رواية صحيح مسلم من طريق ابن ماهان مقارنة برواية ابن سفيان

مصدق الدوري

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته الغر الميامين، وتابعيهم ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد: لا يخفى على أحد ما لصحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري من أهمية في هذا الدين فهو الحاوي لجملة طيبة من الحديث الصحيح المجرد عن رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ. بنقل العدول الضابطين، وهو الأصل الثاني من الأصول الستة في كتب الحديث التي هي: صحيح البخاري، صحيح مسلم، سنن أبي داود، سنن الترمذي، سنن النسائي، سنن ابن ماجه. وقد فضله بعض العلماء على صحيح البخاري لما له من حسن ترتيب، وجمع الأحاديث في الباب الواحد، وسهولة البحث عن الحديث في المسألة المعينة. ودراستي هذه تأتي أهميتها من أهمية هذا الكتاب، فلا أظن أن اثنين يختلفان في صحة ما ورد فيه من أصول، ولهذا فإن هذه الدراسة بعيدة كل البعد عن البحث في التصحيح والتضعيف، وهذا ما وجدناه عند البعض من هاجس في عدم الخوض في دراسة هذا الصحيح؛ ظانين أن موضوعاً كهذا يثير جدلاً، ويفتح باباً لا يغلق أمام الإنتقادات التي ستوجه إلى هذه الدراسة، لخطورة الموضوع. إلا أن العلماء قد أغلقوا كل باب من شأنه أن يكون منفذاً للطعن أو الاعتراض على هذا الأصل المتين كالإلزامات والتتبع للدارقطني التي أجاب عنها ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم، وظهر من الإنقطاع ما أجاب عنه الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق، وقد نال هذا الكتاب من الشهرة والقبول في البلاد الإسلامية في مشرقها ومغربها، بل حتى البلاد غير الإسلامية درسته دراسة الفاحص المتمهل ليعرفوا ما فيه فما وجدوا فيه من مثلمة، ليصل إلى أن يترجم إلى عدة لغات غير العربية.

ووجد هذا الكتاب من العناية الفائقة من العلماء الذين تناقلوه جيلاً بعد جيل شرقاً وغرباً، إلا أنه حصل فيه إختلاف في أسانيد أحاديثه والمتون من نقلة الآثار من تلاميذ مؤلفه وتلاميذهم، ما جعل العلماء أن ينبهوا على الأخطاء والأوهام التي وقعت فيه، التي بلغت الحصيلةُ 010,0 عشرةً بالألف من مجموع أحاديثه، ومع ذلك فلم يغفلوها ونبهوا عليها. وممن نبه على ذلك علماء المغرب منهم: أبو علي الغساني، والإمام ... المازري، والقاضي عياض، وغيرهم، وحذا حذوهم من أهل المشرق الإمامين النووي والسيوطي. على أن هذه الأوهام والأخطاء مندفعة وفق هذه الدراسة للأسباب الآتية: 1 - لا يلزم بالضرورة أن يكون للحديث الواحد طريقاً واحداً، فما وجد في رواية من طريق معين فقد يكون عند الرواية الأخرى من طريق آخر، ويكون قد سمعه الرواة من الشيخ الواحد فيفترق السند إلى أكثر من طريق، وهذا يحصل مع الأقران. 2 - تعدد مجالس السماع تجعل الشيخ يروي الحديث بأكثر من طريق، حسب ما وجد عنده، ولأكثر من مرة. 3 - التباس بعض الأسماء ببعض أو الكنى والألقاب في الراوي الواحد أو الرواة الكثر فيختلط. 4 - ما يحصل من اختلاف في الألفاظ فهو محتمل المعنى إذ ليس من شرط الرواية أن تأتي نصاً. 5 - يأتي لفظ على الخصوص وآخر على العموم. 6 - ليس ما وجد مُصَحَّفاً أن يكون فعلاً تصحيفاً. وأما أسباب البحث في هذه الدراسة فهي: 1 - انتشار الصحيح في العالم الإسلامي وتعدد النسخ فيه، والاختلاف الحاصل في أسانيده ومتونه.

2 - لئلا يأتي مغرض فيثير جدلاً هذه الخلافات، ويوظفها توظيفاً سيئاً، لينصر رأيه. 3 - وجدت نفسي في موضع المدافع عن هذا الصحيح، والذب عن السنة المطهرة. وخطة البحث: فقد قسمت هذه الدراسة إلى مقدمة وثلاثةِ فصول هي: الفصل الأول: التعريف بالإمام مسلم وصحيحه. وفيه ثلاثةُ مباحث: المبحث الأول: التعريف بالإمام مسلم، وفيه ستة مطالب: المطلب الأول: اسمه ونسبه وموطنه. المطلب الثاني: ولادته ووفاته. المطلب الثالث: رحلاته وسماعاته. المطلب الرابع: أهم شيوخه. المطلب الخامس: آثاره: تلاميذه، ومصنفاته. المطلب السادس: مكانته بين العلماء. المبحث الثاني: التعريف بصحيح مسلم، وفيه خمسة مطالب:

المطلب الأول: اسم الكتاب. المطلب الثاني: الباعث على تصنيفه، والغرض منه. المطلب الثالث: مكان وزمن التصنيف. المطلب الرابع: سمات منهجية الصحيح. المطلب الخامس: علاقته بصحيح البخاري، والترجيح بينهما. المبحث الثالث: العناية بالصحيح، وفيه خمسةُ مطالب: المطلب الأول: النسخ المعتمدة المطبوعة. المطلب الثاني: رواة النسخ. المطلب الثالث: أسانيد النسخ. المطلب الرابع: أثر اختلاف النسخ. المطلب الخامس: عدد الشروح على صحيح مسلم وأسماؤها ... ومؤلفوها، الشروح التي اعتنت بالروايتين. الفصل الثاني: الاختلاف في الأسانيد.

الفصل الثالث: الاختلاف في المتون. وخاتمة وأهم النتائج. منهج البحث: أ- قمت بجمع الاختلافات بين رواية ابن ماهان وغيرها من الكتب الآتية: 1 - تقييد المهمل وتمييز المشكل لأبي علي الغساني ت 498هـ. 2 - المعلم بفوائد مسلم لأبي عبد الله المازري ت 536هـ. 3 - إكمال المعلم بفوائد مسلم. 4 - مشارق الأنوار على صحاح الآثار (كلاهما للقاضي عياض ت 544هـ). 5 - شرح النووي على صحيح مسلم للإمام يحيى بن شرف النووي ت 676هـ. 6 - الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج للإمام السيوطي ت 911هـ. ب- رتبت هذه الاختلافات وفق ترتيب صحيح مسلم. جـ- وفقت بين الروايتين بالجمع بينهما ما أمكن ذلك. د- ضبطت أسماء الرواة وكناهم وألقابهم وطبقاتهم مستنداً إلى أقوال العلماء الأجلاء فيما دونوه في كتب التراجم والأنساب والإثبات، ومنهجي في تراجم الرواة كالآتي: 1 - ترجمت في الفصل الأول لشيوخ الإمام مسلم، ثم تلاميذه، ثم الرواة عن التلاميذ، وكل ذلك حسب طبقتهم لذلك سوف أحافظ على الترتيب الزمني لكل طبقة. 2 - وأترجم لكل من الشيوخ والتلاميذ وفق سبع فقرات هي: اسمه، لقبه ... وكنيته، موطنه، سمع من؟، من روى عنه، توثيق الأئمة له، وفاته. لذلك سيجد القاريء الإطالة بعض الشيء. 3 - وأترجم لمن يقع فيه الخلاف في فصل الأسانيد من الرواة في الروايتين وأستطرد الكلام للوصول إلى الطبقة والمعاصرة واللقاء ما أمكن ذلك لتحديد صواب الرواية الواحدة أو الروايتين.

4 - وأترجم لأصحاب المؤلفات ممن أحسبه غير معروف للقاريء لذلك سوف لا تظهر في هذه الدراسة الكثير من تراجم المؤلفين لشهرتهم ومحاولة عدم إثقال الحاشية في التراجم لكثرة الأسماء الواردة في هذه الدراسة. هـ- ضبطت المعنى الدقيق للألفاظ الغريبة، والألفاظ المختلفة المحتملة المعنى ووجهت المعاني بما يتناسب مع مدلولها اللغوي، ومراد العرب منها فيما أطلقتْه وأرادت به غيره، مستنداً بذلك إلى أقوال أهل اللغة وغريب الحديث. و- التزمت في نقل النصوص عن مؤلفيها، وتصرفت ببعض النصوص فيما وجدته مطولاً، على أن لا يكون مخلاً به. ز- ضبطت الخطأ والوهم فيما ظهر أن المعنى لا ينطبق مع المدلول اللغوي، وأيدت به القاضي عياض وغيره. حـ- وظهر من خلال الدراسة أن ليس كل ما قالوا عنه خطأ أو وهم، يكون فعلاً كذلك؛ لما وجدته من سعة المعاني المحتملة التي ينطبق بعضها مع ما وقع للرواة في نسخهم. ط- وسرت في منهجي هذا على منهج القاضي عياض، والإمام النووي، والحافظ ابن حجر العسقلاني في التصويب والجمع بين الروايتين ما أمكن ذلك. وقد تظهر رموز في هذه الدراسة ولذلك سأبينها هنا لتشمل جميع الدراسه وهي: ي ـ *: للدلالة على انتهاء كلام الباحث من الحديث السابق والبدء بحديث آخر في الصفحة نفسها، وفي حالة البدء بحديث في بداية صفحة لا أضع هذه العلامة. ك ـ ما يظهر في هذه الدراسة في كتب التراجم والأطراف من حروف فهي كما معروف عند المحدثين خ: البخاري، م: مسلم، د: أبو داود، ت: الترمذي، س: النسائي، هـ: ابن ماجه وهكذا. ل ـ أقواس الآية: {}

م ـ أقواس الحديث: {} ن ـ أقواس حصر الرواة داخل السند () وكذلك لحصر الأحاديث في شرح الإمام النووي على صحيح مسلم. س ـ علامات التنصيص" " لحصر النصوص لما سوى اللآيات والأحاديث. الدراسات والبحوث السابقة: لم أجد من الدراسات والبحوث السابقة إلا من كتب كتابات يسيرة، وإشارات بسيطة فيما يتعلق في الفصل الأول من هذه الدراسة، وبعضها قد وفّى بضمونه، والبعض الآخر اقتصر على ذكر جزء مما نحتاج إليه، والمتبقي منه ينفرد به في غير مجال دراستنا، والبعض الآخر أخطأ فيه. وهذه الدراسات هي: 1 - الإمام مسلم ومنهجه في صحيحه، للدكتور محمد عبد الرحمن طوالبة. 2 - التعريف بالإمام مسلم وصحيحه، للدكتور عبد الرحمن السديس. 3 - جهود العلماء برواية صحيح مسلم بالأندلس، للدكتور مجيد خليفة. 4 - الإمام مسلم وصحيحه، للدكتور عبد المحسن عباد. 5 - من يأتينا بترجمة هذا الراوي (القلانسي)، وهي إجابات وحوارات على موقع أهل الحديث، للدكتور عبد الرحمن بن عمر الفقيه، وشكل هذا المبحث أسطرا قليلة لا غير. 6 - إبراهيم بن محمد بن سفيان، للدكتور عبد الله بن محمد حسن. 7 - ووجدت على شبكة (الإنترنت) مقالة توجه بعض اختلافات المتون، وهي متعلقة برواية ابن الحذاء، فليس من موضوعنا. 8 - الحديث المعنعن في صحيح مسلم، للدكتور فهمي أحمد عبد الرحمن القزاز، وعقد فصلاً في ترجمة الإمام مسلم.

تمهيد

تمهيد كان الإمام مسلم واحداً ممن ألف كتاباً في الحديث الصحيح المجرد إلا أن هذا الكتاب الصحيح وجهت لبعض الأحاديث التي فيه انتقادات، وهذه الانتقادات في كتب العلل والسؤالات، وأخص بالذكر منها الإلزامات والتتبع للدارقطني، وأجاب عنها كثير من العلماء على رأسهم ابن الصلاح في صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسقط، والإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم، وظهر من الأنقطاع ما أجاب عنه، الحافظ ابن حجر في تغليق التعليق. وهناك ظهرت اختلافات راجعة إلى الإختلاف بالنسخ والروايات وهذه لا علاقة لها بهذه الإنتقادات، وإنما في إثبات الرواية وتخطئتها مما طرأ على صحيح مسلم من التلاميذ الذين نقلوا الروايات من المشرق إلى المغرب في التحمل والأداء، وإلا فما معنى أن صحيح مسلم يفضله أهل المغرب على صحيح البخاري؛ لولا ضبطه وإتقانه، وهذا ما سنفصله في موضعه. وقد وجدنا اختلافات في بعض نسخ أهل المغرب ومنهم ابن ماهان في بعض الأحاديث في الأسانيد والمتون، ولاسيما أن راوي الصحيح (ابن ماهان) ثقة ما يعني وجود أكثر من مجلس للسماع لصحيح مسلم من مؤلفه، فأما ما يتعلق بالسند فهو راجع إلى شرطه بالرواة - الطبقتين الأولى والثانية - اللتين روى عنهما وهذا يجعل تفاوت الحفظ والإتقان بين الرواة، ومن جعل منهم راوٍ بدل آخر يرجع إلى هذا التعليل، أو إلى الخطأ والوهم، أو هو حقيقة مروي من طريقهما وهذا ما وجدناه في كتب الحديث غير كتاب مسلم أيضاً، وأما ما يتعلق بالمتن فهو راجع إلى المعنى المحتمل ولهذا لم نجد في دراستنا هذه خللاً في هذا الكتاب يعرضه للانتقاد ... والحمد لله. وكان علينا أن نذكر ما وقع من اختلاف في نسخة ابن ماهان حصراً إلا إننا قد نضطر أن نتكلم عن بعض روايات ابن ماهان مما كان الخلاف من تلامذته إذا كان في الحديث أكثر من خلاف، وبعض الخلافات عن ابن ماهان عن الإمام مسلم مباشرة او كان كل طرق ابن ماهان فارجعنا الخلاف عن ابن ماهان ومما شجعنا

على هذا وجود ما يؤشر ان الرواة عن ابن ماهان هو نفس قول القاضي عياض وعند ابن ماهان ومثاله حديث في كتاب اللباس والزينة، باب تحريم استعمال آنية الذهب والفضة ... (¬1). وقد سلكنا منهجاً وسطاً في التوفيق بين الروايتين محتجين بقول الحافظ ابن حجر (¬2): 1 - ما تختلف الرواة فيه بالزيادة والنقص من رجال الإسناد فإن أخرج صاحب الصحيح الطريق المزيدة وعلله الناقد بالطريق الناقصة فهو تعليل مردود كما صرح به الدارقطني ... ؛ لأن الراوي إن كان سَمِعَهُ فالزيادة لا تضر لأنه قد يكون سمعه بواسطة عن شيخه ثم لقيه فسمعه منه. وأضيف أنا: أو في مجلس آخر لإحتمال السماع في غير مرة. 2 - ما تختلف الرواة فيه بتغيير رجال بعض الإسناد فالجواب عنه إن أمكن الجمع بأن يكون الحديث عند ذلك الراوي على الوجهين جميعا فأخرجهما المصنف ولم يقتصر على أحدهما حيث يكون المختلفون في ذلك متعادلين في الحفظ ... والعدد ... ، وإن أمتنع بأن يكون المختلفون غير متعادلين بل متقاربين في الحفظ والعدد فيخرج المصنف الطريق الراجحة ويعرض عن الطريق المرجوحة أو يشير إليها ... ، فالتعليل بجميع ذلك من أجل مجرد الاختلاف غير قادح إذ لا يلزم من مجرد الاختلاف اضطراباً يوجب الضعف فينبغي الإعراض أيضا عما هذا سبيله، والله أعلم. 3 - ما تفرد بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عددا أو أضبط ممن لم يذكرها فهذا لا يؤثر التعليل به إلا إن كانت الزيادة منافيةً بحيث يتعذر الجمع إما إن كانت الزيادة لا منافاة فيها بحيث تكون كالحديث المستقل فلا، اللهم إلا إن وضح ¬

_ (¬1) ينظر مشارق الأنوار على صحاح الآثار: (تأليف: القاضي عياض أبي الفضل بن موسى بن عياض اليحصبي ت544هـ)، طبع ونشر المكتبة العتيقة - تونس ودار التراث - القاهرة، د. ت 2/ 78 و327. (¬2) هدي الساري مقدمة فتح الباري: (تأليف: ابن حجرالعسقلاني أبي الفضل شهاب الدين أحمد بن علي ت 852 هـ)، تحقيق ومراجعة: إبراهيم عطوه عوض، مصطفى البابي الحلبي، ... مصر، ط1، 1383هـ - 1963م، 2/ 106 و107.

بالدلائل القوية أن تلك الزيادة مدرجة في المتن من كلام بعض رواته فما كان من هذا القسم فهو مؤثر. 4 - ما حكم فيه بالوهم على بعض رجاله فمنه ما يؤثر ذلك الوهم قدحا ومنه ما لا يؤثر ... 5 - ما اختلف فيه بتغيير بعض ألفاظ المتن فهذا أكثره لا يترتب عليه قدح؛ لإمكان الجمع في المختلف من ذلك أو الترجيح.

الفصل الأول: التعريف بالإمام مسلم وصحيحه

الفصل الأول التعريف بالإمام مسلم وصحيحه المبحث الأول التعريف بالإمام مسلم وفيه ستة مطالب: المطلب الأول اسمه وكنيته أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم بن ورد بن كوشاذ (¬1). نسبه وموطنه فهو قشيري النسب نيسابوري الموطن، قال ابن الصلاح: القشيري النسب، النيسابوريُّ الدار والموطن، عربيّ صَلِيبة (¬2). اما القشيري: منسوب إلى قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، ... ينسب إليه جماعة من الصحابة، فمن بعدهم (¬3). وفي اللباب: قبيلة كبيرة ينسب إليها كثير من العلماء منهم ... الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيريُّ صاحب الصحيح (¬4). وقال الكتانيُّ: "نسبة إلى بني قشير ¬

_ (¬1) كثير من المصادر ترجمة له، وما ذكرته هو اشمل ترجمة له من حيث ذكر اسمه، نسبه، كنيته، لقبه وهي في: سير أعلام النبلاء: (تأليف: الذهبي أبو عبد الله محمد بن احمد بن عثمان بن قايماز ت748هـ)، تحقيق شعيب الارناؤوط، ومحمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط9، 1413هـ، 12/ 557، ووفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان (تأليف: ابن خلكان أبو العباس شمس الدين احمد بن محمد بن أبي بكر ت861هـ)، تحقيق: إحسان عباس، دار الثقافة، لبنان،5/ 194، وغيرهما، ومعنى صليبة: أي خالص النسب أساس البلاغة: (تأليف: الزمخشري محمود بن عمر ت538هـ)، مكتبة لبنان، بيروت، 1/ 264. (¬2) صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسقط: (تأليف: ابن الصلاح أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردي الشهرزوري الشافعي ت643هـ)، دراسة وتحقيق: موفق بن عبد الله بن عبد القادر، دار الغرب الإسلامي، 1404هـ - 1984م، ص56. (¬3) ينظر عجالة المبتدي وفضالة المنتهي في النسب 1/ 31. (¬4) اللباب في تهذيب الأنساب: (تأليف: الجزري أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد الشيباني ت 630هـ)، دار صادر - بيروت، 1400هـ - 1980م، 3/ 38.

قبيلة معروفة من قبائل العرب" (¬1). وأما النيسابوري: "نسبة إلى نيسابور مدينة مشهورة بخراسان من أحسن مدنها، وأجمعها للعلم والخير" (¬2). ونيسابور: بفتح أوله من أمهات بلاد خراسان، كان المسلمون قد فتحوها في أيام عثمان بن عفان - رضي الله عنه - سنة 13 صلحاً، وقيل: فتحت في أيام عمر - رضي الله عنه - (¬3). وقال الحاكم: "وكان مسكنه أعلى الزمجار، ومنجزه خان (¬4) محمش (¬5)، ومعاشه من ضياعة (¬6) باستواو" (¬7). ¬

_ (¬1) الرسالة المستطرفة لبيان مشهور الكتب الستة المصنفة: (تأليف: الكتاني محمد بن جعفر ... ت366هـ)، تحقيق: محمد المنتصر محمد الزمزي الكتاني، دار البشائر الإسلامية - بيروت، ط4،1406هـ ـ 1986م، ص11. (¬2) المصدر السابق ص11. (¬3) معجم البلدان: (تأليف: الحموي أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي ت 626هـ)، دار الفكر - بيروت، د. ط، د. ت، 2/ 350 و5/ 331، بتصرف. (¬4) الـ "خان" موضع بأصبهان وهي عجمية في الأصل وهي المنازل التي يسكنها التجار المصدر السابق 2/ 341 (¬5) محمش اسم رجل ينظرالمصدر السبق 1/ 304. (¬6) الضياعة: الحرفة ينظر المصباح المنير في غريب الشرح الكبير: (الرافعي أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي)، المكتبة العلمية - بيروت 2/ 366. (¬7) تلخيص تاريخ نيسابور ص 34.

المطلب الثاني: ولادته ووفاته

المطلب الثاني ولادته ووفاته 1 - ولادته: اختلفت المصادر في ضبط مولده إلى أربعة أقوال (¬1)، وحاصلها: أن ولادته سنة 201هـ ذكر ذلك الإمام الذهبي، وابن العماد (¬2). وقيل سنة 202هـ ذكر ذلك بروكلمان، وسزكين (¬3). وقيل سنة 204هـ ذكر ذلك الذهبي في قول آخر، وابن كثير، وابن حجر، وابن تغري بردي، وغيرهم (¬4). وقيل سنة 206هـ ذكر ذلك الحاكم وابن الصلاح (¬5). وقال الدكتور طوالبة:"والصحيح - فيما يبدو لي - القول الأخير؛ وأن ولادته ¬

_ (¬1) جمعها الدكتور محمد عبد الرحمن طوالبة وردّها إلى مصادرها في كتابه "الإمام مسلم ومنهجه في صحيحه"، وهي رسالة دكتوراه / المرحلة الثالثة، وقد نوقشت بالكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين بالجامعة التونسية بتاريخ 1988، 28/ 6، مطبوع، دار عمار، عمان، ط1، 1418هـ - 1988م، ينظر ص15 - 16. (¬2) العبر في خبر من غبر: (تأليف: الذهبي أبي عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن قايماز748هـ)، تحقيق: د. صلاح الدين المنجد، مطبعة حكومة الكويت، الكويت، ط 3، 1984، 2/ 29، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب: (تأليف: ابن العماد عبد الحي بن أحمد ابن محمد العكري الحنبلي ت1089هـ)، تحقيق: عبد القادر الارناؤوط، ومحمود الارناؤوط، دار ابن كثير، دمشق، ط1، 1406هـ 2/ 145. (¬3) تاريخ الأدب العربي: (تأليف: كارل بروكلمان)، نقله إلى العربية د. عبد الحليم النجار، نشر برعاية جامعة الدول العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، دار المعارف، القاهرة، ط4،1977م، 3/ 179، وتاريخ التراث العربي: (تأليف فؤاد سزكين)، نقله إلى العربية د. محمود فهمي حجازي، راجعه د. عرفة مصطفى ود. سعيد عبد الرحيم، مطبعة بهمن، قم ـ إيران، ط2،1403هـ ـ 1983م، 1/ 263. (¬4) تذكرة الحفاظ: (تأليف: الذهبي أبي عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن قايماز ت748هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2/ 588. وسير أعلام النبلاء 12/ 588، والكاشف في معرفة من له رواية بالكتب الستة: (تأليف: الذهبي أبي عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد ت748هـ)، تحقيق: محمد عوامة، دار القبلة للثقافة الإسلامية، مؤسسة علو - جدة، ط1، 1413هـ - 1992م، 2/ 258، والبداية والنهاية: (تأليف: ابن كثير أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير ت774هـ)، مكتبة المعارف - بيروت، 11/ 34 و35. وتهذيب التهذيب: ... (تأليف: ابن حجر العسقلاني أبو الفضل أحمد بن علي الشافعي ت852)، دار الفكر، بيروت، ط1، 1404هـ -1984م، 10/ 127. والنجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: (تأليف: ابن تغري بردي أبي المحاسن جمال الدين يوسف الأتابكي ت874هـ)، وزارة الثقافة والإرشاد القومي ـ مصر، 3/ 33. (¬5) صيانة صحيح مسلم ص64.

كانت سنة 206هـ - 821م في خلافة المأمون؛ لأن أول من ذكر وفاته وتقدير سنّه ابن الأخرم ت 344هـ ... ، ونقله عنه تلميذه الحاكم، ت 405هـ في كتاب علماء الأمصار، وكتاب المزكين لرواة الأخبار" (¬1). وقال أيضاً: "ونقل ابن الصلاح ت 643هـ، وابن خلكان ت 681هـ، وقال: إنه تملك من نفس النسخة التي نقل منها شيخه ابن الصلاح، والنووي عن كتاب المزكين لرواة الأخبار، وبه جزم طاش كبري زاده حيث قال: [والصحيح أنه ولد في سنة ست ومائتين] " (¬2). وكل ذلك على تقدير وفاته، ثم إنقاص مدة حياته فيتبين تقدير مولده، وهذا ليس ضابطاً أو فصلاً للمسألة، فمنهم من جعل حياته سبعاً وخمسين سنة، ومنهم من جعلها خمساً وخمسين سنة. قال ابن خلكان: "توفي مسلم بن الحجاج عشية يوم الأحد ... لخمس، وقيل لست بقين من شهر رجب الفرد سنة إحدى وستين ومائتين بنيسابور، وعمره خمس وخمسون سنة، هكذا وجدته في بعض الكتب، ولم أر أحداً من الحفاظ يضبط مولده، ولا تقدير عمره، وأجمعوا أنه ولد بعد المائتين" (¬3). وممن جزم بمولده ابن كثير فقال: "وكان مولده في السنة التي توفي فيها الشافعي، وهي سنة أربع ومائتين، فكان عمره سبعاً وخمسين سنة" (¬4). والأقرب إلى الفصل بالمسألة أن ولادته كانت سنة 204هـ أو 206هـ، وضابط ذلك قول الذهبي: "وحج في سنة عشرين وهو أمرد" (¬5)، فهذا الحدث أقرب تأريخاً من وفاته وكان فيه أمرد: أي لم تظهر عليه علامات البلوغ إذا اعتبرنا سن البلوغ ما بين الرابعة عشرة إلى السادسة عشرة. ¬

_ (¬1) الإمام مسلم ومنهجه في صحيحه ص16. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) وفيات الأعيان 5/ 195. (¬4) البداية والنهاية 11/ 35. (¬5) سير أعلام النبلاء 12/ 557.

المطلب الثالث: رحلاته وسماعاته

وفاته وبعد عمر مليء بالعطاء، والرحلة في طلب العلم والتأليف، توفي رحمه الله عشية يوم الأحد، ودفن يوم الاثنين لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين (¬1)، وقد اتفقت المصادر على تأريخ وفاته. المطلب الثالث رحلاته وسماعاته رحل الإمام مسلم رحلة طاف بها البلاد، داخل خراسان وخارجها، فمن المدن التي داخل خراسان هي: 1 - الري: سمع بها من محمد بن مهران، وإبراهيم بن موسى الفراء، وأبي غسان محمد بن عمرو زنيج (¬2). 2 - بلخ: قال الذهبي في ترجمة أحمد بن سلمة: "رفيق مسلم في الرحلة إلى بلخ" (¬3). أما خارج خراسان، فرحل إلى بلاد الحرمين، والعراق، ومصر والشام، ففي الحجاز رحل إلى: 1 - مكة: قال الإمام الذهبي: "وحج في سنة عشرين، وهو شاب أمرد، فسمع بمكة من القعنبي، فهو أكبر شيخ له" (¬4). 2 - المدينة: قال ابن الصلاح: [وسمع الإمام مسلم] بالحجاز: سعيد بن منصور، وأبو مصعب الزهري (¬5)، وقال الذهبي: "سمع إسماعيل بن أبي أويس" (¬6). وفي العراق رحل إلى ثلاث مدن هي: 1 - ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد 13/ 103، وتاريخ مدينة دمشق 58/ 95، وغيرهما. (¬2) ينظر تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل 58/ 85. (¬3) تذكرة الحفاظ 2/ 637، وينظر معجم البلدان 1/ 347 قال ياقوت: "وبلخ من أجل مدن خراسان". (¬4) سير أعلام النبلاء 12/ 558. (¬5) صيانة صحيح مسلم ص58. (¬6) تذكرة الحفاظ 1/ 409.

بغداد: قال ابن أبي يعلى: "قدم [أي الإمام مسلم] بغداد غير مرة، وحدث ... بها، فروى عنه أهلها، يحيى بن صاعد، ومحمد بن مخلد، وآخر قدومه بغداد كان سنة تسع وخمسين ومائتين" (¬1). 2 - الكوفة: قال الذهبي: "وسمع بالكوفة من أحمد بن يونس، وجماعة" (¬2). 3 - البصرة: رحل إليها مع رفيقه بالرحلة أحمد بن سلمة (¬3). ورحل إلى مصر قال ابن عساكر: إنه سمع "من محمد بن رمح، وعيسى ابن حماد، وعمرو بن سواد وحرملة، وهارون بن سعيد الأيلي، ومحمد بن سلمة المرادي " (¬4). وقال الذهبي نقلاً عن الحاكم: "حدثنا أبو بكر محمد بن علي النجار" سمعت إبراهيم بن أبي طالب بقول: قلت لمسلم: قد أكثرت في الصحيح عن أحمد بن عبد الرحمن الوهبي، وحاله قد ظهر فقال: "إنما نقموا عليه بعد خروجي من مصر" (¬5). الشام: قال ابن عساكر: "وسمع بدمشق محمد بن خالد السكسكي، وكتب عنه في حديث الوليد بن مسلم" (¬6). ولم يرتضِ الإمام الذهبي ما قاله ابن عساكر كونه رحل إلى دمشق بناءً على سماعه من محمد بن خالد السكسكي فقط، والظاهر أنه لقيه في الموسم، وقال: "فلم يكن مسلم ليدخل دمشق فلا يسمع إلا من شيخ واحد"!، والله أعلم. وقال الدكتور محمد عبد الرحمن طوالبة: قلت: "وليس بمستغرب، ولا مستنكر في عرف المحدثين أن يدخل مسلم دمشق ليسمع من شيخ واحد، فهذا كتاب الخطيب البغدادي" الرحلة في طلب الحديث طافح برحلات العلماء الذين رحلوا من أجل سماع الحديث الواحد، أو السماع من الشيخ الواحد" (¬7). ¬

_ (¬1) طبقات الحنابلة: (تأليف: ابن أبي يعلى أبو الحسين محمد بن محمد الفراء ت526هـ)، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار المعرفة - بيروت، 1/ 337. (¬2) سير أعلام النبلاء 12/ 558. (¬3) تذكرة الحفاظ 2/ 637. (¬4) تاريخ مدينة دمشق 58/ 85. (¬5) سير أعلام النبلاء 12/ 568. (¬6) تاريخ مدينة دمشق 58/ 85. (¬7) الإمام مسلم ومنهجه في صحيحه ص32، وفيه تفصيل المسألة.

المطلب الرابع: أهم شيوخه

المطلب الرابع أهم شيوخه لا أرى شيخاً من شيوخ مسلم ليس مهماً، إلا أني سأذكر مَن أكثر الرواية عنهم في صحيحه، ولاسيما أنه يشارك البخاري فيهم (¬1)، وهم: 1 - أبو بكر بن أبي شيبة روى له 1450 حديثاً. 2 - زهير بن حرب أبو خيثمة روى له 1281 حديثاً. 3 - محمد بن المثنى الملقب بالزمٍن روى له 772 حديثاً. 4 - يحيى بن يحيى بن بكر النيسابوري روى له 689 حديثاً. 5 - قتيبة بن سعيد روى له 668 حديثاً. 6 - محمد بن عبد الله بن نمير روى له 573 حديثاً. 7 - أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب روى له 556 حديثاً. 8 - محمد بن يشار الملقب بندار روى له 460 حديثاً. 9 - إسحاق بن راهويه روى له 387 حديثاً. 10 - محمد بن رافع النيسابوري روى له 362 حديثاً. 11 - محمد بن حاتم الملقب بالسمين روى له 300 حديث. 12 - علي بن حجر السعدي روى له 188 حديثاً. 13 - عمرو الناقد روى له 166 حديثاً. وهذه تراجمهم: ¬

_ (¬1) الإمام مسلم وصحيحه بحث كتبه الشيخ عبد المحسن عباد، المدرس بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية، موقع جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بمراكش - المغرب، تاريخ الدخول إلى الموقع الأربعاء 30 ربيع الثاني 1429هـ، 7/مايس/2008م، وقد رتب مرويات عشر شيوخ وهذا الترتيب وفق أكثر إلى أقل من روى له الإمام مسلم، إلا أن الدكتور محمود عيدان أحمد أستاذ الحديث المساعد في كلية الشريعة نبهني إلى أنني أهملت تراجم يحيى بن يحيى، وإسحاق ابن راهويه، وعمرو الناقد، وهؤلاء روى لهم الإمام مسلم في صحيحه كثيراً، فرأيت من المناسب أن أدخلهم ضمن هؤلاء الشيوخ وفق نفس الترتيب، وجزاه الله خيراً.

أبو بكر بن أبي شيبة (¬1): عبد الله بن محمد بن القاضي أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن خواستي الإمام العلم سيد الحفاظ، وصاحب الكتب الكبار: المسند، والمصنف، والتفسير، أبو العبسي مولاهم الكوفي، الواسطي الأصل (¬2)، ومن أقران أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، في السن والمولد والحفظ. من الطبقة العاشرة، سمع من عبد الأعلى بن عبد الأعلى، ووكيع بن الجراح، ويحيى القطان ... وغيرهم، حدث عنه الشيخان، وأبو داود، وأبن ماجه، وروى النسائي عن أصحابه، ولا شيء له في جامع أبي عيسى الترمذي قال العجلي: كان أبو بكر ثقة حافظاً للحديث، توفي سنة 235. زهير بن حرب (¬3): زهير بن حرب بن شداد الحرشي أبو خيثمة النسائي، نزيل بغداد، مولى بني الحريش بن كعب، وكان اسم جده أشتال، فعرب شداداً. روى عن ابن عيينة، وحفص بن غياث، وجرير بن عبد الحميد، وابن علية، وعبد الله بن نمير، وعبد الرزاق وغيرهم، وعنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة، روى له النسائي بواسطة أحمد بن علي بن سعيد المروزي، وابنه أبو بكر بن أبي خيثمة، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وبقي بن مخلد، وإبراهيم الحربي، وموسى بن هارون، وابن أبي الدنيا. قال أبو بكر الخطيب: كان ثقة ثبتاً حافظاً متقناً، وقال الذهبي: "أحد أعلام الحديث" (¬4) قال ابنه أبو بكر: ولد أبي سنة 160 ومات ليلة الخميس لسبع خلون من شعبان، وهو ابن 74، أي سنة 234 (¬5). ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 11/ 123 و124. (¬2) تقريب التهذيب: (تأليف: ابن حجرالعسقلاني أبو الفضل أحمد بن علي الشافعي ت852هـ)، تحقيق: محمد عوامة، دار الرشيد، سوريا، ط1، 1406هـ - 1986م، 1/ 320. (¬3) تهذيب التهذيب: (تأليف: ابن حجر أبو الفضل أحمد بن علي العسقلاني الشافعي ت852)، دار الفكر، بيروت، ط 1، 1404 هـ 1984م،3/ 296. (¬4) سير أعلام النبلاء 11/ 489. (¬5) التجريح والتعديل لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح: (تأليف: سليمان بن خلف بن سعد أبو الوليد الباجي ت474هـ)، تحقيق: د. أبو لبابة حسين، دار اللواء للنشر والتوزيع، الرياض، ط1، 1406هـ - 1986م، 2/ 594.

محمد بن المثنى (¬1): محمد بن المثنى بن عبيد بن قيس بن دينار العنزي أبو موسى البصري المعروف بالزمن، قال الذهبي: "الحافظ، الحجة، محدث العصر" (¬2)، وقال ابن حجر: "ثقة ثبت من العاشرة" (¬3)، روى عن عبد الله بن إدريس، وأبي معاوية، وأبي النعمان العجلي، وابن نمير، وابن مهدي، والقطان، وغيرهم. روى عنه الجماعة، ومسلم سبعمائة واثنين وسبعين حديثاً!. وقال ابن حبان: "كان صاحب كتاب لا يحدث إلا من كتابه" (¬4). مات سنة 252. يحيى بن يحيى: يحيى بن يحيى بن بكر التميمي النيسابوري أبو زكريا أحد الأعلام، عن مالك وزهير بن معاوية، وعنه البخاري ومسلم وداود بن الحسين البيهقي قال أحمد: ما أخرجت خراسان بعد بن المبارك مثله، وقال بن راهويه: ما رأيت مثله ولا رأى مثل نفسه مات 226، ثبت فقيه صاحب حديث وليس بالمكثر جدا خ م ت س. روى له البخاري 6 أحاديث ومسلم 689 حديثاً (¬5). قتيبة بن سعيد (¬6): قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف بن عبد الله الثقفي، أبو رجاء البلخيُّ البغلانيُّ، وبغلان قرية من قرى بلخ، قال أبو أحمد بن عدي: اسمه يحيى بن سعيد، وقتيبة لقب، وقال عبد الله بن منده: اسمه علي. روى عن مالك، والليث، وابن لهيعة ... وغيرهم، روى عنه الجماعة سوى ابن ماجه، فروايته عنه بواسطة. ¬

_ (¬1) تهذيب التهذيب 9/ 377. (¬2) تذكرة الحفاظ 2/ 512. (¬3) تقريب التهذيب 1/ 505. (¬4) الثقات 9/ 111. (¬5) الكاشف 2/ 378، وينظر الصحيحين من غير حصر. (¬6) تهذيب الكمال: (تأليف: أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي ت742هـ)، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط1، 1400هـ - 1980م، 23/ 523 و527 و529 و530.

قال ابن حجر: "ثقة ثبت من العاشرة، مات سنة 240" (¬1). محمد بن عبد الله بن نمير (¬2): محمد بن عبد الله بن نمير الهمدانيُّ الخارقيُّ أبو عبد الرحمن الكوفيُّ، ثقة حافظ فاضل، من العاشرة (¬3)، روى عن أبيه، وسفيان بن عيينة، ومروان بن معاوية، وإسماعيل بن علية، وغيرهم، روى عنه البخاريُّ، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجة، وروى الترمذي، والنسائي عنه بواسطة البخاري. روى عنه البخاري 573 حديثاً، مات سنة 234هـ (¬4). محمد بن العلاء بن كريب (¬5): محمد بن العلاء بن كريب الهمداني أبو كريب الكوفيُّ، الحافظ الثقة من العاشرة (¬6)، روى عن عبد الله بن إدريس، وحفص بن غياث، وأبي بكر بن ... عياش، وابن المبارك، وسفيان بن عيينة، وغيرهم، روى عنه الجماعة، وروى النسائي عن أبي بكر بن علي المروزي عن زكريا بن يحيى السجزي عنه، وغيرهم. روى عنه البخاري 75 حديثاً، ومسلم خمسمائة وستة وخمسين حديثاً. قال ابن حجر: "مات سنة 247، وهو ابن سبع وثمانين سنة" (¬7)، وقال الذهبي (¬8): "توفي سنة 248". محمد بن بشار الملقب بندار (¬9): محمد بن بشار بن عثمان بن داود بن كيسان العبدي أبو بكر، الحافظ البصري، الملقب بندار، ثقة، من العاشرة (¬10) 0)، روى عن يحيى القطان، وابن مهدي، وأبي داود الطيالسي، وغيرهم، روى عنه الجماعة، وروى النسائي عن ¬

_ (¬1) تقريب التهذيب 1/ 454. (¬2) تهذيب التهذيب 9/ 251. (¬3) تقريب التهذيب 1/ 490. (¬4) الكاشف 2/ 191. (¬5) تهذيب التهذيب 9/ 342. (¬6) تقريب التهذيب 1/ 500. (¬7) المصدر السابق1/ 500. (¬8) الكاشف 2/ 208. (¬9) ينظر تهذيب التهذيب 9/ 61 و62. (¬10) تقريب التهذيب 1/ 496.

أبي بكر المروزي، وزكريا السجزي عنه، وروى له البخاري مائتي حديث وخمسة أحاديث، ومسلم أربعمائة وستين حديثاً، توفي سنة 252 (¬1). إسحاق بن راهويه: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الإمام أبو يعقوب المروزي بن راهويه عالم خراسان عن جرير والداروردي ومعتمر وعنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وبقية شيخه وأبو العباس السراج أملى المسند من حفظه مات في شعبان سنة 238 وعاش سبعا وسبعين سنة. روى له البخاري 57 حديثاً، وروى له مسلم 387 حديثاً (¬2). محمد بن رافع النيسابوري (¬3): محمد بن رافع بن أبي زيد، واسمه سابور القشيري مولاهم أبو عبد الله النيسابوري الزاهد، كان ثبتاً فاضلاً، روى عن عبد الرزاق، وزيد بن حبان، وابن أبي فديك، وعبد الله بن نافع الصائغ، وعبد الله بن كيسان، وإبراهيم بن عمر الصغانيُّ، روى عنه الجماعة سوى ابن ماجه، روى عنه البخاري 17 حديثاً، ومسلم 362 حديثاً، قال أبو زرعة: شيخ صدوق (¬4)، مات سنة خمس وأربعين ومائتين (¬5). محمد بن حاتم الملقب بالسمين (¬6): محمد بن حاتم بن ميمون البغدادي أبو عبد الله القطيعيُّ المعروف بالسمين، مروزي الأصل، سكن بغداد، وثقه الدارقطني (¬7)، قال ابن حجر: "صدوق ربما وهم، من العاشرة" (¬8). روى عن وكيع، وابن عيينة، وابن علية، وغيرهم، روى عنه مسلم وأبو داود وأبو زرعة، وغيرهم، روى عنه مسلم ثلاثمائة حديث، مات ¬

_ (¬1) الكاشف 2/ 159. (¬2) الكاشف 1/ 233. (¬3) تهذيب التهذيب 9/ 141. (¬4) الجرح والتعديل 7/ 254. (¬5) تقريب التهذيب 1/ 478. (¬6) تهذيب التهذيب 9/ 89. (¬7) الكاشف 2/ 162. (¬8) تقريب التهذيب 1/ 472.

سنة 235 (¬1). علي بن حجر (¬2): علي بن حجر بن إياس بن مقاتل بن مخادش بن مشمرج بن خالد السعدي أبو الحسن المروزي، سكن بغداد قديماً، ثم انتقل إلى مرو فنزلها، قال النسائي:"ثقة مأمون" (¬3)، وقال ابن حجر: "ثقة مأمون حافظ من صغار التاسعة" (¬4). روى عن أبيه، ومعروف الخياط، وخلف بن خليفة، وغيرهم، روى عنه البخاري خمسة أحاديث، ومسلم 188 حديثاً، مات سنة 244 (¬5). عمرو الناقد: عمرو الناقد هو الامام الحافظ الحجة، أبو عثمان، عمرو بن محمد بن بكير بن سابور البغدادي الناقد نزيل الرقة، حدث عن: هشيم، وأبي خالد الاحمر، وسفيان بن عيينة، وحفص ابن غياث، ومعتمر بن سليمان، وأبي معاوية الضرير، وعبد الرزاق بن همام، وطبقتهم، وكان من أوعية العلم. حدث عنه: البخاري، ومسلم، وأبو داود، وأبو زرعة، وأبو حاتم، ومحمد بن إبراهيم السراج، وأبو يعلى الموصلي، وأبو القاسم البغوي، وجعفر الفريابي، وخلق سواهم. قال أحمد بن حنبل: كان عمرو الناقد يتحرى الصدق. وقال أبو حاتم: ثقة أمين، وقال الحسين بن فهم: كان ثقة، صاحب حديث، فقيها من الحفاظ المعدودين، مات لاربع خلون من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومئتين ببغداد (¬6). روى له البخاري ومسلم وابو داود روى له مسلم 166 حديثاً (¬7). ¬

_ (¬1) المصدرالسابق1/ 472، الكاشف 2/ 162. (¬2) تهذيب التهذيب 7/ 259. (¬3) الكاشف 2/ 36. (¬4) تقريب التهذيب 1/ 299. (¬5) المصدر نفسه 1/ 299، والكاشف2/ 36. (¬6) سير أعلام النبلاء 11/ 147و148. (¬7) ينظر صحيح مسلم لا على سبيل الحصر.

المطلب الخامس

المطلب الخامس تلاميذه تلاميذ الإمام مسلم بن الحجاج، كثيرون منهم من روى الصحيح عنه، ومنهم من ألف كتاباً خاصاً به في مجال الحديث، أو في الرجال، ومنهم مَنْ نقل أصناف العلوم كالحديث، والفقه، وأصوله وغيرها، وهؤلاء التلاميذ يصعب إحصاؤهم، لكن سأترجم لأشهرهم، ولاسيما من له علاقة بموضوع دراستنا كإبراهيم بن محمد ابن سفيان، ومكي بن عبدان، وأحمد بن علي القلانسي، وآخرين. أولاً - تلاميذه: أحمد بن محمد بن الحسن، ابن الشرقي (¬1): أحمد بن محمد بن الحسن الإمام الحافظ أبو حامد بن الشرقيُّ تلميذ مسلم، قال الدارقطنيُّ: ثقة مأمون. سمع محمد بن يحيى، وأحمد بن يوسف، وأحمد بن الأزهر، وأحمد بن حفص بن عبد الله، وأبا حاتم، ومحمد بن إسحاق الصاغاني، وعبد الله بن أبي مسرّة، وخلقاً. روى عنه أبو بكر محمد بن محمد الباغندي، وأبو العباس بن عقدة، وأبو أحمد العسال، وأبو أحمد بن عدي، وأبو علي الحافظ، وزاهر بن أحمد، والحسن بن أحمد المخلدي، وأبو بكر الجوزقي، وغيرهم، ولد سنة أربعين ومائتين، وصنف الصحيح، وحج مرات، توفي في شهر رمضان سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. عبد الله بن محمد بن ياسين الدوريُّ (¬2): عبد الله بن محمد بن ياسين أبو الحسن الفقيه الدوري، قال أبو بكر الإسماعيلي: ثقة صاحب حديث، ومرة أخرى: ثقة ثبت، قال الدارقطني: ثقة. قال ابن نقطة: حدث عن مسلم (¬3)، سمع بسطام بن الفضل، ومحمد بن عبد الله الزيادي، ومحمد بن يحيى القطيعي الدرهمي، وإسحاق بن إبراهيم الصواف، ¬

_ (¬1) طبقات الشافعية الكبرى: (تأليف: السبكي تاج الدين بن علي بن عبد الكافي ت756هـ)، تحقيق: د. محمود محمد الطناحي، ود. عبد الفتاح محمد الحلو، دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، 1413هـ، 3/ 41. (¬2) تاريخ بغداد: (تأليف: الخطيب البغدادي أبو بكر أحمد بن علي ت463هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، 10/ 106. ... = (¬3) = (3) التقييد لمعرفة رواة الموطأ والمسانيد: (تأليف: ابن نقطة أبو بكر محمد بن عبد الغني البغدادي ت629هـ)، تحقيق: كمال يوسف الحوت، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1408، 1/ 447.

محمد بن عبد الرحمن الدغولي

ومحمد بن بكر اليمامي، ومحمد بن بشار بندار، ويوسف بن موسى القطان، روى عنه: أبو بكر الشافعي، ومحمد بن الحسن اليقطيني، وغيرهما، مات سنة 302، وقيل سنة 303. محمد بن عبد الرحمن الدغولي (¬1): محمد بن عبد الرحمن بن محمد أبو العباس الدغولي السرخسي، الفقيه الإمام الحافظ، شيخ أهل خراسان في زمانه، صاحب المسند المشهور، وأحد علماء الشافعية. سمع عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، وخلقاً كثيراً من طبقتهم، وممن بعدهم بخراسان والعراق، روى عنه أبو علي الحافظ، وأبو بكر الجوزقي، وطائفة (¬2)، توفي سنة 325. أحمد بن حمدون أبو حامد الأعمش (¬3): الإمام الحافظ الثقة، أبو حامد أحمد بن حمدون بن أحمد بن عمارة بن رستم النيسابوري، قال أبو عبد الله الحاكم: أحاديثه كلها مستقيمة، سمع محمد بن رافع، وعلي بن خشرم، وإسحاق الكوسج، وعمار بن رجاء الجرجاني، وأبا سعيد الأشج، ويحيى بن المقوم، وطبقتهم، روى عنه أبو الوليد الفقيه، وأبو علي الحافظ، وأبو إسحاق المزكي، وأبو سهل الصعلوكي، وأبو أحمد الحاكم، توفي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة. ¬

_ (¬1) طبقات الشافعية: (تأليف: ابن قاضي شهبة أبو بكر بن أحمد بن محمد بن عمر ت851هـ)، تحقيق: د. الحافظ عبد العليم خان، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1407هـ، 1/ 117. (¬2) تذكرة الحفاظ 3/ 823. (¬3) المصدر نفسه 3/ 805 و806 و807 بتصرف.

الترمذي

الترمذي (¬1): محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك، وقيل: هو محمد بن عيسى بن يزيد بن سورة بن السكن، الحافظ، العالم، الإمام البارع، ابن عيسى السلمي الترمذي الضرير، مصنف الجامع، وكتاب العلل، وغير ذلك. ولد في حدود سنة عشر ومائتين، وارتحل بخراسان والعراق، والحرمين، ولم يرحل إلى مصر والشام، حدث عن قتيبة بن سعيد، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن عمرو السواق البلخي، وأبي مصعب الزهري، وغيرهم. كتب عنه شيخه أبو عبد الله البخاري، حدث عنه أبو بكر أحمد بن إسماعيل السمرقندي، وأبو حامد أحمد بن عبد الله بن داود المروزي، وأحمد بن علي بن حسنويه المقريء، وغيرهم، مات سنة 279. محمد بن مخلد بن حفص الدوري (¬2): محمد بن مخلد بن حفص أبو عبد الله الدوري العطار، سئل الدارقطني عنه فقال: ثقة مأمون، صحب وحدث عن جماعة منهم: صالح بن أحمد، وأبو داود السجستاني، سمع سالم بن جنادة، ويعقوب الدورقي، وأبو الفضل بن يعقوب الرقامي، ومسلم بن الحجاج، وغيرهم. حدث عنه أبو عبد الله بن بطة، ومحمد بن الحسين الآجري، وأبو العباس بن عقدة، والدارقطني، وغيرهم. مات سنة 231، وقد استكمل سبعاً وتسعين سنة وثمانية أشهر وواحد وعشرين يوماً. أبو عوانة الإسفرائيني (¬3): أبو عوانة الحافظ، الثقة، الكبير، يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد الإسفرائيني، النيسابوري الأصل، صاحب الصحيح المسند المستخرج على صحيح مسلم، سمع يونس بن عبد الأعلى، وأحمد بن الأزهر، ومحمد بن يحيى الذهلي، وغيرهم، حدث عنه الحافظ أحمد بن علي الرازي، وأبو علي النيسابوري، ويحيى ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 13/ 270 - 277 مختصراً. (¬2) طبقات الحنابلة 2/ 73 و74، وينظر تاريخ بغداد 3/ 310، وتذكرة الحفاظ 3/ 828 و829. (¬3) تذكرة الحفاظ 3/ 779 و780، وينظر طبقات الشافعية 1/ 104، وتاريخ جرجان: (تأليف: السهمي حمزة بن يوسف أبو القاسم الجرجاني ت428هـ)، تحقيق: د. محمد عبد المعيد خان، عالم الكتب، بيروت، ط3، 1401هـ -1981م، 1/ 490.

ابن سفيان

بن منصور القاضي، وغيرهم، وهو أول من أدخل كتب الشافعي ومذهبه إلى إسفرائين، أخذ ذلك من الربيع والمزني. توفي سنة 316هـ. ابن سفيان (¬1): الإمام القدوة الفقيه، العلامة، المحدث، الثقة، أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان، النيسابوري، كان من أئمة الحديث، سمع "الصحيح" من مسلم بفوت، رواه وجادة: [وهذا الفوت] (¬2) في الحج، وفي الوصايا، وفي الإمارة ... سمع من سفيان بن وكيع، وعمرو بن عبد الله الأودي، ومحمد بن رافع، وغيرهم، لازم مسلماً مدة، وبرع في علم الأثر، حدث عنه أحمد بن هارون الفقيه، والقاضي عبد الحميد بن عبد الرحمن، ومحمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي، وآخرون، توفي سنة 308. القلانسي (¬3): أبو محمد أحمد بن علي بن الحسن بن المغيرة بن عبد الرحمن القلانسي، قال ابن الصلاح: وقعت بروايته عن مسلم عند المغاربة، ولم أجد له ذكراً عند ... غيرهم (¬4)، قال السمعاني في ترجمة محمد بن يحيى الأشقر: "وكان قد سمع الصحيح من أحمد بن علي القلانسي، وهو أحسن راوية لذلك الكتاب، وأنهم ثقات" (¬5). ولم يكن السمعاني الوحيد من وثق القلانسي، فيأتي توثيقه ضمناً من إمام من أئمة الجرح والتعديل وهو الدارقطني قال: "أن اكتبوا عن أبي العلاء بن ماهان ووصفه بالثقة والتمييز" (¬6). وقال الدكتور عبد الرحمن الفقيه: "إن تزكية الدارقطني ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 14/ 311. (¬2) ينظرصيانة صحيح مسلم ص111. (¬3) تقييد المهمل وتمييز المشكل وتمييز المشكل (تأليف: الغساني أبي علي الحسين بن محمد الجياني 498هـ)، اعتنى به علي بن محمد العمران ومحمد عزيز شمس، دار عالم الفوائد، ط1، 1241هـ - 2000م، 1/ 65، وينظر صيانة صحيح مسلم ص11، وما بعدها). (¬4) المصدر السابق ص103. (¬5) الأنساب (تأليف: السمعاني أبي سعيد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي ت506هـ)، تحقيق: عبد الله عمر البارودي، دار الفكر، بيروت، ط1، 1998م، 5/ 190. (¬6) ذيل تاريخ بغداد:) تأليف: ابن النجار محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود بن الحسن = = البغدادي ت643هـ)، دار الكتب العلمية، لبنان ـ بيروت، 16/ 378.

لرواية ابي العلاء بن ماهان فيها قولا عاماً من الدارقطني لكل من هو فوق أبي العلاء من المشايخ إلى الإمام مسلم، فلو كان القلانسي مجروحاً أو مجهولاً ما كان للدار قطني أن يزكي هذه الرواية بعينها، والله أعلم". فيعد توثيقه ضمناً (¬1). قال ابن الصلاح: دخلت روايته إليهم من مصر على يَدَي من رحل منهم إلى جهة المشرق، كأبي عبد الله محمد بن يحيى الحذاء التميمي القرطبي، وغيره سمعوها بمصر من أبي العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن ماهان البغدادي قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر الفقيه على مذهب الشافعي، حدثنا أبو محمد أحمد بن علي بن الحسن القلانسي، حاشا ثلاثة أجزاء من آخر الكتاب (¬2). تعد روايته بسندها المتصل بمسلم قد أغلقت الباب بوجه المعترضين على فوات ابن سفيان للسماع، ذكر الحافظ ابن حجر أخبرنا بهذه الأفوات أبو العباس أحمد ابن أبي بكر الحسباني كتابة من دمشق، أنبأنا الفخر عثمان بن محمد التوزري في كتابه من مصر، أنبأنا أبو بكر محمد بن يوسف بن مسدي إجازة، أنبأنا أبو جعفر أحمد ابن عبد الرحمن بن مضي قال: قرأت جميع صحيح مسلم على أبي عمر أحمد ابن عبد الله بن جابر الأزدي بسماعه له على أبي محمد عبد الله بن محمد الباجي، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الباجي، حدثنا أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان، حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر، أنبأنا أحمد بن علي بن الحسين بن المغيرة القلانسي، أنبأنا مسلم لجميع الصحيح قراءة عليه، وأنا أسمع من أوله إلى حديث الإفك في أواخر الكتاب (¬3). وذكر ابن حزم مائة وسبعة أحاديث في موضع الفوت الذي وقع لابن سفيان من صحيح مسلم بسنده: حَدَّثَنَا عبد اللَّهِ بن يُوسُفَ، نا أَحْمَدُ بن فَتْحٍ، نا عبد الْوَهَّابِ ابن ¬

_ (¬1) ملتقى أهل الحديث، من يأتينا بترجمة هذا الراوي) أبو محمد القلانسي (ص1. (¬2) صيانة صحيح مسلم ص109. (¬3) المعجم المفرس أو تجريد أسانيد الكتب المشهورة والأجزاء المنثورة: (تأليف: ابن حجر العسقلاني أبو الفضل أحمد بن علي ت 852هـ)، تحقيق: محمد شكور المياديني، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1418هـ - 1998م، 1/ 29.

مكي بن عبدان

عِيسَى، نا أَحْمَدُ بن مُحَمَّدٍ، نا أَحْمَدُ بن عَلِيٍّ، نا مُسْلِمُ بن الْحَجَّاجِ (¬1) ... . وتوجد من صحيح مسلم رواية القلانسي قطعة صغيرة في تونس (¬2). مكي بن عبدان (¬3): مكي بن عبدان بن محمد بن بكر بن مسلم بن راشد أبو حاتم النيسابوري التميمي مولاهم، المحدث الثقة، المتقن (¬4)، قال أبو علي الحافظ: ثقة مأمون (¬5)، سمع محمد بن يحيى الذهلي، وعبد الله بن هاشم، ومحمد بن منخل، وأقرانهم، روى عن مسلم الصحيح، وكتب أخرى (¬6) منها "ما استنكره أهل العلم من حديث عمرو بن شعيب"، ونقل توثيق الرواة عن الإمام مسلم، توفي سنة 325 (¬7). مصنفاته: أما مصنفاته فهي كثيرة منها ما هو مطبوع، ومنها ما هو بحكم المفقود، أو ما زال مخطوطاً، فالمطبوع (¬8): 1 - الأسامي والكنى. 2 - التمييز. 3 - المسند الصحيح "صحيح مسلم". 4 - رجال عروة بن الزبير. 5 - المنفردات والوحدان. 6 - الطبقات. ¬

_ (¬1) المحلى: (تأليف: ابن حزم الظاهري أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ت456هـ)، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي، دار الآفاق الجديدة، بيروت، 1/ 64، وحجة الوداع: (تأليف: إبن حزم الأندلسي أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد ت 456هـ)، تحقيق: أبو صهيب الكرمي، بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع، الرياض، ط1، 1998، 2/ 849، وغيرها من الصفحات. (¬2) موقع أهل الحديث السابق ص4. (¬3) سير أعلام النبلاء 15/ 70. (¬4) تاريخ بغداد 13/ 119. (¬5) المعجم المفهرس 1/ 29. (¬6) تاريخ مدينة دمشق 6/ 108، وغيرها. (¬7) تاريخ الأدب العربي 3/ 180، وتاريخ التراث العربي 1/ 264 و277.

وغير المطبوع: لم تذكر المصادر فيما إذا كانت هذه الكتب مخطوطة، أو مفقودة إلا أن كتب الأثبات أشارت إلى كونها تعود لمؤلفها مسلم بن الحجاج (¬1) وهي: 1 - الأخوة والأخوات. 2 - أسماء الرجال. 3 - الأفراد. 4 - أفراد الشاميين من المحدثين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. 5 - الأقران. 6 - انتخاب مسلم عن أبي أحمد الفراء. 7 - الإنتفاع بأهب السباع. 8 - الأوحاد. 9 - أولاد الصحابة ومن بعدهم من المحدثين. 10 - أوهام المحدثين. 11 - التاريخ. 12 - تفضيل السنين. 13 - الجامع الكبير على الأبواب. 14 - ذكر أولاد الحسين. 15 - رواة الاعتبار. 16 - سؤالات أحمد بن حنبل. 17 - طبقات التابعين. 18 - طبقات الرواة. ¬

_ (¬1) ينظر تلخيص تاريخ نيسابور ص34، الفهرست 1/ 322، تاريخ مدينة دمشق 22/ 341، صيانة صحيح مسلم 1/ 59، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 12/ 171، شرح النووي على صحيح مسلم 1/ 10، سير أعلام النبلاء 12/ 579، تذكرة الحفاظ 2/ 590، تاريخ الإسلام 20/ 188، تهذيب التهذيب 10/ 114، المعجم المفهرس 1/ 333، تهذيب الأسماء 2/ 397، طرح التثريب في شرح التقريب 1/ 95، تدريب الراوي 2/ 363، الحطة في ذكر الصحاح الستة 1/ 248، هدية العارفين أسماء المؤلفين وآثار المصنفين 6/ 432، كشف الظنون عن أسامي الفنون ص175، أبجد العلوم 2/ 61، الإمام مسلم ومنهجه في صحيحه ص86 ـ 99.

19 - العلل. 20 - كتاب عمرو بن شعيب. 21 - المخضرمون. 22 - مسند حديث مالك. 23 - المسند الكبير على الرجال. 24 - مشايخ الثوري. 25 - مشايخ شعبة. 26 - مشايخ مالك. 27 - معرفة رواة الأخبار. 28 - كتاب المعمر. 29 - المفرد. 30 - من ليس له إلا راو واحد. 31 - الوحدان.

المطلب السادس: مكانته بين العلماء

المطلب السادس مكانته بين العلماء كل من ترجم للإمام مسلم وصفه بصفة من صفات التعديل أقلها ما قاله ابن أبي حاتم: سئل عنه أبي فقال صدوق، لكنه قال: ثقة من الحفاظ له معرفة بالحديث (¬1). وقال الحاكم: المقدم والحجة في التمييز بين الصحيح والسقيم (¬2). وقال ابن أبي يعلى، والخطيب البغدادي: "أحد الأئمة من حفاظ الأثر" (¬3)، وقال ابن عساكر: "الحافظ صاحب الصحيح الإمام المبرز والمصنف المميز" (¬4)، وقال الإمام الذهبي: "هو الإمام الكبير الحافظ المجود الحجة الصادق، وقال شيخه محمد بن عبد الوهاب الفراء: كان مسلم من علماء الناس وأوعية العلم، ما علمته إلا خيراً" (¬5). قال أحمد بن سلمة: "سمعت الحسين بن منصور يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، وذكر مسلم بن الحجاج فقال: مردا كابن بوذ، قال المنكدري: وتفسيره: أي رجل هذا" (¬6). قال أبو عبد الله بن الأخرم: "قلما يفوت البخاري ومسلم ما يثبت من الحديث" (¬7)، وقال: "إنما أخرجت نيسابور ثلاثة رجال: محمد بن يحيى، ومسلم بن ¬

_ (¬1) 1) الجرح والتعديل: (تأليف: ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد بن إدريس أبو محمد الرازي التميمي 327هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1271هـ - 1952م، 8/ 182. (¬2) تلخيص تاريخ نيسابور ص34. (¬3) طبقات الحنابلة 1/ 240، وتاريخ بغداد 1/ 135، وينظر البداية والنهاية: (تأليف: ابن كثير أبو الفداء إسماعيل بن كثير بن عمر القرشي ت704هـ)، مكتبة المعارف، بيروت، 11/ 33، ووفيات الأعيان 5/ 194، العبر في خبر من غبر 2/ 29، ومرآة الجنان وعبرة اليقظان: (تأليف: اليافعي أبو محمد عبد الله بن أسعد بن علي بن سليمان ت 768هـ)، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، 1413هـ - 1993م، 2/ 174، وشذرات الذهب في أخبار من ذهب 2/ 144، وغيرها. (¬4) تاريخ مدينة دمشق: (تأليف: ابن عساكرأبي القاسم علي بن الحسن إبن هبة الله بن عبد الله الشافعي ت571هـ)، تحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري، دار الفكر، بيروت، 1995، 58/ 85. (¬5) سير أعلام النبلاء 12/ 579، وتهذيب التهذيب 12/ 412. (¬6) تاريخ بغداد 1/ 135. (¬7) المصدر نفسه 13/ 102، وينظر سير أعلام النبلاء 12/ 564.

الحجاج، وإبراهيم بن أبي طالب" (¬1). قال إسحاق الكوسج لمسلم: "لن نعدم الخير ما أبقاك الله للمسلمين" (¬2). وقال بندار: "الحفاظ أربعة أبو زرعة، ومحمد بن إسماعيل، والدارمي، ومسلم" (¬3). وقال ابن عقدة: "قلما يقع الغلط لمسلم في الرجال؛ لأنه كتب الحديث على وجهه" (¬4). وكان الإمام مسلم منتقداً للرجال قال مكي بن عبدان: "سألت مسلماً عن علي بن الجعد فقال: ثقة، ولكنه كان جهمياً، فسألته عن محمد بن يزيد فقال: لا يكتب عنه، وسألته عن محمد بن عبد الوهاب وعبد الرحمن بن بشر فوثقهما، وسألته عن قطن بن إبراهيم فقال: لا يكتب حديثه" (¬5). ولم يقتصر علم الإمام مسلم على الحديث فقط وإنما كان فقيهاً قال ابن النديم: "من المحدثين العلماء بالحديث والفقه" (¬6)، وقال الحافظ ابن حجر: "حافظ إمام مصنف عالم بالفقه" (¬7). ¬

_ (¬1) المصدر نفسه. (¬2) تذكرة الحفاظ 2/ 588. (¬3) تهذيب التهذيب 10/ 113. (¬4) المصدر نفسه. (¬5) سير أعلام النبلاء 12/ 568. (¬6) الفهرست: (تأليف: ابن النديم محمد بن إسحاق أبو الفرج ت438هـ)، دار المعرفة، بيروت، 1398 - 1978، 1/ 322. (¬7) تقريب التهذيب 1/ 529.

المبحث الثاني: التعريف بصحيح مسلم

المبحث الثاني التعريف بصحيح مسلم المطلب الأول اسم الكتاب اختلفت المصادر في تسمية هذا الكتاب فمنهم من سماه "الصحيح"، وجرده من كل ما ألحق به من نسبة أو إضافة، والذين ذهبوا إلى تسميته بهذا الاسم: ابن النديم (¬1)، ابن عساكر (¬2)، ابن كثير (¬3)، الذهبي (¬4)، ابن الجزري (¬5)، اليافعي (¬6)، ابن تغري بردي (¬7)، ابن العماد (¬8). ومنهم من سمّاه الجامع الصحيح (¬9)، ومنهم من سماه "كتاب مسلم"، قال أبو علي النيسابوري (¬10): "ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم في علم الحديث"، وقال أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد الحافظ الفقيه " ... هذه قواعد الإسلام كتاب مسلم، وكتاب البخاري، وكتاب أبي داود، وكتاب النسائي"، وذكر هذه التسمية ابن عطية (¬11). ومنهم من ذكره باسم "كتاب مسلم بن الحجاج الصحيح" (¬12)، ومنهم من ذكره ¬

_ (¬1) الفهرست 1/ 322. (¬2) تاريخ مدينة دمشق 58/ 85. (¬3) البداية والنهاية 11/ 33. (¬4) الكاشف 2/ 258. (¬5) اللباب في تهذيب الأنساب 3/ 38. (¬6) مرآة الجنان 2/ 144. (¬7) النجوم الزاهرة 3/ 33. (¬8) شذرات الذهب 2/ 144. (¬9) هدية العارفين 6/ 431. (¬10) سير أعلام النبلاء 12/ 566. (¬11) فهرسة ابن عطية: (تأليف: ابن عطية أبي محمد عبد الحق المحاربي الأندلسي ت518هـ)، تحقيق: محمد أبو الأجفان ومحمد الزاهي، دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان، ط2، 1983، 1/ 83. (¬12) ذيل تاريخ بغداد 16/ 378.

باسم "كتاب مسلم بن الحجاج المسند" (¬1). وقد ذكر الإمام مسلم نفسه كتابه باسم "المسند" قال الإمام الذهبي: وعن ابن الشرقي، عن مسلم قال: "ما وضعت في هذا المسند شيئاً إلا بحجة وما أسقطت شيئاً منه إلا بحجة" (¬2)، وذكره مره أخرى باسم "المسند الصحيح" (¬3). وسماه ابن كثير في قول ثانِ، والقنوجي، "صحيح مسلم" (¬4). وللمغاربة تسمية أخرى "المسند الصحيح المختصر من السنن" (¬5). و"المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل عن رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - " (¬6). والذي يمكن أن يثبت في تسميته ما سماه مؤلفه" المسند الصحيح"، إلا أنه غلب على تسميته بـ "صحيح مسلم". وشاع هذا في العصور المتأخرة. وثمة عبارة أخرى اختارها الدكتور محمد عبد الرحمن طوالبة فقال: "فأستحسن إن طبع الكتاب في المستقبل أن يجمع بين الاثنين" [أي بين المسند الصحيح وصحيح مسلم] فيكتب مثلاً: "المسند الصحيح" وتحته: المشهور بـ "صحيح مسلم"، فيجمع بين المشهور وأصالة التسمية (¬7). قلت: وهذا جمع حسن. ¬

_ (¬1) تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس: (تأليف: ابن الفرضي أبي الوليد عبد الله بن محمد بن يونس الأزدي ت403هـ)، تحقيق: عزت العطار الحسيني، مطبعة المدني - القاهرة - ط2، 1408هـ - 1988م، 2/ 194. (¬2) سير أعلام النبلاء 12/ 580. (¬3) تلخيص تاريخ نيسابور ص34، طبقات الحنابلة 1/ 337، تاريخ بغداد 13/ 100، وطبقات الحفاظ: (تأليف: السيوطي أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر ت 911هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1403، 1/ 256، وغيرها. (¬4) البداية والنهاية 11/ 33، أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم: (تأليف: القنوجي أبو الطيب صديق بن حسن بن علي الحسنين البخاري ت1307هـ)، تحقيق: ... عبد الجبار زكار، دار الكتب العلمية، بيروت 1978، 2/ 229. (¬5) الغنية فهرسة شيوخ القاضي عياض: (تأليف: القاضي عياض أبي الفضل ت544هـ)، تحقيق: ماهر زهير جرار، دار الغرب الإسلامي، بيروت - لبنان، ط1، 1402هـ - 1983م، ص35. (¬6) فهرسة ابن خير الإشبيلي:) تأليف: ابن خير الأشبيلي أبو بكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة الأموي ت 575هـ)، تحقيق: محمد فؤاد منصور، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط1،1419هـ - 1998م، 1/ 85. (¬7) الإمام مسلم ومنهجه في صحيحه ص103.

المطلب الثاني: الباعث على تصنيفه والغرض منه

المطلب الثاني الباعث على تصنيفه والغرض منه إن الباعث على تصنيف الصحيح عند الإمام مسلم هو: ما أفصح عنه في مقدمة كتابه إذ يقول: "فَإِنَّكَ يَرْحَمُكَ الله بِتَوْفِيقِ خَالِقِكَ ذَكَرْتَ أَنَّكَ هَمَمْتَ بِالْفَحْصِ عن تَعَرُّفِ جُمْلَةِ الْأَخْبَارِ الْمَاثُورَةِ عن رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في سُنَنِ الدِّينِ وَأَحْكَامِهِ، وما كان منها في الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ، وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ، وَغَيْرِ ذلك من صُنُوفِ الْأَشْيَاءِ بِالْأَسَانِيدِ التي بها نُقِلَتْ، وَتَدَاوَلَهَا أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَأَرَدْتَ أَرْشَدَكَ الله أَنْ تُوَقَّفَ على جُمْلَتِهَا مُؤَلَّفَةً مُحْصَاةً، وَسَأَلْتَنِي أَنْ أُلَخِّصَهَا لك في التَّالِيفِ بِلَا تَكْرَارٍ يَكْثُرُ، فإن ذلك زَعَمْتَ مِمَّا يَشْغَلُكَ عماله قَصَدْتَ من التَّفَهُّمِ فيها، وَالِاسْتِنْبَاطِ منها، وَلِلَّذِي سَأَلْتَ أَكْرَمَكَ الله حين رَجَعْتُ إلى تَدَبُّرِهِ، وما تؤول بِهِ الْحَالُ إن شَاءَ الله عَاقِبَةٌ مَحْمُودَةٌ، وَمَنْفَعَةٌ مَوْجُودَةٌ، وَظَنَنْتُ حين سَأَلْتَنِي تَجَشُّمَ ذلك أَنْ لو عُزِمَ لي عليه، وَقُضِيَ لي تَمَامُهُ كان أَوَّلُ من يُصِيبُهُ نَفْعُ ذلك إِيَّايَ خَاصَّةً قبل غَيْرِي من الناس لِأَسْبَابٍ كَثِيرَةٍ يَطُولُ بِذِكْرِهَا الْوَصْفُ إلا أَنَّ جُمْلَةَ ذلك أَنَّ ضَبْطَ الْقَلِيلِ من هذا الشان، وَإِتْقَانَهُ أَيْسَرُ على الْمَرْءِ من مُعَالَجَةِ الْكَثِيرِ منه، ولا سِيَّمَا عِنْدَ من لَا تَمْيِيزَ عِنْدَهُ من الْعَوَامِّ إلا بِأَنْ يُوَقِّفَهُ على التَّمْيِيزِ غَيْرُهُ، فإذا كان الْأَمْرُ في هذا كما وَصَفْنَا، فَالْقَصْدُ منه إلى الصَّحِيحِ الْقَلِيلِ أَوْلَى بِهِمْ مِنَ ازْدِيَادِ السَّقِيمِ ... " إلى أن قال:"فَلَوْلَا الذي رَأَيْنَا من سُوءِ صَنِيعِ كَثِيرٍ مِمَّنْ نَصَبَ نَفْسَهُ مُحَدِّثًا فِيمَا يَلْزَمُهُمْ من طَرْحِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ، وَالرِّوَايَاتِ الْمُنْكَرَةِ وَتَرْكِهِمْ الِاقْتِصَارَ على الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ مِمَّا نقلة الثِّقَاتُ الْمَعْرُوفُونَ بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ، بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمْ وَإِقْرَارِهِمْ بِأَلْسِنَتِهِمْ أَنَّ كَثِيرًا مِمَّا يَقْذِفُونَ بِهِ إلى الْأَغْبِيَاءِ من الناس هو مُسْتَنْكَرٌ، وَمَنْقُولٌ عن قَوْمٍ غَيْرِ مَرْضِيِّينَ مِمَّنْ ذَمَّ الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ أَئِمَّةُ أَهْلِ الحديث مِثْلُ مَالِكِ بن أَنَسٍ، وَشُعْبَةَ بن الْحَجَّاجِ، وَسُفْيَانَ بن عُيَيْنَةَ، وَيَحْيَى بن سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، وَعَبْدِ الرحمن بن مَهْدِيٍّ، وَغَيْرِهِمْ من الْأَئِمَّةِ لَمَا سَهُلَ عَلَيْنَا الِانْتِصَابُ لِمَا سَأَلْتَ من التَّمْيِيزِ وَالتَّحْصِيلِ، وَلَكِنْ من أَجْلِ ما أَعْلَمْنَاكَ من نَشْرِ الْقَوْمِ الْأَخْبَارَ الْمُنْكَرَةَ

بِالْأَسَانِيدِ الضِّعَافِ الْمَجْهُولَةِ، وَقَذْفِهِمْ بها إلى الْعَوَامِّ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ عُيُوبَهَا خَفَّ على قُلُوبِنَا أجابتك إلى ما سَأَلْتَ" (¬1). ¬

_ (¬1) صحيح مسلم: (تأليف: أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ت261هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، المقدمة 1/ 3 و4 و7.

المطلب الثالث: مكان وزمن التصنيف

المطلب الثالث مكان وزمن التصنيف قال الحافظ ابن حجر: "ألف مسلم الصحيح في موطنه نيسابور بحضور أصوله في حياة كثير من شيوخه" (¬1). وكانت مدة تأليفه خمس عشرة سنة، قال أحمد بن سلمة: "كنت مع مسلم في تأليف صحيحه خمس عشرة سنة" (¬2). قال الدكتور محمد عبد الرحمن طوالبة: " ... نريد أن نعرف متى بدأه ومتى فرغ منه، فذكر العراقي وحاجي خليفة أن مسلماً ألف كتابه سنة مائتين وخمسين هجرية، ولا يفهم منه أنه ابتدأه في تلك السنة، وانتهى منه فيها، لما قدمت عن أبي سلمة، وأنما يفهم منه أن مسلماً فرغ من تأليفه في تلك السنة، ويكون قد ابتدأه سنة خمس وثلاثين ومائتين هجرية، وعمره آنذاك تسعة وعشرون عاماً، وهو قول يسوغه العقل والمنطق، وليس هناك ما يناقضه؛ لأن مسلماً في هذه السن قد هيأ نفسه، وثقفها بهذه الصناعة ثقافة كاملة، وأصبح جديراً بالقيام بمثل هذا العمل، وبمثل هذا التأليف" (¬3). وذكر ابن خير الأشبيلي قول ابن سفيان: "فرغ مسلم من قراءة الكتاب لعشر خلون من رمضان من العام المذكور ـ يعني سنة 257هـ ـ وتوفي مسلم بن الحجاج سنة261 (¬4). ¬

_ (¬1) هدي الساري مقدمة فتح الباري1/ 23، وينظر توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار: (الصنعاني محمد بن إسماعيل الأمير الحسني ت1182هـ)، تحقيق: محمد محي الدين ... عبد الحميد، المكتبة السلفية ـ المدينة المنورة، ص47. (¬2) تذكرة الحفاظ 2/ 589. (¬3) الإمام مسلم ومنهجه في صحيحه ص105 و106. (¬4) فهرسة ابن خير الأشبيلي 1/ 86.

المطلب الرابع: سمات منهجية الصحيح

المطلب الرابع سمات منهجية الصحيح اتصف "صحيح مسلم" بسمات قلما اتصف بها كتاب في الحديث مثله، بل حتى البخاري لم يبلغ إلى مرتبته في الترتيب ـ وهذه السمة سيأتي الكلام عليها في المفاضلة بين الصحيحين ـ وترك لنا مؤلفه مقدمة سبق بها كتابه بين فيها شروط الرواية عن الرواة، ومهما تمعن الباحث فيه وسبر هذا الكتاب فقد فاته ما غمض عما لم يبينه الإمام مسلم، إلا إننا اعتمدنا على كلام من سبق من العلماء، كأبي علي الغسانيُّ، والقاضي عياض، والإمام النووي، وابن الصلاح وابن حجر وغيرهم، ومن معاصرينا الدكتور محمد عبد الرحمن طوالبة، والشيخ عبد المحسن عباد، والشيخ عبد الرحمن السديس إمام الحرم المكي، وغيرهم ممن اطلعنا على مؤلفاتهم وبحوثهم، ومن هذه السمات: 1 - إنه روى في كتابه الحديث المجرد (¬1) فلم يرو الموقوف والمقطوع، بل روى الحديث المتصل برواية العدل الضابط من مثله إلى منتهاه، مع خلوه من الشذوذ والعلل القادحة، فهو شرط الصحيح، ولم يكن الإمام مسلم أول من فعل ذلك بل سلك سبيل شيخه البخاري فيه. أما ما يظهر للقارئ أن بعض الأحاديث ساقها الإمام مسلم، وهي معلولة فهو ساقها ليدل على علتها وليس غفلة منه. 2 - يعد ثاني كتاب صنف في الصحيح من الحديث النبوي (¬2). 3 - ليس فيه من التعليقات إلا اثنا عشر حديثاً كما أشار إلى ذلك أبو علي الغساني، والإمام المازري من أهل المغرب، وابن حجر والسيوطي من أهل المشرق، على أنها متصلة عند غير مسلم كالبخاري وأبي داود وغيرهما (¬3). ¬

_ (¬1) صيانة صحيح مسلم ص72. (¬2) ينظر أبجد العلوم 2/ 228. (¬3) ينظر غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة: (تأليف: الإمام الحافظ العطار رشيد الدين أبي الحسين يحيى بن علي بن عبد الله القرشي المصري المالكي)، تحقيق: محمد خرشافي، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، ط1، 1417هـ، 1/ 116.

4 - رتبه على الكتب والأبواب الفقهية، وترك الاستنباطات والآراء الفقهية، وكذلك ترك ترجمة الأبواب المتعلقة بالعقائد دون ترجمة ولا تأويل (¬1). وذكر الدكتور طوالبة (¬2) سمات أخرى منها: 5 - جمع طرق الحديث وأسانيده في مكان واحد ولهذه الخاصية فوائد حديثية جمة. 6 - جمع المتون المتعلقة بالمسألة الواحدة في الموطن الواحد ولهذا عدة فوائد حديثية منها: أ- معرفة اتفاق المتون. ب- معرفة اختلاف المتون. جـ- معرفة الزيادة أو النقص الحاصل في المتون فيعرف الشاذ من غيره. د- سهولة الكشف عن الأحاديث المتعلقة بالمسألة الواحدة. هـ- تفسير رواية لأخرى قبلها من غريب حديث أو مشكل. 7 - تقديم أحاديث الثقات المتقنين ثم من دونهم وفق ما أشار إليه في المقدمة أنه قسمهم إلى ثلاث طبقات. 8 - أكثرَ من المتابعات والشواهد. 9 - سرد الرواية دون تقطيع، والعناية بضبط اللفظ. 10 - إنه يميز بصيغ التحمل بحدثنا وأخبرنا، والعنعنة. ¬

_ (¬1) البداية والنهاية 11/ 33، والتعريف بالإمام مسلم وكتابه الصحيح: بحث أعده لملتقى أهل الحديث الشيخ عبد الرحمن السديس. (¬2) الإمام مسلم ومنهجه في صحيحه، ص117، وما بعدها.

المطلب الخامس: علاقة صحيح مسلم بصحيح البخاري والترجيح بينهما

المطلب الخامس علاقة صحيح مسلم بصحيح البخاري، والترجيح بينهما تأتي علاقة صحيح مسلم بصحيح البخاري من علاقة الإمامين ببعضهما، فهذا الخطيب البغدادي يقول: "ولما ورد البخاري نيسابور في آخر أمره لازمه مسلم، وأدام الاختلاف إليه" (¬1). وقال الذهبي: " وكان الحافظ أبو عبد الله بن الاخرم أعرف بذلك، فأخبر عن الوحشة الاخيرة، وسمعته يقول: كان مسلم بن الحجاج يظهر القول باللفظ، ولا يكتمه، فلما استوطن البخاري نيسابور أكثر مسلم الاختلاف إليه، فلما وقع بين البخاري والذهلي ما وقع في مسألة اللفظ، ونادى عليه، ومنع الناس من الاختلاف إليه، حتى هجر، وسافر من نيسابور، قال: فقطعه أكثر الناس غير مسلم" (¬2). وذكر الذهبي قول ابن عساكر في الأطراف ـ بعد أن ذكر صحيح البخاري ـ ثم سلك سبيله مسلم بن الحجاج فأخذ في تخريج كتابه وتأليفه وترتيبه (¬3). وقال الخطيب البغدادي: "حدثني عبد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي قال: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: لولا البخاري ما ذهب مسلم ولا جاء" (¬4). وقال الدارقطني أيضاً: "إنما أخذ مسلم كتاب البخاري فعمل فيه مستخرجاً، وزاد فيه أحاديث" (¬5). وكان أبو علي الحسين بن علي النيسابوري يقول: "ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم بن الحجاج في علم الحديث" (¬6). وقال أحمد بن سلمة: "رأيت أبا زرعة، وأبا حاتم يقدمان مسلماً في معرفة ¬

_ (¬1) تاريخ بغداد 13/ 103. (¬2) سير أعلام النبلاء 12/ 572. (¬3) المصدر نفسه12/ 572. (¬4) تاريخ بغداد 13/ 103. (¬5) المصدر نفسه. (¬6) تاريخ مدينة دمشق 58/ 92.

الصحيح على مشايخ عصرهما" (¬1). وقال ابن كثير ذهبت المغاربة، "وأبو علي النيسابوري من المشارقة إلى تفضيل صحيح مسلم على صحيح البخاري" (¬2). أما القول عن صحيح مسلم مستخرجاً على صحيح البخاري، فإنه لا ينطبق لأمرين: 1 - من شرط المستخرجات أن يأخذ صاحب المستخرج كتاب شيخه، فيعمد إلى تخريج أحاديثه من غير طريق عن شيخ شيخه ليساويه في علو الإسناد، وهذا إن انطبق، فإنه ينطبق على أحاديث قليلة منه، ولا يراد به الكل. 2 - إن مسلماً بن الحجاج سمى كتابه المسند الصحيح، ولو كان مستخرجاً لسمّاه مستخرجاً، وخلاصة القول هذا القليل إنما جاء مطابقاً لا إستخراجاً. وأما قول أبي علي النيسابوري "ما تحت أديم السماء أصح من كتاب مسلم"، فظاهره يشعر أن غيره ليس أصح منه، قال الذهبي: "لعل أبا علي ما وصل إليه صحيح البخاري" (¬3)، واستبعد الحافظ ابن حجر هذا القول فقال: "إن عبارة أبي علي هذه تقتضي أن صحيح مسلم في أعلى درجات الصحيح، وأنه لا يفوقه كتاب أما أن يساويه كتاب كصحيح البخاري، فذلك لا تنفيه هذه العبارة" (¬4). وقال ابن الصلاح: "إن ذلك محمول على سرد الصحيح فيه دون أن يمزج بمثل ما في صحيح البخاري مما ليس على شرطه، ولا يحمل على الأصحية" (¬5). وأما قول أحمد بن سلمة: "رأيت أبا زرعة وأبا حاتم يقدمان مسلماً في معرفة الصحيح على مشايخ عصرهما"، فهذا يحمل على بعد وفاة البخاري، فمسلم على جلالة قدره، فإنه يسأل البخاري عن علل الحديث قال أحمد بن حمدون: "سمعت مسلماً بن الحجاج وجاء إلى محمد بن إسماعيل البخاري، فقبل ما بين عينيه، وقال: دعني حتى أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين، وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء 12/ 565. (¬2) البداية والنهاية 11/ 33. (¬3) تذكرة الحفاظ 2/ 589. (¬4) هدي الساري 1/ 23. (¬5) النكت على ابن الصلاح1/ 282.

علله، حدثك محمد بن سلام، حدثنا محمد بن يزيد الحراني قال: أخبرنا ابن جريج، قال: حدثنا موسى بن عقبة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة ... ـ - رضي الله عنه - ـ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكفارة في المجلس "إذا قام من مجلسه فقال سبحانك ربنا وبحمك، فهو كفارة له"، قال محمد بن إسماعيل: هذا حديث مليح، ولا أعلم بهذا الإسناد في الدنيا حديثاً غير هذا، إلا أنه معلول، حدثنا به موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب، قال: حدثني سهيل عن عون بن عبد الله بن علية، وعثمان، وصالح بنو أبي صالح "وهو من أهل المدينة" (¬1). ومن المغاربة من شارك أبا علي النيسابوري في تفضيل صحيح مسلم على البخاري، وهو أبو محمد بن حزم، وله قول في ذلك ذكره الإمام الصنعاني قال: ذكر أبو محمد القاسم بن القاسم التجيبي في فهرسته عن أبي محمد بن حزم أنه كان يفضل كتاب مسلم على كتاب البخاري؛ لأنه ليس فيه بعد خطبته إلا الحديث المجرد. قال ابن حجر: ما فضله المغاربة ليس راجعاً إلى الأصحية بل هو لأمور أحدهما: ما تقدم عن ابن حزم، الثاني: أن البخاري كان يرى جواز الرواية ... بالمعنى، وجواز تقطيع الحديث من غير تنصيص على اختصاره بخلاف مسلم والسبب في ذلك أمران] هما [: 1 - إن البخاري صنف كتابه في طول رحلته فقد روينا عنه أنه قال: "رب حديث سمعته بالشام فكتبته بمصر، ورب حديث سمعته بالبصرة فكتبته بخراسان"، فكان لأجل هذا ربما كتب الحديث من حفظه، فلا يسوق ألفاظه برمتها، بل يتصرف فيه، ويسوقه بمعناه، ومسلم صنف كتابه في بلده بحضور أصوله في حياة شيوخه، وكان يتحرز في الألفاظ، ويتحرى في السياق. 2 - إن البخاري استنبط فقه كتابه من أحاديث فاحتاج أن يقطع المتن الواحد إذا اشتمل على عدة أحكام ليورده كل قطعة منه في الباب الذي استدل به على ذلك ¬

_ (¬1) طبقات الحنابلة 1/ 273، وسير أعلام النبلاء 12/ 564.

الذي استنبط منه؛ لأنه لو ساقه في المواضع كلها سرداً لعطف بعضها على بعض في موضع واحد. انتهى. [قال الصنعاني]: قلت: لو يعزب عنك أن هذا التأويل الذي ذكره الحافظ خروج عن محل النزاع، فإن الدعوى بأن البخاري أصح الكتابين، وهذا التأويل أفاد أنهما مثلان فما أتى المدعي إلا بخلاف المدعى على أن قول القائل: "ما تحت أديم السماء" أعَلمَ من فلان يفيد عرفاً أنه أعلم الناس، وأنه لا يساويه أحد في ذلك، وأما في اللغة فيحتمل توجيه النفي إلى الزيادة أعني زيادة إنسان عليه في العلم لا نفي المساوي فيه والحقيقة العرفية مقدمة، سيما في مقام المدح والمبالغة بقوله ما تحت أديم السماء (¬1). ¬

_ (¬1) توضيح الأفكار 1/ 75. وللتوسع في طلب هذه الخصوصية، ينظر هدي الساري 1/ 21 وما بعدها.

المبحث الثالث: العناية بالصحيح

المبحث الثالث العناية بالصحيح المطلب الأول نسخ صحيح مسلم المعتمدة المطبوعة عند التتبع لطبعات صحيح مسلم وجدتها كثيرة بعضها عندي، والأكثر لم أطلع عليه، فسألت شيخي الدكتور محمد إبراهيم السامرائي ـ وهو المشرف على هذه الرسالة، فأحالني إلى بحث مكتوب ومنشور على موقع ملتقى أهل الحديث للباحث الدكتور عبد الرحمن السديس، فوجدته أكثر فائدة في تضمين بعضه هنا، قال الدكتورعبد الر حمن السديس: لصحيح مسلم طبعات كثيرة جدا قديمة، وحديثة فمن الطبعات القديمة: طبع بكلكته عام 1265هـ، ثم في بولاق عام 1290هـ، ثم في دهلي 1319هـ، والآستانة 1320هـ، ثم في المطبعة الميمنية عام 1327هـ، ثم في القاهرة 1329هـ، ثم مرة أخرى في بولاق 1329هـ، ثم في الآستانة في المطبعة العامرة عام 1334هـ، ثم في بولاق مرة ثالثة 1344هـ، ثم في القاهرة ... مطبعة البابي الحلبي عام 1348هـ (¬1)، ثم طبع بتحقيق محمد فواد عبد الباقي عام 1374هـ، في دار إحياء الكتب العربية، ثم في القاهرة في مطبعة محمد علي صبيح عام 1380هـ (¬2). وطبع طبعات حديثة كثيرة مفردة، ومع الشروح منها: طبعة دار المعرفة مع شرح النووي بتحقيق خليل مأمون شيحا، وطبعة بيت الأفكار الدولية بعناية أبي صهيب الكرمي في مجلد، وطبعة دار السلام في مجلد، ودار المغني في مجلد (¬3). وأفضل هذه الطبعات: 1 - الطبعة التركية في المطبعة العامرة في أربعة مجلدات كبار، وهي مقسمة إلى ثمانية أجزاء، وكان طبعها في تركيا عام 1334هـ جاء في آخرها مصححا، ¬

_ (¬1) ينظر تاريخ الأدب العربي 3/ 180. (¬2) ينظر تاريخ التراث العربي 1/ 264. (¬3) ينظرالتعريف بالإمام مسلم وصحيحه ص 46و47.

ومحشى بقلم: محمد شكري الأنقروي، بعد تصحيح مصححي المطبعة العامرة بمقابلات مكررة على عدة نسخ معتمدة معتبرة، وهما: أحمد رفعت بن عثمان حلمي، والحاج محمد عزت بن محمد عثمان، جاء على طرتها: مصححة ومقابلة على عدة مخطوطات، ونسخ معتمدة. وهي مضبوطة بالشكل، وفي نهاية كل جزء تصحيح للأخطاء إن وجدت، ولو بالحركات، وفي جوانب النسخة نقلوا تبويبات النووي، ولهم حواشي، وتعليقات، وإشارات إلى فروق النسخ ويعقبونها بـ" نخـ" يعني في نسخة، وضبط لبعض الألفاظ بالحروف .. وهذه النسخة قد نالت إعجاب العلماء، وبلغت عندهم مبلغا عظيما. وصورت هذه الطبعة عدة مرات في دار المعرفة، والجيل، والفكر .. 2 - طبعة مع شرح النووي في حاشية إرشاد الساري المطبوعة في المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر، فهذه الطبعة نفيسة مصححة اعتنى بها الشيخ المحقق محمد الحسيني إلا أن القراءة فيها عسرة، ومتعبة، فمن تشق عليه القراءة فيها، يمكنه الاستفادة منها عند الشك، والاشتباه. 3 - طبعة مع شرح الأُبي المسمى "إكمال إكمال المعلم" المطبوع في مطبعة السعادة بمصر عام 1328هـ، وهي كالتي قبلها في الحاشية، وصححها ابن الشيخ حسن الفيومي إبراهيم. وهاتين الطبعتين لم يضبط فيهما متن الصحيح بالحركات، والقراءة فيهما متعبة، وشاقة، وهي غير مخدومة بترقيم، ولا فهارس تفصيلية ـ حسب علمي ـ، ويندر من يعزو إليهما. لكن ميزتها الإتقان فالقائمون عليهما ممن لهم عناية فائقة بالكتب، ومراجعتها، وتصحيحها قبل نزولها للأسواق، وقد أثنى عليها بعض أهل العلم، وعُرف بالتجربة إتقانها. 4 - طبعة خليل مأمون شيحا في دار المعرفة مع شرح [صحيح] مسلم ـ إن كان وَفَى بما وعد، فإني لم أبلوها ـ فقد ذكر في المقدمة أنه اعتمد مع النسخ الخطية

على الطبعات الثلاث التي قدمتُها، وزاد على ذلك المقابلة على تحفة الأشراف، وقد ذكر تحت كل حديث من أخرجه من أصحاب الكتب الستة، ويعزو إلى اسم الكتاب، واسم الباب، ورقم الحديث، ويذكر رقمه في تحفة الأشراف، وهذه مزية لهذه النسخة، وهي أيضا مضبوطة بالشكل، ويشير إلى فروق نسخته في الحاشية على ما في المخطوط، أو المطبوع، وأيضا قد جعلها المحقق قابلة للنظر لمن أراد التخريج من المعجم المفهرس، أو تحفة الأشراف فقد ذكر في أعلى كل صفحة من الجانب الأيمن ما يوافق عزو المعجم المفهرس بالحروف والأرقام، وفي الجانب الأيسر ما يوافق تحفة الأشراف كذلك، إلا أنه جعل الترقيم بحسب الأسانيد؛ فخالف بذلك الترقيم المعتمد الذي عمله محمد فؤاد ... عبد الباقي والذي يعزو إلى ترقيمه كثير من العلماء، والباحثين، فهي متعبة من هذه الناحية، وقد خدمها بمجلد فيه فهارس تفصيلية مفيدة. 5 - ومن أشهر الطبعات، وأكثرها انتشارا، وتداولا بين الناس، والتي اعتُمِد ترقيمها، ويوافقها العزو في المعجم المفهرس، ومفتاح كنوز السنة، وتحفة الأشراف ـ مع اختلاف في بعض المواضع بسبب اختلافهم في تسمية الكتب ـ، واعتمد عليها معظم الباحثين في العزو إلى أرقامها، واعتمد عليها معظم من طبع الصحيح بعدها، وهي الطبعة التي حققها الأستاذ محمد فؤاد عبد الباقي، ومن ميزات هذه الطبعة مع ما تقدم ذكره: أنها مضبوطة بالشكل، ومصفوفة صفا جميلا في أربعة مجلدات، والمجلد الخامس فهارس تفصيلية كثيرة، ومتنوعة، ومن ميزاتها أيضا: أن فيها نقولا فقهية، وشرحاً للغريب، وبياناً للمعاني، وترقيماً للكتب، والأبواب، والأحاديث بطريقة مبتكرة بحيث يجعل رقماً عاماً لغير المكرر، ورقماً خاصاً لكل كتاب بعد الرقم العام .. ، ويُخْلي المكرر من الترقيم. وجاء في الصفحة التي تلي الغلاف: وقف على طبعه، وتحقيق نصوصه، وتصحيح، وترقيم، وعد كتبه، وأبوابه، وأحاديثه، وعلق عليه ملخص شرح النووي، مع زيادات عن أئمة اللغة محمد فؤاد عبد الباقي.

الملاحظات على هذه الطبعة: لم يبين هل أخذ المتن من المطبوعات السابقة، أو اعتمد على أصول خطية، أو جمع بينهما ... فلا يُدرى من أين اعتمد على عمله. ومن الملاحظات: إدخاله تبويب النووي في صلب الكتاب من غير بيان، مما جعل كثيرا من الناس، بل طلبة العلم يظن أن التبويب لمسلم، فكم قيل: وبوب عليه مسلم في صحيحه بقوله: ... الخ!. وهذا الإدخال خطأ، فلو أنه ـ رحمه الله ـ فعل كما فعل أصحاب الطبعة العامرة من جعل التبويب بالهامش لكان حسنا. 6 - الطبعات ذات المجلد الواحد كطبعة أبي صهيب الكرمي، وأظنها أول الطبعات التي صدرت في مجلد واحد فقد ذكر المحقق ص9: أنه أخذها من طبعة محمد فؤاد عبد الباقي ووصفها بأنها أفضل النسخ، وأدقها!! ... وتعد هذه النسخة موثقة موثوق بها قل أن يرد فيها الوهم، وقد صححنا الأخطاء الواردة فيها، وأتممنا السقط في بعض المواضع التي سقط منها كلمات سهوا، وأزلنا الإشكال في بعض الأسانيد إذا أوهمت الخطأ فيها، أو جاءت على وجه يشكل فيه الفهم، ونسبة هذا في نسخة عبد الباقي قليل. كما أننا صححنا النسخة من الأخطاء المطبعية كلمات، وأرقاما، وأتينا بها على وجهها. اهـ. قلتُ: وصفه لها بأنها أصح النسخ فيه نظر، وليته كلف نفسه بالنظر في الطبعات القديمة، والنسخ الخطية .. وقوله إنه صحح الأخطاء ... دعوى فقد فاقت نسخته أخطاء التي ذكر، إلا أن يكون صححها من حفظه!. وألْحَق بنسخته كتاب العلل لابن عمار، وصيانة مسلم، وفهارس لمسانيد الصحابة، ولأطراف الأحاديث، وللكتب والأبواب، وربط تخريج الأحاديث مع البخاري. يقع الكتاب في 1473 صحيفة كتبت بخط صغير في كل صفحة عامودين طولا، والكتاب ثقيل حمله، صغير خطه، قليل ضبطه (¬1). ¬

_ (¬1) التعريف بالإمام مسلم وصحيحه ص47.

طبعة دار ابن الهيثم بين أيدينا طبعة لصحيح مسلم طبعت بمطبعة دار ابن الهيثم في القاهرة، عام 1422هـ - 2001م في مجلد واحد مكتوب في واجهتها: طبعة جديدة ومصححة، وملونة في مجلد واحد - وهي بلونين الأسود والأحمر - لم يذكر لها محقق أو مصحح. عرَّفت هذه الدار بالإمام مسلم ـ اسمه كنيته مولده نشأته رحلاته مشايخه تلاميذ رأي العلماء فيه مؤلفاته. وتصدّر الصحيح مقدمة الإمام مسلم في خمس عشرة صفحة في كل صفحة حقلين على طول الصفحة وكل جهة تحتوي 27 سطراً وهذا حال كل الكتاب ثم يبدأ الصحيح وفق كتب وأبواب حسب ما موجود في صحيح مسلم، وفي آخر صفحة منه مكتوب: "انتهى متن صحيح مسلم ويتبعه إن شاء الله تعالى فهارس متنوعة". وهذه الفهارس هي: فهرس الآيات القرآنية، فهرس الأحاديث، فهرس أسماء كتب الصحيح، فهرس موضوعات الكتاب. ثم ختمت بما ستصدره هذه الدار من موضوعات وعدد صفحات الكتاب 889 صفحة. وهي نسخة مضبوطة الشكل ومرقمة حسب ترقيم محمد فؤاد عبد الباقي وعدد الأحاديث فيها 3033حديثاً، وحروفها صغيرة جداً. وقد قارنت هذه الطبعة مع طبعة وتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي فجاءت مطابقة. هذا وفي ختام هذا المطلب لا بد إلى الإشارة إلى أنه لم نجد لصحيح مسلم نسخة مطبوعة بغير رواية ابن سفيان، وهناك نسخ أخرى مخطوطة لم يشرق عليها النور، وهي في غاية الإتقان كنسخة القلانسي، وابن ماهان، وابن خير الأشبيلي، وغيرها.

النسخ المخطوطة: أعظم أصل مخطوط لصحيح لمسلم قال الكتاني: "وبمكتبة القرويين بفاس ـ إلى الآن ـ نسخته [ابن خير] من صحيح مسلم التي قابلها مراراً، وسمع فيها، وأسمع بحيث يعد أعظم أصل موجود من صحيح مسلم في أفريقية، وهو بخط الشيخ الأديب الكاتب أبي القاسم ... عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر الأموي الإشبيلي المالكي فرغ منه سنة 573هـ، وعلق عليه بخط المترجم أنه عارضه بأصول ثلاثة معارضة بنسخة الحافظ أبي علي الجياني شيخ عياض، وغيره من الأعلام، وكتب المترجم بهامشه كثيراً من ... الطرر، والفوائد، والشرح لغريب ألفاظه، وشروح بعض معانيه وفرغ من ذلك سنة 573هـ أيضا" (¬1). وذكر السديس: قال الشيخ عبد الفتاح أبو غدة في تحقيق اسمي الصحيحين ص44 ـ معلقاً على كلام الكتاني ـ: قد تحفظ، وتطلق شيخنا عبد الحي ـ رحمه الله ـ في قوله عن نسخة ابن خير من صحيح مسلم إنها (أعظم أصل موجود في أفريقية) بل أظن أنها أعظمُ أصلٍ مطلقاً الآن لكتاب مسلم. اهـ. قلتُ: قد رأيتُ صورة لهذه النسخة مع الشيخ علي العمران، لكن فيها مواضع تصويرها غير واضح انتهى (¬2). وعند الباحث نسخة منها حصلنا عليها مؤخراً. ¬

_ (¬1) فهرس الفهارس والاثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمساسلات: (تأليف: عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني)، تحقيق: د. إحسان عباس، دار الغرب الاسلامي، بيروت، لبنان، ... ط2،1402هـ ـ1982م 1/ 385. (¬2) التعريف بالإمام مسلم وصحيحه ص45ـ46.

المكتبات الإلكترونية وفي عصرنا ظهرت المكتبات الإلكترونية على الـ "ويب"، والأقراص الليزرية، وقد اطلعت على بعضها، وهي: أ- المكتبة الوقفية وفيها صحيح مسلم مصور ضوئياً بصيغة (pdf) ، وفيها صحيح مسلم بخزانة المكنز الإسلامي، والطبعات المفردة، والمقترنة بالشروح لأكثر من مؤلف، وهي موافقة للمطبوع، وجزى الله العاملين عليها كل خير. ب- ومن الجهود الكبيرة المبذولة في خدمة العلوم الشرعية مكتبات البحث الإلكتروني وهي: 1 - المكتبة الشاملة بالإصدارين الأول والثاني - وبخصوص صحيح مسلم - فالإصدار الأول على طبعة محمد فؤاد عبد الباقي، ويكثر فيها الأخطاء المطبعية، والسقط في الأسانيد، والمتون بل يسقط منها أحاديث برمتها وطبعة صحيح مسلم مع شرح النووي وهي أقل منها سقطاً. أما الإصدار الثاني فلا يعرف أي طبعة اعتمدوها اما الطبعة مع شرح النووي على صحيح مسلم فهي مضبوطة بالشكل، ويسقط منها بعض صفحات الشروح. 2 - الجامع الكبير لكتب التراث العربي والإسلامي: وهي أوثق من سابقتيها إلا أن ترقيم الأحاديث لا يوافق المطبوع. 3 - مكتبة جامع الحديث النبوي، وقد بذل القائمون عليها جهوداً مشكورة، إلا أنها لم تأت منضبطة وفق رواية ابن سفيان وفيها خلط في المتون مع بعض ما وقع لابن ماهان، وهذا يعني عدم وجود متخصصين في ضبطه. وهناك غير هذه المكتبات مثل المكتبة الألفية، والكتب التسعة، وموسوعة تبارك الإسلامية وأغلبها للنشر الحاسوبي غير موافق للمطبوع. وغيرها. ونصيحتي للباحثين في هذه المكتبات أن يطابقون ما فيها مع المطبوع ليسلموا من المآخذ التي عليها، ويكون استخدامهم لها لغرض التسريع في البحث.

المطلب الثاني: رواة النسخ

المطلب الثاني رواة النسخ إن النسخ الحديثية على اختلاف موضوعاتها، والتي وصلت إلينا لها رواة عن أصحابها هم الذين نشروها، ورووها في مختلف الأمصار، وكان للصحيحين النصيب الأكبر على مر العصور، وبما أن موضوعنا يتعلق بالإمام مسلم، فإن له رواة كثر سأقتصر في هذه الدراسة على الأشهر منهم، فلم يكن لمسلم رواية واحدة تناقلها التلاميذ ولكن له أكثر من رواية، وقد أفردت لهذه الروايات مطلباً وفصلت فيه أقوال العلماء عن كل رواية ومسموعاتها ورواتها، والذي سأتطرق إليه في هذا المطلب هو رواة النسخ التي اشتهروا بالسماع المتصل عند أهل المشرق والمغرب، وهما: 1 - رواة صحيح مسلم عن ابن سفيان في المشرق فالراوون عنه الجلودي والكسائي ومن يتفرع منهما. 2 - رواة صحيح مسلم عن ابن ماهان في المغرب عن أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر عن القلانسي عن مسلم، ولا بد من نسبة الفضل لأهله فقد وجدت دراسة، وإن كانت تحتاج إلى شيء من الإضافة إلا أنني سأذكر دراسة أحدهم، وهو الدكتور مجيد خليفة بعنوان "جهود علماء الأندلس برواية صحيح مسلم"، وقد تصرفت ببعض عباراته بما رأيته مناسباً لدراستي هاهنا. رواة صحيح مسلم عن ابن سفيان: 1 - الجُلُوديُّ: الجلودي فهو أبو أحمد محمد بن عيسى بن محمد بن عبد الرحمن بن عمرويه بن منصور الزاهد، النيسابوريُّ، الجُلوديُّ بضم الجيم، ومن فتح الجيم منه فقد أخطأ، وإنما الجلودي بفتح الجيم آخر ذكره يعقوب بن السكيت، ثم ابن قتيبة، وهو منسوب إلى جلود اسم قرية قيل بإفريقية، وقيل بالشام، وهذا الجلودي أبو أحمد فيما ذكره أبو سعد ابن السمعاني، وقرأته بخطه في كتاب الأنساب له منسوب إلى الجلود جمع جلد، وعندي انه منسوب إلى سكة الجلوديين بنيسابور الدارسة.

روينا عن الحاكم ابي عبد الله: أن أبا أحمد هذا كان شيخا صالحا زاهدا من كبار عباد الصوفية صحب أكابر المشايخ، ومن أهل الحقائق (¬1)، وكان يورق ـ يعني ينسخ ويأكل من كسب يده ـ سمع أبا بكر ابن خزيمة، ومن كان قبله، وكان ينتحل مذهب سفيان الثوري، ويعرفه توفى ـ رحمه الله ـ يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاثمائة، وهو ابن ثمانين سنة (¬2). قال: وختم بوفاته سماع كتاب مسلم بن الحجاج، وكل من حدث به بعده عن إبراهيم بن محمد بن سفيان وغيره فإنه غير ثقة. وأخذ عنه كل من: أـ السجزي: أبو سعيد عمر بن محمد بن محمد بن داود (ت نحو 404هـ) (¬3)، نزيل نيسابور، وكان قد أخذ صحيح مسلم عن الجلودي (قراءة عليه) سنة 369هـ بنيسابور، وبعد مروره ببغداد ذهب إلى مكة، وحدث في الحرم بصحيح مسلم سنة 403هـ، وهناك توفى ـ رحمه الله تعالى ـ (¬4). ب ـ ابن بندار: هو أبو العباس أحمد بن الحسن بن عبد الرحمن بن بندار بن جبريل الرازي (ت بعد سنة 409هـ) (¬5)، قال الذهبي: (وكان من علماء الحديث)، كان يحدث بصحيح مسلم في الحرم المكي، وهناك أخذ الناس عنه ¬

_ (¬1) هو مصطلح عند المتصوفة قال أبو سعيد الخراز:"الذين فاقوا جميع الناس وفضلوا عليهم بمكارم الأخلاق وهم الذين يحتملون الأذى ويصبرون على البلوى ويرضون بالقضاء ويفوضون إليه أمورهم من غير اعتراض خاضعين متواضعين قد رسخوا في العلم وفضلوا بالفهم على سائر أهل زمانهم هم خيرة الله من خلقه وخواصهم من عباده اختصهم لدينه وهم في الخلق بالخلق مختلطون لا يشار إليهم بالأصابع وهم غير أخفياء والأعين عنهم مصروفة" ... تفسير السلمي وهو حقائق التفسير: (تأليف: أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى الأزدي السلمي)، تحقيق: سيد عمران، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، ط1، 1421هـ - 2001م، 2/ 139، والمتصوفة يطلقون هذا المصطلح أيضاً بالنقيض لمن قال بالدليل الظاهر، ينظر مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين: (تأليف: محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله)، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار الكتاب العربي - بيروت، 1393 هـ - 1973م، الطبعة: الثانية 2/ 70. (¬2) صيانة صحيح مسلم ص107 و108. (¬3) ينظر تاريخ بغداد: 11/ 270. (¬4) فهرسة ابن خير: ص86. (¬5) سير أعلام النبلاء: 17/ 299.

2 - الكسائي

منهم: أحمد بن عمر بن أنس العذري المعروف بابن دلهاث، أخذ عنه صحيح مسلم مرتين سنة 409هـ (¬1). جـ ـ أبو الحسين الفارسي: عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر بن أحمد النيسابوري (ت 448هـ) (¬2)، حدث عن الجلودي بصحيح مسلم سنة 365هـ، قال حفيده عبد الغافر بن إسماعيل: (وقد قرأ عليه الحسن بن أحمد السمرقندي الحافظ (صحيح مسلم) نيفاً وثلاثين مرة، وقرأه عليه أبو سعد البحيري نيفاً وعشرين مرة، هذا سوى ما قرأه عليه المشاهير من الأئمة، استكمل خمساً وتسعين سنة، وطعن في السادسة والتسعين، وألحق الأحفاد بالأجداد) (¬3). ويعد أبو الحسين الفارسي من أشهر الرواة لصحيح مسلم عن الجلودي، ومن طريقه وصل السند إلى ابن الصلاح (¬4)، وممن قرأ عليه الصحيح أيضاً من المشاهير: الطبري: أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسين الشافعي (ت 498هـ) (¬5)، سمع صحيح مسلم سنة 439هـ من أبي الحسين الفارسي، ورواه مرات، وسمع من أبي عثمان الصابوني، وكريمة المروزية، وطائفة. وحدث عن أبي الحسين الفارسيّ أيضاً: زين الإسلام أبو القاسم القشيري، والواحدي، عبد الرحمن بن أبي عثمان الصابوني، وإسماعيل بن بكر القاري، وفاطمة بنت زعبل العالمة، وآخرون. 2 - الكسائي: أبو بكر محمد بن إبراهيم بن يحيى النيسابوري النحوي ... (ت385هـ) (¬6)، قال الحاكم: (كان من قدماء الأدباء، وتخرج به جماعة في العربية)، وقد أنكر عليه الحاكم روايته لصحيح مسلم فقال: "حدث بـ (الصحيح) من كتاب جديد بخطه، فأنكرت عليه، فعاتبني، فقلت: لو أخرجت أصلك وأخبرتني بالحديث على وجهه، فقال: أحضرني أبي مجلس ابن سفيان الفقيه ¬

_ (¬1) فهرسة ابن خير: ص86. (¬2) صيانة صحيح مسلم: ص108، سير أعلام النبلاء: 18/ 19؛ شذرات الذهب: 3/ 277. (¬3) سير أعلام النبلاء: 18/ 20. (¬4) صيانة صحيح مسلم: ص109. (¬5) ترجمته في: تبيين كذب المفترى عليه: ص287؛ سير أعلام النبلاء: 19/ 203؛ شذرات الذهب: 3/ 408. (¬6) ترجمته في: الأنساب: 10/ 422؛ سير أعلام النبلاء: 16/ 465؛ لسان الميزان: 5/ 26.

رواة صحيح مسلم عن القلانسي

لسماع هذا الكتاب، ولم أجد سماعي، فقال لي أبو أحمد الجلودي: قد كنتُ أرى أباك يقيمك في المجلس، تسمع وأنت تنام لصغرك، فاكتب الصحيح من كتابي تنتفع به" (¬1) وقد عاب عليه الحافظ ابن حجر ذلك، وسبقه في ذلك الذهبي، إذ أوردوه في كتبهم في نقد الرجال، وقد صرح الكسائي بسماعه لصحيح مسلم عن ابن سفيان سنة 308هـ بنيسابور، أي في العام نفسه الذي توفى فيه ابن سفيان، وعن الكسائي أخذ الصحيح عبد الملك بن الحسن الصقلي، ومن طريقه وصلت رواية الكسائي لصحيح مسلم إلى المغرب والأندلس (¬2)، وممن روى عنه أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا الفسوي (¬3). رواة صحيح مسلم عن القلانسي: سبق أن ترجمت للقلانسي عند الكلام عن تلاميذ مسلم والفوارق ما بين نسخة القلانسي وابن سفيان ظهرت جلياً من طريق ابن ماهان عن الأشقر عن القلانسي لهذا تركز إهتمام العلماء على ابن ماهان وهذا تعريف بمن أتى بعد القلانسي. المتكلم الأشقر: أبو بكر أحمد بن محمد بن يحيى المتكلم الأشقر، من أهل نيسابور، شيخ أهل الكلام في عصره بنيسابور، من أهل الصدق في رواية الحديث سمع جعفر بن محمد بن سوار، وإبراهيم بن أبي طالب، ويوسف بن موسى المروالروذي، وإبراهيم بن محمد السكني، وأقرانهم. سمع منه الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، وكان سمع المسند الصحيح من أحمد بن علي القلانسي، ورواه وهو أحسن راوية لذلك الكتاب، وأنهم ثقات، وتوفي في ذي الحجة سنة تسع وخمسين وثلاث مئة (¬4). وسمع منه ابن ماهان وكما سيأتي: ¬

_ (¬1) سير أعلام النبلاء: 16/ 465. (¬2) فهرسة ابن خير: ص86. (¬3) لم أقف على ترجمة له. (¬4) الأنساب 5/ 190 و191.

ابن ماهان

ابن ماهان (¬1): اسمه ونسبه: عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماهان الفارسي أبو العلاء البغدادي. ولادته ووفاته: لم تشر المصادر إلى سنة ولادة أبي العلاء، إلا أنه عاش في القرن الرابع الهجري، ووفاته كانت سنة 387هـ. مكانته العلمية وتوثيق أهل العلم له: يبدو والله أعلم أن الدارقطني من معاصرته لابن ماهان ومعرفته به ذكر توثيقاً له، ولهذا أوصى بالإهتمام بروايته، وعدها من أصح الروايات، قال ابن النجار: "أنبأنا أبو الخطاب الكلبي قال: أنبأنا أبو عبد اللَّهِ محمد بن عبد اللَّهِ ابن خليل المصري، أنبأنا أبو علي الحسين بن محمد بن أحمد الغساني قال: سمعت أبا عمر محمد بن محمد بن يحيى يقول: سمعت أبي يقول: أخبرني ثقات من أهل مصر: أن أبا الحسن علي بن عمر الدارقطني كتب إلى أهل مصر من بغداد: أن اكتبوا عن أبي العلاء ابن ماهان كتاب مسلم بن الحجاج الصحيح ووصف أبا العلاء بالثقة والتمييز" (¬2). وابن ماهان يروي الحديث بسنده المتصل إلى النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ من غير طريق الإمام مسلم (¬3): ... أنبأنا أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى ابن عبد الرحمن بن عيسى بن ماهان الفارسي البغدادي قراءة من لفظه في شهر شعبان سنة خمس وثمانين وثلاثمائة قال: ثنا القاضي أبو الحسين عبد الباقي بن قانع، ثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي، ثنا آدم بن أبي إياس العسقلاني، ثنا ابن أبي ذئب، عن محمد بن زياد، عن ¬

_ (¬1) ذيل تاريخ بغداد: (تأليف: ابن النجار محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود بن الحسن البغدادي)، دار الكتب العلمية، بيروت لبنان، 16/ 375 - 378. وينظر: سير أعلام النبلاء 16/ 535. (¬2) ذيل تاريخ بغداد 16/ 378. (¬3) المصدر نفسه 16/ 378.

أبي هريرة قال: قال رسول اللَّهِ [- صلى الله عليه وسلم -]: (إن الصائم إذا لم يدع قول الزور، والعمل به، والجهل، فليس لله ـ - عز وجل - ـ حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) (¬1). ولم يقتصر دور ابن ماهان على رواية الحديث فكان مؤرخاً، ذكر ابن عساكر: قرأت بخط عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن ماهان أنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري نا محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري أخبرني أحمد بن محمد بن القاسم حدثني أبي عفير حدثني أبي حدثني يزيد الرقي قال توفي خالد بن يزيد بن معاوية سنة تسعين فشهده الوليد بن عبد الملك وهو يومئذ خليفة فصلى عليه وقال لتلق بنو أمية الأردية على خالد فلن يتحسروا على مثله (¬2). وقال أيضا: قرأت بخط عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن ماهان أنبأ الحسن بن رشيق العسكري ثنا محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري أخبرني محمد بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن محمد بن عمر قال شقيق بن سلمة أبو وائل مات في ولاية عمر بن عبد العزيز أخبرنا أبو عبد الله بن الخطاب في كتابه أنا أبو الحسن علي بن عبد الله الهمداني أنبأ أبو عبد الله محمد بن الحسن بن عمر التميمي أنا أبو الفضل جعفر بن أحمد بن عبد السلام الحميري ثنا الحسين بن نصر بن المعارك البغدادي قال سمعت أحمد بن صالح السمري يقول قال أبو نعيم وبقي شقيق بن سلمة إلى زمان عمر بن عبد العزيز (¬3). شيوخه (¬4): 1 - أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد اللَّهِ الدقاق. 2 - أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار. 3 - أبو الحسين عبد الباقي بن قانع القاضي. 4 - أبو بكر أحمد بن سليمان بن أيوب العباداني. 5 - ¬

_ (¬1) كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال: (تأليف: علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين الهندي ت975هـ)، تحقيق: محمود عمر الدمياطي، دار الكتب العلمية - بيروت، ط1، 1419هـ-1998م، كتاب الصوم من قسم الأقوال وفيه بابان، الإكمال من آداب الصوم والإفطار، الحديث بتسلسل 23865، 8/ 234. (¬2) تاريخ مدينة دمشق 16/ 315. (¬3) المصدر نفسه 23/ 184، وينظر غير هذه المقولات لابن عساكر بحق ابن ماهان. (¬4) ذيل تاريخ بغداد 16/ 375 - 378.

أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد اللَّهِ بن زياد القطان. 6 - أبو علي أحمد بن الفضل بن العباس بن خزيمة بن مكرم بن أحمد القاضي. 7 - أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد بن إسماعيل بن السلمي. 8 - أبو عمران موسى بن عبد الرحمن بن موسى المقرئ. 9 - أبو بكر محمد بن عبد اللَّهِ بن بكار. 10 - أبو طالب محمد بن زكريا بن يحيى بن يعقوب بن بشر بن أعين المقدسي. 11 - أبو الفوارس أحمد ابن محمد بن الحسين بن السندي الصابوني. 12 - أبو محمد عبد اللَّهِ بن محمد بن عبد اللَّهِ بن ناصح الدمشقي. 13 - أبو محمد سعيد بن أحمد ابن جعفر الفهري. 14 - أبو العباس أحمد بن الحسن بن إسحاق بن عتبة الرازي. 15 - أبو عبد اللَّهِ محمد بن إدريس ابن عبد اللَّهِ بن إسحاق الدلال. 16 - أم محمد فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن الريان. 17 - أبو بكر محمد بن علي النقاش. 18 - أبو علي محمد بن يوسف بن أحمد بن المعتمر البيع. 19 - أحمد بن محمد بن سليمان المسالكي. 20 - أبو حامد أحمد ابن الحسن المقرئ. 21 - علي بن بندار الصيرفي. 22 - أبو أحمد الجلودي. 23 - أبو بكر أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر (¬1). تلاميذه (¬2): 1 - المطهر بن محمد بن علي ابن محمد بن أحمد بن بحير. 2 - أبو بكر محمد بن علي الحافظ. 3 - ¬

_ (¬1) تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام: (تأليف: الذهبي شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان ت748هـ)، تحقيق: د. عمر عبد السلام تدمرى، دار الكتاب العربي، لبنان ـ بيروت، ط1، 1407هـ - 1987م، 26/ 190. (¬2) ذيل تاريخ بغداد 16/ 378.

علي بن القاسم الخياط المقرئ. 4 - علي بن بشري السجزي. 5 - محمد بن يحيى بن الحذاء. 6 - يحيى بن محمد بن يوسف الأشعري. 7 - أبو القاسم أحمد بن فتح المعافري يعرف بابن الرسان. 8 - وأضاف الذهبي راوٍ آخر هو أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الله بن لب بن يحيى المعافري الأندلسي الطلمنكي (¬1). أقرانه: وهو من أقران الحاكم قال الذهبي: أحمد بن محمد بن يحيى أبا بكر النيسابوري الأشقر: روى عنه الحاكم، وأبو العلاء عبد الوهاب بن ماهان، وغيرهما (¬2). رحلاته: بعد أن أخذ إبو العلاء بن ماهان علومه من مشايخ بغداد رحل إلى دمشق فسمع بافادة أبي هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد بن اسماعيل ابن السلمي، ثم رحل إلى بيروت وسمع بها أبا عمران موسى بن عبد الرحمن بن موسى المقرئ، ثم رحل إلى أنطاكية فسمع أبا بكر محمد بن عبد الله بن بكار، ثم إلى ببيت المقدس فسمع أبا طالب محمد بن زكريا بن يحيى ابن يعقوب بن بشر بن أعين المقدسي وأبا الفوارس أحمد بن محمد بن الحسين بن السندي الصابوني وأبا محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ناصح الدمشقي وأبا محمد بن سعيد بن أحمد بن جعفر الفهري وأبا العباس أحمد بن الحسن بن اسحاق ابن عتبة الرازي وأبا عبد الله محمد بن ادريس بن عبد الله بن اسحاق الدلال وأم محمد فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن الريان، ثم رحل إلى مصر فسمع بتنيس أبا بكر محمد بن علي النقاش، ثم رحل إلى البصرة وسمع أبا علي محمد بن يوسف بن أحمد بن المعتمر البيع وأحمد بن محمد ابن سليمان المسالكي، ثم ¬

_ (¬1) تذكرة الحفاظ 3/ 1098. (¬2) تاريخ الإسلام 26/ 190.

رحل إلى نيسابور أبا حامد أحمد بن الحسن المقرئ وعلي بن بندار الصيرفي وأبا أحمد الجلودي. وقدم أصبهان في شهر رمضان سنة خمس وثمانين وثلاثمائة وحدث بها عن شيوخ بغداد ومصر والاهواز ونيسابور والشام. وسكن مصر الى حين وفاته وحدث بها بكتاب الصحيح لمسلم بن الحجاج النيسابوري عن أبي بكر أحمد بن محمد بن يحيى الاشقر الفقيه الشافعي عن أبي محمد أحمد بن علي بن الحسن القلانسي عن مسلم سوى ثلاثة أجزاء من آخره، فإنه رواها عن أبي أحمد الجلودي عن ابراهيم بن سفيان عن مسلم، سمعه منه جماعة ورووه عنه، فمنهم محمد بن يحيى بن الحذاء ويحيى بن محمد بن يوسف الاشعري وأبو القاسم أحمد ابن فتح المعافري يعرف بابن الرسان (¬1). مؤلفاته: لابن ماهان كتاباً لم يذكر المؤرخون اسمه واكتفوا ببعض مضمونه من ذلك ما ذكره ابن عساكر أنه قرأ بخط أبي العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن عيسى بن ماهان البغدادي أنا أبو محمد الحسن بن رشيق بالفسطاط حدثني أبو القاسم الحسن بن آدم بن عبد الله العسقلاني حدثني عبيد بن محمد بن إبراهيم الكشوري حدثني سليمان بن داود النجراني حدثني الحسن بن يحيى نا محمد بن يحيى العدني عن محمد بن عثمان عن غيره قال في الدنيا ثلاث جنان مرو من خراسان ودمشق من الشام وصنعاء من اليمن وجنة هذه الجنان صنعاء (¬2). وبسنده المذكور قال الشكوري: حدثني محمد بن يوسف أنبأنا بكر بن عبد الله بن الشرور أخبرني عبد الصمد بن معقل قال سمعت وهبا يقول قاتل فرعون من الفراعنة أمة موسى بعده فلم يستطعهم فبعث إلى السحرة والكهنة فقال دلوني على أمر أقوى عليهم قالوا فيهم إرث من علم وهم أمية أمة موسى ولا يقوى عليهم إلا بلعام منهم فبعث إلى بلعم بن باعوراء وهو الذي قال الله {آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا ... وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} [الأعراف: 175 ـ 176] قال ركن إلى الدنيا فخرج إليه فأجابه فركب أتانا وكانت الأنبياء تركب الأتن فسار حتى إذا كان في بعض الطريق ربضت فضربها وأخلف عليها بالضرب فالتفتت إليه فقالت من ألجأك إلى هذا أترى ما بين يديك فنظر فإذا جبريل عليه السلام فقال ما كان ينبغي لك أن تخرج المخرج الذي خرجته فإذا فعلت فقل حقا تقدم عليه فأمر له بالفرش والخدم والمال فأخذ وقال ادع لي على عدوي هؤلاء دعوة أنصر عليهم قال غدا فلما التفت الفتيان قال بنو إسرائيل وأمة موسى مباركة ومبارك من بارك عليهم وملعون من لعنهم فقال صاحبه الذي بعثه له ما زدتنا إلا خبالا قال: غدا فلما تراءت الفئتان قال مثل الذي فعاتبه فقال له كما قال فما استطعت إلا ما رأيت ولكني أدلك على شئ إن فعلته وأصابوه نصرت عليهم قال وما هو قال تقصد إلى نساء شباب حسان فنحمل عليهن الحلي والعطر ثم تبثهن في العسكر فإن أصابوهن خذلوا ففعل فما تعرض لهن إلا رجل واحد بواحدة حبسها في خيمته فجاشهم الموت جوشة أذهب ثلثهم ففزعوا لذلك وقالوا لقد أحدثنا حدثا ففتشوا المنازل فوجدوه على بطنها فشكوهما بالحربة وقتلوهما فرفع الموت عنهم (¬3). وقال أيضاً: قرأت بخط عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن بن ماهان في كتاب تاريخ اليمن تأليف الكشوري قال حدثنا الحسن بن رشيق العسكري أنا أبو محمد عبيد بن محمد بن إبراهيم الكشوري حدثني محمد بن القاسم بن ثابت وكان من أفضل أهل صنعاء قال ذكر علي بن أبي طالب النحوي صاحب الخليل بن أحمد العروضي قال لما هلك عمرو بن هند مالك العرب وفدت وفود العرب إلى كسرى تلتمس الملك وكان عدي بن زيد كاتب كسرى بالعربية ووفد فيهم النعمان بن المنذر وكان أحدثهم سنا فلما قدموا على كسرى قام كل رجل منهم بخطبة يذكر شرفه وأفعاله وطاعة قومه له فقال لهم كسرى انصرفوا إلى منازلكم حتى يخرج رأيي فلما انصرفوا قال لعدي أي هؤلاء ترى أن أملك وكان النعمان صديقا لعدي من قبل أن ¬

_ (¬1) ذيل تاريخ بغداد 16/ 375 - 378 بتصرف. (¬2) تاريخ مدينة دمشق 2/ 394 و395. (¬3) المصدر نفسه 10/ 400و401.

كلاهما من أهل الحيرة قال له عدي أيها الملك كلهم شريف محتمل ولكن فيهم فتى من أهل بيت ملك لا أراهم يرضون بملكه عليهم قال وكيف ذاك لا يرضون بما أفعل قال من قبل أن أمه فارسية وهم يأنفون أن يملكهم ابن فارسية ولم تكن أم النعمان فارسية إنما هي غسانية ولكن عدي إنما أراد أن يكيد له للذي من الصداقة فأغضب كسرى وقال ما عيبه عندهم إلا أن أمه فارسية فإني لا أملك غيره فعقد له وملكه فلما فرغ قال النعمان لعدي أخرج معي فأجعل الخاتم في يدك ويكون الأمر أمرك قال له عدي إني أخاف إن فعلت أن يفطن كسرى لما صنعت ولكن أخرج وسوف ألحقك فكان كذلك فمكث بعده شيئا ثم لحقه فوفى له النعمان فجعل الخاتم في يده وكان الأمر أمره فمكث بذلك ما مكث وكان بنو بقيلة معادين لعدي فركب النعمان ذات يوم فقال له عدي إنك ستمر ببني بقيلة ويعرضون عليك أن تنزل عندهم وتأكل طعامهم وأنت إن فعلت لم أقم معك ساعة وانصرفت إلى كسرى فقال النعمان فإني لا أدخل إليهم ولا آكل طعامهم فلما مر بهم تلقوه وقالوا أيها الملك أكرمنا بنزولك إلينا ودخولك منزلنا فتأبى عليهم فقالوا ننشدك الله أيها الملك أن تورثنا سبة ما عشنا وعارا في الناس فلم يزالوا به حتى نزل إليهم وأكل من طعامهم فلما بلغ ذلك عديا انصرف إلى منزله فلما رجع النعمان قال أين عدي قالوا ذهب إلى منزله قال فادعوه فأبى أن يجيب فأغضب النعمان فقال لمن عنده من جنده ومن حشمه ائتوني به ولو سحبا فذهبواه فسحبوه فلم يبلغوا به حتى أثروا به آثارا قبيحة فلما رآه النعمان عرف أن فساده عند كسرى إن رآه على تلك الحال فأمر به إلى السجن فمكث في السجن زمانا يقول الشعر فقال عامه ما قال من أشعار في السجن ثم بلغ كسرى ما صنع به فأرسل أمناء من عنده فقال انطلقوا فإن ان عدي على ما بلغني ائتوني بالنعمان في الحديد وإن كان غير ذلك فأعلموني كيف كان فراع ذلك النعمان فأسرى على عدي فقتله ثم دفنه فلما جاء الأمناء قالوا أين عدي قال هيهات هلك عدي منذ زمان فصار عدي بن عدي كاتبا لكسرى بالعربية مكان أبيه وأرضى النعمان الأمناء بشئ فانصرفوا عنه فعفوا عنه وذكر المفضل الضبي أن عديا كان له أخ أسمه أبي وكان عند كسرى فكتب إليه عدي يخبره بما جرى له فأخبر كسرى بأمره فوجه كسرى رسولا إلى النعمان يأمره

بإطلاقه فقتله النعمان في السجن ثم ندم على قتله وكان ذلك سبب تغير كسرى للنعمان وذلك في حديث طويل أنا اختصرته (¬1). فيكون الكتاب في مجال التاريخ. رواة صحيح مسلم عن ابن ماهان: تعد رواية ابن ماهان عند المغاربة هي الأم والأكثر أهمية لصحيح الإمام مسلم عندهم لذلك أوْلَوْها الإهتمام والعناية الفائقة ولكونها دخلت إليهم في وقت مبكر قبل رواية ابن سفيان بقرنين من الزمان ولمنزلة ابن ماهان أيضاً كونه موثق من قبل الدارقطني ـ رحمه الله ـ احتلت تلك المنزلة، وقلَّ عالم من أهل الأندلس إلا وله سنداً عنه ومن أشهر هؤلاء: 1 - ابن الجياني: أبو زكريا يحيى بن محمد بن يوسف الأشعري القرطبي ... (ت390هـ) (¬2)، سمع بقرطبة من علمائها، ثم رحل إلى المشرق، فسمع بمكة من: أبي عبد الله البلخي كتاب (الضعفاء والمتروكين) للعقيلي، وسمع من أبي يعقوب الشيباني، ومن الدينوري، وسمع بمصر كتاب مسلم بن الحجاج المسند من أبي العلاء ابن ماهان، قال عنه ابن عبد البر: "وكان ثقة ضابطاً" (¬3)، وقد أخذ عنه الحافظ ابن عبد البر صحيح مسلم، واعتمده في سائر مؤلفاته وحدث به تلامذته (¬4). 2 - ابن الرسَّان: أبو القاسم أحمد بن الفتح بن عبد الله بن علي المعافري القرطبي (ت 403هـ) (¬5)، ولد سنة 331هـ، كان تاجراً، رحل إلى المشرق وحمل (صحيح مسلم) عن أبي العلاء بن ماهان، ثم عاد إلى الأندلس، وبدأ يحدث بالصحيح، ويعتقد أنه أول من أدخل هذا الكتاب إلى الأندلس، ولم يكن معروفاً قبل ذلك، أما سكناه فكان بحوانيت الريحاني، ويصلي بمسجد أبي عبيدة بمدينة قرطبة، وهناك أخذ التلاميذ عنه صحيح مسلم، أما من أخذ عنه: أ- ¬

_ (¬1) المصدر السابق 40/ 125 و126. (¬2) تاريخ علماء الأندلس: 2/ 445. (¬3) تقييد المهمل وتمييز المشكل: 1/ 201. (¬4) المصدر نفسه. (¬5) ترجمته في: الصلة: 1/ 26؛ سير أعلام النبلاء: 17/ 205.

ابن مهنى: أصبغ بن سيعد بن أصبغ القرطبي (ت 401هـ) (¬1)، كان صهراً لأبي محمد الأصيلي، روى عنه وعن أحمد بن فتح. ب - ابن الصابونيّ: "قاسم بن إبراهيم بن قاسم بن يزيد بن يوسف بن يزيد بن معاوية بن إبراهيم بن أغلب بن عبادة بن سعيد بن حارث بن عبد الله بن رواحة الأنصاري الخزرجي يعرف: بابن الصابوني من أهل قرطبة. سكن إشبيلية؛ يكنى: أبا محمد. روى بقرطبة عن أبي القاسم أحمد بن فتح الرسان وأبي عثمان سعيد بن سلمة ومخلد بن عبد الرحمن والقاضي يونس بن عبد الله وأبي عمر الطلمنكي وابن الجسور وأبي عمر بن عبيد وأبي العباس الباغاني وغيرهم كثير. قال ابن خزرج: كان من أهل العلم بالقراءات وذا حظ وافر من الفقه والأدب متقدما في فهمه حسن الخط والأدوات ثقة صدوقا. وتوفي بمدينة لبلة وهو حاكمها وخطيبها في عقب شعبان سنة ست وأربعين وأربع مائة. ومولده في رمضان سنة ثلاث وثمانين وثلاث مائة وذكره الخولاني وقال: كان من أهل القرآن والعلم والطلب للحديث مع الفهم والتقدم في ذلك والعناية بهذا الفن قديما وحديثا حسن الخط والأدوات يشبه النقاد وله تواليف حسان في الزهد منها: كتاب الخمول والتواضع: وكتاب اختيار الجليس والصاحب؛ وفضل العلم وفضل الآذان وفضائل عاشوراء وكتاب المناولة والإجازة في نقل" (¬2). جـ - ابن ناجي: أبو محمد عبد الله بن يوسف بن ناجي القرطبي (ت 435هـ) (¬3)، كان من أهل الصلاح والورع، مع إتقان الرواية، ومن طريقه اعتمد ابن حزم الظاهري روايته لصحيح مسلم، وأكثر الرواية عنه (¬4). ¬

_ (¬1) الصلة: 1/ 76. (¬2) المصدر نفسه 1/ 150. (¬3) ترجمته في: الصلة: 3/ 414. (¬4) ينظر على سبيل المثال لا الحصر: الفصل: 2/ 190؛ رسائل ابن حزم: 3/ 144؛ المحلى: 1/ 3.

دـ ابن عبد البر: هو أبو عمر يوسف بن محمد القرطبي (ت 463هـ) (¬1) الحافظ المشهور، وقد انتفع الحافظ ابن عبد البر برواية ابن الرسان للصحيح، واعتمدها في مؤلفاته، وأجاز بها لتلامذته فيما بعد (¬2). هـ ـ ابن الحذاء: العلامة المحدث، أبو عبد الله، محمد بن يحيى بن أحمد، التميمي القرطبي، المالكي، ابن الحذاء، روى عن: أحمد بن ثابت التغلبي، وأبي عيسى الليثي، وابن القوطية، وابن عون الله، وحج، فسمع من: محمد بن علي الاُدْفَوي، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الجوهري، وعدة، وكان بصيرا بالفقه والحديث. ولي قضاء إشبيلية ثم سرقسطة، وبها مات في رمضان سنة ست عشرة وأربع مئة. روى عنه: أبو عمر بن عبد البر، وحاتم ابن محمد، وأبو عمر بن سُمَيْق، وآخرون (¬3). كانت له رحلة إلى المشرق كتب خلالها صحيح مسلم من كتاب أبي العلاء ابن ماهان، وعاد بهذه النسخة إلى الأندلس، وحدث بها عنه ابنه أحمد القاضي، كان قد أخذها عن والده سنة 395هـ، وعنه أخذ أبو علي الغساني صحيح مسلم من هذه الطريق سنة 465هـ، واعتمدها كإحدى النسخ الخطية في مؤلفاته (¬4) و- ابن الحذاء (الابن): أبو عمر أحمد بن محمد بن يحيى القرطبي (ت 467هـ) (¬5)، له رواية عن ابن الرسان، ذكرها ابن خير وانتفع بها، وبقيت رواية أبي ¬

_ (¬1) ترجمته في: الجذوة: 2/ 586؛ الصلة: 3/ 973؛ ترتيب المدارك: 4/ 808. (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل: 1/ 201. (¬3) ينظر سير أعلام النبلاء 17/ 444 و445. (¬4) تقييد المهمل وتمييز المشكل: 1/ 200. (¬5) ترجمته في: الصلة: 1/ 62؛ العبر في خبر من غبر: 3/ 264؛ سير أعلام النبلاء: 18/ 344.

عمر الحذاء لصحيح مسلم متداولة في الأندلس حتى حقبة متأخرة، فقد وصلت لابن خير عن طريق شيخه ابن عتاب ووثقها في فهرسته (¬1). زـ. ابن شريعة: هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة اللخمي الباجي (ت 433هـ) (¬2)، من أهل إشبيلية، كانت له رحلة إلى المشرق، وبمصر أخذ ابن شريعة صحيح مسلم عن ابن ماهان، وعند عودته إلى الأندلس أخذ عنه أهلها الصحيح، واختص رجال هذه العائلة برواية صحيح مسلم، فمنهم (¬3): 1 - أبو عبد الملك عبد الملك بن عبد العزيز اللخمي الباجي (¬4)، وعنه روى ابنه أبو مروان عبد الملك الصحيح (ت 532هـ) وسمعه ابن خير الأخير مرتين (¬5). 2 - أبو عمر أحمد بن عبد العزيز اللخمي الباجي (¬6). 3 - أبو محمد عبد الله بن علي بن محمد بن أحمد اللخمي الباجي (¬7). ... وقد ذكر ابن خير هؤلاء الرجال الذين يعودون إلى جد واحد، ووثق روايته صحيح مسلم من خلالهم، مما يدل على عنايتهم بصحيح مسلم، وضبطهم وإتقانهم لروايته. إلا أنه الرواية التي اشتهرت وتداولها الناس هي رواية ... ابن الحذاء ولم نعثر على نسخة أو خلاف ذكره أهل العلم عن رواية ... اللخمي .... (¬8). ¬

_ (¬1) فهرسة ابن خير: ص87. (¬2) الصلة: 2/ 754. (¬3) فهرسة ابن خير: ص87. (¬4) الصلة: 1/ 347، نفح الطيب: 2/ 515. (¬5) الصلة: 1/ 76. (¬6) فهرسة ابن خير: ص86. ولم أقف على ترجمة له. (¬7) المصدر نفسه. (¬8) ينظر جهود العلماء برواية صحيح مسلم بالأندلس

هذا الشكل مقتبس من بحث جهود علماء الأندلس برواية صحيح مسلم من طريق ابن ماهان للدكتور مجيد خليفة، وقد أجرينا بعض التعديلات عليه ليتناسب مع دراستنا.

المطلب الثالث: أسانيد النسخ

المطلب الثالث أسانيد النسخ قال ابن الصلاح:"هذا الكتاب مع شهرته التامة صارت روايته بإسناد متصل بمسلم مقصورة على أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان، غير أنه يروى في بلاد المغرب مع ذلك عن أبي محمد أحمد بن علي القلانسي عن مسلم (¬1). وذكر الحافظ ابن حجر رواية أخرى بالإجازة، وهي رواية مكي بن عبدان (¬2) وذكر تقي الدين الفاسي رواية أبي حامد الشرقي (¬3). فتحصل لدينا أربع روايات، وهذا تفصيلها: رواية ابن سفيان: وهي رواية أهل المشرق، ونسخته يسميها القاضي عياض "الأم"، ويصعب حصرها عند المشارقة إلا أن أهم طرقها: 1 - طريق الإمام النووي: حيث قال: "أما إسنادي فيه، فأخبرنا بجميع صحيح الإمام مسلم ابن الحجاج ـ رحمه الله ـ الشيخ الأمين العدل الرضى أبو إسحاق إبراهيم بن أبي حفص عمر بن مضر الواسطى ـ رحمه الله ـ بجامع دمشق حماها الله، وصانها وسائر بلاد الإسلام وأهله قال: أخبرنا الإمام ذو الكنى أبو القاسم أبو بكر أبو الفتح منصور ابن عبد المنعم الفراوي قال: أخبرنا الإمام فقيه الحرمين أبو جدى أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر الفارسي قال: أنا أحمد محمد بن عيسى الجلودي قال: أنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان الفقيه، أنا الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج ـ رحمه الله ـ، وهذا الإسناد الذي حصل لنا، ولأهل زماننا ممن يشاركنا فيه في نهاية من العلو بحمد الله تعالى، فبيننا وبين مسلم ستة (¬4). ¬

_ (¬1) صيانة صحيح مسلم ص103. (¬2) المعجم المفهرس 1/ 29. (¬3) ذيل التقييد في رواة السنن والمسانيد: (تأليف: الفاسي أبو الطيب محمد بن أحمد المكي 1393هـ)، تحقيق: كمال يوسف الحوت، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410، 2/ 236. (¬4) شرح النووي على صحيح مسلم: (تأليف: النووي أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري ت 676هـ)، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط2، 1392هـ 1/ 6.

2 - طريق الحافظ ابن حجر: قال: "أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي بن محمد بن عقيل البالسي قراءة عليه، ونحن نسمع بمصر، وأبو الطاهر محمد ابن أبي اليمن محمد بن عبد اللطيف بن أحمد بن أبي الفتح الربعي التكريتي ثم الإسكندري نزيل القاهرة بقراءتي عليه بها في أربعة مجالس سوى مجلس الختم" قالا: أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن عبد الحميد بن عبد الهادي المقدسي ثم الصالحي (¬1) قدم القاهرة، أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الدائم بن نعمة النابلسي سماعا عليه، وأبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن مضر إجازة (¬2). وأخبرنا أبو العباس أحمد بن الحسن بن محمد المقدسي، وسعد الدين محمد بن محمد القمني سماعا عليهما لبعضه، وإجازة لبقيته قالا: أنبأنا العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن القماح الشافعي، أنبأنا إبراهيم بن عمر بن مضر سماعا عليه سوى من أوله إلى قوله في المقدمة، وسنذكر مروياتهم على الصفة التي ذكرناها، وسوى من قوله كتاب الزهد إلى آخر الصحيح، فإجازة قال ابن ... عبد الدائم: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن علي بن صدقة الحراني سماعا عليه، وكان ليفوت فكان يذكر أنه أعيد له، وهو ثقة، وقال الثاني: أنبأنا أبو الفتح منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي سماعا، والمؤيد بن محمد بن علي الطوسي إجازة. ح وأخبرني ببعضه عبد الواحد بن ذي النورين بن عبد الغفار الصردي، وأبو علي محمد بن أحمد بن علي بن عبد العزيز المهدوي، وأبو الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن المبارك الغزي سماعا عليهم مفرقين، وإجازة منهم لسائره قالوا: أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر بن أبي بكر الواني، أنبأنا محمد بن عبد الله بن أبي الفضل المرسي، أنبأنا المؤيد بن محمد الطوسي إجازة. ح وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن ياسين الجزولي المقري إجازة مكاتبة، أنبأنا الشريف عز الدين موسى بن علي بن أبي طالب العلوي الموسوي قراءة عليه، وأنا ¬

_ (¬1) 1) ومن ابن عبد الهادي تتفرع إلى عدد من السماعات يصعب حصرها، ينظر المصدر السابق. (¬2) بهذا الموضع من السند يلتقي مع سند الإمام النووي، ينظر المصدر السابق.

حاضر، وإجازة منه، أنبأنا العلامة تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح ... عبد الرحمن الشافعي المعروف بابن الصلاح، والحافظ أبو علي الحسن بن محمد بن محمد البكري، والحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الصريفيني، والمحدث ... فخر الدين محمد بن محمد بن عمر الصفار، وزين الدين يحيى بن علي بن أحمد المالقي، وأبو العز المفضل بن علي بن عبد الواحد، وأبو عبد الله محمد بن حميد بن مسلم بن الكميت الحراني، وتاج الدين أبو جعفر محمد بن أحمد بن علي القرطبي، وجمال الدين محمد ابن علي بن محمود العسقلاني سماعا عليهم لجميعه، وأبو الحسن علي بن يوسف الصوري سماعا عليه سوى من أوله إلى قوله: حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة، فذكر حديث جرير البجلي بايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإجازة منه لهذا القدر، وتاج الدين أبو المعالي أحمد بن القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي سماعا عليه سوى من قوله: حدثنا عمرو الناقد، فذكر حديث أبي هريرة: "أن عمر مر بحسان" إلى قوله: حدثنا ابن أبي عمر المقرئ، فذكره إلى قوله: "وإنهما لم يذكرا وكان عرشه على الماء"، والعلامة أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الصمد السخاوي لجميعه، وعتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني سماعا عليه لبعضه، وأبو البركات عمر بن عبد الوهاب البراذعي سماعا عليه لبعضه قال ابن الصلاح والستة بعده والصوري: أنبأنا المؤيد بن محمد الطوسي، وقال ابن الصلاح والعسقلاني والسخاوي: أنبأنا منصور بن عبد المنعم الفراوي، قال ابن الصلاح: سماعا، والآخران: إجازة، وقال القرطبي وابن الشيرازي: أنبأنا ابن صدقة الحراني، وقال الأخيران: أنبأنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر، قال الأربعة: أنبأنا فقيه الحرم أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي الفراوي، أنبأنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي. وقال السخاوي أيضا: أخبرنا الإمام أبو محمد القاسم بن فيرة بن خلف الرعيني الشاطبي، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد بن هذيل، أنبأنا أبو داود سليمان بن نجاح، أنبأنا أحمد بن عمر بن دلهاث العذري، أنبأنا أحمد بن الحسن الرازي قالا: أنبأنا أبو أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي، أنبأنا إبراهيم بن محمد بن

سفيان، أنبأنا مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري سماعا عليه سوى الأفوات الثلاثة ـ التي كان إبراهيم يقول فيها عن مسلم ولا يقول أنبأنا مسلم ـ قال ابن الصلاح: ولا ندري حملها عنه إجازة أو، وجادة. الفوت الأول: في كتاب الحج من قول مسلم: حدثنا ابن نمير، حدثنا أبي، عن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر "حديث المقصرين والمحلقين" إلى حديث "لا يخلون الرجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم"، ويليه: حدثنا هارون بن عبد الله، فذكر حديث ابن عمر قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استوى على بعيره ... ". الفوت الثاني: في كتاب الوصايا من قول مسلم: حدثني أبو خيثمة، ومحمد بن المثنى، فذكر حديث ابن عمر "ما حق امرئ مسلم" إلى حديث القسامة ويليه: حدثني إسحاق بن منصور، أخبرنا بشر بن عمر. الفوت الثالث: في كتاب الإمارة من قول مسلم: حدثني زهير بن حرب، حدثنا شبابة، فذكر حديث أبي هريرة "إنما الإمام جنة" إلى قوله: في حديث أبي ثعلبة "إذا رميت سهمك"، حدثنا محمد بن مهران الرازي، حدثنا أبو عبد الله حماد بن خالد الخياط، وأفاد أبو عبد الله محمد بن رشيد في رحلته أن هذه الأفوات الثلاثة انعكست على القاضي أبي بكر بن العربي، فأوهم أنها هي التي يقول فيها إبراهيم: حدثنا مسلم، وما عداها يقول فيه: عن مسلم، وهو وهم منه ينبغي أن لا يغتر به، وذكر أنه حرر الأفوات المذكورة من هوامش نسخة الحافظ أبي بحر سفيان بن العاصي، وهو شيخ القاضي عياض، وكان من المتقنين انتهى (¬1). 3 - طريق ابن الصلاح: وقد ذكرناه في سند الحافظ ابن حجر. 4 - طريق السيوطي: قال الشوكاني: وأرويه [أي صحيح مسلم] بالإسناد المذكور إلى الهيثمي، إلى الحافظ السيوطي، عن شيخ الإسلام العلم البلقيني، عن أبيه، عن الشمس ابن القماح، عن أبي إسحاق ابن مضر الواسطي، عن رضي ¬

_ (¬1) المعجم المفهرس 1/ 27 ـ 29.

الدين الطوسي، عن منصور الصاعدي الفزاري، عن عبد الغافر الفارسي النيسابوري، عن الجلودي، عن إبراهيم بن سفيان، عن مسلم (¬1). وغير هؤلاء طرق كثيرة ينظر مثلاً طريق قطب الدين أبي محمد عبد الكريم بن عبد النور بن منير بن عبد الكريم الحلبي ابن أخت نصر المنبجي (¬2). ولم تقتصر رواية ابن سفيان على المشارقة فقط، فللمغاربة أيضاً طريق إليها ممن رحل إلى جهة المشرق كأبي علي الغساني، والقاضي عياض، وغيرهما. 5 - طريق القاضي عياض والحافظ أبي علي الغساني: قال القاضي: وأما رواية ابن سفيان: فقرأناها وسمعناها على جماعة من شيوخنا بطرقها المختلفة، فممن سمعتها عليه: الفقيه الحافظ القاضي أبو علي الصدفي، والشيخ الراوية أبو بحر سفيان بن العاصي الأسدي، قالا: نا بها أبو العباس أحمد بن عمر العذري، وحدثني بها أيضا سماعا وقراءة وأجازة: القاضي أبو عبد الله محمد بن عيسى التميمي، عن أبي العباس العذري إجازة قال: نا أبو العباس أحمد بن الحسن الرازي، قال: أبو بحر، وحدثني به أيضا: الشيخ أبو الفتح نصر بن الحسن السمرقندي، عن أبي الحسين عبد الغافر ابن محمد الفارسي، وقرأتها على الفقيه أبي محمد بن أبي جعفر بلفظي، قال: نا أبو علي الحسين بن علي الطبري الإمام، عن أبي الحسين الفارسي، قال ابن أبي جعفر: وحدثني بها: أبي، عن أبي حفص الهوزني، عن أبي محمد عبد الله بن سعيد الشنتجالي، عن أبي سعيد عمر بن محمد السجزي، ونا الشيخ الحافظ أبو علي الغساني من كتابه، وأبو محمد بن عتاب، وغير واحد إجازة قالوا: نا حاتم بن محمد الطرابلسي، عن أبي سعيد السجزي، قال هو والرازي والفارسي: نا أبو أحمد محمد بن عيسى الجلودي، نا ابن سفيان. قال ¬

_ (¬1) تحفة الأكابر: (تأليف: الشوكاني محمد بن علي بن محمد ت 1250هـ)، تحقيق: خليل بن عثمان الجبور السبيعي، طبعة دار ابن حزم، ط1، 1999م، ص168. (¬2) برنامج الوادي آشي: (تأليف: الوادي آشي محمد بن جابر التونسي ت 763هـ)، تحقيق: محمد محفوظ، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، 1400هـ -1980م، ص78 و106 و111 و124 و132 و146.

حاتم بن محمد: ونا بها أيضا: عبد الملك بن الحسن الصقلي، عن أبي بكر محمد بن إبراهيم الكسائي، عن ابن سفيان عن مسلم (¬1). 6 - طريق ابن خير الأشبيلي: أما رواية الجلودي: فحدثني بها الشيخ القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد ابن العربي - رحمه الله - قراءة مني عليه قال: حدثنا به الشيخ أبو بكر محمد بن طرخان ابن يلتكين بن يحكم التركي قال: حدثنا أبو الليث أبو الفتح نصر بن الحسن بن أبي القاسم التنكتي الشاسي. قال ابن العربي أيضا: وأخبرنا الشيخ الإمام جمال الإسلام إمام الحرمين أبو عبد الله الحسين ابن علي الطبري نزيل مكة بها سماعا ومناولة قالا: حدثنا عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الزكي العدل قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي، عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان، عن مسلم. وفي بعض المواضع يقول ابن سفيان: حدثنا مسلم، وذلك مقيد مجود في أصلي بحمد الله. وحدثني بها أيضا: الشيخ الخطيب أبو بكر موسى بن سيد بن إبراهيم الأموي ... - رحمه الله - قراءة مني عليه في أصل كتابه بالمسجد الجامع بالجزيرة الخضراء حرسها الله في ذي القعدة من سنة 534، والشيخ المحدث أبو الحسن عباد بن سرحان المعافري - رحمه الله - مناولة منه لي في أصل كتابه، والشيخ الإمام أبو الحكم عبد الرحمن بن عبد الملك بن غشليان الأنصاري - رحمه الله - إجازة قالوا كلهم: حدثنا بها الشيخ الإمام أبو عبد الله الحسين بن علي الطبري المذكور أما ابن سيد وابن سرحان، فسمعاه عليه، وأما ابن غشليان، فإجازة منه له، وقد تقدم سند الطبري فوق هذا. وحدثني بها أيضا: شيخنا أبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث - رحمه الله - قراءة عليه، وأنا أسمع إلا يسيرا من آخره، فإنه أجازه لي، وناولني الديوان كله قال: حدثني به الشيخ الصالح أبو عبد الله محمد بن محمد بن بشير المعافري الصيرفي - رحمه الله - قراءة عليه قال: حدثنا به أبو محمد عبد الله بن الوليد بن سعد بن بكر الأنصاري بمصر، وكتبته من كتابه قال: حدثنا به أبو العباس أحمد بن ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 11، وينظر الغنية ص35.

الحسين بن عبد الرحمن بن بندار بن جبريل الرازي قال: حدثنا أبو أحمد الجلودي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان قال: حدثنا مسلم بن الحجاج (¬1). 7 - طريق الوادي آشي: قال: قرأت أكثره وسمعت باقيه ببلد تونس على قاضي الجماعة بها أبي العباس بن الغماز ما خلا من باب التسمية على الطعام، وهو الحديث المروي عن ابي بكر بن ابي شيبة، وابي كريب إلى أول باب "إذا شرب ناول الأيمن فالأيمن"، وهو المروي عن مالك، عن ابن شهاب، وذلك مقدار ورقتين فاتني بهما القارئ، ولم أعدهما حتى مرض الشيخ - رحمه الله - وأجازهما لي، وحدثني به عن الحافظ ابي الربيع بن سالم سماعا لجميعه عن ابي محمد عبد الله ابن محمد بن عبيد الله الحجري قراءة عن ابي عبد الله محمد بن عبد العزيز بن أحمد الكلابي أبن زغيبة سماعا، عن ابي العباس احمد بن عمر العذري، عن ابي العباس أحمد بن الحسن الرازي، عن ابي أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي، عن ابي إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان، عن مؤلفه وللحافظ أبي الربيع طرق كثيرة (¬2). 8 - فهرس ابن عطية: وقرأت عليه ـ أي على أبيه ـ كتاب المسند الصحيح بنقل العدل عن العدل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصنيف أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، وأخبرني أنه قرأه وسمعه بمكة زادها الله تشريفا وتعظيما في ظل الكعبة، وعند باب بني شيبة سنة سبعين وأربعمائة، على الإمام الزكي أبي عبد الله الحسين بن علي الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي. قال الفقيه القاضي أبو محمد ـ - رضي الله عنه - ـ: قال لي أبي ـ - رضي الله عنه - ـ: وقرأته بالأندلس على أبي علي الحسين بن محمد الغساني، وأخبرني أنه قرأه على أبي العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري قال: حدثنا أبو العباس بن الحسن بن بندار بن جبريل بن ... عبد الرحمن الرازي قراءة عليه وأنا أسمع بمكة سنة تسع وأربعمائة. ¬

_ (¬1) فهرسة ابن خير 186 ـ87. (¬2) برنامج الوادي آشي ص192 ـ193.

قال أبو علي: وأخبرني أبو القاسم حاتم بن محمد التميمي قال: حدثنا به أبو سعيد عمر بن محمد بن محمد بن داود السجزي بمكة سنة ثلاث وأربعمائة قالوا ثلاثتهم: حدثنا أبو أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه بن منصور الجلودي قال الطبري في روايته: الجلودي بفتح الجيم، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد ابن سفيان الفقيه، قال: حدثنا أبو الحسين مسلم بن الحجاج (¬1). رواية ابن ماهان: وهي رواية المغاربة، جاءت روايته عن طريق أبي بكر أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر، عن أحمد بن علي القلانسي، عن مسلم. سميت هذه الرواية باسم رواية ابن ماهان؛ لأنه أشهر من رواها من جهة المغاربة إلى الإمام مسلم، وإليها الإشارة عند علماء المغرب في اختلاف الرواية، ولم نجد من يشير إلى رواية من قبله من مشايخه بالطريقة التي أشير إلى روايته، وقد ترجمت لابن ماهان ومشايخه، وبقي أن نشير إلى أهم الطرق المؤدية إليه وهي: 1 - طريق القاضي عياض: وأما كتاب المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل عن رسول الله ـ عليه السلام ـ للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج، القشيريُّ النسب، النيسابوريُّ الدار، فإنه وصل إلينا من روايتين أيضا، رواية أبي إسحاق إبراهيم بن سفيان المروزي، ورواية أبي محمد أحمد بن علي القلانسي إلا أن آخره من باب حديث الإفك لم يسمعه ابن ماهان إلا من ابن سفيان، فتفردت الرواية من هنالك عن ابن سفيان؛ لأن إلى هنا انتهت رواية أبي بكر بن الأشقر علي القلانسي، ولم يصل إلينا من غير هاتين الروايتين، وطرق هاتين الروايتين كثيرة. فأما رواية القلانسي: فحدثني بها الفقيه أبو محمد عبد الله بن أبي جعفر الخشني بقراءتي عليه لجميع الكتاب بمرسية سنة ثمان وخمسمائة، عن أبيه، عن أبي حفص ¬

_ (¬1) فهرسة ابن عطية ص 48ـ49.

عمر بن الحسن الهوزني، عن القاضي أبي عبد الله محمد بن أحمد الباجي، عن أبي العلاء (¬1). 2 - طريق ابن خير الأشبيلي: وأما رواية ابن ماهان: فحدثني بها الشيخ القاضي أبو مروان عبد الملك بن عبد الملك بن عبد العزيز اللخمي الباجي سماعا عليه مرة، وثانية قال: حدثني بها أبي، وعماي أبو عمر أحمد، وأبو عبد الله محمد، وابن عمي الفقيه أبو محمد عبد الله بن علي بن محمد قالوا كلهم: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الله الفقيه قال: حدثنا أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان البغداذي سماعا عليه مع أبي ـ رحمه الله ـ بمصر قدمها علينا قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن يحيى الفقيه على مذهب الشافعي المعروف بالأشقر بنيسابور قال: حدثنا أبو محمد أحمد بن علي بن الحسين بن المغيرة بن عبد الرحمن القلانسي قال: حدثنا أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ـ رحمه الله ـ. وحدثني بها أيضا: أبو بكر محمد بن أحمد بن طاهر القيسي المذكور سماعا عليه، وإجازة على نحو ما تقدم قال: حدثنا أبو علي حسين بن محمد بن أحمد الغساني قال: حدثني بها القاضي أبو عمر أحمد بن محمد الحذاء التميمي قراءة عليه سنة 457 قال حدثنا بها ـ رحمه الله ـ قراءة مني عليه سنة 395 قال: حدثنا ... أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى ابن ماهان البغداذي قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد الفقيه الأشقر قال: حدثنا أبو محمد أحمد بن علي القلانسي قال: حدثنا مسلم بن الحجاج حاشى ثلاثة أجزاء من آخر الكتاب أولها: حديث عائشة في الإفك الحديث الطويل إلى آخر الديوان، فإن أبا العلاء بن ماهان يروي ذلك عن أبي أحمد الجلودي، عن إبراهيم بن محمد بن سفيان، عن مسلم بن الحجاج. وحدثني بها أيضا: الشيخ أبو محمد بن عتاب إجازة قال: حدثنا أبو عمر بن الحذاء المذكور إجازة بالسند المتقدم. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 10.

قال: وحدثني بها أبي محمد بن عتاب - رحمه الله - قراءة عليه، وأنا أسمع غير مرة قال: حدثنا أبو القاسم أحمد بن فتح قال: حدثنا أبو العلاء بن ماهان بالإسناد المتقدم (¬1). 3 - طريق ابن عطية: قال: [عن أبيه عن الجياني بسنده]، قال الجياني: "وأخبرني بمسلم أيضا قال: حدثنا أبو عمر احمد بن محمد بن يحيى التميمي قراءة عليه قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان، عن أبي بكر أحمد بن محمد بن يحيى الأشقر قال: حدثنا أبو محمد أحمد بن علي بن الحسين القلانسي، عن مسلم حاشا ثلاثة أجزاء من آخر الديوان أولها: حديث عائشة في الإفك الحديث الطويل، فإن أبا العلاء يروي ذلك عن أبي أحمد الجلودي، عن إبراهيم بن سفيان، عن مسلم" (¬2). 4 - طريق ابن حزم: قال: "حدثنا عبد الله بن يوسف بن نامي، حدثنا أحمد بن فتح، حدثنا عبد الوهاب بن عيسى البغدادي، حدثنا أحمد بن محمد، حدثنا أحمد ابن علي، حدثنا مسلم بن الحجاج" (¬3). ولم تقتصر هذه الرواية على أهل المغرب، فللمشارقة حظ فيها، قال الحافظ ابن حجر: "وأخبرنا بهذه الأفوات أبو العباس أحمد بن أبي بكر الحسباني كتابة من دمشق، أنبأنا الفخر عثمان بن محمد التوزري في كتابه من مصر، أنبأنا أبو بكر محمد بن يوسف بن مسدي إجازة، أنبأنا أبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن بن مضي قال: قرأت جميع صحيح مسلم على أبي عمر أحمد بن عبد الله بن جابر الأزدي بسماعه له على أبي محمد عبد الله بن محمد الباجي، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن الباجي، حدثنا أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان، حدثنا أبو بكر أحمد بن يحيى الأشقر، أنبأنا أحمد بن علي بن الحسين بن المغيرة القلانسي، أنبأنا مسلم ¬

_ (¬1) فهرسة ابن خير1/ 86 و87. (¬2) ينظر فهرسة ابن عطية1/ 84و85. (¬3) حجة الوداع 1/ 127.

لجميع الصحيح قراءة عليه وأنا أسمع من أوله إلى حديث الإفك في أواخر ... الكتاب" (¬1). رواية مكي بن عبدان: لم تحظَ هذه الرواية بالشهرة مثل سابقتيها إلا أنها في غاية الأهمية، وهي تثبت سماع أكثر من تلميذ لصحيح مسلم من مؤلفه، وقد اختصت بالمشارقة، فلم يقع للمغاربة منها شيء، فقال أبو علي الغساني: "وأما رواية أبي بكر الجوزقي عن أبي حاتم مكي بن عبدان النيسابوري عن مسلم، فلم يقع إلينا منها شيء" (¬2)، وقال القاضي عياض (¬3): "ولم يصل إلى هذه البلاد كتاب مسلم إلا من طريقي القلانسي وابن سفيان". قال الحافظ ابن حجر: "وأخبرنا بجميع صحيح مسلم إجازة الشيخ أبو محمد عبد الله بن محمد بن محمد النيسابوري مشافهة بالمسجد الحرام، عن أبي الفضل سليمان بن حمزة المقدسي، عن أبي الحسن علي بن الحسين بن علي ابن المقير، عن الحافظ أبي الفضل محمد بن باقر السلامي، عن الحافظ أبي القاسم عبد الرحمن ابن أبي عبد الله بن منده، عن الحافظ أبي بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا ابن الحسن الجوزقي، عن أبي الحسن مكي بن عبدان النيسابوري، عن مسلم. وهذا السند في غاية العلو، وهو جميعه بالإجازات، وهو عندي أول ما حدثت به، عن محمد بن قواليج في عموم إذنه للمصريين بسماعه من: زينب بنت كندي بإجازتها من: المؤيد الطوسي بسنده المتقدم لما قدمت من ضعف الرواية بالإجازة العامة والله أعلم" (¬4). وذكر عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني إجازة الجوزقي عن ابن عبدان فقال: "محمد بن المسرف بن نصر بن عبد الجبار بن عبد الله القرائى أبو الفتاح بن أبي المحاسن القاضي كان فقيها مناظرا مقداما تفقه ببغداد وغيرها، وسمع الصحيح ¬

_ (¬1) المعجم المفهرس 1/ 29. (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 764. (¬3) الغنية ص37. (¬4) المعجم المفهرس 1/ 29.

البخارى، أو بعضه من الأستاذ الشافعي ابن داود المقرئ سنة إحدى عشرة وخمسمائة، وسمع ببغداد سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، من أبي بكر محمد بن أحمد بن الحسين البيهقي، عن أبي حفص بن مسرور، عن محمد بن عبد الله الجوزقى، عن مكي بن عبدان، عن مسلم" (¬1). وقال الفلاني: "أما صحيح مسلم، فأرويه رواية ودراية، عن الشيخ المعمر محمد سعيد سفر قراءة، على الشيخ تاج الدين القلعي، عن الشيخ حسن العجيمي، عن الشيخ أحمد العجل اليمني، عن الإمام يحيى بن مكرم الطبري، عن جده الإمام محب الدين محمد بن محمد الطبري، عن زين الدين أبي بكر بن الحسين المراغي، عن أبي العباس أحمد بن أبي طالب الحجار، عن الأنجب بن أبي السعادات ... الحماني، عن أبي الفرج مصعود بن الحسن الثقفي، عن الحافظ أبي القاسم ... عبد الرحمن بن مندة، عن الحافظ أبي بكر محمد بن عبد الله الجوزقي، عن أبي الحسن مكي بن عبدان، عن مؤلفه" (¬2). رواية أبي حامد الشرقي: ذكر هذه الرواية تقي الدين أبو الطيب الفاسي فقال: عمر بن حسن بن علي بن محمد بن الجميل الكلبي الداراني، ثم السبتي أبو الخطاب المعروف بـ (ابن دحية) نزيل القاهرة، روى: عن أبي عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون صحيح مسلم، أنا أحمد بن محمد الخولاني، أنا أبو ذر الهروي، أنا أبو بكر الجوزقي، أنا أبو حامد الشرقي، عن مسلم. وسمعه بعد ذلك عاليا بنيسابور على منصور الفراوي" (¬3). قال الدكتور عبد الرحمن الفقيه: "يتبين وجود رواية أبي حامد الشرقي لصحيح مسلم، وإتصالها بالسماع عند الحفاظ" (¬4). ¬

_ (¬1) التدوين في أخبار قزوين: (تأليف: عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني ت623هـ)، تحقيق: عزيز الله العطاري، دار الكتب العلمية، بيروت، 1987م، 2/ 24. (¬2) قطف الثمر في رفع اسانيد المنصنفات في الفنون والأثر: (تأليف: الفلاني صالح بن محمد بن نوح بن عبد الله بن عمر العمري ت 1218هـ)، تحقيق: عامر حسن صبري، دارالشروق، مكة، ط1، 1405 ـ 1986م، 1/ 46 و47. (¬3) ذيل التقييد: 2/ 236. (¬4) ملتقى أهل الحديث، إجابات الدكتور عبد الرحمن الفقيه تحت مسمى من يأتينا بترجمة هذا الراوي.

المطلب الرابع: أثر اختلاف النسخ

المطلب الرابع أثر اختلاف النسخ ففي المؤلف الواحد تختلف النسخ من تلميذ إلى إخر؛ بسبب السماع في المجالس المتتابعة، فذاك يسمع الكلام من مؤلفه مباشرة، وهو قريب منه، فيكتب نص ما سمع، وآخر بعيد منه لكثرة الحاضرين لهذا المجلس، فيسمع فيختلط عليه سمعه، فيصحف، وهذا سبب من أسباب الإختلاف. ويسمى تصحيف السماع. وقد يقع تصحيف من نوع آخر بسبب النساخين للكتاب، فيحصل تغيير بالشكل أو النقط، وتلميذ إخر يعتمد على حفظه، فيدون ما سمعه في غير مكان مجلس السماع، ولتفاوت قدرات الحفظ من راو لآخر، فقد يحصل له أن لا يروي النص باللفظ بل بالمعنى، فيكون التغيير حاصل في النسخ، ومنه يكون مخل بالمعنى إخلالاً فاحشاً، أو بسيطاً له وجه في اللغة، فيكون مقبولاً نوعاً ما، وتلميذ آخر لم يحضر مجلس السماع، فيفوته من ذلك الكتاب ما يفوته لأسباب رحلة، أو مرض، وغير ذلك، فيستدركه في مجلس آخر، أو يجيزه به شيخه، أو يرويه وجادة ... الخ. وما كتاب مسلم إلا واحد من هذه الكتب التي وقع فيها الاختلاف، لذلك سنعمد إلى إثبات الآتي: 1 - إثبات أن الإمام مسلماً حدث بالصحيح غير مرة. 2 - إثبات تفاوت الحفظ عند التلاميذ. 3 - إثبات الرواية بالمعنى المقاربة للشروط. إثبات أن الإمام مسلماً حدث بالصحيح غير مرة: قال ابن الصلاح: اعلم أن لإبراهيم بن سفيان في الكتاب فائتا لم يسمعه من مسلم يقال فيه: أخبرنا إبراهيم عن مسلم، ولا يقال فيه: "قال: أخبرنا"، أو "حدثنا مسلم"، وروايته لذلك عن مسلم إما بطريق الإجازة، وإما بطريق الوجادة، وقد غفل أكثر الرواة عن تبيين ذلك، وتحقيقه في فهارسهم وبرنامجاتهم، وفي تسميعاتهم

وإجازاتهم، وغيرها بل يقولون في جميع الكتاب: أخبرنا إبراهيم، قال: اخبرنا مسلم، وهذا الفوت في ثلاثة مواضع محققة في أصول معتمدة. فأولها: في كتاب الحج، في باب الحلق والتقصير حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (رحم الله المحلقين) برواية ابن نمير، فشاهدت عنده في أصل الحافظ أبي القاسم الدمشقي بخطه ما صورته، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان، عن مسلم قال: حدثنا ابن نمير، حدثنا ابي، حدثنا عبيد الله بن عمر ... الحديث. الفائت الثاني لإبراهيم: أوله أول الوصايا قول مسلم: حدثنا أبو خيثمة زهير ابن حرب، ومحمد بن المثنى (واللفظ لمحمد بن المثنى) في حديث ابن عمر:"ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه ... " إلى قوله في آخر حديث رواه في قصة حويصة ومحيصة في القسامة: حدثني إسحاق بن منصور، أخبرنا بشر بن عمر قال: سمعت مالك بن أنس الحديث، وهو مقدار عشرة أوراق، ففي الأصل المأخوذ عن الجلودي، والأصل الذي بخط الحافظ أبي عامر العبدري ذكر انتهاء هذا الفوات عند أول هذا الحديث، وعود قول إبراهيم: حدثنا مسلم. الفائت الثالث: أوله قول مسلم في أحاديث الإمارة والخلافة: حدثني زهير بن حرب، حدثنا شبابة، حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنما الإمام جنة)، ويمتد إلى قوله في كتاب الصيد والذبائح: حدثنا محمد بن مهران الرازي، حدثنا أبو ... عبد الله حماد بن خالد الخياط حديث أبي ثعلبة الخشني:"إذا رميت بسهمك ... "، فمن أول هذا الحديث عاد قول إبراهيم: حدثنا مسلم. وهذا الفوت أكبرهما، وهو نحو ثماني عشرة ورقة، وفي أوله بخط الحافظ الكبير أبي حازم العبدوي النيسابوري، وكان يروي عن محمد بن يزيد العدل، عن إبراهيم ما صورته من هنا يقول إبراهيم: قال مسلم (¬1). قال الحافظ ابن حجر: وأخبرنا بهذه الأفوات أبو العباس أحمد بن أبي بكر الحسباني كتابة من دمشق، أنبأنا الفخر عثمان بن محمد التوزري في كتابه من ¬

_ (¬1) صيانة صحيح مسلم ص111.

مصر، أنبأنا أبو بكر محمد بن يوسف بن مسدي إجازة، أنبأنا أبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن بن مضي قال: قرأت جميع صحيح مسلم على أبي عمر أحمد بن ... عبد الله بن جابر الأزدي، بسماعه له على أبي محمد عبد الله بن محمد الباجي، أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن الباجي، حدثنا أبو العلاء عبد الوهاب بن عيسى بن ماهان، حدثنا أبو بكر أحمد بن يحيى الأشقر، أنبأنا أحمد بن علي بن الحسين بن المغيرة القلانسي، أنبأنا مسلم لجميع الصحيح قراءة عليه، وأنا أسمع من أوله إلى حديث الإفك في أواخر الكتاب (¬1). قال الدكتور عبد الله بن محمد حسن: ولم أقف على من تعرَّض لهذه الفوائت بالدراسة، وبيان أنَّها لا تؤثِّر في صحة واتِّصال هذه الأحاديث سوى ما ذكره الدكتور الحسين شواط حيث قال: "يبعد أن يكون هذا الفائت قد بقي على ابن سفيان إلى حين وفاة مسلم"، وذلك لأمور، منها: أ - توفر دواعي تلافي ذلك الفوت وسماعه من مسلم، وذلك لأنَّ الفراغ من سماع الكتاب قد تمَّ سنة (257هـ) أي قبل وفاة مسلم (ت261هـ) بحوالي خمس سنوات، فكيف يغفل عن ذلك كلَّ هذه المدَّة مع وجودهما في بلد واحد. ب - ما نصَّت عليه المصادر ونوَّهت به من كثرة ملازمة ابن سفيان لشيخه مسلم، ممَّا يجعل الفرصة سانحة بصفة أكيدة لسماع ما يفوته منه. جـ - النص في بعض النسخ على عدم حضور ابن سفيان مجلس السماع لا يمنع سماعه في مجلس آخر بعده. وعلى فرض تسليم بقاء هذا الفوت فعلاً؛ فإنَّ احتمال روايته بطريق الوجادة ضعيف جدًّا؛ لأنَّ بعض النسخ قد نصَّت على أنَّه كان إجازة كما ذكر ابن الصلاح، وما ذكره - حفظه الله - فيه وجاهة، لكن لا تعدو كونها أموراً نظريةً قائمة على الاجتهاد الذي قد يصيب وقد يخطئ، ولا يمكن أن تتأكّد إلاَّ من خلال الجانب التطبيقي العملي، وهذا ما توصلتُ إليه حيث تتبَّعتُ روايات العلماء المغاربة لصحيح مسلم للوقوف على مَن روى أحاديث مسلم من طريق القلانسي لمعرفة كيفية روايته لأحاديث الفوائت حتى ¬

_ (¬1) المعجم المفهرس 1/ 29.

طُبع مؤخّراً كتاب حجَّة الوداع للإمام ابن حزم الأندلسي، فوجدته روى جميع أحاديث مسلم التي ضمَّنها فيه من طريق القلانسي، عن مسلم. وعددُها سبعون ومائة حديث، قال فيها القلانسي: "حدَّثنا مسلم"، وكان من بينها ثلاثة عشر حديثاً من أحاديث الفوائت في رواية ابن سفيان، وهذه قائمة بها: الرقم المتسلسل ... رقم الحديث في كتاب حجَّة الوداع ... رقم الحديث في صحيح مسلم بترقيم محمد فؤاد عبد الباقي 1 - 131 ... 1335 2 - 134 ... 1334 3 - 159 ... 1305 4 - 174 ... 1308 5 - 176 ... 1316 6 - 185 ... 1306 7 - 186 ... 1307 8 - 195 ... 1315 9 - 199 ... 1309 10 - 201 ... 1313 11 - 203 ... 1314 12 - 324 ... 1319 13 - 335 ... 1211 فثبت من هذا أنَّ أحاديث الفوائت في رواية ابن سفيان ـ لو سُلِّم بقاؤها ـ قد اتَّصلت في رواية القلانسي، فاندفع بذلك النقد الذي يمكن أن يُوجَّه إليها، والله أعلم (¬1). ¬

_ (¬1) إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري، بقلم الدكتور عبد الله بن محمد حسن، بحث على شبكة المنهاج الإسلامية، تاريخ الإضافة: 14/ 3/2008.

إثبات تفاوت الحفظ عند التلاميذ: هذا الموضوع هو أقرب ما يكون في علم الطبقات، وأقصد هنا طبقات الرواة عن الشيخ الواحد، وهو بدوره يرجع إلى كون الرواة ثقات أو ضعفاء، ولما كان رواة الصحيح ثقات دون خلاف كان تفاوتهم راجع إلى أمرين: طول ملازمة وشدة ضبط، وعكسه. مما يجعل التفاضل بين الرواة ممكناً، إلا أننا وجدنا من خلال دراستنا أن الاختلاف بين الروايتين راجع إلى كليهما، وتبين عدد أخطاء ابن ماهان في الروايات المتعلقة بالسند هي (28)، أما ابن سفيان فالعدد (3). أما المعاني فغالباً كانوا متقاربين حيث استطعنا وبحمد الله التوفيق ودفع الخلاف على الأكثر، وأما القليل: فكان لكل منهما نصيب فالاختلاف في المتن (8) لابن ماهان و (1) لابن سفيان، وهذا يرشدنا إلى تقاربهم في المنزلة ولله الحمد والمنة. وقد يرجع التفاوت أيضاً إلى قلة الضبط أو الوهم (¬1) أو الخطأ (¬2) وكثرته بين الرواة، وهنا بالمقارنة وجدنا أن الوهم أو الخطأ قليل جداً إذا ما قورن بعدد أحاديث ... الصحيح، فكان لمجموع الاختلافات (117)، وبعد أن انتهينا من هذه الدراسة، ¬

_ (¬1) الوهم لغة: وهم في الحساب: غلط فيه، والوهم من خطرات القلب، أو مرجوح طرفَيْ المتردد فيه، والجمع أوهام ووُهُوم ووُهْم. القاموس المحيط: (تأليف الفيروز آبادي محمد بن يعقوب بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم ت729هـ)، مؤسسة الرسالة، بيروت، د. ط، د. ت. ... 1/ 1507 مادة (وهم) وينظر معجم مصطلحات الحديث النبوي: (تأليف: أ. د. رشيد عبد الرحمن العبيدي)، ديوان الوقف السني، مركز البحوث والدراسات الإسلامية، العراق ـ بغداد، 1427هـ ـ 2006م، وإصطلاحاً لم أجد له تعريفاً عند الأقدمين، وعرًّفه شيخنا الدكتور محمد إبراهيم خليل السامرائي: الوهم: هو الخطأ الذي يعتري المحدث، فيجانب وجه الصواب في الرواية ظناً منه أنه صواب، أو هو خلل في ضبط الراوي للأخبار. اختلاف الإجتهاد في بعض الرواة بين الإمامين البخاري وأبي حاتم الرازي: مجلة أبحاث اليرموك المجلد 19، العدد 2ب، حزيران، 2003، ص 965. (¬2) الخطأ: نقيض الصواب، الصحاح في اللغة: (الجوهري إسماعيل بن حماد ت393هـ)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت ـ لبنان، ط4، 1990م. 1/ 177، والخَطَأُ: ما لم يُتَعَمَّدْ القاموس المحيط 1/ 7، وعرفه الجرجاني: هو ما ليس للإنسان فيه قصد، التعريفات: (تأليف: الجرجاني علي بن محمد علي ت816هـ)، تحقيق: إبراهيم الأبياري، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1،1405، 1/ 134.

ووفقنا بين الروايتين تبين الخطأ والوهم هو (36) حديثاً لابن ماهان و (4) لابن سفيان. إثبات الرواية بالمعنى المقاربة للشروط: ذكر الخطيب البغدادي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فرب مبلغ أوعى من سامع، ورب حامل فقه ليس بفقيه، وإلى من هو أقرب منه" (¬1)، وكأنه قال: إذا كان المبلغ أوعى من السامع وافقه، وكان السامع غير فقيه، ولا ممن يعرف المعنى وجب عليه تأدية اللفظ ليستنبط معناه العالم الفقيه. ويقول الخطيب أيضاً: "ويجوز للعالم بمواقع الخطاب، ومعاني الألفاظ رواية الحديث على المعنى، وليس بين أهل العلم خلاف". وأضيف شرطاً آخر: أن يكون عالماً بالعربية (¬2). وقال البعض الآخر: أن لا يكون في الحلال والحرام (¬3). ومن هنا وجدنا أن كثيراً من الألفاظ التي كان فيها الخلاف بين الروايتين هي من قبيل المعاني المحتملة التي حلت محل الأخرى إلا ما ندر، أو القليل الذي يؤدي إلى التوفيق وتوحيد المعاني، والله أعلم. ¬

_ (¬1) الكفاية في علم الرواية: (تأليف: الخطيب البغدادي أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت ت)، تحقيق: أبو عبد الله السورقي , إبراهيم حمدي المدنيفي، المكتبة العلمية، المدينة المنورة، ص198، 199. (¬2) ينظر فتح المغيث شرح ألفية الحديث: (تأليف: السخاوي شمس الدين محمد بن عبد الرحمن ت902هـ)، دار الكتب العلمية، لبنان، ط1، 1403هـ، 2/ 241و242. (¬3) ينظر الكفاية في علم الرواية، ص200.

المطلب الخامس: عدد الشروح على صحيح مسلم وأسماؤها ومؤلفوها

المطلب الخامس عدد الشروح على صحيح مسلم وأسماؤها ومؤلفوها ذكرت كتب الإثبات عدداً من الشروح على صحيح مسلم إلا أنها مقتطفة ومبعثرة هنا وهناك، إلا أن الدكتور محمد عبد الرحمن طوالبة جمعها ليصل بها إلى ستة وستين كتاباً وأضاف الدكتور محمود عيدان أحمد عليها أربعة كتب أخرى وكما يأتي: 1 - تفسير غريب ما في الصحيحين: محمد بن أبي نصر الحميدي ت 488هـ. مخطوط (¬1). 2 - شرح صحيح مسلم: محمد بن إسماعيل الأصفهاني ت 520هـ. 3 - الإيجاز والبيان لشرح خطبة مسند مسلم: محمد بن أحمد التجيبي ت 529هـ وورد باسم: "الإيجاز والبيان لشرح خطبة كتاب مسلم مع كتاب الإيمان". له نفسه. 4 - المفهم لشرح غريب مسلم: عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي: ت 529هـ. 5 - شرح الصحيحين: إسماعيل بن محمد قوام السنة ت535هـ. 6 - المعلم فوائد مسلم محمد بن علي المازري ت 536هـ. مطبوع. 7 - إكمال المعلم بفوائد مسلم: عياض بن موسى اليحصبي ت 544هـ مطبوع 8 - مشارق الأنوار على صحاح الآثار: عياض بن موسى اليحصبي ت 544هـ. مطبوع. 9 - شرح مشكلات الصحيحين: للقاضي عياض أيضاً مخطوط (¬2). 10 - شرح مشكلات الصحيحين لعبد العزيز العصاري مجهول الوفاة (¬3) 11 - الإفصاح عن معاني الصحاح: يحيى بن محمد هبيرة ت 560هـ. مطبوع. ¬

_ (¬1) مكتبة أحمد تيمور القاهرة، لغة 80/ 181، فهرس معهد المخطوطات العربية القاهرة 1/ 68،345، ينظر تاريخ الأدب العربي 3/ 167، وتاريخ التراث العربي 1/ 275. (¬2) محفوظ في متحف كوبرلي في تركيا برقم 334. (¬3) محفوظ في متحف كوبرلي أيضاً بالرقم نفسه.

12 - شرح مشكلات الصحيحين: إبراهيم بن يوسف قُرْقُول ت 569هـ. مخطوط (¬1). 13 - كشف مشكل حديث الصحيحين: عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي ... ت 597هـ مخطوط (¬2). 14 - الإعلام بفوائد مسلم: أحمد بن عتيق الذهبي ت601هـ. 15 - إقتباس السراج في شرح النووي على صحيح مسلم بن الحجاج: علي بن أحمد الوادي آشي ت 609هـ. 16 - شرح صحيح مسلم: عبد الرحمن بن علي المصري ت 624هـ. 17 - صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط وحمايته من الإسقاط والسقط: عثمان بن عبد الرحمن ابن الصلاح ت 643هـ مطبوع. 18 - المفصح الملهم والموضح لمعاني صحيح مسلم: محمد بن يحيى الأنصاري ت 646هـ. مخطوط (¬3). 19 - تعليق على صحيح مسلم: محمد بن عباد الخلاطي ت 652هـ. 20 - شرح صحيح مسلم: يوسف بن قزاغولي سبط ابن الجوزي ت 654هـ. 21 - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: أحمد بن عمر القرطبي ... ت 656هـ. مخطوط (¬4). 22 - غرر الفوائد المجموعة فيما وقع لصحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة لرشيد العطار ت662هـ مطبوع (¬5). 23 - المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج: يحيى بن شرف النووي ت 676هـ. مطبوع. ¬

_ (¬1) كوبرلي تركيا 334، المصدر السابق1/ 275. (¬2) جاريت، هولندا 1450، ونسخة أخرى في مركز الملك فيصل في الرياض برقم 1516/ف (¬3) يوجد في مكتبة طلعت باشا مصر، ينظر تاريخ التراث العربي1/ 269، ولم يشر سزكين إلى تسلسله. (¬4) الظاهرية دمشق حديث 109، العمانية بحلب جـ 1، مكتبة شيخ الإسلام بالمدينة النورة 156، جار الله، الهند 353، تيمور 2/ 157،الأزهر 1/ 613، الأوقاف بالرباط 41، العباسية بالبصرة، ينظر تاريخ التراث العربي 1/ 266. (¬5) ينظر قائمة المصادر والمراجع من هذه الدراسة.

24 - إكمال الإكمال على صحيح مسلم: محمد بن إبراهيم البقوري ت 707هـ. 25 - مختصر شرح النووي على مسلم: عبد الله بن محمد الأنصاري ... ت 724هـ مخطوط (¬1). 26 - شرح مختصر مسلم للمنذري: عثمان بن علي خطيب جبرين ت 730هـ. 27 - شرح مسلم عمر بن عبد الرحيم النابلسي ت 734هـ. 28 - شرح مختصر صحيح مسلم للمنذري: عثمان بن عبد الملك الكردي ... ت 738هـ. 29 - إكمال الإكمال على مسلم: عيسى بن مسعود الزواوي ت 744هـ. مخطوط (¬2). 30 - مشكل الصحيحين: خليل بن كيكلدي العلائي ت 761هـ. مخطوط (¬3). 31 - شرح مختصر مسلم للمنذري: محمد بن أحمد الأسنوي ت 763هـ. 32 - شرح مسلم: عبد الله بن محمد المهندس ت 769هـ. مخطوط (¬4). 33 - شرح مسلم: محمد بن مريسي محمود البابرتي ت 786هـ. مخطوط (¬5). 34 - مختصر شرح مسلم للنووي: محمد بن يوسف القنوي ت 786هـ. 35 - أكمال أكمال المعلم: أبو القاسم الأدريسي السلاوي ت 833هـ. 36 - شرح زوائد مسلم على البخاري: عمر بن علي ابن الملقن ت 804هـ. مخطوط. 37 - إكمال إكمال المعلم لمحمد بن خلفه الابي ت 827هـ. مطبوع. 38 - فضل المنعم في شرح صحيح مسلم: محمد بن عطا الله الرازي ... ت829هـ. مخطوط (¬6). 39 - شرح الجامع الصحيح لمسلم: يحيى ابن محمد كرماني ت 833هـ. ¬

_ (¬1) جاريت 1364، المصدر نفسه 1/ 268. (¬2) القاهرة ثاني 1/ 90، تاريخ الأدب العربي 3/ 182. (¬3) جلبي عبد الله تركيا 76/ 1 (1ـ238أ)، المصدر السابق 1/ 275، ونسخة ثانية في المكتبة المركزية في الرياض برقم 7575ف. (¬4) توجد منه نسخة في جامعة لينينجراد 978، المصدر نفسه 1/ 269. (¬5) جار الله الهند 254، المصدر السابق. (¬6) فيض الله الهند 442 و443، وبنكيبور الهند 5/ 1/88 89 رقم202. المصدر نفسه.

40 - شرح الجامع الصحيح لمسلم: أبو بكر بن محمد الحصني ت 839هـ. 41 - تحفة المنجد المفهم في غريب صحيح مسلم: مجهول المؤلف ومنه نسخة خطية كتبت سنة 816 هـ. 42 - شرح صحيح مسلم: إبراهيم بن محمد سبط ابن العجمي ت 841هـ (¬1). 43 - النكت على شرح النووي على صحيح مسلم للنووي: أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ت 852هـ. 44 - مكمل إكمال الإكمال: محمد بن يوسف السنوسي ت 895هـ. مطبوع 45 - فتح المنعم على مسلم: يحيى بن محمد القباني ت 900هـ. 46 - غنية المحتاج في ختم صحيح مسلم بن الحجاج: محمد بن عبد الرحمن السخاوي ت 902هـ 47 - الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج بن الحجاج: عبد الرحمن السيوطي ت 911هـ. مطبوع. 48 - منهاج الإبتهاج بشرح النووي على صحيح مسلم بن الحجاج: أحمد بن محمد القسطلاني ت 923هـ. 49 - شرح خطبة مسلم: أحمد بن محمد القسطلاني ت 923هـ. مخطوط. 50 - شرح مسلم: زكريا الأنصاري ت 926هـ. 51 - ختم صحيح مسلم: عبد القادر النادمي ت 927هـ. 52 - شرح صحيح مسلم: علي بن محمد المنوفي ت939 هـ. 53 - شرح صحيح مسلم: عبد الله الطيب بن عبد الله بامخرمة ت 727هـ. 54 - بغية القارئ والمتفهم في شرح صحيح مسلم: يحيى بن محمد السنابطي (أتمَّ تأليفه سنة 958هـ)، مخطوط (¬2). 55 - شرح مسلم: أحمد بن عبد الحق (توفي قبل 1262هـ). 56 - شرح مسلم: علي بن محمد القاري (ت 1016). ¬

_ (¬1) توجد منه نسخة في أكسفورد في إنكلترا برقم 1/ 150. (¬2) جوتا الهند 2/ 63، تاريخ الأدب العربي 3/ 183، وتاريخ التراث العربي 1/ 270.

57 - شرح صحيح مسلم: عبد الرؤوف المناوي ت 1031هـ. مخطوط (¬1). 58 - منبع العلم شرح صحيح مسلم: للدهلوي ت1073هـ (¬2). 59 - عناية الملك المنعم بشرح صحيح مسلم: عبد الله بن محمد يوسف زاده، ت 1167هـ. مخطوط (¬3). 60 - حاشية على صحيح مسلم: محمد بن عبد الهادي السندي ت 1138هـ. مطبوعة. 61 - حاشية شرح مسلم: علي بن أحمد السعيدي كان يعيش سنة 1168هـ. مخطوطة (¬4). 62 - تعليق على صحيح مسلم: محمد التاودي بن محمد بن سودة ت 1209هـ. 63 - وشي الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج بن الحجاج: علي بن سليمان البجموعتي ت 1306هـ. مطبوع. 64 - السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج: صديق بن حسن خان القنوجي ت 1307هـ. 65 - فتح الملهم بشرح النووي على صحيح مسلم: شبير أحمد الديوبندي ... ت 1339هـ. مطبوع. 66 - فتح المنعم شرح النووي على صحيح مسلم: موسى شاهين لاشين: مازال حياً، طبع منه أجزاء. شروح بغير العربية: 67 - منبع العلم: نور الحق بن عبد الحق الدهلوي ت 1073هـ. بالفارسية. 68 - المطر الثجاج على صحيح مسلم بن الحجاج: ولي الله الفرخ آبادي بالفارسية. ¬

_ (¬1) مكتبة أوقاف الموصل برقم 155. (¬2) توجد منه نسخة في مكتبة خدا بخش في الهند برقم 14/ 1207، وأخرى في مكتبة الجمعية الآسيوية في كلكتا في الهند برقم 1007. وينظر الفقرة 67 أنفاً (¬3) نور العثمانية في أسطنبول برقم 1042ـ1043. (¬4) لاله لي تركيا 2628، تاريخ التراث العربي 1/ 270.

الشروح التي اعتنت بالروايتين

69 - شرح صحيح مسلم: مولوي وحيد الزمان. طبع مع ترجمة الصحيح إلى الهندستانية. 70 - شرح صحيح مسلم: عبد العزيز غلام رسول. طبع مع ترجمة إلى لغة البنجاب. وقيل إنها شروح مترجمة إلى غير العربية. الشروح التي اعتنت بالروايتين: اعتنت كتب المغاربة، وخاصة كتب الشروح بروايتي ابن سفيان، وابن ماهان، وذلك بسبب الاختلاف الحاصل في هاتين الروايتين في الأسانيد، والمتون، وهذه الكتب هي: 1 - تقييد المهمل وتمييز المشكل: للحافظ أبي علي الحسين بن محمد الغساني الجياني 427 ـ 498هـ، طبع مؤخراً في بيروت عام 1421هـ ـ 2000م، نشر دار عالم الفوائد، المملكة العربية السعودية، اعتنى به علي بن محمد العران ومحمد عزيز شمس، يقع هذا الكتاب في ثلاث مجلدات، ذكر مؤلفه في المجلد الثالث التنبيه على الأوهام التي وقعت في روايات صحيح مسلم، في الأسانيد فقط، ولم يتطرق فيها إلى المتون. وإنما يسميها أوهام حسب ما بدا له منها، إلا أنها ـ حسب دراستنا ـ لم تكن جميعها أوهاماً، بل هي محتملة الرواية عمّن ذكر في الروايتين، فإنها لم تكن عللاً قادحة في صحة الحديث للسبب نفسه. قال في مقدمة هذا القسم: "وهذا كتاب يتضمن التنبيه على ما في كتاب مسلم ابن الحجاج - رضي الله عنه - من الأوهام لرواة الكتاب عنه، أو لمن فوقهم من مسلم وغيرهم، مما لم يذكره أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في كتاب الاستدراكات" (¬1). وبعد أن انتهى من ذكر هذه ـ التي يسميها أوهاماً ـ قال: انتهى ما ذكرنا من العلل، ومن إصلاح الأوهام الواقعة في الكتابين التي جاءت من قبل الرواة عن البخاري ومسلم ـ رحمهما الله ـ ومن جمع إلى كتابنا هذا كتاب الاستدراكات التي ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل، مج 3/ 763.

أملاها أبو علي بن عمر الدارقطني عليهما في كتابيهما الصحيحين، فقد جمع علماً كثيراً مما يتعلق بالكتابين، ومتناً صالحاً من العلل، وعلم الحديث. 2 - المعلم بفوائد مسلم: للإمام أبي عبد الله محمد بن علي بن عمر بن محمد التميمي المازري ت 536هـ، مطبوع، حققه فضيلة الشيخ محمد الشاذلي النيفر، المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات، بيت الحكمة. يقع الكتاب في ثلاث مجلدات، وهو أصل في شروح الحديث لكتاب صحيح مسلم، وهو الأصل الثاني الذي اعتنى بروايتي ابن سفيان، وابن ماهان، وما جاء فيه مؤكداً لما ذكره الإمام الجياني في الخلاف بين الروايتين في الأسانيد ولا يتطرق إلى شي جديد من الاختلافات إلا ما ندر مرة أو مرتين. 3 - إكمال المعلم بفوائد مسلم: من تأليف الإمام الحافظ أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي ت 544هـ، طبع أكثر من مرة، وما بين يدي الطبعة الثالثة، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، جمهورية مصر العربية - المنصورة 1426هـ - 2000م بتحقيق الدكتور يحيى إسماعيل، وهو أصل عظيم في شروح الحديث ليس لمسلم فقط، بل حتى الحافظ ابن حجر في فتح الباري يعزو إليه فوائده في الشروح، وأصل في الاهتمام في الروايتين، ضبط فيه ما ذكره شيخاه الجياني والمازري، وزاد عليهما في الاختلافات في المتون، ووجه الروايات توجيهاً عجيباً، وأهم ما يمتاز به هذا الكتاب: أ- يذكر فيه كلام الإمام المازري في المعلم بفوائد مسلم، ويكمل عليه من شرحه. ب- يشرح ما لم يشرحه الإمام المازري إذا سكت عنه. جـ- يرجح بين الروايتين الصحيحتين بمقتضى السياق اللغوي. د- يستفيد من النسخ المغايرة لنسخة مسلم المعتمدة لديه. هـ- إنه شديد العناية ببنية الكلمة، وسلامة معناها. و- يعزو القول إلى قائله سواء في السند، أوالمتن. ز- شديد العناية بضبط المختلف فيه من رجال السند.

حـ- إذا عرض له ما يستوجب التصحيح في السند، عجًّل بالتنبيه عليه قبل الفراغ من الحديث في المتن. هذا ما يخص الروايتين، وما لا يتعلق بهما فهو أكثر من ذلك. 4 - مشارق الأنوار على صحاح الآثار: من تأليف القاضي عياض أيضاً، طبع أكثر من طبعة، الحجرية والحديثة، والأولى أوثق يقع الكتاب في مجلدتين ... كبيرتين، ومنهجه فيه أنه رتب مسائله وفق حروف المعجم ما جعلنا نبذل جهداً في ترتيب مسائل الخلاف وفق ترتيب صحيح مسلم على كتب الأبواب. يذكر فيه ما وقع من اختلافات في ثلاثة أصول في الحديث وهي: "موطأ الإمام مالك، وصحيح البخاري، وصحيح مسلم برواياتها". ثم يخصص كل كتاب على حدة في الحديث عن المسألة الواحدة، ففي مسلم يذكر الخلاف الذي حصل من الرواة عند المغاربة والمشارقة، ليس لابن سفيان وابن ماهان فقط، بل لكل ما يتفرع منهما من روايات، وإن بَعُد في السلسة المغاربية. ذكر في هذا الكتاب أكثر اختلافات النسخ فاق فيها كتب من سبقه، بل يكاد هو الأول في هذا المجال، ويستطرد فيه المعاني اللغوية ليصل إلى مفهومها وغريبها مستفيداً من أهل اللغة والغريب كالفراهيدي، وابن دريد، والخطابي، وغيرهم. 5 - إكمال إكمال المعلم للحافظ محمد بن خلفة الأبي ت 827هـ، ومكمل إكمال المعلم للحافظ محمد بن يوسف السنوسي ت 895هـ، وهما كتابان في شروح الحديث المتأخرة التي يعود شارحها إلى من سبقه من شيوخه المذكورين (¬1)، وهما ضمن سلسلة إسناد المغاربة، وهو يذكر الخلاف بين الروايتين أيضاً، إلا إني استبعدت ذكرهما في دراستي للأسباب الآتية: أ- إنه في عصر متأخر عن جيل من ذكر الاختلافات، وهم: أبو علي الغساني الإمام المازري، والقاضي عياض. ¬

_ (¬1) ينظر تاريخ التراث العربي 1/ 265.

ب- إنها نسخة غير مضبوطة الشكل ومطبوعة بلون غامق أغرق حروفها تقريباً ويصعب ضبط اللفظ كالمبني للمفعول، والمشدد والمخفف ... الخ. جـ- لا توجد لهما زيادة في ذكر الاختلافات، ولا يغيران توجيههما لمن سبقهما. د- تحاشياً للتكرار والإطالة. هـ- انتقلت إلى اختيار كتب شروح الحديث التي اعتنت بالروايتين من جهة المشرق كشرح النووي على صحيح مسلم، ولأسباب أذكرها في الفقرة اللاحقة. 6 - المنهاج شرح النووي على صحيح مسلم بن الحجاج: للإمام الحافظ أبي زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي ت 676هـ. أو ما يعرف الآن بشرح النووي على صحيح مسلم، وهو أسبق كتاب من كتب شروح الحديث أشرق عليه النور ليطبع طبعات عديدة مع صحيح مسلم، وهو أشهر من أن يعرف، وقد اخترته في دراستي للأسباب الآتية: أ- إنه يقارن نسخ أهل المشرق فيما بينهم ثم يقارنها مع أهل المغرب. ب- يعتمد أحياناً على شرح القاضي عياض ونادراً على أقوال الجياني، والمازري، إلا أنه يوجه الشروح بطريقة تختلف عنهم كحديث "إنها إحدى سوآتك يا مقداد" قال القاضي: أي إنها أحد أفعالك السيئة "بسبب الضحك"، وقال النووي: أَيْ إِنَّك فَعَلْت سَوْأَة مِنْ الْفَعَلَات مَا هِيَ؟ فَأَخْبَرَهُ خَبَره، وهذه من معجزات النبوة. جـ- يذكر ستين موضعاً للخلاف بين الروايتين يسمي من خالف بالاسم، وأكثر من ذلك لم يذكر اسم المخالف حسب ما يقتضيه سياق الكلام. د- يصوب الروايات وفق ما ذكره أصحاب الأطراف واللغة. 7 - الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج: من تأليف الإمام عبد الرحمن بن أبي بكر أبو الفضل السيوطي ت 911هـ. يذكر فيه مؤلفه شروحاً بعيدةً عن المسائل الفقهية، والخلافات العقائدية، بل هي في أصل اللغة ومعناها عند العرب مستفيداً من شرح الإمام النووي في الغالب،

وأحياناً إلى جهة المغرب، وكذلك كتب غريب الحديث، وأسباب اختياري هذا الكتاب. أ- يذكر فيه ثلاثين موضعاً خلافياً باسم صاحب الرواية (ابن ماهان) وما لا يذكره فهو محتمل المعنى عنده. ب- يذكر خلافات جديدة غير التي ذكرها من قبله، وله فيها سند كحديث "أهل الثناء والمجد" عند ابن سفيان، و"أهل الثناء والحمد" عند ابن ماهان، ذكر ذلك القاضي والإمام النووي، و"أهل الثناء والمدح" ذكره الإمام السيوطي، وهو سبحانه وتعالى أهل لذلك جميعاً.

الفصل الثاني: الاختلاف في الأسانيد

الفصل الثاني الإختلاف في الأسانيد لوجود الاختلافات في هذا الفصل سأذكر بعد كل دراسة الخلاصة فيه كي يتبين لنا عدد المواضع التي أخطأ بها ابن ماهان وكذا ابن سفيان. 1 - مقدمة الإمام مسلم باب بيان أنَّ الإسناد من الدين وأن الرواية لا تكون إلا عن الثقات وأنَّ جرح الرواة بما هو فيهم جائز، بل واجب وأنه ليس من الغيبة المحرمة، بل من الذبِّ عن الشريعة المكرمة. قال مسلم: وحدثني سلمة (¬1) حدثنا الحميدي (¬2) حدثنا سفيان قال: سمعت جابراً (¬3) يحدث بنحو من ثلاثين ألف حديث ما أستحل أن أذكر منها شيئا، وأن لي كذا وكذا 1/ 12. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: سقط ذكر سلمة بن شبيب بين مسلم والحميدي في نسخة أبي العلاء بن ماهان. والصواب ما رواه أبو أحمد وغيره، كما تقدم لأن مسلماً لم يلق الحميدي (¬4). ¬

_ (¬1) سلمة بن شبيب أبو عبد الرحمن النيسابوري، الحافظ بمكة، عن أبي أسامة، ويزيد، ... وعبد الرزاق، وعنه مسلم والأربعة، والروياني حجة مات 247، الكاشف، 1/ 453. (¬2) عبد الله بن الزبير بن عيسى القرشي الأسدي الحميدي المكي أبو بكر، ثقة حافظ فقيه، أجل أصحاب بن عيينة من العاشرة مات بمكة سنة تسع عشرة، وقيل بعدها قال الحاكم: كان البخاري إذا وجد الحديث عند الحميدي لا يعدوه إلى غيره، تقريب التهذيب، 1/ 303. (¬3) جابر بن يزيد الجعفي الكوفي تركه عبد الرحمن بن مهدي، قال أبو نعيم: مات سنة ثمان وعشرين ومائة، يروي عن القاسم وعطاء قال علي: أراه أبا يزيد قال لي بيان: سمعت يحيى ابن سعيد يقول: تركنا جابر قبل أن يقدم علينا الثوري، وقال لي أبو سعيد الحداد: سمعت يحيى ابن سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد قال: قال الشعبي: ياجابر لا تموت حتى تكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال إسماعيل: فما مضى الأيام والليالي حتى اتهم بالكذب قال: ثنا محمد بن أبان قال: نا غندر، عن شعبة، عن جابر بن يزيد أبي محمد، التاريخ الكبير: (تأليف: الإمام البخاري أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي ت 256هـ)، تحقيق: السيد هاشم الندوي، دار الفكر، د. ط، د. ت، 2/ 210، قال أبو نعيم: قال الثوري: كلما قال فيه جابر: سمعت أو حدثنا، فاشدد يديك به، وما كان سوى ذلك فتوقه، الكاشف، 1/ 288، تقريب التهذيب 1/ 137 وغيرها. (¬4) تقييد المهمل وتمييز المشكل، 3/ 766.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وأكد ذلك الإمام المازري ولم يضف شيئاً (¬1). وقال القاضي عياض: وقوله في كتاب مسلم قوله في الخطبة أول الكتاب نا الحميدي نا سفيان في خبر جابر الجعفي كذا لابن ماهان وهو غلط سقط بين مسلم والحميدي رجل وهو سلمة بن شبيب وكذا رواه الجلودي على الصواب (¬2). ثم قال القاضي: وقال أبو عبد الله بن الحذاء وهو أحد رواة كتاب مسلم: سألت عبد الغني بن سعيد (¬3): هل روى مسلم عن الحميدي؟ فقال: لم أره إلا في هذا الموضوع وما أبعد ذلك، أو يكون سقط قبل الحميدي رجل، وعبد الغني إنما رأى من مسلم نسخة ابن ماهان فلذلك قال ما قال، ولم يكن بعد دخلت نسخة الجلودي، وقد ذكر مسلم قبل هذا: حدثنا سلمة حدثنا الحميدي في حديث آخر كذا هو عند جميعهم وهو الصواب هنا إن شاء الله تعالى (¬4). وأيد الإمام النووي ما قاله القاضي، وصوَّب ما صوَّبوه بإثبات سلمة بن شبيب، وزاد: لم تكن نسخة الجلودى دخلت مصر (¬5). ومسلم لم يلق الحميدي؛ لأن الحميدي حجازي مات بمكة سنة 219هـ، ومسلم نيسابوري ¬

_ (¬1) المعلم بفوائد مسلم: (تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن علي بن عمر المازري ت 536 هـ)، تحقيق: الشيخ محمد الشاذلي النفير، دار التونسية للنشر - تونس والمؤسسة الوطنية للكتاب - الجزائر، ط2، 1987م، 1/ 274، وإكمال المعلم بفوائد مسلم: (تأليف: القاضي عياض أبي الفضل بن موسى بن عياض اليحصبي ت 544هـ)، تحقيق: د. تحيى إسماعيل، دار الوفاء - مصر، ط3، 1426هـ - 2005م، 1/ 144. (¬2) مشارق الأنوارعلى صحاح الآثار 2/ 344. فقوله ابن ماهان: يعني راوي المغاربة، والجُلودي يعني راوي المشارقة عن ابن سفيان عن مسلم وهي الرواية التي تمتاز بعلو الإسناد. (¬3) عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد بن بشر بن مروان، الامام الحافظ الحجة النسابة، محدث الديار المصرية، أبو محمد الازدي المصري، صاحب كتاب "المؤتلف والمختلف" مولده في سنة اثنتين وثلاثين وثلاث مئة، ووفاته تسع وأربع مئة، ينظر سير أعلام النبلاء: (تأليف: محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي أبو عبد الله ت744هـ)، تحقيق: شعيب الأرناؤوط , محمد نعيم العرقسوسي مؤسسة، الرسالة - بيروت، 1413هـ، ط9، 17/ 268 و269 و271. (¬4) إكمال المعلم بفوائد مسلم 1/ 145. (¬5) شرح النووي على صحيح مسلم 1/ 103.

............................................................................................. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ولد في نيسابور سنة 204هـ، فيكون عمره أقل من خمس عشرة سنة، وهو بهذا السن لم تثبت له رحلة إلى مكة بعد، وكذلك الحميدي لم تثبت له رحلة إلى نيسابور، فيظهر أن يكون سقط بينهما رجل، وهو سلمة بن شبيب كما ورد في رواية ابن سفيان لصحيح مسلم من هذا الحديث، والحديث الذي قبله أيضاً، وهو: حدثني سلمة بن شبيب، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، قال: سمعت رجلاً سأل جابراً عن قوله ـ - عز وجل - ـ: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ (80)} يوسف. وخلاصة القول أن مسلماً كانت روايته عن تلاميذ الحميدي كسلمة بن شبيب، وأبي زرعة الرازي، وأحمد بن حنبل وغيرهم، ولم أجد من يشير إلى لقائهما لا من قريب ولا بعيد.

باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان

2 - كتاب الإيمان باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله - سبحانه وتعالى - حدثني زهير بن حرب حدثنا جرير (¬1) عن عمارة وهو ابن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: (سلوني)، فهابوه أن يسألوه، فجاء رجل، فجلس عند ركبتيه، فقال: يا رسول الله ما الإسلام؟! قال: (لا تشرك بالله شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتى الزكاة، وتصوم رمضان). قال: صدقت. قال: يا رسول الله ما الإيمان؟! قال: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتابه، ولقائه، ... ورسله، وتؤمن بالبعث، وتؤمن بالقدر كله). قال: صدقت. قال: يا رسول الله ما الإحسان؟!. قال: (أن تخشى الله كأنك تراه، فإنك إن لا تكن تراه، فإنه يراك). قال: صدقت. قال: يا رسول الله متى تقوم الساعة؟!. قال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل، وسأحدثك عن أشراطها: إذا رأيت المرأة تلد ربها، فذاك من أشراطها، وإذا رأيت الحفاة العراة الصم البكم ملوك الأرض، فذاك من أشراطها، وإذا رأيت رعاء البهم يتطاولون في البنيان، فذاك من أشراطها في خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله)، ثم قرأ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)}] لقمان [. قال: ثم قام الرجل، فقال رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: (ردوه على)، فالتُمِسَ فلم يجدوه، فقال رسول الله ... ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: (هذا جبريل أراد أن تعلموا إذْ لم تسألوا) 1/ 40. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال ابو علي الغساني بعد أن ذكر الحديث: ثم قال مسلم: جرير كنيته أبو عمرو، وأبو زرعة اسمه عبيد الله، وأبو زرعة هذا روى عنه الحسن بن عبيد الله، ¬

_ (¬1) جرير بن عبد الحميد الضبي الرازي: وهو بن عبد الحميد بن جرير بن قرط بن هلال بن أقيش سكن الري كوفى الأصل، ... قال أبو حاتم: ثقة، ينظر الجرح والتعديل، 2/ 505. مات 188، الكاشف 1/ 291، وغيرها، وهو ليس جرير الذي يعنيه مسلم (في زيادة ابن ماهان) وإنما جرير بن عبد الله البجلي ـ - رضي الله عنه - ـ جد أبي زرعة "هرم" وسيأتي.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أبو زرعة كوفي من أشجع، وقال: وقع كلام مسلم هذا في رواية أبي العلاء بن ماهان خاصة، وليس في رواية أبي احمد الجلودي، ولا في رواية الكسائي شيء منه، ثم قال: وبين أهل العلم خلاف في هذه الجملة التي حكيناها عن مسلم. أما قوله: أبو زرعة اسمه عبيد الله. فقد قاله أيضاً في كتاب الطبقات (¬1)، وقال البخاري في تاريخه (¬2) وهو أيضاً في كتاب الكنى (¬3) لمسلم: أبو زرعة هذا اسمه هرم، وخالفهما يحيى بن معين (¬4) فقال: أبو زرعة بن عمرو بن جرير اسمه عمرو بن عمرو، وهكذا ذكره النسائي في الأسماء والكنى من تأليفه، وأما قوله: "أبو زرعة روى عنه الحسن بن عبيد الله" فقد قاله البخاري أيضاً، وقد خولفا في ذلك، فقيل الذي يروي عنه الحسن رجل آخر يروي عن ثابت بن قيس اسمه هرم، قال ذلك علي بن المديني (¬5)، وإليه ذهب أبو محمد بن الجارود في كتاب الكنى (¬6)، فقال في باب أبي زرعة حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، عن قيس بن حفص، نا عبد الواحد، نا الحسن بن عبيد الله نا ابو زرعة هرم، قال: سألت ثابت بن قيس، قال: سألت أبا موسى ... وذكر حديثاً، ثم قال أبو محمد بن الجارود: كتب إليَّ حسين بن محمد قال: قلت لمحمد بن إسماعيل قال لك عليٌّ: أبو زرعة هذا ليس ابن عمرو بن جرير. قال كذا قال، إنما هو أبو زرعة آخر. ¬

_ (¬1) وجدْتُهُ باسم عبد الله، على التكبير في الطبقات: (تأليف: الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري ت261هـ)، قدم له وعلق عليه وصنع فهارسه، أبو عبيدة مشهور بن حسن بن محمود بن سلمان، دار الهجرة للنشر والتوزيع، الرياض - المملمة العربية السعودية، ط1، 1411هـ 1991م، 1/ 315. (¬2) التاريخ الكبير 8/ 243 (¬3) الكنى والأسماء: (تأليف: أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري ت261هـ)، تحقيق: عبد الرحيم محمد أحمد القشقري، الجامعة الإسلامية – المدينة المنورة، ط1، 1404هـ، 1/ 344. (¬4) تاريخ ابن معين - رواية الدوري -: (تأليف: أبو زكريا يحيى بن معين ت233هـ)، تحقيق: د. أحمد محمد نور، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي - مكة المكرمة، ط1، 1399هـ - 1979م، 4/ 291. (¬5) ينظر المعلم بفوائد مسلم 1/ 284، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 1/ 215. (¬6) المصدر نفسه1/ 215.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ثم ذكر أبو محمد بن الجارود ترجمة أخرى فقال: أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة، وروى عنه عمارة بن القعقاع، والحارث العكلي وأبو حيان التيمي، قال يحيى بن معين: أبو زرعة بن عمرو اسمه عمرو بن عمرو. وكذا ذكر النسائي ترجمتين كما فعله ابن الجارود سواء. وأما قوله في رواية ابن ماهان: أبو زرعة كوفي من أشجع، فلا أعلم ما يقول كيف يكون من أشجع، وأبو زرعة الذي في هذا الإسناد هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البَجَلِيِّ؟ وأين تجتمع أشجع وبجيلة؟! إلا أن يريد رجلاً آخر (¬1). وذكر الإمام المازري ما قاله أبو علي الغساني وأيده فيما وقع لمسلم من نسخة ابن ماهان كون جرير كنيته أبو عمرو، وأبو زرعة اسمه عبيد الله، وأنه روى عنه الحسن بن عبيد الله، وأبو زرعة كوفي من أشجع (¬2). وقال القاضي عياض عمَّا ذكره الإمام المازري في المعلم: وهذا نص ما ذكره الحافظ أبو علي الجياني من أوله إلى آخره، وهو الذي كنى عنه ببعضهم، وقد ضمّن القاضي هذا القول في كتابه. إكمال المعلم بفوائد مسلم (¬3). ثم قال القاضي في مشارق الأنوار: "وقوله في حديث الإيمان والإسلام قال مسلم: أبو زرعة كوفي من أشجع اسمه عبيد الله كذا عند كافة شيوخنا وفي بعض النسخ من النخع وكلاهما وهم وكذلك قوله في اسمه عبيد الله وصوابه أن اسمه هرم ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي من بجيلة هذا قول البخاري وقال: يحيى بن معين اسمه عمرو بن عمرو بن جرير وبجيلة لا يجتمع مع أشجع ولا مع النخع" (¬4). ** ففي هذا الحديث ثلاث مسائل: أولها: جرير كنيته أبو عمرو وقد تقدم من هو المقصود بها، وثانيها: من هو أبو زرعة؟ قال الإمام مسلم: اسمه عبيد الله، ¬

_ (¬1) ينظرتقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 768 و769 و770. (¬2) ينظر المعلم بفوائد مسلم 1/ 284، واكمال المعلم بفوائد مسلم 1/ 215. (¬3) المصدر نفسه 1/ 215. (¬4) مشارق الأنوارعلى صحاح الآثار 1/ 71.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هذا ما ذكره ابن ماهان في نسخته، وذكره الإمام مسلم في الطبقات (¬1). وأُختلف في اسمه فقيل عبد الله وقيل عبد الرحمن وقيل عمرو وقيل جرير (¬2). لكن الخلاف ناتج عن كون الأسماء المذكورة هي بالحقيقة ليست له وإنما لأبيه وأعمامه فقد ذكرالإمام ابن حزم: "بنو بُجَيلة ... ومنهم: جرير بن عبد الله بن جابر، وهو السليل، بن مالك بن نصر بن ثعلبة بن جشم بن عويف بن خزيمة بن حرب بن علي بن مالك بن سعد بن نذير بن قسر بن عبقر بن أنمار، صاحب رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) ... وهو الذي جمع بجيلة بعد أن كانوا متفرقين في أحياء العرب؛ وبنوه: عبد الله، وعبيد الله، والمنذر، وإبراهيم، وبشير، بنو جرير بن عبد الله" (¬3)، وكذلك الإمام مسلم في الطبقات (¬4) وجعلهم في طبقة واحدة، ولم يذكر الإمام ابن حزم عمرو بينهم، وذكره ابن حبان (¬5)، وأبوعبد الله الحاكم (¬6)، وابن منجويه (¬7) , فيكون أبو زرعة ابن أحدهم لأن الأمام يحيى بن معين والنسائي قالا: اسمه عمرو بن عمرو ـ وقد تقدم ذكره ـ وهذا ما ذكره أبو علي الغساني أيضاً، وقال ابن عساكر والحافظ المزي: قال الواقدى: كان لجرير ابن يقال له عمرو، وبه كان يكنى، هلك فى إمارة عثمان، فولد عمرو ابنا سماه جريراً باسم أبيه، وغلب عليه أبو زرعة، رأى علياً، وكان انقطاعه إلى أبى هريرة، وسمع من جده أحاديث (¬8). ¬

_ (¬1) الطبقات 1/ 315. (¬2) تهذيب الكمال، 33/ 323، تقريب التهذيب 1/ 641 وغيرها. (¬3) جمهرة أنساب العرب /160 (¬4) ينظر الطبقات 1/ 315. (¬5) الثقات: (تأليف: أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي البستي ت354هـ)، تحقيق: السيد شرف الدين أحمد، دار الفكر، ط1، 1395هـ - 1975م، 5/ 513. (¬6) تسمية من أخرجهم البخاري ومسلم وما انفرد كل واحد منهما: (تأليف: أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن حمدويه النيسابوري الحاكم ت 405هـ)، تحقيق: كمال يوسف الحوت، مؤسسة الكتب الثقافية , دار الجنان - بيروت، ط1، 1407هـ، 1/ 253. (¬7) رجال صحيح مسلم: (تأليف: أبو بكر أحمد بن علي بن منجويه الأصبهاني ت 428هـ)، تحقيق: عبد الله الليثي، دار المعرفة - بيروت، ط1، 1407هـ، 2/ 782. (¬8) تاريخ مدينة دمشق 66/ 241، تهذيب الكمال 33/ 324.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أو يكون ابن عبد الله كما ذكره ابن منده (¬1)، أما الإمام مسلم فقد ذكره بالوجهين في الكنى والأسماء (¬2): ابن جرير فيكون أخوهم لا ابن أحدهم، وفي صحيحه في أسانيد الأحاديث: أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن جرير بن عبدالله كما في حديث الخيل معقود في نواصيها الخير (¬3). وثمة خلاف آخر أبو زرعة اسمه هرم، قال البخاري: "هرم أبو زرعة بن عمرو" (¬4)، وفي الكنى والأسماء للإمام مسلم (¬5): "أبو زرعة "هرم" بن جرير بن عبد الله البجلي"، كما في الخلاف الأول ـ أي أخوهم ـ وكل هذا الخلاف المقصود به واحد لكن يشترك بالإسم نفسه "هرم" آخر، وسبب الخلاف الثاني أن هرم الآخر سمع ثابت بن قيس، وروى عنه الحسن بن عبيد الله ذكر ذلك ابن منده (¬6)، لكن الأول سمع ثابت بن قيس وروى عنه الحسن بن عبيد الله أيضاً وذكرذلك الحافظان ابن منده الأصبهاني والمزي قالا: قال البخاري: حدثنا قيس بن حفص قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا الحسن بن عبيد الله قال حدثنا هرم أبو زرعة قال حدثنا ثابت بن قيس سمع أبا موسى أبردوا بالظهر (¬7)، وقال عقيبة حدثنا عبد الله بن محمد عن إسحاق بن يوسف عن شريك عن عمارة عن أبي زرعة بن عمرو عن أبي هريرة = ¬

_ (¬1) فتح الباب في الكنى والألقاب: (تأليف: أبي عبد الله محمد بن إسحق ابن منده الأصبهاني ... ت 366هـ)، تحقيق: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، مكتبة الكوثر - السعودية - الرياض، ط1، 1417هـ - 1996م، 1/ 335. (¬2) الكنى والأسماء: (تأليف: أبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري ت261هـ)، تحقيق: عبد الرحيم محمد أحمد القشقري، الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة، ط1، 1404هـ، 1/ 344. (¬3) كتاب الإمارة، باب الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، الحديث رقم 97 - (1872) بترقيم محمد فؤاد عبد الباقي. (¬4) التاريخ الكبير 8/ 243، وكنى التاريخ الكبير 1/ 90. (¬5) 1/ 344. (¬6) فتح الباب في الكنى والألقاب 1/ 336. (¬7) ينظرالتاريخ الأوسط: (تأليف: أبو عبدالله محمد بن إبراهيم بن إسماعيل البخاري الجعفي ت256هـ)، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الوعي , مكتبة دار التراث - حلب , القاهرة، 1397هـ - 1977م، ط1، 1/ 233.

باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام

3 - كتاب الإيمان باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام وحدثني ابن نمير حدثنا أبي حدثنا حنظلة قال سمعت عكرمة بن خالد يحدث طاوسا أن رجلا قال لعبدالله بن عمر ألا تغزو؟ فقال إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الإسلام بني على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت 1/ 45*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله قال لي علي: هرم أبو زرعة هذا ليس هو أبو عمرو بن جرير إنما هو أبو زرعة آخر وجدت عند بعضهم هرم أبو زرعة الغلابي ليس بن عمرو بن جرير روى له الجماعة (¬1). وثالثها: كونه كوفي من أشجع، فقد حسم الخلاف القاضي عياض فقال: "وبجيلة لا يجتمع مع أشجع ولا مع النخع" (¬2). وخلاصة القول إنْ عُرف بأيٍّ من هذه الأسماء فكلهم ثقات (¬3). وهذه الزيادة في نسخة ابن ماهان بعضها يتلاءم مع الواقع من حيث اسمه والكنية، وأما كونه من أشجع فإنه لا ينطبق؛ لأن بجيلة لا يجتمع مع أشجع في نسب، والله أعلم إ هـ. * قال أبو علي الغساني: قال مسلم: وحدثنا ابن نمير، قال: نا أبي، قال: نا حنظلة قال: سمعت عكرمة بن خالد (¬4) يحدث طاوسا (¬5) أن رجلا قال لعبد الله بن ¬

_ (¬1) ينظر فتح الباب في الكنى والألقاب 1/ 336، تهذيب الكمال 33/ 325. (¬2) ينظر مشارق الأنوار 1/ 71. (¬3) الثقات 5/ 65، تهذيب الكمال 19/ 17. سير أعلام النبلاء 2/ 531. (¬4) عكرمة بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي قال بن معين وأبو زرعة والنسائي: ثقة، وذكره بن حبان في الثقات، وقال: مات بعد عطاء بن أبي رباح الثقات 5/ 231، قال ابن حجرقلت: ووثقه البخاري تهذيب التهذيب 7/ 230، وهو في التاريخ الكبير7/ 49، وقال ابن سعد: كان ثقة الطبقات الكبرى5/ 475، وينظرالتاريخ الكبير 7/ 49، والكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة 2/ 32، وغيرها، وفي الثقات خالد بن سلمة بن العاص والد عكرمة 4/ 204، فيكون عكرمة بن خالد بن سلمة بن العاص بن ... هشام ... ، وهو غير خالد بن سلمة المعروف بالفأفاء. (¬5) = (5) طاوس بن كيسان الإمام أبو عبد الرحمن اليماني ... وقيل: اسمه ذكوان فلقب فقال ابن معين: لأنه كان طاوس القراء، عن أبي هريرة وابن عباس وعائشة، وعنه الزهري وسليمان التيمي وعبد الله ابنه قال عمرو بن دينار: ما رأيت أحدا مثله قط مات بمكة 106هـ، الكاشف 1/ 153.

.......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عمر: ألا تغزو؟ هكذا أتى مجوَّداً في رواية أبي أحمد الجلودي. وفي نسخة ابن الحذاء عن ابن ماهان: "قال: عكرمة يحدث عن طاوس أن رجلاً قال لعبد الله" فجعل الحديث عن عكرمة عن طاوس، والصحيح ما تقدم من أن عكرمة بن خالد يرويه عن ابن عمر، وحدث به طاوساً، وكذلك رواه أبو زكريا الأشعري عن أبي العلاء بن ماهان (¬1). وقال الإمام المازري: قول حنظلة: سمعت عكرمة بن خالد يحدث طاوساً: أن رجلاً قال لعبد الله بن عمر ألا تغزو، قال الإمام المازري: هكذا أتى مجوداً في رواية الجلودي. وفي نسخة ابن الحذاء عن طريق أبي العلاء: سمعت عكرمة يحدث عن طاوس أن رجلاًً، وهذا وهم والصحيح الأول" (¬2). وقال القاضي عياض: "وفي باب بني الإسلام على خمس سمعت عكرمة عن خالد (¬3) يحدث عن طاوس كذا لابن ماهان (¬4) والصواب ما لغيره يحدث طاوسا بإسقاط عن" (¬5). والإختلاف بين رواية المشارقة والمغاربة في هذا الموضع هو إدخال طاوس في السند فرواية المشارقة مقدرة على الخبر، فكان المحدث عكرمة يملي على ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 770 و771. (¬2) المعلم بفوائد مسلم 1/ 285، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 1/ 227. (¬3) قول القاضي عكرمة عن خالد خطأ، لأن خالد المخزومي والد عكرمة لا تُعرف له رواية عن طاوس أو لم يحدثه شيئاً، والصواب ما جاء في روايتي المشارقة والمغاربة عكرمة بن خالد. ينظر المصادر السابقة، وكذلك في غير مسلم وسيأتي. (¬4) خالف القاضي عياض أبا علي الغساني والإمام المازري، فقال: كذا لابن ماهان، وقالا: في نسخة ابن الحذاء: عن ابن ماهان، والسبب هوإختلاف النسخ، ورواية أبي زكريا الأشعري عن ابن ماهان أيدت الإمامين أبي علي الغساني والإمام المازري، وعلى كل حال كل له سنده المؤدي إلى ما رواه. (¬5) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 91.

.......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ طاوس، ورواية المغاربة عكرمة يحدث عن طاوس فكان طاوس شيخاً لعكرمة يروى عنه، فيكون الإسناد نازلاً، ويؤدي ذلك إلى قلب الأسانيد، بل قالوا في ترجمة طاوس: ذكره حسين الكرابيسي (¬1) في أثناء كلام له انه أخذ عن عكرمة كثيرا من علم ابن عباس وكان يرسله بعد ذلك وهذا يقتضي ان يكون مدلسا قال الحافظ العلائي (¬2): ولم ارَ أحدا وصفه بذلك (¬3)، فعكرمة شيخ لطاوس ولا عكس، ولاأعلم فيما اطلعت عليه من كتب أن عكرمة يحدث عن طاوس إلا في هذا الحديث من طريق المغاربة، والذي نص عليه الأئمة بالوهم، وقول أبي علي الغساني أن عكرمة يرويه عن ابن عمر فهو عند البخاري أيضاً (¬4) والإمام أحمد (¬5)، وابن خزيمة (¬6)، وابن حبان (¬7)، والبيهقي (¬8). فيكون الوهم من ابن ماهان. ¬

_ (¬1) الحسين بن علي بن يزيد الكرابيسي البغدادي الفقيه صاحب الشافعي صدوق فاضل تكلم فيه أحمد لمسألة اللفظ من الحادية عشرة مات سنة خمس أو ثمان وأربعين، تقريب التهذيب 1،167. (¬2) خليل بن كيكلدي الإمام الحافظ الفقيه البارع المفتي صلاح الدين أبو سعيد العلائي الدمشقي الشافعي ولد سنة أربع وتسعين وستمائة 694هـ 1295م، وحفظ كتبا وقرأ وأفاد وانتقى ونظر في الرجال والعلل وتقدم في هذا الشأن مع صحة الذهن وسرعة الفهم سمع من ابن مشرف وست الوزراء والقاضي أبي بكر الدشتي والرضي الطبري وطبقتهم. المعجم المختص بالمحدثين: (تأليف: الذهبي أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز ت744هـ)، تحقيق: د. محمد الحبيب الهيلة، مكتبة الصديق - الطائف، ط 1، 1408هـ، 1/ 92. (¬3) التبيين لأسماء المدلسين: (تأليف: الحلبي إبراهيم بن محمد بن سبط ابن العجمي أبو الوفا الطرابلسي)، تحقيق: محمد إبراهيم داود الموصلي، مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت، ط1، 1414هـ - 1994م، 1/ 116، وينظر جامع التحصيل في احكام المراسيل: (تأليف: العلائي أبي سعيد الحافظ صلاح الدين بن خليل بن كيكلدي ت761هـ)، حققه وقدم له وخرج احاديثه: حمدي عبد المجيد السلفي، عالم الكتب، مكتبة النهضة العربية، ط2،1407هـ - 1986م، ص111. (¬4) صحيح البخاري: كتاب الإيمان، باب الإيمان وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - بني الإسلام على خمس، الحديث رقم 8، 1/ 12. (¬5) مسند الامام احمد بن حنبل: مسند المكثرين، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما -، الحديث رقم 6301، 2/ 143. (¬6) صحيح ابن خزيمة: كتاب الصلاة، خبر عمر بن الخطاب في مسألة جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإسلام، الحديث رقم 308، 1/ 159. (¬7) صحيح ابن حبان: كتاب الإيمان، باب فرض الإيمان، الحديث رقم 158، 1/ 374. (¬8) شعب الإيمان: باب الدليل على أن الإيمان والإسلام على الإطلاق عبارتان عن دين واحد، الحديث رقم 20، 1/ 54.

باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام

3 - كتاب الإيمان باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الاسلام حدثنا أمية بن بسطام العيشي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح (وهو ابن القاسم) عن إسماعيل بن أمية عن يحيى بن عبد الله بن صيفي عن أبي معبد عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذا إلى اليمن قال إنك تقدم على قوم أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموالهم 1/ 50. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: وقع في إسناد هذا الحديث عند ابن ماهان وهم، قال فيه: "عن أبي معبد الجهني (¬1) عن ابن عباس"، وذكر الجهني في نسب أبي معبد وهذا وهم، وأبو معبد في هذا لإسناد هومول ى ابن عباس، واسمه نافذ (¬2). وذكر ذلك الإمام المازري أيضاً وزاد: واسمه نافذ - يعني بالنون والفاء والذال المعجمة - (¬3). ¬

_ (¬1) عبد الله بن عكيم الجهني أبو معبد الكوفي قال: قرئ علينا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأرض جهينة، وروى عن أبي بكر وعمر وحذيفة بن اليمان وعائشة، وعنه زيد بن وهب، ... وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وابنه عيسى بن عبد الرحمن، وأبو فروة مسلم بن سالم الجهني، وهلال الوزان، وأبو شيبة، والقاسم بن مخيمرة، ومسلم البطين. قال الخطيب: سكن الكوفة، وقدم المدائن في حياة حذيفة، وكان ثقة. وقال بن عيينة عن هلال الوزان: حدثنا شيخنا القديم عبد الله بن عكيم، وكان قد أدرك الجاهلية ... قلت: قال البخاري: أدرك زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يعرف له سماع صحيح، وكذا قال أبو نعيم، وقال بن حبان: في الصحابة أدرك زمنه، ولم يسمع منه شيئا، وكذا قال أبو زرعة، وقال بن مندة وأبو نعيم: أدركه ولم يره، وقال البغوي: يشك في سماعه، وقال أبو حاتم أيضا: له سماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - من شاء أدخله في المسند على المجاز، وقال ابن سعد: كان إمام مسجد جهينة، وقال حكاية عن غيره: أنه مات في ولاية الحجاج. سير أعلام النبلاء 2/ 279، وتهذيب التهذيب 5/ 283 بتصرف، وغيرها. (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 775 .. [و] نافذ أبو معبد مولى بن عباس حجازي: روى عن مولاه، وعنه عمرو بن دينار، ويحيى بن عبد الله بن صيفي، وأبو الزبير، وسليمان الأحول، والقاسم بن أبي بزة، وفرات القزاز قال أحمد وابن معين وأبو زرعة: ثقة، وذكره بن حبان في الثقات، وقال الحميدي: عن سفيان، عن عمرو بن دينار، أخبرني أبو معبد، وكان من أصدق موالي ابن عباس، وقال بن سعد: قال محمد بن عمر: مات بالمدينة سنة أربع ومائة، وكان ثقة حسن الحديث، وفيها أرخه غير واحد. تهذيب التهذيب 10/ 361. ... = (¬3) = (3) المعلم بفوائد مسلم 1/ 288 وإكمال المعلم بفوائد مسلم 1/ 329.

.......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وأيد القاضي عياض ما ذكره كل من: أبي علي الغساني والإمام المازري (¬1)، وكذلك أيدهم الإمام النووي وأضاف: "قال عمرو بن دينار: كان من أصدق موالى ابن عباس - رضى الله عنهما ـ" (¬2). وخلاصة القول أن الوهم الحاصل في إسناد هذا الحديث بسبب الإشتراك في الكنى، قال الإمام الذهبي: "يحيى بن عبد الله بن صيفي عن أبي معبد" (¬3) ولم ... ينسبه، فعبد الله بن عُكَيْم بالتصغير وهو الجهني، ونافذ مولى ابن عباس، كلاهما أبو معبد إلا أن ابا معبد الذي يروي عن ابن عباس وعنه يحيى بن عبد الله بن صيفي هو مولى ابن عباس، لأنهم مدنيون، وأبو معبد عبد الله بن عُكَيْم كوفي ولم يعرف له سماع من ابن عباس ولا يعرف ليحيى بن عبد الله بن صيفي سماع من أبي معبد ... عبد الله بن عُكَيْم، فيكون الوهم من ابن ماهان. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار 1/ 174. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 1/ 196. (¬3) ينظر الكاشف 2/ 370.

باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله

4 - كتاب الإيمان باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث، وحدثنا محمد بن رمح (واللفظ متقارب) أخبرنا الليث، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، عن المقداد بن الأسود أنه أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة فقال أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تقتله قال فقلت يا رسول الله إنه قد قطع يدي ثم قال ذلك بعد أن قطعها أفأقتله؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال. حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد قالا أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر؛ وحدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، وحدثنا محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج جمعا، عن الزهري بهذا الإسناد أما الأوزاعي وابن جريج ففي حديثهما قال: أسلمت لله كما قال الليث في حديثه وأما معمر ففي حديثه (فلما أهويت لأقتله قال: لا إله إلا الله) 1/ 95*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * قال أبو علي الغساني: "في باب نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتل مَنْ قال لا إله إلاالله، ذكر فيه حديث الزهري عن عطاء بن يزيد عن عبيد الله بن عدي بن الخيار عن المقداد أنه أخبره قال: يا رسول الله أرأيت ... الحديث، من رواية الليث بن سعد ومعمر وابن جريج ويونس بن يزيد، عن الزهري، ثم قال في عقبه: انا إسحاق بن موسى، قال انا الوليد بن مسلم (¬1) عن الأوزاعي عن الزهري بمثل ما تقدم. ثم قال: قال أبو مسعود الدمشقي: وليس هذا بمعروف عن الوليد بهذا الإسناد، ¬

_ (¬1) الوليد بن مسلم الحافظ أبو العباس، عالم أهل الشام، عن يحيى الذماري، وثور بن يزيد، وعنه أحمد، وإسحاق، ودحيم، قال بن المديني: ما رأيت من الشاميين مثله، وقال ابن ... جوصا: كنا نسمع أنه من كتب مصنفات الوليد صلح للقضاء، وهي سبعون كتابا. قلت: كان مدلسا فينتقى من حديثه ما قال فيه "عن"، مات 195 الكاشف 2/ 355، ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية من الثامنة، تقريب التهذيب، وترجمته في التاريخ الكبير 8/ 152، الثقات 9/ 222، وغيرها.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن عطاء بن يزيد عن عبيد الله، وفيه خلاف على الوليد والأوزاعي. انتهى كلام أبي مسعود، لم يزد. ثم قال: ولم يقع إسناد حديث الأوزاعي في أصل ابن ماهان، وقد بين أبو الحسن الدارقطني في كتاب العلل (¬1) هذا الخلاف الذي ذكره أبو مسعود، فذكر أن الأوزاعي يرويه عن إبراهيم بن مرة، واختلف عنه: فرواه أبو إسحاق الفزاري، ومحمد بن شعيب، ومحمد بن حِمير، والوليد بن مزيد، عن الأوزاعي، عن إبراهيم بن مرة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، عن المقداد، لم يذكروا فيه عطاء بن يزيد. قال: واختلف على الوليد بن مسلم، فرواه أبو الوليد القرشي، عن الوليد، عن الأوزاعي والليث بن سعد، عن الزهري، عن عبيد الله بن عدي، عن المقداد , ولم يذكر عطاء بن يزيد، وأسقط إبراهيم بن مرة، وخالفه عيسى بن مساور , فرواه عن الوليد، عن الأوزاعي، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبيد الله بن عدي، عن المقداد , ولم يذكر فيه إبراهيم بن مرة , وجعل مكان عطاء بن يزيد، حميد بن ... عبد الرحمن. ورواه الفريابي عن الأوزاعي، عن إبراهيم بن مرة، عن الزهري مرسلاً، عن المقداد. ثم قال: والصحيح في إسناد هذا الحديث ما ذكر مسلم أولاً من رواية الليث ومعمر ويونس وابن جريج، وتابعهم صالح بن كيسان" (¬2). قال القاضي عياض: "وفي حديث المقداد: انا إسحاق بن إبراهيم، وعبد بن حميد، انا عبد الرزاق، انا معمر، وانا إسحاق بن موسى الأنصاري، انا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، كذا للجلودي سقط سند الأوزاعي عند ابن ماهان: وهو حديث اختلف فيه عن الأوزاعي، فلعله أسقط في هذه الرواية" (¬3). ¬

_ (¬1) لم أجده في كتاب العلل للدارقطني المطبوع. (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 777 و778 و779. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 344.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ثم أكد القاضي ما قاله أبو علي الغساني من إختلاف في هذا الحديث كونه وقع لرواية المشارقة سند الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، ولم يكن هذا السند في رواية المغاربة، وذكر العلة التي أوردها الدارقطني فيه، وكذلك أبو مسعود الدمشقي في الأطراف (¬1). وكذلك الإمام النووي أورد في شرحه لصحيح مسلم هذا الخلاف وقال: "وَاعْلَمْ أَنَّ فِي إِسْنَاد بَعْض رِوَايَات هَذَا الْحَدِيث مَا أَنْكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْره، وذكر العلة المذكورة. وذكر أيضاً ما ذكره أبو علي الغساني، والقاضي عياض مِنْ كون رِوَايَة اللَّيْث وَمَعْمَر وَيُونُس وَابْن جُرَيْج، وَتَابَعَهُمْ صَالِح اِبْن كَيْسَانَ هو الصحيح. ثم قال: قُلْت: وَحَاصِل هَذَا الْخِلَاف، وَالِاضْطِرَاب إِنَّمَا هُوَ فِي رِوَايَة الْوَلِيد بْن مُسْلِم، عَنْ الْأَوْزَاعِيّ، وَأَمَّا رِوَايَة اللَّيْث وَمَعْمَر وَيُونُس وَابْن جُرَيْج، فَلَا شَكَّ فِي صِحَّتهَا. وَهَذِهِ الرِّوَايَات هِيَ الْمُسْتَقِلَّة بِالْعَمَلِ وَعَلَيْهَا الِاعْتِمَاد. وَأَمَّا رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ فَذَكَرَهَا مُتَابَعَة، وَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدهمْ أَنَّ الْمُتَابَعَات يُحْتَمَل فِيهَا مَا فِيهِ نَوْع ضَعْف لِكَوْنِهَا لَا اِعْتِمَاد عَلَيْهَا إِنَّمَا هِيَ لِمُجَرَّدِ الِاسْتِئْنَاس؛ فَالْحَاصِل أَنَّ هَذَا الِاضْطِرَاب الَّذِي فِي رِوَايَة الْوَلِيد، عَنْ الْأَوْزَاعِيّ لَا يَقْدَح فِي صِحَّة أَصْل هَذَا الْحَدِيث، فَلَا خِلَاف فِي صِحَّتِهِ" (¬2). وسبب الخلاف في هذا الحديث هو: هل يروي هذا الحديث الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، ثم إن كان يرويه عنه، فما صحته؟، ثم هل هو هذا السبب آلذي جعل الحديث في هذا السند يسقط عند ابن ماهان؟ هذه هي محاور هذا الحديث. أما الأول: فالوليد بن مسلم روى أحاديث كثيرة عن الأوزاعي، ويكاد يكون وريثه العلمي في مسائله الفقهية، أوصلها البعض إلى ثلاثين الف حديث، فلا يمتنع أن يرويه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي. ... = ¬

_ (¬1) إكمال المعلم بفوائد مسلم 1/ 367. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 105.

باب التيمم

5 - كتاب الحيض باب التيمم قال مسلم وروى الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن عمير مولى ابن عباس أنه سمعه يقول أقبلت أنا وعبد الرحمن بن يسار مولى ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى دخلنا على أبي الجهم بن الحارث ابن الصمة الأنصاري فقال ... أبو الجهم أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه السلام. 1/ 281.* ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = وأما الثاني: إن صحة الحديث من حيث أن الوليد بن مسلم مدلساً وفيه ضعف من حيث عموم رواياته إلاّ إنه في الأوزاعي ثقة (¬1) قال احمد بن أبي الحواري: قال ابن مروان بن محمد: إذا كتبت حديث الاوزاعي عن الوليد بن مسلم، فما تبالي من فاتك، وقال لي عباس بن وليد الخلال: قال لي مروان بن محمد: كان الوليد بن مسلم عالماً بحديث الاوزاعي. واما الثالث: فسبب سقطه في رواية ابن ماهان هو بسبب السماع مما يعني أن رواية ابن ماهان حدث بها الإمام مسلم مرة أخرى فحذف منها رواية الوليد عن الأوزاعي كما هي عادة المحدثين أنهم يحدثون بكتبهم فيرون أن ترفع بعض رواياتهم وهذا أيضا يكون فيه تعدد النسخ وتعدد الرواة فيكون الخلاف في مثل هذا هو تعدد المجالس وبالتالي اختلاف الروايات عند التلاميذ والله أعلم. وخلاصة القول أن الكلام حول رواية المشارقة؛ لأن رواية ابن ماهان خلت منها وهذا يدل على سماع النسخة من الإمام مسلم مرة أخرى، والله أعلم. * قال أبو علي الغساني: هكذا وقع في النسخ عن أبي أحمد الجلودي والكسائي، وعند ابن ماهان: "أقبلت أنا وعبد الرحمن بن يسار" وهو خطأ، ¬

_ (¬1) تهذيب الكمال في أسماء الرجال 31/ 92.

.......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ والمحفوظ "أقبلت أنا وعبد الله بن يسار"، وكذلك رواه البخاري (¬1) عن ابن بكير عن الليث "أقبلت أنا وعبد الله بن يسار" وهذا الحديث ذكره مسلم مقطوعاً، وقد حدَّثَناه حكم بن محمد، قال: انا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج، قال: انا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدّولابي، قال: انا الربيع بن سليمان المرادي، قال: انا شعيب بن الليث بن سعد عن أبيه عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن عمير مولى ابن عباس أنه سمِعَه يقول: "أقبلت أنا وعبد الرحمن بن يسار مولى ميمونة"، حتى دخلنا على أبي الجهم بن الحارث ابن الصمة الأنصاري، فقال أبو الجهم: أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نحو بِئْر جَمَلٍ، فَلَقِيَه رجلٌ فسلم عليه فلم يَرُدَّ عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليه حتى أقبل على الجدار، فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه السلام. قال أبو علي: قد أورد مسلم بن الحجاج في كتابه أحاديث يسيرة مقطوعة منها هذا الحديث الذي ذكرناه، وهو أوّلها (¬2). وأكد هذا القول الإمام المازري (¬3). وقال القاضي عياض: روايتنا فيه من طريق السمرقندي، عن الفارسي، عن الجلودي فيما حدثنا به أبو بحر عنه عبد الله بن يسار على ما ذكره، وكذلك قاله النسائي (¬4) وأبو داود (¬5) وغيرهما من الحفاظ وهو أخو عبد الرحمن هذا الآخر، قال البخاري في تاريخه: عبد الله بن يسار مولى ميمونة أخو عبد الملك وعطاء (¬6). ثم قال القاضي: وفي التيمم دخلنا على أبي الجهم كذا في جميع نسخ مسلم ¬

_ (¬1) صحيح البخاري: كتاب التيمم، باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة، الحديث رقم330، 1/ 129. (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 799. (¬3) المعلم بفوائد مسلم 1/ 385، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 2/ 223. (¬4) سنن النسائي الكبرى: كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر، الحديث رقم 307، 1/ 135. والسنن الصغرى (المجتبى): كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر، الحديث رقم 311، 1/ 165. (¬5) سنن أبي داود: كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر، الحديث رقم 329، 1/ 142. (¬6) إكمال المعلم بفوائد مسلم 2/ 223 و224.

.......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قالوا: صوابه أبو الجهيم بالتصغير وكذا كناه البخاري ومسلم والنسائي وأبو داوود وهو عبد الله بن جهيم سماه وكيع وعبد الرزاق يقول فيه أبو جهيم (¬1). وقال الامام النووي: قَوْله: (وَرَوَى اللَّيْث بْن سَعْد عَنْ جَعْفَر بْن رَبِيعَة) هَكَذَا وَقَعَ فِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ جَمِيع الرِّوَايَات مُنْقَطِعًا بَيْن مُسْلِم وَاللَّيْث، وَهَذَا النَّوْع يُسَمَّى مُعَلَّقًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانه وَإِيضَاح هَذَا الْحَدِيث وَغَيْره مِمَّا فِي مَعْنَاهُ فِي الْفُصُول السَّابِقَة فِي مُقَدِّمَة الْكِتَاب، وَذَكَرْنَا أَنَّ فِي صَحِيح مُسْلِم أَرْبَعَة عَشَرَ أَوْ اِثْنَيْ عَشَرَ حَدِيثًا مُنْقَطِعَة هَكَذَا وَبَيَّنَّاهَا وَاَللَّه أَعْلَم. قَوْله فِي حَدِيث اللَّيْث هَذَا: (أَقْبَلْت أَنَا وَعَبْد الرَّحْمَن بْن يَسَار مَوْلَى مَيْمُونَة) هَكَذَا هُوَ فِي أُصُول صَحِيح مُسْلِم قَالَ أَبُو عَلِيّ الْغَسَّانِيّ وَجَمِيع الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَسَانِيد مُسْلِم: قَوْله عَبْد الرَّحْمَن خَطَأ صَرِيح، وَصَوَابه عَبْد اللَّه بْن يَسَار، وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيّ وَغَيْرهمْ عَلَى الصَّوَاب، فَقَالُوا: عَبْد اللَّه بْن يَسَار، وذكر ما قَاله الْقَاضِي عِيَاض. قَوْله: (دَخَلْنَا عَلَى أَبِي الْجَهْم بْن الْحَارِث بْن الصِّمَّة)، أَمَّا الصِّمَّة: فَبِكَسْرِ الصَّاد الْمُهْمَلَة وَتَشْدِيد الْمِيم، وَأَمَّا (أَبُو الْجَهْم): فَبِفَتْحِ الْجِيم وَبَعْدهَا هَاء سَاكِنَة، هَكَذَا هُوَ فِي مُسْلِم، وَهُوَ غَلَط، وَصَوَابه مَا وَقَعَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ وَغَيْره (أَبُو الْجُهَيْم) بِضَمِّ الْجِيم وَفَتْح الْهَاء وَزِيَادَة يَاء، هَذَا هُوَ الْمَشْهُور فِي كُتُب الْأَسْمَاء، وَكَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِم فِي كِتَابه فِي أَسْمَاء الرِّجَال، وَالْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه (¬2)، وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيّ وَغَيْرهمْ، وَكُلّ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فِي الْأَسْمَاء وَالْكُنَى وَغَيْرهمَا. وَاسْم أَبِي الْجُهَيْم عَبْد اللَّه كَذَا سَمَّاه مُسْلِم فِي كِتَاب الْكُنَى (¬3)، وَكَذَا سَمَّاهُ أَيْضًا غَيْره وَاَللَّه أَعْلَم (¬4) ُ ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار 1/ 172 و173. (¬2) كنى التاريخ الكبير 1/ 20. (¬3) الكنى والأسماء 1/ 195. (¬4) شرح النووي على صحيح مسلم2/ 85.

.......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فالحديث فيه ثلاث مسائل أولها: من هو أبو الجهم، وثانيها: كون الحديث منقطعاً، وثالثها: قوله في الحديث عبد الرحمن ولا بأس أن أُبيِّنَ كل منها وإن كان أبو الجهم لا خلاف فيه بين الروايتين لكن الخلاف فيه في غير مسلم وكالآتي: فأبو جهيم (¬1) بالتصغير بن الحارث بن الصمة بكسر المهملة وتشديد الميم بن عمرو الأنصاري قيل اسمه عبد الله وقد ينسب لجده وقيل هو عبد الله بن جهيم بن الحارث بن الصمة وقيل اسمه الحارث بن الصمة وقيل هو آخر غيره صحابي معروف وهو بن أخت أبي بن كعب بقي إلى خلافة معاوية. ولكن اختلف في ضبطه أبو جهم بالتكبير أو التصغير قال ابن عبد البر: فمنهم من يقول أبو الجهيم ومنهم من يقول أبو الجهم بن الحارث بن الصمة (¬2). لذلك نجد من يذكره في الأسانيد بالتصغير كالبخاري وقد سبق تخريجه، والنسائي (¬3)، والإمام أحمد (¬4)، وابن الجارود (¬5)، وابن خزيمة (¬6)، وابن أبي اصم (¬7)، وابن حبان (¬8)، والدارقطني (¬9)، وأبي نعيم (¬10)، والبيهقي (¬11). ومنهم من ذكره على التكبير كأبي داود (¬12)، وأبو عوانة (¬13). ¬

_ (¬1) ينظرالكاشف 2/ 417، وتقريب التهذيب 1/ 629. وغيرها (¬2) الاستيعاب 4/ 1625. (¬3) السنن الكبرى: كتاب الطهارة، باب كيف التيمم، الحدييث رقم 935، 1/ 41. (¬4) مسند الامام احمد بن حنبل: مسند الشاميين، حديث أبي جُهَيْم بن الحارث ابن الصمة ... - رضي الله عنه -، الحديث رقم 16883، 35/ 418 (¬5) المنتقى: كتاب الطهارة، باب التيمم، الحديث رقم 127، 1/ 41. (¬6) صحيح ابن خزيمة: كتاب الوضوء، باب جماع أبواب التيمم عند الإعواز من الماء في ... السفر ... ، الحديث رقم 277، 2/ 5. (¬7) الاحاد والمثاني: حديث أبو الجهيم الأنصاري - رضي الله عنه -، الحديث رقم 2175، 4/ 193. (¬8) صحيح ابن حبان: كتاب الرقائق، باب الأذكار، الحديث رقم 806، 4/ 102. (¬9) سنن الدارقطني: كتاب الطهارة، باب التيمم، الحديث رقم 3، 1/ 176. (¬10) معرفة الصحابة: باب الجيم، أبو الجهم بن الحارث بن الصمة الأنصاري، وقيل أبو الجهيم ... وقال مسلم بن الحجاج اسمه: عبد الله بن جهيم، الحديث رقم 6111، 19، 466. (¬11) معرفة السنن والآثار: باب التيمم، الحديث رقم 419، 1/ 491. (¬12) سنن أبي داود: كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر، الحديث رقم 329، 1/ 132. ... = (¬13) = (13) مستخرج أبي عوانة: مبتدأ كتاب الطهارة، بيان إباحة التيمم بالجدار في الحضر ... ، الحديث رقم 681، 2/ 281.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ومنهم من ذكره بالوجهين كالنسائي (¬1). وقول القاضي عياض في المشارق "وهو عبد الله بن جهيم سماه وكيع، ... وعبد الرزاق يقول فيه أبو جهيم"، فكلاهما صحيح فهو أبو جهيم عبد الله بن جهيم ذكر ذلك ابن منجويه (¬2)، وأبو الفتح الأزدي الموصلي (¬3). فهو يعرف بكنيته أكثر مما يعرف باسمه، والصواب أبو جهيم ذكر ذلك القاضي عياض (¬4). وأيده الإمام النووي (¬5). ويشترك في هذه الكنية على التكبير صحابي آخر وهو: عامر بن حذيفة القرشي أبو الجهم العدوى له صحبة (¬6)، وقد قيل: إن اسم أبى جهم عبيد بن حذيفة بن غانم، لم يقع فيه خلاف في روايتي ابن ماهان وابن سفيان، وعلى التصغير ذكره السمرقندي، أحد رواة صحيح مسلم من طريق المشارقة عن "ابن سفيان"، قال ذلك القاضي عياض، وهو خطأ، وحديثه في صحيح مسلم: "وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبي بكر بن أبي الجهم بن صخير العدوي قال: سمعت فاطمة بنت قيس تقول: إن زوجها طلقها ثلاثا فلم يجعل لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكنى، ولا نفقة قالت: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إذا حللت فآذنيني)، فآذنته فخطبها معاوية، وأبو جهم، وأسامة بن زيد، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أما معاوية فرجل ترب لا مال له، وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء، ولكن أسامة بن زيد) فقالت: بيدها هكذا أسامة أسامة، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: طاعة الله، ¬

_ (¬1) تقدم، وكذلك في السنن الكبرى: كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر، الحديث رقم 307، 1/ 135، وفي السنن الصغرى "المجتبى": كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر، الحديث رقم 311، 1/ 165. (¬2) رجال مسلم 1/ 346. (¬3) أسماء من يعرف بكنيته 1/ 36. (¬4) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 172. (¬5) شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 85. (¬6) الثقات 3/ 291.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وطاعة رسوله خير لك، قالت: فتزوجته فاغتبطت" (¬1). ونبه عليه الإمام النووي فقال: وَهُوَ غَيْر أَبِي الْجَهْم الْمَذْكُور فِي حَدِيث الْخَمِيصَة وَالْأَنْبِجَانِيَّة، ذَلِكَ بِفَتْحِ الْجِيم بِغَيْرِ يَاء، وَاسْمه عَامِر بْن حُذَيْفَة بْن غَانِم الْقُرَشِيّ الْعَدَوِيُّ مِنْ بَنِي عَدِيّ بْن كَعْب (¬2)، أي فرق بين عبد الله بن الحارث أبو جهيم وعَامِر بْن حُذَيْفَة أبو الجهم. وقول أئمة الحديث من المغاربة: قد أورد مسلم بن الحجاج في كتابه أحاديث يسيرة مقطوعة منها هذا الحديث الذي ذكرناه ـ بلغت أربعة عشر حديثاً ـ، وهو أوّلها، فهم يطلقون هذا المصطلح على كل حديث سقط منه راوٍ، أو أكثر في أي ماكن من السند سواء في أوله أو وسطه أو آخره، وسنرى أنه يُقصد به المنقطع، ويندرج تحته: المعلق، والمنقطع، والمعضل، والمرسل والمدلس ... وغيرها، أو لم يذكر الراوي باسمه "أي على الإبهام". ويجب التنبيه إلى أن ما وقع منها عند مسلم لا يعني عدم الإحتجاج به؛ لأنها من أقسام الضعيف، بل هي متصلة الأسانيد عند الأئمة كالبخاري والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة وغيرهم، وهذا الحديث الذي نحن بصدده هو يسمى معلقاً، فالمعلق (¬3): هو ما حذف من مبتدأ إسناده واحد أو أكثر ... وفي مسلم في موضع واحد في التميم حيث قال: وروى الليث بن سعد، فذكر حديث أبي الجهم بن الحرث بن الصمة: "أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نحو بئر جمل الحديث ... "، ـ وهو حديثنا هنا -. وهذا ما ذكره الإمام الحافظ رشيد الدين أبي الحسين يحيى بن علي بن عبد الله القرشي المصري العطار المالكي فقال: ذكر الإمام أبو عبد الله محمد بن علي التميمي المازري ـ رحمه الله ـ في كتابه المسمى بالمعلم، ونص على أنها وقعت في كتاب] مسلم أحاديث [مقطوعة الأسانيد، وعدها أربعة عشر حديثا، ونبه على أكثرها في مواضعها من كتابه، إلا أنه لم يبين ¬

_ (¬1) كتاب الطلاق ... ، باب المطلقة البائن لا نفقة لها، الحديث رقم 1480، 2/ 1114. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 85. (¬3) ينظر تدريب الراوي 1/ 117.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صفة انقطاعها، ولا ذكر من وصلها كلها من أئمة الرواة، فربما توهم الناظر في كتابه ممن ليس له عناية بالحديث ولا معرفة بجمع طرقه أنها من الأحاديث التي لا تتصل بوجه ولا يصح الاحتجاج بها لانقطاعها، ... هي متصلة كلها والحمد لله من الوجوه الثابتة التي نوردها فيما بعد إن شاء الله ـ وهذا القول الذي قاله الإمام أبو ... عبد الله المازري ـ إنما أخذه فيما قيل من كلام الحافظ أبي علي الغساني الأندلسي، فإنه جمعها قبله، وعدها كذلك أيضا إلا أنه نبه على اتصال بعضها، ولم يستوعب ذلك في جميعها ولعل المازري ـ رحمه الله ـ إنما ترك التنبيه على اتصالها لاكتفائه بما ذكره أبو علي الحافظ، على أنهما قد خُولفا في إطلاق تسمية المقطوع ... على أحاديث منها، ولم يسلَّم لهما ذلك فيها على ما يأتي بيانه في موضعه ـ إن شاء الله ـ، ... وسميت من وصلها من الثقات المعتمد على قولهم في هذا الشأن، ومن أخرجها في كتبه من أئمة الحديث، الحديث الأول: قال الإمام أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري - رحمه الله - في كتاب الطهارة: وروى الليث بن سعد، عن جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن ابن هرمز، عن عمير مولى ابن عباس، أنه سمعه يقول: أقبلت أنا وعبد الرحمن ابن يسار مولى ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى دخلنا على أبي الجهم بن الحارث بن الصمة الأنصاري، فقال أبو الجهم: "أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه" قلت: هكذا أخرجه مسلم في صحيحه مقطوعا، وهو حديث صحيح ثابت متصل في كتاب البخاري، وغيره من حديث الإمام أبي الحارث الليث ابن سعد بن عبد الرحمن المصري الفقيه، عن جعفر بن ربيعة بن شرحبيل المصري أخرجه الأئمة الثقات البخاري (¬1)، وأبو داود (¬2) ¬

_ (¬1) صحيح البخاري: كتاب التيمم، باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة، الحديث رقم 330، 1/ 129. (¬2) سنن أبي داود: كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر، الحديث رقم 329، 1/ 132.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ والنسائي (¬1) في مصنفاتهم متصلا من حديثه، فرواه البخاري: عن يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي المصري عنه ـ وابن بكير هذا من شرط مسلم - فإنه احتج بحديثه، وروى عن أبي زرعة الرازي، وعن غير واحد عنه، ورواه أبو داود: عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد، عن أبيه عن جده، وعبد الملك هذا من ثقات المصريين روى عنه مسلم في صحيحه عدة أحاديث من روايته عن أبيه عن جده، ورواه النسائي: عن الربيع بن سليمان، عن شعيب بن الليث بن سعد، عن أبيه، والربيع بن سليمان هذا هو: المرادي صاحب الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ مشهور من ثقات المصريين وأكابرهم. وقوله: عبد الرحمن بن يسار، فقد اتفقت روايتا المشارقة والمغاربة فيه الإ السمرقندي، فذكره كما ذكر البخاري وغيره، باسم عبد الله بن يسار ذكر ذلك أبوعلي الغساني والمازري (¬2) وقالا: هو خطأ والصحيح ما رواه البخاري وغيره، قال صاحب غررالفوائد المجموعة: "أقبلت أنا وعبد الرحمن بن يسار"، وصوابه عبد الله بن يسار كما أوردناه من صحيح البخاري آنفا، وكذلك هو في كتابي أبي داود والنسائي أيضا عبد الله بن يسار على الصواب، وهو أخو عطاء وسليمان وعبد الملك بني يسار مولى ميمونة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬3)، وتقدم تخريج الحديث سابقاً. وحاصل القول أن رواية ابن ماهان فيها وهم إذ ذكر عبد الرحمن بن يسار والصواب عبد الله، والله أعلم. ¬

_ (¬1) سنن الكبرى كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر، الحديث رقم 307، 1/ 135. والسنن الصغرى "المجتبى": كتاب الطهارة، باب التيمم في الحضر، الحديث رقم 311، 1/ 165. (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 799، وينظر المعلم بفوائد مسلم 1/ 385، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 2/ 223. (¬3) ينظر غرر الفوائد المجموعة ص115 ـ 119. بتصرف.

باب الصلاة على النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بعد التشهد

6 - كتاب الصلاة باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد التشهد حدثنا محمد بن بكار (¬1) حدثنا إسماعيل بن زكرياء عن الأعمش وعن مسعر وعن مالك بن مغول كلهم عن الحكم بهذا الإسناد مثله غير أنه قال وبارك على محمد ولم يقل اللهم 1/ 305. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: قد أورد مسلم بن الحجاج في كتابه أحاديث يسيرة مقطوعة ... ومنها في كتاب الصلاة في باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال مسلم: انا صاحب لنا، قال إسماعيل بن زكريا، عن الأعمش وهو حديث كعب بن عُجْرَة: ألا أهدي لك هدية في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. هكذا في نسخة أبي العلاء بن ماهان , وروايةُ أبي أحمد الجلودي عن إبراهيم عن مسلم: "انا محمد بن بكار، قال: انا إسماعيل بن زكريا، عن الأعمش". هكذا سماه أبو أحمد وجوده (¬2). قال الامام المازري: "وقع في باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث مقطوع الإسناد (¬3)، وذكر ما ذكره أبو علي الغساني عن وقوع لفظ "نا صاحب لنا" في نسخة أبي العلاء بن ماهان وفي رواية ابن سفيان "نا محمد بن بكار" (¬4). قال القاضي عياض: هذا قول الجبائي، وهو مذهب الحاكم أبي عبد الله (¬5)، والصواب الا يعد في المقطوع، وإنما يعد في المقطوع ما ترك فيه اسم رجل قبل ¬

_ (¬1) محمد بن بكار بن الريان عن فليح وطبقته وعنه مسلم وأبو داود والبغوي والسراج وخلق وثقوه مات 238 الكاشف 2/ 159، روى عن إسماعيل بن زكريا في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وغيرها رجال مسلم 2/ 167وينظر الثقات 9/ 88، وسير أعلام النبلاء 11/ 112 و113، وغيرها (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 799. (¬3) يعرف المنقطع: بأنه ما لم يتصل إسناده على أي وجه كان انقطاعه وأكثر ما يستعمل في رواية من دون التابعي عن الصحابي وقيل هو ما اختل منه رجل قبل التابعي محذوفا كان أو مبهماً كرجل، تدريب الراوي 1/ 207 و208، ولذلك قالوا في هذا الحديث منقطع والأولى أن يقال مبهم كما سيأتي. (¬4) المعلم بفوائد مسلم 1/ 396. وإكمال المعلم بفوائد مسلم 305 و306. (¬5) ينظرمعرفة علوم الحديث: (تأليف: الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري ت405هـ)، تحقيق: السيد معظم حسين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، 1397هـ -1977م، 1/ 70.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التابعي وأرسل قبله على عرف أهل الصنعة، وإلا فكله مرسل، والمنقطع نوع من المرسل ... والأولى بمثل هذا الحديث أن يعد في مجهول الراوي (¬1)؛ لأنه لم ينقطع له سند، وإنما جهل اسم راويه كما لو جهل حاله وهو قول أئمة هذا الشأن (¬2). ثم قال القاضي عياض: وفي باب الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - انا محمد بن بكار، انا إسماعيل بن زكرياء، عن الأعمش كذا لهم، وعند ابن ماهان: انا صاحب لنا انا سماعيل بن زكرياء (¬3). وهذا ما اكده الإمام النووي (¬4). فالراوي المبهم في نسخة ابن ماهان هو محمد بن بكار كما جاء صراحة في رواية المشارقة، وهو ثقة، فلا يطعن بها لأن المبهم قد تعيَّن، وإنَّ بعض أئمة الحديث (¬5) تسامحوا في الأسانيد التي يقع فيها تعيين المبهمات وصح أصلها، ومن باب الإعتذار لرواية ابن ماهان فقد يصح أن يقال: عبارة "صاحب لنا" توثيقية للراوي والصحبة ظاهرة المعنى، فالصاحب يختار مثله ليصحبه، فاقتضى الحال انه موثق كما ان الامام مسلماً وحسبك به كأنه يقول محمد بن بكار صاحبنا فعرَّف به، ومرة أُخرى يعرف به محمد بن بكار بن الريان في صحيحه (¬6) لتمييزه عن البصري. ¬

_ (¬1) نوع الجهالة هنا على الإبهام، فالمبهم: هو ما لم يذكر الراوي باسمه كأن يقول حدثنا "فلان" أو "شيخ"، قال الإمام السيوطي: إن كان المبهم في الإسناد فمعرفته تفيد ثقته أو ضعفه ليحكم للحديث بالصحة أو غيرها، ويُعْرَفُ المبهمُ بوروده مسمى في بعض الروايات، وذلك واضح وبتنصيص أهل السير على كثير منهم وربما استدلوا بورود حديث آخر أسند لذلك الراوي المبهم، تدريب الراوي 2/ 343. (¬2) إكمال المعلم بفوائد مسلم 2/ 306. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 345. (¬4) شرح النووي على صحيح مسلم 1/ 17. ذكره الإمام النووي في مقدمة الكتاب وموضعه في باب الصلاة ولم يعلق عليه هناك. (¬5) ينظر النكت على مقدمة ابن الصلاح 2/ 322. (¬6) كتاب الإيمان، باب بيان قول النبي - صلى الله عليه وسلم - سباب المسلم فسوق وقتاله كفر الحديث رقم 116 - (64)، 1/ 81، وغيره.

باب الذكر بعد الصلاة

7 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب الذكر بعد الصلاة حدثنا زهير بن حرب حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو (¬1) قال: أخبرني أبو معبد (ثم أنكره بعد) عن ابن عباس قال: كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتكبير 1/ 410. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: ومن باب التكبير بعد انقضاء الصلاة قال مسلم: حدثني زهير بن حرب، قال: سفيان بن عيينة، عن عمرو قال: أخبرني بذا أبو معبد عن ابن عباس قال: كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتكبير. في نسخة أبي العلاء بن ماهان: "سفيان بن عيينة عن عمرو قال: أخبرني جدي أبو معبد". هكذا في نسخة الأشعري وابن الحذاء عن ابن ماهان. وقوله "جدي" تصحيف (¬2) وإنما صوابه: "أخبرني بذا" يريد "بهذا" وليس لعمرو بن دينار جد يروي عنه. وأبو معبد هو نافذ مولى ابن عباس , وعمرو بن دينار أبو محمد مولى باذام , وكان من الأبناء من فرس اليمن (¬3). قال الامام المازري: ذكر مسلم في باب التكبير بعد انقضاء الصلاة قال: "انا زهير عن ابن عيينة عن عمرو أخبرني به أبو معبد عن ابن عباس" الحديث في نسخة ابن ماهان "ابن عيينة عن عمرو أخبرني جدي أبو معبد" هكذا في نسخة الأشعري وابن الحذاء عن ابن ماهان (¬4). وقوله "جدي" تصحيف. وإنما صوابه "أخبرني بذا" يريد بهذا وليس لعمرو بن دينار جدٌّ يروي عنه. وأبو معبد هو نافذ مولى ابن عباس. وعمرو بن دينار هو ¬

_ (¬1) عمرو بن دينار الأثرم مولى بنى باذان من مذحج وكان باذان عامل كسرى على اليمن كنيته أبو محمد من متقنى التابعين وأهل الفضل في الدين كان مولده سنة ست وأربعين ومات سنة ست وعشرين ومائة، وكان ثقة ثقة ثقة، الجرح والتعديل 6/ 231، الثقات 5/ 167، ومشاهير الأمصار 1/ 84، التعديل والتجريح 3/ 971، وغيرها. (¬2) التصحيف هو: ما غير في نقطه وهو نوعان تصحيف سماع وتصحيف كتابة، ينظر تدريب الراوي 2/ 194. (¬3) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 816. (¬4) المعلم بفوائد مسلم 1/ 423. إكمال المعلم بفوائد مسلم 2/ 534.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أبو محمد مولى باذام وكان من الأبناء من فرس اليمن. قال القاضي عياض: روايتنا فيه عن شيوخنا (بذا) على الصواب كما ذكر، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي معبد مولى ابن عباس، وذكر الحديث، وذكره الخطابي من حديث ابن جريج كذلك (¬1). ثم قال القاضي: في باب حديث كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتكبير انا سفيان بن عيينة انا عمرو قال أخبرني بذا أبو معبد كذا لرواة ابن سفيان وعند ابن ماهان أخبرني جدي أبو معبد وهو وهم ليس لعمرو بن دينار جد يروى عنه وإنما هو مولى من الأبناء وأبو معبد هذا الذي حدث عنه هو نافذ مولى ابن عباس بفاء وذال معجمة (¬2). وقد تقدم الحديث عن نافذ مولى ابن عباس، وكثيراً ما يروي عنه عمرو بن دينار (¬3)، ولا يعرف له جد يكنى أبو معبد يروي عنه، ولا غير أبو معبد، وغالب الظن أن جد عمرو بن دينار مات قبل دخول الإسلام اليمن، هذا إن كان قد عاش في اليمن، أما إن كان عاش في بلاد فارس فلم يدخل الإسلام أصلاً، لتأخر إسلامهم والله أعلم، وعبارة الأئمة "ليس لعمرو بن دينار جد يروى عنه" تدل على ما ذهبنا إليه كما لم تشر المصادر إلى ان اباه من رواة الحديث، الخلاصة: وقع تصحيف في رواية المغاربة كما نص عليه الأئمة، وقد جاءت الرواية عن المشارقة أخبرني بذا، وهذا يستقيم مع سير كلام عمرو بن دينار، أي أخبرني بهذا الحديث، وعلى الصواب رواه الحميدي (¬4)، وأبو يعلى (¬5)، الطبراني (¬6). ¬

_ (¬1) إكمال المعلم بفوائد مسلم 2/ 534 و535. (¬2) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 82. (¬3) ينظر التاريخ الكبير 8/ 132، تهذيب التهذيب 10/ 361، وغيرها. (¬4) مسند الحميدي، أحاديث بن عباس - رضي الله عنه -، الحديث رقم 480، 1، 225. (¬5) مسند أبي يعلى، أول مسند ابن عباس، الحديث رقم، 2392، 4/ 279. (¬6) المعجم الكبير، باب العين، أحاديث عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ... ، الحديث رقم 12200، 11/ 424.

باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر

8 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا ابن أبي عدي (¬1) عن سعيد (¬2) عن قتادة بهذا الإسناد، وقال بيوتهم وقبورهم، ولم يشك 1/ 436. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: وفي باب شغلونا عن الصلاة الوسطى انا محمد بن مثنى انا ابن أبي عدي عن سعيد كذا لأكثرهم وعند الخشنى وبعض الرواة عن شعبة (¬3) وهي رواية ابن ماهان (¬4). وهذا الحديث من الأحاديث التي تعددت طرقه ورواته فابن أبي عدي يروي عن سعيد بن أبي عروبة، وشعبة (¬5)، فلا يمتنع أن تكون كلا الروايتين صحيحة من طريق المشارقة والمغاربة، وأن الإمام مسلم روى الحديث الذي قبل هذا الحديث عن شعبة، وكذلك يرويه عن شعبةَ محمدُ بن جعفر، وابن أبي عدي، ووكيع، ... وعبيد الله بن معاذ عن أبيه، من طريق علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، عند مسلم بالحديثين السابقين، والحديث الذي بعده (¬6)، والنسائي (¬7) من طريق خالد بن الحارث ¬

_ (¬1) محمد بن أبي عدي هو محمد بن إبراهيم مولى لبني سليم أبو عمرو مات سنة أربع وتسعين ومائة سمع بن عون وشعبة وابن إسحاق ويقال القسملي لأنه نزل القساملة قال لي عمرو بن علي حدثنا محمد مولى بني سليم أبو عمرو. التاريخ الكبير 1/ 23. (¬2) سعيد بن أبي عروبة مهران أبو النضر اليشكري مولاهم أحد الأعلام عن الحسن ومحمد وأبي رجاء العطاردي وقتادة وعنه شعبة والقطان وغندر قال أحمد كان يحفظ لم يكن له كتاب وقال بن معين هو من أثبتهم في قتادة وقال أبو حاتم هو قبل أن يختلط ثقة توفي 156 ع الكاشف 1/ 441. (¬3) شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي مولاهم أبو بسطام الواسطي ثم البصري ثقة حافظ متقن كان الثوري يقول هو أمير المؤمنين في الحديث وهو أول من فتش بالعراق عن الرجال وذب عن السنة وكان عابدا من السابعة مات سنة ستين، تقريب التهذيب 1/ 266. (¬4) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 238. (¬5) ينظر رجال مسلم 2/ 164، ورجال صحيح البخاري 2/ 637، وغيرها. (¬6) الحديث رقم 627، 1/ 436. (¬7) السنن الكبرى: كتاب الصلاة الأول، باب تأويل قوله جل ثناؤه {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] وذكر الاختلاف في الصلاة الوسطى، الحديث رقم 359، 1/ 152.

.......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عن شعبة، ورواه الإمام أحمد (¬1) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة، وأبو داود الطيالسي (¬2)، ورواه أبو يعلى (¬3) من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة، وابن أبي الجعد (¬4) من طريق شعبة، ورواه البزار (¬5)، من طريق عاصم بن علي. ومن طريق سعيد بن أبي عروبة، رواه الإمام مسلم بالمتابعة وهو ما نحن بصدده، ورواه الإمام أحمد (¬6) من طريق محمد بن أبي عدي، عن سعيد. ورواه أبو يعلى (¬7)، من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن سعيد. ومن غير شعبة وسعيد من طريق علي، ومن غيرهم طرقاً أخرى، بمجموعها يصل إلى أكثر من أربعين طريقاً. ولم يبين القاضي عياض الوهم ما يعني كلاهما صحيح لكثرة طرقه، لكن نرى رواة هذا الحديث عن شعبة أكثر عدداً ممن روى عن سعيد ما يجعل الرواية الأولى هي الأصل والثانية متابعة، وقد روى ابن ماهان حديث آخر جعل شعبة مكان سعيد سيأتي في سبي أوطاس ولم يبين فيه أحد من الأئمة الوهم أيضاً. قال الحافظ المزي (¬8): قال أبو بكر بن أبي خيثمة عن يحيى بن معين: أثبت الناس في قتادة سعيد بن أبي عروبة وهشام الدستوائي وشعبة فمن حدثك من هؤلاء الثلاثة بحديث يعني. عن قتادة فلا تبالي أن لا تسمعه من غيره، ولما كانا ثقتان لا يضر بدل أحدهما مكان الآخر. ¬

_ (¬1) مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، الحديث رقم 1150، 1/ 137، والحديث رقم 1287، 1/ 150، والحديث رقم 1305، 1/ 152. (¬2) مسند أبي داود الطيالسي، أحاديث علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، الحديث رقم 94، 1/ 16. (¬3) مسند أبي يعلى، مسند علي بن أبي طالب، الحديث رقم 388، 1/ 313. (¬4) مسند ابن الجعد، شعبة عن قتادة عن أبي حسان الأعرج، الحديث رقم 982، 1/ 154. (¬5) مسند البزار: مسند علي بن أبي طالب، مما رواه عبيدة السلماني عن علي، الحديث رقم 555، 2، 178. (¬6) مسند الامام احمد بن حنبل: مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب ... - رضي الله عنه -، الحديث رقم 591، 1/ 79. (¬7) مسند أبي يعلى، مسند علي بن أبي طالب، الحديث رقم 384، 1/ 311. (¬8) تهذيب الكمال 11/ 9.

باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر

9 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر وحدثني أبو الطاهر وعمرو بن سواد قالا أخبرنا ابن وهب حدثني جابر بن إسماعيل عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا عجل عليه السفر يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء حين يغيب الشفق 1/ 489. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: قال مسلم: حدثني أبو الطاهر وعمرو بن سواد قالا أخبرنا ابن وهب حدثني جابر بن إسماعيل (¬1) عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا عجل به السير (¬2) يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر. هكذا روي هذا الاسناد مجوداً، وفي نسخة أبي العلاء بن ماهان: "أخبرنا ابن وهب، حدثني إسماعيل، عن عقيل". وهذا وهم، إنما هو جابر بن إسماعيل، شيخ لابن وهب، مصري. ووقع في بعض النسخ أيضاً: "ابن وهب عن حاتم بن إسماعيل" (¬3) ¬

_ (¬1) جابر بن إسماعيل الحضرمي أبو عباد المصري روى عن حيي بن عبد الله المعافري وعقيل بن خالد الأيلي روى عنه عبد الله بن وهب ذكره أبو حاتم بن حبان في كتاب الثقات روى له البخاري في الأدب والباقون سوى الترمذي تهذيب الكمال 4/ 434، قال البخاري يعد في المصريين ينظر التاريخ الكبير 2/ 203، الجرح والتعديل 2/ 501، وينظر الكاشف 1/ 287، وفي تقريب التهذيب مقبول من الثامنة 1/ 136. (¬2) حديث إذا عجل به السير ليس هذا إسناده، وإنما في الحديث الذي قبله عند ابن ماهان من طريق يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر ... إكمال المعلم بفوائد مسلم باب جواز الجمع بين الصلاتين في السفر، الحديث رقم 42 ـ (703)، 3/ 30 و32. وعبارة محقق كتاب تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 820، جاءت عن هذا الحديث الذي لا وهم فيه، وجاء بشاهد، وهو قول الإمام النووي: هكذا هو في الأصول: "عجل عليه" وهو بمعنى"عجل به" في الروايات الباقية، شرح النووي على صحيح مسلم 5/ 215، وإنما هي تخص الحديث الثاني - وهو ما نحن بصدده - ولا علاقة بينهما، ولم يشر أحد ممن سبق إلى موضع هذا الخلاف، ووقع كلام أبي علي الغساني على الحديث قبله، وليس هو الموضوع المقصود. (¬3) حاتم بن إسماعيل المدني أبو إسماعيل الحارثي مولاهم روى عن يحيى بن سعيد الأنصاري ويزيد بن أبي عبيد وهشام بن عروة والجعيد بن عبد الرحمن وأبي صخر الخراط وأفلح بن حميد وبشر بن رافع وخثيم بن عراك وأبي واقد صالح بن محمد بن زائدة ومحمد بن يوسف بن أخت النمر ومعاوية بن أبي مزرد وموسى بن عقبة وشريك بن عبد الله القاضي وغيرهم 2/ 110، = = وينظر التاريخ الكبير2/ 77. وفي تقريب التهذيب صحيح الكتاب صدوق يهم من الثامنة مات سنة ست أو سبع وثمانين , وغيرها.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وليس بشيء (¬1). وأيد الامام المازري ما قاله أبو علي الغساني (¬2). وقال القاضي عياض: وفي باب الجمع بين الصلاتين في حديث أنس نا ابن وهب نا حاتم بن إسماعيل كذا للجلودي وعند ابن ماهان نا إسماعيل وكلاهما وهم ولم تختلف النسخ في هذا إلا أن في بعضها مصلحا نا جابر بن إسماعيل وكذا كان في كتاب شيخنا القاضي التميمي وهو الصواب وكذا أصلحه الجياني وكذا ذكره الدمشقي وهو عند أبي داود (¬3) والنسائي (¬4) وكان في كتاب ابن أبي جعفر نا ابن إسماعيل دون اسم فحذف الاسم للوهم المتقدم فيه والله أعلم (¬5). ثم قال القاضي: وروايتنا فيه من طريق الجلودي: حاتم بن إسماعيل، ومن طريق ابن ماهان: إسماعيل، كذا عند جميع شيوخنا عن العذري، والسمرقندي وابن الحذاء وسائر رواة الجلودي، وابن ماهان، إلا أنه في كتاب شيخنا القاضي التميمي رواية ابن الحذاء بخط ابن العسال عن جابر بن إسماعيل بغير خلاف على الصواب، وفي كتاب شيخنا أبي محمد الخشني: حدثنا ابن إسماعيل، دون ... اسم، فطرح الاسم لأجل الوهم وأبقى النسب الصحيح ليسلم من الوهم في اسم ابن إسماعيل، والصواب جابر وكذا صوبه الجياني، وأبو علي الحافظ وكذا ذكره الدمشقي، وأبو داود والنسائي في حديث ابن شهاب، وقال البخاري (¬6): جابر بن ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 820. (¬2) المعلم بفوائد مسلم 1/ 447، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 3/ 38. (¬3) سنن أبي داود: كتاب الصلاة , باب الجمع بين الصلاتين الحديث رقم 1217 , 1/ 388. (¬4) سنن النسائي: كتاب المواقيت باب الوقت الذي يجمع فيه المسافر بين المغرب والعشاء الحديث رقم 594 و595 و 596، 1/ 287 وباب الحال التي يجمع فيها بين الصلاتين الحديث رقم 598 و599 و600، 1/ 289. (¬5) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 172. (¬6) ينظر التاريخ الكبير 2/ 203.

.......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إسماعيل يعد في المصريين عن عقيل، روى عنه ابن وهب (¬1). وقال الامام النووي: وقوله (أي مسلم) حدثني أبو الطاهر وعمرو بن سواد قالا أخبرنا بن وهب قال حدثني جابر بن إسماعيل عن عقيل هكذا ضبطناه ووقع في رواياتنا وروايات اهل بلادنا جابر بن إسماعيل بالجيم والباء الموحدة ووقع في بعض نسخ بلادنا حاتم بن إسماعيل وكذا وقع لبعض رواة المغاربة وهو غلط والصواب باتفاقهم جابر بالجيم وهو جابر بن إسماعيل الحضرمي المصري قوله في هذه الرواية إذا عجل عليه السفر هكذا هو في الأصول عجل عليه وهو بمعنى عجل به في الروايات الباقية (¬2). فالروايات وَرَدَت بإسقاط جابر ولربما كان لفظ - ابن إسماعيل - يُعهد به إلى جابر بن إسماعيل لذا وجد لفظ "ابن إسماعيل" في بعض النسخ، ومنها أسقطت لفظة "ابن" أو جاء الخطأ بلفظ حاتم بدلاً من جابر وكل منهما ابن إسماعيل، قال: أبو علي الغساني، والإمام المازري (¬3) جابر بن إسماعيل مصري شيخ لابن وهب. وقد ذكر بعض مؤلفي كتب التراجم (¬4) أن ابن وهب يروي عن جابر بن إسماعيل وهما مصريان، ولم أجد من يقول ابن وهب عن حاتم إلا بالإشارة وهو ما كنى البعض (¬5) به "وخلق كثير" أو "وغيرهم"، وحاتم بن إسماعيل مدني أصله كوفي (¬6)، ... وابن وهب رحل إلى المدينة وسمع الإمامَ مالكَ من سنة 148هـ حتى وفاته (¬7)، ومن المعلوم وفاة الإمام مالك سنة 179هـ، ووفاة حاتم بن إسماعيل سنة 186 أو ¬

_ (¬1) إكمال المعلم بفوائد مسلم 3/ 38 و39. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 5/ 215. (¬3) مصدران سابقان. (¬4) الثقات 8/ 163 و346، والجرح والتعديل 2/ 501 و5/ 189، تقريب التهذيب 1/ 136 و328، وغيرها. (¬5) تذكرة الحفاظ 1/ 304، وتهذيب التهذيب 6/ 65، وغيرها. (¬6) مصدر السابق 6/ 65. (¬7) ينظر الطبقات الكبرى: (تأليف: محمد بن سعد بن منيع أبو عبد الله البصري الزهري، دار صادر - بيروت) 6/ 66.

.......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 187 - هـ (¬1)، ووفاة عبد الله بن وهب سنة 197هـ (¬2)، وقيل قبل ذلك، فَهُما متعاصران وإمكان اللقاء والسماع بينهما قريب جداً، بل وجدت في شرح معاني الآثار للإمام الطحاوي ابن وهب، عن حاتم، عن عيسى بن أبي عيسى (¬3)، والأخيران كوفيان رحلا إلى المدينة وماتا فيها، وتتبعت هذا السند فوجدت حاتم هو ابن إسماعيل، وهي الرواية الوحيدة التي رويت عن ابن وهب، عن حاتم، والله أعلم، فلا يمنع أنْ يكون هذا الحديث مروي من طريق أخر، وهو ما وجد عند البعض، وعلى الرغم من أن جابر وحاتم كلاهما روى عنهما ابن وهب إلا أن ما جاء عند البخاري (¬4)، وابو داود (¬5)، والترمذي (¬6) والنسائي (¬7) يجعل يجعل رواية جابر هي الصواب. ¬

_ (¬1) تهذيب التهذيب 2/ 110. (¬2) الكاشف 1/ 606. (¬3) كتاب الكراهة، باب استقبال القبلة بالفروج للغائط والبول الحديث رقم 6118، 4/ 236. (¬4) صحيح البخاري: أبواب تقصير الصلاة باب الجمع في السفر بين المغرب والعشاء الحديث رقم 1055 , 1/ 373، وأبواب العمرة، باب المسافر إذا جد به السير يعجل إلى أهله الحديث رقم 1711 , 2/ 639 , وكتاب الجهاد والسير باب السرعة في السير الحديث رقم 2838 , 3/ 1093. (¬5) سبق تخريج الحديث. (¬6) سنن الترمذي: أبواب السفر، باب [ما جاء] في الجمع بين الصلاتين الحديث رقم 555 , 2/ 441. (¬7) سبق تخريج الحديث ايضاً.

باب الجمع بين الصلاتين في الحضر

10 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الجمع بين الصلاتين في الحضر حدثنا يحيى بن حبيب حدثنا خالد (يعني ابن الحارث) حدثنا قرة بن خالد حدثنا أبو الزبير حدثنا عامر بن واثلة أبو الطفيل (¬1) حدثنا معاذ بن جبل قال: جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء قال فقلت ما حمله على ذلك؟ قال فقال أراد أن لا يحرج أمته 1/ 490. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: حديث يرويه قرّة بن خالد السدوسي عن أبي الزبير المكي قال: نا عمرو بن واثلة أبو الطفيل، قال: نا معاذ بن جبل جمع رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر. هكذا أتى هذا الإسناد: "أبو الطفيل عَمْرو بن واثلة"، والمشهور المحفوظ في اسم أبي الطفيل "عامر" لا "عمرو"، وإنما أتى هذا من قبل عن أبي الزبير. ثم قال أبو علي: وقد حكى مسلم بن الحجاج في كتاب "التمييز" (¬2) من تأليفه أن معمر بن راشد أيضاً حدّث به الزهري، فقال: "عن أبي الطفيل عمرو بن واثلة". قال مسلم: ومعلوم عند عوامّ اهل العلم أن اسم أبي الطفيل عامر لا عمروٌ. وذكر البخاري هذا الذي ذكره مسلم في "التاريخ الأوسط" (¬3)، وقد نبه البخاري على هذا في "تاريخه الكبير" (¬4)، فقال: أبو الطفيل اسمه عامر بن واثلة، وقال بعضهم عمرو. وفي إسناد آخر في حديث لأبي الطفيل في كتاب الحج من طريق قتادة عن أبي الطفيل البكري (¬5). ¬

_ (¬1) أبو الطفيل عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش ويقال: جهيش بن جدي بن سعد بن ليث بن بكر عبد مناة بن علي بن كنانة الكناني ثم الليثي رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو شاب، وحفظ عنه أحاديث، الإصابة 7/ 230. (¬2) المقدمة 1/ 3. (¬3) 1/ 252. (¬4) 6/ 446. (¬5) الحديث في كتاب الحج، باب استحباب استلام الركنين اليمانيين في الطواف دون الركنين الآخرين، 247 - (1269) وحدثني أبو الطاهر أخبرنا ابن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث = = أن قتادة بن دعامة حدثه، أن أبا الطفيل البكري حدثه، أنه سمع ابن عباس يقول: لم أرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلم غير الركنين اليمانيين 2/ 925.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وأكثر ما يأتي في نسبه "الليثي" (¬1)، من بني ليث بن بكر بن عبد مناة، ومن قال: "البكري" نسبه إلى بكر بن عبد مناة بن كنانة , وليس من بكر بن وائل (¬2). وذكر ذلك الامام المازري أيضاً (¬3). وقال القاضي عياض: عامر على المشهور وقعت روايتنا فيه عن عامة شيوخنا في الكتاب من طريقي مسلم، وقد ذكر مسلم في الأم عن زهير عن أبي الزبير وسماه عامراً بغير خلاف (¬4). ثم قال القاضي: في الجمع بين الصلاتين من رواية يحيى بن حبيب نا عمرو بن واثلة وهو أبو الطفيل يعد في الصحابة كذا عند ابن ماهان والسمرقندي في اسمه عمرو وعند غيرهما عامر بن واثلة ووهم بعضهم الرواية الأولى والقولان معروفان حكاهما البخاري في تاريخه ومسلم في تمييزه قال ومعلوم أن اسمه عامر لا عمرو، وقال أبو علي الغساني الحافظ الوهم فيه من الراوي عن أبي الزبير والمعروف عامر (¬5). وقال الامام النووي: قَوْله: (حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْل عَامِر بْن وَاثِلَة قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذ) هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ (عَامِر بْن وَاثِلَة) وَكَذَا هُوَ فِي بَعْض نُسَخ بِلَادنَا، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ جُمْهُور رُوَاة صَحِيح مُسْلِم، وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ عَمْرو بْن وَاثِلَة، وَكَذَا وَقَعَ فِي كَثِير مِنْ أُصُول بِلَادنَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَة الثَّانِيَة. وَأَمَّا الرِّوَايَة الْأُولَى لِمُسْلِمٍ: عَنْ أَحْمَد بْن عَبْد اللَّه عَنْ زُهَيْر عَنْ أَبِي الزُّبَيْر عَنْ أَبِي الطُّفَيْل عَامِر فَهُوَ عَامِر بِاتِّفَاقِ ¬

_ (¬1) يعرف في ثلاثة ألقاب وهي: الليثي والبكري والكناني، فالليثي نسبة ألى ليث بن بكر، والبكري نسبة إلى بكر بن عبد مناف والد ليث، والكناني نسبة إلى كنانة بن خزيمة جد بكر بن عبد مناف، ينظر كتاب الأنساب، للسمعاني 1/ 385، والأنساب المتفقة، لابن القيسراني 1/ 5، جمهرة أنساب العرب 1/ 82. (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 820 و821. (¬3) إكمال المعلم بفوائد مسلم 3/ 39 و40. (¬4) المصدر نفسه. (¬5) مشارق الأنوار 2/ 115.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الرُّوَاة هُنَا، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة، وَالْمَشْهُور فِي أَبِي الطُّفَيْل عَامِر، وَقِيلَ عَمْرو، وَمِمَّنْ حَكَى الْخِلَاف فِيهِ الْبُخَارِيّ فِي تَارِيخه وَغَيْره مِنْ الْأَئِمَّة، وَالْمُعْتَمَد الْمَعْرُوف عَامِر. وَاللَّهُ أَعْلَم (¬1). فبالرغم من نقل بعض أهل العلم الوجهين في اسمه إلا أن الإمام مسلما (¬2) أعتبر من يسميه عمرو خطأ ونسب الخطأ إلى بعض من سماه عمرو، كنعمان بن راشد، فقال: "إعلم أرشدك الله إن الذي يدور به معرفة الخطأ في رواية ناقل الحديث - إذا هم اختلفوا فيه - من جهتين أحدهما: أن ينقل الناقل حديثاً بإسناد فينسب رجلاً مشهوراً بنسب في إسناد خبره خلاف نسبته التي هي نسبته أو يسميه باسم سوى اسمه، فيكون خطأ ذلك غير خفي على أهل العلم حين يرد عليهم، كنعمان بن راشد حيث حدث عن الزهري، فقال: عن أبي الطفيل عمرو بن واثلة. ومعلوم عند عوام أهل العلم أن اسم أبي الطفيل: عامر لا عمرو". ولا يفوتنا ان ابا علي الغساني قد نبه إلى أن الوهم من قرة بن خالد السدوسي الراوي عن أبي الزبير بقوله: "وانما اتى هذا من قبل الراوي عن أبي الزبير" - المذكور في سند هذا الحديث -. الخلاصة: وكأن ابن ماهان جعل عمرواً وعامراً واحداً مستنداً إلى ما قاله البخاري. والله أعلم. ¬

_ (¬1) شرح النووي على صحيح مسلم 3/ 21. (¬2) كتاب التمييز المقدمة 1/ 3.

باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح

11 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب ما روي فيمن نام الليل أجمع حتى أصبح وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن عقيل عن الزهري عن علي بن حسين أن الحسين بن علي حدثه عن علي بن أبي طالب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طرقه وفاطمة فقال: ألا تصلون؟ فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قلت له ذلك ثم سمعته وهو مدبر يضرب فخذه ويقول وكان الإنسان أكثر شيء جدلا 1/ 537. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي االغساني: قال مسلم وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن عقيل عن الزهري عن علي بن حسين أن الحسين بن علي حدثه عن علي بن أبي طالب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طرقه وفاطمة فقال ألا تصلون؟ ... "وذكر بقية الحديث، قال الدارقطني: "كذا رواه مسلم عن قتيبة أن الحسن بن علي وقد تابعه على ذلك إبراهيم ابن نصر النهاوندي (¬1) والحنيني (¬2)، وخالفهم أبو عبد الرحمن النسائي والسراج (¬3) وموسى بن هارون عن قتيبة قالوا: "إن الحسين بن علي" .. وقال أبو صالح كاتب الليث وحجين ابن المثنى عن الليث: "أن الحسن بن علي". ويقال: إنه كان هكذا في كتاب الليث فقيل له: إن الصواب "الحسين بن علي"، فرجع إلى الصواب. وكذلك ¬

_ (¬1) إبراهيم بن نصر بن عبد العزيز النهاوندي أبو إسحاق وكان رازيا نزل نهاوند فنسب إليها روى عن أبي نعيم الفضل بن دكين ومحمد بن كثير وشيوخ الكوفة والبصرة التدوين في أخبار قزوين للإمام عبد الكريم عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني ت 623هـ، 2/ 130، وينظر الثقات 8/ 89. (¬2) إسحاق بن إبراهيم الحنيني المدني نزيل طرسوس عن أسامة بن زيد بن أسلم وسفيان الثوري وكثير بن عبد الله المزني ومالك وجماعة وعنه علي بن ميمون الرقي ومحمد بن عون الطائي وأبو الأحوص محمد بن الهيثم وفهد بن سليمان المصري أحمد بن إسحاق الخشاب قال البخاري في حديثه نظر وقال النسائي ليس بثقة وقال ابن عدي ضعيف تاريخ الإسلام 15/ 62. لم يروي عنه مسلم في الصحيح وله متابعة في هذا الحديث كما قال الدارقطني. (¬3) محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران بن عبد الله الثقفي، مولاهم أبو العباس السراج، أحد الأئمة الثقات الحفاظ، مولده سنة ثمان عشرة ومائتين، سمع قتيبة واسحق بن راهوية وخلقا كثيرا من أهل خراسان وبغداد والكوفة والبصرة والحجاز، وقد حدث عنه البخاري ومسلم وهما أكبر منه، وأقدم ميلادا ووفاة، وله مصنفات كثيرة نافعة جدا، وذكروفاته في سنة 313هـ، البداية والنهاية 11/ 153.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ رواه يحيى بن بكير ويونس المؤدب وأبو النَّضْرهاشم عن الليث، فقالوا: "الحسين بن علي" وكذلك رواه ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري على الصواب وكذلك قال أصحاب الزهري منهم صالح بن كيسان وابن جريج وإسحاق بن راشد ومحمد بن أبي عتيق وابن أبي أنيسة وغيرهم عن الزهري عن علي بن حسين عن أبيه عن علي (¬1). وكذلك وقع في نسخة إبي أحمد الجلودي: "الزهري عن علي بن حسين عن أبيه عن". وفي نسخة أبي العلاء بن ماهان: "عقيل عن الزهري عن علي بن حسين بن علي عن علي بن أبي طالب". هكذا روي عنه وأسقط من الإسناد رجلاً قاله عنه أبو زكرياء الأشعري وأبو العلاء بن الحذاء. والصواب ماتقدم (¬2). واكد ذلك الامام المازري (¬3). وقال القاضي: "في كتاب ابن الحذاء: "الحسن" وذكر أبو الحسن الدارقطني أن معمراً أرسله عن الزهري عن علي بن حسين قال: وكذلك قال مسعد عن عقبة بن قيس عن علي بن حسين مرسلاً وصوّب قول من قال: عن علي بن حسين عن أبيه عن علي. قال: وكان في كتاب الليث: الحسن، فقيل له: إنما هو الحسين فرجع إليه، وقال موسى بن هارون: وكان في كتاب قتيبة: الحسن" (¬4). ثم قال القاضي: عن علي بن حسين أن الحسين بن علي حدثه عن علي كذا رواية مسلم فيه عندنا للجلودي وعند ابن الحذاء عن ابن ماهان أن الحسن قال الدارقطني كذا رواية مسلم فيه وتابعه عليه الأكثر وبعضهم قال أن الحسين ابن علي حدثه وهو قول أصحاب الزهري واختلف فيه عن الليث، قال القاضي - رحمه الله - سقط من رواية ابن ماهان من غير طريق ابن الحذاء الحرف كله وعنده عن علي بن ¬

_ (¬1) الإلزامات والتتبع: (تأليف: الدارقطني أبي الحسن علي بن عمربن أحمد بن مهدي ت385هـ)، دراسة وتحقيق: أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، ط2، 1405هـ ـ 1985م، ص282. (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 824. (¬3) المعلم 1/ 457 وإكمال المعلم 3/ 140. (¬4) المصدر نفسه.

................................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الحسين بن علي حدثه أن عليا وهو وهم صريح (¬1). ففي الحديث إختلافان الأول: مَنْ حَدَّثَ علياً بن الحسين؟، والثاني سقط من السند رجلٌ في الرواية الثانية. أما عن الخلاف الأول فقال الدارقطني: وقد تابعه ـ يعني مسلماً ـ على ذلك إبراهيم بن نصر النهاوندي والحنيني، وخالفهم أبو عبد الرحمن النسائي والسراج وموسى بن هارون عن قتيبة قالوا: "إن الحسين بن علي"، إلا أن موسى قال: حدّثناه من غير كتاب، وكان في كتابه "الحسن بن علي" وقال صالح كاتب الليث وحجين بن المثنى عن الليث: إن الصواب "الحسين بن علي" فرجع إلى الصواب وكذلك رواه يحيى بن بكير ويونس المؤدب وأبو النضر هاشم عن الليث، فقالوا: "الحسين بن علي". وكذلك رواه ابن لهيعة عن الزهري على الصواب، وكذلك قال أصحاب الزهري منهم صالح بن كيسان وابن جريج وإسحاق بن راشد ومحمد بن أبي عتيق وزيد بن أبي أُنَيْسَة وغيرهم: "عن الزهري عن علي بن حسين عن أبيه عن علي". فقوله "الحسن" أو "الحسين" ـ رضي الله عنهما ـ لا فرق فهما أخوان وهما صحابيان ومن بيت النبوة وأن علي بن الحسين أدركهما وإحتمال الأمرين وارد. وكذلك فلفظ حسين مصغر حسن ويُحتمل رواه على التكبير. أما عن الخلاف الثاني قال القاضي: سقط من رواية ابن ماهان من غير طريق ابن الحذاء الحرف كله وعنده عن علي بن الحسين بن علي حدثه أن عليا وهو وهم صريح؛ لأن علياً بن الحسين لم يرو عن جده عليً بن أبي طالب - رضي الله عنهم - إلا بواسطة راوٍ، ولم أجد من يصرح برواية عنه من صيغ الالفاظ التي تدل على السماع بحدثني أو اخبرني أو انبأني وغيرها، قال البيهقي (¬2): "علي بن الحسين لم يدرك جده علياً" ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 226. (¬2) السنن الكبرى 5/ 322، وينظر معجم الجرح والتعديل لرجال السنن الكبرى مع دراسة اضافية لمنهج البيهقي في نقد الرواة في ضوء السنن الكبرى، (تأليف: د. نجم عبد الرحمن = ... = خلف، دار الراية للنشر والتوزيع، ط1، 1409هـ - 1989م)، وكذلك الدر النقي من كلام الامام البيهقي في الرجال، تأليف: حسين بن قاسم تاجي الكلداري، دار الفتح، الشارقة، 1/ 219.

....................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وقال الحافظ أبو سعيد بن خليل بن كيكلدي العلائي ت 761هـ (¬1): علي بن الحسين زين العابدين: قال أبو زرعة: لم يدرك جده علياً - رضي الله عنه -. وعلى الصواب رواه البخاري (¬2)، وربما سبب عدم ذكره سند هذا الحديث ... في جامعه للعلة التي بيًّنًها الدارقطني، بالرغم من كون هؤلاء على شرطه، والنسائي (¬3)، والامام أحمد (¬4)، وابن خزيمة (¬5)، وابن حبان (¬6)، وأبو نعيم (¬7). والخلاصة في هذا أن زين العابدين لم يسمع من جده ـ رضي الله عنهم ـ والله أعلم. ¬

_ (¬1) جامع التحصيل في احكام المراسيل ص240. (¬2) صحيح البخاري: كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة، باب قوله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: 54] , الحديث رقم 6915 , 6/ 2674 , وكتاب التوحيد , باب في المشيئة والإرادة {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الإنسان: 30] , الحديث رقم 7027 , 6/ 2716، ومن طريق يحيى بن بكير عن الليث في الأدب المفرد: باب ضرب الرجل يده على فخذه عند التعجب أو الشيء، الحديث رقم 955 , 1/ 330. (¬3) السنن الكبرى كتاب قيام الليل وتطوع النهار ثواب من استيقظ وأيقظ امرأته فصلي , الحديث رقم 1311 , 1/ 413. وكتاب التفسير , سورة الكهف الحديث رقم 11305، 6/ 386. (¬4) مسند الامام احمد بن حنبل: مسند العشرة المبشرة , مسند علي بن أبي طالب - صلى الله عليه وسلم - , الحديث رقم 575، 1/ 77. (¬5) صحيح ابن خزيمة: كتاب الصلاة، باب استحباب إيقاظ المرء لصلاة الليل، الحديث رقم 1140، 2/ 179. (¬6) صحيح ابن حبان: كتاب الصلاة، باب النوافل، الحديث رقم 2566، 6/ 305. (¬7) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء 1/ 3.

باب جزاء المؤمن بحسانته في الدنيا والآخرة وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا

12 - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا وحدثنا منجاب بن الحارث التميمي أخبرنا ابن مسهر عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن علقمة بن قيس عن أبي مسعود الأنصاري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قرأ هاتين الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه قال ... عبد الرحمن فلقيت أبا مسعود وهو يطوف بالبيت فسألته فحدثني به عن النبي ... - صلى الله عليه وسلم -. وحدثني علي بن خشرم أخبرنا عيسى (يعني ابن يونس)؛ وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير جميعا عن الأعمش (¬1) عن إبراهيم (¬2) عن علقمة (¬3) ... وعبد الرحمن بن يزيد عن أبي مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله 1/ 555. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: حديث الأعمش عن إبراهيم عن علقمة وعبد الرحمن بن يزيد عن أبي مسعود الأنصاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه". سقط من نسخة أبي العلاء ذكر إبراهيم النخعي بين الأعمش وعلقمة، والصواب إثباته وبه يتصل الإسناد (¬4). وقال المازري: وذكر مسلم في أسانيد هذا الحديث حديث الأعمش عن إبراهيم عن علقمة وعبد الرحمن بن يزيد عن أبي مسعود الأنصاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

_ (¬1) علقمة بن قيس أبو شبل الفقيه عن أبي بكر وعمر وعثمان وعبد الله وعنه بن أخيه عبد الرحمن بن يزيد وابن أخته إبراهيم النخعي وسلمة بن كهيل وآخرون قال أبو معمر قوموا بنا إلى أشبه الناس بعبد الله هديا ودلا وسمتا فقمنا إلى علقمة مات 62 الكاشف 2/ 34، قال البخاري: قال أبو نعيم: مات سنة إحدى وستين التاريخ الكبير 7/ 41. (¬2) إبراهيم النخعي فقيه العراق أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود الكوفي الفقيه روى عن علقمة ومسروق والأسود وطائفة تذكرة الحفاظ 1/ 73 و74 مشاهير الأمصار 1/ 101. (¬3) سليمان بن مهران أبو محمد الأعمش هو الأسدي روى عنه سهيل بن أبي صالح يقال سليمان الأعمى قال لي بن نمير حدثنا يحيى بن عيسى سمعت الأعمش يقول ولدت قبل مقتل الحسين بسنتين مولى بني كاهل رأى أنسا وسعيد بن جبير وأبا وائل وزيد بن وهب وإبراهيم ولد سنة ستين وقال يحيى القطان مات سنة ثمان وأربعين ومائة روى عنه أبو إسحاق الهمداني والثوري وشعبة، التاريخ الكبير 4/ 37، تقريب التهذيب 1/ 254، وغيرها. (¬4) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 825.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "من قرأ الآيتين" الحديث، قال بعضهم: سقط من نسخة أبي العلاء ذكر إبراهيم بين الأعمش وعلقمة، والصواب إثباته وبه يتصل الإسناد، وكذلك خرجه البخاري والنسائي (¬1). وقال القاضي عياض: وفي الآيتين في آخر البقرة في حديث علي بن خشرم قال عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة سقط عن إبراهيم لابن ماهان والصواب إثباته (¬2). ورد في رواية ابن سفيان الأعمش عن إبراهيم عن علقمة، وفي رواية ابن ماهان سقط إبراهيم النخعي من السند، والصواب إثباته كما قال الأئمة؛ لأن ولادة الأعمش هي بنفس العام الذي توفي فيه علقمة، أو بعد سنة منها على الأرحج فلم يرَه، وقد سبق بيان تأريخ ولادتهما ووفاتهما، لذلك يظهر سقوط إبراهيم من السند لأن بدونه لا يتصل الإسناد، وقيل وفاة علقمة بغير ذلك التاريخ، أي بعده، أوصله العض إلى سنة ثلاثة وسبعين (¬3)، وسواء كان تاريخ وفاته في بداية الستين أو السبعين فإن الأعمش لم يلقَ عكرمة، وعبارة "وقال الأعمش عن إبراهيم كان علقمة ... " (¬4)، تدل على ما ذهبنا إليه، فكان يروي، ما يرويه له إبراهيم عن علقمة. وللحديث متابعات أخرى عن منصور عن إبراهيم عن علقمة، عند غير مسلم، فهي في صحيح البخاري (¬5)، وسنن النسائي الكبرى (¬6). الخلاصة: أن إبراهيم سقط من السند عند ابن ماهان، والصواب اثباته، والله أعلم. ¬

_ (¬1) المعلم بفوائد مسلم 1/ 461 وإكمال المعلم بفوائد مسلم 3/ 176 قوله: قال بعضهم هذه عبارته في المعلم. (¬2) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 348. (¬3) ينظر تهذيب التهذيب 7/ 245. (¬4) تهذيب الكمال 20/ 306. (¬5) كتاب المغازي، باب شهود الملائكة بدراً , الحديث رقم 3786 , 1/ 1472، وكتاب فضائل القرآن باب فضل سورة البقرة الحديث رقم 4722، 4/ 1914، وباب من لم ير بأساً أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وكذا، الحديث رقم 4753، 4/ 1923، وباب في كم يقرأ القرآن , الحديث رقم 4764 , 4/ 1926. (¬6) كتاب فضائل القرآن , الآيتان من آخر سورة البقرة الحديث رقم 8019 و8020، 5/ 14 , وغيرها.

باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب

13 - كتاب الصيام باب صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب حدثني محمد بن حاتم حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج؛ وحدثني محمد بن رافع (واللفظ له) حدثنا عبد الرزاق بن همام أخبرنا ابن جريج أخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي بكر (¬1) قال سمعت أبا هريرة - رضي الله عنه - يقص يقول في قصصه من أدركه الفجر جنبا فلا يصم فذكرت ذلك لعبد الرحمن (¬2) بن الحارث (¬3) (لأبيه) فأنكر ذلك فانطلق عبد الرحمن وانطلقت معه حتى دخلنا على عائشة وأم سلمة - رضي الله عنهما - فسألهما عبد الرحمن عن ذلك قال فكلتاهما قالت كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصبح جنبا من غير حلم ثم يصوم قال فانطلقنا حتى دخلنا على مروان فذكر له ذلك عبد الرحمن فقال مروان عزمت عليك إلا ماذهبت إلى أبي هريرة فرددت عليه ما يقول قال فجئنا أبا هريرة وأبو بكر حاضر ذلك كله قال فذكر له عبد الرحمن فقال أبو هريرة أهما قالتاه لك؟ قال: نعم. قال: هما أعلم ثم رد أبو هريرة ما كان يقول في ذلك إلى الفضل بن العباس فقال أبو هريرة: سمعت ذلك من الفضل ولم أسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فرجع أبو هريرة عما كان يقول في ذلك قلت لعبد الملك أقالتا في رمضان؟ قال كذلك كان يصبح جنبا من غير حلم ثم يصوم، 2/ 779. ¬

_ (¬1) أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي أحد الفقهاء السبعة عن أبي هريرة وعائشة وعنه بنوه والزهري ولد زمن عمر وكف بآخره ويسمى الراهب شريف نبيل مات 94 الكاشف 2/ 411. (¬2) عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أبو محمد المدني ولد في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - وروى عن أبيه وعمر وعثمان وعلي وأبي هريرة وأبي رافع وحفصة وعائشة وأم سلمة وذكوان مولى عائشة ونافع مولى أم سلمة وعنه أولاده أبو بكر وعكرمة والمغيرة وهشام بن عمر والفزاري وأبو قلابة الجرمي ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب والشعبي وآخرون قال العجلي مدني تابعي ثقة وقال الدارقطني مدني جليل يحتج به وقال الزبير أمه فاطمة بنت الوليد بن المغيرة وذكره بن سعد فيمن أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - ورآه ولم يحفظ عنه شيئا قال الواقدي أحسبه كان بن عشر سنين حين قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي في خلافة معاوية، تهذيب التهذيب 6/ 142. (¬3) الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأمه أسماء بنت مخربة بن جندل بن أبير بن نهشل بن دارم وأسلم الحارث بن هشام يوم الفتح فلم يزل مقيما بمكة حتى قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرج إلى الشام في خلافة أبي بكر الصديق فشهد فحل وأجنادين ومات في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة في خلافة عمر بن الخطاب، طبقات ابن سعد 5/ 444، تهذيب الكمال 5/ 294، تهذيب التهذيب 2/ 140، تقريب التهذيب 1/ 148.

................................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني (¬1): هكذا في النسخة عن الجلودي فذكرت ذلك ... لعبد الرحمن بن الحارث لأبيه. وفي نسخة أبي العلاء بن ماهان فذكر ذلك عبد الرحمن لأبيه والرواية الأولى هي الصواب، ومعناها: أن أبا بكر ذكره لأبيه عبد الرحمن، وجاء هذا من الراوي على معنى البيان، جعل قوله لأبي بدلاً بإعادة حرف الجر وتبييناً، كأنه لما قال: فذكرت ذلك لعبد الرحمن أراد أن يعلمك أن عبد الرحمن هو والد أبي بكر. ورواه حجاج عن ابن جريج: فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث فأنكره، ولم يقل لأبيه. وما وقع في نسخة أبي العلاء بن ماهان من قوله: فذكرذلك عبد الرحمن لأبيه خطأ لا معنى له، لأنه يؤدي إلى أن عبد الرحمن ذكره لأبيه الحارث , وهذا لا يستقيم. وذكر الإمام المازري (¬2) ما ذكره أبو علي الغساني. قال القاضي عياض (¬3): في حديث أبي هريرة قول أبي بكر بن عبد الرحمن فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث لأبيه فأنكر ذلك كذا في الأصل عند الصدفي والخشني من شيوخنا ووقع عند التميمي فذكر ذلك عبد الرحمن ابن الحارث لأبيه وكذا عند ابن ماهان والسجزي وفي اصل العذري وهو وهم ونبه عليه في كتاب التميمي وصوابه الرواية الأولى وقائل ذلك هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث لعبد الرحمن بن الحارث أبيه فقوله لأبيه بدل من قوله لعبد الرحمن تفسير من قول غيره كأنه قال هو أبوه أو يكون فيه تقديم وتأخير فيصح على الرواية الأخرى أي فذكرت ذلك يعني لأبيه عبد الرحمن. قال الإمام النووي (¬4): هكذا هو في جميع النسخ فذكرت ذلك لعبد الرحمن بن الحارث لأبيه وهو صحيح مليح ومعناه ذكره أبو بكر لأبيه عبد الرحمن فقوله لأبيه ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 837. (¬2) المعلم بفوائد مسلم 2/ 52 وإكمال المعلم بفوائد مسلم 4/ 50. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 326. (¬4) شرح النووي على صحيح مسلم 7/ 220.

................................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بدل من عبد الرحمن باعادة حرف الجر قال القاضي ووقع في رواية بن ماهان فذكر ذلك عبد الرحمن لأبيه وهذا غلط فاحش لأنه تصريح بأن الحارث والد عبد الرحمن هو المخاطب بذلك وهو باطل لأن هذه القصة كانت في ولاية مروان على المدينة في خلافة معاوية والحارث توفي في طاعون عمواس في خلافة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سنة ثمان عشرة والله أعلم. واكد الامام السيوطي ما قاله الامام النووي (¬1). وحاصل الخلاف قوله:"لأبيه" توهم أن المتكلم هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث مع جده الحارث، وإنما المتكلم هو عبد الرحمن بن الحارث مع أبيه ... عبد الرحمن بن الحارث، لأن أبا بكر لم يدرك جده الحارث، وتقدم ذكر زمن وفاة الحارث بن هشام بن المغيرة، وهذا ما رجحه الإمام النووي فقال: "هذه" القصة كانت في ولاية مروان على المدينة في خلافة معاوية، والحارث توفي في طاعون عمواس في خلافة عمر. وقال أبو علي الغساني: "وجاء هذا من الراوي على معنى البيان، جعل قوله لأبي بدلاً بإعادة حرف الجر وتبييناً، كأنه لما قال: فذكرت ذلك لعبد الرحمن أراد أن يعلمك أن عبد الرحمن هو والد أبي بكر". أما عبارة ابن ماهان بإسقاط التاء من كلمة ذكرت وحرف الجر الأول قبل ... عبد الرحمن فهو خطأ قال الإمام النووي: لأنه تصريح بأن الحارث والد ... عبد الرحمن هو المخاطب، والصواب الأول. وأيد هذا القول الإمام السيوطي. وعلى الصواب أيضاً رواه البيهقي (¬2). الخلاصة أن الوهم في رواية ابن ماهان والله أعلم. ¬

_ (¬1) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 3/ 209. (¬2) سنن البيهقي: باللفظ نفسه , كتاب الصيام، باب من أصبح جنباً في شهر رمضان، الحديث رقم 7786، 4/ 214.

باب تحريم صوم أيام التشريق

14 - كتاب الصيام باب تحريم صوم أيام التشريق وحدثنا سريج بن يونس حدثنا هشيم أخبرنا خالد عن أبي المليح عن نبيشة الهذلي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {أيام التشريق أيام أكل وشرب} 2/ 800. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: في نسخة أبي العلاء في إسناد هذا الحديث: "نبيشة الهذلية" قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هكذا قال "الهذلية" بهاء التأنيث وهذا وهم ونبيشة اسم رجل لا امرأة، معروف في الصحابة، يقال له نبيشة الخير وهو وهوابن عم سلمة ابن المحَبّق الهُذَلِي (¬1). وقال المازري: خرج مسلم في صيام أيام التشريق: "حدثنا سريج بن يونس نا هشيم قال نا خالد عن أبي المليح عن نبيشة الهذلي. قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيام التشريق أيام أكل وشرب". وقع في نسخة ابن ماهان "نبيشة الهذلية" بناء التأنيث في الهذلية وهذا وهم ونبيشة اسم رجل معروف في الصحابة وهوابن عم سلمة بن المحَبّق الهُذَلِي .. (¬2) وقال القاضي: نبيشة بعد النون المضمومة باء مفتوحة بواحدة وبعد ياء التصغير شين معجمة وهو اسم رجل وهو نبيشة الخير الهذلي وقد ذكر هكذا للكافة ووهم فيه ابن ماهان فظنه امرأة فقال فيه نبيشة الهذلية (¬3). ثم قال القاضي: هو نبيشة، بضم النون وبالشين المعجمة، ابن عمرو بن عوف بن سلمة الهذلي، سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نبيشة الخير، وبذلك يعرف ولا أعلم في النساء الصحابيات من يتسمى بهذا، وإنما فيهم نسيبة بتقديم السين المهملة، ومنهن بضم النون، ومنهن، فتحها، معروفات (¬4). ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 839. (¬2) المعلم بفوائد مسلم 2/ 58 و59، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 4/ 95. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 35. (¬4) المصدر نفسه.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال الإمام النووي: قوله (عن نبيشة الهذلى) هو بضم النون وفتح الباء الموحدة وبالشين المعجمة وهو نبيشة بن عمرو بن عوف بن سلمة، نبيشة الهُذَلِيّ هكذا لمسلم في رواية ابن سفيان، وعند ابن ماهان نبيشة الهُذَلِيّة بزيادة تاء للتأنيث، وهو وهم، والصواب أنه اسم رجل لا امرأة وهو صحابي معروف يسمى نبيشة الخير، وهو ابن عم سلمة بن المحَبّق الهُذَلِي (¬1). وقال البخاري (¬2): نبيشة الخير الهذلي بن عبد الله بن عتاب بن الحارث بن نصير بن حصين بن نابغة بن لحيان بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن عم سلمة بن المحبق نزل البصرة. وقال الحافظ ابن حجر: يقال إن "نبيشة" دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده أسارى فقال يا رسول الله إما أن تفاديهم وإما أن تمن عليهم فقال أمرت بخير أنت نبيشة الخير (¬3)، ثم قال الحافظ ابن حجر: روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنه أبو المليح الهذلي وأم عاصم جدة أبي اليمان المعلى بن راشد النبال له في مسلم حديث أيام التشريق أيام أكل وشرب (مسلم والأربعة) قليل الحديث (¬4). وعلى الصواب رواه النسائي (¬5)، والإمام أحمد (¬6)، والبيهقي (¬7). والخلاصة: أن الوهم في رواية ابن ماهان. ¬

_ (¬1) شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 17، جاء في تاج العروس من جواهر القاموس: النَّبْشُ: إِبْرازُ المَسْتُورِ وكَشْفُ الشّيءِ عَنِ الشَّيْءِ ومنه النَّبّاشُ وحِرْفَتُه النَّبَاشَةُ، ومن المَجَاز: النَّبْشُ: اسْتِخْراجُ الحَدِيثِ والأَسْرَارِ ويُقَالُ: هُوَ يَنْبُشُ عَنِ الأَسْرَارِ ويَنْبُشُها. ونُبَيْشَةُ الخَيْرِ كجُهَيْنَةَ هُوَ عَمْرُو بنُ عَوْفٍ الهُذَلِيّ بن طَرِيفٍ، ينظر 1/ 4360. (¬2) التاريخ الكبير 8/ 127. (¬3) الإصابة في تمييز الصحابة 6/ 421. (¬4) تهذيب التهذيب 10/ 372، تقريب التهذيب 1/ 559 , وغيرها. (¬5) سنن النسائي الكبرى: كتاب الحج، النهي عن صيام أيام منى، الحديث رقم 4182، 2/ 463. (¬6) مسند الامام احمد بن حنبل: مسند الكوفيين، حديث نبيشة الهذلي - رضي الله عنه -، الحديث رقم 20741، 5/ 75. (¬7) سنن البيهقي الكبرى: كتاب صلاة االعيدين، باب من قال يكبر في الأضحى خاف صلاة الظهر من يوم النحر إلى أن يكبر خلف صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، الحدبث رقم 6060، 3/ 312، وكتاب الصيام، باب الأيام التي نهي عن صومها، الحديث رقم، 8243، 4/ 297. ولم يقل نبيشة الهذلي وقال: "نبيشة قال ... ".

باب في الوقوف وقوله تعالى {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}

15 - كتاب الحج باب في الوقوف وقوله تعالى {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: 199] وحدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام عن أبيه قال: كانت العرب تطوف بالبيت عراة إلا الحمس والحمس قريش وما ولدت كانوا يطوفون عراة إلا أن تعطيهم الحمس ثيابا فيعطي الرجال الرجال والنساء النساء وكانت الحمس لا يخرجون من المزدلفة وكان الناس كلهم يبلغون عرفات قال هشام فحدثني أبي عن عائشة - رضي الله عنها - قالت الحمس هم الذين أنزل الله - عز وجل - فيهم {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: آية 199] قالت كان الناس يفيضون من عرفات وكان الحمس يفيضون من المزدلفة يقولون لا نفيض إلا من الحرم فلما نزلت {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} رجعوا إلى عرفات 2/ 893. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: قال مسلم: "وحدثنا أبو كريب، قال: نا أبو أسامة، قال: نا هشام بن عروة عن أبيه قال: كانت العرب تطوف بالبيت عُرَاةً إلا الحُمْسَ (¬1) " هكذا عند أبي أحمد والكسائي في إسناد هذا الحديث. وعند أبي العلاء: ¬

_ (¬1) والحُمْسُ: قريش؛ لأَنهم كانوا يتشددون في دينهم وشجاعتهم، فلا يطاقون، وقيل كانوا لا يستظلون أَيام منى ولا يدخلون البيوت من أَبوابها وهم محرمون، ولا يَسْلأُون السمن، ولا يَلْقُطُون الجُلَّة، وفي حديث خَيْفان: "أما بنو فلان فَمُسَك أَحْماس"، أَي شجعان، وفي حديث عرفة:"هذا من الحُمْسِ " هم جمع الأَحْمس، وفي حديث عمر ـ - رضي الله عنه - ـ ذكر الأَحامِس: هو جمع الأَحْمس الشجاع. أَبو الهيثم الحُمْسُ: قريش ومَنْ وَلدَتْ قريش، وكنانة وجَديلَةُ قَيْسٍ، وهم فَهْمٌ وعَدْوانُ ابنا عمرو بن قيس عَيْلان، وبنو عامر بن صَعْصَعَة هؤلاء الحُمْسُ سُمُّوا حُمْساً؛ لأَنهم تَحَمَّسُوا في دينهم أَي تشدَّدوا، قال: وكانت الحُمْسُ سكان الحرم، وكانوا لا يخرجون أَيام الموسم إِلى عرفات؛ إِنما يقفون بالمزدلفة ويقولون: نحن أَهل اللَّه، ولا نخرج من الحرم، وصارت بنو عامر من الحُمْسِ وليسوا من ساكني الحرم؛ لأَن أُمهم قرشية وهي: مَجْدُ بنت تيم بن مرَّة، وخُزاعَةُ سميت خزاعة؛ لأنهم كانوا من سكان الحرم، فَخُزِعُوا عنه، أَي أُخْرجوا، ويقال: إِنهم من قريش انتقلوا بنسبهم إِلى اليمن، وهم من الحُمْسِ، وقال ابن الأَعرابي في ... قول عمرو: بتَثْلِيثَ ما ناصَيت بَعْدي الأَحامِسا. أَراد قريشاً، وقال غيره: أَراج بالأَحامس بني عامر؛ لأَن قريشاً ولدتهم، وقيل: أَراد الشجعان من جميع الناس، وأَحْماسْ العرب أُمهاتهم من قريش، وكانوا يتشدّدون في دينهم، وكانوا شجعان العرب لا يطاقون، والأَحْمَسُ الوَرِعُ من = = الرجال الذي يتشدد في دينه، والأَحْمَسُ الشديد الصُّلْب في الدين والقتال، وقد حَمِسَ بالكسر، فهو حَمِسٌ , وأَحْمَسُ بَيِّنُ الحَمَسِ ابن سيده، والحُمْسُ في قَيْسٍ أَيضاً، وكله من الشدَّة. لسان العرب 6/ 57.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ "حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا أبو أسامة"، جعل "ابن أبي شيبة" بدل "أبي كريب" (¬1). وكذلك ذكر الامام المازري مثل قول أبو علي الغساني (¬2). وقال القاضي عياض: وفي باب الوقوف بعرفة نا أبو بكر بن أبي شيبة نا أبو اسامة كذا عند ابن ماهان وعند الجلودي نا أبو كريب نا أبو أسامة (¬3). لم يقلْ أحد من الأئمة ـ الذين بينوا الخلاف في هذه الرواية ـ خطأً أو صواباً، ولعل عدم الفصل فيه لكثرة ما يروي الإمام مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء بن كريب، قال الحافظ المزي: "أبو أسامة القرشي الكوفي اسمه حماد بن أسامة بن زيد، روى عن هشام بن عروة، وغيره، روى عنه أبو بكر بن أبي شيبة" (¬4)، وقال الحافظ ابن حجر: "وعنه ابنا أبي شيبة" (¬5)، وهذا مطابق لما جاء عند ابن ماهان، وقال أبو الوليد الباجي والحافظ ابن حجر: "ابن كريب روى عن أبي أسامة" (¬6)، وهذا مطابق لما عند ابن سفيان، وقد يكون ما عند ابن ماهان طريق أخرى لما تقدم، وهذا يؤكد أن الإمام مسلم حدث بالصحيح غير مرة، ولأن أبا بكر ابن أبي شيبة يرويه أيضاً عن ابن عيينة، وهو لمسلم (¬7) في الحديث الذي بعده، ورواه البيهقي (¬8) عن أبي بكر بن أبي شيبة من طريق غير هشام، وهذا يعني أن الحديث وصل إلى أبي بكر بن أبي شيبة، ولربما حدث مسلم بكتابه أكثر من مرة ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 840. (¬2) المعلم بفوائد مسلم 2/ 87، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 4/ 391. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 348. (¬4) تهذيب الكمال 33/ 27. (¬5) تهذيب التهذيب 3/ 3. (¬6) ينظرالتعديل والتجريح 2/ 672، وتهذيب التهذيب 9/ 342. (¬7) الحديث رقم 1220، 2/ 894. (¬8) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الحج، باب الوقوف بعرفة، الحديث رقم 9236، 5/ 113.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فوقع لابن ماهان عن أبي بكر بن أبي شيبة، وللبيهقي (¬1) أيضاً متابعة من طريق يحيى بن يحيى أنبأ أبو معاوية عن هشام، ما يعني أن هذا الحديث متعدد الطرق، كما ويروي مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبو أسامة عن هشام، أحاديث في غير هذا الباب كحديث التغليظ في تفويت صلاة العصر (¬2)، وقد تقدم ذكره وحديث في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب صلاة الليل وقيامه (¬3)، وغيرها، وحديث يرويه عن كل من أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة، وأبو كريب عن أبي معاوية (بلفظ حدثنا)، كلهم عن هشام، في كتاب الصلاة، باب التوسط في القراءة الجهرية بين الجهر والإسرار (¬4) ... ، واختص مسلم بهذين السندين، وهذه قرينة دالة على إحتمال أن تكون رواية ابن ماهان صحيحة، ولم يذكرأبو بكر الحميدي الخلاف عند ذكره للحديث! فقال: لمسلم عن عمرو الناقد وغيره (¬5)، ثم قال: عن أبي أسامة عن هشام، فسكت عن النزول إلى من يرويه عن أبي أسامة (¬6)، وكذلك ذكر الحافظ المزي: عن هشام، عن أبيه بتسلسل 16852، 13/ 455، وتسلسل 17111، 13/ 491، وتسلسل 17195 (خ م د س) ... عن علي بن عبد الله ـ م في الحج (21: 1) عن يحيى بن يحيى ـ د فيه المناسك (58) عن هناد بن السري ـ س فيه المناسك (202: 2) وفي التفسير في الكبرى عن إسحاق بن إبراهيم ـ أربعتهم عن أبي معاوية الضرير به (¬7). ... = ¬

_ (¬1) المصدر نفسه: في الكتاب والباب أنفسهما، الحديث رقم 9233. (¬2) الحديث رقم 627. (¬3) الحديث رقم 768. (¬4) الحديث رقم 447. (¬5) ينظر الجمع بين الصحيحين 3/ 367. (¬6) ينظر المصدر نفسة 4/ 125، بتصرف. (¬7) تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف: (تأليف: المزي أبي الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف ت742هـ)، وبحاشيته النكت الظراف على الأطراف: (تأليف: ابن حجر العسقلاني ت852هـ)، تحقيق: عبد الصمد شرف الدين، الدار القيمة، بهيوندي، بمباي - الهند، المكتب الإسلامي، بيروت - لبنان، ط2، 1483هـ - 1983م. 14/ 3.

باب إهلال النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وهديه

16 - كتاب الحج باب إهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهديه حدثني محمد بن حاتم حدثنا ابن مهدي حدثنا سليم بن حيان عن مروان الأصفر (الأصغر) عن أنس - رضي الله عنه - أن عليا قدم من اليمن فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: بم أهللت فقال أهللت بإهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لولا أن معي الهدي لأحللت 2/ 914*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = فأما أن نسكت عنه كما سكتوا، أو نأخذ برواية ابن ماهان، فيكون طريقاً آخر، وسكوتهم هذا مع وجود القرائن إن كلا الروايتين صحيحة ومحتملة، ويكون إحداها رواها ابن سفيان، والأخرى رواها ابن ماهان، وهذا يؤيد ما نراه من إن الإمام مسلم روى صحيحه غير مرة. وخلاصة القول أن رواية ابن ماهان صحيحة لا تخالف سائر الروايات، والله أعلم. * قال أبو علي الغساني: "حدثنا محمد بن حاتم، قال: ابن مهدي قال: نا سليم بن حيان عن مروان الأصفر عن أنس أنّ علياً قدم من اليمن، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بم أهللت" وذكر الحديث. وقع عند أبي العلاء بن ماهان في إسناده "سليمان بن حيان" بضم السين وزيادة نون. وهذا وهم، وصوابه: سَلِيْم، كما رواه أبو أحمد (¬1). واكد ذلك الإمام المازري في شرحه على مسلم واكد ان الوهم من ابن ماهان (¬2). وقال القاضي عياض: "في الحج في باب إهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - نا سليمان بن حيان كذا لابن ماهان وهو وهم والصواب ما للكافة سليم وقد وقع لمسلم فيه الخلاف في مواضع غيرها" (¬3). ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 840. (¬2) المعلم بفوائد مسلم 2/ 90 و91. وإكمال المعلم بفوائد مسلم 4/ 326. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 238.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ثم قال: وكذا جاء في الحديث الآخر بعده من رواية حجاج بن الشاعر بغير خلاف، وهو سليم بن حيان بن بسطام الهذلي، بفتح السين وكسر اللام، بصري روى عن أبيه، وقتادة، وسعيد بن ميناء ومروان الأصفر، وعمر بن دينار وغيرهم، يروي عنه ابن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، ومحمد بن سنان العوفي وعبد الصمد بن عبد الوارث، ويزيد بن هارون، وبهز وغيرهم، وخرج عنه البخاري ومسلم (¬1). فالصواب سليم لا سليمان؛ لأن الذي يروي عنه عبد الرحمن بن مهدي ويروي عن مروان الأصفر هو سليم بن حيان، ولم أجد في كتب التراجم أحداً يشير إلى رواية لعبد الرحمن بن مهدي عن سليمان بن حيان، وهو أبو خالد الأحمر، ووجدت في مصنف ابن أبي شيبة (¬2) عبد الرحمن بن مهدي عن سليمان بن حيان في غير هذا الحديث، وكذلك لم أجد أحداً يشير لرواية لسليمان بن حيان عن مروان الأصفر، أو الأصغر وهما واحد، بل قال الحافظ المزي: "سليمان بن حيان الأزدي أبو خالد الأحمر الكوفي روى عنه سليم بن حيان الهذلي" (¬3)، فيكون السند نازلاً فيما لو روي عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر، عن سليم بن حيان، عن مروان الأصفر أو الأصغر، لذا لايجد من يروي عنهما ضرورة للرواية عن طريق سليمان بن حيان، وحتى يكون سنده أعلى عليه أن يروي عن ... عبد الرحمن بن مهدي عن سليم بن حيان، وهو الهذلي والاخير (¬4) من ثقات البصريين عن سعيد بن مينا وقتادة وعمرو بن دينار ومروان الأصغر وعنه بهز بن أسد ويحيى القطان وابن مهدي وعفان ومحمد العوفي وآخرون، ولذلك يظهر لنا ابن مهدي عن سليم بن حيان كما في رواية المشارقة، وعلى الصواب رواه الإمام = ¬

_ (¬1) المصدر السابق 4/ 326 و327. (¬2) كتاب الصلوات، من كان يوتر بثلاث أو أكثر، في حديث رقم 6826، 2/ 90. (¬3) ينظر تهذيب الكمال 11/ 394 و395. (¬4) التاريخ الكبير4/ 213، الجرح والتعديل 4/ 314، رجال مسلم 1/ 296 و 2/ 235، تهذيب الكمال 11/ 348، تاريخ الإسلام 9/ 413، وغيرها.

باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا وبيان قوله - صلى الله عليه وسلم - لتأخذوا مناسككم

17 - كتاب الحج باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا وبيان قوله - صلى الله عليه وسلم - لتأخذوا مناسككم قال مسلم: وحدثني أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن يحيى بن الحصين عن أم الحصين جدته قالت: حججت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة. قال مسلم: واسم أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد وهو خال محمد بن سلمة روى عنه وكيع وحجاج الأعور 2/ 944*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = أحمد (¬1)، وفيه متابعة بهز لابن مهدي، ورواه الترمذي (¬2)، وفيه متابعة عبد الوارث لابن مهدي أيضاً، وابن حبان (¬3)، من طريق أحمد بن حنبل. الخلاصة أن الوهم من ابن ماهان أو قالوا منه. * قال أبو علي الغساني: خرج مسلم: حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أُنيسة عن يحيى بن الحصين عن جدته قالت: "حججت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال مسلم: "واسم أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد وهو خال محمد بن سلمة، روى عنه وكيع وحجاج الأعور". هكذا في رواية أبي أحمد والكسائي، وفي نسخة ابن ماهان روى عن وكيع وحجاج والأول هو الصواب (¬4). وذكر ذلك الإمام المازري (¬5) وقال القاضي عياض: وفي باب جمرة العقبة قول مسلم واسم أبي عبد الرحيم خالد بن يزيد وهو ختال محمد بن مسلمة روي عنه وكيع وحجاج الأعور كذا لابن ¬

_ (¬1) مسند الامام احمد بن حنبل: مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، الحديث رقم 12950، 3/ 185. (¬2) سنن الترمذي: كتاب الصوم، باب بعد [باب ما جاء في الرخصة للرعاء ان يرموا يوماً]، ويَدَعْوا يوماً الحديث رقم 956، 3/ 290. (¬3) صحيح ابن حبان: كتاب الحج، باب الإحرام، الحديث رقم 3776، 9/ 89. (¬4) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 841. (¬5) المعلم بفوائد مسلم 2/ 95 و96، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 4/ 375 و376.

............................................................................................. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سفيان وعند ابن ماهان روي عن وكيع وهو خطأ والأول الصواب (¬1). فجعل تلاميذ أبي عبد الرحيم خالد بن أبي يزيد شيوخه بإسقاط ضمير الغائب في حرف الجر عن. قال البخاري (¬2): خالد بن أبي يزيد أبو عبد الرحيم خال محمد ابن سلمة عن زيد بن أبي أنيسة روى عنه محمد بن سلمة قال محمد بن مهران: حدثنا عيسى بن يونس عن خالد بن يزيد أبي عبد الرحيم الجزري سمع مكحولا وسمع حجاج الأعور أبا عبد الرحيم ببغداد زمن أبي جعفر , وقال ابن أبي حاتم: "روى عنه وكيع وحجاج بن محمد" (¬3)، وقال الخطيب البغدادي: "قدم بغداد فسمع بها منه حجاج بن محمد الأعور" (¬4)، وقال أبو الفرج ابن الجوزي: "قدم بغداد فسمع بها من حجاج بن محمد الأعور" (¬5)، فيكونوا من قبيل المدبج (¬6)، اضف إلى ذلك ... أن هذه العبارة إنما هي عبارة تعريفية بالراوي، وهذا من منهج الإمام مسلم - رحمه الله - بعد روايته الحديث يعرف بمن يروي عنه وهو كثير عنده، ففي رواية ابن سفيان عرف عن من يروي خالد، وفي رواية ابن ماهان عرف عن من يروي عنه خالد، فلا يكون هذا خطأ وإنما فطنة منهً. والحديث رواه أبو داود (¬7)، والإمام أحمد (¬8). ولم يعرفا به. الخلاصة: أن الخطأ المنسوب لرواية ابن ماهان مندفع بصنيع مسلم في التفرقة بـ عمن يروي خالد ومن يروي عنه، وبالتالي تكون رواية ابن ماهان صحيحة أيضاً، والله أعلم. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 90. (¬2) التاريخ الكبير 3/ 182. (¬3) الجرح والتعديل 3/ 361. (¬4) ينظرتاريخ بغداد 8/ 293. (¬5) المنتظم في تاريخ الملوك والأمم 8/ 52. (¬6) كل اثنين روى كل منهم عن الآخر يسمى بذلك، تدريب الراوي 2/ 247. (¬7) سنن أبي داود: كتاب المناسك، باب في المحرم يظلل، الحديث رقم 1834، 1/ 569. (¬8) مسند الامام احمد بن حنبل: مسند القبائل، حديث أم الحصين الأحمسية، الحديث رقم 27300، 6/ 402.

باب تحريم تولي العتيق غير مواليه

18 - كتاب العتق باب تحريم تولي العتيق غير مواليه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن سليمان عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من تولى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة عدل ولا صرف. وحدثنيه إبراهيم بن دينار حدثنا عبيدالله بن موسى حدثنا شيبان عن الأعمش بهذا الإسناد غير أنه قال ومن والى غير مواليه بغير إذنهم. 2/ 999 و1146. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: ذكر فيه حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: {من تولى قوماً بغير إذن مواليه، فعليه لعنة الله}. ثم عقب بعده: حدثنا إبراهيم بن دينار نا عبيد الله بن موسى قال نا شيبان يعني النحوي أبا معاوية وفي نسخة ابن ماهان حدثنا إبراهيم نا عبيد الله نا سفيان عن الأعمش جعل سفيان بدل شيبان والصواب شيبان. ومثله في المناقب، قال مسلم: حدثنا القاسم بن زكريا، نا عبيد الله بن موسى، عن شيبان عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن أبي الأحوص: أتيت أبا موسى، الحديث في مناقب عبد الله بن مسعود، وليس عندهم في هذا الموضع خلاف (¬1). وذكر ذلك الامام المازري تأييداً لما ذهب إليه أبو علي الغساني (¬2). وقال القاضي عياض: وفي باب من وإلى غير مواليه نا إبراهيم بن دينار نا عبيد الله بن موسى نا سفيان عن الأعمش كذا لابن ماهان وعند ابن سفيان نا شيبان وذكر قول أبي علي الغساني الصواب واحد شيبان وكذلك ذكر ما جاء في المناقب على الصواب (¬3). نستنتج من كلام أبي علي الغساني أن رواية ابن ماهان التي فيها سفيان بدل شيبان هي خطأ وفي دراستي وجدت أن وجود سفيان ذكر في عدة مواضع خرجه ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل /858. (¬2) ينظر المعلم بفوائد مسلم 2/ 230 و231، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 5/ 120. (¬3) ينظر مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 240.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الأئمة البخاري (¬1)، ومسلم (¬2)، وأبو داود (¬3)، وأحمد (¬4)، وعبد الرزاق (¬5)، والبيهقي (¬6)، كما أكد ذلك الحافظ المزي: "سفيان وشيبان كل منهما يروي عن الأعمش، ويروي عنهما عبيد الله بن موسى " (¬7)، فإن كان الحديث محفوظاً لشيبان فقد رواه سفيان عن الأعمش، ثم ذكر أبو علي الغساني تأييدأً لما ذهب اليه كون الحديث يرويه شيبان، في مناقب عبد الله بن مسعود، وليس عندهم خلاف في هذا الموضع. وقوله هذا عن حديث آخر لا يمنع كون سفيان يروي الحديث الأول عن الأعمش ويرويه عنه عبيد الله بن موسى أيضاً، فقد تقدم أن عبيد الله بن موسى يروي عن سفيان وسفيان يروي عن الأعمش، وإن لم يختلف أحد في الحديث الثاني، وقد روى عبيد الله بن موسى عن سفيان عن الأعمش أحاديث خرجها عنه الأئمة كالترمذي (¬8)، والحاكم النيسابوري (¬9)، وتعقبه الذهبي فقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (¬10)، وعبد بن حميد (¬11)، والذي أميل إليه = ¬

_ (¬1) صحيح البخاري: أبواب الجزية والموادعة، باب إثم من عاهد ثم غدر، الحديث رقم 3008، 3/ 1160. (¬2) صحيح مسلم: كتاب العتق، باب تحريم تولي العتيق غير مواليه، الحديث رقم 20 - (1370)، 2/ 1146. (¬3) سنن أبي داود: كتاب المناسك، باب في تحريم المدينة، الحديث رقم 2034، 1/ 620. (¬4) مسند الامام احمد بن حنبل: مسند العشرة المبشرة، مسند علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، الحديث رقم 1037، 1، 126. (¬5) مصنف عبد الرزاق: كتاب الأشربة، باب حرمة المدينة، الحديث رقم 17153، 9/ 263. (¬6) سنن البيهقي الكبرى: كتاب السير، باب أمان العبد، الحديث رقم 17947، 9/ 93. (¬7) ينظر تهذيب الكمال 11/ 157 و163، 12/ 593 و594. (¬8) سنن الترمذي: كتاب الإيمان، باب ما جاء في علامة المنافق، الحديث رقم 2632، 5/ 19. (¬9) المستدرك على الصحيحين: كتاب التفسير، تفسير سورة سأل سائل، الحديث رقم، 2854، 2/ 545. (¬10) التلخيص طبعة مرفقة مع المصدر السابق 2/ 545. (¬11) المنتخب من مسند عبد بن حميد: مسند عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه -، الحديث رقم 322، 1/ 132. وفي موضع آخر منه وهو مسند جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -، الحديث رقم 1022، 1/ 314.

باب من أدرك ما باعه عند المشتري وقد أفلس فله الرجوع فيه

19 - كتاب المساقاة باب من أدرك ما باعه عند المشتري وقد أفلس فله الرجوع فيه حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر وعبد الرحمن بن مهدي قالا حدثنا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي ... - صلى الله عليه وسلم - قال: {إذا أفلس الرجل فوجد الرجل متاعه بعينه فهو أحق به}. وحدثني زهير بن حرب حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا سعيد ح وحدثني زهير بن حرب أيضا حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي كلاهما عن قتادة بهذا الإسناد مثله وقالا: {فهو أحق به من الغرماء} 2/ 1193*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = هو صواب الروايتين كما جاء في رواية الترمذي والحاكم وكذا عبد بن حميد في المنتخب من مسنده، فكأنها إشارة من الامام مسلم انه انتخب بانتخاب شيخه عبد ابن حميد، وهذا يؤكد تعدد الرواية والمجالس للإمام مسلم، والله اعلم. الخلاصة أن كلا الروايتين صواب قد ذُكِرَتْ في كتب الحديث، والرواية وبهذا يندفع الخطأ من رواية ابن ماهان، والله أعلم. * قال أبو علي الغساني: "قال مسلم: في كتاب التفليس حديث شعبة عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نَهِيْك، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {إذا أفلس الرجل فوجد متاعه بعينه فهو أحق به}. ثم عقب بعده: حديث زهير بن حرب، قال: نا إسماعيل بن إبراهيم، نا سعيد ـ وهو ابن أبي عَرُوبة ـ، عن قتادة، بهذا الإسناد مثله. هكذا روى أبو أحمد الإسنادَيْن. الأول من حديث شعبة، والثاني من حديث سعيد بن أبي عَرُوبة، ووقع في رواية ابن ماهان في الأسناد الثاني: شعبة مكان سعيد والصواب ما رواه أبو أحمد" (¬1). وقال الإمام المازري مثل قول أبي علي الغساني، ثم قال: "هكذا قال بعضهم" (¬2). ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 865. (¬2) ينظر المعلم بفوائد مسلم 2/ 284، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 5/ 227.

............................................................................................. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وقال القاضي عياض: "في باب المفلس نا زهير بن حرب نا إسماعيل بن إبراهيم نا سعيد كذا لهم وعند ابن ماهان نا شعبة قال الحافظ أبو علي الغساني وهذا وهم والصواب سعيد وهو ابن أبي عروبة" (¬1). وقال السيوطي: "قالا: حدثنا شعبة عن قتادة هو بضم الشين المعجمة وهو شعبة بن الحجاج إسماعيل بن إبراهيم ثنا سعيد هو بفتح السين المهملة وهو بن أبي عروبة. ولابن ماهان شعبة كالأول والصواب خلافه قالا: حدثنا أبو سلمة الخزاعي قال: حجاج منصور بن سلمة هو اسم أبي سلمة ذكره حجاج باسمه ومحمد بن أحمد بن أبي خلف بكنيته وفي نسخة بدله قال: حدثنا منصور فزاد لفظة حدثنا ويمكن تأويله على موافقة الأول على أن المراد محمد بن أحمد كناه وحجاج سماه" (¬2). غالباً ما يقع الخلاف بين الرواة في أسانيد الأحاديث، عندما يشترك الرواة بنفس الشيوخ والتلاميذ، ويعود سبب ذلك إلى الخلط في الأسانيد، أو سماع التلميذ منهما، فالوهم هنا بسبب النوع الثاني الذي ذكرنا، قال البخاري: "قتادة روى عنه شعبة وسعيد بن أبي عروبة" (¬3)، وقال الإمام الذهبي: "سعيد بن أبي عروبة عن قتادة وعنه شعبة" (¬4)، وقال الحافظ ابن حجر: "روى عن قتادة وعنه ابن علية" (¬5)، وابن علية هو إسماعيل بن إبراهيم في السند الثاني - قال الحافظ المزي (¬6): شعبة روى عن إسماعيل بن علية وهو أصغر منه سناً وقتادة بن دعامة، وروى عنه إسماعيل بن علية. فبعد أن ذكر مسلم الحديث عن شعبة ذكر الحديث الآخر بأسانيد أُخر، وهذا منهجه في جمع طرق الحديث، وهو من الطرق القوية والأسانيد العالية، قال = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار ج2/ ص238. (¬2) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 4/ 168. (¬3) التاريخ الكبير 7/ 185. (¬4) الكاشف 1/ 441. (¬5) تهذيب التهذيب 4/ 56 و57. (¬6) تهذيب الكمال 12/ 484 و486.

باب لعن آكل الربا ومؤكله

20 - كتاب المساقاة باب لعن آكل الربا ومؤكله حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم (واللفظ لعثمان) (قال إسحاق أخبرنا وقال عثمان حدثنا جرير) عن مغيرة قال سأل شباك (¬1) إبراهيم فحدثنا عن علقمة عن عبد الله قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا ومؤكله قال: قلت وكاتبه وشاهديه؟ قال: إنما نحدث بما سمعنا 3/ 1218*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = الإمامان الذهبي والصفدي: "قال أبو داود: ما أحد من المحدثين إلا وقد أخطأ إلا ابن علية وبشر بن المفضل" (¬2)، وخصوصاً أنَّ ابن علية سمع من سعيد قبل الإختلاط، ففي رواية ابن سفيان وعنه الجلودي "ابن علية حدثنا سعيد"، فالوهم إذاً هو من ابن ماهان لا من إسماعيل. الخلاصة: فوجود شعبة بدل سعيد في رواية ابن ماهان جعلها الائمة غير محفوظة فترجحت رواية ابن سفيان ولهذا نسب الوهم لابن ماهان. * قال أبو علي الغساني: حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم عن جرير، عن مغيرة قال: سألت إبراهيم فحدثنا عن علقمة، عن عبد الله، قال: لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا ومؤكله. هكذا في نسخة أبي العلاء بن ماهان، وعند الجلودي: نا عثمان وإسحاق، عن جرير، عن مغيرة قال: سأل شباك إبراهيم فحدثنا عن علقمة. فالسائل إبراهيم في رواية أبي العلاء هو مغيرة. وفي رواية أبي أحمد الجلودي السائل هو: شباك وهو الضَّبِّي. وشباك هذا كوفي مشهور بالرواية عن إبراهيم النخعي (¬3). ¬

_ (¬1) شباك الضبي الكوفي الأعمى روى عن إبراهيم النخعي، والشعبي، وأبي الضحى، وعنه مغيرة بن مقسم، ثقة، ذكره اللالكائي في رجال مسلم، ولم يخرج له شيئا إنما جاء ذكره في حديث رواه جرير عن مغيرة قال سأل شباك إبراهيم فحدثنا عن علقمة عن عبد الله في لعن آكل الربا وقد نبه على ذلك الحافظ أبو علي الجياني، ينظر تهذيب التهذيب 4/ 266. (¬2) تذكرة الحفاظ 1/ 323، والوافي بالوفيات 9/ 43. (¬3) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 867.

.......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال الإمام المازري: خرج مسلم في "باب لعن آكل الربا" حديثاً عن جرير، عن مغيرة قال: سألت إبراهيم، فحدثنا عن علقمة. هكذا في نسخة ابن ماهان، وعند الجلودي: عن جرير، عن مغيرة قال: سأل شباك إبراهيم، فحدثنا علقمة. فجعل السائل هو شباك، وفي رواية أبي العلاء بن ماهان: أن السائل هو المغيرة، وشباك هذا هو ضبِّيٌ (¬1) مشهور بالرواية عن إبراهيم النخعي (¬2). وقال القاضي عياض: وفي لعن آكل الربى جرير عن مغيرة سأل شباك إبراهيم كذا رواه مسلم وعن ابن ماهان مغيرة سألت إبراهيم وهو خطأ والأول الصواب (¬3). وروى البيهقي (¬4): أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن حسن بن أبي المعروف الإسفرائيني بها أنا أبو سهل بشر بن أحمد أنا أحمد بن الحسين بن نصر الحذاء أنا علي ابن عبد الله ثنا جرير بن عبد الحميد عن مغيرة قال: ذكر ذلك شباك لإبراهيم فقال: ثنا علقمة عن عبد الله قال: {لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا ومؤكله} قال: قلت وشاهديه وكاتبه قال: إنما نحدث بما سمعنا رواه مسلم في الصحيح عن عثمان ابن أبي شيبة وغيره عن جرير وأخرجه البخاري من حديث أبي جحيفة. الخلاصة: فمتابعة البيهقي أوضحت الفصل بين الخلاف في روايتي المغاربة والمشارقة وجعلت الصواب للمشارقة لأن السائل هو شباك وليس المغيرة، والمسؤول هو إبراهيم النخعي لا شباك لذلك خطَّأ الائمة رواية ابن ماهان، والله أعلم. ¬

_ (¬1) المعلم: ضَبِّي، وإكمال المعلم: صبيٌ، فالأول من حيث النسبة، والثاني كونه مات شاباً، ينظر الكاشف 1/ 477. والله أعلم. (¬2) المعلم بفوائد مسلم 2/ 305، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 5/ 283. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 349 و350. (¬4) سنن البيهقي الكبرى: كتاب البيوع، باب جريان الربا في كل ما يكون مطعوما ... ، الحديث رقم 10296، 5/ 285.

باب السلم

21 - كتاب المساقاة باب السلم حدثنا يحيى بن يحيى وعمرو الناقد (واللفظ ليحيى) (قال عمرو: حدثنا وقال يحيى: أخبرنا سفيان بن عيينة) عن ابن أبي نجيح عن عبدالله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس قال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فقال: {من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم}. حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا عبد الوارث عن ابن أبي نجيح حدثني عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس يسلفون فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {من أسلف فلا يسلف إلا في كيل معلوم ووزن معلوم}. حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وإسماعيل بن سالم جميعا عن ابن عيينة عن ابن أبي نجيح بهذا الإسناد مثل حديث عبد الوارث ولم يذكر {إلى أجل معلوم}. حدثنا أبو كريب وابن أبو عمر قالا: حدثنا وكيع ح وحدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي كلاهما عن سفيان عن ابن أبي نجيح بإسنادهم مثل حديث ابن عيينة يذكر فيه {إلى أجل معلوم} 3/ 1226. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: " ... ثم عقَّب بعده: حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وإسماعيل بن سالم جميعا عن ابن عُلَيَّة عن ابن أبي نجيح بإسناده ومتنه هكذا في نسخة أبي العلاء بن ماهان، عن مسلم، عن شيوخه، عن ابن عُلَيَّة وهو: إسماعيل بن إبراهيم، وفي روايتنا عن أبي أحمد: عن ابن عيينة، بدل ابن عُلَيَّة، ورواية أبي العلاء الصواب، ومن تأمَّل الباب بان له ذلك" (¬1). ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 868.

............................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وذكر ذلك الإمام المازري ايضاً (¬1). وقال القاضي عياض: "وفي السلف (¬2) في الثمار نا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وإسماعيل جميعا عن ابن عيينة كذا للجلودي وعند ابن ماهان ابن عُليَّة" (¬3). ثم قال القاضي: لأنه (أي: مسلم) ذكر أول الباب حديث ابن عيينه عن ابن أبي نجيح، وفيه ذكر الأجل، ثم ذكر حديث عبد الوارث عن بن أبي نجيح، وليس فيه ذكر الأجل، ثم ذكر حديث بن علية عن بن أبي نجيح، وقال بمثل حديث عبد الوارث، ولم يذكر: "إلى أجل معلوم"، ثم ذكر حديث سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح، وقال بمثل حديث ابن علية، فذكر فيه: "إلى أجل معلوم" وهو َبيّن (¬4). وقال الامام النووي: قوله: (حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة واسماعيل بن سالم جميعا عن بن عيينه) هكذا هو في نسخ بلادنا عن ابن عيينة وكذا وقع في رواية أبي أحمد الجلودي ووقع في رواية بن ماهان عن مسلم عن شيوخه ¬

_ (¬1) المعلم بفوائد مسلم 2/ 322. وجعلها في كتاب التفليس وموضعها في مسلم في كتاب المساقاة وفيه: روايتنا عن الجلودي، وإكمال المعلم بفوائد مسلم، 5/ 308، وفيه: "رواية الجلودي" قال محقق الكتاب: في ع روايتنا، فيترجح الأخير. (¬2) السلف نوع من البيوع يُعَجَّل فيه الثمن وتضبط السِّلْعةُ بالوصف إلى أَجل معلوم وقد أَسْلَفْتُ في كذا واسْتَسْلَفْت منه دراهم وتَسلَّفْت فأَسلفني الليث السَّلَفُ: القَرْضُ والفعل أَسْلَفْت يقال أَسْلَفْتُه مالاً أَي أَقْرَضْتُه قال الأَزهري: كلُّ مالٍ قدَّمته في ثمن سلعة مَضْمونة اشتريتها لصفة فهو سَلَف وسَلَم ... ، يقال سلَّفْتُ وأَسْلَفْت تَسْلِيفاً وإسْلافاً وأَسْلَمْت بمعنى واحد والاسم: السلَف، والسَّلَفُ في المُعاملات له معنيان: أَحدهما: القَرْضُ الذي لا منفعة للمُقْرِض فيه غير الأَجر والشكر، وعلى المُقْتَرِض ردُّه كما أَخذه ... ، والمعنى الثاني في السلف: هو أَن يُعْطِي مالاً في سِلعة إلى أَجل معلوم بزيادة في السِّعْرالموجود عند السَّلَف وذلك مَنْفعة للمُسْلِفِ، ويقال له سلَم دون الأَول، وهو في المعنيين معاً اسم من أَسلفت، وكذلك السلَم اسم من أَسْلَمْتُ، ينظر لسان العرب لابن منظور 9/ 158. ولذلك شرح الإمام يحيى الباب فقال: باب السلم قال أهل اللغة يقال السلم والسلف وأسلم وسلم وأسلف وسلف ويكون السلف أيضا قرضا ويقال استسلف قال أصحابنا ويشترك السلم والقرض في أن كلا منهما اثبات مال في الذمة بمبذول في الحال وذكروا في حد السلم عبارات أحسنها أنه عقد على موصوف في الذمة ببذل يعطى عاجلا سمى سلما لتسليم رأس المال في المجلس وسمى سلفا لتقديم رأس المال وأجمع المسلمون على جواز السلم، شرح النووي على صحيح مسلم 11/ 41. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 122. (¬4) إكمال المعلم بفوائد مسلم، 5/ 308.

........................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ هؤلاء الثلاثة عن بن علية وهو إسماعيل بن إبراهيم وذكر الامام النووي قول الائمة المغاربة كون رواية ابن ماهان هي الصواب وكذلك ذكر قولهم "ومن تأمل الباب عرف ذلك" ثم بين طريقة القاضي في الاستنتاج كون في هذا الموضع ابن عُليَّه وليس ابن عُيينه (¬1). قال أبو علي الغساني: ومن تأمَّل الباب بان له ذلك، وبَيَّنَ القاضي عياض وأيده الإمام النووي كيفية التوصل إلى كون الحديث يرويه ابن علية لا ابن عيينة على الرغم من عدم الإختلاف بين رواة المشارقة، وهذا يأتي من حيث أن الحديث يرويه كل منهما عن ابن أبي نجيح، عن عبد الله بن كثير، عن أبي المنهال، ... عن ابن عباس، فممن رواه عنهما بسندين مختلفين، الإمام البخاري (¬2)، والإمام أحمد (¬3)، والدارقطني (¬4)، والبيهقي (¬5)، وراوه باقي الأئمة بعضهم عن ابن علية وبعضهم عن ابن عيينة، لا داعي لذكرها للإختصار، وإن ما يؤيد ما ذهب إليه علماء المغاربة: هو أن أبا بكر بن أبي شيبة إنما يرويه عن ابن علية (¬6)، ولم يكن لابن عيينة ذكر فيه، ونص ما عنده حدثنا أبو بكر قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن بن أبي نجيح عن عبد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس قال: قَدِمَ النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة والناس يسلفون في التمر العام والعامين والثلاثة فقال: {من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم}. الخلاصة: أن رواية ابن ماهان هي الصواب، والله أعلم. ¬

_ (¬1) ينظرشرح النووي على صحيح مسلم 11/ 42. (¬2) صحيح البخاري: كتاب السلم، باب السلم في كيل معلوم، الحديث رقم 2124، وباب السلم في وزن معلوم، الحديث رقم 2125، 2/ 781. (¬3) مسند الامام احمد بن حنبل، مسند بنى هاشم، مسند عبد الله بن العباس ... الحديث رقم 1868، 1/ 217، والحديث رقم 1937، 1/ 222. (¬4) سنن الدارقطني: كتاب البيوع، الحديثين رقم 5 و6، 3/ 4. (¬5) سنن البيهقي الكبرى: كتاب البيوع، باب لا يجوز السلف حتى يدفع المسلف ثمن ما سلف فيه يكون السلف بكيل معلوم ... الحديث رقم 10892، 6/ 24. (¬6) مصنف ابن أبي شيبة: كتاب البيوع والأقضية، السلف في الطعام والتمر، الحديث رقم 22303، 4/ 479.

باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها

22 - كتاب المساقاة باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا عبد الصمد (يعني ابن عبد الوارث) حدثنا حرب (وهو ابن شداد) حدثنا يحيى (وهو ابن أبي كثير) عن محمد بن إبراهيم أن أبا سلمة حدثه: وكان بينه وبين قومه خصومة في أرض وأنه دخل على عائشة فذكر لها ذلك فقالت يا أبا سلمة اجتنب الأرض فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال {من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين}. وحدثني إسحاق بن منصور أخبرنا حبان بن هلال أخبرنا أبان حدثنا يحيى أن محمد بن إبراهيم حدثه أن أبا سلمة حدثه أنه دخل على عائشة فذكر مثله 3/ 1231. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: "حديث ذكره ليحيى بن أبي كثير، عن محمد بن إبراهيم، أن أبا سلمة حدثه أن عائشة قالت: اجتنب الأرض فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: {من ظلم قيد شبر من الأرض} الحديث. ثم أردف عليه: حدثنا إسحاق بن منصور، قال: نا حَبَّان بن هلال، قال: نا أبان، قال: نا يحيى أن محمد بن إبراهيم حدثه أن أبا سلمة حدثه أنه دخل على عائشة فذكر مثله. في نسخة أبي العلاء في إسناد هذا الحديث خطأ فاحش: حَبَّان بن هلال، نا أبان، نا يحيى بن آدم، أن محمد بن إبراهيم حدثه، وإنما هو يحيى بن أبي كثير، لا يحيى بن آدم (¬1). وذكر الإمام المازري مثل قول أبي علي الغساني وزاد: قال بعضهم: وهذا خطأ، وأيد كون الحديث ليحيى بن أبي كثير وليس ليحيى بن ادم (¬2). وقال القاضي عياض: وفي باب من ظلم من الأرض شبرا أنا ابان نا يحيى بن آدم كذا عند ابن ماهان وهو خطأ فاحش والصواب ما لابن سفيان يحيى غير ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 868 و869. (¬2) المعلم بفوائد مسلم 2/ 330 و331، إكمال المعلم بفوائد مسلم 5/ 321.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ منسوب وهو يحيى بن أبي كثير (¬1). لأن الذي يروي عن محمد بن إبراهيم هو يحيى بن كثير ومحمد بن إبراهيم هو التيمي المدني ذكر ذلك الحافظان الذهبي وابن حجر (¬2)، قال الحافظ ابن حجر (¬3): "قال النسائي: هو شيخ ليحيى بن أبي كثير، ووفاته سنة 112"، ويحيى بن أبي كثير من الطبقة الخامسة، ووفاته سنة 129 (¬4)، ويحيى بن آدم من كبار التاسعة (¬5)، مات سنة ثلاث ومائتين (¬6)، فيكون سماعه من محمد بن إبراهيم بعيداً، بل محال؛ لأن علي بن المديني يقول: "نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة - يعنى معظم الصحاح - قال: ولأهل المدينة ابن شهاب، ولأهل مكة عمرو بن دينار، ولأهل البصرة قتادة ويحيى بن أبي كثير، ولأهل الكوفة أبو إسحاق والأعمش، ثم صار علم هؤلاء الى أصحاب الأصناف ممن صنف، فمن المدينة مالك وابن إسحاق، ومن مكة بن جريج وابن عيينة، ومن أهل البصرة سعيد بن أبي عروبة وحماد بن سلمة وأبو عوانة وشعبة ومعمر، وقد سمع من الستة، ومن أهل الكوفة سفيان الثوري، ومن الشام الأوزاعي، ومن واسط هشيم، قلت: نسي حماد بن زيد قال: ثم ... انتهى علم هؤلاء الاثنى عشر الى يحيى القطان، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ووكيع، ثم انتهى علم هؤلاء الثلاثة الى بن المبارك، وعبد الرحمن بن مهدى، ويحيى بن آدم" (¬7) وبهذا نرى كيف تولي الحفاظ طبقة بعد طبقة، وكيف كانت ... طبقة يحيى بن آدم بعيدة عن طبقة يحيى بن أبي كثير. وعلى الصواب رواه = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 2/ 307. (¬2) ينظر لسان الميزان 5/ 20، وتقريب التهذيب 1/ 466. (¬3) المصدر نفسه، ينظر الكاشف 2/ 153. (¬4) ينظر تقريب التهذيب 1/ 596، ينظر الكاشف 2/ 373. (¬5) تقريب التهذيب 1/ 587. (¬6) طبقات ابن سعد 6/ 402. وغيرها. (¬7) تذكرة الحفاظ 1/ 360.

باب قدر الطريق إذا اختلفوا فيه

23 - كتاب المساقاة باب قدر الطريق إذا اختلفوا فيه حدثني أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري حدثنا عبد العزيز بن المختار حدثنا خالد الحذاء عن يوسف بن عبد الله عن أبيه عَنْ أَبِي هُرَيْرَة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {إذا اختلفتم في الطريق جُعِلَ عَرْضُهُ سبعة أذرع} 3/ 1232*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = البخاري (¬1)، والإمام أحمد (¬2)، والبيهقي (¬3). الخلاصة: أن الخطأ في رواية ابن ماهان كما مر مفصلاً. * قال أبو علي الغساني: قال مسلم: حدثنا أبو كامل، قال: نا عبد العزيز بن المختار، قال: نا خالد الحذاء، عن يوسف بن عبد الله، عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا اختلفتم في الطريق جعل عرضه سبعة أذرع"، هكذا روي هذا الإسناد. وفي نسخة أبي العلاء: خالد الحذاء، عن سفيان بن عبد الله، عن أبيه، وهذا تصحيف، وإنما هو يوسف بن عبد الله، وهو يوسف بن عبد الله بن الحارث، ابن أخت محمد بن سيرين (¬4). واكد الإمام المازري قول أبي علي الغساني (¬5). وقال القاضي عياض: "وفي قدر الطريق نا خالد الحذاء عن سفيان بنعبد الله عن أبيه كذا لابن ماهان وصوابه ما لغيره وعن يوسف بن عبد الله مكان سفيان. قال البخاري: يوسف بن عبد الله بن الحارث هو ابن أخت ابن سيرين سمع أباه روى = ¬

_ (¬1) صحيح البخاري: كتاب الغصب، باب التشديد في غصب الأراضي وتضمينها بالغصب، الحديث رقم 2321، 6/ 99. وكتاب بدء الخلق، باب ما جاء في سبع أراضين، الحديث رقم 3023، 3/ 1167. (¬2) مسند الامام احمد بن حنبل، باقي مسند الأنصار، حديث السيدة عائشة - رضي الله عنها -، الحديث رقم 24548، 6/ 79، والحديث رقم 26186، 6/ 252. (¬3) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الغصب، باب التشديد في غصب الأراضي وتضمينها بالغصب، الحديث رقم 11314، 6/ 98 و11315، 6/ 99. (¬4) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 869. (¬5) المعلم بفوائد مسلم 2/ 331 وإكمال المعلم بفوائد مسلم 5/ 322.

باب حكم الفيء

24 - كتاب الجهاد والسير باب حكم الفيء حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم (واللفظ لابن أبي شيبة) (قال إسحاق أخبرنا وقال الآخرون حدثنا سفيان) عن عمرو عن الزهري عن مالك بن أوس عن عمر قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب فكانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة فكان ينفق على أهله نفقة سنة وما بقي يجعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله. 3/ 1276*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = عنه خالد الحذاء وعاصم الأحول" (¬1). ثم قال القاضي:" قال غيره (¬2): وهو يوسف ابن أخت ابن سيرين، نسب إلى ابن سيرين وأمه كريمة بنت سيرين (¬3). قال الحفاظ: هذا تصحيف. أو لإختلاطه باسم الصحابي سفيان بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث، فكلاهما ابن عبد الله بن الحارث (¬4)، وانفرد الإمام مسلم بهذا السند في هذا الحديث فلم يروه أحد من الأئمة في كتبهم من هذه الطريق. الخلاصة: أن رواية ابن ماهان كان فيها تصحيف كما ذكر العلماء. * قال أبو علي الغساني: وفي حديث الزهري في "باب ما يُصرف فيه الفيء الذي لم يوجف عليه المسلمون بالقتال" ذكر فيه ـ أي مسلم ـ عن مالك بن أوس عن عمر قال: كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله الحديث. ذكر مسلم عن جماعة من شيوخه، كلهم عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار عن الزهري. هكذا إسناده عند أبي أحمد. وسقط ذكر الزهري من هذا الإسناد في نسخة ابن ماهان والحديث محفوظ لابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن مالك ¬

_ (¬1) التاريخ الكبير 8/ 372. (¬2) رغم تتبع القول لمعرفة من القائل الذي أشار اليه القاضي عياض فلم نجد من يصرح به. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 239، إكمال المعلم بفوائد مسلم 5/ 323. (¬4) ينظر تراجمهما في تهذيب الكمال 11/ 169، و32/ 434، والكاشف 2/ 400، وتهذيب التهذيب 4/ 102، و11/ 365، وتقريب التهذيب 1/ 244، و1/ 611.

............................................................................................. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بن أوس، عن عمر (¬1). وهذا ما ذكره الإمام المازري ايضا (¬2) ً. وقال القاضي عياض: وفي قسم الخمس نا قتيبة ومحمد بن عباد وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم واللفظ لابن أبي شيبة قال إسحاق أنا وقال الآخرون نا سفيان عن عمرو عن مالك بن أوس عن عمر كذا لابن ماهان والكسائي وعند الجلودي عن عمرو عن الزهري عن مالك ابن أوس عن عمر وهو الصواب المحفوظ (¬3). وقال الامام النووي: قوله (حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم حدثنا سفيان عن عمرو عن الزهري عن مالك بن أوس عن عمر ثم قال بعده وحدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا سفيان بن عيينة عن معمر عن الزهري بهذا الإسناد وهكذا هو في كثير من النسخ وأكثرها عن عمرو عن الزهري عن مالك بن أوس وكذا ذكره خلف الواسطي في الأطراف وغيره وهو الصواب وسقط في كثير من النسخ ذكر الزهري في الإسناد الأول فقال عن عمرو عن مالك بن أوس وهذا غلط من بعض الناقلين عن مسلم قطعا لأنه قد قال في الإسناد الثاني عن الزهري بهذا الإسناد فدل على أنه قد ذكره في الإسناد الأول فالصواب إثباته (¬4). عمرو عن الزهري عن مالك بن أوس، في رواية ابن سفيان، وعمرو بن دينار، عن مالك بن أوس، بإسقاط الزهري، في رواية ابن ماهان، قال الإمام النووي: وهذا غلط من بعض الناقلين عن مسلم، قال الأئمة: والصواب إثباته، قال الحافظ ابن حجر: "عمرو بن دينار المكي أبو محمد الأثرم الجمحي روى عن ¬

_ (¬1) يقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 875 و876. (¬2) المعلم بفوائد مسلم 3/ 17، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 75 و76. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 347. (¬4) شرح النووي على صحيح مسلم12/ 69 و70.

............................................................................................. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الزهري" (¬1)، وروى هذا الحديث من طريق عمرو عن الزهري عن مالك بن أوس: البخاري (¬2)، ورواه أبو داود (¬3)، ورواه الترمذي (¬4)، ورواه النسائي (¬5)، ورواه الحميدي (¬6)، ورواه ابن أبي شيبة (¬7)، ورواه الإمام أحمد (¬8)، ورواه البزار (¬9)، ورواه ابن الجارود (¬10)، ورواه ابن حبان (¬11)، ورواه البيهقي (¬12). والخلاصة: كان الخطأ من رواية ابن ماهان بإسقاط الزهري، والله اعلم. ¬

_ (¬1) تهذيب التهذيب 8/ 26. (¬2) صحيح البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب المجن ومن يتترس بترس صاحبه، الحديث رقم 2748، 3/ 1063، وكتاب التفسير، باب تفسير سورة الحشر، الحديث رقم 4603، 4/ 1852. (¬3) سنن أبي داود: كتاب الخراج والفيء والإمارة، باب في صفايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأموال، الحديث رقم 2965، 2/ 156. (¬4) سنن الترمذي: كتاب الجهاد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باب ما جاء في تلقي الغائب إذا قدم، الحديث رقم 1719، 4/ 216. (¬5) المجتبى: كتاب تحريم الدم، كتاب قسم الفيء، الحديث رقم 4140، 7/ 132. (¬6) مسند الحميدي: أحاديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الحديث رقم 22، 1/ 13. (¬7) مصنف ابن أبي شيبة: كتاب السير، ما قالوا في قسمة ما يفتح من الأرض وكيف كان، الحديث رقم 32979، 6/ 467. (¬8) مسند الامام احمد بن حنبل، مسند العشرة المبشرين بالجنة، مسند عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، الحديث رقم 171، و172، 1/ 25، والحديث رقم 337، 1/ 48. (¬9) مسند البزار، مسند عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، مما روى مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر، الحديث رقم 255، 1/ 378. (¬10) المنتقى: باب دوام الجهاد إلى يوم القيامة، الحديث رقم 1097، 1/ 267. (¬11) صحيح ابن حبان: كتاب التاريخ، باب من صفته - صلى الله عليه وسلم - وأخباره، الحديث رقم 6357، 14/ 271. (¬12) شعب الإيمان: الرابع عشر من شعب الإيمان وهو باب في حب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصل في زهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وصبره على شدائد الدينا، الحديث رقم 1463، 2/ 171، وسنن البيهقي الكبرى: كتاب قسم الفيء، باب ما جاء في مصرف أربعة أخماس الفيء والغنيمة، الحديث رقم 12746، 6/ 345، وكتاب النكاح، باب ما أبيح له من أربعة أخماس الفيء وخمس خمس الفيء والغنيمة، الحديث رقم 13147، 7/ 58، وكتاب الخمس، باب (لم يسمه)، الحديث رقم 4442، 3/ 46، وكتاب عشرة النساء، ادخار قوت العيال، الحديث رقم 9188 و9189، 5/ 377، وكتاب التفسير، سورة الحشر، الحديث رقم 11576، 6/ 484.

باب ما لقي النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ من أذى المشركين والمنافقين

25 - كتاب الجهاد والسير باب ما لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - من أذى المشركين والمنافقين حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا سفيان عن الأسود بن قيس أنه سمع جندبا يقول: أبطأ جبريل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: المشركون قد وُدِّعَ محمد فأنزل الله - عز وجل - {وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3)} [الضحى] 3/ 1421. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: خرج مسلم عن إسحاق بن إبراهيم، عن ابن عيينة، عن الأسود بن قيس، عن جندب. هكذا إسناده عند الجلودي، والكسائي: إسحاق ابن إبراهيم وحده عن ابن عيينة. وكذلك خرجه أبو مسعود الدمشقي من حديث مسلم، وفي نسخة إبي العلاء بن ماهان: حدثنا إبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم، عن ابن عيينة، عن الأسود بن قيس، عن جندب. زاد في الإسناد رجلاً، وهو أبو بكر بن أبي شيبة. قال أبو علي ورواية الجماعة أولى (¬1). وكذلك ذكر هذا القول الإمام المازري (¬2). وقال القاضي عياض: وفي حديث إبطاء الوحي نا إسحاق بن إبراهيم نا سفيان عن الأسود بن قيس كذا عند الجلودي والكسائي وعند ابن ماهان نا أبو بكر بن شيبة وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن ابن عيينة قالوا: ورواية ابن ماهان أصح وكذا ذكره الدمشقي عن إسحاق وحده (¬3). لم يبين أحد من الأئمة أسباب أولوية رواية الجماعة، ولم يكن لهم دليل على أصحية رواية ابن ماهان لهذا الحديث عن الجماعة إلا أنهم رووا الحديث الذي قبله مجتمعين، ومتنه في غير مسألة، وتفرد مسلم بهذا السند في هذا الحديث، فالأولى أن يقال رواية الفرد أصح وهي ما تتحقق به الرواية، فما زاد كان أتم، فإن ... سقط أحدهم لا يضر لأنهم جميعاً عن ابن عيينة. وعند التتبع نجد ان ابن أبي شيبة = ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المسكل 3/ 879 و880. (¬2) المعلم بفوائد مسلم 3/ 29 و30، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 170. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 349.

باب كراهة الإمارة بغير ضرورة

26 - كتاب الإمارة باب كراهة الإمارة بغير ضرورة حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي شعيبُ ابن الليث حدثني الليثُ بن سعد حدثني يزيد بن أبي حبيب عن بكر بن عمرو عن الحارث ابن يزيد الحضرمي عن ابن حجيرة الأكبر عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: {يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها} 3/ 1457*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = يخرج هذا الحديث في مصنفه (¬1) من غير طريق ابن عيينة، بل عن وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه، بلفظ حدثنا وكيع. الخلاصة: إن من قال رواية ابن ماهان أصح لا يعني رواية غيره غير صحيحية بل هنا صحيح وأصح وخصوصاً أن المتعارف عليه عند الإمام مسلم غالباً ما يجتمع عنده أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق في إسناد واحد، والله أعلم. * قال أبو علي الغساني: قال مسلم: حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي شعيبُ بن الليثُ حدثني الليث بن سعد حدثني يزيد بن أبي حبيب عن بكر بن عمرو عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن ابن حُجَيْرَةَ الأكبر عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله ألا تستعملني؟ الحديث. هكذا روي إسناد هذا الحديث عن أبي أحمد، وعند أبي العلاء بن ماهان: حدثني يزيد بن أبي حبيب وبكر بن عمرو - بواو العطف -. وصوابه: عن بكر بن عمرو ـ كما تقدم ـ. وكذا ذكره أبو عمر الباجي، عن نسخة أبي العلاء: حدثني يزيد وبكر قال عبد الغني: والصواب: عن بكر (¬2). واكد ذلك الإمام المازري (¬3). ¬

_ (¬1) ينظر كتاب الفضائل، باب ما أعطى الله تعالى محمدا - صلى الله عليه وسلم -، الحديث رقم 31764، 6/ 323. (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 883. (¬3) المعلم بفوائد مسلم 3/ 55 و56، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 225 و226.

....................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وقال القاضي عياض: وفي باب كراهة الإمارة يزيد بن أبي حبيب عن بكر بن عمر عن الحارث كذا للجلودي ولابن ماهان، وبكر وهو خطأ، قال عبد الغني: الصواب عن بكر وكذا عند بعضهم عن بكر بن عمر بن الحارث وهو خطأ أيضاً (¬1). وقال الامام النووي: قَوْله: (حَدَّثَنِي اللَّيْث بْن سَعْد حَدَّثَنِي يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب عَنْ بَكْر بْن عَمْرو عَنْ الْحَارِث بْن يَزِيد الْحَضَرِيّ عَنْ اِبْن حُجَيْرَة الْأَكْبَر عَنْ أَبِي ذَرّ). هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْإِسْنَاد فِي جَمِيع نُسَخ بِلَادنَا (يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب عَنْ بَكْر) وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ نُسْخَة الْجُلُودِيّ الَّتِي هِيَ طَرِيق بِلَادنَا، قَالَ وَوَقَعَ عِنْد اِبْن مَاهَانَ (حَدَّثَنِي يَزِيد بْن أَبِي حَبِيب وَبَكْر) بِوَاوِ الْعَطْف، وَالْأَوَّل هُوَ الصَّوَاب، قَالَهُ عَبْد الْغَنِيّ، قُلْت: وَلَمْ يَذْكُر خَلَف الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَاف غَيْره، وَاسْم اِبْن حُجَيْرَة: عَبْد الرَّحْمَن، وَهُوَ بِحَاءٍ مُهْمَلَة مَضْمُومَة ثُمَّ جِيم مَفْتُوحَة، وَاسْم أَبِي حَبِيب سُوَيْد، وَفِي هَذَا الْإِسْنَاد أَرْبَعَة تَابِعِيُّونَ يَرْوِي بَعْضهمْ عَنْ بَعْض، وَهِمَ يَزِيد وَالثَّلَاثَة بَعْده (¬2). قال الحافظ ابن حجر: "الحارث بن يزيد الحضرمي أبو عبد الكريم المصري عنه بكر بن عمرو" (¬3)، وقال ايضاً: "يزيد بن أبي حبيب واسمه سويد الأزدي روى عن بكر بن عمرو" (¬4)، وقال الحافظ المزي (¬5): "بكر بن عمرو المعافري المصري، روى عن الحارث بن يزيد الحضرمي، روى عنه زيد بن أبي حبيب"، وقال ابن منجويه: "بكر بن عمرو المعافري من أهل مصر روى عن الحارث بن يزيد الحضرمي في الجهاد روى عنه يزيد بن أبي حبيب" (¬6). وعلى الرغم من تعاصرهما وقرب وفاتهما لم أجد من يشير إلى رواية ليزيد بن أبي حبيب عن الحارث بن يزيد الحضرمي، وسند هذا الحديث في المصريين فلا = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 91. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 296. (¬3) تهذيب التهذيب 2/ 142. (¬4) ينظر تهذيب التهذيب 11/ 278. (¬5) تهذيب الكمال 4/ 221 و222. (¬6) رجال مسلم 1/ 91.

باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله

27 - كتاب الإمارة باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله حدثنا ابن أبي عمر حدثنا مروان بن معاوية عن يحيى بن سعيد عن ذكوان بن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {لولا أن رجالا من أمتي} وساق الحديث وقال فيه: {ولروحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها}. 3/ 1500*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = يبتعد كون يزيد يروي عن الحارث إلا أن أبا علي الغساني قال: قاله عبد الغني، يريد به ابن سعيد الأزدي، ولما كان الحديث في المصريين فعبد الغني أعرف به، وهذا ما يرجح الرواية بعن بكر بن عمرو لا بواو العطف، وانفرد مسلم بهذا الحديث، وذكره الحافظ المزي (¬1) من طريق يزيد بن أبي حبيب عن بكر بن عمرو عن الحارث بن يزيد الحضرمي ... الحديث. وخلاصة القول: أن رواية المشارقة هي أصوب إذ خلت من زيادة وبكر، والله أعلم. * قال أبو علي الغساني: "وفي باب غدوة في سبيل الله أو روحة، عند مسلم: حدثنا ابن أبي عمر، قال: نا مروان بن معاوية، عن يحيى بن سعيد، عن ذكوان بن أبي صالح، عن أبي هريرة أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لولا أن رجالا من ... أمتي ... " وساق الحديث، وفيه: "لغدوة في سبيل الله أو روحة". في نسخة أبي العلاء بن ماهان: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، نا مروان بن معاوية. والصواب: ما تقدم أنه من رواية ابن أبي عمر، عن مروان، وهي رواية أبي أحمد الجلودي" (¬2). وأيد الإمام المازري ما قاله أبو علي الغساني وزاد: جعل ابن أبي شيبة بدل ابن أبي عمر، والصواب: ما تقدم أنه من رواية ابن أبي عمر، وهي رواية الجلودي (¬3). ¬

_ (¬1) تحفة الأشراف: تسلسله 11961، 11/ 138. (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 887 و888. (¬3) المعلم بفوائد مسلم 3/ 62، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 301 و302.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وقال الإمام النووي: "هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع نُسَخ بِلَادنَا، وأيد فيها الإمام المازري كونها رِوَايَة الْجُلُودِيّ، قَالَ: وَوَقَعَ فِي نُسْخَة اِبْن مَاهَان: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة حَدَّثَنَا مَرْوَان، فَذَكَرَ اِبْن أَبِي شَيْبَة بَدَل اِبْن أَبِي عُمَر، وَالصَّوَاب الْأَوَّل" (¬1). وقع هذا الإختلاف في روايتي المشارقة والمغاربة فيمن يروي هذا الحديث عن مروان بن معاوية بن الحارث الفزاري، فجاء في رواية المشارقة ابن أبي عمر، وهو محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، وجاء في رواية المغاربة أبو بكر بن أبي شيبة، ولعل الخلاف ناتج عن: كون كل منهما يروي عن مروان بن معاوية، قال الحافظ المزي: "مروان بن معاوية بن الحارث بن أسماء بن خارجة بن عيينة بن حصين بن حذيفة بن بدر الفزاري أبو عبد الله الكوفي روى عنه أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني" (¬2)، ولما كانا يرويان عن مروان بن معاوية، فلا يمنع أنْ يرويه كلّاً منهما فتكون كلا الروايتين صحيحتان، لكن قول الأئمة الصواب رواية ابن أبي عمر، لأن أبا بكر بن أبي شيبة لا يروي هذا الحديث عن مروان بن معاوية ورواه في مسنده (¬3): حدثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن الحكم عن ابن عباس، وحدثنا وكيع، نا سفيان، عن أبي حازم عن سهيل بن سعد الساعدي، والحديث الثاني هذا عند ابن أبي شيبة قدَّمه الإمام مسلم في صحيحيه على الذي قبله بلفظ "غدوة"، وعند ابن أبي شيبة بزيادة لام القسم "لغدوة"، وتفرد مسلم بسنده عن ابن أبي عمر عن مروان بن معاوية عن يحيى بن سعيد عن ذكوان بن أبي صالح عن أبي هريرة، ولم تذكر علة فيه. وخلاصة القول: أن رواية ابن ماهان فيها الخطأ، والله أعلم. ¬

_ (¬1) شرح النووي على صحيح مسلم6/ 360. (¬2) ينظر تهذيب الكمال 27/ 403 و404 و405. (¬3) كتاب فضل الجهاد، باب ما ذكر في فضل الجهاد والحث عليه، الحديث رقم 19303، 4/ 201، الحديث رقم 19304، 4/ 201.

باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار

28 - كتاب الإمارة باب من قاتل للرياء والسمعة أستحق النار حدثنا يحيى بن حبيب الحارثي، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا ابن جريج، حدثني يونس بن يوسف، عن سليمان بن يسار قال: تفرق الناس عن أبي هريرة فقال له ناتل أهل الشام (¬1): أيها الشيخ حدثنا حديثا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: نعم سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه، ثم ألقي في النار}. 3/ 1513. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال الإمام المازري (¬2): "قوله: فقال له ناتل أهل الشام، قال الهروي: في الحديث أنه رأى الحسين يلعب ومعه صبية في السكة فاستنتلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمام القوم "أي تقدم"، قال أبو بكر: وبه سمي الرجل ناتلاً ونتيلة أم العباس ابن ... عبد المطلب". ¬

_ (¬1) ناتل بن قيس بن زيد بن حبان بن امرئ القيس الجذامي من أهل فلسطين يقال له ناتل أخو أهل الشام وقال بن جريج عن يونس بن يوسف عن سليمان بن يسار تفرق الناس عن أبي هريرة فقال له ناتل أخو أهل الشام أيها الشيخ حدثنا فذكر الحديث وروى مسعر بن كدام عن أبي مصعب عنه وكان أبوه قيس ممن وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تهذيب التهذيب 10/ 355، وينظرالثقات 5/ 484. (¬2) المعلم بفوائد مسلم 3/ 60 وإكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 328. وينظر النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 32 لابن الأثير.

...................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ومنه أن عبد الرحمن بن أبي بكر برز يوم بدر فقال: هل من مبارز؟ فتركه الناس لكرامة أبيه - رضي الله عنه - فنتل أبو بكر ومعه سيفه، أي تقدم. ولم يشر الإمام المازري إلى خلاف فيه. وذكر الخلافَ القاضي عياضُ قال: وناتل أهل الشام أوله نون وآخره لام قبلها تاء باثنتين فوقها وهو اسم رجل وليس بصفة كما ظنه بعضهم وهو ناتل بن قيس الجذامي وبينه في رواية ابن ماهان فقال ناتل أحد أهل الشام وهذا بين واضح وأولى الروايتين وأوجه في الكلام ودل أن أحداً ساقط من الرواية الواحدة (¬1). ثم قال القاضي عياض: حمله ـ أي الإمام المازري ـ على أنه صفة، وإنما هو اسم رجل مشهور، "وذكر اسمه". ويدل عليه قوله في الرواية الأخرى: "فقال له ناتل الشامي" وكذلك يعرف (¬2). فجعل الإمام المازري ناتل أهل الشام صفة لشخص لم يسمه، وهو من سأل أبا هريرة في هذا الحديث، واستدل على ذلك بالمعنى اللغوي لجذر الفعل الثلاثي المجرد نتل، والإشتقاق: يَنْتِلُ نَتْلاً ونُتولاً ونَتَلاناً واستَنْتَلَ بمعنى تقدم، قاله الفيروزآبادي (¬3)، وقال: وناتَلُ كهاجَرَ: رجُلٌ من العَرَبِ، وسماه الزبيدي فقال: "ومن بنى جذام قيس بن زيد الجذامي له صحبة وابنه ناتل بن قيس كان سيد جذام بالشأم وهو الذى رد على روح بن زنباع دخوله في بنى أسد من معد" (¬4). وأيد الإمام النووي ما قاله القاضي عياض: وقال وَهُوَ: نَاتِل بْن قَيْس الْحِزَامِيُّ الشَّامِيّ مِنْ أَهْل فِلَسْطِين، وَهُوَ تَابِعِيّ، وَكَانَ أَبُوهُ صَحَابِيًّا، وَكَانَ نَاتِل كَبِير قَوْمه. فقولهما = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 2/ 35. (¬2) المصدر السابق 6/ 329. (¬3) ينظر القاموس المحيط، (تأليف: الفيروزآبادي محمد بن يعقوب، مؤسسة الرسالة - بيروت)، 1/ 1369. (¬4) تاج العروس، (تأليف: الزبيدي محمد مرتضى الحسيني، دار الهداية)، تحقيق: مجموعة من المحققين، 1/ 7643.

باب فضل الغزو في البحر

29 - كتاب الإمارة باب فضل الغزو في البحر وحدثناه محمد بن رمح بن المهاجر، ويحيى بن يحيى قالا: أخبرنا الليث، عن يحيى بن سعيد، عن ابن حَبَّان، عن أنس بن مالك، عن خالته أم حرام بنت ملحان؛ أنها قالت: نام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً قريبا مني، ثم استيقظ وهو يتبسم قالت فقلت: يا رسول الله ما أضحكك؟ قال "ناس من أمتي عرضوا علي يركبون ظهر هذا البحر الأخضر" ثم ذكر نحو حديث حماد بن زيد 3/ 1518*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = الجذامي والحرامي: كلاهما صواب فهو من بني حرام بن جذام: ذكره ابن حزم (¬1). قلت أغلب أهل يقول الحرامي بالراء الجذامي، ولعل ورود الحزامي عند الإمام النووي من صنع الطباعة (¬2) وبالصيغة التى رواها مسلم رواه النسائي (¬3)، والحاكم (¬4)، وأبو نعيم (¬5)، والبيهقي (¬6). الخلاصة: أن رواية ابن ماهان هي الأولى؛ لأنها وضحت الرجل من أهل الشام، والله أعلم. * قال أبو علي الغساني: وفي باب ركوب البحر للغزو عند مسلم: حدثنا محمد بن رمح، قال: أنا الليث، عن يحيى، عن ابن حََبَّان، عن أنس، عن خالته أمِّ حَرَام بنت ملحان؛ أنها قالت: نام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. هكذا روى مسلم هذا الحديث عن محمد بن رمح وحده، عن الليث. وسقط ذكر يحيى بن يحيى من الأسناد لابن ماهان (¬7). ¬

_ (¬1) ينظر جمهرة أنساب العرب 1/ 172. (¬2) ينظر اللباب في تهذيب الأنساب 1/ 353. (¬3) سنن النسائي الكبرى: كتاب التفسير، سورة النجم، الحديث رقم 11559، 6/ 477. (¬4) المستدرك على الصحيحين: كتاب العلم، الحديث رقم 364، 1/ 189. (¬5) حلية الأولياء وطبقات الاصفياء: سليمان بن يسار، الحديث غير مرقم 2/ 192. (¬6) شعب الإيمان: التاسع عشر من شعب الإيمان هو باب في تعظيم القرآن، فصل في ترك المباهاة بقراءة القرآن، الحديث رقم 2618، 2/ 530. (¬7) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 889.

....................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وأيد الإمام المازري ما قاله أبو علي الغساني (¬1). ولم يتطرق إليه القاضي عياض ولا الإمام النووي. فرواية المشارقة وردت بإثبات يحيى بن يحيى، ورواية المغاربة بإسقاطه، وما قاله أبو علي الغساني إنما هو بمقارنة السندين لا من حيث التتبع؛ لأن الإمام مسلماً تفرد بسند هذا الحديث فلا يستطيع أحد ردَّ رواية المغاربة على أنه سقط من السند يحيى بن يحيى، ولا رواية المشارقة على أنَّ يحيى بن يحيى زيادة فيه، كما لو رواه مرة وتابعه أخرى. قال الحافظان الذهبي وابن حجر: "محمد بن رمح عن الليث، وعنه ... مسلم" (¬2)، وقال الحافظ المزي (¬3): "يحيى بن يحيى: روى عن الليث، وعنه البخاري ومسلم"، وأيده الحافظ ابن حجر (¬4). وذكر الحافظ المزي: عن محمد بن رمح (ويحيى بن يحيى) كلاهما عن الليث بن سعد به (¬5)، وجعله بين معقوفين للدلالة على أنه اختلف فيه، تجنباً ذكر السقط والزيادة، فكلاهما تستقيم به الرواية. أما تعليق الحافظ ابن حجر في النكت الظراف على الأطراف، فهو عن سند أبي طوالة عن أنس، وليس عن سند هذا الحديث. الخلاصة: أن رواية المغاربة لا تنافي رواية المشارقة بإسقاط يحيى أو إثباته، وهذا يعني أن الإمام مسلم حدث بصحيحه غير مرة، والله أعلم. ¬

_ (¬1) ينظر المعلم بفوائد مسلم 3/ 63، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 341. (¬2) ينظر الكاشف 2/ 171، وتهذيب التهذيب 9/ 144. (¬3) تهذيب الكمال 32/ 33. (¬4) تهذيب التهذيب 11/ 259. وغيرهما. (¬5) ينظر تحفة الأشراف، والنكت الظراف على الأطراف، مسند أم حرام بنت ملحان الأنصارية ـ خالة أنس بن مالك، تسلسل 18307، 13/ 71و 72 و73.

باب السفر قطعة من العذاب واستحباب تعجيل المسافر إلى أهله شغله

30 - كتاب الإمارة باب السفر قطعة من العذاب واستحباب تعجيل المسافر إلى أهله بعد قضاء شغله حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب وإسماعيل بن أبي أويس وأبو مصعب الزهري ومنصور بن أبي مزاحم وقتيبة بن سعيد قالوا: حدثنا مالك ح وحدثنا يحيى بن يحيى التميمي (واللفظ له) قال: قلت لمالك حدثك سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: {السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه فليعجل إلى أهله؟ قال نعم}. 3/ 1526. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: "قال مسلم: حدثنا عبد الله بن مسلمة وإسماعيل بن أبي أويس وأبو مصعب الزهري، ومنصور بن أبي مزاحم، وقتيبة بن سعيد قالوا: نا مالك عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. هكذا إسناد هذا الحديث عند أبي أحمد، وكذا عند الكسائي، وعند أبي العلاء بن ماهان: حدثنا عبد الله بن مسلمة وابن أبي الوزير، وأبو مصعب، ومنصور، وقتيبة، عن مالك بهذا. هكذا عنده، جعل ابن أبي الوزير بدل إسماعيل بن أبي أويس. وقال أيضاً: وذكره أبو مسعود الدمشقي، عن مسلم من حديث إسماعيل بن أبي أويس، وقتيبة، وأصحابهما، على ما في رواية أبي أحمد والكسائي. وابن أبي الوزير هو: إبراهيم بن عمر بن أبي الوزير، ويكنى أبا إسحاق، ممن روى عن مالك، ولا أعلم لمسلم عنه رواية، ولا هو ممن أدركه. وقد خرَّج البخاري في كتابه عن عبد الله بن محمد الجعفي، عن إبراهيم بن أبي الوزير مقروناً بالحسين بن الوليد النيسابوري عن ابن الغسيل في الطلاق، حديث الجونية التي تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستعاذت منه" (¬1). وأيد الإمام المازري ما قاله أبو علي الغساني (¬2). ¬

_ (¬1) ينظر تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 890. (¬2) ينظر المعلم بفوائد مسلم 3/ 63، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 353.

........................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وذكر القاضي عياض كذلك هذا القول، وقال: "قال عبد الغني بن سعيد: لا أعلم لمسلم رواية عن ابن أبي الوزير ولا هو ممن أدركه وقد روى البخاري عن رجل عنه" (¬1). أن رواية ابن أبي الوزير عن مالك في مطلق الأحاديث واردة لكونه يروى عنه، لكن رواية مسلم عن ابن أبي الوزير غير واردة؛ لأن مسلم لم يدركه كما قال ذلك عبد الغني بن سعيد، ونقله القاضي عياض، وقال البخاري: توفي ابن أبي الوزير بعد أبي عاصم، والأخير توفي سنة 212هـ، وهو نزيل البصرة (¬2)، ومسلم لم تثبت له رحلة إلى البصرة في هذه السنة لصغر سنه آنذاك. أما البخاري (¬3) فقد ذكر روايته في المتابعة فهو ليس من شرطه، وليس من شرط مسلم أيضا، نقل القاضي عياض قول عبد الغني بن سعيد: لا أعلم لمسلم رواية عن ابن أبي الوزير، وابن أبي الوزير على الرغم من روايته لأحاديث عديدة الأ أنه لا يروي هذا الحديث لا عند مسلم ولاغيره. أهـ الخلاصة: أن وجود ابن أبي الوزير في رواية ابن ماهان مخالف لسائر الرواة مما يجعل الوهم في هذه الرواية، والله أعلم. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 1/ 68. (¬2) ينظرالتاريخ الكبير 1/ 333، وينظر التعديل والتجريح 1/ 354، وغيرها. (¬3) ينظر صحيح البخاري، كتاب الطلاق، باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق، الحديث رقم 4957، 5/ 2013.

باب بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإسلام وبيان نسخه وإباحته ..

31 - كتاب الأضاحي باب بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث في أول الإسلام وبيان نسخه وإباحة إلى متى شاء حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الأعلى، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري ح وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {يا أهل المدينة لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاث}، (وقال ابن المثنى ثلاثة أيام فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لهم عيالا وحشما وخدما فقال: {كلوا وأطعموا واحبسوا أو ادخروا} قال ابن المثنى: شك عبد الأعلى) 3/ 1562. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: "وفي كتاب الأضاحي عند مسلم: حدثنا محمد ابن المثنى، حدثني عبد الأعلى، قال نا سعيد، عن أبي نضرة (¬1)، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {لا تأكلوا لحم الأضاحي فوق ثلاث}. هكذا إسناد ابن المثنى في نسخة ابي العلاء بن ماهان. وعند أبي أحمد الجلودي والكسائي: وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى حدثنا سعيد عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري. زاد في الإسناد رجلاً، وهو قتادة. وقال: والصواب عندي ما رواه ابن ماهان، وكذلك خرجه أبو مسعود الدمشقي في كتاب الأطراف: عن مسلم، عن محمد بن المثنى، عن عبد الأعلى، عن سعيد الجريري، عن أبي نضرة، بهذا، ليس فيه: عن قتادة" (¬2). وأيد ذلك الإمام المازري، ولم يزد شيئا (¬3) ً. وقال القاضي عياض: "قول مسلم: نا أبو بكر بن أبي شيبة، نا عبد الأعلى، عن الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، نا محمد بن مثنى، نا عبد الأعلى، ¬

_ (¬1) أبو نضرة هو: المنذر بن مالك بن قطعة العبدي عن أبي سعيد وعنه قتادة وابن أبي عروبة ثقة مات 108، ينظر الكاشف 2/ 295. (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 892. (¬3) ينظرالمعلم بفوائد مسلم 3/ 97، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 428.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نا سعيد، عن قتادة، عن أبي نضرة كذا لابن ماهان عن قتادة، وسقط لغيره، والصواب سقوطه" (¬1). وقال الإمام النووي: قَوْله: "حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْد الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيد، عَنْ قَتَادَة، عَنْ أَبِي نَضْرَة، عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ، هَكَذَا وَقَعَ فِي نُسَخ بِلَادنَا سَعِيد عَنْ قَتَادَة عَنْ أَبِي نَضْرَة، وَذكَر ما قاله أبو علي الغساني والقاضي عياض عن نسختي الجلودي والكسائي، وكذلك َفِي نُسْخَة اِبْن مَاهَان سَعِيد عَنْ أَبِي نَضْرَة مِنْ غَيْر قَتَادَة، وقال أيضاً: وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِيّ فِي الْأَطْرَاف، وَخَلَف الْوَاسِطِيُّ، وذكر تصويب أبو علي الغساني بإسقاطه. وقال: فِي طَرِيق اِبْن أَبِي شَيْبَة، وَابْن الْمُثَنَّى، عَنْ أَبِي نَضْرَة، عَنْ أَبِي سَعِيد هَذَا خِلَاف عَادَة مُسْلِم فِي الِاقْتِصَار، وَكَانَ مُقْتَضَى عَادَته حَذْف أَبِي سَعِيد فِي الطَّرِيق الْأَوَّل، وَيَقْتَصِر عَلَى أَبِي نَضْرَة، ثُمَّ يَقُول: ح وَيَتَحَوَّل؛ فَإِنَّ مَدَار الطَّرِيقَيْنِ عَلَى أَبِي نَضْرَة، وَالْعِبَارَة فِيهِمَا عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ بِلَفْظٍ وَاحِد، وَكَانَ يَنْبَغِي تَرْكه فِي الْأُولَى (¬2). والمتتبع لما ذكره القاضي عياض يجد أنه جعل في رواية ابن ماهان قتادة بين سعيد وأبي نضرة، وهذا يقتضي أن لا خلاف بين روايات المشارقة والمغاربة، وقد ذكر أبو علي الغساني والإمام المازري والإمام النووي أن سند ابن المثنى غير موجود فيه قتادة بين سعيد وأبي نضرة، وقد وافق الإمام النووي ما ذكره علماء المغاربة في كون قتادة زيادة في السند. فمن نظر إلى أن قتادة زيادة في السند جعل السندين عند ابن أبي شيبة، ومحمد بن المثنى كلاهما عن عبد الأعلى عن الجريري ـ وهو سعيد بن إياس أبو مسعود ـ، لكن السند الثاني لا يشترك بالرواة أنفسهم، فسعيد الذي فيه غير منسوب ـ عند ابن سفيان وعند أبو مسعود الدمشقي سعيد الجريري ـ، لا يمكن جعله سعيد بن إياس ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 349. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 467.

....................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الجريري، وإنما هو سعيد بن أبي عروبة، فعبد الأعلى بن عبد الأعلى يروي عن كلا السعيدين (¬1)، وكلاهما يروي عن أبي نضرة (¬2)، لكنهما يفترقان في كون سعيد بن أبي عروبة يروي عن قتادة وأبي نضرة، وسعيد بن إياس الجريري لا يروي عن قتادة (¬3)، ويروي عن أبي نضرة (¬4)، لذلك قال الحافظ ابن حجر: "أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن المثنى، كلاهما عن عبد الأعلى، عنه به، وقال قلت: هذه رواية أبي بكر وحده. وأما ابن المثنى فأنه أدخل بين سعيد وأبي نضرة قتادة، والذي يظهر أن الحديث عن عبد الأعلى عن السعيدين: سعيد بن إياس الجريري، وسعيد بن أبي عروبة، وأما الجريري، فعن أبي نضرة بلا واسطة، وهذه رواية أبي بكر بن أبي شيبة، عنه، وأما ابن أبي عروبة، فعن قتادة، عن أبي نضرة به، ويؤيد ذلك أن المزي لم يذكر في "التهذيب" لسعيد الجريري رواية عن قتادة، وجزم أبو العباس "أحمد بن ثابت" الطرقي (¬5) في الأطراف أن سعيداً الراوي هنا عن قتادة هو ابن أبي عروبة" (¬6)، فقتادة ليس زيادة في السند الثاني والقرينة الأخرى التي تدل على ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر، هي أن الإمام مسلم في صحيحه لم يبقِ سعيد الجريري بلا نسبة، وفي الغالب يبقي سعيد بن أبي عروبة بلا نسبة؛ لأنه الأشهر، والله أعلم. وخلاصة القول أن رواية ابن ماهان أصوب، والله أعلم. ¬

_ (¬1) تهذيب الكمال 16/ 360، وتهذيب التهذيب 6/ 87. (¬2) المصدران السابقان 11/ 7، و4/ 56، وينظر سير أعلام النبلاء 6/ 413، وتذكرة الحفاظ 1/ 177. (¬3) ينظر تهذيب الكمال 10/ 338 و339، وغيره. (¬4) التاريخ الكبير 3/ 456، وتهذيب الكمال 10/ 339، وتهذيب التهذيب 4/ 6. (¬5) أبو العباس أحمد بن ثابت بن محمد الطرقي كان حافظا متقنا مكثرا من الحديث عارفا بطرقه وله معرفة بالأدب سمع بأصبهان المطهر بن عبد الواحد البرزالي وعثمان بن محمد بن عبد الله المحملي وبهراة أبا إسماعيل الأنصاري وببغداد أبا القاسم بن السري وبالبصرة أبا علي التستري وبالأهواز أبا سعيد الأهوازي وطبقتهم روى عنه أبو العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ الأصبهاني وأبو الفرج عبد الخالق بن أحمد بن يوسف الحافظ ببغداد توفي بعد سنة عشرين وخمس مائة وله تصانيف منها أطراف الكتب الخمسة. الأنساب للسمعاني 4/ 63، وينظر ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1/ 220 و221. ولسان الميزان 1/ 143. (¬6) ينظر تحفة الأشراف، والنكت الظراف، الحديث بتسلسل 4339، 3/ 461.

باب نهي من دخل عليه عشرة ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أضفاره شيئا

32 - كتاب الأضاحي باب نهي من دخل عليه عشر ذي الحجة وهو مريد التضحية أن يأخذ من شعره أو أظفاره شيئا وحدثني عبيد الله بن معاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عمرو الليثي، عن عمر بن مسلم بن عمار بن أكيمة الليثي قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {من كان له ذبح يذبحه فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي} 3/ 1563. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "ذكر مسلم في الباب الخلاف في راوي الحديث عن سعيد بن المسيب، فذكره عن شعبة، عن مالك، عن عمرو بن مسلم، وذكره من رواية أخرى، عن سعيد، عن مالك، عن عمر، أو عمرو بن مسلم من رواية ابن معاذ عن محمد بن عمرو الليثي، عن عمرو بن مسلم بن عمار بن أكيمة الليثي. كذا لجميعهم، ولابن (¬1) مسلم ابن عمار الليثي، وذكر من رواية سعيد بن أبي هلال عن عمر بن مسلم، ونسبه الجندعي، وقال فيه ابن أبي خيثمة: وقال ابن معن (¬2): عمرو، وقيل فيه عمار بن مسلم، وقال البخاري في تاريخه: "عمرو بن مسلم الجندعي ثم الليثي، يروي عن ابن المسيب روى عنه مالك وسعيد بن أبي هلال، وقال بعضهم الخناعي، ويقال فيه: عمر" (¬3)، وجندع بفتح الدال وضمها، وجندع بطن من ليث، والخزاعي (¬4) لا شك بعيد من الجندعي، والله أعلم" (¬5). قال ايضاً: "وفي باب النهي عن أخذ الشعر والظفر لمن يضحي نا عبيد الله ابن معاذ نا أبي نا محمد بن عمرو الليثي عن عمر بن مسلم كذا لابن ماهان بضم العين ¬

_ (¬1) لفظ لابن مسلم: خطأ، والصواب "لابن ماهان عمر بن مسلم". (¬2) إكمال المعلم ابن معن وهوخطأ، والصواب ابن معين. (¬3) التاريخ الكبير 6/ 369. (¬4) الخزاعي: خطأ، والصواب الخناعي. وهذه أخطاء مطبعية لا يستقيم المعنى بها، ولهذا لم ينسب القاضي عياض الخلاف في إكمال المعلم بفوائد مسلم إلى رواية، أو نسخة ما لم تصحح. وذكر الخلاف في المشارق. (¬5) إكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 432 و433.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وكذا تقيد في أصول شيوخنا في هذا الحديث وغير ابن ماهان يقول عمرو بن مسلم بفتحها وكذا رواه مسلم في غير هذا الباب في الحديث الآخر عن مالك وغيره وذكر عن شعبة فيه عن مالك عمر أو عمرو على الشك وقاله ابن أبي خيثمة عمر بالضم وقال ابن معين عمرو وهو قول مالك وحكى البخاري فيه الوجهين وقيل فيه عمار بن مسلم قال أبو داود اختلفوا على مالك وعلى غيره وأكثرهم يقول فيه عمرو وهو عمرو بن مسلم ابن أكيمة الجندعي" (¬1). فذكره المغاربة باسم عمر، والمشارقة عمرو نتيجة الإختلاف في ضبط اسمه، فهو عمرو بن مسلم بن عمارة بن أكيمة الليثي الجندعي المدني، وقيل عمر (¬2)، فهما واحدلا اثنان. وجعلهما ابن حبان اثنين، قال: "ابن أُكَيْمَة الخولاني: يروي عن أبي هريرة، اسمه عمرو بن مسلم بن عمارة بن أُكَيْمَة روى عنه الزهري، وأخوه عمرو بن مسلم بن عمارة، يروي عنه سعيد بن المسيب، وسعيد بن أبي هلال، ومحمد بن عمرو بن علقمة، روى عنه مالك وقال: عمرو بن مسلم، وإنما هو عمر بن مسلم لا عمر، لأن مالكاً لم يدرك عمروا" (¬3). ولم يرتضي هذا القول الحافظان ابن حجر والسخاوي، فقالا: "ولم يوافقه أحد علمته على ذلك" (¬4). ثم أن ابن حبان تارة يعني به الجد، وتارة أخرى يعني به الحفيد، أما الجد فلم يدركه الإمام مالك وأما الحفيد فقد روى عنه بلا واسطة. وذكر الإمام مسلم الجدَّ في الطبقات (¬5)، وقال: ابن أكيمة الليثي، ويقال اسمه ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الاثار، 2/ 115. (¬2) ينظر تهذيب الكمال 22/ 240، وتهذيب التهذيب 8/ 91. (¬3) الثقات 5/ 169 و170. (¬4) تهذيب التهذيب 8/ 91، والتحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة 2/ 326. (¬5) 1/ 246.

............................................................................................. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عمار، وجعله من صغار الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة، ولم يذكر الحفيد لا في الطبقات، ولا في الأسماء والكنى، وذكره في الأسانيد في صحيحه ـ وهذا ما ذكره القاضي عياض في إكمال لمعلم بفوائد مسلم ـ، فذكره باسم عمر، وأخرى عمرو، وثالثة جمع بين الأسمين على الشك. فذكره بلفظ عمر بن مسلم في الباب نفسه (¬1). وبلفظ عمرو بن مسلم في الباب نفسه أيضاً (¬2)، وبالوجهين الحديث الذي قبل الحديث الذي نحن بصدده. وقال العلامة محمد فؤاد عبد الباقي: "عمر بن مسلم كذا رواه مسلم بضم العين في كل هذه الطرق إلا طريق الحسن بن علي الحلواني، ففيها عمرو بفتح العين، وإلا طريق أحمد بن عبد الله بن الحكم، ففيها عمر أو عمرو قال العلماء: الوجهان منقولان في اسمه" (¬3). وممن ذكره بالوجهين أيضاً البخاري في تاريخه عند ترجمته، وأبو يعلى، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي في أحاديث مختلفة يطول ذكرها. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاسم يشترك به آخرون يجب التمييز بينهم منهم عمرو بن مسلم الجندي، يماني، يروي عن طاوس (¬4). والخلاصة أن كلا الروايتين جائزة على الصواب والإحتمال، والله أعلم. ¬

_ (¬1) الحديث رقم 1977، والمكرر 2 - م - 1977، وكذلك كتاب فضائل الصحابة - رضي الله عنهم -، باب فضائل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، الحديث رقم 36/ 2408، 4/ 1873. (¬2) الحديث رقم 1977، 3/ 1563. (¬3) ينظر تعليقاته في حاشية الكتاب 3/ 1563. (¬4) صحيح مسلم: كتاب القدر، باب كل شيء بقدر، الحديث رقم 18/ 2655، وغيره، وينظر الكاشف 2/ 88.

باب تحريم الخمر وبيان أنها تكون من عصير العنب ومن التمر والبسر والزبيب وغيرها مما يسكر

33 - كتاب الأشربة باب تحريم الخمر وبيان أنها تكون من عصير العنب ومن التمر والبسر والزبيب وغيرها مما يسكر وحدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا ابن علية، أخبرنا عبد العزيز بن صهيب قال: سألوا أنس بن مالك عن الفضيخ فقال: ما كانت لنا خمر غير فضيخكم هذا الذي تسمونه الفضيخ إني لقائم أسقيها أبا طلحة، وأبا أيوب، ورجالاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتنا إذ جاء رجل فقال: هل بلغكم الخبر؟ قلنا: لا، قال: فإن الخمر قد حرمت، فقال: يا أنس أرق هذه القلال، قال: فما راجعوها، ولا سألوا عنها بعد خبر الرجل 3/ 1570. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: "قال مسلم: حدثنا يحيى بن أيوب، قال نا ابن علية، أنا عبد العزيز بن صهيب، قال: سألوا أنس بن مالك عن الفضيخ، الحديث. وقع في بعض النسخ: حدثنا يحيى بن يحيى، قال ابن علية، وهو وهم، والصواب: يحيى بن أيوب. وكان ايضاً في أصل أبي العلاء بن ماهان في هذا الإسناد: ابن عيينة بدل ابن علية، وهو وهم، والصواب: ابن علية، قال عبد الغني: كان في أصل أبي العلاء: ابن عيينة عن عبد العزيز. قال وهو خطأ، ليس عند ابن عيينة عن عبد العزيز بن صهيب شيء" (¬1). وأيد الإمام المازري ما ذكره أبو علي الغساني، وقال وقع في بعض النسخ حدثنا يحيى بن يحيى بدل يحيى بن أيوب وهو وهم، ووقع في أصل ابن ماهان حدثنا ابن عيينة بدل ابن علية، وهو وهم، والصواب ابن علية نبّه عليه عبد الغني، وقال: ليس عند ابن عيينة عن عبد العزيز بن صهيب شيء (¬2). ولم يذكر القاضي عياض الخلاف عن يحيى بن يحيى، ويحيى بن أيوب، لكنه ذكر الخلاف بين رواية ابن ماهان وغيره، فقال: "وفي باب الفضيخ تحريم الخمر، ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 893. (¬2) ينظر المعلم بفوائد مسلم 3/ 108، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 443 و 444.

............................................................................................. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نا يحيى بن أيوب، نا ابن علية، نا عبد العزيز بن صهيب كذا للعذري، وعند ابن ماهان ابن عيينة، والأول الصواب؛ قال عبد الغني بن سعيد: ليس عند ابن عيينة لعبد العزيز ابن صهيب شيء" (¬1). فعن الخلاف الأول: فأنه محتمل، فيحيى بن يحيى بن بكر النيسابوري، ويحيى بن أيوب المقابري، كل منهما يروي عن ابن علية وابن عيينة (¬2)، لكن وقع هذا الخلاف في بعض النسخ، ولم يقع في روايتي ابن ماهان وابن سفيان، روى مسلم فيهما: حدثنا يحيى بن أيوب حدثنا ابن علية، وتفرد بهذا السند عنهما في هذا الحديث فلم يروه غيره. وعن الخلاف الثاني: "قول الحافظ عبد الغني بن سعيد ليس عند ابن عيينة لعبد العزيز بن صهيب شيء"، فليس مُسَلَّم به فقد ذكر الإمام الذهبي: "عبد العزيز بن صهيب البناني، البصري، الاعمى، الحافظ، روى عنه سفيان بن عيينة" (¬3). فالرواية أيضاً محتملة عنهما. وقولهم: وقع في أصل ابن ماهان حدثنا ابن عيينة بدل ابن علية، وهو وهم، والصواب ابن علية، فإن رواية البخاري (¬4) تؤيدهم. الخلاصة أن الخلاف حاصل في أصل ابن ماهان ابن عيينة بدل ابن علية فقط وفيه الوهم، والله أعلم. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 2/ 122. (¬2) ينظر رجال مسلم 2/ 331 و 353، وتاريخ بغداد 14/ 188، والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم 11/ 219، وتهذيب الكمال 31/ 338، و32/ 31 و32، وطبقات الحفاظ 1/ 218. (¬3) ينظر سير أعلام النبلاء 6/ 103. (¬4) صحيح البخاري: كتاب التفسير، باب تفسير سورة المائدة، الحديث رقم 4341، 4/ 1688.

باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب وذكر اسم الله عليها وإطفاء السراج والنار عند النوم

34 - كتاب الأشربة باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب وذكر اسم الله عليها وإطفاء السراج والنار عند النوم وكف الصبيان والمواشي بعد المغرب وحدثنا عمرو الناقد حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا الليث بن سعد حدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي عن يحيى بن سعيد عن جعفر بن عبد الله بن الحكم عن القعقاع بن حكيم عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {غطوا الإناء وأوكوا السقاء فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من ذلك الوباء} 3/ 1596. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: وفي آخر كتاب الأشربة في باب تغطية الإناء عند مسلم: حدثنا عمرو الناقد، قال: نا هاشم بن القاسم، قال: نا الليث بن سعد، قال: حدثني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي الليثي، عن يحيى بن سعيد، عن جعفر ابن عبد الله بن الحكم، عن القعقاع بن حكيم، عن جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {غطوا الإناء وأوكوا السقاء فإن في السنة ليلة ينزل فيها وباء لا يمر بإناء ليس عليه غطاء أو سقاء ليس عليه وكاء إلا نزل فيه من ذلك الوباء}. هكذا إسناد هذا الحديث عن أبي العباس الرازي، وفي النسخة المقروءة على الجلودي: حدثني يزيد بن عبد الله بن أُسامة بن الهادي، ويحيى بن سعيد - بواو العطف -، عن جعفر. وكذلك عند أبي العلاء بن ماهان. والمحفوظ في هذا الإسناد: الليث، عن يزيد بن عبد الله، عن يحيى بن سعيد، عن جعفر بن عبد الله بن الحكم، وهكذا خرجه أبو مسعود عن مسلم، ثم ذكر أبو علي الغساني أسانيد عن شيوخه تتصل إلى الليث ليس فيه واو العطف (¬1). وكذلك ذكر الإمام المازري هذا الخلاف لكنه أخطأ في السند فقال نا الليث بن ¬

_ (¬1) ينظر تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 895.

............................................................................................. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ خالد، بدل الليث بن سعد (¬1)، ولا أعلم إن كان ذلك خطأً مطبعياً؛ لأن في إكمال المعلم بفوائد مسلم ورد على الصحيح (¬2). وقال القاضي عياض: "وفي باب تغطية الإناء في مسلم: في حديث عمرو الناقد يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادي الليثي، عن يحيى بن سعيد كذا لابن سفيان، عن مسلم، وعند ابن ماهان: ويحيى بن سعيد، والمحفوظ ما للجماعة، وكذا خرجه الدمشقي" (¬3). وذكر الحافظ المزي السند كما في رواية ابن سفيان بدون واو العطف (¬4)، ووجدت محقق تحفة الأشراف قد أشار إلى ما رواه أبو مسعود الدمشقي بواو العطف وقال: وهو وهم، وذكر الحافظ المزي أيضاً أن الليث بن سعد يروي عن يزيد بن عبد الله بن أُسامة بن الهادِ، ويحيى بن سعيد الأنصاري (¬5)، وقال: أن الليث يروي عن جعفر بن عبد الله بن الحكم الأوسي (¬6)، وهذا يستقيم مع رواية المغاربة وأبو مسعود الدمشقي، فالجمع بينهما بواو العطف محتمل، وإن كانت هذه علة فهي غير قادحة، وأن نص الأئمة عليه بالوهم؛ لأن المحفوظ رواية الليث عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهادِ الليثي عن يحيى بن سعيد الأنصاري. وعلى الصواب رواه الإمام أحمد (¬7)، والبيهقي (¬8). الخلاصة أن الرواية بالعطف محتملة لا تضر، والله أعلم. ¬

_ (¬1) ينظر المعلم بفوائد مسلم 3/ 109. (¬2) ينظر 6/ 481. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 2/ 91. (¬4) تحفة الأشراف 2573، 2/ 264. (¬5) ينظر تهذيب الكمال 32/ 169 و170 و171. (¬6) المصدر نفسه 5/ 65، و31: 346 و347. (¬7) مسند الامام احمد بن حنبل، مسند المكثرين من الصحابة، مسند جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -، الحديث رقم 14871، 3/ 255. (¬8) شعب الإيمان، التاسع والثلاثون من شعب الإيمان ـ وهو باب في المطاعم والمشارب وما يجب التورع عنه ... ، تخمير الإناء وإيكاء السقاء، الحديث رقم 6059، 5/ 127.

باب جواز استتباعه غير إلى دار من يثق برضاه بذلك

35 - كتاب الأشربة باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك ويتحققه تحققا تاما واستحباب الاجتماع على الطعام وحَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو هِشَامٍ ـ يَعْنِي المُغِيرَةَ بْنَ سَلَمَةَ ـ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: بَيْنَا أَبُو بَكْرٍ قَاعِدٌ وَعُمَرُ مَعَهُ إِذْ أَتَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: {مَا أَقْعَدَكُمَا هَاهُنَا}؟ قَالَا: أَخْرَجَنَا الْجُوعُ مِنْ بُيُوتِنَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ 3/ 1609. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ذكر أبو علي الغساني: في كتاب الأطعمة عند مسلم عن أبي هريرة، قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم أو ليلة فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال: {ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة}؟ قالا: الجوع، وذكر الحديث. ثم عقب بعده: حَدَّثَنِا إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا، قال: نا أَبُو هِشَامٍ ـ يَعْنِي المُغِيرَةَ بْنَ سَلَمَةَ ـ قال: َنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قال: نَا يَزِيدُ بن كيسان، قال: ثَنَا أَبُو حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَة، بهذا. هكذا روي هذا الإسناد الثاني مجوداً، عن أبي أحمد الجلودي، من طريق السجزي، وسقط منه في رواية ابن ماهان والرازي عن أبي أحمد رجل وهو عبد الواحد بن زياد، ولا يتصل السند إلا به. وكذلك خرجّه أبو مسعود، عن مسلم، عن أبي إسحاق بن منصور، عن مغيرة بن سلمة، عن عبد الواحد، عن يزيد، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، والذي عند ابن ماهان خطأ بين. وقال: قال البخاري: مغيرة بن سلمة أبو هشام، سمع عبد الواحد بن زياد ووهيباً ومروان الفزاري، مات سنة مائتين (¬1). وذكر هذا الخلاف الإمام المازري في إكمال المعلم بفوائد مسلم (¬2) َوأيد به ¬

_ (¬1) ينظر تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 898 و899. (¬2) لم يُنْسب القول فيه إلى الإمام المازري أو القاضي عياض، لكن يفهم منه أنه للإمام المازري من خلال منهجه في المعلم بفوائد مسلم حيث يكني بنسبة القول إلى أبي علي الغساني بـ "قال = = بعضهم"، وهذا ما ضمنه في هذا الموضع، ولم يذكر هذا الخلاف في كتابه المعلم بفوائد مسلم، ينظر 6/ 512.

................................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أبو علي الغساني. قال الامام النووي: قَوْله فِي إِسْنَاد الطَّرِيق الثَّانِي: (وَحَدَّثَنِي إِسْحَاق بْن مَنْصُور أَنْبَأَنَا أَبُو هِشَام "يَعْنِي الْمُغِيرَة بْن سَلَمَة" أَنْبَأَنَا يَزِيد أَنْبَأَنَا أَبُو حَازِم قَالَ: سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْإِسْنَاد فِي النُّسَخ بِبِلَادِنَا، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاض أَنَّهُ وَقَعَ هَكَذَا فِي رِوَايَة اِبْن مَاهَان، وَفِي رِوَايَة الرَّازِّي مِنْ طَرِيق الْجُلُودِيّ، وَأَنَّهُ وَقَعَ مِنْ رِوَايَة السَّجَزيّ عَنْ الْجُلُودِيّ بِزِيَادَةِ رَجُل بَيْن الْمُغِيرَة بْن سَلَمَة وَيَزِيد بْن كَيْسَانَ، هُوَ عَبْد الْوَاحِد بْن زِيَاد، قَالَ أَبُو عَلِيّ الْجَيَّانِيّ: وَلَا بُدّ مِنْ إِثْبَات عَبْد الْوَاحِد، وَلَا يَتَّصِل الْحَدِيث إِلَّا بِهِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ خَرَّجَهُ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِيّ فِي الْأَطْرَاف عَنْ مُسْلِم عَنْ إِسْحَاق عَنْ مُغِيرَة عَنْ عَبْد الْوَاحِد عَنْ يَزِيد بْن أَبِي كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة، قَالَ الْجَيَّانِيّ: وَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَاهَان وَغَيْره مِنْ إِسْقَاطه خَطَأ بَيِّن. قُلْت: وَنَقَلَهُ خَلَف الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَاف بِإِسْقَاطِ عَبْد الْوَاحِد، وَالظَّاهِر الَّذِي يَقْتَضِيه حَال مُغِيرَة وَيَزِيد أَنَّهُ لَا بُدّ مِنْ إِثْبَات عَبْد الْوَاحِد، كَمَا قَالَهُ الْجَيَّانِيّ. وَاَللَّه أَعْلَم (¬1). الخلاصة: أن رواية ابن ماهان سقط منها راوٍ لا تستقيم الرواية إلا به، والله أعلم. ¬

_ (¬1) شرح النووي على صحيح مسلم 7/ 90.

باب جواز استتباعه غير إلى دار من يثق برضاه بذلك

36 - كتاب الأشربة باب جواز استتباعه غيره إلى دار من يثق برضاه بذلك ويتحققه تحققا تاما واستحباب الاجتماع على الطعام وحدثنا الحسن بن علي الحلواني، حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي قال سمعت جرير بن زيد يحدث، عن عمرو بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: رأى أبو طلحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطجعا في المسجد يتقلب ظهرا لبطن فأتى أم سليم فقال: إني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطجعا في المسجد يتقلب ظهرا لبطن وأظنه جائعا، وساق الحديث، وقال فيه: ثم أكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو طلحة وأم سليم وأنس بن مالك، وفضلت فضلة فأهديناه لجيراننا 3/ 1612. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: وفي الأطعمة عند مسلم: وحدثنا الحسن بن علي الحلواني، قال: نا وهب بن جرير، نا أبي، قال: سمعت جرير بن زيد يحدث عن عمرو بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، قال: رأى أبو طلحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطجعا في المسجد يتقلب ظهرا لبطن، الحديث. في نسخة أبي العلاء بن ماهان: سمعت جرير بن يزيد ـ على مثال يعيش ـ بزيادة ياء، وهو وهم، وإنما هو: جرير بن زيد، وهو عم جرير بن حازم. ذكره البخاري (¬1)، وابن أبي حاتم الرازي (¬2)، قالا: روى عن عامر بن سعد وتبيع، روى عنه جرير ويزيد ابنا حازم (¬3). وأيد ذلك القاضي عياض (¬4). الخلاصة: الوهم واضح وجلي حيث لم يذكره أحد في كتب التراجم باسم جرير بن يزيد، وإنما جرير بن زيد (¬5)، وتفرد مسلم بسند هذا الحديث. ¬

_ (¬1) التاريخ الكبير 2/ 212. (¬2) الجرح والتعديل 2/ 503. (¬3) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 899 و900. (¬4) ينظر إكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 521، ومشارق الأنوار على صحاح الاثار 1/ 317. (¬5) ينظر رجال صحيح مسلم 1/ 118، وتهذيب الكمال 4/ 532، وتهذيب التهذيب 2/ 63، وغيرها.

باب في اباحة الاستلقاء ووضع احدى الرجلين على الأخرى

37 - كتاب اللباس والزينة باب في إباحة الاستلقاء ووضع إحدى الرجلين على الأخرى حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عباد بن تميم عن عمه أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستلقيا في المسجد واضعا إحدى رجليه على الأخرى. حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم كلهم عن ابن عيينة ح وحدثني أبو الطاهر وحرملة قالا: أخبرنا ابن وهب أخبرني يونس ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد قالا: أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر كلهم عن الزهري بهذا الإسناد مثله 3/ 1662. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: وفي كتاب الأدب في باب الإستلقاء في المسجد عند مسلم: حدثنا أبو الطاهر وحرملة، قالا: نا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، قال: وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبَّاد بن تميم، عن عمِّه: رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - مستلقياً، واضعاً (¬1) إحدى رجليه على الأخرى. هكذا قال مسلم في الإسناد الثاني: عن إسحاق بن إبراهيم، وعبد بن حميد في رواية أبي أحمد الجلودي والكسائي، وكذلك خرجه أبو مسعود عن مسلم. وعند ابن ماهان، عن مسلم، عن إسحاق بن إبراهيم، وعبد بن حميد جميعاً، عن عبد الرزاق. جعل إسحاق بن منصور بدل إسحاق بن إبراهيم. ثم قال أبو علي الغساني: والذي أعتقد صوابه رواية من قال: إسحاق بن إبراهيم؛ لأنهما كثيراً ما يجيئان هكذا مقرونين في رواية مسلم في هذه النسخة عنها عن عبد الرزاق، وإن كان إسحاق بن منصور ـ أيضاً ـ يروي عن عبد الرزاق (¬2). وأيد الإمام المازري ما قاله أبو علي الغساني ولم يضف شيئا (¬3). ... = ¬

_ (¬1) سقطت من كتاب تقييد المهمل وتمييز المشكل. (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 904. (¬3) ينظر المعلم بفوائد مسلم 3/ 134، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 621.

باب كان رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ أحسن الناس خلقا

38 - كتاب الفضائل باب كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقا وحدثنا شيبان بن فروخ وأبو الربيع قالا: حدثنا عبد الوارث، عن أبي التياح، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقا 4/ 1805*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = وقال القاضي عياض: وفي باب الاستلقاء في المسجد ونا إسحق بن إبراهيم وعبد بن حميد كذا لابن سفيان وعند ابن ماهان نا إسحق بن منصور، وذكر ما صوَّبه أبو علي الغساني (¬1). وقال الإمام النووي: قوله: "وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، وعبد بن حميد قالا: أخبرنا عبد الرزاق". هكذا هو في جميع نسخ بلادنا، ونقل ما قاله أبو علي الغساني، وقال وهذا الذي صوبه الغساني هو الصواب، وكذا ذكره الواسطي في الأطراف عن رواية مسلم (¬2). وكذلك ذكر الحافظ المزي: عن إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد، كلاهما عن عبد الرزاق، عن معمر كلاهما عن الزهري به (¬3). الخلاصة: وأما الإسحاقان فهما: إسحاق بن راهويه، وإسحاق بن منصور الكوسج، ولم أجد من يخالف أبا علي الغساني في تصويب ما ذهب إليه وانفرد الإمام مسلم بسند هذا الحديث. ومع ذلك فإنه لا يضر كما هو مقرر في أصول الحديث لأنهما ثقتان. * قال أبو علي الغساني: وفي باب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - حدثنا شيبان بن فروخ وأبو الربيع، قالا: نا عبد الوارث، عن أبي التياح، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقا. هكذا إسناد هذا الحديث عند أبي أحمد وغيره، وفي نسخة أبي العلاء: حدثنا شيبان وأبو الربيع، قالا: نا عبد الواحد، عن أبي التياح، جعل مكان عبد الوارث عبد الواحد. والصواب عبد الوارث، وهو ابن سعيد ¬

_ (¬1) ينظر مشارق الأنوار على صحاح الاثار 1/ 68. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم7/ 201. (¬3) تحفة الأشراف 4/ 339.

.......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ التَّنُّوري صاحب أبي التياح (¬1). وأيد الأمام المازري أبا علي الغساني فيما ذهب إليه (¬2). وقال القاضي عياض: وفي باب حسن خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - نا شيبان بن فروخ، وأبو الربيع، قالا: نا عبد الوارث، عن أبي التياح، وعند ابن ماهان: أنا ... عبد الواحد، عن أبي التياح، والصواب الأول، وهو عبد الوارث بن سعيد ... التنوري (¬3). وعبد الواحد هذا غير منسوب، لم يذكر أحد من أئمة الحديث اسمه أو كنيته، أو لقبه، ولا يُعرف أحد يروي عن أبي التياح يزيد بن حميد الضبعي بهذا الإسم، ولا يروي عنه شيبان بن فروخ، أو سليمان بن سعيد العتكي، ولا أعلم فيما أطلعت عليه من كتب أن أحد ترجم له، أو ذكر له رواية بينهم، وحتى كتب الحديث لم أجد سنداً واحداً غير هذا الذي عند ابن ماهان ولا أعلم ما هو!، بل كل من ترجم ... لعبد الوارث ذكر له رواية عن أبي التياح، وعنه شيبان بن فروخ، وسليمان بن الربيع العتكي، ويذكر توثيقه له (¬4). وعلى الصواب رواه البخاري (¬5)، ومسلم (¬6)، والإمام أحمد (¬7)، وابن أبي = ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 911. (¬2) ينظر المعلم بفوائد مسلم 3/ 224، وفي إكمال المعلم بفوائد مسلم وهو ابن سعيد البنودي، وهوخطأ ولا ترجمة لهكذا نسب 7/ 276. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 2/ 121. (¬4) ينظر تهذيب الكمال 18/ 479 و480، وتهذيب التهذيب 6/ 391، وغيرها. (¬5) صحيح البخاري: كتاب الأدب، باب الكنية للصبي وقبل أن يولد للرجل، الحديث رقم 5850، 5/ 2291. (¬6) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب جواز الجماعة في النافلة والصلاة على حصير ... ، الحديث رقم (659)، 1/ 457، وكتاب الأدب، باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته ... ، الحديث رقم (2150)، 3/ 1692. (¬7) مسند الامام احمد بن حنبل، مسند المكثرين من الصحابة، مسند أنس بن مالك - رضي الله عنه - الحديث رقم 13883، 3/ 270.

باب ما سأل رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ شيئا قط فقال لا وكثرة عطائه

39 - كتاب الفضائل باب ما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا قط فقال: لا وكثرة عطائه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعمرو الناقد قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن المنكدر سمع جابر بن عبد الله قال: ما سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا قط فقال: لا. وحدثنا أبو كريب، حدثنا الأشجعي ح، وحدثني محمد بن المثنى، حدثنا ... عبد الرحمن (يعني ابن المهدي) كلاهما، عن سفيان، عن محمد بن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: مثله سواء 4/ 1805*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = شيبة (¬1)، والبيهقي (¬2). الخلاصة أن الوهم في رواية ابن ماهان. * قال أبو علي الغساني: وبعد هذا بيسير ـ أي حديث المتابعة من باب ما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا قط فقال: لا وكثرة عطائه - عند مسلم: حدثنا أبو كريب، حدثنا الأشجعي ح، وحدثني محمد بن حاتم، حدثنا عبد الرحمن ـ يعني ابن المهدي ـ كلاهما عن سفيان، عن محمد بن المنكدر عن جابر، قال: ما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا قط فقال: لا. هكذا إسناده عند أبي العلاء. وفي نسخة أبي أحمد: حدثني محمد بن المثنى، نا عبد الرحمن بن المهدي، عن سفيان. وجعل محمد بن المثنى بدل محمد بن حاتم. وعن محمد بن حاتم خرَّجه أبو مسعود عن مسلم (¬3). وأيد ذلك الإمام المازري ولم يضف شيئا (¬4) ً. وقال القاضي عياض: وفي باب ما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا فقال: لا، نا محمد بن مثنى نا عبد الرحمن ـ يعني ابن مهدي ـ كذا للجلودي، وعند ابن ماهان: نا محمد ¬

_ (¬1) مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الأدب، ما ذكر في حسن الخلق وكراهية الفحش، الحديث رقم 25336، 5/ 212. (¬2) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الحيض باب مَنْ بسط شيئاً فصلى عليه، الحديث رقم 4077، 2/ 436، وباب مَنْ جمع في بيته، الحديث رقم 4772، 3/ 66، وكتاب الحج، باب الحلال يصيد صيداً في الحل ثم يدخل به الحرم، الحديث رقم 9772، 5/ 203، وكتاب الضحايا، باب مَنْ تكنى وليس له ولد، الحديث رقم 19116، 9/ 310. (¬3) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 911 و912. (¬4) ينظر المعلم بفوائد مسلم 3/ 225، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 7/ 277.

...................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بن حاتم، نا عبد الرحمن، وكذا خرجه أبو مسعود الدمشقي عن مسلم (¬1). وأكد الإمام النووي ما قاله القاضي، وزاد: هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع نُسَخ بِلَادنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى، وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَاهَان: مُحَمَّد بْن حَاتِم، وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِيّ، وَخَلَف الْوَاسِطِيُّ (¬2). وكذلك ذكره الحافظ المزي: عن أبي كريب، عن الأشجعيِّ وعن محمد بن حاتم، عن ابن مهديَ ثلاثتهم عنه به (¬3). وأبو أحمد الجلودي لم يخالف رواية ابن سفيان ـ وهي النسخة الأم كما يسميها القاضي عياض ـ، ولم يكن هذا الحديث من الفوت الذي وقع لابن سفيان من سماعه الصحيح من مؤلفه مسلم بن الحجاج النيسابوري ـ والذي أشار إليه ابن الصلاح، ولم يكن بينهما واسطة حتى يقال الخطأ من ابن سفيان، وفي نسخته ابن المثنى لا ابن حاتم، ولم يقع الخلاف فيه عند المشارقة، قال الحافظان المزي وابن حجر: "محمد بن حاتم ومحمد بن المثنى عن ابن مهدي وعنهما مسلم" (¬4)، ولهذا لا يستبعد أن تكون الروايتان صحيحتين، فيكون الحديث له طريقين ذكر أحداها المشارقة عن محمد بن المثنى والأخرى ابن ماهان عن محمد بن حاتم. وطرق أخرى عند غير مسلم كما سيأتي، ولا سيما أن الإمام مسلم (¬5) روى أحاديث كثيرة لكل من محمد بن المثنى ومحمد بن حاتم في الأصول، وهو غالباً ما يقدم محمد بن المثنى على محمد بن حاتم، وأحياناً يروي عنهما مقرونين عن ابن مهدي كحديث في باب بيان أن كل مسكر خمر، وأن كل خمر حرام، وما يؤيد تعدد طرق هذا الحديث عن ابن مهدي عن سفيان الثوري، ما رواه الترمذي (¬6) في الشمائل المحمدية، باب ما جاء في = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 1/ 402. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 19. (¬3) تحفة الأشراف الحديث بتسلسل 3024، 2/ 361. (¬4) ينظر تهذيب الكمال 25/ 20، و26/ 359 و360، وتهذيب التهذيب 9/ 89 و377، وغيرهما. (¬5) الحديث رقم 2003، 3/ 1587. (¬6) الحديث رقم 353، 1/ 292.

باب توقيره ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه

40 - كتاب الفضائل باب توقيره - صلى الله عليه وسلم - وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه أو لا يتعلق به تكليف وما لا يقع ونحو ذلك حدثنا محمود بن غيلان ومحمد بن قدامة السلمي ويحيى بن محمد اللؤلؤي وألفاظهم متقاربة (قال محمود: حدثنا النضر بن شميل وقال الآخران: أخبرنا النضر) أخبرنا شعبة حدثنا موسى بن أنس عن أنس بن مالك قال: بلغ رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - عن أصحابه شيء فخطب فقال عرضت علي الجنة والنار فلم أر كاليوم في الخير والشر ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قال فما أتى على أصحاب رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) يوم أشد منه قال غطوا رؤوسهم ولهم خنين قال: فقام عمر فقال: رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً قال: فقام ذاك الرجل فقال: من أبي؟ قال أبوك فلان {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ (101)} [المائدة]، 4/ 1832*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = خلق النبي - صلى الله عليه وسلم - من طريق محمد بن بشار عن ابن مهدي عن سفيان الثوري، وتفرد مسلم بسند هذا الحديث، والله أعلم. الخلاصة أن رواية ابن ماهان ذكرها المزي وصوبها كما صوب رواية ابن سفيان، والله أعلم. وهذا الحديث يؤيد ما توصلنا إليه بدراستنا إن اختلاف النسخ لا يرجع إلى الوهم أو الخطأ، بل قد يرجع إلى تعدد مجالس الرواية. * قال الإمام المازري: "في سند هذا الحديث حدثنا محمود بن غيلان، حدثنا محمد بن قدامة السلمي. كذا لكافتهم، ولابن ماهان عند بعض الرواة: "الكلبي"، والصواب الأول" (¬1). وقال القاضي عياض: "محمد بن قدامة الكلبي كذا لابن ماهان من بعض = ¬

_ (¬1) إكمال المعلم بفوائد مسلم 7/ 331.

باب من فضائل عبد الله بن عمرو بن حرام

41 - كتاب فضائل الصحابة (- رضي الله عنهم -) باب من فضائل عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر - رضي الله تعالى عنهما - حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف، حدثنا زكرياء بن عدي، أخبرنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: جيء بأبي يوم أحد مجدعاً فوضع بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر نحو حديثهم 4/ 1917*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = طرقه وللكافة السلمي وكذا نسبه الحاكم وعبد الملك بن أبجر الكناني بكسر الكاف وفتح النون" (¬1). لم أجد من ينسبه إلى الكلبي وهذه النسبة خطأ، وإنما نسبته السلمي، قال ابن منجويه: "محمد بن قدامة السلمي روى عن النضر بن شميل في الصوم وصفة النبي - صلى الله عليه وسلم - " (¬2). * قال أبو علي الغساني: "وفي باب فضل عبد الله بن عمرو بن حرام عند مسلم: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف، قال: نا زكرياء بن عدي، قال: نا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: جيء بأبي يوم أحد مجدَّعاً فوضع بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -. هكذا روي عن أبي أحمد والكسائي، وعند أبي العلاء بن ماهان: عبد الكريم عن محمد بن علي، عن جابر، جعل بدل محمد بن المنكدر، محمد بن علي، وهو: ابن الحسين بن علي بن أبي طالب. ومن حديث محمد بن المنكدر عن جابر خرَّجه أبو مسعود الدمشقي، وهو الصواب" (¬3). وأكد ذلك الإمام المازري وصوب رواية عبد الكريم، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، وهو ما خرجه أبو مسعود الدمشقي (¬4). ثم أكد القاضي عياض ذلك وزاد: "وصوب أبو علي الجياني ما في الأم" (¬5). ثم أكد الإمام النووي قَوْلهم عَنْ عَبْد الْكَرِيم عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُنْكَدِر عَنْ جَابِرٍ، ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 1/ 352. (¬2) رجال مسلم 2/ 203، وتاريخ الإسلام 17/ 342، وينظر تهذيب التهذيب 9/ 362. وغيرها. (¬3) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 914. (¬4) ينظر المعلم بفوائد مسلم 3/ 273، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 7/ 500. (¬5) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 1/ 402.

...................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وقال: هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع نُسَخِ بِلَادِنَا وذكر ما وقع عند ابن ماهان، وما صوبة أبو علي الغساني، وما خرجه أبو مسعود الدمشقي (¬1). ولم أجد من يشير إلى رواية لعبد الكريم بن مالك الجزري عن أبي جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب، لا في كتب التراجم ولا في الأسانيد من كتب الحديث، وأن أبا جعفر الباقر من الطبقة الرابعة، وعبد الكريم من الطبقة السادسة (¬2)، وربما لم يلتقيا لسكن الأخير في بلاد بعيدة عن المدينة، قال البخاري (¬3): أصله من إصطخر (¬4) تحول إلى حران (¬5). الخلاصة: إن نسبة الكلبي عند ابن ماهان خطأ، والله أعلم. ¬

_ (¬1) شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 233. (¬2) ينظر تقريب التهذيب 1/ 361 و497. (¬3) التاريخ الكبير 6/ 88، وينظرتاريخ مدينة دمشق 36/ 450، وتهذيب الكمال 18/ 253، وغيرها. (¬4) إصطَخر: بالكسر وسكون الخاء المعجمة، والنسبة إليها إصطخري وإصطخرزي بزيادة الزاي: بلدة بفارس من الإقليم الثالث، طولها تسع وسبعون درجة، وعرضها اثنتان وثلاثون درجة، وهي من أعيان حصون فارس، ومُدنها وكُوَرها. قيل: كان أول من أنشأها اصطخر بن طهمورث ملك الفرس، وطهمورث عند الفرس بمنزلة آدم. معجم البلدان 1/ 211. (¬5) حرّان: بتشديد الراء وآخره نون ... وهي: مدينة عظيمة مشهورة من جزيرة أقور، وهي قصبة ديار مُضر بينها وبين الرها يوم، وبين الرقة يومان، وهي على طريق الموصل والشام والروم. قيل: سميت بهارَان أخي إبراهيم عليه السلام؛ لأنه أول من بناها فعربت، فقيل: حرّان. وذكر قوم؛ أنها أول مدينة بُنيت على الأرض بعد الطوفان، وكانت منازل الصابئة وهم: الحرانيون الذين يذكرهم أصحاب كتب "الملل والنحل". ينظر المصدر السابق 2/ 235.

باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر

42 - كتاب البر والصلة والآداب باب حريم التحاسد والتباغض والتدابر حدثنا أبو كامل حدثنا يزيد (يعني ابن زريع) ح وحدثنا محمد بن رافع وعبد بن حميد كلاهما عن عبدالرزاق جميعا عن معمر عن الزهري بهذا الإسناد أما رواية يزيد عنه فكرواية سفيان عن الزهري يذكر الخصال الأربعة جميعا وأما حديث عبد الرزاق ولا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا. 4/ 1984. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وفي حديث لا تباغضوا من رواية أبي كامل قوله: وأما رواية يزيد عنه ـ يعني عن معمر ـ كذا رواية أكثر شيوخنا عن مسلم، وعند ابن ماهان: وأما رواية يزيد، وعبد، والأول الصواب" (¬1). الخلاصة: فوجود يزيد وعبد مشكل؛ لأنه تداخل بين إسنادين، والحقيقة لا وجود له في هذا الإسناد، كما ذهب إلى ذلك القاضي عياض، فتكون من قبيل الوهم، أو الخطأ في الكتابة والنسخ، والله أعلم. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 90.

باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش ونحوها

43 - كتاب البر والصلة والآداب باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش ونحوها حدثنا الحسن بن علي الحلواني وعلي بن نصر الجهضمي قالا: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا شعبة، عن الأعمش بهذا الإسناد لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا إخوانا كما أمركم الله 4/ 1985. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: "ومن كتاب الأدب عند مسلم: حدثنا محمد بن المثنى، قال نا أبو داود، قال نا شعبة، عن قتادة، عن أنس: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تحاسدوا ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا". ثم عقَّب بعد هذا بقوله: حدثنا علي بن نصر، قال نا وهب بن جرير، قال نا شعبة، بهذا الإسناد مثلة. هكذا عند أبي أحمد: حدثنا علي بن نصر، وهو: أبو الحسن علي بن نصر بن علي بن نصر الجهضمي، روى مسلم عن أبيه: نصر بن علي كثيراً، وروى عن ابنه علي بن نصر في هذا الموضع. وفي نسخة أبي العلاء بن ماهان: حدثنا نصر بن علي، قال نا وهب بن جرير، بدل علي بن نصر، ورواية أبي أحمد الصواب. ثم قال أبو علي الغساني: ذكر مسلم بعد هذا بأحاديث حديث الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحاسدوا ولا تباغضوا، ولا تجسسوا" ثم أردف بعد هذا: حدثنا علي بن نصر، قال نا وهب بن جرير، قال نا شعبة، عن الأعمش بهذا الإسناد: "لا تقاطعوا ولا تدابروا" الحديث. ولم تختلف النسخ في هذا الموضع في هذه المتابعة انها عن علي بن نصر، ومات علي بن نصر هذا مع أبيه نصر بن علي في سنة واحدة، سنة خمسين ومائتين، توفي الأب في ربيع الآخر، ومات ابنه في شعبان من السنة المذكورة" (¬1). ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 920 و921 و922.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وأكد ذلك الإمام المازري وقال: "جعل بدل علي بن نصر، نصر بن علي"، وأيد أبا علي الغساني في عدم الخلاف في الموضع الثاني (¬1). وقال القاضي عياض: وافق الإمام المازري ابن ماهان على الرواية الأولى فيما قيدناه عن شيوخنا العذري عن الرازي، والطبري عن الفارسي كلاهما عن الجلودي، وإنما قيدنا علي بن نصر عن السمرقندي عن الفارسي عن السجزي عن الجلودي (¬2). وأما الحديث الآخر الذي لم تختلف عنده فيه النسخ في علي بن نصر عن وهب بن جرير فأكثر الرواة فيها على ما قال (¬3). ثم كرر القاضي ذكر هذا الخلاف وخطأ رواية ابن ماهان لكنه أضاف: "ولا يبعد عندي صواب الروايتين لأن علي بن نصر وأباه نصر بن علي قد روى مسلم عنهما جميعا ولا تبعد رواية علي بن نصر وأبيه جميعا عن وهب فإنهما ماتا جميعا الأب والابن في سنة واحدة سنة خمسين ومائتين" (¬4). وذكر الإمام النووي الخلاف وقال عن الموضع الأول: هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع نُسَخ بِلَادنَا وأيد وقوع الخلاف الذي ذكروه في بعض النسخ وهو غلط، وردَّ قول القاضي عياض في سماع الأب من وهب بن جرير، والجمع بينهما فقال: وَلَا يَلْزَم مِنْ سَمَاع الِابْن مِنْ وَهْب سَمَاع الْأَب مِنْهُ، وَلَا يُقَال: يُمْكِن الْجَمْع، فَكِتَاب مُسْلِم وَقَعَ عَلَى وَجْه وَاحِد، فَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْأَكْثَرُونَ هُوَ الْمُعْتَمَد لَا سِيَّمَا وَقَدْ صَوَّبَهُ الْحُفَّاظ (¬5). فالحديث الأول الذي أُختلف في سنده في باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر، وقع فيه للمغاربة من رواية الأب نصر بن علي بن نصر، وفي رواية ¬

_ (¬1) ينظر المعلم بفوائد مسلم 3/ 287، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 29، وفيه عبارة خاطئة تجعل الجد هو راوي الحديث، والأب موضع الخطأ، بل هو الأب والأبن وليس للجد شيء في هذا الحديث. (¬2) وكلها روايات فرعية تتفرع من رواية ابن سفيان راوي المشارقة عن مسلم. (¬3) المصدر نفسه 8/ 42. (¬4) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 36. 44 (¬5) شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 353.

...................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المشارقة وقع من رواية الأبن علي بن نصر بن علي بن نصر، فالذي ذهب إليه القاضي عياض هو الجمع بين الأب والابن بأن يروي مسلم عنهما وهوالصواب في الروايتين قال الحافظ المزي: "وهب بن جرير بن حازم بن زيد بن عبد الله بن شجاع الأزدي أبو العباس البصري: روى عن علي بن نصر بن علي الجهضمي، ونصر بن علي الجهضمي" (¬1). والوجه الذي يحكيه الإمام النووي واحد؛ لأنه من رواية ابن سفيان، والقاضي جمع الوجه الاخر للصحيح من رواية ابن ماهان، وبما أنه ثبت أن الأب والابن رويا عن وهب جميعاً فإمكان هذا الإختلاف وارد ولا تعارض بينهما وقد حكى الحافظ ابن حجر (¬2) توثيق الإمام النسائي وغيره للأب والابن ولما كانا ثقتان لا يضر بدل أحدهما مكان الآخر. والموضع هذا ليس من السهولة الفصل فيه فقد انقسم الحفاظ إلى فريقين، فريق يؤيد رواية المشارقة بأن يكون كلا الحديثين عن الابن علي بن نصر بن علي بن نصر الجهضمي ومنهم الحافظ المزي (¬3)، وفريق يؤيد رواية المغاربة ومنهم ابن منجوية، فقال: "نصر بن علي روى عن وهب بن جرير في الصلة" (¬4). وروى البيهقي في شعب الإيمان هذا الحديث بسند آخر وقال في آخره: "رواه مسلم في الصحيح عن نصر بن علي عن وهب بن جرير" (¬5). فهذا حاصل ما يراه المتتبع لهذا الحديث، والله أعلم. والحديث الثاني غير المختلف فيه في باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش ونحوها، لم يقع فيه خلاف فهو عن علي بن نصر، أورده الحافظ المزي (¬6). ¬

_ (¬1) ينظر تهذيب الكمال31/ 122 و123. (¬2) ينظر تهذيب التهذيب 7/ 341. (¬3) تحفة الأشراف 1284، 1/ 334. (¬4) ينظر رجال صحيح مسلم 2/ 289. (¬5) شعب الإيمان: الثالث والأربعون من شعب الإيمان، وهو باب في الحث على ترك الغل والحسد 5/ 263. (¬6) تحفة الأشراف، والنكت الظراف: بتسلسل 12403، 9/ 358.

باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتراحمهم

44 - كتاب البر والصلة والآداب باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو عامر الأشعري، قالا: حدثنا عبد الله بن إدريس، وأبو أسامة ح، وحدثنا محمد بن العلاء أبو كريب، حدثنا ابن المبارك، وابن إدريس، وأبو أسامة كلهم، عن بريد، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً 4/ 1999*. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = الخلاصة: أن رواية ابن ماهان لها أصل من رواية الحفاظ كما مر مفصلاً، والله أعلم. * قال القاضي عياض (¬1): وفي باب تراحم المسلمين عند مسلم: نا محمد بن العلاء أبو كريب، وعند ابن ماهان بن كريب، وهما صحيحان هو: أبو كريب محمد بن العلاء بن كريب. قال الحافظ ابن حجر (¬2): محمد بن العلاء بن كريب الهمداني أبو كريب الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة سبع وأربعين، وهو ابن سبع وثمانين سنة. روى عن ابن المبارك روى عنه الجماعة روى عنه البخاري خمسة وسبعين حديثا ومسلم خمسمائة وستة وخمسين حديثا. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 1/ 65. (¬2) ينظر تهذيب التهذيب 9/ 342، وتقريب التهذيب 1/ 500، وغيرها.

باب فضل الدعاء للمسلمين في ظهر الغيب ..

45 - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا النضر بن شميل، حدثنا موسى بن سروان المعلم، حدثني طلحة بن عبيد الله بن كريز قال: حدثتني أم الدرداء قالت: حدثني سيدي؛ أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به: أمين ولك بمثل} 4/ 2094. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "موسى بن ثروان بفتح الثاء وسكون الراء كذا في رواية ابن ماهان وعند الجلودي سروان بالسين المهملة قال أبو عبد الله البخاري: يقال ثروان وسروان، وفروان بالفاء أيضا " (¬1). وذكر هذه الرواية في إكمال المعلم بفوائد مسلم، أنها من طريق الهوزني عن ابن ماهان، وقال: ذكر بعضهم: يقال فيه قروان أيضاً، ونسبه البخاري (¬2) بأنه عجلي، وقال الحاكم (¬3): موسى بن ثروان الأنصاري، ويقال ابن سروان العجلي (¬4). أما قولهم سروان بالسين، وثروان بالثاء فهو مختلف فيه، وأما قول البعض قروان بالقاف (¬5)، فهو تصحيف من فروان بالفاء، وربما ضبط ذلك محقق الكتاب من مشارق الأنوار وفي هذه الطبعة ما يوهم بالقاف باثنتين فوقيتين حيث زحفت النقطة لا تكررت فأصبحت توهم أنها نقطتين فهو خطأ مطبعي، والله أعلم. وبالثاء رواه البيهقي، وعقب في آخره فقال: "رواه مسلم في الصحيح عن إسحاق بن إبراهيم" (¬6).وهو مطابق لما رواه ابن ماهان". الخلاصة: أن رواية ابن ماهان على الصواب أيضاً. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 1/ 137. (¬2) التاريخ الكبير 7/ 281. (¬3) تسمية من أخرجهم البخاري ومسلم 1/ 229. (¬4) 8/ 228. (¬5) وينظر تهذيب التهذيب 10/ 301. وغيره. (¬6) السنن الكبرى: كتاب صلاة الاستسقاء، باب استسقاء إمام الناحية المخصبة لأهل الناحية المجدبة ولجماعة المسلمين، الحديث رقم 6224، 3/ 353.

باب في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها وما تأخذ من المعذبين

46 - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب في شدة حر نار جهنم وبعد قعرها وما تأخذ من المعذبين حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، عن العلاء بن خالد الكاهلي، عن شقيق، عن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها} 4/ 2184. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: "وفي صفة النار عند مسلم: حدثنا عمر بن حفص بن غِياث، قال: نا أبي، عن العلاء بن خالد الكاهلي، عن شقيق، عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام} الحديث. في نسخة ابن ماهان: العلاء بن خالد الباهلي، وهو وهم، وصوابه: الكاهلي، وكاهل من بني أسد بن خزيمة" (¬1). وأكد ذلك الإمام المازري ولم يزد شيئاً (¬2). وقال القاضي عياض: "في صفة جهنم، عن العلاء بن خالد الباهلي كذا لابن ماهان، ولغيره الكاهلي" (¬3). الخلاصة: ولم أجد في كتب التراجم أو الأنساب من اسمه العلاء بن خالد ينسب إلى الباهلي وما وجد عند ابن ماهان نصَّ عليه الأئمة بالوهم، وكل من ترجم له نسبه إلى الكاهلي، قال الحافظان الذهبي وابن حجر: العلاء بن خالد الأسدي الكاهلي، صدوق، عن أبي وائل، وعنه سفيان وحفص بن غياث صدوق من السادسة (¬4). وعلى الصواب رواه الترمذي (¬5). ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 927. (¬2) المعلم بفوائد مسلم 3/ 357، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 375. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 114. (¬4) ينظر الكاشف 2/ 103، وتقريب التهذيب 1/ 434 وغيرها. (¬5) سنن الترمذي: كتاب صفة جهنم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب ما جاء في صفة النار، الحديث رقم 2573، 4/ 701.

باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار

47 - كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار حدثني عبد الرحمن بن بشر العبدي، حدثنا يحيى بن سعيد، عن هشام صاحب الدستوائي، حدثنا قتادة، عن مطرف، عن عياض بن حمار أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب ذات يوم وساق الحديث، وقال في آخره: قال يحيى: قال شعبة: عن قتادة قال: سمعت مطرفا في هذا الحديث 4/ 2197. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: "وبعد هذا أيضاً ـ أي بعد صفة الجنة وصفة النار ـ، عند مسلم: حدثني عبد الرحمن بن بشر العبدي، قال: نا يحيى بن سعيد، عن هشام صاحب الدستوائي، قال: نا قتادة، عن مُطَرِّف، عن عِياض بن حِمار أن النبي ... - صلى الله عليه وسلم - خطب ذات يوم فقال: {ألا إن ربي أمرني أن أعلِّمكم ما جهلتم مما علَّمني يومي هذا: كل مال نَحَلْتُه عبداً حلالٌ، وإنِّي خلقتُ عبادي حنفاءَ كلَّهم، فاجتالتهم الشياطين} الحديث، ثم قال في آخره: قال يحيى: قال شعبة عن قتادة، قال: سمعت مُطَرِّفاً في هذا الحديث. هكذا يروى عن الجلودي والكسائي، وفي نسخة ابن ماهان: قال يحيى: قال سعيد: عن قتادة، قال: سمعت مُطَرِّفاً بهذا الحديث، جعل سعيد بن أبي عروبة بدل شعبة" (¬1). وأكد ذلك الإمام المازري بأن جعل ابنُ ماهان سعيداً بن أبي عروبة بدل شعبة، ولم يخطِّيء أو يصوِّب أحدى الروايتين (¬2). وقال القاضي عياض: "كذا نص ما علق عن الإمام، وفيه تغيير في الأم من كلام المتكلم عليه بهذا، وهو الحافظ - أبو علي الجياني رحمه الله - فإن مسلماً إنما أخرجه أولاً من غير طريق يحيى عن هشام ثم قال: وفي آخره قال شعبة: قال قتادة: قال: سمعت مطرفاً في هذا الحديث. وهاهنا وقع الخلاف بين الروايات، ولذلك نقله الجياني في كتابه. ونقل المعلم يشعر أن الخلاف فيما بين سياق المسند ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 927. (¬2) ينظر المعلم بفوائد مسلم 3/ 364، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 397.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وحكاية يحيى، وسعيد هذا هو ابن أبي عروبة، وهو الذي رواه عند مسلم، فقيل من طريق ابن أبي عدي، فيحتمل أن يحيى سمعه من شعبة ومن سعيد، فكلاهما يروي عن قتادة، لكن في قول يحيى: عمَّن قال منهما عن قتادة: سمعت مطرفاً، حجة قوية لمسلم، وذلك أن هذا الحديث له علة؛ ولذلك ـ والله أعلم ـ لم يخرجه البخاري، فإن ما رواه عن قتادة قال: حدثني أربعة عن مطرف بن عبد الله، منهم يزيد بن عبد الله أخو مطرف، والعلاء بن زياد، ورواه عنهما عن همام بن أبي خيثمة وابن أبي شيبة، عن قتادة، عن العلاء بن زياد، ويزيد أخي مطرف وعقبة بن عبد الغافر عن مطرف، إذ هما أعلى وأحفظ، ولم يبال بمن خالفهم، واستشهد بما حكاه يحيى عن شعبة أو سعيد من قول قتادة: سمعت مطرفاً. فأزال إشكال العنعنة (¬1). وربما لم نجد من يصوب أو يخطيء في هذا الحديث، لكننا وجدنا من يوفق بينهما وهو القاضي عياض بقوله: "فيحتمل أن يحيى سمعه من شعبة ومن سعيد"، وذكر الحافظ المزي حديث أبي غسان المسمعي، ومتابعاته فقال: "عن أبي غسان المسمعي وأبي موسى وبندار، ثلاثتهم عن معاذ بن هشام. عن أبيه و (17: 3) عن عبد الرحمن بن بشر، عن يحيى بن سعيد، عن هشام و (17: 2) عن أبي موسى، عن ابن أبي عدي، عن سعيد بن أبي عروبة و (17: 4) عن الحسين بن حريث، عن الفضل بن موسى، عن الحسين بن واقد، عن مطر الوراق ثلاثتهم عن قتادة، عن مطرف بن عبد الله، عنه به. قال يحيى بن سعيد: وقال شعبة، عن قتادة: سمعت مطرفاً. س في فضائل القرآن (الكبرى 49: 1) عن محمد بن عبد الأعلى، عن محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة نحوه. و (49: 2) عن بندار محمد بن بشار، عن غندر، عن عوف، عن حكيم الأثرم، عن الحسن، عن مطرف نحوه. ز رواه أبو عمر الحوضي وعمرو بن عاصم، عن همام بن يحيى، ... عن قتادة، قال: حدثني أربعة عن مطرف بن عبد الله: منهم يزيد بن عبد الله أخو ¬

_ (¬1) المصدر السابق 8/ 398.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مطرف، والعلاء بن زياد العدوي، ورجلان نسبهما همام ... فذكره. ورواه أبو داود الطيالسي (في مسنده ص145 - 146، ح1079) عن همام قال: كنا عند قتادة فذكرنا هذا الحديث، فقال يونس الهدادي وما كان فينا أحفظ منه: إن قتادة لم يسمع هذا الحديث من مطرف، قال: فعبنا ذلك عليه، قال: فاسألوه، قال: فهبناه، وجاء أعرابي، فقلنا للأعرابي: سل قتادة عن خطبة النبيّ من حديث عياض بن حمار، أسمعه من مطرف؟ فسأله فغضب فقال: حدثنيه ثلاثة عنه: (8251) يزيد بن ... عبد الله بن الشخير أخو مطرف، والعلاء بن زياد العدوي، وذكر ثالثاً لم يحفظه همام " (¬1). وهذا حال جلِّ روايات شعبة وسعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، لكثرة الروايات التي روياها عن قتادة، فلا يكاد يكون حديثٌ مروي عن أحدهما الإ وهو مروي عند الآخر، إلا ما نص عليه الأئمة بالخطأ؛ بسبب من يروي عنهما فيسند الحديث إلى غيره كحديث يرويه مسلم في غير الصحيح: ثنا يحيى بن سعيد عن ابن أبي عروبة وشعبة قالا ثنا قتادة عن أبي المليح عن أبيه قال: نهى رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - عن جلود السباع، فسأل أحمد بن سلمة مسلماً بن الحجاج: إنَّ أبا كريب ثنا عن ابن المبارك عن شعبة، عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن جلود السباع؟ فقال مسلم: هكذا رواه أبو كريب فاستره عليه. قال ابن نقطة قلت: قول مسلم "هكذا رواه أبو كريب فاستره عليه"؛ لأنه رواه عن ابن المبارك عن شعبة وإنما رواه ابن المبارك عن سعيد بن أبي عروبة (¬2). الخلاصة: التوفيق أولى والأخذ به أصوب، وعليه فرواية ابن ماهان ليست خطأ، والله أعلم. ¬

_ (¬1) تحفة الأشراف 11014، 8/ 250 و251. (¬2) ينظر التقييد في رواة الموطأ والمسانيد، 2/ 252 و253.

باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما

48 - كتاب الفتن وأشراط الساعة باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما حدثني أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب ويونس، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس قال: خرجت وأنا أريد هذا الرجل فلقيني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ يا أحنف قال: قلت: أريد نصر ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني عليا قال: فقال لي: يا أحنف ارجع فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار} قال: فقلت: أو قيل يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه قد أراد قتل صاحبه 4/ 2213. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: "وفي كتاب الفتن، إذا تواجه المسلمان بسيفهما، عند مسلم: حدثنا أبو كامل فضيل بن حسين، قال نا حماد بن زيد، عن أيوب ويونس، عن الحسن، عن الأحنف بن قيس، عن أبي بكرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {إذا تواجه المسلمان}. هكذا إسناد هذا الحديث، وفي نسخة أبي العلاء: نا أبو كامل، نا حماد بن سلمة، عن أيوب ويونس، جعل الحديث لحماد بن سلمة، والمحفوظ حماد ابن زيد، وكذلك خرجه أبو داود (¬1) عن أبي كامل، عن حماد بن زيد، وخرَّج البخاري (¬2) عن عبد الرحمن بن المبارك، عن حماد بن زيد، عن أيوب ويونس بهذا" (¬3). وأيد كل من الإمام المازري، والقاضي عياض ما ذهب إليه أبو علي الغساني، ولم يضيفا شيئاً (¬4). فالحمَّادان وأبو كامل فضيل بن حسين الجحدري كلهم بصريون، فإذا كان ¬

_ (¬1) سنن أبي داود: كتاب الفتن والملاحم، باب في النهي عن القتال في الفتنة، الحديث رقم 4268، 2/ 504. (¬2) صحيح البخاري: كتاب الإيمان، باب {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا (9)} [الحجرات]، الحديث رقم 12، 1/ 20. وله في موضع آخر من طريق آخر. (¬3) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 929. (¬4) المعلم بفوائد مسلم 3/ 368، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 421، مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 317.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الحديث محفوظاً لحماد بن زيد وهو ما رواه مسلم في نسخة ابن سفيان عن أبي كامل فضيل بن حسين الجحدري عنه، فلا يمتنع أن يرويه أيضاً عن حماد بن سلمة، قال ابن حبان: "حماد بن سلمة بن دينار الخزاز كنيته أبو سلمة من أهل البصرة يروى عن ثابت وقتادة روى عنه شعبة والثوري وأهل البصرة" (¬1)، وهذا موافق لما رواه مسلم من طريق ابن ماهان، وروى الإمام مسلم لحماد بن سلمة في المقدمة، وكذلك في الأصول أربعة وثمانين حديثاً، لكن لم أجد أحداً ممن روى هذا الحديث يرويه عن حماد بن سلمة إلاّ مارواه ابن ماهان في نسخته، ولا يوجد في هذا مخالفة. ومن طريق حماد بن زيد رواه البخاري وأبو داود ـ وتقدم تخريجه ـ ورواه أيضاً الإمام أحمد (¬2)، والبيهقي (¬3)، وابن ابي عاصم (¬4). الخلاصة: الاحتمال قائم غير أن الأكثر ذهبوا على وجود حماد بن زيد بدل حماد بن سلمة، والله أعلم. ¬

_ (¬1) الثقات 6/ 216. (¬2) مسند الامام احمد بن حنبل، مسند الكوفيين، حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث بن كندة - رضي الله عنه - الحديث رقم 20456، 5/ 43، والحديث رقم 20538، 5/ 51. (¬3) سنن البيهقي الكبرى، كتاب قتال أهل البغي، باب النهي عن القتال في الفرقة ومَنْ ترك قتال الفئة الباغية خوفاً مِنْ أن يكون قتالاً في الفرقة، الحديث رقم 16571، 8/ 190. (¬4) الآحاد والمثاني: ومن ثقيف، أبو بكرة بن الحارث الثقفي - رضي الله عنه -، الحديث رقم 1563، 3/ 207.

باب ذكر ابن صياد

49 - كتاب الفتن وأشراط الساعة باب ذكر ابن صياد حدثني حرملة بن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي، أخبرني ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، أخبره أن عبد الله بن عمر، أخبره أن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رهط قِبل ابن صياد حتى وجده يلعب مع الصبيان عند أطم بني مغالة وقد قارب ابن صياد يومئذ الحلم فلم يشعر حتى ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظهره بيده ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لابن صياد: {أتشهد أني رسول الله}؟ فنظر إليه ابن صياد فقال: أشهد أنك رسول الأميين، فقال ابن صياد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتشهد أني رسول الله؟ فرفضه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: {آمنت بالله وبرسله} ثم قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {ماذا ترى؟} قال ابن صياد، يأتيني صادق وكذاب فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {خلط عليك الأمر} ثم قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إني قد خبأت لك خبيئا} فقال ابن صياد: هو الدخ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {اخسأ فلن تعدو قدرك} فقال عمر بن الخطاب: ذرني يا رسول الله أضرب عنقه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إن يكن هو فلن تُسلط عليه وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله} 4/ 2244. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال أبو علي الغساني: "وفي قصة ابن صياد الدجال، عند مسلم: حدثنا حرملة بن يحيى، قال أنا ابن وهب، أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، أن سالم بن عبد الله أخبره: أن عبد الله بن عمر أخبره: أن عمر بن الخطاب انطلق مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رهط قِبَلَ ابن صيَّاد، الحديث. وقع هذا الإسناد في رواية أبي العلاء بن ماهان منقطعاً، ذكره عن الزهري عن سالم أن عمر بن الخطاب. لم يذكر فيه: عبد الله بن عمر، والصواب قول من أسنده" (¬1). وذكر ذلك الإمام المازري فقال: "وقع هذا الإسناد في روايتنا عن ابن ماهان منقطعاً فقال عن الزهري عن سالم؛ أن عمر بن الخطاب. لم يذكر فيه عبد الله بن ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 933 و934.

................................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عمر، والصواب قول من أسنده" (¬1). وقال القاضي عياض: "وفي باب خبر ابن صياد في حديث حرملة أن سالم بن عبد الله أخبره أن عبد الله بن عمر أخبره أن عمر بن الخطاب انطلق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - كذا لكافتهم وسقط عند ابن ماهان ابن (¬2) عبد الله بن عمر والصواب ثبوته" (¬3). وقال الإمام النووي: "قَوْله فِي رِوَايَة حَرْمَلَة عَنْ اِبْن وَهْب عَنْ يُونُس عَنْ اِبْن شِهَاب عَنْ سَالِم عَنْ اِبْن عُمَر أَنَّ عُمَر اِنْطَلَقَ. هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ، وَذكر الإمام النووي ما ذكره القاضي عياض أَنَّهُ سَقَطَ فِي نُسْخَة اِبْن مَاهَان ذَكَرَ اِبْن عُمَر، وَصَارَ عِنْده مُنْقَطِعًا. قَالَ هُوَ وَغَيْره: وَالصَّوَاب رِوَايَة الْجُمْهُور مُتَّصِلًا بِذِكْرِ اِبْن عُمَر" (¬4). ذكر الحافظ المزي (¬5) وغيره: وقال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه أصح الأسانيد الزهري عن سالم عن أبيه، وهذا السند جاء في رواية المشارقة لهذا الحديث وهو عند المشارقة والمغاربة في غيره، أما وصف العلماء لهذا الحديث بالإنقطاع في رواية المغاربة. ذلك أنه ليس نتيجة سقط في السند وإنما نتيجة إرسال فسالم بن عبد الله عن جده عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - مرسل ذكر ذلك أبو سعيد خليل بن كيكلدي فقال: "سالم بن عبد الله بن عمر ذكر أبو زرعة أن حديثه عن أبي بكر الصديق وعن جده عمر بن الخطاب رضي الله عنهما مرسل وهذا لا ريب فيه" (¬6). الخلاصة: وهذه قرينة تدل على تعدد مجالس سماع هذا الحديث من الإمام ¬

_ (¬1) المعلم بفوائد مسلم 3/ 375، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 473. (¬2) لفظة ابن زائدة لأنها تجعل سالم هو السقط في السند، وإنما السقط في السند أبيه عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنهم -. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 351. (¬4) ينظر شرح النووي على صحيح مسلم9/ 319. (¬5) تهذيب الكمال 10/ 152. (¬6) جامع التحصيل في أحكام المراسيل: (تأليف: العلائي أبو سعيد خليل بن كيكلدي ت 761هـ)، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي، عالم الكتب - بيروت، ط 2، 1407هـ - 1986م، 1/ 180.

...................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مسلم؛ وأن له طرقاً منها هذه الطريق التي أرسل فيها سالم عن جده دون ذكر أبيه مرة، وأخرى بذكر أبيه وجده، وثالثة دون ذكر جده، بل رفعه أبوه عبد الله بن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي عند البخاري (¬1). وممن ذكرالحديث عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير ذكر عمر بن الخطاب في السند الإمام مسلم (¬2) في المتابعة في الكتاب والباب ... أنفسهما، وكذلك أبو داود (¬3)، والترمذي (¬4)، والإمام أحمد (¬5)، وعبد الرزاق (¬6)، وخرج ابن حبان (¬7) هذا الحديث على شرط مسلم، ورواه الطبراني (¬8). ¬

_ (¬1) صحيح البخاري: كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه، وهل يعرض على الصبي الإسلام، الحديث رقم 1289، 1/ 454، وكتاب الجهاد والسير، باب كيف يعرض الإسلام على الصبي، الحديث رقم 2890، 3/ 1112. (¬2) الحديث رقم 97، 4/ 2244. (¬3) سنن ابي داود: كتاب الملاحم، باب في خبر ابن صائد، الحديث رقم 97، 4/ 2244. (¬4) سنن الترمذي: كتاب الفتن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باب ما جاء في ذكر ابن صائد، الحديث رقم 2249، 4/ 519. (¬5) مسند الامام احمد بن حنبل، مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب ... - رضي الله عنهما - الحديث رقم 6360، 2/ 148. (¬6) مصنف عبد الرزاق: كتاب الجامع ... ، باب الدجال، الحديث رقم 20817، 11/ 389. (¬7) صحيح ابن حبان: كتاب التاريخ، باب إخباره - صلى الله عليه وسلم - عما يكون في أمته من الفتن والحوادث، الحديث رقم 6785، 15/ 187. (¬8) مسند الشاميين، من فضائل شعيب بن أبي حمزة واسم أبي حمزة دينار، شعيب عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر، الحديث رقم 3146، 4/ 226.

باب ذكر الدجال وصفته وما معه

50 - كتاب الفتن وأشراط الساعة باب ذكر الدجال وصفته وما معه حدثنا علي بن حجر، حدثنا شعيب بن صفوان، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن عقبة بن عمرو أبي مسعود الأنصاري قال: انطلقت معه إلى حذيفة بن اليمان فقال له عقبة: حدثني ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الدجال، قال: إن الدجال يخرج وإن معه ماء ونارا فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق وأما الذي يراه الناس نارا فماء بارد عذب، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه نارا فإنه ماء عذب طيب، فقال عقبة: وأنا قد سمعته تصديقا لحذيفة 4/ 2249. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: وفي خبر الدجال عن ربعي بن حراش عن عقبة بن عمرو أبي مسعود الأنصاري (¬1) كذا هو وكذا صححه شيوخنا في كتاب مسلم من رواية الجلودي وكان في بعض الكتب عن عقبة بن عامر (¬2) وأبي مسعود وهو خطأ إنما هو عقبة بن عمرو وهو أبو مسعود وأما عقبة بن عامر فأبو أسد له صحبة أيضا ويدل أن الحديث عن أبي مسعود عقبة بن عمر وقوله في آخره في فانطلقت معه (¬3). ولم ينسب القاضي عياض في مشارق الأنوار على صحاح الآثارالخلاف إلى ابن ماهان ونسبه في إكمال المعلم بفوائد مسلم إلى بعض الكتب عن ابن ماهان. وزاد وقد قال: "انطلقت معه" ولم يقل "معهما" (¬4). والخطأ الحاصل في هذا الاسناد بسبب ان هذين الاثنين كلاهما يدعى عقبة، الاول ابن عامر وهو الجهني، والثاني عقبة بن عمرو وهو الانصاري يكنى ابو مسعود. ومثل هذا الحديث حديث اخر وقع فيه الخطأ في كتاب المساقاة، باب فضل ¬

_ (¬1) عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري أبو مسعود البدري صحابي جليل مات قبل الأربعين وقيل بعدها، تقريب التهذيب 1/ 395. (¬2) عقبة بن عامر بن عبس أبو الأسد ويقال أبو حماد ويقال أبو اسيد الجهني والى مصر وله صحبة روى عنه أبو الخير والقاسم أبو عبد الرحمن وشعيب بن زرعة، ينظر الجرح والتعديل 6/ 313، والتعديل والتجريح 3/ 999. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 2/ 115 و116. (¬4) ينظرإكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 480.

................................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انظار المعسر الحديث رقم 1560، من صحيح مسلم (¬1)، كان قد وهم فيه ابو خالد الاحمر، وكذلك في السندين عن ربعي بن حراش عن حذيفة. وعبارة "انطلقت معه" وليس "معهما" تدل على انه واحد لا اثنان وهو عقبة بن عمرو ابو مسعود الانصاري. الخلاصة: الصواب رواية المشارقة بلا واو العطف لأنه راوٍ واحد هو عقبة بن عمرو كنيته أبو مسعود ولقبه الأنصاري، صحابي جليل ـ - رضي الله عنه - ـ. ¬

_ (¬1) ينظر 2/ 1194.

باب ذكر الدجال وصفته وما معه

51 - كتاب الفتن وأشراط الساعة باب ذكر الدجال وصفته وما معه حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثني عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر، حدثني يحيى بن جابر الطائي قاضي حمص، حدثني ... عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه جبير بن نفير الحضرمي، أنه سمع النواس بن سمعان الكلابي ح، وحدثني محمد بن مهران الرازي (واللفظ له)، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن يحيى بن جابر الطائي، عن ... عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه جبير بن نفير، عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا فقال: {ما شأنكم}؟ قلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت، حتى ظنناه في طائفة النخل، فقال: {غير الدجال أخوفني عليكم إنْ يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم إنه شاب قطط عينه طافئة كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف إنه خارج خلة بين الشام والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتوا} قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: {أربعون يوما يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم} قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: {لا اقدروا له قدره} قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال: {كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم، فيدعوهم، فيؤمنون به، ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا، وأسبغه ضروعا، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم، فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا، فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه، فيقبل ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله

المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله، ثم يأتي عيسى ابن مريم قوم قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم، فحرز عبادي إلى الطور ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقولون لقد كان بهذه مرة ماء، ويحصر نبي الله عيسى وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت، فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض أنبتي ثمرك وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة} 4/ 2250. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وفي خبر الدجال نا محمد بن مهران الرازي نا الوليد بن مسلم كذا لكافة رواة مسلم، وعند ابن ماهان: نا محمد بن صفوان (¬1)، = ¬

_ (¬1) محمد بن صفوان القرشي الجمحي المدني قاضيها أيام هشام يروي عن سعيد بن المسيب وهشام بن عروة وهو من أقرانه وعنه مالك والدراوردي ومحمد بن عمرو بن علقمة وثقه ابن = = حبان وقال البخاري في تاريخه إنه لم يذكر سماعا من سعيد فلا أدري سمع منه أم لا وذكر في التهذيب بدون قول البخاري، التحفة اللطيفة 2/ 487 و488.

باب الزهد والرقائق

52 - كتاب الزهد والرقائق حدثنا محمد بن عباد، وابن أبي عمر قالا: حدثنا مروان (يعنيان الفزاري)، عن يزيد (وهو ابن كيسان)، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: والذي نفسي بيده (وقال ابن عباد: والذي نفس أبي هريرة بيده) ما أشبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهله ثلاثة أيام تباعا من خبز حنطة حتى فارق الدنيا 4/ 2284*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = وهو وهم" (¬1). ثم قال: قال مسلم: "حدثنا محمد بن مهران، حدثنا الوليد بن مسلم، ورووه عن ابن ماهان: حدثنا محمد بن صفوان، والصواب ابن مهران كما لغيره" (¬2). ولم يشر أحد من مؤلفي كتب التراجم إلى رواية لمحمد بن صفوان عن الوليد بن مسلم لا من قريب ولا بعيد، ومن اسمه محمد بن صفوان اثنين: أحدهما صحابي، والاخر من الطبقة السادسة بينما الوليد بن مسلم من الطبقة الثامنة (¬3). ثم إن كل من روى هذا الحديث يرويه عن غير محمد بن صفوان ومحمد بن مهران عن الوليد بن مسلم، إلا الإمام مسلم انه يروي هذا الحديث عن محمد بن مهران عن الوليد بن مسلم، متفرداً به. الخلاصة: ولهذا يتبين وهم ابن ماهان في هذا الحديث. * قال أبو علي الغساني: "قول مسلم: حدثنا محمد بن عباد (¬4)، وابن أبي عمر قالا: نا مروان، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: والذي نفسي بيده ما أشبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهله ثلاثة أيام تباعا، الحديث. في نسخة ابن الحذاء، عن ابن ماهان: حدثنا محمد بن غسان، وابن أبي ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 1/ 401. (¬2) إكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 481. (¬3) تقريب التهذيب 1/ 484 و584. (¬4) محمد بن عباد بن الزبرقان المكي سكن بغداد، ذكره ابن حبان في الثقات 9/ 90، روى عنه البخاري ومسلم، ينظر تاريخ بغداد 2/ 376، وقال ابن قانع: كان ثقة. ينظر تهذيب التهذيب 9/ 216. وغيرها.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ عمر، جعل غسان موضع عباد، وهو وهم، والصواب محمد بن عباد، وهو المكي" (¬1). وطابق قول الإمام المازري قول أبي علي الغساني في هذا الموضع (¬2). وقال القاضي عياض: "وقد جاء في الحديث نفسه: وقال ابن عباد: "والذي نفس أبي هريرة بيده". كذا لجميعهم، ولابن ماهان: "وقال ابن أبي عمر" (¬3). ثم كرر القاضي: "وفي صفة عيش النبي - صلى الله عليه وسلم - نا محمد ابن عباد، وابن أبي عمر قالا: نا مروان، كذا لهم، وعند ابن ماهان: نا محمد بن عثمان، وابن أبي عمر، وهو وهم، والصواب محمد بن عباد وهو المكي، وفي الحديث نفسه "وقال ابن عباد: والذي نفس أبي هريرة بيده"، وقال ابن أبي عمر: ... " (¬4) وعلى الرغم من إختلاف الرواية بين المشارقة اذ قالوا: يرويه محمد بن ... عباد، والمغاربة يقولون: يرويه محمد بن غسان، ثم إختلافها بين المغاربة بأن يرويه محمد بن غسان كما ذكره الحافظان أبو علي الغساني والمازري من جهة، أو يروية محمد بن عثمان كما ذكره القاضي عياض من جهة أخرى، فلا يجد المتتبع لأسانيد الإمام مسلم رواية عن محمد بن غسان في الصحيح، ولا يجد رواية لمسلم عن محمد بن عثمان من الطبقة التي عاصرها وحدث عنها الإمام مسلم، وذكر أبو بكر الحميدي (¬5) أن هذا الحديث من رواية محمد بن عباد، فيظهر وهم رواية ابن ماهان في هذا الموضع. وكذلك لا يجد المتتبع لمتن هذا الحديث لفظ من قال منهما ـ أي محمد بن عباد، أو ابن أبي عمر ـ: "والذي نفس أبي هريرة بيده" عند غير مسلم. وتفرد مسلم بسنده عنهما، وكل من روى هذا الحديث رواه عن غيرهما، = ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 935 و936. (¬2) سقط ذكر هذا الخلاف في المعلم، وينظر إكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 525. (¬3) المصدر نفسه 8/ 525. (¬4) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 1/ 402. (¬5) ينظر الجمع بين الصحيحين 3/ 181.

باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط وخيف منه فتنة على الممدوح

53 - كتاب الزهد والرقائق باب النهي عن المدح إذا كان فيه إفراط، وخيف منه فتنة على الممدوح حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن المثنى جميعا، عن ابن مهدي (واللفظ لابن المثنى) قالا: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن حبيب (¬1)، عن مجاهد، عن أبي معمر قال: قام رجل يثني على أمير من الأمراء فجعل المقداد يحثي عليه التراب وقال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نحثي في وجوه المداحين التراب 4/ 2297*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = والله اعلم. * قال أبو علي الغساني: "وفي باب حَثْيِ التراب في وجوه المدَّاحين عند مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن المثنى قالا: نا عبد الرحمن، عن سفيان، عن حبيب، عن مجاهد، عن أبي معمر قال: قام رجل يثني على أمير من الأمراء ... الحديث. هكذا إسناد هذا الحديث. وفي نسخة ابن ماهان: سفيان، عن حُميد، عن مجاهد. جعل حُمَيْداً مكان حبيب، وهو تصحيف، والصواب حبيب وهو ابن أبي ثابت" (¬2). وأيد ذلك الإمام المازري ولم يضف شيئاً (¬3). وقال القاضي عياض: "وفي أحاديث المدح في حديث ابن أبي شيبة وابن مثنى، عن ابن مهدي، عن سفيان، عن مجاهد، عن أبي معمر، كذا للجلودي، وعند ابن ماهان: سفيان، عن حميد، عن مجاهد، وهو خطا، وهو حبيب بن أبي ثابت المطلب ابن عبد الله بن حويطب" (¬4). فقول أبو علي الغساني ومن وافقه: جعل حُمَيْداً مكان حبيب وهو تصحيف، هو ليس كذلك؛ لأن حُميد الذي في رواية ابن ماهان في هذا الموضع قد يكون ¬

_ (¬1) حبيب بن أبي ثابت الأسدي عن بن عباس وزيد بن أرقم وعنه شعبة وسفيان وأمم كان ثقة مجتهدا فقيها مات 119، الكاشف 1/ 307. (¬2) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 936. (¬3) ينظر المعلم بفوائد مسلم 3/ 386، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 550. (¬4) مشارق الأنوار على صحاح الاثار 1/ 225.

....................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حُمَيْد بن قيس القارئ (¬1)، قال الحافظ المزي:" روى عن مجاهد بن جبر، وعنه حبيب بن أبي ثابت، وحميد بن قيس الأعرج" (¬2)، فإحتمال الرواية عنهما واردة، ولاسيما أن ابن عساكر روى بسنده المنتهي إلى الإمام مسلم سماع حميد بن قيس المكي مجاهداً (¬3) أما قول علماء الحديث من المغاربة عن هذا الموضع: خطأ رواية ابن ماهان؛ لأن هذا الحديث لا تُعرف له رواية من طريق حُميد وهو مبهم عندهم وتصحيف. ويرويه من طريق حبيب بن أبي ثابت الترمذي (¬4)، وابن ماجة (¬5)، والإمام أحمد (¬6)، وابن أبي شيبة (¬7) والبخاري (¬8)، والطبري (¬9)، والطبراني (¬10)، والبيهقي (¬11)، وابن ابي عاصم (¬12). والخلاصة: يبقى الإحتمال بأن رواية ابن ماهان صحيحة؛ لأن في رواية المشارقة حبيب، وفي رواية المغاربة حُميد، وكلاهما يشتركان بالشيخ والتلميذ من هذا الحديث، والله أعلم. ¬

_ (¬1) حُمَيْد بن قيس المكي الأعرج القارىء، عن مجاهد، وعكرمة، وعنه مالك، والسفيانان، ثقة. ينظر الكاشف 1/ 354. (¬2) تهذيب الكمال 11/ 156 و157، و27/ 230. (¬3) أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس، أنا أبو بكر أحمد بن منصور، أنا أبو سعيد بن حمدون، أنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو صفوان حميد بن قيس المكي سمع مجاهداً وعطاء، روى عنه الثوري، ومالك، وابن عيينة. تاريخ مدينة دمشق 15/ 295. (¬4) سنن الترمذي: كتاب الزهد ... ، باب ما جاء في كراهية المدحة والمداحين، الحديث رقم 2393، 4/ 599. (¬5) سنن ابن ماجه: كتاب الأدب، باب المدح، الحديث رقم 3742، 2/ 1232. (¬6) مسند الإمام أحمد: باقي مسند الأنصار، حديث المقداد بن الأسود - رضي الله عنه -، الحديث رقم 23879، 6/ 5. (¬7) مصنف ابن أبي شيبة: كتاب الأدب، باب في الرجل يقول انت أكبر أم فلان ما يقول؟، الحديث رقم 26259، 5/ 297. (¬8) في الأدب المفرد: كتاب حسن الخلق، باب يُحثى في وجوه المداحين، الحديث رقم 339، 1/ 124. (¬9) تهذيب الآثار: باب ذكر الرواية عن نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، وعن بعض من حضرنا ذكره من السلف الصالح، الحديث رقم 103، 1/ 115. (¬10) المعجم الكبير: باب الميم، مَنْ اسمه مقداد، مقداد بن عمرو بن الأسود بدري، الحديث رقم 579، 20/ 244، والحديث رقم 580، 20/ 245. (¬11) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الشهادات، باب الشاعر يمدح الناس بما ليس فيهم حتى يكون ذلك كثيراً ظاهراً كذباً محضاً، الحديث رقم 20926، 10/ 242. (¬12) الآحاد والمثاني: ومن ذكر المقداد بن الأسود ... ، الحديث رقم 295، 1/ 227.

باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر

54 - كتاب الزهد والرقائق باب حديث جابر الطويل وقصة أبي اليسر حدثنا هارون بن معروف، ومحمد بن عباد (وتقاربا في لفظ الحديث)، والسياق لهارون قالا: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يهلكوا، فكان أول من لقينا أبا اليسر صاحب رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - ومعه غلام له معه ضمامة من صحف، وعلى أبي اليسر بردة ومعافري، وعلى غلامه بردة ومعافري فقال له أبي: يا عم إني أرى في وجهك سفعة من غضب. قال: أجل كان لي على فلان بن فلان الحرامي مال، فأتيت أهله فسلمت، فقلت: ثم هو؟ قالوا: لا. فخرج عليَّ ابن له جفر فقلت له: أين أبوك؟ قال: سمع صوتك فدخل أريكة أمي. فقلت: اخرج إلي فقد علمت أين أنت! فخرج، فقلت: ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال: أنا والله أحدثك، ثم لا أكذبك، خشيت والله أن أحدثك فأكذبك، وأن أعدك فأخلفك، وكنت صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكنت والله معسرا. قال: قلت آلله؟ قال: الله. قلت: آلله؟ قال: الله. قلت: آلله؟ قال: الله. قال: فأتى بصحيفته فمحاها بيده فقال: إن وجدت قضاء فاقضني، وإلا أنت في حل، فأشهد بصر عيني هاتين (ووضع إصبعيه على عينيه)، وسمع أذني هاتين، ووعاه قلبي هذا (وأشار إلى مناط قلبه) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول: {من أنظر معسرا، أو وضع عنه أظله الله في ظله} 4/ 2301. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * قال القاضي عياض: "فصل مشكل الأنساب الحزامي، حيث وقع فيها بكسر الحاء وفتح الزاي، منسوب إلى حكيم بن حزام، أو إلى أبيه، وليس فيها ما يشكل به إلا فروة بن نعامة (¬1)، ويقال: نفاثة الجذامي بالجيم والذال المعجمة، واختلف في كتاب مسلم في الذي في حديث جابر الطويل وأبي اليسر، وقوله: كان لي على فلان ¬

_ (¬1) فروة بن نفاثة ويقال بن نباتة ويقال بن نعامة وهو بن عامر الجذامي، الإصابة في تمييز الصحابة 5/ 387. ولم تسعفنا المصادر بترجمته بأكثر مما ذكر الحافظ ابن جحر.

............................................................................................. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ابن فلان الحزامي. كذا للطبري مثل الأول، وعند ابن ماهان: الجذامي بضم الجيم وذال معجمة، وعند أكثر الرواة الحرامي بفتح الحاء والراء" (¬1). وكذلك وقع في رواية ابن سفيان الحرامي، ومن الرواية نفسها، وقع لمسلم الجذامي في حديث العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه -: "وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكفها إرادة أن لا تسرع ... " (¬2). وخلاصة القول: فهو إختلاف في نسبته، والمقصود به واحد، وذكرت هذا الحديث في الأسانيد، ولم يقع له في السند شيء، ولكن كونه اسم لشخص وليس فيه من إختلافات المعاني المترافة. وجميع من ذكره في كتب الحديث ذكره بـ "الجذامي" إلاَّ ابن حبان فذكره بـ "الحزامي" (¬3)، وهو ليس حديث جابر الطويل وأبي اليسر، وإنما حديث العباس الذي ذكرته. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار1/ 226 و227. (¬2) صحيح مسلم: كتاب الجهاد والسير، باب في غزوة حنين، الحديث رقم 1775، 3/ 1398. (¬3) صحيح ابن حبان: كتاب إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم بذكر أسمائهم رضوان الله عليهم أجمعين، الحديث رقم 7049، 15/ 523.

كتاب التفسير

55 - كتاب التفسير حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب (واللفظ لأبي بكر) قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن أبيه، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: قالت اليهود لعمر: لو علينا معشر يهود نزلت هذه الآية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3)} [المائدة]، نعلم اليوم الذي أنزلت فيه لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال: فقال عمر: فقد علمت اليوم الذي أنزلت فيه، والساعة، وأين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت نزلت ليلة جمع، ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفات 4/ 2312. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وفي باب قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} نا أبو بكر بن أبي شيبة، وأبو كريب، واللفظ لأبي بكر كذا للجلودي، وعند ابن ماهان: لأبي كريب" (¬1). وهذا الحديث بلفظ ابن أبي شيبة من رواية المشارقة؛ وبلفظ أبي كريب في رواية المغاربة، فكلاهما صواب، وما ذكره الطبري: "حدثنا أبو كريب، وابن وكيع. قالا: ثنا ابن إدريس , قال: سمعت أبي , عن قيس بن مسلم , عن طارق بن شهاب , قال: قال يهودي لعمر: لو علمنا معشر اليهود حين نزلت هذه الآية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3)} [المائدة] لو نعلم ذلك اليوم اتخذنا ذلك اليوم عيداً. فقال عمر: "قد علمت اليوم الذي نزلت فيه، والساعة , وأين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت؛ نزلت ليلة الجمعة ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرفات. قال الطبري: لفظ الحديث لأبي كريب , وحديث ابن وكيع نحوه" (¬2)، وهذا يستقيم مع ما وقع لابن ماهان من قول مسلم "واللفظ لأبي كريب" = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 112. (¬2) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: (تأليف: أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد الطبري ت310هـ)، دار الفكر - بيروت - 1405، سورة المائدة ذكر من قال نزلت هذه الآية بعرفة في حجة الوداع، 2/ 86.

كتاب التفسير

56 - كتاب التفسير حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وهارون بن عبد الله، وعبد بن حميد (قال عبد: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا) جعفر بن عون، أخبرنا أبو عميس، عن عبد المجيد بن سهيل، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: قال لي ابن عباس: تعلم (وقال هارون: تدري) آخر سورة نزلت من القرآن نزلت جميعا؟ قلت: نعم. {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} [النصر] قال: صدقت. وفي رواية ابن أبي شيبة: تعلم أي سورة، ولم يقل آخر 4/ 2318*. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = وتفرد مسلم بسنده هذا بذكر أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي كريب مقترنين في صحيحه، ولا يمتنع أنْ يقع لمسلم اللفظ في نسخة ابن ماهان لأبي كريب؛ لأنَّ متن الحديث وقع عند ابن ماهان "ليلة جمعة" وهو لفظ أبي كريب، وليس "ليلة جمع"، كما وقع في روايات المشارقة، وسياتي في إختلافات المتون (¬1)، فرواه عند المشارقة بلفظ أبي بكر بن أبي شيبة، وعند المغاربة بلفظ أبي كريب. الخلاصة: فكلاهما صواب وهذا يدل على تعدد مجالس السماع فمرة رواه بلفظ أبي بكر بن أبي شيبة ومرة بلفظ أبي كريب، والله أعلم. * قال أبو علي الغساني: "وفي باب آخر سورة نزلت جميعاً عند مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وهارون بن عبد الله، وعبد بن حميد جميعاً، عن جعفر بن عون قال: أنا أبو عميس، عن عبد المجيد بن سهيل (¬2)، عن عبيد الله بن عبد الله قال لي ابن عباس: أتعلم آخر سورة نزلت من القرآن نزلت جميعا؟ قلت: نعم {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} [النصر]، قال: صدقت. ¬

_ (¬1) ينظر مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 155، ونسب القاضي عياض اللفظ فيه إلى أبي بكر بن أبي شيبة. (¬2) عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف عن بن المسيب وأبي صالح وعنه مالك والداروردي ثقة، الكاشف 1/ 662.

...................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في نسخة ابن ماهان: في إسناد هذا الحديث عبد الحميد بن سهيل، مكان ... عبد المجيد، والصواب: عبد المجيد بالجيم وتقديم الميم عليها" (¬1). وأكد ذلك الإمام المازري ولم يزد شيئاً (¬2). وقال القاضي عياض ـ رحمه الله ـ: "وعبد المجيد ذكره البخاري في الصحيح والتاريخ واختلف فيه الرواة عن مسلم في باب آخر ما نزل من القرآن، فالجلودي يقول: عبد المجيد، وابن ماهان يقول: عبد الحميد" (¬3). وبيّنَ القاضي عياض قوله: "وقد اختلف في اسمه فذكره مالك في موطئه من رواية يحيى بن يحيى الأندلسي (¬4)، وسمَّاه عبد الحميد بتقديم الحاء، ونسبه: ابن سهيل ابن عبد الرحمن بن عوف، ووافق هذا القول سفيان بن عيينة فقال فيه أيضاً: عبد الحميد. وأما البخاري (¬5) فسمّاه عبد المجيد، وكذا أيضاً رواه ابن القاسم في الموطأ والقعنبي وجماعة من رواة مالك. فاستبان أن الخلاف في هذا الاسم ... مشهور، وإن كان هذا فالحكم بالخطأ على أحدهما، والتصويب للآخر متعذر. قال أبو عمر بن عبد البر فيه (¬6): عبد الحميد، ويقال: عبد المجيد، وهو الأكثر" (¬7). وقال الإمام النووي قَوْله: (أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْس عَنْ عَبْد الْمَجِيد بْن سُهَيْل) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ (عَبْد الْمَجِيد) بِالْمِيمِ ثُمَّ الْجِيم إِلَّا نُسْخَة اِبْن مَاهَانِ، فَفِيهَا ... (عَبْد الْحَمِيد) بِحَاءٍ ثُمَّ مِيم. وذكر تصويب أبي علي الغساني الأول، وذكر أيضاً ما سرده الْقَاضِي عياض من ذكر الخلاف فيه من رواة الموطأ وسُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ. وَما سَمَّاه الْبُخَارِيّ (عَبْد الْمَجِيد) بِالْمِيمِ ثُمَّ بِالْجِيمِ، ومن وافقه من بعض رواة الموطأ ¬

_ (¬1) تقييد المهمل وتمييز المشكل 3/ 936 و937. (¬2) المعلم بفوائد مسلم 3/ 397، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 586. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 120. (¬4) ينظر الموطأ برواية يحيى الليثي: كتاب البيوع، باب ما يكره من بيع التمر، الحديث رقم 1292، 2/ 623. (¬5) التاريخ الكبير 6/ 110. (¬6) التمهيد 20/ 53. (¬7) إكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 586.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أيضاً، وَما قَالَه اِبْن عَبْد الْبَرّ بِالْوَجْهَيْنِ، وَالْأَكْثَر بِالْمِيمِ ثُمَّ بِالْجِيمِ. وأكدَّ قَولَ الْقَاضِي: "فَإِذَا ثَبَتَ الْخِلَاف فِيهِ لَمْ يُحْكَم عَلَى أَحَد الْوَجْهَيْنِ بِالْخَطَأِ" (¬1). وسبب هذا الخلاف في الروايتين واضح وبيِّن، ولم أجد أحد يذكره في كتب التراجم باسم عبد الحميد إلاَّ في كتابين: تاريخ أسماء الثقات (¬2)، والتحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة، وردَّه إلى عبد المجيد (¬3)، وقد استفاض في ذكره ابن عساكر (¬4)، أما في الأسانيد فقد ذكره كثيرون باسم عبد الحميد لم نذكرها إختصاراً، وسبق الإشارة إلى رواية يحيى الليثي في الموطأ، لكنها ليست عن هذا الحديث. ولم يروِ أحد هذا الحديث عن عبد الحميد إلاَّ ابن ماهان في نسخته. وممن ذكره ـ كما وقع لمسلم من رواية المشارقة ـ النسائي (¬5)، والطبراني (¬6). الخلاصة: كلاهما صواب؛ لأن الراوي اختلف في اسمه عند المحدثين فمنهم من يقول هو عبد الحميد، وآخرون يقولون عبد المجيد وهو الأكثر، وهو ما صرح به ابن عبد البر. ¬

_ (¬1) ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 9/ 404. (¬2) تاريخ أسماء الثقات: (تأليف: ابن شاهين أبو حفص عمر بن أحمد الواعظ ت385هـ)، تحقيق: صبحي السامرائي، الدار السلفية - الكويت، ط 1، 1404 - 1984، 1/ 160. (¬3) ينظر التحفة اللطيفة: عبد الحميد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف في عبد المجيد 2/ 111. (¬4) تاريخ مدينة دمشق 36/ 473 ـ 478. (¬5) سنن النسائي الكبرى: كتاب التفسير، سورة النصر، الحديث رقم 11713، 6/ 525. (¬6) المعجم الأوسط: (تأليف: أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني ت360هـ)، تحقيق: طارق بن عوض الله ابن محمد , عبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين - القاهرة، 1415هـ. الحديث رقم 7263، 7/ 199.

الفصل الثالث الاختلافات في المتون

الفصل الثالث الاختلافات في المتون في هذا الفصل عند الدراسة وجدت أن الاختلاف نادر؛ لأنه أمكن الجمع بين الروايات التي ظاهرها الاختلاف في بعض الألفاظ وبالتالي لا أحتاج إلى ذكر خلاصة لكل مفردة منه. 1 - قال الإمام مسلم: "وقد تكلم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد وتسقيمها، بقول لو ضربنا عن حكايته، وذكر فساده صفحا - لكان رأيا متينا، ومذهبا صحيحا؛ إذ الإعراض عن القول المطروح أحرى لإماتته، وإخمال ذكر قائله، وأجدر ألا يكون ذلك تنبيها للجهال عليه، غير أنا لما تخوفنا من شرور العواقب، واغترار الجهلة بمحدثات الأمور، وإسراعهم إلى اعتقاد خطأ المخطئين، والأقوال الساقطة عند العلماء، رأينا الكشف عن فساد قوله، ورد مقالته بقدر ما يليق بها من الرد - أجدى على الأنام، وأحمد للعاقبة - إن شاء الله -" (¬1). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "في صدر مسلم، عند ذكر الأخبار الضعيفة، قوله: "ورد مقالته بقدر ما يليق بها من الرد أحرى على الإثام"، كذا عند العذري بالحاء والراء في الكلمة الأولى، وبالثاء في الثانية، وعند ابن ماهان:"الأيام " بالياء أخت الواو، وكلاهما وهم لا معنى له يصح هنا، وصوابه ما عند الفارسي: "أجدى على الأنام" بالجيم والدال في الأولى، وبالنون في الثانية: أي أنفع لهم بدليل قوله بعد: "وأحمد للعاقبة" (¬2). وافقت رواية الفارسي رواية ابن سفيان وخالفهما ابن ماهان والعذري وجعل القاضي قولها وهماً؛ لأن المعنى لا ينطبق، قال الرافعي:"أَجْدَى عَلَيْكَ الشَّيْءُ كَفَاكَ" (¬3)، والأنامُ: "ما ظهر على الأرض من جميع الخَلْق" (¬4). الخلاصة: فيكون الوهم من ابن ماهان، والله أعلم. ¬

_ (¬1) صحيح مسلم: المقدمة 1/ 12. (¬2) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 19. (¬3) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير1/ 93. (¬4) لسان العرب 12/ 37، مادة أنم.

باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان

2 - كتاب الإيمان باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، ووجوب الإيمان بإثبات قدر الله سبحانه وتعالى حدثني أبو خيثمة زهير بن حرب، حدثنا وكيع، عن كهمس، عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر ح، وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، وهذا حديثه، حدثنا أبي، حدثنا كهمس، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر قال: كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني، فانطلقتُ أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين، فقلنا لو لقينا أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألناه عما يقول هؤلاء في القدر، فوفق لنا عبد الله بن عمر بن الخطاب داخلا المسجد، فاكتنفته أنا وصاحبي أحدنا عن يمينه والأخر عن شماله، فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي، فقلت: أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم، وذكر من شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف قال: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر، ثم قال: حدثني أبي عمر بن الخطاب قال: بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا}. قال: صدقت. قال: فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان. قال: {أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره}. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان. قال: {أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك}. قال: فأخبرني عن الساعة. قال: {ما المسؤول عنها بأعلم من السائل}. قال: فأخبرني عن أمارتها. قال: {أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة

رعاء الشاء يتطاولون في البنيان}. قال: ثم انطلق، فلبثت مليا، ثم قال لي: {يا عمر أتدري من السائل}؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: {فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم} 1/ 36. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال الإمام المازري: "قوله: ظهر قبلنا أناس يقرؤون القرآن ويتقفرون العلم، وفي رواية أخرى: ويتفقرون العلم ويزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أُنُفُ. ثم قال: تقفرت الشيء إذا قفوته. قال أبو عبيد: يقال: قفوته، إذا اتبعت أثره، واقتفرت الأثر تبعته، قال ابن السكيت: يقال: قفر أثره، واقتفر أثره" (¬1). ونسب القاضي عياض الخلاف إلى ابن ماهان فقال: "قوله في حديث القدر: "قبلنا قوم يتفقرون العلم" بتقديم الفاء، ولغيره: "يتقفرون" بتقديم القاف، وهذا أشهر، وهو الذي شرح الشارحون، ومعناه الطلب، يقال تقفرت العلم إذا قفوته، واقتفرت الأثر أتبعته، وقال ابن دريد (¬2): قفّرت بتشديد الفاء جمعت. ورواه بعضهم يقتفرون بقاف ساكنة مقدمة على التاء، وهو بمعنى الأول. وفي كتاب أبي داود: "يتقفون" بفتح القاف وشد الفاء بغير راء بمعنى الأول. يقال: قفوته إذا اتبغته، ومنه سمى القافة، وأما بتقديم الفاء في الرواية الأولى فلم أرَ من تكلم عليه، وهو عندي أصح الروايات وأليقها بالمعنى المراد، أي أنهم يطلبون غامضة، ويستخرجون خبيئة، ويبحثون عن أسراره، ويفتحون مغلقه كما قال عمر في امرئ القيس: افتقر عن معان عُوْرٍ أصح بصر، ومنه سميت البير الفقير لاستخراج مائها، فلما كان القوم بهذه الصفة من الفهم والعلم، ثم جاءوا بتلك المقالة المنكرة، وقالوا ببدعة القدر استعظمها منهم وارتاب في قولهم ألا تراه كيف وصفهم بقراءة القرآن، وقال: وذكر من شأنهم بخلاف لو سمع هذا القول من غيرهم ممن لا يوصف بعلم، ولا يعرف به لما بالاه، ولعدها من جملة ما عهد من جهالاته، ورأيت بعضهم ذكره في تعليق له على مسلم "يتقعرون" بالقاف بعدها عين، أي ¬

_ (¬1) المعلم بفوائد مسلم 1/ 277. (¬2) جمهرة اللغة 2/ 786.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يطلبون قعره، وغامضة ومنه التقعير في الكلام" (¬1). وقال الإمام النووي: "قوله ظهر قبلنا ناس يقرؤن القرآن ويتقفرون العلم هو بتقديم القاف على الفاء، ومعناه يطلبونه ويتتبعونه هذا هو المشهور، وقيل معناه يجمعونه، ورواه بعض شيوخ المغاربة من طريق ابن ماهان: يتفقرون بتقديم ... الفاء، وهو صحيح أيضا، معناه يبحثون عن غامضة، ويستخرجون خفيه " (¬2). وذكر السيوطي ما قاله القاضي عياض، وكذلك ما ذهب إليه من كونه جاءت روايات أخرى بغير ألفاظ، وذكر أيضاً رواية أبي يعلى الموصلي (¬3). فراوية المغاربة جاءت بلفظ يتفقرون، ورواية المشارقة بلفظ يتقفرون، وقد سبقنا أهل العلم بتصويب الروايتين، وان احدهما جاءت بلفظ الأصل، وهي رواية ابن سفيان، والأخرى جاءت الرواية بالمعنى، وهي رواية ابن ماهان، ويؤصل القاضي عياض رواية ابن ماهان من حيث مدلولها اللغوي. فيأتي أصل هذا الفعل "يتقفرون" من جذر الفعل الثلاثي قفر، قال ابن منظور: "واصله من قفرت البئر إذا حفرتها لاستخراج مائها، وقفر الأثر يقفره واقتفره اقتفاراً كله اقتفاه وتتبعه، وفي الحديث انه سئل عمن يرمي الصيد فيقتفر أثره، أي يتبعه. يقال: اقتفرت الأثر وتقفرته اتبعته. [ثم قال]: وفي حديث يحيى بن يعمر: "ظهر قبلنا أناس يتقفرون العلم"، ويروى يقتفرون أي يطلبونه" (¬4). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 162 و163. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 1/ 155 و156. (¬3) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 1/ 8. (¬4) لسان العرب: (تأليف: ابن منظور محمد بن مكرم الإفريقي المصري ت 711هـ)، دار صادر، بيروت، ط1، د. ت، 5/ 110. وينظر تاج العروس من جواهر القاموس: (تأليف: الزبيدي محمد مرتضى الحسيني)، تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الهداية، د. ط، د. ت، 1/ 3417. جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم: (تأليف: أبي الفرج عبد الرحمن بن رجب بن شهاب الدين البغدادي795هـ)، تحقيق: شعيب الارناؤوط وإبراهيم باجس، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1417هـ - 1997م، 1/ 24.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ويأتي بتقديم الفاء على القاف، قال ابن منظور أيضاً: "الفقير الآبار المتجمعة الثلاث فما زاد، وقيل هي آبار تحفر، وينفذ بالحال بعضها إلى بعض وجمعه قُفُر، والبئر العتيقة فقير وجمعها فُقُر ... ، وفي حديث عمر - رضي الله عنه - وذكر امرئ القيس فقال: "افتقر عن معانٍ عُورٍ أصح بصر" أي فتح معانٍ غامضة" (¬1). فهما في المعنى سواء، وذكر الشراح ألفاظ متعددة كلها زيادة في التصريف منها ما قاله ابن الأثير: "وفي حديث القدر [قبلنا ناس يتفقرون العلم] هكذا جاء في رواية بتقديم الفاء على القاف، والمشهور بالعكس. قال: قال بعض المتأخرين ... - وهي كناية عن القاضي عياض - (¬2): هي عندي اصح الروايات وأليقها بالمعنى يعني أنهم يتخذون غامضة ويفتحون مغلقه ... ، فلما كان القدرية بهذه الصفة من البحث، والتتبع لاستخراج المعاني الغامضة بدقائق التأويلات وصفهم بذلك" (¬3). ووقع لأبي داود (¬4) الوجهين، فجاء في رواية اللؤلؤي كما في رواية المغاربة، وجاء برواية ابن العبد وابن الأعرابي (¬5) كما في رواية المشارقة. وذكر القاضي عياض ان أبي داود له رواية فيها وجه ثالث "يقتفون" بدون راء، ومعناها كما في رواية ابن العبد وابن الأعرابي. وممن رواه بلفظ المشارقة الترمذي (¬6)، وابن حبان (¬7)، والبيهقي (¬8). ¬

_ (¬1) لسان العرب 5/ 60. (¬2) ينظر مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 163. (¬3) النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 899 و4/ 137. (¬4) سنن أبي داود: رواية اللؤلؤي، كاتب السنة، باب في القدر، الحديث رقم 4695، 2/ 923. (¬5) المصدر نفسه: رواية العبد، الكتاب والباب أنفسهما، الحديث رقم، 4695، 2/ 635، ورواية ابن الأعرابي بالرقم نفسه. (¬6) سنن الترمذي: كتاب الإيمان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب ما جاء في وصف جبريل للنبي ... - صلى الله عليه وسلم - الإيمان والإسلام، الحديث رقم 2610، 5/ 6. (¬7) صحيح ابن حبان: كتاب الإيمان، باب فرض الإيمان، الحديث رقم 168، 1/ 389. (¬8) شعب الإيمان: الخامس من شعب الإيمان - وهو باب في ان القدر خيره وشره من الله - عز وجل - الحديث رقم 180، 1/ 201.

باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام

3 - كتاب الإيمان باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام حدثنا أمية بن بسطام العيشي، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا روح (وهو ابن القاسم)، عن إسماعيل بن أمية، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد، عن ابن عباس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذاً إلى اليمن قال: {إنك تقدم على قوم أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله - عز وجل -، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموالهم} 1/ 50. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وفي حديث معاذ {أنك تقدم على قوم} كذا رواية الجماعة، وعند ابن ماهان: "تقوم"، وهي تغيير ووهم، وإن صح فمعناه تليهم وتقوم على أمورهم، وهو كان الوالي، ولكن اللفظ الأول هو المعروف" (¬1). فرواية المغاربة: {انك تقوم} ورواية المشارقة: "انك تقدم"، فالتغيير في عين فعل "الدال" في تقدم إلى "واو" في تقوم، والمعنى صحيح. قال الباحث: فقوله - صلى الله عليه وسلم - {انك تقدم}: فتقدم من الفعل الثلاثي قَدِمَ ومصدره قَدْماً وقُدوماً (¬2) بمعنى الرجوع، قال ابن منظور: "القدوم الرجوع من السفر قدمَ من سفره قدوماً، يقال: قدم فلان من سفره يقدم قدوماً. وقدم فلان على الأمر إذا أقدم عليه. منه قول الأعشى: فكم ما ترين امرءاً راشداً تبين ثم انتهى إذ قدم " ... (¬3). وتقوم من الفعل الثلاثي المجرد قام وهو لازم والمزيد أقام وهو متعدي، ومصدره قواماً وقُوميَّة. قال ابن منظور: "فلان ذو قومية على ما له وأمره وتقول: هذا الأمر لا قومية له أي لا قوام له، والقائم بالدين المستمسك به الثابت عليه، قال الفراء: ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 174. (¬2) القاموس المحيط: (تأليف الفيروزآبادي محمد بن يعقوب بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم ... ت 729هـ)، مؤسسة الرسالة، بيروت، د. ط، د. ت، 3/ 270. (¬3) لسان العرب 12/ 465.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أمةٌ قائمة متمسكة بدينها، وقوله - عز وجل -: {لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} ... [آل عمران: 75]، أي مواظباً ملازماً ومنه قيل في الكلام للخليفة هو القائم بالأمر" (¬1). وقال ابن القطاع: "أقام الأمر جاء به معطي حقوقه" (¬2). ويأتيان بالمعنى نفسه، وجمع بينهما ابن منظور فقال: "وقدم فلان إلى ... أمر كذا وكذا أي قصد له، ومنه قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ} ... [الفرقان: 23]، قال الزجاج والفراء: معنى قدمنا وقصدنا كما تقول: ... كان فلان يفعل كذا تريد قصد إلى كذا، ولا تريد قام من القيام على ... الرجلين" (¬3). فيصح المعنى إنك سترأس قوماً، وهذا يستقيم مع ما بعده في ... الحديث {فإذا أطاعوا بهذا فخذ منهم، وتوق كرائم أموالهم}. فهذه الرواية ... بالمعنى، وإلا فلم يروها احد في كتب الحديث سوى ابن ماهان. ولهذا ... لما كان المعنى واحد كان الأولى التوفيق بين الروايتين لا تخطئة ... احدهما. وممن رواه كما وقع لمسلم في رواية المشارقة: البخاري (¬4)، وابن حبان (¬5)، ¬

_ (¬1) لسان العرب 12/ 496. (¬2) كتاب الأفعال: (تأليف: ابن القطاع أبو القاسم علي بن جعفر بن علي بن محمد السعدي ... ت 515هـ)، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1983، 3/ 55. (¬3) مصدر سابق 12/ 465. (¬4) صحيح البخاري: كتاب الزكاة، باب لا تؤخذ كرائم أموال الناس في الصدقة، الحديث رقم 1389، 2/ 529، وكتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، الحديث رقم 6937، 6/ 2685. (¬5) صحيح ابن حبان: كتاب الإيمان، باب فرض الإيمان، الحديث رقم 156، 1/ 370، وكتاب الصلاة، باب الوتر، الحديث رقم 2419، 6/ 176.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ والطبراني (¬1)، والدارقطني (¬2)، والبيهقي (¬3)، وأبو نعيم (¬4)، وأبو عوانة (¬5)، وابن منده (¬6)، والخطيب البغدادي (¬7). ¬

_ (¬1) المعجم الكبير، باب العين، من اسمه عبد الله، أحاديث عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم ... ، الحديث رقم 12207، 11/ 426، والمعجم الأوسط: باب من اسمه إبراهيم، الحديث رقم 2789، 3/ 158. (¬2) سنن الدارقطني: كتاب الزكاة، باب الحث على إخراج الصدقة، وبيان قسمتها، الحديث رقم 5، 2/ 136. (¬3) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الزكاة، باب لا يؤخذ كرائم أموال الناس، الحديث رقم 7095، 4/ 101، وكتاب قسم الصدقات، باب ما فرض الله تبارك وتعالى على أهل دينه من المسلمين في أموالهم لغيرهم من أهل دينه المسلمين والمحتاجين إليه، الحديث رقم 12891، 7/ 2. (¬4) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أول الكتاب، 1/ 23. (¬5) مستخرج أبي عوانة: (تأليف: الاسفرائيني أبو عوانة يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد ت 306هـ)، تحقيق: أيمن بن عارف الدمشقي، دار المعرفة - بيروت، ط1، 1998م، كتاب الزكاة، باب بيان فرض الزكاة وان الإمام إذا بعث المتولي إلى بلدة أخرى من الأغنياء أمر بردها على فقرائهم ... ، الحديث رقم 2116، 5/ 458. (¬6) كتاب الإيمان: (تأليف: ابن منده محمد بن إسحاق بن يحيى ت 395هـ)، برواية ولده أبي عمر عبد الوهاب بن منده إجازة، ورواية أبي الفضل البطارقاني سماعاً، تحقيق: د. علي بن محمد بن ناصر الفقيهي، الجامعة الإسلامية، المملكة العربية السعودية - المدينة المنورة، ط1، 1401هـ، باب ذكر ما يدل على ان الإيمان بالله علم ومعرفة، وإقرار، الحديث رقم 116، 1/ 252، وباب ذكر أول ما يدعى إليه العبد وهو التوحيد والمعرفة، ثم الصلوات، الحديث رقم 213 و214، 2/ 379 و380. (¬7) الفقيه والمتفقه: (تأليف: الخطيب البغدادي أبو بكر احمد بن علي بن ثابت بن احمد بن مهدي ت 463هـ)، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي، دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية، 1417هـ، باب من المجمل والمبين، حديث رقم 304، 1/ 346، والجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: (تأليف: الخطيب البغدادي أبو بكر احمد بن علي بن ثابت)، ذكر ما يستحب في الإملاء روايته لكافة الناس ... ، الحديث رقم 1329، 4/ 33.

باب خصال الفطرة

4 - كتاب الطهارة باب خصال الفطرة حدثنا سهل بن عثمان حدثنا يزيد بن زريع عن عمر بن محمد حدثنا نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأوفوا اللحى}. حدثني أبو بكر بن إسحاق أخبرنا ابن أبي مريم أخبرنا محمد بن جعفر أخبرني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس} 1/ 222*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وقوله أعفوا اللحى وأمر بإعفاء اللحى فسرناه أي وفروها وكثروها وفي حديث سهل بن عثمان عند مسلم أوفوا اللحى أي دعوها وافية وعنده في حديث أبي هريرة ارخوا اللحى بالخاء وهو أقرب من هذا وفي رواية ابن ماهان أرجوا بالجيم وهو بعيد" (¬1). وقال أيضاً (¬2): وذكر مسلم في حديث أبي هريرة "أرخوا اللحى كذا عند أكثر شيوخنا، ولابن ماهان: "أرجوا" بالجيم، قيل: معناه: أخروا، وأصله أرجؤوا، فسهلت الهمزة بالحذف، وكان معناه: اتركوا فيها فعلكم بالشوارب، وكله من معنى ما تقدم، وفي البخاري "وفروا اللحى". وقال السيوطي: "أرخوا اللحى بقطع الهمزة وبالخاء المعجمة في رواية الأكثر أي اتركوها ولا تتعرضوا لها بتغيير، ولابن ماهان وبالجيم بمعناه من الإرجاء وهو التأخير وأصله أرجئوا بالهمزة فحذف تخفيفا أي أخروها واتركوها" (¬3). فرواية المغاربة وقعت بالجيم، ورواية المشارقة بالخاء، وهما معجمتان، وهاتان الروايتان هما بالمعنى، وحديث الأصل أعفوا اللحى، وهو ما وقع في ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 106. (¬2) إكمال المعلم بفوائد مسلم 2/ 63. (¬3) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 2/ 38.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ صحيح البخاري (¬1) أيضاً. فالرواية بالجيم "ارجوا" مأخوذة من الأرجاء أي التأخير، قال ابن منظور: "ارجأ الأمر آخره، وتَرْك الهمزة لغة، ابن السكيت: ارجات الأمر وارجيته إذا أخرته، وقرئ ارجه وأرجئه، وقوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ} [الأحزاب: 51]، وأرجأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمْرَنا أي آخره، والأرجاء التأخير مهموز" (¬2). فقول القاضي عياض في رواية ابن ماهان: "ارجوا بالجيم وهو بعيد"، ليس كذلك فقد صوب السيوطي المعنى فقال: وبالجيم بمعناه من الأرجاء وهو التأخير واصله "ارجئوا" بالهمزة، فحذف تخفيفاً أي أخروها واتركوها. والرواية التي جاءت بالخاء: "ارخوا" فهي من أرخى، قال ابن منظور: "أرخى الفرسُ إذا طول ذيله، أرخى الرباط، أي جعله سهلاً مسترسلاً. والمعنى يكون في الحديث هو: أطيلوا لحاكم، واجعلوها سهلة مسترسلة" (¬3). وممن رواه كما وقع لمسلم من رواية المشارقة البيهقي (¬4)، وعلى هذا أمكن الجمع بين الروايتين على إمكان توافق المعاني، والله أعلم. ¬

_ (¬1) صحيح البخاري: كتاب اللباس، باب تقليم الأظفار، الحديث رقم 5553، 5/ 2209. (¬2) لسان العرب 1/ 83، وينظر القاموس المحيط 1/ 124، وتاج العروس من جواهر القاموس 1/ 123، وغيرها. (¬3) المصدر نفسه 14/ 314 مادة أرخى. (¬4) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الطهارة، باب السنة في الأخذ من الأظفار، والشارب وما ذكر معهما، وان لا وضوء في الشيء من ذلك. قال تعالى: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124]، الحديث رقم 673، 1/ 150.

باب حكم ضفائر المغتسلة

5 - كتاب الحيض باب حكم ضفائر المغتسلة وحدثنا يحيى بن يحيى، وأبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن حجر جميعا، عن ابن علية قال يحيى: أخبرنا إسماعيل بن علية، عن أيوب، عن أبي الزبير، عن عبيد بن عمير قال: بلغ عائشة أن عبد الله بن عمرو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، فقالت: يا عجبا لابن عمرو هذا، يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن، لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إناء واحد ولا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات 1/ 260. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "قوله في غسل المرأة: "ثلاث إفراغات" كذا لهم، وعند ابن ماهان: "اغرافات"، وهو وهم" (¬1). فرواية المغاربة اغرافات بإبدال محل العين بالفاء، ورواية المشارقة افراغات، وقول القاضي عن اغرافات بتقديم الغين: "وهم "؛ لأنه غير مستعمل، فان كان مهموز غرفات فهو غير معروف، وان كان بغير الهمز فهو جمع غرفة، فغرفات بضم الغين جمع غُرْفة، فهو الماء المغروف، وبالفتح المرَّة من الغَرْف، قاله ابن منظور (¬2)، وقال أبو منصور الهروي: "الغرفة ان يغرف الماء بكفه مجموعة الأصابع مرة واحدة هذا بفتح الغين، وأما الغُرفة بالضم فالماء المحمول بالكف" (¬3). ولعله أراد الإناء الذي يحمل به الغَرْفة قال ابن قتيبة الدينوري: "الغُرْفة والغَرْفة، وبلغني عن يونس انه قال: غَرَفت غَرْفة بالفتح إذا أردت المرة الواحدة وفي الإناء غُرْفة" (¬4). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 133. (¬2) لسان العرب 9/ 263. (¬3) الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، (تأليف: الهروي أبو منصور محمد بن احمد بن الأزهر بن طلحة الأزهري ت307هـ)، تحقيق: محمد جبر الألفي، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت، ط1، 1399هـ، 1/ 41. (¬4) غريب الحديث: (تأليف: الدينوري أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة ت488هـ)، تحقيق: د. عبد الله الجبوري، مطبعة العاني - بغداد، ط1، 1397هـ، 1/ 413.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اما الافراغة: فهي المرة الواحدة من الإفراغ، قال الزبيدي: "فََرَغَ عليه الماء: صَبّه، عن ثعلب وانشد: فرغنا الهوى في القلب ثم سقينه ... صُبابات ماء الحزن بالأعين النجلُ والافراغة المرة الواحدة من الافراغ، ومنه الحديث (¬1): {كان يفرغ على راسه ثلاث افراغات} " (¬2). وبين ابن الاثير في الحديث الذي ذكره صاحب تاج العروس: "افراغات جمع افراغة، وهي المرة الواحدة من الافراغ، يقال: افرغت الاناء افراغاً، وفرّغته تفريغاً إذا قلبت ما فيه" (¬3). من خلال عرض معاني هذه الألفاظ يظهر ان من روى بالمعنى اغرافات أراد بدء الغرف، ومن روى بلفظ افراغات - وهو الأصل - أراد الانتهاء من تفريغ الغرف، ولهذا نبتعد عن القول بالوهم، ونقترب من القول بالرواية بالمعنى. وممن رواه كما في رواية المشارقة ابن ماجه (¬4)، والإمام احمد (¬5)، وابن خزيمة (¬6)، والبيهقي (¬7)، وابن راهويه (¬8). ¬

_ (¬1) مسند الإمام أحمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة، مسند جابر بن عبد الله ـ - رضي الله عنه - ـ، الحديث رقم 14224، 3/ 298. (¬2) تاج العروس من جواهر القاموس 1/ 5689. (¬3) النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 835. (¬4) سنن ابن ماجه: كتاب الطهارة وسننها، باب ما جاء في غسل النساء من الجنابة، الحديث رقم 604، 1/ 198. (¬5) مسند الإمام احمد بن حنبل: باقي مسند الأنصار، حديث السيدة عائشة – رضي الله عنها -، الحديث رقم 24206، 6/ 43. (¬6) صحيح ابن خزيمة: كتاب الوضوء، باب الرخصة في ترك المرأة نقض ضفائر رئسها من الجنابة، الحديث رقم 247، 1/ 123. (¬7) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الطهارة، باب ترك المرأة نقض قرونها إذا علمت وصول الماء إلى أصول شعرها، الحديث رقم 824، 1/ 181. (¬8) مسند إسحاق بن راهويه: مسند إسحاق بن راهويه: (تأليف: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي)، تحقيق: د. عبد الغفور بن عبد الحق البلوشي، مكتبة الإيمان - المدينة المنورة، ط1، 1412هـ - 1991م، بقية أحاديث مشيخة عن عائشة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الحديث رقم 1773، 3/ 1024، والحديث رقم 1798، 3/ 1039.

باب التشهد في الصلاة

6 - كتاب الصلاة باب التشهد في الصلاة حدثنا سعيد بن منصور، وقتيبة بن سعيد، وأبو كامل الجحدري، ومحمد بن عبد الملك الأموي (واللفظ لأبي كامل) قالوا: حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله الرقاشي قال: صليت مع أبي موسى الأشعري صلاة، فلما كان عند القعدة قال رجل من القوم: أقرأت الصلاة بالبر والزكاة؟ قال: فلما قضى أبو موسى الصلاة وسلم انصرف فقال: أيكم القائل كلمة كذا وكذا؟ قال: فأرم القوم، ثم قال: أيكم القائل كلمة كذا وكذا؟ فأرم القوم، فقال: لعلك يا حطان قلتها؟ قال: ما قلتها، ولقد رهبت أن تبكعني بها، فقال رجل من القوم: أنا قلتها، ولم أرد بها إلا الخير، فقال أبو موسى: أما تعلمون كيف تقولون في صلاتكم؟ إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطبنا فبين لنا سنتنا، وعلمنا صلاتنا فقال: {إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا، وإذا قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين، يجبكم الله، فإذا كبر وركع، فكبروا واركعوا، فإن الإمام يركع قبلكم، ويرفع قبلكم} فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {فتلك بتلك، وإذا قال سمع الله لمن حمد، فقولوا اللهم ربنا لك الحمد، يسمع الله لكم، فإن الله تبارك وتعالى قال على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -: سمع الله لمن حمده، إذا كبر وسجد، فكبروا واسجدوا، فإن الإمام يسجد قبلكم، ويرفع قبلكم}، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {فتلك بتلك، وإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم التحيات الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله} 1/ 303. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "قوله: لقد خشيت أن تبعكني بها بفتح التاء والكاف كذا لهم، أي تستقبلني بما أكره وتبكتني، وبالبكع التبكيت في الوجه، وفي رواية ابن ماهان: تنكتني بنون قبل الكاف وتاء بعدها، وهو وهم، ولعله مصحف من تبكتني بباء بواحدة مفتوحة قبل الكاف، أي تستقبلني بما أكره، وتوبخني بمعنى تبعكني،

........................................................................................... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ورواه بعض رواة مسلم تبعكني بتقديم العين، وكله خطأ إلا ما قدمناه" (¬1). وقال أيضاً: "قال ابن الأعرابي: البكع: التبكيت في الوجه، وهكذا روينا هذا الحرف عن جمهور شيوخنا، وكذا كان في كتبهم، وعند ابن ماهان:"تنكتني"، بنون أُولى وبعد الكاف المضمومة تاء باثنتين فوقها مضمومة بعدها نون ثانية قال بعضهم: لعله تبكتني بها بالباء بمعنى الأول" (¬2). فرواية المغاربة تنكتني وجعلها القاضي عياض وهم، تصحيف بجعل الباء بواحدة تحتية إلى فوقية (بنون) من تبكتني أي تستقبلني بما اكره، وهو المعنى نفسه الذي ورد عند المشارقة بلفظ تبعكني. فالبعك والبكت بمعنى واحد: قال ابن منظور: "بَعَّكه، وبَعَكه بَكْعَاً استقبله بما يكره وبَكَّته، وفي حديث أبي موسى قال له رجل: ما قلت هذه الكلمة، ولقد خشيت ان تبكعني بها البكع والتبكيت ان تستقبل الرجل بما يكره، ومنه حديث أبي بكرة ومعاوية - رضي الله عنهما - فبعكه بها فَزَخَّ في اقفائنا" (¬3). ويأتي معنى التبكيت أيضاً بالتفريع بالعذل والتوبيخ، والغلية بالحجة والالزام بالسكوت قال الزبيدي: "بَكّته تبكيتاً: إذا قَرَّعَهُ بالعذل تقريعاً، وفي الحديث: {انه اتي بشارب فقال بَكَّتوه}، التبكيت التقريع والتوبيخ يقال له: يا فاسق اما استحيت؟ اما اتقيت الله؟ قال الهروي: ويكون باليد والعصا ونحوها: التبكيت والبكت: الغلبة بالحجة يقال: بَكَته وبَكَّته حتى أسكته، وفي الأساس: ألزمه بالسكت لعجزه عن الجواب عنه" (¬4). فكل هذه المعاني هي قريبة من موضوعنا. اما النكت: ان تنكت بقضيب في ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 88. (¬2) إكمال المعلم بفوائد مسلم 2/ 297. (¬3) لسان العرب 8/ 19، وينظر القاموس المحيط 1/ 910، وغيرها. (¬4) تاج العروس من جواهر القاموس 1/ 1055.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الأرض فتؤثر فيها بطرفه (¬1). وقال ابن منظور: "والنَكْتَةُ كالنقطة، وفي حديث الجمعة (فإذا فيها نكته سوداء) (¬2)، أي اثر قليل كالنقطة شبه الوسخ في المرآة والسيف ونحوها، والنَكته: جمعها نكت وهو البرش، والبُرْشُ الجمع والبَرَش في شعر الفرس: نكتٌ صغار تخالف سائر لونه" (¬3). فلعل الرواية التي جاءت عند ابن ماهان أراد بها مجازاً، أي تنكت بي فتؤثر كما يؤثر من ينكت في الأرض بقضيب ونحوها، أو انه أراد به ان تجعلني بين الحاضرين كالنقطة التي في المرآة أو السيف أو الثوب، وغيرها، وهو قريب من النقطة (البرش) في الفرس. والله اعلم. وبهذا المعنى نبتعد عن القول بالوهم والتصحيف، وتكون الرواية صحيحة المعنى، إلا أني لم أجد من يرويها بهذا اللفظ. وممن رواه كما رواه مسلم في طريق المشارقة: الإمام احمد (¬4)، الطيالسي (¬5). ¬

_ (¬1) كتاب العين 5/ 339. (¬2) النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 236. (¬3) لسان العرب 2/ 100، و6/ 264 بتصرف. (¬4) مسند الإمام احمد بن حنبل: مسند الكوفيين، حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -، الحديث رقم 19680، 4/ 409. (¬5) مسند أبي داود الطيالسي: سعيد بن جبير وغيره عن أبي موسى - رضي الله عنه -، الحديث رقم 517، 1/ 70.

باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

7 - كتاب الصلاة باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، أخبرنا مروان بن محمد الدمشقي، حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن عطية بن قيس، عن قزعة، عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ إذا رفع رأسه من الركوع قال: (ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) 1/ 347. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "قوله:"أهل الثناء والمجد"، و"مجدني عبدي"، و"يمجدونك": أي يثنون عليك ويعظمونك، والمجيد من أسماء الله، قيل: العظيم، وقيل: الكريم، وقيل: المقتدر على الفضل والأنعام، وأصل المجد السعة" (¬1). قال الإمام النووي: "قوله: (أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) أما قوله أهل: فمنصوب على النداء هذا هو المشهور، وجوز بعضهم رفعه على تقدير أنت أهل الثناء، والمختار النصب، والثناء: الوصف الجميل والمدح، والمجد: العظمة ونهاية الشرف، هذا هو المشهور في الرواية في مسلم وغيره، قال القاضي عياض: ووقع في رواية بن ماهان: أهل الثناء والحمد، وله وجه، ولكن الصحيح المشهور الأول" (¬2). وقال الإمام السيوطي:" أهل الثناء بالنصب على النداء، وجوز بعضهم رفعه على تقدير أنت أهل الثناء، والثناء: الوصف بالجميل والمدح، والمجد: العظمة ونهاية الشرف، ولابن ماهان أهل الثناء والمدح" (¬3). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 374. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 4/ 194. (¬3) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 2/ 173.

................................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فالمَجْدُ: "نيل الشَّرف، وقد مَجَدَ الرجل، ومَجُدَ: لغتان، والمَجْدُ: كرم فعاله، والله تبارك وتعالى هو المجيد، تمجَّدَ بفعاله، ومجَّدَهُ خلقه لعظمته، وقال ... - عز وجل -: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15)} [البروج] ... " (¬1). وقال ابن منظور: "والمجيدُ: فعيل منه للمبالغة، وقيل: هو الكريم المفضال وقيل: إِذا قارَن شَرَفُ الذاتِ حُسْنَ الفِعال سمي مَجْداً، وفعِيلٌ أَبلغ من فاعِل، فكأَنه يَجْمع معنى الجليل والوهَّابِ والكريم والمجيدُ من صفاتِ الله ـ - عز وجل - ـ، وفي التنزيل العزيز: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (15)} [البروج]، وفي أسماء الله تعالى الماجدُ، والمَجْد في كلام العرب الشرف الواسع التهذيب. الله تعالى هو المجِيدُ تَمَجَّد بِفعاله، ومَجَّده خلقه لعظمته، وفي حديث قراءة الفاتحة: "مَجَّدَني عَبْدي أَي شرَّفني وعَظَّمني"، وكان سعد ابن عبادة يقول: اللهمَّ هَبْ لي حَمْداً ومَجْداً لا مَجْد إِلا بِفعال ولا فِعال إِلا بمال، اللهم لا يُصْلِحُني ولا أَصْلُحُ إِلا عليه" (¬2). وقال ابن دريد: "والمجد لله تبارك وتعالى: الثناء الجميل. يقال: سبَّح اللهَ ... - عز وجل - ـ ومجَّده، أي ذكرَ الآءه. وقد سمّت العرب مَجْداً وماجِداً ومُجَيْداً" (¬3). وقال الفيروز آبادي: "والمَجيدُ الرَّفيعُ العالِي، والكَرِيمُ، والشَّريفُ الفِعالِ" (¬4). وأما الحمدُ: "نقيض الذََّمِّ، يقال: حمدته على فعله، ومنه المحمدةُ، وقال الله - عز وجل -: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} [الفاتحة] ... " (¬5). وقال الخليل: "يقال: بلوته فأحمدته أي وجدته حميدا محمود الفعال، وحمدته على ذلك، ومنه المحمدة، وحماداك أن تفعل كذا، أي: حمدك، وحماداك أن تنجو ¬

_ (¬1) تهذيب اللغة 3/ 484. (¬2) لسان العرب 3/ 395. (¬3) جمهرة اللغة 1/ 219. (¬4) القاموس المحيط 1/ 320، وينظر المحكم والمحيط الأعظم 3/ 276. (¬5) تهذيب اللغة 2/ 77، مادة حمد.

................................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ من فلان رأسا برأس، والتحميد: كثرة حمد الله بحسن المحامد، وأحمد الرجل: أي: فعل فعلا يحمد عليه، قال الأعشى (¬1): وأحمدت إذ نجيت بالأمس صرمة ... لها غددات واللواحق تلحق والحمد: الثناء" (¬2). وقال ابن سيده: "وقد حَمِدَه حَمْداً ومحْمَداً ومحْمَدَةً ومَحْمِداً ومَحْمِدَةٌ، نادر، فهو محمودٌ وحَمِيدٌ ... والتَّحميدُ: حمدُكَ الله مرة بعد مرة. وإنه لَحَمَّادٌ لله ومحَمَّدٌ، هذا الاسم منه كأنه حُمِدَ مرة بعد أخرى" (¬3). وقال الزمخشري: أحمد الله تعالى بجميع محامده. قال النابغة: وألقيت في العبسيّ فضلاً ونعمةً ... ومحمدةً من باقيات المحامد (¬4) وأحمد إليك الله. وأحمدت فلاناً: وجدته محموداً. وأحمد الرجل: جاء بما يحمد عليه، ضد أذم. والله محمود وحميد. ورجل حمدة: كثير الحمد. وحمدت الله ومجدته. وهو أهل التحميد والتحاميد. وتحمد فلان: تكلف الحمد. تقول: وجدته متحمداً متشكراً (¬5). أما المدح: [فهو] نقيض الهجاء، وحُسنُ الثَّناء. مَدَحَه يمْدَحُه مَدْحا ومِدَحُةً، هذا قول بعضهم، والصحيح أن المدحَ المصدر، والمِدْحَةُ الاسم. ومَدَحَه وامتدَحَه وتَمَدَّحَه، كمدَحَه (¬6)، ويقال: فلان يَتَمدح إذا كان يُقّرظُ نفسه ويُثني عليها (¬7). وقال الجوهري: "المَدْحُ: الثناء الحسن. وقد مَدَحَهُ وامتدَحه بمعنًى. وكذلك ¬

_ (¬1) المعاني الكبير: (تأليف: الدينوري ابن قتيبة)، حيدر آباد الدكن 1949هـ، 1/ 291. (¬2) كتاب العين 3/ 188. وينظر المحيط في اللغة 1/ 213. (¬3) المحكم والمحيط الأعظم 2/ 6و7. (¬4) ديوان النابغة الذبياني 1/ 29، وفصل المقال في شرح كتاب الأمثال: (تأليف: أبو عبيد القاسم بن سلام البكري ت222هـ)، تحقيق: إحسان عباس، مؤسسة الرسالة بيروت - لبنان، ط 1، 1971، 1/ 287 (¬5) أساس البلاغة 1/ 97. (¬6) المحكم والمحيط الأعظم 2/ 7. (¬7) تهذيب اللغة 2/ 77.

................................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المِدْحَةُ، والمَديحُ، والأمْدوحَةُ. وأنشد أبو عمرو لأبي ذؤيب: لو كان مِدْحَةُ حَيٍّ مُنْشِراً أحداً ... أحْيا أباكُنَّ يا ليلى الأماديحُ " (¬1). وممن روى الحديث كما رواه مسلم - عند المشارقة - أبي داود (¬2)، والنسائي (¬3)، والدارمي (¬4)، والإمام أحمد (¬5)، وابن حبان (¬6)، والطبراني (¬7)، والبيهقي (¬8). الخلاصة: كل ما ورد من هذه اللفاظ فهي صحيحية؛ لأن الثناء على الله تعالى لا ينحصر بلفظ واحد أو اثنين ... ، والأصح ما ورد من طريق المشارقة لما تؤيدهم كثرة الرواية عند كافة المحدثين. ¬

_ (¬1) الصحاح في اللغة 2/ 162. وبيت الشعر في شرح ديوان الحماسة 1/ 73. (¬2) سنن أبي داود: ككتاب الصلاة، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الصركوع، الحديث رقم 847، 1/ 258. (¬3) سنن النسائي (المجتبى): كتاب الصلاة، باب ما يقول في قيامه ذلك، الحديث رقم 1086، 1/ 198. (¬4) كتاب الصلاة، باب ما يقول بعد رفع الرأس من الركوع، الحديث رقم 1313، 1/ 87. مسند الإمام أحمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ، الحديث رقم 11845، و11846، 3/ 87، وينظر الحديث رقم 18544، 4، 285. (¬5) مسند الإمام أحمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ، الحديث رقم 11845، و11846، 3/ 87، وينظر الحديث رقم 18544، 4، 285. (¬6) صحيح ابن حبان: كتاب الصلاة، ياي صفة الصلاة، الحديث رقم، 1905، 5/ 231، وينظر الحديث رقم 1906، 5/ 232. (¬7) مسند الشاميين: سعيد بن عبد العزيز عن عطية بن قيس، الحديث رقم 304، 1، 187، وينظر المعجم الكبير، الحديث رقم 8985، 9/ 201، و10348، 10/ 168، والمعجم الأوسط الحديث رقم 3208، 3/ 297 .. (¬8) سنن البيهقي الكبرى: جماع أبواب صفة الصلاة، باب ما يقول عند رفع الرأس من الركوع وإذا استوى قائماً، الحديث رقم 2440، 2/ 94، وباب كيف القيام من الركوع، الحديث رقم 2458، 2/ 98. وغيرها من الطرق عن عبد الله بن مسعود وابن عباس ـ رضي الله عنهم ـ.

باب السهو في الصلاة والسجود له

8 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب السهو في الصلاة والسجود له حدثنا عثمان بن أبي شيبة (واللفظ له)، حدثنا جرير، عن الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم بن سويد قال: صلى بنا علقمة الظهر خمسا، فلما سلم قال القوم: يا أبا شبل قد صليت خمسا. قال: كلا، ما فعلت. قالوا: بلى. قال: وكنت في ناحية القوم، وأنا غلام، فقلت: بلى، قد صليت خمسا. قال لي: وأنت أيضا يا أعور تقول ذاك؟ قال: قلت: نعم. قال: فانفتل، فسجد سجدتين، ثم سلم، ثم قال: قال: عبد الله صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمسا فلما انفتل توشوش القوم بينهم فقال: {ما شأنكم}؟ قالوا: يا رسول الله هل زيد في الصلاة؟ قال: {لا}. قالوا: فإنك قد صليت خمسا فانفتل، ثم سجد سجدتين، ثم سلم، ثم قال: {إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون}، وزاد ابن نمير في حديثه، {فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين} 1/ 400. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "في السهو في الصلاة فتوسوس القوم، كذا رواه ابن ماهان وكذا الكثير من شيوخنا، ورواه بعضهم توشوش بالمعجمة، وكذا قيدناه على أبي بحر وغيره، وكذا تقيد عند الخشنى والهوزني وهما بمعنى، والشين هنا أشهر وأليق، والوشوشة بالمعجمة همس القوم بعضهم لبعض بكلام خفي مع حركة واضطراب والوسوسة بالمهملة الكلام الخفي أيضا والحركة الخفية، قال الخليل: الوشوشة كلام في اختلاط " (¬1). ففي راوية ابن ماهان توسوس بالسين المهملة، وابن سفيان بالمعجمة وكلاهما بالمعنى نفسه واراد بها راويها ان يظهر وجود الصوت من كلام غير مفهوم، لذا قال: ما شأنكم ... فالوسوسة: الكلام الخفي في اختلاط (¬2)، ومنه حديث عثمان (¬3) [لما قبض ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 296. (¬2) لسان العرب 6/ 254، تاج العروس من جواهر القاموس 1/ 4182. (¬3) مسند أبي يعلى: مسند أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، الحديث رقم 9، 1/ 20، وشعب الإيمان، الأول من شعب الإيمان وهو باب في الإيمان بالله - عز وجل -، الحديث رقم 92، 1/ 107.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسوس ناس]، وكنت فيمن وسوس يريد انه اختلط كلامه ودهش بموته، ووسوس الرجل: إذا تكلم بلام خفي يكرره (¬1). والوشوشة: كلام في اختلاط، قال ابن منظور (¬2): "الوشوشة كلام في اختلاط "، وفي حديث سجود السهو (¬3) "فلما انفتل توشوش القوم" الوشوشة كلام مختلط حتى لا يكاد يفهم ورواه بعضهم بالسين، وفي القاموس المحيط (¬4): وتوشوشوا تحركوا وهمس بعضهم إلى بعض. وقال ابن الأثير: "في حديث سجود السهو: [فلما انفتل توشوش القوم] الوشوشة كلام مختلط خفي لا يكاد يفهم، ورواه بعضهم بالسين المهملة. ويريد به الكلام الخفي والوسوسة: الحركة الخفية وكلام في اختلاط" (¬5). وكلا اللفظتين أفادت معنى واحد وبهذا نبتعد عن التخطئة. وممن رواه كما رواه مسلم في رواية ابن ماهان ابن خزيمة (¬6). ورواه أبو داود (¬7) كما رواه مسلم في رواية ابن سفيان، وكذلك البيهقي (¬8). ¬

_ (¬1) المغرب في ترتيب المعرب 2/ 352 بتصرف. (¬2) لسان العرب 6/ 372. (¬3) وهو الحديث الذي نحن بصدده. (¬4) القاموس المحيط 1/ 687. (¬5) غريب الحديث والأثر5/ 417. (¬6) صحيح ابن خزيمة: كتاب الصلاة، باب السلام بعد سجدتي السهو إذا سجدها المصلي بعد السلام، الحديث رقم 1061، 2/ 133. (¬7) سنن أبي داود: باب إذا صلى خمساً، الحديث رقم 1022، 1/ 334. (¬8) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الصلاة، باب من سها فصلى خمساً، الحديث رقم 3657، 2/ 342.

باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضاؤها

9 - كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها وحدثني أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي، حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد، حدثنا سلم بن زرير العطاردي قال: سمعت أبا رجاء العطاردي، عن عمران بن حصين قال: كنت مع نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في مسير له فأدلجنا ليلتنا حتى إذا كان في وجه الصبح عرسنا فغلبتنا أعيننا حتى بزغت الشمس قال: فكان أول من استيقظ منا أبو بكر، وكنا لا نوقظ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - من منامه إذا نام حتى يستيقظ، ثم استيقظ عمر فقام عند نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فجعل يكبر ويرفع صوته بالتكبير حتى استيقظ رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - فلما رفع رأسه ورأى الشمس قد بزغت قال: {ارتحلوا}، فسار بنا حتى إذا ابيضت الشمس نزل فصلى بنا الغداة، فاعتزل رجل من القوم لم يصل معنا، فلما انصرف قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {يا فلان ما منعك أن تصلي معنا}؟ قال: يا نبي الله أصابتني جنابة، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتيمم بالصعيد، فصلى، ثم عجلني في ركب بين يديه نطلب الماء، وقد عطشنا عطشا شديدا، فبينما نحن نسير إذا نحن بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين، فقلنا لها أين الماء؟ قالت: أيهاه أيهاه لا ماء لكم. قلنا: فكم بين أهلك وبين الماء؟ قالت: مسيرة يوم وليلة. قلنا: انطلقي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت: وما رسول الله؟ فلم نملكها من أمرها شيئا حتى انطلقنا بها، فاستقبلنا بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألها فأخبرته مثل الذي أخبرتنا، وأخبرته أنها موتمة، لها صبيان أيتام، فأمر بروايتها، فأنيخت فمج في العزلاوين العلياوين، ثم بعث براويتها، فشربنا ونحن أربعون رجلا عطاش حتى روينا، وملأنا كل قربة معنا وإداوة، وغسلنا صاحبنا غير أنا لم نسق بعيرا، وهي تكاد تنضرج من الماء (يعني المزادتين)، ثم قال: {هاتوا ما كان عندكم فجمعنا لها من كسر وتمر وصر لها صرة فقال لها: اذهبي فأطعمي هذا عيالك، واعلمي أنا لم نرزأ من مائك}، فلما أتت أهلها قالت: لقد لقيت أسحر البشر أو إنه لنبي كما زعم، كان من أمره ذيت وذيت، فهدي الله ذاك الصرم بتلك المرأة، فأسلمت وأسلموا 1/ 474.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وقوله تكاد تنضرج من الماء كذا لابن سفيان وعند ابن ماهان من الملء أي الامتلاء من الماء" (¬1). فالضرج: الشق، والانْضِراجُ الانشقاق (¬2)، وضرجه أي شقّه، وضَرَجَ الشيءَ ضَرْجاً فانْضَرَج، وضَرَّجه شقَّه والضَّرْج الشَّقُّ (¬3). واستشهد ابن منظور بقول ذي الرّمة يصف: نساء ضَرَجْنَ البُرُودَ عن تَرائب حُرَّةٍ: أَي شَقَقْنَ ويروى بالحاء أَي أَلقين، وقال ابن منظور أيضاً: وفي حديث المرأَة صاحبة المَزادَتَيْن تَكاد تَتَضَرَّجُ من المِلْءِ أَي تنشقُّ، وتَضَرَّج الثوبُ: انشقَّ، وقال هميان يصف أَنياب الفَحل: أَوْسَعْنَ من أَنيابه المَضارِجِ، والمَضَارِج المَشاقُّ وتَضَرَّح الثوب إِذا تَشَقَّقَ (¬4). وهذا ما اكده الزبيدي أيضاً (¬5). فرواية ابن ماهان "تنضرج من الملء" ورواية ابن سفيان "تنضرج من الماء"، فلم تبين رواية ابن ماهان من أي شيء الملء لولا سياق الحديث انهم عطشوا فملأوا اوعيتهم من الماء، ورواية ابن سفيان تنضرج من الماء، والماء لا يضرّج شيئاً لولا الامتلاء، فيصح الجمع بينهما تنضرج من ملء الماء على المعنى. ونقل اهل اللغة وغريب الحديث رواية ابن ماهان (¬6). مما يدل على وجودها واعتمادها، وروى البخاري (¬7) ما يقرب من رواية ابن ماهان بلفظ "وهي تكاد تنضُّ من الملء"، ومثلما رواه مسلم عند ابن سفيان رواه البيهقي في دلائل النبوة (¬8). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 372. (¬2) الصحاح في اللغة: الجوهري 1/ 407. (¬3) المحكم والمحيط الأعظم 3/ 247، لسان العرب 2/ 313، تاج العروس من جواهر القاموس 2/ 313. (¬4) لسان العرب، المصدر نفسه. (¬5) تاج العروس من جواهر القاموس 2/ 313. (¬6) النهاية في غريب الحديث 3/ 170، لسان العرب 2/ 313. (¬7) صحيح البخاري: كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، الحديث رقم 3378، 3/ 1308. ... = (¬8) = (8) دلائل النبوة للبيهقي: جماع ابواب غزوة تبوك، جماع ابواب دعوات نبينا - صلى الله عليه وسلم - المستجابة في الاطعمة، باب ما ظهر في مزادتي المرأة ببركة دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الحديث رقم 2369.

باب إسلام عمرو بن عبسة

10 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب إسلام عمرو بن عبسة حدثني أحمد بن جعفر المعقري، حدثنا النضر بن محمد، حدثنا عكرمة بن ... عمار، حدثنا شداد بن عبد الله أبو عمار، ويحيى بن أبي كثير، عن أبي أمامة (قال عكرمة: ولقي شداد أبا أمامة وواثلة، وصحب أنسا إلى الشام، وأثنى عليه فضلا وخيرا)، عن أبي أمامة قال: قال عمرو بن عبسة السلمي: كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة، وأنهم ليسوا على شيء، وهم يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارا، فقعدت على راحلتي، فقدمت عليه، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستخفيا جرءاء عليه قومه، فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة فقلت له: ما أنت؟ قال: {أنا نبي}، فقلت: وما نبي؟ قال: {أرسلني الله}، فقلت: وبأي شيء أرسلك؟ قال: {أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء}، قلت له: فمن معك على هذا؟ قال: {حر وعبد}، - قال ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به -، فقلت: إني متبعك. قال: {إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا ألا ترى حالي وحال الناس؟ ولكن ارجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت، فأتني}، قال: فذهبت إلى أهلي، وقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وكنت في أهلي، فجعلت أتخبر الأخبار، وأسأل الناس حين قدم المدينة حتى قدم على نفر من أهل يثرب من أهل المدينة، فقلت: ما فعل هذا الرجل الذي قدم المدينة؟ فقالوا: الناس إليه سراع، وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك، فقدمت المدينة، فدخلت عليه، فقلت: يا رسول الله أتعرفني؟ قال: {نعم أنت الذي لقيتني بمكة}؟ قال: فقلت: بلى. فقلت: يا نبي الله أخبرني عما علمك الله وأجهله، أخبرني عن الصلاة؟ قال: {صل صلاة ... الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة، فإن حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء

فصل، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار}. قال: فقلت: يا نبي الله فالوضوء؟ حدثني عنه. قال: {ما منكم رجل يقرب وضوءه، فيتمضمض، ويستنشق، فينتثر إلا خرت خطايا وجهه، وفيه وخياشيمه، ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من أنامله مع الماء، فإن هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه، ومجده بالذي هو له أهل، وفرغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه}، فحدث عمرو بن عبسة بهذا الحديث أبا أمامة صاحب رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - فقال له أبو أمامة: يا عمرو بن عبسة انظر ما تقول في مقام واحد يعطى هذا الرجل؟ فقال عمرو: يا أبا أمامة لقد كبرت سني، ورق عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله، ولا على رسول الله، لو لم أسمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا (حتى عد سبع مرات) ما حدثت به أبدا، ولكني سمعته أكثر من ذلك. 1/ 569. ــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وفي باب النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس، في حديث عمرو بن عبسة: صل صلاة الصبح، ثم اقصر عن الصلاة "حتى ترتفع"، كذا لابن ماهان عن مسلم، وللجلودي "حتى تطلع"، وعند الطبري "حين ترتفع"، والأول أصح، وقد يتخرج الروايات الأخرى على معنى الأول" (¬1). ففي رواية ابن ماهان: "حتى ترتفع الشمس" وجعله القاضي اصح الراويات، وفي رواية الجلودي "حتى تطلع"، وعند ابن سفيان بالجمع بينهما حتى تطلع، حتى ترتفع، وهي تفيد الغاية. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 179.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فالطلوع في اللغة: بدء العلو جاء في المعاجم: كل ما بدا لك من علو فقد طلع عليك (¬1)، وتأتي بمعنى الشروق قال الزبيدي: "أشرقت الشمس اشراقاً أضاءت وانبسطت على الأرض، وقيل شرقت وأشرقت كلاهما طلعت" (¬2). والارتفاع: بمعنى العلو مع الإضاءة (¬3)، أي حتى بيان ضوؤها، وقد يأتي الطلوع والارتفاع والشروق بمعنى الإضاءة، قال ابن الأثير: "وفي حديث ابن عباس: نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، يقال: شرقت الشمس إذا طلعت وأشرقت إذا أضاءت، فإن أراد في الحديث الطلوع فقد جاء في حديث آخر حتى تطلع الشمس وان أراد الإضاءة فقد جاء في حديث آخر حتى ترتفع الشمس والإضاءة مع الارتفاع" (¬4). قال ابن سلام: "والدليل على ذلك قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين ذكر صلاة الفجر "لا صلاة حتى تطلع الشمس وترتفع قيد رمح او رمحين، ثم الصلاة مقبولة حتى يقوم الظل قيام الرمح، ولا صلاة حتى تزول الشمس" .. (¬5). وترجم الإمام البخاري في صحيحه عنواناً لهذا الباب وهو باب الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس. وكما وقع لمسلم من رواية ابن ماهان رواه عبد بن حميد (¬6)، ولولا الإطالة لذكرت أحاديث بألفاظ متقاربة ذكر فيها رواتها "حتى ترتفع الشمس". وكما وقع للجلودي رواه أبو داود (¬7)، والإمام احمد (¬8)، وابن خزيمة (¬9)، = ¬

_ (¬1) المغرب بترتيب المعرب: 3/ 373، وينظر المصباح المنير في غريب الشرق الكبير 5/ 421. (¬2) تاج العروس من جواهر القاموس 1/ 6398. (¬3) لسان العرب 8/ 129. (¬4) النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 1143. (¬5) غريب الحديث لابن سلام: 1/ 178. (¬6) المنتخب من مسند عبد بن حميد: حديث عمرو بن عبسة ـ - رضي الله عنه - ـ، 297، 1/ 122. (¬7) سنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، الحديث رقم، 1277،1/ 409. ... = (¬8) = (8) مسند احمد بن حنبل: مسند الشاميين، حديث عمرو بن عبسة ـ - رضي الله عنه - ـ الحديث رقم 17059، 4/ 11. (¬9) صحيح ابن خزيمة: كتاب الوضوء، باب ذكر دليل أن النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ قد كان يأمر بالوضوء قبل نزول سورة المائدة، الحديث رقم 260، 1/ 128.

باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان وأكملها ثمان ركعات

11 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان وأكملها ثمان ركعات وأوسطها أربع ركعات أو ست والحث على المحافظة عليها حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أنها قالت: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي سبحة الضحى قط، وإني لأسبحها وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدع العمل، وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس، فيفرض عليهم 1/ 497*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = والحاكم (¬1)، والطبراني (¬2)، وعبد بن حميد في حديث آخر (¬3). وممن رواه كما رواها مسلم في صحيحه (نسخة ابن سفيان) بتكرار "حتى تطلع"، "حتى ترتفع" البيهقي (¬4)، والذي يبدو لي هي مروية على البدل. * قال القاضي عياض: "قوله في صلاة الضحى وأني لأسبحها أي أصليها كذا رواه أكثر رواة البخاري ومسلم وعبيد الله، عن أبيه يحيى في رواية أبي عمر الحافظ، وأكثر شيوخنا في الموطأ يروونه استحبها من المحبة، وكذا رواه ابن السكن، والنسفي، وابن ماهان، ورواه بعضهم في الموطأ استحسنها" (¬5). فرواية المشارقة اسبحها ورواية المغاربة استحبها وغيرهم استحسنها فمن رواها اسبحها أي صليها والسبحة صلاة التطوع، قال ابن سيده وغيره: "وقيل ¬

_ (¬1) المستدرك على الصحيحين: كتاب الطهارة، الحديث رقم 584،1/ 268. (¬2) المعجم الأوسط: يحيى بن أبي كثير، الحديث رقم 6964، 7/ 96، ومسند الشاميين: ما انتهى إلينا من مسند محمد بن الوليد الزبيدي، يكنى أبا الهذيل، الزبيدي عن لقمان بن عامر الأوصابي، الحديث رقم 1847، 3/ 86. (¬3) مسند عبد بن حميد: حديث عمرو بن عبسة ـ - رضي الله عنه - ـ، الحديث رقم 300، 1/ 124. (¬4) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الحيض، باب ذكر الخبر الذي يجمع النهي عن الصلاة في جميع هذه الساعات، الحديث رقم 4178، 2/ 454. (¬5) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 206.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ السُّبْحةُ الدعاءُ وصلاةُ التطوع وعَمَّ به بعضهمُ الصلاةَ" (¬1). وخصَّ الزمخشري السبحة بصلاة النافلة وقال: "السبحة من التسبيح المكتوبة والنافلة وان التقتا في ان كل واحدة منها مسبح فيها الا ان النافلة جاءت بهذا الاسم اخص على انها شبيهة الاذكار في كونها غير واجبة" (¬2). وهذا ما ذكره أيضاً ابن الأثير (¬3)، وأكده ابن منظور، والزبيدي (¬4). ومن رواها استحبها فأراد بها محبتها للصلاة قال الرافعي: "أحب الشيء بالألف فهو محب واستحبه مثله" (¬5). ولا فرق بين الاستحباب والاستحسان قال الرافعي ايضأً: "ويكون الاستحباب بمعنى الاستحسان" (¬6). ولم يقع لأحد الرواة ان روى مثل ابن ماهان غير ما ذكره القاضي ... عياض ولا بلفظ استحسنها (¬7). وممن رواه كما وقع للمشارقة في صحيح ... مسلم: البخاري (¬8)، أبو داود (¬9)، والنسائي (¬10)، ومالك (¬11)، والإمام احمد (¬12)، = ¬

_ (¬1) المخصص 3/ 165، 4/ 309، والايضاح في علوم البلاغة: جلال الدين القزويني 3/ 165، وغيرها. (¬2) الفائق في غريب الحديث والأثر 1/ 199. (¬3) النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 833. (¬4) لسان العرب 2/ 470، وتاج العروس من جواهر القاموس 2/ 470. (¬5) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 2/ 252. (¬6) المصدر نفسه. (¬7) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 206. (¬8) صحيح البخاري: أبواب التهجد، باب تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - على صلاة الليل والنوافل من غيره، الحديث رقم 1076، 1/ 379، وأبواب التطوع، باب من لم يصل الضحى: كتاب الصلاة، باب صلاة الضحى، الحديث رقم 1123، 1/ 395. (¬9) سنن أبي داود: كتاب الصلاة، باب صلاة الضحى، الحديث رقم 1293، 1/ 413. (¬10) سنن النسائي الكبرى: كتاب الصلاة الأول، عدد صلاة الضحى في الحضر، الحديث رقم 480، 1/ 180. (¬11) موطأ الإمام مالك برواية يحيى الليثي: كتاب قصر الصلاة في السفر، باب صلاة الضحى، الحديث رقم 357، 1/ 152. (¬12) مسند الإمام احمد بن حنبل: ما في مسند الأنصار، حديث السيدة عائشة - رضي الله عنها -، الحديث رقم 24603، 6/ 86، والحديث رقم 25483، 6/ 177، والحديث رقم 2549، = = 6/ 178، والحديث رقم 25800، 6/ 209، والحديث رقم 25848، 6/ 215، والحديث رقم 26053، 6/ 238.

باب الأمر بتعاهد القرآن وكراهة قول نسيت آية كذا

12 - كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الأمر بتعهد القرآن وكراهة قول نسيت آية كذا وجواز قول أنسيتها وحدثنا زهير بن حرب، وعثمان بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم (قال إسحاق: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا جرير)، عن منصور، عن أبي وائل، عن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {بئسما لأحدهم يقول نسيت آية كيت وكيت، بل هو نسى استذكروا القرآن فلهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم بعقلها} 1/ 544*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = وابن الجعد (¬1)، وإسحاق بن راهويه (¬2)، وابن أبي شيبة (¬3)، والطبراني (¬4)، والبيهقي (¬5). * قال القاضي عياض: "وقوله في القرآن:" لهو أشد تفصيا من النعم بعقلها"، كذا للجلودي في حديث زهير، ولابن ماهان فيه من عقلها قالوا: وهو الصواب، وكلاهما صواب، روي بعقلها ومن عقلها بمعنى، كما قيل في قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6]، أي منها، وقيل "يشربون" هنا بمعنى يروون، وقد جاء في رواية أخرى في عقلها، وهو راجع إلى معنى من" (¬6). وقال أيضاً: "وقوله: من النعم بعُقُلها، كذا رواية الجلودي في حديث زهير، ¬

_ (¬1) مسند ابن الجعد: مسند الزهري، الحديث رقم 2781، 1/ 408. (¬2) مسند إسحاق بن راهويه: ما يروى عن عروة بن الزبير عن خالته عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، الحديث رقم 820، 2/ 299، والحديث رقم 870، 2/ 342. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة: كتاب الصلوات، من كان لا يصلي الضحى، الحديث رقم 7780، 2/ 172. (¬4) مسند الشاميين: ما انتهى إلينا من مسند عبد الرحمن بن نمر اليحصبي الدمشقي، الحديث رقم 2900، 4/ 124، وشيب عن الزهري عن عروة بن الزبير، الحديث رقم 3093، 4/ 197. (¬5) سنن البيهقي الكبرى: كتاب مواقيت الصلاة: باب ذكر الحديث الذي روي في ترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - صلاة الضحى وان المراد به انه كان لا يداوم عليها، الحديث رقم 4690، 3/ 49، والحديث رقم 4692، 3/ 50. (¬6) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 72.

............................................................................................ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وعند ابن ماهان: من عقلها، وصوب بعضهم هذه الرواية، وكلاهما صواب، وقد جاءت الراويتان في غير حديث زهير والباء تأتي بمعنى "من"، وقيل ذلك في ... قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ (28)} [المطففين: 28]، {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} [الإنسان: 6] أي منها، وقيل يشربون هنا بمعنى يُروَون، فتكون الباء على بابها، وفي رواية أخرى: "في عقلها" وهي راجعة إلى معنى من أيضاً وبمعنى الباء" (¬1). فرواية ابن ماهان "فيه من عقلها"، ورواية ابن سفيان "من النعم بعقلها" فالاختلاف بين الروايتين زائل من حيث المعنى؛ لان "مِنْ" تأتي بمعنى الباء، قال ابن أم قاسم المرادي: "الحادي عشر: (أي النوع الحادي عشر من أنواع من) موافقة الباء، نحو "ينظرون من طرف خفي". قال الأخفش: قال يونس: أي بطرف خفي. كما تقول العرب: ضربته من السيف، أي: بالسيف، وهذا قول كوفي" (¬2). وتأتي "الباء" بمعنى من، قال ذلك ابن عباس - رضي الله عنه - تفسيراً لقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ} [لقمان: 31]، فالمعنى من نعمة الله. وذكر الرافعي هذا القول (¬3). واستشهد ابن سيده (¬4) بقول أبي ذؤيب: شربنَ بماء البحر ثم تصعدت ... متى لُجَجٍٍ خُضرٍ لَهُنَّ نئيجُ (¬5) ¬

_ (¬1) إكمال المعلم بفوائد مسلم 3/ 155. (¬2) الجني الداني في حروف المعاني 1/ 53. (¬3) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 1/ 336 و337، بتصرف. (¬4) المخصص 3/ 328. (¬5) أدب الكاتب: (تأليف: الدينوري أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة)، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، مكتبة السعادة - مصر، ط4، 1963م، 1/ 408، وخزانة الأدب ولب لباب لسان العرب: (تأليف: البغدادي عبد القادر بن عمر)، تحقيق: محمد نبيل طريفي واميل بديع اليعقوب، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1998م،7/ 89.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أي من ماء البحر، ومثله قول عنترة: شربتْ بماء الدحر ضنين فأصبحت ... زوراء تنفر عن حياض الديلم (¬1) وممن رواه كما رواه ابن ماهان، - ولكن بلفظ من صدور الرجال من عقلها وليس في صدور الرجال - الإمام احمد (¬2)، والدارمي (¬3) - لكن بلفظ فانه أسرع تفصياً وليس اشد تفصياً -، وابن أبي شيبة (¬4)، وأبو عوانة (¬5)، وابن حبان (¬6)، والطبراني (¬7)، والبيهقي (¬8)، والحاكم (¬9)، وأبو نعيم الاصبهاني (¬10). وممن رواه كرواية ابن سفيان الفريابي (¬11). ¬

_ (¬1) الأغاني: (تأليف: أبو الفرج الأصبهاني علي بن الحسين بن محمد ت356هـ)، تحقيق: علي مهنا وسمير جابر، دار الفكر للطباعة والنشر، لبنان، 8/ 223. (¬2) مسند الإمام احمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة، مسند عبد الله ابن مسعود - رضي الله عنه -، الحديث رقم 3960، 1/ 417، والحديث رقم 4020، 1/ 423، والحديث رقم 4416، 1/ 463. (¬3) سنن الدارمي: كتاب الرقاق، باب في تعاهد القرآن، الحديث رقم 2745، 2/ 398، وكتاب فضائل القرآن، باب في تعاهد القرآن، الحديث رقم 3347، 2/ 531. (¬4) مصنف ابن أبي شيبة: كتاب الصلوات، ما أمر به من تعاهد القرآن، الحديث رقم 8568، 2/ 241. (¬5) مستخرج أبي عوانة: مبتدأ فضائل القرآن، باب ذكر الخبر الموجب لاستذكار القرآن ودراسته، الحديث رقم 3812،2/ 456، والحديث 3820 2/ 458، وله أيضاُ "له أشد تفصياً من قلوب الرجال ... " الحديث رقم 3983،/2 498. (¬6) صحيح ابن حبان: كتاب الرقائق، باب قراءة القرآن، الحديث رقم 762، 3/ 38، والحديث رقم 763، 3/ 41. (¬7) المعجم الكبير: باب العين، عبد الله بن مسعود الهذلي يكنى أبا عبد الرحمن حليف بني زهرة بدري وكان ممن هاجر إلى ارض الحبشة الهجرة الأولى، الحديث رقم 8688، 9/ 139، والحديث رقم 10231، 10/ 189، والحديث رقم 10449، 10/ 198. (¬8) سنن البيهقي الكبرى: باب المعاهدة على قراءة القرآن، الحديث رقم 3858، 2/ 395، والحديث رقم 3859، 2/ 395. (¬9) المستدرك على الصحيحين مع تعليقات الذهبي في التلخيص: كتاب فضائل القرآن، أخبار في فضائل القرآن جملة، الحديث رقم 2032، 736، والحديث بلفظ ك "من صدور الرجال من الإبل من عقلها"، وتعقب الذهبي الحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (¬10) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: زر بن حبيش، الحديث غير مرقم، 4/ 188، والحديث لفظه كما ورد عند الحاكم. (¬11) كتاب فضائل القرآن للفريابي: باب ما جاء في تعاهد القرآن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الحديث رقم 144.

باب ذكر الخوارج وصفاتهم

13 - كتاب الزكاة باب ذكر الخوارج وصفاتهم حدثنا هناد بن السري، حدثنا أبو الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن عبدالرحمن بن أبي نعم، عن أبي سعيد الخدري قال: بعث علي ـ - رضي الله عنه - ـ، وهو باليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، فقسمها رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بين أربعة نفر: الأقرع بن حابس الحنظلي، وعيينة بن بدر الفزاري، وعلقمة بن علاثة العاشمري، ثم أحد بني كلاب، وزيد الخير الطائي، ثم أحد بني نبهان قال: فغضبت قريش، فقالوا أتعطي صناديد نجد وتدعنا؟ فقال رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: {إني إنما فعلت ذلك لأتألفهم}، فجاء رجل كث اللحية، مشرف الوجنتين، غائر العينين، ناتئ الجبين، محلوق الرأس، فقال: اتقِّ الله يا محمد! قال: فقال رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: {فمن يطع الله إن عصيته؟ أيأمنني على أهل الأرض، ولا تأمنوني}؟. قال: ثم أدبر الرجل، فاستأذن رجل من القوم في قتله (يرون أنه خالد بن الوليد)، فقال رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: {إن من ضئضئ هذا قوما يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية؛ لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد} 2/ 741. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "قوله: "بعث بذهيبة في تربتها "، كذا الرواية عن مسلم عند أكثر شيوخنا" (¬1). قال الإمام النووي: "قَوْله: (بَعَثَ عَلِيٌّ ـ - رضي الله عنه - ـ وَهُوَ بِالْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا)، هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع نُسَخ بِلَادنَا بِفَتْحِ الذَّال، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمِيع رُوَاة مُسْلِم عَنْ الْجُلُودِيّ، قَالَ: وَفِي رِوَايَة اِبْن مَاهَان (بِذُهَيْبَةٍ) عَلَى التَّصْغِير" (¬2). وفي الحديث الذي بعده (بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ... مِنْ الْيَمَنِ بِذَهَبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقرُوظٍ لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا)، أي أنها مدبوغ بالقَرَظِ وهو ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 271. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 4/ 20، وينظر مشارق الأنوار على صحاح الآثار1/ 271، حيث وجدت النص كما ذكرته.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الصمغ، ولم تميز (¬1). قال ابن الأثير ونقل عنه ابن منظور: "لم تُحَصَّل من ترابها أَي لم تُخَلَّص والذهب يُذَكَّر ويؤَنث" (¬2). ولما كانت الرواية في باب ذكر الخوارج وصفاتهم، أراد من روى الحرف بالتصغير أن يبيِّن صغر القطعة التي بعث بها علي بن أبي طالب ـ - رضي الله عنه - ـ، وقسمها رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ على المؤلفة قلوبهم (¬3)، فأراد أن يبين مدى حال الخوارج في خروجهم على الأمر. فتكون الروايتان صحيحتين، والله أعلم. وممن روى الحديث كما رواه مسلم عند المشارقة: الإمام أحمد (¬4)، وروى أبي يعلى (¬5) الحديث بلفظ مقارب منه. ¬

_ (¬1) ينظرإكمال المعلم بفوائد مسلم 3/ 621، وشرح النووي على صحيح مسلم 4/ 21. (¬2) النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 982، ولسان العرب 11/ 153. (¬3) ينظر مسند الإمام أحمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي سعيد الخدري ... - رضي الله عنه -، الحديث رقم 11285، 3/ 31. (¬4) هذا الحديث خرجه الإمام احمد، وهو الحديث الذي رواه مسلم بعد الحديث الذي نحن بصدده، ينظر مسند أحمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي سعيد الخدري ... ـ - رضي الله عنه - ـ، الحديث رقم 11021، 3/ 4. (¬5) مسند أبي يعلى: مسند أبي سعيد الخدري، الحديث رقم 1163، 2/ 390.

باب النهي عن الوصال في الصوم

14 - كتاب الصيام باب النهي عن الوصال في الصوم حدثني زهير بن حرب، حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، حدثنا سليمان، عن ثابت، عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي في رمضان، فجئت فقمت إلى جنبه، وجاء رجل آخر فقام أيضا حتى كنا رهطا، فلما حس النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا خلفه جعل يتجوز في الصلاة، ثم دخل رحله، فصلى صلاة لا يصليها عندنا، قال: قلنا له حين أصبحنا: أفطنت لنا الليلة؟ قال: فقال: نعم ذاك الذي حملني على الذي صنعت قال: فأخذ يواصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذاك في آخر الشهر، فأخذ رجال من أصحابه يواصلون فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: {ما بال رجال يواصلون إنكم لستم مثلي، أما والله لو تماد لي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم}. حدثنا عاصم بن النضر التيمي، حدثنا خالد (يعني ابن الحارث)، حدثنا حميد، عن ثابت، عن أنس - رضي الله عنه - قال: واصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أول شهر رمضان، فواصل ناس من المسلمين، فبلغه ذلك فقال: {لو مد لنا الشهر لواصلنا وصالا يدع المتعمقون تعمقهم إنكم لستم مثلي، (أو قال) إني لست مثلكم، إني أظل يطعمني ربي ويسقيني} 2/ 775. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وفي حديث عاصم بن مالك في الوصال واصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أول شهر رمضان كذا في جميع النسخ وصوابه في آخر شهر رمضان، كما قال في حديث زهير: بعده ولقوله في الحديث الآخر: لو تمادى بي الشهر لواصلت، وعلى الصواب سمعناه من ابن أبي جعفر، عن بعض شيوخه أحسبه من رواية ابن ماهان أو لعله أصلح" (¬1). وقال في موضع آخر: "واصل رسول الله في أول شهر رمضان كذا في جميع النسخ ويحل الرواة عن مسلم، وكان عند ابن أبي جعفر من رواية الهوزني في آخر الشهر، وهو الصواب، والذي في غيره من روايات هذا الحديث، ويدل عليه قوله: ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 55.

................................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ لو تمادى بي الشهر لواصلت" (¬1). فقول القاضي عياض في حديث عاصم بن مالك خطأ، وإنما هو عاصم بن النضر. قال الباحث: وقوله: أول الشهر، وآخر الشهر، فما يؤيد القاضي في قوله آخر الشهر رواية البخاري (¬2)، واحمد بن حنبل (¬3)، وأبي يعلى الموصلي (¬4)، وابن أبي شيبة (¬5)، وعبد بن حميد (¬6)، والبيهقي (¬7)، وهي كرواية أبي جعفر، عن الهوزني، عن ابن ماهان. لكن لم تكن الراوية بلفظ أول الشهر شاذة؛ لان الجمع بينهما، وارد فالوصال إن كان في أول الشهر أو آخره فلا فرق، ولاسيما جاءت رويات أخرى على إطلاق شهر رمضان دون تحديد أوله أو آخره، وهي رواية الإمام احمد (¬8)، وأبو يعلى (¬9)، وابن خزيمة (¬10)، وابن حبان (¬11)، وروى عبد بن حميد (¬12) الوصال دون تحديد الشهر = ¬

_ (¬1) المصدر نفسه 1/ 23. (¬2) صحيح البخاري: كتاب التمني: باب ما يجوز من اللَّو، وقوله تعالى: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً} [هود: 80]، الحديث رقم 6814، 6/ 2645. (¬3) مسند الإمام احمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة، مسند انس بن مالك - رضي الله عنه -، الحديث رقم 12270، 3/ 124، والحديث رقم 13035، 3/ 193، والحديث رقم 13092، 3/ 200. (¬4) مسند أبي يعلى: بقية مسند انس، ثابت البناني عن انس، الحديث رقم 3501، 6/ 221. (¬5) مصنف ابن أبي شيبة: كتاب الصيام، ما قالوا في الوصال في الصيام من نهى عنه، الحديث رقم 9585، 2/ 330. (¬6) المنتخب من مسند عبد بن حميد: مسند انس بن مالك، الحديث رقم 1266، 1/ 377. (¬7) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الصيام، باب النهي عن الوصال في الصوم، الحديث رقم 8160، 4/ 282. (¬8) مسند الإمام احمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة مسند انس بن مالك، الحديث رقم 13681، 3/ 253. (¬9) مسند أبي يعلى: بقية مسند انس، ثابت البناني عن انس، الحديث رقم 3282، 6/ 36. (¬10) صحيح ابن خزيمة: كتاب الصيام، باب تسمية الوصال بتعمق في الدين، الحديث رقم 2070، 3/ 280. (¬11) صحيح ابن حبان: كتاب التاريخ، باب من صفته - صلى الله عليه وسلم - وأخباره، الحديث رقم 6414، 14/ 325. (¬12) المنتخب من مسند عبد بن حميد: مسند انس بن مالك، 1353، 1/ 400.

باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى

15 - كتاب الحج باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى ووجوب الفدية لحلقه وبيان قدرها وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني، عن عبد الله بن معقل قال: قعدت إلى كعب - رضي الله عنه - وهو في المسجد فسألته عن هذه الآية {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196]، فقال كعب - رضي الله عنه -: نزلت فيَّ، كان بي أذى من رأسي، فحُمِلْت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقمل يتناثر على وجهي، فقال: {ما كنت أرى أن الجهد بلغ منك ما أرى. أتجدُ شاة}؟ فقلتُ: لا. فنزلت هذه الآية {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}، قال: {صوم ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين نصف صاع طعاما لكل مسكين}، قال: {فنزلت في خاصة وهي لكم عامة} 2/ 859*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = وجعل الخطابي علة الوصال "إنما هو لحق غيره لا لعجز نفسه، وان المانع له من ان يطيقه ما كان يلزمه من حقوق النساء لان الصوم يخل بحقوقهن" (¬1). وانفرد مسلم بلفظ أول الشهر. * قال القاضي عياض: "قوله في مسلم في حديث كعب بن عجرة في الفدية من رواية عبد الله بن مغفل عنه اتخذ شاة كذا لعامة الرواة، وعند ابن ماهان شيئا، وهو وهم، وباقي الحديث يدل على صحة الرواية الأولى مع اتفاق الرواة على ذلك في غيره، وغير هذا الطريق" (¬2). هذه الرواية لعبد الله بن معقل، عن كعب بن عجرة، وليست لعبد الله بن مغفل فهو تغيير في النقط. رواية ابن سفيان على الاستفهام اتجدُ شاة، ورواية ابن ماهان اتخذ وفي شيئاً على الأمر. فلربما أراد بها شيئاً للوقاية من هوام رأسه وليس من الفدية والله اعلم، أما الفدية فواضحة أما الصيام أو الصدقة أو النسك. ولم يرو احد كما رواه ابن ماهان ولهذا قال القاضي - رحمه الله - إنها وهم. ¬

_ (¬1) غريب الحديث للخطابي: 1/ 514. (¬2) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 261.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وكما رواه ابن سفيان، رواه النسائي (¬1)، وابن ماجة (¬2)، والإمام احمد (¬3)، وابن حبان (¬4)، والطبراني (¬5). وأما قول القاضي عياض: اتخذ شاة كذا لعامة الرواة فهو تصحيف من أتجد حيث لم يرو احد اتخذ. ¬

_ (¬1) سنن النسائي الكبرى: كتاب التفسير، سورة البقرة، الحديث رقم 11031، 6/ 300. (¬2) سنن ابن ماجة: كتاب المناسك، باب فدية المحصر، الحديث رقم 3079، 2/ 1028. (¬3) مسند الإمام احمد بن حنبل: مسند الكوفيين، حديث كعب بن عجزة - رضي الله عنه -، الحديث رقم 18134، 4/ 242. (¬4) صحيح ابن حبان: كتاب الحج، باب الكفارة، الحديث رقم 3985، 9/ 295، والحديث رقم 3987، 9/ 297. (¬5) المعجم الكبير: باب الكاف، كعب بن عجزة الأنصاري يكنى أبا محمد، الحديث رقم 299، 19/ 139.

باب حجة النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ

16 - كتاب الحج باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعًا، عَنْ حَاتِمٍ قَالَ أَبُو ... بَكْرٍ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَدَنِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَسَأَلَ عَنْ الْقَوْمِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيَّ فَقُلْتُ: أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى رَاسِي فَنَزَعَ زِرِّي الْأَعْلَى ثُمَّ نَزَعَ زِرِّي الْأَسْفَلَ ثُمَّ وَضَعَ كَفَّهُ بَيْنَ ثَدْيَيَّ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ شَابٌّ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ يَا ابْنَ أَخِي سَلْ عَمَّا شِئْتَ فَسَأَلْتُهُ وَهُوَ أَعْمَى وَحَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَقَامَ فِي نِسَاجَةٍ مُلْتَحِفًا بِهَا كُلَّمَا وَضَعَهَا عَلَى مَنْكِبِهِ رَجَعَ طَرَفَاهَا إِلَيْهِ مِنْ صِغَرِهَا وَرِدَاؤُهُ إِلَى جَنْبِهِ عَلَى الْمِشْجَبِ، فَصَلَّى بِنَا فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنْ حَجَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: بِيَدِهِ فَعَقَدَ تِسْعًا. فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ... - صلى الله عليه وسلم - مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ، ثُمَّ أَذَّنَ فِي النَّاسِ فِي الْعَاشِرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَاجٌّ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ يَلْتَمِسُ أَنْ يَاتَمَّ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَيَعْمَلَ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ، فَوَلَدَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَيْفَ أَصْنَعُ، قَالَ: {اغْتَسِلِي وَاسْتَثْفِرِي بِثَوْبٍ وَأَحْرِمِي} فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ نَاقَتُهُ عَلَى الْبَيْدَاءِ، نَظَرْتُ إِلَى مَدِّ بَصَرِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ رَاكِبٍ وَمَاشٍ وَعَنْ يَمِينِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَعَنْ يَسَارِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَمِنْ خَلْفِهِ مِثْلَ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَظْهُرِنَا وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَاوِيلَهُ وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ فَأَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِمْ شَيْئًا مِنْهُ وَلَزِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَلْبِيَتَهُ، قَالَ جَابِرٌ - رضي الله عنه -: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا الْبَيْتَ مَعَهُ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فَرَمَلَ ثَلَاثًا وَمَشَى أَرْبَعًا ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَرَأَ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] فَجَعَلَ الْمَقَامَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَكَانَ أَبِي يَقُولُ: وَلَا أَعْلَمُهُ ذَكَرَهُ إِلَّا عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ

{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)} [الإخلاص: 1] وَ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} [الكافرون: 1]، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا فَلَمَّا دَنَا مِنْ الصَّفَا قَرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ قَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى إِذَا انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إِذَا صَعِدَتَا مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا حَتَّى إِذَا كَانَ آخِرُ طَوَافِهِ عَلَى الْمَرْوَةِ فَقَالَ: {لَوْ أَنِّي اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً}، فَقَامَ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلِعَامِنَا هَذَا أَمْ لِأَبَدٍ، فَشَبَّكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَصَابِعَهُ وَاحِدَةً فِي الْأُخْرَى وَقَالَ: {دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ مَرَّتَيْنِ لَا بَلْ لِأَبَدٍ أَبَدٍ}، وَقَدِمَ عَلِيٌّ مِنْ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مِمَّنْ حَلَّ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي أَمَرَنِي بِهَذَا، قَالَ: فَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ، فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مُحَرِّشًا عَلَى فَاطِمَةَ لِلَّذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِيًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِيمَا ذَكَرَتْ عَنْهُ، فَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي أَنْكَرْتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَ: صَدَقَتْ صَدَقَتْ، مَاذَا قُلْتَ حِينَ فَرَضْتَ الْحَجَّ قَالَ: قُلْتُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُهِلُّ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُكَ قَالَ: فَإِنَّ مَعِيَ الْهَدْيَ فَلَا تَحِلُّ قَالَ: فَكَانَ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الَّذِي قَدِمَ بِهِ عَلِيٌّ مِنْ الْيَمَنِ وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِائَةً قَالَ: فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعَرٍ تُضْرَبُ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى

إِذَا زَاغَتْ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ فَرُحِلَتْ لَهُ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ وَقَالَ: {إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ كَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا رِبَا عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ} قَالُوا نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ، وَأَدَّيْتَ، وَنَصَحْتَ. فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ: {اللَّهُمَّ اشْهَدْ اللَّهُمَّ اشْهَدْ} ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ فَجَعَلَ بَطْنَ نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ إِلَى الصَّخَرَاتِ وَجَعَلَ حَبْلَ الْمُشَاةِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَذَهَبَتْ الصُّفْرَةُ قَلِيلًا حَتَّى غَابَ الْقُرْصُ وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ خَلْفَهُ وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَدْ شَنَقَ لِلْقَصْوَاءِ الزِّمَامَ حَتَّى إِنَّ رَاسَهَا لَيُصِيبُ مَوْرِكَ رَحْلِهِ وَيَقُولُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى: أَيُّهَا النَّاسُ السَّكِينَةَ السَّكِينَةَ كُلَّمَا أَتَى حَبْلًا مِنْ الْحِبَالِ أَرْخَى لَهَا قَلِيلًا حَتَّى تَصْعَدَ حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ وَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ وَكَانَ رَجُلًا حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضَ وَسِيمًا فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّتْ بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ فَحَوَّلَ الْفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ فَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ مِنْ الشِّقِّ الْآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ يَصْرِفُ وَجْهَهُ مِنْ الشِّقِّ الْآخَرِ يَنْظُرُ حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ فَحَرَّكَ قَلِيلًا ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الْوُسْطَى الَّتِي

تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ الَّتِي عِنْدَ الشَّجَرَةِ فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَفَاضَ إِلَى الْبَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ فَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ فَقَالَ: انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمْ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ 2/ 886. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وقع في هذا الحديث خلافان: الأول: قال القاضي عياض: "وفي حديث جابر في الحج فقام في نساحة كذا عند الفارسي وضبطه التميمي بكسر النون وفتح السين وكذا رواه أبو داوود وفسره في حديثه يعني ثوبا ملففا والذي عند ابن ماهان وغيره من رواة مسلم في ساجة وهو الصحيح وهو ثوب وقيل الطيلسان الغليظ الخشن" (¬1). وقال أيضاً: "وقوله وحضرت الصلاة فقام في ساجة ملتحفاً بها وذكر صغرها قال: ورداؤه على المشجب، والساجة: ثوب كالطيلسان وشبهه وكذا في رواية الجمهور وهو الصواب، وعند الفارسي نساجة وفي كتاب ابن عيسى نساجة وكذا رواه أبو ذر نساجة وقال: تعني ثوباً ملففاً وكذا قال بعضهم: وهو خطأ وتصحيف" (¬2). فالساجة: مأخوذة من السيجان، ذكر ابن منظور: "الساج الطيلسان الضخم الغليظ وقيل الطيلسان المقور، وقال: قال ابن الأعرابي: السيجان الطيالسة السود واحدها ساج وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - ان النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلبس في الحرب من القلانس ما يكون من السيجان الخضر جمع ساج وهو الطيلسان ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 27. (¬2) إكمال المعلم بفوائد مسلم 4/ 266.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الاخضر، وقيل الطيلسان المقور ... ومنه حديثه الاخر: زرَّ ساجاً وهو محرم فافتدى، وفي حديث أبي هريرة اصحاب الدجال عليهم السيجان، وفي رواية كلهم ذو سيف محلى وساج، وفي حديث جابر فقام في ساجة هكذا جاء في رواية والمعروف بساجة وهو ضرب من الملاحف منسوجة" (¬1). ولابن منظور في موضع آخر له: "نسج الحائك الثوب ينسجه وينسجه نسجاً من ذلك لأنه ضم السّدي إلى اللحمة وهو النساج وحرفته النساجة وربما سمي الدراع نساجاً، وفي حديث جابر فقام في نساجة ملتحفاً بها هي ضرب من الملاحف منسوجة كأنها سميت بالمصدر وقالوا في الرجل المحمود هو نسيج وحده ومعناه ان الثوب إذا كان كريماً لم ينسج على منواله غيره لدقته وإذا لم يكن كريماً نفيساً دقيقاً عمل على منواله سدى عدة أثواب وقال ثعلب: نسيج وحده الذي لا يعمل على مثاله مثله يضرب مثلاً لكن من بولغ في مدحه وهو كقولك فلان واحد عصره وقريع قومه فنسيج وحده أي لا نظير له في علم أو غيره واصله في الثوب لان الثوب الرفيع لا ينسج على منواله" (¬2). وهذا المعنى ذكره ابن الأثير (¬3) فلم يبق داع إلى جعلها خطأ وتصحيف، ... وهو ما وقع لمسلم من رواية ابن سفيان، والذي جعله القاضي عياض صواباً "ساجة" لم يروه احد بهذه الصيغة غير ابن ماهان في صحيح مسلم، إلا ان الجلّه يرووه "نساجة" بنون في أولها، وهو ما رواه أبو داود (¬4) وابن ماجه (¬5)، ¬

_ (¬1) لسان العرب 2/ 302. (¬2) المصدر نفسه 2/ 306، وينظر مختار الصحاح 1/ 688، وتاج العروس من جواهر القاموس 1/ 1438، والمصباح المنير في غريب الشرح الكبير 2/ 602. (¬3) النهاية في غريب الحديث 2/ 1051. (¬4) سنن أبي داود: كتاب المناسك، باب صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، الحديث رقم 1905، 1/ 585. (¬5) سنن ابن ماجه: كتاب المناسك، باب حجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الحديث رقم 3074، 2/ 1022.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وعبد الرزاق (¬1)، وعبد بن حميد (¬2)، وابن أبي شيبة (¬3)، وابن حبان (¬4)، والبيهقي (¬5). والثاني: قال القاضي عياض: "قوله في حديث جابر فنحر ثلاثاً وستين بدنة كذا لابن ماهان بالنون ولغيره بيده بالياء والأول الصواب وبقية الحديث يدل عليه وان كانا صحيحي المعنى" (¬6). وقال أيضاً: "وقوله فنحر ثلاثاً وستين بدنة بيده كذا لهم وعند ابن ماهان بدنه فكان يده، وكل صواب لكن نحر النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده هو المروي، وهو أصوب هنا ان شاء الله؛ لقوله: "ثم أعطى علياً فنحر ما نحر وكانت عدتها مائة" (¬7). وأيد الإمام النووي ما ذكره القاضي عياض وقال: قلت: "وكلاهما حري فنحر ثلاثاً وستين بدنة بيده" (¬8). وأيدهما الإمام السيوطي وقوع الخلاف في هذا الموضع (¬9). فالنحر: الطعن في نحر البعير (¬10)، والبدنة: "قالوا هي ناقة أو بقرة وزاد الأزهري أو بعير .. وقال بعض الأئمة البدنه: هي الإبل خاصة ويدل عليه قوله ¬

_ (¬1) مصنف عبد الرزاق: كتاب الصلاة، باب ما يكفي الرجل من الثياب، الحديث رقم 1377، 1/ 353. (¬2) المنتخب من مسند عبد بن حميد، مسند جابر بن عبد الله، الحديث رقم 1135، 1/ 341. (¬3) مصنف ابن أبي شيبة: كتاب الصلوات، في إمامة الأعمى من رخص فيه، الحديث رقم 6063، 2/ 27. وكتاب الحج، باب من كان يأمر بتعليم المناسك، الحديث رقم 14705، 3/ 334. (¬4) صحيح ابن حبان: كتاب الحج، باب ما جاء في حج النبي - صلى الله عليه وسلم - واعتماره، الحديث رقم 3944، 9/ 253. (¬5) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الحج، باب ما يدل على ان النبي - صلى الله عليه وسلم - احرم احراماً مطلقاً ينتظر القضاء ثم أمر بافراد الحج ومعنى في الحج، الحديث رقم 8609، 5/ 6. (¬6) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 81. (¬7) إكمال المعلم بفوائد مسلم 4/ 285. (¬8) شرح النووي على صحيح مسلم 4/ 312. (¬9) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 3/ 326. (¬10) المغرب بترتيب المعرب 2/ 292.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا} [الحج: 36] سميت بذلك لعظم بدنها وإنما ألحقت البقرة بالإبل بالسنة وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: {تجزئ البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة} (¬1)، ففرق الحديث بينهما بالعطف إذ لو كانت البدنة في الوضع تطلق على البقرة لما ساغ عطفها لان المعطوف غير المعطوف عليه، وفي الحديث ما يدل عليه قال: اشتركنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحج والعمرة سبعة منا في بدنة فقال رجل لجابر: انشترك في البقرة ما نشترك في الجزور؟ فقال: ما هي إلا من الدن والمعنى في الحكم إذ لو كانت من جنس البدن لما جهلها أهل اللسان ولفهمت عند الإطلاق أيضاً والجمع "بدنات" مثل قصبة وقصبات" (¬2). فلما كان النحر يقع على الإبل كان المعنى واضحاً إذ لم يقل بدنة وقال: فنحر ثلاثاً وستين بيده، ومن قال: ثلاثاً وستين بدنة ميزها، ومن جمع بينهما أصاب فكان المعنى ثلاثاً وستين بدنة بيده، وهو ما وجد في نسخ إكمال المعلم بفوائد مسلم (¬3)، وشرح صحيح مسلم (¬4). وممن رواه كما رواه مسلم في رواية المشارقة: ابن أبي شيبة (¬5)، والدارمي (¬6)، وابن حبان (¬7)، وممن رواه كما وقع لمسلم في رواية ابن ماهان: = ¬

_ (¬1) سنن أبي داود: كتاب الضحايا، باب في البقر والجزور عن كم تجزي؟، الحديث رقم 2809، 2/ 108، وليس فيه تجزئ البدنه، وإنما نحرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية البدنه عن سبعة والبقرة عن سبعة، وهو ما رواه أيضاً الترمذي في سننه: كتاب الصوم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب ما جاء في الاشتراك في البدنة والبقرة، الحديث رقم 904، 3/ 248، وكتاب الأضاحي، باب ما جاء في الاشتراك في الأضحية، الحديث رقم 1502، 4/ 89، وابن ماجه في سننه أيضاً: كتاب الأضاحي، باب عن كم تجزئ البدنة والبقرة، الحديث رقم 3132، 2/ 1047، وغيرهم. (¬2) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 1/ 39. (¬3) 4/ 285. (¬4) 4/ 312. (¬5) مصنف ابن أبي شيبة: كتاب الحج، من كان يأمر بتعليم المناسك، الحديث رقم 14705، 3/ 334. (¬6) سنن الدارمي: كتاب المناسك، باب في سنة الحاج، الحديث رقم 1850، 2/ 67. (¬7) صحيح ابن حبان: كتاب الحج، باب ما جاء في حج النبي - صلى الله عليه وسلم - واعتماره، الحديث رقم 3944، 9/ 253.

باب فضل العمرة في رمضان

17 - كتاب الحج باب فضل العمرة في رمضان وحدثنا أحمد بن عبدة الضبي، حدثنا يزيد (يعني ابن زريع)، حدثنا حبيب المعلم، عن عطاء، عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لامرأة من الأنصار يقال لها أم سنان: {ما منعك أن تكوني حججت معنا}؟ قالت: ناضحان كانا لأبي فلان (زوجها) حج هو وابنه على أحدهما وكان الآخر يسقي غلامنا. قال: {فعمرة في رمضان تقضي حجة أو حجة معي} 2/ 917*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = عبد بن حميد (¬1)، والبيهقي (¬2)، وممن جمع بينهما في الرواية ابن ماجه (¬3). الخلاصة: أن إمكانية الجمع بينهما واردة حتى عند أهل الرواية كما في رواية ابن ماجه. * قال القاضي عياض:" في حديث عمرة في رمضان قولها: ناضحان كانا لأبي (فلان)، ثم قال: والآخر يسقى عليه نخلاً لنا، كذا ذكره البخاري، وذكره مسلم نسقي عليه من رواية الهوزني في طريق ابن ماهان، عند كافة رواته يسقى غلامنا وعند السجزي يستقي عليه غلامنا، وفي كتاب القاضي التميمي يسقى غلامنا، والذي في البخاري (¬4)، الصواب، وغلامنا يوشك أن يكون مغيرا من نخلٍ لنا، وقد ذكره البخاري في موضع آخر يسقي عليه أرضاً لنا، وهو حجة لما قلناه وتفسير له" (¬5). وقال أيضاً: "وقوله: هو ابنه على احدهما، وكان الآخر يستقي عليه غلامنا: كذا للشنتجالي عن السجزي، وسقط "عليه" للعذري والفارسي وعند ابن ماهان: ¬

_ (¬1) المنتخب من مسند عبد بن حميد: من مسند جابر بن عبد الله، الحديث رقم 1135، 1/ 341. (¬2) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الحج، باب الحج، باب نحر الهدي بعد رمي الحجار، الحديث رقم 9358، 5/ 133، وباب الأكل من الضحايا والهدايا التي يتطوع بها صاحبها قال الله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: 28 و36]، الحديث رقم 10015، 5/ 240. (¬3) سنن ابن ماجه: كتاب المناسك، باب حجة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، 2/ 1021. (¬4) صحيح البخاري: أبواب العمرة، باب عمرة في رمضان، الحديث رقم 1690، 2/ 631. (¬5) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 7.

................................................................................................ ... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نسقي عليه غلامنا وارى كله تغييراً، وان صوابه "نسقي عليه نخلاً لنا" فتصحف منه "غلامنا"، وكذا جاء في البخاري، ويدل على صحته قوله في الحديث قبله: "ننضح عليه"، وهو بمعنى: نسقي عليه وإنما يسمى من الإبل النواضح التي يستقي عليها الماء إلا انها تنضحه، أي تصبه" (¬1). وذكر الإمام النووي ما ذكره القاضي عياض وعقّبَ عليه بقوله: "وَالْمُخْتَار أَنَّ الرِّوَايَة صَحِيحَة، وَتَكُون الزِّيَادَة الَّتِي ذَكَرَهَا الْقَاضِي مَحْذُوفَة مُقَدَّرَة، وَهَذَا كَثِير فِي الْكَلَام. وَاَللَّه أَعْلَم" (¬2). وقال الإمام السيوطي: "ناضحان أي بعيران نستقي بهما تنضح بكسر الضاد وكان الآخر يسقي نخلا قلت: كذا في النسخة التي عندي وهي بخط الحافظ الصريفيني وذكر ما قاله القاضي عياض من تصويب رواية البخاري، وما عنده غيره تغيير وتصحيف وهي ما عند الفارسي وابن ماهان، وقال: وحكاه عنهما النووي وتبعهما القرطبي ولم يذكر واحد منهم أن اللفظة التي هي صواب وهي "نخلاً لنا" وقعت في رواية أحد لنا من رواة مسلم فإما أن يكون الصريفيني أصلحها بعلمه أو تكون وقعت له في رواية أحد فاعتمدها، ونقل تعقيب الإمام النووي على كلام القاضي عياض" (¬3). فرواية ابن ماهان نسقي عليه غلامنا دون تحديد السقيا، وهذا اللفظ حتى هذا الموضع على اطلاقه يفيد كلاماً معهوداً وهو سقي الزرع، ولعل المعروف ان المدينة كان يسقى بها الزرع على الإبل وهي النواضح ومفرده ناضح ومنه الحديث "ان ناضحاً تردى في بئر بالمدينة فذكي من قبل شاكلته .. " (¬4). ¬

_ (¬1) إكمال المعلم بفوائد مسلم 4/ 333 و334. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 4/ 359. (¬3) ينظر الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 3/ 344. (¬4) المنتقى لابن الجارود: كتاب البيوع والتجارات، باب ما جاء في الذبائح، الحديث رقم، 895، 1/ 225، والمعجم الكبير للطبراني: باب الراء، ما اسند رافع بن خريج، عبابة بن رفاعة بن رافع بن خريج، الحديث رقم 4380، 4/ 269.

.................................................................................................. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أو ان النخيل يسمى السقي أو السقيه، ومنه الحديث" (¬1) كان معاذ: بن جبل يؤم قومه فمرّ فتىً منهم بناضحه يريد سقيه .. " قال ابن الأثير وابن منظور: "السقي والسقيه النخل الذي يسقى بالسواني أي الدوالي" (¬2). وقال الزبيدي: "الناضح هو البعير أو الحمار أو الثور الذي يسقى عليه وهي ناضحة وسانية والجمع نواضح وهو مجاز" (¬3). وقال الرافعي: "استعمل الناضح في كل بعير وان لم يحمل الماء ولأنه في حديث (¬4) "اطعمه ناضحك" أي بعيرك" (¬5). وقول السيوطي "لم يذكر واحد منهم ان اللفظة التي هي صواب" وهي "نخل لنا" تخص القرطبي والنووي، وإلا فالقاضي عياض ذكرها في المشارق. الخلاصة: وبعد هذا العرض لمعنى الناضح، والسقي يتبين لنا صحة الرواية دون اللجوء إلى التقدير، وان كان تقدير المحذوف أيضاً صحيحاً فيكون: "نسقي عليه غلامنا نخلاً لنا" كما حكاه الإمام النووي. والله اعلم. وكذلك الابتعاد عن القول بالتغيير والتصحيف. ¬

_ (¬1) المسند للشاشي: (تأليف: أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي)، تحقيق: محفوظ الرحمن ... زين الله، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، ط1، 1410هـ، ما روى معاذ بن جبل أبو عبد الرحمن الأنصاري عن رسول المراسيل عن معاذ، الحديث رقم 1400، 3/ 294. (¬2) النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 962، ولسان العرب 14/ 390 مادة سقي. (¬3) ينظر مختار الصحاح 1/ 688، وتاج العروس من جواهر القاموس 1/ 1776. (¬4) ليس هذا لفظ الحديث وإنما اعلفه ناضحك ورقيقك وقد خرجه أبو داود في سننه: كتاب الإجازة، باب في كسب الحجام، الحديث رقم 3422، 2/ 287. والترمذي: كتاب البيوع، باب ما جاء في كسب الحجام، الحديث رقم 1277، 3/ 575. والإمام احمد في مسنده: مسند المكثرين من الصحابة، مسند جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -، الحديث رقم 14329، 3/ 307 و15121، 3/ 381، والحديث رقم 23740، 5/ 435، والحديث رقم 23742، 5/ 436، والحديث رقم 23743، 5/ 436، والحديث رقم 23746، 5/ 436، وغيرها. (¬5) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 2/ 610.

باب استحباب الرمل في الطواف العمرة وفي الطواف الأول من الحج

18 - كتاب الحج باب استحباب الرمل في الطواف العمرة وفي الطواف الأول من الحج وحدثني محمد بن رافع، حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا زهير، عن عبد الملك بن سعيد بن الأبجر، عن أبي الطفيل قال: قلت لابن عباس: أراني قد رأيت رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ قال: فصفه لي. قال: قلت: (رأيته عند المروة على ناقة وقد كثر الناس عليه) قال: فقال ابن عباس: (ذاك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنهم كانوا لا يدعون عنه، ولا يكرهون) 2/ 922. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: " وقوله: لا يدعون عنه ولا يكرهون، كذا للفارسي، ولغيره: يكهرون، وهو الصحيح، ومعناه ينتهرون" (¬1). ثم قال: "وقوله: "كانوا لا يدعَّون عنه ولا يكهرون"، كذا عن العذري وابن ماهان، وعند الفارسي: "يكرهون"، والأول أصوب" (¬2). قال الإمام النووي: "قَوْله: إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يُدَعُّونَ عَنْهُ وَلَا يُكْرَهُونَ ... وَأَمَّا قَوْله: يُكْرَهُونَ، فَفِي بَعْض الْأُصُول مِنْ صَحِيح مُسْلِم (يُكْرَهُونَ) كَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْإِكْرَاه، وَفِي بَعْضهَا يُكْهَرُونَ بِتَقْدِيمِ الْهَاء مِنْ الْكَهْر، وَهُوَ الِانْتِهَار، قالَ الْقَاضِي: هَذَا أَصْوَب، وَقَالَ: وَهُوَ رِوَايَة الْفَارِسِيّ، وَالأَوَّل رِوَايَة اِبْن مَاهَان وَالْعَذَرِيّ " (¬3). وقال السيوطي: "لا يدعون" بضم الياء وفتح الدال وضم العين المشددة: أي يدفعون، "ولا يكهرون" بتقديم الهاء على الراء: أي ينتهرون، وفي رواية ابن ماهان والعذري:"لا يكرهون" من الإكراه (¬4). فرواية ابن ماهان "يكهرون" من الإكهار: بمعنى تعكير صفو الوجه بالعبوسة، وغيرها مما يشعر بإستقبال مكره، قال ابن منظور وتبعه الزبيدي: وكَهَرَه يَكْهَرُه كَهْراً: زَبَرَهُ واستقبله بوجه عابسٍ، وانْتَهره تَهاوناً به والكَهْرُ: ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار1/ 340. (¬2) إكمال المعلم بفوائد مسلم 4/ 342. (¬3) شرح النووي على مسلم 4/ 374. (¬4) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 3/ 348.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الانْتِهارُ قال ابنُ دارة الثَّعْلَبيّ: فقامَ لايَحْفِلُ ثَمَّ كَهْرا ولا يُبالي لو يُلاقي عَهْرا، قال: الكَهْرُ: الانْتِهارُ، وكَهَرَه وقَهَره بمعنى، وفي قراءة عبد الله بن مسعود ـ - رضي الله عنه - ـ (¬1): "فأَما اليتيم فلا تَكْهَرْ"، وزعم يعقوب أَن كافه بدل من قاف تَقْهَرْ، وفي حديث مُعَاوية بن الحَكَمِ السّلَمِيّ أَنه قال (¬2): "ما رأَيت مُعَلِّماً أَحْسَنَ تعليماً من النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، فبأَبي هو وأُمي ما كَهَرني، ولا شَتَمَني، ولا ضَرَبني"، وفي حديث المَسْعى (¬3): "إنهم كانوا لا يُدَعُّون عنه، ولا يُكْهَرون" (¬4)، قال ابن الأَثير: "هكذا يروى في كتب الغريب وبعض طرق مسلم قال والذي جاء في الأَكثر يُكْرَهُون بتقديم الراء من الإِكراه" (¬5). ورواية ابن سفيان يكرهون فهي من الإكراه بمعنى القباحة والقهر قال الرافعي: "كَرُهَ الأمر والمنظر (كَرَاهَةً) فهو (كَرِيهٌ) مثل قبح قباحة فهو قبيح وزنا ومعنى و (كَرَاهِيَةً) بالتخفيف أيضا و (كَرِهْتُهُ) (أكْرَهُه) من باب تعب (كُرْها) بضم الكاف وفتحها ضد أحببته فهو مكروه و (الكَرْهُ) بالفتح المشقة وبالضم القهر وقيل بالفتح الإكراه وبالضم المشقة و (أَكْرَهْتُهُ) على الأمر (إكْرَاهاً) حملته عليه قهرا يقال فعلته (كَرْها) بالفتح أي (إكْرَاهَا) وعليه قوله تعالى (طَوْعاً أوْ كَرْها) فقابل بين الضدين" (¬6). فكلاهما يصح فهم لا يُكرهون على استقباله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، ولا يستقبلونه بوجه عبس، بل كانوا يفدونه بآبائهم وأماهاتهم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله. وانفرد الإمام مسلم بهذا الحديث، والله اعلم. ¬

_ (¬1) ينظر أوجه القراءة في قوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ (9)} [الضحى: 9]، في الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: (تأليف: الزمخشري أبو القاسم محمود بن عمر الخوارزمي ت538هـ)، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت 4/ 773، والتفسير الكبير أو مفاتيح الغيب: (تأليف: الرازي فخر الدين محمد بن عمر التميمي الشافعي ت606هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1،1421هـ - 2000م،1/ 199. (¬2) الآحاد والمثاني: معاوية بن الحكم السلمي ـ - رضي الله عنه - ـ، الحديث رقم 1398، 3/ 82. (¬3) وهو ما نحن بصدده. (¬4) لسان العرب 5/ 154، وينظر تاج العروس من جواهر القاموس 1/ 3473. (¬5) النهاية في غريب الحديث والأثر4/ 395. (¬6) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي 2/ 531 و532.

باب استحباب النزول بالمحصب يوم النفر والصلاة به

19 - كتاب الحج باب استحباب النزول بالمحصب يوم النفر والصلاة به وحدثني زهير بن حرب، حدثنا شبابة، حدثني ورقاء، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {منزلنا إن شاء الله إذا فتح الله الخيف} حيث تقاسموا على الكفر 2/ 952. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وقوله: منزلنا إن شاء الله إذا فتح الله الخيف حيث تقاسموا على الكفرالخيف، بالرفع خبر منزلنا، ووجدته في بعض أصول شيوخنا الخيف بالنصب، وكأنه تأول أنه مفعول بفتح ويجعل الخبر فيما بعده وهو خطأ، وليس لفتح هنا مفعول، وإنما معناه حكم وكشف وأظهر والخيف بنفسه هو الموضع الذي تقاسموا فيه على الكفر يريد في صحيفة قطيعة بني هاشم وسقطت لفظة "إذا فتح الله" عند ابن ماهان" (¬1). قال ياقوت الحموي: "والخيف بفتح أوله وسكون ثانيه وآخره فاء: هو ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، وقال الزهري: الخيف الوادي، وقال الحازمي: خيف بني كنانة بمعنى نزله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والخيف ما كان مجنباً عن طريق الماء يميناً وشمالاً متسعاً" (¬2). وقول القاضي عياض: خيف بني كنانة هو المحصب (¬3)، هو جزء من حديث رواه الإمام احمد (¬4) من طريق أسامة بن زيد. فقول القاضي عياض: الخيفًُ بالرفع على ان جملة - إن شاء الله إذا فتح الله - اعتراضية، والجملة الاعتراضية لا محل لها من الإعراب فيكون خبره الخيفُ، وهو ما رواه ابن ماهان من غيرها فالسَقْط ليس لخفة ضبطٍ ولا لسهو منه، فيكون العامل المؤثر هو الابتداء وليس الفعل "فتح"، وعلى اعتباره عاملاً فقد اثر في ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 3 (¬2) ينظر معجم البلدان 2/ 412، واخترت معجم البلدان وسبقة غيره لأني وجدته جامعاً لأكثر من قول. (¬3) إكمال المعلم بفوائد مسلم 4/ 393، والمصدر السابق. (¬4) مسند الإمام احمد بن حنبل: مسند الأنصار، حديث أسامة بن زيد حب رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، الحديث رقم 21814، 5/ 202.

.......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مفعوله وهو الخيف فوجب نصبه، لكن روى الطبراني بلفظ: "منزلنا غداً ان شاء الله بالخيف الأيمن ... " (¬1) فلم يذكر فيه "إذا فتح الله" وهو ما يؤيد رواية مسلم في نسخة ابن ماهان دون ذكر الجملة الاعتراضية والحديث الذي قبله عند مسلم يدل على ما ذهبنا إليه وهو الرواية بالمعنى وفيه "نحن نازلون غداً بخيف بني كنانة ... " دون ذكر "ان شاء الله". فقوله: ان شاء الله هو من باب {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23 - 24]، وأما قوله: "إذا فتح الله الخيف" فهو من باب قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1)} [النصر: 1]. قال الزمخشري:" وقرأ ابن عباس: {جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ}، بمعنى فتح ونصر" (¬2). فهذه واحدة من نبوآته - صلى الله عليه وسلم - فمرة ذكرها بالشرط وأخرى بلا شرط. وهو ما رواه ابن ماهان منزلنا الخيف دون الشرط ورواية ابن سفيان بالشرط وهو بمعنى واحد وهو تحقق الفتح والله اعلم. وممن رواه كما رواه للمشارقة البخاري (¬3)، والإمام احمد (¬4). ¬

_ (¬1) المعجم الأوسط: باب الألف، من اسمه احمد، احمد بن يحيى الحلواني، الحديث رقم 779، 1/ 238. (¬2) الكشاف 1/ 1387، تفسير سورة النصر بتصرف. (¬3) صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب أين ركز النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح، الحديث رقم 4033، 4/ 1651. (¬4) مسند الإمام احمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي هريرة - رضي الله عنه -، الحديث رقم 8261، 2/ 322.

باب ندب من رأى إمرأة فوقعت في نفسة

20 - كتاب النكاح باب ندب من رأى امرأة فوقعت في نفسه إلى أن يأتي امرأته أو جاريته فيواقعها وحدثني سلمة بن شبيب، حدثنا الحسن بن أعين، حدثنا معقل، عن أبي الزبير، قال: قال جابر: سمعت النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يقول: {إذا أحدكم أعجبته المرأة، فوقعت في قلبه، فليعمد إلى امرأته فليواقعها، فإن ذلك يرد ما في نفسه} 2/ 1020. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وقوله: "إذا أحدكم أعجبته المرأة، فليعمد إلى امرأته فليواقعها، فإن ذلك يرد نفسه" كذا لابن ماهان، وفي حديث مسلم عن سلمة بن شبيب، وتمامه ما في نفسه كما في سائر الروايات" (¬1). فما جاء في رواية ابن ماهان: "يرد نفسه" عن الزنا، وما جاء في رواية ابن سفيان: "يرد ما في نفسه" عن ما يبقى من مخلفاتها، ووسوستها، وشهوتها. وعند أبي داود: " .. ان المرأة تقبل في صورة شيطان فمن وجد من ذلك شيئاً فليأت أهله فانه يضمر ما في نفسه" (¬2)، وهذا الحديث الذي رواه أبو داود خرّجه البيهقي (¬3) أيضاً وقال في آخره: "أخرجه مسلم من وجه آخر عن هشام الدستوائي وقال: فان ذلك يرد ما في نفسه"، وكذلك روى هذا الحديث عبد بن حميد (¬4)، وعند الإمام احمد (¬5) " ... يرد مما في نفسه" أي عن بعض ما في نفسه. وأيدت رواية الطبراني (¬6) رواية مسلم عند ابن سفيان، وكذلك البيهقي (¬7). الخلاصة: فيكون ما عند ابن ماهان من باب الرواية بالمعنى. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 405. (¬2) سنن أبي داود: كتاب النكاح، باب فيما يؤثر به غض البصر، الحديث رقم 2151، 1/ 653. (¬3) سنن البيهقي الكبرى: كتاب النكاح، باب ما يفعل إذا رأى من أجنبية ما يعجبه، الحديث رقم 13394، 7/ 90. (¬4) المنتخب من مسند عبد بن حميد: من مسند جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -، الحديث رقم 1061، 1/ 322. (¬5) مسند الإمام احمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة، مسند جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -، الحديث رقم 14577، 3/ 330. (¬6) المعجم الأوسط: من اسمه المقدام، الحديث رقم 9073، 9/ 38. (¬7) شعب الإيمان: السابع والثلاثون من شعب الإيمان، وهو باب في تحريم الفروج وما يجب من التعفف عنها ... ، الحديث رقم 5435، 4/ 367.

21 - كتاب الرضاع باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء وإن كان لها زوج انفسخ نكاحها بالسبي وحدثنيه يحيى بن حبيب الحارثي، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا شعبة، ... عن قتادة، عن أبي الخليل، عن أبي سعيد قال: أصابوا سبيا يوم أوطاس لهن أزواج فتخوفوا، فأنزلت هذه الآية {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] 2/ 1079. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وقوله في سبي أوطاس: "فتحرجوا" أي خافوا الحرج والإثم، كذا لابن ماهان والسمرقندي، وللعذري والطبري: "فتخوفوا" بمعناه أيضاً، أي خافوا الحوب وهو الإثم" (¬1). فعند ابن ماهان "فتحرجوا" وعند ابن سفيان "تخوفوا" ولغيرهما تحوبوا، ووافق رواة مسلم رواية ابن سفيان كما أشار إلى ذلك القاضي - رحمه الله -، وكلها بمعنى واحد، وهو تجنب الوقوع في الإثم. فالحرج: الإثم، والحارج: الآثم، والمتحرج: الكافُّ عن الإثم (¬2). ويقال: فلان يتأثم ويتحرج: إذا فعل فعلاً يخرج به من الإثم والحرج (¬3)، وتحرج إذا تحفظ منه (¬4)، جاء في الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي (¬5): يقال حرج واثم: إذا فعل فعلاً يلزمه الإثم، ثم يقال: تحرج وتأثم إذا ألقى الحرج والإثم عن نفسه باجتنابه ما يأثم به. والحوب (¬6): بفتح الحاء وسكون الواو: الإثم، وهي لغة أهل الحجاز، وضم أوله لغة تميم، وتحوب من الإثم إذا توقاه وألقى الحوب عن نفسه، قال الشاعر: = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 189. (¬2) لسان العرب 2/ 223. (¬3) تاج العروس من جواهر القاموس 1/ 1242. (¬4) المصباح المنير في غريب الشرخ الكبير 1/ 5. (¬5) 1/ 104. (¬6) لسان العرب 1/ 337.

باب جواز وطء المسبية

22 - كتاب الرضاع باب استحباب نكاح البكر حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا هشيم، عن سيار، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله قال: كنا مع رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ في غزاة، فلما أقبلنا تعجلت على بعير لي قطوف، فلحقني راكب خلفي، فنخس بعيري بعنزة كانت معه، فانطلق بعيري كأجود ما أنت راء من الإبل، فالتفت فإذا أنا برسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، فقال: (ما يعجلك يا جابر)؟!، قلت: يا رسول الله إني حديث عهد بعرس، فقال: (أبكرا تزوجتها أم ثيبا)؟، قال: قلت: بل ثيبا، قال: (هلا جارية تلاعبها وتلاعبك)؟، قال: فلما قدمنا المدينة ذهبنا لندخل، فقال: (أمهلوا حتى ندخل ليلا ـ أي عشاء ـ كي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة)، قال: وقال: (إذا قدمت فالكيس الكيس) 2/ 1086*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = ... فلا يَدْخُلَنَّ الدَّهْرَ قَبرَكَ حَوْبَةٌ ... يَقُومُ بها يَوماً عَليْكَ حَسيبُ (¬1) وقال آخر: صَبْراً بَغِيض بنَ رَيْثٍ انَّها رَحِمٌ ... حُبْتُمْ بها فأَناخَتْكُمْ بجَعْجَاعِ (¬2) وأما الخوف فلا أرى داع إلى إشارة في مصدر فهو ظاهر المعنى. وانفرد الإمام مسلم بهذا الحديث بالألفاظ كلها. * قال القاضي عياض: "قوله في حديث جابر:"فلما أقبلنا تعجلت على بعير لي قطوف"، كذا هو لابن الحذاء [يعني عن ابن ماهان] في حديث مسلم، عن يحيى ابن يحيى، ولغيره أقفلنا وصوابه قفلنا" (¬3). وقال أيضاً: "قوله: "فلما أقفلنا"، كذا لابن ماهان، ولابن سفيان: "أقبلنا"، ¬

_ (¬1) البيت للمخبل السعدي وهو في الأمالي في لغة العرب: (تأليف: القالي أبو علي إسماعيل بن القاسم البغدادي ت356هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، 1398هـ 1978م، 1/ 254، وينظر المحكم والمحيط الأعظم 2/ 104. (¬2) أمثال العرب: (الضبي المفضل بن محمد بن يعلى بن سالم ت168هـ)، إحسان عباس، دار الرائد العربي، بيروت - لبنان، ط1، 1401هـ ـ 1981م، ص102، وقد نسب المفضل الضبي البيت إلى نُهَيْكة بن الحارث الفزاري والصواب أنه للنابغة الذبياني، ديوان النابغة الذبياني ص109، رجح ذلك الدكتور محمود عيدان أحمد. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 170.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ووجه الكلام:"قفلنا" ثلاثي، يقال: قفل الجيش والرفقة، وأقفلهم الأمير وقفلهم أيضاً، قيل: لعله"قفلنا"، وقد يحتمل على الرواية أن يكون "أقفلنا" بفتح اللام، أي أقفلنا النبي ـ - عليه السلام - ـ المذكور قبل، وأقفلنا على ما لم يسم فاعله، أو يكون: أقفل بعضنا بعضاً بأمر النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بذلك" (¬1). قال الإمام النووي: "قَوْله: (فَلَمَّا أَقْبَلْنَا تَعَجَّلَتْ)، هَكَذَا هُوَ فِي نُسَخ بِلَادنَا، (أَقْبَلْنَا)، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَة اِبْن سُفْيَان، عَنْ مُسْلِم، قَالَ: وَفِي رِوَايَة اِبْن مَاهَان: "أَقْفَلْنَا" بِالْفَاءِ، قَالَ: وَوَجْه الْكَلَام (قَفَلْنَا) أَيْ رَجَعْنَا وَيَصِحّ (أَقْبَلْنَا) بِفَتْحِ اللَّام أَيْ أَقْفَلْنَا النَّبِيّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وَأَقْفَلْنَا بِضَمِّ الْهَمْزَة لِمَا لَمْ يُسَمِّ فَاعِله" (¬2). فالذي نقله القاضي عن ابن ماهان بحسب الإمام النووي: "أقفلنا"، والذي ذكره عن ابن الحذاء "أقبلنا" هو أيضا عن ابن ماهان، لأن ابن الحذاء لا رواية له من طريق ابن سفيان، وهو موافق لرواية ابن سفيان. فأقفلنا مأخوذة من القُفُول بمعنى الرجوع من السفر قال ابن منظور: "القُفُول الرُّجوع من السفر وقيل القُفُول رجوع الجُنْد بعد الغَزْوِ قَفَل القوم يَقْفُلون بالضم قُفولاً وقَفْلا وقد يقال للسَّفْر قُفُول في الذهاب والمجيء وأَكثر ما يستعمل في الرُّجوع وتكرر في الحديث وجاء في بعض رواياته: [أَقْفَل الجيشُ وقَلَّما أَقْفَلْنا] (¬3). والمعروف قَفَل وقَفَلْنا وأَقفلَنا غيرُنا وأُقْفِلْنا على ما لم يسم فاعله" (¬4). أما أقبلنا فهي مأخوذة من المقابلة قال الجوهري: "وأقْبَلَ: نقيض أدْبَرَ. يقال: أقْبَلَ مُقْبَلاً. وأقْبَلَ عليه بوجهه" (¬5). وقال ابن منظور: "وَأَقْبَلْنَا: صِرْنا فيها .. ¬

_ (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 5/ 204. (¬3) ينظر مسند الإمام أحمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة، مسند جابر بن عبد الله ... - رضي الله عنه -، الحديث رقم 15046، 3/ 372، ومعجم الكبير: من اسمه عائذ، عائذ بن عمرو المزني وهو أخ رافع بن عمرو أخبار عائذ بن عمرو، الحديث رقم 33، 18/ 21. (¬4) لسان العرب 11/ 560. مادة قفل. (¬5) الصحاح في اللغة 2/ 60.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وقَبَلَتِ المكانَ: استقبلتْه" (¬1). وروى البيهقي الحديث بلفظ "أقبلنا (¬2) وقد استُخْدِمَ لفظ"أقبلنا" عند المحدثين بمعنى الرجوع من السفر (¬3)، وهنا تتبين الروايتين معناهما صحيح. وممن رواه كما رواه مسلم عند ابن ماهان: البخاري (¬4)، وسعيد بن منصور (¬5)، والدارمي (¬6)، وأبي يعلى (¬7). ¬

_ (¬1) لسان العرب 11/ 534. (¬2) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الصداق، باب المرأة تصلح أمرها للدخول بها، الحديث رقم 14249، 7/ 254. (¬3) المصدر السابق: كتاب السير، باب الكافر الحربي يقتل مسلماً ثم يسلم لم يكن عليه قود، الحديث رقم 17967، 9/ 97. (¬4) صحيح البخاري: كتاب النكاح: باب تزويج الثيبات، الحديث رقم4791، 5/ 1954، وينظر باب طلب الولد، الحديث رقم 4947، 5/ 2008، و4949، 5/ 2009. (¬5) سنن سعيد بن منصور: باب ما جاء في نكاح الأبكار 511، 1/ 143 (¬6) سنن الدارمي: كتاب النكاح، باب في تزويج الأبكار، الحديث رقم 2216، 2/ 197. (¬7) مسند أبي يعلى: مسند جابر، الحديث رقم 1850، 3/ 377.

باب في الإيلاء وإعتزال النساء

23 - كتاب الطلاق باب في الإيلاء، واعتزال النساء، وتخييرهن، وقوله تعالى: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ (4)} [التحريم: 4] حدثني زهير بن حرب، حدثنا عمر بن يونس الحنفي، حدثنا عكرمة بن عمار، عن سماك أبي زميل، حدثني عبد الله بن عباس، حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه قال: دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه، وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب فقال عمر: فقلت: لأعلمن ذلك اليوم. قال: فدخلت على عائشة فقُلتُ: يا بنت أبي بكر أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: مالي ومالك يا ابن الخطاب؟ عليك بعيبتك قال: فدخلت على حفصة بنت عمر فقلت لها: يا حفصة أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ والله لقد علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يحبك ولولا أنا لطلقك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبكت أشد البكاء، فقلت لها: أين رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت: هو في خزانته في المشربة، فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعدا على أسكفة المشربة مدل رجليه على نقير من خشب، وهو جذع يرقى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وينحدر، فناديت يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنظر رباح إلى الغرفة، ثم نظر إلي فلم يقل شيئا، ثم قلت: يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا، ثم رفعت صوتي فقلت: يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإني أظن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظن أني جئت من أجل حفصة، والله لئن أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضرب عنقها لأضربن عنقها، ورفعت صوتي فأومأ إلي أن ارقه، فدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مضطجع على حصير، فجلست فأدنى عليه إزاره وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه، فنظرت ببصري في خزانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، ومثلها قرظا في ناحية الغرفة، وإذا أفيق معلق قال: فابتدرت عيناي قال: {ما يبكيك؟ يا ابن الخطاب} قلت: يا نبي الله وما لي لا أبكي؟ وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى،

وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار وأنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصفوته، وهذه خزانتك فقال: {يا ابن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا}؟ قلت: بلى. قال: ودخلت عليه حين دخلت، وأنا أرى في وجهه الغضب فقلت: يا رسول الله ما يشق عليك من شأن النساء؟ فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، وقلما تكلمت، وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول، ونزلت هذه الآية آية التخيير {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ (5)} [التحريم: 5] {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ (4)} [التحريم: 4] وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله أطلقتهن؟ قال: {لا}. قلت: يا رسول الله إني دخلت المسجد، والمسلمون ينكتون بالحصى يقولون طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال: {نعم إن شئت}، فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه وحتى كشر، فضحك وكان من أحسن الناس ثغرا، ثم نزل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ونزلت، فنزلت أتشبث بالجذع، ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده فقلت: يا رسول الله إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين قال: {إن الشهر يكون تسعا وعشرين} فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتي لم يطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه، ونزلت هذه الآية {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر وأنزل الله - عز وجل - آية التخيير 2/ 1105. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الحديث فيه خلافان: الأول: "فعليك بعيبتك" تريد ابنته، قيل: العيبة الابنة قال الإمام المازري: "أي بخاصتك وموضع سرك، ومنه قوله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: "الأنصار كرشي وعيبتي" قال ابن

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الأنباري: يعني "كرشي أصحابي وجماعتي الذين اعتمد عليهم، وأصل الكرش في اللغة: الجماعة"، وجعل الأنصار عيبته: خصوصيته إياهم؛ لأنه يطلعهم على أسراره، قال غيره: فمعنى "عيبتي" خاصتي وموضع سري، قال أهل اللغة: والعيبة في كلام العرب معناها: ما يجعل فيه الرجل أفضل ثيابه، وحر متاعه وأنفسه عنده" (¬1). قال القاضي عياض: " كذا رواية العذري والفارسي وكافة الرواة، وهو الصواب على ما تقدم، ورواه بعضهم عن السجزي: بغيبتك وليس بشيء، وعند ابن ماهان: بنفسك" (¬2). والعيبة موضع سر الرجل قال ابن سلام: "عيبة الرجل موضع سره والذين يأتمنهم على أمره، ومنه الحديث: كانت خزاعة عيبة النبي مؤمنهم وكافرهم. وذلك لحلف كان بينهم في الجاهلية. [وقال أيضاً]: ولا أرى عيبة الثياب إلا مأخوذة من هذا لأنه إنما يضع الرجل فيها خير ثيابه وخير متاعه وأنفسه عنده. ومنه حديث عمر ـ - رضي الله عنه - ـ حين دخل على عائشة فقال: أقد تبلغ من شأنك أن تؤذي النبي؟ فقالت: ما لي ولك يا ابن الخطاب! عليك بِعَيْبَتِكَ فأتى حفصة ـ - رضي الله عنه - ـ" (¬3). وقال ابن الأثير عن قوله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ[الأنْصَار كَرِشي وعَيْبَتي] (¬4): أي خاصَّتي ومَوضعُ سِرَّي. والعرب تَكْنِي عن القُلوب والصُّدور بالعِياب لأنها مُسْتَوْدَع السَّرائر كما أن العِيَابَ مُسْتَوْدعُ الثَّياب. والعَيْبة معروفة ومنه حديث عائشة [في إيلاء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على نِسائه قالت لعُمَر لمّا لامَها: مالي ولَكَ يا ابن الخطَّاب عليك بعَيْبَتك] أي ¬

_ (¬1) المعلم بفوائد مسلم 2/ 200، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 5/ 35. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) ينظرغريب الحديث: (تأليف: أبي عبيد القاسم بن سلام الهروي)، تحقيق: د. محمد عبد المعيد خان، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1396هـ، 1/ 138. (¬4) صحيح البخاري: كتاب فضائل الصحابة، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم)، الحديث رقم 3590، 1383.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اشْتَغِل بأهْلِك ودَعْني (¬1). أما النفس فيراد بها الثوب وهو أحد أوجه معانيه، ويقال: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4)} [المدثر]، أي قصر، فإن تقصيرها طهر، وقيل:"نفسك فطهر" وقال ابنُ قتيبةَ في مشكلِ القرآن: أَي نَفْسَكَ فَطَهِّرْهَا منَ الذُّنُوبِ، والعَرَبُ تَكْنِي بالثِّيَابِ عن النفْس لاشتمالها عليها، قالت لَيْلَى وذَكَرَت إبلا: رَمَوْهَا بِأَثْوَاب خِفَافِ فَلاَ تَرَى ... لها شبهاً إلا النعام المنفرا (¬2) وقال: فَسُلِّي ثِيَابِ عَنْ ثِيَابِكِ تَنْسُلِ (¬3). فيكون المعنى عليك بخاصة من تكون له سترأ كالثوب، وهذه الرواية على المعنى، والله أعلم. وممن رواه كما وقع لمسلم من رواية ابن سفيان أبو يعلى (¬4) والبزار (¬5). الثاني: قال القاضي عياض: "قوله: في حديث تخيير النبي - عليه السلام - نساءه فجلست فإذا رسول الله عليه إزاره، كذا لابن ماهان، وكذا سمعناه على أبي بحر، وسمعناه من القاضي أبي علي، والخشني: فأدنى عليه إزاره، وهي رواية الجلودي، والأول الصواب بدليل مقصد الحديث، وأن عمر إنما أراد أن يصف الهيئة التي وجده عليها" (¬6). فإذا عليه أزاره هي رواية ابن ماهان، وفأدنى عليه أزاره هي رواية ¬

_ (¬1) ينظرالنهاية في غريب الحديث والأثر3/ 617. (¬2) ديوان ليلى الأخيلية ص29، وينظر المعاني الكبير لابن قتيبة الدينوري ص115، وكتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري ص107، وغيرهما. (¬3) ينظر لسان العرب 1/ 243. تاج العروس من جواهر القاموس 1/ 330. والبيت لامرئ القيس ومطلعه:" وتكُ قد ساءتكِ مني خَليقَةٌ " ديوان امرؤ القيس ص2. (¬4) مسند أبي يعلى: مسند عمر بن الخطاب ـ - رضي الله عنه - ـ، الحديث رقم 164، 1/ 149. (¬5) مسند البزار: مسند عمر بن الخطاب، ومما روي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن عمر، الحديث رقم 195، 1/ 149. (¬6) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 26.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الجلودي، وهي موافقة لرواية ابن سفيان. إذا هذه هي إذا الفجائية، وتختص بالأسماء، وهنا اسمها محذوف، والتقدير فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أزاره. أي تفاجأ عمر لهيئته التي كان عليها، ويدل على ذلك جوابه بعد بكائه: "ومالي لا ابكي؟ وهذا الحصير قد اثر في جنبك ... ". وأما فأدنى عليه أزاره، فهو مأخوذ من الدنو أي القرب يقال: "أدنيت الستر أرضيته" (¬1) أي جعل أزاره اقرب إلى الأرض. فيكون كلا الروايتين صواب، الأولى تفاجأ من وصفه - صلى الله عليه وسلم - والأخرى، اخبر عن حاله في إسدال أزاره، والله اعلم. ولا تعارض بين الروايتين لان الإسدال بعد المفاجأة: وهذا ما رواه أبو عوانة في مستخرجه (¬2). وممن رواه كرواية ابن ماهان، أبو يعلى (¬3)، والبيهقي (¬4)، وكلهم رووا هذا الحديث بسند واحد. ووقع لأبي يعلى خطأ في مسنده فقال عثمان بن يونس، والصواب عمر بن يونس. ¬

_ (¬1) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 1/ 201. (¬2) مستخرج أبي عوانة: مبتدأ كتاب الطلاق، باب الخبر المبين ان الرجل إذا قال لامرأته: اختاري، الحديث رقم 3703 , / (¬3) مسند أبي يعلى: مسند عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الحديث رقم 164، 1/ 149. (¬4) سنن البيهقي الكبرى: كتاب النكاح، باب ما أمره الله تعالى به من اختيار الآخرة على الأولى، ولا يمد عينيه إلى زهرة الدنيا، قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى (131)} [طه: 131]، الحديث رقم 13084، 7/ 46. شعب الإيمان: الرابع عشر من شعب الإيمان وهو باب في حب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فصل في زهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وصبره على شدائد الدنيا ... ، الحديث رقم 1449، 2/ 166.

كتاب اللعان

24 - كتاب اللعان وحدثنا أبو غسان المسمعي، ومحمد بن المثنى، وابن بشار (واللفظ للمسمعي وابن المثنى) قالوا: حدثنا معاذ (وهو ابن هشام) قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن جبير قال: لم يفرق المصعب بين المتلاعنين قال سعيد: فذكر ذلك لعبد الله بن عمر فقال: فرق نبي الله - صلى الله عليه وسلم - بين أخوي بني العجلان 2/ 1130. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض (¬1): "قوله: فرق المصعب بين المتلاعنين كذا لابن ... ماهان، ولغيره: لم يفرق المصعب، وضبطه بعضهم: لِمَ فرق المصعب؟، والأشبه أن الصحيح رواية من روى لم يفرق بدليل آخر الحديث". والخلاف في وقوع التفريق بين المتلاعنين هو سبب هذا الخلاف في الرواية، جاء في رواية أبو مصعب الزهري ان السنة هي التفريق بالتلاعن لما نقل قول مالك: قال ابن شهاب: "فكانت تلك سُنَّة المتلاعنين" (¬2). ما يجعل رواية ابن ماهان مخالفة لغيرها من الروايات، ولهذا خطّأها القاضي عياض. وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح (¬3): "قد أورد مسلم من وجه آخر - عن حديث: "قلت لابن عمر رجل قذف امرأته أي ما الحكم فيه - عن سعيد بن جبير فزاد في أوله قال: "لم يفرق المصعب" يعني بن الزبير "بين المتلاعنين" أي حيث كان أميراً على العراق، قال سعيد: فذكرت ذلك لابن عمر، ومن وجه آخر عن سعيد سئلت عن المتلاعنين في امرأة مصعب بن الزبير، فما دريت ما أقول فمضيت إلى منزل ابن عمر بمكة ... الحديث، وفيه قلت: يا أبا عبد الرحمن: المتلاعنان أيفرق بينهما؟ قال: سبحان الله نعم إن أول من سأل عن ذلك فلان ابن فلان وعرف من قوله بمكة أن في الرواية التي قبلها حذفاً تقديره فسافرت إلى مكة فذكرت ذلك = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 155. (¬2) الموطأ رواية أبو مصعب الزهري، تحقيق: د. بشار عواد محمد ومحمد خليل، مؤسسة الرسالة، ط3، 1998م، 1/ 623. (¬3) فتح الباري شرح صحيح البخاري 9/ 456 بتصرف.

باب كراء الأرض بالطعام

25 - كتاب البيوع باب كراء الأرض بالطعام حدثني إسحاق بن منصور، أخبرنا أبو مسهر، حدثني يحيى بن حمزة، حدثني أبو عمرو الأوزاعي، عن أبي النجاشي مولى رافع بن خديج، عن رافع أن ظهير بن رافع (وهو عمه)، قال: أتاني ظهير فقال: لقد نهى رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ عن أمر كان بنا رافقا فقلت وما ذاك؟ ما قال رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ فهو حق، قال: سألني كيف تصنعون بمحاقلكم؟ فقلت: نؤاجرها يا رسول الله على الربيع، أو الأوسق من التمر، أو الشعير قال: (فلا تفعلوا ازْرًعُوها أو أزْرِعُوها أو أَمسِكُوها) 3/ 1181*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = لابن عمر (¬1)، وقال أيضاً: وقع في رواية عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير قال: كنا بالكوفة نختلف في الملاعنة يقول بعضنا يفرق بينهما ويقول بعضنا لا يفرق ويؤخذ من ان الخلاف في ذلك كان قديماً " (¬2). وأيدت رواية النسائي (¬3) رواية ابن سفيان، وكذلك البيهقي (¬4). * قال القاضي عياض: "وفي كراء المزارع في حديث إسحاق نواجرها على الربيع كذا للعذري والسجزي بفتح الراء أي الجداول على ما فسرناه قبل وكما جاء في غيره من الأحاديث أي على ما ينبت على شط هذه الجداول فهو لرب الأرض يختص به وما عداه للزارع وهو غرر فلذلك نهى عنه وعند السمرقندي على الربع أي الجزء مما يخرج من الأرض وهو غرر أيضا وقد تكون الروايتان صحيحتان قد قالوا للربع ربيع كما قالوا للنصف نصيف" (¬5). قال الإمام النووي: "قَوْله فِي هَذَا الْحَدِيث: (نُؤَاجِرهَا يَا رَسُول اللَّه عَلَى الرَّبِيع ¬

_ (¬1) المصدر نفسه. (¬2) مصنف عبد الرزاق: كتاب الطلاق، باب التفريق بين المتلاعنين ولمن الصداق، الحديث رقم 12454، 7/ 118. (¬3) المجتبى من السنن: كتاب الطلاق، باب التفريق بين المتلاعنين، الحديث رقم 3474، 6/ 176، والسنن الكبرى: الكتاب والباب أنفسهما، الحديث رقم 5668، 3/ 375. (¬4) سنن البيهقي الكبرى: كتاب اللعان، باب سنة اللعان، ونفي الولد، وإلحاقه بالأم وغير ذلك، الحديث رقم 15104، 7/ 402. (¬5) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 281.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أَوْ الْأَوْسُق) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم النُّسَخ (الرَّبِيع) وَهِيَ السَّاقِيَّة وَالنَّهْر الصَّغِير، وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ رِوَايَة اِبْن مَاهَان (الرُّبْع) بِضَمِّ الرَّاء وَبِحَذْفِ الْيَاء وَهُوَ أَيْضًا صَحِيح" (¬1). فقول القاضي في المشارق: "وعند السمرقندي على الربع" هو أحد رواة المشارقة من طريق ابن سفيان، فقد أيدت روايته رواية ابن ماهان، وهذا يدل على أن لا فرق بين الروايتين؛ لأن الرواية الأولى على التصغير والأخرى على التكبير. ويرى الخليل بن أحمد الفراهيدي: ان أحد معاني الربيع: الربع فقال: "ربما سُمِّي النهرُ الصغير رَبيعاً في بعض اللغات، ومنها قيل الرَّبيع في معنى الرُّبع .. " (¬2) وهذا يؤيد رواية ابن ماهان أيضاً. وممن رواه كما رواه مسلم عند ابن ماهان: البخاري (¬3)، وابن ماجة (¬4)، وابن أبي عاصم (¬5)، وابن حبان (¬6)، والطبراني (¬7)، والبيهقي (¬8). ¬

_ (¬1) شرح النووي على مسلم 5/ 390. (¬2) كتاب العين 1/ 69. (¬3) صحيح البخاري: كتاب المزارعة، باب ما كان أصحاب النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ يواسي بعضهم بعضاً في المزارعة والثمرة، الحديث رقم، 2214، 2/ 824. (¬4) سنن ابن ماجه: كتاب الرهون، باب الرخصة في كراء الأرض البيضاء بالذهب والفضة، الحديث رقم 2459، 2/ 821. (¬5) الآحاد والمثاني: ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة بن الخزرج ... عقبي بدري، الحديث رقم 1996، 4/ 52. صحيح ابن حبان: كتاب المزارعة، الحديث رقم 5191، 11/ 596. (¬6) صحيح ابن حبان: كتاب المزارعة، الحديث رقم 5191، 11/ 596. (¬7) المعجم الكبير: باب الراء، رافع بن خديج بن رافع يكنى أبا عبد الله، من أخباره، الحديث رقم 4423، 4/ 280، وينظر باب الظاء، ظهير بن رافع النصاري عقبي الحديث رقم ... 8267، 8/ 339. (¬8) سنن البيهقي الكبرى: كتاب المزارعة، باب بيان المنهي عنه وأنه مقصور على كراء الأرض ببعض ما يخرج منها دون غيره مما يجوز أن يكون عوضاً في البيوع 11496، 6/ 131.

باب من أعتق شركا له في عبد

26 - كتاب الأيمان باب من أعتق شركا له في عبد وحدثناه عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة بهذا الإسناد قال: "من أعتق شقيصاً من مملوك فهو حر في ماله" 3/ 1285. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال الإمام المازري: "الشقص: النصيب ومثله الشقيص، وكذلك قوله: "من اعتق شركاً له في عبد" الشرك: النصيب، ومثله الشقيص، ومنه قوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ} [سبأ: 22] أي من نصيب، ويكون الشرك في غير هذا الشريك، قال الله تعالى: {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} [الأعراف: 190]، ويكون الشرك أيضاً الاشتراك يقال: شركته في الأمر أشركه شركاً، ومنه حديث معاذ "أجاز بين أهل اليمن الشرك"، وأراد الإشراك في الأرض" (¬1). ونسب القاضي عياض الخلاف في هذا الموضع إلى ابن ماهان فقال (¬2): "قوله: "من أعتق شقصاً له من عبد"، كذا رواية ابن ماهان في حديث ابن معاذ ولغيره شقيصا في كتاب مسلم ورواية الكافة في البخاري". فالشِقْص والشِقيص بمعنى واحد هو النصيب أو الشرك أو الحظ أو الطائفة من الشيء أو القطعة من الأرض قال ابن منظور: "الشقص والشقيص الطائفة من الشيء أو القطعة من الأرض تقول: أعطاه شقصاً من ماله، وقيل هو قليل من كثير وقيل هو الحظ، ولك شقص هذا وشقيصه كما تقول نصفه ونصيفه، والجمع من كل ذلك اشقاص وشقاص ... وفي الحديث ان رجلاً من هُذيل اعتق شقصاً من مملوك فأجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال ليس لله شريك، قال شحر: قال خالد: النصيب والشرك والشقص واحد، قال شحر: والشقيص مثله وهو في العين المشتركة من كل شيء. قال الأزهري: وإذا فرز جاز ان يسمى شِقصاً، ومنه تشقيص الجزرة وهو ¬

_ (¬1) المعلم بفوائد مسلم 2/ 369. (¬2) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 257.

........................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تعضيتها وتفصيل أعضائها وتعديل سهامها بين الشركاء" (¬1). فتكون الروايتان صحيحتان، بل اللفظتان مستعملتان في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بكثرة لذات المعنى. وبعض هذه الروايات هي في: البخاري (¬2)، أبي داود (¬3)، الترمذي (¬4)، النسائي (¬5)، والموطأ (¬6)، وغيرهم. أما بخصوص الشقيص فهي في: البخاري (¬7)، وأبي داود (¬8)، والترمذي (¬9)، والنسائي (¬10). ¬

_ (¬1) لسان العرب 7/ 48. (¬2) صحيح البخاري: كتاب الشركة، باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل، الحديث رقم 2359، 2/ 882، وباب الشركة في الرقيق، الحديث رقم 237، 2/ 885. (¬3) سنن أبي داود: كتاب العتق، باب فيمن اعتق نصيباً له من مملوك، الحديث رقم 3933، 2/ 416، وباب من اعتق نصيباً له من مملوك بينه وبين آخر، الحديث رقم 3934، 2/ 417. وباب من ذكر السعاية في هذا الحديث، الحديث رقم 3938، 2/ 417. (¬4) سنن الترمذي: كتاب الأحكام، باب ما جاء في العبد يكون بين الرجلين فيعتق احدهما نصيبه، الحديث رقم 1346، 3/ 629، والحديث رقم 1347، 3/ 630. (¬5) سنن النسائي الكبرى: كتاب ما قذفه البحر، فضل العتق، الحديث رقم 4938، 3/ 180، وباب ذكر العبد يكون بين اثنين فيعتق احدهما نصيبه واختلاف ألفاظ الناقلين لخبر عبد الله بن عمر في ذلك، الحديث رقم 4955، والحديث رقم 4956، 3/ 182، وباب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين خبر أبي هريرة في ذلك والاختلاف على قتادة، الحديث رقم 4963، والحديث رقم 4964، والحديث رقم 4965، 3/ 185. (¬6) موطأ الإمام مالك رواية يحيى الليثي: كتاب العتق والولاء، باب من اعتق شركاً له في مملوك، الحديث رقم 1462، 2/ 772. (¬7) صحيح البخاري: كتاب الشركة، باب تقويم الأشياء، باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل، الحديث رقم 2360، 2/ 882، وكتاب العتق، باب إذا اعتق نصيباً في عبد، وليس له مال استسعى العبد غير مشقوق عليه على نحو الكتابة، الحديث رقم 2390، 2/ 893. (¬8) سنن أبي داود: كتاب العتق، باب من ذكر الغاية في هذا الحديث، الحديث رقم 3937، والحديث رقم 3938، 2/ 417. (¬9) سنن الترمذي: كتاب الأحكام، باب ما جاء في العبد يكون بين الرجلين فيعتق احدهما نصيبه، الحديث رقم 1348، 3/ 630. (¬10) سنن النسائي الكبرى: كتاب ما قذفه البحر، ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين خبر أبي هريرة في ذلك والاختلاف على قتادة، الحديث رقم 4968، 3/ 186. وباب ذكر العبد يكون للرجل فيعتق بعضاً، الحديث رقم 4970، و4971، و4972، 3/ 186.

باب فضل الغرس والزرع

27 - كتاب المساقاة باب فضل الغرس والزرع حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث ح، وحدثنا محمد بن رمح، أخبرنا الليث، عن ابن الزبير، عن جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل على أم مبشر الأنصارية في نخل لها فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: {من غرس هذا النخل؟ أمسلم أم كافر}؟ فقالت: بل مسلم. فقال: {لا يغرس مسلما غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شيء إلا كانت له صدقة} 3/ 1188. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وجاء الخلاف في كتاب مسلم في باب أجر من غرس غرساً من وراية الليث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على أم بِشر بكسر الباء وشين معجمة كذا عند ابن ماهان، وعند الجلودي أم مبشر. وفي كتاب العذري على أم معبد أو مبشر، وكذا وقع في ديوان الليث، وقال أبو عمر أم مبشر بنت البراء بن معرور ويقال لها أم بشر أيضاً وهي زوج زيد بن حارثة وقد ذكره مسلم من رواية الأعمش فقال: عن أم مبشر امرأة زيد بن حارثة وذكر الحديث عن أنس وفيه أم مبشر وذكره من رواية عمرو بن دينار عن جابر وفيه أم معبد" (¬1). وهذه الصحابية - رضي الله عنها - هي زوجة الصحابي زيد بن حارثة ... - رضي الله عنه -، وابنة الصحابي البراء بن معرور - رضي الله عنهما - (¬2). وأم مبشر التي نحن بصدد ذكرها - البنت وليست الأم - تعرف بثلاث كنى أم مبشر وأم بشير وأم بشر، قال الليث بن سعد: أم مبشر الأنصارية وفي بعض الحديث أم بشير وهي واحدة وكانت امرأة زيد بن حارثة أسلمت وبايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وروت عنه وروى عنها جابر بن عبد الله وهو حديثنا الآن عند مسلم. وقال الحافظ بن حجر: "وعن حفصة بنت عمر على خلاف في ذلك وعنها جابر بن عبد الله الأنصاري، ومحمد بن عبد الرحمن بن خلاد الأنصاري ومجاهد ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 109. (¬2) رجال مسلم 2/ 420.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بن جبر يقال مرسل. قلت: زعم الدمياطي أن اسمها جهينة بنت صيفي بن صخر، وإنها زوجة البراء بن معرور أم ولديه بشر ومبشر قال: وخلف عليه بعده زيد بن حارثة، كذا قال، وقد ذكر أبو جعفر الطبري وأبو علي بن السكن أن اسم أم بشر بن البراء خليدة بنت قيس بن ثابت بن مالك الأشجعية وقال ابن عبد البر: "أم بشر بنت البراء بن معرور ويقال لها أم مبشر اسمها خليدة" (¬1)، كذا قال: وكأنه أراد أن يكتب أم بشر بن البراء ولعله من طغيان القلم وقد اعترض عليه ابن فتحون، وذكر خليفة بن خياط أن للبراء بن معرور بنتا تسمى أم قيس. فالله تعالى أعلم" (¬2). والذي ذكره ابن عبد البر يكون لها كنية ثالثة وهو ما وقع لمسلم في رواية ابن ماهان. وذكر الحافظ ابن حجر انها روت حديث: "لا يدخل النار - ان شاء الله - من أصحاب الشجرة" (¬3). وممن سماها أم مبشر وروى الحديث بهذا اللفظ: أبو داود (¬4)، والترمذي (¬5)، وابن ماجه (¬6). وممن سماها أم بشر وروى الحديث بهذا اللفظ: ابن ماجه (¬7)، الطبراني (¬8). ¬

_ (¬1) المصدر نفسه. (¬2) تهذيب التهذيب 12/ 505. (¬3) المصدر نفسه. (¬4) سنن أبي داود: كتاب الديات، باب فيمن سقا رجلا سما أو اطعمه فمات، ايقاد منه؟، الحديث رقم 4513، 2/ 582 والحديث رقم 4514، 2/ 583. (¬5) سنن الترمذي: كتاب الأحكام، باب ما جاء في فضل الغرس، رقم الحديث 1382، 3/ 666، وكتاب الفتن، باب كيف يكون في الفتنة، رقم الحديث 2177، 4/ 473. (¬6) سنن ابن ماجة: كتاب الزهد، باب ذكر البعث، رقم الحديث 4281، 2/ 1431. (¬7) سنن ابن ماجة: كتاب الجنائز، باب ما جاء فيما يقال عند المريض إذا حضر، رقم الحديث 1449، 1/ 466. (¬8) المعجم الكبير: العشرة المبشرة بالجنة، باب الكاف، كعب بن مالك الأنصاري، رقم الحديث 122، 19/ 64، وباب ما يعرف من النساء بالكنى أم بشر بنت البراء بن معرور، 25/ 104.

باب من اعترف على نفسه بالزنا

28 - كتاب الحدود باب من اعترف على نفسه بالزنى حدثني محمد بن المثنى، حدثني عبد الأعلى، حدثنا داود، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد: أن رجلا من أسلم يقال له ماعز بن مالك أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أصبت فاحشة فأقمه علي، فرده النبي - صلى الله عليه وسلم - مرارا قال: ثم سأل قومه؟ فقالوا: ما نعلم به بأسا إلا أنه أصاب شيئا يرى أنه لا يخرجه منه إلا أن يقام فيه الحد قال: فرجع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرنا أن نرجمه قال: فانطلقنا به إلى بقيع الغرقد قال: فما أوثقناه ولا حفرنا له قال: فرميناه بالعظم والمدر والخزف قال: فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة، فانتصب لنا، فرميناه بجلاميد الحرة (يعني الحجارة) حتى سكت قال: ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبا من العشي فقال: {أو كلما انطلقنا غزاة في سبيل الله تخلف رجل في عيالنا له نبيب كنبيب التيس على أن لا أوتى برجل فعل ذلك إلا نكلت به} قال: فاستغفر له ولا سبه 3/ 1320. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "في حديث ماعز، فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت. كذا لكافتهم عن مسلم، ولابن ماهان: سكن بالنون، وهما بمعنى، وقد فسرناه في حديث قتل أبي عامر الأشعري: "فلما رآني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساكنا ... " كذا لأكثر شيوخنا بالنون، ورواه بعضهم: "ساكتاً" بالتاء، وعند ابن الحذاء: "شاحباً"، وقد يتوجه هنا الشحوب، وهو تغيير اللون من مرض أو جزع" (¬1). فرواية ابن ماهان: "حتى سكن" بالنون تعني سكن بعد الموت. يقال: ذبحتُ الشيء حتى سكن اضطرابه، وسُمّيتْ السكينُ سكّيناً؛ لأنها تُسكَّن الذبيحة أي تُسَكنها بالموت، وكل شيء مات فقد سَكَنَ. قال ذلك ابن منظور في لسان العرب نقلاً عن الأزهري (¬2). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 216. (¬2) ينظر لسان العرب 13/ 211، وتاج العروس من جواهر القاموس 1/ 8069.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وقال ابن الأثير ووافقه ابن منظور: "وفي حديث عمر، قال له رجل: [شنقتها بجبوبة حتى سكن نسيسها] أي ماتت، والنسيس: بقية النفس" (¬1). ورواية الكافة: "حتى سكت" بالتاء. جاء في لسان العرب (¬2): فالسكت، والسكوت: خلاف النطق، وقد سكت يسكت سكتاً، وسكاتاً، وسكوتاً، واسكت: فهو الصمت، وفي حديث ماعز: "فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت" أي مات (¬3). وقال الخطابي: "وقوله: حتى سكت، يريد سكوت الموت" (¬4). وممن روى الحديث بلفظ "سكن" كما وقع لمسلم عند ابن ماهان: النسائي (¬5). وممن رواه بلفظ "حتى سكت" كما وقع لمسلم عن الكافة: أبو يعلى (¬6)، والبيهقي (¬7). الخلاصة: كلاهما جائز وإن كان لفظ ابن ماهان هو الأقرب لعدم اللبس؛ لأن السكون عند الرجم يمكن أن يحمل على انقطاع الصراخ والبكاء مع بقاء الحياة والحركة ولفظة ابن ماهان تدل على تحقق الموت بالسكون عن الحركة (¬8). ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 113، ولسان العرب 6/ 230. (¬2) المصدر السابق 2/ 43. (¬3) المصدران أنفسهما 2/ 43، 1108. (¬4) غريب الحديث للخطابي 1/ 365. (¬5) سنن النسائي الكبرى: كتاب الرجم، كيف يفعل بالرجل وذكر اختلاف الناقلين للخبر في ذلك، الحديث رقم 7198، 4/ 288. (¬6) مسند أبي يعلى: من مسند أبي سعيد الخدري، الحديث رقم 1215، 2/ 420. (¬7) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الحدود، باب من قال: لا بقيام عليه الحد حتى يعترف بأربع مرات، الحديث رقم 16774، 8/ 227. (¬8) أملى عليَّ ذلك الدكتور محمود عيدان أحمد جزاه الله خيراً، والله أعلم.

باب الضيافة ونحوها

29 - كتاب اللقطة باب الضيافة ونحوها حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا وكيع، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي شريح الخزاعي قال: قال رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم -: {الضيافة ثلاثة أيام وجائزته يوم وليلة ولا يحل لرجل مسلم أن يقيم عند أخيه حتى يؤثمه} قالوا: يا رسول الله وكيف يؤثمه؟ قال: {يقيم عنده ولا شيء يقريه به} 3/ 1352. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وقوله في باب الضيافة: "حتى لا يجد ما يقريه به" كذا هو المعروف من القرى، وعند رواة ابن ماهان: "يقوته به" من القوت" (¬1). فالقرى: الإحسان إلى الضيف، قراه يقريه قِرىً: أضافه (¬2). فيكون التقدير لا يجد ما يضيفه به. أما القوت: "فهو ما يمسك به الرمق من الرزق، قال ابن سيده: القوتُ، والقيتُ، والقيتة، والقائت: المُسكة من الرزق، وفي الصحاح: هو ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام. يقال: ما عنده قوت ليلة، وقيت ليلة، وقيتة ليلة، فلما كسرت القاف صارت الواو ياءً، وهي البُلْغة، وما عليه قوت ولا قوات، والقوت: مصدر قات يقوت قوْتاً وقياتةً" (¬3). وقال ابن الأثير: "ومنه الحديث: "اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً"، أي بقدر ما يمسك الرمق من المطعم" (¬4). وقال الصاحب بن عباد (¬5): والمقيت: الموقوف على الشيء المقتدر، وفي أسماء الله الحسنى: المقيت: هو الحفيظ، وقيل المقتدر، وقيل الذي يعطي أقوات = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 182. (¬2) المحيط في اللغة1/ 495. (¬3) لسان العرب 2/ 74. (¬4) النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 195. (¬5) المحيط في اللغة 1/ 494.

باب استحباب المؤاساة بفضول المال

30 - كتاب اللقطة باب استحباب المؤاساة بفضول المال حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا أبو الأشهب، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: بينما نحن في سفر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل على راحلة له قال: فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له} قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل 3/ 1354*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = الخلائق، وهو من اقاته يقيته: إذا أعطاه قوته، وهي لغة في قاته يقوته (¬1). فلعل الراوي نقل الحديث بالمعنى، وكأنه أراد ان يقول: فلا يقدر على شيء يقيته: أي يضيفه إلى درجة ما يقوم به بدن الإنسان من الطعام. وأيدت رواية البيهقي (¬2) ما رواه مسلم عند المشارقة. * قال القاضي عياض: وفي حديث الصدقة، وإخراج فضل الماء (¬3) إذ جاء رجل على راحلته، فجعل يصرف بصره يمينا وشمالا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: {من كان عنده فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ...} الحديث، كذا رويناه من طريق السجزي، والسمرقندي، وسقط "بصره" للباقين، وعند العذري، وابن ماهان: "يضرب" بالضاد والباء، وضبطناه عن بعضهم بضم الياء على ما لم يسم فاعله، وبعضهم بفتحها وهو أولى، وأشبه بالقصة وباقي الحديث. وقد روى أبو داود وغيره هذا الحديث، وقال: "فجعل يصرفها يمينا وشمالا" يعني الراحلة، وهو بمعنى يضرب: أي يسير بها سيرا، قال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 195. (¬2) شعب الإيمان: الثامن والستون من شعب الإيمان وهو باب في اكرام الضيف، الحديث رقم 9586، 7/ 90. (¬3) فضل الماء هكذا وجدته في مشارق الأنوار (النسخة الحجرية)، والصواب "فضل المال"؛ لان ترجمته عند مسلم هو: باب استحباب المؤاساة بفضول المال، أي الزائد منه، والله اعلم.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [النساء: 101] .. (¬1). وذكر الإمام النووي الخلاف - في هذا الموضع - دون نسبته لأحد (¬2). فرواية ابن ماهان: "يضرب بصره"، فالضرب على عدة معانٍ اختار القاضي - رحمه الله - منها الضرب في الأرض: أي يطلب الرزق، ويظهر ان قول الراوي: "يضرب بصره يميناً وشمالاًَ"، أراد به الإسراع في تحريك عينيه يميناً وشمالاً. يقال: جاءنا راكب يضرب، ويُذبّب: أي يسرع (¬3). وهذا المعنى ينطبق مع حال الرجل في الرواية الأخرى: "يصرف بصره"، وهو ما رواه مسلم عند ابن سفيان، وهو مأخوذ من الصرف بمعنى التقلب. جاء في تهذيب اللغة: والصرف: التقلب والحيلة (¬4). أي يقلب بصره يميناً وشمالاً، وهما بالمعنى نفسه والله اعلم. وأما ما ذكره القاضي عياض عن رواية أبي داود، ومن وافقها (¬5) فلا يتعارض، فلو جمعنا هذه الروايات لرأينا أن حال الراكب يقلب بصره يميناً وشمالاً؛ ليجد ما يطلبه من الرزق له ولناقته، ثم إذا وجد شيئاً يسيّر ناقته تجاه ما وجد يميناً وشمالاً. وانفرد الإمام مسلم بهذا الحديث باللفظين في الروايتين. والله اعلم. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 43. (¬2) ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 166. (¬3) تهذيب التهذيب 4/ 153، مادة ضرب. (¬4) 4/ 197 مادة صرف. (¬5) سنن أبي داود: كتاب الزكاة، باب في حقوق المال، الحديث رقم 1663، 1/ 522، وسنن البيهقي الكبرى: كتاب الضحايا، باب صاحب المال لا يمنع المضطر فضلاً ان كان عنده، الحديث رقم 19450، 10/ 3، وشعب الإيمان: باب الثاني والعشرون من شعب الإيمان - وهو باب في الزكاة التي جعلها الله تعالى جَدّه قرينة للصلاة ... ، الحديث رقم 3387، 3/ 224.

باب استحقاق القاتل سلب القتيل

31 - كتاب الجهاد والسير باب استحقاق القاتل سلب القتيل حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، أخبرنا يوسف بن الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: بينا أنا واقف في الصف يوم بدر نظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت لو كنت بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال يا عم: هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت: نعم، وما حاجتك إليه؟ يا ابن أخي أخبرت أنه يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، قال: فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال مثلها قال: فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس، فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، قال: فابتدراه، فضرباه بسيفهما حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخبراه فقال: {أيكما قتله}؟ فقال كل واحد منهما: أنا قتلت. فقال: {هل مسحتما سيفيكما}؟ قالا: لا. فنظر في السيفين فقال: {كلاكما قتله}، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح (والرجلان معاذ بن عمر بن الجموح، ومعاذ بن عفراء) 3/ 1373. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: قوله: "وإذا أبو جهل يرفل في الناس" كذا لابن ماهان أي يتبختر، ولابن سفيان "يزول" أي يكثر الحركة ولا يستقر على حال والزويل، وهو هنا أشبه (¬1). وقال أيضاً: وقَوْله: "فَلَمْ أَنْشَب أَنْ نَظَرْت إِلَى أَبِي جَهْل يَزُول فِي النَّاس" كذا روايتنا عن كافة شيوخنا في الكتاب، وعند بعضهم عن ابن ماهان: "يرفل"، والرواية الأولى اظهر وأوجه (¬2). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 296. (¬2) إكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 65.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ومعنى يزول: أي يتحرك، ويترجح ولا يستقر على حال، ولا في مكان، والزوال: الزمام والقلق، ويصححه رواية من رواه: "يرفل" ان صحت: أي بسبل ثيابه أو درعه ويجرها. وقال الإمام النووي: "قوله: فَلَمْ أَنْشَب أَنْ نَظَرْت إِلَى أَبِي جَهْل يَزُول فِي النَّاس، معناه: لم البث، وقوله: "يزول" هو بِالزَّايِ وَالْوَاو، هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع نُسَخ بِلَادنَا، وَكَذَا رَوَاهُ الْقَاضِي عَنْ جَمَاهِير شُيُوخهمْ، قَالَ: وَوَقَعَ عِنْد بَعْضهمْ عَنْ اِبْن مَاهَانَ: "يَرْفُل"، ونقل قول القاضي عن معنى اللفظين" (¬1). وذكر الإمام السيوطي معنى يزول، ويرفل دون تحديد الخلاف في الروايات، وهو مطابق لما قاله القاضي (¬2). فقول القاضي عياض في مشارق الأنوار: كذا لابن ماهان، وفي إكمال المعلم بفوائد مسلم عند بعضهم عن ابن ماهان، وهو ما ذكره الإمام النووي أيضاً، فالذي يظهر ان رواية ابن ماهان في هذا الموضع قد أثرت في الراويات بعده. فمعنى يزول يتحرك بسرعة في مسافة صغيرة، قال الجوهري: "الزوّال: الذي يتحرك في مشيته كثيراً، وما يقطعه من المسافة قليل" (¬3). ويقال أخذه العويل والزويل لأمرٍ ما: أي أخذه البكاء والقلق والحركة (¬4). وقال ابن منظور: "زوال الشيء عن مكانه يزول زولاً، وأزاله غيره، وزوّله فانزال. يقال: استحل هذا الشخص واستزله أي نظر هل يحول أو يزول؟ أي يفارق موضعه، والزوّال الذي يتحرك في مشيه كثيراً، وما يقطعه من المسافة قليل" (¬5). وقال ابن الأثير: "وفي حديث قتادة [أخذه العويل والزوال] أي القلق والانزعاج بحيث لا يستقر على المكان، وهو الزوال بمعنى، وفي حديث أبي جهل [يزول في ¬

_ (¬1) شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 201. (¬2) ينظر الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 4/ 356. (¬3) الصحاح في اللغة 1/ 296. (¬4) تهذيب اللغة 4/ 3377. (¬5) لسان العرب 11/ 313.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الناسٍ] أي يكثر الحركة ولا يستقر، ويروى يرفل" (¬1). ويرفل: بمعنى أسبل أزاره وتبختر في مشيه، يقال: "يرفل في مشيه، عن السيرافي، وارفل ثوبه أرسله، .. ورفَّّل أزاره إذا أسبله وتبختر فيه، ومنه حديث أبي جهل "يرفل في الناس" [وهي رواية ابن ماهان]، ويروى يزول بالزاي ... والواو، أي يكثر الحركة ولا يستقر" (¬2). وتَرْفَلَ تَرْفَلَةً: تبختر كبراً (¬3). ورواية ابن ماهان هنا على المعنى، وإلا فلم يرو احد حديثاً كروايته، لكن هذا اللفظ مستعملاً في الحديث، ومنه ما رواه أبو نعيم الاصبهاني: عن طاوس "انه رأى فتية من قريش، وهم يرفلون في مشيتهم ... " (¬4). وأحاديث أخرى لم نذكرها تحاشياً للإطالة. وممن رواه كما رواه مسلم - وهو عند المشارقة - أبو يعلى (¬5)، والبزار (¬6). ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 603. (¬2) لسان العرب 11/ 291، وينظر تاج العروس من جواهر القاموس 1/ 7116. (¬3) القاموس المحيط 1/ 1302. (¬4) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: طاوس بن كيسان، الحديث غير مرقم 4/ 3. (¬5) مسند أبي يعلى: مسند عبد الرحمن بن عوف، الحديث رقم 866، 2/ 170. (¬6) مسند البزار: مسند عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -: باب ما روى سعد بن إبراهيم عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن عوف، الحديث رقم 1013، 3/ 223.

باب قول النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ لا نورث ما تركنا فهو صدقة

32 - كتاب الجهاد والسير باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: {لا نورث ما تركنا فهو صدقة} حدثنا إسحاق بن إبراهيم، ومحمد بن رافع، وعبد بن حميد (قال ابن رافع حدثنا، وقال الآخران أخبرنا عبد الرزاق)، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك، وسهمه من خيبر فقال لهما أبو بكر: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وساق الحديث، بمعنى حديث عقيل، عن الزهري، غير أنه قال: ثم قام علي، فعظم من حق أبي بكر، وذكر فضيلته وسابقته، ثم مضى إلى أبي بكر، فبايعه فأقبل الناس إلى علي فقالوا: أصبت وأحسنت، فكان الناس قريبا إلى علي حين قارب الأمر المعروف 3/ 1380. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وفي خبر أبي بكر وعلي، "فكان الناس لعلي قريبا حتى راجع الأمر بالمعروف"، كذا في رواية ابن ماهان، في حديث إسحاق، والباء هنا زائدة، وبإسقاطها قيده شيخنا التميمي عن الحافظ أبي علي، وكذا جاء في غير هذه الرواية الأمر المعروف" (¬1). فرواية ابن ماهان بزيادة الباء، وفي رواية ابن سفيان بحذفها، وقبلها عند ابن ماهان "حتى"، وعند ابن سفيان "حين". وهذه الحروف لها معانٍ متقاربة. فحتى تأتي: "نيابة عن إلى، قال الفراء: تخفض لنيابتها عن إلى، وربما اظهروا إلى بعدها، قالوا: جاء الخبر حتى إلينا. وجمعوا بينهما على تقدير إلغاء احدهما، ومجرورها إما اسم صريح نحو "حتى حين"، أو مصدر مؤول من أن والفعل المضارع، نحو "حتى يقول الرسول"؛ لان التقدير: حتى أن يقول، هذا مذهب البصريين، وزاد ابن مالك، في أقسام مجرورها، ان يكون مصدراً مؤولاً من ان وفعل ماضٍِ، نحو "حتى عفو وقالوا" (¬2). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 73. (¬2) الجني الداني في حروف المعاني 1/ 92.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اما الباء التي في رواية ابن ماهان فهي للحال، قال ابن أم هانئ المرادي: ... "- من أنواع الباء -: المصاحبة، ولها علامتان: احدهما: ان يحسن في موضعها مع. والأخرى: أن يغني عنها مصحوبها الحال، كقوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ} [النساء: 170]، أي: مع الحق، أو محقاً. و {يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ} [هود: 48] أي: مع سلام، أو مسلماً عليك. ولصلاحية وقوع الحال موقعها، سماها كثير من النحويين باء الحال، ويصح حذفها" (¬1). وروى البخاري (¬2) حديثاً، وهو موافق لرواية مسلم عند ابن سفيان. وقد روى ابن حبان (¬3) في صحيحه القصة، وجمع بين الروايتين. ¬

_ (¬1) المصدر نفسه 1/ 5. (¬2) صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، الحديث رقم 3998، 4/ 1549. (¬3) الإحسان في ترتيب صحيح ابن حبان: كتاب التاريخ، باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم -، الحديث رقم 6607، 14/ 573.

باب جواز قتال من نقض العهد وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل

33 - كتاب الجهاد والسير باب جواز قتال من نقض العهد وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل أهل للحكم وحدثنا علي بن الحسين بن سليمان الكوفي، حدثنا عبدة، عن هشام بهذا الإسناد نحوه، غير أنه قال: فانفجر من ليلته، فما زال يسيل حتى مات، وزاد في الحديث، قال: فذاك حين يقول الشاعر: ألا يا سعدَ سعد بني معاذ ... فما فعلت قريظة والنضير لعمرك إن سعد بني معاذ ... غداة تحملوا لهو الصبور تركتم قدركم لا شيء فيها ... وقدر القوم حامية تفور وقد قال الكريم أبو حباب ... أقيموا قينقاع ولا تسيروا وقد كانوا ببلدتهم ثقالا ... كما ثقلت بميطان الصخور 3/ 1389. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "ميطان المذكور في شعر بني قريظة في مسلم كذا هو بفتح الميم وسكون الياء باثنتين تحتها وطاء مهملة وآخره نون، وكذا ضبطناه عن أكثر الرواة، وكذا صوبه الجياني، وكذا ضبطه أبو عبيد البكري، وقال: هو من بلاد بني مزينة من بلاد الحجاز إلا أنه قيده بكسر الميم، وكذا رواه بعض رواة مسلم، وكان عند العذري منطار بنون أولا بعد الميم وآخره راء كذا قيدته عن بعض أصحابه، وعن غيره عنه ممطار بميمين، وكان عند ابن ماهان محيطان بحاء مهملة وكلاهما خطأ" (¬1). قال الإمام النووي (¬2): "قَوْله: كَمَا ثَقُلَتْ بِمَيْطَانَ الصُّخُور، هُوَ اِسْم جَبَل مِنْ أَرْض أَجَازَ فِي دِيَار بَنِي مُزَيْنَةَ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيم عَلَى الْمَشْهُور، وَقَالَ أَبُو عُبَيْد الْبَكْرِيّ وَجَمَاعَة: هُوَ بِكَسْرِهَا وَبَعْدهَا يَاء مُثَنَّاة مِنْ تَحْت وَآخِره نُون، هَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور، وذكر قول القاضي في اختلاف الرواية". ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 394. (¬2) ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 219.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال السيوطي: "يميطان" بفتح الميم، وقيل بكسرها، ومثانة تحت، ونون آخره: جبل بديار بني مزينة، وروي بميطار بالراء، ولابن ماهان بحيطان ... بالحاء بدل الميم، وذكر التصويب قول القاضي عياض للرواية الأولى - رواية ... المشارقة - (¬1). فرواية ابن ماهان حيطان، ورواية ابن سفيان ميطان. أما الحيطان واحدها حائط، وهو السور جاء في لسان العرب: "والسُّورُ حائط المدينة مُذَكَّرٌ، وقول جرير يهجو ابن جُرْمُوز لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ سُورُ المَدِينَةِ، والجِبالُ الخُشَّعُ ... ، والجمع أَسْوارٌ وسِيرَانٌ وسُرْتُ الحائطَ سَوْراً، وتَسَوَّرْتُه إِذا عَلَوْتَهُ، وتَسَوَّرَ الحائطَ تَسَلَّقَه، وتَسَوَّرَ الحائط هجم مثل اللص ... قال الله - عز وجل -: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ} [الحديد: 13] والسُّور عند العرب حائط المدينة، وهو أَشرف الحيطان، وشبه الله تعالى الحائط الذي حجز بين أَهل النار وأَهل الجنة بأَشرف حائط عرفناه في الدنيا، وهو اسم واحد لشيء واحد" (¬2). وميطان اسم جبل وهو احد جبال المدينة، قال ياقوت الحموي: "ميطان بفتح أوله وطاء مهملة وآخره نون من جبال المدينة مقابل الشوران به بئر ماء يقال له ضفة، وليس به شيء من النبات وهو لمزينة وسليم، وقد روى أهل المغرب غير ذلك وهو خطأ. له ذكر في صحيح مسلم، وقال معن بن أوس المزني وكان قد طلق امرأته ثم ندم: كأن لم يكن يا أم حقة قبل ذا بميطان مصطاف لنا ومرابع وإذ نحن في عصر الشباب وقد عسا بنا الآن إلا أن يعوض جازع" (¬3). والخلاصة: وهذا الذي يذكره ياقوت هو الفصل في بيان الرواية الأصوب، لأنه لا تناسب بين معنى حيطان وميطان. ولم أجد من شارك الإمام مسلم في رواية هذا الحديث. ¬

_ (¬1) ينظر الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 4/ 375. (¬2) بتصرف 4/ 384. (¬3) معجم البلدان: 5/ 243.

باب فتح مكة

34 - كتاب الجهاد والسير باب فتح مكة حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا سليمان بن المغيرة، حدثنا ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح، عن أبي هريرة قال: وفدت وفود إلى معاوية وذلك في رمضان فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام فكان أبو هريرة مما يكثر أن يدعونا إلى رحله فقلت ألا أصنع طعاما فأدعوهم إلى رحلي؟ فأمرت بطعام يصنع ثم لقيت أبا هريرة من العشي فقلت الدعوة عندي الليلة فقال سبقتني قلت نعم فدعوتهم فقال أبو هريرة ألا أعلمكم بحديث من حديثكم؟ يا معشر الأنصار ثم ذكر فتح مكة فقال أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قدم مكة فبعث الزبير على إحدى المجنبتين وبعث خالدا على المجنبة الأخرى وبعث أبا عبيدة على الحسر فأخذوا بطن الوادي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتيبة قال فنظر فرآني فقال (أبو هريرة) قلت لبيك يا رسول الله فقال: {لا يأتيني إلا أنصاري}. زاد غير شيبان فقال: (اهتف لي بالأنصار) قال: فأطافوا به ووبشت قريش أوباشا لها وأتباعا فقالوا نقدم هؤلاء فإن كان لهم شيء كنا معهم وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - {ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم}، ثم قال: بيديه إحداهما على الأخرى، ثم قال: {حتى توافوني بالصفا} قال: فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل أحدا إلا قتله، وما أحد منهم يوجه إلينا شيئا قال: فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله أبيحت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم، ثم قال: {من دخل دار أبي سفيان فهو آمن} فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته، قال أبو هريرة: وجاء الوحي، وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا، فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ينقضي الوحي، فلما انقضى الوحي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {يا معشر الأنصار} قالوا: لبيك يا رسول الله قال: {قلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته} قالوا: قد كان ذاك. قال: {كلا، إني عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم، والمحيا محياكم، والممات مماتكم}، فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله

وبرسوله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم} قال: فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان وأغلق الناس أبوابهم قال: وأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أقبل الحجر فاستلمه، ثم طاف بالبيت، قال: فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه قال: وفي يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوس وهو آخذ بسية القوس، فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه ويقول: {جاء الحق وزهق الباطل}، فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت، ورفع يديه، فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو 3/ 1405. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الحديث فيه خلافان: الأول: قال القاضي عياض: "وفي مسلم: وبعث أبا عبيدة على الحُسَّر، ووقع عند بعض رواة ابن ماهان على الجيش، والصواب الحسر أي الذين لا دروع معهم، والمراد هنا الرجالة، كما جاء في غير هذا الحديث، وقد رواه ابن قتيبة على الحبَّس بواحدة مشددة وفسره بالرجالة لتحبسهم عن الركبان" (¬1). فالرواية من طريق ابن ماهان "على الجيش" جاءت عامة، ومن طريق المشارقة على الحُسَّر فخص بها بعضهم، وهم من لا دروع لهم، وهم الرجالة. قال ابن منظور: "الحاسر خلاف الدّراع والحاسر الذي لا بيضة على رأسه، قال الأعشى: وفَيْلَقٍ شهباءَ مَلمومةٍ ... تقذِف بالدارع والحاسر (¬2) ويروى تَعْصِفُ والجمع حُسَّرٌ ... ويقال للرَّجَّالَةِ في الحرب الحُسَّرُ وذلك أَنهم يَحْسُِرُون عن أَيديهم وأَرجلهم وقيل سُمُّوا حُسَّراً؛ لأَنه لا دُرُوعَ عليهم ولا بَيْضَ، وفي حديث فتح مكة أَن أَبا عبيدة كان يوم الفتح على الحُسَّرِ هم الرَّجَّالَةُ، وقيل هم الذين لا دروع لهم ورجل حاسِرٌ لا عمامة على راسه، وامرأَة حاسِرٌ بغير هاء إِذا ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 167. (¬2) المعاني الكبير ص222، محاضرات الأدباء للراغب الأصفهاني ص 155.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حَسَرَتْ عنها ثيابها، ورجل حاسر لا درع عليه، ولا بيضة على راسه" (¬1). وقال الفيروز آبادي: "الحاسر: خلاف الدارع، وخلاف المقنع أيضاً" (¬2). وقال ابن المطرز: "الحاسر: خلاف الدارع، وخلاف المقنع أيضاً" (¬3). ولم يرد احد كما جاء اللفظ من طريق المغاربة، وممن رواه كرواية مسلم عند المشارقة: الطيالسي (¬4)، وابن أبي شيبة (¬5)، وابن حبان (¬6)، والبيهقي (¬7). والثاني: قال القاضي عياض: "قوله: حتى توافوني بالصفا، كذا لكافة الرواة يخاطب الأنصار، وعند ابن ماهان: حتى يوافوني بالصغار، بياء الغائب يريد أهل مكة، والصواب الأول بدليل الحديث الآخر موعدكم الصفا" (¬8). فالصفا موضع معروف وهو الذي أمرهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالموافاة عنده، أما الصغار فهو بعيد؛ لان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: {من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن}. الخلاصة: وبالتالي يظهر خطأ رواية ابن ماهان. ¬

_ (¬1) لسان العرب 4/ 187، وينظر تاج العروس من جواهر القاموس 1/ 2688. (¬2) القاموس المحيط 1/ 480. (¬3) المغرب بترتيب المعرب 1/ 202. (¬4) مسند الطيالسي: ما اسند أبو هريرة من رواية سعيد بن المسيب - رضي الله عنهما -، ... وعبد الله بن رباح - رضي الله عنه -، الحديث رقم 2442، 1/ 320. (¬5) مصنف ابن أبي شيبة: كتاب المغازي، حديث فتح مكة، الحديث رقم 36899، 7/ 397. (¬6) صحيح ابن حبان: كتاب السير، باب الخروج وكيفية الجهاد، الحديث رقم 4760، 11/ 73. (¬7) سنن البيهقي الكبرى: كتاب السير، باب فتح مكة - حرسها الله تعالى -، الحديث رقم 18052، 9/ 117. (¬8) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 51.

باب غزو ذي قرد وغيرها

35 - كتاب الجهاد والسير باب غزوة ذي قرد وغيرها حدثنا أبو بَكْرِ بن أبي شَيْبَةَ، حدثنا هَاشِمُ بن الْقَاسِمِ ح، وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا أبو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ كلاهما، عن عِكْرِمَةَ بن عَمَّارٍ ح، وحدثنا ... عبد اللَّهِ بن عبد الرحمن الدَّارِمِيُّ، وَهَذَا حَدِيثُهُ، أخبرنا أبو عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ عُبَيْدُ اللَّهِ بن عبد الْمَجِيدِ، حدثنا عِكْرِمَةُ وهو بن عَمَّارٍ، حدثني إِيَاسُ بن سَلَمَةَ، حدثني أبي، قال: قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مع رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً لَا تُرْوِيهَا قال: فَقَعَدَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - على جَبَا الرَّكِيَّةِ، فَإِمَّا دَعَا، وَإِمَّا بسق فيها قال: فَجَاشَتْ فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا، قال: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ في أَصْلِ الشَّجَرَةِ. قال: فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ الناس، ثُمَّ بَايَعَ وَبَايَعَ حتى إذا كان في وَسَطٍ من الناس قال: {بَايِعْ يا سَلَمَةُ}. قال: قلت: قد بَايَعْتُكَ يا رَسُولَ اللَّهِ في أَوَّلِ الناس قال: وَأَيْضًا. قال: وَرَآنِي رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَزِلًا، يَعْنِي ليس معه سِلَاحٌ، قال: فَأَعْطَانِي رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَجَفَةً أو دَرَقَةً، ثُمَّ بَايَعَ حتى إذا كان في آخِرِ الناس قال: {ألا تُبَايِعُنِي يا سَلَمَةُ} قال: قلت: قد بَايَعْتُكَ يا رَسُولَ اللَّهِ في أَوَّلِ الناس، وفي أَوْسَطِ الناس، قال: وَأَيْضًا. قال: فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ قال لي: {يا سَلَمَةُ أَيْنَ حَجَفَتُكَ أو دَرَقَتُكَ التي أَعْطَيْتُكَ}، قال: قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ لَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ عَزِلًا، فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا، قال: فَضَحِكَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وقال: {إِنَّكَ كَالَّذِي قال الْأَوَّلُ: اللهم أَبْغِنِي حَبِيبًا هو أَحَبُّ إلي من نَفْسِي}، ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ حتى مَشَى بَعْضُنَا في بَعْضٍ وَاصْطَلَحْنَا قال: وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بن عُبَيْدِ اللَّهِ أَسْقِي فَرَسَهُ وَأَحُسُّهُ وَأَخْدِمُهُ وَآكُلُ من طَعَامِهِ، وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إلى اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: فلما اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا فَاضْطَجَعْتُ في أَصْلِهَا، قال: فَأَتَانِي أَرْبَعَةٌ من الْمُشْرِكِينَ من أَهْلِ مَكَّةَ، فَجَعَلُوا يَقَعُونَ في رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَبْغَضْتُهُمْ فَتَحَوَّلْتُ إلى شَجَرَةٍ أُخْرَى، وَعَلَّقُوا سِلَاحَهُمْ وَاضْطَجَعُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ من أَسْفَلِ الْوَادِي يا لِلْمُهَاجِرِينَ قُتِلَ بن زُنَيْمٍ. قال:

فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي ثُمَّ شَدَدْتُ على أُولَئِكَ الْأَرْبَعَةِ، وَهُمْ رُقُودٌ، فَأَخَذْتُ سِلَاحَهُمْ فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا في يَدِي، قال: ثُمَّ قلت: وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لَا يَرْفَعُ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَاسَهُ إلا ضَرَبْتُ الذي فيه عَيْنَاهُ قال: ثُمَّ جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إلى رسول اللَّهِ ... - صلى الله عليه وسلم - قال: وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ بِرَجُلٍ من الْعَبَلَاتِ يُقَالُ له مِكْرَزٌ يَقُودُهُ إلى رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - على فَرَسٍ مُجَفَّفٍ في سَبْعِينَ من الْمُشْرِكِينَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فقال: {دَعُوهُمْ يَكُنْ لهم بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ}، فَعَفَا عَنْهُمْ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَنْزَلَ الله: {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ (24)} [الفتح: 24]، قال: ثُمَّ خَرَجْنَا رَاجِعِينَ إلى الْمَدِينَةِ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا بَيْنَنَا وَبَيْنَ بنى لَحْيَانَ جَبَلٌ، وَهُمْ الْمُشْرِكُونَ فَاسْتَغْفَرَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمَنْ رقى هذا الْجَبَلَ اللَّيْلَةَ كَأَنَّهُ طَلِيعَةٌ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ قال سَلَمَةُ: فَرَقِيتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مَرَّتَيْنِ أو ثَلَاثًا، ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَبَعَثَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِظَهْرِهِ مع رَبَاحٍ غُلَامِ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وأنا معه، وَخَرَجْتُ معه بِفَرَسِ طَلْحَةَ أُنَدِّيهِ مع الظَّهْرِ، فلما أَصْبَحْنَا إذا عبد الرحمن الْفَزَارِيُّ قد أَغَارَ على ظَهْرِ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتاَقَهُ أَجْمَعَ، وَقَتَلَ رَاعِيَهُ، قال: فقلت: يا رَبَاحُ خُذْ هذا الْفَرَسَ، فَأَبْلِغْهُ طَلْحَةَ بن عُبَيْدِ اللَّهِ، وَأَخْبِرْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قد أَغَارُوا على سَرْحِهِ، قال: ثُمَّ قُمْتُ على أَكَمَةٍ فَاسْتَقْبَلْتُ الْمَدِينَةَ، فَنَادَيْتُ ثَلَاثًا يا صَبَاحَاهْ، ثُمَّ خَرَجْتُ في آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ أَقُولُ: أنا بن الْأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ فَأَلْحَقُ رَجُلًا منهم، فَأَصُكُّ سَهْمًا في رَحْلِهِ حتى خَلَصَ نَصْلُ السَّهْمِ إلى كَتِفِهِ، قال: قلت: خُذْهَا. وأنا بن الْأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قال: فَوَاللَّهِ ما زِلْتُ أَرْمِيهِمْ وَأَعْقِرُ بِهِمْ، فإذا رَجَعَ إلي فَارِسٌ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَجَلَسْتُ في أَصْلِهَا، ثُمَّ رَمَيْتُهُ فَعَقَرْتُ بِهِ حتى إذا تَضَايَقَ الْجَبَلُ، فَدَخَلُوا في تَضَايُقِهِ عَلَوْتُ الْجَبَلَ، فَجَعَلْتُ أُرَدِّيهِمْ بِالْحِجَارَةِ قال: فما زِلْتُ كَذَلِكَ أَتْبَعُهُمْ حتى ما خَلَقَ الله من بَعِيرٍ من ظَهْرِ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إلا خَلَّفْتُهُ وَرَاءَ ظَهْرِي، وَخَلَّوْا بَيْنِي وَبَيْنَهُ ثُمَّ

اتَّبَعْتُهُمْ أَرْمِيهِمْ حتى أَلْقَوْا أَكْثَرَ من ثَلَاثِينَ بُرْدَةً وَثَلَاثِينَ رُمْحًا يَسْتَخِفُّونَ ولا يَطْرَحُونَ شيئا إلا جَعَلْتُ عليه آرَامًا من الْحِجَارَةِ يَعْرِفُهَا رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ حتى أَتَوْا مُتَضَايِقًا من ثَنِيَّةٍ، فإذا هُمْ قد أَتَاهُمْ فُلَانُ بن بَدْرٍ الْفَزَارِيُّ، فَجَلَسُوا يَتَضَحَّوْنَ،"يَعْنِي يَتَغَدَّوْنَ"، وَجَلَسْتُ على رَاسِ قَرْنٍ قال الْفَزَارِيُّ: ما هذا الذي أَرَى؟ قالوا: لَقِينَا من هذا الْبَرْحَ، والله ما فَارَقَنَا مُنْذُ غَلَسٍ يَرْمِينَا حتى انْتَزَعَ كُلَّ شَيْءٍ في أَيْدِينَا. قال: فَلْيَقُمْ إليه نَفَرٌ مِنْكُمْ أَرْبَعَةٌ. قال: فَصَعِدَ إلي منهم أَرْبَعَةٌ في الْجَبَلِ قال: فلما أَمْكَنُونِي من الْكَلَامِ قال: قلت: هل تَعْرِفُونِي؟ قالوا: لَا، وَمَنْ أنت؟ قال: قلت: أنا سَلَمَةُ بن الْأَكْوَعِ، وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَا أَطْلُبُ رَجُلًا مِنْكُمْ إلا أَدْرَكْتُهُ ولا يَطْلُبُنِي رَجُلٌ مِنْكُمْ فَيُدْرِكَنِي قال أَحَدُهُمْ: أنا أَظُنُّ. قال: فَرَجَعُوا فما بَرِحْتُ مَكَانِي حتى رأيت فَوَارِسَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَخَلَّلُونَ الشَّجَرَ، قال: فإذا أَوَّلُهُمْ الْأَخْرَمُ الْأَسَدِيُّ على إِثْرِهِ أبو قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ، وَعَلَى إِثْرِهِ الْمِقْدَادُ بن الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيُّ قال: فَأَخَذْتُ بِعِنَانِ الْأَخْرَمِ قال: فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، قلت: يا أَخْرَمُ أحذرهم لَا يَقْتَطِعُوكَ حتى يَلْحَقَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُهُ قال يا سَلَمَةُ إن كُنْتَ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَالنَّارَ حَقٌّ فلا تَحُلْ بَيْنِي وَبَيْنَ الشَّهَادَةِ قال فَخَلَّيْتُهُ فَالْتَقَى هو وَعَبْدُ الرحمن قال: فَعَقَرَ بِعَبْدِ الرحمن فَرَسَهُ وَطَعَنَهُ عبد الرحمن فَقَتَلَهُ وَتَحَوَّلَ على فَرَسِهِ وَلَحِقَ أبو قَتَادَةَ فَارِسُ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِعَبْدِ الرحمن فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ فَوَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - لَتَبِعْتُهُمْ أَعْدُو على رِجْلَيَّ حتى ما أَرَى وَرَائِي من أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ولا غُبَارِهِمْ شيئا حتى يَعْدِلُوا قبل غُرُوبِ الشَّمْسِ إلى شِعْبٍ فيه مَاءٌ يُقَالُ له ذا قَرَدٍ لِيَشْرَبُوا منه وَهُمْ عِطَاشٌ قال: فَنَظَرُوا إلى أَعْدُو وَرَاءَهُمْ، فحليتهم عنه يَعْنِي أَجْلَيْتُهُمْ عنه فما ذَاقُوا منه قَطْرَةً قال: وَيَخْرُجُونَ فَيَشْتَدُّونَ في ثَنِيَّةٍ قال: فَأَعْدُو فَأَلْحَقُ رَجُلًا منهم فَأَصُكُّهُ بِسَهْمٍ في نُغْضِ كَتِفِهِ قال: قلت: خُذْهَا. وأنا بن الْأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ قال: يا ثَكِلَتْهُ أُمُّهُ أَكْوَعُهُ بُكْرَةَ قال: قلت: نعم، يا عَدُوَّ نَفْسِهِ أَكْوَعُكَ بُكْرَةَ قال: وَأَرْدَوْا فَرَسَيْنِ على ثَنِيَّةٍ قال: فَجِئْتُ بِهِمَا أَسُوقُهُمَا إلى رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: وَلَحِقَنِي عَامِرٌ بِسَطِيحَةٍ فيها مَذْقَةٌ من لَبَنٍ وَسَطِيحَةٍ فيها مَاءٌ فَتَوَضَّاتُ وَشَرِبْتُ، ثُمَّ

أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو على الْمَاءِ الذي حَلَّاتُهُمْ عنه فإذا رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قد أَخَذَ تِلْكَ الْإِبِلَ وَكُلَّ شَيْءٍ اسْتَنْقَذْتُهُ من الْمُشْرِكِينَ وَكُلَّ رُمْحٍ وَبُرْدَةٍ وإذا بِلَالٌ نَحَرَ نَاقَةً من الْإِبِلِ الذي اسْتَنْقَذْتُ من الْقَوْمِ وإذا هو يَشْوِي لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - من كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا قال: قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ خَلِّنِي فَأَنْتَخِبُ من الْقَوْمِ مِائَةَ رَجُلٍ فَأَتَّبِعُ الْقَوْمَ فلا يَبْقَى منهم مُخْبِرٌ إلا قَتَلْتُهُ قال: فَضَحِكَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حتى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ في ضَوْءِ النَّارِ فقال: {يا سَلَمَةُ أَتُرَاكَ كُنْتَ فَاعِلًا}؟، قلت: نعم، وَالَّذِي أَكْرَمَكَ. فقال: إِنَّهُمْ الْآنَ لَيُقْرَوْنَ في أَرْضِ غَطَفَانَ قال: فَجَاءَ رَجُلٌ من غَطَفَانَ فقال: نَحَرَ لهم فُلَانٌ جَزُورًا، فلما كَشَفُوا جِلْدَهَا رَأَوْا غُبَارًا فَقَالُوا: أَتَاكُمْ الْقَوْمُ، فَخَرَجُوا هَارِبِينَ، فلما أَصْبَحْنَا قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {كان خَيْرَ فُرْسَانِنَا الْيَوْمَ أبو قَتَادَةَ وَخَيْرَ رَجَّالَتِنَا سَلَمَةُ} قال: ثُمَّ أَعْطَانِي رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سَهْمَيْنِ سَهْمَ الْفَارِسِ وَسَهْمَ الرَّاجِلِ، فَجَمَعَهُمَا لي جميعا، ثُمَّ أَرْدَفَنِي رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَاءَهُ على الْعَضْبَاءِ رَاجِعِينَ إلى الْمَدِينَةِ قال: فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ قال: وكان رَجُلٌ من الْأَنْصَارِ لَا يُسْبَقُ شَدًّا قال: فَجَعَلَ يقول: ألا مُسَابِقٌ إلى الْمَدِينَةِ، هل من مُسَابِقٍ؟ فَجَعَلَ يُعِيدُ ذلك قال: فلما سمعت كَلَامَهُ قلت: أَمَا تُكْرِمُ كَرِيمًا ولا تَهَابُ شَرِيفًا قال: لَا إلا أَنْ يَكُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي وَأُمِّي ذَرْنِي فَلِأُسَابِقَ الرَّجُلَ قال: إن شِئْتَ قال: ... قلت: اذْهَبْ إِلَيْكَ وَثَنَيْتُ رِجْلَيَّ فَطَفَرْتُ فَعَدَوْتُ قال: فَرَبَطْتُ عليه شَرَفًا أو شَرَفَيْنِ أَسْتَبْقِي نَفَسِي، ثُمَّ عَدَوْتُ في إِثْرِهِ، فَرَبَطْتُ عليه شَرَفًا أو شَرَفَيْنِ، ثُمَّ إني رَفَعْتُ حتى أَلْحَقَهُ، قال: فَأَصُكُّهُ بين كَتِفَيْهِ قال: قلت: قد سُبِقْتَ والله قال: أنا أَظُنُّ، قال: فَسَبَقْتُهُ إلى الْمَدِينَةِ قال: فَوَاللَّهِ ما لَبِثْنَا إلا ثَلَاثَ لَيَالٍ حتى خَرَجْنَا إلى خَيْبَرَ مع رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: فَجَعَلَ عَمِّي عَامِرٌ يَرْتَجِزُ بِالْقَوْمِ: تَاللَّهِ لَوْلَا الله ما اهْتَدَيْنَا ... ولا تَصَدَّقْنَا ولا صَلَّيْنا وَنَحْنُ عن فَضْلِكَ ما اسْتَغْنَيْنَا ... فَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ إن لَاقَيْنَا وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا فقال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {من هذا} قال: أنا عَامِرٌ. قال: {غَفَرَ لك رَبُّكَ} قال: وما اسْتَغْفَرَ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِإِنْسَانٍ يَخُصُّهُ إلا اسْتُشْهِدَ، قال: فَنَادَى عُمَرُ بن

الْخَطَّابِ، وهو على جَمَلٍ له: يا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلَا ما مَتَّعْتَنَا بِعَامِرٍ قال: فلما قَدِمْنَا خَيْبَرَ قال: خَرَجَ مَلِكُهُمْ مَرْحَبٌ يَخْطِرُ بِسَيْفِهِ وَيَقُولُ: قد عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إذا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ قال: وَبَرَزَ له عَمِّي عَامِرٌ فقال: قد عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي عَامِرٌ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُغَامِرٌ قال: فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ، فَوَقَعَ سَيْفُ مَرْحَبٍ في تُرْسِ عَامِرٍ، وَذَهَبَ عَامِرٌ يَسْفُلُ له، فَرَجَعَ سَيْفُهُ على نَفْسِهِ فَقَطَعَ أَكْحَلَهُ فَكَانَتْ فيها نَفْسُهُ قال سَلَمَةُ: فَخَرَجْتُ فإذا نَفَرٌ من أَصْحَابِ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُونَ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قَتَلَ نَفْسَهُ قال: فَأَتَيْتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا أَبْكِي فقلت: يا رَسُولَ اللَّهِ بَطَلَ عَمَلُ عَامِرٍ قال رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {من قال ذلك}؟ قال: قلت: نَاسٌ من أَصْحَابِكَ قال: {كَذَبَ من قال ذلك، بَلْ له أَجْرُهُ مَرَّتَيْنِ}، ثُمَّ أَرْسَلَنِي إلى عَلِيٍّ وهو أَرْمَدُ فقال: لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، أو يُحِبُّهُ الله وَرَسُولُهُ قال: فَأَتَيْتُ عَلِيًّا، فَجِئْتُ بِهِ أَقُودُهُ، وهو أَرْمَدُ حتى أَتَيْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَسَقَ في عَيْنَيْهِ فَبَرَأَ وَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، وَخَرَجَ مَرْحَبٌ فقال: قد عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ ... شَاكِي السِّلَاحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ إذا الْحُرُوبُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ فقال عَلِيٌّ: أنا الذي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ ... كَلَيْثِ غَابَاتٍ كَرِيهِ المنظرة أُوفِيهِمُ بِالصَّاعِ كَيْلَ السندرة قال: فَضَرَبَ رَاسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ كان الْفَتْحُ على يَدَيْهِ، قال إِبْرَاهِيمُ: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا عبد الصَّمَدِ بن عبد الْوَارِثِ، عن عِكْرِمَةَ بن عَمَّارٍ بهذا الحديث بِطُولِهِ 3/ 1433. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "قوله في حديث ابن الأكوع "رأسونا بالصلح" كذا عند

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الطبري بسين مضمومة مشددة، ولغيره بفتح السين مخففة، وعند العذري "راسلونا" بلام زائدة من المراسلة، ولبعضهم عن ابن ماهان "وسونا" بالواو، وهذه الوجوه الأول كلها صحيحة. يقال: رس الحديث يرسه إذا ابتدأه، ورسست بين القوم أصلحت بينهم، ورساً الحديث لك رسوا ذكر لك منه طرفاً، وأما "وأسونا" فلا وجه له ها هنا" (¬1). فرواية ابن ماهان "واسونا" وجعلها القاضي لا وجه له ها هنا، وروايتي ابن سفيان "راسلونا الصلح"، وهو وجه من إحدى الوجوه الصحيحة، لكن لم تكن رواية ابن ماهان لا وجه لها حقيقية. قال ابن منظور: "يروى "واسونا" بالواو أي: اتفقوا معنا عليه، والواو منه بدل من همزة الأسوة. الصحاح: الرَّس: الإصلاح بين الناس، والإفساد أيضاً، وقد رسست بينهم وهو من الاضداء" (¬2). وقال في موضع آخر: "والمواساة: المشاركة والمساهمة في المعاش ... والرزق، واصلها الهمزة فقلبت واواً تخفيفاً، وفي حديث الحديبية "ان المشركين واسونا للصلح" جاء على التخفيف" (¬3). وأما رواية ابن سفيان: فذكر القاضي انها من المراسلة. قال ابن سيده: "قال صاحب العين (¬4): الإرسال: التوجيه، وقد أرسلت إليه، وهي الرسالة، والرسَالة، وقد تراسل القوم - أرسل بعضهم إلى بعض -، والرسول: الرسالة والمرسل، والجمع أرسل ورُسُل. قال ابن جني: وقول الهذلي: قد أتتها أرسُلي، أرْسُل: جمع رسول وقياسه رُسل إلا انه لما أراد بالرسل هناء النساء كسًّره تكسير" (¬5). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 300. (¬2) لسان العرب 6/ 97. (¬3) المصدر نفسه 14/ 34 مادة أسا. (¬4) لم أجد هذا القول في كتاب العين. (¬5) المخصص 3/ 63.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وممن رواه كما رواه مسلم عند ابن سفيان الإمام احمد (¬1). الثاني: قال القاضي عياض (¬2): "وقوله: يكن لهم بدء العقوق وثنياه، كذا لابن ماهان، ولغيره "وثناه" بكسر الثاء مقصورا. أي: عودته ثانية وهو الصواب". قال الإمام النووي: "قَوْله - صلى الله عليه وسلم -: {دَعُوهُمْ يَكُنْ لَهُمْ بَدْء الْفُجُور وَثِنَاهُ} أَمَّا الْبَدْء: فَبِفَتْحِ الْبَاء وَإِسْكَان الدَّال وَبِالْهَمْزِ، أَيْ اِبْتِدَاؤُهُ، وَأَمَّا "ثِنَاهُ" فَوَقَعَ فِي أَكْثَر النُّسَخ "ثِنَاهُ" مُثَلَّثَة مَكْسُورَة، وَفِي بَعْضهَا: "ثُنْيَاهُ" بِضَمِّ الثَّاء وَبِيَاءٍ مُثَنَّاة تَحْت بَعْد النُّون، وَرَوَاهُمَا جَمِيعًا الْقَاضِي، وَذَكَرَ الثَّانِي عَنْ رِوَايَة اِبْن مَاهَانَ وَالْأَوَّل عَنْ غَيْره. قَالَ: وَهُوَ الصَّوَاب. أَيْ عَوْدَة ثَانِيَة" (¬3). فرواية ابن ماهان: "بدء العقوق وثنياه"، ورواية ابن سفيان "بدء الفجور وثناه" بلا ياء، فالبدء من بدأت جاء في اللغة: "وبدئ من بدأتُ والبدئ الأمر البديع، وابدأ الرجل: إذا جاء به. يقال: أمر بدئ قال عبيد بن الأبرص: فلا بدئ ولا عجيب، والبدء السيد، وقيل: الشاب المستجاد الرأي المستشار، والجمع بدوء، والبدءُ السيد الأول في السيادة، والثنيان الذي يليه في السؤدد. قال أوس بن عفراء السعدي (¬4): ثنياننا ان أتاهم كان بدأهم ... وبدؤهم ان أتانا ثنيانا" ... (¬5). وقال الزبيدي (¬6): "يقال: هذا ثاني هذا، أي: الذي شفعه .. قال الراغب: يقال ثنيت كذا ثنياً: كنت له ثانياً". وقال الخليل: "يقال: ما هذا الأمر منك بكراً ولا ثنياً، ¬

_ (¬1) مسند الإمام أحمد بن حنبل: مسند المدنين، حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -، الحديث رقم 16566، 4/ 48. (¬2) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 132. (¬3) شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 267. (¬4) طبقات فحول الشعراء: (تأليف: الجمحي محمد بن سلام ت231هـ)، تحقيق: محمود محمد شاكر، دار المدني، جدة، 1/ 79. (¬5) لسان العرب 1/ 26، وتاج العروس من جواهر القاموس 1/ 8317. (¬6) المصدر نفسه 1/ 8315.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أي: ما هو بأول، ولا ثانٍ" (¬1). وأما "بدء الفجور وثناه"، فالبدء بان معناه سلفاً، وأما "ثناه" فمعناه: أوله وآخره، قال ذلك القاضي عياض وغيره (¬2). ولم يرو أحدكما روى مسلم عند ابن ماهان ما يدل على انها بالمعنى لاسيما أننا عرفنا معناه الثِنيا، والله اعلم. وممن رواه كما رواه مسلم عند ابن سفيان: أبو عوانه (¬3)، والبيهقي (¬4). الثالث: قال القاضي عياض: "وقوله فما زلت أرديهم واعقر بهم" بفتح الهمزة "وعلوت الجبل فجعلت أرديهم" وفي رواية أخرى فيهما: أرميهم بالميم وهما بمعنى، يقال: رديت الحجر ورميته، والمرداة بكسر الميم الحجارة والأشبه في الأول: أرميهم، وكذا عند شيوخنا فيه؛ لأنه إنما أخبر عن رميه بالقوس، وفي الثاني: أرديهم؛ لأنه خبر عن رميه من أعلى الجبل، وهي أكثر روايات شيوخنا فيه على هذا الترتيب والترجيح، وقوله في هذا الحديث: "فأرادوا فرسين" بفتح الهمزة وسكون الراء ودال مهملة، كذا روايتنا عن شيوخنا وفي بعض الروايات فيه بالذال المعجمة، وكلاهما صحيح متقارب ومعناه بالمعجمة خلفوهما وتركوهما واستضعفوهما. والرذي بالمعجمة المستضعف من كل شيء، وبالمهملة أهلكوهما وأتعبوهما حتى أسقطوهما، وتركوهما، ومنه المتردية. وأرْدَت الخيل الفارس وهو رد، أي: أسقطته وفي بعض الروايات عن ابن ماهان "وإذا فرسان" والصواب = ¬

_ (¬1) كتاب العين 5/ 364. (¬2) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 132، شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 267، النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 262، لسان العرب 1/ 26. (¬3) مستخرج أبي عوانه: مبدأ كتاب الجهاد، باب عدد أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية، الحديث رقم 5468. وبلفظ آخر "دروهم يكن بدء الفجور وثناه"، في الكتاب والباب أنفسهما، الحديث رقم 5467. (¬4) دلائل النبوة: باب إرسال النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، الحديث رقم 1475.

باب إباحة الضب

36 - كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان باب إباحة الضب حدثني محمد بن حاتم، حدثنا بهز، حدثنا أبو عقيل الدورقي، حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد: أن أعرابيا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني في غائط مضبة، وإنه عامة طعام أهلي قال: فلم يجبه. فقلنا: عاوده، فعاوده فلم يجبه ثلاثا، ثم ناداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الثالثة فقال: {يا أعرابي إن الله لعن أو غضب على سبط من بني إسرائيل فمسخهم دواب يدبون في الأرض فلا أدري لعل هذا منها فلست آكلها ولا أنهى عنها} 3/ 1546*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = الأول" (¬1). فقول القاضي: الصواب الأول من حيث وصف سقوط الفارس من فرسه - هما اثنان -، أما الرواية من طريق ابن ماهان، فوصفت حصول سلمة على فرسين، من باب لقاهما فجأة ففرح بهما، ودليل ذلك انه قال: فجئت أسوقهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولم يرو احد الموضع هذا من الحديث كرواية مسلم عند المشارقة والمغاربة بهذين اللفظين. والله اعلم. * قال القاضي عياض: "وقوله في مسخ الضب أي "في حائط مضبة" كذا لابن ماهان، وهو تصحيف، وصوابه ما لغيره "في غائط" أي مطمئن من الأرض أي كثير الضباب، وسيأتي في بابه" (¬2). ثم بين معنى الضب فقال: "وقوله أنا بأرض مضبة بفتح الميم والضاد وتشديد الباء أي: ذات ضباب، والضب بالفتح أيضاً: دوبية معروفة، ويقال: بأرض مضبة أيضاً بضم الميم وكسر الضاد قاله ابن دريد (¬3)، والأول أكثر، قال ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 288. (¬2) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 217، وينظر إكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 387. (¬3) جمهرة اللغة 1/ 11.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ سيبويه (¬1)، ويكون مفعلة لازمة لها الهاء والفتحة إذا أردت تكثير الشيء بالمكان كقوله: ارض مسبعة ومضبة وماسدة" (¬2). فالحائط: "ما أحيط به على شيء مثل النخل والكرم" (¬3)، والحائط: الجدار (¬4). والحائط إن لم يضف إلى شيء فدل على كونه سور، وان أضيف دل على ما أحيط به كما قال الفيروزآبادي آنفاً مثل النخل والكرم، وكما يصح إضافته إلى الزروع، فيصح أيضاً إضافته إلى الحيوان كما جاء في رواية المغاربة "حائط مضبة"، والله اعلم. وقوله: "غائط مُضبة"، قال ابن الأثير: "هكذا جاء في الرواية بضم الميم وكسر الضاد، والمعروف بفتحها. يقال: اضبت ارض فلان إذا كثر ضبابها. هي ارض مضبة: أي ذات ضباب مثل ما سدة، ومذابة، ومربعة أي ذات اسود، وذئاب، ويرابيع، وجمع المضبة: مضاب" (¬5). وبهذا يكون المعنى متقارب بين الروايتين، ويكون التصحيف بعيداً، ولاسيما إن رواية المغاربة عرفت عند أهل الحديث في كتبهم، وممن رواه حائط مضبة الطيالسي (¬6)، والطحاوي (¬7)، وأبو عوانة (¬8)، والبيهقي (¬9). ... = ¬

_ (¬1) لم أجده عند سيبويه. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) القاموس المحيط 1/ 249. (¬4) المصدر نفسه 1/ 856. (¬5) النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 150، وينظر لسان العرب 1/ 538، وتاج العروس من جواهر القاموس 1/ 676. (¬6) مسند الطيالسي: ما روى أبو سعيد الخدري عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما روى عنه أبو نضرة ... - رضي الله عنه -، الحديث رقم 2153، 1/ 286. (¬7) شرح معاني الآثار للطحاوي: باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الحديث رقم 2772، 4/ 198. (¬8) مستخرج أبي عوانة: مبتدأ كتاب الجهاد، مبتدأ كتاب الصيد - بيان الأخبار الدالة ... ، الحديث رقم 6209. (¬9) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الضحايا، باب ما جاء في الضب، الحديث رقم 19207، 9/ 325.

باب النهي عن الإنتباذ في المزفت

37 - كتاب الأشربة باب النهي عن الانتباذ في المزفت، والدباء، والحنتم، والنقير، وبيان أنه منسوخ، وأنه اليوم حلال ما لم يصر مسكرا حدثنا نصر بن علي الجهضمي، أخبرنا نوح بن قيس، حدثنا ابن عون، عن محمد عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لوفد عبد القيس: {أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير - والحنتم المزادة المجبوبة - ولكن اشرب في سقائك وأوكه} 3/ 1577*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = ولم يرو احد الحديث بلفظ غائط مضبة غير مسلم من المحدثين وهي رواية المشارقة. * قال القاضي عياض: "وقوله: والحنتم والمزادة المجبولة، كذا لابن ماهان، ولرواة ابن سفيان: والحنتم المزادة بغير واو، وهو وهم" (¬1). وقال الإمام النووي: "هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ بِبِلَادِنَا "وَالْحَنْتَم الْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة" وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ جَمَاهِير رُوَاة صَحِيح مُسْلِم، وَمُعْظَم النُّسَخ. قَالَ: وَوَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ "وَالْحَنْتَم وَالْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة" قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، وَالْأُولَى تَغْيِير وَوَهْم، قَالَ: وَكَذَا ذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ، "وَعَنْ الْحَنْتَم وَعَنْ الْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة"، وَفِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ "َالْحَنْتَم وَالدُّبَّاء وَالْمَزَادَة الْمَجْبُوبَة" بِالْجِيمِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة الْمُكَرَّرَة، وَقَالَ: وَرَوَاهُ بَعْضهمْ "الْمَخْنُوثَة" بِخَاءٍ مُعْجَمَة ثُمَّ نُون وَبَعْد الْوَاو ثَاء مُثَلَّثَة كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ اِخْتِنَاث الْأَسْقِيَة الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث آخَر، وَهَذِهِ الرِّوَايَة لَيْسَتْ بِشَيْءٍ، وَالصَّوَاب الْأَوَّل إِنَّهَا بِالْجِيمِ" (¬2). وفي موضع آخر قال:" وفي حديث الأوعية "أنهى عن الدباء والخنتم المزاده المجبوبة" كذا لكافتهم برفع الحنتم على الابتداء، وما بعده خبره، وعند الهوزني: والمزادة بالواو، وهو الصواب، وكذا في النسائي: والحنتم وعن المزادة المجبوبة ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 300. وينظر إكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 455. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 6/ 494.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ونحوه عند أبي داود إذ ليس الحنتم هي المزادة لا مجبوبة ولا غير مجبوبة، .. والمزادة المجبوبة: هي التي جب رأسها، أي قطع فصارت كالدن، فإذا انتبذ فيها لم يعلم غليانه، قاله: ثابت، وقال الهروي: هي التي خيط بعضها إلى بعض، وقال الخطابي: لأنها ليست لها عزال من أسفلها يتنفس منها فقد يتغير شرابها ولا يشعر بها، كذا رويناه عن كافة شيوخنا في هذه الكتب ورواه بعض الرواة في غيرها المخنوثة بالخاء المعجمة، والنون وآخره ثاء مثلثة وهاء كأنه عنده من اختناث الأسقية وليس بشيء هنا" (¬1). وقال الإمام السيوطي: "والحنتم المزادة المجبوبة في نسخة والمزادة بواو العطف، قال القاضي: وهو الصواب، والأول تغيير ووهم، وفي رواية النسائي: وعن الحنتم وعن المجبوبة، وهي بالجيم والموحدة المكررة التي من أسفلها تنفس الشراب منها فيصير شرابها مسكرا ولا يدرى به، ورواه بعضهم: المخنوثة بخاء معجمة ونون وثاء مثلثة، كأنه أخذه من اختناث الأسقية، والصواب الأول" (¬2). فرواية المغاربة بواو العطف بينهما، ورواية المشارقة بلا واو العطف، وقول القاضي بغير واو، وهو وهم، وقول الإمام النووي، والصواب الأول؛ لان الحنتم شيء، والمزادة شيء آخر وليس المزادة وصف للحنتم، وهو ما بينه القاضي "إذ ليس الحنتم هي المزادة لا مجبوبة ولا غير مجبوبة". فالمزادة: هي "التي يحمل فيها الماء، وهي ما فُئم بجلد ثالث بين الجلدين ليتسع، سميت بذلك لمكان الزيادة، وقيل هي المشعوبة من جانب واحد، فان خرجت من وجهين فهي شعيبٌ" (¬3). والجبُّ: هي "القطع، جبّه يجبه جباً وجباباً ... ومنه حديث الانتباذ في المزادة المجبوبة التي قطع رأسها وليس لها عزلاء من أسفلها يتنفس منها الشراب، وفي ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 139. (¬2) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 5/ 52 و53. (¬3) لسان العرب 3/ 198.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجب، قيل وما الجبُّ؟ فقالت امرأة عنده: هو المزادة يخيط بعضها إلى بعض كانوا ينتبذون فيها حتى خَرِيَت أي تعوَّدت الانتباذ فيها، واشتدت عليه، ويقال لها المجبوبة أيضاً" (¬1). والحنتم هي الجرار الخضر قال أبو عبيد: "وأما الحنتم فجرار خضر كانت تحمل إلينا فيها الخمر" (¬2). وأما المراد بالحديث فقال: جرار حمر، وأما في كلام العرب فهي الخضر (¬3). قال إبراهيم بن إسحاق الحربي: "الحنتم: جِرَار مدْهُونة خُضْرٌ كانت تُحْمَل الخمْر فيها إلى المدينة ثم اتُّسِع فيها فقيل لِلْخَزَف كلّه حنتم واحدَتها حَنْتَمة وإنما نُهي عن الانْتِباذ فيها لأنَّها تُسْرع الشّدّةُ فيها لأجْل دَهْنها، وقيل: لأنها كانت تُعْمل من طين يُعجن بالدَّم والشَّعر فنُهِي عنها ليُمْتَنع من عَملها، والأوّل الوجه" (¬4). وقال الرافعي (¬5): "والحنتم فنعل الخرف الأخضر، والمراد الجرة ويقال لكل اسود حنتم، والأخضر عند العرب اسود". وقال الزبيدي: "واختلف في نون حنتم فقيل أصلية .. وقبل زائدة، واستند بذلك إلى قول الرافعي: الحنتم فنعل من الحتم وهو الخرف الأخضر" (¬6). ومن هذا يتبين الجرار غير الجلود، ويكون الوهم عند المشارقة على الرغم من كون الحديث تفرد به مسلم في الروايتين، والله اعلم. وعند أبي داود تقديم وتأخير " .. والحنتم، والدباء، والمزادة المجبوبة ... " (¬7)، فباعد بينهما. وهذا يؤكد الفرق بين المزادة والحنتم. ... = ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 668، لسان العرب 1/ 249 وغيرهما. (¬2) غريب الحديث للقاسم بن سلام 2/ 181، وينظر المصدر السابق 12/ 159. (¬3) مصدر سابق 2/ 182، وينظر القاموس المحيط 1/ 1419. (¬4) غريب الحديث لإبراهيم بن إسحاق الحربي 2/ 666 باب حنتم، وينظر غريب الحديث لابن الجوزي 1/ 246، والنهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 1059. (¬5) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 1/ 120. (¬6) تاج العروس من جواهر القاموس 1/ 7689. (¬7) سنن أبي داود: كتاب الأشربة، باب في الأوعية، الحديث رقم 3693، 2/ 356.

باب النهي عن الإنتباذ في المزفت

38 - كتاب الأشربة باب النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء والحنتم والنقير وبيان أنه منسوخ وأنه اليوم حلال ما لم يصر مسكرا حدثنا عبيد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، حدثني زاذان، قال: قلت لابن عمر: حدثني بما نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأشربة بلغتك، وفسره لي بلغتنا، فإن لكم لغة سوى لغتنا، فقال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحنتم، وهي الجرة، وعن الدباء، وهي القرعة، وعن المزفت وهو المقير، وعن النقير وهي النخلة تنسح نسحا وتنقر نقرا، وأمر أن ينتبذ في الأسقية 3/ 1580*. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = الخلاصة: يتبين الوهم في رواية ابن سفيان. * قال القاضي عياض: "قوله في تفسير النقير: "هي النخلة تنسح نسحا وتنقر نقرا" بالحاء المهملة، أي ينحى قشرها عنها وتملس، ويحفر فيها للانتباذ، كذا ضبطناه عن كافة شيوخنا، وفي كثير من نسخ مسلم، عن ابن ماهان:" تنسج" بالجيم، وكذا ذكره الترمذي (¬1)، وهو خطأ، وتصحيف لا وجه له" (¬2). وقال الإمام النووي: "قَوْله: (وَنَهَى عَنْ النَّقِير وَهِيَ النَّخْلَة تُنْسَح نَسْحًا أَوْ تُنْقَر نَقْرًا)، هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم الرِّوَايَات، (وَالنَّسْح) بِسِينٍ وَحَاء مُهْمَلَتَيْنِ أَيْ: تُقْشَر ثُمَّ تُنْقَر، فَتَصِير نَقِيرًا، وَوَقَعَ لِبَعْضِ الرُّوَاة فِي بَعْض النُّسَخ (تُنْسَج) بِالْجِيمِ، وذكر قَولَ الْقَاضِي وَغَيْره بأنه تصحيف ونقل إدعاء بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ: أَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسَخ صَحِيح مُسْلِم، وَفِي التِّرْمِذِيّ بِالْجِيمِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ، بَلْ مُعْظَم نُسَخ مُسْلِم بِالْحاءِ" (¬3). وقال الإمام السيوطي: "تنسح نسحا بإهمال السينين والحاء أي تنقر ثم تقشر ¬

_ (¬1) سنن الترمذي: كتاب الأشربة، باب ما جاء في كراهية أن يُنْبَذَ في الدُّبّاء والحَنْتم والنقير، الحديث رقم 1868، 1/ 342، ولكني وجدته بالحاء المهملة، وهو مروي من طريق أبي داود الطيالسي، ووقع للأخير بالجيم، وسيأتي، وهو ما يؤيد إحلة القاضي عياض إلى سنن الترمذي، ولعل ما وجدته كان مصحفاً والله أعلم. (¬2) 2) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 27. (¬3) شرح النووي على صحيح مسلم 7/ 18.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتصير نقيرا وفي نسخة بالجيم" (¬1). قال الليث: "النّسْحُ والنُّساحُ: ما تَحاتَّ عن التمر من قشره وفُتاتِ أَقماعه ونحو ذلك مما يبقى في أَسفل الوعاء. .. " (¬2). وقال الأَزهريّ: "ما ذكرَه اللَّيْث في النسح لم أَسمعْه لغيره قال: وأَرجو أَن يكون محفوظاً. ومما يستدرك عليه: مما نقَله شيخنا عن القاضي أَبي بكْرِ بن العربيّ في عارِضَته فإِنّه قال: نَسجْت الثَّوْبَ بالجِيم: جمَعْت خُيوطَه حتّى يتمَ ثَوباً ونَسخْت بالحَاءِ المهملة إِذا نَحَتّ القِدْرَ حَتى يَصير وِعَاءً ضابطاً لما يُطْرَحُ فيه من طعامٍ وشرابٍ" (¬3). ونقل ابن الأثير قول الأزهري: النَّسْج: ما تَحاتَّ عن التَّمر من قِشْره وأقْماعِه مّما يَبْقَى في أسفل الوعاء (¬4). وقال ابن منظور:"ونَسَجَت الريحُ الماءَ ضَرَبَتْه فانْتَسَجت فيه طَرائِقُ قال زهير يصف وادياً (¬5): مُكَلَّلٌ بعَمِيمِ النَّبْتِ تَنْسِجُه رِيحٌ ... خَريقٌ لِضاحي مائِهِ حُبُك" ... (¬6). فيكون المعنى واحداً والنسج أخص من النسح، وليس في الروايتين أو أحدهما خطأ، أو وهم، أو تصحيف، وتأيدت رواية مسلم عند ابن ماهان بما رواه الإمام أحمد (¬7)، والطيالسي (¬8)، وعبد الرزاق (¬9)، والبيهقي (¬10)، وقال في آخره رواه = ¬

_ (¬1) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 5/ 54. (¬2) لسان العرب 2/ 614، وينظر القاموس المحيط 1/ 312. (¬3) تاج العروس من جواهر القاموس 1/ 1771. (¬4) النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 110. (¬5) سمط اللآلي ص74. (¬6) لسان العرب 2/ 376. (¬7) مسند الإمام أحمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة ـ - رضي الله عنهم - ـ، مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ، الحديث رقم 5191، 2/ 56. (¬8) مسند الطيالسي: ما اسند عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، حارب بن دثار عن ابن عمر ـ - رضي الله عنهم - ـ، 1939 الحديث رقم، 1/ 262. (¬9) مصنف عبد الرزاق: كتاب الأشربة، باب الظروف والأشربة والأطعمة، الحديث رقم 16963، 9/ 210. (¬10) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الأشربة والحد فيها، باب الأوعية، الحديث رقم، 17255، 8/ 309.

باب في شرب النبيذ وتخمير الإناء

39 - كتاب الأشربة باب في شرب النبيذ وتخمير الإناء حدثنا زهير بن حرب، ومحمد بن المثنى، وعبد بن حميد كلهم، عن أبي عاصم قال ابن المثنى: حدثنا الضحاك، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرني أبو حميد الساعدي قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح لبن من النقيع ليس مخمرا فقال: {ألا خمرته ولو تعرض عليه عودا}. قال أبو حميد: إنما أمر بالأسقية أن توكأ ليلا وبالأبواب أن تغلق ليلا. وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي سفيان وأبي صالح، عن جابر قال: جاء رجل يقال له أبو حميد بقدح من لبن من النقيع فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {ألا خمرته ولو تعرض عليه عودا} 3/ 1593*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = مسلم في الصحيح عن محمد بن مثنى، وبندار، عن أبي داود ـ يعني الطيالسي ـ وهذا دليل على تعدد مجالس السماع لهذا الصحيح، فما وقع عند ابن ماهان من طريق مسلم وُجِدَ عند البيهقي، والبيهقي لم يكن عنده سنداً إلى ابن ماهان. * قال القاضي عياض: "بقيع الغرقد الذي فيه مقبرة المدينة بباء بغير خلاف وسمي بذلك لشجرات غرقد وهو العوسج كانت فيه، وكذلك بقيع بطحان جاء في الحديث هو بالباء أيضا قال الخليل (¬1): البقيع كل موضع من الأرض فيه شجر شتى، وأما الحمي الذي حماه النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم عمر بعده وهو الذي يضاف إليه في الحديث غرز البقيع، وفي الآخر بقدح لبن من البقيع، وحمى البقيع وهو على عشرين فرسخا من المدينة، وهو صدر وادي العقيق، وهو أخصب موضع هناك، وهو ميل في الشهيد وغيره بالنون وبالنون ذكره الهروي والخطابي وغير واحد قال الخطابي (¬2): وقد صحفه أصحاب الحديث فيروونه بالباء وإنما الذي بالباء بقيع المدينة بريد وفيه شجر ويستجم حتى يغيب فيه الراكب فاختلف الرواة وأهل المعرفة ¬

_ (¬1) كتاب العين 1/ 184. (¬2) ينظر إصلاح غلط المحدثين، تأليف: (الخطابي حمد بن محمد بن إبراهيم البستي)، تحقيق: د. محمد علي عبد الكريم الرديني، دار المأمون للتراث، دمشق، ط1، 1407هـ، 1/ 155.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في ضبطه فوقع عند أكثر رواة البخاري بالنون وكذا قيده النسفي وأبو ذر والقابسي وسمعناه في مسلم من أبي بحر بالباء وكذا روي عن ابن ماهان وسمعناه من القاضي موضع قبورها وأما أبو عبيد البكري فقال: إنما هو بالباء مثل بقيع الغرقد قال: ومتى ذكر البقيع دون إضافة فهو هذا، ووقع في كتاب الأصيلي في موضع بالنون والفاء وهو تصحيف قبيح والأشهر في هذا النون والقاف، والبقيع كل موضع يستنقع فيه الماء وبه سمي هذا" (¬1). والبقيع والنقيع والنفيع أماكن معروفة، قال الحازمي (¬2): أما الأَوَّلُ: - بعد الباء قافٌ مكسور -: بقيع الغرقد بالمدينة معروفٌ وقد جاء ذكره في غير حديثٍ. وبقيعُ الزبير بالمدينة أيضاً، فيه دُورٌ ومنار. وأما الثَّاني: - بعد الباء المَضْمُومَة قافٌ مَفْتُوحةٌ -: مَوْضِعٌ وراء اليمامة، متاخمٌ لبلاد اليمن، له ذكر في الأشعار. وأما الثَّالِثُ: - أوله نُوْن مَفْتُوحةٌ ثُمَّ قاف مَكْسُورَة -: حمى النقيع على عشرين ميلاً، أو نحو ذلك من المدينة، كان النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - حماه لخيله، وله هناك مسجد يُقَالُ له مُقمل، وهو من دِيَارِ مُزينة. ومَوْضِعٌ آخر قُربَ المدينة يُقَالُ له نقيع الخضمات، قال الخطابي: ومن الناس من يقوله بالباء، وهو تصحيفٌ. وأما الرَّابع: - أوله نُوْن مَضْمُومَة ثُمَّ فاء مَفْتُوحةٌ -: جبل بمَكَّة، كان الحارثُ ابن عبيدٍ بن عمر بن مخزوم يحبس فيه سفهاء قومه. إلا ان البعض جعل البقيع والنقيع والنفيع موضعاً واحداً، قال ياقوت: "وفي حديث "بقدح لبن من النقيع ... " ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 115. (¬2) الأماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الأمكنة: الحازمي حمد بن موسى بن عثمان بن موسى بن عثمان بن حازم 1/ 29.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كذا في كتاب عياض (¬1)، ومساحته ميل في بريد، وفيه شجر يستجم حتى يغيب الراكب فيه، واختلف الرواة في ضبطه، فمنهم من قيده بالنون منهم النسقي، وأبو ذر القابسي، وكذلك قيد مسلم عن الصدفي وغيره، وكذلك لابن ماهان، وكذا ذكره الهروي والخطابي. قال الخطابي: وقد صحفه بعض أصحاب الحديث بالباء، وإنما الذي ... بالباء مدفن أهل المدينة، قال: ووقع في كتاب الأصيلي بالفاء مع النون، وهو ... تصحيف وإنما هو بالنون والقاف، قال: وقال أبو عبيد البكري: هو بالباء ... والقاف مثل بقيع الغرقد، وحكى السهيلي: في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - انه حمى ... غرز النقيع، قال الخطابي: النقيع القاع، والغرز نبت شبه النمام بالنون، ... وفي رواية ابن إسحاق مرفوعاً إلى أبي إمامة "ان أول جمعة جمعت ... بالمدينة في هزم بني بياضة في بقيع يقال له بقيع الخضمات ... هكذا هو ... المشهور في جميع الروايات، وقد ذكر ابن هشام بني النبيت ... قال ... السهيلي: وجدته في نسخة شيخ أبي بحر بالباء، وكذا وجدته في رواية ... يونس عن ابن إسحاق قال: وذكر أبو عبيد البكري في كتاب معجم ما استعجم ... من أسماء البقيع انه نقيع بالنون ذكر ذلك بالنون والقاف وأما النفيع بالفاء ... فهو اقرب إلى المدينة منه بكثير .. هكذا هذان الإمامان عن أبي عبيد البكري إلا ... ان يكون أبو عبيد جعل الموضع الذي حماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو حمى ... غرز البقيع بالباء فغظ، والله اعلم به على ان القاضي عياض والسهيلي لم ... أرهما فرقاً بينهما ولا جعلا هما موضعين وهما موضعان لا شك فيهما ان ... شاء الله" (¬2). وممن رواه كما وقع لمسلم في رواية ابن ماهان - ولكن بلفظ أتي وليس أتيت - ¬

_ (¬1) المصدر السابق. (¬2) ينظر معجم البلدان 5/ 301 و302.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أبو عوانة (¬1)، والبيهقي (¬2)، وأبو نعيم الأصبهاني (¬3). ومن خلال هذا الكلام يتبين ان رواية ابن ماهان ليس فيها تصحيف، وهي صحيحة أيضاً. وممن رواه كما وقع لمسلم في رواية ابن سفيان البخاري (¬4)، الإمام احمد (¬5)، وأبو يعلى (¬6)، وابن خزيمة (¬7). ¬

_ (¬1) مستخرج أبي عوانة: مبتدأ كتاب الأشربة، بيان الأخبار الموجبة تغطية الإناء وإيكاء السقاء وإطفاء المصابيح عند النوم وغلق الأبواب وإمساك الصبيان عند المساء والدليل على أن تغطية الإناء وإيكاء السقاء بالليل أوجب منه بالنهار، 8147، 5/ 140. (¬2) شعب الإيمان: التاسع والثلاثون من شعب الإيمان، وهو باب في المطاعم والمشارب، وما يجب التورع عنه منها ... ، تخمير الإناء وإيكاء السقاء، الحديث 6060، 5/ 127. (¬3) معرفة الصحابة: باب الياء من باب العين، من اسمه عبد الرحمن، عبد الرحمن بن جبر الأنصاري يكنى أبا عبس ... ، الحديث رقم 4077، 13، 49. (¬4) صحيح البخاري: كِتَاب الْأَشْرِبَةِ، بَاب شُرْبِ اللَّبَنِ وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ (66)} [النحل]، 5176، 17/ 319. (¬5) مسند الإمام أحمد بن حنبل: باقي مسند الأنصار، حديث أبي حميد الساعدي ـ - رضي الله عنه - ـ، الحديث رقم 23657، 5/ 425. (¬6) مسند أبي يعلى: مسند جابر، الحديث رقم 1735، 4/ 343، والحديث رقم 1956، 5/ 64. (¬7) صحيح ابن خزيمة: كتاب الوضوء، باب الأمر بتغطية الأواني التي يكون فيها الماء للوضوء بلفظ مجمل غير مفسر ولفظ عام مراده خاص، الحديث رقم، 129، 1/ 67.

باب إكرام الضيف وفضل إثاره

40 - كتاب الأشربة باب إكرام الضيف وفضل إيثاره حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن المقداد قال: أقبلت أنا وصاحبان لي وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد، فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فليس أحد منهم يقبلنا، فأتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فانطلق بنا إلى أهله، فإذا ثلاثة أعنز فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: {احتلبوا هذا اللبن بيننا} قال: فكنا نحتلب، فيشرب كل إنسان منا نصيبه ونرفع للنبي - صلى الله عليه وسلم - نصيبه، قال: فيجيء من الليل، فيسلم تسليما لا يوقظ نائما، ويسمع اليقظان قال: ثم يأتي المسجد، فيصلي، ثم يأتي شرابه فيشرب، فأتاني الشيطان ذات ليلة وقد شربت نصيبي فقال: محمد يأتي الأنصار فيتحفونه ويصيب عندهم ما به حاجة إلى هذه الجرعة، فأتيتها فشربتها، فلما أن وغلت في بطني وعلمت أنه ليس إليها سبيل قال: ندمني الشيطان فقال: ويحك ما صنعت؟ أشربت شراب محمد؟ فيجيء فلا يجده، فيدعو عليك، فتهلك، فتذهب دنياك وآخرتك، وعلي شملة إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي، وجعل لا يجيئني النوم، وأما صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت قال: فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فسلم كما كان يسلم، ثم أتى المسجد فصلى، ثم أتى شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا فرفع رأسه إلى السماء فقلت: الآن يدعو علي فأهلك فقال: {اللهم أطعم من أطعمني وأسق من أسقاني} قال: فعمدت إلى الشملة فشددتها علي وأخذت الشفرة فانطلقت إلى الأعنز أيها أسمن فأذبحها لرسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - فإذا هي حافلة وإذا هن حفل كلهن فعمدت إلى إناء لآل محمد - صلى الله عليه وسلم - ما كانوا يطعمون أن يحتلبوا فيه قال: فحلبت فيه حتى علته رغوة فجئت إلى رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - فقال: {أشربتم شرابكم الليلة}؟ قال: قلت: يا رسول الله اشرب، فشرب ثم ناولني فقلت: يا رسول الله اشرب، فشرب ثم ناولني، فلما عرفت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد روى وأصبت دعوته ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض قال: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: {إحدى سوآتك يا مقداد} فقلت: يا رسول الله كان من أمري كذا وكذا، وفعلت كذا

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: {ما هذه إلا رحمة من الله أفلا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها} قال: فقلت: والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبْتَها وأصبْتُها معك من أصابها من الناس 3/ 1625. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وقوله: فتعرفنا اثنا عشر رجلاً، أي صرنا عرفاء على غيرنا، أي مقدمين بدليل بقية الحديث، وذكر فيه أيضاً البخاري (¬1) عن بعضهم فتفرقنا من الافتراق، وقد يخرج له وجه، وكذلك رواه أكثرهم عن البخاري في كتاب الصلاة: ففرقنا اثني عشر رجلاً، وللنسفي فعرفنا، وهو أوجه وأصوب، وفي مسلم: "فعرفنا" بفتح الفاء، وعند ابن ماهان فيه تخليط، ووهم ذكرناه في آخر الكتاب في الأوهام" (¬2). وقال: "وفي حديث أضياف أبي بكر: "وكان بيننا وبين قوم عقد، فمضى الأجل، فعرفنا منه اثني عشر رجلاً، مع كل رجل منهم أناس"، أي جعلنا عرفاء، كذا قيدناه عن شيوخنا، وهي رواية الجلودي، وعند الرواة عن ابن ماهان فيه تغيير وتخليط، ونص ما عندهم: "فمضى الأجل، فعرفنا الأجل، فجاء اثنا عشر ... رجلاً"، وكذا جاء في غير موضع من الصحيحين مع اختلاف هذا اللفظ بين عرفنا وفرقنا" (¬3). وقال الإمام النووي: "قوله: فعرفنا اثنا عشر رجلاً، مع كل رجل منهم أناس، هكذا هو في معظم النسخ "فعرفنا" بالعين وتشديد الراء، أي جعلنا عرفاء. وفي كثير من النسخ "ففرقنا" بالفاء المكررة في أوله، وبقاف في التفريق أي جعل كل رجل من الاثني عشر مع فرقة، فهما صحيحان ولم يذكر القاضي هنا غير الأول. ثم قال: ... وفي نادر منها - أي من النسخ - اثني عشر، وكلاهما صحيح، والأول جار على لغة من جعل المثنى بالألف في الرفع والنصب والجر، وهي لغة أربع ¬

_ (¬1) صحيح البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب السمر مع الضيف والأهل، الحديث رقم 577، 1/ 216. (¬2) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 78. (¬3) المصدر نفسه 2/ 327.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قبائل من العرب، ومنها قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: 63] وغير ذلك" (¬1). وقال الإمام السيوطي: "فعرفنا اثني عشر بالعين وتشديد الراء، أي جعلنا عرفاء، وفي نسخة بفاء في أوله مكررة وقاف بعد الراء من التفريق، أي جعل كل رجل منا مع اثني عشر فرقة" (¬2). والكلام الأصوب هو الذي ذهب إليه القاضي عياض؛ لان في رواية ابن ماهان غيرت المعنى، ورواية ابن سفيان والأكثر من الرواة إن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرّف اثنا عشر رجلاً، أي جعلهم عرفاء، وكل عريف اخذ ما استطاع ان يأخذ من الرجال من أهل الصفة في حين رواية ابن ماهان جعلت مجيء الاثني عشر رجلاً دون ... تعريفهم، والله اعلم. ¬

_ (¬1) شرح النووي على صحيح مسلم 7/ 124. (¬2) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 2/ 106.

باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال

41 - كتاب اللباس والزينة باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء وخاتم الذهب والحرير على الرجل وإباحته للنساء وإباحة العلم ونحوه للرجل ما لم يزد على أربع أصابع حدثنا أبو الربيع العتكي، حدثنا أبو عوانة، عن أشعث بن سليم بهذا الإسناد مثله إلا قوله: وإبرار القسم أو المقسم، فإنه لم يذكر هذا الحرف في الحديث، وجعل مكانه وإنشاد الضال 3/ 1635*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * قال القاضي عياض: "في حديث أبي الربيع العتكي:" أمرنا رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - بسبع"، وفيه: وإنشاد الضال، كذا لكافتهم، وعند ابن ماهان: وإنشاد الضالة، قال بعضهم: صوابه وإرشاد الضال بالراء، وكذا أصلحه القاضي الكناني، وهو أوجه، والأول يتجه أيضا ويصح لاسيما مع من رواه الضالة، لكن الرواية الأولى أعرف وأشهر في غير هذا الحديث" (¬1). وقال الإمام النووي: "وفي رواية وإنشاد الضالة بدل إبراز القسم أو المقسم، [ومعناها] فهو تعريفها. ويجوز ان يكون المراد بالضالة هنا ضالة الإبل ونحوها بما لا يجوز التقاطها للتمليك، بل إنها تلتقط للحفظ على صاحبها (¬2)، وفي الحديث: "من أذى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها" (¬3). فرواية ابن ماهان بتاء التأنيث، ورواية ابن سفيان بلا تاء للتذكير، وهي بمعنى المناداة والسؤال عنها، قال ابن منظور: "نشدت الضالة إذا ناديت، وسألت عنها، وقال ابن سيده: نشد الضالة ينشدها نشدةً ونشداناً: طلبها وعرفها، وانشدها عرفها ويقال أيضاً: نشدتها إذا عرفتها ... وقيل انشد الضالة استرشد عنها ... فالناشد الطالب: يقال منه نشدتُ الضالة انشدها، وانشدُها نشداً إذا طلبتها، فأنا ناشد وأنشدتها فأنا منشد إذا عرفتها" (¬4). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 29، وينظر إكمال المعلم بفوائد مسلم 6/ 478. (¬2) المصدر نفسه 6/ 160، باب اللقطة، حديث رقم 3253. (¬3) شرح النووي على صحيح مسلم 7/ 139. (¬4) لسان العرب 3/ 421.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وقال إبراهيم الحربي: "يقال نشدتُ الضالة إذا سألت عنها وأنشدتها إذا عرفتها. وقال مؤرخ: النشد: المعّرف انشد ينشد إنشاداً، والناشد المعترف نشد ينشد نشدةً، ونشداناً قال الشاعر (¬1): انشدُ الناس ولا أنشدهم ... إنما ينشد من كل أضل أنشدهم أدل عليهم، وقال آخر (¬2): كأنه ناشدٌ نادى لموعده ... عبدى مناف إذا اشتد الحيازيم" ... (¬3) وقال الخليل: "ورَشِدَ فلانٌ إذا أصاب وجه الأمر والطريق، والإرشاد والدلالة والهداية" (¬4). وقال ابن الأثير: "الراشد: اسم فاعل من رشد مرشد رُشْداً ورَشِدَ يرشد رَشَداً، وأرشَدتْه أنا. والرُّشْد: خلاف الغيِّ ... ومنه الحديث "وإرشاد الضال" أي هدايته الطريق وتعريفه، وقد تكرر في الحديث. فكلا المعنيين يستقيم، فابن ماهان روايته من حيث راحلته أو بهيمته، وابن سفيان من حيث من أضل الطريق، فكلاهما صحيح، والله اعلم، وانفرد مسلم باللفظين" (¬5). ¬

_ (¬1) البيت للنابغة الجعدي كما نسبه ابن قتيبة في المعاني الكبير ص296. (¬2) البيت لابن مقبل، ديوان ابن مقبل 134 وصحح ابن المبارك في نسبته إليه في منتهى الطلب من أشعار العرب: (تأليف: ابن المبارك) نشره فؤاد سزكين طبعة مصورة، منشورات معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية، 1986م، 1/ 24. (¬3) غريب الحديث للحربي 2/ 509. (¬4) كتاب العين 6/ 242. (¬5) ينظر النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 543، وينظر أيضاً لسان العرب 3/ 175.

باب إثبات حوض نبينا ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وصفاته

42 - كتاب الفضائل باب إثبات حوض نبينا ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وصفاته حدثنا أبو غسان المسمعي، ومحمد بن المثنى، وابن بشار (وألفاظهم ... متقاربة) قالوا: حدثنا معاذ (وهو ابن هشام)، حدثني أبي، عن قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة اليعمري، عن ثوبان: أن نبي الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ قال: {إني لبعقر حوضي أذود الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم}، فسئل عن عرضه فقال: {من مقامي إلى عمان}، وسئل عن شرابه، فقال: {أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، يغتُّ فيه ميزابان يمدانه من الجنة أحدهما: من ذهب، والآخر: من ورق} 4/ 1799*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * قال القاضي عياض: "قوله يثعب دما بعين مهملة أي يتفجر ومثله في حديث الحوض ينثعب منه ميزابان وروى يعب ويغت بالغين المعجمة والتاء وسيأتي ومثاعب المدينة بفتح الميم جمع مثعب وهي مسائل مياهها" (¬1). وقال أيضاً:" وقوله: "يغت فيه ميزابان"، كذا رويناه من طريق الفارسي والسجزي، بغين معجمة وتاء باثنتين قوقها، وكذا ذكره ثابت والهروي والخطابي (¬2) وأكثرهم، ومعناه "اتباع" الصب وأصله: اتباع الشرب الشرب، والقول القول، فاراد أن هذين الميزابين يصبان فيه دائماً، واللفظ يدل على أنه دفعة بعد دفعة. وقال الهروي: معناه: يدفقان فيه الماء دفقاً شديداً متتابعاً. ورويناه من طريق العذري:"يعب" بعين مهملة وباء بواحدة، وكذا ذكره الحربي، وفسره بمعنى ما تقدم، أي لا ينقطع جريهما، قال: والعَبُّ الشرب بسرعة في نفس واحد. ووقع في رواية ابن ماهان: "يثعب" بثاء مثلثة قبل العين، ومعناه يتفجر، كما قال في الحديث الآخر: "وجرحه يثعب دماً" (¬3). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 132 و133. (¬2) غريب الحديث للخطابي1/ 91. والمصدر السابق. (¬3) إكمال المعلم بفوائد مسلم 7/ 265.

............................................................................................. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وأكد الإمام النووي ما قاله القاضي، وقال: (يَغُتُّ) بِفَتْحِ الْيَاء، وَبِغَيْنٍ مُعْجَمَة مَضْمُومَة وَمَكْسُورَة، ثُمَّ مُثَنَّاة فَوْق مُشَدَّدَة، ونسب ذكر هذا القول إلى من ذكرهم القاضي من أئمة، وبين معناه عندهم. وقال أيضاً: وَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ نُسَخ بِلَادنَا، وَوَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ: "يَعُبُّ" بِضَمِّ الْعَيْن الْمُهْمَلَة وَبِبَاءٍ مُوَحَّدَة، وذكر ما حكاه القاضي عَنْ رِوَايَة الْعُذْرِيّ. قَالَ: وَكَذَا ذَكَرَ الْحَرْبِيّ، وَفَسَّرَهُ بِمَعْنَى مَا سَبَقَ، أَيْ لَا يَنْقَطِعُ جَرَيَانُهُمَا. قَالَ: وَالْعَبُّ: الشُّرْب بِسُرْعَةٍ فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ. وذكر َوَقَوعَ "يَثْعَب" بِمُثَلَّثَةٍ وَعَيْن مُهْمَلَة فِي رِوَايَة اِبْن مَاهَان، ومعناه: يَتَفَجَّرُ (¬1). وبين الإمام السيوطي معاني مفردات هذا الحديث فقال: "لبعقر حوضي" بضم العين وسكون القاف: وهو موضع موقف الإبل من الحوض إذا وردته، وقيل: مؤخره، "أذود": أي أطرد، "ترفض عليهم": أي تسيل، "يغت بفتح أوله وضم الغين المعجمة وكسرها ثم مثناة فوق مشددة": أي يدفق دفقا شديدا متتابعاً، وروي بضم العين المهملة وباء موحدة بمعناه من العب: وهو الشرب بسرعة في نفس واحد، وروي "يثعب بمثلثة وعين مهملة": أي ينفجر، "يمدانه بفتح الياء وضم الميم": أي يزيدانه ويكثرانه (¬2). فالعَبُّ: هو التتابع والجريان بسرعة دون توقف. قال ابن دريد: "عَبَّ في الإناء: يَعُبُّ عبّاً، وهو تتابع الجَرعْ. قال الراجز: يَكْرَع فيها ويَعُب عبّا ... مُجَبِّياً في مائها مُنكبّا أي: منَكِّساً رأسَه رافعاً عَجُزَه" (¬3)، وفي الحديث: "مصوا الماءَ مصاً، ولا ¬

_ (¬1) ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 5. (¬2) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 5/ 315. (¬3) جمهرة اللغة 1/ 12.

......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ تَعبّوه عبًّا، فإن الكُباد من العبّ" (¬1). وقال الأزهري: "والعبُّ أن يشرب الماء ولا يتنفّس، ... وروى أبو العباس، عن عمرو، عن أبيه أنه قال: العبُّ أن يشرب الماء دغرقة بلا غَنْث، والدغرقة: أن يصبَّ الماءَ مرةً واحدة، والغَنْث: أن يقطّع الجَرْع ... وقال ابن الأعرابيّ: اليعبوب: كلُّ جدول ماءٍ سريع الجري، وبه شبّه الفرس اليعبوب" (¬2). والغتُّ: هو التنفس بين الشربتين قال الصاحب بن عباد: "غَتَّ الرَّجُلُ في الماء يَغُتُّ غَتّاً: وهو ما بَيْنَ النَّفَسَيْنِ من الشُّرْب والإِناءُ على فيه" (¬3). قال ابن منظور: "وروي في حديث ثوبان أَيضاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحَوْض: "يَغُتُّ فيه ميزابانِ مِدادُهما من الجنة"، ونسب القول عن معنى يغت إلى الأزهري قال: هكذا سمعته من محمد بن إِسحق يَغُتُّ بضم الغين قال: ومعنى يَغُتُّ: يَجْري جَرْياً له صَوْتٌ وخَريرٌ، وقيل: يَغُطُّ، قال: ولا أَدري ممن حَفِظَ هذا التفسير قال الأَزهري: ولو كان كما قال لقيل يَغُتُّ ويَغِطُّ بكسر الغين، ومعنى يَغُتُّ يُتابعُ الدَّفْقَ في الحوض لا يَنْقَطِعُ، ماخوذ من غَتَّ الشاربُ الماءَ جَرْعاً بعد جَرْع، ونَفَساً بعد نَفَس من غير إِبانةِ الإِناء عن فيه، قال: فقوله: (يَغُتُّ فيه مِيزابانِ)، أَي يَدْفُقانِ فيه الماءَ دَفْقاً مُتتابعاً دائماً مِن غير أَن يَنْقَطِعَ كما يَغُتُّ الشاربُ الماءَ" (¬4). وقال ابن الأثير: "أي يدُفِقان فيه الماء دفقاً دائما متتابعان" (¬5). وفسر القاضي عياض ما في رواية ابن ماهان انثعب بمعنى: يتفجر (¬6)، = ¬

_ (¬1) كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال: (تأليف: الهندي علاء الدين علي المتقي بن حسام الدين)، تحقيق: محمود عمر الدمياطي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1419هـ - 1998م، محظورات الشرب، الحديث برقم 41075، 15/ 128، وهو عند البيهقي في السنن الكبرى مرسل: باب الشرب بثلاثة أنفاس الحديث رقم 14436، 7/ 284. (¬2) تهذيب اللغة 1/ 86 بتصرف. (¬3) المحيط في اللغة 1/ 388. وينظر المحكم والمحيط الأعظم 2/ 385. وغيرهما. (¬4) ينظر لسان العرب2/ 63. (¬5) النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 639. (¬6) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 132 و133.

باب عرق النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ في البرد وحين يأتيه الوحي

43 - كتاب الفضائل باب عرق النبي - صلى الله عليه وسلم - في البرد وحين يأتيه الوحي وحدثنا محمد بن بشار، حدثنا معاذ بن هشام، حدثنا أبي، عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن عبادة بن الصامت قال: كان النبي ... - صلى الله عليه وسلم - إذا نزل عليه الوحي نكس رأسه، ونكس أصحابه رؤوسهم، فلما أتلي عنه رفع رأسه 4/ 1817*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = وفي اللغة: "انثعب الماء والدم ونحوهما ثعبا: فجره، فسال، وفي الحديث: "يجيء الشهيد يوم القيامة وجرحه يثعب دما" (¬1)، انثعب الماء والدم ونحوهما: انفجر، وفي حديث سعد (فقطعت نساه فانثعبت جدية الدم)، والمطر: اندفع، والماء: جرى" (¬2). وروى الإمام أحمد الحديث بلفظ يغت وباقي ألفاظه متقاربة من لفظ ما عند مسلم من جهة المشارقة (¬3). * قال القاضي عياض: "وقوله في صفة نزول الوحي: "فلما أتلي عنه" بضم الهمزة، وتاء باثنتين فوقها ساكنة، ولام مكسورة. مثل أعطي، كذا قيده شيخنا القاضي أبو عبد الله بن عيسى الجياني، وعند الفارسي مثله، إلا أنه بثاء مثلثة، وعند العذري من طريق شيخنا الأسدي: أثِل بكسر الثاء المثلثة مثل ضرب. وكان عند شيخنا القاضي الحافظ أبي علي أجلي بالجيم مثل أعطي أيضاً، وعند ... ابن ماهان: "انجلى" بالنون، وكذا رواه البخاري، وهاتان الروايتان لهما وجه أي انكشف عنه وذهب وفرج عنه، يقال: انجلى عنه الغم، وأجليته عنه: أي فرجته ¬

_ (¬1) لفظ الحديث: "لا يكلم أحد في سبيسل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب اللون لون دم والريح ريح مسك "، رواه مسلم في صحيحه: كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، الحديث رقم 1876، 3/ 1495. (¬2) المعجم الوسيط: (تأليف: إبراهيم مصطفى وأحمد الزيات وحامد عبد القادر ومحمد النجار)، تحقيق: مجمع اللغة العربية، دار الدعوة، 1/ 95. (¬3) مسند الإمام أحمد: باقي مسند الأنصار: حديث أبي أمامة الباهلى الصدى بن عجلان بن عمرو بن وهب الباهلى عن النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، الحديث رقم 22462، وينظر الحديث رقم22483، 5/ 280.

........................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فتفرج، وأجلوا عن قتيل: أي أفرجوا عنه وتركوه، وقال بعضهم: لعله اؤتلي: أي قصر عنه، وأمسك من قولهم لم يأل يفعل كذا: أي لم يقصر، وقال بعضهم: لعله ألعى عنه تصحف منه انجلى أو أجلى، وكذا رواه ابن أبي خيثمة أي نحي عنه، كما قال أبو جهل: أعلى عني أي تنح" (¬1). وقال الإمام النووي: "قَوْله: أُتْلِيَ عَنْهُ، هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم نُسَخ بِلَادنَا: "أُتْلِيَ" بِهَمْزَةٍ، وَمُثَنَّاة فَوْقُ سَاكِنَة، وَلَام وَيَاء، وَمَعْنَاهُ اِرْتَفَعَ عَنْهُ الْوَحْي، هَكَذَا فَسَّرَهُ صَاحِب التَّحْرِير وَغَيْره، وَوَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ "أُجْلِيَ" بِالْجِيمِ، وَفِي رِوَايَة اِبْن مَاهَان: اِنْجَلَى، وَمَعْنَاهُمَا أُزِيلَ عَنْهُ، وَزَالَ عَنْهُ، وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ: اِنْجَلَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ" (¬2). وأيد الإمام السيوطي ما قاله الإمام النووي دون نسبة الخلاف إلى رواية (¬3). فرواية ابن ماهان: "انجلى"، ورواية ابن سفيان "اتلي" قال صاحب مرقاة المفاتيح: "اتلي (¬4) أي سري عنه وكشف كأنه ضمن الإتلاء، وهو الإحالة معنى الكشف بقرينة عن ... والمعنى ارتفع الوحي على الرواية الأولى، أو الكرب على الرواية الثانية. وقال الطيبي: ضمن أتلي معنى أقلع فعدى بعن وينصره رواية شرح السنة، فلما أقلع عنه. وقال التوربشتي: قوله "فلما أتلي عليه" كذا هو في المصابيح وأرى صوابه "فلما تلي عليه" من التلاوة، وإن كان "أتلي عليه" محققاً فمعناه أحيل يقال: أتليته أحيلته أي أحيل عليه البلاغ، وذلك أن الملك إذا قضى إليه ما نزل به فقد أحال عليه البلاغ". ... = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 17، وإكمال المعلم بفوائد مسلم 7/ 301. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 48. (¬3) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 5/ 329. (¬4) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: (تأليف: علي بن سلطان محمد القارئ)، تحقيق: جمال عتياني، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط1، 1422هـ - 2001م، 10/ 519.

باب كم أقام النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بمكة والمدينة

44 - كتاب الفضائل باب كم أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة والمدينة وحدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، عن عمرو قال: قلت لعروة: كم لبث النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة؟ قال: عشرا. قلت: فإن ابن عباس يقول: بضع عشرة قال: فغفره وقال: إنما أخذه من قول الشاعر 4/ 1825*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = ومعنى انجلى: "أزيل وزال عنه" (¬1). فتكون الروايتان بمعنى فراغ الوحي، والله اعلم. وانفرد الإمام مسلم بهذا الحديث، فلم يروه غيره باللفظين، ورواية انجلى عند ابن ماهان أيدتها رواية البخاري (¬2) من حديث عبد الله بن مسعود، وفيه قصة، وفيها: " ... فقال: يا أبا القاسم: ما الروح؟ فسكت، فقلت: انه يوحى إليه، فقمت فلما انجلى عنه". * قال القاضي عياض: "وفي مقامه - صلى الله عليه وسلم - بمكة، قلت: فإن ابن عباس قال: بضع عشرة سنة، قال - يعني عروة -: فصغره كذا بتشديد الغين المعجمة عند بعض الرواة (¬3) وعند السمرقندي فغفره بغين معجمة وفاء مشددة، وللعذري فغفروه مثله لكن بزيادة الواو، كل له معنى صحيح إن شاء الله تعالى، أما الأول: فكأنه استصغر سن ابن عباس عن ضبط ذلك، أي كأنه قال: كان صغيرا ولم يدرك الأمر، ولا شاهده، إذ مولده قبل الهجرة بيسير على خلاف في ذلك، وقوله: فغفره: أي قال له: يغفر الله لك كأنه وهمه فيما قاله، وكذلك بزيادة الواو كأن الحاضرين قالوا ذلك له، ويدل على ما تأولناه قوله بأثر هذا إنما أخذه من قول الشاعر يريد أنه لم يدرك ذلك ولا شاهده، وإنما قلد فيه الشاعر يريد قول صرمة بن ¬

_ (¬1) المصدر نفسه10/ 519. (¬2) صحيح البخاري: كتاب العلم / باب قول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)} ... [الإسراء: 85]، الحديث رقم 125، 1/ 58. (¬3) أراد بها ابن ماهان.

......................................................................................... ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ أنس: ثوى في قريش بضع عشرة حجة" (¬1). وقال في موضع آخر: "وفي لبث النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة: وإن ابن عباس قال: ثلاثة عشرة سنة فغفره، كذا للسمرقندي والسجزي معناه قال: غفر الله له، ولابن ماهان: "فَصَغَّرَهُ" أي وصفه بالصغر وعدم الضبط إذ ذاك" (¬2). وقال الإمام النووي: "هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع نُسَخ بِلَادنَا: "فَغَفَّرَهُ" بَالِغَيْنِ وَالْفَاء، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَة الْجُلُودِيّ، وَمَعْنَاهُ دَعَا لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ، فَقَالَ: غَفَرَ اللَّه لَهُ، وَهَذِهِ اللَّفْظَة يَقُولُونَهَا غَالِبًا لِمَنْ غَلِطَ فِي شَيْء، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَخْطَأَ غَفَرَ اللَّه لَهُ، وذكر الإمام النووي ما قَاله الْقَاضِي عياض لما وقع في رواية ابن ماهان، وقال: أَيْ اِسْتَصْغَرَهُ مَعْرِفَته هَذَا، وَإِدْرَاكه ذَلِكَ، وَضَبْطه، وَإِنَّمَا أَسْنَدَ فِيهِ إِلَى قَوْل الشَّاعِر، وَلَيْسَ لَهُ عِلْم بِذَلِكَ، وَيُرَجِّحُ الْقَاضِي هَذَا الْقَوْل، وذكر اسم الشاعر. وشعره: ثَوَى فِي قُرَيْش بِضْع عَشْرَة حُجَّة ... يَذْكُرُ لَوْ يَلْقَى خَلِيلًا مُوَاتِيا (¬3) وَقَدْ وَقَعَ هَذَا الْبَيْت فِي بَعْض نُسَخ صَحِيح مُسْلِم، وَلَيْسَ هُوَ فِي عَامَّتهَا" (¬4). فالصِغَر: هو سن الصبية، قال الأزهري (¬5) يقال: هو صغر ولد أبيه أي أصغرهم، وهو كبرة ولد أبيه أي أكبرهم، وكذلك فلان صغرة القوم وكبرتهم، أي أصغرهم وأكبرهم. ويقول الصبي من صبيان العرب - إذا انهى عن اللعب -: اني من الصغرة، أي من الصغار. قال ابن منظور: "المرْء بِأَصْغَرَيْهِ، وأَصْغَراه قلْبُه ولسانه. وأَصْغَرَه غيره، وصَغَّره تَصْغِيراً، وتَصْغِيرُ الصَّغِير: صُغَيِّير الأُولى على القياس، والأُخرى على ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 48 و59. (¬2) المصدر نفسه 2/ 138. (¬3) المعارف: (تأليف: ابن قتيبة أبو محمد عبد الله بن مسلم)، تحقيق: دكتور ثروت عكاشة، دار المعارف، القاهرة، ص14، و (الحماسة المغربية) مختصر كتاب صفوة الأدب ونخبة ديوان العرب: (تأليف: الجراوي أبو العباس أحمد بن عبد السلام التادلي ت609هـ)، تحقيق: محمد رضوان الداية، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط1، 1991م. (¬4) ينظر شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 68. (¬5) تهذيب اللغة 3/ 50.

............................................................................................. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ غير قياس حكاها سيبويه، واسْتَصْغَره عَدَّه صَغِيراً، وصَغَّرَه وأَصْغَرَه: جعلَه صَغِيراً" (¬1). وقال الزبيدي: "وفي حديث عمرو بن دينار قال: قلت لعروة كم لبث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة؟ قال: عشراً، قلت: فابن عباس يقول: بضع عشرة سنة، قال عروة: فصغره: أي استصغر سنة عن ضبط ذلك، وفي رواية فغفره، أي قال: غفر الله له" (¬2). وقال ابن الأثير: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقام بمكة بضْعَ عشرةَ سنةً قال عُروة: فصَغَّره أي استصْغَر سنَّه عن ضبط ذلك، وفي رواية: فغَفَّره: أي قال: غَفَر الله له وقد تكرر في الحديث (¬3). وأيد هذا القول ابن منظور فقال: "وفي رواية فغفره، أي قال: غفر الله له" (¬4). ومعنى الغفر: "التغطية والستر، غفر الله ذنوبه أي سترها، والغَفْر ... وقد غفر يغفر ستره، وكل شيء سترته فقد غفرته، ومنه قيل للذي يكون تحت بيضه الحديد على الرأس مِغْفَر، وتقول العرب: اصبغ ثوبك بالسواد فهو اغفر لوسخه أي احمل له وأغطى له، ومنه غفر الله ذنوبه أي سترها" (¬5). وكأن الرواية تصح بقوله: غفر الله له كان صغيراً. وانفرد مسلم بهذا الحديث. ¬

_ (¬1) لسان العرب 4/ 458. (¬2) تاج العروس من جواهر القاموس 4/ 458. (¬3) النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 63. (¬4) تاج العروس 4/ 458 و5/ 25. (¬5) المصدر نفسه/458 و5/ 25.

باب من فضائل أبي ذر ـ - رضي الله عنه - ـ

45 - كتاب فضائل الصحابة - رضي الله عنهم - باب من فضائل أبي ذر - رضي الله عنه - حدثنا هداب بن خالد الأزدي، حدثنا سليمان بن المغيرة، أخبرنا حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت قال: قال أبو ذر: خرجنا من قومنا غفار وكانوا يحلون الشهر الحرام فخرجت أنا وأخي أنيس وأمنا فنزلنا على خال لنا فأكرمنا خالنا وأحسن إلينا فحسدنا قومه فقالوا إنك إذا خرجت عن أهلك خالف إليهم أنيس فجاء خالنا فنثا علينا الذي قيل له فقلت أما ما مضى من معروفك فقد كدرته ولا جماع لك فيما بعد فقربنا صرمتنا فاحتملنا عليها وتغطى خالنا ثوبه فجعل يبكي فانطلقنا حتى نزلنا بحضرة مكة فنافر أنيس عن صرمتنا وعن مثلها فأتيا الكاهن فخير أنيسا فأتانا أنيس بصرمتنا ومثلها معها. قال: وقد صليت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثلاث سنين قلت: لمن؟ قال: لله. قلت: فأين توجه؟ قال: أتوجه حيث يوجهني ربي أصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء حتى تعلوني الشمس. فقال أنيس: إن لي حاجة بمكة فاكفني فانطلق أنيس حتى أتى مكة فراث علي، ثم جاء فقلت: ما صنعت؟ قال: لقيت رجلا بمكة على دينك يزعم أن الله أرسله قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون شاعر كاهن ساحر وكان أنيس أحد الشعراء. قال أنيس: لقد سمعت قول الكهنة، فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر فما يلتئم على لسان أحد بعدي أنه شعر والله إنه لصادق وإنهم لكاذبون. قال: قلت: فاكفني حتى أذهب فأنظر قال: فأتيت مكة فتضعفت رجلا منهم فقلت: أين هذا الذي تدعونه الصابئ؟ فأشار إلي فقال الصابئ: فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيا علي قال: فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر قال: فأتيت زمزم فغسلت عني الدماء وشربت من مائها ولقد لبثت يا ابن أخي ثلاثين بين ليلة ويوم ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني وما وجدت على كبدي سخفة جوع قال: فبينا أهل مكة في ليلة قمراء إضحيان إذ ضرب على أسمختهم فما يطوف بالبيت أحد وامرأتين منهم تدعوان إسافا

ونائلة قال: فأتتا علي في طوافهما فقلت أنكحا أحدهما الأخرى قال: فما تناهتا عن قولهما قال: فأتتا علي فقلت: هن مثل الخشبة غير أني لا أكني فانطلقتا تولولان وتقولان لو كان ههنا أحد من أنفارنا قال: فاستقبلهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وهما هابطان قال: ما لكما؟ قالتا: الصابئ بين الكعبة وأستارها قال: ما قال: لكما؟ قالتا: إنه قال لنا كلمة تملأ الفم وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استلم الحجر وطاف بالبيت هو وصاحبه، ثم صلى، فلما قضى صلاته (قال أبو ذر): فكنت أنا أول من حياه بتحية الإسلام قال: فقلت: السلام عليك يا رسول الله فقال: {وعليك ورحمة الله}، ثم قال: من أنت؟ قال: قلت: من غفار قال: فأهوى بيده فوضع أصابعه على جبهته فقلت: في نفسي كره أن انتميت إلى غفار، فذهبت آخذ بيده فقد عني صاحبه وكان أعلم به مني، ثم رفع رأسه، ثم قال: {متى كنت ههنا}؟ قال: قلت: قد كنت ههنا منذ ثلاثين بين ليلة ويوم قال: {فمن كان يطعمك}؟ قال: قلت: ما كان لي طعام إلا ماء زمزم فسمنت حتى تكسرت عكن بطني وما أجد على كبدي سخفة جوع قال: {إنها مباركة إنها طعام طعم}. فقال: أبو بكر يا رسول الله ائذن لي في طعامه الليلة فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وانطلقت معهما ففتح أبو بكر بابا فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف وكان ذلك أول طعام أكلته بها، ثم غبرت ما غبرت، ثم أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: {إنه قد وجهت لي أرض ذات نخل لا أراها إلا يثرب، فهل أنت مبلغ عني قومك؟ عسى الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم}، فأتيت أنيسا فقال: ما صنعت؟ قلت: صنعت أني قد أسلمت وصدقت قال: ما بي رغبة عن دينك، فإني قد أسلمت وصدقت، فأتينا أمنا فقالت: ما بي رغبة عن دينكما فإني قد أسلمت وصدقت، فاحتملنا حتى أتينا قومنا غفارا فأسلم نصفهم وكان يؤمهم إيماء بن رحضة الغفاري وكان سيدهم وقال نصفهم: إذا قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أسلمنا، فقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فأسلم نصفهم الباقي، وجاءت أسلم فقالوا: يا رسول الله إخوتنا نسلم على الذين أسلموا عليه فأسلموا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: غفار غفر الله لها وأسلم سالمها الله} 4/ 1919.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الحديث فيه خلافان: الأول: قال القاضي عياض: "في إسلام أبي ذر "ألقيت كأني جفاء" كذا في رواية بعضهم عن ابن ماهان بالجيم مضمومة، وهو وهم عندهم، والذي للجماعة: "كأني خفاء" بخاء مكسورة معجمة ممدود، قيل وهو الصواب، ومعناه كأني ثوب مطروح والخفاء الغطاء ما كان، وقال ابن الأنباري: الخفاء كساء يغطي به الرطب وأما الجفاء بالجيم، فهو ما ألقاه السيل من غثائه مما احتمله" (¬1). قال الإمام النووي: "قَوْله: "حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِر اللَّيْل أَلْقَيْت كَأَنّيَ خِفَاء" هُوَ بِكَسْرِ الْخَاء الْمُعْجَمَة، وَتَخْفِيف الْفَاء وَبِالْمَدِّ، وَهُوَ الْكِسَاء، وَجَمْعه أَخْفِيَة، كَكِسَاءٍ وَأَكْسِيَةٍ، قَالَ الْقَاضِي: وَرَوَاهُ بَعْضهمْ عَنْ اِبْن مَاهَان (جُفَاء) بِجِيمِ مَضْمُومَة، وَهُوَ غُثَاءُ السَّيْل، وَالصَّوَاب الْمَعْرُوف هُوَ الْأَوَّل" (¬2). وقال الإمام السيوطي: "كأني خفاء، بكسر الخاء المعجمة، وتخفيف الفاء، والمد وهو الكساء، وروي بجيم مضمومة، وهو غثاء السيل" (¬3). وقد رجعت إلى معاني "جفا" فما وجدت معنى ينطبق من معانيها مع خفاء وبالتالي القول قول القاضي بالخطأ في رواية ابن ماهان. وبالخاء "كأني خفاء" وهي رواية أهل المشرق، فهو مأخوذ من الكساء الذي يخفى به الشيء، قال الزمخشري: "هو الكساء الذي وطب اللبن، من خفي، قال ذو الرمة: عليه زَادٌ وأَهْدَام وأخْفية كأن هي التامة المستغنية عن الخبر" (¬4). وقال جلال الدين القزويني: "والخِفَاء الكِساءُ يُلْقَى على الوَطْب وقيل هو الغِطَاء من كِساءٍ أو ثَوْب أو غير ذلك وجمعُه أخْفِيَة وإنما سمى خِفَاءً لأنه يُخْفىِ ما تحتَه قال ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 160. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 236. (¬3) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 5/ 438. (¬4) الفائق في غريب الحديث والأثر 1/ 125.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الفارسي ولذلك الأَجْفُن أخْفِيَةً لأنها أوْعِيَة للنوم وأنشد: لقد عَلِم الأيقاظُ أخْفِيَة الكَرَى ... تَزَجُّجَها من حالِكٍ واكْتحِالَها" ... (¬1). وقال ابن الأثير: "الخفاء: الكِساء وكل شيء غَطَّيت به شيئاً فهو خِفاء" (¬2). وهذا المعنى يدل على انه يلقي نفسه كما يلقى الغطاء إذا نزل على شيء، فهو ينزل نزلة واحدة. وممن رواه كما رواه المشرقيون ابن أبي عاصم (¬3)، في الآحاد والمثاني (¬4)، والبيهقي (¬5). وروى الطبراني (¬6) بمعناه، وكذلك الحاكم (¬7)، وأبو نعيم (¬8). الثاني: قال القاضي عياض (¬9): "وقوله في إسلام أبي ذر: "فتضعفت رجلا منهم" أي استضعفته، أي لم أخشه، قاله ابن قتيبة (¬10)، وقال بعضهم: تخيرت ضعيفا منهم، ¬

_ (¬1) الإيضاح في علوم البلاغة 4/ 101. (¬2) النهاية في غريب الحديث والأثر 2/ 132. (¬3) هو احمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني من أهل البصرة .. من أهل السنة والحديث والنسك، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صحب النُّساك منهم أبو قراب، وسافر معه، وكان مذهبه القول الظاهر، وكان ثقة نبيلاً معمراً، ينظر سير أعلام النبلاء 13/ 430. (¬4) الآحاد والمثاني: ومن بني غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناف بن كنانة، أبو ذر ... - رضي الله عنه -، ... اسم أبي ذر جندب بن جنادة ... ، الحديث رقم 903، 3/ 128. (¬5) دلائل النبوة للبيهقي: باب ذكر إسلام أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - ... ، الحديث رقم 513، 2/ 84. (¬6) المعجم الكبير للطبراني: باب من اسمه أنيس، أنيس بن جُنادة الغفاري، اخو أبي ذر ... - رضي الله عنه -، الحديث رقم 772، 1/ 325، وما بعدها، والمعجم الأوسط: باب الألف، من اسمه احمد، احمد بن إبراهيم ... ، الحديث رقم 1/ 63، وباب من اسمه إبراهيم، الحديث رقم 2871، 6/ 327. (¬7) المستدرك على الصحيحين: كتاب معرفة الصحابة - رضي الله عنهم - ... ، ذكر مناقب أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -، الحديث رقم 5416، 12/ 319. (¬8) معرفة الصحابة: باب بالجيم: من اسمه جندب، الحديث رقم 1453، 5/ 5، والحديث رقم 148، 5/ 33. (¬9) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 61. (¬10) غريب الحديث لابن قتيبة 2/ 187.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وعند ابن ماهان: تضيفت، وهو وهم، ورواه البزار تصفحت (¬1). وقال أيضاً: "وقوله: فأتيت مكة فتضعفت رجلا منهم فقلت أين هذا الذي تدعونه الصابىء؟ "، كذا رواية الجلودي، وعند ابن ماهان: "تضيفت" بالياء، ولا معنى لها في هذا الحديث، ورواه البزار في مسنده "تصفحت"، والرواية الأولى أوجه، وهي الرواية التي ذكرها الشارحون" (¬2). وقال الإمام النووي: "قوله: أتيت مكة فتضعفت رجلا منهم". يعني نظرت إلى أضعفهم، فسألته، لأن الضعيف مأمون الغائلة غالباً، وفي رواية بن ماهان: "فتضيفت بالياء" وأنكرها القاضي وغيره، قالوا: لا وجه له هنا" (¬3). ونقل الإمام السيوطي قول الإمام النووي (¬4). فرواية ابن ماهان: تضيفت: أي ملت بمعنى ملت إليه اسأله، قال الشيخ رضي الدين محمد بن الحسن الاستربادي النحوي ت 686هـ: "تضيفت الشمس: مالت إلى الغروب، ضيف الشيء: أماله" (¬5)، ثم قال: "وقال الزمخشري في مناهيهه على المفصل: هي من ضاف يضيف، إذا مال والتجأ، وأضافه ألجأه" (¬6). ورواية ابن سفيان "تضعفت"، أي اخترت رجلاً ضعيفاً، أي استضعفته، قال الزمخشري: "تضعفته: بمعنى استضعفته كتعجلته وتقصيته وتثبته بمعنى ¬

_ (¬1) مسند البزار: ابن عون عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر، الحديث رقم 3948، 9/ 367. (¬2) 2) إكمال المعلم بفوائد مسلم 7/ 506. (¬3) شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 236. (¬4) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 5/ 438. (¬5) شرح الرضي على الكافية 1/ 225. (¬6) شرح شافيه ابن الحاجب، (تأليف: الاستربادي رضي الدين محمد بن الحسن النحوي ت686هـ)، مع شرح شواهده للعالم الجليل عبد القادر البغدادي صاحب خزانة الأدب المتوفي عام 1093 من الهجرة، حققهما وضبط غريبهما، وشرح بهمهما، الأساتذة: محمد نور الحسن محمد الزفزاف، محمد يحيى عبد الحميد المدرس، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1395هـ - 1975م، 4/ 384.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ استفعلته" (¬1). فتكون الروايتان متقاربة المعنى، في رواية ابن ماهان: ملت إلى الرجل اسأله، ورواية ابن سفيان: اخترت رجلاً ضعيفاً اسأله حتى أأمن جانبه وغائلته، وكلاهما يصح والله اعلم. وممن رواه كما رواه مسلم عند المغاربة: ابن أبي شيبة (¬2)، وابن أبي عاصم (¬3)، وابن حبان (¬4). وممن رواه كما رواه مسلم عند المشارقة: الإمام احمد في مسنده (¬5). ¬

_ (¬1) الفائق في غريب الحديث 2/ 99، وينظر غريب الحديث لابن قتيبة الدينوري 2/ 187، والنهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 188، وتاج العروس من جواهر القاموس 1/ 5975. (¬2) مصنف ابن أبي شيبة: كتاب المغازي، إسلام أبي ذر، الحديث رقم 36598، 7/ 338. (¬3) الآحاد والمثاني: ومن بني غفار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن مناف بن كنانة، الحديث رقم 989، 2/ 232. (¬4) صحيح ابن حبان: كتاب أخباره - صلى الله عليه وسلم - عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم بذكر أسمائهم ... - رضي الله عنهم - ذكر البيان بأن أبا ذر كان من المهاجرين الأولين، الحديث رقم 7133، 16/ 77. (¬5) مسند الإمام احمد بن حنبل: مسند الأنصار، هذا حديث أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -، 1745.

باب فضائل حسان بن ثابت ـ - رضي الله عنه - ـ

46 - كتاب فضائل الصحابة - رضي الله عنهم - باب فضائل حسان بن ثابت - رضي الله عنه - حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثني أبي، عن جدي، حدثني خالد بن يزيد، حدثني سعيد بن أبي هلال، عن عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أهجو قريشا فإنه أشد عليهم من رشق بالنبل، فأرسل إلى ابن رواحة فقال: اهجهم، فهجاهم فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه، فجعل يحركه فقال: والذي بعثك بالحق لأفرينهم بلساني فري الأديم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {لا تعجل فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها وإن لي فيهم نسبا حتى يلخص لك نسبي}، فأتاه حسان، ثم رجع فقال: يا رسول الله قد لخص لي نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين. قالت عائشة: فسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لحسان {إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله} وقالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: {هجاهم حسان فشفى واشتفى}، قال حسان (¬1): هجوت محمدا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء ... هجوت محمدا برا تقيا ... رسول الله شيمته الوفاء ... فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء ... ثكلت بنيتي إن لم تروها ... تثير النقع من كنفي كداء ... يبارين الأعنة مصعدات ... على أكتافها الأسل الظماء ... تظل جيادنا متمطرات ... تلطمهن بالخمر النساء ... فإن أعرضتمو عنا اعتمرنا ... وكان الفتح وانكشف الغطاء ... وإلا فاصبروا لضراب يوم ... يعز الله فيه من يشاء ... وقال الله قد أرسلت عبدا ... يقول الحق ليس به خفاء ¬

_ (¬1) ديوان حسان بن ثابت ـ - رضي الله عنه - ـ ص2.

وقال الله قد يسرت جندا ... هم الأنصار عرضتها اللقاء ... 4/ 1935. لنا في كل يوم من معد ... سباب أو قتال أو هجاء ... فمن يهجو رسول الله منك ... ويمدحه وينصره سواء ... وجبريل رسول الله فينا ... وروح القدس ليس له كفاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الحديث فيه خلافان الأول: قال القاضي عياض: "يبارين الأعنة يعني الخيل، هي رواية كافة رواة صحيح مسلم، ومعناه يضاهينها في الجيد لقوة نفوسها وتفسره الرواية الأخرى ينازعن وهي رواية ابن ماهان أو في علك حدائدها ومباراة قوة رؤوسها وصلابة أضراسها لذلك، وقد يكون مباراتها لها مضاهاتها في اللين والانعطاف" (¬1). فيبارين مأخوذة من يبري: إذا عارضه، وصنع مثل ما صنع جاء في اللغة: "بَرَى له يَبْرِي بَرْياً إِذا عارضه، وصَنع مثل ما صنع ومثله انْبَرَى له، وهما يتباريان إِذا صنع كل واحد مثل ما صنع صاحبه، وفي الحديث: "نهى عن طعام المُتَبارِيَيْنِ أَن يؤكل" هما المتعارضان بفعلهما ليُعَجِّزَ أَحدُهما الآخَر بصنيعه وإِنما كرهه لما فيه من المباهاة والرياء ومنه شعر حسان: يُبارِينَ الأَعِنَّةَ مُصْعِداتٍ ... على أَكْتافِها الأَسَلُ الظِّماءُ المُباراة: المُجاراة والمسابقة أَي يُعارِضْنَها في الجَذْب لقوة نفوسها وقوة رؤوسها وعَلْكِ حَدائدها، ويجوز أَن يريد مُشابَهَتَها لها في اللِّين وسُرعة الانقياد" (¬2). وينازعن: يجاذبن جاء في شرح شافيه ابن الحاجب: "جئن ينازعن أي يجاذبن" (¬3) فكلاهما بمعنى. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 87، وينظر إكمال المعلم بفوائد مسلم 7/ 530. (¬2) ينظر النهاية في غريب الحديث والأثر 1/ 313، لسان العرب 14/ 69، تاج العروس 14/ 69. (¬3) شرح شافيه ابن الحاجب 4/ 250.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الثاني: قال القاضي عياض: "قوله في شعر حسان: على أكتافها الأسل الظماء، كذا رواية الكافة، وهي الرماح ومعنى الظماء: أي لدنة رقيقة كما قالوا: فيها ذوابل أي أنها للدونتها كالشيء الذابل اللين، ورواه بعضهم عن ابن ماهان: الأسد الظماء: معناها الرجال المشبهون بالأسد العاطشة إلى دمائهم، وقد يتأول مثل هذا في الرماح أيضا، وقد جاء في أشعار العرب كثيراً" (¬1). وقال الإمام النووي: "قوْله: عَلَى أَكْتَافِهَا الْأَسَل الظِّمَاء أَمَّا أَكْتَافهَا فَبِالتَّاءِ الْمُثَنَّاة فَوْقُ. وَالْأَسَلُ بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَالسِّين الْمُهْمَلَة وَبَعْدهَا لَام. هَذِهِ رِوَايَة الْجُمْهُور وَالْأَسَل الرِّمَاح، وَالظِّمَاء الرِّقَاق، فَكَأَنَّهَا لِقِلَّةِ مَائِهَا عِطَاش. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالظِّمَاءِ الْعِطَاش لِدِمَاءِ الْأَعْدَاء وَفِي بَعْض الرِّوَايَات "الْأُسْد الظِّمَاء" بِالدَّالِ أَيْ الرِّجَال الْمُشْبِهُونَ لِلْأُسْدِ الْعِطَاش إِلَى دِمَائِكُمْ" (¬2). فالقول: "الأسل الرماح، والظماء الرقاق: هو صفة الموصوف، وهو تشبيه قال الزمخشري: "عنده غربال من الأسل، وهو نبات رقيق الأغصان تتخذ من الغرابيل بالعراق، والواحدة أسلة، وقيل للرماح الأسل على التشبيه ... واسلت السلاح حددته وجعلته كالأسل، قال مزاحم العقيلي (¬3): يباري سديساها إذا ما تلمجت ... شباً مثل إبزيم السلام المؤسل" ... (¬4) وقال الصاحب بن عباد: "الأسلُ: نبات له أغصان كثيرة رقاق لا ورق ... له، الواحدة أسلة وسُمِّيَ القنا أسلا تشبيهاً بطوله واستوائه، وكل ارقَّ من الحديد كالأسنان والسيف: اسلٌ، ومنه قول علي بن أبي طالب - عليه السلام -: "لا تود إلا بالأسلِ" (¬5). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 49. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 259. (¬3) منتهى الطلب من أشعار العرب 1/ 305. (¬4) أساس البلاغة 1/ 7/ مادة أسل. ... = (¬5) = (5) المحيط في اللغة 2/ 276.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ على ان أبا عبيد القاسم بن سلامجعل المعنى حقيقة ويشبه به غيره فقال: "في حديث عمر - رضي الله عنه -: هاجروا ولا تهجروا واتقوا الأرنب ان يحذفها أحدكم بالعصا، ولكن ليذك لكم الأسل الرماح والنبل ... فهذا يرد قول من يقول: ان الأسل الرماح خاصة ألا تراه [قد] جعل النبل من الرماح، وقد وجدنا الأسل في غير الرماح إلا ان أكثر ذلك وأفشاه في الرماح، وبعضهم يقول في هذا النبات الذي قال الله تعالى فيه لأيوب - عليه السلام -: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [ص: 44]، إنما قيل له الأسل؛ لأنه شبه بالرماح" (¬1). وأيد الزمخشري هذا القول: "الرماح والنبل بدل من الأسل، وتفسير له، قالوا: وهذا دليل على ان الأسل لا ينطلق على الرماح خاصة، ولقائل يقول: الرماح وحدها بدل، والنبل عطف على الأسل" (¬2). وأما الرواية عن ابن ماهان: "الأسد الظماء"، فالأسد حيوان معروف، والتشبيه به يدل على شجاعة المشبّه فيه، وقوله الظماء هنا ليس المعنى الأول الذي هو الرقاق، وإنما من الظماء أي العطش. قال ابن منظور: "الظمأ العطش، وقيل هو أخفه وأيسره، وقال الزجاج: هو أشده والظمآن العطشان، وقد ظمئ فلان يظمأ ظمأً، وظماءً وظماءة: إذا اشتد عطشه، ويقال: ظمئتُ اظمأ ظمأً، فأنا ظامٍ، وقوم ظماء. وفي التنزيل {لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ} [التوبة: 120]، وهو ظمئ وظمآن، والأنثى ظمأى، وقوم ظماء: أي عطاش، قال الكميت: ... = ¬

_ (¬1) غريب الحديث للقاسم بن سلام 3/ 311، وينظر المخصص 1/ 480. (¬2) الفائق في غريب الحديث 1/ 405.

باب النهي عن الشحناء والتهاجر

47 - كتاب البر والصلة والآداب باب النهي عن الشحناء والتهاجر حدثنيه زهير بن حرب، حدثنا جرير ح، وحدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن عبدة الضبي، عن عبد العزيز الدراوردي كلاهما، عن سهيل، عن أبيه بإسناد مالك نحو حديثه، غير أن في حديث الدراوردي "إلا المتهاجرين" من رواية ابن عبدة، وقال قتيبة: "إلا المهتجرين" 4/ 1987*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = ... إليكم ذوي آل النبي تطلعت ... نوازع من قلبي ظماء وأليتُ" (¬1). وكلا المعنيين صحيح الأول الرماح المدببة المربعة النفاذ في الجسم، والثاني الرجال كالأسد المتعطشة: وهذان المعنيان يلتقيان في كون النتيجة واحدة، وهو الانقضاض على العدو وإراقة دمه. وممن رواه كما وقع لمسلم من طريق المشارقة: الطبراني (¬2)، والبيهقي (¬3)، وأبو نعيم الأصبهاني (¬4). * قال القاضي عياض: "وقوله: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، ولا تهاجروا، من الهجران، وهو إظهار العداوة وقطع الكلام والسلام عنه، كذا لأكثرهم: بفتح التاء، وكذا لابن ماهان في كتاب مسلم، في حديث الداروردي، وكان عند أكثر الرواة فيه: "تهتجروا" من المهاجرة أيضا ومن الهجر، وكذا في رواية قتيبة عنده إلا المهتجرين، كذا لكافتهم، وعند ابن ماهان المتهجرين، وكذا رواه الترمذي وفسره المتصارمين وهو بمعنى ما ذكرناه، وفي غير حديث قتيبة إلا ¬

_ (¬1) لسان العرب 1/ 116، والبيت في الحماسة البصرية: (تأليف: صدر الدين علي بن الحسن البصري ت بعد 647هـ)، تحقيق: مختار الدين أحمد، عالم الكتب، بيروت، 1403هـ - 1983م، 1/ 52، خزانة الأدب 2/ 58. (¬2) المعجم الكبير: من اسمه الحارث، حريث بن زيد بن ثعلبة الأنصاري - حسان بن ثابت الأنصاري، الحديث رقم 3582، 4/ 38. (¬3) سنن البيهقي الكبرى: كتاب الشهادات، باب شهادة الشعراء، الحديث رقم 20895، 10/ 238، ودلائل النبوة: باب نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - بمر الظهران، الحديث غير مرقم 5/ 50. (¬4) معرفة الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني: باب الحاء، باب من اسمه حصين - حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد، الحديث رقم 2025، 6/ 337.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المتهاجرين على ما تقدم" (¬1). فالهجر (¬2): ضد الوصل، والهِجْر والهجر (¬3): ترك ما يلزمك تعاهده، ومنه قوله عز اسمه: {اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30]، وهجره وهاجره واهتجره (¬4) ... قال السائب اخو الزبير: يا قوم جدّوا في قتال القوم ... واهتجروا النوم فما من نوم وقال الجوهري: "والتهاجر التقاطع، والهجر أيضاً الهذيان، وقد هجر المريض يهجر هجراً، فهو هاجر والكلام مهجور قال أبو عبيد: يروى عن ... إبراهيم ما يثبت هذا القول في قوله تعالى: {إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30]، قال: قالوا فيه غير الحق، الم تر إلى المريض إذا هجر قال غير الحق، والهُجرٌ بالضم: الاسم من الاهجار، وهو الإفحاش في المنطق والخنا. قال الشماخ: كما جدة الأعراف قال ابن ضَرَّه ... عليها كلاماً جاز فيه واهجروا (¬5) وكذلك إذا أكثر الكلام فيما لا ينبغي ورماه بها جرات ومُهْجرات أي بفضائح" (¬6). الهجر: "خلاف الوصل يقال: هجر أخاه إذا حرمه وقطع كلامه هجراً وهجراناً فهو هاجر ... والهُجْرُ بالضم: الفحش اسم من اهجر في منطقة إذا = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 265. (¬2) جمهرة اللغة 1/ 231. (¬3) المحيط في اللغة 1/ 283. (¬4) أساس البلاغة 1/ 496. (¬5) فصل المقال في شرح كتاب الأمثال 1/ 28، والفصول والغايات (لأبي العلاء المعري ت449هـ)، 1/ 126. (¬6) الصحاح في اللغة 2/ 243.

باب النهي عن لعن الدواب وغيرها

48 - كتاب البر والصلة والآداب باب النهي عن لعن الدواب وغيرها حدثني سويد بن سعيد، حدثني حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم أن ... عبد الملك بن مروان بعث إلى أم الدرداء بأنجاد من عنده، فلما أن كان ذات ليلة قام عبد الملك من الليل فدعا خادمه فكأنه أبطأ عليه فلعنه، فلما أصبح قالت له ... أم الدرداء: سمعتك الليلة لعنت خادمك حين دعوته فقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {لا يكون اللعانون شفعاء، ولا شهداء يوم القيامة} 4/ 2006*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = أفحش" (¬1). وقال الرافعي (¬2): الهُجر بالضم: الفحش وهو اسم من هجر يهجر من باب قتل وفيه لغة أخرى: اهجر في منطقة بالألف إذا أكثر منه حتى جاوز ما كان متكلم به قبل ذلك. وقال ابن منظور (¬3): الهجرُ ضد الوصل هجره يهجُرُه هجراً وهجراناً: ... حرمه، وهما يهتجران والاسم الهجرة وفي الحديث لا هجرة بعد ثلاث يريد به الهجر ضد الوصل يعني فيما يكون بين المسلمين من عتب وموجدة أو تقصير في حقوق العشرة والصحبة. وممن رواه كما رواه مسلم عند المغاربة: الترمذي (¬4). * قال القاضي عياض: "وقوله: بعث إلى أم الدرداء بخادم كذا لابن ماهان وللجلودي: بأنجاد بفتح الهمزة جمع نجد وهو متاع البيت من فرش وستور ووسائد ومنه بيت منجدا مزين بها" (¬5). ¬

_ (¬1) المغرب بترتيب المعرب 5/ 415. (¬2) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 10/ 9. (¬3) لسان العرب 5/ 250. (¬4) سنن الترمذي: كتاب البر والصلة، باب ما جاء في المتهاجرين، الحديث رقم 2023، 4/ 373. (¬5) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 231.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال الإمام النووي: "قَوْله: بَعَثَ إِلَى أُمّ الدَّرْدَاء بِأَنْجَادٍ مِنْ عِنْده بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَبَعْدهَا نُون ثُمَّ جِيم، وَهُوَ جَمْع نَجَد بِفَتْحِ النُّون وَالْجِيم، وَهُوَ مَتَاع الْبَيْت الَّذِي يُزَيِّنهُ مِنْ فُرُش وَنَمَارِق وَسُتُور، وَقَالَهُ الْجَوْهَرِيّ بِإِسْكَانِ الْجِيم. قَالَ: وَجَمْعه نُجُود حَكَاهُ عَنْ أَبِي عُبَيْد فَهُمَا لُغَتَانِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَة اِبْن مَاهَان بِخَادِمٍ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة، وَالْمَشْهُور الأول" (¬1). وذكر الإمام السيوطي معنى إنجاد وهو ما أشار إليه الإمام النووي عن الجوهري وأبي عبيد، ولم يحدد الخلاف في الحديث (¬2). فمعنى أنجاد: هو متاع البيت من فرش وستور ووسائد (¬3)، وهو ما أشار إليه الأئمة آنفا، وهذه رواية المشارقة. ورواية المغاربة: بخادم أيضاً يصح، لان أم الدرداء قالت في نهاية الحديث تكلم عبد الملك: سمعتك الليلة لعنت خادمك حين دعوته ... وقرينة أخرى الذي يحمل الانجاد وهو الخادم ولعله هو المسمى النّجاد وهو الذي ينجد البيوت والفرش والبسط ... ، أو النّجُود: هو الذي يعالج النجود والنٌّجُود بالنفض والبسط والحشو والتنضيد (¬4). وانفرد مسلم بهذا الحديث. ¬

_ (¬1) شرح النووي على صحيح مسلم 8/ 412. (¬2) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 5/ 526. (¬3) النهاية في غريب الحديث والأثر 5/ 47، ولسان العرب 3/ 413. (¬4) المصدر نفسه 3/ 413.

باب إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده

49 - كتاب البر والصلة والآداب باب إذا أحب الله عبدا حببه إلى عباده حدثنا زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه قال: فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه قال: فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلانا فأبغضوه قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض}. حدثني عمرو الناقد، حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، عن سهيل بن أبي صالح قال: كنا بعرفة، فمر عمر بن ... عبد العزيز وهو على الموسم، فقام الناس ينظرون إليه فقلت لأبي: يا أبت إني أرى الله يحب عمر بن عبد العزيز قال: وما ذاك؟ قلت: لما له من الحب في قلوب الناس فقال: بأبيك أنت سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر بمثل حديث جرير، عن سهيل 4/ 2030. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وفي فضل عمر بن عبد العزيز قال: "بأبيك أنت سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " كذا قيدنا هذه الكلمة عن كافة شيوخنا للعذري والسجزي، وكذا في كتاب ابن أبي جعفر وعند السمرقندي أي مكان أنت، وفي بعض الروايات عنهم فأنبئك أني سمعت وكذا لابن ماهان" (¬1). ومعنى قولهم بأبي: أي بأبي افديه، وهذه اللفظة يراد بها تكريم الشيخ (¬2). والقول بأن في رواية ابن ماهان وغيره "فأنبئك"، أي قال أبو صالح: "فأنبئك إني سمعت أبا هريرة يحدث ... " الحديث. وهو موافق للحديث الذي قبله. ... = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 15. (¬2) المصدر نفسه 1/ 25.

باب معنى كل مولود يولد على الفطرة

50 - كتاب القدر باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز (يعني الدراوردي)، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: {كل إنسان تلده أمه على الفطرة وأبواه بعد يهودانه وينصرانه ويمجسانه فإن كانا مسلمين فمسلم كل إنسان تلده أمه يلكزه الشيطان في حضنيه إلا مريم وابنها} 4/ 2046*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = وممن رواه كما رواه مسلم - وهو ما وقع له عند المشارقة -: الطحاوي (¬1)، والبيهقي (¬2). * قال القاضي عياض (¬3): "وقوله: في المولود: إلا لكن الشيطان في حضنيه بكسر الحاء أي جنبيه وقيل الحضن الخاصرة ورواه ابن ماهان خصييه بالخاء المعجمة والصاد المهملة يعني العورة، وليس بشيء والصواب الأول وقد جاء في البخاري في باب بدء الخلق في جنبيه مفسرا وفي الحديث نفسه ما يدفعه قوله إلا مريم وابنها ومريم أنثى". وذكر الإمام النووي ما وقع لمسلم في نسخة ابن ماهان "خصييه" وأيده في كونهما وهماً (¬4). وكذلك أيد الإمام السيوطي ما ذكره القاضي عياض (¬5). فالحضن هو ناحية الإنسان قال ابن دريد: "الحِضْنانِ: ناحيتا الإنسان، والجمع أحضان. ونواحي كل شيء أحضانه. قال الشاعر: ¬

_ (¬1) مشكل الآثار للطحاوي: باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أسباب المحبة وأسباب البغضة في قلوب الناس، الحديث رقم 3790، 9/ 403. (¬2) الزهد الكبير: (تأليف: البيهقي أبو بكر احمد بن الحسين بن علي بن عبد الله ت 458هـ)، تحقيق: عامر احم حيدر، مؤسسة الثقافة، بيروت، ط2، 1996، الحديث رقم 801، 1/ 300. (¬3) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 207. (¬4) شرح النووي على صحيح مسلم 9/ 12. (¬5) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 6/ 24.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ شَكَكْتُ حِضْنيْه بمطرورةٍ ... مثلِ قُدامَى النَّسر لم تَنْأدِ" .. (¬1). وقال الزمخشري: "إحتضن الصبيّ: أخذه في حضنه وهو ما دون الإبط إلى الكشح" (¬2). أما الخُصْيةُ: "واحدة الخُصى، وكذلك الخِصْيَةُ بالكسر. وقال أبو عمرو: الخُصْيَتانِ: البيضتان. والخُصْيَتانِ: الجلدتانِ اللتان فيهما البيضتان. الأموي: الخُصْيَة ُ: البيضة. والجمع خُصىً، فإذا ثنّيت قلت خُصْيانِ ولم تلحقه التاء. وخَصَيْتُ الفحل خِصاءً ممدودٌ، إذا سللتَ خُصْيَيْهِ. يقال: برئتُ إليك من الخِصاءِ. والرجل خَصيٌّ، والجمع خِصْيانٌ وخِصْيَةٌ. وموضع القطع مَخْصيٌّ" (¬3). الخلاصة: فيكون رواية ابن ماهان وهماً، لان المعنى ينطبق على الذكور فقط والحديث يذكر فيه مريم، وهي انثى، ولذلك جعلها القاضي وهماً. وممن رواه كما رواه مسلم عند المشارقة: الإمام احمد (¬4)، والبيهقي (¬5). ¬

_ (¬1) جمهرة اللغة 1/ 282. (¬2) أساس البلاغة 1/ 89. (¬3) الصحاح في اللغة 1/ 175. (¬4) مسند الإمام أحمد: مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي هريرة ـ - رضي الله عنه - ـ، الحديث رقم 8801، 2/ 368. (¬5) سنن البيهقي الكبرى: كتاب اللقطة، باب الولد يتبع أبويه في الكفر فإذا أسلم أحدهما تبعه الولد في الإسلام، الحديث رقم 11922، 6/ 203، شعب الإيمان: باب القول فيمن يكون مؤمنا بإيمان غيره، الحديث رقم 86، 1/ 97.

باب الحث على ذكر الله تعالى

51 - كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار باب الحث على ذكر الله تعالى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّ اللَّهَ قَالَ: إِذَا تَلَقَّانِي عَبْدِي بِشِبْرٍ تَلَقَّيْتُهُ بِذِرَاعٍ، وَإِذَا تَلَقَّانِي بِذِرَاعٍ تَلَقَّيْتُهُ بِبَاعٍ، وَإِذَا تَلَقَّانِي بِبَاعٍ جِئْتُهُ أَتَيْتُهُ بِأَسْرَعَ} 4/ 2061. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وقوله: في باب من تقرب إلي شبرا وإذا تلقاني بباع جئته بأسرع، كذا لابن ماهان والفارسي وعند العذري أتيته بأسرع، كذا عنده قيل لعله بباع حيث أتيته بأسرع والظاهر أنها لفظة بدل من الأخرى جمعهما الخط غلطا" (¬1). وقال الإمام النووي: "قوله تعالى في رواية محمد [يعني ابن رافع]: "إذا تلقاني بباع جئته أتيته، هكذا هو في أكثر النسخ بأسرع فقط، وفي بعضها أتيته وهاتان ظاهرتان، والأول صحيح أيضاً والجمع بينهما للتوكيد وهو حسن لاسيما عند اختلاف اللفظ، والله اعلم" (¬2). وأيد الإمام السيوطي ما قاله الإمام النووي (¬3). ومن معاني أتيت: المجيء برغبة، قال الراغب الأصفهاني: "الإتيان مجيء بسهولة ومنه قيل للسيل المار على وجهه أتِيٌّ وأتاويٌ" (¬4). والمجيء: "الإتيان جاء جيئاً ومجيئاً ... وجاء في فجئته أجيئه أي غالبني بكثرة المجيء فغلبته" (¬5). وقال الفيروز آبادي: "جاءني فجئته: غالبني بكثرة المجيء ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 168. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 9/ 36. (¬3) ينظر الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 6/ 43. (¬4) المفردات في غريب القرآن: (تأليف: الراغب الأصفهاني أبي القاسم الحسين بن محمد ت 502هـ)، ضبطه وراجعه: محمد خليل عيتاني، دار المعرفة، بيروت - لبنان، ط2، 1420هـ -1999م. (¬5) لسان العرب1/ 51.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فغلبته" (¬1). وجمع المناوي المعنيين فقال: "الإتيان مجيءٌ بسهولة فهو اخص من المجيء إذ الإتيان قد يقال باعتبار القصد، وان لم يكن من حصول والمجيء يقال: اعتبار بالحصول، والإتيان يقال للمجيء بالذات وبالأمر وبالتدبير وفي الخير والشر والأعيان والأعراض" (¬2). وهذا الذي قاله المناوي اقرب إلى قول الإمام النووي من حيث كون التكرار توكيداً لا بدلاً. وممن رواه كما وقع لمسلم عند ابن ماهان الإمام أحمد (¬3). ¬

_ (¬1) القاموس المحيط 1/ 46 بتصرف. (¬2) التوقيف على مهمات التعاريف: (تأليف: المناوي محمد بن عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين ت1031هـ)، دار الفكر بيروت، دمشق، ط1، 1410، 1/ 32. (¬3) مسند الإمام أحمد بن حنبل: مسند المكثرين من الصحابة، مسند أبي هريرة، الحديث رقم 8178، 2/ 316.

باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه

52 - كتاب التوبة باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن سرح مولى بني أمية، أخبرني ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: ثم غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة تبوك، وهو يريد الروم، ونصارى العرب بالشام قال ابن شهاب: فأخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب كان قائد كعب من بنيه حين عمي قال: سمعت كعب بن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، قال كعب بن مالك: لم أتخلف عن رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - في غزوة غزاها قط إلا في غزوة تبوك، غير أني قد تخلفت في غزوة بدر ولم يعاتب أحدا تخلف عنه إنما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون يريدون عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد، ولقد شهدت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر في الناس منها، وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة، فغزاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حر شديد، واستقبل سفرا بعيدا، ومفازا، واستقبل عدوا كثيرا، فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجههم الذي يريد والمسلمون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير ولا يجمعهم كتاب حافظ (يريد بذلك الديوان) قال كعب: فقل رجل يريد أن يتغيب يظن أن ذلك سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي من الله - عز وجل - وغزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال، فأنا إليها أصعر فتجهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه، وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم فأرجع ولم أقض شيئا، وأقول في نفسي أنا قادر على ذلك إذا أردت، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد، فأصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غاديا والمسلمون معه ولم أقض من جهازي شيئا، ثم غدوت فرجعت ولم أقض شيئا، فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو، فهممت أن أرتحل فأدركهم، فيا ليتني فعلت، ثم لم يقدر ذلك لي، فطفقت إذا

خرجت في الناس بعد خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحزنني أني لا أرى لي أسوة إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء ولم يذكرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ تبوكاً فقال وهو جالس في القوم بتبوك " {ما فعل كعب بن مالك}؟ قال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه براده والنظر في عطفيه، فقال له معاذ بن جبل: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبينما هو على ذلك رأى رجلا مبيضا يزول به السراب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {كن أبا خيثمة}، فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري، وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون. فقال كعب بن مالك: فلما بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد توجه قافلا من تبوك حضرني بثي، فطفقت أتذكر الكذب، وأقول: بم أخرج من سخطه غدا؟ وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي، فلما قيل لي إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أظل قادما زاح عني الباطل حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدا، فأجمعت صدقة، وصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قادما، وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد، فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المخلفون، فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم ووكل سرائرهم إلى الله حتى جئت، فلما سلمت تبسم تبسم المغضب، ثم قال: {تعال}، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال لي: {ما خلفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك}؟ قال: قلت يا رسول الله: إني والله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلا ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عقبى الله والله ما كان لي عذر والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك}، فقمت وثار رجال من بني سلمة، فاتبعوني فقالوا لي: والله ما علمناك أذنبت ذنبا قبل هذا، لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما اعتذر به إليه المخلفون، فقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لك. قال: فوالله ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأكذب نفسي، قال: ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي من أحد؟ قالوا: نعم لقيه معك رجلان قالا مثل ما قلت فقيل لهما مثل ما قيل لك قال: قلت: من هما؟ قالوا: مرارة بن ربيعة العامري وهلال بن أمية الواقفي قال: فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة قال: فمضيت حين ذكروهما لي. قال: ونهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه قال: فاجتنبنا الناس وقال: تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي بالأرض التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد وآتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام أم لا؟ ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي وإذا التفت نحوه أعرض عني حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي، فسلمت عليه فوالله ما رد علي السلام فقلت له: يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلمن أني أحب الله رسوله؟ قال: فسكت، فعدت فناشدته، فسكت، فعدت فنا شدته فقال: الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار، فبينا أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي من نبط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك قال: فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاءني، فدفع إلي كتابا من ملك غسان وكنت كاتبا، فقرأته فإذا فيه "أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا ... مضيعة، فالحق بنا نواسك قال: فقلت: حين قرأتها وهذه أيضا من البلاء فتياممت بها التنور، فسجرتها بها حتى إذا مضت أربعون من الخمسين واستلبث الوحي إذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتيني فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك أن تعتزل امرأتك قال:

فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا بل اعتزلها فلا تقربنها قال: فأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك قال: فقلت: لامرأتي الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر قال: فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت له: يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم، فهل تكره أن أخدمه؟ قال: {لا، ولكن لا يقربنك} فقالت: إنه والله ما به حركة إلى شيء، ووالله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا. قال: فقال: لي بعض أهلي لو استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في امرأتك؟ فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه قال: فقلت: لا استأذن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما يدريني ماذا يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استأذنته فيها وأنا رجل شاب قال: فلبثت بذلك عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهي عن كلامنا قال: ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله - عز وجل - منا قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت سمعت صوت صارخ أوفى على سلع يقول بأعلى صوته يا كعب بن مالك أبشر قال: فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج، قال: فآذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس بتوبة الله علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، فذهب قبل صاحبي مبشرون وركض رجل إلي فرسا وسعى ساع من أسلم قبلي وأوفى الجبل، فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني، فنزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته والله ما أملك غيرهما يومئذ واستعرت ثوبين فلبستهما، فانطلقت أتأمم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتلقاني الناس فوجاً فوجا يهنئونني بالتوبة ويقولون لتهنئك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس في المسجد وحوله الناس، فقام طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني والله ما قام رجل من المهاجرين غيره قال: فكان كعب لا ينساها لطلحة. قال كعب: فلما سلمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وهو يبرق وجهه من السرور ويقول: {أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك} قال: فقلت: أمن عندك؟ يا رسول الله أم من عند الله؟ فقال: {لا، بل من عند الله} وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا

سر استنار وجهه كأن وجهه قطعة قمر، قال: وكنا نعرف ذلك قال: فلما جلست بين يديه قلت يا رسول الله: إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {أمسك بعض مالك فهو خير لك} قال: فقلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر قال: وقلت يا رسول الله: إن الله إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت، قال: فوالله ما علمت أن أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومي هذا أحسن مما أبلاني الله به والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى يومي هذا وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي. قال: فأنزل الله - عز وجل - {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118)} [التوبة: 117 - 118] حتى بلغ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} [التوبة: 119]. قال كعب: والله ما أنعم الله علي من نعمة قط بعد إذ هداني الله للإسلام أعظم في نفسي من صدقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين ... كذبوا إن الله قال للذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد وقال الله: ... {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (95) يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96)} [التوبة: 95 - 96] قال كعب: كنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حلفوا له فبايعهم واستغفر لهم وأرجأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا حتى قضى الله فيه، فبذلك قال الله - عز وجل -: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا}،

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وليس الذي ذكر الله مما خلفنا تخلفنا عن الغزو، وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه 4/ 2120. قال القاضي عياض: "وقوله في حديث كعب: ليتأهبوا أهبة عددهم، كذا لابن ماهان، ولسائر الرواة: غزوهم بالزاي وهما صحيحان" (¬1). يقول ابن منظور: قال ابن الإعرابي: الغزو: السير إلى قتال العدو وانتهابه .. ورجل غاز من قوم غزي، وغزي على مثال فعيل حكاه سيبويه، وقال: قلبت فيه الواو ياء لخفة الياء وثقل الجميع، وكررت الزاي لمجاورتها الياء، والغزي اسم للجميع قال الشاعر (¬2): سريت بهم حتى تكل غزيهم ... وحتى الجياد ما يقدن بأرسان" ... (¬3). وقال الرافعي: "غزوت العدو غزواً، فالفاعل غازٍ والجمع غزاة، وغُزّى مثل قضاة، وركّع وجمع الغزاة غزّيٌ على فعيل مثل الحجيج، والغزوة المرة والجمع غزوات مثل شهوة وشهوات، والمغزاة كذلك، والجمع المغازي، ويتعدى بالهمزة فيقال: اغزيته إذا بعثته يغزو وإنما يكون غزو العدو في بلاده" (¬4). فيكون المعنى ليتأهبوا أهبة غزو عدوهم في عقر داره، والله اعلم. وممن رواه كما وقع لمسلم في رواية ابن ماهان: البخاري (¬5) مختصراً. وكرواية البخاري رواه الإمام احمد بن حنبل (¬6) وابن أبي شيبه (¬7)، ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 70. (¬2) الحلل في شرح أبيات الجمل للبطليوسي 1/ 13. (¬3) لسان العرب 15/ 123. (¬4) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير 2/ 447. (¬5) صحيح البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب من أراد غزوة، فوّرى بغيرها ومن أحب الخروج يوم الخميس، الحديث رقم 2788، 3/ 1078. (¬6) مسند الإمام احمد بن حنبل: مسند المكيين، مسند حديث كعب بن مالك الأنصاري - رضي الله عنه -، الحديث رقم 15820، 3/ 456. والحديث رقم 15827، 3/ 456. (¬7) مصنف ابن أبي شيبة: كتاب المغازي، ما حفظ أبو بكر في غزوة تبوك، الحديث رقم 37005، 7/ 422، والحديث رقم 37007، 7/ 423 والرواية فيه طولها.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ والطبراني (¬1)، والبيهقي (¬2). وممن رواه كما رواه مسلم عند المشارقة: البخاري (¬3)، والإمام احمد بن حنبل (¬4)، والنسائي (¬5)، وعبد الرزاق (¬6)، وابن حبان (¬7)، والطبراني (¬8). ¬

_ (¬1) المعجم الكبير للطبراني: باب الكاف، كعب بن مالك الأنصاري عقبي يكنى أبا عبد الله ويقال أبو عبد الرحمن، الحديث رقم 65، 19/ 53. (¬2) سنن البيهقي الكبرى: كتاب السير، باب من ليس للإمام ان يغزو به بحال، الحديث رقم 17649، 9/ 33، وباب من أراد غزوة، فورّى بغيرها، الحديث رقم 18231، 9/ 150. (¬3) صحيح البخاري: كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك وقول الله - عز وجل -: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة: 118]، الحديث رقم 4156، 4/ 1603. (¬4) مسند الإمام احمد بن حنبل: مسند القبائل، حديث كعب بن مالك - رضي الله عنه -، الحديث رقم 27219، 6/ 387. (¬5) سنن النسائي الكبرى: كتاب السير، باب ما يفعل الإمام إذا أراد الغزو، الحديث رقم 8778، 5/ 239، والحديث رقم 8779، 5/ 239، وباب اليوم الذب يستحب السفر فيه، الحديث رقم 7876، 5/ 243. وجميعها مختصرة. (¬6) مصنف عبد الرزاق / كتاب المغازي، حديث الثلاثة الذين خلفوا، الحديث رقم 9744، 5/ 397. (¬7) صحيح ابن حبان: كتاب الزكاة، باب صداقة التطوع، الحديث رقم 3370، 8/ 155. (¬8) المعجم الكبير: باب الكاف، كعب بن مالك الأنصاري عقبي يكنى أبا عبد الله ويقال أبو ... عبد الرحمن، الحديث رقم 91، 19/ 46.

باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف

53 - كتاب التوبة باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف حدثنا حبان بن موسى، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرنا يونس بن يزيد الأيلي ح، وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، ومحمد بن رافع، وعبد بن حميد (قال ابن رافع: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا) عبد الرزاق، أخبرنا معمر والسياق حديث معمر من رواية عبد وابن رافع قال يونس ومعمر جميعا: عن الزهري، أخبرني سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وعلقمة بن وقاص، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن حديث عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله مما قالوا وكلهم، حدثني طائفة من حديثها، وبعضهم كان أوعى لحديثها من بعض، وأثبت اقتصاصا وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني، وبعض حديثهم يصدق بعضا، ذكروا أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه قالت عائشة: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي، فخرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك بعدما أنزل الحجاب، فأنا أحمل هودجي، وأنزل فيه مسيرنا حتى إذا فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوه وقفل، ودنونا من المدينة آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل، فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت من شأني أقبلت إلى الرحل، فلمست صدري فإذا عقدي من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي، فحبسني ابتغاؤه وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون لي فحملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب وهم يحسبون أني فيه قالت وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه وكنت جارية حديثة ... السن، فبعثوا الجمل وساروا ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب فتيممت منزلي الذي كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت وكان صفوان بن المعطل السلمي، ثم الذكواني قد عرس من وراء الجيش، فادلج فأصبح عند منزلي فرأى

سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وقد كان يراني قبل أن يضرب الحجاب علي فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني، فخمرت وجهي بجلبابي ووالله ما يكلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته فوطئ على يدها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة فهلك من هلك في شأني وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي بن سلول. فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمنا المدينة شهرا والناس يفيضون في قول أهل الإفك، ولا أشعر بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيسلم، ثم يقول: {كيف تيكم}؟ فذاك يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعدما نقهت، وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع، وهو متبرزنا ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا من بيوتنا، وأمرنا أمر العرب الأول في التنزه وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، فانطلقت أنا وأم مسطح وهي بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف، وأمها ابنة صخر بن عامر خالة أبي بكر الصديق، وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب، فأقبلت أنا وبنت أبي رهم قبل بيتي حين فرغنا من شأننا، فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت: تعس مسطح. فقلت لها: بئس ما قلت. أتسبين رجلا قد شهد بدرا قالت: أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال؟ قلت: وماذا قال؟ قالت: فأخبرتني بقول أهل الإفك فازددت مرضا إلى مرضي، فلما رجعت إلى بيتي فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلم، ثم قال: {كيف تيكم}؟ قلت: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأنا حينئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما، فأذن لي رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - فجئت أبوي فقلت لأمي: يا أمتاه ما يتحدث الناس؟ فقالت: يا بنية هوني عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها. قالت: قلت: سبحان الله، وقد تحدث الناس بهذا. قالت: فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكي، ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب، وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي يستشيرهما في فراق أهله قالت: فأما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذي يعلم من براءة أهله

وبالذي يعلم في نفسه لهم من الود، فقال: يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلا خيرا، وأما علي بن أبي طالب فقال: لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وإن تسأل الجارية تصدقك، قالت: فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة فقال: {أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك من عائشة}؟ قالت له بريرة: والذي بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها، فتأتي الداجن فتأكله، قالت: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول قالت: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المنبر: {يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي}، فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله إن كان في الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك قالت: فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان رجلا صالحا ولكن اجتهلته الحمية فقال لسعد بن معاذ: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة: كذبت لعمر الله لنقتلنه فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم على المنبر، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخفضهم حتى سكتوا وسكت. قالت: وبكيت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ثم بكيت ليلتي المقبلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي، فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي استأذنت علي امرأة من الأنصار، فأذنت لها، فجلست تبكي قالت: فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلم، ثم جلس، قالت: ولم يجلس عندي منذ قيل لي ما قيل، وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني بشيء قالت: فتشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين جلس، ثم قال: {أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن العبد إذا اعترف بذنب ثم تاب تابَ الله عليه} قالت: فلما قضى رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم - مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي: أجب عني رسول الله

- صلى الله عليه وسلم - فيما قال. فقال: والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت لأمي: أجيبي عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن: إني والله لقد عرفت أنكم قد سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم وصدقتم به، فإن قلت لكم إني بريئة والله يعلم أني بريئة لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم أني بريئة لتصدقونني وإني والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف: فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون. قالت: ثم تحولت فاضطجعت على فراشي، قالت: وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببراءتي ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله - عز وجل - في بأمر يتلى ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في النوم رؤيا يبرئني الله بها. قالت فوالله ما رام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسه، ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله - عز وجل - على نبيه - صلى الله عليه وسلم - فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشات من ثقل القول الذي أنزل عليه قالت: فلما سري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يضحك، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال: {أبشري يا عائشة، أما الله فقد برأك} فقالت لي أمي: قومي إليه. فقلت: والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله، هو الذي أنزل براءتي قالت: فأنزل الله - عز وجل - {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} [النور: 11] عشر آيات، فأنزل الله - عز وجل - هؤلاء الآيات براءتي قالت: فقال أبو بكر: وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره والله لا أنفق عليه شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة، فأنزل الله - عز وجل - {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: 22].

قال حبان بن موسى: قال عبد الله بن المبارك: هذه أرجى آية في كتاب الله، فقال أبو بكر: والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفق عليه، وقال: لا أنزعها منه أبدا. قالت عائشة: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل زينب بنت جحش زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أمري ما علمت؟ أو ما رأيت؟ فقالت: يا رسول الله أحمي سمعي وبصري والله ما علمت إلا خيرا. قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - فعصمها الله بالورع، وطفقت أختها حمنة بنت حجش تحارب لها، فهلكت فيمن هلك. قال الزهري: فهذا ما انتهى إلينا من أمر هؤلاء الرهط. وقال: في حديث يونس احتملته الحمية 4/ 2129. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الحديث فيه خلافان: الأول: قال القاضي عياض: "وفي حديث الإفك في البرية بغير شك، وفي كتاب مسلم: في التنزه من غير شك لكن في رواية ابن ماهان في التبرز وهو صحيح المعنى" (¬1). فرواية ابن سفيان التنزه، "والنزه: مكانٌ نزةٌ نزيه، نَزُهَ نزاهة: إذا خرج إلى البساتين .. ونَزَهْتُ الإبلَ باعدتها عن الماء، وتنزهوا بحرمكم أي اطلبوا لها مكاناً نزيهاً أي خلاءً" (¬2). قال ابن سيده: "التنزه التباعد، والاسم النُزْهَةُ، ومكان نزه ونزيه، وقد نَزِه نزاهة، ونزاهية وارض نزهة ونزِهة بعيدة عذبة نائية عن الانداء والمياه والغمق" (¬3). وقولها "في التنزه" أي كانوا يذهبون إلى الغائط بعيداً عن مكانهم. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 86. (¬2) المحيط في اللغة 1/ 295. (¬3) المحكم والمحيط الأعظم 2/ 169.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ورواية ابن ماهان التبرز هو ارتياد الغائط، قال الأزهري: "وكان الرجل إذا ارتاد غائطاً من الأرض يغيب فيه عن أعين الناس، ثم قيل للبراز نفسه، "وهو الحدث" (¬1). فيكون المعنى صحيحاً أي إذا أرادوا الغائط ذهبوا بعيداً، وممن رواه كما رواه مسلم عند المغاربة: البخاري (¬2)، والنسائي (¬3)، وابن حبان (¬4)، والطبراني (¬5)، والبيهقي (¬6). الثاني: قال القاضي عياض: "وقوله في حديث الإفك في كتاب الشهادات: "ولكن اجتهلته الحمية"، كذا هو هاهنا في نسخ من البخاري بالهاء والجيم، ووقع عند أكثر الرواة وفي غير هذا الموضع منه: "احتملته الحمية" بالحاء المهملة والميم، وهي روايتنا عن شيوخنا، وذكره مسلم في حديث صالح "احتملته"، وفي حديث فليح "اجتهلته"، وكذا ذكره في رواية يونس احتملته بالميم، كذا لشيوخنا، وفي بعض النسخ هنا اجتهلته، وكذلك في رواية معمر عن الزهري في الحديث الطويل اجتهلته، وعند ابن ماهان احتملته، وصوب الوقشي "اجتهلته"، وكلاهما صواب فمعنى احتملته: أي اغضبته يقال إذا غضب قال يعقوب ومعنى اجتهلته مثله، وقد قال ابن المبارك في تفسير الحديث: من استجهل مؤمنا فعليه إثمه يقول من حمله على شيء ليس من خلقه فيغضبه، وقد يكون من الجهل الذي هو ضد العلم أي حملته ¬

_ (¬1) تهذيب اللغة 3/ 91، وينظر لسان العرب 7/ 364، وغيرها. (¬2) صحيح البخاري: كتاب التفسير، باب تفسير سورة النور، الحديث رقم 4473، 4/ 1774. (¬3) سنن النسائي الكبرى: كتاب التفسير، سورة النور، الحديث رقم 11360، 6/ 415. (¬4) صحيح ابن حبان: كتاب النكاح، باب القسم، الحديث رقم 4212، 10/ 13، وينظر الحديث رقم 7099، 16/ 13 منه. (¬5) المعجم الكبير: ذكر أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهن عائشة بنت أبي بكر الصديق زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ، الحديث رقم 133، 23/ 50، والحديث رقم 134، 23/ 50، والحديث رقم 135، 23/ 69، والحديث رقم 142، 23/ 83، والحديث رقم 143، 23/ 87. (¬6) دلائل النبوة: باب حديث الإفك، الحديث رقم 1413، 4/ 124.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ على ما قاله من قول الجاهلين وصيرته مثلهم كما قيل في المثل: نزو الفرار استجهل الفرار حمله على النزو وفعل ما لا يعقل مثل فعله ومنه في الصوم "فلا يرفث ولا يجهل" أي لا يقل قول أهل الجهل من سفه الكلام ورفثه" (¬1). قال الخليل: "الجهل نفيض العلم تقول: جهل فلان حقه، وجهل عليّ وجهل بهذا الأمر، والجهالة ان تفعل فعلاً بغير علم" (¬2). وقال الرازي: "وتجاهل أرى نفسه ذلك وليس به، واستجهله عدّه جاهلاً واستخفه أيضاً، والتجهيل: النسبة إلى الجهل" (¬3). وقال الصاحب بن عباد: "احتمل الرجل: غَضِبَ، واحتمل لونه وامتقَع: واحدٌ" (¬4). وجعل ابن سيده: الغضب إذا كان الفعل (احتمل) مضموم التاء. نقلها احتملته أو اجتهلته: غضب بسرعة دون التأني (¬5). وممن رواه كما رواه مسلم عند ابن ماهان: البخاري (¬6). وممن رواه كما رواه مسلم عند المشارقة: أبو يعلى (¬7)، والإمام احمد (¬8)، وإسحاق بن راهويه (¬9)، والطبراني (¬10). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 162 و163. (¬2) كتاب العين 3/ 390. (¬3) مختار الصحاح 1/ 119. (¬4) المحيط في اللغة 1/ 230. (¬5) المحكم والمحيط الأعظم. (¬6) صحيح البخاري: كتاب الشهادات، باب تعديل النساء بعضهن بعضاً، الحديث رقم 2518، 2/ 942. (¬7) مسند أبي يعلى: مسند عائشة، تابع مسند عائشة - رضي الله عنها -، الحديث رقم 4927، 8/ 322. (¬8) مسند الإمام احمد بن حنبل: مسند الأنصار، حديث السيدة عائشة - رضي الله عنها -، الحديث رقم 25664، 6/ 194، والحديث رقم 25665، 6/ 197. (¬9) مسند إسحاق بن راهويه: ما يروى هن سعيد بن المسيب، عن عائشة - رضي الله عنها -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، الحديث رقم 1104، 3/ 516. (¬10) المعجم الكبير: قصة الإفك وما انزل الله من براءتها، الحديث رقم 133، 23/ 50.

كتاب صفات المنافقين وأحكامهم

54 - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا يعقوب (يعني ابن عبد الرحمن القاري)، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله غير أنه قال: {تكر في هذه مرة وفي هذه مرة} 4/ 2146. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وقوله في حديث المنافق "يكبن في هذه مرة وفي هذه مرة" كذا في حديث قتيبة من رواية ابن ماهان من طريق الهوزني بكاف ساكنة وباء مرفوعة وآخره نون، وعند العذري يكر آخره راء وكاف مكسورة وعند الفارسي يكير بزيادة ياء ورواه بعضهم يكون والأوجه رواية ابن ماهان أي يسير سيراً خفيفاً لينا، قال صاحب العين: الكبن عدو لين وقد كبن يكبن كبونا ورواية العذري أيضاً صحيحة بمعناه يقال كر على الشيء وعليه عطف عليه وكر عنه والكسر في مستقبله على الأصل في المضاعف الذي لا يتعدى وأما رواية الفارسي فلها وجه أيضاً بمعناه قال صاحب الأفعال: كار الفرس إذا جرى رافعاً ذنبه" (¬1). فقوله تكر في رواية ابن سفيان: أي يجري مرة هنا ومرة هنا قال ابن منظور: "الكيار رفع الفرس ذنبه في حُضْره والكِيرِّ الفرس إذا فعل ذلك .. وهما يتكايران بالياء وفي حديث المنافق يكير في هذه مرة وفي هذه مرة أي يجري يقال: كار الفرسُ يكير إذا جرى رافعاً ذنبه ويروى يكبن" (¬2). ورواية ابن ماهان: يكبن أيضاً بمعناه قال الفيروز آبادي: "كَبَنَ الفرسُ يكبنُ كَبْناً وكبوناً: عدا في استرسال اقَصِّرَ في عدوه" (¬3). وفي تاج العروس من جواهر القاموس (¬4): "كَبَنَ الفرسُ يكبن كبناً وكبوناً عدا في استرسال اقصر في عدوه، وقال الأزهري الكبن في العدو: ان لا يجهد نفسه ويكف بعض عدوه وكبن الرجل كبوناً وكبناً لين عدوه، وفي حديث المنافق يكبن = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 334. (¬2) لسان العرب 5/ 154. (¬3) القاموس المحيط 1/ 1583. (¬4) 1/ 8148.

باب مثل المؤمن مثل النخلة

55 - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم باب مثل المؤمن مثل النخلة حدثني محمد بن عبيد الغبري، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أيوب، عن أبي الخليل الضبعي، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما لأصحابه: {أخبروني عن شجرة مثلها مثل المؤمن}، فجعل القوم يذكرون شجرا من شجر البوادي، قال ابن عمر: وألقي في نفسي أو روعي أنها النخلة، فجعلت أريد أن أقولها، فإذا أسنان القوم، فأهاب أن أتكلم، فلما سكتوا قال رسول الله ... - صلى الله عليه وسلم -: {هي النخلة} 4/ 2164*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = في هذه مرة وفي هذه مرة أي يعدو". وذكر ابن الأثير الوجهين فقال في يكبن: "أي يعدو، ويقال: كبن يكبن كبنوناً إذا عدا عدواً ليناً، وقال في يكير: أي يجري يقال: كار الفرس يكرُّ إذا جرى رافعاً ذنبه ويروى يكبن" (¬1). الخلاصة: فما روي عند غير ابن ماهان فهو من باب جواز رواية الحديث بالمعنى. * قال القاضي عياض: "في حديث مثل المؤمن كمثل النخلة قول ابن عمر "وأرى أسنان القوم"، كذا لابن ماهان ولغيره فإذا، والأول الصواب" (¬2). وقال أيضاً (¬3): "وارى أسنان القوم فأهابه" يريد المشيخة ذوي الأسنان، أي الأعمار، كذا لابن ماهان، وعند الجلودي: "فإذا أسنان القوم" والأول أليق الكلام، فيه توفير الأكابر وإلا بتقدم الصغير بين أيديهم بالكلام كما قال - عليه السلام -: "كبر كبر"، و "الكبر الكبر". فرواية ابن ماهان أرى أسنان القوم وجعلها القاضي اصح الروايتين بمعنى أبصرهم قال الزمخشري: "رايته بمعنى أبصرته وكذلك أريت الشيء بمعنى ¬

_ (¬1) النهاية في غريب الحديث والأثر 4/ 249 و407. (¬2) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 26. (¬3) إكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 348.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بصرته، ومنه قوله - عز وجل -: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} [البقرة: 128] ... " (¬1) ورواية المشارقة: "فإذا أسنان القوم"، فهي إذا الفجائية المختصة بالأسماء وما بعدها واجب الرفع، كقولك: خرجت فإذا زيدٌ يضرُبُه عمرو (¬2). وأراد بقوله فإذا أسنان القوم، انه تفاجأ بحضورهم فلم يتكلم فيكون سياق الجملة واضح المعنى ومسار الرواية لا اختلال فيه، لكن من رواه أرى أسنان القوم نصب أسنان على المفعولية، ومن رواه فإذا أسنانُ القوم، رفع أسنان على الابتداء والله اعلم. الخلاصة: فهو من باب جواز الرواية بالمعنى. وممن رواه كما في رواية ابن ماهان: ابن منده (¬3)، وافرد ابن سفيان بلفظ "فإذا أسنان القوم" وهي رواية المشارقة. ¬

_ (¬1) المفصل في صنعة الإعراب: (تأليف: الزمخشري أبي القاسم محمود بن عمر جار الله الخوارزمي ت 538هـ)، تحقيق: د. علي بو ملحم، دار ومكتبة الهلال - بيروت، ط1، 1993، 1/ 346. (¬2) ينظر شرح قطر الندى وبل الصدى: (تأليف: ابن هشام أبو محمد عبد الله جمال الدين الأنصاري ت761هـ)، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، القاهرة، ط11، 1383هـ، 1/ 93، 196. وشرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب: (تأليف: ابن هشام أبو محمد عبد الله جمال الدين الأنصاري ت761هـ)، تحقيق: عبد الغني الدقر، الشركة المتحدة للتوزيع، دمشق، ط1، 1984، 1/ 548. (¬3) كتاب الإيمان، باب ذكر المثل الذي ضربه الله والنبي - صلى الله عليه وسلم - للمؤمن، الحديث رقم 188.

باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا

56 - كتاب صفات المنافقين وأحكامهم باب جزاء المؤمن بحسناته في الدنيا والآخرة وتعجيل حسنات الكافر في الدنيا حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وزهير بن حرب (واللفظ لزهير) قالا: حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا همام بن يحيى، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة يعطى بها في الدنيا ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها} 4/ 2162. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وقوله وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل كذا لهم ولابن ماهان فيعطى بحساب" (¬1). فرواية ابن ماهان عامة بمجازاته في الدنيا بكل أصناف الحياة ورواية ابن سفيان وكلا المعنيين يدلان على ان الكافر يعجل له في فعله للخير في الدنيا ولا يدخر له شيء في الآخرة. وتفرد الإمام مسلم بهذا الحديث. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 213.

باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض

57 - كتاب الفتن وأشراط الساعة باب هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض حدثنا أبو الربيع العتكي، وقتيبة بن سعيد كلاهما، عن حماد بن زيد (واللفظ لقتيبة)، حدثنا حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض وإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم، وإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها - أو قال من بين أقطارها - حتى يكون بعضهم يهلك بعضاَ ويسبي بعضهم بعضا} 4/ 2215. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "قوله لو اجتمع عليهم من بين أقطارها، بفتح الميم وعن ابن ماهان: مِنْ أقطارها" (¬1)، فرواية الأولى مروية على اللفظ، ورواية ابن ماهان مقاربة ودلت على معنى واحد وهو من يجتمع من أطراف الأرض". ورواية ابن خزيمة (¬2)، وابن حبان (¬3) الحديث " ... من أقطارها أو من بين أقطارها" بدون باء في الأولى وهي على المعنى أيضاً. ورواه الحاكم (¬4) "مَنْ بأقطارها حتى يكون بعضهم ... "، وكذلك أبو نعيم (¬5). ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 382. (¬2) صحيح ابن خزيمة: ذكر سؤال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ربه جل وعلى لامته بان لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم، الحديث رقم 7361، 30/ 6. (¬3) صحيح ابن حبان: كتاب إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم بذكر أسمائهم - رضي الله عنهم -، ذكر سؤال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ربه جل وعلا لامته بأن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم، الحديث رقم 7361، 30/ 6. (¬4) المستدرك على الصحيحين: كتاب معرفة الصحابة - رضي الله عنهم - .. ، كتاب الفتن والملاحم، الحديث رقم 4/ 496. (¬5) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: عبد الله بن زيد الحضرمي، الحديث غير مرقم، 2/ 289.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وممن رواه كما رواه مسلم عند ابن سفيان: الترمذي (¬1)، أبو داود (¬2)، وابن ماجة (¬3) لكنه بلفظ مختلف في غير هذا الموضع، وللإمام احمد (¬4) تقديم وتأخير، وللطبري (¬5)، والبيهقي (¬6) أيضاً رواية لموضع واحد. وجمع الروايتين ابن أبي شيبة (¬7). ¬

_ (¬1) سنن الترمذي: كتاب الفتن عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب ما جاء في سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثاً في أمته، الحديث رقم 2102، 8/ 86. (¬2) سنن أبي داود: كتاب الفتن والملاحم، باب ذكر الفتن ودلائلها، الحديث رقم 4252. (¬3) سنن ابن ماجة: كتاب الفتن، باب ما يكون من الفتن، الحديث رقم 3952، 2/ 1304. (¬4) مسند الإمام احمد بن حنبل: باقي مسند الأنصار، من حديث ثوبان - رضي الله عنه -، الحديث رقم 22448، 5/ 278، والحديث رقم 22505، 5/ 284. (¬5) المعجم الأوسط: من بقية من أول اسمه ميم من اسمه موسى، الحديث رقم 8397، 8/ 200. (¬6) سنن البيهقي الكبرى: كتاب السير، باب إظهار دين النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأديان، الحديث رقم 18398، 9/ 181. (¬7) مصنف ابن أبي شيبة: كتاب الفضائل، باب ما أعطى الله تعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم -، الحديث رقم 31694، 6/ 311.

باب إقبال الروم في كثرة القتل عند خروج الدجال

58 - كتاب الفتن وأشراط الساعة باب إقبال الروم في كثرة القتل عند خروج الدجال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن حجر كلاهما، عن ابن علية (واللفظ لابن حجر)، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أبي قتادة العدوي، عن يسير بن جابر قال: هاجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجيري ألا يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة، قال: فقعد وكان متكئا فقال: إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث، ولا يفرح بغنيمة، ثم قال بيده هكذا (ونحاها نحو الشام) فقال: عدو يجمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهل الإسلام قلت الروم تعني؟ قال: نعم وتكون عند ذاكم القتال ردة شديدة، فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب، وتفنى الشرطة، ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة، فيقتتلون حتى يمسوا، فيفيء هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب، وتفنى الشرطة، فإذا كان يوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام، فيجعل الله الدبرة عليهم، فيقتلون مقتلة - إما قال لا يرى مثلها، وإما قال لم ير مثلها - حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم، فما يخلفهم حتى يخر ميتا، فيتعاد بنو الأب كانوا مائة فلا يجدونه بقي منهم إلا الرجل الواحد، فبأي غنيمة يفرح؟ أو أي ميراث يقاسم؟ فبينما هم كذلك إذ سمعوا ببأس هو أكبر من ذلك، فجاءهم الصريخ إن الدجال قد خلفهم في ذراريهم، فيرفضون ما في أيديهم ... ويقبلون، فيبعثون عشرة فوارس طليعة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {إني لأعرف أسمائهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ أو من خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ}. قال ابن أبي شيبة في روايته، عن أسير بن جابر 4/ 2223.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وفي الملاحم ويجتمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام، كذا للسجزي والسمرقندي، وعند ابن ماهان: الشام في الأول والإسلام في الآخر، وعند العذري فيهما أهل الشام والإسلام فيهما وهو أشبه" (¬1). ففي رواية ابن ماهان خصصت أهل الشام من المسلمين، وهذا يجوز فيمن سكن الشام منهم ان ينسب إليهم، ومثل ذلك ترجم المحدِّثون في المسانيد وغيرها عناوين منها على سبيل المثال لا الحصر مسند الشاميين أو مسند البصريين للدلالة على وجود الحديث عند هؤلاء المحدثين ممن سكن الشام أو سكن البصرة منهم، وليس مشهوراً في مكان آخر، ورواية ابن سفيان عامة في المسلمين دون تحديد المكان أو الموضع. وروى أبو يعلى (¬2)، والحاكم (¬3) الحديث " ... وقال: عدو يجتمعون لأهل الإسلام، ويجمع لهم أهل الإسلام - ونحى بيده إلى الشام - ... " الخلاصة: رواية ابن ماهان خاصة ورواية ابن سفيان عامة فكلاهما تصح به الرواية. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 219. (¬2) مسند أبي يعلى: مسند عبد الله بن مسعود، الحديث رقم 5381، 9/ 259. (¬3) المستدرك على الصحيحين: كتاب الفتن والملاحم، الحديث رقم 8471، 4/ 523.

باب في حديث الهجرة ويقال له حديث الرحل

59 - كتاب الزهد والرقائق باب في حديث الهجرة ويقال له حديث الرحل حدثني سلمة بن شبيب، حدثنا الحسن بن أعين، حدثنا زهير، حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء بن عازب يقول: جاء أبو بكر الصديق إلى أبي في منزله فاشترى منه رحلا فقال لعازب: ابعث معي ابنك يحمله معي إلى منزلي فقال لي: أبي احمله، فحملته وخرج أبي معه ينتقد ثمنه فقال له أبي: يا أبا بكر، حدثني كيف صنعتما ليلة سريت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: نعم، أسرينا ليلتنا كلها حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق، فلا يمر فيه أحد حتى رفعت لنا صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه الشمس بعد، فنزلنا عندها فأتيت الصخرة فسويت بيدي مكانا ينام فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - في ظلها ثم بسطت عليه فروة، ثم قلت: نم يا رسول الله، وأنا أنفض لك ما حولك، فنام وخرجت أنفض ما حوله، فإذا أنا براعي غنم مقبل بغنمه إلى الصخرة يريد منها الذي أردنا، فلقيته فقلت: لمن أنت؟ يا غلام فقال: لرجل من أهل المدينة قلت: أفي غنمك لبن؟ قال: نعم. قلت: أفتحلب لي؟ قال: نعم. فأخذ شاة فقلت له: انفض الضرع من الشعر والتراب والقذى، (قال: فرأيت البراء يضرب بيده على الأخرى ينفض)، فحلب لي في قعب معه كثبة من لبن قال: ومعي إدواة أرتوي فيها للنبي - صلى الله عليه وسلم - ليشرب منها ويتوضأ قال: فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وكرهت أن أوقظه من نومه فوافقته، استيقظ فصببت على اللبن من الماء حتى برد أسفله فقلت: يا رسول الله اشرب من هذا اللبن قال: فشرب حتى رضيت، ثم قال: {ألم يأن للرحيل}؟ قلت: بلى. قال: فارتحلنا بعد ما زالت الشمس، واتبعنا سراقة بن مالك قال: ونحن في جلد من الأرض فقلت: يا رسول الله أتينا. فقال: {لا تحزن إن الله معنا} فدعا عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فارتطمت فرسه إلى بطنها أرى فقال: إني قد علمت أنكما قد دعوتما علي فادعوا لي فالله لكما أن أرد عنكما الطلب، فدعا الله فنجى، فرجع لا يلقى أحدا إلا قال: قد كفيتكم ما ههنا فلا يلقى أحدا إلا رده قال: ووفى لنا 4/ 2308.

............................................................................................ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "وفي الهجرة قوله "فصببت من الماء على اللبن حتى برد أسفله" كذا هو الصواب، وفي رواية ابن ماهان: فصببت من اللبن على الماء فقدم وأخر، وهو وهم" (¬1). وهذا الذي ذكره القاضي عياض تؤيده رواية البخاري (¬2)، وابن الجعد (¬3). الخلاصة: فالوهم في رواية ابن ماهان. ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 378. (¬2) صحيح البخاري: كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، الحديث رقم 3419، 3/ 1323. (¬3) مسند ابن الجعد: الجزء العاشر، من حديث أبي الحسن علي بن جعد بن عبيد الجوهري، من حديث أبي خيثمة زهير بن معاوية بن جريج الجعفي، الحديث رقم 2574، 1/ 376.

كتاب التفسير

60 - كتاب التفسير حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب (واللفظ لأبي بكر) قال حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال: قالت اليهود لعمر لو علينا معشر يهود نزلت هذه الآية {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3)} [المائدة] نعلم اليوم الذي أنزلت فيه لاتخذنا ذلك اليوم عيدا، قال: فقال عمر: فقد علمت اليوم الذي أنزلت فيه، والساعة، وأين رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ حين نزلت، نزلت ليلة جمع، ونحن مع رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ بعرفات 4/ 2312. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال القاضي عياض: "في التفسير في كتاب مسلم في نزول {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، في حديث ابن أبي شيبة:"نزلت ليلة جمعة ونحن بعرفات"، كذا لابن ماهان، ولغيره:"ليلة جمع"، والأول أوجه؛ لموافقة سائر الأحاديث" (¬1). وقال الإمام النووي: "قَوْله: فِي قَوْله تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}، إِنَّهَا نَزَلَتْ لَيْلَة جَمْع، وَنَحْنُ مَعَ رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَفَاتٍ)، هَكَذَا هُوَ النُّسَخ، ... الرِّوَايَة: (لَيْلَة جَمْع)، وَفِي نُسْخَة اِبْن مَاهَانِ: (لَيْلَة جُمْعَة)، وَكِلَاهُمَا ... صَحِيح. فَمَنْ رَوَى (لَيْلَة جَمْع)، فَهِيَ لَيْلَة الْمُزْدَلِفَة، وَهُوَ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ: ... (وَنَحْنُ بِعَرَفَاتٍ فِي يَوْم جُمْعَة)؛ لِأَنَّ لَيْلَة جَمْع هِيَ عَشِيَّة يَوْم عَرَفَات، ... وَيَكُون الْمُرَاد بِقَوْلِهِ: (لَيْلَة جُمْعَة) يَوْم جُمْعَة، وَمُرَاد عُمَر ـ - رضي الله عنه - ـ إِنَّا قَدْ اِتَّخَذْنَا ... ذَلِكَ الْيَوْم عِيدًا مِنْ وَجْهَيْنِ؛ فَإِنَّهُ يَوْم عَرَفَة، وَيَوْم جُمْعَة، وَكُلّ وَاحِد مِنْهُمَا ... عِيد لِأَهْلِ الْإِسْلَام" (¬2). وذكر موضع الاختلاف هذا الإمام السيوطي أيضاً (¬3). وسواء أكان يوم جمعة أو يوم جمع، فكلاهما صحيح لموافقة ذلك اليوم = ¬

_ (¬1) مشارق الأنوار على صحاح الآثار 1/ 155. (¬2) شرح النووي على صحيح مسلم 9/ 394. (¬3) 3) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج 6/ 323.

كتاب التفسير

61 - كتاب التفسير حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن المغيرة بن ... النعمان، عن سعيد بن جبير قال: اختلف أهل الكوفة في هذه الآية {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} [النساء: 93]، فرحلت إلى ابن عباس، فسألته عنها فقال: لقد أنزلت آخر ما أنزل، ثم ما نسخها شئ 4/ 2317*. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ = حجاً أكبراً، فكان العيد عيدين عليهم، قال ابن عباس: "فإنها نزلت في يوم عيدين اثنين: يوم عيد، ويوم جمعة" (¬1). والله أعلم. وممن رواه ـ كما رواه مسلم عند ابن ماهان ـ الطبري (¬2)، وساق عدة روايات. * قال القاضي عياض: "وقوله في الحديث: "فرحلت إلى ابن عباس"، هذا هو الصواب بالراء والحاء المهملة، وعند ابن ماهان: "فدخلت" بالدال والخاء المعجمة" (¬3). قال الإمام النووي: - "قَوْله: (فَرَحَلْت إِلَى اِبْن عَبَّاس)، هُوَ بِالرَّاءِ وَالْحَاء الْمُهْمَلَة، هَذَا هُوَ الصَّحِيح الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَات، وَفِي نُسْخَة اِبْن مَاهَانِ: (فَدَخَلْت) بِالدَّالِ وَالْخَاء الْمُعْجَمَة، وَيُمْكِن تَصْحِيحه بِأَنْ يَكُون مَعْنَاهُ دَخَلْت بَعْد رِحْلَتِي إِلَيْهِ" (¬4). فرواية ابن ماهان تتكلم عن الدخول، ورواية ابن سفيان تتكلم عن الرحلة، ورواية ابن ماهان أيدتها رواية الطبراني (¬5)، وأيدت رواية النسائي (¬6) ما عند ابن سفيان. فيتبين صواب كلا الروايتين، والله أعلم. ¬

_ (¬1) جامع البيان عن تأويل آي القرآن: سورة المائدة ذكر من قال نزلت هذه الآية بعرفة في حجة الوداع، 2/ 86. (¬2) المصدر نفسه. (¬3) إكمال المعلم بفوائد مسلم 8/ 584. (¬4) شرح النووي على صحيح مسلم 9/ 400. (¬5) المعجم الكبير: باب العين، أحاديث عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف يكنى أبا العباس ومن أخباره ووفاته ـ رضي الله عنهما ـ، الحديث رقم 12315، 12/ 10. (¬6) السنن الكبرى: كتاب القسامة، تضمين المتطيب، الحديث رقم 7070،4/ 249.

الخاتمة

الخاتمة إن رواة الصحيح لهم دور كبير في نشر صحيح مسلم في المشرق والمغرب، فحصل له حظ عظيم في قبوله في البلاد الإسلامية، وعلى الرغم من كثرتهم، فإن رواياته اقتصرت على أربعة طرق قد ذكرتها في الدراسة. عملت في هذه الدراسة "رواية صحيح مسلم من طريق ابن ماهان مقارنة برواية ابن سفيان" وكما هو واضح من عنوانها مقارنة بين هذه الروايتين لكي يتحدد عدد الأحاديث المختلف فيها، وقد ثبتنا الملاحظات الآتية: 1 - عند دراستنا وجدنا اختلاف النسخ، وهذا راجع إلى تعدد الرواة. 2 - إن الاختلاف الحاصل راجع إلى ضبط الرواة والى جواز الرواية بالمعنى كما في الاختلاف في الحديث السابع والخمسين من هذه الدراسة. 3 - إن رواة صحيح مسلم هم ثقات، وعلى هذا تكون دراستنا بعيدة عن التصحيح والتضعيف. 4 - إن الاختلاف الحاصل دلنا على إمكانية التوفيق بين الروايات ما أمكن. 5 - عناية الأئمة الفائقة وتنبيههم على الاختلافات الحاصلة، وأنها لا تضر في الصحة. 6 - التأكيد على أن الاختلافات الحاصلة هي نسبة ضئيلة جداً جداً إذا ما قورنت بعدد أحاديث الصحيح. 7 - وجدنا اختلافات بين الروايتين بأسانيد الأحاديث ومتونها بلغ مجموعها (117) اختلافاً، وبعد التتبع لها تبين أن الاختلاف محتمل فتقلص العدد إلى (28) في الأسانيد و (8) في المتون عند ابن ماهان، و (3) في الأسانيد و (1) في المتون عند ابن سفيان، وهذه الاختلافات هي بسبب الخطأ، والوهم، والتصحيف. 8 - من خلال دراستنا وجدنا نسخاً خطية كثيرة حاصلها يعود إلى الروايتين (ابن سفيان، وابن ماهان). 9 -

الدفاع المبكر لهذا الاختلاف من قبل الأئمة ليثبتوا أن صحيح مسلم لا يقل شأناً عن صحيح البخاري. 10 - هذه الدراسة أخرجناها من مضان شروح الحديث، وضبطنا فيها أسماء الرجال، وكناهم، وألقابهم، وأنسابهم، ومواطنهم، وكذلك ضبطنا ما وقع في الأحاديث من غريب. 11 - تبين لنا أننا يمكن الابتعاد عن ذكر الخطأ والوهم؛ لما رأينا أنه يمكن الجمع بينهما.

قائمة المصادر والمراجع

قائمة المصادر والمراجع القرآن الكريم 1 - الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية ومجانبة الفرق المذمومة (الإبانة الكبرى): (ابن بطة أبي عبد الله عبيد الله بن محمد الحنبلي ت378هـ)، دار الراية، ط1، 1415هـ ـ 1995م. 2 - أبجد العلوم الوشي المرقوم في بيان أحوال العلوم: (تأليف: القنوجي أبي الطيب صديق بن حسن بن علي الحسنين البخاري ت1307هـ)، تحقيق: عبد الجبار زكار، دار الكتب العلمية، بيروت 1978. 3 - إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري، بقلم الدكتور عبد الله بن محمد حسن، بحث على شبكة المنهاج الإسلامية، تاريخ الإضافة: 14/ 3/2008. 4 - الآحاد والمثاني: (الشيباني أبي بكر أحمد بن عمرو بن الضحاك)، تحقيق: د. باسم فيصل أحمد الجوابرة، دار الراية، الرياض، ط1، 1411هـ - 1991م. 5 - أدب الكاتب: (تأليف: الدينوري أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة)، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، مكتبة السعادة - مصر، ط4، 1963م. 6 - الأدب المفرد: (تأليف: البخاري أبي عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي ت256هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، ط3، 1409هـ - 1989م. 7 - أساس البلاغة: (تأليف: الزمخشري محمود بن عمر ت538هـ)، مكتبة لبنان، بيروت. 8 - الاستيعاب في معرفة الأصحاب: (تأليف: ابن عبد البر يوسف بن عبد الله بن محمد ت463هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل - بيروت، ط1، 1412هـ. 9 -

الإصابة في تمييز الصحابة: (تأليف: العسقلاني ابن حجر أبي الفضل أحمد بن علي الشافعي ت852)، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت، ط1، 1412هـ - 1992م. 10 - إصلاح غلط المحدثين، (تأليف: الخطابي حمد بن محمد بن إبراهيم البستي)، تحقيق: د. محمد علي عبد الكريم الرديني، دار المأمون للتراث، دمشق، ط1، 1407هـ. 11 - الأغاني: (تأليف: الأصبهاني أبي الفرج علي بن الحسين بن محمد ت356هـ)، تحقيق: علي مهنا وسمير جابر، دار الفكر للطباعة والنشر، لبنان، 8/ 223. 12 - إكمال المعلم بفوائد مسلم: (تأليف: القاضي عياض أبي الفضل بن موسى بن عياض اليحصبي ت 544هـ)، تحقيق: د. تحيى إسماعيل، دار الوفاء - مصر، ط3، 1426هـ - 2005م. 13 - الأماكن أو ما اتفق لفظه وافترق مسماه من الأمكنة: الحازمي حمد بن موسى بن عثمان بن موسى بن عثمان بن حازم. 14 - الأمالي في لغة العرب: (تأليف: القالي أبي علي إسماعيل بن القاسم البغدادي ت356هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، 1398هـ 1978م. 15 - الإمام مسلم ومنهجه في صحيحه: (تأليف د. محمد عبد الرحمن طوالبة) رسالة دكتوراه / المرحلة الثالثة، دار عمار، عمان، ط 1، 1418هـ - 1988م. 16 - أمثال العرب: (الضبي المفضل بن محمد بن يعلى بن سالم ت168هـ)، إحسان عباس، دار الرائد العربي، بيروت - لبنان، ط1، 1401هـ - 1981م. 17 - الأنساب: (تأليف: السمعاني أبي سعيد عبد الكريم بن محمد بن منصور التميمي ت506هـ)، تحقيق: عبد الله عمر البارودي، دار الفكر، بيروت، ط1، 1998م. 18 -

الإيضاح في علوم البلاغة: (تأليف: القزويني جلال الدين محمد بن ... عبد الرحمن بن عمر ت739هـ)، دار الجيل – بيروت، ط4، 1988. 19 - البحر الزخار: (تأليف: البزار أبي بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق)، تحقيق: د. محفوظ الرحمن زين الله، مؤسسة علوم القرآن , مكتبة العلوم والحكم - بيروت , المدينة – 1409هـ، ط1. 20 - البداية والنهاية: (تأليف: ابن كثير أبي الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير ت748هـ)، مكتبة المعارف - بيروت، د. ط، د. ت. 21 - برنامج الوادي آشي: (تأليف: الوادي آشي محمد بن جابر التونسي ت763هـ)، تحقيق محمد محفوظ، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط1، 1400هـ -1980م. 22 - تاج العروس من جواهر القاموس: (تأليف: الزبيدي محمد مرتضى الحسيني)، تحقيق: مجموعة من المحققين، دار الهداية، د. ط، د. ت. 23 - تاريخ ابن معين - رواية الدوري -: (تأليف: أبي زكريا يحيى بن معين، ت233هـ)، تحقيق: د. أحمد محمد نور سيفج، مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي - مكة المكرمة، ط1، 1399هـ - 1979م. 24 - تاريخ الأدب العربي: (تأليف: كارل بروكلمان)، نقله إلى العربية ... د. عبد الحليم النجار، نشر برعاية جامعة الدول العربية، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، دار المعارف، القاهرة، ط4، 1977م. 25 - تاريخ أسماء الثقات: (تأليف: ابن شاهين أبو حفص عمر بن أحمد الواعظ ت385هـ)، تحقيق: صبحي السامرائي، الدار السلفية - الكويت، ط1، 1404هـ - 1984م. 26 - التاريخ الأوسط: (تأليف: البخاري أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن إسماعيل الجعفي ت256هـ)، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الوعي , مكتبة دار التراث - حلب / القاهرة، ط1، 1397هـ - 1977م. 27 -

تاريخ بغداد: (تأليف: الخطيب البغدادي أبي بكر أحمد بن علي ت463هـ)، دار الكتب العلمية - بيروت، د. ط، د. ت. 28 - تاريخ التراث العربي: (تأليف: فؤاد سزكين)، نقله إلى العربية د. محمود فهمي حجازي، راجعه د. عرفة مصطفى ود. سعيد عبد الرحيم، مطبعة بهمن، قم ـ إيران، ط2،1403هـ ـ 1983م. 29 - تاريخ علماء الأندلس: (تأليف: ابن الفرضي أبي الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر القرطبي ت443هـ). 30 - التاريخ الكبير: (تأليف: البخاري أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي ت256هـ)، تحقيق: السيد هاشم الندوي، دار الفكر، د. ط، د. ت. 31 - تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل: (تأليف: ابن عساكر أبي القاسم علي بن الحسن إبن هبة الله بن عبد الله الشافعي ت571هـ)، تحقيق: محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري، دار الفكر، بيروت، 1995. 32 - تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري: (تأليف: ابن عساكر علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي ت571هـ)، دار الكتاب العربي - بيروت، ط3، 1404هـ. 33 - التبيين لأسماء المدلسين: (تأليف: الحلبي إبراهيم بن محمد بن سبط ابن العجمي أبو الوفا الطرابلسي)، تحقيق: محمد إبراهيم داود الموصلي، مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت، ط1، 1414هـ - 1994م 34 - تحفة الأكابر: (تأليف: الشوكاني محمد بن علي بن محمد ت1250هـ)، تحقيق: خليل بن عثمان الجبور السبيعي، طبعة دار ابن حزم، ط1، 1999م. 35 -

التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة: (تأليف: الإمام شمس الدين السخاوي ت902هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1414هـ -1993م. 36 - التدوين في أخبار قزوين: (تأليف: القزويني عبد الكريم بن محمد الرافعي ت623هـ)، تحقيق: عزيز الله العطاري، دار الكتب العلمية، بيروت، 1987م. 37 - تذكرة الحفاظ: (تأليف: الذهبي أبي عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن قايماز)، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1. 38 - http://www.almeshkat.net/books/open.php?book=1447&c ترتيب المسالك at=12 39 - تسمية من أخرجهم البخاري ومسلم وما انفرد كل واحد منهما: (تأليف: الحاكم النيسابوري أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن حمدويه ت405هـ)، تحقيق: كمال يوسف الحوت، مؤسسة الكتب الثقافية , دار الجنان - بيروت، ط1، 1407هـ. 40 - التعديل والتجريح , لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح: (تأليف: الباجي أبي الوليد سليمان بن خلف بن سعد)، تحقيق: د. أبو لبابة حسين، دار اللواء للنشر والتوزيع، الرياض، ط1، 1406هـ - 1986م. 41 - التعريف بالإمام مسلم وكتابه الصحيح: بحث أعده لملتقى أهل الحديث الشيخ عبد الرحمن السديس. 42 - تفسير السلمي وهو حقائق التفسير: (تأليف: السلمي أبي عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى الأزدي)، تحقيق: سيد عمران، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، ط1، 1421هـ - 2001م. 43 - التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب: (تأليف: الرازي فخر الدين محمد بن عمر التميمي الشافعي ت606هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1421هـ - 2000م. 44 -

تقريب التهذيب: (تأليف: ابن حجر أبي الفضل أحمد بن علي العسقلاني الشافعي ت852هـ)، تحقيق: محمد عوامة، دار الرشيد، سوريا، ط1، 1406هـ - 1986م. 45 - التقييد لمعرفة رواة الموطأ والمسانيد (تأليف: ابن نقطة أبي بكر محمد بن عبد الغني البغدادي ت629هـ)، تحقيق: كمال يوسف الحوت، دار الكتب العلمية، بيروت ط1، 1408. 46 - تقييد المهمل وتمييز المشكل: (تأليف: الغساني أبي علي الحسين بن محمد الجياني ت498هـ)، اعتنى به علي بن محمد العمران ومحمد عزيز شمس، دار عالم الفوائد، ط1، 1241هـ - 2000م. 47 - تهذيب التهذيب: (تأليف: ابن حجر أبي الفضل أحمد بن علي العسقلاني الشافعي ت852هـ)، دار الفكر، بيروت، ط1، 1404هـ 1984م. 48 - تهذيب الكمال: (تأليف: المزي أبي الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن ت742هـ)، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط1، 1400هـ - 1980م. 49 - توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار: (الصنعاني محمد بن إسماعيل الأمير الحسني ت1182هـ)، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، المكتبة السلفية ـ المدينة المنورة. 50 - التوقيف على مهمات التعاريف: (تأليف: المناوي محمد بن عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين ت1031هـ)، دار الفكر بيروت، دمشق، ط1، 1410. 51 - الثقات: (تأليف: البستي أبي حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي ت354هـ)، تحقيق: السيد شرف الدين أحمد، دار الفكر، ط1، 1395هـ - 1975م. 52 - جامع البيان عن تأويل آي القرآن: (تأليف: الطبري أبي جعفر محمد بن جرير بن يزيد بن خالد ت310هـ)، دار الفكر، بيروت - 1405هـ. 53 -

جامع التحصيل في أحكام المراسيل (تأليف: العلائي أبي سعيد الحافظ صلاح الدين بن خليل بن كيكلدي)، حققه وقدم له وخرج احاديثه: حمدي ... عبد المجيد السلفي، عالم الكتب، مكتبة النهضة العربية، ط2، 1407هـ - 1986م. 54 - الجامع الصحيح المختصر: (تأليف: البخاري أبي عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي ت256هـ)، تحقيق: د. مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير، اليمامة - بيروت، ط3، 1407هـ - 1987م. 55 - الجامع الصحيح سنن الترمذي: (المؤلف: الترمذي أبي عيسى محمد بن عيسى السلمي ت279هـ)، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، دار إحياء التراث العربي - بيروت. 56 - جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم: (تأليف: البغدادي أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين)، تحقيق: شعيب الارناؤوط وإبراهيم باجس، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط7، 1417هـ - 1997م. 57 - الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: (تأليف: الخطيب البغدادي أبو بكر احمد بن علي بن ثابت). 58 - جذوة المقتبس www.al-mostafa.com.pdf=001533 - http://mostafa.info/data/arabic/depot/gap.php?file 59 - الجرح والتعديل: (تأليف: التميمي ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد بن إدريس أبو محمد الرازي ت327هـ)، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط1، 1271هـ - 1952م. 60 - الجمع بين الصحيحين البخاري ومسلم: (تأليف: الحميدي محمد بن فتوح)، تحقيق: د. علي حسين البواب، دار ابن حزم، لبنان ـ بيروت، ط2، 1423هـ - 2002م. 61 - جمهرة اللغة: (تأليف: ابن دريد أبي بكر محمد بن الحسن ت321هـ)، تحقيق رمزي البعلبكي، دار العلم للملايين، ط1. 62 -

حجة الوداع: (تأليف: ابن حزم الأندلسي أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد ت456هـ)، تحقيق: أبو صهيب الكرمي، بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع، الرياض، ط1، 1998. 63 - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: (تأليف: الأصبهاني أبي نعيم أحمد بن عبد الله ت430هـ). دار المعرفة - بيروت. 64 - الحماسة البصرية: (تأليف: البصري صدر الدين علي بن الحسن ت بعد 647هـ)، تحقيق: مختار الدين أحمد، عالم الكتب، بيروت، 1403هـ - 1983م. 65 - (الحماسة المغربية) مختصر كتاب صفوة الأدب ونخبة ديوان العرب: (تأليف: الجراوي أبي العباس أحمد بن عبد السلام التادلي ت609هـ)، تحقيق: محمد رضوان الداية، دار الفكر المعاصر، بيروت، ط1، 1991م. 66 - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب: (تأليف: البغدادي عبد القادر بن عمر ت1093هـ)، تحقيق: محمد نبيل طريفي وأميل بديع اليعقوب، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1998م. 67 - تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي: (تأليف: السيوطي أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر ت911هـ)، تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف، مكتبة الرياض الحديثة، الرياض. 68 - الديباج على مسلم: (تأليف: السيوطي أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر ت911هـ)، تحقيق: أبو إسحاق الحويني الأثري، دار ابن عفان، الخبر -السعودية 1416هـ - 1996م. 69 - ديوان حسان بن ثابت http://www.archive.org/details/HSAND 70 - mostafa.info/data/arabic/depot3/gap.php?file=i000989.pdf http://www.al- 71 -

ديوان النابغة الذبياني: (النابغة الذبياني)، مطبعة الهلال بالفجالة بمصر سنة 1911م. 72 - ذيل تاريخ بغداد:) تأليف: ابن النجار أبي عبد الله محب الدين محمد بن محمود بن الحسن البغدادي ت643هـ)، دار الكتب العلمية، لبنان - بيروت. 73 - ذيل التقييد في رواة السنن والمسانيد: (تأليف: الفاسي أبي الطيب محمد بن أحمد المكي ت1373هـ)، تحقيق: كمال يوسف الحوت، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1410هـ. 74 - رجال صحيح مسلم: (تأليف: الأصبهاني أبي بكر أحمد بن علي بن منجويه ت428هـ)، تحقيق: عبد الله الليثي، دار المعرفة - بيروت، ط1، 1407هـ. 75 - الرسالة المستطرفة لبيان مشهور الكتب الستة المصنفة: (تأليف: الكتاني محمد بن جعفر ت366هـ)، تحقيق: محمد المنتصر محمد الزمزي الكتاني، دار البشائر الإسلامية - بيروت، ط4، 1406هـ ـ 1986م. 76 - الروض الداني - المعجم الصغير: (تأليف: الطبراني أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب)، تحقيق: محمد شكور محمود الحاج أمرير، المكتب 77 - الإسلامي , دار عمار، بيروت / عمان، ط1، 1405هـ - 1985هـ. 78 - الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي، (تأليف: الهروي أبي منصور محمد بن احمد بن الأزهر بن طلحة الأزهري ت307هـ)، تحقيق: محمد جبر الألفي، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - الكويت، ط1، 1399هـ. 79 - الزهد الكبير: (تأليف: البيهقي أبي بكر احمد بن الحسين بن علي بن ... عبد الله ت458هـ)، تحقيق: عامر احم حيدر، مؤسسة الثقافة، بيروت، ط2، 1996. 80 - أسماء من يعرف بكنيته: (تأليف: الأزدي أبي الفتح محمد بن الحسين الموصلي)، تحقيق: أبو عبد الرحمن اقبال، الدار السلفية، الهند، ط1، 1410هـ - 1989م 81 -

سنن ابن ماجه: (تأليف: القزويني ابن ماجه محمد بن يزيد أبي عبد الله ت275هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار الفكر، بيروت. 82 - سنن أبي داود: رواية ابن العبد (تأليف: السجستاني أبي داود سليمان بن الأشعث الأزدي ت279هـ)، تحقيق: محمد عبيد دعاس، دار ابن حزم. 83 - سنن أبي داود: رواية ابن داسة (تأليف: السجستاني أبي داود سليمان بن الأشعث الأزدي)، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر. 84 - سنن أبي داود: رواية اللؤلؤي (تأليف: السجستاني أبي داود سليمان بن الأشعث الأزدي)، تحقيق: مشهور بن حسن آل سلمان. 85 - سنن البيهقي الكبرى: (تأليف: البيهقي أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي بن موسى)، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، مكتبة دار الباز، مكة المكرمة، 1414هـ - 1994م. 86 - سنن الدارقطني: (تأليف: الدارقطني أبي الحسن علي بن عمر البغدادي ت385هـ)، تحقيق: السيد عبد الله هاشم يماني المدني، دار المعرفة، بيروت، 1386هـ - 1966م. 87 - سنن الدارمي: (تأليف: الدارمي أبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن)، تحقيق: فواز أحمد زمرلي , خالد السبع العلمي، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1407هـ. 88 - سنن النسائي الكبرى: (تأليف: النسائي أحمد بن شعيب أبي عبد الرحمن ت303هـ)، تحقيق: د. عبد الغفار سليمان البنداري , وسيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1411هـ - 1991م. 89 - سير اعلام النبلاء: (تأليف: الذهبي أبي عبد الله محمد بن احمد بن عثمان بن قايماز ت748هـ)، تحقيق: شعيب الارناؤوط، ومحمد نعيم العرقسوسي، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط9، 1413هـ. 90 -

شذرات الذهب في أخبار من ذهب: (تأليف: العكري ابن العماد عبد الحي بن أحمد بن محمد الحنبلي)، تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط، ومحمود الأرناؤوط، دار ابن كثير، دمشق، ط1، 1406هـ. 91 - شرح شافية ابن الحاجب، (تأليف: الاستربادي رضي الدين محمد بن الحسن النحوي ت686هـ)، مع شرح شواهده للعالم الجليل عبد القادر البغدادي صاحب خزانة الأدب المتوفي عام 1093 من الهجرة، حققهما وضبط غريبهما، وشرح مبهمهما، الأساتذة: محمد نور الحسن محمد الزفزاف، محمد يحيى عبد الحميد المدرس، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، 1395هـ - 1975م. 92 - شرح الرضي على الكافية: (تأليف: الاستربادي رضي الدين محمد بن الحسن النحوي ت686هـ)، تصحيح وتعليق يوسف حسن عمر، جامعة قار يونس، 1398هـ ـ 1978م. 93 - شرح شذور الذهب في معرفة كلام العرب: (تأليف: الأنصاري ابن هشام أبي محمد عبد الله جمال الدين ت761هـ)، تحقيق: عبد الغني الدقر، الشركة المتحدة للتوزيع، دمشق، ط1، 1984. 94 - شرح النووي على صحيح مسلم: (تأليف: النووي أبي زكريا يحيى بن شرف بن مري ت676هـ)، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط2، 1392هـ. 95 - شرح قطر الندى وبل الصدى: (تأليف: الأنصاري ابن هشام أبي محمد عبد الله جمال الدين ت761هـ)، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد، القاهرة، ط11، 1383هـ. 96 - شرح معاني الآثار: (تأليف: الطحاوي أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة)، تحقيق: محمد زهري النجار، دار الكتب ... العلمية، بيروت، ط1، 1399هـ. 97 -

شعب الإيمان: (تأليف: البيهقي أبي بكر أحمد بن الحسين)، تحقيق: محمد السعيد بسيوني زغلول، دار الكتب العلمية - بيروت، ط1، 1410هـ. 98 - الصحاح في اللغة: (الجوهري إسماعيل بن حماد ت393هـ)، تحقيق: أحمد عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت - لبنان، ط4، 1990م. 99 - صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان: (تأليف: البستي محمد بن حبان بن أحمد أبي حاتم التميمي ت354هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط2، 1414هـ - 1993م. 100 - صحيح ابن خزيمة: (تأليف: النيسابوري ابن خزيمة أبي بكر محمد بن إسحاق السلمي ت356هـ)، تحقيق: د. محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، 1390هـ - 1970م. 101 - صحيح مسلم: (تأليف: النيسابوري أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري ت261هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت. 102 - صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط، وحمايته من الإسقاط والسقط: (تأليف: الشهرزوري ابن الصلاح أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الكردي الشافعي ت643هـ)، دراسة وتحقيق: موفق بن عبد الله بن عبد القادر، دار الغرب الإسلامي، 1404هـ - 1984م، ط1، 1412هـ - 1991م. 103 - الطبقات: (تأليف: النيسابوري الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج ت261هـ)، قدم له وعلق عليه وصنع فهارسه، أبو عبيدة مشهور بن حسن بن محمود بن سلمان، دار الهجرة للنشر والتوزيع، الرياض - المملكة العربية السعودية، ط1، 1411هـ 1991م. 104 - طبقات الحفاظ: (تأليف: السيوطي أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر ت911هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1403. 105 -

طبقات الحنابلة: (تأليف: أبي الحسين محمد بن أبي يعلى)، تحقيق: محمد حامد الفقي، دار المعرفة بيروت. 106 - طبقات الشافعية: (تأليف: ابن قاضي شهبة أبو بكر بن أحمد بن محمد بن عمر ت851هـ)، تحقيق: د. الحافظ عبد العليم خان، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1407. 107 - طبقات الشافعية الكبرى: (تأليف: السبكي تاج الدين بن علي بن عبد الكافي ت756هـ)، تحقيق: د. محمود محمد الطناحي د. عبد الفتاح محمد الحلو دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، 1413هـ. 108 - طبقات فحول الشعراء: (تأليف: الجمحي محمد بن سلام ت231هـ)، تحقيق: محمود محمد شاكر، دار المدني، جدة، د. ت. 109 - الطبقات الكبرى: (تأليف: الزهري محمد بن سعد بن منيع أبي عبد الله المصري)، دار صادر، بيروت. 110 - طرح التثريب في شرح التقريب، (تأليف: الحافظ العراقي أبي الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسيني ت806هـ)، تحقيق: عبد القادر محمد علي، دار الكتب العلمية - بيروت، ط1، 2000م. 111 - العبر في خبر من غبر: (تأليف: الذهبي أبي عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد بن قايماز)، تحقيق: د. صلاح الدين المنجد، مطبعة حكومة ... الكويت، الكويت، ط 3، 1984. 112 - غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة: (تأليف: الإمام الحافظ العطار رشيد الدين أبي الحسين يحيى بن علي بن عبد الله القرشي المصري المالكي)، تحقيق: محمد خرشافي، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، ط1، 1417هـ. 113 - غريب الحديث: (ابن الجوزي ابي الفرج عبد الرحمن البغدادي ت597هـ)، تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1985م. 114 -

غريب الحديث: (الهروي أبي عبيد القاسم بن سلام ت224هـ)، تحقيق: محمد عبد المجيد خان، دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1396هـ. 115 - غريب الحديث: (الخطابي حمد بن محمد بن إبراهيم البستي ت388هـ)، تحقيق: عبد الكريم إبراهيم العزباوي، جامعة أم القرى، مكة المكرمة، 1402هـ. 116 - غريب الحديث: (تأليف: الدينوري أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة ت488هـ)، تحقيق: د. عبد الله الجبوري، مطبعة العاني - بغداد، ط1، 1397هـ. 117 - الغنية فهرسة شيوخ القاضي عياض: (تأليف: القاضي عياض أبي الفضل ت544هـ)، تحقيق: ماهر زهير جرار، دار الغرب الإسلامي، بيروت ـ لبنان، ط1، 1402هـ - 1983م. 118 - الفائق في غريب الحديث: (تأليف: الزمخشري محمود بن عمر ت538هـ)، تحقيق: علي محمد البجاوي ومحمد أبي الفضل إبراهيم، دار المعرفة، لبنان، ط2. 119 - فتح الباب في الكنى والألقاب: (تأليف: الأصبهاني أبي عبد الله محمد بن إسحق ابن منده ت366هـ)، تحقيق: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، مكتبة الكوثر - السعودية - الرياض، ط1، 1417هـ - 1996م. 120 - فتح الباري شرح صحيح البخاري: (تأليف: العسقلاني أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر الشافعي)، تحقيق: محب الدين الخطيب، دار المعرفة - بيروت. 121 - فصل المقال في شرح كتاب الأمثال: (تأليف: الهروي أبي عبيد القاسم بن سلام ت222هـ)، تحقيق: إحسان عباس، مؤسسة الرسالة بيروت - ... لبنان، ط1، 1971م. 122 - الفصل في الملل والأهواء والنحل: (تأليف: الظاهري ابن حزم أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد)، مكتبة الخانجي - القاهرة. 123 -

الفصول والغايات: (أبي العلاء المعري) to pdf http://www.al-mostafa.com 124 - الفقيه والمتفقه: (تأليف: الخطيب البغدادي أبي بكر احمد بن علي بن ثابت بن احمد بن مهدي ت463هـ)، تحقيق: عادل بن يوسف العزازي، دار ابن الجوزي، المملكة العربية السعودية، 1417هـ. 125 - الفهرست: (تأليف: ابن النديم أبي الفرج محمد بن إسحاق ت385هـ)، دار المعرفة، بيروت، 1398هـ - 1978م. 126 - فهرس الفهارس والإثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات (تأليف: الكتاني عبد الحي بن عبد الكبير)، تحقيق: د. إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت ـ لبنان، ط2،1402هـ ـ 1982م. 127 - فهرسة ابن عطية: (تأليف: الأندلسي ابن عطية أبي محمد عبد الحق المحاربي ت518هـ)، تحقيق: محمد أبو الأجفان ومحمد الزاهي، دار الغرب الإسلامي، بيروت ـ لبنان، ط2، 1983. 128 - فهرسة ابن خير الإشبيلي:) تأليف: الاشبيلي أبي بكر محمد بن خير بن عمر بن خليفة الأموي ت575هـ)، تحقيق: محمد فؤاد منصور، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط1، 1419هـ - 1998م. 129 - القاموس المحيط: (تأليف: الفيروزآبادي محمد بن يعقوب بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم ت729هـ)، مؤسسة الرسالة، بيروت، د. ط، د. ت. 130 - قطف الثمر في رفع أسانيد المصنفات في الفنون والأثر: (تأليف: الفلاني صالح بن محمد بن نوح بن عبد الله بن عمر العمري ت1218هـ)، تحقيق: عامر حسن صبري، دار الشروق، مكة، ط1، 1405هـ - 1986م. 131 - الكاشف في معرفة من له رواية بالكتب الستة: (تأليف: الذهبي أبي عبد الله شمس الدين محمد بن أحمد)، تحقيق: محمد عوامة، دار القبلة للثقافة الإسلامية، مؤسسة علو - جدة، ط1، 1413هـ - 1992م. 132 - كتاب الشعر لابن قتيبة الدينوري http://www.al-mostafa.info/data/arabic/depot2/gap.php?file=012912.pdf 133 -

كتاب الأفعال: (تأليف: ابن القطاع أبي القاسم علي بن جعفر بن علي بن محمد السعدي ت515هـ)، عالم الكتب، بيروت، ط1، 1983. 134 - الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: (تأليف: الزمخشري أبي القاسم محمود بن عمر الخوارزمي)، تحقيق: عبد الرزاق المهدي، دار إحياء التراث العربي - بيروت. 135 - الكنى والأسماء: (تأليف: النيسابوري أبي الحسين مسلم بن الحجاج ت261هـ)، تحقيق: عبد الرحيم محمد أحمد القشقري، الجامعة الإسلامية - المدينة المنورة، ط1، 1404هـ. 136 - اللباب في تهذيب الأنساب: (تأليف: الجزري ابي الحسن علي بن ابي الكرم محمد بن محمد الشيباني ت630هـ)، دار صادر - بيروت، 1400هـ - 1980م. 137 - لسان العرب: (تأليف: ابن منظور محمد بن مكرم الإفريقي المصري ت711هـ)، دار صادر، بيروت، ط1، د. ت. 138 - لسان الميزان: (تأليف: العسقلاني ابن حجر أبي الفضل أحمد بن علي الشافعي ت852هـ)، تحقيق: دائرة المعرف النظامية - الهند، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ط3، 1406هـ - 1986م. 139 - المجتبى من السنن: (تأليف: النسائي أحمد بن شعيب أبي عبد الرحمن ت303هـ)، تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية - حلب، ط2، 1406هـ - 1986م. 140 - المحلى: (تأليف: الظاهري ابن حزم أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ت456هـ)، تحقيق: لجنة إحياء التراث العربي، دار الآفاق الجديدة، بيروت، د. ط، د. ت. 141 - مختار الصحاح، (تأليف: الرازي محمد بن أبي بكر بن عبد القادر)، تحقيق: محمود خاطر، مكتبة لبنان ناشرون - بيروت، 1415 - 1995. 142 -

المخصص: (تأليف: النحوي ابن سيده علي بن إسماعيل ت458هـ)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1417هـ ـ 1996م. 143 - مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: (تأليف: القارئ علي بن سلطان بن محمد)، تحقيق: جمال عتياني، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط1، 1422هـ - 2001م. 144 - المستدرك على الصحيحين: (تأليف: الحاكم النيسابوري أبي عبد الله محمد ابن عبد الله ت405هـ)، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1411هـ - 1990م. 145 - مسند ابن الجعد: (تأليف: الجوهري أبي الحسن علي بن الجعد بن عبيد البغدادي ت230هـ)، تحقيق: عامر أحمد حيدر مؤسسة نادر، بيروت، ط1، 1410هـ - 1990م. 146 - مسند أبي داود الطيالسي: (تأليف: الطيالسي أبي داود سليمان بن داود الفارسي البصري). 147 - مسند أبي يعلى: (تأليف: الموصلي أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي 231هـ)، تحقيق: حسين سليم أسد، دار المأمون للتراث، دمشق، ط1، 1404هـ - 1984م. 148 - مسند إسحاق بن راهويه: (تأليف: الحنظلي ابن راهويه إسحاق بن إبراهيم بن مخلد)، تحقيق: د. عبد الغفور بن عبد الحق البلوشي، مكتبة الإيمان، المدينة المنورة، ط1، 1412هـ - 1991م. 149 - مسند الإمام أحمد بن حنبل: (تأليف: الشيباني أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ت241هـ)، مؤسسة قرطبة - القاهرة، مذيلة بتعليقات الارناؤوط. 150 - مسند الحميدي: (تأليف: الحميدي أبي بكر عبد الله بن الزبير ت219هـ)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، دار الكتب العلمية , مكتبة المتنبي، بيروت / القاهرة. 151 -

مسند الشاميين: (تأليف: الطبراني أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب ت360هـ)، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1405هـ - 1984م. 152 - المسند للشاشي: (تأليف: الشاشي أبي سعيد الهيثم بن كليب)، تحقيق: محفوظ الرحمن زين الله، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، ط1، 1410هـ. 153 - مشارق الأنوار على صحاح الآثار: (تأليف: القاضي عياض أبي الفضل بن موسى بن عياض اليحصبي ت544هـ)، طبع ونشر المكتبة العتيقة - تونس ودار التراث - القاهرة، د. ت. 154 - المصنف في الأحاديث والآثار: (المؤلف: الكوفي أبي بكر بن أبي شيبة عبد الله بن محمد)، تحقيق: كمال يوسف الحوت، مكتبة الرشد - ... الرياض، ط1، 1409هـ. 155 - مصنف عبد الرزاق: (تأليف: الصنعاني أبي بكر عبد الرزاق بن همام ت211هـ)، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1403هـ. 156 - المعارف: (تأليف: ابن قتيبة أبي محمد عبد الله بن مسلم)، تحقيق: دكتور ثروت عكاشة، دار المعارف، القاهرة، د. ت. 157 - المعجم الأوسط: (تأليف: الطبراني أبي القاسم سليمان بن أحمد)، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد , وعبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين، القاهرة، 1415هـ. 158 - معجم البلدان: (تأليف: الحموي أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي ت626هـ)، دار الفكر - بيروت، د. ط، د. ت، 2/ 350 و5/ 331. 159 - المعجم الكبير: (تأليف: الطبراني أبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب ت360هـ)، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة العلوم والحكم، الموصل، ط2، 1404هـ - 1983م. 160 -

المعجم المختص بالمحدثين: (تأليف: الذهبي أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز ت744هـ)، تحقيق: د. محمد الحبيب الهيلة، مكتبة الصديق - الطائف، ط 1، 1408هـ 161 - المعجم المفرس أو تجريد أسانيد الكتب المشهورة والأجزاء المنثورة: (تأليف: العسقلاني ابن حجر أبي الفضل أحمد بن علي ت852هـ)، تحقيق: محمد شكور المياديني، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1، 1418هـ - 1998م. 162 - المعلم بفوائد مسلم: (تأليف: المازري أبي عبد الله محمد بن علي بن عمر ت536هـ)، تحقيق: الشيخ محمد الشاذلي النفير، دار التونسية للنشر - تونس والمؤسسة الوطنية للكتاب - الجزائر وغيرها، ط2، 1987م. 163 - المغرب في ترتيب المعرب: (تأليف: ابن المطرز أبي الفتح ناصر الدين بن عبد السيد بن علي)، تحقيق: محمود فاخوري وعبد الحميد مختار، مكتبة أسامة بن زيد - حلب، ط1، 1979م. 164 - المفردات في غريب القرآن: (تأليف: الراغب الأصفهاني أبي القاسم الحسين بن محمد ت502هـ)، ضبطه وراجعه: محمد خليل عيتاني، دار المعرفة، بيروت - لبنان، ط2، 1420هـ - 1999م. 165 - المفصل في صنعة الإعراب: (تأليف: الزمخشري أبي القاسم محمود بن عمر جار الله الخوارزمي ت538هـ)، تحقيق: د. علي بو ملحم، دار ومكتبة الهلال - بيروت، ط1، 1993. 166 - ملتقى أهل الحديث، إجابات الدكتور عبد الرحمن الفقيه تحت مسمى من يأتينا بترجمة هذا الراوي. 167 - المنتخب من مسند عبد بن حميد: (تأليف: الكشي أبي محمد عبد بن حميد بن نصر)، تحقيق: صبحي البدري السامرائي , محمود محمد خليل الصعيدي، مكتبة السنة، القاهرة، ط1، 1408هـ - 1988م. 168 -

المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: (تأليف: البغدادي ابن الجوزي أبي الفرج ... عبد الرحمن بن علي بن محمد)، دار صادر، بيروت، ط1، 1358هـ. 169 - المنتقى من السنن المسندة: (تأليف: ابن الجارود أبي محمد عبد الله بن علي النيسابوري ت299هـ)، تحقيق: عبد الله عمر البارودي، مؤسسة الكتاب الثقافية، بيروت، ط1، 1408هـ - 1988م. 170 - منتهى الطلب من أشعار العرب: (تأليف: ابن المبارك) نشره فؤاد سزكين طبعة مصورة، منشورات معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية، 1986م. 171 - موطأ الإمام مالك: رواية أبي مصعب الزبيري: (تأليف: الأصبحي أبي عبد الله مالك بن أنس ت187هـ). 172 - موطأ الإمام مالك: رواية محمد بن الحسن الشيباني (تأليف: الأصبحي أبي عبد الله مالك بن أنس)، تحقيق: د. تقي الدين الندوي، دار القلم، دمشق، ط1، 1413هـ - 1991م. 173 - موطأ الإمام مالك: رواية يحيى الليثي: (تأليف: الأصبحي أبي عبد الله مالك بن أنس)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي - مصر. 174 - الموطأ رواية أبي مصعب الزهري: (تأليف: الأصبحي أبي عبد الله مالك بن أنس)، تحقيق: د. بشار عواد محمد ومحمد خليل، مؤسسة الرسالة، ط3، 1998م. 175 - موقع جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بمراكش - المغرب، تاريخ الدخول إلى الموقع الأربعاء 30 ربيع الثاني 1429هـ، 7/ مايس/2008م. 176 - ميزان الاعتدال في نقد الرجال: (تأليف: الذهبي شمس الدين محمد بن أحمد)، تحقيق: الشيخ علي محمد معوض، والشيخ عادل أحمد ... عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1995هـ. 177 -

النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: (تأليف: الأتابكي ابن تغري بردي أبي المحاسن جمال الدين يوسف ت874هـ)، وزارة الثقافة والإرشاد القومي ـ مصر، د. ط، د. ت. 178 - النكت على مقدمة ابن الصلاح: (تأليف: الزركشي بدر الدين أبي عبد الله محمد بن جمال الدين عبد الله بن بهادر)، تحقيق: د. زين العابدين بن محمد ملا فريج، أضواء السلف - الرياض، الطبعة الأولى، 1419هـ - 1998م. 179 - النهاية في غريب الحديث والأثر: (تأليف: الجزري أبي السعادات المبارك بن محمد)، تحقيق: طاهر أحمد الزاوى - محمود محمد الطناحي، المكتبة العلمية - بيروت، 1399هـ - 1979م. 180 - هدي الساري مقدمة فتح الباري: (تأليف: العسقلاني ابن حجر أبي الفضل شهاب الين أحمد بن على ت852هـ)، تحقيق ومراجعة إبراهيم عطوه عوض، مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي، ط1، 1382هـ - 1963م. 181 - وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: (تأليف: ابن خلكان أبي العباس شمس الدين احمد بن محمد بن أبي بكر ت861هـ)، تحقيق: إحسان عباس، دار الثقافة، لبنان، د. ط، د. ت.

§1/1