رسالة في الشاي والقهوة والدخان

القاسمي، جمال الدين

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي اخرج من كنوز الارض جواهر النبات. وكسا رياضها من بديع منثورها الحلل السندسيات. واودع في كل صنف منها خواص عظيمة. ومنافع عميمة. فسبحان من علم الإنسان من فوائدها ما لم يعلم. والهمه سبيل تحصيلها فتفهم ما لم يكن يفهم. والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين. وعلى آله وصحبه آجمعين. اما بعد فهذه رسالة في الشاي والقهوة والدخان. جمعت مما قيل في شأنها ما وصلت اليه يد الامكان. ولم يكن الباعث على دمعها الولوع بها. فان شرب الدخان اكرهه في كل آن. ولم اناوله بحمد المولى المنان. والشاي والقهوة. ليس لي فيهما صبوه. ولكن وجدت عندي في ذلك منثور اوراق. فاحببت ان انظمها منتخباً منا مارق اوراق. اذ لا تخلو من فوائد يُعترفَ بفضلها. ويغترف من عذب منهلها. ثم رتبتها على ثلاثة ابواب مستعنياً بتوفيق الكريم الوهاب.

الباب الأول في الشاي

الباب الأول في الشاي وفي عشرة فصول الفصل الأول في اسمه ومادته قال في غمدة المحتاج في الادوية والعلاج اسمه وارد من لغة الصين ويسمونه بجملة اسماء مثل تا. وتيا. وتين. ثم قال وهذا الجنس يشتمل على نوعين او ثلاثة اصلها من الصين وقوشنشين وهي شجيرات اوراقها متتالية جلدية وازهارها بيضاء كبيرة. وقال بعضهم الجاي لفظ فارسي الاصل وليس لهذا الاسم ما يرادفه في اللغة العربية لانه حديث النشأة في جزيرة العرب اذ لم يكن يعرف فيها ولما كثر استعماله في الاقطار الحجازية والمصرية استبدل العرب جيمه شيناً على ما اعتاده المولدون فسموه شاياً. وبعضهم زاد على ذلك بان زاد عليه هاء مكسورة فدعاه الشاهي. واهل المغرب يبدلون جيمه تاء مسبوقة بهمزة فيقولون اتاي انتهى. الفصل الثاني في ذكر انتشاره بين الناس ومبدئه قال في العمدة اول من تكلم على الشاي من المؤَلفين طلبيوس بضم الطاء ثم اخذ استعماله في الانتشار شيئاً فشيئاً فاولا بهولاندا وانكلترا وشمال اوربا ثم فرنسا ثم باقي العالم حتى صار الآن كثير الاستعمال كمشروب غذائي وقد استبنت في اماكن من اوربا وجربت زراعته في جزائر انتيله ومرتنيك ونتج هناك جيداً ودخلت زراعته ايضاً في كيان حتى طلبت لها

الفصل الثالث في صفته النباتية

صينيون يباشرونها والهولنديون هم اول من ادخل الشاي في اوربا حيث راوا استعمال الصينيين له ثم قال وهذا النبات ينبت في الصين واليابان وقوشنشين وعموماً في شرق آسيا واستنبت بكثرة في تلك الاماكن والعامة تسمى تلك الاوراق شاياً كالشجر نفسه انتهى وفي كتاب مفردات الطب وغيره ان الاماكن التي يوجد فيها شجر الشاي هي جبال الصين وخطا وفي مدينة من مدائن الهند تعرف بنيبال وبهتنت وفي اليابان. الفصل الثالث في صفته النباتية قال في العمدة هو شجرة اذا تركت ونفسها جاز ان ترتفع من 25 قدماً إلى 30 الا انها في الزراعة المعتادة يندر ان تزيد على 5 أو 6 اقدام وتحمل اوراقاً متتالية عديمة الزغب بيضاء مستطيلة منتهية بطرق دقيق وهي خشنة الجلد مسنَّنة قليلاً تسنيناً منشارياً في جوانبها وفي بعض لمعان ولونها اخضر قاتم واوراق الاغصان الجديدة الصغيرة طرية وزغبها قليل والازهار البيض متراكمة على بعضها وعددها من ثلاثة الى اربعة في آباط الاوراق وفي كتاب مخزن الادوية وغيره ان لشجر الشاي زهراً ابيض اللون ينبت تحت اوراقه فيجتمع كل ثلاثة منها في مكان من الغصن وينبت الزهر في اسفل تلك الورقات ازراراً بيضاء واما ثمر هذا الشجر فهو عبارة عن حبة أو حبتين من البذر مودعتين ضمن محفظة مؤَلفة من ثلاثة قشور وحكى بعضهم أن الشاي ورق شجر شبيه بشجر الرمان وشجر الحناء والصفصاف طول الشجرة منه لا يزيد عن قامة وان منه نوعاً اخضر يزرع فينبت وله ساق شبيه بساق البر تغطية اوراقه نوعاً له ساق يشبه ساق النعنع طوله شبر أو ما يزيد واوراقه غليظة ولونه اصفر وهو شديد الحرارة.

الفصل الرابع في اجتنائه

الفصل الرابع في اجتنائه يجنى الورق من سن ثلاثن سنين الى سبع ويقلم جذع الشجرة لاجل ان ينتج الورق بعد ذلك بكثرة واول اجتناء يكون في شهر نيسان عند ما تنمو الاوراق وقبل ان يتم كمالها وقد يجتني الشخص في اليوم من عشرة ارطال الى خمسة عشر والاجتناء الثاني يكون بعد ذلك بشهر عندما يتم ظهور اغلب الاوراق فحينئذ يختار من الاوراق الطفها ويخلط مع اوراق الاجتناء الاول ثم يجتني ثالثاً ولكن يجتني الا الاوراق التي يحصل منها الشاي الغليظ المخصوص بالعوام وبعض الزراع يجتني جنيتين معادلتين للجني الثاني والثالث اللذين ذكرناهما ذكره في العمدة. الفصل الخامس في تهيئته للاستعمال والتجاره قال في العمدة توجد محلات مصنوعة في تلك البلاد لتهيئة تلك الاوراق وبها افران في كل منها تنور من حديد فاولاً تغمس الاوراق المجنية نحو نصف دقيقة في الماء المغلي ثم تخرج وتترك حتى تجف ثم تلف بالاصابع ورقة ورقة وتلقى في التنور المحمى حتى يحكم بان جفافها كاف ثم تؤخذ منه وتوضع على حصير وتلف مرة اخرى وهي حارة وتعطى لعملة تعرضها للشمس لتجلب للاوراق التفافاً مستداماً فما كان من الشاي جيد الالتفاف والجفاف كان مختاراً ثم يوضع في صناديق او علب يحفظ فيها نحو شهرين ثم يخرج منها لاتمام تجفيفه في محل دفيء لتزول منه جميع الرطوبة فحينئذ يكون اهلاً للاستعمال او للارسال في المتجر بعد وضعه في صناديق مبطنة باوراق الرصاص ومحاطة باوراق عريضة من نبات تلك

الفصل السادس في صفة الجيد منه

البلاد بعد ان يعطر احياناً بازهار وزيت مخصوصين فالشاي في الحالة الطبيعية عديم الرائحة حريف وغمسه في الماء يخفف من حرافته الاصلية. الفصل السادس في صفة الجيد منه قال في العمدة الشاي الجيد ما كان جديداً نقياً متساوياً ليس عليه غبار وثقيلا تشم منه رائحة البنفسج ليس فيه حرافة ولا رائحة قوية ولا سيما اذا كان جيد الجفاف. الفصل السابع في أصنافه ذكر مؤلف مخزن الادوية ان انواع الشاي مختلفة فمنها الابيض والاخضر والبنفسجي والخمري والازرق والاسود فالنوع الابيض منه تكون اوراقه صغيرة وملتفة على بعضها ملتصقة وهو ذكي الرائحة نادر الوجود يمتاز في الجودة عن بقية الانواع وهو لا يصدر عن اماكنه برسم البيع اصلاً وانما يرسل إلى بعض الاطراف هدية جليلة المقدار عظيمة الاعتبار ومن هذا النوع يعتبر في القوة الجاي الاخضر فهو اشد قوة من بقية الانواع ولكنه اشد يبوسة من النوع الاول ومن بعد هذا الجاي الخمري ثم الاسود فهما من حيث القوة اشد من الجاي الازرق واضعف من الابيض والاخضر وقد يوجد مما عدا النوع الابيض كثير من هذه الانواع وعلى الاخص الاخضر والاسود منها وتباع رخيصة جداً وحكى بعضهم ان منه نوعاً يقطف اولا يختص بملوك تلك البلاد وهو اجوده ودونه ما يقطف في المرة الثانية ثم ما يقطف بعد ذلك. وقال في العمدة اصناف الشاي الموجودة في المتجر قسمان اخضر واسود وكل منهما له اصناف والاصناف السود محضرة من اوراق الجني الاخير وهي اكثر خلوا من الحرافة والزهومة

الفصل الثامن في كيفية طبخه

واقل تهييجاً واقبل عند اهالي البلاد الشامية واصناف الشاي الاخضر على العكس من تلك الصفات ومتميز بلونها الاخضر الواضح الذي يظهر انه ناشئ من بلوغ الاوراق الى تمام نضجها واصناف الشاي الاخضر سبعة والاسود اربعة ذكرها في العمدة فارجع اليها ان شئت. وقال بعض الاطباء ان الجاي في عرف اطباء المغرب على انواع وان طبائع هذه الانواع والوانها تحصل عن تاثير المواسم التي تقطف فيها اوراقه فالاوراق التي تقطف في موسم الربيع يكون منها الجاي الاخضر واما الاوراق التي تقطف بعد هذا اي في شهر نيسان فيكون منها الشاي الاسود واذا قطفت قبل ان تنضج تبقى اذنابها بيضاء فيسمونها (اق قويرق) وتعريبه ذنب ابيض وهو اجود هذا النوع واحسنه وقد تقطف اوراق هذا الجاي بعد هذا الوقت بايام قليلة فيحسب اوان قطفها موسما ثالثاً له وبمقتضى تأثير هذا الموسم تسود رؤس الاوراق. ويستشف من قول بعض الاطباء ايضاً ان اللون الابيض في الجاي هو صنعي غير طبيعي. وقال آخر أن الجاي يصبغ بالوان صنعية. ويروى ان لكل من الجاي الاخضر والاسود شجرة مخصوصة به والله اعلم. الفصل الثامن في كيفية طبخه قال بعض الاطباء من اللازم ان يكون الماء المطبوخ به صافياً براقاً وان يوضع على النار الى ان يعلو بخاره وحينئذ يلقى فيه الجاي لانه لا يتم نضجه ولا تنتشر رائحته ما لم يكن الماء غالياً حاراً واما اذا كانت حرارة الماء دون الدرجة المطلوبة فلا يتم نضجه ولا يرجى نفعه وعلى القائم بطبخ الجاي ان يضع في ابريق الجاي ماء حاراً بضع دقائق كي تنتشر الحرارة به وكذلك يفعل بالفناجين ثم بعد ذلك يوضع للابريق الذي

يستوعب مائة وخمسين درهما من الماء ثلاثة دراهم من الجاي ثم يملأ الابريق ماء غالياً ويتركه على نار هادئة مدة ثماني داقئق وقعد ذلك يصبه في الفناجين واما اذا نقصت مدة طبخه عن ست داقئق فتفقد خاصيته وتضعف قوته وهكذا اذا زادت المدة عن ثمان دقائق فقد يكتسب طعمه مرارة ويصبح قابضاً. والجاي النقي الخالي عن الشوائب لا يلزم غسله قبل استعماله لان غسل الجاي قبل الطبخ مما يبعث على زوال رائحته. ومن الواجب ايضاً ان يحفظ الجاي في مكان لا تناله فيه رطوبة ولا يمسه هواء وذلك استبقاء لرائحته وحفظاً لخاصيته. وقال في العمدة العادة ان لا يرغب الشاي الا لعطريته ولذته ولذلك يلزم ان لا يترك في الماء اكثر من دقيقة واول كاس يشرب من منقوعه هو الاقبل والاخف والاقل تنبيهاً ومن اللازم ان ينقل منقوع الشاي الذي بقى الشاي فيه دقيقة او دقيقتين لاناء ثانٍ يشرب منه حاراً فيحينئذ لا يحتمل كثيراً من القواعد المرة الحريفة القابضة واما وضع الماء ثانياً على الشاي فرديء لانه لا يكون فيه اذ ذاك عطرية ولا يكون فيه الا الخلاصة التي تكدر المجموع العصبي وهذا مثل ما اذا بقى الماء الاول من ثمان دقائق الى عشرة واكثر. وينبغي التحرز من ان يلقى اولا قليل من الماء المغلي على الشاي لاجل غسله قبل ان يصب عليه ماء النقع فانه رديء ايضاً لان هذه الكمية اليسيرة من الماء تأخذ جزاً من عطر الاوراق. واما مقدار الشاي للماءِ فالعادة ان يكون المقدار درهما لكل رطل من الماء المغلي فيلقة عليه الماء الاول ويترك بعض لحظات ويصح ان يوضع عليه ثانياً نصف وزن ذلك الماء من ماءٍ جديد اذا كان النقع الاول لم يطل زمنه والعادة ان يضاف لمنقوع الشاي لبن اذا استعمله كغذاء في الصباح واحياناً على شاي المساء انتهى وذكرت

الفصل التاسع في خواصه

بعض المجلات ان الطريقة الصينية في عمل الشاي ان يضع قليلاً منه ف يابريق الشاي ويسكب عليه قدر فنجان من الماء المغلي ويهزه قليلاً ثم يريق هذا الماء عنه وان القصد بذلك ان يغسل الشاي مما يضاف اليه من الاصباغ ومن المواد العفصية التي فيه ثم يسكب ماء مغلي على اوراق الشاي حسب المعتاد فيكون الشاي لذيذ الطعم خالياً من العفوصة والاصباغ التي تفسد طعمه. الفصل التاسع في خواصه قال في العمدة اعتبروه مهضماً للغاية مقوياً للمعدة منبهاً يسبب ثوراناً خفيفاً في التصورات بتاثيره على المخ ويزد في القوة الجنونية زيادة وقتية ويسبب راحة واطمئناناً ولكن بدرجة اقل وضوحاً مما يحدث من القهوة واما بالنظر للاستعمال الطبي فلا يعطي منقوع الشاي الا لتسهيل الهضم ويعطى كالدواء المعرق وتلك خاصية فيه وان كانت ضعيفة ولوجود خاصية القبض في الشاي اعتبره كثير من المؤلفين دواء قابضاً فامروا به في الفياضانات الريحية ونحوها ومن المؤكد يقنياً ان له تاثيرا واضحاً على الاعصاب لانه ينبهها حسب يسبب اضطراباً وسهراً ونحو ذلك وشوهد شفاء وجع القلب به واعتبروه مانعاً لتكون الحصاة ومذيباً لها اذا كانت متكونة ولذا ذكر بعض الاطباء انه لم يشاهد اصلاص حصاة مثانية في اليابان لكثرة استعمال اهلها له حتى انهم يستعملون مسحوقه ويزردونه بالماء الحار وهو من الاعاجيب وذكر بعضهم انه لم يشاهد حصاة ولا نقرساً في المكثرين من شرب الشاي ولكن يشاهد عكس ذلك في اوربا اي ان المصابين بذلك هنالك كثيرون فهذا رأى غير مختار واعتبروه ايضاً دواء جيداً لضعف البصر والوجع العصي في العين

ثم ان الصينيين يعتبرون له خواص آخر فيرون انه دواء عام قلبي للغاية مقو للمعدة والقلب مثير للحرارة مزيل لاوجاع الراس مبرئ للاستسقاء والاستهواء والنزلة وامراض الكبد والطحال والقولنج ولكن الوثوق بهذا قليل ثم مع المبالغة في منافعه ذكروا له اخطاراً واضحة فاذا استعمل بمقدار كبير فانه يؤثر على الاعصاب ويثير الدورة ويزيد في حرارة الجسم ويسبب سهراً وحركات تشنجية في الاطراف فهو منبه لا ينبغي الافراط فيه فيكون مناسباً للسمان والكسالى الثقيلة ابدانهم والمقلين من استعمال الرياضة مع الاكثار من استعمال المآكل الدسمة والدهنية واللزجة ويكون مؤذيا للموصوفين بعكس ذلك وبالامزجة المخالفة لذلك سيما اذا اكثروا من استعماله. ومن المشاهد في الصين ان المكثرين من الشاي يكونون نحفاء ضعفاء والوانهم رصاصية واسنانهم مسودة وزعم بعضهم ان الافراط من الشاي ينتهي حاله باتلاف حساسية الاعصاب ونسب بعضهم اخطاره لحرارة مائة لانها تتعب المعدة وغير ذلك وناقض هذا غيره ورا نسبة ذلك للورق نفسه ونسبوا ايضاً لافراد استعماله رخاوة الصينين وقلة تشجعهم وانتقاع الوانهم وترهل لحومهم اه ملخصاً. وفي التذكرة الطبية ان الشاي بمجرد شربه يبنه المعدة والامعاءِ فتزاداد الشهية وتنتظم الحركة الديدانية ولذا يستعمل في عسر الهضم ومتى امتص اثر على المخ فيوقظه ولذا يستعمل ضد التسمم بالافيون وهو لا يناسب المستعدين للدرن الرئوي والعصبيين اذ يحصل لهم خفقان من استعماله انتهي وقرات في بعض المجلات العصرية ان الشاي يطهر الدم من مواد مضرة ويعين على الهضم ويساعد على تقطيع البلغم في السعال وفي رسالة شراب الشاي ان من منافعه كونه مزيلاً لعفونة الفم فيطيب النكهة ويذهب السعال ويقوى الباه ويدر البول ويفتح سدد المثانة ويشد العصب ويحلل الاورام وينفع للخفقان القلبي ويخرج الرياح التي تتكون بالاحشاء وتمغص

الفصل العاشر فيما نظم في مدحه

فيتأَلم لها البدن مع ما فيه من المادة المغذية للدم المساعدة لتصفيته ثم ذكر ان الشاي الاخضر اسمى درجة في المنفعة واجود تناولاً من الاسود انتهى ومع ذلك فهو يلود الباسور كالقهوة وقد حذر الاطباء منهما للمصاب به نعم قال بعض الحذاق منهم لا باس بشرب الخفيف من الشاي الاحمر وقد بعضهم الكاس الواحد من الشاي الاخضر باربع من الشاي الاحمر. الفصل العاشر فيما نظم في مدحه من ذلك قول بهجة الادباء الشيخ محمد المبارك الجزائري ثم الدمشقي: قهوة الشاي وهي الطف قهوة ... لم تدع لي في قهوة البن شهوه ابسوداء بعدل الشاي وهل ال ... شاه كلا لتلك اعظم هفوه لو درى الناس ما له من مزايا ... ما خطوا نحوها لعمرك خطوه ما ابنة البن في الحقيقة الا ... من جواريه صادفت حسن حظوه وحوت دولة لدى كل حبر ... ماجد كان في المكارم قدوه لكن الشاي بغية القوم اما ... عقدوا في مرابع البسط حبوة او دعاهم داعي الهناء الى مو ... رد صفو في روضة فوق ربوه فهو ابهى لوناً واشهى مذاقاً ... وهو اذكى نشراً واعظم نشوه طاب بالسكر اللذيذ شراباً ... فاديرت اقداحه وهي حلوه ونما فضله بحسن قبول ... في قلوب لها مع الله خلوه راحه ينعش النفوس ارتياحا ... فلها هزة اليه وصبوه يشرح الصدر بهجة وسروراً ... لذة السكر لا تعادل صحوه كم اراق الصهباء من كان يهوى ... شربها عندما احتسى منه حسوه فادر صاحِ منه كاساً دهاقاً ... ليس لي عنه يا ابن ودي سلوه

وارتشفه على بساط نشاط ... منشدا من اشعار قيس وعروه وانتهز فرصة من الدهر واصحب ... صفوة قد جلت من العيش صفوه راقها الشاي حيث راق صفاء ... وهزار الافراح ردد شدوه فاجتلته على رخيم المثاني ... في رياض ابدى بها الزهر زهوه منه نوع زبرجدي اذا ما ... لاح في الكاس شمت ماء وجذوه نمّ عن عنبر به وعبير ... بشذاه دعا الوري خير دعوه وحبا الصب واردات التهاني ... من حبيب رثى له بعد جفوه ذاك اعلى انواعه عند قوم ... ما ثنتهم عن خلوة الود جلوه ذاك عين الأكسير معنى يعيد ال ... قبض بسطا والذل عزا وسطوه درهم منه رد قنطارهم ... فرحا قد جلا عن القلب شجوه فتعاطاه كل حر رقيق ... كان للناس فيه احسن اسوه ينجلي في الكؤُس شبه نضار ... في لجين يولي الفتى اي ثروه او كشمس قد اشرقت في بدور ... مذ تجلت جلت دجى كل غفوه ياله من زمرد عاد تبرا ... فاكتسى الكاس منه احسن كسوه كللته فرائد من جمان ... ربما خالها اخو الجهل رغوه كم له في الورى منافع لكن ... لم يشنها اثم مشوب بقسوه يبهج النفس ينتج الانس حالا ... يورث الهضم يطرد الهم عنوه ولذا قيل منية النفس فيه ... ينبغي شربه مساءً وغدوه وقال زيد لطفه مضمناً: يا حسن شاي لاح في بلورة ... يزهو كتبر في لجين رائق اداره الساقي على الندمان في ... زينة معشوق ولون عاشق وقال الاديب السيد عمر الانسي البيروتي: ادم شرب الاتاي فان فيها ... منافع ليس توجد في سواها

مآثر تمنح السفهاء حلماً ... وارباب الحلوم علاً وجاها اذا جليت مشاربها تجلت ... على جلساءِ حضريها سناها فلا لغو ولا تاثيم فيها ... ولا ما يسلب العقلا نهاها ولا ما يلحق الانسان جهلاً ... براتعة البهائم في فلاها ينال بها السليم نشاط جسم ... كما نالت بها المرضى شفاها ويعبق طيبها فينم مسكا ... فينعش روح شاربها شذاها سقى صوب الغمام بها ربوعاً ... تحيات الحيا حيث رباها يمر بها الصبا المعتل يروى ... لنا خبرا صحيحاً عن ثناها نبات فاخر يا فخر ارض ... نمته عليه تحسدها سماها اذا لم يوجد الابريز فيها ... فان نباتها احلا حلاها وقال اوحد العلماء الشيخ عبد الجليل براده المدني: ارى كلما تحوي مجالس انسنا ... جنودا لدفع الهم سلطانها الشاهي فلا عجب ان لم تتم بدونه ... فما تم امرٌ للجنود بلا شاه وقال: اذا مجلس للانس تم نظامه ... وما دار فيه كاس شاي معنبر لعمري وان حاز المسرات ناقص ... وما هو في عد المجالس يذكر وقال ايضاً: اذا زار من تهواه يوماً محبة ... وبادرت بالشاهي يطول جلوسه وان تسقه الشربات يا صاح انه ... يقوم اذا دارت عليه كؤُسه وللاديب محمد افندي جاد الله قصيدة فريدة من غررها قوله: اينكر اكسير ويُودِ به النكر ... وفي الشاي آيات يحاربها الفكر تامل تجد ما قيل فيه بعينه ... بها بيناً كالشمس يظهرها الظهر على انها امتازت باشياء جمة ... فحق لها دوماً عليه بها الفخر تفيدك ايام الشتاء حرارة ... وفي الصيف ترطيباً اذا مسك الحر

الباب الثاني في القهوة

بها تكتسى الكاسات ابهج حلة ... علاها حباب دونه الانجم الزهر كذائب ياقوت بدرٍ مرصع ... وما ذائباً من قبلها رصع الدر تروح ارواحاً روائح نشرها ... فكم من هموم قد طوى ذلك النشر بمنظرها الزاهي تقر نواظر ... ومن نورها الوضاح ينشرح الصدر اذا دارت الكاسات في مجلس ترى ... كان نفوس الناس من شوقها طير حقائقه جلت عن الوصف عادة ... تفرد في ادراك آلائها السر فاكرم بها حازت محاسن بعضها ... يضيق لدى ايضاحه النظم والنثر ولا تله عنها بكرة وعشية ... فمن نفعها ما لا يحيط به الحصر وفي رسالة سماع الناي على شرب الشاي مجالس الانس مهما كان مبلغها ... من السرور فلن تغني عن الناي كذاك كل فتي تعنيه صحته ... فانه في احتياجات الى الشاي الباب الثاني في القهوة وفيه ستة فصول القهوة في اصل اللغة من اسماء الخمر يقال سميت بذلك لانها تقهي شاربها عن الطعام اي تذهب بشهوته كما في الصحاح وفي التهذيب اي تشبعه ثم اطلقت على ما يشرب الآن من البن يقلى على النار ثم يدق ويغلى بالماء وتطلق الآن ايضاً على المحال المعدة لشربها من باب تسمية المحل باسم الحال يقول الشيخ محمد العلمي رحمه الله في منظومته في النصائح. واحذر دخولك للقهوات ان بها ... جل الفواحش مع كذب وغيباث كم قهوة اصبحت للهو جامعة ... وكم بلايا بها لاهل الديانات كمحنة شغلتهم عن بيوتهم ... وعن صلاة واوراد وطاعات

الفصل الأول في مادتها الذي هو البن ومنشئه

الفصل الأول في مادتها الذي هو البن ومنشئه قال في العمدة مادتها الذي هو البن ثمر شجرة صغيرة تنبت طبيعته بالاقاليم الحارة من النوبة وبلاد العرب سيما اليمن على شواطئ البحر الاحمر وانواعه نحو الثلاثين وله اوراق كاملة متقابلة وازهار بيض غالباً وكلها من الاقاليم الحارة من قديم الزمان وجديده واهمها باعتبار المتجر والاستعمال المدني النوع الذي ينبت ببلاد العرب وسيما اليمن وانتقل من ذلك الى الهند ثم الى اوربا ومن هناك الى اميركا الجنوبية والاصل والاول للبن بلاد الحبشة فكان فيها من زمن قديم واخذه العرب من هناك من زمن قديم ايضاً لا يمكن تحديده بالضبط وانما كثر باليمن وحوالي مخا وحسنت زراعته هناك وصار هو احسن بن يخرج في الدنيا وكثر استعماله في البلاد الشرقة ومن المحقق عند الاوربيين انه كان مستعملاً ببلاد فارس سنة 261 ثم في سنة 922 اخذ السلطان سليم مصر وحمل البن معه الى القسطنطينية حيث لم يكن بها اذ ذاك مجال عمومية ولم تحدث القهاوي هناك الا سنة 960 وكان لا يستعمل للغلي الا قشر البن لا لبه اه. الفصل الثاني في صفتيها النباتية قال في العمدة جذعها اسطواني يعلو من 15قدماً الى 20 قدماً وتنقسم الى فروع متقابلة متعقدة قليلاً واوراقها خضرة دائما جميلة مع لمعان في وجهها العلوي وفيها بعض قتامة وتنتشر منها رائحة ذكية جداً وتحمل شجرته اذا كان سنها من سنتين الى خمسة ويجني منها مرتين في السنة نحو خمسة ارطال وتنتج الثمر ثلاثين او اربعين باوربا واجتناؤُها في الربيع والخريف ومع ذلك تبقى مزينة في جميع الازمنة

الفصل الثالث في صفاتها الطبيعية

بالازهار الذكية الرائحة وثمارها تنضج بعد الزهر باربعة اشهر. الفصل الثالث في صفاتها الطبيعية قال في العمدة البن الذي تستعمله الناس انما هو بزر جوزة حجمها كالكرز الصغير وهو عديم الطعم والرائحة قبل التحميص وان استشعر الحس ببعض رائحة اما بعد التحميص فيظهران ظهورا واضحا ومنقوع البن الغير المحروق يكون ايضا عديم الطعم ولونه مخضر ولكما اثرت فيه النار حصل فيه اتحادات جديدة كيماوية فينتشر العطر ويظهر الطعم ويتصاعد دهن عطري ويشاهد منه نقط على سطح البزر والحبة بالتحميص يندمج حجمها ويفقد تقريبا ربع وزنها اما اذا اشتد حرقها فانها تفقد جزأ من صفاتها الجليلة ويتغير معظمها بل كلها الى فحم وتكتسب مرارة قوية ودهنها الشياطي يعطيها حرافة كريهة فلاجل تحصيل المنافع المرادة من الحب يلزم ان يصل تحميصه الى ان يعطيه لوناً اشقر ولاجل حفظ جميع صفات البن ما امكن يلزم ان يحمص ويطحن وينقع حالاً ويستعمل حارا لان عطريته ولطافته يفقدان اذا مضت مدة طويلة بعد غليه او طبخه ويلزم ان لا يكون البن قديماً جداً لانه اذا مكث مدة طويلة يفقد جزءاً من صفاته اللطيفية نعم بن الجزائر لا ينبغي استعماله اذا كان جديدا لمرارته بل ينتظر مدة اقلها سنة حتى يكون زيتيةً لكن اذا طال اكثر من ذلك فانه يفقد صفاته انتهى. الفصل الرابع في خواصها قال في العمدة منقوع القهوة اذا صنع جيدا وحلى بالمناسب كان مشروباً مقبولا جداً لذيذ الطعم ومتى دخل في المعدة سبب فيها حرارة

لطيفة توصل للجسم لذة ورائحة وهو مهضم للغاية مقو للمعدة مثير للدورة مظهر للقوى العقلية مساعد على التنفس الجلدي والافراز سار مفرح للنفس منعش مهيج لقوى الجسم وهو مشروب الكتاب والمدرسين والمطالعين للكتب والمعلمين للعلوم الادبية والصناعية والشعراء واهل الادب واذا استعمل بعد الاطعمة الثقيلة فانه يقوي الهضم ويناسب بالاكثر سكان البلاد الرطبة والمغيمة والمعتدلة وغير ذلك ومنقوع البن يشاهد انه قد يضر بعض الناس وقد يرغب فيه آخرون لكونه يمنع عنهم النوم بعد الاطعمة الخفيفة في غير المعتادين عليه هو دواءٌ ثمين في هذه الحالة لانه ينال منه انكشاف للتصورات ونورانية للتعقلات وراحة تعين على سهولة الاشتغال وشوهد من العلماء واهل الادب من يستعمل هذا المشروب مرات في اليوم وقصدهم بذلك دوام قوة حافظتهم ومع ذلك لم يحصل لهم شيءٌ من العوارض التي زعمها بعض الناس مثل قولهم سم بطئ. وهذه القهوة تناسب بالاكثر اصحاب الامزجة الباردة والاشخاص البطيئة حركاتهم والسمان الثقال الاذهان الكسالى والذين هضمهم عسر شاق وتكون اكثر تناسباً للشيوخ منها للشباب وللرجال منها للنساء وقد اعتاد معظم النار باوربا ذكورا واناثا على التغذي في الصباح بالقهوة الممزوجة باللبن ويفضلون هذا الغذاء على غيره ويستعملونه مع لقيمات من الخبز فيكون ذلك مقبول الطعم والرائحة يسهل الاستمراء والانحدار وقد ينتج ذلك تلييناً لطيفاً ولا التفات الى ما ذكره الشيخ داود الانطاكي في تذكرته مما يخالف ذلك حيث قال وقوم يشربونه اي البن باللبن وهو خطأ يخشى منه البرص اه. مع ان الاوربيين المستعلمين لذلك لا تجد فيهم احدا مريضاً بالبرص وهناك امر يفعله الاوربيون من اللازم تركه لكونه خطرا وهو ان يلقى في القهوة عند الغلي قطعة من النحاس لاجل صفائها اه. كلام العمدة. وفي المجلة الصحية ان من فوائد القهوة انها تنبه عمل الدماغ وتساعد

الفصل الخامس في القطع بحل شربها

على السهر الطويل ولذلك ترى ان اكثر المشتغلين بالاعمال العقلية يشربون القهوة لان الارق الناشيئ عن شربها لا يصحبه انزعاج ولا تعب ويلبث معه الفكر جلياً هادئاً واذا افرط المرءُ في شرب القهوة فقد يشعر بتعب وقلق على فم المعدة والاستمرار في الافراد ربما يورث ضعفاً في اعضاء التناسل غير ان هذه الاعراض تزول بالامتناع عن شربها. الفصل الخامس في القطع بحل شربها قال الشهاب بن حجر في الايعاب حدث قبيل هذا القرن العاشر شراب يتخذ من قشر البن يسمى ذلك القهوة وطال الاختلاف فيه والحق ان ذاتها مباحة مالم يقترن بها عارض يقتضى التحريم واطال في ذلك واطاب رحمه الله. وقال العلامة الخليلي في فتاويه: واما القهوة فخلاصة القول فيها انها من الجائز تناوله المباح شربه كسائر المباحات مثل اللبن والعسل ونحوهما لدخولها في قوله تعالى: قل لاي اجد فيما أُوحي الي محرما على طاعم يطعمه الآية. ولا التفات الى من ادعى تحريمها فدعواه في ذلك اوهن من بيت العنكبوت. وللشيخ فخر الدين ابي بكر بن شرف الدين اسمعيل بن ابي يزيد المكي الشافعي رسالة سماها: (اثارة النخوة بحكم القهوة) عارض بها من الف في حرمتها وله ايضاً رسالة اكبر منها سماها: (اجابة الدعوة بنصرة القهوة) رد فيها على الحكيم الكازروني وخطيب المدينة شمس الدين القطان وكلاهما له تاليف في حرمتها. وقال النجم الغزي في الكواكب السائرة في ترجة المولى ابي السعود (رحمه الله) ما نصه والكلام في القهوة الآن قد انتهى الاتفاق على حلها في نفسها واما اجتماع الفسقة على ادارتها على الملاهي والملاعب وعلى الغيبة والنميمة فانه حرام بلا شك قال النجم وقد اجبت عن سؤال:

ايها ايها الفاضل الذي جمع ال ... علم وحاز التقى فاصبح قدوه افتنا انت هل تقول حلال ... ام حرام على الورى شرب قهوة فقلت: ايها السائل الذي جاَء يرجو ... عندنا ان نبيحه شرب قهوة قهوة البن لا تكون حراما ... انها لا تفيد بالنفس نشوه غير ان الذي يجىءُ بيوتاً ... هي فيها تدار عادم نخوه ان راى المرد والمعازف والنر ... د وكل يلهو ويتبع لهوه ثم لم يقوَ ان بغيرّ نكرا ... خشية ان يعد ذلك هفوه او يجيبوه بالاهانة والسو ... ءِ ويجفونه باعظم جفوه او يخلى شيطانه لهواه ... لهوه في تلك البيوت ولغوه معرضاً عن رشاده وتقاه ... سالياً عن صلاته اي سلوه كل هذا مخالف لطريق ... خطه المصطفى وعرج نحوه فاجتنبه ودع طوائف يدعو ... ن اليه الرجيم في كل خُطوه لا تطعهم ولو ضوا منك خطوه ... فتطيع الرجيم في كل خُطوه واذا شئت شرب قهوه بن ... حسوة قد اردتَ او الف حسوه فليكن ذاك وسط بيتك مهما ... لم تشب صفوها بموجب صبوه واذكر الله اولاً واخيراً ... وتوثق منه باوثق عروه قاله ابن الغزي نجم بن بدر ... يرتجي من رب البرية عفوه وفي الكواكب السائرة ايضاً في ترجمة الشيخ علي الشامي ثم الحجازي نقلاً عن ابن طولون انه لما قدم الشيخ على المذكور سنة 947 مع ركب الحج شهر شرب القهوه بدمشق فاقتدى به الناس وكثرت من يومئذ حوانيتها قال ومن العجب ان والده كان ينكرها وخرب بيتها بمكة وذكر ابن الحنبلي انه

كتب الى الشيخ علي بن عراق وهو بحلب يستفتيه في القهوه هذه الابيات: ايها السامي بكلتا الذروتين ... بجوار المصطفى والمروتين والعلي القدر علماً وكذا ... عملاً فوق علو النيرين من له في الزهد باع ويد ... فلذا نرمقه صفر اليدين افتنا في قهوة قد ظلمت ... حينما شيب تعاطيها بشين مِن تَلهٍ هالنا مسمعه ... واقتراف لأَقاويل ومين ومراعاة امور شاهدت ... فعلها في الحان كلتا المقلتين وحكى شرابها اهل الطلا ... فالتداني بين تين الفرقتين أودعوا ذا الطرس ما يرجو الفتى ... اوَدعوا فالياس احدى الراحتين فاجاب رحمه الله تعالى بقوله: ايها السامي سموّ الفرقدين ... وامام العلم مفتي الفرقتين يا رضيَّ الدين يا بحر الندى ... من رجاه راح مملوَء اليدين جاَءني منك نظام قد حكى ... في نصوع اللفظ مسبوك اللجين قلت فيه ان في القهوة قد ... خلطوها بتلهٍ وبمين وبمعطوم حرام وغنا ... وبرقص وبصفق الراحتين فطلبت الحكم فيه بعدما ... قد رايتم ما ذكرتم راي عين وعلى ذا الزي اذ كان الذي ... شانها حتى تصفى دون رين والتداني من حماها وهي في ... وصفها المذكور شين اي شين والصفا في شربها مع فئة ... اخلصوا التقوي وشدوا المازرين ثم ناجوا ربهم جنح الدجى ... بخشوع ودموع المقلتين فابتداَء الامر فيها هكذا ... وحكوه عن وليّ دون مين

ذا جوابي واعتقادي انه ... في اعتدال كاعتدال الكفتين وقال العلامة ابو الفتح المالكي في خلال فتواه المطولة في حلها جواباً عن شبهة ادراتها: يا سائلي عن قهوة البن التي ... كم فتىً عن هواها ما فتي فاعلم على طريقة الاجمال ... بانها من جملة الحلال الى ان قال: فمن يقول انها تدار ... كما يدار الخمر والعقار فقل اخي لقد حكمت بالهوى ... وانما لكل عبد ما نوى وهيئة المجلس لا تعتبر ... اذ لم يزل فيها يدار السُّكر وغيره من لبن ومن عسل ... بين ذويه عللاً بعد نهل لاسيما والمصطفى بادي السنا ... ما بين صحبه ادار اللبنا فكان ذاك سنة وانما ... يمنع ما نيص عليه العلما من هيئة تنشأ في التشبيه ... بشارب الخمور عن تمويه كواضع في الكاس ماء صرفا ... محركاً راساً له وكفا يوهم ان ما حوى في الراح ... وهو في البيان صرف الراح سيما اذا لجَّج باللسان ... الفاظه لجلجة السكران فذا هديت الهيئة المحرمه ... والفعلة القبيحة المذممه فاعلها الخبيث عنه يزجر ... والماءُ لا يحرم فيما ذكروا وما نفاه الحسُّ والوجدان ... فالخوض في اتيانه بهتان وقال الامام عبد الواحد بن عاشر الفاسي المالكي: يقولون لي قهوة البن هل ... تحل وتؤمن آفاتها فقلت نعم هي مأمونة ... وما الصعب الا مضافاتها وسئل عن مضافاتها فقال: هي ما يستعمل معها من المكيفات. ولعل هذا كان في عهده او في بلده. ومن اللطائف قول بعضهم:

الفصل السادس في قصائد الفضلاء ومقاطيع الأدباء في مدحها

هذي القهوة هذي ... ليست المنهيّ عنها كيف تدعى بحرام ... وانا اشرب منها ولما وقف على هذين البيتين ابو الفتح المالكي قال: اقول لقوم قهوة البن حرموا ... مقالة معلوم المقام فقيه فلو وصفت شرعاً بادنى كراهة ... لما شربت في مجلس وانا فيه ولبعضهم: ان اقواماً تعدوا ... والبلا منهم تاتي حرموا القهوة عمدا ... وحووا ذلاًّ ومقتا ان سالت النص قالوا ... ابن عبد الحق افتى يا اولي الفضل اشربوها ... وارفضوا من قال بهتا واتركوهم في هواهم ... يشربون الماء حتى الفصل السادس في قصائد الفضلاء ومقاطيع الأدباء في مدحها قال العارف الشهير الشيخ عبد الغني النابلسي قدس سره كما في كتابه خمرة بابل وغناء البلابل: زوج القهوة للتنباك ... تنجلي بين يد النساك وادر فنجانها لابسة ... حلة سوداَء كالاحلاك بين ندمان علوم وهدى ... قدرهم فوق ذرا الافلاك

وتنصت لغنا ابريقها ... فوق جمر النار في الشباك واطرد الهمَّ بايدي فرح ... مضحكات لك سن الباكي وتباعد عن حشيش بل وعن ... كل ما عقلك منه شاكي والمباحات اذا صرت بها ... في انبساط انت شهم ذاكي وهي تعطيك سرورا منقذا ... لك بالحل من الاهلاك اوَ لم تعلم كمال الشرع في ... حِكم كالدرّ في الاسلاك كل شيءً حرم الله فمن ... جنسه شيء حلال زاكي وقال قدس سره: رب سوداء في الكؤُوس تبدَّت ... تهب الروح نفحة في الحياة فاذا ذقتها تحققت منها ... ان ماَء الحياة في الظلمات وقال الامام ابو الفتح بن عبد السلام مفتي المالكية بالشام مردوفاً بديعاً: قهوة القدر قدرها ارتفعا ... مذ في الدجى بدر كاسها طلعا يُجلا يا حسنها مثل ذائب السبج سمراء تسبى البدور بالدعج كالمسك في منظر وفي ارج لها مذاب العبير قد خضعا ... ومذل السحر درها ارتضعا طفلا احبب بكاس لم يعلها حبب جوهريا قوتها له لهب ابنة بن لها الشهاب اب كم بارق من حولها لمعا ... فكيف مع حسنها الذي سطعا تقلا لا غرو ان سلَّمت بذي سلم لمياء في شفها شفا المي منشؤها الحل وهي في الحرم ما طاف بالبيت طيفها وسعى ... الا وقال الامام حين دعا اهلا

من خدرها العيد روس ابرزها وللندامى الكرام جهزها وبالمعاني الحسان طرزها وهيم القوم عندما وضعا ... لها اسم راح ونعم ما وضعا فعلا قد ظهرت في الورى منافعها والغمر من جهله يدافعها يخفضها والاله يرفعها يا عاذلي زدتني بها ولعا ... احب شيء للمرءِ ما منعا وصلا كم طاب في طيبة بها السهر وزال عند الصفا بها الكدر وضاع بالشام نشرها العطر ورب شاد والفدم قد هجعا ... بها مع الاوليا قد جمعا شملا يا صاح شرد بشربها وسنى من كف ظبي ذي منظر حسن وقل لاهل الحجاز واليمن من لام في شربها دعاه دعا ... فانه بالكمال ما اجتمعا اصلا وللمحدث الفقيه الاديب غرس الدين الخليلي ثم المدني الانصاري: دع الصهباء واشرب صفو قشر ... مشعشعة تدور بكف بدر وان شئت الصفا بادر سريعاً ... الى حان لها قد حان بدري فما الياقوت في لون نضير ... وما لون النضار ولون تبر دع الفاروق ان رمت التداوي ... وخذها فهي للاسقام تبري كان حبابها المنظوم عقد ... من الياقوت يجلى فوق نحر

ساسعى نحو مروتها اُلبي ... ليصفو بالصفا صدري ونحري ندمت ندامة الكسعى عليها ... لما قد فات من ايام عمري سادمن شربها ما دمت حياً ... ولا اصغى الى زيد وعمرو واجلو عين اغياري وهمي ... بصافيها سحيرا قبل فجر فرايي الآن يا من رام نصحي ... اذا شاهدتها في الحان فاجر ولم لا وهي مشروب العوالي ... من السادات في برّ وبحر هي الراح المريح لكل روح ... ولم تمزج ولم توجد بعصر وكل مخالف فيها فاني ... اسفه قوله من اهل عصري فقل ان قال ساقيها المفدى ... جبا يا مرحبا واسكر بسكري وخذها من يديه في حضور ... مع الساقي المليح بغير سكر فلا غول ولا تأثيم فيها ... وليست مرة بل طعم تمر وان غالي المحب وقال شهدي ... اجيب نعم اذا ما كنت تمري ولولا مدحتي للبن قبلا ... لعدت له بهجو ثم هجر لبئس طباعه وسواد قلب ... له فهو الحري بكل هجر وللاستاذ العارف بالله تعالى زين العابدين بن محمد البكري الصديقي القاهري: ان تشرب القهوة في حانها ... فاللطف قد حف بندمانها حان حكي الجنة في بسطها ... برقة العيش واخوانها بمائها نغسل اكدارنا ... ونحرق الهم بنيرانها لاهمَّ يبقى لا ولا غمَّ اذ ... قابلك الساقي بفنجانها يقول من ابصر كانونها ... اف على الخمر وادنانها شراب اهل الله فيها الشفا ... جواب من يسئل عن شانها

وله ايضاً: يا قهوة تذهب همَّ الفتى ... انت لقاري العلم نعم المراد شراب اهل الله فيها الشفا ... لطالب الحكمة بين العباد نطبخها قشراً فتاتي لنا ... في نكهة المسك ولون المداد ما عرف المعنى سوى عاقل ... يشرب في وسط الزبادي زباد حرمها الله على جاهل ... يقول في حرمتها بالعناد فيها لنا برءٌ وفي حانها ... صحبة ابناءِ الكرام الجياد كاللبن الخالص في حله ... ماخرجت عنه بغير السواد وله ايضاً: اسقنا قهوة غدافية اللو ... ن حلالا تفرج الهمّ عنا وادرها من خالص البن صرفاً ... لا تشب حسنها بغير فتنا واتبع قول اشرف الرسل حقاً ... قال قولا (من غشنا ليس منا) وقوله فتنا لعله اصله فتنأَى مبنى للمجهول بمعنى تبعد فسهل الهمز ونقل حركته للنون فشددها وبقى صورة الهمزة المسهلة. وللعلامة محمد بن عبد القادر اليمني: يا شاعراً فاق في اقواله الشعرا ... ابدى لنا من قوافي نظمه دررا اطربتني اذ وصفت القاف تتبعه ... هاء وواوا وهاء بعده زبرا حققت في وصفها وصفي كفى ورقا ... بل قد شفا وجلا عن قلبي الكدرا فانها قوة مهما حذفت لها ... هاء تبين ذا من في الانام قرا لذاك ناسبها في ذكرك اسم قوي ... موافقاً عدها فاعدده واعتبرا

بقافها قويت اعضاء كل فتى ... وهاؤُها لهدى والواو منه جرى بين الانام الوفا والهاء آخرُها ... منه الهبات وهذا السر قد ظهرا فاشرب هنيئاً فما في ذاك منقصة ... كلا ولا حرمة تخشى بها شررا وللاستاذ ابي المواهب البكري: يا يوم بولاق وانسى به ... حكاك من شوال يوم الهلال واقبل النيل جنوباً وما ... من عارض الا نسيم الشمال يا عارضا اوجب للنيل ما ... سلسله وهو طليق المجال وقهوة تنضج مسكا ولا ... بدع ففي الفنجان شكل الغزال حبابها من فوقها مانع ... نفاره فهو شباك اللآل تديرها هيفاء ممشوقة ... خود تثنث في برود الدلال كاد حجي من اقبلت نحوه ... يذهب من رنات تلك الحجال بغرة او طرة وزعت ... افكارنا بين الهدى والضلال تقول للشمس وقد اقبلت ... تلثمي ما انت الا خيال قال الشهاب الخفاجي وبيت الغزال من السحر الحلال وهو بيت القصيد قال وقد قلت في معناه: اقول وقد دارت بنادِيَّ قهوة ... وقد سرني منها الغداة صبوح اصورة غزلان بفنجان قهوة ... اذا زفها ساق اليَّ صبيح ام الظبي حقاً قد تردى به فمن ... دم طفح المسك الذكيّ يفوح ولبعضهم: ما يهضم الزاد سوى قهوة ... فقربوها نحونا واقربوا ولا تخافوا الاثم في شربها ... فالله قد قال كلوا واشربوا وللهمام العناياتي: قهوة لا صداع فيها نعم فيها ... مزيل من الصداع مريح صين في الصين مسكها فحكاها ... لعس في بياض ثغر يلوح

ليل وصل في صبح لقيا حبيب ... طاب منها غبوقها والصبوح وللفاضل مصطفى بن الضمدي اليمني ملغزاً فيها ارسله للسيد صلاح ابن احمد الشرفي وهو: وجارية سوداء ان هي اسفرت ... يقبلها اهل المرؤَة والنهي اذا ما اشتهى ظَلم الحبيبة عاشق ... فمجموعها ظَلم لعمري مشتهى اذا بردت احشائها طال مكثها ... وان اصبحت محمومة طاب صبها وان ذكر الاحباب طيب اصولهم ... ليفتخروا فالرشق بالقلب اصلها وان سقيت من خالص المحض شربة ... تسارع فيها الشيب وابيض جسمها فاجابه السيد صلاح المذكور: اذا شئت حل اللغز منه فانها ... لاول ما يقرى الضيوف اولو النهي اذا حذفوا من ابنها الفاء واجتزوا ... فذلك شيَء طيب الطعم مشتهى وللاديب عبد الباقي المعروف بابن السمان مطلع قصيدة: بفضِّ بكر وبشرب العجوز ... يدفع بعض الناس برد العجوز ونحن قوم مالنا ثروة ... ولا نرى في الشرع ما لا يجوز قهوتنا قهوة بنٍّ زكت ... تعيد ايام الصبا للعجوز وعندنا كانون جمر لقد ... اعاد في كانون قيظا تموز ولابي الفتح المالكي مضمناً: قالت لنا قهوة العنقود حين رات ... لقهوة البن قدراً في الانام علي لا بدع ان حطني دهري لرفعتها ... (لي اسوة بانحطاط الشمس عن زحل) وللاديب ابي بكر العصفوري في قهوة جامها اصفر: سوداء مثل المسك لا كالنِقس ... وجامها الاصفر مثل الورس جالبة للانس بعد الانس ... حلت حلول زحل في الشمس

وللفاضل محمد بن الرومي مضمناً ايضاً: قد قالت القهوة الحمراء وافتخرت ... كم قلد ملكت ملوك الاعصر الاول وقهوة القدر ان قدراً عليَّ علت ... (لي اسوة بانحطاط الشمس عن زحل) وله ايضاً: سمعت لسان الحال من قهوة الطلا ... يقول هلموا واسمعوا نص اخباري فباسمي تسمت قهوة البن في الملا ... ولكنها لم تحك اصداغ خماري فمن كذبها قد سود الله وجهها ... وعذبها بعد الاهانة بالنار ولبعضهم ايضاً نحوه: قهوة البن تدعى ... بابنة الكرم شبهها كذبت في مقالها ... سود الله وجهها وللاديب حسين الجزري الحلبي: اسقني قهوة بن ... وامزج القهوة عودا فهي للصفراء والب ... لغم تمحو وهي سودا وللاستاذ محمد البكري ونسب للاديب محمد ماماي الرومي: انا المعشوقة السمرا ... واجلى في الفناجين وعود الهند لي طيب ... وذكري شاع في الصين وللبليغ احمد المدني المعروف باليتيم مصغرا: لله محكم قهوة تجلى لنا ... في ابيض الصينيّ طاب شرابها فكانما هي مقلة مكحولة ... ودخانها من فوقها اهدابها وللاديب صدر الدين: فنجان قهوة ذا المليح وعينه ال ... كحلاء حارت فيهما الالباب فسوادها كسوادها وبياضها ... كبياضها ودخانها الاهداب وللاديب ابراهيم المبلط: يا عائباً لسواد قهوتنا التي ... فيها شفاء النفس من امراضها

افلا تراها وهي في فنجانها ... تحكي سواد العين فوق بياضها وله ايضاً: يقول عذولي قهوة البن مرة ... وشربة حلو الماء ليس لها مثل فقلت على ما عبتها بمرارة ... قد اخترتها فاختر لنفسك ما يحلو وقال: ارى قهوة البن في عصرنا ... على شربها الناس قد اجمعوا وصارت لشرابها عادة ... فليست تضر ولا تنفع ولبعضهم: اشرب هنيئاً قهوة البن التي ... تحلو مع الاخوان والخلان سوداء في المبيض في فنجانها ... تحكي سواد العين للانسان ولشهاب الدين احمد الشنقي مضمناً: هم بابنة البن فقد ودَّها ... للطفها رب الحجا والدها مذ سادت العنبر لوناً شدا ... لا تدعني الا بياعبدها وللنجم الغزي: اشرب من القهوة صاعين ... ولو يبذل الورق والعين سوداء في بيض فناجينها ... كانها الانسان من عين وللبديعي مضمناً: جمعنا قهوتي بنٍ وكرم ... لنعلم من له ثبت الفخار فقالت قهوة البن اشربوني ... متى شئتم فبي نسي العقار فانشد ضاحكا كاس الحميا ... (كلام الليل يمحوه النهار) ولبعضهم: سقتني قهوة في جنح ليل ... وفي يدها خضاب كالمداد فقهوتنا وكفاها وليلى ... سواد في سواد في سواد ولبعضهم:

قهوة كالزباد رونقها ... فاق حسناً على ابنة العنب مادرى حسنها سوى رجل ... في الليالي ملازم الكتب وقال الاديب الشاهيني الدمشقي: وقهوة كالعنبر السحيق ... سوداء مثل مقلة المعشوق اتت كمسك فائح فتيق ... شبهتها في الطعم بالرحيق تدني الصديق من هوى الصديق ... وتربط الود مع الرفيق فلا عدمت مزجها بريق وقال يفضل الثلج عليها في الصيف: غنيت بالثلج عن سوداء حالكة ... من قهوة لم تكن في الاعصر الاول وقلت لما غدا خلي يعنفني ... في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل ولآخر: ارسل الينا قهوة ... نطفي بها جمر الكسل فانها احلى من المنِّ ... ومن طعم العسل ولآخر: نصاب البن فنجانان قالوا ... وفي رمضان ليس له نصاب ولآخر: قهوتنا بنية ... نشربها بالنية وللامير محمد بن منجك رحمه الله: مات السخاء ومزقت اوصاله ... وغدت معاهده مقر البوم والشح كنا نرتضيه لَو انه ... شح بغير مضرة او شوم انعام اكبرنا علينا قهوة ... قد اشبهت قارورة المحجوم وقال الفاضل الحريري مفتى حماه يفضلها على الشاي: هاتها قهوة خلاصة بنّ ... مرة الذوق تدفع النوم عني انما النوم في الحقيقة موت ... هل يحب الموت امرؤٌ متهني واسقنيها بالهال يعبق منها ... طيبه فوق طيبها وادن مني

الباب الثالث في الدخان

بفناجين صنعة الصين فيها ... من بديع النقوش اعجبُ فن فهي بعد الطعام افكه شيءٍ ... يحتسيه الانسان حين يثني وهي عند الكرام اول امر ... تقتضيه الضيفان دون تأني تجمع الناس حوها حلقات ... حيث مهباشها بضربٍ يغني كل بيت تدق فيه تراه ... لمقر الضيوف كعبة امن كم بها ابيضت الوجوه قراءً ... وهي سوداءُ حالك ذات دهن تلهج الناس انهم شربوها ... عند زيد كنائل وهب معن اين منها الشاي الذي ذكروه ... فمن الشاي يا اخا الذوق دعني الباب الثالث في الدخان وفيه سبعة فصول الفصل الأول في اسمه واشتهاره ومنشئه قال في العمدة التبغ اشتهر في بلادنا بالدخان والتتن ومن انواعه التنباك وهو نبات اصله من اميركا ثم استنبت باسيا ومعظم اوربا واعظم انواعه الآن ما يكون بالشام واستنبت في مصر كثيراً الا انه ادنى رتبة من التبغ الشامي ولما دخل الاندلسيون الى اميركا اول مرة وجدو التبغ حول المدينة المسماة تباجو بالجيم كما هو في كتب الجغرافيين لا بالكاف وهي احدى جزائر انتيله فسموه باسم تلك المدينة ومنه اخذ الافرنج اسم تباك وقبائلنا يسمونه التبغ واسمه في بلاد السودان كذلك واسمه عند

الفصل الثاني في تاريخ ظهوره

اهل مدينة بيتون بفتح الباء الموحدة اه. الفصل الثاني في تاريخ ظهوره قال الامام البكري رحمه الله مؤَرخاً حدوثه: قال خلي عن الدخان اجبني ... هل له في كتابنا ايماءُ قلت ما فرط الكتاب بشيءٍ ... ثم ارخت (يوم تاتي السماء) سنة 1000 وهو من نوع الاكتفاء اي بدخان قال في العمدة ولم يكن في الابتداءِ معتبرا الا نباتاً ذا خواص دوائية واما استعمال مسحوقه نشوقاً اي ادخاله في الخياشيم فلم ينتشر الا بعد حمله لاوربا بمدة وكانوا يعتبرون ذلك الاستعمال بدعة خطرة وكان رؤساؤُهم منتصبين لمضادة من يتعاطي التبع باي كيفية كانت ومشى على هذا المنع معظم ملوك اوربا والفرس والترك وكانوا يبالغون في الزجر حتى هددوا بقطع انف من يتعاطاه بل وبقلته ومع هذا كله لم تنفر التجار من ادخاله في المتجر ولم يمتنع عنه مستعملوه واول من لاحظ المنافع التي تحصل منه للملكة حاكم فرنسا فسامح بادخاله بلاده ولكن وضع عليه جمركا عظيما بحيث صار فرعاً لمدخول كبير وحينئذٍ انتشر

الفصل الثالث في أدوات استعماله

استعماله سريعاً وراى باقي ملوك اوربا النفع الذي يمكن تحصيله منه فسامحوا ايضاً في ادخاله عندهم فمكث زماناً طويلا معدوداً من الفروع المهمة في المتجر بين اميركا الجنوبية واوربا واجتهد الاوربيون حالا في استنباته بالاماكن التي تناسبه فانتشر استنباته في جميع الاقاليم وصار موجوداً ايضا في غير اوربا. الفصل الثالث في أدوات استعماله قال بعضهم ادوات التدخين ثلاثة القصبة والسيكارة والاركيلاء فاما السيكارة فاكثر ضرراً من غيرها لان دخانها يصل الى الفم والرئتين مسخنا ومشبعا بالنيكوتين السام ولا سيما الطرف الدقيق منها فانه يحصل كمية عظيمة من النيكوتين وقال بعضهم يدخن التبع بالسواكير والسيكارات والغلايين فالسواكير هي الملفوفة باوراق التبغ نفسه وهي مضرة جداً لانها تباشر الشفتين عند التدخين فتهيجهما ويخف ضررها بوضعها في بز واحسن الابزاز ما كان من القصب او من الخشب فانهما يمتصان بعض المواد السامة من الدخان وارداها ما كان من المعدن او الكهرباء او الصدف او الزجاج او العظم وقال بعضهم ان الذين يدخنون سيكارات كثيرة يشعرون بانضغاط على الجانب الايسر وبخفقان القلب واكثر امراض القلب حادث من التدخين بسبب بلغ الدخان وبلع الدخان عادة مضرة يجب

الفصل الرابع في مضرات التدخين

ابطالها ويجب اطلاق الهواء ف يغرف التدخين من وقت الى آخر حتى يبقى هواؤُها نقياً وكذلك ان ينظف المدخن فمه دائماً ويعتاد على غسل فمه واسنانه كلما سنحت له الفرصة وان يتغرغر كل صباح بماء فاتر مطيب بشيءٍ من انواع الطيب اه ملخصاً. الفصل الرابع في مضرات التدخين قال في العمدة اخطار هذا النبات ثابتة بمشاهدات كثيرة من اشخاص افرطوا في استعماله فحصلت لهم سكتات وانزفة باسورية وتشنجات بل حصل ذلك من النوم في محل فرم فيه مقدار كبير منه قال والمفرطون في استعمال التبغ الحار القوي الشديد كتبغ اسبانيا يكونون دائماً في حالة عَتهٍ مستدام كنصف سكتة وبعضهم يهزل وينتحل بسبب كثرة البصاق وهذا هو الذي يمتنع استعماله طبا وشرعا ولا يتعاطاه الا قليل التمدن كالبحريين والعساكر وهو يخدر الغير المعتادين عليه وسيما العصبيون والنساء والاطفال ويعرضهم للنحول الشبيه بالسل. وقال بعضهم قد وجدوا بالامتحان ان في دخان التبغ مقداراً من الحامض الكربونيك والحامض الكربونيك سم لانه مادة فحمية سمّية يخنق من تنفسه وقال بعضهم ثتب بالمشاهدة ان المشتغلين بالتبغ يكونون عرضة لتمدد الحدقة ولامراض عصبية في القلب تبلغ بالفعل المنعكس الى الاوعية والاوتار فينتج عن ذلك ضيق النفس وامراض الصدر وسعال ودوارٌ والم عصبيٌ معديٌ واعتقال في الاطراف والتسمم البطيءَ بالتبغ يحصل بعد مضي عشر

سنوات عادة ويشاهد ذلك في الذين يفرطون في تدخينه واعراضه هي ازدياد في ضربات القلب يزول بانقطاع تدخينه ثم تعود الضربات عند العود الى التدخين وهذه الحالة لغطات القلب تقرب من الغطات التي تسمع في التهاب التامور (غلاف داخل الصدر) اه. وقد شوهد ايضاً الاستحالة الشحمية للقلب وفقدان الشهية للطعام وحدوث الم عصبي وارق وفقد القوة الحافظة وضعف في البصر فينتج مما ذكر ان مضار التبغ عديدة وفقد القوة الحافظة وضعف في البصر فينتج مما ذكر ان مضار التبغ عديدة وخطره شديد وهو سمٌّ بطيءٌ واصله الفعال اقوى السموم النباتية واشدها لان نقطتين منه تقتلان كلباً متوسط القامة في بضع دقائق وان المفرطين في تدخين التبغ يكونون عرضة لامراض العين والمعدة والصدر والقلب ففضلاً عن تأثير المجموع العصبي فيهم وحدوث بعض دوار وارق وارتعاش الخ هو مع ذلك عديم المنفعة بالكلية ولذلك لا يتمالك الانسان عن الاسف من كثرة المدخنين من نساءٍ ورجال واطفال. وقال بعضهم ان استعمال التبغ في بعض الظروف نافع لانه يخمد الانفعالات النفسانية ويريح الانسان من الاتعاب العقلية والجسدية قال ان الصانع الذي انهك قواه الجسدية بالاتعاب الشاقة مدة نهاره يجد مساء في غليونه نوعاً من الراحة وتعويضاً عما فقد من قواه الطبيعية ومثله العالم الذي يكون نهاره في التبحر في المسائل الدقيقة واحدودب ظهره وتعقر صدره من الانصباب على التاليف والتسطير يصادف راحة في ظل سحابة غليونه الزرقاء والمسافر الذي يخوض البحار ويطوي القفار يصادف في دخان غليونه ما يدفع عنه اذى الاهوية المفسدة والابخرة السامة والمياه المختلفة. كذا في رسالة كشف النقاب. وقد ذكره صاحب الدرر البهية في التذكرة الطبية في بحث المخدرات فقال: شاربو الدخان يحصل لهم سيلان لعابي ودوخان واحياناً فيء واسهال خفيف في الابتداءِ ثم يعتادون عليه وتصير اسنانهم قذرة وتفقد شهيتهم ويعسر هضمهم ثم قال وبالاختصار فاستعمال التبغ

مضرّ بالصحة انتهى. وفي كتاب مرآة البراهين في مضار النشوق والتدخين: ان من اكبر مضار التبغ انه يضعف قوة الحس ويقلل شهوة الاكل وحرارته تثير دم الشفتين فتجعل لونهما احمر فيظهر عليهما الجفاف المصحوب بالورم والانتفاخ ومن مضاره زوال رونق الاسنان حيث يصير لونها اصفر مسوداً او مخضراً ثم فسادها والاحتياج لقلعها فيزول التلذذ بالاطعمة ومنها ان يصاب المدخن بمرض التهاب الغلصمة فلا يستطيع ابتلاع الطعام والتهاب اللوزتين المؤدي الى نفس هذا الضرر. ومن اكبر المضار الاصابة بالسرطان والسرطان ورم يحل بظاهر البدن او بباطنه ويفضي الى قروح من عادتها الانتكاس ولو بعد الشفاءَ منها بزمن طويل. ومن مضار التبغ ضيق الصدر وسد مجاري الدم فيجد المصاب بهما قلقاً عظيماً وتحدثه نفسه بقرب وفاته فجأَة ويدوم هذا القلق عادة نحو نصف ساعة ثم ينقطع ثم يعود وما ارق ما قاله الاديب الفاضل السيد عمر الانسي البيروتي رحمة الله: تباً لشيشة تنباك ولعت بها ... من عهد طهماز كانت للاذى شَركا تهيج البلغم المكنون قحتها ... وتجعل الصاغ من صدر الفتي شُركا ومن مضاره ضعف البصر وتكدير صفاءِ العين بسبب هيجان الاعصاب واكد بعض الاطباء ان التدخين يجر لصاحبه قصر النظر. ومنها الاصابة بالموروز وهو فقدان حاسية الابصار مع بقاءِ شكل العين على ما كان عليه. وقد تاكد ان وضع ورق الدخان على الجسد مدة من الزمن يكفي لاحداث اضرار مهمة. فقد حكى ان رجلاً اراد سرقة كمية من التبغ فاخفاها بين ثيابه وبدنه

تأثيره على الجسم بالتحليل

فبعد ان تمت مكيدته احس بآلام دلت على وجود التسمم. وقال بعض الاطباءك لينظر الناس الى هذا الوباء وانتشاره في العالم واي وباءٍ اكثر انتشارا منه واي مادة تحرق الدراهم وتجعلها دخاناً حقيقة واي مادة تحتوى على سم اقتل من سمه. قدروا محصولات الدخان في العالم اربعمائة مليون كليوجرام والذين يدخنون ثمانمائة مليون فيكون لكل شخص يومياً 2 ميلي جرام من النيكوتين. يحتوي الدخان على جوهر قولي هو اصله الفعال يسمى نيكوتين وهو من اقوى السموم ويختلف مقدار هذا السم فيه بحسب نوع الدخان وطريقة عمله واقواه الدخان الافرنسي لانه يحتوي على 8 الى 9 في المائة من هذا السم والدون منه اقوى من الجيد لان طريقة عمله تكون غير جيدة اما الدخان الشرقي فانه يحتوي على 2 الى 3 في المائة فيكون اقل ضررا من الافرنسي والسم المذكور يحدث اضراراً جسيمة في الجسم. وفي التقويمات الصحية تحت عنوان (العادات) ما نصه: العادة هي احتياج تولد بالارادة اولاً وتمكن اخيرا من الشخص حتى لايمكن تركه ومنشؤها وجدان فكري باستحسان شيءٍ وانجذابٍ نفساني اليه لغرض ما من الاغراض فيفعله المرء مرة ويعادوه اخرى حتى يالفه ويصير عادة له ثم ينتقل لمجرد التقليد واتباع آثار السابقين من غير شعور ولا استحضار لكون الشيءَ حسناً او قبيحاً في ذاته وذلك مصداق قوله تعالى: (انا وجدنا اباءَنا على امة وانا على آثارهم مقتدون) وهي اما نافعة كانتظام الاكل والشرب في ساعة مخصوصة والفسحة والراحة بعد الاكل والحمام البارد صباحاً او ضارة جداً تحدث مرضاَ بذاتها او تكون سبباً له فمن ذلك التدخين بالتبغ لانه ضار جداً بالجسم ففي كتاب الصحة في المدارس. تأثيره على الجسم بالتحليل وُجد انه يحتوي على اصل فعال يسمي (تبغين) نيكوتين من اشد

تأثيره على الفم والمعدة

السموم خطرا وعلى اصل مر حريف وباحتراقه يتصاعد منه كمية عظيمة من حمض الكربونيك. تأثيره على الفم والمعدة فبالتدخين يهيج الاصلُ الفعالُ فيه الغشاءَ المخاطيَّ الفمي فيحدث التهاب اللسان وقروح الحلق والتهاب اللوزتين ويكدر الافراز اللعابي ويصفر الاسنان ويعرضها للتسويس وبازدراد اللعاب المتحمل باصوله الفعالة يؤثر التبغين على الطبقة العضلية للمعدة فيشلها شللاً جزئياً لا تؤدي معه وظيفتها في الهضم كالعادة ويؤثر الاصل المر الحريف على الغشاء المخاطي المعدي ويكدر افرازه المهضم الذي بدونه لا يكون الهضم ويبقى في المعدة اللعاب المختلط بتلك الاصول الحادة الحريفية ويكون منشأ لالام المعدة عند التدخين اما تاثيره على الصدر فيكفينا ان نورد احصاء (استبانة السل) بلوندره سنة 92 حيث قالت في 301 ماصبين بالسل كان 215 يدخنون وفي 464 مصابين بآفات رئوية وجد 281 يدخنون وهذا اثبات كاف على انه يهيئ اعضاء الصدر لقبول الامراض وذلك نتيجة ضعفها. تأثيره على الدم يذيب بعض الكرات الحمراء ويغير شكل البعض الآخر ويذهب كثيرا من قوة جذبها للجوهر المحيون (اوكسيجين). تأثيره على الإفرازات يمر في الدورة باسرع من خمس ثوان وينفرز بالكلي غالباً والقليل منه بالعرق فيهيج الكلي ويهيئها للامراض ويعرض الجلد للامراض الجلدية. تأثيره على المجموع العصبي والعضلي يحدث تكدراً وخموداً في الاعصاب ورعشة عصبية عظيمة في البصر

نصيحة للفتيات

وخموداً واهتزازاً عضلياً ويسبب العَنانة احياناً ومثله في هذه الاضرار النشوق ومضع التبغ سواءً بسواءٍ اذ ان الاول نتيجته الى المعدة والرئة والثاني الى المعدة ومنها للدم فهذه بعض نتائج هذا الصنف الرديء ولا نظن ان المدخنين الا عالمين بها لا ينكرونها ولكنهم يقولون انه مادة للشغل ومذهب للحزن وغير ذلك من الافكار التي تمليها عليهم سلطة العادة ثم قال: هناك (نصيحة للفتيات) وهي لزوم الابتعاد عنه وعن دخانه الكريه فضلا عن التدخين به فان في اوربا بلاد الحرية يعاقبون النساء عن التدخين فما احكمه واجمله من عقاب يحافظ على حسنهن ويصون جمالهن وما اقبح فتاة تسعى في محو معالم محاسنها وليعلمن ان ضرر التدخين بجسومهن اخطر منه باجسام الرجال الذي هم اقوى عضلاً وامتن انسجة منهن مع ما فيه من تشويه الاسنان ونتن الفم. اه. قال بعض الادباء: فاذا كانت هذه مضار التدخين الصحيحة فما اجدر المدخنين بالاقلاع عنه او تقليله وقد يتوهمون استحالة ذلك عليهم وما توهمهم الا من ضعف ارادتهم والا فان الانسان اذا عول على امر يعتقد فائدته صحياً ومالياً (على الاقل) مع علمه انه لا يحتاج في قضائه الا الى مجرد التصميم والثبات برهة من الزمان فمن الخطأ ان يرجع عنه ومن الضعف ان يعترف بعجزه عنه لانه اذا كان هذا شانه في قضاءِ امر انما يتوقف قضاؤُه على مجرد ارادته فما شانه فيما يحتاج الى الاسفار وتجشم الاخطار والعمل والكد في الليل والنهار. وقرأت في بعض الصحف الاسبوعية (ان الاطباء الغربيين ينصحون

للذين يدخنون النصائح الآتية) وهي: ان لا يدخن عن النهوض من النوم والمعدة خالية ولا قبل الطعام ولا عقبه لان التدخين عدو الهضم الالد ولا في وقت العمل ولا في حالة الركوب على فرس او دراجة ولا في حالة قص الحديث والقاءِ الخطب وان لا ينفث الدخان من انفه ولا يبتلعه قط وان يغسل فاه بعد تناوله وان لا يدع السيجارة او الغليون بين الشفتين برهة طويلة ثم ثالوا في آخر النصائح اكسر غليونك واحرق التبغ في الاصطبلات وغرف البيت لان دخان التبغ يبعد الذباب والهوام الاخرى وعلى الحقيقة ليس للتبغ سوى هذه المنفعة الوحيدة. اه. وقال بعض النبهاءِ في مقالة انشأها في الجد في استئصال العوائد الفاسدة ان النفس لتانس بالاقتداءَ وتبادر الى الاحتذاءِ وقلت نفس تعاف الاتباع الى الابتداع والسر في ذلك كله ان الاتباع مهيع بين يسهل على كل ان يسلكه واما الابتداع فعدول عن المتعارف لا تنتجه الا قوة نفس وشهامة جنان وما اقل ما يجود الزمان بمن تهديه لبابته وتدفعه شجاعته الى ان ينشر بنود المخالفة لعادة سائدة في الناس مهما اخلت بمصلحة الكافة بل مهما جرّت عليهم الوبال اذا أنه ينفرد حزباً بنفسه ويصبح والقوم كلهم الباً واحداً عليه ويكفيك هذا علة لتملك العادات السيئة الزمن الطويل الى ان قال فهذه النارجيلة كم اهلكت من مال واحدثت من داء وادخلت في عبودية فلو ان زيداً تصدى لجمع ما انفقته وما تنفقه سوريه وحدها في سبيل النارجيلة لرأَى امام عينيه جبل ذهب ولو ان عمراً عني بعدِ من قضى بسبب النارجيلة مصدوراً لتمثل شهداؤُها

جمعاً كثيفاً واما انها ادخلت في العبودية فهؤلاء محتكرو التنباك لا يأتمرون في تسعيره الا اوامر الطمع فيرفعون سعره ويغلون ثمنه كما يشاؤون حتى اصبح رطله بتسعين غرشاً وما من داعية لهذا الغلاء الذي دخل في باب الغلو الا طمع المحتكرين فلو ان آفة سماوية ذهبت بنصف حاصلات التنباك ما تأذى حب الربح باصحابه وتجاره ان يبيعوه رطلاً بتسعين غرساَ وكذا لو تضاعف عدد المتسلين بالنارجيله ما غلا التنباك هذا الغلاء ولا انتهى ثمنه الى هذا الحد البعيد حتى عاد ذوو المال الجم والداخل المضارع اليم يئنون من هذا الغلاء بل يتأَوهون من هذا البلاء ويتبرمون بهذا الرق بل يتألمون منه فهل من سلطة تجور على الانسان اشد من سلطة العادة التي تمكنت منه فاين المنادون بالحرية اليس في وسعهم ان يهجروا النارجيلة فيتخلصوا من تكاليفها وينجوا من آفاتها ليت شعري من ذا الذي يلزمهم بها او يكرههم عليها وكاني اسمع لسان اولي النارجيلة وانا اكتب هذا السؤَال يقول مجاوباً انما تكرهنا يا صاح سلطةٌ قاهرة وقوة قاسرة هي سلطة العادة وقوتها وكم من فقيرة تقول (اقعد بلا اكل والا اقعد بلا اركيله) وكم من مصدور يقول (الموت ولا فراق النربيج) فان كان في نيتك حمل الناس على هجر تلك العادة فكانما قد سمت نفسك ان تجفف البحر او تكسف الشمس واين قوتك مما تحاول ولعل الذي جرأَك على ذلك لم تذق لذة النارجيلة التي لا احلى منها عند الصباح والاصيل وبعد الطعام ولا سيما في البساتين عند نفحة الربيع وهبوب النسيم العليل وما احراك ان تتذكر قول الشاعر: دع عنك تعنيفي وذق طعم الهوى ... فاذا عشقت فبعد ذلك عنف نعم اني لواثق كما علمت من كلامي بان ذوي النارجيله قد ملكتهم قوة العادة لكان حسن النظر في سوءِ المصير قد بصَّر بعض مشاهير المولعين بالنارجيلة ففطموا انفسهم عنها واستعاضوا من الهزال سمنا ومن الشحوب

لطيفة

نضارة فقد تتمتع الكهول منهم بعد مقاطعة النارجيلة من العافية ونضارة الصحة بما لم يتمتعوا به في شبابهم. انتهى ملخصاً لطيفة جاءَ في بعض المجلات العلمية سؤالان في هذا الموضوع مجاباً عنهما الأول: أن اكثر شاربي الدخان مصابون بالسعال ويشتد على بعضهم ذلك صباحاً ويتبع السعال بصاق مصحوب بالبلغم فهل هذا البلغم مسبب عن شرب الدخان او هو شيءٌ موجود والتدخين يفيد الانسان باخراجه منه. فكان الجواب من المعلوم ان التدخين يسبب نزلة صدرية احياناً والتهاباً في غشاءِ الحلق المخاطي وذلك يدعو الى افراز البلغم وافرازه فعل حيوي لدفع اذى جسم غريب عن الجسم فانه اذا وقع على الغشاءِ المخاطي جسم صغير غريب يهيجه افراز المخاط لكي يغلغه به ويمنع ضرره فافراز المخاط فعل قسريّ لدفع الاذى عن الجسم. السوآل الثاني: عقب السيكارة حينما يرمى ويبقى مشتعلا يصعد من دخانه رائحة كريهة حتى ان المدخنين انفسهم لا يحتملونها مع انها وهي في يدهم قبل القائها لا يكون لها هذه الرائحة فما سبب ذلك: فكان الجواب ان جانباً كبيراً من النيوكتين ونحوه من المواد التي تخرج منها وهي مشتعلة يجتمع في عقبها حتى اذا وصلت النار اليه ولم يعد له مجتمع آخر يصعد في الهواءِ اما اشتداد الرائحة اذا رمى العقب على الارض فان صح فسببه ان الاشتعال البطيء يزيد تولد بعض الغازات والاشتعال السريع يحرقها فلا تظهر لها رائحة. وفي كتاب آداب الفتى ما نصه: كل المدخنين يشكون منه ومن سوءِ تأثيره على صحتهم ومن كثرة مصاريفه ويودون من صميم افئدتهم تركه ويعجبون من ان الاطباء الذي عرفوا لكل داءٍ دواءِ واتوا بالمدهش الغريب لم يقفوا على دواءٍ يمنع هذا السم الزعاف الا ان العجب من هؤُلاءِ انفسهم

الفصل الخامس في خطر تسعطه ومضغه

فانهم يعرفون ضرر الدخان ويشترونه ايضاً وخير وسيلة لترك الدخان والخلاص من ضرره صدق العزم على تركه وعدم شرائه مرة واحده والله الموفق انتهى. ومن الفكاهات التي روتها الصحف الاسبوعية ان بعض الاوربيين حلوا جزيرة من جزر اكلة لحوم البشر فقام عليهم سكان الجزيرة وكبلوهم بالاغلال ليولموا عليهم ولما بدؤا بأكل الأول منهم وذاقوا لحمه وجدوه مراً كريهاً لأنه كان يدخن التبغ ولذلك أطلقوا سراح رفاقه لعدم رجاء الانتفاع بلحومهم ولعل فيما نقلناه مقنعاً وكفاية للمدخنين على نبذ عادة التدخين. الفصل الخامس في خطر تسعطه ومضغه قال في العمدة واما التسعط بالنشوق فيقول المستعملون له انه مصرف لبعض الاوجاع كالشقيقة والصداع واوجاع الاسنان والاستهواء والميل للنعاس ونحو ذلك ولكن الغالب ان استعماله بطالة وتسلية وزعموا ان النشوق يسبب زوائد لحمية في الانف والحلق تضر في التفنس ومن المحقق اذهابه حساسية الغشاء النخامي واحداثه تيبسات فيه. وقال في المرآة ومما يشترك مع التدخين في الحاق الاذى بالانسان النشوق وهو وان كان اقل ضرراً منه ولكن لا يذهب البعض بسبب ذلك الى تخير الاستنشاق عليه.

§1/1