ذم الملاهي لابن عساكر

ابن عساكر، أبو القاسم

ذم الملاهي

بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن برحمتك حدثنا الشيخ الإمام الحافظ الثقة أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي -رضي الله عنه- إملاءً من لفظه في يوم الاثنين السابع عشر من شوال سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، قال: 1 - أخبرنا الشيخ أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد ببغداد قال: أنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد، قال: أنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان، قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن محمد، قال: أنا إسحاق بن منصور الكوسج، قال: أنا الفضل -يعني: ابن موسى-، قال: -[28]- حدثنا صدقة بن موسى، عن فرقد السبخي، قال: حدثني أبو منيب الشامي، عن أبي عطاء، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وحدثني شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... قال: وحدثني عاصم بن عمرو البجلي عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ، قال: وحدثني سعيد بن المسيب -أو حدثت عنه-، عن ابن عباس رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفس محمد بيده ليبيتن أناس من أمتي على أشر وبطر ولعب ولهو، فيصبحون قردة وخنازير باستحلالهم المحارم، واتخاذهم القينات، وشربهم الخمر، وبأكلهم الربا، ولبسهم الحرير)). تفرد به فرقد عنهم.

2 - أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ببغداد قال: أنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري، قال: أنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ، قال: ثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى بن عبد الرحمن الساجي، قال: ثنا عبد العزيز بن (محمد) (¬1) بن الحسن بن زبالة، قال: ثنا إسحاق بن محمد الفروي، قال: ثنا يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: -[30]- ((إن ناساً باتوا في شراب ودفوف وغناء؛ فأصبحوا قد مسخوا قردة وخنازير)). و ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أثمان القرابن)). هذا حديث غريب. ¬

_ (¬1) في الأصل: (أحمد) والصواب ما كتبنا.

3 - أخبرنا الشيخ أبو سهل محمد بن إبراهيم بن محمد ببغداد قال: أنا إبراهيم بن منصور بن إبراهيم الأصبهاني بها، قال: أنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ، قال: أنا أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي، قال: ثنا أبو عبد الرحمن الأذرمي -وهو عبد الله بن محمد بن -[31]- إسحاق-، قال: ثنا علي بن يزيد الصدائي عن الحارث بن نبهان، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه، قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغنيات والنواحات، وعن شرائهن وبيعهن، وتجارة فيهن، وقال: كسبهن حرام)).

4 - أخبرنا الشيخ أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قال: أنا أبو علي بن المذهب، قال: أنا أبو بكر بن مالك القطيعي، قال: أنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: ثنا يزيد -يعني: ابن هارون-، قال: أنا فرج بن فضالة الحمصي، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل بعثني رحمة وهدى للعالمين، وأمرني أن أمحق المزامير والكنارات -يعني: البرابط والمعازف-، والأوثان التي كانت -[32]- تعبد في الجاهلية، وأقسم ربي عز وجل بعزته: لا يشرب عبد من عبيدي جرعة من خمر إلا سقيته مكانها من حميم جهنم معذباً أو مغفوراً له، ولا يسقيها صبياً صغيراً إلا سقيته مكانها من حميم جهنم معذباً أو مغفوراً له، ولا يدعها عبد من عبيدي من مخافتي إلا سقيتها إياه من حظيرة القدس، ولا يحل بيعهن ولا شراؤهن ولا تعليمهن ولا تجارة فيهن وأثمانهن حرام -للمغنيات-)).

5 - أخبرنا الشيخ أبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدويه، قال: أنا أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي، قال: ثنا أبو القاسم جعفر بن عبد الله بن يعقوب بالري، قال: ثنا أبو بكر محمد بن هارون الروياني، قال: ثنا محمد بن إدريس أبو بكر بمكة، قال: ثنا سعيد بن منصور، قال: ثنا إسماعيل بن عياش، -[33]- عن مطرح بن يزيد، قال: ثنا عبيد الله [بن] (¬1) زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يحل بيع المغنيات ولا شراؤهن وثمنهن حرام، والذي نفس محمد بيده ما رفع رجل عقيرة صوته بغناء إلا ارتدفه شيطانان يضربان بأرجلهما صدره حتى يسكت)). ¬

_ (¬1) ساقطة من الأصل يقتضيها السياق.

6 - أخبرنا الشيخان أبوا محمد: عبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي، -[34]- وطاهر بن سهل بن بشر الإسفرايني، قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان المصري بدمشق، قال: أنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق بن يزيد الحلبي بمصر، قال: ثنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن ثوابة، قال: ثنا أبو جعفر محمد بن سفيان، قال: ثنا إبراهيم بن حيان، قال: ثنا شعبة بن الحجاج، عن عمرو بن مرة، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم واستماع المعازف والغناء؛ فإنهما ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل)).

7 - أخبرنا المشايخ: أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي، وأبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن بن القشيري، وأبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي بنيسابور -[36]- قالوا: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن بن محمد الخنزروذي الأديب، قال أنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان، قال: أنا أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي، قال: ثنا أبو بهز الصقر بن عبد الرحمن ابن ابنة مالك بن مغول، قال: ثنا عبد الله بن إدريس عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل بستاناً وجاء آت فدق الباب فقال: يا أنس، افتح له، وبشره بالجنة، وبشره بالخلافة، من بعدي. قال: قلت: يا رسول الله -[37]- أعلمه؟ قال: أعلمه. إذا أبو بكر رضي الله عنه فقلت: أبشر بالجنة وأبشر بالخلافة من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: ثم جاء آت فدق الباب، فقال: يا أنس، قم فافتح له، وبشره بالجنة، وبشره بالخلافة من بعد أبي بكر. قال: قلت: يا رسول الله، أعلمه؟ قال: أعلمه. قال: فخرجت فإذا عمر رضي الله عنه فقلت له: أبشر بالجنة، وأبشر بالخلافة من بعد أبي بكر. قال: ثم جاء آت فدق الباب، فقال: قم، يا أنس، فافتح له، وبشره بالجنة، وبشره بالخلافة من عبد عمر، وأنه مقتول. قال: فخرجت فإذا عثمان رضي الله عنه فقلت له: أبشر بالجنة، وأبشر بالخلافة بعد عمر، وأنك مقتول. قال: فدخل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، لمه؟ والله ما تغنيت ولا تمنيت ولا مسست ذكري بيميني منذ بايعتك. قال: هو ذاك يا عثمان.

8 - أخبرنا المشايخ: أبوا محمد: هبة الله بن أحمد بن محمد الأمين، وعبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي بدمشق، وأبو المعالي ثعلب بن جعفر بن أحمد بن الحسين بن السراج ببغداد، قالوا: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي بدمشق، -[39]- قال: أنا أبو الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي، قال: أنا أبو عثمان سعيد بن عبد العزيز الحلبي، قال: ثنا أبو نعيم عبيد بن هشام، قال: ثنا ابن المبارك، عن مالك بن أنس، عن محمد بن المنكدر، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قعد إلى قينة يستمع منها صب في أذنيه الآنك يوم القيامة)). المحفوظ مرسل، تفرد برفعه أبو نعيم.

9 - أخبرنا الشيخان: أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر، -[40]- وأبو الفتح مفلح بن أحمد بن محمد الدومي الوراق ببغداد، قالا: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد البزاز، قال: أنا عبيد الله بن محمد بن إسحاق البزاز، قال: أنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، قال: ثنا هدبة بن خالد، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن بن مسلم، عن مجاهد، في قوله عز وجل: ((ومن الناس من يشتري لهو الحديث))، قال: ((الغناء)).

10 - أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس الخطيب، -[41]- قال: أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف المقرئ، قال: أنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل المصري، قال: ثنا أحمد بن مروان المالكي قال: ثنا إبراهيم بن عبد الله، قال: ثنا جعفر بن عون، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: ((ينادي مناد يوم القيامة: أين الذين كانوا ينزهون أصواتهم وأسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان؟ قال: فيحلهم الله في رياض الجنة من مسك، فيقول للملائكة: أسمعوا عبادي تحميدي وتمجيدي وأخبروهم أن لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)).

11 - أخبرنا الشيخ أبو القاسم بن طاهر المستملي، قال: ثنا أبو نصر عبد الرحمن بن علي بن محمد بن موسى، قال: أنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله الشاهد، قال: أنا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي، قال: ثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي، قال: ثنا عبيد الله بن عمر، وأبو خيثمة، قالا: حدثنا يحيى بن سليم عن عبيد الله بن عمر، قال: -[43]- سأل إنسان القاسم بن محمد عن الغناء فقال: أنهاك عنه وأكرهه، قال: أحرام هم؟ قال: انظر -يا ابن أخي- إذا ميز الله الحق من الباطل في أيهما يجعل الغناء.

12 - قال: وحدثنا عبد الله بن محمد، قال: ثنا عبيد الله بن عمر، قال: حدثني عبد الله بن داود، عن القاسم بن سلمان، عن الشعبي، قال: لعن المغني، والمغنى له.

13 - قال: وحدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثني يعقوب بن محمد، قال: حدثت عن زافر بن سليمان، قال: كان رجل يجلس في المسجد فترك الجلوس فيه، واتخذ قينة، فكتب إليه رجل من أخوانه: ((أما بعد، إن الله لم يرض لنبيه الشعر فقال: {وما علمناه الشعر وما ينبغي له}، فكيف إذا اجتمع زي الفاسقين وأصواتهم اللعينة وعيدانهم الوحشة الملعونة، والنساء المتبرجات بالزينة، والله ما أرى من فعل هذا -[44]- توقى الهلكة، ولا عذر في النعمة، ولا وضع ما رزقه الله حيث أمره الله، فانظر -يا أخي- من أي شيء خرجت، وفي أي شيء دخلت، وعلى من أقبلت، ومن أقبل عليك، وعمن أعرضت، ومن أعرض عنك، فإنك إن أحسنت النظر علمت أنك خرجت من النور، ودخلت في الظلمة، وأعرضت عن الله، وأعرض الله عنك؛ فتدارك نفسك؛ فإنك إن لم تفعل ذلك فإن أهون من دائك يقتل صاحبه، والسلام على من اتبع الهدى.

14 - أخبرنا قراتكين بن الأسعد قال: أنا الحسن بن علي الجوهري، قال: أنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مردك، قال: أنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، قال: قال الحسن بن عبد العزيز الجروي: سمعت الشافعي رحمه الله يقول: خلفت بالعراق شيئاً يسمى التغبير -[45]- وضعته الزنادقة يشتغلون به عن القرآن.

15 - سمعت الشيخ أبا المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري يقول: سمعت أبي الأستاذ أبا القاسم القشيري رحمه الله يقول: سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي يقول: سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان يقول: سمعت أبا بكر النهاوندي يقول: سمعت علي بن السائح يقول: سمعت أبا الحارث الأولاسي يقول: رأيت إبليس في المنام على بعض سطوح أولاس وأنا على سطح وعلى يمينه جماعة، وعلى يساره جماعة، وعليهم ثياب لطاف فقال لطائفة منهم: قولوا، فقالوا فغنوا، فاستفرغني طيبه حتى هممت أن أطرح نفسي من السطح، ثم قال: ارقصوا، فرقصوا أطيب ما يكون، ثم قال لي: يا أبا الحارث، ما أصبت شيئاً أدخل به عليكم إلا هذا.

وقيل: من تولى عن الهدى واستغنى ... وتمادى في غيه وتغنى واستلذ السماع والضرب بالأوتار ... فاللهُ عنه يا صاح أغنى فاجتنب يا أخي الغناء وطهر ... منه قلباً حياً وصن عنه أذنا فاستماع الغناء ينبت في القلب ... نفاقاً ويورث المرء حزنا [وعباد الرحمن مرو باللغو ... كراماً ولم يحبوا] (¬1) الزَّفْنا والحمد لله وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً إلى يوم الدين. ¬

_ (¬1) البيت في الأصل كذا: وعباد الرحمن مرَّ باللغو ... كريما ولم يحب الزَّفنا وليس مستقيم المعنى، والله أعلم.

§1/1