ديوان طرفة بن العبد
طرفة بن العبد
طرفة بن العبد
طَرَفَة بن العبد هو طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل. -وطرفة- بالتحريك في الأصل واحدة الطرفاء وهو الإثل (¬1) وبها لُقب طرفة واسمه عمرو (¬2). وُلد في البحرين في بيت عريق الأصل والمحتد، فقد والده في سن مبكرة فنشأ يتيم الوالد ينفق بغير حساب فضيّق عليه أعمامه ورفضوا أن يعطوه حقه، وجاروا على أمّه، فظلموها حقها ويشير طرفة إلى ذلك في أبيات يقول فيها: ما تنظرون بحق وردة (¬3) فيكم ... صَغُرَ البنونُ ورهط وردة غُيَّبُ قد يبعث الأمر العظيم صغيرُهُ ... حتى تظل له الدماء تصبّبُ والظلم فرَّق بين حبَّي وائلٍ ... بكرٌ تساقيها المنايا تغلب ¬
ومما يُلاحظ من سيرة الشاعر أن ظلم أعمامه له قد ترك عنده ردّة فعل سلبية فبدل أن يذعن للأمر الواقع، تمرد على حدود القبيلة واجترأ على الأقارب واندفع نحو الملذات ينفق على أصحابه وخلّانه مما زاد من حقد عشيرته عليه معزولاً يعيش بمفرده وهو في ذلك يقول: إلى أن تحامتني العشيرة كلها ... وأفردتُ إفراد البعير المعبد (¬1) ولكن كيف يُكتب لحياة كحياة طرفة أن تدوم ومن أين يأتي بالمال وليس عنده مورد يدر عليه. أضف إلى ذلك أن صحبة السوء التي كانت بجانبه تخلت عنه حين أصبح صفر اليدين: أسلمني قومي ولم يغضبوا ... لسَوْءة حلت بهم، فادحهْ (¬2) كلُّ خليلٍ كنت خاللته ... لا ترك الله له واضحهْ (¬3) كلهم اروغ من ثعلبٍ ... ما أشبه الليلة بالبارحهْ عاد طرفة إلى أهله لا يلوي على شيء ولا يملك شروى نقير, فحمله أخوه معبد بن العبد على رعاية إبله فأهملها. فأنبه أخوه وقال له: ((تُرى إن أخذت تردها بشعرك هذا؟)). فقال طرفة: ((لا أخرج حتى تعلم أن شعري يردّها)). فلجأ طرفة إلى ابن عمه مالك ليعينه على استرجاعها من آخذيها، وكانوا قوماً من مُضر. فانتهره مالك بعنف فتألم الشاعر ونظم معلقته واصفاً حالته وجور أهله عليه وذكر فيها سيدين من أقربائه فمدحهما بكثرة المال والولد وقال: ¬
فلو شاء ربي كنت قيس بن خالدٍ ... ولو شاء ربّي كنت عمرو بن مرشدِ فأصبحت ذا مالٍ كثيرٍ وزارني ... بنون كرامٌ، سادةٌ لمسوّدِ فدعاه أحدهما عمرو وكان له سبعة أولادٍ فأمرهم فدفع كل واحدٍ إلى طرفة عشرة من الإبل ثم أمر ثلاثة من أبناء بنيه فدفعوا له مثل ذلك. فردّ إبل أخيه وقد ردّها بشعره كما قال، وأقام ينفق من الباقي حتى نفد (¬1). نشأ شاعرنا حاد الذكاء فخوراً تياهاً بشعره، لم يراع حرمة لقريب أو كبير فقد سمع خاله المتلمس (¬2) مرة يقول: وقد أتناسى الهم عند احتقاره ... بناجٍ، عليه الصيعرية، مكدم (¬3) فقال طرفة: ((إستنوق الجمل)) لأن الصيعرية سمة للنوق فضحك القوم وغضب خاله ثم قال: ويل لهذا الفتى من لسانه. وقد صحت مقولة المتلمس فيه فقد جنى عليه لسانه وأودى به إلى القتل. وقد تضاربت الروايات حول قصة مقتله إلا أن أكثرهم يؤكد حقيقة دامغة وهي أن أخته كانت عند عبد عمرو بن بشر وكان من سادات قومه فجار على أخت الشاعر وظلمها فشكته إليه فهجاه طرفة بقصيدة يقول فيها: ¬
ولا خير فيه غير أن له غنىً ... وإن له كشحاً إذا قامَ أهضما (¬1) وكان من أفحش الهجاء عند العرب أن تصف رجلاً بوصف النساء فكيف بصهره صاحب الخصر النحيل الذي يشبه خصور النساء؟ فاتنا ذكر أن عمرو بن هند ملك الحيرة كان متذوقاً للشعر، يتوافد عليه الشعراء من كل جانب فوقد عليه طرفة مع خاله المتلمس فأنشده وأعجب بشعره وعاش في بلاطه نديماً لو ولولي عهده قابوس. وجاءت الصدف عكس ما يشتهي طرفة. فبينما كان يشرب يوماً بين يدي عمرو بن هند أطلت أخته فشبب بها طرفة حيث قال: ألا يا ثاني الظبي الـ ... ـذي يبرق شنفاهُ (¬2) ولولا الملك القاعد ... قد الثمني فاهُ فنظر إليه عمرو بن هند نظرة غضب ويقال أنه وضعه في الأإقامة الجبرية وجعل عليه أخاه قابوس رقيباً. اتفق بعدها أن عمرو بن هند خرج يوماً للصيد فأمعن في الطلب، فانقطع في نفرٍ من أصحابه حتى أصاب طريدته فنزل وقال لأصحابه اجمعوا حطباً، وفيهم عبد عمرو بن بشر صهر طرفة. فقال لهم عمرو: أوقدوا فأوقدوا وشووا. فبينما عمرو يأكل من شوائه وعبد عمرو بن بشر يقدم إليه إذ نظر إلى خصر قميصه منخرقاً فأبصر كشحه، وكان من أحسن أهل زمانه جسماً فقال له عمرو بن هنج: يا عبد عمرو لقد أبصر طرفة كشحك حيث يقول: ولا خير فيه غير أن له غنىً ... وإن له كشحاً إذا قامَ أهضما ¬
فغضب عبد عمرو وقال: لقد قال في الملك أقبح من هذا, فقال عمرو بن هند: وما الذي قال؟ فندم عبد عمرو على الذي سبق منه وأبى أن يسمعه ما قال. فقال اسمعنيه وطرفة أمين. فأسمعه القصيدة التي يقول فيها طرفة: فليت لنا مكان الملك عمرو ... رغوثاً، حول قبتنا تخورُ (¬1) لعمرك إن قابوس بن هندٍ ... ليخلط ملكه نوك كثيرُ (¬2) فسكت عمرو على ما وقر (¬3) في نفسه وكره أن يُعجل على طرفة لمكان قومه، فلما طالت المدة ظن طرفة أنه قد رضي عنه وكان المتلمس قد هجا عمرو بن هند أيضاً. فقدما إليه فجعل يريهما المحبة ليأنسا به، فلما طال مقامهما عنده قال لهما: لعلكما اشتقتما إلى أهلكما. قالا: نعم. فكتب لهما إلى عامله بالبحرين وهجر واسمه ربيعة بن الحارث العبدي. ولقبه المعكبر فلما هبطا النجف وقيل أرضاً قريبة من الحيرة، إذ هما بشيخ معه كسرة يأكلها وهو يتبرز ويقتل القمل. فقال له المتلمس: بالله ما رأيت شيخاً أحمق منك ولا أقل عقلاً. فقال له الشيخ: وما الذي أنكرت علي؟ فقال: تتبرز وتأكل وتقتل القمل! قال: إني أُخرج خبيثاً وأدخل طيباً وأقتل عدواً. ولكن أحمق مني من يجعل حتفه بيمينه وهو لا يدري، فتنبه المتلمس فإذا هو بغلام من أهل الحيرة فقال له: يا غلام أتقرأ؟ قال: نعم. ففتح كتابه ودفعه إليه فلما نظر إليه قال: ثكلت المتلمس أمه. وإذا في الكتاب: إذا أتاك المتلمس فاقطع يديه ورجليه وادفنه حياً. فرمى المتلمس صحيفته في نهر يقال له كافر ثم تبع طرفة ليدركه وقال له: تعلم أن ما كتب فيك إلا بمثل ما كتب فيّ. فقال طرفة: إن كان قد اجترأ عليك فما كان ليجترئ علي. فهرب المتلمس إلى الشام وانطلق طرفة إلى العامل المذكور، ¬
حتى قدم عليه بالبحرين وهو بهجر (¬1)، فدفع إليه كتاب عمرو بن هند فقرأه فقال: تعلم ما فيه؟ قال: نعم أُمرتَ أن تجيزني وتُحسن إلي. فقال له العامل: إن بيني وبينك خؤولة أنا لها راع. فاهرب من ليلتك هذه فإني قد أمرت بقتلك فاخرج قبل أن تصبح ويعلم بك الناس. فقال له طرفة: اشتدت عليك جائزتي وأحببت أن أهرب وأجعل لعمرو بن هند عليّ سبيلاً، كأني أذنبت ذنباً والله لا أفعل ذلك أبداً. فلما أصبح أمر بحبسه وجاءت بكر بن وائل فقالت: قد طرفة فدعا به صاحب البحرين فقرأ عليهم كتاب الملك. قم أمر بطرفة فحبس وتكرم عن قتله، وكتب إلى عمرو بن هند أن ابعث إلى عاملك فإني غير قاتل الرجل، فبعث إليه عمرو بن هند رجلاً من بني تغلب يقال له عبد هند واستعمله على البحرين وكان رجلاً شجاعاً وأمره بقتل طرفة وقتل ربيعة بن الحارث العبدي. فقدمهما عبد هند، فقرأ عهده على أهل البحرين ولبث أياماً، واجتمعت بكر بن وائل فهمت به كوان طرفة يحضهم وانتدب له رجل من عبد القيس ثم من الحوائر يقال له أبو رشية. فقتله، فقبره معروف بهجر (¬2). فقضى كرفة ولما يكمل العقد الثالث من عمره وقد رثته أخته الخرنق بأبيات تقول فيها: عددنا له ستاً وعشرين حجةً ... فلما توفاها استوى سيداً ضخما نشير أخيراً إلى منزلة طرفة الأدبية: قال ابن قتيبة: هو أجود الشعراء قصيدة وله بعد المعلقة شعر حسن. وقال ابن سلام الجمحي في طبقات الشعراء الجاهليين والإسلاميين أنه في الطبقة ¬
الرابعة من رهط فحول الشعراء وموضعه مع الأوائل. فأما طرفة فأشعر الناس واحد وهي قوله: لخولة أطلال ببرقة ثهمد ... وقفت بها أبكي وأبكي إلى الغد ويليها: أصحوت اليوم أم شاقتك هر ... ومن الحب جنون مستقر ومن بعد له قصائد حسان جياد. وقال ابن رشيق: طرفة أفضل الناس واحدة عند العلماء وهي المعلقة. وسئل لبيد من أشعر العرب؟ فقال: الملك الضلي –يعني امرأ القيس- فسأله ثم من؟ فقال: الغلام القتيل. يعني طرفة. ثم من؟ فقال الشيخ أبو عقيل يعني نفسه. ويكفي طرفة بن العبد من الفضل ما ذكره أئمة المؤرخين والعلماء بحقه. وهو الفتى اليافع الذي أتحق خزانة الأدب بهذا التراث العظيم. مهدي محمد ناصر الدين. ماجستير في اللغة العربية وآدابها.
قافية الباء
قافية الباء كل من عليها فان [الطويل] فَكيفَ يُرجّي المرءُ دَهراً مُخلَّداً ... وأعمالُهُ عَمّا قَلِيلٍ، تُحاسِبُهْ ألم تَرَ لُقمانَ بنَ عادٍ تَتابَعتْ ... عليه النّسورُ، ثمّ غابتْ كواكبه؟ (¬1) وللصّعبِ أسبابٌ تَجُلُّ خُطوبُها ... أقامَ زماناً، ثمّ بانَتْ مَطالِبُه (¬2) إذا الصّعْبُ ذو القَرنَينِ أرخى لواءَهُ ... إلى مالكٍ ساماهُ، قامَتْ نَوادُبه (¬3) يَسيرُ بوجهِ الحَتْفِ والعَيشُ جَمعُهُ ... وتَمضي على وَجْهِ البِلادِ كَتائِبُه (¬4) ¬
أدوا الحقوق
أدوا الحقوق [الوافر] ما تَنظُرونَ بِحَقّ وَردَةَ فيكُمُ ... صَغُرَ البَنونَ، ورَهطُ وردة َ غُيّبُ (¬1) قد يَبعَثُ الأمرَ العَظِيمَ صغيرُهُ ... حتى تَظَلّ له الدّماءُ تَصَبَّبُ (¬2) والظُّلْمُ فَرّقَ بينَ حَبّيْ وَائِلٍ ... بَكْرٌ تُساقيها المَنايا تَغْلِبُ (¬3) قد يُورِدُ الظُّلْمُ المُبَيَّنُ آجناً ... مِلْحاً، يُخالَطُ بالذعافِ، ويُقشَبُ (¬4) وقِرافُ منْ لا يستفيقُ، دَعارةً ... يُعدي كما يُعدي الصّحيحَ الأجْربُ (¬5) والإثُم داءٌ, ليسَ يُرجى بُرؤُهُ ... والبِرُّ بُرءٌ، ليسَ فيه مَعْطَبُ (¬6) والصّدقُ يألَفُهُ الكريمُ، المرتجى ... والكِذبُ يألَفُهُ الدَّنئُ، الأَخيَبُ ولَقد بدا لي أَنَّه سيَغُولُني ... ما غالَ"عاداً والقُرونَ، فاشعَبوا (¬7) أدُّوا الحُقوقَ تَفِرْ لكُم أعراضُكم ... إِنّ الكريم إذا يُحَرَّبُ يَغضَبُ (¬8) ¬
قافية التاء
قافية التاء الخيل المغيرة [الكامل] ولَقد شَهِدتُ الخيلَ وَهْيَ مُغيرة ٌ ... ولَقد طَعَنْتُ مَجامِعَ الرَّبِلاتِ (¬1) رَبِلاتِ جُودٍ، تحتَ قَدٍّ بارعٍ ... حُلوِ الشّمائلِ، خِيرة ِ الهَلَكاتِ (¬2) رَبِلاتِ خَيلٍ، ما تَزالُ مُغيرةً ... يُقطِرنَ من عَلَقٍ على الثُّنَّاتِ (¬3) ¬
قافية الحاء
قافية الحاء القلب السقيم [الطويل] خَليليّ! لا واللَّهِ ما القَلبُ سالمٌ ... وإنْ ظَهَرَتْ مِنّي شَمائِلُ صاحِ (¬1) والاَّ، فما بالي, ولم أشهَد الوغى ... أبِيتُ كأنّي مُثقَلٌ بِجِرَاحِ (¬2) ¬
هل من نصيح؟
هل من نصيح؟ [الخفيف] مَن عائِدي اللَّيلَةَ أم مَن نَصيحْ ... بِتُّ بِنَصْبٍ، فَفُؤادي قَريحْ (¬1) في سَلَفٍ أرعَنَ مُنفَجرٍ ... يُقدِمُ أُولى ظُعُنٍ، كالطُّلوحْ (¬2) عالَينَ رَقماً، فاخراً لَونُهُ ... منْ عَبْقَرِيٍّ، كَنَجيعِ الذّبيحْ (¬3) وَجَامِلٍ، خَوّعَ، من نِيبِهِ ... زَجْرُ المُعَلَّى أُصُلاً، والسّفيحْ (¬4) مَوضوعُها زَولٌ، ومَرفوعُها ... كَمَرِّ صوبٍ لَجِبٍ، وسْطَ ريحْ (¬5) ¬
الليلة مثل البارحة
الليلة مثل البارحة [مخلع البسيط] يلوم أصحابه في سجنه: أَسْلَمَني قَوْمي، ولم يَغضَبوا ... لِسَوْءةٍ، حلّتْ بهمْ، فادحَهْ (¬1) كلُّ خليلٍ كُنتُ خاللتُهُ ... لا تركَ اللَّهُ له واضِحهْ (¬2) كلُّهُمُ أروَغُ من ثَعْلَبٍ ... ما أشبهَ اللّيْلَة َ بالبارحَهْ ¬
قافية الدال
قافية الدال أطلال خولة [الطويل] وهي معلقته. لِخَولةَ أطْلالٌ بِبُرقَة ِ ثَهمَدِ ... تَلوحُ كَباقي الوَشْمِ في ظاهِرِ اليَدِ (¬1) وُقوفاً بها صَحْبي عليَّ مَطِيَّهُمْ ... يَقولونَ: لا تَهْلِكْ أسىً وتَجَلّدِ (¬2) كأنَّ حُدُوجَ المالِكِيَّةِ غُدوةً ... خَلايا سَفينٍ بالنِّواصِفِ مِن دَدِ (¬3) عَدَوْليّةٌ أو مِن سَفينِ ابنِ يامنٍ ... يَجُورُ بها المَلّاحُ طَوراً ويَهْتَدي (¬4) يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيزومُها بها ... كما قَسَمَ التُّربَ المُفايِلُ باليَدِ (¬5) ¬
وفي الحيِّ أحوى يَنفُضُ المَردَ شادنٌ ... مُظاهِرُ سِمْطَيْ لُؤلُؤٍ وَزَبَرجَدِ (¬1) خَذولٌ تُراعي رَبْرَباً بِخَميلةٍ ... تَناوَلُ أطرافَ البَريرِ، وتَرتَدي (¬2) وتَبسِمُ عنْ ألمى، كأنَّ مُنَوِّراً ... تَخَلّلَ حُرَّ الرّمْلِ دِعْصٌ له نَدي (¬3) سَقَتْهُ إياةُ الشّمسِ إلَا لِثاثِهِ ... أُسِفَّ وَلم تَكْدِمْ عليه بإثِمِدِ (¬4) وَوَجْهٌ كأنَّ الشّمسَ حَلّتْ رِداءَها ... عليه، نَقِيُّ اللّونِ لمْ يَتَخَدّدِ (¬5) وإنّي لأمضي الهمّ، عند احتِضاره ... بعَوْجَاءَ مِرْقالٍ تَروحُ وتَغتَدي (¬6) أمُونٍ كألْواح الإرانِ نَصَأْتُها ... على لاحِبٍ كأنّهُ ظَهْرُ بُرْجُدِ (¬7) جَماليّةٍ وجْنَاءَ تَردي كأنّها ... سَفَنَّجَةٌ تَبري لِأزعَرَ أربَدِ (¬8) تُباري عِتاقاً ناجياتٍ، وأتبَعَتْ ... وَظيفاً وَظيفاً فَوق مَورٍ مُعبَّدِ (¬9) ¬
تَرَبَّعَتِ القُفّينِ في الشَّولِ تَرتَعي ... حَدائِقَ مَوليِّ الأسِرَّة أغْيَدِ (¬1) تَريعُ إلى صَوْتِ المُهيبِ، وتَتّقي ... بِذي خُصَلٍ، رَوعاتِ أكلَفَ مُلبِدِ (¬2) كأنّ جَنَاحَيْ مَضْرَحِيٍّ تَكَنّفَا ... حِفافَيْهِ شُكّا في العَسِيبِ بمَسرَدِ (¬3) فَطَوراً به خَلْفَ الزّميلِ، وتارةً ... على حَشَفٍ كالشَّنِّ ذاوٍ مُجَدَّدِ (¬4) لها فَخْذانِ أُكْمِلَ النّحْضُ فيهما ... كأنّهُما بابا مُنِيفٍ مُمَرَّدِ (¬5) وطَيُّ مَحالٍ كالحَنيّ خُلوفُهُ ... وأجرِنَة ٌ لُزّتْ بِدَأيٍ مُنَضَّدِ (¬6) ¬
كأنَّ كِناسَيْ ضالَةٍ يُكنَفانِها ... وأَطْرَ قِسِيٍّ تحتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدِ (¬1) لها مِرفَقانِ أفتَلانِ كأنّهَا ... تَمُرّ بِسَلْمَيْ دالجٍ مُتَشَدّدِ (¬2) كَقَنْطَرَةِ الرُّوميِّ أقسَمَ رَبُّها ... لَتُكْتَنَفَنْ حتّى تُشادَ بقَرْمَدِ (¬3) صُهابِيّةُ العُثْنُونِ مُوجَدَة ُ القَرَا ... بَعِيدةُ وَخْدِ الرِّجلِ مَوَّارَةُ اليَدِ (¬4) أُمرَّتْ يَداها فَتْلَ شَزْرٍ وأُجْنِحَتْ ... لها عَضُداها في سَقِيفٍ مُسَنَّدِ (¬5) جنوحٌ دِفاقٌ عَنْدلٌ ثم أُفرعَتْ ... لها كتِفاها في مُعالىً مُصَعَّدِ (¬6) كأنّ عُلوبَ النِّسْعِ في دَأَيَاتِها ... مَوَارِدُ مِن خَلْقَاءَ في ظَهرِ قَردَدِ (¬7) تَلاقَى، وأحياناً تَبينُ كأنّها ... بَنائِقُ غُرٌّ في قميصٍ مُقَدَّدِ (¬8) وأتْلَعُ نَهّاضٌ إذا صَعّدَتْ به ... كسُكّان بُوصِيٍّ بدجْلَةَ مُصْعِد (¬9) وجُمْجُمَةٌ مِثْلُ العَلاةِ كأنَّما ... وعَى المُلتَقَى منها إلى حَرْفِ مِبرَدِ (¬10) ¬
وخَدٌّ كقِرْطاسِ الشّآمي ومِشْفَرٌ ... كسِبْتِ اليماني، قَدُّهُ لم يُجَرَّدِ (¬1) وعَيْنَانِ كالماوَيّتَينِ استَكَنَّتَا ... بكهْفَيْ حِجاجَيْ صخرة ٍ قَلْت موردِ (¬2) طَحُورانِ عُوّارَ القذى، فتراهُما ... كمَكْحُولَتَيْ مَذعورَةٍ أُمِّ فرقد (¬3) وصادِقَتا سَمْعِ التوجُّسِ للسُّرى ... لِهَجْسٍ خَفِيٍّ أو لصَوْتٍ مُندِّد (¬4) مُؤلَّلتانِ تَعْرِفُ العِتقَ فِيهِما ... كسامِعَتَيْ شاةٍ بحَوْمَلَ مُفْرَدِ (¬5) وَأرْوَعُ نَبّاضٌ أحَذُّ مُلَمْلَمٌ، ... كمِرداة ِ صَخرٍ في صَفِيحٍ مُصَمَّدِ (¬6) وأعْلَمُ مَخروتٌ من الأنفِ مارِنٌ ... عَتيقٌ مَتى تَرجُمْ به الأرض تَزدَدِ (¬7) وإنْ شِئتُ لم تُرْقِلْ وإن شئتُ أرقَلتْ ... مَخافة َ مَلْوِيٍّ مِنَ القَدِّ مُحصَدِ (¬8) وإن شِئتُ سامى واسِطَ الكورِ رأسُها ... وعامَتْ بِضَبْعَيْها نَجاءَ الخَفَيدَدِ (¬9) على مِثلِها أمضي إذا قال صاحبي: ... ألا لَيتَني أفديكَ منها وأفْتَدي ¬
وجاشَتْ إليه النّفسُ خوفاً، وخالَهُ ... مُصاباً ولو أمسى على غَيرِ مَرصَدِ (¬1) إذا القومُ قالوا مَن فَتًى؟ خِلتُ أنّني ... عُنِيتُ فلمْ أكسَلْ ولم أتبَلّدِ (¬2) أحَلْتُ عليها بالقَطيعِ فأجذَمتْ، ... وقد خبَّ آل الأَمعَز المُتوقِّدِ (¬3) فذالَتْ كما ذالَتْ ولِيدةُ مَجْلِسٍ ... تُري ربّها أذيالَ سَحْلٍ مُمَدَّدِ (¬4) ولَستُ بِحلاّلِ التّلاعِ مخافةً ... ولكنْ متى يَسترْفِدِ القومُ أرْفِدِ (¬5) فإن تُبغِني في حُلقةِ القومِ تَلقَني ... وإنْ تَقتَنِصْني في الحوانيتِ تَصْطَدِ (¬6) متى تأتِني أُصبحكَ كأساً رَوِيّةً ... وإنْ كنتَ عنها ذا غِنًى فاغنَ وازْدَد (¬7) وإنْ يَلتَقِ الحيُّ الجميعُ تُلاقِني ... إلى ذِروةِ البَيتِ الرّفيع المُصَمَّدِ (¬8) نَداماي بِيضٌ، كالنّجُومِ، وقَينَةٌ ... تَروحُ عَلَينا بَينَ بُردٍ ومَجْسَدِ (¬9) رَحيبٌ قِطابُ الجَيبِ منها، رقيقَةٌ ... بِجَسّ النّدامى، بَضّة ُ المُتجرَّدِ (¬10) إذا نحنُ قُلنا: أسمِعِينا انبرَتْ لنا ... على رِسْلِها مَطروفَةً لم تَشَدَّدِ (¬11) ¬
إذا رَجّعَتْ في صَوتِها خِلْتَ صَوْتَها ... تَجاوُبَ أظآرٍ على رُبَعٍ رَدي (¬1) وما زال تَشرابي الخُمورَ، ولذَّتي ... وبَيعي وإنفاقي طَريفي ومُتلَدي (¬2) إلى أن تَحامَتني العَشيرةُ كلُّها ... وأُفرِدتُ إفرادَ البَعيرِ المُعَبَّدِ (¬3) رأيتُ بني غبراءَ لا يُنكِرونَني ... ولا أهلُ هَذاكَ الطِّرفِ المُمَدَّدِ (¬4) ألا أيُّهذا اللّائمي أحضُرَ الوغى ... وأن أشهدَ اللذّات، هل أنتَ مُخلِدي (¬5) فإنْ كُنْتَ لا تَسطِيع دَفْعَ مَنيَّتي ... فَدعْني أبادْرها بما مَلَكَتْ يدي (¬6) ولولا ثلاثٌ هُنّ مِنْ عِيشةِ الفتى ... وجدِّكَ لم أحْفَلْ متى قامَ عُوَّدي (¬7) فمِنهُنّ سَبْقي العاذِلاتِ بشَرْبَةٍ ... كُمَيْتٍ متى ما تُعْلَ بالماءِ تُزبِدِ (¬8) وكَرّي، إذا نادى المُضافُ، مُحَنَّباً ... كسِيدِ الغَضا نَبّهَتْهُ المُتَوَرِّدِ (¬9) وتقْصيرُ يوم الدَّجن والدَّجنُ مُعجِبٌ ... ببَهْكَنَةٍ تحتَ الطِّرَافِ المُعَمَّدِ (¬10) ¬
كأنّ البُرينَ والدّمالِيجَ عُلّقَتْ ... على عُشَرٍ، أو خِروَعٍ لم يُخَضَّدِ (¬1) كريمٌ يُرَوّي نفسه في حياتِهِ ... ستَعلمُ، ان مُتنا غداً، أيُّنا الصّدي (¬2) أرى قَبرَ نَحّامٍ بَخيلٍ بمالِهِ ... كَقَبرِ غَويٍّ في البَطَالَةِ مُفسِدِ (¬3) تَرى جُثْوَتَينِ من تُرَابٍ، عَلَيهِما ... صَفائِحُ صُمٌّ مِن صَفيحٍ مُنَضَّدِ (¬4) أرى المَوتَ يَعْتَامُ الكِرَامَ ويصْطفي ... عَقِيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشدِّدِ (¬5) أرى العَيش كَنزاً ناقِصاً كلَّ ليلةٍ ... وما تَنقُصِ الأيّامُ والدّهرُ يَنفَدِ (¬6) لَعَمْرُكَ إنَّ المَوْتَ ما أخْطَأَ الفَتى ... لَكالطِّوَلِ المُرخى وثِنياهُ باليَدِ (¬7) فما لي أراني وابنَ عمّي مالِكاً ... متى أدنُ مِنهُ يَنأ عني ويَبعُدِ (¬8) يَلومُ وما أدري عَلامَ يَلومُني ... كما لامَني في الحيّ قُرطُ بنُ مَعبَدِ (¬9) وأيْأسَني منْ كلِّ خيرٍ طَلَبْتُهُ ... كأنّا وضَعْناهُ إلى رَمْسِ مُلْحَدِ (¬10) على غير ذنبٍ قلتهُ، غيرَ أنّني ... نَشَدْتُ فلم أُغْفِلْ حَمُولة َ مَعبَدِ (¬11) ¬
وقرّبْتُ بالقُرْبى، وجَدِّكَ إنّني ... متى يَكُ أمْرٌ للنَّكِيثَةِ أشهدِ (¬1) وِإنْ أُدْعَ للجُلَّى أكُنْ من حُماتِها ... وإنْ يَأتِكَ الأعداءُ بالجَهْدِ أَجْهَدِ (¬2) وإن يَقذِفوا بالقَذع عِرْضَك أسقِهمْ ... بكأْسِ حِياضِ الموتِ قبلَ التهدُّدِ (¬3) بلا حَدَثٍ أحْدَثْتُهُ، وكَمُحْدِثٍ ... هِجائي وقَذفي بالشّكاةِ ومُطْرَدي (¬4) فلو كان مَولايَ امرءاً هو غيرَهُ ... لَفَرّجَ كَرْبي أوْ لأنْظَرَني غَدي (¬5) ولكِنّ مولايَ امْرُؤٌ هو خانِفِي ... على الشكرِ والتَّسْآلِ أو أنا مُفتَدِ (¬6) وظُلمُ ذوي القُرْبى أشَدُّ مَضَاضَةً ... على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنّدِ (¬7) فَذَرْني وخُلْقي، إنّني لَكَ شاكِرٌ ... ولو حَلّ بَيْتي نائياً عندَ ضَرْغَدِ (¬8) فلو شاءَ رَبي كنتُ قَيْسَ بنَ خالِدٍ ... ولو شاءَ ربي كنتُ عَمْرَو بنَ مَرثَدِ (¬9) فأصْبَحْتُ ذا مالٍ كثيرٍ، وزارَني ... بَنُونَ كِرَامٌ سادَةٌ لِمُسَوَّدِ (¬10) أنا الرّجُلُ الضَّرْبُ الذي تَعرِفونَهُ ... خَشاشٌ كرأسِ الحيّةِ المُتَوَقّدِ (¬11) ¬
فآلَيْتُ لا يَنْفَكُّ كَشْحي بِطَانَة ً ... لِعَضْبٍ رَقِيقِ الشَّفْرَتَينِ مُهَنَّدِ (¬1) حُسامٍ، إذا ما قُمْتُ مُنْتَصِراً به ... كَفَى العَودَ منه البدءُ، ليسَ بمِعضَدِ (¬2) أخِي ثِقَةٍ لا يَنْثَني عن ضريبةٍ ... إذا قِيلَ:"مهلاً! قال حاجِزُه:"قَدي" (¬3) إذا ابْتَدَرَ القَوْمُ السّلاحَ وَجَدْتَني ... مَنِيعاً، إذا بَلّتْ بقائِمِهِ يدي (¬4) وبَرْكٍ هُجُود قد أثارَتْ مَخَافتي ... بَوَادِيَها، أمْشي بعَضْبٍ مُجَرَّدِ (¬5) فمرّتْ كَهاةٌ ذاتُ خَيْفٍ جُلالةٌ ... عقِيلَةُ شَيْخٍ كالوبِيل يَلَنْدَدِ (¬6) يقولُ، وقد تَرّ الوَظِيفُ وساقُها: ... ألَسْتَ ترى أنْ قد أتَيْتَ بمُؤيِدِ؟ (¬7) وقال: ألا ماذا تَرَونَ بِشاربٍ ... شديدٍ علينا بَغْيُهُ، مُتَعَمِّدِ؟ (¬8) وقالَ: ذَرُوهُ إنما نَفْعُها لهُ، ... وإلاّ تَكُفّوا قاصِيَ البَرْكِ يَزْدَدِ (¬9) ¬
فظَلَّ الإماءُ يَمْتَلِلْنَ حُوَارَها ... ويُسْعَى علينا بالسّدِيفِ المُسَرْهَدِ (¬1) فإن مُتُّ فانعِنيني بما أنا أهْلُهُ ... وشُقّي عليَّ الجَيْبَ يا ابنَةَ مَعْبَدِ (¬2) ولا تَجْعَلِيني كامرىءٍ ليسَ هَمُّهُ ... كَهَمّي ولا يُغني غَنائي ومَشهَدي بطيءٍ عنِ الجُلّى، سريعٍ إلى الخَنى ... ذَلُولٍ بأجْماعِ الرّجالِ مُلهَّدِ (¬3) فلو كُنْتُ وَغْلاً في الرّجالِ لَضَرّني ... عَداوَةُ ذي الأصْحابِ والمُتَوحِّدِ (¬4) ولكِنْ نَفى عنّي الرّجالَ جَراءتي ... عليهِم وإقدامي وصِدْقي ومَحْتِدي (¬5) لَعَمْرُكَ، ما أمْري عليّ بغُمّةٍ ... نهاري, ولا لَيلي علىَّ بسَرْمَدِ (¬6) ويومَ حَبَسْتُ النّفسَ عِند عِراكِهِ ... حِفاظاً على عَوراتِهِ والتّهَدّدِ على مَوطِنٍ يخْشى الفتى عندَهُ الرّدى ... متى تَعْتَرِكْ فيه الفَرائِصُ تُرْعَدِ (¬7) وأصفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حِوارَهُ ... على النارِ واستوْدَعتُهُ كَفَّ مُجمِدِ (¬8) ستُبدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهِلاً ... ويأتِيكَ بالأخبارِ مَن لم تُزَوّدِ ويَأتِيكَ بالأخبارِ مَنْ لم تَبِعْ له ... بَتاتاً، ولم تَضْرِبْ له وقْتَ مَوعدِ (¬9) ¬
نبلاء السعي
نبلاء السعي [الخفيف] في مدح بني المنذر. ورَكوبٍ تَعزِفُ الجِنُّ به ... قبلَ هذا الجيلِ، من عَهدٍ أبَدْ (¬1) وَضِبابٍ، سَفَرَ الماءُ بها ... غَرِقَتْ أولاجُها غَيرَ السُّدَدْ (¬2) فَهْيَ مَوتى، لَعِبَ الماءُ بها، ... في غُثاءٍ، ساقَهُ السّيلُ، عُدَد (¬3) قد تَبَطّنْتُ بِطِرْفٍ هَيكَلٍ ... غَيرِ مَرباءٍ ولا جَأبٍ مُكَدّ (¬4) قَائِداً قُدّامَ حَيٍّ سَلَفُوا ... غيرَ أنكاسٍ، ولا وُغْلٍ رُفُدْ (¬5) نُبَلاءِ السّعْيِ، مِن جُرْثُومَةٍ ... تَترُكُ الدّنْيا، وتَنمي للبَعَدْ (¬6) ¬
يَزَعونَ الجَهلَ في مَجْلِسِهِمْ ... وهُمُ أنصارُ ذي الحِلمِ الصَّمَد (¬1) حُبُسٌ في المَحْلِ, حتى يُفسِحوا ... لابتِغاءِ المجدِ، أو تَركِ الفَنَد (¬2) سُمَحاءُ الفَقرِ، أجوادُ الغِنى ... سادة ُ الشِّيبِ، مَخارِيقُ المُرُد (¬3) ¬
أرى الموت
أرى الموت [الطويل] إذا أنْتَ لم تَنفَعْ بوِدّكَ قُرْبَة ... ولم تَنْكِ بالبُؤْسَى عدُوَّكَ فابْعَدِ (¬1) أرى الموتَ لا يُرعي على ذي قَرابةٍ ... وإنْ كان في الدّنْيا عزيزاً بمَقعَدِ إذا شَاءَ يوْماً قادَهُ بِزِمَامِهِ ... ومنْ يكُ في حَبْلِ المَنيّة ِ يَنْقَدِ ولا خيرَ في خيرٍ ترى الشَّرَّ دونَهُ ... ولا قائلٍ يأتِيكَ بعدَ التَّلَدُّدِ (¬2) لَعَمْرُكَ! ما الأيامُ إلاّ مُعارَةٌ ... فما اسطَعْتَ مِن مَعرُوفِها فتزَوّدِ (¬3) عنِ المرْءِ لا تَسألْ وسَلْ عن قَرينه ... فكُلُّ قَرينٍ بالمُقَارِنِ يَقْتَدي ¬
أبناء لبنة
أبناء لُبنة [الكامل] أبَني لُبَيْنَى، لَسْتُمُ بِيَدٍ ... إلّا يَداً لَيْسَتْ لَهَا عَضُدُ! (¬1) الخير خير [البسيط] الخيرُ خيرٌ، وإنْ طالَ الزّمانُ به ... والشّرُّ أخبثُ ما أوعيتَ من زادِ (¬2) ¬
قافية الراء
قافية الراء القوم الكرام [السريع] إنّي منَ القَوْمِ الذينَ، إذا ... أزِمَ الشّتَاءُ ودوخِلَتْ حُجَرُهْ (¬1) يوماً، ودونِيَتِ البُيُوتُ له ... فثَنى قُبيلَ رَبِيعِهِمْ قِرَرُهْ (¬2) رَفَعُوا المَنِيحَ، وكانَ رِزْقَهُمُ ... في المُنْقِيَاتِ, يُقِيمُهُ يَسَرُهْ (¬3) شَرْطاً قَويماً ليس يَحْبِسُهُ ... لمّا تَتَابَعَ وِجْهَةً عُسُرُه (¬4) تَلقى الجِفانَ بكُلّ صادِقَةٍ ... ثُمّتْ تُرَدَّدُ بَيْنهُمْ حِيَرُهْ (¬5) وترى الجِفانَ، لدى مجالِسِنا ... مُتَحَيَّراتٍ، بَيْنَهُمْ سُؤُرُهْ (¬6) فكأنَّها عَقْرَى لدى قُلُبٍ ... يَصْفَرُّ مِنْ أغرابِها، صَقَرُهْ (¬7) إنَّا لَنَعْلَمُ أنْ سَيُدْركُنَا ... غَيْثٌ يُصِيبُ سَوامَنا مَطَرُهْ (¬8) ¬
وإذا المُغِيرَةُ للهِياجِ، غدتْ ... بسُعارِ موتٍ، ظاهِرٍ ذُعُرُهْ (¬1) وَلّوْا، وأعْطَونا الذي سُئِلوا ... من بَعدِ مَوتٍ، ساقِطٍ أُزُرُهْ (¬2) إنَّا لنَكسوهُمْ، وإنْ كرِهُوا ... ضرْباً، يَطيرُ، خِلالَهُ، شرَرُهْ والمَجْدُ نَنْمِيه ونُتْلِدُه ... والحمدُ في الأكْفاءِ ندَّخِرُهْ (¬3) نَعْفو، كما تَعْفو الجِيادُ، على ... العِلَّاتِ، والمخذُولُ لانَذَرُهْ (¬4) إِنْ غابَ عنهُ الأَقْرَبُونَ، ولم ... يُصْبَحْ، بِرَيِّقِ مائهِ، شَجَرُهْ إنّ التّباليَ في الحياة، ولا ... يُغْني نَوائِبَ ماجِدٍ عُذَرُهْ (¬5) كُلُّ امرئٍ، فيما ألَمَّ به ... يَوْماً، يَبِينُ منَ الغِنى فُقُرُهْ (¬6) ¬
رأيت القوافي
رأيت القوافي [الطويل] أعَمْرَ بنَ هِندٍ ما ترى رَأيَ صِرمةٍ ... لها سَبَبٌ تَرعى به الماءَ والشّجَرْ؟ (¬1) وكان لها جارانِ، قابوسُ منهُما ... وعمْروٌ ولم أستَرعها الشّمسَ والقمرْ (¬2) رَأيتُ القَوافي يَتّلِجْنَ مَوالِجاً ... تَضَيَّقُ عنها أنْ تَوَلَّجَها الإبَرْ (¬3) ¬
لا نحل ولا نسير
لا نحلُّ ولا نسيرُ [الوافر] في هجاء عمرو بن هند وأخيه قابوس فليتَ لنا، مَكانَ المَلْكِ عَمْرٍو ... رَغُوثاً حَولَ قُبّتِنَا تَخورُ (¬1) مِنَ الزَّمِرَاتِ، أسْبَلَ قادِماها، ... وضَرّتُها مُرَكَّنَة ٌ دَرُورُ (¬2) يُشارِكُنا لنا رَخِلانِ فيها ... وتعلوها الكباشُ، فما تَنُورُ (¬3) لَعَمْرُكَ! إنَّ قابوسَ بنَ هِنْدٍ ... لَيَخْلِطُ مُلْكَهُ نُوكٌ كثيرُ (¬4) قَسَمْتَ الدّهْرَ في زَمَنٍ رَخيٍّ ... كذاكَ الحُكْمُ يَقْصِدُ أوْ يَجورُ (¬5) لنا يومٌ, وللكِرْوانِ يومٌ ... تَطِيرُ البائِساتُ ولا نَطِيرُ (¬6) فأمّا يَوْمُهُنّ، فيَوْمُ نَحْسٍ ... تُطَارِدُهُنّ بالحَدَبِ الصّقُورُ (¬7) وأمَّا يومُنا، فنظلُّ ركباً ... وُقوفاً، ما نَحُلُّ وما نَسِيرُ ¬
ولقد كنت عليكم عاتبا
ولقد كنت عليكم عاتباً [الرمل] أصَحَوْتَ اليَومَ أم شاقَتْكَ هِرّ ... ومِنَ الحُبّ جُنونٌ مُسْتَعِرْ (¬1) لا يَكُنْ حُبَّكِ داءً قاتِلاً ... لَيسَ هذا منكِ، ماوِيَّ، بِحُرّ (¬2) كيفَ أرجو حُبَّها، منْ بَعدِ ما ... عَلِقَ القَلْبُ بِنُصْبٍ مسْتَسِرّ (¬3) أرّق العَينَ خَيَالٌ لمْ يَقِرّ ... طافَ، والرّكْبُ بصَحْراءَ يُسُرْ (¬4) جازَتِ البِيدَ إلَى أرحُلِنا ... آخِرَ اللّيْلِ، بيَعْفُورٍ خَدِرْ (¬5) ثمّ زارَتني، وصَحْبي هُجَّعٌ ... في خَلِيطٍ، بَيْنَ بُردٍ ونَمِرْ (¬6) تَخْلِسُ الطَّرْفَ بعَيْنَيْ بَرغَزٍ ... وبخدَّي رشأٍ آدَمَ غِرّ (¬7) ¬
ولها كَشحَا مَهاةٍ مُطفلٍ ... تَقْتَري، بالرّمْلِ، أفْنانَ الزّهَرْ (¬1) وعلى المَتْنَينِ مِنها واردٌ ... حَسَنُ النَّبْتِ، أثيتٌ، مُسبَطِرّ (¬2) جابَة ُ المِدرى، لها ذُو جُدّةٍ ... تَنْفُضُ الضّالَ وأفنانَ السَّمُرْ (¬3) بَيْنَ أكنافِ خُفافٍ فاللِّوَى ... مُخرِفٌ تحنو لِرَخصِ الظِّلفِ حُرّ (¬4) تَحسِبُ الطَّرفَ عَليها نَجدةٌ ... يا لَقَوْمي للشّبابِ المُسبَكِرّ! (¬5) حَيثُما قاظُوا بنَجْدٍ، وشتَوْا ... حَولَ ذاتِ الحاذِ مِن ثِنْيَيْ وُقُرْ (¬6) فَلَهُ منها، على أحيانها ... صَفْوَةُ الرّاحِ بمَلْذوذٍ، خَصِرْ (¬7) إنْ تُنَوِّلْهُ، فقدْ تمنَعُهُ ... وتُريهِ النَّجْمَ يَجري بالظُّهُر (¬8) ظَلّ في عَسْكَرَةٍ من حُبّهَا ... ونَأتْ، شَحطَ مَزارِ المُدّكِر (¬9) فَلئِنْ شَطّتْ نَواهَا، مَرّةً ... لَعَلى عَهْدِ حَبيبٍ مُعتَكِرْ (¬10) ¬
بادِنٌ، تَجلُو، إذا ما ابْتَسَمَتْ ... عَن شَتِيتٍ، كأقاحِ الرّمْلِ، غُرّ (¬1) بدّلتهُ الشّمسُ من مَنْبَتِهِ ... بَرَداً أبيَضَ, مَصْقولَ الأُشُرْ (¬2) وإذا تَضْحَكُ تُبْدي حَبباً ... كَرُضَابِ المِسْكِ بالماءِ الخَصِرْ (¬3) صادَفَتْهُ حَرجَفٌ في تَلعَةٍ ... فَسَجَا وَسطَ بَلاطٍ مُسبَطِرّ (¬4) وإذا قامَتْ تَداعَى قاصِفٌ ... مالَ مِنْ أعلى كثيبٍ مُنقَعِرْ (¬5) تَطرُدُ القُرَّ بحرٍّ صادِقٍ ... وعَكِيكَ القَيظِ، إن جاءَ، بقُرّ (¬6) لا تلُمْني! إنّها من نِسْوَةٍ ... رُقَّدِ الصّيْفِ، مَقالِيتٍ، نُزُرْ (¬7) كَبَنَاتِ المَخْرِ يَمْأدنَ، كما ... أنْبَتَ الصّيْفُ عَساليجَ الخُضَرْ (¬8) فَجَعوني، يوْمَ زمّوا عِيرَهُمْ ... برَخِيمِ الصَّوْتِ، ملثومٍ، عَطِرْ (¬9) ¬
وإذا تَلْسُنُني ألسُنُهَا ... أنّني لَستُ بمَوْهونٍ فَقِرْ (¬1) لا كَبيٌر دالِفٌ مِنْ هَرَمٍ ... أرهَبُ الليلَ، ولا كَلَّ الظُّفُر (¬2) وبلادٍ زَعِلٍ ظِلْمَانُها ... كالمَخاضِ الجُرْبِ في اليَوْمِ الخَدِر (¬3) قد تَبَطّنْتُ، وتَحتي جَسرَةٌ ... تَتّقي الأرضَ بمَلثومٍ مَعِرْ (¬4) فتَرى المَروَ، إذا ما هَجّرَتْ ... عن يَديها، كالفَراشِ المُشفِتَرْ (¬5) ذاكَ عَصْرٌ، وعَداني أنّني ... نابني، العامَ، خُطوبٌ غيُر سِرّ (¬6) مِنْ أُمورٍ حَدَثَتْ أمثالُها ... تَبتَري عُودَ القَويّ، المُستَمِرّ (¬7) وتَشَكّى النّفْسُ ما صابَ بها ... فاصبري، إنَّكِ من قَوْمٍ صُبُرْ (¬8) إنْ نُصادِفْ مُنْفِساً لا تُلْفِنا ... فُرُحَ الخيرِ، ولا نَكبو لِضُرّ (¬9) أُسْدُ غابٍ، فإذا ما فَزعوا ... غَيرُ أنكاسٍ ولا هوجٍ، هُذُرْ (¬10) وليَ الأصلُ، الذي في مِثلِهِ ... يُصْلِحُ الآبِرُ زَرعَ المؤتَبِرْ (¬11) طَيِّبو الباءَةِ، سَهلٌ، وَلَهُمْ ... سُبُلٌ إنْ شِئْتَ في وحشٍ وعِرْ (¬12) ¬
وهُمُ ما همْ، إذا ما لَبِسُوا ... نَسْجَ داوُدَ لِبأسٍ مُحتَضِرْ (¬1) وتَساقَى القَوْمُ كأساً مُرّةً ... وعَلا الخَيْلَ دِماءٌ كالشَّقِرْ (¬2) ثمّ زادوا أنّهُمْ، في قَوْمِهِمْ ... غُفُرٌ ذنَبهُمُ، غَيرُ فُخُرْ (¬3) لا تَعِزُّ الخَمْرُ، إن طافوا بها ... بِسِباءِ الشّوْلِ، والكُومِ البُكُرْ (¬4) فإذا ما شَربوها وانتَشوا ... وهَبوا كُلَّ أمونٍ وطِمِرْ (¬5) ثمّ راحوا عَبَقُ المِسكِ بهِمْ ... يُلحِفونَ الأرضَ هُدّابَ الأُزُرْ (¬6) ورِثوا السّؤْدُدَ عن آبائِهِمْ ... ثمّ سَادُوا سُؤدُداً، غَيرَ زَمِرْ (¬7) نحنُ في المَشتاةِ ندعوا الجَفَلى ... لا تَرَى الآدِبَ فينَا يَنْتَقِرْ (¬8) حينَ قالَ النّاسُ، في مجلسِهِمْ: ... أقُتارٌ ذاكَ أمْ ريحٌ قُطُرْ (¬9) بجِفانٍ، تَعْتَري ناديَنا ... منْ سديفٍ، حيَن هاجَ الصِّنَّبِرْ (¬10) كالجَوابي، لا تَني مُتْرَعَةً ... لقِرَى الأضيافِ، أو للمُحتضِرْ (¬11) ¬
ثمّ لا يحُزُن فينا لَحمُها ... إنّما يَحْزُنُ لَحْمُ المُدّخِرْ (¬1) ولَقَدْ تَعْلَمُ بَكْرٌ أنّنَا ... آفةُ الجُزْرِ مَساميحٌ، يُسُرْ (¬2) ولَقَدْ تَعْلَمُ بَكْرٌ أنّنَا ... واضِحُوا الأوجُهِ، في الأزمَةِ، غُرّ (¬3) ولَقَدْ تَعْلَمُ بَكْرٌ أنّنا ... فاضِلُوا الرّأي، وفي الرّوعِ وُقُرْ (¬4) ولَقَد تَعْلَمُ بَكْرٌ أنّنَا ... صادقُو البأسِ وفي المَحفِلِ غُرّ (¬5) يَكشِفونَ الضُّرَّ عن ذي ضُرّهمْ ... ويُبِرّون على الآبي المُبِرّ (¬6) فُضُلٌ أحْلامُهُمْ عَنْ جَارِهِمْ ... رُحُب الأذرُعِ، بالخَيْرِ أُمُرْ (¬7) ذُلُقٌ في غارَةٍ مَسْفُوحَةٍ ... ولدى البأسِ حُماةٌ ما نَفِرّ (¬8) نُمْسِكُ الخيْلَ على مَكروهِها ... حِينَ لا يُمْسِكُهَا إلّا الصُّبُرْ (¬9) حينَ نادى الحيُّ، لمّا فَزعوا ... ودَعا الدّاعي، وقد لَجّ الذُّعُرْ (¬10) أيْهَا الفِتْيَانُ في مجْلِسِنَا ... جَرِّدوا مِنْها وِرَاداً وَشُقُر (¬11) أعوجِيّاتٍ، طِوالاً، شُزَّباً ... دُوخِلَ الصّنْعَة ُ فيها والضُّمُر (¬12) ¬
مِن يَعابِيبَ ذُكورٍ، وُقُحٍ ... وهِضَبّاتٍ، إذا ابتَلّ العُذُرْ (¬1) جافلاتٍ، فَوقَ عُوجٍ عُجُلٍ ... رُكّبَتْ فيها مَلاطِيسُ سُمُرْ (¬2) وَأنَافَتْ بِهَوَادٍ تُلُعٍ ... كَجُذُوعٍ شُذّبَتْ عنها القِشَرْ (¬3) عَلَتِ الأيْدي بأجْوازٍ لَها ... رُحُبَ الأجْوافِ، ما إنْ تَنبَهِرْ (¬4) فهي تَردي، فإذا ما ألهَبَتْ ... طارَ، من إِحْمائِهَا، شَدُّ الأُزُرْ (¬5) كائراتٍ، وتَراها تَنْتَحِي ... مُسْلَحِبّاتٍ، إذا جَدّ الحُضُرْ (¬6) ذُلُقُ الغارَة ِ، في إفْزَاعِهِمْ ... كَرِعَالِ الطَّيرِ، أسراباً تَمُرّ (¬7) نَذَرُ الأبطَالَ صَرعى بَينها ... ما يَني مِنهُمْ كَمِيُّ مُنْعَفِرْ (¬8) فَفِداءٌ، لِبَني قَيْسٍ، على ... ما أصَابَ النّاسَ من سُرٍّ وضُرّ (¬9) خالَتي والنّفْسُ، قِدْماً، أنهم ... نَعِمَ السّاعونَ في القَوْمِ الشُّطُرْ (¬10) وهُمُ أيْسارُ لُقْمَانٍ، إذا ... أغلَتِ الشّتْوَةُ أبداءَ الجُزُرْ (¬11) ¬
لا يُلِحُّونَ عَلى غَارِمِهِمْ ... وعلى الأيْسارِ تَيْسِيرُ العَسِرْ (¬1) كنْتُ فِيكُمْ كالمُغطّي رأسَهُ ... فانجَلى اليَوْمَ قِناعي وَخُمُرْ (¬2) وَلَقَد كنتُ، عليكُمْ، عاتِباً ... فَعَقَبْتُمْ بِذَنُوبٍ غَيرِ مُرّ (¬3) سادِراً، أحسَبُ غيّي رَشَداً ... فتناهَيْتُ، وقد صابَتْ بِقُرّ (¬4) ¬
أرانب قي ثياب الملوك
أرانبٌ قي ثياب الملوك [الطويل] مِنَ الشّرِّ والتّبريحِ أوْلادُ مَعشَرٍ ... كثيرٍ ولا يُعْطونَ في حادِثٍ بَكْرا (¬1) همُ حَرْمَلٌ أعْيَا على كُلّ آكِلٍ ... مُبِيرٌ، ولو أمْسى سَوَامُهُمُ دَثْرَا (¬2) جَمادٌ بها البَسْباسُ تَرْهُصُ مَعْزُهَا ... بَناتِ اللّبُونِ والسَّلاقمةَ الحُمرا (¬3) فما ذنبُنا في أنْ أداءَتْ خُصَاكُمُ ... وأن كنتُمُ في قَوْمِكُمُ مَعشراً أُدْرَا (¬4) اذا جَلَسُوا خَيّلْتَ تحتَ ثِيابِهِمْ ... خَرَانِقَ تُوفي بالضَّغيبِ لها نَذرا (¬5) ¬
أبا كَرِبٍ! أبْلِغْ لَدَيْكَ رِسالَتي ... أبا جابِرٍ عَني، ولا تَدَعَنْ عَمْرا هُمُ سَوّدوا رَهْواً تَزَوّدَ في اسْتِهِ ... منَ الماءِ، خالَ الطَّيرَ واردةً عَشْرا (¬1) ¬
خالط الناس
خالط الناس [الرمل] خالطِ النَّاسَ بخُلْقٍ واسِعٍ ... لا تكُنْ كلباً، على الناس، تَهِرّ لا بدّ يوماً أن تصادي [الرجز] يا لكِ مِنْ قُبّرَة ٍ بمَعْمَرِ ... خلا لكِ الجوّ، فبِيضي واصْفِري (¬1) قد رُفِعَ الفَخُّ، فماذا تَحْذَري؟ ... ونقّري ما شِئتِ أن تُنقّري قد ذَهَبَ الصّيّادُ عنكِ، فابشِري، ... لا بدّ يوماً أن تُصادي، فاصبري ¬
قافية الصاد
قافية الصاد لا توصِ حكيماً [لمتقارب] إذا كنتَ, في حاجةٍ، مُرْسِلاً ... فأرْسِلْ حَكِيماً، ولا تُوصِهِ وإنْ ناصِحٌ منكَ، يوماً، دنَا ... فلا تَنْأَ عنه، ولاتُقْصهِ (¬1) وإنْ بابُ أمرٍ، عليكَ التَوَى ... فشاوِرْ لبيباً، ولاتَعْصِهِ (¬2) وذو الحقّ لا تَنْتَقِصْ حَقَّهُ ... فإنَّ القَطِيعَةَ في نَقْصِهِ ولا تَذكُرِ الدّهْرَ، في مجْلِسٍ ... حَديثاً, إذا أنتَ لم تُحْصِهِ (¬3) ونُصَّ الحديثَ إلى أهلِهِ ... فإنّ الوثيقَةَ في نَصّهِ ولاتَحْرِصَنّ، فرُبَّ امرئٍ ... حَريصٍ، مُضاعٍ على حِرصِهِ وكم مِن فَتىً، ساقِطٍ عَقْلُهُ ... وقد يُعْجَبُ الناسُ من شَخْصِهِ وآخَرَ تَحْسَبُهُ أنْوَكاً ... ويأتِيكَ بالأمرِ مِنْ فَصّهِ (¬4) لبِسْتُ اللّيالي، فأفْنَيْنَني ... وسَرْبَلَني الدّهرُ في قُمْصِهِ (¬5) ¬
قافية الضاد
قافية الضاد خذو حذركم [الطويل] ألَا اعْتَزِليْني اليومَ يا خَوْلَ أوْغِضِي ... فقد نَزَلَتْ حدباءُ مُحْكَمةُ العضِّ أبا مُنْذِرٍ! كانتْ غَرُوراً صَحِيفتي ... ولم أُعطِكُمْ بالطوْعِ مالي ولا عِرْضي (¬1) أبا منذرٍ! أفنَيْتَ فاستبْقِ بعضَنا ... حنانَيْكَ! بعضُ الشرّ أهوَن من بعضِ (¬2) فأقْسَمْتُ عند النُّصبِ: إني لهالكٌ ... بمُلتَفّةٍ، ليست بغَبْطٍ ولا خَفضِ (¬3) خُذوا حِذرَكمْ أهلَ المُشَقَّرِ والصّفا ... عبيدَ اسْبذٍ والقرْض يُجزى من القرضِ (¬4) ستَصْبَحُك الغَلْباءُ تَغْلِبُ، غارةً ... هنالكَ لا يُنجيك عَرْضٌ من العَرْضِ (¬5) وتُلبِسُ قوماً، بالمُشقَّرِ والصَّفا ... شآبيبَ موتٍ، تَسْتهِلُّ ولاتُغضي (¬6) ¬
تَمِيلُ على العَبْديّ في جوّ دارِهِ ... وعوْفَ بنَ سعدٍ تختَرِمه عن المحضِ (¬1) هُما أورداني الموت عمْداً وجَرّدا ... على الغَدرِ خَيلاً ما تَمَلّ من الركضِ (¬2) ¬
قافية الفاء
قافية الفاء حماة الحي [الطويل] وإنّا، إذا ما الغَيْمُ أمسى كأنّهُ ... سماحيقُ ثَرْبٍ وهي حمراء حَرجَفُ (¬1) وجاءَتْ بصُرّادٍ، كأنّ صَقيعَهُ ... خِلالَ البُيوتِ والمنازِلِ, كُرْسُفُ (¬2) وجاءَ قَريعُ الشّوْلِ يَرقصُ قبلَهَا ... إلى الدّفءِ، والرّاعي لها مُتحرِّفُ (¬3) نَرُدّ العِشارَ، المُنْقِياتِ شَظِيُّها ... إلى الحيّ، حتى يُمرِعَ المُتصيَّفُ (¬4) تَبِيتُ إمَاءُ الحيّ تَطْهى قُدورَنا ... ويأْوي إِلينا الأشْعَثُ المُتَجرِّفُ (¬5) ونحنُ، إذا ما الخيْلُ زَايَلَ بَيْنَها ... من الطّعنِ، نشّاجٌ مُخِلٌّ ومُزْعِفُ (¬6) وجالتْ عَذارى الحيّ شتّى، كأنّها ... تَوالي صُوارٍ، والأسِنّة ُ تَرْعَفُ (¬7) ¬
ولم يَحْمِ أهلَ الحيّ، إلاّ ابنُ حُرّةٍ ... وعَمَّ الدّعاءَ المُرْهَقُ المُتلهِّفُ (¬1) ففئْنا, غَداةَ الغِبِّ، كلَّ نقيذةٍ ... ومنَّا الكمِيُّ الصَّابِرُ المُتعَرِّفُ (¬2) وكارِهَةٍ، قد طَلّقَتْها رِماحُنا ... وأنْقَذْنَها، والعَينُ بالماءِ تَذرِفُ (¬3) تَرُدّ النّحيبَ في حَيازيمِ غُصّةٍ ... على بَطَلٍ، غادَرْنَهُ وهو مُزعَفُ (¬4) ¬
قافية القاف
قافية القاف انعَ نفسك [المتقارب] وَنَفْسَكَ فَانْعَ، وَلاتنعَني ... وداوِ الكُلُومَ، ولا تُبرِقِ (¬1) شر الناس من سرق [البسيط] ولا أُغِيرُ على الاشعارِ أسْرِقُها ... عنها غَنِيتُ، وشرُّ الناسِ مَن سرَقا وإنَّ أحسنَ بَيْتٍ أنْتَ قائِلُهُ ... بَيْتٌ يُقالُ، إذا إنْشَدتَهُ، صَدَقا ¬
قافية الكاف
قافية الكاف فلم ترَ عيني مثل سعد بن مالك [الطويل] في مدح سعد بن مالك. قِفي، وَدّعِينا اليوْمَ يا ابنةَ مالكِ ... وعُوجي علَينا مِن صُدورِ جِمالِكِ (¬1) قفي، لا يكُنْ هذا تَعِلّةَ وَصلِنا ... لِبَينٍ، ولا ذا حَظّنا من نَوالِكِ (¬2) أُخَبّرْكِ أنّ الحَيّ فَرّقَ بَيْنَهُمْ ... نَوَى غُربَةٍ ضَرَّارةٍ لي كذلكِ (¬3) ولمْ يُنْسِني ما قدْ لَقِيتُ، وشفّني ... مِنَ الوَجْدِ، أنّي غيرُ ناسٍ لِقاءَكِ (¬4) وما دُونَهَا إلّا ثلاتٌ مَآوِبٌ ... قُدِرْنَ لِعيسٍ، مُسنِفاتِ الحَوَارِكِ (¬5) ولاغَرْوَ إلّا جارَتي وسُؤالُها: ... ألا هَلْ لنا أهلٌ؟ سُئِلتِ كَذلِكِ تُعيِّرُ سَيري في البلادِ ورِحلَتي ... ألا رُبّ دارٍ لي سوى حُرّ دارِكِ (¬6) ولَيسَ امرُؤُ أفنى الشّبابَ مجاوراً ... سِوى حَيِّهِ، إلا كآخَرَ هالِكِ ألا رُبَّ يومٍ، لو سَقِمْتُ لعَادَني ... نِساءٌ كِرَامٌ مِنْ حُيَيٍّ ومالِكِ (¬7) ¬
ظَلِلتُ بِذي الأرطى فُوَيقَ مُثقَّبٍ ... ببيئةِ سَوءٍ هالِكاً أو كَهَالِكِ (¬1) ومِنْ عامِرٍ بِيضٌ, كأنَّ وجُوهَهَا ... مَصابِيحُ لاحَتْ في دُجًى مُتحالكِ (¬2) تَرُدُّ عليّ الرّيحُ ثَوبيَ، قاعِداً ... إلى صَدَفيٍّ، كالحَنِيّة ِ بارِكِ (¬3) رأيتُ سُعُوداً منْ شُعوبٍ كثيرةٍ ... فلمْ تَرَ عَيني مِثلَ سَعدِ بنِ مالِكِ (¬4) أبَرَّ وأوفى ذِمّةً يَعقِدونها ... وخَيراً، إذا ساوَى الذُّرَى بالحَوارِكِ (¬5) وأنمى إلى مَجدٍ تَليدٍ وسُورةٍ ... تكونُ تُراثاً، عندَ حَيٍّ، لهالِكِ (¬6) أبي أنزَلَ الجبَّارَ عاملُّ رمحِهِ ... عن السرْج، حتى خرّ بين السّنابكِ (¬7) وسَيفي حُسامٌ، أختلي بذُبابهِ ... قَوانِسَ بِيضِ الدّارِعينَ الدّواركِ (¬8) ¬
قافية اللام
قافية اللام إذا جاء الذي لا بد منه [الطويل] لِخَولَة َ بالأجْزَاعِ من إضَمٍ طَلَلْ ... وبالسّفْحِ مِنْ قَوٍّ مُقامٌ وَمُحتمَلْ (¬1) تَرَبّعُهُ مِرْباعُهَا ومَصِيفُها ... مِياهٌ، مِنَ الأشرافِ، يُرمى بها الحجلْ (¬2) فلا زالَ غَيثٌ مِن رَبيعٍ وصَيّفٍ ... على دارِها، حيثُ استقرّتْ، له زَجَلْ (¬3) مَرَتْهُ الجَنوبُ ثمَّ هَبَتْ له الصَّبا ... إذا مسَّ، منها مَسْكناً، عُدمُلٌ نَزَلْ (¬4) كأنّ الخلايا فيه ضَلّتْ رِباعُها ... وعُوذاً، إذا ما هَدَّهُ رَعدُه احتفَلْ (¬5) لها كَبِدٌ مَلساءُ ذاتُ أسرّةٍ ... وكشحانِ لم ينْقُض طِواءَهما الحَبَلْ (¬6) إذا قلتُ: هل يَسلو اللُّبانَةَ عاشِقٌ ... تَمُرُّ شؤونُ الحبّ من خولَة َ الأوَلْ (¬7) ¬
وما زادَكَ الشّكوى الى مُتَنَكِّرٍ ... تَظَلُّ بهِ تبكي, وليس به مَظَلّ (¬1) متى تَرَ يوْماً عَرْصَةً منْ دِيارِهَا ... ولو فَرْطَ حَوْلٍ, تَسجُمُ العينُ أو تُهَل (¬2) فقُلْ لِخَيالِ الحنْظَلِيّةِ يَنقَلِبْ ... إليها، فإني واصِلٌ حبلَ مَن وَصَلْ (¬3) ألا إنما أبْكي ليومٍ لقِيتُهُ ... بجُرْثُمَ, قاسٍ, كلُّ ما بَعدَهُ جَلَلْ (¬4) إذا جاء ما لا بُدّ منهُ، فَمَرْحَباً ... به حينَ يَأتي لا كِذابٌ ولا عِلَل ألا إنَّني شرِبْتُ أسْوَدَ حالِكاً ... ألا بَجَلي منَ الشّرَابِ ألا بَجَلْ (¬5) فلا أعْرِفَنّي, إنْ نَشَدْتُكَ ذِمّتي ... كدَاع هَديلٍ لا يُجابُ ولا يَمَلُّ (¬6) ¬
أتعرف رسم الدار
أتعرف رسم الدار [الطويل] أتعْرِفُ رسمَ الدارِ قَفْراً مَنازِلُهْ ... كجَفْنِ اليمانِ زَخرَفَ الوشيَ ماثلُهْ (¬1) بتثلِيثَ أوْ نَجْرَانَ أوْ حيثُ تَلتقي ... مِنَ النّجْدِ في قِيعانِ جأشٍ مسائلُهْ (¬2) دِيارٌ لِسلْمى إذ تصِيدُكَ بالمُنى ... واذ حبلُ سلمى منكَ دانٍ توَاصُلُهْ وإذ هيَ مثلُ الرّئمِ، صِيدَ غزالُها ... لها نظرٌ ساجٍ اليكَ, تُوَاغِلُهْ (¬3) غَنِينا، وما نخشى التّفرّقَ حِقبَةً ... كِلانا غَريرٌ، ناعِمُ العيش باجِلُهْ (¬4) لَيَاليَ أقْتادُ الصِّبا ويَقُودُني ... يَجُولُ بنَا رَيْعانُهُ ويُحاوِلُهْ (¬5) سَما لكَ من سلْمى خَيالٌ ودونَها ... سَوَادُ كَثِيبٍ، عَرْضُهُ فأمايِلُهْ (¬6) فذُو النّيرِ فالأعلامُ من جانبِ الحِمى ... وقُفٌّ كظَهْرِ التُّرْسِ تجري أساجلهْ (¬7) ¬
وأنَّى اهْتَدَتْ سلمى وسَائلَ, بينَنا ... بَشاشَةُ حُبٍّ، باشرَ القلبَ داخِلُهْ (¬1) وكم دُونَ سَلمى من عَدُوٍّ وبلدةٍ ... يَحارُ بها الهادي، الخفيفُ ذلاذلُه (¬2) يَظَلُّ بها عَيرُ الفَلاةِ، كأنّهُ ... رقيبٌ يُخافي شَخْصَهُ ويُضائلُهْ (¬3) وما خِلْتُ سلمى قبلَها ذاتَ رِجلةٍ ... إذا قَسْوَرِيُّ الليلِ جِيبَتْ سَرَابلُهْ (¬4) وقد ذَهَبَتْ سلمى بعَقْلِكَ كُلَّهِ ... فهَلْ غيرُ صَيدٍ أحْرَزَتْهُ حَبائِلُه كما أحْرَزَتْ أسْماءُ قلبَ مُرَقِّشٍ ... بحُبٍّ كلمْعِ البَرْقِ لاحتْ مَخايله (¬5) وأنْكَحَ أسْماءَ المُرَاديَّ، يَبْتَغي ... بذلكَ, عَوْفٌ أن تُصابَ مَقاتِلُه (¬6) فلمَّا رأَى أنْ لا قَرارَ يُقِرُّهُ ... وأنّ هَوَى أسْماءَ لابُدّ قاِتلُه تَرَحّلَ مِنْ أرْضِ العرَاقِ مُرَقِّشٌ ... على طَرَبٍ، تَهْوي سِراعاً رواحِلُه (¬7) إلى السّرْوِ، أرضٌ ساقه نحوها الهوى ... ولم يَدْرِ أنَّ الموْتَ بالسّرْوِ غائلهْ (¬8) فغودِرَ بالفَرْدَين: أرضٍ نَطِيّةٍ ... مَسيرَةِ شهْرٍ، دائبٍ لا يُوَاكِله (¬9) فيا لكَ من ذي حاجةٍ حيلَ دونَها ... وما كلُّ ما يَهوَى امرُؤٌ هو نائِلُه فوجدي بسلمى مثلُ وَجْدِ مُرَقِّشٍ ... بأسْماءَ، إذ لا تَستفيقُ عَواذِله (¬10) ¬
قضى نَحْبَهُ، وَجداً عليها مُرَقِّشٌ ... وعُلّقْتُ مِنْ سَلمى خَبالاً أُماطله (¬1) لعمري، لموْتٌ لا عقُوبَة، بَعْدَهُ ... لذي البثِّ أشْفى من هوىً لا يزَايِله (¬2) ¬
العبد الذليل
العبد الذليل [الطويل] في هجاء عبد عمرو بن بشر لهِندٍ، بِحِزّانِ الشّريفِ, طُلولُ ... تَلوحُ، وأدنى عهدِهِنّ مُحِيلُ (¬1) وبالسّفْحِ آياتٌ، كأنّ رُسومَها ... يَمان، وَشَتْهُ رَيدَةٌ وسَحُولُ (¬2) أرَبَّتْ بهَا نَآجَةٌ تَزْدَهي الحَصى ... وأسْحَمُ وكّافُ العَشيِّ هَطولُ (¬3) فَغَيّرْنَ آياتِ الدّيارِ، مع البِلى ... ولَيْسَ على رَيْبِ الزّمانِ كَفيلُ (¬4) بِما قد أَرى الحَيَّ الجَميعَ بغِبطةٍ ... إذا الحَيُّ حيٌّ، والحُلولُ حُلولُ (¬5) ألا أبلغا عَبْدَ الضّلالِ رِسَالةً ... وقد يُبلِغُ الأنْباءَ عَنكَ رَسولُ (¬6) دَبَبْتَ بِسرّي بعدَما قد عَلِمتَه ... وأنتَ بأسرَارِ الكرامِ, نسولُ (¬7) ¬
وكيفَ تَضِلُّ القَصْدَ والحَقُّ واضحٌ ... وللحَقّ, بينَ الصَّالحينَ, سَبيلُ (¬1) وفَرّقَ عن بَيْتَيْكَ سعدَ بنَ مالكٍ ... وعَوفاً, وعَمراً, ما تَشي وتقولُ (¬2) فأنتَ، على الأدنى، شَمالٌ عَرِيّةٌ ... شَآميّةٌ، تَزْوي الوُجوهَ، بَلِيلُ (¬3) وأنتَ على الأقصى صباً غيرُ قَرَّة ٍ ... تَذاءَبَ منها مُرْزِغٌ ومُسيلُ (¬4) وأنتَ امرُؤٌ منّا، ولَستَ بخَيرِنا ... جَوَادَاً على الَأقصى, وأنتَ بخيلُ فأصْبَحْتَ فَقْعاً نابتاً بقَرارَةٍ ... تَصَوَّحُ عنهُ, والذَّليلُ ذليلْ (¬5) وأعلمُ عِلماً ليسَ بالظنِّ أنَّهُ ... إذا ذَلّ مَولى المَرْءِ فهْوَ ذَليلُ (¬6) وإنّ لِسانَ المَرْء ما لم تَكُنْ لَهُ ... حَصاةٌ، على عَوْراتِهِ لَدَلِيلُ (¬7) وإنّ امرأً لم يعْفُ، يوْماً، فُكاهةً ... لمَنْ لمْ يُرِدْ سُوءاً بها, لَجَهُولُ (¬8) تَعَارَفُ أرواحُ الرّجالِ إذا التَقَوا ... فَمنْهُمْ عدُوٌّ يُتّقَى وخليلُ (¬9) ¬
قافية الميم
قافية الميم الموت حق [الكامل] وتَقولُ عاذِلَتي، ولَيسَ لها ... بِغَدٍ ولا ما بَعْدَهُ، عِلْمُ (¬1) إنّ الثّرَاءَ هوَ الخُلودُ، وإنّ ... المَرْءَ يُكرِبُ يَوْمَهُ العُدْمُ (¬2) ولَئِنْ بَنَيْتُ إلى المُشَقَّرِ في ... هَضْبٍ تُقَصِّر دونَهُ العُصْمُ (¬3) لَتُنَقّبَنْ عَنّي المَنِيّةُ، إنّ ... اللَّهَ لَيْسَ لِحُكْمِهِ حُكْمُ (¬4) ¬
يا عجبا
يا عَجَباً [الطويل] يا عَجَباً من عبدِ عَمرٍو وبَغْيِهِ ... لَقد رَامَ ظُلْمي عَبدُ عَمرٍو فأنعما (¬1) ولا خَيرَ, فيه غَيرَ أنّ لهُ غِنىً ... وأنّ لهُ كَشحاً، إذا قامَ، أهضما (¬2) يَظَلُّ نساءُ الحيّ يَعْكُفنَ حَولَه ... يَقُلنَ: عَسيبٌ منْ سرَارَة ِ مَلْهما (¬3) لَهُ شَرْبَتانِ بالنّهارِ، وأرْبَعٌ ... منَ اللّيلِ, حتى آضَ سُخْداً مُوَرَّما (¬4) ويَشرَبُ حتى يَغمُرَ المَحضُ قَلبَهُ ... وإن أُعْطَهُ أترُكْ لِقَلبيَ مَجثَما (¬5) كأنّ السّلاحَ فوْقَ شُعبَةِ بانَةٍ ... تَرى نَفَخاً وَرْدَ الأسِرّةِ أسحَما (¬6) ¬
إن تعيدوها نعد لكم
إن تعيدوها نعدْ لكم [المديد] أشَجَاكَ الرَّبْعُ أمْ قِدَمُهْ ... أمْ رَمَادٌ، دارِسٌ حُمَمُهْ (¬1) كسُطُورِ الرّقّ، رَقّشَهُ، ... بالضّحَى، مُرَقِّشٌ يَشِمُهْ (¬2) لَعِبَتْ، بعْدي، السّيولُ به ... وجرى، في رَيّقٍ، رِهَمُهْ (¬3) جَعَلَتْهُ حَمَّ كَلْكَلِهَا ... لربيعٍ، دِيمَة ٌ تَثِمُهْ (¬4) فالكَثِيبٌ مُعْشِبٌ، أُنُفٌ ... فَتَنَاهِيِه، فَمُرْتَكَمُهْ (¬5) حابسي رَسْمٌ وقَفْتُ بِهِ ... لو أُطِيعُ النّفْس لم أرِمُهْ (¬6) لا أرى إلّا النَّعامَ به ... كالإماءِ أشْرَفَتْ حُزَمُهْ (¬7) ¬
تَذكُرُونَ، إذ نُقاتِلُكُمْ ... لا يَضُرُّ مُعْدِماً عَدَمُهْ (¬1) أنتُمُ نَخْلٌ نُطيفُ به ... فإذا ما جُزّ نَصْطَرِمُهْ (¬2) وعذارِيكُمْ مُقَلِّصَة ٌ ... في ذَعاعِ النّخْلِ, تَجْتَرِمُهْ (¬3) عُجُزٌ، شُمْطٌ، مَعاً، لكُمُ ... تَصْطَلي نِيرانَهُ خَدَمُهْ (¬4) خَيرُ ما تَرْعَوْنَ مِنْ شَجَرٍ ... يابِسُ الطَّحْمَاءِ، أو سَحَمُهْ (¬5) فَسَعَى الغَلّاقُ, بَينهُمُ ... سَعْيَ خَبٍّ، كاذبٍ شِيَمُهْ (¬6) أخذَ الأزلامَ، مُقْتَسِماً ... فأتى أغْوَاهُمَا زُلَمُهْ (¬7) والقَرَارُ, بَطْنُهُ غَدَقٌ ... زَيّنَتْ جَلْهَاتِهِ أكَمُهْ (¬8) ففَعَلْنَا ذَلِكُمْ, زَمَناً ... ثمّ دانى, بينَنا, حَكَمُهْ إنْ تُعِيدُوهَا نُعِدْ لكُمُ ... مِنْ هِجاءٍ، سائِرٍ كَلِمُهْ وقِتَالٍ، لا يُغِبُّكُمُ ... في جَمِيعٍ، جَحفَلٍ لَهِمُهْ (¬9) ¬
رِزُّهُ: قَدِّمْ وَهَبْ وَهَلا ... ذي زُهاءٍ, جَمَّةٍ بُهَمُهْ (¬1) يترُكُونَ القاعَ، تَحْتَهُمُ ... كمَرَاغٍ، ساطِعٍ قَتَمُهْ (¬2) لا ترى إلا أخَاه رَجُلٍ ... آخِذاً قِرْناً فمُلْتَزِمُهْ (¬3) فالهَبِيتُ لا فؤَادَ لَهُ ... والثّبِيتُ ثَبْتُهُ فَهَمُهْ (¬4) للفَتى عقْلٌ يَعِيشُ به ... حيثُ تَهْدي ساقَهُ قَدَمُهْ ¬
أقسم ما هجوتك
أقسم ما هجوتك [الوافر] يعتذر إلى عمرو بن هند. إنّي وَجَدِّكَ، ما هَجَوْتُكَ، وَالْ ... أنْصَابِ يُسْفَحُ بَيْنَهُنَّ دَمُ (¬1) ولقَد هَمَمْتُ بذاكَ إذ حُبِسَتْ ... وأُمِرّ دونَ عُبَيْدَةَ الوَذَمُ (¬2) أخشى عِقابَكَ إن قَدَرْتَ ولم ... أغْدِرْ فيُؤثَرَ بيننا الكَلِمُ (¬3) ¬
يوم تحلاق اللمم
يوم تحلاق اللمم [الرمل] سائِلوا عَنَّا الذي يَعْرِفُنَا ... بقُوانا، يَوْمَ تَحْلَاقِ اللِّمَمْ (¬1) يَومَ تُبدي البِيضُ عن أسْوُقِها ... وتَلُفُّ الخَيْلُ أعْرَاجَ النَّعَم (¬2) أجْدَرُ النَّاسَ برأسٍ صِلْدِمٍ ... حازِمِ الأمرِ، شُجاعٍ في الوَغَم (¬3) كامِلٍ, يحْمِلُ آلاءَ الفَتى ... نَبِهٍ، سَيِّدِ ساداتٍ، خِضَمّ (¬4) خَيْرُ حَيٍّ مِنْ مَعَدٍّ، عُلِموا ... لِكَفِيٍّ، ولِجارٍ، وابنِ عَمّ (¬5) يَجْبُرُ المَحْرُوبَ فِينَا مالَه ... ببِنَاءٍ، وسَوَامٍ، وخَدَمْ (¬6) نُقُلٌ للشّحْمِ في مَشْتَاتِنا ... نُحُرٌ للثِّيبِ، طُرّادُ القَرَمْ (¬7) ¬
نَزَعُ الجاهِلَ في مَجْلِسِنَا ... فترى المجلِسَ فِينَا كالحَرَمْ وتَفَرّعْنَا، من ابنَيْ وائِلٍ ... هامةَ العِزِّ, وخُرْطومَ الكَرَمْ (¬1) مِنْ بني بَكْرٍ، إذا مَا نُسِبُوا ... وبَني تغلِبَ ضَرّابي البُهَمْ (¬2) حِينَ يَحْمي الناسُ نَحْمي سِرْبَنَا ... وَاضِحي الأوْجُهِ, معرُوفي الكَرم بحُسامَاتٍ تَرَاهَا رُسَّباً ... في الضّريباتِ, مُتِرَّاتٍ العُصُمْ (¬3) وفُحُولٍ هَيْكَلاتٍ وُقُحٍ ... أعوَجِيّاتٍ، عَلى الشّأوِ أُزُمْ (¬4) وقَناً جُرْدٍ, وخَيْلٍ ضُمْرٍ ... شُزّبٍ، من طُولِ تَعْلاكِ اللُّجُمْ (¬5) أدَّتِ الصّنعَة ُ في أمْتُنِها ... فَهْيَ، من تحتُ، مُشيحاتُ الحُزُم (¬6) تَتّقي الأرْضَ بِرُحٍّ وُقُحٍ ... وُرُقٍ، يَقْعَرْنَ أنْبَاكَ الأكَمْ (¬7) وتَفَرّى اللحمُ مِنْ تَعْدائِها ... والتّغالي، فهيَ قُبٌّ كالعَجَمْ (¬8) خُلُجُ الشّدّ, مُلِحَّاتٌ, إذا ... شالتِ الأيدِي عليها بالجِذَمْ (¬9) ¬
قُدُماً تَنْضُو إلى الدَّاعي, إذا ... خَلّلَ الدّاعي بدَعْوَى، ثمّ عَمّ (¬1) بِشَبابٍ وكُهُولٍ نُهُدٍ ... كَلُيوثٍ بَينَ عِرِّيسِ الأجَمْ (¬2) نُمْسِكُ الخيْلَ على مَكْرُوهِهَا ... حينَ لا يُمسِكُ, إلا ذو كَرَمْ (¬3) نَذَرُ الأبطالَ صَرْعَى بَيْنَها ... تَعْكُفُ العِقْبانُ فيها والرَّخَمْ (¬4) ¬
أبلغ قتادة
أبلغ قتادة [الوافر] إنّ امرأً، سَرْفَ الفؤادِ، يَرى ... عَسَلاً بماءٍ سحابَةٍ شَتْمي (¬1) وأنا امرؤ أكوى من القَصَرِ الـ ... ـبادي، وأغْشَى الدُّهْمَ بالدُّهْمِ (¬2) وَأُصِيبُ شاكِلَةَ الرّميّةِ، إذ ... صَدّتْ، بِصَفْحَتِها، عنِ السَّهمِ (¬3) وأُجِرُّ ذا الكَفِلِ القَناةَ على ... أنْسائِهِ، فَيَظَلُّ يَسْتَدمي (¬4) وتصُدُّ عنك مَخيلةَ الرّجل ال ... ـعرّيضِ مُوضِحَةٌ عَنِ العَظْمِ (¬5) بحُسامِ سَيفِكَ أو لِسانِكَ والـ ... ـكَلِمُ الأصِيلُ كأرْغَبِ الكَلْمِ (¬6) أبلِغْ قَتَادَةَ، غيرَ سائِلِهِ ... منه الثوابَ, وعاجِلَ الشَّكْمِ (¬7) ¬
أني حَمِدْتُكَ للعَشيرَةِ, إذْ ... جاءَتْ إليكَ مُرِقّةَ العَظْمِ (¬1) ألقَوا إليكَ بكلِّ أرْمَلَةٍ ... شَعْثَاءَ، تَحْمِلُ مَنْقَعَ البُرْمِ (¬2) فَفَتَحْتَ بابَكَ للمَكارِمِ حيـ ... ـنَ تَوَاصَتِ الأبْوابُ بالأزْمِ (¬3) وأهنتَ, إذ قَدِموا, التّلادَ لهمْ ... وكذاكَ يَفعَلُ مُبْتَني النِّعْمِ (¬4) فَسَقَى بلادَك، غَيرَ مُفْسِدِها ... صَوْبُ الغَمامِ وديمةٌ تَهْمي (¬5) ¬
قافية الهاء
قافية الهاء لولا الملك القاعد [الهزج] ألا يَا ثاني الظَبْيِ ... الّذي يَبْرقُ شَنَفاهُ (¬1) وَلَوْلا المَلِك القَاعِد ... قَدْ إِلثمني فَاهُ (¬2) ¬