الرحمن بن أبي عمرو. ابن وهب: هو عبد الله، وعمرو: هو ابن الحارث بن يعقوب الأنصاري. وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" 17/ 317 من طريق حرملة، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه الترمذي (3732)، والنسائي في "الكبرى" (10157) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (8818) و (10415)، و"صحيح ابن حبان" بإثر (593) و (594). وانظر تتمة أحاديث الباب في " المسند"، في الموضع الثاني.

33 - باب رفع الحديث من المجلس

إله إلا أنتَ، أستغفِرُك وأتوبُ إليك"، فقال رجلٌ: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -, إنكَ لَتقُولُ قولاً ما كنتَ تقولُه فيما مضَى، فقال: "كفارةٌ لما يكونُ في المجلسِ" (¬1). 33 - باب رفْع الحديثِ من المَجْلِس 4860 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ، حدَّثنا الفِريابىُّ، عن إسرائيلَ، عن الوليدِ -قال أبو داود: ونسبه لنا زهيرُ بنُ حَرْب، عن حُسين بنِ محمَّد، عن إسرائيلَ، في هذا الحديثِ، قال: الوليدُ بنُ أبي هشام- عن زيدِ بنِ زائد عن عبدِ الله بنِ مسعود، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" لا يُبَلِّغني أحَد من أصحابي عن أحدٍ شيئاً، فإني أُحِبُّ أن أخرُجَ إليكُم وأنا سليمُ الصَّدرِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو هاشم: هو يحيى بن دينار، وأبو العالية: هو رفيع بن مهران. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10187) من طريق عيسى، عن الحجاج بن دينار، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19812). وانظر ما سلف قبله من حديث أبي هريرة. وأبو بَرْزَةَ: اسمه نضلة بن عُبيد أسلم قديماً وشهد فتح مكة. (¬2) إسناده ضعيف. لجهالة زيد بن زائد -وقيل: زائدة- والوليد: وهو ابن هشام -أو ابن أبي هشام- مستور. الفريابي: هو محمَّد بن يوسف، وإسرائيل: هو ابن يونس. وأخرجه الترمذي (4234) عن محمَّد بن يحيى، عن محمَّد بن يوسف الفريابي وحده، بهذا الإسناد. وفيه قصة. وأخرجه الترمذي (4235) من طريق عبد الله بن محمَّد، عن عبيد الله بن موسى والحسين بن محمَّد، كلاهما عن إسرائيل، عن السُّدِّي، عن الوليد، به. وزاد في الإسناد السُّدَّىَّ بين إسرائيل والوليد. وهو في "مسند أحمد" (3759) وانظر تمام التعليق عليه وتخريجه فيه.

34 - باب في الحذر من الناس

34 - باب في الحذر مِن الناس 4861 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارِسٍ، حدَّثنا نوحُ بنُ يزيدَ بنِ سيَّارٍ المؤدِّبُ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعْدِ، قال: حدَّثنيه ابنُ إسحاق، عن عيسى بنِ معمر، عن عبدِ الله بنِ عمرو بنِ الفَغْواء الخُزاعىِّ عن أبيه، قال: دعاني رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وقد أرادَ أن يبعثَني بمالٍ إلى أبي سفيانَ يقسِمُه في قُريشٍ بمكة بعدَ الفتح، فقال: "التمَس صاحباً"، فجاءني عمرو بنُ أميّه الضَمرىُّ، فقال: بلغني أنك تريدُ الخروجَ وتلتمسُ صاحباً، قال: قلت: أجل، قال: فانا لكَ صاحِبٌ، قال: فجئتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، قلتُ: قد وجدتُ صاحباً، قال: فقال: "من؟ " قلتُ: عمرُو بن أُميّه الضَّمرِىُّ، قال: "إذا هبطت بلادَ قومِهِ فاحذرهُ، فإنهُ قد قال القائلُ: أخُوكَ البِكرِيَّ ولا تأمنْه" فخرجنا حتى إذا كنتُ بالأبواء، قال: إني أرِيدُ حاجةً إلى قومي بودَّانَ، فتلبَّثْ لي، قلتُ: راشداً، فلما ولّى ذكرتُ قول النبي-صلى الله عليه وسلم-، فشددتُ على بعيري، حتى خرجتُ أوْضِعُهُ، حتى إذا كنت بالأصَافِرِ إذا هو يُعارِضُني في رهطٍ، قال: وأوضعتُ فسبقتُه، فلما رآني قد فتُّه انصَرَفُوا، وجاءني فقال: كانت لي إلى قومي حاجَةٌ، قال: قلت: أجل، ومضينَا حتى قَدِمنا مكَةَ، فدفعتُ المالَ إلى أبي سفيان (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة حال عبد الله بن عمرو بن الفغواء. قال الذهبي في الميزان: لا يعرف. وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 129 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 4/ 296، وأحمد في "مسنده" (22492)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 214، وأبو الشيخ في "الأمثال" (119)، وابن =

4862 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا ليثٌ، عن عُقَيلِ، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب ¬

_ = عبد البر في "الاستيعاب" 2/ 523 - 524، وابن الأثير في "أسد الغابة" 4/ 262، والمزي في "تهذيب الكمال" 15/ 368 - 369 من طرق عن نوح بن يزيد، به. وبعضهم يختصره. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (73) من طريق أحمد بن محمَّد بن أيوب، عن إبراهيم بن سعد، به. وعلقه البخاري مختصراً 7/ 39 وقال نوح بن يزيد .. فذكره. وفيه تصريح محمَّد بن إسحاق بالتحديث عن عيسى بن معمر. ولتمثل النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمثل: "أخوك البكري ولا تأمنه" شاهد لا يفرح به من حديث عمر بن الخطاب عند العقيلي في "الضعفاء" 2/ 72، والطبراني في "الأوسط" (3786)، وابن عدي في "الكامل" 1/ 318 و 3/ 1056، وأبي الشيخ في "الأمثال" (118). وفيه زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو متفق على ضعفه، وقال البخاري: فكر الحديث، وأبوه ضعيف جداً. وثان من حديث المسرر بن مخرمة عند أبي الشيخ في "الأمثال" (120)، وفيه من لم نتبينه. وقوله: "أخوك البِكري لا تأمنه" قال السندي في "حاشيته على المسند": ضبط بكسر الباء، أي: الذي وَلَدَه أبواك أولاً، قيل: المعنى أخوك شقيقك خَفه واحْذَرْهُ، فهو مبالغة في التحذير. قلت (القائل السندي): والظاهر أن المرادَ الأكبر منك سناً، أريدَ به ها هنا القوي الغالب دونَ الضعيف، وهو المناصب بالحذر عند هبوطه في بلاد قومه. قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 118: هذا مثل مشهور للعرب، وفيه إثبات الحذر واستعمال سوء الظن، وأن ذلك إذا كان على وجه طلب السلامة من شر الناس لم يأثم به صاحبه ولم يحرج فيه. وقوله "أُوضِعُه " من الإيضاح، وهو الاسراع في السير. قلنا: والأبواء والأصافر: مواضع بين مكة والمدينة. وعمرو بن أمية الضمري صحابي معروف، انظر ترجمته في "طبقات ابن سعد" 4/ 248 - 249.

35 - باب في هدي الرجل

عن أبي هريرة، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا يُلْدَغُ المؤمِنُ مِن جُحْرِ واحِدٍ مرَّتينِ" (¬1). 35 - باب في هَدْي الرَّجُلِ 4863 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، أخبرنا خالدٌ، عن حُميدِ عن أنس، قال: كان النبي-صلى الله عليه وسلم- إذا مشَى كأنه يتوكّأُ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وعقيل: هو ابن خالد. وأخرجه البخاري (6133)، ومسلم (2998) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (3982) عن محمَّد بن الحارث المصري، عن الليث، به. وأخرجه مسلم (2998) من طريق ابن أخي ابن شهاب، عن عمه ابن شهاب , به. وهو في "مسند أحمد" (8928)، و"صحيح ابن حبان" (663). قال الخطابي في "أعلام الحديث" 3/ 2202: وهذا لفظه خبَرٌ، ومعناه أمرٌ. يقول: لِيَكُن المؤمنُ حازماً حَذِراً لا يُوتَى من ناحية الغَفْلة، فيخدع مرة بعد أخرى، وقد يكون ذلك في أمر الدِّين، كما يكون في أمر الدنيا، وهو أولاهُما بالحَذَرِ. وقد يَرويه بعضهم: لا يلدغِ المؤمن -بكسر الغَين- في الوَصل , فيتحقق معنى النهي فيه على هذه الرواية. وقال أبو عُبيد في "الأمثال": معناه: لا ينبغي للمؤمِن إذا نُكِبَ من وجهٍ أن يعودَ إليه. وفي الحديث تحذير من التغفيل، وإشارة إلى استعمال الفطنة. (¬2) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن الواسطي، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل. وأخرجه ضمن حديث الترمذي (1850) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن حميد، عن أنس. قال صاحب "بذل المجهود": "يتوكأ": أي يتكئ على عصا، معناه: أنه يميل إلى قدّام فلا يمشي مشي الجبابرة المتكبرين بارزاً صدره.

4864 - حدَّثنا حسينُ بنُ مُعاذ بنِ خُلَيفٍ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا سعيدٌ الجُريرىُّ عن أبي الطُّفيل، قال: رأيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، قلت: كيف رأيته؟ قال: كان أبيضَ مليحاً إذا مشَى كأنما يهوي في صَبُوبِ (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سعيد الجريري: وهو سعيد بن إياس -ثقة وقد اختلط بأخرة لكن رواية عبد الأعلى -وهو بن عبد الأعلى السامي- عنه قبل اختلاطه. أبو الطفيل: هو عمرو بن واثلة. وأخرجه مسلم (2340)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 2/ 242 من طريق عبيد الله بن عمر، عن عبد الأعلى، بهذا الإسناد. وفيه في وصف النبي-صلى الله عليه وسلم-عندهما: كان أبيض مليحاً مُقَصَّداً، وليس عند مسلم: كأنما يهوي في صبوب. وأخرجه مسلم (2340) من طريق خالد بن عبد الله، والترمذي في "الشمائل" (13) من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن سعيد، به. وهو في "مسند أحمد" (23797). وقوله: "يَهْوِي في صبوب", "يهوي"، قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 119: معناه ينزل ويتدلى وذلك مشية القوي مِن الرجال، يقال: هوى الشيء يهوي، إذا نزل من فوق إلى أسفل وهوى يهوي بمعنى: صعد، وإنما يختلفان في المصدر، فيقال: هوى هَويّاً، بفتح الهاء، إذا نزل، وهُويّاً بضمها، إذا صعد. أنشدني أبو رجاء الغنوي قال: أنشدني أبو العباس أحمد بن يحيى: والدلو فى إصْعادِها عَجْلى الهُوِيّ و"الصبوب"، إذا فتحت الصاد: كان اسماً لما يصب على الإنسان من ماء ونحوه، ومما جاء على وزنه الطهور والغسول والفطور لما يفطر. ومن رواه الصبوب بضم الصاد على أنه جمع الصَّبَب، وهو ما انحدر من الأرض فقد خالف القياس؛ لأن باب فَعل لا يجمع على فَعول، انما يجمع على أفعال، كسبب وأسباب وقتب وأقتاب، وقد جاء في أكثر الروايات: كأنه يمشي في سبب. وهو المحفوظ. قلنا: كذا جاءت عند ابن قانع في "معجمه" 2/ 242. =

36 - باب في الرجل يضع إحدى رجليه على الأخرى

36 - باب في الرجل يَضَعُ إحدى رجليه على الأخرى 4865 - حدَّثنا قتيبة بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، وحدَّثنا موسى بنُ اسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن أبي الزُّبير عن جابرِ، قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضعَ -وقال قتيبة: يرفعَ- الرجلُ إحدى رجليه على الأخرى. زاد قتيبةُ: وهو مستلقِ على ظهرِهِ (¬1). ¬

_ = و"المقصّد" التي جاءت في بعض روايات الحديث: بفتح صاد مشددة، وهو من ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم كان خلقه يشبه القَصد من الأمور، أي: الوسَط، وهو المعتدل الذي لا يميل إلى أحد طَرَفي التفريط والافراط. قاله السندي في "حاشيته على المسند". (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وحماد: هو ابن سلمة، وأبو الزبير: هو محمَّد بن مسلم بن تدرس. وأخرجه مسلم (2099) (72)، والترمذي (2972) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وعند الترمذي زيادة في لفظه. وأخرجه بزيادة فيه مسلم (2099) (72) عن ابن رمح، عن الليث، به. وأخرجه مسلم (2099)، والترمذي (2971) من طرق عن أبي الزبير، به. وهو في "مسند أحمد" (14178) و (14198)، و "صحيح ابن حبان" (5551) و (5553). وانظر ما بعده. قال ابن حبان في "صحيحه" بإثر هذا الحديث: هذا الفعل الذي زجر عنه: هو أن يستلقي المرء على قفاه، ثم يشيل إحدى رجليه ويضعها على الأخرى، وذاك أن القوم كانوا أصحاب ميازر، إذا استعمل ما وصفت من عليه المئزر دون السراويل ربما تكشف عورته فمن أجله ما نهى عنه - صلى الله عليه وسلم -. وقال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 120: يشبه أن يكون إنما نهى عن ذلك من أجل انكشاف العورة إذ كان لباسهم الأزر دون السراويلات، والغالب أن أزرهم غير =

4866 - حدَّثنا النفيلىُّ، حدَّثنا مالك (ح) وحدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن عبادِ بنِ تميم عن عمِّهِ أنه رأى رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - مُستلقِياً -قال القعنبيُّ: في المسجدِ- واضعاً إحدى رجليهِ على الأخرى (¬1). ¬

_ = سابغة والمستلقي إذا رفع إحدى رجليه على الأخرى مع ضيق الإزار لم يسلم أن ينكشف شيء من فخذه، والفخذ عورة، فأما إذا كان الأزار سابغاً أو كان لابسه عن التكشف متوقياً، فلا بأس به، وهو وجه الجمع بين الخبرين يعي هذا الخبر والخبر الآتي بعده. وقال النووي في "شرح مسلم" 1/ 774 - 78: قال العلماء أحاديث النهي عن الاستلقاء رافعاً إحدى رجليه على الأخرى محمولة على حالة تظهر فيه العورة أو شيء منها، وأما فعله - صلى الله عليه وسلم - فكان على وجه لا يظهر منها شيء، وهذا لا بأس به، ولا كراهة فيه على هذه الصفة. (¬1) إسناده صحيح. النفيلي: هو عبد الله بن محمَّد بن علي، والقعنبي: هو عبد الله ابن مسلمة، وعم عباد بن تميم: هو الصحابي عبد الله بن زيد المازني. وهو في "موطأ" مالك 1/ 172، ومن طريقه أخرجه البخاري (475)، ومسلم (2100) (75)، والنسائي في "الكبرى" (802) بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (5969) و (6287)، ومسلم (2100)، والترمذي (2970) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (16430)، و"صحيح ابن حبان" (5552). وقال السندي في "حاشيته على المسند": قوله "واضعاً إحدى رجليه على الأخرى": يدل على أن ما جاء من النص عن ذلك، فليس على إطلاقه، بل هو مخصوص إذا خيف الكشف بذلك، وإلا فلا بأس بذلك. وقال النووي في "شرح مسلم" 14/ 77 - 78، قال العلماء: أحاديث النهي عن الاستلقاء رافعا إحدى رجليه على الأخرى محمولة على حاله تظهرُ فيها العورةُ أو شيءٌ منها، وأما فعلُه - صلى الله عليه وسلم -، فكان على وجه لا يظهرُ منها شيء، وهذا لا بأس به، ولا كراهة فيه على هذه الصفة. =

37 - باب في نقل الحديث

4867 - حدَّثنا القعنبىُّ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ عن سعيدِ بنِ المسيَّبِ أن عُمرَ بنَ الخطابِ وعثمانَ بنَ عفان كانا يفعلانِ ذلك (¬1). 37 - باب في نَقلِ الحديث 4868 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا يحيى بنُ آدم، حدَّثنا ابنُ أبي ذئبٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ عطاءٍ، عن عبدِ الملك بنِ جابر بنِ عَتيكٍ عن جابرِ بنِ عبدْ الله، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا، حدَّث الرجلُ بالحديثِ ثمَّ التفتَ فهيَ أمانةٌ" (¬2). ¬

_ = وفي هذا الحديث: جواز الاتكاء في المسجد والاستلقاء فيه، قال القاضي: لعله - صلى الله عليه وسلم - فعل هذا لضرورة، أو حاجة من تعب أو طلب راحة أو نحو ذلك، وإلاّ فقد علم أن جلوسه - صلى الله عليه وسلم - في المجامع على خلاف هذا، بل كان يجلس متربعاً أو محتبياً، وهو كان أكثرَ جلوسه أو القرفصاء أو مقعياً وشبهها من جلساتِ الوقار والتواضع. قلت (القائل النووي): ويحتمل أنه فعله لبيان الجواز، وأنكم إذا أردتم الاستلقاءَ، فليكن هكذا، وأن النهي الذي نهيتكم عن الاستلقاء ليس هو على الإطلاق، بل المرادُ به من ينكشِفُ شيء من عورته، أو يقارب انكشافها. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "الموطأ" 1/ 173، ومن طريقه أخرجه البخاري (475)، بهذا الإسناد. (¬2) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن عطاء، فهو لين لكن يُعتبر به في المتابعات والشواهد. ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن. وأخرجه الترمذي (2074) من طريق عبد الله بن المبارك، عن محمَّد بن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14474). وفي الباب عن أبي الدرداء، أخرجه أحمد في "مسنده" (27509). وإسناده ضعيف. =

4869 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، قال: قرأتُ على عبدِ الله بنِ نافعٍ، أخبرني ابنُ أبي ذئب، عن ابنِ أخي جابرِ بنِ عبدِ الله عن جابرِ بنِ عبدِ الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "المجالسُ بالأمانَةِ إلا ثلاثةَ مجالس: سفكِ دَمٍ حرَامٍ، أو فرجٍ حرامٍ، أو اقتطاعِ مالٍ بغيرِ حقّ" (¬1). 4870 - حدَّثنا محمدُ بن العلاء وإبراهيمُ بنُ موسى الرازىُّ، قالا: حدَّثنا أبو أسامةَ، عن عمر - قال إبراهيم: -بنُ حمزةَ بن عبدِ الله العمرىّ- عن عبدِ الرحمن ابنِ سعدٍ، قال: ¬

_ = وعن أنس عند أبي يعلى (4158)، وإسناده ضعيف جداً. وعن أبي بكر بن محمَّد بن حزم مرسلاً عند عبد الرزاق (19791)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (11191). وقال: مرسل جيد. وهو كما قال. وقوله: "ثم التفت"، قال السندي في "حاشية على المسند": أي في أثناء حديثه خوفا من أن يسمعه أحد، فهذا قرينة على أنه سر، فلا يجوز إفشاء سره، وقيل: معنى التفت: انصرف، فكل كلام أمانة لا ينبغي نقله، وعلى الأول ما قامت فيه قرينة أنه سر، فهي أمانة، وهو أظهر. (¬1) إسناده ضعيف. لجهالة ابن أخي جابر بن عبد الله. وهو عند البيهقي في "السنن" 10/ 247 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (14693) ومن طريق الخرائطي في "المنتقى" (327) عن سريج بن النعمان، عن عبد الله بن نافع، به. وله شاهد آخر لا يفرح به من حديث علي رضي الله عنه، أخرجه العقيلي في "الضعفاء" 1/ 247، والقضاعي في "مسند الشهاب" (3)، والخطيب في "تاريخه" 11/ 169 و 14/ 23 بلفظ "المجالس بالأمانة"، وزاد الخطيب في موضعه الثاني: "ولا يحل لمؤمن أن يأثر على مؤمن- أو قال: عن أخيه المؤمن- قبيحاً".

38 - باب في القتات

سمعتُ أبا سعيدِ الخدريَّ يقولُ: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن من اْعظمِ الأمانةِ عندَ الله يومَ القيامة الرجلَ يفضي إلى امرأته وتُفضي إليه ثم يَنشُرُ سِرَّها" (¬1). 38 - باب في القَتَّات 4871 - حدَّثنا مُسَدَّد وأبو بكر بنُ أبي شيبة، قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن إبراهيمَ، عن همام عن حُذيفة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يدخلُ الجنّة قتَّاتٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن لغيره -عمر بن حمزة وان كان من رجال مسلم إلّا أن فيه ضعفاً، لكن يحتج بحديثه في المتابعات والشواهد، وقد إنتقى له مسلم حديثه هذا، فذكره في "صحيحه". وأخرجه مسلم (1437) عن محمَّد بن عبد الله بن نمير وأبي غريب، كلاهما عن أبي أسامة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1437) من طريق مروان بن معاوية، عن عمر بن حمزة، به. وهو في "مسند أحمد" (11655). وأخرج أحمد في "مسنده" (11235) من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً قال: "الشياع حرام". قال ابن لهيعة: يعني به الذي يفتخر بالجماع. وإسناده ضعيف وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه فيه. وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه أحمد في "مسنده" (10977). وإسناده ضعيف. وعن أسماء بنت يزيد عند أحمد في "مسنده" (27583). وإسناده ضعيف أيضاً. (¬2) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد، وأبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم: هو ابن يزيد بن قيس، وهمام: هو ابن الحارث. =

39 - باب في ذي الوجهين

39 - باب في ذي الوجهين 4872 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا سفيانُ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرج عن أبي هريرة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: "مِن شرِّ الناسِ ذُو الوجْهَينِ الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجهٍ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (105) من طريق علي بن مسهر، عن الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6056)، ومسلم (105)، والترمذي (2145)، والنسائي في "الكبرى" (11550) من طريق منصور، عن إبراهيم بن يزيد، به. وجاه بإثر رواية الترمذي: قال سفيان -وهو أحد رجال السند- والقتات: النَّمام. وأخرجه مسلم (105) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن حذيفة. وعنده: النَّمام بدل القَتَّات. قال الخطابي: القتات: النمام، وهو القساس أيضاً، والنميمة: نقل الحديث على وجه التضرية بين المرء وصاحبه، وإذا كان الناقل لما يسمعه آثماً، فالكاذب القائل ما لم يسمعه أشدُّ إثماً وأسوأ حالاً. وهو في "مسند أحمد" (23247) و (23325)، و "صحيح ابن حبان" " (5765). قوله: "قتّات" بقاف ومثناة ثقيلة وبعد الألف مثناة أخرى قال في "النهاية" " 4/ 11: قتَّ الحديث يَقُتُّه: إذا زوره وهيأه وسواء، والنَّمامُ: الذي يكون مع القوم يتحدثون فينمُ عليهم، والقتات: الذي يتسمع على القوم وهم لا يعلمون، ثم ينمُّ، والقسَّاسُ: الذي يسأل عن الأخبار ثم ينمها. (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وأخرجه البخاري (3494)، ومسلم (2526) من طريق المغيرة بن شعبة، ومسلم ص 2011 (98) من طريق مالك، كلاهما عن أبي الزناد، بهذا الإسناد. وعند مسلم في أوله زيادة. وأخرجه البخاري (6058)، والترمذي (2144) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة. =

4873 - حدَّثنا أبو بكرٍ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا شريكٌ، عن الرُّكين، عن نعيم ابنِ حنظلة عن عمَّارِ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "من كان له وجهانِ في الدُنيا، كان لهُ يومَ القيامَةِ لسانانِ من نار" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (7179)، ومسلم بإثر (2604) من طريق عراك بن مالك، عن أبي هريرة. وأخرجه مسلم (2526) بإثر (2604) من طريق سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. وأخرجه مسلم بإثر (2654) من طريق أبي زرعة، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7341) و (8069) و (8438) و (10791)، و"صحيح ابن حبان" (5754) و (5755). قال القرطبي: إنما كان ذو الوجهين شرَّ الناسِ؛ لأن حالَه حالُ المنافق، إذ هو متملّق بالباطل وبالكذب، مدخل للفساد بين الناس. وقال النووي في "شرح مسلم" 15/ 79 و 16/ 156: هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها، ويظهر لها أنه منها ومخالف للآخرين مبغض، وقوله: "إنه من شر الناس": فسببه ظاهر؛ لأنه نفاق محض، وكذب وخداع، وتحيل على اطلاعه على أسرار الطائفتين، وهي مداهنة محرمة، فإن أتى كل طائفة بالاصلاح ونحوه، فمحمود. وقال غيره: الفرق بينهما أن المذموم من يُزين لكُل طائفة عملَها، ويقُبحها عندَ الأخرى، ويذم كل طائفة عند الأخرى، والمحمود أن يأتي لكل طائفة بكلام فيه صلاح الأخرى، ويعتذر لكل واحدة عن الأخرى، وينقل إليه ما أمكه من الجميل، ويستر القبيح. (¬1) إسناده حسن، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- حديثه حسن في الشواهد، وهذا منها، ونعيم بن حنظلة: صدوق حسن الحديث. والرُّكين: هو ابن الرَّبيع الفزاري. ونقل في "التهذيب" في ترجمة نعيم بن حنظلة عن علي بن المديني أنه قال في هذا الحديث: إسناده حسن، ولا يحفظ عن عمار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا من هذا الطريق، وحسنه العراقي أيضاً في "تخريج الاحياء". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وهو عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 558، ومن طريقه أخرجه ابن أبي عاصم في "الزهد" (213)، وعبد الله بن أحمد في "زوائده على الزهد" ص 216، وأبو يعلى في "مسنده" (1620)، وابن حبان في "صحيحه" (5756)، بهذا الإسناد. وأخرجه الدارمي (2764)، والبخاري في "الأدب المفرد" (1310)، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (276)، وأبو يعلى (1637)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (2414)، والبيهقي في "السنن" 10/ 246، وفي "الشعب" (4881)، وفي "الآداب" (376) من طرق عن شريك، به. قال شريك في إسناد الدارمي: وربما قال: النعمان بن حنظلة. وزاد البخاري في "الأدب" في آخره: فمر رجل كان ضخماً، قال: "هذا منهم". وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (644) عن شريك بن عبد الله، عن الركين بن الربيع، عن حصين بن قبيصة، عن عمار رفعه. وفيه: "له وجهان في النار وقال: وروى هذا الحديث أبو نعيم وغيره عن شريك، عن الركين، عن نعيم بن حنظلة، عن عمار. ومن طريق أبي داود الطيالسي، أخرجه ابن أبي عاصم في الزهد" (214)، عن شريك، عن الركين، عن قبيصة بن النعمان أو النعمان بن قبيصة، عن عمار بن ياسر. مرفوعاً. وأخرجه موقوفاً أبو القاسم البغوي في "الجعديات" (3568)، ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (3568)، عن شريك، به. وله شاهد من حديث أنس، أخرجه ابن عاصم في "الزهد" (216)، وأبو يعلى (2771) و (2772)، والبزار (2025)، وابن أبي الدنيا (280)، والطبراني في "الأوسط" (8885)، وأبو نعيم في "الحلية" 2/ 165، والقضاعي في "مسند الشهاب" (463)، والخطيب في "تاريخ بغداد" 12/ 103 من طرق عن أنس. وآخر من حديث أبي هريرة أخرجه الطبراني في "الأوسط" (6685)، وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 282. وإسناده ضعيف جداً. وله شواهد أخرى يتقوى بها، ذكرها المنذري في "الترغيب والترهيب" 4/ 31، والهيثمي في مجمع الزوائد، 8/ 95.

40 - باب في الغيبة

40 - باب في الغِيبَةِ 4874 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بن مسلمة القعنبى، حدَّثنا عبدُ العزيزِ -يعني ابنَ محمَّد- عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرةَ، أنه قيل: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، ما الغيبةُ؟ قال: "ذِكرُك أخاكَ بما يكرهُ " قيل: أَفرأَيتَ إن كان في أخي ما أقول؟ قال: "إن كان فيه ما تقولُ فقد اغتبتهُ، وإن لم يكن فيه ما تقولُ فقد بَهَتَّه" (¬1). 4875 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، قال: حدَّثني علي بنُ الأقمر، عن أبي حذيفة عن عائشة، قالت: قلت: للنبي - صلى الله عليه وسلم -: حسبُكَ، من صفِيّة كذا وكذا -قال غيرُ مُسَدَّد: تعني قصيرةً- فقال: "لقد قلتِ كلمةً لو مُزِجَت بماء البحرِ لمزجتْه" قالت: وحكيتُ له إنساناً، فقال: "ما أُحِبُّ أنى حكيتُ إنساناً وإن لي كذا وكذا" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. العلاء: هو ابن عبد الرحمن الحُرَقي مولاهم. وأخرجه الترمذي (2047) عن قتيبة بن سعيد، عن عبد العزيز بن محمَّد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2589) (75)، والنسائي في "الكبرى" (11454)، والبغوي في "شرح السنة" (3565) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، به. وهو في "مسند أحمد" (7146)، و"صحيح ابن حبان" (5758). وقوله: "بهته"، قال البغوي في "شرح السنة"، أي: كذَبْت عليه، يقال: بَهَتَ صاحبه يَبهتُ بهتاً وبُهتاناً، والبُهتانُ: الباطلُ الذي يُتحير من بُطلانه، وشدة نُكرهِ، يُقال: بُهتَ يُبهتُ: إذا تحيَّر، فهو مبهوت. (¬2) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري، وأبو حذيفة: هو سلمة بن صهيب الأرحبي. وأخرجه الترمذي (2674) عن محمَّد بن بشار، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. =

4876 - حدَّثنا محمدُ بنُ عوف، حدَّثنا أبو اليمان، أخبرنا شُعيبٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ أبي حُسين، حدَّثنا نوفلُ بن مُساحِق عن سعيد بن زيد، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إنَّ من أربى الرِّبا الاستطالةَ في عرضِ المُسلم بغيرِ حق" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الترمذي (2673) من طريق وكيع، و (2674) من طريق عبد الرحمن، كلاهما عن سفيان الثوري، به. واقتصرت رواية الترمذي الأولى على آخره. وهو في "مسند أحمد" (24964) و (25560)، و"شرح مشكل الآثار" للطحاوى (1080). الحكاية حرام إذا كانت على سبيل السخرية والاستهزاء والاحتقار لما فيها من العجب بالنفس والاحتقار للخلق، والأذية لهم، وهذا فيما لا كسب فيه من خلق الله عز وجل، فإذا كان مما يكسبون، فإن كان في معصية جازت حكايتهم على طريق الزجر فيما لا يذهب بالوقار والحشمة، وإن كانت في الطاعة جازت الحكاية فيه إلا أن يتوب العاصي، فلا يجوز ذكر المعصية له. من هامش مختصر المنذري 7/ 212 - 213. (¬1) إسناده صحيح. أبو اليمان: هو الحكم بن نافع، وشعيب: هو ابن أبي حمزة، وعبد الله بن أبي حسين: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين. وأخرجه أحمد في "مسنده" (1651)، ويعقوب بن سفيان في "تاريخه"1/ 292، والبزار في "مسنده" (1264)، والشاشي في "مسنده" (208) و (230)، والطبراني في "الكبير" (357)، وفي "الشاميين" (2937)، والبيهقي في "السنن" 10/ 241، وفي "شعب الإيمان" (6710)، وفي "الآداب (145) من طرق عن أبي اليمان الحكم بن نافع، بهذا الإسناد. وعند بعضهم زيادة. ولفظ الشاشى في روايته الثانية: " أربى الربا شتم الأعراض". وانظر حديث أبي هريرة الآتي بعده. قال صاحب "عون المعبود": "إن من أربى الربا"، أي: أكثره وبالاً وأشده تحريماً. "الاستطالة"، أي: إطالة اللسان في "عرض المسلم" أي: احتقاره والترفع عليه، والوقيعة فيه بنحو قذف أو سب، وإنما يكون هذا أشدَّها تحريماً؛ لأن العرض أعزُّ على النفس من المال. =

4877 - حدَّثنا جعفرُ بنُ مُسَافِر، قال: حدَّثنا عمرو بنُ أبي سلمة، قال: حدً ثنا زُهيرٌ، عن العلاء بنِ عبدِ الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن مِنَ الكبائر استطالةَ المرءِ، في عِرْضِ رجلٍ مسلمِ بغيرِ حقٍّ، ومن الكبائر السَّبِّتانِ بالسَّبَّةِ" (¬1). ¬

_ = "بغير حق": فيه تنبيه على أن العرض ربما تجوز استباحته في بعض الأحوال، وذلك مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -:"لي الواجد يحِلُّ عِرضَه"، فيجوز لصاحب الحقٌ أن يقول فيه: إنه ظالم وإنه متعد ونحو ذلك، ومثله ذكر مساوئ الخاطب والمبتدعة والفسقة على قصد التحذير. قال الطيبي: أدخل العرض في جنس المال على سبيل المبالغة وجعل الربا نوعين: متعارف، وهو ما يُؤخذ من الزيادة على ماله من المديون، وغيرُ متعارف: وهو استطالة الرجل اللسان في عرض صاحبه، ثم فضل أحدَ النوعين على الآخر. انتهى. (¬1) صحيح لغيره وهذا سند ضعيف. عمرو بن أبي سلمة: ضعيف يُعتبر به. وهو دمشقي، وزهير: هو ابن محمَّد الخراساني، ورواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها، وهذا منها. وأخرج ابن أبي الدنيا في "الصمت" (732) من طريق الحسن بن عبد العزيز، عن عمرو بن أبي سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (173) من طريق يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، والبزار (3570 - كشف) من طريق صالح بن أبي الأخضر، كلاهما عن عبد الله ابن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة. بلفظ "إن من أربى الربا ... ". وعبد الله ابن سعيد المقبري ضعيف جداً. وأخرجه ابن أبي شيبة 6/ 561، وهناد في "الزهد" (1176) عن ابن أبي زائدة، عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن جده، عن أبي هريرة. وأخرجه البزار (3569 - كشف)، وابن عدي في "الكامل" 6/ 2263 من طريق محمَّد بن أبي نعيم، عن وهيب بن خالد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. قال الهيثمي في "المجمع" 8/ 92: رواه البزار بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح غير محمَّد بن أبي نعيم، وهو ثقة وفيه ضعف. =

4878/ 1 - حدَّثنا محمَّد بنُ المصفى، حدَّثنا بقيةُ وأبو المغيرة، قالا: حدَّثنا صفوانُ، حدَّثني راشدُ بنُ سعدٍ وعبدُ الرحمن بنُ جبير عن أنسِ بنِ مالك، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لما عُرج بي مررتُ بقوم لهم أظفارٌ من نُحاسٍ يخمُشونَ بها (¬1) وجُوهَهُم وصدُورَهُم، فقلت: مَن هؤلاء يا جبريلُ؟ قال: هؤلاء الذين يأكلُون لحومَ الناس، ويقعونَ في أعراضِهِم" (¬2). ¬

_ = وأخرجه البيهقي في "الشعب" (5522) من طريق محمَّد بن أبي معشر، عن أبِيه، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. وقال: أبو معشر وابنه غير قويين. وأخرجه موقوفاً المروزي في "السنة" (204) من طريق أبي معشر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وفيه زيادة. قلنا: وجميع من خرج الحديث عدا رواية ابن أبي الدنيا (732) جاء في روايتهم: "أربى الربا استطاله .. " بدل: " إن من أكبر الكبائر .. ". قال ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 250 - 251: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه وهيب عن النعمان بن راشد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه"، قال أبو زرعة: هذا خطأ، إنما هو الزهري عن سعيد بن المسيب عن النبي-صلى الله عليه وسلم- مرسل. قال أبي: هذا خطأ، رواه ابن المبارك عن معمر ويونس عن الزهري، عن سيد بن المسيب قوله. قلنا: أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (20253) عن معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب. قوله. ويشهد له حديث سيد بن زيد السالف قبله. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ)، وأشار هناك إلى أنه في رواية ابن الأعرابي، وذكره المزي في "التحفة" (14020)، ونسبه لابن العبد وابن داسه. (¬1) كلمة: "بها" أثبتناها من (أ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن العبد. (¬2) إسناده صحيح من جهة أبي المغيرة -وهو عبد القدوس بن الحجاج- وأما بقية: -وهو ابن الوليد- فضعيف. صفوان: هو ابن عمرو بن هرم. =

4878/ 2 - قال أبو داود: حدَّثناه يحيى بنُ عثمان، عن بقية، ليس فيه أنس (¬1). 4879 - حدَّثنا عيسى بنُ أبي عيسى السَّلِيحيُّ، عن أبي المغيرةِ، كما قال ابنُ المصفى (¬2). 4880 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبة، حدَّثنا الأسودُ بنُ عامر، حدَّثنا أبو بكر ابن عيَّاش، عن الأعمش، عن سعيدِ بنِ عبد الله بن جُريج عن أبي برزةَ الأسلمىِّ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشرَ من آمنَ بلسانِهِ ولم يدخُلِ الإيمانُ قلبَهُ، لا تغتابُوا المسلمين، ولا تتبِعوا ¬

_ = وهو عند البيهقي في "الشعب" (6716)، وفي "الآداب" (138) من طريق المصنِّف، بهذا الإسناد. وأخرجه البغوي في "تفسيره" 4/ 216 من طريق الفريابي، عن ابن المصفى، عن أبي المغيرة وحده, به. وأخرجه أحمد في "مسنده" (13340)، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (577)، والطبراني في "الأوسط" (8)، وفي "الشاميين" (932)، والضياء في "المختارة" (2285) و (2286) من طرق عن أبي المغيرة، به. وانظر ما بعده. ونقل صاحب "المرقاة" 4/ 725 عن الطيبي في قوله: "يخمشون"، قال: لما كان خمش الوجه والصدر من صفات النساء النائحات جعلهما جزاء من يغتاب ويفري في أعراض المسلمين، إشعاراً بأنهما ليستا من صفات الرجال، بل هما من صفات النساء في أقبح حالة وأشوه صورة. (¬1) رجاله ثقات. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6716) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. وانظر ما قبله.

عوراتِهم، فإنَّه من اتَّبعَ عوراتِهم يتَّبعِ اللهُ عورتَهُ، ومن يتَّبعِ اللهُ عورتَهُ يفضَحْهُ فى بيتِه" (¬1). 4881 - حدَّثنا حيوةُ بنُ شريح المصريُّ، حدَّثنا بقيةُ، عن ابنِ ثوبانَ، عن أبيه، عن مكحولٍ، عن وقاص بنِ ربيعةَ عن المستورِد أنه، حدَّثه، أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "من أكل بِرجُلٍ مُسلم أكلةً فإنَّ اللهُ يطعمهُ مِثلَها مِن جهنَّم، ومن كُسِي ثوباً برجُلٍ مسلم فإنَّ الله يكسوه مِثْلَهُ من جهنَّم، ومن قام برجل مقام سُمعَةٍ ورِياء فإن الله يقومُ به مقامَ سُمعة ورِياء يومَ القيامَةِ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن في المتابعات والشواهد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (19776)، وأبو يعلى في "مسنده" (7424) من طريق الأسود بن عامر، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (168)، وأبو يعلى (7423)، والبيهقي في "السنن" 10/ 247، وفي "الشعب" (6704)، وفي "الآداب" (137)، والمزي في "تهذيب الكمال" 10/ 517 من طرق عن أبي بكر بن عياش، به. وأخرجه أحمد في "مسنده" (19801) من طريق قطبة بن عبد العزيز، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (169) من طريق حفص بن غياث، كلاهما عن الأعمش، عن رجل من أهل البصرة، عن أبي برزة. ولم يسم الراوي فيه عن أبي برزة، وهو نفسه سعيد بن عبد الله بن جريج ما جاء مصرحاً باسمه في مصادر التخريج. وفي الباب ما يشهد له من حديث ثوبان، أخرجه أحمد في "مسنده" (22402). وإسناده حسن. وانظر تمام تخريجه فيه. وعن ابن عمر، أخرجه الترمذي (2151)، والبغوي في "شرح السنة" (3526)، وصححه ابن حبان (5763). وإسناده قوي. (¬2) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. بقية بن الوليد ضعيف ومدلس وقد عنعن. ابن ثوبان: وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، حسن الحديث، والمستورد: هو ابن شداد الفهري. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه البخاري في الأدب المفرد، (245) عن أحمد بن عاصم، والطبراني في "الأوسط" (3572)، وفي "الشاميين" (206) عن خير بن عرفة، كلاهما عن حيوة ابن شريح، بهذا الإسناد. وتحرف شيخ الطبراني من مطبوعة "مسند الشاميين" إلى حسن بن عرفة بدل خير بن عرفة. وأخرجه يعقوب بن سفيان في "تاريخه" 2/ 356، والبيهقي في "الشعب" (6717) من طريق محمَّد بن المصفى، والطبراني في "الكبير" 20/ (735)، وفي "الشاميين" (3589)، والمزي في "تهذيب الكمال" 30/ 458 - 459 من طريق يحيى بن عثمان، والطبراني في "الأوسط" (697) من طريق معلل بن نفيل، ثلاثتهم عن بقية بن الوليد، به. ولم ينفرد بقية به، فقد أخرجه أحمد في "مسنده" (18011)، والحارث في "مسنده"- زوائد الهيثمي) (879)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2807)، وأبو يعلى (6858)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (4485)، وابن قانع في "معجم الصحابة" 3/ 110، والطبراني في "الكبير" 20/ (734)، وفي "الأوسط" (2641)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 127 - 128، والبيهقي في "الشعب" (6718)، والمزي في "تهذيب الكمال" 30/ 459 من طرق عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، عن وقاص بن ربيعة، به. وابن جريج مدلس وقد عنعنه. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي! وله شاهد مرسل عن الحسن البصري عند ابن المبارك في:" الزهد" (707)، وعبد الرزاق (21000)، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (272). وهو مرسل صحيح. وآخر من حديث أنس عند هناد في "الزهد" (1217)، وإسناده ضعيف. وقوله: "من أكل برجل مسلم"، أي: أكل بسبب غيبته أو قذفه أو وقوعه في عرضه، أو بتعرضه له بالأذية عند من يعاديه، فإن الله يجازيه على سوء صنيعه بأن يطعمه مثلها من نار جهنم أو عذابها. وأُكلة بالضم: اللقمة، وبالفتح: المرة الواحدة مع الاستيفاء. وقوله: " من قام برجل مقام سمعة ... " الباء في "برجل" يحتمل أن تكون للتعدية، فيكون معناه: من أقام رجلاً مقام سمعة ورياء، ووصفه بالصلاح والتقوى والكرامات وشهره بها، وجعله وسيلة إلى تحصيل أغراض نفسه وحطام الدنيا، فإن الله يقوم له =

41 - باب من رد عن مسلم غيبة

4882 - حدَّثنا واصِلُ بنُ عبدِ الأعلى، حدَّثنا أسباطُ بنُ محمَّد، عن هشامِ ابنِ سعدٍ، عن زيد بنِ أسلم، عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "كُل المسلمِ على المُسلمِ حرام: مالُهُ، وعِرضُهُ، ودَمُه، حسبُ امرئٍ من الشرِّ أن يحقرِ أخاهُ المُسلم" (¬1). 41 - باب من رَدَّ عن مسلم غِيبةً 4883 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ محمَّد بنِ أسماءَ بنِ عُبيد، حدَّثنا ابنُ المبارك، عن يحيى بنِ أيوب، عن عبدِ الله بنِ سُليمان، عن إسماعيلَ بنِ يحيى المعافِريِّ، عن سهل بنِ معاذ بن أنس الجُهنَي ¬

_ = بعذابه وتشهيره أنه كان كاذباً، وإن كانت للسببية، فمعناه: أن من قام وأظهره من نفسه الصلاح والتقوى ليعتقد فيه، ويصير إليه المال والجاه أقامه مقام المرائين، ويفضحه ويعذبه عذاب المرائين. انظر "المرقاة" 4/ 726 للقاري، و"بذل المجهود" 9/ 122. "سُمعة"، قال السندي في "حاشته على المسند": بضم السين ما يتعلق بحاسة السمع من الأخبار والحكايات، كما أن الرياء ما يتعلق بحاسة البصر من الأوضاع والعبادات. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات من أجل هشام بن سعد، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الترمذي (2040) عن عبيد بن أسباط، عن أسباط بن محمَّد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2564)، وابن ماجه (3933) و (4213) من طريق داود بن قيس، ومسلم (2564) من طريق أسامة بن زيد، كلاهما عن أبي سعيد مولى عامر بن عبد الله بن كريز، عن أبي هريرة. وعند مسلم زيادة، ولفظ ابن ماجه في روايته الأولى: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"، وفي الثانية: "حسبُ امرىءٍ من الشر أن يحقِرَ أخاه المسلم".

عن أبيه، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "من حمى مُؤمناً مِن مُنافِقٍ -أُراه قال- بعثَ اللهُ مَلَكاً يحمي لحمَه يوم القيامةِ من نارِ جهنم، ومن رمى مسلماً بشيءٍ يريدُ شَيْنَهُ بهِ حبسهُ الله على جسرِ جهنم، حتى يخرُجَ مما قال" (¬1). 4884 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ الصَّبَّاح، حدَّثنا ابنُ أبي مريم، أخبرنا الليثُ، قال: حدَّثني يحيى بنُ سُلَيم، أنه سَمعَ إسماعيلَ بنَ بشيرِ يقول: سمعتُ جابرَ بنَ عبدِ الله وأبا طلحة بنَ سهلٍ الأنصاري يقولان: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" ما من امرئٍ يخذُلُ امرَأً مسلماً في موضعِ تُنتهَكُ فيه حرمتُهُ، ويُنتقَصُ فيه من عِرْضِهِ، إلا خذلَهُ الله في موطِنٍ يُحبُّ فيه نُصرَتَهُ، وما من امرئٍ ينصُرُ مُسلِماً في موضعِ يُنْتَقَصُ فيه مِن عِرْضِهِ، ويُنتهَكُ فيهِ من حُرمتِه إلا نصرَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ في موطنٍ يُحِبُّ فيه نُصرتَه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، لجهالة إسماعيل بن يحيى المعافري، وضعف سهل بن معاذ. وهو في "الزهد" لابن المبارك (686)، ومن طريقه أخرجه أحمد في "مسنده" (15649)، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (250)، والطبرانى في المعجم "الكبير" 20/ (433)، وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 188، والبيهقي في "الشعب" (7631)، والبغوي في "شرح السنة" (3527)، والمزي في "تهذيب الكمال" 3/ 215، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "تاريخه" 1/ 377 وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 188 - 189 من طريقين عن ابن المبارك، عن يحيى بن أيوب، عن إسماعيل بن يحيى المعافري، به. وسقط من الإسناد عندهما عبد الله بن سليمان. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة يحيى بن سُليم -وهو ابن زيد- واسماعيل بن بشير. ابن أبي مريم: هو سعيد. والليث: هو ابن سعد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (16368)، ويعقوب بن سفيان في "تاريخه" 1/ 300، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (243)، والطبراني في "الكبير" (4735)، وأبو نعيم =

42 - باب من ليس له غيبة

قال يحيى: وحدَّثنيه عُبيدُ الله بنُ عبدِ الله بنِ عمر وعُقبةُ بنُ شداد. قال أبو داود: يحيى بنُ سُلَيم هذا: هو ابنُ زيد مولى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإسماعيلُ بنُ بشير: مولى بني مَغَالة، وقد قيل: عتبةُ بنُ شداد، موضعَ عُقبة. 42 - باب من ليس له غِيبة 4885 - حدَّثنا عليٍّ بنُ نصرِ، أخبرنا عبدُ الصمدِ بنُ عبدِ الوارث من كتابه، قال: حدَّثني أبي، حدَّثنا الجُريرىُّ، عن أبي عبد الله الجُشَمِيّ ¬

_ = في "الحلية" 8/ 189، والبيهقي في "السنن" 8/ 167 - 168 و 168، وفي "الشعب" (7632)، وفي "الآداب " (111)، والبغوي في "شرح "السنة" (3532) من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (8642) من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث، عن يحيى بن سليم بن زيد، عن إسماعيل بن بشير، عن جابر وأبي أيوب الأنصاري. فذكراه. فذكر أبا أيوب بدل أبي طلحة. وقال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن جابر وأبي أيوب إلا بهذا الإسناد تفرد به الليث، وقال الهيثمي في "المجمع" 7/ 267: رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن. وعلقه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 347 - 348 عن عبد الله بن صالح. وفي الباب عند أحمد في "مسنده" (27536) من حديث أبي الدرداء، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "من ردَّ عن عرض أخيه المسلم، كان حقاً على الله عزَ وجل أن يَرُدَّ عنه نار جهنم يوم القيامة. وهو حديث حسن لغيره. وعن سهل بن حنيف عند أحمد (15985) عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:" مَنْ أُذِلَّ عنده مؤمن، فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره، أذله الله عزَّ وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة". وإسناده ضعيف. وعن أسماء بنت يزيد عند أحمد أيضاً (27610) بإسناد ضعيف، ولفظه: "من ذَبَّ عن لحم أخيه في الغيبة، كان حقاً على الله أن يعتقه من النار".

حدَّثنا جُندُبٌ، قال: جاء أعرابيٌ فأناخَ راحِلتَه، ثم عقَلهَا، ثم دخلَ المسجد فصلى خلفَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم، فلما سلَّم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، أتى راحلتَه فأطلقَها، ثم ركب، ثم نادى: اللهُمَّ ارحمني ومحمداً، ولا تُشرك في رحمتِنا أحداً، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أتقولُون هو أضلُّ أم بعيرُه، ألم تسمعوا إلى ما قال؟ " قالوا: بلى (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لاضطرابه، فقد اختلف فيه على الجريري -وهو سعيد بن إياس، فرواه عنه عبد الوارث بن سعيد والد عبد الصمد، فقال: عن أبي عبد الله الجشمي، عن جندب، وأبو عبد الله مجهول الحال، ورواه عنه -كما عند الحاكم 1/ 56 - 57، فقال: عن أبي عبد الله الجِسري، عن جندب. وأبو عبد الله الجِسري: هو حميري بن بشير، وثقه ابن معين، ورواه كذلك يزيد بن هارون عن الجريري- كما عند الحاكم 4/ 248، فقال: عن أبي عبد الله الجسري عن جندب، غير أن يزيد سمع من الجريري بعد الاختلاط. وأخرجه بزيادة فيه الطبراني في "الكبير" (1667)، ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" 34/ 26 - 27 عن العباس بن حمدان الحسّنفي، عن علي بن نصر، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (18799) عن عبد الصمد بن عبد الوارث , به. وفيه زيادة. وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/ 213 - 214، وقال: رواه أبو داود باختصار، ورواه أحمد والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبي عبد الجشمي، ولم يضعفه أحد. وقوله في الحديث: اللهم ارحمني ومحمّداً ولا تشرك في رحمتنا أحداً، له أصل في "صحيح البخاري" (6010) من حديث أبي هريرة في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، وفيه: اللهم ارحمني ومحمّداً، ولا ترحم معنا أحداً، وهو في "المسند" (7255). وانظر تمام تخريجه فيه. وعن عبد الله بن عمرو، أخرجه أحمد في "مسنده" (6590) وفيه: أن رجلاً جاء، فقال: اللهم اغفر لي ولمحمد، ولا تشرك في رحمتك إيانا أحداً ... إلخ. وهو حديث صحيح لغيره. وانظره فيه. =

43 - باب ما جاء في الرجل يحل الرجل قد اغتابه

43 - باب ما جاء (¬1) في الرجل يُحِلُّ الرجلَ قد اغتابه 4886 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيد، حدَّثنا ابنُ ثور، عن معمر عن قتادة، قال: أيعجِزُ أحدُكُم أن يكونَ مثلَ أبي ضَمْضَمٍ، أو ضَمْضَمٍ، -شك ابنُ عبيد-، كان إذا أصبَحَ قال: اللهمَّ إني قد تصدَّقتُ بعِرْضي على عبادِك (¬2). ¬

_ = قال ابن القيم في تهذيب "السنن": وادخال أبي داود هذا الحديث هنا يريد به أن ذكر الرجل بما فيه في موضع الحاجة ليست بغيبة مثل هذا، ونظيره ما تقدم من حديث عائشة المتفق عليه "ائذنوا له فبئس أخو العشيرة" بوب عليه البخاري: باب غيبة أهل الفساد والريب، وذكر في الباب عنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أظن أن فلاناً وفلاناً يعرفان من ديننا شيئاً". وفي الباب حديث فاطمة بنت قيس لما خطبها معاوية وأبو جهم، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: "أما معاوية فصعلوك، وأما أبو جهم، فلا يضع العصا عن عاتقه". وقالت هند للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أبا سفيان رجل شحيح. وقال الأشعث بن قيس للنبي - صلى الله عليه وسلم - في خصمه: إنه امرؤ فاجر. وقال الحضرمي بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خصمه: إنه رجل فاجر لا يبالي ما حلف عليه، وليس يتورع من شىء وقد ردَّ النبي-صلى الله عليه وسلم- غيبة مالك بن الدخشم، وقال للقائل: إنه منافق لا يحب الله ورسوله: "لا تقل ذاك"، وردَّ معاذ بن جبل غيبة كعب بن مالك لما قال الرجل فيه: حبسه النظر في برديه، والنظر في عطفيه، فقال: بئس ما قلت، والله يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما علمنا عليه إلا خيراً. فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والحديثان متفق عليهما. وقد أخرج الترمذي (3044) عن أبي الدرداء، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: "من رد عن عرض أخيه، رد الله عن وجهه النار يوم القيامة" وقال: هذا حديث حسن. (¬1) هذا الباب بحديثيه أثبتناه من "تحفة الأشراف" (467)، ومن النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي، وقال المزي في "التحفة": هذا الحديث في رواية أبي الحسن ابن العبد، عن أبي داود. (¬2) رجاله ثقات، وهو مقطوع من قول قتادة وهو المحفوظ. ابن ثور: هو محمَّد. =

4887 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ عن عبدِ الرحمن بنِ عجلانَ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيعجزُ أحدُكُم أن يكون مِثْلَ أبي ضمضمِ؟ " قالوا: ومن أبو ضمضمِ؟ قالَ: "رجُلٌ فيمن كان مِن قبلِكم"، بمعناه، قال: "عِرضِي لمن شَتَمَنِي" (¬1). قال أبو داود: رواه هاشمُ بنُ القاسم، قال: عن محمَّد بن عبد الله العَمَّي، عن ثابت، قال: حدَّثنا أنسٌ عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم (¬2)، بمعناه. ¬

_ = وأخرجه مرفرعا ابن السُّنِّي في "عمل اليوم والليلة" (65) من طريق المهلب بن العلاء، عن شعيب بن بيان، عن عمران القطان، عن قتادة، عن أنس. والمهلب بن العلاء: مجهول، لم نقف له على ترجمة. وشعيب وعمران: فيهما ضعف. وانظر ما بعده. (¬1) إسناده ضعيف، وهو مرسل. عبد الرحمن بن عجلان: مجهول الحال. وباقي رجاله ثقات. وأخرجه العقيلي في "الضعفاء" 4/ 93، والخطيب في "الموضح" 1/ 27 من طريق روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وخالف موسى بنُ إسماعيلَ محمدُ بن عبيد الله بن محمَّد بن عائشة عند البيهقي في "الشعب" (8083)، فأخرجه من طريق ابن عائشة هذا، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس مرفرعا وإسناده ضعيف. قال البيهقي: كذا قال عن أنس. والصحيح رواية من رواه عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن عجلان، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-مرسلاً. وانظر ما قبله. (¬2) أخرجه مرفرعا العقيلي 4/ 93 من طريق أبي بكر بن أبي النضر، والضياء في "المختارة" (1770)، والبيهقي في "الشعب" (8082) من طريق العباس بن محمَّد الدُّوري، والضياء (1771) من طريق فضل بن الأعرج، و (1772) من طريق الحسن ابن علي، أربعتهم عن أبي النضر هاشم بن القاسم، عن محمَّد بن عبد الله العمي عن ثابت، عن أنس، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال الضياء بإثر روايته: قال الدارقطني: رواه حماد بن سلمة عن ثابت، عن عبد الرحمن بن عجلان مرسلاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الصحيح. وذكر الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 114 له شواهد لا يصح منها إسناد. فانظرها فيه.

44 - باب في النهي عن التجسس

قال أبو داود: وحديثُ حمّادٍ أصحُّ. 44 - باب في النهي عن التجسُّسِ 4888 - حدَّثنا عيسى بنُ محمَّد الرَّمليُّ ومحمدُ بنُ عوفٍ -وهذا لفظه-، قالا: حدَّثنا الفِريابيُّ، عن سفيانَ، عن ثورٍ، عن راشدِ بنِ سعد عن معاويةَ، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -يقول: "إنَّكَ إن اتَّبعتَ عَوراتِ الناسِ أَفْسَدْتَهُم، أو كِدْتَ أن تُفْسِدَهُم"، فقال أبو الدرداء: كلمةٌ سمعها معاويةُ، مِن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- نفعه اللهُ تعالى بها (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن عوف: هو محمَّد، والفريابي: هو محمَّد بن يوسف، وسفيان: هو الثوري، وثور: هو ابن يزيد. وأخرجه أبو يعلى في "مسنده"، (7389)، وابن حبان في "صحيحه" (5760)، والطبراني في "الكبير" 19/ (890)، وفي "الشاميين" (473)، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 118، والبيهقي في "السنن" 8/ 333 من طرق عن محمَّد بن يوسف الفريابي، بهذا الاسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/ (702) من طريق بشر بن جبلة، عن أبي عبد الرحمن، عن أبي الدرداء، عن معاوية. وبشر: ضعيف، ولفظه: "لا تفتشوا الناس فتْفسدوهم". وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (248)، والطبراني في "الكبير" 19/ (859)، وفي "الشاميين" (1871) من طريق عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه جبير بن نفير، عن معاوية. قلنا: وستأتي رواية جبير بن نفير من رواية شريح عنه عند المصنف بعد هذا، لكنها مرسلة. وبعضهم اختصر الحديث. قال صاحب "عون المعبود": "إن اتبعت"، قال في "فتح الودود"، أي: إذا بحثت عن معايبهم وجاهرتهم بذلك، فإنه يودي إلى قلة حيائهم عنك، فيجترئون على ارتكاب أمثالها مجاهرة. انتهى. وانظر ما سيأتي بعده.

4889 - حدَّثنا سعيدُ بنُ عمرِو الحضرمىُّ، حدَّثتا إسماعيلُ بنُ عيَّاش، حدَّثتا ضمضمُ بنُ زُرعةَ، عن شُريحِ بنِ عُبيد عن جُبير بنِ نُفَيرِ وكثيرِ بنِ مُرّةَ وعمرو بنِ الأسود والمقدامِ بنِ مَعدي كَرِبَ وأبي أُمامة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّ الأميرَ إذا ابتغى الرِّيبةَ في الناسِ أفسدَهُم" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن. وأخرجه البيهقي في "السنن" 8/ 333 من طريق المصنف، بهذا الاسناد. وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1073)، والطحاوي في "شرح المشكل" (89)، والطبراني في "الكبير" (7515) و (7516) من طرق عن إسماعيل بن عياش، به. وزاد ابن أبي عاصم في الاسناد: ونفر من الفقهاء. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (88) من طريق سعيد بن سليمان، عن إسماعيل بن عياش، به. ولم يذكر في الإسناد جبير بن نفير. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 4/ 378 من طريق محمد بن عبد العزيز، عن إسماعيل بن عياش، به. ولم يذكر في الاسناد عمرو بن الأسود. وأخرجه الطحاوي (90) من طريق بقية بن الوليد، عن إسماعيل بن عياش، به. ولم يذكر في الاسناد كثيراً والمقدام. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (651) من طريق محمد بن المبارك، و 20/ (653) من طريق محمد بن إسماعيل، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، به. ولم يذكر في الاسناد جبيراً وكثيراً وعمراً. وأخرجه أحمد في "مسنده" (23815)، والطبراني في "الكبير" 20/ (607) من طريق بقية بن الوليد، عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم، عن شريح، عن جبير بن نفير وعمرو بن الأسود كلاهما عن المقداد بن الأسود وأبى أمامة. وأخرجه الطبراني في "الشاميين" (1660) من طريق محمد بن إسماعيل وهشام ابن عمار، كلاهما عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم، عن شريح، عن جبير وكثير، كلاهما عن المقدام وأبي أمامة. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/ (352) من طريق محمد بن عبد العزيز، عن =

45 - باب في الستر على المسلم

4890 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن زيدِ بنِ وهب، قال: أُتي ابنُ مسعودٍ، فقيل: هذا فلان تقطُرُ لحيتُه خمراً، فقال عبد الله: إنا قد نُهِينا، عن التجَسُّس، ولكن إن يظهَرْ لنا شيء نأخُذْ به (¬1). 45 - باب في السَّترِ على المسلم 4891 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ, حدَّثنا عبدُ الله بنُ المبارك، عن إبراهيمَ ابنِ نَشِيطٍ، عن كعبِ بنِ علقمةَ، عن أبي الهيثم ¬

_ = إسماعيل بن عياش، عن ضمضم، عن شريح، عن كثير بن مرة، عن عتبة بن عبد وأبي أمامة. ويشهد له حديث معاوية السالف قبله. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2449) و (2834) عن عبد الوهاب ابن نجدة الحوطي، و (2835) عن عبد الوهاب بن الضحاك، كلاهما عن إسماعيل بن عياش: عن ضمضم، عن شريح بن عبيد، عن الحارث بن الحارث وعمرو بن الأسود والمقدام وأبي أمامة. قال صاحب "عون المعبود": الرَّيبة: بالكسر، أي: طَلَبَ أن يُعاملهم بالتهمة والظن السوء ويجاهرهم بذلك. وقال ابن الأثير في "النهاية" 2/ 286، أي: إذا اتَهمَهم وجاهَرَهم بسُوء الظّن فيهم، أداهم ذلك إلى ارتكاب ما ظن بهم، ففسدوا. (¬1) إسناده صحيح، أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم. وهو في "المصنف" لابن أبي شيبة 9/ 86 عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (18945)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (9741) عن ابن عيينة، عن الأعمش، به. وسمي فلان الذي جاء في الرواية عندهم الوليد بن عقبة. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 4/ 377 من طريق أسباط بن محمَّد، والبيهقي في "السنن" 8/ 334 من طريق يعلي بن عبيد، كلاهما عن الأعمش، به. وسمى الحاكم الرجل المبهم: الوليد بن عقبة. وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

عن عُقبة بنِ عامرِ، عن النبيِّ-صلى الله عليه وسلم-، قال: "مَنْ رأى عوْرَةً فسترها كمن أحيا مَوءُودَةً" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. أبو الهيثم -واسمه كثير المصري- مجهول. تفرد بالرواية عنه كعب بن علقمة، وقال ابن يونس: حديثه معلول، وقال الذهبي في "الميزان": لا يعرف، ومع هذا فقد صححه الحاكم في "المستدرك" 4/ 384، ووافقه الذهبي! وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (758) عن بشر بن محمَّد، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وفي أوله: عن أبي الهيثم قال: جاء قوم إلى عقبة بن عامر فقالوا: إن لنا جيراناً يشربون ويفعلون، أفنرفعهم إلى الإِمام؟ قال: لا .... وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7242) من طريق عبد الله بن وهب، عن إبراهيم ابن نشيط، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7241) عن علي بن حجر، عن المبارك، عن إبراهيم بن نشيط، عن كعب بن علقمة، عن عقبة بن عامر. فذكره هكذا مرسلاً. وهو في "المسند" (17331). وانظر ما سيأتي بعده. وله شاهد من حديث مسلمة بن مخلد عند الخطيب في "الرحلة" ص 121 - 122 وفيه انقطاع، ووصله الطبراني في "الأوسط" (8129) بلفظ " من ستر على مؤمن، فكأنما أحيا موءودة، فضرب بعيره راجعاً". وفي سنده: عيسى بن سنان أبو سنان القسملي، قال الحافظ في "التقريب": لين الحديث، وباقي رجاله ثقات. وقد روي عن مسلمة بغير هذا اللفظ، أخرجه أحمد في "مسنده" (16960) عنه وعن عقبة بلفظ: " من علم من أخيه سيئة فسترها، ستِره الله بها يوم القيامة"، وأخرجه أحمد في "المسند" برقم (17391) عن عقبة. وانظر "المسند" الأحاديث ذات الأرقام (16959) و (16960) و (17391). وله شاهد آخر من حديث شهاب رجل من الصحابة عند الطبراني في "الكبير" (7231)، وفي سنده أبو سنان المدني راويه عن جابر بن عبد الله لا يعرف، وباقي رجاله رجال الصحيح غير شيخ الطبراني محمَّد بن معاذ الحلبي، وهو ثقة. =

4892 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى، حدَّثنا ابنُ أبي مريمَ، أخبرنا الليثُ، قال: حدَّثني إبراهيمُ بنُ نَشِيطٍ، عن كعبِ بنِ علقمةَ، أنه سَمِعَ أبا الهيثم يذكر أنه سَمعَ دُخيناً كاتبَ عُقبَةَ بنِ عامر، قال: كانَ لنا جِيرَانٌ يشربونَ الخمرَ، فنهيتُهُم فلم ينتهُوا، فقلتُ لعقبةَ بنِ عامرٍ: إنَّ جِيرانَنا هؤلاء يشربونَ الخمرَ، وإني نهيتُهُم فلم يَنتَهوا، فأنا داعٍ لهم الشُّرَطَ، فقال دَعْهُمْ، ثم رجعتُ إلى عقبةَ مرةً أخرى، فقلت: إن جيرانَنا قد أبَوا أن ينتهُوا، عن شُربِ الحْمْر، وأنا داعٍ لهم الشُرَطَ، قال: وَيْحَكَ دَعْهُم، فإني سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، فذكر معنى حديث مسلم (¬1). ¬

_ = وفي الباب عن ابن عمر بلفظ: " ... ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة"، سيأتي عند المصنف برقم (4893) وهو في "الصحيحين"، وسيأتي تخريجه هناك. وعن أبي هريرة، عند مسلم (2699)، وهو في "المسند" برقم (7427). ولفظه " ... ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة". وانظر تمام تخريجه في "المسند". (¬1) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي الهيثم. كما سلف بيانه في الذي قبله. دخين: هو ابن عامر الحجري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7243) من طريق آم بن أبي إياس، عن الليث، بهذا الإسناد. وهو في "مسند" أحمد (17395)، و"صحيح ابن حبان" (517). وقوله: فذكر معنى حديث مسلم: يعني مسلم بن إبراهيم شيخ أبي داود السالف في الحديث (4891). والشرط: جمع شُرْطة وشُرطِي: هم أعوانُ السلطان لتتبع أحوال الناس وحفظهم لإقامة الحدود.

قال أبو داود: قال هاشم بن القاسم عن ليث في هذا الحديث، قال: لا تفعل، ولكن عِظْهُمْ وتَهدَّدْهُم. 4893 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن عُقَيل، عن الزهريِّ، عن سالم. ٍ عن أبيه، أنَّ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قال: "المسلمُ أخو المسلم، لا يَظلِمُهُ ولا يُسلِمُهُ، مَنْ كان في حاجَةِ أخيهِ، فإنَّ الله في حَاجَتِهِ، ومَن فرَّجَ عن مسلم كُربةً، فرَّج الله عنه بها كُربةً من كُرَبِ يوم القيامة، ومَنْ سترَ مسلماً، سَترَهُ اللهومَ القيامة" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وعُقيل: هو ابن خالد، والزهري: هو محمَّد بن مسلم ابن شهاب، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر. وأخرجه مسلم (2580)، والترمذي (1489)، والنسائي في "الكبرى" (7251) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2442) عن يحيى بن بكير، عن الليث، به. وهو في "مسند أحمد" (5646)، و"صحيح ابن حبان" (533). وقوله: لا يُسلِمه: هو بضم أوله وكسر اللام، أي: لا يخذله بل ينصره، قال في "النهاية": يقال: أسلم فلان فلاناً: إذا ألقاه إلى التهلكة ولم يحمه من عدوه، وزاد الطبراني (3239): "ولا يُسلمه في مصيبة نزلت به". وقوله: "ومن ستر مسلماً "قال الحافظ: أي: رآه على قبيح فلم يظهره للناس، وليس في هذا ما يقتضى الإنكار عليه بينه وبينه، ويحمل الأمر في جواز الشهادة عليه بذلك على ما إذا أنكر عليه ونصحه، فلم ينته عن قبيح فعله، ثم جاهر به، كما أنه مأمور بأن يستتر إذا وقع منه شيء، فلو توجه إلى الحاكم وأقر لم يمتنع ذلك، والذي يظهر أن الستر محله في معصية قد إنقضت، والإنكار في معصية قد حصل التلبس بها، فيجب الإنكار عليه، وإلا رفعه إلى الحاكم، وليس من الغيبة المحرمة، بل من النصيحة الواجبة.

46 - باب المستبان

46 - باب المُستبَّان 4894 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابن محمَّد- عن العلاء، عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال؟ "المُستَبَّان ما قالا، فعلى البادي منهما ما لم يعتدِ المظلومُ" (¬1). 47 - باب في التواضع 4895 - حدَّثنا أحمد بنُ حفصِ، حدَّثني أبي، حدَّثني إبراهيمُ بن طهمان، عن الحجاج، عن قتادة، عن يزيد بن عبد الله ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد العزيز بن محمَّد: هو الدراوردي، والعلاء: هو ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحُرَقي مولاهم. وأخرجه الترمذي (2096) عن قتيبة بن سعيد، عن عبد العزيز بن محمَّد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2587) من طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، به. وهو في "مسند أحمد" (7205)، وصحح ابن حبان" (5728) و (5729). وقوله: "المستبان" قال السندي في "حاشيته على المسند": افتعال من السَّبِّ، وهما اللذان يسبُّ كلٌّ منها صاحبَه. "فعلى البادي"، قال: أي: فإثم ما قالا على مَن شَرعَ أولاً، لأنه الذي سبَّ وتسبَّبَ لِسَبٍّ الآخر، ولكن ما دام الآخر لا يتجاوز حدَّ الاقتصاص، لأنه تسيَّب لذلك القدر، فإن جاوز صار مستحق لاثم الزائد، لعدم تسبُّب الأول للزائد. قال النووي: وفي هذا جواز الانتصار، ولا خلاف في جوازه، وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب والسنة، قال الله تعالى: {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى:41]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ} [الشورى:39] ومع هذا فالصبر والعفو أفضل، قال الله تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: 43] ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاَ".

48 - باب في الانتصار

عن عياض بن حمارِ، أنه قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ الله أوحى إليَّ أن تَواضَعُوا، حتى لا يَبغِي أحدٌ على أحدٍ، ولا يفخَرَ أحدٌ على أحدٍ" (¬1). 48 - باب في الانتصار 4896 - حدَّثنا عيسى بن حَمّادٍ، أخبرنا الليثُ، عن سعيد المَقبرىِّ، عن بَشيرِ بن المُحرَّر عن سعيد بن المُسيَّب، أنه قال: بينما رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- جالسٌ ومعه أصحابُه، وقع رجلٌ بأبي بكر، فآذاه، فصَمَتَ عنه أبو بكر، ثم آذاه الثانية، فصمتَ عنه أبو بكر، ثم آذاه الثالثة، فانتصَرَ منه أبو بكر، فقام رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حين انتصَرَ أبو بكر، فقال أبو بكر: أَوَجَدْتَ عليَّ يا رسول الله؟ فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:"نزلَ ملك من السماء يكذِّبُهُ بما قالَ لكَ، فلما انتصرتَ وقَعَ الشَّيطانُ، فلم أكلن لأجلِسَ إذ وقَعَ الشَّيطان" (¬2) ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. والد أحمد هو حفص بن عبد الله بن راشد، والحجاج: هو ابن الحجاج الباهلي، وقتادة: هو ابن دِعامة السدوسي. وأخرجه مسلم (2865) ضمن حديث، وابن ماجه (4179) من طريق مطر بن طهمان الرزاق، عن قتادة، بهذا الإسناد، وهذا عند حسن في المتابعات. (¬2) حديث حسن لغيره وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال بشير بن المحرر راويه عن سعيد بن المسيب، ثم إنه مرسل، وسيأتي عند المصنف من طريق آخر موصول بعد هذا. والليث: هو ابن سعد. وأخرجه البيهقي في "الشعب" (6669)، وفي الآداب" (150) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. =

4897 - حدَّثنا عبدُ الأعلي بن حمَّادٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابن عَجْلان، عن سعيدِ بن أبي سعيدٍ عن أبي هريرة، أن رَجُلاً كان يَسُبُّ أبا بكرِ، وساق نحوه (¬1). ¬

_ = وأخرجه موصولاً بسند ضعيف الطبراني في "الأوسط" (7239) من طريق القاسم ابن دينار، حدَّثنا حسين بن علي الجعفي، قال: حدَّثنا سفيان بن عيينة، قال: حدَّثنا علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن علي بن زيد إلا سفيان بن عيينة، ولا رواه عن سفيان إلا حسين الجعفي، تفرد به القاسم بن دينار، ورواه الناس عن سفيان بن عيينة، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة (وستأتي عند المصنف بعد هذا)، فإن كان حسين الجعفي حفظه، فهو غريب من حديث علي بن زيد، عن ابن المسيب. انتهى. وعلي بن زيد بن جدعان: ضعيف. وفي الباب عن النعمان بن مقرن، عند أحمد في "مسنده" (23745). بإسناده منقطع. ومع ذلك فقد حسن الحافظ ابن كثير إسناده في "تفسيره " 6/ 132. وعن ابن عباس عند البخاري في "الأدب المفرد" (419)، وفي سنده ضعف. ولم يسم في روايتهما من وقع عليه السب. وعن زيد بن أثيع مرسلاً عند عبد الرزاق في مصنفه، (20255) ورجاله ثقات. وانظر ما بعده. (¬1) حسن لغيره، وقد خولف ابن عجلان -وهو محمَّد- في إسناد الحديث، فقد رواه الليث بن سعد، عن سعيد المقبري، عن بشير بن المحرّر. عن سعيد بن المسيب مرسلاً كما في الرواية السالفة عند المصنف، وقد رجح البخاري في التاريخ 2/ 102 والدارقطني في "العلل" 8/ 153 هذه الرواية المرسلة، وإن الليث أصح الناس رواية عن المقبري، وأما ابن عجلان فيقع له في أحاديثه عن سعيد المقبري بعض الأوهام، لكن للحديث متابعات وشواهد تنهض به إلى التحين. وقد ذكرناها في الرواية السالفة. وسفيان: هو ابن عيينة. وهو عند البيهقي في "الشعب" بإثر (6669)، وفي الآداب" (150) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. =

قال أبو داود: وكذلك رواه صفوانُ بن عيسى، عن ابن عجلان كما قال سفيان. 4898 - حدَّثنا عُبيدُ الله بن مُعاذٍ، حدَّثنا أبي (ح) وحدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عمر بن مَيسرةَ، حدَّثنا معاذُ بن معاذ -المعنى واحد- قال: حدَّثنا ابنُ عونٍ، قال: كنتُ أسألُ عن الانتصار {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى:41]، فحذَثني علي بنُ زيد بن جُدعان، عن أمِّ محمَّد امرأة أبيه -قال ابنُ عون: وزعموا أنها كانت تدخُلُ على أمِّ المؤمنين- قالت: قالت أمُّ المؤمنين: دَخلَ عليَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وعندنا زينبُ بنتُ جَحْشِ، فجعل يَصنَعُ شيئاً بيده، فقلتُ بيدِه، حتى فَطَّنْتُه لها، فأمسَكَ، وأقبلت زينبُ تَقحَّمُ لعائشة، فنهاها، فأبَت أن تَنتَهيَ، فقال لعائشة: "سُبِّيها" فسَبَّتها، فغلَبَتْها، فانطلقتْ زينبُ إلى عليٍّ، فقالت: إن عائشة وقَعَت بكم، وفَعلتْ، فجاءَت فاطمةُ، فقال لها: "إنّها حِبَّةُ أبيكِ وربِّ الكعبة" فانصرفَت، فقالت لهم: إنّي قلتُ له كذا وكذا، فقال لي كذا وكذا، قال: وجاء عليٌّ إلى النبيّ-صلى الله عليه وسلم- فكلَّمه في ذلك (¬1). ¬

_ = وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (3586) من طريق علي بن المديني، عن سفيان بن عيينة، به. وأخرجه أحمد في "مسنده" (9624)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (820)، والبيهقي في "السنن" 10/ 236، وفي "الآداب" (149) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن ابن عجلان، به. وعند بعضهم زيادة. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده ضعيف ومتنه منكر. علي بن زيد بن جدعان: ضعيف، وأم محمَّد مجهولة وهي زوجة زيد بن جدعان. وابن عون: هو عبد الله. =

49 - باب النهي عن سب الموتى

49 - باب النهي عن سَبِّ الموتى 4899 - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حَرْبٍ، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا هشامُ بن عُروةَ، عن أبيه عن عائشة، قالت: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا ماتَ صاحِبُكم فدَعُوه، ولا تَقَعُوا فيه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مختصراً أحمد في "مسنده" (24987) عن أزهر، عن ابن عون، بهذا الأسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (24986) من طريق سليم بن أخضر، عن ابن عون، به. وجعل فيها أن أم سلمة هي التي تساببت مع عائشة وليست زينب. وهو خطاً. قلنا: وأخرج البخاري (2581)، وابن ماجه (1981)، والنسائي في "الكبرى" (8865) و (8866) و (11412) من طريق عروة بن الزبير، ومسلم (2442) من طريق محمَّد بن عبد الرحمن بن الحارث، كلاهما عن عائشة. ولفظ البخاري ضمن حديث مطول: فأرسلن زينبَ بنت جحش، فأتته فأغْلَظَت، وقالت: إن نساءك ينشدنك الله العَدْلَ في بنت ابن أبي قحافة؟ فرفعت صوتها حتىِ تناولت عائشة وهي قاعدة فسبَتَّها، حتى إن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - لينظرُ إلى عائشة هل تكلْمُ، قال: فتكلمتْ عائشةُ ترُدُّ؟ على زينب حتى أسكتَتْها، قالت: فنظَرَ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - إلى عائشة؟ وقال: "إنّها بنت أبي بكر". ولفظ مسلم بنحوه ورواية ابن ماجه والنسائي مختصرة. وانظرا مسند" الإِمام أحمد حديث رقم (24575) و (24620). وقوله: "فجعل يصنع شيئاً بيده"، قال صاحب "عون المعبود": أي من المس ونحوه مما يجري بين الزوج والزوجة. حتى فَطَّنتُهُ لها: من التفطين، أي: أعلمته بوجود زينب. تَقَحَّم، قال الخطابي في "معالم السنن"، معناه: تعرض لشتمها وتتدخل عليها، ومنه قولهم، فلان يتقحم في الأمور إذا كان يقع فيها من غير تثبت ولا روية. وفيه من العلم: إباحة الانتصار بالقول ممن سبَّك من غير عدوان في الجواب. (¬1) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3019) من طريق يحيى بن معين، عن وكيع، بهذا الإسناد. دون قوله: "ولا تقعوا فيه". =

4900 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا معاويةُ بنُ هشامٍ، عن عمرانَ بن أنسٍ المكىِّ، عن عَطَاءِ عن ابن عُمر، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "اذكُرُوا مَحاسِنَ موتاكم، وكُفُّوا عن مَساويهم" (¬1). ¬

_ = وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (1446) من طريق عبد الله بن عثمان، والدارمي في سننه" (2260)، والترمذي (4233)، وابن حبان (3018) و (4177) من طريق سفيان الثوري، وابن حبان (3019) من طريق علي بن هاشم، ثلاثتهم عن هشام بن عروة، به. وبعضهم زاد فيه وبعضهم اختصره. وجاء بلفظ: "لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قَدَّموا"، أخرجه البخاري (1393) و (6516)، والنسائي في "الكبرى" (2074) من طريق مجاهد، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (25470)، و "صحيح ابن حبان" (3021). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (2573) من طريق منصور بن عبد الرحمن، عن أمه، عن عائشة قالت ذكر عند النبي -صلى الله عليه وسلم- هالكٌ بسوء، فقال: "لا تذكروا هلكاكم إلا بخير". وإسناده صحيح. (¬1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف عمران بن أنس المكي، قال البخاري فيه: منكر الحديث. وأخرجه الترمذي (1040)، وابن حبان في "صحيحه"، (3020) من طريق محمَّد ابن العلاء، بهذا الإسناد. ويشهد له حديث عائشة السالف قبله. وله شاهد آخر من حديث المغيرة بن شعبة، أخرجه أحمد في "مسنده" (18209)، وابن حبان في "صحيحه" (3022). ولفظه: "لا تسبّوا الأموات، فتؤذوا الأحياء". وإسناده صحيح. وانظر تمام تخريجه فيهما. وثالث عند أحمد في "مسنده" (2734) من حديث ابن عباس، بلفظ: " ... فلا تسبُّوا أمواتنا، فتؤذوا أحياءنا". وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه فيه.

50 - باب النهي عن البغي

50 - باب النهي عن البغي 4901 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح بن سفيانَ، أخبرنا عليُّ بنُ ثابت، عن عِكْرِمَة بن عمارٍ، حدَّثني ضَمْضَمُ بن جوسٍ، قال: قال أبو هريرة: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: "كانَ رَجُلان في بني إسرائيلَ مُتواخيَين، فكان أحدُهما يُذنبُ والآخرُ مجتهدٌ في العبادة، فكان لا يزالُ المجتهدُ يرى الأخرَ على الذنب، فيقول: أقصِرْ، فوَجَدَه يوماً على ذنبٍ، فقال له: أَقصِرْ، فقال: خلِّني وربِّي، أبُعِثتَ عليَّ رقيباً؟ فقال: واللهِ لا يَغفِرُ اللهُ لكَ -أو لا يُدْخِلُكَ اللهُ الجنةَ- فقَبَضَ أرواحَهُما، فاجتمعَا عند ربِّ العالمين، فقال لهذا المجتهد: أكُنتَ بي عالماً؟ أو كنتَ على ما في يدي قادِراً؟ وقال للمُذنِب: اذهَبْ فادخُلِ الجنةَ برحمتي، وقال للآخر: اذهبُوا به إلى النار" قال أبو هريرة: والذي نفسِي بيدِه لتكلَّمَ بكلمةِ أوبَقَت دُنياه وآخِرَتَه (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن، ومتنه غريب، تفرد به عكرمة بن عمار، وهو -وإن كان من رجال مسلم- فيه كلام ينزله عن رتبة الصحيح، وقد روى أحاديث غرائب لم يَشرَكه فيها أحدٌ. وأخرجه أحمد في "مسنده" (8292) و (8749)، وابن أبي الدنيا في "حسن الظن بالله" (45)، وابن حبان في "صحيحه" (5712)، والبيهقي في "الشعب" (6689)، والمزي في "تهذيب الكمال" 13/ 326 من طرق عن عكرمة بن عمار، بهذا الإسناد. وقول أبي هريرة في آخر الحديث: والذي نفسي بيده لتكلَّم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته. جاء في رواية المزي منصوصاً عليه بأنه مرفرع. وفي السند عنده أبو جعفر موسى بن مسعود وفيه لين. والصواب أنه من قول أبي هريرة. وله شاهد من حديث أبي قتادة الأنصارى، أخرجه ابن أبو الدنيا في "حسن الظن" (44)، والطبراني في "الشاميين" (281)، وأبو نعيم في "الحلية" 8/ 275، بإسناده ضعيف لجهالة الرجل من آل جبير بن مطعم راويه عن أبي قتادة. =

4902 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبى شيبةَ، حدَّثنا ابنُ عُلَيَّة، عن عُيَينَة بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي بكرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَا مِن ذَنْبٍ أجدَرُ أن يُعجِّلَ الله تعالى لصاحِبِه العُقوبَةَ في الدُّنيا، مع ما يَدَّخِرُ له في الآخرة، مثلُ البَغيِ، وقَطيعةِ الرحمِ" (¬1). ¬

_ = وفي الباب عن جندب بن عبد الله: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حدَّث "أن رجلاً قال: والله لا يغفرُ الله لفلان. وإن الله تعالى قال: من ذا الذي يتألى عليَّ أن لا أغفر لفلانٍ، فإني قد غفرت لفلانٍ وأحبطتُ عمَلك". أو كما قال. أخرجه مسلم (2621)، وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (5711). وقوله: "مُتواخيين"، قال صاحب "عون المعبود"، أي: متقابلين في القصد والسعي، فهذا كان قاصداً وساعياً في الخير، وهذا كان قاصداً وساعياً في الشر. وقوله: "أقصر": من الاقصار، وهو الكف عن الشيء مع القدرة عليه. وقول أبي هريرة: "أوبقت ديناه وآخرته"، وأوبقت: أهلكت، وأراد أبو هريرة بالكلمة قوله: والله لا يغفر الله لك. (¬1) إسناده صحيح. ابن علية: هو إسماعيل بن إبراهيم بن مِقسَم، وعُلَية أمّه، ووالد عيينة: هو عبد الرحمن بن جوشن. وأخرجه ابن ماجه (4211) عن الحسين بن الحسن المروزي، والترمذي (2679) عن علي بن حجر، كلاهما عن ابن عُلية، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. وأخرجه ابن ماجه (4211) من طريق عبد الله بن المبارك، عن عيينة، به. وهو في "مسند أحمد" (20374) و (20398)، و"صحيح ابن حبان" (455) و (456). وانظر فيه حديث رقم (440). أجدر: أولى وأحرى، والبغى: الظلم، وهو من الكبر، وقطيعة الرحم من الاقتطاع من الرحمة، والرحم: القرابة ولو غير محرم بنحو إيذاء أو صد أو هجر، أو يترك الإحسان إليهم، وفيه تنبيه على أن النبلاء بسبب القطيعة في الدنيا لا يدفع بلاء الآخرة.

51 - باب في الحسد

51 - باب في الحَسَد 4903 - حدَّثنا عثمانُ بنُ صالحِ البَغداديُّ، حدَّثنا أبو عامرٍ عبدُ الملك بن عمرو، حدَّثنا سليمانُ بنُ بلال، عن إبراهيمَ بن أبي أَسيدٍ، عن جدِّه عن أبي هريرة، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال:" إياكُم والحَسَدَ، فإنَّ الحَسَدَ يأكُلُ الحَسَناتِ كما تأكُلُ النَارُ الحَطَبَ - أو قال: العُشب" (¬1). 4904 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهْبٍ، أخبرني سعيدُ ابن عبد الرحمن بن أبي العَمْياء أن سهلَ بنَ أبي أمامة حدَّثه، أنه دَخَلَ هو وأبوه على أنس بن مالكٍ بالمدينة، في زمان عمر بن عبد العزيز، وهو أميرُ المدينة، فإذا هو يُصلي صلاةً خفيفةً ذَفيفةً، كأنها صلاةُ مسافرٍ، أو قريبٌ منها، فلما سلم، قال أبي: يَرْحَمُكَ الله! أرأيت هذه، الصلاةَ: المكتوبةُ، أو شيءٌ تَنَفَّلْتَه، قال: إنها المكتوبةُ، وانها لصلاةُ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، ما أخطاتُ إلا شيئاً سهوتُ عنه (¬2)، إن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "لا ¬

_ (¬1) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة جد إبراهيم بن أبي أسيد، قال الحافظ في "التقريب": لا يعرف. وإبراهيم بن أبي أسيد: ضعيف يعتبر حديثه في المتابعات والشواهد. وذكر الحديث البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 272 - 273 وقال: لا يصح. وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (1430)، وابن عبد البر فى "التمهيد" 6/ 124، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6608)، وفي (الآداب، (135) من طرق عن أبي عامر العقدي عبد الملك بن عمرو، بهذا الإسناد. وآخر عند المصنف وهو الحديث الآتي بعد هذا برقم (4904) عن أنس بن مالك. وإسناده محتمل للتحسين وله متابعات وشواهد. وانظر تخريجه فيه. (¬2) من قوله: في زمان عمر، إلى هنا، زيادة أثبتناها من (هـ). وهي في نسخة الخطابي، إذ إنه شرح بعض حروفها.

تُشدِّدوا على أنفسِكم فيُشَدَّدَ عليكم، فإن قوماً شدَّدُوا على أنفسِهم فشدَّدَ الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصَّوامع والديار {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} [الحديد: 27]. ثم غَدَا مِن الغَد، فقال: ألا تَرْكَبُ لتَنظُرَ ولتَعتَبِرَ؟ قال: نعم، فرَكِبُوا جميعاً، فإذا هُمْ بديارِ بادَ أهلُها واتقَضَوْا وفَنُوا، خاويةٍ على عروشِها، فقال: أتَعرِفُ هذه الديار؟ فقال: ما أعْرَفَني بها وبأهلِها، هذه ديارُ قومِ أهلَكَهُمُ البَغْيُ والحَسَدُ، إن الحسدَ يُطفى نورَ الحَسَنات، والبغْيَ يُصَدِّقُ ذلك أو يكذبه، والعينُ تزني، والكفُّ والقَدَمُ والجَسَدُ واللسانُ، والفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلك أو يُكَذِّبُه (¬1) (¬2). ¬

_ (¬1) من قوله: ثم غدا من الغد، إلى آخره، زيادة أثبتناها من (هـ). (¬2) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد محتمل للتحسين، رجاله كلهم ثقات غير سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، روى عن: سهل بن أبي أمامة والسائب بن مهجان المقدسي، وروى عنه: خالد بن حميد وعبد الله بن وهب، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الحافظ في "التقريب": مقبول. قلنا: يعني عند المتابعة، إلا فلَين الحديث. كما نص عليه الحافظ في المقدمة "للتقريب". ولعظم الحديث شواهد متفرقة: فأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3694) عن أحمد بن عيسى المصري، عن عبد الله ابن وهب، بهذا الإسناد. وقال الهيثمي في "المجمع" 6/ 390: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء، وهو ثقة. وصحح إسناده البوصيري في "إتحاف الخيرة المهرة" 5/ 258. وأخرجه ابن ماجه (4210)، وأبو يعلى (3656)، وابن عدى في "الكامل" 5/ 1887 والقضاعي في "مسند الشهاب" (1049)، والخطيب في "الموضح" 1/ 146 من طريق ابن أبي فديك، عن عيسى بن أبي عيسى الحنَّاط، عن أبي الزناد، عن أنس. وعيسى: متروك. ولفظ ابن ماجه وأبي يعلى وابن عدي: "الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النَّارُ الحطبَ، والصَّدَقة تُطفى الخطيئةَ كما يُطفئ الماءُ النار، والصلاة نورُ =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = المؤمن، والصِّيامُ جُنَّةٌ من النار"، ولفظ القضاعي والخطيب: "إن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب". وأخرجه الخطيب في "الموضح" أيضاً 1/ 147 بزيادة الشعبي في الإسناد بين أبي الزناد وأنس. وقال: لم يتابع يعقوب -وهو أحد رجال السند- أحد على هذا القول، والمحفوظ ما ذكرناه. والله أعلم. يعني: بإسقاط الشعبي بينهما. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 93 ومن طريق ابن عبد البر فى "التمهيد" 6/ 123 - 124 عن أبي معاوية، عن الأعمش، والبيهقي في "الشعب، (6610) و (6611) من طريق واقد بن سلامة، كلاهما (الأعمش وواقد) عن يزيد بن أبان الرَّقاشي، عن أنس. ولفظ البيهقي بنحو لفظ أبي يعلى وابن ماجه، ولفظ ابن أبي شيبة اقتصر على قطعة الحسد. ويزيد الرقاشي ضعيف. وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 2/ 227 مقتصراً فيه على الحسد من طريق محمَّد بن الحسين بن حريقا البزاز، عن الحسن بن موسى الأشيب، عن أبي هلال الراسي محمَّد بن سليم، عن قتادة، عن أنس. ومحمد بن الحسين هذا لم يذكر الخطيب في ترجمته ما يُبيِّن حاله. وأبو هلال الراسبي ضعيف يعتبر به. ومع هذا فقد حسن الحافظ العراقي إسناده في تخريج أحاديث "الاحياء" 1/ 45. واقتصر فيه على تضعيف رواية ابن ماجه السالفة من طريق عيسى الحناط!!. ولقرله:" لا تشددوا على أنفسكم ... " شاهد من حديث سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه، عن جده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تشددوا على أنفسكم، فإنما هلك من كان قبلكم بتشديدهم على أنفسهم، وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات". أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 97، والطبراني في "الكبير" (5551)، وفي "الأوسط" (3078)، والبيهقي في "الشعب" (3884). وقال الهيثمي في "المجمع" 1/ 62: رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير"، وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وثقة جماعة وضعفه آخرون. ولقوله: "العين تزني ... "، شاهد من حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري (6243)، ومسلم (2657)، وهو في "المسند" (7719). ولفظه: "إن الله عز وجل =

52 - باب النهي عن اللعن

52 - باب النهي عن اللعْن 4905 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا يحيى بن حسَّان، حدَّثنا الوليدُ بن رباحٍ، سمعت نِمرانَ يذكُرُ، عن أمِّ الدرداء، قالت: سمعتُ أبا الدرداء يقول: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنَّ العَبدَ إذا لَعَنَ شيئاً صَعِدَتِ اللَّعنَةُ إلى السَّماء، فتُغلَقُ أبوابُ السماء دونَها، ثمّ تَهبِطُ إلى الأرض، فتُغلَقُ أبوابُها دونَها، ثم تأخذ يميناً وشمالاً، فإذا لم تَجِدْ مَسَاغاً رَجَعَت إلى الذي لُعِنَ، فإن كان لذلك أهلاً، وإلا رَجعت إلى قَائلها" (¬1). ¬

_ = كتب على ابن آدم حظه من الزنى، أدرك ذلك لا محالة، وزنى العين النظر، وزنى اللسان النُّطق، والنَّفسُ تَمَنّى وتشتهى، والفرج يُصدق ذلك أو يكذَّبهُ" واللفظ لأحمد. وفي "الصحيحين" عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: "لا تباغضوا, ولا تحاسدوا, ولا تدابروا, ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا, ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث". البخاري (6065)، ومسلم (2559). وسيأتي عند المصنف برقم (4910). قال الخطابي: الذفيفة: الخفيفة، يقال: رجل ذفيف خفيف. وأخرج أحمد (8894) من حديث عبد الله بن عَنَمَةَ قال: رأيت عمار بن ياسر دخل المسجد، فصلَّى، فأخفَّ الصلاة، قال: فلما خرج، قُمتُ إليه، فقلت: يا أبا اليقظان: لقد خففت، قال: فهل رأيتني انتقصت من حدودها شيئاً؟ قلت: لا، قال: فإني بادرت بها سهوة الشيطان، سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن العبد ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها" وهو حديث صحيح. (¬1) إسناده محتمل للتحسين. نمران: وهو ابن عتبة الذِّماري: ذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى عنه عياش بن يونس أبو معاذ والوليد بن رباح ابن أخيه، وروى عن أم الدرداه. وقال الحافظ في"التقريب": مقبول. وجَوَّوإسناده في "الفتح" 10/ 467. وذكره السيوطي في "الجامع الصغير" وعزاه لأبي داود ورمز له بحسنه. =

قال أبو داود: قال مروانُ بنُ محمَّد: هو رباحُ بن الوليد، وسمع منه مروان، وذكر أن يحيى بنَ حسَّان وَهِمَ فيه. 4906 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا هشامٌ، حدَّثنا قتادةُ، عن الحسنِ عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تلاعَنُوا بلعنةِ الله، ولا بغضبِ الله، ولا بالنار" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البيهقي في "الشعب" (5162) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (384) من طريق الحسن بن عبد العزيز، عن يحيى بن حسان، به. وله شاهد من حديث ابن مسعود أخرجه أحمد في "مسنده" (3876)، والبيهقي في "الشعب" (5163) وفيه: "إن اللعنة إذا وُجِّهَت إلى من وُجِّهت إليه، فإن أصابت عليه سبيلاً، أو وَجَدَت فيه مَسْلَكاً، وإلا قالت: يا ربِّ، وُجِّهْتُ إلى فُلان، فلم أجد عليه سبيلاً، ولم أجد فيه مسلكاً، فيقال لها: ارجعي من حيثُ جئتِ"، فخشيتُ أن تكونَ الخادمُ معذورةً، فترجعُ اللعنةُ، فاكونَ سَبَبَها. واسناده محتمل للتحسين. ويشهد له حديث ابن عباس الآتي برقم (4908). وأخرج البخاري (6047) و (6105)، ومسلم (110) من حديث ثابت بن الضحاك وفيه:" ولعن المؤمن كقتله". وهو في "المسند" (16385). وعن أبي هريرة بلفظ: "لا ينبغي لصدِّيق أن يكون لعاناً". أخرجه مسلم (2597)، وهو في "المسند" (8447). وانظر تمام تخريجه فيه. وعن عبد الله بن مسعود أخرجه أحمد في "مسنده" (3839)، والترمذي (2092) بلفظ: "ليس المؤمن بطعان، ولا بلعّان، ولا الفاحش البذي". وعن ابن عمر بلفظ: "لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعاناً"، أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (309)، والترمذي (2138). واللفظ للبخاري. (¬1) حديث حسن لغيره، رجاله ثقات رجال الصحيح، إلا أن فيه عنعنة الحسن البصري. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي. =

4907 - حدَّثنا هارونُ بنُ زيد بن أبي الزَّرقاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا هشامُ بن سعْدِ، عن أبي حازمِ وزيدِ بن أسلمَ، أن أمِّ الدرداءِ قالت: سمعتُ أبا الدرداء قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -يقول: "لا يكونُ اللعَّانُونَ شُفَعاءَ، ولا شُهَداءَ" (¬1). ¬

_ =وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (320) عن مسلم، والترمذي (2591) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن هشام، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (20175). وله شاهد مرسل بلفظه عند عبد الرزاق (19531)، ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" (3557) من حديث حميد بن هلال مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. ورجاله ثقات. ويشهد له ما قبله، وقد ذكرنا فيه شواهد أخرى فانظرها هناك. قال علي القاري في "مرقاة المفاتيح" 4/ 636: قوله: "لا تلاعنوا بلعنة الله" أي: لا يلعن بعضكم بعضاً فلا يقل أحد لمسلم معيّن: عليك لعنة الله، مثلاً. "ولا بغضب الله" بأن يقول: غضب الله عليك. ولا "بالنار" بأن يقول: أدخلك الله النارَ، أو النار مثواك. وقال الطِّيبي: أي: لا تَدعوا على الناس لما يُبعدهم الله من رحمته، إمَّا صريحاً كما تقولون: لعنة الله عليه، أو كناية كما تقولون: عليه غضب الله، أو أدخله الله النارَ، فقوله: "لا تلاعنوا" من باب عموم المجاز، لأنه في بعض أفراده حقيقة، وفي بعضه مجاز، وهذا مختصٌّ بمعيَّن؛ لأنه يجوز اللعن بالوصف الأعم كقوله: لعنة الله على الكافرين، أو بالأخصِّ كقوله: لعنة الله على كافر معيَّن مات على الكفر كفرعون وأبي جهل. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل هشام بن سعد ففيه كلام ينزله عن رتبة الصحيح وإن كان من رجال مسلم وقد توبع. وباقي رجاله ثقات. أبو حازم: هو سلمة بن دينار. وأخرجه مسلم (2598) (86) من طريق معاوية بن هشام، عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (316) من طريق محمَّد بن جعفر، ومسلم (2598) (85) من طريق حفص بن ميسرة، ومسلم (2598) من طريق معمر، ثلاثتهم عن زيد بن أسلم وحده، به، وعند مسلم قصة في أوله. =

4908 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا أبان (ح) وحدَّثنا زيدُ بنُ أخزَمَ الطائيُّ، حدَّثنا بِشْرُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا أبانُ بن يزيدَ العطارُ، حدَّثنا قتادةُ، عن أبي العالية، قال زيد: عن ابنِ عباس: أن رجلاً لَعَنَ الريحَ -وقال مسلم: إنَّ رجلاً نازعَتْهُ الريحُ رداءَه على عهدِ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - فلعَنَها- فقال النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -: (لا تَلْعَنْها فإنَّها مأمُورَةٌ، وإنه مَنْ لَعَنَ شيئاً ليسَ له بأهْلٍ رَجَعَتِ اللعنةُ عليه" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند" أحمد (7529)، و"صحيح" ابن حبان (5746). قال البغوي في "شرح السنة" 13/ 135: قيل في قوله: " ولا شهداء" أي: لا يكونون في الجملة التي يُستشهدون يومَ القيامة على الأمم التي كذَّبت أنبياءهم عليهم السلام، لأن من فضيلة هذه الأمة أنهم يشهدون للأنبياء عليهم السلام بالتبليغ إذا كذبهم قومُهم. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير زيد بن أخزم، فقد أخرج له البخاري وهو ثفة. وطريق مسلم بن إبراهيم مرسلة. وأخرجه موصولاً الترمذي (2093) عن زيد بن أخزم، عن بشر بن عمر، بهذا الإسناد. وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (5745). ويشهد له حديث أبي هريرة، عند أحمد في "مسنده" (7413)، وهو صحيح في المتابعات والشواهد، ولفظه: "لا تسبُّوا الريح، فإنها تجيء بالرحمة والعذاب، ولكن سلوا الله خيرها، وتعوذوا بالله من شرها". وعن أبي بن كعب عند أحمد أيضاً في "مسنده" (21138)، ولفظه: "لا تسبوا الريح، فإذا رأيتم منها ما تكرهون، فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح، ومن خير ما فيها، ومن خير ما أُرسلت به، ونعوذ بك من شرٌ هذه الريح، ومن شر ما فيها، ومن شر ما أُرسلت به". وهو حديث صحيح لغيره.

53 - باب فيمن دعا على من ظلمه

53 - باب فيمن دعا على مَن ظَلَمَه 4909 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ معاذ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا سفيانُ، عن حبيبٍ، عن عطاءٍ عن عائشة، قالت: سُرِقَ لها شيءٌ فجَعَلَت تَدعُو عليه، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُسبِّخي عنه" (¬1). 54 - باب فيمن يهجر أخاه المسلم 4910 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ عن أنسِ بن مالكٍ، أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قال:"لا تَبَاغَضُوا, ولا تحاسَدُوا، ولا تَدَابَرُوا، وكونُوا عبادَ الله إخواناً، ولا يَحِلُّ لمُسلمٍ أنْ يَهجُرَ أخاهُ فوقَ ثلاثِ لَيَالٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، حبيب -وهو ابن أبي ثابت- روايته عن عطاء -وهو ابن أبي رباح- ليست بمحفوظة، فيما نقله العقيلي عن يحيى القطان، وقال في "الضعفاء" 1/ 263: له عن عطاء أحاديث لا يتابع عليها، وذكر منها هذا الحديث. معاذ: هو ابنُ مُعاذٍ، وسفيان: هو الثوري. وقد سلف عند المصنف برقم (1497). فانظر تخريجه هناك. وقوله: "لا تسبخي عنه". قال الخطابي: معناه لا تخففي عنه العقوبة بدعائك عليه، ومن هذا سبائخ القطن: وهي القطع المتطايرة عن الندف. (¬2) إسناده صحيح. وهو في "الموطأ" 2/ 907، ومن طريقه أخرجه البخاري (6076)، ومسلم (2559) (23). وأخرجه البخاري (6565)، ومسلم (2559) (23)، والترمذي (2048) من طرق عن الزهري، به. وأخرجه مسلم (2559) من طريق قتادة، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12073)، و"صحيح ابن حبان" (5660). =

4911 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن ابنِ شهابٍ، عن عطاء ابن يزيدَ الليثىِّ عن أبي أيوبَ الأنصارىِّ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يَهجُرَ أخاهُ فوقَ ثلاثةِ أيام، يلتقيانِ، فيُعرِضُ هذا ويُعرِضُ هذا، وخَيرُهما الذي يَبدَأ بالسلام" (¬1). ¬

_ = وقوله: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال"، قال ابن الأثير في "النهاية": يريد به الهجر ضدَّ الوصل، يعني فيما يكون بين المسلمين من عَتْبٍ ومَوْجِدَة أو تقصير يقع في حقوق العِشرة والصُّحبة دون ما كان من ذلك في جانب الدين، فإن هِجرة أهل الأهواءِ والبدع دائمة على مر الأوقات ما لم تظهر منهم التوبةُ والرجوع إلى الحق، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما خاف على كعب بن مالك وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن غزوة تبوك، أمر بهجرانهم خمسين يوماً، وقد هجر نساءَه شهراً. وقال ابن عبد البر في "الاستذكار" 26/ 149: والذي عندي: أن من خشيَ من مجالستِه ومكالمته الضَّرَرُ في الدين أو في الدنيا، والزيادة في العداوة والبغضاء، فهجرانُه والبُعدُ عنه خيرٌ من قُرْبِهِ؛ لأنه يحفظُ عليك زلّاتِكَ، ويُمارِيكَ في صوابِك، ولا تَسلَمُ من سوء عاقِبةِ خُلْطتهِ، ورُبَّ صَرْمٍ جَميل خيرٌ من مُخالطة مُؤذية. وقال الخطابي: وأما الهجران أكثر من ذلك، فإنما جاء ذلك في هجران الرجل أخاه في عَتْبٍ، وموجدة، أو لنبوة تكون منه، فرخص له في مدة ثلاث لقلتها، وجعل ما وراءها تحت الحظر. فأما هجران الوالد الولد والزوج الزوجة، ومن كان في معناهما، فلا يضيق أكثر من ثلاث، وقد هجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه شهراً. (¬1) إسناده صحيح. وهو في "الموطأ" 2/ 906 - 907، ومن طريقه أخرجه البخاري (6077)، ومسلم (2560). وأخرجه البخاري (6237)، ومسلم (2560)، والترمذي (2045) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (23528)، و"صحيح ابن حبان" (5669).

4912 - حدَّثنا عُبيدُ الله بن عُمرَ بن مَيسَرَةَ وأحمدُ بنُ سعيد السَّرْخَسي، أن أبا عامِرٍ أخبرهم، حدَّثنا محمدُ بنُ هلالِ، حدَّثني أبي عن أبي هريرة، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحِل لمؤمنٍ أن يَهْجُرَ مؤمناً فوقَ ثلاثٍ، فإن مرَّتْ به ثلاث فلْيَلقَهُ، فليُسَلِّمْ عليه، فإن ردَّ عليه السَّلام فقد اشتركا في الأجرِ، وإن لم يَرُدَّ عليه فقد باءَ بالإثم". زاد أحمدُ: "وخَرَجَ المُسلِّمُ من الهِجْرَة" (¬1). 4913 - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، حدَّثنا محمدُ بنُ خالد بن عَثمَةَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ المُنيب المدنىُّ، أخبرني هشامُ بن عُروة، عن عُروة عن عائشةَ أنّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يكونُ لمُسلمٍ أن يَهْجُرَ مُسْلماً فوقَ ثلاثةٍ، فإذا لَقِيه سَلَّم عليه ثلاثَ مرارٍ، كُلُّ ذلك لا يَرُدُّ عليه، فَقَدْ باءَ بإثْمِهِ" (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات إلا والد محمَّد بن هلال -وهو: هلال بن أبي هلال المدني- لم يرو عنه غير اثنين، وذكره ابن حبان في "الثقات" ومع ذلك فقد صحيح الحافظ ابن حجر إسناد هذا الحديث في "الفتح" 10/ 495. وانظر ما سيأتي عند المصف برقم (4914). وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (414)، وفي "التاريخ" 1/ 257 من طريق إسماعيل بن أبي أويس، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (555) من طريق عبد الله ابن مسلمة القعنبىُّ، والبيهقي في "الشعب" (6195) من طريق خالد بن مخلد، ثلاثتهم عن محمَّد بن هلال، بهذا الإسناد. وأخرج مسلم (2562) من طريق العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا هجرة بعد ثلاث"، وهو في "المسند" لأحمد (8919). (¬2) إسناده قوي. وأخرجه أبو يعلى (4583)، والمزي في "تهذيب الكمال" 16/ 177 - 178 من طريق أبي موسى محمَّد بن المثنى، بهذا الإسناد. =

4914 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح البزّازُ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارون، أخبرنا سفيانُ الثورىُّ، عن منصورٍ، عن أبي حازمٍ عن أبي هريرة، قال: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَحِل لمُسْلِمٍ أن يَهْجُرَ أخاه فَوقَ ثلاثٍ، فمَنْ هَجَرَ فَوقَ ثلاثٍ فماتَ، دَخَلَ النّارَ" (¬1). 4915 - حدَّثنا ابنُ السَّرْح، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، عن حَيوةَ، عن أبي عثمانَ الوليد بن أبي الوليد، عن عمرانَ بن أبي أنسٍ عن أبي خِرَاشٍ السُّلَمى، أنه سَمعَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَن هَجَرَ أخاه سنةً، فهو كَسَفْكِ دَمِهِ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه مختصراً أبو يعلى (4568) عن محمَّد بن عبد الله بن نمير، عن محمَّد ابن خالد، به. وأخرج البخاري (6075)، وأحمد في "مسنده" (18921) من مسند المسور بن مخرمة قصة له ولعبد الرحمن بن الأسود في اسشفاعهما لعبد الله بن الزبير عند عائشة وفيها: وطفق المِسْوَرُ وعبدُ الرحمن يناشدانها إلاَّ ما كلمتْهُ، وقَبِلَت منه، ويقولان: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عما قد عَلِمتِ من الهجرة، فإنه "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال" فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحريج، طَفِقَت تُذَكِّرُهما وتبكي ... إلخ. واللفظ للبخاري، وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (5662). وانظر ما قبله من أحاديث الباب وما بعده. (¬1) إسناد صحيح، لكن رواه مسلم (2562) دون قوله: " فمن هجر فوق ثلاث فمات، دخل النار". وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9116) من طريق شعبة، عن منصور، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9092). وانظر حديث أبي هريرة السالف برقم (4912). (¬2) إسناده صحيح. ابن السَّرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السَّرْح، وابن وهب: هو عبد الله، وحيوة: هو ابن شريح. أبو خراش السُّلمي -ويقال: الأسلمي- اسمه: حدرد بن أبي حدرد.

4916 - حدَّثنا مُسدِّدٌ، حدَّثنا أبو عَوانَةَ، عن سُهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تُقتَحُ أبوابُ الجنةِ كلَّ يومِ اثنينِ وخميسٍ، فيُغفَرُ في ذلك اليومَينِ لكل عَبدٍ لا يُشرِكُ بالله شيئاً إلا من بَيْنَه وبَينَ أخيهِ شَحْنَاءُ، فيقال: أنْظِرُوا هذين حتَّى يَصْطَلِحَا" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 85 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (551) من طريق يحيى بن سليمان، عن عبد الله بن وهب، به. وأخرجه ابن سعد في" الطبقات" 7/ 500، وأحمد في "مسنده" (17935)، والبخاري في "الأدب المفرد" (404)، والدولابي في "الكنى" (164)، والطبراني في "الكبير" 22/ (779)، والحاكم في" المستدرك" 4/ 163، والبيهقي في "الشعب" (6631)، وفي "الآداب" (280)، والمزي في "تهذيب الكمال" 5/ 488 من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة، به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2735)، والدولابي في "الكنى" (164)، والطبراني في "الكبير" 22/ (785) و (781) و (782) من طرق عن الوليد أبي عثمان، به. وكنى الطبراني في روايته (782) أبا خراش: أبا حدرد الأسلمي. وقال المزي في "تحفة الأشراف " 3/ 19: رواه يحيى بن أيوب، عن الوليد بن أبي الوليد، أن عمران بن أبي أنس حدثه أن رجلاً من أسلم من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- حدثه عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "هجرة المسلم سنة كدَمِه" قال: وفي المجلس: محمَّد بن المنكدر وعبد الله بن أبي عتاب، قالا: قد سمعنا هذا عنه. قلنا: أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (405) من طريق يحيى بن أيوب. (¬1) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو صالح: هو ذكوان الزَّيات. وأخرجه مسلم (2565)، والترمذي (2142) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (1740) من طريق محمَّد بن رفاعة، عن سهيل، به. لكن بلفظ: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يصوم الاثنين والخميس، فقيل: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إنك تصومُ الاثنين والخميس! فقال: "إن يومَ الاثنين والخميس يغفرُ اللهُ فيها لكلِّ مسلم إلاَّ مُهتجرَينِ، يقولُ: دعهما حتى يصطلحا". وأخرجه الترمذي (757) من طريق محمَّد بن رفاعة، عن سهيل أيضاً، به. بلفظ: "تُعرضُ الأعمال يومَ الاثنين والخميس، فأحِبُّ أن يعرضَ عملي وأنا صائمٌ". وأخرجه مسلم (2565) من طريق مسلم بن أبي مريم، عن أبي صالح، به. بلفظ: تعرض الأعمالُ في كلِّ يومِ خميسِ واثنين، فيغفر اللهُ عَزَّ وَجَلَّ في ذلك اليوم لكل امرىء لا يشركُ بالله شيئاً، إلا امرأً كانت بينه وبين أخيه شحناءُ، فيقال: ارْكُوا هذين حتى يصطلحا، اركوا هذين حتى يصطلحا". وقوله: ارْكُوا، أي: أخِّروا. وهو في "مسند أحمد" (7639)، و"صحيح ابن حبان" (5661) و (5663). وجاء في بعض الروايات: "تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس"، قال السندي في "حاشيته على المسند": قال الشيخ عز الدين: معنى العرض هنا: الظهور، وذلك أن الملائكة تقرأ الصحف في هذين اليومين. وقال الشيخ ولي الدين: إن قلت: ما معنى هذا مع ما ثبت في "الصحيحين": أن الله تعالى يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وبالعكس؟ قلت: يحتمل أن أعمالَ العباد تُعرض على الله تعالى كلَّ يوم، ثم تُعرض عليه أعمال الجمعة في كلِّ يوم اثنين وخميس، ثم تُعرض عليه أعمالُ السنة في شعبان! فتعرض عرضاً بعدَ عرض، ولكل عرض حكمة يطلع عليها من يشاءُ من خلقه، أو يستأثر بها عنده مع أنه تعالى لا يخفى عليه من أعمالهم خافية، ويحتمل أن الأعمالَ تعرض في اليوم تفصيلاً، ثم في الجمعة جملة أو بالعكس. انتهى. وفي "المجمع": حديثُ العرض لا يُنافي حديث الرفع؛ لأن الرفع غيرُ العرض، فإن الأعمال تُجمع بعد الرفع في الأسبوع، وتعرض يوم الاثنين والخميس، والعرضُ على الله أو على ملك، وكله على جمع الأعمال. انتهى. لكن في رواية النسائي تصريح بأن العرض على ربِّ العالمين. قلنا: يعني رواية النسائي في "الكبرى" (2679) من حديث أسامة بن زيد.

55 - باب في الظن

قال أبو داود: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هَجَرَ بعضَ نسائِه أربعين يوماً، وابنُ عمر هَجَرَ ابناً له إلى أن مات (¬1). قال أبو داود: إذا كانت الهجرةُ لله (¬2)، فليسَ من هذا بشيء، عُمر بن عبد العزيز غطَّى وَجهَه عن رجل. 55 - باب في الظن 4917 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن أبي الزِّناد، عن الأعْرَج عن أبي هريرة، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "إيَّاكم والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكذَبُ الحديث، ولا تَحسَّسُوا, ولا تجسَّسُوا" (¬3). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). وهَجر ابن عمر ابنه إلى أن مات. أخرجه أحمد في "المسند" (4933)، بإسناده صحيح. (¬2) أي: هجران المسلم لرعاية حق من حقوق الله، فليس ذلك الهجر من هذا الوعيد المذكور في الحديث، فقد منع النبي-صلى الله عليه وسلم- الكلام مع من تخلف في تبوك كما سلف في: باب مجانبة أهل الأهواء برقم (4600) وسلف أن ابن عمر لم يكلم ابنه حتى مات، وفي "شعب الإيمان" لبيهقي (8832) سمع ابنُ مسعود رجلاً يضحك في جنازة، فقال: أتضحك وأنت في جنازه! لا أكلمك أبداً، وسلف ترك السلام على أهل الأهواء في باب ترك السلام على أهل الأهواء، وقال الحافظ في "الفتح"10/ 418 في صلة الرحم: إن مقاطعة الكفار أو الفجار في الله هي صلتُهم. (¬3) إسناده صحيح. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن ابن هرمز. وهو في الموطأ: 2/ 907 - 908، ومن طريقه أخرجه البخاري (6066)، ومسلم (2563). وأخرجه الترمذي (2105) من طريق سفيان، عن أبي الزناد، به. وأخرجه البخاري (5143) من طريق جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، به. =

56 - باب في النصيحة

56 - باب في النَّصيحة 4918 - حدَّثنا الربيعُ بن سليمان المؤذَّن، حدَّثنا ابنُ وهب، عن سُليمان -يعني ابنَ بلال- عن كثيرِ بن زيدٍ، عن الوليد بن رباح (¬1) ¬

_ = وأخرجه البخاري (6064) و (6724)، ومسلم (2563) من طرق عن أبي هريرة. وبعضهم يزيد فيه على بعض. وهو في "مسند أحمد" (7337) و (10001)، و "صحيح ابن حبان" (5687). وقوله: "إياكم والظن"، قال السندي في "حاشيته على المسند": أي: سوء الظن، قيل: وهو أن يعقِدَ قلبه عليه بسبب لا يلزم منه ذلك لا مجرد الوسوسة، ولا إذا تحقق سببه، انتهى. وجاء عند الترمذي بإثر روايته للحديث، قال: سمعت عبد بن حميد يذكرُ عن بعض أصحاب سفيان، قال: قال سفيان: الظَّن ظنّانِ: فظنُّ إثمٌ، وظن ليس بإثمِ، فأما الظَّنُّ الذي هو إثمٌ، فالذي يظُنُّ ظنّاً ويتكلّمُ به، وأما الظَّنُّ الذي ليس بإثمٍ، فالذي يظنُّ ولا يتكلمُ به. وعلق السندي بعد أن نقل كلام الترمذي عن عبد بن حمد قلت (أي السندي): كأنه أخذه من قوله: "فإنه أكذب الحديث"، ولا يكون حديثاً إلا بالتكلم، ولعل معنى كونه أكذب أنه كثيراً ما يكون كذباً مع اعتقاد صاحبه أنه صِدْقٌ، فصار بذلك أقبحَ من كذب لا يعتقد صاحبُه صدق نفسه، والله تعالى أعلم. وقال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 123، قوله: "إيام والظن": يريد إياكم وسوء الظن وتحقيقه دون مبادئ الظنون التي لا تملك. وقوله: "لا تجسسوا"، معناه: لا تبحثوا عن عيوب الناس، ولا تتبعوا أخبارهم. والتحسس بالحاء: طلب الخبر، ومنه قوله تعالى: {بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} [يوسف: 87]، ويقال: تجسست الخبر وتحسست بمعنى واحد. (¬1) قال المزي في "التهذيب": رباح بن الوليد بن يزيد بن نمران الذَّماري، ويقال: الوليد بن رباح، والصواب ألاول في قول أبي داود وغيره. وقد سلف قول أبى داود فيه عند الحديث رقم (4905).

عن أبي هريرة، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "المؤمِنُ مرآةُ المؤمِنِ، والمؤمِنُ أخو المؤمن: يكُفُّ عليه ضَيْعَتَه، ويَحُوطُه مِن وَرائه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده حسن من أجل كثير بن زيد -وهو الأسلمي- فهو صدوق حسن الحديث. ابن وهب: هو عبد الله. والحديث حسنه الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" 2/ 182، وأقره المناوي. وهو عند ابن وهب في "جامعه" (237)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في "السنن" 8/ 167، وفي "الشعب" (7239)، وفي "الأداب" (103). وأخرجه القضاعي في" مسند الشهاب" (126) من طريق منصور بن سلمة الخزاعي, عن سليمان بن بلال، به. بلفظ:" المؤمن أخو المؤمن". وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (239)، والبزار (8109) , وأبو الشيخ في "التوبيخ" (54)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (125) من طرق عن كثير بن زيد، به. ولفظ أبي الشيخ والقضاعي: "المؤمن مرآة المؤمن". وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (730)، وابن أبي شيبة 8/ 574، والترمذي (2542)، وأبو الشيخ في "الأمثال" (44)، والبغوي في "شرح السنة" (3513) من طريق عُبيد الله بن عبد الله بن موهب، عن أبي هريرة، بلفظ: "إن أحدكم مرآة أخيه، فإن رأى به أذى، فليُمِطهُ عنه" وفي سنده يحيى بن عُبيد الله القرشي التيمي ضعفه غير واحد من الأئمة. وأخرجه موقوفاً ابنُ وهب في "جامعه" (203)، ومن طريقه البخاري في: "الأدب المفرد" (238)، وأبو الشيخ في "التوبيخ" (55) من طريق عبد الله بن رافع , عن أبي هريرة. بلفظ: المؤمن مرآة أخيه، إذا رأى فيه عيباً أصلحه. قال الخطابي: المعنى: أن المؤمن يحكي لأخيه المؤمن جميع ما يراه منه، فإن كان حسنا، زيَّنه له ليزداد منه، وإن كان قبيحاً نبهه عليه لينتهي عنه، كما روي عن عمر رضي الله عنه: رحم الله من أهدى الي عيوبي. وضَيعَة الرجل ما يكون سبب معاشه من صناعة أو غلة أو حرفة أو تجارة أو غير ذلك. =

57 - باب في إصلاح ذات البين

57 - باب في إصلاح ذات البين 4919 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرة، عن سالمٍ، عن أمِّ الدرداء عن أبي الدَّرداء، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ألا أخبِرُكُم بأفضَلَ من درجةِ الصِّيامِ والصَّلاةِ والصَّدَقَة؟ " قالوا: بَلَى يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "إصلاحُ ذاتِ البَينِ، وفسادُ ذات البين الحالِقَة" (¬1). ¬

_ = وقال المناوي في تفسير قوله: ويكف عليه ضيعته، أي: يجمع عليه معيشته، ويضمُّها له، وضيعة الرجل ما منه معاشه. و"يحوطه من ورائه"، أي: يحفظه ويصونه ويذب عنه، ويدفع عنه من يغتابه، أو يلحق به ضرراً، ويعامله بالإحسان بقدر الطاقة والشفقة والنصيحة وغير ذلك. (¬1) إسناده صحيح. أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، والأعمش: هو سليمان ابن مهران، وسالم: هو ابن أبي الجعد. وأخرجه الترمذي (2677) عن هناد، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وقال بإثر حديثه: هذا حديث صحيح، ويُروى عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "هي الحالقةُ، لا أقولُ تحلق الشَّعرَ، ولكن تحلق الدين". وهو في "مسند أحمد" (27508)، و"صحيح ابن حبان" (5092). وانظر تمام تخريجه في "المسند". وقوله: "إصلاح ذات البين"، قال صاحب "عون المعبود": أي: أحوال بينكم يعني ما بينكم من الأحوال ألفة ومحبة، كقوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 154] وهي مضمراتها. وقيل: المراد بذات البين المخاصمة والمهاجرة بين اثنين بحيث يحصل بينهما بين، أي: فرقة، والبين من الأضداد الوصل والفرق. و"فساد ذات البين الحالقة" أي: هي الخصلة التي من شأنها أن تحلق الدين وتستأصله كما يستاصل الموسى الشعر. وفي الحديث: حث وترغيب في إصلاح ذات البين واجتناب عن الإفساد فيها, لأن الإصلاح سبب للاعتصام بحبل الله وعدم التفرق بين المسلمين، وفساد ذات البين ثلمة في الدين، فمن تعاطى إصلاحها ورفع فسادها، نال درجة فوق ما يناله الصائم القائم المشتغل بخويصّة نفسه.

4920 - حدَّثنا نصرُ بن عليّ، أخبرنا سفيانُ، عن الزهريِّ (ح) وحدَّثنا مُسدِّدٌ، حدَّثنا إسماعيلُ (ح). وحدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد ابن شَبُّويه المَروزِيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمَرٌ، عن الزهري، عن حُميد بن عبد الرحمن عن أمه، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لم يَكذبْ مَنْ نَمَى بين اثنين ليُصلِحَ". وقال أحمدُ بن محمدٍ ومُسدَّدٌ: "ليسَ بالكاذِبِ مَنْ أصْلَحَ بين الناسِ فقال خَيْراً أو نَمَى خَيْراَ" (¬1). 4921 - حدَّثنا الرَّبيع بنُ سليمانَ الجِيزىُّ، حدَّثنا أبو الأسود، عن نافعِ بن يزيد، عن ابنِ الهادِ أن عبد الوهَّاب بن أبي بكر حَدَّثه، عن ابنِ شهابٍ، عن حُميد بن عبد الرحمن عن أُمه أمِّ كلثوم بنت عُقبةَ، قالت: ما سَمِعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يُرخِّصُ في شيءِ من الكَذَبِ إلا في ثلاث، كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا أَعُدُّه كاذباً، الرَّجُلُ يُصلحُ بينَ النَّاسِ، يقولُ القولَ ولا يريدُ به إلا ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وإسماعيل: هو ابن إبراهيم بن مقسم المعروف بابن عُلَيّة، وأم حميد: هي أم كلثوم بنت عقبة. وأخرجه مسلم بإثر (2605) عن عمرو الناقد، والترمذي (2053) عن أحمد بن منيع، كلاهما عن إسماعيل بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2692) من طريق صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، به. وانظر ما بعده. وانظر "مشكل الآثار" للطحاوي (2916) و (2917). وقوله: "نمى خيراً"، قال السندي في "حاشيته على المسند": نمى، كرمى، أي: رفع من أحد الطرفين إلى الطرف الآخر خيراً، بأن قال: إن فلاناً يثني عليك، ونحوه مما يرجى به الإصلاح بينهما، وإن لم يُطابق الواقع.

الإصلاحَ، والرجلُ يقولُ في الحَرْبِ، والرجل يُحَدِّثَّ امرأتَه، والمرأة تُحَدِّث زَوجَها" (¬1). ¬

_ (¬1) هذا حديث لا يصحُّ رفعه للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو مدرج من كلام الزهري كما بينا ذلك في "المسند" عند الحديث رقم (27272)، وعند الترمذي (2551) في تعليقنا على حديث أسماء بنت يزيد فيه، وقد وهم عبد الوهاب بن أبي بكر- وأبو بكر: هو رفيع -في رفعه- وهو ثقة، فقد قال الدارقطني في "العلل"، 5/ ورقة 209 بعد أن أورد هذه الرواية: وهذا منكر، ولم يأت بالحديث المحفوظ الذي عند الناس. وقد نبه أيضاً على هذا الوهم الحافظ في "الفتح" 5/ 300 فقال: وهذه الزيادة مدرجة، بَينَ ذلك مسلم في روايته [بإثر (2605)] من طريق يونس، عن الزهري فذكر الحديث، قال: وقال الزهري: [ولم أسمع يُرخص في شيء مما يقول الناس كذلك إلا في ثلاث: الحرب، والاصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها]. وقال الحافظ أيضاً: وكذا أخرجها النسائي مفردة ["الكبرى": (9076)] من رواية يونس، وقال: يونس أثبت في الزهري من غيره، وجزم موسى بن هارون وغيره بدراجها، ورويناه في "فوائد ابن أبي ميسرة" من طريق عبد الوهاب بن رفيع، عن ابن شهاب، فساقه بسنده مقتصراً على الزيادة وهو وهم شديد. انتهى. أبو الأسود: هو النضر بن عبد الجبار، وابن الهادي: هو عبد الله بن أسامة. وأخرجه أحمد في "مسنده" (27275) من طريق الليث بن سعد، والنسائي في "الكبرى" (9075) من طريق ابن أبي حازم، كلاهما عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عبد الوهاب، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله. وانظر بسط الكلام على الحديث وتخريجه في "المسند" برقم (27272) و (27275). وانظر تعليقنا على حديث أسماه بنت يزيد عند الترمذي برقم (2051) - فحديثها من أحاديث الباب- وقد فصلّنا القول في حديث أم كلثوم فيه. وانظر "شرح مشكل الآثار" (2918) وما بعده. =

58 - باب ضرب الدف في العرس والعيد

58 - باب ضَربِ الدُّفِّ في العُرسِ والعيد (¬1) 4922 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بِشرٌ، عن خالد بن ذَكوانَ عن الرّبَيِّع بنتِ مُعَوِّذ بن عَفْراءَ، قالت: جاءَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فدَخَلَ عليٍّ صَبِيحةَ بُنِيَ بي، فجَلَس على فِرَاشي كمَجْلِسِكَ مني، فجَعَلت جُوَيرِيَاتٌ يَضرِبْنَ بدُفٍّ لهنّ، ويَنْدُبْنَ من قُتِلَ من آبائي يومَ بدرٍ، إلى أن قالت إحداهن: وَفينا نبيٌّ يعلمُ ما في الغَدِ. فقال: "دَعِي هذه، وقولي الذي كنت تقولين" (¬2). ¬

_ = قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 123 - 124 في شرح هذا الحديث: هذه أمور قد يضطر الإنسان فيها إلى زيادة القول ومجاوزة الصدق طلبا للسلامة ودفعا للضرر عن نفسه، وقد رخص في بعض الأحوال في اليسير من الفساد لما يؤمل فيه من الصلاح. والكذب في الإصلاح بين اثنين، هو أن ينمي، من أحدهما إلى صاحبه خيراً أو يبلغه جميلاً، وإن لم يكن سمعه منه، ولا كان أذن له فيه، يُريد بذلك الإصلاح. والكذب في الحرب: هو أن يظهر من نفسه قوة، ويتحدث بما يشحذ به بصيرة أصحابه، ويقوي مُنتهم ويكيد به عدؤهم في نحو ذلك من الأمور. وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الحرب خدعة" وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه كثيراً ما يقول في حروبه صدق الله ورسوله، فيتوهم أصحابُه أنه يُحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يقول: إنما أنا رجل محارب. فأما كذبُ الرجل زوجتَه، فهو أن يَعِدَها ويُمنيَها ويُظهِرَ لها مِن المحبة أكثر مما في نفسه، يستديمُ بذلك محبتَها، ويستصلحُ به خُلقَها. (¬1) المثبت من (هـ)، وهو الموافق لحديثي الباب، وفي (1) و (ب) و (ج): بابٌ في النهي عن الغِناء. (¬2) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مُسَرْهَد، وبشر: هو ابن المفضل. وأخرجه البخاري (5147) عن مسدد، بهذا الإسناد. =

4923 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الرزّاق، أخبرنا مَعمرٌ، عن ثابتٍ عن أنسِ، قال: لَمَّا قَدِمَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- المدينةَ لَعِبتِ الحبشة لقُدومه فَرَحاً بذلك، لَعِبُوا بجرَابِهم (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (4001)، والترمذي (1115)، والنسائي في "الكبرى" (5538) من طرق عن بشر بن المفضل، به. وأخرجه ابن ماجه (1897) من طريق حماد بن سلمة، عن أبي الحسين خالد بن ذكوان، به. وهو في "مسند أحمد" (27021)، و "صحيح ابن حبان" (5878). وقوله: "بُني بي"، البناء: الدخول بالزوجة. وأصله: أن الرجل إذا تزوج امرأة بني عليها قبة، ليدخل بها فيها. فيقال: بني الرجل على أهله. والدف: بضم الدال وفتحها، وهو الذي يلعب به الناسُ. والمراد: إعلان النكاح. والندب: أن تذكر النائحةُ الميت بأحسنِ أفعاله وأوصافه. والاسم: الندب - بضم النون. وقوله: "دعي هذه" أي: اتركي ما يتعلق بمدحي الذي فيه الاطراء المنهي عنه، زاد في رواية حماد بن سلمة في رواية ابن ماجه: لا يعلم ما في غد إلا الله، فأشار إلى عِلة المنع. قال الحافظ في "الفتح" 9/ 203: وإنما أنكر عليها ما ذكر من الإطراء حيث أطلق علم الغيب له وهو صفة تختص بالله تعالى، كما قال تعالى: {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} [النمل: 65] وقوله لنبيه: {وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ} [الاعراف: 188] وسائر ما كان النبي-صلى الله عليه وسلم- يخبر به من الغيوب بإعلام الله تعالى إياه، لا أنه يستقِلُّ بعلم ذلك كما قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26 - 27]. (¬1) إسناده صحيح. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (19723)، ومن طريقه أخرجه أحمد في "مسنده" (12649)، وعبد بن حميد (1239)، وأبو يعلى في "مسنده" (3459)، والبيهقي في "السنن" 7/ 92، والبغوي في "شرح السنة" (3768)، والضياء في "المختارة" (1780) و (1781) و (1782). =

59 - باب كراهية الغناء والزمر

59 - باب كراهية الغناء والزَّمْر 4924 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عُبيد الله الغُدَانيُّ، حدَّثنا الوليدُ بن مسلم، حدَّثنا سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بن موسى عن نافع، قال: سمع ابن عُمرَ مِزْماراً، قال: فوَضَع إصْبَعيه على أُذُنَيْه، ونأى عن الطريق، وقال لي: يا نافعُ هَلْ تَسمعُ شيئاً؟ قال: فقلت: لا، قال: فرَفعَ إصبَعيْه من أُذُنَيه، وقال: كنتُ مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فسَمِعَ مثلَ هذا، فصنع مثل هذا (¬1). ¬

_ = وأخرج أحمد في "مسنده" (12540)، وابن حبان في "صحيحه" (5870) من حديث أنس قال: كانت الحبشة يَزْفِنُون بين يَدَي رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ويَرْقُصونَ، ويقولون: محمدٌ عبدٌ صالحٌ. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما يقولون"؟ قالوا؟ يقولون: محمدٌ عبدٌ صالحٌ. وإسناده صحيح. وقوله: يزفنون معناه يرقصون، قال النووي: وحمله العلماء على التوثب بسلاحهم ولعبهم بحرابهم على قريب من هيئة الرقص؛ لأن معظم الروايات إنما فيها لعبهم بحرابهم فتاول هذه اللفظة على موافقة سائر الروايات. (¬1) حديث حسن. الوليد بن مسلم، وإن كان يدلس تدليس التسوية إلا أنه قد توبع. وسليمان بن موسى: فقيه صدوق حسن الحديث، وقد تابعه المطعم بن المقدام وميمون بن مهران عند المصنف. وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 222 من طريق المصنف , بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 14/ 63، وأحمد في: "مسنده" (4535) و (4965)، وابن حبان في "صحيحه" (693) من طرق عن الوليد بن مسلم، به. وأخرجه أحمد (4965)، وابن أي الدنيا في "الورع" (79)، والطبراني في "الشاميين" (322) من طرق عن سعيد بن عبد العزيز، به. وانظر لاحقيه. وقد بسطنا القول على الحديث في "المسند" عند الحديث رقم (4535)، فانظر تمام الكلام علبه فيه. =

قال أبو علي اللؤلؤىُّ: سمعتٌ أبا داود يقول: هذا حديث منكر (¬1). 4925 - حدَّثنا محمودُ بن خالدٍ، قال: حدَّثنا أبي، قال: أخبرنا مُطعِمُ بن المقدام، قال: حدَّثنا نافِعٌ، قال: كنتُ رِدْفَ ابن عُمر إذ مرَّ براعٍ يَزمُرُ، فذكر نحوه (¬2). قال أبو داود: أُدخِلَ بينَ مُطعمٍ ونافع سليمانُ بنُ موسى (¬3). ¬

_ =قال الخطابي في" معالم السنن" 4/ 124: المزمار الذي سمعه ابن عمر رضي الله عنه هو صفارة الرعاة (وفي "النهاية" وهي القصبة التي يزمر بها)، وقد جاء ذلك مذكوراً في هذا الحديث من غير هذه الرواية , وهذا لأن كان مكروهاً فقد دل هذا الصنع على أنه ليس في غِلَظ الحرمةِ كسائر الزمور والمزاهر والملاهي التي يستعملها أهل الخلاعة والمجون، ولو كان كذلك لأشبه أن لا يقتصر في ذلك على سد المسامع فقط دون أن يبلغ فيه من النكير مبلغ الشرع والتنكيل والله أعلم. (¬1) قال صاحب "عون المعبود" 13/ 182: هكذا قاله أبو داود، ولا يُعْلَم وجه النكارة، فإن هذا الحديث رواته كلهم ثقات، وليس بمخالف لمن هو أوثق منه. (¬2) حديث حسن. والد محمود: هو خالد بن يزيد السلمي: صدوق حسن الحديث. وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 222 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الشاميين" (911)، وفي "الصغير" (11) من طرق عن محمود بن خالد، به. وانظر ما قبله وما بعده. (¬3) قلنا: يعني في غير الكتب الستة، فلم يذكر صاحب "تهذيب الكمال" رواية المطعم عن سليمان في الكتب الستة. تنبيه: هذا الحديث والحديثان اللذان بعده أثبتناهم من (هـ)، وذكر المزي في "الأطراف" (8448) و (8510) و (9315) أن الحديثين الأول والثاني في رواية أبي الحسن بن العبد وأبي سعيد بن الأعرابي وأبي بكر بن داسه، وقال في الثالث: لم يذكره أبو القاسم وهو في رواية أبي الحسن بن العبد وغيره.

4926 - حدَّثنا أحمدُ بنُ إبراهيم، قال: حدَّثنا عبدُ الله بنُ جعفر الرَّقِّىّ، قال: حدَّثني أبو المَليح، عن ميمونٍ، عن نافعِ، قال: كنا مع ابن عمر، فسَمعَ صوتَ مزمارِ رَاعٍ، فذكرَ نحوَه (¬1). قال أبو داود: هذا أنكَرُها. 4927 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، قال: حَدَّثنا سلامُ بنُ مسكينِ، عن شيخٍ شَهِدَ أبا وائلٍ في وليمةٍ، فجعلوا يُغنُّونَ، فحلَّ أبو وائلٍ حُبْوَته، وقال: سمعتُ عبدَ الله يقول: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: "إنَّ الغِناءَ يُنبِتُ النِّفاقَ في القَلْب" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد قوي. أبو المليح: هو الحسن بن عمر -ويقال: عمرو- بن يحيى، وأبو الملح لقب، وميمون: هو ابن مهران. وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 222 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة الشيخ الراوي عن أبي وائل، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة. وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 223 من طريق حرمي بن عمارة، عن سلام، بهذا الإسناد. وفيه زيادة: "كما ينبت الماء البقل". وأخرجه موقوفاً المروزي في كتاب "تعظيم قدر الصلاة" (680)، والبيهقي في "السنن" 10/ 223، وفي "الشعب" (4744) و (4745) من طريق حماد، عن إبراهيم ابن يزيد النخعي، عن ابن مسعود، ورجاله ثقات، وثبت عن إبراهيم النخعي أنه قال: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله فهو الذي سمعت، وإذا قلت: قال عبد الله: فهو عن غير واحد عن عبد الله. انظر المزي "تهذيب الكمال" 2/ 239. وقال البيهقي في "الشعب": وقد روي هذا مسنداً بإسناد غير قوي. وقال ابن رجب في "شرح العلل" 1/ 294 , 295: وهذا يقتضي ترجيح المرسل على المسند، لكن عن النخعي خاصة فيما أرسله عن ابن مسعود خاصة. =

60 - باب الحكم في المخنثين

60 - باب الحكم في المُخنَّثين 4928 - حدَّثنا هارون بن عبد الله ومحمدُ بنُ العلاء، أن أبا أسامة أخبرَهُم، عن مُفَضَّل بن يونسَ، عن الأوزاعيِّ، عن أبي يَسارٍ القُرشيِّ، عن أبي هاشم عن أبي هريرة: أنَ النبي-صلى الله عليه وسلم- أُتِيَ بمُخَنَّث قد خَضَبَ يَدَيهِ ورجلَيه بالحِنَّاء، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:"ما بالُ هذا؟ " فقيل: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-, ¬

_ = وقد صحيح الموقوف على ابن مسعود ابن القيم في "إغاثة اللهفان" 1/ 248. وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 223 من طريق سعيد بن كعب المرادي، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود. وفيه زيادة. ومحمد بن عبد الرحمن لم يدرك ابن مسعود. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (19737) من قول إبراهيم النخعي. ورجاله ثقات. وله شاهد مرفوع من حديث جابر بن عبد الله، أخرجه البيهقي في "الشعب" (4746). وإسناده ضعيف جداً. وأخرجه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" من قول الشعبي برقم (691) بلفظ: إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع، لأن الذكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء الزرع. وفي سنده عبد الله بن دكين وهو ضعيف. قال ابن القيم في "إغاثة اللهفان" 1/ 248: فإن قيل: فما وجه إنباته للنفاق في القلب من بين سائر المعاصي؟ قيل: هذا من أدلَّ شيء على فقه الصحابة في أحوال القلوب وأعمالها، ومعر فتهم بأدويتها وأدوائها، وأنهم هم أطباء القلوب، دون المنحرفين عن طريقتهم، الذين داووا أمراض القلوب بأعظم أدوائها. فكانوا كالمداوي من السَّقم بالسُّمِّ القاتل، انتهى. وقوله: فحل أبو وائل حبوته: قال في "القاموس": احتبى بالثوب: اشتمل أو جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها، والاسم الحَبوة ويضم.

يتشبه بالنِّساء، فأمر به، فنُفِيَ إلى النَّقيع، فقيل: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، ألا نقتُلُه؟ قال: "إني نُهيتُ عن قتلِ المُصلِّين" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهاله أبي يسارٍ وأبي هاشم -وهو الدوسي-، واستنكر متنه الحافظ المنذري في "الترغيب" 3/ 106 وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة بن زيد، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو. وأخرجه البيهقي في "السنن" 8/ 224، والبيهقي في "الشعب" (2798) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو يعلى الموصلي في "مسنده" (6126) عن أبي غريب محمَّد بن العلاء وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (963) عن إسحاق بن إبراهيم، عن أبي أسامة، به. ورواه محمَّد بن نصر المروزي في" تعظيم قدر الصلاة" (964)، والطبراني في "الأوسط" (5058) من حديث أبي سعيد الخدري بإسناد لا يفرح فيه، فيه كذاب ومتروك. وقوله: "إنى نهيت عن قتل المصلين"، ورد من حديث أبي بكر عند البزار في "مسنده" (39)، وأبي يعلى في "مسنده" (90)، وعند محمَّد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (969). وفي سنده موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف. وهو مرسلٌ عن ضمرة بن حبيب، أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (2662). وهو حسن. وأخرج أحمد في "مسنده" (22154)، والبخاري في "الأدب المفرد" (163) من حديث أبي أمامة، وفيه: "فإني قد نهيت عن ضرب أهل الصلاة". وإسناده حسن في المتابعات والشواهد. وانظر تمام تخريجه في "المسند". وفي الباب حديث عبيد الله بن عدي الأنصاري، أخرجه أحمد في "مسنده" (23670)، وابن حبان في "صحيحه" (5971)، والذي فيه استئذان النبي -صلى الله عليه وسلم- في قتل رجل من المنافقين، وفيه: "قال: أليس يصلي؟ " قال: بلى يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا صلاة له. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أولئك الذين نهاني الله عنهم". وإسناده صحيح. وانظر تمام تخريجه فيهما. =

قال أبو أسامة: والنَّقيع: ناحية عن المدينة، وليس بالبقيع. 4929 - حدَّثنا أبو بَكر بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، عن هشامٍ -يعي ابن عُروة-، عن أبيه، عن زينبَ بنت أمِّ سلمة عن أمِّ سلمة: أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عليها وعندَها مُخنَّثٌ، وهو يقول لعبدِ الله أخيها: إنْ يفتَحِ الله الطائفَ غداً دللتُكَ على امرأة تُقبِلُ بأربعٍ وتُدبِرُ بثمانٍ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أخرجوهُم مِن بيوتكم" (¬1). ¬

_ = وأخرج الطحاوي فى "شرح مشكل الآثار" (473) من حديث عمر بن أبي سلمة، عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... وفيه: "وإني نهيت عن المصلين" وهو مرسل. وعمر بن أبي سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، قال البخاري: صدوق إلا أنه يخالف في بعض حديثه، وقال ابن عدي: حسن الحديث، لا بأس به. (¬1) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي. وأخرجه مسلم (2180)، وابن ماجه (1902) و (2614) عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2180) من طريق أبي غريب وجرير، كلاهما عن وكيع، به. وأخرجه البخاري (4324) وبإثره و (5235) و (5887)، ومسلم (2180)، والنسائي في "الكبرى" (9201) و (9205) من طرق عن هشام بن عروة، به. وأخرجه النسائي (9204) من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عمر بن أبي سلمة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دخل بيت أم سلمة وعندها مخنث ... ثم ذكره بنحوه. وقال: وحديث حماد بن سلمة خطأ. وهو في "مسند أحمد" (26490). وقوله: "مخنث": بكسر النون وفتحها من يشُبه خلقه النساء في حركلاته وسكناته وكلامه وغير ذلك، فإن كان من أصل الخِلفة لم يكن عليه لوم، وعليه أن يتكلَّفَ إزالةَ ذلك، وإن كان بقصد منه وتكلف له، فهو المذموم، ويُطلق عليه اسم مخنث سواء فعل الفاحشة أو لم يفعل. =

61 - باب اللعب بالبنات

قال أبو داود: المرأةُ كان لها أربعُ عُكَنٍ في بَطنِها. 4930 - حدَّثنا مسلمُ بن إبراهيم، حدَّثنا هشامٌ، عن يحيى، عن عِكرمَة عن ابنِ عباسٍ: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَعَنَ المُخنَّثين من الرِّجال، والمترجِّلات من النِّساء، وقال: "أخرِجوهُم مِن بيوتكم، وأخرجوا فلاناً وفلاناً" يعني: المُخنَّثِينَ (¬1). 61 - باب اللعبِ بالبَنات 4931 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا حمّادٌ، عن هشامِ بن عُروة، عن أبيه عن عائشة، قالت: كنتُ ألعبُ بالبنات، فربَّما دَخَلَ عليٍّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وعندي الجواري، فإذا دَخَلَ خَرجْنَ، وإذا خَرَجَ دَخَلْنَ (¬2). ¬

_ = قال الحافظ: ويُستفاد منه حجب النساء عمن يفطن لمحاسنهن، وفيه تعزير من يتشبه بالنساء بالإخراج من البيوت والنفى إذا تعين ذلك طريقاً لردعه، وظاهر الأمر وجوب ذلك، وتشبه النساء بالرجال والرجال بالنساء من قاصد مختار حرام اتفاقاً. (¬1) إسناده صحيح. هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي، ويحيى: هو ابن أبي كثير. وأخرجه البخاري (6834) عن مسلم بن إبراهيم، بهذا ألاسناد. وأخرجه النسائي فى "الكبرى" (9207) و (9210) من طرق عن هشام، به. وأخرجه الترمذي (2992) من طريق معمر، عن يحيى، به. ولفظه دون قوله: "أخرجوهم من بيوتكم ... " إلخ. وأخرجه الترمذي (2992) من طريق أيوب، عن عكرمة، به. وهو في "مسند أحمد" (1982)، و"صحيح ابن حبان" (5750). وقد سلف عند المصنف برقم (4097) بلفظ: أنه (يعني النبي-صلى الله عليه وسلم-) لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء. واسناده صحيح. وانظر تخريجه هناك. (¬2) وإسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد. =

4932 - حدَّثنا محمدُ بنُ عوف، حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي مريمَ، أخبرنا يحيى ابن أيوب، قال: حدَّثني عُمارةُ بن غَزيَّة، أن محمدَ بن إبراهيم حدَّثه، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة قالت: قَدِمَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من غزوة تَبوكٍ، أو خيبرَ، وفي سَهْوتها سِتْرٌ، فهبَّت ريحٌ فكَشَفَتْ ناحية السَّتر عن بناتٍ لعائشة لُعبٍ، فقال: "ما هذا يا عائشة؟ " قالت: بناتي، ورأى بينهنَّ فرساً لها جناحانِ من رِقاع، فقال: "ما هذا الذي أرَى وَسْطَهُنَّ؟ " قالت: فرسٌ، قال: "وما هذا الذي عليه؟ " قالت: جناحَان: قال: "فرسٌ له جَناحَان؟! " قالت: أما سمعَت أن لسليمان خَيلاً لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى رأيت نواجِذَه (¬1). ¬

_ = وأخرجه بنحوه البخاري (6130)، ومسلم (2440)، وابن ماجه (1982)، والنسائي في "الكبرى" (8897) و (8898) و (8899) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8900) من طريق يزيد بن هارون، عن عروة، عن عائشة قالت: كنت ألعب بالبنات على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وهو في "مسند أحمد" (24298)، و"صحيح ابن حبان" (5863) و (5864) و (5866). وانظر ما سيأتي بعده. وقد استدل بهذا الحديث كما في "الفتح" 10/ 527 على جواز اتخاذ صور البنات واللعب من أجل لعب البنات بهن، وخص ذلك من عموم النهي عن اتخاذ الصور، وبه جزم عياض، ونقله عن الجمهور، وأنهم أجازوا بيع اللعب للبنات لتدريبهن من صغرهن على أمر بيوتهن وأولادهن. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل يحيى بن أيوب -وهو الغافقي- صدوق، وباقي رجاله ثقات. وسعيد بن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم بن محمَّد بن أبي مريم، ومحمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث التيمي. =

62 - باب في الأرجوحة

62 - باب في الأُرْجُوحَةِ 4933 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ. وحدَّثنا بشرُ بنُ خالد، حدَّثنا أبو أسامة، قالا: حدَّثنا هشامُ بن عُروة، عن أبيه عن عائشة، قالت: إن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - تزوَّجَني وأنا بنتُ سَبْعِ أو ستٍّ، فلما قدِمنَا المدينةَ أتينَ نسوةٌ -وقال بشر: فأتتني أمُّ رومان- وأنا على أُرجُوحَة، فذَهبْنَ بي، وهيَّأنني، وصنَعْنني، فأتي بي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فبَنَى بي وأنا ابنةُ تسعِ، فوَقَفَت بي على الباب، فقلتُ: هِيْه هيه، - قال أبو داود: أي: تَنَفسْتُ- فأدخلنَني بيتاً، فإذا فيه نسوةٌ مِن الأنصار، فقلن: على الخير والبركة (¬1). دَخلَ حديثُ أحدهما في الآخر. ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8901) عن أحمد بن سعْد بن الحكم عن عمه سعيد بن الحكم بن أبي مريم، بهذا الإسناد. وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (5864). وانظر ما قبله. قال الخطابي: السهوة عن الأصمعي، كالصفة تكون بين يدي البيت، وقال غيره: السهوة: شبيهة بالرف والطاق يوضع فيه الشيء. (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة. وقد سلف عند المصنف مختصراً برقم (2121). وانظر تمام تخريجه هناك. وانظر الأحاديث الآتية بعده. والأرجوحة: قال النووي: هي بضم الهمزة: هي خشبة يلعب عليها الصبيان والجواري الصغار يكون وسطها على مكان مرتفع، ويجلسون على طرفيها، ويحركونها، فيرتفع جانب منها وينزل جانب. ومن هامش المنذري: الأرجوحة: خشبة يوضع وسطُها على مكان مرتفع من تراب أو رمل أو غيره، وطرفاها على فراغ، ويجلس كلامان على طرفيها، ويتحركان بها، فترتفع جهة وتنزل أخرى ويميل أحدهما بالآخر. =

4934 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا أبو أسامة، مثله، قال: على خيرِ طائرٍ، فسلَّمتني إليهنَّ، فغسَلْن رأسِي وأصلحنَني، فلم يَرُعْني إلا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ضُحَى، فاسلمنَني إليه (¬1). 4935 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا هشامُ بن عُروة، عن عُروة عن عائشة، قالت: فلما قَدِمْنا المدينةَ جاءني نسوةٌ، وأنا ألعبُ على أُرجُوحَةِ، وأنا مُجمَّمةٌ، فذهبنَ بي، فهيأنني وصَنَعنَني، ثم أتين بي رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، فبَنَى بي، وأنا ابنةُ تسعِ سنين (¬2). 4936 - حدَّثنا بِشرُ بن خالد، أخبرنا أبو أسامة، حدَّثنا هشامُ بن عُروة، بإسناده، في هذا الحديث، قالت: ¬

_ = وتكون أيضاً حبلاً يشد طرفاه في موضع عال، ثم يركبه اللاعب، ويتحرك فيه، سمي بذلك لتحركه ومجيئه وذهابه. وقولها: فقلت: هيه هيه، وفي رواية مسلم: هه هه حتى ذهب نَفَسي. قال النووي: هو بفتح الهاه هذه الكلمة يقولها المبهور حتى يتراجع إلى حال سكونه، وهي باسكان الهاء الثانية، فهي هاه السكت. ولفظ ابن حبان: فقلت: هَهْ هَهْ شبه المنبهرة. ولفظ البخاري: وإني لأنهِجُ (أي: أتنفس نفساً عالياً) حتى سكن بعضُ نفسي. (¬1) إسناده صحيح. وانظر ما قبله، وما سلف برقم (2121). وقولهن: على خير طائر، أي: على خير حظ ونصيب، وقول عائشة: فلم يعني، قال الحافظ: هو بضم الراه وسكون العين، أي: لم يفزعني شيء إلا دخوله عليٍّ، وكنَّتْ بذلك عن المفاجاة بالدخول على غير عالم بذلك، فإنه يفزع غالبا. (¬2) إسناده صحيح. وانظر سابقيه، وما سلف برقم (2121). وقولها: وأنا مجممة. أي: كان لي جُمة وهي الشعر النازل إلى الأذنين ونحوهما.

63 - باب في النهي عن اللعب بالنرد

وأنا على الأُرجُوحَة، ومعي صَوَاحِبَاتي، فادخلنَنِي بيتاً، فإذا نِسوةٌ مِنَ الأنصارِ، فَقُلنَ: على الخيرِ والبَرَكة (¬1). 4937 - حدَّثنا عُببد الله بن معاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا محمَّدٌ -يعني ابن عمرو- عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، قال: قالت عائشة: فقدمنا المدينةَ، فنزلنا في بني الحارث بن الخَزْرَج، قالت: فوالله إني لَعَلى أرْجُوحةٍ بين عِذقَيْنِ، فجاءَتني أُمِّي، فأنزلَتْني ولي جُمَيمَةٌ، وساق الحديث (¬2). 63 - باب في النهي عن اللعب بالنَّرد 4938 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ، عن موسى بنُ مَيسَرةَ، عن سعيد بن أبي هندٍ عن أبي موسى الأشعري، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن لَعِبَ بالنرد فقد عَصَى الله ورسولَه" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وانظر ما قبله، وما سلف برقم (2121). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة-، وباقي رجاله ثقات. وانظر ما سبقه، وما سلف برقم (2121). وقولها: "عذقين"، قال الخطابي: تريد بالعذقين نخلتين، والعذق: بفتح العين: النخلة. وقولها: "جميمة": تصغير الجُمة بالضم: وهي مجتمع شعر الناصية، ويقال للشعر إذا سقط من المنكبين: جُمة، وإذا كان إلى شحمة الأذنين: وفرة. (¬3) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، فإن سعيد بن أبي هند لم يلق أبا موسى الأشعري فيما قاله أبو حاتم في "المراسيل" ص 67، وقد اختلف فيه على سعيد بن أبي هند، وقد بينا ذلك في تعليقنا على الحديث رقم (19501) في "مسند الإمام أحمد". =

64 - باب في اللعب بالحمام

4939 - حدَّثنا مُسدَّدة حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، عن علقمةَ بن مَرثدٍ، عن سليمانَ بن بُريدة عن أبيه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن لَعِبَ بالنَّردَ شِيرِ فكأنَّما غَمَس يَدَه في لحمِ خنزيرِ ودَمِه" (¬1). 64 - باب في اللعب بالحمام 4940 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حماد، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة ¬

_ = وهو في "الموطأ" 2/ 958. وأخرجه ابن ماجه (3762) من طريق نافع، عن سعيد، به. وهو في "مسند أحمد" (19501) و (19521) و (19649)، و"صحيح ابن حبان" (5872). ويشهد له حديث بريدة الآتي بعده. والنرد: لعبة وضعها ملوك الفرس، قال في "المعجم الوسيط": لعبة ذات صندوق وحجارة وفصَّين تعتمد على الحظ، وتقل فيها الحجارة على حسب ما يأتي به الفَصُّ (الزهر)، وتعرف عند العامة (بالطاولة). قال النووي: والحديث حجة للشافعي والجمهور في تحريم اللعب بالنرد، وأما الشطرنج فمذهبنا أنه مكروه ليس بحرام، وهو مروي عن جماعة من التابعين. وانظر في فقه هذا الحديثا التمهيد، 13/ 175 - 188 لابن عبد البر. (¬1) إسناده صحيح. ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه مسلم (2660)، وابن ماجه (3763) من طرق عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22979)، و"صحيح ابن حبان" (5873). وانظر حديث أبى موسى الأشعري السالف قبله. والنَّرد شِير: قال النووي: النرد شير: هو النرد فالنّرد: عجمي معرَّب. وشير: معناه حلو.

65 - باب في الرحمة

عن أبي هريرة، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - رأى رجلاً يَتبَعُ حمامةً، فقال: "شيطان يَتبَعُ شيطانةً" (¬1). 65 - باب في الرَّحمة 4941 - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ ومُسدَّدٌ -المعنى- قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن عَمرِو، عن أبي قابُوسَ مولَى لعبد الله بن عَمرو ¬

_ (¬1) إسناده حسن، محمَّد بن عمرو -وهو ابن علقمة بن وقاص- صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات. وحماد: هو ابن سلمة. وأخرجه ابن ماجه (3765) من طريق الأسود بن عامر، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (3764) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن محمَّد بن عمرو، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة. فذكره. وشريك سيئ الحفظ، فقد جعله من حديث عائشة وهو خطأ منه. والصواب ما خالفه فيه حماد بن سلمة -وهو ثقة- كما هو عند المصنف هنا فقد رواه من حديث أبي هريرة وهو المحفوظ من هذا الطريق. وهو في "مسند أحمد" (8543)، و "صحيح ابن حبان" (5874). وفي الباب عن عثمان بن عفان، أخرجه ابن ماجه برقم (3766) بإسناده ضعيف. وعن أنس كذلك عند ابن ماجه (3767) وإسناده ضعيف. قال أبو حاتم (ابن حبان): اللاعب بالحمام لا يتعدى لَعبُهُ مِن أن يتعقبَه بما يكره اللهُ جل وعلا، والمرتكِبُ لما يكره الله عاصٍ، والعاصي يجوز أن يقالَ له: شيطان، وإن كان مِن أولاد آدم، قال الله تعالى: {شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ} [الأنعام: 112] فسمَّى العصاة منهما شياطين، وإطلاقه - صلى الله عليه وسلم - اسم الشيطان على الحمامة للمجاورة، ولأن الفعل من العاصي بلعبها تعدَّاه إليها. وقال السندي في "حاشيته على المسند":"شيطان": أي: هو شيطان لاشتغاله بما لا يعنيه، يقفو أثر شيطانة أورثته الغفلة عن ذكر الله تعالى.

عن عبدِ الله بن عمرو، يبلُغ به النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -: "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهمُ الرَّحمنُ، ارحَمُوا أهلَ الأرضِ يَرْحْمْكُم مَن في السّماء" (¬1). لم يَقُلْ مُسدِّدٌ: مولى عبد الله بن عمرو، وقال: قال النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -. 4942 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمرَ، حدَّثنا شعبة. وحدَّثنا ابنُ كثير، أخبرنا شعبةُ، قال: كَتَبَ إليّ منصورٌ، -قال ابنُ كثير في حديثه: وقرأتُه عليه، وقلت: أقول: حَدَّثني منصورٌ؟ فقال: إذا قرأتَه َعَلَىَّ فقد حَدَّثتُك به. ثم اتَّفقا- عن أبي عثمانَ مولى المغيرة بن شُعبة عن أبي هريرة، قال: سمعتُ أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - الصَّادِقَ المصدوقَ صاحِبَ هذه الحُجْرَةِ، يقول: "لا تُنْزَعُ الرَّحمَةُ إلا من شَقِيٍّ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح لغيره، أبو قابوس مولى عبد الله بن عمرو ذكره ابن حبان في "الثقات"، وصحح حديثه الترمذي، والحاكم 4/ 159، وباتي رجاله ثقات. وسفيان: هو ابن عيينة، وعمرو: هو ابن دينار. وأخرجه الترمذي بزيادة في آخره (2037) عن ابن أبي عمر، عن سفيان، بهذا الاسناد. وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه البخاري (5997)، وهو في "مسند أحمد" (7121) بلفظ "من لا يرحم لا يُرحم". ومن حديث أبى سعيد البخاري (6013) و (7376)، ومسلم (2319)، وهو في "مسند أحمد" (19164) بلفظ" من لا يرحم لا يُرحم". ومن حديث أبي سعيد الخدري، أخرجه أحمد في "مسنده" (11362) بلفظ "إن من لا يرحم الناس لا يرحمه الله" وأخرجه أحمد (6541) و (7041) من حديث عبد الله ابن عمرو وفيه:"ارحموا تُرْحموا, واغفروا يَغفِرِ اللهُ لكم ... ". وإسناده حسن. (¬2) إسناده حسن. أبو عثمان مولى المغيرة بن شعبة -وهو التبان- اسمه: سعيد، وقيل: عمران، روى عنه جمع، وحسن له الترمذي حديثه هذا، وذكر الحافظ ابن حجر =

4943 - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ وابن السرح، قالا: حدَّثنا سُفيانُ، عن ابن أبى نَجيحٍ، عن ابنِ عامرٍ عن عبدِ الله بن عمرو يرويه -قال ابنُ السرح: عن النبيِّ- صلى الله عليه وسلم - قال:- "مَن لم يرحَمْ صَغيرَنا، ويَعرِفْ حقَّ كبيرِنا، فليسَ منَّا" (¬1). ¬

_ = في "التهذيب" أن ابن حبان ذكره في "الثقات"، لكننا لم نجده في المطبوع منه. والله أعلم. وباقي رجاله ثقات. ابن كثير: هو محمَّد، ومنصور: هو ابن المعتمر. وأخرجه الترمذي (2036) من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8001)، و"صحيح ابن حبان" (462) و (466). وانظر تمام تخريجه في "المسند". (¬1) إسناده صحيح. وابن السرح: هو أحمد بن عمرو، وسفيان: هو ابن عيينة، وابن أبي نجيح: هو عبد الله، وابن عامر: هو عبيد الله في قول البخاري ومن تابعه، وصوبه المزي في "تهذيب الكمال"، وهو ثقة، وثقه ابن معين كما في "تاريخ عثمان ابن سعيد الدارمي" برقم (469). وأخرجه البيهقى في "الشعب" (10976) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي في "الشعب" (10976)، وفي "الآداب" (41) من طريق المصنف، عن أبي بكر بن أبي شيبة وحده، به. وأخرجه البيهقى في "الآداب" (42) من طريق المصنف، عن ابن السرح، به. وأخرجه الحميدي (586)، وابن أبي شيبة 8/ 527، والبخارى في "الأدب المفرد" (354)، وبإثره، والحاكم في "المستدرك" 1/ 62، والبيهقي في "الشعب" (10977) من طرق عن سفيان بن عيينة، به. وغلط الحاكم في تسمية ابن عامر -وهو عبيد الله كما أسلفنا- فسماه عبد الله بن عامر فظنة اليحصبي. وقد نبه عليه البيهقي في روايته. وهو في "مسند أحمد" (7073). وله طريق آخر يقويه عند الترمذي (2032) من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو. وهو في "مسند أحمد" (6733) و (6935). وقد ذكرنا أحاديث الباب في "المسند" عند الحديث رقم (6733). فانظرها هناك.

66 - باب في النصيحة

قال أبو داود: هو عبد الرحمن بن عامر (¬1). 66 - باب في النصيحة 4944 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا سهيلُ بن أبي صالح، عن عطاء بن يزيد عن تميم الدَّارىِّ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الدِّينَ النَّصيحةُ، إن الدينَ النَّصيحة، إنَّ الدِّين النصيحة"، قالوا: لِمَنْ يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -؟ قال:"لله وكتابِه ورسوله وأئمةِ المؤمنينَ وعامَّتهم، أو أئمة المسلمينَ وعامَّتهم" (¬2). ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار المزي في "التحفة" (8880) إلى أنها في رواية ابن العبد، والصواب: أنه عُبيدُ الله بن عامر كما سلف. (¬2) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه مسلم (55)، والنسائي في "الكبرى" (8700) من طريق سفيان، ومسلم (55) من طريق روح، كلاهما عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8700) من طريق سفيان، عن عمرو بن دينار، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن عطاء بن يزيد، عن تميم. فذكره. وعلقه البخاري في "صحيحه"، بإثر الحديث (56) باب قول النبي-صلى الله عليه وسلم-:"الدين النصيحة: لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم". قال الحافظ في " الفتح" 1/ 137: هذا الحديث أورده المصنف هنا ترجمة باب، ولم يخرجه مسنداً في هذا الكتاب، لكلونه على غير شرطه، ونبّه بإيراده على صلاحيته في الجملة. وهو في "مسند أحمد" (16940) و (16946)، و"صحيح ابن حبان"، (4574) و (4575)، و"مشكل الآثار" للطحاوي (1442) و (1443). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 125 - 126: النصيحة كلمة يُعبر بها عن جمله هِيَ إرادة الخير للمنصوح له، وليس يُمكن أن يعبر هذا المعنى بكلمةٍ واحدة تحصرها، وتجمعُ معناها غيرها. وأصلُ النصح في اللغة: الخلوص، يفال: نصحتُ العسلَ، إذا خلصته من السمع. =

67 - باب في المعونة للمسلم

4945 - حدَّثنا عمرُو بن عَونٍ، أخبرنا خالدٌ، عن يونسَ، عن عَمرو بن سعيد، عن أبي زُرعَةَ بن عمرو بن جرير عن جَرير، قال: بايعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - على السَّمْع والطَاعة، وأن أنْصَحَ لكُلِّ مُسلمٍ. قال: وكانَ إذا باعَ الشيءَ أو اشتَراه قال: "أمَا إنَّ الذي أخَذنا منكَ أحبُّ إلينا مما أعطيناكَ فاخْتَر" (¬1). 67 - باب في المعونة للمسلم 4946 - حدَّثنا أبو بَكرٍ وعثمانُ ابنا أبي شيبةَ -المعنى- قالا: حَدَّثنا أبو معاويةَ -قال عثمان: وجَريرٌ الرَّازي-. وحدَّثنا واصلُ بن عبد الأعلى، حدَّثنا أسباط، عن الأعمش، عن أبي صالح،- وقال واصلٌ: قال: حُدِّثتُ عن أبي صالح، ثم اتفقوا- ¬

_ = فمعنى نصيحةِ الله سبحانه: صحةُ الاعتقاد في وحدانيته واخلاصُ النية في عبادته. والنصيحةُ لكتاب الله: الإيمانُ به والعملُ بما فيه. والنصيحةُ لِرسوله: التصديقُ بنبوته، وبذلُ الطاعةِ له فيما أمر به ونهى عنه. والنصيحةُ لأئمة المؤمنين: أن يُطيعهم في الحق، وأن لا يرى الخروجَ عليهم بالسيفِ إذا جاروا، والنصيحة لعامة المسلمين: إرشادُهم إلى مصالحهم. (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الطحان، ويونس: هو ابن عبيد بن دينار. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7730) من طريق ابنِ عُلية، عن يونس، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (57) و (58) و (524) و (1401) و (2157) و (2714) و (2715) و (7204)، ومسلم (56) (97) و (98) و (99)، والنسائي في "الكبرى" (7729) و (7749) و (7750) و (7751) و (7752) و (7764) و (8678) من طرق عن جرير بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19191) و (19195) و (19199)، و"صحيح ابن حبان" (4546).

عن أبي هريرة عن النبيِّ- صلى الله عليه وسلم -، قال: "مَن نَفَّسَ عن مسلم كُرْبةً مِن كُرَبِ الدُّنيا، نَفسَ الله عنه كُرْبةً من كرب يوم القيامة، ومَن يَسَّرَ على مُعْسِرٍ، يَسَّرَ الله عليه في الدُّنيا والآخِرَة، ومَن سَتَر على مسلمٍ، سَتَرَ الله عليه في الدُّنيا والآخرة، واللهُ في عَونِ العبد ما كان العبدُ في عَونِ أخيه" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الأعمش: وهو سليمان بن مهران قد صرح بالتحديث في بعض طرق الحديث وأبو معاوية: هو محمَّد بن خازم، وجرير الرازي: هو جرير بن عبد الحميد، وأسباط: هو ابن محمَّد القرشي، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه ابن ماجه (225) و (2417) و (2544) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمَّد بن خازم وحده، بهذا الإسناد. وروايته الأولى مطولة والأخريين مختصرة. وأخرجه ابن ماجه (225) عن علي بن محمَّد، عن أبي معاوية محمَّد بن خازم، به. وأخرجه الترمذى (1488) و (2043) من طريق عبيد بن أسباط، والنسائي في "الكبرى" (7250) عن محمَّد بن إسماعيل، كلاهما عن أسباط، به. وأخرجه الترمذي (1487) و (3174)، والنسائي في "الكبرى" (7247) و (7248) و (7249) من طرق عن الأعمش، به، وفي رواية النسائي الأخيرة عن أبي هريرة وربما قال: عن أبي سعيد. وأخرجه مسلم مختصراً (2590)، والنسائي في "الكبرى" (7244) و (7245) و (7246) من طرق عن أبي صالح ذكوان، به. وهو في "مسند أحمد" (7427)، و"صحيح ابن حبان" (534). وقوله: نفس عن مؤمن، أي: فرج عنه، يقال: نَفَّسَ يُنَفِّسُ تنفيساً ونفساً كما يقال: فرَّح يُفرِّح تفريحاً وفرحاً. والكربة بضم الكاف: الخصلة التي تكون سببا للحزن، وتجمع على كُرب مثل غرفة وغُرَفٍ. وفي الحديث فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما تيسر من علم أو مال أو معاونة أو إشارة بمصلحة أو نصيحة وغير ذلك، ونضل الستر على المسلمين، وفضل إنظار المعسر.

68 - باب في تغيير الأسماء

قال أبو داود: لم يذكُز عثمانُ، عن أبي معاوية: "ومن يَسَّرَ على مُعْسِرٍ". 4947 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا سفيانُ، عن أبي مالكٍ الأشجَعيّ، عن رِبْعي بن حِراشٍ عن حُذَيفة، قال: قال نبيُّكُم - صلى الله عليه وسلم -: "كُلُّ مَعروفٍ صَدَقَةٌ" (¬1). 68 - باب في تغيير الأسماء 4948 - حدَّثنا عمرو بن عون، أخبرنا. وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا هُشيم، عن داود بن عَمرو، عن عبد الله بن أبي زكريا عن أبي الدَّرداء، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنّكم تُدعَوْنَ يومَ القيامَةِ باسمائِكُم وأسماءِ آبائكُم، فاحسِنُوا أسماءكم" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وأبو مالك الأشجعي: هو سعد بن طارق. وأخرجه مسلم (1005) من طريق أبي عوانة وعباد بن العوام، كلاهما عن أبي مالك الأشجعي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (23252)، و"صحيح ابن حبان" (3378). وجاء في هامش" مختصر المنذري"، قال ابن عرفة: المعروف: ما عرف من طاعة الله. والمنكر: ما يخرج عنها، وقيل: المعروف الإحسان إلى الناس وكل فعل مستحسَن: معروف. وقال بعضهم: لما كان الخير له صلاحية أن يُعرفَ ويُرغَب في فعله سُمِّيَ المعروفَ، وبالعكس منه المنكر، ومعنى الحديث -والله أعلم-: أن كل ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى من المعروف والخير صغيراً كان أو كبيراً، كائناً ما كان، إذا قصد به وجه ربه وصدقت نيته وقع أجرُه على الله تعالى، كوقوع الصدقة؛ لأنه في كلا الفعلين مُتَحرٍّ وجهَ التقرّب. (¬2) رجاله ثقات إلا أن عبد الله بن أبي زكريا لم يدرك أبا الدرداء كما نص عليه الحافظان ابن حجر والمنذري وغيرهما، فهو منقطع. هشيم: هو ابن بشير السلمي، وداود بن عمرو: هو الأودي. =

قال أبو داود: ابنُ أبي زكريا لم يدرك أبا الدرداء. 4949 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ زياد سَبَلان، حدَّثنا عباد بنُ عباد، عن عُبيد الله، عن نافع عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أحَبُّ الأسماءِ إلى الله تعالى: عبدُ الله وعبدُ الرحمن" (¬1). ¬

_ = وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (213) عن عمرو بن عون، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (21693)، والدارمي في "سننه" (2694)، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (2584)، وابن حبان في "صحيحه" (5818) وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 152 و 9/ 58 - 59، والبيهقي في "السنن" 9/ 306، وفي "الشعب" (8633)، والبغوي في "شرح السنة" (3360) من طرق عن هشيم بن بشير، به. وقد ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- غير أسماء بعض الصحابة، انظر الأحاديث في هذا في " المسند"، عند حديث ابن عمر (4682). وعند حديثنا برقم (21693). وسيأتي عند المصنف بعد هذا باب تغيير الاسم القبيح. وذكر فيه حديث ابن عمر وغيره. قال ابن القيم في "مختصر سنن أبي داود" 7/ 250: وفي هذا الحديث ردٌ على من قال: إن الناس يوم القيامة إنما يدعون بأمهاتهم، لا آبائهم، وقد ترجم البخاري في "صحيحه"، لذلك بإثر الحديث رقم (6176) فقال: باب ما يدعى الناس بآبائهم، وذكر فيه (6177) حديث نافع عن ابن عمر عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: "الغادر يرفع له لواء يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان بن فلان". (¬1) إسناده صحيح. عباد بن عباد: هو ابن حبيب بن المهلب، وعبيد الله: هو ابن عمر بن حفص. وأخرجه مسلم (2132) عن إبراهم بن زياد، بهذا الإسناد. وقرن مسلمٌ بعبيد الله أخاه عبد الله بن عمر. وأخرجه ابن ماجه (3728)، والترمذي (3046) من طريق عبد الله بن عمر العمري، والترمذي (3045) من طريق عبد الله بن عثمان، كلاهما عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4774). وانظر تمام تخريجه وأحاديث الباب فيه. =

4950 - حدَّثنا هارونُ بن عبد الله، حدَّثنا هشامُ بن سعيد الطَّالْقانىُّ، أخبرنا محمدُ بن المُهاجِرِ الأنصاريُّ، قال: حَدَّثني عَقِيلُ بنُ شَبيب عن أبي وَهْب الجُشَمِىّ -وكانت له صحبة- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "تَسَمَّوْا بأسَماءِ الأنبياء، وأحَبُّ الأسماءِ إلى الله: عَبدُ الله وعبدُ الرحمن، وأصدَقُها: حارِثٌ وهَمَّامٌ، وأقْبَحُها: حَرْبٌ ومُرَّة" (¬1). ¬

_ = وقوله: "أحب الأسماء ... " إلخ، قال السندي في "حاشيته على المسند": أي: لما فيها من نسبة العبد إلى مولاه بالعبودية، وإذا صادف مثل هذا الاسم مسمّاه بعثه على الاجتهاد في العبادة تصديقاً لاسمه. وقال السندي في "حاشيته على ابن ماجه"، قوله: "عبد الله وعبد الرحمن"، أي: وأمثالهما مما فيه إضافة العبد إلى الله تعالى لما فيه من الاعتراف بالعبودية، وتعظيمه تعالى بالربوبية ... ولا شك أن وصف العبودية وتعظيمه تعالى بالربوبية يتضمن الاشعارَ بالذل في حضرته المستدعي للرحمة لصاحبه. (¬1) حديث حسن دون قوله: "تسموا بأسماء الأنبياء"، وهذا إسناد رجاله ثقات غير عقيل بن شبيب، فهو في عداد المجهولين. وأبو وهب الجشمي، قال أبو داود. وأنت له صحبة، وذكره ابن السكن وغير واحد في الصحابة، وادعى بعضهم أنه الكلاعي التابعي، وقد بسطنا القول في ذلك في تعليقنا على الحديث في "المسند" (19032). وأخرجه أبو يعلى (7169) عن هارون بن عبد الله، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (19032)، ومن طريقه أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (814) وفي "التاريخ الكبير" 9/ 78، والطبراني في "الكبير"22/ (949)، والبيهقي في "السنن " 9/ 356، وفي" الآداب" (469)، والنسائي في "الكبرى" (4391)، وابن عبد البر في "التمهيد" 14/ 102 من طريق أبي أحمد البزار عن هشام ابن سعيد، به. وعند بعضهم زيادة، ورواية النسائي وابن عبد البر ليس فيها: "وأصدقها حارث ... " إلخ. وأخرجه الدولابي في "الكنى" (344) من طريق يحيى بن صالح الوحاظي، عن محمَّد بن المهاجر، عن عقيل بن شبيب، عن أبي وهب قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ... فلم ينسب أبا وهب. وفي لفظه زيادة. =

4951 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادُ بنُ سلمةَ، عن ثابتٍ عن أنس، قال: ذهبتُ بعبد الله بن أبي طلحةَ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حينَ وُلِدَ، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في عَباءةٍ يَهْنَأ بعيراً له، قال: "هل مَعَكَ تَمْرٌ؟ " قلت: نعم، قال: فناولتُه تَمَراتٍ، فألقاهُن في فيه، فلاكَهُنّ، ثم فَغَرَ فَاهُ، فأوجَرَهُنَّ إيَّاه، فجَعَلَ الصبي يَتَلمَّظُ، فقالَ النبيُّ- صلى الله عليه وسلم -:" حِبَّ الأنصارِ التَّمْرَ" وسماه عبدَ الله (¬1). ¬

_ = ويشهد لقوله: "أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن" حديث ابن عمر السالف عند المصنف قبله. ويشهد له دونَ قوله: "تسموا بأسماءِ الأنبياءِ" حديث عبد الله بن عامر اليحصبي، أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "خير الأسماء عبد الله وعبد الرحمن ونحو هذا، وأصدق الأسماء الحارث وهمام، حارث، لديناه ولدينه، وهمام بهما، وشر الأسماء حرب ومرة" أخرجه ابن وهب في جامعه (53). وهو مرسل صحيح. ويشهد له أيضاً مرسل عبد الوهَّاب بن بخت، أخرجه أيضاً ابن وهب في "جامعه" (46). ورجاله ثقات. قال الخطابي: إنما صار "الحارث" من أصدق الأسماء من أجل مطابقة الاسم معناه الذي اشتق منه، وذلك أن معنى الحارث الكاسب، يقال: حرث: إذا كسب، واحتراث الرجل كسبه قال الله سبحانه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا} [الشورى:20]، وأما همام، فهو من هممتُ بالشيء: إذا أردته، وليس من أحد إلا وهو يهم بشيء، وهو معنى الصدق الذي وصف به هذان الأسمان، وأقبحها حرب لما في الحرب من المكاره وفي مرة من البشاعة والمرارة، وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب الفأل الحسن والاسم الحسن. (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم البناني. وأخرجه مسلم (2144) عن عبد الأعلي بن حماد، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه وفيه قصة مسلم (2144) (23) من طريق محمَّد بن سيرين، عن أنس، به. =

69 - باب في تغيير الاسم القبيح

69 - باب في تغيير الاسمِ القَبيح 4952 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ ومُسدَّدٌ، قالا: حدَّثنا يحيى، عن عُبيدٍ الله، عن نافعٍ عن ابن عُمَرَ: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - غيَّرَ اسمَ عاصيةَ، وقال: " أنتِ جميلةٌ" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (12795)، و "صحيح ابن حبان" (4531). وقد سلف الحديث مختصراً برقم (2563) وانظر تمام تخريجه هناك. قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 127، وقوله: "يهنأ": معناه: يطليه بالقطران ويعالجه به. والهناء: القطران. وجاء بهامش "مختصر المنذري" ما نصه: "حُبّ الأنصار التمر": بضم الحاء ونصب الباء، وحذف الفعل، وهو: انظروا للعلم به، ويكون: التمر: منصوباً بالحب، ويجوز أن تكون الحاء مكسورة، بمعنى: المحبوب، أي: محبوبهم التمرُ، و"التمر": مرفوع خبر المبتدأ. ومعنى: "فغر فاه" أي: فتحه، وفغر فوه، أي: انفتح، يتعدى ولا يتعدى. و"الوَجور": ما صب في وسط فم المريض. تقول منه: وَجَرْته، وأوجرتُه، بمعنى. و"يتلمظ " أي: يدير لسانه في فيه، ويحركه يتتبع أثر التمر. وكذلك إذا أخرج لسانه، فمسح به شفتيه. واللماظة -بالضم- ما بقي في الفم من الطعام. (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وعبيد الله: هو ابن عمر. وأخرجه مسلم (2139) عن أحمد بن حنبل وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2139)، والترمذي (3050) من طرق عن يحيى بن سعيد، به. وأخرجه مسلم (2139)، وابن ماجه (3733) من طريق حماد بن سلمة، عن عبيد الله، به. وهو في "مسند أحمد" (4682)، و"صحيح ابن حبان" (5819). قال أبو حاتم ابن حبان: استعمال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - هذا الفعل لم يكن تطيُّراً بعاصية، ولكن تفاؤلاً بجميلة، وكذلك ما يُشبِه هذا الجنس من الأسماء؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الطِّيرةِ في غير خبر.

4953 - حدَّثنا عيسى بن حماد، أخبرنا الليثُ، عن يزيدَ بن أبي حبيبٍ، عن محمَّد بن إسحاق، عن محمَّد بن. عمرو بن عطاء أن زينبَ بنتَ أبي سلمة سألته: ما سَمَّيتَ ابنتَك؟ قال: سَمَّيتُها بَرَّة، فقالت: إن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - نهى عن هذا الاسمِ، سُمِّيتُ بَرَّة، فقال النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -: " لا تُزَكُوا أنفسَكم، الله أعلمُ بأهلِ البرِّ منكُم" فقال: ما نُسَمِّيها؟ فقال: "سَمُّوها زَينبَ" (¬1). 4954 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا بِشْرٌ -يعني ابن المُفَضل-، حدثني بشيرُ بنُ ميمون عن عَمِّه أسامةَ بن أخْدَريٍّ: أن رَجُلاً يقال له: أصرَمُ، كان في النفر الذين أتَوْا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، فقالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما اسمُك؟ " قال: أنا أصْرَمُ، قال: "بل أنتَ زُرعة" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل محمَّد بن إسحاق، فهو مدلس وقد صرح بالتحديث عند البخاري في "الأدب المفرد". والليث: هو ابن سعد. وأخرجه مسلم (2142) (19) من طريق هاشم بن القاسم، عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب، عن محمَّد بن عمرو بن عطاء، قال: سميتُ ابنتي برة، فقالت لي زينب بنت أبي سلمة: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن هذا الاسم، وسُمِّيتُ برة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... وأخرجه بنحوه وبزيادة فيه البخاري في "الأدب المفرد" (821) من طريق إبراهيم، عن محمَّد بن إسحاق، به. وأخرجه مسلم (2142) (18) من طريق الوليد بن كثير، عن محمَّد بن عمرو، به. (¬2) إسناده حسن، بشير بن ميمون: صدوق حسن الحديث، وباقى رجاله ثقات. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 1/ (523) من طريق مسدد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 7/ 78 - 79، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1220)، والطبراني في "الكبير" 1/ (523)، والحاكم 4/ 376، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" 2/ 193 و425 من طرق عن بشر بن المفضل، به. وزادو فيه: "فما تريده" =

4955 - حدَّثنا الربيعُ بنُ نافع، عن يزيدَ -يعني ابنَ المقدام بن شُريح- عن أبيه، عن جَدِّه شُريحٍ عن أبيه هانئ: أنه لما وَفَدَ إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-مع قومه سَمِعَهم يكنُّونه بأبي الحَكمَ، فدعاه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: " إن الله هو الحَكَمُ، وإليه الحُكمُ، فلِمَ تَكَنَّى أبا الحَكَمِ"، فقال: إن قومي إذا اختلفُوا في شيء أتوني، فحكمتُ بينهم، فرَضِيَ كِلا الفريقين، فقالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أحسَنَ هذا، فمالك مِن الولد؟ " قال: لي شُرَيحٌ ومسلمٌ وعبدُ الله، قال: " فَمَن اْكبَرُهُم؟ " قال: قلت: شُريح، قال: "فأنت أبو شُرَيحِ " (¬1). ¬

_ = قال: أريده راعيا، قال: فهو عاصم، وقبض كفه. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وذكره الهيثمي في "المجمع" 8/ 54 وقال: ورجاله ثقات. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 1/ (874) من طريق معلي بن أسد العمي، عن بشر بن المفضل، عن بشير بن ميمون، عن أسامة بن أخدري، عن أصرم ... فذكره. وجعله من مسند أصرم. قال الخطابي: إنما غيرَ اسمَ الأصرم لما فيه من المعنى الصَّرْمِ، وهو القطيعة، يقال: صرمت الحبل: إذا قطعتَه، وصرمتُ النخلَةَ: إذا جددتَ ثمرها. وإنما غيره؛ لأن فيه إيهام انقطاع الخير والبركة، وزرعة مشعِرٌ بهما؛ لأنه من الزراعة ويحصل بها الخير والبركة. (¬1) إسناده جيد، يزيد بن المقدام صدوق، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (811) عن أحمد بن يعقوب، والنسائي في "الكبرى" (5907) عن قتيبة، كلاهما عن يزيد بن المقدام، بهذا الإسناد. وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (504). وزاد فيه: قال أبو شريح: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبرني بشيء يوجب لي الجنة! قال: "طيب الكلام، وبذل السلام، وإطعام الطعام،، وهي عند البخاري في "الأدب المفرد".

قال أبو داود: شُرَيح هذا: هو الذي كسر السِّلسِلَة، وهو ممن دخل تُستَرَ، وذلك أنه دخل من السَّرَبِ (¬1). 4956 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ الرزاق، عن مَعمَرِ، عن الزهريِّ، عن سعيد بن المُسيَّب، عن أبيه عن جده، أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال له: "ما اسمُكَ؟ " قال: حَزْنٌ، قال: "أنت سَهْلٌ " قال: لا، السَّهْلُ يُوطَا ويُمْتَهَنُ، قال سعيد: فظننتُ أنَّه سيُصيبُنا بَعدَهُ حُزُونهٌ (¬2). قال أبو داود: وغيَّرَ النبي-صلى الله عليه وسلم- اسمَ العاصِ وعزيزِ وعَتَلَة وشَيطانِ والحَكَمِ وغُرإبٍ وحُبابٍ، وشهابٍ فسماه هشاماً، وسمَّى حَرْباً: سِلْماً، وسَمَّى المُضطَجِعَ المنبَعِثَ، وأرضاً تُسمَّى عَفِرةَ سماها خَضِرَة، ¬

_ (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن الأعرابي وأبي عيسى الرملي. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (6190) عن إسحاق بن نصر، وبإثر (6190) عن علي بن عبد الله ومحمود، ثلاثتهم عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وليس فيه: قال: لا، السهل يوطأ ويمتهن، وزاد: قال ابن المسيب: فما زالت الحزونة فينا بعد. وأخرجه مرسلاً البخاري (6193) من طريق عبد الحميد بن جبير، عن سعيد بن المسيب أن جده حزناً قدم على النبي-صلى الله عليه وسلم-فقال: "ما اسمك" ... فذكره. وهو في "مسند أحمد" (23673)، و"صحيح ابن حبان"، (5822). قال الحافظ في "الفتح" 10/ 574: والحَزْن: ما غَلُظ من الأرض، وهو ضدُّ السهل، واستعمل في الخُلُق، يقال: في فلان حُزونةٌ، أي: في خُلُقه غِلظة وقساوة.

وشِعْبَ الضَّلالة سَمَّاه شعبَ الهدى، وبنو الزنْيَة سماهم بني الرِّشدَة، وسمَّى بني مُغوِيَة بني رِشْدة (¬1). قال أبو داود: تركتُ أسانيدَها للاختصار (¬2). ¬

_ (¬1) قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 127 - 128: أما العاص: فإنما غيَّرَه كراهة لمعنى العصيان، وإنما سمة المؤمن الطاعة والاستسلام. وعزيز: إنما غيره لأن العزة لله سبحانه، وشعار العبد: الذَّلةَّ والاستكانة، وقد قال سبحانه عندما يقرع بعض أعدائه: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ} [الدخان: 49]. وعتلة: معناها الشدّة والغلظة، ومنه قولهم: رجل عتل، أي: شديد غليظ. ومن صفة المؤمن: اللين والسُّهولة. وقال - صلى الله عليه وسلم -:"المؤمنون هينون ". وشيطان: اشتقاقه من الشَّطن: وهو البعد من الخير، وهو اسم المارد الخبيث من الجن والانس. والحكم: هو الحاكم الذي إذا حكم لم يُرَدُّ حكمه، وهذه الصفة لا تليق بغير الله سبحانه، ومن أسمائه الحكم. وغراب: مأخوذ من الغَرْب، وهو البعد، ثم هو حيوان خبيث الفعل، خبيث الطعم، وقد أباح رسول - صلى الله عليه وسلم - قتله في الحل والحرم. وحباب: نوع من الحيات، وقد رُوى أن الحباب اسم الشيطان. فقيل: إنه أراد به المارد الخبيث من شياطين الجن، وقيل: إن نوعاً من الحيات يقال لها الشياطين، ومن ذلك قوله تبارك وتعالى: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات: 65]. والشهاب: شعلة من النار، والنار عقوبة الله سبحانه، وهي محرقة مهلكة. وأما عَفِرة: فهي نعت للارض التي لا تنبت شيئاً، أخذت من العُفْرة، وهي: لون الأرض القحلة، فسماها خضرة على معنى التفاؤل لتخضر وتُمرع. انتهى. وقوله: عفرة: المحفوظ عقرة، بالقاف، كأنه كره اسم العَقرِ؛ لأن العاقِرَ هي المرأة التي لا تحمل، وشجرة عاقر: لا تحمل. (¬2) ونحسّن نذكر أسانيدها هنا: =

..................................................... ¬

_ = 1 - قوله: وغير النبي-صلى الله عليه وسلم- اسم العاص، أخرجه أحمد في "مسنده" (1549)، ومسلم في "صحيحه" (1782) (89) وصححه اين حبان (3718). 2 - وقوله: وعزيز، أخرجه أحمد (17604) من حديث خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: كان اسم أبي في الجاهلية عزيزاَ، فسماه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عبد الرحمن، وصححه ابن حبان (5828). 3 - وقوله: وعتلة، أخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ (296) من ضمن حديث مطول، وفيه أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال له: "ما اسمك؟ " فقلت: عتلة بن عبد، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: " بل أنت عُتبة ... ". 4 - وقوله: وشيطان، أخرجه أحمد في "مسنده" (19076) من حديث عبد الله ابن قرط الأزدى أنه جاء إلى رسول - صلى الله عليه وسلم - " فقال له النبي-صلى الله عليه وسلم-: "ما اسمك؟ " قال: شيطان بن قرط، فقال له النبي-صلى الله عليه وسلم-:"أنت عبد الله بن قرط". وسنده حسن. 5 - وقوله: والحكم، سلف عند المصنف برقم (4955). 6 - وقوله: وغراب، أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (824) من حديث ريطة بنت مسلم، عن أبيها قال: شهدت مع النبي-صلى الله عليه وسلم- حنيناً، فقال لي: "ما اسُمك؟ " قلت: غراب، قال: "لا، بل اسمك مسلم ". 7 - وقوله: وحباب، ... والمنبعث، أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " 8/ 664. عن حميد بن عبد الرحمن، عن هشام بن عروة، عن أبيه أن رجلاً كان اسمه الحباب، فسماه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عبد الله، وقال: "الحباب شيطان"، وكان اسم رجل المضطجع فسماه المنبعث. وأخرجه عبد الرزاق (19849) من طريق معمر عن الزهري: أن رجلاً كان اسمه الحباب فسماه رسول الله-صلى الله عليه وسلم -عبد الله، وقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: "إن الحباب اسم الشيطان ". 8 - وشهاب وسماه هشاماً، أخرجه أحمد في "مسنده" (24465) من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمع النبي-صلى الله عليه وسلم- رجلاً يقول لرجل: ما اسمك؟ قال: شهاب، فقال: " أنت هشام" وسنده حسن. 9 - وسمى حرباً سلماً لم نقف عليه. 10 - وأرضاً تسمى عفرة سماها خضرَة، أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (349) وأورده الهيثمي في "المجمع " 8/ 51، ونسبه إلى الطبراني، وقال: رجاله=

4957 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي- شيبةَ، حدَّثنا هاشمُ بنُ القاسم، حدَّثنا أبو عَقيل، حدَّثنا مجالِدُ بنُ سعيد، عن الشعبىِّ عن مَسروقِ، قال: لقيتُ عمرَ بن الخطاب، فقال: مَنْ أنتَ؟ قلت: مسروقُ بنُ الأجْدَع، فقال عُمر: سمعتُ رسولَ الله-صلى الله عليه وسلم - يقول: "الأجدَعُ شَيطان" (¬1). ¬

_ = رجال الصحيح! ولفظه: كان النبي-صلى الله عليه وسلم-إذا سمع اسماً قبيحا غيره فمر على قرية يقال لها عَفِرَة فسماها خضرة. وأخرجه الطحاوي في "شرح المشكل" (1849) ابن حبان (5821) بإسناد صحيح عن عائشة: أن النبي-صلى الله عليه وسلم-مرَّ بأرض تسمى غَدِرَة، فسماها خضِرَة. وأخرجه الحربي في "غريب الحديث" 3/ 994 من حديث عائشة: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- مرَّ بأرض تدعى عَقِرة فسماها خَضِرَة. 11 - وشعب الضلالة وسماه شعب الهدى ... وبنو مغوية سماهم بني رِشدة، أخرجه عبد الرزاق (19862) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه أن مكانا كان اسمه بقية الضلالة، فسماه النبي-صلى الله عليه وسلم-بقية الهدى، قال: ومر بقوم، فقال لهم:"فما أنتم؟ " قالوا: بنو مغوية فسماهم رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بني رشدة. 12 - وقوله: بنو الزنية سماهم بني الرشدة، أخرجه ابن أبي شيبة 12/ 205 وابن البصري في "فضائل القرآن" (14) من طريق عاصم بن بهدلة عن أبي وائل: شقيق بن سلمة أن وقد بني أسد أتوا رسولَ الله-صلى الله عليه وسلم - فقال: " من أنتم؟ " فقالوا: نحسّن بنو الزنيَة، فقال: "أنتم بنو الرِّشْدَة". (¬1) إسناده ضعيف لضعف مجالد بن سعيد. أبو عقيل: هو عَبد الله بن عَقيل الثقفي، والشعبي. هو عامر بن شراحيل. وأخرجه ابن ماجه (3733) عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وذكره الدارقطني في "العلل" 2/ 220 وقال: يرويه جابر الجعفي، عن الشعبي، عن مسروق، عن عمر قولَه. قلنا: وجابر ضعيف أيضاً. وهو في "مسند أحمد" (211).

4958 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا منصورُ بنُ المعتمرِ، عن هلالِ ابن يِسَاف، عن رَبيع بن عُمَيلَة عن سَمُرَة بن جُتدُبِ، قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: "لا تُسَمِّيَنَ غُلامَكَ يَسَاراً، ولا رَبَاحاً، ولا نَجيحاً، ولا أفْلَحَ، فإنكَ تقول: أثَمَّ هُوَ؟ فيقول: لا، إنما هُنَ أربعٌ، فلا تَزيدُن عليٍّ" (¬1). 4959 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا المُعتمرُ، قال: سمعت الرُّكَين بن الربيع يحدث، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. النفيلى: هو عبد الله بن محمَّد، وزهير: هو ابن معاوية. وأخرجه مسلم (2137) (12) عن أحمد بن عبد الله بن يونس، عن زهير، بهذا الإسناد. وفيه زيادة. وأخرجه مسلم (2137)، والترمذي (3048) من طرق عن منصور، به. وهو في "مسند أحمد" (25078) و (20107)، و"صحيح ابن حبان" (5837) و (5838). وسيأتي بعده. لكن وقع في الرواية الآتية: نافع، بدل: نجيح. قال الخطابي في "معالم السنن " 4/ 128: قد بين النبي-صلى الله عليه وسلم-المعنى في ذلك وذكر العلة التي من أجلها وقع النهي عن التسمية بها، وذلك أنهم إنما كانوا يقصدون بهذه الأسماء وبما في معانيها: إما التبرك بها أو التفاؤل بحسن ألفاظها، فحذرهم أن يفعلوه لئلا ينقلب عليهم ما قصدوه في هذه التسميات إلى الضد، وذلك إذا سألوا، فقالوا: أثَمَّ يسار؟ أثم رباح؟ فإذا قيل: لا، تطيروا بذلك، وتشاءموا به، وأضمروا على الاياس من اليسر والرباح، فنهاهم عن السبب الذي يجلب لهم سوء الظن بالله سبحانه، ويورثهم الاياس من خيره. وبهامش "مختصر المنذري" بعد ذكره كلام الخطابي: قيل إنه مخصوص فيها، وقيل: إنه عامّ في كل ما كان من معناها، وقيل: إنه منسوخ، وقيل: النهي كان لقصدهم التفاؤل، فمن لم يقصده فذلك جائزٌ له.

عن سمرةَ، قال: نهى رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم- أن نسَمِّي رقيقَنا أربعةَ أسماءٍ: أفلحَ، ويساراَ، ونافعاً، ورباحاً (¬1). 4960 - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، عن الأعمش، عن أبي سفيان عن جابرِ، قال: قال رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم-: "إن عِشْتُ إن شاءَ الله أنهى أمَّتي أن يُسَمُّوا نافعاً وأفلحَ وبَرَكةَ- قال الأعمش: ولا أدري ذكرَ نافعاً أم لا- فإن الرجل يقول إذا جاء: أثَمَّ بَرَكةُ؟ فيقولون: لا" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. المعتمر: هو ابن سليمان بن طرخان، والركين: هو ابن الربيع بن عميلة. وأخرجه مسلم (2136) عن يحيى بن يحيى، وابن ماجه (3730) عن أبي بكر ابن أبي شيبة كلاهما عن المعتمر بن سليمان، بهذا الإسناد. وقرن مسلم بيحيى أبا بكر ابن أبي شيبة. وأخرجه مسلم (2136) من طريق جرير، عن الركين، به. وهو في "مسند أحمد" (20138)، و "صحيح ابن حبان" (5836). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده قوي من أجل أبي سفيان- واسمه: طلحة بن نافع الاسكاف- ومحمد بن عبيد: هو الطنافسي، والأعمش: هو سليمان بن مهران. وأخرجه ابن أبى شيبة 8/ 666، وعبد بن حميد (1019) عن محمَّد بن عبيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخارى في "الأدب المفرد" (833)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1739) من طريق حفص، عن الأعمش، به. وأخرجه مسلم (2138) من طريق ابن جريج، حدثني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أراد النبي-صلى الله عليه وسلم-أن ينهى عن أن يُسمَّى بيعلى، وببركة، وبأفلح، وبيسار، وبنافع، وبنحو ذلك. ثم رأيته سكت بعدُ عنها، فلم يقل شيثا، ثم قُبِضَ رسولُ الله-صلى الله عليه وسلم- ولم ينه عن ذلك، ثم أراد عمر أن ينهى عن ذلك، ثم تركه. =

قال أبو داود: روى أبو الزُّبير عن جابر نحوه، لم يذكر بَرَكة (¬1). 4961 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينة، عن أبي الزنادِ، عن الأعرج عن أبي هريرة، يبلغُ به النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-، قال: " أخْنَعُ اسمٍ عندَ الله تباركَ وتعالى يومَ القيامةِ رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأمْلاكِ" (¬2). قال أبو داود: رواه شعيبُ بن أبي حمزة، عن أبي الزناد، بإسناده، قال: "أخْنَى اسْم" (¬3). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (14606) و (15164)، و"صحيح ابن حبان" (5839). قال الطحاوي تعليقاً على قوله: لئن عشت إلى قابل؛ لأنهين أن يسمى بهذه الأسماء المذكورة في هذا الحديث؟ وفي ذلك ما قد دل على أن التسمي بها ليس بحرام؛ لأنه لو كان حراماً، لنهى عنه - صلى الله عليه وسلم - ولم يؤخر ذلك إلى وقت آخر. (¬1) قول أبي داود فيه نظر كما قال المنذرى، فقد أخرجه مسلم (2138) من طريق ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أراد النبي-صلى الله عليه وسلم- أن ينهى عن أن يُسمّى بيعلى وببركة، وبأفلح وبيسار وبنافع. وبنحو ذلك. (¬2) إسناده صحيح. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن ابن هرمز. وأخرجه مسلم (2143) عن أحمد بن حنبل، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6206)، ومسلم (2143)، والترمذي (3049) من طرق عن سفيان بن عيينة، به. وأخرجه مسلم (2143) من طريق همام بن منبه، عن أبي هريرة، نحوه. وهو في "مسند أحمد" (7329)، و "صحيح ابن حبان" (5835). (¬3) أخرجه موصولاً البخاري في "الصحيح" (6205) عن أبي اليمان، عن شعيب ابن أبي حمزة، عن أبي الزناد، عن الأعرج, عن أبى هريرة. فذكره. =

70 - باب في الألقاب

70 - باب في الألقاب 4962 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا وُهَيبٌ، عن داودَ، عن عامرِ، قال: حدَّثني أبو جَبيرة بنُ الضحَّاك، قال: فينا نزلت هذه الآية في بني سَلِمَةَ: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات:11]، قال: قَدِمَ علينا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وليسَ مِنا رَجُلٌ إلا وله اسمانِ أو ثلاثةٌ، فجعل النبيُّ-صلى الله عليه وسلم- يقول: "يا فلان" فيقولون: مَهْ يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، إنه يَغضَبُ مِن هذا الاسم، فأُنزِلَتْ هذه الآية: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} (¬1). ¬

_ = وقوله: "أخنع اسم"، أي: أذلُّها وأوضعُها، والخنوع: الذلة والمسكنة، والخانع: الذليل الخاضع، وأخنى الأسماء، أي: أفحشها وأقبحها. وتأول بعضهم: "تسمى بملك الأملاك" أن يتسمى بأسماء الله عز وجل، كقوله: الرحمن، الجبار، العزيز. وقال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 129: قوله "أخنع" معناه: أوضع وأذل، والخنوع: الذلة والاستكانة. وأخبرني أبو محمَّد عبد الله بن شبيب، حدَّثنا زكريا المنقري، حدَّثنا الأصمعي، قال: سمعت أعرابيا يدعو، فيقول: اللهم إني أعوذ بك من الخنوع والقنوع وما يغض طرف المرء ويغري به لئام الناس. فالخنوع: الذل، والقنوع: المسألة. ومنه قوله تعالى: {وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36]. (¬1) إسناده صحيح إن صحت صحبة أبي جبيرة بن الضحاك وإلا فمرسل، فقد أورد الحافظ ابن حجر أبا جبيرة هذا في "الإصابة" وحكى عن أبي أحمد الحاكم أنه قال: قال بعضهم: له صحبة، وقال بعضهم: لا صحبة له، وكذا قال ابن عبد البر، وقال ابن أبي حاتم عن إليه: لا أعلم له صحبة، وذكره البخاري في كنى "التاريخ الكبير"، ولم يذكر له صحبة، إنما اكتفى بالاشارة إلى أن له رواية عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، وجزم بصحبته المزي والذهبي. ووهيب: هو ابن خالد الباهلي، وداود: هو ابن أبي هند. وعامر: هو ابن شراحيل. =

71 - باب فيمن يتكنى بأبي عيسى

71 - باب فيمن يتكنَّى بأبي عيسى 4963 - حدَّثنا هارونُ بن زيد بن أبي الزَّرقاء، حدَّثنا أبي، حدَّثنا هشامُ بن سعدِ، عن زيد بن أسلمَ، عن أبيه أن عُمرَ بن الخطاب ضَرَبَ ابناً له تكنَّى أبا عيسى، وأن المغيرةَ ابنَ شعبة تَكنَّى بأبي عيسى، فقال له عُمر: أما يَكْفيكَ أن تَكنَّى بأبي عبد الله؟ فقال: إنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - كَنَّاني، فقال: إنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قد غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذَنبِه وما تأخَّرَ، وإنا في جَلْجَتِنا، فلم يزل يُكنى بأبي عبد الله حتّى هَلَكَ (¬1). ¬

_ =وأخرجه ابن ماجه (3741)، والترمذي (3551) و (3552)، والنسائي في "الكبرى" (11452) من طرق عن داود بن أبى هند، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18288)، و "صحيح ابن حبان" (5709). وقوله تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا}، أي: لا يَدْع بعضكم بعضاً بسوءِ الألقاب، والنبز مختص بالسوء عرفاً. قاله السندي في "حاشية على المسند". وجاء في قوله تعالى: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ} النبز: اللمز، والتنابز: التعاير والتداعي بالألقاب، وقال أهل العلم: والمراد بهذه الألقاب ما يكرهه المنادَى به، أو يُعد ذماً له، فأما الألقاب التي تكسب حمداً، وتكون صدقاً، فلا تكره، كما قيل لأبي بكر عتيق، ولعمر فاروق، ولعثمان ذو النورين، ولعلي أبو تراب، ولخالد سيف الله. انظر "زاد المسير" 7/ 468: بتحقيقا. (¬1) إسناده حسن. أسلم والد زيد هو مولى عمر. وأخرجه البيهقى في "السنن" 9/ 310 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (755) و (1552) من طريق حبيب بن الشهيد، عن زيد بن أسلم، به. وأخرجه بلاغاً عبد الرزاق في "مصنفه" (19856) عن معمر، عن الزهري أن ابناً لعمر تكنّى أبا عيسى، فنهاه عمر. =

72 - باب في الرجل يقول لابن غيره: يا بنى

72 - باب في الرجل يقول لابن غيره: يا بُنىَّ 4964 - حدَّثنا عمرُو بنُ عونٍ، أخبرنا. وحدَّثنا مُسدَّدٌ ومحمدُ بن محبوب، قالا: حدَّثنا أبو عَوانة، عن أبي عثمانَ، -وسفاه ابنُ محبوبٍ الجعدَ- عن أنس بن مالكِ، أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قال له:" يا بُنَيَّ" (¬1). قال أبو داود: سمعتُ يحيى بن معين يُثني على محمدِ بن محبوبٍ، ويقول: كثيرُ الحديث (¬2). ¬

_ = وأخرجه مرسلاً عبد الرزاق (19857) عن معمر قال: أخبرني أيوب عن نافع، مثله (يعني سابقه بلاغ الزهري)، وزاد فقال عمر: إن عيسى لا أب له. وقوله: "أنا في جلجتنا"، قال صاحب "عون المعبود": أي: في عدد من أمثالنا من المسلمين لا ندرى ما يصنع بنا. كذا في "المجمع". وقال ابن الأثير في "النهاية" 1/ 283: لما نزلت: {إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 1 - 2] قالت الصحابة: بقيِنا نحسّن في جَلَج لا ندري ما يُصنع بنا. قال أبو حاتم: سألت الأصمعي عنه، فلم يعرفه، وقال ابن الأعرابي وسلمة: الجلَجُ: رؤوس الناس، واحدتُها جلَجَة، المعنى: إنا بقِينا في عَدَدِ رؤوس كثيرة من المسلمين. وقال ابن قتيبة: معناه وبقينا نحن في عَدَد من أمثالنا من المسلمين لا ندري ما يُصنع بنا، وقيل الجلَج في لغة أهل اليمامة: جِبابُ الماء، كأنه يريد: تُركنا في أمر ضيق كضيق الجِبَاب. (¬1) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري، وأبو عثمان: هو جعد بن دينار. وأخرجه مسلم (2151) عن محمَّد بن عبيد الغبرى، والترمذي (3043) عن محمَّد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، كلاهما عن أبي عوانة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12366) و (14038). (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).

73 - باب في الرجل يتكنى بأبي القاسم

73 - باب في الرجل يتكنّى بأبي القاسم 4965 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وأبو بكر بن أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن أيوبَ السختياني، عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "تَسَمَّوا باسمِي، ولا تَكَنَّوا بكُنيَتي" (¬1). قال أبو داود: وكذلك رواه أبو صَالح، عن أبي هريرة (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، وأيوب السختياني: هو ابن أبي تميمة. وأخرجه مسلم (2134)، وابن ماجه (3735) عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا إلاسناد. وأخرجه البخاري (3539) و (6188)، ومسلم (2134) من طرق عن سفيان بن عيينة، به. وهو في "مسند أحمد" (7377). ويشهد له ما بعده. (¬2) أشار هنا أبو داود إلى رواية أبي صالح عن أبي هريرة، وأشار بإثر الرواية (4966) إلى روايات من طرق أخرى عن أبي هريرة فنخرجها هنا لإيراد حديث أبي هريرة في هذا الموضع. أما رواية أبي صالح عن أبي هريرة، فقد أخرجها البخاري (110) و (6197)، وفيه زيادة. ورواية ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، أخرجها أحمد في "مسنده" (9598)، والترمذي (3053)، وابن حبان في "صحيحه"، (5814) و (5817) بلفظ: "لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي، أنا أبو القاسم، الله يعطي وأنا أقسمُ". وطريق أبي زرعة، عن أبى هريرة، أخرجه أحمد في "مسنده" (8109) بلفظ: "من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي، ومن اكتنى بكنيتي، فلا يتسمى باسمي". وانظر مواضعه فيه. وأخرج أحمد في "مسنده" (9894) طريق أبي زرعة أيضاً بلفظ المصنف كما هو هنا. =

وكذلك رواية أبي سفيان، عن جابر. وسالم بن أبي الجعد، عن جابر. وسليمان اليشكري، عن جابر. وابن المنكدر عن جابرٍ، نحوهم (¬1). وأنس بن مالك (¬2). ¬

_ = ورواية عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة، لم نقف عليها هكذا، لكن أخرج الطبراني في "الأوسط" (1049) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن عمه، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فذكره. فزاد في الإسناد عم عبد الرحمن. وأخرجه أحمد في "مسنده" (10627) لكن من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن عمه، عن أبي هريرة بلفظ: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يكنى بكنيته. وأخرجه أحمد في "مسنده" (15734) من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن عمه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تجمعوا اسمي وكنيتي". ولم يذكر في الاسناد أبا هريرة. ورواية موسى بن يسار، عن أبي هريرة، أخرجها أحمد في "المسند" (7728). وأخرجه أحمد في "مسنده" (10077) من طريق حيان بن بسطام الهذلي، عن أبي هريرة. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، (5812) من طريق أبي يونس سليم بن جبير، عن أبي هريرة. (¬1) سيأتي تخريجها بإثر رواية المصنف لحديث جابر الآتي برقم (4966). (¬2) أخرجه البخاري (2121)، ومسلم (2131)، وهو في "مسند أحمد" (12130)، و"صحيح ابن حبان" (5813)، وانظر تمام تخريجه وأحاديث الباب في "المسند". قد اختلف أهل العلم في التكني بكنية النبي-صلى الله عليه وسلم-، فذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز، وهو ظاهر الحديث، روي ذلك عن الحسن وابن سيرين وطاووس، وإليه ذهب الشافعي. وكره قوم الجمع بين اسم النبي -صلى الله عليه وسلم- وكنيته، وأجازوا التكني بأبي القاسم إذا لم يكن اسمه محمداً وأحمد، لحديث أبي هريرة "لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي". (انظر تخريج هذه الرواية في التعليق السالف رقم (1) ص 249). وقد رخص بعضُهم في الجمع، وقال: إنما كره ذلك على عهد النبي-صلى الله عليه وسلم-، لئلا يُشتبه، يُروى ذلك عن مالك، وكان محمَّد ابن الحنفية يكنى أبا القاسم، وكان محمَّد بن =

74 - باب من رأى أن لا يجمع بينهما

74 - باب من رأى أن لا يُجْمَع بينهما 4966 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيم، حدَّثنا هشامٌ، عن أبي الزُّبير عن جابر أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -قال: "من تَسَمَّى باسمي، فلا يَكْتَنِي بكُنيتي، ومن اكتَنَى بكُتيتي، فلا يتسمَّى باسْمِي" (¬1). ¬

_ = أبي بكر الصديق، ومحمد بن جعفر بن أبي طالب، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، ومحمد بن الأشعث، ومحمد بن حاطب، جمع كل واحد منهم بين اسم النبي -صلى الله عليه وسلم- وكنيته. وروى محمَّد ابن الحنفية، عن علي أنه قال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أرأيت إن ولد لي بعدك ولد أُسمِّيه محمداً وأكنيه بكنيتك؟ قال: "نعم"، وكانت رخصة لي. قلنا: سيأتي عند المصنف (4967). ويخرج هناك. وانظر" شرح السنة" 12/ 331 - 332 و"شرح مسلم" 14/ 95 - 96. (¬1) حديث صحيح، وأبو الزبير -واسمه: محمَّد بن مسلم- وإن لم يصرح بالسماع قد توبع. وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي. وأخرجه الترمذي (3054) من طريق الحسين بن واقد، عن أبي الزبير، عن جا بر. فذكره. وهو في "مسند أحمد" (14357)، و "صحيح" ابن حبان (5816). وذكر المصنف بإثر الحديث السالف برقم (4965) طرقاً أخرى للحديث عن جابر وهذا تخريجها: أما رواية أبي سفيان عن جابر، أخرجها ابن ماجه (3736)، وهي في "المسند" (14364). ورواية سالم بن أبي الجعد، عنه أخرجها البخاري (3114) و (3115) و (3538) و (6187) و (6196)، ومسلم (2133) (3 و 4 و5 و 6 و 7). وهو في "مسند أحمد" (14183) و (14227). ورواية سليمان اليشكرى، عنه أخرجها ابن سعد في "الطبقات" 1/ 107. ورواية محمَّد بن المنكدر، عنه أخرجها البخاري (6186) و (6189)، ومسلم (2133) (7)، وهو فى "المسند" (14357). ويشهد له ما قبله.

75 - باب في الرخصة في الجمع بينهما

قال أبو داود: روى بهذا المعنى ابنُ عَجْلان، عن أبيه، عن أبي هريرة. ورُوي عن أبي زُرعة، عن أبي هريرة، مختلفاً على الروايتين. وكذلك روايةُ عبد الرحمن بن أبي عَمْرة، عن أبي هريرة، اختُلف فيه: رواه الثورىُّ وابن جُريج على ما قال أبو الزبير، ورواه مَعقِل بنُ عُبَيْدِ الله على ما قال ابنُ سيرين. واختُلف فيه على موسى بنِ يَسارٍ، عن أبي هريرة أيضاً، على القولين: اختلَفَ فيه حماد بن خالد وابن أبي فُديك (¬1). 75 - باب في الرخصة في الجمع بينهما 4967 - حدَّثنا عثمانُ وأبو بكر ابنا أبي شيبةَ، قالا: حدَّثنا أبو أسامةَ، عن فِطرٍ، عن مُنذرٍ، عن محمَّد ابن الحنفية، قال: قال علي: قلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إنْ وُلدَ لي مِنْ بعدك ولدٌ، أُسَمّيه باسمِكَ وأكنِّيه بكُنيتِكَ؟ قال: "نَعَم". ولم يَقُلْ أبو بكر: قلت، قال: قال علىٌّ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬2) (¬3). ¬

_ (¬1) سلف تخريج طرق حديث أبي هريرة، عند الحديث السالف برقم (4965). (¬2) يعني أن ظاهر رواية أبي بكر الإرسال. (¬3) إسناده قوى، أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وفطر: هو ابن خليفة، ومنذر: هو ابن يعلى. وأخرجه الترمذي (3056) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن فطر، بهذا الإسناد. وزاد في آخره: فكانت رخصة لي. وهو في "مسند أحمد" (730).

4968 - حدَّثنا النُّفيلىُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ عمرانَ الحَجَبيُّ، عن جَدَّته صفيةَ بنتِ شيبةَ عن عائشة، قالت: جاءَتِ امرأةٌ إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، إني قد وَلَدْتُ غلاماً فسمَّيتُه محمداً وكنَّيتُه أبا القاسم، فذُكِرَ لي أنك تكرَهُ ذلك، فقال: "ما الذي أحَلَّ اسْمِيَ وحَرَّمَ كُنيَتي - أو ما الذي حَرَّمَ كُنيتي وأحَلَّ اسمي-؟ " (¬1). ¬

_ (¬1) حديث منكر، محمَّد بن عمران الحجبي لم يعرف إلاَّ بهذا الحديث، وقد نص على نكارة متنه الذهبي في "الميزان" 3/ 672، والحافظ ابن حجر في "التهذيب"، وقد روي في بعض طرقه عن محمَّد بن عبد الرحمن كما سيأتي في التخريج، وقد اختلف فيه. والنفيلي: هو عبد الله بن محمَّد بن علي النفيلى. وأخرجه البيهقي في "السنن" 9/ 309 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 155، والطبراني في "المعجم الصغير" (16)، والمزي في "تهذيب الكمال" 26/ 233 من طريق عبد الله بن محمَّد النفيلي، به. وقال الطبراني: لم يروه عن صفية إلا محمَّد بن عمران، ولا يروى عن عائشة إلا بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (25040) و (25747)، والبخاري في "التاريخ "الكبير"، 1/ 155، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" (186)، والطبراني في "ألاوسط" (1057)، والذهبي في "الميزان" 3/ 672 من طرق عن محمَّد بن عمران الحجبي، به. ورواه وكيع وأبو عامر فيما أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1272) و (1273) -وأبو عاصم فيما أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/ 155، ثلاثتهم قالوا: عن محمَّد بن عبد الرحمن -ونسبه وكيع: الحجي، وأبو عامر قال: من ولد شيبة، وزاد البخاري في نسبته ابن طلحة العبدري من بني عبد الدار- عن صفية، به. قلنا: ومحمد بن عبد الرحمن الحجبي -هو أخو منصور بن صفية- ترجم له البخاري في "تاريخه" 1/ 155، وابن أبي حاتم 7/ 323، وابن حبان في "الثقات" 7/ 422، ولم يذكروا فيه جرحاً ولا تعديلاً. =

76 - باب ما جاء في الرجل يتكنى وليس له ولد

76 - باب ما جاء في الرجل يتكنّى وليس له ولد 4969 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا ثابتٌ عن أنس بن مالك، قال: كانَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَدخُلُ علينا, ولي أخٌ صغير، يُكنى أبا عُميرٍ، وكان له نُغَرٌ يلعبُ به، فمات، فدَخَلَ عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ يومٍ فرآه حزيناً، فقال:: "ما شأنه؟ " قالوا: مات نُغَرُه، فقال: "يا أبا عُميرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ؟ " (¬1). ¬

_ = وقال البخاري في "تاريخه"1/ 155 - 156: تلك الأحاديث أصح: "سموا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي. قلنا: وقد سلف عند المصنف برقم (4965) من حديث أبي هريرة، وانظر حديث جابر (4966). (¬1) إسناده صحيح. وحماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البناني. وأخرجه البخاري في "الأدب المنفرد" (847) عن موسى بن إسماعيل، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في" مسنده" (14071) عن عفان، وابن حبان في "صحيحه" (109) من طريق حوثرة بن أشرس، كلاهما عن حماد، به. وأخرجه أحمد في "مسنده" (13325)، والبخاري في "الأدب المفرد" (384) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، به. وانظر تمام تخريج طريق ثابت عن أنى، عند أحمد في الموضحين السابقين، وعند ابن حبان. وأخرجه من طريق أبي التياح -يزيد بن حميد الضبعي- عن أنس، البخاري (6129) و (6203)، ومسلم (2150) (30)، وابن ماجه (3720) و (3740)، والترمذي (333) و (2106) و (2107)، والنسائي في "الكبرى" (10093) و (10094) و (10095). وهو في "المسند" (12199)، و"صحيح ابن حبان" (2308). وأخرجه من طريق حميد، عن أنس النسائي في "الكبرى" (10092)، وهو في "المسند" (12137). =

77 - باب في المرأة تكنى

77 - باب في المرأة تُكَنَّى 4970 - حدَّثنا مُسدَّدٌ وسليمانُ بنُ حَرْبٍ -المعنى- قالا: حدَّثنا حمادٌ، عن هشامِ بن عُروة، عن أبيه عن عائشة، أنها قالت: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، كُلُّ صواحبي لهنَّ كُنى، قال: "فاكتَني بابنِكِ عبدِ الله" -يعني ابنَ أختها، قال مُسدَّدٌ: عبدُ الله ابن الزبير- قال: فكانت تُكنى بأمِّ عبد الله (¬1). قال أبو داود: وهكذا قال قُرَّانُ بن تَمَّام ومعمر، جميعاً عن هشام نحوَه، وقال أبو أسامة: عن هشام، عن عبّاد بن حمزة، وكذلك ¬

_ = وأخرجه من طريق قتادة، عن أنس النسائي في "الكبرى" (10096)، وهو في "المسند" (13954). وألفاظ الحديث عندهم جميعاً متقاربة. وقوله:"النُّغير": تصغير النُّغر، وهو البُلبُل، وقيل: هو فَرخُ العُصْفور. قال الخطابي: فيه من الفقه: أن صيد المدينة مباح وفيه إباحة السجع في الكلام. وفيه جواز الدعابة ما لم يكن آثماً. وفيه إباحة تصغير الأسماء. وفيه أنه كناه ولم يكن له ولد، فلم يدخل في باب الكذب. وقوله: يلعب به، أى: بحبسه وإمساكه في القفص. (¬1) حديث صحيح. حماد: هو ابن زيد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (24756) عن مؤمل بن إسماعيل، و (26242) عن يونس بن محمَّد المؤدب، كلاهما عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وهذا إسناد اختلف فيه على هشام بن عروة، وقد بسطنا الكلام عليه عند الرواية (24619) من "مسند أحمد" من طريق هشام بن عروة، عن عباد بن حمزة، عن عائشة. وقد خرجنا جميع طرقه فيه، فانظر. لزاماً. وأخرجه ابن ماجه (3739) من طريق وكيع، عن هشام بن عروة، عن مولى للزبير، عن عائشة.

78 - باب في المعاريض

حمادُ بن سلمةَ ومسلمةُ بنُ قَعْنَبٍ، عن هشامٍ، والصواب (¬1) كما قال أبو أسامة. 78 - باب في المعاريض 4971 - حدَّثنا حَيوَةُ بنُ شريحٍ الحضرميُّ إمامُ مسجد حمص، حدَّثنا بقيةُ ابنُ الوليد، عن ضُبارةَ بن مالكٍ الحضرميِّ، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن جُبير بن نُفَير، عن أبيه عن سفيان بن أَسِيدٍ الحضرميِّ، قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-يقول: "كَبُرَت خيانةً أن تُحَدِّثَ أخاكَ حديثاً هو لَكَ به مُصَدَّقٌ، وأنتَ لَهُ به كاذِبٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) قوله: والصواب، زيادة أثبتناها من (أ) ونسبها إلى رواية ابن العبد. (¬2) إسناده ضعيف لضعف بقية بن الوليد، وجهالة ضبارة -وهو ابن عبد الله بن مالك، وقيل: ضبارة بن مالك كما هو هنا، وقيل: هما اثنان-، وجهالة والد ضبارة. وهو عند البيهقي في "السنن" 10/ 199 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (393)، والطبراني في "الكبير" 7/ (6402) من طريق حيوة بن شريح، به. وأخرجه ابن عدي 1/ 50، والطبراني في "الكبير" 7/ (6402)، والقضاعي في " مسند الشهاب" (611) و (612) و (613)، والبيهقي في "السنن " 10/ 199 من طرق عن بقيه، به. وتابع بقيةَ محمدُ بن ضبارة، عند ابن عدي 1/ 50 من طريقه عن ضبارة -أبيه-، به. ومحمد بن ضبارة ذكره ابن حبان في "الثقات" 9/ 85، ولم يذكر في الرواة عنه سوى سليمان بن عبد الحميد البهراني، فهو مجهول. وأخرجه أحمد في "مسنده" (17635) عن عمر بن هارون، عن ثور بن يزيد، عن شريح، عن جبير بن نُفير الحضرمي، عن نواس بن سمعان، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. فذكره. وإسناده ضعيف جداً من أجل عمر بن هارون -وهو ابن يزيد بن جابر =

79 - باب قول الرجل: زعموا

79 - باب قول الرجل: زَعَمُوا 4972 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، عن الأوزاعيِّ، عن يحيى، عن أبي قلابة، قال: قال أبو مسعود لأبي عبد الله، -أو قال أبو عبد الله لأبي مسعود-: ما سَمِعْتَ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - يقول في: زَعَموا؟ قال: سَمِعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "بِئسَ مَطِيَّةُ الرَّجل: زَعَمُوا" (¬1). ¬

_ = البلخي- وقد تابعه عليه الوليد بن مسلم- عند البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 86 - والوليد وإن كان ثقة- إلا أنه يدلس تدليس التسوية، وقد عنعنه فلا يفرح بهذه المتابعة، فقد يكون سمعه من عمر بن هارون ثم دلسه عنه، ولا سيما وقد قال أبو نعيم: تفرد به عمر بن هارون. اهـ. والله تعالى أعلم. وقوله: "كبرت خيانة ... " إلخ قال السند: وذلك لأن الكذب قبيح في ذاته، وقد ازداد ها هنا قبحا باعتماد المخاطب وظنه أنه صادق، فالاجتراء على الكذب في هذه الحالة أقبح وأشنع. (¬1) إسناده ضعيف، أبو عبد الله: هو حذيفة بن اليمان كما جاء مصرحاً به بإثر الرواية هذه، وأبو قلابة -وهو عبد الله بن زيد الجرمي- لم يدرك أبا مسعود البدري، وقد أخرج أحمد الحديث في "مسنده" (17575) من روايته عن أبي مسعود، وأما روايته عن حذيفة، فقد جزم الحافظ ابن حجر في "التهذيب" بأنها مرسلة، وقال الذهبي في "السَّير" 4/ 468: روى عن حذيفة ولم يلحقه، قلنا: مات حذيفة سنة 36 هـ، وأبو قلابة سنة 104 أو 107 فيكون بين وفاتيهما 68 أو 71 سنة. وهو عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 636 - 637. وأخرجه أحمد في "مسنده" (23403) عن وكيع، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "المسند" عند الحديث (23403). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 130: أصل هذا أن الرجل إذا أراد الظعن فى حاجة والمسير إلى بلد، ركب مطيته، وسار حتى يبلغ حاجته، فشبه النبي-صلى الله عليه وسلم- ما يقدمه =

80 - باب الرجل يقول: أما بعد

قال أبو داود: أبو عبد الله: هذا حذيفةُ. 80 - باب الرجل يقول: أما بعد 4973 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا محمدُ بنُ فُضَيل، عن أبي حيَّان، عن يزيدَ بن حيَّان عن زيد بن أرقم: أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - خَطَبَهم، فقال: "أمَّا بَعْدُ" (¬1). 81 - باب في حفظ المَنْطِق 4974 - حدَّثنا سليمانُ بنُ داود، أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني الليثُ بنُ سعدٍ، عن جعفرِ بن ربيعة، عن الأعرج ¬

_ = الرجل أمام كلامه، ويتوصل به إلى حاجته من قولهم: "زعموا" بالمطية التي يتوصل بها إلى الموضع الذي يؤمه ويقصده. وإنما يقال: "زعموا" في حديث لا سند له، ولا ثبت فيه، وإنما هو شيء يُحكى على الألسن على سبيل البلاغ، فذم النبي -صلى الله عليه وسلم- من الحديث ما كان هذا سبيله، وأمر بالتثبت فيه، والتوثيق لما يحكيه من ذلك، فلا يروبه حتى يكون معزوّاً ومروياً عن ثقة. (¬1) إسناده صحيح. أبو حيان: هو يحيى بن سعيد بن حيان. وأخرجه في أول حديث غدير خُمِّ الطويل مسلم (2408) (36) عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2408) (36) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، ومسلم (2408) (36)، والنسائي في "الكبرى" (8119) من طريق جرير، كلاهما عن أبي حيان، به. وأخرجه مسلم (2408) (37) من طريق سعيد بن مسروق، عن يزيد، به. وهو في "مسند أحمد" (19265)، و"شرح السنة" (3913) للبغوي. وعلى هامش "مختصر المنذري": قوله ي: أما بعد: رواه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سعد بن أبي وقاص وابن مسعود، وعبد الله والفضل ابنا العباس، وابن عمرو بن العاص وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وأبو هريرة، وأبو سفيان بن حرب، وأنس بن مالك، وعقبة بن عامر، وجرير بن عبد الله البجلي، وجماعة كثيرة سواهم.

عن أبي هريرة، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "لا يقولَنَّ أحدُكم: الكَرْم، فإن الكَرْمَ الرَّجُلُ المُسلِمُ، ولكن قولوا: حَدَائِقُ الأعْناب" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11580) عن يونس بن عبد الأعلى، والنسائي أيضاً (11580) عن وهب بن بيان كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مسلم (2247) (9) من طريق عبد الله بن ذكوان (أبو الزناد)، عن الأعرج، به. وأخرجه بنحوه البخاري (6182) و (6183)، ومسلم (2247) (6) و (7) و (8) و (10) من طرق عن أبى هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7257) و (7959)، و"صحيح ابن حبان" (5832) وما بعده. قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 130 - 131: إنما نهاهم عن تسمية هذه الشجرة كرماً؛ لأن هذا الاسم عندهم مشتق من الكَرَم، والعرب تقول: رجل كَرَم، بمعنى: كريم، وقوم كَرَم، أي: كرام، ومنه قول الشاعر: فتنبو العينُ عن كرَم عِجافِ ثم تسكن الراء منه، فيقال: كَرْم. فاشفق - صلى الله عليه وسلم - أن يدعوهم حسن اسمها إلى شرب الخمر المتخذة من ثمرها، فسلبها هذا الاسم، وجعله صفة للمسلم الذي يتوقى شربها، ويمنع نفسه الشهوة فيها عزة وتكرماً. وقد ذكرت هذا في كتاب "غريب الحديث" وأشبعت شرحه هناك. وقال الزمخشرى في "الفائق" 3/ 257، ونقله عنه ابن الأثير في "جامع الأصول" 11/ 752 - 753: أراد النبي-صلى الله عليه وسلم-أن يقرر ويشدِّد ما في قوله عز وجل: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] بطريقة أنيقة، ومسلك لطيف، ورمزٍ خلوب، فيُصِرُّ أن هذا النوع من غير الأناسي، المسمى بالاسم المشق من الكرم: أنتم أحِقَّاء بأن لا تؤهلوه لهذه التسمية، ولا تُطلقوها عليه، ولا تسلموها له غيرةَ للمسلم التقي، وربأً به أن يُشارك فيما سماه الله به، واختصه بأن جعله صفته، فضلاً أن تسموا بالكَرْم من ليس بمسلم، =

82 - باب لا يقول المملوك: ربي وربتي

82 - باب لا يقول المملوك: ربي وربتي 4975 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حماد، عن أيوبَ وحبيبِ بن الشَهيد وهشام، عن محمدٍ عن أبي هريرة، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال:" لا يقولَنَّ أحدكُم: عَبْدي وأَمَتي، ولا يقولن المملوكُ: رَبِّي ورَبَّتي، وليَقُل المالك: فَتايَ وفتاتي، وليَقُلِ المملوكُ: سيدي وسيدتي، فإنكم المملوكون، والربُّ الله عزَّ وجل" (¬1). ¬

_ = وتعترفوا له بذلك، وليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كرماً، ولكن الرمز إلى هذا المعنى، كأنه قال: إن تأتَّى لكم أن لا تسموه - مثلاً- باسم الكرم، ولكن بالحَبَلة فافعلوه. وقوله: "فإن الكَرْم الرجُلُ المُسْلِمُ" أي: فإنما المستحق للاسم المشتق من الكرم: المسلم، ونظيره في الأسلوب قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة: 138]. (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وأيوب: هو ابن أبي تميمة، وهشام: هو ابن حسان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10001) من طريق حسن بن بلال، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البخاري (2552)، ومسلم (2249) (13) و (14) و (15)، والنسائي في "الكبرى" (9999) و (10000) من طرق عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (9451)، و "صحيح ابن حبان" كما في "إتحاف المهرة" لابن حجر 15/ 569 و681، و" شرح السنة" للبغوي (3380) و (3381) و (3382). وانظر "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (1568) و (1569) و (1570). وألفاظ الحديث متقاربة المعنى، وبعضهم يزيد على بعض. وانظر ما بعده.

4976 - حدَّثنا ابنُ السَّرْحِ، أخبرنا ابنُ وهب، أخبرني عمرو بنُ الحارثِ، أن أبا يونَس حَدَّثَه عن أبي هريرة في هذا الخبر، ولم يذكرِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ولْيَقُل: سَيِّدي ومَوْلاي (¬1). 4977 - حدَّثنا عُبيدُ الله بن عُمر بن مَيسرةَ، حدَّثنا معاذُ بن هشام، حدَّثني أبي، عن قتادةَ، عن عبدِ الله بن بُرَيدة عن أبيه، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تقولُوا للمنافقِ: سيِّدٌ، فإنَه إن يَك سَيِّداً فقد أسخطتُم رَبَّكم عزَ وجل" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأبو يونس: هو سليم بن جبير الدوسي مولى أبي هريرة. وانظر ما قبله. (¬2) رجاله ثقات رجال الشيخين، وقتادة -وهو ابن دعامة الدوسي- لا يعرف له سماع من عبد الله بن بريدة، نص على ذلك البخاري في "تاريخه الكبير" 4/ 12، وقال الترمذي في "سننه" بإثر الحديث رقم (1003) -بتحقيقنا-: قال بعض أهل العلم: لا نعرف لقتادة سماعا من عبد الله بن بريدة. قلنا: ومع ذلك فقد صحح إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/ 579، وكذا الحافظ العراقي في" تخريج أحاديث الإحياء" 3/ 162، والامام النووي في "الأذكار" ص 449، ومعاذ بن هشام: هو ابن أبي عبد الله الدَّستوائي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10552) عن عبيد الله بن سعيد الرازي، عن معاذ بن هشام، بهذا الأسناد. وهو في "مسند أحمد" (22939)، وانظر تمام تخريجه والتعليق عليه فيه. وهو عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5987). قال أبو جعفر الطحاوي: فتأمنا ما في هذا الحديث، فوجدنا السيدَ المستحقَّ للسُّؤُددِ هو الذي معه الأسباب العالية التي يستحق بها ذلك، ويَبينُ بها عمن سواهُ ممن سادَه، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للأنصار لما أقبل إليه سعد بن معاذ بعد أن حكم في =

83 - باب لا يقال: خبثت نفسي

83 - باب لا يقال: خَبُثتْ نفسي 4978 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهابٍ، عن أبي أمامةَ بن سَهْل بن حنيفٍ عن أبيه، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يقولَن أحدُكم: خَبُثَتْ نفسي، وليقل: لَقِسَتْ نفسِي" (¬1). ¬

_ = بني قريظة بما كان حَكَمَ به فيهم، وبعد أن قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حُكمِه ذلك: " لقد حَكمْتَ فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات، قوموا إلى سيدكم" ... ثم قال: ومن ذلك قولُه - صلى الله عليه وسلم - لبني سَلِمَة: "مَن سيدُكم يا بني سَلِمَةَ .. ؟ قالوا: الجدُّ بنُ قيس، ثم ذكر بالبخل، فقال: "ليس ذلك سيدكم، ولكن سيدُكم بشرُ بن البراء بن معرور" ... ثم قال: وكما قال جابر بن عبد الله: أبو بكر رضي الله عنه سيِّدنا، وأعتق سيِّدَنا- يعني بلالاً. (ثم ذكر إسناده) وقال: فكان من يستحق هذا الاسمَ والكون بهذا المكان مَن هذه صفتُه، وكان المنافقُ بضدِّ ذلك، ولما كان كذلك لم يستحق به أن يكون سيداً، وكان مَن سَماه بذلك واضعاً له بخلاف المكانِ الذي وضعه الله بذلك، وكان بذلك مُسخِطاً لربه. (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله، ويونس: هو ابن يزيد بن أبي النجاد، وأبو أمامة بن سهل: هو أسعد. وأخرجه مسلم (2251) (17) عن أبي الطاهر وحرملة، والنسائي في "الكبرى" (10823) عن وهب بن بيان، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6180) من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10823) من طريق إسحاق بن راشد، عن الزهري، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10824) من طريق سفيان، عن الزهري، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .. فذكره. فجعله من مسند أبي أمامة- واسمه أسعد بن سهل- وهو معدود في الصحابة، ولد في حياة النبي-صلى الله عليه وسلم-، وله رؤية، لكنه لم يسمع منه - صلى الله عليه وسلم -. =

4979 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن هشامِ بن عُروة، عن أبيه عن عائشة، عن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يقولَن أحَدُكم: جاشَتْ نفسِي، ولكن لِيَقُلْ: لَقِسَت نَفسِي" (¬1). 4980 - حدَّثنا أبو الوليد الطَّيالسيُّ، حدَّثنا شُعبةُ، عن منصورٍ، عن عبدِ الله ابن يَسار ¬

_ = وهو عند الطحاوي في "شرح المشكل" (344) و (345). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 131: قوله: لقست نفسي وخبثت معناهما واحد، وإنما كره من ذلك لفظ الخبث وبشاعة الاسمِ منه، وعلَّمهم الأدب في المنطق، وأرشدهم إلى استعمال الحسن وهجران القبيح منه. وقال ابن أبي جمرة: النهي عن ذلك للندب. والأمر بقوله: لَقِست للندب أيضاً، فإن عبَّر بما يؤدي معناه كَفَى، ولكن ترك الأولى، قال: ويُؤخذُ من الحديث استحبابُ مجانبة الألفاظ القبيحة والأسماء، والعدول إلى ما لا قبح فيه، والخبث واللقس وإن كان المعنى المراد يتأذى بكل منهما، لكن لفظ الخبث قبيح، ويجمع أموراً زائدة على المراد بخلاف اللقس، فإنه يختص بامتلاء المعدة، قال: وفيه أن المرء يطلب الخيرَ حتى بالفأل الحسن، ويضيفُ الخير إلى نفسه ولو بنسبة ما، ويدفع الشرِّ عن نفسه مهما أمكن، ويقطع الوصيلةَ بينه وبينَ أهل الشرِّ حتى في الألفاظ المشتركة. (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة. وأخرجه البخاري (6179)، ومسلم (2250)، والنسائي في "الكبرى" (10821) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10822) من طريق الزهري، عن عروة، به. وهو في "مسند أحمد" (24224)، و"صحيح ابن حبان" (5724). وعندهم: خبثت بدل جاشت.

84 - باب

عن حذيفة، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تقولوا: ما شاءَ الله وشاءَ فلان، ولكن قولوا: ما شاءَ الله، ثّم شاءَ فلانٌ" (¬1). 84 - باب 4981 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ بن سعيدٍ، قال: حدَّثني عبد العزيز بن رُفَيع، عن تميم الطائيِّ عن عدي بن حاتم: أن خطيباً خَطَبَ عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: مَنْ يطعِ الله ورسولَه فقد رَشِدَ (¬2) ومن يَعْصِهما ... ، فقال: "قُمْ -أو قال: اذْهَبْ- فَبئسَ الخطيبُ أنتَ" (¬3). 9824 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، عن خالدٍ -يعني ابن عبد الله-، عن خالدٍ -يعني الحذاء- عن أبي تميمةَ، عن أبي المَليح عن رَجلِ، قال: كنتُ رديفَ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -، فعَثَرَتْ دابتُه، فقلت: تعس الشيطانُ، فقال: "لا تقل: تَعِسَ الشيطانُ، فإنَّك إذا قلت ذلك ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أنه منقطع، عبد الله بن يسار -وهو الجهني- قال ابن معين: لا أعلمه لقي حذيفة، وقد اختلف فيه عليه أيضاً. وقد بسطنا الكلام عليه في "المسند" (23266) و (23339)، وابن ماجه (2118). وأخرجه النسائي في "الكبرى" (17055) من طريق خالد، عن شعبة، بهذا الإسناد. وقوله: "لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان" أي: مما يوهم التسوية. قاله السندي. قلنا: وْيقاس على هذا كل لفظ يوهم التسوية بين الخلائق وبين المخلوق، مثل قول العامة وأشباهم: توكلنا على الله وعليك، وما لي غير الله وغيرك، مما ينبغي تجنبه، والانتهاء عنه والتوبة منه أدباً مع الله سبحانه. (¬2) قوله في الحديث: "فقد رشد" زيادة أثبتناها من (هـ)، من المكرر السالف برقم (1099)، وأشار هناك إلى أنها في رواية اللؤلؤي من طريق أبي ذر. (¬3) إسناده صحيح. يحيى: هو ابنِ سعيد القطان، وتميم الطائي: هو ابن طرفة. وقد سلف مكرراً برقم (1099). وانظر تمام تخريجه هناك.

تعاظَمَ حتّى يكونَ مثلَ البيت، ويقول: بقوَّتي، ولكن قل: باسمِ الله، فإنَّك إذا قلْتَ ذلك تصاغَرَ حتى يكونَ مثلَ الذباب" (¬1). 4983 - حدَّثنا القعنبىُّ، عن مالكٍ. وحدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن سهيلِ بن أبي صالحٍ، عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سمعتَ الرجل يقول -وقال موسى: إذا قال الرجلُ- هَلَكَ الناسُ، فهو أهْلَكُهمْ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا الحديث اختلف فيه على أبي تميمة -واسمه: طريف ابن مجالد الهجيمي- فمرة يرويه عمن كان رديف النبي-صلى الله عليه وسلم-، ومرة يرويه عن رجل عن رديف النبي -صلى الله عليه وسلم-. وقد استوفينا الكلام على اختلاف هذه الروايات في "المسند" عند الحديث رقم (20591). فانظره هناك. وأخرجه النسائي (10312) من طريق عبد الله، عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد. وانظر تمام تخريجه في "المسند" (20591). (¬2) إسناده صحيح. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، ومالك: هو ابن أنس -صاحب الموطأ-، وحماد: هو ابن سلمة، ووالد سهيل: هو ذكوان السمَّان. وهو في "الموطأ" 2/ 984، ومن طريق مالك أخرجه مسلم (2623) (39) عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. وليس فيه كلام الإِمام مالك الذي ساقه أبو داود بإثر هذه الرواية. وأخرجه مسلم (2623) (39) عن عبد الله بن مسلمة بن قعنب، عن حماد، به. وأخرجه مسلم (2623) (39) من طريق روح بن القاسم وسليمان بن بلال، كلاهما عن سهيل، به. وهو في "مسند أحمد" (7685)، و"صحيح ابن حبان" (5762). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 132: معنى هذا الكلام: أن لا يزال الرجل يعيب الناس, ويذكر مساوئهم، ويقول: قد فسد الناسُ وهلكوا ونحو ذلك من الكلام، يقول - صلى الله عليه وسلم -: إذا فعل الرجلُ ذلك، فهو أهلكُهم وأسوأُهم حالاً مما يلحقه من الإثم في =

85 - باب في صلاة العتمة

قال مالكٌ: إذا قالَ ذلك تحزُّناً لما يرى في الناس -يعني في أمرِ دينهم- فلا أُرى به بأساً، وإذا قالَ ذلك عُجْباً بنفسِه وتصاغراً للناس فهو المكروه الذي نُهي عنه. 85 - باب في صلاة العَتَمة 4984 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابن أبي لَبيدٍ، عن أبي سَلَمةَ سمعت ابنَ عُمَرَ، عن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تَغْلِبنكم الأعرابُ على اسمِ صلاتِكُم، ألا وإنَّها العِشاءُ, ولكنّهم يُعتِمون بالإبل" (¬1). ¬

_ =عيبهم، والإزراءِ بهم، والوقيعةِ فيهم، وربما أدَّأه ذلك إلى العُجب بنفسه، فيرى أن له فضلاً عليهم، وأنه خيرٌ منهم فيهلِك. ونقل البغوي في "شرح السنة" 13/ 144 قول مالك الذي جاء بإثر روايتنا هذه. ثم قال: وقيل: هم الذين يؤيسون الناسَ مِن رحمة اللهِ، يقولون: هلكَ الناسُ، أي: استوجبوا النارَ والخلودَ فيها بسوء أعمالهم، فإذا قال ذلك، فهو أهلكَهم -بفتح الكاف- أي: أوجبَ لهم ذلك. وقال الزرقاني في "شرح "الموطأ" 4/ 400 تعليقاً على قوله: "فهو أهلكهم": بضم الكاف على الأشهر في الرواية, أي: أشدهم هلاكاً لما يلحقه من الإثم في ذلَك القول أو أقربهم إلى الهلاك لذت للناس وذكر عيوبهم وتكبره، وروي: بفتحها، فعل ماض، أي: أنه هو نسبهم إلى الهلاك لا أنهم هلكوا حقيقة، أو لأنه أقنطهم عن رحمة الله تعالى وآيسهم من غفرانه، وأيَّدَ الرفع برواية أبي نعيم: فهو من أهلكهم. وقوله على الأشهر في الرواية هو قول الحميدي في "الجمع بين الصحيحين" 3/ 287. (¬1) إسناده صحيح، سفيان: هو ابن عيينة، ابن أبي لبيد: هو عبد الله المدني. وأخرجه مسلم (644) (228) و (229)، وابن ماجه (704)، والنسائي في "الكبرى" (1534) و (1535) من طرق عن سفيان بن عِنة، بهذا الإسناد. =

4985 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بن يونَس، حدَّثنا مِسْعرُ بن كِدامٍ، عن عمرو بن مُرة عن سأل بن أبي الجَعْدِ، قال: قال رجل -قال مِسْعَرٌ: أُراه من خُزاعةَ-: ليتني صَلَّيتُ فاسترحْتُ، فكانّهم عابُوا ذلك عليه، فقال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: "يا بلالُ، أقِمِ الصَّلاةَ، أرِحْنا بها" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (4572)، و"صحيح ابن حبان" (1541). وفي "النهاية" لابن الأثير (عتم): قال الأزهري: أرباب النعم في البادية يُريحون الإبل، ثم يُنيخونها في مُراحها حتى يُعْتِموا، أي: يدخلوا في عمة الليل، وهي ظلمته. وكانت الأعراب يسمون صلاةَ العشاء صلاةَ العَتَمة تسميةً بالوقت، فنهاهم عن الاقتداه بهم، واستحب لهم التمسُّك بالاسم الناطق به لسان الشريعة. ونقل ابن حجر في "الفتح" 2/ 45 عن القرطبي عن غيره: إنما نُهي عن ذلك تنزيهاً لهذه العبادة الشرعية الدينية عن أن يُطلَق عليها ما هو اسمٌ لفعلةٍ دنيوية، وهي الحلبة التي كانوا يَحْلُبونها في ذلك الوقت، ويُسمونها العتمة. وقال السندي في "حاشيته على المسند"، قوله: "لا تغلبنكم الأعراب ... " إلخ، أي: الاسمُ الذي ذكره الله تعالى في كتابه لهذه الصلاة اسمُ العشاء، والأعراب يسمونها العَتَمة، فلا تكثروا استعمال ذلك الاسم لما فيه غلبة الأعراب عليكم بالأكثر، واستعمالُ اسم العشاء مواففَةٌ للقرآن، فالمرادُ النهيُ عن إكثار اسم العَتَمَة لا عن استعماله، وإلا فقد جاء في الأحاديث إطلاقُ هذا الاسم أيضاً، ثم ذكر سببَ إطلاقِ الأعراب اسم العتمة بقوله: وإنهم -أي الأعرإب- يُعتمون -من أعْتَم: إذا دخل في العَتَمة، وهي الظُّلْمة-، أي: يؤخرون الصلاة، ويَدْخُلُون في ظلمة الليل بسبب الإبل وحَلبِها، والله تعالى أعلم. (¬1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد فمن رجال البخاري، لكن اختلف على سالم بن أبي الجعد في إسناده، فمرة يرويه عن رجل من أسلم عن النبي-صلى الله عليه وسلم- كما عند أحمد في "مسنده" (23088) -وجاء في رواية المصنف هنا أن الرجل من خزاعة-، وتارة يرويه عن عبد الله بن محمَّد ابن الحنفية، عن صهر له أنصاري =

4986 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا إسرائيلُ، حدَّثنا عثمانُ بنُ المغيرة، عن سالم بن أبي الجَعْد عن عبدِ الله بن محمَّد ابن الحنفيّة، قال: انطلقتُ أنا وأبي إلى صِهْرٍ لنا من الأنصار نعودُه، فحَضَرتِ الصلاةُ، فقال لبعض أهله: يا جاريةُ، ائتوني بوَضوءِ، لعَلِّي أصَلِّي فاستريحَ، قال: فأنكَرْنا ذلك عليه، فقال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: "قُم يا بلالُ، فأرِحْنا بالصَّلاة" (¬1). 4987 - حدَّثنا هارونُ بنُ زَيد، حدَّثنا أبي، حدَّثنا هشامُ بن سعدٍ، عن زيدِ ابن أسلم عن عائشة، قالت: ما سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - ينسُبُ أحداً إلا إلى الدَّين (¬2). ¬

_ = كما في رواية المصنف الآتية بعد هذا، وهو في مسند أحمد (231541)، وأخرى يرويه عن محمَّد ابن الحنفية نفسه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مرسلاً كما عند الدارقطني في "العلل" 4/ 121، والخطيب في "تاريخه" 10/ 443. وانظر تمام تخريجه في "المسند" (23088). وانظر ما بعده. وقوله: "أرحنا بها". قال في "النهاية" أي: أذن بالصلاة نسترح بأداها من شغل القلب بها، وقيل: كان اشتغاله بالصلاة راحةً له، فإنه كان يَعُدُّ غيرها من الأعمال الدنيوية تعباً، فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى، ولهذا قال: "وجعلت قرة عيني في الصلاة" وما أقرب الراحة من قرة العين، يقال: أراح الرجل واستراح: إذا رجعت نفسه إليه بعد الإعياء. (¬1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عثمان بن المغيرة، فمن رجال البخاري. وإسرائيل: هو ابن يونس. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن زيد بن أسلم لم يسمع من عائشة، هارون بن زيد: هو ابن أبي الزرقاء. =

86 - باب ما روي في الترخيص في ذلك

86 - باب ما روي في الترخيص في ذلك 4988 - حدَّثنا عمرو بن مرزوقِ، أخبرنا شُعبةُ، عن قتادةَ عن أنسِ، قال: كان فَزَعٌ بالمدينة، فرَكِبَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فرساً لأبي طلحةَ، فقال: "ما رأيْنا شيئاً -أو ما رأيْنا مِنْ فزَعِ- وإنْ وجَدناه لَبَحْراً" (¬1). ¬

_ = وأخرجه المصنف في "المراسيل" (520) عن هارون بن زيد، بهذا الإسناد. قال المنذري في المختصر: يشبه أن يكون أبو داود رحمه الله أدخل هذا الحديث في هذا الباب، أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يَنْسُب أحداً إلا إلى الدين ليرشدهم بذلك إلى استعمال الألفاظ الواردة في الكتاب الكريم، والسنة النبوية، ويصرفهم عن عبارات الجاهية، كما فعل في العتمة. والله عَزَّ وَجَلَّ أعلم. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (2627) و (2857) و (2862) و (2968) و (6212)، ومسلم (2307) (49)، والترمذي (1780) و (1781)، والنسائي في "الكبرى" (8770) من طرق عن شبة، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (2867) من طريق سعيد، عن قتادة، به. وأخرجه البخاري (2820)، و (2908) و (3040) و (6033)، ومسلم (2307) (48)، وابن ماجه (2772)، والترمذي (1782)، والنسائي في "الكبرى" (8778) و (10837) من طريق ثابت، عن أنس، به. وأخرجه البخاري (2969) من طريق محمَّد، عن أنس، به. ورواية بعضهم بنحوه وفيها زيادة. وهو في "مسند أحمد" (12494) و (12744)، و"صحيح ابن حبان" (5798) و (6369). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 132: في هذا إباحة التوسع في الكلام وتشبيه الشيء بالشيء الذي له تعلق ببعض معانيه وإن لم يستوف أوصافه كلها. وقال إبراهيم بن محمَّد بن عرفة النحوي: إنما شبه الفرس بالبحر؛ لأنه أراد أن جريه كجري ماء البحر أو لأنه يسبح في جريه كالبحر إذا ماج فَعَلاَ بعض مائه فوق بعض.

87 - باب في الكذب

87 - باب في الكذب 4989 - حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، أخبرنا الأعمش. وحدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ داودَ، حدَّثنا الأعمش، عن أبي وائل عن عبدِ الله، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إيَّاكم والكَذِبَ، فإنَّ الكَذبَ يهدي إلى الفُجُورِ، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النار، وإنَّ الرجلَ ليَكذِبُ ويَتحرَّى الكَذِبَ حتى يكتَبَ عند الله كَذَّاباَ، وعليكم بالصِّدْق، فإنَ الصِّدقَ يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البِرَّ يهدي إلى الجنَّة، وإن الرَّجُلَ ليَصْدُقُ ويتحرَّى الصِّدقَ حتى يكتبَ عندَ الله صِدِّيقاً" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة. وأخرجه مسلم (2607) (105) عن محمَّد بن عبد الله بن نمير، عن وكيع، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2607) (105) من طرق عن أبي معاوية، عن الأعمش، به. وأخرجه البخاري (6094)، ومسلم (2607) (103) من طريق منصور، عن أبي وائل، به. وعند بعضهم اللفظ بنحوه وفيه اختصار. وأخرجه في آخر حديث بنحوه ابن ماجه (46) من طريق موسى بن عقبة، عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود. وموسى بن عقبة لم يذكر فيمن سمع من أبي إسحاق قبل التغير. وهو في "مسند أحمد" (3638) و (3896)، و"صحيح ابن حبان" (272) و (273). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 133: هذا تأويل قوله سبحانه: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 13 - 14]. =

4990 - حدَّثنا مُسدَّدُ بن مُسَرْهَدٍ، حدَّثنا يحيى، عن بَهْزِ بن حكيم، حدَّثني أبي عن أبيه، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -يقول: "وَيْلٌ للَّذي يُحَدِّثُ فيكذِبُ ليُضْحِكَ به القومَ، وَيْلٌ له، وَيْلٌ له" (¬1). 4991 - حدَّثنا قتيبةُ، حدَّثنا الليثُ، عن ابن عجلانَ، أن رجلاً من موالي عبد الله بن عامرِ بن ربيعةَ العدوىِّ حدَّثه عن عبدِ الله بن عامرٍ، أنه قال: دعتْني أُمي يوماً ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قاعِدٌ في بيتنا، فقالت: ها تَعالَ أُعطِيكَ، فقال لها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ¬

_ = وأصل الفجور: الميل عن الصدق والانحراف إلى الكذب، ومنه قول الأعرابي في عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أقسم بالله أبوحفص عمر ... ما إن بها من نَقَب ولا دَبَر اغفر له اللهم إن كان فجر يريد: إن كان مالَ عن الصدقِ فيما قاله. (¬1) إسناده حسن. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وجد بهز بن حكيم: هو معاوية ابن حيدة القشيري. وأخرجه الترمذي (2468) عن بندار محمَّد بن بشار، عن يحبى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (11061) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، والنسائي (11591) من طريق عبد الله، كلاهما عن بهز، به. وهو في "مسند أحمد" (20021). وفي الباب عن أبي هريرة، عند أحمد في "مسنده" (9220). وانظره فيه. وعن أبي سعيد الخدري، عند أحمد في "مسنده" (11331). وانظر تمام التعليق عليه فيه.

"وما أرَدْتِ أن تُعطِيَهُ" قالت: أُعطِيهِ تمراً، فقال لها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما إنَّك لو لم تُعْطِيه شيئاً كُتِبَت عليك كِذْبةٌ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لإبهام مولى عبد الله بن عامر، وبقية رجاله ثقات، غير ابن عجلان -وهو محمَّد- صدوق حسن الحديث. الليث: هو ابن سعد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (15702)، وابن سعد في "الطبقات" 5/ 9، وابن أبي شيبة 8/ 593، والبخاري في "التاريخ الكبير" 5/ 11، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (202)، والبيهقي في "السنن" 10/ 198، وفي الشعب" (4822) من طرق عن الليث، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 198 - 199 من طريق يحيى بن أيوب، عن محمَّد بن عجلان، به. وفي الباب عن أبي هريرة، أخرجه أحمد في "مسنده" (9836)، إلا أنه من رواية الزهري، عن أبي هريرة، ولم يسمع منه. ولفظه: "من قال لصبي: تعال هاكَ، ثم لم يُعطِه، فهي كذبةٌ". وانظر تمام تخريجه فيه. وذكر العراقي في "تخريج أحاديث الاحياء" 3/ 135: أن له شاهداً آخر من حديث ابن مسعود، وأن رجاله ثقات. قلنا: يريد حديثه الذي أخرجه موقوفاً عليه أحمد في "مسنده" (3896) ضمن حديث، وفيه: "لا يَعِدُ الرجلُ صبياً ثم لا يُنجز له" وإسناده صحيح. قلنا: وأخرجه ضمن حديث ابن ماجه (46) لكن من رواية أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص، عنه. لكن راويه عن أبي إسحاق موسى بن عقبة لم يذكر فيمن سمع من أبي إسحاق قبل تغيره. قوله: أما إنك لو لم تعطيه، قال السندي في "حاشيته على المسند": أي: لو لم تعطي شيئاً، فيدلُّ الحديث على أن من لم يَفِ بالوعد، فهو كاذب، وعلى أن الوعد بالصغير كالوعد بالكبير، وقد قيل: إن اللازم في الوعد أن يكون ناوياً للوفاء إذا وعد، وعدمُ الوفاء به بعده لا يضر، وحينئذ فيمكن أن يُقال: معنى: "لو لم تعطيه" أي: لو ما نويت الوفاء. والله تعالى أعلم.

88 - باب في حسن الظن

4992 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ. وحَدَّثنا محمدُ بنُ الحُسين، حدَّثنا عليُّ بنُ حفص، حدَّثنا شُعبةُ، عن خُبَيبِ ابن عبد الرحمن، عن حفصِ بن عاصم -قال ابنُ حُسين في حديثه- عن أبي هريرة، أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قال: "كَفى بالمَرْء إثماً أن يُحَدِّثَ بكُل ما سَمِعَ" (¬1). ولم يذكر حفصٌ أبا هريرة. قال أبو داود: ولم يُسنده إلا هذا الشيخُ، يعني عليَّ بن حفصٍ المدائنيَّ (¬2). 88 - باب في حُسن الظن 4993 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ. وحدَّثنا نصر بن عليٍّ، عن مُهَنَّا أبي شِبْل، -قال أبو داود: ولم أفهمه منه جيداً- عن حمادِ بن سلمة، عن محمَّد بن واسعٍ، عن شُتَيرٍ -قال نصر:- بنُ نَهارٍ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح متصل من جهة محمَّد بن الحسين، ومن جهة حفص بن عمر مرسل ولا يضر، فإن الحديث محفوظ عن أبي هريرة. فقد أخرجه مسلم في مقدمة "صحيحه" (5) عن علي بن حفص ومعاذ العنبري وعبد الرحمن بن مهدي، وابن أبي شيبة 8/ 595 عن أبي أسامة، والحاكم 1/ 112 عن علي بن حفص (وتحرف في المطبوع إلى علي بن جعفر) قالوا: حدَّثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة. وهو عند ابن حبان في "صحيحه" (30) من طريق علي بن حفص، عن شعبة، به. وقد أرسله عند الحاكم 1/ 112 آدم بن أبي إياس، وسليمان بن حرب، فقالا: حدَّثنا شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-. وكذا أرسله محمَّد بن جعفر عند القضاعي في" مسند الشهاب" (1416). ولا يضر إرسالهم، فإن الوصل زيادة وهي من الثقات مقبولة، وله شاهد من حديث أبي أمامة عند الحاكم 2/ 20 - 21، والقضاعي (1415). (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية أبي عيسى الرملي.

عن أبي هريرة -قال نصرٌ:- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "حُسْنُ الظَّن مِن حُسْنِ العِبادَة" (¬1). قال أبو داود: مُهَنَّا ثقة بصري (¬2). 4994 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد المروزيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعمرٌ، عن الزهريِّ، عن علي بن حُسين عن صَفيَّة، قالت: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- معتكفاً، فأتيتُه أزورُه ليلاً، فحدَّثْتُهُ وقُمْتُ، فانقلبتُ، فقام معي ليقلِبَني، -وكان مَسكنُها في دار أسامة بن زيد- فمرَّ رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي -صلى الله عليه وسلم- أسرعا، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "على رِسْلِكُما إنَّها صَفيَّةُ بنتُ حييٍّ" قالا: سبحانَ الله يا رسولَ الله!! قال: "إنَّ الشَّيطانَ يجري مِن الإنسانِ مَجرَى الدَّم، فخشيتُ أن يَقذِفَ في قُلوبِكُما شيئاً- أو قال: شرّاً" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة حال شتير بن نهار - ويقال: سُميَر. وكذا جاء عند الترمذي في روايته الآتي تخريجها. وأخرجه الترمذي (3927) من طريق صدقة بن موسى، عن محمَّد بن واسع، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه. وهو في "مسند أحمد" (7956)، و"صحيح ابن حبان" (631). قال صاحب "عون المعبود": وفائدة هذا الحديث: الإعلام بأن حسن الظن عبادة من العبادات الحسنة، كما أن سوء الظن معصية من معاصي الله تعالى، كما قال تعالى: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12]، أي: وبعضه حسن من العبادة. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتاها من (هـ). (¬3) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، وعلي بن الحسين: هو ابن علي بن أبي طالب. وقد سلف برقم (2470). وانظر تمام تخريجه فيه. وقولها: فانقلبت، أي: رجحت إلى بيتي، ليقلبني، أي: يصحبني إلى منزلي. =

89 - باب في العدة

89 - باب في العِدَةِ 4995 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، حدَّثنا أبو عامرٍ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ طَهْمانَ، عن علي بن عبد الأعلى، عن أبي النُّعمان، عن أبي وقَّاص عن زيد بن أرقم، عن النبيً - صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا وَعَدَ الرجلُ أخاه ومِنْ نيَّته أن يَفِيَ له، فلم يَفِ ولم يَجئْ للميعادِ، فلا إثْمَ عليه" (¬1). 4996 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس النَّيسابورىُّ، حدَّثنا محمدُ بن سِنانٍ، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ طَهمانَ، عن بُدَيلٍ، عن عبدِ الكريم، عن عبدِ الله بن شقيق، عن أبيه عن عبدِ الله بن أبي الحَمْساء، قال: بايعتُ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - ببيع قَبلَ أن يُبعَثَ، وبَقيتْ له بقيّةٌ، فوعدتُه أن آتيَه بها في مكانِه فنَسيتُ، ثم ذكرتُ بعدَ ثلاثٍ، فجِئتُ، فإذا هو في مكانه، فقال: "يا فتى، لقد شَقَقتَ عَلىَّ، أنا ها هنا منذ ثلاثٍ أنتظِرُكَ" (¬2). ¬

_ = وفيه من العلم استحباب أن يتحرز الإنسان في كل أمر من المكروه مما تجري به الظنون، ويخطر بالقلوب، وأن يطلب السلامة من الناس بإظهار البراءة من الريب. قاله الخطابي. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة أبو النعمان وأبي وقاص. أبو عامر: هو عبد الملك ابن عمرو العقدي. وأخرجه الترمذي (2823) عن محمَّد بن بشار، عن أبو عامر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وليس إسناده بالقوي، علي بن عبد الأعلى: ثقة، ولا يعرف أبو النعمان ولا أبو وقاص وهما مجهولان. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة عبد الكريم وهو ابن عبد الله بن شقيق، وقوله في الإسناد: عبد الكريم عن عبد الله بن شقيق وهم كما أشار راوي الحديث محمَّد بن يحيى بإثر هذه الرواية, وقد نبه على توهيم هذه الرواية غير واحد من أهل العلم. وأخرجه البيهقي في "السنن"10/ 198 من طريق المصنف بهذا الإسناد. =

90 - باب في المتشبع بما لم بعط

قال أبو داود: قال محمَّد بن يحيى: هذا عندنا عبد الكريم بن عبد الله بن شقيق. قال أبو داود: وهكذا بلغني، عن عليٍّ بن عبد الله (¬1). قال أبو داود: وبلغني أن بِشْرَ بنَ السَّرىِّ رواه، عن عبد الكريم ابن عبد الله بن شَقيق (¬2). 90 - باب في المُتشبِّع بما لم بُعْطَ 4997 - حدَّثنا سليمانُ بنُ حَرْبٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيد، عن هشامٍ بن عُروة، عن فاطمةَ بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر: أن امرأة قالت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إن لي جارةَ -تعني ضَرَّةً- هل علي جُناحٌ إن تَشَبَّعتُ لها بما لم يُعْطِ زَوجي، قال: "المُتشبِّعُ بما لم يُعْطَ كلابسِ ثَوبَي زور" (¬3). ¬

_ = وأخرجه الحربي في "غريب الحديث" 3/ 944، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (193)، والبيهقي 10/ 198، وابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 217 من طرق عن محمَّد ابن سنان، به. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 7/ 59، والخرائطي في مكارم الأخلاق، (193) من طريق معاذ بن هانئ، عن إبراهيم بن طهمان، به. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ). (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتاها من (هـ)، وأشار هناك إلى أنها في رواية ابن الأعرابي، وكذلك في رواية اللؤلؤي من طريق أبي ذر. (¬3) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (5219) عن سليمان بن حرب، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (5219)، ومسلم (2130) (127)، والنسائي في "الكبرى" (8872) و (8873) من طرق عن هشام بن عروة، به. =

91 - باب في المزاح

91 - باب في المُزاحِ 4998 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، أخبرنا خالدٌ، عن حُميدٍ عن أنسِ: أن رجلاً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، احمِلْني، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إنا حَامِلُوكَ على ولَدِ نَاقَةٍ"، قال: وما أصنعُ بولدِ الناقة؟ فقال النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -:"وهل تَلِدُ الإبِلَ إلا النُّوقُ" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (26921)، و"صحيح ابن حبان" (5738). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 134 - 135: العرب تسمى امرأة الرجل جارته، وتدعو الزوجتين الضرتين جارتين، وذلك لقرب أشخاصهما كالجارتين المتصاقبتين في الدارين تسكنانهما، ومن هذا قول الأعشى لامرأته: أجارتَنا بيني فإنَّك طالقه ومن هذا النحو قول امرئ القيس: أجارتَنا إنّا غريبان ها هنا ... وكل غريب للغريب نسيب قال البغوي في "شرح السنة" 9/ 161 - 162: المتشبع: المتكثر بأكثر مما عنده يتصلَّف به، وهو الرجلُ يُرى أنه شبعان، وليس كذلك "كلابس ثوبي زور"، قال أبو عبيد: هو المرائي يلبس ثياب الزهاد، يُرى أنه زاهد، قال غيره: هو أن يلبس قميصاً يصل بكُمَّيه كُمَّين آخرين، يُرى أنه لابس قميصين، فكأنه يسخر من نفسه، وُيروى عن بعضهم أنه كان يكون في الحي الرجلُ له هيئة ونبل، فإذا احتيج إلى شهادة زور، شهد بها , فلا تُرد من أجل نبله وحسن ثوبيه، وقيل: أراد بالثوب نفسه، فهو كناية عن حاله ومذهبه، والعرب تكني بالثوب عن حال لابسه , تقول: فلان نقيُّ الثياب , إذا كان بريئاً من الدنس، وفلان دَنِسُ الثياب، إذا كان بخلافه، ومعناه: المتشبع بما لم يُعْط بمنزلة الكاذب القائل ما لم يكن. وانظر "الفتح" 9/ 317 - 318. (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل. وأخرجه الترمذي (2011) عن قتيبة بن سعيد، عن خالد الواسطي، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (13817).

4999 - حدَّثنا يحيى بنُ مَعين، حدَّثنا حجاجُ بنُ محمدٍ، حدَّثنا يونسُ بنُ أبي إسحاقَ، عن أبي إسحاقَ، عن العَيزَار بنِ حُريث عن النعمانِ بنِ بشير، قال: استأذن أبو بكرِ على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فَسمع صوت عائشةَ عالياً، فلما دخَلَ تناولها ليلطِمَها، وقال: ألا أراكِ تَرْفعَينَ صَوتَكِ على رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فجعلَ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - يحجزُهُ، وخرج أبو بكر مُغضَبَاً، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: حين خرج أبو بكر: "كيف رأيتني أنقذتُكِ من الرجُلِ؟ " قال: فمكثَ أبو بكرِ أياماً، ثم استأذَنَ على رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فوجدَهما قد اصطلحَا، فقال لهما: أدخِلاني في سِلمكُما كما أدخلتُماني في حَرْبِكما، فقال النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "قد فعلنا، قد فعلنا" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن يونس بن أبو إسحاق صدوق حسن الحديث، وقد توبع، وهذا الإسناد من المزيد في متصل الأسانيد. فإن يونس بن أبي إسحاق سمعه من أبو إسحاق وسمعه من العيزار بن حُريث. وأخرجه أحمد في "مسنده" (18394) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد. وهذا إسناد صحيح. وأخرجه أحمد في "مسنده" (18421)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (5309) من طريق أبي نعيم، والنسائي في "الكبرى" (8441) و (9110) عن طريق عمرو بن محمَّد، كلاهما عن يونس بن أبي إسحاق، عن العيزار بن حريث، عن النعمان بن بشير. وفيه زيادة. وقوله: "ليلطمها": بكسر الطاء من باب ضرب، من اللطم، وهو ضرب الخد وصفحة الجسد بالكف مفتوحة. قال عبد الحق الدهلوي: اللطم ضرب الخد بالكف وهو منهي عنه، ولعل هذا كان قبل النهي، أو وقع ذلك منه لغلبة الغضب أو أراد أن يلطم. انتهى. =

5000 - حدَّثنا مُومَّلُ بنُ الفَضْلِ، حدَّثنا الوليدُ بنُ مُسلمِ، عن عبدِ الله بنِ العلاءِ، عن بُسْر بنِ عُبيد الله، عن أبي إدريسَ الخولانىِّ عن عوفِ بنِ مالكٍ الأشجعي، قال: أتيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - في غَزوةِ تبوكَ وهو في قُبَّةٍ من أَدَم، فسلمتُ، فردَّ وقال: "ادخُلْ" فقلت: أكُلِّي يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -؟ قال: "كُلَّك"، فدخلتُ (¬1). 5001 - حدَّثنا صفوانُ بنُ صالحِ، حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي العاتِكةِ، قال: إنما قال: أدخُلُ كُلِّي، من صِغَرِ القُبَّه (¬2). 5002 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ مهدىِّ، حدَّثنا شريكْ، عن عاصِمٍ ¬

_ = وقوله: "انقذتك من الرجل": أي خلصتك من ضربه ولطمه. والظاهر أن يمُال من أبيك، فعدل إلى الرجل، أي: من الرجل "الكامل" في الرجولية حين غضِبَ لله ولرسوله، قاله الطيبي، قلت: قوله: "أنقذتك من الرجل" ولم يقل من أبيك وابعاده - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر عن عائشة تطيباً وممازحة كل ذلك داخل في المزاحٍ، ولذا أورده المؤلف في باب المزاح. في "سلمكما": بكسر السين ويفتح، أي: في صلحكما. في "حربكما" أي: في شقاقكما. (¬1) حديث صحيح، الوليد بن مسلم قد صرح بالتحديث في جميع طبقات السند عند ابن ماجه وابن حبان، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه بأطول مما هنا ابن ماجه (4042) عن عبد الرحمن بن إبراهيم، وابن حبان (6675) من طريق هشام بن عمار، كلاهما عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد مطولاً (23971) و (23979) و (23985) و (23996) من طرق عن عوف بن مالك الأشجعي. (¬2) عثمان بن أبي العاتكة ضعيف. وأخرجه البيهقي في "السنن" 10/ 248 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

92 - باب من يأخذ الشيء على المزاح

عن أنسٍ، قال: قال لي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا ذا الأذُنَينِ" (¬1). 92 - باب من يأخذ الشيء على المزاح 5003 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشّارِ، حدَّثنا يحيى، حدَّثنا ابنُ أبي ذِئْبٍ. وحدَّثنا سليمانُ بنُ عبدِ الرحمن الدمشقيُّ، حدَّثنا شعيبُ بنُ إسحاقَ، عن ابنِ أبي ذئبٍ، عن عبدِ الله بنِ السَّائبِ بنِ يزيدَ، عن أبيه عن جَدِّه أنه سَمعَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يأخُذنَ أحدُكُمْ متاعَ أخِيه لاعِباً ولا جَادَّاً -وقال سليمانُ: لعِباً ولا جِدّاً- ومن أخذ عصا أخِيه فليرُدَّها". لم يقلِ ابنُ بشارٍ: ابنَ يزيدَ، وقال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد ضعيف، شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيى الحفظ. عاصم: هو ابن سليمان الاحول. وأخرجه الترمذي (2109) و (4164) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن شريك، بهذا الإسناد. وفي آخر الرواية: قال أبو أسامة: إنما يعني به أنه يُمازحه. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (662) من طريق حرب بن ميمون، عن النضر بن أنس، عن أنس. وهذا سند حسن يتقوى الحديث به. ولشريك متابعات أخرى أوردناها في "المسند" عند الحديث (12164). فانظرها قال الخطابي في "معالم السنن": كان مزح النبي-صلى الله عليه وسلم- مزحا لا يدخُله الكذبُ والتزيد، وكل إنسان له أذنان، فهو صادق في وصفه إياه بذلك. وقد يحتمل وجهاً آخر وهو أن لا يكون قصد بهذا القول المزاح، وإنما معناه: الحض والتنبيه على حسن الاستماع والتلقف لما يقوله، ويعلمه إياه، وسماه ذا الأذنين إذ كان الاستماع إنما يكون بحاسة الأذن، وقد خلق الله تعالى له أذنين يسمع بكل واحدة منهما وجعلهما حجة عليه، فلا يعذر معهما إن أغفل الاستماعَ له ولم يُحسن الوعى له. والله أعلم. (¬2) إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن السائب وجده، فقد روى لهما البخاري في "الأدب المفرد" وأبو داود والترمذي، وعبد الله وثقه النسائي =

5004 - حدَّثنا محمدُ بنُ سليمانَ الأنبارىُّ، حدَّثنا ابنُ نُميرٍ، عن الأعمش، عن عبدِ الله بنِ يسارٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ أبي ليلى حدَّثنا أصحابُ محمدِ - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يسيرونَ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فنامَ رجُلٌ منهم، فانطلقَ بعضُهُم إلى حَبْلٍ معه فأخذه، ففزعَ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَحِلُّ لمسلم أن يُرَوِّعَ مُسْلِماً" (¬1). ¬

_ = وابن سعد وذكره ابن حبان في الثقات. يحيى: هو ابن سعيد القطان، ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب، وجد عبد الله بن السائب الصحابي: هو يزيد أبي السائب بن يزيد. وأخرجه الترمذي (2299) عن بندار محمَّد بن بشار، بهذا الإسناد، وقال: حديث حسن غريب. وهو في "مسنده" أحمد، (17940)، و "شرح مشكل الآثار" للطحاوي (1624). وانظره فيهما. قال: الخطابي في "معالم السنن": معناه: أن يأخذه على وجه الهزل وسبيل المزح، ثم يحبسه عنه ولا يرده، فيصير ذلك جداً. وقال ابن الأثير في "النهاية" تعليقاً على رواية الترمذي "لاعباً جاداً"، أي: يأخذه ولا يريد سرقته، لكن: يريد إدخال الهم والغيظ عليه، فهو لاعب في السرقة، جاد في الأذية. (¬1) إسناده صحيح. ابن نمير: هو عبد الله، والأعمش: هو سليمان بن مهران. وهو عند القضاعي في "مسند الشهاب" (878)، والبيهقي في "السنن" 10/ 249، وفي "الآداب" (411) من طريق المصنف بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (23064) عن عبد الله بن نمير، به. ووقع عنده: نبل بدل حبل. وأخرجه مقتصراً على المرفوع منه هناد في "الزهد" (1345) عن أبي معاوية، عن الأعمش، به. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكلل الآثار" (1625) من طريق فطر بن خليفة، عن عبد الله بن يسار، عن أبي ليلى الأنصاري، عن النبي-صلى الله عليه وسلم-! فوهم فيه فطر. ووقع فيه: كنانة رجل بدل: حبل.

93 - باب في المتشدق في الكلام

93 - باب في المُتشدَّقِ في الكلام 5005 - حدَّثنا محمدُ بنُ سِنانٍ الباهليُّ وكان ينزل العَوَقَةَ، حدَّثنا نَافِعُ بنُ عُمر، عن بِشر بنِ عاصم، عن أبيه عن عبدِ الله بن عَمرو، قال: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله عزَّ وجلَّ يُبغِضُ البَليغَ مِن الرِّجالِ الذي يتخلَّل بلِسانه تخلُّلَ الباقِرَة بِلسَانها" (¬1). 5006 - حدَّثنا ابنُ السَّرح، حدَّثنا ابنُ وهبِ، عن عبدِ الله بنِ المُسيَّب، عن الضحَّاك بن شُرحبيلَ ¬

_ (¬1) إسناده حسن. والد بشر: هو عاصم بن سفيان الثقفي: روى عن جمع، وروى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وحديثه عند أصحاب السنن, وبقية رجاله ثقات. والعَوَقة: محلة من محال البصرة، تُنسَبُ إلى القبيلة، وهي بطن من عبد القيس. وأخرجه الترمذي (3067) من طريق عمر بن علي المقدمي، عن نافع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6543). وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص، أخرجه أحمد في "مسنده" (1517) بلفظ: "سيكون قوم يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقرة من الأرض" وإسناده ضعيف. وعن عبد الله بن عمر، أخرجه الطبراني في "الأوسط" (9035)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 116 وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" عن شيخه مقدام بن داود، وهو ضعيف. وقوله: "يبغض البليغ من الرجال"، قال السندي في "حاشيته على المسند" أي: المبالغ في الكلام وأداءِ الحروف، أو المتكلم بالكلام البليغ بالتكلف دون الطبع والسليقة. وقوله: "يتخلل": أي: يتشدَّق في الكلام، ويفخم لسانه، ويلفه كما تلفُّ البقرةُ الكلأَ بلسانها، والمراد: يُدير لسانه حولَ أسنانه مبالغة في إظهار بلاغته. قاله السندي. والباقرة: هي البقرة بلغة أهل اليمن.

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من تعلَّم صَرْفَ الكلامِ لِيَسبي به قلوبَ الرِّجالِ -أو الناسِ- لم يقبلِ اللهُ منهُ يومَ القيامةِ صرفاً ولا عدلاً، (¬1). 5007 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ، عن مالكٍ، عن زيدِ بن أسلم عن عبدِ الله بنِ عمر، أنه قال: قَدِمَ رجُلانِ مِن المشرِقِ، فخطبا، فَعَجِبَ الناسُ -يعني لبيانِهما-، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-ِ: "إن من البيانِ لَسِحراً - أو: إن بعضَ البيان لَسِحرٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. الضحاك بن شرحبيل ضعفه أحمد، وقال غيره: صدوق، يعني أنه لا يحتج به لكن يصلح حديثه للمتابعة، وقال المنذري: الضحاك بن شرحبيل - هذا- مصري، ذكره ابن يونس في "تاريخ المصريين"، وذكره البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكر له رواية عن أحد من الصحابة، وإنما روايته عن التابعين. ويشبه أن يكون الحديث منقطعا، والله عَزَّ وَجَلَّ أعلم. وأخرجه البيهقي في" الشعب" (4974)، وفي "الأداب" (391) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرج أحمد في "الزهد" ص 380 عن أبي إدريس الخولاني قال: من تعلم صرف الحديث ليستكفىء به قلوب الناس لم يَرَحْ رائحة الجنة. قال الخطابي في "معالم السنن": صرف الكلام فضله، وما يتكلفه الإنسان من الزيادة فيه من وراء الحاجة، ومن هذا سُمِّيَ الفضلُ بينَ النقدين صرفاً. وإنما كره رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ذلك لما يدخله من الرياء والتصنع، ولما يخالطه من الكذب والتزيد، وأمر - صلى الله عليه وسلم - أن يكون الكلامُ قصداً تِلوَ الحاجَةِ غيرَ زائد عليها، يُوافق ظاهرَه باطنُه، وسرَّه علنُه. قوله: "صرفا ولا عَدْلاً"، قال ابن الأثير في "النهاية": قد تكررت هاتان اللفظتان في الحديث، فالصرف: التوبةُ، وقيل: النافلةُ. والعدل: الفِدية، وقيل الفريضة. (¬2) إسناده صحيح متصل. =

5008 - حدَّثنا سليمانُ بنُ عبدِ الحميدِ البَهْرانيُّ، أنه قرأ فى أصْلِ إسماعيلَ ابنِ عياشٍ. وحدثه محمدُ بنُ إسماعيلَ ابنُه، قال: حدَّثني أبي، حدثني ضَمضمٌ، عن شُريح بنِ عُبيدِ، قال: ¬

_ = وهو كذلك في "الموطأ" برواية أبي مصعب الزهري (2574). وهو أيضاً في "الموطأ" 2/ 986 برواية يحيى الليثي مرسلاً، وكذلك هو عند ابن عبد البر في "التمهيد" 5/ 169، وفي "التجريد" ص 51، وابن حجر في "الاتحاف" 8/ 323، والزرقاني في "شرح الموطا" 4/ 403. لم يذكر فيه عبد الله بن عمر. وقد وقع في المطبوع منه مسنداً وهو خطاً. قال ابن عبد البر تعليقاً على الرواية المرسلة: هكذا رواه يحيى، عن مالك، عن زيد بن أسلم مرسلاً، وما أظن أرسله عن مالك غيره، وقد وصله جماعة عن مالك، منهم القعنبىُّ (كما في رواية أبي داود هنا)، وابن وهب، وابن القاسم، وابن بكير، وابن نافع , ومطرف، والتتيسي، رووه كلهم عن مالك، عن زيد بن أسلم, عن عبد الله بن عمر، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. وهو الصواب، وسماع زيد بن أسلم من ابن عمر صحيح. وأخرجه من طريق مالك البخاري (5767). وأخرجه البخاري (5146) من طريق سفيان، والترمذي (2147) من طريق عبد العزيز بن محمَّد، كلاهما عن زيد بن أسلم، عن عبد الله بن عمر. وهو موصول في "مسند أحمد" (4651)، و"صحيح ابن حبان" (5718) قال ابن عبد البر فى "التمهيد" 5/ 170 - 171: وقد روي عن النبي-صلى الله عليه وسلم- في قوله: "إن من البيان لسحراً"، من وجوه غير هذا من حديث عمار وغيره. واختلف في المعنى المقصود إليه بهذا الخبر، فقيل: قصد به إلى ذمِّ البلاغة، إذ شبهت بالسحر، والسحر محرم مذموم، وذلك لما فيها من تصوير الباطل في صورة الحق، والتفيهق والتشدق، وقد جاء في الثرثارين المتفيهقين ما جاء من الذم، وإلى هذا المعنى ذهب طائفة من أصحاب مالك، واستدلوا على ذلك بدخال مالك له في "موطئه" في باب ما يكره من الكلام. وأبى جمهور أهل الأدب والعلم بلسان العرب إلا أن يجعلوا قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن من البيان لسحراً" مدحاً وثناء وتفضيلاً للبيان وإطراء، وهو الذي تدل عليه سياقة الخبر ولفظه.

94 - باب ما جاء في الشعر

حدَّثنا أبو ظَبيةَ، أن عمرو بنَ العاصِ قال يوماً -وقامَ رجُلٌ فأكثرَ القول- فقال عَمرٌو: لو قصدَ في قوله لكان خيراً له، سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لقد رأيتُ -أو أُمِرتُ- أن أتجوَّزَ في القول، فإن الجوازَ هو خيرٌ" (¬1). 94 - باب ما جاء في الشِّعر 5009 - حدَّثنا أبو الوليدِ الطيالسيُّ، حدَّثنا شعبةُ، عن الأعمش، عن أبي صَالح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لأن يَمتلِئَ جوفُ أحدِكم قيحاً خيرٌ لهُ من أن يَمتَلِئ شِعراً" (¬2). قال أبو علي اللؤلؤيُّ: بلغني، عن أبي عُبيدٍ أنه قال: وجهُهُ أن يمتلى قلبُه حتى يشغَلَه عن القُرآنِ وذكرِ الله، فإذا كان القرآنُ والعلمُ الغالبَ فليس جوفُ هذا عندنا ممتلئاً مِن الشعر. ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف محمَّد بن إسماعيل بن عياش. قال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه شيئاً حملوه على أن يحدث فحدث، وسئل أبو داود عنه، فقال: لم يكن بذاك، وقال ابن حجر في "التقريب": عابوا عليه أنه حدث عن أبيه بغير سماع. ضمضم: هو ابن زرعة، وأبو ظبية: هو السُّلفي الحمصي الكلاعي. وأخرجه البيهقى في "شعب الإيمان" (4975) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده صحيح. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه البخاري (6155)، ومسلم (2257) (7)، وابن ماجه (3759)، والترمذي (3065) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7874)، و "صحيح ابن حبان" (5777) و (5779).

و"إن من البيان لسحراً" قال: المعنى أن يبلُغَ من بيانِه أن يمدَحَ الإنسانَ، فيُصَدَّق فيه، حتى يصرِفَ القلوبَ إلى قوله، ثم يذُمَّه، فيُصدَّقَ فيه، حتى يَصرِفَ القلوبَ إلى قوله الاَخَر، فكأنه سَحَرَ السامعينَ بذلك (¬1). 5010 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا ابنُ المبارك، عن يونس، عن الزهريِّ، قال: حدَّثنا أبو بكر بنُ عبدِ الرحمن بن الحارث بنِ هِشام، عن مروانَ بنِ الحكم، عن عبدِ الرحمن بنِ الأسود بنِ عبد يغوثَ ¬

_ (¬1) أبو عبيد: هو القاسم بن سلام، ونص كلامه في "غريب الحديث" 1/ 36 في تأويل هذا الحديث: وجهُه عندي أن يمتلى قلبُه من الشعر حتى يغلبَ عليه، فيشغلَه عن القرآن، وعن ذكر الله، فيكون الغالبُ عليه من أىِّ الشعرِ كان، فإذا كان القرآن والعلم الغالبينِ عليه، فليس جوفُه ممتلئاً مِن الشعر. وقد عنون البخاري رحمه الله لهذا الحديث بـ: باب ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر حتى يصده عن ذكر الله والعلم والقرآن. قلنا: وقال أهل العلم: لا بأسَ برواية الشعر الذي ليس فيه هجاء ولا نكت عرض أحد من المسلمين ولا فحش، روي ذلك عن أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب والبراء بن عازب، وأنس بن مالك، وعبد الله بن عباس وعمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير، ومعاوية وعمران بن الحصين والأسود بن سريع وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين. انظر "عمدة القاري" 22/ 189، و "شرح مسلم" 15/ 14 - 15 للنووي. وقال الحافظ في "الفتح" 10/ 550: مناسبة هذه المبالغة في ذم الشعر أن الذين خوطبوا بذلك كانوا في غاية الاقبال عليه، والاشتغال به، فزجرهم عنه ليقبلوا على القرآن وعلى ذكر الله تعالى وعبادته، فمن أخذ من ذلك ما أمر به لم يضره ما بقي عنده مما سوى ذلك. وانظر" "شرح معاني الآثار" 4/ 295 - 301.

عن أُبىِّ بن كعب، أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قال: "إنّ مِنَ الشِّعْرِ حِكمَةً" (¬1). 5011 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عوانةَ، عن سِماكٍ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباس، قال: جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ- صلى الله عليه وسلم -، فجعل يتكلَّمُ بكلامٍ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ مِن البَيانِ سِحْراً، وإن مِنَ الشعرِ حُكماً" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح. يونس: هو ابن يزيد الأيلي، ومروان بن الحكم: هو ابن أبي العاص بن أمية ابن عم عثمان بن عفان، وقد ولي الخلافة. وأخرجه ابن ماجه (3755) من طريق أبي أسامة، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6145) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (21154) و (21158) وقوله: "إن من الشعر حكمة": من تبعيضية، يريد أن الشعر لا دخل له في الحُسن والقُبح، والمدار إنما هو على المعاني لا على كون الكلام نثراً أو نظماً، فإنهما كيفيتان لأداه المعنى، وطريقان إليه، ولكن المعنى إن كان حسناً وحكمة فذلك الشِّعر حكمة، واذا كان قبيحاً فذلك الشِّعر كذلك، وإنما يُذَمُّ الشِّعر شرعاً بناء على أنه غالباً يكون مدحاً لمن لا يستحقُّه وغير ذلك، ولذلك لما قال تعالى: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224]، أثنى على ذلك بقوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، الآية [الشعراء: 227]. قاله السندي في "حاشيته على سنن ابن ماجه". (¬2) حديث صحيح بما قبله، وبما سلف عند المصنف من حديث ابن عمر (5007)، وهذا إسناد فيه سماك -وهو ابن حرب -وهو وإن كان صدوقا حسن الحديث إلا أن في روايته عن عكرمة -وهو مولى ابن عباس- اضطراباً وباقي رجاله ثقات. أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري. وأخرجه الترمذي (3058) عن قتيبة بن سعيد، عن أبي عوانة، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن ماجه (3756) من طريق زائدة بن قدامة، عن سماك، به. =

5012 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ، حدَّثنا سعيدُ بنُ محمدٍ، حدَّثنا أبو تُميلةَ، حدَّثني أبو جعفرٍ النحويُّ عبد الله بن ثابت، حدَّثني صخرُ بنُ عبدِ الله ابن بُريدةَ، عن أبيه عن جدِّه، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -يقولُ: "إن من البيانِ سِحراً، وإن من العلِم جَهْلاً، وإن مِن الشعرِ حُكْماً، وإن من القول عِيالاً" (¬1). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (2424)، و"صحيح ابن حبان" (5778) و (5780)، وقد ذكرنا تتمة أحاديث الباب في "المسند". وقوله: " إن من الشعرحُكماً": بضم فسكون، أي: حِكْمة، وضبطه بعضهم بكسر الحاء وفتح الكاف على أنه جمع حِكمة. وقال ابن الأثير في "النهاية": أي: إن من الشعر كلاماً نافعاً يمنع من الجهل والسَّفَه، وينهى عنهما، قيل: أراد بها المواعظَ والأمثال التي ينتفع بها الناس، والحُكْمُ: العلمُ والفقه والقضاء بالعدل، وهو مصدر: حَكَم يَحْكُم، ويروى: "إن من الشعر لحِكمة" وهي بمعنى الحكم. (¬1) حديث صحيح لغيره دون قوله: "وإن من العلم جهلاً" وقوله: "وإن من القول عيالاً"، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي جعفر عبد الله بن ثابت وصخر بن عبد الله. أبو تميلة: هو يحيى بن واضح الأنصاري. وسعيد بن محمَّد: هو ابن سعيد الجرمي. وأخرجه أبي أبي شيبة 8/ 692، والبزار (2100 - كشف الأستار) من طريق حسام بن المِصكّ، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولفظه: "إن من الشعر حكماً". وأخرج القضاعي في "مسند الشهاب" (961) من طريق عمارة بن أبي حفصة، عن عبد الله بن بريدة، عن صعصعة بن صوحان، عن علي. فذكره. وفي إسناده من قدتكلم فيه. ويشهد لقوله: "إن من البيان لسحراً وإن من الشعر لحكماً" حديث ابن عمر السالف عند المصنف برقم (5007)، وحديث أبى بن كعب السالف (5010)، وما قبله من حديث ابن عباس.

فقال صَعْصَعَةُ بن صُوحانَ: صَدَقَ نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم -: أما قوله: "إن مِنَ البيانِ سِحْراَ": فالرجلُ يكون عليهِ الحَق وهو ألحَنُ بالحُجَجِ من صَاحِب الحقِّ، فيسحَرُ القومَ ببيانِه، فيذهبُ بالحقِّ. وأما قوله: "إن من العلم جهلاً": فيتكلّفُ العالِمُ إلى عِلْمِه ما لا يعلمُ فيُجَهله ذلك. وأما قوله:: "إن من الشعر حُكماً": فهي هذه المواعظُ والأمثالُ التي يتَعظُ بها الناسُ. وأما قوله "إن من القول عِيالاَ": فَعَرْضُكَ كلامَك وحديثك على مَن لَيس من شأنِه ولا يُريدُه (¬1). 5013 - حدَّثنا ابنُ أبي خَلَفٍ وأحمدُ بنُ عَبدةَ -المعنى- قالا: حدَّثنا سفيانُ بن عُيينةَ، عن الزهريِّ، عن سعيدٍ، قال: مرَّ عُمَرُ بحسَّان وهو يُنشِدُ في المَسْجِدِ، فلحَظَ إليه، فقال: قد كنتُ أنشِدُ فيه مَنْ هو خيرٌ منك (¬2). ¬

_ (¬1) ذكره في "النهاية" وزاد: يقال: عِلْتُ الدابة أعيل عيلاً: إذا لم يدر أي جهة تبغيها، كأنه لم يهتد لمن يطلب كلامه، فعرضه على من لا يريده. (¬2) إسناده صحيح. سعيد -وهو ابن المسيب-، قال أحمد في رواية أبي طالب: هو عندنا حجة قد رأى عمر وسمع منه، إذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يقبل. وقال أبو حاتم: حديثه عن عمر مرسل يدخل في المسند على المجاز. وأخرجه البخاري (3212) عن علي بن عبد الله، والنسائي في "الكبرى" (797) و (9927) عن قتيبة بن سعيد، كلاهما عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وزادا فيه: ثم التفت (أى حسان) إلى أبى هريرة، فقال: أنشدك بالله أسمعتَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: "أجب عني، اللهم أيده بروح القدس" قال: نعم. وانظر ما بعده. وهو في "مسند أحمد" (21939)، و"صحيح ابن حبان" (7148).

5014 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الرزّاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن الزهريِّ، عن سعيد بنِ المُسيَّب، عن أبي هريرة، بمعناه، زاد: فَخَشِيَ أن يرمِيَه برسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فاجأزَه (¬1). 5015 - حدَّثنا محمدُ بنُ سُليمانَ المصيصييُّ لوينٌ، حدَّثنا ابنُ أبي الزناد، عن أبيهِ، عن عُروةَ. وهشامٍ، عن عُروةَ عن عائشة، قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضع لحسانَ بنِ ثابت مِنبَراً في المسجد، فيقومُ عليه يهجُو مَن قال في رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن رُوحَ القُدُسِ مَعَ حسَّانَ ما نافَحَ عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو في"مصنف عبد الرزاق" (20509)، ومن طريقه أخرجه مسلم (2485) (151) بهذا الإسناد. لكن دون الزيادة التي أشار إليها المصنف. وأخرجه مسلم (2485) (151) من طرق عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، به. وأخرجه البخاري (453) و (6152)، ومسلم (2485) (152)، والنسائي في "الكبرى" (9928) من طريق شعيب، والبخاري (6152) من طريق محمَّد بن أبي عتيق، كلاهما عن ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع حسان ابن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة. فساقه بنحو الزيادة التي أشرنا إليها في الحديث السالف عند المصنف من طريق سعيد عن عمر. وهو في "مسند أحمد" (7644) و (21936)، و"صحيح ابن حبان" (1653). والزيادة التي أشار إليها أبو داود: أخرجها عبد الرزاق في "مصنفه" (1716) و (20510)، والطبراني في "الكبير" (3585) و (3586) لكن لم يذكرا في الحديث أبا هريرة. وانظر ما قبله. وقوله: فخشي، قال في "عون المعبود": أي: عمر رضي الله عنه. برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أي: بإجازته - صلى الله عليه وسلم -. فأجازه، أي: أجاز عمرُ حسانَ أن ينشد في المسجد. (¬2) حديث صحيح لغيره دون قوله: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يضع لحسان منبراً أبي المسجد". وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن أبي الزناد -وهو عبد الرحمن، وقد انفرد =

5016 - حدَّثنا أحمدُ بن محمدٍ المروزيُّ، حدَّثني عليُّ بنُ حسين، عن أبيه، عن يزيدَ النحوىِّ، عن عكرمةَ عن ابن عباس قال: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} [الشعراء: 224]، فنَسخ مِن ذلك واستثنى، فقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} [الشعراء: 227] (¬1). ¬

_ = بهذه اللفظة، وهو ممن لا يحتمل تفرده. ووالد عبد الرحمن: هو عبد الله بن ذكوان، وهشام: هو ابن عروة. وأخرجه الترمذي (3059) عن إسْماعيل بن موسى وعلي بن حجر، عن ابن أبي الزناد، عن هام بن عروة، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (3060) عن إسماعيل بن موسى وعلي بن حجر، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، به. وأخرج مسلم (2490) ضمن حديث طويل عن عائشة مرفوعاً: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله". وأخرجه ابن حبان في "صحيحه". (7147) من وجه آخر عن عائشة من طريق مروان بن عثمان، عن يعلي بن شداد، عن أبيه، عنها سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول لحسان بن ثابت: "إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله" ومروان ابن عثمان ضعيف. وهو في "مسند أحمد" (24437). وفي الباب عن البراء بن عازب، أخرجه أحمد في "مسنده" (18526)، وذكرنا هناك أحاديث الباب. وروح القدس: هو جبريل عليه السلام. قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 138 قوله: "ما نافح "، معناه: دافع، ومن هذا قولهم: نفحتُ الرجلَ بالسيفِ: إذا تناولته مِن بُعد، ونفحته الدابةُ: إذا أصابته بحد حافرها. (¬1) إسناده حسن. علي بن الحسين: هو ابن واقد روى عنه جمع من الحفاظ، وقال النسائي: لا بأس به، ووصفه الذهبي في "السير" بالإمام المحدث الصدوق، =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وقال: وكان عالماً صاحب حديث كأبيه، ويغلب على الظن أن تضعيف أبي حاتم له وإسحاق بن راهويه للإرجاء، وليس ذلك بجرح، لأن الإرجاء كما يقول الذهبي في ترجمة مسعر من "الميزان": مذهب لعدة من جلة العلماء لا ينبغي التحامل على قائله. وأخرجه البيهقى في "السنن" 10/ 239 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (871) عن إسحاق، عن علي بن حسين، به. وفي الباب عن ابن جرير الطبري في "التفسير" 9/ 488، وابن أبي شيبة 8/ 706 - 707، وابن أبى حاتم في "التفسير" كما عند ابن كثير 6/ 186 من طريق محمَّد بن إسحاق، عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، عن أبي الحسن سالم البراد مولى تميم الداري قال: لما نزلت: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} جاء حسان بن ثابت، وعبد الله ابن رواحة، وكعب بن مالك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم يبكون، فقالوا: قد علم الله حين أنزل هذه الآية أنا شعراء، فتلا النبي -صلى الله عليه وسلم-: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، قال: أنتم {وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا}، قال: أنتم، {وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا}، قال: أنتم. ورواه ابنُ أبي حاتم كما عند ابن كثير في "التفسير" 6/ 186 من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن عروة قال: لما نزلت: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} إلى قوله: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ}، قال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قد علم الله أنى منهم، فأنزل الله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} إلى قوله: {يَنْقَلِبُونَ}. وقال ابن كثير: وهكذا قال ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة، وزيد بن أسلم، وغير واحد أن هذا استثناء مما تقدم، ولا شك أنه اسثناء، ولكن هذه السورة مكية، فكيف يكون سبب نزول هذه الآية شعراء الأنصار؟ في ذلك نظر، ولم يتقدم إلا مرسلات لا يعتمد عليها، والله أعلم، ولكن هذا الاسثناء بدخل فيه شعراء الأنصار وغيرهم، حتى يدخل فيه من كان متلبساً من شعراء الجاهلية بذم الإسلام وأهله، ثم تاب وأناب، ورجع وأقلع، وعمل صالحا، وذكر الله كثيراً في مقابلة ما تقدم من الكلام السيئ، فإن الحسنات يذهبن السينات، وامتدح الإِسلام وأهلَه في مقابلة ما كذب بذمه. وقول ابن عباس:"فنسخ من ذلك"، المراد به: التخصيص.

95 - باب في الرؤيا

95 - باب في الرؤيا 5017 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسلمةَ، عن مالكٍ، عن إسحاقَ بنِ عبدِ الله بنِ أبي طلحةَ، عن زُفَر بنِ صَعْصَعَة، في أبيه عن أبي هريرة: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - كان إذا انصرفَ مِن صلاةِ الغَداةِ يقول: "هل رأى أحدٌ منكم اللّيلةَ رُؤيا؟ " ويقول: "إنهُ ليس يبقَى بعدي من النُّبؤَةِ إلا الرُّؤيا الصَّالِحَةُ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهو "موطا مالك" 2/ 956 عن إسحاق بن عبد الله، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7574) من طريق معن بن عيسى وعبد الرحمن ابن القاسم، كلاهما عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله، عن زفر بن صعصعة، عن أبي هريرة. بإسقاط صعصعة بن مالك. والمحفوظ عن مالك بإثباته في السند كما هي رواية المصنف، وهكذا رواه جماعة منْ أصحابه عنه كأبي مصعب الزهري، ومصعب ابن عبد الله الزبيري وغيرهم، وهكذا ذكر الحافظ ابن عساكر أنه المحفوظ عنه فيما نقله عنه الحافظ المزي في "تحفة الأشراف" 9/ 452. وهو في "مسند أحمد" (8313)، و"صحيح ابن حبان" (6048). وأخرجه بنحوه البخاري (6990) من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. ولفظه: "لم يبق من النبوة إلا المبشرات" قالوا: وما المبشرات؟ قال: "الرؤيا الصالحة". قال الحافظ في "الفتح" 12/ 375: كذا ذكره باللفظ الدال على المعنى تحقيقاً لوقوعه، والمراد إلاستقبال، أي: لا يبقى. وقيل: هو على ظاهره، لأنه قال ذلك في زمانه، والسلام في النبوة للعهد والمراد نبوته، والمعنى: لم يبق بعد النبوة المختصة بي إلا المبشرات، ثم فسرها بالرؤيا، وصرح به في حديث عائشة عند أحمد (24977) "لا يبقى بعدي. ... "، وقد جاء في حديث =

5018 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا شعبةُ، عن قتادةَ، عن أنسِ بن مالكٍ عن عبادةَ بنِ الصَّامِتِ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "رُؤيا المُؤمنِ جُزءٌ من ستّةٍ وأربعين جزءاً من النُّبؤَةِ" (¬1). 5019 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا عبدُ الوهَّاب، عن أيوبَ، عن محمدٍ عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "إذا اقترَبَ الزَّمانُ لم تَكد رؤيا المُؤمن أن تكذِبَ، وأصدقُهُم رؤياً أصدقُهُم حديثاً، والرؤيا ¬

_ = ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك في مرض موته، أخرجه مسلم (479) وأبو داود (876) والنسائي في "الكبرى" (637) من طريق عبد الله بن معبد، عن أبيه، عن ابن عباس، أن النبي-صلى الله عليه وسلم- كشف الستارة ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه، والناس صفوف خلف أبي بكر فقال:" يا أيها الناس لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له" وللنسائي في "الكبرى" (7574) من رواية زفر بن صعصعة عن أبي هريرة رفعه "إنه ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة" وهذا يؤيد التأويل الأول. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (6987)، ومسلم (2264)، والترمذي (2424)، والنسائي في "الكبرى" (7578) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12930) و (22697). قال البغوي في "شرح السنة" 12/ 203 - 204: قوله: "جزء من النبوة": أراد تحقيق أمر الرؤيا وتأكيده، وإنما كانت جزءاً من النبوة في حق الأنبياء دون غيرهم، قال عيد بن عمير: رؤيا الأنبياء وحي. وقرأ: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات: 102]. وقيل: معناه: أنها جزء من أجزاء علم النبوات، وعلم النبوة باق، والنبوة غير باقية، أو أراد به أنه كالنبوة في الحكم بالصحة، كما قال عليه الصلاة والسلام: "الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة" أي: هذه الخصال في الحسن والاستحباب كجزء من أجزاء فضائلهم، فاقتدوا فيها بهم، لا أنها حقيقة نبوة، لأن النبوة لا تتجزأ، ولا نبوة بعد الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

ثلاثٌ: فالرؤيا الصَّالِحَةُ بُشرى من الله، والرؤيا تَحْزِينٌ مِن الشِّيطانِ، ورؤيا مِمَّا يُحدِّثُ به المرءُ نفسَه، فإذا رأى أحدُكم ما يكرَه فليَقُم، فليصلِ، ولا يُحَدَّث بها الناسَ". قال: "وأحِبُّ القَيْدَ وأكره الغُلَّ، والقَيد: ثبَاتُ في الدِّينِ" (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الوهاب: هو ابن عبد المجيد الثقفي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني، ومحمد: هو ابن سيرين. وأخرجه مسلم (2263) (6) عن محمَّد بن أبي عمر، والترمذي (2423) عن نصر بن علي، كلاهما عن عبد الوهاب الثقفي، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2444) من طريق معمر، عن أيوب، به. وأخرجه مسلم (2263)، وابن ماجه (3906) و (3917)، والترمذي (2433)، والنسائي في "الكبرى" (7607) و (10680) من طرق عن ابن سيرين، به. وأخرجه بنحوه مختصراً النسائي في "الكبرى" (10672) و (10673) من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة. وبعض مصادر الحديث تزيد فيه على بعض. وأخرجه موقوفاً مسلم (2263) (6) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، به. وأخرجه كذلك مسلم (2263) (6) من طريق هشام، عن محمَّد بن سيرين، به. وأخرجه البخاري (7017) من طريق عوف بن أبي جميلة، عن محمَّد بن سيرين، قال: وكان يقال: الرؤيا ثلاث ... فذكره. قال الحافظ: قائلُ: قال: هو ابن سيرين، وأبهم القائل في هذه الرواية, وهو أبو هريرة، وقد رفعه بعض الرواة ووقفه بعضهم. وقوله: "وأحبُّ القيد وأكرهُ الغُل" هو مدرج من قول أبي هريرة كما قال الخطيب في "الفصل للوصل للمدرج في النقل" 1/ 170، والحافظ المنذري في "تهذيب السنن" 7/ 297. قال الخطيب: إن جميع هذا المتن قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإلا ذكرَ القيد والغُل، فإنه من قول أبي هريرة أدرجه هؤلاء الرواة في الحديث، وبينه معمرُ بن راشد في روايته عن أيوب، عن محمَّد بن سيرين. =

قال أبو داود: اقترابُ الزمانِ: يعني إذا اقتربَ الليلُ والنهارُ ويستويان (¬1). 5020 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدِ بنِ حنبلٍ، حدَّثنا هُشيمٌ، أخبرنا يعلى بنُ عطاءٍ، عن وكيع بنِ عُدُسٍ ¬

_ = قلنا: هو عند مسلم (2263)، وأحمد (7642)، والخطيب 1/ 171، والبغوي في "شرح السنة" (3279)، والترمذي (2444)، وأخرجه كذلك ابن حبان في "صحيحه" (6040) من طريق سفيان، عن أيوب، به. ووقع عند مسلم (2263) بعد أن ساق رواية عبد الوهاب الثقفي قال: لا أدري هو في الحديث أم قاله ابن سيرين. وانظر "فتح الباري" 12/ 410. والقول الموقوف على أبي هريرة، أخرجه ابن ماجه مرفوعاً (3926) من طريق أبي بكر الهذلي، عن ابن سيرين، به. وأبو بكر متروك الحديث. وانظر تمام التعليق عليه وتخريجه فيه. وهو في "مسند أحمد" (7642) و (9129) و (10590)، و"صحيح ابن حبان" (6040). وانظره فيهما. (¬1) قال الإِمام الخطابي في تفسير قرب الزمان في "غريب الحديث" 1/ 94: بلغني عن أبي داود أنه كان يقول: تقارب الزمان: هو استواء الليل والنهار، وهو إن شاء الله معنى سديد، والمعبرون يزعمون أن أصدق الأزمان لوقوع التعبير وقت انفتاق الأنوار، ووقت يَنْعِ الثمار وإدراكها، وهما الوقتان يتقارب فيهما الزمان ويعتدل الليل والنهار. وفيه وجه آخر وهو أن يراد بقارب الزمان قرب انتهاء أمره، وقد جاء ذلك مرفوعاً حدثناه إسماعيل بن محمَّد أبو علي الصفار، حدَّثنا الرمادي، حدَّثنا عبد الرزاق، حدَّثنا معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين, عن أبي هريرة، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "في آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً" قلنا: وهذا إسناد صحيح، وهو في"مصنف عبد الرزاق" (20352) ومن طريقه أخرجه الترمذي (2444)

عن عمِّه أبي رَزِينٍ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "الرُّؤيا على رِجْلِ طَائِرِ، ما لم تُعْبرَ، فإذا عُبِرَتْ وقَعَت" قال: وأحسبُه قال: "ولا تَقُضَّها إلا على وادٍّ أو ذِي رأيٍ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة وكيع بن عُدس -وقيل: حُدس- ومع ذلك فقد حسّن إسناده الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 12/ 432. هشيم: هو ابن بشير. وأخرجه بزيادة فيه ابن ماجه (3914) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن هشيم، بهذا الاسناد. وأخرجه كذلك الترمذي (2431) و (2432) من طريق شعبة، عن يعلى، به. ولفظ الترمذي في روايته الثانية: دون قوله: وأحسبه قال: "ولا تقصها ... " إلخ. وهو في "مسند أحمد" (16182)، و"صحيح ابن حبان" (6049) و (6050). وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند الحاكم 4/ 391 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرؤيا تقع على ما تعبر، ومثل ذلك مثل رجل رفع رجله، فهو ينتظر متى يضعها، فإذا رأى أحدكم رؤيا، فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً". وصحح إسناده، ووافقه الذهبي. قلنا: وفي اتصاله وقفة، فهو عند عبد الرزاق في "المصنف" (20354) مرسلاً. وآخر من حديث عائشة عند الدارمي (2163) بسند حسنه الحافظ في "الفتح" 12/ 432، قالت: كانت امرأة من أهل المدينة لها زوج تاجر، يختلف -يعني في التجارة- فأتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن زوجي غائب وتركني حاملاً، فرأيت في المنام أن سارية بيتي انكسرت، وأني ولدت غلاماً أعور. فقال: "خير، يرجع زوجك إن شاء الله صالحا، وتلدين غلاماً براً" فذكرت ذلك ثلاثاً، فجاءت ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- غائب، فسألتها فأخبرتنى بالمنام، فقلت: لئن صدقت رؤياك ليموتن زوجك، وتلدين غلاماً فاجراً، فقعدت تبكي، فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "مه يا عائشة، إذا عبرتم للمسلم الرؤيا، فاعبروها على خير، فإن الرؤيا تكون على ما يعبرها صاحبها". وقوله: "ولا تقصها ... " إلغ، له شاهد من حديث طويل لأبي هريرة عند الترمذي (2433) ولفظه: "لا تقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح" وقال: حديث حسن صحيح. =

5021 - حدَّثنا النُّفيليُّ، سمعتُ زهيراً يقولُ: سمعتُ يحيى بنَ سعيدِ يقولُ: سمعت أبا سلمة يقول: سمعت أبا قتادة يقول: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "الرُّؤيا مِنَ الله، والحُلُمُ من الشَّيطَانِ، فإذا رأى أحدُكم شيئاً يكرهُه فلينفث عن يسارِه ثلاثَ مرَّاتِ، ثم ليتعوَّذْ من شَرِّها، فإنها لا تضرُّه" (¬1). ¬

_ = ويؤخذ من هذا أن الرؤيا تقع على ما يؤولُه ذلك العالمُ أو الناصحُ، لكن أخرج الترمذي (3918) من حديث ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأبي بكر وقد أوّل رؤيا: "أصبت بعضاً وأخطات بعضاً" استدل به البخاري على أن الرؤيا ليست لأول عامر إذا لم يُصب. قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 140: معنى هذا الكلام حسن الارتياد لموضع الرؤيا واستعبارها العالم بها الموثوق برأيه وأمانته. وقوله: "على رجل طائر": مثل، ومعناه: أنها لا تستقر قرارها ما لم تعبر. وقال أبو إسحاق الزجاج في قوله:" لا يقصها إلا على واد أو ذي رأي": الواد لا يحب أن يستقبلك في تفسيرها إلا بما تحب وإن لم يكن عالماً بالعبارة ولم يعجل لك بما يغمك لا أن تعبيرها يزيلها عما جعله الله عليه. وأما ذو الرأي، فمعناه: ذو العلم بعبارتها، فهو يخبرك بحقيقة تفسيرها أو بأقرب ما يعلم منها ,ولعله أن يكون في تفسيره موعظة تردعك عن قبيحٍ أنت عليه أو تكون فيها بشرى فتشكر الله على النعمة فيها. وقال الطيبي، فيما نقله العلامة علي القاري في "مرقاة المفاتيح" 4/ 549: التركيب من باب الشبيه التمثيلي، شبّه الرؤيا بالطير السريع طيرانه، وقد علق على رجله شيء يسقط بأدنى حركة، فينبغي أن يتوهم للمشبه حالات مناسبة لهذه الحالات، وهي أن الرؤيا مستقرة على ما يسوقه التقدير إليه من التعبير، فإذا كانت في حكم الواقع، قيض من يتكلم بتاويلها على ما قدر، فيقع سريعاً، وان لم يكن في حكمه لم يقدَّر لها من يعبرها. (¬1) إسناده صحيح. النفيلي: هو عبد الله بن محمَّد، وزهير: هو ابن معاوية. وأخرجه البخاري (5747)، ومسلم (2261) (1) و (2)، وابن ماجه (3909)، والترمذي (2430)، والنسائي في "الكبرى" (7580) من طرق عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. =

5022 - حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدِ ابن مَوهَبٍ الهمدانىُّ وقتيبةُ بنُ سعيدٍ الثقفيُّ، قالا: حدَّثنا الليثُ، عن أبي الزُّبيرِ عن جابرِ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "إذا رأى أحدُكُم الرؤيا يكرهُها فليبصُق عن يساره، وليتعوَّذْ بالله مِنَ الشيطانِ ثلاثاً، ويتحوَّل عن جنبِه الذي كان عليه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (6984) و (6986) و (6995) و (7005) و (7044)، ومسلم (2261) (1) و (3) و (4) من طرق عن أبي سلمة، به. وقد وصفت الرؤيا في بعض الروايات بالصادقة. وأخرجه البخاري (3292)، والنسائي في "الكبرى" (10666) و (10668) من طريق عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أي قتادة. وهو في "مسند أحمد" (22525)، و"صحيح ابن حبان" (6058) و (6059). وانظر حديث أبي هريرة السالف عند المصنف برقم (5019) وفيه: "فإذا رأى أحدُكم ما يكره فليقم، فليصل، ولا يحدث بها الناس"، وهو في الصحيح. وانظر تمام تخريجه هناك. (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، وأبو الزبير: هو محمَّد بن مسلم بن تدرس، وروايته عن جابر محمولة على السماع وإن لم يصرح به فيما رواه عنه الليث ابن سعد. وأخرجه مسلم (2262)، والنسائي في "الكبرى" (7606) و (10681) عن قتيبة ابن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2262)، وابن ماجه (3908) عن محمَّد بن رمح المصري، عن الليث، به. وهو في "مسند أحمد" (14780)، و"صحيح ابن حبان" (6560). وقد سلف عند المصنف نحوه من حديث أبي قتادة (5021) وحديث أبي هريرة وفي الباب حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد (1154) وسنده صحيح.

5023 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهب، أخبرني يونسُ، عن ابنِ شهاب، أخبرني أبو سلمةً بنُ عبدِ الرحمن أن أبا هريرة قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من رآني في المنَامِ فسَيَراني في اليَقَظَةِ -أو: لكأنما رآني في اليَقَظَةِ- ولا يتمثَّلُ الشيطانُ بي" (¬1). 5024 - حدَّثنا مُسَدد وسليمانُ بنُ داود، قالا: حدَّثنا حماد، حدَّثنا أيوبُ، عن عكرمة عن ابنِ عباسٍ: أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ صوَّر صُورةً عذَّبَهُ اللهُ بها ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد بن أبي النجاد. وأخرجه البخاري (6993) عن عبدان، ومسلم (2266) عن أبي الطاهر وحرملة، ثلاثتهم عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وزاد البخاري في آخر روايته: قال ابن سيرين: إذا رآه في صورته. وأخرجه البخاري (110) و (6197) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة. وفيه زيادة، وقال: "ومن رآني في المنام فإن الشيطان لا يتمثل فى صورتي". وأخرجه مسلم (2266)، والترمذي (2433) من طريق محمَّد بن سيرين، عن أبي هريرة. ولفظه: "من رآني لْي المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي". ورواية الترمذي ضمن حديث. وأخرجه ابن ماجه (3901) من طريق عبد الرحمن، عن أبي هريرة. نحو اللفظ السابق. وزاد مسلم في روايته عن الزهري (2266) أنه قال: فقال أبو سلمة: قال أبو قتادة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من رآني فقد رأى الحق". ثم ساقه مسلم من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن ابن أخي الزهري، عن عمه الزهري، وقال: فذكر الحديثين جميعاً بإسناديهما سواءً مثل حديث يونس يعني (2266). وهو في "مسند أحمد" (7553) و (7168)، و"صحيح ابن حبان" (6051) وانظر أقوال أهل العلم في معنى هذا الحديث في" الفتح" 12/ 383 - 389.

يومَ القيامةِ حتى ينفُخَ فيها, وليس بنافِخٍ، ومن تحلَّم كُلِّفَ أن يعقِدَ شَعِيَرةً، ومنِ استَمَعَ إلى حديثِ قوم يفِرُّونَ بِهِ منه، صُبَّ في أُذُنِه الآنُكُ يومَ القِيامَةِ" (¬1). 5025 - حدَّثنا موسى بنُ اسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتٍ عن أنسِ بنِ مالكِ، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "رأيتُ الليلةَ كأناَّ في دارِ عُقبةَ بنِ رافع، وأُتِينا برُطَبٍ من رُطَبِ ابنِ طابٍ، فأوَّلتُ: أن الرفعةَ لنا في الدُّنيا، والعاقبةَ في الآخِرَةِ، وأن دينَنا قد طَابَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن زيد، وأيوب: هو ابن أبي تميمة. وأخرجه الترمذي (1847)، والنسائي في" "الكبرى" (9698) مختصراً عن قتيبة ابن سعيد، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (7042) من طريق سفيان بن عيينة، ومختصراً الترمذي (2436) من طريق عبد الوهاب، كلاهما عن أيوب، به. وأخرجه بأخصر مما هنا وفيه قصة البخاري (2225) من طريق سعيد بن أبي الحسن، عن ابن عباس. وأخرجه كذلك البخاري (5963)، والنسائي في "الكبرى" (9697) من طريق النضر بن أنس، عن ابن عباس. وأخرجه البخاري بإثر (7042) موقوفاً على ابن عباس من طريق خالد، عن عكرمة، عنه. وقال: تابعه هشام عن عكرمة عن ابن عباس. قوله. وهو في "مسند أحمد" (1866)، و"صحيح ابن حبان" (5685). قال الخطابي: قوله: "تحلَّم"، معناه: تكذَّب بما لم يره في منامه، يقال: حلم الرجل يحلم، إذا رأى حلما، وحَلُمَ: بالضم، إذا صار حليماً، وحلِم الأديم: بكسر اللام حلماً. ومعنى عقد الشعيرة: أنه يكلف ما لا يكون ليطول عذابه في النار. وذلك: أن عقد ما بين طرفي الشعيرة غير ممكن. والآنُك: الأسْرُدبُّ: قلنا: هو الرصاصُ المذاب. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم البناني. =

96 - باب في التثاؤب

96 - باب في التثاؤب 5026 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونَس، حدَّثنا زُهيرُ، عن سُهيلٍ، عن ابن أبي سعيدِ الخدري عن أبيه، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا تثاءب أحدُكم، فليُمسِك على فيه، فإن الشَّيطانَ يدخلُ" (¬1). 5027 - حدَّثنا ابنُ العلاءِ عن وكيعِ، عن سفيانَ عن سُهيلِ، نحوه، قال: "في الصَّلاةِ فليَكظِم ما استطاعَ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2270)، والنسائي في "الكبرى" (7597) من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبىُّ، عن حماد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (13219). قال النووي في "شرح مسلم" 15/ 25: قوله: "برطب من رطب ابن طاب": هو نوع من الرطب معروف يقال له: رطب ابن طاب، وتمر ابن طاب، وعذق ابن طاب، وعرجون ابن طاب، وهي مضاف إلى ابن طاب: رجل من أهل المدينة. وقوله:" أن ديننا قد طاب": أي: كمل واستقرت أحكامه وتمهدت قواعده. (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية، وسهيل: هو ابن أبي صالح، وابن أبي سعيد الخدرى: هو عبد الرحمن. وأخرجه مسلم (2995) من طريق بشر بن المفضل، و (2995) من طريق عبد العزيز، كلاهما عن سهيل، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2995)، وابن حبان في "صحيحه" (2360) من طريق جرير، عن سهيل عن أبيه. وعن ابن أبي سعيد، عن أبي سعيد. وهو في "مسند أحمد" (11889)، و (11916). وانظر ما بعده. (¬2) إسناده صحيح. ابن العلاء: هو محمَّد بن كريب (أبوكريب)، ووكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو ابن سعيد الثورى. =

5028 - حدَّثنا الحسنُ بنُ علي، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا ابنُ أبي ذئبٍ، عن سعيدِ المقبريِّ عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهُ يحِبُّ العُطَاسَ، ويكرَهُ التّئاؤبَ، فإذا تثاءبَ أحدُكم فليرُدَّهُ ما استطاعَ، ولا يقُل: هَاهْ هاه، فإنما ذلكم مِن الشَّيطانِ، يضحَكُ مِنه " (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2995) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (11262) و (11323). وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب، وسعيد المقبري: هو سعيد بن أبي سعيد كيسان. وأخرجه الترمذي (2950) عن الحسن بن علي، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3289) و (6223) و (6226)، والنسائي في "الكبرى" (9971) و (9972) من طرق عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، به. ولفظ النسائي الأول: "العطاس من الله، والتثاؤب من الشيطان، فإذا عطس أحدم فليحمدِ الله، وحق على من سمعه أن يقول: يرحمكم الله". وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9973) من طريق القاسم، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة. وأخرجه الترمذي (2949)، والنسائي في "الكبرى" (9974) من طريق ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. وأخرجه مسلم (2994)، والترمذي (370)، وابن حبان (2357) و (2359) من طريق العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة. ولفظه: " التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليكظم ما استطاع"، وقيد الترمذي وابن حبان في روايته الثانية: التثاؤب في الصلاة. قال الحافظ العراقي في "شرح الترمذي": أكثر رواية "الصحيحين" فيها إطلاق التثاؤب، ووقع في الروايات الأخرى تقييدها بحالة الصلاة، فيحتمل أن يحمل المطلق على المقيد، وللشيطان غرض قوي في التشويش على المصلي في صلاته، ويحتمل أن تكون كراهته في الصلاة أشد، ولا يلزم من ذلك أنه لا يكره في غير حالة الصلاة. =

97 - باب في العطاس

97 - باب في العُطَاس 5029 - حدَّثنا مُسَدَّدُ، حدَّثنا يحيى، عن ابن عجلانَ، عن سُمَيٍّ، عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة، قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إذا عَطَس وضَعَ يَدَه - أو ثوبَهُ- على فيهِ، وخَفَضَ -أو غضَّ- بها صوتَهُ. شَكَّ يحيى (¬1). 5030 - حدَّثنا محمدُ بنُ داودَ بنِ سُفيانَ وخُشيشُ بنُ أصرمَ، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، عن ابنِ المُسيَّب عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:"خَمْسٌ تَجِبُ للمُسلِمِ على أخيه: ردُّ السَّلامِ، وتشميتُ العَاطِس، وإجابةُ الدعوة، وعيادةُ المريضِ، واتباعُ الجَنَازَة" (¬2). ¬

_ = وفي "مسند أحمد" (7294) و (7599) و (9162) و (9535)، و "صحيح ابن حبان" (598) و (2358). وأخرج ابن ماجه في "سننه" (968) من طريق عبد الله بن سعيد المقبري -وهو متروك-، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال:" إذا تثاءب أحدُكم فليضع يده على فيه، ولا يَعْوى، فإن الشيطان يضحك منه". (¬1) حديث صحيح، ابن عجلان -وهو محمَّد- متابع في رواية أبي الشيخ في "أخلاق النبي -صلى الله عليه وسلم-" ص 237 - 238، وأبي نعيم في "الحلية" 3/ 346. وأخرجه الترمذي (2948) عن محمَّد بن وزير الواسطي عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (9662). (¬2) إسناده صحيح. محمَّد بن داود بن سفيان وإن لم يرو عنه غير أبي داود، تابَعَه خُشيش بن أصرم وهو ثقة حافظ. وأخرجه مسلم (2162) عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. =

98 - باب ما جاء في تشميت العاطس

98 - باب ما جاء في تشميت العاطس 5031 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن هِلال ابنِ يِسَاف، قال: كنَّا معَ سالمِ بنِ عُبيد، فَعَطَسَ رَجُلٌ مِنَ القوم، فقال: السلامُ عليكم، فقال سَالِم: وعليكَ وعلى أُمِّك، ثم قال بعدُ: لعلَّكَ وجدتَ مما قلتُ لك، قال: لودِدْتُ أنَّك لم تذكُرْ أُمي بخيرِ ولا بِشَرٍّ؟ قال: إنما قلتُ لكَ كما قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، إنا بينَا نحنُ عندَ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- إذ عَطَسَ رَجُلٌ مِن القومِ، فقال: السلامُ عليكم، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:"وعليكَ وعلى أُمِّكَ" ثم قال: "إذا عَطَسَ أحَدُكُم فليَحْمَدِ اللهَ" قال: فذكر بعضَ المحامِدِ،"وليَقُل لَهُ مَن عِنْدَه: يرحمُك اللهُ، وليرُدَّ -يعني عليهم- يغفرُ الله لنا ولكم" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (1240)، والنسائي في "الكبرى" (9978) من طريق الأوزاعي، ومسلم (2162) (4) من طريق يونس، كلاهما عن الزهرى، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2162)، وابن ماجه (1435)، والترمذي (2935)، والنسائي في "الكبرى" (2076) من طرق عن أبي هريرة، ولفظ مسلم "حق المسلم على المسلم ست" قيل: ما هو يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: "إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، واذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمِدَ الله فسمته، وإذا مرض، فعده، وإذا مات فأتبعه". وهو في "مسند أحمد" (8271) و (10966)، و"صحيح ابن حبان" (241) (¬1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعاً بين هلال ابن يساف وبين سالم بن عبيد، فقد رواه النسائي في "الكبرى" (9987) من طريق منصور، عن هلال، عن رجل، عن خالد بن عرفطة، عن سالم ... =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وأخرجه أحمد في "مسنده" (23853)، والنسائي في "الكبرى" (9986) من طريق منصور، عن هلال بن يساف، عن رجل، عن آخر قال: كنا مع سالم ... ، وقال أبو عبد الرحمن (يعني النسائي): وهذا الصواب عندنا، والأول خطأ والله أعلم. وعند أحمد (عن رجل من آل خالد بن عرفطة). وأخرجه الترمذي (2938) من طريق سفيان، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن سالم بن عبيد الأشجعي ... ، وقال: هذا حديث اختلفوا في روايته عن منصور وقد أدخلوا بين هلال بن يساف وبين سالم رجلاً. قلنا: ولمتن الحديث شاهد يتقوى به من حديث عبد الله بن مسعود، أخرجه الطبراني (10326)، والحاكم 4/ 266، وفيه عطاء بن السائب، ورواه البخاري في "الأدب" (934)، والحاكم 4/ 266 من طريق سفيان الثوري، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عبد الد بن مسعود، قوله. وهذا إسناد حسن، فإن سفيان روى عن عطاء قبل الاختلاط. وفي "مصنف عبد الرزاق" (19677) من طريق معمر، عن بديل العقيلي، عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير. قال: عطس رجل عند عمر بن الخطاب، فقال: السلام عليك، فقال عمر: وعليك وعلى أمك، أما يعلم أحدكم ما يقولُ إذا عطس؟ إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل القوم: يرحمك الله، وليقل هو: يغفر الله لكم. رجاله ثقات. وآخر من حديث ابن عمر عند البزار (2011)، قال الهيثمي في "المجمع" 8/ 57: وفيه أسباط بن عزرة لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات. وفي الباب عن أبي أيوب الأنصاري، عند أحمد في "مسنده" (23557) و (23587). وعن علي عند أحمد أيضاً (972) و (973). وانظر "شرح شكلل الآثار" (4010)، و "مسند أحمد" (23853)، و" صحيح ابن حبان" (599). وانظر ما بعده.

99 - باب كم يشمت العاطس

5032 - حدَّثنا تَميمُ بنُ المُنتَصِر، حدَّثنا إسحاقُ -يعني ابنَ يوسفَ- عن أبي بِشْرٍ ورقاءَ عن منصورٍ، عن هلالِ بنِ يِسَافٍ، عن خالدِ بنِ عَرْفَجَةَ، عن سالمِ بنِ عُبيدِ الأشجعيِّ، بهذا الحديث، عن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - (¬1). 5033 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ عبدِ الله بن أبي سَلَمَةَ، عن عبدِ الله بنِ دينارِ، عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة، عن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -، قال: "إذا عَطَسَ أحدُكُم فليقُلْ: الحمدُ لله على كل حال، وليقُل أخوه أو صَاحِبُه: يرحمُكَ اللهُ، ويقول هو: يَهدِيكُمُ اللهُ، ويُصلحُ بالكُم" (¬2). 99 - باب كم يُشمَّتُ العاطِسُ 5034 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابنِ عجلانَ، حدَّثني سعيدُ بنُ أبي سعيدٍ عن أبي هريرة، قال: شَمِّت أخاكَ ثلاثاً، فما زادَ فهو زُكَامٌ (¬3). ¬

_ (¬1) خالد بن عَرْفَجة، هكذا جاء في (ب) و (ج) و (هـ)، وأشار المزي في "تهذيب الكمال" إلى أن رواية أي داود كذلك. وجاء في (أ) وحدها: ابن عُرفطة، وصوّبه في "التقريب" وخالد هذا قال عنه المنذرى: يشبه أن يكون مجهولاً، فإن أبا حاتم الرازي قال: لا أعرف أحداً يقال له: خالد بن عُرفطة إلا واحداً: الذي له صحبة. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه دون قوله: "على كل حال" البخاري (6224) عن مالك بن إسماعيل، والنسائي في "الكبرى" (9989) من طريق يحيى بن حسان، كلاهما عن عبد العزيز بن عبد الله، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (8631)، و"شرح مشكل الآثار" (4012). وانظر حديث أبي هريرة أيضاً في "المسند" (9530). (¬3) إسناده حسن، وهو موقوف. =

5035 - حدَّثنا عيسى بنُ حمَّادٍ المصريُّ، أخبرنا الليثُ، عن ابنِ عجلانَ، عن سعيدِ بنِ أبي سعيدِ، عن أبي هريرة، قال: لا أعلمه إلا أنه رفعَ الحديثَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، بمعناه (¬1). قال أبو داود: رواه أبو نُعَيم، عن موسى بنِ قَيس، عن محمَّد ابنِ عجلانَ، عن سعيدِ، عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. 5036 - حدَّثنا هارونُ بنُ عبدِ اللهِ، حدَّثنا مالكُ بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا عبدُ السَّلامِ بنُ حرب، عن يزيدَ بنِ عبدِ الرحمن، عن يحيى بنِ إسحاقَ بنِ عبدِ الله ابنِ أبي طلَحةَ، عن أُمِّهِ حُميدةَ أو عُبيدةَ بنتِ عُبيدِ بن رفاعة الزُّرَقي عن أبيها، عن النبيِّ- صلى الله عليه وسلم - قال: "شَمِّتِ العاطِسَ ثلاثاً فإن شئتَ فشَمِّتهُ، وإن شِئتَ فكُفَّ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (9358) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (939) من طريق سفيان، عن ابن عجلان، به. وانظر ما بعده. (¬1) إسناده قوى مرفوعاً. وأخرجه البيهقي في "الشعب" (9359) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه كذلك ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (250) من طريق عيسى بن حماد، والطبراني في "الدعاء" (1999) من طريق عبد الله بن صالح، كلاهما عن الليث، به. وجزم برفعه الطبراني في "الدعاء" (1998) و (2000) و (2001) من طرق عن ابن عجلان، به. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (8899)، من طريق يحيى بن أبي أنيسة، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (251) من طريق سليمان بن أبي داود، كلاهما عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبى هريرة. ويشهد له حديث سلمة بن الأكوع الآتي بعد هذا. (¬2) إسناده ضعيف لجهالة حميدة أو عبيدة، وعبيد بن رفاعة: ليست له صحبة. =

100 - باب كيف بشمت الذمي

5037 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، أخبرنا ابنُ أبي زائدةَ، عن عِكرِمَة ابنِ عمار، عن إياسِ بنِ سَلمةَ بنِ الأكوَع عن أبيه: أنَّ رجلاً عَطَسَ عندَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فقال له: "يرحَمُكَ الله"، ثم عَطَسَ، فقال النبيُّ- صلى الله عليه وسلم -: "الرجُلُ مزْكُومٌ" (¬1). 100 - باب كيف بُشمَّتُ الذميُّ 5038 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شَيبةَ، حدَّثنا وكيعٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن حكيم ابنِ الدَّيلمي، عن أبي بُردة ¬

_ = وأخرجه الترمذي (2947) من طريق عبد السلام بن حرب، عن يزيد بن عبد الرحمن أبي خالد الدالاني، عن عمر بن إسحاق بن أبي طلحة، عن أمه، عن أبيها. فذكره. وقال: هذا حديث غريبٌ وإسناده مجهول. (¬1) إسناده صحيح. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا. وأخرجه مسلم (2993) من طريق وكيع وهاشم بن القاسم، والترمذي (2943) من طريق عبد الله بن المبارك، والنسائي في "الكبرى" (9980) من طريق سليم بن أخضر، أربعتهم عن عكرمة، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2944) من طريق يحيى بن سعيد، و (2945) من طريق شعبة، و (2946) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن عكرمة أيضاً، به، إلا أنه قال له (أي للعاطس) في الثالثة: "أنت مزكوم". وقال: هذا أصح. وأخرجه ابن ماجه (3714) عن علي بن محمَّد، عن وكيع، عن عكرمة، به. بلفظ: "يُشمَّت العاطُسُ ثلاثاً فما زاد، فهو مزكوم". فجعل علي بن محمَّد -شيخ ابن ماجه- الحديث كله من لفظ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي رواية شاذَّة، قاله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" 10/ 605 انفرد بها علي بن محمَّد بن وكيع، وخالفه فيها محمَّد بن عبد الله ابن نمير راويه عن وكيع عند مسلم (2993) (55) فرواه من فعله - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: عطس رجل عند النبي-صلى الله عليه وسلم-، فقال له: "يرحمك الله" ثم عطس أخرى، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الرجل مزكوم". وهو في "مسند أحمد" (16501) و (16529)، و"صحيح ابن حبان" (600).

101 - باب فيمن يعطس ولا يحمد الله

عن أبيه، قال: كانت اليهودُ تعاطَسُ عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، رجاء أن يقولَ لها: يرحمُكُم اللهُ، فكان يقول: "يهدِيكُم اللهُ ويُصْلِحُ بالكُم" (¬1). ْ101 - باب فيمن يعطس ولا يحمدُ الله 5039 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا زُهير (ح) وحدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ -المعنى- قالا: حدَّثنا سليمانُ التَّيميُّ عن أنسٍ، قال: عَطسَ رجُلانِ عندَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فشمَّتَ أحدَهما وتركَ الأخَرَ، قال: فقيلَ: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، رجُلان عَطَسا فشَمَّتَّ أحدَهُما- قال أحمدُ: أو فسَمَّتَّ أحدَهُما- وتركتَ الاَخَرَ، فقال: "إنَّ هذا حَمِدَ اللهَ، وإن هذا لم يَحمَدِ اللهَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو الثوري، وأبو بردة: هو عامر بن عبد الله بن قيس الأشعري. وحكيم بن الديلمي -يقال في اسمه أيضاً: ابن الديلم-، وكلاهما صحيح. وأخرجه الترمذي (2937) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والنسائي في "الكبرى" (9990) من طريق معاذ بن معاذ، كلاهما عن حكيم بن الديلم، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (19586)، و"شرح مشكل الآثار" للطحاوي (4014) و (4015). (¬2) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية بن حُديج، وسفيان: هو الثوري، وسليمان التيمي: هو ابن طرخان. وأخرجه البخاري (6221) عن محمَّد بن كثير، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2942) عن ابن أبي عمر، عن سفيان، به. وأخرجه البخاري (6225)، ومسلم (2991)، وابن ماجه (3713)، والنسائي في "الكبرى" (9979) من طرق عن سليمان التيمي، به. وهو في "مسند أحمد" (11962)، و "صحيح ابن حبان" (600) و (601). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 141 - 142: يقال: شَمَّتَ وسَمَّتَ بمعنى واحد، وهو: أن يدعو للعاطس بالرحمة. وفيه بيان أن تشميت من لم يحمد الله غير واجب. =

أبواب النوم

أبواب النوم 102 - باب في الرجل ينبطحُ على بَطْنه 5040 - حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، حدَّثنا معاذُ بنُ هِشام، حدَّثني أبي، عن يحيى بنِ أبي كثيرِ، حدَّثنا أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرحمن عن يعِيشَ بنِ طَخْفة بنِ قَيس الغِفارِىِّ، قال: كان أبي من أصحابِ الصُّفَّة، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "انطَلِقُوا بِنَا إلى بيتِ عائشةَ"، فانطلقْنا، فقال: "يا عائِشَةُ، أَطعِمِينَا" فجاءت بجشيشة فأكلنا، ثم قال: "يا عائشةُ، أطْعِمِينَا"، فجاءت بحيسَةٍ مثلِ القَطاةِ، فأكلنا، ثم قال: "يا عائِشةُ، اسقينا" فجاءت بعُسٍّ مِنْ لَبَنٍ، فشربنا، ثم قال: "يا عائشةُ، اسقِينا" فجاءت بقدَحٍ صغير، فشرِبنا، ثم قال: "إن شِئتم بِتُّم وإن شِئتمْ انطَلَقتُم إلى المَسْجِدِ" قال: فبينما أنا مُضطجعٌ مِنَ السَّحَرِ على بَطني، إذا رَجُلٌ يحرِّكني برِجْلِه، فقال: "إنْ هذِه ضِجْعةٌ يُبْغِضُهَا اللهُ عزَّ وجلَّ" قال: فنظرتُ فإذا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- (¬1). ¬

_ = وحكي عن الأوزاعي: أنه عطس رجل بحضرته، فلم يحمد الله، فقال له الأوزاعي: كيف تقول إذا عطست، فقال: أقول: الحمد لله، فقال له: يرحمك الله. وإنما أراد بذلك أن يستخرج منه الحمد ليستحق التشميت. (¬1) النهي عن النوم على البطن فيه، حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لاضطرابه ولجهالة ابن طخفة، وقد اضطربوا في اسمه واسم أبيه كما هو مبين في "مسند أحمد" (15543). وأخرجه بقصة النوم على البطن ابن ماجه (3723) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن قيس بن طخفة الغفاري، عن أبيه. فذكره. وانظر بسط الكلام عليه وتخريجه في "المسند" (15543). ولقصة النهي عن النوم على البطن، شاهد من حديث أبي أمامة، أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1188)، وابن ماجه (3725). وهو حديث حسن. =

103 - باب في النوم على سطح غبر محجر

103 - باب في النوم على سَطحٍ غبرِ مُحَجَّرٍ 5041 - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثَّنى، حدَّثنا سالم ٌ-يعني ابنَ نوح-، عن عُمَرَ ابنِ جابر الحنفيِّ، عن وعْلةَ بنِ عبد الرحمن بن وثّاب، عن عبدِ الرحمن بنِ علي -يعني ابنَ شيبانَ- عن أبيه، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن باتَ على ظَهرِ بَيتٍ ليس له حِجَارٌ (¬1) فقد برِئَت منه الذمَّةُ" (¬2). ¬

_ = وآخر مرسل عن عمرو بن الشريد، أخرجه أحمد في "مسنده" (19458) ومرفوعه حسن لغيره. وفيه: "هي أبغض الرقدة إلى الله عز وجل". وقوله: "بجشيشة" قال ابن الأثير في "النهاية": هي أن تطحن الحنطة طحناً جليلاً، ثم تُجعل في القدور ويلقى عليها لحم أو تمر وتطبخ، وقد يقال لها: دشيشة، بالدال. انتهى. وقوله: "بحيسة": هي أخلاط من تمر وسويق وأقط وسمن مجمع فتؤكل. "القطاة" -بفتح القاف-: ضرب من الحمام، وكأنه شُبِّه في القلة. "بعُسٍّ"- بضم عين فتشديد سين-: قدحٌ ضخم. "بتُّم": من البيتوتة، فيه إكرام الفقراء والتحمل على الضيق لهم. (¬1) المثبت من (ب) و (ج)، وقال المنذري في "اختصار السنن" 7/ 315: هكذا وقع في روايتنا: "حجار" براء مهملة بعد الإلف، وتبويب صاحب الكتاب يدلُ عليه. وجاء في (هـ): "حجّى"، وعليها شرح الخطابي، وفي (أ): "حجاز"، يعني بزاي معجمة بعد الألف، وقال ابن الأثير في "جامع الأصول": الذي قرأته في كتاب أبي داود: "حجاب" يعني بالباء، وفي نسخة أخرى: "حجار"، ومعناهما ظاهر. قلنا: في "الأدب المفرد" للبخاري عن محمَّد بن المثنى شيخ المصنف نفسه: "حجاب"، وهو نسخة أشار إليها في (أ). (¬2) إسناده ضعيف لجهالة عمر بن جابر الحنفي ووعلة بن عبد الرحمن. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1192) عن محمَّد بن المثنى، بهذا الإسناد. وقال: في إسناده نظر. وعنده: "ليس عليه حجاب". =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = وله شاهد من حديث أبي عمران الجوني، قال: حدثني بعض أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه أحمد في "مسنده" (25748) وإسناده ضعيف. وثان من حديث ابن عباس عند ابن عدي في "الكامل" 2/ 702 و 708. وفي إسناده الحسن بن عمارة، وهو متروك عند أهل الحديث. وثالث من حديث عبد الله بن جعفر عند الطبراني في "الكبير" (217 - قطعة من الجزء 13) وفي إسناده يزيد بن عياض كذبه مالك وغيره. ورابع عن سمرة بن جندب، أخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (7388). وفي إسناده الخليل بن زكريا -وهو ضعيف. وهذه الشواهد لا يُفرح بها ولا تصلح أن تشد الحديث وتقويه. وأخرج الترمذي (3070) من طريق عبد الجبار بن عمر، عن محمَّد بن المنكدر، عن جابر قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينام الرجل على سطح ليس بمحجور عليه. وإسناده ضعيف لضعف عبد الجبار بن عمر. وقال: هذا حديث غريب. وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" (1193)، وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيرى (7387) من طريق عمران بن مسلم بن رياح، عن علي ابن عمارة، قال: جاء أبو أيوب الأنصاري فصعدت به على سطح أفلح، فنزل وقال: كدتُ أن أبيت الليلة ولا ذمة لي. وعلي بن عمارة مجهول الحال. وقوله: "ليس له حِجارٌ": قال الخطابي في "معالم السنن": هذا الحرف يروى: "حَجى" بفتح الحاء وكسرها، ومعناه معنى الستر والحجاب، فمن قال: الحجى - بكسر الحاء- شبهه بالحجى الذي هو بمعنى العقل. وذلك أن العقل يمنع الإنسان من الردى والفساد، ويحفظه من التعرض للهلاك، فشبه الستر الذي يكون على السطح المانع للإنسان من التردي والسقوط بالعقل المانع له من أفعال السوء، المؤدية له إلى الردى والهلاك. ومن رواه بفتح الحاء: ذهب إلى الطرف والناحية، وأحجاء الشيء: نواحيه، واحدها حجى مقصور. وقوله: "فقد برئت منه الذمة"، قال السندي في "حاشته على المسند": أي العهدة والأمان، يريد أن لا يُؤخذ أحد بذمته، وليس على أحد عهدته؛ لأنه عرَّض نفسه للهلاك، ولم يحترز لها.

104 - باب في النوم على طهارة

104 - باب في النوم على طَهارةٍ 5042 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا عاصم بن بَهْدَلةَ، عن شَهرِ بن حَوشب، عن أبي ظَبْيةَ عن معاذ بن جبل، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "مَا مِن مُسلمٍ يَبيتُ على ذكرٍ، طاهراً، فيتعَارُّ مِنَ الليلِ، فيسألُ الله خَيراً من الدُّنيا والأخِرةِ إلا أعطَاهُ إياه". قال ثابثٌ البنانيٌّ: قَدِمَ علينا أبو ظَبْية، فحدَّثنا بهذا الحديثِ، عن معاذ بنِ جبل، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح من جهة ثابت البناني، والراوي عنه هنا حماد -وهو ابن سلمة-، ضعيف من جهة عاصم بن بهدلة لضعف شهر بن حوشب. وأخرجه ابن ماجه (3881) من طريق أبى الحسين زيد بن الحباب، والنسائي في "الكبرى" (10573) من طريق أبي داود الطيالسي، و (10574) من طريق عفان، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10573) من طريق ثابت بن أسلم البناني، عن شهر بن حوشب، به. وأخرجه النسائي (10573) و (10574) من طريق ثابت، عن أبي ظبية، به. وهو في "مسند أحمد" (22048) و (22092). ورواه شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن أبي ظببة، عن عمرو بن عبَسة، فذكر صحابياً آخر، أخرجه النسائي في "الكبرى" (10575) و (10576) و (10577). وهو في "مسند أحمد" (17021). وانظر حديث عبادة بن الصامت الآتي برقم (5060). قال الخطابي في "معالم السنن": قوله: "يتعار"، معناه: يستيقظ من النوم، وأصل التعار: السهر والتقلب على الفراش، ويقال: إن التعار لا يكونُ إلا مع كلامٍ وصوت، وهو مأخوذ من عِرار الظليم. والعِرار: بكسر العين -وهو صوته. والظليم -بفتح الظاء وكسر اللام- الذكر من النعام.

105 - باب كيف يتوجه

قال ثابتٌ: قال فلانٌ: لقد جَهِدْتُ أن أقولَها حينَ أنبعِثُ، فما قَدَرْتُ عليها. 5043 - حدَّثنا عثمانُ بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا وكيع، عن سفيانَ، عن سلمةَ ابن كُهيل، عن كريب عن ابنِ عباس: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قام من الليل، فقضَى حاجتَهُ، فغسلَ وجهَهُ ويَدَيه، ثم نام (¬1). قال أبو داود: يعني بالَ. 105 - باب كيف يتوجه (¬2) 5044 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا حمادٌ، عن خالدٍ الحذّاءِ، عن أبي قِلابةَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وسفيان: هو الثوري. والحديث قطعة من قصة مبيت ابن عباس عند خالته ميمونة، وقد سلف مطولاً عند المصنف برقم (1364) من طريق غريب، وانظر تمام تخريجه هناك. وأخرجه مختصراً مسلم (304) عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي غريب، عن وكيع، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (508 م) من طريق شعبة، عن سلمة، به. وأخرجه ابن ماجه (508) من طريق وكيع، عن زائدة بن قدامة، عن سلمة، به. وأخرجه ابن ماجه (508 م) من طريق شعبة، عن سلمة، عن بكير بن عبد الله الأشج، عن غريب، به. وهو في "مسند أحمد" (2083). وانظر ما سلف عند المصنف برقم (610) من طريق عطاء عن ابن عباس. (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (هـ)، وجاء حديثه في سائر أصولنا الخطية ضمن الباب السابق قبل حديث عثمان بن أبي شيبة.

106 - باب ما يقال عند النوم

عن بعضِ آلِ أُمِّ سَلَمة، قال: كان فِراشُ النبي -صلى الله عليه وسلم- نحواً مِمَّا يُوضَعُ الإنسانُ في قَبره، وكان المسجدُ عندَ رأسِه (¬1). 106 - باب ما يُقالُ عند النوم 5045 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ، حدَّثنا عاصِمٌ، عن مَعبدِ ابنِ خالدِ، عن سواءٍ عن حفصةَ زوجِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - كان إذا أن يَرْقُدَ وضَعَ يده اليمنى تحتَ خَدِّه ثم يقول: "اللَّهُمَّ قِنِي عذَابكَ يومَ تبعَثُ عِبادَكَ" ثلاثَ مرارٍ (¬2). ¬

_ (¬1) قال المنذري: لا يعرف هذا الذي حدث عنه أبو قلابة هل له صحبة أم لا؟ وقال ابن حجر في "المطالب العالية": مرسل حسن. وهو عند مسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" للبوصيري (5560)، ومن طريقه أخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي-صلى الله عليه وسلم-"، ص 157 عن حماد بن زيد، بهذا الاسناد. وقال صاحب "بذل المجهود": وكتب مولانا محمَّد يحيى المرحوم في "التقرير" قوله: وكان المسجد عند رأسه: أراد بالمسجد المسجد النبوي، فهو بيان لما كان عليه منامه من التوجه إلى القبلة مضطجعا على شقه الأيمن، وإن أريد به مسجد بيته، فهو بيان لأمر زائد على المذكور قبله، فافاد بقوله نحواً مما يوضع الإنسان في قبره أن نومه كان على شقه الأيمن متوجهاً إلى القبلة، ثم ذكر بعده: أن مسجده الذي كان يتهجد فيه، كان عند رأسه، ففيه دلالة على أنه لم يكن همه إلا الطاعة. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال سواء الخزاعي واضطراب عاصم -وهو ابن أبي النجود- فيه، على ما هو مبيَّن في "مسند أحمد" عند الحديث (26460). وأبان: هو ابن يزيد العطار. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10598) من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبان العطار، بهذا الإسناد. =

5046 - حدَّثنا مسَدَّدٌ:، حدَّثنا المعتمِرُ، سمعتُ منصوراً يُحدث، عن سعْدِ ابنِ عُبيدةَ حدَّثني البراءُ بنُ عازبٍ قال: قال لي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أتيتَ مَضجَعَكَ فتوضأ وُضُوءَكَ للصلاة، ثم اضطجِعْ على شِقِّكَ الأيمنِ، وقيل: اللهُمَّ أسلمتُ وجهي إليكَ، وفوَّضْتُ أمري إليك، وألجأتُ ظهري إليك، رَهْبَةً ورغبة إليك، لا ملجأ ولا مَنْجَى مِنك إلا إليكَ، اَمنتُ بكتابِك الذي أنزلتَ، ونبيِّكَ الذي أرسلتَ". قال: "فإن مُتَّ مُتَّ على الفطرةِ، واجعلهُنَّ اَخِرَ ما تقولُ " قال البراءُ: فقلتُ- أستذْكِرُهُنَّ-: وبرسولك الذي أرسلتَ، قال:" لا، وبنبيِّكَ الذي أرسلتَ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه أيضاً (10529) من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم بن أبي النجود، عن سواء، به. فأسقط الواسطة بين عاصم وبين سواء، وهو معبد. وهو في "مسند أحمد" (26462) و (26465). ويشهد له حديث حذيفة بن اليمان عند الترمذي (3398). وأحمد (23244). وسنده صحيح. وانظر تتمة شواهده عند حديث ابن مسعود في "مسند أحمد" (3742). (¬1) إسناده صحيح. المعتمر: هو ابن سليمان بن طرخان التيمي، ومنصور: هو ابن المعتمر بن عبد الله السلمي. وأخرجه البخاري (6311) عن مسدد، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10550) عن محمَّد بن عبد الأعلى، عن المعتمر، وأخرجه مسلم (2710)، والترمذي (3891) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن منصور بن المعتمر، به. وأخرجه مسلم (2710)، والنسائي (10548) و (10549) و (10552) و (10553) من طرق عن سعد بن عبيدة، به. =

5047 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن فِطرِ بنِ خليفةَ، سمعتُ سعدَ بنَ عُبيدةَ، سمعتُ البراءَ بنَ عازب، قال: قال لي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أويْتَ إلى فراشِكَ، وأنت طاهِرٌ، فتَوَسَّد يمينَك" ثم ذكر نحوه (¬1). 5048 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الملك الغزَّالُ، حدَّثنا محمدُ بنُ يوسفَ، حدَّثنا سفيانُ، عن الأعمشِ ومنصورٍ، عن سعد بنِ عُبيدة ¬

_ = وأخرجه البخاري (6313) و (6315) و (7488)، ومسلم (2710)، وابن ماجه (3876)، والترمذي (3691)، والنسائي (10527) و (10541 - 10546) و (10555) من طرق عن البراء بن عازب. وهو في "مسند أحمد" (18515)، و"صحيح ابن حبان" (5527) و (5536). قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 143: الفطرة هنا فطرة الدين والاسلام، وقد تكون الفطرة أيضاً بمعنى السنة، وهي ما جاء في الحديث: "أن عشراً من الفطرة"، فذكر منها: المضمضة والاستنشاق مع سائر الخصال. وقال القرطبي تبعاً لغيره: هذا حجة لمن لم يجز نقل الحديث بالمعنى، وهو الصحيح من مذهب مالك، فإن لفظ النبوة والرسالة مختلفان في أصل الوضع، فإن النبوة من النبأ وهو الخبر، فالنبي في العرف هو المنبأ من جهة الله بأمر يقتضي تكليفاً، وان أمر بتبليغه فهو رسول ... قال النووي: وجمهور أهل العلم على جوازها من العارف ويجيبرن عن هذا الحديث بأن المعنى هنا مختلف، ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى. واختار المازري وغيره: أن سبب الإنكار على من قال: "الرسول" بدل "النبي-صلى الله عليه وسلم-" أن ألفاظ الأذكار توقيفية ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس، فينبغي أن يقتصر على اللفظ الوارد بحروفه؛ لأن الإجابة ربما تعلقت بتلك الحروف، أو لعله أوحي إليه بها، فتعين أداؤها بلفظها. انظر"فتح البارى" 11/ 112، و "شرح مسلم" 17/ 28. (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10551) من طريق يحيى بن آدم، عن فطر بن خليفة، بهذا الإسناد.

عن البراءِ بنِ عازبٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، بهذا. قال سفيانُ: قال أحدُهما: " إذا أتيتَ فِراشَك طاهِراً"، وقال الأخرُ: "توضَّا وُضُوءَك لِلصلاة" وساق معنى مُعتَمِرٍ (¬1). 5049 - حدَّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا وكيع، عن سفيانَ، عن عبدِ الملك ابنِ عُمَير، عن رِبْعيّ عن حُذيفة، قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا نام قال: "اللهُمَّ باسمِكَ أحيا وأموتُ"، وإذا استيقَظَ قال: "الحمدُ لله الذي أحياناً بعدَ ما أماتَنا، وإليه النُشورُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومنصور: هو ابن المعتمر. وأخرجه البخاري (247) من طريق عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن منصور وحده، بهذا الإسناد. وقال فيه: "توضأ وضوءَك للصلاة". (¬2) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري، وربعي: هو ابن حِراش. وأخرجه ابن ماجه (3880) عن علي بن محمَّد بن إسحاق، عن وكيع، بهذا الاسناده. وأخرجه البخاري (6312) و (6324)، والنسائي في "الكبرى" (10626) و (10627) من طرق عن سفيان، به. واقتصر النسائي على الشطر الثاني منه. وأخرجه البخاري (6314) و (7394)، والترمذي (3715) من طرق عن عبد الملك ابن عمير، به. وأخرج الشطر الثاني منه النسائي في "الكبرى" (10628) و (10629) من طريقين الشعبي ومنصور كلاهما عن ربعي، به. وهو في "مسند أحمد" (23271)، وه "صحيح ابن حبان" (5532). =

5050 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا عُبيدُ الله بن عمر، عن سعيد بنِ أبي سعيدِ المَقبُريِّ، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أوى أحدُكُم إلى فِرَاشِهِ فَلينفُضْ فرَاشَهُ بدَاخِلَةِ إزَارِهِ، فإنه لا يَدرِي ما خَلَفَهُ عليه، ثم ليضْطَّجعْ على شِقه الأيمنِ، ثم ليقل: باسمك ربي وضعتُ جنبي، وبك أَرفعُه، إن أمسكتَ نفسي فارحَمها ,وإن أرسلْتَها فاحفَظها بما تَحفَظُ به الصَّالحين" (¬1). ¬

_ = قال الطيبي: الحكمة في إطلاق الموت على النوم أن انتفاع الإنسان بالحياة إنما هو لتحري رضا الله عنه، وقصد طاعت واجتناب سخطه وعقابه، فمن نام زال عنه هذا الانتفاع، فكان كالميت، فحمد الله على هذه النعمة، وزوال ذلك المانع ... وقوله: "وإليه النشور"، أي: البعث يوم القيامة، والإحياء بعد الإماتة، يقال: نشر الله الموتى فنشروا، أي: أحياهم فحيوا. (¬1) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية. وأخرجه البخاري (6320) عن أحمد بن يونس، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10559) من طريق الحسن بن محمَّد بن أعين، كما زهير، به. وأخرج مسلم (2714) من طريق أنس بن عياض، عن عبيد الله بن عمر، به. وأخرجه ابن ماجه (3874) من طريق عبد الله بن نمير، والنسائي (10560) من طريق يحيى القطان، و (10561) من طريق معتمر بن سليمان , ثلاثتهم عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. لم يذكُروا فيه والد سعيد. وسعيد المقبري يروي عن أبيه عن أبي هريرة، ويروي عن أبي هريرة دون واسطة. وأخرجه البخاري (7393) من طريق مالك، والترمذي (3698) من طريق محمَّد ابن عجلان، كلاهما عن سعيد المقبرى، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (9469)، و "صحيح ابن حبان" (5534).

5051 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا وهَيبٌ (ح) وحدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، عن خالدٍ -نحوه- عن سهيل، عن أبيه عن أبي هريرة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقولُ إذا أوى إلى فراشِه: "اللهُمَّ رَبَّ السماواتِ وربَّ الأرض، وربَّ كل شيء، فالقَ الحبِّ والنَّوى، مُنزِلَ التورَاةِ والإنجيلِ والقُرآنِ، أعوذُ بكَ مِن شرِّ كل ذي شرِّ أنتَ آخِذٌ بناصيتهِ، أنتَ الأولُ فليسَ قبلَك شي، وأنتَ الاَخِرُ فليسَ بعدَكَ شيٌ ,وأنت الظَّاهِرُ فليس فَوقَكَ شيء، وأنت الباطنُ فليسَ دونك شيءٌ" زاد وهْبٌ في حديثه: "اقضِ عني الدَّينَ، وأغنِني من الفقرِ" (¬1). 5052 - حدَّثنا عباسُ بنُ عبدِ العظيم العنبرىُّ، حدَّثنا الأحوصُ بنُ جَوّاب، حدَّثنا عمارُ بنُ رُزَيقِ، عن أبي إسحاقَ، عن الحارِثِ وأبي ميسرة ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد بن عجلان، وخالد: هو ابن عبد الله الطحان الواسطي، وسهيل: هو ابن أبي صالح ذكوان السمان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7621) من طريق أبي هشام المغيرة بن سلمة، عن وهيب، عن سهيل، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2713) (62) عن عبد الحميد بن بيان الواسطي، والترمذي (3400) من طريق عمرو بن عون، كلاهما عن خالد الطحان، به. وأخرجه مسلم (2713)، والنسائي في "الكبرى" (7667) من طريق جرير بن عبد الحميد، وابن ماجه (3873) من طريق عبد العزيز بن المختار، كلاهما عن سهيل، به. وأخرجه مسلم (2713)، وابن ماجه (3831)، والترمذي (3787) من طريق الأعمش، عن ذكوان السمان، به. وفي حديثه أن هذا الدعاء علمه النبي -صلى الله عليه وسلم-ابنته فاطمة عندما جاءت تسأله خادما لها. وهو في "مسند أحمد" (8960)، و"صحيح ابن حبان" (5537).

عن عليِّ، عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: أنه كان يقولُ عندَ مَضجَعِه: "اللَّهُمِّ إني أعوذُ بوجْهكَ الكريم، وكلماتِك التامّةِ، من شرِّ ما أنتَ آخذٌ بناصيتِه، اللهم أنتَ تَكشِفُ المَغْرَمَ والمأثَمَ، اللَّهُمَ لا يُهْزَمُ جُنْدُكَ، ولا يُخلَفُ وعْدُك، ولا يَنفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ، سبحانَك وبحمدِك" (¬1). 5053 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، أخبرنا حمادُ ابنُ سلمَةَ، عن ثابتٍ عن أنس: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -كان إذا أوى إلى فراشه قال:"الحمدُ للهِ الذي أطعمَنَا وسقانا، وكفانا وآوانا، فكم مِمَّن لا كافيَ لهُ ولا مُؤْويَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي، الحارث وإن كان ضعيفاً متابع وصححه الإِمام النووي في "الأذكار"، وحسن الحافظ ابن حجر الحديث في "نتائج الأفكار" 2/ 365 وقال: أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، والحارث: هو ابن عبد الله الأعور، وأبو ميسرة اسمه: عمرو بن شرحبيل، وهو ثقة، والحارث ضعيف، وباقي رجاله أخرج لهم مسلم. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7685) و (10535) عن أحمد بن سعيد، عن الأحوص بن جواب، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 10/ 252 - 253 عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي ميسرة مرسلاً. ورجاله ثقات. وأخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (6779) و"الدعاء" (238) من طريق هشام بن عمار، عن حماد بن عبد الرحمن الكلبي، عن أبي إسحاق، عن أبيه، عن علي. وحماد ضعيف الحديث. (¬2) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسلم. وأخرجه مسلم (2715) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (3693) من طريق عفان بن مسلم، والنسائي في "الكبرى" (10567) من طريق بهز بن أسد، كلاهما عن حماد بن سلمة، به. وهو في "مسند أحمد" (12552)، و"صحيح ابن حبان" (5540).

5554 - حدَّثنا جعفرُ بنُ مُسافِرِ التِّنِّيسيُّ، حدَّثنا يحيى بن حَسَّان، حدَّثنا يحيى بنُ حمزةَ، عن ثَوْرٍ، عن خالد بن مَعْدانَ عن أبي الأزْهرِ الأنمارىِّ: أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -كان إذا أخَذَ مضجعهُ من الليلِ قال: "بِاسْمِ اللهِ، وضعت جَنْبِي، اللَهُمَّ اغفِرْ لي ذنبي، واخْسَ شيطاني، وفُكَّ رِهانِي، واجعلنِي في النَّدِىِّ الأعلى" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد جيد. ثور: هو ابن يزيد، وأبو الأزهر الأنماري -ويقال: أبو زهير- اسمه: يحيى بن نفير. وأخرجه الطبراني في "المعجم "الكبير" 22/ (759) من طريق عبد الله بن يوسف، عن يحيى بن حمزة، بهذا الإسناد. ولم يذكر "واجعلني في الندي الأعلى". وأخرجه الطبراني في "المعجم "الكبير" 22/ (758)، وفي" مسند الشاميين" (435)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 540 و 1/ 548 - 549، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 98 من طريق أبي همام الأهوازي -وهو محمَّد بن الزِّبرقان-، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2878)، والطبراني في "المعجم الكبير" 22/ (758) من طريق صدقة بن عبد الله، كلاهما عن ثور بن يزيد، به. وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي. ووقع اسم الصحابي عند ابن أبي عاصم: أبو رهم، وهو خطأ، وإنما هو أبو زهير، وجاء على الصواب عنده في كتاب "الدعاء" له، قاله الحافظ ابن حجر في "الإصابة" 7/ 151. وقال القاري في "المرقاة": "اخس شيطاني": بوصل الهمزة وفتح السين، من خسأتُ الكلب، أي: طردته، فهو يتعدى ولا يتعدى، أي: اجعله مطروداً عني ومردوداً عن إغوائي. قال الطيبي: أضافه إلى نفسه؛ لأنه أراد قرينَه من الجن أو مَن قصد إغواءَه من شياطين الانس والجن، و"فُكَّ رهاني" أي: خلص رقبتي عن كل حق عليَّ، والرهان: الرهن وجمعه، ومصدرُ راهنه، وهو ما يُوضَع وثيقةً للدين، والمراد ها هنا: نفس الإنسان لأنها مرهونة بعملها لقوله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21]، وفك الرهن: تخليصه من يد المرتهن. "في النَّدِيِّ الأعلى" الندي: بالفتح ثم الكسر ثم التشديد: هو النادي وهو المجلى المجتمع، والمعنى: اجعلني من المجتمعين في الملأ الأعلى من الملائكة. ولفظ الحاكم في "المستدرك": "واجعلني في الملأ الأعلى".

قال أبو داود: رواه أبو همَّام الأهوازىُّ، عن ثورٍ، قال: أبو زُهير الأنمارىُّ. 5055 - حدَّثنا النُّفيليُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا أبو اسحاقَ، عن فروةَ بنِ نوفَلِ عن أبيهِ: أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قال لِنَوْفَل: "اقرأ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} ثم نَمْ على خَاتِمتِها، فإنها بَراءةٌ مِنَ الشرك" (¬1). 5056 - حدَّثنا قُتيبةُ بنُ سعيدِ ويزيدُ بنُ خالدِ بنُ عبد الله بن مَوهَب الهَمْدَانيُّ، قالا: حدَّثنا المفضلُ -يعنيان ابنَ فَضالةَ- عن عُقيل، عن ابنِ شهاب، عن عُروة عن عائشة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كانَ إذا أوى إلى فِراشه كُلَّ ليلةٍ جمع كفَّيهِ، ثئم نَفَثَ فيهما، وقرأ فيهما،: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}، ثم يمسحُ بهما ما استطاعَ ¬

_ (¬1) حديث حسن على اضطراب في إسناده، كما هو مفصل في "مسند أحمد" عند الحديث (23807) وهذا الإسناد رجاله رجال الصحيح غير صحابيه نوفل الأشجعي، زهير: هو ابن معاوية بن حديج، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله بن عبيد السبيعي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10569) و (11645) من طريق يحيى بن آدم، عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (3700)، والنسائي (10570) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به. وأخرجه الترمذي (3700) من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن رجل، عن فروة بن نوفل، عن النبى - صلى الله عليه وسلم -. وقال الترمذى بإثر حديث إسرائيل: هذا أشبه وأصح من حديث شعبة قد اضطرب أصحاب أبي إسحاق في هذا الحديث. وأخرجه النسائي (10571) من طريق مخلد بن يزيد، و (10572) من طريق عبد الله ابن المبارك، كلاهما عن سفيان، عن أبي إسحاق، واختلفا، فقال مخلد: عن أبي فروة الأشجعي، عن ظئرٍ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقال ابن المبارك: عن فروة الأشجعي، عن النبى - صلى الله عليه وسلم -. والحديث في "مسند أحمد" (23807)، و"صحيح ابن حبان" (789).

مِن جسده: يبدأ بهما على رأسِه ووجهه، وما أقبلَ مِن جَسَدِه، يفعلُ ذلك ثلاثَ مراتِ (¬1). 5057 - حدَّثنا مُؤمَّلُ بنُ الفضل الحرَّانىُّ، حدَّثنا بقيةُ، عن بَحيرٍ، عن خالد بن معدانَ، عن ابنِ أبي بلالٍ عن عرباضِ بنِ سارِيةَ: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-" كان يقرأُ المُسَبِّحاتِ قبل أن يَرقُدَ، وقال: "إنَّ فيهنَّ آيةَ أفْضَلَ مِن ألفِ آية " (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عُقيل: هو ابن خالد الأيلي، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، وعروة: هو ابن الزبير بن العوام. وأخرجه البخاري (5017)، والترمذي (3699)، والنسائي في "الكبرى" (10556) عن قية بن سعيد وحده، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6319)، وابن ماجه (3875) من طريق الليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، به. دون ذكر:: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. وأخرجه البخاري (5748) من طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن ابن شهاب، به. وهو في "مسند أحمد" (24853)، و "صحيح ابن حبان" (5544). وقد ثبت من حديث عائشة أيضاً أن هذا الصنيع كان يفعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذلك إذا أصابه مرض، فكان يقرأ المعوذات وينفث في يديه، أخرجه البخاري (4439)، ومسلم (2192)، وهو في "مسند أحمد" (24728). (¬2) إسناده ضعيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد- ولجهالة ابن أبي بلال، واسمه: عبد الله. بحير: هو ابن سعد. وأخرجه الترمذي (3148) و (3704)، والنسائي في "الكبرى" (7972) و (10481) عن علي بن حجر، والنسائي (10482) من طريق إسحاق بن راهويه، كلاهما عن بقية بن الوليد، بهذا الإسناد. وروي مرسلاً عند النسائي في "الكبرى" (10483) من طريق معاوية بن صالح، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... فذكره. وهذا أصح، ورجاله ثقات. =

5058 - حدَّثنا عليُّ بنُ مسلمٍ، حدَّثنا عبدُ الصَّمَدِ، حدَّثني أبي، حدَّثنا حُسينُ، عن ابنِ بُريدةَ عن ابنِ عمر، أنه حدَّثه: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -ِكان يقول إذا أخذَ مضجَعَه: "الحمدُ لله الذي كفانِي وآواني، وأطعَمَني وسَقَاني، والذي منَّ عليَّ فأفضَلَ، والذي أعطاني فأجزَلَ، الحمدُ لله على كلِّ حالِ، اللَّهُمَّ ربَّ كلِّ شيءِ ومَليكَهُ، وإلهَ كُلِّ شيءٍ، أعوذُ بكَ مِن النار" (¬1). 5059 - حدَّثنا حامِدُ بنُ يحيى، حدَّثنا أبو عاصِمِ، عن ابن عجلانَ، عن المقبريِّ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "من اضطجعَ مضجَعاً لم يَذكُرِ اللهَ فيه إلا كان عليه تِرَةً يومَ القيامةِ، ومَن قَعدَ مقعداً لم يَذكُرِ اللهَ فيه إلا كان عَليهِ تِرَةَ يوْمَ القِيامَةِ (¬2). ¬

_ = والحديث في "مسند أحمد" (17160). قوله: "كان يقرأ المسبحات" أي: السور التي في صدرها لفظ التسبيح، وهن سبع سور: الاسراء، والحديد، والحشر، والصف، والجمعة، والتغابن، والأعلى. وقوله " آية"، لعلها: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ... وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}، [الحشر: 22 - 24] إلى آخر السورة، والمراد بالآية: القطعة، وكان يبهمها ترغيباً لهم في قراءة الكل. قاله السندي في "حاشية على المسند". (¬1) إسناده صحيح. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث بن سعيد العنبري مولاهم، وحسين: هو ابن ذكوان العَوْذي البصري، وابن بُريدة: هو عبد الله الأسلمي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7647) عن علي بن مسلم، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي (10566) عن عمرو بن يزيد، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، به. وهو في "مسند أحمد" (5983)، و"صحيح ابن حبان" (5538). (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان -وهو محمَّد- وقد سلف برقم (4855).

107 - باب ما يقول إذا تعار من الليل

107 - باب ما يقولُ إذا تعارَّ من الليلِ 5060 - حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ إبراهيمَ الدمشقيُّ دُحَيمٌ، حدَّثنا الوليدُ، قال: قال الأوزاعي (¬1): حدَّثني عُمير بنُ هانئ، حدَّثني جُنَادةُ بن أبي أُمية عن عُبَادَةَ بنِ الصَّامِت، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:"من تَعارَّ مِن الليلِ، فقال حينَ يستيقظُ: لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كل شيءِ قدير، سبحانَ اللهِ، والحمد لله، ولا إله إلا الله (¬2)، واللهُ أكبرُ، ولا حولَ ولا قوَّة إلا بالله، ثم دعا: ربِّ اغفِرْ لي -قال الوليد: أو قال: دعا- استُجيبَ له، فإن قام فتوضأ، ثم صلى، قُبِلت صلاتُه" (¬3). ¬

_ (¬1) قال المزي في "التحفة" (5074): رواية أبي علي اللؤلؤي وحده، قال: قال الأوزاعي. والباقون: الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي. قلنا: كذلك جاء عندنا في (هـ)، وهي برواية أبي بكر ابن داسه. (¬2) قوله في الحديث: "ولا إله إلا الله" أثبتناه من (هـ) وحدها، وهي مثبتة في "سنن ابن ماجه" عن عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم. (¬3) إسناده صحيح. الوليد: هو ابن مسلم وقد صرح بالتحديث في رواية الترمذي والنسائي، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو. وأخرجه ابن ماجه (3878) عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (1154)، والترمذي (3712)، والنسائي في "الكبرى" (10631) من طرق عن الوليد، به. وهو في "مسند أحمد" (22673)، و"صحيح ابن حبان" (2596). قوله: " مَن تعارَّ من الليل"، قال البغوي في "شرح السنة" (953): أي: استيقظ من النوم، وأصل التعارِّ: السهر والتقلُّب على الفراش، وقيل: إن التعار لا يكون إلا مع كلام أو صوت، مأخوذ من عِرار الظَّليم، وهو صوته. اهـ. والظليم: ذكر النعام. وانظر حديث معاذ بن جبل السالف برقم (5042).

108 - باب التسبيح عند النوم

5061 - حدَّثنا حامدُ بنُ يحيى، حدَّثنا أبو عبدِ الرحمن، حدَّثنا سعيدُ بنُ أبي أيوب، حدَّثني عبدُ اللهِ بنُ الوليد، عن سعيد بنِ المسيّب عن عائشة: أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - ِكانَ إذا استيقَظَ مِن الليل قال: "لا إله إلا أنت، سبحانك، اللهم أستغفِرُكَ لذنبي، وأسألكَ رحمتَك، اللَّهُمَ زِدني علماً، ولا تُزغ قلبي بَعْدَ إذ هديتَنِي، وهَبْ لي من لدُنْكَ رحمةً، إنك أنتَ الوهَّاب" (¬1). 108 - باب التسبيح عند النوم 5062 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمر، حدَّثنا شعبةُ. وحدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن شُعبة -المعنى- عن الحكمِ، عن ابنِ أبي ليلى، -قال مُسَدَّدٌ: قال:- حدَّثنا عليٌّ، قال: شَكَت فاطمةُ إلى النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- ما تلقَى في يَدِها مِن الرَّحَى، فاُتِي بسَبْي، فأتتْهُ تسألُهُ، فلم تَرَه، فأخبرَت بذلك عائشةَ، فلما جاء النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- أخبرته، فأتانا وقد أخذْنا مضاجِعَنَا، فذهبنا لِنقومَ، فقال: "على مكانِكُما" فجاء فقعَدَ بينَنَا، حتى وجدتُ بردَ قدَميهِ على صدري، فقال: "ألا أدلُّكُما على خيرٍ مِمَّا سألتما؟ إذا أخذتُما ¬

_ (¬1) رجاله رجال الصحيح إلا عبد الله بن الوليد -وهو التجيبي- فقد روى عن جمع وروى عنه جمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: لا يعتبر بحديثه، ولينه الحافظ في "التقريب". أبو عبد الرحمن: هو عبد الله بن يزيد المقرئ. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10635) من طريق ابن وهب وابن المبارك، كلاهما عن سعيد بن أبي أيوب، بهذا الإسناد. وصححه ابن حبان برقم (5531)، والحاكم في "المستدرك" 1/ 540. وسكت عنه الذهبي، وقال الحافظ في "نتائج الأفكار" 1/ 116: هذا حديث حسن.

مضاجِعَكُما فسبِّحَا ثلاثاً وثلاثين، واحْمَدَا ثلاثاً وثلاثين، وكبِّرا أربعاً وثلاثينَ، فهو خيرٌ لكما مِنْ خادمٍ" (¬1). 5063 - حدَّثنا مُؤَمَّل بنُ هشامٍ اليَشْكرىُّ، حدَّثنا إسماعيلُ بن إبراهيمَ، عن الجُريرىَّ، عن أبي الوردِ بنِ ثمامَةَ، قال: قال عليٌّ لابنِ أعبُد: ألا أُحدَّثُكَ عنَّي وعن فاطمةَ بنتِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، وكانت أحبَّ أهلِه إليه، وكانت عندِي، فَجَرَّتْ بالرَّحى حتى أثَّرَتْ بيدِها، واستقَت بالقِربةِ حتى أثرَتْ في نحرِها، وقمَّتِ البيتَ حتى اغبرَّتْ ثيابُها، وأوقَدَتِ القِدْرَ حتى دَكِنَتْ ثيابُها، وأصابَها مِن ذلك ضُرٌّ، فسمعنا أن رقيقاً أُتي بهم النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم-، فقلت: لو أتيتِ أباكِ فسألتيه خادِماً يكفيك، فأتتْه، فوجدَت عنده حُدَّاثاً، فاستحيَتْ، فرجَعَتْ، فغدا علَينا ونحسّن في لفَاعِنَا، فجلسَ عندَ رأسها، فأدخلَتْ رأسَها في اللِّفاع حياءً من أبيها، فقال: "ما كانَ حاجتُك أمس إلى اَلِ محمَّد؟ " فسكتَتْ، مرتَينِ، فقلتُ: أنا والله أُحدِّثُكَ يا رسولَ الله , ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. شعبة: هو ابن الحجاج، والحكم: هو ابن عُتيبة، وابن أبي ليلى: هو عبد الرحمن، ومسدد: هو ابن مسرهد. وأخرجه البخاري (5361) عن مسدَّدٌ بن مسرهد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3113) و (3705) و (6318)، ومسلم (2727) من طرق عن شعبة، به. وأخرجه البخاري (5362)، ومسلم (2727)، والنسائي في "الكبرى" (10581) من طريق مجاهد، والنسائي (10582) من طريق عمرو بن مرة، كلاهما عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، به وهو في "مسند أحمد" (740)، و "صحيح ابن حبان" (5524). وانظر ما سلف برقم (2988).

إن هذه جرَّتْ عندي بالرَّحى حتى أثَّرتْ في يدها، وأستقَتْ بالقربةِ حتى أثَّرتْ في نحرِها، وكَسَحَتِ البيتَ حتى اغبرَّتْ ثيابُها، وأوقدَتِ القِدْرَ حتى دَكِنَت ثيابُها، وبلغَنا أنه أتاك رقيقٌ أو خدمٌ، فقلتُ لها: سَلِيه خادماً، فذكر معنى حديث الحكم وأتمَّ (¬1). 5064 - حدَّثنا عباسٌ العنبريُّ، حدَّثنا عبدُ الملك بنُ عَمرو، حدَّثنا عبدُ العزيز ابنُ محمَّد، عن يزيدَ ابن الهاد، عن محمَّد بنِ كعب القُرظي، عن شَبَثِ بن ربعِي عن علي، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، بهذا الخبر، قال فيه: قال علي: فما تركتُهن منذ سَمِعْتُهُنَّ من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا ليلةَ صِفِّين، فإني ذكرتُها مِن آخِرِ الليلِ فقلتُها (¬2). 5065 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شُعبةُ، عن عطاء بنِ السَّائِبِ، عن أبيهِ ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة ابن أعبد، فهو الواسطة بين أبي الورد بن ثمامة وبين علي، وقد سلف برقم (2988). وانظر ما قبله .. وقوله: وقمت البيت، معناه: كنسته، ومن ذلك سميت الكُناسة: قُمامة، واللِفاع: هو كل ما يتلفع به من كساء ونحو ذلك، ومعنى التلفع: الاشتمال بالثوب، ودَكِن الثوب بفتح الدال وكسر الكاف: اتسخ، والدُّكنة: بضم الدال: لون يضرب إلى السواد، وحداث، أي: قوم يتحدثون. (¬2) إسناده ضعيف. شَبَث بن ربعي ذكره البخاري في "الضعفاء الصغير" وأبو زرعة الرازي في "أسامي الضعفاء"، وقال البخاري: لا يعلم لمحمد بن كعب سماع شبث. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10583) من طريقين عن يزيد ابن الهاد، بهذا الاسناد. وانظر ما قبله.

عن عبدِ الله بنِ عمرو: عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلم-، قال: "خَصْلَتَان -أوخَلَّتَان - لا يُحَافِظ عليهما عبدٌ مسلمٌ إلا دخل الجنةَ، هما يسيرٌ، ومَنْ يَعْمَلُ بهما قليلٌ، يُسَبِّحُ في دُبُرِ كُلَّ صلاةٍ عَشراً، ويَحْمَدُ عشراً، ويكبِّرُ عَشْرَاً، فذلك خمسون ومِئةٌ باللسان، وألفٌ وخمسُ مئةٍ في الميزان ويكبِّرُ أربعاً وثلاثين إذا أخذ مَضْجَعَهُ، ويَحْمَدُ ثلاثاً وثلاثين، ويُسبِّح ثلاثاً وثلاثين، فذلك مِئةٌ باللسان، وألف في الميزان" - فلقد رأيتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعقِدها بيده - قالوا: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - ِ، كيف هما يسيرٌ، ومن يعمل بهما قليل؟ قال: "يأتي أحدَكم -يعني الشيطانَ - في منامِه، فينوِّمُهُ قبل أن يقولَه، ويأتيه في صلاتِه فيُذكّرُه حاجةً قبل أن يقولها" (¬1). 5066 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهْبٍ، حدَّثني عياشُ ابن عُقبةَ الحضرمىُّ، عن الفضلِ بن حَسنٍ الضَّمْريّ أن ابن أُم الحَكَم أو ضُباعةَ ابنتي الزبير حدثه عن إحداهما أنها قالت: أصابَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- سَبْياً، فذهبت أنا وأُختى فاطمةُ بنتُ النبيَّ -صلَّى الله عليه وسلم- إلى النبي-صلى الله عليه وسلم-، فشكونا إليه ما نحنُ فيه، وسألناهُ أن يأمرَ لنا بشيءٍ من السَّبْيِ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "سَبَقكُنَّ ¬

_ (¬1) إسناده قوي، عطاء بن السائب -وإن كان قد اختلط- رواية شعبة عنه قبل الاختلاط. وأخرجه ابن ماجه (926)، والترمذي (3709)، والنسائي في "الكبرى" (1272) و (10580) و (10586) من طرق عن عطاء بن السائب، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حسن صحيح. وسلف الحديث عند المصنف برقم (1502) مختصراً بعقد التسبيح. وانظر تمام تخريجه هناك. وهو في "مسند أحمد" (6498) و (6910)، و "صحيح ابن حبان" (843).

109 - باب ما يقول إذا أصبح

يتَامى بَدْرٍ" ثم ذكر قصة التسبيح، قال: "على أثَر كلِّ صلاةٍ " لم يذكرِ النومَ (¬1). قال عياش: هما ابنتا عم النبي -صلى الله عليه وسلم- (¬2). 109 - باب ما يقول إذا أصبح (¬3) 5067 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا هُشيمٌ، عن يعلى بنِ عَطاءٍ، عن عمرو بنِ عاصم عن أبي هريرة، أن أبا بكرِ الصدّيقَ قال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مُرْني بكلماتِ أقولُهن إذا أصبحتُ وإذا أمسيتُ، قال: "قل: اللهمَّ فاطرَ السماواتِ والأرضِ، عالمَ الغيبِ والشهادةِ، ربَّ كلّ شيءِ ومَليكَه، أشهد أن لا إله إلا أنتَ، أعوذُ بك من شرِّ نفسي، وشر الشيطان وشِرْكه"، قال: "قُلْها إذا أصبحتَ، وإذا أمسيتَ، وإذا أخذتَ مَضْجعَكَ" (¬4). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره عن فاطمة رضي الله عنها وحدها، دون ذكر أم الحكم أو ضباعة، ودون قوله: "سبقكن يتامى بدر" كما سلف بيانه فيما تقدم برقم (2987). (¬2) مقالة عياش هذه أثبتناها من (أ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن العبد. (¬3) من أول هذا الباب إلى آخر باب: الرجل ينتمي إلى غير مواليه، سقط على ابن داسه سماعه من أبي داود، فقد جاء في (هـ) التي عندنا بروايته قوله: سقط من كتابي إلى آخر الباب المرسوم بباب الرجل ينتمي إلى غير مواليه، أقول فيه: قال أبو داود: قلنا: يعني يعلقه عن أبي داود تعليقاً. (¬4) حديث صحيح، هشيم -وهو: ابن بشير- وإن لم يصرح بالسماع متابع كما سيأتي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7644) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، و (7652) و (10326) من طريق زياد بن أيوب، كلاهما عن هشيم بن بشير، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (3689)، والنسائي (7668) و (9755) و (10563) من طريق شعبة بن الحجاج، عن يعلي بن عطاء، به، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. =

5068 - حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، حدَّثنا وهَيبٌ، حدَّثنا سهيلٌ، عن أبيه عن أبي هريرة، عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول إذا أصبحَ: "اللَّهُمَّ بك أصبحْنا، وبك أمسَينا، وبك نَحيا، وبك نَمُوتُ، وإليك النشورُ"، وإذا أمسى قال: "اللَّهُمَّ بك أمسَينا، وبكَ نحيا، وبِكَ نموتُ، واليكَ النشورُ" (¬1). 5069 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا ابنُ أبو فُدَيك، أخبرني عبدُ الرحمن ابنُ عبدِ المجيدِ، عن هشام بن الغازِ بنِ ربيعةَ، عن مَكحولٍ الدَّمَشقيِّ عن أنس بنِ مالك، أن رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلم - قال: "مَن قال حِينَ يُصْبحُ أو يُمسي: اللَّهُمَّ إني أصْبَحْتُ أُشهِدُكَ وأُشهِدُ حَمَلَةَ عَرْشِكَ وملائكَتَك وجميعَ خلقك: أنك أنتَ اللهُ لا إله إلا أنت، وأن محمداً عبدُك ورسولُك، أعتَقَ اللهُ رُبُعَهُ من النار، فمن قالها مرتَينِ أعتَقَ اللهُ نِصفَه، ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (51)، و"صحيح ابن حبان" (962). وقوله: "وشركه"، قال النووي في "الأذكار": روى على وجهين أظهرهما وأشهرهما بكسر الشين مع إسكان الراء من الاشراك، أي: ما يدعو إليه ويوسوس به من الإشراك بالله تعالى، والثاني: شَرَكه: بفتح الشين والراء: حبائله ومصايده، واحدها: شَرَك بفتح الشين والراء. (¬1) إسناده صحيح. وهيب: هو ابن خالد بن عجلان، وسهيل: هو ابن أبي صالح ذكوان. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10323) من طريق عبد الأعلى، عن وهيب بن خالد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (3868)، والترمذي (3688)، والنسائي (9752) من طرق عن سهيل بن أي صالح، به. ولم يذكر النسائي قوله: "وإذا أمسى ... " إلخ. وهو في "مسند أحمد" (8649)، و"صحيح ابن حبان" (964) و (965).

ومَنْ قالها ثلاثاً أعتَقَ الله ثلاثةَ أرباعِه، فإن قالها أربعاً أعتقه اللهُ مِنَ النارِ (¬1). 5070 - حدَّثنا أحمدُ بن يونُس، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا الوليدُ بن ثعْلبةَ الطائيُّ، عن ابن بُرَيدة عن أبيه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال:"مَن قال حينَ يُصبح أو حين يُمسي: اللَّهُمَّ أنتَ ربي لا إله إلا أنت، خلقْتَني وأنا عبدُك، وأنا على عَهْدِكَ ووعْدِكَ ما استطَعْتُ، أعوذ بك من شر ما صنعتُ، أبوءُ بنعمتِك، وأبوء بذَنْبِي، فاغفر لي، إنه لا يغفرُ الذنوبَ إلا أنتَ، فماتَ مِن يومِه أو مِن ليلتِه دخلَ الجنةَ" (¬2). ¬

_ (¬1) حسن، وهذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن بن عبد المجيد السهمي مجهول لا يعرف، ومكحول اختلف في سماعه من أنس، فنفاه بعضهم، وأثبته آخرون، ثم هو مدلس، وقد عنعن. ابن أبي فُديك: هو محمَّد بن إسماعيل. وأخرجه الطبراني في "الدعاء" (297)، وفي "مسند الشاميين" (1542)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (738)، والمزي في ترجمة عبد الرحمن بن عبد المجيد من "تهذيب الكمال" 17/ 257 من طريق أحمد بن صالح، بهذا الإسناد. وأخرجه محمَّد بن عثمان بن أبي شيبة في كتاب "العرش" (23)، والطبراني في "الدعاء" (297)، وفي" مسند الشاميين" (3369)، وأبو نعيم في "الحلية"، 5/ 185، والبيهقي في "الدعوات" (40)، والمزي في "التهذيب" 17/ 255 - 256 من طرق عن محمَّد بن إسماعيل بن أبي فديك، به. وسيأتي من طريق آخر برقم (5078) عن أنى، وحسنه به الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 2/ 357. (¬2) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية بن حديج، وابن بريدة: هو عبد الله ابن بربدة بن الحُصيب. =

5071 - حدَّثنا وهبُ بن بقية، عن خالد. وحدَّثنا محمَّد بن قُدامةَ بن أعينَ، حدَّثنا جَريرٌ، عن الحسنِ بن عُبيد الله، عن إبراهيمَ بن سُويدٍ، عن عبد الرحمن ابن يزيدَ عن عبد الله، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول إذا أمسى: "أمْسَينا وأمْسى المُلْكُ لله، والحمدُ لله، لا إله إلا الله وحدَه، لا شريك له -وأما زُبَيدٌ فكانَ يقولُ: كان إبراهيم بن سُويد يقول: "لا إلهَ إلا الله وحدَه، لا شريكَ له، له الملكُ، وله الحمدُ، وهو على كل شيء قَديرٌ" زاد في حديث جرير: "له الملك، وله الحمدُ، وهو على كل شيء قدير"- ربَّ أسالُكَ خَيرَ ما في هذه الليلة وخَيْرَ ما بعدَها، وأعوذُ بكَ مِن شر ما في هذه الليلة وشَرِّ ما بعدَهَا، ربَّ أعوذُ بكَ مِن الكَسَلِ، ومِن سُوءِ الكِبْرِ -أو الكُفْر (¬1) -، ربَّ أعوذُ بكَ مِن عذابِ في النارِ، وعذابٍ في القبر" لهاذا أصبَحَ قال ذلك أيضاً: "أصبَحْنَا وأصبَحَ الملكُ لله" (¬2). ¬

_ = وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10227) و (10340) من طريق سويد بن عمرو، عن زهير بن معاوية بن حديج، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (3872) من طريق إبراهيم بن عيينة، والنسائي (9764) من طريق عيسى بن يونس، كلاهما عن الوليد بن ثعلبة، به. وهو في "مسند أحمد" (23013)، و"صحيح ابن حبان" (1035). وقوله: "أبوء بنعمتك" قال الخطابي: معناه: الاعتراف بالنعمة، والإقرار بها، وأبوء بذنبي: معناه الإقرار بها أيضاً كالأول، ولكن فيه معنى ليس كالأول، تقول العرب: باء فلان بذنبه: إذا احتمله كرهاً يستطيع دفعه عن نفسه. (¬1) قوله: "ومن سوء الكبر أو الكفر" أثبتناه من (هـ)، وفي سائر أصولنا الخطية: "ومن سوء الكفر" من غير شك. (¬2) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد، وجرير: هو ابن عبد الحميد بن قُرْط، وزُبَيد المذكور ضمن الحديث: هو ابن الحارث اليامِيّ. =

قال أبو داود: رواه شعبةُ، عن سلمةَ بنِ كُهيلِ، عن إبراهيمَ بنِ سُويدِ، قال: "مِنْ سُوءِ الكِبَر"، ولم يذكر: سوء الكفر. 5072 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا شُعبةُ، عن أبي عَقيلٍ، عن سابقِ بنِ ناجيةَ عن أبي سلاَّم، أنه كان في مسجدِ حمصَ، فمرَّ به رجل، فقالوا: هذا خَدَمَ النبيَّ-صلى الله عليه وسلم- فقامَ إليهِ، فقال: حدَّثني بحديثِ سمعتَه مِن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- لم يتداولهُ بينَكَ وبينَهُ الرجالُ، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -يقولُ: "مَنْ قالَ إذا أصبَحَ وإذا أمْسَى: رضِينا بالله ربّاً، وبالإِسلامِ ديناً، وبمُحَمَّدِ رسولاً، إلا كان حقاً على الله أن يُرضِيَه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2723) (75) عن عثمان بن أبي شيبة، والترمذي (3687) عن سفيان بن وكيع، كلاهما عن جرير بن عبد الحميد بن قرط، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2723)، والنسائي في "الكبرى" (9767) و (10333) من طريقين عن الحسن بن عُبيد الله، به. وهو في "مسند أحمد" (4192)، و"صحيح ابن حبان" (963). قوله: "من سوء الكبَر" قال النووي: رُويناه "الكبَر" بإسكان الباء، وفتحها، فالإسكان بمعنى التعاظم على الناس، والفتح بمعنى الهرم والخرف والردّ إلى أرذل العُمر، كما في الحديث الآخر، قال القاضي: وهذا أظهر وأشهر مما قبله. قال: وبالفتح ذكره الهروي وبالوجهين ذكره الخطابى، وصوّب الفتحَ، وتعضده رواية النسائي: "وسوء العُمُر". (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سابق بن ناجية. شعبة: هو ابن الحجاج، وأبو عقيل: هو هاشم بن بلال -ويقال: ابن سلاّم- الدمشقي، قاضي واسط، وأبو سلام: هو ممطور الحبشي. وأخرجه النسائي (10324) من طريق هشيم، عن أبي عقيل، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18967). =

5073 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا يحيى بنُ حسّانَ وإسماعيلُ، قالا: حدَّثنا سليمانُ بنُ بلال، عن ربيعةَ بنِ أبي عبدِ الرحمن، عن عبدِ الله بن عَنْبَسة عن عبدِ الله بن غنَّام البَياضيِّ، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "من قال حينَ يُصبِح: اللَّهُمَّ ما أصبَحَ بي من نعمَةٍ فمِنكَ وحدَكَ لا شريكَ لك، فلكَ الحمدُ ولكَ الشُّكرُ، فقد أدَّى شُكرَ يومه، ومَن قال مِثلَ ذلك حينَ يُمسِي فقد أدَّى شُكرَ ليلَتِهِ" (¬1). 5074 - حدَّثنا يحيى بنُ موسى البَلْخيُّ، حدَّثنا وكيعٌ. وحدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ -المعنى- حدَّثنا ابنُ نمير -المعنى واحدٌ- قالا: حدَّثنا عُبَادةُ بنُ مسلم الفَزاريُّ، عن جُبير بنِ أبي سليمانَ بنِ جُبيرِ بنِ مُطْعِم، قال: سمعتُ ابنَ عمر يقولُ: لم يكن رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَدَعُ هؤلاء الدعواتِ حينَ يُمْسِي وحينَ يُصبحُ: "اللَّهُمَّ إني أسالُكَ العافيَةَ في الدُنيا والآخرة، ¬

_ = وخالف شعبةَ وهشيماً فيه مسعرٌ فرواه عن عقيل، وقال فيه: عن سابق عن أبي سلام خادم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فجعل أبا سلام هو خادم النبي -صلى الله عليه وسلم-، هكذا أخرجه ابن ماجه (3870)، وهو وهم من مسعر. وفي الباب عن أبي سعيد الخدري، وقد سلف عند المصنف برقم (1529). وآخر عن سعد بن أبي وقاص، وقد سلف عنده برقم (525). وهما عند مسلم في "صحيحه" (386) و (1884). (¬1) إسناده ضعيف لجهالة حال عبد الله بن عنبسة. إسماعيل: هو ابن عبد الله بن أبي أويس. وأخرجه النسائي في "الكبرى"، (9750) من طريق عبد الله بن مسلمة، عن سليمان ابن بلال، بهذا الإسناد. وروى بعضهم عن سليمان بن بلال بهذا الإسناد، لكن سمى صحابيَّه ابن عباس، وهو خطاً. وانظر "صحيح ابن حبان" (861).

اللَّهُمَّ إني أسالُكَ العفوَ والعافيَةَ في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللَّهُمَّ استُر عورَتي -وقال عُثمان: عوراتي- وآمِن رَوْعَاتي، اللَّهُمَّ احفظني مِنْ بين يدىَّ ومن خلفي، وعن يميني وعن شِمالي، ومن فوقي، وأعوذُ بعظمتِكَ أن أُغْتَال مِن تحتي" (¬1). قال أبو داود: قال وكيع: يعني الخسفَ. 5075 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح، حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ وهبِ، أخبرني عمرو ابن الحارث، أن سالماً الفرَّاء، حدَّثه، أن عبدَ الحميدِ مولى بني هاشِمٍ حدَّثه، أن أُمَّه حدَّثته -وكانت تخدُمُ بعضَ بناتِ النبي-صلى الله عليه وسلم- أن ابنة النبي - صلى الله عليه وسلم - حدَّثتها: أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - كان يُعلِّمُها فيقول: "قولي حينَ تُصبحين: سبحان اللهِ وبِحمْدِه، لا قُوَّةَ إلا باللهِ، ما شاءَ الله كانَ، وما لم يشَأْ لم يكُن، أعلمُ أن الله على كل شيءِ قديرٌ، وأنَّ الله قد ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وكيع: هو ابن الجراح الرؤاسي، وابن نمير: هو عبد الله بن نمير. وأخرجه ابن ماجه (3871) عن علي بن محمَّد الطنافسي، عن وكيع بن الجراح، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7915) من طريق علي بن عبد العزيز، و (10325) من طريق أبي نعيم، كلاهما عن عبادة بن مسلم الفزاري، به. وهو في "مسند أحمد" (4785)، و "صحيح ابن حبان" (961). قال صاحب "عون المعبود": قوله: "وآمن روعاتي" أي: مخوفاتي، والروعة: الفزعة. وقوله: "أن أغتال" بصيغة المجهول، أي: أوخذ بغتة وأهلك غفلة. وقول وكيع فيه: يعني الخسف، أي: يريد النبي-صلى الله عليه وسلم-بالاغتيال من الجهة التحتانية الخسَف. قال في "القاموس": خسف الله بفلان الأرض: غيبه فيها.

أحاطَ بكل شيءٍ علماً، فإنه من قالهُنَّ حِين يُصبِحُ حُفظ حتى يُمسيَ، ومن قالهُنَّ حِين يُمسي حُفِظ حتى يُصْبِحَ" (¬1). 5076 - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدٍ الهَمْدانِيُّ، أخبرنا. وحدَّثنا الربيعُ بنُ سليمان، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، أخبرني الليثُ، عن سعيدِ بنِ بَشيبر النَّجاريِّ، عن محمَّد بنِ عبدِ الرحمن البيلمَانيِّ -قال الربيعُ: ابنُ البيلماني- عن أبيه عن ابنِ عباس، عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال: "مَنْ قال حينَ يُصبِحُ: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} إلى {وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الروم: 17 - 18] أدرَكَ ما فاتَه في يومِه ذلك، ومَنْ قالهُنَّ حينَ يُمسي أدرَكَ ما فاتَه في ليلتِه". قال الربيع: عن الليث (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة سالم الفراء، وعبد الحميد مولى بني هاشم. وأخرجه النسائي في: "الكبرى" (9756) عن أحمد بن عمرو، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده ضعيف جداً، محمَّد بن عبد الرحمن بن البيلماني وأبوه ضعيفان ومحمد أشد ضعفاً، وسعيد بن بشير -وهو الأنصاري- مجهول، وضعف البخاري حديثه في ترجمته من "تاريخه" 3/ 460، وكذلك ضعَّف الحديث الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار"2/ 372. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 1226 من طريق سفيان بن محمَّد الفزاري، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وأخرجه العقيلي في "الضعفاء الكيير" 2/ 100، والطبراني في "المعجم "الكبير" (12991) من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، به. وللحديث شاهد ساقه الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 2/ 372 - 373 بسند ضعيف إلى محمَّد بن واسع من قوله، قال: من قال حين يصبح ... فذكر نحوه، وزاد في آخره: وكان إبراهيم خليل الرحمن يقولها ثلاث مرات إذا أصبح وثلاث مرات إذا أمسى. =

قال أبو داود: النجّاري من بني النجار من الأنصار (¬1). 5077 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيل، حدَّثنا حمادٌ ووهيبٌ -نحوه- عن سهيلٍ، عن أبيه عن ابنِ أبي عائِشٍ -وقال حمادٌ: عن أبي عيَّاش- أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من قال إذا أصبحَ: لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه، لا شريكَ له، له المُلْكُ، وله الحمدُ، وهو على كل شيءٍ قدير، كان لهُ عَدْلُ رقبةٍ من ولَدِ إسماعيلَ، وكُتِبَ له عَشْرُ حَسناتٍ، وحُطَّ عنه عشْرُ سيئَاتٍ، ورُفِعَ له عَشْرُ درجاتٍ، وكان في حِرْزٍ مِنَ الشيطانِ حتى يُمسيَ، وإن قالها إذا أمْسَى كان له مِثلُ ذلكَ حتى يُصبِحَ" (¬2). قال في حديثِ حمَّادٍ: فرأى رجلٌ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - فيما يرى النائمُ، فقال: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، إن أبا عيَّاش يُحدِّثُ عَنْكَ بكذا وكذا، قال: "صَدَقَ أبو عيّاش". ¬

_ = ولهذه الزيادة التي في حديث محمَّد بن واسع شاهد من حديث معاذ بن أنس مرفوعاً عند أحمد في "مسنده" برقم (15624) ولفظه:" ألا أخبركم لم سمى الله تبارك وتعالى إبراهيم خليله الذي وفّى؛ لأنه كان يقول كما أصبح وأمسى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] حتى يختم الآية". وإسناده ضعيف لضعف زبان بن فائد وابن لهيعة. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ)، وأشار إلى أنها في رواية ابن العبد. (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، ووهيب: هو ابن خالد بن عجلان، وسهل: هو ابن أبي صالح السمان. وأخرجه ابن ماجه (3867)، والنسائي في "الكبرى" (9771) من طريق الحسن ابن موسى، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. ووقع عندهما: عن أبي عياش الزرقي. وهو في "مسند أحمد" (16583).

قال أبو داود: رواه إسماعيلُ بنُ جَعفر وموسى الزَّمَعي وعبدُ الله ابنُ جعفرٍ، عن سُهيلٍ، عن أبيه، عن ابنِ عائش. 5078 - حدَّثنا عَمرُو بنُ عُثمانَ، قال: حدَّثنا بقيةُ، عن مسلمٍ -يعني ابنَ زيادٍ- قال: سمعتُ أنس بن مالكِ يقولُ: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" مَنْ قال حِينَ يُصْبِحُ: اللهُمَّ إني أصبَحْتُ أنّي أُشْهِدُك وأشْهِدُ حملةَ عرشِك وملائِكتَك وجميعَ خلقك: بأنك أنتَ اللهُ لا إلهَ إلا أنتَ، وحدَك لا شريكَ لكَ، وأنَّ محمداً عبدُك ورسولُك، إلا غُفِرَ له ما أصابَ في يومِه ذلكَ مِنْ ذَنْبٍ، وإن قالها حين يُمْسِي غُفِرَ له ما أصابَ في تِلْكَ الليلةِ" (¬1). ¬

_ (¬1) حديث حسن. بقية: هو ابن الوليد. وأخرجه الترمذي (3501) من طريق حيوة بن شريح بن يزيد الحمصي، عن بقية ابن الوليد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1201)، والنسائي فى "الكبرى" (9735) عن إسحاق بن راهويه، والنسائي (9754) من طريق كثير بن عبيد، كلاهما عن بقة بن الوليد، به. وقد صرح بقية بالتحديث في رواية النسائي، فالحديث يصلح شاهداً للطريق السالفة في الحديث (5069)، فيتقوى بها. ولذا حسَّن الحديث الحافظ ابن حجر في كتابه "نتائج الأفكار" 2/ 357 وقال بعد تخريجه: وبقية صدوق أخرج له مسلم، وإنما عابوا عليه التدليل والتسوية، وقد صرح بتحديث شيخه له وبسماع شيخه فانتفت الريبة. وشيخه روى عنه أيضاً إسماعيل بن عياش وغيره، وقد توقف فيه ابن القطان، فقال: لا نعرف حاله، ورد بأنه وصف بأنه كان على خيل عمر بن عبد العزيز، فدل على أنه أمير، وذكره ابن حبان فى"الثقات". =

5079 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إبراهيمَ أبو النضرِ الدمشقيُّ، حدَّثنا محمدُ بنُ شعيبٍ، أخبرني أبو سعيدٍ الفِلَسْطيني عبدُ الرحمن بن حسّان، عن الحارثِ بن مسلمِ أنه أخبره عن أبيه مسلمِ بنِ الحارث التميمىِّ، عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه أسرَّ إليه، فقال: "إذا انصرفت مِن صلاةِ المغربِ، فقل: اللَهُمَّ أجِرني مِنَ النارِ، سَبعَ مراتٍ، فإئك إذا قلتَ ذلك، ثم مُتَّ في ليلتك كُتِبَ لك جِوارٌ منها، وإذا صليتَ الصبحَ فقُلْ كذلك، فإنَّك إن مِتَّ في يومِكَ كُتِبَ لكَ جِوَارٌ منها". أخبرني أبو سعيد، عن الحارثِ أنه قال: أسرَّها إلينا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فنحنُ نَخُصُّ بها إخوانَنا (¬1). 5080 - حدَّثنا عمرو بن عثمان الحمصيُّ ومُؤمَّل بنُ الفضلِ الحرَّانيُّ وعليُّ ابنُ سهل الرمليُّ ومحمدُ بنُ المُصفَّى الحمصيُّ، قالوا: حدَّثنا الوليدُ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ حسَّانَ الكِنانيُّ، قال: حدَّثني مُسلِمُ بنُ الحارث بن مسلم التميميُّ ¬

_ = تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ) وحدها، وأشار المزي في "التحفة (1587)، والحافظ في "نتائج الأفكار" 2/ 358 إلى أنه في رواية أبي بكر ابن داسه، مع أن أبا بكر ابن داسه لم يروه عن أبي داود، بل سقط في جملة ما سقط من الأحاديث التي أشار إلى أنها سقطت من كتابه كما جاء في الورقة 183 من (هـ)، وأنه رواها تعليقاً، بمعنى أنه أخذها من كتاب غيره. (¬1) إسناده ضعيف. الحارث بن مسلم جهله الدارقطني ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقد اختلف في اسمه واسم أبيه. وقد صحيح البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان والترمذي وابن قانع وغير واحد أن مسلم بن الحارث هو صحابي الحديث. وانظر تمام الكلام في تعليقنا عليه س في "مسند أحمد" (18054)، وانظر "الإصابة" 6/ 106، وانظر ما بعده. قوله: "جوار منها" بكسر الجيم واهمال الراء، وفي بعض النسخ بفتح الجيم وإعجام الزاي، أي: أمان وخلاص. قالة في "عون المعبود".

عن أبيه، أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -قال، نحوه، إلى قولهِ: "جِوارٌ منها" إلا أنَّه قال فيهما: "قبل أن يُكلِّم أحداً". قال عليُّ بنُ سهل فيه: إن أباه حدَّثه، وقال عليٌّ وابنُ المصفى: بعثنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- في سريةٍ، فلما بلغنا المُغَارَ، استحثثتُ فرسي، فسبقتُ أصحابي، وتلقَّاني الحيُّ بالرَّنِينِ، فقلتُ لهم: قولوا: لا إله إلا الله وحدَه تُحرِزُوا، فقالوها، فلامني أصحابِي، وقالوا: حرمتنا الغنيمةَ، فلما قَدِمْنَا على رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أخبروه بالذي صنعتُ، فدعاني، فحسَّن لي ما صنعتُ، وقال: "أما إن الله عَزَّ وَجَلَّ قد كتبَ لكَ مِن كلَّ إنسانٍ منهم كذا وكذا", قال عبدُ الرحمن: فأنا نسيتُ الثوابَ، ثم قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما إنَّي سأكتُب لك بالوَصاةِ بَعْدِي"، قال: ففعل، وخَتَم عليه، فدفعه إليَّ، وقال لي، ثم ذكرَ معناهم، وقال ابنُ المصفَّى: قال: سمعتُ الحارثَ ابنَ مسلم بنِ الحارث التميمي يُحدث عن أبيه (¬1). 5081 - حدَّثنا يزيدُ بنُ محمَّد الدمشقي، قال: حدَّثنا عبدُ الرزاق بنُ مُسلَّم الدمشقيُّ -وكان مِن ثقاتِ المسلمين مِن المتعبدين- قال: حدَّثنا مُدْرِكُ بنُ سعْدٍ -قال يزيدُ: شيخٌ ثقة- عن يونَس بنِ ميسرة بنِ حَلْبَس، عن أُمِّ الدرداء ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، لجهالة التابعي، وجاء اسمه هنا مسلم بن الحارث، والصواب أنه الحارث بن مسلم كما سلف بيانه في التعليق على الحديث الذي قبله. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9859) عن عمرو بن عثمان وحده، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18054)، و "صحيح ابن حبان" (2022). وفي الباب حديث أنس عند ابن ماجه (4340)، والترمذي (2745)، والنسائي في "الكبرى" (7907) و (9858)، وفيه: "من استعاذ بالله من النار ثلاثاً، قالت النار: اللهم أعذه من النار". وإسناده صحيح، وهو في "مسند أحمد" (13173). وقوله: المغار، بالضم، الغارة وموضعها.

عن أبي الدرداء، قال: من قال إذا أصبَحَ وإذا أمسى: حسبيَ اللهُ، لا إله إلا هو عليهِ توكلّتُ، وهو ربُّ العرشِ العظيمُ، سبعَ مراتٍ، كفاه اللهُ ما هَمَّهُ، صادقاً كان بها أو كاذباً (¬1). 5082 - حدَّثنا محمدُ بنُ المصفَّى، حدَّثنا ابنُ أبي فُديك، أخبرني ابنُ أبي ذئبٍ، عن أبي أَسيدٍ البرَّاد، عن مُعاذِ بنِ عبد الله بن خُبَيب عن أبيه، أنه قال: خرجنا. في ليلةِ مطرٍ وظُلْمةٍ شديدةٍ، نطلُبُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - لِيُصليَ لنا، فأدركناهُ، فقال: "أصليتُم؟ " فلم أقل شيئاً، فقال (¬2): "قل"، فلم أقُلْ شيئاً، ثم قال: "قل"، فلم أقُلْ شيئاً، ثم قال: "قُلْ"، قلتُ: يا رسولَ الله، ما أقولُ؟ قال: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)}، ¬

_ (¬1) رجاله ثقات، وهو موقوف، وفي متنه زيادة منكرة. وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 36/ 149 من طريق أبي زرعة الدمشقي و 36/ 149 - 150 من طريق إبراهيم بن عبد الله بن صفوان، كلاهما عن عبد الرزاق ابن عمر بن مسلم، بهذا الإسناد. وأورده ابن كثير في "التفسير" 4/ 181 عن "تاريخ دمشق" لابن عساكر من طريق أبي زرعة، ثم قال: وهو زيادة غريبة ثم رواه. في ترجمة عبد الرزاق أبي محمَّد، عن أحمد بن عبد الله بن عبد الرزاق، عن جده عبد الرزاق بن عمر فرفعه فذكر مثله بالزيادة. وهذا منكر. وأخرجه مرفوعاً دون هذه الزيادة ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (71) من طريق أحمد بن عبد الرزاق الدمشقي، قال: حدثني جدي عبد الرزاق بن مسلم، به. وانظر "نتائج الأفكار" 2/ 400. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (هـ). وذكر المزي في "التحفة" (11004)، والحافظ في "نتائج الأفكار" 2/ 400 أنه في رواية أبي بكر ابن داسه! قلنا: كذا قال مع أن أبا بكر ابن داسه قد أشار كما في الورقة 183 من (هـ) إلى أن عدة أحاديث ومن جملتها هذا الحديث قد سقط من كتابه وأنه يرويها تعليقاً عن أبي داود. (¬2) من قوله:" أصليتم؟ " إلى هنا، أثبتناه من (هـ).

والمُعوِّذَتَيْن حينَ تُمسي وحِينَ تُصبح، ثلاثَ مراتٍ، تكفِيكَ مِن كُلِّ شيءِ" (¬1). 5083 - حدَّثنا محمدُ بنُ عَوفٍ، حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ، حدَّثني أبي -قال ابنُ عوفِ: ورأيتُه في أصلِ إسماعيلَ- حدَّثني ضَمضمٌ، عن شُريحٍ عن أبي مالكٍ، قال: قالوا: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، حدَّثنا بكلمة نقولُها إذا أصبحْنَا وأمسينَا واضطَجَعْنا، فأمرهم أن يقولوا: "اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّمواتِ والأرضِ، عالمَ الغيبِ والشهادةِ، أنتَ ربُّ كلِّ شيءِ، والملائكةُ يشهَدون، أنك لا إلهَ إلَا أنتَ، فإنا نعوذُ بكَ مِن شَرِّ أنفسِنا، ومِنْ شرِّ الشيطانِ الرجيمِ وشِرْكِهِ، وأن نقترِفَ سُوءاً على أنفُسِنا، أو نجُرَّهُ إلى مُسلِمٍ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن، محمَّد بن إسماعيل -وهو ابن أبي فديك، وأبو أَسِيد -وصوابُه أبو سعيد- هو أسِيْدُ بن أبي أَسِيدٍ، صدوقان. ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن ابن المغيرة. وأخرجه الترمذي (3892) عن عبد بن حميد، عن محمَّد بن إسماعيل بن أبي فديك، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (7811) من طريق أبي عاصم، عن ابن أبي ذئب، به. وأخرجه النسائي (7809) من طريق ابن وهب، عن حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن معاذ بن عبد الله، به. وهو في "مسند أحمد" (22664). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه بين شريح -وهو ابن عبيد- وبين أبي مالك الأشعري، ومحمد بن إسماعيل -وهو ابن عياش- ضعيف، وقد خولف عن أبيه كما سيأتي. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، (3450)، و "مسند إلشاميين" (1672) عن هاشم بن مرثد، عن محمَّد بن إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد. قلنا: ومع ضعف محمَّد بن إسماعيل، فقد خالفه غيرُ واحد عن أبيه: =

5084 - قال أبو داود: وبهذا الإسنادِ، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال:" إذا أصبحَ أحدُكُم فليقُلْ: أصبحنا وأصبَح المُلكُ لله ربِّ العالمين، اللَّهُمَّ إني أسألك خيرَ هذا اليومِ فتحَهُ ونصرَهُ ونورَهُ وبركتَهُ وهُدَاه، وأعوذ بك من شرِّ ما فيه وشرِّ ما بعدَهُ، ثم إذا أمسى فليقُل مثلَ ذلك" (¬1). ¬

_ = فقد رواه خلف بن الوليد عند أحمد (6851)، وخطاب بن عثمان عند البخاري في "الأدب المفرد" (1204)، والحسن بن عرفة عند الترمذي (3840) وقال: حديث حسن غريب من هذه الوجه، ومحمد بن عمرو بن خالد الحراني وأبو عبد الملك أحمد ابن إبراهيم الدمشقي عند الطبراني في "الدعاء" (289)، وداود بن رشيد وداود بن عمرو الضبي وأبو معمر القطيعي عند المعمري في "اليوم والليلة" -ما في "نتائج الأفكار" 2/ 346 - ثمانيتهم عن إسماعيل بن عياش، عن محمَّد بن زياد الألهاني، عن أبي راشد الحُبراني قال: أتيت عبد الله بن عمرو فقلت: حدَّثنا حديثاً سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فألقى إليّ صحيفة، فقال: هذا ما كتب لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: فنظرت فإذا فيها: إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يا أبا بكر قل" فذكر مثل رواية أبي مالك، لكن ليس فيه "أشهد" إلى قوله: "إلا أنت" وقال فيه: " أعوذ بك من شر نفسي" والباقي سواء. قال الحافظ ابن حجر: هذا حديث حسن. وقد سلف عند المصنف برقم (5067) عن أبي هريرة أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: .... وقوله: "وشركه". قال النووي في "الأذكار" ص221: روي على وجهين: أظهرهما وأشهرهما بكسر الشين مع إسكان الراء من الاشراك، أي: ما يدعو إليه، ويوسوس به من الإشراك بالله تعالى. والثاني: شركه بفتح الشين والراء: حبائله ومصايده، واحدها: شَرَك. (¬1) إسناده كسابقه. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"، (3453)، وفي "مسند الشاميين" (1675) عن هاشم بن مرثد، عن محمَّد بن إسماعيل بن عياش، بهذا الإسناد. وفي الباب عن ابن مسعود، وقد سلف عند المصنف برقم (5071)، وإسناده صحيح.

5085 - حدَّثنا كثيرُ بنُ عُبيدِ، حدَّثنا بقيةُ بنُ الوليدِ، عن عُمَرَ بن جُغثُمٍ، حدثني الأزهرُ بنُ عبدِ الله الحَرَازيُّ حدَّثني شَرِيقٌ الهوزنىُّ، قال: دخلتُ على عائِشةَ، فسألتُها: بِمَ كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يفتتِحُ إذا هبَّ مِن الليل؟ فقالت: لقد سألتَني عن شيءٍ ما سألني عنه أحدٌ قبلَك، كان إذا هَبَّ مِنَ الليلِ كَبَّر عشْراً، وحَمِدَ الله عَشْراً، وقال: "سبحَان الله وبحَمْده" عشراً، وقال: " سُبْحَانَ المَلِكِ القُدُّوس"عشراً، واستَغفرَ عشراً، وهلَّلَ عشراً، ثم قال: "اللَّهُمَّ إني أعوذُ بك من ضيقِ الدُنيا، وضِيق يومِ القيامة" عشراً، ثم يفتتحُ الصلاةَ (¬1). 5086 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحِ، حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ وهْبٍ، أخبرني سليمانُ ابنُ بلالٍ، عن سهيل بنِ أبي صالحِ، عن أبيه عن أبي هريرةَ، قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان في سَفَرٍ فأسحَرَ يقول: "سَمعَ سامعٌ بحَمْدِ الله ونعمته، وحُسنِ بلائِه علينا، اللَّهُمَّ صَاحِبنَا فأفْضِل علينا، عائذاً بالله مِنَ النارِ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10641) عن عمرو بن عثمان، عن بقية، بهذا الإسناد. وقد سلف عند المصنف من طريق آخر عن عائشة رضي الله عنها برقم (766) يصح به. وانظر تمام تخريجه هناك. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2718) عن أحمد بن عمرو بن أبي السرح، والنسائي في "الكبرى" (8777) و (10293) عن يونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الاسناد. وهو في "صحيح ابن حبان" (2701). قوله: فأسحر، أي قام في السحر، أو ركب في السحر، أو انتهى في سيره إلى السحر، وهو آخر الليل. =

5087 - حدَّثنا ابنُ معاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا المسعوديُّ، حدَّثنا القاسِمُ، قال: كان أبو ذرٍّ يقولُ: مَنْ قال حينَ يُصبح: اللَّهُمَّ ما حلَفْتُ مِن حَلْفٍ، أو قلتُ مِنْ قولٍ، أو نذرتُ مِن نذرٍ، فمشيئتُك بينَ يدَيْ ذلك كُلِّه: ما شئتَ كان، وما لم تشأ لم يكُنْ، اللهُمَّ اغفِز لي، وتجاوَزْ لي عنه، اللَّهُمَ فمَن صلَّيْتَ عليه فعليه صلاتي، ومن لعنتَ فعليه لعْنتي، كان في استثناءٍ يومَهُ ذلك (¬1). 5088 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ، حدَّثنا أبو مَودُودٍ، عمَّن سمع أبانَ بن عُثمان يقولُ: سمعتُ عثمانَ يقولُ: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقولُ:" من قال: باسمِ اللهِ الذي لا يَضُرُّ مع اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماء وهو ¬

_ = قال الخطابي في "معالم السنن" 4/ 145: قوله:"سمع سامع" معناه: شهد شاهد، وحقيقته ليسمع السامعُ، وليشهد الشاهدُ على حمدنا لله سبحانه على نعمه وحسن بلائه. وقوله: "عائذاً بالله" يحتمل وجهين: أحدهما: أن يريد أنا عائذ بالله، والوجه الآخر أن يريد متعوذاً بالله، كما يقال: مستجار بالله، بوضع الفاعل مكان المفعول، كقولهم: سرٌّ كاتم، وماء دافق، بمعى: مدفوق ومسكوب. (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، القاسم - وهو: ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبي ذر ثم هو موقوف. وابن معاذ: هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري، والمسعودي: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة. وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (16117) عن سفيان الثوري، عن المسعودي، بهذا الإسناد. وله شاهد إلى قوله: "اللهم اغفر لي" من حديث زيد بن ثابت مرفوعاً، وهو في "مسند أحمد" (21666). وإسناده ضعيف. تنبيه: هذا الحديث أثبتناه من (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنه في رواية ابن العبد، وأنه سقط لابن داسه واللؤلؤي.

السَّميعُ العليمُ، ثلاثَ مراتٍ، لم تُصِبْه فَجأةُ بلاءٍ حتى يُصبِحَ، ومن قالها حينَ يُصبِحُ، ثلاثَ مراتٍ، لم تُصِبْهُ فَجأةُ بلاءٍ حتى يُمسيَ"، قال: فأصابَ أبانَ بنَ عثمانَ الفالجُ، فجعل الرجلُ الذي سَمِعَ منه الحديث ينظرُ إليه، فقال له: ما لكَ تنظُرُ إليَّ؟ فواللهِ ما كذبتُ على عثمانَ، ولا كذَبَ عثمانُ على النبي-صلى الله عليه وسلم-، ولكنَّ اليومَ الذي أصابَنِي فيه ما أصابني، غَضِبْتُ، فنسيْتُ أن أقولها (¬1). 5089 - حدَّثنا نصرُ بنُ عاصمِ الأنطاكيُّ، حدَّثنا أنسُ بنُ عِياضِ، حدَّثني أبو مَودُود، عن محمَّد بنِ كعب، عن أبانَ بنِ عثمان، عن عثمانَ، عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، نحوه، لم يذكر قصة الفالج (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذا إسناد اختُلف فيه على أبي مودود -وهو عبد العزيز بن أبي سليمان- فقد رواه مرة كما عند المصنف هنا بذكر راوٍ مبهم، ورواه أيضاً مرة كما سيأتي في التخريج بدر راويين مُبهمين، ورواه مرة أخرى فسمى الراوي المبهم محمَّد بن كعب، كما في الطريق الآتي عند المصنف. لكن روي الحديث من طريق أخرى سيأتي ذكرها عند تخريج الطريق الآتي بعده، وهي حسنة. وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 238 عن زيد بن الحباب، عن أبي مودود، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9760) عن محمَّد بن علي، عن عبد الله بن مسلمة القعنبىُّ، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 9/ 42 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن أبي مودود، عن رجل، عمن سمع أبان بن عثمان، عن أبان، به. قال الدارقطني في "العلل" 3/ 8: وهذا القول الأخير هو المضبوط عن أبي مودود، ومن قال فيه: عن محمَّد بن كعب القرظي فقد وهم. وهو في "مسند أحمد" (446). والفالجُ: شلل يصيب أحد شِقي الجسم طولاً. (¬2) حديث حسن، وقد انفرد أنس بن عياض بتسمية شيخ أبي مودود فيه محمدَ ابنَ كعب، وخالفه الثقات من أصحاب أبي مودود كابن مهدي والقعنبي وزيد بن الحباب =

5090 - حدَّثنا عليُّ بنُ عبدِ الله (¬1) والعباسُ بنُ عبدِ العظيم العنبريُّ ومحمدُ ابنُ المُثنَّى، قالوا: حدَّثنا عبدُ الملِكِ بنُ عَمرو، عن عَبدِ الجليل بنِ عَطيةَ، عن جعفر بنِ ميمون حدَّثني عبدُ الرحمن بنُ أبي بكرَة، أنه قال لأبيه: يا أبةِ إني أَسمَعُكَ تَدْعُو كلَّ غَدَاةٍ: اللَّهُمَّ عافِني في بَدَني، اللهم عافِنِي في سَمْعِي، اللَّهُمَّ عافني في بَصَري، لا إلهَ إلا أنت، تُعيدها ثلاثاً حينَ تُصْبِحُ، وثلاثاً حينَ تُمسي، فقال: إني سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -يدعو بهنَّ فانا أُحِبُّ أن أستَنَّ بسُنَّتِه، وقال عليٌّ وعباسٌ فيه: ويقول: اللهُمَّ إني أعوذُ بِكَ من الكُفر والفَقرِ، اللَّهُمَ إني أعُوذُ بِكَ مِن عذابِ القبر، لا إلهَ إلا أنتَ، يُعيدها ثلاثاً حِين يُصبحُ، وثلاثاً حين يُمسي، فيَدعُو بهِنَّ، فاُحِبُّ أن أستَنَّ بسُنتَّه، قال: وقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" دعواتُ المكروبِ: اللهُمَّ رحْمتَك أرجُو، فلا تكلْنِي إلى نَفْسي طرْفَةَ عَينٍ، وأصلحْ لي شأني ¬

_ = وغيرهم فلم يسمُّوه. ولهذا قال الدارقطني في "العلل" 3/ 8: من قال فيه: عن محمَّد ابن كعب فقد وهم. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9759) عن قتيبة بن سعيد، عن أنس بن عياض، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (3869)، والترمذي (3685)، والنسائي (10106) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، والنسائي (10107) من طريق يزيد بن فراس، كلاهما عن أبان، عن عثمان بن عفان. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، وقال الدارقطني في "العلل" 3/ 9 عن طريق أبي الزناد هذه: هذا متصل، وهو أحسنها إسناداً. وهو كما قال. وانظر ما قبله. (¬1) طريق علي بن عبد الله -وهو ابن المديني- أثبتناها من (هـ) وحدها، ولم يُشر إليها المزي في "التحفة".

كُلَّهُ، لا إلهَ إلا أنتَ". وبعضهم يزيدُ على صاحبه (¬1). 5091 - حدَّثنا محمدُ بنُ المِنهَالِ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زريع، حدَّثنا روحُ بنُ القاسم، عن سُهَيل، عن سُمَيٍّ عن أبي صالح عن أبي هُريرة، قال: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "من قال حين يُصبِحُ: سبحانَ اللهِ العظيم وبحمْدِه، مئةَ مرةٍ، وإذا أمْسَى كذلك، لم يُوَافِ أحدٌ مِن الخلائقِ بمثل ما وافَى" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن في المتابعات والشواهد، جعفر بن ميمون ضعيف يُعتبر به، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الجليل -وهو ابن عطية- فهو صدوق حسن الحديث. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9766) عن العباس بن عبد العظيم وحده، بهذا الإسناد. دون ذكر دعاء المكروب. وأخرجه النسائي (10332) عن محمَّد بن المثنى، و (10412) عن إسحاق بن منصور، كلاهما عن أبى عامر العقدي عبد الملك بن عمرو، عن عبد الجليل بن عطية، به. وحديث محمَّد بن المثنى دون دعاء المكروب، واقتصر عليه في حديث إسحاق ابن منصور. وهو في "مسند أحمد" (20430) بتمامه، و"صحيح ابن حبان" (970). وقوله: "اللهم إنى أعوذ بك من الكفر والفقر ومن عذاب القبر". أخرجه النسائي في "الكبرى" (1271) من طريق عثمان الشحام، عن مسلم بن أبي بكرة، عن أبيه. وإسناده قوي. وهو في "مسند أحمد" برقم (20381). ويثحهد لقوله: "اللهم عافني في جسدي، وعافني في بصري ... " حديث عائشة عند الترمذي (3479). وفي سنده انقطاع. ويشهد لدعاء المكروب حديث أنس عند النسائي في "الكبرى" (10330). وإسناده حسن في الشواهد. (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه الترمذي (3775)، والنسائي في "الكبرى" (10327) من طريق عبد العزيز ابن المختار، عن سهيل بن أبى صالح، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. =

110 - باب ما يقول إذا رأى الهلال

110 - باب ما يقولُ إذا رأى الهلالَ 5092 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبانُ حدَّثنا قتادةُ، أنه بلغَه: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى الهلالَ قال: "هلالُ خَيرٍ ورُشدٍ، هلالُ خَيرٍ ورُشدٍ، هلالُ خَيرٍ ورُشدٍ، آمنتُ بالذي خلقَكَ" ثلاثَ مراتٍ، ثم يقولُ: "الحمدُ للهِ الذي ذهبَ بشهرِ كذا، وجاءَ بشهرِكذا" (¬1). 5093 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أن زيدَ بنَ حبابٍ أخبرهم، عن أبي هلالٍ ¬

_ = وأخرجه مسلم (2692) من طريق مالك بن أنس، عن سُمَيّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، به. وهو في "مسند أحمد" (8835)، و"صحيح ابن حبان" (860). وانظر ما أخرجه أحمد في "مسنده" برقم (8008) و (8009). (¬1) حديث حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات لكنه مرسل. وهو عند المصنف في "المراسيل" (527). وأخرجه عبد الرزاق (7353)، ومن طريقه أخرجه البغوي في "شرح السنة" (1336) عن معمر قال: عن قتادة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى الهلال كبر ثلاثاً ثم قال: هلال خير ورشد ثلاثاً، ثم قال: آمنت بالذي خلقك ثلاثاً، ثم يقول: الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وكذا وجاء بشهر كذا وكذا. وله شاهد من حديث رافع بن خديج عند الطبراني برقم (4409) قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى الهلال قال: "هلال خير ورشد، اللهم إني أسألك من خير هذا الشهر وخير القدر، وأعوذ بك من شره، ثلاث مرات. وإسناده ضعيف. وعن عبادة بن الصامت عند أحمد (22791) وسنده ضعيف. وفي الباب عن طلحة بن عبيد الله عند أحمد (1397)، والترمذي (3753)، والدارمي (1688). وقال الترمذي: حديث حسن غريب. ولفظه: كان إذا رأى الهلال قال: اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله. وله شاهد يصح به من حديث ابن عمر عند ابن حبان (888)، والدارمي (1687).

111 - باب ما يقول إذا خرج من بيته

عن قتادة: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -كان إذا رأى الهِلالَ صَرَفَ وجهَهُ عنه (¬1). قال أبو داود: ليس في هذا الباب عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حديثُ مُسنَدٌ صحيح (¬2). 111 - باب ما يقول إذا خرج من بيته (¬3) 5094 - حدَّثنا مسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا شعبةُ، عن منصورٍ، عن الشعبي عن أُمِّ سلمةَ، قالت: ما خرَجَ النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن بيتي قطُّ إلا رفعَ طَرْفهُ إلى السماءِ مقال: "اللَّهُم اني أعوذُ بِكَ أن أَضِلَّ أو أُضَلَّ، أو أَزلَّ أو أُزَلَّ، أو أَظْلِمَ أو أُظلَمَ، أو أجهَل أو يُجْهَل عَلىَّ " (¬4). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. أبو هلال- واسمه محمَّد بن سُلَيم الراسبي- ضعيف، ثم هو مرسل. (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) و (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها في رواية ابن العبد. وفي (هـ) إشارة إلى أنها أيضاً في رواية عن اللؤلؤي من طريق أبي ذر الهروي. (¬3) جاء في (ب) و (ج): باب ما جاء فيمن دخل بيته ما يقول، وفي (أ): باب من دخل إلى بيته ما يقول. والمثبت من (هـ)، وهو الأليق بالحديثين الأولين في الباب، وأما الحديث الثالث فقد جاء في النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي له تبويب آخر يناسبه، وهو باب ما يقول الرجل إذا دخل بيته. (¬4) إسناده صحيح. وأخرجه ابن ماجه (3884)، والترمذي (3725)، والنسائي في "الكبرى" (7868) و (7869) و (7870) و (9834) و (9835) من طرق عن منصور بن المعتمر، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. قلنا: والشعبي -واسمه: عامر بن شَراحيل- قد أدرك أم سلمة يقيناً وقد صحيح الحاكم سماعه منها وسكت المزي في "تهذيب الكمال" عن روايته عنها، وقد صحيح حديثه هذا الترمذي والحاكم والنووي وابن القيم وغيرهم. وقول علي بن المديني: =

5095 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ الحسنِ الخَثعَميُّ، حدَّثنا حجاجُ بنُ محمدٍ، عن ابنِ جُريجِ، عن إسحاقَ بن عبدِ الله بنِ أبي طلحة عن أنسِ بنِ مالكِ، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا خرجَ الرجُلُ مِن بيته، فقال: بِاسْمِ الله، توكلتُ على اللهِ، لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله" قال: "يُقالُ حينئذٍ: هُدِيتَ وكفِيتَ وَوُقِيتَ، فتتنحَّى له الشياطينُ، فيقول شيطانٌ آخرُ: كيفَ لك برجلِ قد هُدِيَ وكُفِيَ ووقي؟ " (¬1). ¬

_ = لم يسمع منها ,لم يتابع عليه، لكن الحافظ ابن حجر في "نتائج الأفكار" 1/ 160 قد اعتمده، فقال: ليس له علّة سوى الانقطاع، ولو سلَمنا أن الشعبي لم يسمع من أم سلمة فمراسيله عند ابن المديني قوية فيما نقله ابن رجب في "شرح "العلل" 1/ 296. (¬1) حديث حسن بشواهده، وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن ابن جريج -وهو: عبد الملك بن عبد العزيز- مدلّس، وقد عنعن. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9837) عن عبد الله بن محمَّد بن تميم، عن حجاج بن محمَّد، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (3724) من طريق يحيى بن سعيد الأموي، عن ابن جريج، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (822). وذكر له الحافظ في "أمالي الأذكار" فيما ذكره ابن علان 1/ 336 شاهداً قوي الإسناد إلا أنه مرسل، عن عون بن عبد الله بن عتبة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا خرج الرجل من بيته، فقال: بسم الله حسبي الله، توكلت على الله، قال الملك: كفيت ووقيت". وفي الباب أيضاً عند ابن ماجه (3886) من حديث أبي هريرة مرفوعاً أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا خرج الرجل من باب بيته (أو من باب داره) كان معه ملكان موكلان، فإذا قال: بسم الله، قالا: هديت، واذا قال: لا حول ولا قوة إلا بالله، قالا: وقيت، وإذا قال: توكلت على الله، قالا: كفيت، قال: فيلقاه قريناه فيقولان: ماذا تريدان من رجل قد هدي وكفي ووقي" وفي سنده هارون بن هارون بن عبد الله وهو ضعيف. ورواه من طريق آخر بنحوه ابن ماجه (3885)، والبخاري في "الأدب المفرد" (1197)، والحاكم 1/ 519، وفي سنده عبد الله بن حسين وهو ضعيف.

112 - باب ما يقول إذا هاجت الريح

5096 - حدَّثنا ابنُ عَوفِ، حدَّثنا محمَّد بن إسماعيل، حدَّثني أبي- قال ابن عَوف: ورأيتُ في أصلِ إسماعيلَ- حدَّثني ضَمْضَمٌ، عن شُريحٍ عن أبي مالك الأشعري، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا وَلَجَ الرجلُ بيتَهُ، فليقُلْ: اللهُمَّ إني أسألك خيرَ المَوْلَجِ وخيرَ المَخْرَج، بِاسْمِ الله ولجْنَا، وباسمِ الله خرجنا، وعلى الله ربنا توكلنا، ثم ليسلَّم على أهلِه" (¬1). 112 - باب ما يقول إذا هاجت الريحُ 5097 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد المروزيُّ وسلمةُ بنُ شَبيبٍ، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهريِّ، حدَّثني ثابتُ بنُ قيس أن أبا هريرة قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول:"الرَّيحُ من رَوح الله -قال سلمةُ: فرَوْحُ الله- تأتي بالرحمةِ، وتأتي بالعذابِ، فإذا رأيتُموها فلا تسبُّوها، وسلوا اللهَ خيرَها، واستعيذوا بالله مِن شرِّها" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف. ابن عوف واسمه محمَّد بن عوف بن سفيان قد روى هذا الحديث عن محمَّد بن إسماعيل وهو ضعيف، قال الآجري: سئل أبو داود عنه فقال: لم يكن بذاك قد رأيته، ودخلت حمص غير مرة وهو حي وسألت عمرو بن عثمان عنه فدفعه. ورواه أيضاً من أصل إسماعيل، أي: من كتابه: حدَّثنا ضمضم، به. وهذا سند رجاله ثقات ورواية إسماعيل بن عياش عن أهل بلده قوية، ويبقى في الحديث علة الانقطاع بين شريح بن عبيد وبين أبي مالك الأشعري، قال أبو حاتم: شريح بن عبيد لم يسمع من أبي مالك الأشعري. وأخرجه البيهقي في "الدعوات "الكبير" (429) من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "المعجم "الكبير" (3452)، وفي "مسند الشاميين" (1674) عن هاشم بن مرثد، عن محمَّد بن إسماعيل، به. (¬2) إسناده صحيح. ثابت بن قيس -وهو: الزرقي- وثقه النسائي والذهبي وابن حجر، وذكره ابن حبان فى "الثقات"، وباقي رجاله ثقات. =

5098 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهبٍ، أخبرنا عمرو، أن أبا النضرِ حدَّثه، عن سليمانَ بنِ يَسارٍ عن عائشة زوج النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -أنها قالت: ما رأيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قطُّ مُستجْمِعاً ضاحِكاً حتى أرى منه لَهَواتِه، إنما كان يتبسَّمُ، وكان إذا رأى غيماً أو ريحاً عُرِف ذلك في وجهِه، فقلت: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، الناسُ إذا رأوا الغَيمَ فرِحُوا رجاءَ أن يكونَ فيه المطرُ، وأراكَ إذا رأيتَه عَرَفْتُ في وجهِك الكرَاهِيَةَ، فقال:" يا عائِشةُ، ما يُؤَمِّنُني أن يكونَ فيه عذابٌ؟ قد عُذِّبَ قومٌ بالريحِ، وقد رأى قوْمٌ العذابَ فقالوا: {هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: 24] " (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن ماجه (3727)، والنسائي في "الكبرى" (10702) من طريق الأوزاعي، والنسائي (10751) من طريق زياد بن سعد، كلاهما عن ابن شهاب الزهرى، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (7413)، و "صحيح ابن حبان" (1007). وأخرجه النسائي (10699) من طريق عقيل بن خالد، عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، و (10700) من طريق سالم الأفطس، عن الزهرى، عن عمرو بن سليم الزرقي، كلاهما عن أبي هريرة. وفي الإسنادين مقال، وقال الحافظ المزي في ترجمة عمرو بن سليم في "تهذيب الكمال" 21/ 353: ليسا بمحفوظن، والمحفوظ حديث الزهري عن ثابت بن قيس. وفي الباب عن أبي بن كعب عند الترمذي (2402)، والنسائي (10703)، وأحمد (21138)، ورجاله ثقات لكن اختلف في رفعه ووقفه. وفي باب الدعاء إذا عصفت الريح عن عائشة عند مسلم (899) (15). (¬1) إسناده صحيح. عمرو: هو ابن الحارث بن يعقوب، وأبو النضر: هو سالم ابن أبي أمية. وأخرجه البخاري (4828 - 4829)، ومسلم (899) (16) من طرق عن عبد الله ابن وهب، بهذا الإسناد. =

113 - باب ما جاء في المطر

5099 - حدَّثنا ابنُ بشّارٍ، حدَّثنا عبدُ الرحمن، حدَّثنا سفيانُ، عن المِقدامِ ابنِ شُريح، عن أبيه عن عائشة: أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -كان إذا رأى ناشئاً في أُفُقِ السَّماءِ تركَ العملَ، وإن كان في صلاةِ، ثم يقول: "اللَّهُمَ إني أعوذُ بك مِن شرِّها"، فإن مُطِرَ قال: "اللَّهُم صَيَّباً هَنيئاَ" (¬1). 113 - باب ما جاء في المطرِ 5100 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد ومُسَدَّدُ بن مُسَرْهَدٍ -المعنى-، قالا: حدَّثنا جعفرُ بنُ سليمان، عن ثابتٍ ¬

_ = وأخرجه البخاري (3206)، ومسلم (899) (14) و (15)، وابن ماجه (3891)، والنسائي في "الكبرى"، (1844) و (11428) من طريق عطاء بن أبي رباح، والنسائي (1845) من طريق طاووس، كلاهما عن عائشة رضي الله عنها. وهو في "مسند أحمد" (24369) و (25342) و (26037). (¬1) إسناده صحيح. ابن بشار: هو محمَّد العبدي، وعبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه ابن ماجه (3889)، والنسائي في "الكبرى" (1843) و (10684) من طريق يزيد بن المقدام، عن المقدام بن شريح، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (2557)، و"صحيح ابن حبان" (994). وأخرجه البخاري (1023)، وابن ماجه (3890)، والنسائي (10687 - 10690) من طريق القاسم بن محمَّد، عن عائشة بلفظ: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى المطر قال: "صيِّباً نافعاً". وهو في "مسند أحمد" (24589)، و"صحيح ابن حبان" (993). الصيِّب: المطر المنحدر المُنصبُّ، وهو في الأصل صَيْوِب ولكنَّ الواو لما سبقتها ياء ساكنة صيرتا جميعاً ياءً مشددةً كما قيل سيِّد من سادَ يسودُ, وجيِّد: من جَادَ يجودُ وكذلك تفعل العرب بالواو إذا كانت متحركة وقبلها ياءٌ ساكنة تصيِّرهما جميعاً ياء مشددة، أفاده الطبري في "جامع البيان".

114 - باب ما جاء في الديك والبهائم

عن أنسِ بن مالكٍ، قال: أصابنا ونحسّنُ مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- مَطَرٌ فخرجَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فحَسَر ثوبَهُ عنهُ، حتى أصابَه، فقلنا: يا رسول، لِمَ صَنَعْتَ هذا؟ قال: "لأنّهُ حديثُ عهدِ بربَّه عزَّ وجل" (¬1). 114 - باب ما جاء في الدِّيك والبهائِم 5101 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا عبدُ العزيز بنُ محمَّد، عن صالح بنِ كيسانَ، عن عُبيد الله بنِ عَبد الله بن عُتبة عن زيد بن خالد، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: لا تسبُّوا الدَّيكَ، فإنَّهُ يوقِظُ للصَّلاةِ" (¬2). 5102 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثنا الليثُ، عن جعفر بن ربيعةَ، عن الأعرجِ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (898)، والنسائي في "الكبرى" (1850) من طريق جعفر بن سليمان، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (12365)، و "صحيح ابن حبان" (6135). قوله: "حديث عهد بربه" قال السندي في "حاشيته على المسند": أي: بتكوينه أو بإنزاله. (¬2) رجاله ثقات رجال الشيخين، وقد اختلف في وصله وإرساله فصحح أبو حاتم والبزار وأبو نعيم وصله، وقال الدارقطني: المرسل أشبه بالصواب. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10715) من طريق موسى بن داود، عن عبد العزيز ابن أبي سلمة، عن صالح بن كيسان، بهذا الإسناد. وأخرجه مرسلاً النسائي (10716) من طريق زهير، عن صالح بن كيسان، عن عبيد الله بن عبد الله: أن الديك صَوَّتَ عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسبَّهُ رجل من الأنصار، فقال: "لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة". وهو في "مسند أحمد" (17034)، وانظر لزاماً بسط الكلام عليه فيه.

عن أبي هريرة، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا سمعتُم صِياحَ الدِّيَكَةِ فَسَلُوا الله من فضلهِ، فإنها رأت مَلَكاً، وإذا سمعتُم نَهِيقَ الحِمَارِ فتعوَّذُوا بالله من الشيطانِ، فإنها رأتْ شيطاناً" (¬1). 5103 - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّرِىِّ، عن عَبدةَ، عن محمَّد بنِ إسحاقَ، عن محمدِ بنِ إبراهيمَ، عن عطاء بن يسار عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا سمعتُمْ نُبَاح الكلابِ ونَهِيقَ الحُمُرِ بالليل، فتعوَّذوا بالله، فإَّنهن يرَينَ ما لا تَرَوْن" (¬2). 5104 - حدَّثنا قتيبةُ، حدَّثنا الليثُ، عن خالد بنِ يزيد، عن سعيد بنِ أبي هلالِ، عن سعيد بنِ زياد، عن جابر بن عبد الله. وحدَّثنا إبراهيمُ بنُ مروانَ الدمشقيُّ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا اليثُ بنُ سعد، حدَّثنا يزيدُ بنُ عبد الله بنِ الهادِ، عن علي بن عُمَرَ بنِ حُسين بنِ علي، قالا: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أقِلُّوا الخروج بعدَ هدْأةِ الرِّجلِ، فإنَّ للهِ دَوَابَّ يبثُّهنَّ في الأرضِ -قال ابنُ مروان:- في تلك الساعة" وقال: ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وأخرجه البخاري (3303)، ومسلم (2729)، والترمذي (3762) من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (8064)، و"صحيح ابن حبان" (1005). (¬2) إسناده حسن. محمَّد بن إسحاق حسن الحديث، وقد صرح بالتحديث عند ابن حبان في "صحيحه" (5518)، وأبي يعلى في "مسنده" (2327)، فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه أحمد في "مسنده" (14283)، وعبد بن حميد في "مسنده" (1157)، والبخاري في "الأدب المفرد" (1234)، وأبو يعلى في "مسنده" (2221) و (2327)، وابن حبان في "صحيحه"، (5517) و (5518)، والحاكم في "مستدركه " 4/ 283 - 284، والبغوي في "شرح السنة" (3060) من طرق عن محمَّد بن إسحاق، بهذا الإسناد.

115 - باب في الصبي يولد فيوذن في أذنه

"فإن لله خلقاً"، ثم ذكر نُباح الكلبِ والحميرِ نحوه. وزاد في حديثه: قال ابنُ الهاد: وحدَّثني شُرَحْبِيلُ الحاجبُ، عن جابر بنِ عبد الله، عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، مثلَه (¬1). 115 - باب في الصبيّ يُولد فَيُوَذَّنُ في أُذُنِه 5105 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، حدَّثني عاصمُ بنُ عُبيدِ الله، عن عُبيد الله بنِ أبي رافع عن أبيه، قال: رأيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أذَّنَ في أُذُنِ الحَسنِ بنِ عليٍّ حينَ وَلدتْهُ فاطِمةُ بالصلاة (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن، وهذه الأسانيد كلها ضعاف، فأما طريق خالد بن يزيد ففيه سعيد بن زياد وهو مجهول، وأما طريق علي بن عمر بن حسين فمعضل، وأما طريق شرَحْبيل -وهو ابن سعيد- فضعيف لضعف شرَحبيل. قتيبة: هو ابن سعيد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10712) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (14830). وانظر ما قبله. وقوله: بعد هدأة الرِّجل، قال الخطابي: يريد به انقطاع الأرجل عن المشي في الطريق ليلاً، وأصل الهدوء: السكون. (¬2) إسناده ضعيف لضعف عاصم بن عُبيد الله. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه الترمذي (1594) عن محمَّد بن بشار، عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن صحيح! والعمل عليه. وهو في "مسند أحمد" (23869). وله شاهدان لا يفرح بهما: الأول عند البيهقي في "الشعب" (8255) من حديث ابن عباس، وفي إسناده الحسن بن عمرو بن سيف السدوسي وهو متروك، واتهمه علي ابن المديني والبخاري بالكذب، والثاني عند أبي يعلى (6780) وابن السني (623) =

5106 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا محمَّد بن فُضَيل. وحدَّثنا يوسفُ ابنُ موسى، حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن هشام بنِ عُروة، عن عُروة عن عائشة، قالت: كانَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُؤتَى بالصِّبيان، فيدعو لهم بالبركةِ، زادَ يوسفُ: ويُحَنِّكُهُم، ولم يذكُرْ بالبرَكَةِ (¬1). 5107 - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ أبي الوَزيرِ، حدَّثنا داودُ بنُ عبد الرحمن العطار، عن ابنِ جُرَيج، عن أبيه، عن أمِّ حميدَ عن عائشة، قالت: قال لي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "هل رُؤي -أو كلمة غيرها- فيكم المُغَرِّبُونَ؟ " قلتُ: وما المُغَرِّبُونَ؟ قال: "الذين يشترِكُ فيهم الجن" (¬2). ¬

_ = من حديث الحسين بن علي وفي سنده يحيى بن العلاء ومروان بن سالم وهما متهمان بالوضع. ومع ضعف الحديث، فقد عمل به جمهور الأمة قديماً وحديثاً، وهو ما أشار إليه الترمذي عقبَه بقوله: والعمل عليه، وقد أورده أهل العلم في كتبهم، وبوّبوا عليه، واستحبوه. وانظر "تحفة المودود بأحكام المولود" لابن القيم ص 39 - 40. (¬1) إسناده صحيح. أبو أسامة: هو حضاد بن أسامة. وأخرجه البخاري (5468) و (6002) و (6355)، ومسلم (286) و (2147) من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. ورواية البخاري في الموضعين الأولين مختصرة بذكر التحنيك والموضع الأخير بذكر الدعاء. وهو في "مسند أحمد" (25771). والتحنيك: قال أهل اللغة: أن يمضغ التمر أو نحوه ثم يدلك به حنك الصغير, وفيه لغتان مشهورتان: حَنَكْتُهُ، وحَنَّكتُهُ، بالتخفيف والتشديد. (¬2) إسناده ضعيف، لتدليس ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز-، وضعف أبيه عبد العزيز بن جريج، وأم حميد لا يعرف حالها. إبراهيم بن أبي الوزير: هو إبراهيم بن عمر بن مطرف. =

116 - باب في الرجل يستعيذ من الرجل

116 - باب في الرجل يستعيذُ من الرجلِ 5108 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي وعُبيدُ اللهِ بنُ عُمر الجُشَمِيُّ، قالا: حدَّثنا خالدُ بنُ الحارِثِ، حدَّثنا سعيدٌ -قال نصرٌ: بنُ أبي عَرُوبةَ- عن قتادةَ، عن أبي نهيكٍ عن ابنِ عباسِ، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "من استعاذَ بالله فأعيذُوهُ، ومن سألكُم بوجْهِ اللهِ فأعطُوهُ". قال عُبيدُ الله: "من سألكُم باللهِ" (¬1). 5109 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ وسهلُ بنُ بكَّار، قالا حدَّثنا أبو عَوانةَ. وحدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جرير- المعنى- عن الأعمشِ، عن مجاهدٍ عن ابنِ عُمَرَ، قال: قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "من استعاذَكُم باللهِ فأعيذُوه، ومن سألكم بالله فأعطوه، -وقال سهل وعثمان:- ومن دعاكُم فأجِيبوه، -ثم اتفقُوا- ومن آتى إليكم معروفاً فكافِئُوه -قال مُسَدَّدٌ وعثمان:- فإن لم تَجِدُوا فادعُوا له حتى تعلَمُوا أن قد كافأتموهُ" (¬2). ¬

_ = قال الخطابى: إنما سمّوا مغربين لانقطاعهم عن أصولهم وبعد نسبهم، وأصل الغَرْب البُعْد، ومنه قيل: عنقاء مغرب، أي: جائية من بعد، ومنه سُمي الغريب غريباً وذلك لبعده عن أهله، وانقطاعه عن وطنه، فسُمي هؤلاء الذين اشترك فيهم الجن مغربين لما وجد فيهم من شبهة الغرباء بمداخلة من ليس من جنسهم ولا على طباعهم وشكلهم. (¬1) إسناده حسن. أبو نَهِيك -وهو عثمان بن نهيك الأزدي الفراهيدي البصري- روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات". قتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه أحمد (2248)، وأبو يعلى (2536) و (2755) من طريقين عن خالد ابن الحارث، بهذا الإسناد. وفي الباب عن ابن عمر بإسناد صحيح سيأتي بعده. (¬2) إسناده صحيح. أبو عوانة: هو وضاح بن عبد الله اليشكري، والأعمش: هو سليمان بن مهران، ومجاهد: هو ابن جبر المكي. وقد سلف تخريجه برقم (1672). فانظره فيه.

117 - باب في رد الوسوسة

117 - باب في ردِّ الوسْوسة 5110 - حدَّثنا عباسُ بنُ عبدِ العظيم، حدَّثنا النضرُ بنُ محمَّد، حدَّثنا عِكرِمَةُ -يعني ابنَ عمار- قال: وحدَّثنا أبو زُمَيل، قال: سألتُ ابن عباس، فقلت: ما شيءٌ أجدُهُ في صَدْري؟ قال: ما هو؟ قلت: والله ما أتكلَّمُ به، قال: فقال لي: أشيءٌ من شَكَّ؟ قال: وضَحِك، قال: ما نجا من ذلك أحدٌ، قال: حتى أنزل الله عزَّ وجلَّ: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} الآية [يونس: 94]، قال فقال لي: إذا وجدْتَ في نفسِك شيئاً فقل: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: 3] (¬1). 5111 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا سهيل، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: جاءه أناسٌ مِن أصحَابِه، فقالوا: يا رسولَ الله، نَجدُ في أنفسنا الشيءَ نُعْظِمُ أن نتكلم به -أو الكلام به- ما نُحِبُّ أَن لنا وأنّا تكلَّمْنَا بهِ، قال: "أَوَقَد وجدتُمُوهُ؟ " قالوا: نعم، قال: "ذاك صريحُ الإيمان" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده قوي من أجل عكرمة بن عمّار البصري. النضر بن محمَّد: هو ابن موسى الجرشي، وأبو زُمَيل: هو سماك بن الوليد الحنفي. وأخرجه الضياء في "المختارة" (442) من طريق أبي داود. وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/ 390، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه. وانظر تفسير الأية {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ ...} [يونس: 94] عند الطبري 15/ 200 - 203 تحقيق محمود محمَّد شاكر. (¬2) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية بن حُدَيْج الجُعْفِيّ، وسهيل: هو ابن أبي صالح ذكوان السمان. =

5112 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ وابنُ قُدامةَ بنِ أعيَنَ، قالا: حدَّثنا جريرٌ، عن منصورِ، عن ذرِّ، عن عبدِ اللهِ بنِ شداد عن ابنِ عباس قال: جاءَ رجُلُ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ اللهِ، إن أحدنا يجدُ في نفسِهِ، يُعرِّضُ بالشَّيءِ، لأَن يكونَ حُمَمَةً أحَبُّ إليه من أن يتكلَّم بِهِ، فقال: "اللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ" الحمدُ لله الذي ردَّ كيدَه إلى الوسوسَةِ" قال ابنُ قدامة: "ردَّ أمْرَه" مكانَ: ردَّ كيدَه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (132)، والنسائي في "الكبرى" (10426) من طريق جرير، عن سهيل، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (132)، والنسائي (10428) من طريق الأعمش، والنسائي (10427) و (10429) من طريق عاصم بن أبي النجود، كلاهما عن أبي صالح ذكوان، وهو في "مسند أحمد" (9156)، و"صحيح ابن حبان" (148). قال الخطابي: قوله: "ذاك صريح الإيمان". معناه أن صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم، والتصديق به حتى يصير ذلك وسوسة، لا يتمكن من قلوبكم، ولا تطمئن إليه نفوسكم، وليس معناه: أن الوسوسة نفسها صريحُ الإيمان، وذلك أنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله، فكيف يكون إيماناً صريحا؟ وقد روي في الحديث الآخر وهو عند المصنف (5112) أنهم لما شكوا إليه ذلك، قال: "الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة". (¬1) إسناده صحيح. ابن قدامة: هو محمَّد القرشي، وجرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المعتمر السلمي، وذَرّ: هو ابن عبد الله المُرهِبي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10435) و (10436) من طريق شعبة، عن منصور، بهذا الإسناد. وقرن بمنصور الأعمش. وأخرجه النسائي (10434) من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وهو في "مسند أحمد" (2097)، و"صحيح ابن حبان" (147). وقوله: حُممة: هو بضم الحاء وفتح الميمين، أي: فحمة.

118 - باب في الرجل ينتمي إلى غير مواليه

118 - باب في الرجل ينتمي إلى غير مواليه 5113 - حدَّثنا النُّفَيليُّ،، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا عاصِمٌ الأحولُ، حدَّثني أبو عثمانَ حدَّثني سعدُ بنُ مالكِ، قال: سَمِعَتْه أُذناي وَوَعَاهُ قلبي مِن محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال:" من ادعى إلى غيرِ أبيه، وهو يعلم أنه غيرُ أبيه، فالجنةُ عليه حَرَامٌ" قال: فلقيتُ أبا بكرة، فذكرتُ ذلك له، فقال: سمعتْه أُذُنايَ ووعَاه قلبي مِنْ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - (¬1). قال: عاصِمٌ: فقلتُ: يا أبا عثمانَ، لقد شَهِدَ عندَك رجلانِ أيُّما رَجُلينِ، فقال: أنا أحدُهُما فأوَّلُ مَنْ رمى بسهمِ في سبيلِ الله -أو فَي الإِسلام- يعني سعْد بنَ مالكِ، والآخر قَدِمَ مِن الطَّائف في بِضْعةٍ وعشرين رجلاً على أقدامِهِم، فذكر فَضلاً. قال أبو داود: قال النُّفيليُّ حيثُ حدَّث بهذا الحديثِ: والله إنه عندي أحلى مِنَ العَسَلِ، يعني قوله: حدَّثنا وحدَّثَنِي. قال أبو عليٍّ: وسمعتُ أبا داود يقولُ: سمعتُ أحمدَ يقولُ: ليسَ لِحديث أهلِ الكوفةِ نورٌ، ليس فيها إخبارٌ قال: وما رأيتُ مثلَ أهلِ البصرة، كانوا تعلَّمُوه مِن شُعبةَ. ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. النفيلي: هو عبد الله بن محمَّد بن علي بن نُفيل، وزهير: هو ابن معاوية الجعفي، وعاصم الأحول: هو ابن سليمان البصرى، وأبو عثمان: هو عبد الرحمن ابن مُلّ النهدى. وأخرجه البخاري (4326)، ومسلم (63)، وابن ماجه (2610) من طريق أبي عثمان، به. وهو في "مسند أحمد" (1497)، و"صحيح ابن حبان" (415).

5114 - حدَّثنا حجاجُ بنُ أبي يعقوبَ، حدَّثنا معاويةُ -يعني ابنَ عَمرو- حدَّثنا زائدةُ، عن الأعمشِ، عن أبي صالحٍ عن أبي هريرة، عن النبيِّ-صلى الله عليه وسلم- قال: "مَن تولَّى قوماً بغيرِ إذنِ مواليهِ فعليهِ لعنةُ اللهِ والملائِكةِ والناسِ أجمعين، لا يقبَلُ مِنهُ يومَ القيامَةِ عَدْلٌ ولا صَرْفٌ" (¬1). 5115 - حدَّثنا سليمانُ بنُ عبدِ الرحمن الدمشقيُّ، حدَّثنا عُمَرُ بنُ عبدِ الواحِدِ، عن عبدِ الرحمن بنِ يزيدَ بنِ جابر، حدَّثني سعيدُ بن أبي سعيدٍ ونحنُ ببيروتَ عن أنس بنِ مالكٍ، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَن ادَّعى إلى غيرِ أبيهِ، أو انتَمَى إلى غيرِ مواليه، فعلَيه لعنَةُ اللهِ المتتابعةُ إلى يومِ القِيَامَةِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. زائدة: هو ابن قدامة الثقفي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه مسلم (1508) من طريقين عن الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه أيضاً (1508) من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبي صالح، به. وهو في "مسند أحمد" (9173). قال الخطابي: قوله: "بغير إذن مواليه": ليس شرط في جواز أن يفعل ذلك أو يستبيحه إذا أذِن له مواليه في ذلك، وإنما معناه: أنه ليس له أن يوالي غير مواليه بحال ولا يجوز له أن يخونهم في نفسه، وأن يقطع حقوقهم من ولأئه مستسرّاً له. يقول: فليستاذنهم إذا سولت له نفسه فعل هذا الصنيع، فإنهم إذا علموا ذلك منعوه، ولم يأذنوا له فيه فلا يمكنه حينئذٍ أن يُوالي غيرهم، وأن يحوّل ولاءه إلى قوم سواهم، وإنما لا يجوز ذلك؛ لأن الولاء لُحمة كلحمة النسب لا ينتقل بحال، كما لا ينتقل النسب إلا ما جاء في أن الولاء للكُبْر. (¬2) إسناده صحيح. سعيد بن أبي سعيد: هو المَقبُري. وسلف بنحوه عند المصنف برقم (2034) من حديث علي بن أبي طالب، وفيه: "فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".

119 - باب التفاخر بالأحساب

119 - باب التفاخُر بالأحساب 5116 - حدَّثنا موسى بنُ مروانَ الرَّقّيُّ، حدَّثنا المُعَافَى. وحدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدٍ الهمْدانىُّ، أخبرنا ابنُ وهب -وهذا حديثُه- عن هشامِ بنِ سعدٍ، عن سعيدِ بنِ أبي سعيد، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله عزَّ وجلَّ قد أذهبَ عنكم عِبِّتَّةَ الجاهِليَّةِ وفَخْرَها بالآباء، مُؤمِنٌ تقيٌّ، وفَاجِرٌ شقيٌّ، أنتم بنو آدَمَ، وآدمُ مِن تُرابِ، لَيَدَعَنَّ رجالٌ فخرَهم بأقوامِ، إنما هم فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جهنمَ، أو ليكونُنَّ أهونَ على الله من الجِعْلانِ، التي تدفَعُ بأنْفِهَا التتْنَ" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن. هشام بن سعد -وإن كان من رجال مسلم- تنزل رتبته عن رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات. المُعَافى: هو ابن عمران الأزدي، وابن وَهْب: هو عبد الله القرشي، وسعيد بن أبي سعيد: هو المَقبري. وأخرجه الترمذي (4300) من طريق موسى بن أبي علقمة، عن هشام بن سعد، بهذا الإسناد. مختصراً. وقال: حديث حسن. وأخرجه الترمذي أيضاً (4299) من طريق أبي عامر العقدي، عن هشام بن سعد، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة. بإسقاط أبي سعيد المقبرى. وهو في "مسند أحمد" (8736). وفي الباب عن ابن عباس عند أحمد (2739)، وابن حبان في "صحيحه" (5775)، واسناده صحيح. وآخر عن ابن عمر عند الترمذي (3554)، وعبد بن حميد (795). قال الخطابي: العُبّية: الكِبر والنخوة، وأصله من العَبّ وهو الثقل، يقال: عُبية وعِبية بضم العين وكسرها. وقوله: "مؤمن تقي وفاجر شقى". معناه: أن الناس رجلان مؤمن تقي وهو الخير الفاضل وإن لم يكن حسباً في قومه، وفاجر شقي، فهو الدنيء وإن كان في أهله شريفاً رفيعاً. والجِعلان: جمع جُعَل: ضرب من الخنافس، تدير الأوساخ بانفها.

120 - باب في العصبيه

120 - باب في العَصبِيَّهّ 5117 - حدَّثنا النّفَيلىُّ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا سماكُ بنُ حَرْب، عن عبدِ الرحمن بن عبدِ الله بنِ مسعودٍ عن أبيه، قال: مَن نَصَرَ قومَه على غيرِ الحق فهو كالبعير الذي ردِيَ فهو يُنْزَعُ بِذَنَبِه (¬1). 5118 - حدَّثنا ابنُ بشارِ، حدَّثنا أبو عامرِ، حدَّثنا سفيانُ، عن سماك بنِ حربٍ، عن عبدِ الرحمن بنِ عبدِ الله عن أبيه، قال: انتهيتُ إلى النبي-صلى الله عليه وسلم-، وهو في قُبَّةٍ من أدَمٍ، فذكر نحوَه (¬2). ¬

_ (¬1) حديث حسن، وسيأتي بعده موصولاً. النُّفيلى: هو عبد الله بن محمَّد القضاعي، وزهير: هو ابن معاوية الجُعفي. وأخرجه أحمد في "مسنده" (3726)، والطيالسي (344)، والبيهقي 10/ 234 من طريق شعبة، عن سماك بن حرب، به. وقال شبة في رواية أحمد: وأَحْسبُه قد رفعه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وهذا الحديث مثل في ذم الحميّة والتعاون على العصبية، قال الخطابي: ينزع بذنبه. معناه: أنه قد وقع في الإثم وهلك كالبعير إذا تردّى في بئر، فصار يُنزَعُ بذنبه، فلا يقدَر على خلاصه. (¬2) إسناده حسن عند من يصحح سماع عبد الرحمن من أبيه، وضعيف عند من يقول: إنه لم يسمع منه إلا اليسير، فقد مات أبوه وعمره ست سنوات، وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين غير سماك بن حرب فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاري تعليقاً، وحديثه يرقى إلى رتبة الحسن. ابن بشار: هو محمَّد العبدي، وأبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العقدي، وسفيان: هو الثوري. وأخرجه أحمد في "مسنده" (3801)، وأبو يعلى في "مسنده" (5304)، والبيهقي في "الكبرى" 10/ 234، من طريق أبي عامر، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن حبان (5942) من طريق سفيان، به. =

5119 - حدَّثنا محمودُ بنُ خالدٍ الدِّمشقيُّ، حدَّثنا الفريابيُّ، حدَّثنا سلمةُ ابنُ بِشير الدمشقيُّ، عن بنتِ واثلةَ بنِ الأسقع أنها سَمِعَتْ أباهَا يقولُ: قلت: يا رسولَ اللهِ، ما العَصَبِيَّةُ؟ قال: "أن تُعِينَ قومَكَ على الظُّلم" (¬1). 5120 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عمرو بنِ السَّرحٍ، حدَّثنا أيوبُ بنُ سُويد، عن أُسَامَةَ بنِ زيد، أنه سَمعَ سعيدَ بن المسيِّب يُحدث عن سُراقةَ بنِ مالك بنِ جُعْشُمِ المُدْلِجِيّ، قال: خطبنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "خَيرُكُم المُدَافِعُ عن عَشِيرته ما لم يأثَم" (¬2). ¬

_ = وأخرجه الطيالسي (344)، ومن طريقه البيهقي 10/ 234 عن عمرو بن ثابت بن هرمز، و 10/ 234 من طريق إسرائيل، والرامهرمزي في "أمثال الحديث" ص 105 - 106 من طريق حفص بن جميع، ثلاثتهم عن سماك، به. وقد تحرف عند الطيالسي: "عمرو بن ثابت" إلى: "حمزة بن ثابت". (¬1) حديث حسن، سلمة بن بشر روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات" وهو متابع. وبنت واثلة بن الأسقع، واسمها: فَسيلة، ويقال: جميلة، وبه ترجم المزي في "التهذيب"، ويقال: خُصيلة، روى عنها جمع وذكرها ابن حبان في"الثقات". وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/ (236)، ومن طريقه المزي في "تهذيب الكمال" 11/ 267 - 268 عن الحسين بن إسحاق التستري، عن محمود بن خالد الدمشقي، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (3949)، وأحمد (16986)، ومن طريقه الطبراني في "الكبير" 22/ (955) عن زياد بن الربيع، عن عباد بن كثير الشامي، عن امرأة فهم يقال لها: فسيلة بنت واثلة بن الأسقع، أنها قالت: سمعت أبي ... فذكره. وعباد بن كثير ضعيف. وفي الباب عن ابن مسعود، وهو الحديث السالف قبل هذا. وآخر عن أنس، عند أحمد (11949). (¬2) إسناده ضعيف، لضعف أيوب بن سُوَيد -وهو الَّرمْليُّ-. أسامة بن زيد: هو الليثيُّ. =

قال أبو داود: أيوب بن سُويد ضعيف (¬1). 5121 - حدَّثنا ابنُ السَّرحٍ، حدَّثنا ابنُ وهبٍ، عن سعيدِ بنِ أبي أيوبَ، عن محمَّد بنِ عبدِ الرحمن المكّيِّ -يعني ابنَ أبي لَبيبةَ-، عن عَبدِ الله بنِ أبي سليمان عن جُبيرِ بنِ مُطعِمِ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ليسِ منَّا من دَعا إلى عصبيّةٍ، وليس مِنا من قاتل على عَصبيّةٍ، وليس منا من مات على عصبيّة" (¬2). ¬

_ = وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (6993)، وفي "الصغير" (1020)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7605)، والبغوي في "شرح السنة" (3542) من طريقين عن أيوب بن سويد، بهذا الإسناد. وقد روى البخاري في "صحيحه" (3906) قصة سُراقة في إدراكه النبي -صلى الله عليه وسلم-لما هاجر إلى المدينة ودعا النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه حتى ساخت رجلاً فرسه، ثم إنه طلب منه الخَلاص وأن لا يدل عليه، ففَعل وكتب له أماناً، وأسلم يوم فتح مكة ومات في خلافة عثمان سنة أربع وعشرين، وقيل: بعد عثمان، وله خبرُ طريفٌ مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في "سنن البيهقي" 6/ 357 - 358، فانظره. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) وهامش (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها في رواية ابن العبد. وفي (هـ) إشارة إلى أنها في رواية ابن الأعرابي ورواية عن اللؤلؤي من طريق أبي ذر. (¬2) إسناده ضعيف لضعف محمَّد بن عبد الرحمن بن أبي لَبِيبَة، ثم إن عبد الله ابن أبي سليمان لم يسمع من جبير كما جزم به المصنف بإثر الحديث. ابن السرح: هو عمرو بن عبد الله، وابن وَهْب: هو عبدْ الله المصري. وأخرجه البيهقي في "الآداب" (207) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/ 1005، والبغوي في "شرح السُّنة" (3543) من طريق سيد بن أبي أيوب، به. لكن الحديث صحيح بمعناه وأتم منه من حديث أبي هريرة فقد أخرجه مسلم (1848)، وابن ماجه (3948)، والنسائي في "الكبرى" (3566) من حديث أبي هريرة،=

قال أبو داود: هذا مرسلٌ، عبد الله بن أبي سليمان لم يسمع من جبير (¬1). 51221 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو أُسامةَ، عن عَوفٍ، عن زياد بنِ مِخراقٍ، عن أبي كِنانةَ عن أبي موسَى، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ابنُ أُخْتِ القَوْمِ منهم" (¬2). ¬

_ = مرفوعاً: ولفظ مسلم:" من خرح من الطاعة، وفارق الجماعة فمات، مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عُمَّيَّةٍ، يَغضَبُ لِعَصَبَة، أو يَدْعُو إلى عَصَبةٍ، أو يَنْصُرُ عَصَبةً، فَقُتِل، فَقِتلةٌ جاهليةٌ، ومن خرج على أمتي يضربُ بَرَّها وفاجرها ولا يَنحاشُ من مؤمنها, ولا يفي لذي عهدٍ عهده، فليس مني، ولستُ منه". وهو في "مسند أحمد" (7944)، و"صحيح ابن حبان" (4580). وآخر من حديث جندب بن عبد الله البجلي عند مسلم (1850)، والنسائي في "الكبرى" (3567). ولفظه: (من قتل تحت راية عُمية يدعو عصبية، أو ينصر عصبية، فقتلة جاهلية". عمية بكسر العين وضمها والميم مكسورة مشددة والياء أيضاً مشددة. قال الأمام أحمد: هو الأمر الأعمى الذي لا يتبين وجهه، وقال إسحاق بن راهويه: هذا في تهارج القوم، وفتل بعضهم بعضاً، وكأنه من التعمية والتلبيس. وقال صاحب "بذل المجهود" 20/ 61 في تفسير "ليس منا من دعا إلى عصبية": أي: جمعهم إليها ليعينوه على الباطل والظلم، "وليس منا من مات على عصبية": والمراد بالموت عليها بأن تكون مضمرة في قلبه، ومرغوبة عنده وإن لم يصرع أحداً ولم يقاتل فيه أحداً. (¬1) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (أ) وهامش (هـ)، وأشار في (أ) إلى أنها في رواية أبي الحسن ابن العبد. ونقلها عنه أيضاً المزي في "تهذيب الكمال" 15/ 66. (¬2) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، لجهالة أبي كنانة -وهو القرشي- أبو أسامة: هو حماد بن أسامة القرشي، وعوف: هو ابن أبي جميلة. =

5123 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الرحيم البزّاز، حدَّثنا الحسينُ بنُ محمدٍ، حدَّثنا جريرُ بنُ حازمِ، عن محمَّد بنِ إسحاقَ، عن داودَ بنِ حُصين، عن عبد الرحمن ابن أبي عُقبة عن أبي عُقبة -وكان مولى من أهل فارس- قال: شَهِدْتُ معَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-أُحُداً، فضربتُ رجلاً من المشركين، فقلتُ: خُذْها مني وأنا الغلامُ الفارسيُّ، فالتفَتَ إلى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "فهلا ¬

_ = وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 9/ 61، وأحمد في "مسنده" (19541)، والمزي في ترجمة أبي كنانة من "تهذيب الكمال" 34/ 228 - 229، والبزار (1582 - كشف الأستار) من طريق عوف، بهذا الإسناد. ضمن قصة الأنصار خلا ابن أبي شيبة. وله شاهد من حديث أنس بن مالك عند البخاري (6762)، ومسلم (1059) (133)، والترمذي (4240)، والنسائي في "الكبرى" (2402) و (2403). وهو في "مسند أحمد" (12187)، وابن حبان في "صحيحه" (4501). وانظر بقية شواهده في المسند. ولفظ البخاري "ابن أخت القوم منهم أو من أنفسهم" قال العيني في "عمدته" 23/ 259: احتج به من قال بتوريث ذوي الأرحام، وبه قال شريح والشعبي والنخعي ومسروق وعلقمة بن الأسود وطاووس والثوري وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد بن الحسن، وأحمد بن حنبل، وإسحاق ويحيى بن آدم، وغيرهم من الأئمة، وهو قول عامة الصحابة، منهم: علي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس في أشهر الروايتين عنه، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وأبو عبيدة بن الجراح والخلفاء الأربعة، على ما قاله أبو حازم. وذهب عثمان بن عفان، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير رضى الله تعالى عنهم إلى أنه لا ميراث لذوي الارحام، فمن مات ولم يخلف وارثاً ذا فرض أو عصبة فماله لبيت المال وبه أخذ مالك والأوزاعي ومكحول وسعيد بن المسيب والشافعي وأهل المدينة وأهل الظاهر. وقالوا: إن المراد بقول: "من أنفسهم" وكذا "منهم" في المعاونة والانتصار والبرِّ والشفقة ونحو ذلك، لا في الميراث.

121 - باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه

قلت: خُذْها منِّي، وأنا الغلامُ الأنصاريُّ" (¬1). 121 - باب إخبار الرجلِ الرّجلَ بمحبَّته إياه 5124 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ثَورٍ، حدَّثني حبيبُ بنُ عبيدٍ عن المِقدام بن معدي كرب -وقد كان أدركَه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا أحَبَّ الرجُلُ أخاهُ فَليُخبِرْهُ أنه يُحبُّه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف، لجهالة عبد الرحمن بن أبي عقبة. وأخرجه ابن ماجه (2784) من طريق الحسين بن محمَّد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22515). وأخرج أحمد في "مسنده" نحو هذه القصة من حديث سهل ابن الحنظية ضمن حديث مطول برقم (17622). بإسناده محتمل للتحسين. وقوله: فقلت: خذها وأنا الغلام الأنصاري. قال صاحب "عون المعبود": لأن مولى القوم منهم. قال علي القاري في "المرقاة" معناه: إذا افتخرت عند الضرب فانتسب إلى الأنصار الذين هاجرتُ إليهم ونصروني، وكانت فارس في ذلك الزمان كفاراً، فكره - صلى الله عليه وسلم - الانتساب إليهم، وأمره بالانتساب إلى الأنصار ليكون منتسباً إلى أهل الإسلام. (¬2) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وثور: هو ابن يزيد الكلاعي. وأخرجه الترمذي (2553)، والنسائي في "الكبرى" (9963) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب. وهو في "مسند أحمد" (17171)، و "صحيح ابن حبان" (570). قال الخطابي: فيه الحث على التودد والتآلف، وذلك أنه إذا أخبره بأنه يحبه، استمال بذلك قلبه، واجتلب به وده. وفيه أنه إذا علم أنه محب له ووادُّ، قبِل نصحه، ولم يردّ عليه قوله في عيب إن أخبره به عن نفسه، أو سقطة إن كانت منه، فإذا لم يعلم ذلك منه، لم يؤمن أن يسوء ظنه فيه، فلا يقبل قوله، ويحمل ذلك منه على العداوة والشنآن، والله أعلم.

512 - حدَّثنا مُسلمُ بنُ إبراهيمَ، حدَّثنا المباركُ بنُ فَضَالةَ، حدَّثنا ثابتٌ البنانيُّ عن أنس بنِ مالكِ: أن رجلاً كان عندَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- فمرَّ به رجُلٌ، فقال: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، إني لأحِبُّ هذا، فقال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَعلَمْتَه؟ "، قال: لا، قال: "أَعلِمْهُ"، قال: فلَحِقَه، فقال: إني أُحِبُّك في الله، فقال: أحبَّكَ الذي أحبَبْتَنِي له (¬1). 5126 - حدَّثنا موسى بنُ اسماعيلَ، حدَّثنا سليمانُ، عن حُميدِ بنِ هلالي، عن عبدِ الله بنِ الصامِتِ عن أبي ذرِّ، أنه قال: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - ِ، الرجُلُ يُحبُّ القومَ، ولا يَستَطيعُ أن يعمَلَ كعمَلِهم، قال: "أنتَ يا أبا ذرِّ مع مَنْ أحبَبتَ"، قال: فإني أُحِبُّ الله ورسولَه، قال: "فإنَّك معَ من أحبَبتَ"، قال: فأعادها أبو ذرٍّ، فأعادها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. مُبارك بن فَضَالة قد صرح بالتحديث، وقد توبع. وأخرجه أحمد في "مسنده" (12514)، والبخاري في "تاريخه" 2/ 319 معلقا، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" (3314)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (189)، والحاكم في المستدرك، 4/ 171، والبيهقي في "الشعب" (9006)، وفي "الآداب" (216) من طريق المبارك بن فضالة، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (12430)، والنسائي في "الكبرى" (9939)، وابن حبان في "صحيحه" (571)، والضياء في "المختارة" (1618) و (1619) من طريق حُسين بن واقد، عن ثابت البناني، به. وإسناده قوي على شرط مسلم، وانظر تتمة تخريجه في "المسند". (¬2) إسناده صحيح. سليمان: هو ابن المغيرة القيسي. =

122 - باب في المشورة

5127 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيَّة، حدَّثنا خالدٌ، عن يونسَ بنِ عُبيدٍ، عن ثابتٍ عن أنسِ بنِ مالكٍ، قال: رأيتُ أصحابَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فَرِحُوا بشيءٍ لم أرهم فَرِحُوا بشيءٍ أشدَّ منه، قال رجُلٌ: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم-، الرجُلُ يُحبُّ الرجُلَ على العملِ من الخيرِ يعمَلُ به ولا يعمَلُ بمثلِه، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" المرءُ معَ مَن أحَبَّ" (¬1). 122 - باب في المَشُورةِ 5128 - حدَّثنا محمدُ بنُ المُثنَّى، حدَّثنا يحيى بنُ أبي بُكَير، حدَّثنا شيبانُ، عن عبدِ الملك بنِ عُمير، عن أبي سَلَمَةَ ¬

_ = وأخرجه أحمد في "مسنده" (21379) و (21463)، والدارمي في "سننه" (2787)، والبخاري في "الأدب المفرد" (351)، والبزار في "مسنده" (3950) و (3951)، وأبو عوانة في "البر والصلة" كما في "الإتحاف" 14/ 155، وابن حبان في "صحيحه" (556) وابن جُميع في "معجم الشيوخ" ص 302 - 303 من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (27151) من طريق سعيد بن بشير، وفي "الأوسط" (8541) من طريق الحجاج بن الحجاج الباهلي، كلاهما عن قتادة، عن حميد بن هلال، به. وفي الباب عن ابن مسعود عند أحمد في "مسنده" (3718) وانظر تتمة شواهده فيه. (¬1) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي، ويرنس بن عبيد: هو ابن دينار العبدي، وثابت: هو ابن أسلم البنانى. وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3280)، وابن "مسنده" في "الأيمان" (292) من طريق يونس بن عبيد، بهذا الإسناد. وأخرجه بمعناه وأتم منه البخاري (3688) و (6167) و (6171) و (7153)، ومسلم (2639)، والترمذي (2543) و (2544)، والنسائي في "الكبرى" (5842) من طرق عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12625).

123 - باب في الدال على الخير كفاعله

عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "المُستشَارُ مؤتَمَنٌ" (¬1). 123 - باب في الدَّالِّ على الخَير كفاعِلِه 5129 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن الأعمشِ، عن أبي عمرو الشيبانيِّ عن أبي مسعودٍ الأنصارىِّ، قال: جاءَ رجُلٌ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ الله ِ، إني أُبدِعَ بي فاحمِلْنِي، قال: "لا أجدُ ما أحمِلُكَ عليهِ، ولكنِ ائتِ فُلاناً، فلعلَّه أن يحمِلَكَ" فأتاه، فحمَلَه، فأتى رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، فأخبرَه، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ دلَّ على خَيْرٍ فلهُ مِثلُ أجرِ فَاعِلِه" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. شَيبانُ: هو ابن عبد الرحمن النحوي، وأبو سلمة: هو ابن عد الرحمن بن عوف. وأخرجه ابن ماجه (3745)، والترمذي (2526) و (3033) من طريق شيبان، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حسن غريب صحيح. وروايته في الموضع الأول ضمن حديث مطول. قال الخطابي: فيه دليل على أن الإشارة غير واجبة على المستشار إذا استشير، وفيه دليل على المشير عليه الاجتهاد في الصلاح وأنه لا غرامة عليه إذا وقعت الإشارة خطاً. قال الطيبي: معناه: أنه أمين فيما يُسال من الأمور، فلا ينبغي أن يخون المستشير بكتمان مصلحته. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، والأعمى: هو سليمان بن مهران، وأبو عمرو الشيباني: هو سعد بن إياس. وأخرجه مسلم بإثر (1893) (133) من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1893)، والترمذي (328) من طرق عن الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد" (17086)، و"صحيح ابن حبان" (289) و (1668). وقوله: أبدِعَ بي، معناه: انقطع بي، يقال: أَبدعتِ الركابُ: إذا كفتْ وانقطعَتْ. وقال النووي في قوله: "فله مثل أجر فاعله"، المراد أن له ثواباً كما أن لفاعله ثواباً، ولا يلزم أن يكون قدر ثوابهما سواء.

124 - باب في الهوى

124 - باب في الهَوَى 5130 - حدَّثنا حيوَهُ بنُ شُريحِ، حدَّثنا بقيةُ، عن أبي بكرِ ابنِ أبي مريمَ الغَسَّاني، عن خالدِ بنِ محمَّد الثقفيِّ، عن بلالِ بنِ أبي الدرداء عن أبي الدَّرداء، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال:" حُبُّكَ الشَّيءَ يُعْمِي وُيصِمُّ" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح موقوفاً، وهذا إسناد ضعيف لضعف أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم، وبقية -وهو ابن الوليد- وإن كان ضعيفاً قد توبع. وأورده السيوطي في "الدر المنثور" (186)، وقال: الوقف أشبه. وأخرجه أحمد في "مسنده" (21694) و (27548)، وعبد بن حميد (205)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 107، والبزار (4125)، والدولابي في "الكنى" 1/ 101 (546)، والطبراني في "الأوسط" (4359)، وفي "مسند الشاميين" (1454)، وابن عدي في "الكامل" 2/ 472، وابن بشران في "أماليه" (524)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (219)، والبيهقي في "الشعب" (411) من طرق عن أبي بكر بن عبد الله ابن أبي مريم، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في" "التاريخ "الكبير"، 2/ 107 و 3/ 171 - 172 من طريق الوليد ابن مسلم، عن أبي بكر بن عبد الله، به. وليس في إسناده خالد بن محمَّد. وأخرجه الطبراني في "مسند الشاميين" (1468) من طريق بقية بن الوليد، عن أبي بكر ابن أبي مريم، عن حبيب بن عبيد، عن بلال بن أبي الدرداء، به. وأخرجه موقوفاً البخاري في "التاريخ" 2/ 107 وعلقه فيه 3/ 172 من طريق سعيد بن أبي أيوب، عن حميد بن مسلم، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه. وحميد تفرد بالرواية عنه سعيد بن أبي أيوب. وأخرجه موقوفاً البيهقي في "الشعب" (412) من طريق حريز بن عثمان، عن بلال بن أبي الدرداء، عن أبيه. وإسناده صحيح. وأخرجه أبو الشيخ في "الأمثال" (115) من طريق بقية بن الوليد، حدَّثنا صفوان ابن عمرو، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، قال: كنا في قافلة فخرج علينا بلال بن أبي الدرداء فقطع علينا الحديث فقلنا: ابن صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: سمعت أبي، فذكره مرفوعاً. وبقية ضعيف. =

125 - باب في الشفاعة

125 - باب في الشفاعة 5131 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ بن عُيينةَ، عن بُريد بنِ أبي بُردة، عن أبيه عن أبي موسى، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" اشفعُوا إليّ لِتُؤجَرُوا، ولْيَقضِ اللهُ على لِسَانِ نبيِّه ما شَاءَ" (¬1). ¬

_ = قال المناوي: حبك الشيء يُعمي ويُصم، أي: يجعلك أعمى عن عيوب المحبوب أصم عن سماعها حتى لا تبصر قبيح فعله، ولا تسمع فيه نهي ناصح، بل ترى القبيح منه حسناً، وتسمع منه الخنا قولاً جميلاً ... أو يُعمي عن الآخرة أو عن طرق الهدى، وفائدته النهي عن حب ما لا ينبغي الأغراق في حبه. (¬1) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي. وأخرجه البخاري (1432) و (6027، 6028) و (7476)، ومسلم (2627)، والترمذي (2865)، والنسائي في "الكبرى" (2348) من طرق عن بُريدة بن أبى بُردة، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (19584)، و"صحيح ابن حبان" (531). وسيأتي برقم (5133). قال القاضي عياض في "إكمال المعلم": فيه أن معونة المسلم في كل حالٍ بفعلٍ أو قولٍ، فيها أجر، وفي عموم الشفاعة للمذنبين، وهي جائزة فيما لا حَد فيه عند السلطان وغيره، وله قبول الشفاعة فيه والعفو عنه إذا رأى ذلك كما له العفو عنه ابتداء، وهذا فيمن كانت فيه الزلّة والفلتة، وفي أهل الستر والعفاف، ومن طمع بوقوفه عند السلطان والعفو عنه من العقوبة أن يكون له توبة، وأما المُصرّون على فسادهم، المستهزئون في باطلهم فلا تجوز الشفاعة لأمثالهم، ولا ترك السلطان عقوبتهم، ليزدجروا عن ذلك، وليرتدع غيرهم بما يفعل بهم، وقد جاء الوعيد في الشفاعة في الحدود. وقال الحافظ في "الفتح" 10/ 451: وفي الحديث الحض على الخير بالفعل، وبالتسبب إليه بكل وجه، والشفاعة إلى "الكبير" في كشف كربة، ومعونة ضيف، إذ ليس كل أحد يقدر على الوصول إلى الرئيس، ولا التمكن فيه ليلج عليه أو يوضح له مراده ليعرف حاله على وجهه، وإلا فقد كان لا يحتجب.

126 - باب فيمن يبدأ بنفسه في الكتاب

5132 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالح وأحمدُ بنُ عمرو بنِ السَّرحٍ، قالا: حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيينةَ، عن عمرو بنِ دينارٍ، عن وهب بنِ مُنبّه، عن أخِيه عن معاويةَ: اشفَعُوا تُؤجَرُوا، فإني لأرِيدُ الأمرَ فأؤخِّرَه كيما تشفعوا فتؤجَروا، فإن رسولَ اللهِ قال: "اشفَعُوا تُؤْجَرُوا" (¬1). 5133 - حدَّثنا أبو معمرٍ، قال: حدَّثنا سفيانُ، عن بُريدٍ، عن أبي بُردة، عن أبي موسى، عن النبيٌ - صلى الله عليه وسلم -، مثلَه (¬2). 126 - باب فيمن يبدأ بنفسِه في الكتابِ 5134 - حدَّثنا أحمدُ بنُ حنبلٍ، حدَّثنا هُشَيمٌ، عن منصورٍ، عن ابنِ سِيرينَ - قال أحمدُ: قال مرةً، يعني هُشيماً:- عن بعض وَلَدِ العلاء: أن العلاءَ بنَ الحضرميِّ كان عامِلَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- على البحرينِ، فكان إذا كَتَبَ إليه بَدَأ بِنَفْسِه (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أخو وهب: هو همام الصنعاني. وأخرجه النسائي في "الكبرى" 23491) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. ويشهد له ما قبله. تنبيه: هذا الحديث لم يرد في أصولنا الخطية، وأثبتناه من "تحفة الأشراف" للمزي (11447)، وأشار إلى أنه في بعض النسخ من رواية اللؤلؤي. (¬2) إسناده صحيح. أبو معمر: هو إسماعيل بن إبراهيم القطيعي. وقد سلف برقم (5131). تنبيه: هذا الطريق أثبتناه من "تحفة الأشراف" للمزي (9036)، وأشار إلى أنه في رواية أبي بكر ابن داسه. كذا قال مع أن (هـ) عندنا برواية ابن داسه، ولم يرد فيها الحديث، فلعله في بعض الروايات عن ابن داسه. (¬3) إسناده ضعيف لجهالة ابن العلاء بن الحضرمي، ثم إن ابن سيرين -وهو محمَّد الأنصاري- لم يُقم إسناده، فمرة رواه متصلاً بذكر ابن العلاء، ومرة رواه منقطعاَ فلم يذكره. هُشَيم: هو ابن بشير السّلمي، ومنصور: هو ابن زاذان الواسطي. =

127 - باب كيف يكتب إلى الذمي؟

5135 - حدَّثنا محمدُ بنُ عبد الرحيم البزَّاز، حدَّثنا المُعلَّى بن منصورٍ، أخبرنا هُشيمٌ، عن منصورٍ، عن ابن سيرين، عن ابن العلاء عن العلاء -يعني ابنَ الحضرمي-: أنه كَتَبَ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فبدَأ باسمِه (¬1). 127 - باب كيف يُكتَبُ إلى الذميّ؟ 5136 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ ومحمدُ بنُ يحيى، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، عن معمير، عن الزهريٌ، عن عُبيد الله بنِ عَبدِ الله بنِ عُتبةَ ¬

_ = وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 10/ 129 من طريق المصنف، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (18986). وانظر ما بعده. ومعنى: بدأ بنفسه، أي: يقول: من فلان بن فلان إلى فلان بن فلان، وكتب النبي-صلى الله عليه وسلم- في كثير من كتبه: من محمَّد بن عبد الله إلى فلان. (¬1) إسناده ضعيف كسابقه. وأخرجه ابن أبي عاصم في "الأحاد والمثاني" (892)، والبزار (2070 - كشف الأستار)، والطبرانى في "المعجم "الكبير" 18/ (175) من طريق محمَّد بن عبد الرحيم، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم في مستدركه، 3/ 636 و 4/ 273، والخطيب في "الكفاية" ص 338 من طريق المعلي بن منصور، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وسكت عنه الذهبي. وأخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات" (1789)، والطبراني في "المعجم "الكبير" 18/ (162) من طريق شعبة، وأحمد في "مسنده" (18986) عن هشيم كلاهما عن منصور بن زاذان، عن محمَّد بن سيرين، أن العلاء بن الحضرمي كتب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... فذكره منقطعاً. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 10/ 130 من طريق هشام بن حسان، عن محمَّد ابن سيرين: أن العلاء بن الحضرمي. فذكره منقطعا كذلك.

128 - باب في بر الوالدين

عن ابنِ عباس: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -كتَبَ إلى هِرَقْلَ: "مِنْ محمدٍ رسولِ الله إلى هِرَقلَ عظيمِ الرُّومِ، سلامٌ على مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى" (¬1). قال ابنُ يحيى: عن ابنِ عباسٍ: أن أبا سفيانَ أخبره: قال: فدخلنا على هِرَقلَ، فأجلَسَنا بَيْنَ يَدَيهِ، ثم دعا بِكتَابِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فإذا فيه: "بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم، مِن محمدٍ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- إلى هِرَقْلَ عظيمِ الرُّوم، سلامٌ على مَنِ اتبعَ الهُدَى، أما بَعدُ". 128 - باب في بِرِّ الوالدين 5137 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، حدَّثني سُهَيلُ بنُ أبي صالح، عن أبيهِ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:"لا يَجْزِي ولدٌ والدَه، إلا أن يجدَه مملوكاً فيشتريَهُ فيُعْتِقَهُ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد، والزهري: هو محمَّد بن مسلم ابن شهاب. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (9846)، ومن طريقه أخرجه مطولاً البخاري (4553)، ومسلم (1773). وأخرجه مطولاً ومختصراً البخاري (7) و (2941) و (6261)، والترمذي (2914)، والنسائي في "الكبرى" (10998) من طرق عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (2372)، و"صحيح ابن حبان" (6555). (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن سعيد الثوري، وأبو صالح: هو السمان. وأخرجه مسلم بإثر (1510) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (1510)، وابن ماجه (3659)، والترمذي (2018)، والنسائي في "الكبرى" (4876) من طريق جرير بن عبد الحميد، عن سهيل، به. =

5138 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابن أبي ذئبٍ، حدَّثني خالي الحارثُ، عن حمزةَ بن عبد الله بن عمر عن أبيه، قال: كانت تحتي امرأةٌ، وكنتُ أحبُّها، وكان عُمرُ يكرهُها، فقال لي: طلِّقْها، فأبَيتُ، فأتى عُمَرُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكر ذلك له، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "طلِّقْها" (¬1). 5139 - حدَّثنا محمَّد بن كثيرِ، أخبرنا سفيانُ، عن بَهْز بن حَكِيمٍ، عن أبيه عن جدِّه، قال: قلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من أبَرُّ؟ قال: "أُمَّك، ثم أُمَّك، ثم أمَّك، ثم أباك، ثم الأقربَ فالأقربَ". وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (7143)، و"صحيح ابن حبان" (424). وقوله: لا يجزي. قال السندي: أي لا يقدر على أداء جزائه على التمام والكمال. وقوله: فيعتقه. قال: فيصير سبباً لعتقه في شرائه، وليس المراد أنه يحتاج إلى إعتاق آخر سوى أنه اشتراه، وفيه أن المملوك كالميت لعدم نفاذ تصرفه، وإعتاقه كحيائه، فمن أعتق أباه، فكأنما أحياه فكما أن الأب كان سبباً لوجود ابنه، كذلك صار الابن بأعتاقه سبباً لحياته، فصار كأنه فعل بأبيه مثل ما فعل معه أبوه فتساويا، والله تعالى أعلم. (¬1) إسناده قوي، الحارث -وهو ابن عبد الرحمن القُرَشيُ- صدوق لا بأس به. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان، وابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث. وأخرجه ابن ماجه (2088) من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (2088)، والترمذي (1226)، والنسائي في "الكبرى" (5631) من طرق عن ابن أبي ذئب، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (4711)، و"صحيح ابن حبان" (426) و (427). قال السندي: في الحديث أن طاعة الوالدين متقدمة على هوى النفس إذا كان أمرهما أوفق في الدين إذ الظاهر أن عمر ما كان يكرهها , ولا أمر ابنه بطلاقها إلا لما يظهر له فيها من قلة الدين.

"لا يسألُ رجل مولاه من فَضْلٍ هو عندَه فيمنَعَهُ إياه، إلا دُعىَ له يومَ القيامة فضلُه الذي مَنَعَهُ شجاعاً أقْرَعَ" (¬1). قال أبو داود: الأقرع: الذي ذهب شعر رأسه من السُّمِّ (¬2). 5140 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا الحارثُ بنُ مُرَّةَ، حدَّثنا كليب بن منفعة عن جده، أنه أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، من أبَرُّ؟ قال: "أُمَّكَ، وأباكَ، وأختَكَ، وأخاكَ، ومولاكَ الذي يَلي ذاك، حقُّ واجبٌ، ورحِمٌ موصُولَةٌ" (¬3). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره , وهذا إسناد حسن. سفيان: هو ابن سعيد الثورى، وبهز بن حكيم: هو ابن معاوية بن حَيدَة القُشَيرىُّ. وأخرجه الترمذي (2006) من طريق يحبى بن سعيد القطان، عن بهز بن حكيم، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (20028). وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد (8344)، والبخاري (5971)، ومسلم (2548). وانظر تتمه شواهده في "المسند" برقم (20028). قال في "بذل المجهود": قوله: لا يسأل رجل ... أراد بالرجل العبد الذي أعتقه مولاه إشارة إلى أنه وإن لم يبق له ما كان عليه من حق المماليك قبل أن يعتقه، فليس له أن يبخل عليه بفضل ماله حين افتقر هو إليه، ويمكن أيضاً عكسه، فيكون إيجاباً على العبد حسن السلوك بماله إن كان فاضلاً إذا افتقر إليه معتقه ومولاه الذي مَنَّ عليه بفاضلة الإعتاق. ويحتمل أن يكون المراد من لفظ المولى القريب. (¬2) مقالة أبي داود هل. أثبتناها من (هـ). (¬3) حسن لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات غير كُليب بن مَنْفَعة، فقد روى عنه اثنان، وذكره ابن حبان في "الثقات"، فهو في عداد المجهولين. محمَّد بن عيسى: هو ابن نَجِيح البغدادي. =

5141 - حدَّثنا محمدُ بنُ جعفرِ بنُ زيادٍ، أخبرنا. وحدَّثنا عبَّادُ بنُ موسى، حدَّثنا إبراهيمُ بنُ سعْدٍ، عن أبيهِ، عن حُميدِ بنِ عبد الرحمن عن عبدِ الله بنِ عمرو، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ مِنْ أكبرِ الكبائِرِ أن يلعَنَ الرجُلُ والِدَيْهِ"، قيل: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، كيف يلعَنُ الرجُلُ والِدَيه؟ قال: "يَلْعَنُ أبا الرجُلِ فيلعنُ أباه، ويَلْعَنُ أُمَّه فيَلْعنُ أُمِّه" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البيهقى في "الكبرى" من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير"، 7/ 230 تعليقاً، وابن أبي خيثمة في السفر الثاني من "تاريخه" (2920) والطبراني في "المعجم "الكبير"، 22/ (786) من طريق الحارث بن مرة، والبخاري في "تاريخه الكبير"، 7/ 230 تعليقاً، وفي "الأدب المفرد" (47)، والدولابي في "الكنى" (328)، وابن قانع في "معجم الصحابة" (106) من طريق ضمضم بن عمرو الحنفي، كلاهما عن كليب بن منفعة، به. وقد زاد ابن أبي خيثمة والطبراني في إسناده "عن أبيه". وسأل ابن أبي حاتم أباه في "العلل" (2124) عن هذا، فقال: المرسل أشبه. يعني دون ذكر أبيه في الإسناد. ويشهد له حديث بهز بن حكيم السالف قبله. (¬1) إسناده صحيح. عباد بن موسى: هو الخُتَّلي، إبراهيم بن سعد: هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري. وأخرجه البخاري (5973) من طريق إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (90)، والترمذي (2012) من طرق عن سعد بن إبراهيم، به. وهو في "مسند أحمد" (7029)، و"صحيح ابن حبان" (411) و (412). قال النووي في "شرح مسلم" 2/ 88: فيه دليل على أن من تسبب في شيء جاز أن ينسب إليه ذلك الشيء، وإنما جعل هذا عقوقاً، لكونه يحصل منه ما يتأذى به الوالد تأذياً ليس بالهين، وفيه قطع الذرائع، فيؤخذ منه النهي عن بيع العصير ممن يتخذ الخمر، والسلاح ممن يقطع الطريق ونحو ذلك، والله أعلم.

5142 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ مهدىِّ وعثمانُ بنُ أبي شيبةَ ومحمدُ بنُ العلاء -المعنى- قالوا: حدَّثنا عبدُ الله بنُ إدريس، عن عبدِ الرحمن بن سليمان، عن أَسِيدِ بنِ عليٍّ بنِ عُبيد مولى بني سَاعِدَةَ، عن أبيه عن أبي أُسَيدِ مالكِ بنِ ربيعة السَّاعدىِّ، قال: بينا نحنُ عندَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- إذ جاءهُ رجل مِن بني سَلِمةَ، فقال: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، هل بقي مِن بِرِّ أبوَىَّ شيٌ أبَرُهما به بعدَ موتهما؟ قال: "نعم، الصلاةُ عليهما، والاستغفارُ لهما، وإنفاذُ عهدِهِما من بعدِهِمَا، وصِلَةُ الرحِمِ التي لا توصَلُ إلا بهما، وإكرامُ صَدِيقِهما" (¬1). 5143 - حدَّثنا أحمدُ بنُ منيعٍ، حدَّثنا أبو النضْرِ، حدَّثنا الليثُ بنُ سعد، عن يزيدَ بنِ عبد الله بن أُسامة بنِ الهادِ، عن عبدِ الله بنِ دينارٍ عن ابنِ عمر، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن أبَرَّ البرَّ صِلةُ المرءِ أهلَ وُدِّ أبيه بَعْدَ أن يُوَلِّي" (¬2). ¬

_ (¬1) علي بن عُبيد. مجهول لم يرو عنه سوى ابنه أسيد، وذكره ابن حبان في"الثقات" وباقى رجاله ثقات. وأخرجه ابن ماجه (3664) من طريق عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16059)، و "صحيح ابن حبان" (418). وفي الباب عن ابن عمر سيأتي بعده. وبنو سَلِمة: بكسر اللام، بطن من الأنصار، وليس في العرب سلِمة بكسر اللام غيرهم. (¬2) إسناده صحيح. أبو النضر: هو هاشم بن القاسم. وأخرجه مسلم (2552) (12) من طريق حيوة بن شُريح، و (2552) (13) من طريق إبراهيم بن سعد والليث بن سعد، ثلاثتهم عن يزيد بن عبد الله، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2552)، والترمذي (2013) من طريق الوليد بن أبي الوليد، عن عبد الله بن دينار، به. وهو في "مسند أحمد" (5612)، و"صحيح ابن حبان" (430) و (431).

5144 - حدَّثنا ابنُ المُثنَّى، حدَّثنا أبو عاصِمٍ، حدَّثني جعفرُ بنُ يحيى بنِ عُمارةَ بنِ ثوبانَ، أخبرنا عُمارة بنُ ثوبانَ أنَّ أبا الطُّفَيْلِ أخبره، قال: رأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقْسِمُ لحماً بالجِعْرَانَةِ، قال أبو الطفيلِ: وأنا يومئذٍ غُلامٌ أحمِلُ عَظْمَ الجَزُورِ، إذ أقبلَتِ امرأةٌ، حتى دَنَتْ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فبسَطَ لها ردَاءَه، فَجَلَسَت عليه، فقلتُ: مَن هِيَ؟ فقالوا: هذه أُمُّه التي أرضَعَتْه (¬1). 5145 - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدٍ الهمدانيُّ، حدَّثنا ابنُ وهب، حدَّثني عَمرُو ابنُ الحارِثِ ¬

_ (¬1) حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لجهالة جعفر بن يحيى وعمه عمارة. ابن المثنى: هو محمَّد العنزي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل. وأبو الطفيل: هو عامر بن واثلة الليثي، وأمه التي أرضعته: هي حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1295)، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (212)، وابن أبي عاصم في "الأحاد والمثاني" (946)، والبزار في "مسنده" (2781)، وأبو يعلى في "مسنده" (900)، وابن حبان في "صحيحه" (4232)، والطبراني في "الأوسط" (2424)، والحاكم في "المستدرك" 3/ 618 - 619 و 4/ 164، وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" 2/ 758، والمزى في ترجمة عُمارة بن ثوبان من" تهذيب الكمال" 21/ 231 - 232 من طرق عن أبي عاصم، بهذا الإسناد. ورواية ابن أبي عاصم دون قصة المرأة، وسقط من "مسند أبي يعلى" من السند "أبو عاصم الضحاك" فيستدرك من هنا، وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. ويشهد له مرسل محمَّد بن المنكدر عند ابن سعد في "الطبقات" 1/ 114، ومرسل عبد الله بن عبد الرحمن بن حسين عند ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (214)، ورجالهما ثقات. ويشهد له ما بعده كذلك.

129 - باب في فضل من عال يتيما

أن عُمَرَ بنَ السَّائِبِ، حَذَثه: أنه بلغه أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -كان جالِساً يوماً، فأقبلَ أبوه مِن الرَّضاعَةِ، فوضع له بعضَ ثوبِه، فقعَدَ عليه، ثم أقبلت أُمُّه فوضع لها شِقَّ ثوبِه من جانبِه الآخَرِ، فجلَسَتْ عليه، ثم أقبل أخُوه مِن الرَّضَاعَةِ، فقامَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فأجلسَه بينَ يديه (¬1). 129 - باب في فضل مَن عَالَ يتيماً 5146 - حدَّثنا عثمانُ وأبو بكر ابنا أبي شيبةَ -المعنى- قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن أبي مالكِ الأشجعيِّ، عن ابن حُدَيرٍ عن ابنِ عباس، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "من كانَت له أُنثى، فلم يَئِدْها, ولم يُهِنْها, ولم يُؤثِرْ ولدَه عليها -قال: يعني الذكورَ-، أدخلَه اللهُ الجنةَ". ولم يذكر عثمانُ: يعني الذكورَ (¬2). ¬

_ (¬1) رجاله ثقات إلا أنه معضل، فإن عُمر بن السائب -وهو مولى بني زهرة- يروي عن التابعين كما قال المنذري في "مختصره" 8/ 39. ابن وَهْب: هو عبد الله المصري. وأخرجه البيهقي في "دلائل النبوة" 5/ 200 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. (¬2) إسناده ضعيف ابن حُدَير مترجم في قسم الكنى من" التهذيب" وفروعه، ولم يذكروا له اسماً، وقد سماه ابن أبي شيبة والحاكم: زياداً! وهو لم يرو عنه غير أبي مالك الأشجعي ولم يؤثر توثيقه عن أحد، وقال الذهبي في "الميزان": لا يُعرف، أبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، وأبو مالك الأشجعي: هو سعد بن طارق الكوفي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 551، وأحمد في "مسنده" (1957)، والبيهقي في "الشعب" (8326) من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 4/ 177 من طريق جعفر بن عون، عن أبي مالك، به. وقوله: ولم يئدها معناه: لم يدفنها حية، قال الخطابي: وكانوا في الجاهلية يدفنون البنات أحياء، يقال منه: وأد يئد وأداً، ومنه قول الله سبحانه: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير: 8 - 9].

5147 - حدَّثنا مُسَدَّدُ بنُ مُسَرْهَدٍ، حدَّثنا خالدٌ، حدَّثنا سُهَيلٌ -يعني ابنَ أبي صالح-، عن سعيدِ الأعشى - قال أبو داود: وهو سعيدُ بنُ عبدِ الرحمن بن مُكمِل الزهريُّ- عن أيوبَ بنِ بَشيرٍ الأنصاريِّ عن أبي سعيدٍ الخُدري، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "من عالَ ثلاثَ بَنَاتٍ، فأدَّبهُن، وزَوَّجَهُنَّ، وأحْسَنَ اليهنَّ، فلهُ الجَنَّةُ" (¬1). 5148 - حدَّثنا يوسفُ بنُ موسى، حدَّثنا جريرٌ عن سهيلِ، بهذا الإسنادِ بمعناه، قال: "ثلاثُ أخواتِ، أو ثلاثُ بناتٍ، أو ابنَتانِ، أو أُختانِ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل، ثم إنه قد اختلف في إسناده كما سيأتي بعده. خالد: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان. وأخرجه البيهقي في "الآداب" (28) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (11924) من طريق خالد، به. وانظر ما بعده. (¬2) حديث صحيح لغيره، كسابقه. يوسف بن موسى: هو ابن راشد القطان، وجرير: هو ابن عبد الحميد الضبي. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 552، والبخاري في "الأدب المفرد" (79) من طريق عبد العزيز بن محمَّد، وأحمد في "مسنده" (11384) من طريق إسماعيل بن زكريا، والبيهقي في "شعب الأيمان" (8676)، وفي "الآداب" (27) من طريق علي بن عاصم، ثلاثتهم عن سهل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2025) عن قتيبة، عن عبد العزيز بن محمَّد، عن سهيل بن أبي صالح، عن سعيد بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد، به. دون ذكر أيوب بن بشير. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (738)، والترمذي (2024)، وابن حبان في "صحيحه" (446)، والبيهقي في "الشعب" (8677) من طريق سفيان بن عيينة، =

5149 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يزيدُ بنُ زُريعٍ، حدَّثنا النهَّاسُ بنُ قَهْمٍ، حدَّثني شدادٌ: أبو عمَّار عن عوفِ بنِ مالكٍ الأشجعىِّ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا وامرأةٌ سَفْعاءُ الخَدَّينِ كهاتينِ يومَ القيامَةِ" وأومأ يزيدُ بالوسطى والسَّبَّابةِ: "امرأةٌ آمَت من زوجِها ذاتُ منصِبٍ وجمالِ، حبَسَت نفسَها على يتاماها حتى بانُوا أو ماتُوا" (¬1). ¬

_ = والخرائطي في "مكارم الأخلاق" ص 71 من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن سهيل، عن أيوب بن بشير، عن سعيد الأعشى، عن أبي سعيد، فقدم أيوبَ وأخر سعيداً. وفي الباب ما يشهد له من حديث أنس عند مسلم (2631) ولفظه: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو" وضم أصابعه، ورواه ابن حبان في "صحيحه" برقم (447) بإسناد صحيح ولفظه: "من عال ابنتين أو ثلاثاً أو أختين أو ثلاثاً حتى يَبِنَّ أو يموتَ عنهنَّ كنت أنا وهو في الجنة كهاتين" وأشار باصبعه الوسطى والتي تليها. وآخر من حديث ابن عباس عند أحمد (2104) وابن حبان (2945) بلفظ: "ما من مسلم له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة". وثالث من حديث عوف بن مالك عند أحمد (23991) وهو حسن في الشواهد. ورابع من حديث أبي هريرة (8125) بلفظ: "من كان له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وضرائهن وسراتهن أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهن" فقال رجل: أو اثنتان يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: "أو اثنتان" فقال رجل: أو واحدة يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: "أو واحدة". وخامس من حديث عقبة بن عامر بإسناد صحيح عند ابن ماجه (3669)، وأحمد في "المسند" (17403) ولفظه: "من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جِدَته (من غناه) كُن له حجاباً من النار يوم القيامة". (¬1) حسن لغيره إن شاء الله، وهذا إسناد ضعيف لضعف النَّهَّاس بن قَهْم، ولانقطاعه بين شداد أبي عمّار وعوف بن مالك. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي. وأخرجه أحمد في "مسنده" (24006) و (24058)، وابن أبي الدنيا في "العيال" (86)، والطبراني في "الكبير" 18/ (103)، والبيهقي في "شعب الإيمان " (8312) و (8313) من طرق عن النهاس بن قَهْم، بهذا الإسناد. =

130 - باب في ضم اليتيم

130 - باب في ضَمِّ اليتيم 5150 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح بنِ سُفيانَ، أخبرنَا عبدُ العزيزِ -يعني ابنَ أبي حازم-، حدَّثني أبي عن سهلٍ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أنا وكافِلُ اليَتيم كهاتَيْنِ في الجنَّةِ" وقَرَنَ بينَ إصبَعَيه: الوسطَى والتي تلي الإبهامَ (¬1). 131 - باب في حَقّ الجِوار 5151 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا حمادٌ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن أبي بكرِ بنِ محمدٍ، عن عَمْرَةَ ¬

_ = وأخرجه عبد الرزاق (20591) عن معمر، عن قتادة، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكره. وهو مرسلٌ رجاله ثقات. وفي الباب عن أبي هريرة عند أبي يعلى (6651)، وسنده حسن في المتابعات والشواهد. ويشهد لكافل اليتيم حديث أبي هريرة عند أحمد في "مسنده" (8881)، ومسلم (2983). وآخر من حديث سهل بن سعد سيأتي بعده. السفعاء: هي التي تغير لونها إلى الكمودة والسواد من طول الإيمة وترك التزين، يريدُ بذلك أن هذه المرأة قد حبست نفسها على أولادها, ولم تتزوج فتحتاج إلى الزينة والتصنع للزوج. وقوله: "بانُوا": البين: البعد والانفصال، أراد: حتى تفرقوا. (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (5304) و (6005)، والترمذي (2030) من طرق عن عبد العزيز ابن أبي حازم، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (22820)، و"صحيح ابن حبان" (460).

عن عائشة، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما زالَ جبريلُ يوصِيني بالجارِ، حتى قلتُ: ليُوَرِّثَنَّهُ" (¬1). 5152 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا سفيانُ، عن بشرِ أبي إسماعيلَ، عن مجاهدٍ عن عبدِ الله بنِ عَمرِو: أنه ذَبَحَ شاةَ، فقال: أهديتُم لِجاري اليهوديِّ؟ فإنِّي سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "ما زال جبريلُ يُوصِيني بالجارِ، حتى ظننتُ أنه سَيُوَرِّثُه"؟ (¬2). 5153 - حدَّثنا الربيعُ بنُ نافع أبو توبةَ، حدَّثنا سليمانُ بنُ حيَّانَ، عن محمدِ ابنِ عجْلان، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبيِّ يشكُو جارَه، فقال: "اذهبْ، فاصْبِرْ" فأتاه مرَّتينِ أو ثلاثاً، فقال: "اذهَبْ فاطرَحْ متاعَكَ في الطريقِ"، فطرح متاعَه في الطريق، فجعَلَ الناسُ يسألونه، فيخبِرُهم ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي، وحماد: هو ابن زيد الأزدي مولاهم، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري، وعمرة: هي بنت عبد الرحمن الأنصارية. وأخرجه البخاري (6014)، ومسلم (2624)، وابن ماجه (3673)، والترمذي (2057) من طرق عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم بإثر (2624) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24260)، و"صحيح ابن حبان" (511). (¬2) إسناده صحيح. محمَّد بن عيسى: هو ابن نَجِيح البغدادي، وسفيان: هو ابن عيينة، وبشير أبو إسماعيل: هو ابن سلمان الكندي، ومجاهد: هو ابن جبر المخزومي. وأخرجه الترمذي (2056) من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وقرن ببشير داودَ بنَ شَابُورَ. وقال: حديث حسن غريب من هذا الوجه. وهو في "مسند أحمد" (6496). وانظر تمام شواهده والكلام عليه هناك.

خبَرَه، فجعل الناسُ يلعنُونَه: فعلَ اللهُ بهِ وفَعَلَ، فجاء إليه جارُه، فقال له: ارجِعْ، لا ترى مني شيئاً تكرهُهُ (¬1). 5154 - حدَّثنا محمدُ بنُ المتوكِّلِ العسقلانيُّ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن الزهريّ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "من كانَ يُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ فليُكْرِمْ ضيفَه، ومن كان يُؤمِن بالله واليومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِ جارَه، ومن كان يُؤمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ فليقُلْ خيراً أو ليصمُتْ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده جيد، محمَّد بن عجلان وأبوه صدوقان لا بأس بهما. وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (6630)، وابن حبان في" صحيحه" (520) من طريق أبي سعيد الأشج، عن سليمان بن حيان، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (124)، والبزار (8344)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 165 - 166، والبيهقي في" شعب الإيمان" (9547) من طريق صفوان ابن عيسى، عن ابن عجلان، به. وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي. وله شاهد من حديث أبي جحيفة عند البخاري في "الأدب المفرد" (125)، والبزار (4235)، والطبراني في " المعجم "الكبير" 22/ (356)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 166، والبيهقي في "شعب الإيمان- (9548). وفي إسناده شريك بن عبد الله وهو سييء الحفظ، وشيخه أبو عمر -وهو المنبهي- مجهول، ومع ذلك فقد صححه الحاكم وسكت عنه الذهبي! وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 170، وقال: رواه الطبراني والبزار ... وفيه أبو عمر المنبهي، تفرد عنه شريك، وبقية رجاله ثقات. وآخر من حديث محمَّد بن عبد الله بن سلام عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 546، وأحمد (16408)، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (326). ولم يسق أحمد لفظه، ووقع هناك خطأ في ذكر لفظ الحديث، نشأ عن التسرع، فيستدرك من "مصنف ابن أبي شيبة" و"مكارم الأخلاق" لابن أبي الدنيا. (¬2) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد الأزدي مولاهم، والزهري: هو محمَّد بن مسلم ابن شهاب، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن ابن عوف الزهري. =

132 - باب في حق المملوك

5155 - حدَّثنا مُسَدَّدُ بنُ مُسَرْهَد وسعيدُ بنُ منصور، أن الحارثَ بنَ عُبيد حدَّثهم، عن أبي عِمرانَ الجَوْنِيّ، عن طلحةَ عن عائِشةَ، قالت: قلت: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، إن لي جارَينِ بأيِّهما أبدأُ؟ قال: "بأدناهُما باباً" (¬1). قال أبو داود: قال شعبةُ في هذا الحديثِ: طلحةُ رجلٌ مِن قُريشِ. 132 - باب في حَقّ المَمْلُوكِ 5156 - حدَّثنا زُهيرُ بنُ حَرْب وعثمانُ بنُ أبي شَيبةَ، قالا: حدَّثنا محمدُ ابنُ الفُضَيل، عن مُغيرةَ، عن أُمّ موسى ¬

_ = وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (19746). وأخرجه البخاري (6138)، والترمذي (2668)، والنسائي في "الكبرى" (11782) من طريقين عن معمر، بهذا الإسناد. وفي رواية البخاري: "فليصل رَحِمَه "بدلاً من "فلا يُؤذ جاره"، واقتصر النسائي على الشطر الأخير من الحديث. وأخرجه البخاري (6475)، ومسلم (47) من طريقين عن الزهري، به. وفي رواية مسلم "فليكرم جاره" بدلاً من "فلا يؤذ جاره". وأخرجه تاماً ومختصراً البخاري (5185) من طريق أبي حازم، و (6018) و (6136)، ومسلم (47)، وابن ماجه (3971) من طريق أبي صالح، والنسائي في "الكبرى" (11783) من طريق سعيد المقبري، ثلاثتهم عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (7626)، و "صحيح ابن حبان" (516). (¬1) حديث صحيح، الحارث بن عبيد -وهو الإيادي، وإن كان فيه ضعف- تابعه شعبة عند البخاري. أبو عِمران الجوني: هو عبد الملك بن حَبيب، وطلحة: هو ابن عبد الله بن عثمان بن عُبيد الله بن معمر القرشي التيمي. وأخرجه البخاري (2259) و (2595) و (6020) من طريق شعبة، عن أبي عمران الجَوْني، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (25423).

عن عليٍّ، قال: كان آخِرُ كلام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "الصلاةَ الصلاةَ، اتقوا الله فيما مَلَكَتْ أيمانُكم" (¬1). 5157 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ، عن الأعمش عن المَعرُور بنِ سُويد، قال: رأيتُ أبا ذرِّ بالرَّبَذَة، وعليه بُرْدٌ غَليظٌ، وعلى غُلامه مثلُه، قال: فقال القومُ: يا أبا ذرِّ، لو كنتَ أخذتَ ¬

_ (¬1) صحيح لغيره. وهذا إسناد حسن في الشواهد من أجل أم موسى سُرِّية علي ابن أبي طالب، وجاء عند الطبري في تهذيب الآثار في قسم مسند علي بن أبى طالب ص 168 أنها أم ولد الحسن بن علي وأنها أم امرأة المغيرة بن مقسم. وثقها العجلي، وقال الدارقطني: يخرّج حديثها اعتباراً، وصحح حديثها الطبري في "تهذيب الآثار"، والضياء المقدسي في "المختارة " (808). وأخرجه ابن ماجه (2698) عن سهل بن أبي سهل، عن محمَّد بن الفضيل، بهذا الاسناد. وهو في "مسند أحمد" (585). وله شاهد من حديث أم سلمة عند ابن ماجه (1625) بسند رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا، وقد فاتنا التنبيه على هذا الانقطاع في تعليقنا على حديث علي في "المسند" (585)، واستدركناه في "المسند" برقم (26483). ولفظه عند ابن ماجه: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول في مرضه الذي توفي فيه: "الصلاةَ وما ملكت أيمانكم" فما زال يقولها حتى ما يقيصُ بها لسانه (أي: ما يقدر على الإفصاح بها). وآخر من حديث أنس عند ابن ماجه أيضاً (2697)، وإسناده صحيح. قوله: "وما ملكلت أيمانكم"، قال السندي في "حاشيته على المسند": قيل: الأظهر أن المراد: المماليك، وإنما قَرَنه بالصلاة ليعلم أن التي م بمقدار حاجتهم من النفقة والكسوة واجب على مَنْ ملكهم وجوبَ الصلاة التي لا سَعَةَ في تركها، قلت: إن هذا العنوان في الكتاب والسنة صار كالعَلَم للمماليك، وقيل: أراد به الزكاة، لأن القرآن والحديث إذا ذكر فيهما الصلاة فالغالب ذكر الزكاة بعدها.

الذي على غلامِك، فجعلتَه معَ هذا، فكانت حُلَّةً، وكسوتَ غلامَك ثَوباً غيره، قال: فقال أبو ذرِّ: إني كنتُ ساببتُ رجلاً وكانت أُمُّه أعجميةً، فعيَّرْتُه بأمِّه، فشكاني إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: "يا أبا ذرِّ، إنكَ امرؤٌ فِيكَ جاهِلِيّه"، وقال: "إنَّهم إخوانكم فضلكُمُ اللهُ عليهم، فمن لم يُلائِمكُم فبيعُوه، ولا تُعَذِّبُوا خَلْقَ اللهِ" (¬1). 5158 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عيسى بنُ يُونس، حدَّثنا الأعمشُ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، والأعمش: هو سيمان ابن مهران. وأخرجه البخاري (30)، ومسلم (1661)، والترمذي (2059) من طريق واصل الأحدب عن المعرور بن سويد، بمعناه. قال المنذري: وليس في حديث جميعهم: "فمن لم يلائمكم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله". وهذه الزيادة سترد عند المؤلف برقم (5161). وانظر ما بعده. الربذة، بفتح الراء والباء والذال: موضع بالبادية، بينه وبين المدينة ثلاث مراحل، قريب من ذات عرق. وفي الحديث النهي عن سب العبيد وتعييرهم بوالديهم، والحث على الإحسان إليهم، والرفق بهم، فلا يجوز لأحد تعيير أحد بشيء من المكروه يعرفه في آبائه وخاصة نفسُه، كما نهى عن الفخر بالآباء، ويلحق بالعبد من في معناه من أجير وخادم وضعيف، وكذا الدواب ينبغى أن يحسن إليها, ولا تكلف من العمل ما لا تطيق الدواب عليه، فإن كلفه ذلك، لزمه إعانته بنفسه أو بغيره. وفيه عدم الترفع على المسلم وإن كان عبداً ونحوه من الضعفة؛ لأن الله تعالى قال: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]، وقد تظاهرت الأدلة على الأمر باللطف بالضعفة وخفض الجناح لهم، وعلى النهي عن احتقارهم والترفع عليهم. وفيه منع تكليفه من العمل ما لا يطيق أصلاً، أو لا يطيق الدوام عليه؛ لأن النهي للتحريم بلا خلاف، فإن كلفه ذلك أعانه بنفسه أو بغيره. قاله العيني في "عمدته " 1/ 208.

عن المعرورِ، قال: دخلنا على أبي ذرِّ بالرَّبَذَةِ، فإذا عليهِ بُرْدٌ، وعلى غُلامه مثلُه، فقلنا: يا أبا ذرّ، لو أخذتَ بُرْدَ غلامِك إلى بُردِكَ، فكانت حُلَّةّ، وكسوتَه ثوباً غيره، قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إخوانُكُم جعَلهم الله تَحْتَ أيدِيكُم، فمن كان أخوه تحتَ يديهِ فليُطعِمْهُ مِمَّا يأكل، وَلْيَكْسُهُ مِمَّا يَلْبَسُ، ولا يُكلِّفْه ما يغلِبُه، فإن كلَّفَهُ ما يغلِبُهُ فليُعِنْه" (¬1). قال أبو داود: رواه ابنُ نُمير، عن الأعمشِ، نحوه. 5159 - حدَّثنا محمدُ بنُ العلاء، أخبرنا أبو معاويةَ. وحدَّثنا ابنُ المثنَّى، حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمشِ، عن إبراهيمَ التيميّ، عن أبيه عن أبي مسعودٍ الأنصاريّ، قال: كنتُ أضْرِبُ غلاماً لي، فسمِعْتُ مِن خَلْفي صوتاً: "اعلَمْ أبا مَسْعُودِ -قال ابنُ المثنى: مرتين- للهُ أقدَرُ عليكَ منكَ عليهِ" فالْتفتُّ، فإذا هو النبيُّ -فقلتُ: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، هو حُرُّ لِوجه الله تعالى، قال: "أما لو لم تَفْعَلْ لَلفَعَتْكَ النَارُ -أو: لمسَّتْكَ النارُ-" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي. وأخرجه مسلم (1661) من طريق عيسى بن يونس، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6050)، ومسلم (1661)، وابن ماجه (3690) من طرق عن الأعمش، به. وأخرجه البخاري (30) و (2545)، ومسلم (1661)، والترمذي (2059) من طريق واصل الأحدب، عن المعرور بن سويد، به. وهو في "مسند أحمد" (21409). وانظر ما قبله وما سيأتي برقم (5161). (¬2) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمَّد العنزي، وأبو معاوية: هو محمَّد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وإبراهيم التيمي: هو ابن يزيد بن شريك. =

5160 - حدَّثنا أبو كاملٍ، حدَّثنا عبدُ الواحدِ، عن الأعمشِ، بإسنادِه ومعناه، نحوه، قال: كنتُ أضرِبُ غلاماً لي بالسَّوطِ، ولم يذكر أمرَ العتق (¬1). 5161 - حدَّثنا محمدُ بنُ عَمرو الرازىُّ، حدَّثنا جريرٌ، عن منصورٍ، عن مجاهدٍ، عن مُوَرِّقٍ عن أبي ذرِّ قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:"مَنْ لاءمَكُم مِن مملوكِيْكُم فاطْعِمُوه مما تأكلونَ، وأكسُوه مِمَّا تلبَسُون، ومَنْ لم يُلائِمكُم منهم فبيعُوه، ولا تُعذِّبُوا خَلْقَ اللهِ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه مسلم (1659) عن محمَّد بن العلاء، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم أيضاً (1659) من طرق عن الأعمش به. وانظر ما بعده. وقوله: "للفعتك النار". قال الخطابي: معناه: شملتك من جميع نواحيك، ومنه قولهم: تلفع الرجل بالثوب: إذا اشتمل به. (¬1) إسناده صحيح. أبو كامل: هو فضيل بن حسين الجحدري، وعبد الواحد: هو ابن زياد العبدي. وأخرجه مسلم (1659) عن أبي كامل، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2062) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به. وهو في "مسند أحمد" (17087) و (22354). وانظر ما قبله. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن مُورِّقاً -وهو ابن مُشَمْرِج العِجْلي- لم يسمع من أبي ذر فيما قاله أبو زرعة الرازي والدارقطني. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، ومنصور: هو ابن المعتمر، ومجاهد: هو ابن جبر. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 8/ 7 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه البزار في "مسنده" (3923) عن يوسف بن موسى، عن جرير بن عبد الحميد، به. وأخرجه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (720)، وفي "مكارم الأخلاق" (518)، والبيهقي في "الشعب" (8560) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به.

5162 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى، أخبرنا عبدُ الرزَّاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن عثمانَ بنِ زُفَرَ، عن بعضِ بني رافع بنِ مَكِيثٍ عن رافع بن مَكِيثٍ -وكان ممن شَهِدَ الحديبيةَ-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "حُسْنُ الملَكَةِ نَمَاءٌ (¬1)، وسُوءُ الخُلُقِ شُؤْمٌ" (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (21483). وقد سلفت أجزاء هذا الحديث بالرقمين (5157) و (5158) بإسناد صحيح. وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه عند أحمد (16409) وسنده حسن في الشواهد وانظر تمام تخريجه فيه. (¬1) في (أ): يُمنٌ. والمثبت من (ج) و (هـ). (¬2) إسناده ضعيف لإبهام راويه عن رافع بن مَكِيث، ولجهالة عثمان بن زُفَر -وهو الجهني-. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد البصري. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (20118)، ومن طريقه أخرجه أحمد في "مسنده" (16079)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (2562)، وأبو يعلى (1544)، والطبراني في "الكبير" (4451)، والقضاعي (244) و (245)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 200. بعضهم بلفظ: "حسن الملكة نماء"، وبعضهم: "حسن الخلق نماء". وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 22، وقال: رواه أحمد من طريق بعض بني رافع، ولم يسمه، وبقية رجاله ثقات. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 302 من طريق عبد الله -وهو ابن المبارك- عن معمر، به. وانظر ما بعده. حسن الملكة بضم الحاء، أي: حسن الصنيع إلى المماليك والخدم. وقال القاضي: إن حسن الملكة يوجب اليمن، إذ الغالب أنهم إذا رأوا السيد أحسن إليهم، كانوا أشفق عليه، وأطوع له، وأسعى في حقه، وكل ذلك يؤدي إلى اليمن والبركة، وسوء الخلق يورث البغض والنفرة ويثير اللجاج والعناد وقصد الأنفس والأموال. نقله صاحب "مرقاة المفاتيح".

5163 - حدَّثنا محمَّد بنُ المصفَّى، حدَّثنا بقيَّةُ، حدَّثنا عثمانُ بنُ زُفَرَ، حدَّثني محمدُ بنُ خالد بن رافع بن مَكِيثٍ عن عمه الحارثِ بنِ رافع بنِ مَكِيث -وكان رافعٌ مِن جُهينةَ قد شَهِدَ الحُديبية مَعَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم--، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "حُسْنُ المَلَكَةِ يُمْنٌ (¬1)، وسُوءُ الخُلقِ شُؤمٌ" (¬2). 5164 - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيدِ الهَمْدَانِيُّ وأحمدُ بنُ عَمرو بن السّرْح -وهذا حديث الهَمداني وهو أتّمُ- قالا: حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني أبو هانئ الخَولانيُّ، عن العباسِ بنِ جُلَيدٍ الحَجْرِي سمعتُ عبدَ الله بنَ عُمر يقولُ: جاء رجلٌ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ اللهِ، كم نَعْفو عن الخادِم؟ فَصَمَتَ، ثم أعادَ عليه الكلامَ، فَصَمَتَ، فلما كان في الثالثة قال: "اعفُوا عنه في كُلِّ يومٍ سبعينَ مَرة" (¬3). ¬

_ (¬1) في (أ): نماء. (¬2) إسناده ضيف لضعف بقية -وهو ابن الوليد الكلاعي-، ولجهالة عثمان بن زفر، والحارث بن رافع بن مكيث ذكره ابن حبان في التابعين من الثقات، وقال ابن القطان: لا يُعرف. وانظر ما قبله. (¬3) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله المصري، وأبو هانئ الخولاني: هو حُمَيد بن هانئ. وأخرجه الترمذي (2065) من طريق ابن وَهْب، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي أيضاً (2064) من طريق رِشْدين بن سعد، عن أبي هانئ الخولاني، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (5635) و (5899). وانظر تتمة كلامنا عليه فيه.

5165 - حدَّثنا إبراهيمُ بنُ موسى الرازيُّ، قال: أخبرنا. وحدَّثنا مُؤَمَّلُ بنُ الفضل الحرَّانيُّ، حدَّثنا عيسى، حدَّثنا فُضيل -يعني ابنَ غزوانَ-، عن ابنِ أبي نُعْمٍ عن أبي هريرة، حدَّثني أبو القاسمِ نبيُّ التَوبةِ - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قَذَفَ مملوكَهُ وهو بَريٌ: مما قال جُلِدَ لهُ يَومَ القِيَامةِ حَدَّاً" قال مُؤَمَّل: حدَّثنا عيسى، عن الفضيل (¬1). 5166 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا فضيلُ بنُ عياضِ، عن حُصين عن هِلال بن يِسَافِ، قال: كنا نُزُولاً في دارِ سُويد بنِ مُقَرِّنٍ، وفينا شيخٌ فيهِ حِدَّةٌ ومعهُ جارية، فَلَطَمَ وجْهَهَا، فما رأيتُ سُوَيْداً أشدَّ غضباً منه ذلكَ اليومَ، قالَ: عَجَزَ عليك إلا حُرُّ وجْهِها؟! لقد رأيتُنا سَابع سَبْعَةٍ من ولد مُقَرِّنٍ، وما لنا إلا خادمٌ، فلطَم أصغَرُنا وجهَها، فأمرَنا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعَتْقها (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. عيسى: هو ابن يونس السَّبيعي، وابن أبي نُعْم: هو عبد الرحمن البَجَليّ. وأخرجه البخاري (6858)، ومسلم (1660)، والترمذي (2061)، والنسائي في "الكبرى" (7312) من طرق عن فقيل بن غزوان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وقال النسائي: هذا حديث جيد. وهو في "مسند أحمد" (9567). قال النووي: فيه إشارة إلى أنه لا حد على قاذف العبد في الدنيا، وهذا مجمع عليه، لكن يعزر قاذفه؛ لأن العبد ليس بمحصن، وسواء في هذا كله من هو كامل الرق، وليس فيه سبب حرية والمدبر والمكاتب وأم الولد، ومَن بعضه حرٌّ، هذا في حكم الدنيا، أما في حكم الآخرة فيُستوفى له الحد من قاذفه، لاستواء الأحرار والعبيد في الآخرة. (¬2) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي. =

5167 - حدَّثنا مُسدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن سفيانَ، حدَّثني سلمةُ بنُ كُهيلٍ حدَّثني معاويةُ بنُ سُويدِ بنِ مُقَرِّن، قال: لَطَمتُ مولَّى لنا، فدَعَاه أبي ودَعَاني، فقال: اقتَصَّ مِنْه، وإنا معشَرَ بني مُقرِّن كنا سبعةً على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وليسَ لنا إلا خادِمٌ، فلطمَها رجلٌ منا، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: " أعْتِقوها" قالوا: إنَّه ليسَ لنا خَادِم غيرُها، قال: "فَلْتَخْدُمْهُم حتى يستغنُوا، فإذا استغنَوْا فليعتِقُوهَا" (¬1). 5168 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ وأبوكامل، قالا: حدَّثنا أبو عوانةَ، عن فِراسٍ، عن أبي صالحٍ ذَكْوانَ، عن زاذانَ، قال: ¬

_ = وأخرجه مسلم (1658)، والترمذي (1623)، والنسائي في "الكبرى" (4994) من طريقين عن حصين، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه مسلم (1658)، والنسائي (4993) من طريق أبي شعبة العراقي -وهو الكوفي مولى سويد بن مُقَرِّن-، عن سويد بن مُقَرّن. وهو في "مسند أحمد" (23741) و (23742). وانظر ما بعده. وقوله: إلا حُر وجهها. حُرُّ الوجه: صفحته وما رقَّ من بشرته، وحُرُّ كل شيءِ: أرفعه وأفضله قدراً. وقوله: ما لنا إلا خادم. قال النووي: معناه الخادم بلا هاء يطلق على الجارية كما يطلق على الرجل، ولا يقال: خادمة بالهاء إلا في لغة شاذة قليلة. (¬1) إسناده صحيح. يحيى: هو ابن سعيد القطان، وسفيان: هو ابن سعيد الثوري. وأخرجه مسلم (1658)، والنسائي في "الكبرى" (4992) من طريقين عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (4990) و (4991) من طريقين عن معاوية بن سويد، به. وهو في "مسند أحمد" (15705) و (23740). وانظر ما قبله.

133 - باب ما جاء في المملوك إذا نصح

أتيتُ ابنَ عُمَرَ وقد أعتق مملوكاً له، فأخذ مِن الأرضِ عُوداً -أو شيئاً- فقال: ما لي فيه مِن الأجر ما يَسْوى هذا، سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: " مَن لَطَمَ مملُوكَهُ أو ضَرَبهُ، فكفارتُهُ أن يُعْتِقَه" (¬1). 133 - باب ما جاء في المملوك إذا نصَح 5169 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مسلمةَ القعنبىُّ، عن مالكٍ، عن نافع عن عبدِ الله بن عُمَرَ، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - قال: "إن العبْدَ إذا نَصَحَ لِسيِّدهِ، وأحْسنَ عِبادَةَ اللهِ، فله أجرهُ مرَّتينِ" (¬2). 134 - باب فيمن خَبَّبَ مملوكاً على مولاه 5170 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا زيدُ بنُ الحُباب، عن عمارِ بنِ رُزيقٍ، عن عبدِ الله بنِ عيسى، عن عِكرِمَةَ، عن يحيى بن يَعْمَرَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو كامل: هوْ فضيل بن حسين الجحدري، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري،, وفِراس: هو ابن يحيى الهَمْدانى الخَارفي، وزاذان: هو أبو عمر الكِنْدِىُّ البزاز. وأخرجه مسلم (1657) من طرق عن فراس، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4784) و (5266). وقوله: ما يَسوى: قال النووي: في بعض النسخ -يعني من مسلم- يساوي، بالألف، وهذه هي اللغة الصحيحة المعروفة، والأولى عدّها أهل اللغة في لحسّن العوامّ، وأجاب بعض العلماء عن هذه اللفظة بأنها تغيير من بعض الرواة، لا أن ابن عمر نطق بها. (¬2) إسناده صحيح. مالك: هو ابن أنس، ونافع: هو مولى ابن عمر. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 981، ومن طريقه أخرجه البخاري (2546)، ومسلم (1664). وأخرجه البخاري (2550)، ومسلم بإثر (1664) من طريق عبيد الله بن عمر، ومسلم بإثر (1664) من طريق أسامة بن زيد الليثي، كلاهما عن نافع، به. وهو في "مسند أحمد" (4673).

135 - باب في الاستئذان

عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "من خَبَّبَ زَوْجَةَ أمرئٍ أو مملوكَهُ، فليس مِنا" (¬1). 135 - باب في الاستئذان 5171 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا حمادٌ، عن عُبيدِ الله بن أبي بكر عن أنس بنِ مالك: أن رجلاً اطلَعَ مِن بعض حُجَرِ النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقام إليه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بِمشْقَصٍ -أو مشاقِصَ- قال: فكأني أنظرُ إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- يَخْتِلُه لِيطْعُنَه (¬2). 5172 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن سُهيلٍ، عن أبيه ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وقد سلف برقم (2175). وقوله: خبب: يريد أفسد وخدع، وأصلُه من الخَبّ، وهو الخَدَّاع، ورجل خَبٌ، ويقال: فلان خَبٌّ ضَبٌّ: إذا كان يسعى بين الناس بالفساد. (¬2) إسناده صحيح. محمَّد بن عبيد: هو ابن حِسَاب الغُبَري، وحمّاد: هو ابن زيد. وأخرجه البخاري (6242) و (6900)، ومسلم (2157) من طرق عن حمّاد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6889)، والترمذى (2905) من طريق حميد الطويل، والنسائي في "الكبرى" (7034) بنحوه من طريق إسحاق بن عبد الله، كلاهما عن أنس. وقال الترمذي: حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (13507). المِشقص كمِنْبَر: نصل عريض، وقوله: يختله، قال الخطابي معناه: يراوده ويطلبه من حيث لايشعر.

حدَّثنا أبو هريرة، أنه سَمعَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنِ اطَّلَعَ في دارِ قَوْمِ بغيرِ إذنهم ففقؤُوا عينَه، فقد هَدَرَتْ عَيْنُهُ" (¬1). 5173 - حدَّثنا الرَّبيعُ بنُ سليمانَ المُؤَذِّنُ، حدَّثنا ابنُ وهب، عن سليمانَ -يعني ابنَ بلال- عن كثيرِ، عن الوليدِ عن أبي هريرة، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا دخلَ البصَرُ فلا إذنَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة البصري، وسهيل: هو ابن أبي صالح السمان. وأخرجه مسلم (2158) من طريق جرير، عن سُهيل، بهذا الإسناد. وأخرجه بنحوه البخاري (6888) و (6902)، ومسلم (2158)، والنسائي في "الكبرى" (7037) من طريق عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، والنسائي (7036) من طريق بشير بن نَهيك، كلاهما عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (9360)، و "صحيح ابن حبان" (6002) و (6003) و (6004). وقال الخطابي تعليقاً على قوله: " فقد هدرت عينه": في هذا بيان إبطال القود، إسقاط الدية عنه، وقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أهدرها، وعن أبي هريرة مثل ذلك، إليه ذهب الشافعي، وقال أبو حنيفة: إذا فعل ذلك ضمن الجناية، وذلك لأنه قد كان يمكنه أن يدفعه عن النظر والاطلاع عليه بالاحتجاب عنه، وسدّ الخصاص، والتقدم إليه بالكلام ونحوه، فإذا لم يفعل ذلك، وعمد إلى فقء عينه كان ضامناً لها, وليس النظر بأكثر من الدخول عليه بنفسه وتأول الحديث على معنى التغليظ والوعيد. (¬2) إسناده حسن. كثير -وهو ابن زيد الأسلمي- والوليد -وهو ابن رباح الدَّوسي- صدوقان. وحسنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" 11/ 24. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 8/ 339 من طريق الربيع بن سليمان، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (8786)، والبخاري في "الأدب المفرد" (1089) من طريقين عن سليمان بن بلال، والبخاري في "الأدب المفرد" (1082) من طريق سفيان بن حمزة، والطبراني في "الأوسط" (1372) من طريق الوليد بن أبي خيرة، ثلاثتهم عن كثير بن زيد، به. =

136 - باب كيف الاستئذان

136 - باب كيف الاستئذان (¬1) 5174 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا جريرٌ (ح) وحدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا حفصٌ، عن الأعمشِ، عن طلحةَ عن هُزَيْلٍ، قال: جاءَ رجلٌ -قال عثمانُ: سعدٌ- فوقَفَ على بابِ النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأذِنُ، فقامَ على الباب -قال عثمان: مُستقبِلَ الباب- فقال له النبي-صلى الله عليه وسلم-: "هكذا عنك -أو هكذا- فإنما الاستئذَانُ مِنَ النَّظَرِ" (¬2). ¬

_ = وفي الباب عن ثوبان رفعه: " لا يحل لامرىٍ من المسلمين أن ينظر في جوف بيت امرئِ حتى يستأذن، فإن نظر فقد دخل"، وقد سلف برقم (95). وهو في "مسند أحمد" (22415). وآخر عن سهل بن سعد قال: اطَّلع رجل من جُحر في حجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعه مِدْرى (أي: مشط) يحكُّ به رأسه، فقال: "لو أعلمك تنظر، لطعنتُ به عينك، إنما جُعِلَ الاستئذان من أجل البصر وهو متفق عليه. وهو عند أحمد في "المسند" برقم (22802). قوله: "إذا دخل البصر"، قال السندي في "حاشيته على المسند": أي: إذا دخل بصر أحدٍ في بيت صاحبه، فكانه دخل فيه، فلا حاجة له إلى الإذن للدخول، والمراد تقبيح إدخال البصر في بيت آخَرَ، وأنه بمنزلةْ الدخول، لا أنه يجوز بعده الدخول بلا إذن. (¬1) هذا التبويب أثبتناه من (أ) و (هـ)، وهو في روايتي ابن العبد وابن داسه. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد رجاله ثقات. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، وحفص: هو ابن غياث النخعي، والأعمش: هو سليمان بن مهران، وطلحة: هو ابن مصرف اليامي، وهزيل: هو ابن شرحبيل الأودي، وهو ثقة مخضرم، وسعد هكذا جاء مبهماً، وأورده المزي في "تحفة الأشراف" 3/ 322 في مسند سعد بن أبي وقاص، وجاء عند بعض من خرّج الحديث سعد بن عبادة، وعند بعضهم سعد بن معاذ! وصحح أبو حاتم أنه سعد بن عبادة. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (8825)، والضياء في "المختارة" (1074) من طريق أبي داود، بإسناده الأول. =

5175 - حدَّثنا هارون بن عبد الله، حدَّثنا أبو داود الحَفَرىُّ، عن سفيانَ، عن الاعمشِ، عن طلحة بن مُصَرِّفِ، عن رَجُلٍ، عن سعد، نحوَه، عن النبيِّ-صلى الله عليه وسلم- (¬1). 5176 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشارٍ، حدَّثنا أبو عاصِمٍ، أخبرنا ابنُ جُريج. وحدَّثنا يحيى بنُ حَبيبِ بن عَرَبيٍّ، حدَّثنا رَوْحٌ، عن ابنِ جُريجٍ، أخبرني عمرو ابنُ أبي سُفيانَ، أن عمرو بنَ عبدِ الله بنِ صَفوان أخبره عن كَلَدَةَ بنِ حَنْبَلٍ: أن صفوانَ بنَ أُمية بعثَه إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- بِلبن وَجَدَايَةٍ وضَغابيسَ، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأعلى مكةَ، فدخلت ولم أسلِّم، فقال: "ارجع، فقُلِ: السَّلامُ عليكُم"، وذاك بعد ما أسْلَمَ صفوانُ بن ¬

_ = وأخرجه الضياء في "المختارة" (1075) من طريق أبي داود بإسناده الثاني. وهو عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 757. وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 5/ 24 من طريق قتية بن سعيد، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 339 من طريق أبي الربيع الزَّهْرانىِّ، وفي "شعب الإيمان" (8826) من طريق وهب بن جرير، ثلاثتهم عن جرير، به. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/ 757، والطبراني في "المعجم الكبير" (5386) والبيهقي في "الشعب" (8827) من طريق منصور بن المعتمر، عن طلحة بن مصرف، به. وعند الطبراني: سعد بن عبادة، وعند البيهقي: قيس بن سعد. وأبهمه ابن أبي شيبة. وانظر ما بعده. ويشهد له حديث سهل بن سعد عند البخاري (6241) ومسلم (2156) وأحمد في "المسند" (22803) وقد أوردنا نصه في التعليق على الحديث السالف قبله. (¬1) حديث صحيح كالذي قبله، والراوي المبهم عن سعد هو: هزيل بن شرحبيل الأودي كما بينته الرواية السالفة. وأخرجه الضياء في "المختارة" (1076) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.

أُمية. قال عَمرٌ و: وأخبرني ابنُ صفوان بهذا أجمعَ، عن كَلَدَةَ بنِ حَنْبلٍ، ولم يقُل: سمعتُه منه (¬1). قال أبو داود: قال يحيى بنُ حَبيبِ: أُميةُ بنُ صفوانَ، ولم يقل: سمعتُه من كَلَدةَ بن حَنْبلٍ، وقال يحيى أيضاً: عَمرو بنُ عبد الله بن صفوان أخبره، أن كلدةَ بنَ الحنْبَل أخبره. 5177 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو الأحوصِ، عن منصورٍ، عن رِبْعِيٍّ حدَّثنا رجلٌ مِن بني عامر استأذَن على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في بيتٍ، فقال: آلِجُ؟ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لخادِمه: "اخرُجِ إلى هذا، فَعَلِّمْهُ ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن. عمرو بن عبد الله بن صفوان روى عنه جمع وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن حجر في "التقريب": صدوق شريف، وباقي رجاله ثقات. أبو عاصم: هو الضحّاك بن مخلد النبيل، ورَوْح: هو ابن عبادة القيسي، وابن جريج: هو عبد الملك بن عبد العزيز. وأخرجه الترمذي (2907) عن سفيان بن وكيع، عن روح بن عُبَادة، والنسائي في "الكبرى" (6735) و (10074) من طريق حجاج بن محمَّد المصيصي، كلاهما عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (15425). وله شاهد صحيح من حديث عبد الله بن عمر عند أحمد (4884). وآخر من حديث رجل من بني عامر سيأتي بعده. قال الخطابي: الجداية: الصغيرة من الظباء، يقال للذكر والأنثى: جداية، والضغابيس: صغار القثاء، واحدها: ضغبوس، ومنه قيل للرجل الضعيف: ضغبوس، تشبيهاً له به.

الاستئذانَ، فقل له: قُل السَّلامُ عليكم، آدْخُلُ؟ " فَسَمِعُه الرجلُ، فقال: السلامُ عليكم، آدخُلُ؟ فأذِنَ النبي -صلى الله عليه وسلم-، فدخَلَ (¬1). 5178 - حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّرِي، عن أبي الأحوصِ، عن منصور، عن رِبعيٌ بنِ حِراش، قال: حُدِّثتُ أن رجلاً مِن بني عَامِرِ استأذنَ على النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، بمعناه (¬2). قال أبو داود: وكذلك حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا أبو عَوَانَةَ، عن منصورٍ، ولم يقل: عن رجلٍ من بني عامرٍ. 5179 - حدَّثنا عُبيد الله بنُ مُعاذٍ، حدَّثنا أبي، حدَّثنا شعبةُ، عن منصورٍ، عن رِبْعِيِّ ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات إلا أن رِبْعياً -وهو ابن حِراش الغَطَفَانيّ- لم يسمعه من الرجل العامرىّ، وقد وهم ابنُ أبي شيبة في قوله في هذا الإسناد: حدَّثنا رجل من بني عامر، فقد رواه هنّاد بن السّري، عن أي الأحوص، عن منصور، عن ربعي، قال: حُدِّثتُ أن رجلاً من بني عامر .. وستأتي رواية هناد عند المصنف بعده. وقد رُويَ من غير طريق أبي الأحوص كرواية هناد عن أبي الأحوص: فرواه أبو عوانة، عن منصور، عن ربعي، قال: نُبِّئُتُ أن رجلاً من بني عامر ... فذكره. أخرجه عنه: مسدد في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" (7145)، وعنه أبو داود فيما سيأتى بعد هذا الحديث , ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في "الكبرى" 8/ 340. وفي الباب عن كللَدة بن الحنبل سلف قبله. وآخر صحيح من حديث عبد الله بن عمر عند أحمد في "مسنده" (4884). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات. وانظر ما قبله.

137 - باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان؟

عن رجل مِن بني عامرٍ: أنه استأذن على النبي -صلى الله عليه وسلم-، بمعناه، قال: فسمعتُه فقلتُ: السلامُ عليكم، آدخُلُ؟ (¬1). 137 - باب كم مرةَ يُسلَّم الرجل في الاستئذان؟ 5180 - حدَّثنا أحمدُ بنُ عبدةَ، أخبرنا سفيانُ، عن يزيدَ ابنِ خُصيفةَ، عن بُسْرِ بنِ سعيدٍ عن أبي سعيدِ الخدريِّ، قال: كنتُ جالساً في مجلسِ من مجالسِ الأنصارِ، فجاء أبو موسى فَزِعاً، فقُلنا له: ما أفزعَك؟ قال: أمرني عُمَرُ أن آتيَهُ، فأتيتُه، فاستأذنتُ ثلاثاً، فلم يُؤذَنْ لي، فرجعتُ، فقال: ما منعكَ أن تأتيَني؟ قلتُ: قد جئتُ، فاستأذنْتُ ثلاثاً، فلم يُؤذَن لي، وقد قالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا استأذَنَ أحَدُكُم ثلاثاً فلم يُؤذَنْ له فليَرْجِعْ"، قال: لتأتِيَني على هذا بالبيّنةِ، قال: فقال أبو سعيدٍ: لا يقُومُ معَكَ إلا أصغرُ القومِ، قال: فقامَ أبو سعيدٍ مَعَه، فَشَهِدَ لهُ (¬2). ¬

_ (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد رجاله ثقات. ولم يسمع ربعيٌّ هذا الحديث من العامرى كما بيناه برقم (5177). وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 8/ 340 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (23127) مطولاً، والنسائي في "الكبرى" (10075) من طريق محمَّد بن جعفر، عن شعبة، به. وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه البخاري (6245)، ومسلم (2153) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2153) من طريق بكير ابن الأشج، عن بُسر بن سعيد، به. وأخرجه بنحوه مسلم (2153)، وابن ماجه (3706)، والترمذي (2885) من طريق أبي نَضرة المنذر بن مالك، عن أبي سعيد. وهو في "مسند أحمد" (11029)، و"صحيح ابن حبان" (5810). =

5181 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ داودَ، عن طلحةَ بنِ يحيى، عن أبي بُردة عن أبي موسى: أنه أتى عُمَرَ فاستأذَن ثلاثاً، فقال: يستأذنُ أبو موسى، يستأذِنُ الأشعرىُّ، يستأذِنُ عبدُ الله بنُ قيسٍ، فلم يَأْذَنْ له، فَرَجَعَ، فبعث إليه عُمَرُ: ما رَدَّكَ؟ قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" يستأذِنُ أحَدُكُم ثلاثاً، فإن أُذِنَ له، وإلا فليَرْجعْ" قال: ائتِني ببينةٍ على هذا، فذهبَ ثم رجَعَ، فقال: هذا أُبىٌّ، فقال أُبيٌّ: يا عُمَرُ، لا تكُن عَذَاباً على أصحابِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال عُمَرُ: لا أكونُ عذاباً على أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (¬1). ¬

_ =وانظر ما سيأتي بالأرقام (5181 - 5184). وانظر حديث أنس بن مالك عند أحمد برقم (12406). قال الخطابي: وفي هذا الحديث دليل على لزوم التثبت في خبر الواحد لما يجوز عليه من السهو ونحوه، وفيه: أن العالم المستبحر في العلم قد يخفى عليه من العلم شيء يعرفه من هو دونه، والإحاطة لله تعالى وحده. وقال ابن بطال: وحُكم عمرَ بخبر الواحد أشهر من أن يخفى، وقد قبل خبر الضحاك ابن سفيان وحده في ميراث المرأة من دية زوجها، وقبل خبر حَمَل بن مالك الهذلي الأعرابي في أن دية الجنين غرة عبد أو أمة؟ وقبل خبر عبد الرحمن بن عوف في الجزية وفي الطاعون، ولا يشك ذو لبِّ أن أبا موسى أشهر في العدالة من الأعرابي الهذلي. (¬1) رجاله ثقات إلا أن فيه طلحةَ بن يحيى -وهو ابن طلحة بن عبيد الله التيمي المدني- صدوق له أوهام، وقد خالف الرواية الصحيحة السالفة عند المصنف: أن الذي شهد مع أبي موسى عند عمر هو أبو سعيد الخدري وليس أبياً، قال الحافظ في "الفتح" 11/ 29: هكذا وقع في هذه الطريق، وطلحة بن يحيى فيه ضعف، ورواية الأكثر أولى أن تكون محفوظة، ويمكن الجمع بأن أُبيّ بنَ كعب جاء بعد أن شهد أبو سعيد. وأخرجه مسلم (2154) (37) من طريق الفضل بن موسى، وبإثر (2154) (37) من طريق علي بن هاشم، كلاهما عن طلحة بن يحيى، به. وانظر ما قبله.

5182 - حدَّثنا يحيى بنُ حَبيبٍ، حدَّثنا رَوحٌ، حدَّثنا ابنُ جُريج، أخبَرَني عطاءٌ، عن عُبيد بنِ عُمير أن أبا موسى استأذَنَ على عُمَرَ، بهذه القِصَّةِ، قال فيه: فانطلقَ بأبي سعيدٍ، فشَهِدَ له، فقال: أخَفِيَ عليَّ هذا مِن أمرِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-؟ أْلهَانِي الصَّفْقُ (¬1) بالأسْواقِ، ولكن سلِّم ما شِئْتَ ولا تستأذِنْ (¬2). 5183 - حدَّثنا زيدُ بنُ أخْزمَ، حدَّثنا عبدُ القاهر بنُ شُعيب، حدَّثنا هشامٌ، عن حُميد بنِ هِلالٍ، عن أبي بُردة بنِ أبي موسى عن أبيه بهذه القِصَّةِ، قال: فقال عمرُ لأبي موسى: إني لم أتهِمْكَ، ولكنَّ الحديثَ عَن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- شَدِيدٌ (¬3). 5184 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مَسلَمةَ، عن مالكٍ ¬

_ (¬1) في (أ) و (ب): السَّفْقُ، بالسين، وكلاهما صحيح في لغة العرب. (¬2) إسناده صحيح. ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز- صرح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه. يحيى بن حبيب: هو ابن عربي الحارثي، ورَوْح: هو ابن عبادة ابن العلاء القَيْسي، وعطاء: هو ابن أبي رباح. وأخرجه البخاري (2062) و (7353)، ومسلم (2153) من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. دون قوله: ولكن سلَّم ما شئت ولا تستأذن. وانظر ما سلف برقم (5180). وقوله: الصَّفق في الأسواق، وفي رواية: السفق بالسين: وهو التصرف في البيوعات. (¬3) إسناده قوي. عبد القاهر بن شعيب لا بأسَ به. هشام: هو ابن حسان الأزدي. وأخرج هذه الزيادة ابن حبان في "صحيحه" (5806) من طريق عبد الله بن أبي سلمة، عن أبي موسى. وإسنادها صحيح. وانظر ما سلف برقم (5180).

عن رَبيعَةَ بنِ أبي عبدِ الرحمن، وعن غيرِ واحدٍ من عُلمائهم في هذا: فقال عُمَرُ لأبي موسى: أمَا إني لم أتَّهِمْكَ، ولكن خشيتُ أن يتقوَّلَ الناسُ على رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- (¬1). 5185 - حدَّثنا هشامٌ أبو مروانَ ومحمدُ بنُ المثنَّى -المعنى، قالَ محمدُ ابنُ المثنى:- حدَّثنا الوليدُ بنُ مُسلم، حدَّثنا الأوزاعيُّ، سمعتُ يحيى بن أبي كثير يقولُ: حدَّثني محمدُ بنُ عبدِ الرحمن بنِ أسعدَ بنِ زُرارةَ عن قيس بن سعد، قال: زارَنا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- في منزلنا، فقال: "السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ" قال: فَرَدَّ سَعْدٌ ردّاً خفيَّاً، قال قيسٌ: فقلتُ: ألا تأْذَنُ لرسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: ذَرْهُ يُكثر علينا مِن السَّلامِ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "السلامُ عليكم ورحمةُ الله" فردَّ سعدٌ ردّاً خفيَّاً، ثم قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ"، ثم رجَعَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، واتَّبعه سعدٌ، فقال: يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم، إني كنتُ أسمع تسليمَك، وأردُّ عليك ردَّاً خفيَّاً، لتُكثِر علينا مِن السلامِ، قال: فانصرَفَ معه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمر له سَعْدٌ بغُسْل، فاغتسلَ، ثم ناوله ملحفةً مصبوغةً بزعفرانٍ، أو وَرْسٍ، فاشتمل بها، ثم رفع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يديه، وهو يقول: " اللَّهُمَّ اجعل صلوَاتِكَ ورحمتَكَ على آلِ سعْد بن عُبَادةَ"، قال: ثم أصابَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- من الطعامِ، فلما أراد الإنصرافَ قرَّبَ له سعْدٌ حِمَاراً قد ¬

_ (¬1) هو في "الموطأ" 2/ 964، قال أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد" 190/ 3: حديث ربيعة منقطع يتصل من وجوه حسان، وانظر تمام كلامه فيه. وانظر ما سلف برقم (5180).

وَطَّأ عليه بقطيفةٍ، فركِبَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال سعْدٌ: يا قيسُ، اصحَبْ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، قال قيسٌ: فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "اركبْ" فأبيتُ، ثم قال: "إمَّا أنْ تَرْكَبَ، وإما أن تنصَرِفَ" قال: فانصرفتُ (¬1). قال هشامٌ أبو مروان: عن محمَّد بنِ عبدِ الرحمن بن أسعدَ بن زُرارةَ. قال أبو داودَ: رواه عُمَرُ بنُ عبد الواحد وابنُ سماعةَ، عن الأوزاعي مرسلاً، لم يذكرا قيسَ بن سَعْدٍ. 5186 - حدَّثنا مؤمَّل بن الفضْل الحرّانيُّ في آخرين، قالوا: حدَّثنا بقيةُ بن الوليد، حدَّثنا محمَّد بن عبد الرحمن عن عبدِ الله بنِ بُسْرِ، قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أتى بابَ قومِ لم يستقبلِ البابَ مِن تِلقاءِ وجهِه، ولكن مِن رُكْنه الأيمنِ أو الأيسرِ، ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لانقطاعه، محمَّد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة لم يثبت له سماع من قيس بن سعد، قال المزي: الصحيح أن بينهما رجلاً، وقد جاء في بعض الروايات كما سيأتي أنه محمَّد بن شرحبيل وهو مجهول، وقال البخاري في "التاريخ "الكبير" 1/ 114: لم يصح إسناده. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10084) من طريق محمَّد بن المثنى، بهذا الإسناد. إلا أنه قال فيه: محمَّد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، وكلاهما قد قيل في اسم جده: سعْد وأسعد. وأخرجه مختصراً ابن ماجه (466) و (3604)، والنسائي (10083) من طريق ابن أبي ليلى، عن محمَّد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، عن محمَّد بن شُرَحْبيل، عن قيس سعد. وهو في "مسند أحمد" (15476) وانظر تتمه كلامنا عليه فيه. وقد صحت قصة سعد بن عبادة من حديث أنس بسياق آخر غير هذا في" مسند أحمد" (12406).

138 - باب الرجل يستأذن بالدق

ويقول: "السلامُ عليكم، السلامُ عليكم"، وذلك أن الدُّورَ لم يكن عليها يومئذٍ سُتُورٌ (¬1). 138 - باب الرجل يستأذِنُ بالدقِّ (¬2) 5187 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا بِشرٌ، عن شُعبةَ، عن محمَّد بن المُنكَدِرِ عن جابرِ: أنه ذهبَ إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في دَينِ أبيه، فدققْتُ البابَ، فقال: "من هذا؟ " قلتُ: أنا، قال: "أنا أنا! " كأنَّه كرِهَهُ (¬3). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، بقية -وهو ابن الوليد- قد صرح بالتحديث، وقد روي الحديث من طريقين آخرين حسنين كما سيأتي. محمَّد بن عبد الرحمن هو ابن عِرْق اليحصبي. وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 339 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (17694)، والبخاري في "الأدب المفرد" (1078)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" 2/ 351 من طرق عن بقية، به. وأخرجه أحمد في "مسنده" (17692) من طريق إسماعيل بن عياش، والبيهقي في "شعب الإيمان" (8822)، وفي "الآداب" (251) من طريق عثمان بن سعيد بن كثير، وفي "الشعب" (8823) من طريق يحيى بن سعيد العطار، ثلاثتهم عن محمَّد بن عبد الرحمن بن عِرق اليحْصُبي، به. واسناد طريقي ابن عياش وابن كثير حسنان. (¬2) هذا التبويب أثبتناه من (هـ). (¬3) إسناده صحيح. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي، وبِشر: هو ابن المُفَضَّل الرَّقَاشى. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10087) من طريق بشر، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6250)، ومسلم (2155)، وابن ماجه (3709)، والترمذي (2908) من طرق عن شبة، به. وهو في "مسند أحمد" (14185)، و "صحيح ابن حبان" (5808). قوله: "أنا أنا"، قال الخطابي في "أعلام الحديث". قوله: "أنا" لا يتضمن الجواب عما سأل، ولا يفيد العلم بما استعلَم، وكان الجواب أن يقول: أنا جابر، ليقع بتعريف الاسم تعيين الشخص الذي وقعت المسألة عنه، فلما قال أنا، لم يزد عليه، صار كأنه تعرف إلى نفسه، فاستقصره عليه، فكان ذلك معنى الكراهة. =

139 - باب الرجل يدق الباب ولا يسلم

139 - باب الرجل يدقُّ الباب ولا يُسَلَّمُ (¬1) 5188 - حدَّثنا يحيى بنُ أيوبَ المَقابريُّ، حدَّثنا اسماعيلُ -يعني ابنَ جعفر-، حدَّثنا محمدُ بنُ عَمرٍو، عن أبي سلمةَ عن نافع بنِ عبدِ الحارثِ، قال: خرجتُ معَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حتى دخلتُ حائطاً، فقال لي: " أمْسِكِ البابَ"، فضُرِبَ البابُ، فقلت: من هذا؟ وساقَ الحديثَ (¬2). قال أبو داود: يعني حديثَ أبي موسى الأشعري: فدَقَّ البابَ. 140 - باب في الرجل يُدْعى أيكونُ ذلك إذنَه؟ 5189 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن حبيبٍ وهشامٍ، عن محمَّدٍ ¬

_ = وقال السندي في "حاشيته على المسند": كرره تأكيداً، وهو الذي يفهم منه الإنكار عُرفاً، وإنما كرهه لأن السؤال للاستكشاف ودفع الابهام، ولا يحصل ذلك بمجرد "أنا" إلا أن يضم إليه اسمه أو كنيته أو لقبه، نعم قد يحصل التعيين بمعرفة الصوت، لكنَّ ذاك مخصوص بأهل البيت، ولا يعمّ غيرهم عادةَ. (¬1) هذا التبويب أثبتاه من (أ) و (هـ)، وهو في روايتي ابن العبد وابن داسه. (¬2) حديث صحيح، أبو سلمة -وهو ابن عبد الرحمن بن عوف- لم يذكروا له سماعاً من نافع بن عبد الحارث، ومحمد بن عمرو -وهو ابن علقمة بن وقَّاص الليثي، تكلَّم فيه بعضهم من قبل حفظه، وقد وهم فيه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8077) من طريق إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (15374). والصواب ما رواه أبو الزناد -وهو عبد الله ابن ذكوان-، عن أبى سلمة، عن عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث، عن أبي موسى الأشعري. أخرجه أحمد في "مسنده" (19653)، والنسائي في "الكبرى" (8076). وتابع عبدَ الرحمن بن نافع عن أبي موسى: أبو عثمان النهدى عند البخارى (3695)، ومسلم (2403) (28)، وسعيدُ بنُ المسيِّب عند البخاري (7097)، ومسلم (2403) (29).

عن أبي هريرة، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "رسولُ الرجُلِ إلى الرجلِ إذنُهُ" (¬1). 5190 - حدَّثنا حسينُ بنُ مُعاذِ بن خُلَيفٍ، حدَّثنا عبدُ الأعلى، حدَّثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن أبي رافعِ عن أبي هريرة، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -قال: "إذا دُعِىَ أحدُكم إلى طعامٍ فجاء مع الرسولِ، فإنَّ ذلك لهُ إذنٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وحبيب: هو ابن الشهيد، وهشام: هو ابن حسان، ومحمد: هو ابن سيرين. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (8445) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1076)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 340 من طريق موسى بن إسماعيل، به. وأخرجه ابن حبان (5811)، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 340، وفي "شعب الايمان" (8444) من طريقين عن حماد، عن أيوب السختياني وحبيب بن الشهيد، عن محمَّد بن سيرين، به. قال في "فتح الودود": أي: لا يحتاج إلى الاستئذان إذا جاء مع رسوله، نعم لو استأذن احتياطاً كان حسناً سيما إذا كان البيت غير مخصوص بالرجال، وقد أرسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا هريرة إلى أصحاب، فجاؤوا فاستأذنوا فدخلوا. (¬2) إسناده صحيح، وإعلال أبى داود الحديث بأن قتادة -وهو ابن دعامة السدوسي- لم يسمع من أبي رافع -وهو نفيع بن رافع الصائغ-، قد تعقبه الحافظ في "الفتح" 11/ 31 - 32 فقال: كذا قال، وقد ثبت سماعُه منه عند البخارى (7554)، وللحديث مع ذلك متابع. وهو الحديث الذي قبله عند المصنف. وقال في "تهذيب التهذيب" 3/ 429: كأنه (أي: أبا داود) يعنى حديثاً مخصوصاً، وإلا ففي "صحيح البخاري" تصريح بالسماع منه، وكذلك قال في "تغليق التعليق " 5/ 123. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1075) من طريق عبد الأعلى، بهذا الاسناده. =

141 - باب الاستئذان في العورات الثلاث

قال أبو داود: يُقال: إن قتادةَ لم يسمَعْ مِن أبي رافعٍ شيئاً. 141 - باب الاستئذان في العَوْرَات الثلاث 5191 - حدَّثنا ابنُ السّرْح، قال: حدَّثنا. وحدَّثنا محمدُ بن الصبَّاح بن سفيان وأحمدُ بنُ عبدة -وهذا حديثُه- قالا: أخبرنا سفيانُ، عن عُبيدِ الله بنِ أبي يزيدَ سَمِعَ ابنَ عباس يقول: لم. يُؤْمِنْ (¬1) بها أكثرُ الناسِ آيةُ الإذنِ، وإني لآمُرُ جاريتي هذه تستأذِنُ عليَّ (¬2). ¬

_ = وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (17) من طريق رَوْح بن عبادة، وأحمد في "مسنده" (10894)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1587)، والبيهقي في "الكبرى" 4/ 345 من طريق عبد الوهاب الخفَّاف، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به. وعلقه البخاري قبل الحديث (6246). وأخرج ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 646 عن أبي بكر بن عياش، والبخاري في "الأدب المفرد" (1074) عن شعبة، كلاهما عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: إذا دعي الرجل، فقد أُذِنَ له. وهذا سند صحيح موقوفاً. وقد يعارضه ما أخرجه البخاري (6246) من حديث مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فوجد لَبَناً فى قدح، فقال: "أبا هِرٍّ الحَق أهل الصُّفَّةِ فادعُهُم إلَيَّ" قال: فأتيتهم فَدَعَوْتُهُم فأقبَلُوا فاستأذَنُوا فَأُذِنَ لَهُم فَدَخَلُوا. قال البيهقي في "الكبرى" بإثر الحديث 4/ 340: وهذا عندي والله أعلم فيه إذا لم يكن في الدار حرمة، فإن كان فيها حرمة فلا بد من الاستئذان بعد نزول آية الحجاب. وله وجوه أخرى في الجمع ذكرها الحافظ في "الفتح" 11/ 32. (¬1) المثبت من (أ)، وفي بقية أصولنا الخطية: لم يؤَمَر، والمثبت هو الموافق لرواية البيهقي بلفظ: آية لم يؤمن بها أكثر الناس. وما ورد في أصولنا الخطية من قوله: لم يُؤمر، قال العظيم آبادي: هو غير ظاهر. (¬2) رجاله ثقات. ابن السّرح: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله الأموي، وسفيان: هو ابن عيينة. =

قال أبو داود: وكذلك رواه عطاءٌ عن ابنِ عباس: يأمُرُ به. 5192 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمدٍ- عن عَمرِو بنِ أبي عَمرٍو عن عِكرمة أن نَفَراً من أهلِ العراق قالوا: يا ابنَ عباس، كيفَ ترى في هذهِ الأيةِ التي أُمِرنا فيها بما أُمِرنا ولا يعمل بها أحدٌ، قولُ الله عزَّ وجلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ} قرأ القعنبىُّ الى {عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النور: 58]. قال ابنُ عباس: إن الله حليمُ رحيمٌ بالمؤمنين، يُحب السَّترَ، وكان الناسُ ليس لبيوتهم سُتُورٌ ولا حِجَالٌ، فربما دخل الخادِمُ أو الولدُ أو يتيمةُ الرجلِ، والرجلُ على أهلِه، فأمرهم اللهُ بالاستئذان في تلك العَوراتِ، فجاءهم اللهُ بالسُّتورِ والخيرِ، فلم أرَ أحداً يعمَلُ بذلك بَعْدُ (¬1). ¬

_ = وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 97 من طريق سفيان، بهذا الإسناد. بلفظ: آية لم يؤمن بها أكثر الناس آية الاذن، وإني آمر هذه -جارية له قصيرة قائمة على رأسه- أن تستاذن عليٍّ. وقوله: "لم يؤمن بها أكثر الناس": أنهم لا يعملون بها فكأنهم لا يؤمنون بها، وكأن ابن عباس رضي الله عنه كان يرى أولاً ذلك ثم رجع عنه، كما سيأتي عنه في الحديث الآتي. (¬1) رجاله ثقات. وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 233 - 234 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 97 من طريق سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو، به. قوله: "ولا حِجَال": جمع حَجَلَة بفتحتين، وهي بيت كالقبة يُستر بالثياب يجعلونها للعروس. =

142 - باب في إفشاء السلام

قال أبو داود: حديثُ عُبيدِ الله وعطاء يُفْسِدُ هذا الحديثَ (¬1). 142 - باب في إفشاء السلام 5193 - حدَّثنا أحمدُ بنُ أبي شُعيبٍ، حدَّثنا زُهيرٌ، حدَّثنا الأعمشُ، عن أبي صَالحٍ عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "والذي نَفْسِي بيدِهِ، لا تدخُلُوا الجنَّةَ حتى تُؤمِنُوا, ولا تُؤمِنوا حتى تحابُّوا، أفلا أدلُكُم على أمرٍ إذا فعلتُمُوهُ تحاببتُم؟ أفشُوا السَّلام بينكُم" (¬2). ¬

_ = قال ابن الجوزي في "زاد المسير" بتحقيقنا 6/ 62: وأكثر علماء المفسرين على أن هذه الآية محكمة، وممن روي عنه ذلك: ابن عباس، والقاسم بن محمَّد، وجابر ابن زيد، والشعبي، وحكى عن سعيد بن المسيب أنها منسوخة بقوله "واذا بلغ الأطفال منكم الحُلم فليستاذنوا", والأول أصح؛ لأن معنى هذه الآية: واذا بلغ الأطفال منكم، أو من الأحرار الحلم، فليستأذنوا، أي: في جميع الأوقات في الدخول عليكم {كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}: يعني: كما استأذن الأحرار الكبار، الذين هم قبلهم في الوجود، وهم الذين أمروا بالاستئذان على كل حال، فالبالغ يستأذن في كل وقت، والطفل والمملوك يستأذنان في العورات الثلاث. (¬1) جاء في هامش (هـ) ما نَصُّه: حديث عُبيد الله وعطاء يفسّر هذا الحديث. والمثبت من النسخة التي شرح عليها العظيم آبادي، وذكر أن كلمة: يفسّر، هنا، من بعض النسخ، وأنه لا يظهر معناها. (¬2) إسناده صحيح. زهير: هو ابن معاوية الجعفي، والأعمش: هو سليمان بن مِهْران، وأبو صالح: هو ذَكْوان السمان. وأخرجه مسلم (54)، وابن ماجه (68) و (3692)، والترمذي (2883) من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9084)، و"صحيح ابن حبان" (236). وقوله: لا تدخلوا ولا تؤمنوا. كذا وقع عند أبي داود وفي أكثر المصادر بحذف النون، والجادة إثباتها, لأن لا هنا حرف نفي لا نهي، وقالوا: حذفت النون للتخفيف، وقد جاءت الرواية بإثباتها في "مسند أحمد" (9084) و (9709).

143 - باب كيف السلام؟

5194 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيد، حدَّثنا الليثُ، عن يزيدَ بنِ أبي حبيبٍ، عن أبي الخير عن عبدِ الله بنِ عمرو: أنَّ رجلاً سألَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ الإِسلامِ خيرٌ؟ قال: "تُطعِم الطعَامَ، وتقرَأ السلامَ على مَن عرقتَ ومَن لم تَعرِفْ" (¬1). 143 - باب كيف السلام؟ 5195 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثير، أخبرنا جعفرُ بنُ سليمانَ، عن عَوفٍ الأعرابي، عن أبي رجاءٍ عن عِمرانَ بنِ حُصَين، قال: جاء رجُلٌ إلى النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -، فقال: السلامُ عليكُم، فردَّ عليه، ثم جلَسَ، فقال النبي-صلى الله عليه وسلم-: "عشرٌ"، ثُمَّ جاء آخرُ، فقال: السلامُ عليكم ورحمةُ الله، فردَّ عليه، فجلسَ، فقال: "عِشْرونَ"، ثم جاء آخرُ، فقال: السلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاتُه، فردَّ عليه، فجلسَ، فقال: "ثلاثونَ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. الليث: هو ابن سعد المصري، وأبو الخير: هو مَرْثَد بن عبد الله اليَزَني. وأخرجه البخاري (28)، ومسلم (39)، والنسائي في "المجتبى" (5000) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (12) و (6236)، ومسلم (39)، وابن ماجه (3253) من طرق عن الليث، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (6581)، و "صحيح ابن حبان" (505). (¬2) إسناده قوي. جعفر بن سليمان -وهو الضُّبَعي- صدوقٌ حسن الحديث. محمَّد بن كثير: هو العَبْدي، وعوف الأعرابي: هو ابن أبي جَميلة، وأبو رَجَاء: هو عِمران بن مِلْحان. =

144 - باب فضل من بدأ السلام

5196 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ سُوَيْدٍ الرمليُّ، حدَّثنا ابنُ أبي مريمَ، قال: أظنُّ أني سمعتُ نافعَ بنَ يزيدَ، أخبرني أبو مَرحُومٍ، عن سهلِ بنِ مُعاذ بنِ أنسٍ عن أبيه، عن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -، بمعناه، زاد: ثم أتى آخرُ، فقال: السلامُ عليكُم ورحمةُ الله وبركاته ومغفِرَتُه، فقال: "أربعون"، وقال: "هكذا تكون الفضائلُ" (¬1). 144 - باب فضل مَن بدأ السلامَ 5197 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بن فارس الذُّهْلىُّ، حدَّثنا أبو عاصم، عن أبي خالدٍ وهب، عن أبي سفيانَ الحمصيِّ ¬

_ = وأخرجه الترمذي (2884) من طريق محمَّد بن كثير، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن غريب. وهو في "مسند أحمد" (19948). وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري في "الأدب المفرد" (986)، وصححه ابن حبان (493). وآخر عن معاذ بن أنس سيأتي بعده. وانظر تتمة شواهده في "المسند". (¬1) ضعيف بهذه الزيادة. أبو مرحوم: هو عبدُ الرحيم بن ميمون المدني ضعَّفه ابنُ معين، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يُحتج به. ابن أبي مريم: هو سعيد الجُمَحيُّ مولاهم. وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (8486) من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" 20/ (390) من طريق يحيى بن أيوب العلاف المصري، عن سعيد بن أبي مريم، به. دون هذه الزيادة، وقال في روايته: "أربعون" بدلاً من: "ثلاثون". وانظر ما قبله. وذكر الحافظ في الفتح، 11/ 6 جملة آثار ضعيفة في الزيادة على "وبركاته" ثم قال: وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمت قوي ما اجتمعت عليه من مشروعية الزيادة على "وبركاته".

145 - باب من أولى بالسلام؟

عن أبي أُمامةَ، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ أولى النَّاسِ بالله مَنْ بَدَأهُمْ بِالسَّلام" (¬1). 145 - باب مَنْ أولى بالسلام؟ 5198 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبل، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن همام بن مُنبّه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: " يُسَلَّمُ الصَّغيرُ على الكبِيرِ، والمارُّ على القاعِدٍ، والقَلِيلُ على الكثيرِ" (¬2). 5199 - حدَّثنا يحيى بنُ حبيب بنِ عربئّ، أخبرنا رَوحٌ، حدَّثنا ابنُ جُريجٍ، أخبرني زيادٌ، أن ثابتاً مولى عبدِ الرحمن بن زَيدٍ أخبره ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل، وأبو خالد: هو وَهْب بن خالد الحِمْيري، وأبو سفيان الحِمْصيِ: هو محمَّد بن زياد الألْهاني. وأخرجه الترمذي (2889) من طريق سُليم بن عامر، عن أبي أمامة، بلفظ: قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: الرجلان يلتقيان، أيهما يبدأ بالسلام؟ قال: "أولاهما بالله". وقال: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (22192). قال الطيبي: أي أقرب الناس من المتلاقيين إلى رحمة الله من بدأ بالسلام، وقال افووي في "الأذكار": وينبغي لكل أحد من المتلاقيين أن يحرص على أن يبتدئ بالسلام لهذا الحديث. (¬2) إسناده صحيح. عبد الرزاق: هو ابن همام الصنعاني، ومعمر: هو ابن راشد. وهو في"مصنف عبد الرزاق" (19445). وأخرجه البخاري (6231)، والترمذي (2901) من طريق عبد الله بن المبارك، عن معمر، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6234) من طريق عطاء بن يسار، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (8162). وانظر ما بعده.

146 - باب الرجل يفارق صاحبه، ثم يلقاه، يسلم عليه؟

أنه سمع أبا هريرةَ يقول: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: " يُسلِّمُ الراكبُ على الماشِي" ثم ذكر الحديثَ (¬1). 146 - باب الرجل يُفارِقُ صاحبَه، ثم يلْقاهُ، يُسلّم عليه؟ 5200 - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيد الهَمْدَانِيُّ، حدَّثنا ابنُ وهب، أخبرني معاويةُ ابنُ صالحٍ، عن أبي مريمَ عن أبي هريرة، قال: إذا لقيَ أحدُكُم أخاه فليُسلم عليهِ، فإن حالت بينهما شجرةٌ أو جِدَارٌ أو حجرٌ، ثم لقيَهُ، فليُسلم عليه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. رَوْح: هو ابن عُبادة القَيسي، وابن جُرَيج: هو عبد الملك ابن عبد العزيز، وزيادُ: هو ابن سَعد بن عبد الرحمن الخُراساني. وأخرجه البخاري (6233)، ومسلم (2160) من طريقين عن روح، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (6232)، ومسلم (2160) من طريقين عن ابن جريج، به. وأخرجه الترمذي (2900) عن محمَّد بن المثنى وإبراهيم بن يعقوب، عن رَوح ابن عبادة، عن حبيب بن الشهيد، عن الحسن، عن أبي هريرة. وهو في "مسند أحمد" (8312). وانظر ما قبله. (¬2) المرفوع إسناده صحيح، والموقوف رجاله ثقات، لكن جاء في بعض الروايات عن أبي داود في إسناد الحديث بين معاوية بن صالح -وهو الحضرمي- وبين أبي مريم -وهو الأنصاري- رجلٌ اسمُه أبو موسى، ولم يرد ذكره في روايتي ابن العبد وابن داسه وغيرهما- قال المزي في "تحفة الأشراف" (13793): وهو أشبه بالصواب ووافقه الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف". قلنا: ولم يرد ذكره عندنا في (أ) و (هـ). ولا في مصادر تخريج الحديث. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1010)، وأبو يعلى (6350)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (8468) من طريق عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن أبي مريم، به فأسقط من إسناده أبا موسى. =

147 - باب في السلام على الصبيان

قال معاويةُ: وحدَّثني عبدُ الوهَّاب بن بُخْتٍ، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرج عن أبي هريرة، عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- مثلَه سواء. 5201 - حدَّثنا عباسٌ العَنْبريُّ، حدَّثنا أسودُ بنُ عامرٍ، حدَّثنا حسنُ بنُ صالحٍ، عن أبيه، عن سَلَمَةَ بنِ كُهَيلٍ، عن سعيدِ بنِ جُبير، عن ابنِ عباسٍ عن عمر: أنه أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو في مشرَّبَةٍ له، فقال: السلامُ عليكَ يا رسولَ الله، السلام عليكم، أيدخُلُ عمرُ؟ (¬1). 147 - باب في السلام على الصبيانِ 5202 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، حدَّثنا سليمانُ -يعني ابنَ المغيرةٍ- عن ثابتٍ، قال: ¬

_ = وفي الباب عن أنس بن مالك، قال: كنا إذا كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتفرق بيننا شجرة، فإذا التقينا سلم بعضُنا على بعض. قال الحافظ في "التلخيص الحبير" 4/ 64: رواه الطبراني بإسناد حسن. قلنا: هو في "معجم الطبراني الأوسط" (7987) عن موسى بن هارون، حدَّثنا سهل بن صالح الأنطاكي، قال: رأيت يزيد بن أبي منصور، فقال: حدَّثنا أنس بن مالك، ورواه البخاري في "الأدب المفرد" (1011) عن موسى ابن إسماعيل، حدَّثنا الضحاك بن نَبَراس، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك ... قال الطيبي: فيه حث على إفشاء السلام، وأن يكرر عند كل تغيير حال ولكل جاءٍ وغادٍ. (¬1) إسناده صحيح. عباس العَنْبَري: هو ابن عبدِ العظيم بن إسماعيل. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10080) من طريق أسود بن عامر، و (10081) منْ طريق يحيى بن آدم، كلاهما عن حسن بن صالح، بهذا الإسناد. وأخرجه بأتم منه النسائي (9112) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور، عن ابن عباس.

قال أنسٌ: أتى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- على غلمانٍ يلعبُونَ، فسلَّم عليهم (¬1). 5203 - حدَّثنا ابنُ المثنَّى، حدَّثنا خالدٌ -يعني ابنَ الحارثِ- حدَّثنا حُميدٌ، قال: قال أنسٌ: انتهى إلينا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-ِ وأنا غلام في الغِلْمَانِ، فسَلَّم علينا، ثم أخذَ بيدي، فأرسلني برسالةٍ، وقعد في ظلِّ جِدارٍ -أو قال: إلى جدارٍ- حتى رجعتُ إليهِ (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ثابت: هو ابن أسْلم البُنانيُّ. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10090) من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الاسناد. وأخرجه البخاري (6247)، ومسلم (2168)، والترمذي (2891)، والنسائي في "الكبرى" (10089) من طريق سَيَّار بن أبو سَيَّار العَنَزي، والترمذي (2892)، والنسائي (8291) و (10088) من طريق جعفر بن سُليمان الضُّبَعي، كلاهما عن ثابت، به. وهو في "مسند أحمد" (12724)، و "صحيح ابن حبان" (459). وانظر ما بعده. قال ابن بطال: في السلام على الصبيان تدريبُهم على آدابِ الشريعة، وفيه طرحُ الأكابر رداءَ الكبر، وسلوك التواضع ولين الجانب. (¬2) إسناده صحيح. ابن المثنى: هو محمَّد العَنَزي، وحُمَيد: هو ابن أبي حُمَيد الطويل. وأخرجه مختصراً ابن ماجه (3700) من طريق أبي خالد الأحمر، عن حميد، به. وأخرجه مسلم (2482) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت بن أسلم، عن أنس. وهو في "مسند أحمد" (12060). وانظر ما قبله.

148 - باب السلام على النساء

148 - باب السلام على النساء 5204 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا سفيانُ بنُ عُيينة، عن ابنِ أبي حُسينٍ، سمعه مِن شهر بنِ حوشَبٍ يقول: أخبرته أسماءُ ابنةُ يزيدَ: مرَّ علينا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -في نِسوةٍ، فسلَّم علينا (¬1). 149 - باب السلام على أهل الذمة 5205 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمَرَ، حدَّثنا شُعبةُ عن سهيل بن أبي صَالحٍ، قال: خرجتُ مع أبي إلى الشّامِ، فجعلوا يمرُّونَ بصوامِعَ فيها نصارى فيسلِّمُونَ عليهم، فقال أبي: لا ¬

_ (¬1) حديث حسن، شهر بن حوشب -وإن كان فيه ضعف- قد توبع، وبقية رجاله ثقات. ابن أبي حُسَيْن: هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين. وأخرجه ابن ماجه (3701) عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي (2893) من طريق عبد الحميد بن بَهْرام، عن شَهْر بن حوشب، به. وفي روايته: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- أشار بالتسليم-ولم يتابع شهراً عليها أحدٌ- وهي ضعيفة. وقال: حديث حسن. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1048)، والطبراني في "الكبير" 24/ (464)، وفي "مسند الشاميين" (1426)، وتمَّام في "فوائده" (791 - الروض البسام) من طريق محمَّد بن مهاجر، عن أبيه مهاجر مولى أسماء بنت يزيد، عن أسماء بنت يزيد. وهذا إسناد حسن. وهو في "مسند أحمد" (27561). وله شاهد من حديث جرير بن عبد الله عند أحمد (19154). وإسناده ضعيف. وانظر حديث سهل بن سعد عند البخاري (6248). وقد بسط الحافظ أقوال الفقهاء في مسألة تسليم الرجال على النساء في "الفتح" 11/ 34 - 35 فانظرها.

تبدؤوهم بالسَّلامِ، فإن أبا هريرة، حدَّثنا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تبدؤُوهُم بالسَّلامِ، وإذا لقيتُمُوهم في الطَّرِيقِ فاضطرُّوهُم إلى أضيقِ الطرِيقِ" (¬1). 5206 - حدَّثنا عبدُ الله بنُ مَسلَمةَ، حدَّثنا عبدُ العزيزِ -يعني ابنَ مُسلم- عن عبدِ اللهِ بنِ دينار عن عبدِ الله بنِ عُمر، أنه قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اليهودَ إذا سلمَ عليكُم أحدُهُم فإنَّما يقول: السَّامُ عليكم، فقولوا: وعليكُم" (¬2). قال أبو داود: وكذلك رواه مالكٌ، عن عبدِ الله بنِ دينار. ورواه الثورىٌّ، عن عبد الله بن دينار، قال فيه: "وعليكم" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حَفْص بن عُمر: هو ابن الحارث الحَوضي، وأبو صالح: هو ذكوان الزيَّات. وأخرجه مسلم بإثر (2167) من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2167)، والترمذي (1694) و (2897) من طرق عن سهيل بن أبي صالح، به. وهو في "مسند أحمد" (8561)، و "صحيح ابن حبان" (500) و (501). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (6928)، والنسائي في "الكبرى" (10139) من طريق سفيان الثررى، ومسلم (2164)، والترمذي (1695)، والنسائي (10138) من طريق إسماعيل بن جعفر، كلاهما عن عبد الله بن دينار، به. وروايتهم دون النسائي في الموضع الأول بلفظ: "عليك". وهو في "مسند أحمد" (4563) و (4698). (¬3) وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 960، ومن طريقه أخرجه البخاري (6928). بلفظ: "عليك". وهو في"المسند" (4699).

5207 - حدَّثنا عمرو بنُ مرزوقٍ، أخبرنا شُعبةُ، عن قتادةَ عن أنسٍ: أن أصحابَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالوا للنبيّ: إنَّ أهلَ الكتابِ يُسَلِّمون علينا، فكيفَ نرُدُّ عليهِمْ؟ قال: " قولوا: وعليكم" (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (6257) من طريق مالك بن أنس، ومسلم (2164) (9)، والنسائي في "الكبرى" (10140) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، كلاهما عن عبد الله بن دينار، به. ولفظ البخاري ومسلم: "وعليك"، والنسائي بلفظ: "وعليكم". وهو في "مسند أحمد" (5221) و (5938)، و "صحيح ابن حبان"، (502). قال السندى في "حاشيته على المسند": السام: هو بألف لينة: هو الموت، وقيل: الموت العاجل، وجاءت الروايةُ في الجواب بالواو وحذفها, فالحذف لرد قولهم عليهم؛ لأن مرادهم الدعاء على المؤمنين، فينبغي للمؤمنين ردُّ ذلك الدعاء عليهم، وأما الواو: فإما استئنافية ذكرت تشبيهاً بالجواب، والمقصود هو الرد، هاما للعطف، والمراد إلاخبار بأن الموت مشترك بين الكل غير مخصوص بأحد، فهو رد بوجه آخر، وهو أنهم أرادوا بهذا الدعاء إلحاق الضرر مع أنهم مخطئون في هذا الاعتقاد، لعموم الموت للكل، ولا ضرر بمثله، والله تعالى أعلم. (¬1) إسناده صحيح. قتادة: هو ابن دعامة السدوسي. وأخرجه مسلم (2163)، والنسائي في "الكبرى" (10146) و (10147) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن ماجه (3697)، والترمذي بنحوه (3585) من طريقين عن قتادة، به. وأخرجه بمعناه البخاري (6258)، ومسلم (2163) (6) من طريق عبيد الله بن أبي بكر، والبخاري (6926)، والنسائي في "الكبرى" (10145) من طريق هشام بن زيد بن أنس، كلاهما عن أنس بن مالك. وهو في "مسند أحمد" (1241)، و "صحيح ابن حبان" (503).

150 - باب في السلام إذا قام من المجلس

قال أبو داود: وكذلك روايةُ عائِشَةَ وأبي عبدِ الرحمن الجُهنىّ وأبي بَصْرَةَ الغفاريّ (¬1). 150 - باب في السَّلامِ إذا قامَ مِن المجلس 5208 - حدَّثنا أحمدُ بن حنْبل ومُسَدَّدٌ، قالا: حدَّثنا بِشرٌ -يعنيان ابنَ المُفَضَّل- عن ابنِ عجلانَ، عن المقبُرِىّ- قال مُسَدَّدٌ: سعيد بن أبي سعيدٍ المقبري- عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا انتهى أحدُكم إلى المجلس فليُسَلِّم، فإذا أرادَ أن يقومَ فليُسَلِّم، فليست الأولى بأحقَّ مِن الآخِرَة" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث عائشة أخرجه البخاري (2935)، ومسلم (2165)، وابن ماجه (3698)، والترمذي (2898)، والنسائي في "الكبرى" (10141). وهو في "مسند أحمد" (24090)، و"صحيح ابن حبان" (6441). وحديث أبي عبد الرحمن الجُهني أخرجه ابن ماجه (3699). وهو في "مسند أحمد" (17295). وحديث أبي بصرة أخرجه النسائي في "الكبرى" (15148). وهو في المسند، (27235). (¬2) حديث صحيح. ابن عجلان -وهو محمَّد- وان كان ينحط عن رتبة الصحيح قد توبع، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الترمذي (2903) من طريق الليث بن سعد، عن ابن عجلان، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن. وتابعه يعقوبُ بن زيد الأنصاري فيما أخرجه البخاري في" الأدب المفرد" (986)، والنسائي في "الكبرى" (10128)، "وابن حبان" (493) عن سعيد المقبرى، به. =

151 - باب كراهية أن يقول: عليك السلام

151 - باب كراهية أن يقول: عليك السلام 5209 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبة، حدَّثنا أبو خالِدِ الأحمرُ، عن أبي غِفَارٍ، عن أبي تميمةَ الهُجيميّ عن أبي جُرَىٍّ الهُجَيْمِيِّ، قال: أتيتُ النبي-صلى الله عليه وسلم-، فقلت: عليكَ السلامُ يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، قال:" لا تَقُل: عليكَ السَّلامُ، فإنَّ عليك السلامُ تحيةُ الموتى" (¬1). 152 - باب ما جاء في رَدِّ الواحِد عن الجماعةِ 5210 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، حدَّثنا عبدُ الملك بنُ إبراهيمَ الجُدِّىُّ، حدَّثنا سعيدُ بنُ خالدِ الخُزَاعِيُّ، حدَّثني عبدُ اللهِ بنُ الفَضْل، حدَّثنا عُبيدُ الله بن أبي رافع عن عليٍّ بنِ أبي طالب -قال أبو داود: رفعه الحسنُ بنُ علي- قال: "يُجزِئ عن الجماعةِ، إذا مرُّوا، أن يُسَلِّمَ أحَدُهُم، ويُجزىّ عنِ الجلوسِ أن يرُدَّ أحدُهم" (¬2). ¬

_ = وهو في "مسند أحمد" (7142)، و"صحيح ابن حبان" (494 - 496). وانظر تمام تخريجه والكلام عليه في "المسند". وقوله: " فليست الأولى بأحق من الآخرة، قال السندي في "حاشيته على "المسند" أي: هما جميعاً سُنَّةٌ حقيقةٌ بالعمل بها، فلا وجه لترك الثاني مع إثبات الاوَّل. (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوى من أجل أبي غِفار -واسمه المثنى بن سعيد أو سعْد الطائي- ومن أجل أبي خالد إلاحمر -وهو سليمان بن حيان- فهما صدوقان لا بأس بهما. لكنهما قد توبعا. أبو خالد الأحمر: هو سليمان بن حيان. وقد سلف تخريجه ضمن حديث مطول برقم (4084). (¬2) إسناده ضعيف لضعف سعيد بن خالد الخُزَاعي، فقد ضعفه أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، وسُئِلَ الدارقطني عنه فذكره، ثم قال: والحديث غير ثابت، تفرد به سعيد بن خالد المدني، عن عبد الله بن الفضل. وسعيد بن خالد ليس بالقوي. =

153 - باب في المصافحة

153 - باب في المصافحة 5211 - حدَّثنا عمرُو بنُ عَونٍ، أخبرنا هُشَيْمٌ، عن أبي بَلْجٍ، عن زيدٍ أبي الحكم العَنَزِيَّ عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا التقَى المُسْلِمان، فتصافحا، وحَمِدا الله عزَّ وجلَّ واستَغْفَرَاه، غُفر لهما" (¬1). 5212 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا أبو خالدٍ وابنُ نُمير، عن الأجلحِ، عن أبي إسحاق عن البراء، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما مِن مُسلِمَينِ يلتقيانِ، فيتصافحان، إلا غُفِر لهُما قبلَ أن يَفْتَرِقا" (¬2). ¬

_ = وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 9/ 48 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الضياء في "المختارة" (620)، والمزي في ترجمة سعيد بن خالد الخزاعي المدني من " تهذيب الكمال" 15/ 411 من طريق الحسن بن علي، به. وأخرجه البزار في "مسنده" (534)، وأبو يعلى في "مسنده" (441)، وابن السنّى في "عمل اليوم والليلة" (224) من طريق يعقوب بن إسحاق الحضرمي، عن سعيد بن خالد، به. (¬1) صحيح لغيره دون قوله: "وحمدا الله عز وجل"، وهذا إسناد ضعيف لجهالة زيد أبي الحكم العَنَزي تفرد بالرواية عنه أبو بَلْج -وهو يحيى بن سُلَيم الفَزَارىُّ-، وقال الذهبي: لا يُعرف، وقد اختلف فيه على أبي بلج كما بسطناه في تعليقنا على الحديث في المسند" (18594). هُشَيم: هو ابن بشير. وانظر ما بعده. (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. الأجلَح -وهو ابن عبد الله الكِنْدي- ضعيف يعتبر به، وذكر الذهبي في "الميزان" أن هذا الحديث من أفراده. أبو خالد: هو سليمان بن حيان، وابن نمير: هو عبد الله الهمداني الخارفي، وأبو إسحاق: هو عمرو ابن عبد الله السبيعي. =

154 - باب في المعانقة

5213 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا حميد عن أنس بنِ مالك، قال: لما جاءَ أهلُ اليمن قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عم: "قد جاءكم أهلُ اليمنِ وهُمْ أولُ مَن جاءَ بالمُصَافَحَةِ" (¬1). 154 - باب في المُعَانقة 5214 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا أبو الحسين هُو خالدُ بنُ ذكرانَ، عن أيوبَ بنِ بُشَير بنِ كَعْب العَدَوِىّ عن رجلٍ من عَنَزة، أنه قال لأبي ذَرٍّ حيث سُيرَ من الشام: إني أُريد أن أسألك عن حديثٍ مِنْ حديثِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: إذاً أُخبِرَك به إلا أن يكونَ سِرّاً، قلت: إنه ليسَ بسرِّ، هل كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُصَافِحُكُم إذا لقيتُموه؟ قال: ما لقيتُهُ قطُّ إلا صافحني، وبعثَ ¬

_ = وهو عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 619، وعنه أخرجه ابن ماجه (3703). وأخرجه الترمذي (2928) من طريق عبد الله بن نمير، به. وقال: هذا حديث غريب. وهو في "مسند أحمد" (18547). وانظر تمام كلامنا عليه فيه. ويشهد له حديث أنس بن مالك عند أحمد في "مسنده" (12451). وذكرنا بقية الشواهد فيه. وانظر ما قبله. (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة البصري، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل. وأخرجه أحمد في "مسنده" (13212) و (13624)، وفي "فضائل الصحابة" (1657)، والبخاري في "الأدب المفرد" (967) من طرق عن حماد، بهذا الإسناد. وجاء في رواية عند أحمد (13624) أن القائل: "هم أول من جاء بالمصافحة" هو أنس رضي الله عنه.

155 - باب في القيام

إليَّ ذاتَ يومٍ، ولم أكُنْ في أهلي، فلما جئتُ أُخبرتُ أنه أرسَلَ إليَّ، فأتيتُه وهو على سريرِه فالتزمَنِي، فكانت تلك أجْوَدَ وأجْوَدَ (¬1). 155 - باب في القيام 5215 - حدَّثنا حفصُ بنُ عُمر، حدَّثنا شُعبةُ، عن سعْدِ بنِ إبراهيمَ، عن أبي أُمامة بن سهلِ بنِ حُنيف عن أبي سعيدِ الخدري: أنَّ أهلَ قُريظَةَ لما نزلُوا على حُكم سعْدٍ أرسلَ إليهِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فجَاءَ على حِمارِ أقْمَرَ، فقال النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا إلى سَيِّدِكم- أو: إلى خيرِكُم-" فجاء حتى قعَدَ إلى رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة العَنَزي. حماد: هو ابن سلمة البصري. وأخرجه أحمد في "مسنده" (21444) و (21476) من طريق حمّاد، و (21443) من طريق بشر بن المفضل، كلاهما عن أبي الحسين خالد بن ذكوان، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي (473) عن حماد بن سلمة، عن أبي الحسين، عن أيوب بن بُشير أو رجل آخر، عن قاضي أهل مصر، أو قاصّ -شكَّ أيوب بن بُشير- أنه قال لأبى ذر ... فذكره. وثبتت مشروعية المصافحة في غير هذا الحديث، كحديث أنس السالف قبله. (¬2) إسناده صحيح. حَفْص بن عُمر: هو ابن الحارث الحوضي. وأخرجه البخاري (3043) و (6262)، والنسائي في "الكبرى" (5905) من طريق شعبة بن الحجاج، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (11168)، و"صحيح ابن حبان" (7026). وانظر ما بعده. وقوله: على حمار أقمر: هو الشديد البياض، والأنثى قمراء. قال الخطابي: فيه من العلم أن قول الرجل لصاحبه: يا سيدي غير محظور إذا كان صاحبه خيراً فاضلاً، وإنما جاءت الكراهة في تسويد الرجل الفاجر. =

5216 - حدَّثنا محمدُ بنُ بشار، حدَّثنا محمدُ بنُ جعفر، عن شُعبة، بهذا الحديثِ، قال؟ فلما كانَ قريباً مِنَ المَسجْدِ قال للأنصارِ: "قومُوا إلى سَيِّدِكُم" (¬1). 5217 - حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ وابنُ بشَارٍ، قالا: حدَّثنا عثمانُ بنُ عُمَرَ، أخبرنا إسرائيلُ، عن ميسرةَ بنِ حبيبٍ، عن المنهال بنِ عمرو، عن عائشةَ بنتِ طلحةَ ¬

_ = وفيه أن قيام المرؤوس للرئيس الفاضل، وللوالي العادل، وقيام المتعلم للعالم، مستحب غير مكروه، وإنما جاءت الكراهة فيمن كان بخلاف أهل هذه الصفات، ومعنى ما روي من قوله: "من أحب أن يستجم له الرجال صفوفاً" هو أن يأمرهم بذلك، ويلزمهم إياه، على مذهب الكبْر والنخوة. ومعنى "يستجم" أي: يجتمعون له في التي م عنده، ويحبسون أنفسهم عليه. وقوله: "من أحب أن يستجم" حديث صحيح سيأتي عند المصنف برقم (5229). وقال الإِمام النووي في "الأذكار": وأما إكرام الداخل بالقيام فالذي نختاره أنه مستحب لمن كان فيه فضيلة ظاهرة من علم أو صلاح أو شرف أو ولاية ونحو ذلك، ويكون هذا القيم للبر والاكرام والاحترام، لا للرياء والأعظام، وعلى هذا استمر عمل السلف والخلف. وفي الحديث دليل على أن من حكَّم رجلاً في حكومة بينه وبين غيره، فرضيا بحكمه: كان ما حكم به ماضياً عليهما إذا وافق الحق. (¬1) إسناده صحيح. محمَّد بن جعفر: هو الهُذَلي المعروف بغُندَر. وأخرجه البخاري (4121)، ومسلم (1768) عن محمَّد بن بشار، بهذا الاسناد. وأخرجه مسلم (1768)، والنسائي في "الكبرى" (8165) من طرق عن محمَّد ابن جعفر، به. وأخرجه البخاري (3804)، ومسلم بإثر (1768) (64) من طريقين عن شعبة، به. وانظر ما قبله.

156 - باب في قبلة الرجل ولده

عن أُمِّ المؤمنين عائشةَ، أنها قالت: ما رأيتُ أحَداً كان اْشْبَهَ سَمْتاً وهَدْياً ودَلأً -وقال الحسن: حديثاً وكلاماً، ولم يذكر الحسنُ السمتَ والهدْيَ والدَّلَّ- برسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- مِن فاطمةَ، كانت إذا دَخَلَتْ عليه قام إليها، فأخذ بيدها، وقبَّلَهَا، وأجلسَها في مجلسه، وكان إذا دَخَلَ عليها قامَتْ إليه فاخذتْ بيدِه فقبَّلَتْه، وأجلسَتْه في مَجْلِسها (¬1). 156 - باب في قُبْلَةِ الرجل وَلَدَهُ 5218 - حدَّثنا مُسَدَّد، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهْرىِّ، عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن الأقرعَ بنَ حابِس أبْصَرَ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو يقبل حَسناً (¬2)، فقال: إن لي عَشَرَةً مِنَ الوَلَدِ، ما فعلْتُ هذا بواحدٍ منهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح.: الحسن بن علىّ: هو ابن محمَّد الهُذَلىُّ الخَلاّل الحُلْوانيُّ، وابن بشار: هو محمَّد العَبدي، وعثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، وإسرائيل: هو ابن يونس السَّبيعي. وأخرجه الترمذي (4210)، والنسائي في "الكبرى" (8311) عن محمَّد بن بشار، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (9193) من طريق عثمان بن عمر، و (9192) من طريق النضر بن شُميل، كلاهما عن إسرائيل، به. وهو في "صحيح ابن حبان" (6953). (¬2) جاء في (ب) و (ج) و (هـ): يقبل حُسيناً، والمثبت من (أ)، وهو الموافق لرواية "الصحيحين". (¬3) إسناده صحيح. مُسَدَّد: هو ابن مُسَرْهَد الأسدي، وسفيان: هو ابن عُيَيْنة الهلالي، والزهري: هو محمَّد بن مسلم بن عبيد الله، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن ابن عوف الزهري. =

5219 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، أخبرنا هشامُ بن عُروة، عن أبيه أن عائشة قالت: ثم قال:- تعني النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - "أبشِرِي يا عائشَة، فإن الله قد أنْزَلَ عُذرَكِ" وقرأ عليها القُرآن، فقال أبوايَ: قُومي، فقبِّلي رأسَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقلتُ: أحمَدُ الله، لا إيَّاكُما (¬1). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2318)، والترمذي (2023) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (5997)، ومسلم (2318) من طريقبن عن الزهري، به. وهو في "مسند أحمد" (7121) و (7289)، و"صحيح ابن حبان" (457). وقال السندي في "حاشيته على المسند": المعنى: أن تقبيلَ الصغير من باب الرحمة على من يستحِقُّها، فلا ينبغى تركه، فإن الذى لا يرحم المستحقَّ للرحمة، لا يرحمه الله تعالى. وقال الحافظ في "الفتح" 10/ 430: وفي جواب النبي-صلى الله عليه وسلم-للأقرع إشارة إلى أن تقبيل الولد وغيره من الأهل المحارم وغيرهم من الأجانب إنما يكون للشفقة والرحمة، لا للذة والشهوة، وكذا الضم والشَّم والمعانقة. (¬1) إسناده صحيح. حمّاد: هو ابن سَلَمة البَصري. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 101 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه مطولاً أبو يعلى في "مسنده" (4931)، والطبراني في "الكبير" 23/ (149) من طريقين عن حماد، به. وأخرجه الطبراني في "الكبير" 23/ (151) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، عن أبيه، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة. وأخرجه مطولاً دون ذكر التقبيل البخاري (2661)، ومسلم (2770)، والترمذي (3454)، والنسائي في "الكبرى" (11360) من طرق عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24317). وقال صاحب "بذل المجهود" 20/ 158: وهذا الحديث لا يُناسب الباب، لأن في الباب قبلة الرجل ولده، وليس في الحديث لذلك ذكر، بل فيه قبلة المرأة زوجها، =

157 - باب في قبلة ما بين العينين

157 - باب في قُبلةِ ما بينَ العينين 5220 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا علي بن مُسْهِرٍ، عن أجْلَحَ عن الشعبىّ: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - تلقى جعفرَ بن أبي طالبٍ، فالتزمَهُ وقبَّلَ ما بين عَينَيهِ (¬1). ¬

_ = وقبلة المرأة زوجها لا تكون للشفقة والمرحمة، وأما قبلة الرجل ولده فيكون شفقة ومرحمة، فهو نوع آخر وهذا نوع غيره، ولو وقع في القصة أن أبا بكر رضي الله عنه قبل عائشة لكان للحديث مناسبة بالباب، فالحديث الثاني من الباب الثاني لو ذكر في هذا الباب لكانت المناصبة ظاهرة، والله أعلم. (¬1) رجاله ثقات رجال الشيخين غير الأجْلَح -وهو ابن عبد الله الكِندي- مختلف فيه، روى له البخاري في "الأدب المفرد" وأصحاب السنن, وقال أبو حاتم: يُكتب حديثه ولا يحتج به، ثم هو مرسل. الشَّعْبي: هو عامر بن شَرَاحيل. وهو عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 8/ 621، ومن طريقه أخرجه المصنَّف في "مراسيله" (491). وأخرجه ابن سعد في "طبقاته " 4/ 34 و 35 عن عبد الله بن نمير، وابن سعد 4/ 35 والبيهقي في "الكبرى" 7/ 101 من طريق سفيان، كلاهما عن الأجلح، به. وذكره البيهقى 7/ 101 مسنداً من حديث عبد الله بن جعفر. وقال: والمحفوظ هو الأول مرسلاً. وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الإخوان" (123)، وأبو يعلى في "معجمه" (21)، وغيرهما، من حديث عائشة، لكن في سنده محمَّد بن عبد الله بن عُبيد بن عمير، وهو ضعيف. وفي الباب عن رجل من عنزة، سلف عند المصنف برقم (5214)، قال: قلت لأبي ذر: هل كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصافحكم إذا لقيتموه؟ قال: ما لقيته قط إلا صافحني، وبعث إلى ذات يوم، فلم أكلن في أهلي، فلما جئت، أُخبرت أنه أرسل إلى، فأتيته وهو على سريره، فالتزمني، فكانت تلك أجود وأجود. ورجاله ثقات إلا هذا الرجل المبهم. =

158 - باب في قبلة الخد

158 - باب في قُبْلةِ الخَدِّ 5221 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا المُعتمِرُ بن سليمانَ، عن إياس ابنِ دَغْفَلٍ، قال: رأيتُ أبا نَضرَةَ قبَّلَ خَدَّ الحسنِ (¬1). 5222 - حدَّثنا عبدُ الله بن سالم الكوفيُّ، حدَّثنا إبراهيمُ بن يُوسفَ، عن أبيه، عن أبي إسحاق ¬

_ = وآخر من حديث أنس عند الطبراني في "الأوسط" (97) قال: كانوا إذا تلاقوا تصافحوا، واذا قدموا من سفر تعانقوا. قال المنذري 2/ 270، ثم الهيثمي 8/ 36: رجاله رجال الصحيح. وثالث من حديث جابر بن عبد الله عند أحمد في "مسنده" (16042)، والبخاري في "الأدب المفرد" (970) قال: بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاشتريت بعيراً، ثم شددت إليه رحلي، فسرتُ إليه شهراً حتى قدمت عليه الشام، فإذا عبد الله بن أنيس، فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب، قال: ابن عبد الله؟ قلت: نعم، فخرج يطأ ثوبه، فاعتنقني واعتنقته. وحسن إسناده الحافظ في "الفتح" 1/ 174. وروى ابن أبي شيبة 8/ 619 - . 62 من طريق وكيع، عن شعبة، عن غالب قال: قلت للشعبي: إن ابن سيرين كان يكرهُ المصافحة، قال: فقال الشعبي: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتصافحون، وإذا قدم أحدهم من سفرعانق صاحبه. (¬1) رجاله ثقات لكنه مرسل. أبو نَضْرَة: هو المنذر بن مالك بن قِطعَة العَبْدي العَوَقي، والحسن: في الأصول الخطية المعتمدة جاء هكذا غير منسوب، وهو ابن أبي الحسن البصري وكان معاصراً لأبي نضرة، وأبو نضرة مات قبله وأوصى أن يصلي عليه الحسن، وقد صرح بأن الحسن هنا هو البصري البيهقي في "الكبرى" 7/ 101، والمنذري في "مختصره" 87/ 8، وما وقع في المطبوع من أنه الحسن بن علي فهو خطأ من النساخ. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 101 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وهو عند ابن أبى شيبة في "مصنفه" 8/ 622.

159 - باب قبلة اليد

عن البراء، قال: دخلتُ مع أبي بكرٍ أولَ ما قَدِمَ المدينةَ، فإذا عائشةُ ابنتُه مُضطجعةٌ قد أصابَتْهَا حُمَّى، فاتاهَا أبو بكر، فقال: كيفَ أنتِ يا بُنيَّة؟ وقبَّل خَدها (¬1). 159 - باب قبلة اليَدِ 5223 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونسَ، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا يزيدُ بنُ أبي زيادِ، أن عبدَ الرحمن بنَ أبي ليلى حدَّثه أن عبدَ الله بنَ عمر حدَّثه، وذكر قصةً، قال: فدنونا -يعني مِنَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -- فقبَّلْنا يَدَه (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده حسن. إبراهيم بن يوسف -وهو ابن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي- قال أبو حاتم: حسن الحديث يكتب حديثه، وقال ابن عدي: ليس هو بمنكر الحديث، ووثقه الدارقطني في رواية ابن بكير، وقال ابن المديني: ليس هو كأقوى ما يكون، وضغَفه يحيى بن معين وأبو داود وغيرهما، وقال النسائي: ليس بالقوي، قال الحافظ في "المقدمة": وقد احتج به البخاري ومسلم في أحاديث يسيرة، وروى له الباقون، وجاء في "تحرير تقريب التهذيب": أن عامة ما انتقاه البخاري من حديثه إنما هو في المغازي ما عدا حديثاً واحداً في العُمرة، وله شاهد عنده من حديث أنس (1778). وأخرجه البخاري (3918) من طريق شُرَيح بن مَسْلَمة، عن إبراهيم بن يوسف، بهذا الإسناد. قال الإِمام الذهبي في "الموقظة": إن الإِمام البخاري يترخَّص في الرواية عمّن في حديثه ضعفٌ في غير الأحكام، كالمغازي والشمائل والتفسير والرقاق. أبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. (¬2) إسناده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد -وهو مولى الهاشميين-. زُهَير: هو ابن معاوية بن حُدَيج الجُعفي. وأخرجه ابن ماجه (3704) من طريق محمَّد بن فُضيل، عن يزيد بن أبي زياد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (5384). =

160 - باب قبلة الجسد

160 - باب قُبْلة الجسد 5224 - حدَّثنا عَمرو بنُ عَونِ، أخبرنا خالدٌ، عن حُصينٍ، عن عبد الرحمن ابنِ أبي ليلى عن أُسَيدِ بنِ حُضَيرِ -رجلِ من الأنصار- قال: بينما هو يُحَدِّثُ القومَ -وكان فيه مُزَاحٌ- بَينا يُضْحِكُهُم فَطَعَنَه النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في خاصِرَتِه بعُودِ، فقال: أصْبِرْني، قال: "اصْطَبِرْ"، قال: إنَّ عليك قميصاً وليس َعَلَيَّ قميصٌ، فرفع النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -عَنْ قميصِه، فاحتضَنَه وجَعَلَ يُقبَّلُ كْشحَهُ، قال: إنما أردتُ هذا يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- (¬1). ¬

_ =وقد سلف مطولاً برقم (2647). قال الحافظ في "الفتح": وقد جمع الحافظ أبو بكر بن المقرئ جزءاً في تقبيل اليد سمعناه أورد فيه أحاديث كثيرة وآثاراً فمن جيدها حديث الزارع العبدي (وذكر حديث المصنف الآتي بعده). ومن حديث مَزِيدَةَ العَصَري مثله. ومن حديث أسامة بن شريك قال: قمنا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقبلنا يده. وسنده قوي. ومن حديث جابر أن عمر قام إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-فقبل يده. وأخرج البخاري فى "الأدب المفرد" (973) من رواية عبد الرحمن بن رَزين قال: أخرج لنا سلمة بن الأكوع كفاً له ضخمة كأنه كف بعير فقمنا إليها فقبلناها. وأخرج أيضاً (948) عن ثابت أنه قبل يد أنس. وقد طبع جزء ابن المقرئ هذا في تقبيل اليد، في دار العاصمة بالرياض، فانظر هذه الأحاديث فيه. قال النووي: تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه أو علمه أو شرفه أو صيانته أو نحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره بل يستحب، فإن كان لغناه أو شوكته أو جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهة. (¬1) رجاله ثقات، إلا أن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يدرك أسَيد بن حُضَير. خالد: هو ابن عبد الله بن عبد الرحمن الطحَّان، وحُصَين: هو ابن عبد الرحمن السُلَميُّ. =

161 - باب في قبلة الرجل

161 - باب في قُبْلَةِ الرِّجْلِ 5225 - حدَّثنا محمدُ بنُ عيسى، حدَّثنا مَطَرُ بنُ عبدِ الرحمن الأعنقِ، حدَّثتني أُمُ أبان بنتُ الوازع بن زَارعٍ عن جِدِّها زَارع -وكان في وَفْد عبدِ القَيس- قال: لما قدِمنا المدينةَ، فجعلنا نتبادَرُ مِن رَواحلنا، فنُقبِّلُ يَدَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ورِجْلَه، وانتظرَ المنذِرُ الأشجُّ حتى أتى عَيْبَتَهُ، فَلَبِسَ ثوبَيْهِ، ثم أتى النبيَّ- صلى الله عليه وسلم --صلى الله عليه وسلم-، فقال له: "إن فيكَ خَلَّتَينِ يُحِبُّهُما اللهُ: الحِلْمُ والأنَاةُ"، قال: يا رسولَ الله، أنا أتَخَلَّقُ بهما أمِ اللهُ جبلَنِي عليهما؟ قال: "بل اللهُ ¬

_ = وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 102 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "المعجم "الكبير" (556) - ومن طريقه الضياء في "المختارة" (1471) - من طريق عمرو بن عون، به. وأخرجه أيضاً الطبراني (557) من طريق أبي جعفر الرازي، عن حصين، به. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 3/ 288 - وعنه البيهقي في "الكبرى" 8/ 49 - من طريقين عن جرير -وهو ابن عبد الحميد الضبي-، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقوله: "أصْبِرْني" معناه: مَكِّنِّي من نفسك لأستوفي حقي للقصاص منك. والكشح، بفتح الكاف وسكون الشين: هو ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلفي. قال الخطابي: وفيه حجة لمن رأى القصاص في الضربة بالسوط، واللطمة بالكف ونحو ذلك مما لا يوقف له على حد معلوم يُنتهى إليه، وقد روي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالب كرم الله وجوههم ورضي عنهم، وممن ذهب إليه شريح والثعبي رحمهما الله، وبه قال ابن شبرمة. وقال الحسن وقتادة رحمهما الله: لا قصاص في اللطمة ونحوها، وإليه ذهب أصحاب الرأى، وهو قول مالك والشافعي رحمهما الله.

جَبَلَكَ عليهما"، قال: الحمد لله الذي جَبَلَني على خَلَّتَيْنِ يحبُّهما اللهُ ورسولُه (¬1). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وقصة الأشج صحيحة. أم أبان بنت الوازع تفرد عنها مطر بن عبد الرحمن الأعنق، ولم يوثقها أحد. محمَّد بن عيسى: هو ابن الطبّاع. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 7/ 102، وفيا "دلائل النبوة" 5/ 327 - 328 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراش في "المعجم الكبير"، (5313) من طريق محمَّد بن عيسى، به. وأخرجه مطولاً ومختصراً البخارى في "الأدب المفرد" (975)، وفي" التاريخ "الكبير"، 3/ 447، والبزار (2746 - زوائد)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (8966) من طرق عن مطر بن عبد الرحمن الأعتق، به. وتقبيل اليد والرجل جاء فيه حديث عن صفوان بن عسال عند الترمذي (2931)، والنسائي في "الكبرى" (3527)، وابن ماجه (3705)، وهو حسن في الشواهد، وعن علي عند البخاري في "الأدب المفرد" (976) عن صهيب، قال: رأيت علياً رضي الله عنه يقبل يد العباس ورجليه. ورجاله ثقات. ومن حديث بردة عند الحاكم في "المستدرك" 4/ 172 - 173 في قصة الأعرابي والشجرة، فقال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إئذن لي أن أقبل رأسك ورجليك فأذن له. وفي سنده صالح بن حيان وهو ضعيف. وأما قصة الأشج فقد رواها النسانيُّ في "الكبرى" (7699) و (8248) من حديث أشجّ بني عَصَرٍ. وهي في "مسند أحمد" (17828)، و"صحيح ابن حبان" (7203). وإسناده صحيح. ورواها مسلم (18) (26) من حديث أبي سعيد الخدري. وهي في "مسند أحمد" (11175). وانظر تمام تخريجها فيه. ورواها مسلم (17) (25) من حديث عبد الله بن عباس. وهي في "صحيح ابن حبان" (7204) وانظر تمام تخريجها فيه. وانظر حديث ابن عمر السالف برقم (5223). والعيبة بفتح العين: مستودَعُ الثياب. =

162 - باب الرجل يقول: جعلني الله فداك

162 - باب الرجل يقول: جعلني الله فِداكَ 5226 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ. وحدَّثنا مُسلمٌ، حدَّثنا هشامٌ، جميعاً عن حمادٍ -يعنيان ابنَ أبي سُليمانَ-، عن زيدِ بنِ وهب عن أبي ذرِّ، قال: قال النبي-صلى الله عليه وسلم-:"يا أبا ذَرٍّ" فقلت: لبَّيْك وسَعْدَيكَ، يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، وأنا فِداؤكَ (¬1). 163 - باب الرجل يقولُ للرجل: أنعَم اللهُ بك عَيناً 5227 - حدَّثنا سلمةُ بنُ شَبيبٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن قتادةَ أو غيرِه أن عِمرانَ بنَ حُصين، قال: كنا نقولُ في الجاهليةِ: أنعَمَ الله بك عَيناً، وأنعِمْ صَبَاحاً، فلما كان الإِسلامُ نُهِينا عن ذلك. ¬

_ = والأناة: التثبت وترك العجلة، قال القاضي: الأناة: تربُّصه حتى نظر في مصالحه ولم يعجل. والحِلْم: هذا القول الدالُّ على صحة عقله، وجودة نظره للعواقب. (¬1) إسناده صحيح، حماد بن أبي سليمان احتج به مسلم، وقال الذهبي: ثقة إمام مجتهد. حماد: هو ابن سلمة، ومسلم: هو ابن إبراهيم الفراهيدي، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي. وأخرجه مطولاً البخاري (6268)، ومسلم بإثر (991) من طريق الأعمش، عن زيد بن وهب، به. دون قوله: وأنا فداك. وأخرجه أيضاً البخاري (6443)، ومسلم بإثر (991) من طريق عبد العزيز بن رفيع، عن زيد بن وهب، به. وأخرجه مسلم (990)، والترمذي (621)، والنسائي في "الكبرى" (2232) من طريق المعرور بن سويد، عن أبي ذرّ. ولفظه: فداك أبي وأمي. وهو في "مسند أحمد" (22288)، و"صحيح ابن حبان" (170) و (195).

164 - باب الرجل يقول للرجل: حفظك الله

قال عبدُ الرزاق: قال معمرٌ: يكره أن يقولَ الرجل: أنْعَمَ اللهُ بكَ عيناً، ولا بأسَ أن يقولَ: أنْعَمَ اللهُ عَينَكَ (¬1). 164 - باب الرجل يقول للرجل: حفظك الله 5228 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن ثابتِ البنانيِّ، عن عبدِ الله بنِ رَباح الأنصاريّ حدَّثنا أبو قتادة: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان في سَفَرٍ له فَعَطِشُوا، فانطلق سَرْعَانُ الناس، فلزمتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - تلكَ الليلةَ، فقال: "حَفِظَكَ اللهُ بما حَفِظتَ به نبيَّه" (¬2). 165 - باب الرجُل يقوم للرجُل يُعظِّمه بذلك 5229 - حدَّثنا موس بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادٌ، عن حبيبِ بنِ الشهيدِ، عن أبي مِجْلَز، قال: ¬

_ (¬1) رجاله ثقات إلا أنه منقطع. قتاده -وهو ابن دعامة السدوسي- لم يسمع مِن عِمران بن حصين. عبد الرزاق: هو الصنعاني، وسر: هو ابن راشد. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (19437)، ومن طريقه أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان" (8502). (¬2) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة، وثابت: هو ابن أسلم. وأخرجه مطولاً مسلم (681) من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، بهذا الاسناد. وهو في "مسند أحمد" (22546) و (22575). والسرعان: قال في "النهاية": هو بفتح السين والراء: أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء، ويقبلون عليه بسرعة، ويجوز تسكين الراء. وفي الحديث أنه يستحب لمن صنع إليه معروف أن يدعو لفاعله.

خَرَجَ معاويةُ على ابنِ الزبيرِ وابنِ عامر، فقام ابنُ عامر، وجلس ابنُ الزبير، فقال معاويةُ لابن عامر: اجلس، فإني سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقول: "مَنْ أحَب أن يَمْثُلَ له الرِّجَالُ قِياماً، فَلْيَتَبوَّأ مقعدَه مِن النَّارِ" (¬1). 5230 - حدَّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ نُميبر، عن مِسْعَرٍ، عن أبي العَنْبسِ، عن أبي العَدَبَّسِ، عن أبو مَرْزوقٍ، عن أبي غالبٍ عن أبي أُمامةَ، قال: خَرَجَ علينا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- متوكئاً على عَصاً، فَقُمْنَا إليه، فقال: "لا تَقُومُوا كما تَقُومُ الأعَاجمُ، يُعَظمُ بعضُها بعضاً" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. حماد: هو ابن سلمة البصري، وأبو مِجْلَز: هو لاحق بن حميد السدوسي. وأخرجه الترمذي (2958) و (2959) من طريقين عن حبيب بن الشهيد، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن. وهو في "مسند أحمد" (16830). وانظر تمام كلامنا عليه فيه. وقوله يمثل معناه: يقوم وينتصب بين يديه، ولفظ الترمذي: يتمثل. قال الزمخشري: أمر بمعنى الخبر، كأنه قال: من أحب ذلك، وجب له أن ينزل منزلته من النار وحُق له ذلك. قال المناوي: وذلك لأن ذلك إنما ينشأ عن تعظيم المرء بنفسه، واعتقاد الكمال، وذلك عجب وتكبر، وجهل وغرور، ولا يناقضه خبر "قوموا إلى سيدكم" لأن سعداً لم يحب ذلك، والوعيد إنما هو لمن أحبه. وقال النووي: ومعنى الحديث زجر المكلف أن يحب قيام الناس له، ولا تعرض فيه للقيام بنص ولا بغيره، والمنهي عنه محبة القيام له فلو لم يخطر بباله، فقاموا له أو لم يقوموا فلا لوم عليه، وإن أحبه أثم, قاموا أو لا، فلا يصح الاحتجاج به لترك القيام، ولا يناقضه ندب القيام لأهل الكمال ونحوهم. وانظر لزاماً "شرح مشكل الآثار" 3/ 150 - 157. (¬2) إسناده ضعيف. أبو مرزوق، قال ابن حبان في "المجروحين": لا يجوز الاحتجاج به لانفراده عن الأثبات بما خالف حديث الثقات، وأبو غالب -وهو الحَزَوَّر البصري- ضعيف. =

166 - باب الرجل يقول: فلان يقرئك السلام

166 - باب الرجل يقول: فلانٌ يُقرئك السلامَ 5231 - حدَّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا إسماعيلُ، عن غالبِ، قال: إنا لَجُلُوسٌ ببابِ الحَسَنِ، إذ جَاء رَجُلٌ، نقال: حدَّثني أبي، عن جَدِّي، قال: بعثني أبي إلى رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-صلى الله عليه وسلم عمرو، فقال: ائْتِه، فأقْرِئهُ السلامَ، قال: فأتيتُهُ، فقلت: إن أبيْ يُقْرِئُكَ السَّلام، فقال: "عَلَيْكَ وعلى أبيكَ السَّلامُ" (¬1). 5232 - حدَّثنا أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، حدَّثنا عبدُ الرحيم بن سليمانَ، عن زكريا، عن الشعبيِّ، عن أبي سَلَمَة ¬

_ = وقد اختلف في إسناده عن مِسْعَر -وهو ابن كِدَام الهلالي- فتارة روي عنه عن أبي مرزوق عن أبي العدبَّس عن أبي أمامة كما في رواية ابن ماجه، وتارة روي عنه عن أبي العَنبس، عن أبي العدبَّس، عن أبي مرزوق، عن أبي غالب، عن أبي أمامة كما في رواية المصنف، وتارة روي عنه عن أبي العدبَّس عن رجل يظنة أبا خلف، عن أبي مرزوق، عن أبي أمامة، وتارة عنه عن أبي العدبَّس، عن أبى مرزوق، عن رجلٍ، عن أبي أمامة. وانظر بسط ذلك في "مسند أحمد" (22181). وأخرجه ابن ماجه (3836) عن علي بن محمَّد، حدَّثنا وكيع، عن مِسْعَر، عن أبي مرزوق، عن أبى العدبَّس، عن أبي أمامة الباهلي. (¬1) إسناده ضعيف لجهالة الرجل وأبيه، وقد قال المنذري في "مختصر السنن" 8/ 94 - 95: وهذا الإسناد فيه مجاهيل. إسماعيل: هو ابن إبراهيم، المعروف بابن عُلية، وغالب: هو ابن خطَّاف القطان. وهو عند ابن أبي شبة في" مصنفه " 8/ 612 - 613. وأخرجه ابن أبي شيبة 9/ 122، وأحمد في "مسنده" (23104)، والنسائي في "الكبرى" (10133) - ومن طريقه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (238) - من طريق شعبة، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 258/ 7 من طريق مسْعَر، كلاهما عن غالب، به. وقد سلف مطولاً برقم (2934).

167 - باب الرجل ينادي الرجل فيقول: لبيك وسعديك

أن عائشَةَ حدَّثته، أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - قال لها: "إن جِبريلَ يَقْرأُ عليكِ السلامَ"، فقالت: وعليه السَّلامُ ورحمةُ اللهِ (¬1). 167 - باب الرجلُ ينادي الرجُلَ فيقول: لبَّيك وسَعْدَيكَ 5233 - حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا حمادة أخبرنا يعلي بن عطاءٍ، عن أبي همَّام عبد الله بن يَسَارِ أن أبا عبد الرحمن الفِهْرىَّ قال: شَهِدْتُ مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حُنَيناً، فسِرْنا في يومٍ قائظٍ شديدِ الحرّ، فنزلنا تحتَ ظل الشجَر، فلما زَالتِ الشمسُ لبستُ لأْمَتي ورَكبتُ فَرسي، فأتيتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - وهو في فُسطاطِهِ، فقلت: السلامُ عليكَ يا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - ورحمةُ الله وبركاتُه، قد حان الرَّواحُ، قال: "أجَلْ"، ثم قال: "يا بلالُ" فثار من تحت سَمُرةٍ كأنَ ظلِّه ظِلُّ طائرٍ، فقال: لبَّيك وسَعْدَيكَ، وأنا فِداؤُك، فقال: ¬

_ (¬1) إسناد. صحيح. زكريا: هو ابن أي زائدة، والشعبي: هو عامر بن شَرَاحيل، وأبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري. وهو عند ابن أبي شيبة في "مصنفه" 13/ 68، و 12/ 132 - 133، وعنه أخرجه مسلم (2447) (90)، وابن ماجه (3696). وأخرجه البخاري (6253)، ومسلم (2447) (90) وبإثره، والترمذي (2888) و (4220) من طرق، عن زكريا، به. وأخرجه البخاري (3217) و (3768) و (6201) و (6249)، ومسلم (2447) (91)، والترمذى (4219)، والنسائي في "الكبرى" (8850) و (8851) و (10136) و (10137) من طريق ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8324) و (8849) من طريق صالح بن ربيعةَ بن هُدَير، و (8850) و (10135) من طريق عروة، كلاهما عن عائشة. وهو في "مسند أحمد" (24281)، و"صحيح ابن حبان" (7098).

"أسْرِجْ لي الفَرَسَ"، فأخرج سَرْجاً، دفَّتاه من ليفٍ: ليس فيهما أشَرٌ ولا بَطرٌ، فركِبَ ورَكِبْنا، وساق الحديث (¬1). قال أبو داود: أبو عبد الرحمن الفهرىُّ ليس له إلا هذا الحديث، وهو حديث نبيلٌ جاء به حمادُ بنُ سلمة (¬2). ¬

_ (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي همام عبدُ الله بن يَسار. حمّاد: هو ابن سلمة البصري. وأخرجه ابن أبى عاصم في "الآحاد والمثاني" (863)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 6/ 200 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي في "مسند" (1371)، والدارمي في "سننه" (2452)، وابن سعد في "طبقاته" 2/ 156، وابن أبى شيبة في "مصنفه" 14/ 529 - 530، وأحمد في "مسنده" (22467) و (22468)، والطبري في "تفسيره" 10/ 102، والطبراني في "المعجم الكبير" 22/ (741)، والمزي في ترجمة عبد الله بن يسار من "تهذيب الكمال" 16/ 328 - 329 من طرق عن حمّاد، به. وتمامه: فصاففناهم عشيتنا وليلتنا فتشامَّتِ الخَيلان، فولَّى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله" ثم قال: "يا معشر المهاجرين أنا عبد الله ورسوله" قال: ثم اقتحم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن فرسه فأخذ كفاً من تراب، فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني: ضرب به وجوههم، وقال: "شاهت الوجوه" فهزمهم الله عز وجل. لفظ "المسند". وأورده الهيثمي في" مجمع الزوائد" 6/ 181 - 182، وْقال: رواه البزار والطبراني، ورجالهما ثقات! وفي الباب ما يقويه عن العباس بن عبد المطلب عند مسلم (1775). وهو في "مسند أحمد" (1775). لكن ليس فيه قول بلال: لبيك وسعديك، وأنا فداؤك. وآخر عن سلمة بن الاكوع عند مسلم أيضاً برقم (1777). وليس فيه قول بلال أيضاً. ويشهد لقول بلال حديث أبى ذرَّ السالف برقم (5226). (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ).

168 - باب في الرجل يقول للرجل: أضحك الله سنك

168 - باب في الرجل يقول للرجل: أضْحَكَ الله سنَّك 5234 - حدَّثنا عيسى بن إبراهيم البِرَكيّ، وسمعتُه من أبي الوليد الطَّيالسيُّ - وأنا لحديثِ عيسى أضبَطُ-، قال: حدَّثنا عبدُ القاهر بن السَّريّ -يعني السُّلميَّ-، حدَّثنا ابن لكِنانَةَ بن عبَّاس بن مِرْداس، عن أبيه عن جده، قال: ضحكَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال له أبو بكر، أو عمر: أضْحَكَ الله سنَّك. وساق الحديث (¬1). 169 - باب في البناء 5235 - حدَّثنا مُسدِّدٌ بن مُسَرهَدٍ، حدَّثنا حفصٌ، عن الأعمش، عن أبي السَّفَر عن عبدِ الله بن عمرو، قال: مرَّ بي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا أَطِينُ حائطاً لي أنا وأُمِّي، فقال: "ما هذا يا عبدَ الله؟ " فقلتُ: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، شيٌ أُصْلِحُه، فقال: "الأمرُ أشرَعُ من ذلك" (¬2). 5236 - حدَّثنا عثمانُ بنُ أبي شيبةَ وهنادٌ -المعنى- قالا: حدَّثنا أبو معاويةَ، عن الأعمش، بإسناده بهذا، قال: ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لضعف عبد القاهر بن إلسَّري السُّلَمي، وجهالة ابن كنانة -واسمه عبد الله- وأبيه. وأخرجه مطولاً ابن ماجه (3013) عن أيوب بن محمَّد الهاشمي، عن عبد القاهر ابن السرى، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (16207) من زيادات عبد الله بن أحمد على أبيه من طريق عبد القاهر بن السرى، به. وانظر تمام تخريجه وبسط الكلام على علله هناك. (¬2) إسناده صحيح. حَفْص: هو ابن غِياث بن طَلق النَّخعيُّ، والأعمش: هو سُلَيمان بن مِهران الأسدي، وأبو السَّفَر: هو سعيد بن يُحْمِد الهَمداني الثوريّ. وانظر ما بعده.

مرَّ عليَّ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، ونحن نُعالجُ خُصّاً لنا وَهَى، فقال: "ما هذا؟ " فقلنا: خُصٌّ لنا وَهَى، فنحن نصلِحُهُ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما أرى الأمْرَ إلا أعْجَلَ من ذلك" (¬1). 5237 - حدَّثنا أحمدُ بنُ يونس، حدَّثنا زهيرٌ، حدَّثنا عثمانُ بنُ حَكِيم، أخبرني إبراهيمُ بنُ محمَّد بنِ حَاطبٍ القُرشيُّ، عن أبي طلحة الأسدي عن أنس بنِ مالكِ: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ فرأى قُبَّةً مُشْرِفَةً، فقال: "ما هذه؟ " فقالَ له أصحابُه: هذه لفلانٍ رجلٍ من الأنصارِ، قال: فَسَكَتَ وحَمَلَها في نفسِه، حتى إذا جاء صاحبُها رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - في النَّاسِ، أعْرَضَ عنهُ، صنع ذلك مراراً، حتى عَرَفَ الرجلُ الغَضَبَ فيه، والاعراضَ عنه، فشكا ذلك إلى أصحابِه، فقال: واللهِ إني لأُنْكِر رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، قالوا: خرج فرأى قُبَّتَكَ، قال: فَرَجَعَ الرجلُ إلى قُبَّته فهدَمَها، حتى سوَّاهَا بالأرضٍ، فخرج رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ذاتَ يومٍ، فلم يَرَهَا، قال:" ما فَعَلَتِ القُبَّةُ؟ "، قالوا: شكا إلينا صاحبُها إعراضَكَ ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. هنَّاد: هو ابن السَّرِىّ، وأبو معاوية: هو محمَّد بن خَازِم الضَّرِير. وأخرجه الترمذي (2489) عن هنَّاد، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن ماجه (4160) عن أبي غريب، عن أبي معاوية، به. وهو في "مسند أحمد" (6502)، و"صحيح ابن حبان" (2996) و (2997). وانظر ما قبله. والخُصُّ: بضم الخاء المعجمة وتشديد الصاد المهملة: بيت يكون من قصب. وقوله: "وَهى"، بفتحتين: من وَهى الحائطُ يهي، يعني: إذا ضَعف وهمَّ بالسقوط. وقوله: "ما أرَى الأمْرَ إلاَّ أعْجَلَ من ذلك": أي: أمْر الارتحال عن الدنيا والموت.

170 - باب في اتخاذ الغرف

عنه، فأخبرْناه، فَهَدَمَهَا، فقال: "أما إنَّ كُلَّ بِناءٍ وبَالٌ على صاحِبه إلا ما لا، إلا ما لا"يعني ما لابُدَّ منه (¬1). 170 - باب في اتِّخاذِ الغُرَف 5238 - حدَّثنا عبدُ الرحيم بنُ مُطَرِّفٍ الرؤاسيُّ، حدَّثنا عيسى، عن إسماعيلَ، عن قيسٍ عن دُكين بنِ سعيد المزنيِّ، قال: أتينا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فسألْناه الطَّعَامَ، فقال:" يا عُمَرُ، اذهَبْ فأعطِهم"، فارْتَقَى بنا إلى عِلِّيَّةٍ، فأخذ المِفتاحَ مِن حُجْزَتهِ (¬2) ففتح (¬3). ¬

_ (¬1) أبو طلحة الأسَدي وإبراهيم بن محمَّد بن حاطب القرشي، روى عنهما جمعٌ وذكرهما ابن حبان في "ثقاته"، وباقي رجاله ثقات. وقال الحافظ العراقي في تخريج "الإحياء"4/ 236: إسناده جيد. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (956) عن أحمد بن عبد الله بن يونس، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد في "مسنده" (13301) من طريق شريك بن عبد الله النخعي، عن عبد الملك بن عمير، عن أبى طلحة الأسدي، به. وشريك سيىء الحفظ. وأخرجه ابن ماجه بنحوه (4161) من طريق الوليد بن مسلم، عن عيسى بن عبد الأعلي بن أي فروة، عن إسحاق بن أبي طلحة، عن أنس. وعيسى بن عبد الأعلى مجهول. (¬2) كذا في (ج): حُجْزَته، ونقل في الهامش عن المنذري أنه ضبطها كذلك، وجاءت في (أ): حُجْرَته، بالراء بدل الزاي. وقال المنذري: أصل الحُجْزة موضع ملاث الإزار، ثم قيل للأزار: حُجزة. وقوله: ملاث الإزار: موضع شدّ الإزار من الوَسط. (¬3) إسناد. صحيح. عيسى: هو ابن يونس بن أبى إسحاق السبيعي، وإسماعيل: هو ابن أبي خالد البجلي، وقيس: هو ابن أبى حازم البجلي الأحمسي. =

171 - باب في قطع السدر

171 - باب في قطع السِّدْرِ 5239 - حدَّثنا نصرُ بنُ علي، أخبرنا أبو أُسامَة، عن ابنِ جُريج، عن عثمانَ ابنِ أبي سُليمانَ، عن سعيدِ بنِ محمَّد بنِ جُبير بنِ مُطعِم عن عبدِ الله بنِ حُبْشِئيٍّ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَطَعَ سِدْرَةَ صَوَّب اللهُ رأسَهُ في النارِ" (¬1). ¬

_ = وأخرجه ابن أبى عاصم في "الآحاد والمثاني" (1110) من طريق عبد الرحيم بن مطرف، والطبراني في "المعجم "الكبير" (4209) من طريق أبي جعفر النفيلي، كلاهما عن عيسى، بهذا الإسناد. وأخرجه الحميدي في "مسنده" (893)، وأحمد في "مسنده" (17576 - 17580)، والبخاري في "التاريخ الكبير"، 3/ 255 - 256، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثاني" (1077) و (1109)، وابن حبان في "صحيحه" (6528)، والطبراني في "المعجم "الكبير" (4207) و (4208) و (4210)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء " 1/ 365، وفي "دلائل النبوة" (333)، وابن الأثير في "أسد الغابة" 2/ 161 - 162، والمزي فى ترجمة دُكين بن سَعيد من "تهذيب الكمال" 8/ 492 - 493 من طرق عن إسماعيل، به. وبعضهم يختصره. وذكر البخاري في روايته سماع إسماعيل بن أبي خالد من في ابن أبي حازم، وسماع في بن أبي حازم من دكلين. وأورده الدارقطني في "الالزامات". ودُكَينُ بن سعيد نسبه أبو داود هنا المزني، وفي "مسند أحمد": الخثعمي، وذكره ابن سعد في "طبقاته" في قصة وفد مُزَينَة، ويقوي نسبته إلى ذلك أن القصة المذكورة في حديثه قد رواها أيضاً النعمان بن مقرِّن المُزَنى، وهي في "المسند" (23746). وهو معدود في من نزل الكوفة من الصحابة، وقال أبو القاسم البغوي: ولا أعلم لدكلين غير هذا الحديث. العلية: بضم العين المهملة وكسرها, وتشديد كل من اللام والياء-: الغرفة والجمع: العَلالي. (¬1) حسن لغيره، وهذا إسناد ضعيف. ابن جريج -وهو عبد الملك بن عبد العزيز المكي- مدلس وقد عنعن، وقد أعله الذهبي كذلك في "الميزان" في ترجمة سعيد بن =

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ¬

_ = محمَّد بن جبير بأن ابن جريج قد تفرد به بهذا الإسناد، وأنه خالفه معمر بن راشد -كما سيأتي عند المصنف بعده- فرواه عن عثمان بن أبي سليمان، عن رجل من ثم، عن عروة بن الزبير، يرفع الحديث. يعني مرسلاً. قال البيهقي في "معر فة السنن والآثار" (12161): روي موصولاً ومسنداً، وأسانيده مضطربة معلولة. وقد استبعد الطحاوي أيضاً سماع سعيد بن محمَّد من عبد الله بن حُبْشى، وشكك البيهقي في سماعه كذلك. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (8557) من طريق مخلد بن يزيد، عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وفي الباب عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده عند تمّام في "فوائده" (1230)، والبيهقي 6/ 141. وإسناده حسن. وعن عروة عن عائشة عند الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (2976)، والطبراني في "الأوسط" (5615)، وتمّام في "فوائده" (1231)، والبيهقي 6/ 140، وقد أعله الطحاوىُّ والبيهقي بالارسال، ونقله البيهقي عن أبي علي الحافظ. وصوّب الدارقطنى في "العلل" 14/ 216 أنه من قول عروة بن الزبير. قال المنذري في "مختصره " 8/ 100: السِّدْرُ شَجَرُ النَّبِقِ، الواحدة: سِدْرَة، وقيل: هو السَّمُرْ، وقال الأصمعي: السِّدْرُ ما نبت منه في البَرِّ هو الضَّالُ بتخفيف اللام قيل: أراد به سِدْر مكة لأنها حرم (قلنا: وقال السيوطي في رسالته "رفع الحذر عن قطع السِّدْر،: والأولى عندي في تأويل الحديث أنه محمولٌ على سِدْرِ الحرم كما وقع في رواية الطبراني في "الأوسط" 2441)، وقيل: سِدْر المدينة نهي عن قطعه ليكون أنساً وظلاً لمن يهاجر إليها، وقيل: أراد السدر الذي يكون في الفلاة يستظل به أبناء السبيل والحيوان، أو في ملك إنسان فيتحامل عليه ظالم فيقطعه بغير حق. وذهب الإِمام الطحاوي إلى أن الحديث منسوخ، واحتج بأن عروة بن الزبير وهو أحد رواة الحديث قد ورد عنه أنه قطع الدر ثم روى ذلك بإسناده عنه، وهو عند المصنف برقم (5241) وهو صريح في أن عروة كان يرى جواز قطع السدر. قال الطحاوي: لأن عروة مع عدالته وعلمه وجلالة منزلته في العلم لا يدع شيئاً قد ثبت عنده عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هذه إلا لما يوجب ذلك له ...

172 - باب في إماطة الأذى عن الطريق

سئل أبو داود، عن معنى هذا الحديثِ، فقال: هذا الحديثُ مختصرٌ، يعني: مَن قَطَع سدرةً في فلاةٍ يَستظِل بها ابنُ السبيلِ والبهائمُ، عَبَثاً وظلماً بغير حَق يكونُ له فيها، صوَّبَ اللهُ رأسَه في النار. 5240 - حدَّثنا مَخلدُ بنُ خالدٍ وسلمةُ بنُ شَبيبٍ، قالا: حدَّثنا عبدُ الرزاقِ، أخبرنا معمرٌ، عن عثمانَ بنِ أبي سُليمان، عن رجلٍ مِن ثقيفٍ عن عُروةَ بن الزبير، يرفعُ الحديثَ إلى النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -، نحوَ (¬1). 5241 - حدَّثنا عُبيدُ الله بنُ عُمَر بنِ ميسرةَ وحميد بنُ مَسْعَدةَ، قالا: حدَّثنا حسانُ بنُ إبراهيمَ، قال: سألتُ هِشَامَ بنَ عُروةَ، عن قَطعِ السِّدْرِ وهو مُستنِدٌ إلى قَصْر عُروة، فقال: أتَرى هذه الأبواب والمصاريعَ؟ إنما هي من سِدْرِ عُروةَ، كان عُروةُ يقطعُه مِن أرضه، وقال: لا بأسَ به. زاد حميدٌ: فقال: هِيْ يا عِرَاقئُ، جئتَني ببدعةٍ، قال: قلت: إنما البِدعَةُ مِن قِبَلِكُم، سمعتُ من يقولُ بمكةَ: لَعَنَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مَن قَطَعَ السِّدْرَ، ثم ساقَ معناهُ (¬2). 172 - باب في إماطة الأذى عن الطريق 5242 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد المروزىُّ، حدَّثني عليٍّ بن حُسين، حدَّثني أبي، حدَّثني عبدُ الله بنُ بُريدةَ ¬

_ (¬1) حسن لغيره كسابقه، وهذا إسناد ضعيف لابهام الرجل الثقفى، وللاختلاف فيه عن عثمان بن أبي سيمان كما بيناه في الطريق الذي قبله. معمر: هو ابن راشد. وهو في"مصنف عبد الرزاق" (19756). وانظر ما قبله. (¬2) رجاله ثقات. وأخرجه البيهقي في "الكبرى" 6/ 141 من طريق أبي داود، بهذا الإسناد.

سمعتُ أبي -بُريدةَ- يقول: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"في الإنسانِ ثلاثُ مئةٍ وستُّون مَفْصِلاً، فعَليهِ أن يتصدَّق عن كلِّ مَفْصِلِ منهُ بصدقَةٍ" قالوا: ومن يُطيقُ ذلك يا نبيُّ الله؟ قال: "النُّخَاعةُ في المَسجِدِ تَدْفِنُها، والشيءُ تُنَحِّيهِ عن الطَّريقِ، فإن لم تَجِدْ فَرَكْعَتَا الضحىَ تُجزئُكَ" (¬1). 5243 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ. وحدَّثنا أحمدُ بنُ مَنيع، عن (¬2) عباد بنِ عبَّاد -وهذا لفظُه وهو أتمُّ- عن واصلٍ، عن يحيى بن عُقَيْل، عن يحيى بنِ يَعمَرَ عن أبي ذرٍّ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يُصْبحُ على كلِّ سُلامى مِنَ ابنِ آدَمَ صَدقَةٌ، تَسْليمُهُ على مَن لقيَ صدقَةٌ، وأمرُهُ بالمَعْرُوفِ صدقَةٌ، ونهيُهُ عن المُنكَرِ صدقَةٌ، دإماطتُهُ الأذى عن الطَّرِيقِ صدقَةٌ، وبُضْعُهُ أهلَه صدقَةٌ" قالوا: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يأتي شهوتَهُ وتكون له صدقةٌ؟ ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل علي بن الحسين -وهو ابن واقد- فهو صدوق حسن الحديث. ولكنه متابع. وأخرجه محمَّد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (820)، وابن خزيمة (1226)، وابن شاهين في "التركيب" (124) من طريق علي بن الحسين، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد (22998) و (23037)، والبزار (4417)، وابن حبان في "صحيحه" (1642) و (2540)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (99)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (11164) من طريقين عن حسين بن واقد، به. وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد (8183). وهو في "الصحيحين". وعن أبي ذر الغفاري سيأتي بعده. وعن عائشة عند مسلم (1007). والنخاعة: هي البصقة التي تخرج من أصل الفم مما يلي أصل النخاع. (¬2) في (أ): حدَّثنا.

قال: "أرأيت لو وضعَهَا في غيرِ حقِّها، أكانَ يأثَمُ؟ " قال: "ويُجزِىُ من ذلك كُلِّهِ ركعتَان مِن الضُّحَى" (¬1). قال أبو داود: ولم يذكر حمادٌ الأمرَ والنهيَ (¬2). 5244 - حدَّثنا وهبُ بنُ بقيةَ، أخبرنا خالدٌ، عن واصلٍ، عن يحيى بن عُقَيل، عن يحيى بنِ يَعْمَرَ، عن أبي الأسود الدِّيليِّ، عن أبي ذرِّ بهذا الحديثِ، وذكر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في وسطِهِ (¬3). 5245 - حدَّثنا عيسى بنُ حمّادٍ، أخبرنا الليثُ، عن محمَّد بن عجلانَ، عن زيد بن أسلمَ، عن أبي صالح عن أبي هريرة، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنه قال:" نزَعَ رجُلٌ لم يعمَلْ خيراً قَطُّ غُضنَ شوْكٍ عن الطَّرِيقِ، إما كان في شَجَرَةِ فقطَعَهُ وألقَاهُ، وإمَّا كان موضُوعاً فأماطَهُ، فشكرَ الله لهُ بها، فأدخَلَهُ الجنةَ" (¬4). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. واصل: هو مولى أبي عيينة، وعباد بن عباد: هو المُهلَّبي. وقد سلف تخريجه برقم (1285). (¬2) مقالة أبي داود هذه أثبتناها من (هـ) وهامش (ب). (¬3) إسناده صحيح. خالد: هو ابن عبد الله الواسطي، وواصل: هو مولى أبي عيينة، وأبو الأسود الديلى: هو ظالم بن عمرو بن سفيان. وقد سلف تخريجه برقم (1286). وقوله: وذكر النبيَّ، كلمة "النبي" فاعل "ذكر" أي ذكر النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث في وسط كلامه، أي: في أثنائه. (¬4) إسناده قوي من أجل محمَّد بن عجلان، فهو صدوق لا بأس به. الليث: هو ابن سعد، وأبو صالح: هو ذكوان السمان. وأخرجه ابن حبان (540) عن إسماعيل بن داود بن وردان، عن عيسى بن حماد، بهذا الإسناد. وقال: معنى قوله: "لم يعمل خيراً قطٌّ" يريد به سوى الإسلام. =

173 - باب إطفاء النار بالليل

173 - باب إطفاء النار بالليل 5246 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمَّد بنِ حَنْبلٍ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سالمٍ عن أبيه روايةً- وقال مرةً: يبلغُ به النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - "لا تَترُكُوا النارَ في بيُوتكم حينَ تنامُونَ" (¬1). 5247 - حدَّثنا سليمانُ بنُ عبدِ الرحمن التّمارُ، حدَّثنا عمرو ابنُ طلحةَ، حدَّثنا أسباطٌ، عن سماكِ، عن عِكرِمَة عن ابنِ عباسٍ قال: جاءَت فأرَةٌ، فاخذَتْ تجرُّ الفَتِيلةَ، فجاءت بها فألقَتْهَا بين يدَي رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- على الخُمْرَةِ التي كان قاعداً عليها، فأحرقَت منها مثلَ موضِعِ دِرْهَمٍ، فقال: "إذا نِمتُم فأطفِئُوا سُرُجَكم، فإن الشيطَان يَدُلُّ مِثلَ هذِهِ على هذا فَتُحْرِقَكُم" (¬2). ¬

_ = وأخرجه بنحوه مالك في "الموطأ" 1/ 131 ومن طريقه البخاري (652)، ومسلم (1914) عن سمَّى مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبى صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "بينما رجل يمشي بطريق إذ وجد غصنَ شوك على الطريق فأخّره فشكر الله له فغفر له". وهو في "مسند أحمد" (7841) و (10896)، و"صحيح ابن حبان" (536). (¬1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيية، والزهري: هو محمَّد بن مسلم، وسالم: هو ابن عبد الله بن عمر. وأخرجه البخاري (6293)، ومسلم (2015)، وابن ماجه (3769)، والترمذي (1916) من طريق سفيان بن عيية، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4546). (¬2) صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف. أسباط -وهو ابن نصر الهَمداني- صدوق كثير الخطأ، ورواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب. عمرو ابن طلحة: هو عمرو بن حماد بن طلحة القنّاد. =

174 - باب في قتل الحيات

174 - باب في قَتل الحيّات 5248 - حدَّثنا إسحاقُ بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا سفيانُ، عن ابنِ عجلانَ، عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:"ما سالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حاربنَاهُنَّ، ومن تركَ شيئاً منهُنَّ خِيفةً فليس منا" (¬1). ¬

_ = وأخرجه عبد بن حميد (591)، والبخاري في "الأدب المفرد" (1222)، والبزار في "مسنده" (4779)، وابن حبان (5519)، والحاكم في "المستدرك" 4/ 284 - 285 من طرق عن عمرو بن حماد بن طلحة، بهذا الاسناد. وفي الباب ما يشهد له عن جابر في "مسند أحمد" (14228)، والبخاري في "صحيحه" (6295) وفي "الأدب المفرد" (1221)، ومسلم (2012). ولفظه عند أحمد: "أغلقوا أبوابكم، وخمِّروا آنيتكم، وأطفئوا سُرُجَكم، وأوكوا أسقيتكم، فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقاً ,ولا يكشف غطاءً، ولا يحلُّ وكاءً، وإن الفويسقة تُضرم البيت على أهله" يعني الفأرة. ولفظ البخاري في "صحيحه": "وأطفئوا المصابيح فإن الفويسقة ربما جرَّت الفتيلة فاحرقت أهل البيت". وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: احترق بيت على أهله بالمدينة، فلما حُدِّث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشأنهم، قال: "إن هذه النار إنما هي عدوٌ لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم". أخرجه أحمد (19570)، والبخاري (6294)، ومسلم (2016)، وابن ماجه (3770). (¬1) صحيح لغيره، وهذا إسناد جيد. ابن عجلان -وهو محمَّد- وأبوه صدوقان. وقد سمعه محمَّد بن عجلان من أبيه ومن بكير بن عبد الله بن الأشج عن أبيه، وصرح بالسماع من أبيه عند أحمد (9588)، فالطريقان محفوظان، والله أعلم. ولهذا قال الدارقطني في "العلل" 11/ 138: لعل محمَّد بن عجلان سمعه عن أبيه، ثم استثبته من بكير ابن الأشج. وأخرجه أحمد في "مسنده" (9588) و (10741)، والبزار (8372)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (1338) و (2929). =

5249 - حدَّثنا عبد الحميد بن بيانٍ السُّكرىُّ، عن إسحاقَ بنِ يوسُفَ، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن القاسم بنِ عبدِ الرحمنِ، عن أبيه عن ابنِ مسعودِ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-:" اقتُلُوا الحيّاتِ كُلَّهنَّ، فمن خَافَ ثأرَهُن فليس مني" (¬1). 5250 - حدَّثنا عثمان بن أبي شَيبةَ، حدَّثنا عبدُ الله بن نُمير، حدَّثنا- موسى ابن مُسلم، قال: سمعت عِكرِمَة يرفَع الحديث فيما أُرى إلى ابنِ عباس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن ترَكَ الحيّاتِ مخافَةَ طلبهِنَّ فليسَ مِنّا، ما سالَمْنَاهُن منذُ حاربنَاهُنَّ" (¬2). ¬

_ = وأخرجه الحيدي (1156)، وأحمد (7366)، وابن حبان في "صحيحه" (5644) من طريق سفيان، عن ابن عجلان، عن بكير بن عبد الله، عن عجلان، عن أبي هريرة. زاد فيه بكيرَ بن عبد الله. وله شاهد من حديث ابن عباس سيأتي برقم (5250). (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد ضعيف. شريك -وهو ابن عبد الله النخعي- سيىء الحفظ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه إلا شيئاً يسيراً. وقد روي من وجه آخر صحيح كما سيأتي. وأخرجه النسائى في "المجتبى" (3193) من طريق يزيد بن هارون، عن شريك، بهذا الإسناد. وأخرجه الطحاوي فى" شرح مشكل الآثار" (1339) من طريق مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود رفعه، وقال: مثله. فأحال على حديث أبي هريرة وهو الحديث الذي قبله. وانظر ما سيأتى برقم (5261). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه أحمد (2037)، والطبراني (11801) من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الاسناد. =

5251 - حدَّثنا أحمدُ بنُ مَنيعٍ، حدَّثنا مروانُ بنُ معاويةَ، عن موسى الطحّانِ، حدَّثنا عبدُ الرحمن بنُ سابِط عن العباسِ بنِ عبدِ المطلبِ، أنه قال لرسُولِ الله -صلى الله عليه-: إنا نريدُ أن نكنُسَ زمزم، وإنَّ فيها من هذه الجِنَّانِ -يعني الحيّاتِ الصغارَ-، فأمر النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - بقتلِهِنَّ (¬1). 5252 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا سفيانُ، عن الزهريِّ، عن سألمٍ عن أبيه، أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اقتُلُوا الحيَّاتِ، وذا الطُّفَّيتَينِ، والأبتَرَ، فانهما يلتمسَانِ البَصَرَ، ويُسقِطَانِ الحبَلَ" (¬2). ¬

_ =وأخرجه عبد الرازق (19617) ومن طريقه أحمد (3254) ,والبغوى فى "شرح السنة، (5326) عن معمر، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، به. دون قوله: "ما سالمناهن منذ حاربناهن". وبهامش: مختصر المنذري" قال يحيى بن أيوب: سُئل أحمد بن صالح عن تفسير قوله: "ما سالمناهن منذ حاربناهن" متى كانت العداوة؟ قال: حين أُخرج آدم من الجنة، قال الله العظيم: {اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوّ} [طه: 123] قال: هُم، قالوا: آدم وحواء وإبليس والحية، قال: والذي صح أنهم الثلاثة بإسقاط الحية. (¬1) رجاله ثقات، لكن قال المنذري في سماع عبد الرحمن بن سابط من العباس ابن عبد المطلب نظر، والأظهر أنه مرسل. موسى الطحان: هو ابن مسلم. وأخرجه الضياء في "المختارة" 8/ 372 من طريق أحمد بن منيع، بهذا الإسناد. وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (1162) عن محمَّد بن يحيى الذهلي، عن محمَّد بن عبيد الطنافسي، عن موسى الطحان، عن عبد الرحمن بن سابط قال: أراد بنو العباس رضي الله عنهم أن يكنسوا زمزم، فقالوا: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... الحديث، وهذا يويد ما استظهره المنذري. (¬2) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمَّد بن مسلم بن شهاب. =

قال: وكان عبدُ اللهِ يقتُلُ كلَّ حيّةٍ وجدها، فأبصره أبو لُبَابَةَ، أو زيدُ ابنُ الخطّاب، وهو يُطارِدُ حيّةً، فقال: إنه قد نُهِي عن ذَواتِ البُيوت. 5253 - حدَّثنا القعنبيُّ، عن مالكٍ، عن نافعٍ عن أبي لُبَابَةَ: أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - نهى عن قتلِ الجِنَّانِ التي تكونُ في البيوتِ، إلا أن يكونَ ذا الطفْيَتَينِ والأبترَ، فإنهما يَخطَفَانِ البَصَرَ ويطرحَانِ ما في بطُونِ النِّساء (¬1). ¬

_ = وأخرجه البخاري (3297)، ومسلم (2233)، وابن ماجه (3535)، والترمذي (1553) من طرق عن ابن شهاب الزهري، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (4557)، و "صحيح ابن حبان" (5638). والأبتر: هو مقطوع الذنب. زاد النضر بن شُميل: أنه أزرق اللون لا تنظر إليه حامل إلا ألْقَت، وقيل: الأبتر: الحية القصيرة الذنب. وقوله: "ذو الطفيتين": تثنية طفية، وهي خُوصة المُقْل، شبه به الخط الذي على ظهر الحية، قال ابن عبد البر يقال: إن ذا الطفيتين جنس من الحيات يكون على ظهره خطان أبيضان. (¬1) إسناده صحيح. أبو لبابة: هو ابن عبد المنذر الأوسي. اختلف في اسمه فقيل: بَشير، وقيل: رفاعة، وقيل غير ذلك. وقد ذكر الدارقطني في "العلل" 12/ 298 و 307 أن النهي عن قتل الجِنّان يرويه نافع عن ابن عمر عن أبي لبابة عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، وأن قتل ذي الطفيتين والأبتر فهو مما سمعه ابن عمر من النبي-صلى الله عليه وسلم-. قلنا: يوضح ذلك رواية سالم بن عبد الله بن عمر الآتية. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 975 وقال فيه: " الحيات، بدل "الجِنّان". وأخرجه بنحوه مسلم (2233) من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، و (2233) من طريق عمر بن نافع، كلاهما عن نافع، به. وبتنا في روايتيهما أن أبا لبابة حدث بذلك عبدَ الله بن عمر لما هم بقتل حية عند بيته. وأخرجه كذلك بنحوه البخاري (3313) و (4017)، ومسلم (2233) من طرق عن نافع، به. وأن أبا لبابة حدث به ابن عمر أيضاً. واقتصروا فيه على النهي عن =

5254 - حدَّثنا محمدُ بنُ عُبيدٍ، حدَّثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن أيوب، عن نافعٍ أن ابن عمر وجَدَ بعدَ ذلكَ -يعني بعد ما حدثه أبو لُبابةَ- حيّةً في دارِه، فأمَر بها فاُخرِجَت، يعني إلى البَقيعِ (¬1). 5255 - حدَّثنا ابنُ السَّرْء وأحمدُ بنُ سعيدٍ الهَمْدَانيُّ، قالا: أخبرنا ابنُ وهبِ، أخبرني أسَامَةُ، عن نافع، في هذا الحديثِ، قال نافع: ثم رأيتُها بعدُ في بيتِه (¬2). 5256 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن محمَّد بنِ أبي يحيى حدَّثني أبي، أنه انطلَقَ هو وصاحبٌ له إلى أبي سعيدٍ يعودانِه، فخرجنَا مِن عندِه، فلقِيَنا صاحبُ لنا، وهو يريدُ أن يدخُلَ عليه، فأقبلْنا ¬

_ = قتل جِنّان البيوت، دون استثناء ذي الطفيتين والأبتر. وبعضهم يقول فيه: عن نافع عن ابن عمر أن أبا لبابة حدثه به. وهذا يؤيد ما سلف من قول الدارقطني. وأخرج البخاري (3297) و (3298)، ومسلم (2233) من طريق سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب على المنبر يقول: "اقتلوا الحيات، واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر، فإنهما يطمسان البصر ويستسقطان الحبل، قال عبد الله بن عمر: فبينا أنا أطارد حية لأقتلها فناداني أبو لبابة: لا تقتلها، فقلتُ: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أمر بقتل الحيات قال: إنه نهى بعد ذلك عن ذوات البيوت وهي العوامر. وهو في "مسند أحمد" (4557) و (15547)، و"صحيح ابن حبان" (5639). وانظر تالييه. (¬1) إسناده صحيح. محمَّد بن عُبيد: هو ابن حِساب الغُبَري. وانظر ما قبله. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد حسن من أجل أسامة -وهو ابن زيد الليثى- فهو صدوق، لكه متابع كما سلف برقم (5253) 0 ابن وهب: هو عبد الله، وابن السَّرحٍ: هو أحمد بن عمرو. وأخرجه مسلم (2233) من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد. وانظر سابقيه.

نحن فجلسْنا في المسجدِ، فجاء فأخبرنا أنه سَمعَ أبا سعيدِ الخدريِّ يقول: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الهَوامَّ مِنَ الجِنِّ، فمن رأى في بيتِه شيئاً فليُحَرِّجْ عليه ثلاثَ مراتٍ، فإن عادَ فليقتُلْه، فإنه شيطانٌ" (¬1). 5257 - حدَّثنا يزيدُ ابنُ مَوهَبِ الرَّمْلي، حدَّثنا الليثُ، عن ابنِ عجلانَ، عن صيفيٍّ أبي سعيدِ مولى الأنصارِ، عن أبي الشائِبِ، قال: أتيتُ أبا سعيدٍ الخُدرِىَّ، فبينا أنا جَالسٌ عندَه سمعتُ تحتَ سريرهِ تحريكَ شيءٍ، فنظرتُ فإذا حيَّةٌ، فقمتُ، قال أبو سعيدٍ: ما لكَ؟ قلت: حيةٌ ها هنا، قال: فتريد ماذا؟ قلت: أقتُلُها، فأشار إلى بَيتٍ في دارِه تِلقاءَ بيتهِ، فقال: إن ابنَ عمٍّ لي كانَ في هذا البيتِ، فلما كانَ يومُ الأحزابِ استأذنَ إلى أهلِهِ، وكان حديثَ عهدٍ بعُرْسٍ، فأذِنَ له رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمره أن يذهَبَ بسلاحِه، فأتى دارَه فوجَدَ امرأته قائمةً على بابِ البيتِ، فأشار إليها بالرُّمحِ، فقالت: لا تَعْجَلْ حتى تنظرَ ما أخرجَني، فدخل البيتَ، فإذا حيَّهٌ مُنْكَرةٌ، فطعنها بالرُّمحِ، ثم خرج بها في الرُّمح ترتَكضُ، قال: فلا أدري أيُّهما كان أسرعَ موتاً الرجلُ أو الحيّةُ، فأتى قومُه رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: ادعُ الله أن يَرُدَّ صاحبَنا، فقال: "استغفِروا لِصَاحِبِكم". ثم قال:" إنَّ نفراً ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة الراوي عن أبى سعيد. محمَّد بن أبي يحيى: هو الأسلمي، وأبوه أبو يحيى اسمه سمعان، روى عن جمع وروى عنه ابناه أنيس ومحمد، وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات"، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال الحافظ في "التقريب": لا بأس به. والهوامُّ: جمع هامَّة: وهي الحية وكل ذي سمٍّ يقتل، وقد تطلق على ما لا يقتُل كالحشرات.

مِن الجِنِّ أسلمُوا بالمدينةِ، فإذا رأيتُم أحداً منهم فحذِّرُوهُ ثلاثَ مراتٍ، ثم إن بدا لكم بعدُ أن تقتُلُوه فاقتُلُوه بعد الثلاثِ" (¬1). 5258 - حدَّثنا مُسَدَّدٌ، حدَّثنا يحيى، عن ابنِ عَجْلانَ، بهذا الحديث مختصراً، قال: "فليُؤذِنْهُ ثلاثاً، فإن بَدَا له بعدُ فليقتُلْه، فإنه شيطانٌ" (¬2). ¬

_ (¬1) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان -وهو محمَّد- لكنه متابع فيما سيأتي برقم (5259). يزيد: هو ابن خالد بن يزيد بن مَؤهَبٍ الرملي، والليث: هو ابن سعد، وصيفي: هو ابن زياد الأنصاري مولاهم، وأبو السائب: هو عبد الله بن السائب الأنصاري. وأخرجه النسائي في "الكبرى" (10740) من طريق شعيب بن الليث بن سعد، عن أبيه، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2236) والنسائي في "الكبرى" (15743) من طريق أسماء بن عبيد، عن السائب -هكذا سماه السائب-، به. وأخرجه النسائي (10739) من طريق سفيان بن عيينة، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن صيفي، به. فَزاد سعيداً المقبرىَّ بين ابن عجلان وصيفىّ! ولم يتابعه أحدٌ على ذلك. ولهذا وهّمه الدارقطني في "العلل"، 11/ 279. وأخرجه الترمذي (1554) من طريق عُبيد الله بن عمر، عن صيفي، عن أى سعيد. فأسقط الواسطة بين صيفي وأبي سعيد. قال الدارقطني في "العلل" 11/ 278: وصيفي لم يسمعه من أبي سعيد. وهو في "صحيح ابن حبان" (6157). وانظر تالييه. (¬2) حديث صحيح، وهذا إسناد قوي من أجل ابن عجلان -وهو محمَّد- لكنه قد توبع. مسدد: هو ابن مسرهد الأسَدي، ويحيى: هو ابن سعيد القطان. وأخرجه مسلم (2236)، والنسائي في "الكبرى" (10741) من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله وما بعده.

5259 - حدَّثنا أحمدُ بنُ سعيد الهَمْدَانيُّّ، أخبرنا ابنُ وهبٍ، أخبرني مالكٌ، عن صَيفيٍّ مولى ابنِ أفلحَ أخبرني أبو السائب مولى هِشام بن زُهرةَ، أنه دخل على أبي سعيد الخدري، فذكر نحوه وأتمَّ منه، قال: "فآذِنُوهُ ثلاثَةَ أيام، فإن بدا لكُم بعدَ ذلك فاقتلُوه، فإنما هُوَ شيطَانٌ" (¬1). 5260 - حدَّثنا سعيدُ بنُ سليمانَ، عن عليٍّ بنِ هاشمٍ، حدَّثنا ابنُ أبي ليلَى، عن ثابتِ البنانيِّ، عن عبدِ الرحمن بنِ أبي ليلى عن أبيه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ عن حيّاتِ البُيوتِ، فقال:"إذا رأيتُم منهنَّ شيئاً في مساكِنِكُم فقولوا: أَنشُدُكُنَّ العَهْدَ الذي أخَذَ عليكنَّ نوحٌ، أَنْشُدُكُنّ العَهْدَ الذي أخَذَ عليكُنَّ سليمانُ أنْ تُؤْذُونا، فإن عُدْنَ فاقتلُوهُنَّ" (¬2). 5261 - حدَّثنا عَمرو بنُ عَونٍ، أخبرنا أبو عَوَانةَ، عن مُغيرة، عن إبراهيمَ عن ابن مسعود، أنه قال: اقتلوا الحيّاتِ كُلَّها، إلا الجانَّ الأبيضَ الذي كأنه قضِيبُ فِضّةٍ (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. ابن وهب: هو عبد الله. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/ 976 - 977، ومن طريقه أخرجه مسلم (2236) (139)، والترمذي (1555)، والنسائي في "الكبرى" (8820) و (10742). وهو في "صحيح ابن حبان" (5637). (¬2) إسناده ضعيف، ابن أبي ليلى -وهو محمَّد بن عبد الرحمن- سيىء الحفظ. وأخرجه الترمذي (1556)، والنسائي في "الكبرى" (10738) من طريق محمَّد ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن غريب. (¬3) رجاله ثقات وهو موقوف عن ابن مسعود، وقد روى الإِمام الترمذي في "العلل" =

175 - باب في قتل الأوزاغ

قال أبو داود: فقال لي إنسانٌ: إن الجانَّ لا يتعوّج في مِشيتِه، فإن كان هذا صحيحاً كانت علامةً فيه إن شاء الله. 175 - باب في قتل الأوزاغ 5262 - حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدِ بنِ حَنْبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهريّ، عن عامر بنِ سعدٍ عن أبيه، قال: أمرَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بِقَتلِ الوزَغِ، وسماه فُويسِقاً (¬1). 5263 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصّبَّاح البزَّازُ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ زكريا، عن سهيلٍ، عن أبيه ¬

_ = عن أبي عبيدة بن أبي السفر الكوفي قال: حدَّثنا سعيد بن عامر، عن شعبة، عن سليمان الأعمش، قال: قلتُ وإبراهيم النخعي: أسند لي عن عبد الله بن مسعود فقال إبراهيم: إذا حدثتكم عن رجل عن عبد الله فهو الذي سمعتُ، وإذا قلتُ: قال عبدُ الله، فهو عن غير واحد عن عبد الله. قال ابن رجب في" شرح "العلل" 1/ 294 - 295: وهذا يقتضي ترجيح المرسل على المسند، لكن عن النخعي خاصة فيما أرسله عن ابن مسعود خاصة. مغيرة: هو ابن مِقسَم الضبي، وأبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكرى. وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" 16/ 30 من طريق لي داود، بهذا الإسناد. وقال: قول غريبٌ حسن. وانظر ما سلف برقم (5249). ونقل صاحب "بذل المجهود" 17/ 201 عن محمَّد يحيى في قوله: "كأنه قضيب فضة": والنهي إما لكونها من الجان فيخص بالمدينة، أو لعدم السم فعامٌّ. (¬1) إسناده صحيح. وهو عند عبد الرزاق في "مصنفه" (8390)، ومن طريقه أخرجه مسلم (2238). وهو في "مسند أحمد" (1523)، و"صحيح ابن حبان" (5635). الوَزغ: جمع وَزَغَة، وهي التي يُقال لها: سامّ أبرْص، سميت بها لخِفَّتها وسرعة حركتها، وهو من الحشرات المؤذيات، ولذا أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بقتلها وحث عليه.

176 - باب في قتل الذر

عن أبي هُريرة، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قتل وزَغةً في أوَّلِ ضرْبةٍ فله كذا وكذا حسنةً، ومن قتلَهُ في الضَّرْبة الثانيةِ فلَهُ كذا وكذا حسنةً، أدنى من الأولى، ومَنْ قَتَلَهُ في الضَّربِة الثالثةِ فله كذا وكذا حسنةَ أدنى مِن الثانيةِ" (¬1). 5264 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح البزَّازُ، حدَّثنا إسماعيلُ بنُ زكريا، عن سُهَيلٍ، قال: حدَّثني أخي أو أُختى عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"فى أول ضرْبةِ سبعونَ حسنةَ" (¬2). 176 - باب في قتل الذَّرِّ 5265 - حدَّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، عن المغيرةِ بنِ عبد الرحمن، عن أبي الزِّنادِ، عن الأعرج عن أبي هريرة، أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "نَزَلَ نبيُّ مِن الأنبياءِ تحتَ شجرةِ، فلدغَتْهُ نَمْلةٌ، فأمر بِجَهازِه فَاُخرِجَ مِن تحتِها، ثُمَّ أمر بها فأُحْرِقَت، فأوحى اللهُ إليه: فهلاًّ نملَةَ واحِدَةَ" (¬3). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. سهيل: هو ابن أبي صالح السّمان. وقد ذكر الحافظ الذهبي هذا الحديث في "سير أعلام النبلاء" 5/ 459، وعدَّه من غرائب سهيل. وأخرجه مسلم (2240) من طريق إسماعيل بن زكريا، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2240)، وابن ماجه (3229)، والترمذى (1552)، من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. وقال الترمذى: حديث حسن صحيح. وهو في "مسند أحمد" (8659). (¬2) إسناده صحيح. وأخرجه مسلم (2240) عن محمَّد بن الصبّاح البزاز، بهذا الإسناد. (¬3) إسناده صحيح. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والاعرج: هو عبد الرحمن ابن هُرمُز. =

5266 - حدَّثنا أحمدُ بنُ صالحٍ، حدَّثنا عبدُ الله بنُ وهبٍ، أخبرني يونُسُ، عن ابنِ شهابٍ، عن أبى سَلَمَةَ بنِ عبدِ الرحمن وسعيدِ بنِ المسيِّب عن أبي هريرَةَ، عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-:"أن نملةً قرَصَت نبياً من الأنبياء، فأمَرَ بقريةِ النَّمْلِ فاُحْرِقَت، فأوحى اللهُ إليه: أفي أن قَرَصَتْك نملة أهلكتَ أُمَّةً من الأمم تُسَبِّحُ؟! " (¬1). 5267 - حدَّثنا أحمدُ بن حنبلٍ، حدَّثنا عبدُ الرزَّاق، حدَّثنا مَعْمَرٌ، عن الزهريِّ، عن عُبيدِ الله بنِ عبدِ الله بن عُتبة عن ابنِ عباس، قال: إن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - نهى عن قَتلِ أربَعٍ من الدوابٌ: النملةِ، والنخلةِ، والهُدهدِ، والصُّردِ (¬2). ¬

_ = وأخرجه مسلم (2241)، والنسائى في "الكبرى" (8561) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري (3319) من طريق مالك، والنسائى (8561) من طريق محمَّد ابن عجلان، كلاهما عن أبي الزناد، به. وأخرجه مسلم (2241) من طريق همام بن منبّه، والنسائى في "الكبرى" (2/ 4852) من طريق محمَّد بن سيرين، كلاهما عن أبى هريرة. وهو في "مسند أحمد" (8130) و (9801)، و "صحيح ابن حبان"، (5647). وانظر ما بعد. قال القاضي عياض: في هذا الحديث دلالة على جواز قتل مُؤذٍ. (¬1) إسناده صحيح. يونس: هو ابن يزيد إلايلي، وابن شهاب: هو محمَّد بن مسلم الزهري. وأخرجه البخاري (3019)، ومسلم (2241) وابن ماجه (3225) و (3225 م)، والنسائى في "الكبرى" (4851) من طريق يونس بن يزيد، بهذا الإسناد. وهو في "مسند أحمد" (9229)، و"صحيح ابن حبان" (5614). وانظر ما قبله. (¬2) إسناده صحيح. =

177 - باب في قتل الضفدع

5268 - حدَّثنا أبو صالح مَحبُوبُ بنُ موسى، أخبرنا أبو اسحاقَ الفَزَارِىُّ، عن أبي إسحاقَ الشَّيباني، عن ابنِ سعْد -قال أبو داود: وهو الحسنُ بنُ سعْدِ - عن عبدِ الرحمن بنِ عبدِ الله عن أبيهِ، قال: كنَّا مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في سَفَرٍ، فانطلقَ لِحاجَتِه، فرأينا حُمَّرَةً معها فَرْخَانِ، فأخذنا فَرْخَيْهَا، فجاءتِ الحُمَّرَةُ، فجعلت تُعَرِّشُ، فجاء النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال:" مَنْ فَجَعَ هذهِ بولدِها؟ رُدُّوا ولدَها إليها". ورأى قَرْيَةَ نملٍ قد حَرّقْنَاهَا، فقال: "من حَرَّقَ هذه؟ " قلنا: نحن، قال: "إنهُ لا ينبغِي أن يُعذَّبَ بالنار إلا رَبُّ النارِ" (¬1). 177 - باب في قتل الضِّفْدَع 5269 - حدَّثنا محمدُ بنُ كثيرٍ، أخبرنا سفيانُ، عن ابنِ أبي ذئب، عن سعيدِ بنِ خالد، عن سعيد بنِ المسيّب عن عبدِ الرحمن بنِ عُثمان: أن طبيباً سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن ضِفدعٍ يجعلُها في دَوَاءٍ، فنهاه النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - عن قَتْلِها (¬2). ¬

_ = وهو في"مصنف عبد الرزاق" (84105)، ومن طريقه أخرجه ابن ماجه (3224). وهو في "مسند أحمد" (3066)، و "صحيح ابن حبان" (5646). قال الخطابي: يقال: إن النهي إنما جاء في قتل النمل في نوع منه خاص، وهو الكبار منها ذوات الأرجل الطوال وذلك أنها قليلة الأذى والضرر، ونهى عن قتل النحلة لما فيها من المنفعة، فأما الهدهد والصُّرَد [والصُّرَد: طائر فوق العُصفور يصيد العصافير، وانظر "حياة الحيوان" 1/ 612]، فالنهي في قتلهما يدل على تحريم لحومهما وذلك أن الحيوان إذا نهي عن قتله ولم يكن ذلك لحرمته ولا لضرر فيه كان ذلك لتحريم لحمه. (¬1) إسناده صحيح. وهو مرر الحديث السالف برقم (2675). (¬2) إسناده صحيح. وهو مرر الحديث السالف برقم (3871) ابن أبي ذئب: هو محمَّد بن عبد الرحمن بن المغيرة، وسفيان: هو الثوري.

178 - باب في الخذف

178 - باب في الخَذْفِ 5270 - حدَّثنا حفصُ بنُ عمر، حدَّثنا شعبةُ، عن قتادةَ، عن عقبةَ بن صُهبانَ عن عبد الله بن مُغَفَّل، قال: نهى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-عن الخَذْفِ، قال: "إنَّهُ لا يَصِيدُ صَيْداً، ولا يَنْكَاُ عَدُواً، وإنما يَققَاُ العَينَ، ويكْسِرُ السِّنَّ" (¬1). 179 - باب في الخِتان 5271 - حدَّثنا سليمانُ بنُ عبدِ الرحمن الدمشقيُّ وعَندُ الوهاب بنُ عبدِ الرحيم الأشجعيُّ، قالا: حدَّثنا مروانُ، حدَّثنا محمدُ بنُ حسّانَ -قال عبدُ الوهَّاب: الكوفيُّ- عن عبدِ الملك بنِ عُمْيبر عن أمِّ عطيةَ الأنصارية: أن امرأةَ كانَت تَخْتُنُ بالمدينةِ، فقال لها النبي-صلى الله عليه وسلم-:"لا تَنْهَكِي, فإنَّ ذلكَ أحْظَى لِلمرأةِ، وأحَبُّ إلى البَعْلِ" (¬2). ¬

_ (¬1) إسناده صحيح. وأخرجه البخاري (4841) و (6220)، ومسلم (1954)، وابن ماجه (3227) من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. ولفظ البخاري في الموضع الأول مختصر بالنهي عن الخذف. وأخرجه البخاري (5479)، ومسلم (1954)، والنسائي في "الكبرى" (6990) من طريق عبد الله بن بريدة، ومسلم (1954)، وابن ماجه (17) و (3226) من طريق سعيد بن جبير، كلاهما عن عبد الله بن مُغَفل، به. ولفظ النسائي مختصر بالنهي عن الخذف. وهو في "مسند أحمد" (16194) و (20540)، و"صحيح ابن حبان" (5949). الخذفُ: أن ترمي الحصاةَ إلى الأرض، ثم تأخذها بين سبابتيك -الإبهام والسبابة- ثم ترمي بها، أو تجعل مخذفة من خشب ترمي بها صغار الأحجار. (¬2) إسناده ضعيف كما قال المصنف، وقال: محمَّد بن حسان مجهول. وقال الذهبي في "الميزان" لا يُدرى من هو، وقال في "التقريب": مجهول، وقد أعِلَّ هذا =

قال أبو داود: رُوِيَ، عن عُبيد الله بنِ عَمرو، عن عَبدِ الملك، بمعناه وإسناده. وليس هو بالقوي وقد رُوي مرسلاً. قال أبو داود: ومحمد بن حسان مجهولٌ، وهذا الحديثُ ضعيفٌ (¬1). ¬

_ = الحديث بالاضطراب، وله طرق وشواهد لا تصح، وليس لأي منها إسناد قائم. انظر "تلخيص الحبير" 4/ 83. مروان: هو ابن معاوية الفزاري. وأخرجه ابن عدى 6/ 2223، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 324، وفي "الشعب" (8645)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" 2/ 385 من طريق مروان بن معاوية، بهذا الإسناد. وأخرجه الحاكم 3/ 525 من طريق هلال بن العلاء الرقي، عن أبيه، عن عبيد الله ابن عمرو الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الملك بن عمير، عن الضحاك بن قيس، رفعه. وأخرجه الطبراني في "الكبير" (8137)، وعنه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (3898) من طريق علي بن معبد الرقي، والبيهقي في "الكبرى" 8/ 324، وفي "الصغرى" (3403)، والخطيب في "المتفق والمفترق" (767) من طريق عبد الله بن جعفر، كلاهما عن عبيد الله بن عمرو الرقي، عن رجل من أهل الكوفة، عن عبد الملك بن عمير، عن الضحاك بن قيس. وقال ابن معين: الضحاك بن قيس هذا ليس بالفهري ولهذا قال الحافظ في "الإصابة" 3/ 504: هذا تابعي أرسل هذا الحديث. وقوله: "ولا تنهكي" قال الخطابي: معنا.: لا تبالغي بالخفض، والنهك: المبالغة في الضرب والقطع والشتم، وغير ذلك، وقد نهكته الحمى: إذا بلغت منه وأضرت به. وقال في "المغني" لابن قدامة 1/ 115: وأما الختان فواجب على الرجال ومكرمة في حق النساء وليس بواجب عليهن، هذا قول كثير من أهل العلم. (¬1) من قوله: وقد روي مرسلاً، إلى هنا، أثبتنا. من (هـ).

180 - باب في مشي النساء مع الرجال في الطريق

180 - باب في مشي النساء مع الرجال في الطريق 5272 - حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسلمةَ، حدَّثنا عبدُ العزيز -يعني ابنَ محمَّد- عن أبى اليمَانَ، عن شداد بنِ أبي عمرو بن حِمَاس، عن أبيه، عن حمزة بن أولى أُسَيد الأنصاريِّ عن أبيه، أنه سَمعَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم - يقولُ وهو خارجٌ مِن المسجدِ، فاختلطَ الرجالُ مَعَ النساءِ في الطريق، فقالَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-للنساءِ: "استَأخِرْنَ، فإنَّه ليسَ لَكُنَّ أن تَحْقُقْنَ الطريقَ، عليكُنَّ بحافَاتِ الطَريق" قال: فكانت المرأةُ تلصَقُ بالجِدارِ، حتى إن ثوبَها ليتعلَّق بالجدارِ مِن لصوقِها به (¬1). ¬

_ (¬1) إسناده ضعيف لجهالة شداد بن أبي عمرو وأبي اليمان -وهو كثير الرحّال-. وأخرجه يعقوب بن سفيان الفسوى في "المعرفة والتاريخ" 1/ 344، والشاشي في "مسنده" (1515)، والطبراني 19/ (580)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7822) من طريق عبد العزيز بن محمَّد، بهذا الإسناد. ابن مسلمة محمَّد بن عثمان. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" (13018) , والدولابي في "الكنى" 1/ 45، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7821) من طريق الحارث بن الحكم، عن أبى عمرو ابن حماس مرسلاً، بلفظ: "ليس للنساء سَراة الطريق". ووقع عند الطبراني أن له صحبة، لكن في إسناده عند الطبراني إسحاق بن محمَّد المسيّبى، وهو ضعيف الحديث. وهذا المرسل يعِلُّ الموصول، فهذه علة ثانية للخبر. وله شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن حبان (5601)، وابن عدي 4/ 1321، والبيهقي في "شعب الإيمان" (7823)، وفي إسناده مسلم بن خالد الزنجي، وهو ضعيف كثير الخطاً. وذكر ابن عدي أنه انفرد به. يعني من هذا الطريق. فلا يصلح مثله للاعتبار. والله أعلم. وكنا قد حسناً حديثه بشاهده الذي عند المصنف هنا موصولاً ومرسلاً، فيستدرك من هنا.

181 - باب الرجل يسب الدهر

5273 - حدَّثنا محمدُ بنُ يحيى بنِ فارسٍ، حدَّثنا أبو قتيبةَ سَلْمُ بنُ قتيبة، عن داودَ بنِ أبي صالحٍ المدنيِّ (¬1)، عن نافعِ عن ابنِ عمر: أن النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - نَهَى أن يمشيَ الرجلُ بينَ المرأتَين (¬2). 181 - باب الرجل يَسُبُّ الدهرَ 5274 - حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّبَّاح بنِ سفيانَ وابنُ السَّرْح، قالا: حدَّثنا سفيانُ، عن الزهري، عن سعيدٍ عن أبي هريرة عن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: "يقولُ الله عَزَّ وَجَلَّ (¬3): يؤذيني ابنُ آدمَ: يَسُبُّ الدَّهْرَ، وأنا الدَّهْرُ، بيدي الأمْرُ، أقلِّبُ الليلَ والنهار" (¬4). ¬

_ (¬1) جاء في (هـ): المُزَني، وهو خطأ، لأن داود بن أبي صالح هذا ذُكر في ترجمته أنه ليثيٌّ، وأين ليث من مزينة؟! والمثبت من (أ) وهو الصواب. (¬2) إسناده ضعيف جداً. داود بن أبي صالح -هو المدني- قال أبو حاتم الرازي هو مجهول حدث بحديث منكر، وقال أبو زرعة الرازي: لا أعرفه إلا في حديث واحد يرويه عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو حديثٌ منكر، وذكر البخاري هذا الحديث في "تاريخه الكبير" 3/ 234 من رواية داود هذا، وقال: لا يتابع عليه، وقال ابن حبان في "المجروحين" 1/ 290: يروي الموضوعات عن الثقات حتى كأنه يتعمد لها وذكر له هذا الحديث. وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 3/ 234، والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 33، وابن عدي 3/ 955، والحاكم في "المستدرك" 4/ 280، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5446) و (5447) من طرق عن سلم بن قتيبة، بهذا الإسناد. (¬3) قوله: "يقول الله عَزَّ وَجَلَّ" لم يرد في (أ) و (ج) و (هـ)، وأثبتاه من (ب) وهو الصواب، لأن الحديث من قول الله عز وجل. وكذلك جاء في مصادر تخريج الحديث. (¬4) إسناده صحيح. ابن السَّرْح: هو أحمد بن عمرو، وسفيان: هو ابن عيينة، والزهري: هو محمَّد بن مسلم، وسعيد: هو ابن المسيب. =

قال ابنُ السَّرْح: عن ابن المُسَيَّب، مكانَ سعيد. آخر كتاب الأدب وهو آخر الكتاب ¬

_ = وأخرجه البخاري (4826) و (7491)، ومسلم (2246)، والنسائي في "الكبرى" (11423) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم (2246) من طريق معمر، عن الزهري، به. وأخرجه البخاري (6181)، ومسلم (2246)، والنسائي في "الكبرى" (11422) من طرق عن أبي هريرة. وأخرج البخاري (6182)، ومسلم (2246) و (2247)، والنسائي (11423) من طرق عن أبي هريرة عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: "لا تقولوا: يا خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر" وعند بعضهم: "لا تسبّوا الدهر". وهو في "مسند أحمد" (7245)، و"صحيح ابن حبان" (5714) و (5715). قال الخطابي: تأويل هذا الكلام أن العرب إنما كانوا يسبُّون الدهر على أنه هو المُلم بهم في المصائب والمكاره، ويُضيفون الفعلَ فيما ينالهم منها إليه، ثم يسبُّون فاعلَها، فيكون مرجع السبِّ في ذلك إلى الله سبحانه وتعالى، إذ هو الفاعلُ لها، فقيل على ذلك:"لا تسبوا الدهرَ فإن الله هو الدهر" أي: إن الله هو الفاعلُ لهذه الأمور التي تُضيفونها إلى الدهر. نجز بعونه سبحانه وتوفيقه تحقيق "سنن أبى داود", وتخريج أحاديثه، والحكم عليها، ومقابلته بالأصول الخطية، والتعليق عليه، وكان الفراغ منه يوم الاثنين الثاني من رببع الأول سنة (1429) هجرية، الموافق اليوم العاشر من آذار سنة 2008 ميلادبة. والحمد لله الذي نتم به الصالحات.

§1/1