سفر السعادة وسفير الإفادة

السخاوي ، علم الدين

الجزء الأول

بسم الله الرحمن الرحيم وهو حسبي بسم الله الذي باسمه تفتتح الأوائل، والحمد الله الذي بحمده تنجح الوسائل، وصلى الله على محمد نبيه المنتخب من أشرف البطون والفصائل، وأكرم العمائر والقبائل، وعلى آله وصحبه الداعين إلى المكارم والفضائل. هذا كتاب سفر السعادة وسفير الإفادة يتحفك بالمعاني العجيبة، ويقفك على الأسرار الغامضة الغريبة، ويسلك بك إلى مرادك المسالك القريبة، ويجلو عليك من الخرائد الحسان

أوجها، ويدني إليك من الفوائد شموسا طالما سما بها أوجها؛ فاملأ وعاءك من درره، وأخلص دعاءك لمحرره، فقد كفاك مؤونة التعب، وحماك حزونة الدأب، وأراح من النصب، وأراح عن الوصب، وأزاح عن الوصب، وأتى بما لا يوجد في كتاب، ولا يورد عليه في منهل غير مناهله العذاب، نفع الله به المسلمين المذعنين لأهل الإفادة، المسلمين الذين {لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين} = شرحت فيه معاني الأمثلة ومبانيها المشكلة، وأودعته ما استخرجته من ذخائر القدماء [1/ب] وتناظر العلماء، وختمته بأغرب نظم وأسناه، فيما اتفق لفظه واختلف معناه، وأضفت إلى الأبنية ألفاظا مستطرفة واقعة أحسن المواقع عند أهل المعرفة، ورتبت الأبنية على الحروف مستعينا بالله المنان الرؤوف.

باب الهمزة

باب الهمزة الله، جل الله وعز وعلا: في هذا الاسم العظيم أقوال: الأول: قول سيبويه، وقد رواه عن الخليل: إن أصله (إله) مثل كتاب، ثم دخلت الألف واللام عليه، فقالوا: (الإله)، ثم نقلوا حركة الهمزة إلى اللام، ثم ادغموا اللام في اللام فقالوا: الله، تبارك الله وعلا. قال: ومثل هذا قولهم: (أناس) ثم أدخلوا الألف واللام، فقالوا: (الأناس) ثم قالوا: (الناس).

قال: وقد يجيء على الأصل، قال: إن المنايا يطلعـ .... ـن على الأناس الآمنينا قال الزجاج: (فمذهب سيبويه في الألف واللام كأنهما عوض من الهمزة المحذوفة، وقد صارتا كأحد حروف الاسم لا تفارقانه من الهمزة المحذوفة، وقد صارتا كأحد حروف الاسم لا تفارقانه فلا يجوز حذفهما منه؛ لأنه مباين اسمه لسائر الأسماء، وهو منفرد به عز وجل، لا يشاركه في هذا الاسم غيره). وقال الجوهري: سمعت أبا علي النحوي يقول: إن الألف واللام عوض من الهمزة. قال: ويدل على ذلك استجازتهم لقطع الهمزة الموصولة الداخلة على لام التعريف في القسم والنداء، وذلك قولهم: (فألله لتفعلن) و (يا ألله اغفر لي). ألا ترى أنها لو كانت غير عوض لم تثبت كما لم تثبت

في غير هذا الاسم؟ [2/ 1]. قال: ولا يجوز أيضا أن يكون للزوم الحرف؛ لأن ذلك يوجب أن تقطع الهمزة في (الذي) و (التي)، ولا يجوز أيضا أن تكون لأنها همزة مفتوحة وإن كانت موصولة، كما لم يجز في (ايمن الله) و (ايم الله) التي هي همزة وصل؛ فإنها مفتوحة. قال: ولا يجوز أن يكون ذلك لكثرة الاستعمال؛ لأن ذلك يوجب أن تقطع الهمزة في غير هذا مما يكثر استعمالهم له؛ فعلمنا أن ذلك لمعنى اختصت به، ولا شيء أولى بذلك المعنى من أن يكون للعوض من الحرف المحذوف الذي هو الفاء). وقال غيره مؤيدا لقول سيبويه: (أصله (إله)، وهو مشتق

من أله إلى الرجل يأله إليه: إذا فزع إليه من شر نزل به، فألهه أي: أجاره وآمنه، فسمي إلها، كما سمي الرجل إماما: إذا أم الناس فائتموا به، وكما سمي الثوب رداء ولحافا: إذا ارتدي به والتحف به؛ ثم إنه لما كان اسما لعظيم {ليس كمثله شيء} أرادوا تفخيمه بالتعريف الذي هو الألف واللام؛ لأنهم أفردوه بهذا الاسم دون غيره، فقالوا: (الإله)، واستثقلوا الهمزة في كلام لكثرة استعمالهم إياها- وللهمزة في وسط الكلمة ضغطة شديدة- فحذفوها، فصار الاسم كما نزل به القرآن). القول الثاني: قالوا: أصله (لاه) على وزن فعل، مثل ضرب. وإلى هذا القول [2/ب] ذهب أبو العباس محمد، قال: ثم دخلت عليه الألف واللام تعظيما لله عز وجل، وإبانة له عن كل مخلوق، فهو اسم وإن كان فيه معنى فعل. قال: ويؤيد هذا قول ابن عباس- رحمه الله-: هو الله ذو

الألوهية يألهه الخلف. وقرأ ابن عباس: (ويذرك وإلاهتك) أي: وعبادتك؛ لأنهم كانوا يعبدون فرعون. قال أبو العباس محمد: فهو (لاه) على وزن فعل، وأصله: (لوه) أو (ليه)، ثم أدخل الألف واللام. قال: ولو كان كما ذكر سيبويه أن أصله (إله) لكان قد حذف فاء الفعل وعينه، قال: لأنه تحذف همزة (إله)، وهي فاء الفعل، ثم تذهب اللام إذا أدخل الألف واللام. قال: ولم نر شيئا تحذف فاؤه وعينه. وليس كما قال؛ فإن عينه باقية لم تحذف.

القول الثالث: جوز بعضهم أن يكون أصله (ولاه)، فأبدلت الواو همزة، فقيل، إله، كما قالوا: (إسادة) في (وسادة)؛ واشتق من الوله؛ لأن قلوب العباد توله إليه، كقوله عز وجل: {ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون}. وكان القياس أن يقال: (مولوه) كما يقال معبود، إلا أنهم خالفوا به ذلك البناء ليكون اسما علما، فقالوا: إله، كما قالوا للمكتوب: كتاب، وللمحسوب: حساب. القول الرابع: قال آخرون: أصله من (أله يأله): إذا تحير؛ لأن العقول تأله عند التفكر [3/ا] في جلاله، أي تتحير. الخامس: قال بعض اللغويين: أله يأله إلاهة، بمعنى: عبد يعبد عبادة، والتأله: التعبد؛ وأنشد قول رؤبة:

لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهي أي: من تعبدي. قال: فمعنى الإله: المعبود، ومعنى لا إله إلا الله: لا معبود إلا الله، و (إلا) ههنا بمعنى (غير) لا بمعنى الاستثناء؛ لأن الاستثناء ينقسم إلى قسمين: إلى جنس المستثنى، وإلى غير جنسه، ومن توهم الأمرين في الله عز وجل فقد أبطل. السادس: قال أبو علي: من قال: إن إلاها مأخوذ من توله العباد فقد أخطأ؛ لأن قولهم: (تأله) يدل على أن الهمزة فاء الكلمة. السابع: زعم بعضهم أن الأصل فيه (الهاء) وهي الهاء التي تكون كناية عن الغائب. قال: وذلك أنهم أثبتوه موجودا في نظر عقولهم، وأشاروا إليه بـ (هاء) الكناية، ثم زيدت فيه لام الملك؛ إذا علموا أنه خالق الأشياء ومالكها، فصار (له) ثم زيدت فيه الألف واللام تعظيما، وفخموه

توكيدا. ومنهم من أجره على الأصل في ترك التفخيم؛ كقول الشاعر: أقبل سيل جاء من عند الله يحرد حرد الجنة المغلة فأما هذا القول وقول سيبويه وقول المبرد فهو كلام في اسم الله عز وجل، وباقي الأقوال إنما هو كلام في قولهم: إله. والقول الخامس لا يعد قولا؛ لأن قولهم: أله يأله [3/ب] إلاهة إنما هو مأخوذ من (الإله) وهو الذي أراد رؤية بقوله: (من تألهي)، أي من تعبدي الإله. و (المده) جمع مادة، والماده والمادح واحد. والقول الثامن: قال الخليل، في غير رواية سيبويه عنه: هو

علم، اسم غير مشتق، ولا يجوز حذف الألف واللام عنه، كما يجوز من الرحمن والرحيم. وإلى هذا القول ذهب جماعة من أهل العربية، وجماعة من الفقهاء منهم: الشافعي- رحمه الله- وأبو حنيفة، ومحمد بن الحسن؛ قالوا: هو اسم علم غير مشتق من شيء. وقال أبو بكر بن دريد: (فأما اشتقاق اسم الله عز وجل فقد أقدم قوم على تفسيره، ولا أحب أن أقول فيه شيئا). وهذا الذي حكيناه عن الفقهاء ومن وافقهم هو الذي يعول عليه ويجب المصير إليه؛ لأن ما تقدم من الأقوال ظن وتخمين لا دليل عليه. ألا تراهم يقولون: هو كذا، بل هو كذا؟ ثم إن سيبويه قال غير القول الأول، فأجاز أن يكون أصله (لاه). قلت: وليس قوله الأول فيه كقول العرب في النجم؛ لأن ذلك معلوم فيه الحالان، وليست الحال الأولى

التي ادعاها سيبويه في اسم الله عز وجل بمعلومة ولا يعرف ذلك، ولا يقوم عليه دليل. وليس ما قاله سيبويه في (الناس) مما يوافق هذا الاسم العظيم؛ لأن (الناس) و (الأناس) بمعنى واحد، وليس الله و (الإله) بمعنى واحد؛ لأن الله عز وجل علم لا يراد به ما يراد بالإله. [4/آ]. *أحمد: صلى الله عليه وسلم. هو مأخوذ من الحمد، كما أخذ من الحمرة أحمر، ومن الصفرة أصفر. وأحمد أبلغ من محمد، كما أن أحمر وأصغر أبلغ من محمر ومصفر؛ لأنه في أحمر وأصفر ألزم. وليس (أحمد) بمنقول من الفعل المضارع، ولا هو أفعل التفضيل، إنما مثال هذا أن يقال لك: ابن من كرم أفعل، فتقول: أكرم، ومن هذا الله أكبر؛ ومنه قول زهير:

فتنتج لكم غلمان أشأم كلهم .... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم و (محمد) أيضا مأخوذ من الحمد. وقيل لعبد المطلب: بم أسميت ابنك؟ فقال: بمحمد، فقالوا: ما هذا من أسماء آبائك!! فقال: أردت أن يحمد في السموات وفي الأرض. والهمزة في (أحمد) زائدة لأمرين: أحدهما: الاشتقاق. والثاني: أنها أول ومعها ثلاثة أحرف أصول، ولا تكون كذلك إلا زائدة. و (محمد) مفعل كـ (مكرم). ويقال: كل من تكاملت محاسنه ومناقبه وبلغ النهاية في الحمد فهو محمد، قال الأعشى: إليك- أبيت اللعن- كان كلالها .... إلى الماجد الفرع الجواد المحمد *آدم: صلى الله عليه وسلم: اسم، علم لا ينصرف لوزن

الفعل والعلمية، وهو عربي باتفاق. وقال ابن عباس- رحمه الله-: هو مأخوذ من أديم الأرض، وهو وجهها؛ لأنه مخلوق منها، قال الأعشى: يوما تراها كشبه أردية الـ .... ـعصب ويوما أديمها نغلا وقيل: هو مأخوذ من خلط الشيء بالشيء؛ لأنه مخلوق من ماء وطين. ويقال: أدمتك بأهلي، أي: خلطتك بهم، وبين فلان وفلان أدمة، أي: خلطة وعشرة. وفي الحديث: (إذا خطب الرجل المرأة فلا بأس أن ينظر إلى وجهها وكفيها فإن ذلك أحرى [4/ب] أن يؤدم بينهما)

وقيل: مأخوذ من الأدمة في اللون. وأنكر الزمخشري ما ذكرناه، وأن يكون على أفعل، وقال: (اشتقاقهم (آدم) من الأدمة ومن أديم الأرض نحو اشتقاقهم (يعقوب) من (العقب) و (إدريس) من (الدرس) و (إبليس) من (الإبلاس)؛ وما (آدم) إلا اسم أعجمي، وأقرب أمره أن يكون على (فاعل) كازر وعازر وعابر وشالخ وفالغ وأشباه ذلك). والذي قاله حسن وهو أشبه مما تقدم. وأما (إسرافيل) وأسماء الأنبياء- عليهم السلام- نحو: (إدريس) و (إبراهيم) و (إسماعيل) و (إسحاق) و (إسرائل) و (أيوب) فكلها

أعجمية. و (إبراهيم): اسم قديم، وقد تكلمت به العرب على وجوه: قالوا: (إبراهيم)، وهو المشهور، و (إبراهام)، وقد قرئ به، و (إبراهم)، على حذف الياء، و (إبرهم). ويروى أن عبد المطلب قال: عذت بما عاذ به إبراهم .... مستقبل القبلة وهو قائم وقال أيضا: نحن آل الله في كعبه .... لم يزل ذا على عهد ابرهم

ويقال: (إسماعيل) و (إسماعين). و (إسحاق) وافق من العربي مصدر: أسحقه إسحاقا. ويقال: (إسرال) مثل (ميكال) و (إسرائيل) و (إسرائين) قال أمية: لا أرى من يعينني في حياتي .... غير نفسي إلا بني إسرال قال أبو علي: والقياس في همزة (أيوب) ألا تكون زائدة؛ لأنه لا يخلو أن يكون (فيعولا) أو (فعولا)، فإن قدرناه (فيعولا) كان قياسه- لو كان عربيا- أن يكون من الأوب مثل (قيوم) وإن قدرته (فعولا) كان مثل سفود وكلوب، وإن لم يعلم في الأمثلة مثل هذا؛ لأنه لا ينكر أن يجيء العجمي على مثال لا يكون في العربي. ولا يكون من الأوب، وقد قلبت الواو فيه إلى الياء، لأن من يقول: (صيم) في (صوم) لا يقلب إذا تباعدت من الطرف ولا يقول إلا (صوام)، وكذلك هذه العين إذا تباعدت من

الطرف وحجزت الواو بينها وبين الآخر لم يجز فيها القلب.

فصل أذكر فيه زيادة الهمزة وأصالتها متى كانت الهمزة في أول الكلمة ومعها أربعة أحرف من الأصول فهي أصل عرف [5/آ] اشتقاق أو لم يعرف، والكلمة بها من الخماسي. وكذلك إن كانت حشوا أو طرفا، وذلك لكثرة كونها أصلا في ذلك إلا أن يمنع مانع أو يدل على الزيادة دليل. قال أبو عثمان: (إذا وجدت الهمزة غير أول فلا نقض بزيادتها إلا بثبت؛ لأنها لم تكثر زيادتها في غير الأول). فإن كانت الهمزة أولا وبعدها ثلاثة أحرف أصول قضي بزيادتها سواء كان معها في الكلمة زيادة أخرى أو لم يكن، وسواء عرف الاشتقاق أو جهل إلا أن يدل على أصالتها دليل، أو يمنع من زيادتها مانع؛ وإنما قضوا بذلك لأن زيادتها كثرت في

هذه الحال، فيحمل ما جهل على ما علم. فعلى هذا قالوا: الهمزة في (إبراهيم) و (إسماعيل) ونحو ذلك أصل لأنها أول وبعدها أربعة أحرف أصول، وتكون الهمزة في (إسحاق)، على ما قرر، زائدة، لأنها أول وبعدها ثلاثة أحرف أصول، وكذلك (إدريس) وقد سبق في (أيوب) ما قال أبو علي. *إبريق: فارسي معرب ومعناه بالفارسية: طريق الماء، أوصب الماء على رفق، وقد جاء في القرآن العزيز، وقال عدي بن زيد: ودعا بالصبوح يوما فجاءت .... قينة في يمينها إبريق والإبريق أيضا: السيف الصقيل، ووزنه: إفعيل.

* إبليس: زعم قوم أنه عربي، وأنه من (أبلس): إذا انقطعت حجته، أو من أبلس من رحمة الله، أي: يئس، أو من الانكسار والحزن؛ يقال: أبلس: إذا سكت عما قال؛ ومنه قوله: يا صاح هل تعرف رسما مكرسا [5/ب] .... قال: نعم أعرفه، وأبلسا ويمنع جميع ما قالوه عدم الصرف، ولو كان عربيا لصرف كما يصرف (إخريط) علما. *أبيل: هو عجمي، ومعناه الناسك من النصارى والراهب، قال:

أما ودماء لا تزال كأنها .... على قنة العزى وبالنسر عندما وما سبح الرهبان في كل بيعة .... أبيل الأبيلين المسيح بن مريما لقد ذاق منا عامر يوم لعلع .... حساما إذا ماهز بالكف صمما وكانو يسمون عيسى- على نبينا وعليه السلام- أبيل الأبيلين. والأبيل أيضا: عصا الناقوس، قال: وما صك ناقوس النصارى أبيلها وصاحب تلك العصا: أيبلي، قال: وما أيبلي على هيكل .... بناه وصلب فيه وصارا

ومعنى (صار) ههنا: صور. *إبريسم: بفتح الهمزة والراء، وبعضهم يكسر الهمزة، وهو معرب. *إبزار: هو معرب، يقال بفتح الهمزة وبكسرها. وهو مفرد وليس بجمع، وهو التابل، والجمع: الأبازير. إبلمة: واحدة الأبلم، وهي خوص المقل. يقال بفتح الهمزة واللام، وبضمهما، وبكسرهما. *الأبلة: اسم بلدة. قال أبو علي: وزنه (فعله) وتكون الهمزة أصلية. قال: (ولو قيل: هو (أفعله) والهمزة زائدة مثل (أبلمة) و (أسنمة) لكان قولا). *أبيناء: جمع (بين)، من قولهم بان الشيء بيانا فهو بين: إذا اتضح. ويقال أيضا: أبان الشيء فهو بين. فجمع (بين) على

(أبيناء) وهو (أفعلاء)، كما جمع (هين) على (أهيناء). *أباتر: هو الذي يقطع [6/آ] رحمه، قال الشاعر: لئيم نزت في أنفه خنزوانة .... على الرحم القربى أحذ أباتر وقال الجرمي: هو القصير. والخنزوانة: الكبر. والأحذ: الخفيف اليد، وهو أحذ بين الحذذ، قال الفرزدق: أوليت العراق ورافديه .... فزاريا أحذ يد القميص الرافدان: دجلة والفرات. يخاطب يزيد بن عبد الملك. وأراد بالفزاري أبا المثنى عمر بن هبيرة. وأراد بخفة اليد: الخيانة.

* إبين: اسم موضع. ويقال: عدن أبين، بفتح الهمزة وكسرها. *أترج: جمع أترجة، وتقديرها: (أفعلة)، والهمزة زائدة، وروى أبو زيد: (ترنجة) والجمع (ترنج). *أتي: مسيل الماء، بضم الهمزة، وهو فعول والهمزة فيه أصل. وقال الأصمعي: (أتي) بالفتح. وقال الجرمي: هنا لغتان؛ وقال الفرزدق: تصرم عني ود بكر بن وائل .... وما كان عني ودهم يتصرم قوارص تأتيني ويحتقرونها .... وقد يملأ القطر الأتي فيفعم

قال الجرمي: يقول بعضهم: (الأتي) وبعضهم: (الأتي) فضم قوم وفتح آخرون، يعني في بيت الفرزدق. *أثفية: واحدة (الأثافي): وهي الحجارة التي ترفع عليها القدر قال الجوهري: (الأثافي)، قال: وإن شئت قلت: (الأثافي) بالتخفيف. وقال أبو الفتح: (لم يسمع في جمعها إلا التخفيف اجتمعت العرب على ذلك). وقال الجرمي: قالوا في (أثفية): أثاف، وأجمعوا على تخفيفها. قال: ولا نعلم أحدا ممن يوثق بفصاحته جاء بها على الأصل مثقلة. قال: وقالوا في جمع (أوقية): (أواقي) [6/ب] فثقلوا الياء، وخففها بعضهم فقال: (أواق). قال: وكل ما كان مثقل الياء في الواحد فثقله في الجمع، لا يجوز إلا ذلك، إلا أن تسمع العرب تقول شيئا فتتبعه، قالوا في (أمنية): (أماني)؛ قال الله عز وجل: {لا يعلمون الكتاب إلا أماني}، وقالوا في (سرية): (سراري).

قلت: وقول زهير: أثافي سفعا في معرس مرجل .... ونؤيا كجذم الحوض لم يتثلم يروى بالوجهين. وقال أبو إسحاق: (التخفيف أكثر في (أثاف) في كلام العرب؛ لكثرة استعمالهم (أثاف)، وإن كان التثقيل الأصل؛ قال ذو الرمة: وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى .... ثلاث الأثافي والرسوم البلاقع) وقال أبو جعفر النحاس: (سمعت محمد بن الوليد يقول: ما رأيت أحدا يروي: (أثافي سفعا) إلا بالتخفيف. قال النحاس: وسمعت أبا الحسن على بن سليمان ينكر هذا ويقول: الوجه التثقيل لأنه الأثل والوزن فيه مستقيم).

قلت: وتقدير (أثفية): (أفعولة)، والهمزة زائدة. يقال: ثفيت القدر وأثفيتها: إذا أصلح لها الأثافي. ويقال: بقي من بني فلان أثفية خشناء، أي بقي منهم عدد كثير والمثفاة من النساء: التي لها ضرتان. *إثمد: هو حرج الكحل، ووزنه: (إفعل). *أثعوب: أفعول، وهو المنثعب من الماء. يقولون: تعبت الماء ثعبا، أي فجرته. *أجدل: هو الصقر، والهمزة فيه زائدة. *اجلوذ بهم السير، أي: دام؛ وأنشد أبو العباس: ألا حبذا حبذا حبذا .... حبيب تحملت فيه الأذى

ألا حبذا برد أنيابه .... إذا أظلم الليل واجلوذا [7/آ] *إجرد: هو (إفعل) مثل إثمد، وهي بقلة. *أجارد: موضع، قال: أتانا ابن أرض يبتغي الزاد بعدما .... ترامي حلامات به وأجارد ابن أرض، أي: غريب. وحلامات موضع أيضا. *أجبن: جمع جبين. ويروى قول رؤبة:

إذا رمى مجهولة بالأجبن بالباء، على أنه جمع جبين، وبالنون، على أنه جمع جنين. فمن رواه بالباء فمعناه ينظرون ما قدامهم من بعد الطريق، ومن رواه بالنون فمعناه: إنه يسقط الأجنة، وذكر الروايتين العبدي وغيره. *آجر بالتشديد وبالتخفيف. وآجور، ويأجور وأجرون، وآجرون، أبو داود: ولقد كان ذا كتائب خضر .... وبلاط يشاد بالآجرون ويروى: (بالأجرون) بقصر الهمزة وإسكان الجيم. وقال ثعلبة بن صعير المازني:

.. ... ... ... فدن ابن حية شاده بالآجر وقال الأصمعي: آجرة وآجرة، بتخفيف الراء وكسر الجيم وضمها. والهمزة في (الآجر) أصلية؛ لقولهم: الآجورن والآجور: فاعول؛ إذ ليس في كلامهم (أفعول)، والهمزة في (آجر) هي التي في (آجور). وإذا حقرت الآجرة، فإن شئت حذفت الواو فقلت: "أجيرة" ولا يمكن التعويض من المحذوف، وإن شئت حذفت الراء فقلت: (أويجرة)، ولك أن تعوض فتقول: (أويجيرة). *أجفلى: هو أن يدعو الناس عامة من غير اختصاص إلى طعامه، وكذلك (الجفلى)، قال طرفة: [7/ب] نحن في المشتاة ندعو الجفلى .... لا ترى الآدب فينا ينتقر والانتقار: أن يخص بدعوته. وقد دعي في النقرى لا في الجفلى أي: في الخاصة لا في العامة. ولم يعرف الأصمعي إلا

الجفلى وقال غيره: الأجفلى والأزفلى: الجماعة من كل شيء. *أجلى: موضع. والهمزة فيه أصل، وتقديره: (فعلى)، قال: حلت سليمي ساحة القليب .... بأجلى محلة الغريب *أجمع وأجمعون: أما (أجمع) فاسم موضوع للتأكيد، علم؛ فلم يصرف للتعريف ووزن الفعل. وأما (أجمعون) فهو اسم للجمع، وليس بجمع كالزيدين.

ألا ترى أنه لا يقال: الأجمعون، كما يقال: الزيدون؟!. وقال قوم: هو في تقدير الإضافة، كما أنهم لم يقولوا: البعض والكل؛ لأنه في تقدير الإضافة وقد أنشد أبو عبيدة. رأيت الغني والفقير كليهما .... إلى الموت يأتي الموت للكل معمدا *احرنجم القوم: ازدحموا. واحرنجمت الإبل: بعضها بعضا. وقوله: الدار أقوت بعد محرنجم .... من معرب فيها ومن معجم يريد العدد الكثير المجتمع. *احرنبى الديك: إذا نفش ريشه وتهيأ للقتال. والألف فيه

للإلحاق بـ (افعنلل). *إحرون: جمع حرة، زادوا الهمزة إيذانا باستحقاقه التكسير، وأنه ليس له جمع السلامة، كما غيروه بالحركة في (ثبون) و (قلون). وإنما جمع (حرة) هذا الجمع جبرا لما دخله من الوهن بالتضعيف، ثم لم يتموا له كمال السلامة، فزادوا الهمزة. وكذلك لما جمعوا أرضا فقالوا: (أرضون) غيروا بالحركة فكانت زيادة الهمزة في (إحرين) كزيادتها في تغيير بناء الواحد في الجمع حين قالوا: (أكلب). وقد جمعوها أيضا جمع التكسير الذي تستحقه فقالوا: (حرار). وقال بعضهم: (حرون) فلم يذد الهمزة. والحرة: أرض غليظة ذات حجارة سود. وقال معمر بن المثنى: لما فرغ علي- عليه السلام- من أمر (الجمل) أعطى لكل رجل ممن أبلى خمس مائة درهم، وكان فيمن أعطي رجل من بني تميم؛ فلما خرج علي- عليه السلام- إلى صفين خرج

التميمي معه، فلما عضته الحرب رجع إلى الكوفة، فقالت ابنته: أين [8/آ] خمس المائة؟ فقال: 1 إن أباك فر يوم صفين .... لما رأى كعبا والأشعريين 3 وحاتما يستن في الطائيين ... وذا الكلاع سيد اليمانين 5 وقيس عيلان الهوازنيين ... قال لنفس السوء: هل تفرين 7 لاخمس إلا جندل الإحرين .... والخمس قد أجشنمك الأمرين 9 جمزا إلى الكوفة من قنسرين

* أحلبوا: عليه، أي: اجتمعوا، قال الشاعر: على تلك إجرياي وهي ضريبتي .... إذا أجلبوا طرا عليه وأحلبوا والإجريا: العادة، ووزنه: (إفعيلى). *الأحناء: جمع حنو، وهو الجانب، قال: شديدا بأحناء الخلافة كاهله وقال لبيد: فقلت: ازدجر أحناء طيرك واعلمن .... بأنك- إن قدمت رجلك- عاثر أي: جوانب طيرك. والطير ههنا بمعنى العجلة والطيش

والخفة. وهو مثل، يقولون: ازجر أحناء طيرك، أي نواحيه أماما [وخلفا] ويمينا وشمالا. *إخريط: ضرب من الشجر. *اخروط بهم السير اخرواطا، أي: امتد. *إخليج: المرأة التي اختلجت من زوجها وولدها، أي: انتزعت، والناقة المختلج عنها ولدها، وكذلك الفرس الجواد المنتزع. *اخرنطم: أي: غضب. والمخرنطم: الغضبان الذي يرفع رأسه متكبرا. *أدابر: قاطع الرحم، والذي لا يقبل الموعظة. *إدرون: إفعول، وهو الدرن والوسخ. *أذربيجان: اسم مركب من (أذر) و (وبيجان)، والهمزة في

أوله أصل، قال الشماخ: تذكرتها وهنا وقد حال دونها .... قرى أذربيجان المسالح والجال وبالنسبة إليه: أذري، وقيل: أذري، بفتح الذال، على غير القياس. *إردخل: هو البناء. ووزنه: (فعلل). والهمزة فيه أصل؛ لأنها في الأول وبعدها أربعة أصول. *أربى: من أسماء الداهية، قال ابن أحمر: فلما غسى ليلي وأيقنت أنها .... هي الأربى جاءت بأم حبوكري

يجوز أن يكون أخوذا من قولهم تأربت على القوم، أي: غلبتهم وفلجت، ومنه قول لبيد: [8/ب] [و] نفس الفتى رهن بقمرة مؤرب أو من التأرب، وهو التشدد في الأمر، قال الأصمعي: (يقال أربت في حاجتي، وتأرب فلان علي، أي: تشدد وتأبى)؛ أو من الأربة، وهي العقدة، وتأريب العقدة: إحكامها فلا تنحل حتى تحل. *إربيان: إفعلان. سمك بالبصرة بيض كالدود.

وقال الجرمي: هو نبات. وأظنه من: ربا يربو: إذا زاد. وقد قالوا في تثنية الربا: (ربيان). وفي كتاب أهل نجران: (ليس عليهم ربية). وأهل الحديث يقولون: (ربية). قال الفراء: إنما هو (ربية) مخففة سماعا من العرب، يعني أن القياس أن تكون (ربوة) بالواو، أي: أسقط عنهم كل ربا [كان] عليهم. فيجوز أن يكون (إربيان) من الارتفاع والزيادة، ولكن الياء من أجل الكسرة، كما قالوا: (الحبية) من (الحبوة) وقال أبو حاتم: الربية: ضرب من الحشرات، والجمع: ربى. *رونان: يقال: يوم أرونان، أي: شديد، قال النابغة الجعدي:

فظل لنسوة النعمان منا .... على سفوات يؤم أرونان ولم يأت على (أفعلان) إلا هذا و (أنبجان)، وسيذكر إن شاء الله عز وجل. وأحسبه مأخوذا من الصوت؛ فإن يوم الحرب تكثر فيه الأصوات. والأرونان: كثرة الأصوات والجلبة. والنون في البيت المذكور مكسورة؛ لأنه أراد (أروناني)، وبعده: فأردفنا حليلته وجئنا .... بما قد كان جمع من هجان إرزب: هو ملحق بـ (جردحل) وهو (إفعل). ومعناه: غليظ ضخم، قال: إن لها مركبا إرزبا .... كأنه جبهة ذرى حبا

وقال ربيعة بن صبح: [9/آ] 1 لقد خشيت أن أرى جدبا في عامنا ذا بعد ما أخصبا 3 إن الدبا فوق المتون دبا وهبت الريح بمور هبا 5 تترك ما أبقى الدبا سبسبا كأنه السيل إذا اسلحبا 7 أو كالحريق وافق القصبا والتين والحلفاء فالتهبا 9 حتى ترى البويزل الإرزبا من عدم المرعى قد اقرعبا

11 تباً لأصحاب الشوي تبا وأنشده أبو علي: (مثل الحريق)، فيكون منصوبا على الحال من الضمير في (اسلحبا) أي: اسلحب مثل الحريق، أو على أنه نعت لمصدر مقدر، أي: اسلحبابا مثل اسلحباب الحريق، أي: امتد الدبا وانتشر انتشار النار في القصب والتبن والحلفاء. وشدد الباء في الشعر في الوصل تشبيها بحال الوقف لما اضطر. وقال أبو الفتح: لا يقال في هذا: إنه وقف ولا وصل. وقوله (جذبا): أراد جدبا، ولكنه حرك الدال لالتقاء الساكنين بسبب التشديد. وأما قوله (أخصبا): فإنه ينشد بفتح الهمزة وكشرها؛ فالفتح على أنه أخصب يخصب، وشدد الباء كما قال: (القصبا). ومن أنشده (إخصبا) بالكسر كان مثل (احمر) إلا أنه قطع همزة الوصل. والمور: الغبار. والسبسب: الذي لا نبات فيه.

والإرزب: الضخم الشديد. واقرعت: تقبض من الضر. والشوي: الشاء. إردب: مقدار لما يكال بمصر، وهو ست ويبات. والويبة: أربعة أرباع، والربع: أربعة أقداح، وكل ثلاثة أقداح إلا ثلثا صاع النبي صلى الله عليه وسلم، قال الأخطل: والخبر كالعنبر الهندي عندهم .... والبر سبعون إردبا بدينار [9/آ] *الأردن: نهر معروف، وتسمى تلك الكورة أيضا بذلك، قال: حنت قلوصي أمس بالأردن

* الأرم: على (فعل) وهي الأضراس. وهو من: أرم يأرم: إذا عض، فكأن الأرم جمع أرم. ويقال هو يحرق عليه الأرم: إذا حك بعض أضراسه من الغيظ ببعض: قال: نبئت أحماء سليمي إنما .... باتوا غضابا يحرقون الأرما وقال النضر بن شميل: سألت نوح بن جرير بن الخطفى عن قول الشاعر: وبلوك من حرد علي الأرما

فقال: الحصى. *أربعاء: أفعلاء، والباء مكسورة، والهمزة زائدة؛ كذا رواه أبو زيد وغيره عن العرب. قال الجرمي: وسمعت الأصمعي يقول: الأربعاء، بفتح الباء، والأربعاء، بضم الباء: عمود من أعمدة الخباء، ولم يأت على (أفعلاء) غيره. *ارطى: هو شجر من شجر الرمل يدبغ به. ويقول بعض العرب: أديم مأروط، أي: مدبوغ بالأرطى. فهؤلاء ينونون فيقولون: أرطى، والألف على هذا للإلحاق، ويقولون في الواحدة: أرطاة، ودخول الهاء يمنع أن تكون الألف للتأنيث، فـ (أرطى) على هذا (فعلى) وأصله: (أرط) كما قالوا: أديم مأروط، فزيدت الألف للإلحاق بجعفر. فإن سميت رجلا بـ (أرطي) على هذا لم ينصرف في المعرفة لأن فيه ألفا تشبه التأنيث في الزيادة، وإنما انصرف في النكرة ليفرق بين الألف

الزائدة لغير التأنيث وبين ألف التأنيث. ومنهم من يقول: أديم مرطي، وقد أرطت الأرض: إذا أنبتت الأرطي، فهو على هذا (أفعل) والهمزة زائدة. قال الجرمي: (وكلهم ينون)، يعني [10/آ] من جعل الهمزة أصلا ومن جعلها زائدة. وحكى أبو زيد: بعير مأروط ومرطي، أي: يأكل الأرطي؛ وقال الشاعر: ألا أيها المكاء مالك ههنا؟ .... ألاء ولا أرطى فأين تبيض فأصعد إلى أرض المكاكي واجتنب .... قرى الشام لا تصبح وأنت مريض *أرز: فيه ست لغات: أرز، وأرز- مثل: قفل وطنب- وأرز، وأرز، ورز، ورنز؛ والنون لغة عبد القيس. وأجاز

بعضهم أن تكون النون في لغة هؤلاء بدلا من إحدى الزاءين، كما أبدلوها من الجيم في (إجاص) فقالوا: (إنجاص). و (أرز) وزنه: أفعل، والهمزة فيه زائدة. و (أرز) أتبعت فيه الضمة الضمة. و (أرز): فعل مثل رسل. و (أرز) مخفف مثل رسل. و (رز) و (رنز) فعل، وقال بعضهم: يا خليلي كل إوزه .... واجعل الجو ذاب رنزه وقيل: إن هذه الكلمة أعجمية في الأصل. *إرمينية: بلد. وقالوا في النسبة إليها: (أرمني)، وذلك من تغيير النسبة، والقياس: (إرميني). وقيل: إنه لما وافق [ما] بعد الراء من (إرمينية) ما بعد

الحاء من (حنيفة) قيل (أرمني) كما قيل: (حنفي) وكانت ياء النسبة فيه بمنزلة تاء التأنيث في (حنيفة) لأنهما متآخيان، ألا تراهم قالوا: (رومي) في (روم) كما قالوا: (شعيرة) في (شعير). *أرجان: بلد. قال أبو علي وزنه: (فعلان) ولا يجعل أفعلان؛ لئلا تكون الفاء والعين من مكان واحد، ولا ينبغي أن يكون عليه لقلته. قال: وأنشدني محمد بن السري:

أراد الله أن يخزي عميرا .... فسلطني عليه بأرجان *ارعوى: [10/ب] معناه: كف، يقال: ارعوى عن القبيح ارعواء، وهو حسن الرعوة والرعوى والرعوة. قال بعض العلماء: وتقدير (ارعوى): افعول، ووزنه: افعلل، وإنما لم يدغم لسكون الياء. وقال ابن الخياط النحوي- وهو من أصحاب أبي العباس ثعلب-: (أقمت سنين أسأل عن وزن (ارعوى) فلم أجد من يعرفه؛ ووزنه له فرع وأصل، فأصله أن يكون (افعل) مثل (احمر) كأنه: (ارعو)، وكرهوا أن يقولوا ذلك؛ لأن الواو المشددة لم تقع

في آخر الماضي ولا المضارع، ولو نطقوا بـ (ارعو) ثم استعملوه مع التاء لوجب إظهار الواوين، كما أنهم إذا ردوا (احمر) إلى التاء قالوا: احمررت، وأظهروا المدغم، قلم يقولوا: (ارعووت) فيجمعوا بين الواوين كما لم يقولوا: (اقوووت)، فقلبوا الواو الثانية منه ياء، ولا ريب في أن إحدى الواوين زائدة كما لا ريب في أن إحدى الراءين في (احمررت) زائدة. قال: (فإن قيل: فما الحاصل في وزن (ارعوى)؟ قال: فجائز أن يقال: افعلل. قال: ولو قال قائل: (افعلى) لكان وجها، والأول أقيس. ولو قيل: ابن من (الغزو) مثل (احمر) لقيل: (اغزوى) كما قيل: ارعوى، وكذلك جميع ذوات الثلاثة التي ياؤها في موضع الواو جارية هذا المجرى). *إرميا: اسم نبي- صلى الله على نبينا وعليه- وافق أمر الاثنين بالرمي.

* أرجوان: صبغ أحمر شديد الحمرة، يقال إنه نشاشتج العصفر، والبهرمان دونه، قال ذلك أبو عبيدة. ويقال: إنه معرب، وهو بالفارسية: (أرغوان)، وقيل: هو نوار أحمر أحسن ما يكون. وقالوا لكل لون يشبهه أرجوان. *أركوب: أفعول. يقال: مر بنا أركون، أي: ركب. *إزمول، وإزمولة: ضعيف, والتاء فيه مثلها في (علامة) و (نسابة)، وليست من بناء الكلمة. وروى الأصمعي وأبو عبيدة لابن مقبل:

عودا أحم القرا إزمولة وقلا .... يأتي تراث أبيه يتبع القذفا وقال الأصمعي: (القذفا). قال الجرمي وغيره: هما لغتان. وقالوا: (إزمولة) و (إزمول)، بكسر الهمزة وفتح الميم. وقال الجوهري: أزمولة، بضم الهمزة والميم، عن أبي عمرو. وقال: هو [11/آ] المصوت من الوعول وغيرها، وأنشد البيت، وقال: يصف وعلا. ثم قال بعد ذلك: ويقال: إزمول وإزمولة، وقال في البيت: (على تراب أبيه). *أزفلة: الأزفلة: الجماعة. و (أزفلى) مثل (أجفلى). وقال سيبويه: أخذته إزفلة، بكسر الهمزة وتشديد اللام، أي: خفة. *إزفنة: اسم رجل.

* إسحمان: إفعلان، بكسر الهمزة والحاء: جبل بعينه. *أسحوف: يقال: ناقة أسحوف، بضم الهمزة والحاء، أي: واسعة الأحاليل. *اسحنكك: الشعر: اشتد سواده، والليل: اشتد ظلامه. *إسنام: شجر. *إسحار: بقل. والواحدة: إسحارة. *أسطوانة: قال بعضهم: الهمزة فيه زائدة، والنون أصلية؛ وهو: (أفعوالة) مثل أقحوانة لأنه قد جمع على (أساطين)، وقيل

فيه أيضا: أساطين مسطنة. وقال الأخفش: هو (أفعوانة) فجمع بين ثلاث زوائد: الواو، والألف، والنون، ولا يكاد مثل هذا يوجد. وقال آخرون: هو (أفعلالة). وجمعه على أساطين يرد ذلك؛ إذا ليس في الكلام (أفاعين). والأسطوانة: السارية. وجمل أسطوان، أي: مرتفع. *أسطم البحر: لجته، وأسطمة القوم: أشرافهم. وأسطمة الحسب: وسطه ومجتمعه. وقوله:

يا ليتها لو خرجت من فمه حتى يعود الملك في أسطمه أي: في أهله. وجمع أسطمة: أساطم. *إسكاف: واحد الأساكفة، وهو (إفعال)، وليس في الصفات إفعال غيره. ويقال: (أسكوف) أيضا. *أسكفة: هي عتبة الباب. *أسكرجة: هي فارسية عربت. وتفسيرها: مقربة الخل. قال أبو علي في تحقيرها: (أسيكرة) بحذف الجيم

وعلى التعويض: (أسيكيرة)، وكذلك قياس التكسير إن اضطر إليه. وزعم سيبويه [11/ب] أن الخماسي لا يكسر إلا على استكراه، فإن جمع على غير التكسير ألحق الألف والتاء. قال: وقياس ما ذكر سيبويه في (إبراهيم): (سكيرجة)، وما تقدم هو الوجه. *إسكندر: يقال بفتح الهمزة وكسرها، وهو أعجمي لا مثال له في العربي. *أسكوب: أفعول، أي: منسكب. قال:

. ... ... برق يضيء أمام القوم أسكوب *أسلوب: هو الطريق والفن أيضا. يقال أخذ في أساليب من القول، أي: في طرق وفنون. *إسليح: بكسر الهمزة واللام، وبالحاء المهملة: نبت تصلح عليه الإبل. وقالت امرأة: إبل أبي ترعى الإسليح، تفخر بذلك على أخرى، فقالت ابنة الخس- وهي تحكم بينهما-: رغوة وصريح وسنام إطريح. والخمس بضم الخاء، أبو هذه المرأة واسمها: هند. *أسماء: اسم امرأة. قال قوم: هو (فعلاء) وألفه للتأنيث، وأصله: وسماء، وإنما أبدل من الواو همزة، وهو من الوسامة أي: الحسن. وقيل: إنما هو جمع اسم، سميت

المرأة بذلك، ووزنه أفعال. وقد أجمعوا على أنك لو سميت رجلا بـ (أسماء) لم تصرفه؛ فعلة منع صرفه عند من قال: إنه أفعال أنه اسم لمؤنث سميت به المذكر فلم تصرفه، كما لو سميت رجلا بـ (زينب). وأما من قال: أصله (وسماء) فهو فعلاء لا ينصرف، سميت به مذكرا او مؤنثا عرفته أو نكرته، وقد أبدلوا الهمزة من الواو المفتوحة في: امرأة أناة، أي: وناة، وهو من (ونى يني). وفي الحديث: (إذا زكي المال ذهبت أبلته)، وهو من الوبال [12/آ]. و (أحد) أصله: وحد. *أشائب: هم أخلاط الناس، وكذلك (الأشابات)؛ قال النابغة: وثقت له بالنصر إذا قيل قد غزت .... قبائل من غسان غير أشائب

وقال: بما جمعت من حضن وكعب .... أشابات يخالون العبادا وقيل: إنه فارسي الأصل. والذي يغلب على الظن أنه عربي كثرة تصرفهم في هذه الكلمة: قالوا للجماعة من الناس: أشابة، والأشابات والأشائب في جمعه. وتأشب القوم واتئشبوا: إذا اختلطوا. وجاء فلان فيمن تأشب إليه، أي: انضم إليه. وأشبت الغيضة: إذا التفت. وشجر أشب، أي:

ملتف. وعدد أشب، أي: مختلط، ونحو ذلك. *إشنان: قالوا: إنه ليس بعربي. وفيه لغتان: ضم الهمزة وكسرها. والهمزة فيه أصل على القياس؛ لأن القضاء بزيادتها يخرج الكلمة عن كلامهم، وتكون النون لام الكلمة، كررت للإلحاق بـ (قرطاس)، وليس في العربية أفعان ولا إفعان والأشنان هو الحرض. *إشفى: إفعل، هو آلة الإسكاف. وقال ابن السكيت: المخصف للنعل، والإشفى للأسقية والمزادة. *أشاء: للنحاة فيه أشياء:

قال الخليل: هو جمع (شيء) جمع على (فعلاء) كما جمع (فاعل) على (فعلاء)، في قولهم: شاعر وشعراء، و (فاعل) لا يجمع على ذلك، كذلك جمع على (شيء) على (شيئاء) ثم نقلوا الهمزة الأولى إلى أول الكلمة استثقالا لاجتماع همزتين فقالوا [12/ب]: (أشياء) فصار تقديره (لفعاء) ويدل على ذلك تصغيره على (أشياء)، وأنه لا يصرف، وأنه جمع على (أشاوي) بكسر الواو وفتحها، وأصله: (أشائيي) مثل أفاعيل، فقلبت الهمزة باء فاجتمعت ثلاث باءات، فحذفت الوسطى، وقلبت الأخيرة ألفا، وأبدلوا من الأولى واوا، كما قالوا: (أتوة) في مصدر أتيته. وعن الأصمعي: سمعت رجلا من العرب يقول لخلف الأحمر: إن عندك لأشاوي، مثل أواقي. ويجمع أيضا على

(أشايا) و (أشياوات). وأقول: إن قول الخليل هذا لا يصح، لأن (فعلاء) ليس من أمثلة الجمع، وليس بذلك مثل شاعر وشعراء؛ لأن فعلاء من أمثلة الجمع، وأمثلة الجمع قد وقع بعضها مكان بعض. وقوله: (إنهم نقلوا الهمزة الأولى من (شيئاء) إلى أول الكلمة) لا يستقيم؛ لأنهم إنما يقلبون إذا نطقوا بالأصل، كقولهم: صواعق وصواقع ولو لم يقولوا ذلك لم يعلم أنه مقلوب؛ ولم ينقل عنهم أنهم قالوا: شيئاء فتكون أشياء مقلوبة عنه!!!. وقال الأخفش: أصل أشياء: (أشيئاء)، تقديره: أفعلاء، ثم حذفت الهمزة التي بين الياء والألف تخفيفا.

فقال له أبو عثمان: كيف صغرت العرب أشياء؟ فقال: (أشياء). فقال: تركت أصلك؛ لأن كل جمع كسر على غير واحده، وهو من أبنية الجمع فإنه يرد في التصغير إلى واحده، كما قالوا: شويعرون، في تصغير شعراء [13/آ]، وفيما لا يعقل بالألف والتاء، فكان يجب أن تكون: (شييئات). قلت: وهذا لا يلزم الخليل لان فعلاء ليس من أبنية الجمع. وقال الكسائي: أشياء: أفعال، جمع شيء، مثل: فرخ وأفراخ، وإنما تركوا صرفه لكثرة الاستعمال؛ ولأنها شبهت بـ

(فعلاء). وقد ألزموه ألا يصرف أبناء وأسماء. وقال الفراء: أصل شيء: (شيئ) مثل شيع، ويجمع على (أفعلاء) مثل هين وأهيناء ولين وأليناء، ثم خفف فقيل: شيء، كما قيل: هين ولين، فقالوا: أشياء، فحذفوا الهمزة الأولى. فقيل له: لو كان كذلك يجمع على (أشاوى). وأقول عليه أيضا: إنه ليس كهين ولين؛ لأن ذلك لما نطق بالمثقل منه على المخفف، ولم تقل العرب: (شيئ)، كما قالوا هين. فأحسن هذه الأقوال كلها وأقربها من الصواب قول الكسائي لأنه (فعل) جمع على أفعال، مثل سيف وأسياف. وأما منع الصرف فيه فعلى التشبيه بـ (فعلاء)، وقد يشبه

الشيء بالشيء فيعطى حكمه، كما أنهم شبهوا ألف (أرطى) بألف التأنيث، فمنعوه الصرف في المعرفة. *إصبع: فيه ثماني لغات: إصبع: بكسر الهمزة وفتح الباء. ولم يأت (إفعل) سوى هذا و (إبين) في عدن إبين، و (إشفى)، و (إنفحة) وليس في الصفات (إفعل). الثاني: أصبع، بفتح الهمزة وكسر الباء. ولم يأت على (أفعل) سواه. [13/ب] الثالث: بضم الهمزة وفتح الباء. الرابع: بفتح الهمزة وضم الباء. والخامس: بفتحهما. والسادس: أصبوع. والسابع: بكسر الهمزة وضم الباء.

والثامن: بضم الهمزة وكسر الباء، وهما- أعني السابع والثامن- رديئان. والأصبع تذكر وتؤنث، وقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: هل أنت إلا إصبع دميت .... وفي سبيل الله ما لقيت والإصبع أيضا: الأثر الحسن، يقال: لفلان على إبله إصبع، أي: أثر حسن؛ قال الراعي:

ضعيف العصا بادي العروق ترى له .... عليها إذا ما أجدب الناس إصبعا *إصطبل: قضوا فيه بأصالة الهمزة، وبأن الكلمة خماسية لأن الهمزة أول الكلمة وبعدها أربعة أحرف أصول، ولا تكون الهمزة في مثل ذاك إلا أصلا. و (إصطبل) على هذا مثل (جردحل). وقال ابن دريد: إصطبل ليس من كلام العرب. وأنشد بعضهم: لولا أبو الفضل ولولا فضله لسد باب لا يسنى قفله ومن صلاح راشد إصطبله ومعنى (لا يسنى) لا يفتح؛ قال الشاعر:

وأعلم علما ليس بالظن أنه .... إذا الله سنى عقد شيء تيسرا أي: سهل وفتح. *إصليت: إفعيل. يقال: سيف إصليت، أي: صقيل. *إصيلال: تصغير (أصلان)، ومنه قول النابغة: وقفت فيها أصلالا أسائلها .... أعيت جواب وما بالربع من أحد [14/آ] وأصلان جمع أصيل، كرغيف ورغفان. والقياس في تصغيره: (أصيلات) كما تقول في رغفان: رغيفات؛ لأن جمع الكثرة إنما يصغر واحده، ثم تلحق الألف والتاء إذا كان لما لا يعقل كـ: فليسات ودريهمات. وإن كان لهما يعقل ألحق الواو والنون كـ: شويعرون. وقال: (أصيلالا)، فأبدل اللام من النون ونصبه على الظرف. وإنما أبدل اللام من النون لما بينهما من التقارب؛ فإنهم يجعلون

المتقاربين بمنزلة المثلين؛ كما قال: ياريها اليوم على مبين .... على مبين جرد القضيم و (مبين) موضع، وأضافه إلى (جرد القضيم) وهو موضع يقرب منه، فلذلك أضافه إليه. ومن ذلك قوله: إذا ركبت فاجعلوني وسطا .... إني كبير لا أطيق العندا والعند جمع عنود، وهي التي لا تستقيم في سيرها. وأما قوله:

يا قاتل الله بني السعلات .... عمرو بن يروع شرار النات فإنه أبدل التاء من السين لما بينهما من التقارب هربا من الإكفاء. *إضبارة: الإضبارة: الإضمامة، والجمع: أضابير. وقد ضبرت الكتب أضبرها: إذا ضممت بعضها إلى بعض. *إضريح: كساء أصفر، والفرس الجواد السابق. *إضحيان: إفعلان. ليلة إضحيان، أي: مضيئة. إطريح: يقال: سنام إطريح، أي: طويل. وقد طرح البناء تطريحا: إذا رفعه جدا.

والطرماح بن حكيم الشاعر مأخوذ من قولهم: طرمح البناء، وهو طرح، والميم زائدة. *الأطيبان: الأكل والجماع. يقال: ذهب منه الأطيبان وأطايب الجزور جمع أطيب. وقولهم: (مطايب الجزور) خطأ. والطاب والطيب في الأصل بمعنى واحد؛ قال: [14/ب] مقابل الأعراق في الطاب الطاب

بين أبي العاص وآل الخطاب يعني عمر بن عبد العزيز رحمه الله. وأبو العاص: جد جده؛ لأنه عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص. وأم عمر هي أم عاصم بنت عمر بن الخطاب رحمه الله. *أطيب وأطاب: بمعنى واحد، وذلك إذا جاء بطيب. وحكى بعضهم: أطاب: إذا جاء بطعام طيب، أو رزق أولادا طيبين، أو حسن خلقه، أو استحم، أو تيمم. *اظلم: أصل هذه الكلمة (افتعل) من: ظلم؛ فلما كانت التاء مهموسة، والظاء مطبقة مستعلية قلبوها، أعني التاء إلى لفظ الظاء، فقالوا: اظلم. ومنهم من يقلب التاء والظاء طاء، فيقول: (اطلم)؛ لأن الطاء

أخت الظاء في المخرج وموافقة لها في الإطباق. ومنهم من يقول: (اظطلم) فيقلب التاء طاء، ويبقي الظاء فلا يقلبها فيقول: اظطلم. فهؤلاء إنما قصدوا تقريب التاء من الظاء بقلبها طاء للموافقة التي بين التاء والطاء، وبين الطاء والظاء. وقول زهير: هو الجواد الذي يعطيك نائله .... عفوا ويظلم أحيانا فيظلم يروى على هذه الأوجه. وقد روي فيه أيضا: (فينظلم)، وليس (ينظلم) مما ذكرناه، إنما هو (ينفعل)، وإذا كان كذلك لم يحتج إلى التغيير كما احتاجوا في التاء إلى ذلك. ومعنى قوله: (ويظلم أحيانا) أي: يسأل فوق طاقته فيتحمل ذلك. وأكثر هذه اللغات (اطلم) بقلب التاء والظاء طاء وبالإدغام.

ومن قال: (اظلم) كره أن يدغم الأصلي الذي هو الظاء في الطاء؛ لأن الظاء أصلي والطاء زائد؛ لأنه مبدل من التاء، فكرة إدغام الأصلي في الزائد. *اعلوط: يقال: اعلوط بعيره اعلواطا: إذا اخذ بعنقه فعلاه. [15/آ] وصحت الواو في المصدر ولم تنقلب ياء لأنها مشددة، ولولا ذلك لانقلبت ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. *اعشوشب: يقال: اعشوشبت الأرض: إذا كثر فيها العشب. وهذا البناء للمبالغة كما يقولون: خشن، فإذا بالغوا قالوا: اخشوشن. *اعرورى: الفرس، والبعير، ونحو ذلك: إذا ركبه عريا، وهو: افعوعل، قال:

واعرورت العلط العرضي تركضه .... أم الفوارس بالدئداء والربعه الدئداء: أشد عدو البعير. يقال: دأدأ دأدأة ودئداء. وكذلك الربعة، وهو مأخوذ من أربعة: يقال: مر البعير يرتبع: إذا ضرب بقوائمه كلها. والربعة أيضا: حي من الأسد. والربعة: جونة العطاء. ورجل ربعة: بين الطويل والقصير، وامرأة ربعة، وجمعها جميعا: ربعات، بالتحريك، وقياس فعله ألا يحرك في الجميع إذا كان صفة. *إعصار: الريح التي يتلف فيها الغبار صاعدا كأنه عمود، وقيل هي ريح تثير سحابا، وفيها رعد وبرق. وقول الله عز وجل: {فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت} أي: ريح فيها سموم، وقال الحسن: فيها برد شديد. ووجه قوله أنها لشدة بدرها تحرق النبات. ووزن (إعصار): إفعال، والجمع: الأعاصير.

* أعوج: فرس جواد كان في الجاهلية. ويجوز أن يكون هذا الاسم العلم منقولا من الصفة، من قولهم: رجل أعوج: إذا كان سيئ الخلق. *أعيلاء: جمع عيل، وهو الواحد من العيال. *اغدودن: النبت: إذا اخضر جدا حتى يصير فيه سواد من شدة [15/ب] الري. واغدودن الشعر: إذا طال وتم استرخى, قال حسان: وقامت ترائيك معدودنا .... إذا ما تنوء به آدها وقولهم: شباب عداني، من هذا، أي: ناعم غض؛ قال رؤبة: بعد غداني الشباب الأبله

والغدن: الفتور والاسترخاء. *إغريض: هو الطلع. والغريض أيضا لغة فيه. ويقال لكل أبيض طري: غريض. *أفعوان: ذكر الأفاعي. ووزن (أفعى): أفعل، وعامة العرب تصرفه. ويلزم على هذا أن تكون الهمزة أصلية. ولكن لما كثرت زيادة الهمزة أولا في الاسم والصفة والفعل أيضا؛ إذ ليس في كلامهم فعل على (أفعل) إلا والهمزة فيه زائدة، نحو: أكرم، ومصدر أفعل مخالف لمصدر دحرج؛ فلما رأوا مصدر أفعل مخالفا لمصدر بنات الأربعة، وفعله يخالف فعلها في قولهم: يكرم؛ لأنه يخالف (يدحرج) = قضوا بأن يكون أفعل ثلاثيا، وأن تكون الهمزة فيه زائدة. *أفكل: هو الرعدة. يقال: أصابه أفكل: إذا ارتعد من برد أو خوف. ووزنه: أفعل. وهو منصرف في النكرة؛ فإن سميت به لم تصرفه للعلمية ووزن الفعل. ولم ينبوا من أفكل فعلا.

* أفنون: أفعول، وهو ذو الفنون. والفن: النوع. والأفانين: الأساليب، وهي طرق الكلام. والأفنون أيضا: العجوز. *اقعنسس: الرجل إذا اجتمع. وقيل للأصمعي: ما الأقعس؛ فقدم بطنه وأخر صدره. وهو ضد الانحناء. وأنشد ثعلب: فما نفى عنك قوما أنت خائفهم .... بمثل وقمك جهالا بجهال فاقعس إذا حدبوا واحدب إذا قعسوا .... ووازن الشر مثقالا بمثقال

وقيل: الاقعنساس: أن يرجع إلى خلفه ويتأخر. وقول الراجز: بئس مقام الشيخ أمرس أمرس .... إما لى قهو وإما اقعنسس [16/آ] معناه: إنه يذم مقام المستقي إذا كان شيخا فمرس الحبل، أي: وقع بين القعو والبكرة، فيقال حينئذ: أمرس أمرس، أي: أعد المرس إلى مجراه. والمرس: الحبل، والجمع: أمراس؛ وقد مرس الحبل يمرس مرسا: إذا وقع بين القعو والبكرة. والقعوان: حديدة تجري بينهما البكرة. وإن متح بيده ولم يستق بالبكرة فآلمه ظهره قيل له: اقعنسس، أي: انحن واجذب الدلو. *أقحوان: هو النبات ذو النوار الأصفر المحفوف بالورق الأبيض، وبذلك الورق يشبه الثغر، وهو أفعلان. ويجمع (أقاحي)، ويصغر على (أقيحي).

* أقوال: جمع قول، وجمع قيل أيضا. والقيل دون الملك ويقال في جمعه أيضا: أقيال. *إكليل: إفعيل. هو الذي يكون على رأس الملك وهو عصابة مرصعة بالجوهر. ويسمى التاج أيضا إكليلا. والإكليل أيضا من منازل القمر، وهو أربعة أنجم مصطفة. والإكليل: السحاب الذي عليه غشاء. وإكليل الملك: من الأدوية. *أكمؤ: جمع كمء. قال ابن السراج: (ويقال: مررت بأكمؤك، فتكتب بالواو على رأي سيبويه وبالياء على رأي الأخفش).

والكمء، في المشهور عن العرب، واحد، والكمأة جمع. وذلك على خلاف ما هو المألوف في تمرة وتمر، وشعيرة وشعير. وقد حكى أبو زيد أن من العرب م يجعل ذلك مثل تمرة وتمر، فيقول في الجمع كمء وفي الواحدة: كمأة. *أكياش: قال الأخفش: ثوب أكياش، وهو ضرب من أفعال إلا في الجمع نحو: أحمال وأعدال. ثم قال: إلا أنهم قد رووا أنهم يقولون: هو الأنعام، فيجعلونه واحدا مرا، قال الله عز وجل: {وإن لكن في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه}.

* أل: هو فعل. وله معان: الأول: مصدر أل يؤل ألا: إذا لمع. والثاني: جمع (ألة) وهي الحربة العريضة النصل. والثالث: [16/ب] الأل: الضرب بالألة. وقالت امرأة من العرب تدعو على رجل: ماله؟ أل وغل!! أي: ضرب بالألة، وغل: من الغلة، وهي العطش، أو من الغل. والرابع: الجماع. والخامس: الجؤار، ورفع الصوت، والاستغاثة. ومنه الحديث: (يعجب ربكم من ألكم وقنوطكم ومن رحمته لكم).

والسادس: الإسراع. يقال: أل الفرس يؤل ألا: إذا أسرع في عدوه. قال الشاعر: مهر أبي الحبحاب لا تشلي .... بارك فيك الله من ذي أل و (مهر) منادى مضاف. وقوله: (لا تشلي) إنما كسر اللام لالتقاء الساكنين، كقولك: لا تعض، ولا تشم، والياء للإطلاق. وقيل: إنه أراد مهرة فرخم؛ فعلى هذا تكون فتحة الراء فتحة بناء، ومن قال هذا القول كسر الكاف من قوله: (فيك الله). وعلى هذا القول وجوه من الاعتراض، منها: أن المضاف لا يرخم إلا مستكرها. ومنها: أنه ليس بعلم وغير العلم لا يرخم. ومنها أنه قال: (من ذي أل)، ولم يقل: من

ذات أل. *ألندد: وزنه: أفنعل. وهو الألد، والألد: الخصم؛ قال طرفة: فمرت كهاة ذات خيف جلالة .... عقيلة شيخ كالوبيل ألندد وقال الطرماح: يضحي على جذم الجذول كأنه .... خصم أبر على الخصوم ألندد وتصغير ألندد: (أليد)؛ لأن النون زائدة للإلحاق بـ (سفرجل) فتصغيره وتصغير ألد سواء. واليلندد في معنى ألندد.

والكهاة: الناقة الضخمة. والخيف: الضرع الكبير. والجلالة: الغظيمة، مثل الجليلة. والعقيلة: الكريمة. والوبيل: خشبة القصار. ألنجج: هو أفنعل أيضا، مثل ألندد، لكن ألنجج اسم وألندد صفة: [17/آ] وهو العود الهندي. وفيه أربع لغات: *ألنجج، ويلنجج، وألنجوج، ويلنجوج. قال سيبويه: يزيدون الألف مرة والياء أخرى. *إمخاض: إفعال. وهو السقاء الذي يمخض فيه اللبن. *إمعة: فعلة، والهمزة فيه أصل. ومنه من القول بزيادتها- وإن كان ما تقدم يوجب ذلك- أنه ليس في الصفات (إفعلة) ولا (إفعل)، وفيها (فعلة) وذلك (دنبة)، وهو القصير، وكذلك (الدنابة) أيضا. ويقال: إن الدنبة مقصور من الدنابة، والدال فيهما غير معجمة.

والإمعة، والإمعي، والمعمعي: هو التبع الذي لضعفه يتبع كل أحد. وقال عبد الله بن مسعود رحمه الله: (لا يكونن أحدكم إمعة). وقال بعضهم: ولست بإمعة في الرجال .... أسائل هذا وذا: ما الخبر *امحى: من محوت. ولا يقال: امتحى إلا في لغة ضعيفة. ومحاه يمحوه، يمحيه، ويمحاه: بمعنى واحد، فهو ممحو، وممحي؛ وأنشد الأصمعي: كما رأيت الورق الممحيا إمرة: مثل إمعة، وهو الضعيف الذي يأتمر لكل من يأمره، وكذلك الإمر؛ قال:

ولست بذي رثية إمر .... إذا قيد مستكرها أصحبا والإمرة أيضا: الأنثى من ولد الضأن. وقيل: الإمر من ولد السائمة كلها: الذكر، والإمرة: الأنثى. يقال: ما بقي له إمر ولا إمرة، أي: لا جدي ولا عناق. *أنبجان: أفعلان. يقال: عجين أنبجان، أي: منفتخ عال. وكذلك يقال للصوت الغليظ المرتفع. ويقال للكلب إذا كان كذلك: إنه لنباج. وقد ذكر هذا المعنى مبسوطا في النظم الذي جعلته في آخر هذا الكتاب. ولم يأت على أفعلان إلا أنبجان،

ويوم أرونان، وقد تقدم. *إهجيري: إفعيلى، وهو الدأب والعادة. ويقال: ما زال ذلك إهجيراه، وهجيراه. قال ذو الرمة: فانصاع والويل هجيراه والحرب وكذلك إجرياه. أهنئ: مذكور في باب الوقف. وهو مستقبل إما [17/ب] من قولهم: هنأته أهنئه: إذا أعطيته، والاسم: الهنء، والمصدر: الهنء. وإن شئت فمستقبل: هنأني الطعام يهنئني، ويقال أيضا: يهنؤني. ويقال في العطية أيضا: يهنؤه. ويقال في

المثل: (إنما سميت هانئا لتهنئ)، بالكسر، قال ذلك الأموي. وقال غيره: لتهنأ. فـ (أهني) الذي وقع في باب الوقف يجوز حمله على أي هذه المعاني شئت. *أولق: هو الجنون؛ قال الأعشى يصف ناقته: وتصبح من غب السري وكأنما .... ألم بها من طائف الجن أولق والهمزة في أولق أصل, ووزنه: فوعل؛ لأنهم يقولون: ألف فهو مألوق. قال الزجاج: (وليس اشتقاقه من (ولق يلق): إذا أسرع، كما قال:

جاءت به عنس من الشام تلق قال: ولو كانوا أبدلوا الهمزة من الواو لقالوا: (مولوق)، فقولهم: (مألوق) يدل على أن الهمزة فيه أصل. فإن قيل: فلم امتنع أن يكون من (ولق) إذا أسرع؟ قال الزجاج: فالجواب أن الهمزة قد ثبت أنها في (أولق) أصل، ولو كان من (ولق) لوجب كونه فوعلا، والواو فيه أصل، فيصير الأصل (وولقا)، فتبدل من الواو الأولى همزة). قلت: فالزجاج يريد أنه (فوعل) كيفما قدر، وأن الهمزة فيه أصل. إوزة: من طير الماء، والجمع إوز. ويقال أيضا: وزة ووز. وحكى سيبويه أيضا في جمعه: إوزون، كما قالوا في حرة: إحرون. قال سيبويه: كأنهم جمعوا (إحرة) وإن لم يتكلم بها.

ومعنى قول سيبويه: (كما قالوا في حرة: إحرون) أي: في جمعهما بالواو والنون، وإلا فإوزون جمع [18/آ] إوزة، والهمزة في إوزة زائدة لأنها في أول الكلمة وبعدها ثلاثة أحرف أصول؛ ولقولهم أيضا: وزة. *أويت له: رحمته، قال: فاليت لا آوى لها من كلالة .... ولا من وجى حتى تلاقي محمدا صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأويت إلى المكان: نولت به واستقررت فيه. *آري: حبل تحبس به الدابة، وقد يشد إلى وتد مدفون في الأرض. والجمع: أواري مشدد ويخفف. والهمزة فيه أصل؛ لأنها في أول الكلمة وبعدها أربعة أحرف

أصول. وتقديره: (فاعول)، وهو مأخوذ من قولهم: تأريت بالمكان: إذا أقمت به. قال أعشى باهلة: لا يتأرى لما في القدر يرقبه .... ولا يعض على شرسوفه الصفر أي لا يترقب إدراك القدر ليأكل. وقال أبو زيد: لا يتحرى وهو في معنى الأول. آية: فعلة، وعينها عند سيبويه واو؛ لأن ما كانت

عينه واوا ولامه ياء أكثر من كون العين ياء واللام ياء؛ وباب (شويت) أكثر من باب (حييت)، والنسبة إليها على هذا: أووي. وقال الكسائي والفراء: وزنها: فاعلة، وأصلها: آيية، فحذفوا لامها، وهي في الأصل: فاعلة، استثقل اجتماع الياءين، فحذفت. وجمعها: آي وآياي: وآيات؛ وأنشد أبو زيد: لم يبق هذا الدهر من آيائه .... غير أثافيه وأرمدائه وآية الإنسان شخصه.

وتأييته مثل تفعلته، وتآييته مثل تفاعلته: إذا قصدت آيته وتأملت ذلك. وقالت جارية لأمها: يا أمتا أبصرني راكب .... يسير في مسحنفر لاحب فقمت أحثي الترب في وجهه [18/ب] .... عني وأحمي حوزة الغائب تعني بالغائب زوجها. فقالت أمها: الحصن أدنى لو تأييته .... من حثيك الترب على الراكب أي: لو قصدته وتعمدته. ويوى: (لو تآييته). ويقال: حثى يحثي حثيا، وحثا يحثو حثوا، لغتان.

أورى شلم: اسم بيت المقدم وهو عبراني، وقد تكلمت به العرب؛ قال الأعشى: وقد طفت للمال آفاقه .... عمان فحمص فأورى شلم *وقال أبو عبيدة: (شلم) بكسر اللام. قال: وهو عبراني معرب، والهزاء فاء. وجاء من هذا القبيل في العربي: أوار النار. *أيدع: قيل هو الزعفران، وقيل: البقم، وقيل: دم الأخوين، وقيل: صبغ أحمر، وهو أفعل. وقد قالوا: يدعته تيديعا. *أيصر: حشيش، قال الشاعر: تذكرت الخيل الشعير عشية .... وكنا أناسا يعلفون الأياصرا *أيهقان: فيعلان، والهمزة فيه أصل، قال لبيد:

فعلا فروع الأيهقان وأطفلت بالجلهتين ظباؤها ونعامها وهو الجرجير البري. وفروع، بالرفع، فاعل. ويروى بالنصب، أي علا السيل فروع الأيهقان، والواحد: أيهقانة. وجهلة الوادي: جانبه مما يستقبلك منه.

فصل تدخل الهمزة الكلمة- ليست منها- بدلا في سبعة مواضيع - الأول: أن تكون بدلا من واو أو ألف أو ياء إذا وقعت إحداهن بعد ألفه زائدة؛ فالواو نحو: عجائز، والألف نحو: رسائل، والياء نحو: كتائب. وإنما أبدلت الهمزة من هذه الحروف في هذه المواضع؛ لأن هذه الحروف ساكنة في المفرد زائدة، ولا أصل للواو والياء في الحركة فيردان إليه. فلما وقعت هذه الحروف بعد ألف الجمع، واحتيج إلى تحريكها لسكونها وقبلها ساكن [19/آ]، جعل مكانهما همزة. وكذلك ألف رسالة أبدلت همزة لأن الألف لا تقبل الحركة، فاحتيج أن يجعل مكانها حرف يقبل الحركة، وكانت الهمزة أولى من غيرها؛ لأنها أقرب الحروف إليها.

فإن قيل: فكان ينبغي في واو (عجوز) وياء (كتيبة) أن يكتفى بتحريكهما؛ لأنهما يقبلان الحركة، ولا يحتاج إلى إيقاع غيرهما مكانهما- قيل: الحركة عليهما تثقل، ولما استنابوا الهمزة عن أختهما وهي الألف استنابوها عنهما. فإن كان للواو أو الياء أصل في الحركة- وإنما أزيلت الحركة عنهما لأجل الإعلال- ووقعا هذا الموقع ردا إلى أصلهما في الحركة، ولم يحتج إلى نائب عنهما. واحتمل الثقل في هذه الحال لأنه الأصل، وذلك نحو: (معيشة) و (معونة) تقول في الجمع: معايش ومعاون. وكان الأصل: معيشة على (مفعلة) ولكنها أعلت بنقل حركتها إلى العين. وإنما أعلت لأنها على وزن الفعل؛ لأن معيشا مثل يعيش، وموافقة الاسم الفعل توجب الإعلال كما أعلوا نابا وبابا ودارا؛ لأنها على زنة الفعل. وصححوا نحو: (الحول) و (لومة) لما فارق الفعل، فما وافق الفعل أعل كما أعل. ولم يمنع خوف الإلباس من الإعلال

كما منع ذلك في (أجود) لأنهم لو أعلوه لقالوا: (أجاد) فأتوا بلفظ الفعل فلذلك قالوا في الاسم: أجود منك؛ ليفرقوا بينهما. فإن قيل: فهلا [19/ب] صححوا الفعل وأعلوا الاسم- قيل: إن الاسم أخف من الفعل، فكان أحمل للثقل الذي هو التصحيح؛ لأن الإعلال إنما أريد به الخفة. وأما نحو (معيش) و (معيشة) فلا مانع من الإعلال لأن في ذلك فاصلا بين الاسم والفعل وهو الميم، لأن الميم لا تكون من زيادة الأفعال. فلما احتيج في الجمع إلى التحريك حرك ما كان له حركة في أصله بحركته الأصلية ولم يقلب همزة؛ وذلك مثل: مقاوم ومقاول، جمع مقام ومقال، ومعيشة ومعايش، ومعونة ومعاون. ومن همز (معايش) فقد غلط وأخطأ. وإنما أوقعه في هذا الغلط أنه رأى معيشة مثل سفينة في اللفظ، ورآهم يهمزون سفائن، فهمز معايش.

وكذلك قالوا: (مصائب)، فهمزوا تشبيها لمصيبة بسفينة لأنها وافقتها في اللفظ. وهذه الحروف من العرب من جاء بها على الجمع على ما تستحقه. وأما (مدائن) فمنهم من همزه في الجمع على أن (مدينة) فعيلة. وقد قالوا: مدن بالمكان، أي: أقام به؛ وعلى ذلك قالوا: مدن. ومنهم من لم يهمز على أنه من: دان يدين، فمدينة على هذا: مفعلة، والنسبة على هذا: مديني، والذين جعلوا ميم (مدينة) أصلا وجعلوه فعيلة قالوا في النسبة: مدني. وإذا كانت الواو والياء للإلحاق لم يهمز في الجمع نحو: عثير وعثاير، وجدول وجداول، وحثيل وحثايل؛ لأن الملحق بمنزلة الأصلي؛ والحثيل: شجر. وأما (ذوائب) فكان القياس أن تجمع على (ذائب)؛ لأن ألف ذؤابة كألف رسالة، لكنهم لو قالوا: (ذائب) لوقعت ألف الجمع

بين همزتين، وذلك ثقيل، فأبدلوا من الأولى [20/آ] واوا. - الموضع الثاني من المواضع التي تبدل فيها الهمزة: أن تكون عين الفعل معتلة ياء أو واوا، فتنقلب ألفا في الماضي وتعل في المستقبل، نحو: قام ويقوم، وباع ويبيع؛ فاسم الفاعل من هذا: قائل وبائع، وذلك لأن العين إذا كانت ياء أو واوا اعتلت في الفعل كما ذكرت، فإذا أرادوا اسم الفاعل قالوا: قائم وبائع فأعلوها فيه كما اعتلت في فعله، فلم يصلوا إلى إعلالها بالسكون لالتقاء الساكنين، فأبدلوا الهمزة مكان الواو والياء فقالوا: بائع وقائل بالهمز وقد تخفف هذه الهمزة بين بين، وقوم من العرب يقبلونها ياء، وهي أضعف اللغات. - الموضع الثالث: أن تبدل الواو في أول الكلمة أو وسطها همزة إذا كانت مضمومة ضما لازما، وليس البدل بضربة لازم، بل هو جائز.

وذلك نحو: (أجوه) في (وجوه) و (أقتت) في (وقتت) و (أثؤب) في (أثوب) و (أنؤر) في (أنور) في جمع ثوب ونار. فإن كانت الواو وسطا وانكسرت لم تهمز نحو (أيورة). وإن كانت في الأول فقد جاء فيها الهمز- وليس كالذي قبله- وذلك نحو: وشاح وإشاح، ووعاء وإعاء، ووفادة وإفادة. فإن كانت مفتوحة فهمزها شاذ؛ قالوا: امرأة أناة، وهو من الفتور، وأحد، وهو (وحد) من الوحدة، وإذا زكي المال ذهبت أبلته. وهو من الوبال. وقالوا: أسماء، اسم امرأة، قال قوم: هو وسماء من الوسامة وألفه للتأنيث. وقيل: هو أفعال، وامتنع الصرف لأنه اسم لمؤنث، فامتنع للتأنيث والعلمية كزينب. وقد تقدم هذا.

وإن كانت الواو مضمومة طرفا لم تهمز نحو: (دلو)، و (غزو)؛ لأنها ضمة إعراب تزول وليست بلازمة. وفي (سؤوق) تجوز الهمزة؛ لأن الضمة لازمة. وأما (أولى) تأنيث (أول) فيجب همزها لاجتماع الواوين في أول الكلمة وهي (وولى) في الأصل. ويجوز في (وليا) تأنيث (الأولى) الهمز؛ لأن الضمة لازمة، وتركه. وأما قوله عز وجل: {ولا تنسوا الفضل} و: {عصوا الرسول} فالأكثر على أنها لا تهمز؛ لأنها إذا همزت ذهبت علامة الجمع. وأجاز قوم همزها لأنها مضمومة ضما لازما. وكل فعل مبني للمفعول فواوه يجوز همزها، نحو: أمن، وأزن، وأعد، وفي الإمام: {أقتت} بالألف. -

الرابع: أن تجتمع واوان في أول كلمة [20/ب]، وليست الثانية حرف لين نحو: أويصل في تصغير واصل، والأصل: وويصل؛ فلما اجتمع الواوان وجب قلب الأول همزة. فأما قوله عز وجل: {ما ووري عنهما من سوءاتهما} فجائز في العربية قلب الأولى همزة، وترك القلب وهو الذي عليه جامعة القراء ولا تهمز الثانية لأنها حرف لين. * الخامس: إبدالها من الواو والياء لامين نحو: شقاء وسقاء. وذلك أن الواو والياء لما كانا طرفين، وكان الأصل: (شقاو) و (سقاي) تحركتا وكان ما قبلهما ألفا زائدة تشبه الفتحة كانا بمنزلة ما كان ما قبله مفتوحا، كأنهما قد تحركا وانفتح ما قبلهما فقلبا ألفا، فاجتمع ألفان: الألف الزائدة والمنقلبة، فلا يمكن الجمع بينهما ولا إسقاطهما؛ لأنه إخلال ببناء الكلمة، ولا إسقاط واحد منهما؛ لأن إسقاط أحدهما

يصير الكلمة مقصورة، وإنما الكلمة ممدودة؛ فلابد من تحريك إحداهما ولا يجوز أن يكون المحرك إلا الثانية؛ لأن الأولى زائدة للمد، ولأنها- لو حركت- لانقلبت همزة وبعدها ألف فتصير الكلمة مقصورة كـ (رشأ)؛ ولأن الثانية لها أصل في الحركة. وأما من قال في تعليل قبلها بعد الألف الزائدة: إن الألف الزائدة لا يعتد بها؛ لأنها غير حاجز، وصارت الواو والياء كأنهما قد وليا الفتحة فانقلبا لذلك ألفا فهو أيضا وجه. * السادس: إبدالها من الألف للتأنيث وغيره. فألف التأنيث التي أبدلت منها هي التي وقعت بعد ألف زائدة نحو: حمراء، وصفراء، وأنبياء، وخنفساء، وغير ذلك من الأمثلة، وهو كثير. [21/آ] قال أهل النحو:

إن هذه الهمزة هي ألف التأنيث المكسورة، أرادوا أن تكون الكلمة ممدودة ليتسعوا في الكلام فزادوا قبل ألف التأنيث ألفا فكانت طرفا وقبلها ألف زائدة، فاجتمع ألفان وامتنع اجتماعهما وإسقاطهما وإسقاط أحدهما لفوات الغرض الذي لأجله زادوا الألف، فتعين تحريك الثانية؛ لأن الأولى زائدة لا أصل لها في الحركة، ولأن تحريكها لا يحصل الغرض الذي قصدوه من المد فحركوا الثانية، وهي ألف التأنيث، بأن قلبوها همزة؛ لأن الهمزة أقرب الحروف إليها، فحصل ما أرادوه من المد. وقد أبدلوها من الألف التي وقع بعدها ساكن مدغم فرارا من اجتماع الساكنين على كل حال قالوا في (إشعال): (اشعال)، وفي (ابياض): (ابيأض)، وكذلك {الضألين} و {لا جأن}، وهذا ما جاء منه عن العرب فهو شاذ لا

يقاس، وليس كلهم يتكلم به ومن ذلك: (حبلأ)، في الوقف، وهو (يضربهأ). - السابع: إبدالها من الهاء في قولهم: (ماء)، والأصل: ماه. وكان على: (موه) فلما تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا فصار: (ماه)، قم قلبوا الهاء همزة؛ لأنهما متقاربتان، فحصل في الكلمة إعلال حرفين متلاصقين، وذلك مما اجتنبوه في كلامهم، وهو مما شذ. ودل على أن الأصل في هذه الكلمة الهاء قولهم في التصغير: (مويه)، وفي التكسير أمواه، وقد قالوا: (مياه) أيضا، أبدلوا الواو ياء [21/ب] لأجل الكسرة. وذهب بعضهم في (شاء) إلى ما ذكرته في (ماء). وقال آخرون: هو اسم للجمع، وليس من لفظ شاة، وإن كان فيه بعض حروفها.

فقد حصل من جميع ما ذكر، أن الهمزة تكون أصلا، وتكون زائدة، وتكون بدلا. وهذا أصل يدلك على الزائد والأصلي في الهمزة وغيرها.

فصل الأصلي: ما لزم الكلمة كيفما تصرفت. ولا يسقط الأصلي إلا لعلة، وهو مع السقوط مقدر، نحو حروف (ضرب)، ألا تراها تتصرف مع الكلمة، نحو: استضرب؟. والزيادة تكون بتكرير بعض حروف الكلمة الأصول، وتكون خارجة عن ذلك، فالأولى: الزيادة من موضعها، والثانية: زيادة من غير الأصل. فالزيادة من موضعها أربعة أقسام: الأول: تكرير العين، نحو: سلم، وضرب، فهذا مكرر العين. ولا تتكرر في الغالب- أعني العين- إلا على ما ذكرت. وقد قالوا للكثير الكذب: كذبذب؛ فهذا فعلعل، تكررت العين فيه ثلاث مرات، واللام مرتين، وفصلت الباء، وهي لام الكلمة، بين العين الثانية والثالثة. الثاني: ما تكررت فيه اللام فقط.

قالوا: (جلبب) ليلحقوه ببناء دحرج، فكرروا. وكذلك قولهم (مهدد) في اسم المرأة وهو ملحق بـ (جعفر). وقولهم: (سفرجل) تكررت اللام فهو: فعلل: ثلاث لامات. والعين إذا كررت لم تكن إلا من لفظها، بخلاف اللام فقد تكون على خلاف ذلك [22/آ] في نحو: جعفر؛ لأن الفاء والراء فيه لامان، وقد تكون من جنسها نحو: جلبب. الثالث: تكرار العين واللام، نحو: صمحمح، وهو: فعلعل؛ وكذلك: برهره وجلعلع وكذبذب. الرابع: أن تكرر الفاء والعين، ولم يقع إلا في حرفين: مرمريس، ومرمريت. ولا تتكرر الفاء وحدها بخلاف العين واللام. والزيادة التي من موضعها يلفظ بها بلفظ الأصل في الزنة.

وإنما اختير للميزان (فعل)؛ لأن جمع الحروف كلها لا يمكن، فاختاروا (فعل)، وهو على ثلاثة أحرف: من الشفة حرف، ومن الفم حرف، ومن الحلق حرف؛ فوزنوا بهذه الحروف الثلاثة، وجعلوها نائبة عن جميع الحروف. والزيادة التي من غير موضعها من حروف (سألتمونيها). وهذه هي الزنة يلفظ بها، لا بحروف (فعل)، بخلاف الزيادة من موضعها. تقول في (استخرج): استفعل، وفي (مكرم): مفعل، وفي (إغريض): إفعيل، وفي قبول: فعول، وخمار: فعال. ويعرف الزائد من الأصلي بثلاثة أشياء:

إما بالاشتقاق، أو بعدم النظير، أو بكثرة [22/ب] زيادة الحرف في ذلك الموضع المخصوص. فالهمزة في (أحمد) وفي (أحمر) زائدة، ذل على زيادتها اثنان من الثلاثة المذكورة: الاشتقاق؛ لأنه من (حمد)، وليس فيه همزة؛ ولأن الهمزة فيه أول وبعدها ثلاثة أحرف أصول؛ ومتى كانت كذلك كانت زائدة لكثرة وقوعها في نحو ذلك زائدة. ولذلك نقول في (أفكل) إنها زائدة- وإن جهل الاشتقاق- لكثرة وقوعها في هذا الموضع زائدة. وكذلك نقول في (مكرم): الميم زائدة؛ للاشتقاق، ولأنها متى وقعت في أول الكلمة وبعدها ثلاثة أحرف أصول فهي زائدة وحكمها في ذلك حكم الهمزة. والنون في (جحنفل) زائدة، وعلى ذلك دليلان: أحدهما: أنها ثالثة ساكنة، ومتى كانت كذلك كانت زائدة ولابد، لكثرة وقوعها زائدة على هذه الحال، والثاني: الاشتقاق؛ لأنه من

الجحفلة، أو من الجحفل. والهمزة والياء في (إخريط) زائدتان. أما الهمزة فلما ذكرناه من كونها في الأول وبعدها ثلاثة أحرف أصول؛ ولأن (خرط) لا همزة فيه، وأما الياء فإنها إذا انفردت- أعني لم تتكرر- وكان معها ثلاثة أحرف أصول فهي زائدة، هذا دليل، والاشتقاق أيضا يدل. [23/آ]. والواو في (عجوز) زائدة؛ لأنها ثالثة ساكنة، وقد كثرت زيادتها على هذا الحال، ولأنها إذا كان معها ثلاثة أحرف أصول ولم تتكرر فهي زائدة ولابد، والكلمة مأخوذة من العجز. والياء في (قضيب) زائدة، إن شئت قلت: لأنه مقتضب، وإن شئت قلت: لأن الياء ثالثة ساكنة. والنون في (عنبس) زائدة، بدلالة الاشتقاق؛ لأنه من العبوس، ولولا دلالة الاشتقاق لم يقض بزيادتها. و (نرجس) النون فيه زائدة؛ لأنا لو قضينا بأصالتها لقلنا: وزنها: فعلل، وليس ذلك في الكلام، وهي أيضا زائدة على من قال فيه: نرجس، بالكسر، وإن كنا- لو قضينا بأصالتها-

وجدنا له مثالا، وذلك: زبرج. وإنما منع من القضاء بأصالتها أن نون نرجس ونرجس لمسمى واحد، فبطل أن تكون النون أصلا في أحدهما وزائدة في الآخر. و (ترتب): التاء الأولى فيه زائدة؛ لأنا لا نجد في الكلام (فعلل) فهو على هذا: تفعل. وهي أيضا زائدة على قول من قال: ترتب، وإن كان في الكلام (فعلل)، نحو: برثن؛ لأن المثالين لشيء واحد، كما قلنا في نرجس. وكذلك من قال: ترتب، وإن كان الأخفش أثبته في الأمثلة وقال: جخدب [23/ب] فالتاء فيه زائدة لما ذكرناه من أن المثالين لشيء واحد، وعلى قول سيبويه فهو معدوم النظير. ويلزم الأخفش أيضا المصير إلى زيادتها في قول من قال: (ترتب) وإن كان مثل (جخدب) عنده لما ذكرته من أن المثالين لشيء واحد، فقد وافق على زيادتها في: (ترتب). وعلمنا أيضا زيادة التاء فيه بالاشتقاق لأنه من الراتب. والنون في (قرنفل) زائدة، وهو (فعنلل)؛ لأنها ثالثة

ساكنة، وقد كثرت زيادة النون على ذلك، كما كثرت في هذه الحال زيادة الألف والياء والواو، نحو: عذافر، وسميدع، وفدوكس. وأيضا فإن جعلها أصلا يصير إلى ما ليس في الكلام؛ إذ ليس فيه (فعلل) مثل: سفرجل. فإن قلت: وليس في الكلام أيضا (فعنلل) قيل: إذا قضيت بزيادة النون كانت الكلمة من الفروع لا من الأصول، ولا يستبعد أن يجيء في الفروع ما ليس في الأصول، وإنما المحظور أن يدخل في الأصول ما لا نظير له منها.

فصل أول: هو أفعل. يدل على ذلك قولهم: هو أول منك، وقولهم في تأنيثه (الأولى). وفاؤه وعينه من جنس واحد كما [24/آ] كان ذلك في (ددن). وقال الكوفيون: هو (وول) على فوعل مما فاؤه وعينه واو، وأصله (أوأل)، قلبوا الهمزة واوا وأدغموا. ويؤيد هذا

قولهم في الجمع (أوائل) و (أوالي) قلب أوائل. ورد البصريون هذا وقالوا: لا يجوز أن يكون (أوأل) ولا (أأول): أما (أوأل) فلأن الهمزة إذا خففت إنما تخفف بالنقل والحذف لا بأن تبدل واوا، فكان ينبغي أن يكون (أول) مخففا. وأما (أأول) فلأن الهمزة في مثل هذا إنما تقلب ألفا كما في (آخر) لا واوا.

فصل قولهم (آوه). قال أبو بكر بن السراج- رحمه الله-: هو صوت، وجميع الأصوات التي تجيء مخالفة للأسماء والأفعال في تقديرها فليس لنا أن نقول: أصلها: كذا، كما أنا ليس لنا أن نقول في (قد): أصله كذا، ولا إنه قد حذف من (قد) شيء، كما نقول ذلك في (يد) و (دم)، كذلك: (صه)، و (مه)، ولا لنا أن نقول في (لا): إن الألف منقلبة عن شيء، وكذلك ألف (غاق). إنما تقدر الأسماء بالفاء والعين واللام لكي تبين الزوائد. وقال أبو علي: الهمزة فاء الكلمة، والعين واللام واوان. [24/ب] قال: وإذا كانت كذلك كانت (فاعلة) أو (فاعلة) ولا يجوز أن تكون (فاعلة)؛ بضم العين، لأن ذلك ليس له نظير.

قال: وكونها بكسر العين أرجح؛ لأنه الأكثر في الأسماء وأوسع تصرفا، نحو: الكاهل، والغارب، والعافية، والعاقبة؛ وفي أسماء الجمع نحو: الجامل، والباقر؛ وفي أسماء الفاعلين كم الكثرة ما لا خفاء به، نحو: الضارب؛ فهذا أكثر من الطابق والتابل. قال: ولو كانت الهمزة زائدة لكان وزن الكلمة: (أفعلة)، وحركة العين لابد أن تكون أحد الحركات الثلاث، ولا يجوز شيء من ذلك لأن القضاء بزيادة الهمزة يوجب أن تكون الألف بعدها منقلبة عن فاء الكلمة، والألف لا يجوز أن تكون بهذا النحو منقلبة إلا عن همزة في الأمر العام الشائع. فلو كانت متحركة بالكسر لوجب أن تبدل منها الياء، كما أبدلت في: (أيمة)؛ ولو كانت متحركة بالفتح لوجب على قول أبي الحسن أن

تبدل منها الواو، كما تقول: هذا (أوم) من هذا؛ وكذلك لو كانت متحركة بالضم. فثبات الألف بعد الهمزة دليل على أنها زائدة، وأنها ليست بفاء الكلمة. وإذا ثبتت زيادة الألف بعد الهمزة ثبت أن الهمزة فاء الكلمة. فإن قيل: فما المانع أن تكون: أفعلة؟. قال: المانع من ذلك أن (أفعلة) بناء يختص بالجمع، والكلمة مفردة. وأما (أسنمة) [25/آ] فلا يحمل عليه لندوره وقلته. قال: فإن قيل: فهل يجوز أن يقدر انقلاب الألف في (آوتاه) عن الياء أو الواو؛ لأن الياء خاصة قد أبدلت منها الألف ساكنة في مواضع، كقولهم في الحيرة: (حاري)، وقيل في (راية) و (ثاية): إنه (فعلة)، وأبدلت الألف من الياء، وقال

بعض البغداديين في قولهم: (ضرب عليه ساية): إنما هو (سية)، فأبدلت الألف من الياء المنقلبة عن الواو؛ وقال هذا القائل في (داوية): إن الألف منقلبة عن الواو، كأنه لما رآهم يقولون: (الدؤ) و (دوية) و (داوية) ذهب إلى انقلاب الألف عن الواو، كما قال سيبويه ذلك في باب راية وثاية فالجواب أن ذلك لا يصح، لأنها لو كانت واوا أو ياء لم تقلب؛ لأنه كان يلزم تحركها بإلقاء حركة المدغم عليها، وإذا تحركت لم تدغم. ألا ترى أنهم يقولون: رجل (أيل) و (الأود)، وقالوا في جمع ود: أود؟ وقال: إني كأني لدى النعمان أخبره بعض الأود حديثا غير مكذوب

فصححوا الياء والواو في هذه المواضع لما لزم تحريكها. على أن قولهم: تأوه، وظهور الهمزة يوضح أن الهمزة فاء. وإذا ثبت أن الهمزة فاء ثبت أن الألف زائدة. وكما أن قولهم: تأوه يدل على أن الهمزة فاء، كذلك قولهم: (تأله) يدل على أن الهمزة [25/ب] فاء، وأن من قال: إن (إلاها) مأخوذ من (توله) العباد إليه مخطئ خطأ فاحشا. ألا ترى أن أبا زيد أنشد لرؤبة: سبحن واسترجعن من تألهي ومن قال في وشاح: (إشاح)، ورأى بدل الهمزة من الواو لم يقل: (توشح) إلا بتصحيح الواو. ومن ذهب إلى أن الألف في (داوية) بدل من العين التي هي واو فلا دلالة على ما قال

لأنه يجوز أن يكون بنى من الدو فاعلة، وألحقه يائي النسب، كما ألحقهما من قال: أحمر وأحمري، وأعجم وأعجمي، كذلك يجوز ههنا؛ ولأن الواو لم يكثر بدل الألف منها كثرته من الياء في نحو: عاعيت، وحاحيت. وإذا كانت مواقع البدل تعتبر كما تعتبر مواقع الزيادة فنفس الحرف المبدل أولى. وألحق هذا بكلام أطاله، لا حاجة إلى ذكره. وهذا الذي قاله إنما هو على قياس العربية والتصرف فيه. وإنما الأمر على ما ذكره أبو بكر رحمه الله. وهي كلمة توجع وشكاية، وفيها لغات: أوه، ساكنة الواو، كما قال: فأوه لذكراها إذا ما ذكرتها ومن بعد أرض بيننا وسماء قال الجوهري: (ويقلبون الواو ألفا فيقولون: آه من كذا. قال: وربما شددوا الواو وكسروها وأسكنوا الهاء [26/آ] فقالوا:

أوه من كذا. وربما حذفوا، مع التشديد، الهاء فقالوا: أو من كذا، بلا مد. وبعضهم يقول: آوه، بالمد مع التشديد وفتح الواو وسكون الهاء، لتطويل الصوت بالشكاية. وربما أدخلوا فيه التاء، فقال: أوتاه، بمد وبغير مد. وقد أوه تأويها: إذا قال: اوه، وتأوه تأوها. والاسم منه: الآهة، بالمد؛ قال المثقب العبدي: إذا ما قمت أرحلها بليل تأوه آهة الرجل الحزين ويروى (أهة)، من قولهم: أه، إذا توجع. قال العجاج: بأهة كأهة المجروح ومنه قولهم في الدعاء على الإنسان: آهة لك، وأوة لك، بحذف الهاء أيضا مشددة الواو). وقول أبي علي في هذه الكلمة كقوله في واحد (ألو) على

ما يوجبه القياس، فإنه قال: إن قيل: ماواحده على القياس، وكيف يكون لو تكلم به؟ قال: ينبغي أن يكون واحده: (أل) يدلك على ذلك قولهم في جمعه: (ألون)، كما قالوا في جمع (عم) عمون، فأسكنوا الياء التي هي لام الفعل من (عم) حيث لزم تحريكها بالضم، وألقيت حركتها على الميم التي هي عين وحذفت الياء [26/ب] التي هي لام لالتقاء الساكنين هي وواو الجمع، فصار: (عمون)، وكذلك تجريك اللام التي هي عين من قولك: (ألون) بالضم يدل على أن الآخر ياء لزوم تحريكها بالضم، فأسكنت وألقيت حركتها على العين التي هي لام، وحذفت فصار: (ألون) كقولك: (عمون). فإن قيل: فكيف يسوغ هذا، و (أل) على هذا فعل، وليس مثل هذا في الأسماء، وإذا لم يكن كان فاسدا لخروجه عما لا نظير له، وما كان كذلك كان ساقطا؟. قيل: لا يمتنع أن يكون هذا على لفظ (فعل) إذا لم يكن أصل

الكلمة كذلك. وإنما الأصل (فعل) مثل قولك أذن وعنق وطنب، فلما لزم أن يكون آخر الاسم واوا قبلها ضمة كره ذلك فأبدل من الضمة كسرة ليصير الآخر ياء. ونظير هذا ما سمع منهم وحكاه سيبويه في جمع (ثني): ثن، ألا ترى أن ثنيا فعيل، كرغيف وكثيب، وجمعه فعل، كرغف وكثب، فقيل: (ثن) فأبدل، وكذلك الواحد من (ألون) كان على هذا، للدلالة التي ذكرنا، ويجوز أن يكون واحده: فعل، مثل: صرد وهدى. قال: فإن قلت: لو كان على هذا لوجب أن يكون الجمع: (ألون)، ألا ترى أنك لو سميت بـ (هدى) [27/آ] و (أعشى) لقلت في الجمع: هدون وأعشون، فلما لم تجئ اللام التي هي عين من (ألون) مفتوحة دل ذلك على أنه لا يجوز أن يكون فعل كما ذكرت؟.

قيل: إنه يجوز أن يكون في الأصل، فعل، كما ذكرنا، ولكنهم أبدلوا من الفتحة كسرة إتباعا للجمع الذي في معناه. ألا ترى أنهم قالوا في جمع (ذو): الذوين؛ قال الكميت: فلا أعني بذلك أسفليكم ولكني عنيت به الذوينا يخاطب بذلك أهل اليمن. ويعني بـ (الذوين) ملوكهم، كذي يزن وذي كلاع، فجمعهم على ذوين. فلما كان (الذوين) في معنى (ألين) كسره لكسره، وإن كان الأصل الفتح؛ كما أن (يذر) فتح لما كان في معنى يدع. ويؤكد هذا ويقويه أنهم جعلوا جمع المؤنث بالألف والتاء كجمع تأنيث ذوين، ألا تراهم قالوا: (ألات)؟ وفي التنزيل: {وألات الأحمال}؛ فحذفوا لام الفعل كما كانت محذوفة من (ذوات)، فكما أتبعوا جمع التأنيث التأنيث في أن حذفوا اللام كذلك أتبعوا جمع التذكير التذكير في أن كسروا، قالوا: (ألين)،

وإن كان الأصل فتح العين إتباعا للجمع الذي هو بمعناه، وهو (الذوين). وجاز أبضا أن يجمع على (ألين)، وإن كان الواحد (ألا)، مثل هدى، كما جاز أن يجمع (ذوا) على ذوين، ألا ترى أن واحد [27/ب] الذوين (ذوا)؛ يدلك على ذلك {ذواتا أفنان} و {ذواتي أكل خمط وأثل} وجمعه الكميت على الذوين. فكما جاز أن يجمع (ذوا) الذي هو فعل جمع ما آخره ياء، وكان واحده ذوا، كذلك يجوز أن يجمع (ألا) الذي هو فعل كأنه على وزن فعل. يؤكد ذلك أنهم قد جمعوا في الشعر (قنى) على (قنين)؛ قال الكميت: وبالغدوات منبتنا نظار ونبع لا فصافص في كبينا

الكبا: مثل المزبلة؛ وقال الكميت أيضا في هذه القصيدة: ظعائن من بني الحلاف تأوي إلى خرس نواطق كالقنينا فأبدل من الفتحة كسرة في الجمع. وكذلك يجوز أن يكون واحد ألين (ألا)، وإنما غيروا في الجمع. وحكى أبو زيد أن بعضهم قال في (مقتوين): (مقتوين) فأبدل من الكسرة فتحة. فكما جاز أن تبدل من الكسرة فتحة في هذا الذي حكاه أبو زيد كذلك يجوز أن تبدل من الفتحة كسرة في (ألين)؛ لأن الفتحة والكسرة كالمثلين. ألا ترى

أنهم قد حركوا بالفتح مكان الكسر في جميع ما لا ينصرف، وجعلوا النصب والجر على لفظ واحد في التثنية وضرب الجمع المسلم للتذكير والتأنيث؟. - آمين: اسم من أسماء الأفعال. وهو اسم؛ لقولك: اللهم استجب. قال ابن عباس والحسن: معنى آمين: [28/آ] كذلك يكون. وهو مبني لما ذكرته من أنه اسم للفعل. وفيه لغتان: المد، والقصر؛ قال: تباعد مني فطحل إذ رأيته أمين، فزاد الله ما بيننا بعدا وقال آخر:

يا رب لا تسلبني حبها أبدا ويرحم الله عبدا قال: آمينا وبني على الحركة لالتقاء الساكنين لو بني على السكون الذي هو أصل البناء. وكانت الحركة فتحة استثقالا للضمة والكسرة بعد الياء. ولا تشدد منه الميم، وتشديدها خطأ. وهو عندهم صوت بمنزلة الأصوات، غير مشتق. وقد خطأ أبو علي- رحمه الله- من قال في (آمين): إنه اسم من أسماء الله عز وجل، وقال: لا أدعي ما لا دليل عليه وما قامت الدلالة على فساده؛ لأن أسماء الله عز وجل ليس فيها

جملة، وهذا جملة يتحمل الضمير كما تحمله صه ومه؛ لأنه بمعنى: استجب. قال: وأسماء الله- عز وجل- على ضربين: اسم فاعل: كـ: عالم، ورازق. ومصدر: كـ: السلام، والعدل، والإله. وإذا لم تخل من هذين، ولم يكن (آمين) واحد منهما، ولا اسما غير مصدر ولا وصف، كقولنا: شيء ثبت أنه صوت. قال: وأما ما روي عن هلال بن يساف وعن مجاهد أنه اسم من أسماء الله عز وجل فإن تأويله أن (آمين) لما تضمن

الضمير الذي [28/ب] هو مصروف إلى الله عز وجل قيل: إنه اسم لله عز وجل على هذا التقدير لا أن الكلمة اسم من أسمائه عز وجل دون الضمير. قال: ومما يدل على أنه ليس من أسماء الله عز وجل أنه مبني، وليس في أسماء الله عز وجل ما هو مبني على هذا الحد. قال: فإن قيل: فقد حكى سيبويه وعامة البصريين: (لهي أبوك) وزعم أنهم يريدون: لله أبوك؛ فهذا الاسم مبني لأنه لا يخلو أن يكون على قول من قال: (الله لأفعلن)، فأضمر حرف الجر، أو على قول من قال: ألا رب من قلبي له الله ناصح ... ... ... فأوصل الفعل لما حذف الجار وأعمله. فمن البين أنه ليس

على إضمار حرف الجر لأنه مفتوح في اللفظ، ولا على قول من قال: (ألا رب من قلبي له الله ناصح)؛ لأنه ليس بمنون، وليس من نحو: إبراهيم وعمر، فيكون مفتوحا في حال الجر أو منصوبا بلا تنوين نحو: رأيت عمر؛ لتعري هذا الاسم مما يمنع الصرف. فإذا لم يكن على شيء من هذه الأنحاء التي يكون المعرب عليها ثبت أنه مبني، وإذا كان مبنيا لم يمتنع أن يكون (آمين) مثله مبنيا. ويكون اسما من أسماء الله عز وجل فالجواب أنه إنما بني هذا الاسم الذي حكاه سيبويه لتضمنه [معنى] حرف التعريف. ألا ترى أنه زعم أنهم أرادوا [29/آ]: لله أبوك، فلما لم تذكر لام المعرفة وتضمن الاسم معناها بني كما بني (أمس) لما تضمن معنى الألف واللام، وكما بني (خمسة عشر) لما تضمن معنى حرف العطف، و (كم) و (كيف) و (أين) لما أغنت عن حروف الاستفهام، والاسم إذا تضمن معنى الحرف بني.

فأما (آمين) فلم يتضمن معنى الحرف على هذا الحد، ولا على نحو (كم) و (كيف)؛ وإنما بني كما بني (صه) و (مه) و (نزال) و (تراك) و (حذار) ونحو ذلك من الأسماء التي تستعمل في الأمر للخطاب. وحكى قطرب (له أبوك) بإسكان الهاء، وهذا صحيح في القياس مستقيم. وذلك أنه لما وجب البناء، وحرك الأخير منه بالفتح لالتقاء الساكنين، ثم حذف حرف اللين الواقع موضع اللام، كما حذف في (يد) و (دم)، وبقى على حرفين زال التقاء الساكنين فبني على السكون لزوال ما كان يوجب التحريك. قال: فإن قيل: فهلا بني على الحركة، وإن كان على حرفين لأنه قد جرى متمكنا في غير هذا الموضع كما بني (عل) على الحركة عند سيبويه في قولهم: (من عل)، وإن كان على حرفين لجريه متمكنا قبل حال البناء قيل [29/ب]: لم يشبه هذا (عل)؛ لأن (عل) ونحوه مما يلحقه الإعراب

والتمكن على اللفظ الذي [هو] عليه، و (له) من قولهم: (له أبوك) لحقه الحذف من شيء لم يتمكن قط في كلامهم، فإذا كان كذلك لم يلزم أن يكون مثل (عل) لمفارقته لـ (عل) من جهة أنه لم يجر الاسم المحذوف هذا منه متمكنا. فلما كان كذلك صار بمنزلة حذفهم (مذ) من (منذ) في أن المحذوف مبني، كما أن المحذوف منه كذلك، وفي أن المحذوف أسكن لزوال ما كان له حرك الحرف وهو التقاء الساكنين. وهذا الذي قاله أبو علي، في تصحيح ما قاله قطرب، يوجب أن البناء لما لحق هذا الاسم أسكنت الهاء للبناء، ثم اتصل بها حرف اللين، وهو الياء الساكنة، ففتحت الهاء لالتقاء الساكنين، فصار: (لهي أبوك)، ثم حذفت الياء، فزال الموجب لتحريك الهاء فبقيت على السكون، وهذا خطأ وإنما الرواية (لهي أبوك) وأصله: لاه أبوك. وقد جوز سيبويه أن يكون أصل إله: (لاها)، ثم أدخلت

الألف واللام، فجرى مجرى الاسم العلم. فالألف في (لاه) منقلبة عن ياء. ومن قال: (لهي أبوك) فإنما هو على تحويل اللام والعين [30/آ] كل واحد إلى موضع الآخر. وقد أطال أبو علي الكلام في هذه المسألة، ورأيت أن استوفي كلامه للفائدة. قال: فأما قوله، عز وجل: {مكانكم أنتم وشركاؤكم} فهو مبني غير معرب، من حيث صار اسما للفعل، كما أنه (صه) و (مه)، و (هلم) ونحوها مبني. قال: وليست الحركة في (مكانكم) بنصبة، إنما هي فتحة. قال: لأنه لو كان منصوبا لم يخل انتصابه من أن يكون لعامل عمل فيه بعد أن جعل اسما للفعل، أو أن يكون بعد التسمية [به] في الانتصاب على ما كان عليه قبل ذلك، فلا يجوز أن يكون انتصابه الآن، وقد سمي به الفعل، على ما كان عليه قبل. ألا ترى أن تقديره معمولا لذلك العامل، واتصاله به لا يصح كما يصح اتصاله به في الموضع الذي [لا] يكون فيه اسما

للفعل؟ وذلك قولك: زيد مكانك، والذي مكانك زيد، فهذا سد مسد الفعل الذي عمل فيه وأغنى عنه من حيث كان تقدير العامل الذي تعلق به هذا الظرف في الأصل غير ممتنع، نحو: زيد استقر مكانك، أو: مستقر، والذي استقر مكانك زيد. ولو قدرت هذا العامل في الموضع الذي سمي الفعل به [30/ب] لم يتعلق [به] على حد تعلق الظروف والمعمولات بعواملها. ألا ترى أنك إن علقته بها على أنه ظرف بطل أن يكون جملة، وزال عنه معنى الأمر؟ فإذا كان كذلك لم يتصل به بعد أن صار اسما للفعل، كما كان يتصل به قبل؛ وإذا لم يتصل به لم يكن معمولا له؛ وإذا لم يكن معمولا له لم يجز، وهو اسم للفعل، أن يكون معربا بالإعراب الذي كان يعرب به قبل، ولا يجوز أن يكون انتصابه بعامل عمل فيه بعد أن جعل اسما للفعل؛ وذلك أنه بمنزلة أمثلة الأمر وهو نفسه العامل، كما أن مثال الأمر نفسه العامل، فكما أنه لا عمل لشيء في أمثلة الأمر، كذلك ما أقيم مقامه. فإن قلت: إن الأفعال المضارعة عاملة في فاعليها، ولم يمنع ذلك من أن تكون معمولة لعوامل أخر، فكذلك ما ينكر أن

لا يمنع كون (مكانك) ونحوه عاملا في الفاعل المضمر فيه أن يكون هو نفسه أيضا معمولا لغيره، كما لم يمتنع المضارع أن يكون معمولا لغيره، وإن كان عاملا في فاعله؟. قيل: المضارع لما أشبه الأسماء، ووقع موقعها في بعض المواضع التي تقع فيه لم يمتنع أن يعرب للمشابهة التي بينه وبين الاسم. وهذه الأسماء إذا سمي بها الفعل تخرج بذلك عن أن تقع مواقع الأسماء، فواجب بناؤها لوقوعها موقع [31/آ] ما لا يكون إلا مبنيا، كما بني قولهم: (فداء لك) لما وقع موقع الأمر، وكما بني المضارع في قول أبي عثمان، لما وقع موقع

الأمر، في قوله عز وجل: {قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة}، فكما بنيت هذه الأشياء لوقوعها موقع فعل الأمر كذلك بني (حذرك) و (دونك) ونحوه، لوقوعه موقع الأمر. ألا ترى أنه بنوا (رويد) في هذا الباب مع أنه مصغر؛ فما عداه من هذه الأسماء أجدر بالبناء. وإذا كان كذلك لم يجز أن يتعرب (مكانك) بإعراب بعدما سمي به الفعل؛ فإذا لم يجز أن يتعرب بما كان متعربا به قبل أن سمي به الفعل، ولم يجز أن يتعرب بشيء بعدا سمي به ثبت أنه غير معرب؛ وهذا مذهب أبي الحسن الأخفش. وإذا لم يكن معربا كان مبنيا، ولم يجز أن يكون في موضع رفع ولا نصب ولا جر؛ لأن ما يعمل في الأسماء لا يعمل فيه الآن.

فأما ما يعمل في الفعل فلا يعمل فيه أيضا؛ لأنه ليس بفعل؛ وإذا كان كذلك ثبت أنها غير معربة. فأما تحرك بعض هذه الأسماء بحركات يجوز أن تكون للإعراب نحو (مكانك) و (حذرك) و (فرطك)، فإن ذلك لا يدل على أنها معربة. ألا ترى أن الحركات قد تتفق صورها وتختلف معانيها، كقولك: يا منص، ترخيم رجل اسمه منصور، على قول من قال: [31/ب] (يا حار) و (يا حال) وكذلك من قال: درع (دلاص) وأدرع (دلاص)، لا تكون الكسرة التي في الجميع الكسرة التي في الواحد؛ لأن التي في الواحد مثل التي في: (كناز) و (ضناك)، والتي في الجميع مثل التي في: (شراف)، و (ظراف)، وكذلك {الفلك المشحون} ضمة

الفاء مثل ضمة (قفل) و (برد)؛ وفي قوله عز وجل: {والفلك التي تجري في البحر} ضمة الفاء فيه للجمع، على حد (أسد) و (أسد) و (وثن) و (وثن). وكذلك لا ينكر أن تتفق الحركتان في (مكانك) ويختلف معناهما بما ذكرنا من الدلالة؛ فتكون- إذا كان ذلك ظرفا أو مصدرا- حركة إعراب، وإذا كان اسما للفعل حركة بناء. ألا ترى اتفاق حركة الإعراب وحركة البناء في {يا بن أم} و (لا رجل عندك)؟ فكذلك اتفاقهما في (مكانك) ونحوه.

قال أبو علي: وفي آمين لغتان: (أمين) على وزن فعيل، و (آمين) على وزن هابيل وحاميم. فأما الذي وزنه (فعيل) فلا إشكال فيه، لأنه على وزن تكون عليه أوزان الكلم العربية كثيرا. وأما الممدود فقد قال أبو الحسن الأخفش فيه: إنه اسم أعجمي مثل شاهين، قال: فإن سميت به رجلا لم ينصرف. وقال محمد بن يزيد: آمين على مثال عاصين. فأما وجه [32/آ] قول أبي الحسن: إنه أعجمي، فإنما قال ذلك؛ لأنه وزن لم يجئ عليه شيء من العربي، وإنما جاء في الأعجمي، نحو: (هابيل) و (قابيل)، فلما لم يجئ له مثال في العربي، ووجد ما جاء مثله غير مصروف في المعرفة، كما أن سائر الأعجمية كذلك حكم فيه بالعجمة فمما جاء على مثاله غير مصروف ما أنشده سيبويه:

يذكرني حاميم والرمح شاجر فهلا تلا حاميم قبل التقدم وقال: وجدنا لكم في آل حاميم آية تأولها منا تقي ومعرب قال أبو علي: فللقائل أن يقول: إنه ليس بأعجمي، وذلك أن الأعجمية لا تخلو من أحد أمرين: إما أن تكون اسم جنس، نحو: (النيروز) و (الفرند)

و (اللجام)؛ أو علما كـ: (إبراهيم) و (إسحاق)؛ فإذا لم تخل من هذين الضربين ولم يكن (آمين)، فمين من مد الألف، على واحد منهما دل ذلك على أنه ليس بأعجمي. ألا ترى أن هذا البناء بعينه في الأعجمية لم يعد ما جاء منه أن يكون من هذين النحوين فما جاء منه من أسماء الأجناس، فنحو: (شاهين)، وما جاء منه من الأسماء الأعلام فنحو: (هابيل) و (قابيل)، وحاميم من هذا النحو، ألا ترى أنه اسم صورة مختصة. قلت: هذا غلط؛ فإنه حاميم ليس كـ (هابيل) و (قابيل)؛ لأنهما من الأعلام الأعجمية التي تلقتها العرب وهي أعلام في الأعجمية، وأما حاميم فليس بأعجمي. قال أبو علي: فأما (آمين) فبمنزلة ما ذكرنا من الأسماء المصوغة للأمر في المواجهة، نحو: (افعل). فكما أن تلك

[32/ب] الأسماء الأخر عربية فكذلك (آمين). وأما لحاق هذه الألف له، وزيادة البناء بها على لفظ (آمين) الذي هو بوزن فعيل، فالقول فيه عندي أنه زيادة للمد، وأن الأصل: (آمين) الذي هو على زنة فعيل، ولحقت هذه الألف كما لحقت في قول ابن هرمة: وأنت من الغوائل حين ترمى ومن ذم الرجال بمنتزاح وإنما هو: مفتعل من (نزح): إذا بعد؛ وقد يكون على هذا قوله: ينباع من ذفرى غضوب جسرة ... ... ...

وإنما هو المضارع من (نبع). ولا تجعله (ينفعل) وإن كان على لفظ (ينقاد) لأن ذلك الوجه كأنه أظهر في المعنى؛ [و] كما أنشد أحمد بن يحيى: وأنني حوثما يثني الهوى بصري من حيثما سلكوا أذنو فأنظور وإنما أراد: أنظر، فزاد واوا. فكما لا يسوغ لقائل أن يقول: منتزاح وأنظور أعجميان؛ لأنه ليس في الأسماء [شيء] على (مفتعال) ولا في الأفعال [شيء] على (أفعول) كذلك لا يسوغ أن يقول ذلك في (آمين) فيمن ألحق الألف بعد الهمزة. فأما قول الأعشى:

أمن جبل الأمرار صرت خيامكم على نبأ أن الأشافي سائل فيحتمل (الأشافي) عندي ضربين من الوزن: أحدهما: أن يكون مثل (أجارد) في الأسماء و (أباتر) و (أدابر) في الصفة، فيكون هذا على (أشاف)، إلا أنه زاد ياء كما زيدت واو في (فأنظور) [33/آ] وألف في (بمنتزاح). ويجوز أن تكون الياءان للإضافة مثل (سداسي)، وعلى هذا يتجه عندي ما أنشده سيبويه للفرزدق:

تنفي يداها الحصى في كل هاجرة نفي الدراهيم تنقاد الصياريف ألا ترى أن الواحد منه ليس على فعلال ولا فعليل ولا فعلول، فتكون الياء في الجمع بدلا من هذه الحروف اللينة، كـ (قراطيس) و (بهاليل) و (قناديل)؛ إنما واحده (درهم)، وليس كـ (خواتيم) لأنهم قد قالوا: (خاتام)، فكما زيدت هذه الحروف اللينة في هذه المواضع، ولم يوجب ذلك في شيء منها لخروجها عن أبنيتهم أنها أعجمية، كذلك إذا زيدت في (آمين) لم يجب أن يكون أعجميا؛ بل قد ثبت أن آمين على وزن كثير من كلامهم، و (آمين) مثله، كما أن (منتزاح) مثل (منتزح)، والكلمة عربية، كما أن أخواتها من نحو: (صه) و (دراك) عربية. فأما قوله عز وجل: {فما استكانوا لربهم}، وقوله عز وجل: {وما ضعفوا وما استكانوا} فلا أحمله على أنه (افتعلوا) من السكون، وزيدت الألف كما زيدت [33/ب] في (منتزاح)؛ ولكنه عندي (استفعلوا) مثل (استقاموا) والعين حرف

علة. ألا ترى أن حرف العلة قد ثبت في اسم الفاعل منه؟ نحو قول ابن أحمر: فلا تصلي بمطروق إذا ما سرى في القوم أصبح مستكينا قلت: قال الأصمعي: المطروق: الذي فيه ضعف ورخوة. قال أبو علي: فأما قول محمد بن يزيد: (إن (آمين) بمنزله عاصين) فالذي أراد به عندي أنه يعلم أن الميم من (آمين) خفيفة كما أن الصاد التي هي عين من عاصين خفيفة. ولم يرد أن وزن (آمين) يكون (عاصين)، ولا أن النون في (آمين)

فتحت من حيث كانت نون جمع، كما فتحت في (عاصين) لهذا المعنى؛ لبعد ذلك وفساده. ألا ترى أن المعنى في (أمين) و (آمين) واحد؟ وقد ثبت أن النون من (أمين) في موضع اللام من فعيل، فيجب أن تكون في (آمين) مثله في أنه في موضع اللام. ولو جعلته جمعا مثل (عاصين) للزم أن تكون اللام منه حرف علة محذوفا لالتقاء الساكنين، كما أنه من (عاصين) كذلك، وهذا يلزم منه أن يكون (آمين) من لفظ آخر غير (أمين). ويمتنع ذلك من وجه آخر، وهو أن الناس في هذه الكلمة على قولين، أحدهما: أنه اسم سمي به الفعل، والآخر [34/آ]: أنه اسم من أسماء الله عز وجل. فإن كان اسما من أسماء الله عز وجل فالجمع فيه كفر، وإن كان اسما سمي به الفعل لم يجز أيضا؛ لأن الأسماء التي سميت بها الأفعال لم يجئ شيء منها مجموعا جمع تصحيح ولا تكسير. وذلك أن الجمع لو لحقها لم يخل من ثلاثة أضرب: إما أن يلحق الأسماء مجردة من الضمير، أو يكون لاحقا للضمير، أو لاحقا لهما؛ فلا يجوز أن يلحق الأسماء مجردة من الضمير

لأنها إذا سميت بها الأفعال صارت بمنزلة الأفعال كما صارت بمنزلتها في البناء، وكما لا تجمع الأفعال كذلك لا تجمع هذه الأسماء لكونها بمنزلتها. فإن قلت: إن أسماء الفاعلين لم تمنعها مشابهتها الأفعال أن جمعت، فهلا جاز ذلك في هذه الأسماء أيضا؟. قيل: إن هذه الأسماء كما أجريت مجرى الفعل في البناء كذلك أجريت مجراه في ترك جمعها وتثنيتها، ألا ترى أن هذا النحو من المبني لا يجمع ولا يثنى؟. فأما أسماء الفاعلين فلما كانت كسائر الأسماء المتمكنة ثنيت وجمعت تثنيتها وجمعها، ولم يلحقها ما يمنه من جمعها ما تضمنت من ضمير ما تجرى عليه؛ لأن ذلك الضمير لما لم يسد مسد الجمل كان اسم الفاعل به بمنزلة المفرد الذي لا ضمير فيه، نحو: (رجل) و (ثوب)، ألا ترى أنها لم تقع صلات [34/ب] للموصولات؟.

وليست هذه الأسماء المسمى بها الأفعال كذلك؛ لأنها مع ما تضمنته من الضمير بمنزلة تلك الأفعال التي هي أسماء لها مع ضمير فاعليها؛ فمن هنا افترقت هذه الأسماء وأسماء الفاعلين. ولا يجوز أن يكون الجمع لاحقا للضمير؛ لأن الضمير إذا تضمنه الفعل أو ما كان بمنزلته فأظهر، لم يظهر على هذا الحد، إنما يظهر على حد ما يكون في الأفعال. ألا ترى إلى قولهم: (هاء) و (هاءا) و (هاؤوا) و (هاؤما) و (هاؤموا) وهو ضمير الفاعل؟. ولا يجوز أيضا أن يكون لاحقا لهما؛ لأنهما جمل، والجمل لا تثنى ولا تجمع، وإنما يثنى أحد جزأيها تارة، وجزآها تارة أخرى. فإن قلت: أوليس في أسماء الفاعلين عندكم والصفات المشبهة بها أسماء مرفوعة وقد لحقها التثنية والجمع؟ فما تنكر أن يلحق الجمع هذا الاسم كما لحق أسماء الفاعلين؟.

قيل: إن الجمع والتثنية اللذين لحقا أسماء الفاعلين إنما لحق بذلك الأسماء دون الضمير الذي فيها، ولم يمنع تضمنها الضمير من جمعها لما وصفت. ألا ترى أن علامة التثنية والجمع تنقلب وتختلف لاختلاف العوامل، كما تختلف في (رجلين) ونحوه مما لا [35/آ] مناسبة بينه وبين الفعل. ولو كان لاحقا للضمير لم يختلف هذا الاختلاف كما لم تختلف علامة الضمير في (يذهبان) و (يذهبون) ونحوه. فانقلاب حروف الإعراب واختلافها في هذه الأسماء دلالة على أن التثنية والجمع لا حق لها من حيث كانت أسماء، ولم يلحق الضمير. فأما قول الأخفش: (إنك إذا سميت بـ (آمين) رجلا لم تصرفه) فإن قال قائل: أحد السببين المانعين من الصرف: التعريف، فما السبب الثاني المنضم إلى التعريف؟ وليس (آمين) بمنزلة (هابيل) في أنه اسم جرى معرفة في كلام العجم، فمنعه الصرف، كما يمنع (إبراهيم) ونحوه قيل: يجوز أن

تقول: إنه لما لم يكن جنسا كـ (شاهين) أشبه المختصة، فامتنع من الصرف كما امتنعت؛ وهذا التشبيه فيما لا ينصرف معمل. ألا ترى أنهم شبهوا (عثمان) في التعريف بـ (سكران)؟. ومن كان (آمين) عنده عربيا فالقياس أن يصرفه إذا سمى به رجلا، على قول بني تميم، ولا يمنعه خروجه عن أبينة كلامهم الانصراف؛ لأنه يصير بمنزلة عربي لا ثاني له في وزنه نحو (إنقحل)، وعلى قياس قول أهل الحجاز ينبغي أن يحكى، ألا ترى أنهم لو سموا رجلا [35/ب] بـ (فعال) لحكوه ولم يعربوه كما أعربه الأولون؟. ولو سميت رجلا بـ (ينباع) من قوله: (ينباع من ذفرى

غضوب) وأنت تريد (ينبع) لزم أن تصرفه؛ لأن حرف المد ههنا كحرف المد في (يعسوب) و (يعضيد)، كما تصرف هذين لو سميت بهما رجلا كذلك تصرف (ينباع). ولو سميته بـ (أنظور) للزم أن تصرفه لأنه ليس على وزن الفعل- وإن كان المراد به الفعل- لأن البناء الموجب لمنع الصرف قد زال. ألا ترى أنك لو سميت رجلا بـ (تضارب) وحقرت لقلت: (تضيرب)، فلم تصرف لموافقته في التحقير بناء الفعل، فكما لم تصرف هذا لموافقته الفعل في المثال كذلك تصرف (أنظور) لخروجه بالمدة الزائدة عن أمثلة الفعل، وكونك لا تجد له مثالا في كلامهم على وزنه لا يمنع الانصراف، كما لم يمنع ما ذكرنا من الأبنية نحو (إنقحل) و (زيتون) و (كذبذب) وما أشبه ذلك. انتهى كلام أبي علي. وإذا وقعت الهمزة في حشو الكلمة فهي أصل علم

الاشتقاق أو جهل؛ لأنها في الغالب كذلك، فاقض بأصالتها حتى يدل دليل على الزيادة، فـ (زئبر)، على هذا [36/آ] (فعلل) وكذلك (ضئبل) بكسر الضاد والباء، وهو من أسماء الداهية؛ قال الكميت: ولم تتكأدهم المعضلات ولا مصمئلاتها الضئبل وقد جاء فيه وفي (زئبر) ضم الباء. قال ثعلب: ولا نعلم في الكلام (فعلل)، فإن كان هذان الحرفان قد سمع ضم الباء فيهما فهو من النوادر. وقال ابن كيسان: هذا إذا جاء على هذا المثال شهد بزيادة الهمزة؛ لأن حروف الزيادة إذا وقعت في الكلمة جاز أن تخرج عن بناء الأصول؛ فلهذا ما جاءت هكذا.

وعلم زيادة الهمزة في (جرائض). بقولهم في معناه: جرواض، وفي (حطائط) لأنه المحطوط. وسيأتي من زيادتها حشوا ما تراه في مواضعه إن شاء الله عز وجل. وقد اطردت زيادتها للتأنيث في آخر الكلمة في الجمع والإفراد، وذلك نحو: صحراء.، وحمراء، وعشراء، وحروراء، وعاشوراء؛ ونحو أربعاء، وأخمساء، وأنبياء، وأصدقاء؛ فاعلم ذلك، والله الموفق.

باب الباء

باب الباء - ببه: لقب عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث ابن عبد المطلب والي البصرة. قيل: إنما لقب بذلك؛ لأنه- وهو رضيع [36/ب]- كان يصوت بذلك، كما يفعل الطفل عند محاولة الكلام، فقالت أمه وهي ترقصه: لأنكحن ببه جارية خدبه مكرمة محبه تجب أهل الكعبة

أي: تغلبهم في الحسن. وأنشد ابن دريد: .... جبت نساء العالمين بالسبب وقال: (هذه امرأة قدرت عجيزتها بخيط، ثم ألقته إلى النساء ليفعلن كما فعلت فغلبتهن). والسبب: هو الخيط الذي قدرت عجيزتها به وألقته إليهن. وقال الجوهري: (ببه: اسم جارية)، وأنشد هذه الأبيات؛ وهو غلط. وقال: يقال للأحمق الثقيل: ببه. وقال الفرزدق: وبايعت أقواما وفيت بعهدهم وببة قد بايعته غير نادم

وقال الشاعر: لأنكحن ببه جارية في قبه تمشك رأس لعبه - بداد: يقولون في الحرب: بداد بداد، أي: ليأخذ كل واحد قرنه. ويقال: تباد القوم يتبادون: إذا أخذوا أقرانهم. وهو مبني على الكسر لالتقاء الساكنين، وبني لأنه اسم لفعل الأمر. ويقال أيضا: لقوا أبدادهم، أي: أعدادهم، لكل رجل رجل. ويقال: جاءت الخيل بداد، أي: متبددة. وتفرق القوم بداد، أي: متبددين. ومنه قولهم: بعته بددا: إذا بعته معارضة. [37/آ] * بذرى: هو الباطل، عن الجرمي، وهو فعلى: بضم الباء،

وضم الذال معجمة، وتشديد الراء. وقال غير الجرمي: هو من التبذير. وبدرى: فعلى من المبادرة. * برديا: فعليا، غير منون: اسم موضع. * برائل: هو عفرة الديك والحبارى وغيرهما، وهو الريش المستدير في عنقه. وهو فعالل، والهمزة فيه أصل لأنها حشو، ولم يقم على زيادتها دليل. ويقال: برأل الديك برألة: إذا نقش برائله، وقال: ولا يزال خرب مقنع

برائلاه والجناح يلمع * براكاء: فعالاء، وهو الثبات في الحرب، وهو مأخوذ من برك؛ قال بشر بن أبي خازم: ولا ينجي من الغمرات إلا براكاء القتال أو الفرار هكذا أنشده الأصمعي: (براكاء القتال) وأنشد غيره: (بروكاء القتال). وقال الجرمي: هو موضع الحرب. ويقال: براك براك، أي: ابركوا، يقال ذلك في شدة القتال. * برنساء: الناس. يقال: (ما أدري أي البرنساء هو)، أي: أي الناس، وكذلك: البرناساء. وهذه الكلمة نبطية،

وهي: (برناشا)، فعرب، ومعناه عندهم [37/ب]: ابن الإنسان. * برهرة: صافي اللون. والبرهرهة: البيضاء الناعمة التي كأنها ترعد من النعومة. * بشكى: هو سرعة في المشي. ويقال: ناقة بشكى، أي: سريعة. والبشك: اليسر. وقد بشكت الناقة تبشك، بالضم، بشكا. وبشك ثوبه: خاطه خياطة متباعدة. * بلنصى: طائر، وهو فعنلى، بفتح الفاء. قال الجرمي: وليس في الكلام فعنلى، ولا فعنلى. والنون فيه والألف زائدتان،

وهو جمع (بلصوص) على غير قياس. واستدل على زيادة النون سيبويه بقولهم في الواحد بلصوص. * بلهنية: فعلنية. وهو العيش الواسع الذي لا عناء فيه؛ قال لقيط بن يعمر الإيادي: ما لي أراكم نياما في بلهنية لا تفزعون وهذا الليث قد جمعا * بلندح: هو القصير السمين. * بلغن: فعلن، هو الذي يبلغ الناس الأحاديث. * بعكوك: قال الجرمي: هو الرهج والغبار. * بهلول: هو السيد الجامع لكل خير.

* بليان: فعليان، هو مكان. [38/آ] وقال ابن الأعرابي والجرمي: تركته بذي بليان، أي: بحيث لا يدرى أين هو، وأنشد: ينام ويذهب الأقوام حتى يقال: أتوا على ذي بليان * بزيون: هو السندس. ذكره ابن دريد بكسر الباء، وفتح الياء، فهو على هذا فعيول. وقال ابن السكيت، والجوهري، وغيرهما: بزيون، بضم الباء والياء.

قال أبو العلاء أحمد بن سليمان: وكان في بغداد رجل ممن يدرس الأدب وكتبه، فرد على بعض من يقرأ عليه (بزيون) بضم الباء وفتح الياء؛ فعيب ذلك عليه. * بيطر الدابة البيطار: شق جلدها ليداويه. * بهمى: نبت. قال سيبويه: تكون واحدة وجمعا، وألفها للتأنيث [38/ب] فلا تنون. وقال قوم: ألفها للإلحاق، والواحدة بهماة. وأنكر ذلك المبرد، وقال: لا تكون ألف فعلى، بالضم، إلا للتأنيث. وكذلك قال الجرمي: ألف فعلى لا تكون إلا للتأنيث اسما كان أو صفة، مثل: (حمى) و (رؤيا)، وامرأة (حبلى) وشاة (ربى) وقولهم: (أنثى). * بلوقة:- مثل بلوطة-: فجوة واسعة تكون وسط الرمل، والجمع (بلاليق). وقيل: المستوى من الأرض. وقيل: الأرض التي لا شيء فيها.

باب التاء

باب التاء * تبرير: هو الصوت الشنيع، وقيل غير هذه مما تراه في باب الحاء إن شاء الله عز وجل. * تبشر: بضم التاء وفتح الباء وكسر الشين مشددة: طائر، ويقال له الصفارية. * توأم: الذي ولد معه آخر. وامرأة مئتم، وإذا تكرر ذلك منها قيل: متأم. وجمع توأم: تؤام. ومما جاء على فعال: ظئر وظؤار، وعرق وعراق. ورخل

ورخال، وربى ورباب. * تتفل: هو ولد الثعلب. يقال فيه: تتفل. بفتح التاء وضم الفاء، وتتفل بضم التاء وفتح الفاء، وتتفل، بضمها جميعا. وقال الجرمي: من قال: تتفل، بالضم، فهو إتباع وليس بأصل. قال: وأكثرهم يقول: تتفل، بضم التاء وفتح الفاء، وتتفل، بفتح التاء وضم الفاء، [39/آ]. قلت: فمن قال: تتفل، جاز أن يكون أتبع التاء ضمة الفاء، وبالعكس؛ فهذا تفسير قوله: (إتباع وليس بأصل). قال: وقال قوم: تتفلة، وأنشد: فهي تهوي كهوي التتفلة وجمع تتفل: تتافل. وكأنه مأخوذ من التفل، يقال: رجل تفل:

غير متطيب، قال: يا بن التي تصيد الوبارا وتتفل العنبر والصوارا والتاء في تتفل زائدة. * تبع: هو الظل. ولا يخفى أنه مأخوذ من (تبع). قال سيبويه: ويقول بعضهم: تبع، بضم الباء، ولا يقاس عليه. والتبع أيضا: ضرب من الطير. والتبع: واحد التبابعة، وهم ملوك اليمن؛ قال الفرزدق: وكنا ورثناه على عهد تبع طويلا سواريه شديدا دعائمه

وكأنه سمي بجمع تابع. وغنما سمي بذلك لاتباعه أعداءه. والهاء في (ورثناه) عائدة على العز، في قوله قبل هذا: وما زال باني العز فينا وبيته وفي الناس بان بيت عز وهادمه * تابل وتابل: بفتح الباء وكسرها: واحد توابل القدر. ويقال: توبلت القدر، حكى ذلك صاحب الغريب المصنف. * تترى: منون وغير منون، هو من المواترة. ولا يخلو أن يكون مأخوذا من قولهم: هو على وتيرة واحدة، أي: طريقة واحدة، أو يكون مأخوذا من الوتر، يقال: واتر بين الأشياء: إذا تابع. قالوا: ولابد من فترة بين تلك الأشياء ليرجع إلى معنى الوتر. ويقال من ذلك: تواترت النعم: إذا جاء بعضها على إثر بعض وترا وترا، من غير انقطاع. والتاء في (تترى) بدل من الواو. * تيقان: فيعلان، كذا قال الجرمي، وفسره بأنه النشيط. وقال

غيره: تئفان بالفاء فعلان، وقال: يقال: جاء على تئفة ذلك وتئفان ذلك، وتفيئة ذلك أي: على وقته. وأظن [36/ب] أحدهما قد صحف ما في كتاب سيبويه، ولا أتهم

بذلك الجرمي. * ترتب: أمر ترتب، أي: دائم راتب، قال الشاعر: ملكنا ولم نملك وقدنا ولم نقد وكان لنا فضل على الناس ترتبا ووزنه: تفعل، بضم التاء وفتح العين. وهو من قولهم: رتب الشيء يرتب رتوبا، أي: ثبت. * تحلئ: هو القشر الذي يلي اللحم من الجلد. يقال منه: حلأت الأديم حلأ: إذا أخرجت تحلئه. وقيل: القشرة التي تلي اللحم التي يخرجها الدباغ يقال لها: (الحلاءة)،على فعالة، ومنه يقال: حلأت الجلد: إذا قشرته, وأما (التحلئ) بالكسر، فهو ما أفسده السكين من الجلد إذا قشر.

ترنموت: هو ترنم القوس، وهو من قولهم: ترنم يترنم: إذا رجع صوته، والترنيم من ذلك. والواو والتاء فيه زائدتان، كما في (ملكوت)، ووزنه: تفعلوت؛ وقال يصف قوسا: تجاوب الصوت بترنموتها تستخرج الحبة من تابوتها يريد حبة القلب. * تدورة: وزنه: تفعلة، وهو اسم موضع. ومثله أي في وزنه (تؤدية)، وهو عود تصر عليه أخلاف [40/آ] الناقة؛ قال الشاعر: فإن أودى ثعالة ذات يوم بتودية أعد لها ذيارا الذيار: البعر الحار حين يخرج تلطخ به أخلافها، يقال:

ذيرتها أذيرها تذييرا. ومثل ذلك أيضا تنهية، وهو مستنقع الماء، والتاء لازمة لـ (تفعلة). * التقدمية: تفعلية، وهي أول الخيل. ومضى القوم التقدمية: إذا تقدموا؛ قال الشاعر: الضاربين التقدميـ ـة بالمهندة الصفاح * ترعيبة: تفعيلة، بفتح التاء. قال أبو عمر: وقال قوم: (ترعيبة) فكسروا على كسرة ما بعدها، قال: وهذا المتبع كله شاذ، إنما تقول منه ما قالوه، وليس لك أن تقيس عليه. والترعيبة: القطعة من السنام ومن الشحم؛ قال الفرزدق: كأن تطلع الترعيب فيها عذار يطلعن إلى عذار

وقال غير الجرمي: ترعية تفعلة، قال الفراء: رجل ترعية، بكسر التاء وضمها، والياء مشددة، وهو الذي يجيد رعية الإبل، وفي معناه: (ترعاية). ولم يثبت الجرمي هذا، فهذا مثل (تيقان) وتئفان، والله أعلم. * تذنوب: تفعول. وهو أول ما يبدوا الإرطاب في البسرة من قبل ذنبها، وقبله التوكيت [40/ب] وهو أن يظهر في البسرة كالوكتة، وهي البثرة الصغيرة. فإذا زاد قليلا إلى نحو من ثلث البسرة قالوا: تذنوب. فإذا ارتفع الإرطاب إلى نصفها وأكثر فهو المجزع. فإذا لم يبق من البسرة غير مرطب إلا قدر فص الخاتم

قيل: قد حلقن، وهذا بسر حلقان. فإذا استوفت الإرطاب فهي معوة، والجميع، معو، ومهوة ومهو، وثعدة وثعد؛ قال: وميعاد ما بيني وبين رعائها إذا صرصر العصفور في الرطب الثعد * تعضوض: هو جنس من أجناس التمر. * ترثور: تفعول. هو وسم في أخفاف الإبل. * تحلبة: هي الشاة التي تحلب قبل أن تحمل. وقال الكسائي: إذا خرج من ضرع العنز شيء من اللبن قبل أن ينزو عليها التيس قيل: عنز تحلبة، وتحلبة، وتحلبة.

* تهبط: على تفعل. قال الجرمي: هو اسم أرض. وقال أبو حاتم: التهبط: طائر أغبر [41/آ] بعظم فرخ الدجاجة، يعلق رجليه ويصوب رأسه ثم يصوت. * التنوط: طار. ويقال أيضا: (تنوط). قال الأصمعي: إنما سمي تنوطا؛ لأنه يدلي خيوطا من شجرة ثم يفرخ فيها، والواحدة تنوطة * تدرأ: تفعل؛ قال العباس بن مرداس السلمي: وقد كنت في الحرب ذا تدرأ فلم أعط شيئا ولم أمنع أي ذا دفع ومنع. * تسرة وتضرة: ووزنهما: تفعلة، وهما من السرور والضرر.

* تمتين: خيوط تشد بها أوصال الخيام، عن أبي زيد. * تنبيت: هو فسيل النخل. * تمسكن: من المسكنة والذل، أي صار مسكينا. و (تسكن) في معناه، وهو أفصح من (تمسكن) لأنه القياس، كقولهم: (تشجع)، وكذلك القياس: (تندل، وتدرع). وقولهم: (تمدرع) أي: لبس المدرعة؛ و (تمندل) ليس بالقياس، وأكثرهم يقول (تسكن، وتدرع، وتندل). وتمسكن نحو تدحرج. * تمعدد: قال ابن دريد: (التمعدد: الشدة [41/ب] والقوة؛ قال الزاجر: ربيته حتى إذا تمعددا

وصار نهدًا كالحصان أجردا كان جزائي بالعصا أن أجلدا قال: وقال عمر رضي الله عنه: (احتفوا، واخشوشنوا وتمعددوا). قال: والمعدة من هذا اشتقاقها، لصلابتها. قال: ومعدان اسم رجل أحسب اشتقاقه من المعدة) انتهى كلامه. والميم في (تمعدد) أصل، وهو تفعلل؛ لأنها لا تزاد في الفعل. ودل (تمعدد) على أن الميم في (معد) أصل، ولولا ذلك لقضوا بزيادتها؛ لأنها إذا وقعت أولا، وبعدها ثلاثة أحرف أصول، كانت زائدة، وهذا مذهب سيبويه في (معد)، وسيأتي

ذلك في باب الميم إن شاء الله عز وجل. * تقوى: من التقية، وهي الورع. وقد اتقاه يتقيه اتقاء، وتقاه يتقيه تقوى، وتقاة، وتقية، وتقى. والتاء مبدلة من الواو، وأصل تقوى (وقوى) لأنه من وقيت. * ترقوتان: هما العظمان المشرفان على ثغرة النحر عن يمين وشمال. والتاء في (ترقوة) أصل، ووزنها: فعلوة. ويقال: ترقيته ترقاة: إذا أصبت ترقوته. * توراب: فوعال، وهو التراب، والتورب، والترب [42/آ] والتيرب، وتريب، وتيراب، وترباء، وترباء، وتريب، وتربة. * تيجان: قال الجرمي وغيره: هو فيعلان، بفتح الياء. وقال الجوهري: (تيحان، بالكسر). قال الجرمي: وهو العجل. وقال غيره هو الذي يعرض لما لا يعنيه، وهو المتيح أيضا.

ويقال: فرس متيح، وتيحان: إذا اعترض في مشيه؛ قال الشاعر: وذبي الذم عن حسبي بمالي وزبونات أشوس تيحان والذي ذكره سيبويه فيه الفتح والجماعة على ما ذكر. وقال أبو العلاء: يروى بفتح الياء وكسرها. وقال قوم: لا يجوز فيه الكسر حملا على الصحيح؛ لأن الصحيح لم يجئ فيه فيعلان، إنما فيه فيعلان نحو (سيسبان). وإذا ثبت الكسر عنهم بطل رده بالقياس، وهو من تاح يتوح،

ويتيح، لغتان: إذا تهيأ وأشرف. * تؤمان: فعلان، وهو نبات. * تنضبة: تفعلة، والجمع: تناضب. والتاء زائدة؛ إذ ليس في الكلام فعلل. والتنضبة: شجرة قصيرة ذات شوك. وقالوا: حرباء تنضبة، لأن الحرباء تألفها؛ قال: أنى أتيح له حرباء تنضبة لا يرسل الساق إلا ممسكا ساقا [42/ب]

وهذا كما قالوا: ذئب غضى وتيس حلب، وحبة حماط. والحماط: يبيس الأفاني والحيات تألفه؛ قال: عنجرد تحلف حين أحلف كمثل شيطان الحماط أعرف يقول ذلك لامرأته، وعنجرد: سليطة، وشبهها بحية لها عرف. وقول الشاعر: ... ... ... إذا حن بين القوم نبع وتنضب أراد بالنبع: القسي، وبالتنضب: السهام؛ لأنههم يتخذون السهام من التنضب. * تخربوت: قال الجرمي: هو فعللوت، وقال: سألت الأصمعي وعلماء فلم يعرفوا (تخربوت)، ثم قال: زادوا الواو

والتاء، كما زادوهما في بنات الثلاثة، في (ملكوت) و (جبروت). يعني أنه بهما ألحق بـ (عنكبوت) فهو فعللوت. وقال غيره: التخربوت: الناقة الفارهة.

باب الثاء

باب الثاء * ثبون: جمع ثبة، والثبة: الجماعة في تفرق؛ قال الله عز وجل: {فانفروا ثباتا أو انفروا جميعا}. وهي محذوفة اللام؛ لأنها من ثبيت، أي: جمعت. ووزنها على هذا فعة. والثبة أيضا: وسط الحوض، وهي من ثاب يثوب؛ لأن الماء يثوب إليها، أي: يرجع؛ وهي محذوفة العين، ووزنها: فلة. * ثفيت: القدر تثفية، أي: وضعتها على الأثافي. وأثفيتها: إذا أصلحت لها الأثافي. قال الجوهري:

وإن شئت خففت الأثافي. وقال أبو الفتح: (لم يسمع في جمع أثفية إلا الأثافي بالتخفيف). وقد سبق ذلك. [43/آ]. * بثنايين: قال أبو زيد: (عقلت البعير بثنايين: إذا عقلت يديه جميعا بحبل أو بطرفي حبل. وقال أيضا: عقله بثنيين: إذا عقد يدا واحدة بعقدتين) انتهى كلامه. وغنما لم يهمز لأنه لم يفرد واحده، ولو أفرد لقيل: ثناء، بالمد والهمز، وكان في التثنية: (ثناءين)، كما تقول: رداءان، ولكنه لما لم يفرد جاء على الأصل لأنه من ثنيت. والثناء، بالكسر والمد، بمعنى الفناء للدار. وجاؤوا ثناء ثناء، بمعنى اثنين اثنين. والثنى: ثنى الحية، وهو انطواؤها. والثنى أيضا: دون السيد، ويقال له: الثنيان أيضا؛ قال ابن مغراء:

ترى ثنانا إذا ما جاء بدأهم وبدؤهم إن أتانا كان ثنيانا والثنى أيضا: الشيء الذي يثنى مرة بعد مرة؛ ٌال عدي بن زيد: أعاذل إن اللوم في غير كنهه علي ثنى من غيك المتردد والثنى، مضموم الأول مقصور: بمعنى الاثنين، قال: فما حلبت إلا الثلاثة والثنى وما قيلت إلا قريبا مقالها يريد بالثنى إناءين. * الثريا: [43/ب] مقصور، وهو النجم. ويكتب بالألف لأجل الياء التي قبل آخره. والثريا، أيضا: تصغير امرأة (ثروى (الكثيرة المال، ورجل ثروان.

* الثداء: بالضم والمد والتشديد: نبت تأكله المعز. * الثفاء: الحرف. * الثاية مأوى الغنم، وقال ابن السكيت: والإبل؛ وهو مأواها حول البيت. وقال أبو زيد: (الثوية: مأوى الغنم، وكذلك الثاية، قال: والثاية أيضا: حجارة ترفع فتكون علما للراعي، يهتدي بها بالليل إذا رجع). * ثقيف: فعيل. الجرمي: خل ثقيف، أي: شديد الحموضة.

باب الجيم

باب الجيم * رجل جبأ: على فعل، وهو الهيوب الذي يكثر منه الخوف، قال: فما أنا من ريب المنون بجبأ وما أنا من سيب الإله بآيس * جبابير: جمع جبار، قال ابن مقبل: أما الإفادة فاستولت ركائبنا عند الجبابير بالبأساء والنعم

ويقال للناقة العظيمة السمينة: ناقة جبار، بغير هاء. ويقال للتي تفوت اليد: ناقة جبارة. قال ابن قتيبة: (والجوع: جبابير). * جبروت: هو التجبر. وفي تسبيح الملائكة: (سبحان ذي العز والجبروت). * جبان: قال الجرمي: هو الصحراء، وكذلك الجبانة. وهو مما جاء على فعال أيضا [44/آ] كـ (الجيار) وهو السعال، وقيل: حرارة في الصدر من غيظ أو جوع؛ وقال الهذلي:

قد حال بين تراقيه ولبته من جلبة الجوع جيار وإرزيز والجيار أيضا: الصاروج، قال الشاعر: ... ... ... ... لز بطين وآجر وجيار يصف بناء. * جحجبى: بنو جحجبى حي من الأنصار، قال: بين بني جحجبي وبين بني زيد فأني لجاري التلف * جحنبار: قصير.

* جعظارة: الرجل القصير الغليظ، عن ابن السكيت. * جحمرش: العظيمة من النساء، والأرنب الضخمة. ويقال: أفعى جحمرش، أي: خشناء. ويقال للعجوز المسنة أيضا: جحمرش. والجمع والتصغير: جحامر، وجحيمر. قال: قد قرنوني بعجوز جحمرش كأنهما دلالها على الفرش من آخر الليل كلاب تهترش * جخادب: ضرب من الجراد، أخضر، طويل الرجلين، وهو الجخدب أيضا، ويقال: أبو جخادب، وهو علم عليه. ويقال للجمل الضخم أيضا: جخدب وجخادب. * جدب: هو الجمار، والواحدة جدبة. * جذعم وجذعمة: هو الصغير، والأصل: جذع وجذعة.

ولم يذكر سيبويه (فعلم). وفي الحديث: (أسلم أبو بكر رضي الله عنه وأنا جذعمة). * جربياء: قال الجرمي: ريح جربياء وهو فعلياء، وهي الشمال الباردة. * جاروف: السيل الذي يجرف. * جرنفش: هو العظيم الجنبين، وهو فعنلل. والجرافش في معناه، وبه استدل على زيادة النون مع أنها وقعت ثالثة ساكنة؛ ومتى وقعت كذلك قطع بزيادتها لكثرة ما اعتبرت [44/ب] فوجدت كذلك. * جربة: فعلة، وهي العانة من حمر الوحس. وقال الجرمي: جماعة من العيال؛ قال الشاعر:

جربة كحمر الأبك لا ضرع فينا ولا مذك يصف جماعتهم بالقوة، وأنهم قد استووا في ذلك، فما فيهم ضرع، وهو الصغير، ولا مذك، وهو الكبير المسن؛ وأنهم في القوة كحمر الأبك، والأبك: مكان. * جرائض: هو فعائل، والهمزة فيه زائدة وإن كانت الهمزة لا تزاد حشوا. ودل على زيادتها قولهم في معناه: (جرواض) و (جرياض) وهو في ذلك كله بمعنى الضخم العظيم البطن. قال الأصمعي: قلت لأعرابي: ما الجرياض؟ فقال: الذي بطنه

كالحياض. ويقال: (جرئض) مقصور من جرائض، كـ (علبط) من علابط. وقال ابن السراج: يقال نعجة جرئضة، مثل علبطة، أي ضخمة. ومتى كانت الهمزة حشوا حكم بأصالتها لكثرة وقوعها كذلك. وما جاءت زائدة، وهي حشو، إلا في خمس كلمات: (جرائض)، و (حطائط) وهو مذكور [45/آ] في باب الحاء، و (شأمل) وهو مذكور في باب الشين، و (نئدلان) وهو مذكور في باب النون، و (رئبال) وهو مذكور في باب الراء. ولم تزد أخيرا لغير التأنيث إلا في (ضهيأ) وهو في باب الضاد، و (غرقئ) عند أبي إسحق، وهو مذكور في باب

الغين. * جردحل: فعلل، وهو العظيم الشديد. * جرشى: فعلى: النفس. * جريال: فعيال: صبغ أحمر يشبه به الخمر والدم. وقيل: هو الذهب. قال الأصمعي: هو رومي معرب؛ قال الأعشى: وسبيئة مما تعتق بابل كدم الذبيح سلبتها جريالها وسئل الأعشى عن هذا السلب، فقال: شربتها حمراء وبلتها بيضاء. ويقال: (جريان) بالنون. * جرول: فعول، وهو الحجر، والواو فيه للإلحاق. والجرل أيضا: الحجر. ولقب الحطيئة جرول. * جزالاء: مكان، فعالاء.

* جحنفل: هو مثل جرنفش في زيادة النون في أنها ثالثة ساكنة، ولأجل الاشتقاق؛ لأنه من الجحفلة. والجحنفل: الغليظ الشفة. والجحفلة لذوات الحافز كالشفة من الإنسان. * جلفزير: فعلليل. هو الثقيل، والتي طعنت من النساء في السن وفيها بقية. * جرنبة: قال الجرم: وزنه: فعنلة، ولم يفسره. وقال أبو حاتم: هو اسم أرض. * جلندي: يضم الجيم واللام، وهو اسم ملك عمان وتفتح اللام منه أيضا، مع ضم الجيم. قال الجرمي: (سألت عنه الأصمعي فقال: العرب تقول: الجلندي بفتح اللام. قال الجرمي: وهما لغتان [45/ب]) انتهى كلامه. وقد جاء ممدودا: وجلنداء في عمان مقيما ثم قيسا في حضرموت المنيف

وقال بعض العلماء: إنه يمد ويقصر، والقصر فيه هو المشهور. قال: وهو الجلندي بن المستكبر الأزدي؛ ووزنه: فعنلى، وألفه للتأنيث. * جلبانة: امرأة جلبانة، أي حمقاء، وكذلك جربانة؛ قال حميد بن ثور: جلبانة ورهاء تخصي حمارها بفي من بغى خيرا لديها الجلامد وقال أبو عمرو: جلبانة، بالكسر، تجلب وتصيح؛ ووزنه فعلانة، وفعلانة. * جعندل: الضخم القوي من الإبل، ووزنه: فعلل، كشمردل وفرزدق. والنون مام تكن ثالثة ساكنة، وهي مقابلة لبعض حروف

الأصل، فهي أصل إلا أن يقوم دليل على زيادتها؛ ولأنه لا يخلو أن يكون (فنعلل) أو (فعلل) وليس في العربية (فنعلل) فثبت أنه فعلل. * جلد البعير، كما تقول: سلخ الشاة ولا يكادون يقولون: سلخ البعير. * جلسان: قيل: ضرب من الرياحين، وقيل هو الورد، وقيل: كهيئة القبة يجعل عليا الورد؛ قال الأعشى: لنا جلسان عندها وبنفسج وسيسنبر والمرزجوش منمنا * جلعلع: وزنه: فعلعل. وعن الأصمعي: (عطس أعرابي كان يأكل التراب كثيرا، فخرج من أنفه خنفساء نصفها

طين ونصفها خلق، فقال لي رجل منهم: خرج من أنفه جلعلعة فلا أنسى فرحي بهذا الكلام). وقال أبو العباس: الجلعلع: المنكشف الأمر [46/آ]. ويقال: جلعت: إذا كشفت فرجها. وقال الأصمعي: جلع ثوبه، وخلعه بمعنى واحد. وقال غيره الجلع: ترك الحياء، وقد جلعت المرأة، بكسر اللام، فهي جلعة وجالع: إذا لم تستحي، والرجل جلع وجالع؛ قال الشاعر: قولا لسحبان أرى نوارا جالعة عن رأسها الخمارا وقال أبو عمرو: الجالع: المسفرة؛ وقد جلعت تجلع جلوعا فهي جالع؛ وأنشد:

ومرت علينا أم سفيان جالعا فلم تر عيني مثلها جالعا تمشي ويقال للذي لا تنضم شفتاه على أسنانه: قد جلع فمه جلعا؛ وكان الأخفش النحوي الأصغر أجلع. وتجالع القوم: تجاوبوا بالفحش. والجلعلع من الإبل: الحديد. * جلعبى وجلعباة: شديد. * جلواخ: فعوال، وهو النهر العظيم الممتلئ، والوادي العظيم، والجمع: جلاويخ. وهو من قولهم: جلخ السيل الوادي يجلخه جلخا. إذا ملأه، وسيل جلاخ. وأما (الجلاح) بالحاء في موضع الخاء، فهو السيل الذي يجرف، وهو الجراف والجاروف. * جلولاء: قرية بناحية فارس، والنسبة إليها: جلولي

على غير القياس، كما قالوا: حروري في حروراء [46/ب]. * جلق: قيل: هو أعجمي معرب، وهو دمشق. وقال بعض العلماء إنما سميت دمشق بذلك لأن الجلق هي المرأة الرتقاء؛ قال الشاعر: وأنبأتماني أن ظبية جلق يجوب الصفا العادي ما لا يجوبها قال: (وبشرقي دمشق قرية يقال لها: (الذنبة)، فيها صنم على صورة امرأة رتقاء مطبقة الفرج، يخرج الماء من فيه وأذنيه وعينيه إلى بركة هناك؛ و (جلق): اسم لهذا الصنم، ثم سميت مدينة دمشق بذلك؛ وهذه القرية كانت ينزلها يزيد بن معاوية). فوزنه: فعل مثل حلز، يقال: رجل حلز، للقصير، ويقال للبخيل أيضا، وامرأة حلزة؛ ومنه الحارث بن حلزة؛

* جعباه: جعباة: إذا صرعه. * جمزى: ضرب من العدو سريع. وقد عدت الناقة الجمزى، وكذلك الفرس. وحمار جمزى، أي: سريع؛ قال: كأني ورحلي إذا رعتها على جمزى جازيء بالرمال * جنفى: مثل فعلى: اسم موضع، عن ابن السكيت. * جنفى: فعلى. يقال: هو جنفى العنق، أي مائل العنق. وقال الجرمي: خبقى العنق، بالخاء المعجمة بنقطة من فوقها وبالباء وبالقاف، والعنق، بفتح [47/آ] العين والنون وفسره بالسريع الخطى؛ وأنشد: يعدو الخبقى والدفقى منعب

يقال: فرس منعب، أي: جواد، وناقة نعابة ونعوب: أي سريعة: والنعب السير السريع، وقيل: النعب: أن تحرك رأسها إلى قدام إذا مشت. والجرمي وصاحب القول الأول نقلا من كتاب سيبويه، فأحدهما قد صحف، وإن كان ما ذهبا إليه

صحيحا في المعنى. وقال الجرمي في موضع آخر: ويقولون: إنه لخبق العنق، وهو السريع؛ هكذا قال. * جندب: بضم الجيم وكسرها: الجرادة الذكر. * جهور: هو فعول، وهو من الجهر؛ يقال: جهر بالقول وجهور: إذا رفع به صوته. وهو جهوري الصوت وجهير الصوت. وقد جهر مثل فصح. * جوهر: فوعل، وهو معرب، والواحدة جوهرة؛ وهو الدر والياقوت والزبرجد ونحو ذلك. قالوا: وأصله فارسي. قال أبو العلاء: (ولو حمل على أنه من كلام العرب لكان الاشتقاق دالا عليه؛ فإنهم يقولون: فلان جهير، أي: حسن الوجه والظاهر، فيكون الجوهر من الجهارة التي يراد بها الحسن)

قال أبو دهبل: وهي زهراء مثل لؤلؤة الغو اص ميزت من جوهر مكنون [47/ب] ويروى هذا الشعر لعبد الرحمن بن حسان، والصحيح أنه لأبي دهبل، وله فيه قصة. * جيأل: وزنه فيعل، والهمزة فيه أصل، وهو اسم للضبع، والأنثى جيألة، على قول من قال: إن جيأل للذكر. وتلقى حركة الهمزة على الياء وتحذف الهمزة، ولا تقلب الياء ألفا لتحريكها وانفتاح ما قبلها؛ لأن الهمزة منوية والحركة على الياء عارية؛ قال الشنفرى:

ولي بعدكم أهلون سيد عملس وأرقط زهلول وعرفاء جيأل و (جيأل) علم لا ينصرف للتأنيث والعلمية. والسيد: الذئب. والعملس: القوي على السير السريع؛ ولذلك قيل للذئب: عملس. والأرقط: الأسود الذي له نقط بيض، كالدجاجة الرقطاء والحية الرقطاء. والزهلول: الأملس. والعرفاء: الضبع، قيل لها ذلك لكثرة شعرها. * جيجل: فيعل. قال الجرمي: هو العظيم من كل شيء، والجمع جياجل. وقال غيره: الجيجل: القنفذ الكبير، والصخرة الملساء العظيمة؛ وقال أبو النجم: منه بعجر كالصفا والجيجل

وقال ابن السكيت: الجيجل: العظيمة الخلق الضخمة من النساء [48/آ]. * جهنم: علم على نار الآخرة، أعاذنا الله منها، لا ينصرف للعلمية والتأنيث، على قول من قال: إنه عربي، أو للعلمية والعجمة والتأنيث على قول من قال: إنه أعجمي، وهو ملحق بـ (سفرجل) بالتضعيف الذي فيه. وروى يونس: ركية جهنام، بكسر الجيم والهاء، للبعيدة القعر؛ ولعله مأخوذ من هذا. وأما قول الأعشي: دعوت خليلي مسحلا ودعوا له جهنام جدعا للهجين المذمم

فإنه يعني عمرو بن قطن من بني سعد بن قيس بن ثعلبة؛ وجهنام لقب له، وكان يهاجي الأعشى فقال فيه ذلك. وقيل: إن جهنم فارسي الأصل. وهذا البيت يدل على أنه أعجمي معرب؛ لأنه ترك صرفه، إن كان جهنم من لفظ جهنام، وليس إلا العجمة والتعريف. ويجوز أن يكون ترك الصرف لعلة واحدة، وقد أجاز ذلك الكوفيون، ومن ذلك قوله: ... ... ... ... ... ... يفوقان مرداس في مجمع

باب الحاء

باب الحاء * حاطوم: ماء حاطوم، أي: هضام. * حاحيت: بالغنم حيحاء، وحاحاة: إذا صوت: حاي حاي. * حبوتن: فعوعل، وهو اسم واد، ذكر ذلك الجرمي. * حباطى: فعالى، جمع حبط. والحبط: أن تأكل الماشية حتى تنتفخ بطونها. وقال يعقوب: هو انتفاخ يصيبها من أكل الذرق وهو الحندقوق، وقد حبطت فهي حبطة.

وقال صلى الله عليه وسلم: (إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم) [48/ب]. * حبج: بعير حبج، والجمع حباجى وحبجى، مثل: حماقى وحمقى. والحبج: انتفاخ بطونها من أكل العرفج وأكل الضعة، فهي تتمرغ وتزحر من الألم. وقد حبجت بالكسر، تحبج، بالفتح. والحبج أيضا: الضرط، وقد حبج، بالفتح، يحبج حبجا، أي: حبق؛ وقال أعرابي: حبج بها، ورب الكعبة. * حبركى: هو الطويل الظهر القصير الرجلين. والحبركى أيضا: القراد، وهو فعلى. * حباب: فعال، وهو الحية. وقولهم: الحباب: اسم شيطان، أي اسم حية، لأن الحية يقال لها: شيطان.

والحباب أيضا: الحب؛ قال: فو الله ما أدري- وإني لصادق- أداء عراني من حبابك أم سحر بالضم. * حبنطى: قال الجرمي، سمعت الأصمعي يقول: هو الممتلئ غضبا أو بطنة. وقيل هو القصير البطين. يقال: رجل حبنطى، بالتنوين، وحبنطاة، ومحنبط، وقد احبنطيت. قال الجرمي: وتنوينهم الصفة- يعني حنبطى- يدل على ما قال سيبويه في (قرنبى) و (علندى): إنهما ينونان جميعا؛ قال الجرمي: لأنه مثال واحد. وتقول في التصغير: (حبيط) بكسر الطاء منونا؛ لأن الألف ليست بألف تأنيث فيفتح ما قبلها، كما يفتح في (حبلى)؛ وهذا

أحد الوجهين في تصغيره: تحذف النون [49/آ] وتبدل من الألف ياء. والوجه الثاني: أن تحذف الألف دون النون، فتقول: (حنبيط)، وإن عوضت من النون المحذوفة قلت: (حبيط) بتشديد الياء وبكسر الطاء؛ وإن عوضت من الألف قلت: (حبينيط). والنون والألف في حبنطى للإلحاق بسفرجل. وفي هذه الكلمة للعلماء أقوال: قال أبو عبيدة: الحبنطى، بغير همز: المغتضب المستبطئ للشيء، وبالهمز: العظيم البطن. وقال صلى الله عليه وسلم في السقط: (فيظل محبنطئا على باب الجنة). وقال أبو عبيد: المحبنطيء، بالهمز وبغير الهمز: الممتلئ غضبا. قال: ويقال: العظيم البطن.

وقال غير سيبويه: رجل حبنطأ، مقصور مهموز. وقال الكسائي: احبنطيت واحبنطأت، لغتان؛ قال: والحبنطأ، بالهمز: العظيم البطن؛ وأنشد ابن الأعرابي: يا أيها الكاسر نحوي العينا كأنما يطلب عندي دينا مالك ترمي بالخنا إلينا محبنطئا منتقما علينا من خلفنا وتختتي لدينا الاختتاء: الإطراق والاستخذاء. وقال أبو زيد في (النوادر) [49/ب]: (احبنطيت احبنطاء وأنا محبنط، غير مهموز في كلامهم). وقال في (كتاب الهمزة): وتقول: (احبنطأت احبنطاء: إذا انتفخ جوفك، وتقول: حبط جوفه إذا انتفخ).

* حبر: فعل، اسم بلد؛ قال عبيد: فعردة فقفا حبر ليس بها من أهلها عريب * حبربر: قال سيبويه: ما أصاب منه حبربرا ولا تبربرا ولا حورورا، أي: ما أصاب منه شيئا. ويقال: ما في الذي حدثنا به حبربر، أي: ما فيه شيء. وقبل أيضا: التبربر الصوت الشنيع، وقد سبق في التاء. * حبوكر: الداهية وكذلك حبوكرى. وأم حبوكرى أشد الدواهي وأعظمها؛ قال عمرو بن أحمر الباهلي:

ولما غسى ليلي وأيقنت أنها هي الأربى جاءت بأم حبوكرى ويقال للرمل الذي يحار فيه السالك ويضل: حبوكر. ويقال: جمل حبوكرى، للشديد العظيم. وألف (حبوكرى) زائدة، وليست للإلحاق؛ لأن الأصول ليس فيها هذا المثال فيلحق به، ولا للتأنيث؛ لأن ألف التأنيث لا تدخل عليها هاء التأنيث؛ لأتهم قالوا للناقة: حبوكراة. حثيل: شجر، قال: . ... .... ... .... ... .... ... .... بواد به نبع طوال وحثيل والجمع (حثايل) [50/آ] بالياء غير مهموز؛ لأن ما كان الياء فيه أو الواو أصلا فإنه لا يهمز في الجمع، وكذلك ما كانت ألفه أصلية، نحو: (مقام) و (مقال) إنما يقال في جمعه: (مقاوم) و (مقاول). وكذلك (معيشة ومعايش) و (معونة ومعاون)؛ ولم يهمزوا من ذلك إلا حرفا واحدا: (مصائب) وذلك شاذ؛ ومن

همز شيئا مما ذكرناه فقد أخطأ. قال الجرمي: ومن العرب من جاء بذلك الحرف على الأصل فقال: (مصاوب). وأما (مداين) فمن العرب من جعل الميم في (مدينة) أصلا والياء زائدة؛ فإذا نسبوا قالوا: (مدني) وإذا جمعوا قالوا: (مدائن) بالهمز. ومنهم من يقول في النسب: (مديني)، و (مداين) في الجمع فلا يهمز؛ فهؤلاء جعلوا الميم زائدة، فمدينة عندهم مفعلة مثل معيشة. وكذلك إذا كانت الياء والواو ملحقتين لم يهمزوا؛ لأن الملحق بمنزلة الأصلي، فيقولون في (عثير): (عثاير)، وفي (جدول): (جداول). فالذي يجعل الميم أصلية فهو عنده من مدن بالمكان: إذا أقام به، والذي يجعلها زائدة فهو عنده من دان يدين. وأما الذي يهمز فنحو: عجوز وعجائز، وظريفة وظرائف، وصبيحة وصبائح، وعمامة وعمائم، ورسالة ورسائل؛ لأن الواو والياء والألف في ذلك زوائد.

* حثيثى: من الاحتثاث. * حذرى: قال الجرمي: هو الباطل. وقال غيره: هو من الحذر [50/ب]. * حدث: بمعنى حدث، وهو الحسن الحديث، ويقال للكثير الحديث. * حذرية: فعلية، وهي القطعة الغليظة الخشنة من الأرض؛ والجمع: (اللحذاري). والهاء لازمة لفعلية كما لزمت فعالية وفعالية. وإحدى حرتي بني سليم تسمى (الحذرية). والحذرية أيضا: عفرية الديك؛ وقد نفش حذريته، أي: عفريته. * حذريان: شديد الخوف والحذر. * حرباء: هي التي تتلون بحر الشمس، وهي تدور مع

الشمس كيف دارت؛ والأنثى: حرباءة. وقولهم: حرباء تنضب مثل قولهم: ذئب غضى؛ قال أبو داود: أنى أتيح له حرباء تنضبة لا يرسل الساق إلا ممسكا ساقا * حزابية: فعالية، وهو الغليظ. ورجل حزابية، أي غليظ إلى القصر؛ وحمار حزابية قال الهذلي: كأني ورحلي إذا هجرت على جمزى جازئ بالرمال

أو اصحم حام جراميزه حزابية حيدى بالدحال والياء فيه مثلها في (الفهامية) و (العلانية) وهما من الفهم والعلن. حس: صوت يأتي به [51/آ] المتألم؛ يقال: ضربه فما قال حس. وأما قولهم: (ائت به من حسك وبسك) فمعناه: من حيث شئت. والحس: أن تجمع النار بالعصا على الخبز فتغطيه بها لينضج، أو على الشواء. وفي أمثالهم: قالت الخبزة: (لولا الحس ما باليت بالدس). ومن كلامهم: ألحق الحس بالإس، بالكسر فيهما، أي: إذا جاءك شيء من جهة فافعل مثله عقيب ذلك. ويقال: حس له حسا: إذا رق له، يحس؛ قال الكميت:

هل من بكى الدار راج أن تحس له أو يبكي الدار ماء العبرة الخضل * حشور: فعول، وهو العظيم البطن من الخيل والحمير والإبل، والمنتفخ الجنبين، والجمع: حشاور، والأنثى حشورة. * حضض: وحضض، وقيل فيه أيضا حضظ، وحضظ، على أن الأخيرة ظاء. وقال أبو الفتح: لا أدري صحة ذلك. * حطائط: قصير وصغير؛ وقالت امرأة: إن حري حطائط بطائط أي صغير. و (بطائط) إتباع، ووزنه: فعائل. * حلباة، ركباة: للناقة التي تحلب وتركب. * حفيلل [51/ب] فعيلل. قال أبو نصر: هو شجر. وقال

الجرمي: (حفينل) ولم يفسره.

* حلبلاب: فعلعال. قال جماعة من أهل اللغة: هو الذي تسميه العامة (اللبلاب)؛ وكذا قال أبو عمرو، قال: هو الذي يتعلق على الشجر. وقال آخرون: هو نبت ورقه أعرض من الكف، تدوم خضرته في الصيف، تسمن عليه الغنم والظباء، وهو من نبات الرمل. * حلتيت: فعليل. قال الجرمي: هو عود يجعل في الملح. وقال غيره: هو صمغ الأنجذان. * حلز: نبات. والحلز: القصير أيضا. وحلزة: اسم رجل، ولم يأت على (فعل) إلا حلز وحمص. قال المبرد: حمص، بكسر الميم؛ وقال ثعلب: الاختيار فتح الميم. وأما (حمص) فيقال: إنه من العماليق، وبه سميت حمص.

و (حلب) أخوه، وبه سميت حلب. وجاء على فعل أيضا (جلق)، وقد تقدم. * حلكوك: بفتح الحاء واللام، على فعلول: هو الشديد السواد؛ وكذلك حلكوك، بضم الحاء وإسكان اللام؛ وحلبوب أيضا، ومحلولك، ومسحنكك، وديجوج، ودجوجي، وخداري، وفاحم، وسحكوك، وديجور؛ كله: الشديد السواد. *حمارة القيظ: شدته. * حمضيضة: اسم. وحمضيض: فعليل، هي بقلة، عن الأصمعي، حامضة تجعل في الأقط. وقال الجرمي: هو نبات [52/آ] وبه سمي الرجل حمضيضة.

وأما الحمض، بفتح الحاء وإسكان الميم، فهو ما ملح وأمر من النبات: كالطرفاء، والأثل والرمث؛ والخلة ما حلا منه. والخلة عند العرب: خبز الإبل، والحمض فاكهتها. ويقولون أيضا: الخلة خبز الإبل والحمض لحمها. ومن هذا قولهم لمن جاء متهددا: (أنت مختل فتحمض). * حماطان: على فعالان: موضع، قال: يا دار سلمى بحماطان اسلمي * حملاق: فعلال، وهو ما يظهر من العين، إذا فتح عينه، مما تواريه الأجفان. يقال: ظهرت حماليق عينيه؛ وكذلك إذا نظر من يتوعد قالوا: حملق يحملق حملقة. * حمير: فعيل، هو أبو قبيلة؛ يقال إنه إنما سمي بذلك لأنه كان يلبس الثياب الحمر. واسمه العرنجج، وهو حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان.

وحمار قبان: دويبة، قال: يا عجبا! لقد رأيت عجبا حمار قبان يقود أرنبا خاطمها زأمها أن تذهبا وحمار العادي: هو الذي يضرب به المثل في الكفر، فيقال: (أكفر من حمار)؛ مات له بنون بصاعقة، فلا يمر بأرضه أحد إلا أمره بالكفر، فإن فعل وإلا قتله. والحمرة: القبرة، وهي من العصافير، قال:

. ... ... تبيض فيه الحمر [52/ب] والواحد حمرة، وتجمع حمرات أيضا، قال: وحمرات شربهن غب وتخفف فيقال: حمرة وحمر، وأنشد ابن السكيت: إلا تدراكهم تصبح منازلهم قفرا تبيض على أرجائها الحمر ومن خطباء العرب: ابن لسان الحمرة. والحمارة، كالبغالة والجمالة، وهو أصحاب الحمير في السفر. * حنتف: اسم رجل. والحنتفان: سيف وحنتف ابنا أوس بن حميري بن رياح بن يربوع.

ووزن (حنتف) فعلل، وهو مرتجل. فإن قلت: فهلا كان وزنه فنعل، كما قال سيبويه في (عنبس)؟ قلت: إنما قضى سيبويه بذلك في (عنبس) لأنه من العبوس، ولم يقض بمثل ذلك في (عنتر)؛ لأنه لم يقم له دليل على زيادة النون فيه، كما قام في عنبس. فإن قيل: فقد قيل: إنه مشتق من (العتر): إما من قولهم: عتر الرمح يعتر عترا: إذا اهتز واضطرب، أو من قولهم: عتر يعتر عترا: إذا ذبح العتيرة، وهي شاة كانوا يذبحونها في رجب؛ ويقال لهذه الشاة: عتر، بالكسر، أو يكون عنتر مأخوذا من العتر، بالكسر، وهو الأصل؛ ونبت أيضا يسمى العتر، والعتر أيضا: شجر صغار، والواحدة عترة؛ أو من عترة الرجل، وهم رهطه الأدنون؛ والعترة أيضا: قلادة تعجن من مسك وغيره؛ أو من عترة الفأس، وهي الخشبة المعترضة في

نصابه؛ ونونه زائدة. قلت: لم ير البصريون ذلك صحيحا. وعلى [53/آ] تقدير صحة ذلك فما هو مثل (حنتف) لأنك في حنتف إن قدرت زيادة التاء كان من (الحنف)، وإن قدرت زيادة النون كان من (الحتف)، وليس أحدهما بأولى من الأخر؛ فقضينا بأصالتهما؛ لأن حروف (حنتف) تقابل حروف جعفر، ولا دلالة على زيادة فيها. وأنت إن قدرت زيادة التاء في (عنتر) لم يكن لـ (عنر) معنى؛ فلما لم تتعارض التاء فيه والنون، كما تعارضتا في (حنتف) قضى من قضى بزيادة النون فيه دون التاء. * حندقوق: قال أبو العباس: الحندقوق: الناعم، يقال: حندقت الشيء. والحندقوق: الذرق، وهو نبت.

والحندقوق: الرجل الطويل. * حندورة: فنعولة، وهي الحدقة. * حنزقر: هو القصير، وهو ملحق بـ (جردحل)، ووزنه: فعلل، والنون في (حنزقر) أصل. * حندمان يقال للطائفة والجماعة: حندمان. وبنو حندمان: قبيلة، قال: وإنا لزوارون بالمقنب العدى إذا حندمان اللؤم طابت وطابها * حنطأو: فنعلو، وهو العظيم البطن؛ يقال:

رجل حنطأو. * حنظباء: ذكر الخنافس. قال الخليل: الحناظب: الخنافس، والواحد حنظب وحنظباء. وقال حسان- رحمه الله-: وأمك سوداء نوبية كأن أناملها الحنظب وقال الأصمعي: هو بضم الظاء وفتحها، وهو ذكر الجراد، ووزنه [53/ب] فنعلاء. وقال الجرمي: (عنظب) بالعين، على فنعل، وهو الجرادة الذكر، انتهى كلامه. والنون في هذه الكلمة زائدة؛ لأنه لا يخلو أن يكون (فعللاء) أو (فنعلاء)؛ و (فعللاء) لم يثبته سيبويه، فثبت أنه (فنعل)؛

وإذا ثبتت زيادة النون في (فنعل) فهي زائدة أيضا في قول من قال: خنظب فضم؛ لأنه وإن كان على مثال (برثن) إلا أنها قد ثبتت زيادتها في قول من قال: (حنظب) فلا تكون زائدة في لغة، أصلا في أخرى، والكلمة واحدة. ويجوز أن تكون أصلا على قول الأخفش. * حوأبة: فوعلة، هي الدلو العظيمة، قال: حوأبة تنقض بالضلوع والحوأبة أيضا: الحرة، والجمع: حوأب. والمكان الذي يسمى الحوأب هو مسمى بالجمع. وقال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: (لا تكوني صاحبة الجمل الأكهب

تنبحها كلاب الحوأب)، فلما خرجت في وقعة الجمل وردته، ونبحتها الكلاب، فسألت عنه فقيل لها: هذا هو الحوأب، فقالت: ردوني ردوني؛ فجاؤوا بمشيخة من الأعراب جعل لهم على أن يشهدوا بخلاف ذلك، فشهدوا أنه ليس بالحوأب؛ وهي أول شهادة زور كانت في الإسلام. والحوأب هذا: ماء قريب من البصرة، قال: هل هي إلا شربة بالحوأب فصعدي من بعدها أو صوبي [54/آ] * حوتنان: موضع. * حواء: نبات يشبه لون الذئب أورق، والواحدة: حواءة.

* حوفزان: اسم إنسان. وإنما سمي بذلك لأن بسطام بن قيس حفزه بالرمح حفزة خشية أن يفوته، فسمي لتلك الحفزة الحوفزان. * حوقل: أي: أدبر عن النساء، حيقالا؛ ويقال ذلك لكل مدبر. وقال بعض م كبر وفتر عن الجماع: يا قوم قد حوقلت أو دنوت وبعد حيقال الرجال الموت ويروى: (وبعض حوقال)، وإنما فتح الحاء كيلا تصير الواو ياء

قال أبو الغوث: والحوقلة: هن الشيخ المحوقل، يعني فرجه. * حوصلاء: هو الحوصلة، وهو فوعلاء، ولم يذكره الجرمي ولا الجوهري، والجمع حواصل. وحوصلاء أيضا: موضع. * حوكة: جمع حائك. يقال: حاك الحواك الثوب يحوكه حوكا، ويقال أيضا: يحيكه حيكا. فأما في المشي فلا يقال إلا حاك يحيك حيكانا. ومشية حيكى، وهو أن يحرك أليتيه إذا مشى؛ وإنما قالوا: حاك في مشيته لأنه مشى مشية الحائك، وإنما يمشي الحائك تلك المشية من طول الجلوس. * حوة: هي في الأصل من شيات الخيل بين الدهمة

والكمتة، ثم كثر حتى قيل: شعر أسود أحوى، وليل أحوى، ونبت أحوى، أي: أسود لشدة [54/ب] خضرته؛ وقال الله عز وجل: {والذي أخرج المرعى. فجعله غثاء أحوى} أي: أخرجه أحوى فجعله غثاء؛ وقال زهير: ونبت من الوسمي حو تلاعه ... ... ... وقد حويت، أي: صرت أحوى. واحواوت الشاة واحووت بمعنى حويت. وقال الأصمعي في (كتاب الخيل): (الحوة: حمرة تضرب إلى السواد، يقال: قد احووى الفرس يحووي احوواء؛ قال: وبعض العرب

يقول: احواوى يحواوي احويواء؛ قال: وبعضهم يقول: حوي يحوى حوة). والحوة: سمرة الشفة، يقال رجل أحوى، وامرأة حواء، وقد حويت. وموضع يسمى (الحوة). * حومان: موضع. قال لبيد: وأضحى يقتري الحومان فردا كنصل السيف حودث بالصقال والحومان: نبت، وكذلك الحومان، بضم الحاء. * حيسمان: فيعلان، ذكر سيبويه أنه اسم، وعده غيره في

الصفات، وقال: هو الضخم. - حيفس: هو الضخم القصير من الرجال، ووزنه فيعل، وقال: أبد إذا يمشي حيفس كأنه به من دماميل الجزيرة ناخس الأبد: الذي يفرج بين رجليه إذا مشى. [55/آ]. * حيوة: اسم علم لرجل؛ وإنما لم يقوله (حية) على القياس، لأن الأعلام يقع فيها التغيير. وإنما ساغ التغيير في الأعلام؛ لأن العلم في أصله مغير، ألا ترى أن (أسدا) قد نقل من الحيوان إلى الإنسان؟ فلما كان مغيرا بالنقل اجترؤوا على التغيير الثاني.

باب الخاء

باب الخاء * رجل خاف: أي خائف. * خبعثن: البعير الضخم، والخبعثنة من الرجال: الشديد، والخبعثنة: الأسد. وأنشد أبو عمرو في صفة الرجل: خبعثن الخلق في أخلاقه زعر وقال الفرزدق في صفة الإبل: حواسات العشاء خبعثنات إذا النكباء عارضت الشمالا وقال أبو زبيد يصف الأسد:

خبعثنة في ساعديه تزايل تقول وعى من بعد ما قد تكسرا * خبق: قال أبوعبيد: رجل خبق، مثل هجف، أي: طويل. وتكسر الباء أيضا إتباعا لكسرة الخاء. وفرس أشق خبق، أي: طويل، وربما قيل للفرس السريع: خبق. والخبقى في العدو مثل الدفقى؛ وقد سبق في باب الجيم كلام في هذا. * خازباز: هو صوت لذباب يكون في النبات، قال: تفقأ فوقه القلع السواري وجن الخازباز به جنونا وسمي العشب الذي يكون فيه الذباب بصوته، قال:

والخازباز السنم المجودا وسمي داء يكون في الحلق فيمنع جهارة الصوت خازباز تشبيها بصوت الذباب المذكور؛ قال: يا خازباز أرسل اللهازما إني أخاف أن تكون لازما وقال: مثل الكلاب تهر حول بيوتها ورمت لهازمها من الخزباز

وقلت لامرأة بالحجاز: ما الخازباز؟ فرعت يدها إلى لهازمها كأنها تذكر رقية، وقالت: خازباز خازباز، أي إنه داء يكون في ذلك العضو. والخازباز: السنور، وهو أغرب معاني هذه الكلمة، وله صويت في بعض أحواله يتردد؛ وأظنه سمي لأجل ذلك به. [55/ب]. * خرشاء: هو سلخ الحية، وقشرة البيضة العليا بعد أن يخر ما فيها، ورغوة اللبن، قال مزرد: إذا مس خرشاء التمالة أنفه ثنى مشفريه للصريح فأقنعا شبهت رغوة اللبن بقشر البيضة؛ وكذلك يسمى كل شيء فيه انتفاخ وتفتق وخروق، ويسمى البلغم خرشاء؛ ومنه يقال

ألقى خراشي صدره. طلعت الشمس في خرشاء، أي: في غبرة. * خرمل: فعلل، المرأة الحمقاء. * خروع: فعول، وهو شجر. * خرفجه: إذا أحسن غذاءه ونعمه. * خرز: هو ذكر الأرانب. * خزيا رجل خزيان، وامرأة خزيا؛ وذلك من الاستحياء. وقد خزي يخزى خزايا، ومن الهوان: خزي يخزى خزيا. * خطاف: طائر، والجمع: خطاطيف. وشبه به الكلاب من الحديد. * خضارى: فعالى: قال الجرمي وغيره: هو طائر، وقال غيره: هو نبت. وقال الجوهري وغيره: يقال للزرع (الخضارى) مثل (الشقارى).

* خفاف: بمعنى خفيف، يقال رجل خفيف. وخفاف: اسم رجل. وكان خفاف بن ندبة السلمي أحد غربان العرب و (ندبة) بفتح الدال والنون: أمه، وكانت سوداء حبشية. * خفيدد وخفيفد: هو الظليم. والدال في (خفيدد) زائدة للإلحاق. و (خفيفد) مضاعف العين، وهما جميعا للخفيف من الظلمان. قال أبو عمرو، [56/آ] الخفيدد: السريع؛ قال طرفة: وإن شئت سامى واسط الكور رأسها وعامت بضبعيها نجاء الخفيدد ويقال للناقة التي تلقي ولدها قبل استبانة خلقه: خفود؛ كأنها أسرعت في إلقائه قبل وقته. * خزعبيل: فعليل، وهي الأباطيل. * خلبوت: هو الرجل الخداع، قال: ... .. .. وشر الرجال الخالب الخلبوت

* خليطى: يقال: مالهم خليطى: إذا كان مختلطا. * خلط: رجل خلط ومخلط: إذا كان مخالطا للأمور عارفا بها. * خمسة عشر: مركبة من خمسة وعشرة، ثم حذفوا الواو، فلما تضمن الاسمان معناه بنيا، وحركوهما بالفتح، لأنها حركة الواو المحذوفة. وأثبتوا تاء التأنيث في الأول إذا كان لمذكر حملا على قولهم: خمسة رجال؛ وحذفوها من الأول حملا على قولهم: خمس نسوة، وأثبتوها في الثاني لما ذكرته من الفرق. * خنذوة: فعلوة، شعبة من الجبل.

* خنشليل: فنعليل: الرجل الماضي في أموره، عن أبي عمرو، ووزنه فنعليل عندهم. ثم إن سيبويه ذكر في باب التصغير أن نونه أصل غير زائدة، وأن الكلمة رباعية على فعلليل. * خنفقيق: قال الجرمي: يقولون: داهية [56/ب] خنفقيق، على فنعليل، وهي من خفقتهم تخفقهم. قال غيره: والخنفقيق أيضا: المرأة الخفيفة الجريئة. وقال سيبويه: النون في خنفقيق زائدة، جعله من الخفق، والجرمي تابعه في ذلك. وقال الشاعر:

وقد طلقت ليلة كلها فجاءت به مودنا خنفقيقا يقال: ودنت المرأة: إذا ولدت الولد ضاويا، والولد مودن ومودون، قال الشاعر: وأمك سوداء مودونة كأن أناملها الحنظب وبذلك سمي الفرس مودونا. ويقال في غير هذا: ودنت الشيء ودنا وودانا: إذا نقعته فهو مودون وودين. وجاؤوا إلى ابنة الخس بحجر فقالوا: اصنعي لنا من هذا نعلا، فقالت: دنوه. واسم هذه المرأة هند، وأبوها خس، بضم الخاء وتشديد السين. وفرس خيفق، أي: سريع. * خنوص: ولد الخنزير. * خيتعور: كل شيء لا يدوم فهو خيتعور؛ لذلك قيل لبقية

السراب حين يتفرق ولا يلبث أن يضمحل: خيتعور. وقيل أيضا: الخيتعور: الباطل. والخيتعور: الذي لا يوثق به. والخيتعور: الذئب؛ لأنه لا عهد له. وقيل للداهية خيتعور، وكذلك الغول، والهباء، والدنيا؛ ودويبة سوداء تكون على وجه الماء لا تستقر. وقال الشاعر: كل أنثى وإن بدا لك منها آية الحب حبها خيتعور [57/آ] ووزن خيتعور: فيعلول. * خيسفوج: هو شجر، وهو فيعلول؛ قال العجاج: صعل كعود الخيسفوج مئوبا ومئوب من آب يؤوب: إذا رجع. * خيزران: فيعلان، وهو عرق القناة. وقالوا لكل قضيب: خيزران، وأحسبه تشبيها بذلك؛ قال:

في كفه خيزران ريحه عبق من كف أروع في عرنينه شمم وقالوا لسكان السفينة: خيزرانة، قال النابغة: يظل من خوفه الملاح معتصما بالخيزرانة بعد الأين والنجد يصف الفرات عند زيادته وارتجاجه. والنجد: العرق، والأين: التعب؛ قال الأصمعي: يقال: نجد الرجل ينجد نجدا، بفتح النون والجيم: إذا عرق من كرب أو تعب. والملاح مأخوذ من ركوب البحر الملح، كما يقال لمن يعاني بيع الملح: ملاح، هذا قول المبرد؛ وقال غيره: هو مأخوذ من قولهم: ملح الطائر بجناحيه: إذا خفق بهما؛ لأنه في حال

الجدف كذلك. * خيعل: هو القميص الذي ليس له كمان. وخيعل: إذا لبس ذلك، وخيعلته: إذا ألبسته إياه.

باب الدال

باب الدال * دأدأت الإبل دأدأة ودئداء، وهو أشد عدوها. * دار: أصلها: دور. والدارة أيضا هي الدار إلا أنها أخص؛ فكل دارة دار وليس كل دار يقال لها: دارة. ودارات [57/ب] العرب مخصوصة، وهي اثنتان وأربعون دارة، كلها سهول بيض تنبت النصي والصليان وما طاب ريحه من النبات. دارة جلجل: قال امرؤ القيس:

. ... ولا سيما يوم بدارة جلجل وقوله: (ولا سيما) كقولك: لا مثل، كما يقال هم سيان، أي: مثلان؛ وما هذا بسي هذا، أي مثله قال: وإياكم وحية بطن واد حديد الناب ليس لكم بسي وقال ثعلب: من قاله بغير اللفظ الذي جاء به امرؤ القيس فقد أخطأ؛ يعني من قاله: (سيما) بغير (لا)، أو قال: لاسيما فخفف. ودارة صلصل: قال جرير: ولما حل أهلك يا سليمى بدارة صلصل شحطوا المزارا ودارة مأسل: قال عمر بن لجأ:

لا تهج ضبة يا جرير فإنهم قتلوا من الرؤساء ما لم تقتل قتلوا شتيرا بابن عول وابنه وابني هتيم يوم دارة مأسل ودارة السلم: قال البكاء بن كعب: ما كنت أول من تفرق شمله ورأى الغداة من الفراق يقينا وبدارة السلم التي شوقتها دمن يظل حمامها يبكينا وبهذا الشعر سمي البكاء. ودارة وشحى: وقد تضم الواو، قال: لعمرك إني يوم أسفل عاقل ودارة وشحى للهوى لتبوع [58/آ]

ودارة خنزر: ويقال: (خنزر) قال الجعدي: ألم خيال من أميمة موهنا طروقا وأصحابي بدارة خنزر ودارة الجأب: قال جرير: أصاح! أليس اليوم منتظري صحبي نحيي ديار الحي من دارة الجأب ودارة مكمن: قال الراعي: عرفت بها منازل كل حي فلم تملك من الطرب العيونا بدارة مكمن ساقت إليها رياح الصيف آراما وعينا ودارة يمعون: ويقال يمعوز، قال:

بدارة يمعون إلى جنب خشرم ودارة رهبى: قال جرير: بها كل ذيال الأصيل كأنه بدارة رهبى ذو سوارين رامح ودارة جوداث: قال: إذا حللت بجوداث ودارتها وحال دوني من حواء عرنين عرفتم أن حقي غير منتزع وأن سلمكم سلم لها حين ودارة الآرام: قال: فأبرق وأرعد لي إن العيس خلفت بنا دارة الآرام ذات الشقائق ودارة الرها: قال:

برئت من المنازل غير شوق إلى الدار التي بلوى أبان [58/ب] ومن وادي القنان وأين مني بدارات الرها وادي القنان ودارة الصفائح: قال الأفوه: تبكيها الأرامل بالمآلي بدارت الصفائح والنصيل المآلي جمع مثلاة، وهي خرقة تكون بيد النائحة حال نوحها، تجركها بيديها. ودارة هضب القليب: قال جميل: أشاقك عاقل فإلى الكثيب إلى الدارات من هضب القليب

ودارة ضارة: قال: عقلت شبيبا يوم دارة ضارة ... ... ودارة ذمون: قال: إلى دارة الذمون من آل مالك ودارة رمح: قال: كأن النميري الذي يتبعنه بدارة رمح ظالع الرجل أحنف ودارة ملحوب: قال:

إن تقتلوا ابن أبي بكر فقد قتلت حجرا بدارة ملحوب بنو أسد ودارة محضن: ويقال محضر، قال دريد بن الصمة: بدارة محضن من ذي طلوح فسرداح المثامن فالضواحي ودارة أهوى، ودارة واسط: قال: [59/آ] بما قد أرى الدارات دارات واسط فما قابلت ذات الصليل فجلجل ودارة الحمد: قال:

ألا يا ديار الحي من دارت الحمد سلمت على ما كان من قدم العهد ودارة الفروع، ودارة المثامن، ودارة الرهرم، قال: أعد نظرا هل ترى ظعنهم وقد جاوزت دارة الرهرم ودارة قرح: قال: حبسن في قرح وفي داراتها سبع ليال غير معلوفاتها ودارة اليعضيد: قال: أو ما ترى أظعانهم محزوة بين الدخول فدارة اليعضيد ودارة الخرج: قال:

مخيسة في دارة الخرج لم تذق بلالا ولم يسمح لها بنجيل ودارة الردم، قال: لعن سخطة من خالقي أو لشقوة تبدلت قرقسياء من دارة الردم ودارة جدى: قال الأفوه: بدارة جدى أو بصارات حنبل ... ... ودارة النصاب، ودارة غبير، ودارة عوارض، ودارة سعر، ودارة المردمة، ودارة الدور، ودارة كبشات. ودارة داثر،

ودارة معروف، ودارة الغزيل، ودارة الأسواط. [59/ب]. * دعبب: فعلل، قال الجرمي: هو المزاح، وهو الدعابة؛ قال: والمزاح، بالضم؛ وأما المزاح بالكسر، فمصدر مازحه مزاحا. وقال غيره: الدعبب: ثمرة لبعض النبات. * دباسي: جمع دبسي، وهو طائر. * دبوقاء: على فعولاء؛ قال الجرمي: هو الدبق. وقال غيره: هو العذرة. وكأن الصحيح قول الجرمي؛ لأن الذين قالوا: هو العذرة استدلوا على ذلك بقول رؤبة: لولا دبوقاء آسته لم يبطغ فيجوز أن يكون رؤبة شبه ذلك بالدبق. وقوله: (لم يبطغ)، من قولهم: بطغ بالأرض: إذا تمسح بها وتزحف.

* دجن: على فعل؛ ذكر ذلك أبو بكر. والمشهور: الدجنة بالهاء، وهو الغيم المطبق المظلم من غير مطر. * دجى: مفرد يراد به الظلمة، وجمع دجية أيضا، وهي الظلمة. والدجية أيضا: قترة الصائد. * دخلل: دخلله ودخيله: الذي يداخله في أمور ويختص به. * دخل: على فعل طائر، والجمع دخاخيل. * دخال: أن يشرب البعير ثم يرد بعد الصدر إلى الماء، ويدخل بين بعيرين لم يشربا ليعود إلى الشرب معهما. * دردم: عي الدرداء، وهي الناقة المسنة. * دانق: بفتح النون وكسرها، وداناق: وهو سدس الدرهم، والدانق أيضا: المهزول، وأنشد [60/آ] أبو عمرو:

إن ذوات الدل والبخانق قتلن مل وامق وعاشق حتى تراه كالسليم الدانق السليم: اللديغ. * درفس: جمل درفس: غليظ شديد. * درحاية: عظيم البطن مع السمن، وهو فعلاية، والياء فيه للإلحاق بـ (جعظارة)، قال: عكوك إذا مشى درحايه * دربخ: يقال: دربخ الرجل: إذا طأطأ رأسه وبسط ظهره. وأصله الخضوع والانقياد، يقال: دربخت الحمامة للذكر: إذا خضعت له وطاوعته؛ قال العجاج:

ولو أقول: دربخوا لدربخوا لفحلنا إن سره التنوخ * درهام: لغة في الدرهم، وليس الدرهم بعربي أصيل، ولكنه معرب وتكلمت به العرب، وألحقته بـ (هجرع)؛ قال الشاعر: وفي كل أسواق العراق إتاوة وفي كل ما باع امرؤ مكس درهم * درواس: بالسين المهملة. قال الجرمي: الدرواس: الشديد. وقال غيره: العظيم العين من الناس، والرجل العظيم أيضا. وقال الفراء: الدرواس: العظام من الإبل. * دلاث: صفة للناقة الشديدة النفس الماضية.

* دفقى: مشية فيها تدفق وإسراع، وقد مشى الدفقى، قال: بين الدفقى والنجاء الأدفق * دقرى: يقال: روضة دقرى: إذا كانت خضرة كثيرة النبات والماء، قال الشاعر وكأنها دقرى تخايل نبتها أنف يغم الضال نبت بحارها والبحار: الرياض. وقال الجرمي: دقرى: ماء قريب من مدينة [60/ب] رسول الله صلى الله عليه وسلم. * دقعم: هو فعلم: والميم زائدة؛ والدقعم: الدقعاء، وقوله: فقر مدقع: أي: ملصق بالدقعاء من الذل، والدقعاء:

التراب. والدقع: قلة احتمال الفقر. وفي الحديث: (إذا جعتن دقعتن)، أي: لصقتن بالتراب ذلا وخضوعا. * دلامص: ودمالص، ودلمص، ودملص: البراق اللين؛ يوصف بذلك الدرع. والدملص والدلمص مقصور من الدلامص والدمالص. والميم في جميع ذلك زائدة؛ لقولهم في معنى ذلك: درع دلاص، وأدرع دلاص، لفظ الواحد والجمع سواء. وقد دلصت الدرع تدلص، ودلصتها أنا تدليصا. * دلقم فعلم، وهي الناقة التي تكسرت من الكبر أسنانها،

والميم زائدة، وهو من الاندلاق. وكل ما خرج فهو مندلق، مثل اندلاق السيف في الغمد: إذا خرج من غير سل، كالزالق. وطعنه فاندلقت أقتاب بطنه. واندلق عليه السيل والخيل. وغارة دلوق، أي: شديدة الدفعة. و (دالق) لقب عمارة بن زياد العبسي أخي الربيع؛ لشدة اندلاقه في الغارة. * دلنظى: شديد الدفع، يقال: دلظه بمنكبه، أي: دفعه. * دمكمك: أي: شديد. * دمقس: هو معرب، وقد ذكره امرؤ القيس. وكل أبيض ناعم فهو دمقس، كالحرير الأبيض وما يجري مجراه في النعومة والبياض. * دميس: قال الجرمي: ويجيء في الاسم فعيل، وفي الصفة. ثم ذكر في الاسم أمثلة منها دميس، ثم قال: ولا يدرون ما هو.

وذكر الزجاج، عن المازني أن الدميس، بالسين المهملة، شجر [61/آ]. * دميص: قال ابن دريد: هو اسم رجل. وقال السيرافي: هو شجر. * دنمة ودنامة: قصير. وكذلك دنبة ودنابة، ودنب أيضا. * دنيا: فعلى، أي: دانية قريبة. * دهديت ودهدت، واحد، أي: دحرجت. ودهدوهة الجعل ودحروجته: ما يدحرجه من البعر. * دواسر، فواعل، بفتح الدال وضمها، وهو الشديد؛ يقال: جمل دواسر، أي شديد. والدواسر أيضا: قبيلة. وأنشد الجرمي: والرأس من نعامة دواسر

ونعامة: قبيلة، وأنشد أبو عمرو: يحملن من خزيمة الجماهرا والحي من نعامة الدواسرا * ديسق: فيعل، وهو الحوض الممتلئ، والجمع: دياسق، قال: وقد ملأت الحوض حتى دسقا أي: سال ماؤه. ويقال للسراب إذا اشتد جريه: ديسق وقيل: الديسق: بياض السراب وترقرقه. وأما قول الأعشى:

وحور كأمثال الدمى ومناصف وقدر وطباخ وصاع وديسق فقيل: إنه أراد الخبز الأبيض، وقيل: أراد الخوان، وقيل: الطست. وقال أبو عبيدة: الديسق: معرب، وهو بالفارسية: طشتخوان، وأنشد بيت الأعشى. * ديماس: تفتح الدال منه وتكسر، وهو ما كان في جوف الأرض من البيوت والأسراب، سمي بذلك لظلمته، من قولهم: ليل دامس وأدموس، أي: مظلم. ومنه قيل لسجن الحجاج: الديماس. وقال النبي- صلى الله عليه وسلم- لما وصف المسيح عليه السلام: (سبط الشعر، كثير خيلان الوجه، كأنما خرج من ديماس)، ومعنى ذلك كثرة ماء [61/ب] وجهه، كأنه خرج من كن؛ ولهذا قال فيه: (كأن رأسه يقطر

ماء). وأنشد أبو زيد: إذا ذقت فاها قلت: علق مدمس أريد به قيل فغودر في ساب أراد بعلق مدمس: الثغر، شبهه بالعلق المنظوم وهو العقد من الدر. ومدمس: مدفون في سأب، وهو زق العسل، أي: عقد مخبوء في سأب أريد به ملك. وقيل: الديماس، في الحديث، أراد به الحمام. ووزن ديماس فيعال. وعلى فتح الدال جمعه على (دياميس)، وعلى كسرها (دماميس)، والواحد في الأصل على هذا (دماس) فأبدلت الياء من الميم، فهو مثل قيراط وقراريط، ودياميس الواحد: ديماس، مثل شيطان وشياطين.

باب الذال

باب الذال * ذفرى: فعلى، وهو الموضع الذي يعرق من البعير خلف أدنه. وعن الأصمعي: (قلت لأبي عمرو: (الذفرى) من الذفر؟ قال: نعم). والذفر بفتح الفاء: كل ريح حادة من طيب أو نتن. [62/آ]. وألف ذفرى للتأنيث، ومنهم من نون وجعل ألفها للإلحاق بدرهم. وتجمع على (ذفريات)، وتقول: هذه (ذفار)، ومررت (بذفار)، ورأيت (ذفاري)، مثل: جوار. وكذلك يقال في الصفة: هذه عذار جمع عذراء، ومررت بعذار، ورأيت عذاري؛ وتبدل من هذه الياء ألف، ويفتح ما كان مكسورا قبل الياء؛ لأن الألف لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا، فحينئذ تقول: هذه ذفارى، ورأيت ذفارى، ومررت بذفارى، وصحارى؛ فهو في

الأحوال كلها على لفظ واحد. وقالوا في جمع سعلاة: (سعالي) و (سعالى). قال الخليل: (فعالي) بالكسر، الياء في جميع ذلك هي الأصل، والألف والفتح تغيير، وليس ذلك بأصل. وقال في قولهم: (مدرى) و (مدارى) وبعير (معي) وإبل (معايا) -: إن ذلك أصله: مفاعل، وإنهما مغيرتان، ومن قال: إنهما مفاعل فقد أخطأ؛ لأنه ليس في الكلام. وكذلك قال في [62/ب] (عذارى): هي فعالي، وهي مغيرة ومن قال: (فعالى) فقد أخطأ؛ لأنه ليس يفتح ما بعد الألف في شيء من هذا البناء، إلا أن تكون في آخره الياء، فيفتحونها مغيرين لها، وليس بأصل. قلت: فما استعمل منها بالفتح نحو: حبالى، فأصله: حبالي. فإن قيل: فما وجه قولهم (صحاري)؟ كما قال:

وقد أغدو على أشقـ ـر يغتال الصحاريا وحكى الأصمعي عن العرب (صلافي) في جمع صلفاء، وهي الأرض الصلبة، و (خباري) في جمع خبراء، وهي التي تنبت السدر، ويقال في جمعها أيضا: (خباري) و (خبارى) مثل صحاري وصحارى قلت: وجه ذلك أن الهمزة في (صحراء) و (صلفاء) و (خبراء) ونحو ذلك إنما أصلها الألف، وقد وقع قبلها ألف فجعلوا الثانية همزة لجريان الإعراب عليها. فأما في الجمع فإن الألف الأولى من (صحراء) انقلبت ياء لانكسار ما قبلها، كما تنقلب في (شماليل) جمع (شملال)، [63/آ] ثم عادت الألف الثانية التي انقلبت همزة؛ لزوال الموجب لقلبها همزة، وهو وقوع الألف قبلها؛ ثم انقلبت ياء لوقوع الياء الساكنة قبلها، ثم أدغمت الياء الأولى فيها. * ذلذل: فعلل، وأصله: ذلاذل؛ وذلاذل القميص: ما يلي

الأرض منه. * ذهيوط: بكسر أوله وفتح الياء: موضع.

باب الراء

باب الراء * يوم راح: أي: شديد الريح؛ وروح، أي: طيب. و (راح) أصله (روح) فلما تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا. ومكان روحاني، أي: طيب، ويوم ريح، ومكان ريح، أي: طيب. * راية: كل علم نصب فهو راية، ومنه راية الحرب. * رأس الذي يبيع الرؤوس. * رأرأ: إذا أدار عينه للنظر. * رحضاء: على فعلاء: عرق الحمى. * رحموتى: من الرحمة. وفي أمثالهم: (رهبوتي خير من رحموتي) أي: [لأن] ترهب خير من أن ترحم.

* رضوى: فعلى: جبل. * رعيا وروعوى: من الرعاية والحفظ. * رعديد: رجل رعديدة ورعديد، أي: جبان، وهو الذي يرعد عند القتال، والجمع: رعاديد. والرعديدة أّيضا: المرأة الناعمة التي يكاد لحمها يرعد من النعمة، وهي الرعديد أيضا. وقيل لأعرابي: أتعرف الفالوذج؟ قال: نعم، أصفر رعديد. * رعشن: قال الجرمي: [63/ب] يقال: امرأة رعشن: إذا كانت ترتعش، والجمع: رعاشن. وقال غيره: الرعشن: المرتعش، وهو فعلن، والنون زائدة. * رغبوتي: من الرغبة، مثل (رحموتي).

* رفاهية: فعالية، وهي السعة. * ركباة: يقال: ناقة ركباة، أي تركب. * رميا: مقصور غير منون: وهو كثرة الترامي بين القوم، ولم يجيء هذا البناء في الصفة. * روع: أي مرتاع فزع. * ريان وريا: من الري. وريا كل شيء: رائحته. * ريبدان: نبت.

باب الزاي

باب الزاي * زئبر: بكسر الباء، قال ابن السكيت: بضم الباء وهو ما يعلو الثوب. وقد زأبر الثوب: إذا أخرج زئبره فهو (مزأبر) بفتح الباء، وبالكسر، ووزنه: فعلل، وعلى الضم فعلل. وقال ثعلب: لا نعلم في الكلام (فعلل)، فإن كان ضم الباء مسموعا في هذا وفي (ضئبل) فهو من النوادر. وقال ابن كيسان: إذا وقعت حروف الزيادة في الكلمة جاز أن تخرج عن بناء الأصول، وقد خرج هذان عن بناء الأصول، فدل ذلك على زيادة الهمزة. * زهلق: فعلل. الأصمعي: يقال للحمر التي استوت متونها من الشحم: زهالق، والواحد: زهلق. * زبنية: على فعلية: واحد الزبانية. والزبن: الدفع.

زرق: فعل، وهو من سباع الطير، والجمع: زرارق. قال الفراء: هو البازي الأبيض، وقال غيره: هو الصقر. * زعارة: فعالة: سوء خلق وشراسة وضيق. * زرقم: هو الأزرق. * زمج: فعل،، وهو طائر من الجوارح التي تعلم. وقال أبو حاتم: هو ذكر العقبان، قال: وأحسبه معبرا. وقال الليث: هو طائر دون العقاب في قتمته حمرة

غالبة. وقال غيره: هو بالفارسية: (ده براذرار) [64/آ] وتفسيره أنه يعين أخاه إذا عجز عن صيده حتى يأخذه. وقال الجرمي: هو ضرب من العقبان. * زمكى وزمجى: هو أصل ذنب الطائر، ووزنه فعلى. وحكى الأصمعي فيهما اللغتين، وهو مما يمد ويقصر. * زفيان: هو الخفيف. * زوزى زوزاة: إذا ارتفع في سيره؛ قال:

قد أنكرت عصماء شيب لمتي وهدجانا لم يكن من مشيتي كهدجان الرأل خلف الهيقت مزوزويا لما رآها زوزت * الزيزاء: الغليظ من الأرض، والهمزة فيه بدل من الياء، لقولهم في الجمع: الزيازي، ومن قال في الجمع: الزوازي، فالياء في الزيزاء مبدلة من الواو عندهم. و (فعلاء)، بكسر الفاء وبضمها، لا يكون آخرها للتأنيث، وإنما ذلك للإلحاق عند البصريين. وأجاز الكوفيون أن تكون الألف للتأنيث، وتمسكوا بقوله

عز وجل: {من طور سيناء}، في قراءة الكسر، وإنما منعه من الصرف التأنيث والعلمية، أي: إنه اسم بقعة، أو للعجمة والعلمية. * زوازية رجل زوازية، أي: قصير غليظ [64/ب]، وقوم زوازية أيضا. وقدر زوازية، أي: عظيمة. * زونك: هو القصير الدميم. وقالت امرأة تؤبن زوجها: ولست بوكواك ولا بزونك مكانك حتى يبعث الخلق باعثه وفي معناه (زونزك)، وقد روي في هذا: ولا بزونزك؛ وأنشد ابن دريد:

وزوجها زونزك زونزى يفرق إن فزع بالضبغطى والوكواك: الجبان. والضبغطى: ما يفزع به الصبيان، والألف للإلحاق. ووزن زونك: فعنل؛ لأنهم قالوا: زاك في مشيه يزوك زوكانا. * زينب: اسم امرأة. ومن بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب رضي الله عنها. قال سيبويه: هو فيعل، والياء زائدة. وإنما قال ذلك لأن الياء زائدة إذا وقعت هذا الموقع قضي بزيادتها عرف الاشتقاق أو جهل؛ لأنها لا تكون في ما عرف اشتقاقه في هذا الموضع إلا زائدة. هنا قول النحاة؛ وكأنهم لم يعلموا لهذا الاسم اشتقاقا!! ولم يذكر صاحب العين [65/آ] (زنب)؛ ولما لم يقف صاحب المحكم على اشتقاقه ولم يعلمه قال كلاما ما زاد فيه على أنه اسم، وأراد ألا يخلى كتابه من شيء يقوله، فقال:

(زنبة، وزينب، كلتاهما اسم امرأة. قال: وأبو زنبية من كناهم، وأنشد: نكدت أبا زنيبة إذ سألنا بحاجتنا ولم ينكد ضباب قال: وهو تصغير زينب تصغير الترخيم. قال: وأما قوله بعد هذا: فجنبت الجيوش أبا زنيب وجاد على منازلك السحاب فإنما أراد (زنيبة) فرخمه في غير النداء اضطرارا، على لغة من قال: (ياحار). فليس في جميع ما ذكره زيادة على أنه اسم، وقد كان ذلك معلوما. وكذلك قال أبو الفتح في كتابه في الاشتقاق: (زينب علم مرتجل. قال: وأخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن، عن أبي

العباس أحمد بن يحيى، قال: قال فلان: رحم الله عمتي (زنبة) ما رأيتها قط تأكل إلا ظننتها تناول إنسانا وراءها. ثم قال: فهذه فعلة من هذا اللفظ، وزينب: فيعل منه). فما ألم أبو الفتح بالاشتقاق ولا عرفه، ولم ير إخلاء كتابه من شيء يقوله، فقال ما ذكرناه. وقال الأزهري- رحمه الله-: (الأزنب: السمين، وبه سميت المرأة (زينب). وقد زنب يزنب زنبا: إذا سمن. قال: وقال ابن الأعرابي: الزينب: شجر حسن المنظر، ذيب الرائحة؛ وبه سميت المرأة، قال ابن الأعرابي: والزينب: السمن. قال: وواحدة الزينب [65/ب] الذي هو الشجر: زينبه). * زيتون: قال أبو علي: هو فعلون من الزيت. وقد حكوا: أرض زتنة، فيكون على هذا (فيعول)، قال أبو علي: يحتمل كمون ضربين: يجوز أن يكون (فعلون) مثل زيتون، فيكون من باب

(كم)، ويجوز أن يكون فعولا مثل سفود، قال: وهكذا (دمون) اسم إنسان؛ قال: تطاول الليل علينا دمون دمون إنا معشر يمانون

باب السين

باب السين * بياء: قشرة رقيقة تخرج على المولود؛ ومنه قولهم: يروح على فلان من ماله سابياء، وهو كثة نتاج الغنم. وفي الحديث: (تسعة أعشراء البركة في التجارة وعشر في السابياء). وجمع السابياء: السوابي. * سبوح: فعول. وأنكر سيبويه أن يكون في الكلام فعول، وقال هو سبوح قدوس، بالفتح فيهما. والقرآن على خلاف ما قاله، والقراء المشهورون مجمعون على الضم [66/آ] في القدوس، وإنما الفتح قراءة شاذة تروى عن أبي السمال وأبي

نهيك وأبي الأشهب وغيرهم. * سبنتى وسبندى: هو الجريء، ومنه سمي النمر سبنتى وسبندى، ووزنه فعنلى. قال الجرمي: العرب كلها تقول: سبنتاة للأنثى وسبنداة، ولا يجتمع تأنيثان. * سبروت: فعلوت، وهو الشيء النزر، والأرض القفر. قال: يابنة شيخ ماله سبروت والمفلس. رجل سبروت، وامرأة سبروتة، ويقال أيضا: سبريت وسبريتة، والجمع: السباريت.

* سبطر: طويل ممتد. * سبعان: موضع؛ قال تميم بن مقبل: ألا يا ديار الحي بالسبعان أمل عليها بالبلى الملوان قال سيبويه: هو فعلان. * ستهم: فعلم، وهو العظيم العجيزة. * سخاخين: على فعاعيل. يقال: ماء سخاخين، أي: سخن، بضم السين، وليس في العربية فعاعيل غيره. *سدوس: بضم السين والدال [66/ب]. قال الجرمي وغيره: هو ضرب من الطيالسة، وأنشدوا:

وداويتها حتى شتت حبشية كأن عليها سندسا وسدوسا قال الجرمي: (ويقولون للحي: (بنو سدوس)، يعني بالفتح؛ قال: وسمعت الأصمعي وحده يقول: سدوس، بالضم، ويفتح في الثياب، قال: وما رأيت أحدا وافقه على ذلك، يقول للطيلسان: سدوس). وقال غيره: (السدوس)، بالضم: الطيلسان الأخضر، وأنشد للأفوه الأودي: والليل كالدأماء مستشعر من دونه لونا كلون السدوس وقال ابن الكلبي: (سدوس التي في شيبان بالفتح،

وسدوس التي في طيئ بالضم)؛ ففي هذا تصويب ما قاله الأصمعي. * سردد: يقال: جاءت الإبل سرددا، أي: يتلو بعضها بعضا. وسردد أيضا: موضع، قال الهذلي: تضيقت نعمان واضيقت منون سهام إلى سردد * سريط: فعيل، وهو الذي يسترط كل شيء ويبتلعه. وحكى ابن السكيت، في الأمثال له: (الأكل سريط، والقضاء ضريط). وقال غيره: (الأخذ سريطى، والقضاء ضريطى).

* سرداح: الناقة العظيمة، عن الفراء. وقال غيره: الكثيرة اللحم. والسرداح أيضا: المكان السهل الذي ينبت النجم والنصي. * سرر: جمع سرير. وسرر أيضا بفتح الراء. * سرهفه: وسرعفه وسرهده وسرهجه: إذا نعمه، وأحسن تغديته. * سرندى: هو الجريء الشديد، ومنه قولهم: اسرنداه: إذا ركبه، قال: قد جعل النعاس يسرندينيأدفعه عني ويغرنديني ويقال: سرده: إذا دفعه فمضى قدما، ومنه المسرد الذي يثقب به. * سرومط: فعولل، وهو الذي يبتلع كل شيء، والجمل

الطويل أيضا، وزق الخمر. * سعدان: من أطيب المرعى وأجوده [67/آ] وفي أمثالهم: (مرعى ولا كالسعدان) وهو نبت له شوك. * سعلاة: قال الجرمي: (هي الكثيرة الصخب السيئة الخلق). وهذا الذي قاله ليس بأصل، إنما شبهت الصخابة السيئة الخلق بالسعلاة. والسعلاة عندهم أخبث الغيلان، ويقال فيها أيضا: (السعلا)، و (السعلاء) بالمد والقصر؛ والجمع السعالي. وقول الشاعر: يا قاتل الله بني السعلاة عمرو بن يربوع شرار النات غير أعفاء ولا أكيات

قال المفضل الضبي: (زعمت العرب أن عمرو بن يروع تزوج السعلاة، فولدت له أولادا، وأن أهلها قالوا له: إنك ستجدها خير امرأة ما لم تر برقا؛ فكان عمرو إذا رأى البرق أسبل عليها الستور، فغفل عنها يوما، وقد لاح البرق، فقعدت على بكر من الإبل وقالت: امسك بنيك عمرو إني آبق .... برق على أرض السعالي آلق وذهبت فكان آخر عهده بها. وقال عمرو شعرا فيه: رأى برقا فأوضع فوق بكر .... فلا بك ما أسال ولا أغاما وذكر هو يريد السعلاة ذاهبا إلى الحبيب والخليل،

واشتهر ذلك في العرب). *سفود: فعول، وهو الذي يشوى فيه اللحم. *سكيت: هو الذي يجيء آخر الخيل في الحلبة؛ وفيه لغتان: تخفيف الكاف، وتشديدها. *سلفاه: ألفاه على قفاه. سلامان: فعالان: قبيلة من اليمن، عن الجرمي. وقال غيره: هو شجر. *سلنطح: هو الفضاء الواسع. واسلنطح الوادي: اتسع، ويقال: اصلنطح أيضا. وقال أبو عمرو: اسلنطح [67/ب] الشيء: طال وعرض. *سلطان: لغة في السلطان؛ ولم يجئ على فعلان غيره. قال الجرمي: ولم يذكره أحد سوى سيبويه.

* سلهب: أي طويل. ويقال أيضا: صلهب، بالصاد. قال أبو الفتح: (ولقائل أن يقول: إن (سلهبا) فعهل لأنه من معنى السلب، وهو الطويل). وقولهم فيه: (صلهب) يرد ما قال، ولا يصح أن يقال: إن الصاد بدل من السين. *سمانى: فعالى، والجمع: سمانيات، ويقال في الواحدة سماناة؛ ولا يقال: سمان، ولا سمانة. *سمعنة: بضم السين وبكسرها. يقال: امرأة سمعنة نظرنة للكثيرة الاستماع والنظر. ووزنهما فعلنة وفعلنة. وقالت امرأة: إن لنا لكنه .... معنى مفنه سمعنة نظرنة .... كالذئب وسط القنه

* سمهى: بتشديد الميم، وتخفيفها: هو الهواء بين الأرض والسماء. والسمهى أيضا، والسميهى: الباطل والكذب؛ ويقال: ذهب في السميهى، أي: أخذ في الباطل. وذهبت الإبل السمهى: تفرقت في كل وجه. وقال أبو عمرو: جرى فلان السمهى: إذا جرى في أمر لا يعرفه. *سنمار: اسم رجل، وهو أعجمي. وكان سنمار متقنا لصنعة البناء، وهو الذي بنى الخورنق الذي بظاهر الكوفة للنعمان بن امرئ القيس، فلما فرغ منه أعجب النعمان، وخشي أن يعمل لغيره مثله، فألقاه من أعلاه، فمات. فضربته العرب مثلا [68/آ] لمن يكافئ بالشر على الإحسان. قال الشاعر:

جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر .... وحسن فعل كما يجزى سنمار وقال آخر: جزتنا بنو سعد بحسن بلائنا .... جزاء سنمار وما كان ذا ذنب وقال آخر: جزتني بنو لحيان حقن دمائهم .... جزاء سنمار بما كان يفعل وقال السكري: (سنمار: غلام أحيحة بن الجلاح الأنصاري وكان بنى له أطما، وقال: لا يكون شيء أوثق من بنائه، ولكن فيه حجر إن سل من موضعه انهدم؛ فقال:

أرنيه، فأصعده ليريه، فرمى به من أعلى الأطم، فقتله لئلا يعلم بذاك الحجر أحد). *سندأو: هو الشديد الحاد، ووزنه: فنعلو. وقال الكسائي: رجل سندأون وقندأو: وهو الخفيف. *سنداد: موضع. وقال ابن قتيبة: سنداد وسنداد، بالفتح والكسر. وقال الأسود بن يعفر- ويقال: يعفر، بضم الياء والفاء، حكى ذلك يونس عن رؤبة-: ماذا أؤمل بعد آل محرق .... تركوا منازلهم، وبعد إياد

أهل الخورنق والسدير وبارق .... والقصر ذي الشرفات من سنداد وفي هذا الشعر دليل على أنه اسم موضع. سيقة: هو ما يسوقه أهل الإغارة من الدواب، والجمع: سيائق. وأصل سيقة: (سيوقة)، والأصل في الجمع أيضا (سياوق). وقال الشاعر: وما أنا إلا مثل سيقة العدى .... إن استقدمت نحر وإن جبأت عقر [68/ب] ومعنى جبأت: تأخرت. سيراء: فعلاء. قال الجرمي: هو ضرب من الثياب. وقال

غيره: هو برد فيه خطوط صفر؛ قال النابغة: صفراء كالسيراء أكمل خلقها .... كالغصن في غلوائه المتأود والمسير من الثياب: الذي فيه خطوط كالسيور. والسيارة: القافلة، وهو من السير لا من السيور. ومن أبيات المعاني: سألت، ونحن بالبيداء، عمرا .... على عجل، ونحن نسير، سيرا فجاد به ولم يبخل علينا .... فقلت له: جزاك الله خيرا وقولهم: أصح من حمار أبي سيارة، ومن عير أبي سيارة؛

وهو أبو سيارة العدواني، وكان يدفع بالناس من جمع أربعين سنة على حمار له، قال الراجز: خلوا الطريق عن أبي سيارة وعن مواليه بني فزاره حتى يجيز سالما حماره *سيسبان: هو شجر. *سيمياء: ممدود غير مصروف: هو العلامة. ويقال: سيميا، بالقصر.

باب الشين

باب الشين *شأوتهم: سبقتهم، والشأو: السبق. وشأوت من البئر: نزعت منها التراب. وشآني الأمر، وشاءني، أي: شاقني؛ وشآني أيضا: أحزنني؛ قال الشاعر: مر الحمول فما شأونك نقرة .... ولقد أراك تشاء بالأظعان *شأمل: فأعل، وشمأل: فعأل؛ ويقال: إن (شأمل) مقلوب من شمأل، وجاء فيه شمأل، بتشديد اللام [69/آ]؛ قال الزفيان: تلفه نكباء أو شمأل

بتشديد اللام، وهي الريح. وكان ينبغي أن تكون الهمزة أصلا لوقوعها حشوا، لكن دل على زيادتها قولهم فيها: شمال، وشمل، وشمل، وشمليل، وشملال، وشملة. *شدن: يقال: شدن الغزال يشدن، بضم الدال: إذا قوي وبدا قرناه واستغنى عن أمه، وأشدنت الظبية فهي مشدن: إذا شدن ولدها، والجمع مشادن، ومشادين أيضا. *شدقم: اسم جمل، علم، وهو فعلم، ولم يذكره سيبويه. والشدقم: الواسع الشدق، وهو الأشدق. *شراف: اسم أرض؛

قال المثقب العبدي: أفاطم قبل بينك متعيني .... ومنعك ما سألت كأن تبيني مررن على شراف فذاك رجل .... ونكبن الذرانح باليمين وهن كذلك يوم قطعن فلجا .... كأن حدوجهن على سفين يشبهن السفين وهن بخت .... عراضات الأباهر والشؤون وهن على الرجائز واكنات .... قواتل كل أشجع مستكين *شربة: موضع. وقال عبد الله بن الحجاج الذبياني- وكان عبد الملك قد أهدر دمه، وجد في طلبه؛ لأنه كان من أشد الناس عليه في نصرة ابن الزبير؛ فلما خشي أن يظهر فه تحيل حتى دخل

على عبد الملك في وقت طعامه، فمثل بين يديه وقال-: منع القرار فجئت نحرك هاربا .... جيش يسير ومقنب يتلفع قال عبد الملك: لأنك مريب. فقال: ارحم أصيبيني الذين كأنهم .... حجلى تدرج في الشربة جوع فقال عبد الملك: أجاع الله بطونهم! فقال: [69/ب] مال لهم فيما أظن جمعته .... يوم القليب فحيز عنهم أجمع فقال عبد الملك: أحسبه كسب سوء. فقال:

أدنو لترحمني وتقبل توبتي .... وأراك تدفعني، فأين المدفع فقال عبد الملك: النار. فقال: ضاقت ثياب الملبسين ونفعهم .... عني فألبسني فثوبك أوسع فنزع عبد الملك مطرفه، فرمى به إليه، فأخذه ثم قال: أآكل. فقال: كل، فلما وضع يده في الطعام قال: أمنت ورب الكعبة، فقال عبد الملك: كن آمنا من كنت إلا عبد الله بن الحجاج، فقال: أنا عبد الله بن الحجاج، فقال عبد الملك، أولى لك؛ ثم أمنه، وقال: والله لقد طاولتك طمعا أن يقوم من يقتلك، فأبى الله ذلك. ووزن (الشربة) فعلة، وهو مثال غريب. و (أصيبية) تصغير أصبية، وأصبية جمع صبي. والحجلى: جمع حجل؛ وقال الأصمعي: الحجلى لغة في الحجل.

والشربة أيضا: الطريقة؛ يقال: هو على شربة واحدة، وما زال على شربة واحدة، أي: على أمر واحد. *شربب: موضع؛ قال الحارث بن حلزة: فرياض القطا فأودية الشر ... بب فالشعبتان فالأبلاء وقال لبيد: هل تعرف الدار بسفح الشرببه شرنبث: فعنلل، وهو الغليظ الكفين والرجلين. وفي معناه الشرابث. قال سيبويه: النون والألف يتعاوران الاسم في معنى [70/آ]، نحو شرنبث وشرابث، وجرنفش وجرافش.

* شروى: فعلى، وهي المثل. يقال: لك شرواه، أي: مثله. وقال نصيب: (إنما يقال في الرجال على شروى ثوابها) أي: إن المدح على قد العطاء. *شعبعب: موضع، قال: هل أجعلن يدي للخد مرفقة .... على شعبعب بين الحوض والعطن ووزنه: فعلعل، وهو مما ضوعفت عينه ولامه. *شعبى: موضع، وهو فعلى. قال جرير يهجو العباس بن يزيد الكندي: أعبدا حل في شعبى غريبا .... ألؤما لا أبا لك واغترابا

وذكر ابن السكيت أنها جبيلات متشعبة. *شفلح: هو الواسع المنخرين، عن أبي زيد، العظيم الشفتين، ومن النساء: الضخمة الإسكتين، الواسعة الفرج. *شنحوط: فعلول، وهو الطويل. وقال الجرمي: قال الأصمعي: شمحوط، بميم مكان النون. شفنج: فعلل: هو السريع، عن الجرمي. شنغم: فعل، هي كلمة إتباع، يقال: رغما شنغما. قال الزبيدي: ورواية الكتاب بالعين غير معجمة). والذي رواه لنا أبو اليمن شيخنا- رحمه الله- بالغين المعجمة، وكذلك هو في الكتاب، وهو الأليق بالإتباع.

* شقران: على فعلان: نبات، وقال ابن دريد: هو موضع. * شقارى: على فعالى: وهو نبات. * شاكلة: هي الطفطفة، بالفتح، وهي الخاصرة، والجمع: الشواكل. والشاكلة أيضا: الطريقة؛ قال الله عز

وجل: {قل: كل يعمل على شاكلته}. * شمخر: فعل: وهو المتكبر والطامح النظر، والفحل الجسيم. [70/ب]. * شوشاة: هي المرأة الكثيرة الحديث.

باب الصاد

باب الصاد * صفتات: فعلال. يقال: رجل صفتات، وصفتيت: قوي جسيم، وكذلك يقال للمحتنك في السن، والذي تمت قوة شبابه، ولم يضعفه السن. * صديان: رجل صديان، وامرأة صديا؛ والصدى: العطش. * صراحية: هي الخمر التي لم تمزج؛ وهذا البناء للخالص من كل شيء؛ ومنه: نسب صريح، وجاؤوا صريحة: إذا لم يخالطهم سواهم. وقال ابن السكيت: (كذب كذبا صراحية، وصراحيا، وصراحا، أي: بينا يعرفه الناس). ووزن صراحية: فعالية. * صفوق: فعلل، وهو في كتاب سيبويه، ولم يعرفه الجرمي

ولا غيره ممن فسروا أبنية الكتاب؛ وهو نبت، ذكر ذلك ثعلب. وأما الصفرق فكل شيء أصفر؛ الصفرق: الذهب، والزعفران، والفالوذ. * صمحمح: هو الغليظ الشديد، وقال أبو عمرو: الغليظ القصير. * صمكيك: فعليل، وهو الشديد القوي. وقيل: الغليظ الجافي. وكذلك الصمكوك، والصمكمك. وقال ابن السكيت: (لبن صمكيك وصمكوك، أي: لزج). واصمأك:

إذا غضب. * صلخدى وصلخداة: شديد. * صلصلة: مصدر من نحو: صلصل اللجام وغيره صلصلة. * صمل: هو الشديد الخلق. يقال: صمل الشيء يصمل صمولا: إذا اشتد وصلب؛ وكذلك يقال في الشجر إذا لم يجد ريا فخشن. والصملة في قول المنتخل اليشكري: يطوف بي عكب في معد .... ويطعن بالصملة في قفيا أراد عصا يابسة. وعكب هذا: هو عكب اللخمي صاحب سجن النعمان بن المنذر.

والصامل: اليابس، قال الشاعر: ترى جازريه يرعدان وناره .... عليها عذاميل الهشيم وصامله والعذاميل: جمع عذمول، وهو القديم، يعني الحطب اليابس. ومعنى قوله: (يردعان): لأنه ينحر في شدة البرد. وداهية مصمئلة، أي شديدة, واصمأل الشيء: إذا اشتد. * صليان: فعليان، والواحدة: صليانة، وهي بقلة وهو مأخوذ من الصلة، والصلة واحدة [71/آ] الصلال. وهي القطع من الأمطار المتفرقة التي يقع منها الشيء بعد الشيء، وقيل للعشب: الصليان من ذلك، سمي باسم المطر. * وقال الجرمي: الصليان: نبات. ويقولون لمن يسرع في

اليمين ولا يتوقف: (لقد جذها جذ الصليانة)؛ لأن العير إذا ارتعى جذ الصليانة واقتلعها من أصلها. والمصدر في قولهم: (جذ الصليانة): مضاف إلى المفعول. ويقولون: الصليان خبز الإبل. * صمي صمام: صمام، مثل قطام، من أسماء الداهية. ومعنى (صمي) أي: زيدي. والصماء: الداهية, وفتنة صماء، أي: شديدة. ويقال: (صمي ابنة الجبل). ويقال: صمام صمام، أي: تصاموا. * صميان: فعلان. يقال: رجل صميان، للماضي على أمره؛

وهو من قولهم: انصميت عليه، أي: اعتمدت عليه؛ هذا قول الجرمي. وقال غيره: الصميان: النافذ في أموره، من قولهم: أصمى: إذا أنفذ الرمية؛ وهذا القول أوجه من قول الجرمي. * صناع: هو وصف للمرأة التي تجيد العمل. قال الجرمي: (ولا يكون للمذكر)؛ ولا أعلم له مخالفا. يقال: امرأة صناع اليدين، وهما صناعان، وهن صنع. قال الجرمي: (وإنما يقال: رجل صنع اليدين، وصنع اليدين، وصنيع اليدين؛ والجمع: صنعنون، وصنعون وصنيعون. * صنتيت: هو الصنديد، والصنديد: السيد.

* صهصلق: هي المرأة الصخابة. وصوت صهصلق، أي: شديد. * صهميم: قال الجرمي: (هو السيئ الخلق). وقال الأصمعي: (هو الذي يركب رأسه من الناس ولا يثنيه شيء عما يريد). وقال أبو عمرو: (هو من الجمال: الذي لا يرغو). *صورى: ماء. وقال الجرمي: (هو ماء قريب من مدينة [71/ب] رسول الله صلى الله عليه وسلم). * صوائق: أرض.

* صوى: جمع صوة، وهي علامة تجعل في الفلاة ليهتدى بها. *صيصية: صيصية الثور: قرنه، وصيصية الديك، التي في رجله. والصياصي: الحصون. وكل شيء يحتمى به فهو صيصية. وأما صيصية النساج- وهي الشوكة التي يسوي بها- فمأخوذة من صيصية الديك. *صير: جمع صيرة، وهي الحظيرة. صيابة: خيار. قال الفراء: (يقال: هو في صيابة قومه، وصوابة قومه أي: في صميمهم). وقال غيره: الصيابة: الخيار من كل شيء، وقوم صياب، أي: خيار، قال الشاعر: من معشر كحلت باللؤم أعينهم .... قفد الأكف لئام غير صياب

* صهيم: فيعل، بتخفيف الياء؛ يقال: جمل صيهم، أي: غليظ ضخم. قال الجرمي: (وقال بعضهم: صيهم، فثقل الياء).

باب الضاد

باب الضاد *ضئبل: بضم الباء وبكسرها: وهي الداهية. ووزنه [72/آ] على هذا: فعلل، وفعلل؛ والكلام فيه كالكلام في (زئبر). والهمزة فيه أصل؛ لأنها لا تزاد حشوا؛ وقد سبق ذلك في باب الزاي. *ضبعان: ذكر الضباع، والجمع ضباعين، والأنثى: ضبعانة، والجمع ضبعانات. وأما الضباع فهو جمع للذكر والأنثى، لأنه يقال للأنثى ضبع، ولا يقال: فضبع وضباع مثل سبع وسباع. *ضبار: في قوله:

سفرت، فقلت لها: هج، فتبرقعت .... فذكرت حين تبرقعت ضبارا اسم كلب، وهو مأخوذ من الشدة والصلابة؛ يقال: رجل ذو ضبارة، أي موثق الخلق، وفرس مضبر الخلق، وكذلك الناقة، وفرس ضبار، وضبور، وضبر. *ضعة: نبت، وأصله: (ضعوة)، والجمع: ضعوات؛ والهاء عوض من واوه التي هي لام؛ قال جرير: متخذا في ضعوات تولجا وأما (الضعة) من قولهم: ضعه غير هذه الضعة، فالهاء فيه بدل من الواو في أوله؛ لأنه من وضع؛ وهذا يقال للباني: ضع هذا الحجر غير هذه الوضعة، والوضعة، والضعة. ويروى بيت جرير:

متخذا من عضوات تولجا وهو جمع عضة، وهو شجر له شوك؛ قال الشاعر: هذا طريق يأزم المآزما وعضوات تقطع اللهازما ويروى: وعصوات، بفتح العين، ويروى: (تمشق اللهازما) ومعنى تمشق: تضرب. والمأزم: كل طريق ضيق بين جبلين. وما بين المشعر الحرام وعرفة الموضع الذي يسمى (المأزمين)، من هذا. قال الأصمعي: (المأزم في سند: مضيق بين جمع وعرفة). و (العضة) ههنا واحدة العضاه، يقال في الواحد: (عضاهة)، و (عضيهة)، و (عضة) بحذف الهاء التي هي [72/ب] لام الكلمة، كما حذفت من الشفة، قال الشاعر:

إذا مات منهم ميت سرق ابنه .... ومن عضهة ماينبتن شكيرها ويدل على أن المحذوف منها الهاء قولهم، في الجمع: (عضاة)، كما قيل في جمع شفة: شفاة، وقولهم، في التصغير: (عضيهة)، فترجع الهاء في االجماع والتصغير. ويقولون في الإضافة: بعير (عضهي)، للذي يرعى العضاه، و (عضاهي)، وإبل عضاهية. ويزعم بعضهم أن المحذوف منها الواو؛ لقولهم في الجمع: عضوات، ويستدل بها سبق، من قوله: (وعضوات تقطع اللهازما)، وبقولهم: بعير (عضوي)، وإبل (عضوية)، بفتح العين على غير القياس؛ والوجهان جائزان، كما جاز ذلك في (سنة).

و (العضاه): الشجر العظيم الذي له شوك- وهو عندهم خالص وغير خالص- فـ[الخالص]: الغرب، والسدر، والسلم، والطلح، والسمر، والينبوت، والسيال، والكنهبل، والقتاد العظيم الشجر، والعوسج، والغرف. والضرب الثاني الذي [73/آ] تتخذ منه القسي: الشريان والشوحط، والنبع، والنشم، والعجرم، والسراء. والثالث ما صغر من شجر الشوك هذا فهو (العض)، نقصت حروف هذا لنقص فيه، وزادت حروف ذاك لزيادة فيه. وأما (الشكاعى) ونحوه فليس بعض ولا عضاه. وقوله عز وجل: {الذين جعلوا القرآن عضين} فهو

جمع عضة، والمحذوف منها الهاء، على قول الكسائي، وأصلها: (عضهة). وقال غيره: المحذوف منه الواو، وأصلها: (عضوة)، وهو فعلة من عضيت الذبيحة: إذا جزأتها أجزاء؛ فعلى قول الكسائي يكون من العضه الذي هو البهتان، ونقصانه الهاء. وقال غير الكسائي: نقصانه الهاء، ولكنه من (العاضة)، قال: والعاضه في لغة قريش: الساحر قال: أعوذ بربي من النافثا .... ت في عقد العاضه المعضه والعضه في لغتهم السحر. فمن قال: نقصانه الواو فمعناه: فرقوه كما تفرق أعضاء الشاة؛ فقال بعضهم: هو سحر، وقال بعضهم: كهانة [73/ب]، وقال بعضهم: شعر. ومن قال: هو مأخوذ من (العضه) الذي هو البهتان فمعناه: جعلوه كذبا وبهتانا، كما حكى الله عز وجل عنهم أنهم قالوا. ومن قال: هو مأخوذ من العضه الذي هو السحر فمعناه أنهم قالوا: {هذا سحر

وإنا به كافرون}. وجمع بالواو والنون لما دخله من التوهين بالحذف؛ كما قال عز وجل: {فما للذين كفروا قبلك مهطعين. عن اليمين وعن الشمال عزين} فجمعه جمع السلامة لما حذف منه، وهو جمع (عزة) وأصلها (عزوة) لأنهم قبائل تعتزي كل قبيلة إلى غير من تعتزي إليه الأخرى. *ضفندد: الأحمق الثقيل الكثير اللحم، وهو الضفن أيضا. وقال الجرمي: (الضفندد: الضخم الثقيل الأخرق) وهو في معني الأول. والضفندد أيضا: الشديد العظيم، ووزنه: فعنلل، والدال في آخره للإلحاق بسفرجل.

* ضفوى: فعلى: موضع. وضفو المال كثرته، وضفوته كذلك. *الضفف: شدة المعيشة. *ضمران: كلب النابغة: *ضناك: صفة، يقال: ناقة ضناك: إذا كانت غليظة كثيرة اللحم. *ضهياء: بوزن فعلاء، و (ضهيأة): فعلأة، والهمزة زائدة: وهي التي لا تحيض، والتي لا ثدي لها. [74/آ]. وأجاز أبو إسحق أن تكون الهمزة أصلا، قال: لأنهم يقولون ضاهأت فلانا، وضاهيت، يهمز ولا يهمز، والمضاهأة: المشاكلة. وقيل ذلك للمرأة لأنها شاكلت الرجال

في الوصفين. فيكون (ضهيأة) فعيلة، الياء زائدة، والهمزة أصل، وليس هذا المثال في كلامهم؛ ليس فيه فعيل ولا فعيلة. *ضيغم: فيعل. قال أبو عبيدة: (الضيغم: الأسد، والضيغم: الذي يعض) وقال غيره: (هو من صفات الأسد وهو مأخوذ من الضغم، وهو العض). وقال ابن دريد: (الضغامة، بضم الضاد: ما ضغمته ثم لفظته). *ضومران: هو من الرياحين، قال: أحب الكرائن والضومران .... وشرب العتيقة بالسنحلاط

والسنحلاط: موضع. وزعم زاعم: أن السنحلاط من الرياحين، واستشهد بهذا البيت، والبيت يشهد أنه موضع. *ضيفن: هو الذي يجيء مع الضيف للأكل. وقال أبو زيد: يقال: ضفن يضفن، وهذا خلاف لما قال سيبويه؛ لأنه قال: ضيفن: فعلن، والضيافن: فعالن. وعلى قول أبي زيد يكون ضيفن: فيعلا. *ضميران: فيعلان: وهو نبت، والضمران كذلك؛ قال: نحن منعنا منبت الحلي .... ومنبت الضمران والنصي

ضيون: هو السنور الذكر، وهو الخيطل، والهر، والقط. والجمع: ضياون. وصحت الواو في الجمع لصحتها في المفرد. وقال سيبويه في تصغيرهك (ضيين)، فأعله في التصغير، كما قالوا (أسيد)، وإن كان في الجمع أساود؛ ولا يمتنع أن يقال في التصغير: (ضييون)، على من [74/ب] قال: (أسيود). فإن قيل: فلم لم يقلبوا الواو من ضيون ياء ويدغموا؟ قيل: هو شاذ، وقد يشذ الشيء فيجيء على الأصل تنبيها عليه. وقال الجوهري وغيره: (إنما لم يدغم لأنه اسم، وليس على وجه الفعل؛ قال: وكذلك (حيوة) اسم رجل، وفارقا هينا وميتا وسيدا وجيدا). *ضمخر: فعلل: هو الضخم من الرجال والإبل.

* ضيطار، وضيطر، وضوطر، وضوطرى: الضخم الذي لا يغني شيئا، قال: تعدون عقر النيب أفضل مجدكم .... بني ضوطري لولا الكمي المقنعا والجمع لـ (ضيطار): ضياطرة. قال الشاعر- أنشده الأخفش-: وتلحق خيل لا هوادة بينها .... وتشقى الرماح بالضياطرة الحمر وزعموا أنه مقلوب، وأن وجه الكلام: وتشقى الضياطرة

بالرماح؛ وأحسن من هذا أن يكون غير مقلوب، وشقاوة الرماح تكسرها فيهم، كما قال: فتى شقيت أرماحه بعداته .... كما شقيت أرماح قيس بتغلب

باب الطاء

باب الطاء طباقاء: فعالاء، معناه: أحمق؛ قال جميل: طباقاء لم يشهد خصوما ولم ينخ .... قلاصا إلى أكوارها حين تعكف عكف الرجل على البعير: إذا شده. وقيل: الطباقاء: الرجل الذي ينطبق عليه أمره، والبعير الذي لا يضرب. [75:آ] *طحربة: يقال ما عليه طحربة، وطحربة، وطحربة، أي ما عليه خرفة؛ وما في السماء طحربة، أي: شيء من الغيم. وما عليه طحرية، بالياء، في معني طحربة، بالباء. وما في السماء طحرور, قال الأصمعي: (هي قطع من السحاب مستديرة رقاق). وما في السماء طحرة. وما بقيت على الإبل طحرة: إذا

سطقت أوبارها، وما على فلان طحرة: إذا كان عاريا. *طحر: يقال: طحرت العين قذاها: رمت به، وطحرت عين الماء عرمضها. والطحور: السريع، والقوس البعيدة الرمي. والمطحر: السهم البعيد الذهاب. *طخرور: بالخاء، مثل الطحرور بالحاء. قال الجرمي: هو من السحاب، يقال: ما في السماء طخرور، ويقال: ما عليه طخرور. قلت: هو بالحاء والخاء جميعا، وهو فعلول. طريم: فعيل، وهو الطويل. والطريم أيضا: العسل والزبد الذي يكون على الشراب. وقول رؤبة: في مكفهر طريم الشرنبث أي: طويل اليدين والرجلين. وهو يصف سحابا؛ وقد

تقدم أن الشرنبث [75/ب] هو الغليظ الكفين والرجلين، وهو ههنا استعارة ومجاز، يقول: إن هذا السحاب غليظ الأعلى والأسفل. *طرفاء: شجر، الواحد: طرفة. واسم (طرقة) منقول منه. وقال سيبويه: الطرفاء واحد وجمع. *طس: هو فارسي الأصل. قال أبو عبيدة: ومما دخل في كلام العرب: (الطست) و (التور) و (الطاجن) - ويقال الطيجن أيضا، قال- وهي فارسية كلها). قال الفراء: (وطيئ تقول: (الطست)، وغيرها يقول: (الطس)، قال: وهم الذين يقولون: (لصت) - يعني طيئا- وغيرهم يقول: (لص)، والجمع عندهم (لصوت) و (طسوت). وعن أبي بن كعب: (تطلع الشمس غداتئذ كأنها طس) , يعني صبيحة ليلة القدر. وقال بعضهم: الطس هو الطست. وجمع الطس: طسوس

وطساس، ويقال أيضا: طسة وطسات، وطساس؛ قال الراجز: جارية من آل عبد شمس لو عرضت لأيبلي قس أشعث في هيكله مندس [76/آ] حسن إليها كحنين الطس *طفل: هو ولد الإنسان وغيره. وقد أطفلت الناقة فهي مطفل، وكذلك الظبية، والجمع: مطافل، ومطافيل أيضا. *طمار: هو المكان المرتفع؛ وعن الأصمعي: انصب عليه من طمار؛ وقال الشاعر:

فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري .... إلى هانئ في السوق وابن عقيل إلى بطل قد عقر السيف وجهه .... وآخر يهوي من طمار قتيل وكان ابن زياد رمى مسلم بن عقيل من سطح عال. وقال الأصمعي: (وآخر يهوي من طمار، وطمار، بفتح الراء وكسرها). طمر: هو الطويل القوائم الخفيف الوثب من الخيل. طمل: وهو اللص. قال لبيد: فأسرع في الفواحش كل طمل .... يجر المخزيات ولا يبالي وطملال: فعلال، أي: فقير. [76/ب].

*طوبى: فعلى من الطيب، وهي مصدر كالرجعي واليسرى. فإن قيل: فكيف جاز الابتداء بها في قولك: طوبى لك وقول الله عز وجل: {طوبى لهم وحسن مآب} وهي نكرة؟ فإنما جاز ذلك لأنها في معنى الدعاء، مثل: سلام عليكم. وقال لي بعض من قرأت عليه: يجوز أن تكون (طوبى) علما للطيب، كـ (سبحان) في كونه علما للتبرئة ويجوز أن تكون طوبى اسما علما للجنة. وقال العزيري في قوله عز وجل: (طوبي لهم): (طوبى

اسم الجنة بالهندية، قال: وقيل: طوبى شجرة في الجنة). وأقول: إن الجمع بين هذه الأقوال ممكن: يجوز أن تكون (طوبى) في لسان الهند اسم الجنة، ثم نقل ذلك إلى العربية، وسمى الله عز وجل جنة الآخرة طوبى، أو سمى بذلك شجرة في الجنة. ويجوز أن يكون في لسان العرب (فعلى) من الطيب، وسمى الله تعالى بها الجنة، ووافقت الهندية العربية، كما وافقت العربية في اسم يعقوب عليه السلام العجمية، وقد سمى الله عز وجل طائفة من الملائكة بأسماء عربية، نحو: منكر، ونكير، ومالك، ورضوان، عليهم السلام؛ وقد تعلقت (77/آ] الزنادقة بهذا، وقالوا: كيف جاءت أسماء هؤلاء عربية؟ وأسماء الملائكة- عليهم السلام- عجمية؛ وذلك لجهلهم بما قلته. *طوائح: في قوله:

. ... ... ... ومختبط مما تطيح الطوائح جمع على غير القياس الذي هو (المطاوح)؛ ولا يقال: (المطاوح) ولا (المطوحات)، وهو من النوادر. *طومار: فوعال، ذكره سيبويه، وذكر معه (سولاف)، ففسروا (سولاف) ولم يفسروا (طومار). وقال الجوهري: (الطومار واحد الطوامير) ولم يفسره. وقال المطرزي في شرح المقامات: (الطوامير: جمع طومار)؛ ولا فرق بين هذا وبين قول الجوهري في المعنى. وقال غيره: هو الصحيفة. وأقول: إن الطوامير هي المهارق التي تصنع من ورق الموز

للكتابة، وأحسبه مأخوذا من المطمورة وهي الحفرة التي تطمر فيها الأشياء، أي: تخبأ فيها؛ لأن المكتوب يخبأ في الصحيفة، وقد قيل: إنه ليس بعربي أصيل. *طيلسان: بفتح اللام، والجمع (طيالسة)، وهو معرب والهاء فيه علامة التعريب مثل الهاء في (موازجة) [77/ب] وأنشد ثعلب: 1 كلهم مبتكر لشانه كاعم لحييه بطيلسانه 3 وآخر يزف في أعوانه مثل زفيف الهيق في حفانه 5 فإن تلقاك بقيروانه

أو خفت بعض الجور من سلطانه 7 فاسجد لقرد السوء في زمانه والحفان: صغار النعام، وعن الأصمعي: هي إناثة. ويسمى الطيلسان الطاق، ويجمع على طيقان؛ قال: ولو ترى إن جبتي من طاق .... ولمتي مثل جناح غاق وقال آخر: من الريط والطيقان تنشر فوقهم .... كأجنحة العقبان تدنو وتعطف وأما الطاق لما انعطف من الأبنية فجمعه أطواق وطوائق أيضا، على أن يكون واحده في الأصل طائقا، كحاجة وحوائج؛ قال عمرو بن حسان:

. ... ... تغنى في طوائقه الحمام *طيس: هو الرمل الكثير، والماء الكثير، ونحو ذلك؛ قال: عددت قومي كعديد الطيس قد ذهب القوم الكرام ليسي [78،آ] أراد بالطيس: الرمل الكثير. وقال (ليسي) فأتى بالضمير المتصل، والمنفصل ههنا أجود كما قال: ليت هذا الليل شهر .... لا نرى فيه عريبا

ليس إياي وإيا .... ك ولا نخشى رقيبا وإن كان يجوز (ليسك) و (ليسي) ولكن المنفصل أحسن. وقال الأخطل: خلوا لنا زاذان والمزارعا .... وحنطة طيسا وكرما يانعا أي: كثيرة.

باب الظاء

باب الظاء *ظربان: دويبة منتنة الريح والفسو؛ وإذا وإذا صيدت فست في ثوب صائدها، فلا تزال رائحة الفسو في ثوبه حتى يبلى. وإذا فست بين الإبل تفرقت، ولذلك قالوا في القوم إذا تقاطعوا: (فسا بينهم الظربان)؛ وهي في قدر الهر. وجاء في جمعها: (ظربى)، وليس فعلى في الجمع إلا هذا وقولهم: (حجلى) وقد تقدم ذلك في الحاء. وجاء في جمعه أيضا (ظرابي)، كأنه جمع ظرباء، بالمد؛ قال: وهل أنتم إلا طرابي مذحج .... تفاسى وتستنسي بآنفها الطخم

* ظرب: فعل، مثل عتل: وهو القصير [78/ب] اللحيم. *ظراب: هي الراوبي الصغار، والواحد: ظرب. وعامر بن الظرب- وهو أحد حكام العرب- من هذا. *ظريف: هو الكيس، والجمع: ظرفاء، وظراف. وأما قولهم في جمعه ظروف وظرف فهو جمع على حذف الياء. وقال الخليل: هو بمنزلة (المذاكير) لم يكسر على (ذكر). *ظيان: فعلان، هو ياسمين البر، قال الهذلي: تالله يبقى على الأيام ذو حيد .... بمشمخر به الظيان والآس

أراد النفي ولم يرد الإيجاب، والمراد: لا يبقى؛ ولكنه حذف الحرف النفي وهو يريده؛ ولا يجوز في الإيجاب: والله يقوم زيد، حتى تقول: ليقومن زيد. وقيل: الظيان ههنا: العسل، والآس: بقية العسل في الخلية.

باب العين

باب العين عارق: هو قيس بن. جروة الطائي؛ لقب عارقا بقوله للنعمان: فإن لم تغير بعض ما قد صنعته .... لأنتحين للعظم ذو أنا عارقه يقال: عرقت العظم أعرقه عرقا ومعرقا: إذا أخدت ما عليه من اللحم. والعرق أيضا: العظم المعروق، ويجمع على عراق. والجمع على فعال قليل؛ والذي جاء من ذلك ستة أحرف.

(عراق)، (وتؤام)، جمع توأم [79/آ] و (رباب) جمع ربى، و (رخال) جمع رجل، وفرير (وفرار)، و (ظؤار) جمع ظئر. وتعرقت العظم بمعنى عرقته. والعراق يذكر ويؤنث، قيل: هو فارسي الأصل، وقيل: هو عربي مأخوذ من الجلد المثني أسفل السقاء. قال أبو عبيد: (إذا كان الجلد في أسفل السقاء مثنيا ثم خرز عليه فهو العراق، والجمع عرق، وإذا سوي ثم خرز عليه غير مثني فهو الطباب. وقال الأصمعي: العراق: الطبابة، وهي الجلدة التي تغطى بها عيون الخرز) انتهى كلامه. فلما كانت العراق أسفل من أرض العرب سميت عراقا. والعراقان: الكوفة والبصرة. *عارض: اسم فاعل من عرض له كذا، أي: ظهر، ومن عرضت عليه كذا: إذا أظهرته له؛ ومن عرضت الناقة: إذا أصابها كسر، ومن عرضت الإبل على الماء، وعرضت الجارية على البيع، ومن عرضت الجند، ومن عرضهم على السيف، ومن:

عرضت العود على الإناء والسيف على فخذي أعرضه وأعرضه؛ وعرضه عارض من الحمى. والعروض: مكة والمدينة على ساكنها السلام، والذي [79/ب] يأتيهما عارض، ومنه قوله: فياراكبا إما عرضت فبلغن .... نداماي من نجران أن لا تلاقيا وقال أبو عبيدة: (فياراكبا) بغير تنوين؛ والمعنى: فيا راكباه، فحذف الهاء، كما حذفت من قوله عز وجل: (يا أسفا على يوسف)، وزعم أنه نادى راكبا بعينه، ولم يجز فيه التنوين.

* عاقول: هو ما اعوج من النهر والوادي والرمل؛ وهو فاعول. والعاقول أيضا: ماء يستدير في البحر. *عباقية: معناه: داهية. وقد اعبقى، أي: صار داهية. ويقال: عبق به الطيب يعبق عباقية، أي: لزق به. وعقاب عبقاه وعبقا أي: ذات مخالب حداد. وشين عباقية، وهو أثر الجراحة يبقى في الوجه، أي: دائم لازم. ووزن عباقية فعالية. *عبالة: فعالة، بتشديد اللام، وهو الثقل. يقال: ألقى عليه عبالته، أي: ثقله؛ وهو مثقل في اللفظ والمعنى. عبناة وعبنى: أي: شديد، وهو فعلاة. *عبيثران وعبيثران بفتح الثاء، وعبوثران بفتح الثاء أيضا، وعبوثران: وهو نبت طيب الريح.

* عبدى: على فعلى جمع عبد، و (عبداء) بالمد، و (عبيد)، وهو كثير الاستعمال في جمع عبد وإن كان هذا الجمع عزيزا قليلا، ومثله (كليب) في جمع كلب، ويجمع أيضا على (أعبد)، وعلى (عباد)، وعلى (عبدان) بضم العين، كما قالوا في جمع تمر: (تمران)، وعلى (عبدان) بالكسر مثل جحش وجحشان، وعلى (عبدان) بكسر العين والباء وتشديد الدال، (ومعبوداء)، (وعبد) مثل سقف وسقف؛ وأنشد الأخفش: انسب العبد إلى آبائه .... أسود الجلدة من قوم عبد *عبرى: فعلى. يقال: امرأة عبرى، كثيرة البكاء والحزن وهو من العبرة. [80/آ]. *عتل: فعل: وهو الغليظ الجافي، من قولهم: عتلته أعتله

وأعتله: إذا جذبته جذبا عنيفا؛ قال الله عز وجل: (عتل بعد ذلك زنيم)، والزنيم: الملصق بالقوم، قال حسان: وأنت زنيم نيط في آل هاشم .... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد يهجو بذلك الوليد بن المغيرة المخزومي، وكان المغيرة ادعاة بعد أن بلغ ثماني عشرة سنة، وقال: إنه لزنية؛ ولم يعلم ذلك إلا بهذه الآية. وقيل: نزلت في أبي جهل، وقيل: في الاخنس بن شريق -وأصله في ثقيف وعداده في بني زهرة- وقيل: في الأسود بن

عبد يغوث. والعتل أيضا: والرمح الغليظ. *عود: فعول: هو ن أولاد المعز: ما اشتد ورعى. والجع (عدان)، أدغمت التاء في الدال ويجمع أيضا (أعتدة). *وأما عتود: مثل فعول فهو اسم واد، ولم يأت على هذا المثال غيره وغير خروع، والخروع شجر. *عتوارة: فعوالة: وهو الرجل القصير؛ عن أبي عمرو وقال يعقوب: العثوارة، بضم العين وبالثاء المثلثة: القطعة من المسك. وأما عتوارة، بضم العين وبالتاء المعجمة بنقطتين فهو عتوارة بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة. *عثلط: هو اللبن الغليظ، والأصل: عثالط، وكذلك عجلط. *عثول وعثوثل: الشيخ الثقيل الضخم. وقال الجرمي: هو

الرجل الضخم المسترخي، وهو فعول. *عجاساء: ظلمة الليل، والإبل [80/ب] المسان. *عدبس: فعلل، وهو الضخم، وكذلك عجنس. *عدوان: فعلان. يقال: فرس عدوان للكثير العدو، وذئب عدوان: يعدو على الناس. *عدولى: فعولى: قرية بالبحرين تنسب إليها السفن، قال طرفة:

عدولية أو من سفين ابن يامن .... يجور با الملاح طورا ويهتدي ويقال للملاح: عدولي. *عذافر: فعالل، أي: عظيم شديد. *عذيوط: فعيول، وهو الذي يحدث عن الجماع. *عرتن: نبت، وأصله: عرنتن مثل قرنفل، فحذفت منه النون، وهو مما يدبغ به. ويقال فيه أيضا: عرتن مثل عرفج. وأديم معرتن: مدبوغ بالعرتن. وعريتنات: موضع. *عرضنى: [يقال]: ناقة (عرضنى) و (عرضنة) للتي

تمشي عرضاً لنشاطها. وقال الجرمي: و (العرضنى) بضم الراء والعين، لغة زعمها سيبويه. وتصغيره: (عريضن) تثبت النون لأنها ملحقة وتحذف الألف لأنها غير ملقحة، ومن من الاعتراض. *عرفان: فعلان. حكى الجرمي عن الأصمعي أنه اسم إنسان، وأنشد للراعي: كفاني العرفان الكرى وكفيته .... كلاء الفلاة والنعاس معانقه وقال غير الجرمي (هو دويبة، وقيل: هو جبل بعينه). والعرفان: الدليل الحاذق، وأظن أنه الذي أراد الراعي بقوله: (كفاني العرفان) ويؤيد ذلك دخول الألف واللام عليه.

* عرند: أي: شديد. يقال: رجل عرند، ويقال: وتر عرند، أي: غليظ. *عريط: أم عريط: كنية العقرب، وكأنه مأخوذ من عرط في الأرض، أي: ذهب فيها. [81،آ]. *عريقصان: نبات، الواحد: عريقصانة؛ يقال: إنه من نبات البادية. وقال صاحب كتاب النبات: (هو الذي يسمى الحندقوق، وهو يبنب في القيعان ومناب المياه، ويقال له أيضا: العرقصان والعرقصاء). وقال الجرمي: وهو دابة. *عزويت: هو فعليت، ومعناه: الداهية. وقال أبو عمرو: (غزيت) بغين معجمة. وإنما قالوا في وزنه: فعليت، والواو

لا تكون في غير الأوائل أصلا؛ لأن فعويلا معدوم في كلامهم، ولم يجعلوه فعليلا؛ لأن ذلك أيضا غير موجود في كلامهم، فقضوا بأنه فعليت كعفريت. *عزهاة: فعلاة، والجمع (عزاهي)، كسعلاة و (سعالي)، وهو الذي يبعد عن اللهو. ويقال: (عزهاء)

أيضاً: وعزها، كأنه عزهي، فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، وحذفها التنوين. *عسس: هم الذين يطوفون للسلطان ليلا، وذلك من العس وهو الطلب؛ يقال عس يعس عسا. *عسود: دويبة، وهو ملحق بـ (قرشب). *عشوزن: فعولل: وهو الصلب الغليظ؛ قال: إذا عض الثقاف بها اشمأزت .... وولتهم عشوزنه زبونا *عشوراء: بالمد والقصر، لغتان في عاشوراء. وقال الجرمي: (عشوراء) أيضا بضم العين؛ قال: وهو حرف مفرد ليس في الكلام غيره.

* عصواد: فعوال، وهو حيث يستدير القوم في حرب أو خصومة. وأنشد أبو زيد: وتساقى الأبطال بالأسل الحتـ .... ـف وظل الكماة في عصواد [81/ب] وقال ابن دريد: (العصودة: اختلاط الأصوات في شر أو

حرب). والعصواد أيضا: القليلة اللحم من النساء؛ قال: يامي ذات الحجل والمعضاد فدتك كل رعبل عصواد *عضرس: فعلل: البرد، والعضرس: الماء الجامد. والعضرس: نبت. *عطود: السير الطويل، والانطلاق السريع. والعطود من كل شيء: الشديد. *عظام: يقال: رجل عظام، أي: عظيم. *عظرفوط: ذكر العظاء. عفرية: هو العفريت: يقال: شيطان عفرية. والعفرية أيضا: الشعر الذي على الرأس. وقال أبو زيد: (العفرية من

الإنسان: شعر القفا، ومن الدابة: شعر الوجه). قال بعضهم: ووزنه: فعللة؛ قال الجرمي: وهذا غلط، إنما هو فعلية. والعفرية أيضا: عرف الديك. والعفرية: الرجل الداهي المتكبر، يقال: هو عفرية نفرية. *عفنجج: هو الأحمق، وهو من الإبل: الحديد المنكر. وقال الجرمي: الضخم من الرجال المثقل الأخرق؛ قال: وأنشد أبو زيد: قالت له كليمة تلججا من الكلام لينا سملجا يا شيخ لابد لنا أن نحججا فاحذر ولا تكتر كريا أهوجا

رخوا إذا ساق بنا عفنججا ووزنه: فعلل. قال الجرمي: وهو من بنات الثلاثة، فزادوا الجيم فصيروه ملقحا ببنات الأربعة، بمنزلة قردد، ثم زادوا النون فألحقوه ببنات الخمسة. عقنقل: هو الرمل المتراكم، والوادي الذي اتسع ما بين ضفتيه. وقانصة [82/آ] الضب، ومصارينه أيضا، يقال لها: العقنقل. والعقنقل أيضا: موضع، ووزنه: فعنلل. *عقربان: دويبة. قال الجرمي: هي دخال الأذن. عكلط: لبن ثخين خائر. والأصل عكالط، وإنما حذفوا الألف، ولا يكون اسم على أربعة أحرف كلها متحرك، بل لابد أن يتخللها ساكن؛ فإن رأيت ذلك فاعلم أنه قد كان فيه ساكن.

ومثله وفي معناه: لبن عجلط، وعثلط. ويدل على أنه محذوف قوله: ولو بغى أعطاه تيسا قافطا ولسقاه لبنا عجالطا ومن ذلك (ذلذل) القميص، هو قصر، والأصل: ذلاذل القميص. و (الدودم): شيء يخرج من شجر السمر يشبه الدم، تقول إذا خرج من الشجرة: حاضت السمرة. و (الهدبد) في معنى العجلط، وهو اللبن الخاثر؛ والهدبد أيضا: عمش في العين، قال: إن شفاء الهدبد كشية ضب بكبد

وهذا كله محذوف منه، كما ذكرنا: عكوك: هو القصير السمين الصلب، وقال: عكوك إذا مشى درحايه والعكوك أيضا: المكان الصلب الغليظ. قالوا: وزنه: فعلع، بتكرير العين، وليس هو من المضاعف؛ ذكر ذلك الجوهري وغيره. *علباء: فعلال، ملحق بـ (سرداح): وهو عصبة في العنق. *علجان: نبات، الواحدة علجانة؛ قال عبد بني الحسحاس: فبتنا وسادانا إلى علجانة .... وحقف تهاداه الرياح تهاديا

وهبت شمالاً آخر الليل قرة .... ولا ثوب إذا درعها وردائيا [82/ب] فما زال بردي طيبا من ثيابها .... إلى الحول حتى أنهج البرد باليا *علبط: قد مضى القول فيه، وأنه مقصور من علابط. والعلبط: الغليظ الضخم، وكذلك العلابطة. والعلابط في قوله: ما راعني إلا خيال هبطا .... على البيوت قوطه العلابطا هو من هذا، وفي معناه. والقوط القطيع من الغنم. وخيال: اسم راع. *علف: فعل، هو ثمر الطلح. والعرب تزيد على الحرف مثله فيكون إلى جنبه مدغما وغير مدغم.

* عليق: شجر. *علقى: نبات. قال سيبويه: يكون واحدا ويكون جمعا وأنشد للعجاج، يصف ثورا: فحط في علقى وفي مكور وقال غيره: هو نبت تدوم خضرته في الصيف. ويقال بعير عالق: يرعى العلقى. وألفه عند قوم للإلحاق؛ فهم ينونونه. قال الجرمي: نون بعضهم، وهم الذين يقولون في الواحد: علقاة؛ وقالوا في بيت العجاج: فحط في علقى وفي مكور بالتنوين. قال الجرمي: وسمعت الأصمعي يقول: فحط في علقى وفي مكور

فلم ينون. والمكور: جمع مكر، وهو شجر؛ قال الكميت: تعاطى فراخ المكر طورا وتارة .... تثير رخاماها وتعلق ضالها يصف بقرة. وفراخ المكر: ثمره. والرخامى: شجر أيضا. *علكوس: بعلول، يقال: ناقة علكوس، وهي الخيار الفارهة. *علندى: فعنلى: وهو شجر، قال الشاعر: سيأتيكم مني- وإن كنت نائيا- .... دخان العلندى دون بيتي مذود المذود: اللسان، قال حسان [83/آ]: لساني وسيقي صارمان كلاهما .... ويبلغ مالا يبلغ السيف مذودي

وقال سيبويه: إنه ينون فيقال: (علندى). وقال غيره: لا ينون، وألفه للتأنيث. والعلندى أيضا: الجمل الضخم، والناقة: علنداة. وقال الأصمعي: العلندي أيضا: الجمل الضخم، والناقة: علنداة. وقال الأصمعي: العلندي الضخم من كل شيء. وعن اليزيدي في جمعه: (علايد). ويقال: اعلندى الجمل واكلندى: اذا غلظ واشتد. وقيل العلندى من شجر الرمل وليس من الحمض. وروى أبو علي: (علندى) بضم العين واللام، قال، قالوا: جمل علندى للغليظ الشديد، وهو فعنلى. *علود، بتشديد الدال: الكبير. وقال أبو عبيدة: كان مجاشع بن دارم علود العنق. وقال الجرمي: (هو الشديد، وهو فعول). وقال في موضع غير هذا: (ويكون على فعول، قالوا: علود، كخروع) ولم يشدد الدال، فلعله بمعنى المشدد، ولم يذكر الجرمي له لما خففه تفسيرا.

* عليان: فعلان. رجل عليان، أي: طويل. وجمل عليان، وناقة عليانة: ولم يذكر سيبويه (فعلانا) صفة. *عليب: اسم واد، وهو على طريق اليمن من مكة؛ ووزنه: فعيل؛ ولم يجئ على هذه الزنة غيره. وأبو دهبل من أهل هذا الوادي، وهو القائل: فما ذر قرن الشمس حتى تبينت .... لعليب نخلا شامخا ومكمما ونصب نخلا على أنه مفعول. عملس: وهو الذئب، والرجل الخفيف.

* عميثل: الطويل الشاب. وقيل: هو الجلد النشيط. وقال الخليل: هو البطيء، والذي يسنبل ثيابه لاستغنائه عن العمل [83/ب] قال أبو النجم: ليس بملتاث ولا عميثل وقال أبو زيد: العميثلة: الناقة الجسيمة، والعميثل: الأسد. وقال الأصمعي: العميثل: الذيال بذنبه. *عنبس: من صفات الأسد، وهو من العبوس. *عندد: عن أبي زيد: مالي عنه عندد معلندد، أي: مالي منه بد. ويقال: ما وجدت إليه معلنددا، أي: سبيلا. *عنسل: الناقة السريعة، وهو من العسلان. *عصنصر: فعنعل: اسم جبل.

* عنصر، بضم الصاد وفتحها: الأصل. *عنصل: البصل البري، وهو العنصلاء أيضا، بضم الصاد وفتحها، والجمع: العناصل. عنطيان الشباب: أوله: وهو فعليان؛ وأصل الكلمة: عنط. وقال الجرمي: العنطيان: الجافي، والعنطنط: الطويل. *عنائد: فعالل: وهي أرض، عن الجرمي. *عنزهو: وهو العزهاة، وقد مر تفسيره. *عندليب: عصفور صغيرا؛ لذلك يقولون: هو يصيد ما بين الكركي إلى العندليب.

* عنظوان: شجر، إذا أكثرت الأبل من أكله آلم بطونها: وقيل: هو شجر من الحمض ضخام غبر؛ ربنا استظل الرجل تحت العنظوانة. وقال الخليل: العنظوانة: الجرادة الأنثى، والجمع عنظوانات، والعنظوان من الرجال: الفحاش. ووزن عنظوان فعلوان. *عنظب: قال الجرمي: العنظب، بضم العين وفتح الظاء: ذكر الجراد. وقال غيره: يجوز ضم الظاء وفتحها. وفي كتاب سيبويه العنظباء بضم العين والظاء وألف ممدودة. وعن الكسائي: العنظب، والعنظاب، والعنظوب، والأنثى: عنظوبة، والجمع العناظب. *عنفوان: أول. وعنفوان كل شيء: صدره وأوله. *عنفواة: هي القطعة من الحلي، والحلي: يبيس النصي. *عنفص: المرأة البذية القليلة الحياء، ووزنها: فعلل.

* عنكبوت: وعنكب، وعنكباء: بمعنى واحد، والجمع: عناكب، وعن الأصمعي وقطرب (عناكبيت)؛ وهذا من الشاذ الذي لا يعول عليه لاجتماع أربعة أحرف بعد ألفه. وكذلك قالا في تصغيره: (عنيكبيت). وهذا من المردود الذي لا يقبل. ووزن عنكبوت: فعللوت. *عنيزتين: أكة سوداء بين مكة [84/آ] والبصرة، قال عنترة: كيف المزار وقد تربع أهلها .... بعنيزتين وأهلنا بالغيلم *عوسج: شجر، ووزنه: فوعل. *عوارض: موضع، ووزنه فواعل؛ قال عامر بن الطفيل:

فلأبغينكم قنا وعوارضا .... ولأقبلن الخيل لابة ضرغد يقال: بغيته: إذا اجتهدت في طلبه. وقنا: جبل. وعوارض قد سبق أنه موضع، وهو لبني أسد. وقال أبو علي في هذا البيت: أي لأقبلن بالخيل إلى لابة ضرغد، فحذف الجارين: الباء، وإلى، قال: لأن أقبل فعل غير متعد؛ قال الله عز وجل: {فأقبل بعضهم على بعض}، وتقول: أقبلت بوجهي عليه. فإجاز ههنا حذف حرفي الجر، فعل واحد، ولم يجز ذلك في (كررت على مسمع)، وهو

حذف حرف واحد؛ وقد قال أبو زيد في النوادر: (قبلت الماشية الوادي وأقبلتها أنا: إذا أقبلت بها نحوه). فقوله: (ولأقبلن الخيل لابة ضرغد) على هذا متعد بغير حرف الجر. وقال لي شيخنا أبو القاسم الشاطبي- رحمه الله-: أقبلته الرمح: إذا جعلته قبله. *عوار: هو الضعيف من الرجال، والجبان؛ والجمع: (عواوير). ومن ذلك قول لبيد: فقمت مقاما لم يقمه العواور

وإنما لم يقل: (العوائر) مع قرب الواو من الطرف؛ لأن الجمع إنما هو (العواوير)؛ فالواو بعيدة من الطرف، وإنما حذف الياء للضرورة، والمراد في حكم المنطوق به. والعوار أيضا: قذى العين. والعوار: الخطاف. *عيثوم: هو الجمل الشديد الخف، قال: يهدي بها أكلف الخدين مختبر .... من الجمال كثير اللحم عيثوم *عيسجور: هي السعلاة، والناقة القوية السريعة. [84/ب]. *عيطموس: قال الجرمي: هي الناقة الطويلة؛ والزنة: فعللول، وهي من النوق: الخيار الفارهة.

* عيضموز: فعللول أيضا؛ يقال: حية عيضموز، للهرمة. *عيلم: البئر الكثيرة الماء. والعيلم أيضا: التار الناعم؛ والترارة: البضاضة والسمن. والعيلام: الذكر من الضباع. *عيل: واحد العيال. وقال حكيم بن معية- وجمعه على عياييل-: 1 احمي قناة صلبة لم تنكسر صماء تمت في نبات مشمخر 3 خفت بأطواد جبال وسمر

في أشب الغيطان ملتف الحظر 5 فيه عياييل أسود ونمر خطارة تدمي خياشيم النعر (خطارة): صفة للقناة، وكنى بالقناة عن العز والمنعة؛ كأن عزه في مكان هذه صفته. والحظر: المكان الذي حوله الشجر. والنعر: المتكبر. والياء الثانية، في (عياييل)، مثل ياء (الصياريف) للإشباع؛ لأنه جمع (عيل) وإنما يجمع عيل على (عيائل)؛ فلهذا

يهمز، فيقال: (عيائيل)؛ ولا يعتد بياء الإشباع، وتكون الياء فيه كأنها قد وليت الطرف. ومن جعل (عياييل) جمع (عيال) من عال يعيل: إذا تمايل في مشيه؛ كما قال في وصف الأسد: كالمرزباني عيال بآصال فالياء على هذا التقدير بعيدة من الطرف؛ لأن الياء الثانية ليست للإشباع، فلا يهمز. فإن قيل: فكيف جمع عيالا على (عياييل)؟ قيل: لأن (فعالا) مؤاخ لـ (فعول) و (فعيل)، وهما يجمعان على (فعاعيل)، والمؤاخاة من أجل وقوع حرق اللين في الثلاثة بين العين واللام. وقال ابن الأعرابي [85/آ]:

(عياييل) تصحيف، وإنما هو (غياييل) بالغين المعجمة، جمع غيل على غير القياس. والغيل: الأجمة.

باب الغين

باب الغين *غارب: هو ما بين السنام إلى العنق، وهو الذي يلقى عليه خطام البعير إذا ترك يذهب حيث شاء في الرعي؛ ومنه: حبلك على غاربك. *غدودن: فعوعل. قال الجرمي: هو النبات الناعم المسترخي، ويقال من هذا: اغدودن الزرع والشعر. *غرنيق، وغرنوق، وغرنوق، وغرنيق، وغرناق، وغرانق، وغرونق: كله: الشاب الأبيض الجميل؛ قال:

إذا أنت غرناق الشباب ميال ذو دأيتين تنفجان السربال وأصل الدأيتين للجمل. ويقال شباب غرانق، أي: تام؛ قال: ألا إن تطلاب الصبا منك ضلة .... وقد فات ريهان الشباب الغرانق ويقال للمرأة الشابة الممتلئة: غرانقة وغرانق؛ قال: واللهو عند بادن غرانق والغرنوق، والغرنيق: طائر أبيض؛ وقيل: هو طائر أسود من طير الماء. قال سيبويه: (والنون فيه أصل)، وذكره في بنات الأربعة. وقال أبو الفتح: (قلت لأبي علي: كيف قال: إنه من بنات الأربعة، ولا نظير له من أصول بنات الأربعة يقابلها كما قلنا

في (كنهبل) و (عنصل) و (عنظب)، و (خبعثنة)؟. فقال: لأنه ألحق به (العليق)، والإلحاق لا يكون إلا بما هو أصل. قال أبو الفتح: وهذه دعوى لا دليل عليها؛ لأن (العليق) وزنه: فعيل، وعينه مضعفة؛ وتضعيف العين لا يوجد للإلحاق؛ ألا ترى أن [85/ب] (إمعة)، و (سكيتا)، و (كلابا) ليس شيء من ذلك بملحق؟ لأن الإلحاق لا يكون من لفظ العين. قال: وعلة ذلك أن أصل تضعيف العين إنما هو للفعل نحو: (قطع) و (لين)؛ فهو في الفعل مفيد للمعنى، وكذلك هو في كثير من الأسماء، نحو: (سكير) و (خمير)، و (شراب)، و (قطاع)، أي كثير الشرب إذا كثر ذلك منه؛ فلما كان

أصل التضعيف للعين إنما هو للفعل على التكثير لم يمكن أن يجعل للإلحاق. وذلك أن العناية بمفيد المعنى عند العرب أقوى من العناية بالملحق؛ لأن صناعة الألحاق لفظية لا معنوية؛ فبهذا يمتنع من أن يكون (العليق) ملحقا بغرنيق، وإذا بطل ذلك احتاج كون النون أصلا إلى دليل، وإلا كانت زائدة. قال أبو الفتح: وأقول: (إن النون لما ثبتت في هذه اللفظة أين تصرفت ثبات بقية الأصول في الكلمة- على ما سبق من لغاتها- وثبتت أيضا في التكسير، فقالوا: غرانيق؛ فلذلك حكم بأصالتها). والغرانيق أيضا: نبات لين يكون في أصل العوسج، والواحد غرنوق. وقيل: الغرنيق: السيد. ومن الأكاذيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قرأ سورة النجم؛ فلما

بلغ إلى قوله الله عز وجل: {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى} قال: تلك الغرانيق العلى، وقال بعضهم: الغرانقة العلى، وإن شفاعتها ترتجى وقال بعضهم: منها الشفاعة ترتجى. وزعموا أن هذا سبب نزول قوله عز وجل في سورة الحج: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته} إلى آخر الآية؛ وهذا عند أهل العلم باطل. وما يروى من ذلك عن ابن عباس- رحمه الله- غير ثابت. وأما آية الحج فمعناها عند العلماء ما يقع في القراءة من السهو ب 86/آ] والغلط، فينسخ الله عز وجل ذلك بتنبيهه عليه. غرين: هو الطين الذي يبقى في أسفل القيعان، وهو القنف أيضا. قال أبو عبيدة: كنا نختلف إلى سليمان بن مزاحم المازني

ففقده أهله أياما، فلطبوه مني. فبينا أنا أجول عليه، إذا هو جاء من الجبل، قلت: أين كنت أيامك هذه، وقد فقدك أهلك فهم يطلبونك؟ قال: ذهب بي قوم إلى جدة هذا النهر- قال أبو عبيدة: وإنما سميت (جدة) - يعني البلدة المعروفة- لأنها على شاطئ البحر، يقال جدة، وضفة، وشاطئ- قال: فلما انتيهنا إلى الحدة جاؤوا بهنة سوداء كأنها مهرة، وقد زينوها بعهون لهم، فلها من ذلك قصص وذوائب، فلما أدنوها تحوزت كأنها تدري ما يراد بها؛ فتواثبنا في جوفها، فأرسلت فتيممت بنا في البحر، حتى- والله- خفت على نفسي، ثم قام علجان فنضوا ثيابهما وشدا أزرهما- وواله ما أدري ما يصنعان- ثم شدا لها عضدين، وركبا عليها جناحين، ثم ساقاها فمضت تدف بنا على وجه الماء حتى انتهينا إلى قر لهم ما لهم بالبصرة مثله، عجبا لهم، كيف لا ينزلونه؟! ثم أقبل الماء حتى سد كل وصواص وتخروب، قال أبو عبيدة: الوصواص: الخرق،

والتخروب: الصدع في الجدار وغيره، ويقال لجمعه التخاريب ثم أدبر- يعني الماء- بأحسن ما يكون من حلم الكهول، حتى- والله- رأيت تلك السويداء على الغرين- فقالوا: يا أبا عبيدة، ما الغرين؟ قال: الطين يكون في أسفل الجداول- فقلت: الحق [86/ب] بأهلك فقد ساء ظنهم بك. *غسلين: فعلين. قال الجرمي: (هو ما يسيل من الجرح من غثيثته وصديده). هذا معناه في اللغة، وهو أحسن من قول من قال: الغسلين: غسالة أهل النار؛ وقيل: هو البارد المنتن. *غلواء: هو الغلو، وهو مجاوزة الحد. والغلواء أيضا: إسراع الشباب وأوله؛ وقال طفيل الغنوي- ويقال له: طفيل الخيل-:

فمشوا إلى الهيجاء في غلوائها .... مشي الليوث بكل أبيض مذهب *غلفقيق: هو الداهية، والزنة: فعلليل. *غمدان: قال الجرمي: ويكون الاسم على فعلان، بضم الفاء وتشديد العين؛ قالوا: (حلبان)، و (تومان)، وهما نبات؛ قال: والصفة، قالوا: رجل غمدان

أي: طويل. وقال غيره: غمدان، بضم الغين وفتح الميم وتشديد الدال. والذي ذكره الجرمي هو الصحيح، وهو الذي ذكره في (المفصل)، وما قيل في هذا الحرف سوى ذلك مما ذكرته وما لم أذكره فهو تحريق؛ فلا يعرج عليه. *غوغاء: سفلة الناس، وأصله في الجراد

قال الأصمعي: إذا ظهرت أجنحة الجراد وصار أحمر إلى الغبرة- وذلك حين يموج بعضه في بعض، فلا يتوجه إلى جهة- فهو الغوغاء؛ والواحدة غوغاة. * غيداق: قال الجرمي: هو من صفة الضب. وقال غيره: هو الجواد الكريم الواسع العطاء الحسن الخلق. وقال أبو زيد: الغيداق: فرخ الضب، وأول ما يكون حسل ثم غيداق. ويقال: شاب غيدق أي ناعم. ويقال للصبي الذي لم يبلغ: غيداق [87/آ]. والغياديق: الحيات. * غيطل: هو الشجر الملتف، والجمع: غياطل. ولذلك سميت الأجمة غيطلة؛ قال الشاعر: ... ... ... والليل مختلط الغياطل أليل ويقال أيضا للأصوات المختلطة: غيطلة. ويقال لذوات اللبن

من الظباء والبقر: الغياطل. وقول زهير: كما استغاث بسيء فز غيطلة خاف العيون فلم ينظر به الحشك قال أبو عبيدة: (هي البقرة الوحشية). وقيل: هي الشجر الملتف أي: ولدته أمه في غيطلة. والفز: ولد البقرة، والجمع: أفزاز. والسيء: اللبن يكون في أطراف الأخلاف قبل نزول الدرة. وقال الفراء: السيء: أن ترسل الناقة لبنها من غير حلب. يقال: انسيأ اللبن، وتسيأت الناقة. ويقال: حشكت الدرة تحشك حشكا، بكسون الشين، وحشوكا: إذا امتلأت. قالوا: وإنما حركه الشاعر ضرورة. وقوله: (فلم ينظر به الحشك) أي: لم يمهل إلى حشوك

الدرة. غيلم: هي الجارية المغتلمة، وذكر السلاحف، واسم موضع؛ قال عنترة: كيف المزار وقد تربع أهلها بعنيزتين وأهلنا بالغيلم

باب الفاء

باب الفاء * فاظ: قال الأصمعي: فاظ يفيظ فيظا، ويفوظ فوظا: إذا خرجت نفسه؛ ولا يقال: فاظت نفسه، ولا فاظت؛ إنما يقال: فاظ فلان؛ قال الشاعر: لا يدفنون منهم من فاظا قال: وأما قول الراجز: ففقئت عين وفاظت نفس

إنما هو: وطن الضرس. وأنشد أبو علي: [87/ب] عوم السفين تفيظ منه الأنفس قال الأصمعي: (سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: لا يقال: فاظت نفسه، قال: ولكن يقال: فاظ: إذا مات، قال: ولا يقال: فاض، بالضاد، بتة). وحكى الكسائي، قال الأصمعي: (ولا يقال: فاض الرجل، ولا: فاضت نفسه، إنما يفيض الدمع أو الماء). وقال أبو عبيدة: فاض الرجل يفيض فيضا وفيوضا: مات، وكذلك فاضت نفسه، أي خرجت روحه؛ قال: وهي لغة في تميم. ووافقه الفراء وأبو زيد. * فتوى، وفتيا: اسم من قولهم: أفتاه: إذا أجابه عن

مسألته. وقد استفتيته فأفتاني، أي: استعلمته فأعلمني؛ قال الله عز وجل: {يا أيها الملأ أفتوني}. * فاتور: فاعول: وهو الماء الفاتر. * فتو: جمع فتى. قال سيبويه: (أبدلوا الواو في الجمع والمصدر بدلا شاذا) انتهى كلامه. ويقال أيضا: (فتي)، مثل (عصي)، و (فتية)، و (فتيان)، وقول جذيمة:

في فتو أنا رابئهم من كلال غزوة ماتوا ليت شعري ما أماتهم؟ نحن أدلجنا وهو باتوا * فدوكس: قال الجرمي: اسم رجل. وفدوكس: رهط الأخطل، وهم بنو جشم بن بكر؛ وهذا قريب من قول الجرمي. والفدوكس: الأسد، وعن أبي زيد: هو الغليظ الجافي؛ وعن ثعلب: هو الشديد. * فرجون: فعلول، وهم المحسة. وقد فرجن دابته: إذا حسها. * فردوس: هو البستان الذي يجمع بين جميع الثمار. يقال: هو رومي، وقيل: هو سرياني، وهو عند الفراء عربي. ويؤيد قوله أن فردوس اسم روضة دون اليمامة، وهو غير مصروف؛ للتأنيث والعلمية. وقال الزجاج [88/آ]: لم نجده

في أشعار العرب إلا في بيت لحسان: إن ثواب الله كل موحد جنان من الفردوس فيها يخلد ووزنه: فعلول. * فرزان: قالوا: جمعه (فرازين)؛ ولم يذكروا تفسيره؛ إلا أن بعضهم قال: هو ضرب من الدواب. وقال ثعلب: فرزين ليس من كلام العرب. * فرسن: هو من البعير بمنزلة الحافر من الفرس والقدم من الإنسان، وقد يستعار للشاة. وقيل: هو باطن خف البعير. ووزنه: فعلل، قال ابن السراج: النون فيه زائدة؛ لأنه من

فرس. * فركان: فعلان: اسم موضع. والفركان: الذي تبغضه النساء، من قولهم: فركت المرأة زوجها. * فرنداد: فعنلال: اسم أرض. * فرناس: فعنال، من صفة الأسد. * فطحل: جمل ضخم. والفطحل أيضا: الزمان الذي كانت الحجارة فيه طينا؛ قالوا: وذلك زمن نوح، عليه السلام وعلى محمد؛ قال العجاج:

وقد أتاه زمن الفطحل والصخر مبتل كطين الوحل وقيل: هو زمن لم يخلق بعد. وأما فطحل، بفتح الفاء وإسكان الطاء، فهو اسم رجل؛ قال الشاعر: تباعد مني فطحل إذ رأيته أمين فزاد الله ما بيننا بعدا!! * فطيون: على فعيول، هو اسم رجل طان في يثرب مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مأخوذ من الفطانة. وقيل: هو أعجمي معرب.

* فلز: فعل، وهو جواهر الأرض: كالفضة، والنحاس، والحديد، والرصاص. وقيل: هو خبث ما أذيب من ذلك، [88/ب] وهو ما ينفيه الكير. وقيل: هو نحاس أبيض تتخذ منه الهاوونات. ويقال: الفلز، بضم الفاء اللام. والفلز من الرجال: الغليظ الشديد. وقال بعضهم: الفلز: التبر ما لم يصنع. *فلج: بضم الفاء واللام وتشديد الجيم، فعل، هو اسم للصنف؛ يقال: الناس فلجان: داخل وخارج. * فلنقس: هو الذي أبوه مولى وأمه عربية، عن أبي عبيدة؛ وأنشد:

العبد والهجين والفلنقس ثلاثة فأيهم تلمس والهجين: الذي أبوه عتيق وأمه مولاة، عن أبي الغوث، وقال: الفلنقس: الذي أبواه موليان؛ وأما الذي أبوه مولى وأمه عربية فهو المقرف. * الفيفاء، والفيف: القفر؛ والجمع: الفيافي. وعن الأصمعي أنه في الأصل للمستوي من الأرض.

باب القاف

باب القاف * قاتول: فاعول. يقال: مال قاتول، أي: يقتل عليه صاحبه. ويقال: القتل قاتول، أي: من قتل قتل. * قبيط: فعيل: هو الناظف. ويقال فيه أيضا (قبيطي)، و (قبيطاء)، و (قباط). * قصع: يقال: قصع الجرح بالدم: إذا شرق به. وقصع البعير بجرته: إذا ملأ بها فمه. قال الأصمعي: كل ساد يقصع، ومنه القاصعاء: من أفواه بيت اليربوع، وهو باب يدخل منه، ثم يسده عليه من داخل البيت بالتراب؛ يقال: قصع

اليربوع: إذا فعل ذلك. * قبرة: فعلة: هو طائر معروف؛ ويقال أيضا: قنبرة، وقبر، وقنبر. * قتيتى: على فعيلى، غير مصروف: وهي النميمة. * قثول: هو الشيخ الضخم الثقيل؛ قال: وكان شيخا حمقا قثولا [89/آ] لا ينضج اللحم إذا ما امتلا ويأكل الجلد إذا ما ابتلا ويقال أيضا: (قثول)، بالتاء. * قدوس: بضم القاف وفتحها، لغتان. قال الجرمي: وزعم سيبويه أن من العرب من يقول: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح)، ومن العرب من يقول:

سبوح قدوس؛ فمن قال: سبوح قدوس فهو فعول، وهذا يقول: {الملك القدوس}. وقال أحمد بن يحيى: (كل اسم على فعول فهو مفتوح الأول، مثل: _فود، وكلوب، وسمور، وشبوط، وتنور؛ إلا السبوح والقدوس فإن الضم فيهما أكثر، وقد يفتحان؛ قال: وكذلك الذروح، بالضم، وقد يفتح). وقال صاحب الصحاح: (ليس عند سيبويه فعول بواحدة، قال: وكان يقول: سبوح قدوس، بفتح أوائلهما). قلت: وما أحسب هذا صحيحا عن سيبويه؛ وقراءة

الجماعة: {الملك القدوس}، بالضم. * قدائم: بمعنى قديم. * قدموس: هو القديم أيضا؛ يقال: حسب قدوس. * قذال: هو مؤخر الرأس، وهو معقد العذار من الفرس خلف ناصيته. ويقال: القذالان: جانبا القفا عن يمين وشمال، ويجمع قذال على قذل، وأقذلة. وقذله: ضرب قذاله. * قذعملة: هي الناقة الشديدة، وهي أيضا: القذعميل. ويقال: ما أعطاه قذعملة، أي: ما أعطاه شيئا. وقال صاحب المجمل: القذعملة: الخرقة. * قذاف، وقذف، وقذف: الصحراء. والقذاف أيضا: المنجنيق، وما ترمى به الأحجار.

* قردد: أرض صلبة. * قرطعب: دابة. ويقال: ما في السماء قرطعب، ولا قرطعبة، أي: سحاب. وقال [89/ب] صاحب المجمل: القرطعبة: الخرقة، كما قال في القذعملة. * قراسية: فعالية: وهو العظيم الشديد. * قرشب: ضخم الجسم غليظ. وقال ابن دريد: طويل. * قرطاط: فعلال، برذعة؛ والجمع: قراطيط، ويقال: قرطان، بالنون، أيضا. وقال الخليل: هو الحلس الذي تحت الرحل؛ قال العجاج:

كأنما رحلي والقراططا وهذا على زيادة (ما). والقرطيط: الداهية. وما أصاب قرطيطا، أي: لم ينل شيئا. * قيراط: نصف دانق. والياء فيه مبدلة من الراء؛ والأصل (قراط) يدل على ذلك جمعه على (قراريط). * قرطبوس: فعللول، قال المبرد: هي الناقة العظيمة. * قرطة: جمع قرط، ويجمع أيضا على (قراط)، مثل رمح ورماح. والقرط هو الذي يكون في أذن المرأة. * قرماء: أرض؛ قال بشر بن أبي خازم: على قرماء عالية شواه كأن بياض غرته خمار

ويقال: إن هذا الشعر لسليك السدعي. - قرنبى: دويبة طويلة الرجلين أكبر من الخنفساء بيسير. ومنه قيل للرجل القصير: قرنبى. وفي المثل: (القرنبى في عين أمها حسنة). وقال الشاعر: يدب إلى أحشائها كل ليلة دبيب القرنبى بات يقرو نقا سهلاوزعم سيبويه أنه يقال: قرنبى، بالتنوين، وأبى ذلك غيره وقالوا: ألفه للتأنيث.

* قرناس: بضم القاف، فعلال: وهو ما شخص من الجبل؛ قال الهذلي: في رأس شاهقة أنبوبها خضر دون السماء له في الجو قرناس * قرنفل: وزنه فعنلل، ونونه زائدة لوقوعها في كلمة على خمسة أحرف ثالثة ساكنة، ولا تكون كذلك إلا زائدة. * قرنوة: فعلوة، وهي نبت يدبغ به [90/آ]. * قرواح: فعوال: وهو الفضاء الواسع الذي لا شجر فيه، ولا يختلط بغيره. والماء القراح من هذا وهو الماء الذي لم يخالطه

شيء. وقال أوس: فمن بعقوته كمن بنجوته والمستكن كمن يمشي بقرواح والقرواح أيضا: الناقة الطويلة؛ قال الأصمعي: قلت لأعرابي: ما القرواح؟ فقال: التي كأنها تمشي على أرماح. ونخلة قرواح، أي: طويلة، قال الشاعر: أدين وما ديني عليكم بمغرم ولكن على الشم الجلاد القراوح يعني أنه إنما يقضي دينه من ثمرة نخله. * قريثاء: فعيلاء، ممدود غير مصروف: ضرب من التمر؛ يقال: تمر قريثاء، وكريثاء. * قساور: جمع قسور، وهو من صفات الأسد، مأخوذ من

القسر. * قصوى وقصيا: القاصية البعيدة. * قضو: الجرل: إذا أجاد القضاء. وقولهم: (لقضو الرجل) فيه معنى التعجب، كأنهم يريدون: ما أقضاه!. * قطوطى: فعوعل. وإنما قضوا بأنه فعوعل؛ لأنه ليس في الكلام فعولي وفيه فعوعل كـ (عثوثل). وهو من

قولهم: قطا في مشيه يقطو، واقطوطى، وهو مقاربة الخطو مع النشاط. ومن ذلك رجل قطوان، على فعلان، بتحريك الطاء بالفتح. وقال الجرمي في جميع ذلك: هو البطيء. * قعدد: هو أقعد القوم في الآباء، أي: أقربهم إلى الجد الأكبر، ويقال: هذا أقعد من هذا. وكان عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس يقال له: قعدد بني هاشم. والقعدد أيضا: الضعيف؛ قال الشاعر: دعاني أخي والخيل بيني وبينه فلما دعاني لم يجدني بقعدد [90/ب] ويقال أيضا: (قعدد)، ولم يثبته سيبويه وأثبته الأخفش.

* قلقلته قلقالا وقلقلة: إذا زعزعته. * قلنسوة: فعنلوة، النون والواو فيه زائدتان. ومنهم من يقول: (القلنسية) فيضم القاف ويكسر السين؛ فهاتان لغتان: ضم السين مع فتح القاف، وكسر السين مع ضم القاف وقلب الواو ياء. فإذا جمع فقيه أيضا حذف النون، فيقال (قلاس)، وتحذف الواو لأنها سكنت والتنوين، فحذفت لالتقاء الساكنين، كما في (أدل) و (أحق). وفيه أيضا وجه آخر في

الجمع وهو حذف الواو، فيقال: (قلانس) ويجوز التعويض في الوجهين، فيقال: (قلانيس)، فهذا تعويض من الواو، ويقال: (قلاسي)، فهذا تعويض من النون. وفي تصغيره أيضا أربعة أوجه. (قلنسية)، (وقليسية)، ووجهان في التعويض: (قلينيسة)، و (قليسية) بتشديد الياء. وتقول: قلسيته فتقلسى، وقلنسته فتقلنس. والهاء في هذا الاسم لازمة، كما في (قمحدوة). * قلهى: على فعلى: ماء قريب من مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. * قمحان: فعلان: نبت، وصبغ أحمر، والطيب عند بعضهم، وقيل: الذريرة، والزبد، وقيل: زبد الخمر. وقال الخليل: القمحان: الورس، قال: وهو العصفر. وقال غيره: القمحان: الزعفران.

* قمد: فعل: وهو الغليظ من الرجال، وقيل: القوي الشديد. و (اقمهد) البعير اقمهدادا، بزيادة الهاء: إذا رفع رأسه. * قمحدوة: هي فأس الرأس المشرف على نقرة القفا. * القماص: فعال، بضم القاف وكسرها. وقال الجوهري: (قمص الفرس وغيره يقمص ويقمص قمصا وقماصا، أي: استن، وهو أن يرفع يديه ويطرحهما معا، ويعجن برجليه. يقال هذه دابة فيه قماص. قال: ولا يقال: قماص. وفي المثل: (ما بالعير من قماص)، يضرب لمن ذلك بعد عز) [91/آ]. وكذلك قال ابن قتيبة: قماص؛ بالكسر ولا يقال: قماص، بالضم.

وأورده الزمخشري بالضم في باب الممدود، فقال: (والعلاج كالصوت نحو النزاء ونظيره القماص) وهو صحيح؛ قال صاحب الاقتضاب: (الضم والكسر جائزان؛ ذكر ذلك غير واحد). * قمطر: شديد. يقال: اقمطر الأمر: إذا اشتد. * القمقام: البحر؛ لاجتماع الماء فيه. ومنه: قمقم الله عصبه أي قبضه وجمعه. وقيل للكريم السيد: (قمقام)، تشبيها له بالبحر في سعة العطاء والجود؛ أو لأنه تجتمع إليه الأمور. * قنب: وهو الأبق، عن الجرمي، وهو الذي تفتل منه الحبال، قال زهير: القائد الخيل منكوبا دوابرها قد أحكمت حكمات القد والأبقا

قوله: (والأبقا) معطوف على (حكمات القد)، أي: أحكمت الخيل حكمات القد. ويقال له أيضا: القنف، والقنف أيضا: الغرين، وقد مضى ذكره. * قندأو: فنعلو: وهو الغليظ القصير، والعظيم الرأس أيضا. * قنديل: فعليل. قال أبو عمرو وأبو زيد: القندل: العظيم الرأس، والقنديل مأخوذ من ذلك و (القندويل) أيضا العظيم الرأس. * قنفخر: ضخم الجثة. ونونه زائدة لقولهم فيه (قفاخر)،

(وقفاخري). والقنفخر أيضا: الناعم، والشيء الرائع. * قنعاس: هو الشديد، والجمع: قناعيس، قال جرير: وابن اللبون إذا ما لز في قرن لم يستطع صولة البزل القناعيس * قوباء: ومنهم من يقول: (قوباء) فيسكن الواو ويصرفه؛ ويجعله ملحقا بقرطاس. وتصغيره على التحريك: (قويباء)، وعلى التسكين: (قويبي)؛ لأن الياء للإلحاق، والهمزة بدل منها. [91/ب]. قال ابن السكيت: ليس في العربية فعلاء، بسكون العين وضم الفاء والمد، إلا حرفان: (قوباء)، (وخشاء): وهو

العظم الناتيء خلف الأذن؛ قال: والأثل فيهما التحريك: (قوباء)، و (خششاء). والقوباء: الحزاز. * قهلبس: مثل جحمرش: هو الذكر. * قيقاء: هو المكان المرتفع المنقاد المحدودب، والجمع: قواق. وهو فعلاء مصروف ملحق بـ (سرداح)، لأنه لا يكون فعلاء في الكلام. و (قيقاء) مثل (زيزاء) والهمزة فيه مبدلة من ياء، والياء الأولى مبدلة من واو؛ يدل على ذلك قولهم في جمعه: (قواق)؛ وقد يجمع على اللفظ فيقال: (قياق)، قال الراجز: إذا تمطين على القياقي لا قين منه أذني عناق

فإن قيل: فهلا جعلوه (فعلالا)، قيل: منع من ذلك أن فعلالا ليس في الكلام إلا أن يكون مصدرا، كالزلزال. وقال التوزي في جمعه: (القياقي)، بالتشديد. وقال غيره: (القياقي)، بالتخفيف. وقال رؤبة: واستن أعراف السفا على القيق فجمع قيقاءة على (قيق)، وكأنه أخرجه على جمع قيقة. واستن: سلك سننا واحدا. والسفا: شوك البهمى. * قيقبان: فيعلان: وهو شجر.

باب الكاف

باب الكاف *كاهل: هو ما بين الكتفين، ويقال له: الحارك. * كديون: قال الجرمي: هو الزيت، وقال غيره: عكر الزيت، وقيل: هو دقاق التراب عليك عكر الزيت تجلى به الدروع، قال النابغة: علين بكديون وأبطن كرة فهن وضاء صافيات الفلائل الكرة، بالضم: وهو البعر العفن. ويروى:

طلين بكديون وأشعرن كرة فهن إضاء ... ... ... ... وقيل الكديون: التراب الدقيق؛ وأنشدوا: تطهرت بالكديون كيلا تفوتني صلاة مناد آخر الليل ناعق [92/آ] يورى (ناعق) بالنون، و (باعق)، بالباء. وكديون: فعيول، وهذا المثال قليل. وذاكر أبو علي المتنبي فيما جاء على (فعيول) فذكر أبو علي من ذلك ما ذكر؛ فقال المتنبي: و (كسيون)، وهو موضع؛ فقال أبو علي: من حكاه؟ فكست أبو الطيب. والناس يقولون: (كسيون) بكسر الكاف وضم الياء؛ والذي قال أبو الطيب أصوب؛

لأن (فعيولا) بكسر الفاء، وضم الياء لا يوجد. و (كديون) نهر بناحية الإسكندرية. * كذاب: عرق متصل بالنفس، والعرب تسمي النفس: الكذوب. وقال الأخفش، في قول عمر- رضي الله عنه-: (كذب عليكم الحج): أي: وجب؛ الحج مرفوع بـ (كذب)، ومعناه نصب؛ لأنه يريد أن يأمر بالحج، كما يقال: أمكنك الصيد، تريد: ارمه. * وقال ابن السكيت: كذب ههنا إغراء، أي: عليكم به، وهي كلمة نادرة جاءت على غير القياس. * كرياس: فعيال: وهو الكنيف على السطح، والجمع: الكراييس.

* كرا، في قولهم: (أطرق كرا): قال بعض أهل اللغة: هو الذكر من الكروان، والأثنى كروان، فجمع (كرا) على (كروان) كجمع (برق) - وهو الحمل- على (برقان)، وجمع فعل على فعلان شاذ، نحو: (حمل) و (حملان). فإن قلت: فعلى أي شيء جمعوا الأنثى التي هي كروان؟ فقد قيل: إنهم جمعوه أيضا على (كروان)، فهو أبلغ في الشذوذ من جمع (كرا)؛ وكأنهم جمعوه على طرح الألف والنون منه. قال هؤلاء: وأما قولهم: أطرق كرا أطرق كرا؛ فإنهم إذا

أرادوا صيده قالوا: أطرق كرا أطرق كرا إن النعام في القرى وقال غير هؤلاء: واحد الكروان [92/ب] كروان لا غير؛ وكروان يكون للذكر والأنثى، كما قالوا: عقاب للذكر والأنثى وأما قولهم: (أطرق كرا أطرق كرا) فهو ترخيم كروان؛ وهو مثل يضرب لمن يتكلم في الأمر بحضرة من هو أعلم به منه، فيؤمر بالسكوت، وفيه على هذا شذوذ من وجهين: أحدهما: أنه رخمه، وليس بعلم.

والثاني: أنه حذف حرف النداء عنه. فإن قيل: فعلى أي اللغتين رخمه؟ قلت: على لغة من قال: (يا حار)، بالضم كأنه قال: (يا كرو)؛ فقلبت الواو ألفا لتحريكها وانفتاح ما قبلها؛ ولو كان على لغة من قال: (يا حار) لقيل: (يا كرو)، ولم تقلب الواو ألفا؛ لأن الفتحة حصنتها عن القلب، كما أن الألف في (كروان) حصنته عن القلب، لأنهم لو قلبوه لاجتمع ألفان، فيلزم حذف إحداهما، فيصير (كران)، فيصير مثل (زمان)؛ فصحت الواو مع الفتحة لدلالتها على الألف، والألف مرادة، والمراد كالمنطوق به. * كروس: فعول: وهو الرجل العظيم الرأس. * كلوب: هو المنشال، وقالوا للمهماز أيضا: كلوب. * كعسب: معناه: أسرع. * كلاء: هو الذي تحبس فيه السفن.

* كمرى: بكسر الكاف والميم وتشديد الراء: العظيم الكمرة؛ ذكر ذلك الجرمي وابن السراج. وقال ابن دريد: هو القصير، وأنشد: قد أرسلت في عيرها الكمرى * كمثرى: فعلى. قال الأصمعي: كمثراة وكمثرى، منون؛ وأنشد: أكمثرى يزيد الحلق خنقا أحب إليك أم تين نضيج وقال أبو حاتم: وقوم يزعمون أنه كمثرى، ولا يجوز فيه غير التخفيف. قال الأصمعي: وقيل لابن ميادة: الكمثرى؛ فلم يعرفه [93/آ] لأنه أعرابي؛ قم فكر فقال: ما لهم- قاتلهم الله- يقولون:

الأكم أثرى؟ ليست- والله- بأثرى، ولا كرامة. والأكم: المرتفعات من الأرض. وقيل: ليس هو بعربي أصيل، ولكنه معرب. وإذا قيل: كمثراة، فالألف ليست للتأنيث. وقد قيل: إنه (فعلى)، وهذا بناء غريب. وعن بعض أهل اللغة: الكمثرة: تزاحم الأجرام؛ فعلى هذا يكون عربيا إن كان الكمثرى من ذلك. * كنتأل: أي قصير، والنون زائدة. * كميت: تصغير (أكمت) في التقدير، مثل زهير تصغير

أزهر. وقيل: هو فارسي معرب. وفي هذا كلام، وقد ذكرناه في تنوير الدياجي. * كماش: جمع كمشة: وهي الناقة الصغيرة الضرع. * كنأبيل: موضع، قال ابن مقبل: دعتنا بكهف من كنأبيل دعوة على عجل دهماء والركب رائح * كندأو: فنعلو: وهو الجمل الغليظ.* كنثأو: مثل (كندأو) في زنته: وهو الوافر اللحية. وقالوا: لحية كنثأو، وقد كثأت لحيته، عن أبي عبيدة قال: وأنت امرؤ قد كثأت لك لحية كأنك منها قاعد في جوالق

* كناز: يقال: ناقة كناز، أي: كثيرة اللحم. * كنهبل: بضم الباء وفتحها: شجر، ووزنه: فنعلل. ودل على زيادة نونه قولهم فيه: (كهبل). * كود: مصدر كدت أكاد كودا، مثل أخاف خوفا، ويقال: كدت أكاد كيدا، والمعنى واحد. * كوألل: أي قصير: قال العجاج: ليس بزميل ولا كوألل ووزنه: فوعلل. * كيذبان: هو الكذاب.

* كيصى: روى ثعلب: كيصى بالتنوين، وهو الذي يأكل وحده؛ وقد كاص طعامه: إذا أكله وحده. وقال غيره: كيصى: فعلى، بغير تنوين، ولم يأت صفة إلا هذا الحرف وحده، نون أو لم ينون. [93/ب].

باب اللام

باب اللام * لبادى طائر يلصق بالأرض، ولا يطير حتى يطار؛ وهو من قولهم: تلبد الطائر بالأرض: إذا لصق بها. * لبدى: على فعلى، قال الجرمي: هو دابة. * لاث: الشيء: إذا أداره. ولاث به، أي: أحاط به؛ قال الشاعر: لاث به الأشاء والعبري أي: (لائث)، وإنما قلبه. والأشاء: صغار النخل.

والعبري: السدر النابت على الأنهار. * لححت عينه: التصقت. وهو ابن عمه لحا، أي: لاصق النسب به. * لغيزى: من جحرة اليربوع الذي يعوجه بحيث لا يهتدى إليه. وكذلك كل كلام غير واضح ولا مستقيم يشبه بذلك فيقال فيه: (لغيزى).

باب الميم

باب الميم * ماجج: اسم موضع. * مارستان، بفتح الراء: بيت المرضى، عن ابن السكيت. وهو معرب. * محلب، بفتح الميم: هو الذي يدخل في الطيب. قال الجرمي: سمعت يونس بن حبيب أبا عبد الرحمن يقول: (إذا أردت الطيب فهو (المحلب) بفتح الميم، وإذا أردت الذي يحلب فيه فهو (محلب) بالكسر). * محضير: هو السريع من الدواب. * مخدع: قال الجرمي: سمعت أبا زيد يقول:

(مصحف)، ومطرف، ومخدع، ومغزل بالضم، قال: ومن العرب من يقول: مطرف، ومخدع، ومصحف، ومغزل بكسر الميم في الجميع). والمطرف واحد المطارف: وهي أردية من الخز مربعة ولها أعلام. قال الفراء: الأصل فيه الضم؛ لأنه من أطرف، أي: جعل في طرفيه العلمان ولكنهم استثقلوا الضم فكسروه. * مدق: قال الجرمي: سمعت أبا عبيدة يقول: مدق، ومسعط، ومنخل، ومنصل؛ قال: وسمعت أبا عبيدة يقول: منصل، بضم الصاد وفتحها؛ وأنشد: ... ... ... وأحمي سائري بالمنصل قال: ويرويه [94/آ] بعضهم: بالمنصل.

* مخراق: هو منديل يلف ويضرب به؛ قال عمرو بن كلثوم: كأن سيوفنا منا ومنهم مخاريق بأيدي لاعبينا وعن علي- عليه السلام-: (البرق مخاريق الملائكة). وفلان مخراق حرب، أي: يخف فيها؛ قال الشاعر: وأكثر ناشئا مخراق حرب يعين على السيادة أو يسود * مدين: مفعل، الميم فيه زائدة، ولا تكون أصلا؛ إذ ليس في كلامهم (فعيل)، وكذلك الحكم في (مريم) على قياس

العربية. * مرعز: مفعل، ومرعزى: مفعلى، ومقصور غير مصروف، وألفه للتأنيث. وقال الجرمي: سمعت الأصمعي يقول فيه لغة أخرى: (مرعزاء)، بالتخفيف والمد؛ قال الجرمي: وزعم غيره أنهم يقولون: (مرعز)، فيحذفون ألف التأنيث؛ وذكر سيبويه المرعزى في الأسماء وفي الصفات؛ فأما كونه اسما فظاهر، وأما كونه صفة فإنما يوصف به على معنى لين، فيقال: هذا كساء مرعزى، أي: ليسن؛ وهذا قلته على الظن، والله أعلم. * مرحيا: زجر في الرمي، وهو على فعليا، مقصور غير منون. ومعنى: (زجر في الرمي): أنك تراه على هيئة من يصيب الغرض ولا يخطئ؛ لما تراه من جودة جذبه وتمكنه

فتزجر أنه يصيب فتقول مرحيا، أي: يصيب. و (مرحيا) أيضا: موضع. * مرمريس: قال الجرمي: قال سيبويه: إنها من المراسة، والميم والراء الأوليان زائدتان، ووزنه: فعفعيل، كررت فيه الفاء والعين. قال الجرمي- وكذلك قال محمد بن السري-: هو من المراسة. وهو من أسماء الداهية، ويقال: داهية مرمريس. والمرمريس أيضا: الأملس. * مريق: فعيل: وهو العصفر؛ و (فعيل) عندهم غريب. قال الجرمي: زعم أبو الخطاب [49/ب] أنهم يقولون: (مريق)، للعصفر، قال: وقد قرئ هذا الحرف {دريء} على وجوه: فمن ضمه لم يهمز ونسبه إلى الدر؛ ومن قال:

(دريء) فهو مثل (سكين) و (بطيخ)؛ قال: وزعم سيبويه أن قوما يقولون: (دريء) فيضمون ويهمزون؛ ولم أر ذلك معروفا، قال: فإن صحت فهي مثل مريق. قلت: قد صحت، وهي قراءة عاصم من رواية أبي بكر عنه، وهي قراءة حمزة أيضا؛ وسيبويه أعلم منه. * مرطى: ضرب من السير السريع. ولا يكون فعلى إلا وألفه للتأنيث لأن الاسم لا يتوالى فيه أربع متحركات، بل لابد أن يتخللها ساكن تخفيفا؛ فإن رأيت ذلك فهو محذوف، وقد سبق هذا في باب العين. وعن أبي عبيدة: ناقة مرطى، أي: سريعة. وأما (المريطاء) فايم لما بين السرة إلى العانة، وهو من

المصغر الذي لا مكبر له، وهو ممدود، حكى مده الأصمعي؛ وكأنه مأخوذ من تمرط الشعر: وهو تساقطه. * مرزجوش، ومردقوش: واحد: وهو النبات الطيب الريح، ويسمى العنقز. وهو فارسي، أصله: (مردكوش)، بضم الميم، أي: ميت الأذن، لرخاوة ورقه؛ فلما عربوه فتحوا الميم؛ قال ابن مقبل: يعلون بالمردقوش الورد ضاحية على سعابيب ماء الضالة اللجز ويروى بخفض الورد على أنه نعت للمردقوش؛ لأنه إذا بلغ احمرت أوراقه، ويروى بالفتح، أي: إن المردقوش يعلو الورد،

أي: يجعلونه فوقه. قال الأصمعي: ويقال: فوه يجري سعابيب: وهو أن يجري منه ماء صاف فيه تمدد. واللجز واللزج واحد. وقال الأعشى: لنا جلسان عندها وبنفسج وسيسنبر والمرزجوش منمنما [95/آ] والجلسان، قيل: هو الوردـ، وقيل الجلسان: قبة تصنع وتكسى بالورد؛ وهو فارسي الأصل. * مزاء: نوع من الأشربة؛ قال: بئس الصحاة وبئس الشرب شربهم إذا جرت فيهم المزاء والسكر وقيل: هو من أسماء الخمر. وهو في الأصل (فعلاء)، وإنما

أسكنت عينه للإدغام. وغنما قلنا ذلك؛ لأنه ليس في العربية (فعلاء) وقال قوم: هو (فعال)، ولا يصح؛ لأنه من المز، ولا همزة فيه. * مزرعة: قال الجرمي: يقال: (مزرعة) بضم الراء، و (مشرعة) و (مشربة)، و (مقبرة)؛ قال: والفتح في هذا كله جائز؛ قال: وقالوا: (مسربة) بالضم لا غير، وهو خط الشعر على الصدر، والهاء لازمة لـ (مفعلة).

* مستقة: بفتح التاء وبضمها، والجمع: المساتق: وهي فراء طوال الأكمام، عن أبي عبيدة؛ وأصلها بالفارسية (مشته). وفي الحديث: (أن عمر- رضي الله عنه- كان يصلي وعليه مستقة)، وعن أنس: (أن ملك الروم أهدى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقة). وقال: إذا لبست مساتقها غني فيا ويح المساتق ما لقينا وقال النضر: هي الجبة الواسعة. * مشريق الباب: الموضع الذي تدخل منه الشمس، عن ابن

قتيبة. - مصطكى بضم الميم مقصور. وقال ابن الأنباري: هو ممدود، وهو دخيل في العربية، قال الأغلب: فشام فيها مثل محراث الغضا تقذف عيناه بمثل المصطكى وقال الكسائي: هو المصطكى، بضم الميم. وقال ابن خالويه: إذا شددته قصرت، وإذا خففته مددت. * مضوض: أي: مصوت، والضوضاء: أصوات الناس والجلبة؛ غير مهموز. * مطعن: هو الكثير الطعن، عن الجرمي؛ وكذلك مدعس. وقال غيره: الطعن والمدعس: الذي يطعن به.

* معد: هو موضع دفتي السرج من الفرس؛ واسم الرجل منقول من ذلك فيما أظن. * معلوجاء ومشيوخاء: جماعة العلوج والشيوخ، فهاتان صفتان [95/ب]، والمعيوراء: اسم وهو مجتمع الأعيار. * معلوق: هو المعلاق. ولم يأت على (مفعول) إلا هذا وثلاثة أحرف أخر أذكرها فيما بعد إن شاء الله عز وجل. قال الجرمي: شبهوا الميم بالهمزة؛ لأنهم يقولون: أفعول مثل أسلوب، وقال: مفعال؛ لأنهم يقولون: (إفعال)؛ وقالوا: (مفعيل)؛ لأنهم يقولون: (إفعيل)، فالميم والهمزة متآخيان في أول الكلمة، ولا يكادان

يزادان في غير الأوائل إلا قليلا. * مغاريد: جمع (مغرود) وهو ضرب من الكمأة أسود صغير، وهو أحد الحروف التي سبق الوعد بذكرها. والآخر: (مغفور): وهو ضرب من الصمغ؛ وفي الحديث: (يا رسول الله أكلت مغافير؟). والثالث: (منخور)، في منخر الإنسان؛ فهذه أربعة أحرف جاءت على (مفعول) لم يأت سواها زفي المغاريد يقول الشاعر: يا حبذا البدو والروض العميم به وولدة الحي يجنون المغاريدا وهو (الغرد) أيضا، بفتح الغين، عن الفراء، والجمع

(غردة)، مثل جبء وجبأة، وقال الكسائي: غرد وغردة مثل قرد وقردة، وقال الشاعر: ينفي الحصى زيما أطراف سنبكها نفي الغراب بأعلى أنفه الغرده * مفاريص: جمع مفراص: وهو الذي يقطع به الفضة، وهو (المفرص) أيضا، والفرص: القطع؛ قال الأعشي: وأدفع عن أعراضكم وأعيركم لسانا كمفراص الخفاجي منحبا والفرصة: النوبة. وهم يتفارصون شربهم: إذا كانوا

يتناوبون. وانتهز الفرصة، من ذلك. * مقبض: بفتح الميم وكسر الباء: الموضع الذي يقبض عليه الكف من القوس والسيف. وقد أقبضت القوس والسيف: جعلت لهما مقبضا. * مقنع: بفتح الميم، يقال: رجل مقنع، أي: يقنع بقوله ويرضى به. * مكوزة: اسم علم؛ قال سيبويه [96/آ]: (ومكوزة ومزيد جاءا على الأصل وإن كانا اسمين، وليس بمطرد). ومعنى قوله هذا أنهم أجروا مفعلا مجرى يفعل في الإعلال، فيعل كما

يعل يفعل؛ وذلك نحو: مخافة، أعل لأنه مثل يخاف، وكذلك مقال، ومقام، ومثابة، ومنارة؛ لأن (مفعل) مثل (يفعل) ليس بينهما إلا الميم موضع الياء فيعل المصدر واسم المكان واسم الزمان كما يعل الفعل. ثم إن سيبويه قال: (كل ما كان من الأسماء التي أولها زوائد تفصل بينها وبين الأفعال، وهي على وزن الأفعال، فإنها تعل كما تعل الأفعال)؛ فمكوزة على هذا على غير القياس، لو جاء على القياس لقيل: مكازة، كما قيل: مقامة. وقال أبو العباس محمد: (مزيد إذا كان اسما لرجل، ولم

يرد به الإجراء على الفعل كما يكون المصدر وما يشتق منه اسما للمكان والزمان، فحقه ألا يعل وأن يصح؛ لأنه إنما يعل مادام يناسب الفعل بأنه مصدر للفعل، أو مكان للفعل، أو زمان له؛ فإذا بعد من هذه الأمور لم يجز أن يعل إلا كما يعل سائر الأسماء). وهذا الذي قاله أبو العباس هو الذي علل به سيبويه مجيئ (مكوزة) و (مزيد) على الأصل. كأن سيبويه يقول: القياس الإعلال، وغنما صححوا مثل هذا لأنه اسم؛ يدل على ذلك أن سيبويه قال: (وقالوا: محبب، ألزموه الأصل حيث كان اسما كمورق). فإن كان الاسم على وزن الفعل، ولم يكن فيه ما يفرق بينه وبين الفعل صح، نحو قولك: هو (أقول) القوم و (أبيعهم)؛ لأنه لو أعلوه لقالوا: (أقال) و (أباع)؛ فلم يكن بينه وبين الفعل فرق، وكذلك في التعجب، نحو: (ما أقوله) و (أقول) به؛ لأن

معناه معنى أفعل التفضيل، ولأنه لا يتصرف تصرف الأفعال، فأشبه الأسماء. *مكرم ومعون: رواهما الكسائي، وأنشد: ليوم روع وفعال مكرم وقول جميل: [96/ب] بثين الزمي (لا) إن (لا) إن لزمته على كثرة الواشين أي معون وقال: المكرم والمكرمة والمعون والمعونة. وليس في أبنية الكلام مفعل إلا في قول الكسائي هذا، وإنما الكلام مفعلة.

وقال الفراء: إنما مكرم ومعون جمع مكرمة ومعونة. * مكورى: قال أبو عمرو: هو عيب يكون في الدواب. وقال غيره: (هو العظيم الروثة من الدواب، يعني روثة الأنف وقيل: هو العظيم روثة الأنف، من الرجال، مأخوذ من (الكارة)؛ لأنها كأنها مكررة، والروثة ههنا: طرف الأرنبة). * ملامأن وملكعان: قال الجرمي: يقولون: هذا مكرمان مقبلا، وملأمان ذاهبا، وملكعان قاعدا؛ قال: فيجعلونه معرفة ولا يصرفونه ويجرونه مجرى الأسماء، وكان أصله الوصف. وقال: لا نعلم أحدا من العرب يقول: هذا رجل مكرمان يا فتى، كلهم يجعله اسما ولا يجعله وصفا، وكان أصله الوصف، ولكنه

أزيل عن وجهه، وألزم طريقة الأسماء. قال: ولا ننكر أن يحمله بعض العرب على أصله فيجعله وصفا، ولكن لم نسمعه. * منجنيق: وزنه عند سيبويه. فنعليل كـ (عنتريس)، وفيه زيادتان: النون والياء، وهو عنده من الأسماء الرباعية التي لحقتها الزيادة. ودليل الزيادة النون جمعه على (مجانيق)؛ وإذا ثبتت زيادة النون وقع القطع بأصالة الميم، من قبل أنه لا تجتمع في أول كلمة زيادتان إلا في الأسماء الجارية على أفعالها، ولا يصح أن يكون الميم والنون أصليين؛ لأن بنات الأربعة لا تلحقها الزيادة في أولها إلا ما جرى على الفعل من الأسماء؛ ولأنهما لو كانا أصليين لصار الاسم [97/آ] بذلك خماسياً مثل

(عندليب) و (سلسبيل)؛ والخماسي لا يكسر، وإن كسر على استكراه وجب حذف الياء والقاف من آخره، فيقال: (مناجن)، أو (مناجين) على التعويض إن عوض؛ كما يقال في: (عندليب): (عنادل)، و (عناديل)؛ فإن حذفت النون وأبقيت القاف، على بعده في القياس، لبعد النون من الطرف، قلت: (مناجق) و (مناجيق)، كما قالوا: (فرازق) و (فرازيق). وقال أبو عثمان المازني: الميم أصلية والنون زائدة؛ لقولهم في الجمع: (مجانيق)، فسقوط النون في الحكم كسقوط الياء في (عيضموز)، إذ قالوا في جمعه: (عضاميز). وقال قوم: الميم في (منجنيق) زائدة؛ لأن أبا عبيدة قال: سألت أعرابيا عن حروب كانت بينهم، فقال: كانت بيننا حروب عون تفقأ فيها العيون، مرة نجنق وأخرى نرشق؛ قالوا: فقوله:

(نجنق) فيه دليل على زيادة الميم، ولو كانت أصلية لقال: نمجنق. وأقول: إنه لا دليل في ذلك؛ لأنهم إذا تكلموا بالأعجمي خلطوا فيه. وقال قوم: الميم والنون فيه أصليتان. وعن الفراء: (منجنوق)؛ وحكى غيره: (منجليق). وقال قوم: (منجنيق)، بكسر الميم التي فتحها الآخرون. وإنما قال سيبويه: إنه (فنعليل) على ما يقتضيه القياس أن لو كان عربيا. وهو أعجمي، يقال: إن أصله، بالفارسية: (من جي نيك)، ومعناه: ما أجودني! [97/ب] والمنجنيق مؤنثة؛ قال الشاعر: لقد تركتني منجنيق ابن بحدل أحيد من العصفور حين يطير

* منجنون: الدولاب التي يستقى بها، وهي المحالة التي يسنى عليها وهي مؤنثة؛ وتقديرها: (فعللول)، والميم أصلية لأن جمعه (مناجين)، وفيما أنشده الأصمعي: ومنجنون كالأتان الفارق والأتان الفارق: التي تند إذا أصابها المخاض، وكذلك الناقة الفارق، والجمع: (فوارق). * منكب: رجل منكب، بفتح الميم وكسر الكاف؛ قال الجرمي: هو الذي يكون على عدة عرائف وعرفاء. والعرفاء: جمع عريف، والعرائف، يريد به جمع عريفة. وقال غير

الجرمي: هو عون العريف. * مهى: جمع (مهاة) وهو ماء الفحل. وأصل (ماء): (موه)، قلبت واوه ألفا، وقلبت هاؤه همزة؛ وهذا مما جمع فيه إعلال العين واللام، فـ (مهى) على هذا مقلوب. ولم يذكره أبو علي على طريق القلب، إنما ذكره على أنه (فعلة)، ولهذا ضم إليه (طلاة) و (طلى) فكما أن طلاة غير مقلوب فكذلك (مهاة)، فتكون على هذا من قولهم: لبن (مهو): إذا كان رقيقا، وأمهيت الحديدة: إذا حددتها، فكأنك سقيتها ماء من أجله حدت، وكذلك أمهيت الفرس: إذا أجريته كأنك سقيت شعره أو سرجه أو ما عليه أو الأرض من عرقه. والمهو: السف الرقيق؛ قال صخر الغي:

. ... ... أبيض مهو في متنه ربد والربد: فرند السيف: وهو الذي يرى في متنه كأنه غبار؛ والألف في مهاة على هذا منقلبة عن واو. * مهرق: صحيفة، والجمع: مهارق؛ قال الشاعر [98/آ]: ... .... ... ... ... لآل أسماء مثل المهرق البالي وهو معرب، وأصله في الفارسية: (مهره). وقال أبو زكرياء: المهارق: القراطيس التي يكتب فيها، وأصلها فارسي، قال: وقالوا: هي خرق كانت تصقل

ويكتب فيها، وأصلها: (مهركرده)، أي: صقلت بالخرز. * موسى: صلى الله على محمد، وعلى موسى، وعلى جميع الأنبياء أصله: (موشا)، وهو عبراني، أي: ماء وشجر؛ لأنه التقط في النيل بين الشجر؛ فـ (مو) هو الماء، و (شا) هو الشجر. وعن أبي العلاء بن سليمان: لا أعلمه سمي به في الجاهلية، إنما حدث هذا في الإسلام، فسموا موسى ولم يعنوا إلا اسم موسى عليه السلام لا موسى الحديد، وهو كعيسى. وأما موسى الحديد، فقال الجرمي: سمعت أبا زيد يروي عن العرب: هذه موسى خذمة، وهي (مفعل)؛ ولو كانت الميم أصلية لم ينصرف؛ لأن (فعلى) في جميع الكلام غير

مصروف في معرفة ولا نكرة، نحو: حبلى وأنثى؛ قال: فصرف العرب يدل على أن الميم زائدة، قال: وأما موسى، اسم الرجل، فهو أعجمي لا ينصرف.

باب النون

باب النون * نافقاء: من جحرة اليربوع، يحفره غير نافذ، ويعده للهرب؛ فإذا أحس بمن يريده خرقه برأسه وخرج منه. *ناموس: أصله من نمس الكلام: إذا أخفاه؛ ولذلك قيل لجبريل- عليه السلام- (الناموس الأكبر). والناموس أيضا: بيت القانص يخفي فيه نفسه. والناموس أيضا: هذا الذي كالذر يؤذي الناس. * نتر طعن: هو جذب في جفوة، وطعن نتر، أي: خلس. * نجبة: مثل حلمة: الرجل النجيب. يقال: فلان نجبت قومه. والنجيب: الكريم. فإذا انفرد بالنجابة من بينهم قيل: هو نجبة قومه. وأنجب الرجل: إذا ولد له نجيب؛ وامرأة منجبة ومنجاب: تلد النجباء، ونساء مناجيب. [98/ب].

* نخورش: فعولل؛ قالوا: جرو نخورش: إذا خرش وخدش. * ندس وندس: عالم بالأخبار. * نرجس: نفعل. قال أبو عثمان: النون زائدة؛ لأنه ليس في الكلام فعلل. وقال بعضهم: (نرجس)، وهي أيضا في ذلك زائدة، وإن كان مثل (زبرج)؛ لأنه لا يكون زائدا مرة وأصلا مرة أخرى في الكلمة الواحدة.

* نساف: طائر له منقار كبير، عن ابن الأعرابي، وإنما أراد بقوله: (ذو منقار كبير) أن معه آلة النسف؛ يقال: انتسفت الشيء: إذا اقتلعته. * نفرج: نفعل: وهو الذي يكشف فرجه. ويقال: نفرجة أيضا، عن أبي زيد. وإنما قلنا: إنه (نفعل)، ولم نقل: إنه (فعلل) مثل زبرج؛ لأن الاشتقاق دل على زيادة النون؛ لأنه من (الفرج)؛ لأن النون متى وقعت في كلمة، وتلك الكلمة على زنة الأصول قضي بأصالتها

إلا أن يقوم على الزيادة دليل؛ وإن لم تكن الكلمة بها على زنة الأصول فهي فيها زائدة. مثال ذلك أنهم قضوا بأصالة النون في (عنتر) لأنها بإزاء العين في (جعفر)، وكذلك هي في (حنزقر) أصل؛ لأنها بإزاء الراء من (جردحل). قال سيبويه: (ومتى كانت النون ثانية ساكنة لم تجعل زائدة إلا بثبت) وكما قضوا في نون (قنفخر) بالزيادة لقولهم في معناها: امرأة (قفاخرية): وهي النبيلة من النساء. وكذلك ذهبوا إلى زيادتها في (نبراس)، كأنهم رجعوا فيه إلى البرس، وهو القطن؛ لأن الذبالة تكون منه. وإذا كانت النون ثالثة ساكنة في كلمة خماسية فهي زائدة، نحو نون (قرنفل)،

و (سلنطى)، و (بلندح)، وقد سبق تفسير هذه الكلمات. * نفيان: ما نفاه السيل من الماء [99/آ] وكذلك النفي. * نقيري: مثل فعيلى: لعبة للصبيان. * نهشل: هو الذئب، والشيخ الكبير. وهو فعلل، والنون فيه أصل؛ لأنها بإزاء الجيم من جعفر؛ ولقولهم: نهشلت، المرأة: إذا أسنت. * نملى: على وزن فعلى: اسم ماء. وقد ذكره سيبويه في الأسماء، وذكره غيره في الصفات، وقال: يقال: امرأة نملى للكثيرة الحركة.

وقال الجرمي: نملى: ماء بقرب المدينة على ساكنها السلام. * نيدلان: بضم الدال وفتحها: هو الكابوس، وهو الجاثوم أيضا. وقالوا فيه: (نئدلان) أيضا، فالهمزة فيه زائدة؛ دل على زيادتها قولهم: (نيدلان)، ووزن (نيدلان): فيعلان؛ وقال الشاعر: نفرجة القلب قليل ما النيل يلقى عليه النيدلان بالليل

* نيرج: هو الذي يدرس به الحب، ويكون من حديد ومن خشب. وأهل اليمن يقولون له: (نورج)، قال: عيرانة حرف تصر نيوبها في الناجيات كما يصر النورج وقال آخر: ألا ليت لي نجدا وطيب ترابها وهذا الذي تجري عليه النوارج و (النيرج) أيضا: ضرب من الوشي. و (النيرج): السرعة؛ يقال: عدت الوحش عدوا نيرجا: إذا أسرعت في تردد. وعن الليث: (النيرج):

أخذ كالسحر وليس به، وإنما هو تشبيه وتلبيس. وهذا كله ليس بأصل في العربية؛ لأن النون والراء لا تكونان في اسم عربي فاء وعينا نحو (نرج). وقولهم: الثياب النرسية، إنما هي منسوبة إلى قرية [99/ب] من قرى العراق يقال لها: (نرس)، وهي تعمل فيها. ويقول أهل الكوفة: الزبد بالنرسيان، يضربونه مثلا فيما يستطاب، كما يقول أهل الشام: التين بالزيت. و (النرسيان): تمر بالكوفة، الواحدة: (نرسيانة). وعن الأصمعي: قيل لأعرابي: ما رأيك في الجري؟ فقال: تمرة نرسيانة، غراء الطرف، صفراء السائر، عليها مثلها زبد أحب إلي.

باب الهاء

باب الهاء * هبرية وهبارية: على فعالية: حزاز يكون في الرأس. ويقال: أيضا: همارية؛ كأنهما لغتان، مثل: طين (لازم) (ولازب)، و (موماة) و (بوباة). والهبارية أيضا: الريح المغبرة ذات التراب. * هبر: فعل: وهو البعير الكثير اللحم، والناقة: هبرة. * هبيخ: فعيل، قال الجرمي: هو الوادي العظيم، قالوا: أيضا: (هبيغ). وقال غيره: (الهبيخ) عند أهل اليمن: الغلام، و

(الهبيخة): الجارية. ويقال هي المرأة المرضع. وامرأة (هبيغة)، بالغين: لا ترد يد لامس. و (الهبيخ) أيضا: الأحمق المسترخي. و (الهبيخي): مشية فيها تبختر؛ قال صاحب المجمل: (وسمعت فيها الهبيخة). وقيل: (الهبيخ) الغلام الممتلئ، و (الهبيخة) الجارية الممتلئة. * هبي: فعل: هو الغلام، والهبية: الجارية. * هبلع: هو عند أكثر النحاة: (فعلل)، وهو عند أبي الحسن: (هفعل)؛ لأن [100/آ] الهبله هو الأكول، فهو من البلع. وإنما صار النحاة إلى أن الهاء فيه أصل؛ لأن زيادتها في هذا الموضع تقل. وقال أبو الفتح: (ولست أرى بمذهب أبي الحسن

بأسا؛ لأن الدلالة إذا قامت فلا يلتفت بعد ذلك إلى خلاف أو وفاق؛ وإنما سبيلك أن تتعجب من عدول من عدل عنها. ألا ترى أنهم قضوا بزيادة اللام في (هنالك) و (ذلك) و (عبدل) وإن لم تكثر نظائر هذا. قال جرير: وضع الخزير فقيل: أين مجاشع؟ فشحا جحافله جراف هبلع ويجوز- والله أعلم- أن يكون (هبلع) من قولهم: ذئب هلع بلع؛ والهلع بمعنى الحريص الشره، والبلع من الابتلاع، فيكون (هبلع) مركبا من هذين. * هبنقة: يقال: أحمق من (هبنقة)، وهو يزيد بن ثروان،

أحد بني قيس بن نعامة؛ ويقال له: ذو الودعات؛ وذلك أنه اتخذ من الودع قلادة، وقال: أتعرف بها نفسي؛ وقال بعضهم: عش بجد وكن هبنقة القي .... . سي أو شيبة بن الوليد أي: إذا كنت ذا جد، أي: حظ وسعادة فلا تبالي أكنت في الحماقة مثل هبنقة أو كنت ذا لب كشيبة بن الوليد. وأما (الهبانيق) في قول لبيد: والهبانيق قيام معهم كل ملثوم إذا صب همل

فهم الوصفان، والواحد: (هبنيق). * هجرع: هو الطويل. والهاء عند أبي الحسن زائدة، كما قال في (هبلع) [100/ب]، وهي عند الجماعة أصل؛ فأبو الحسن يقول: هو هفعل؛ والجماعة يقولون: هو فعلل. والذي أصار أبا الحسن إلى زيادة الهاء فيه أن الهجرع هو الطويل، والجرع: المكان السهل المنقاد. وأقول: إن هذه الدلالة ليست في القوة كالدلالة التي حملته على زيادة الهاء في (هبلع)، بل تلك أظهر وأقوى. وقد حكى ثعلب- رحمه الله-: (هذا أهجر من هذا)، أي: أطول؛ فهذا دليل على أصالة الهاء. وقال أبو عبيدة: الهجرع: الأحمق. وقيل: الهجرع: الكلب، والهجرع: الخفيف. -

هِجَفٌ: قال الزبيدي: (هو من صفات الظليم، قال: ويقال. هو الطويل الضخم)؛ وقيل: الهجف من النعام ومن الناس: الثقيل الجافي؛ وقال الكميت: هو الأضبط الهواس فينا شجاعة فيمن يعاديه الهجف المثقل * هنجع: هو الشيخ الأصلع، وذكر النعام أيضا، وولد الناقة الذي يولد في أوان الحر وقلما يسلم. وقيل: الهنجع: الطويل الضخم؛ وقال ذو الرمة يصف الظليم:

هجنع راح في سوداء مخملة من القطائف أعلى ثوبه الهدب * هداء: هو الرجل النكس الذي لا خير فيه. والهمزة فيه أصل؛ لأنه مأخوذ من هدأ: إذا سكن للنوم؛ لأن النكس ينام عن طلب الثأر. وقالوا للنكس [101/آ] أيضا: (الهدان)، وهو من الهدنة والصلح؛ لأن النكس يهادن من له عنده ترة. * هذملة: هي الرملة المستوية ذات الشجر، قال ذو الرمة:

أو دمنة هيجت شوقا معالمها كأنها بالهذملات الرواسيم والهذملة أيضا: الدهر المتقادم الذي لا يعرف لبعده؛ يقال: (كان هذا أيام الهذملة)؛ قال كثير: كأن لم يدمنها أنيس ولم يكن لها بعد أيام الهذملة عامر * هردى: مثل فعلى: نبت. وكذلك (الهيردان)، بفتح الهاء وضم الراء. وقال ثعلب: الهيردان: اللص. * هرشفة: العجوز الطاعنة في السن، والشن البالية أيضاً؛ قال:

كل عجوز رأسها كالكفه نحمل جفا معها هرشفه أي: معها شن بالية. * هركولة: الجارية الضخمة المرتجفة الأرداف. * هس: زجر للغنم، ولا يقال: هس، بالكسر. * هقب: هو الضخم الطويل. * هقل: هو الفتي من النعام. * هليون: هو عند بعضهم: (فعيول)، مثل كديون. وقال أبو العلاء: (الهليون) إذا حمل على الاشتقاق لم يخل أن يكون (فعلونا) أو (فعيولا)؛ فإن قيل: إنه فعلون حكم بأنه من

(الهلي)، والهلي ليس بمعروف في كلامهم؛ وإن جعل فعيولا كان من (الهلن) وذلك أيضا غير معروف. قال: وقد جاء في شعر أهل الإسلام، قال: لقد تركنا بلادا خيل ساكنها عرب وزرنا بلادا خيلها الرمك [101/ب] فليسق نجد وأهلوه ولا سقيت ذات النخيل بها الهليون والسمك ومومسات يقلبن الأكف لنا مخضبات عليها العاج والمسك هاجرت أطلب دين مظهرا نسكا وبين فارس ضاع الدين والنسك * هلع: هو الجدي، والهلعة: العناق، ويقال: ماله هلع ولا هلعة، أي: ماله شيء. * هلوف: هو الشيخ، والرجل الكذوب أيضاً، والجمل

الكبير، واليوم المغيم. والهلوفة: اللحمة الضخمة. * همرجل: واسع الخطو. * هيق: هو الظليم. ويقال أيضا: (هيقم)، والميم زائدة. * هوزب: فوعل، قال الجرمي: هو الشديد. وقال غيره: الشديد من الإبل. وقال الأصمعي: هو المسن. * هيخ: على فعل؛ قال الجرمي: هو من صفات الفحل. وقال غيره: الهيخ: ضبعة الفحل، يريد الضراب، فيما أظن.

* هين: بالتخفيف، (أهوناء) جمعه؛ كما قالوا في جمع (شيء): (أشياء) عند من جعله أفعلاء، وقد مضى الكلام في (أشياء). * هيبان: هو الجبان. قال الجرمي: وقال بعضهم: هو الراعي. قلت: يكون هذا من قولهم: أهاب بالغنم: إذا صاح بها لتقف. والهيوب، والهيوبة، والهيبان: الجبان. قال الجرمي: هو فيعلان، بفتح العين، وقال الجوهري: هيبان، بالكسر؛ والذي ذكره سيبويه [102/آ] الفتح. وقال بعض العلماء: لا يجوز فيه الكسر؛ لأن (فيعلان) لم يجيء في الصحيح، وإنما جاء فيه (فيعلان)، كـ (قيقبان)؛ والوجه أن يقاس المعتل على الصحيح. والهيبان أيضا: الزبد الذي يخرج من فم البعير، ويسمى اللغام.

* هينمان: بضم النون، مثل فيعلان، هو صفة، وهو من الهينمة. * هيام: هو ما كان من الرمل دقاقا يابسا. والهيام: العطش. والهيام: الجنون من العشق. * هاهيت: أي: صحت هاي هاي، هيهاء، وهاهاة. * هامان: أعجمي يزعم النحاة أنه (فعلان)، فأعلت عينه بأن قلبت ألفا؛ وذلك عندهم على الشذوذ؛ إذ لا يجوز في نحو: (الجولان) و (الهيمان) إلا التصحيح؛ لخروج ذلك عن مشابهة الفعل بزيادة الألف والنون.

والصواب أن يقال: إنه فعلان، مثل (ساباط) ولا ينصرف للعجمة والعلمية.

باب الواو

باب الواو * وأى: أي: وعد، والوأي: الوعد. وتقول من هذا: وأى يئي، أي: وعد؛ فإذا أمرت من ذلك وأكدت قلت: (إن). قال: إن هند المليحة الحسناء إن في الوعد راحة وهناء والوأي: الحمار الوحشي القوي الخلق؛ قال ذو الرمة:

إذا انشقت الظلماء أضحت كأنها وأي منطو باقي التميلة قارح والواو لا تزاد أولا؛ وليس في العربية كلمة أولها واو ولامها واو إلا قولهم (واو). قال سيبويه: ليس في كلامهم مثل (وعوت) استثقالا للواوين. ومعنى الاستثقال في اللفظ والمعنى: أما في اللفظ فظاهر. وأما في [102/ب] المعنى فإنه يلزم لكون الفاء منه واو كسر العين في المضارع، وبكون اللام واوا ضمها كقولك: (يعد)، و (يغزو). وذهب أبو الحسن إلى أن العين في (واو) واو في الأصل، وأن الكلمة كله مركبة من الواو؛ قال: لأن العرب لم تملها. وذهب أبو علي إلى أن ألف (واو) منقلبة عن ياء؛ لعدم

النظير فيما قال أبو الحسن. واحتج أبو الفتح لأبي الحسن على أبي علي بأن ما صار إليه أبو علي يؤدي إلى ما أنكره على أبي الحسن؛ من أجل أنه ليس في العربية ما فاؤه ولامه واو. قال أبو الفتح: (ويعضد ذلك [أيضا شيئان، أحدهما] ما وصى به سيبويه من أن الألف إذا كانت في موضع العين فأن تكون منقلبة عن الواو أكثر من أن تكون منقلبة عن الياء). ولأبي علي أن يقول له: أأوصاك سيبويه بذلك في هذا الموضع؟ قال أبو الفتح: (والآخر ما حكاه أبو الحسن من أنه لم يسمع فيه الإمالة). وهذا أيضا ليس بدليل؛ لجواز أن

يكون أصله الياء، وإنما لم يميلوه لاكتناف الواوين الألف. قال أبو الفتح: (ولأبي علي أن يقول: إن الذي ذهبت إليه أنا أسوغ وأقل فحشا من الذي ذهب إليه [103/آ] أبو الحسن؛ فإني، وإن قضيت بأن الفاء واللام واوان، وكان هذا لا نظير له، فإني رأيت العرب جعلت الفاء واللام من لفظ واحدا كثيرا، وذلك نحو: (سلس)، و (قلق)، ونحو ذلك فهذا وإن لم تكن فيه واو، فإنا قد وجدنا فاءه ولامه من لفظ واحد؛ وقالوا أيضا في الياء التي هي أخت الواو: يديت إليه يدا). وهذا القول من أبي الفتح غلط؛ لأنه لم يكن بين أبي

الحسن وأبي علي خلاف في أن الواو فاؤها ولامها واو؛ فيحتاج إلى إقامة الدلالة على ذلك بباب (سلس) و (قلق) وما أورده مع ذلك؛ وإنما الخلاف في العين. قال أبو الفتح في بقية الاحتجاج: (فقد زاد أبو الحسن على ما ذهبنا إليه شيئا لا نظير له في شيء من الكلام البتة، وهو جعله الفاء والعين واللام من لفظ واحد). قلت: ما زاد شيئا؛ لأن هذا إنما يكون زيادة على ما في كلامهم إذا أتيت بكلمة عينها ياء وفاؤها ولامها واو، ولم يكن ذلك بموجود؛ فما زاد أبو الحسن على ما ذهب إليه أبو علي شيئا؛ فإن كل واحد من المذهبين لا نظير له. [103/ب]. فإن قيل: فإن (ببة) الفاء فيها والعين واللام لفظ واحد؛ فالجواب ما قال أبو الفتح: إنه ليس باسم، وإنما هو حكاية صوت، مثل: (قب) لصوت وقع السيف، و (ددد) للشيء إذا تدحرج؛ إنما هذه أصوات لا توزن ولا تمثل بالفعل.

قال أبو الفتح: وقد جاء الفاء والعين واوين، وذلك في قولهم: (أول) ووزنه أفعل، ويدل على ذلك اتصال (من) به على حد اتصالها بأفعل التفضيل، وذلك قولهم: ما لقيته مذ أول من أمس، فجرى هذا مجرى قولك: هو أفضل من زيد وأكرم من عمرو؛ ولقولهم في مؤنثه: (الأولى)، مثل: الأفضل والفضلى. وأما قولهم: (الأوائل) بالهمز فالأصل: (أواول) ولكن لما اكتنف الألف واوان، ووليت الأخرى الطرف فضعفت، وكانت الكلمة جمعا، والجمع مستثقل قلبت الآخرة منهما همزة). * وجل وأوجل: بمعنى، قال:

لعمرك ما أدري وإني لأوجل على أينا تأتي المنية أول وقال الله عز وجل: {إنا منكم وجلون قالوا: لا توجل}. * وحوح: الوحوحة: ما يسمع ممن أصابته شدة من البرد. وقد وحوح يوحوح وحوحة، فهو [104/آ] موحوح. * ورنتل: هو الشر. ووقعوا في ورنتلى، أي: في شر وخصومة. * الوزوزة: الخفة. وقد وزوز يوزوز وزوزة، فهو موزوز، ورجل وزواز، أي خفيف. * وضاء: أي، وضيء.

* وطؤ: الفرس ونحوه يوطؤ وطاءة، فهو وطيء. * ويلمة: قال أبو زيد: الويلمة: الرجل الداهية؛ قال: وقولهم: (ويلمه)، يجوز أن يكون: ويل أمه، فحذفت الضمة وألقي على اللام كسرة الهمزة. وقال غيره: إنما الويلمة: الذي يقال له: ويل أمه

باب الياء

باب الياء حكم الياء حكم الهمزة إذا وقعت أولا لكثرة ما زيدت في الأول. * يعقوب، ويوسف، ويونس، واليسع: أسماء الأنبياء- على نبينا وعليهم السلام- كلها أعجمية. فأما اليعقوب الذي هو ذكر الحجل فإنه عربي، والجمع: (اليعاقيب)؛ قال الشاعر: ولى حثيثا وهذا الشيب يطلبه .... لو كان يدركه ركض اليعاقيب وقال: عال يقصر دونه اليعقوب

وهو منصرف في المعرفة والنكرة. فإن قلت: فلم ينصرف إذا سميت به، والزيادة في أوله؟ قيل: ليس هو على وزن الفعل. *يارق: السوار، وهو فارسي الأصل؛ قال: لعمري لظبي عند باب ابن محرز .... أغن عليه اليارقان مشوف يصف امرأة ذات سوارين. والمشوف: المجلو. * يخضور: بمعنى اخضر، وهو (يفعول)، والجمع (يخاضير)؛ قال: عيدان شطي دجلة اليخضور أنشده أبو عبيدة. و (العيدانة) النخلة الطويلة. واليخضور

أيضاً: الأرض الواسعة الكثيرة الخضرة. وكل أخضر من بحر أو عشب فهو يخضور، ويقال أيضا يخضير. * يحامد: جمع (يحمد)، ويحمد: قبيلة من الأزد، وهو مثل المهالب. * يحموم: أسود، والجمع يحاميم. وقول الله عز وجل: {وظل من يحموم} أي: من دخان أسود. [104/ب]. * يديت: إليه يدا، وأيديت عنده يدا. واليد في ذلك بمعنى النعمة. ويديته: إذا أصبت يده. ويقولون في الصيد يرمونه: أميدي هو أم مرجول. * يرمع: حجر رخو أبيض بين الطين والحجر، ووزنه:

يفعل. قال أبو الفتح: (يجوز عندي أن يكون: (يرمع) من قولهم: ترمع أنف فلان: إذا تجرك واضطرب؛ لأن (اليرمع) حجر خوار ليس له ثبات لكنه هش، والهشاشة [والخور] قريب من الاختلاج والاضطراب، ألا ترى أنهما جميعا بضد الثبات). وهذا الذي قاله تشبيه بعيد وجمع فيما لا يكاد يجتمع. وهلا قال: إن ترمع أنفه مأخوذ من قولهم للحجر: يرمع!!. قال سيبويه: (ولا نعلمه جاء وصفا)، يعني أن (يفعل) إنما جاء اسما لا وصفا مثل: (يعمل) و (يرمع)؛ وكذلك قال الجرمي. وقال أبو بكر: قد جاء وصفا، قالوا: ناقة يعملة، ورجل يلمع.

* يرقوع: هو يفعول، بفتح أوله. يقال: جوع يرقوع، كأنه- والله [105/آ] أعلم- من الرقاعة، وهي الحمق، لفساد العقل به. * يربوع: الحيوان المعروف، والجمع: اليرابيع. * يسروع يفعول، وقال قوم: (يسروع)؛ وذلك عند سيبويه إتباع- كما قالوا: الأسود بن يعفر، بالضم والفتح- لأنه ليس في الكلام يفعول. واليسروع، قال ابن الشكيت: (اليسروع والأسروع: دودة حمراء تكون في البقل، ثم تنسلخ فتصير فراشة) قال ذو الرمة: وحتى سرت بعد الكرى في لوية .... أساريع معروف وصرت جنادبه

اللوي: ما ذبل من البقل. يصف شدة الحر؛ لأن الأساريع لا تسري على البقل إلا ليلا، لأن شدة الحر بالنهار تقتلها. وقال القناني: الأسروع: دود حمر الرؤوس، بيض الجسد، تكون في الرمل تشبه بها أصابع النساء؛ قال امرؤ القيس: وتعطو برخص غير شئن كأنه .... أساريع ظبي أو مساويك إسحل ويقال للقضيب الغض من الكرم وغيره: (سرع) و (سرعرع). والسرعرع: الشاب الناعم اللدن. ويقولون: السرع السرع كما يقولون: النجاء النجاء. * يستعور: بلد بالحجاز، قال عروة بن الورد:

أطعت الآمرين بصرم سلمى .... فطاروا في بلاد اليستعور واسم للباطل. قال الزمخشري: وكان عندنا إنسان أعور، وكان طيبا، فإذا أخذ في مضحكاته قلت هل: يايستعور، أخذت في يستعور. و (اليستعور) أيضا: شجر. و (اليستعور): كساء يعمل على ظهر البعير. * يظلم: في قول زهير. هو الجواد الذي يعطيك نائله .... عفوا ويظلم أحيانا فيظلم [105/ب] معناه: إنه يطلب منه في غير وقت الطلب ولا موضعه فيعطي؛ جعله سؤاله في غير وقت السؤال ظلما، وجعل إعطاءه ما سئل على تلك الحالة وتكلفه لذلك اظلاما. * يعضيد: على يفعيل: نبات؛ قال النابغة:

يتحلب اليعضيد من أشداقها .... صفرا مناخرها من الجرجار * يعسوب: هو ذكر النحل، والجمع: اليعاسيب؛ ووزنه: يفعول. * يعمل: اليعمل واليعملة: الناقة التي يعمل عليها. * يقطين: قال معمر بن المثنى: اليقطين: شجرة تنبسط على وجه الأرض، ولا ترتفع لها ساق؛ واستشهد على ذلك بقول الله عز وجل: {وأنبتنا عليه شجرة من يقطين}. وكذلك قال المبرد، قال: كل شجرة لا تقوم على ساق فهي يقطينة، فإن قامت على ساق فهي شجرة. وقال ابن عباس، وقتادة، والضحاك، وابن جبير، وابن زيد: هي القرع. وفائدة

ذلك أن القرع يتحاماه الذبان، وقد كان يونس- عليه السلام- على حال لا يحتمل معها الذبان. فإن قلت: فما معنى إنباتها عليه وهي لا تقوم على ساق؟ قلت: إن لم تقم على ساق فإنها ترتفع، إذا وجدت ما تتعلق به. وقيل: هي الموز، وقيل: التين، وقيل: شجرة أظلته سماها الله عز وجل (يقطينا). واليقطين جمع (يقطينة)، وهو مأخوذ من قطن بالمكان؛ لأنها تنبسط على وجه الأرض. [106/آ]. * يكسوم: اسم أعجمي معرب؛ قال عدي بن زيد: يوم ينادون يال بربر والـ .... ـيكسوم لا يفلتن هاربها وملك الحبشة (يكسوم)، وهو صاحب الفيل.

* يلمع: هو السراب. وقولهم للكذاب: (يلمع) من ذلك؛ قال الشاعر: إذا ما شكوت الحب كيما تثيبني .... يردي قال: إنما أنت يلمع * يلمق: هو القباء، وهو أعجمي عرب. ويلمقة: اسم بلقيس، وبلقيس لقب، وهي يلمقة بنت يلب شرح. ذكر ذلك أبو العلاء المعري، رحمه الله. * يلندد: هو الخصم، ووزنه: يفنعل؛ وفي معناه: (ألندد)، والنون والياء والهمزة فيه زوائد. ويقال في تصغير (ألندد): أليد؛ لأن النون زيدت فيه للإلحاق بـ (سفرجل)،

وأوجب التصغير حذفها. * يلنجج ويلنجوج: لغتان في العود؛ وفيه لغتان غير هذين قد سبقا في الهمزة. قال الجرمي: يزيدون الهمزة مرة والياء أخرى؛ ووزنه: (يفنعل). * اليهير: بتخفيف الراء: الباطل. واليهير أيضا: الخطل. قال أبو حاتم: (كلاهما خفيف الراء)؛ قال: و (اليهير، مشدد الراء: الباطل أيضا). انتهى كلامه. واليهيرى مثله. وقال أعرابي لقتيبة الأحمر: يا يحمرى ذهبت في اليهيرى، أي: في الباطل؛ وقتيبة هذا من أهل خراسان. و (اليهير): صمغ الطلح؛ قال ذلك أبو عمرو الشيباني. قلت: ويقال له: القهقر [106/ب] أيضاً.

قال الشاعر: أطعمت راعي من اليهير فظل يعوي حبطا بشر خلف آسته مثل نقيق الهر واليهيرى: الكذب، عن أبي عبيد في (الغريب المصنف). وعن الكوفيين: (اليهير): الحجر الصغير يكون ملء الكف. وعن بعض أهل اللغة: (اليهير) الماء الكثير. و (اليهير) أيضا: دويبة في بعض الصحراء أعظم من الجرذ. هذا آخر الكلام في الأبنية، وما اتصل بذلك من تفسير ألفاظ عربية، وتبيين مسائل أدبية. وقد رأيت أن أصل ذلك بتحف مما جرى بين النحاة، وبفوائد تفرح قلب من قصد هذا العلم ونحاه.

الجزء الثاني

[بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين] فمن ذلك ما جرى بين سيبويه والكسائي في مجلس يحيى بن خالد البرمكي، وكان شيخنا أبو اليمن- رحمه الله- شافهني بشيء من ذلك من لفظه، وعن الفراء:

قدم سيبويه- رحمه الله- على البرامكة، فعزم يحيى على الجمع بينه وبين الكسائي، فجعل لذلك يوما؛ فلما حضر- يعني سيبويه-[107/آ] تقدمت أنا والأحمر. فدخلنا فإذا بمثال في صدر المجلس، فقعد عليه يحيى، ومعه إلى جانب المثال الفضل وجعفر ومن حضر بحضورهم. فأقبل الأحمر على سيبويه فسأله عن مسألة فأجاب فيها سيبويه، فقال له الأحمر: أخطأت. ثم سأله مسألة ثانية فأجابه فيها، فقال له: أخطأت. فقال سيبويه: هذا سوء أدب. قال الفراء: فأقبلت عليه فقلت له: إن في هذا الرجل حدة وعجلة؛ ولكن ما تقول فيمن قال: هؤلاء (أبون) ومررت بـ (أبين)، كيف تقول على مثال ذلك من (أويت) و (أويت)؟ فقدر فأخطأ. فقلت: أعد النظر، فقدر فأخطأ. فقلت: أعد النظر ثلاث مرات يجيب ولا يصيب. فلما كثر ذلك قال: لست أكلمكما أو يحضر صاحبكما حتى أناظره. فحضر الكسائي، فأقبل على سيبويه فقال: أتسألني أم أسألك؟ فقال: لا. بل سلني أنت. فأقبل عليه الكسائي فقال:

كيف تقول: كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي، أم فإذا هو إياها؟ فقال سيبويه: فإذا هو هي، ولا يجوز النصب. فقال له الكسائي: لحنت. ثم سأله عن مسائل من هذا النحو: خرجت فإذا عبد الله القائم، أو القائم [107/ب]؟ فقال سيبويه ذلك كله بالرفع دون النصب. فقال الكسائي: العرب ترفع ذلك كله وتنصب؛ فدفع سيبويه قوله. فقال يحيى بن خالد: قد اختلفتما وأنتما رئيسا بلديكما، فمن ذا يحكم بينكما؟!. فقال له الكسائي: هذه العرب ببابك قد اجتمعت من كل أوب، ووفدت عليك من كل قطر، وهم فصحاء الناس، وقد قنع بهم أهل المصرين، وسمع أهل البصرة وأهل الكوفة منهم، فيحضرون ويسألون. فقال يحيى- أو جعفر-: قد أنصفت؛ وأمر بإحضارهم فدخلوا، وفيهم أبو فقعس، وأبو زياد، وأبو الجراح، وأبو ثروان، فسئلوا فاتبعوا الكسائي وقالوا بقوله. فأقبل يحيى على سيبويه فقال: قد تسمع!! فاستكان سيبويه.

وأقبل الكسائي على يحيى، فقال: أصلح الله الوزير!! إنه قد وفد عليك من بلده مؤملا، فإن رأيت أن لا ترده خائبا!! فأمر له بعشرة آلاف درهم، فخرج وصير وجهه إلى فارس، فأقام هناك ولم يعد إلى البصرة. قال أبو العباس ثعلب: إنما أدخل العماد في قوله: فإذا هو إياها؛ لأن (إذا) مفاجأة، أي: فوجدته ورأيته؛ و (رأيت) ينصب شيئين ويكون معه خبر؛ فلذلك نصبت العقرب. قال الزجاجي [108/آ]: وهذا آخر الخبر. قال لي شيخنا أبو اليمن- رحمه الله-: إن سيبويه إنما قال ذلك؛ لأن المعاني لا تنصب المفاعيل الصريحة. وقال أيضا: إنه لما دخل من دخل من العرب وقالوا: القول ما قال الكسائي، إن سيبويه قال: مرهم فلينطقوا بذلك؛ فإنهم لا تجري ألسنتهم به.

قال أبو القاسم الزجاجي- رحمه الله-: وأقول في ذلك بحسب ما يوجب النظر. أما حكاية الفراء عن الأحمر انه سأل سيبويه ثلاث مسائل، فقال له: أخطأت، فقد أقر الفراء بأنه أجاب فيها وشهد له بذلك، ولا يلتفت إلى قول الأحمر: أخطأت. ومع ذلك فلم يحك المسائل؛ ليعلم وجه الخطأ فيها من الصواب!!. وأما قول الفراء: إني قلت له: كيف تقول- في مذهب من قال: هؤلاء (أبون)، ومررت بـ (أبين) - مثله من (وأيت) و (أويت)؛ وقوله: إنه قدر ثلاث مرات فأخطأ- فقد كان الواجب أن يحكي كيف قدر ثلاث مرات، ويدل على موضع الخطأ؛ ليعلم أصادق هو في ذلك أم كاذب، فلعل جواب سيبويه في ذلك كان صوابا، ورأى الفراء خلافه؛ فكان عنده، مخطئا لمخالفته إياه. قلت: هذا الذي قاله أبو القاسم هو الحق؛ وهذا كما سأل بعض الشباب الشافعي- رحمه الله- عن مسألة فأجابه، فقال له: أخطأت. فقال: يا بن أخي، أخطأت [108/ب] ما في كتابك،

ولم أخطيء الحق والصواب. قال أبو القاسم: ونحن نذكر الجواب في هاتين المسألتين. اعلم أن (أوى) تقديره: فعل؛ فالهمز فاء الفعل، والواو عينه، واللام ياء، لأنه إذا حصلت العين واوا فاللام ياء، فإن كانت واوا لم تصحح بل ترد إلى الياء. ألا ترى أنهم قالوا: قويت، فردوا الواو إلى الياء. فإذا بنيت (فعل) منه اسما قلت: أوى مثل هوى؛ فإذا جمعته جمع السلامة، على مذهب من قال (أبون)، ومررت بـ (أبين)، قلت: (أوون)؛ تسقط اللام لسكونها وسكون واو الجمع، وفي الخفض والنصب: (أوين)، كقولك: مصطفون ومصطفين. قال: وهذا مذهب يتفق عليه البصريون والكوفيون. وللكوفيين في ذلك مذهب آخر نذكره بعد ذكر المتفق عليه. وكذلك لو جمعت عصا ورحى، وما أشبه ذلك، اسم رجل، جمع السلامة لقلت (عصون) و (عصين)، و (رحون) و (رحين)، والباب واحد.

وأما (وأى) فتقديره أيضا فعل، ولامه ياء لا محالة؛ لأنه ليس في كلامهم مثل: وعوت. فلو بنيت منه اسما على فعل، وجمعته جمع السلامة قلت: وأون مثل وعون، وفي الخفض والنصب: (وأين) مثل (وعين) [109/آ]. والتفسير، على ما تقدم في إسقاط لام الفعل، وهذا واضح بين متفق عليه، وليس مما يغلط فيه سيبويه ولا من هو دونه. ولكن الفراء سامه أن يبني منه على مذهبه، على أنه معرب من مكانين؛ لأنه يسمي هذه الأسماء- أعني قولهم: أبوك وأخوك، وأخواته، وابنم، وامرؤ- معربا من مكانين. وهذا عند البصريين محال؛ لأنه لو جاز أن يجعل في اسم واحد رفعان، كما زعموا، لجاز أن يجتمع فيه إعرابان مختلفان، فيجتمع رفع ونصب، أو نصب وخفض في حال؛ وهذا محال؛ فكما امتنع اجتماع إعرابين مختلفين كذلك يمتنع اجتماع إعرابين متفقين. فلعل سيبويه قدر أن يجمعه جمع السلامة، على ما ذكرنا، ولم يسبق إلى علمه أن في الكلام شيئا يعرب من مكانين، فكان تقديره على ذلك. وقول الفراء له: (أعد النظر) إرادة منه أن يقيسه على أنه معرب من مكانين، ولم يصرح له بذلك ليدهشه بقوله: (أعد

النظر) ولا يعرفه من أي جهة أخطأ؛ فكان يرد عليه بما يوجبه القياس. ونحن نذكر قياس هاتين المسألتين على [109/ب] مذهب الفراء والكسائي لتعرفه؛ إن شاء الله عز وجل. اعلم أنك إذا أردت أن تبني مثل قولهم: (أبوك) من (أوى) على أنه معرب من مكانين، فإنك تقول: هذا (أيك). وقياس ذلك أنك لما أعربته من العين واللام تحركت العين، وهي واو وقبلها فتحة، فانقلبت ألفا، كما تنقلب في قام وطال. وتصح الياء لأنها ليست زائدة ولا واقعة بعد ألف زائدة فيلزمها الاعتلال، ولكن تصح كما صحت في (راي) جمع راية، وفي (معايش). فإذا ثنيت اختلف الكسائي والفراء: أما الكسائي فألزم على قياس قوله أن يقول: هذان أوياك فيرد عين الفعل، وهي الواو، إلى الأصل؛ لأن ألف التثنية ردتها

إلى أصلها، كما قالوا: فتيان، ورحيان، وعصوان، فردوا الألف إلى أصلها؛ لأنهم لو لم يفعلوا ذلك لزمهم حذفها، فكان يلتبس الواحد بالاثنين، وهذا لا لبس فيه. ويلزم على قياس قول الفراء أن يقال في التثنية: هذان (آياك)؛ وكذلك قالا في مثل (هذا أبوك)، من (هويت): هذا (هايك). ثم قال الكسائي في التثنية: هذان هوياك [110/آ]؛ وقال الفراء: هذان هاياك، وألزمه ما ذكرت لك، وقول الفراء أقيس. فإذا جمعت قلت في مذهبيهما: هؤلاء (آيوك)، و (هايوك). وسبيله أن يقول: هؤلاء (أويوك) و (هويوك)؛ فلزم قلب الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فيصير (آيوك) و (هايوك)؛ وتصح الياء لوقوعها بين ساكنين غير زائدة، وهي لام الفعل، والواو واو الجمع. فإذا بنيت من (وأى) مثل (هذا أبوك) على أن تعربه من مكانين قلت: (هذا وأوك)، تقديره: وعوك. وذلك أن الهمزة تجري مجرى الصحيح في الإعراب، فلما أعربته من مكانين ضممت الهمزة، وهي عين الفعل، وأسكنت الياء التي هي لام الفعل؛ لأنها في موضع الرفع كـ (ياء) هذا قاضيك؛ فلما سكنت الياء التي

هي لام الفعل من (وأى)، قبلها ضمة، انقلبت واوا كما انقلبت في (موقن) و (موسر). وتقول في الخفض: (وئيك)، مثل (حميك)، وفي النصب: (وآك) مثل (حماك)؛ لما انفتحت العين، وهي الهمزة، انقلبت الياء ألفا؛ ولما انكسرت الهمزة صحت الياء. فإذا ثنيت قلت: هذان (وآياك)، صحت الياء لمجيء ألف التثنية كما تصح في (رحيان). والفراء يوافق الكسائي ههنا، ولا يخالفه كما خالفه في تثنية المسألة الأولى؛ لأنه يخاف ههنا التباس الواحد بالاثنين. فإذا جمعت قلت: هؤلاء (وأوك) لفظه لفظ الواحد [110/ب] والتقدير مختلف. وذلك أنك ههنا أسقطت لام الفعل لاجتماعها ساكنة مع واو الجمع: كان (وأيوك)، فلزم إسكان الياء لأنها في موضع رفع، ثم حذفت لاجتماع الساكنين وبقي ما قبلها مضموما على حاله. وقولك في الواحد: (هذا وأوك) لم تحذف شيئا، إنما قلبت لام الفعل واوا، كما ذكرت لك. وتقول في النصب والخفض في الجمع: (وئيك) تسقط لام الفعل

أيضاً؛ لسكونها وسكون ياء الجمع. فهذا مذهب الكسائي والفراء في هاتين المسألتين، وهو نوع من التصريف فيه غموض وإشكال، وقياسه صحيح ولكنه ليس من كلام العرب، وإنما هي أوضاع وضعوها وعلى أن قولهم: أخوك وأبوك وما أشبههما معرب من مكانين يعنون أن الضمة والواو إعرابان؛ لأن الرفع في الكلام بالضمة وبالواو. وليس يقول البصريون: إن هذه الأسماء معربة من مكانين، وإنما هي أشياء خرجت عن القياس فسبيلها أن تحكى، ولا يقاس عليها؛ لأن الشاذ لا يجعل أصلا يقاس عليه. وللبصريين في هذه الأسماء أقوال: كان المازني يقول: ضمة الباء إعراب، والواو إشباع يؤكد الإعراب. وإذا [111/آ] قلت: (أباك) فالفتحة إعراب والألف إشباع. وكذلك (أبيك): الكسرة إعراب والياء إشباع، قال: ونظيره في الأفعال: هو (يضربو) فالباء حرف الإعراب، والضمة

الإعراب، والواو للإطلاق والإشباع؛ ومثله: {أضلونا السبيلا}. قال أبو عثمان: فإن قال قائل: (لم تذهبي)، في خطاب الواحد في لغة من أشبع إذا كان في قافية فاحتيج إلى تحريكه للوصل، أي شيء أكدت بالياء؟ فالجواب أن الجزم في الأفعال نظير الجر في الأسماء، فكما تكون الياء مؤكدة للجر في الأسماء كذلك تكون مؤكدة للجزم؛ لأنه نظير الجر. وقال الأخفش، في قولهم (أخوك)، وما أشبهه، أقوالا مختلفة: قال في موضع: الواو دليل على الإعراب، كما قال ذلك في الواو من (مسلمون) والياء من (مسلمين). وقال في موضع آخر: قولهم (أبوك) عينه تابعة لأمه، وقال هذا لا يؤخذ بقياس. فهذان قولان مختلفان، لأن القول الأول ذكر فيه أن الواو دليل الإعراب ولم يجعلها لام الفعل، وقد جعلها في القول الثاني لام الفعل وجعل العين تابعة لها؛ وهذا قول سيبويه؛ لأنه يرى أن الواو من هذه الأسماء هي حرف

الإعراب. وأن العين تبعت اللام، بمنزلة: هذا (امرؤ)، حين تبعت الراء [111/ب] الهمزة فضممتها بانضمامها، وفتحت بانفتاحها، وكسرت بكسرها. وأما قول الكوفيين (إنه معرب من مكانين) فلو تخلو الباء من قولك: (أبوك)، أن تكون حرف الإعراب أو الواو. فإن كانت الباء حرف الإعراب فالواو زائدة وقد سقطت لام الفعل؛ فهذا مذهب المازني. وإن كانت الواو حرف الإعراب فهي لام الفعل والباء تابعة للام، وهذا أحد قولي الأخفش وهو مذهب سيبويه. وإن زعموا أن الضمة والواو مزيدان جميعا للإعراب، فهذا ما لا يعقل ولا نظير له: أن يجتمع في كلمة واحدة إعرابان مختلفان. والذي ذهب الكوفيون إليه أن الواو من قولك (أبوك) لام الفعل ولكنها معربة، وإعرابها عندهم سكونها في موضع الرفع، والباء معربة لأنها مضمومة؛ فلما صاروا إلى النصب انقلبت الواو ألفا لانفتاحها وانفتاح ما قبلها. ويلزم من قال بقول سيبويه: (إن الواو لام الفعل والعين تابعة للام) إذا قيل له: كيف تبني على

هذا القياس مثله من (وأيت) و (أويت) وتجعل العين تابعة للام أن يبني كما ذكرنا من قول الكوفيين قياسا وإن لم يكن مسموعا. وأما مسألة الكسائي: (كنت أظن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي) فالرفع، لا يجوز غيره؛ كما تقول: خرجت فإذا عبد الله [112/آ] قائم، و (إذا) هذه للمفاجأة، وهي ظرف مكان. قال أبو بكر بن الخياط: تقدير قولك: خرجت فإذا عبد الله قائم: خرجت فبحضرتي عبد الله؛ فتكون (إذا) بمنزلة قولك (بحضرتي) ظرفا من مكان. وجائز أن تجيء معها الحال، تقول: خرجت فإذا عبد الله قائما، كما تقول: خرجت فبحضرتي عبد الله قائما. فإن أدخلت الألف واللام فقلت: خرجت فإذا عبد الله القائم، رفعت القائم، برفع عبد الله بالابتداء، والقائم خبره، ولا يجوز نصبه لأنه معرفة، والحال لا تكون معرفة، فلما بطلت الحال رجع إلى الرفع لأنه لا ناصب له.

وأهل الكوفة يجيزون نصبه، يقولون: خرجت فإذا عبد الله القائم، يرفعون عبد الله بـ (إذا) لأنها ظرف كما يرفعون الأسماء بالظروف ثم يعملونها في الخبر عمل (وجدت) و (رأيت). وعندي أن هذا القول ظاهر الإحالة؛ لأنه إن كانت (إذا) وحدها بمنزلة (وجدت) وتعمل عمله فالسبيل أن ينصب بها اسمان، ويرفع اسم، كما تقول: وجدت عبد الله عالما فترفع الفاعل وتنصب مفعولين. إن كان قولك: فإذا عبد الله (إذا) مع (عبد الله) بمنزلة (وجدت) فقد وجب أن ينتصب بعد عبد الله اسمان؛ لأن (وجدت) ههنا ليس من وجدان الضالة وإنما هي عندهم التي بمنزلة (عملت) الناصب مفعولين فكيف صرفوها فلا سبيل لرفع عبد الله ونصب القائم. وإن قالوا: إن (إذا) إنما هي بمعنى (وجدت) ولا تعمل عمل (وجدت) [112/ب] كما أن قولك: (حسبك) بمعنى الأمر وهو اسم ليس بمجزوم، كما ان (صه) و (مه) بمنزلة اسكت واكفف، وليسا على بناء الفعل ولا مثاله؛ وكما أن قولك: (أحسن بزيد) لفظه لفظ الأمر وهو تعجب في المعنى؛ وكما أن قولنا: (غفر الله

لزيد) لفظه لفظ الخبر وتأويله الدعاء، وكما أن قوله عز وجل: {لا تضار والدة بولدها}، في قراءة من رفع، لفظه لفظ الخبر وتأويله النهي، ومثله كثير؛ فالشيء قد يكون له لفظ وتأويله على خلاف ذلك فنعطيه ما يستحقه لفظا ونتأول معناه على ما وضع له فكذلك نقول نحن: إن قولنا: خرجت فإذا عبد الله قائم، تأويل (إذا) ههنا تأويل (وجدت) في المعنى وهي في اللفظ ظرف، وليس لها عمل (وجدت)، فنعملها في اللفظ عمل الظروف من المكان لأنها ظرف، ونتناول معناها على ما أدت عنه. فإذا صح ذلك فقد وجب الرفع في الاسمين المذكورين بعدها إذا كانا معرفتين، وبطل النصب، وجاز في القياس نصب الثاني على الحال إذا كان نكرة. فقد تبين لك ووضح أن قولك: (فإذا هو هي) لا يجوز النصب في (هي) لأنه لا ناصب لها؛ لأنهما ابتداء وخبر، وبطل أن تعمل (إذا) بلفظها عملين مختلفين: عمل الفعل، وعمل الظرف، كما زعموا، فترفع [113/آ] الأول على أنها ظرف، وتنصب الثاني على أنها فعل ينصب مفعولين، فينصب

بها واحد ولم يؤت بالفعل. وهذا كمثل العامة: (إذا قيل للنعامة: احملي، قالت: أنا طائر، وإذا قيل لها: طيري، قالت: أنا جمل)، وهذا من المحال لأنهم إذا أعملوها عمل (وجدت) طالبناهم بفاعل ومفعولين، ولا سبيل لهم إلى إيجاد ذلك؛ وإن أعملوها عمل الظروف لزمهم رفع اسم واحد، وبقي المنصوب بلا ناصب؛ إلا أن يرجعوا إلى الحق، وقد مضى ذكره. وإن كان قولهم (فإذا هو إياها) محفوظا عن العرب فهو من الشاذ الذي لا يعرج عليه، وقد حكى أبو زيد الأنصاري: (قد كنت أظن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو إياها). فإما أن يكون سيبويه قد بلغته هذه اللغة فلم يقبلها ولا عرج عليها؛ لأنه ليس كل من سمع منه أهلا عنده للقبول منه والحمل عنه. ألا ترى أنهم قد حكوا أن من العرب من ينصب بـ (لم) ويجزم بـ (لن) و (كي)؛ حكى ذلك اللحياني، وليس ذلك مما يلتفت إليه.

ومثل ذلك، في الشذوذ، خفض بعض العرب بـ (لعل) وحكوا: ... ... .... .... لعل أبي المغوار منك قريب فلم يلتفت سيبويه إلى مثل هذا ولا حكاه؛ والكوفيون حكوه وقاسوا عليه، وتكلموا على الخبر بأي شيء يرتفع، وبنوا عليه مسائل. ومثله، مما قبله الكوفيون ولم يقبله سيبويه، قولهم: جاء القوم إلا زيد، بالرفع، ولم يقبله [113/ب] البصريون. ومن ذلك قولهم: (يا اللهم) فجمعوا بين الميم في آخر الاسم و (يا) في أوله، وهذان الحرفان عند البصريين يتعاقبان.

ومثله من رواية الكوفيين: بعبد الله زيد مأخوذا. وفيك زيد راغبا؛ فنصبوا الخبر مع الظرف الناقص وأجازوا ذلك. وقال الفراء؛ شبهت العرب الصفة الناقصة بالتامة. وقال الكسائي: أرادوا المصدر، كأنهم قالوا: فيك رغبة زيد. ومثل ذلك إجازة الكوفيين: يا عبد الله وزيدا، بنصب زيد عطفا على عبد الله، وهو عند البصريين لحن. ومثل إجازتهم عطف الظاهر على المضمر المخفوض. فأجازوا: مررت بك وزيد، وأجمع البصريون على أن هذا لحن. ومثل هذا، مما لم يجزه البصريون، كثير، وإنما ذكرت لك بعضه لتعلم أن قولهم (فإذا هو إياها) من هذا الجنس فلا تستوحش من رد سيبويه إياه؛ إذ كان فاسدا في القياس. وإما أن يكون (فإذا هو إياها) لغة لم تبلغ سيبويه فأنكرها، كما أنكر أبو عمرو بن العلاء على ابن خيرة البصري (حفرت

له إراتك) جمع إرة، وهي حفرة، و (استأصل الله عرقاتهم) بنصب التاء؛ لأن أبا عمرو لم يسمع هذه اللغة فاتبع القياس لأنها تاء الجميع فسبيلها أن تكسر في موضع النصب، وهو مذهب أكثر العرب، إلا أن قوما ربما شبهوها في مثل هذا المنقوص بلام الفعل فنصبوها في موضع النصب، وهو من الغلط والتوهم، كما يقول بعضهم: حلأت السويق فيهمز وكما قالوا: هذا جحر ضب خرب، وأنكر سيبويه ما لم يره مطابقا للقياس ولا رأى له وجها يقارب الصواب، ولم ير وجه الصواب فيه فيلزمه ويقطع بحجة. وكان قصاراهم الالتجاء إلى السماع، والفزع إلى أعراب أحضروا فسئلوا عن ذلك، وسيبويه [114/آ] إذ ذاك غريب طارئ عليهم، وهم مع القوم قاطنون. وقال أصحابنا: قد كانوا أعطوا جعلا على متابعة الكسائي. وقالوا أيضا: إنما قصد الكسائي والفراء بالسؤال عنها حين علموا أنه غير جائز عنده؛ ليخالفوه ويرجعوا إلى السماع، فينقطع

المجلس عن النظر والقياس، لأن خبره قد كان عندهم. ومع هذا فإن الكسائي، والفراء، وأصحابهما لا يدفعون أن قوله (فإذا هو هي) صواب جيد، وأنه الوجه؛ فلا معنى لقولهم: (أخطأت) إذا جاء بما هو صواب عندهم. وأما قول ثعلب: (إنه إنما أدخل العماد في قوله: فإذا هو إياها، لأن إذا مفاجأة، وهو بمعنى رأيت ووجدت، فلذلك جاز معه العماد) فهو خطأ؛ لأن العماد عند البصريين والكوفيين لا يكون إلا فضلة يجوز إسقاطها، ثم يسميه البصريون الفصل، وذلك مثل قولك: كان زيد هو القائم، إذا جعلت (هو) عمادا نصبت القائم، ألا ترى أنك لو حذفت (هو) كان الكلام سديدا، ولو حذفت (هو) من قولك (فإذا هو إياها) لبطل الكلام؛ لأن (فإذا إياها) لا معنى له؟!. فقد تبين لك أن (هو) ههنا، لا يكون عمادا، ولو كان عمادا، كما زعم، لكانت مستغنى عنها؛ وهذا كاف فيما قصدنا له، وبالله التوفيق. وأقول: إني لم أسمع، في هذه المسألة، أحسن من قول الكندي- رحمه الله-: المعاني لا تنصب المفاعيل الصريحة، ولا أبلغ.

وسيبويه هو عمرو بن عثمان بن قنبر الحارثي، من الحارث بن كعب، مولى لهم.

مسألة سأل عنها الفصيحي أبا محمد الحريري، سأله عن انتصاب (صعاليك) و (ملوك) في قول الشاعر: تعيرنا أننا عالة .... ونحن صعاليك أنتم ملوكا وعن الوجه في إعمال المتنبي وغيره نحو (أسمر مقبلها) و (أبيض مجردها)، وجواب الحريري عن ذلك

مسألة سأل عنها علي بن أبي زيد الفصحي أبا محمد القاسم بن علي الحريري قال: ما يقول سيدنا- أدام الله توفيقه- في انتصاب لفظي بعض الشعراء، وهو قوله: تعيرنا أننا عالة ونحن صعاليك أنتم ملوكا [114/ب] فعلى ماذا عطف قوله (ونحن)؟ وعلى أي وجه يعمل المتنبي وغيره من الشعراء نحو (أسمر مقبلها) و (أبيض مجردها)؟. وهل هما من الصفات المشبهة بأسماء الفاعلين أم لا؟ فإن

الشريطة في الصفة المشبهة باسم الفاعل أن لا تكون جارية على (يفعل) من فعلها نحو: حسن وكريم؛ فإن حسنا ليس على زنة يحسن، و (أسمر) على زنة يسمر ويسمر؛ فإن اللغتين قد حكيتا وليس هذا شرطها تنعم بإيضاحها.

الجواب اللهم إنا نعوذ بك أن نعنت، كما نستعيذك أن نعنت، ونبرأ إليك من أن نفضح، كما نستعصمك من أن نفضح، ونستمنحك بصيرة تشغلنا بالمهمات عن الترهات وتنزهنا عن التعلم للمباهاة والمباراة، ونسألك اللهم أن تجعلنا ممن إذا رأى حسنة رواها، وإن عثر على سيئة واراها، برحمتك يا أرحم الراحمين. وقفت على السؤالين الملوح بشر مصدرهما وهجنة مصدرهما؛ إذ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الأغلوطات، وزجر عن تطلب السقطات والعثرات. وكان ابن سيرين رحمه الله إذا سئل عن عويص اشمأز منه وقال: سل أخاك إبليس عن هذا. ومع هذا فإني كرهت رد السؤال، ولرب عي أفصح من لن

لاسيما إذا لم يأت بحسن. أما السؤال الأول فهو من مسائل المعاياة وأسئلة الإعنات، ولا عيب أن يجهله النحوي المدرس فضلا عمن لا يدعي ولا يلبس؛ وهو من الأبيات التي جرى فيها التقديم والتأخير لضرورة الشعر، وتقديره: تعيرنا أننا عالة صعاليك ملوكا أنتم ونحن. و (عالة) فيه جمع عائل المشتق من عال يعول؛ وانتصاب (صعاليك) به، و (ملوكا) صفتهم. وأما (أسمر) و (أبيض) فإنما أعملا لمجيء الفصل بينهما على افعل وافعال [115/آ] المخالفين لزنتيهما؛ فهذا ما حضرني من الجواب. ولعلني نكبت فيه عن طريق الصواب. قلت: وما أرى هذا الجواب مستقيما؛ لأن الملوك لا تكون صفة للصعاليك. وقوله في تقديره: (صعاليك ملوكا أنتم ونحن) لا معنى له. وإنما الصواب أن يقال: إن (عالة) بمعنى عالني الشيء: إذا أثقلني، أي: تعيرنا بأنا عالة ملوكا، أي: نثقلهم بطرح كلنا عليه في حال تصعلك؛ فـ (صعاليك) منصوب على

الحال. وقوله (ونحن) مبتدأ، و (أنتم) خبره، أي: ونحن مثلكم فكيف تعيرنا؟ قال الله عز وجل: {وأزواجه أمهاتهم}، ويقول النحاة: أبو يوسف أبو حنيفة. وتقدير الشعر: تعيرنا أننا عالة ملوكا صعاليك ونحن أنتم. وفي (عال) بمعنى أثقل جاء قول أمية بن أبي الصلت: لا على كوكب ينوء ولا ريـ .... ـح جنوب ولا نرى طخرورا ويسوقون باقر السهل للطو .... د مهازيل خشية أن تبورا عاقدين النيران في ثكن الأذ .... ناب منها لكي تهيج البحورا سلع ما ومثله عشر ما .... عائل ما وعالت البيقورا يصف سنة مجدبة. أي: أثقلت البقر بما حملت في أذنابها من

السلع والعشر، وكانوا يعقدون ذلك في أذنابها، ثم يشعلون فيها النار وهم يعلون بها في الجبال فتتجاءر البقر [115/ب] ويكون ذلك استسقاء لهم فيمطرون، فيما زعموا. وأما (أسمر) و (أبيض) و (أحمر) فغنهم أجروا هذا الضرب مجرى الصفة المشبهة باسم الفاعل؛ وكذلك (أجب) في قوله: ونمسك بعده بذناب عيش .... أجب الظهر ليس له سنام يجوز في (الظهر) الرفع والنصب والجر. وكذلك تقول في مؤنث أحمر: مررت برجل حمراء جاريته، كما تقول: حسنة جاريته، أجروا حمراء مجرى حسنة، وشبهت هذه بالصفة المشبهة باسم الفاعل في أنها تذكر وتؤنث وتجمع، وأنها تدل على معنى ثابت، وشبه (أفعل التفضيل) أيضا بالصفة المشبهة إذا لم يكن مصحوبا بـ (من) وكان صفة لما ذكرناه نحو (أجب).

مسائل جرت بين أبي جعفر النحاس وأبي العباس ابن ولاد، وقول محمد بن بدر في قوليهما

وهذه مسائل جرت بين أبي جعفر النحاس وبين أبي العباس بن ولاد وبعث قولهما إلى ابن بدر ببغداد، ومال مع أبي العباس على أبي جعفر ميلا مفرطا وكأنه قد ارتشى. وقال لي شيخنا أبو القاسم الشاطبي رحمه الله- وقد وقفته على هذه المسائل واغتبط بها غاية- الاغتباط-: (أبو جعفر النحاس يسلك في كلامه طريق النحاة، وأبو العباس له ذكاء)، وصدق رحمه الله، وستقف من كلام الرجلين على ما يدلك على صحة ما قال. ابتدأ أبو جعفر فقال لابن ولاد: كيف تبني من رجا يرجو (افعللت) و (افعليت) و (افعلوت)؟. فقال أبو العباس: أما افعليت فارجويت [116/آ]، وأما افعلوت فارجووت، وأما افعللت فارجووت أيضا. فقال أبو جعفر: هذا كله خطأ: أما ارجويت في افعليت فلا يعرف في كلام العرب (افعليت)؛

ولو جاز أن يكون ارجويت افعليت للزم أن تقول في (أغزيت): (أفعيت)؛ لأن من زعم ان الراء من (جعفر) زائدة لزمه أن يقول: هو (فعلر) وأن يقول في (ضرب) هو (فعب)، ولا يقوله احد. قلت: هذه العبارة في قوله: (لأن من زعم أن الراء من جعفر زائدة) ليس بجيدة؛ لأنها توهم أن من الناس من يقول ذلك وكان الصواب أن يقول: إذ لو زعم أن الراء من جعفر. ثم قال: وإما ارجووت في افعلوت وافعللت فأعجب في الخطأ من الأول؛ لأنا لا نعلم خلافا بين النحويين أن الواو إذا وقعت طرفا فيما جاوز الثلاثة من الفعل أنها تقلب ياء كما قالوا في (أفعلت) من غزوت: أغزيت، وفي استفعلت استغزيت. والوجه عند أبي جعفر أن لا يبنى من (رجا) إلا افعللت فيقال: ارجويت، فتقول: ارجويت أرجوى ارجواء وأنا مرجو مثل احمررت أحمر احمرارا وأنا محمر، إلا أنك تقلب في ارجويت

أرجوي، وتدغم في أحمر يحمر، وهو كثير في كلام العرب، نحو: ابيضضت واصفررت. قال محمد بن بدر: إنما قال في (افعليت) ارجويت بالياء؛ لأنها مبدلة من الواو، والمبدل من الحرف زائد بمعنى البدل، والزائد يمثل على لفظه. قلت: هذا خطأ؛ لأن هذا لو صح لقبل في باع وقال: وزنه (فال). قال ابن بدر: وأما جوابه في (افعلوت) ارجووت، وفي (افعللت) ارجووت أيضا، فإنه تمثيل على الأصل قبل الإعلال، وسبيل كل ممثل أن يتكلم بالمثال على [116/ب] الأصل ثم ينظر في إعلاله بعد. فافعللت على الأصل: ارجووت، وعلى الإعلال: ارجويت. ومن قال (كينونة): فيعلولة ذهب إلى الأصل، ومن قال: فيعولة ذهب إلى اللفظ. وإذا بنوا مثال (عصفور) من غزا قالوا: (غزوو)؛ فالفراء يتركه على هذا

ولا يعله، وسيبويه يعله بعد ذلك فيقول: غزوي. قال ابن بدر: وقول أبي جعفر: (لو جاز أن يكون ارجويت افعليت إلى قوله لا يقوله أحد) فغث لا معنى له ولا للإتيان به وجه؛ لأنه يجري كالهذيان. ثم تمادى في أذاه والإسخاف به. قلت: أما قول ابن بدر في ارجووت إنه تمثيل على الأصل فغير صحيح؛ لأن ذلك لم ينطق به في الأصل كما نطق بـ (كينونة)، كما قال: يا ليت أنا ضمنا سفينه حتى يعود الوصل كينونه وإنما يمثل بالأصل ما لا يصح تمثيله على اللفظ، كقولك في (عدة): إنه فعلة. ولا تقول: (علة)؛ وفي (غد): إنه فعل، ولا تقول: هو (فع). ثم إنه لم يسأل عن تمثيل الأصل، وإنما

سئل عما يصح أن ينطق به فيه، فماله اقتصر على تمثيل الأصل وترك ما ينبغي أن يقال؟!.

المسألة الثانية: مسألة ابن ولاد لأبي جعفر عن التعجب من نحو (ضرب زيد)

المسألة الثانية قال أبو جعفر: سألني هذا الفتى فقال: كيف تقول: ضرب زيد؟ فقلت ضرب زيد. فقال: كيف تتعجب من هذا الكلام؟ فقلت: ما أكثر ما ضرب زيد!! فقال: فلم لم يجز التعجب من المفعول بلا زيادة كما جاز التعجب من الفاعل بلا زيادة؟ فقلت: لأن التعجب يكون الفعل فيه لازما، فإذا قيل: أخرجه إلى باب التعجب، فمعناه: اجعل الفاعل مفعولا، كما تقول: قام زيد، ثم تقول: ما أقوم زيدا؛ فمعناه على مذهب الخليل: شيء أقوم زيدا. فإذا جئنا إلى ما لم يسم فاعله لم يجز أن نتعجب منه حتى نزيد في الكلام لأنه لا فاعل فيه. فقال: ليس يخلو المتعجب منه في حال الزيادة من أن يكون كان فاعلا في الأصل أو مفعولا. فإن كان مفعولا في الأصل فقد نقضت قولك بأنا لا [117/آ] نتعجب إلا من الفاعل؛ وإن كان فاعلا فقد لزمك أن نتعجب منه، على ما قدمت من القول، بلا زيادة.

فقلت: ألزمتني ما لم أقل؛ إن كان مفعولا في الأصل فقد نقضت قولك، وإلا فقد قلت: إني لا أتعجب منه إلا على كلام آخر، فكيف تلزمني أن تعجبت منه؟ فقال: أما قولك: إني ألزمتك ما لا يلزمك فدعوى لا بينة معها. وأما قولك: إني لا أتعجب منه إلا بزيادة، فليس يخلو تعجبك من أن يكون واقعا عليه في نفسه، أو على الزيادة؛ فإن كان واقعا عليه فقد لزمك ما ألزمتك؛ وإن كان واقعا على الزيادة فقد تعجبت مما لم أسألك عن التعجب منه. فإن قلت: إني إنما تنكبت التعجب منه، وتعجبت من الزيادة التي لم تسألني التعجب منها لأنه لا يجوز التعجب منه إذ كان مفعولا قلنا: ولم لا جاز ذلك؟ وصرت في هذا إذا سألتك [لم] لا تتعجب منه تعجبت من غيره وهي الزيادة. فقلت: قد أجبناك فيما مضى من الكلام لم لا يجوز أن يتعجب منه، فليس لإعادتنا إياه معنى. قال: قد نقضت العلة التي اعتللت بها في ترك الجواز.

وهو أنه مفعول وأريناك أن ذلك فاسد؛ فإن كانت عندك زيادة فزد. قلت: هذه المطالبة محال، أن يتعجب من المفعول بما بينا من أن المفعول لا يتعجب منه. فيجب على من أنكر هذا أن يتعجب من المفعول، فكأنه يجعل المفعول مفعولا، وهذا محال. فقال: نحن إذا قلنا: اجعل الفاعل مفعولا ساغ لنا ذلك في الفاعل إذا تعجبنا منه، ولم يكن في الأصل مفعولا، كان ذلك جائزا فيما قام مقامه وهو مال يسم فاعله، وإلا لم يكن في موضعه ولا في مقامه. قلت: هو وإن قام مقامه في أنا نحدث عنه كما نحدث عن الفاعل فنحن نعلم أنه مفعول في الأصل؛ فكيف يقال: أقمه مقام المفعول؟! وأيضا فإن أقمناه [117/ب] مقام المفعول فإن الفاعل هو المحدث للفعل، وليس كذلك ما يقوم مقامه. فقال: قد لزمك بهذا القول ألا تتعجب منه على حال من الأحوال بزيادة ولا بغير زيادة؛ فإنك إن زدت فيه فهو مفعول في الحقيقة، اللهم إلا أن تكون تزعم أنك لم تتعجب منه البتة

وإنما تعجبت من غيره، ونحن لم نسألك عن التعجب من غيره. قلت: هذا الذي ألزمتنيه من قولك: (فقد لزمك بهذا القول ألا تتعجب منه على حال من الأحوال بزيادة ولا بغير زيادة) يبين نقضه أنه لا يجوز أن تقول: ما أحمر زيدا، فإذا زدت فيه وقع التعجب فقلت: ما أشد حمرة زيد!! فقال: أما تشبيهك (أحمر) ونحوه بباب الثلاثي فإنه خطأ؛ وذلك أنهم قد أجمعوا على أن الثلاثي يتعجب منه بلا زيادة ما لم يكون لونا ولا خلقة؛ وذلك أن الخليل زعم في قوله: (ما أحمر زيدا) وما أشبهه أنهم لم يتكلموا به لأنه صار عندهم بمنزلة اليد والرجل؛ لأنك لا تقول: ما أيداه ولا ما أرجله! فخالف باب الثلاثي لهذه العلة؛ فقد بان بقول الخليل الفرق بين هذين؛ وشبهت بين شيئين غير مشتبهين. قلت: هذا الكلام فيه تطويل، لأني إنما شبهته بالألوان من أنهما جميعا لا يجوزان. وليس يلزمني إذا شبهت به من جهة أن أشبهه به من كل الجهات. فأنا أقول- إذا سئلت: كيف يتعجب

من قولنا: انطلق زيد-: لا يجوز؛ فقد صار لا يجوز في هذا كما لا يجوز (ما أحمر زيدا)؛ فهل يلزمني أن أكون شبهت اللون بغير اللون؟ وأنا إنما شبهته به من أن هذا لا يجوز كما أن هذا لا يجوز. وأما قوله: (قد أجمعوا على أن الثلاثي يتعجب منه بلا زيادة ما لم يكن لونا أو خلقة) فاستثناؤه ما لم يكن لونا أو خلقة من أعجب الكلام؛ لأنه لا يتعجب إلا من الثلاثي، أو مما [118/آ] يكون أصله الثلاثي، وزيد عليه مثل أعطى وشبهه. وأيضا فإنه لا يعرف في الألوان فعل ثلاثي، فكيف يستثنى ما ليس يعرف في الكلام؟! وأما ما كان خلقة وهو ثلاثي فلم يترك التعجب منه عند الأخفش إلا أن أصله أكثر من الثلاثة، وذلك (عور) و (حول)؛ والأصل عنده (اعورا) و (احول) و (اعوار) و (احوال). فلم ارآه ثلاثيا ولم يدر ما أصله استثناه من الثلاثي. ولو كان من الثلاثي لما قيل عور ولا حول، ولكان يقال (عار) و (حال)؛ فتنقلب الواو ألفا لحركتها وانفتاح ما قبلها. وقولهم (عور) و (حول) يدل على أن

أصله اعوار واحوال واعور واحول. والذي يقول في هذا: إنه لم يتعجب منه وهو ثلاثي لا يعرف أصله؛ وهذا القول مشهور من قول الأخفش. قال" أما قوله: إنه استثنى اللون والخلقة من الثلاثي، إنه من أعجب العجب، فليس ذلك بعجب لأني إنما استثنيت ذلك من الثلاثي؛ لأنه قد يأتي شيء بمعنى الخلقة يكون فعله ثلاثيا، كقولك عور الرجل، فاستثنيت لك لهذه العلة. وأما قولك: (انطلق زيد) لا يجوز أن يتعجب منه، فهذا نقض لما قدمته في الكتاب. وذلك أنك ذكرت أن الفاعل يتعجب منه، وجعلت ذلك علة التعجب منه وهو أنه فاعل، وجعلت علة الامتناع من التعجب أن يكون مفعولا؛ فقد لزمك أن تتعجب من زيد في قولك: انطلق زيد. قلت: قوله: (إنما استثنيت من الثلاثي لأنه قد يأتي شيء بمعنى الخلقة يكون فعله ثلاثيا كقولك: عور الرجل) يدل على أنه لا يدري ما أصل (عور)؛ وقد بينا أن أصله عند النحويين [118/ب] اعور واعوار.

وإنكاره منعنا أن نتعجب من (انطلق زيد) فهذا شيء قد أجمع النحويون على منعه إلا بزيادة؛ فما معنى إنكاره ما أجمع النحويون عليه؟! وأما قوله: (إنك ذكرت أن الفاعل يتعجب منه وجعلت ذلك علة للتعجب منه وهو أنه فاعل) فنحن لم نقل: إنا تعجبنا منه لأنه فاعل، وإنما قلنا: إنه لا يتعجب من المفعول، وبينا لم ذلك. وأما الفاعل فإنه يتعجب منه في أكثر المواضع. وإنما منع الفاعل، في قولك: انطلق زيد، أن يتعجب منه؛ لأن الفعل قد جاوز ثلاثة أحرف، فلا يجوز أن ينقل إلا بزيادة نحو قولك ما أكثر انطلاق زيد، وما أشبهه. قال محمد بن بدر النحوي: أعطي أبو جعفر علة قياسية في التعجب فقال: (إنما معنى التعجب ان أجعل الفاعل مفعولا)؛ ونحن نجعل الفاعل مفعولا ثم لا يكون تعجبا نحو أقمته وأجلسته، ونجد معنى التعجب والفاعل موجود كقولنا: جل الله وعز الله على معنى ما أجل الله وما أعزه!! لا على معنى الخبر بأنه صار جليلا، ولا بأنه صار عزيزا؛ وهكذا: عظم شأنك، وعلت منزلتك، إذا لم ترد الخبر. قال الله عز وجل: {كبرت كلمة

تخرج من أفواههم}، وقال جل وعلا: {كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}، وقال ساعدة: هجرت غضوب وحب من يتغضب .... وعدت عواد دون وليك تشعب أي: ما أحبها متغضبة. وقال الشاعر: لم يمنع الناس منهم ما أردت ولا .... أعطيهم ما أرادوا حسن ذا أدبا أي: ما أحسن هذا أدبا. ومما حكاه النحويون من اللفظ ومعناه التعجب: لا إله إلا الله، وسبحان الله، ولله دره، ولله أنت، وتالله

ولله؛ وأنشد سيبويه: لله يبقى على الأيام ذو حيد .... بمشمخر به الظيان والآس [119/آ] وقال: هذا الرجل تعجب. و (ياللماء): تعجب، وأنشد: لخطاب ليلى يالبرثن منكم .... أدل وأمضى من سليك المقانب وأعطى علة أخرى قياسية فقال: لا يتعجب مما لم يسم فاعله؛ لأنه لا فاعل فيه. ويبطل هذه العلة قول العرب في (جن زيد): ما أجنه وما أعتهه، وما أشبه ذلك.

وأما قوله: (أجمعوا على أن الثلاثي يتعجب منه بلا زيادة ما لم يكن لونا أو خلقة) فاستثناؤه ما لم يكن لونا ولا خلقة من أعجب الكلام، ثم قال: (لأنه لا يتعجب إلا من الثلاثي أو ما يكون أصله الثلاثي ثم زيد عليه مثل أعطى). وليس في قوله: (إنما يتعجب من الثلاثي) دليل على أنه أراد لا يتعجب إلا من الثلاثة. ألا ترى أن قائلا لو قال: إنما صلاة الظهر أربع لم يكن في قوله دليل على أن غيرها من الصلوات لا يكون أربعا، أو قال: إنما في الرقة ربع العشر، لم يكن هذا دليلا على أن غير الرقة لا يكون فيه ربع العشر؛ وهذا موضع من مفهوم الخطاب أنت معذور في جهله إذ لست من أهله. وأقول: لا يخفى على العلماء ميل هذا الرجل وحيفه على أبي جعفر، وتخليطه فيما يتكلم به. ألا تراه يقول: (وليس في قوله: (إنما يتعجب من الثلاثي) دليل على أنه أراد: لا يتعجب إلا من الثلاثة ظنا منه أن هذا كلام أبي العباس، وأخذا في الجواب عنه؛ وهذا إنما هو كلام أبي جعفر. وأما ابو العباس فإنما قال: (قد أجمعوا على أن الثلاثي يتعجب منه بلا زيادة ما لم يكن لونا أو

خلقة)، فأنكر عليه أبو جعفر استثناءه اللون والخلقة من الفعل الثلاثي؛ لأن الألوان ليس فيها فعل ثلاثي. ولو قال أبو العباس: إنما يتعجب من الثلاثي، لأنحصر التعجب في الثلاثي، وليس هذا كقوله: إنما صلاة الظهر أربع، وإنما ذلك لمن يمنع أن يكون أقل من أربع أو أكثر. وقوله: (هذا موضع من مفهوم الخطاب [119/ب]) خطاب من ليس بمفهوم الخطاب. وقوله: (أعطى أبو جعفر علة قياسية في التعجب فقال: إنما معنى التعجب أن أجعل الفاعل مفعولا، قال: ونحن نجعل الفاعل مفعولا ثم لا يكون تعجبا نحو: أقمته وأجلسته)؛ وهذا لا يلزمه لأنه لم يقل: لا يصير الفاعل مفعولا إلا في التعجب، إنما قال: إن قولك: ما أحسن زيدا أخرجت فيه الفعل الذي كان لازما فجعلته متعديا، وكان الأصل: حسن زيد، فصار فاعل (حسن) مفعول (أحسن). وما أورده عليه، من الكلمات التي معناها التعجب، لا يرد عليه لأنه إنما يتكلم في التعجب المبوب له؛ ألا ترى أن من تكلم في باب التأكيد لا يرد عليه ما يجيء فيه معنى التأكيد من (إن) و (اللام)، وما أشبه هذا.

ثم قال محمد بن بدر: وقوله (مثل أعطى وما أشبهه) ركاك في العبارة، كما قال: لا يجوز التعجب من قولنا: انطلق زيد، كما لا يجوز ما أحمر زيدا، فهلا قال: لا يجوز، كما لا يجوز أن تصلي الظهر ثلاثا ولا المغرب أربعا؛ فإنه أظهر. قلت: وأين هذا من ذاك؟ إنما شبه ممتنعا في التعجب بممتنع فيه، وأنه يتعجب من القبيلين بأشد ونحوه. ثم قال محمد بن بدر: على أن بعض النحويين قال: لا يجوز التعجب من (أفعل) إلا على شريطة. قال: وأما قوله أيضا: (فلا يعرف في الألوان فعل ثلاثي) فقد قال سيبويه: أدم يأدم أدمة، وأدم يأدم، وشهب يشهب، وشهب يشهب شهبة، وقهب يقهب، وكهب يكهب، وصدئ يصدأ صدأة، وسود يسود؛ وأنشد لنصيب:

سودت فلم أملك سوادي وتحته .... قميص من القوهي بيض بنائقه وقال غيره: ذرئت عينه ذرءا والذرأة: البياض؛ وقال الراجز: وقد علتني ذرأة بادي بدي ورثية تنهض في تشددي وقال الشاعر: [120/آ]

لقد زرقت عيناك يا بن مكعبر .... كما كل ضبي من اللؤم أزرق وأما قوله: (إنما ترك الأخفش التعجب في عور وحول لأن أصله اعور واحول) فخلاف ما عليه أهل العلم؛ لأنهم مجمعون على أن الأصل الثلاثي وما فيه الزيادة فرع، فـ (حول) أصل لـ (احول واحوال). قال سيبويه: (وأما الفعل فأمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء) فضرب واستضرب مأخوذان من الضرب، لا أن ضرب من استضرب، ولا استضرب من ضرب. قلت: هذا لا يلزم أبا جعفر لأنه رد على الأخفش لا عليه، وإنما يلام لو نقل عن الأخفش ما لم يقل. وأيضا، فإن ما ذكره عن سيبويه لا يلزم منه تخطئة الأخفش فيما ذهب إليه؛ لأنه لم يقل: إن عور مأخوذ من اعوار واعوار، ولا إن حول مأخوذ من احول واحوال؛ وإنما قال: إنه في معناه، فكما لم يتعجب من ذاك لم يتعجب من هذا. ثم قال محمد بن بدر: وأما قوله (ولو كان من الثلاثي لما

قيل: حول وعور، ولقيل: حال وعار، بالقلب) فليس كما توهم وإنما صحت الواو لأنهم أرادوا بـ (حول) من المعنى ما أرادوا بـ (احول)، فأجروه مجراه، لا أن أصل فعل افعل ولا أفعال؛ ألا ترى أنهم قالوا: احتال واعتاد، واقتاد، بالإعلال، وإنما أصحوه حين أرادوا معنى ما يصح فقالوا: اجتوروا، واعتونوا، واحتوشوا؛ لأنهم أرادوا معنى تجاوروا، وتعاونوا، وتحاوشوا، لا أن أحدهما أصل للآخر؛ فهكذا عور وحول. يدل على هذا أنهم إذا أرادوا غير هذا المعنى أعلوه فقالوا: عار [120/ب] زيد عين عمرو، وسادها؛ وأنشدوا بيت نصيب على وجهين: سودت ولم أملك سوادي وتحته .... قميص من القوهي بيض بنائقه قال: وأما قوله: (فتقلب الواو؛ لحركتها وحركة ما قبلها) فيلزمه أن يقول في (أدلو): (أدلا) لحركتها وحركة ما قبلها؛

والوجه: لحركتها وانفتاح ما قبلها. قال: وأما قول الأخفش فإنما أراد به أن افعل وافعال الأصل في الاستثقال؛ لا أن حول مأخوذ منهما، وهذا قول سيبويه استغنوا عن حمر باحمر، كما استغنوا عن فقر بافتقر، والمستغنى به هو الفرع، والمستغنى عنه هو الأصل. قلت: قوله: (إن الأخفش أراد أنهما الأصل في الاستثقال) فأي استثقال في عور وحول؟ وليس ما قاله بمعنى ما قال سيبويه في حمر واحمر، ثم استدرك خطأه فقال: على أن افعل وافعال مطردان في الألوان نحو: اسود واسواد، وابيض وابياض، واصفر واصفار، إلا أن افعل أكثر لأنه أصل في الاستثقال. قال: وأما حول وعور فمن باب الأدواء لأنهما عيبان، والعيب أشبه بالأدواء، وليس افعل وافعال في باب الأدواء كثيرا؛ لا يكادون يقولون في اجرب اجراب، ولا في اجذم

اجذام، وإنما يجرونه مجرى الداء نحو: جرب، وضلع، وشتر، وهو أدخل في الداء منه في الألوان، إلا أنهم يشبهون الشيء بالشيء إذا قاربه، فيقولون: حول، وعور، وجرب، كما قالوا: وجع، وضمن، وزمن، ولا نكاد نجد في الألوان اسما على (فعل)؛ لا يقولون: حمر، ولا صفر، ولا شهب. قال: فهذا يقوي أن العيوب مخالفة للألوان التي لا يمتنع فيها افعل وافعال، وافعال لا يمتنع من الألوان لأنه مبني له، وأما العيوب [1121/آ] فأقرب إلى الأدواء؛ هكذا ذكر سيبويه. قلت: قوله: (لا نكاد نجد في الألوان اسما على فعل)، مع أنه أنشد قول نصيب: (سودت ...)، من العجب. ثم قال محمد بن بدر: إنما لم يتعجبوا من (ضرب زيد) وأشباهه إلا بالزيادة كراهة أن يلتبس، ففرقوا بين التعجب من فعل الفاعل المفعول. وذلك أنهم فرقا بين فعل الفاعل وفعل

المفعول في غير التعجب، وأرادوا ان يفرقوا بينهما أيضا في التعجب. فلو قالوا في (ضرب زيد): ما أضرب زيدا! لالتبس فعل الفاعل بفعل المفعول، فأتوا بالزيادة ليصلوا إلى الفرق بينهما. فإن قال: فقد قالت العرب في (جن زيد): ما أجنه!! وهذا يبطل علتك قيل له: إن قولهم (ما أجنه) محمول على المعنى، فاستجازوا فيه ما استجازوا فيما حمل عليه. ألا ترى أن جن زيد فهو مجنون داخل في حيز الأوصاف التي لا تكون أعمالا. وإنما تكون خصالا في الموصوفين بغير اختيارهم، مثل: كرم فهو كريم، ولؤم فهو لئيم: خصال لا يفعلها الموصوف؟؛ فهكذا جن زيد فهو مجنون، إنما هي خصلة في الموصوف لا اختيار له فيها، فأجرى مجرى رقع فهو رقيع، وبلد فهو بليد إذ كان داخلا في معناه. والدليل على صحة هذا أن العرب لا تتعجب من (افعل)، لا يقولون: ما احمره، ولا ما اسوده، ولا ما افطسه ويتعجبون من: أحمق، وأرعن، وألد، وأنوك، فيقولون: ما أحمقه! وما أرعنه وما ألده وما أنوكه؛ لأن أحمق بمنزلة بليد، وألد بمنزلة

مَرِسَ، وأنوك بمنزلة جاهل، فحملوه على المعنى؛ فهكذا (جن زيد) حمل على المعنى لأن العرب تشبه الشيء بالشيء، ويحمل على المعنى إذا واقفه واقترب منه. فمن ذلك قولهم: (حاكم زيد عمرو)، برفع الاثنين جميعا؛ لأن كل واحد منهما فاعل؛ قال أوس [121/ب]: تواهق رجلاها يداه ورأسه .... له قتب خلف الحقيبة رادف وقال القطامي: فكرت تبتغيه فصادفته .... على دمه ومصرعه السباعا لأن السباع قد دخلت في المصادفة. وقال:

لن تراها- وإن تأملت- إلا .... ولها في مفارق الرأس طيبا لأن الطيب قد دخل في الرؤية. وأقول: إنما قالوا: ما أجنه؛ لأن (جن) لا فاعل له، فهو في المعنى تعجب من الفاعل؛ لأنه لا يقال: جنة، إنما يقال: أجنه. قال محمد بن بدر: فإن قال: فقد قالوا: ما أسرني بكذا وكذا، وهذا دليل على أنه يجوز أن يتعجب من (ضرب زيد) قيل له: ليس في هذا دليل يدل على جواز التعجب من (ضرب زيد)؛ لأنه يجوز أن يكون (ما أسرني) تعجبا من سررت، ويكون محمولا على ما قدمنا ذكره في (جن زيد)، فيكون منزلة: بر حجك فهو مبرور. قال: ويجوز أن يكون (ما أسرني بكذا) تعجبا من سار، كما يقال: زيد سار، أي: حسن الحال في نفسه وأهله وماله، وفرس سار، أي: حسن الحال في جسمه ولحمه، وضيعة سارة، بمعنى آهلة عامرة، فيكون سار بمعنى قولك: (ذو سرور) ثم يتعجب منه على هذا، كما قالوا: عيشة راضية، أي: ذات رضى، ورجل

طاعم كاس، أي: ذو طعام وسكوة؛ قال الحطيئة: دع المكارم لا ترحل لبغيتها .... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي فيكون (ما أسرني) جاريا على ما قدمنا، غير خارج عما رتبنا.

المسألة الثالثة: مسألة أبي جعفر لابن ولاد: كيف تأمر من قوله عز وجل {لقد جئتم شيئا إذا}

المسألة الثالثة قال أبو جعفر: كيف تأمر من قوله عز وجل: {لقد جئتم شيئا إدا}، ومن قوله عز وجل: {ولا يؤوده حفظهما}؟ فقال أبو العباس: هاتان مسألتان: أما (إدا) فلا يؤمر منه؛ لأنه اسم موضوع للداهية والأمر العظيم. قال أبو جعفر: قد قالت العرب: أد يؤد [122/آ]، فنطقت بالفعل، ثم صرفه النحويون فقالوا في الأمر منه: أد يا هذا، بالإدغام، والضم والكسر؛ وبالإظهار نحو: اودد مثل اردد. قال أبو العباس: التصريف فيها دعوى تحتاج إلى برهان. قال أبو جعفر: لا يحتاج إلى ذلك. وقد حكوا لها نظائر من المضاعف، منها قول أحمد بن يحيى: (تول: ازرر عليك

قميصك، وزره، وزره، وزره، مثل: مد، ومد، ومد). قال أبو العباس: هذه الأشياء لا تصرف قياسا، ولا يشبه بعضها ببعض إلا بسماع من العرب، إذ لو كان هذا لجاز أن نقول: وذر يذر، وودع يدع قياسا على قام يقوم، وضرب يضرب؛ وإنما نصرف منه ما صرفت العرب، ونترك منه ما لم تصرفه العرب اقتداء بها. قال أبو جعفر: ليس هذا قول أحد من النحويين علمناه. وذلك أنه لا يمتنع القياس في شيء من المضاعف على رد يرد فنقول: سن يسن، وأد يؤد، كما قلنا رد يرد، ولو كنا لا ننطق إلا بما نطقت العرب، ولا نقيس على كلامها لبطل أكثر الكلام. ولا يجوز قياس وذر يذر، وودع يدع على المضاعف لأنه معتل قل استعمالهم الماضي فيه؛ لاستثقالهم الواو حتى تبدل، فيقولون في وحد: أحد؛ فلما استثقلوا الواو، وكان ترك في

معنى ودع ووذر، استغنوا عنه بـ (ترك). وإن كان بعض العرب قد قال: وذر وودع على القياس فلا معنى لقوله: (لجاز أن نقول: وذر، وودع)؛ لأنه قد قيل. قال أبو العباس: إنا لم نشبه مضاعفا بمضاعف، وإنما أردنا أن نريك أن العرب قد تصرف شيئا وتمنعه في نظيره. وأما قولك: (إن هذا معتل) فليس بالاعتدال منع من أن يبني له ماض مثل وزن يزن. قال أبو جعفر: هذا الذي ألزمنيه من أنه قال: إني قلت: (إنه لم يبن منه ماض لأنه معتل) غير لازم، وكلامي يبين خلاف هذا؛ لأني قلت: لم يبن منه ماض لعلة، فكيف ألزم أني اعتللت بأنه لم يقع منه ماض، لأنه معتل؟! قال أبو جعفر: ولم يجب عن المسألة الأخرى [122/ب]، وهي: {ولا يؤوده} والجواب أن تقول: أد يا هذا، نظير قل؛ لأن آد يؤود مثل قال يقول. وأقول: عن أبا جعفر نحوي إلا أنه يضع الأشياء في غير مواضعها، وأبو العباس غير قوي في العربية إلا أنه في غاية من

الذكاء، فهو يلعب بأبي جعفر كيف شاء. والدليل على صحة ما قلته أن أبا جعفر قال له: كيف تأمر من قوله عز وجل: {لقد جئتم شيئا إدا}؟ فقال له: لا يؤمر من هذا؛ فقال: (قد قالت العرب: أد يؤد) فلو كانت لأبي العباس قوة لقال: ليس قول العرب: أد يؤد، من قول الله عز وجل: {لقد جئتم شيئا إدا}، إنما الإد: الداهية، وقولهم: أد يؤد، مأخوذ من الإد؛ يقال أدت فلانا الداهية تؤده أدا. فقول أبي جعفر: كيف تأمر من قوله عز وجل: {لقد جئتم شيئا إدا} خطأ، وهو كقول القائل: كيف تأمر من (الشيطان) في قوله عز وجل: {فأزلهما الشيطان عنها}؟ فإذا قال: لا آمر منه لا يصح أن يقال له: بلى، قد قال العرب: تشيطن فلان. فأخذ أبو العباس يرد تصرف العرب في أد يؤد، وهو تصرف صحيح لا إشكال فيه إلا أنه تصرف في غير ما سئل عنه. قال محمد بن بدر النحوي: قول أبي العباس: (لا يجوز أن يؤمر من قوله عز وجل (إدا)؛ لأن العرب لم تبن منه فعلا) الذي

عليه عامة أهل العلم والدين. قلت: قوله: (والدين) ههنا عجيب. ثم قال: لأن الإد وصف غير جار على فعل، وإنما هو موضوع في كلام العرب للأمر العظيم، فحكمه حكم الأسماء التي جاءت غير جارة على فعل. وإذا كان هذا هكذا لم يجز أن يبنى منه فعل من حيث إن الأسماء ليست مأخوذة من الأفعال، وإنما الأفعال تصدر عنها. قوله: (لم يجز أن يبنى منه فعل)، لو قال: لم يجز أن يؤمر منه لكان صوابا، وإلا فقد قالوا: تفرعن، وتشيطن، وتمندل، من المنديل، وتدرع، من الدرع. ثم قال: ولو كانت الأسماء كلها مشتقة لارتفع أن يكون في الكلام اسم البتة. قال: والدليل على هذا أنه ليس أحد من العرب ولا من العلماء يجيز أن يأمر من صاع وفرس، ولا من جعفر وحبرج وضفدع، ولا [123/آ] من الأوصاف التي ليست بجارية على فعل نحو: خود، وبكر، ولص، وسلهب، وعرطل، وجعشم؛ لأن هذه الأسماء غير جارية على فعل. ما يدل على أن من الأوصاف ما لا يجوز ان يبنى له فعل متصرف في الأمر

والدعاء والخبر وغير ذلك الأسماء المبنية للمبالغة نحو: أكال وأكول، لا يجوز أن يصرف منها فعل؛ لأن هذه الأبنية، وإن كانت تعمل عمل الأفعال فهي غير جارية على الفعل. وإذا كان ما يعمل عمل الفعل لا يجوز أن يصرف له فعل فما لا يعمل عمل الفعل أولى أن لا يصرف له فعل؛ هذا قول أهل التحصيل من أهل صناعة النحو. ولا يقال: أد يؤد فهو إد، أد يؤد أدا، فهو آد، وليس الإد هو الآد؛ لأن الآد جار على الفعل، والإد وصف غير جار على فعل. وقول أبي جعفر (قد صرفه النحويون) تقول منه. والذين يقولون: أد يؤد فهو آد: إذا ألقاه في الإد، بمنزلة: لحمه يلحمه فهو لاحم: إذا أطعمه اللحم؛ فلو قيل لنا: كيف تأمرون من (اللحم)؟ لقلنا: لا يجوز؛ لأن اللحم اسم غير مشتق من فعل، ولا هو وصف جار على فعل، ولا تكلم من لفظه بفعل، فيكون هو اسما لذلك الفعل؛ وكذلك شحمه، وزبده: إذا أطعمه الشحم والزبد. وقولك أده بمنزلة قولك: زبده، وقولك: يؤده كقولك يزبده، وقولك: آد كقولك: زابد؛ والإد الذي هو

الأمر العظيم بمنزلة الزبد الذي هو اللبن؛ فكما لا يجوز أن تأمر من الزبد كذلك لا يجوز أن تأمر من الإد، ولا تصرف له فعلا يكون هو اسما له؛ هذا هو الذي عليه [123/ب] أهل العلم باللغة. ومعنى قولهم: (كيف يؤمر من الأسماء؟) إنما هو مجاز؛ لأن الأسماء لا يؤمر بها وإنما يؤمر بالفعل إذا كان غير واقع. فإذا قال قائل: كيف يؤمر من ضارب أو من طويل؟ فإنما معناه: كيف يؤمر من الفعل الذي هو جار عليه أو اسم له فتقول: اضرب، وطل؛ لأنهم يقولون: ضرب، وطال. فإن قيل لنا: كيف يؤمر من (بكر) و (خود)؟ قلنا: لا يجوز؛ لأنه ليس اسما للفعل، ولا جاريا على فعل؛ فسبيله سبيل الأسماء التي موضوعة غير مشتقة؛ وكذلك قتال، وأكال، وضروب لا أفعال لها؛ وهكذا سلهب، وجعشم، وعكروت، وما أشبهه، وهو كثير، فهذا حقيقة ما ذهب إليه خصمك، ولا حجة لك فيما حكيته عن ثعلب لأنا لا نخالفك فيه. وحكايتك عن النحويين أنه (لا يمتنع شيء من الأسماء من أن نقيسه على رد يرد)، كذب عليهم. وقولك: (لو كنا لا ننطق إلا بما نطقت به العرب، ولا نقيس على كلامها لبطل أكثر الكلام) يدل على جهل باللغة لأن من الكلام ما لا يقاس، ومنه ما يقاس. ثم أخذ بعد هذا في أذاه بما أضربنا عنه وتركناه.

ثم قال بعد ذلك: لو قيل: كيف يؤمر بـ (إد) أو (بكر) أو (صارورة) أو (قتال)، أو ما أشبه ذلك مما ليس بجار على فعل لقلنا: العرب لا تأمر من هذه الأوصاف بلفظ الصفة إلا أن يكون له فعل منطوق به نحو: طل، واقصر، واسهل، واكرم؛ لأنهم يقولون: طال، وقصر، وسهل، وكرم، ولا يأمرون من بكر، ولا خود، ولا غد، ولا لص، ولا ما أشبهه؛ لأنها لا فعل لها فإن آثرنا أن نأمر بشيء منها ألزمناه (كان) وجعلناه خبرا لها، فنقول: كن إدا، أو كوني خودا؛ وذلك أن معنى اضرب: كن ضاربا [124/آ]، فهكذا ينبغي إذا أمرت بهذه الأوصاف. وكذلك الأسماء يؤمر بها على هذا، فيقال: كن عليه سيفا، وكن له حجرا، وكن فيها أسدا؛ قال الله عز وجل: {قل كونوا حجارة أو حديدا في الأسماء، وقال عز وجل: {وقالوا كونوا هودا أو نصارى}، وقال عز وجل: {ولكن كونوا ربانيين}، في الأوصاف. وقال الشاعر:

أحار بن بدر، قد وليت ولاية .... فكن جرذا فيها تخون وتسرق وهو موجود في اللغة. فإن قال: فكيف يؤمر من طريق ما يتكلم عليه أهل اللغة في التصريف من الأبنية قياسا لم يتكلم به؟ قيل له: نحن نبين ذلك، فنقدم مقدمة للأصول ليعلم أنها أحق بالرد فترد إليه قياسا، فنقول: إن الأفعال الثلاثية المضاعفة على ضربين: أحدهما يتعدى، والآخر لا يتعدى. فأما ما لا يتعدى فيجيء على مثالين: (فعل)، و (فعل)، وليس فيه (فعل). وسبيل مستقبل (فعل) أن يجيء على (يفعل) نحو: فر يفر، وقر يقر، وحن يحن؛ وعلى (يفعل) نحو: شك يشك،

وهب من نومه يهب. و (يفعل)، في مستقبل (فعل) من المضاعف، أكثر من (يفعل). وسبيل مستقبل (فعل) أن يجيء على (يفعل) مثل: لج يلج، وضن يضن، واسم الفاعل منها بمنزلة غيره أيضا، نحو: قار، وجان، وشاك، وهاب، وما أشبه ذلك. وأما ما كان معتديا فإنه إذا كان على (فعل)، بفتح العين، يجيء المستقبل على (يفعل) بقياس، نحو: شده يشده، وعقه يعقه، وما أشبهه. وليس في كلام العرب فعل ثلاثي مضاعف متعد على (يفعل)، بالكسر، إلا قولهم: يحبه، وهو قليل لا تستعمله العرب، وإنما الأكثر فيه الأفصح: أحبه يحبه. واسم الفاعل منه فاعل [124/ب] أيضا نحو: شاد، وماد، وما أشبهه. وما كان على (فعل) فهو كغيره أيضا، نحو: عضه يعضه، وبره يبره، والاسم: عاض، وبار. وأما ما كان غير عامل فإنه إن كان داء، أو خلقة، أو علة، أو حزازة، أو ما قارب هذه الأشياء، أو كان ضدا لها فإنه يكون على (فعل يفعل) نحو: صم يصم، وشلت يده تشل، وجم يجم، وما أشبه ذلك. فإن كان خصلة فإنه يجيء على (فعل) بفتح العين،

والمستقبل: (يفعل)، بكسرها، نحو: ذل يذل، وقل يقل، وعف يعف، وضج يضج، وصح يصح؛ والصفة منه: قليل، ذليل، عفيف، صحيح. وقد يقال في الاسم منه (فعل) نحو: غث يغث فهو غث، وشف الثوب يشف فهو شف؛ وقد قيل فيه أيضا: (فعل)، نحو: غر، وخل، وهم، وقد يجيء ما كان خصلة على (فعل يفعل)، وهو قليل، نحو: شح يشح فهو شحيح، وقد قالوا: شح يشح، على الأكثر؛ وليس في هذا الباب (فعل) أيضا إلا ما حكاه يونس في (لب) فقال: لببت، والأكثر: لببت. فهذه حقيقة أمثلة الأفعال الثلاثية المضاعفة، فإذا تكلفنا أن نقيس (إدا) على هذا نظرنا فإذا إد ليس بعمل، ولا هو داء، ولا علة، ولا لون، ولا خلقة، وإنما هو خصلة. وأفعال الخصال لا تكون، على ما قدمنا، إلا على (فعل يفعل) فيكون الفعل من (إد) كالفعل من (حل)، فيكون إد، بكسر الهمزة، كقولك: (حل)؛ وإن شئت قلت: (إد)، بكسر الهمزة والدال كقولك: حل، وإن

شئت قلت: ائدد، كما تقول: احلل وقولك: إد، كقولك: حل؛ هذا هو القياس الذي يعمل عليه، وبالله الثقة.

المسألة الرابعة: مسألة ابن ولاد لأبي جعفر: (كيف تقول: مررت برجل أسهل خد غلام أشد سواد طرة)

المسألة الرابعة سأل أبو العباس فقال: كيف تقول: مررت برجل أسهل خد غلام أشد سواد طرة؟ فقال أبو جعفر: في هذه المسألة وجوه: [125/آ] أجودها أن تزيد فيها ألفا ولاما، فتقول: مررت برجل أسهل خد الغلام أشد سواد الطرة. وإنما قلنا: إ، هذا أجود الوجوه؛ لأن سيبويه قال: (اعلم أن كينونة الألف واللام في الاسم الآخر أكثر وأحسن من أن لا يكون فيه الألف واللام؛ لأن الأول في الألف واللام وغيرهما ههنا على حال واحدة). يعني سيبويه أن الأول لا يتعرف بإدخالك الألف واللام في الثاني. ألا ترى أن قولك: مررت برجل أسهل خد الغلام أشد سواد الطرة أنه لم يتعرف أسهل ولا أشد، فاختير دخول الألف واللام ليكونا بدلا من الهاء، وإن شئت جئت بالهاء فقلت: مرت برجل أسهل خد

غلامه أشد سواد طرته. قال أبو العباس: في هذه الأجوبة ما قد أحلت فيه، على قول النحويين أجمعين، وليس فيها جواب عما سألناك عنه. وذلك أنا سألناك عنها بلا ألف ولا لام ولا هاء، فزدت فيها ما ليس فيها، وكان ينبغي أن ترد المسألة فتقول: هي خطأ على هيئتها إذا لم يدخل فيها الألف واللام والهاء، وتبين من أي وجه كانت خطأ، أو تجيب فيها إن كانت صوابا على هيئتها كما ألقيت. قال أبو جعفر: أما قولي: مررت برجل أسهل خد الغلام أشد سواد الطرة، فهو بمنزلة قولك: مررت برجل أحمر خد الغلام، وما أشبهه هو كثير في كلام العرب. وأنشد سيبويه بيتا، وهو قوله: أهوى لها أسفع الخدين مطرق .... ريش القوادم لم تنصب له الشبك فقوله: (أسفع الخدين) بمنزلة (أسهل خد الغلام).

وأما قولي: (مررت برجل أسهل خد غلامه أشد سواد طرته) فأسهل مرفوع بالابتداء، وخد غلامه خبرة، والجملة في موضع جر، وكذلك الجملة [125/ب] الثانية؛ كما تقول: مررت برجل أسود غلاه أحمر أبوه. وهذا أشهر من أن يحتاج إلى أن يستشهد له. ونظيره قوله عز وجل: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم}، على هذه قراءة من قرأ بالرفع، وهو أحسن، وكذلك الرفع في المسألة أحسن، وكذا كل ما لم يكن جاريا على الفعل فهذا حكمه. وأما قولي: مررت برجل أسهل خذ غلامه أشد سواد طرته، فعلى أن أجعل (أسهل) نعتا لـ (رجل)، وأجعله بمعنى (يسهل) فأرفع خد بأسهل، وكذلك الجملة الثانية؛ كما تقول: مررت برجل أحمر أبوه، والرفع أجود، وإنما جاز أن نجريه على الأول لأنه بمعنى ما هو جار على الفعل، ونظيره القراءة {سواء محياهم ومماتهم}.

وأما قولك: إني زدت في المسألة ألفا ولاما وهاء، فقد بينا لم زدنا الألف واللام على مذهب سيبويه وقد ذكرناه. قال محمد بن بدر النحوي: ذكر أن سيبويه قال: (وكينونة الألف واللام في الاسم الآخر أكثر وأحسن)، ثم جعله في غير موضعه. وإنما الذي ينبغي أن لو جعلها في موضعها- لو كان من أهل العلم- لعرف الموضع الذي تجعل الألف واللام في الآخر منه دون مالا تجعلان فيه. قال سيبويه: (وتقول فيما لا يقع إلا منونا عاملا في نكرة، وإما وقع منونا لأنه فصل بين العامل والمعمول، فالفصل لازم له أبدا: مضمرا أو مظهرا، وذلك قولك: هو خير منك أبا، وأحسن منك وجها ... وإن شئت: هو خير عملا، وأنت تريد منك) فالفصل الذي قال: هو لازم أبدا في الإضمار والإظهار هو (من)، وأكده بأن قال: (ولا يعمل إلا في نكرة؛ لأنه لم يقو قوة الصفة المشبهة)، هذا نظير كلامه؛ وأين حكايتك عنه: (إن كينونة الألف واللام في الاسم الآخر أحسن وأكثر من أن لا يكونا فيه)، وقد قال: إنه لا يعمل إلا في نكرة، والنكرة سواء كانت مفردة أو مضافة؛ لأنا نقول: هذه عشرون مثقالا، وعشرون مثقال مسك،

فلا يتغير عن أن يكون تمييزا. فقولك (أسهل) كقولك (أحسن)، [126،آ] وقولك (وجها) كقولك (خد غلام) كما كان (عشرون مثقالا)، و (مثقال مسك) سواء. والصفة المشبهة بالفاعل هي الأوصاف التي تكون خصالا، أو ألوانا، أو خلقا في الموصوفين، ولا تكون أعمالا لهم، نحو: كريم وكريمة، ولئيم ولئيمة، وأحمر وحمراء، وأعرج وعرجاء. والفاعل الذي هذا مشبه به نحو: ضارب وقاتل، ومكرم، ومستمع؛ والأول غير عمل يعمله الموصوف، ولا يقع باختياره، والثاني عمل يعمله الموصوف ويقع باختياره. والشبه الذي بينهما في اللفظ أن تقول: مررت برجل حسن الوجه، فيكون كقولك: مررت برجل ضارب زيد؛ ومررت برجل حسن الوجه، فيكون كقولك: مررت برجل ضارب زيدا؛ وكذلك: مررت بامرأة حسنة الوجه، كقولك مررت بامرأة ضاربة زيد، وحسنة الوجه، كقولك ضاربة زيدا، وكذلك: مررت برجل أحمر الوجه، وبامرأة حمراء الوجه، وما أشبهه. وكذلك: مررت برجل حسن وجهه، كقولك: مررت برجل قائم أبوه؛ فهذه الصفة التي قال سيبويه: (وكينونة الألف واللام في الثاني أحسن وأجود)، إلا أن هذه الصفة لا تعمل إلا فيما كان منها أو من سببها، واسم الفاعل

يعمل فيما كان من سببه وغيره. فأما ما كان من الأوصاف على وزن (أفعل) يراد به التفضيل ويلزمه الفصل على ما شرطه سيبويه=فإنه لا يعمل إلا في نكرة، وتنصبها على التمييز، نحو: هذا أحسن منك وجها، وأكثر منك مالا؛ وإن شئت قدمت فقلت: أحسن وجها منك، وأكثر مالا، وإن شئت حذفت الفصل وأنت تريده كما قال، فتقول: أنت خير أبا، تريد (منه)؛ قال الله عز وجل: {هم أحسن أثاثا ورئيا} يريد: منهم، وإن شئت حذفت المعمول فيه وجئت بالفصل، فتقول: زيد أفضل من عمرو، ولا يجوز أن تحذفهما جميعا إلا أن يكون ذلك مشهورا في الخلق [126/ب]، كقولهم: الله أكبر؛ لأنه قد علم أن الأمر كذلك، فكأنه قد نطق بالفصل؛ أو يكون شائعا في أمة، نحو قول الفرزدق:

إن الذي سمك السماء بنى لنا .... بيتا دعائمه أعر وأطول وأنا قول من يقول: إن هذا قد يكون بمعنى فاعل أو غيره، فليس عندنا بشيء؛ لأنه لا نجد عليه دليلا. فإذا أردت إضافة (أفعل) هذا الذي لتفضيل ومعنى التعجب لم تضفه إلا إلى جمع، والألف واللام تكون جنسا للأول، ويكون الأول بعضا للثاني، نحو قولك: زيد أفضل الرجال؛ ولا تكون الإضافة في هذه الأوصاف التي في هذا المعنى إلا على هذا. ألا ترى أنك لا تقول: زيد أفصل الخيل، ولا فرسك أفضل الناس؛ لأن الناس ليسوا جنسا للفرس، ولا الفرس بعضا لهم، وهكذا جميع هذا. وقد يجوز أن تحذف الألف واللام وبناء الجمع من الجنس استخفافا، فتقول: زيد أفضل رجل، وأنت تريد: أفضل الرجال، كما قلت هذه مائة درهم،

تريد: من الدراهم، وكل رجل، تريد الرجال. ولا يشبه (أفعل) الذي يكون بلا فصل أفعل الذي يلزمه الفصل، ولا هو منه في شيء؛ لأن الذي لا يلزمه الفصل يثنى ويجمع ويؤنث ويذكر، والذي يلزمه الفصل لا يثنى ولا يجمع ولا يؤنث؛ تقول: زيد أفضل من عمرو، والزيدان أفضل من عمرو، والزيدون أفضل من عمرو، وهند أفضل من دعد، وما أشبه ذلك ولـ (أفعل) الذي يلزمه الفصل جوه كثيرة تدل على أنه ليس من (أفعل) الذي لا يلزمه الفصل بشيء، وليس بها خفاء على من اعتبرها أدنى اعتبار. والذي يدل على تمويهه أن قوله: (ألا ترى أن قولهم: مررت برجل أسهل خد الغلام أشد سواد الطرة أنه لم يتعرف

أسهل ولا أشد) فيحتاج إلى أن يعلم من قاله، فإنه كذب لم يقله أحد. وقوله: (أما قولي: مررت برجل أسهل خد الغلام أشد سواد الطرة فهو كقولك: مررت برجل أحمر [127/آ] خد الغلام، وما أشبهه، وهو كثير في كلام العرب، وأنشد سيبويه ... البيت الذي ذكره، وأن أسفع الخدين بمنزلة أسهل خد الغلام) = محال كله. أما قوله: (هو مثل مررت برجل أحمر خد الغلام، وهو كثير) فكذب. وكان ينبغي أن يذكر من ذلك ولو حرفا واحدا. و (أسهل خد الغلام) لا يقوله أحد لا من العرب، ولا من العجم؛ لما تقدم من الفرق بين أفعل الذي لا يلزمه الفصل، والذي يلزمه وليس (أسفع) مثل (أسهل) لأن (أسفع) إنما الصفة واقعة فيه على الثاني وهو الخدان، والسفعة لهما دون الأول؛ و (أفضل الناس) الصفة هي للأول دون الثاني، والفضل له دون المضاف إليه. فإذا قلت: (أسهل الخد) فإنما تعني موضعا من الخد، كما تقول: الصدر أجود الدراج، والسرة أطيب الحوت، ووجه أخيك أحسنه. ولو أردت بـ (أسفع) ما أردت بـ (أسهل) لم يجز؛ لأنك

تقول: مررت برجل أسهل خدا من زيد، ولا تقول: مررت برجل أسفع خدا من زيد. وإن (أسهل خد الغلام) معرفة، وقد وصفت به النكرة، ويدل على أن (أفعل) الذي يلزمه الفصل يكون معرفة إذا أضفته إلى الألف واللام أنك لا تدخل عليه الألف واللام فتقول: هذا الأفضل الناس، ولا: هذا الأسهل خد الغلام، وأنت تقول: هذا الأحمر الوجه، والأسفع الخدين. وأما البيت فإن سيبويه قال في الصفة المشبهة: إنما تنون فتنصب، ويحذف التنوين فتضيف. ثم قال: (ومما جاء منونا قول زهير: (أهوى لها ...)، فذكر البيت على أن الشاهد (مطرق) لا غير؛ كذا قال أهل العلم. وأنشد في آخره للعجاج: محتنك ضخم شؤون الرأس قوله: (وأما [127/ب] قولي: مررت برجل أسهل خد غلامه أشد سواد طرته، فأسهل مرفوع بالابتداء، وخد غلامه خبره، وكذلك الجملة الثانية) = يدخله الخطأ من وجوه:

أحدهما: أنه رفع أسهل بالابتداء، وهو نكرة، وخد غلامه، الخبر وهو معرفة. وأن أسهل للمفاضلة لا يجوز أن يحذف منه الفصل والمعمول فيه معا، ولا دليل على ذلك. وأنه جعل الجملتين وصفا للرجل، والجمل- إذا كانت أوصافا، أو أخبارا، أو أحوالا- يعطف بعضها على بعض، فتقول: مررت برجل قام أبوه وقعد، ولا تقول: قام أبوه قعد. وأنه إن جعل الهاء في (طرته) للرجل أحال. إنما المراد أن الغلام هو الأسهل الخد الأسود الطرة ليس الرجل. وإن جعلها للغلام أحال؛ لأن الإعراب يصير لحنا ويجوز أن يكون أشد مجرورا ولكن يكون منصوبا كما تقول: هذا رجل أسهد خد غلام أشد سواد طرة، فتجعل أشد منصوبا على الحال، كما قالوا: مررت برجل مقيمة أمه منطلقا أبوها، لا غير.

وقوله: (هذا أشهر من أن يستشهد له) كذب. قوله: (أما قولي: مررت برجل أسهل خد غلامه أشد سواد طرته) فعلى أن أجعل أسهل نعتا لرجل، بمنزلة سهل فأرفع خد بأسهل، وكذلك الجملة الثانية) قد أحال فيه؛ لأنه لم يأت لأسهل ولا لأشد بالفصل ولا المعمول فيه ورفع به الظاهر، وإنما سبيله أن يرفع المضمر؛ لأن هذا الوصف الذي للمفاضلة لا يرفع إلا المضمر لا غير. ومثلوه بقولهم: ما رأيت أحدا أحسن في عينه الكحل منه في عينه، و (ما من أيام أحب إلى الله عز وجل فيها الصوم منه في عشر ذي الحجة). والكلام على الهاء ههنا كالكلام عليها قبل. قال أبو جعفر مخاطبا لابن بدر: قلت: قال: فما تقول [128/آ] الآن في المسألة كهيئتها أحق هي وصواب أم خطأ؟! قلت: الجواب أن المسألة على هيئتها تجوز على بعد، وإنما أجبنا فيها بالأجوبة الأول التي بينها لنأتي بما هو مشهور لا لبس

فيه. وجوابها على قول من قال: مررت برجل حسن وجه؛ لأنه قد علم أنه لا يريد من الوجوه إلا وجهه، فصار المعني: مررت برجل حسن وجهه، ثم حذفت الهاء وأضفت. على هذا تقول: مررت برجل أسهل خد غلام أشد سواد طرة، على أن المعنى أنه يراد غلامه وطرته. قال: هذا لحن، من طريق أنك لو أظهرت هذه الهاء التي أضمرتها لكان الكلام بها محالا. وذلك أنهم قالوا: لا يجوز: مررت برجل أحسن وجه أبيه؛ لأنك لا تضيفه إلى نفسه. وبقي جواب هذه المسألة لا يؤت بشيء منه، وكل ما أتي من الكلام فليس مما يتكلم به على هذه المسألة، وهي جائزة على وجه جيد لا زيادة ولا إضمار ولا نقص، من كتاب الله عز وجل؛ وإعراب هذه المسألة: مررت برجل أسهل خد غلام أشد سواد طرة، كما قال الله عز وجل: {الأعراب أشد كفرا ونفاقا} يريد: (أشد الناس كفرا)، وكذلك لو قال قائل: أشد الناس كفر قلوب لكان على هذا جائزا. وأما إضمار الهاء فإنه محال، على ما بينا من إضافة الشيء إلى نفسه.

قلت: قوله (هذا لحن) لا يلتفت إليه إذ كان تشنيعا. واعتلاله بأنك لو أظهرت هذه الهاء لكان الكلام بها محالا من أطرف الكلام؛ لأنه لم يبين م أين صار محالا، وقد أجاز سيبويه: مررت برجل حسن وجه، أفتراه إذا قال: مررت برجل حسن وجهه، فأظهر الهاء يكون الكلام محالا؟! وأنشد سيبويه: لاحق بطن بقرا سمين وقوله: إنهم قالوا: لا يجوز: مررت برجل (128/ب] أحسن وجه أبيه، لأنك لا تضيفه إلى نفسه) فجاء بما لا يشبه ما جرى، وحكى أنه لا تجوز، واعتل في امتناعها بأنه لا يجوز أن تضيف الشيء إلى نفسه، وهذه علة من لا يدري ما معنى إضافة الشيء إلى نفسه. ويبين ذلك أنا إنما أضفنا أحسن إلى الوجه، وأضفنا الوجه إلى الأب، وأضفنا الأب إلى الهاء، والهاء عائدة إلى الرجل؛ فما الذي أضفناه إلى نفسه؟! والمسألة التي جاء بها وقال: (لا تجوز) جائزة، على مذهب

سيبويه. وذلك أنه يجوز أن تقول: مررت بامرأة حسنة وجهها، وزعم أبو إسحاق أن التقدير: مررت بامرأة حسنة الوجه، ثم جئت بالهاء بدلا من الألف واللام، كما أن الألف واللام تقع بدلا من الهاء في قولك: مررت بحسن الوجه والتقدير: بحسن وجهه. وأنشدني أبو إسحاق: أقامت على ربعيهما جارتا صفا .... كميتا الأعالي جونتا مصطلاهما وقوله: (وبقي جواب المسألة لم يؤت بشيء منه) مكابرة وبهت؛ لأني قد جئت فيها بأجوبة. وأما تشبيهه المسألة بقوله عز وجل: {الأعراب أشد كفرا}

يعني: (أشدُّ الناس كفرا)، فاجتراء على كتاب الله عز وجل، وكلام فيه بغير علم. وكيف يجوز أن يحذف من المسألة مالا يعرف ويكون معنى كلامه إنه أسهل الناس كلهم خد غلام أشدهم سواد طرة؛ وقد يحتمل أن يراد به وجه بعض الناس فلا يدرى ما حذف، ولا يجوز أن يحذف مالا يعرف. وأيضا فإنه قد شبه المسألة بقوله: مررت برجل أحسن وجه أبيه فهي على هذا مضافة إلى معرفة فكيف يجوز أن يشبه ما هو مضاف إلى معرفة بما هو مضاف على البيان، والمبين لا يكون إلا نكرة؟. قال: [129/آ] هذا الذي ألزمتنيه في حذف (الناس) يلزمك في الآية مثله. وأما قولك: إن هذا لا يشبه الآية من قبل أن البيان في الآية أتى غير مضاف، والبيان في مسألتنا أتى مضافا، فسواء علينا أضفنا البيان إلى نكرة أو لم نضفه؛ لأنه لا يتعرف بالنكرة، فكأنه لم يضف لأنه على كل حال نكرة. قلت: أما قوله: (هذا الذي ألزمتنيه في حذف الناس يلزمك مثله في الآية) فكيف يلزمني في الآية مثله، وأنا أقول: إن الآية لا

تشبه من المسألة شيئا؟. وإنما ألزمناه أن لا يحذف إلا ما يعرف. ألا ترى أنه لا يجوز (زيدا)، وأنت تريد: ضربت زيدا؟ لأن المعنى لا يعرف، وإنما يحذف ما عرف، فكيف يجوز أن يحذف شيء تقع في موضعه أشياء؟ لأنك تقول: أشد الناس، وأشد أصحابه؛ فصار بمنزلة قولك: زيدا، وأنت تريد: ضربت زيدا؛ لأنه لا يعلم ما أضمرت. قال: هذا كلام مستغنى عن جميعه؛ فالإلزام فيه خطأ. وذلك أن الحذف من المسألة والآية واحد لا فرق، ولم يرنا الفرق، وإنما قال: الحذف إذا لم يكن دليل فهو خطأ، وهذا- لعمري- كلام صحيح غير أنه ليس بمقابل لمسألتنا، ولا فيه دليل على الفرق بين الآية والمسألة. فأما قوله: إنك إذا قلت: مررت برجل أسهل خد غلام فإنه قد يمكن أن يكون الحذف ههنا لأشياء، كقولك: (أسهل الناس)، وغير ذلك، فهذا سبيل الآية؛ لأنه قد يمكن أن يكون: الأعراب أشد الناس وأشد الأقوام. قلت: قد تقدم قولنا: إن الآية لا تشبه من المسألة شيئا،

وهذا الإلزام الذي ألزمنيه من أنه قد يكون التقدير في الآية: (أشد الناس، أو أشد الأقوام) إلزام يدعيه علي ولم أقله؛ لأني لم أقل [129/ب]: المحذوف الناس، فيلزمني هذا. وليس من لم يدر معنى يجب أن يشبهها بشيء من الكلام. والذي يوجب معنى الآية- والله أعلم- أن يكون المعنى: الأعراب أشد كفرا من غيرهم، ثم حذف، كما قال عز وجل: {وهو أهون عليه}، ومثل قولنا: الله أكبر، أي: من كل شيء؛ هذا قول أكثر أهل اللغة. فكذا قوله: {الأعراب أشد كفرا} حذف منه كما حذف مما ذكرنا. قال: أما قوله: (الأعراب أشد كفرا من غيرهم) فإنها إذا حذفت منها الناس ففيها هذا المعنى بعينه، وليس هذا مما ينقذك من اللحن الذي لحنته في المسألة، ولا بمبطل أن يكون أيضا قد أضمر الناس في هذا الموضع. قلت: قوله: (إذا حذفنا الناس ففيها هذا المعنى بعينه) تقول؛ لأنا قد بينا أنه لا يجوز أن يحذف إلا ما يعرف.

وقوله: (وليس هذا مما ينقذك من اللحن الذي لحنته في هذه المسألة) بهت؛ لأنا قد بينا الأجوبة في هذه المسألة، وجئنا بنظارها من كتاب الله عز وجل؛ ومن كلام العرب. قال محمد بن بدر النحوي: أما ما حكيت عن خصمك من قوله: (فما تقول الآن في جواب المسألة على هيئتها) فإنه يدل على أنه قد علم تخليطك عليه. فنقول: أما قولك: (مررت برجل أسهل خد غلام أشد سواد طرة) فخطأ؛ لجعلك الطرة للرجل. وأما جواب خصمك حين قال: مررت برجل أسهل خد غلام أشد سواد طرة، فصحيح لما قدمنا. وأما قولك: (واعتلاله بأنك لو أظهرت الهاء في مررت برجل أحسن وجه أبيه كان الكلام محالا؛ لأنه لم يبين من أين كان الكلام محالا) فلعمري إن الصواب عندك لطريف، ولأنه لا يقول عربي ولا عالم: مررت برجل أحسن وجه أبيه، إذا كان لا يشبه قوله: (جونتا مصطلاهما) وإذا كان لا يجوز أن يقال: مررت برجل أحسن الوجه، للعلة المذكورة عن أهل العلم. فقولك: (مررت برجل أحسن وجه أبيه) أشد إحالة ولو لم نقف على إحالته بالعلم

لكان في الفطرة محالا. وقد أنكر كثير من النحويين قوله: (جونتا مصطلاهما) واستبعدوه جدا. وأما استشهادك على إجازة إضمار الوصف إلى ضمير الموصوف بإجازة سيبويه: مررت برجل حسن وجهه، فأي شيء بين هذا وذاك؟ وهذا مضاف، والمضاف داخل في الأول، وذاك فاعل وهو منفصل منه؛ وإنما قال: لا يضاف الشيء إلى نفسه. وأين المضاف من الفاعل؟ وأما قولك: (قوله: وذلك أنهم قالوا: لا يجوز مررت برجل أحسن وجه أبيه) فهو كما قال؛ لعلتين: إحداهما ما ذكرناه، وإذا أضيف الوصف أو الخبر إلى مضاف إلى ضمير الموصوف أو المخبر عنه فهو كالمضاف إلى عينه لا فرق بين قول القائل: مررت بكريمه، وكريم أبيه في موضوع اللغة، وكذلك إن كان أبعد من هذا، هذا موضوع اللغة. والذي تكلمت به، في

الإضافة، دليل عند أهل العلم أنك بمعزل هما هم فيه. وأما قولك: (وتشبيهه المسألة بقوله عز وجل: {الأعراب أشد كفرا} فاجتراء على كتاب الله عز وجل، وكلام فيه بغير علم)، فما أقل معرفتك بما المسلمون عليه!! وهل يستشهد أحد بأصدق من كتاب الله عز وجل أو يرجع إلا إليه؟ وقد شبهت كلاما خطأ بكتاب الله عز وجل، وهو قولك: (مررت برجل أسهل خد غلامه أشد سواد طرته) وشبهته بقوله عز وجل: {سواء محياهم ومماتهم} وقد نزه الله عز وجل كتابه عنه. وأما قولك: وكيف يجوز أن يحذف من المسألة مالا يعرف، ويكون معناه: إنه أسهل الناس كلهم خد غلام وأشدهم سواد طرة) فهكذا كلام العرب، وهكذا قال سيبويه، ولابد من الفصل مضمرا أو مظهرا، وإنما يضمره إذا علم ما هو؛ قال الله عز وجل: {فالله خير حفظا} معناه من حافظ، وقال عز

وجل: {ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا}، أي: من مثلهم. فإذا أطلق مثل هذا ولم يقيد حمل على كل ما يمكن فيه ما أمكن في الموصوف أو المخبر عنه، فإذا قال [130/ب] القائل: زيد أكثر مالا، فإن علمنا من يعني وإلا فهو على الناس كلهم حين أطلق اللفظ؛ هكذا قولهم: الله أكبر، إنما هو أكبر من كل شيء يمكن أن يسمى كبيرا، من حيوان أو غيره. ولم يقل أحد: إن هذا غير جائز، ولست أراك تمتنع من أن تقول ذلك. ولو علم الناس أن من كانت هذه طريقته هادم للشريعة لعفوا أثرك. وأما قولك: (وكيف يجوز أن يحذف من المسألة مالا يعرف، ويكون معنى كلامه: أسهل الناس كلهم خد غلام، فهذا موضوع كلام العرب إذا تكلموا بمثل هذا: أن يكون الفصل مضمرا واقعا على كل شيء شركه في ذلك المعنى، وذلك أنهم إذا قالوا: زيد أحسن وجها، فإنما يريدون: أحسن من كل من

يوصف بحسن، وهكذا: {الأعراب أشد كفرا} إنما هو: من كل من يوصف بالكفر؛ هذا إذا أطلق الكلام. فإذا قيدوه أخرجوه من العموم كقولك: زيد أحسن وجها من عمرو ويقول القائل: الأعراب شر من الأكراد، فلا يكون هذا الكلام دليلا على أنهم شر من غير الأكراد؛ هذا الذي عليه أهل اللغة. وأما قولك: (إنه لا يجوز أن يحذف إلا ما يعرف) فليس كما قلت؛ لأن العرب تقول: ضربت، وكسوت، وأعطيت وظننت ولا يذكرون المضروب، ولا المعطى ولا العطية، ولا المظنون، وللمحذوفات من الكلام حقيقة ومواضع إدراكك لها عسير بدليل ما أظهرت من بلادتك في رسالتك. وأما قولك: (والذي يوجب معنى الآية أن يكون الأعراب أشد كفرا من غيرهم، ثم يحذف) فهذا غير المحال في التأويل، والرجوع إلى قول خصمك. أما الدليل على استحالته فإن كل شيء غير الأعراب من حيوان وغيره. فإن قلت به آل ذلك إلى أن تقول: أشد كفرا من الحجارة أو من الخشب؛ لأن الحجارة والخشب غير الأعراب، أو تقول: إنما أعني [131/آ] بذلك ما يميز ويكلف فترجع إلى قول خصمك

ضرورة، وقد عيبت الكلام باستشهادك بقوله عز وجل: {وهو أهون عليه} وهذه آية قد كنت عن ذكرها بمعزل لتنازع الناس معناها. ولولا أنا نريد هداية من أضللته والنصيحة لمن عورته لكان قارئ رسالتك يعلم أنك معدود من أهل العلم. هذا أخر كلام الجميع في هذه المسألة.

المسألة الخامسة: مسألة أبي جعفر لابن ولاد: (كيف تقول: إن سارا ساره حديثك كلامك)

المسألة الخامسة قال أبو جعفر: كيف تقول: إن سارا ساره حديثك كلامك؟ قال أبو العباس: تقدير هذه المسألة: إن حديثك سار ساره كلامك. قال أبو جعفر: هذا التقدير خطأ بإجماع النحويين، لأنهم قد أجمعوا أنه لا يفرق بين (إن) واسمها إلا بالظرف، أو ما قام مقامه. فإن قال قائل: إني أقدم (حديثك) وأجعله يلي (إن) قلت: هذا فرار من المسألة، ومجيء بمسألة أخرى. وأيضا فإنه لم يقدر في جواب تقدير المسألة فيفهم ما بناه عليه من الجواب قال: أما قوله: (إن هذا التقدير خطأ) فعلى خلاف ما ذكر، إذ كنا لم نفرق بين (إن) وبين اسمها في حال التقدير، وإنما كان تفريقنا بينهما في حال الإلقاء، والتقدير صواب. وأما قوله: إن هذا التقدير أيضا خطا، فهذا خطأ، وقد كان يجب أن يبين من أي وجه كان خطأ؛ لأن الفائدة في

الحجة لا في الدعوى. قلت: قوله: (لم نفرق بين (إن) وبين اسمها في حال التقدير وإنما كان مفرقا في حال الإلقاء) ليس كما قال، ولم يجب عن المسألة بشيء على ما ألقينا، ولم يقل هي صواب ولا خطأ. وقد كان يجب أن يبين من أي وجه كان خطأ، وقد بيناه بقولنا: إنه لا يفرق بين (إن) وبين اسمها إلا بالظرف أو ما أشبهه. قال: قد بينا أنا لم نفرق، بل رددنا كل شيء إلى حقه. قلت: قوله: (بل رددت كل شيء إلى حقه) ادعاء، ولم يقل في المسألة من غير تقديم ولا تأخير شيئا. قال: قد قلنا: إنها صواب على التقدير الذي قدرناه، وأعربناها على ما تستحق من الأعراب وبقي عليه أن يبين من أين صار تقديرنا خطأ. قلت: قوله: (قد أعربناها على ما تستحق من الإعراب) ليس كما قال؛ لأنه أجاب عن مسألة أخرى، وجوابه أيضا خطأ؛ لأنه قال: إن حديثك سار سره كلامك، فإذا نصب الحديث بـ (إن) فما معنى قله: سار ساره؟ وما معنى هذا الكلام؟ ونحن نريد

الجواب عن هذه المسألة بلا تقديم ولا تأخير، وهل هي خطأ أم صواب. قال: ويجوز في هذه: إن سارا ساره حديثك كلامك؛ على أن تجعل سارا اسم النعت، وأقيم النعت مقام المنعوت وتجعل (كلامك) خبر (إن)، كما تقول: إن ضاربا ضاربه زيد عمرو، كأنك قلت: إن رجلا ضاربا يضربه زيد عمرو. قلت: هذا الجواب خطأ؛ لأنه زعم أنه أقام النعت مقام المنعوت، وإنما التقدير: إن شيئا سارا، فكيف يجوز أن تعود الهاء على مالا يعرف؟ فكلامه هذا لا يحصل منه شيء؛ لأنا لو قلنا: إن شيئا سارا ساره حديثك كلامك لم يكن للكلام معنى، ففي استحالته من أنه لا يعرف معناه كفاية عن أن يرد. قال: ويجوز فيها أيضا: إن سارا ساره حديثك كلامك، على أن تجعل (ساره) نكرة موصولة، وتكون اسم (إن)، ويكون الكلام بدلا من الحديث ويضمر الخبز، كما قال الأعشى: [132/]

إن محلا وإن مرتحلا ... ... ... ... كأنه قال: إن محلا لنا. وكذلك أراد في هذا: إن سارا من قصته، ومن شأنه لنا؛ فهذا وجه. قلت: من أعجب ما في هذا الانتقال من جواب إلى جواب، وترك الثبات على جواب واحد؛ أو القول في أول وهلة: إن هذه المسألة فيها وجوه. ومن أعجب ذلك قوله: (نكرة موصولة)، وقد عرفنا النحويون الأسماء الموصولة وهي التي لا تتم إلا بصلة، وقد علمنا أن الصلة إنما تكون أشياء معلومة. قال: ويكون الكلام بدلا من الحديث، كما قال الشاعر: متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ...

فزعم سيبويه أن (تعشو) بدل من (تأته). قلت: هذا كذب على سيبويه، وكسر للشعر، ولحن في الإعراب؛ لأن سيبويه إنما قال: إن (تعشو) في موضع الحال، ولو كان (تعشو) بدلا لكان: (متى تأته تعش إلى ضوء ناره) فلا يتم الوزن، ولو كان هذا، في كلام، لم يجز؛ قال النحويون: لو قلت: متى تأتنا تكلمنا نكلمك، لم يجز؛ لأن قولك: (تكلمنا) ليس بإتيان فلا يكون بدلا، وكذلك قوله: تعشو، ليس بإتيان؛ لأن معنى تعشو: تفعل ذلك من غير أن يكون بك عشاء. يقال: عشا يعشو: إذا تعاشي؛ قال عز وجل: {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيضا له شيطانا}. قال: الصلة عندنا على نوعين، كما قال الكوفيون: صلة يتم بها الاسم، وصلة يستغنى عنها، وإنما هي زيادة في التبيين، على أن البصريين قد سموها أيضا صلة. وأما قوله: (متى تأته عشو)، فإن هذا يجوز أن يكون بدلا لو

لم يكن في شعر، فإن أردت ما يتم به [132/ب] الوزن فبقول الشاعر: متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا ... و (تعش) إن جزمته في الكلام صار بدلا؛ لأن الإتيان بمعناه، وإن أردت الحال قلت: (تعشو) كما قال الشاعر يريد: عاشيا. قلت: أما ادعاؤه أن الأسماء الموصولة تنقسم قسمين فيحتاج إلى أن يبين القسمين. فإن كان قول أحد من المحققين عرفناه. وكيف يجوز أن يكون اسم موصول يستغني عن صلة، والصلة في الموصول بمنزلة الدال من زيد، فهل يجوز ان يستغنى عن الدال من زيد؟. وأما قوله في البيت: إنه يجوز: متى أته تعش، فخطأ لما بينا، ثم تدارك قوله بأن قال: إنه يجوز في الكلام، وقد بينا أنه

لا يجوز في كلام ولا شعر. قال: هذا كلام فيه تطويل لا ينتفع به، ولكنا نرد منه ما يستحق الرد. أما قوله: (إن الصلة بمنزلة الدال من زيد، فلذلك لا يجوز حذف الصلة) فإنا قد وجدنا النحويين يقولون: إن المضاف داخل في الاسم، وقد وجدناهم يستغنون عنه، مثل قولنا: هذا غلام زيد، وهذا غلام فاعلم، فجائز أن يكون بعض الموصولات على هذا السبيل في الاستغناء عن صلته والمجيء بها للتبيين. قلت: أما قوله: (هذا كلام فيه تطويل) فانقطاع لما تبين عليه من الخطأ؛ لأنا لم نزد على الرد عليه فيما قال وتبيين ذلك. وأما تشبيهه المضاف إليه بالصلة، فلا يشبه المضاف إليه الصلة من هذه الجهة؛ لأن المضاف إليه وإن كان لا ينفصل فإن الأول قائم بنفسه، وليس كذلك الأسماء الموصولة. وأما معنى احتجاجه بقول النحويين: إن المضاف داخل في المضاف إليه، فهذا لا يشبه من الصلة [133/آ] والموصول شيئا؛ لأن الموصول لا يقوم بنفسه، والمضاف يقوم بنفسه.

قال: أما قوله: (إن الموصول غير قائم بنفسه، والمضاف قائم بنفسه) فقد عرفناه مرة أن الموصول منه ما يقوم بنفسه، ومنه مالا يقوم بنفسه. وأما قوله: (وكيف بشبه المضاف وهو يقوم بنفسه، والموصول لا يقوم بنفسه)، فإنا لم نقل: إن المضاف أشبه الموصول الذي لا يقوم بنفسه بل أشبه الموصول الذي يقوم بنفسه، وجاز أن تحذف الصلة منه قلت: قوله: (إنما لم نقل: إن المضاف أشبه الموصول الذي لا يقوم بنفسه) خطأ؛ لأن الموصولات كلها لا تقوم بنفسها ولا تقيد إلا بصلتها. ولو كانت تقوم بنفسها لما احتجنا إلى الصلة، وهل يخلو قولنا: مررت برجل ظريف، من أن يكون قولنا (ظريف) نعتا، أو صلة فإن كان نعتا فقد ناقضت قولك، وإن كان صلى فقد أخطأت؛ لأن الصلة لا تكون اسما واحدا، وإنما تكون مبتدأ وخبرا، أو فعلا وفاعلا، أو ظرفا، أو شرطا وجوابه، وقولك (ظريف) ليس مما يكون صلة؛ لما ذكرنا. قال: أما قوله: ماحاجتنا إلى الصلة والاسم يقوم بنفسه؟ فإنما وصلناه زيادة للتبيين. وأما قوله: إنه لا يخلو النعت عنده من أن يكون صلة، أو

غيره، فإن النحويين قد يمنعون الشيء من طريق التسمية، ولو سمى النعت مسم صلة، في قولك: مررت برجل ظريف، ومررت بزيد الظريف؛ ومررت بزيد الظريف؛ ما عنفته في ذلك. قلت: قوله: (لو سمى مسم النعت ما عنفته في ذلك) قول لا نعلم أحدا قال به. وهل يطلق أحد أن تغير الأسماء، وأن يغير ما اصطلح عليه النحويون من المصادر وغير ذلك مما عرف ولا يجوز تغييره!؟. فكيف يجوز أن يسمى النعت [133/ب] صلة؟ فإن كنت أنت سميته صل احتجنا أن نعرف قولك حتى نحكي عنك؛ لأن التسمية ليست إلينا. قال: السؤال أحب إلينا من التطويل في هذا الباب إذا كان قد مضى ما فيه كفاية. قلت: هذا الكلام لا يوجب اعتذارا من اللحن في هذه المسألة. وجواب هذه المسألة أن تقول: إن سارا ساره حديثك كلامك، والتقدير: إن قولا سارا رجلا ساره حديثك كلامك، فـ (سار) منصوب لأنه نعت لـ (قول)، و (قول) اسم (إن)، وقولك (ساره) نعت لـ (رجل)، و (رجل) منصوب بوقوع (سار) عليه، و (حديثك) مرفوع بقولك (ساره)، و (كلامك) خبر (إن)

قال محمد بن بدر: هذا نص ما ذكرته عن خصمك، وارتضيته من قولك، وليس فيما عبت عليه شيء ينكره العلماء ولا يعدل عنه الفهماء. وأما قوله حين قال لك: (تقدير هذه المسألة: (إن حديثك سار ساره كلامك): هذا التقدير خطأ)؛ ثم قلت في آخر هذا الفصل حين انفصل وألزمك ما لم تنفصل عنه مما نصصته ليقف عليه من تأمله: (ولم تجب عن هذه المسألة بشيء على ما ألقيته، ولم تقل هو صواب ولا خطأ) وعلى أي شيء يعمل، أعلى قولك: هذا التقدير خطأ؟ أم على قولك: ولم تجب عن هذه المسألة بشيء؟ وآخر الفصل قولك: (ونحن نريد الجواب عن هذه المسألة بلا تقديم ولا تأخير، وهل هي خطأ أم صواب) = ففيه دليل على أن ما تقدم من كلام خصمك لم ترضه ولم تسخطه لطلبك الجواب. ثم قلت: فقال: (ويجوز في هذه المسألة: إن سارا ساره حديثك كلامك، على أن تجعل سارا اسم (إن) وتقيم النعت مقام المنعوت، وتجعل (كلامك) خبر (إن)، كما تقول: إن ضارباً

ضاربه زيد عمرو) فأنكرته وهو صحيح [134/آ] بمنزلة قولك: مررت بضارب يكلمه زيد، فهكذا: مررت بسار سره زيد، وساره زيد، على ما قال. وقد يكون أراد: إن سارا ساره كلامك حديثك فترفع ساره لأنه خبر الابتداء، ويكون الابتداء (كلامك) والجملة وصف لسار، والهاء عائدة على (سار) في الموضعين جميعا؛ كما نقول: مررت برجل كلامك ساره؛ وهذان الوجهان لا يمنعهما أحد من النحويين. وأما قولك: (فكيف يجوز أن تعود الهاء على مالا يعرف) فهذيان؛ لأنه لم يقل لك: إنها تعود على ما لا يعرف ولا ادعاه، وإنما تأولته عليه قولته إياه. وهذا كقولهم: مررت بمعجب أخاك، فلا شك أن معجبا عمل عمل الفعل، وأن ثم إضمارا استغني عن إظهاره؛ لأنه جار على صاحبه وصاحبه محذوف، كقول امرئ القيس: وظل طهاة اللحن من بين منضج ... صفيف شواء أو قدير معجل فههنا إضمار موصوف قام (منضج) مقامه، وهو كثير في

اللغة، قال لبيد: وكثيرة غرباؤها مجهولة .... ترجى نوافلنا ويرهب ذامها وقال مبشر بن هذيل الشمجي، من شمج فزارة: يتبعها مطرح همات لو مات كان ضائعا مماته وقال آخر: وهبته من سلس نطاقها كأنما ساق غراب ساقها سائلة الأصداع يهفو طاقها

وقال عبد بني الحسحاس: فلو كنت وردا لونه لعشقنني .... ولكن ربني شانني بسواديا فالموصوف محذوف في كل هذا، والمضير عائد عليه؛ فإن لم تقل: ثم محذوف خالفت أهل اللغة أجمعين، وإن أقررت به لزمك ما أنكرت من قول خصمك. ثم قلت: (وأعجب ما في هذا الانتقال من جواب إلى جواب)، وهذا كلام من لا يعرف ما الانتقال في المناظرة. وإنما قوله: (ويجوز) إخبار [134/ب] عن الوجوه الجائزة في المسألة، لا أنه انتقل إلى مسألة غيرها. وهذا كقول الرجل: ضرب زيد عمرا، وضرب عمرا زيد، فليس هذا انتقالا، وليس على الخصم أن يجيب بما يشتهيه خصمه وإنما يجيب بما يراه صوابا ويعمله منساغا. ثم قلت: (وأعجب من ذلك قوله: (نكرة موصولة)، وقد كان عرفنا النحويون الأسماء الموصولة، وهي التي لا تتم إلا بصلة) وليس في تعريفهم الأسماء التي لا تتم إلا بصلة بمانع لنا أن

نصل غيرها، وإنما غرضهم أن يعرفوا الأسماء التي لا نجدها إلا موصولة، وغيرها قد يوصل ولا يوصل. ثم قلت: (وكيف يجوز أن يكون اسم يستغني عن صلة، والصلة من الموصول كالدال من زيد) وهذا كلام من لا يدري ما معنى الصلة، وكيف استعمالها؟!. قال محمد بن بدر: أجمع النحويون على أن قولك: (أكل زيد كثير الطعام) لا يجوز؛ لأنه فرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء؛ فالطعام من (أكل) كالدال من (زيد). وأجمعوا على أن قوله: (أكل زيد كثير) جائز، فلو كانت كل صلة بمنزلة الدال من زيد لما جاز هذا الكلام ولو تعلمت الصلات لشغلك عن الفكر في مثل هذه الرسالة. وقد قال النحويون: ضمير متصل ومنفصل، أفتراه من الصلات التي أشرت إليها؟ وقالوا: (ما)، في قوله عز وجل: {فبما رحمة من الله}، صلة، وكذلك (لا) أفتظنها من ذلك؟. وسمى النحويون نعت النكرة صلة فقالوا: الاسم يوصل بالاسم وبالصفة، فالاسم: مررت برجل قائم، والصفة: مررت برجل في الدار؛ وسموا أيضا الحال صلة للفعل.

قال محمد بن بدر: وصفات النكرات، والأخبار، وصلات الأسماء التي لا تتم إلا بها شيء واحد لا فرق بينها. وذلك أن تقول: مررت برجل في الدار، وزيد في الدار، وهذا الذي في الدار، ومررت برجل يحب الخير، وزيد يحب الخير [135/آ]، ومررت برجل وجهه حسن، وهذه التي وجهها حسن، وزيد وجهه حسن؛ لا فرق بين هذه الأنواع الثلاثة في المعنى. وقد سوى سيبويه بينهن أيضا في حذف الضمير، مثل قولك: الذي ضربت زيد، تريد: ضربته، وزيد ضربت، تريد: ضربته، وهذا رجل ضربت، تريد: ضربته؛ وأنشد: قد أصبحت أم الخيار تدعي .... على ذنبا كله لم أصنع وأنشد:

فما أدري أغيرهم تناء .... وطول العهد أم مال أصابوا؟ يريد: أصابوه. فالأمر في هذا أوسع مما تحسب، وليس الغرض في العلم إلا إصابة المعنى لا التعلق بالألقاب؛ فإن المعاني ربنا اشتركت والألقاب مختلفة. ألا تراهم سموا (ما آكل زيدا، وما أضربه) تعجبا؟ وسموا أكولا وأكالا ومفضالا مبالغة، المعنى واحد؛ إلى هذا يذهب سيبويه، واستدل بامتناعهم من التعجب من هذه الأمثلة لأنها بمعناه. ألا تراهم يفرقون بين نصب الاسم على المدح والذم والترحم، ومخرج الإعمال واحد، والتقدير سواء، والمعاني مختلفة؟!! وهكذا يقولون (الترخيم) في النداء والتصغير والمعنى مختلف، وكذلك (الإضافة) يعنون بها النسب، ويعنون بها إضافة الملك أو الجنس؛ وهذا كله لا معنى للتعلق بالألقاب فيه. قال محمد بن بدر: وحكيت عنه- ولست بصادق- أنه حكى عن سيبويه أن قول

الشاعر: متى تأته تعشو إلى ضوء ناره .... أن (تعشو) بدل من (تأته) وقلت: (إن هذا كذب على سيبويه وكسر للشعر، ولحن في الإعراب، ولو كان (تعشو) بدلا لكان (تعش) فلا يتم الوزن) وكيف يجوز أن يكذب المسلم ولم يقم على كذبه دليل؟ وإنما يطلق عليه التكذيب من ثلاثة أوجه: إما أن يكون نفس الكلام كذبا في عقول السامعين، كرجل حكى عن نفسه، وهو بمصر، أنه كان في غدوة يومه ذلك بخراسان، أو ما أشبه ذلك. أو [135/ب] يخبر عن رجل بخبر يأتي التواتر عن ذلك الرجل بأنه لم يقله، وكرجل حكى عن عمر رضي الله عنه أنه كان يصلي الظهر قبل الزوال، أو كنحو ما ادعيت أنت عن ابن قتيبة أنك قرأت كتب أبيه عليه فدفعه وأنكره. أو يكون قبول ذلك الخبر يبطل أصول من اعتقده للخبر عنه، كرجل حكى عن الأطباء أنهم قالوا: السمك واللبن ينفعان

من الفالج ويزيلان البرص، وأن الكمأة والباذنجان والكبر ينفعن من السوداء. وليس في ظاهر خبر خصمك ما يدل على كذبه، ولا جاء تواتر، ولا يجوز تواطؤ بخلاف خبره؛ فيحكون عن سيبويه أنه قال ما قلت هذا، اللهم إلا أن تقول: لم يذكره في كتابه، فليس كل ما لم يذكره في كتابه لا يقوله. وقد عرفنا جوازه في اللغة؛ فليس القائل بأن (تعشو) بدل يناقض أصلا ذهب إليه سيبويه. ألا ترى أنه ينشد البيت على وجهين وثلاثة نحو إنشاده: فما قومي بثعلبة بن سعد .... ولا بفزارة الشعري رقابا وروى: الشعر الرقابا. وروى أيضا:

فليس بآتيك منهيها .... ولا قاصر عنك مأمورها ولا قاصرا، ولا قاصر، وأكثر كتابه على هذه. وأما قولك: (إن (تعشو) ليس بإتيان) فليس كما قلت؛ لأن العشو هو الإتيان في الوقت الذي ليس بشديد الظلمة. والإتيان والقصد والعشو كله قصد، إلا أن العشو هو ما خبرنا به. والدليل على ذلك أنهم [136/آ] لا يقولون للجالس: هو يعشو، ولا للمقيم، إنما يقال للقاصد: هو يعشو في هذا الوقت؛ فقد صار بمنزلة هو يقصد، ويأتي، ويؤم، وما أشبهه. وليس هذا بأبعد من قوله: إن على الله أن تبايعا .... تؤخذ كرها وتجيء طائعا

فجعل (تؤخذ) وهو لم يسم فاعله، بدلا من (تبايع) وهو للفاعل، وكذلك (تجيء)، والأخذ والمجيء نوع من المبايعة. وأما قول: (إن تعشو بمعنى تعاشى) فهذا لا يعرف في كلام العرب، لا يكون فعل بمعنى تفاعل، إنما تفاعل على وجهين: إما أن يكون من شيئين فصاعدا، نحو: تضاربا وتضاربوا، أو يكون لمن يريك أنه في حال وليس فيها، نحو قولهم: تباله، وليس به بله؛ قال الراجز: آمنت بالله وكذبت البصر .... إذا تخازرت وما بي من خزر ولا يكون هذا للواحد إلا أن يأتي مسموعا فيحفظ، نحو قولهم: تناولت، وطارقت النعل، وعايرت الميزان. وأما أن يكون فعل بمعنى تفاعل، فهذا ليس في اللغة، وقد كان ينبغي أن تحكيه عن قائل إن كنت صادقا.

وأما قولك: (إنه كسر للشعر) فمتى كان الشعر من عملك أو ولج في عقلك، أو انساغ في طبعك، أو أقمت له وزنا، أو عرفت له معنى؟ ولا فرق بينه، عندك، وبين سائر الكلام، وهذا من تعاطيك مالا تحسن، واعتراضك بما لا تتقن، ودخولك فيما يعنيك، وتحققك بما ينافيك. والمشهور عنك أنك تكسر الشعر الكسر القبيح، فتنقص منه الجزء، تزيد فيه الجزء، وأنت لا تشعر. ومن البلية أنك لا تدري أنك لا تدري، وإنما سبيلك في هذه الصناعة سبيل الإسكاف الأدرد أو الفيج [136/ب] المقعد، أو الدليل الأكمه والخطيب الأبكم. وأخبرني الثقة عنك أنه اجتمع معك في مجلس بعض الرؤساء فقرأت أنت بيتا مشهورا في كتاب سيبويه، وجعلت تعجبه من خطأ كاتبه، وكان كتابه: ثلاث كلهن قتلت عمدا ...

فقال لك: فكيف هو؟ فقلت أنت: إنما هو: ثلاث كلهن قد قتلت عميدا وأخبرني الثقة أنه أنشد أبياتا- وأنت حاضر- وهي: أنت إلف الفتون لي .... فاكحلي أو تمرهي قادني نحوك الهوى .... طائعا غير مكره قلت للعاذلين فيـ .... يك مقال المدله: اعذلوا كيف شئتم .... لست عنها بمنتهي فقال لك: من أي جنس هذا الشعر؟ فقلت: إن شئت جعلتها بيتين كبار، وإن شئت جعلتها أربعة صغار، بهذا اللفظ، فمن كانت هذه منزلته في العلم لم يسعه أن يتكلم فيه. قال محمد بن بدر: وليس قوله:

متى تأته تعش إلى ضوء ناره .... مكسورا إلا عند مثلك ممن يجهل ولا يعلم إنه يجهل. بل هو صحيح، وهو من الطويل، وهذا تقطيعه: متى تأتهي تعش إلى ضوء نارهي فعولن مفاعيل فعولن مفاعلن ويسميه العروضيون مكفوفا بسقوط سابعه الساكن. ومثله قول امرئ القيس: ألا رب يوم لك منهن صالح .... ولاسيما يوم بدارة جلجل وقال جابر التغلبي: ألا تستحي منا ملوك وتتقي .... محارمنا لا يبؤ الدم بالدم

وأنشد سيبويه: (ألا تنتهي عنا). قال محمد بن بدر: وللعروضيين شواهد في الكف من الشعر لم نأت بها لنريك أنه فاش في أشعار العرب غير منكر. وأما جوابك الذي أختره في هذه المسألة فقلت: (إن سارا سره حديثك كلامك، والتقدير: إن قولا سارا رجلا ساره [137/آ] حديثك كلامك، فـ (ساره) منصوب لأنه نعت لـ (قول)، و (قول) اسم إن، و (ساره) نعت لرجل [ورجل] منصوب بوقوع (ساره) عليه، و (حديثك) رفع بقولك (ساره) و (كلامك) خبر إن) فهذه المسألة، على هذا الجواب، خطا من وجهين: أحدهما أنك دخلت فيما أنكرت على خصمك في الهاء التي في (ساره)؛ لأنك قلت: (تعود على ما لا يعرف) ولا يجوز

عندك، زعمت ذلك. وقولك: إني إنما أضمرت قولا، وليس في اللفظ ما يدل على أن (سارا) تريد به قولا دون غيره. وقول خصمك: إنه أضمر (شيئا) أصح من قولك؛ لأن شيئا يقع على كل مدرك. والخطأ الثاني الذي أطلت فيه الغيبة، وأتيت بالخطيئة: أن جعلت اسم (إن) نكرة وخبرها معرفة؛ وهذا لا يجوز في الكلام وقد منع النحويون منه، إلا إن اضطر إليه شاعر، هكذا أثبتوه في كتبهم. وقد ذكر المبرد فقال: (ولا يصلح: إن منطلقا زيد إلا في شعر، على قبح) واستشهد ببيت القطامي: قفي قبل التفرق يا ضياعا .... ولا يك موقف منك الوداعا لأنه لم يجد في الشعر اسم إنك نكرة وخبرها معرفة، وإنما أجازه قياساً.

فإن اعترض علينا معترض، فألزمنا إجازة ذلك، واستدل بقوله عز وجل: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا} = فالجواب عن ذلك أنه إنما يجوز هذا إذا اجتمعت فيه ثلاث خلال: إحداهن: أن يكون الاسم نكرة إذا ذكر دل على مخصوص معين لا يشركه في ذلك الاسم المنكور غيره، فيحل محل اسمه الذي هو علامة له وإن كان لفظه لفظ النكرة. والأخرى: أن يكون مخرج الكلام التعجب في التفضيل في المعنى المقصود إليه. والأخرى: لزوم اللام للخبر، وذلك نحو قول القائل: إن امرءا خلقه الله بيده [137/ب]، وأسجد له ملائكته، وأسكنه جنته= للكريم عليه، فكأنه قال: إن آدم للكريم على الله؛ وكأنه قال: إن الكعبة للبيت الذي بمكة. ويجوز أن يكون (الذي)، وإن كانت الألف واللام لا تفارقه أنه، بمنزلة الاسم الذي تكون فيه الألف واللام، فيتكلم به على نية إسقاطهما، نحو قولهم: ما يحسن بالرجل مثلك يفعل كذا وكذا، وإنما هو: ما يحسن برجل مثلك. وعلى هذا قرأ القراء {ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة} على نية إسقاط الألف واللام من

الواقعة كأنه قال- والله أعلم-: إذا وقعت واقعة خافضة رافعة ليس لوقعتها كاذبة. وعلى هذا قالوا: هم فيهما الجماء الغفير على نية إسقاط الألف واللام. وقال الشاعر: وتفرقوا شيعا فكل جزيرة .... فيها أمير المؤمنين ومنبر وله أيضا أشباه في اللغة ونظائر. وفيه انفصالات وأجوبة غير ما ذكرنا، وفيما شرحنا مقنع لمن كان غرضه الإنصاف؛ لموافقة كتاب الله جل وعز، وكلام العرب، وصحة المعنى؛ وبالله حسن التوفيق.

المسألة السادسة: مسألة ابن ولاد لأبي جعفر: (كيف تقول هذه ساعة أنا فرح، بغير تنوين)

المسألة السادسة ثم سأل أبو العباس فقال: كيف تقول: هذه ساعة أنا فرح، بغير تنوين؟ فقال أبو جعفر: أقول: هذه ساعة أنا فرح. فيكون (هذه) موضع رفع بالابتداء، وقولك: (ساعة) خبر، و (أنا فرح) مبتدأ وخبر في موضع جر، وكأنه جرى شيء ثم ذكر الوقت فقلت: هذه ساعة أنا فرح. ويجوز أن تقول: هذه ساعة أنا فرح، على كلام قد جرى، كأنك قلت: هذه القصة ساعة أنا فرح تريد هذا الأمر ساعة أنا فرح؛ قال الله عز وجل: {هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم} الفعل والفاعل بمنزلة المبتدأ وخبره عند أهل العربية. قال أبو العباس: سيبويه وغيره يفسدون هذا الجواب ويحيلونه، وذلك أنهم لا يضيفون إلى الابتداء والخبر والفعل

والفاعل إلا ظرفا [138/آ] في معنى المضي، كقولك: جئتك يوم زيد أمير، وجئتك يوم يقوم زيد، وذلك أنه إذا كان ماضيا كان بمعنى (إذا) كقولك: جئتك إذ زيد أمير، وجئتك إذ يقوم زيد. فإذا كان في معنى الاستقبال لم يضف إلا إلى الفعل، ولا تجوز إضافته إلى المبتدأ والخبر؛ لأنه يكون حينئذ بمعنى (إذا)، كما تقول: أنا آتيك يوم يقوم زيد، مثل: أنا آتيك إذا يقوم زيد؛ لأن (إذا) في معنى الجزاء. وإنما تضيف الظرف إذا كان في معناها إلى الفعل ولا تضيفه إلى الابتداء والخبر؛ لأن حروف الجزاء لا تقع على الابتداء والخبر. وهذه المسألة مسطورة لسيبويه، وهذا الاعتلال اعتلاله، وهي منه مأخوذة، وفي كتاب سيبويه: ([يكون] هذا يوم زيد أمير) لا يجوز للعلة التي ذكرناها. قال أبو جعفر: قوله: (النحويون يفسدون هذا) خطأ، والرد عليه من كلامه. وذلك أنه إذا كان الظرف في معنى المضي أضيف إلى الفعل والفاعل وإلى الابتداء والخبر، وجوابنا عن المسألة على معنى المضي. والدليل على هذا قولنا: (على كلام قد جرى)، وقولنا: (كأنك قلت: هذه القصة ساعة أنا فرح) وكذلك سائر

أجوبتنا إنما هي على معنى المضي، والمسألة جائزة من قوله، وهو لا يدري. وقوله: (هذه المسألة مسطورة لسيبويه) كذب، وليست هذه المسألة في كتاب سيبويه، وهذا ادعاء، وهو كلام مموه؛ قال الله عز وجل: {يوم هم على النار يفتنون} فأضاف يوما إلى الابتداء، ففي هذا مقنع، وهذا ما جرى. قال محمد بن بدر: أما ما ذكرته عن أبي العباس فإنه صحيح لا يدفعه أحد من النحويين البصريين الذي يرجع إليهم في صناعة النحو وأصول اللغة، ولسنا نعترض فيه لأنه منصوص عليه من سيبويه. وأما قولك منكرا عليه مستدركا لخطائك: (الرد عليه من كلامه، وذلك أنه قال: إذا كان [138/ب] الظرف في معنى المضي أضيف إلى الفعل والفاعل، والابتداء والخبر، وجوابنا عن المسألة على المضي) فلم تفصل فتقول: إذا أردنا المضي كان كذا، وإذا أردنا الاستقبال كان كذا، حتى نص خصمك ما قال أهل العلم فتكلمت به، وهذا لا ينفعك ولا يشهد لك بفهم ما خاطبك به.

وأما قولك: (وقوله: هذه المسألة مسطورة ... وهو ادعاء) فما أجمعك لخصال الشر وقلة الخير!! هذه المسألة، على ما قال خصمك، في كتاب سيبويه، وللنحويين على ما ذكر. قال سيبويه في (باب ما يضاف من الأفعال إلى الأسماء): (وسألته- يعني الخليل- عن الأزمنة: كان ذلك زمن زيد أمير، فقال: لما كانت في معنى (إذا) أضافوها إلى ما قد عمل بعضه في بعض [كما يدخلون (إذا) على ما قد عمل بعضه في بعض] ولا يغيرونه، فشبهوا هذا بذلك، ولا يجوز [هذا] في الأزمنة حتى تكون بمنزلة (إذا)، فإن قلت: [يكون] هذا يوم زيد امير كان خطأ؛ حدثنا بذلك يونس عن العرب). وفي إثر هذا: (جملة هذا الباب أن الزمان إذا كان ماضيا أضيف إلى الفعل، وإلى الابتداء والخبر؛ لأنه في معنى (إذ)، فأضيف إلى ما يضاف إليه (إذ)؛ فإذا كان لما لم يقع لم

يضف إلا إلى الفعل لأنه في معنى (إذا)، و (إذا)، هذه، لا تضاف إلا إلى الأفعال؛ هذا المنصوص في كتاب سيبويه على ما حكاه خصمك. ثم شتمه بهد هذا شتما أسقط لأنه لا حاجة إلى ذكره. ثم قال: وأما قولك: قال الله عز وجل: {يوم هم على النار يفتنون} فلا أعرف لك فيه معنى إلا أن تكون قدرت على الخليل ويونس وسيبويه وأصحابهم إلى أهل هذا العصر الزلل. فإن كان هذا هكذا فلسنا ننكر أن يخلق الله عز وجل، في هذا العصر، من هو أفهم من بعض من تقدم، ولكن لا يكون عقله مثل عقلك. والذي قلته هو على ما قال سيبويه في كتابه، وهو كقول الشاعر: إذا القوم قالوا: من فتى؟ خلت أنني .... عنيت فلم أكسل ولم أبتلد وقال آخر:

إذا فئة قُدِمت للقتا .... ل فر الفغا وصلينا بها وليس هذا بأبعد من قوله: [139/آ] صعدة نابتة في حائر .... أينما الريح تميلها تمل ولا من قوله: إن الله يرجعني إلى الغزو لا أرى .... - وإن قل مالي- طالبا ما ورائيا وبعد هذا ذم وشتم، وهذا آخر الرسالة بعد إسقاط ما فيها من ذلك. والفغا في قوله (فر الفغا) أصله للبسر الفاسد المغبر.

ذكر طرف من أبيات المعاني

ذكر طرفٍ من أبيات المعاني ولسنا نعني بأبيات المعاني ما لم يعلم ما فيه من الغريب. وإنما يعنون بأبيات المعاني ما أشكل ظاهره وكان باطنه مخالفا لظاهره، وإن لم يكن فيه غريب، أو كان غريبه معلوما. كما أنشدني شيخي الإمام العالم تاج الدين- رحمه الله-: وأنثى، وما كانت من الجن أمها .... ولا الإنس، قد لاعبتها ومعي ذهني فأولجت فيها قدر شبر موفر .... فصاحت، ولا والله ما عرفت تزني فلما دنت إهراقة الماء أنصتت .... لأعزله عنها وفي النفس أن أثني يصف البكرة التي يستقى عليها الماء.

ومن أبيات المعاني: ذر الآكلين الماء يوما فما أرى .... ينالون خيرا بعد أكلهم الماء هؤلاء كانوا يبيعون الماء؛ فهذا نوع من أبيات المعاني وهو جعل سبب الشيء الشيء ولما كان الماء سبب الأكل- لأنهم يبيعونه ويأكلون ثمنه- جعله مأكولا؛ ومن ذلك قوله: أكلت دما إن لم أرعك بضرة .... بعيدة مهوى القرط طيبة النشر فلو كان على ظاهره لم يكن عظيما؛ فقد كانوا يأكلون الدم؛ ولهذا قيل: (لم يحرم من فصد له). وإنما أراد أكل

الدية لأنها من أجل الدم فصار الدم مأكولا بهذا المعنى. ومنه قوله: بكرت تلومك بعد وهن في الندى .... بسل عليك ملامتي وعتابي [139/ب] كيف تقول: بكرت بعد وهن، والوهن ساعة من الليل؟ وإنما المراد: عجلت تلومك، يقال: بكرت على فلان عشية، أي سبقت إليه؛ فهذا هو الأصل في (بكر) أنه بمعنى (عجل) في أي وقت كان، ثم كثر استعماله في الغدوات. ومن أبيات المعاني: بني رب الجواد فلا تفيلوا .... فما أنتم، فنعذركم لفيل

أراد: يا بني رب الجواد، أي: يا بني ربيعة الفرس، لأن ربيعة الفرس بمعنى صاحب الجواد؛ ويقال: رجل فيل، أي: مخطئ الرأي، والجماعة أفيال، وقد فال رأيه، أي: أخطأ. ومنها قوله: قوم إذا حل الكرام بأرضهم .... قلبوا الثياب وأردفوا الأكوارا كان من شأنهم أن الضال يقلب ثوبه ويردف؛ فوصف قوما في فلاة يضل من سلكها، يعني لصوصا؛ لأنهم يأوون في القفار التي بهذه الصفة فجعلها أرضهم؛ فإذا حل الكرام بها ضلوا. ومنها: وما مائل عند الطعان برأسه؟ .... وما راكب في الحرب قد مات طائره؟ المائل برأسه: الرمح. والراكب في الحرب: السهم. مات طائره: أي: مات الطائر الذي ريش السهم منه. ومنها:

وسوداء المناسم يمتطيها .... أخو الحاجات ليس لها نظير على أن الشفار تنال منها .... فأحملها إذا جد المسير يعني نعلا. ومنها قول من قال -وقد أخذت عمامته وأعطي مكانها قلنسوة- بدلت بعد طويلة بقصيرة .... سوداء تبرق كالغراب الواقع يضع الجناح على الجناح وتارة .... يلقى الرياح بجؤجؤ متواضع [140/آ] ومنها في عين الإنسان: وأشباه يرى فيهن ماء .... يطول بهن سير المهتدينا يكون لهن طول النشر داء .... ولا يبرأن إلا ما طوينا

ومنها: وما مقبلات مدبرات تشابهت .... مفرقة الأسماء واللون واحد تصادف في أطوارهن حلاوة .... ومنهن مرات وسخن وبارد؟ يعني الأيام والليالي. ومنها: وأسمر أحياه وقد مات حقبة .... حفيف هراجيب مع الفجر رزح فهب ولم يطو الجفون لرقدة .... وما كاد، لولا جرسها، يتزحزح إصلاحه أن يقال: (بمزحزح) وأن يقال: (كان). يعني قرادا مات زمانا من الدهر لغيبة الإبل، فلما أحس بها عاش. ويقال إن الرعاء السابقين إلى الماء إذا أرادوا القراد يتحرك

علموا أن الإبل قد جاءت. والهراجيب، جمع هرجاب، وهي النوق التوام المسرعة. والرزح جمع رازح، وهي التي ألقت نفسها إلى الأرض من التعب. ويقال زح عن المكان، وزاح: إذا زال عنه؛ والزحزحة من هذا، وهو في الأصل ثنائي ملحق بالرباعي. ومنها: عريفجة الحسل استداحت بأرضنا .... فيا لعباد الله للأشر المردي عريفجة تصغير عرفجة. والحسل: ولد الضب، جعل هذه العرفجة له؛ لأنه إذا كانت شجيرة قريبة من موضعه استذلها وتقلب عليها وكسر أغصانها، فضرب هذا مثلا لذليل صار بأرضهم عظيما. يقول: إن هذه العريفجة صارت دوحة، والدوحة أعظم ما يكون من الشجر. كما قالوا: استنسر البغاث [140/ب] واستأتن الحمار، يضرب لمن ضعف بعد قوة، واستتيست

العنز [140/ب]، يضرب مثلا لمن يعدو طوره، وقد يقال في هذا المعنى أيضا استنوق الجمل. ومنها في وصف فرس: وكأنما اشتملت على وهواهه .... زوراء مائلة الجراب بيون وهوهته: صهيله. ومائلة الجراب: يعني بئرا. والجراب: ما حول البئر. والبيون: التي بان موقف الشاربة عن جرابها لاعوجاجه؛ وهذا كقول الآخر: ونجى ابن حرب سابح ذو علالة .... أجش هزيم والرماح دوان وإنما قيل للفرس: أجش، تشبيها لصهيله بجشة صوت

الرحى. وهزمه: صوته. وقال آخر: ويصهل في مثل جوف الطوي .... صهيلا يبين للمعرب المعرب: العالم بالخيل العراب؛ فإذا سمع صوت هذا الفرس علم أنه عتيق. وقال آخر: يشنفن للنظر البعيد كأنما .... إرنانها ببوائن الأشطان يقال: شنف يشنف شنفا: إذا أحد النظر. وشنفت الرجل شنفا: إذا أبغضته. ولا يكون هذا الصهيل الذي كأنه في بئر إلا في الخيل العراب.

ومنها: يفد بأميه سراح وينتحي .... على مزدهى يهفو وليس بطائر إذا ما رأى ملسا ضواحي جلده .... يقول جزاء من حليب وحازر سراح: اسم فرسه. يفديها بأميه: يريد أمه وخالته؛ لأنها نجته حين هرب على ظهرها. وينتحي: يعتمد على مزدهى ازدهار الخوف يعني قلبه. يهفو: يهم بالطيران، يقال: هفا الطاشر: إذا هم بذلك ولم يطر. وإذا رأى ضواحي جلده: ما برز منه. ملسا: سليمة من الجراحة؛ سميت ضواحي لأنها تبرز للشمس وذلك نحو الصدر والكاهل [141/آ]. جزاء من حليب وحازر: أي من لبن سقيتك إياه، يقول ذلك لفرسه، كما قال الآخر:

أهان لها الطعام وأنقذته غداة الروع إذ أزمت أزام وكقول الآخر: على ربذ التقريب يفديه خاله وخالته لما نجا وهو أملس فنحن لام البيض وهو لأمه لئن قاظ لم يصحبنه تتكدس يقول: نجا على فرس ربذ التقريب، فلسنا لأمنا أي فنحن نعام وهو إنسان إن لم تصحبنه الخيل أن تقيظ. والتكدس: مشي

الفرس وكأنه مثقل؛ قالت الخنساء: وخيل تكدس مشي الوعو .... ل نازلت بالسيف أبطالها ومنها: بذلوا ذخائر تبع ومحرق .... وتسوموا بعظام عبد مدان ونعوا أبا وهب وقال عبيدهم: .... اليوم تبرد غلة الصديان أراد بالذخائر والدروع والسيوف؛ لأنها ذخائر الملوك. وتبع: ملك اليمن، حميري. ومحرق: من ملوك الحيرة، لخمي. ولما انتسبوا إلى عبد المدان عرفوا بذلك فصار كالسيماء وهي العلامة التي تعرف بها الأبطال. ومنها:

أمنت مراصد عامر ونباله .... عون الشربة حيث حان ورودها صبت عليه ضئيلة لم يدر من .... أنى يدافعها وكيف يذودها عامر: صائد لدغته حية فمات؛ فأمنت الوحش نبله ومراصده. والشربة: الموضع الذي كان يصيد به، وهو اسم له. والأفعى إذا طالت [141/ب] حياتها صغر جسمها، فهذا معنى (ضئيلة). ومنها: عالم بالذي يريد نقي الصـ .... ـدر عف على جثاه نحور الجثا: قبور آبائه، ينحر عليها دائما. وهذا معنى قول حسان: أولاد جفنة حول قبر أبيهم .... قبر ابن مارية الكريم المفضل

يَسْقُونَ من ورد البريص عليهم .... بردى يصفق بالرحيق السلسل ومنها: فأوردها التقريب والشد منهلا .... قطاة معيد كرة الورد عاطف أراد: إن هذا المنهل لعبده إذا وردته القطا وصدرت عنه رجعت إليه من الطريق لقلة الماء في حواصلها؛ وذلك لبعده. ورواية الأصمعي: (التقريب والشد) بالنصب. ومنها: فلولا طول عنقي سدت قومي .... ولكن طال عنقي فاستمالا طول عنقه: استشرافه على بيوت الناس لينظر إلى نسائهم، وكان زانيا. ومنها:

سباهية تخال الشمس أما .... وتحسب أن والدها ثمير ترد على الحصى طرفا كليلا .... وناظره بما تهوى بصير السباهية: المعجب. يقول: إن هذه لعجبها تحسب الشمس أمها والقمر أباها والثمير: القمر، وابن ثمير: الليل المقمر. وبنت ثمير: الليلة القمراء. هي من الحياء ترمي ببصرها إلى الأرض، وتنظر بطرف كأنه كليل، وليس بذلك بل هي عالمة بما تريد. ومنها: نزلنا بورقاء بن عوف جماعة .... وليس لنا جار سواه بمنبج وقد خصرت أطرافنا فكأنما .... تجللها مما بها شوك عوسج فبتنا لديه وادعين بلذة .... وألبسنا قطفا له لم تنسج

كسونا بها الأطراف خملا فأدفأت .... وبتنا بليل المرزبان المتوج القطف التي لم تنسج أراد بها النار. منها: [142/آ] وإن التي ضمت أخلة بيته .... عليها لأم العاويات الفلاحس فنافس أبا المغراء فيها ابن زارع .... على أنه فيها لغير منافس يقول: إن التي ضرب عليها خباؤه لهي أم الكلاب العاويات، ويقال للكلب: فلحس. و (أبا المغراء) منصوب على النداء. و (ابن زارع) بدل منه، أو عطف بيان، ثم التفت عن المخاطبة إلى الغيبة، فقال: (على أنه فيها لغير منافس). ومنها: ألم يك في كف ابن ظبية زاجر .... لعادية الثاوي أبوه بغضورا

وإن القساسي الذي فت ضرسه .... وشاخس فوديه لعند ابن أحمرا كان ابن أحمر- وهو ابن ظبية- قتل أبا هادية بغضور؛ فالمعنى: ألم يك في كف ابن ظبية الذي قتل أباك يا هادية بغضور زاجر لك وناه؟. والقساسي: السيف. وقساس: جبل فيه معدن تعمل منه السيوف الماضية. ومن ههنا أخذ أبو الطيب قوله: فإن الحسام الصقيل الذي .... قتلتم به في يد القاتل ومنها- وهو لأبي العرندس العوذي، من بني عوذ، بفتح العين، ابن سود-:

أقول لذي البوائق من لكيز .... أليل مد فوقك أم صباح فلو تحت الكواكب حيث تسري .... لما علقت بثوبك الملاحي أقوى في هذا الشعر وإصلاحه: أفي ليل فعالك أم صباح. والبوائق: الدواهي؛ أي أقول لصاحب الدواهي أي: الذي يرتكبها: أليل تفعلها فيه أم نهار؟ أي: إن هذه البوائق التي تركبها بالنهار ظاهرة للناس ولا تكترث [142/ب]، إنما عملك هذا عمل من لا يدري أنه في نهار، فلو أن الكواكب سرت حيث سريت- لأنه الكواكب في ظاهر الأمر الذي يعتقدونه لا تسري بالنهار- فلو كانت تسري حيث تسري أنت لما لحيت، أي: لو فعلت هذا حيث تسري الكواكب، أي: لو فعلته بليل لما أصابك لوم؛ لاستتارك. ومنها:

كأن ذات العرش لما بدت .... مقصورة بيضاء في مجسد ذات العرش: الثريا. والمقصور: من قوله عز وجل: {حور مقصورات}. شبهها بامرأة مقصورة في ثوب أحمر وهو المجسد، لأنها من أجل الجدب طلعت في حمرة الأفق. ومنها: ولهم قباب كالهضاب شوامخ .... شدوا بكل مطهم أبوابها شدوا، أي: ربطوا خيلهم على أبوابها. والمطهم: الفرس التام الجمال. والمطهم من كل شيء كذلك. ومنها: وإذا تعذرت السواعد والتوت .... جال المفدى وسطها المضبوح

كلام مبسوط في الميسر والقداح

أغلى به رخو الإزار معدل .... فبدا يمار له دم مسفوح السواعد: مجاري اللبن في الضرع. يقول: إذا تعذر اللبن جال المفدى، يعني القدح. والمضبوح: الذي به ضبح، وهو أثر النار لأنه يقوم بالنار. أغلى به من الغلاء، أي: أخذ به، أي بالقدح، سهاما كثيرة لكثرة فوزه؛ ولذلك سمي المفدى لما يتكرر له من الفوز. معذل، أي يعذل كثيرا على الإنفاق. فبدا، يعني القدح، يمار له دم الناقة التي قامر عليها. وهكذا كقول لبيد: وجزور أيسار دعوت إلى الندى .... بمغالق متشابه أجسامها [143/أ] وقول الأعشى: وجزور أيسار جررت إلى الندى .... ونياط مقفرة أخاف ضلالها وكان الميسر من مفاخرهم؛ لأنهم كانوا يفعلونه في أيام الشدة وعدم اللبن، وأيام الشتاء، يجتمع الفتيان منهم وذوو اليسار ويشترون جزورا أيما بلغت، ويدعون الجازر ويسمونه (القدار)

أسماء القداح

فينحر ويجعلها عشرة أجزاء. وقوله: (بمغالق) يعني القداح، واحدها: مغلق. وقوله: (متشابه أجسامها) يريد أنها جعلت على قدر واحد. فإذا قسمت الجزور على ما تقدم حضر الأيسار، وواحدهم يسر، وجيء بالقداح، وهي عيدان من نبع قد نحتت وملست وجعلت سواء في الطول. وقد نظمت أسماءها فقلت: يلي الفذ منها توأم ثم بعده .... رقيب وحلس بعده ثم نافس ومسلبها ثم المعلى فهذه السـ ...... .. ـهام التي دارت عليها المجالس فللأول- وهو الفذ- سهم إن فاز، وفوزه خروجه، وعليه غرم سهم إن خاب، أي لم يخرج. وكذلك باقيها على الترتيب فيما له وعليه إلى المعلى وهو السابع له سبعة وعليه سبعة، ويفرض في كل سهم منها بحسب ماله، وعليه حز. وتكثر هذه السهام بثلاثة أخر أغفال ليس فيها حزوز، ولا لها علامات؛ ليكون ذلك أنفى للتهمة، وأبعد من المحاباة وهي:

(المنيح) و (السفيح) و (الوغد). فإذا أحضرت القداح، وحضر الأيسار أخذ كل منهم من القداح على قدره وقدرته وطاقته ورئاسته. فمنهم من لا يبلغ حاله أكثر من الفذ فأخذه له؛ فإن خاب غرم سهما ورأى ذلك سهلا؛ وإن فاز أخذ سهما ورأى ذلك كافيا [143/ب]. ومنهم من يأخذ المعلى ولا يبالي بما يغرم إن خاب، وينال النصيب الأوفر إن فاز. ومنهم من يأخذ المعلى وسهما أخر إن لم يحضر من يتمم السهام، فيأخذ ما فضل من القداح، ويقول للأيسار: قد تممتكم؛ وفي ذلك يقول متمم بن نويرة في أخيه مالك: إذا حضر القوم القداح وأودقت .... لهم نار أيسار كفا من تضجعا يقول: من تضجع من الفتيان ولم يأخذ ما بقي أخذ هو ما بقي حتى يتممهم. وقال الغنوي:

التجزئة التي يقسمها القدار

إذا شهد الأيسار أو غاب بعضهم .... كفى الحي وضاح الجبين أريب وإنما سميت هذه القداح (مغالق)؛ لأنها تغلق الرهن إذا ضربوا بها. والتجزئة التي يقسمها القدار: أن يجعل الكتفين جزأين كل واحد جزء، والصدر جزء وهو الزور، والعضدان جزءان ويقال لهما: ابنا ملاط، والكاهل جزء، وهو ابن مخدش، والملحاء وهو ما بين السنام إلى العجز جزء، والعجز جزء، والفخذان كل واحد منهما جزء؛ ويرد على الفخذين خزرات العنق والطفاطف. ثم يقسم على الأجزاء العشرة ما فضل من الجنبين والسنام والكبد ومن قطع اللحم حتى تستوي، فإذا استوت الأجزاء العشرة كلها بقي العظم الذي لا يصلح أن يكون على واحد من الأجزاء؛ فإن شاء الجزار أخذه، وإلا كان لأهل الفاقة والفقر من العشيرة، ولا يأخذه أحد من الأيسار؛ لأن ذلك عندهم عيب وعار، ويسمى

ذلك العظم (الريم). وأظن قول الشاعر: إذا مت فاعتادي القبور فسلمي .... على الريم أسقيت السحاب الغواديا مأخوذا من ذلك. وقد زعم أبو العلاء أن (الريم) في هذا البيت القبر؛ والذي ذكرته أولى. [144/آ]. ثم يبقى الرأس والقوائم ويأخذها الجزار في أجرته وتسمى (الجزارة)، ثم اتسعوا في ذلك فسموا الرأس والقوائم جزارة؛ قال ذو الرمة: شخت الجزارة مثل البيت سائرة .... من المسوح خدب شوقب خشب فإذا أخذ كل واحد من الأيسار قدحه دفع جميعها إلى رجل ويسمونه (الحرضة)، ومن شأنه المعروف له أنه لم يأكل قط لحماً

طريقتهم في الميسر

بثمن، إنما يأكله عند غيره، أو يهدي له الأيسار. وكانوا أكثر ما يجتمعون على الميسر بالليل، ويوقدون نارا لذلك، ثم يؤخذ ثوب شديد البياض، فيلف على يد الحرضة، ويسمى ذلك الثوب (المجول)، وإنما يجعل ذلك الثوب على يده ليغشي بصره، فلا يعرف قدح زيد دون عمرو، وهذا بعد أن يلف كفه بقطعة من جرا لئلا يجد مس قدح يكون له مع صاحبه محاباة. فإذا أخذ القداح لم ينظر إليها، ويجلس خلفه آخر، ويسمى (الرقيب) ثم يجلس الأيسار حوله دائرين به. ثم يفيض بالقداح، فإذا نشز، أي ارتفع، منها قدح استله الحرضة من غير أن ينظر إليه، ثم ناوله الرقيب، فينظر الرقيب لمن هو فيدفعه إلى صاحبه، فيأخذ من أجزاء الجزور على قدر نصيب القدح منها؛ وذلك هو الفوز. فإن شاء بعد ذلك أمسك وإن شاء أعاد السهم على خطار آخر، ويمسى ذلك (التثنية)، وهو مراد النابغة في قوله: أني أتمم أيساري وأمنحهم .... مثنى الأيادي وأكسو الجفنة الأدما

فإن خرج الفذ أخذ صاحبه نصيبه، وله جزء واحد كما تقدم. ثم ضربوا بالقداح الباقية على التسعة الأجزاء الباقية. وإن [144/ب] خرج التوأم أخذ صاحبه جزأين وقعد إن شاء. وضربوا بباقي القداح على السبعة الأجزاء الباقية، فإن خرج المعلى أخذ صاحبه الأجزاء السبعة التي بقيت، ووقع الغرم- أعني ثمن الجزور- على من لم يخرج سهمه، وهم أربعة: أصحاب الرقيب، والحلس، والنافس، والمسبل. ولجملة هذه القداح ثمانية عشر سهما، فيجزأ الثمن على ثمانية عشر جزءا، ويلزم كل صاحب قدح من هذه القداح مثل ما كان نصيبه من اللحم لو فاز قدحه. فإن لم يخرج الفذ ولا التوأم وخرج الرقيب أخذ صاحبه ثلاثة أجزاء، ثم ضربوا ثانية فخرج المعلى أخذ صاحبه السبعة الأجزاء الباقية، وهي تتمة الجزور، وكانت الغرامة على من لم يخرج قدحه، وهم أصحاب القداح الستة التي خابت. فإن خرج المعلى أول القداح أخذ صاحبه سبعة أجزاء الجزور واحتاجوا إلى نحو جزور أخرى؛ لأن في القداح التي خابت المسبل وله ستة أجزاء، ولم يبق من اللحم إلا ثلاثة

أجزاء. ومن خاب قدحه في الجزور الأولى لم يأكل منها شيئا، وذلك عندهم قبيح يعاب. فإذا نحروا الجزور الثانية وضربوا عليها بالقداح فخرج المسبل أخذ صاحبه ستة أجزاء، منها الثلاثة التي بقيت من الجزور الأولى، ولزمه الغرم في الجزور الأولى ولم يلزمه في الثانية شيء؛ لأن قدحه قد فاز فيها. وصار غرم الجزور الثانية على من لم يخرج قدحه، على ما سبق من الحساب. وبقي من الجزور الثانية سبعة أجزاء يضرب عليها بقداح من بقي. فإن خرج النافس أخذ صاحبه خمسة أجزاء ولم يغرم من ثمن الجزور الثانية شيئا، ولزمه الغرم في الأولى. وبقي جزءان من اللحم وقد بقي من القداح [145/آ] الحلس، وله أربعة أجزاء، فاحتاجوا إلى نحر أخرى لتتمة الأجزاء الأربعة، ولا يأكل من خاب في الجزور الثانية منها شيئا. فإن نحروا الجزور الثالثة وفاز الحلس أخذ صاحبه أربعة أجزاء، منها جزءان من الثانية وجزءان من الثالثة، ولم يغرم من ثمن الجزور الثانية شيئا؛ لأنه قد فاز، وكان ثمنها على من خاب قدحه. وبقي من الجزور الثالثة ثمانية أجزاء، فيضرب عليها

بالقداح من بقي حتى تخرج قداحهم موافقة لأجزاء الجزور. فإن كانت أجزاء اللحم موافقة لأجزاء القداح لم يحتاجوا إلى نحر شيء؛ فإن أعاد من فاز قدحه مرة ثانية فخاب غرم من ثمن الجزور التي خاب قدحه فيها، على هذا الحساب. فإن فضل من أجزاء اللحم شيء وقد خرجت القداح كلها كانت تلك الأجزاء الفاضلة لأهل الوبد من العشيرة، وهم أهل الضعف وسوء الحال، وشدة العيش. ويقال: رجل وبد، أي: سيء الحال، ويستوي في الوصف به الواحد والجمع، كما تقول: رجل عدل؛ ويجمع أيضا على أوباد، كما يقال: عدول؛ ومنه قوله: لأصبح الحي أوبادا ولم يجدوا .... عند التفرق في الهيجا جمالين ورج مستوبد بمعنى الوبد. ومن أبيات المعاني قوله:

1 - يا عين بكي حنيفا رأس حيهم .... الكاسرين القنا في عورة الدبر 2 - أيسار صدق ينسيهم مراديهم .... صك القداح مواريب على الخطر قوله: (الكاسرين القنا في عورة الدبر) فعورة الدبر: ما وراء القوم [145/ب] إذا انهزموا؛ لأنهم إذا انهزموا بقي ما وراءهم عورة ضائعا؛ فهؤلاء يحامون عن العورة ويطاعنون عنها حتى تتكسر رماحهم. ومن هذا قوله عز وجل: {إن بيوتنا عورة}، وقول الشاعر:

الحافظو عورة العشيرة لا .... يأتيهم من ورائنا وكف وقوله: (ينسيهم مراديهم) يريد أرديتهم، أي إنهم لإقبالهم على الميسر وطربهم لصك القداح يذهلون عن أرديتهم. و (المواريب) من قولهم: أربت العقدة: إذا أحكمت شدها، أي: هم شداد إذا قامروا لا ينحل لهم عقد. 3 - أعداء كوم الذرى ترغو أجنتها .... عند المجازر بين الحي والحجر الكوم: جمع كوماء، وهي العظيمة السنام. وهم أعداؤها لأنهم ينحرونها، يعني أنها تنحر وهي حوامل فيخرج الجنين حيا يرغو. 4 - يمشي إليها بنو هيجا وإخوتهم .... شم مخاميص لا يعكون بالأزر

الهيجا: الحرب، تمد وتقصر. ومخاميص، أي: خمص البطون والواحد خميص، وهذا الجمع على غير القياس. وقوله (لا يعكون بالأزر) أي يطرحون الأشياء ولا يكترثون بشد إزار ولا غيره؛ وذلك مما تمدح به ملوكهم. ومثل المخاميص في خميص الأناجيح في جمع منجح، قال: بغاته إنما يبغي الصحاب من الـ .... ـفتيان في مثله الشم الأناجيح 5 - لا يفرحون إذا ما فاز فائزهم .... ولا تضيق عليهم أربة العسر يقول: إذا فازوا لم يفرحوا بذلك، ولا يبطرهم الفوز. ومنه قول [146/آ] الله عز وجل: {إن الله لا يحب الفرحين}.

والأربة: الشدة، أي: لا يبالون بالغرم وإن كانوا معسرين. 6 - هم الخضارم والأيسار إن ندبوا .... إذ لا تجيل قداحا راحتا يسر الخضارم: الأسخياء، والواحد خضرم، وأصل الخضرم للبحر. ومنها: 1 - يا بنت آل هشام هل علمت إذا .... أمسى المراضيع في أعناقها خضع 2 - أني أتمم أياسري بذي أود .... من فرع شنحاط ضاحي ليطه قرع يعني القدح. وإذا كان ذا أود كان أسرع لخروجه. وشنحاط أرض. وضاحي ليطه: ظاهر جلده وما ضحا منه للشمس أي برز.

3 - يحدو قتائله بيض غطارفة .... شم الأنوف مغاليق الضحى خلع القتائل: الأشباه، وهذا قتل هذا أي شبهه، والجمع: أقتال؛ قال الأعشى: رب رفد هرقته ذلك اليو .... م وأسرى من معشر أقتال ويقال أيضا: فلان قتل فلان أي عدوه. فقول ابن مقبل: (يحدو قتائله) أي قتائل قدحي. و (مغاليق الضحى) أي: يغلقون الرهن والخطر. و (خلع) معناه: يسلبون الرجال أموالهم بالقمار ويخلعونها. 4 - ألو الوفاء ولو أدوا قداحهم .... ولا يزال لهم من لحمها قنع ألو الوفاء، أي: يؤدون ما يلزمهم وفاء به، ولو لم يبق لهم إلا

قداحهم لأدوها. والقنع: الزيادة والكثرة، ويقال: هو ذو قنع، أي: كثير المال جواد. ومنها قول عمرو بن قميئة- وهو صاحب امرئ القيس في قوله: بكى صاحبي لم رأى الدرب دونه .... ..... ...... ...... -: 1 - بودك ما قومي على أن تركتهم .... سليمى إذا هبت شمال وريحها يريد: بودك يا سليمى قومي، و (ما) زائدة. على أنك تركتهم وفارقتهم [146/ب] وسليمى: امرأته وكانت أرادت منه فراق قومه. 2 - إذا النجم أمسى مغرب الشمس رابيا .... ولم يك برق في السماء يليحها

رابياً، أي: مرتفعًا. والنجم: الثريا. وأشد البرد عند طلوع الثريا أول الليل. ويليحها: يظهرها ويضيئها. يقول لها: لعل ودك أنك عند قومي في هذه الحال. 3 - وغاب شعاع الشمس في غير جلبة .... ولا هبوة إلا وشيكا مصوحها الجلبة: السحابة، وكذلك الجلب. والوشيك: السريع. والمصوح: الذهاب. والهبوة: الغبرة. 4 - وهاج غمام مقشر كأنه .... نقيلة نعل بان منها سريحها مقشعر: لا ماء فيه. والنقيلة: النعل البالية من النعال التي تنعل بها الإبل إذا حفيت، وجمعها: نقال. والسريح: السيور التي تشد بها النعل، الواحدة: سريحة.

5 - إذا عدم المحلوب عادت عليهم .... قدور كثير في القدور قديحها القديح: المغروف. 6 - يثور إليها كل ضيف وجانب .... كما رد دهداه القلاص نضيحها الجانب: الأجنبي الغريب. والدهداه: صغار الإبل، سميت بذلك لأن الإبل إذا وردت الماء دهدهتها ودحرجتها. والنضيح: الحوض. 7 - بأيديهم مقرومة ومغالق .... يعود بأرزاق العباد منيحها مقرومة، يعني القداح بها علامات. وليس المنيح ههنا القدح الذي ذكرناه أنه لا سهم له؛ وإنما المنيح ههنا الممنوج منها المعطى وهو القدح الفائز. ويجوز أن تعيد الهاء في (منيحها) على العباد، ويكون المنيح بمعنى الفاعل، أي: تمنحهم هذه القداح ما أصابوه من قمرها. ومنها قول الطرماح:

1 - وابن سبيل قريته أصلا .... من فوز بح منسوبة تلده [147 آ] البح: القداح كأن أصواتها فيها بحة. وتلد أي: قديمة منسوبة إلى الشجر التي تتخذ منها نحو النبع. 2 - لم تستدر في ربابة ونحا .... أصلابها وشوش القرا حشده الربابة: الجلدة التي تجمع القداح فيها، وفي غير هذا الموضع: القداح نفسها. ونحا أصلابها، أي: اعتمد عليها هذا القدح. الوشوش القرا أي الخفيف، فخرج. والحشد: المجتهد. 3 - دفعت فيها ذا ميعة صخبا .... مغلاق قمر يزينه أوده

الميعة: النشاط. والصخب: الصوت، يعني قدحا. 4 - لم يبق فيه من كف صاحبه .... أخلاق سرباله ولا جدده يقول: إنه من كثرة ما تمسه كف صاحبه. وأراد بالسربال ههنا ماله من القشر. 5 - موعب ليط القرا به قوب .... سود قليل اللحاء منجرده موعب الليط، أي: قد استؤصل جميع ليطه، واستوعب جميعه. والقوب: الآثار. 6 - يغدو من الحي ضيفه دسما .... وقد أوى وهو ظاهر وبده 7 - مجرب بالرهان مستلب .... خصل الجواري طرائف سبده

يعني أنه مجرب أنه يفوز. والجواري: القداح التي تجال معه فيستلبها خصلها، والخصل: الفوز. والسبد. استعارة لما يصيب ويكسب بفوزه. 8 - إذا انتحت بالشمال سانحة .... جال بريحا واستفردته يده يعني إذا انتحت القداح جال وحده. واستفردته يد المفيض أي إنه يخرج وحده من بينها فردا فائزا. ومنها قوله: ورأته معلبيا يرقع الشن .... وفي ذاك ما يصد الكعابا فزوت صافيا كليط ابنة البحـ .... ـر وردت على الوميض الحجابا [147/ب] يقال: علبى الرجل: إذا تشنج علباؤه من الكبر، وهو العرق في جانب العنق. ويقال له إذا اعتمد على يده عند القيام: رقع الشن؛ فلما رأته كذلك زوت وجهها عنه، وشبه وجهها بالصدفة

في صفائها. والليط: القشر. وابنة البحر: الدرة. والوميض: بريق ثغرها. ومنها: تلقاهم زمرا خضرا نعالهم .... قد نشرت كنفيها فيهم الضبع لو صاب واديهم رسل فأترعه .... ما كان للضيف في تغميره طمع خضر النعال، أي أخصبوا فاخضرت نالعلهم، لأنهم يطؤون العشب؛ وهم مع ذلك بخلاء كأن الضبع، وهي السنة المجدبة، قد نشرت فيهم جانبيها. ولو وقع المطر على واديهم حتى ملأه ما كان للضيف في التغمير مطمع. والتغمير أن يسقى لبنا في الغمر، وهو القدح الصغير؛ قال:

تكفيه فلذة كبد إن ألم بها .... من الشواء ويكفي شربه الغمر ومنها: تأود فيه النبت حتى تحيرت .... رباه وحتى لا ترى الوحوش نوما يصف مكانا جادته السماء فكثر فيه النبت وطال حتى تأود، أي أعوج لطوله، وتحيرت رباه: ركب بعض نبتها بعضا، فكأن نبتها كالمتحير منه مائل إلى جهة ومائل إلى أخرى؛ لأن المتحير لا يقصد جهة. ومنه قول الشاعر: وقضين ما قضين ثم تركنني .... بفيفا خريم قائما أتلدد

فلم أر مثل العين ضنت بمائها .... علي ولا مثلي على الدمع يحسد أتلدد: معناه: أتلفت إلى هذه الجهة وإلى هذه الجهة. واللديدان: عرقا العنق. وقيل للمتحير متلدد، من ذلك. وقوله: (حتى لا ترى الوحش نوما) منصوب على الحال، أي: تنام به الوحش فلا تراها نوما. ومنها- أنشده الأصمعي-: [148/آ] قامت تبكي لأن مرت بها أصلا .... بجانب الدو أسراب من العين قالت: أبو مالك أمسى ببلقعة .... تسفي الرياح عليه غير مدفون فبنيت صدق ما قالت وما نطقت .... وصاحب الدهر في خفض وفي لين

غاب عن هذه المرأة أبو مالك، فمرت بها أسراب من الظباء بارحة، والبارح: الذي يريك مياسره، فتطيرت من ذلك وبكت؛ وورد خبر أبي مالك بذلك، فبنيت الظباء البوارح صدق ما قالت. وقوله: (وما نطقت) في موضع الحال، أي: بنيت صدق قولها غير ناطقة. وفي (بينت) ضمير فاعل يرجع على الظباء، أي: إن الظباء بينت صدق ما قالت. وفي (قالت) ضمير فاعل للمرأة، أي: صدق ما قالت المرأة. و (صاحب الدهر في خفض) أي: في انحطاط تارة، وتارة في رفعة. ومن هذا الباب قول رؤبة: وقد أرى واسع جيب الكم أسفر عن عمامة المعتم عن قصب أسحم مدلهم يقال: فلان واسع الجيب، أي: رخي البال لا يكترث.

وأراد بالقصب الأسود شعره. ومن هذا الباب قوله أيضا: إذا الدليل استاف أخلاق الطرق كأنها حقباء بلقاء الزلق أخلاق الطرق: التي درست العلامة فيها، فكأنها قد بليت كما تبلى الأخلاق من الثياب. واستاف: شم؛ لأنه إذا ضل شم التراب، فإن وجد ريح بول أو رمة علم أنه لم يضل، وإن وجد ريح العذاة، وهي الريح الطيبة، علم أنه قد ضل. و (بلقاء الزلق) يريد عجيزتها. والحقباء: الأتان التي بموضع حقبها بياض، شبه ناقته بها. قال أبو عبيدة: لم يقل رؤبة شعرا إلا أربعة أبيات- يعني أنه إنما كان يقول الرجز-:

إذا ما الموت أقبل قبل قوم .... أكب الحظ وانتقص العديد أرانا لا يفيق الموت عنا .... كأن الموت إيانا يكيد والبيتان الآخران: أيها الشامت المعير بالشيـ .... ـب أقلن بالشباب افتخارا قد لبست الشباب غضا طريا .... فوجدت الشباب ثوبا معارا في هذين البيتين الأخيرين شيء مما يناسب أبيات المعاني، وإنما أوردت البيتين الأولين لما قال أبو عبيدة، وهي من الفوائد. ومن أبيات المعاني: وأبي الذي قاد المهزم عانيا .... غب الوقاع مكبلاً مجنوباً

كيف يكون مجنوبا وهو مكبل؟ قيل: معناه: إنه شده إلى كبال السرج، والكبالان حلقتان في قربوس السرج. حكى الأشنانداني قال: كنا في حلقة [148/ب] الأصمعي، فأقبل أعرابي يرفل في الخز فقال: أين عميدكم؟ فأشرنا إلى الأصمعي؛ فقال: ما معنى قول الشاعر: لا مال إلا العطاف يؤزره أم ثلاثين وابنة الجبل لا يرتقي النز في ذلاذله ولا يعدي نعليه عن بلل فتبسم الأصمعي ثم قال:

عصرته نطفة تضمنها لصب تلقى مواقع السبل أو وجبة من جناة أشكلة إن لم يرغها بالقوس لم تنل فولى الأعرابي يقول: لم أر كاليوم عضلة. قال: وأنشدنا الأصمعي القصيدة. العطاف: السيف. وأم ثلاثين، يعني كنانة فيها ثلاثون سهما. وابنة الجبل: القوس؛ لأنها نبتت فيه. وقوله: (لا يرتقي النز في ذلاذله)، أي: إنه لا يكون إلا في الجبل، وليس هناك نز. وكذلك قوله (ولا يعدي نعليه)، أي: ليس هناك بلل فيتخطاه. وعصرته: ملجؤه. والنطفة: النقعة من الماء. والوجبة: أن يأكل مرة واحدة. والجناة: الثمرة. والأشكلة: الضالة، أي: إن لم يضربها بالقوس لم تلق ثمرتها.

من أبيات المعاني الأبيات المشكلة الإعراب

ومن أبيات المعاني الأبيات المشكلة الإعراب. فمنها قول الشاعر: أبوك بسيف كان لاقى محمد به الله في بيض حديث صقالها معناه: أبوك محمد لاقى به الله بسيف. ومنها: ارفع ضعيفك لا يحر بك ضعفه يوما فتدركه العواقب قد نمى يجزيك أو يثني عليك وإن من أثنى عليك بما صنعت فقد جزى (لا يحر) أي: لا يرجع، وجزمه على جواب الأمر، أي: يرجع ضعفه عليك، أي: ينزل بك الدهر فيصير ضعفه فيك ويرفعه. وفي معناه:

لا تهين الفقير علك أن تركع يوما والدهر قد يرفعه أي لا تهينن، بنون التأكيد الخفيفة. قال المبرد: حذفها لالتقاء الساكنين. وفي معناه: ولا تحرم المرء الكريم فإنه أخوك ولا تدري لعنك سائله لعن لغة في لعل.

ومنها قول الفرزدق: وما مثله في الناس إلا مملكا أبو أمه حي أبوه يقاربه [149/آ] كان هذا الممدوح خال هشام بن عبد الملك. وهشام بن عبد الملك هو المراد بقوله: (إلا مملكا)، واسم هذا الممدوح إبراهيم وكان أميرا على المدينة من قبل ابن أخته هشام بن عبد الملك. وتقديره: وما مثله في الناس حي يقاربه إلا مملك أبو أمه أبوه. فـ (إلا مملك) بدل من (حي يقاربه)، فلما قدمه بطل البدل ونصب على الاستثناء. وأبو أم هشام بن عبد الملك أبو إبراهيم الممدوح، فأبو هذا الممدوح أخو أم هشام. وكان الفرزدق يصد في شعره مثل هذا، كقوله:

لئن أخرجت برزة من أبيها إلي لأدفعن لك العنانا كمدحة جزول لبني قريع إذا من فيه أخرجها اللسانا الهاء في (أخرجها) للمدحة، والتقدير: إذا أخرجها باللسان من فيه، فحذف الجار فتعدى الفعل فنصب. ومن أبيات الإعراب قوله: بي الغرام يذيب بلاها رب هذا دعاء صب كئيبا الغرام مبتدأ، والخبر مقدم عليه. ويذيب جملة لا موضع لها من الإعراب؛ لأنها صلة (الذي). ثم قال: (بلاها) من بلاه يبلو. رب: فاعل (بلا) والهاء مفعوله، وأصل الكلام ربي، فحذف الياء واجتزأ بالكسرة. و (هذا دعاء) مبتدأ وخبر، ويجوز أن تنصبه على المصدر، والتقدير: أدعوه دعاء صب. (كئيبا) منصوب على الحال من الياء في (ربي) والعامل بلا، والحال لا تكون من مثل

هذا المضمر إلا قليلا. ومنها: لقد قال عبد الله شر مقالة كفى بك يا عبد العزيز حسيبها (عبدا الله) مثنى، وحذف النون للإضافة، والألف لالتقاء الساكنين، و (شر مقالة): مصدر؛ لأن ما أضيف إلى المصدر من هذا فهو مصدر، وهما كشيء واحد، والناصب له (قال)؛ لأنه من جنسه. و (يا عبد) منادى مرخم، والأصل: يا عبدة، ثم ابتدأ فقال: العزيز حسيبها كما تقول: الله حسيبك. ومنها: إن فيها أخيك وابن زياد وعليها أبيك والمقدارا [149/ب] (أخيك): جمع أخ جمع السلامة تعويضا له ما حذف منه، والأصل: أخين، فحذف النون للإضافة. و (ابن زياد) معطوف على (أخيك) الذي هو اسم إن. و (أبيك) مثل أخيك، وهو جمع

أب وهو معطوف على أخيك. و (المقدار) أيضا كذلك. ومنها: فما أدري أغيرهم تناء وطول العهد أم مال أصابوا (مال): مبتدأ، والنكرة يبتدأ بها لعد الاستفهام كقولك: أرجل عندك أم امرأة؟ والأصل: أصابوه، والهاء عائدة على المال، ولكنه حذف الضمير. و (أصابوه) خبر المبتدأ. ومنها: أرى رجلا منكم أسيفا كأنما يضم إلى كشحيه كفا مخضبا إن شئت جعلت (أرى) من رؤية القلب، فيكون (منكم) مفعولا ثانيا، وإن جعلته من رؤية العين فهو منصوب صفة

لـ (أسيف) و (مخضبا) صفة لكف، والكف مؤنثة، ومجازه أن التأنيث غير حقيقي، ولك أن تتأوله بمعنى العضو كما تأولت في قوله: .. .. .. ولا أرض أبقل .. .. ويجوز أن تجعل (مخضبا) صفة لرجل أو تجعله حالا من الهاء في (كشيحه). ومنها:

ومن قبل آمنا وقد كان قومنا يصلون للأوثان قبل محمدا نصب محمد بآمنا؛ لأنع بمعنى صدقنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل: بإسقاط الخافض، وهذا أحسن. ومنها: أبا خراشة أما أنت ذا نفر فإن قومي لم تأكلهم الضبع (ما أنت) عوض من (كنت) وتقديره: إن كنت، فحذف (كان) وأقام مقامها (ما)، ونقل (إن) الشرطية إلى (أن) المصدرية، والتقدير: لأن كنت؛ فـ (أن) وما بعدها منصوب بإسقاط الخافض، و (أنت) اسم كان، و (ذا) خبرها.

ومنها: إن مستهترًا بحبك قلبي فاهجريني فما بقي لك حظ الأصل إن أنا، فألقيت حركة الهمزة من (أنا) على نون (إن) وحذفت الهمزة وأدغمت النون في النون، فصار (إنا) ثم حذفت الألف فصار (إن) وهو مبتدأ، أعني أنا، ومستهتر خبره. ومنها: الواهب المائة الهجان وعبدها عوذا تزجى خلفها أطفالها [150/آ] يجوز في (المائة) النصب والجر، على المفعولية والإضافة. ويجوز في قوله (وعبدها) الوجهان المذكوران في المائة. ويجوز أن تخفض المائة على الإضافة، وتنصبه عطفًا على الموضع.

و (عوذا) منصوب على الحال. و (تزجى)، وما بعده، في موضع نصب صفة لعوذ. وتزجى مبني للمفعول، و (أطفالها) مرفوع به. ويجوز أن يرتفع (أطفالها) على الابتداء وخبره (خلفها) وفي (تزجى) ضمير يعود إلى المائة. ومنها: والله لو كنت لهذا خالصا لكنت عبدا آكل الأبارصا (والله) جار ومجرور في موضع نضب بفعل مقدر. وإن شئت: في موضع رفع على أنه خبر مبتدإ محذوف، أي: قسمي أو يميني والله. و (كنت) في موضع جزم بما في (لو) من معنى الشرط. و (لهذا): في موضع نصب، أي خالصا لهذا. و (آكل): صفة عبد. و (الأبارص): مفعول آكل، والأصل آكلا، وإنما حذف النون لالتقاء الساكنين.

ومنها: يا خالق الحبة السودا بلا سأم علا خوانك ملح غير مدقوق يا خال: منادى مضاف، وحذف ياء الإضافة، وحذفها كثير في النداء. ق: فعل أمر من وقى يقي، ولم يبق من هذا الفعل إلا عينه؛ لأن فاءه حذفت لوقوعها بين ياء وكسرة، وحذفت لامه للأمر. والحبة: مفعول. و (بلا): جار ومجرور؛ لأن (لا) ههنا اسم بمعنى غير، وإن شئت جعلتها زائدة فتكون الباء جارة لـ (سأم) وخوانك: مفعول؟ وعلا: فعل ماض. وملح: فاعل علا. ومنها: ولو أن واش باليمامة بيته وبيتي بأعلى حضرموت اهتدى ليا والوجه: ولو أن واشيا. والنجاة يقولون: هذا من أحسن

الضرورة؛ لأنه حمل لحال على حالين، وهذا كقوله: خذا حدثاني عن فل وفلان لعلي أرى باق على الحدثان ومنها: وقد كنت لا أرضى بنعمان منزلا فصار مناي أن يلوح بها برقا برقا: منصوب على أنه خبر صار، والتقدير: فصار مناي برقا أن يلوح، أي: برقا يلوح، فيكون (يلوح) في موضع الصفة لبرق، وتكون (أن) زائدة فلما تقدم على الموصوف كان في موضع نصب على الحال، على ما قالوا في نعت النكرة إذا تقدم عليها [150/ب] وها أنا أذكر في هذه المسألة ما يكشف عن حقيقتها بمعونة الله عز وجل.

قال النحاة في قول الشاعر: لعزة موحشا طلل قديم عفاه كل أسحم يستديم انتصب (موحشا) على الحال من طلل، والعامل الجار والمجرور؛ وهذا كلام فيه نظر؛ لأن الجار والمجرور إما أن يقال فيه ما قال سيبويه، أو ما قال الأخفش. فإن قلنا بقول سيبويه فالجار والمجرور خبر المبتدأ، والمبتدأ: طلل، والخبر مقدم على المبتدأ والنية به التأخير، وفيه- أعني الخبر الذي هو الجار والمجرور- ضمير يعود إلى المبتدأ، وهذا الضمير مرفوع بالجار والمجرور كما كان مرفوعا بالفعل الذي جعل الجار والمجرور نائبا عنه. ومما استقر عندهم أن العامل في الحال هو العامل في صاحب الحال. والحال ههنا صاحبها (طلل) والعامل في طلل معنوي، فكيف يكون الجار والمجرور عاملا في الحال، وهو غير عامل في طلل؟!. وإن قلنا بقول الأخفش فارتفاع طلل على أنه فاعل، والرافع له

الجار والمجرور، كما يرتفع بالفعل الذي هو نائب عنه. وقلت: لا مرية، على قول الأخفش، أن العامل في الحال هو العامل في صاحب الحال، بقي عليك أن العامل إذا كان غير متصرف لم تتقدم عليه الحال ولا على صاحب الحال؛ ألا ترى أنه لا يجوز: هذا قائما زيد، ولا: قائما هذا زيد؟ والذي ينبغي أن يقال: العامل في الحال: الجار والمجرور، وصاحب الحال، الضمير الذي في الجار والمجرور. ولما كان (موحشا) حالا عنه، وهو عائد إلى طلل الذي هو نكرة، وكان موحشا قبل التقدم نعتا للنكرة قالوا: وإذا تقدم نعت النكرة عليها نصب على الحال. ولا ريب في انتصابه على الحال إذا تقدم عليها، فقولهم: (إذا تقدم عليها نصب على الحال) كلام صحيح على ما ذكرته. ومن أبيات الإعراب [151/آ] قول عمرو بن يربوع: رأى برقا فأوضع فوق بكر فلا بك ما أسال ولا أغاما يقال: أوضع بعيره، أي: ساقه. ووضع في سيره يضع وضعا

ووضوعا. والإيضاع دون الشد. والبكر من الإبل: الفتي. و (فلا بك) معناه: لا أقسم بك؛ كما قال الله عز وجل: {فلا أقسم بمواقع النجوم}، قالوا: (لا) زائدة، وقيل: رد على المخاطب، وقيل: نفي للقسم أي: لا يحتاج إلى القسم لأنه أوضح من أن يقسم عليه. ولا يدخل على المقسم به غير الباء لأنها الأصل. وقال أبو الفتح: لأن الإضمار يرد الأشياء إلى أصولها في كثير من المواضع، تقول: أعطيتكم درهما، ثم تقول: الدرهم أعطيتكموه، وما حكاه يونس من قولهم: أعطيتكمه، شاذ. وقال أبو بكر محمد بن عبد الملك النحوي: إنما يرد الإضمار الأشياء إلى أصولها لأسباب توجب الرد، لا لأجل الإضماؤ؛ فلا يقاس عليه ما لا سبب فيه. مع أن الشيء إذا جاء على أصله ولم يمنعه مانع فلا سؤال فيه. ولا يحتاج إلى تعليل إلا أن يخالف

الاستعمال. فقوله (أعطيتكم درهما) أصله أعطيتكمو، فأسكنوا الميم تخفيفا، وكرهوا الإسكان مع الهاء لخفائها وقربها من الساكن. ولذلك كان (عليه مال) أحسن من قولك: (عليهي مال)، وكذلك: اليوم سرت فيه؛ لأن الإضمار يبطل كونه ظرفا، فاحتاجوا فيه إلى (في) كسائر الأسماء التي ليسن ظروفا. قلت: قوله: (إنما يرد الإضمار الأشياء إلى أصولها لأسباب توجب الرد، لا لأجل الإضمار) كلام متناقض يقتضي أن الإضمار يرد ولا يرد. وقوله: (مع أن الشيء إذا جاء على أصله ولم يمنعه مانع فلا سؤال فيه) فأقول: بلى، فيه سؤال؛ لأن قولنا: (بك لأفعلن) قد جاء على أصله، وفيه من السؤال: لم لم يجز أن نقول: وك، ولا: تك؟ فاختصاص الباء بهذا لابد له من سبب، ولا سبب إلا أن الباء الأصل؛ ولهذا تقول: أقسم بالله، ولا تقول: أقسم والله، ولا: أقسم تالله. [151/ب] ومنها بيت وضعه النحاة للتعليم، وهو قولهم:

كيف يخفى عنك ما حل بنا أنا أنت الضاربي أنت أنا قال فيه الشيخ أبو محمد عبد الله بن بري النحوي- رحمه الله-: فيه وجهان، أحدهما: أن تجعل الألف واللام لـ (أنا)، والفعل لـ (أنت) فـ (أنا) مبتدأ، و (أنت) مبتدأ ثان؛ و (الضاربي) مبتدأ ثالث؛ لأنه غير (أنت) إذ الألف واللام لـ (أنا)، والعائد على الألف واللام الياء في (الضاربي)؛ لأنها (أنا) في المعنى، و (أنت) فاعل بـ (الضاربي) أبرزته لما جرى على غير من هو له؛ إذ الألف واللام لـ (أنا)، والفعل لـ (أنت)، و (أنا) خبر (الضاربي)، و (الضاربي) وخبره خبر (أنت) و (أنت) وخبره خبر (أنا). والوجه الثاني: أن تكون الألف واللام والفعل لـ (أنت) فـ (أنا) على هذا مبتدأـ و (أنت) مبتدأ ثان، و (الضاربي) خبر أنت. ولا يبرز الضمير فيه لأنه جرة على من هو له، ويكون الكلام قد تم عند قوله: (الضاربي)، [ويكون] أنت أنا على طريق المطابقة للأول، ليكون آخر الكلام دالا وجاريا على أوله. ألا تراه قال في أول الكلام: (أنا أنت)؟ ولهذا قال في آخره: (أنت أنا)،

أي: كيف أشكو ما حل بي منك وأنا أنت، وأنت أنا؛ فإذا شكوتك فكأنما أشكو نفسي. قال: ولو جعلت الألف واللام والفعل في هذه المسألة لـ (أنا) لقلت: أنا أنت الضاربك أنا، فـ (أنا) مبتدأ، و (أنت) مبتدأ ثان، و (الضاربك) مبتدأ ثالث، لأنه غير (أنت)، وفيه ضمير يعود على الألف واللام التي هي (أنا) في المعنى، ولم يبرز الضمير الذي في (الضاربك)، و (الضاربك) وخبره خبر (أنت)، و (أنت) وخبره خبر (أنا). هذا ما لغني من كلامه في هذه المسألة. ومنها: ما بالمدينة دار غير واحدة دار الخليفة إلا دار مروانا [152/آ] (دار) مبتدأ، و (بالمدينة) خبره مقدم عليه، و (غير) صفة له- أعني للمبتدأ- و (دار الخليفة) بدل منه، و (دار مروانا) بدل من (دار الخليفة). ويجوز رفع (دار الخليفة) على أنه خبر مبتدإ محذوف والتقدير: (هي دار الخليفة)، وتجعل (دار مروان) بدلا منها.

ومنها: فليت كفافا كان خيرك كله وشرك عني ما ارتوى الماء مرتوي في (ليت) ضمير الشأن، و (كفافا) خبر كان، و (خيرك) اسم كان؛ وخبر (ليت) كان وما اتصل بها من اسم وخبر، و (كله) تأكيد لخيرك، و (شرك) معطوف على اسم كان إن رفعته وينصب فيكون معطوفا على اسم (ليت)، وهو ضمير الشأن، و (عني) إن شئت قلت: يتعلق بـ (كفافا) وإن شئت علقته بـ (مرتو) أي: وليت شرك مرتويا عني، جعلت الشر مرتويا مجازاً. ومنها:

يا دار سلمى بين دارات العوج جرت عليه كل ريح سيهوج من عن يمين الخط أو سماهيج هوجاء جاءت من بلاد ياجوج الدارات يجوز أن تكون جمع دار؛ لأن الدار مؤنثة، ويجوز أن تكون جمع دارة، والدارة أخص من الدار؛ فكل دارة دار ولا يقال لكل دار: دارة. و (العوج) صفة، والموصوف محذوف، والمراد: معاطف الأدوية العوج لأن معاطف الأدوية مواضع نزولهم لخصبها وكثرة النبات فيها، وهو جمع أعوج. و (جرت) يروى بالتشديد، والتقدير: جرت عليها ذيولها ويروى: جرت، بالتخفيف. و (سيهرج): سريعة شديدة المر، دائمة الهبوب. و (عن) ههنا اسم، لدخول (من) عليها. والخط: موضع بالبحرين، والرماح الخطية منسوبة إليه. [152/ب] وسماهيج أيضا: موضع. والهوجاء: التي تحمل التراب. وقوله: (من

بلاد ياجوج) أي إنها هبت من تلك الجهة. ومنها قول الأعشى: فكيف أنا وانتحالي القوافـ ... ـي بعد المشيب كفى ذاك عارا أنكر جماعة من النحاة البصريين قوله: (أنا وانتحالي)، وإثبات الألف في الوصل. وقال بعضهم: أثبتها ضرورة. وممن أنكر ذلك المبرد، وكذلك أنكر قراءة ابن عامر {لكنا هو الله ربي}. وقال السيرافي: يجوز أن يكون وصل في نية الوقف، كما قرأ بعضهم {اقتده قل لا أسألكم}، لأن الفصل بين اللفظين قد يكون قصير الزمان.

و (انتحالي): مفعول معه، وهو مصدر مضاف إلى الفاعل. وعبر بـ (القوافي) عن القصائد. ومنها أيضا: إن تبخلي يا جمل أو تعلي أو تصبحي في الظاعن المولي 3 يسل وجد الهائم المغتل ببازل وجناء أو عيهل 5 كأن مهواها على الكلكل وموقعا من ثفنات زل 7 موقع كفي راهب يصلي ويروى (مهواه) على التذكير. والوجناء: الشديدة القوية من النوق، وما غلظ من الأرض يقال له: الوجين. والعيهل: النجيب، والأنثى: عيهلة. والثفنات:

ما يبرك عليه من جسده مما يلاقي الأرض ويعتمد عليه عند القيام. وهذا الشعر يروى لمنظور بن مرثد الأسدي؛ وقد روي لغيره. ويزاد فيه: إن أصح عن داعي الهوى المضل 9 صحوة ناسي الشوق مستبسل أو تعدني عن حاجها حاج لي 11 يسل وجد الهائم المغتل

وقوله: (عيهل) و (الكلكل) إجراء للوصل مجرى الوقف؛ لأن هذا التشديد إنما يكون في الوقف، واللام هي الموقوف عليها، وقد شددها في الوصل لأنه وصلها بحرف الإطلاق. ومثله قول ربيعة بن صبح [153/آ]: 1 لقد خشيت أن أرى جدبا في عامنا ذا بعدما أخصبا 3 إن الدبا فوق المتون دبا وهبت الريح بمور هبا 5 تترك ما أبقى الدبا سبسبا كأنه السيل إذا اسلحبا 7 أو كالحريق وافق القصبا والتبن والحلفاء فالتهبا 9 حتى ترى البويزل الإرزبا من عدم المرعى قد اقرعبا 11 تبا لأصحاب الشوي تبا

وأنشده أبو علي: (مثل الحريق وافق القصبا)، والرواية الصحيحة هذه. وفي نصب (مثل) على إنشاد أبي علي: أن يكون حالا من ضمير السيل الذي في (اسلحب)، أو ينتصب على: اسلحبابا مثل الحريق. وقال أبو الفتح: لا يقال في هذا: إنه موقوف عليه ولا موصول. و (جدب) أصله: جدب، بإسكان الدال، وإنما حركها لالتقاء الساكنين حين شدد الباء، وغنما حركها بالفتح لأنها أقرب الحركات إليه. ويروى: (من بعد ما أخصبا) بفتح الهمزة وكسرها؛ فعلى الفتح يكون مثل (القصبا)، وعلى الكسر يكون اخصب مثل احمر، فليس فيه أكثر من قطع ألف الوصل. والمور: الريح والغبار. والإرزب: الشديد. واقرعب: اجتمع وتقبض. والشوي: الشاء، وقد تقدم هذا. ومنها:

فأصبحت بعد خط بهجتها كأن قفرا رسومها قلما الإشكال فيه من قبل التقديم والتأخير. والتقدير: فأصبحت قفرا بعد بهجتها كأن قلما خط رسومها. وبعد بهجتها في موضع نصب على الحال لما قالوه من نصب نعت النكرة إذا تقدم. و (كأن قلما) أيضا في موضع المصب على الحال، أي: مشبها. ومنها: وما أم عمرو ساعة البين مغزل تحاكي طلا يوما بأحسن من هندا والتقدير فيه: وما مغزل طلا تحاكي هندا يوما بأحسن من أم [153/ب] عمرو ساعة البين.

ذكر أشياء من علم النحو

ذكر أشياء من علم النحو قال شيخنا الإمام العالم، أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي- رحمه الله، ونقلت هذا الكلام من خذه وقرأته عليه-: هذه جملة من القول في توابع الأسماء اقتضاها السؤال عن الفرق بين البدل وعطف البيان وكشف الاشتباه بينهما. توابع الأسماء في إعرابها خمسة: صفة، بدل، تأكيد، عطف بيان، معطوف بحرف. وهذه الخمسة هي يلزم فيها إجراء الثاني على إعراب الأول. ثم إن التابع إما أن لا يكون مكملا لبيان المتبوع، فيكون معطوفا بحرف، وإما أن يكون مكملا له، ويكون مع ما قبله في تقدير جملتين على وجه ما، فيكون بدلا، وإما أن لا يكون في تقدير ذلك، فيكون حينئذ إما مفيدا فائدة المشتق، فيكون صفة، وإما غير مفيد تلك الفائدة، فيكون إما في تقدير الأول لفظا ومعنى فيكون تأكيدا، وإما أن لا يكون في تقدير ذلك فيكون عطف بيان.

فصل: الفرق بين عطف البيان والصفة

فصل وعطف البيان يتعلق بالاسم تعلق الصفة، ويفارق الصفة بأنه غير مشتق. فإذا كان الاسم مشتقا أو في معنى المشتق سماه النحويون صفة، وإذا كان جوهرا غير مشتق سموه عطف بيان. والجوهر عندهم من الأسماء ما كان غير مشتق فمن ذلك قولهم: مررت بهذا زيد، وقام هذا زيد. وجميع ما يذكر في الصفات قائم في عطف البيان؛ لأنه ليس يفرق بينهما إلا الاشتقاق، وإلا فمعناهما سواء. ألا ترى أنك تقول: يا هذا زيد، وزيدا، إذا جعلته عطف بيان، كما تقول: يا هذا الظريف، والظريف. فإن قلت: هلا جعلت هذا الفصل من التوابع بدلا، من أجل أن البدل يجذبه إليه [154/آ] شبهه به، كما يجذبه شبه

الصفة إليها؟!!. فالجواب: أن الصفة يبنى لها الكلام على ذكر بيان متصل بالموصوف، وليست في تقدير كلام مستأنف، وكذلك منزلة عطف البيان. فإذا قلت: قام هذا زيد، وبنيت الكلام على ذكر زيد، ولم تجعله منقطعا من قولك (هذا) هو عطف بيان، وإن جعلته منقطعا حتى كأنك قلت: قام هذا، [قام] زيد، فهو بدل، فصار البدل يجامع عطف البيان من طريق اللفظ، وصارت الصفة تجامعه من طريق المعنى، وهذا مكان لطيف.

فصل: حقيقة عطف البيان

فصل ينبغي أن تعلم أن كثيرا من النحويين لا يكادون يعرفون عطف البيان على حقيقته. وإنما ذكره سيبويه عارضا في مواضع، فأكثر ما يجيء تابعا للأسماء المبهمة كقولك: يا هذا زيد. ألا ترى أن تنوين (زيد) قد دل على أنه ليس ببدل؟ وعلى هذا تقول: يا أيها الرجل زيد، فزيد لا يكون بدلا من الرجل، لأن (أيا) لا يوصف بما لا لام فيه، وإنما يكون بدلا من (أي)؛ فلذلك كان مبنيا على الضم غير منون وهذا المكان من أوضح فروقه، وهو من المواضع التي لا يقع فيها البدل. وللبدل مواضع يخالف لفظه فيها لفظ عطف البيان، فيعلم بذلك أن عطف البيان قبيل من التوابع قائم بنفسه على خفائه، وأحكامه- في التكرير والعطف والإعراب في التقديم والتأخير

والعامل فيه- أحكام الصفة؛ فلذلك أدخله سيبويه في جملتها، ولم يفرد له بابا.

فصل: من الفرق بين الصفة وعطف البيان

فصل من الفرق بين الصفة وعطف البيات أن الصفة لابد من تقديرها ثانيا، وإلا بطل كونها صفة. وعطف البيان علم لابد من تقديره غير ثان بل أولا، وإلا فسد كونه علما [154/ب] فلذلك لا يصح أن يجرى مجرى الصفة من كل وجه. انتهى القول ههنا، ولله الحمد والمنة؛ فانظر إلى كلام هذا الفاضل- رحمه الله- وسلوكه هذا المسلك الدقيق، وإلى من يجحد فضله بغيا، وإلى من زعم أنه ليس من أهل العلم، وهو لا يدرك ما يقوله وعيا!! وإن سيبويه ليقصر عندي عن مثل هذه العبارة، ويضعف عن الإتيان بمثل هذه الإشارة.

فصل: كلام للمبرد في قول حسان: أو من بني خلف الخضر الجلاعيد

فصل جاء في شعر حسان- رحمه الله-: .. .. .. .. .. أو من بني خلف الخضر الجلاعيد قال المبرد- رحمه الله-: حذف النون لالتقاء الساكنين. ولم يره بعضهم الوجه، وإن لم يمتنع جوازه؛ لأن الحذف لالتقاء الساكنين يختص بحروف المد واللين: الألف، والياء المكسور ما قبلها، والواو المضموم ما قبلها. وأما التنوين فجائز هذا فيه؛ لأنه نون في اللفظ، والنون تدغم في الياء والواو، وتزاد كما تزاد حروف المد واللين، وتبدل الألف، في قولك: زيدا، من

التنوين؛ وتقول في النسب إلى صنعاء وبهراء: صنعاني وبهراني، فتبدل النون من ألف التأنيث فلذلك حذف على هذا التشبيه. ومما جاء من ذلك: عمرو الذي هشم الثريد لقومه ... ... ... ومنه:

حميد الذي أمج داره أخو الخمر ذو الشيبة الأصلع وقرأ بعضهم: {أحد الله الصمد} وقرأ عمارة بن عقيل: {ولا الليل سابق النهار} بنصب النهار، أي: سابق النهار. وفي (الخضر الجلاعيد) وجهان، أحدهما: أنه أراد سواد جلودهم كما قال الفضل بن العباس بت عتبة بن أبي لهب: وأنا الأخضر من يعرفني أخضر الجلدة في بيت العرب والثاني: أنه شبههم بالبحر في الجود. والجلاعيد: الشداد الصلاب، والواحد: جلعد. والياء قد يزيدونها للحاجة، وذلك أنه موضع تلزمه الكسرة فتشبع كـ (تنقاد الصياريف) [155/آ].

مسألة: مقالة أبي الفتح في الإعلال في (يقوم)

مسألة قال أبو الفتح: الإعلال في (يقوم)، عند حذاق البصريين، للحمل على (قام)؛ لأن الواو تحركت في (قام) فأعلوها استثقالا للحركة عليها ولم يستثقلوا الحركة على الواو في (يقوم)؛ لأن قبلها ساكنا. قال أبو الفتح: وروي أن بعض الكوفيين كان يختلف إلى أبي عمر الجرمي يسأله مسائل من النحو والتصريف فيجيبه. فقيل لأبي عمر: إن هذا قد أكثر عليك من المسائل، فلو سألته مسألة!!. فلما حضر قال له: ما أصل (يقوم)؟ فقال: (يقوم)، فاستثقلوا الضمة على الواو فنقلوها، فأسكنوها. فقال له الجرمي: أخطأت، إن الحركة لا تستثقل على الواو إذا سكن ما قبلها. مسألة إذا قلت: (ليس زيد بقائم ولا قاعد عمرو) كان عطفا على

مسألة: حذف علامة التأنيث في التقديم وعدم حذفها في التأخير

عاملين. وإن قلت: (ولا قاعد أخوه) جاز ذلك باتفاق، ولم يكن عطفا على عاملين. مسألة إنما حذفت علامة التأنيث في التقديم، ولم تحذف في التأخير؛ لأن الفعل في التقديم لا تلحقه علامة التثنية والجمع. فحذفت علامة التأنيث في التقديم لشبهها بعلامة التثنية والجمع ولم تحذف التأخير لأنهما لا تحذفان فيه.

مسألة: حد الكلام، عن ابن بري

مسألة قال الشيخ أبو محمد عبد الله بن بري- رحمه الله-: الكلام في أصل اللغة أصوات متتابعة لمعنى مفهوم. والكلام على ما اصطلح عليه النحويون عبارة عما ألف من مسند ومسند إليه، أو مقدر بهما. وإنما جعلوا الكلام هو المؤلف من الكلم الثلاث، التي هي: الاسم، والفعل، والحرف، من جهة أن الكلام عندهم هو ما أفاد معنى من المعاني الستة التي هي: الأمر، والنهي، والاستفهام، والنداء، والتمني، والعرض؛ وكل واحد من هذه الستة مؤلف من مسند ومسند إليه، ومقدر بهما. وأعني بالمقدر بهما قولهم: يا عبد الله، فـ (يا): تصويت للمنادى، والمصوت هو المنادي، والتصويت فعل المنادي، والمنادي [155/ب] هو الفاعل، والمنادى هو المفعول؛ فلذلك صار قولك: (يا عبد الله) مقدرا بالمسند والمسند إليه؛ ولهذا لم يفد حرف واسم إلا في النداء خاصة. واعلم أن الكلام عندهم هو اسم الشيء المتكلم به، وليس

عبارة عن فعل المتكلم، وليس هو مصدر جار على كلم، إنما مصدر (كلم) التكليم؛ فنسبة الكلام من كلم كنسبة السلام من سلم. وربما أوقعوا الكلام موقع التكليم، ويكون حينئذ عبارة عن فعل المتكلم، على أصله في أصل اللغة، كقولك: كلمت زيدا كلاما؛ فأوقعوا الكلام موقع التكليم، كما أوقعوا العطاء موقع الإعطاء في نحو قول القطامي: أكفرا بعد رد الموت عني وبعد عطائك المائة الرتاعا واعلم أن الجملة اللفظية يطلق عليها اسم الكلام، ويطلق أيضا على المعنى الذي دلت عليه هذه الجملة اللفظية، وعلى المعنى القائم بالنفس أيضا قبل النطق به، كقول عمر رضي الله عنه: (إني قد كنت زورت في نفسي كلاما). وقد يكون الكلام عبارة عن فعل المتكلم دون الشيء المتكلم

به على أصله في اللغة، على ما تقدم، نحو: عجبت من كلامك زيدا. وقد يطلق على الإشارة؛ لأنه يفهم منها ما يفهم من الكلام، وذلك مجاز لا حقيقة. وقد يطلق على الحروف المرسومة في الكتاب أن تسمى كلاما على معنى أنه إذا رآها فقد سمعها، وهذا مجاز واتساع لأن الحروف المكتوبة أجسام لا يوصف لها، وإنما يوصف الكاتب بفعله الذي هو الكتابة، وهي غيرها.

مسألة: الكلام على (أم)، عن ابن بري

مسألة وقال أبو محمد- رحمه الله- في الكلام على (أم): اعلم أن (أم) على ضربين: متصلة، ومنفصلة ويقال لها المنقطعة. فالمتصلة هي التي تكون بعد همزة الاستفهام ومعادلة لها كقولك: أزيد عندك أم عمرو [156/آ]؟ أدخلت همزة الاستفهام على أحد الاسمين، وأدخلت (أم) على الاسم الثاني، فهذا معنى المعادلة، وتقدير الكلام: أيهما عندك؟. والضرب الثاني من قسمي (أم) أن تكون منقطعة. وهي التي لا تكون معادلة للهمزة، وإنما تأتي بعد خبر، أو استفهام، وتكون مقدرة بـ (بل) والهمزة؛ لأن فيها إضرابا كما في (بل)، وفيها استفهام كما في الهمزة، ويكون الكلام معها جملتين: الأولى منهما مضرب عنها، مثالها في الخبر قولهم: إنها لإبل أم شاء، التقدير: بل شاء، تقديره: بل أهي شاء. ومثالها بعد الاستفهام كقولك: هل زيد عندك أم عمرو؟ أضربت عن الاستفهام عن زيد، واستأنفت الاستفهام عن عمرو؛ ولهذا كان

جوابها (نعم) أو (لا)، بخلاف المتصلة التي يكون جوابها أحد الاسمين وهو زيد أو عمرو؛ لأنها مقدرة بـ (أي) و (أي) ّإنما يسأل بها في هذه المسألة عن تعيين أحد الاسمين فلابد أن يكون الجواب بذكر أحدهما. وإنما يحصل عقد السائل العلم بأحدهما إذا تقدر سؤاله عنهما بـ (أو) فقال المسؤول: نعم، فإذا قال له: نعم، علم السائل كون أحدهما عنده بغير عينه؛ فلما أراد أن يحصل له التعيين لأحدهما سأله بـ (أم) فقال: أزيد عندك أم عمرو؟ وموجب علم المسؤول أن يقول له: زيد أو عمرو، فيعين له أحد الاسمين. واعلم أن الفرق يكون بين المتصلة والمنقطعة، على هذا، من سبعة أوجه: أحدها: أن المتصلة يقدر الكلام معها بتقدير (أي)، و (أم) المنقطعة لا يقدر معها الكلام بمعنى (أي). الثاني: أن المتصلة لا تقع إلا بعد الاستفهام والخبر، والمنقطعة لا تقع بعد الاستفهام والخبر.

الثالث: أن المتصلة لا تقع إلا بعد همزة الاستفهام خاصة [156/ب] ولا تقع بعد (هل) ولا غيرها. والمنقطعة تكون بعد (هل) وغيرها من أدوات الاستفهام. الرابع: أن المتصلة يكون جوابها أحد الاسمين، وجواب المنقطعة (نعم) أو (لا). الخامس: أن المتصلة يكون الكلام معها جملتين. السادس: أن المنقطعة يقدر فيها إضراب عن الكلام الأول والمتصلة لا إضراب فيها. السابع: أن المتصلة يسأل بها عن تعيين مشكوك فيه، والمنقطعة يسأل بها عن مشكوك فيه لا عن تعيينه.

مسألة: المواضع التب يبتدأ فيها بالنكرة

مسألة المواضع التي يبدأ فيها بالنكرة: أن تكون اسما لاستفهام نحو: أي شيء عندك، أو بعد حرف استفهام نحو: هل رجل في الدار؟ أو جوابا لاستفهام، يقال لك: من جاءك؟ فتقول: رجل جاءني. أو تكون بعد حرف النفي كقولك: لا مال لزيد، وما أحد في الدار، أو تكون جوابا للنفي نحو: إن إبلا لزيد، وإن مالا لعمرو، وقال امرؤ القيس: وإن شفاء عبرة لو سفحتها فهل عند رسم دارس من معول أو يكون في الكلام معنى ني يتبعه إيجاب كقولهم: (شر أهر ذا ناب)، وشيء جاء بك، (وشر أجاءك إلى مخة عرقوب)؛ أي: ما أهره إلا شر، وما جاء بك إلا شيء، وإذا

كان معنى الكلام التعجب، كقولك: ما أحسن زيدا! أي: شيء أحسن زيدا، وكذلك ما كان من الكلام في م عنى التعجب دون اللفظ، كقولك: (عبد صريخة أمة)، و (ضعيف لاذ بقرملة)؛ لأن المعنى: ما أذل من صريخة أمة، وما أضعف من لاذ بقرملة، والقرملة: شجرة ضعيفة لا شوك لها، قال جرير: كان الفرزدق إذ يعوذ كأنه مثل الذليل يعوذ تحت القرمل أو تكون مرفوعة، وهي في المعنى منصوبة كقولهم" (ويل له)! و: .. .. .. .. .. [فـ] ترب لأفواه [157/آ] الوشاة وجندل

و: عجب لتلك قضية ... .. .. .. .. .. فهذه كلها ترفع وتنصب، والمعنى واحد دعاء وغير دعاء. أو يكون في الكلام معنى مدح، كقولهم: أمت في حجر لا فيك، وطاعة خير من معصية، ونفع خير من ضر. أو يكون في الكلام معنى العموم وإن كان الكلام موجبا كقوله

سبحانه: {كل شيء هالك إلا وجهه} و {كل نفس ذائقة الموت}. أو يكون خبرها ظرفا ولا يكون إلا مقدما، كقوله: في الذاهبين الأوليـ ـن من القرون لنا بصائر أو تكون موصوفة مقول الله عز وجل: {ولعبد مؤمن}. أو تكون موصولة بحرف جر أو ظرف، كقولك: مرور بزيد خير من نزول بعمرو، وقد تقوم الإضافة في هذا مقام حرف الجر، كقولك: عبد سوء نقمة، وجار سوء محنة.

مسألة: قول الكوفيين في (كيف)

مسألة قال الكوفيون في (كيف): إنها تكون استفهاما، كقولك: كيف كان سفرك؟ وتكون بمعنى الجحد تتبعها (إلا) كقوله عز وجل: {كيف يكون للمشركين عهد} وتكون استفهاما بمعنى التوبيخ والتعجب، كقوله عز وجل: {كيف تكفرون بالله}، وتكون تنبيها كقوله عز وجل: {انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض}، وتكون توكيدا لما قبلها، كقوله سبحانه: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد}.

مسألة: من المثنى ما إذا وقف عليه في حال رفعه استوى لفظه ولفظ جمعه

فصل من المثنى ما إذا وقف عليه في حال رفعه استوى لفظه ولفظ جمعه نحو: صنوان، وقنوان، وشقذان- والشقذ ولد الحرباء، وهذان شقذان وهذه شقذان- وحسلان- والحسل ولد الضب حين يخرج من البيضة، ويقال: إن سنه لا تسقط. ومنه قولهم في المثل: (لا آتيك سن الحسل) أي: لا آتيك أبدا. والضب يكنى أبا الحسل: أجدكما لم تعلما أن جارنا أبا الحسل بالصحراء لا يتنور و (خشفان) تقول: هذا خشفان وهذه خشفان، والخشف ولد الغزال [157/ب] وهذان (خرصان) وهؤلاء (خرصان)، والواحد خرص، بالكسر، للحلقة من الذهب والفضة، ويقال:

خرص بالضم، وليس مما نحن فيه. وهذان (كيران) وهذه (كيران)، والواحد: كير وهو منفخ الحداد. والسيد: الذئب، والتثنية والجمع: (سيدان).

مسألة: الوجوه الجائزة في (ما أراد أخذ زيد)

مسألة إذا قلت: (ما أراد أخذ زيد) فـ (ما) في موضع نصب بـ (أخذ)، و (أراد) صلة لـ (ما)، والتقدير: أراده، فحذف العائد، و (زيد): فاعل لـ (أخذ)، ولا يكون فاعلا لـ (أراد)؛ لوقوع الفصل بين (أراد) وفاعله بـ (أخذ) وهما صلة (ما)، و (أخذ) أجنبي. وترتيب المسألة على الأصل: أخذ زيد ما أراده. فإن قدمت زيدا على (أخذ) كان زيد فاعلا لـ (أراد)، وإن شئت رفعته بالابتداء و (أخذ) خبره، و (ما أراد) مفعول (أخذ)، ويجب تقديم المفعول ليعوج الضمير في (أخذ) على زيد. ولنا أن نجعل (ما) شرطية، وتكون في موضع نصب بـ (أراد)، و (زيد) فاعل (أراد)، و (أخذ) جواب الشرط، ومفعول (أخذ) محذوف أي: أخذه. وإن قدمت زيدا فقلت: (زيد ما أراد أخذ) جاز في (ما) أيضا أن تكون شرطية في موضع المفعول لـ (أراد)، و (أخذ) جواب الشرط، والجملة خبر المبتدأ. وجاز في (ما) أيضا أن تكون موصولة في موضع المفعول لـ (أخذ).

وتقول: (ما أراد زيد يأخذ) فيجوز أن تكون (ما) شرطية، وموصولة، واستفهاما. فإن قدرناها موصولة فهي في موضع نصب بـ (يأخذ)، وصلتها (أراد)، والعائد عليها محذوف، أي: أراده. وإن قدرناها شرطية فهي في موضع نصب بـ (أراد)، و (يأخذ) جواب الشرط، والجملة خبر المبتدأ ويكون (يأخذ) مجزوما. وإن قدرناها استفهامية كانت في موضع نثب بـ (أراد)، و (يأخذ) مجزوم على جواب الاستفهام، كما قالوا: ما اسمك أذكر. قول الشاعر: شهدت الحروب فشيبنني وقاتلت فيها ولم أولد أي: وأنا في صلب أبي [158/آ]. وقول الآخر:

عجوز بين نابيها حمار وبين ثنيتيهما رأس بغل (نابيها): ناقتاهما. والثنيتان: الجبلان. وقول الآخر: وشيئان من شيئين شتى تجمعا لشيء فكان الشيء شيئا سواهما وقال آخر: رأيت أبا قيس يباع بدرهم وليس على قيس بذلك عار أبو قيس: من أسماء المكيال. وأنشد بعضهم البيت المشهور: .. .. .. .. .. ولا يك موقفا منك الوداعا

على تقدير: قفي موقفا ولا يكن الوداعا. وأنشد بعضهم: شر يوميها وأشقاه لها ركبت عنز بحدج جملا (عنز) ههنا اسم امرأة. وكان الوجه أن يقول: وأشقاهما، ولكن هذا من كلامهم: أن يذكروا مثنى أو مجموعا أو مؤنثا، ويأتوا بضمير مفرد، فيقولون: هو أحسن الفتيان وأجمله. ومية أحسن الثقلين جيدا وسالفة وأحسنه قذالا ومنه قول الفرزدق:

. .. .. فإني كريم المشرقين وشاعره وقول الآخر: مثل الفراخ فتقت حواصله وقول الآخر: وبالبدو منا أسرة يحفطوننا كرام مساعيهم عظام كراكره كأنه يريد (عظام كراكر ما ذكرت)، فيحمله على الواحد. وقد أجيز أن يكون الضمير في قوله عز وجل: {مما في بطونه} على هذا.

وقول الفرزدق: أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قمراها والنجوم الطوالع القمران: الشمس والقمر؛ كمل قالوا في رؤبة والعجاج: العجاجان والعمران للصديق والفاروق رضي الله عنهما. ومثل ذلك قول الفرزدق أيضا: عشية سال المربدان كلاهما عجاجة موت بالسيوف الضوارب ومنه الزهدمان والخبيبان. قول الأعشى:

فلئن ربك من رحمته كشف الضيقة عنا وفسح ولئن كنا كقوم هلكوا مالحي- يالقوم- من فلح [158/ب] جواب الشرط في البيت الأول محذوف. وقول الشاعر: الآن بعد لحاحتي ينهونني هلا التقدم والقلوب صحاح التقدم منصوب بفعل مضمر. كما قال الآخر: أتيت بعبد الله في القد موثقا فهلا سعيدا ذا الخيانة والغدر وكقول جرير: تعدون عقر النيب أفضل مجدكم بني ضوطري لولا الكمي المقنعا الضوطرى، والضوطر، والضيطر، والضيطار: الضخم الذي

لا غناء عنده. ومنه قول الشاعر: تعرض ضيطارو فعالة دوننا وما خير ضيطار يقلب مسطحا أراد بـ (فعالة) خزاعة. وما خير ضيطار، أي: ضعيف، ومع ذلك فلا سلاح له، إنما معه مسطح؛ وكذلك الضياطرة. قول الشاعر: لا تنظرن شزرا إلى ذي مودة فإن مشاريط القلى النظر الشزر لم يتكلموا بواحد لـ (مشاريط) هذا. قول الشاعر: مشمر نعل السيف عن نصف ساقه وقد أطول القين الحمائل عاتقه أي: مشمر نعل السيف عاتقه عن نصف ساقه، مع أن القين

قد أطول الحمائل، أي إنه طويل. وقول الشاعر: هجرتك حتى قيل: ما يحسن: القلى وزةتك حتى قيل: ما إن له صبر (ما) الأولى: موصولة، والقلى: خبر. وقول الفرزدق: إلى ملك ما أمه من محارب أبوه ولا كانت كليب تناسبه فيه وجهان، أحدهما: إلى ملك أبوه ما أمه من محارب، فهذا وجه، على هذه الرواية؛ وقد أنشده قوم: (ما أمه من محارب أبوها). وقول الشاعر:

أليس بصيرا من يرى وهو قاعد بمكة أهل الشام يختبزون رأى أهل الشام بمكة لما حجوا وهم يختبزون [159/آ]. وقول سيبويه- والشعر له فيما ذكر-: يسر الفتى ما كان قدم من تقى إذا طرق الداء الذي هو قاتل قطوب فما تلقاه إلا كأنما زوى وجهه لو لاكه فوه حنظل أي: زوى وجهه حنظل لو لاكه فوه. وفي قوله: (قاتل) مع قوله (حنظل) لا يجوز؛ لأن ألف التأسيس لا يكون معها

غيرها؛ فما أظن هذا يصح عن سيبويه، إلا أن يكون هذا الشعر قد غير، مثل أن يكون: ... ... ... إذا طرق الداء الذي هو يقتل وأنشد أبو محمد التوزي النحوي: إني أرى دارا بأغدرة السـ ـيدان لم يدرس لها رسم إلا رمادا هامدا دفعت عنه الرياح خوالد سحم قال: و (إلا) ههنا في معنى الواو، وكأنه قال: ورمادا هامدا، قال: كذا قال الخليل فيه؛ كما قال الشاعر: من كان أشرك في تفرق فالج فلبونه جربت معا وأغدت ويروى (أسرع) مكان أشرك.

إلا كناشرة الذي ضيعتم كالغصن في غلوائه المتنبت يقول: وكناشرة. قال أبو محمد التوزي: وقال أبو عبيدة في قول الله عز وجل: {لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا}، قال: (إلا) في معنى الواو. قلت: فيكون (والذين ظلموا) على هذا مستأنفا، كأنه قيل: والذين ظلموا منهم لا يفلحون، ونحوه. وقول الشاعر: إذا نحن نلنا من ثريدة عوكل فقدنا لها ما بعدها من طعامها

فقدنا معناه: فحسبنا؛ كما قال: قدني من نصر الخبيبين قد وقال يزيد بن الحكم: مرحبا بالذي إذا جاء جاء الـ .. ـخير أو غاب غاب عن كل خير تقديره: إذا جاء الخير أو غاب غاب هو عن كل خير. وقال النابغة:

أتاني- أبيت اللعن- أنك لمتني وتلك التي تستك منها المسامع ملامة أن قد قلت سوف أناله وذلك من تلقاء مثلك رائع نصب ملامة على معنى لمتني ملامة. وقول الشاعر [159/ب]: آتي الندي فلا يقرب مجلسي وأسوق للشرف الرفيع حماري يعني أنه يسوق حماره إلى شرف ليركب؛ لأنه لكبر سنه لا يطيق الركوب إلا على تلك الحال. وقول النابغة: تبدو كواكبه والشمس طالعة لا النور نور ولا الإظلام إظلام والقوافي مجرورة؛ توهم الباء، فكأنه قال: ولا الإظلام

بإظلام. وقول الأعشى: ولقد شربت ثمانيا وثمانيا وثمان عشرة واثنتين وأربعا النون من (ثمان عشرة) مكسورة؛ لأنه أراد ثماني عشرة ويروى: (ولأشربن). وقول قيس بن الخطيم: لو أنك تلقي حنظلا فوق بيضنا تدحرج عن ذي سامة المتقارب المتقارب: صفة لـ (بيضنا). وذي سامة: موضع ولم يصرف للتأنيث والعلمية. والسام: عرق من فضة يكون في المعدن فضربه مثلا.

وقول الأعشى: فإن يمس عندي الشيب والهم والعشى فقد بن مني والسلام تقلق بأشجع أخاذ على الدهر حكمه فمن أي ما تجني الحوادث أفرق قوله: (بأشجع) متعلق بقوله: بن مني، أي: ذهبن مني بأشجع أي بفتى أشجع. وقوله: والسلام تفلق: مبتدأ وخبر، يعني والحجارة تتكسر، فكيف الإنسان؟!. وقال متمم بن نويرة: سقى الله أرضا حلها قبر مالك ذهاب الغوادي المدجنات فأمرعا تجيته مني وإن كان نائيا وأمسى ترابا فوقه الأرض بلقعا

أي: هذه تحيته مني. وبلقعا نصب على الحال. وقول عمر بن أبي ربيعة: أمسى بأسماء هذا القلب معمودا إذا أقول صحا يعتاده عيدا نصب عيدا؛ لأنه جعله مصدرا. وقال آخر [160/آ]: المال يزري بأقوام ذوي حسب .... وقد يسود غير السيد المال

مجلس ثعلب والمبرد في حضرة محمد بن عبد الله ابن طاهر

خفض المال وجعله صفة للسيد. يقال: رجل مال، وفطر وصوم. وتقول العرب: ملت فأنا أمال وأنا مائل غدا، وأنا مال، فعلى هذا يكون في (يسود) ضمير يرجع إلى المال في قوله (المال) في أول البيت. قال أحمد بن يحيى ثعلب: دخلت على محمد بن عبد الله فإذا عنده أبو العباس المبرد، وجماعة من أسبابه وكتابه. فلما قعدت قال لي محمد بن عبد الله: ما تقول في بيت امرئ القيس: لها متنتان خظاتا كما أكب على ساعديه النمر قال: فقلت: أما الغريب فإنه يقال: لحم خظابظا: إذا كان صلبا مكتنزا، ووصفه بقوله: (كما أكب على ساعديه)، أي: في

لقاء الأصمعي الفراء على الجسر ببغداد

صلابة ساعدي النمر إذا اعتمد على يديه. والمتن: الطريقة الممتدة من عن يمين الصلب وشماله. وأما الإعراب فإنه: خظتا، فلما تحركت التاء أعاد الألف من أجل الحركة والفتحة. فأقبل بوجهه على المبرد، فقال: أعز الله الأمير!! إنما أراد، في (خظاتا)، الإضافة؛ أضاف (خظاتا) إلى (كما). قال ثعلب: فقلت له: ما قال هذا أحد. فقال: بلى، سيبويه يقوله. فقال ثعلب: فقلت لمحمد بن عبد الله: لا والله ما قال هذا سيبويه قط، وهذا كتابه فليحضر. ثم قلت: وما حاجتنا إلى الكتاب؟ أيقال: مررت بالزيدين ظريفي وعمرو، فيضاف نعت الشيء إلى غيره؟ فقال: والله ما يقال هذا. ونظر إلى محمد بن يزيد فأمسك. ويروى أن الأصمعي لقي الفراء على الجسر ببغداد، فقال له الأصمعي: أأسألك؟ فقال الفراء: سل يا أبا سعيد فقال: ما معنى قول الشاعر:

أصم دعاء جارتنا تحجى لآخرنا وتنسى أولينا فقال الفراء: صادفت قوما صما، قال الشاعر: فأصممت عمرا وأعميته عن الجود والمجد يوم الفخار أي: صادفته [160/ب] أصم أعمى؛ وقال الكسائي: دخلت بلدة فأعمرتها ودخلت بلدة فأخربتها، أي صادفتها كذلك. فقال الأصمعي: الفراء أعلم الناس؛ ومضى ولم يكلمه بعد.

المسائل العشر المتعبات إلى الحشر، لأبي نزار المقلب بملك النحاة، والرد عليها

وهذه عشر مسائل سماها أبو نزار الملقب بملك النحاة (المسائل العشر المتعبات إلى الحشر) وتحدى بها، ولها قصة يطول ذكرها، ولكني أذكرها وأذكر ما قيل في جوابه عنها؛ فإن ذلك هو المقصود، ولا فائدة في سواه.

المسألة الأولى

المسألة الأولى سأل عن قوله عز وجل: {أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون}، فقال: إن (أن) الأولى لم يأت لها خبر. وسأل عن العامل في (إذا)؛ ثم قال: (إذا) بمعنى الوقت وهو يضاف إلى الجمل على تأويل المصدر؛ فإذا قلت: تقديره: مخرجون وقت موتكم، كان محالا؛ لأن الإخراج وقت الموت لا يتصور؛ لأنه جمع بين ضدين. ثم أجاب هو عما سأل فقال: والجواب: أما الأول فنقول: إن العرب قد حذفت خبر (أن) كثيرا في شعرها وكلامها، والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى لاسيما إذا دل على الخبر مثله. وههنا خبر الثانية دل على خبر الأولى، ونوي عاملا في (إذا) والتقدير: أيعدكم أنكم مخرجون بعد وقت مماتكم؛ إلا أن (بعد وقت) حذفت وأريدت.

ألا ترى إلى قوله عز وجل: {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون} و (ينفعكم) لا يعمل في ظرفين مختلفين أحدهما حال والآخر ماض، وذلك محال؛ ولكن المعنى: ولن ينفعكم اليوم بعد إذ ظلمتم. وكذلك يضارع هذا قوله عز اسمه: {إن مع العسر يسرا} والعسر ضد اليسر، والضدان لا يجتمعان، ولكن الأصل: إن مع انقضاء العسر يسرا، إلا أن المضاف حذف. فأما فائدة تكرير (أن) فالعرب تكرر الشيء في الاستفهام استبعادا، كما يقول الرجل لمخاطبه، وهو يستبعد أن يجيء منه الجهاد: أأنت تجاهد، أأنت تجاهد!! فكذا ههنا [161/آ]، قالوا: أيعدكم أنكم مخرجون أنكم مخرجون استبعادا. فقيل له: أما سؤالك الأول عن خبر (أن) وكونه لم يأت

فهو سؤال من قطع بما حكاه، ولم يعرف وجها سواه. وهذا قول من لم يتقدم له بهذا العلم فضل دراية، ولا وقف على ما سطره فيه أولو النقل والرواية؛ إذ كان معظم النحويين قد أجمعوا على أن خبر (أن) في هذه المسألة ثابت غير محذوف. فلو قلت: يسأل عن خبر (أن) لم حذف في هذه الآية على قول بعض النحويين= لأتيت بعذر مبين. وللنحويين، في هذه الآية، أربعة أقوال: الأول منها قول أبي العباس المبرد ومن تابعه، وهو: أن تجعل موضع (أنكم مخرجون) رفعا بالابتداء، و (إذا) ظرف زمان في موضع خبره، والجملة في موضع خبر (أن)؛ فيصير التقدير: أيعدكم أنكم إذا متم إخراجكم، كما تقول: أيعدكم أنكم يوم الجمعة إخراجكم، فيكزن (إخراجكم) مرفوعًا بالابتداء،

ويوم الجمعة خبره والجملة في موضع خبر (أن) الأولى؛ وهذا مذهب بين ظاهر لا يحتاج فيه إلى خبر محذوف. والقول الثاني قول أبي عمر الجرمي: أن تجعل (مخرجون) خبر (أن) الأولى، وتكون الثانية كررت توكيدا لتراخي الكلام، على حد قوله سبحانه: {إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين}، فكرر (رأيتهم) توكيدا لتراخي الكلام، ويكون انتصاب (ساجدين) بـ (رأيت) الأولى، كأنه قال: رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر ساجدين؛ ومثل قوله سبحانه: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبهم بمفازة من العذاب} فيكون (تحسبنهم) توكيدا لتراخي الكلام. ومن ذلك قولهم في النداء:

يا تيم تيم عدي ... ... ... ............. الثالث: قول أبي الحسن الأخفش: أن تجعل (أنكم) في موضع رفع بـ (إذا) على أن يكون [161/ب] فاعلا به على حد قياس مذهبه في الرفع بالظرف في نحو قولك: يوم الجمعة الخروج، فالخروج عنده مرتفع بالظرف، كأنه قال: يستقر الخروج يوم الجمعة. ومذهب سيبويه وأصحابه أن الخروج مرفوع بالابتداء لا غير. القول الرابع قول سيبويه، وهو: أن تجعل (أنكم مخرجون) بدلا من (أن) الأولى، على حد قوله عز وجل: {ويوم

تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون}. فقوله (يومئذ) بدل من قوله (يوم تقوم الساعة). ويحتاج في هذا القول إلى حذف شيء يتم به الكلام؛ لأنه لا يصح أن يبدل من (أن) إلا بعد تمامها وتكملتها من اسمها وخبرها. وقد وجه أبو علي قول سيبويه في هذه الآية على وجهين، أحدهما: أن يكون قد حذف مضافا من (أن) الأولى تقديره: أيعدكم أن إخراجكم إذا متم، فيصح حينئذ أن يبدل (انكم مخرجون) من (أن) الأولى؛ لأنها قد تمت. وإنما احتاج إلى حذف هذا المضاف من جهة أن (إذا) ظرف زمان، وظروف الزمان لا تكون أخبارا عن الجثث. فإذا حملت وقوله: (أنكم إذا متم) على تأويل: أن إخراجكم إذا متم، تم الكلام وصارت إذا خبرا لـ (أن) على حد قولهم: الليلة الهلال، تريد: الليلة حدوث الهلال أو ظهوره، ولولا ذلك لم يجز لأن الهلال جثة والليلة ظرف زمان. ومثل الآية في حذف المضاف قوله عز وجل: {هل يسمعونكم إذ تدعون}

لابد من تقدير مضاف محذوف تقديره: هل يسمعون دعاءكم إذ تدعون؛ فحذف الدعاء وهو يريده. والثاني في توجيه أبي علي لقول سيبويه، وهو أن يكون خبر (أن) محذوفا تقديره: أيعدكم أنكم إذا متم مخرجون، ثم حذف خبر (أن)، لدلالة [خبر] (أن) الثانية عليه، على حد قوله عز وجل: {والله ورسوله أحق أن يرضوه} تقديره: والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه، فحذف خبر المبتدأ الأول [162/آ] استغناء عنه بخبر الثاني. وعلى ذلك قول الشاعر:

نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف تقديره: نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك راض إلا أنه حذف استغناء عنه بالخبر الأخير. وهذا الوجه وحده هو الذي لم يفتح عليك أيها المتقمص بقميص الزهو، التائه في غيابة السهو، الملقب نفسه بملك النحو الأبه. وأما قولك بعد السؤال الأول: وكذلك يسأل عن العامل في (إذا)، ثم بينت في جوابك انه محذوف= فقولك هذا مبني على ما قام في نفسك من كون خبر (أن) محذوفا، وقد بينا أنه غير محذوف إلا على أحد الوجهين الموجه بهما قول سيبويه؛ وإلا فهو موجود غير محذوف على المذاهب المتقدمة. أما على مذهب أبي العباس فالعامل عنده في (إذا)

الاستقرار؛ لأنها في موضع خبر المبتدأ. وكذلك مذهب الأخفش، هي عنده معمولة الاستقرار المقدر في كل ظرف رفع فاعلا. وأما مذهب الجرمي فإن العامل عنده فيها (مخرجون) التي هي خبر (أن) على ما تقدم ذكره. وأما قولك بعد السؤال الثاني: إن (إذا) بمعنى الوقت، وهو يضاف إلى الجمل على تأويل المصدر، وما ذكرت من أن المعنى يستحيل إذا جعلت العامل في (إذا) (مخرجون)؛ لأنه يصير التقدير: أنكم مخرجون وقت موتكم، والإخراج وقت الموت لا يتصور، وإجابتك عن ذلك بتقديرك حذف مضاف قبل (إذا) وهو (بعد) = فإنك أتيت في هذا المكان بضرب من الهذيان. أما قولك: إن (إذا) بمعنى الوقت، وهو يضاف إلى الجمل على تأويل المصدر فليس تقدير الجملة بعدها على تأويل المصدر بصحيح. وذلك ممتنع فيها، وفي (إذ) وفي (لما) خاصة. ألا ترى أنه يحسن أن تقول في نحو: آتيك يوم يقدم زيد: آتيك يوم قدوم زيد، فتقدر ما بعد (يوم) بتقدير المصدر؟. ولو قلت: آتيك إذا يقوم زيد لم يحسن أن تقول: آتيك [162/ب] إذا

قيام زيد. وكذلك (إذ) تقول: أتيته إذ قام، ولا تقول: أتيته إذ قيامه. وكذلك (لما)، تقول: أكرمته لما قام، ولا تقول: أكرمته لما قيامه؛ لأن هذه الظروف لا تضاف إلى مفرد، ولا تستعمل إلا مضافة إلى الجمل. وأما قولك: إنه لابد من تقدير حذف مضاف قبل (إذا) وهو (بعد) ليصح المعنى ويسلم من الإحالة؛ فهو قول بين الفساد لا محالة. وذلك أن المتقرر عند جميع النحويين أنه لا يصح أن يصاف إلى (إذا) ولا إلى (لما)، وذلك لتوغلهما في البناء، وقلة تمكنهما. ولا يجوز، على هذا، أن تقول أكرمتك بعد إذا أكرمتني، ولا: قبل إذا أكرمتني، ولا: بعد لما أكرمتني، ولا نحو ذلك من ظروف الزمان ولا غيرها؛ ولم يسمع من ذلك شيء إلا في (إذ) والمعنى، في الآية، يصح على غير هذا التقدير إذ في مفهوم الخطاب من قوله جل وعلا: {وكنتم ترابا وعظاما} أن الإخراج ليس هو وقت الموت، وإنما هو بعد زمان

متراخ يقتضي الاستحالة من اللحمية والدموية إلى الترابية، ثم الإخراج بعد ذلك. و (إذا) وإن كانت بمعنى الوقت فليس يلزم أن يكون وقوع الفعل في أول ذلك الوقت دون آخره؛ مثال ذلك قولهم: إذا جاء زيد أحسنت إليه، ومعلوم، من جهة المعنى، أن الإحسان لم يكن في أول المجيء، إنما كان بعده وتقدير الإعراب يوجب أن وقت المجيء وقت الإحسان؛ لأن (إذا) ظرف، والعامل فيه أحسنت، فيصير التقدير: أحسنت إليه وقت مجيئه، وليس الأمر كذلك. وسبب ذلك أنه لما تقارب الزمانان، وتجاور الحالان صارا كأنهما وقعا في زمان واحد، وإن كان لابد أن تقدر أن زمان الإحسان بعد زمان المجيء، إذ الإحسان مسبب عن المجيء، والسبب يتقدم المسبب. ويكون تقدير الآية على هذا: أيعدكم أنكم مخرجون آخر وقت موتكم وكونكم ترابا وعظاما؟. ثم [163/آ] قلت بعد هذا: (فأما فائدة تكرير (أن)، فإن العرب تكرر الشيء في الاستفهام استبعادا، كما يقول الرجل لمخاطبه إذا كان يستبعد منه أن يجاهد: أنت تجاهد أنت

تجاهد!!) وهذا قول غير محرر ولا محقق. وهذه العبارة بتكرير الاستبعاد شيء خارج عن المألوف المعتاد. وإنما التكرير في كلام العرب لمعنى التأكيد، على ذلك جاء في كتاب الله عز وجل: {كلا إذا دكت الأرض دكا دكا} فكرر (دكا) على جهة التأكيد بدلالة قوله في الأخرى: {فدكتا دكة واحدة}، وقوله عز وجل: {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا}، وقوله عز وعلا: {إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} كرر (رأيتهم) توكيدا، وقوله عز وجل: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب} ومن أمثلة ذلك في كتاب سيبويه: (قد علمت أنه إذا فعل أنه سيمضي)، و (زعم أنه إذا قال أنه

سيفعل). وقول رؤبة: إني وأسطار سطرن سطرا لقائل: يا نصر نصر نصرا وقول الآخر: ألا فاسلمي ثم اسلمي ثمت اسلمي ثلاث تحيات وإن لم تكلمي وقول الآخر: يا تيم تيم عدي .. .. .. .. .. .. ..

وليس في شيء من هذا استبعاد. قلت: قال ابن السراج والمبرد: بيت رؤبة: يا نصر نصر نصرا إنه ينشد على وجوه منها: يا نصر نصر نصرا قال: تجعل المنصوبين تبيينا للمضموم- يعني عطف بيان على الموضع- وينشد أيضا: يا نصر نصر نصرا على أنهما أيضا عطف بيان، لكن أجريت أحدهما على اللفظ، والآخر على الموضع، كما تقول: يا زيد الظريف العاقل. قال: ولو جعلت العاقل على (أعني) كان جيدا. وينشد أيضا: يا نصر نصر نصرا فيكون الثاني بدلا من الأول، والثالث عطف بيان؛ كأنه قال:

يا نصر يا نصر [163/ب].

المسألة الثانية

المسألة الثانية قال أبو نزار: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من جمع مالا من نهاوش أذهبه الله في نهابر) يسأل عن مادة هاتين الكلمتين، وزيادتهما، ومكان استعمالهما. قال: فأول ذلك أن تعلم أن (نهوشا) واحد قدر أنه جمع على نهاوش، وهو من الهوش بمعنى الاختلاط. قال: وكذلك (نهابر) هو جمع، واحده: نهبر، وهو من الهبر بمعنى القطع المتدارك. والمعنى: من جمع مالا من جهات مختلطة لا يعلم جهات حلها وحرمتها قطعه الله عليه. قال: فإن قيل: ما سمعنا في الواحد نهبرا ونهوشا، قلنا: قد

نص سيبويه على أن العرب تأتي بجموع لم تنطق بواحدها. ثم قال: إن قياسواحد (ملامح) و (محاسن) ملمحة ومحسنة، وما سمعنا بملمحة. وكذلك قدروا أن واحد (أباطيل) إبطيل، أو أبطول، وأباطيل جمع لم ينطق بواحده. فأجيب بأن قيل له: أبديت عوارك لمناظرك، وأبرزت مقاتلك لسهام مناضلك. إن هذه اللفظة تروى على أوجه مختلفة، وجميعها يرجع إلى أصل واحد، وعدة أوجهها أربعة: يروى: من جمع مالا من (مهاوش)، بالميم، وهذه هي المشهورة عند العلماء باللغة. ويروى: من (تهاوش)، بالتاء، وكسر الواو، وقد صححوه أيضا. ويروى: من (تهاوش)، بالتاء، وضم الواو، وهو صحيح أيضا. ويروى: من (نهاوش)، بالنون وكير الواو. وهذه

هي التي أنكرها أهل اللغة، ولم يثبتوا صحتها، والظاهر من كلامهم أنها من غلط الرواة. وجميع ذلك، على اختلاف الرواية فيه، يرجع إلى أصل واحد وهو النهوش الذي هو الاختلاط. فليس الإشكال في (تهاوش) من جهة [164/آ] تفسيرها كما ظننته، ولا من جهة كونها جمعا لواحد لم ينطق به. ألا ترى أن (مهاوش) و (تهاوش) هما بمعنى الهوش والاختلاط وكلاهما جمع لم يستعمل واحده؟ وإنما المشكل في هذه اللفظة: هل هي صحيحة في الاستعمال معروفة عند أهل اللغة، أو هي على خلاف ذلك؟! فهذا الذي كان حقك أن تبينه وتثبت صحته. فإذا صح فسرت حقيقة معناها، واشتقاقها، وتثبت هل هي جمع أو مفرد، وما الزائد منها، وما الأصل. فأما قولك، في (نهابر): إنه مشتق من (الهبر) وهو القطع المتدارك؛ فليس ذلك بالمعروف عند أهل اللغة. وإنما هو مستعار

من (النهابر) و (النهابير)، وهي تلال الرمل المشرفة، فسميت المهالك نهابر من ذلك. ولذلك قال عمرو بن العاص لعثمان بن عفان- رحمه الله-: (إنك ركبت بهذه الأمة نهابر من الأمور فتب عنها)، أراد: إنك ركبت بهذه الأمة أمورا شاقة مهلكة، بمنزلة من كلفهم ركوب التلال من الرمل؛ لأن المشي في الرمل يشق على من ركبه. وقولك: (إن واحد النهابر نهبر وإن لم ينطق به) ليس بصحيح. بل الصحيح أن واحدها (نهبور) على ما ذكره أهل اللغة؛ لأنهم جعلوا النهابر التي هي المهالك مستعارة من النهابر التي هي الرمال المشرفة، وواحدها (نهبور). وأسأت العبارة بقولك: (لا يعرف جهات حلها وحرمتها)، وكان الصواب أن تقول: (وحرمها)، لأنه يقال: حل وحلال، وحرم وحرام. وأخطأت أيضا في تنظيرك نهاوش في كونها جمعا لواحد لم ينطق به، بقولهم: ملامح، وأباطيل، وكان حقك أن تنظرها بـ (عباديد) ونحوه مما لم ينطق له بواحد من لفظه ولا من غير

لفظه. ألا ترى أن (ملامح) لها واحد مستعمل من لفظها وهو (لمحة)، وكذلك (أباطيل) واحده المستعمل (باطل)، وكذلك (مشابه) واحده المستعمل (مشبه) [164/ب]، وإن كنا نقدر أن واحد الجموع من جهة القياس ليس هو هذا المستعمل، إلا أنه وإن كان الأمر على ذلك فلابد أن يقال: إن هده الآحاد لهذه الجموع، وإن هذه الجموع لهذه الآحاد، من جهة الاستعمال. ألا ترى أن أبا علي الفارسي قال في كتابه (العضدي): (هذا باب ما بناء جمعه على غير بناء واحده المستعمل. وذلك: باطل وأباطيل، وحديث وأحاديث، وعروض وأعاريض)؟ ولم يختلف أحد من العلماء في أن أعاريض وأحاديث واحدها عروض وحديث من جهة الاستعمال، كما أن قولهم: (ليال) جمع ليلة من جهة الاستعمال، وإن كان في التقدير كأنه جمع ليلاء. ولو قلت إن العرب قد تأتي بجموع لم ينطق بواحدها الذي يجب من جهة القياس لكنت قد سلمت في قولك من الوهم

والإلباس. ثم أسألك أولا: ما معنى قولك في صدر مسألتك: (فأول ذلك أن تعلم أن نهوشا واحد قدر [أنه] جمع على نهابر) فإنه كلام لم يستعمله من أهل الجهل والغباوة إلا من ختم الله على سمعه وقلبه، وجعل على بصره غشاوة. وأقول: إن الرد الذي رد على أبي نزار في (نهاوش) ما ضربه قائله إلا جدلا ولم يسلم فيه من الإنصاف سبلا؛ لأنه تكلم على هذه اللفظة، وجعل لها مخرجا على تقدير وجودها وصحة ورودها، فكان وجه الرد عليه أن يبين أنه أخطأ في ذلك، وأن لها معنى غير ما ذكر، لا أن يقال له: ليس الإشكال في شيء سوى صحتها، وإن الواجب ألا تتكلم فيها إلا بعد ثبوتها؛ وهذا كلام لا يخفى ما فيه من الجور.

المسألة الثالثة

المسألة الثالثة قال أبو نزار: روى سيبويه في كتابه عن العرب أنهم قالوا: (ليس الطيب إلا المسك)، برفع المسك، والقياس نصبه؛ لأنه خبر (ليس) و (ليس) لا يبطل عملها بنقض النفي؛ إلا أن سيبويه والسيرافي تخبطا في هذا، وما أتيا بطائل. فأول ذلك أن سيبويه قال: لغة في (ليس) أنها لا تعمل وأنها مثل (ما) في لغة بني تميم [165/آ]؛ وهذا لا يعرف، فقد أخطأ سيبويه. ثم قال السيرافي: والصحيح أن اسمها الشأن والحديث في موضع رفع، والطيب مبتدأ، والمسك خبره. وقيل له: هذا باطل بأن (إلا) الناقضة خبر؛ إذ قد جاءت بين المبتدأ والخبر في الجملة الإثباتية. واعتذر السيرافي بأن قال: إلا أنها على الجملة قد تقدمها نفي؛ وهذا كله متهافت. والذي صح أن قولهم: (ليس الطيب): ليس واسمها، و (إلا)

ناقضة للنفي، والمسك: مبتدأ، وخبره محذوف، وتقديره: ليس الطيب إلا المسك أفخره؛ والحملة من المبتدأ والخبر في موضع النصب؛ لأنها خبر ليس، وفيه وجه آخر، وهو أن تكون (إلا) بمعنى (غير)، وذلك وجه في (إلا) معروف، والتقدير: ليس الطيب غير المسك مفضلا أو مرغوبا فيه، أو ما شابه ذلك فاعرفه. فقيل في الرد عليه: أيها المتعالي المتعالم، والمتعاطي المتعاظم قد نسبت سيبويه والسيرافي إلى أنهما تخبطا في هذه المسألة، ولم يأتيا بطائل، وقلت حكاية عنهما: (فأول ذلك أن سيبويه قال: لغة في (ليس) أنه لا تعمل، وأنها مثل (ما) في لغة بني تميم، وهذا لا يعرف) وكان تخبطك فيما عنه نقلته؛ وإليه نسبته بما أسقطته من كلامه وزدته هو عين التخبط الحقيقي. والذي ذكره سيبويه على فصه ومنقولا عن نصه هو: وقد زعم بعضهم أن (ليس) تجعل كـ (ما)، وذلك قليل لا يكاد يعرف، فهذا يجوز أن يكون منه: ليس خلق الله أشعر منه، وليس قالها زيد، وقول حميد بن ثور:

.. .. وليس كل النوى يلقي المساكين وقال هشام: هي الشفاء لدائي لو ظفرت بها .... وليس منها شفاء الداء مبذول والوجه والحد فيه أن تحمله على أن في (ليس) إضمارا، وهذا مبتدأ، كقوله: إنه أمة الله ذاهبة. إلا أنهم زعموا أن بعضهم قال: ليس الطيب [165/ب] إلا المسك وما كان الطيب إلا المسك). إلى هذا انتهى كلام سيبويه؛ فأحلت عبارته عن الصواب بتحريفك وتجزيفك، فقلت: (قال سيبويه: لغة في

(ليس) أنها لا تعمل) فبدأت بنكرة في اللفظ لم تأت لها بخبر، وزدت في كلامه أنها لا تعمل؛ ولم يذكر سيبويه ذلك ولا يصح أن يذكره؛ لأنه لم يقطع بكونها غير عاملة. ثم قلت عنه: (وأنها مثل (ما) في لغة بني تميم) فزدت ما لم يذكره. وكيف يجعلها مثل (ما) التميمية التي قد حصل القطع بإبطال عملها، وهو يقول بعد ذلك: (والوجه أن يكون فيها إضمار الشأن). ثم قلت عنه أيضا: (وهذا لا يعرف) فأسقطت (يكاد)، وبإسقاطها يتناقض الكلام؛ لأن سيبويه قد ثبت عنده معرفة هذا، وهو قولهم: ليس الطيب إلا المسك؛ بدليل قوله: إنه يجوز أن يكون عليه قولهم: ليس خلق الله أشعر منه. وصح ذلك بما حكاه الأصمعي، وأبو حاتم عن أبي عمرو بن العلاء. قال أبو حاتم حكاية عن الأصمعي: جاء عيسى بن عمر إلى

أبي عمرو بن العلاء وأنا عنده، فقال لأبي عمرو: بلغني عنك شيء!! فقال أبو عمرو: وما هو؟ قال عيسى: بلغني أنك تجيز: ليس الطيب إلا المسك، وترفع. فقال أبو عمرو: نمت، يا عيسى، وأدلج الناس!! ليس في الأرض حجازي إلا وهو ينصب، ولا في الأرض تميمي إلا وهو يرفع. ثم قال: قم يا يحيى- يعني اليزيدي-، وأنت يا خلف- يعني الأحمر- فاذهبا إلى أبي المهدي فلقناه الرفع فإنه لا يرفع، واذهبا إلى المنتجع التميمي فلقناه النصب فإنه لا ينصب. قال اليزيدي وخلف الأحمر: فأتسينا أبا المهدي، فوجدناه يصلي فوق تل وقد غرس أمامه قصبة يستقبلها، وإذا هو يقول: اخسأنان عني- وكان به عارض- فأمهلناه حتى قضى صلاته، فقال: ما هذه القنمة كأن حولنا حششة؟ فقلنا: إنك منها لعلى ثبج ضخم، فقال: ما خطبكما؟ فقلنا: جئناك

لنسألك عن شيء من كلام العرب، فقال: هاتيا. فقلنا: كيف تقول: ليس الطيب إلا المسك؟ فقال: أتأمراني بالكذب على كبر سني؟ فأين الجادي، وأين بنة الإبل الصادرة [166/آ]، وأين كذا، وأين كذا؟. فقال له خلف: ليس الشراب إلا العسل، فقال: فما تصنع بسودان هجر؟ ليس لهم شراب غير هذا التمر. قال اليزيدي: فلما رأيت ذلك قلت: ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله والعمل بها، ورفعت، فقال: هذا كلام لا دخل فيه، ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله والعمل به، ونصب، فقلت: ليس ملاك الأمر إلا طاعة الله والعمل بها، ورفعت؛ فقال: ليس هذا من لحني ولا لحن قومي، فكتبنا ما سمعناه منه. ثم أتينا المنتجع التميمي فوجدناه رجلا يعقل، فلقناه النصب، وجهدنا به فلم ينصب، وأبى إلا الرفع. فأتينا أبا عمرو، وعنده عيسى لم يبرح، فأخبرناه بما جرى. فأخرج عيسى خاتمه من إصبعه، ورمى به إلى أبي عمرو، وقال:

هو لك، بهذا-والله- فت الناس. فقد ثبت من هذه الحكاية أن قولهم: ليس الطيب إلا المسك، بالرفع، معروف في كلام العرب؛ فلا يصح إذًا أن يكون كلام سيبويه إلا بزيادة (يكاد)، وذلك أنه إذا قال الإنسان لا يكاد يوجد في كلام العرب فعل وفيه الألف واللام كان [كلامه صحيحًا، فإن قال: لا يوجد في كلام العرب فعل وفيه الألف واللام كان] قوله غير صحيح؛ لوجود الفعل وفيه لام التعريف، فيما حكاه أبو زيد، وأنشد: يقول الخنا، وأبغض العجم ناطقًا .... إلى ربنا صوت الحمار البجدع ومثله قول الفرزدق: ما أنت بالحكم الترضى حكومته .... ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجلد

وعلى هذا المنهاج جريت فيما حكيته عن السيرافي، وقلت عند فراغك من حكاية كلام سيبويه، بزعمك: (ثم قال السيرافي: والصحيح أن اسمها شأن وحديث في موضع رفع، والطيب مبتدأ، والمسك خبره. وقيل له: هذا باطل فإن (إلا) الناقضة خبر، إذ قد جاءت بين المبتدأ والخبر في الجملة الإثباتية. واعتذر السيرافي بأن قال: إلا أنها، على الجملة، قد تقدمها نفي) فإذا بك فيما حكيته عن السيرافي أيضًا قد مسخت ما نسخت، وغيرت ما عنه عبرت، وذلك أن نص [166/ ب] كلام السيرافي في هذه المسألة هو ذا: (وقد احتجوا له بشيٍء آخر هو أقوى من الأول، وهو قول بعض العرب: ليس الطيب إلا المسك، قالوا: فلو كان في (ليس) ضمير الأمر والشأن لكانت الجملة التي في موضع الخبر قائمًة بنفسها، ونحن لا نقول: الطيب إلا المسك، وليس الأمر كما ظنوا؛ لأن الجملة إذا كانت في موضع خبر اسم قد وقع عليه حرف النفي فقد لحقها النفي في المعنى، ألا ترى أنك إذا قلت: ما زيد أبوه قائم، فقد نفيت قيام أبيه كما لو قلت: ما [أبو]

زيد قائٌم؛ فعلى هذا يجوز أن تقول: ما زيٌد أبوه إلا قائٌم، كأنك قلت: ما أبو زيد إلا قائٌم) هذا كلام السيرافي رحمه الله. فأما توجيهك المسألة، على ما صح في زعمك، وهو أن تجعل الطيب اسم ليس، والمسك مبتدأ وخبره محذوٌف تقديره: ليس الطيب إلا المسك أفخره، أو على أن تكون (إلا) بمعنى (غير)، والتقدير: ليس الطيب غير المسك مفضلًا أو مرغوبًا فيه= فشيٌء لم يسبقك إليه أحد، ولم يخطر مثله قبلك ببال بشر، وهو تقديرك الاسم مبتدأ وحذف خبره، وهو أفخره، مع كون اللفظ لا يقتضي هذا الخبر ولا يدل عليه؛ وتقديرك، في الوجه الآخر، (إلا) بمعنى (غير) تشير إلى أنها وما بعدها صفة للطيب، على حد قوله عز وجل:} لو كان فيهما آلهة إلا الله {، أي: غير الله، وجعلك الخبر محذوفًا، وهو (مفضلًا) أو (مرغوبًا فيه)، فيكون المعنى عندك: إن الطيب لا يرغب الناس فيه، وإنما يرغبون في المسك؛ لأن هذا تقدير قولك: ليس الطيب غير المسك مرغوبًا فيه. وعلى أن سيبويه ذكر في حكايتهم ما أوجب التوقف عما أجازه، من أن الوجه أن يكون في (ليس) إضمار، ولا يكون

حذفًا، فقال بعد أن قدم الوجه في قوله: . وليس منها شفاء الداء مبذول وقولهم: ليس خلق الله أشعر منه=: (إلا أنهم زعموا أن بعضهم قال ليس الطيب إلا المسك، وما كان الطيب إلا المسك). ووجه توقفه عن أن يحمل (ليس) في لغتهم على ضمير الشأن والقصة [167/ آ] أنه وجدهم يرفعون المسك في (ليس) وينصبونه في (كان)، فيقولون: ما كان الطيب إلا المسك، فلو كان في (ليس) إضمار لوجب أن يكون في (كان) إضمار أيضًا، فكونهم يختصون الرفع بـ (ليس) دون (كان) حتى لا يوجد أحد منهم يرفع المسك في كان، ولا ينصب في ليس= دليل على أن (ليس) هنا حرف لا عمل لها، وبهذا يبطل قولك: إنه لو كان على

إضمار (أفخره) في الوجه الأول أو إضمار (مرغوبًا فيه أو مفضلًا) في الوجه الثاني لوجب مثل ذلك في (كان)، فيقال: ما كان الطيب إلا المسك، على تقدير: إلا المسك أفخره، أو على تقدير: غير المسك مفضلًا أو مرغوبًا فيه. ولو وجهت -أيها المتعسف- هذه المسألة على ما وجهه النحويون لأرحت واسترحت. وهو أن تجعل (الطيب) اسم (ليس)، و (إلا المسك) بدل منه، والخبر محذوف، وتقديره: ليس في الدنيا الطيب إلا المسك. وعلى ذلك حملوا قول الشاعر: لهفي عليك للهفة من خائف .... يبغي جوارك حين ليس مجير يريد: حين ليس في الدنيا مجير.

وقد أجاز أبو علي أن تكون اللام في (الطيب) زائدة على حد زيادتها في قولهم: ادخلوا الأول فالأول، فيصير: ليس الطيب إلا المسك، على تأويل: ليس في الوجود طيب إلا المسك، أي: إن كل طيب غير المسك؛ فليس بطيب، على طريق المبالغة في وصف المسك. وبالجملة؛ فإن هذا القول الذي ذهب إليه النحويون لا يصح بما حكاه سيبويه من قولهم: وما كان الطيب إلا المسك، على ما قدمت ذكره، وليس ذلك لغتين فيقال: إن (ليس الطيب إلا المسك) لغة قوم، و (ما كان الطيب إلا المسك) لغة قوم آخرين، بل القوم الذين يقولون: ليس الطيب إلا المسك، فيرفعون هم القائلون: ما كان الطيب إلا المسك، فينصبون، على ما حكاه سيبويه؛ وبهذا السبب توقف عن حمل (ليس) في لغتهم على أن فيها إضمارًا، وهذه اللغة ليست [167/ ب] هي المشهورة، وليس الشاذ النادر الخارج عن القياس يوجب إبطال الأصول. ثم قال الراد على أبي نزار: وأنا أكشف خبء هذه المسألة، وأوضح السبب الموجب لما تفرع عنها، فإنها من أشكل مسائل العربية التي اضطربت أقوال النحاة في تحقيقها.

وسبب ذلك تعارض الأدلة وتكافؤها في (ليس): هل هي فعل أو حرف؟ وقد حكي عن أبي بكر بن السراج، على مكانته في هذه الصناعة، أنه قام أربعين سنة يتردد في (ليس): هل هي فعل أو حرف. والصحيح فيها أنها فعل مشبه بالحروف، بمنزلة (نعم) و (بئس) و (عسى) ونحوها من الأفعال المضارعة للحروف. فمن الأدلة على أنها فعل: كونها تتصل بها ضمائر الرفع على حد اتصالها بالأفعال في نحو قولهم: لست، كضربت، ولسنا، كضربنا، ولستم. كضربتم، وليسوا، كضربوا، ولستن، كضربتن. وكونها يسكن آخرها عند اتصالها بضمير المتكلم والمخاطب في نحو: لست، ولست، كما تقول ضربت، وضربت. وكونها يستتر فيها الضمير الغائب كما يستر في الفعل وذلك في مثل قولك: زيد ليس قائمًا، ولا تقول: زيد ما قائمًا، حتى تقول: ما هو قائمًاً.

وكونها تنصب خبرها مقدمًا، ومؤخرًا، وموجبًا، ومنفيًا، ولا يجوز ذلك في (ما). وكونها تمتنع من أن تكون جوابًا للقسم، لا تقول: والله ليس زيد قائمًا، كما تقول: والله ما زيد قائمًا. وأما وجه شبهها بالحروف: فكونها لا تأتي إلا لمعنى في غيرها، كحروف المعاني، ولا تأتي لمعنى في نفسها؛ ألا ترى أنها تنفي الفعل الحاضر كما تنفيه (ما)؟. وكونها لا تدل على حدث وزمان محصل من صيغتها، ولا تدل على الزمان المحصل الذي قد جرد من الحدث كدلالة الأفعال الناقصة مثل (كان) وأخواتها. وما حكي أنه قد جاء في الشعر (ليسي) على حد قولهم (ليتي)، وذلك نحو قوله: قد ذهب القوم الكرام ليسي [168/ آ]

ومثال (ليتي) قول الشاعر: كمنية جابر إذ قال: ليتي .... أصادفه وأفقد بعض مالي وإنما قوى كونها فعلًا مضارعًا للحروف أنه قد توجد في كلام العرب أسماء كثيرة مضارعة للحروف، مثل: أين، وأنى، ومتى، وكيف، ونحو ذلك؛ وليست حروفًا على الحقيقة بمشابهتها للحروف. وكذلك في كلامهم أسماء قد شابهت الفعل في كونها تقع أمرًا ونهيًا، مثل: مناع، ولحاق، ودراك، ونزال، بمعنى: امنع، وأدرك، والحق، وانزل، ولم يوجبوا لذلك أنها أفعال، بل قطعوا على أنها أسماء. وليس مشابهة الشيء الشيء في معنى من المعاني يوجب أن تجعله نفس الشيء للشبه به.

المسألة الرابعة

المسألة الرابعة قال أبو نزار: قال الله عز وجل:} إن كان رجل يورث كلالة {وقد ذكر، في نصب (كلالة)، أشياء كلها فاسدة. وخلط ابن قتيبية غاية التخليط. والذي يقال: إن الكلالة قد فسرت بتركة ليس فيها ولد. لا جرم أن الإعراب ينطبق على هذل، فإن المعتاد أن الإنسان إنما يدأب ليترك لولده بعد موته، فإذا حضر الموت ولا ولد له ظهر تعبه. فقوله: (يورث) يقدر بعده: كالا كلالة؛ فإن كلا قد جاء بمعنى تعب، فالمعنى: يورث في حال ظهور كلاله وتعبه. و (كلال) مصدر (كل)، وقد قال سيبويه إن تاء التأنيث تدخل على المصادر المجردة وذوات الزوائد دخولًا مطردًا، فهي

تدل على المرة الواحدة. فنصب (كلالة) لأنه مصدر منقلب عن حال، وما أكثر ذلك في كلامهم!!! ومنه: أرسلها العراك. فقال الراد عليه: يا هذا!! غلطت أولًا في التلاوة بإسقاط الواو من قوله عز وجل:} وإن كان رجل {، ثم قلت: إن العلماء ذكروا في نصب (كلالة) أشياء جميعها عندك فاسد، وإن تخبيط ابن قتيبة فيها على تخبيطهم زائد. وسأبين صحة أقوال العلماء فيها، وأن الفساد إنما جاء من قلة فهمك لمعانيها [168/ ب] ومن يك ذا فم مر مريض .... يجد مرًا به الماء الزلالا اعلم أن الكلالة، فيما نحن بصدده، هي في الأصل مصدر قولك: كل الميت يكل كلالة فهو كل، وذلك إذا لم يرثه ولد ولا والد. وكذلك أيضًا يقال: رجل كل: إذا لم يكن له ولد ولا والد؛ فهذا أصل الكلالة، أعني كونها حدثًا لا عينًا، ثم يوقعونها على العين، ولا يريدون بها الحدث، كما يفعلون ذلك بغيرها من

المصادر فيقولون: هذا رجل كلالة، أي: كل. كما يقولون: عدل، أي: عادل. وعلى هذا الوجه حمل جمهور العلماء وأهل اللغة قول الله عز وجل:} وإن كان رجل يورث كلالة {، فجعلوا الكلالة اسمًا للموروث، ولم يريدوا أنها بمعنى الحدث. فيكون نصب (كلالة) على هذا، من وجهتين: أحدهما: أن تكون خبر كان. والوجه الآخر: أن تكون حالًا من الضمير في (يورث)، على أن تقدر (كان) هي التامة، فيكون التقدير فيه: وإن وقع أو حضر رجل يورث وهو كلالة أي: كل. وعلى هذين الوجهين -أعني في نصب الكلالة- ذهب أبو الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش. وأجاز غيره أن تكون الكلالة في الآية على بابها -أعني أن تكون اسمًا للحدث دون العين- فيكون انتصابها أيضًا من وجهين: أحدهما: أن تكون من المصادر التي وقعت أحوالًا، نحو:

جاء زيد ركضًا، والعامل فيه: يورث، على حد ما تقدم. وكلالة هنا مصدر في موضع الحال، كما كان قولهم: هو ابن عمي دنية. والوجه الآخر أن يكون انتصاب (كلالة) في الآية انتصاب المصادر التي لم تقع أحوالًا، ويكون في الكلام حذف مضاف تقديره: يورث وراثة كلالة، وعلى ذلك قولهم: ورثته كلالة؛ وقول الفرزدق: ورثتم قناة الدين غير كلالة .... عن ابني مناف: عبد شمس وهاشم [169/ آ] أي: ورثتموها عن قرب واستحقاق. فهذه أربعة أوجه من كلام العلماء في نصب الكلالة لا شبهة فيها، ولا إنكار على مستعملها. وقد أجاز قوم من أهل اللغة أن تكون الكلالة اسمًا للوارث، وهو شاذ. والحجة فيه ما روي عن الحسن أنه قرأ:} وإن كان رجل يورث، (ويورث)، كلالة {، وإذا صح هذا الوجه جاز

أن يكون انتصابها على ما انتصبت عليه أولًا، وهو أن تكون خبر كان، أو حالًا من الضمير في يورث، إذا جعلت (كان) تامة. إلا أنه لابد من تقدير حذف مضاف تقديره: وإن كان الميت ذا كلالة؛ وهذا كله واضح بين بعيد من التخليط والإشكال كما زعمت أيها المتشبع المختال، بل عين التخليط المحض، والكلام الذي هو جدير بالنبذ والرفض هو قولك: (إن الكلالة قد فسرت بتركة ليس فيها ولد، وإن المعتاد أن الإنسان إنما يدأب ليترك لولده بعد وفاته فإذا حضر الموت ولا ولد له ظهر تعبه). ثم ذكرت بعد ذلك أنها من المصادر المنصوبة على الحال، فنقضت كلامك، وأوجبت على سامعك ملامك، وذلك أنك زعمت أن الكلالة قد فسرت بتركة الميت، وهذا مذهب من يجعل الكلالة اسمًا للوارث دون الموروث، فيكون على هذا اسمًا للشخص دون الحدث؛ ثم قلت إنها من المصدر المنصوبة على الحال، وإذا كانت مصدرًا فهي اسم للحدث، فهذا تناقض بين.

وقلت: إن الكلالة مشتقة من كل: إذا تعب، وإن التقدير: يورث ذا كلالة، فغلطت، ووهمت، وفي مهامه الجهالة همت. فلو كانت الكلالة مصدر كل: إذا تعب، لكان اسم الفاعل منها كالًا أو كليلًا، ولجاز في المصدر أن يقال: كلًا؛ وكلولًا. والمعروف عند أهل اللغة إنما [169/ ب] هو كل؛ لأنه يقال رجل كل: لا ولد له ولا والد، وقد كل يكل كلالة؛ فلما ألزموا المصدر بالكلالة واسم الفاعل بالكل علم أن الكلالة ليست مصدرًا لـ (كل): إذا تعب. وأما قولك: (إن المعتاد في الإنسان أنه إنما يدأب ليترك لولده، فإذا حضر الموت وليس له ولد ظهر تعبه) = فهو، بحمد الله، كلام غير محصل، وذلك أنه إذا كان إنما يتعب لولده فينبغي إذا ورث كلالة ألا يكون له تعب؛ إذ لا ولد له!!!. وأقول أنا أيضًا: إن كلام أبي نزار هذا ضرب من الهذيان؛ فإن الذين يضربون في الأقطار ويركبون الأخطار منهم خلق كثير وجم غفير ليس لهم أولاد، ولا يفكرون في شيء مما أراد. ولو كان الأمر كما ذكر لرأيت من لا ولد له وادعًا غير متحرك في

جمع مال، ولا ممتطيًا، في ذلك، متون الأهوال. وقوله: (ظهر تعبه) كلمة سخيفة وعبارة ضعيفة. ثم نعود إلا كلام الراد عليه. قال: وأما قولك: (إن سيبويه قال: إن تاء التأنيث تدخل على المصادر المجردة، وذوات الزيادة دخولًا مطردًا فهي تدل على المرة الواحدة) فهذا منك غلط فاضح، وطريق وهمك فيه بين واضح؛ وذلك أنك بينت أن الكلالة مصدر (كل): إذا تعب، ثم وقع في نفسك أنه لا يجوز أن يكون مصدر كل إلا الكلال، فقلت: لا ينكر دخول الهاء؛ لأن سيبويه قد أجاز دخولها على المصادر، فغلطت في ذلك من جهتين: إحداهما: أن المرة الواحدة في باب المصادر الثلاثية إنما بابها (الفعلة): نحو ضربته ضربة، وقتلته قتلة؛ وذلك هو المطرد فيها؛ وأن المصدر الذي هو الجنس يختلف إلى أوزان مختلفة، ألا ترى أنك تقول: قعدت قعودًا، وجلست جلوسًا، [فإذا أردت المرة قلت: قعدت قعدة وجلست جلسة] لا يجوز غير ذلك؛ لا تقول: جلست جلوسة، ولا: [170/ آ]

قعدت قعودة، ولو كانت الكلالة يراد بها المرة الواحدة لم يجز هنا إلا الكلة. والجهة الأخرى من غلطك هو جهلك بكون الكلالة جنسًا لا واحدًا من جنس يراد بها المرة؛ وذلك قول الأعشى: فآليت لا أرثي لها من كلالة .... ولا من حفى حتى تزور محمدًا إلا ترى أن الكلالة هنا بمعنى الكلال، وليس يراد بها المرة الواحدة؟. وأما قولك: (إن كلالة مصدر منقلب عن حال) فكلام بين الاضطراب مبني على غير الصواب؛ إذا المصدر إذا صار حالًا فإنما يقال: انقلب إليها لا انقلب عنها؛ لأنه منتقل عن انتصابه على أنه مفعول مطلق إلى انتصابه على أنه حال.

المسألة الخامسة

المسألة الخامسة قال أبو نزار: قال سيبويه: لو بنيت من (شوى) مثل (عصفور) لقلت: (شووي). ووجه مذهبه أن الأصل: (شويوي)، لا خلاف فيه، فهو يقلب الياء الأولى واوًا، كما يفعل في (رحى) فإنه (رحوي)، ثم يفتح الواو قبلها، وما قبلها واوًا إلا معتزمًا كسرها، كما في النسب، فلما فعل ذلك انقلبت الواو التي بعدها ياء. وهذا لا يليق بصنعة البناء، ولا يجوز أن يتظاهر بهذا من له صنعة تامة وقوة في علم التصريف، والذي ذكره سيبويه لا يشهد له أصل، ولا يناسب الصنعة، وإنما هو تحكم منه. والصحيح أن يقال إن الأصل: (شويوي)، ويجب أن يمضى القياس في قلب الواوين يائين، لاجتماعهما مع اليائين وسبقهما بالسكون، فصار إلى (شيء) فاختزلت حركة الياء

الثانية، وهي الضمة، ثم حذفت لالتقاء الساكنين، ثم حذفت الياء الأخرى، لأنه بقي ساكنان أيضًا، فبقي (شيء) فقلبت الضمة التي على الشين إلى الكسرة، فصارت إلى (شيء)، كما فعلوا في (بيض) جمع (أبيض)، وإنما هو (بيض)، بضم الباء، ثم كسرت الباء لمجاورة الياء. فإن قيل: فقد أجحفت بالكلمة بهذه الحذوف قلت [170/ ب]: العرب تمضي القياس وإن أفضى إلى حذف معظم الكلمة، وشواهد ذلك كثيرة. قال الراد عليه: يا هذا!! لقد خضت بحرًا لست من واضه، وركبت جامحًا لست من رواضه. إنك قلت هذه المسألة عن سيبويه فحرفت وجزفت، وأحلت؛ إذ عليه بخطائك أحلت. وأنا أنص كلام سيبويه، ثم أظهر بعد ذلك فساد ما ذهبت إليه، وأوجه هذه المسألة على الوجه الصحيح المطرد الجاري على طريق كلام العرب بمشيئة الله وعونه.

أما نص كلام سيبويه فيها فهو: (وتقول في فعلول من (شويت) و (طويت): شووي وطووي، وإنما حدها، وقد قلبوا الواوين: طيي وشيي، ولكنك كرهت الياءات كما كرهتها في (حيي) حين أضفت إلى (حية) فقلت: حيوي). وهذا كلام قد جمع مع لاختصار البيان، واستغنى عما أوردته في توجيهك، بزعمك، من الهذيان!!. أمل قولك: (والصحيح في هذا، شويوي، ويجب أن يمضى في القياس في قلب الواوين ياءين، فيصير: شيي، ثم تختزل حركة الياء الثانية، وهي الضمة، ثم تحذف لالتقاء الساكنين، ثم تحذف الياء الأخرى لالتقاء الساكنين، فيصير إلى: شي، ثم تكسر الشين فيصير إلى: شي، كما فعلوا في بيض) = فإنك صرفت في هذا التصريف عن وجه الصواب، وأتيت فيه بما لا يصدر مثله عن ذوي الألباب، ما خلا قولك: (إن الوواين قلبنا ياءين لاجتماعهما مع الياءين وسبقهما بالسكون) وهو قول سيبويه الذي بدأنا به.

ألم تعلم أنه تقرر عند جميع النحويين أن كل اسم كانت فيه ياء أو واو، وسكن ما قبلها، أن حركتها لا تختزل لامًا كانت أو عينًا؟ فمثال اللام قولنا: ظبي، ودلو، وكرسي، وعدو؛ ومثال العين: أبيت، وأعين [171/ آ]، وأدور، وأسوق، وأعينة، وأخونة، ومخيط، ومقول، وربما نقلوا حركة الياء أو الواو إلى الساكن الذي قبلها إذا كان يقبل الحركة، وذلك مثل: معيشة، ومشورة. ولهذا قياس يذكر في التصريف؛ فيعلم بهذا فساد قولك: "إن حركة الياء اختزلت" مع كون ما قبلها ساكنًا، وقد تقرر أنه إذا سكن ما قبل الياء والواو في هذا النحو صحتا. وإنما تختزل حركة الياء إذا انكسر ما قبلها في مثل (القاضي)، فإن الياء تكون ساكنة في الرفع والجر؛ لثقل الحركة عليها مع كسر ما قبلها، ولو سكن ما قبلها لصحت. وكذلك الواو أيضًا تختزل حركتها إذا انضم ما قبلها في مثل "يغزو" والأصل فيها أن تكون متحركة بالضم، إلا أنه كره ذلك فيها لثقل الضمة عليها مع تحرك ما قبلها.

وإذا ثبت فساد هذه المقدمة فسد ما بنيته عليها من الحذوف المجحفة الملبسة التي يمنعها جميع النحاة. ثم قلت: (العرب تمضي القياس وإن أفضى إلى حذف معظم حروف الكلمة) فليس هذا القول بصحيح على الإطلاق إنما ذلك في مثل الأمر من (وعى) و (وشى)؛ فإنه يرجع إلى حرف واحد، من قبل أن فعل الأمر من كل فعل معتل اللام لابد من حذف لامه؛ وكل واوا وقعت بين ياء وكسرة في مثل (يعد) و (يزن)، فلا بد من حذفها، فالضرورة قادت إلى ذلك. مع زوال اللبس. وأما مثل (قاول) (وبايع) وما يجري مجراه فليست فيه ضرورة موجبة للحذف، كوجوبها في الأمر من وعى، ووشى. ثم قال الراد: اعلموا أن معرفة هذه المسألة إنما تصح بعد معرفة النسب إلى (حية)، فإذا عرف كيف ينسب إليها عرف كيف يبنى من (شوى) [171/ ب] مثل (عصفور). وذلك أن قياس النسب إلى (حية) يوجب أن يقال فيها على الأصل: (حيي)، فتدخل ياء النسبة المشددة على ياء حية المشددة، فتجتمع أربع ياءات، إلا أن العرب كرهت اجتماع الياءات ففتحوا

الياء الأولى الساكنة، لتنقلب الياء الثانية ألفًا، لكونها قد تحركت وانفتح ما قبلها، فإذا صارت ألفًا على هذه الصورة وهي (حياي) وجب قلب الألف واوًا، لأن ياء النسبة لا يكون ما قبلها إلا مسكورًا، والألف لا تقبل الحركة، وإذا لم يمكن تحريكها وجب أن تقلب إلى حرف يقبل الحركة، وهو الواو، كما فعلوا ذلك في (رحى) و"عصًا"، حين قالوا: (رحوي) و (عصوي)، وإنما لم يقلبوها ياء كراهة اجتماع ثلاث ياءات فقد صار الأصل في (حيوي): (حيي)، ([و (حييي)] و (حياي) ثم (حيوي)؛ فهذا هو الأصل المطرد الجاري في كلام العرب. وعلى هذا يصح لكم كيف يبنى من (شويت) مثل (عصفور)، وذلك أن حقه إذا جاء على الأصل (شويوي)، ثم يجب قلب الواوين ياءين لاجتماعهما مع الياءين وسبقهما بالسكون، فيصير (شيي) مثل قولك: (حيي)؛ و (حيي) قد وجب فيه تحريك الياء الساكنة بالفتحة، ثم قلب الياء الثانية ألفًا، ثم قلبها واوًا بعد ذلك إلى أن صارت إلى قولنا: (حيوي). وكذلك في قولهم: (شيي) فتحوا الياء الأولى الساكنة، فلما تحركت عادت إلى أصلها؛ إذ أصلها أن تكون واوًا، لأنها عين الكلمة من (شوى)، وإنما قلبت

ياءً لسكونها فقلت: (شووي)، ثم قلبت الياء الثانية ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصارت (شواي)، ثم وجب قلب الألف واوًا لمشابهة الياء المشددة التي بعد الألف الياء المشددة التي للنسب. فلما كانت ياء النسبة تقلب الألف التي قبلها واوًا في مثل " (حوي)، إذا نسبت إلى (رحى)، فكذلك تقلب هذه الياء [172/ آ] المشددة الألف واوًا وإن لم تكن للنسب؛ لأنها صورتها في مثل هذا الموضع؛ فلذلك قلت: شووي، والأصل: (شيي) ثم (شويي)، ثم (شووي) على مساق الأمر في النسب إلى حية. فهذا الذي عليه جميع فضلاء النحاة ولم نعلم أن أحدًا منهم تعداه إلى سواه.

المسألة السادسة

المسألة السادسة قال أبو نزار: قد شاع في كلام العرب حمل الشيء على معناه لنوع من الحكمة، وذلك كنير في القرآن العزيز. ومنه قوله عز اسمه:} لقد أحسن بي {بمعنى: لطف بي، وكذلك قوله عز اسمه:} وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها {قال ابن السراج: حمله على المعنى؛ لأن من بطر فقد كره، والمعنى: كرهت معيشتها، وهذا أكثر من أن يحصى، وعليه قول المتنبي: لو استطعت ركبت الناس كلهم .... إلى سعيد بن عبد الله بعرانا قالوا: معناه: لو استطعت جعلت الناس بعرانًا فركبتهم إليه؛ لأن في (ركبت) ما يؤدي معنى (جعلت)، وليس في (جعلت)

معنى (ركبت). فقيل في جوابه: غيرت لفظ التلاوة، ونقلت معنى الكلمة عما وضعت له. أما لفظ التلاوة فهو:} وقد أحسن بي {. وأما نقل الكلمة فهو تأؤلك (أحسن بي) على (لطف بي. وإنما حملك على ذلك أنك وجدت (أحسن) يتعدى بـ (إلى)، فهي مثل قول القائل: قد أحسنت إليه، ولا تقول: أحسنت به. وجهلت أن الفعل قد يتعدى بعدة من حروف الجر على مقدار المعنى المراد من وقوع الفعل؛ لأن هذه المعاني الكامنة في الفعل، وإنما يثيرها ويظهرها حروف الحر؛ وذلك أنك إذا قلت: خرجت، فأردت أن تبين ابتداء خروجك، قلت: خرجت من الدار فإن أردت أن تبين أن خروجك مقارن لاستعلائك قلت: خرجت على الدابة؛ فإن أردت المجاوزة للمكان قلت: [172/ ب] خرجت عن الدار، وإن أردت الصحبة قلت: خرجت بسلاحي؛ وعلى ذلك قول المتنبي:

أسير إلى إقطاعه في ثيابه .... على طرفه من داره بحسامه فقد وضح بهذا أنه ليس يلم في كل فعل ألا يتعدى إلا بحرف واحد. ألا ترى أن (مررت) المشهور فيه أنه يتعدى بالباء نحو: مررت به، وقد يتعدى بـ (إلى) و (على)، فتقول: مررت إليه ومررت عليه؟ وكذلك قوه سبحانه:} وقد أحسن بي {، وذلك أن الباء قد جاءت متصلة بـ (حسن) و (أحسن) فتقول: حسن به ظني، ثم تنقله بالهمزة: أحسنت به الظن؛ وكذلك في الإساءة، فيكون التقدير في الآية: وقد أجسن الصنع بي، ثم حذف المفعول لدلالة المعنى عليه، وحذف المفعول كثير في العربية. من ذلك قوله سبحانه:} وأمر بالمعروف وانه عن المنكر {يريد: وأمر الناس بالمعروف وانههم عن المنكر وكذلك قوه عز وجل:} ربي الذي يحيي ويميت {أي: يحيي الموتى ويميت الأحياء. فيصير المعنى في قوله: (أحسن بي) أي: أوقع جميل صنعه بي. وإذا عديته بـ (إلى) يصير المعنى فيه الإيصال، كأنه قال: أوصل إحسانه إلي، والمعنى متقارب، وإن كان تقدير كل واحد منهما غير تقدير الآخر؛ فليس ينبغي أن يحمل فعل على

معنى فعل آخر إلا عند انقطاع الأسباب الموجبة لبقاء الشيء على أصله، كقوله عز وجل:} فليحذر الذين يخالفون عن أمره {، والشائع في الكلام: يخالفون أمره، فحمل على معنى: يخرجون عن أمره؛ لأن المخالفة خروج عن الطاعة، وكذلك قوله عز وجل:} وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له {، والشائع في الكلام: فاستمعوه، وإنما حمل على معنى: أنصتوا. وأقول: إن حمل (فاستمعوا [173/ آ] له) ههنا على (أنصتوا) لا يحسن، لاسيما وقد قال بعد ذلك: (وأنصتوا)، وإنما المعنى: فاستمعوا له، أي: لما يقول، كما تقول، تكلم زيد فاستمعت له؛ لأن القرآن العزيز المخاطب الآمر الناهي المرشد المحذر. وقد قيل: إن الهاء في (له) تعود على النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل: معنى (فاستمعوا له) فاعلموا به، كما تقول: قال فما استمعت له، أي: لم أحفل بقوله، ولم ألتفت إليه. رجع الكلام إلى قول الراد على أبي نزار، قال: وأما قولك في بيت أبي الطيب: إنه على معنى (جعلت)

فيصير (ركبت) قد تعدى في هذا الموضع إلى مفعولين؛ فهو غلط منك، وإنما غلطك في ذلك أنك رأيت (بعرانًا) اسمًا جامدًا لا يصح نصبه على الحال، وإنما ينصب على الحال عندك ما كان مشتقًا من فعل كـ (ضاحك) (ومسرع) وهذا وهم منك. وهب أنا سلمنا لك هذا التوجيه الذي وجهت به بيته هذا، فكيف تصنع في بيته الآخر: بدت قمرًا ومالت خوط بان .... وفاحت عنبرًا ورنت غزالًا أتراك تجعل هذه المنصوبات كلها مفعولات، وتتصيد في كل فعل من هذه الأفعال معنى يصير به متعديًا إلى مفعول به؟ وكيف تصنع في قولهم: بعت الشاء شاة بدرهم، وبينت له حسابه بابًا بابًا، وكلمته فاه إلى في؛ فهذا الأسماء الجامدة كلها عند النحويين أحوال، ويكون تقدير قوله: "بدت قمرًا": مضيئة كالقمر، و (مالت خوط بان): متثنية، و (فاحت عنبرًا) أي: طيبة النشر كالعنبر، و (رنت غزالًا) أي: مليحة المنظر كالغزال.

ومما يدلك على أنها أحوال دخول واو الحال عليها إذا صارت جملة، كقولك: بدت وهي قمر، ومالت وهي خوط بان. وكذلك بينت به حسابه بابًا بابًا، المعنى: مبوبًا مفصلًا [173/ ب]، وبعت الشاء شاةً بدرهم أي: مسعرًا، ويكون قول أبي الطيب على ذلك: ركبت الناس بعرانًا، بمعنى: مركوبين بي وحاملين. وعلى ذلك ما أنشده سيبويه لجرير: مشق الهواجر لحمهن مع الشرى .... حتى ذهبن كلاكلًا وصدورًا ويكون الذهاب ههنا بمعنى السير لا بمعنى الفناء. وذهب أبو العباس وغيره إلى أن (كلاكلًا وصدورًا) نصب على التمييز، ويكون الذهاب بمعنى الفناء، ويكون لهزال قد خص الكلاكل والصدور لا غير، والمعنى الأول هو الصحيح. ومما يدل على أن "بعرانًا" في بيت أبي الطيب حال لا مفعول ثان للجعل= كونه يجوز إسقاطه، ولو كان مفعولًا ثانيًا لم يجز إسقاطه.

ألا ترى أنه لو قال: ركبت الناس إلى سعيد لم يحتج إلى زيادة، ولو قال: جعلت الناس كلهم إلى سعيد وسكت لم يتم الكلام؛ فهذا مما يشهد بفساد ما ذهبت إليه. وأيضًا فإن الركوب لم يجيء في كلام العرب بمعنى الجعل، كما جاء الترك في مثل قول الشاعر: وتركنا لحمًا على وضم .... لو كنت تستبقي على اللحم فعدى (تركت) لما حمله على معنى (جعلت). فأما الركوب بمعنى الجعل فليس بموجود في شيء من كلام العرب.

المسألة السابعة

المسألة السابعة قال أبو نزار: وهذه المسألة سئلت عنها بـ (غزنة) لما دخلتها، فبيَّنت مشكلها للجماعة وأوضحتها، وذلك أنى سئلت عن قول الراجز: وقول إلا ده فلا دهي فذكرت أن هذه من باب كلمات نابت عن الفعل فعملت عمله، وبعضها في الأمر، وبعضها في الخبر؛ نحو: صه، ومه، وبله زيدًا، وهيهات بمعنى بعد. و (ده) في كلام العرب بمعنى صح أو يصح، ألا ترى أن قومًا جاؤوا إلى سطيح الكاهن، وخبؤوا له خبأة، وسألوه فلم يصرح، فقالوا: لا ده، أي: لا يصح ما قلت، فقال لهم: إلا ده فلا ده، حيه بر في إحليل مهر [174/ ا]، فأصاب؛ فكأنه قال: إلا يصح

فلا يصح أبدًا، لكنني أقول في المستقبل ما تشهد له الصحة، وكان كما قال. إلا أن التنوين الداخل على هذه الكلمة ليس هو على نحو التنوين الداخل على رجٍل وفرٍس، ولكنه تنوين دخل [دلالة] على نوع من تنكير. فقد دخل في كلامهم التنوين على أنحاٍء، منه: دخوله في القوافي تقييدًا حتى في الأفعال، في: من طلٍل كالأتحمي أنهجًا قال الراد عليه:

قولك: (ده) اسم من أسماء الفعل، ليس صحيح على مذهب الجماعة ومن له حذق بهذه الصناعة. والصحيح في هذه الكلمة أنها اسم فاعل من: دهي يدهى فهو ده وداه، والمصدر منه: الدهاء والداهي؛ فيكون المراد بـ (ده) أنه فطن؛ لأن الدهاء الفطنة وجودة الرأي. فكأنه قال: إن لا أكن دهيًا، أي فطنًا، فلا أدهى أبدًا. هذا أصله ثم أجريت هذه اللفظة مثلًا، إلى أن صارت يعبر بها عن كل فعل تغتنم الفرصة في فعله، مثال ذلك أن يقول الإنسان لصاحبه، وقد أمكنت الفرصة في طلب ثأر، إن لا ده فلا ده، أي إن لا تطلب الآن ثأرك فلا تطلبه أبدًا. وهذا الرجز لـ (رؤبة)، وقبله: فاليوم قد نهنهني تنهنهني

أول حلم ليس بالمسفه .... وقول إلا ده فلا دهي ومعناه: إلا تفلح اليوم فمتى تفلح، أي: إن لا تنته اليوم فلا تنتهي أبدًا، فهذا معنى (ده) في هذا المثل. وأما إعرابه فإنه في موضع نصب على خبر (كان) المحذوفة، تقديره: إن لا أكن داهيًا فلا أدهى. ونظير ذلك من كلام العرب: مررت برجل صالح إلا صالحًا فطالح، تقديره: إلا يكن صالحًا فهو طالح، ويروي، إلا صالحًا فطالحًا، على تقدير: إلا يكن صالحًا فقد لقيته طالحًا، ونحو [174/ ب] ذلك من التقديرات. وإنما أسكن الياء، وكان من حقها أن تكون منصوبة، من قبل أن الأمثال تتنزل منزلة المنظوم. وهذه الياء حسن إسكانها في الشعر، وهو عندهم من الضرورات المستحسنة، كقول الشاعر:

يا دار هند عفت إلا أثافيها وكقول الآخر كفى بالنأي من أسماء كاف فقد ثبت بهذا أن (ده) اسم فاعل لا اسمًا للفعل، وهي معربة لا مبنية، وتنوينها تنوين الصرف لا تنوين التنكير. ويدلك على أنها ليست من أسماء الأفعال كونها واقعة بعد حرف الشرط؛ ألا ترى أنه لا يحسن: إلا صه فلا صه، و: إلا مه فلا مه، و: إلا هيهات فلا هيهات؟!!

وأما قولك، في آخر المسألة: إن التنوين قد دخل في القوافي تقييدًا في نحو: من طلل كالأنحمي أنهجًا فهو غلط قبيح؛ لأن هذا التنوين بدل من ألف الإطلاق. وإذا صح أن الألف للإطلاق فالتنوين للإطلاق. ألا ترى أن القوافي المقيدة هي مالم يكن بعد الروي منها حركة ولا حرف؟!. وقوله: (أنهجًا) الجيم منه حرف الروي وبعدها حركة وحرف، فعلمت بذلك أنه ليس بمقيد، وإذا لم يكن مقيدًا لم يكن إلا مطلقًا، فالنون إذًا حرف الإطلاق.

المسألة الثامنة

المسألة الثامنة قال أبو نزار: أنشدنا شيخي الفصيحي- رحمه الله- للأعشى: آنس طملًا من جديلة مشـ .... ـــــــــغوفًا بنوه بالسمار غيل فسأل عن غيل فقلت: قد جاء: ماد بها ساعد غيل، للممتلئ. ألا ترى إلى قوله: بيضاء ذات ساعدين غيلين والسمار: اللبن. كأنه يقول: إن بني هذا الصائد امتلؤوا من شرب اللبن. إلا أن الواحد بناه على (فعال) فقدر (غيلا) على

زنة حمار وكتاب، ثم جمعه على غيل [175/ آ]، كما قالوا: حمر وكتب. فإن قيل: فما سمعنا (غيالًا) قيل: قد أسلفنا أن العرب قد تنطق بجمع لم يأت واحده فهي تقدره وإن لم يسمع. فأجيب بأن قيل له: قد أتعبت الأسماع بلغطك وغلطك وأزعجت الطباع بخطائك وسقطك. يا هذا، إن تفسيرك للغيل بأنهم الذين امتلؤوا من شرب اللبن قياسًا على الغيل، وهو الساعة الممتلئ= شيء لم يذهب إليه أحد من أهل اللغة. وإنما ذهبوا إلى أن الغيل هي أن ترضع المرأة ولدها وهي حامل. واسم ذلك اللبن أيضًا (الغيل)، ولم يقل أحد منهم: إن الغيل هو الامتلاء من شرب اللبن. وإنما فسرت لفظة الغيل في بيت الأعشى على غير هذا، وهو:

إني لعمر الذي حطت مناسمها .... تخدي وسيق إليه الباقر الغيل على وجهين، أحدهما: أنها الكثيرة، من قولهم: [ماء] غيل، أي كثير. وقيل: الغيل ههنا السمان، من قولهم: ساعد غيل، أي: سمين. والغيل، بمعنى الكثير، هو المراد في البيت الأول، لأنه يصف هذا الصائد بالفقر، وكثرة الأولاد، وأنهم ليس لهم غذاء إلا السمار، وهو اللبن الرقيق. وأما قولك: إن غيلا جمع غيال، واحد لم ينطق به= فمن أفحش غلطاتك، وأفضح سقطاتك. بل هو جمع غيل، والغيل: الماء الكثير وجمعه: غيل، ونظيره: سَقف وسُقف؛ وكذلك الغيل السمان واحدها غيل أيضًا. وإنما غلطك في ذلك أن الغالب في (فعل) أن يكون جمعًا لـ (فِعال) أو (فَعال) مثل حمار وحمر، وقذال وقذل، فقضيت أن غيلا جمع غيال. وأما تفسيرك السمار بأنه اللبن على الإطلاق، فغلط يجوز على مثلك من أهل التحريف. وإنما صوابه أن تقول: السمار: اللبن الرقيق أو اللبن المخلوط بالماء؛ لأن تسمير اللبن هو خلطه بالماء [175/ ب]، فإن أكثر فيه الماء سموه (المضيح)؛ وعليه

قول الشاعر: فبات ابن شماخ يفسخ عجوة .... ولم يسقنا غير السمار المضيح وتفسير البيت على وجه الصواب أنه يصف حمار وحش أو ثور وحش آنس طملًا، أي صائدًا، والطمل: الذئب، شبهه به: والطمل أيضًا: اللص. يقول: هذا الثور الوحشي آنس صائدًا له عائلة وأطفال ليس لهم غذاء إلا اللبن المخلوط بالماء، فهو لذلك أشد الناس اجتهادًا في أن ينال صيد هذا الثور الوحشي ليشبع به عياله وأولاده.

المسألة التاسعة

المسألة التاسعة قال أبو نزار: سئلت في بغداد، عن قول الشاعر: غير مأسوف على زمن .... ينقضي بالهم والحزن فلم يعرف وجه رفع (غير). وأول من أخطأ فيه شيخنا الفصيحي رحمه الله، فعرفته ذلك. والذي ثبت الرأي عليه أن المعنى: لا يؤسف على زمن، فـ (غير) مرفوع بالابتداء، وقد تم الكلام بمعنى الفعل، فسد تمام الكلام وحصول الفائدة مسد الخبر، ولا خبر في اللفظ، كما قالوا: أقائم أخواك؟ والمعنى: أيقوم أخواك؟ فـ (قائم) مبتدأ، وسد تمام الكلام مسد الخبر ولا خبر في اللفظ. فقيل له: قد عجبنا أن أخطأت مرة بالصواب، وجريت في توجيه هذه المسألة على سنن الإعراب.

المسألة العاشرة

المسألة العاشرة قال أبو نزار: تقول العرب: جئت من عنده؛ لأن من قضى وطرًا من شخص فقد صار المعنى عنده غير مهم في نظره؛ لأن الذي انقضى قد خرج عن حد الاهتمام به، وبقس اختصاص الشخص بالموضع المختص بمن كان الغرض متعلقًا به، فأردت أن تذكر انفصالك عن مكان يخصه، فقلت: (من عنده). فأما إذا كان الإنسان قد اعتزم أمرًا يريده من شخص، فإن المكان القريب من ذلك الشخص لا يهمه، وإنما المهم ذكر الإنسان الذي حاجتك عنده، فالحكمة تقتضي أن يقول: (إليه)،ولم يجز (إلى عنده)؛ هذه حكمة العرب. فأما سيبويه فقال: استغنوا بـ (إليه) عن (إلى [176/آ] عنده)، كما استغنوا بـ (مثل) وشبهه عن (كـ). فقال الراد عليه: يا هذا، كانت إصابتك في مسألتك آنفًا فلتة

اغتفلتها، وجميع ما وجهت به في مسألتك هذه خارج عن الأصل المنقول، ولم يذهب إليه أحد من ذوي العقول. وذلك أن الذي ذهب إليه المحصلون من أهل هذه الصناعة هو أن الظروف التي ليست بمتمكنة مثل: عند، ولدن، ومع، وقبل، وبعد، حكمها ألا يدخل عليها شيء من حروف الجر، لعدم تمكنها وقلة استعمالها استعمال الأسماء. وإنما أجازوا دخول (من) عليها توكيدًا لمعناها وتقوية له، ولما لم يجز في شيء منها أن يكون انتهاء إلا بذكر (إلى) لم يجز دخولها عليه تأكيدًا لمعناه، كما كان ذلك في (من)، وقد قدمت أن حكم هذه الظروف ألا يدخل عليها شيء البتة من حروف الجر، للزومها الظرفية وقلة تصرفها. ولولا قوة الدلالة فيها على الابتداء، وقوة (من) على سائر حروف الجر بكونها ابتداءً لكل غاية= لما جاز دخول (من) عليها. ألا ترى أنه قد جاء في كلامهم كون (من) يراد بها الابتداء والانتهاء في مثل: رأيت الهلال من خلل السحاب؟ فخلل السحاب هو ابتداء الرؤية ومنتهاها، فهذا مما يدل على قوة (من) وضعف (إلى)؛ فلذلك أجازوا: من عنده، ومن معه، ومن

لدنه، ومن قبله، ومن بعده، ولم يجيزوا: إلى عنده، وإلى قبله، وإلى بعده؛ فهذه خمسة الظروف لا يدخل عليها شيء من الحروف الجارة سوى (من)، وسبب ذلك ما تقدم ذكره. وأما قولك: إن سبب ذلك هو أن من قضى وطرًا من شخص فقد صار ذلك الشخص عنده غير مهم في نظره، وخرج عن حد الاهتمام فلم يبق إلا أن يذكر موضعه المختص به، فلهذا قلت: جئت من عنده. وإذا عزم الإنسان على أمر يريده من شخص فإن المكان القريب [177/ ب] من ذلك الشخص لا يهمه، وإنما المهم ذكر الإنسان الذي حاجتك عنده. فالحكمة تقتضي أن يقول: (إليه)، ولا يقول [إلى] (عنده) = فهذيان المبرسمين دعوى المتحكمين. وذلك أنه لو كان الأمر على ما ذهبت إليه لامتنع أن تقول: رجعت إلى داره [وعدت إلى منزله]، فينبغي على هذا أن يكون الصواب: رجعت إليه، وعدت إليه، ويكون قول من قال: رجعت إلى منزله، وعدت إلى داره، لا يصح كما لا يصح: رجعت إلى عنده؛ لأن المهم إنما هو الشخص دون محله، وإذا امتنع ذلك مع (عنده) فكذلك يمتنع

مع البيت والمنزل وغيرهما. وأما قولك: (إن المكان القريب من ذلك الشخص لا يهمه) فإن هذا الكلام يقتضي انه إذا بعد مكانه منه احتيج إلى ذكره، فيقال: رجعت إلى عنده. وذلك أنه إنما جاز إسقاطه لقرب المكان الذي فيه الشخص فاستغنى عن ذكره لقربه، فيلزمه ألا يسقط عند بعده، ولو قدرنا أن جميع ما ذكرته من جواز دخول (من) على (عند)، وامتناع دخول (إلى) عليها صحيح لوجب عليك أن تستأنف جوابًا آخر عن امتناع دخول (إلى) عليها صحيح لوجب عليك أن تستأنف جوابًا آخر عن امتناع دخول (إلى) على (قبل وبعد)، و (مع)، و (لدن)، وجواز دخول (من) عليها وليس في جميع ما ذكرته ما يكون جوابًا عن ذلك، وليس الجواب عند النحويين إلا ما قدمناه؛ فافهم ذلك.

ذكر طرف من أحكام المبنيات

ذكر طرف من أحكام المبنيات زعم بعض النحاة أن البناء هو الأصل، وأن الإعراب إنما وقع للضرورة. وقد غلط؛ لأن البناء في الأسماء لم يكن الأصل ثم خرجت عنه إلى الأعراب للضرورة؛ لأن الكلام إنما وضع للتفاهم. وإذا كانت الأسماء لا يفهم المراد بها إلا بالإعراب لم يكن الإعراب طارئًا عليها. فإن قيل: فإنها قبل التركيب مبنية، فدل ذلك على أن الأصل البناء؛ لأن التركيب إنما هو بعد الإفراد= قيل: الأصل هو التركيب؛ لأنها إنما وضعت ليخبر بها وعنها، والإفراد بعد ذلك. وإيرادها غير مركبة ليس الأصل إنما هو خارج عن المقصود الأكبر الذي هو فائدة الكلام. ولو كان البناء في [177/آ] الأسماء الأصل لم يقل: لم بني (يا زيد) مثلًا؟ لأنه جاء على الأصل؛ فعله البناء في (قبل) و (بعد)، في نحو قول

الله عز وجل: {لله الأمر من قبل ومن بعد} أنهما لما قطعا من الإضافة، مع أنها مرادة فيهما أشبها في قطعهما عن الإضافة الإتيان ببعض حروف الكلمة فبنيا لذلك. وإنما بنيا على حركة؛ لأنهما قد كانا معربين في حال الإضافة، فجعل بناؤها على الحركة تنبيهًا على حال الإعراب. فإن قيل: فلم كانت ضمة؟ قيل: أريد بناؤهما على حركة لم تكن لهما في حال الإعراب؛ لتحالف حال البناء حال الإعراب. وكذلك القول في (أسفل) و (من عل) و (وراء) و (قدام)، وجميع الغايات إذا قطعت عن الإضافة. وحيث مشبهة بالغايات، لأنها مبهمة في جميع الجهات، والجهات كلها مضافة إلى ما بعدها، وأوقعت (حيث) عليها كلها فبنيت لذلك. وإنما بنيت على حركة هربًا من اجتماع الساكنين، وكانت ضمة؛ لما ذكرته من شبهها بالغايات. ومنهم من بناها على الكسر لالتقاء ساكنين، ومنهم من فتح استثقالًا للضمة

والكسرة مع الياء. *ومنذ: لابتداء الغاية في الزمان، فبنيت لشبهها بـ (من). ولا يقال لم بنيت (من)؟ لأن البناء للحروف وبنيت على الضم إتباعًا لحركة الميم. فإذا قيل: (مذ)، زال الموجب لبنائها على الحركة، وبنيت على السكون الذي هو أصل البناء. *ويازيد: بني لوقوعه موقع المبني، وهو (أنت)؛ قال: يامر يابن واقع ياأنتا أنت الذي طلقت عام جعتا حتى إذا اصطبحت واغتبقتا أقبلت مرتادًا لما تركتا قد أحسن الله وقد أسأتا وبني على الضم لأنه وقع موقع الضمير المرفوع، والضم

يناسب الرفع. *وكذلك نحن، بني على حركة لسكون الحاء، وكانت الحركة ضمة لأنه ضمير المرفوع [177/ ب]. وأما علة بنائه فلأنه ضمير، والضمائر كلها مبنية؛ لافتقارها إلى ما ترجع إليه، فشابهت الحرف في الافتقار، فبنيت. *وبنيت، قط لأنها مشابهة لـ (قط) الخفيفة؛ لأنك إذا قلت: ما رأيته قط، فقد قطعت الطمع عن الرؤية، فقرب في المعنى من قولك: قط، أي اكتف. وبني على حركة للإدغام، وكانت ضمة؛ لأن بناءه على الكسر يلبس بفعل الأمر؛ لأنه يكون مثل: غط، وبناؤه على الفتح أيضًا يلبس بالفعل الماضي وبفعل الأمر. *و (أين) و (كيف) بنيا لما تضمناه من الاستفهام، فأشبها حرف الاستفهام. وبنيا على الفتح، لأن السكون لا يمكن،

والضم والكسر مع الياء ثقيل. *والأفعال الماضية كلها مبنية، ولا يقال لم بنيت؛ لأن أصل البناء للأفعال والحروف. وإنما أعرب الفعل الذي أعرب لمشابهة الاسم. وإنما بني على حركة لأنه قد يقع موقع المعرب في قولك: إن أكرمتني أكرمتك ويقع موقع الاسم المعرب في قولك: ممرت برجل ضحك، كما تقول: مررت برجل ضاحك. وبنيت على الفتح، لأنه أقرب الحركات إلى السكون من قبل الخفة. *و (أيان) بني لما فيه من معنى الحرف، وهو الاستفهام. وكانت الحركة فتحة من أجل ثقل الكسرة فيه، والضمة من أجل الياء، والألف غير حاجز حصين. *و (الآن) بني لمخالفته ما عليه الأسماء؛ لأن الأسماء إنما تقع نكرة ثم تتعرف، ووقع هذا من أول أحواله معرفًا بالألف واللام فلما خرج عن شبه الأسماء بني. وبني على حركة

لسكون ما قبل آخره، وكانت فتحة لأتها تناسب ما قبلها. *شتان وسرعان بنيا لأنهما اسم لـ (بعد) و (سرع). وبنيا على الفتح لما ذكرناه في (الآن). وكذلك علة بناء (هلم) و (هيهات). *وأسماء العدد من أحد عشر إلى تسعة عشر مبنية إلا اثني [178/آ] عشر. وإنما بنيت لتضمنها واو العطف؛ إذا كان الأصل عطف الاسم الثاني على الأول. ولم يبن اثنا عشر؛ لأن الألف فيها علامة التثنية، وهي علامة الإعراب، وما أعرب بالحرف لا يصح بناؤه، لأن الحرف لازم له. وبني على اخف الحركات لطوله. وكذلك حضر موت، ورامهرمز، ومارسرجس. وتقول في المؤنث من العدد: ثماني عشرة، فتفتح الياء، كما تقول: ثلاث عشرة. ومنهم من يسكنها تشبيهًا بـ (معدي كرب). وقول الشاعر: ولقد شربت ثمانيًا وثمانيًا .... وثمان عشرة واثنتين وأربعًا حذف الياء من (ثماني)، وبقيت النون على كسرتها.

*وأمس مبني، وبني لأنه خالف ما عليه الأسماء من لزوم مسمياتها. *وذا لا يخص يومًا بعينه، ولأنه أشبه المبهم. لأنك إذا قلت: (ذا) أشرت إلى حاضر، ثم لا يلزم المشار إليه بل يزول عنه وينتقل إلى غيره. وكذلك إذا قلت: أمس، أشرت إلى اليوم الذي قبل يومك، ثم يزول عنه كما زال (ذا). وبني على الكسر هربًا من التقاء الساكنين. أو بني على السكون، ثم كسر لالتقاء الساكنين، واختير الكسر لالتقاء الساكنين دون غيره؛ لأن الكسرة إذا كانت إعرابًا كان معها التنوين ولابد، وليس كذلك غيرها؛ فاختيرت هذه الحركة لالتقاء الساكنين؛ لحصول العلم بأنها غير حركة الإعراب لمفارقتها التنوين. وأيضًا فإن الكسر يناسب السكون، من أجل اختصاص كل واحد منهما ببابه وانفراده به؛ فلما افتقروا إلى تحريك الساكن حركوه بنظيره.

وأيضًا فإن الساكن قد يقع في الفعل. وقد علم أن الفعل لا يدخله الكسر. فلو حرك بالضم أو الفتح لتوهم أن ذلك حركة إعراب لأنهما يدخلانه في حالة الإعراب. وإنما حرك الأول من الساكنين دون الثاني، لأن سكون الأول منع من النطق بالثاني. *ونزال وأخواته مبني، لأنه اسم لفعل الأمر، ومعناه: انزل. *والمعدول عن المصدر نحو: فجار وعن الصفة نحو: حلاق، وفساق، وعن فاعله نحو: حذام؛ كل ذلك أشبه نزال فبني. *ومن بنيت لمضارعتها الحرف في أحوالها: من الاستفهام، والجزاء، وكونها موصولة لأنها بعض اسم [178/ ب]. *وكم بنيت لمضارعة حرف الاستفهام وفي الخبر شابهت (رب) لأنها للتكثير، و (رب) للتقليل. *وقط بالسكون اسم للفعل بمعنى: اكتف، وكذلك قد التي في معناها. *وإذ وإذا بنيتا لمشابهة الحرف في الافتقار إلى ما يوضحهما

مما يضافان إليه. وقيل: لمضارعة (الذي). *والمبهمات والمضمرات علتهما في البناء سواء، وهو أنهما لا يلزمان ما يرجعان إليه ويقعان عليه، وليس كذلك الأسماء؛ فلما خرجا عما عليه الأسماء بنيا. وإن شئت قلت: شابها الحرف فبنيا، وذلك لافتقارهما. والضمائر كالمبهمات. والأصوات مبنيات كلها، لأنها مدات كأصوات المزامير.

ذكر شيء من أحوال الحروف

ذكر شيء من أحوال الحروف من الحروف مالا يتغير ولا تراه زائدًا أبدًا، وهي أوائل هذين البيتين: ثم زارت حسناء دار شبيب .... خل عنها جاءت صباحًا ذلولا طالعات ظعونها غائرات .... ضاحيات راحت قليلًا قليلًا طرف من علم القوافي للقوافي مخمسات ثلاث: .... حركات، وأحرف، وفساد فابتداها: رس، وحذو، وإشبا .... ع، ومجرى، وفي النفاذ المراد

والحروف: الروي، والردف، والتأ .... سيس، والوصل، والخروج العماد والعيوب: الإيطا، والأقوا، والأكفا .... ء، ومنها التضمين، ثم السناد الرس: هو حركة الحرف الذي قبل ألف التأسيس، ولا تكون هذه الحركة إلا فتحة؛ لأن ما قبل الألف لا يكون إلا مفتوحًا، كقوله: هجرتك إشفاقًا عليك من الأذى .... وخوف الأعادي واتقاء النمائم فجركة الميم من (النمائم) هي الرس. *والحذو: الحركة التي قبل الردف كقوله: . ..... .... العتابا .... ... ... ... ... فحركة التاء حذو. وكذلك الكسرة قبل الياء، والضمة قبل الواو إذا كانا ردفين، كقوله:

ولقد نظرت إلى شموس ودونها .... حرج من الرحمن غير قليل [179/آ] قد كنت أحسبني كاغنى واحد .... ورد المدينة عن زراعة فول فكسرة اللام، وضمة الفاء حذو. *والإشباع: حركة الدخيل، كقوله: قإن لم تجد من دون عدنان والدًا .... ودون معد فلتزعك العواذل فكسرة الذال، من (العواذل) هي الإشباع. *والمجرى: حركة حرف الروي، ككسرة الدال في قوله:

ببرقة ثهمد .... ... ... ... ... وضمة الميم في قوله: دمن ألم بها فقال: سلام .... ... ... ... ... *والنفاذ حركة الوصل، نحو الفتحة في هاء: ... .... ... مقامها .... ... ... ... والكسرة في هاء: .. .. .. .... .. .. .. سودائه

وتسمى الحركة قبل الرؤى المقيد التوجيه، كقول رؤبة: . .... خاوي المخترق وأما الرؤى فهو الذي تبنى القصيدة عليه. وجميع الحروف تكون رويًا إلا الألف والواو، والياء اللواتي يتبعن ما قبلهن، نحو الألف في قوله: .. .. .. .. .... قلت: يا ريح بلغيها السلاما والياء في نحو: .. .. .. .... .. .. .. منزلي والواو في نحو:

.. .. .... سقيت الغيث أيها الخيامو وكذلك ألف التثنية وواو الجمع وياء ضمير المؤنث؛ نحو: قاما، وقاموا، وقومي، لا يكن رويًا إلا إذا انفتح ما قبل الواو والياء، نحو: عتوا، وغزوا، واخشى يا امرأة واسعي؛ فإنهما ههنا يكونان رويًا. والهاء أيضًا تكون رويًا إذا سكن ما قبلها، ولا تكون رويًا إذا تحرك ما قبلها، نحو (غلامهو) و (صاحبها) و (حمزه) و (طلحة) و (فيمه) و (لمه). *وأما الردف فالألف أو الياء أو الواو تكون قبل حرف الروي مجاورة له، كالذي يردفه الراكب خلفه. فإذا كان الردف ألفًا لم يجز معها الواو ولا الياء كقوله: ... ... .... أيها الطلل البالي ....... .... ... ... ...

وأما الواو والياء فغنهما تترادفان في القصيدة الواحدة، كما قال الشاعر [179/ ب]: أأن ترسمت من خرقاء منزله .... ماء الصبابة من عينيك مسجوم كأنها بعد أحوال مضين لها .... بالأشيمين يمان فيه تسهيم وتستعملان أيضًا ردفًا إذا سكنتا وانفتح ما قبلهما، ولم تخرجا عن حروف المد. وإن اجتمعا في قصيدة واحدة على هذه الحال فذلك جائز أيضًا نحو: (خود) و (زيد). ولكن لا يجوز أن تأتي كل واحدة منها ردفًا وقد انضم ما قبلها، أو انكسر مع مثلها إذا انفتح ما قبلها. ولا تكون واوان ردفًا إحداهما مضموم ما قبلها، والأخرى مفتوح ما قبلها؛ ولا ياءان إحداهما مكسور ما قبلها، والأخرى قبلها فتحة. لا يجتمع في القصيدة الواحدة: (ثوب) مع (حوب)، ولا (عير) مع (عِير)، ويجوز اجتماع (راس)

مع (فلس)، والألف المبدلة من الهمزة تجيء ردفًا، كقول امرئ القيس: .. .. .. .. .. .... كأن مكان الردف منه على رال ويجوز أن يكون الردف في كلمة، وحرف الروي في أخرى، كقول الأعشى: رحلت سمية غدوة أجمالها .... غضبي عليك، فما تقول بدا لها؟ ولا يكون المدغم ردفًا، لعدم المد فيه؛ ولهذا أجاز الخليل (غيا) مع (ظبيا). *وأما التأسيس فالألف الساكنة التي بينها وبين حرف الروي حرف متحرك أي حرفٍ كان، إلا أنه لا بد منه؛ ولا يجوز أن يكون التأسيس غير ألف، وذلك نحو: (السمالق)، و (المفارق). وهذا الحرف الذي بين التأسيس وبين الروي هو الدخيل، وحركته

في أكثر الشعر كسرة. وأجاز قوم أن تكون فتحة وضمة أيضًا، وأجازوا الجمع بين الضم والكسر، نحو: التفاخر، والمحابر. فأما أن يدخل الفتح معهما فذلك مستقبح يجري مجرى السناد في العيوب. وإنما أجيز اجتماع الضم والكسر كما جاز اجتماع الواو والياء ردفين. وقد تقدم أن هذه الحركة تسمى الإشباع [180/آ]. ولا تكون الألف تأسيسًا إلا إذا كانت مع حرف الروي في كلمة واحدة. فإن كانا في كلمتين لم تكن تأسيسًا، وجاز حينئذ مع الألف غيرها، كما قال عنترة: .. .. .. .. .. .... والناذرين، إذا لم القهما دمي فالألف ههنا غير تأسيس؛ لما ذكرنا. إلا أن تكون الكلمة الأخرى التي فيها الروي معه فيها حرف إضمار، فحينئذ يجوز في الألف أن تكون تأسيسًا فلا يقع معها غيرها، ويجوز أن تكون غير تأسيس فيقع معها غيرها.

*وأما الوصل فهو الحرف الذي يكون بعد حرف الروي، ألفًا إن كانت حركة الروي فتحة، أو واوًا إن كانت ضمة، أو ياءً إن كانت كسرة، نحو: .. .. .. .. ..... جديدًا و: .. .. .. ...... اسلمي و: ودع هريرة إن الركب مرتحل .... .. .. .. .. .. وتكون الهاء وصلًا، وهي ثلاثة أضرب:

هاء الضمير، كقوله: لما رأيت الدهر جمًا حيلة أخطل والدهر كثير خطله وهاء التأنيث، كقولي: لا تقنطن واسأل إله الورى .... تيسيره إن كنت في عسره والهاء اللاحقة في الوقف لبيان الحركة، كقوله: بالفاضلين ألي النهي .... في كل أمرك فاقتده وهاء الضمير وحدها تأتي ساكنة ومتحركة، وغيرها لا يكون إلا ساكنًا فمجيئها متحركة كقوله:

عفت الديار محلها فمقامها .... .. .. .. .. وحركتها تسمى العماد. ولا يكون وصلًا إلا هذه الأربعة. والأصل في الوصل حروف المد؛ لاحتياجهم إليها في الترنم والحداء والغناء، واستعملت الهاء معهن لقربها منهن. أما هاء التأنيث فلها بالألف شبه خاص لأن ما قبلها لا يكون إلا مفتوحًا. وأما هاء السكت فإنها تقع معها في محل واحد، كقولك: أنا، وأنه؛ وكلها يشبه الألف وأخواتها في الرخاوة والخفاء. *وأما الخروج: فما وقع من حروف المد واللين الثلاثة بعد هاء الإضمار التي تكون وصلًا لا غير، نحو: (مالها)، و (أجمالهوا)، و (وصالهي). *وأما الإيطاء فهو تكرير القافية [180/ ب]، وذلك إذا تحد اللفظ والكعنى، وزاد الخليل في ذلك (دخول العامل) يعد

ذلك إيطاء وإن اختلف المعنى. مثال ذلك: أن (الثغر) من الفم و (الثغر) من ثغور الإسلام متى أتيا في شعر واحد قافية فذلك إيطاء، لأن العامل يدخل عليها جميعًا. فأما (ذهب)، الذي هو فعل و (ذهب) الذي هو اسم، فإن وقعا قافية نحو: ليس يرد الزمان ما ذهبا .... ولو بذلنا في رده ذهبا فذلك عنده ليس بإيطاء. وأما غير الخليل نحو النضر بن شميل، والأخفش، والجرمي، ومؤرج، وكل أصحاب القوافي= فإنهم لا يعدون اتفاق اللفظ مع اختلاف المعنى إيطاء. ومتى اتفق اللفظ والمعنى فذلك قبيح. إلا أن الأخفش يقول: إذا كان أحدهما معرفًا، والآخر نكرة فليس بإيطاء. *وأما الإقواء فهو أن يرفع آخر البيت، ويجر آخر الآخر،

كقوله: أمن آل مية رائح أو مغتدي .... عجلان ذا زاد وغير مزود ثم قال: زعم البوارح أن رحلتنا غدًا .... وبذاك خبرنا الغراب الأسود وأما الإكفاء فأن يجمع في القوافي بين السين والشين والنون والميم، وما أشبه ذلك؛ كقوله: بنات وطاء على خد الليل لا يشتكين ألمًا ما أنقين

وكقوله: إذا ركبت فاجعلوني وسطا إني كبير لا أطيق العندا وقوله: يا قاتل الله بني السعلاة عمرو بن يربوع شرار الناس *وأما التضمين فأن لا يتم المعنى في البيت، ولا يعلم إلا بالذي بعده، كقول النابغة: هم وردوا الجفار على تميم .... وهم أصحاب يوم عكاظ إني شهدت لهم مواطن صالحات .... أثبتهم بنصح الصدر مني

ويروى: بود الصدر. وأمر التضمين أخف من غيره من العيوب [181/آ]، ولهذا لم يعده بعضهم ولا ذكره فيها. *وأما السناد فعلى نوعين، أحدهما: اختلاف الحركة قبل الردف، كقوله: لقد ألج الخباء على عذاري .... كأن عيونهن عيون عين فإن يك فاتني يومًا شبابي .... وأضحى الرأس مني كاللجين وقال عمرو بن كلثوم: . .... .. ... فاصبحينا .. .. .. ..

و: .. .. .. .... تصفقها الرياح إذا جرينا والثاني: أن تختلف الحركات قبل حرف الروي، كقول رؤبة: .. .. المخترق ثم قال: .. .. فنق ثم قال: .. .. الحمق

وقيل اختلاف الحذو سناد، واختلاف الإشباع سناد، واختلاف التوجيه سناد. وعد اختلاف الحروف اللوازم سنادًا، مثل أن يأتي بيت مردف مع غير مردف، أو مؤسس مع غير مؤسس. وقيل: السناد أيضًا أن تختلف حركة ما قبل الردف، وهي الحذو، فتكون تارة مفتوحة، وتارة مضمومة، وتارة مكسورة؛ ولم يعدوا سنادًا غير هذا. وقال قوم: إن اختلاف حركة التوجيه وحركة الدخيل بالكسر والضم ليس بسناد. ولم يختلفوا في اختلاف حركة الحذو أنها سناد، وأجمع الكل على أن نحو ما ذكرناه في قصيدة عمرو بن كلثوم سناد. *وأما القافية ففيها ستة أقوال: الأول: أنها آخر كلمة في البيت. وهو قول الأخفش. وجعل بعضهم القافية في كلمتين. وقال الأخفش: سألت

أعرابيًا وقد أنشد: بنات وطاء على خد الليل أين القافية؟ فقال: (خد الليل). وقيل: القافية: النصف الأخير. وقيل: القافية: البيت بكماله، وقد يطلقون على القصيدة قافية، كما قال: وقافية مثل حد السنا .... ن تبقى ويذهب من قالها وقال الخليل: القافية: (ما بين آخر حرف في البيت، إلى أول ساكن قبله، مع المتحرك الذي قبل الساكن). فالقافية في قوله: .... .... .. ومنزلي .. .. .. ..

الميم والنون [والزاي] واللام [والياء]. وكذلك القافية من قوله: (فحومل) هي الحاء إلى الياء. والذي قاله لا يختل، فهو لذلك أجود الأقوال. واحتج قوم لقول الأخفش أن العرب إذا أوردت البيت إلى أن يبقى من آخره كلمة قالوا: [181/ ب] قد بقيت القافية، يعنون الكلمة الأخيرة. وقال الأخفش: لو أن شاعرًا قال لك: اجمع لي قوافي، لم تجمع أنصافًا وإنما كنت تجمع له كلمات فيها حروف تلزمها لا تختلف في اللفظ والصورة، وإن اختلف الكلمات؛ نحو: (الشواظ) و (الغلاظ) ومثل (الخفاف) و (العجاف)، وما أشبه ذلك. قال: ومن زعم أن حرف الروي نفسه هو القافية فقد أحال أيضًا؛ وذلك أن العرب إذا سمعت: (قام) مع (قيم) أو (رام) مع (ريم)، أو (العلام) مع (العلم) قالوا: اختلفت القافية، ولو كانت القافية هي حرف الروي لما قالوا ذلك؛ لأن الميم في كل هذه الحروف لم تخالف، ولم يزل لفظها.

وقال قائل: ومما يفسد قول الأخفش أن الكلمة الأخيرة في البيت قد تستوعب الحروف والحركات اللوازم للقافية، وقد لا تستوعب ذلك. ويلزم الشاعر تكرار ما هو خارج عنها، نحو: (مالها) فإن ألف (ما) في غير الكلمة الأخيرة وهي ردف لابد منها. وكذلك (كلاهما) ألف (كلا) تأسيس لابد من تكرارها. وإذا اختلف الردف أو التأسيس قيل: اختلفت القوافي. فالقافية على هذا ما اشتمل على اللازم من الحروف والحركات، وهذا هو الذي صار إليه الخليل. قال الأخفش: كل قافية سلمت من الفساد في الشعر التام دون المجزوء والمشطور والمنهوك فإنها تسمى (النصب)، لأنها وردت في شعر تام سليمة من العيب تكاملت أجزاء شعرها، وترنم بها. والنصب: الغناء، ولعل هذا الذي نحن فيه سمي نصبًا من ذلك. وتسمى أيضًا القافية الموصوفة بما ذكرته: (البأو). وتسمى العرب القافية المعيبة الفاسدة: (التحريد). وذكر الأخفش أنهم لم يعينوا لهذا الاسم رعيبًا بعينه، إلا أنهم يطلقونه على غير

المستقيم، وذلك مأخوذ من الحرد في الرجلين، والله أعلم [182/آ].

بسم الله الرحمن الرحيم وهذه ذات الحلل ومهاة الكلل، تغر بالألفاظ المؤتلفة، وتشر بالمعاني المختلفة، تخدع سامعها خدع الساحر، وتجن في باطنها خلاف الظاهر، لها وجهان معشوقان، ولسانان موموقان، تتلون في أثوابها، وتتفنن في مخارج أبوابها؛ فغن أضلك ظاهرها وحير، ذلك باطنها وخبر. وها أنا أجلوها على الأعيان، وأبرزها للمشاهدة والعيان، وأقول- والله المستعان، وهو أقدر من أرشد وأعان-: 1 - بحمد الله رب العالمينا .... ورب العرش أبدا مستعينًا 2 - وصلى الله خلاق البرايا .... على خير البرية أجمعينا 3 - محمد النبي وآله والـ .... ـــــــقرابة والصحابة والبنينا

القرابة والصحابة في الأصل مصدران سمي بهما الأقرباء والأصحاب، إما على حذف مضاف بمعنى ذوي قرابة وصحابة، وإما على أنهم جعلوا نفس المصدر مبالغة. ويقال: بينهما قرابة، وقربى، وقرب، ومقربة، بفتح الراء، ومقربة، بضمها. ويقال: صحبته صحبة وصحابة. وقالوا في جمع صاحب: صحبة أيضًا، كما قالوا: فاره وفرهة؛ وقالوا صاحب وصحاب، مثل جائع وجياع. 4 - وبعد فإنني أظهرت ما لو .... حواه سواي كان به ضنينا 5 - كنوز ما اهتدى غيري إليها .... فأبرز جوهرًا فيها دفينا [182/ ب] 6 - عن العلماء ايماء إليها .... وعون الله سهل لي الحزونا الحزون: جمع حزن، وهو ما غلظ من الأرض. والحزن أيضًا: بلاد بعينها. والحزن: حي من غسان.

7 - سأخبر بالغريب من المعاني .... وأطرف بالعجيب السامعينا 8 - بأم بنين مرجعهم إليها .... وما ولدت ولا حملت جنينا الأم: الراية التي معها الجيش، وهو المراد بالأم ههنا. والأم أيضًا: المفازة البعيدة، يقال لها أم التنائف. وأم المثوى: صاحبة المنزل. والأم: الأصل. والأم: رئيس القوم. وأم النجوم: المجرة. 9 - وأم لم تزل تؤتى حرامًا .... وحلا لا تعيب الواطئينا 10 - إذا ما انحط عنها ابن أتاها .... أبوه وعد ذلك منه دينا المراد: أم الطريق، وهي معظمه. والحرام: أرض الحرم، والحل: ما سوى ذلك. أي يطؤها الناس في أرض الحل وأرض الحرم، الابن وأبوه وغيرهما. وإذا كانا في سفر فيه طاعة لله عز وجل كالحج وزيارة النبي صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك؛ فذلك معدود من الدين.

وكنت في مجلس رجلٍ من الفقهاء بالإسكندرية، فجاءت إليه رقعة فيها سؤال: فتى كان في وطء الحلال مساترًا .... فأعلن في وطء الحرام جهارا ولا هو يأتي في الصلاة جماعةً .... ويأكل في شهر الصيام نهارا وليس بذي عذر ولا بمسافرٍ .... ولكن أتى هذي الفعال مرارا ليبلغ رضوان الإله بفعله .... ويصرف عنه في القيامة نارا فتوقف ولم يدر ما يقول، فقلت له: أراد بـ (وطء الحلال) أرض الحل [183/ آ] مساترًا: لا يسمع منه فيها ما أعلن به في أرض الحرم، من رفع الصوت بالتلبية والتكبير والجهر بذلك. ومعنى قوله: (ولا هو يأتي في الصلاة جماعة) أراد بالصلاة الدعاء، وهو معنى هذه اللفظة في كلام العرب؛ قال:

تقول بنتي وقد قربت مرتحلًا .... يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا عليك مثل الذي صليت فاغتمضي .... يوماً فإن لجنب المرء مضطجعا أي: عليك مثل الذي دعوت. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الذكر الخفي). ومعنى قوله: (ويأكل في شهر الصيام نهارًا) أراد بالنهار فرخ الحبارى، أي إنه يأكل في صيامه هذا الطائر؛ لأن الصيد من أحل ما يأكله الإنسان. 11 - وعم آكل في بعض يومٍ .... زبيبًا ضعف قنطارٍ وتينا العم: الجماعة من الناس؛ قال الشاعر: يا عم يا بن مالك يا عما أفنيت عمًا وجبرت عما أي: أفنيت جماعةً وجبرت جماعةً. وقال المرقش الأكبر:

لا يبعد الله التلبب والـ .... ـغارات إذ قال الخميس: نعم والعدو بين المجلسين إذا .... آد العشي وتنادى العم آد العشي أي: مال؛ ومنه قول الهذلي: أقمت به نهار الصيف حتى .... رأيت ظلال آخره تؤود وكانوا يعدون بالعشايا إلى النادي، وهو المكان الذي يجلسون فيه للحديث وذكر أيامهم وأنسابهم ونحو ذلك. ومعنى قوله: (وتنادي العم) أي انتدوا، يعني جلسوا في ناديهم، ومنه قول الله عز وجل [183/ ب]:} وتأتون في ناديكم المنكر {. والعم: الجماعة. والعم أيضًا مصدر عم الشيء يعم عمًا وعمومًا.

12 - وخالٍ ما يكون له ابن أختٍ .... وتكرهه البرية أجمعونا الخال: الخيلاء والعجب والكبر، قال العجاج: الخال ثوب من ثياب الجهال وقد خال الرجل فهو خائل، أي: مختال. ويقال: رجل أخائل، مثل أدابر، في المختال أيضًا. 13 - وخالٍ جره خالٌ فأضحى .... لمقت الله في المتعرضينا الخال: ضرب من البرود؛ سحبه خالٌ، أي: رجل مختالٌ. وهذا غير الأول، لأن الخيلاء تسمى خالًا، والمختال يسمى خالًا. 14 - وخالٍ سر مرآه عجافًا .... وخالٍ قدوةٍ للمهتدينا الخال: السحاب والغيم. وقد أخالت السحابة، وأخيلت، وخايلت: إذا كانت يرجى مطرها. وأخلتها أنا، واختلتها: إذا رأيتها مخيلة للمطر. ويقال: ما أحسن مخيلتها، وخالها!! والخال

الذي يهتدى به: لواء الجيش. 15 - وخالٍ تكثر الرغبات فيه .... وخالٍ عدة للظاعنينا هو الذي يكون في الخد، وفي تصغيره لغتان: خويل، و (خييلٌ). والذي هو عدة للظاعنينا: الفحل الأسود، عن ابن الأعرابي [184/ آ]. 16 - وخالٍ قد أتاه خال مالٍ .... فأصبح عنده في الواردينا الخال ههنا جبل عنده ماءٌ لبني سليم، يسمى الدثينة مثل السخينة. وكان يسمى الدفينة، فكرهوا هذا الاسم فسموه الدثينة، قال النابغة الذبياني: وعلى الدمينة من سكين حاضرٌ .... وعلى الدثينة من بني سيار

أتى هذا الماء خال مالٍ ليرده. يقال: هو خال مالٍ، أي: يقوم على المال ويصلحه. 17 - وكم خالٍ له في الرأس عين .... وفيه تكون عين الحاذرينا الخال: الجبل، عن ابن الأعرابي، وله في رأسه عين ماءٍ. وفيه تكون عين الحاذرينا وهو الربيئة، والديدبان، والجاسوس، وهو الذي يرقب للقوم ويتعرف لهم في الخبر، ويقال له: ذو العينين وعين الركبة: النقرة التي في مقدمتها. وعين الشمس، وعين الميزان. والعين: الدينار. والعين: المال الناض. وعين الشيء: نفسه، وعينه أيضًا: خياره. و (لا أطلب أثرًا بعد عين)، أي: بعد معاينةٍ. وما بها عين، أي: أحد. والجهة التي عن يمين قبلة العراق تسمى العين، ومنه قيل: نشأت السحابة من قبل العين. والعين: المطر الدائم لا يقلع. ولقيته أول

عين، أي: قبل كل شيءٍ. وأسود العين: جبلٌ، ومنه قول الشاعر: إذا زال عنكم أسود العين كنتم .... كرامًا وأنتم، ما أقام، ألائم [184/ ب] أي: إنكم لا تزالون لئامًا. ورأس عين: بلد معروف. وعين البقر: نوع من العنب. والأعيان: الأشراف. والأعيان: الإخوة الأشقاء. وفي الحديث: (أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات)، وبنو العلات لأبٍ واحدٍ وأمهاتٍ. ومعنى الحديث: إن الأشقاء يحجبون الإخوة من الأب فيرثون المال دونهم. والعين: المشاهدة. وقال الحجاج للحسن: عينك أكبر من سنك.

وقول الشاعر: ومن هو عند العين أما لقاؤه .... فحلوٌ وأما غيبه فظنون أي: هو عندك ما دمت تعاينه، وهو في مغيبك على خلاف ذلك، وأنت على عيني: أي أحفظك، ويقال ذلك في الإكرام أيضًا. وقال الله عز وجل:} ولتصنع على عيني {. ويقال: في هذا الجلد عين، وقد تعين، وهي دوائر رقيقة، وذلك عيب فيه، وهو عين ومتعين، ومنه قوله: ما بال عيني كالشعيب العين * رجع الكلام إلى ذكر الخال. أنشد ثعلبٌ:

1 - أتعرف أطلالاً شجونك بالخال .... وعيش زمانٍ كان في العصر الخالي الخال: موضع. والعصر الخالي أي: الماضي، يقال: عصرٌ وعصرٌ وعصرٌ؛ قال امرؤ القيس: ألا عم صباحا أيها الطلل البالي .... وهل يعمن من كان في العصر الخالي يقال: وعم يعم، بمعنى نعم ينعم. والعصر والعصر مثل العسر والعسر. 2 - ليالي ريعان الشباب مسلطٌ .... علي بعصيان الإمارة والخال

الخال: الراية. 3 - وإذ أنا خدنٌ للغوي أخي الصبا .... وللغزل المريح ذي اللهو والخال الخيلاء والكبر [185/ آ]. 4 - وللخود تصطاد الرجال بفاحم .... وخد أسيل كالوذيلة ذي خال أحد خيلان الوجه. والوذيلة: المرآة في لغة هذيل، روى ذلك أبو عمرو. وقال أبو عبيدٍ: الوذيلة: القطعة من الفضة. 5 - إذا رئمت ربعًا رئمت رباعها .... كما رئم الميثاء ذو الريبة الخالي يقول: إني أحب ما تحب، فإذا أحبت ربعًا أحببته. يقال: رئمت الناقة ولدها رئمانًا: إذا أحبته. وقول الشاعر:

أم كيف ينفع ما تعطي العلوق به .... رئمان أنفٍ إذا ما ضن باللبن فالعلوق: الناقة التي تعطف على غير ولدها فلا ترأمه، وإنما تشه بأنفها، وتمنع لبنها فلا تدر، أي: لا ينفع رئمان الأنف من غير إعطاء اللبن. وينشد (رئمان) بالرفع والنصب والجر؛ فالرفع على أنه فاعل (ينفع)، والنصب على أنه مفعول (تعطي)، والجر على البدل من الهاء في (به). وأنشده الكسائي الرشيد بالنصب، فقال له الأصمعي: رئمان أنف بالرفع! فقال له الكسائي: وما أنت وهذا؟!! رئمانُ أنفٍ، ورئمانَ أنفٍ، ورئمانِ أنف. وفي معنى هذا البيت قول الجعدي: وما نحني كمناح العلو .... ق ما تر بي غرة تضرب والميثاء: الأرض السهلة، وكأنه أراد به ههنا امرأة لينة

الخلق، وقد سميت بذلك المرأة؛ قال الأعشي [185/ ب]: لميثاء دار قد تعفت طلولها .... .. .. .. .. وذو الريبة، أي: ذو التهمة. والخالي: العزب. 6 - ويقتادني منها رخيم دلاله .... كما اقتاد مهرًا حين يألفه الخالي هو الذي يخيله، أي: يلقي اللجام في فيه. 7 - زمان أفدي من يراح إلى الصبا .... بعمي، من فرط الصبابة، والخال معروفٌ.

8 - وقد علمت أني- وإن ملت الصبا .... إذا القوم كفوا لست بالرعش الخال الجبان الضعيف. 9 - ولا أرتدي إلا المروءة حلة .... إذا ضن بعض القوم بالعصب والخال ضربٌ من برود اليمن. 10 - وإن أنا أبصرت المحول ببلدةٍ .... تنكبتها واشتمت خالًا على خال السحاب. 11 - فحالف بحلفي كل حلفٍ مهذبٍ .... وإلا تحالفني فخال إذا خال من المخالاة بمعنى التخلي. 12 - وإني حليف للسماحة والندى .... كما اختلفت عبس وذبيان بالخال

موضعٌ. 13 - وثالثنا، في الحلف، كل مهندٍ .... لما ريم من صم العظام به خال أي: قاطع. 14 - ألم بربع الدار بان أنيسه .... على رغم أنف اللهو قفراً بذي الخال ذو الخال: موضع. 15 - مساعد خل، أو مقضي ذمةٍ .... ومحيي قتلى بعض سكانه خال أراد: يا خالد، فرخم. 16 - خلا منهم من حيث لم تخل مهجتي .... ولم يخل من نؤي وأورق كالخال الأورق: الرماد. والخال: الحبل الأسود.

17 - وكم جللت أيدي النوى وصروفها .... على الزمن الخالي المحبين بالخال ثوبٌ يستتر به الميت. 18 - تبصر خليلي الربع شيعت دائمًا ..... بقلبٍ من الوجد الذي جد في الخال أي: في فارغ. 19 - ألم ترني أرعي الهوى من جوانحي .... رياضاً كهم المرء ذي النعم الخال [186/ آ] الخال: الحسن القيام على الإبل. 20 - أذوق أمريه بغير تكره .... مذاقه موفور على جرعه خال يقال: خلا على اللبن وغيره: إذا لزمه. 21 - وأسكن منه كل وادي مضلة .... وآلف ربعًا ليس من مألف الخال

الخال: الدائم الإقامة، وقد خلا بالمكان، أي: أقام به. 22 - وكم أنتضي فيه سيوف عزائمٍ .... وأنضو ثياب البدن عن جمل خال البعير الضخم. 23 - وكم من هدى نكبت عنه إلى هوى .... وحق يقين حدت عنه إلى خال أي: إلى ظن وتهمةٍ. 24 - ومهما تذللني الليالي صبابةً .... فغير معرى القدر من ملبس الخال الرجل المتكبر. 25 - تطامن طودي للهوي يستقيده .... وألحق أطواد الأعزين بالخال الأكمة الصغيرة. 26 - أضن بعهدي ضن غيري بروحه .... وأبذل روحي بذل ذي الكرم الخال

الجواد السمح. 27 - وإن أخل من شيءٍ فلا من صيانةٍ .... خلت شرتي كالغيث بل به الخالي بل به، أي: ظفر به. والخالي: الذي يجز الخلى. 28 - فإن تخل ليلى من تذكر عهدنا .... فكم أيقن الواشون أني بها خال!! أي منفرد. 29 - وإن زعموا أني تخليت بعدها .... فما أنا عنها بالخلي ولا الخالي الخلي من الحزن، والخالي: البريء. انقضى ذكر الخال. 18 - وجد لم يلد ولدًا ولكن .... به نال المراد الطالبونا الجد ههنا: الحظ والبخت. والجد أيضًا: العظمة؛ قال الله عز وجل:} وأنه تعالى جد ربنا {أي: عظمة ربنا، وقيل غناه.

وعن أنس رحمه الله: (كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد في أعيننا) أي: عظم. وقال الشافعي -رحمه الله-: الجد يدني كل أمرٍ شاسعٍ .... والجد يفتح كل بابٍ مغلقٍ فإذا سمعت بأن مجدودًا حوى .... عودًا فأورق في يديه فصدق وإذا سمعت بأن محدودًا أتى .... ماءً ليشربه فغار فحقق يقال: جد فلان فهو جديد ومجدود. وفي الدعاء: (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) أي لا ينفع ذا الغني منك غناه، أي: لا يخلصه مما تريده به. وقول أبي بكر بن دريد -رحمه الله-: [186/ ب]

لا ينفع اللب بلا جد ولا .... يضرك الجهل إذا الجد علا أراد الحظ والبخت. فالجد الحظ، والجد: الغنى. وسمعت بعض من يقرئ العربية ينشد: إذا صدق الجد افترى العم للفتى .... مكارم لا تكرى وإن كذب الخال وتفسير ذلك: الجد: الحظ. والعم: العامة، والجماعة من الناس. و (صدق الجد) و (افترى العم) من محاسن الكلام، أي: اختلقوا له مكارم لا تكرى أي: لا تنقص، يقال: أكرى الشيء: إذا نقصه، وأكراه: إذا زاده، وهو من الأضداد؛ قال الشاعر: كذي زادٍ متى ما يكر منه .... فليس وراءه ثقة بزاد

وقوله: (وإن كذب الخال) معناه: المخيلة. 19 - وآل ليس يسمع من ينادي .... وفي عجل يجيب الصارخينا الآل ههنا: نواحي الجبل. ومعنى قوله: يجيب الصارخين على عجل يريد بذلك رجع الصدى. 20 - وآل يدخلون الآل نارًا .... وكان يقيهم ما يكرهونا الآل الأول: الأهل والعيال والأتباع؛ قال الأعشى: فكذبوها بما قالت فصبحهم .... ذو آل حسان يزجي السم والسلعا والآل الثاني: الخشبات التي تبنى عليها الخيام؛ قال: عرفت لها منزلاً دارسًا .... وآلاً على الماء يحملن آلا

لأن بعضها يقام ويحمل عليها بعض، وهو جمع آلة، ألا تراه يقول: (يحملن)؟ ويقال أيضا في الجمع: آلات، قال: وتعرف- إن ضلت- فتهدى لربها .... لموضع آلات من الطلح أربع يصف ناقته، وشبه قوائمها بأربع خشبات من الطلح، فهؤلاء أوقدوا النار بالخشبات التي كانت تظلمهم وتقيهم المكروه من الحر والبرد والريح. 21 - وآل قد أحاط به بواك .... على آل تسر الشامتين الآل: سرير الميت، وقيل للسرير، آلة، والجمع: آل، قال كعب بن زهير: كل ابن أنثى وإن طالت سلامته .... يوما على آله حدباء محمول والآل الثاني في البيت جمع آلة وهي الحالة، يقال: هو بآلة

سوء، أي: بحال سوء، قال: قد أركب الآلة بعد الآلة وأترك العاجز بالجدالة ويجوز أن يريد بالآلة ههنا ما أشرف من البعير، والجمع آل أيضا. 22 - وآل لا يرى إلا نهارا .... ويخفى الليل آل القانتينا الآل: السراب، والسراب يذكر ويؤنث. وقيل: الآل: هو الذي يكون ضحى كالماء بين السماء والأرض، يرفع الشخوص والذي يكون نصف النهار لاطئا بالأرض كأنه ماء جار هو السراب، وقال النابغة:

حتى لحقناهم تعدي فوارسنا .... كأنها رعن قف يرفع الآلا قال قوم: إنه من المقلوب، وإنما أراد: يرفعه الآل. ويجوز أن لا يكون مقلوبا، لأن الآل إنما ظهر وتصور برفعه الرعن، فكأن الرعن أيضا رفعه، إذ لولاه لما ظهر الآل. والآل الثاني في البيت: الشخص. 23 - ومحدود ولم يقرف بذنب .... وحداد وما إن كان قينا المحدود: الممنوع من كل شيء، من حظ وغيره. والحداد البواب، قال الأعشى: فقمنا ولما يصح ديكنا .... إلى جونة عند حدادها

والحد كله يرجع إلى المنع. ويقال للسجان أيضا: حداد، لهذا المعنى. وقيل: إنما قيل للسجان: حداد، لأنه يعاني الحديد من القيود وغيرها، قال: يقول لي الحداد وهو يقودني .... إلى السجن: لا تجزع، فما بك من باس. 24 - وفي بطن العجوز أقام كلب .... فدامت وهي تحمله سنينا العجوز: قبيعة السيف. والكلب: المسمار الذي فيها، وفي ذلك يقول الشاعر: وعجوز رأيت في فم كلب .... جعل الكلب للأمير جمالا والحديدة التي يعلق فيها المسافر زاده تسمى الكلب أيضا،

وهي حديدة معقفة. ورأس كلب: جبل، وإياه أراد الشاعر بقوله: إذ يرفع الآل رأس الكلب فارتفاعا وكلب الفرس: الخط الذي في وسط ظهره. وقد استوى الفارس على كلب فرسه. 25 - وكم متعفف يجفى ويهجى .... وكم متجمل قد عد شينا المتعفف: الذي يشرب العفافة، وهي ما بقي في الضرع من اللبن، والمتجمل: الذي يأكل الجميل، وهو الشحم المذاب، يصفهما بالبخل أو الشره. 26 - وصوم إن تخلل من نواه .... نهارا لم يكن في الصمائينا تخلل: أي أكل الخل.

27 - وصوم مفسد لصلاة قوم .... ويكره شينه المتورعونا الصوم: ذرق النعام، وهو يفسد صلاة من صلى به عند من يرى أنه نجس. وأهل الورع من جميع المذاهب يكرهون أن يصلوا به ولو اعتقدوا طهارته. 28 - وقوم بالغ مائتي ذاع .... إمامهم وكان لهم معينا الإمام: خيط البناء. 29 - وقوم يصبحون إذا تعشوا .... ونصف الليل أيضا يصبحونا أصبح: إذا أوقد المصباح، قال: فأصبحت والليل مسحنكك .... وأصبحت والأر ض بحر طما أصبحت الثاني من الصباح.

وعندهم أتان في غدير .... وقد ألفت به ماء وطينا الأتان: الصخرة تكون في الماء الضحضاح، ويقال لها: أتان الضحل. والضحل: الماء القليل، وهو الضحضاح، قال: عيرانة كأتان الضحل ناجية .... إذا تراقص بالقور العساقيل شبه ناقته بالصخرة المذكورة في صلابتها. والقور: جمع قارة وهي الأكمة. والعساقيل: السراب. قال الجوهري: (ولم أسمع بواحده). والعساقيل أيضا: ضرب من الكمأة، والواحد: عسقول. 31 - وإن عطش المواشي أوردوها .... على ثعبان واد فارتوينا الثعبان: مسايل الماء إلى الوادي، والواحد: ثعب. ويقال ثعبت الماء: إذا فجرته.

32 - وتصدر وهي حامضة رواء .... جفت ذا خلة وعلت متونا بقال: إبل حامضة، وحوامض، للتي تأكل الحمض. والحمض: ما أمر من النبات وملح، كالطرفاء والأثل والرمث ونحو ذلك. والعرب تقول الحمض فاكهة الإبل. وقوله: (جفت ذا خل) أي: جفت من الأمكنة ما كان ذا خلة، والخلة من النبات: ما كان حلوا. والخلة عندهم خبز الإبل، وإذا ملت الإبل الخلة اشتهت الحمض. وفي الحديث: (الأذن مجاجة، والنفس حمضة). و (علت متونا)، أي: ارتفعت ظهورها وسمنت. 33 - يظل بصيرهم يجفى ويقصى .... ويرميه الأصاغر بالقلينا بصيرهم: كلبهم. وإنما سمي بذلك، لأنه يبصر على بعد، قال:

خذا شامة باليعملات لعلني .... أرى نار ليلى أو يراني بصيرها والقلين: جمع قلة، وهي التي يضربها الصبيان، أعني الخشيبة الصغيرة التي يلعبون بها ويسمونها القيقزة. وأصلها: قلو والهاء عوض من لامها المحذوفة. قال الفراء إنما ضم أولها ليدل على الواو، وهذا فيه بعد. وتجمع (قلون) وهذا الجمع جبر لما وقع فيها من الوهن. ومنهم من يقول: قلون، بكسر القاف فلا يكمل لها جمع السلامة. وتجمع أيضا على (قلات). 34 - وتمنع مقلة لهم اعتداء الظلوم .... فهم بها يتناصفونا المقلة: حجر يقسم به الماء، قال الشاعر:

قذفوا صاحبهم في ورطة .... قذفك المقلة شطر المعترك أي: قذفوا صاحبهم شطر المعترك في ورطة مثل قذفك المقلة. وهذه المقلة هي التي أراد الفرزدق: وجاء بجلمود له مثل رأسه .... ليشرب ماء القوم بين الصرائم على ساعة لو كان في القوم حاتم .... على جوده ضنت به نفس حاتم وهذه الرواية هي الجيدة. وقد روي: لضن بالماء حاتم، وزعموا أنه مخفوض على البدل من الهاء (جوده). والمقلة في غير هذا مصدر مقلته مقلة في الماء، ومقلا أيضا: إذا: غمسته. وتقول: مقلته بعيني، ومقلته بمقلتي: إذا نظرت إليه مقلة. والمقلة، بالضم، شحمة العين التي تجمع البياض والسواد.

وقول ابن مسعود- رحمه الله- في مسح الحصى: (والترك خير من مائة ناقة لمقلة) معناه: خير من مائة ناقة مختارة لمقلة، أي: على عين المختار ونظره كما يحب. والمقلة مما سمي به، والوزير ابن مقلة مشهور، وفيه يقول بعضهم: خط الوزير ابن مقلة .... بستان قلب ومقلة 35 - وكم بدن لهم يبكي ويشكو العقوق .... ويشتكي ظلم البنينا 36 - وكم بدن لهم ذبحوه أيضا .... فكان أحل قوت العابدينا البدن في البيت الأول: الشيخ المسن. والبدن في البيت الثاني: الوعل الكبير. 37 - لديهم عجلتان فذي لشرب .... وذي فيها جميعا يرتعونا

العجلة الأولى: السقاء، والثانية نبت من أفضل المرعى. 38 - لهم من بطن شافعهم حليب .... بعيد الرد يغني الشاربينا الشافع: الشاه التي معها ولدها. والشافع في غير هذا: الشفيع: وهو الذي يسأل حاجة غيره. ومعنى قوله: (بعيد الرد) أي: بعد ردها من الرعي. 39 - وفيهم صندل يتلو المثاني .... ويحمل عنهم ما يحملونا الصندل: العظيم الرأس. 40 - يرى لهم الأهلة كل شهر .... ضرير فاق فيها المبصرينا الضرير: الصبور على المكروه. والصبر نفسه يقال له: الضرير، أيضا. وإنه لذو ضرير: إذا كان ذا صبر. والضرير في غير هذا: الذاهب البصر. ومما يستظرف قول بعضهم وقد ذهبت عينه اليسرى، وسايره

آخر ذاهب العين اليمنى: فلو أبصرتني ورأيت عمرا .... نريد السوق ليس لنا نظير أسايرة على يمنى يديه .... وفيما بيننا رجل ضرير والضرير: جانب الوادي. وقد نزل على أحد ضريري الوادي، قال أوس بن حجر: وما خليج من المروت ذو شعب .... يرمي الضرير بخشب الطلح والضال يوما بأجود منه حين تسأله .... ولا مغب بترج بين أشبال يوما بأجرأ منه حد بادرة .... على كمي بعضب الحد قيصال

المروت: اسم واد. والضرير أيضا: الغيرة، ويقال: ما أشد ضريره، أي غيرته. 41 - ويحكم عاجن فيهم عليهم .... إذا رحلوا عليه مسلمينا العاجن: الشيخ الكبير، لأنه إذا حاول القيام اعتمد على يديه كأنه يعجن. وفي هذا المعنى أنشد بعض شيوخنا: وتريبني أشياء مني لم تكن .... موجودة وعلمت ما تعنيه أرض تجاذبني وأنهض جاهدا .... عنها وسوف تنال ما تبغيه وقال بعضهم: وأصبحت كنتيا، وأصبحت عاجنا .... وشر خصال المرء كنت وعاجن ويروى: (وهيجت عاجنا)، وهو من قولهم: رجل مهيج،

أي: ثقيل النفس. والعاجن في غير هذا: اسم الفاعل من عجن عجينه فهو عاجن. ويقال: عجنت الناقة فهي عاجن: إذا ضربت بيديها الأرض في سيرها. وأما عجنت الناقة، بالكسر، عجنا فهي عجينة وعجناء، فمعناه: سمنت. والكنتي: من قولهم: (كنت)، لأن الشيخ يقول: كنت، وكنت، وهذا دليل على أن ضمير الفاعل عندهم كالجزء من الفعل، ألا تراه جعل (كنت) كلمة واحدة ونسب إليها؟. 42 - له في عروة بيت كبير .... يلاذ به ويؤوى المجحرينا العروة، من الشجر: ما يبقى على الجدب، قال ابن دريد: (وبه سمى الرجل عروة). وقال الفراء: العروة من الشجر مالا يسقط ورقة في الشتاء كالأراك. ويقال أيضا للشجر المجتمع: عروة. والعروة من النبات ما تبقى له خضرة في الشتاء،

فتعلق به الإبل إلى الربيع، ويقال له: العلقة، أيضا. فاجعل بيته في أيها شئت والعروة في غير هذا: عروة المزادة والجوالق ونحوه. والعروة أيضا: العلق النفيس من المال، كالفرس الكريم ونحوه. 43 - تظل ببيته العنقاء تقري .... أخا سغب وتؤوي الطارقينا العنقاء في هذا: الطويلة العنق. والعنقاء في غير هذا: طائر عظيم، يقال: إنه اختطف صغيرا في زمن أهل الرس، وكان لهم نبي يقال له: حنظلة بن صفوان، صلى الله على نبينا وعليه وعلى جميع الأنبياء، فدعا عليها فغيبها الله عز وجل، فلم ترجع. يقال: عنقاء مغرب، بالرفع، ومغرب، بالخفض. فالرفع صفة، والخفض بالإضافة، والرف أجود. ومعنى (عنقاء مغرب) أي: مبعد، أي إنها أبعدت. وقال: عرضت عليها ما أرادت من المنى .... لترضى فقالت: قم، فجئني بكوكب فقلت لها: هذا التعنت كله .... كمن يتشهى لحم عنقاء مغرب

سليني شيئا أستطيع طلابه .... ولا تذهبي في الجور بي كل مذهب فهذا على الإضافة. وفي أمثالهم. (طارت به عنقاء مغرب) إذا فقد، وفي شعر أبي العلاء: أرى العنقاء تكبر أن تصادي .... فعاند من تطيق له عنادا ومعنى (تصادي): تعارض. والعنقاء: الداهية. وقال ابن دريد: (عنقاء مغرب) كلمة لا أصل لها. ثم قال: ويقال: إنها طائر عظيم لا يرى إلا في الدهور، قال: وكثر ذلك حتى سموا الداهية عنقاء مغربا وأنشد:

ولولا سليمان الخليفة حلقت .... به من يد الحجاج عنقاء مغرب قال شيخ شيخنا أبو السعادات- رحمهما الله-: وأقول: إن الشاعر في هذا البيت لم يرد بقوله: (من يد الحجاج عنقاء العرب) إلا الطائر المسمى بهذا الإسم، وإن كان معدوما، لأن المثل به يضرب في الاختطاف. قال: والداهية إنما يقال بها: عنقاء، ولا توصف بـ (مغرب). 44 - يسر بعانة مهما رآها .... ويشتم من يراه مستعينا العانة: القطيع من حمر الوحش. والعانة في غير هذا: الشعر الذي تحت السرة، وحلقه من الفطرة. والعانة: كواكب أسفل من القوس. وعانة: اسم البلد الذي تنسب إليه الخمر العانية، وهي من قرى الجزيرة. والمستعين: الذي يحلق عانته، فهو يشتم من يتصدى لرؤيته. والمستعين في غير هذا: الذي يطلب الإعانة.

45 - وعاتقه عليه عاتق قد .... تلته عاتق وغدت معينا العاتق: ما بين الكتفين مما يلي العنق، وهو يذكر ويؤنث. عليه عاتق: هو الزق الكبير الجيد الواسع. تلته عاتق، أي: تبعته لتعينه، وهي الجارية التي أدركت، قال لبيد: أغلي السباء بكل أدكن عاتق .... أو جونة قدحت وفض ختامها الأدكن العاتق: زق الخمر. والعاتق أيضا: الخمر نفسها، قال: أو عاتق كدم الذبيح مدام والعاتق أيضا: القوس التي تغير لونها. والعاتق: الشيء العتيق أي القديم، يقال: عتق، بالضم، وعتق، بالفتح، يعتق فهو عاتق.

46 - له في كل عافية نجيب .... ويطعم علجة للجائعينا العافية: الدار الخالية يبكى على أهلها. ويقال في غير هذا: عفت هند عن ذنبه فهي عافية. والعافية أيضا النسور التي تقع على القتلى. قال: وكأن عافية النسور عليهم .... حج بأسفل ذي المجاز نزول و (يطعم علجه) أي: رغيفه. والعلج في غير هذا: حمار الوحش. والعلج أيضا: العجمي. 47 - له في مخرج العاني امتصاص .... إذا ما القوم باتوا معطشينا العاني: الماء السائل. ومخرجه: موضع خروجه. ويقال: عنى يعني: إذا سال، يقال هذا في كل سائل. وعنت القربة: إذا سالت. والعاني في غير هذا: الخاضع، قال الله عز وجل:

{وعنت الوجوه للحي القيوم}. والعاني أيضا: الأسير. والمعطش: الذي أصابه العطش في ماشيته. يقال أعطش الرجل وأعطش القوم. 48 - ويجتنب المليح بكل أرض .... ويتخذ الدني له قرينا 49 - وليس بمخطئ في ذا ولا ذا .... ويلعن إذ يحج الزائرينا المليح: الماء الملح، قال خالد بن يزيد بن معاوية: وإن نزلت ماء- وإن كان قبلها .... مليحا- وجدنا ماءه باردا عذبا والدني: القريب. والزائرون: الأعداء، ومن يقطع الطريق. وقال عنترة: خلت بأرض الزائرين فأصبحت .... عسرا على طلابها ابنة مخرم

وهو جمع (زائر)، اسم فاعل من زأر، كأنهم يزأرون كالأسود. 50 - وراحة قلبه عند العريجا .... وقد يسقي العريجاء الظعونا العريجاء: الهاجرة، لأنه يقيل في ذلك الوقت ويستريح. والعريجاء: أن تسقى الإبل يوما بالغداة، ويوما بالعشي. والظعنون: بفتح الظاء: البعير الذي يحمل عليه ويعتمل، عن الكسائي. 51 - ومن عرق له إبل وخيل .... غدت عرقا بساحته صفونا العرق: النتاج، يقال: ما أكثر عرق إبله! أي نتاجها. والعرق الثاني: أن تصطف الخيل، وكذلك الطير، وكل مصطف. والعرق في غير هذا: الزبيل. وفي الحديث: (فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق من تمر). وأصل العرق للسفيفة المتخذة من الخوص قبل أن يكون زبيلا. وقيل للزبيل: عرق لأنه يتخذ

منها. والعرق: ما يرشح من الجسد. وقولهم (لقيت منه عرق القربة) فيه تأويلان، أحدهما: أن يراد ماؤها أي: تجشمت السفر حتى احتجت إلى الشرب منها. والآخر: النصب واللغوب، وهو أحسن، أي: عرقت من النصب كما تعرق القربة، وعرقها: ما عليها من الرشح. 52 - ويصلح قوته عبث ولولا الغراب .... لما غدا في الزارعينا العبث: تحفيف الأقط في الشمس، ذكر ذلك جماعة من أئمة اللغة. وقال قوم: العبث، بسكون الباء: اتخاذ العبثية، وهي الأقط يفرغ رطبه حين يطبخ على جافه، يقال: اعبثي يا هذه، وقد عبثت فلانة. والغراب ههنا: حد الفأس. والغراب في غير هذا: القذال، وللإنسان قذالان يكتنفان فأس القفا عن يمينه وشماله. والغرابان من الفرس والبعير: حد الوركين، أي: حرفاهما اللذان فوق

الذنب حين التقى رأس الورك. وقال ذو الرمة: وقربن بالزرق الجمائل بعدما .... تقوب عن غربان أوراكها الخطر وهو مقلوب، لأن الغربان تقويت عن الخطر. وقال آخر: يا عجبا للعب العجاب .... خمسة غربان على غراب خمسة غربان، يعني الطائر على غراب فرس أو بعير. 53 - ويركب كوكبا طورا ويعلو .... مرارا كوكبا في المشرفينا الكوكب ههنا: معظم الماء. ويعلو كوكبا: هو جبل بمكة

حرسها الله، يعلوه في جماعة يشرفون. والكوكب: بريق الحديد وتوقده. والكوكب: الذي قارب البلوغ. ومعظم الشيء كوكب. ومعظم الجيش كوكب، والواحد من النجوم. 54 - ويبطن حب عمرو وهو ممن .... يرى لعلي الفضل المبينا عمرو: قرط في أذن المرأة، وهو يحبه. والعمرو أيضا: خرزة من ذهب أو فضى تعلق في الأذن، فعلى أيهما شئت حملت ما قلناه. قال الشيخ أبو العلاء: وعمرو هند كأن الله صورة .... عمرو بن هند يسوم الناس تعنيتا يعني: قرط هند يوقع الناس في أمر شديد شاق، لأنها تشغل قلوبهم، كما كان عمرو بن هند في أذاه للناس، وفيما هو

مشهور عنه من التعنت. وكان يلقب (محرقا) لأنه حرق من تميم من بني دارم، في يوم تسعة وتعين، وأكمل المائة بواحد من البراجم. والعمر في غير هذا: مصدر عمر يعمر عمرا وعمرا، أي: عاش زمانا طويلا. ويقال: أطال الله عمرك وعمرك. والعمر أيضا: ما بين الأسنان من اللحم، والجمع: العمور. 55 - يجاور دهره ملكا ويأوي .... إلى ند غدا حصنا حصينا الملك: الماء، سمي بذلك لأن الحي إنما يملك أمره به. وأما الملك من الملائكة فأصله: (مألك) من الألوكة وهي الرسالة، وهو مقلوب من (ألك) إلى (لأك) ثم حذفت الهمزة من مألك، فقيل: ملك. وقال الشاعر،

فجاء به مقلوبًا غير محذوف: فلست لإنسى ولكن لملأك .... تنزل من جو السماء يصوب فوزنه على هذا (معل). (والملك) أيضا محجة الطريق. والند: التل المرتفع في السماء. وهو في غير هذا: الذي يتبخر به. والند أيضا: مصدر: ند البعير يند ندا: إذا ذهب على وجهه. 56 - ونام قميصه وبوجهه قد .... أقامت ناقة فيه سنينا نام قميصه، أي: أخلق. والناقة: بئرة. والناقة: من نجوم السماء.

57 - ويأكل ناصحا أكلا هنيئا .... وينصر مهمها مهما أهينا الناصح: ما ابيض من العسل وثخن. وينصر مهمها، أي: يأتيه ويفر إليه غضبا وأنفة، أي إنه لا يرضى بالإهانة، ولا يستقر معها دون أن يرحل ويأتي المهامة. كما قال الآخر: وفي الناس- إن رثت حبالك- واصل .... وفي الأرض، عن دار القلي، متحول وقال الشاعر: إذا رحل الشهر الحرام فودعي .... بلاد تميم وانصري أرض عامر والنصر أيضا: من قولهم: نصرت الأرض نصرا، أي: مطرت ونصره نصرا، أي: أعطاه، عن الأصمعي.

58 - وإن ير ناطحاً للحي يغشى .... نعامتهم رأيت له أنينا الناطح: الأمر الشديد. وقد أصابهم ناطح. والناطح في غير هذا اسم الفاعل من نطح ينطح. والناطح أحد نجمي الشرطين، أحدهما الناطح والآخر النطيح. والنعامة ههنا: الجماعة. ويقال: شالت نعامتهم: إذا نهضت جماعتهم. والنعامة في غير هذا: خشب يجعل على فم البئر يقوم عليه الساقي، عن ابن دريد. والنعامة أيضا: ظلة من خشب تجعل على رأس الجبل يستظل بها ويهتدى بها. وأما قول عنترة: ويكون مركبك القعود ورحله .... وابن النعامة يوم ذلك مركبي فيقال: إنه أراد الطريق، وقيل: صدر القدم. وعن ابن دريد: النعامة: باطن القدم ومنه قولهم: تنعم: إذا مشى

حافيا. وقال الفراء: النعامة في بيت عنترة عرق في الرجل، سمعته منهم. وقال أبو عمرو: النعامة: الظلمة. 59 - ولما خاف نملة اعترته .... تمنى نقرسا كي لا يحينا النلمة: قرحة تخرج في الجنب تكون في الابتداء بثرا صغارا مع ورم يسير، ثم تتقرح وتدب وتتسع. ويزعم المجوس أن ولد الرجل من أخته إذا خط على النلة شفي صاحبها، قال: ولا عيب فينا غير أنا لمعشر .... كرام وأنا لا نخط على النمل والنملة، في غير هذا: شق في حافر الفرس، وهو عيب. والنقرس في البيت: الطبيب الحاذق، وهو النقريس أيضا.

والنقرس من الأدلاء: الداهية، يقال: دليل نقرس. والنقرس: داء من الأدواء. 60 - له في شدة الظلمات نور .... يلد حديثه ويقر عينا النور ههنا: جمع نوار، وهي المرأة النفور من الريبة وغيرها. وقد نارت المرأة تنور نورا ونوارا, والنور: نور الشجر. والنوار من الخيل: التي استودقت وأرادت الفحل. 61 - ويركب وهمه في كل هجر .... ليورده عقيب المصدرينا وهمه، أي: جمله، والوهم: الجمل العظيم. والهجر: نصف النهار في القيظ، قال ذو الرمة: إليك ابتذلنا كل وهم كأنه .... هلال بدا في رمضة يتقلب 62 - ولما أن حوى هندا أراها .... غنى وأعاش منها المقترينا أي: ملك مائتين من الإبل، وهند: اسم لهذا العدد. وهنيدة:

اسم للمائة منها، وهو غير منصرف للتأنيث والعلمية. وفي هند وجهان، كما في دعد، قال جرير: أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية .... ما في عطائهم من ولا سرف السرف ههنا الإغفال. يقال: سرف، بالكسر، الشيء: إذا أغفله. وعن الأصمعي: واعد بعض الأعراب أصحاب له مكانا، فأخلفهم، فقيل له في ذلك فقال: مررت بكم فسرفتكم، أي: أغلفتكم. والسرف: ضد القصد. والسرف، أيضا: الخطأ. ويجوز أن يكون أراد: ما في عطائهم من ولا خطأ، أي لا يخطئون في العطاء. والخطأ فيه منع المستحق وإعطاء من لا يستحق. ويقال: هو سرف الفؤاد، أي مخطئ الفؤاد غافله، قال طرفة:

إن امرءا سرف الفؤاد يرى .... عسلا بماء سحابة شتمي والسرف أيضا: الضراوة. وفي الحديث: (إن اللحم سرفا كسرف الخمر). وأما الإسراف في الإنفاق فهو التبذير. 63 - ويهجر ذا العرارة أهل نجد .... وكانوا بالعرارة مغرمينا. يقال: كيف يهجر أهل نجد العرارة وهم أشد الناس حبا لها ولرائحتها؟ كما قال: تمتع من نسيم عرار نجد .... فما بعد العشية من عرار فـ (ذو العرارة) في البيت: السيء الخلق، والعرارة: سوء الخلق. وكل الناس يهجرون من كان كذلك، أهل نجد

وغيرهم، وإنما ذكر أهل نجد لأجل العرارة، وهي نبت طيب الريح، والجمع: العرار. والعرارة، في غير هذا: العز، والمنعة، والكبر، قال: إن العرارة والنبوج لدارم .... والمستخف أخوهم الأثقالا (المستخف) يروى منصوبا ومرفوعا، فالنصب بالعطف على العرارة أي: إن العرارة والنبوج لدارم، وإن المستخف أخوهم الأثقالا دارم، فالخبر على هذا محذوف. والرفع على أنه خبر ابتداء مقدر، والتقدير: وهم المستخف أخوهم، وأخوهم، على هذا، فاعل. فإن قيل: فهلا ارتفع (المستخف) بالابتداء، وارتفع (أخوهم) على أنه خبره؟ قيل: لا يجوز ذلك، لأن فيه فصلا بين الموصول وصلته بأجنبي، والموصول: الألف واللام في (المستخف) والأثقال: صلته، فيكون (أخوهم) فاصلا بين الموصول

وصلته. والنبوج: ارتفاع الأصوات، والضجة، والعرارة أيضا: اسم فرس. 64 - ويعتصم الشجاع الندب منهم .... بحرباء فيردي المعتدينا الحرباء: واحد حرابي الدرع، وهي رؤوس مساميرها. والحرباء في غير هذا: واحد حرابي الظهر، وهي لحماته. وقيل: الحرباء: الفقرة الوسطى منه. والحرباء: دويبة، قال القاسم بن سلام: ذات قوائم أربع، على خلقة سام أبرص، دقيقة الرأس، مخططة الظهر، تستقبل الشمس النهار كله، تدور معها كيف دارت معتنقة عودا، فإذا غابت الشمس انحطت عن العود ومضت تطلب شيئا تأكله. وقال غيره: الحرباء أكبر من

العظاية، تستقبل الشمس تدور معها كيف دارت، تلون ألوانا بحر الشمس، وهو ذكر أم حبين، والأنثى حرباءة. 65 - وكم قطعوا أكفا من أناس .... لأن حرسوا بيوت الغائبينا حرس، يحرس بكسر الراء في المضارع: إذا سرق. وحرست المكان: إذا حفظته حرسا. والحرس: الدهر. 66 - وكم قد أتبعوا حرجا نجيبا .... وكم حرج لقوا مستبشرينا الحرج الأول: النعش. والحرج الثاني: المحفة. والحرج: الضيق. والحرج: الرجل الذي لا يفارق الغزو. والحرج: الشجر المجتمع، والواحد: حرجة.

67 - وإن نظروا إلى الجرباء سروا .... وأعجبهم بها ما ينظرونا الجرباء: السماء، سميت بذلك لما عليها من الكواكب. 68 - وجلدوهم يسير بهم سريعا .... متى نهضوا يقضون الشؤونا الجلد: الإبل الكثيرة. 69 - يظل جليلهم فيهم مهانا .... ومن عاداهم أمسى جنينا الجليل: الثمام، قال: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة .... بواد وحولي إذخر وجليل والجنين ههنا: الدفين أي: أمسى مقبورا، قال عمرو بن كلثوم: ولا شمطاء لم يترك شقاها .... لها من تسعة إلا جنينا

أي: ما ترك منهم أحدا إلا مقبورا، أي: ماتوا كلهم. 70 - ولم يذق الخليل لهم طعاما .... وقالوا: استغن بالدهماء فينا الخليل: الفقير، قال: وإن أتاه خليل يوم مسغبة .... يقول: لا غائب مالي ولا حرم والدهماء: الشاة الحمراء الخالصة الحمرة. أي: استغن بشاتك عن طعامنا. ويقال أيضا: ناقة دهماء: إذا اشتدت ورقتها. والدهماء: جماعة الناس. 71 - وأكثر ما يكون الجدب فيهم .... إذا مطروا وكانوا مخصبينا الجدب: العيب. وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم جدب السمر بعد العشاء، أي: عابه.

وقال الشاعر: فيالك من خد أسيل ومنطق .... رخيم ومن خلق تعلل جادبه أي: تعلل عائبه بالباطل لما لم يجد إلى العيب سبيلا. 72 - وأهل الرس خير الناس فيهم .... وأهل الرس شر الأرذلينا الرس: الإصلاح بين الناس، والرس: الإفساد بينهم، عن ابن فارس. والرس في غير هذا: الركي، وواد بنجد، والمعدن. وقوله: بكرن بكورا واستحرن بسحرة .... فهن لوادي الرس كاليد للفم أي: لوادي الركي أو المعدن.

والرس: دفن الميت، وقد رس، أي: قبر. والرس مصدر رس فلان خبر القوم: إذا لقيهم وتعرف خبرهم. وأصحاب الرس في الكتاب العزيز، قيل: هو بئر كانت لبقية من ثمود. وكل بئر مطوي بالحجارة فهو رس. 73 - وفي رجب هم هزموا الأعادي .... بشوال لخمس قد خلونا الرجب: الهيبة. وقد أرجبت الأمر: إذا هبته. والرجب أيضا: العفة والحياء. ويقال لرجب وشعبان: الرجبان. 74 - ويوم السبت عندهم إذا ما .... أتاهم بالخميس المنذرونا السبت: الراحة. والخميس: الجيش، فإذا أنذروا بالجيش كان ذلك يوم راحتهم. والسبت في غير هذا: هو الدهر، وحلق الرأس، وضرب من سير الإبل، وإرسال الشعر المعقوص.

ويوم السبت سمي سبتا لانقطاع الأيام عنده، ومنه: سبت علاوته سبتا إذا ضرب عنقه. وجمع السبت من الأيام أسبت، وسبوت، وسبت اليهودي سبتا. 75 - وفارسهم بمحمله مدل .... فلا تخشى من الخف المنونا المحمل: حمالة السيف، قال: حتى بل دمعي محملي وقال: مثل الحسام طار عنه خلله .... وبان عنه جفنه ومحمله وجفن السيف وخلله: قرابه. الخف والنعل: الأرض الصلبة المرتفعة، والخف أطول من النعل، ذكر هذا في المجمل. والخف في غير هذا خف البعير. وقال ابن دريد: ليس شيء

من الحيوان له خف إلا النعامة والبعير 76 - ويقدم فارس الهيجاء منهم .... رداحا قد تجاوزت المئينا الرداح: الكتيبة العظيمة. والرداح في غير هذا: الأرض المخصبة. والرداح أيضا: الكتيبة العظيمة الثقيلة السير لكثرتها. والرداح: المرأة الثقيلة الأوراك. 77 - وإن لمحوا الرقيع استعظموا ما .... رأوا وبه هدى للمهتدينا الرقيع: السماء، لأنها مرقوعة بالنجوم وقيل في وصفها: رقيع، ولم يقل: رقيعة، لأنها فعيل بمعنى مفعول، كقولهم: كف خضيب، ولحية دهين، وملحفة جديد، أي: مدهونة، ومخضوبة، ومجدودة أي: مقطوعة. وقال صلى الله عليه وسلم لسعد: (لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبعة أرقعة). قال ابن

دريد: (جاء في الحديث بلفظ التذكير على معنى السقف). أراد بقوله (بلفظ التذكير) أمرين: أحدهما: أنها ألحقت الهاء في العدد حين قال: (سبعة). والثاني: جمعها على (أفعله)، وإنما يجمع على أفعلة المذكر، كرغيف وأرغفة، وجريب وأجربة، والمؤنث على (أفعل)، كيمين وأيمن. وقول ابن دريد: (على السقف)، لقول الله عز وجل: {وجعلنا السماء سقفا محفوظا}، وهي سقف الأرض. والرقيع من الرجال: الواهي العقل، هي كلمة مولدة، كأنهم سموه بذلك، لأن الذي يرقع من الثياب الواهي الخلق. 78 - وكم زرعوا بخل خندريسا .... فراحوا من خيار موقرينا الخل: واد، قال ابن دريد: هو في بلاد مذحج. والخندريس: الحنظة القديمة. والخيار: الشيء الذي يختار. أي:

زرعوها قديمة واستغلوها خيارا جيدة. والخل في غير هذا الذي يؤكل. وفي الحديث: (ما أقفر بيت فيه خل). والخندريس: الخمر الصافية. وقيل: هو فارسي، والأصل: كندريش، أي: يقلع شاربها شاربه. والخل أيضا: الطريق في الرمل. والخل: المهزول من الرجال، قال:

فاسقنيها يا سواد بن عمرو .... إن جسمي بعد خالي لخل والخل: مصدر خل الشيء بالخلال. والخل: الثوب البالي. والخل: هرق في العنق متصل بالرأس. والخل من الإبل: ابن المخاض، والمخاض: النوق الحوامل، واحدها: خلفة. والخل: مصدر خل الرمية، أي أصابها. والخل: مصدر خللت الفصيل: إذا جعلت في فمه عودا كيلا يرتضع. والخيار: الذي يؤكل. والخيار، من الناس، قال: ورثوا السيادة كابرا عن كابر .... إن الخيار هم بنو الأخيار 79 - وأرضهم يسام بها وفيها .... يباع وما بها من بائعينا يسام بها، أي: تسوم فيها الإبل، أي: تذهب وتجيء. ويباع فيها، أي: تمد فيها الإبل أبواعها. وما بها بائع ولا

مشتر، قال الشاعر: ومستامة تستام وهي رخيصة .... تباع بإمرار الأيادي وتمسح يصف فلاة. ومعنى (رخيصة)، أي: لا يمنع أحد من السير فيها. والأيادي: أيدي الإبل، قال الراجز: كأنه بالصحصحان الأخيل .... قطن سخام بأيادي غزل ومعنى: تمسح: تقطع، قال الله عز وجل: {فطفق مسحا بالسوق والأعناق}. 80 - تؤمهم العقاب فلم يضلوا .... ويخشون العقيم ويتقونا العقاب: الراية ههنا. وفي غير هذا: الطائر المعروف.

والعقاب أيضا: مسيل الماء إلى الحياض. والعقاب: حجر بين حجرين يعمدانه، يقوم عليه الساقي. والعقاب: خيط يدخل في حلقة القرط، في خرتتها. والعقاب: اللوزة التي تخرج في قوائم الدواب. والعقاب: خزف يجعل بين الآجر في طي البئر. والعقيم التي يخشونها: الريح التي لا تلقح الشجر ولا السحاب. قال الله عز وجل: {إذ أسلنا عليهم الريح العقيم} وهي الدبور. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور). والعقيم في غير هذا: من لا يولد له من رجل أو امرأة. 81 - تحل النيب عقدتهم لترعى .... ويرجع فحلهم منها بطينا

العقدة: الموضع الكثير الشجر: قال: إذا توخت عقدة ذات أكم .... أصبحت العقدة صلعاء اللمم ويقال: في لسانه عقدة، قال الله عز وجل: {واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي}. والعقدة أيضا: التي تكون في الحبل. 82 - وعقر كان مسكنهم فأودى .... فكلهم بعرق يسكنونا العقر: القصر الذي تهدم بعضه على بعض، عن ابن دريد. وعن غيره: كل بناء مرتفع: عقر. وقيل: العقر: القصر. والعقر في غير هذا: الغيم الذي ينشأ من قبل العين، والعين: ناحية القبلة. والعقر: موضع ببابل، وفيه قتل يزيد بن المهلب. والعقر: الجرح. والعرق: موضع بعينه، عن ابن دريد، وهو الذي ذكر في البيت، والعرق في غير ذلك: أحد عروق الشجر والجسد.

83 - وعودهم به شرفوا وتخشى .... عناقهم عشية يغضبونا العود: السؤود، وبه شرفوا، قال: هل المجد إلا السؤود العود والندى .... ورأب الثأى والصبر عند المواطن والعود في غير هذا: البعير الهرم، والجمع عودة. والعود أيضا: الطريق القديم لكثرة عود السير فيه. والعود: مصدر عاد. والعناق: الداهية، في البيت المذكور. والعناق في غيره: الأنثى من المعز. والعناق: الخيبة، يقال: رجع بالعناق. وعناق الأرض: دابة. 84 - وفي أكل العتيق لهم سرور .... كما هم بالعماية يفرحونا العتيق: الشحم، قال:

وهي صحاح جمة العتيق والعتيق في غير هذا: القديم من كل شيء. والعتيق: بيت الله عز وجل، قال الله عز وجل: {وليطوفوا بالبيت العتيق}. وأظنه أراد بالعتيق: القديم، يدل على ذلك قوله عز وجل: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة}، وهذا أحسن ما يقال فيه. والعتيق من الخيل: الغاية في الجودة. والعماية التي يفرحون بها: السحابة. والعماية في غير هذا: الغواية. والعماية أيضا: اللجاجة. 85 - ومن عجلاتهم تسقى الأراضي .... ومما قد أفاضت يشربونا العجلات: جمع عجلة، وهي الدولاب، بفتح الدال، في قول ابن برهان. وقال غيره: الدولاب، بضم الدال. قال الجوهري: (الدولاب فارسي معرب). والعجلة أيضا:

خشبة معترضة على نعامة البئر تعلق بها الدلو. والنعامة: الخشبة التي تجعل على فم البئر، يقوم عليها الساقي، وقد سبق. والعجلة أيضا: نبت. والعجلة: الطين والحمأة. والعجلة: الواحدة من المراقي التي تجعل في الجذع. 86 - وأقبلت الغياهب في الضحى فاغـ .... ـتدوا لمجيئها مستشرينا الغياهب: جمع غيهم، وهو الفرس الأدهم. والغياهب في غير هذا: الظلم. 87 - وقد ساروا على جلد ولكن .... بلا جلد شمالا أو يمينا الجلد ههنا: الكبار من النوق التي لا أولاد لها، ولا ألبان في أخلافها. ساروا عليها، وليس لهم جلد، أي: جلادة وهي الصلابة، يقال: جلد الرجل، فهو جلد وجليد. وإن شئت قلت: ساروا على جلد، وهي الأرض الصلبة، ومنه قول النابغة:

والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد 88 - وتسرح في الغضارة إبلهم والـ .... ـرعاء تسوقها متباعدينا الغضارة: الخصب والخير وطيب العيش. والغضارة في غير هذا: الإناء المعروف. 89 - وكم بعضوا مدينتهم لتجني .... فجاءت بالذي يتخيرونا المدينة: الأمة، والمدين: العبد؛ قال الأخطل: ربت وربى في كرمها ابن مدينة .... فظل على مسحاته يتوكل قال أبو عبيدة: ابن أمة. وقال الفراء: دنته، أي: ملكته.

أي: إنهم أرسلوا أمتهم لتجني الثمار والكمأة، فجاءت بالجيد المتخير ولم تخص به نفسها دونهم كما قال: هذا جناي وخياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه وقال: يا حبدا البدو والروض العميم به .... وولده الحي يجنون المغاريدا 90 - وقالوا: ربنا عافيتنا فاكـ .... ـفنا غفرا فإنا تائبونا الغفر: النكس في المرض وفي الجرح؛ قال:

لعمرك إن الدار غفر لذي الهوى .... كما يغفر المحموم أو صاحب الكلم ويقال منه: غفر يغفر غفرا. والغفر: منزلة من منازل القمر. والغفر: الغفران، غفر الله لنا غفرا. والغفر: الستر والتغطية. 91 - لهم في عرة فخر وعز .... وفي غار لدى المتفاخرينا الغرة: السيد. وهو غرة قومه، أي: سيدهم. والغار: الأصل، أي: يفخرون على من يفاخرهم بشرف أصلهم. والغار في غير هذا: الكهف. والغار: نبت طيب الرائحة. والغار: الغارة. والغار: الفساد. والغار: أحد الغارين، وهما البطن والفرج. وغار الفم: داخله. 92 - وإن رأوا الجدا نفروا سراعا .... على عجل وقد خافوا الجنونا

الجدا: المطر، إذا أصابهم أسرعوا وخافوا جنون الليل عليهم. وجنون الليل: اختلاطه؛ قال الشاعر: فلولا جنون الليل أدرك ركضنا .... بذي الرمث والأرطى عياض بن ناشر 93 - وطول رقيبهم ألفا ذراع .... وجانب رأسه ملأ الحصونا الرقيب: الجبل المرتفع الذي يقف عليه من يرقب. والرأس: الجماعة من الناس؛ قال: برأس من بني جشم بن بكر .... يدق بنا السهولة والحزونا والهاء في (رأسه) تعود إلى الرقيب الذي هو الجبل والمكان المشرف، لأنهم أهله النازلون بفنائه. والرقيب: المنتظر للشيء.

وقد رقبه يرقبه رقبة. والرقيب أيضا: الحفيظ الذي يطلع على الشيء ويحوطه ويحفظه، قال الله عز وجل: {فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم}. ويقال أيضا للذي يرقب للقوم: رقيب. 94 - ومهما عاينوا رملا ألظوا .... بـ (يا ذا الطول) رو المجدبينا الرمل: المطر القليل، والجمع أرمال. والرمل في غير هذا: خطوط في أيدي بقر الوحش. والرمل والرملان: الهرولة. والرمل من الأرض معروف. 95 - وآكل روقه فيهم مطاع .... وروق الثور فيه ينتدونا يقال: أكل فلان روقه، أي: طال عمره حتى تحاتت أسنانه، فهذا يطاع أمره؛ لأنه شيخهم وكبيرهم. وروق الثور: بيت السيد. يقال لمقدم البيت: الروق، وللسيد: الثور. وهم في بيته ينتدون، أي يجتمعون للحديث. وقول الله عز وجل: {فليدع ناديه} أي: أهل ناديه.

96 - وريب فيه سعيهم وراحوا .... لريحان جميعا طالبينا الريب: الحاجة، كما قال: قضينا من تهامة كل ريب .... وخيبر ثم أجممنا السيوفا والريحان ههنا: الرزق. والريحان في غيره: الذي يشم. والريحان: الولد. 97 - وكم مسحوا الرجيع تبركا واغـ .... ـتدى في الحي أحمقهم رصينا الرجيع: الذي رجع من مكة. يمسحونه: يتركون به. وكل مسافر رجع فهو رجيع. والرجيع في غير هذا: الروث. والرجيع الجرة، وهو ما يجتره البعير من بطنه إلى فكه فيعيد مضغه. والرصين ههنا: الموجع الجوف؛ قال:

يقول: إني رصين الجوف فاسقوني والرصين في غير هذا من قولهم: رصن رصانة، وهو العاقل الثابت. والرصين أيضا من قولهم: فلان رصين بحاجتك، أي: حفي بها. 98 - وفي بغداد قد كره النصارى الـ .... ـمسيح وما اقتدوا بالمسلمينا المسيح: الطعام الذي لا ملح فيه، وكل أحد يكره ذلك. وإنما ذكرنا النصارى من أجل ذكر المسيح. وما اقتدوا بالمسلمينا؛ لأن النصارى لا يقتدون بالمسلمين في دين ولا غيره، وهذا كلام مليح لمن تدبره. والمسيح - على نبينا وعليه السلام - معلوم. والمسيح الدجال أيضا. والمسيح: الدرهم الأطلس. والمسيح: القطعة من الفضة. وقيل في المسيح عليه السلام: أصله: (مشيخ) ثم عرب.

وقيل: المسيح الصديق؛ قال ذلك اليزيدي وابن فارس قالا: هو في التفسير: الصديق. وقال بعض أهل اللغة: المسيح: الصديق، بتخفيف الدال، فهو مسيح الله عز وجل؛ كما قيل في إبراهيم - عليه السلام -: خليل الله. وأما المسيح الدجال فهو من قولهم: مسيح، لمن كان أحد شقي وجهه ممسوحا بغير عين ولا حاجب، والدجال كذلك. والمسيح أيضا: العرق. 99 - وفي كف الصغير مدجج قد .... سطا في الكف سطو القادرينا المدجج: القنفذ. والمدجج في غير هذا: لابس السلاح، وقد تدجج في شكته: دخل في سلاحه. 100 - وخود مكرها المحبوب منها .... وأرض مكرها ملأ البطونا

المكر الأول: خدالة الساق، وخود ممكورة، أي: ممتلئة الساقين. والمكر الثاني: ضرب من الشجر تأكله الإبل؛ قال الكميت: تعاطى فراخ المكر طورا وتارة .... تثير رخاماها وتعلق ضالها والمكر في غير هذا: الاحتيال في الشر؛ قال - صلى الله عليه وسلم -: (المكر والخديعة في النار). والمكر أيضا: المغرة، وقد امتكر [99/آ] أي: اختضب، قال: بضرب تهلك الأبطال فيه .... وتمتكر اللحى منه امتكالا 101 - ومهما لم يجد طاوي مصير .... مصيرا كان بعض الهالكينا المصير الأول: واحد المصران. ويجمع المصران على

مصارين جمع الجمع. فمن كان طاوي المصير، أي: جائع المعى، ولم يجد مصيرا، أي: رجوعا إلى أهله، فهو من الهالكين. ووزن المصير الذي هو واحد الأمعاء: فعيل. ووزن المصير الذي هو المرجع: مفعل، فاستئقلت الكسرة على الياء فنقلت إلى الصاد. 102 - ومصر طوله خمسون باعا .... وليس بموطن للساكنينا المصر: الحد، وحدود الدار: مصورها؛ قال: وجعل الشمس مصرا لا خفاء به .... بين النهر وبين الليل قد حجزا والمصر: كل كورة يقسم فيها الفيء والصدقات. 103 - وأقبل ضاحك في الجو فيه الـ .... ـحياة وفيه حبس الضاربينا

الضاحك: السحاب الذي فيه البرق. وفيه حياة الأرض، وفيه حبس الذي يضربون في الأرض للتجارة وغيرها؛ يقال: ضرب في الأرض يضرب ضربا. والضرب: الرجل الخفيف. والضرب: المطر الخفيف. والضرب من الشيء: النوع منه. والضرب باليد. 104 - وعنز حلقت في الجو تعلو .... كتائب يطعن ويرتمينا العنز: الأنثى من النسور، ومن العقبان أيضا، وهي تعلو الكتائب في حال الاطعان والاقتتال، لتنزل على القتلى. والعنز من المعزى. والعنز أيضا: سمكة. والعنز: الأكمة الخشناء. والعنز: الأنثى من الظباء. [199/ب] والعنز: صخرة في الماء, والعنز: مصدر عنز عن كذا: إذا عدل عنه. والعنز: علم لفرس؛ قال: دلفت له بصدر العنز لما .... تحامته الفوارس والرجال

الرجال ههنا: جمع راجل؛ قال الله عز وجل: {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا}؛ ومثله صاحب وصحاب، وتاجر وتجار. 105 - ووجه تسرح الأنعام فيه .... ويدعى باسمه السادات فينا الوجه: أول الشيء وصدره؛ قال الله عز وجل: {وجه النهار}. وقال الربيع بن زياد العبسي: من كان مسرورا بمقتل مالك .... فليأت نسوتنا بوجه نهار فهذا هو الوجه الذي تسرح فيه الأنعام. ويدعى بهذا الاسم الذي هو الوجد السيد؛ يقال: هو وجه القوم، أي: سيدهم، وهم وجوه القوم، أي ساداتهم. والوجه في غير هذا القصد؛ ومنه قوله:

أستغفر الله ذنبا لست محصيه .... رب العباد إليه الوجه والعمل ويقال: كيف الوجه في هذا الأمر؟ أي كيف الحيلة فيه؟. قول حمزة بن بيض الحنفي: أي الوجوه انتجعت قلت له: .... لأي وجه إلا إلى الحكم؟ متى يقل صاحبنا سرادقه: .... هذا ابن بيض بالباب يبتسم فالوجه ههنا: الجهة. وفي اللام من قوله: (لأي وجه) وجوه: يجوز أن تتعلق بمحذوف، أي: لأي وجه أتوجه. ويجوز أن تكون خبر مبتدأ محذوف، أي انتجاعي لأي وجه؟ أي: مستقر أو كائن لأي وجه؟.

ويجوز أن تكون (اللام) بمعنى (إلى) - وقد قيل ذلك في قوله عز وجل {بأن ربك أوحى لها}، أي: أوحى إليها - أي: إلى أي وجه أسير إلا إلى الحكم؟، أو يكون التقدير: سيري إلى أي وجه إلا إلى الحكم، فتتعلق اللام بمحذوف إما فعل، وإما مبتدأ. وقد قال الله عز وجل: {قل هل من شركائكم من يهدي إلى [2000/آ] الحق قل الله يهدي للحق}، فجاءت (اللام) بمعنى (إلى). والوجه أيضا: الرفعة والجاه؛ يقال: لفلان وجه، وهو أوجه من فلان. 106 - وشيخ كان مفتخرا ببول .... يرى من أجله النبلاء دونا البول: الأولاد الكثير، والعدد الكثير. 107 - يسمى راضعا وتراه هما .... وذلك من صفات الألأمينا الراضع: اللئيم، يقال: رضع فهو راضع، أي: لؤم. وأصل

ذلك أن بعض البخلاء كان يرتضع ولا يحلق؛ لئلا يسمع صوت الحلب، فيطلب منه اللبن. 108 - ترى في كفه أرضا وفي رأ .... سه أرضا وفي الرأس الشؤونا الأرض التي في كفه: الرعدة، والتي في رأسه الزكام. والشؤون: هي التي تجري منها الدموع إلى العين، واحدها: شأن، وهي في ملتقى قبائل الرأس. وقال ابن عباس - رحمه الله - وأحس بزلزلة: أزلزلت الأرض أم بي أرض؟ يعني الرعدة والنفضة. 109 - ويعدو راكبا والأرض تمشي .... به مشيا سريعا ليس هونا الأرض: باطن حافر الفرس، قال حميد الأرقط: ولم يقلب أرضها البيطار ولا لحبليه بها حبار

الحبار: الأثر، قال يعقوب: والجمع حبارات. 110 - وفي فم مهره ديك وفي الوجـ .... ـه عصفوران قد لزما الجبينا الديك: طرف لسان الفرس، عن أبي عبيدة معمر. والعصفوران: عظمان ناتئان في جانبي جبين الفرس يمنة ويسرة. [200/ب]. 111 - وراد إلى المراح فصار عنزا .... وجاء إلى الغدير فصار نونا صار عنزا، أي: أخذه وأماله إليه؛ قال الله عز وجل: {فصرهن إليك}، وقرئ: {فصرهن} بكسر الصاد. يقال: صاره يصوره ويصيره، أي: أماله. والنون:

الحوت، أي: أخذه. 112 - وفيما قد مضى قد كان صوفا .... يحوك البت منه الناسجونا يقال: كان الصوف: إذا غزله. 113 - وأفقره لئيم فاصطفاه .... لخلته وصار له خدينا أفقره: أعاره دابته ليركبها، وهو مأخوذ من فقار الظهر. والخدن والحدين: الصديق. 114 - وأفقرء الفرا في يوم عيد .... فأغناه عن التصدقينا أفقره الفرا، أي: أمكنه من صيده. وكل من أمكن من نفسه فقد أفقر. 115 - وتقلقه الشقائق إن رآها .... وتقصد رجله الشرك المبينا الشقائق: جمع شقيقة، وهي الرمل المستطيل. والشقائق في غير هذا: ضرب من برود اليمن. وشقائق

النعمان معروف. والشرك: وسط الطريق، فهو يقصد سلوكه. 116 - له في الرأس في الحمام شن .... يديم به على الجسد الشنينا الشن: صب الماء، يقال: شن الماء يشنه شنا على رأسه: إذا صبه, والشن: ما بلي من دلو أو قربة، قال ذلك ابن دريد. والشنين: قطر الماء. 117 - ويحلف ماله في القوم شيء .... ويصدق وهو قد ملك اليمينا [201/آ] الشيء: مصدر: شاء يشاء شيئا، أي ماله في القوم إرادة ولا مشيئة. وهو مثل: سار يسير سيرا. وإلى هذا المعنى ذهب أبو زيد في قوله عز وجل: {إلا أن يشاء ربي شيئا}.

118 - ويكره أن يرى شفقا ويأتي الشـ .... ـباك ليشرب الماء المعينا الشفق: الرديء من كل شيء، عن الخليل وغيره. والشفق: القليل الحقير، يقال: عطاء مشفق، أي قليل؛ قال الكميت: ملك أغر من الملوم تحلبت .... للسائلين يداه غير مشفق والشفق: الحمرة الباقة في مغرب الشمس بعد غروبها. قال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: (عليه ثوب كأنه الشفق)، وهذا القول موزون فيجوز أن يكون الفراء سمعه يقوله

ناظما، ويجوز أن يكون ذلك اتفاقا. وقال آخر: ثم تغطت بكمها خجلا .... كالشمس غابت في حمرة الشفق قال الخليل: الشفق: من غروب الشمس إلى وقت العشاء الآخرة؛ فإذا ذهبت تلك الحمرة قيل: قد غاب الشفق. والشفق أيضا بمعنى الشفقة، قال: تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا .... والموت أكرم نزال على الحرم والشباك: جمع شبكة، وهي الأرض الكثيرة الآبار المتجاورة المتدانية. ومنزل الحاج بظاهر مكة يسمى: الشبيكة، وأظنه من هذا. والماء المعين، هو من قولهم: حفر حتى بلغ العيون. والماء معين. ومعيون أيضا على التمام. ويقال أيضا: حفر حتى أعين،

وحفرت حتى عنت. وعان الماء عينانا بالتحريك، أي: سال؛ وكذلك الدمع [201/ب]. وشربت من ماء عائن، أي: سائل. 119 - ويبسط كفه للنجو يغدو .... به فرحا وكان غدا حزينا النجو: السحاب. يبسط كفه فرحا به، كما قال: وحديثها كالغيث أبصره .... راعي سنين تتابعت جدبا فتراه يبسط كفه فرحا .... ويقول: يا رباه يا ربا! والنجو في غير هذا: ما يخرج من البطن. ومنه قولهم: شرب الدواء فما أنجاه. والنجو أيضا: السر. والنجو: سلخ الجلد، يقال: نجوت عن البعير جلده نجوا

قال: فقلت: انجوا عنها نجا الجلد إنه .... سيرضيكما منها سنام وغاربه وقوله: (نجا الجلد) عند البصريين على تأويل: تغطية الجلد. وقال الفراء: النجاء هو الجلد، والعرب تضيف الشيء إلى نفسه إذا اختلف اللفظان، كقوله عز وجل {إن هذا لهو حق اليقين}. والنجو: الاستنكاه، قال:

نجوت مجالدا فوجدت منه .... كريح الكلب مات حديث عهد 120 - له ورق تجود به يداه .... على ورق فعاشوا أجمعونا الورق: المال، من الإبل والذهب وغيره. قال العجاج: إياك أدعو فتقبل ملقي واغفر خطاياي وثمر ورقي والورق الثاني في البيت: الضعفاء والأحداث. 121 - ويخشى النثر من نظم ويأتي الـ .... ـوبيل بإبله كي يرتعينا النظم: الجراد؛ يقال: جاءنا نظم من جراد. أي: يخشى نثره في أرضه وانتشاره فيها. والنظم: مصدر نظم ينظم نظما. والنظم: كواكب من الجوزاء. والوبيل: الكلأ الرطب واليابس. والوبيل في غير هذا: الوخم من الأشياء، يقال: كلا وبيل. والوبيل: الضرب الشديد.

والوبيل: الغليظ الثقيل، ومنه قول الله عز وجل: {فأخذناه أخذا وبيلا}. والوبيل: العصا [202/آ] الضخمة، والحزمة من الحطب، والخشبة التي تدق بها الثياب بعد غسلها. والوبيل: الذي لا يصلح شيئا يتولاه. والذي يجمع هذه المعاني أنه المكروه المستثقل الشديد. 122 - له شهلاء تحدث كل يوم .... ونحن كذاك أيضا ما بقينا الشهلاء: الحاجة؛ قال الشاعر: لم أقض حتى ارتحلت شهلائي من العروب الطفلة الغيداء والشهلاء في غير هذا: العين التي تخالط سوادها زرقة؛ قال الشاعر:

ولا عيب فيها غير شهلة عينها .... كذال عتاق الطير شهلى عيونها ونحن كذلك أيضا تحدث لنا الحاجة في كل يوم، كما قال: تموت مع المرء حاجاته .... وتبقى له حاجة ما بقي 123 - وفل بشوكة معه سيوف الـ .... ـعدى وثنى رماح الطاعنينا الشوكة: شدة البأس القوة والحدة. وقول الله عز وجل: {وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم} يريد العير. 124 - يديم على الشعيرة أي حرص .... ويأثم إن قلاها مستهينا

الشعيرة: الواحدة من قول الله عز وجل: {إن الصفا والمروة من شعائر الله}، وقوله عز وجل: {ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}. وشعائر الله عز وجل: العلامات التي نصبها لمواضع عبادته. والشعيرة في غير هذا: الواحدة من الشعير. والشعيرة أيضا: التي في رأس نصاب السكين. 125 - وفي رمضان أفضل ما يراه الصـ .... ـليب ونعم ذخر الذاخرينا الصليب: الودك، ومنه قول الشاعر: واحتل برك الشتاء مسكنه .... وبات شيخ العيال يصطلب [202/ب] أي: يستخرج الودك من العظام. وصليب النصاري معروف. والصليب: المصلوب. والصليب: الشيء الصلب.

وأنشدني الشيخ الفاضل، العالم، سيد العلماء تاج الدين أبو اليمن الكندي - رحمه الله - لنفسه في عمارة الشاعر: عمارة في الإسلام أبدى خيانة .... وبايع فيها بيعة وصليبا وأمسى يعين الشرك في بغض أحمد .... فأصبح من حب الصليب صليبا وكان خبيث الملتقى إن عجمته .... تجد منه عودا في النفاق صليبا سيلقى غدا ما كان يسعى لمثله .... ويسقى صديدا في لظى وصليبا 126 - ويقسم ليس يعرف صوفة وهـ .... ـو ذو بت ويستوفي اليمينا يقال: كيف يقسم إنه لا يعرف صوفه وله بت؟ والبت: الكساء،

قال: من كان ذا بت فهذا بتي مقيظ مصيف مشتي من غزل أمي ونسيج أختي أخذته من نعجات ست ويروى: (شت) بالشين المعجمة. والجواب أنه أراد: لا يعرف (صوفة)، وهم قوم كانوا في الجاهلية يخدمون الكعبة ويجيزون الحاج، وقيل: هم قبيلة. وقال أبو عبيدة: هم من أفناء قبائل تشبكوا كما تشبك الصوفة والنسبة إلى البت: بتي، وبتات.

127 - ويفزعه الصبي إذا رآه .... ويهوى الصل إذ أعطاه لينا الصبي من السيق: ما قرب من ظبته وظبته: حده. والصبي في غير هذا: ما استدق من اللحي. والصبي من القدم: ما بين الحمارة إلى الأصابع، وحمارة القدم: ما شخص من ظهرها. والصبي: واحد الصبيان. والصل: نبات من أفضل المرعى. وقد سبق ذكره في باب الخاء من هذا الكتاب. والصل: الحية الخبيثة. ويقال: إن فلانا لصل أصلان: إذا كان داهيا، وإن فلانة لصل صفا [203/آ] تشبيها لها بالأفعى. قال النابغة: ماذا رزئنا به من حية ذكر .... تضناضة بالرزايا صل أصلال 128 - يسير وتحته الصحراء تعدو .... بها قطع السهولة والمتونا

الصحراء: أتان ذات صحرة، والصحرة: كهبة معها سواد. والكهبة: حمرة ليست بخالصة. يقال: بعير أكهب، وقد كهب. وقال - صلى الله عليه وسلم - لعائشة رضي الله عنها: (صاحبة الجمل الأكهب تنبحها كلاب الحوأب). 129 - وبات بصدره ضب وضب .... بخف بعيره فحكى الصفونا الضب: الحقد والضغن. قال كثير بن عبد الرحمن المعروف بابن أبي جمعة: وإني لمستأن ومنتظر بهم .... على هفوات منهم وتتايع ومحترش ضب العداوة منهم .... بحلو الخلا حرش الضباب الخوادع المستأني: المتربص. والهفوة ههنا: خفة العقل، والجمع:

هفوات. والتتايع: الترامي في الجهل والتهاوي فيه. و (محترش) معطوف على خبر (إن) مرفوع. ويرمى (ومحترش) بالخفض، أي: ورب محترش. والمحترش: الذي يدخل يده في جحر الضب ثم يحركها، فيحسب الضب أن ذلك حية، فيخرج ذنبه ليضربها به فيأخذه. فجعل حلو الخلا، وهو طيب الكلام وحسن الحديث في استخراج الضب الذي هو الحقد، كحرش الضب الذي هو الحيوان، بما ذكرته من إدخال اليد أو إدخال عود أو نحو ذلك في حجره وتحريكها. والخوادع: جمع خادع، وهو المتواري، والضب كثير التواري؛ لذلك يقال: (هوأخدع من ضب). شبه الضب الذي هو الحقد بالضب الذي هو الحيوان، وشبه استخراج ما في صدورهم من الحقد بلين الكلام وحلاوة الحديث باستخراج [203/ب] الضب بالعود أو باليد - وقال: (ضب

العداوة) ليقع الفرق بينه وبين ضب الصحراء - وتواري الحقد في الصدور بتواري الضب. وأما الضب الذي بات بخف بعيره فهو ورم يحدث في خف البعير يسمى الضب. والضب أيضا: الحلب بجميع الأصابع. 130 - يرى في قتل عثمان ثوابا .... ويلعن قاتلي عثمان دينا العثمان: فرخ الثعبان. والله عز وجل يحب الشجاعة ولو في قتل حية. ويلعن قتلة عثمان رضي الله عنه. ويقول أهل اللغة: إن (عثمان) العلم من قولهم: عثمت يده: إذا جبرتا على عوج. والعثمان أيضا: فرخ الحبارى. 131 - ويطعم أهله ليلا نهارا .... وكان بذاك أزكى المطعمينا النهار: فرخ الحبارى، عن الأصمعي. والليل: فرخ الكروان، عن غيره.

وقولنا: (ليلا نهارا) إن شئت جعلت (ليلا) ظرفا، والنهار مفعول، تريد به فرخ الحبارى؛ وإن شئت جعلت (ليلا) مفعولا، تريد به فرخ الكروان، ويكون النهار على هذا ظرفا. 132 - وفي عرقوبه يأوي ويحمي .... بعنبره وبالسيف القطينا العرقوب: موضع من الوادي ذو انحناء شديد. والعرقوب أيضا: الطريق في متن الجبل. والعراقيب: عظائم الأمور، الواحد: عرقوب. وعرقوب الذي يضرب به المثل في إخلاف الوعد: من العمالقة. أتاه أخوه يسأله شيئا، فقال: إذا أطلع تحلى، فلما أطلع قال: إذا أبلح، فلما أبلح قال: إذا أزهى، فلما أزهى قال: إذا أرطب، فلما أرطب قال: إذا صار تمرا، فلما صار تمرا [204/أ] جذه ليلا ولم يطه شيئا. وفي هذا يقول الشاعر:

وعدت - وكان الخلف منك سجية - .... مواعيد عرقوب أخاه بيتترب

وقال كعب بن زهير: كانت مواعيد عرقوب لها مثلا .... وما مواعيده إلا الأباطيل والعنبر في هذا: الترس، وفي غير هذا: الطيب المعروف. 133 - ويلزمه عقال كل عام .... يعد به من المتصدقينا العقال: صدقة عام. وعلى فلان عقال وعقالان، أي: صدقة عام وعامين، قال: سعى عقالا فلم يترك لنا سبدا .... فكيف لو قد سعى عمرو عقالين لأصبح الحي أوبادا ولم يجدوا .... عند التفرق في الهيجا جمالين

وقول الصديق - رضي الله عنه -: (والله لو منعوني عقالا مما كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم عليه) يحتمل أن يكون من هذا؛ لأن العقال الذي يعقل به البعير لا تلزم تأديته، ولا هو مطلوب، ولا يجوز قتال من منعه عليه لأنه لم يمنع حقا واجبا. والأوباد: جمع وبد، يقال: رجل وبد، أي سيء الحال. 134 - ترى في وجهه علما عجيبا .... به ولدته أمه مستبينا العلم: أن تكون الشفة مشقوقة مثل الجمل؛ يقال: رجل أعلم. والعلم في غير هذا: الجبل. والعلم: الذي يبنى على الطريق ليهتدى به. والعلم أيضا: الراية وعلم الثوب. 135 - ومن عرج الغزالة خاف عدوا .... فساق العفو سوق المجحفينا عرج الغزالة: غيبوبة الشمس؛ خاف أن يعدى عليه إذا غابت [204/ب]. والعدو: العدوان، قال الله عز وجل: {عدوا

بغير علم}. فلما خاف ساق العفو، وهو الجحش، سوقا حثيثا؛ وفيه أربع لغات: عفو، وعفو، وعفو، تحرك العين بالحركات الثلاث، وعفا. ويقال: إن العرج ميل الشمس إلى الغروب، قال: حتى إذا ما الشمس همت بعرج 136 - له غرض له قد قيل: ما إن .... له غرض، وشق على الأخينا الغرض: الملالة والضجر والسأم، فلما ظهرت منه الملالة قيل: ما له غرض، أي: شوق؛ قال: من ذا رسول ناصح فمبلغ .... عني علية غير قيل الكاذب أني غرضت إلى تناصف وجهها .... غرض المحب إلى الحبيب الغائب

أي: اشتقت شوق المحب. وكل شيء فعلته قصدا فهو غرض. ومنه: هم غرض الرزايا، وأصل هذا من الغرض المنصوب للرمي. ومعنى (تناصف وجهها) أي: انتصف بعضه من بعض فلم يفق بعضه في الحسن بعضا، ولا كان بعضه حسنا وبعضه قبيحا، كأنه جعل العضو الحسن جائزا على العضو القبيح غير منصف له. ويقال: البهاء في الجبين، والحسن في العينين، والجمال في الأنف، والملاحة في الفم، والظرف في اللسان. ويروى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (هو أحسن مني، وأنا أجمل منه) يعني يوسف عليهما السلام. والأخين في البيت: جمع أخ، قال: وكان بنو فزارة شر قوم .... وكنت لهم كشر بني الأخينا

137 - ترى بيمينه شرقا وغربا .... وغرفته ترى درا مصونا [205/آ] الشرق ههنا: مصدر شرق الشاة يشرقها شرقا: إذا شق أذنها. والغرب: حد السكين، وحد كل شيء: غربه. والشرق في غير هذا: مصدر شرقت الشمس، ومنه: اللهم صل على محمد ما ذر شارق. ويقال: طلع الشرق. والشرق أيضا: المشرق. والغرب أيضا: الدلو العظيمة. والغرب: مقدم العين ومؤخرها، وهما غربان. والغرب: خلاف الشرق. والغرب: الدابة التي يستقى عليها، وهي الرواية أيضا. وقول العامة للمزادة: رواية، غلط. والغرفة: ما حصل في اليد مما تغترفه، والجمع: غراف، مثل نظفة ونطاف. والغرفة في غير هذا: العلية. ويقال للسماء السابعة: غرفة العرش، قال لبيد:

سوى فأغلق دون غرفة عرشه .... سبعا طباقا فوق فرع المنقل 138 - ويصطاد القعيد فإن يفته .... يوافق في القعيد العاجزينا القعيد من الصيد: ما يأتي من وراء الصائد، والنطيح خلافه. والقعيد الآخر: الجراد الذي لم تستو أجنحته. فإن فاته صيد القعيد وافق أهل العجز والضعف في أخذ الجراد وأكله. والقعيد في غير هذا: الذي يقاعدك، قال الله عز وجل: {عن اليمين وعن الشمال قعيد}. والقعيد أيضا: الغرارة. وفي قولهم: (قعيدك الله) (وقعدك الله) تأويلان: أحدهما: أنهما مصدران كالحس والحسيس، واسم الله عز وجل منتصب بهما، ومعناهما المراقبة. وأصل الكلام: أقسم بمراقبتك الله، فهما منتصبان بفعل القسم وحذف الباء، كما يقال: نشدتك الله. ولما كان العبد مع الله عز وجل لا يخفى

عليه - سبحانه - شيء من أمره جعلوه قعيدا، كما قال عز وجل: {ونحن أقرب إليه من حبل الوريد} [205/ب]. والثاني: أن يكون القعيد بمعنى الحفيظ، وهو من صفات الباري عز وجل على هذا، والتقدير: أقسم بقعيدك الله، وبقعدك الله؛ فحذف الفعل وحرف الجر وتعدى الفعل فنصب، كما قال: أتيت بعبد الله في القد موثقا .... فهلا سعيدا ذا الخيانة والغدر المعنى: فهلا أتيت بسعيد، فحذف الباء ثم عدى الفعل المقدر. واسم الله عز وجل، في هذا الوجه، منصوب على البدل من: (قعدك وقعيدك). 139 - له كرش بها كبت الأعادي .... إذا عدت تفوق الأربعينا الكرش ههنا: صغار الأولاد. يقال من ذلك: عليه كرش منثورة، وهو مأخوذ من قولهم: تزوجها فنثرت عليه كرشها

وبطنها: إذا كثرت ولادتها له. والكرش أيضا: الجماعة من الناس، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (الأنصار كرشي وعيبتي) أي: جماعتي وموضع سري؛ فهذا أيضا معنى يجوز أن يحمل عليه البيت. والكرش في غير هذا من كل حيوان يجتر بمنزلة المعدة من الإنسان. والكرش: أحد الكرشين، وهما الأزد وعبد القيس. 140 - وأفضل أكله كعب ويأتي .... إلى كر فيشربه معينا الكعب: القطعة من السمن. والكعب في غير هذا: طرف الساق، والأنبوب الذي بين العقدتين من الرمح، وكذلك من القصب. والكر: الحسي، وهو المكان الذي إذا نزح منه الماء ظهر ماؤه؛ وجمعه: كرار. والكر في غير هذا: واحد الأكرار؛ وعندي

من البر كر. 141 - ويطرق رافعا رأسا منيلا .... ولم يطرق كفعل معذرينا أطرق: إذا أعار فحل إبله. والمطرق في غير هذا: الذي يرمي ببصره إلى الأرض، عن ابن دريد. والمطرق: المسترخي جفون العين [206/آ]، والمطرق: الساكت. أي إنه إذا قيل له: أطرقنا فحلك رفع رأسه منيلا، أي معطيا، ولم يطرق ببصره إلى الأرض، ولم يسكت كما يفعل المعذر, وهو الذي يريك أنه معذور، ولا عذل له، قال الله عز وجل: {وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم}. والمعذر في غير هذا: الذي لا يبالغ في الأمر. والمعذر: الغلام الذي بدا عذاره. والمعذر أيضا: الذي هيأ له عذرا.

142 - ودي جود أشد الناس بخلا .... ترى الجوزاء ترضعه مهينا الجود: الجوع. والجواد: العطش. والجود أغرف حرف جاء في أسماء الجوع. والجوزاء من الشاء: التي في وسطها بياض، وهو: للؤمه يرتضع منها. ومنه قولهم في المثل: (لئيم راضع)، وقد سبق. وإنما يرتضع من الشاة لئلا يحلب فيسمع صوت الحلب فيطلب منه اللبن. وقد رضع، بالضم. 143 - ورجل ظل يعلو الرأس تحت الر .... حى ويخيف جمع الزارعينا الرجل: القطعة من الجراد، يعلو الرأس لأنه في الجو. والرحى: السحابة المستديرة. والرحى: حومة الحرب ومعظمها. والرحى: سيد القوم. والرحى: قطعة من الأرض مرتفعة على ما هولها مثل النجفة.

والرجل أيضا: سيه القوس العليا. وكان ذلك على رجل فلان، أي: في زمانه. ورجل الطائر: سمة. ورجل الغراب: ضرب من الربط: وهو أن تصر أخلاف الناقة صرا لا ينحل، ولا يقدر الفصيل على الرضاعة معه؛ ويسمى ذلك الصر (رجل الغراب)؛ قال الكميت: صر رجل الغراب ملكك في النا .... س على من أراد فيه الفجورا [206/ب] شبه منع ملكه المفسدين أن يعيثوا في البلاد بما ذكرناه. والتقدير: صر ملكك البلاد صرا مثل صر رجل الغراب، أي: مثل الصر المعروف بصر رجل الغراب؛ وحذف المفعول، وهو البلاد، وحذف المصدر، وهو (صرا)، وحذف صفته، فوالى بين

ثلاثة حذوف. 144 - وحس لا يكون لغير حبلى .... وحرق لا بنار الموقدينا الحس: وجع تجده المرأة قرب الولادة. والحرق: مصدر حرقت الشيء حرقا: إذا حككت بعضه ببعض أو بردته. وإذا حك البعير نابه بنابه حتى يسمع له صرير قيل: قد حرق نابه يحرقه، ويحرقه، بالضم والكسر، حرقا. وفي الشاذ: {لنحرقنه} أي: لنبردنه، وتعزى هذه القراءة إلى علي عليه السلام. والحرق أيضا: احتراق يصيب الثوب من دق القصار، وهو الحرق أيضا. 145 - ولم يطق السناد الشيخ منا .... وساحرنا يفدى بالأبينا

السناد: الناقة القوية، والشيخ لا يطيقها. والسناد في الشعر: أن تختلف الحركة قبل الردف، فتكون مرة فتحة ومرة كسرة. والساحر: قال الجوهري العالم، وقال يعقوب السحر: العلم. وأقول: إن من هذا قول الله عز وجل: {وقالوا يا أية الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدونّ} أي: يا أيها العالم؛ لأن هذا موضع استكانة وترفق لا موضع استصغار وذم. والسحر: الخديعة، قال:

عصافير وذبان ودود .... ونسحر بالشراب وبالطعام كما سحرت به إرم وعاد .... وصاروا مثل أحلام النيام والسحر: إخراج الباطل في صورة الحق. وقيل: كل شيء دق مأخذه ولطف فهو سحر. 146 - وسن كسره حل مباح .... وسوط لا كسوط الضاربينا السن: الثور الوحشي؛ وأنشد ابن دريد: يخور فيها كخوار السن والسوط: مصدر ساط الشيء يسوطه سوطا: إذا خلطه [207/آ]. 147 - وسوق ظل للسوق اضطراب .... بها ولها اضطرام المضرمينا السوق: حرمة القتال تضطرب فيها السوق جمع ساق، لشدة الخوف. ولحرمة القتال اضطرام نار المضرمينا، وذلك مقول في

الحرب كثيرا، قال ابن دريد: وإن رأيت نار حرب تلتظي .... فاعلم بأني مسعر ذاك اللظى والسوق: التي تقام للبيع والشراء، وهي تذكر وتؤنث. 148 - وذي سرو يجوز الحد جودا .... بلا سرف وفاق الباذلينا السرو: المروءة مع السخاء. وقد سرو يسرو سروا فهو سري. والسرو: منازل حمير. وقوله: (بلا سرف) أي: بغير إغفال ولا إهمال ولا ترك؛ ومنه قول جرير: أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية .... ما في عطائهم من ولا سرف والسرف: مجاوزة الحد. والسرف: الجهل. والسرف: الضراوة، يقال: إن للحم سرفا كسرف الخمر.

149 - وشرب عند أهل العلم خير .... من الدنيا خلاف الجاهلينا الشرب: الفهم. وقد شرب يشرب شربا مثل ظرف يظرف ظرفا. والشرب في غير هذا: الجماعة الذين اجتمعوا على الخمر، والواحد: شارب، كما قالوا: تاجر وتجر، وراكب وركب. 150 - وأعمى ظل ذا سزر وبث .... لزوجته إرادة أن تلينا كيف يكون الأعمى ذا شزر؟ وإنما الشرز: النظر بمؤخر العين في حال الغضب، يقال: نظر إليه شزرا. وكيف يكون بت الزوجة للإصلاح، ولأن تلين، وليس بعد البت مراجعة؟ فالجواب أن المراد ههنا بالشزر والبت أنه تولى الطحن عنها وأراحها منه. والشزر: إدارة [207/ب] الرحى إلى جهة اليمينن والبت: إدارتها إلى جهة الشمال، قال:

ونطحن بالرحى بتا وشزرا .... ولو نعطى المغازل ما عيينا والشزر أيضا أن يفتل الحبل إلى فوق خلاف دوران المغزل، قال: غدائره مستشزرات إلى العلى .... تضل المدارى في مثنى ومرسل والشزر أيضا: الطعن الذي ليس بمستقيم، ومعنى ليس بمستقيم: أن تطعن عن يمينك وعن شمالك. 151 - وصير ما على الأعمى ملام .... به لكن على المتبصرينا الصير: شق الباب ونحوه مما ينظر فيه إلى ما في البيت وإلى من فيه. وقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، وقام وبيده عود ليفقأ به عين فاعله.

والصير في غير هذا: الصحناءة. والصير: مصير الأمر وعاقبته. ويقال لمن أشرف على أمر: هو على صيره: أي قد أشرف على قضائه. 152 - وصبر قد أتانا النهي عنه .... وصبر فيه غرم الصابرينا نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صبر البهائم وهو أن تحبس ثم ترمى حتى تموت. والصبر الذي فيه الغرم هو الكفالة، وقد صبرت فلانا أصبره، بالضم، صبرا أي: كفلته. ويقول صاحب الدين اصبرني، أي أعطني كفيلا. والصبير: الكفيل، وهو غارم لا محالة. والصبير أيضا: السحاب الأبيض. والصبر في غير هذا: الصبر على المصيبة، وهو حبس النفس عن الجزع، وقال الله عز وجل: {واصبر نفسك}؛ وقال

عنترة: فصبرت عارفة بذلك حرة .... ترسو إذا نفس الجبان تطلع أي فصبرت نفسا عارفة. 153 - وصرف نسأل الله المعافي .... كفايته ونرغب أن يقينا [208/آ] الصرف: واحد صروف الزمان وأحداثه. والصرف: أن يصرف الرجل عن الشيء، يقال: صرفته عنه أصرفه صرفا. والصرف أيضا في قول القاسم بن سلام: تزيين الكلام بالزيادة فيه. والصرف: فضل الدينار على الدرهم. وقالوا في قوله عليه السلام: (لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا): الصرف: الفريضة، والعدل: النافلة؛ وما أرى لهذا

التأويل أصلا يرجع إليه. وقال يونس: الصرف في هذا: الحيلة، ومنه قولهم: إنه ليتصرف في الأمور، وقد قال الله عز وجل: {فما تستطيعون صرفا ولا نصرا}. وهذا القول أشبه إن أراد بالحيلة التصرف في الاعتذار، وإلا فإنه لا يقال: لا يقبل الله منه حيلة. 154 - وعهد يصلح الأشياء طورا .... ويصلحها بفعل المكثرينا العهد ههنا: الملح. ويقال: بينهما ممالحة، أي معاهدة ومعاقدة. ولهذه اللفظة معان كثيرة: فالعهد: ما ذكرناه. والعهد: اليمين. والعهد: الأمان. والعهد: الذمة. والعهد: الموثق.

والعهد: الحفاظ. والعهد: الوصية، وعهدت إلى فلان، أي: أوصيته؛ والعهد الذي يكتب مأخوذ من هذا، كعهد أبي بكر - رضي الله عنه - لعمر. والعهد: الذي يكتب للولاة. وولي عهد أمير المؤمنين. والعهد: المنزل الذي إذا ارتحل القوم عنه عادوا إليه؛ وهو المعهد. والعهد: اللقاء والرؤية والاجتماع، ومنه قولهم: عهدي به قريب؛ قال: فليس كعهد الدار يا أم مالك .... ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل أراد بالسلاسل المحيطة بالرقاب: ربقة الإسلام، أي: ليس الأمر [208/ب] كما تعهدين فإن الإسلام قد هدم ما تعلمين؛ ومنه قول الأعشى: عهدي بها في الحي قد سربلت .... بيضاء مثل المهرة الضامرة والعهد: الرعاية، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (حسن العهد من الإيمان).

والعهد: المطر، والجمع: العهاد والعهود. والعهد: الزمان في قولهم: كان ذلك على عهد فلان، أي: في وقته وزمانه؛ ومنه قول الشاعر: نجوت مجالدا فوجدت منه .... كريح الكلب مات قريب عهد ومعنى: (نجوت مجالدا): استنكهته، وقد سبق. وقول حبيب: ليالينا بالرقمتين وأهلها .... سقى العهد منك العهد والعهد والعهد قال بعض علمائنا: وقد عيب هذا على أبي تمام، وأبو تمام أرفع قدرا من أن يأتي بما يعاب به، لأنه كان عالما بالعرب وبأيام العرب وأخبارها ومعاني أشعارها. قال: فالمراد بالعهد الأول: المنزل، وبالثاني: المطر، وبالثالث: الحفاظ، وبالرابع:

الحلف والميثاق. ثم قال: فإن قيل: كيف يسقي المنزل الحفاظ والحلف؟ قيل: هذا يحمل على مجاز كلام العرب، نحو قولهم: جزاك الله والرحم خيرا، أي وحفظك الرحم؛ وكذلك حفظ العهد الذي هو العقد، والوفاء بالعهد الذي هو الميثاق والحلف يكونان سببا لسقي منزل الحافظ والوافي. وقال أبو العلاء المعري: (العهد الأول يحتمل وجهين، أحدهما: أن يعني به المنزل، والآخر: أن يريد العهد الذي هو لقاء واجتماع ورؤية، كما قال: عهدت بها وحشا عليها براقع .... وهذي وهوش أصبحت لم تبرقع أي: عرفت في الزمان القديم. والعهد الثاني وما بعده يعني به المطر في إثر المطر، كأنه

قال: سقاك السحاب والسحاب والسحاب، أي: تكررت السحب عليك. قال: فهذا وجه صحيح. قال: ويحتمل أن يعني بالعهد الأول [209/آ] (العهد) من العهود الساقية: معرفته بهذا المنزل في الدهر الأول، وبالعهد الثاني: الدمع فيجعلهما ساقيين؛ لأن كل واحد منهما سبب سقي الآخر. قال: وهكذا كما تقول: سقانا مالك الماء، وإنما سقاك عبده أو صاحبه؛ فيجعل ساقيا لأنه السبب في ذلك، ويكون العهد في القافية بمعنى: المطر. والذي قالاه لا يستقيم: أما القول الأول: (إن هذا محمول على مجاز كلام العرب، كقولهم: جزاك الله والرحم خيرا، أي: وحفظك الرحم)، وقوله: (كذلك حفظ العهد الذي هو العهد، والوفاء بالعهد الذي هو الميثاق والحلف يكونان سببا لسقي منزل الحافظ والوافي)، فكلام لا حقيقة له؛ لأنه يلزم منه أن يكون التقدير: سقى منزلك أيتها

الليالي المطر وحفاظك وميثاقك واليمين التي حلفتها؛ والحفاظ والمطر والحلف كلها تسقي منزل لياليه بالرقمتين، وأيه الحفاظ، وأين الميثاق، وأين الحلف الذي كان من هذه الليالي!!؟ هذا كلام ركيك، ونوع من الوسواس. وأما قول أبي العلاء - رحمه الله - فالوجهان فيه لا قبول لهما. أما الوجه الأول فلا يخفى ضعفه، وأنه لا يقول فصيح. وليس بالحسن أن يقال: سقاك الله الماء والماء والماء ولا: سقال الله يا دار المطر، والمطر، والمطر!!. وأما الوجه الثاني فقد ادعى فيه أن العهد (الدمع)، ولم يقل أحد إن الدمع يسمى عهدا، وجعل الساقي الآخر معرفته المنزل في الدهر الأول، وجعل العلة في كونهما ساقيين [209/ب]- أعني الدمع والمعرفة - بأن كل واحد من الدمع والمعرفة سبب سفي الآخر: فسبب كون المعرفة ساقيا (الدمع) وسبب كون الدمع ساقيا (المعرفة)؛ وهذا كما تراه!!. وأقول: إن الذي يحمل عليه قول أبي تمام: (سقى العهد ..)،أي: عهدي بك وما تقدم لي فيك؛ أو سقى منزلك

العهد والعهد والعهد، أي: العهاد التي رأيتها وشاهدتها تسقيك. كأنه ذكر مطرا سقاها وآخر وآخر، أي: سقى العهد الذي تقدم لي فيك؛ فإنهم يقولون ذلك لما مضى على وجه الدعاء له، فيقولون: سقى الله أيام الصبا. 155 - وعير في السماء له صعود .... ويرجع عندما يعلو إلينا العير: إنسان العين، يدرك السماء السابعة ويعود في تلك الحال إلينا. 156 - وعير فوق وجه الماء طاف .... وعير تحت ضرب الضاربينا الغثاء الذي على وجه الماء يقال له: العير. والعير الذي تحت الضرب: الوتد؛ قال الحارث بن حلزة:

زعموا أن كل من ضرب العيـ .... ـر موال لنا وأنا الولاء أي: كل من ضرب وتد الخيمة. أي: يلزموننا ذنوب الناس أجمعين، وهذا تفسير أبي عمرو بن العلاء. والعير أيضا: العظم الناشز في وسط الكتف، وما تحت الغضروف من الأذن. والغضروف: رأس الأذن، ويقال: الغضروف أيضا. والعير أيضا: جبل بمكة. والعير: الناشز في ظهر القدم. والعير: الحمار الأهلي والوحشي، ويقال للمكان الذي لا خير فيه: هو كجوف العير؛ لأن جوف العير لا ينتفع بشيء مما فيه. والعير: السيد. والعير: خشبة في مقدم الهودج. والعير: الناشز في وسط السيف. 157 - وكم عرب شكت عربا فكان الطـ .... ـبيب بدفع شكواها قمينا [210/آ]

العرب: النفس، قال الشاعر: لما أتيتك أرجو فضل نائلكم .... نفحتني نفحة طابت لها العرب أي: طابت لها النفس. والأكثر أن يقال في النفس: عربة والجمع عرب مثل كربة وكرب. وأنشدني الشيخ أبو الجود - رحمه الله -: أكذب من فاختة .... تصيح وسط الكرب والطلع لم يبد لها .... هذا أوان الرطب

ثم قال: كأنها تقول: جاء الرطب. والعرب الثاني: فساد المعدة، يقال: عربت معدته تعرب عربا. 159 - وكم من عرمس تمضي الليالي .... ولا تمضي وتبقى ما بقينا العرمس: الصخرة. وهي في غير هذا: الناقة الصلبة القوية. 159 - وعصر ماله في الذكر ذكر .... ولكن في أيادي المنعمينا العصر: العطية، قال طرفة:

لو كان في أملاكنا ملك .... يعصر فينا كالذي تعصر كذا أنشدوه، على طي العروض وخبنها وكشفها، وليس الضرب كذلك، إنما هو مطوي مكشوف. وهذا الشعر من السريع، وأصله: مستفعلن مستفعلن مفعولات فطويت العروض بحذف الواو، فصار: مفعلات، وكشفت بحذف التاء، فصار: مفعلا، فقالوا فيه: فاعلن؛ ثم انضاف إلى ذلك الخبن، فصار: فعلن؛ فالعروض، في بين طرفة، مخبونة مطوية مكشوفة، والضرب: مطوي مكشوف لا غير. والصواب: (لو كان في أملاكنا مالك). وقولنا: (وعصر ماله في الذكر ذكر)، أي: ماله في القرآن ذكر، أي: ليس هو العصر الذي أقسم الله عز وجل به. واختلف في (العصر) الذي في القرآن: ما هو؟ فقيل: هو الدهر، قال ذلك ابن عباس - رحمه الله -، وإليه ذهب الفراء.

وقال الحسن وقتادة: هو العشي [210/ب] ويؤيد قول الحسن أنه - عز وجل - أقسم بالضحى، فيكون القسم بهما لما فيهما من إظهار القدرة. وقد أقسم الله عز وجل بالليل والنهار وبالشمس والقمر لهذا المعنى. وإن كان المراد بالعصر الدهر؛ فلما فيه من الحوادث. وقيل: العصر: صلاة العصر؛ ورآه قوم أقوى مما سبق، منهم الزمخشري. ولا يقوى ذلك فيما أعتقد؛ لأن الله عز وجل لم يقسم بشيء من الصلوات. وأما قوله عز وجل: {والفجر} وقوله سبحانه: {والصبح إذا تنفس} فلم يرد به العبادة، وإنما أراد الزمان والحين. والعصران: الليل والنهار، قال:

ولا يلبث العصران يوم وليلة .... إذا طلبا أن يدركا ما تمنيا والعصر: مصدر عصرت الشيء أعصره عصرا. 160 - وعقد فيه للرجلين قيد .... وعز يضعف الرأس الرصينا العقد: الرمل المتراكم. والعز: المطر الكثير، يقال: مطر عز، أي: شديد. والعز مصدر عز الشيء: إذا قل. والعز: نقيض الذل. 161 - وعضب ليس يطبع من حديد .... يجيء به حديد المبغضينا العضب: الشتم، وقد عضب فلان فلانا: إذا شتمه. والعضاب: الشتام. وقد عضب لسانه، بالضم، عضوبة: إذا صار حديد الكلام؛ فهذا معنى قولي: (ليس يطبع من حديد)، ولكنه يجيء به المبغض الحديد الكلام. 162 - وعقص عد من عيب الجواري .... ومن عيب الرجال الباخلينا

العقص: إمساك اليد بخلا. 163 - ووقف مثله إيم لهند .... به لدغت قلوب العاشقينا 164 - لو النساك يوم عاينوها .... تشير به أتوها مهطعينا الوقوف: سوار من عاج. والأيم: الحية. والوقف في غير هذا: الصدقة المحبسة، وما يرصد لباب من أبواب البر ويحبس عليه على التأبيد، واليه أشار القائل بقوله: احذر من الواوات أر .... بعة فهن من الحتوف: واو الوكالة والوصيـ .... ـة والوديعة والوقوف والوقف أيضا مصدر وقفت الدابة أقفها وقفا، ووقفت هي وقوفا. والوقوف أيضا جمع واقف، وقد أوقف فلان عن كذب إذا أقلع عنه، قالوا: وليس في الكلام [أوقف غيره، قالوا:

ومنه] قول الطرماح: [جامحا في غوايتي ثم أوقفـ .... ـت رضا بالتقى وذو البر راضي وقد حكى أبو عمرو: كلمتهم ثم أوقفت، أي أسكت. وكل شيء تمسك عنه تقول أوقفت]. وذكر صاحب الغريب المصنف عن اليزيدي والإصمعي عن أبي عمرو أنه قال: لو مررت برجل واقف فقلت ما أوقفك ههنا؟ لرأيته حسنا. وقال ابن السكيت عن الكسائي: ما أوقفك ههنا؟ أي ما الذي صيرك إلى الوقوف. والمرقفان من المرأة: وجهها وقدمها، يقال: إنها لحسنة الموقفين، عن ابن السكيت.

ويقال أيضا موقف المرأة ما لا بد لها من إظهاره كالعينين واليدين. وتوقفت في الشيء أي تلؤمت فيه. والواقفي منسوب إلى بني واقف وهم بطن من الأنصار من بني سالم بن مالك بن الأوس. 165 - وكم من عادر قد شان وجها .... وعات مسبل سترا ثخينا العاذر: أثر الجرح. والعاتي: الليل المظلم الشديد الظلمة [211/آ]. 166 - وغل خله ماء زلال .... وغيم نبتغي معه العيونا الغل والغلة: أشد العطش. والغيم: العطش أيضا؛ وهو الغين أيضا. والعطشان يطلب العيون للشرب. والغيم والغين في غير هذا: السحاب.

167 - وقصر فيه تعمى كل عين .... عمى يشفى بقدح القادحينا القصر: اختلاط الظلام، ومع اختلاط الظلام لا ترى العين شيئا. وهذا العمى يزول بقدح النار. والعمى في العين يزول بقدح الطبيب. والقصر في غير هذا: واحد القصور، ومصدر قصرت الثوب. وقصرت له من قيده. وقصر الصلاة. والقصر أيضا الحبس. والقصر: غاية الشيء، يقال: قصرك وقصاراك أن تفعل كذا. 168 - وكانون وإن كانون وافى .... رأيت له الورى مستثقلينا الكانون ههنا: الثقيل امرأة كان أو رجلا، وهو الذي يأتي بما يثقل سماعه، ويضجر الجلساء، ويودون قيامه، ومنه قول الحطيئة يهجو أمه: تنحي واقعدي مني بعيدا .... أراح الله منك العالمينا

أغربالا إذا استودعت سرا .... وكانونا على المتحدثينا أراد: أتكونين غربالا؟. 169 - وراح بجعدة يوما أبوها .... ليأكلها وآذى الآكلينا أبو جعدة: من أسماء الذئب، والجعدة: الرخلة، وإنما كني الذئب بأبي جعدة لأنه أبدا يقصدها لضعفها وطيب لحمها [211/ب] وآذى الآكلينا، وهم أهلها، لأنه أكلها وحرمهم أكلها. 170 - وجفن فيه فاكهة وطيب .... وحفن يمنع النوم الجفونا الجفن الأول: جمع جفنة، وهي الكرمة؛ قال النمر بن تولب:

غذية بين أنهار ونخل .... وزرع بينها وأصول جفن والجفن الثاني: منع النفس عن الدناءة، يقال جفن نفسه جفنا: إذا منعها من ذلك. والجفن في غير هذا: جفن العين، وجفن السيف، واسم مكان. 171 - وجمع زادهم جمع بجمع .... وفيهم جمرة بلغت مئينا الجمع الأول: الجماعة من الناس. والجمع الثاني: ما كان من التمر لا يعرف له اسم، يقال: أرض كثيرة الجمع. والجمع الثالث: المنسك بمكة، سمي بذلك لاجتماع الناس به؛ كما سمي يوم الجمعة لاجتماع الناس فيه.

والجمرة من جمرات العرب: إذا كان في القبيلة ثلاثمائة فارس فهي جمرة. وكل قبيلة اجتمعت وحاربت ولم تحالف غيرها فهي جمرة. وقال أبو عبيدة: كانت جمرات العرب ثلاثة، فطفئت جمرتان وبقيت واحدة: طفئت بنو ضبة بن أد، وكانت جمرة، وإنما طفئت لأنها حالفت [الرباب] وبنو الحارث بن كعب كانت جمرة فطفئت لأنها حالفت مذحج، وبنو نمير جمرة لم تطفأ لأنها لم تحالف. والجمرة في غير هذا: التي ترمى بمنى، والجمرة من النار. وفي الزمان ثلاث جمرات: أول شباط جمرة وتسمى جمرة الأرض، والثانية تسمى جمرة الماء [212/آ]، والثالثة تسمى جمرة الشجر. وكل واحدة منهن سبعة أيام.

172 - وجبهة فارس هزمت جيوشا .... فكان جرادهم حصنا حصينا الجبهة ههنا: جماعة من الناس، وكانوا من بلاد فارس، هزمت تلك الجماعة جيوشا؛ فلما هزموا تحصنوا بجراد، وهو جبل، فكان لهم حصنا حصينا. والجبهة من الوجه. والجبهة: نجم في السماء. والجبهة: الخيل، وفي الحديث: (ليس في الجبهة صدقة). 173 - ومن عرف الجلا ورآه يوما .... تداوى بالجلا حينا فحينا الجلا: الجلح، يقال: جلي يجلى جلا. والجلا الثاني ضرب من الكحل. 174 - وأكمه بالعشي رأى هلالا .... وزار أبا له فغدا لعينا هلال ههنا: اسم رجل. ومعنى رآه: ضربه على رئته. وزار

أباه، أي: ضربه على زؤره، والزور: أعلى الصدر. ومن فعل ذلك بأبيه لعن. والهلال في السماء. والهلال: الحية. والهلال: الماء القليل في الركي. والهلال: طرف الرحى إذا انكسر. 175 - ومن ضرب الحصير غدا ينادي: .... حشاي حشاي يتبعه أنينا الحصير: الجنب من كل حيوان. فلما ضرب جنبه شكا حشاه، وهو واحد الأحشاء، وهي الضلع السفلى إلى الورك. والحشا أيضا: الناحية. والحشا أيضا: انقطاع النفس، والربو. والحصير في غير هذا: البساط. والحصير أيضا: الملك. والحصير [212/ب] أيضا: البخيل. والحصير أيضا: الحبس. والحصير أيضا: العيي.

176 - وحر ترجف الأحشاء منه .... وحر يطرب الرجل الرصينا الحر الذي ترجف منه الأحشاء: ضرب من الحيات، عن ابن دريد. قال الشاعر يصف صائدا: منظو في جوف ناموسه .... كانطواء الحر بين السلام وقال غير ابن دريد: هو ولد الحية. والحر الذي يطرب: طائر له صوت يستطاب سماعه. قال ابن دريد: وهو الذي يسمى ساق حر؛ قال الشاعر: وما هاج هذا الشوق إلا حمامة .... دعت ساق حر ترحة وترنما وقال آخر:

دعت ساق حر فوق ساق كأنه .... شريب ندامى هز أعطافه الشكر قال ابن دريد: والحر أيضا: طائر صغير. 177 - وحر ناشئ في بطن حر .... وحر بات في حر رهينا الحر: واحد أحرار البقول، وهو كل ما يؤكل منها غير مطبوخ، نشأ في بطن حر وهو الذي لا رمل فيه. واتسع في ذلك فقيل للفعل الجميل: حر، لخلوصه، قال طرفة: لا يكن حبك داء قاتلا .... ليس هذا منك يا مي بحر أي: بجميل وقيل أيضا للفرس العتيق: حر. والحر الذي بات في حر هو ضد العبد بات في وسط الدار.

178 - وحش تحسن الصلوات فيه .... وحش من سلام القاتلينا الحش الأول: البستان. والثاني: مصدر حش سهمه يحشه حشا: إذا ركب القذذ عليه، الريش. ويقال في غير هذا: حششت الدابة: إذا ألقيت لها الحشيش. والحش أيضا: مصدر حشت يده: إذا يبست [213/آ]. 179 - وحدس فيه إذلال وحدس .... تراح به المطي إذا عيينا الحدس الأول: من قولهم: حدس به الأرض: إذا صرعه. والحدس الثاني: الإناخة، وبه تستريح المطي إذا عيينا نحن. 180 - وحدس فيه إتلاف وحدس .... لقوم في سراهم يسرعونا الحدس الأول: وطء الشيء، وقد حدسه برجله: إذا وظئه. والثاني: سرعة السير. 181 - وسبع فيه عدوان وجور .... له مدح الإله الصابرينا

السبع: الشتم، والسب، والوقيعة. يقال: سبعة سبعا إذا وقع فيه؛ وفيه يقول الله عز وجل: {ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور}. وسبع الذئب الغنم سبعا: إذا افترسها. وكأن ذلك من هذا. 182 - وحسبان يريح المرء حينا .... وحسبان يسوق إليه حينا الحسبان: جمع حسبانة، وهي الوسادة الصغيرة. الحسبان الثاني: جمع حسبانة، وهي السهم الصغير يرمى به عن القوس الفارسية. 183 - وحبر قد غدا رأسا ووجها .... ووجه قد كساه الحبر زينا الحبر: العالم، أي غدا رأس القوم ووجههم ورئيسهم. وفيه لغتان: حبر، بالكسر، وحبر، بالفتح. ويقوي الكسر جمعه على أحبار كجذع وأجذاع، وعدل وأعدال. وأما حبر، بالفتح، فقياسه أحبر، كبحر وأبحر؛ قال الله عز وجل: {والبحر يمده من بعده سبعة أبحر}.

ويقال: فلان وجه قومه وعشيرته، أي: سيدهم الذي يتوجهون إليه في أمورهم. والوجه الذي كساه الحبر زينا: وجه الإنسان، والحبر: الجمال، أي: كساه الجمال زينا. وفي الحديث: (يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره) أي: بهاؤه وجماله. والحبر: الذي يكتب به [213/ب]. 184 - ومنكب فارس رجعوا إليه .... إذا اشتجروا فكف الجائرينا المنكب ههنا: رأس العرفاء. وفارس أراد بها بها بلاد فارس. رجعوا إليه في الخصومة فكف الجائرين. ومعنى (رجعوا إليه) يعني أهل فارس؛ قال الله عز وجل: {وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر} ثم قال عز وجل: {إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم}. والمنكب في غير هذا: ما بين العضد إلى الكتف، وكل ناحية من الأرض

أيضا منكب، قال الله عز وجل: {فامشوا في مناكبها} والفارس في غير هذا معروف. 185 - وما إن فيهم ورع ونالوا .... بسيرتهم مقام الفائزينا الورع: الجبان. والله عز وجل يحب الشجاعة ولو في قتل حية. قال ابن دريد: يقال: رجل ورع بين الرعة والوراعة والوروعة: إذا كان جبانا. وقال ابن السكيت: الورع: الصغير والضعيف. وأنكر أن يكون. وقول ابن دريد وغيره على ما قدمناه مقدم على قوله. والورع أيضا: الخفة، يقال: ورع يرع: إذا خف. وهذا مما جاء على فعل، بالكسر في الماضي والمستقبل، مثل: ومق يمق، وولي يلي، ووري الزند يري.

والورع: الكف عن المآثم. ورأى علي عليه السلام الحسن بن أبي الحسن لما دخل البصرة يعظ الناس، وهو حديث السن، فقال له: يا غلام، ما صلاح الدين؟ قال الورع؛ قال: وما فساده؟ قال: الطمع. فقال عليه السلام: تكلم، لله أبوك!! [214/آ]. 186 - وأنف تخضع الأقوام ذلا .... له وترى السلامة أن تدينا الأنف: سيد القوم وشريفهم. 178 - ويطعم آدما ويجيع حوا .... ويقسم ما رأى الحسن الحسينا الآدم من الرجال: الأسمر، وجمعه: أدمان. والحواء: المرأة السمراء الشفة، والحوة: سمرة الشفة؛ يقال: رجل أحوى، وامرأة حواء. والحسن والحسين: جبلان. قال المبرد: سمعت التوزي

يقول: يقال لأحد هذه الجبلين: الحسن، وللآخر: الحسين؛ قال الشاعر يرثي بسطام بن قيس: لأم الأرض ويل ما أجنت .... غدار أضر بالحسن السبيل أي: إنه قتل بطريق دانية من الحسن، يعني هذا الجبل. يقال: أضر فلان بفلان: إذا دنا منه دنوا بليغا، ومنه الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رؤية الباري عز وجل: (كما ترون القمر ليلة البدر لا تضارون في رؤيته). أي:

لا ينضم بعضكم إلى بعض. وكان بسطام قد قتل برملة بقرب من هذا الجبل. وقيل: إنهما رملتان يقال لهما الحسن والحسين، وجبلان أيضا يقال لهما ذلك. وقال آخر: تركنا بالنواصف من حسين .... نساء الحي يلطمن الجمانا فإذا ثنيت قلت: الحسنان، قال الشاعر: ويوم شقيقة الحسنين لاقت .... بنو شيبان آجالاً قصارا

188 - وجاء بروضة في ظهره قد .... علتها ظبية ملئت قرونا الروضة: ماء يكون في القرية إلى نصفها. والروضة في غير [214/ب] هذا: المكان المتسع الكثير الماء والنبات. وأما البستان فلا يقال له روضة. والظبية: كيس من أدم جاء به فوق القربة المذكورة وقد ملأه قرونا. ويقال لفرج الفرس ظبية، وهو غير هذا الذي نحن فيه. 189 - ويحزنه السواك ويشتكيه .... إلى من يرسل الغيث الهتونا السواك: مشي ضعيف كما يمشي الجائع والمريض. وأراد ههنا المشي الضعيف من الجوع بسبب السنة المجدبة. وقال أبو الطيب: وقد حملتني شكرا طويلا .... ثقيلا لا أطيق به حراكا

أحاذر أن أشق على المطايا .... فلا تمشي به إلا سواكا ويقال: تساوكت الإبل تساوكا، وساوك بعضها سواكا؛ قال: إلى الله أشكو ما أرى من جيادنا .... تساوك هزلي مخهن قليل والسواك في غير هذا: المسواك، والمسواك يؤكر ويؤنث. قال ابن دريد: وقد ذكر في الشعر الفصيح، قال: إذا أخذت مسواكها ميحت به .... رضابا كطعم الزنجبيل المعسل وفي الحديث: (السواك مطهرة للفم).

وسمعت بعض الأدباء من شيوخنا يقول: كيف يؤمر بالسواك؟ فقال بعض من كان بين يديه: استك! فضحك منه، فقيل له: فكيف يقال؟ فقال: سك. قال: وقال بعض الخلفاء لمن بيده أعواد السواك ما هذا؟ فقال: محاسنك ياأمير المؤمنين!!. 190 - وغسل العرش مفروض عليه .... نعم، وعلى جميع المحدثينا العرش ههنا: الرسغ من قدم الإنسان في ظهرها، وغسله فرض في الوضوء والغسل. والعرش في غير هذا: هو السرير؛ ومنه قول الله [215/آ] عز وجل: {ورفع أبويه على

العرش} وقوله عز وجل: {أيكم يأتيني بعرشها}. والعرش أيضا: قوام أمر الإنسان، فإذا تغير ذلك قيل: قد ثل عرشه. ومعنى ثل عرشه: هدم عزه، قال زهير" تداركتما الأحلاف قد ثل عرشها .... ... ... ... ... ... والعرش أيضا: مصدر عرشت القليب أعرشه عرشا: إذا طويته بالخشب. وعرش السماك: الكواكب الأربعة التي أسفل من العواء، وهي عجز الأسد. 191 - يكون بغير مكة ذا اعتمار .... ويتركه بها كالمحرمينا الاعتمار: لبس العمامة. والعمامة، بفتح العين: كل شيء جعلته على رأسك من عمامة، أو تاج، أو قلنسوة وقول الأعشى:

فلما أتانا بعيد الكرى .... سجدنا له ورفعنا العمارا قيل: إنه من هذا، وإنهم كشفوا رؤوسهم وسجدوا إعظاما له. وقيل: رفعوا أصواتهم بقولهم: عمرك الله، أي: أبقاك. وقيل العمار: الريحان الذي يحضرونه مجلس الشراب، فإذا دخل عليهم داخل رفعوا له أيديهم، وهو فيها، يحيونه به. ومعنى البيت الذي قلناه: إن هذا الرجل يكون بغير مكة معتمرا، أي: متعمما، ويكون بمكة غير متعمم، لأنه محرم من جملة المحرمين. وقول الأعشى: وجاشت النفس لما جاء فلهم .... وراكب جاء من تثليث معتمرا قال فيه الأصمعي: جاء زائرا. والمعتمر: الزائر. والمعتمر في الحج: الذي يأتي بالعمرة.

192 - وألهاه السفا عن سوم مال .... وأبكاه فلم يألف قطينا السقا: تراب القبر. لما رآه ترك سوم الإبل أي: رعيها. يقال [215/ب]: سامت الإبل تسوم سوما: إذا رعت. وأسامها صاحبها يسيمها؛ قال الله عز وجل: {ومنه شجر فيه تسيمون}. والسوم، أيضا: المبايعة، وفي الحديث: (لا يخطبن أحدكم على خطبة أخيه، ولا يسومن على سومه). والسوم أيضا: مصدر سامه يسومه سوما: إذا كلفه ما يكرهه، ومنه قوله عز وجل: {يسومونكم سوء العذاب}. والسفا أيضا: خفة الناصية، وهو عيب في الفرس، وفخر في البغل قال:

جاءت به معتجرا ببرده سفواء تردي بنسيج وحده وأضيف إلى (وحده) أربعة ألفاظ: نسيج وحده: شبه بالحلة التي لم ينسج على منوالها غيرها. والمنوال: الخشبة التي يلف النساج عليها الثوب. والثاني: عيير وحده. والثالث: جحيش وحده. والرابع: قال قوم: رجيل وحده. والسفا أيضا: ما تطير الريح من التراب. والسفا: شوك البهمى. 193 - ومن ذات السوار يقر بغضا .... ومن ذات الشذا حتى يبينا

إن قيل: كيف يبغض السوار وهو من زينة المرأة؟ قيل: السوار ههنا: المواثبة؛ يقال: ساوره: إذا واثبه، سوارا ومساورة، وهو سوار، أي: وثاب؛ فهو يفر من المرأة المواثبة. فإن قيل: فكيف يفر من ذات الشذا؟ والشذا: عود البخور وهو محبوب الرائحة؛ قال ابن الإطنابة: إذا ما مشت نادى بما في ثبابها .... رياح الشذا والمندلي المطير قيل: الشذا ههنا: الأذى؛ يقال: لقد أشذى وآذى. والشذا على معان: الأذى، والشر، والجوع، وذباب الكلب، وشجر، وضرب من السفن؛ والواحدة في جميع ذلك: شذاة. والشذا: حدة ذكاءالرائحة، والملح، وبقية الرمق والقوة؛ قال:

فاطم ردي لي شذا من نفسي [216/آ]. والشذا: كسر العود. 194 - وإن جرح استقام ونال خيرا .... وفداه الأقارب بالأبينا يقال: جرح فلان في بيعه، أي: ربح وغنم وكسب؛ وقال الله عز وجل: {ويعلم ما جرحتم بالنهار}. 195 - وعادى الأنثيين فشرداه .... عن الأوطان مكتئبا حزينا الأنثيان: بجيلة وقضاعة، سميا بذلك لتأنيث اسميهما، كما سموا المنجنيق أنثى لأنها تحمل وتضع؛ قال العجاج: حتى إذا صفوا له جدارا أورد حذا تسبق الأبصارا يسبقن بالموت القنا الحرارا والمشرفي والقنا الخطارا

يسرعن دون الجنن البشارا وكل أنثى حملت أحجارا تنتج يوم تلقح الأبكارا فجعل المنجنيق أنثى لما ذكرته. وقيل: إنها مؤنثة الاسم وإنه يقال: هذه منجنيق، ولعل تأنيها لما تقدم. و (جدارا) منصوب على الحال، أي: مشبهين جدارا. وقوله: (له)، أي: للحجاج. و (حذا): جمع أحذ، وهو السهم و (الحرار): العطاش، أي هي عطاش إلى الدم. والبشار: مصدر باشر يباشر مباشرة وبشارا، أي: يسرع المباشرة. ويقال: نتجت الناقة تنتج نتاجا، ونتجها أهلها نتجا. ولقحت الناقة تلقح، وألقحها الفحل. وتضع حملها يوم حملت به: من خرق العوائد. ومثل مسميتهم لـ (بجيلة) و (قضاعة): (الأنثيين) قول الشاعر:

بل ذات أكرومة تكنفها الـ .... أحجار مشهورة مواسمها يريد بـ (الأحجار): جندلا وجرولا وصخرا، وهم بنو نهشل، قيل لهم: (الأحجار) لأنهم [216/ب] سموا بالأحجار. وأنشد أبو سعيد السكري لبعض بني فزارة: وحللت من مضر بأمنع ذروة .... بنيت بمجد الشوك والأحجار أراد أن مجده من قبل أعمامه وأخواله شوك وأحجار. فالشوك أعمامه: قتادة وثمامة وعوسجة. والأحجار أخواله: صخر وفهر وجندل. [196 - ونادى: يا سخينة فاعترته .... سيوف من قريش مصلتينا سخينة: اسم جعل علما لقريش؛ لكثرة تناولهم السخينة،

وهي دون العصيدة وفوق الخزيرة، فلقبوا بذلك وعيروا به، قال الشاعر: زعمت سخينة أن ستغلب ربها .... وليغلبن مغالب الغلاب] 197 - وتاه بحجة فغدا بها مفـ .... سدا للحج محتقبا فتونا الحجة: لؤلؤة تعلق في الأذن؛ هام بها فأوقعته فيما أفسد عليه حجه. والحجة في غير هذا: المرة الواجدة من الحج، والحج في الأصل: القصد؛ قال:

فهم أهلات حول قيس بن عاصم .... يحجون سب الزبرقان المزعفرا والأهلات: جمع أهلة، والأهلة والأهل واحد، قال: وأهلة ود قد تبريت ودهم .... وأبليتهم في الحمد جهدة ونائلي ومعنى (تبريت): تعرضت له ولوده، وبذلت له في ذلك طاقتي؛ والجمع: أهلات. ويحجون، أي: يقصدون. والسب: العمامة، وكذلك الخمار أيضا. والسب: الحبل. والسب: شقة من الكتان رقيقة. والسب: الذي يساببك؛ قال حسان:

لا تسبنني فلست بسبي .... إن سبي من الرجال الكريم وقال أبو عبيد: السب: الكثير السباب. والزبرقان ههنا هو ابن بدر الفزاري، واسمه: حصين، وإنما سمي الزبرقان لصفرة عمامته. وزبرقت الثوب، أي: صفرته. والزبرقان: القمر. وقال ابن دريد: كانت سادات العرب يصبغون عمائمهم بالزعفران. وقوله: (المزعفر)؛ لأن السب مذكر، وإن كان المراد به العمامة، كما قال: يا بئر يا بئر بني عدي لأنزحن قعرك بالدلي حتى تعودي أقطع الولي

فذكر (أقطع) على تأويل: القليب [217/آ]. فإن قيل: فما الدليل على أن القليب مذكر؟ قلت: لقولهم في جمعه: أقلبة كرغيف وأرغفة، ولو كان مؤنثا لقالوا: أقلب، كيمين وأيمن. 198 - وإنسان كسدس الميل طولا .... يسبح ربه في الذاكرينا الإنسان: الأنملة، والذي يذكر يشير بها. وقول الشاعر: تمري بإنسانها إنسان مقلتها .... إنانة في سواد الليل عطبول أي: تستحلب بأنملتها دمع مقلتها. إلا أن أهل العربية قالوا: إنسان، للمرأة والرجل، ولا يقال: إنسانة، والعامة تقوله. وإنسان العين مثل الإنسان يرى. و (إنسان): فعلان وزيدت الياء في تصغيره، كما قيل في تصغير رجل: رويجل.

وقيل: وزنه: إفعلان، وأصله: إنسيان؛ فحذف الياء منه تخفيفا لكثرة الاستعمال، ثم ردت في التصغير، لأن التصغير غير كثير. واحتج قائل هذا بقول ابن عباس رحمه الله: إنما سمي إنسانا؛ لأن الله عز وجل عهد إليه فنسي. 199 - وأبرص يملأ الأبصار حسنا .... وأعور سالم لم يشك عينا 200 - وأعور يرتقي في الجو أيضا .... ولست تعيب في عينيه شيئا الأبرص: القمر. والأعور: الذي لا بصر له بالطريق. والأعور الذي يرتقي في الجو: الغراب، وإنما قيل له: أعور لأنه إذا صاح غمض إحدى عينيه. 201 - وإبريق يخاف وحاملوه .... كذاك وقد يزين الحاملينا الإبريق: السيف.

202 - وأجلح تركب النسوان فيه .... إذا نزلت سعاد علت لبينا الأجلح: الهودج الذي لا قبة له. 203 - وبر فعله أبدا فساد .... ومأكول يحب الآكلينا [217/ب] البر: الفارة، وفعلها أبدا الفساد، كما قال: لا تلد الفارة إلا فارة مفسدة مخربة حفارة ومنه قولهم: (ما يعرف هرا من بر) أي: ما [يعرف] السنور من الفارة. وقيل: معناه ما يعرف من يهر عله ممن يبره.

وقيل: البر: ولد الثعلب. والبر أيضا: الصديق. والبر: ضد العقوق. والبر: القلب؛ وقال: يكون مكان البر مني ودونه .... وأجعل مالي دونه وأوامره والمأكول: الرعية. والآكلون: الملوك. وفي الحديث: (مأكول حمير خير من آكلها). 204 - وأعجف سيره كالريح تخشى .... مواقعه على المتباعدينا الأعجف: النصل الرقيق من نصول السهام. 205 - وقدر ضمنت ديكا وديكا .... وما فيها سوى ديك يقينا ديك وديك، أي: له ودك. 206 - ومصباح له عقل وشك .... ولولا شكه لغدا سمينا

المصباح من الإبل: ما يصبح في مبركه لا يرتعي حتى يرتفع النهار، وذلك مستحب في الإبل؛ قال الشاعر: إن المصابيح مضنون بتلفتها .... والعرض أولى بصون يا بني عصم لو بات مجتلما ما في شطائبها .... ما بات عرض أبي ليلى بمجتلم أي: إن المصابيح يضن بها أربابها، ولا يسمحون بتلفها، ولكن العرض أولى بالصون منها. فلو بات هذا الضيف يجتلم شحم شطائبها - والشطائب: شحم السنام - لم يبت عرض أبي ليلى - وهو رب هذه الإبل - مجتلما، أي: مقتطعا، والاجتلام: الاقتطاع، مأخوذ من القطع بالجملتين. والمصباح: السراج. والمصباح: القدح الذي يصطبح به. والعقل: مصدر عقلت البعير أعقله عقلا، وهو أن تثني الوظيف إلى الذراع فتشدهما في وسط الذراع.

والعقل: نقيض الجهل، وقد عقل، بفتح القاف، يعقل عقلا، والجمع: عقول. والعقل أيضا الملجأ، وهو الذي أراد أحيحة بن الجلاح بقوله: وقد أعددت للحدثان صعبا .... لو أن المرء تنفعه العقول أراد: مكانا صعبا. وجمعه على فعول مثل جمع العقل الذي هو ضد الجهل. والعقل أيضا: ثوب أحمر يغشى به الهودج. والعقل من الثياب: ما نقشه مستطيل، فإن كان نقشه مستديرا فهو الرقم. والعقل: الدية، وفي تسميتها بذلك وجهان: أحدهما: أن الإبل التي كانت تؤدي فيها تعقل عند دار المقتول، ثم صار ذلك اسما للدية وإن كانت ذهبا. والثاني: أنها سميت بذلك لأنها تعقل [218 / آ] الدماء، أي:

تمنعها أن تسفك. والعقل: مصدر قولهم: عقل الظل يعقل عقلا: إذا قام قائم الظهيرة. والعقل أيضا: من قولهم: عقل بطنه كذا: إذا أمسكها. ومصدر قولهم: عقل الظبي: إذا امتنع في الجبل. والشك: ظلع يصيب البعير، وقد شك يشك شكا. ولولا شكه الذي أصابه لكان سمينا. 207 - وشر من ضروب الخير مما .... يقيم به الصلاة المتقونا الشر: مصدر شررت الثوب ليجف في الشمس. 208 - وقفر ما لمهمهه تناه .... ويقطع في فراسخ أربعينا التناهي: جمع تنهية، والتنهية: الجرف الذي ينتهي إليه ماء الوادي.

209 - وواد يستعين بما أتاه .... ويطلب أن يقضي عنه دينا الوادي: اسم فاعل من: وديت القتيل أديه دية: إذا أعطيت ديته. فهذا الوادي يستعين بمن يأتيه ليعينه على الدية، وعلى دية ركبه بسببها. والوادي: واحد من الأدوية، معروف. 210 - وأبله يرغب العلماء فيه .... ويكسبهم ذكاء وادعينا يقال: عيش أبله: لا هم فيه ولا نكد. 211 - وبحر قد نهانا الله عنه .... فلا يأتيه إلا المجرمونا هو مصدر: بحر ناقته بحرا: إذا شق أذنها. وكانوا إذا نتجت سبعة أبطن تركت لا تركب ولا يحمل عليها، ويجعلون أمارة ذلك شق أذنها، وهي البحيرة، قال عز وجل: {ما جعل

الله من بحيرة}. والبحر في غير هذا: الفرس الواسع الجري. ومنه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فرس أبي طلحة - وكان اسم ذلك الفرس (مندوبا)، ووقع فزع في المدينة، فركبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم عاد [218/ب] بعد أن بلغ الغاية - فقال - صلى الله عليه وسلم -: (لم تراعوا وإن وجدناه لبحرا). قلت: ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: (وإن وجدناه لبحرا): إنا قد أجرينا هذا الفرس الواسع الجري إلى الأمد البعيد، فلم نجد ما يروعكم؛ ليطمئنوا بذلك، وليعلموا بقوله: (وإن وجدناه لبحرا) أنه جد في الطلب ولم يتأن كما يفعل الجبناء. وهذا معنى مليح لمن تدبره، وما رأيت أحدا ذكره؛ وهو الفائدة في قوله: (وإن وجدناه لبحرا) لأنه إنما يجد ذلك منه إذا أجراه. والبحر: المحيط بالأرض. وقيل له - صلى الله عليه وسلم -: يا

رسول الله، إنا نركب أرماثا لنا في البحر، ومعنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر. فقال - صلى الله عليه وسلم -: (هو الطهور ماؤه، الحل ميتته). والأرماث جمع، والواحد: رمث، بفتح الراء والميم، وهو خشبات يضم بعضها إلى بعض ويركب عليها في البحر، قال جميل: تمنيت من حبي بثينة أننا .... على رمث في البحر ليس لنا وفر الوفر: المال. ويقال: أبحر الماء بعد أن كان عذبا، أي صار ملحا، قال نصيب: وقد عاد ماء الأرض بحرا فزادني .... إلى مرضي أن أبحر المشرب العذب

وقوله عز وجل: {ظهر الفساد في البر والبحر} قيل فيه: البحر: الريف، والبر: البادية. والريف: كل أرض لها نهر كبير مثل النيل والفرات ودجلة. والبحرة: البلدة، قال ذلك يحيى بن سعيد الأموي. والبحر أيضا: الفجوة بين الشيئين. 212 - ونص ينكر الفقهاء فيه .... على نظاره المتبحرينا النص ههنا: مصدر نصصت العروس: إذا رفعتها على المنصة، قال ذلك ابن دريد. ولا يجيز الفقهاء للأجانب في

هذا النص النظر ولا التبخر فيه [219/آ]. 213 - وشرع ما أتت رسل به وهـ .... ـو دين ألي الهدى والمشركيا الشرع: مصدر شرع الإهاب شرعا: إذا شق ما بين الرجلين، فهذا شرع لم يأت به رسول، وهو دين المسلمين والكافرين، أي عادتهم، والدين: العادة؛ قال الشاعر: تقول إذا درأت لها وضيني .... أهذا دينه أبدا وديني؟ والشرع في غير هذا: مصدر من قوله عز وجل: {شرع لكم من الدين}. والشرع من قولهم: هم في هذا الأمر شرع واحد، أي: هم فيه سواء، والأفصح: شرع، بفتح الراء. ويقال: هو شرعك أي: حسبك. 214 - ومن قائم بالقسط عدل .... ومن من صفات الجائرينا

المن القائم بالقسط: هو الذي يوزن به، وهو المنا أيضا. ويقال: من، ومنان، وأمنان عن ابن دريد. والمن: أن تذكر الصدقة على وجه التقريع. والمن: الذي يسقط على الشجر كالعسل. والمن: ما يمن الله عز وجل به من غير تعب، والكمأة من المن. وأما المن الذي هو من صفات الجائرينا فهو أن تحث البعير في السوق إلى أن يقف؛ وقد من ناقته يمنها منا. والمن: القطع، ومنه قوله عز وجل: {أجر غير ممنونّ}. 215 - وبعل كان فدية بعل بعل .... فبانا بعدما اصطحبا سنينا البعل الأول: النخل الذي يشرب بعروقه، ولا يقال: البعل، إلا لذلك الذي يشرب بعروقه من غير سقي. وكان هذا النخل لامرأة، فافتدت به من بعلها؛ فقد افتدت الزوجة، وهي البعل،

من البعل، وهو الزوج، بالبعل، وهو النخل. ويقال للزوجة: بعل، وللزوج: بعل [219/ب]، فبانا، لأنها اختلفت منه. 216 - وربت بيضة في عرض ميل .... يخاف الركب فيها الخاربينا البيضة: الأرض البيضاء العارية من النبات. والسودة بخلافها، وهي التي فيها النبات والنخل. وأظن (سودة) أم المؤمنين - رضي الله عنها - سميت بذلك. والبيضة أيضا: أرض بعينها عند العذيب. فاحمل ما ذكرنا على ما شئت منهما. والبيضة أصل القول ومجتمعهم، ومنه بيضة الإسلام. 217 - وأوجع بطن عمرو بطن هند .... إذ احتقر ببطنهما عيونا بطن عمرو: مصدر بطنه: إذا ضربه على بطنه والمعنى: أوجع

ضرب عمرو، وهو بطنه، هندا؛ لأنه ضربها على بطنها، وذلك لما احتفرا ببطنهما عيونا. والبطن: الغامض من الأرض، احتفرا فيه عيونا، فاشتجرا فضربها على بطنها فأوجع بطنها. 218 - وتمساح تكلم فازدروه .... وتبن يحفظ اللبن التخينا التمساح: الكذاب. والتبن: إناء كبير يروي العشرين ونحوها، قال الكسائي هو أعظم الأقداح ثم الحصن يقاربه هم العس يروي الأربعة، ثم القدح يروي الرجلين، ثم القعب يروي الواحد، ثم الغمر. 219 - وعري ثعلب فكساه ثور .... كريم جنة فحمى الحصونا الثعلب: طرف الرمح الداخل في جبة السنان، والجبة: ما دخل فيه الرمح. والثور ههنا: السيد لما كسا الثعلب المذكور الجبة المذكورة حمى به الحصون. ويجوز أن يرجع الضمير في (حمى) على الثعلب. 220 - وراح يسوق ثورا بعد ثور .... ويقري بالشواء الجائعينا

يسوق [220/آ] ثورا من بقر الوحش. (بعد ثور) أي: بعد نهوض، وهو مصدر ثار يثور ثورا: إذا نهض. 221 - وربت قرية ضاقت بثور .... له سكانها يتجاذبونا يعني قرية النمل، وهو مسكنه، ضاقت بثور، وهو القطعة من الأقط، وهو اللبن الرائب يطبخ حتى ينعقد، ثم يجفف في الشمس بعد أن يجعل أقراصا. 222 - وكما دكاء ترعى في الفيافي .... وخيط قد أخاف الخادعينا الدكاء: الناقة التي لا سنام لها. والدكاء في غير هذا: الرابية من الطين. وقال أبو علي، في قوله عز وجل: {جعله دكاء}، قالوا: ناقة دكاء، أي: لا سنام لها، قال: فجملة ما في القرآن على التشبيه بالناقة الدكاء.

وليس الأمر كما قال، إنما المراد: (أرضا دكاء). ومن قرأ {دكاّ} فالمراد: دكه دكا، فأقام (جعله) مقام (دكه) أو جعله ذا دك، أو نفس الدك مبالغة. قال أبو القاسم الزمخشري: وقرأ إمام المقام في الصلاة: {جعله دكاء} فقلت: مددت دكاء ونونتها .... ما بال فعلائكم تنصرف

فعلاؤنا لم تنصرف مرة .... ما للفعالى طفقت تختلف والخيط الذي أخاف الخادعينا هو الخيط في قول الله عز وجل: {الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر}. والخادع: اللص والخاتل أخافه ضوء الصبح. قال أبو داود: فلما أضاءت لنا سدفة .... ولاح من الصبح خيط أتارا والخيط: النخاع الذي في الرقبة، يقال: دافع فلان عن خيط رأسه [220/ب]، وعن خيطه، أي: دافع عن رقبته. ولعاب الشمس يقال له: خيط باطل. وكان مروان بن الحكم يلقب بـ (خيط باطل) لأنه كان طويلا مضطربا، وفيه يقول الشاعر:

لحى الله قوماً ملكوا خيط باطل .... على الناس يعطي ما يشاء ويمنع ويسمى لعاب الشمس أيضا مخاط الشيطان. 223 - وإصطلاح الدوا للعلم أصل .... وإصطلاح الدوا لك لن يكونا الدوا: جمع دواة، مثل نواة ونوى. وإصلاح الدواة أصل في تحصيل العلم. وفي الحديث: (قيد العلم بالكتاب). والدوا الثاني: الأحمق، وإصلاحه لك لن يكون أبدا. 224 - وكم من دمنة عسر شفاها .... وكم من دمنة أبكت عيونا الدمنة: الحقد، ودواؤه عسر. والدمنة: الدار. وقد كثر بكاء الشعراء على الدمن، وما أحسن قول ذي الرمة: وقفت به لما عرفت مكانه .... وهجت البكا حتى بكى القوم من أجلي!

وقول الآخر: لم يبق لي يوم الفراق فضلة .... من دمعة أبكي بها على الدمن! والدمنة أيضا: ما تلبد من السرجين ونحوه. 225 - وردف لا تقلقله البرايا .... وقد نهضت به سعدى ومينا الردف: جبل معروف، نهضت به سعدى ومينا وصعدتا عليه. والردف في غير هذا: الواحد من أرداف الملوك، وهم الذين يخلفونهم، وكان ذلك في الجاهلية. والردفان: الليل والنهار، والواحد منهما: ردف. والردف: أحد أرداف النجوم التي يتلو بعضها بعضا. 226 - وزين لا يرى إلا مهانا .... وزيف قد أضل الوامقينا الزين: عرف [211/آ] الديك، قال الشاعر:

.. ... .... كأنك ديك مائل الزين أعور والزين: ضد الشين. والزيف: مصدر زافت المرأة تزيف زيفا: إذا كانت كأنها تستدير في مشيتها. وفي غير هذا: زافت الناقة: إذا أسرعت؛ قال حسان: دفقة المشية زيافة .... تهوي خنوفا في فضول الزمام ودرهم زيف وزائف بمعنى واحد. 227 - وزوج في الثرى يلهي بهيج .... وزوج قد علا للظاعنينا الزوج: من قول الله عز وجل: {وأنبت من كل زوج بهيج}. والزوج الثاني: ثوب من صوف يطرح على الهودج، قال لبيد:

شاقتك ظعن الحي يوم تحملوا .... فتكنسوا قطنا تصر خيامها من كل محفوف يظل عصيه .... زوج عليه كله وقرامها 228 - وسم أعظم الأشياء نفعا .... دواء للنفوس إذا دوينا السم: الإصلاح بين القوم. يقال: سم بينهما سما: إذا أصلح. وسم الخياط: مدخل الخيط من الإبرة. والسم: واحد سموم الإنسان، وهي خروقه نحو الأذنين والفم والمنخرين. والسم القاتل يقال بالفتح والضم، وكذلك جميع ما قبله. ويقال: دوي صدره، بفتح أوله وكسر ثانيه، أي: ضغن، فالإصلاح دواء لذلك. 229 - وسلق أكله حرم علينا .... ويأكلنا ويسلب ما اقتنينا السلق: الذئب، والأنثى: سلقة. والسلق الذي يؤكل

معروف. 230 - وسهو تحفظ الأشياء فيه .... وساهرة وما رزقت جفونا [221/ب] السهو: المخدع، وقيل: الرف. والسهو في غير هذا: السكون. والسهو: أن تحمل على حيض. والساهرة: الفلاة. والساهرة في قول الله عز وجل: {فإذا هم بالساهرة}: وجه الأرض. وأنشد عبيدة: خياركم خيار أهل الساهرة أطعنهم للبة وخاصرة وقال دريد: الساهرة: الأرض البيضاء. 231 - وجبار بمدح نبينا قد .... علا وتراه يحيي الكافرينا الجبار: النخل الطويل، وقيل: هو الفتي من النخل الطويل،

وهو دون السحوق، ومدحه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (نعم المال النخل الراسخات في الوحل المطعمات في المحل). والكافرون: أربابه يعيشون بما يجنونه منه، قال الله عز وجل: {كمثل غيث أعجب الكفار نباته} وهم الزراع. وإنما سموا كفارا؛ لأنهم يسترون البذر بالتراب، والكفر: الستر، قال الشاعر: هل تعرف الدار بأعلى ذي الفور قد درست غير رماد مكفور أي مستور؛ لأن الريح سفت عليه التراب فسترته. والكفور مأخوذة من هذا. وقال معاوية: أهل الكفور هم أهل القبول، أي: إنهم كالموتى لا يشاهدون ما في المدائن وما في أسواقها، ولا يشهدون الجمع ولا الأعياد. وفي الدعاء:

(اللهم اغفر لأهل الكفور) أي: لأهل القبور، ويسمى القبر كفرا. وكفر النعمة: سترها. والكافر ستر الإيمان وغطاه. والمتكفر: الداخل في السلاح. و (ذو الفور): موضع والفور: الظباء. ويقال: (لا أكلمك ما لألأت الفور)، أي: ما حركت أذنابها. وقال [222/آ] الجوهري: القارة: الأكمة، وجمعها: قار وقور، وأنشد: هل تعرف الدار بأعلى ذي القور والذي أنشده بالفاء أثبت. 232 - وفي رمضان شعبان أتانا .... وفيه قدوة للمقتدينا شعبان: حي من همدان، وفي ذلك الحي عامر الشعبي، وهو الإمام المشار إليه؛ لأن عامرا الشعبي من شعبان الذي هو حي

من همدان. 233 - ومكة عكة فيها وتبري .... بصكتها جلود المحرمينا العكة: فورة الحر، وكذلك العكاك والعكيك، قال طرفة: نطرد القر بحر صادق .... وعكيك القيظ إن جاء بقر ويوم عك وعكيك، أي: شديد الحر. وقد عك هذا اليوم يعك. قال الفراء ويقال: هذه ارض عكة، وأرض عكة، تضاف ولا تضاف. وعكة في غير هذا اسم البلد المعروف. وفي الحديث: (طوبى لمن رأى عكة). والصكة: أشد الهاجرة. وفي كلامهم جئته عكة عمي،

وصكة عمي أيضا في قول ابن دريد، أي في وقت الظهيرة. وقال ابن الكلبي: عمي: رجل من العماليق أغار على قوم في وقت الظهيرة، فجرى به المثل في كل من جاء في ذلك الوقت، لأنه وقت منكر. والصكة في غير هذا: من قولهم: صجه بيده صكة واحدة. وصك البازي الطائر صكة. وصككت الباب صكة. ولعلهم إنما قالوا: (صكة عمي) من قولهم: صك البازي الطائر، على ما قاله ابن الكلبي؛ لأنه لما أغار عليهم صكهم صكة كما يصك البازي الطائر. ومكة تبري جلود المحرمينا بصكتها وشدة حرها [222/ب] وحر مكة - شرفها الله - معلوم. وفي الحديث: (من صبر على جوع المدينة وحر مكة دخل الجنة).

234 - وضرة هند قد حسدت عليها .... وغاظت ضرتاها الحاسدينا الضرة: المال الكثير، وعلى ذلك حسدت. وقد أضر فلان فهو مضر: إذا صارت له ضرة من المال، قال: بحسبك في القوم أن يعلموا .... بأنك فيهم غني مضر والضرتان اللتان غاظتا حاسديها هما اللحمتان اللتان تحت الإبهامين، كل واحدة منهما ضرة، خضبتهما فغاطتا الحاسدينا. أو غاظتا الحاسدين لحسنهما. والضرة في غير هذا: كل واحدة من زوجتي الرجل ضرة الأخرى. والضرة: إحدى الضرتين، وهما حجرا الطحن. والضرة: أصل الضرع الذي لا يخلو من لبن. 235 - وعم محمد كان النبي الـ .... ـكريم المصطفى وبه هدينا

عم محمد - صلى الله عليه وسلم - هو أبو طالب. ومعنى قولنا (كان النبي) أي كفله، يقال: كان فلان اليتيم: إذا كفله، وقد كان أبو طالب كذلك. 236 - وعيد لم يكن عيدا لفطر .... ولا نحر ولا يختص دينا 237 - بكى من أجله قيس ولبنى .... وأرقها فرجعت الحنينا العيد: ما اعتاد الإنسان من هم، أو هوى، أو نحو ذلك؛ قال الشاعر: فالقلب يعتاده من حبها عيد وقال تأبط شرا:

يا عيد مالك من شوق وإيراق .... ومر طيف على الأهوال طراق 238 - جلوت خريدة كسيت بهاء .... وحسنا رائعا ملأ العيونا 239 - فقل: رحم الرحيم فتى جباه .... بجلوتها تسر الناظرينا 240 - بحد الله تمت والعطايا .... لديه تفوق حمد الحامدينا [223/آ] 241 - وصلى الله أفضل ما يصلي .... على من ساد في الفضل القرونا 242 - محمد النبي وآله والصـ .... ـحاب الطيبين الأكرمينا 243 - وحسبي جود ربي والتجائي .... إليه لما أؤمل أن يكونا

[آخر نسخة المؤلف] أنهاه مطالعة ونسخا العبد المقترف المعترف بذنبه أحمد بن عبد الله بن شعيب التميمي نفعه الله بالعلم وجعله من أهله داعيا لشيخه مصنفه أسكنه الله بحبوحة الجنان ورزقه بركة {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} فلقد نصح أبقاه الله فيما شرح وسهل ما صعب من أبواب العلوم وفتح: شيخ علم له فنون توازي .... يذبلا مع فصاحة وبيان عمره ناهز الثمانين حولا .... مع ذكاء يربي على العنفوان طول الله عمره للبرايا .... فلقد فاق أهل كل زمان نقله الفقير إلى رحمة ربه الغني أحمد بن أبي الفضائل بل أبي المجد بن أبي المعالي بن الدخميسي نفعه الله وعفا عنه داعيا لمصنفه لا زالت الآفاق ببقائه مجملة وجمل الفضائل بوافر علومه مكملة. وقلت:

1 - صباح الهداية قد أسفرا .... بسفر السعادة مستبشرا 2 - سفير الإفادة كم غامض .... بسحر البلاغة قد أظهرا 3 - كتاب غدا غرة للزمان .... فأضحى دجاء به مقمرا 4 - فوائده جمة جزلة .... معانيه تعظم أن تحصرا [223/ب] 5 - وألفاظه سهلة حقها .... بذوب من التبر أن تسطرا 6 - مصنفه بحر كل العلوم .... فلا غرو أن يقذف الجوهرا 7 - هو الحبر قد أرشدت أمة .... بما قد أفاد وما حبرا 8 - هو الألمعي الذي فكره .... يكاد عن الغيب أن يخبرا 9 - إمام مجالسه جنة .... أسال نداه بها كوثرا

10 - كريم السجايا له أنعم .... على طالبي العلم لن تكفرا 11 - خطيب ثنائي لا يأتلي .... على مجده راقيا منبرا 12 - ومشهود ودى له ثابت .... صحيح بريء من الإفترا 13 - أيا علم الدين قد عجزت .... فضائلك الغر كل الورى 14 - وذكرك قد طبق الخافقين .... ومسكيه لهما عطرا 15 - سماء العلى أنت بدر لها .... فلا زلت في أفقها نيرا 16 - ولا زلت للفضل والمكرمات .... كذا دائما موردا مصدرا نجزت، والحمد لله كفاء نعمه، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وآله وصحبه وسلم كثيرا. [كتب تحت البيت الرابع ص 223 ب]: قرأت جميع هذا الكتاب - وهو سفر السعادة وسفير الإفادة -

على مصنفه الشيخ الإمام العلامة شيخ المشايخ بقية السلف علم الدين أبي الحسن علي بن محمد السخاوي متع الله المسلمين بحياته، وعارضت نسختي المنقولة منه. وكتب فخر بن نصر الله بن هلال الشافعي (...) حامدا (...) شهر رجب سنة تسع وثلاثين وستمائة والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وحسبنا الله ونعم الوكيل. [وكتب في أعلى الصفحة - 223 ب -]: قرأت جميع هذا الكتاب - وهو سفر السعادة وسفير الإفادة - على مصنفه شيخنا الإمام العلامة فريد دهره ووحيد عصره علم الدين بقية السلف وعمدة الخلف أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي متعنا الله برؤيته؛ وقابلت به نسختي مقابلة مرضية حسب الجهد ولله الحمد والمنة وصح ذلك وثبت في مجالس عدة آخرها يوم الجمعة حادي عشر شوال سنة ثمان وثلاثين وستمائة بمنزل المسمع بمقبرة سوتكين بسفح جبل قاسيون ظاهر دمشق. وكتب القاضي الفقير إلى رحمة ربه (...) محمد بن أبي الزهر بن معالي بن عسكر الأنصاري حامدا لله ومصليا على رسول الله الأمين وآله (...) وحسبنا الله ونعم الوكيل.

[وكتب في الهامش الأيمن - 223 ب -]: قرأت هذا الكتاب من أوله إلى آخره على مصنفه أطال الله بقاءه وأحسن جزاءة معارضا بنسختي التي نقلتها بخطي من هذه المنسخة في مجالس آخرها صبيحة يوم الجمعة الرابع والعشرين من شوال سنة سبع وثلاثين وستمائة للهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام. وكتب عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي الربعي الشافعي غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين حامدا لله تعالى ومصليا على نبيه محمد وآله ومسلما. [وكتب في أسفل الصفحة 224]: نقل هذه النسخة جميعها بخطه العبد الفقير إلى الله تعالى الراجي غفران ذنبه محمد بن نفيس بن محمود بن أبي القاسم اليعقوبي الشافعي البغدادي عفا الله عنه وغفر له. [وكتب في هامشها الأيسر]: سمع هذه القصيد التي في آخرها من لفظ قائلها الإمام العالم [أحمد بن أبي الفضائل بن أبي المجد بن أبي المعالي بن الدخميسي وسمع] سفر السعادة وسفير الإفادة هذا على مصنفه شيخنا الإمام العالم الحبر الكامل العلامة علم الدين حجة العرب

وقدوة أهل الأدب أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي متع الله الإسلام والمسلمين بطول بقائه الممدوح بها الجماعة السادة الأئمة: جمال الدين أبو العباس أحمد بن عبد الله بن شعيب التميمي، وجمال الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الجليل بن عبد الكريم بن الموقاني، وشيخنا الإمام ريحانة الشام فخر الدين أبو عبد الله بن عمر بن عبد الكريم بن المالكي، ونجيب الدين أبو الفتح نصر الله بن أبي العز بن أبي طالب الشيباني الصفار، والقاضي معين الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز القرشي، وشرف الدين أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن الحسين الإربلي، وصفي الدين خليل بن عبد الله بن سلامة الشافعي، وتقي الدين سليمان بن داود بن أبي الحسن الشافعي وابنه أبو عبد الله محمد، وإبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري وابنه عبد الرحمن، وأبو الحسن علي بن محمد بن موسى الصنهاجي، وأبو إسحاق إبراهيم بن داود بن ظافر الفاضلي، وأبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي، وأبو محمد عبد الله بن مالك بن مرحب الأندلسي، وأبو الحسن علي بن محمد بن علي المراكشي، وعبد الملك بن يوسف بن عبد الوهاب، وبيبرس فتى منشئ القصيدة، ومحمد بن داود الصارمي - والخط له -، وآخرون. وصح في يوم الثلاثاي ثامن جمادى الآخرة سنة خمس

وثلاثين وستمائة بجامع دمشق عمره الله، ولله الحمد. مصلح بالكشط من أبي العز بن أبي طالب قاله محمد الصارمي حامدا مصليا مسلما [الصفحة 225]: سمع هذا الكتاب - وهو كتاب سفر السعادة وسفير الإفادة - على مصنفه الإمام العالم الصدر الكامل شيخ العلماء وإمام الفضلاء ومفيد النحاة والقراء علم الدين أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي نفع الله به المسلمين الشيخ الفقيه الفاضل تقي الدين أبو عبد الله محمد بن الحسين بن رزين الحموي الشافعي، والشيخ الفقيه العالم شهاب الدين أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان المقدسي الشافعي، وأمين الدين عبد الصمد بن عبد الوهاب بن الحسن بن عساكر، وظهير الدين أبو منصور بن الحسن المظفر بن مطر الموصلي، وشهاب الدين أبو بكر عبد الخالق بن مزهر الدمشقي، ومحمود بن فتح بن عبد الله البغدادي، وأبو محمد عبد الله بن مالك بن مرحب المغربي، وأبو محمد عبد الله بن يحيى بن أبي بكر يوسف الجزائري، ومحمد بن عبد المنعم بن علي القرشي، وأحمد بن أبي المظفر نفيس بن محمود اليعقوبي، ومحمد بن أحمد بن عبد الله الأندلسي أبوه، وعبد الرحمن وأحمد ابنا

إبراهيم بن سباع، ودانيال بن منكلي بن صرفا الكركي، وأبو المحاسن وعبد الرحمن ابنا أبي الحرم بن أبي المحاسن بن الخرقي بقراءة خالهما كاتب هذه الطبقة أحمد بن عبد الله بن شعيب التميمي في مجالس آخرها في العشر الآخر من شهر رمضان من سنة ثمان وثلاثين وستمائة بحلقة المسمع بجامع دمشق حرست. * * * سمع جميع هذا الكتاب - وهو سفر السعادة - على مصنفه الشيخ الإمام الأوحد الصدر الكامل العلامة علم الدين أبي الحسن علي بن عبد الصمد السخاوي نفع الله به، بقراءة الشيخ الأجل العالم الفاضل الثقة المقرئ جمال الدين أبي العباس أحمد بن عبد الله بن شعيب التميمي - أحسن الله إليه - ابنا أخته أبو المحاسن وعبد الرحمن ابنا أبي الحرم بن أبي المحاسن الخرقي، والأئمة الشيخ الإمام صدر الدين أبو علي الحسن بن محمد بن محمد بن البكري التيمي وابناه شمس الدين أبو الفتوح الحسين ونجم الدين أبو بكر محمد، وعتيقه أقس بن عبد الله التركي المشطوب وسبطه أبو المناقب محمد بن محمد بن عبد الوهاب المنقذي الحسيني وابن أخيه أبو بكر محمد بن شرف الدين محمد بن محمد البكري، وشرف الدين أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن الحسين الإربلي، وشهاب الدين أبو محمد

عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم الشافعي وابنه أبو الحرم محمد في الخامسة من سنه وفتاه أقس بن عبد الله الكرخي، ومجد الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عمر الإربلي وابن أخيه عبد الرحمن بن عبد الصمد، وشرف الدين أبو المظفر يوسف بن الحسن بن بدر بن النابلسي وابن أخته أبو عبد الله محمد بن خالد بن يوسف بن سعد النابلسي. يتلوه بقية الأسماء. [الصفحة 226]: سمع جميع هذا الكتاب المسمى بـ (سفر السعادة وسفير الإفادة) على مصنفه شيخنا ومولانا الفقيه الإمام العالم العامل العلامة الصدر الكامل سيد العلماء قدوة الأدباء أوحد العصر فريد الدهر علم الدين شيخ الإسلام بقية السلف أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي متع الله الإسلام والمسلمين بطول بقائه بقراءة الإمام العالم الأوحد البارع جمال الدين أبي العباس أحمد بن عبد الله بن شعيب التميمي الفقهاء الأئمة: أبو عبد الله شيخنا الإمام العالم فخر الدين ريحانة الشام محمد بن عمر بن عبد الكريم الحميري بن المالكي، وجمال الدين محمد بن عبد الجليل بن عبد الكريم بن الموقاني، وكمال الدين أبو العباس أحمد بن أبي الفضائل بن أبي المجد بن أبي المعالي بن الدخميسي وفتاه أبو سعيد بيبرس بن عبد الله التركي البرجفلي، وشرف الدين

أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن الحسين الإربلي، ونجيب الدين أبو الفتح نصر بن أبي العز بن أبي طالب الشيباني الصفار، والقاضي معين الدين أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن عبد العزيز، والتقي أبو الحرم مكي بن أبي الذكر بن عبد الغني الصقلي وابنه أبو عبد الله محمد القرشيون، وصفي الدين أبو الصفا خليل بن عبد الله بن سلامة الشافعي، والبهاء أبو الربيع سليمان بن خلف بن سليمان الأزدي وابنه أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله التركستاني، وعرفة بن الأندلسي الضرير، وأبو محمد عبد الله بن مالك بن مرحب الأندلسي، والنجم أبو سليمان داود بن عبد الرحمن بن عثمان المراغي، والشمس أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله التركستاني، وعرفة بن إبراهيم بن عرفة الحموي الضرير، وعبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري، وأبو إسحاق إبراهيم بن داود بن ظافر الفاضلي، ومحمد بن داود بن ياقوت الصارمي؛ وهذا خطه سامحه الله. وسمع المجلس الأول - وآخره اعلوط، وفاته من أول الثاني إلى قوله فيه: (قال الله عز وجل: {وإن لكم في الأنعام لعبرة}) أبو عبد الله محمد بن (............... بياض في الأصل) ثم سمعا من المكان المذكور إلى آخر الكتاب لم يفتهما شيء آخر. وسمع جميع الكتاب سوى المجلس الثاني حسب - وآخره:

(وقد أطال أبو علي الكلام في هذه المسألة) - الشيخ إبراهيم بن سباع بن ضياء الفزاري. وسمع أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن عبد الرحمن المراكشي جميع الكتاب سوى المجلس الثالث وآخره حرف الجيم. وسمع الركن أبو الرضا إلياس بن علوان بن معلى الدوري جميع الكتاب أيضا سوى المجلس العاشر: أوله: (ونحن نذكر قياس هاتين المسألتين) وآخره: (ومما حكاه النحويون من اللفظ ومعناه التعجب). وسمع الكمال أبو محمد عبد الله بن أبي الفرج بن صدقة البغدادي جميعه أيضا سوى المجلس الثاني عشر لا غير: أوله: (وأما قول من يقول: إن هذا قد يكون بمعنى فاعل) وآخره (المسألة السادسة). وسمع الرشيد أبو بكر بن أبي الدر بن عبد الله الحنفي جميع الكتاب أيضا سوى المجلس الثامن عشر، أوله: (وجد لم يلد ولدا ولكن .... به نال المراد الطالبونا) وآخره:

(وكم مسحوا الرجيع تبركا واغـ .... ـتدى في الحي أجمعهم رصينا) وسمع أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد (الكنجي) من أول الكتاب إلى قوله في منتصف المجلس الثاني: (السادس: إبدالها من الألف للتأنيث وغيره)، وفاته من هذا المكان إلى آخر المجلس الثاني؛ وذلك كراس من الأصل - أعني هذا -، ثم سمع من أول الثالث إلى آخر السابع عشر، وفاته من أول الثامن عشر إلى قوله: (ويصلح قوته عبث ولولا الـ .... ـغراب غدا لنا في الزائرينا) ثم سمع من هذا البيت إلى آخر الكتاب. وسمع أبو الحسن علي بن محمد بن موسى الصنهاجي جميع الكتاب سوى المجلس الخامس: أوله حرف الخاء وآخره حرف السين، وسوى التاسع أيضا لا غير وأوله باب الهاء. وسمع المجد عثمان بن أحمد بن إسماعيل الحزنبرتي من أول المجلس الثاني إلى آخر الرابع، وفاته الخامس بكماله، ثم سمع من أول السادس إلى آخر السابع عشر، وفاته من أول الثامن عشر إلى قوله في أواخره:

(ويركب وهمه في كل هجر .... ليورده عقيب المصدرينا) ثم سمع من هذا البيت إلى آخر الكتاب. وسمع محمد بن علي (.... بياض في الأصل) المصمودي من أول الكتاب إلى آخر العاشر وفاته الحادي عشر بكماله، ثم سمع من أول الثاني عشر إلى آخر الثامن عشر، وفاته بقية الكتاب. وسمع الشهاب أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن (منصور) اليمني جميع الكتاب سوى خمسة مجالس وهي الرابع، والخامس، والسادس - وآخره حرف الطاء -، والثامن - وأوله حرف الفاء وآخره تقدم تحديده -، والحادي عشر. وسمع الفقيه سليمان بن داود بن أبي الحسن الشافعي وابنه أبو عبد الله محمد من أول الكتاب إلى الحادي عشر، وفاتهما من أول الثاني عشر إلى آخر السابع عشر، ثم سمعا من أول الثامن عشر إلى آخر الكتاب. وسمع مهذب بن غنائم بن أبي القاسم التنوخي من أول الكتاب إلى آخر الحادي عشر حسب، سوى المجلس الرابع والسادس والسابع، وفاته من الثاني عشر إلى آخر الكتاب.

وسمع عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي الشافعي من أول الثاني إلى آخر الرابع وفاته الخامس، ثم سمع السادس لا غير. وسمع أبو عبد الله محمد بن أبي الزهر بن معالي الدمشقي من أول الكتاب إلى آخر الثالث، ثم سمع الثامن، والحادي عشر، والثاني عشر، والتاسع عشر؛ وفاته ما عدا ذلك. وسمع أبو عمرو عثمان بن محمد بن عمر الحجازي من أول الكتاب إلى آخر السابع، وفاته إلى الثاني عشر، ثم سمع من أول الثاني عشر إلى آخر السادس عشر: قوله: (ذكر طرف من أحكام المبنيات)، وفاته السابع عشر والثامن عشر، ثم سمع التاسع عشر آخره: (وعير في السماء له صعود ..)، وفاته بقيته. وسمع عماد الدين بن عبد الحميد بن علي بن الحسن الشافعي الدكالي من أول الثاني إلى آخر العاشر لا غير، وفاته الباقي. وسمع عثمان بن عمران بن موسى الضرير المصري المجلس الأول، وفاته من أول الثاني إلى آخر الثامن، ثم سمع من أول التاسع إلى آخر الكتاب. وسمع أبو بكر محمد بن شيخنا الإمام العالم تاج الدين أبي الحسن محمد ابن الإمام أبي جعفر أحمد بن علي القرطبي من أول الثالث على آخر السادس، وفاته السابع، ثم سمع الثامن

والتاسع لا غير. وسمع المجلس الثاني حسب الشريف أبو الحسن علي بن يوسف بن أبي الفضل الحسيني وحسن بن علي بن أبي بكر الحمصي. وسمع الثاني والثالث لا غير الشمس أبو عبد الله محمد بن يوسف بن أحمد (البجائي) ويحيى بن علي بن عبد الكافي الشافعي. وسمع أبو العباس أحمد بن موسى بن حسين التركماني من أول الثاني إلى آخر الثامن لا غير. وسمع عبد الملك بن يوسف بن عبد الوهاب الشهرزوري من أول الخامس إلى آخر السابع عشر، وفاته الثامن عشر والتاسع عشر، ثم سمع بقية الكتاب. وسمع الشمس أبو عبد الله محمد بن عبد المنعم بن علي القرشي من أول الكتاب إلى آخر الرابع، ثم سمع الثامن، وفاته التاسع، ثم سمع من أول العاشر إلى آخر الثالث عشر، وفاته الرابع والخامس عشر: أول الرابع عشر: (ومنها: ورأته معلبيا يرقع الشن ..) وآخر الخامس عشر: المسألة الرابعة في ذكر آية الكلالة، ثم سمع السادس عشر وآخره (ذكر طرف من أحكام

المبنيات)، وفاته السابع عشر، ثم سمع الثامن عشر، وفاته بقية الكتاب. وسمعه آخرون أيضا بفوات أسماؤهم في ثبتي. وصح ذلك في عدة مجالس آخرها يوم الثلاثاء ثامن جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وستمائة بحلقة المسمع من جامع دمشق عمره الله ولله الحمد والمنة.

§1/1