ديوان لبيد بن ربيعة العامري
لبيد بن ربيعة
ترجمة لبيد بن ربيعة
بسم الله الرحمن الرحيم لَبيد بن ربيعة العامريّ اسمه ونسبه: هو لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية .. وينتهي نسبه عند مُضَر. أبو جزاد كريم لُقِّبَ: بربيعةَ المقترين، وأمه تامرة بنت زنباع العبسية، إحدى بنات جذيمة بن رواحة. واسم لبيد مشتق من قولنا لبد بالمكان إذا مكث به وأقام، ولم يذكر أن له ولداً سوى بنتين، وله أخ أكبر من ضرساً اسمه: (أربد) نشأته: نشأ شاعرنا لبيد يتيماً في إثر مقتل والده في يوم ذي علق، تكفلّه أعمامه، وكان إذّاك يبلغ التاسعة من عمره، ولقي لديهم من الرخاء والسعة في العيش ما لم يتوقعه لنفسه. ولم يدم له ذلك حيث وقع بين أسرتين من بني عامر خلاف شتت شملهما. وحينما بلغ لبيد من الشباب ذروةً اندفع إلى مجالسة الملوك ومنادمتهم حباً بما هم فيه وطموحاً لنيل حظوة لديهم، فكان أول من قصد النعمان بن منذر وله في مجالسته قصص نقلتها كتب الأدب. ويبدو أن لبيداً في هذه الفترة من حياته كان مقبلاً على لذائذ الحياة، يصيب منها ما أراد إلى أن ظهر الإسلام، فقد تبدلت حياته رأساً على عقب وكان ممّن خف للإسلام، فدخل فيه وناصره وهاجر وحَسُن إسلامه.
ويذكر أبو فرج الأصفهاني أن لبيداً كام ممن عُمِّرُوا طويلاً، فيقال: إنه عُمِّرَ مائة وخمساً وأربعين سنة. أما وفاته، فقيل: إنه توفي في آخر خلافة سيدنا معاوية رضي الله عنه، وقيل: بل توفي في آخر عهد سيدنا عثمان رضي الله عنه. ويقال إن لبيداً هجر في آخر عمره الشعر إلى القرآن الكريم، فيروي ابن السلام في طبقاته قائلاً: كتب عمر إلى عامله أن سَلْ لبيداً والأغلب ما أحدثا من الشعر في الإسلام؟ فقال الأغلب: أرجزاً سألت أم قصيدا فقد سألت هيناً موجودا وقال لبيد: قد أبدلني الله بالشعر سورة البقرة وآل عمران. شيء من أخباره. قيل: إنه وفد عامر بن مالك ملاعب الأسنة وكان يكنى: أبا البراء، في رهط من بني جعفر، ومعه لبيد بن ربيعة، ومالك بن جعفر وعامر بن مالك عم لبيد على النعمان، فوجودا عنده الربيع بن زياد العبسي وأمّه فاطمة بنت الخرشب، وكان الربيع نديماً للنعمان مع رجل من تجار الشام يقال له: زرجون بن توفيل، وكان حريفاً للنعمان يبايعه، وكان أديباً حسن الحديث والندام، فاستخفّه النعمان، وكان إذا أراد أن يخلو على شرابه بعث إليه وإلى النطاسي: متطبّب كان له، وإلى الربيع بن زياد فخلا بهم، فلما قدم الجعفريون كانوا يحضرون النعمان لحاتهم فإذا خرجوا من عنده خلا به الربيع فطعن فيهم وذكر معايبهم، وكانت بنو جعفر له أعداءً، فلم يزل بالنعمان حتى صدّه عنهم، فدخلوا عليه يوماً فرأوا منه جفاءً وقد كان يكرمهم ويقربّهم، فخرجوا غضاباً ولبيد متخلّف في رحالهم يحفظ متاعهم ويغدو بإبلهم كل صباح يرعاها.
فأتاهم ذات ليلة وهم يتذاكرون أمر الربيع، فسألهم عنه، فكتموه، فقال: والله لا حفظت لكم متاعاً، ولا سرّحت لهم لعيراً أو تخبروني فيم أنتم؟ وكانت أم لبيد يتيمة في حجر الربيع، فقالوا: خالك قد غلبنا على الملك وصدّ عنا وجهه. فقال لبيد: هل تقدرون على أن تجمعوا بيني وبينه فأزجره عنكم بقول محضّ لا يلتفت إليه النعمان أبداً؟ فقالوا: وهل عندك شيء؟ قال: نعم. قالوا: فإنا نبلوك. قال: وما ذاك؟ قالوا: تشتم هذه البقلة؟ فقال: هذه التربة التي لا تذكي ناراً، ولا تؤهل داراً، ولا تسرّ جاراً، عودها ضئيل، وفرعها كليل، وخيرها قليل، وأقبح البقول مرعىً، وأقصرعا فرعاً، وأشدّها قلعاً، بلدها شاسع، وآكلها جائع، والمقيم عليها قانع، فالقوا بي أخا عَبْس، أردّه عنك بتعس، وأتركه من أمره في لَبْس. قالوا: نصبح ونرى فيك رأينا. فقال عامر: انظرو إلى غلامكم هذه –يريد لبيداً- فإن رأيتموه نائماً فليس أمره شيء، إنما هو يتكلم بما جاء على لسانع، وإن رأيتموه ساهراً، فهو صاحبه. فرمقوه فوجدوه وقد ركب رحلاً، وهو يكرم وسطه حتى أصبح، فقالو: أنت والله صاحبه. فعمدوا إليه فحلقوا رأسه وتركوا ذؤابته، وألبسوه حلّة ثم إذا معهم وأدخلوه على النعمان، فوجوده يتغذّى ومعه الربيع بن زياد، وهما يأكلان لا ثالث لهما والدار والمجالس مملوءة من الوفود، فلما فرغ من الغداء أذِن للجعفريين فدخلوا عليه، وقد كان أمرهم تقارب، فذكروا الذي قدموا له من حاجتهم، فاعترض الربيع بن زياد في كلامهم، فقال لبيد في ذلك: أكلّ يوم هامتي مقزّعه
يا ربّ هيجا هي خير مِنْ دعه نحن بني أم البنين الأربعه سيوف حَزّ وجفان مترعه نحن خيار عامر بن صعصعه الضاربون الهام تحت الخيضعه والمطعمون الجفنة المدعدعه مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معه إن استه من برص ملمعّه وإنه يدخل فيه إصبعه يدخلها حتى يواري أشجعه كأنه يطلب شيئاً ضيّعه فرفع النعمان يده من الطعام، وقال: خَبَّثت والله عليّ طعامي يا غلام، وما رأيت كاليوم. فأقبل الربيع على النعمان، فقال: كذب والله ابن الفاعلة، ولقد فعلت بأمّه كذا وكذا. فقال له لبيد: مثلك فعل ذلك بربيبة أهله والقريبة من أهله، وإن أمي من نساء لم يكنّ فواعل ما ذكرت. وقضى النعمان حوائج الجعفريين، ومضى من وقته وصرفهم، ومضى الربيع بن زياد إلى منزله من وقته، فبعث إليه النعمان بضعف ما كان يحبوه، وأمره بالانصراف إلى أهله فكتب إليه الربيع: إني قد عرفت أنه قد وقع في صدرك ما قال لبيد، وإني لست بارحاً حتى تبعث إلىّ من يجرّدني فيعلم من حَضَرك من الناس أنني لست كما قال لبيد. فأرسل إليه: إنك لست صانعاً
بانتفائك مما قال لبيد شيئاً ولا قادراً على ردّ ما زلّت به الألسن، فالحق بأهلك .. ويُروى -في خبر آخر- أن لبيداً كان من جوداء العرب، وكان قد آلى في الجاهلية ألا تهبّ صبا إلا أطعم، وكان له جفنتان يغدو بهما ويروح في كل قوم على مسج قومه فيطعمهم، فهبّت الصبا يوماً والوليد بن عقية على الموفة فصعد الوليد المنبر فخطب بالناس ثم قال: إن أخاكم لبيد بن ربيعة قد نذر في الجاهلية ألا تهب صباً إلا أطعم وهذ يوم من أيامه، وقد هبّت صبا فأعينوه، فأنا أول من فعل. ثم نزل عن المنبر فأرسل إليه بمائة بَكْرَةٍ، وكتب إليه بأبيات قالها: أرى الجزَّارَ يشحذ شفرتيه ... إذا هبَّت رياح أبي عقيل أشم الأنف أصيد عامري ... طويل الباع كالسيف الصقيل وَفَى ابن الجعفري بحلفتيه ... على العلات والمال القليل بنحر الكُوم إذ سحبت عليه ... ذيول صبًا تجاوب بالأصيل فلما بلغت أبياته لبيدًا قال لابنته: أجيبيه، فلعمري لقد عشت برهة وما أعيا بجواب شاعر. فقالت ابنته: إذَا هبت رياح أبي عقيل ... دعونا عند هبَّتِها الوليدا أشم الأنف، أروع عبشميًّا ... أعان على مروءته لبيدا بأمثال الهضاب كأن ركبا ... عليها من بني حام قُعُودا أبا وهب جزاك الله خيرًا ... نحرناها فأطعمنا الثريدا فَعُد إنَّ الكريم له معاد ... وظني لا أبا لك أن تعودا فقال: قد أحسنت لولا أنك استطعمته، فقالت: إن الملوك لا يُسْتَحْيَا من مسألتهم، فقال: وأنت يا بنيّةً في هذه أشعر.
شعره: عُني بدراسة لبيد وشعره كثيراً لدى كل من القدماء والمعاصرين، هذا وقد روى ديوانه أشياخ الرواة من القدماء كأبي عمرو الشيباني والأصمعي وغيرهما، ونشره من المعارين كثير حتى أتم جهودهم العلامة الدكتور إحسان عباس. هذا وقد ضمت دفتا الديوان شعراً بلغ إحدى وستين قصيدة ومقطعةً إلى جانب متفرقات وأشعار نسبت إليه. وقد استغرقت هذه القصائد والمقطعات من الموضوعات الوصف والفخر والحماسة والرثاء والحكمة، وشيئاً من الغزل والهجاء. أما معلقته فقد بلغت عدتها ثمانية وثمانون بيتاً نظمت على البحر الكامل وبروي الميم، وتنقسم المعلقة إلى ما يأتي: (1 - 11) وقوف على الأطلال ووصف للآثار والديار. (12 - 19) وصف الطعائن ومشاهد الارتحال. (20 - 21) بيتان في الحكمة. (22 - 52) وصف الناقة وتشبيهها بالأتان. (53) حلقة وصل بين الغرض السابق والغرض اللاحق. (54 - 61) حديث الشاعر عن نفسه ولهوها وأهوائها. (62 - 71) فخر الشاعر بنفسه. (72 - 88) فخر الشاعر بقومه. هذا وتعد المعلقة صورة ناضجة لشعر لبيد الذي انتثر في الديوان لما تضمنه من تنوع في الأغراض وجودة في الاعتناء حتى خرجت إلينا نموذجاً سامقاً للشعر في ذلك العصر، وعدّت بحق، معلقة من معلقات العصر الجاهلي ..
ونحن إذا قدمنا هذا الشاعر الكبير، فإننا نقدم لقارئنا العزيز هذا الديوان لعلّه يلقى لديه الفيول وتنظر إليه عينه بنظر الرضا، ويكون له أثر إيجابيّ في النفوس. والحمد لله أولاً وآخراً. حمدو أحمد طماس
حرف الباء
حرف الباء أَبني كِلابٍ كيف تُنْعى جعفر؟ [الكامل] جاورت قبيلة غني بن أبي بكر بن كلاب فتعدى أحد الغنويّبن على ابن لعروة بن جعفر فقتله، ثمّ إن منيعاً الجعفري قتل واحداً من الكلابيّين فأراد هؤلاء أن يبوء القتيل الثاني بالأولّ، فأبى الجعفريوان ذلك، فشبّت الحرب بين الحيّين وخُذل فيها بنو جعفر، فنزلوا على حكم جوّاب بن عوف سيّد بني أبي بكر بن كلاب فحكم بنفي الجعفريّين عن مواطنهم، فهاجروا منها ولحقوا ببني الحارث بن كعب في اليمن وأقاموا فيها حولاً، وقد غضب لبيد استياء من حكم جوّاب فقال يذكر الحكومة ويتهكّم به: وَلَدَتْ بَنُو حُرْثانَ فَرْخَ مُحَرِّقٍ ... بِلوَى [الوَضيعة ِ مُرْتَجَ الأبْوابِ] (¬1) لا تَسقِنِي بيَدَيْكَ إنْ لمِ [ألتَمِسْ] ... نَعَمَ الضَّجُوعِ بِغارَة ٍ أسْرابِ (¬2) تَهْدي أوائِلَهُنَّ كُلُّ طِمِرَّة ٍ ... جَرْداءَ مِثْلَ [هِرَاوَةِ] الأعْزابِ (¬3) ¬
وَمُقَطَّعٍ حَلَقَ الرِّحَالة ِ سابِحٍ ... بادٍ نَوَاجِذُهُ على الأظْرابِ (¬1) يَخرُجْنَ مِن خَلَلِ الغُبارِ عَوابساً ... تَحْتَ العَجاجَةِ في الغُبارِ الكَابي (¬2) وإذا الأسِنَّة ُ أُشْرِعَتْ لنُحورِها ... أبدينَ حَدَّ نَواجِذِ الأنْيابِ (¬3) يَحْمِلْنَ فِتْيانَ الوَغَى مِنْ جَعفرٍ ... شُعْثاً كأنَّهُمُ أُسُودُ الغابِ (¬4) وَمُدَجَّجينَ تَرى [المغاوِلَ] وَسْطَهمْ ... وذُبابَ كُلِّ مُهنَّدٍ قِرضابِ (¬5) يَرْعَوْنَ [مُنْخرِقَ اللَّديدِ] كأنَّهُمْ ... في العزِّ أسرَةُ حاجِبٍ وشِهَابِ (¬6) أبَني كِلابٍ كَيفَ تُنْفَى جَعْفَرٌ ... وبَنُو ضُبَيْنَة َ حاضِرُو الأجبابِ (¬7) قَتلوا ابنَ عُروة َ ثمَّ لَطُّوا دُونَهُ ... حتى [نُحاكِمَهُمْ] إلى جَوَّابِ (¬8) بَينَ ابنِ قُطْرَة َ وابنِ هاتِكٍ عَرْشِهِ ... ما إنْ يَجُودُ لِوَافِدٍ بِخِطَابِ (¬9) قَومٌ لَهُمْ عرفتْ معدٌّ فَضْلَها ... والحَقُّ يَعرِفُهُ ذَوُو الألْبَابِ ¬
قومي بنو عامر
قومي بنو عامر [المنسرح] وقال يصف رحلة الأحباب، ومناظر بقر الوحش والحمر والسيول، ويفتخر بقومه بني عامر: طَافَتْ أُسَيْماءُ [بالرِّحَالِ] فَقَدْ ... هَيَّجَ مِنِّي خَيالُها طَرَبَا (¬1) إحْدَى بَني جَعْفَرٍ بأرْضِهِمِ ... لمْ تُمْسِ مِنِّي نَوْباً وَلا قُرُبَا (¬2) لَمْ أخْشَ عُلْوِيَّة ً يَمَانِيَة ً ... وكَمْ قَطَعْنا مِنْ عَرْعَرٍ شُعَبَا (¬3) جاوزنَ فلجاً فالحَزْنَ يُدْلِجـ ... ـنَ بالليلِ ومِنْ رَملِ عالجٍ كُشُبَا (¬4) مِنْ بَعدِ ما جاوَزَتْ شَقائِقَ فالدّهـ ... ـنَا وَغُلْبَ الصُّمَانِ والخُشُبَا (¬5) فصَدَّهُمْ مَنطِقُ الدَّجاجِ عنِ العَهـ ... ـدِ وضَرْبُ النّاقُوسِ فاجْتُنِبَا (¬6) هَلْ يُبْلِغَنِّي دِيارَها حَرَجٌ ... وَجْناءُ تَفْري النَّجَاءَ والخَبَبَا (¬7) ¬
كأنَّهَا بِالغُمَيْرِ مُمْرِيَة ٌ ... تَبْعي بكُثْمَانَ جُؤذَراً عَطِبَا (¬1) قَدْ آثَرَتْ فِرْقَة َالبُغَاءِ وَقَدْ ... كانَتْ تُراعي مُلَمَّعاً شَبَبا (¬2) أتِيكَ أمْ سَمْحَجٌ تَخَيَّرَها ... عِلْجٌ تَسَرَّى نحَائِصاً شُسُبَا (¬3) فاخْتَارَ مِنْها مِثلَ الخَريدةِ لا ... تَأمَنُ مِنْهُ الحِذارَ والعَطَبَا (¬4) فلا تؤولُ إذا يؤولُ ولا ... تَقْرُبُ مِنْهُ إذا هُوَ اقتَرَبَا (¬5) فَهو كَدَلْوِ البَحريِّ أسْلَمَهَا الـ ... ـعَقْدُ وخانَتْ آذانُهَا الكَرَبَا (¬6) فَهو كَقِدْحِ المنيحِ أحْوَذَهُ [القَا ... نِصُ] يَنْفي عَنْ مَتْنِهِ العَقَبَا (¬7) [يا هَلْ تَرَى البَرْقَ] بِتُّ أرْقُبُهُ ... يُزْجي حَبِيّاً إذا خَبَا ثَقَبَا (¬8) ¬
قَعَدْتُ وَحْدي لَهُ؛ وَقَالَ أبُو ... لَيلى: مَتى يَغْتَمِنْ فَقَدْ دأبَا؟ (¬1) كأنَّ فِيهِ لَمّا ارتَفقْتُ لَهُ ... رَيْطاً ومِرباعَ غانِمٍ لَجِبَا (¬2) فَجادَ [رَهواً إلى مداخِلَ فالصُّحْـ ... ـرَة ِ] أمْسَتْ نِعَاجُهُ عُصَبَا (¬3) فَحَدَّرَ العُصْمَ مِنْ عَمَايَة َ للسّهْـ ... ـلِ وَقضَّى بصاحَةَ الأرَبا (¬4) فَالماء يَجْلُو مُتُونَهُنَّ كَمَا ... يَجْلُو التّلاميذُ لُؤلؤاً قَشِبَا (¬5) لاقَى البَديُّ الكِلابَ فاعْتَلَجَا ... مَوْجُ أتِيَّيْهِمَا لِمَنْ غلبَا (¬6) فَدَعْدَعَا سُرَّة َ الرَّكَاءِ كَمَا ... دَعْدَعَ ساقي الأعاجمِ الغَرَبَا (¬7) فكُلُّ وادٍ هَدَّتْ حَوَالِبُهُ ... يَقْذِفُ خُضْرَ الدَّباءِ فالخُشُبَا (¬8) مالَتْ بهِ نَحْوَها الجَنُوبُ مَعاً ... ثمَّ ازْدَهَتْهُ الشَّمالُ فانْقَلَبَا ¬
أصبحت أمشي
فقُلْتُ صَابَ الأعْراضَ رَيِّقُهُ ... يَسْقي بلاداً قَد أمْحَلَتْ حِقَبَا (¬1) لِتَرْعَ مِنْ نَبْتِهِ أُسَيْمُ إذَا ... أنْبَتَ حُرَّ البُقُولِ والعُشُبَا (¬2) وَلْيَرْعَهُ قَوْمُهَا فَإنَّهُمُ ... من خَيرِ حيٍّ عَلِمتهمْ حسبَا قَوْمي بَنُو عامِرٍ وَإنْ نَطَقَ الـ ... ـأعْداءُ فيهِمْ مَناطِقاً كَذبَا بمِثْلِهِمْ يُجْبَهُ المُناطِحُ ذو العِ ... ـزّ وَيُعْطي المُحافِظُ الجَنَبَا (¬3) أصبحت أمشي ... [الطويل] قال لبيد يذكر أعمامه وقومه بني جعفر بن كلاب ويأسى لفقدهم، وهي من أشعاره في فترة البعثة النبويّة؛ لأنّه يذكر فيها فَقَدَ عمّه أبي براء وعامر بن الطفيل: أصْبَحْتُ أمْشي بَعْدَ سَلْمى بن مالكٍ ... وبَعْدَ أبي قَيسٍ وعُرْوَة َ كالأجَبّ (¬4) يَضِجُّ إذا ظِلُّ الغُرابِ دَنَا لَهُ ... حِذاراً على باقي السَّنَاسِنِ والعَصَبْ (¬5) وَبَعدَ أبي عمرٍو وذي الفضْلِ عامِرٍ ... وبَعدَ المُرَجَّى عُرْوَة َ الخَيرِ للكُرَبْ وبعدَ طفيلٍ ذي الفعالِ تعلقَتْ ... بهِ ذاتُ ظُفْرٍ لا تُوَرَّعُ باللَّجَبْ (¬6) ¬
أصدرتهم شتى
وبَعدَ أبي حَيّانَ يَوْمَ حَمُومَة ٍ ... أُتِيحَ لَهُ زَأوٌ فأُزْلِقَ عَنْ رَتَبْ (¬1) ألَمْ تَرَ فيما يَذكُرُ النَاسُ أنّني ... ذكرْتُ أبا لَيلى فأصبَحْتُ ذا أرَبْ (¬2) فهوَّنَ ما ألْقَى وإنْ كُنْتُ مُثبتاً ... يَقيني بأنْ لا حيَّ يَنجو من العَطَبْ (¬3) أصدرتهم شتّى [الطويل] وقال لبيد أيضاً يذكر أيّامه ومفاخرهـ ومقاماته بين أيدي الملوك: أرَى النّفسَ لَجّتْ في رَجاءٍ مُكذِّبِ ... وَقَد جَرَّبتْ لوْ تَقْتَدي بالمُجَرَّبِ (¬4) وكائِنْ رَأيْتُ مِنْ مُلوكٍ وسُوقةٍ ... وَصاحَبْتُ مِن وَفدٍ كرامٍ ومَوكِبِ (¬5) وسانَيْتُ مِن ذي بَهْجَة ٍ ورَقَيْتُهُ ... عليهِ السُّمُوطُ عابِسٍ مُتغَضِّبِ (¬6) وفارَقْتُهُ والوُدُّ بَيني وبَينَهُ ... بحُسْنِ الثَّنَاءِ مِنْ وَرَاءِ المُغَيَّبِ وَأبّنْتُ مِنْ فَقْدِ ابنِ عَمٍّ وخُلَّةٍ ... وفارَقتُ من عَمٍّ كريمٍ ومن أبِ (¬7) فبانُوا ولمْ يُحْدِثْ عليَّ سبيلهُمْ ... سِوَى أمَلي فيما أمامي ومَرْغَبي (¬8) ¬
فَأيَّ أوَانٍ لا تَجِئْني مَنِيَّتي ... بقَصْدٍ مِنَ المَعْرُوفِ لا أتَعَجَّبِ (¬1) فَلَسْتُ بركْنٍ مِنْ أَبَانٍ وصاحَةٍ ... وَلا الخالداتِ مِنْ سُوَاجٍ وغُرَّبِ (¬2) قَضَيْتُ لُباناتٍ وسَلَّيْتُ حاجَة ً ... ونَفْسُ الفتى رَهْنٌ بقَمرَة ِ مُؤرِبِ (¬3) وفيتانِ صدقٍ قد غَدَوْتُ عَلَيْهِمُ ... بِلا دَخِنٍ وَلا رَجيعٍ مُجَنَّبِ (¬4) بِمُجْتَزَفٍ جَوْنٍ كأَنَّ خَفَاءَهُ ... قَرَا حَبَشِيٍّ في السَّرَوْمَطِ مُحْقَبِ (¬5) إذا أرْسَلَتْ كَفُّ الوَليدِ كِعامَهُ ... يَمُجُّ سُلافاً مِنْ رَحيقٍ [مًعَطّبِ] (¬6) فمَهْما نَغِضْ مِنْهُ فإنَّ ضَمَانَهُ ... على طَيّبِ الأرْدانِ غَيرِ مُسَبَّبِ (¬7) جَميلِ الأُسَى فِيما أتَى الدَّهرُ دونَهُ ... كريمِ الثَّنا حُلْوِ الشّمائلِ مُعجِبِ (¬8) تَرَاهُ رَخيَّ البَالِ إنْ تَلْقَ تَلْقَهُ ... كريماً وما يَذّهَبْ بهِ الدَّهرُ يَذهبِ (¬9) ¬
يُثَبِّي ثَنَاءً منْ كَريمٍ وقَوْلُهُ ... ألا انْعَمْ على حُسنِ التحيّةِ واشَربِ (¬1) لَدُنْ أنْ دعا ديكُ الصَّباحِ بسُحرَة ٍ ... إلى قَدْرِ وِرْدِ الخامِسِ المُتَأوِّبِ (¬2) من المُسْبِلينَ الرَّيْطَ لَذٍّ كأنَّمَا ... تشرَّبَ ضاحي جلدِه لَوْنَ مُذْهَبِ (¬3) وعانٍ فكَكْتُ الكَبلَ عنه، وسُدفةٍ ... سَرَيْتُ، وأصحابي هَدَيتُ بكوكبِ (¬4) سَرَيتُ بهِمْ [حتّى تغيَّبَ] نَجمُهُمْ ... وقال النَّعُوسُ: نَوَّرَ الصُّبحُ فاذهبِ (¬5) فلَمْ أُسْدِ ما أرْعَى وتَبْلٍ رَدَدْتُهُ ... وأنجَحْتُ بَعدَ اللّهِ من خيرِ مَطْلَبِ (¬6) وَدَعوَةِ مَرْهُوبٍ أجَبتُ، وطَعْنَةٍ ... رَفَعتُ بها أصواتَ نَوْحٍ مُسَلَّبِ (¬7) وغَيْثٍ بِدَكْداكٍ يَزينُ وهادَهُ ... نَبَاتٌ كَوَشْيِ العَبقَريِّ المُخَلَّبِ (¬8) أَربَّتْ عليهِ كلُّ وطفاءَ جَوْنَةٍ ... [هَتُوفٍ] متى يُنزِفْ لها الوَبلُ تسكُبِ (¬9) بذي بَهْجَةٍ كَنَّ المَقانِبُ صَوْبَهُ ... وزَيَّنَهُ [أطْرَافُ نَبْتٍ] مُشَرَّبِ (¬10) جَلاهُ طُلُوعُ الشّمْسِ لمّا هَبَطْتُهُ ... وأشرَفتُ من قُضفانِهِ فوْقَ مَرْقَبِ (¬11) ¬
وصُحْمٍ صِيامٍ بَينَ صَمْدٍ ورَجْلةٍ ... وَبيضٍ تُؤامٍ بينَ مَيْثٍ ومِذنَبِ (¬1) بَسَرْتُ نَداهُ لم تَسَرَّبْ وُحُوشُهُ ... بغَرْبٍ كجِذْعِ الهاجريِّ المُشذَّبِ (¬2) بمُطَّرِدٍ جَلْسٍ عَلَتْهُ طَريقَة ٌ ... لسَمْكِ عِظامٍ عُرِّضَتْ لمْ تُنَصَّبِ (¬3) إذا ما نَأى منّي بَرَاحٌ نَفَضْتُهُ ... وإنْ يدنُ مني الغَيبُ أُلجِمْ فأركَبِ (¬4) رَفيع اللَّبَانِ مُطْمَئِنّاً عِذارُهُ ... على خدِّ مَنحوضِ الغَرارَينِ صُلَّبِ (¬5) فلَمّا تَغَشَّى كُلَّ ثَغْرٍ ظَلامُهُ ... وألْقَتْ يَداً في كافِرٍ مُسْيَ مَغرِبِ (¬6) تَجَافَيتُ عَنْهُ واتَّقاني عِنَانُهُ ... بشدٍّ منَ التّقريبِ عَجْلانَ مُلهَبِ (¬7) رِضَاكَ فإنْ تَضْرِبْ إذا مارَ عِطْفُهُ ... يَزِدْكَ وإنْ تَقْنَعْ بذلكَ يَدْأبِ (¬8) هَوِيَّ غُدافٍ هَيَّجَتْهُ جَنُوبُهُ ... حَثيثٍ إلى أذراءِ طَلْحٍ وتَنْضُبِ (¬9) ¬
فأصْبَحَ يُذْريني إذا ما احتَثَثْتُهُ ... بأزْواج مَعْلُولٍ مِنَ الدَّلوٍ مُعشِبِ (¬1) وَيَوْمٍ هَوَادي أمْرِهِ لِشَمَالِهِ ... يُهَتِّكُ أخْطالَ الطِّرافِ المُطَنَّبِ (¬2) يُنيخُ المَخاضَ البُرْكَ والشَّمسُ حيَّة ٌ ... إذا ذُكِّيَتْ نِيرانُها لَمْ تَلَهَّبِ (¬3) ذَعَرْتُ قِلاصَ الثّلجِ تَحتَ ظِلالِهِ ... بمَثْنَى الأيادي والمنيحِ المُعَقَّبِ (¬4) وناجِيَةٍ أنْعَلْتُها وابْتَذَلْتُها ... إذا ما اسْجَهَرَّ الآلُ في كلّ سَبسَبِ (¬5) فَكَلَّفْتُها وَهْماً فآبَتْ رَكِيَّة ً ... طَلِيحاً كألْواحِ الغَبيطِ المُذَأْأَبِ (¬6) متى ما أشأ أسْمَعْ عِراراً بِقَفْرَة ٍ ... تُجيبُ زِماراً كاليَراعِ المُثَقَّبِ (¬7) وخصْمٍ قِيامٍ بالعَراءِ كأنَّهُمْ ... قُرُومٌ غَيَارَى كُلَّ أزْهرَ مُصْعَبِ (¬8) عَلا المِسكَ والدّيباجَ فَوْقَ نحُورِهمْ ... فَراشُ المَسيحِ كالجُمانِ [المُثَقَّبِ] (¬9) ¬
الرزية
نَشِينُ صِحَاحَ البِيدِ كُلَّ عَشِيَّةٍ ... بِعُوجِ السّراء عِندَ بابٍ مُحَجَّبِ (¬1) شَهِدتُ فلَمْ تَنْجَحْ كَواذِبُ قوْلهم ... لَدَيَّ ولمْ أحفِلْ [ثَنا كلِّ] مِشْغَبِ (¬2) أصْدَرْتُهُمْ شَتَّى كأنَّ قِسِيَّهُمْ ... قُرُونُ صِوَارٍ سَاقِطٍ مُتَلَغِّبِ (¬3) فإن يُسهِلوا فالسَّهلُ حظّي وَطُرْقتي ... وإنْ يُحزِنوا أركبْ بهم كلَّ مركَبِ (¬4) الرزيّة [الكامل] وقال يصف تغيّر الناس والأيّام ويذكر أخاه أربد، ويتحدّث عن مآثر ذاتيّة حقّقها في الأيّام الخوالي؛ وهذه رواية الطوسي للقصيد عن أشياخه وفيها -فيما يبدو- نقص بعد البيت الرابع، واضطراب في السياق، وسنثبتها كما وردت، ثمّ نثبت في أثرها القصيدة نفسها كما رواها أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني: قَضِّ اللُّبانَة َ لا أبَا لكَ واذْهَبِ ... وَالَحَقْ بأُسْرَتِكَ الكِرامِ الغُيَّبِ (¬5) ذَهَبَ الّذينَ يُعاشُ في أكنافِهمْ ... وبَقيتُ في خَلفٍ كجِلدِ الأجرَبِ (¬6) يَتَأكَّلُونَ [مَغَالَةً وخِيَانَةً] ... ويُعَابُ قائِلُهُمْ وإنْ لم يَشْغَبِ (¬7) ¬
طرب الفؤاد
يا أَرْبدَ الخيرِ الكريمَ جدودُهُ ... خَلَّيتَني أمشي بِقَرْنٍ أعْضَبِ (¬1) لَوْلا الإلَهُ وَسَعيُ صاحِبِ حِمْيرٍ ... وتَعَرُّضي في كلِّ جَوْنٍ مُصْعَبِ (¬2) لَتَقَيَّظَتْ عِلْكَ الحجازِ مُقيمَةً ... فجَنُوبَ ناصِفَةٍ لِقاحُ الحَوْأَبِ (¬3) ولَقَدْ دَخَلْتُ على خُمَيِّرَ بَيْتَهُ ... مُتَنَكِّراً في مُلكِهِ كالأغْلَبِ (¬4) فأجازَني مِنْهُ بِطِرْسٍ ناطِقٍ ... وبكلِّ أطْلَسَ جَوْبُهُ في المنكِبِ (¬5) إنَّ الرَّزِيّةَ لا رَزِيَّةَ مِثْلُهَا ... فِقدانُ كلِّ أخٍ كضَوْء الكَوكَبِ (¬6) طرب الفؤاد [الكامل] وهذه رواية الأصفهاني وفيها اختلاف كبير عمّا هي عليه عند الطوسي: طَرِبَ الفُؤادُ ولَيْتَهُ لمْ يَطْرَبِ ... وعَناهُ ذِكْرَى خُلَّةٍ لَمْ تَصْقَبِ (¬7) سَفهاً وَلَوْ أنّي أطَعْتُ عَواذِلي ... فيما يُشِرْنَ بهِ بسَفْحِ المِذْنَبِ (¬8) لزجرْتُ قَلْباً لا يَريعُ لزاجِرٍ ... إنَّ الغويَّ إذا نُهي لمْ يُعْتِبِ فتَعَزَّ عَنْ هذا وَقُلْ في غَيرِهِ ... واذكرْ شَمائلَ مِنْ أخيكَ المنجبِ ¬
فاحكم وصوب
يا أرْبَدَ الخَيرِ الكَريمَ جُدُودُهُ ... أفرَدتَني أمْشي بقَرْنٍ أعْضَبِ إنَّ الرزيّةَ لا رزيّةَ مِثْلُهَا ... فِقدانُ كُلِّ أخٍ كضوْءِ الكَوْكَبِ ذَهَبَ الّذينَ يُعاشُ في أكْنَافِهِمْ ... وبَقيتُ في خَلْفٍ كجِلدِ الأجرَبِ يَتَأكّلُونَ مغالة ً وخِيانة ً ... وَيُعاَبُ قائِلُهُمْ وإن لَمْ يَشْغَبِ وَلَقَدْ أراني تارة ً مِنْ جَعْفَرٍ ... في مِثلِ غَيثِ الوابِلِ المُتَحَلِّبِ مِنْ كُلِّ كَهْلٍ كالسِّنَانِ وسَيِّدٍ ... صَعْبِ المَقَادَةِ كالفَنيقِ المُصْعَبِ (¬1) مِنْ مَعشَرٍ سَنّتْ لَهُمْ آبَاؤهُمْ ... والعِزُّ قَدْ يأتي بغَيرِ تَطَلُّبِ (¬2) فَبَرَى عِظاميَ بَعْدَ لَحْميَ فَقْدُهم ... والدَّهرُ إنْ عاتَبْتُ لَيسَ بمُعْتِبِ فاحكمْ وصوِّب [الرجز] لمَا شاخ أبو براء عامر بن مالك ملاعب الأسنّة أخذ علقمة بن علاثة من الحوص من بني جعفر وعامر بن الطفيل يتنافسان على زعامة بني عامر، فتنافرا وتحاكما إلى هرم بن قطبة الفزاري، وكان لبيد في صف عامر، وله في هذه المنافرة المشهورة رجز وقصيد، فممّا قاله في تلك المنافرة يخاطب هرماً يوم جلس للحكومة، وقد انتهت المنافرة وتجمع النّاس ليعرفوا رأيه: يا هَرِمَ ابنَ الأكْرَمِينَ مَنْصِبَا إنّكَ قَدْ وَلِيتَ حُكْماً مُعْجِبَا فاحْكُمْ وصَوِّبْ رَأيَ مَنْ تَصَوَّبَا ¬
هل تعرف الدار ... ؟
إنَّ الذي يَعْلُو عَلَيها تُرْتُبَا (¬1) لخَيْرُنَا [عَمّاً] وأُمّاً وَأَبَا (¬2) وَعَامِرٌ خَيْرُهُمَا مُركَّبَا (¬3) وعَامِرٌ أدْنَى لقَيْسٍ نَسَبَا هل تعرف الدارَ ... ؟ [الرجز] نسبها الجوهري للبيد وأنكر الصاغاني نسبتها وقال: ليس للبيد على هذا الرويّ شيء: هَلْ تَعرِفُ الدَّارَ بسَفْحِ الشَّرْبَبَهْ (¬4) مِن قُلَلِ الشِّحرِ فذاتِ العُنظُبَهْ (¬5) جَرَّتْ علَيها، أنْ خوَتْ من أهلِها (¬6) أذْيالَها كلُّ عَصُوفٍ حَصِبَهْ (¬7) يَمَّمْنَ أعداداً بلُبْنَى أوْ أجَا (¬8) ¬
جلبنا الخيل
مُضَفْدَعاتٌ كُلُّها مُطَحْلَبَهْ (¬1) أرْوَى الأناويضَ وأرْوَى مِذنَبَهْ (¬2) جلبنا الخيل [الوافر] وأنشد ذات مرة: فبِتْنا حَيْثُ أمْسِيْنَأ قَريباً ... على جَسَداءَ تَنبَحُنا الكَلِيبُ (¬3) نَقَلْنَا سَبْيَهُمْ صِرْماً فصِرْماً ... إلى صِرْمٍ كَما نُقِلَ النّصِيبُ غَضِبْنَا للّذي لاقَتْ نُفَيْلٌ ... وخيرُ الطّالبي الترَةِ الغَضُوبُ (¬4) جَلَبْنَا الخَيْلَ سائِلَة ً عِجافاً ... منَ الضُّمرينِ يخبِطُها الضّريبُ (¬5) ¬
حرف الحاء
حرف الحاء لو أنّ حيَّا مدرك الفَلاح [الرجز] وقال في عمّه أبي براء مالك بن عامر ملاعب الأسنّة، وهي من أراجيز النواح؛ وكان عمّه قد شاخ وخالفت بنو عامر أوامره واتهمته بعزوب العقل، فشرب الخمر ثمّ اتكأ على سيفه وقتل نفسه: قُوما [تَنُوحانِ] مَعَ الأنْوَاحِ (¬1) في مأتَمٍ مٌهَجِّرِ الرَّوِاحِ يَخْمِشْنَ حُرَّ أوْجُهٍ صِحَاحِ في السُّلُبِ السُّودِ وفي الأمْسَاحِ (¬2) وَأبِّنا مُلاعِبَ الرِّمَاحِ أبَا بَرَاءٍ مِدْرَهَ الشِّيَاحِ (¬3) يا عامِرا يا عَامِرَ الصَّبَاحِ ومِدْرَهَ الكَتيبَةِ الرَّداحِ (¬4) ¬
وفِتْيَةٍ كالرَّسَلِ القِمَاحِ (¬1) بَاكَرْتَهُمْ بِحُلَبٍ ورَاحِ وزَعْفرانٍ كَدَمِ الأذْبَاحِ (¬2) وَقَيْنَةٍ ومِزْهَرٍ صَدَّاحِ لَوْ أنَّ حَيّاً مُدْرِك الفَلاحِ أدْرَكَهُ مُلاعِبُ الرَّمَاحِ كامَ غِياثِ المُرْمِلِ المُمْتَاحِ (¬3) وعِصْمَةً في الزَّمَنِ الكَلاحِ (¬4) حينَ تَهُبُّ شَمْألُ الرِّياحِ كأساً من الذِّسفانِ والذُّبَاحِ (¬5) تَرَكْتَهُ للقَدَرِ المُتَاحِ مُجَدَّلاً بالصَّفْصَفِ الصَّحَاحِ (¬6) ¬
حرف الدال
حرف الدال أولئك أسرتي [الوافر] يبدو أن عقبة بن عتبة بن مالك بن جعفر وندماناً له تهجما بشيءٍ على لبيد فقال يردّ عليهما ويفتخر بأعمامه وبأخواله وبأبيه الذي كان ربيعاً لليتامى ويتحدى هذين الرجلين، وفي البيتين الأوّلين روح دينيّة إسلاميّة: حَمِدْتُ اللّهَ، واللّهُ الحَميدُ ... وللهِ المُؤثَّلُ والعَديدُ فإنَّ اللّهَ نافِلَة ٌ تُقاهُ ... وَلا [يَقتالُها] إلاَّ سَعِيدُ (¬1) ولَستُ كمَا يَقولُ أبو حُفَيْدٍ ... وَلا نَدْمانُهُ الرِّخْوُ البَليدُ (¬2) فعَمّي ابنُ الحَيَا وأبُو شُرَيْحٍ ... وعمّي خالِدٌ حَزْمٌ وجُودُ (¬3) وجدّي فارِسُ الرّعْشاءِ مِنْهمُْ ... رئيسٌ لا أسَرُّ وَلا سَنيدُ (¬4) وَشارَفَ في قُرَى الأرْيافِ خَالي ... وأُعْطيَ فوقَ ما يُعْطَى الوُفُودُ (¬5) ¬
إن البريء على الهنات سعيد
وَجَدْتُ أبي رَبيعاً لليَتامَى ... وللأضْيافِ إذْ حُبَّ الفَئيدُ (¬1) وخالي خِدْيَمٌ وأبُو زُهَيرٍ ... وزنْباعٌ وموْلاهُمْ أسِيدُ وقَيسٌ رَهطُ آل أبي أُسَيْمٍ ... فإنْ قايَسْتَ فانْظُرْ ما تُفِيدُ (¬2) أُولئِكَ أُسْرَتي فاجْمَعْ إليَهِمْ ... فمَا في شُعْبَتَيْكَ لَهُمْ نَدِيدُ إنّ البريءَ على الهناتِ سعيد [الكامل] وقال يذكر طول عمره وسأمه من الحياة ويتحدّث عن مآثره ومقاماته ويوازن بين ما كان وما صار إليه من ضعف وشيخوخة: قُضِيَ الأُمورُ وأُنْجِزَ المَوعودُ ... واللهُ ربّي ماجدٌ محمودُ ولهُ الفَواضِلُ والنَّوافِلُ والعُلا ... ولَهُ أثيثُ الخَيرِ والمَعْدُودُ (¬3) ولَقَد بَلَتْ إرَمٌ وعادٌ كَيْدَهُ ... وَلَقَد بَلَتْهُ بَعدَ ذاكَ ثَمُودُ خَلُّوا ثِيابَهُمُ على عَوْراتِهِمْ ... فهُمُ بأفنِيَةِ البُيُوتِ هُمُودُ (¬4) وَلقَد سَئِمتُ منَ الحَياةِ وطولِها ... وسُؤالِ هذا النّاسِ كَيفَ لَبيدُ وغَنيتُ سَبتاً [قبلَ] مُجرَى داحسٍ ... لوْ كانَ للنَّفسِ اللَّجوجِ خُلُودُ (¬5) ¬
يا عين هلا بكيت أربد
وشَهِدتُ أنْجِيَةَ الأُفاقَةِ عالِياً ... كَعبي، وأرْدافُ المُلوكِ شُهودُ (¬1) وأبُوكِ بُسْرٌ لا يُفَنَّدُ عُمْرَهُ ... وإلى بِلَى ً ما يُرْجَعَنَّ جَديدُ (¬2) غَلَبَ العَزاءَ وكُنتُ غيرَ مُغَلَّبٍ ... دَهْرٌ طَويلٌ دائِمٌ مَمدُودُ يَومٌ إذا يأتي عَليَّ ولَيلَة ٌ ... وكِلاهُما بَعْدَ المَضاء يَعُودُ وأراهُ يأتي مثْلَ يَوْمِ لَقِيتُهُ ... [لم يَنصرِمُ] وضَعُفْتُ وَهوَ شَديدُ (¬3) وحَمَيتُ قَوْمي إذْ دَعَتني عامِرٌ ... وَتَقَدَّمَتْ يوْمَ الغَبيطِ وُفُودُ وتَداكأتْ أركانُ كلِّ قَبيلَةٍ ... وفَوارِسُ الملكِ الهُمامِ تَذودُ (¬4) أكرَمتُ عِرْضي أن يُنالَ بنَجْوَة ٍ ... إنَّ البريء منَ الهَنَاتِ سَعيدُ (¬5) ما إنْ أهابُ إذا السُّرادِقُ غَمَّهُ ... قرعُ القسيُّ وأرعشَ الرّعديدُ (¬6) يا عينُ هلّا بكيتِ أربدَ [المنسرح] وقال يرثي أربد بن قيس بن جزء وكان أخا لبيد لأمه، وقد وفد على الرسول -في عام الوفود- مع عامر بن الطفبل وجابر بن سلمى بن مالك، فعرض الرسول عليهم الإسلام ¬
فلم يسلموا، وفي عودتهم توفيّ عامر بالطاعون، وأصابت أريد صاعقة فأحرقته، فذلك قوله: (فجعني الرعد والصواعق بالفارس ... ) ما إنْ تُعَرّي المَنُونُ مِنْ أحَدِ ... لا والِدٍ مُشفِقٍ وَلا وَلَدِ أخشَى على أَرْبَدَ الحُتُوفَ وَلا ... أرْهَبُ نَوْءَ السِّماكِ والأسَدِ فَجَّعَني الرَّعدُ والصَّواعِقُ بالـ ... فارِسِ يومَ الكَرِيهَةِ النّجُدِ الحارِبِ الجابِرِ الحَريبَ إذا ... جاء نَكيباً وإنْ يَعُدْ يَعُدِ (¬1) يَعْفُو عَلى الجَهْدِ والسّؤالِ كما ... أُنْزِلَ صَوْبُ الرَّبيعِ ذي الرَّصَدِ (¬2) لمْ يُبْلِغِ العَينَ كُلَّ نَهْمَتِها ... لَيلَة َ تُمسي الجِيادُ كالقِدَدِ (¬3) كُلُّ بَني حُرَّة ٍ مَصِيرُهُمُ ... قُلٌّ وإنْ أكثَرْتَ مِنَ العَدَدِ إنْ يُغْبَطُوا يُهْبَطُوا وإنْ أَمِرُوا ... يَوْماً يَصِيرُوا [للهُلْكِ] والنَّكَدِ (¬4) يا عَينُ هَلاَّ بَكَيْتِ أرْبَدَ إذْ ... قُمْنا وقامَ الخُصُومُ في كَبَدِ وعَينِ هَلاَّ بَكَيْتِ أرْبَدَ إذْ ... ألْوَتْ رِياحُ الشّتاء بالعَضَدِ (¬5) فأصْبَحَتْ لاقِحاً مُصَرَّمَة ً ... حينَ تَقَضَّتْ غَوابِرُ المُدَدِ (¬6) إنْ يَشْغَبُوا لا يُبَالِ شَغْبَهُمُ ... أوْ يَقْصِدوا في الحُكومِ يَقْتَصِدِ (¬7) ¬
قولا: هو البطل المحامي
حُلْوٌ [كَريمٌ] وَفي حَلاوَتِهِ ... مُرٌّ لَطيفُ الأحْشاءِ والكَبِدِ (¬1) الباعِثُ النَّوْحَ في مآتِمِهِ ... مِثْلَ الظِّبَاء الأبْكارِ بالجَرَدِ (¬2) قولا: هو البطل المحامي ... [مجزء الكامل] وقال أيضاً يرثي أخاه أربد: لنْ تُفْنيَا خَيراتِ أرْ ... بَدَ فابْكِيَا حَتّى يَعُودَا قُولا هُوَ البَطَلُ المُحَا ... مي حِينَ يُكْسَوْنَ الحَديدَا وَيَصُدُّ عَنَّا الظّالِميـ ... ـنَ إذا لَقِينَا القَوْمَ صِيدَا (¬3) فاعْتَاقَهُ ريْبُ البَرِيّـ ... ـةِ إذْ رَأى أنْ لا خُلُودَا (¬4) فَثَوَى، ولَم يُوجَعْ، ولَمْ ... يُوصَبْ، وكانَ هُوَ الفَقِيدا (¬5) اِنْعَ الكريمَ [الرجز] وأنشد يرثي أخاه أربد: اِنْعَ الكَريمَ للكَريمِ أرْبَدَا اِنْعَ الرَّئيسَ واللّطيفَ كَبِدَا ¬
يُحْذي ويُعْطي مالَهُ ليُحْمَدَا أُدْماً يُشَبَّهْنَ صُوَاراً أُبَّدَا (¬1) السّابِلُ الفَضْلِ إذا ما عُدِّدَا (¬2) ويَمْلأُ الجَفْنَةَ مَلأً مَدَدَا رِفْهاً إذا يأتي ضَريكٌ وَرَدَا (¬3) مِثْلُ الذي في الغَيلِ يَقُرُو جُمُدَا (¬4) يَزْدَادُ قُرْباً مِنْهُمُ أنْ يُوعَدَا (¬5) أوْرَثْتَنا تُراثَ غَيرِ أنْكَدَا غِنىً ومالاً طارِفاً وأتْلَدَا (¬6) شَرْخاً صُقُوراً: يافعاً وأمْرَدَا (¬7) ¬
حرف الراء
حرف الراء راح القطين [البسيط] وقال لبيد أيضاً يتغنّى بمناظر الحياة الصحراوية ويفتخر بمآثره، ويبدو أن القصيدة من نتاج عهد الكهولة، وهب لاحقة بقصائده (الجاهليات): راحَ القَطينُ بهَجْرٍ بَعدَما ابتَكَرُوا ... فَما تُواصِلُهُ سَلْمَى ومَا تَذرُ (¬1) مَنْأى الفَرُورِ فَما يأتي المُريدَ ومَا ... يَسْلُو الصُّدودَ إذا ما كانَ يَقتَدِرُ (¬2) كأنَّ أظْعانَهُمْ في الصُّبْحِ غادِيَة ً ... طَلحُ السَّلائلِ وَسطَ الرَّوْضِ أوْ عُشَرُ (¬3) أوْ بارِدُ الصَّيفِ مَسجورٌ، مَزَارِعُهُ ... سُودُ الذَّوائِبِ ممّا مَتّعَتْ هَجَرُ (¬4) جَعْلٌ قِصَارٌ وعَيْدانٌ يَنُوءُ بِهِ ... منَ الكوافِرِ مَكْمُومٌ ومُهْتَصِرُ (¬5) ¬
يَشربَنَ رفْهاً عِراكاً غيرَ صادِرَة ٍ ... فكُلُّها كارِعٌ في الماء مُغْتَمِرُ (¬1) بينَ الصَّفا وخَليجِ العَينِ ساكِنَة ٌ ... غُلْبٌ سواجدُ لم يدخُلْ بها [الحَصَرُ] (¬2) وَفي الحُدوجِ عَرُوبٌ غَيرُ فاحِشَة ٍ ... رَيّا الرَّوادِفِ يَعشَى دُونَها البَصَرُ (¬3) كأنَّ فاها إذا ما اللّيلُ ألْبَسهَا ... سَيَابَةٌ ما بِها عَيْبٌ ولا أثَرُ (¬4) قالتْ غداة َ انتَجَيْنا عندَ جارَتها: ... أنتَ الذي كنتَ، لوْلا الشّيبُ وَالكِبرُ فقلتُ: ليسَ بَياضُ الرَّأسِ من كِبرٍ ... لوْ تَعَلمَينَ، وَعندَ العالِمِ الخَبرُ لوْ كانَ غيري، سليمى، اليوْمَ غَيَّرَهُ ... وَقعُ الحوادِثِ، إلَّا الصَّارِمُ الذَّكرُ (¬5) ما يَمنعُ اللّيْلُ مِنّي ما هَمَمْتُ بِهِ ... وَلا أحارُ إذا ما اعتادَني السَّفَرُ (¬6) إنَي أُقاسي خُطوباً ما يَقُومُ لَهَا ... إلاَّ الكِرامُ على أمْثالِها الصُّبُرُ مِن فَقدِ مولىً تَصُورُ الحيَّ جَفنَتُهُ ... أوْ رُزْء مالٍ، ورُزْءُ المالِ يُجْتَبَرُ (¬7) والنِّيبُ، إنْ تَعْرُ مِنّي رمَّة ً خَلَقاً ... بَعْدَ المَمَاتِ، فإنّي كنت أثَّئِرُ (¬8) ¬
وَلا أضِنُّ [بمَعروفِ] السَّنَامِ إذا ... كانَ القُتارُ كَما يُسْتَرْوَحُ القُطُرُ (¬1) ولا أقولُ إذا ما أزْمَة ٌ أزَمَتْ ... يا وَيْحَ نَفْسيَ مِمّا أحدَثَ القدَرُ وَلا أضِلُّ بأصْحابٍ هَدَيْتُهُمُ ... إذا المُعَبَّدُ في الظّلْماء يَنتَشِرُ (¬2) وأُرْبِحُ التَّجْرَ إن عَزَّتْ فِضالُهُمُ ... حتى يَعُودَ، سُليمَى، حوْلَهُ نفَرُ (¬3) غَرْبُ [المَصَبَّةِ] مَحْمُودٌ مَصَارِعُهُ ... لاهي النّهارِ لسَيرِ اللّيلِ مُحتَقِرُ (¬4) يُرْوي قَوَامِحَ قَبْلَ اللّيْلِ [صادِقَة ً] ... أشبَاهَ جِنٍّ عَلَيها الرَّيْطُ والأُزُرُ (¬5) إنْ يُتْلِفوا يُخلِفوا في كلِّ مَنْقَصًة ٍ ... ما أتلَفوا، لابتغاء الحَمدِ، أوْ عَقَرُوا (¬6) نُعطي حُقوقاً على الأحسابِ ضامِنة ً ... حَتّى يُنَوِّرَ في قُرْيانِهِ الزَّهَرُ (¬7) وأقطَعُ الخَرْقَ قد بادَتْ مَعَالِمُهُ ... فمَا يُحَسُّ بهِ عَينٌ ولا أثَرُ (¬8) بِجَسْرَة ٍ تَنْجُلُ الظُّرَّانَ ناجِيَةَ ... إذا توقَّدَ في الدَّيمُومَةِ الظُّرَرُ (¬9) ¬
قد يقبل الضيم الذليل المسير
كأنّهَا بَعْدَما أفْنَيْتُ جُبْلتها ... خَنْساءُ مَسْبُوعَة ٌ قَد فاتَها بَقَرُ (¬1) تَنْجُو نَجَاءَ ظَلِيمِ الجَوِّ أفْزَعَهُ ... ريحُ الشَّمَالِ وشَفّانٌ لها دِرَرُ (¬2) باتَت إلى دَفِّ أرْطاةٍ تحفِّرهُ ... في نَفْسِها مِنْ حَبيبٍ فاقِدٍ ذِكَرُ (¬3) إذا اطمَأنَّتْ قَليلاً بَعدَما حَفَرَتْ ... لا تَطْمَئِنُّ إلى أرطاتِها الحُفَرُ تَبْني بُيُوتاً على قَفْرٍ يُهَدِّمُها ... جَعْدُ الثّرَى [مُصْعَبٌ] في دَفّه زَوَرُ (¬4) لَيْلَتَها كُلَّها حتى إذا حَسَرَتْ ... عَنها النّجومُ، وكادَ الصُّبحُ يَنسَفِرُ غَدَتْ على عَجَلٍ، والنّفسُ خائفَة ٌ ... وآيَة ٌ مِنْ غُدُوٍّ الخائِفِ البُكَرُ لاقَتْ أخَا [قَنَصٍ] يَسْعَى بأكْلُبِهِ ... شَئْنَ البَنانِ لدَيْهِ أكلُبٌ جُسُرُ (¬5) وَلَّتْ فَأدْرَكَها أُولَى سَوَابِقِها ... فأقْبَلَتْ ما بِها رَوْعٌ وَلا بَهَرُ (¬6) فقاتَلَتْ في ظِلالِ الرَّوْعِ واعتكَرَتْ ... إنَّ المُحاميَ بَعدَ الرَّوْعِ يَعْتَكِرُ قد يقبلُ الضَيمَ الذليلُ المَسيَّرُ [الطويل] أنشد ذات مرة يعنف بعض قبائل بني عامر ويعيرهم بعدم الحفاظ وقبول الدية: وَلمْ تَحْمَ عَبدُ اللّهِ، لا درَّ دَرُّها، ... على خيرِ قَتْلاها، ولم تَحْمَ جَعفرُ ¬
يا بشر
ولمْ تَحْمَ أولادُ الضِّبابِ كأنَّمَا ... تُساقُ بِهِمْ وَسْطَ الصَّريمَة ِ أَبكُرُ (¬1) وَدَوْكُمْ غَضَا الوادي فلم تَكُ دِمنة ٌ ... وَلا ترة ٌ يَسْعَى بها المُتَذكِّرُ (¬2) أجِدَّكُمُ لمْ تَمْنَعُوا الدَّهرَ تَلْعَة ً ... كما مَنَعَتْ عُرْضَ الحجازِ مُبَشِّرُ (¬3) لَوَشْكانَ ما أعطَيتني القَوْمَ عَنْوَةً ... هيَ السُّنَّة ُ الشَّنْعاءُ والطّعْنُ يَظْأرُ (¬4) لشَتّانَ حَرْبٌ أوْ تَبُوءُوا بخِزْيَة ٍ ... وَقد يَقبَلُ الضَّيمَ الذَّليلُ المُسَيَّرُ يا بِشْرُ [الكامل] في يوم فيف -وكان في مبعث النبي صلى الله عليه وسلم- أغارت قبائب مذحج وخثعم ومراد وزبيد بقيادة ذي الغصة الحصين بن يزيد الحارثي على بني عامر، وكان رئيس عامر ملاعب الأأسنة، فقتل من الفريقين عدد كبير، وأبلى ملاعب الأأسنة يومئذ، وفي لك اليوم أُخذت جارية سوداء للبيدـ أخذها بنو الديان، فلمّا علموا أنّها له ردّوها عليه، وهو لا يدري من ردّها، فقال: يا بشْرُ بشرَ بَني إيَادٍ أيُّكُمْ ... أدّى أُرَيْكَة َ يَوْمَ هَضْبِ الأجْشُرِ (¬5) يَتَرادَفُ الولدانُ فَوْقَ فَقَارِها ... بِنِهَا الرّدافِ إلى أَسِنِّةِ مَحْضَرِ (¬6) جاءَتْ عَلى قَتَبٍ وَعِدْلِ مَزادَةٍ ... وأَرَحْتُمُوها مِنْ علاجِ الأيْصَرِ (¬7) ¬
من كان مني جاهلا
من كان منّي جاهلاً [الطويل] قال يعددّ على عمّه أبي براء أياديه عنده، وكان عمّه قد تعدى على جار للبيد من بني القين، فغضب لبيد من فعلته وأنشد: مَنْ [كانَ] مِنّي جاهِلاً أوْ مُغَمَّراً ... فَما كانَ بِدْعاً مِنْ بَلائيَ عامِرُ (¬1) ألِفْتُكَ حتّى أخْمَرَ القوْمُ ظِنَّة ً ... عليَّ بنُو أُمِّ البنينَ الأكابِرُ (¬2) ودافعتُ عنكَ الصّيدَ مِن آلِ دارمٍ ... ومِنهُمْ قَبيلٌ في السُّرادِقِ فاخِرُ (¬3) فُقَيْمٌ وعَبْدُ اللهِ في عِزِّ نَهْشَلٍ ... بِثَيْتَلَ، كُلٌّ حاضِرٌ مُتَناصِرُ (¬4) فَذُدْتُ مَعَدّأً والعِبادَ وطَيِّئاً ... وكَلباً كَمَا ذِيدَ الخِماسُ البَوَاكِرُ (¬5) على حينَ مَنْ تَلْبَثْ عَلَيهِ ذَنُوبُهُ ... يجدْ فَقْدَها، وفي [الذِّنابِ] تَداثُرُ (¬6) وسُقْتُ رَبِيعاً بالفنَاءِ كأنّهُ ... قَريعُ هِجانٍ يَبتَغي مَنْ يُخاطرُ (¬7) فَأفْحَمْتُهُ حتّى استَكانَ كأنّهُ ... قريحُ سُلالٍ يَكتَفُ المَسيَ فَاتِرُ (¬8) ¬
ويَوْمَ ظَعَنتمْ فاصْمعَدّتْ وفُودُكُمْ ... بأجْمادِ فاثُورٍ كَريمٌ مُصَابِرُ (¬1) ويَوْمَ مَنَعْتُ الحَيَّ أنْ يَتَفَرَّقُوا ... بنَجرانَ، فَقْري ذلك اليوْمَ فاقِرُ (¬2) وَيَوْماً بصَحراءِ الغَبيطِ وَشاهِدي الـ ... ـمُلُوكُ وأرْدافُ المُلوكِ العَراعِرُ (¬3) وفي كلِّ يومٍ ذي حفاظٍ بَلَوتَني ... فقُمتُ مَقاماً لم تَقُمْهُ العَواوِرُ (¬4) ليَ النَّصرُ مِنْهُمْ والوَلاءُ عَلَيكُمُ ... وما كنتُ فَقْعاً أنْبَتَتْهُ القَرَاقِرُ (¬5) وأنتَ فَقيرٌ لمْ تُبَدَّلْ خَلِيفَة ً ... سِوايَ، وَلمْ يَلْحَقْ بَنُوكَ الأصاغرُ (¬6) فقُلتُ ازدَجِرْ أحْناءَ طَيرِكَ واعلمنْ ... بأنّكَ إنْ قَدَّمْتَ رِجْلَكَ عاثِرُ (¬7) وإنَّ هوانَ الجَارِ للجَارِ مُؤلِمٌ ... وفاقرة ٌ تأوي إليْها الفَوَاقِرُ (¬8) فأصْبَحْتَ أنَّى تأتِها تَبْتَئِسْ بِها ... كلا مَرْكَبَيْها تحتَ رِجليكَ شاجِرُ فإنْ تَتَقَدَّمْ تَغْشَ منها مُقَدَّماً ... عَظيماً وإنْ أخّرتَ فالكِفلُ فاجِرُ وما يكُ منْ شيءٍ فقدْ رُعتَ رَوْعة ً ... أبا مالِكٍ تَبيَضُّ مِنها الغَدائِرُ (¬9) فلَوْ كانَ مَوْلايَ أمرَأً ذا حَفِيظَةٍ ... إذاً زَفَّ راعي البَهْمِ والبَهمُ نافِرُ (¬10) ¬
هل النفس إلا متعة مستعارة؟
فَلا تَبْغِيَنّي إنْ أخَذْتَ وَسِيقَة ً ... منَ الأرْضِ إلاَّ حيثُ تُبغى الجَعافرُ (¬1) أُولئِكَ أدْنَى لي وَلاءً ونَصْرُهُمْ ... قَريبٌ، إذا ما صَدَّ عَنّي المَعَاشِرُ متى تَعْدُ أفْراسي وَرَاءَ وَسِيقَتي ... يَصِرْ مَعْقِلَ الحَقِّ الذي هوَ صَائِرُ فجمَّعتُها بعدَ الشتاتِ فأصْبَحَتْ ... لدَى ابنِ أسيدٍ مؤنِقاتٌ خَنَاجِرُ (¬2) هل النفس إلا متعة مستعارة؟ [الطويل] قال لبيد يذكر من فقد من قومه ومن سادات العرب، ويتأمل في سطوة الموت وضعف الإنسان إزاءه: أعاذِلَ قُومي فاعذُلي الآنَ أوْ ذَري ... فلَستُ وإنْ أقصرْتِ عنّي بمُقْصِرِ (¬3) أعاذِلَ لا وَاللهِ ما مِنْ سَلامَةٍ ... وَلَوْ أشفقتْ نَفْسُ الشّحيحِ المُثمِّرِ أقي العِرْضَ بالمَالِ التِّلادِ وأشْتَري ... بهِ الحَمدَ إنَّ الطّالبَ الحمدَ مُشترِي وكَمْ مُشترٍ من مالِهِ حُسنَ صِيِتهِ ... لأيّامِهِ في كُلِّ مَبْدىً ومَحْضَرِ (¬4) أُباهي بهِ الأكْفاءَ في كلِّ مَوْطِنٍ ... وأقضي فُرُوضَ الصَّالحينَ وَأقْتَرِي (¬5) فإمّا تَرَيْني اليَوْمَ عِندَكِ سالِماً ... فَلستُ بأحْيا مِنْ كِلابٍ وجَعْفَرِ وَلا منْ أبي جَزْءٍ وجارَيْ حَمُومَةٍ ... قَتيلِهِمَا والشّارِبِ المُتَقَطِّرِ ¬
وَلا الأحْوَصينِ في لَيالٍ تَتابعَا ... وَلا صاحبِ البَّراضِ غيرِ المُغَمَّرِ وَلا مِنْ رَبيعِ المُقْتِرينَ رُزِئْتُهُ ... بذي عَلَقٍ فاقْنَيْ حَيَاءَكِ واصْبِرِي (¬1) وقَيسِ بنِ جَزْءٍ يَوْمَ نادى صِحابَهُ ... فَعَاجُوا عَلَيهِ من سَوَاهمَ ضُمَّرِ (¬2) طَوَتْهُ المَنَايَا فَوْقَ جَرْدَاءَ شَطْبَةٍ ... تَدِفُّ دَفيفَ الرَّائحِ المُتَمَطِّرِ (¬3) فباتَ وَأسْرَى القَوْمُ آخِرَ لَيلِهِمْ ... وما كانَ وقّافاً [بِدارِ] مُعَصَّرِ (¬4) وبالفُورَة ِ الحَرَّابُ ذو الفَضْلِ عامِرٌ ... فَنِعْمَ ضِياءُ الطّارِقِ المُتَنَوِّرِ (¬5) ونِعْمَ مُنَاخُ الجارِ حَلَّ بِبَيْتِهِ ... إذا ما الكَعَابُ أصبحتْ لم تَسَتَّرِ ومَنْ كانَ أهلَ الجودِ والحزْمِ والندى ... عُبَيْدَة ُ والحامي لَدَى كلِّ محْجَرِ وَسَلْمَى، وسَلمَى أهلُ جودٍ ونائلٍ ... متى يَدْعُ مَوْلَاهُ إلى النّصرِ يُنْصَرِ وبَيْتُ طُفَيْلٍ بالجُنَيْنَة ِ ثاوِياً ... وبَيتُ سُهَيْلٍ قد علِمتِ بصَوْءَرِ (¬6) فلَمْ أَرَ يَوْماً كانَ أكْثَرَ باكِياً ... وحَسْنَاءَ قامتْ عن طِرافٍ مُجَوَّرِ (¬7) تَبُلُّ خُمُوشَ الوَجهِ كلُّ كريمَةٍ ... عَوانٍ وبِكْرٍ تَحْتَ قَرٍّ مُخَدَّرِ (¬8) ¬
وبالجرِّ مِنْ شَرْقيِّ حَرْسٍ مُحارِبٌ ... شُجاعٌ وذو عَقْدٍ منَ القَوْمِ مُحتَرِ شهابُ حُروُبٍ لا تَزالُ جِيادُهُ ... عَصائبَ رهْواً كالقَطا المُتَبَكِّرِ (¬1) وصاحِبُ مَلْحُوبٍ فُجِعْنَا بيَوْمِهِ ... وعِنْدَ الرِّداعِ بَيتُ آخرَ كَوْثرِ أُولئِكَ فابكي لا أبَا لَكِ وانْدُبي ... أبَا حازِمٍ في كُلِّ يَوْمٍ مُذَكَّرِ فشَيَّعَهُمْ حَمْدٌ وزانَتْ قُبورَهُمْ ... سَرَارَة ُ رَيحانٍ بقاعٍ مُنَوّرِ وَشُمْطَ بني ماءِ السّماءِ ومُرْدَهُمْ ... فهَل بَعْدَهُمْ مِنْ خالدٍ أوْ مُعَمَّرِ (¬2) وَمَنْ فادَ مِن إخوانِهِمْ وبَنيهِمِ ... كُهُولٌ وشُبّانٌ كَجِنَّةِ عَبقَرِ (¬3) مَضَوْا سَلَفاً قَصْدُ السّبيلِ عَلَيهِمِ ... بهيٌّ منَ السُّلاَّفِ ليسَ بحَيْدَرِ (¬4) فكائِنْ رَأيْتُ مِنْ بَهاءٍ ومَنْظَرٍ ... وَمِفْتَحِ قَيْدٍ للأسِيرِ المُكَفَّرِ وكائنْ رأيْتُ منْ ملوكٍ وسوقَة ٍ ... وراحلَةٍ شدّتْ برَحْلٍ مُحَبّرِ وأفنى بَناتُ الدّهرِ أرْبابَ ناعطٍ ... بمُسْتَمَعٍ دونَ السّماء ومَنْظَرِ (¬5) وبالحارِثِ الحَرَّابِ فَجَّعْنَ قَوْمَهُ ... ولَوْ هاجَهُمْ جاءُوا بنَصْرٍ مُؤزَّرِ وأهلَكْنَ يَوْماً رَبَّ كِنْدَةَ وابنَهُ ... وربَّ مَعَدٍّ بينَ خَبْتٍ وعَرْعَرِ (¬6) ¬
فتى كان
وأعوَصْنَ بالدُّوميّ من رَأسِ حِصْنِهِ ... وأنْزَلْنَ بالأسبابِ ربَّ المُشّقَّرِ (¬1) وأخلَفْنَ قُسّاً ليتني ولوَ أنّني ... وأعْيا على لُقْمَانَ حُكْمُ التّدَبُّرِ (¬2) فإنْ تَسألِينا فيمَ نَحْنُ فإنّنَا ... عَصافيرُ مِنْ هذا الأنامِ المُسَحَّرِ (¬3) عَبيدٌ لحيّ حِمْيَرٍ إنْ تَمَلّكُوا ... وتَظلِمُنا عُمّالُ كسْرَى وقَيصرِ وَنَحْنُ وَهُمْ ملكٌ لحِميرَ عَنْوَة ً ... وما إنْ لَنا مِنْ سادَة ٍ غير حِميرِ تبَابِعَة سَبْعُونَ مِنْ قَبلِ تُبَّعٍ ... تولّوا جميعاً أزهراً بعدَ أزهَرِ نَحُلُّ بِلاداً كُلُّهَا حُلَّ قَبْلَنَا ... ونَرْجُو الفَلاحَ بَعْدَ عَادٍ وحِمْيرِ (¬4) وإنّا وإخواناً لَنا قدْ تتابعُوا ... لكَالمُغْتَدي والرَّائحِ المُتَهَجِّرِ هَلِ النّفْسُ إلاَّ مُتعَة ٌ مُستَعارة ٌ ... تُعَارُ فَتأتي رَبَّها فَرْطَ أشهُرِ فتىً كان [الطويل] أنشد يرثي أخاه أربد: لَعَمري لئِنْ كانَ المُخَبِّرُ صادِقاً ... لَقَدْ رُزِئَتْ في سالِفِ الدَّهرِ جعفَرُ (¬5) فتىً كانَ؛ أمّا كُلَّ شيء سألْتَهُ ... فيُعْطي، وأمّا كُلَّ ذَنْبٍ فيَغْفِرُ فإنْ يَكُ نَوءٌ مِنْ سَحابٍ أصابَهُ ... فقَد كانَ يَعلُو في اللِّقاءِ ويظفَرُ ¬
يذكرني بأربد كل خصم
يذكرني بأربدَ كلُّ خصمٍ [الوافر] وأنشد يرثيه أيضاً: يُذَكِّرُني بأرْبَدَ كُلُّ خَصْمٍ ... ألَدَّ تَخَالُ خُطَّتَهُ ضِرَارَا (¬1) إذا اقْتَصَدوا فمُقْتَصِدٌ أريبٌ ... وإنْ جاروا سَواءَ الحَقِّ جارَا (¬2) ويهْدي القومَ، مُضْطَلِعاً، إذا ما ... رَئيسُ القومِ بالمَوْماةِ حَارَا (¬3) ألفيتُ أربدَ يستضاءُ بوجهِهِ [الكامل] وأنشد أيضاً في رثاه: أبْكي أبا الحَزَّازِ يَوْمَ مَقَامَة ٍ ... لمُنَاخِ أضيافٍ ومأوى مُقْتِرِ (¬4) والحيِّ إذْ بكرَ الشتاءُ عليهمُ ... وَعَدَتْ شآمِيَة ٌ بيَومٍ مُقْمِرِ (¬5) وتَقَنَّعَ الأبرامُ في حُجًراتهِمْ ... وتَجَزَّأ الأيْسارُ كلَّ مُشَهَّرِ (¬6) ألفَيْتَ أربَدَ يُستَضاءُ بوَجْهِهِ ... كالبَدرِ، غيرَ مُقَتّرٍ مُستأثِرِ (¬7) ¬
على عامر سلام وحمد
على عامرٍ سلامٌ وحمدٌ [الخفيف] ذهب الطوسي إلى أنه قال هه القصيدة حين ارتحلت بنو جعفر فنزلت بلاد بني الحارث بن كعب، ولعلّها تصوّر أساه على فراق بني جعفر للجزيرة حين خرجوا في الفتوحات الإسلامية: إنَّما يَحْفَظُ التُّقَى الأبْرارُ ... وإلى اللهِ يَستَقِرُّ القَرارُ وإلى اللهِ تُرجَعُونَ وعِنْدَ ... اللهِ وِرْدُ الأمُورِ والإصْدارُ كُلَّ شيءٍ أحصَى كِتاباً وعِلْمَاً ... ولديهِ تجلّتِ الأسْرارُ يومَ أرزاقُ مَنْ يفضِّلُ عمٌّ ... مُوسَقَاتٌ وحُفَّلٌ أبْكَارُ (¬1) فاخِراتٌ ضُروعُها في ذُراها ... وأنَاضَ العَيْدانُ والجَبّارُ (¬2) يَوْمَ لا يُدخِلُ المُدارِسَ في الرَّحـ ... ـمَة ِ إلاَّ بَراءَة ٌ واعتِذارُ (¬3) وحِسَانٌ أعدَّهُنَّ لأشْهَا ... دٍ وَغفْرُ الّذي هُوَ الغَفّارُ (¬4) وَمَقامٌ أكْرِمْ بهِ مِنْ مَقَامٍ ... وهَوادٍ وسُنَّة ٌ ومَشَارُ (¬5) إنْ يكنْ في الحَياةِ خَيرٌ فقد أُنْـ ... ـظِرْتُ لوْ كانَ يَنْفَعُ الإنْظَارُ عِشْتُ دَهْراً ولا يَدومُ على الأيـ ... ـامِ إلاَّ يَرَمرَمٌ وتِعَارُ ¬
قوما فقولا
وكُلافٌ وضَلْفَعٌ وبَضيعٌ ... والّذي فَوْقَ خُبَّة ٍ، تِيمَارُ (¬1) والنّجُومُ التي تَتابَعُ باللّيْـ ... ـلِ وفيها ذاتَ اليَمينِ ازْوِرارُ دائِبٌ مَوْرُها، ويصرِفُها الغَوْ ... رُ، كما تعطِفُ الهِجانُ الظُّؤَارُ (¬2) ثُمَّ يَعْمَى إذا خَفِينَ عَلَيْنَا ... أطِوَالٌ أمْرَاسُها أمْ قِصَارُ (¬3) هَلَكَتْ عامِرٌ فلَمْ يَبْقَ منها ... برِياضِ الأعرافِ إلاَّ الدّيارُ غَيرُ آلٍ وعنَّة ٍ وَعَريشٍ ... [ذَعْذَعَتْها] الرّياحُ والأمْطارُ (¬4) وأرَى آلَ عامِرٍ وَدَّعُوني ... غَيرَ قَوْمٍ أفراسُهُمْ أمْهَارُ واقفيها بكلِّ ثَغْرٍ مَخُوفٍ ... هُم علَيها لعَمْرُ جَدّي نُضَارُ لمْ يُهينوا الموْلى على حدَثِ الدّهْـ ... رِ وَلا تَجْتَويهِمُ الأصْهارُ (¬5) فعَلى عامِرٍ سلامٌ وحمدٌ ... حَيثُ حَلّوا منَ البلادِ وسارُوا قُوما فَقُولا [الطويل] وقال يخاطب ابنتيه لما حضرته الوفاة: تَمَنّى ابنَتَايَ أنْ يَعيشَ أبُوهُما ... وهَلْ أنا إلاَّ من رَبيعَةَ أوْ مُضَرْ ¬
إن أبان كان حلوا بسرا
ونائِحَتَانِ تَنْدُبَانِ بِعَاقلٍ ... أخا ثِقَةٍ لا عَينَ مِنهُ ولا أثَرْ (¬1) وفي ابْنَيْ نِزَارٍ أُسْوة ٌ إنْ [جَزِعتُما] ... وَإنْ تَسألاهُمْ تُخبَرَا فيهِمُ الخَبَرْ (¬2) وَفيمَنْ سِواهُمْ مِنْ مُلوكٍ وسُوقةٍ ... دَعائِمُ عَرْشٍ خانَهُ الدهرُ [فانقَعَرْ] (¬3) فَقُوما فَقُولا بالذي قَدْ عَلِمْتُمَا ... وَلا تَخْمِشَا وَجْهاً وَلا تحْلِقا شَعَرْ وقُولا هوَ المرءُ الذي لا [خَليلَهُ] ... أضاعَ، وَلا خانَ الصَّديقَ وَلا غَدَرْ (¬4) إلى الحَوْلِ ثمَّ اسمُ السّلاَمِ علَيكُما ... وَمَنْ يَبْكِ حَوْلاً كاملاً فقدِ اعتذرْ إنّ أبانَ كان حلواً بَسرا [الرجز] وأنشد: إنَّ أبَانَ كانَ حُلْوَاً بسرَا مُلِّئَ عَمْراً وأُرِبَّ عَمْرَا ونالَ مِنْ يكْسُومَ يَوْماً صِهْرَا (¬5) وَرْدٌ إذا كانَ النَّواصي غُبْرَا وعَقَّتِ الخَيْلُ عَجَاجاً كَدْرَا (¬6) أقامَ مِنْ بَعْدِ الثّلاثِ عَشْرَا ¬
الافتقاد للنصر
وإنَّ بالقَصيم مِنْهُ ذِكْرَا (¬1) إذْ لَوْ يُطيعُ الرُّؤساءَ فَرَّا لَكِنْ عَصاهُمْ ذِمَّةً وقَدْرَا باتَ، وباتَتْ لَيلَها، مُقْوَرَّا (¬2) تَوَجَّسُ النُّبُوحَ شُعْثاً غُبْرَا (¬3) كالنّاسِكاتِ يَنْتَظِرْنَ النَّذْرَا حتى إذا شَقَّ الصَّباحُ الفَجْرَا ألْقَى سَرابيلاً شَليلاً غَمْرَا (¬4) فَنُثِرَتْ فَوْقَ السَّوامِ نَثْرَا فلَمْ تُغادِرْ لكِلابٍ وِتْرَا الافتقاد للنصر [الرجز] وأنشد راجزاً: فاخَرْتَني بيَشْكُرَ بنِ بَكْرِ وَأهْلِ قُرَّانَ وأهلِ حَجْرِ (¬5) ¬
إني امرؤ ...
والزُّنْمَتَينِ عِندَ سِيفِ البَحْرِ (¬1) ذاكَ أوَانَ افتَقَرَتْ للنَّصْرِ إني امرؤٌ ... [الرجز] وقال أيضاً في المنافرة بين عامر وعلقمة: إنَي امرؤُ مِن مالِكِ بنِ جَعْفَرِ عَلقَمَ قد نافَرْتَ غيرَ مُنْفَرِ نافرتَ سَقْباً مِن سِقابِ العَرْعَرِ (¬2) ¬
حرف السين
حرف السين يا قومُ ... [الرجز] وقال في هجاء قوم: يا قَوْمُ هَلْ أحْسَستُمُ جَسّاسَا جاوَرَكُمْ يَحْسَبُكُمْ أُنَاسَا وَلَم يَكُنْ يَحْسَبُكُمْ أتْيَاسَا رُبْداً يَبُلُّ مّذْيُها الأضْرَاسَا (¬1) ¬
حرف العين
حرف العين دعي اللومَ [الطويل] وأنشد لبيد يخاطب امرأته: دَعي اللَّوْمَ أوْ بِيني كشِقِّ صَديعِ ... فقَدْ لُمْتِ قَبلَ اليَوْمِ غيرَ مُطيعِ (¬1) وإنْ كُنْتِ تَهوَينَ الفِراقَ فَفارِقي ... لأمْرِ شَتَاتٍ أوْ لأمْرِ جَميعِ فلَوْ أنّني ثَمَّرْتُ مالي ونَسْلَهُ ... وأمْسَكْتُ إمساكاً كَبُخْلِ مَنيعِ رَضِيتِ بأدْنَى عَيْشِنا وَحَمِدْتِنا ... إذا صَدَرَتْ عَن قارِصٍ ونَقيعِ (¬2) ولكِنَّ مالي غالَهُ كُلُّ جَفْنَةٍ ... إذا حانَ وِرْدٌ أسْبَلَتْ بدُمُوعِ (¬3) وإعْطائيَ المَوْلى على حينِ فَقْرِهِ ... إذا قالَ: أبْصِرْ خَلَّتي وخُشُوعي (¬4) وَخْصمٍ كنادي الجنِّ أسقَطتُ شأوَهُمْ ... بمُسْتَحْصِدٍ ذي مِرَّةٍ وصُرُوعِ (¬5) كَخَصْمِ بَني بَدْرٍ غَداة َ لَقيتُهُمْ ... ومِنْ قَبْلُ قَد قَوَّمْتُ دَرْءَ رَبيعِ (¬6) ¬
متى الفتى يذوق المنايا؟
متى الفتى يذوق المنايا؟ [الطويل] وقال يرثي أربداً أخاه: بَلِينا ومَا تَبلَى النّجومُ الطَّوالِعُ ... وتَبْقَى الجِبالُ بَعْدَنَا والمَصانِعُ (¬1) وَقَد كنتُ في أكنافِ جارِ مَضِنّةٍ ... فَفارَقَني جارٌ بأرْبَدَ نَافِعُ (¬2) فَلا جَزِعٌ إنْ فَرَّقَ الدَّهْرُ بَيْنَنا ... وكُلُّ فَتى ً يَوْمَاً بهِ الدَّهْرُ فاجِعُ (¬3) فَلا أنَا يأتيني طَريفٌ بِفَرْحَةٍ ... وَلا أنا مِمّا أحدَثَ الدَّهرُ جازِعُ (¬4) ومَا النّاسُ إلاّ كالدّيارِ وأهْلها ... بِها يَوْمَ حَلُّوها وغَدْواً بَلاقِعُ (¬5) ومَا المَرْءُ إلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ ... يَحُورُ رَماداً بَعْدَ إذْ هُوَ سَاطِعُ (¬6) ومَا البِرُّ إلاَّ مُضْمَراتٌ منَ التُّقَى ... وَما المَالُ إلاَّ مُعْمَراتٌ وَدائِعُ (¬7) ومَا المالُ والأهْلُونَ إلاَّ وَديعَة ٌ ... وَلابُدَّ يَوْماً أنْ تُرَدَّ الوَدائِعُ وَيَمْضُون أرْسَالاً ونَخْلُفُ بَعدهم ... كما ضَمَّ أُخرَى التّالياتِ المُشايِعُ ومَا النّاسُ إلاَّ عامِلانِ: فَعامِلٌ ... يتبِّرُ ما يَبْني، وآخَرُ رافِعُ (¬8) فَمِنْهُمْ سَعيدٌ آخِذٌ لنَصِيبِهِ ... وَمِنْهُمْ شَقيٌّ بالمَعيشَة ِ قانِعُ ¬
إني رأيته بصيرا
أَليْسَ وَرائي، إنْ تَرَاخَتْ مَنيّتي، ... لُزُومُ العَصَا تُحْنَى علَيها الأصابعُ (¬1) أُخَبّرُ أخْبارَ القُرُونِ التي مَضَتْ ... أدِبٌ كأنّي كُلّما قُمتُ راكعُ (¬2) فأصْبَحْتُ مثلَ السَّيفِ [غَيَّرَ] جَفنَهُ ... تَقَادُمُ عَهْدِ القَينِ والنَّصْلُ قاطعُ (¬3) فَلا تَبْعَدَنْ إنَّ المَنيَةَ مَوْعِدٌ ... عَلَيْكَ فَدَانٍ للطُّلُوعِ وطالِعُ (¬4) أعاذِلَ ما يُدريكِ، إلاَّ تَظَنِّياً، ... إذا ارْتَحَلَ الفِتْيَانُ مَنْ هوَ راجعُ (¬5) تُبَكِّي على إثرِ الشّبابِ الذي مَضَى ... ألا إنَّ أخْدانَ الشّبابِ الرَّعارِعُ (¬6) أتَجْزَعُ مِمّا أحْدَثَ الدَّهرُ بالفَتى ... وأيُّ كَريمٍ لمْ تُصِبْهُ القَوَارِعُ (¬7) لَعَمْرُكَ ما تَدري الضَّوَارِبُ بالحصَى ... وَلا زاجِراتُ الطّيرِ ما اللّهُ صانِعُ سَلُوهُنَّ إنْ كَذَّبْتُموني متى الفتى ... يَذُوقُ المَنَايا أوْ متى الغَيثُ واقِعُ إني رأيتُه بصيراً [الطويل] وقال يرثيه أيضاً: يا مَيَّ قُومي في المَآتِمِ وَانْدُبي ... فتىً كانَ ممّن يَبتني المَجدَ أرْوَعَا (¬8) ¬
أنا لبيد
وَقُولي: ألا لا يُبْعِدِ اللّهُ أرْبَدَا ... وهَدّي بهِ صَدْعَ الفُؤادِ المُفَجَّعَا (¬1) عَمِيدُ أُنَاسٍ قَدْ أتَى الدَّهْرُ دونَهُ ... وَخَطُّوا لهُ يوْماً منَ الأرْضِ مضْجَعَا (¬2) دَعا أرْبَداً داعٍ مُجيباً فَأسْمَعَا ... وَلمْ يَستَطعْ أنْ يَستَمِرَّ فيَمْنَعَا وكانَ سَبيلَ النّاسِ، مَن كانَ قَبلَهُ ... وذاكَ الذي أفْنَى إيَاداً وتُبَّعَا لَعَمْرُ أبيكِ الخَيرِ يا ابنَة َ أرْبَدٍ ... لقَد شفَّني حزُنٌ أصابَ فأوْجَعَا فِراقُ أخٍ كانَ الحَبيبَ فَفَاتَني ... وَوَلَّى بهِ رَيْبُ المَنُونِ فَأسْرَعَا فعَيْنَيَّ إذْ أوْدَى الفِراقُ بأرْبَدٍ ... فَلا تَجْمُدَا أنْ تَسْتَهِلاَّ فتَدمَعَا فتىً ً عارِفٌ للحَقِّ لا يُنكِرُ القِرَى ... ترَى رَفْدَهُ للضَّيفِ ملآنَ مُتْرَعَا (¬3) لحَا اللّهُ هَذا الدَّهرَ إنّي رَأيْتُهُ ... بصِيراً بما سَاءَ ابنَ آدَمَ مُولعاً أنا لبيدٌ [الرجز] وحين ملك النعمان بن المنذر جاءه وفد من بني عامر فيهم طفيل بن مالك وعامر بن مالك للتسليم عليه، وفداء أسرى من بني عامر كانوا لديه، وكان معهم لبيد، فخلفوه في رحالهم ودخلوا على النعمان، فوجدوا عنده الربيع بن زياد العبسي، وكان أثيراً قد غلب على مجلسه، فلم ينل العامريون حظوة لدى النعمان بسبب كيد ربيع لهم، فعادوا إلى رحالهم بحال سيئة، فلما استخبرهم لبيد عن ذلك قالوا له: خالك -وكانت أم لبيد عبسيّة- قد صدّه عنا ببلاغته وتأثيره؛ فاقترح عليهم لبيد أن يأخذوه معهم لدى عودتهم إلى الملك، وأنّه كفيل بمعارضة ربيع. فدخلوا على النعمان وإذا به هو وربيع يأكلان، فاستأذنه لبيد في الكلام فأذن له، فأنشده قوله: ¬
لا تَزْجُرِ الفِتْيان عَن سُوءِ الرِّعَه (¬1) يا رُبَّ هَيْجَا هيَ خَيرٌ مِنْ دَعَه يا ابن المُلُوكِ السّادَةِ الهَبَنْقَعَهْ (¬2) أنَا لبيدٌ ثمَّ هذي المَنْزَعَهْ (¬3) في كُلِّ يَوْمٍ هَامَتي مُقَزَّعَهْ (¬4) قانِعةً وَلمْ تَكُنْ مُقَنَّعَهْ (¬5) نَحْنُ بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأرْبَعَهْ نَحْنُ خَيرُ عامِرِ بِنِ صَعْصَعَهْ المُطْعِمونَ الجَفْنَةَ المُدَعْدَعَهْ (¬6) والضَّارِبونَ الهَامَ تحتَ الخَيْضَعَهْ (¬7) يا واهِبَ المَالِ الجَزيلِ مِنْ سَعَهْ سُيُوفُ حَقٍّ وَجِفانٌ مُتْرَعَهْ إلَيْكَ جاوَزْنَا بِلاداً مُسْبِعَهْ (¬8) إذِ الفَلاةُ أوْحَشَتْ في المَعْمَعَهْ ¬
من يبسط الله عليه إصبعا
يُخْبِرْكَ عَنْ هذا خَبيرٌ فاسْمَعَهْ مَهْلاً أبَيْتَ اللّعنَ لا تأكلْ معَهْ إنَّ اسْتَهُ مِنْ بَرَصٍ مُلَمَّعَهْ (¬1) وإنَهُ يُدْخِلُ فِيهَا إصْبَعَهْ يُدْخِلُها حتى يُواري أشْجَعَهْ (¬2) كأنّما يَطْلُبُ شَيئاً ضَيَّعَهْ من يبسط الله عليه إصبعا [الرجز] وقال في سلمان الباهلي (وقيل العامري) لما ندبع عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، ليميز الخيل العتاق من الهجن، فدعا بطست ماء فوضعت بالأرض ثم قدم الخيل واحداً إثر واحد فما ثنى سنبكه عده هجيناً وما شرب دون أن يثنيها عده عتيقاً، وذلك لأن أعناق العتاق طويلة وأعناق الهجن قصيرة، وقيل: إن الأرجوزة ليست له. مَنْ يَبْسُطِ اللّهُ عَلَيْهِ إصْبَعَا (¬3) بالخَيرِ والشرِّ بأيِّ أوُلِعَا يَمْلا لَهُ مِنْهُ ذَنُوباً مُتْرَعَا (¬4) وَقَدْ أبَادَ إرَماً وتُبَّعَا وقَوْمَ لُقْمانَ بنِ عادٍ أخْشَعَا (¬5) ¬
إذْ صَارَعُوهُ فأبَى أنْ يُصْرَعَا والفِيلِ يَوْمَ عُرَناتٍ كَعْكَعَا (¬1) إذْ أزْمَعغَ العُجْمُ بهِ ما أزْمَعَا نَادَى مُنَادٍ رَبَّهُ فأسْمَعَا (¬2) فَذَبَّ عَنْ بِلادِهِ وَوَرَّعَا وحابَسَ الحاسِرَ والمُقَنَّعَا (¬3) وَأفْلَتَ الجَيْشُ بخِزْيٍ مُوجَعَا تَمُجُّ أُخْراهُمْ دِماءً دُفَعَا أنْتَ جَعَلْتَ الباهليَّ مِفْنَعَا (¬4) وحَقُّ مَنْ رَفَعْتَهُ أنْ يُرْفَعَا وكانَ شَيْخاً باهِلِيّاً أضْلَعَا لا يُحْسِنُ النَّعْلَ إذا تَشَسَّعَا (¬5) فاليَوْمَ قَدْ نَالَ خِلالاً أرْبَعَا عِزّاً ومَجْداً وغِنَى ومَفْزَعَا فَمَا يَنَلْ فَما نَراهُ ضَيَّعَا ¬
حرف القاف
حرف القاف لولا احتيالي ومرَّتي ... [الطويل] وقال أيضاً يفتخر ويعدّد بعض مآثره: أَتَيْتُ أبا هِنْدٍ بهِنْدٍ ومالِكاً ... بأسماءَ، إنِّي مِنْ حُماةِ الحَقائِقِ دَعَتني وفاضَتْ عَينُها بخَدُورَة ٍ ... فجئتُ غِشاشاً إذْ دعتْ أُمُّ طارِقِ (¬1) وأعدَدْتُ مأثُوراً قَليلاً حُشورُهُ ... شَديدَ العِمادِ يَنْتَحي للطَّرائِقِ (¬2) وأخْلَقَ مَحْمُوداً نَجيحاً رَجيعُه ... وأسْمَرَ مَرْهُوباً كريمَ المآزِقِ (¬3) وخَلَّفْتُ ثَمَّ عامِراً وابنَ عامِرٍ ... وعَمْراً وما مِنّي بَديلٌ بعاتِقِ (¬4) وَمِنّي على السُّبّاقِ فَضْلٌ ونعمة ٌ ... كما نعشَ الدَّكداكَ صَوْبَ البَوَارِقِ (¬5) و قلتُ لعَمري كيفَ يُترَكُ مَرْثَدٌ ... وعمرٌو ويَسري مالُنا في الأفارِقِ ¬
إنك شيخ خائن
فلَوْلا احتِيالي في الأمُورِ ومِرَّتي ... لَبِيعَ سُبِيٌّ بالشَّويِّ النّوافِقِ (¬1) فذاكَ دِفاعٌ عَنْ ذِمارِ أبِيكُمُ ... إذا خرَقَ السِّرْبالَ حدُّ المَرَافِقِ إنك شيخٌ خائنٌ [الرجز] وقال أيضاً يرجز بالربيع بن زياد، وأضاف أبو الفرج له: ويقال إنّها مصنوعة: رَبيعُ لا يَسُقْكَ نحْوي سَائِقُ (¬2) فَتطْلُبَ الأذْحَالُ والحَقائِقُ (¬3) ويَعْلَمَ المُعْيَا بهِ والسّابقُ (¬4) ما أنتَ إنْ ضُمَّ علَيكَ المازِقُ (¬5) إلَّا كشيءٍ عاقَهُ العَوائِقُ وأنتَ حاسٍ حسوَةً فَذائِقُ (¬6) لا بُدَّ أنْ يُغْمَزَ منكَ الفائِقُ (¬7) غَمزاً تَرَى أنّكَ منهُ ذارِقُ (¬8) ¬
إنّكَ شَيْخٌ خائِنٌ مُنافِقُ بالمُخْزِياتِ ظاهرٌ مُطابِقُ (¬1) ¬
حرف الكاف
حرف الكاف إني لِحُكْمِكَ فاركٌ [الطويل] وقال يخاطب عيينة بن حصن الفزاري: رَأيتَ ابنَ بَدرٍ ذُلَّ قومِكَ فاعْترِفْ ... غداةَ رَمى جَحْشٌ، بأفْوَقَ، مالِكَا (¬1) بِخَيركُمُ نَفْساً وَخَيْرِكُمُ أباً ... أعَزُّهُمُ حَيّاً عَلَيهمْ وَهالِكَا تَذَكَّرْتَ مِنْهُ حاجَة ً قد نَسيتَها ... وبالرَّدْهِ منْهُ حاجَة ٌ مِنْ وَرَائِكَا فإنْ كُنتَ قد سَوَّقتَ مِعْزى حَبَلَّقاً ... أبا مالِكٍ، فانعِقْ إليكَ بشائِكَا (¬2) أبا مالِكٍ إنْ كُنتَ بالسَّيرِ مُعْجَباً ... فدونَكَ فانظُرْ في عُيُونِ نِسائِكَا أبا مالِكٍ إنّي لحُكْمِكَ فارِكٌ ... وزَبّانُ قَدْ أمسَى لحُكمِكَ فارِكَا (¬3) هُمُ حَيَّةُ الوادي فإنْ كُنتَ راقِياً ... فدونَكَ أدْرِكْ ما ازْدهَوْا من فِنائكَا (¬4) ¬
حرف اللام
حرف اللام [الوافر] سقى قومي بني مجدٍ وقال يصف حيوان الصحراء ويعاتب قومه: لأنهّم أسلموا قيادهم إلى رجل سيئ الخليقة وحالوا عن شِيمهم المعهودة: ألَمْ تُلْمِمْ على الدِّمَنِ الخَوالي ... لسَلْمَى بالمَذانِبِ فالقُفالِ (¬1) فجَنْبَيْ صَوْأرٍ فنِعافِ قَوٍّ ... خَوَالِدَ ما تَحَدَّثُ بالزَّوَالِ (¬2) تَحَمَّلَ أهْلُها إلاَّ عِراراً ... وعَزْفاً بَعدَ أحْياءٍ حِلالِ (¬3) وخَيْطاً مِن خَوَاضِبَ مُؤلِفَاتٍ ... كأنَّ رِئَالَهَا [أُرْقُ] الإفَالِ (¬4) تَحَمَّلَ أهْلُها وَأجَدَّ فيها ... نِعاجُ الصَّيْفِ أخبِيَةَ الظِّلالِ (¬5) ¬
وَقَفْتُ بهنَّ حتى قالَ صَحبي: ... جَزِعْتَ وَلَيسَ ذلِكَ بالنَّوَالِ (¬1) كأنَّ دُمُوعهُ غَرْبَا سُناةٍ ... يُحِيلُونَ السِّجالَ على السِّجالِ (¬2) إذا أرْوَوْا بِها زَرْعاً وقَضْباً ... أمالُوها على خُورٍ طِوالِ (¬3) تَمَنَّى أنْ تُلاقيَ آلَ سَلْمَى ... بخَطْمَةَ، والمُنى طُرُقُ الضَّلالِ وَهَلْ يَشتاقُ مِثْلُكَ مِن دِيارٍ ... دوارِسَ بينَ تُختِمَ والخِلالِ وكنتُ إذا الهُمُومُ تَحَضَّرَتْني ... وضَنَّتْ خُلَّة ٌ بَعْدَ الوِصَالِ صَرَمْتُ حِبالَها وصَدَدْتُ عَنْها ... بناجيةٍ تَجِلُّ عنِ الكَلالِ (¬4) عُذافِرَة ٌ تَقَمَّصُ بالرُّدافَى ... تَخَوَّنَهَا نُزُولي وارْتِحَالي (¬5) كعَقْرِ الهَاجرِيِّ إذا ابتَنَاهُ ... بأشْبَاهٍ حُذِينَ على مِثَالِ (¬6) كأخْنَسَ نَاشِطٍ جادَتْ عليَهِ ... ببُرْقَةِ وَاحِفٍ إحَدى اللّيالي (¬7) أضَلَّ صِوَارَهُ وتَضَيَّفَتْهُ ... نَطُوفٌ أمرُها بيَدِ الشَّمَالِ (¬8) فَبَاتَ كأنّهُ قاضي نُذُورٍ ... يَلُوذُ بغَرْقَدٍ خَضِلٍ وضَالِ (¬9) ¬
إذا وَكَفَ الغُصُونُ على قَرَاهُ ... أدارَ الرَّوْقَ حالاً بَعدَ حالِ (¬1) جُنُوحَ الهالكيّ على يَديْهِ ... مُكِبّاً يَجْتَلي نُقَبَ النِّصَالِ (¬2) فَباكَرَهُ معَ الإشْراقِ غُضْفٌ ... ضَواريها تَخُبُّ مَعَ الرِّجالِ (¬3) فَجالَ، ولمْ يَجُلْ جُبناً، ولكن ... تَعَرُّضَ ذي الحَفيظَةِ للقتالِ فَغادَرَ مُلْحَماً وعَدَلْنَ عَنْهُ ... وَقد خَضَبَ الفرائصَ من طِحَالِ (¬4) يَشُكُ صِفاحَها بالرَّوْقِ شَزْراً ... كَما خَرَجَ السِّرَادُ منَ النِّقالِ (¬5) وَوَلَّى تَحْسُرُ الغَمَراتُ عَنْهُ ... كَما مَرَّ المُراهِنُ ذو الجِلالِ (¬6) وَوَلّى عامِداً لِطِياتِ فَلْجٍ ... يُرَاوِحُ بَينَ صَوْنٍ وابْتِذالِ (¬7) تَشُقُّ خَمائِلَ الدَّهْنَا يَداهُ ... كمَا لَعِبَ المُقامِرُ بالفِيَالِ (¬8) وأصْبَحَ يَقتري الحَوْمانَ فَرْداً ... كنَصْلِ السَّيفِ حُودثَ بالصقَالِ (¬9) أذَلِكَ أمْ عراقيٌّ شَتِيمٌ ... أرَنَّ على نَحائِصَ كالمَقَالي (¬10) ¬
نَفَى جِحْشَانَها بجِمَادِ قَوٍّ ... خَليطٌ ما يُلامُ على الزِّيَالِ (¬1) وأمْكَنَها مِنَ الصُّلْبَيْنِ حتى ... تَبَيَّنَتِ المِخاضُ منَ الحِيالِ (¬2) شُهُورَ الصَّيْفِ واعتَذَرَتْ علَيه ... نِطافُ الشَّيِّطَينِ منَ السِّمالِ (¬3) وَذَكَّرَها مَنَاهلَ آجِناتٍ ... بحَاجَةَ لا تُنَزَّحُ بالدَّوالي (¬4) وأقْبَلَها النِّجَادَ وشَيَّعَتْهَا ... هَوادِيها كأنْضِيَةِ المُغَالي (¬5) لِوِرْدٍ تَقْلِصُ الغِيطَانُ عَنْهُ ... يَبُذُّ مَفازَةَ الخِمسِ الكَمالِ (¬6) يُجِدُّ سَحيلَهُ ويُتِيرُ فيهِ ... ويُتْبِعُها خِنَافاً في زِمَالِ (¬7) كأنَّ سَحيلَهُ شُكْوَى رَئِيسٍ ... يُحاذِرُ مِن سَرايا واغْتِيالِ (¬8) تَبَكِّيَ شارِبٍ أسْرَتْ عَلَيْهِ ... عَتيقُ البابِلِيَّةِ في القِلالِ (¬9) ¬
تَذَكَّرَ شَجْوَهُ وتَقاذَفَتْهُ ... مُشَعْشَعَة ٌ بمَغرُوضٍ زُلالِ (¬1) إذا اجْتَمَعَتْ وأحوَذَ جانِبَيْها ... وأوْرَدَها على عُوجٍ طِوَالِ (¬2) رَفَعْنَ سُرَادِقاً في يَوْمِ رِيحٍ ... يُصَفِّقُ بَينَ مَيْلٍ واعتِدالِ (¬3) فأوْرَدَهَا العِراكَ ولم يَذُدْها ... ولم يُشْفِقْ على نَغَصِ الدِّخالِ (¬4) يُفَرِّجُ بالسَّنابِكِ عن شَريبٍ ... [يَرُوعُ قُلوبَ] أجوافٍ غِلالِ (¬5) يُرَجِّعُ في الصُّوَى بمُهَضَّماتٍ ... يَجُبْنَ الصَّدرَ، من قَصَبِ العَوالي (¬6) أصَاحِ تَرَى بَريقاً هَبَّ وَهْناً ... كمصْباحِ الشَّعيلَةِ في الذُّبالِ (¬7) أرِقْتُ لهُ وأنجَدَ بعدَ هَدْءٍ ... وأصحابي على شُعَبِ الرِّحالِ (¬8) يُضيءُ رَبابُهُ في المُزْنِ حُبْشاً ... قِيَاماً بالحِرابِ وبالإلالِ (¬9) كأنَّ مُصَفَّحاتٍ في ذُرَاهُ ... وأنْواحاً علَيْهِنَّ المآلي (¬10) ¬
فأفْرَعَ في الرُّبابِ يَقُودُ بُلْقاً ... مُجَوَّفَة ً تَذُبُّ عنِ السِّخالِ (¬1) وأصبَحَ راسِياً برُضامِ دَهْرٍ ... وسالَ بهِ الخَمائِلُ في الرِّمالِ (¬2) وحَطَّ وُحُوشَ صاحَةَ من ذُراها ... كأنَّ وُعُولَها رُمْكُ الجِمَالِ (¬3) على الأعراضِ أيْمَنُ جانِبَيْهِ ... وأيْسَرَهُ على كُورَيْ أُثَالِ (¬4) وأرْدَفَ مُزْنَهُ المِلْحَينِ وَبْلاً ... سَريعاً صَوْبُهُ سَرِبَ العزالي (¬5) فَباتَ السّيلُ يَركَبُ جانِبَيْهِ ... مِنَ البقّارِ كالعَمِدِ الثَّفَالِ (¬6) أقُولُ، وصَوْبُهُ مِنِّي بعيدٌ ... يَحُطُّ الشَّتَّ من قُلَلِ الجِبالِ (¬7) سَقَى قَوْمي بني مَجْدٍ، وأسقَى ... نُمَيراً والقَبائلَ مِنْ هِلالِ (¬8) رَعَوْهُ مَرْبَعاً وتَصَيَّفُوهُ ... بِلا وَبإٍ، سُمَيَّ، ولا وَبالِ (¬9) هُمُ قَوْمي وقد أنكَرْتُ مِنْهُمْ ... شَمائلَ بُدِّلُوها مِن شِمَالي يُغارُ على البَرِيِّ بغَيرِ ظُلْمٍ ... ويُفْضَحُ ذو الأمانَة ِ والدَّلالِ ¬
أولئك
وأسْرعَ في الفَوَاحشِ كلُّ طِملٍ ... يَجرُّ المُخزِياتِ وَلا يُبَالي (¬1) أطَعْتُمْ أمْرَهُ فَتَبِعْتُمُوهُ ... ويأتي الغَيَّ مُنْقَطِعَ العِقَالِ (¬2) أولئكَ [الطويل] وقال يصف الرحلة والناقة وحيوان الصحراء ويفتخر بقومه بني عامر: كُبَيْشَة ُ حَلَّتْ بَعْدَ عَهْدِكَ عاقلا ... وكانَتْ لهُ خَبْلاً على النّأيِ خابِلا (¬3) تَرَبَّعَتِ الأشْرافَ ثُمَّ تصيّفَتْ ... حَسَاءَ البُطاحِ وانتَجَعْنَ المَسَايلا (¬4) تخيَّرُ ما بَينَ الرِجَامِ وَوَاسِطٍ ... إلى سِدْرَة ِ الرَّسَّينِ تَرْعى [السَّوَابلا] (¬5) يُغَنّي الحَمامُ فَوْقَها كُلَّ شارِقٍ ... على الطَّلحِ يَصْدحنَ الضُّحى وَالأصائلا (¬6) فكَلَّفْتُها وَهْماً كأنَّ نَحِيزَهُ ... شَقَائِقُ نَسّاجٍ يَؤُمُّ المَنَاهِلا (¬7) فعدّيْتُها فِيهِ تُباري زِمَامَها ... تُنَازِعُ أطْرَافَ الإكامِ النَّقائِلا (¬8) ¬
مُنِيفاً كَسَحْلِ الهاجريّ تَضُمُّهُ ... إكامٌ ويَعْرَوري النِّجَادَ الغَوائِلا (¬1) فَسَافَتْ قَديماً عَهْدُهُ بأنِيسِهِ ... كمَا خالَطَ الخَلُّ العَتيقُ التَّوابِلا (¬2) سَلَبْتُ بها هَجْراً بُيُوتَ نِعَاجِهِ ... ورُعْتُ قَطاهُ في المَبيتِ وقَائِلا (¬3) بحَرْفٍ بَرَاها الرَّحْلُ إلاَّ شَظِيَّةً ... تَرَى صُلْبَها تحتَ الوَلِيَّةِ نَاحِلا (¬4) على أنَّ ألْواحاً تُرَى في جَديلِها ... إذا عاوَدَتْ جَنانَها وَالأفَاكِلا (¬5) وغادَرْتُ مَرْهُوباً كأنَّ سِباعَهُ ... لُصُوصٌ تَصَدَّى للكَسَوبِ المَحاوِلا (¬6) كأنَّ قَتُودي فَوْقَ جأبٍ مُطَرّدٍ ... [يفزُّ] نَحُوصاً بالبراعيمِ حائِلا (¬7) رَعاها مَصَابَ المُزْنِ حتى تَصَيَّفَا ... نِعافَ القَنَانِ ساكِناً فالأجاوِلا (¬8) فكَانَ لَهُ بَرْدُ السِّماكِ وغَيمُهُ ... خَليطاً، غَدا صُبحَ الحرامِ مُزاَيِلا (¬9) ¬
فَلَمّا اعْتَقَاهُ الصَّيْفُ ماءَ ثِمَادِهِ ... وقد زايلَ البُهمى سَفا العِرْبِ ناصِلا (¬1) ولمْ يَتَذَكَّرْ مِنْ بَقِيَّة ِ عَهْدِهِ ... منَ الحَوْضِ والسُّؤبانِ إلاَّ صَلاصِلا (¬2) فأجْمادَ ذي رَقْدٍ فأكْنافَ ثادِقٍ ... فصارَة َ يُوفى فَوْقَها فالأعابِلا (¬3) وزالَ النَّسيلُ عَن زَحاليفِ مَتْنِهِ ... فأصْبَحَ مُمتَدَّ الطّرَيقَةِ قافِلا (¬4) يُقَلِّبُ أطْرافَ الأُمورِ تَخالُهُ ... بأحْنَاءِ ساقٍ، آخرَ اللّيلِ، ماثِلا (¬5) فَهَيَّجَها بَعدَ الخِلاجِ فَسامَحَتْ ... وأنْشَأ جَوْناً كالضَّبابَة ِ جَائِلا (¬6) يَفُلُّ الصَّفيحَ الصُّمَّ تَحْتَ ظِلالِهِ ... منَ الوَقعِ لا ضَحْلاً وَلا مُتضَائِلا (¬7) فبَيَّتَ زُرْقاً مِن سَرارٍ بسُحرَةٍ ... وَمِنْ دَحْلَ لا يخشَى بهنَّ الحَبائِلا (¬8) فَعَامَا جُنُوحَ الهَالِكيِّ كِلاهُمَا ... وقَحَّمَ آذيَّ السَّرِيِّ الجَحافِلا (¬9) أذَلِكَ أمْ نَزْرُ المَراتِعِ فَادِرٌ ... أحَسَّ قَنِيصاً بالبَراعيمِ خَاتِلا (¬10) ¬
فبَاتَ إلى أرْطاةِ حِقْفٍ تَضُمُّهُ ... شآمِيَةٌ تُزْجي الرَّبَابَ الهَوَاطِلا (¬1) وباتَ يُريدُ الكِنَّ، لَوْ يَسْتَطيعُهُ ... يُعالِجُ رَجّافاً منَ التُّربِ غائِلا (¬2) فأصْبَحَ وانْشَقَّ الضَّبَابُ وهَاجَهُ ... أخُو قَفْرَةٍ يُشْلي رَكاحاً وسَائِلا (¬3) عَوَابِسَ كالنُّشَّابِ تَدمى نُحورُها ... يَرَينَ دِماءَ الهَادِياتِ نَوَافِلا (¬4) فجَالَ ولمْ يَعْكِمْ لغُضْفٍ كأنَّها ... دِقاقُ الشَّعيلِ يَبْتَدِرْنَ الجَعَائِلا (¬5) لصَائِدِهَا في الصَّيْدِ حَقٌّ وطُعْمَةٌ ... ويَخْشَى العَذابَ أنْ يُعَرِّدَ نَاكِلا (¬6) قِتالَ كَمِيٍّ غَابَ أنْصَارُ ظَهْرِهِ ... وَلاقَى الوُجُوهَ المُنكَراتِ البَوَاسِلا (¬7) يَسُرْنَ إلى عَوْراتِهِ فَكَأنَّمَا ... لِلبَّاتِهَا يُنْحي سِنَاناً وعَامِلا (¬8) فَغادَرَهَا صَرْعى لدَى كُلِّ مَزْحَفٍ ... تَرَى القَدَّ في أعْناقِهِنَّ قَوافِلا (¬9) تَخَيَّرْنَ مِنْ غَولٍ عذاباً رويَّةً ... وَمن مَنعِجٍ بِيضَ الجِمامِ عَدامِلا (¬10) وَقد زَوَّدَتْ مِنا على النّأيِ حاجَةً ... وَشَوْقاً لوَ انَّ الشَوْقَ أصْبحَ عادِلا ¬
كحَاجةِ يَوْمٍ قَبلَ ذلكَ مِنهُمُ ... عَشِيَّة َ رَدُّو بالكُلابِ الجَمَائِلا (¬1) فرُحْنَ كأنَّ النّادِياتِ منَ الصَّفا ... مَذارِعَها والكَارِعاتِ الحَوَامِلا (¬2) بذي شَطَبٍ أحداجُها إذْ تَحَمَّلُوا ... وحَثَّ الحُداةُ النَّاعِجاتِ الذَّوامِلا (¬3) بذي الرِّمْثِ والطَّرْفاءِ لمّا تَحَمَّلُوا ... أصِيلاً وعالَينَ الحُمُولَ الجَوَافِلا كأنَّ نِعَاجاً مِنْ هَجائِنِ عَازِفٍ ... عَلَيها وآرامَ السُّلِيِّ الخَواذِلا (¬4) جَعَلْنَ حِراجَ القُرْنَتَينِ وَنَاعِتاً ... يَمِيناً ونَكَّبنَ البَدِيَّ شَمَائِلا (¬5) وَعالَينَ مَضْعُوفاً وفَرْداً سُمُوطُهُ ... جُمَانٌ وَمَرْجَانٌ يَشُدُّ المَفاصِلا (¬6) يَرُضْنَ صِعَابَ الدُّرِّ في كلِّ حِجَّةٍ ... وَلوْ لمْ تَكُنْ أعْناقُهُنَّ عَوَاطِلا (¬7) غَرائِرُ أبْكارٌ عَلَيْها مَهَابَة ٌ ... وَعُونٌ كِرامٌ يَرْتَدينَ الوَصَائِلا كأنَّ الشَّمُولَ خَالَطَتْ في كَلامِهَا ... جِنِيّاً من الرُّمّانِ لَدْناً وذابِلا لَذيذاً ومَنْقُوفاً بصافي مَخيلِةٍ ... منَ النّاصعِ المَختومِ مِن خَمرِ بابلا (¬8) يُشَنُّ عَلَيها مِنْ سُلَافةِ بَارِقٍ ... سَناً رَصَفاً مِنْ آخِرِ اللّيلِ سائِلا ¬
تُضَمَّنُ بِيضاً كالإوَزِّ ظُرُوفُهَا ... إذا أتْاقُوا أعْناقَها والحَواصِلا (¬1) لهَا غَلَلٌ مِنْ رازِقيٍّ وكُرْسُفٍ ... بأيْمَانِ عُجْمٍ يَنْصُفُونَ المَقاوِلا (¬2) إذا صُفِّقَتْ يَوْماً لأرْبابِ رَبِّهَا ... سمعتَ لها من واكِفِ العُطبِ وَاشِلا (¬3) فإنْ تَنَأ دارٌ أو يَطُلْ عَهْدُ خُلَّةٍ ... بعاقِبَةٍ أو يُصبِحِ الشّيْبُ شامِلا فَقَدْ نَرْتَعي سَبْتاً ولَسْنا بجِيرةٍ ... مَحَلَّ المُلُوكِ نُقْدَةً فالمَغاسِلا لَياليَ تحتَ الخِدْرِ ثِنْيُ مُصِيفَةٍ ... منَ الأدْمِ تَرْتادُ الشُّرُوجَ القَوَابلا (¬4) أنامتْ غَضِيضَ الطَّرْفِ رَخصاً ظُلوفُهُ ... بِذاتِ السُّلَيمِ من دُحَيضَةَ جادِلا (¬5) مَدَى العَينِ مِنْها أنْ يُراعَ بنَجْوَة ٍ ... كقَدْرِ النَّجيثِ ما يَبُذُّ المُنَاضِلا (¬6) فَعادَتْ عَوَادٍ بَيننَا وتَنَكَّرَتْ ... وقالَتْ كفَى بالشَّيبِ للمَرءِ قاتِلا تَلُومُ على الإهْلاكِ في غَيرِ ضَلَّةٍ ... وهَلْ لي ما أمسكْتُ إنْ كنتُ باخِلا (¬7) رأيتُ التُّقَى والحمدَ خيرَ تجارَةٍ ... رَباحاً إذا ما المَرْءُ أصْبَحَ ثَاقِلا وهَلْ هوَ إلاَّ ما ابتَنَى في حَياتِهِ ... إذا قَذَفُوا فَوْقَ الضّريحِ الجَنادِلا ¬
وأثْنَوْا عَلَيْهِ بالذي كانَ عِنْدَهُ ... وَعَضَّ عَلَيْهِ العائداتُ الأنامِلا فَدَعْ عَنْكَ هذا قد مَضَى لسبيلِهِ ... وكَلَّفْ نجيَّ الهَمِّ إنْ كنتَ رَاحِلا طليحَ سفَارٍ عُرِّيَتْ بَعْدَ بَذْلَةٍ ... رَبِيعاً وصَيْفاً بالمَضاجعِ كَامِلا [فجَازَيتُها] ما عُرِّيَتْ وتأبَّدَتْ ... وكانَتْ تُسامي بالغَريفِ الجَمائلا (¬1) وَوَلّى كنَصْلِ السَّيفِ يَبْرُقُ مَتْنُهُ ... على كُلِّ إجْريَّا يَشُقُّ الخَمَائِلا فنَكَّبَ حَوْضَى مايَهُمُّ بوِرْدِهَا ... يَمِيلُ بصَحْراءِ القَنَانَينِ جَاذِلا (¬2) بِتلْكَ أُسَلِّي حاجَةً إنْ ضَمِنْتُها ... وأُبْرئُ هَمّاً كانَ في الصَّدرِ داخلا أُجازي وأُعْطي ذا الدِّلالِ بحُكْمِهِ ... إذا كانَ أهْلاً للكَرامَةِ وَاصِلا وإنْ آتِهِ أصْرِفْ إذا خِفتُ نَبوَة ً ... وأحبسْ قَلوصَ الشُّحِّ إن كانَ باخِلا (¬3) بنُو عامرٍ منْ خَيرِ حَيٍّ عَلِمتُهمْ ... وَلوْ نَطَقَ الأعداءُ زُوراً وَبَاطِلا لهُمْ مَجلِسٌ لا يحصَرُونَ عن النَّدى ... ولا يزْدَهيهمْ جَهلُ من كانَ جاهلا وَبِيضٌ على النّيرانِ في كلِّ شَتوَةٍ ... سَرَاةَ العِشاءِ يَزْجُرُونَ المَسَابِلا (¬4) وَأعْطَوْا حُقُوقاً ضُمِّنُوها وِرَاثَة ً ... عِظَامَ الجِفَانِ والصِّيامَ الحَوَافِلا تُوَزِّعُ صُرّادَ الشَّمالِ جِفَانُهُمْ ... إذا أصْبَحَتْ نَجدٌ تَسوقُ الأفائِلا (¬5) ¬
كِرامٌ إذا نَابَ التِّجَارُ ألِذَّة ٌ ... مَخارِيقُ لاَيَرْجُونَ للخَمرِ وَاغِلا (¬1) إذا شَرِبُوا صَدُّوا العَوَاذِلَ عَنهُمُ ... وكانُوا قَديماً يُسْكِتُونَ العَوَاذِلا فَلا تَسألِينَا واسْألي عَنْ بَلائِنَا ... إيَاداً وكَلْباً منْ مَعَدٍّ وَوَائِلا وَقَيْساً ومَنْ لَفَّتْ تَميمٌ ومَذّحِجاً ... وكِندَةَ إذْ وَافَتْ عَلَيكِ المَنَازِلا لأحْسَابِنا فيهِمْ بَلاءٌ ونِعْمَة ٌ ... وَلَمْ يَكُ ساعِينَا عَنِ المَجْدِ غافِلا أُولئِكَ قَوْمي إنْ تُلاقِ سَرَاتَهُمْ ... تَجِدْهُمْ يَؤمُّونَ العُلا والفَوَاضِلا وَلَنْ يَعدَمُوا في الحَرْبِ لَيثاً مُجرَّباً ... وذا نَزَلٍ عندَ الرَّزية ِ باذِلا (¬2) وأبْيَضَ يَجتابُ الخُرُوقَ على الوَجى ... خَطيباً إذا التَفَّ المجامعُ فاصِلا (¬3) وَعانٍ فَكَكْناهُ بغَيرِ سِوَامِهِ ... فاصْبَحَ يَمْشِي في المَحَلَّة ِ جاذِلا ومُشْعِلَةً رَهْواً كأنَّ جِيادَها ... حَمَامٌ تُبَاري بالعشيِّ سَوافِلا لَهُمْ فَخمَة ٌ فِيها الحَديدُ كَثيفَة ٌ ... تَرى البيضَ في أعناقِهمْ والمَعَابِلا (¬4) ضَربنَا سَراةَ القَوْمِ حتى تَوَجّهُوا ... سِراعاً وقَد بَلَّ النّجيعُ المَحَامِلا نُؤَدِّي العَظيمَ للجِوارِ، ونَبْتَني ... فَعَالاً وقد نُنْكي العَدُوَّ المُساجِلا لَنَا سُنَّة ٌ عادِيَّةٌ نَقْتَدي بِهَا ... وَسَنَّتْ لأُخْرانَا وَفاءً ونَائِلا يُذَبْذِبُ أقْواماً يُريدونَ هَدْمَهَا ... نِيَافٌ يَبُذُّ الوَاسِعَ المُتَطاوِلاْ (¬5) صَبَرْنا لَهُمْ في كُلِّ يَوْمِ عَظيمَةٍ ... بأسْيافِنَا حتى عَلَوْنَا المَنَاقِلا ¬
لمن طلل ... ؟
وإنْ تسألُوا عنهُمْ لدى كلِّ غارةٍ ... فَقَدْ يُنْبأُ الأخبارَ مَنْ كانَ سائِلا أُولِئِكَ قَوْمي إنْ سألْتَ بخِيمِهمْ ... وقد يُخبَرُ الأنْباءَ مَن كانَ جَاهِلا (¬1) لِمَنْ طلل ... ؟ [الوافر] وقال أيضاً: لِمَنْ طَلَلٌ تَضَمَّنَهُ أُثَالُ ... فَسَرْحضة ُفالمَرانَة ُ فالخَيَالُ (¬2) فنَبْعٌ فالنّبيعُ فَذُو سُدَيْرٍ ... لآرامِ النِّعَاجِ بِهِ سِخَالُ ذكَرْتُ بهِ الفَوَارِسَ والنَّدامَى ... فدَمْعُ العَينِ سَحٌّ وانْهِمَالُ كأنّي في نَدِيِّ بَني أُقَيْشٍ ... إذا ما جِئْتَ نادِيَهمْ تُهالُ (¬3) تَكاثَرَ قُرْزُلٌ والجَوْنُ فيها ... وتَحْجُلُ والنَّعَامَةُ والخَبَالُ بَقايا مِنْ تُراثِ مُقَدِّمَاتٍ ... ومَا جَمَعَ المَرابيعُ الثِّقالُ (¬4) قد أتى دون عهدها أحوال [الخفيف] ومما أنشد: لم تُبَيِّنْ عَنْ أهْلِها الأطْلالُ ... قَدْ أتَى دونَ عَهدِها أحْوالُ لَيْسَ فيها ما إنْ يُبَيِّنُ للسّا ... ئِلِ إلاَّ جَآذِرٌ ورِئَالُ ¬
لله نافلة الأجل الأفضل
والعَوَاطي الأُدْمُ السّواكنُ بالـ ... ـسُّلَّانِ منها الآحادُ والآجالُ (¬1) وشَتيمٌ جَوْنٌ يُطارِدُ حُولاً ... أخْدَريٌّ مُسَحَّجٌ صَلْصَالُ (¬2) وَقَناة ٌ تَبغي بحَرْبَةَ عَهْداً ... منْ ضَبُوحٍ قفَّى علَيهِ الخبَالُ (¬3) نَظَرَتْ عَهدَهُ، وباتَتْ علَيْهِ ... بينَ فلجٍ واللَّوذِ غُبسٌ بسالُ (¬4) فابْتَغَتْهُ بالرَّملَتَينِ ثلاثاً ... كلَّ يومٍ في صَدْرِها بَلْبَالُ ثمَّ لاقَتْ بَصِيرَة ً بَعدَ يأسٍ ... وَإهاباً في بَعضِهِ أوْصَالُ (¬5) لله نافلةُ الأجل الأفضل [الكامل] أنشد ذات مرة يذكر جبروت الموت، ويعتبر بمن فني من عظماء الناس: لِلّهِ نافِلَة ُ الأجَلِّ الأفْضَلِ ... ولَهُ العُلى وأثيتُ كلِّ مُؤتَّلِ (¬6) لا يستطيعُ النّاسُ محوَ كتابِهِ ... أنّى ولَيسَ قَضَاؤهُ بمُبَدَّلِ ¬
سَوَّى فألْقَ دُونَ غُرَّة ِ عَرْشِه ... سَبْعاً طِباقاً فَوْقَ فَرْعِ [المَنْقَلِ] (¬1) وَالأرْضَ تَحْتَهُمُ مِهَاداً راسِياً ... ثبَتَتْ [خَوالِقُها] بصُمِّ الجَندَلِ (¬2) والمَاءُ والنِّيرانُ مِنْ آياتِهِ ... فِيهنَّ مَوْعِظَة ٌ لِمَنْ لمْ يَجْهَلِ بَل كُلُّ سعِيكَ باطِلٌ إلاَّ التُّقَى ... فإذا انقَضَى شيءٌ كأنْ لم يُفْعَلِ لَوْ كانَ شيءٌ خالداً لتَوَاءَلَتْ ... عَصْماءُ مُؤلِفَة ٌ ضَواحيَ مأسَلِ (¬3) بظُلُوفِها وَرَقُ البَشَامِ ودُونَها ... صَعْبٌ تَزِلُّ سَرَاتُهُ بالأجْدَلِ (¬4) أوْ ذو زَوائِدَ لا يُطافُ بأرْضِهِ ... يغْشَى المُهجهجَ كالذَّنوبِ المُرْسَلِ (¬5) في نَابِهِ عِوَجٌ يُجَاوِزُ شِدْقَهُ ... ويُخالِفُ الأعْلى وَرَاءَ الأسْفَلِ فأصابَهُ رَيْبُ الزَّمانِ فأصْبَحَتْ ... أنْيابُهُ مثلَ الزِّجاجِ النُّصَّلِ (¬6) ولَقَدْ رَأى صُبحٌ سَوَادَ خَليلِهِ ... منْ بَينِ قائِمِ سَيْفِهِ والمِحمَلِ صَبَّحنَ صُبحاً حينَ حُقَّ حِذارُهُ ... فأصابَ صُبحاً قائفٌ لم يَغْفَلِ (¬7) فالتَفَّ صَفْقُهُما وصُبحٌ تَحتَهُ ... بَينَ التُّرابِ وبَينَ حِنْوِ الكَلكَلِ (¬8) ¬
أبلغ!
وَلَقد جرَى لُبَدٌ فأدرَكَ جَرْيَهُ ... رَيْبُ [الزَّمانِ] وكانَ غَيرَ مُثقَّلِ (¬1) لمّا رأى لُبَدُ النُّسُورَ تَطايَرَتْ ... رَفَعَ القَوَادِمَ كالفَقيرِ الأعزلِ (¬2) مِنْ تَحْتِهِ لُقْمانُ يرْجو نَهضَهُ ... وَلقد رَأى لُقمانُ أنْ لا يأتَلي غَلَبَ اللّيالي خَلْفَ آلِ مُحَرِّقٍ ... وكمَا فَعَلْنَ بتُبَّعٍ وبِهِرْقَلِ (¬3) وغَلَبْنَ أبْرَهَة َ الذي ألْفَيْنَهُ ... قد كانَ خلَّد فوقَ غرفةِمَوْكِلِ (¬4) والحارِثُ الحرَّابُ خَلَّى عاقِلاً ... داراً أقامَ بها ولَم يَتَنَقَّلِ تَجري خَزائِنُهُ على مَنْ نَابَهُ ... مجْرى الفراتِ على فِرَاضِ الجدوَلِ (¬5) حَتّى تَحَمَّلَ أهْلُهُ وقَطينُهُ ... وأقامَ سَيِّدُهُمْ وَلم يَتَحَمَّلِ والشّاعِرُونَ النّاطِقونَ أراهُمُ ... سَلَكوا سَبيل مُرَقِّشٍ ومُهلهِلِ (¬6) أَبْلِغْ! [الوافر] وقال يذكر البرّاض الكناني وفتكه بالرحَال وهو عروة بن ربيعة بن جعفر بن كلاب ويستنفر قبائل بني عامر، وقد جرّ ذلك إلى حروب الفجار: فأبلغْ إنْ عَرَضْتَ بني كلابٍ ... وعامِرَ، والخطوبُ لها مَوالي ¬
عوف الفوارس
وبلِّغْ إنْ عَرَضْتَ بَني نُمَيرٍ ... وَأخوالَ القَتيِلِ بَني هِلالِ بأنَّ الوَافِدَ الرَّحَّالَ أمْسَى ... مُقِيماً عندَ تَيْمَنَ ذي ظِلالِ (¬1) عوف الفوارس [مجزوء الكامل] وقال، ولعلّها في رثاء عوف بن الأحوص، وهي ممّا أورده أبو تمام في الوحشيات: قُومي إذَا نَامَ الخَلِيُّ ... فأبِّني عَوْفَ الفَواضِلْ (¬2) عَوْفَ الفَوَارِسِ وَالمَجَا ... لِسِ والصَّوَاهلِ والذَّوابلْ (¬3) يا عَوْفُ أحْلَمَ كلِّ ذي ... حلمٍ وأقولَ كلِّ قائِلْ يا عَوْفُ كنتَ إمَامَنَا ... وبَقِيّة َ النَّفَرِ الأوائِلْ لِيَبْكِ على النعمان [الطويل] وقال يرثي النعمان بن المنذر وتوفيّ في أوّل القرن السابع الميلادي: ألا تَسْألانِ المَرْءَ ماذا يُحَاوِلُ ... أنَحْبٌ فيُقضَى أمْ ضَلالٌ وباطِلُ حبائِلُهُ مبثُوثَة ٌ بِسَبيلِهِ ... ويَفْنى إذا ما أخطأتْهُ الحَبَائِلُ (¬4) إذا المَرءُ أسْرَى لَيلَةً ظَنَّ أنَّهُ ... قَضَى عَمَلاً والمَرْءُ ما عاشَ عامِلُ ¬
فَقُولا لَهُ إنْ كانَ يَقْسِمُ أمْرَهُ ... ألَمّا يَعِظْكَ الدَّهرُ، أُمُّكَ هابلُ (¬1) فتَعْلمَ أنْ لا أنتَ مُدْرِكُ ما مضَى ... وَلا أنتَ ممّا تَحذَرُ النّفسُ وَائِلُ فإنْ أنتَ لم تَصْدُقْكَ نَفسُكَ فانتسبْ ... لَعَلَّكَ تهديكَ القُرُونُ الأوائِلُ (¬2) فإنْ لم تَجِدْ مِنْ دونِ عَدْنانَ باقياً ... ودونَ مَعَدٍّ فَلْتَزَعْكَ العَوَاذِلُ (¬3) أرَى النَّاسَ لَا يَدرُونَ ما قَدرُ أمرِهمْ ... بلى: كلُّ ذي لُبٍّ إلى اللّهِ وَاسِلُ (¬4) ألا كُلُّ شيءٍ ما خَلا اللّهُ باطِلُ ... وكلُّ نعيمٍ لا مَحالة َ زائِلُ وكلُّ أُنَاسٍ سوْفَ تَدخُلُ بَينَهُمْ ... دُوَيْهية ٌ تَصفَرُّ مِنها الأنَامِلُ وكلُّ امرىء ٍ يَوْماً سَيَعْلَمُ سَعْيَهُ ... إذا كُشِّفَتْ عندَ الإلَهِ المَحاصِلُ ليَبْكِ على النّعْمانِ شَرْبٌ وقَيْنَة ٌ ... ومُخْتَبِطاتٌ كالسَّعالي أرامِلُ (¬5) لهُ المُلْكُ في ضاحي مَعَدٍّ وأسلَمَتْ ... إلَيهِ العِبادُ كُلُّها ما يُحاوِلُ (¬6) إذا مَسَّ أسْآرَ الطُّيورِ صَفَتْ لَهُ ... مُشَعْشَعَة ٌ مِمّا تُعتِّقُ بابِلُ (¬7) عتيقُ سُلافاتٍ سَبَتْها سَفِينَة ٌ ... تَكُرُّ عَلَيْها بالمزاجِ النَّياطِلُ بأشْهَبَ مِنْ أبكارِ مُزْنِ سَحابَةٍ ... وَأرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النّحْلَ عاسِلُ (¬8) ¬
تَكُرُّ عَلَيْهِ لا يُصَرِّدُ شُرْبَهُ ... إذا ما انتَشَى لم تحْتَضِرْهُ العَوَاذِلُ (¬1) على ما تُرِيهِ الخمرُ إذْ جاشَ بحْرُهُ ... وَأوْشَمَ جُودٌ مِنْ نَداهُ وَوَابِلُ (¬2) فَيَوْماً عُنَاةُ في الحَديدِ يَفُكُّهُمْ ... ويَوْماً جِيادٌ مُلْجَماتٌ قَوَافِلُ (¬3) عَلَيْهِنَّ وِلْدانُ الرِّهانِ كأنّهَا ... سَعَالٍ وعِقْبانٌ عَلَيهْا الرَّحائِلُ إذا وَضَعُوا ألْبَادَها عَنْ مُتَونِهَا ... وَقَدْ نَضَحَتْ أعطافُها والكَواهِلُ يُلاقُونَ مِنْها فَرْطَ حَدٍّ وجُرْأةٍ ... إذا لم تُقَوِّمْ درْأهُنَّ المَسَاحِلُ (¬4) ويَوْماً مِنَ الدُّهْمِ الرِّغابِ كأنّها ... أشَاءٌ دَنا قِنْوانُهُ أوْ مَجادِلُ (¬5) لَها حَجَلٌ قَد قَرَّعَتْ مِن رؤُوسِهِ ... لهَا فَوْقَهُ مِمّا تحَلَّبُ وَاشِلُ (¬6) بذي حُسَمٍ قد عُرِّيَتْ ويَزينُهَا ... دِمَاثُ فُليجٍ رَهْوُها فالمَحافِلُ (¬7) وأسرَعَ فيها قبلَ ذلِكَ حِقْبَة ً ... رُكَاحٌ فجَنْبَا نُقْدَةٍ فالمَغَاسِلُ (¬8) ¬
فإنَّ امرأً يَرْجُو الفَلاحَ وَقَد رَأى ... سَوَاماً وَحَيّاً بالأُفاقَةِ جاهِلُ (¬1) غداةَ غَدَوْا مِنْها وآزَرَ سرْبَهُمْ ... مَواكِبُ تُحْدى بالغَبيطِ وجامِلُ ويَوْمَ أجازَتْ قُلَّةَ الحَزْنِ منْهُمُ ... مَواكِبُ تَعْلُو ذا حُسىً وقَنابِلُ (¬2) على الصَّرصَرَانِيَاتِ في كلَّ رِحْلة ٍ ... وسُوُقٌ عِدالٌ لَيسَ فيهنَّ مائِلُ (¬3) تُساقُ وأطْفالُ المُصِيفِ كَأنّها ... حَوَانٍ على أطْلائِهِنَّ مَطافِلُ حَقَائِبُهُمْ راحٌ عَتيقٌ ودَرْمَكٌ ... وريْطٌ وفاثُورِيّة ٌ وسَلاسِلُ (¬4) وَما نِسَجَتْ أسْراد داود وابنهِ ... مضاعفَة ٌ مِنْ نَسْجِهِ إذْ يُقابِلُ (¬5) وكانَتْ تُراثاً منْهُما لِمُحَرِّقٍ ... طَحُونٌ كأنَّ البَيْضَ فيها الأعابِلُ (¬6) إذا ما اجْتَلاها مأزِقٌ وتَزَايَلَتْ ... وَأحْكَمَ أضْغَانَ القَتيرِ الغَلائِلُ (¬7) أوَتْ للشِّياحِ واهتَدَى لصَليلِها ... كتائِبُ خُضْرٌ ليسَ فيهنَّ ناكِلُ (¬8) كأرْكانِ سَلْمَى إذْ بدتْ وكأنّها ... ذُرَى أجَإٍ إذْ لاحَ فيها مُواسِلُ (¬9) ¬
وبيضٍ تَرَبّتْهَا الهَوَادِجُ جِقبة ً ... سَرَائِرُها والمُسْمِعاتُ الرَّوافِلُ (¬1) تَرُوحُ إذا رَاحَ الشَّرُوبُ كأنّها ... ظِباءٌ شقيقٍ ليسَ فيهنَّ عاطِلُ (¬2) يُجاوِبنَ بُحّاً قد أُعيدَتْ وَأسمحَتْ ... إذا احتَثَّ بالشِّرْعِ الدِّقاقِ الأناملُ (¬3) يقوِّمُ أُولاهُمْ إذا اعوَجَّ سِرْبُهمْ ... مَوَاكِبُ وابنُ المُنذرِينَ الحُلاحِلُ (¬4) تَظَلُّ رَواياهُمْ تَبَرَّضْنَ مَنْعِجاً ... وَلَوْ وَرَدَتْهُ وَهْوَ رَيّانُ سائِلُ (¬5) فَلا قَصَبُ البَطحاءِ نَهْنَهَ وِرْدَهُمْ ... بِرِيٍّ وَلا العادِيُّ مِنْهُ العُدامِلُ (¬6) ومَا كادَ غُلاَّنُ الشُّرَيْفِ يَسَعْنَهُمْ ... بحَلّةِ يَوْمٍ، والشُّرُوجُ القَوَابِلُ (¬7) ومُصْعَدُهمْ كيْ يَقْطعوا بطنَ مَنعِج ... فضاقَتْ بهِمْ ذرعاً خزَازٌ وعاقِلُ (¬8) فبادُوا فَما أمسَى على الأرْضِ مِنهُمُ ... لَعَمْرُكَ إلاَّ أنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ كأنْ لم يكُنْ بالشِّرْعِ منهُمْ طلائِعٌ ... فلَمْ تَرْعَ سَحّاً في الرَّبيعِ القَنابِلُ وبالرَّسِّ أوْصالٌ كأنَّ زُهاءَها ... ذِوَي الضِّمْرِ لمّا زالَ عَنها القبَائِلُ (¬9) وَغَسّانُ ذَلّتْ يوْمَ جِلَّقَ ذلَّة ً ... بسَيِّدِها والأرْيَحِيُّ المُنازِلُ ¬
ستتعلمون
رَعى خَرَزاتِ المُلْكِ عشرينَ حِجَّةً ... وعشرينَ، حتى فادَ والشَّيبُ شامِلُ (¬1) وأمْسَى كأحْلامِ النِّيامِ نَعِيمُهُمْ ... وَأيُّ نعِيمٍ خِلْتَهُ لا يُزايِلُ تَرُدُّ عَلَيْهِمْ لَيْلَة ٌ أهْلَكَتْهُمُ ... وعامٌ وعامٌ يَتْبَعُ العامَ قَابِلُ ستَتَعْلَمونَ [الرجز] وأنشد في المنافرة بين عامر وعلقمة: يا هَرِماً وأنتَ أهْلُ عَدْلِ أنْ وَرَدَ الأحْوَضُ ماءً قَبْلي لَيَذْهَبَنَّ أهْلُهُ بِأهْلي لا تَجْمَعَنْ شَكْلَهُمُ وشَكْلي وَنَسْلَ آبائِهِمُ وَنَسْلي لقَد نَهَيْتُ عَنْ سَفَاهِ الجَهْلِ حَتّى انتَزَى أرْبَعَةٌ في حَبْلِ فاليَوْمَ لا مَقْعَدَ بَعْدَ الوَصْلِ فارَقتُهُمْ بذي ضُرُوعٍ حُفْلِ (¬2) مُواثِمِ الحَزْنِ قَريعِ السّهْلِ (¬3) ¬
وأرى أربد قد فارقني
بصائبِ الصَّدْرِ سَديدِ الرِّجْلِ يَمُدُّ بالذِّراعِ يَوْمَ المَعْلِ (¬1) سَتَعْلَمُونَ مَنْ خِيارُ الطَّبْلِ (¬2) وأرى أربد قد فارقني [الرمل] وقال يتحدّث عن مآثره ومواقفه ويأسى لفقد أخيه أربد: إنَّ تَقْوَى رَبِّنَا خَيرُ نَفَلْ ... وبإذْنِ اللّهِ رَيْثي وعَجَلْ (¬3) أحمَدُ اللهَ فَلا نِدَّ لَهُ ... بيَدَيْهِ الخَيرُ ما شاء فَعَلْ مَنْ هَداهُ سُبُلَ الخَيرِ اهْتَدَى ... ناعِمَ البَالِ ومَنْ شاءَ أضَلّ و [رَقاقٍ عُصَبٍ] ظُلْمانُهُ ... كحَزيقِ الحَبَشيِيِّنَ الزُّجَلْ (¬4) قَدْ تجاوَزْتُ وتحْتي جَسْرَة ٌ ... حَرَجٌ في مِرْفَقَيْها كالفَتَلْ (¬5) تَسلُبُ الكانِسَ لمْ يُوأرْ بِهَا ... شُعْبَةَ السّاقِ إذا الظَلُّ عَقَلْ (¬6) وتصُكُّ المَرْوَ لمّا هجَّرَتْ ... بنَكِيبٍ مَعِرٍ دامي الأظَلْ (¬7) ¬
وَإذا حَرَّكْتُ غَرْزي أجمَرَتْ ... أوْ قرَا بي عَدْوُ جَوْنٍ قَد أبَلّ (¬1) بالغُراباتِ فَزَرَّافَاتِهَا ... فبِخِنْزِيرٍ فَأطْرَافِ حُبَلْ (¬2) يُسْئِدُ السّيرَ عَلَيها راكِبٌ ... رابِطُ الجأشِ على كُلِّ وَجَلْ (¬3) حالَفَ الفَرْقَدَ شِرْكاً في السُّرَى ... خَلَّةً باقِيَةً دُونَ الخلَلْ (¬4) اعْقلِي إنْ كُنْتِ لَمّا تَعْقِلي ... وَلَقَدْ أفْلَحَ مَنْ كانَ عَقَلْ إنْ تَرَيْ رأسيَ أمْسَى واضِحاً ... سُلِّطَ الشَّيْبُ عليهِ فاشْتَعَلْ فلقَدْ أُعْوِصُ بالخَصْمِ وَقَدْ ... أملأ الجَفنَةَ مِن شَحْمِ القُلَلْ (¬5) وَلَقَدْ تَحْمَدُ لمّا فارَقَتْ ... جارَتي، والحَمدُ من خيرِ خَوَلْ وغُلامٍ أرْسَلَتْهُ أمُّهُ ... بِألُوكٍ فبَذَلْنَا مَا سَألْ (¬6) أوْ نَهَتْهُ فأتَاهُ رِزْقُهُ ... فاشتَوَى ليْلَةَ ريحٍ واجتَمَلْ (¬7) مِنْ شِواءٍ لَيسَ مِنْ عارِضَةٍ ... بيَدَيْ كُلِّ هَضُومٍ ذي نَزَلْ (¬8) فإذا جُوزِيتَ قَرْضاً فاجْزِهِ ... إنّما يَجْزي الفَتَى لَيسَ الجَمَلْ أعْمِلِ العِيسَ على عِلاَّتِهَا ... إنّما يُنْجِحُ أصحابُ العَمَلْ ¬
وَإذا رُمْتَ رَحِيلاً فارْتَحِلْ ... واعصِ ما يأمُرُ تَوْصِيمُ الكَسَلْ (¬1) واكذِبِ النّفْسَ إذا حَدَّثْتَها ... إنَّ صدْقَ النّفسِ يُزري بالأملْ غيرَ أنْ لا تَكذبِنْها في التُّقَى ... وَاخْزُها بالبرِّ للّهِ الأجَلّ واضبطِ اللّيْلِ إذا طالَ السُّرَى ... وتَدَجَّى بَعدَ فَوْرٍ واعتَدَلْ (¬2) يَرْهَبُ العاجِزُ مِنْ لُجَّتِهِ ... فَيُدَعِّي في مَبِيتٍ ومحَلّ طالَ قَرْنُ الشّمْسِ لمّا طَلَعَتْ ... فإذا ما حَضَرَ اللّيلُ اضمَحَلّ وَأخُو القَفْرَة ِ ماضٍ هَمُّهُ ... كُلّما شاءَ، على الأينِ، ارْتحلْ (¬3) ومَجُودٍ مِنْ صُباباتِ الكَرَى ... عاطِفِ النُّمرُقِ صَدقِ المُبتذَلْ (¬4) قالَ هَجِّدْنا فَقَدْ طالَ السُّرَى ... وقَدَرْنا إنْ خَنَى دَهْرٍ غَفَلْ (¬5) يَتَّقي الأرْضَ بدَفٍّ شَاسِفٍ ... وضُلوعٍ تحتَ صُلْبٍ قد نَحَلْ (¬6) قَلّمَا عَرَّسَ حَتّى هِجْتُهُ ... بالتّباشِيرِ مِنَ الصُّبْحِ الأُوَلْ (¬7) يَلْمَسُ الأحْلاسَ في منزِلِهِ ... بيَديْهِ كاليَهُوديِّ المُصَلّ (¬8) يَتَمَارَى في الذي قُلْتُ لَهُ ... وَلَقَدْ يَسْمَعُ قَوْلي حَيَّهَلْ (¬9) ¬
فَوَرَدْنَا قَبْلَ فُرَّاطِ القَطَا ... إنَّ مِنْ وِرْديَ تَغْليسَ النَّهَلْ (¬1) طاميَ العَرْمَضِ لا عَهْدَ لَهُ ... بِأنِيسٍ، بَعدَ حَوْلٍ قد كَمَلْ (¬2) فهَرَقْنَا لَهُمَا في داثِرٍ ... لَضواحيهِ نَشِيشٌ بالبَلَلْ (¬3) راسِخُ الدِّمْنِ على أعْضادِهِ ... ثَلَمَتْهُ كُلُّ رِيحٍ وسَبَلْ (¬4) عافَتَا الماءَ فَلَمْ نُعْطِنْهُمَا ... إنّما يُعْطِنُ مَنْ يَرْجُو العِللْ (¬5) ثُمَّ أصدَرْناهُما في وارِدٍ ... صادِرٍ وَهْمٍ صُوَاهُ قَدْ مَثَلْ (¬6) تَرْزُمُ الشّارِفُ مِنْ عِرْفانهِ ... كُلَّما لاحَ بنَجْدٍ وَاحتَفَلْ فَمَضَيْنا فَقَضَيْنا ناجِحاً ... مَوْطِناً يُسْألُ عَنْهُ ما فَعَلْ وَلَقَدْ يَعْلَمُ صَحْبي كُلُّهُمْ ... بِعَدانِ السّيفِ صبْري ونَقَلْ رابِطُ الجأشِ على فَرْجِهِمُ ... أعْطِفُ الجَوْنَ بمربوعٍ مِتَلْ (¬7) ولَقَدْ أغْدو وما يَعْدَمُني ... صاحِبٌ غيرَ طويلِ المُحتَبَلْ (¬8) ساهِمُ الوَجْهِ شَديدٌ أسْرُهُ ... مُغبَطُ الحارِكِ مَحبوكُ الكَفَلْ (¬9) ¬
بأجَشِّ الصَّوْتِ يَعْبُوبٍ إذا ... طَرَقَ الحَيَّ منَ الغَزْوِ صَهَلْ (¬1) يَطْرُدُ الزُّجَّ يُباري ظِلَّهُ ... بأسِيلٍ كالسِّنانِ المًنْتَخَلْ (¬2) وعَلاهُ زَبَدُ المَحْضِ كَمَا ... زَلَّ عَن ظَهرِ الصَّفا ماءُ الوَشَلْ (¬3) وكَأنِّي مُلْجِمٌ سُوذَانِقاً ... أجْدَلِيّاً، كَرُّهُ غَيرُ وَكَلْ (¬4) يُغْرِقُ الثَّعْلَبَ في شِرَّتِهِ ... صائِبُ الجِذْمَةِ في غَيرِ فَشَلْ مِنْ نَسا النّاشِطِ إذْ ثَوَّرْتهُ ... أوْ رَئيسِ الأخدَرِيّاتِ الأُوَلْ (¬5) يَلْمُجُ البارِضَ لَمْجاً في النَّدَى ... مِنْ مَرابيعِ رِياضٍ ورِجَلْ (¬6) فَهْوَ شَحّاجٌ مُدِلُّ سَنِقٌ ... لاحِقُ البطنِ إذا يَعدو زَمَلْ (¬7) فَتَدَلَّيْتُ عَلَيهِ قافِلاً ... وعلى الأرْضِ غَيَاياتُ الطَّفَلْ (¬8) وتأيَّبْتُ عَلَيْهِ ثانِياً ... يَتَّقيني بتَليلٍ ذي خُصَلْ لمْ أقِلْ إلاَّ عَلَيهِ أوْ عَلى ... مَرْقَبٍ يَفْرَعُ أطْرَافَ الجَبَلْ (¬9) ¬
ومَعي حامِيَة ٌ مِنْ جَعْفَرٍ ... كُلَّ يومٍ تَبْتَلَي ما في الخِلَلْ (¬1) وقَبيلٌ مِنْ عُقَيلٍ صادِقٌ ... كَلُيُوثٍ بَينَ غابٍ وعَصَلْ (¬2) فَمَتَى يَنقَعْ صُراخٌ صادِقٌ ... يُحْلِبوهُ ذاتَ جَرْسٍ وزَجَلْ (¬3) فَخمَة ً ذَفراءَ تُرْتَى بالعُرَى ... قُرْدَمانِيّاً وتَرْكاً كالبَصَلْ (¬4) أحْكَمَ الجِنثيُّ منْ عَوْراتِهَا ... كلَّ حِرْباءٍ إذا أُكْرِهَ صَلّ (¬5) كُلَّ يَوْمٍ مَنَعوا جامِلَهُمْ ... ومُرِنّاتٍ كآرَامِ تُبَلْ (¬6) قَدَّموا إذْ قالَ: قَيسٌ قَدِّموا ... واحفَظوا المَجدَ بأطرَافِ الأسَلْ (¬7) بَينَ إرْقاصٍ وعَدْوٍ صادِقٍ ... ثمَّ إقدامٌ إذا النِّكسُ نَكَلْ (¬8) فَصَلَقْنا في مُرادٍ صَلْقَة ً ... وصُداءٍ، ألحَقَتْهُمْ بالثَّلَلْ (¬9) لَيْلَة َ العُرْقُوبِ لَمّا غامَرَتْ ... جَعفرٌ، تُدعى، ورَهطُ ابنِ شَكَلْ (¬10) ثُمَّ أنْعَمْنا على سَيِّدهِمْ ... بَعْدَما أطْلَعَ نَجْداً وأبَلْ ¬
وَمَقامٍ ضَيِّقٍ فَرَّجْتُهُ ... بِمَقَامي ولِساني وَجَدَلْ لَوْ يقومُ الفِيلُ أوْ فيّالُهُ ... زلَّ عنْ مثلِ مَقَامي وَزَحَلْ وَلَدَى النُّعمانِ مِنّي مَوْطِنٌ ... بَينَ فاثُورِ أُفاقٍ فالدَّحَلْ (¬1) إذْ دَعَتْني عامِرٌ أنْصُرُهَا ... فالتَقى الألسُنُ كالنَّبْلِ الدُّوَلْ فرَمَيْتُ القَوْمَ رِشْقاً صائِباً ... لَيسَ بالعُصْلِ ولا بالمُقتْعِلْ (¬2) رَقَمِيّاتٍ عَلَيْها نَاهِضٌ ... تُكْلِحُ الأرْوَقَ منهُمْ والأيَلْ (¬3) فانتَضَلْنا، وابنُ سَلمَى قاعِدٌ ... كعَتِيقِ الطّيرِ يُغضي ويُجَلّ (¬4) والهَبانِيقُ قِيَامٌ، مَعَهُمْ ... كلُّ مَحْجُومٍ إذا صُبَّ هَمَلْ (¬5) تَحْسُرُ الدِّيباجَ عَنْ أذْرُعِهِمْ ... عِندَ ذي تاجٍ إذا قالَ فَعَلْ فَتَوَلَّوْا فاتِراً مَشْيُهُمُ ... كرَوايا الطِّبْعِ همَّتْ بالوَحَلْ (¬6) فمَتَى أهْلِكْ فَلا أحْفِلُهُ ... بَجَلي الآنَ مِنَ العَيشِ بَجَلْ مِنْ حَياةٍ قَدْ مَلِلْنا طُولَهَا ... وجَديرٌ طُولُ عَيْشٍ أنْ يُمَلّ وأرَى أرْبَدَ قَدْ فارَقَني ... وَمِنَ الأرْزاءِ رُزْءٌ ذو جَلَلْ ¬
أتيناك يا خير البرية!
مُمْقِرٌ مُرٌّ على أعْدائِهِ ... وعلى الأدْنَينَ حُلْوٌ كالعَسَلْ (¬1) في قُرُومٍ سادَة ٍ مِنْ قَوْمِهِ ... نَظَرَ الدَّهْرُ إلَيهمْ فابْتَهَلْ فأخي إنْ شَرِبُوا مِنْ خَيرهمْ ... وأبُو الحَزَّازِ مِنْ أهلِ النَّفَلْ يَذْعَرُ البَرْكَ فَقَدْ أفْزَعَهُ ... ناهضٌ يَنهَضُ نَهضَ المُختَزَلْ (¬2) مُدْمِنٌ يَجْلُو بأطْرَافِ الذُّرَى ... دَنَسَ الأسْؤُقِ بالعَضْبِ الأفَلّ (¬3) أتيناكَ يا خير البرية! [الطويل] وأنشد يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم، حين وفد عليه، ولم يروها السكري ونسبها القالي في كتاب البارع لأعراب ولعله أصوب: أتَيْناكَ يا خَيرَ البرِيّةِ كُلِّهَا ... لتَرْحَمَنا مِمّا لَقِينا منَ الأزْلِ (¬4) أتَيْنَاكَ والعَذْراءُ يَدْمَى لَبَانُها ... وَقَد ذَهِلتْ أُمُّ الصَّبيِّ عنِ الطّفْلِ (¬5) وألقَى تَكنّيهِ الشّجاعُ استِكانَة ً ... منَ الجُوعِ صُمْتاً لا يُمِرُّ وَلا يُحلي (¬6) وَلا شيءَ مِمّا يأكُلُ النّاسُ عِندَنَا ... سِوَى العِلْهزِ العاميِّ والعَبْهَرَ الفَسلِ (¬7) ¬
وَلَيسَ لَنا إلاَّ إلَيكَ فِرَارُنَا ... وَأينَ يَفِرُّ النَاسُ إلاَّ إلى الرُّسْلِ فإن تَدْعُ بالسّقْيا وبالعَفْوِ تُرْسلِ الـ ... سماءُ لَنا والأمرُ يَبقى على الأصْلِ
حرف الميم
حرف الميم إني امرؤٌ [الكامل] وقال لبيد أيضاً، وقيل: إنّها من قصائده المبكرة ولمّا سمعها النابغة قال له: أنت أشعر قيس أو قال: هوزان كلّها: طَلَلٌ لِخَوْلَةَ بالرُّسَيْسِ قديمُ ... فبِعاقلٍ فَالأنْعَمَيْنِ رُسُومُ (¬1) فكأنَّ مَعْرُوفَ الدِّيارِ بِقَادِمٍ ... فَبُراقِ غَوْلٍ فالرِّجَامِ وُشُومُ (¬2) أوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ على ألْوَاحِهِـ ... نَّ الناطقُ المبروزُ والمَخْتومُ (¬3) دِمَنٌ تَلاعبتِ الرّياحُ بِرَسْمِها ... حتى تَنَكَّر نُؤْيُهَا المَهْدومُ (¬4) أضْحَتْ مُعطَّلةً وأصْبَحَ أهْلُها ... ظَعَنُوا، ولكنَّ الفُؤادَ سَقيمُ فكأنَّ ظُعْنَ الحيِّ لما أشْرَفَتْ ... بالآلِ، وارْتَفَعَتْ بهنَّ حُزُومُ (¬5) ¬
نَخْلٌ كَوَارِعُ في خليجِ مُحَلِّمٍ ... حمَلَتْ فمنها مُوقِرٌ مَكْمُومُ (¬1) سُحُقٌ يُمَتِّعُها الصَّفا وَسَرِيُّهُ ... عُمٌّ نَوَاعِمُ بينهنَّ كُرُومُ (¬2) زُجَلٌ ورُفِّعَ في ظِلالِ حُدُوجِها ... بِيضُ الخُدود، حديثُهنَّ رخيمُ (¬3) بَقَرٌ مَساكِنُهَا مَسارِبُ عَازِبٍ ... وَارْتَبَّهُنَّ شَقَائِقٌ وَصَرِيمُ (¬4) فصرَفْتُ قَصْراً، والشؤونُ كأنَّها ... غَرْبٌ تَحُثُّ به القَلوصُ هزيمُ (¬5) بَكَرَتْ به جُرْشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ ... تُرْوي المحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ (¬6) دهماءُ قد دَجَنَتْ وأحْنَقَ صُلْبُها ... وأحالَ فيها الرَّضْحُ والتَّصْرِيمُ (¬7) تَسْنُو وَيَعْجِلُ كَرَّها مُتَبَذِّلٌ ... شَثْنٌ، به دَنَسُ الهناءِ، دَميمُ (¬8) بِمُقابِلٍ سَرِبِ المخارِزِ، عِدْلُهُ ... قَلِقُ المَحَالَةِ، جارنٌ مَسْلُومُ (¬9) ¬
حَتَّى تَحَيَّرَتِ الدِّبَارُ كأنَّها ... زَلَفٌ، وأُلْقِيَ قِتْبُها المحْزُومُ (¬1) لولا تُسَلِّيكَ اللبَانَةَ حُرَّةٌ ... حَرَجٌ كأحناءِ الغَبيطِ عَقيمُ (¬2) حَرْفٌ أضرَّ بها السِّفَارُ كأنَّها ... بعد الكَلالِ مُسَدَّمٌ مَحْجُومُ (¬3) أو مِسْحلٍ سَنِقٍ عِضَادةَ سَمحجٍ ... بِسَراتِها نَدَبٌ له وكُلُومُ (¬4) جَوْنٍ بِصَارة َ أقْفَرَتْ لِمَرَادهِ ... وخَلا له السُّؤبَانُ فالبُرْعُومُ (¬5) وَتَصَيَّفَا بَعد الرّبيع وأحْنَقَا ... وَعَلاهُما مَوْقُودُهُ المَسْمُومُ (¬6) منْ كُلِّ أبْطَحَ يَخْفَيَانِ غميرَهُ ... أوْ يَرْتَعَانِ، فَبَارِضِ وَجَميمُ (¬7) حتَى إذا انْجَرَدَ النَّسيلُ كأنَّهُ ... زَغَبٌ يَطيرُ وكُرْسُفٌ مَجْلُومُ (¬8) ظَلَّتْ تُخالجُهُ وَظَلَّ يحُوطُهَا ... طَوْراً ويَرْبَأُ فَوقَها ويَحُومُ (¬9) ¬
يُوفِي وَيَرْتَقِبُ النِّجَادَ كأنَّهُ ... ذو إرْبَةٍ كلَّ المَرَامِ يَرُومُ (¬1) حتّى تهجَّرَ في الرَّواحِ وَهَاجَهُ ... طلبُ المعقِّبِ حَقَّهُ المَظْلُومُ (¬2) قَرِباً يَشُجُّ بها الخُرُوقَ عَشِيَّة ً ... رَبِذٌ كمِقْلَاةِ الوليدِ شَتِيمُ (¬3) وَإذا تُرِيدُ الشأوَ ويُدرِكُ شأْوهَا ... مُعْجٌ كأنَّ رجِيعَهُنَّ عَصِيمُ (¬4) شدّاً وَمَرفوعاً يُقرّبُ مِثلُهُ ... لِلْوَرْدِ لا نَفِقٌ ولا مَسْؤومُ (¬5) فَتَضَيَّفَا ماءً بِدَحْلٍ سَاكناً ... يَسْتَنُّ فوْقَ سَرَاتِهِ العُلجُومُ (¬6) غَلَلاً تَضَمَّنَهُ ظِلالُ يَرَاعَةٍ ... غَرْقَى ضَفَادِعُهُ لهنَّ نَئِيمُ (¬7) فَمَضَى وَضَاحِي الماءِ فَوْقَ لَبَانِهِ ... وَرَمَى بها عُرْضَ السَّرِيّ يَعُومُ (¬8) فَبِتِلْكَ أقْضي الهمَّ، إنَّ خِلاجَهُ ... سَقَمٌ، وإنّي لِلْخِلاجِ صَرُومُ طَعنٌ إذا خِفْتُ الهوانَ بِبَلْدَةٍ ... وَأخُو المضَاعِفِ لا يَكَادُ يَرِيمُ (¬9) ¬
وَمَسَارِبٍ كالزَّوْجِ رَشَّحَ بَقْلَها ... صُهْبٌ دوَاجنُ صَوْبَهُنَّ مُديمُ (¬1) قدْ قُدتُ في غَلَسِ الظلام، وطيرُهُ ... عُصَبٌ على فَنَنِ العِضَاهِ جُثُومُ (¬2) غَرْباً لَجُوجاً في العِنَانِ إذا انتحى ... زَبَدٌ على أقْرابِهِ وَحَمِيمُ (¬3) إنّي امرؤٌ مَنَعَتْ أرُومَةُ عامرٍ ... ضَيْمي وقد جَنَفَتْ عليَّ خُصُومُ جَهَدُوا العداوةَ [كلَّها فأصَدَّها] ... عنَي مَنَاكِبُ، عِزُّها معلُومُ (¬4) منها حُوَيٌّ والذُّهابُ وَقَبْلَهُ ... يَوْمٌ بِبُرْقَة رَحْرَحَانَ كريمُ وَغَداةَ قَاعِ القُرْنَتَيْنِ أتَيْنَهُمْ ... رَهْواً يلُوحُ خِلالَهَا التَّسْويمُ (¬5) بِكَتائِبٍ تَرْدِي تَعَوَّدَ كَبْشُها ... نَطْحَ الكِبَاشِ، كأنَّهنَّ نُجُومُ (¬6) نَمْضِي بها حتى تُصِيبَ عَدُوَّنا ... وَتُرَدَّ، منها غانِمٌ وَكَليمُ وترى المسوَّمَ في القِيادِ كأنَّهُ ... صَعْلٌ إذا فَقَدَ السِّباقَ يَصُومُ (¬7) وكتيبةُ الأحْلافِ قد لاقَيْتُهُمْ ... حيث استفاضَ دَكادِكٌ وقَصِيمُ (¬8) ¬
وعشِيَّةَ الحَوْمانِ أسْلَمَ جُنْدَهُ ... قَيْسٌ، وأيْقَنَ أنّهُ مَهْزُومُ (¬1) وَلَقد بَلَتْ يَوْمَ النُّخَيْلِ وَقَبْلَهُ ... مَرَّانُ من أيّامنا وحَرِيمُ مِنَّا حُماةُ الشِّعْبِ يوْمَ تَوَاكلتْ ... أسَدٌ وّذُبْيانُ الصَّفا وتَمِيمُ (¬2) فارتَثَّ كَلْماهُمْ عَشيَّة هَزْمهُمْ ... حيٌّ بِمُنْعَرَجِ المَسيلِ مُقيمُ (¬3) قَوْمي أوُلئك إنْ سألتِ بِخيمِهِمْ ... ولكلِّ قومٍ في النوائبِ خِيمُ وإذا شَتَوا عادَتْ على جيرانِهِمْ ... رُجُحٌ تُوَفِّيها مَرَابِعُ كُومُ (¬4) لا يجْتَويها ضَيْفُهُمْ وفقيرهُمْ ... ومدفَّعٌ، طَرَقَ النُّبُوحِ، يتيمُ (¬5) ولهمْ حُلومٌ كالجبالِ، وسادة ٌ ... نُجُبٌ، وَفَرْعٌ ماجِدٌ وأرومُ وإذا تواكلتِ المقانبُ لم يَزَلْ ... بالثَّغرِ منّا مِنْسَرٌ وَعَظِيمُ (¬6) نَسْمُو بِهِ ونَفُلُّ حَدَّ عَدُوِّنا ... حتى نَؤوبَ، وفي الوُجوه سُهومُ (¬7) ¬
إني أكاثر في الندى ...
إني أكاثر في الندى ... [الكامل] وأنشد مفتخراً: أقْوَى وَعُرِّيَ واسِطٌ فَبَرَامُ ... مِنْ أهْلِهِ، فَصُوَائقٌ فَخِزامُ (¬1) فالواديانِ فكلُّ مَغْنًى مِنْهُمُ ... وعلى الميَاهِ مَحَاضِرٌ وَخِيامُ عَهدي بها الإنسَ الجميعَ، وفيهمُ ... قَبْلَ التَّفَرُّقِ مَيْسِرٌ وَنِدَامُ لا تُنْشَدُ الحُمْرُ الأوَالِفُ فِيهِمُ ... إذْ لا تُرَوِّحُ بالعَشيِّ بِهامُ (¬2) إلاّ فلاءَ الخَيْلِ مِنها مُرْسَلٌ ... ومربَّطاتٌ بالفِنَاءِ صِيَامُ وَجَوَارِنٌ بِيضٌ وكلُّ طِمِرَّة ٍ ... يَعْدُو عَلَيْها، القَرَّتينِ، غُلامُ (¬3) ومُدَفَّع طَرَقَ النُّبُوحَ فلم يَجِدْ ... مأوى ولَم يكُ للمُضِيفِ سَوَامُ (¬4) آويتُهُ حتى تَكَفّتَ حَامِداً ... وأهلَّ بَعْدَ جُماديينَ حَرامُ وصَباً غَداةَ إقَامَةٍ وزَّعْتُها ... بِجِفَانِ شِيزَى فَوْقَهُنَّ سَنامُ (¬5) وَمَقَامَةٍ غُلْبِ الرِّقَابِ كَأنَّهُمْ ... جِنٌّ لدَى طَرَفِ الحَصِيرِ قِيَامُ (¬6) دافَعْتُ خُطَّتَها وكُنْتُ وَلِيَّها ... إذ عَيَّ فَصْلَ جوابِهَا الحُكّامُ ضَارَسْتُهُمْ حتى يَلِينَ شَرِيسُهُمْ ... عنِّي، وعِنْدِي للْجَمُوحِ لِجامُ (¬7) ¬
أقول لصاحبي
وَبِكُلِّ ذلكَ قَدْ سَعَيْتُ إلى العُلَى ... والمرءُ يُحْمَدُ سَعْيُهُ وَيُلامُ مُتَخَصِّرينَ البابَ كلَّ عَشِيَّةٍ ... غُلْباً مُخَالِطُ فَرْطَهَا أحْلامُ تلك ابنةُ السَّعْدِيِّ أضْحَتْ تَشْتَكِي ... لِتَخُونَ عَهْدِي، والمَخَانَة ُ ذَامُ (¬1) وَلَقَدْ عَلِمْتِ لو انَّ عِلْمَكِ نافعٌ ... وسمعْتِ مَا يتحدَّثُ الأقْوامُ أنّي أُكاثِرُ في النَّدَى إخْوانَهُ ... وأعِفُّ عرضِي إنْ ألَمَّ لِمامُ أقول لصاحبيّ [الوافر] خرج حيان بن معاوية بن مالك بن جعفر إلى ذات غسل في ديار بني اسد ليطلب بدم عمّه ربيعة بن مالك والد لبيد، وكان قتله منقاد بن طريف الأسدي في يوم ذي علق، فقتلت بنو أسد حيان بن معاوية (وقيل: بل اسمه حبان بالموحدة) فقال لبيد يرثيه؛ ولعله قال هذه القصيدة في رثاء حيان بن عتبة بن مالك بن جعفر وهو الذي قتله لنو هزان من عنزة وقبره باليمامة: أقولُ لصاحِبيَّ بذاتِ غِسْلٍ ... ألِمّا بي على الجَدَثِ المُقيمِ لنَنظُرَ كيفَ سمَّكَ بانياهُ ... عَلى حِبَّانَ ذي الحَسَبِ [الكريمِ] (¬2) قَتَلْنَا تِسعةً بأبي لُبَيْنَى ... وألْحَقْنَا المواليَ بالصَّمِيمِ عفتِ الديارُ (المعلّقة) [الكامل] وقال لبيد -وهي معلقته- ويقال: إنّه أنشدها النابغة فقال له: اذهب فأنت أشعر العرب: ¬
عَفَتِ الدِّيارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا ... بمنًى تأبَّدَ غَوْلُها فَرِجَامُهَا (¬1) فمُدافعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُها ... خَلَقاً كما ضَمِنَ الوُحِيَّ سِلَامُها (¬2) دِمَنٌ تَجَرَّمَ بعدَ عَهْدِ أنِيسِهَا ... حِجَجٌ خَلَوْنَ حَلالُهَا وحَرَامُهَا (¬3) رُزِقَتْ مَرابيعَ النُّجُومِ وَصَابَهَا ... وَدْقُ الرَّوَاعِدِ جَوْدُهَا فَرِهَامُها (¬4) منْ كلِّ سَارِيَةٍ وغادٍ مُدْجِنٍ ... وَعَشِيَّةٍ مُتجاوبٍ إرْزامُهَا (¬5) فَعَلا فُرُوعُ الأيْهُقَانِ وَأطْفَلَتْ ... بالجَلهَتين ظِبَاؤهَا ونَعَامُهَا (¬6) والعِينُ ساكِنَةٌ على أطْلائِهَا ... عُوذاً تَأجَّلُ بالفضَاءِ بِهَامُها (¬7) ¬
وجَلا السُّيولُ عن الطُّلُولِ كأنّها ... زُبُرٌ تُجِدُّ مُتُونَهَا أقْلامُها (¬1) أوْ رَجْعُ واشِمةٍ أُسِفَّ نَؤورُهَا ... كِفَفاً تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشَامُها (¬2) فوقفتُ أسْألُهَا، وكيفَ سُؤالُنَا ... صُمَّاً خَوالدَ ما يُبِينُ كَلامُهَا (¬3) عَرِيَتْ وكان بها الجميعُ فأبْكَرُوا ... منها وَغُودرَ نُؤيُهَا وَثُمَامُها (¬4) شاقَتْكَ ظُعْنُ الحيِّ حينَ تَحَمّلُوا ... فتكنَّسُوا قُطُناً تَصِرُّ خِيَامُها (¬5) من كلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عِصِيَّهُ ... زَوْجٌ عليه كِلَّة ٌ وَقِرَامُهَا (¬6) زُجَلاً كأنَّ نِعَاجَ تُوضِحَ فَوْقَهَا ... وظِبَاءَ وَجْرَةَ عُطَّفاً آرَامُهَا (¬7) حُفِزَتْ وَزَايَلَهَا السَّرَابُ كأنها ... أجْزَاعُ بِيشةَ أثْلُهَا وَرُضَامُهَا (¬8) ¬
بَلْ ما تَذَكَّرُ مِنْ نَوَارَ وقد نَأتْ ... وَتَقَطَّعَتْ أسْبَابُهَا وَرِمَامُهَا (¬1) مُرِّيَّةٌ حَلَّتْ بِفَيْدَ وَجَاوَرَتْ ... أهْلَ الحِجَازِ فأيْنَ مِنْكَ مَرَامُهَا (¬2) بمشارقِ الجبلين أو بِمُحَجَّرٍ ... فَتَضَمَّنَتْهَا فَرْدَةٌ فَرُخَامُهَا (¬3) فَصُوَائقٌ إنْ أيْمَنَتْ فَمَظِنَّةٌ ... فيها وِحَافُ القَهْرِ أوْ طِلْخَامُهَا (¬4) فاقطعْ لُبانَةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُهُ ... ولَشرُّ واصلِ خُلَّةٍ صَرَّامُها (¬5) وَاحْبُ المُجَامِلَ بالجزيلِ وصَرْمُهُ ... باقٍ إذا ضَلَعَتْ وزاغَ قِوَامُهَا (¬6) بِطَليحِ أسْفَارٍ تَرَكْنَ بقيَّةً ... منها فأحْنَقَ صُلْبُها وسَنَامُها (¬7) وإذا تغالى لَحْمُهَا وَتَحَسَّرتْ ... وتَقَطَّعَتْ بعد الكَلالِ خِدَامُهَا (¬8) فلها هِبَابٌ في الزِّمامِ كأنَّها ... صهباءُ خَفَّ مع الجنوبِ جَهَامُها (¬9) ¬
أو مُلْمِعٌ وَسَقَتْ لأحْقَبَ لاحَهُ ... طَرْدُ الفُحول وَضَرْبُهَا وَكِدَامُهَا (¬1) يَعْلُو بها حُدْبُ الإكامِ مُسَحَّجٌ ... قَد رَابَهُ عِصْيَانُهَا وَوِحَامُهَا (¬2) [بأحِزَّةِ] الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَهَا ... قَفْر المَرَاقِبِ خَوْفُهَا آرامُهَا (¬3) حتى إذا سَلَخَا جُمَادَى ستَّةً ... جَزءاً فطالَ صِيامُهُ وَصِيَامُها (¬4) رَجَعَا بأمرهما إلى ذي مِرَّةٍ ... حَصِدٍ، وَنُجْحُ صَريمةٍ إبْرَامُهَا (¬5) وِرَمَى دوابِرَهَا السَّفَا وَتَهَيَّجَتْ ... ريحُ المصايِفِ سَوْمُهَا وسِهامُهَا (¬6) فتنازعا سَبِطاً يَطيرُ ظِلالُهُ ... كدخانِ مُشْعَلةٍ يُشَبُّ ضِرَامُهَا (¬7) مَشْمُولةٍ غُلِثَتْ بنابتِ عرْفَجٍ ... كَدُخَانِ نارٍ سَاطِعٍ أسْنَامُها (¬8) فمضى وَقَدَّمَهَا وكانتْ عادةً ... منه إذا هِيَ عَرَّدَتْ إقدامُها (¬9) ¬
فتوسَّطا عُرْضَ السَّرِيَّ وَصَدَّعَا ... مسجورةً مُتَجَاوراً قُلاَّمُهَا (¬1) مَحْفوفَةً وَسْطَ اليَرَاعِ يُظِلُّها ... مِنه مُصَرَّعُ غَابةٍ وقِيامُها (¬2) أفَتِلْكَ أم وَحْشِيَّة ٌ مَسْبُوعَةٌ ... خَذَلَتْ وهاديةُ الصِّوارِ قِوَامُها (¬3) خَنْساءُ ضَيَّعَتِ الفَريرَ فلمْ يَرِمْ ... عُرْضَ الشَّقَائِقِ طَوْفُها وَبُغامُها (¬4) لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَازَعَ شِلْوَهُ ... غُبْسٌ كواسِبُ لا يُمَنُّ طَعَامُها (¬5) صَادَفْنَ منها غِرَّةً فَأصَبْنَهَا ... إنَّ المَنايا لا تَطيشُ سِهَامُهَا (¬6) باتَتْ وَأسْبَلَ واكفٌ من ديمةٍ ... يُرْوِي الخمائلَ دائِماً تَسْجَامُها (¬7) يَعْلُو طريقةَ مَتْنِهَا مُتَوَاتِرٌ ... في ليلةٍ كَفَرَ النُّجومَ غَمَامُهَا (¬8) ¬
تَجْتَافُ أصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً ... بِعُجُوبِ أنْقاءٍ يَميلُ هُيَامُها (¬1) وتُضيءُ في وَجْهِ الظلام مُنِيرةً ... كَجُمَانَةِ البحريِّ سُلَّ نِظامُها (¬2) حتى إذا انحسَرَ الظلامُ وَأسْفَرَتْ ... بَكَرَتْ تزلُّ عن الثَّرَى أزْلامُها (¬3) عَلِهَتْ تَرَدَّدُ في نِهاءِ صَعَائِدٍ ... سَبْعاً تُؤاماً كاملاً أيَّامُها (¬4) حتى إذا يَئسَتْ وأسْحَقَ حَالِقٌ ... لم يُبْلِهِ إرْضَاعُها وفِطَامُها (¬5) وَتَوَجَّستْ رِزَّ الأنيسِ فَرَاعَها ... عن ظهرِ غَيْبٍ، والأنيسُ سَقَامُها (¬6) [فَغَدَتْ] كلا الفَرجَينِ تَحْسَبُ أنَّهُ ... مَوْلى المخافة خلفُها وأمامُها (¬7) حتى إذا يئسَ الرُّماةُ وأرْسَلُوا ... غُضْفاً دواجِنَ قَافِلاً أعْصامُها (¬8) ¬
فَلَحِقْنَ واعتكرتْ لها مَدْرِيَّة ٌ ... كالسَّمهريَّة ِ حَدَّهَا وتَمَامُهَا (¬1) لِتذَودَهُنَّ وَأيقنتْ إن لم تَذُدْ ... أن قد أحَمَّ مع الحُتُوفِ حِمَامُها (¬2) فَتَقَصَّدَتْ منها كَسابِ فَضُرِّجتْ ... بدمٍ وغُودرَ في المَكَرِّ سُخَامُها (¬3) فَبِتِلْكَ إذْ رَقَصَ اللوامعُ بالضُّحى ... واجتابَ أرديةَ السَّرَابِ إكامُها (¬4) أقضي اللُّبانةَ لا أفرِّطُ ريبةً ... أو أن يلومَ بحاجةٍ لُوَّامُهَا (¬5) أوَلم تكنْ تدري نَوَارُ بأنَّني ... وَصَّالُ عَقْدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُها (¬6) تَرَّاكُ أمكنةٍ إذا لم أرْضَهَا ... أوْ [يعتلقْ] بعضَ النفوسِ حِمامُها (¬7) بل أنتِ لا تدرين كم مِنْ ليلةٍ ... طَلْقٍ لذيذٍ لَهْوُها ونِدَامُها (¬8) قَد بِتُّ سامِرَها، وغَاية تاجرٍ ... وافيتُ إذ رُفِعَتْ وَعَزَّ مُدَامُها (¬9) أُغْلي السِّباءَ بكلِّ أدْكَنَ عاتقٍ ... أو جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتامُها (¬10) ¬
وَصَبوحِ صافيةٍ وجذبِ كرينةٍ ... بموَتَّرٍ تأتالُهُ إبهامُهَا (¬1) بادرتُ حَاجَتَهَا الدَّجَاجَ بِسُحْرَةٍ ... لأُعَلَّ منها حينَ هبَّ نيامُها (¬2) وغداةِ ريحٍ قَدْ وزعتُ وَقَرَّةٍ ... إذ أصْبَحَتْ بيدِ الشَّمالِ زمامُها (¬3) ولقَد حَمَيْتُ الحيَّ تَحملُ شِكَّتي ... فُرُطٌ، وشاحي إذْ غدوتُ لجامُها (¬4) فعَلوتُ مرتقباً عَلى ذي هَبْوَةٍ ... حَرِجٍ إلى أعلامِهِنَّ قَتَامُها (¬5) حتى إذا ألْقَتْ يداً في كافرٍ ... وَأجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلامُها (¬6) أسْهلْتُ وانْتَصَبتْ كجذعِ مُنِيفَةٍ ... جَرْدَاءَ يَحْصَرُ دونها جُرَّامُها (¬7) رَفَّعْتُهَا طَرَدَ النَّعامِ وَشَلَّهُ ... حتى إذا سَخِنَتْ وَخَفَّ عظامُها (¬8) قَلِقَتْ رِحَالَتُهَا وَأسْبَلَ نَحْرُهَا ... وابتلَّ من زَبَدِ الحمِيمِ حِزَامُهَا (¬9) ¬
تَرْقَى وَتَطَعْنُ في العِنَانِ وتَنْتَحي ... وِرْدَ الحمَامة إذ أجَدَّ حَمَامُها (¬1) وكثيرةٍ غُرَباؤهَا مَجْهُولَةٍ ... تُرْجَى نوافِلُها ويُخْشَى ذَامُها (¬2) غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالذُّحُولِ كأنَّهَا ... جِنُّ البَديِّ رواسياً أقدَامُها (¬3) أنكرتُ باطلَها وَبُؤْتُ بحقِّها ... [عندي]، ولم يَفْخَرْ عليَّ كرامُها (¬4) وَجزَورِ أيْسَارٍ دَعَوْتُ لحتفِها ... بِمَغَالِقٍ مُتَشَابهٍ أجسامُها (¬5) أدعُو بهنَّ لعاقِرِ أوْ مُطْفِلٍ ... بُذِلَتْ لجيرانِ الجميعِ لِحَامُها (¬6) فالضَّيفُ والجارُ الجنيبُ كأنّما ... هَبَطَا تبالَة َ مُخْصِباً أهْضَامُها (¬7) تأوِي إلى الأطْنابِ كلُّ رذيَّةٍ ... مِثْلُ البَلِيّةِ قَالصٌ أهدَامُها (¬8) ويُكَلَّلُونَ إذا الرياحُ تَنَاوَحَتْ ... خُلُجاً تُمَدُّ شَوارعاً أيْتَامُها (¬9) ¬
إنّا إذا التقتِ المجَامِعُ لم يَزَلْ ... منّا لِزَازُ عظيمةٍ جَشّامُها (¬1) وَمُقَسِّمٌ يُعْطِي العشيرةَ حَقَّهَا ... وَمُغَذْمِرٌ لحقوقِها هَضَّامُها (¬2) فَضْلاً، وذو كَرِمٍ يُعينُ على النَّدى ... سَمْحٌ كَسُوبُ رَغَاِئبٍ غَنّامُهَا (¬3) مِنْ مَعْشَرٍ سنَّتْ لهمْ آباؤهُمْ ... ولكلِّ قومٍ سُنَّة ٌ وإمامُهَا (¬4) لا يَطْبَعُونَ ولا يَبُورُ فَعَالُهُمْ ... إذ لا يميلُ معَ الهَوى أحلامُها (¬5) فاقْنَعْ بما قَسَمَ المليكُ فإنّمَا ... قَسَمَ الخَلائقَ بينَنا عَلاَّمُها (¬6) وإذا الأمانةُ قُسِّمَتْ في مَعْشَرٍ ... أوْفَى بأوْفَرِ حَظِّنَا قَسّامُهَا (¬7) فبنى لنا بيتاً رفيعاً سَمْكُهُ ... فَسَما إليه كَهْلُهَا وَغُلامُها (¬8) وَهُمُ السُّعَاةُ إذا العشيرةُ أُفْظِعَتْ ... وَهُمُ فوارِسُهَا وَهُمْ حُكّامُها (¬9) وهمُ رَبيعٌ للمُجَاورِ فيهمُ ... والمرملاتِ إذا تَطَاوَلَ عَامُها (¬10) وَهُمُ العَشيرةُ أنْ يُبَطِّئَ حاسدٌ ... أو أن يميلَ [معَ العدوِّ لئامُها] (¬11) ¬
فتلكم بتلكم
فَتِلْكم بِتِلْكُم [الطويل] وأنشد يذكر انتصار بني عامر على قبائل جعفي بن سعد العشيرة في يوم النخيل: لِهِنْدٍ [بأعْلامِ] الأغَرِّ رُسُومُ ... إلى أُحُدٍ كأنَّهُنَّ وُشُومُ (¬1) فَوَقْفٍ فسُلِّيٍّ فأكنافِ ضَلْفَعٍ ... تَرَبَّعُ فيهِ تَارةً وَتُقِيمُ بما قد تَحُلُّ الوادَييْنِ كِلَيْهما ... زنانِيرُ فيها مسكنٌ فتدومُ (¬2) وَمَرْتٍ كَظَهْرِ التُّرْسِ قَفْرٍ قطَعْتُهُ ... وتَحتي خَنُوفٌ كالعَلاةِ عَقِيمُ (¬3) عُذَافِرةٌ حَرفٌ كأن قَتُودَها ... تَضَمنَّهُ جَوْنُ السَّراة عَذُومُ (¬4) أضرَّ بِمِسْحاجٍ قَليلٍ فُتُورُهَا ... يَرِنُّ عَليها تَارةً وَيَصُومُ (¬5) يُطَرِّبُ آناءَ النَّهارِ كأنَّهُ ... غَويٌّ سَقَاهُ في التِّجارِ نَديمُ (¬6) أُمِيلَتْ عَلَيْهِ قَرْقَفٌ بَابِليَّةٌ ... لها بَعْدَ كأسٍ في العظامِ هَمِيمُ (¬7) فرَوَّحَهَا يَقْلُو النِّجَادَ عَشِيَّةً ... أقبُّ كَكَرِّ الأنْدَرِيِّ شَتِيمُ (¬8) ¬
فلا وأبيك ما حي كحي
فَأوْرَدَها مَسْجُورَةً تَحْتَ غَابةٍ ... من القُرْنَتَيْنِ وَاتلأبَّ يَحُومُ (¬1) فلَم تَرْضَ ضَحْلَ الماءِ حتّى تَمَهَّرَتْ ... وِشَاحٌ لها مِنْ عَرْمَضٍ وَبَريمُ (¬2) شَفى النَّفْسَ ما خُبِّرتُ مَرَّانُ أزْهفَتْ ... ومَا لَقِيَتْ يَوْمَ النُّخَيْل حَريمُ (¬3) قَبائلُ جُعْفِيِّ بن سَعْدٍ كأنّمَا ... سَقَى جَمْعَهُم ماءَ الزُّعَافِ مُنيمُ (¬4) تَلافَتْهُمُ من آلِ كَعْبٍ عِصَابَةٌ ... لها مَأْقِطٌ يَوْمَ الحِفَاظِ كريمُ (¬5) فتلكمْ بتلكمْ، غيرَ فَخْرٍ عَلَيكمُ ... وبيتٌ على الأفْلاجِ ثمَّ مُقِيمُ (¬6) فلا وأبيك ما حَيٌّ كَحَيٍّ [الوافر] وقال لبيد يفتخر ويذكر مبلغ سخائه وسخاء قومه: رَأتْنِي قَدْ شَحَبْتُ وَسَلَّ جسمي ... طِلاَبُ النازحاتِ مِنَ الهمومِ وكَم لاقيتُ بَعْدَكِ مِنْ أُمورٍ ... وَأهوالٍ أشُدُّ لها حَزِيمي (¬7) أُكَلِّفُها وَتَعْلَمُ أنّ هَوْئِي ... يُسَارِعُ فِي بُنَى الأمْر الجسيمِ (¬8) وخَصْمٍ قَدْ أقَمْتُ الدَّرْءَ مِنْهُ ... بلا نَزِقِ الخِصَامِ ولا سَؤومِ (¬9) ¬
ومولىً قَدْ دفعتُ الضَّيْمَ عَنْهُ ... وقد أمْسى بمنزلَةِ المَضِيمِ وَخَرْقٍ قَدْ قَطَعتُ بِيَعْملاَتٍ ... مُمَلاَّتِ المناسمِ واللّحُومِ (¬1) كَسّاهُنَّ الهواجرُ كلَّ يومٍ ... رَجِيعاً بالمغَابِنِ كالعَصِيمِ (¬2) إذا هَجَدَ القَطَا أفْزَعْنَ مِنْهُ ... أوَامِنَ في مُعَرَّسه الجُثُومِ رَحَلْنَ لشُقَّة ٍ [وَنَصَبْنَ] نَصْباً ... لِوَغْراتِ الهواجِر والسَّمُومِ (¬3) فكنَّ سَفيِنَها وَضَرَبْنَ جَأْشاً ... لخَمْسٍ في مُلَجِّجَةِ أَزُومِ أجَزْتُ إلى مَعَارِفِها بِشُعْثٍ ... وَأطلاح من العِيديِّ هِيمِ (¬4) فَخُضْنَ نِيَاطَهَا حَتى أُنيخَتْ ... على عافٍ مَدَارِجُهُ سَدُومِ فَلاَ وأبِيكَ مَا حيٌّ كحيٍّ ... لِجارٍ حلَّ فيهمْ أوْ عَديمِ ولا لِلضَّيْف إنْ طَرَقَتْ بَلِيلٌ ... بأفنانِ العِضَاهِ وبَالهَشِيِمِ (¬5) وَرَوُحِّتِ اللِّقَاحُ بِغَيْرِ دَرٍّ ... إلى الحُجُرَاتِ تُعْجِلُ بالرَّسِيمِ وَخَوَّدَ فَحْلُها مِنْ غَيْرِ شَلٍّ ... بدارَ الرِّيحِ، تَخْويدَ الظَّليمِ (¬6) ¬
سفها عذلت
إذا ما دَرُّهَا لم يَقْرِ ضيفاً ... ضَمِنَّ لهُ قِراهُ من الشُّحومِ فَلا نَتَجَاوَزُ العَطِلاَتِ مِنها ... إلى البَكْرِ المُقَارِبِ والكَزُومِ (¬1) ولَكِنَّا نُعِضُّ السيفَ مِنهَا ... بأسْوُقِ عَافيَاتِ اللحم كُومِ (¬2) وكَم فينا إذا ما المحلُ أبْدى ... نُحَاس القَوْمِ من سَمْحٍ هضُومِ يُبَاري الريحَ لَيس بِجانَبِيٍّ ... وَلا دَفِنٍ مُرُوءَتُهُ، لئيمِ (¬3) إذا عُدَّ القَديمُ وجدتَ فِينَا ... كرائِمَ مَا يُعَدُّ مِن القدِيم وجدتَ الجاهَ والآكالَ فِينا ... وَعَاديَّ المآثرِ والأرُومِ (¬4) سَفَهاً عذلْتِ [الكامل] وأنشد ذات مرة: سَفَهاً عَذَلْتِ وقلتِ غَيْرَ مُليمِ ... وَبُكَاكِ قِدْماً غَيرُ جِدِّ حَكِيمِ (¬5) أُمَّ الوَلِيدِ وَمَنْ تكوني هَمَّهُ ... يُصْبِحْ وليسَ لِشأنهِ بحلِيمِ آتي السَّدَادَ فإن كرهتِ جَنَابَنَا ... فَتَنَقَّلِي في عامرٍ وتَمِيمِ (¬6) ¬
لا تأْمُرِيني أنْ أُلامَ فإنَّني ... آبَى وأكْرهُ أمْرَ كلِّ مُليمِ أوَلَمْ تَرَيْ أنَّ الحوادثَ أهلكتْ ... إرَماً ورامَتْ حِمْيَراً بِعَظِيمِ لو كان حيٌّ في الحياةِ مُخَلَّداً ... في الدهر ألْفَاهُ أبُو يَكْسُومِ (¬1) والحارِثانِ كلاهُما وَمُحَرِّقٌ ... والتُّبَّعَانِ وفارسُ اليَحْمُومِ والصَّعْبُ ذو القرنين أصبَحَ ثاوياً ... بِالحِنْوِ في جدَثٍ، أُمَيْمَ، مُقيمِ (¬2) وَنَزَعْنَ من داودَ أحسنَ صُنعِهِ ... ولقَد يَكونُ بِقُوَّة ٍ وَنَعيمِ صَنَعَ الحديدَ لِحِفْظِهِ أسْرَادَهُ ... لِينَالَ طُولَ العيشِ، غَيْرَ مَرُومِ (¬3) فكأنَّما صادفْنَهُ بِمُضِيعَةٍ ... سَلَماً لهنَّ بواجِبٍ مَعْزُومِ (¬4) فَدَعِي الملامةَ وَيْبَ غيرِكِ إنَّهُ ... ليسَ النّوالُ بِلَوْمِ كلِّ كريمِ ولقَد بَلَوْتُكِ وابْتَلَيْتِ خَلِيقَتي ... ولقَد كفَاكِ مُعَلِّمي تَعْليمي (¬5) وَعَظيمةٍ دافَعْتُهَا فَتَحولَّتْ ... عنِّي فَلَمْ أدْنَس وَصَحَّ أديمي (¬6) في يومِ هَيْجَا فاصطَليتُ بِحَرِّها ... أوْ في غَدَاةِ تَحَافُظٍ وَخُصُومِ وَمُبَلِّغٍ يَوْمَ الصُّرَاخِ مُنَدِّدٍ ... بِعِنَانِ دَاميةِ الفُروج كَلِيمِ (¬7) فرَّجتُ كُرْبَتَهُ بِضَرْبَةِ فَيْصَلٍ ... أو ذاتِ فَرْغٍ بالدِّماءِ رَذُومِ (¬8) ¬
أوْ عازبٍ جادَتْ عَلى أرْوَاقِهِ ... خَلْقَاءُ عاملة ٌ وَرَكْضُ نُجُومِ (¬1) مَرَتِ الجنوبُ لَهُ الغَمامَ بوابلٍ ... وَمُجَلْجَلٍ قَرِدِ الرَّبَابِ مُدِيمِ حتَى تَزَيَّنَتِ الجِواءُ بِفَاخِرٍ ... قَصِفٍ، كألوانِ الرِّحَال، عَميمِ (¬2) هَمَلٌ عَشَائِرُهُ على أوْلادِهَا ... من راشحٍ مُتَقَوِّبٍ وَفَطِيمِ (¬3) أُدْمٌ مُوَشَّمَةٌ وَجُونٌ خِلْفَةً ... وَمَتى تَشأْ تَسْمَعْ عِرَارَ ظَلِيمِ (¬4) بِكَثيبِ رابيةٍ قليلٍ وَطْؤهُ ... يعتادُ بَيْتَ مُوَضَّعٍ مَرْكُومِ (¬5) وَيَظَلُّ مُرْتَقِباً يُقَلِّبُ طَرْفَهُ ... كعريشِ أهل الثَّلَّةِ المَهْدُومِ (¬6) باكَرْتُ في غَلَسِ الظَّلامِ بِصُنْتُعٍ ... طِرْفِ كَعَالِية القَنَاةِ سَليمِ (¬7) ولقَد قَطَعْتُ وَصِيلةً مَجْرُودَةً ... يَبْكِي الصَّدَى فيها لِشَجْوِ البُومِ (¬8) بِخَطِيرةٍ تُوفي الجديلَ سَرِيحَةٍ ... مِثْلِ المَشُوفِ هَنَأْتَهُ بعَصِيمِ (¬9) ¬
كما أتاني
أُجُدِ المَرَافِقِ حُرَّةٍ عَيْرَانةٍ ... حَرَجٍ، كَجَفنِ السيفِ، غيرِ سؤومِ (¬1) تَعْدُو إذا قَلِقَتْ عَلى مُتَنَصِّبٍ ... كالسَّحْلِ في عاديَّةٍ دَيْمُومِ (¬2) سَبْطٍ كأعناقِ الظِّباء إذا انْتَحَتْ ... ينسَلُّ بين مَخَارِمٍ وَصَرِيمِ (¬3) يَهْوِي إلى قَصَبٍ كأنَّ جِمَامَهُ ... سَمَلاتُ بَوْلٍ أُغْلِيَتْ لِسَقِيمِ (¬4) وجناءُ تُرْقِلُ بَعْد طُول هِبَابِها ... إرقالَ جأْبٍ مُعْلَمٍ بِكُدُومِ (¬5) جَوْنٍ تَرَبَّعَ في خَلَى وَسْمِيَّةٍ ... رَشَفَ المناهِلَ، ليس بالمظلُومِ (¬6) كمّا أتاني [الطويل] وقال يرثي الطفيل، ولعلّ المرثي هنا هو عمّه الطفيل بن مالك: لَمّا أتَانِي عَنْ طُفَيْلٍ وَرَهْطِهِ ... هُدُوءاً فباتَتْ غُلَّة ُفي الحَيَازِمِ (¬7) ¬
بكتنا أرضنا
دَرَى باليَسَارَى جَنَّةً عَبْقَرِيَّةً ... مُسَطَّعَةَ الأعنَاقِ بُلْقَ القَوَادِمِ (¬1) نَشِيلٌ منَ البيضِ الصوارم بَعْدَما ... تَفَضَّضَّ عن سِيلَانِهِ كلُّ قَائِمِ (¬2) كميشُ الإزارِ يَكْحَلُ العَيْنَ إثْمِداً ... سُرَاهُ، وَيُضْحِ مُسْفِراً غَيرَ وَاجِمِ (¬3) بكَتْنا أرضُنا [الوافر] وأنشد لبيد لمّا فارق بنو جعفر قومهم بعد أن قتل منيع مرّة بن طريف: بَكَتْنَا أرْضُنَا لمَا ظَعَنّا ... وحَيَّتنَا سُفَيْرَةُ والغَيَامُ (¬4) مَحَلُّ الحيِّ إذْ أمْسَوْا جميعاً ... فأمْسَى اليومَ ليس بِه أنَامُ أنِفْنَا أنْ تَحُلَّ بهِ صُدَاءٌ ... وَنَهْدٌ بَعْدَما انسلخَ الحَرَامُ ولو أدْرَكْنَ حيَّ بني جَرِيٍّ ... وتيمَ اللاتِ نفِّرَتِ البِهَامُ (¬5) بكلِّ طِمِرَّةٍ وأقَبَّ نَهْدٍ ... يَفِلُّ غُرُوبَ قارِحِهِ اللِّجَامُ (¬6) وكلِّ مُثّقَّفٍ لَدْنٍ وَعَضْبٍ ... تُذَرُّ على مَضَارِبهِ السِّمامُ ¬
لنا منسر صعب المقادة ...
يُكَسِّرُ ذابلَ الطَّرْفاءِ عنها ... بجَنْبِ سُوُيْقَةَ النَّعَمُ الرُّكَامُ (¬1) لنا مَنْسَرٌ صَعْبُ المقادةِ ... [الطويل] وقال لبيد بعد عودة بني جعفر من ديار بني الحارث بن كعب ونزولهم على حكم جوّاب الكلابي: عفَا الرَّسْمُ أمْ لا، بَعْدَ حَوْلٍ تَجَرَّمَا ... لأسْماءَ رَسْمٌ كالصَّحِيفَةِ أعْجَمَا (¬2) لأسماءَ إذْ لمّا تَفُتْنَا دِيَارُهَا ... ولم نَخْشَ مِنْ أسْبابِهَا أنْ تَجَذَّمَا فَدَعْ ذا وَبَلِّغْ قَوْمَنَا إنْ لَقِيتَهُمْ ... وهل يُخْطِئنَ اللومُ منْ كانَ ألْوَما (¬3) مَوَالِيَنَا الأحْلافَ عَمْرَو بنَ عامرٍ ... وآلَ الصموتِ أنْ نُفَاثَةُ أحْجَمَا كلا أخَوَيْنَا قَدْ تَخَيَّرَ مَحْضراً ... من المُنْحَنَى مِنْ عَاقِلٍ ثمَّ خَيَّمَا وَفَرَّ الوحيدُ بَعْدَ حَرْسٍ وَيَوْمِهِ ... وحَلَّ الضِّبابُ في عليٍّ بنِ أسْلَما (¬4) وودَّعَنا بالجَلْهَتَيْنِ مُسَاحِقٌ ... وصاحَبَ سيّارٌ حِماراً وَهَيْثَما (¬5) وَحَيَّ السَّوَاري إنْ أقُولُ لِجَمْعِهِمْ ... على النأْيِ إلاَّ أنْ يُحَيَّا وَيَسْلَمَا فلمّا رأيْنَا أنْ تُرِكْنَا لأمْرِنَا ... أتيْنَا التي كانَتْ أحَقَّ وَأكْرَما وقُلْنا انتظارٌ وائتِمَارٌ وَقُوَّةٌ ... وَجُرْثُومَةٌ عاديَّةٌ لَنْ تَهَدَّمَا ¬
بحمدِ الإلَهِ ما اجْتَبَاهَا وأهْلَهَا ... حميداً، وقبلَ اليوم مَنَّ وَأنْعَمَا وقُل لابنِ عمرٍو ما ترى رَأْيَ قَوْمِكمْ ... أبا مُدْرِكٍ لَوْ يَأْخُذُونَ المُزَنَّما وَنَحْنُ أُناسٌ عُودُنَا عُودُ نَبْعَةٍ ... صَليبٌ إذا مَا الدهرُ أجشَم مُعظِمَا (¬1) وَنَحْنُ سَعَيْنا ثمّ أدْرَكَ سَعْيَنَا ... حُصَيْنُ بنُ عَوْفٍ بعدما كانَ أشْأَما وفكَّ أبَا الجَوَّابِ عمرُو بنُ خالدٍ ... وما كانَ عَنْهُ ناكِلاً حيثُ يَمَّمَا وَيَوْمَ أتَانا حيُّ عُرْوَةَ وابنِه ... إلى فاتكٍ ذي جُرْأةٍ قَدْ تَحَتَّمَا غَدَاةَ دَعَاهُ الحَارِثانِ وَمُسٍهِرٌ ... فَلاقَى خَلِيجاً واسعاً غَيْرَ أخْرَما (¬2) فإن تذكروا حُسنَ الفُرُوضِ فإنَّنَا ... أبَأْنَا بأنواح القُرَيْطَين مَأتَمَا وإمّا تَعُدُّوا الصالِحاتِ فإنَّني ... أقُولُ بها حتى أمَلَّ وأسْأمَا وإنْ لم يَكنْ إلا القِتَالُ فإنَّنَا ... نُقاتِلُ مَنْ بين العَرُوضِ وَخَثْعَمَا (¬3) أبى خَسْفَنَا أنْ لا تَزَالُ رُوَاتُنَا ... وأفراسُنَا يَتْبَعْنَ غَوْجاً مُحَرَّمَا (¬4) يَنُبْنَ عَدُوّاً أوْ رَوَاجعَ منهُمُ ... بَوَانيَ مَجْداً أو كَوَاسبَ مَغْنَمَا وَإنّا أُناسٌ لا تَزَالُ جيَادُنَا ... تَخُبُّ بأعْضَاد المَطيِّ مُخَدَّمَا تَكُرُّ أحَاليبُ اللَّديد عَلَيْهمُ ... وَتُوفى جِفانُ الضَّيْف مَحْضاً مُعَمَّما (¬5) لَنَا مَنْسَرٌ صَعْبُ المَقَادَة فَاتِكٌ ... شُجَاعٌ إذا ما آنسَ السِّرْبَ ألْجَمَا ¬
لما دعاني ... أبيت
نُغيرُ بهِ طَوْراً وطوراً نَضُمّهُ ... إلى كُلِّ مَحبوك من السَّرْو أيْهَمَا (¬1) وَنَحْنُ أزَلْنَا طيِّئاً عَنْ بلاَدنَا ... وَحلْفَ مُرَادٍ منْ مَذَانب تَحْتمَا ونَحْنُ أتَيْنَا حَنْبَشاً بابن عَمِّه ... أبا الحصن إذْ عافَ الشَّرَابَ وأقْسَمَا فأبْلِغْ بَني بكرٍ إذا مَا لَقيتَهَا ... عَلى خَيرَ ما يُلْقَى به مَنْ تَزَغَّمَا (¬2) أبُونَا أبُوكُمْ والأواصِرُ بَيْنَنَا ... قريبٌ، ولم نَأْمُرْ مَنيعاً ليَأْثَمَا (¬3) فإن تَقْبلُوا المعْرُوفَ نَصبرْ لحَقِّكُمْ ... ولن يَعدَمَ المعروفُ خُفّاً وَمَنْسِمَا (¬4) وإلاّ فَمَا بالمَوت ضُرٌّ لأهْله ... ولم يُبْقِ هذا الدهرُ في العَيْش مَنْدَمَا لمّا دعاني ... أَبَيْتُ [الطويل] وأنشد أيضاً في المنافرة بين عامر وعلقمة: لمَا دَعَاني عَامِرٌ لأسُبَّهُمْ ... أبَيْتُ وَإنْ كان ابنُ عَيْساءَ ظَالمَا (¬5) لكَيْمَا يكونَ السَّنْدَريُّ نَديدَتي ... وأجْعَلَ أقواماً عُمُوماً عَمَاعمَا (¬6) وَأنْبُشَ منْ تَحْتِ القُبُورِ أُبُوَّةً ... كراماً هُمُ شَدُّوا عليَّ التَّمَائِمَا (¬7) لَعِبْتُ على أكْتافِهِمْ وَحُجُورِهمْ ... وليداً وسَمَّوْني مُفيداً وَعَاصِمَا ¬
ألا ذهب المحافظ والمحامي
بَلَى: أيُّنَا ما كانَ شرّاً لمالكٍ ... فَلا زالَ في الدُّنيا مَلُوماً ولائِمَا ألا ذهبَ المحافظ والمحامي [الوافر] وقال يرثي أخاه أربد: ألاَ ذَهَبَ المُحافِظُ والمُحامِي ... وَمَانعُ ضَيْمِنَا يَوْمَ الخِصَامِ وأيْقَنْتُ التَّفَرُّقَ يَوْمَ قالوا ... تُقُسِّمَ مَالُ أرْبَدَ بالسِّهامِ وأرْبَدُ فارسُ الهَيْجَا إذا ما ... تَقَعَّرَتِ [المَشاجِرُ] بِالْخِيَامِ (¬1) تَطِيرُ عَدَائِدُ الأشْرَاكِ شَفْعاً ... وَوِتْراً والزَّعَامَةُ لِلْغُلامِ (¬2) كأنَّ هِجانَهَا، مُتَأبِّضَاتٍ ... وفي الأقْرَانِ، أصْوِرَةُ الرُّعامِ (¬3) وَقَدْ كان المُعصَّبُ يَعْتَفِيهَا ... وَتُحْبَسُ عِنْدَ غاياتِ الذِّمامِ على فَقْدِ الحَرِيبِ إذا اعْتَرَاها ... وعند الفضْلِ في القُحَمِ العِظَامِ خُبَاسَاتُ الفوارسِ كلَّ يومٍ ... إذا لم يُرْجَ رِسْلٌ في السَّوَامِ (¬4) ¬
إذا ماتَعْزُبُ الأنعامُ راحَتْ ... عَلى الأيْتَام والكَلِّ العِيَام (¬1) فَيَحْمَدُ قِدْرَ أرْبَدَ مَنْ عَرَاهَا ... إذا ما ذُمَّ أرْبَابُ اللِّحامِ وجَارَتُهُ إذا حلَّتْ إليْهِ ... لها نَفَلٌ وَحَظٌّ في السَّنَامِ فإنْ تَقَعُدْ فَمُكْرَمَةٌ حَصَانٌ ... وإن تَظْعَنْ فَمُحْسِنَة ُ الكَلامِ (¬2) وإنْ تَشْرَبْ فنِعم أخُو النَّدامى ... كريمٌ ماجدٌ حُلْوُ النِّدامِ وفتيانٍ يَرَوْنَ المجدَ غُنْماً ... صَبَرْتَ لحقِّهِم لَيْلَ التَّمامِ وإنْ بَكَرُوا غَدَوْتَ بمسمعِاتٍ ... وأدْكَنَ عاتقٍ جَلْدِ العِصَامِ (¬3) له زَبَدٌ على الناجُودِ وَرْدٌ ... بماءِ المُزْنِ مِن رِيقِ الغَمَامِ (¬4) إذا بَكَرَ النساءُ مُرَدَّفَاتٍ ... حَوَاسَرَ لا يُجِئْنَ على الخِدَامِ يُرَيْنَ عَصَائِباً يَرْكُضْنَ رَهْواً ... سَوابِقُهُنَّ كالرَّجْلِ القِيَامِ (¬5) كأنَّ سِرَاعَهَا مُتَوَاتِرَاتٍ ... حَمَامٌ باكِرٌ قَبْلَ الحَمَامِ فَوَاءلُ يَوْمَ ذلك مَنْ أتَاهُ ... كما وَألَ المُحِلُّ إلى الحَرَامِ (¬6) بضربةِ فيصلٍ تَرَكَتْ رئيساً ... على الخدَّينِ يَنْحطُ غَيْرَ نَامِ ¬
إن تمس فينا
وكُلِّ فَرِيغَةٍ عَجْلَى رَمُوحٍ ... كَأنَّ رَشَاشَهَا لَهَبُ الضِّرامِ (¬1) تَردُّ المرءَ قَافِلَةً يَدَاهُ ... بعامِلِ صَعْدَةٍ والنَّحْرُ دامي (¬2) فودِّعْ بالسَّلام أبَا حُزَيز ... وقَلَّ وَدَاعُ أرْبَدَ بالسَّلامِ يُفَضِّلُهُ شتاءَ الناسِ مَجْدٌ ... إذا قُصِرَ الستورُ على البِرَامِ (¬3) فَهَلْ نُبِّئتَ عَنْ أخَوَيْنِ دَاما ... على الأيّام إلاَّ ابْنَي شَمَامِ وإلاَّ الفَرْقَدَيْنِ وآلَ نَعْشٍ ... خَوَالِدَ ما تَحَدَّثُ بانْهِدَامِ وكنتَ إمَامَنا وَلَنَا نِظَاماً ... وكان الجَزْعُ يُحْفَظُ بالنِّظَامِ (¬4) وَلَيْسَ الناسُ بَعْدَكَ في نَقيرٍ ... ولا هُمْ غَيْرُ أصْدَاءٍ وَهَامِ (¬5) وإنَّا قَدْ يُرَى ما نَحْنُ فيه ... وَنُسْحَرُ بالشرابِ وبالطعامِ كما سُحِرَتْ بِه إرَمٌ وعَادٌ ... فأضْحَوْا مثْلَ أحْلامِ النِّيامِ إن تُمْسِ فينا [الرجز] اعتدى عامر بن الطفيل على قراء بعث بهم الرسول إلى بني عامر ليفقهوهم في الدين وذلك هو يوم بئر معونة، فقتلهم أجمعين، وكانوا في جوار عمّه أبي براء ملاعب الأسنّة؛ فاغتمّ أبو براء؛ لأن عامراً أخفر ذمّته؛ ثم أخذ بنو عامر يرتحلون من مواطنهم دون أمر أبي ¬
براء فلمّا سأل عن ذلك قيل له: يزعمون أنه قد عرض لك عائض في عقلك؛ فحزن لهذه الكلمة ودعا لبيداً ودعا قينتين له فشرب وغنّتاه، وقال للبيد: إن حدث بعمك حدث ما كنت قائلاً؟ فإن قومك يزعمون أن عقلي قد هب والموت خير من عزوب العقل؛ فأنشأ لبيد هذه الأرجوزة، وقيل: إن أبا براء لما أثقله الشراب اتكأ على سيفه وقتل نفسه: يا عامرَ بنَ مالكٍ يا عَمّا أهْلكْتَ عمّاً وأعَشْتَ عَمّا إن تُمْسِ فِينَا خَلَقاً رِمَمّا (¬1) فقد تَكونُ واضحاً خِضَمّا (¬2) مُرْتدياً سابِغةً مُعْتَمّا (¬3) مُتَّخِذاً أرْضَ العَدُوِّ حَمّا ¬
حرف النون
حرف النون درس المنا بمُتالعٍ [الكامل] وأنشد ذات مرة: دَرَسَ المَنَا بمُتَالِعٍ فأبَانِ ... وَتَقَادَمَتْ بالحُبْسِ فالسُّوبَانِ (¬1) فنعافِ صارةَ فالقَنَانِ كأنَّها ... زُبُرٌ يُرجِّعها وليدُ يَمَانِ (¬2) مُتَعَوِّدٌ لَحِنٌ يُعيدُ بِكَفِّهِ ... قَلَمَاً على عُسُبٍ، ذَبُلْنَ، وَبانِ (¬3) أو مُسْلَمٌ عَمِلَتْ له عُلْوِيَّةٌ ... رَصَنَتْ ظُهُورَ رَوَاجِبٍ وَبَنَانِ (¬4) لِلْحَنْظَلِيّةِ أصْبَحَتْ آياتُهَا ... يَبْرُقْنَ تحتَ كَنَهْبُل الغُلّانِ (¬5) خَلَدَتْ ولم يَخْلُدْ بها مَنْ حَلَّها ... وَتَبَدَّلتْ خَيْطاً من الأُحْدَانِ (¬6) ¬
والخَاذِلاتُ مَعَ الجآذِرِ خِلْفَةً ... والأُدْمُ حانيةٌ مَعَ الغِزْلانِ فصَددْتُ عَنْ أطْلالِهنَّ بجَسْرَةٍ ... عَيْرَانَة ٍ كالعَقْرِ ذِي البُنْيانِ (¬1) فقَدَرْتْ للْوِرْدِ المُغَلِّسِ غُدْوَةً ... فَوَرَدْتَ قَبْلَ تَبَيُّنِ الألْوانِ سُدُماً قَديماً عَهْدُهُ بأنيسِهِ ... مِنْ بينِ أصْفرَ ناصعٍ ودِفَانِ (¬2) فَهَرَقْتُ أذْنِبَةً على مُتَثَلِّمٍ ... خَلقٍ بِمُعْتَدِلٍ منَ الأصْفَانِ (¬3) فتَغمَّرَتْ نَفساً وَأدْركَ شَأْوُهَا ... عُصَبَ القَطا يَهْوِينَ للأذْقانِ (¬4) فثنيتُ كفّي والقرابَ ونُمْرُقي ... ومكانَهُنَّ الكورُ والنِّسْعَانِ (¬5) كسَفينَة ِ الهنديِّ طابقَ دَرْءَهَا ... بسَقائفٍ مَشْبُوحَةٍ وَدِهَانِ (¬6) فالتَامَ طائقُها القديم فأصْبَحَتْ ... ما إنْ يُقَوِّمُ دَرْءَهَا رِدْفَانِ (¬7) فكأنَّها هي يَوْمَ غِبِّ كَلاَلِهَا ... أوْ أسْفَعُ الخدّيْنِ شاةُ إرَانِ (¬8) حَرِجٌ إلى أرْطَاتِهِ، وتَغَيَّبَتْ ... عنْهُ كواكبُ ليلةٍ مِدْجَانِ (¬9) ¬
يَزَعُ الهَيَامُ عن الثَّرى، وَيَمُدُّهُ ... بُطْحٌ تَهَايُلُهُ على الكُثْبانِ (¬1) فَتَدارَكَ الإشراقُ باقيَ نَفْسِهِ ... مُتَجَرِّداً كالمائح العُرْيَانِ لَوْ كانَ يَزْجُرُها لَقَدْ سَنَحتْ له ... طَيْرُ الشِّياحِ بِغَمْرَةٍ وطِعَانِ (¬2) فَعَدَا على حَذَرٍ مُوَرَّثُ عُدَّةٍ ... يَهْتَزُّ فَوْقَ جَبِينِهِ رُمْحَانِ حتّى أُشِبَّ له ضِرَاءُ مُكَلِّبٍ ... يَسْعَى بهنَّ أقَبُّ كالسِّرحانِ فَحَمَى مَقَاتِلَهُ وذادَ بِرَوْقِهِ ... حَمْيَ المُحارِبِ عَوْرَةَ الصُّحْبَانِ (¬3) شَزْراً على نَبْضِ القلوب وَمُقْدِماً ... فَكأنَّما يَخْتَلُّهَا بِسِنَانِ (¬4) حتّى انجلَتْ عَنْهُ عَمَايَة ُ نَفْرِهِ ... فكأنَّ صَرْعَاها ظُرُوفُ دِنَانِ (¬5) فاجتازَ مُنْقَطَعَ الكثيبِ كأنَّهُ ... نِصْعٌ جَلَتْهُ الشمسُ بَعْدَ صِوانِ (¬6) يَمْتَلُّ مَوْفوراً وَيَمْشِي جانِباً ... رَبَذاً يُسَلَّى حاجَةَ الخَشْيَانِ (¬7) أفَذَاكَ أمْ صَعْلٌ كأنّ عِفَاءَهُ ... أوزاعُ ألقَاءٍ على أغْصَانِ يُلْقِي سَقِيطَ عِفَائِهِ مُتَقَاصِراً ... للشدِّ عَاقِدَ مَنْكِبٍ وَجِرَانِ (¬8) ¬
لو كان يعلم ...
صَعْلٌ كَسَافِلَةِ القَنَاةِ وَظِيفُهُ ... وكأنَّ جُؤْجُؤهُ صَفِيحُ كِرَانِ (¬1) كَلِفٌ بعارِيَةِ الوَظِيفِ شِمِلَّةٍ ... يَمْشِي خِلالَ الشَّرْيِ في خِيطانِ (¬2) ظلَّتْ تتبَّع مِن نِهاءِ صَعَائِدٍ ... بَيْنَ السَّليل وَمَدْفَع السُّلاَّنِ (¬3) سَبَداً من التَّنُّومِ يَخْبِطُهُ النّدَى ... وَنَوادِراً مِنْ حَنْظَلِ الخُطْبانِ (¬4) حتى إذَا أفِدَ العَشِيُّ تَرَوَّحَا ... لِمَبِيِتِ رِبْعِيِّ النِّتاج هجَانِ (¬5) طالَتْ إقامَتُهُ وغَيَّرَ عَهْدَهُ ... رِهَمُ الرَّبيع بِبُرْقَةِ الكَبَوَانِ (¬6) لو كان يعلمُ ... [الطويل] وقال: غَشِيتُ ديارَ الحيِّ بالسَّبُعَانِ ... كمَا البَدْرُ فالعَينانِ تَبْتَدِرَانِ (¬7) مَنازِلُ مِنْ بِيضِ الخُدُودِ كأنَّهَا ... نِعَاجُ المَلاَ مِنْ مُعْصِرٍ وَعَوَانِ (¬8) وإنِّي لأعطِي المالَ مَنْ لا أوَدُّهُ ... وألْبَسُ أقْوَاماً عَلى الشَّنَآنِ (¬9) ¬
وليسوا بالوفاء ولا المداني
ومُسْتخْبِرٍ عَنِّي يَوَدُّ لو أنَّنِي ... شَرِبْتُ بِسَمٍّ ريقَتِي فَقَضَاني (¬1) وَذِي لُطُفٍ لو كانَ يَعْلَمُ أنَّهُ ... شفَائي دمٌ مِنْ جَوْفِهِ لَشَفَاني وليسوا بالوفاء ولا المداني [الوافر] أخصبت بلاد غطفان، غرعت بنو عامر جانباً منها، فأغار الربيع بن زياد العبسي على يزيد بن الصعق فلم يفلح، فغنم سروح بني جعفر والوحيد ابني كلاب وقال: فإن أخطأت قومك يا يزيدا ... فأنعى جعفراً لك والوحيدا فقال ليبد يردّ عليه: لستُ بِغَافرٍ لِبَني بَغِيضٍ ... سَفَاهَتَهُمْ ولا خَطَلَ اللسانِ سآخذُ من سَراتِهِمُ بِعِرْضِي ... وليسُوا بالوَفَاءِ ولا المُدَاني (¬2) فإنَّ بَقِيَّةَ الأحسابِ مِنّا ... وَأصحابَ الحمالةِ والطِّعَانِ جراثيمٌ مَنَعْنَ بَياضَ نَجْدٍ ... وأنْتَ تُعَدُّ في الزَّمَع الدَّوَاني (¬3) تلك المكارمُ إن حفظتَ ... [مجزوء الكامل] روي أن لبيداً لما حضرته الوفاة قال لابن أخيع -ولم يكن له ولد ذكر-: يا بني، إن أباك لم يمت ولكنه فني فإذا قبض أبوك فأقبله القبلة وسجّه بثوبه ولا تصرخن عليه ¬
صارخة، وانظر جفنتي اللتين كنت أصنعهما، فاصنعهما ثمّ احملهما إلى المسجد، فإذا سلم الإمام فقدمهما إليه، فإذا طعموا فقل لهم فليحضروا جنازة أخيهم؛ وأنشد: (وإذا دفنت أباك ... البيت) وهذه الأبيات قصيدة طويلة من جيد الشعر، ويقول بعض الرواة: إن لبيداً قالها في الليلة التي توفيّ فيها، ولكنّه يقول فيها: (واعفف عن الارات وامنحهن ميسرك السمينا) وهذه صورة جاهليّة إن لم نعدّها مجازاً من القول: أُنْبئْتُ أنَّ أبَا حَنِيـ ... ـفٍ لامَنِي في اللَّائِمينا أبُنَيَّ هلْ أحْسَسْتَ أعْـ ... ـمامِي بَني أُمِّ البَنِينا وأبي الذي كانَ الأرا ... ملُ في الشِّتاءِ لهُ قَطِينَا (¬1) [وَأبُو شُرَيحٍ والمُحَا ... مي] في المَضِيقِ إذا لَقِينَا (¬2) الفتيَةُ البِيضُ المصَا ... لتُ أشبَعُوا حَزماً ولِينا (¬3) مَا إنْ رأيتُ ولا سَمعْـ ... ـتُ بِمِثْلِهِمْ في العالمينا لم تَبْقَ أنْفُسُهُمْ وكا ... نُوا زِينَةً للنّاظرِينَا فلئنْ بعثتُ لهمْ بُغَا ... ةً ما البُغَاة ُ بِوَاجِدِينَا (¬4) فَمَكَثْتُ، بَعْدَهُمُ وَكُنْـ ... تُ بِطُولِ صُحْبَتِهِمْ ضَنينَا (¬5) ذَرْني وَمَا مَلَكَتْ يَمِيـ ... ـني إنْ رَفَعْتُ بِهِ شؤونا (¬6) وافْعَلْ بمالِكَ ما بَدا ... لَكَ، إنْ مُعَاناً أو مُعِينَا ¬
واعْفِفْ عن الجاراتِ وامنَحْـ ... ـهُنَّ مَيْسِرَكَ السَّمينا (¬1) وابْذُلْ سَنَامَ القِدْرِ إ ... نَّ سوَاءَها دُهْماً وجُونا ذا القدرَ إنْ نَضِجَتْ وعجِّـ ... ـلْ قَبْلهُ مَا يَشْتَوِينا إنَّ القُدُورَ [لَوَاقِحٌ] ... يُحْلَبْنَ أمْثَلَ ما رُعِينَا (¬2) وإذا دَفَنْتَ أباكَ فَاجـ ... ـعَلْ فَوْقَهُ خَشَباً وطِينا [وَصَفائحاً] صُمّاً رَوَا ... سيهَا يُسَدِّدْنَ الغُضُونَا (¬3) لِيَقِينَ وَجْهَ المرءِ سَفْـ ... ـسَافَ التُّرَابِ ولَنْ يَقِينَا (¬4) ثمّ اعْتَبِرْ بِثَنَاءِ رَهْـ ... ـطِكَ، إذْ ثَوَى جدثاً جنينا وَتَراجَعُوا غُبْرَ المرا ... فِقِ مِنْ أخيهمْ يَائِسينا تلك المكارمُ إن حفظْـ ... ـتَ فلن تُرَى أبَداً غَبينا في [رَبْرَبٍ] كَنِعَاجِ صَا ... رَةَ يَبْتَئِسْنَ بِمَا لَقِينَا (¬5) مُتَسَلبَات في مُسُو ... ح الشَّعرِ أبْكَاراً وَعُونَا (¬6) وَحَذِرْتُ بَعْدَ الموتِ، يوْ ... مَ تَشينُ أسْمَاءُ الجَبِينَا (¬7) ¬
طول العمر
طول العمر وقال حين بلغ السابعة والسبعين من عمره: قامتْ تشكي إليَّ النفسُ مُجْهِشْةً ... وقد حملتكَ سبقاً بعد سبعينَا فإن تزادي ثلاثاً تَبْلُغي أملاً ... وفي الثلاث وفاءٌ للثمانينا