دروس في شرح البيقونية - سعد الحميد

سعد الحميد

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله: (بسم الله الرحمن الرحيم) ابتدأ بالبسملة اقتداء بكتاب الله، ويُروى في ذلك حديث: " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر "، ولكن الراجح أنه ضعيف من مراسيل الزهري، ويغني في الاستدلال على مشروعية البداءة بالبسملة إرشاده عليه الصلاة والسلام لعلي بن أبي طالب بكتابة " بسم الله الرحمن الرحيم " حتى اعترض من اعترض من المشركين. 1 - أبدأ بالحمد مصليا على ... محمد خير نبي أرسلا قوله: " خير نبي أرسلا "، لقوله صلى الله عليه وسلم: " أنا سيد ولد آدم، ولا فخر "، ويعارضه حديث: " لا تفضلوني على يونس بن متى "، ولا معارضة، لأن النهي عن تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم على يونس بن متى هو أن يونس عليه الصلاة والسلام ورد في حقه شيء من العتاب، فإذا فضل النبي صلى الله عليه وسلم على يونس بن متى بخصوصه، قد يوهم شيئا من الازدراء لهذا النبي الكريم، وإلا فالنبي صلى الله عليه وسلم خير الأنبياء ولا منازع في هذا. وقوله: " نبي أرسلا "، ولم يقل: " رسول أرسلا "، لأجل أن يصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالوصفين، بالنبوة والرسالة، وفرق بعض أهل العلم بين الرسول والنبي، واختلفوا في ذلك. 2 - وذي من اقسام الحديث عده ... وكل واحد أتى وحده " وذي " أي: هذه، وهذا إشارة إما إلى أنواع علوم الحديث التي يريد التحدث عنها، وإما إلى منظومته هذه التي تضمنت بعض أنواع علوم الحديث. " من اقسام الحديث عده "، أي عدد من أنواع علوم الحديث، وذكر اثنين وثلاثين (32) نوعا من أنواع علوم الحديث، والعلماء اجتهدوا في تقسيم علوم الحديث، فبعضهم جعلها تسعة وأربعين (49) نوعا، وبعضهم زاد، وأشهر من عُرف بهذا التقسيم ابن الصلاح فجعل مقدمته تحتوي على أربعة وستين (64) نوعا، وتبعه العلماء على ذلك، كالحافظ العراقي في الألفية، وكذلك الحافظ السخاوي في شرحه على الألفية وسمى كتابه (فتح المغيث). " وكل واحد " من هذه الأنواع " أتى وحده " أي: جاء مع تعريفه. . . . . . . . .

الحديث الصحيح

الحديث الصحيح 3 - أولها الصحيح وهو ما اتصل ... إسناده ولم يشذ أو يعل 4 - يرويه عدل ضابط عن مثله ... معتمد في ضبطه ونقله " أولها " أي: أول هذه الأنواع. قال: " وهو ما اتصل إسناده ولم يشذ أو يعل، يرويه عدل ضابط عن مثله معتمد في ضبطه ونقله ". نخلص من كلامه هذا إلى تعريف الحديث الصحيح، فنقول: " ما اتصل سنده بنقل العدل التام الضبط عن مثله إلى منتهاه، من غير شذوذ ولا علة "، هذه خمسة شروط اشترطها العلماء للحديث الصحيح. 1 - اتصال السند: هو أن يكون كل راو من الرواة، أخذ هذا الحديث عن شيخه، أما إذا ساورنا الشك في كونه أخذه عن شيخه أو لا، فالحيطة مطلوبة في هذه الحال، لأن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مبناها على الحيطة، فلا يُقبل الحديث إلا إذا تيقنا أنَّ الراوي قد أخذ هذا الحديث عن شيخه، أو على الأقل حصول غلبة الظن بذلك. ويعرف علماء الحديث اتصال السند، إما بتصريح الراوي بسماع هذا الحديث من شيخه، كأن يقول: سمعت فلانا يقول كذا، أو ما ينوب مناب " سمعت " كأخبرني، أو حدثني، أو رأيت، أو غيرها من الصيغ التي تدل على أنه أخذ الحديث مباشرة عن الشيخ. أما الصيغ التي لا تدل صراحة على الأخذ مباشرة، كـ: " قال " و " عن "، فإنها تحتمل أن تكون بواسطة، فهذه الصيغ، ينظر أهل الحديث فيها إلى حال من أطلق هذه الصيغة، هل هو من المدلسين أو لا، فالمدلس لا يُقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بأخذ الحديث عن شيخه مباشرة، وإن لم يكن مدلسا فإنه يُقبل حديثه. 2 - أن يكون الراوي عدلا: والعدل: من عنده ملكة تحمله على ملازمة التقوى والبعد عن الفسق وخوارم المروءة. وجعل أهل العلم للعدالة شروطا، وهي: أن يكون مسلما، عاقلا، بالغا، سالما من الفسق، ومن خوارم المروءة، والشرط الأخير، المراد به: أن لا يخالف المرءُ عُرفَ بلده. 3 - أن يكون الراوي ضابطا: والضابط: هو الذي يغلبُ صوابُه خطأَه، وليس المقصود أنه الذي لا يُخطئ. والضبط ينقسم إلى قسمين: ضبط صدر، وضبط كتاب. أ - ضبط الصدر: [أن يستحضر الراوي مرويه متى شاء في أي مكان شاء، كما تلقاه عن شيخه] ز. ب - ضبط الكتاب: أن يكون الراوي يكتب الأحاديث التي تلقاها عن الشيوخ، ويجعلها في كتاب، ويصون كتابه ذلك. وأهل الحديث يفضلون ضبط الكتاب على ضبط الصدر. 4 - انتفاء الشذوذ: الشذوذ: هو ما يرويه الثقة مخالفا من هو أوثق منه أو أكثر عددا، أو هو: ما يرويه المقبول مخالفا من هو أولى منه أو أكثر عددا. 5 - انتفاء العلة: العلة: سبب غامض خفي يقدح في صحة الحديث. ويعرفون الحديث المعلول بأنه: الذي اطُّلِع فيه بعد التفتيش على علة قادحة تمنع من قبوله. وبعضهم يجعل انتفاء الشذوذ وانتفاء العلة شرطا واحدا، لأن الشذوذ من العلل، ولأنه يلزم على جعل انتفاء الشذوذ شرطا مستقلا، أن يُزاد في التعريف: أن لا يكون مقلوبا، ولا مدرجا، ولا مضطربا .... إلخ. وقد يقول قائل: يلزم على هذا، أن نقول في تعريف الحديث الصحيح أن تقول: " الحديث الصحيح: هو الحديث الذي انتفت منه العلة "، لأنه إذا لم يتصل السند، كان الحديث معلولا، وإذا وُجد راو غير عدل أو غير ضابط فالحديث يكون معلولا. فالجواب على هذا: أن علماء الحديث يفرقون بين العلة الظاهرة والعلة الخفية، فاتصال السند وعدالة الرواة وضبطهم، الخلل فيه يكون ضمن العلل الظاهرة، أي التي يدركها كل أحد. لكن مقصونا من " انتفاء العلة "، العلة الخفية، التي لا تُدرك إلا من قبل الأئمة الجهابذة النقاد، الذين يجمعون طرق الأحاديث، ويعرفون أحوال الرواة وطبقاتهم وأنسابهم وكناهم وأبناءهم وبلادنهم ورحلاتهم وكل ما يتعلق بهؤلاء الرواة. فهؤلاء الأئمة يكتشفون عللا من إسناد ظاهره الصحة، بسبب معرفتهم الواسعة بالأسانيد والرواة. . . . . . . . .

الحديث الحسن

الحديث الحسن 5 - والحسن المعروف طرقا وغدت ... رجاله لا كالصحيح اشتهرت تعريف البيقوني للحديث الحسن، أخذه عن الخطابي، والحديث الحسن من أنواع علوم الحديث الذي كثر الخلاف فيه بين أهل العلم، فاختلفوا في تعريفه، فللخطابي تعريف، وللترمذي تعريف، ولابن الجوزي تعريف، ولابن الصلاح ومن جاء بعده تعريف. تعريف الخطابي للحسن: " هو ما عُرف مخرجه، واشتهرت رجاله، وعليه مدار أكثر الحديث، وهو الذي يقبله أكثر العلماء، ويستعمله عامة الفقهاء"، وانتقد العلماء هذا التعريف، لأنه لا يميز فيه بين الصحيح والحسن والضعيف. مخرج الحديث: هو الراوي الذي تدور عليه أسانيد أهل البلد. مثاله: كان في البصرة: قتادة بن دعامة السدوسي، وفي الكوفة: أبو إسحاق السبيعي، في الشام: الأوزاعي، في مصر: الليث بن سعد، في مكة: ابن جريج، في المدينة: الزهري، في اليمن: معمر بن راشد، وهكذا، فيُقال: " هذا مخرج أسانيد أهل البلد الفلاني "، ومعرفة مخرج الحديث لا يدل على ثبوت الحديث وصحته، بل قد يكون الحديث صحيحا، وقد يكون حسنا، وقد يكون ضعيفا. ثم إن قوله: " واشتهرت رجاله "، لم يذكر بماذا اشتهروا، فابن لهيعة، مشهور، ولكنه مشهور بالضعف، فلا يكون حديثه حسنا. قوله: " وعليه مدار أكثر الحديث "، هذا من البيان لقوله: "ما عُرف مخرجه "، فـ: قتادة عليه مدار أكثر حديث أهل البصرة، وهكذا. وتعريف ابن الصلاح للحديث الحسن هو تعريف الحديث الصحيح، إلا أنه يخف ضبط راويه، وباقي الشروط لابد من وجودها. والحافظ ابن حجر في " نزهة النظر " عرفه بأنه: " ما اتصل سنده، بنقل العلدل الذي خف ضبطه عن مثله إلى منتهاه، من غير شذوذ ولا علة ". وبعضهم يشترط في " خفة الضبط " شرطا، فيقول: " الذي خف ضبطه خفةً لا تلحقه بمن يُعَدُّ تفرده تفردا منكرا ". قول البيقوني: " غدت " أي: اشتهرت، فمعنى قوله - إذا -: " وغدت رجاله لا كالصحيح اشتهرت "، أي: اشتهرت رجاله، لا كشهرة رجال الصحيح .....

الحديث الضعيف

الحديث الضعيف 6 - وكل ما عن رتبة الحسن قصر ... فهو الضعيف وهو أقسام كثر الحديث الضعيف: كل حديث فقد صفة الصحيح والحسن. وقال بعضهم: هو ما قصر عن رتبة الحسن، ومن باب أولى يقصر عن رتبة الصحيح. والحافظ ابن حجر عرفه بقوله: " هو كل ما لم يجمع صفة القبول ". قوله: " وهو أقسام كثر "، وهذا صحيح، لأن الضعيف، إما أن يكون ضعفه لسقط في الإسناد، أو لطعن في الراوي، والسقط في الإسناد تحته ستة أنواع: المعلق، والمرسل، والمنقطع، والمعضل، والمدلس، والمرسَل إرسالا خفيا، والطعن في الراوي له أحوال كثيرة، ذكرها الحافظ ابن حجر في النخبة وأوصلها إلى عشرة أسباب، خمسة منها يرجع إلى العدالة، وخمسة ترجع إلى الضبط، وثم أنواع أخرى: كالمقلوب، والمضطرب، والمدرج، والشاذ ... إلخ، وأوصلها بعضهم إلى (381)، وسبب هذا هو التكلف، وهذا لا طائل تحته ...

الحديث المرفوع والمقطوع

الحديث المرفوع والمقطوع 7 - وما أضيف للنبي المرفوع ... وما لتابع هو المقطوع المرفوع، والمقطوع، مبحثان يتعلقان بالمتن، وإن كان فيهما نوع من التعلق بالإسناد. فالحديث الذي يأتينا: 1 - إما أن يكون من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله أو تقريره. 2 - وإما أن يكون من قول الصحابي أو فعله أو تقريره. 3 - وإما أن يكون من قول التابعي فمن دونه، أو فعله أو تقريره. فالأول يُقال له: المرفوع، أي: أُضيف إلى صاحب الجناب الرفيع، وهو النبي صلى الله عليه وسلم. والثاني، يُقال له: الموقوف، ولم يذكره المصنف رحمه الله في هذا البيت، بل ذكره بعد أبيات، فهو لم يرتب المنظومة على الترتيب الذي عليه أهل الحديث. والثالث، يقال له: مقطوع، وقد يُقال له: موقوف، لكن بقيد، وهو أن يقال: موقوف على فلان التابعي، أما بالإطلاق فلا يقال له إلا: المقطوع ...

الحديث المسند

الحديث المسند 8 - والمسند المتصل الإسناد من ... راويه حتى المصطفى ولم يبن قوله: " ولم يبن " أي: لم ينقطع. المسند: هو ما اتصل سنده، ويكون مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا تعريف الحاكم. وعرفه ابن عبد البر: بأنه المرفوع، ولا يشترط الاتصال. وعرفه الخطيب: بأنه المتصل، ولا يشترط الرفع ...

الحديث المتصل

الحديث المتصل 9 - وما بسمع كل راو يتصل ... إسناده للمصطفى فالمتصل المتصل: هو الحديث الذي، يكون كل راو من رواته، أخذ هذا الحديث عن شيخه، إما بأن يقول: " سمعتُ " أو " حدثني " ...

الحديث المسلسل

الحديث المسلسل 10 - مسلسل قل ما على وصف أتى ... مثل أما والله أنباني الفتى 11 - كذاك قد حدثنيه قائما ... أو بعد أن حدثني تبسما " أنباني "، وفي بعض النسخ: " أنبأني " وهو غلط، لأن البيت ينكسر، بل تُحذف الهمزة. المسلسل: وهو الحديث الذي يُتناقل بين الرواة بصفة معينة، وهذه الصفة إما أن تكون في أولئك الرواة أنفسهم، أو في صيغة تلقيهم، أو في المكان الذي تلقوا فيه، أو في الزمان الذي تلقوا فيه، وهكذا. - مثاله: المسلسل بروايته في يوم العيد، أو في مصلى العيد، أو أن يرويه وهو يقبض على لحيته، أو أن يتبسم إذا روى الحديث، أو أن يتلفظ بلفظة معينة، مثل " والله، إني لأحبك "، " رحم الله فلانا، كيف لو رأى عصرنا "، أو يكون ذاك الحديث أول حديث يتلقاه الطالب عن شيخه، أو يكون الحديث مسلسلا برواة لهم صفة معينة، كأن يكونوا من بلد واحد، أو سلسلة نسب واحدة، أو أسماؤهم متفقة مثل " المحمدين ". " قل ما على وصف أتى ": أي: أن يأتي على صفة معينة. " مثل أما والله أنباني الفتى " يعني: مثاله: المسلسل بصيغة التحديث، كأن يتسلسل بصيغة " أنبأني "، أو بالسماع. " كذاك قد حدثنيه قائما " أي، كأن يقول الراوي: " حدثني فلان وهو قائم ". " أو بعد أن حدثني تبسما "، كأن يحدثه بحديث ثم يتبسم، ثم يتسلسل الحديث إلى آخر السند. من فوائد الحديث المسلسل: 1 - أنه يكون أدعى لحفظ الحديث. 2 - أن يكون فيه نوع عبادة، كقوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ: " والله إني لأحبك ". 3 - أنه من الطرائف، التي يستملحها أهل الحديث ...

الحديث العزيز

الحديث العزيز 12 - عزيز مروي اثنين أو ثلاثه ... مشهور مروي فوقما ثلاثه العزيز: هو الحديث الذي يرويه اثنان، ولو في طبقة من طبقات السند، بشرط: أن لا يقل في أي طبقة من الطبقات عن اثنين، ويمكن أن يزيد. وليس المقصود هو أن يرويه اثنان عن اثنين عن اثنين إلى منتهى السند، فإن هذا كما قال ابن حبان: " لا يوجد حديث بمثل هذه الصفة ". وسمي العزيزُ عزيزاً لأحد أمرين: 1 - إما لقلته وندرته، وهذا ليس بصحيح، بل هو كثير. 2 - وإما لكونه عزَّ، أي: تقوى وتأيد، بمجيئه من طريق أخرى، كما قال تعالى: " فعززنا بثالث " أي: أيَّدنا الاثنين بالثالث. قوله: " عزيز مروي اثنين أو ثلاثه "، لعله يقصد بذلك أنه إذا وُجد في بعض الطبقات اثنان، فلا بأس أن يوجد في طبقة أخرى أكثر من اثنين، كثلاثة مثلا، وهذا كما تقدم. أما إذا كان يقصد أن رواية الثلاثة، يُسمى حديثهم عزيزا، فقد قال الشيخ سعد الحميد: " لا أعلم أحدا من أهل الحديث قال به ". والظاهر أنه يقصد المعنى الثاني، لأنه قال بعدها: " مشهور مروي فوقما ثلاثه "، الحديث المشهور المشهور: هو ما رواه ثلاثة فأكثر ما يبلغ حد التواتر، وظاهر كلام المصنف ليس بصحيح، لأنه يعتبر أن رواية الثلاثة: عزيزا، وليس كذلك، بل يُسمى: مشهورا. وسمي المشهورُ مشهوراً: لأن رواية الثلاثة فأكثر، جعلت الحديث يشتهر عند أهل العلم. والمشهور ينقسم إلى قسمين: 1 - مشهور اصطلاحي، وهو الذي سبق ذكره. 2 - ومشهور غير اصطلاحي، وهذا لا علاقة له بالكثرة، بل المقصود به: ما اشتهر على ألسنة الناس. والذي يشتهر على ألسنة الناس، قد يكون لا أصل له، وقد يكون حديثا، لكنه غريب، وقد يكون عزيزا، وقد يكون متواترا. وهذه الشهرة: 1 - إما أن تكون عند عامة الناس، كحديث: " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ". 2 - وإما مشتهر عند أهل العلم، فالفقهاء اشتهرت بينهم بعض الأحاديث، كحديث: " أبغض الحلال إلى الله الطلاق "، والأصوليون اشتهرت بينهم بعض الأحاديث، كحديث: " عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "، وأهل الحديث اشتهرت بينهم بعض الأحاديث، كحديث: " قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا، يدعو على رعل وذكوان وعصية "، وأهل اللغة اشتهرت بينهم بعض الأحاديث، كحديث: " يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار "، وهكذا. وهذا كله، لا علاقة له بالإسناد، فقد يكون صحيحا، وقد يكون حسنا، وقد يكون ضعيفا، وقد يكون موضوعا، وقد يكون لا أصل له ...

الحديث المعنعن

الحديث المعنعن 13 - معنعن كعن سعيد عن كرم ... . . . . . . . . . المعنعن: هو الذي تتكرر فيه " عن ". و" عن " عندهم، ليست صريحة في السماع، فإن صدرت عن راو لم يُعرف بالتدليس، وثبت لقاء الراوي من ذلك الشيخ، فالحديث: متصل، وإن صدرت من راو لم يلق ذلك الشيخ، فالإسناد: منقطع، وإن صدرت من راو معروف بالتدليس فالإسناد ضعيف، والحكم الأخير، إنما هو لأجل مناسبة هذا المختصر، وإلا فإن في هذه المسألة تفصيلا. الحديث المبهم . . . . . . . . . ... ومبهم ما فيه راو لم يُسَم المبهم: هو الراوي الذي لم يُسمَّ. كأن يقول الراوي مثلا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن شيخ، عن محمد بن إبراهيم التيمي. فهذا: الشيخ، هنا لم يُسمَّ، فهو: مبهم. ومثله كذلك: " حُدِّثْتُ عن إبراهيم التيمي " فالمحدِّث لا يُدرى من هو؟. وهذا بخلاف الراوي المهمل، فإنه: الراوي الذي سمي، ولكنه لم يُنسب، كأن يقول: حدثني محمد، ولا ينسبه ...

الحديث العالي والنازل

الحديث العالي والنازل 14 - وكل ما قلت رجاله علا ... وضده ذاك الذي قد نزلا تكلم هنا عن: الإسناد العالي، والإسناد النازل. والمقصود بالإسناد العالي: هو الإسناد الذي قلَّ عدد رجاله، فيما بين الراوي والنبي صلى الله عليه وسلم، أو بين الراوي وبين إمام ذي صفة علية. العلو إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فهذا علو مطلق. والعلو إلى إمام ذي صفة علية: علو نسبي. والمراد بالإمام ذي الصفة العلية: كأن يكون إماما مشهورا، تلتقي فيه الأسانيد (مخرج الحديث)، كقتادة مثلا، ولو كان الإسناد بين قتادة والنبي صلى الله عليه وسلم نازلا، فهو علة بالنسبة إلى قتادة، لا بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد يكون العلو إلى صاحب الكتاب، كصحيح البخاري مثلا. لماذا اهتم العلماء بالإسناد العالي؟ الجواب: اهتموا به، لأنه مظنة الصحة أكثر من غيره ...

الحديث الموقوف

الحديث الموقوف 15 - وما أضفته إلى الأصحاب من ... قول وفعل فهو موقوف زكن " زكن ": عُلم. ذكر هنا الحديث الموقوف: وهو ما أضيف إلى الصحابي من قول أو فعل أو تقرير، وقد تقدم الكلام على هذا. - ويمكن إطلاق الموقوف على ما أضيف إلى التابعي، لكن بقيد، كأن يقال: وقفه قتادة على الحسن البصري - مثلا - ...

الحديث المرسل

الحديث المرسل 16 - ومرسل منه الصحابي سقط. . . . . . . . . المرسل: هو ما أضافه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، سواء كان التابعي صغيرا أو كبيرا. والناظم قال: " ومرسل منه الصحابي سقط "، فجعل المرسل هو ما سقط منه الصحابي، وبعضهم قال به، وقد انتقد هذا التعريف جمعٌ من أهل العلم، وقالوا: لو علمنا أن الساقط من الإسناد هو الصحابي، لما كان هذا قدح في الحديث، لأن جهالة الصحابي لا تضر، إذْ هم عدول كلهم، بل نحن ضعفنا الحديث المرسل لأننا لا نعرف، هل سقط الصحابي وحده، أو سقط الصحابي فأكثر، ولهذا قالوا: " إن التابعي إذا أضاف الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورد الاحتمال، إما أن يكون أخذ هذا عن صحابي أو عن تابعي، فعلى الاحتمال الثاني (وهو أن يكون أخذه عن تابعي)، فإما أن يكون هذا التابعي ضعيفا أو ثقة، فإن كان ضعيفا فالحديث ساقط، وإن كان ثقة، فيحتمل أن يكون أخذه عن صحابي أو عن تابعي آخر، ثم هذا التابعي قد يكون ضعيفا وقد يكون ثقة، فإن كان ضعيفا فالحديث ساقط، وإن كان ثقة، فيحتمل أن يكون أخذه عن صحابي أو عن تابعي آخر، وهكذا، وهو من حيث التصور الذهني على ما لا نهاية، أما من حيث الوجود، فأكثر ما وجدوا من رواية التابعين بعضهم عن بعض، هو: ستة، وهو حديث أبي أيوب الأنصاري في فضل قل هو الله أحد، وهو عند الإمام أحمد - وهو عالي الطبقة - بإسناد تساعي "، وقد تتبع أهل الحديث ذلك، فوجدوا أن أقصا ما روى فيه التابعون بعضهم عن بعض هو: ستة. إذن فالتعريف الصحيح للمرسل: هو ما أضافه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وبعضهم قيَّد التابعي: بالكبير، فيعد مراسيل صغار التابعين، من المعضلات .....

الحديث الغريب

الحديث الغريب . . . . . . . . . وقل غريب ما روى راو فقط الحديث: إما أن يرد عن صحابي واحد فقط، أو عن اثنين، أو عن ثلاثة فأكثر ما لم يصل إلى حد التواتر، فالأول: غريب، والثاني: عزيز، والثالث: المشهور. وأما المتواتر: هو الذي كثرت طرقه كثرةً، توقع في نفس الناظر في الحديث، أنه مقطوع بنسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم. والغريب: يطلق عليه الفرد. ثم إن الغرابة لا تختص بطبقة الصحابة، بل متى ما حصل التفرد في أي طبقة من طبقات السند، فهو غريب وفرد. والغريب ينقسم إلى قسمين: غريب مطلق، وغريب نسبي 1 - الغريب المطلق: هو ما انفرد به الصحابي. 2 - الغريب النسبي: ما كانت الغرابة فيه إلى جهة معينة، وقد يكون الحديث عزيزا أو مشهورا، كأن يروي حديثا ثلاثةٌ من الصحابة، روى عن كل واحد منهم: راويان فأكثر، إلا صحابا واحدا، انفرد واحد بالرواية عنه، كأن يروي الحديث: أبو هريرة، وابن عمر، وأبو سعيد، يروي عن ابن عمر وأبي سعيد، عن كل واحد منهما راويان فأكثر، إلا أبو هريرة فينفرد عنه سعيد بن يسار، فيقال: انفرد به سعيد بن يسار، فهو غريب بالنسبة إلى أبي هريرة، وإلا فالحديث مروي عن ابن عمر وأبو سعيد

الحديث المنقطع

الحديث المنقطع 17 - وكل ما لم يتصل بحال ... إسناده منقطع الأوصال قوله في تعريف المنقطع: " وكل ما لم يتصل بحال "، هذا الإطلاق يدخل فيه: المرسل الذي سبق تعريفه، ويدخل فيه المعضل، والمدلس ... إلخ، فكل هذا عند البيقوني منقطع، وهذا إذا نظرنا بالنسبة للمعنى اللغوي، هو كلام صحيح، لكن إذا نظرنا إلى اصطلاح أهل الحديث، نجدهم جلعوا لكل نوعٍ من السقط في الإسناد: اسماً خاصا به. فالمرسل: هو ما يضيفه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم. والمعلق - ولم يذكره البيقوني في منظومته -: هو ما سقط من أول إسناده راو فأكثر. وهكذا كل نوع من أنواع السقط خصوه بلقبٍ خاص به. المنقطع: ما سقط من وسط إسناده راو فأكثر لكن لا على التوالي. أمثلة عن أنواع السقط في الإسناد: يروي البخاري حديث إنما الأعمال بالنيات: عن الحميدي عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم. مثال المرسل: لو روى البخاري الحديث السابق هكذا: عن الحميدي عن سفيان بن عيينة عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن النبي لى الله عليه وسلم، فإن الإسناد هكذا يصدق عليه أنه أضافه التابعي (علقمة) إلى النبي صلى الله عليه وسلم. مثال المعلق: لو روى البخاري الحديث السابق هكذا: عن سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يصدق عليه أنه سقط من أول إسناده راو، وهو " الحميدي ". وكذا لو أسقط أكثر من واحد، بأن رواه: عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم. أو رواه: عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم. أو رواه: عن علقمة بن وقاص الليثي عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم. أو رواه: عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم. أو حذف الإسناد كله، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. مثال المنقطع: لو روى البخاري الحديث السابق: عن الحميدي عن يحيى بن سعيد .... إلخ، فإن في الإسناد سقطا وهو بين " الحميدي " و " يحيى بن سعيد "، فإن الحديث حينئذ يكون منقطعا

الحديث المعضل

الحديث المعضل 18 - والمعضل الساقط منه اثنان. . . . . . . . . المعضل: هو ما سقط من وسط إسناده راويان فأكثر على التوالي. بعض أهل العلم لا يشترط الوسطية في تعريف المعضل، فيقول: " هو ما سقط من إسناده راويان فأكثر على التوالي "، وعلى هذا التعريف يدخل فيه المعلق إذا سقط من أول إسناده راويان فأكثر، فيكون: معلقا ومعضلا في آن واحد، وكذا المرسل إذا كان الساقط فيه أكثر من واحد، كأن يقول محمد بن إبراهيم التيمي في حديث إنما الأعمال بالنيات: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه يكون مرسلا ومعضلا في آن واحد. والأمر واسع في مثل هذا التعريف ...

الحديث المدلس

الحديث المدلس . . . . . . . . . وما أتى مدلَّسًا نوعان 19 - الأول الإسقاط للشيخ وأن ... ينقل عمن فوقه بعن وأن 20 - والثاني لا يسقطه لكن يصف ... أوصافه بما به لا ينعرف التدليس: مأخوذ من الدَّلَسِ، وهو اختلاط النور بالظلام. فكأن المدلس يُعَمِّي على الناظر في الحديث. التدليس: رواية الراوي عمن لقيه وسمع منه ما لم يسمعه منه، بصيغة تحتمل السماع وعدمه كـ: " عن " و " قال ". [فإن روى الراوي عمن عاصره ولم يلقه، أو لقيه ولم يسمع منه، فإنه يكون: مرسلا خفيا] ز. التدليس - كما قال الناظم - على قسمين: والواقع أنه أكثر من قسمين، ولكنّ القسمين اللذين ذكرهما الناظم هي أشهر أنواعه: 1 - تدليس الإسناد: أن يسقط الراوي شيخه الذي حدثه بالحديث، ويروي الحديث عن شيخ شيخه - الذي لقيه وسمع منه -، بصيغة تحتمل السماع وعدمه. 2 - تدليس الشيوخ: هو أن يسمي شيخه أو ينسبه أو يكنيه أو يلقبه بما لا يُعرف به، حتى لا يُعرف. مثاله: عطية بن سعد العوفي، هذا الراوي تكلم فيه أهل العلم لعدة أسباب، من أهمها: تدليسه القبيح الذي يستخدمه، وعطية بن سعد العوفي يروي عن أبي سعيد الخدري وهو صحابي، ويروي عن محمد بن السائب الكلبي وهو تابعي كذاب. محمد بن السائب الكلبي: اشتهر بكنية هي: أبو هشام، لأن له ابناً اسمه: هشام، وهو كذاب مثل أبيه، وله ابن يُقال له: سعيد فيقول عطية بن سعد العوفي في بعض الأحيان: حدثني أبو سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، وهو لا يقول: " سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم " لأنه أبا سعيد هذا (محمد بن السائب) لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يقول: حدثني أبو سعيد الخدري، لئلا يقع في الكذب. وهذا تدليس قبيح من عطية بن سعد العوفي، ولهذا تكلم أهل العلم فيه. وليس كل من دلس تدليس الشيوخ يكون فعله مذموما، فقد يكون من باب التنويع في الرواية، كما حصل من الخطيب البغدادي مع شيخه الأزهري، فكونه يروي عنه - مثلا - عشرة أحاديث كلها يقول فيها: حدثني الأزهري، حدثني الأزهري .... إلخ، يرى أن في هذا شيئا من الملل، فمرة يقول: حدثني الأزهري، ومرة يقول: حدثني أبو بكر، يعني ينوع اسمه، وهو معروف عند أهل الاختصاص الذين لهم عناية بالأسانيد. وتوجد أنواع أخرى للتدليس، منها: 3 - تدليس البلدان. 4 - تدليس التسوية. 5 - تدليس القطع. 6 - تدليس الاستئناف. 7 - تدليس العطف.

الحديث الشاذ

الحديث الشاذ 21 - وما يخالف ثقة فيه الملا ... فالشاذ. . . . . . . . . الشاذ: هو رواية المقبول، لمن هو أولى منه، أو أكثر عددا. الحديث المقلوب . . . . . . . . . ... ..... والمقلوب قسمان تلا 22 - إبدال راو ما براو قسم وقلب إسناد لمتن قسم المقلوب - عند البيقوني - قسمان: 1 - إبدال راو ما براو: كأن يكون في الإسناد راو اسمه: " كعب بن مرة "، ينقلب على أحد الرواة، فيقول: " مرة بن كعب "، فيسمى مقلوبا، والسبب في هذا هو أنه يوجد راو اسمه: " كعب بن مرة " ويوجد راو آخر يقال له: " مرة بن كعب ". 2 - قلب إسناد لمتن: فيكون إسنادٌ لحديث معين، فيُؤخذ هذا الإسناد ويوضع لمتن حديث آخر. ولكن كلا من هذين القسمين من مقلوب الإسناد. والصحيح أن المقلوب ينقسم إلى قسمين: 1 - مقلوب السند: وله صور: أ - إبدال اسم الراوي باسم أبيه: كما تقدم، " كعب بن مرة "، فيقول: "مرة بن كعب ". ب- جعل إسناد حديث على متن حديث آخر: إما عن طريق السهو، وإما عن طريق العمد، والعمد إما أن يكون: بقصد كما يصنعه الوضاعون، وإما أن يكون: بقصد امتحان الراوي، وهذا حصل لبعض الرواة، لاختبارهم هل هم حافظون أو لا، لكن بشرط أن يُبين أنه قلب الحديث، وذلك في نفس المجلس. 2 - مقلوب المتن: إبدال لفظة بلفظة. مثاله: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله - ذكر منهم -: ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله " وهذا في صحيح مسلم في بعض الطرق. والصواب: "حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".

الحديث الفرد

الحديث الفرد 23 - والفرد ما قيدته بثقة أو جمع أو قصر على رواية الفرد: وهو أن لا يروي الحديث إلا واحد، سواء كان المتفرد هو الصحابي فقط، أو تسلسل ذلك التفرد إلى باقي طبقات السند. وقوله: " والفرد ما قيدته بثقة "، يقصد الفرد النسبي. لأن الفرد قسمان: فرد مطلق، وفرد نسبي. الفرد المطلق: تقدم الكلام عليه، في تعريف الفرد. والفرد النسبي: لا يُشترط أن يكون رواه صحابي واحد. فمثلا: لو جاءنا حديث رواه أبو هريرة وابن عمر، وأنس بن مالك، لكن لو لم يروه عن أبي هريرة إلا سعيد بن المسيب، ولا يرويه عن سعيد بن المسيب إلا الزهري، ولا يروه عن الزهري إلا الإمام مالك. فيُقال تفرد به سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، لأن أبا هريرة له تلاميذ كثر، فيكون فيه نوعُ استغراب، فيكون التفرد بالنسبة لإسناد أبي هريرة. ويكثر هذا في " معجم الطبراني الأوسط "، فيقول: تفرد به فلان عن فلان، أو لا نعلمه إلا من رواية فلان عن فلان. وقد يكون التفرد بالنسبة لبلد معين، كأن يكون عند أهل الشام فقط، فلا يروه أهل الحجاز، ولا أهل اليمن، ولا أهل العراق ...... إلخ، فيقال مثلا: تفرد به الشاميون، وقد يكون هو مشهورا أو عزيزا، لكن هو فرد بالنسبة لبلد معين. قوله: " والفرد ما قيدته بثقة "، كأن يقال: لم يروه ثقة إلا فلان. قوله: " أو جمع " كأن يقال: تفرد به أهل الشام، فهو تفرد بالنسبة لبلد معين، لكن هم جمعٌ. قوله: " أو قصر على رواية " مثل: تفرد الإمام مالك عن الزهري، مثلا.

الحديث المعلل

الحديث المعلل 24 - وما بعلة غموض أو خفا ... معلل عندهم قد عرفا طال النزاع في كلمة " معلول "، فبعض اللغويين خطَّؤوا المحدثين في قولهم: "حديث معلول"، قالوا: والصواب أنه: " معلّ "، وبعضهم قال: "معلل". ولكن الصواب في هذا هو ما عليه المتأخرون، كابن هشام وغيره، فإنهم ذكروا أن كلمة " معلول "، تُقال لكل ذي علة، فصح بذلك قول المحدثين: "حديث معلول". والعلة: سبب غامض خفي، يقدح في صحة الحديث. والحديث المعلول: هو الحديث الذي عُثر فيه - بعد التفتيش - على علة قادحة. - بعضهم يقول: إن العلة التي لا تقدح في صحة الحديث، فإنها لا تسمى علة اصطلاحية.

الحديث المضطرب

الحديث المضطرب 25 - وذو اختلاف سند أو متن ... مضطرب عند أهيل الفن " أهيل " تصغير لـ " أهل "، وهذا ليس تصغيرا لهم، بل ضرورة الشعر ألجأته إلى ذلك. الاضطراب لغة: هو الاختلاف. الحديث المضطرب: هو الحديث الذي وقع فيه الاختلاف، بشرط أن يكون هذا الاختلاف: لا يمكن معه أن نجمع ولا أن نرجح بين الروايات. أما إذا أمكن الجمع، أو أمكن الترجيح، فلا يكون مضطربا. والترجيح: يكون بالقوة (بالأكثر أو بالأوثق)، وبالنسخ (المتأخر ناسخ للمتقدم) وغيرها.

الحديث المدرج

الحديث المدرج 26 - والمدرجات في الحديث ما أتت ... من بعض الفاظ الرواة اتصلت تنبيه: [يوجد نقص في شرح الشيخ سعد الحميد للبيقونية، فأكملته بشرحه على نخبة الفكر]. الإدراج، لغة: الإدخال، يقال: أُدرج فلان في الكفن، إذا أدخل فيه. المدرج: الحديث الذي غُيِّرَ سياق إسناده، أو أدخل في متنه ما ليس منه. ومن خلال هذا التعريف، نتسطيع أن نعرف أن المدرج ينقسم إلى قسمين: مدرج الإسناد ومدرج المتن. وللإدراج أسباب: 1 - لبيان حكم شرعي. 2 - لاستنباط حكم شرعي. 3 - شرح لفظ غريب. 4 - أن يكون الإدراج عمدا، وهو يعد من الوضع، كما حصل لـ غياث بن إبراهيم، أنه روى حديثا فيه: " لا سبق إلا في ثلاث:. . . . . . . . . "، زاد " أو جناح ". والإدراج في المتن له صور، قد يقع في أول المتن، وفي وسطه، وفي آخره: 1 - أن يقع الإدراج في الأول: مثاله: حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار "، فهذا رواه أبو قطن وشبابة عن شعبة بن الحجاج عن محمد بن زياد الطحان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا. وباقي الرواة الذين رووه عن شعبة وهم من الثقات، رووه مفصولا هكذا: عن أبي هريرة أنه قال: " أسبغوا الوضوء " فإني سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم: " ويل للأعقاب من النار ". فعبارة " أسبغوا الوضوء " من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فأبو قطن وشبابة أخطآ. 2 - أن يقع الإدراج في الوسط: مثاله: حديث الزهري عن عروة عن عائشة، في قصة بدء الوحي، فرواية الزهري جاءت هكذا: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحنث (وهو التعبد) الليالي ذوات العدد ". فالزهري أراد أن يبين معنى " التحنث " بأنه التعبد، فهذا إدراج من الزهري في وسط الإسناد. 3 - أن يقع الإدراج في الآخر: مثاله: حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " للعبد المملوك أجران، والذي نفسي بيده، لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي، لأحببت أن أموت وأنا مملوك "، قالوا: هذا اللفظ: " لولا الجهاد. . . . . . . . . " مدرج، فلفظ النبي صلى الله عليه وسلم: " للعبد المملوك أجران "، وباقيه من كلام أبي هريرة. وأما الإدراج في الإسناد، فمن صوره: 1 - يمكن أن يكون بتغيير سياق الإسناد عن طريق تركيب إسناد على متن مستقل. مثاله: حديث ثابت بن موسى الزاهد، عندما دخل على شريك بن عبد الله النخعي وهو في المسجد يملي حديثا على تلاميذه، يرويه عن الأعمش عن أبي سفيان طلحة بن نافع عن جابر، والحديث هو: " يعقد الشيطان على قافية أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد ..... "، لكن شريك بن عبد الله لما أملى الإسناد توقف، لأجل أن يُملي المستملي على من بعده، دخل ثابتُ بنُ موسى الزاهدُ المسجدَ وسمع الإسناد وحفظه، فلما توقف شريك، التفت إلى ثابت بن موسى الزاهد وهو مقبل عليه، فأخذ يداعبه ويقول: " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه في النهار "، فانصرف ثابت بن موسى، وهو يظن أن هذا الكلام هو متن ذلك الإسناد الذي أملاه شريك، فأخذ يحدث به. 2 - أو دمج متنين وسياقهما بإسناد واحد. 3 - أو زيادة لفظة تأتي في حديث آخر، تُؤخذ وتدمج في حديث مشابه، ويُساق معه بنفس الإسناد. بم يُدرك الإدراج؟: 1 - أن يرد هذ الإدراج منفصلا في رواية أخرى، كما في رواية " أسبغوا الوضوء ". 2 - أن ينص إمام من أئمة الحديث الجهابذة النقاد بأن هذا اللفظ مدرج. 3 - أن يبين الراوي الذي أدرج، أنه هو الذي أدرج هذه اللفظة، كأن لو قال الزهري: " قلت: التحنث: التعبد " فهنا يكون قد صرح بذلك. 4 - إستحالة أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قاله، كما في حديث أبي هريرة السابق: " لولا الجهاد والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك "، فلا يمكن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتمنى أن يكون مملوكا، ثم إنه قال " وبر أمي " وأمه - عليه الصلاة والسلام - ماتت وهو صغير. مصنفات في الإدراج: - الفصل للوصل، المدرج في النقل، للخطيب البغدادي. - تقريب المنهج في ترتيب المدرج، اختصره الحافظ ابن حجر من كتاب الخطيب السابق، ولكنه غير معروف إلى الآن.

الحديث المدبج

الحديث المدبج 27 - وما روى كل قرين عن أخه ... مدبج فاعرفه حقا وانتخه الأقران: هم الرواة المتقاربون في السن، والمتاسوون في الشيوخ والطبقة. مثاله: شعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري. في بعض الروايات، نجد أن الأقران يروون عن بعضهما البعض، فهذا ما يسمى بـ: رواية الأقران. ألف أهل العلم في الأقران: - الأقران، لأبي الشيخ الأصبهاني، يُعنى فيه بالأحاديث التي فيها رواية الأقران. - أما المدبج، فكما قال الحافظ: " وإن روى كل منهما - أي الأقران - عن الآخر: فالمدبج ". كأن نجد في بعض الروايات: شعبة عن الثوري، وفي بعضها: الثوري عن شعبة، فهذا يعد مدبجا. فكل مدبج: هو رواية أقران، وليس كل رواية أقران: مدبجا. تآليف في المدبج: - المدبج، للدارقطني، ولم يصل إلينا.

الحديث المتفق والمفترق

الحديث المتفق والمفترق 28 - متفق لفظا وخطا متفق ... وضده فيما ذكرنا المفترق المتفق والمفترق: وهو أن تتفق أسماء الرواة وأسماء آبائهم فصاعدا، وتفترق أشخاصهم. أمثلة: - عبد الله بن زيد: عبد الله بن زيد بن عبد ربه الذي أُري الأذان، وعبد الله بن زيد بن عاصم وهو الذي روى حديث الوضوء الطويل، وكلاهما صحابي أنصاري. - عمر بن الخطاب: عمر بن الخطاب صحابي جليل، ويوجد راو اسمه: عمر بن الخطاب في طبقة الإمام أحمد، فحتى لا يظن ظان أن في الإسناد خطأً، حيث يجد أن عمر بن الخطاب يروي عن أحد شيوخ الإمام أحمد، فنقول: إنه يوجد عمر بن الخطاب آخر، في طبقة الإمام أحمد. - سليمان بن داود: ويوجد كثير من الرواة بهذا الاسم، ومنهم من هم متفاوتون في الطبقة، ومنهم من هم في طبقة واحدة، فمن الذين هم في طبقة واحدة: سليمان بن داود الطيالسي صحاب المسند (ت 204)، وسليمان بن داود الهاشمي (ت 219)، وسليمان بن داود العتكي، أبو الربيع الزهراني (ت 234). تآليف في المتفق والمفترق: - المتفق والمفترق، للخطيب البغدادي.

المؤتلف والمختلف

المؤتلف والمختلف 29 - مؤتلف متفق الخط فقط ... وضده مختلف فاخش الغلط المؤتلف والمختلف: أن تتفق الأسماء خطا، وتختلف في النطق، واختلافها في النطق: إما بسبب الشكل، وإما بسبب الإعجام. مثال ما كان الاختلاف فيها بسبب الشكل: - محمد بن سَلَام، ومحمد بن سَلَّام. - بَشِير، وبُشَيْر. - عَبِيدَة، وعُبَيْدة. مثال ما كان الاختلاف فيها بسبب الإعجام: - بُرَيْد، يَزِيد. - بَشَّار، يَسَار. تآليف في المؤتلف والمختلف: - المؤتلف والمختلف، للدراقطني - مطبوع في خمسة مجلدات. - مشتبه الأسماء، ومشتبه النسبة، لعبد الغني بن سعيد الأزدي (تلميذ الدارقطني). - تصحيفات المحدثين، شرح ما يقع فيه التصحيف، لأبي أحمد العسكري. تنبيه: [انتهى النقل من شرح الشيخ سعد الحميد على نخبة الفكر].

الحديث المنكر

الحديث المنكر 30 - والمنكر الفرد به راو غدا ... تعديله لا يحمل التفردا المنكر: هو الحديث الذي تفرد به راو واحد، وهذا الراوي عدل، لكنه لا يُحتمل تفرده. وبعصهم يعرف المنكر: هو الحديث الذي يخالف فيه الضعيفُ من هو أولى منه.

الحديث المتروك

الحديث المتروك 31 - متروكه ما واحد به انفرد ... وأجمعوا لضعفه فهو كرد قوله: " كرد ": أي: هو رد، أي: مردود، والكاف زائدة، ألجأته إليها ضرورة النظم. المتروك: هو ما يرويه راو مجمع على ضعفه. وقيل إن المتروك: هو الذي يكون في سنده راو متهم بالكذب .....

الحديث الموضوع

الحديث الموضوع 32 - والكذب المختلق المصنوع على النبي فذلك الموضوع الموضوع: هو الحديث المذكوب المختلق المصنوع المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث الموضوع يُعرف: 1 - بأن يكون في إسناده راو معروف بأنه كذاب أو وضاع. 2 - أن يكون متن الحديث لا يمكن قبوله بحال، وإن لم يوجد في إسناده من هو معروف بأنه كذاب أو وضاع، والأحاديث التي فيها نكارة، تُعرف: أ - إما بمصادمتها للقرآن، مثل الحديث الذي ورد في تحديد عمر الدنيا وأنه سبعة آلاف سنة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بُعث في الألف الأخيرة، وابن القيم ذكره في المنار المنيف وبين أنه حديث موضوع، وهو يناقض قول الله تعالى: " يسألونك عن الساعة أيان مرساها، قل إنما علمها عند ربي، لا يجليها لوقتها إلا هو ". ب - أن يناقض حديثا صحيحا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ج - أن يناقض ما عرف بالتاريخ، كقول أحدهم: " حدثتني عائشة "، فقيل له: ألقيت عائشة؟ قال: نعم، قالوا: ورأيتها؟ قال: نعم، قالوا له: صفها لنا، قال: كانت أدماء، قالوا: أين لقيتها؟ قال: بواسط. فكلامه يدل على أنه كذاب، فعائشة توفيت سنة 58 هـ أو 59 هـ، وفي ذلك الوقت لم تبن مدينة واسط، وعائشة لم تكن أدماء بل كان فيها حمرة، وأيضا لا يمكن أن يراها، لأنها كانت تحتجب من الرجال. د - أن يقر هو على نفسه بالوضع. هـ - أن يحدث بما لا يقبله العقل، كما حدث أحدهم: أنه كان يمشي في طريق، فأدركه الظمأ، وإذا ببيت عالية وفيه جرة، قال: فأخذت بندقة من الأرض فرميتها على تلك الجرة فثقبتها، فانسكب الماء، فوضع فمه تحت الماء فشرب حتى ارتوى، ثم أخذ بندقة أخرى فقذفها فسد ذلك الثقب الذي انبثق منها ذلك الماء، فهذا لا يقبله العقل. كذلك حدث أنه رأى قردا، ينفخ في الكير ويصوغ الذهب، فقالوا له: إذا أراد أن ينفخ عى الكير كيف ينفخ - لأن القرد لا يمكن له أن ينفخ -؟ قال: كان يشير إلى أحد المارة، فيأمره أن ينفخ على الكير. فإذا عُرف عن الراوي مثل هذه الأمور، فإنهم يعرفون أنه كذاب. أسباب الوضع في الحديث: - الانتصار للمذاهب السياسية والعقدية. - أسباب دنيوية: كأن يكون صاحب سلعة ويريد أن تُباع سلعته، أو تحقيق منافع شخصية أخرى، كالأعمى الذي وضع حديث: " من قاد أعمى أربعين خطوة .... "، وهو يريد ذلك أن يقوم الناس على خدمته. - امتحان الرواة، ويُشترط أن يبين ذلك في نفس المجلس حتى لا يغتر أحد ... فائدة: الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم من كبائر الذنوب، بل قد قال بعض أهل العلم بكفره، وبعضهم فصل فقال: إن كان الذي وضع الحديث وضعه تأولا كجهلة المتعبدين، فإنه لا يكفر، لكن بعض أصناف الوضاعين يضعون الأحاديث بغضا منهم للإسلام، وهم: الزنادقة، فهؤلاء كفار، فإذا وجد راو من الرواة يضع حديثا فيه شينا للإسلام، أو تحليل الحرام، أو تحريم الحلال، فلا شك في كفره، لأنه توجد قرينة تدل على خبث طويته. مصنفات في الموضوعات: - الموضوعات لابن الجوزي. - اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للسيوطي. - تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الموضوعة، للكناني. - الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة، للشوكاني ......

الخاتمة

الخاتمة 33 - وقد أتت كالجوهر المكنون ... سميتها منظومة البيقوني " وقد أتت " أي: هذه المنظومة، " كالجوهر المكنون ": أي: كالجهور المصون، وهذا دلالة على أنها غالية وذات قيمة، " سميتها منظومة البيقوني ". 34 - فوق الثلاثين بأربع أتت ... أبياتها تمت بخير ختمت أي: أن هذه المنظومة عدة أبياتها: أربع وثلاثون بيتا، وأنه ختمها بخير، وكأنه أراد بالخير أنه يختمها بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يذكر ذلك .....

§1/1